شبكة روايتي الثقافية - يوميات شقيه *مميزة و مكتملة*

8:00 مساء
بأحدى ارقى فنادق العاصمه ... وعلى ضفاف نهر النيل العظيم ... ولاول مره بتاريخ حياتي القصيره ... تحط قدماي داخل مبنى فندق الفور سيزون ... حقيقه لا جدال فيها ... انا من محدثي النعمه ... لم يخطر يوما ببالي ان اخطو الي بوابه احدى تلك الفنادق العالميه ... ليس الا انها لاتناسب حقيقتي البسيطه ... حيث انني اشعر الان بأني جرثومه ... وسط هذا الكم من البذخ والترف المبالغ فيه ... من تلك الثريا المتدليه من اعلى السقف الذي اكاد لا اراه من فرط ارتفاعه ... الى الارض اللامعه التي ارى انعكاس صورتي بها بكل وضوح ... الى عامل الانسنسير الذي ينظر الي الان على اني دخيله ...اتتسألون ما جعلني احضر الان الي هنا... حسنا اتذكرون "ميار "....
طبعا تذكرون الانثى المتحدثه بصوت العرسه المختنقه ... وبالطبع تذكرون يوم تقابلنا واوصلتني بسيارتها ... فاجأتني يومها بانها مخطوبه لابن احد اكبر الاطباء بالعاصمه ... وان زفافها سيكون بعد اسبوعين بالضبط من لقائنا ..واخذت تسرد بكل عنجهيه ... تفاصيل الزفاف ... ومسكن الزوجيه ... وشهر العسل ... لتصر بعد جلسه التعذيب تلك على حضوري الزفاف ... عل وعسى ان " ينطس " على حد قولها احداً ما و انال شرف اعجابه ... وتنحل بعدها عقدتي ... اشتم رائحه صواريخ مياريه ارضيه ... اتعتقدون انها تلمح الي ما افكر به ... لتخرج من حقيبتها احدى بطاقات الدعوه .. والتي كالعاده لم تتناهى عن شرح تفاصيل اختيارها ... وكم المجهود الذي بذلته للحصول على ارقى دعوه ... كنت سأتجهلها بكل تأكيد ... لولا وقوع تلك الدعوه بيد والدتي ... ليقفز عمر من خلفها ... ويبدأن في قرائتها بصوت عالي ... وكأنني اخضع لتكمله لجلسة العذاب تلك مع ميار... شهقة ويتبعها ضربه على صدر والدتي ..
"بقى ميار ال ...... استغفر الله العظيم ... سامحني يارب .... ربنا يرزقك بواحد زيه يارب"....
"يرزق مين يا حجه ... بنتك فقر ... اخرها وحيد تؤم مؤنس حبيبي "....
لتصر والدتي على الحضور ... وبعد حاله من الشد والجذب .... اصدر الفرمان الملكي ... ويتطوع الاستاذ عمر بالحضور معي في حال تأخرت بالعوده ... صدقا انا اجزم بأنه حضر اليوم معي لهدفين لا ثالث لهما ... الفقره الفنيه ...والفقره الغذائيه ....
منذ وطئت قدمي القاعه وتناهى الى مسمعي تلك الهمهمات.....
"السوسه ... وقعت عليه فين دي "
" هو ملهوش اخوات تانين... يمكن ربنا يعدلها "...
" السهونه ازاي وقعت العريس ده ...لا وازاي اتقبلها ..."...
"يا ختي تلاقيه معيوب ... اطرش ولا اعمى ...يلا اللهم لا شماته "....
" اه اللهم لا شماته .. كل واحد بياخد نصيبه "....
للحظه ما يتيمه .. احسست بالشفقه تجاه ميار .. كم الحاسدات الموجودين بالزفاف ..مهول لدرجه مرعبه .. اشفقت عليها .. وتمنيت ان تسير الامور على خير ما يرام ... لكن كل تعاطفي وتمنياتي طارت بالهواء .. ما ان لمحت اسمي موضوع على طاولة عواجيز الفرح .. اقسم بالله انها تعمدت وضعي هنا .. بأخر طاوله بعيداً عن الزفاف بأكمله ... كم اتمنى ان تنقلبي على رقبتك اثناء الزفه ... او ان يشتعل فستانك ... او يهرب منك عريس الغفله ... ميار .. لم ولن تتغيري عن مواقفك الغبيه .....

