آخر 10 مشاركات
30 - الضائعون - روميليا لاين - ق.ع.ق ( مكتبة زهران ) (الكاتـب : عنووود - )           »          إحساس جديد *متميزة و مكتملة* (الكاتـب : سحابه نقيه 1 - )           »          كل مخلص في الهوى واعزتي له...لوتروح سنين عمره ينتظرها *مكتملة* (الكاتـب : امان القلب - )           »          نظرات فى كتاب علو الله على خلقه (الكاتـب : الحكم لله - )           »          1022 - ألعاب النخبة - دايانا هاميلتون - د.ن (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          هائمون في مضمار العشق (2) .. سلسلة النهاية * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : أسماء رجائي - )           »          1018 -الحب المستحيل - بني جوردان - عبير دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )           »          1017-درب الفردوس شيرلي كمب - عبير دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )           »          عواقب إنتقامه (144) للكاتبة Jennie Lucas .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          1015- بعد شهر العسل - الكسندرا سكوت- عبير دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: ما هي الرواية الجديدة التي تفضلونها
فكرة جديدة تماما 2,053 56.54%
جزء ثاني لرواية بأمر الحب 665 18.31%
جزء ثاني لواية لعنتي جنون عشقك 913 25.14%
المصوتون: 3631. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree505Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-01-20, 01:57 AM   #35411

Leeenya

? العضوٌ??? » 460477
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 26
?  نُقآطِيْ » Leeenya is on a distinguished road
افتراضي


👍🏻👍🏻👍🏻👍🏻👍🏻👍🏻👍🏻👍🏻👍🏻👍🏻👍🏻

Leeenya غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-01-20, 01:58 AM   #35412

Leeenya

? العضوٌ??? » 460477
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 26
?  نُقآطِيْ » Leeenya is on a distinguished road
افتراضي

لا اله الا الله 💕

Leeenya غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-01-20, 02:17 AM   #35413

meeth__22

? العضوٌ??? » 442867
?  التسِجيلٌ » Mar 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,124
?  نُقآطِيْ » meeth__22 is on a distinguished road
افتراضي

اللهم صلي على النبي محمد واله ❤❤❤

meeth__22 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-01-20, 02:22 AM   #35414

hamasat9884

? العضوٌ??? » 434515
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 137
?  نُقآطِيْ » hamasat9884 is on a distinguished road
افتراضي

شكـــرراً جزيـــلااً .....

hamasat9884 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-01-20, 03:13 AM   #35415

Leeenya

? العضوٌ??? » 460477
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 26
?  نُقآطِيْ » Leeenya is on a distinguished road
افتراضي

اللهم صلي وسلم على رسول الله 💕

Leeenya غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-01-20, 04:38 AM   #35416

Leeenya

? العضوٌ??? » 460477
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 26
?  نُقآطِيْ » Leeenya is on a distinguished road
افتراضي

لا اله الا الله 💕💕💕

Leeenya غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-01-20, 05:40 AM   #35417

تاج55555

? العضوٌ??? » 433694
?  التسِجيلٌ » Oct 2018
? مشَارَ?اتْي » 393
?  نُقآطِيْ » تاج55555 is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة tamima nabil مشاهدة المشاركة
المحتوى المخفي لايقتبس
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جميييييلة جدددددا جددددددا جدددددددا


تاج55555 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-01-20, 07:33 AM   #35418

tima_day

? العضوٌ??? » 446949
?  التسِجيلٌ » Jun 2019
? مشَارَ?اتْي » 4
?  نُقآطِيْ » tima_day is on a distinguished road
افتراضي

بدايه جميله وموفقه وهذي اول روايه اقرأها للكاتبه 🤎🤎🤎

tima_day غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-01-20, 08:59 AM   #35419

marym

? العضوٌ??? » 97706
?  التسِجيلٌ » Aug 2009
? مشَارَ?اتْي » 83
?  نُقآطِيْ » marym is on a distinguished road
افتراضي

السلام علی?م و رحمة الله وبركاته بسم الله ابدا قرأة الروايه

marym غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-01-20, 09:09 AM   #35420

ساهر ف

? العضوٌ??? » 431344
?  التسِجيلٌ » Sep 2018
? مشَارَ?اتْي » 416
?  نُقآطِيْ » ساهر ف is on a distinguished road
افتراضي

:018 :
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة tamima nabil مشاهدة المشاركة
بعد فترة طويلة .... فتحت وعد الباب لسيف ورائف و هي تنظر اليهما بشك .. ثم قالت بفظاظة
( بماذا كنتما تتكلمان ؟! ........ )
رفع سيف عينيه للسماء ثم قال بغيظ
( وعد هلا دخلنا من فضلك ؟! .......... )
ظلت تنظر اليهما قليلا بعدم رضا ... فظن سيف أنها ستغلق الباب , لكنها ابتعدت أخيرا سامحة لهما بالدخول ...
فدخلا ليجدا ملك جالسة على حافة الأريكة ... مطرقة برأسها و مشبكة اصابعها كتلميذة مذنبة ...
بينما صبا تقف أمامها تقول بهدوء
( أنا عن نفسي لا أميل ... بل لا اقبل بترك ظلم أو عمل غير مشروع يمر من تحت يدي دون أن أفضحه .... و هذا الولد ارتكب أكثر من جريمة .... و الجريمة الأكبر بدأت من والده .. أو ما يسمى والده.... لذا أبسط حقوقك ان تفضحينهما ... و تنالين حقك في طلاق رسمي بالقانون علنا ...... )
رفعت ملك عينيها الى رائف الذي كان ينظر اليها بصمت وهو يضع كفيه بجيبي بنطاله مستسلما .... لكنها كانت تعلم ما يشعر به في تلك اللحظة من الخوف و القلق على سمعة أخته ..... و ضررها ....
بينما قال صبا متابعة تتنهد
( الا ان الأمر في النهاية يخصك انتِ ..... لذا يمكنني الإمتثال لما تريدينه .... فلو أردتِ الحل الودي كي لا تتشوه سمعتك ... فيمكننا الضغط عليهم بما نملكه حتى يتم الزواج رسميا ...... )
صمتت قليلا ... ثم همست بصوت بائس رافض
( و تسلمين نفسك اليه من جديد ........... )
كانت عينا ملك تتعلقان بعيني رائف .... و مع الإقتراح الأخير ظنت أنها سترى الراحة بعينيه ... الا أنها على العكس ... رأت ألما ... صراعا .... و عذابا ...
احدى قبضتيه خرجت من جيبه و انقبضت الى جانبه بشدة الى أن ابيضت مفاصل أصابعه ....
انتفضت حين قالت صبا بخفوت شديد
( انتظر سماع قرارك يا ملك ......... )
نظرت ملك الى وعد التي كانت تبادلها النظر بخوف و قلق .... تخشى أن تضيع مستقبلها للأبد ....
أخفضت نظرها الى حجرها فانتبهت الى أن أصابعها كانت ترتجف بشدة ..... و شفتيها كذلك .....
فأغمضت عينيها و شهقة بكاء تفلت منها بذعر ... فهمست بإختناق
( ياللهي ! ............ )
حينها لم يستطع رائف البقاء صامتا أكثر ... فاقترب منها خطوة وهو يقول بصوت خافت
( ملك ...........)
الا أن سيف امسك بذراعه يمنعه , قبل ان يقول بصوت هادىء الى صبا
( هلا تكلمت معها قليلا قبل أن تتخذ قرارها ؟؟ ......)
أومأت صبا برأسها و هي تقول
( طبعا ......... )
قال سيف بهدوء و رقة وهو يجذب يدها لتقف
( تعالي معي يا ملك .......)
تبعته ملك و هي تبكي بخفوت .... فتبعتهما وعد الا أنه استدار اليها ليقول بجفاء