لمحت والدتها تسير مبتسمه بغرور ... ترتدي فستان غريب الشكل وبه بعض ريشات من نفس اللون .... تلقى التحيه من طرف انفها .. على كل من مرت به ... لم دعوتهم اذاً ان كنت لا تطيقين وجودهم .. وأختها البلهاء ... حين لمحتنا ركضت بأتجاهنا ... ليس من اجلى .. من اجل طويل التيله الذي يحاول جاهداً ان يختبئ منها خلفي ... يا مغفل انت تفوقني طولا بنصف متر .. انت واضح كالشمس خلفي ... تلقى مصيرك والقي التحيه عليها ... الغريب انها ترتدي نفس فستان والدتها بالريش لكن اللون مختلف ... مابلهم بالريش ... تلك الدجاجه المسكينه التي وقعت تحت ايديهم ... رحمها الله ....

اطفئت الانوار ... وتعالت انغام موسيقيه لاستقبال العروسين ... كم اتشوق لارى الفارس المغوار ... عاشق ميار ... على حد قولها ... وحين رأيتهم معاً تأكدت من المثل " الكوشه متشلش اتنين حلوين " ... لكن للاسف تلك الكوشه تحوي عروسا تضع على رأسها ريش!! ... تبدو اشبه بعرسه انهت للتو اكل احدى فراخ الدجاج ... بذالك الاحمر القاني الذي تصبغ به شفتيها ... وعريسها المبجل يضع احدى ريشاتها بعروه سترته ... صدقا ...اتلك اخر صيحات الزفاف الراقي !!!... ريش !!!!...حسنا مستر ديك ومسز دجاجه ... اشكالكم مضحكه للغايه ... ومايزيد من ضحكي حين اشارت لي بتسأل صامت عن مدى جمال هيئتها ... لاشير لها بعلامه "كله تمام ،،استمري " ... راسمة على فمي اجمل ابتساماتي ....

كم الاموال التي صرفت على زفاف الموسم هذا ... كافيه بكفاله عشرات الاسر المعوزه ... الحضور المبالغ بتأنقهم ... تكسوهم ماغلا قيمته وقل ستره ... واخي الابله فاغرً فاه ... على لحم رخيص ... تقاتلت عليه الاعين كذباب احاط جيفه متعفنه ... لست غيوره ... لكني اغار على ديني ... والحمد لله على بقايا ضميري المستيقظ .....

كل خمس دقائق يميل عمر بأتجاهي هامساً ....
" هو البوفيه امتى ... انا متغدتش ... انا جعان ".....
" عمر ... بلاش فضايح ... كنت اتغدى بدل ما انت عامل زي المفاجيع الي عمرهم مشافوا اكل ".....
" اتغدى ... وافوت على نفسي بوفيه في كل الي اعرفه و معرفهوش من الاكل ... اتلهي بس في نفسك .... انا هدورلي على تصبيره ....اوباااااااااا طيب بالاذن خمسه"....
ليسرع بالحاق بفتاه ما ترتدي فستان او ماشابه .... سيتسبب بطردنا من الفندق بقلة عقله وطيش تصرفاته ... مراهق تافه ...يعود بعدها بدقائق وخده الايسر يحمل اثار خمس اصابع ...مشيراً لي بتهديد ان اصمت ... والا رحلنا ....
لتنفجر ضحكاتي من منظره المزري ... الفتاه صفعته .... يال فرحت قلبي الصغير ... اخي الرجل ... فتاه ما تركت اثر كفها على صفحة وجهه ... كم اتوق لاخبر والداي بأنجازات حبيبهم الغالي ......
رن هاتفي ... لاجد والدتي المتصله ... اسرعت بأتجاه الباب لكي اتمكن من الرد عليها دون عناء الصراخ من علو الموسيقى ... لاصطدم بشخص ما ... رمتني الاقدار لاصطدم به ... ولتأكدي بأني لست محظوظه .... من قوة الارتطام ... ارتد جسدي للخلف ... فأتعثر بفستاني ... وأقع ارضاً ... كل ما رأيته بعد ذلك كف مدت لمساعدتي على النهوض ... وهمس ما بأعتذار ما ... وجراً لعمر من بدلته للاسراع بالاختفاء من هذا المكان ............