( وحدنا من فضلك .........)
توقفت وعد و هي تنظر اليه و هي لا تصدق أنه يكلمها بمثل هذا الجفاء .... فوقفت مكانها تنظر اليهما بصمت وهو يدخل مع ملك أقرب غرفة قبل أ يغلق الباب بهدوء
التفت سيف الى ملك قائلا بهدوء
( هل يمكنك التوقف عن البكاء الآن رجاءا ....... )
لكن ملك كانت تضغط عينيها بشدة و هي تهمس باختناق
( لقد افسدت حياة الكثيرين بفعلتي ..... و بكل خيار من الإثنين سيكون هناك المزيد من الضحايا ... )
ارتفع حاجبي سيف وهو يقول ضاحكا قليلا بشفقة
( ضحايا مرة واحدة !!! ..... انتِ مجرمة دولية اذن .... )
ضحكت ملك و هي تبكي ... و قد كانت تلك هي عادتها دائما , تميل للضحك على أي مزحة أثناء بكائها
فقال سيف مبتسما ( حسنا بما أنك ضحكت , فهناك فرصة للكلام بهدوء .... هلا جلستِ قليلا )
جلست ملك على مقعد قريب .... فاقترب منها سيف ليجلس على ذراع المقعد المقابل وهو يراقبها بدقة , قبل أن يقول بهدوء
( أيمكنك محادثتي بصراحة ؟! .... أم أنكِ تجدينني غريبا عنكِ ؟ .... )
رفعت ملك وجهها الأحمر و عينيها الدامعتين قبل أن تقول بخفوت
( طبعا لا أعتبرك كذلك ......... )
قال سيف بهدوء مرتاحا
( جيد ..... اذن عندي لكِ سؤال هام , ... ألازلتِ تحبين كريم القاضي ؟! ..... )
انعقد حاجباها ... و لم يفت سيف تشنج جسدها التلقائي ... قبل أن تقول بصوتٍ مشتد ... حاد النبرة
( حبه كان كسرطان يسري بجسدي ....... و شفيت منه بمعجزة ....معجزة حققها بكل فعلةٍ ارتكبها اكثر دناءة من سابقتها .... هو المريض لا أنا ....أنا فقط أحمل له الشفقة .... )
أومأ سيف برأسه وهو يقول
( وهو يستحقها ...... هو فعلا مختل .... و أنا لن أتركك له ..... )
سكنت دموعها قليلا و هي تقول بأمل
( حقا يا سيف ؟! ........ )
أومأ برأسه قائلا بهدوء
( حقا يا ملك ..... و لو كان الرجل الأخير على سطح هذا الكوكب ..... )
ثم قال بهدوء أكثر
( لكن مصلحتك تجبرني أن اسألك .... ماذا لو أردتِ الزواج فيم بعد !! .... ماذا لو احببت شابا آخر ... في يومٍ ما ..... الا يستحق الامر أن تتحملي زواجك من كريم رسميا كي تحصلي على طلاق مناسب ؟! .... )
هزت ملك رأسها بيأس و هي تهتف
( هذا نفس كلام رائف..... أنا لن أتزوج أبدا .... لقد رأيت من الفظائع ما جعلني أنفر من الزواج لآخر العمر ... )
ابتسم سيف وهو يقول مدققا بغموض
( نعم هذا كلام رائف ......... )
ظل ينظر اليها طويلا ....
لقد طلبها رائف للزواج للتو .......
و لم يدهشه ذلك كثيرا
و لو كان سيف قد لمح في كلامها الرغبة في الإرتباط برائف نفسه , لانتهت المشكلة ...
الا أن رائف كان من الشهامة بحيث كان يريد أن تكون جاهزة في حال لم ترضى به .....
فتكون فتاة لا يعيبها شيء ...... و يفخر بها كل من سيطلب زواجها ....
لقد أخبره رائف بنفسه ... أنه يرفض أن يكون خيارها الوحيد لأنها لا تملك غيره ....
و ترجاه الا يخبرها بطلبه الآن .... فهي ستقبل .... وهو متأكد أنها ستقبل , فمشاعرها مرتبكة و غير ثابتة .. خاصة و هي تراه المنقذ الوحيد .....
قال سيف أخيرا بهدوء
( و بما أنه نفس كلام رائف .... فأنا أريد أن أخبرك .. لا أنا و لا رائف سنسمح أن يمسك هذا الحيوان مجددا .... منذ اللحظة الأولى التي رأيته بها عرفت أنه غير طبيعي ..... )
قالت ملك بدهشة
( هل قابلته ؟! ........... )
أومأ سيف برأسه وهو يقول غاضبا
( و منعت نفسي من ضربه بمعجزة ......... )
قالت ملك بخفوت
( لكنه لمس قلبك .... و عطفك ... اليس كذلك ؟! ..... )
عقد سيف حاجبيه وهو يميل تجاهها .. مستندا الى ظهر مقعدها , ثم قال باهتمام
( هل تشعرين بالشفقة عليه ؟! ..... بعد كل ما فعله معكِ ؟! ..... ألا تتمنين أذيته ؟! ... )
شردت عينا ملك قليلا و هي تكتف ذراعيها حول جسدها المرتجف ... ثم قالت خفوت
( بعد أن شارك باجهاض طفلي .... ظننت أنني أتمنى له الموت .... لكن بمرور الوقت .... أصبحت مشاعري تجاهه متبلدة ... تحمل جزءا من العطف القديم الذي كنت أسانده به دائما ..... لكن وهم الحب انتهى ... )
ابتسم سيف وهو يقول بهدوء
( جيد .... انتِ اذن تخرجين من الصدمة بسرعة ..... و هذا رائع , مما يعني أنكِ ترفضين اقتراح رفع القضية و تقديم الاوراق التي ستزج به في السجن ..... )
عادت ملك لتنظر اليه بصدمة ....
نعم .... هي بالفعل لن تقبل بايذاء أخت رائف .... و لا تريد أن تؤذي كريم رغم كل ما فعله .....
هذا معناه أن لا حل أمامها سوى القبول بالزواج .....
فقالت بصوت ٍ متداعي غير ثابت
( الا يمكننا فقط ترك الأمور كما هي ؟ ......... )
هز سيف رأسه بحزم وهو يقول بصرامة
( هذا حل غير قابل للطرح .......... فلا تحاولي ..... )
شردت عينا ملك و هي تنظر الى الباب المغلق .... تتمنى لو تنادي رائف ليكون بجوارها في تلك اللحظة ... كما هو دائما .....
.................................................. .................................................. ......................
كانت وعد تدور جيئة و ذهابا .... بينما تنظر الى رائف من حينٍ لآخر بشك و ريبة و غضب .....
وهو كان يتنهد في موقفٍ لا يحسد عليه ....
ثم قالت فجأة بصوت صلب
( أنا غير مرتاحة لك ........... )
أجفل رائف من لهجتها الشديدة .... وهو ينظر اليها بصدمة ... ثم أخفض رأسه , يناقش نفسه في الرحيل من هنا ..
الا أن صوت الباب وهو يفتح جعله يرفع رأسه لينظر الى ملك التى خرجت مطرقة الوجه و خلفها سيف ...
فنهض من مكانه ببطىء شديد وهو يشعر بشيء يقبض صدره ...
قبل أن تقول ملك دون أن ترفع وجهها اليه كي يرى عينيها
( لقد اتخذت قراري ..... سأقبل الزواج من كريم علنا ..لو استطعتم اجبارهم على ذلك ....)
أخفضت صبا رأسها و هي تتنهد بيأس ....
بينما أظلمت عينا رائف بشدة و قد تحول الإنقباض بصدره الى وحشٍ يفترسه ...... فتأوه بداخله بشدة .. دون أن يسمح لتأوهه أن يخرج للحياة ....
.................................................. .................................................. .....................
جلس أكرم القاضي بخيلاء متراجعا في مقعده خلف مكتبه ... ينظر للجمع أمامه بسخرية واضحة .. لم تمنح بعض شحوب التوتر من شد خطوط وجهه
ثم قال باستهزاء
( أتظنون أن ببعض من الخيالات .... تستطيعون إجبار ابني على الزواج من ابنتكم الساقطة ؟! .... )
توتر جسد سيف وهو يتقدم غير قادرا على السيطرة على أعصابه .. الا أن رائف أمسك بذراعه بشدة و هو يمنعه من التهور ... قبل أن يتولى هو دفة الحوار قائلا
( الساقط هو الذي يرتكب جريمة تلي أخرى .... ثم يختبيء خلف والده ... و الذي هو بدوره يختبىء خلف كذبة ألفها و صدقها .... )
تحولت ملامح أكرم القاضي الى صفحة رمادية .... بينما عيناه الحمراوان كانتا تحملان من الشر ما يجعله يبدو كشيطانٍ أعمى ....
قال سيف بصوتٍ خطير خافت
( أكبر خطأ ترتكبه .... هو أن تعبث مع أحد أفراد أسرة سيف الدين فؤاد رضوان ..... أخطأت و أخطأ ابنك ..... و الآن ستخرون صاغرين لتصحيح فعلتكم ..... )
ابتسم أكرم بسخريته القميئة ..... ثم قال بهدوء جليدي
( و كيف يمكنكم اجباري على الرضوخ .... أود لو تمتعوني بمسرحيتكم ..... )
تطوع المحامي المبعوث من مكتب صبا .... وهو يخرج من حافظته ملفا رفيعا ... وضعه على سطح المكتب امام أكرم القاضي ثم قال بهدوء
( دون مقدمات ...... سنضطر لإثبات كذب ادعائكم بخصوص قوى موكلتنا العقلية .... و هذا التحليل سيكون البداية للتصديق على ادعائاتها ..... تحليل يثبت أن كريم القاضي ليس ابنك .... بل في الواقع هي جينات تناسب صبي آخر يسمى شادي عبد الله ... تم شرائه منذ سنوات .... )
تجمدت عينا أكرم حتى أصبحتا كحجري رخام ... يرقد تحت سطحهما جذوة مشتعلة ....
بينما قال بعد فترة بثبات يثير الإعجاب ......
( إنها مجرد خزعبلات ..... و أي محكمة سترفض تلك الورقة الساذجة ..... )
ابتسم المحامي وهو يقول بثقة
( بالطبع ستطعن بصحة هذا الإثبات ...... لذا سنطالب نحن المحكمة بارغامك على نفس الإجراء , فالقضية ليست هينة و تعتبر جريمة كبرى ...... )
هنا بدأت أصابع أكرم تربت بإيقاع منتظم على ذراع مقعده ..... وهو يراقب ملامحهم بصمت , بينما كان رائف ينظر اليه بوحشية صامتة ....
كانت حربا صامتة بين عيني أكرم ... و عيني رائف
فقال أكرم أخيرا
( و أنت تقف بصف زمرة من المجانين المنتفعين ... لأن فتاة في عمر أبنائك سلبت عقلك و جعلتك تلهث خلفها ..... لذا أخبرني ما الذي يمنعني من رمي أختك في الشارع في تلك اللحظة بالذات ؟! ....)
ضاقت عينا رائف بشدة وهو يتنفس بهياجٍ ... محاولا السيطرة على الغضب الذي يقصد أكرم تفجيره علنا أمام الأغراب ....
لكن حركة بجانبه جعلته ينتبه الى ملف آخر وضع بجوار الملف الأول على سطح المكتب ...
حينها رفع عينيه بذهول ليجد ميساء تقف بجواره بعد أن دخلت المكتب بصمت ....
ثم قالت بهدوء
( هذا ما سيمنعك .... أو لن يمنعك ..... لم أعد أهتم في الواقع ..... حملته معي منذ عامين كاملين ... و أنا متأكدة أنني سأحتاجه يوما .... لقد سبقت الجميع يا أكرم في القيام بهذا التحليل ... و سأسبق الجميع في تقديمه ... و حينها ستكون القضية منتهية .....)
عندها ظهرت شبه ابتسامة على شفتي رائف وهو ينظر اليها ... ثم اخذت تتسع و تتسع الى أن شملت وجهه ...
ثم وضع الملف الثالث .,.... وهو يقول ببساطة
( و هذا مني .... )
كان يشعر بلذة الإنتصار وهو يرى أكرم ينال مما سقاه لأخته على مدى سنوات طويلة .... لذا لم يقاوم نشوى وضع ملفه الضريبي ..... لمجرد الشعور باللحظة ليس الا ....
ضرب أكرم بقبضته على سطح المكتب بعنف و جنون و هو ينهض من مكانه صارخا
( اذن هي مكيدة ...... مكيدة رخيصة حقيرة ..... أصغر محامي لدي يستطيع أن .... )
رفع سيف يده وهو يهدر قائلا ....
( لا نية عندي لتضييع المزيد من وقتي معك لسماع تهديداتك القذرة .... لك حرية الإختيار الآن , و كل ما نريده كي نغلق هذه القصة الحقيرة , هو زواج علني ... لا أكثر .... و بعدها يتم الطلاق بهدوء ....ردك الأخير سيكون تحديد موعد الزفاف .... )
خرج سيف و المحامي من المكتب بينما صرخ أكرم بميساء
( أنتِ أيتها الحقيرة التي تحملت سكرك و عتهك و عقمك لسنواتٍ طويلة .. بينما أنتِ تخونينني أنا في النهاية ... ! ... )
كان رائف قد استدار ليغادر وهو ممسكا بكف ميساء ... الا أن عبارة أكرم الأخيرة جعلته يستدير على عقبيه ليلكمه بكل قوته لكمة اشتاق اليها منذ وقتٍ طويل ... لكمة أودعها كل غضبه و احتقاره ...
لكمة جعلته يسقط جالسا على كرسيه بعنف وهو ينظر مذهولا اليهما ... بينما كانت ميساء تنظر اليه بنظراتٍ متبلدة .... جامدة .... ثم قالت أخيرا بفتور
( تتحدث عن الخيانة .... و الخيانة تجري بدمك و دم الولد الذي لم اعتبره ابنا لي أبدا ... وهو لم يعتبرني أما قط .... و لك أن تفهم من هذا ما تشاء .... عله يحرق كبدك لو كنت تمتلك ذرة رجولة ... )
ضاقت عينا اكرم وهو يحاول فهم ما تشير اليه ... الا ان رائف اندفع خارجا وهو يجر ميساء خلفه ... شاعرا بأنه ربح شيئا غاليا ... و يكاد يخسر آخر بنفس الغلو ....
.................................................. .................................................. ......................
بعد أسبوعين .....
قبل ليلة الزفاف كانت وعد مستلقية بسريرها في الظلام تشعر بضيق في تنفسها ...
غدا حفل زفاف ملك ....
كانت تعيد العبارة منذ الصباح بعدم تصديق للسرعة التي جرت بها الأمور
و كان من المفترض أن تكون مرتاحة الآن .... الا أن العكس هو الصحيح , فملك بدت خلال الاسبوعين الماضيين كشبحٍ يتضائل حجمه كل يومٍ عن اليوم الذي يسبقه ....
لم تبكي مجددا ... و لم تجادل مطلقا ... بل كانت تبدو كمن استسلمت لمصيرها بصمت ....
روحها هائمة من حولها .... تبتسم كلما التقت أعينهما .... لكنها ابتسامة بلا حياة ... بلا فرحة عروس
همست وعد لنفسها بغضب
" أي فرحة ... و أي عروس يا وعد !! .... هل تتخيلين لمجرد أن تشعرين بالسعادة لها , حتى و لو بالكذب "
ارجعت رأسها للخلف و هي تقبض على جبهتها مغمضة العينين .....
لكنها انتفضت حين سمعت صوت رنين هاتفها .... فاتسعت عينيها في الظلام و هي تهجم عليه للتأكد من الآسم
نعم انه هو ..... انه سيف ... فقد خصصته بلحنٍ يميزه وحده .....
وضعت يدها على قلبها المشتاق قبل أن ترد عليه بصوتٍ مجهد
( سيف ............ )
أظلمت عيناه قليلا وهو يتسائل بألم ... متى ستتوقف عن مناداة اسمه بتلك الطريقة الهامسة التي لم يسمعها من غيرها .... حتى في أشد قسوتها ... كان اسمه يخرج من شفتيها همسا متنهدا ...
رد سيف بصوتٍ أجش
( هل أيقظتك ؟! ............ )
رمشت بعينيها و هي تقول بخفوت و تردد
( لا ..... لم يغمض لي جفن ....كيف أستطيع ؟! .... )
سكت قليلا .. ثم قال بصوتٍ أجش خافت
( هل هناك ما يؤلمك ؟! ..........)
هتفت بداخلها بجنون .. " نعم .... فراقك "
الا أنها هتفت بصوتٍ خافت حاد
( هلا توقفت عن اشعاري بالمرض أرجوك !! ...... لا أحب هذا السؤال ...إنه .... يخيفني ...)
سمعت صوت نفسه الخشن .... قبل أن يقول بصوتٍ أجش
( موعد كشفك الدوري بعد يومين ....... هل تذكرينه ؟؟ ......)
أغمضت عينيها و هي تهز رأسها بيأس قبل أن تقول بصوتٍ جاف
( لن أذهب ........ أنا بخير ........)
قال سيف بخشونة
( اذن سأقلك بنفسي ..... و لو رغم عنكِ .....)
فتحت وعد عينيها و هي تنظر الى السقف القاتم بعينين مظلمتين قبل أن تقول بخفوت باهت
( بأي صفة ؟!! ......... آآآه نسيت , ابن عمتي .......)
ساد صمت قليل متوتر ... قبل أن يقول بصوتٍ غريب
( هل تلومينني على الطلاق يا وعد ؟!! ..........)
فغرت شفتيها بنفسٍ مرتجف و هي تسمع سؤاله القاطع .....
فرفعت عينيها لأعلى ترمش بهما قليلا كي تمنع دموعها ... ثم قالت مبتسمة باختناق
( كيف ألومك على ما طلبته أنا ؟! .......)
ضحك ضحكة قصيرة ... أقسمت أنها ضحكة استياء خشنة قبل أن يقول بخفوت
( هذا ما ظننته ..... الا أنك تعطيني بعض الإشارات أشعر بعدم القدرة على قرائتها...)
شعرت بالألم في صدرها يتزايد .... فقالت بعد فترة طويلة
( و ماذا عنك ؟! ....... هل أنت نادم على تسرعك في اتخاذ القرار ؟! ...... )
قال سيف دون أي فترة صمت
( تسرع ؟! ...... لقد نفذت لدي كل الطرق يا وعد ... و كان آخرها أن خطفتك حبيبتي ... )
اتسعت عيناها بذهول و فغرت شفتيها بصدمة ....
هل نطق بكلمة حبيبتي فعلا !! .... يبدو أنه أيضا أدرك هفوته , فصمت بعدها تماما ... حينها لم تستطع أن تمنع ابتسامة تسللت الى شفتيها و هي تغمض عينيها ...
قال سيف بصوت خافت خشن بعد فترة
( وعد ......... سأكون غدا متواجدا بالزفاف ... ربما يضايقك هذا , لكن كان هذا ضروريا ..... )
بهتت ابتسامتها الحالمة و تجمدت ملامحها و هي تقول بخفوت
( لماذا يضايقني يا سيف ؟! ...... أنت كل عائلتنا الآن ... و أنا لم أشكرك بعد لما فعلته , فلولا اسم .... )
صمتت لحظة تتنهد و هي تهمس
( لولا اسم " سيف الدين فؤاد رضوان " ... لما كان الأمر بدا بهذه القوة في مواجهتهم ... لقد ظنوا أن لا عائلة لها ..... )
ابتسم بخشونة ... ها هي تصمت لتتنهد هامسة باسمه ... و كأنها تلميذة مراهقة
دائما كان يخدعه همسها باسمه ... ثم تقذفه بعدها حجرا و قوارير زجاجية طائشة من لسانها السليط ....
قالت وعد أخيرا برقة
( سيف ..... هل تتصل بي في هذا الوقت , لمجرد طلب الإذن في حضور حفل الزفاف ؟! ...... )
عقد حاجبيه وهو يستلقي في سريره ... و ساد صمت بينهما , قبل أن يقول بفتور خافت وهو يضع ذراعه تحت رأسه
( لقد وصلت البيت للتو ...... لذا أعتذر عن الإتصال المتأخر ..... )
عقدت وعد حاجبيها هي الاخرى و هي تستلقي على جانبها لتقول بخفوت
( وصلت الآن ؟! ........ لماذا ؟.... أين كنت حتى هذا الوقت ؟! ..... )
ابتسم سيف ابتسامة باهتة وهو يقول
( هل هذا تحقيق ؟! ........ )
عبست وعد بشدة و انتبهت الى أصابعها التي تلوي طرف الوسادة بعصبية ... فقالت بتوتر
( و لماذا أحقق معك ..... أنت أصبحت حرا بحياتك .... فلتفعل ما تشاء , لكن لا تحاول اقناعي بأنك كنت في العمل حتى هذا الوقت .....)
قال سيف بهدوء
( لن أحاول اقناعك بذلك ..... لأنني لم أكن في العمل ........ كنت أتمتع ببعض مزايا كوني أصبحت رجلا عازبا من جديد .....)
كانت عيناها الرماديتان واسعتان في الظلام ..... كعيني قطة سوداء بعينين فاتحتين .... بينما ملامحها لا تحمل أي تعبير و هي تهمس
( حقا ! ............. )
ابتلعت ريقها بصعوبة و اختناق .... لكنها رفعت وجهها و هي تقول بصلابة خافتة
( سعيدة لأجلك ....... هنيئا لك الإنحراف المتأخر ..... لكن لا شيء يجبرني أن اتلقى اتصالك في مثل هذا الوقت لمجرد أنك كنت تعبث خارج البيت .... أراك غدا .... تصبح على خير ... )
ثم أغلقت الخط و ألقت هاتفها بعيدا .... بينما ابتسم سيف في الظلام وهو يرسل اليها رسالة ..
و ما أن صدح رنينها .... أوشكت وعد أن تتجاهلها .... لكنها لم تستطع المقاومة فأمسكت الهاتف تقرأها
" سأمر عليكما غدا في السادسة كي أقلكما الى القاعة ....... و أنتِ من أهل الخير "
زفرت وعد بقوةٍ و هي ترمي الهاتف بعيدا .. لتدس رأسها تحت الوسادة علها تنال بعض النوم .لكن عبثا !!...
.................................................. .................................................. ......................
بالغرفة المخصصة للعروس ....
كانت ملك تقف أمام مرآة كبيرة... ترتدي فستان زفاف ضخم ... مرصع بالماسات و الخيوط الفضية .....
شعرها الطويل مجموعا بضفيرة التفت على رأسها كتاجٍ ذهبي .... تحت خمار غطى وجهها ...
و كانت ممتنة لهذا الخمار أن غطى عينيها , فلم تكن قادرة على مواجهة أي أحد بدون الخمار ....
لقد تم عقد قرانها منذ ساعة .... و هي جالسة هنا في هذه الغرفة بعد أن رفضت الخروج لمشاهدة ذلك العقد المؤلم ... و الذي يسبق زفاف غاب عنه كل من يمكنها دعوتهم كما طلبت
فهذا لم يكن زفافها .... و لن يكون .....
على الرغم من الحفل الضخم بفظاعة .... الا أن وعد و سيف فقط هما من حضرا معها ....
و على الرغم من ذلك شعرت و كأن الجميع خارج هذه الغرفة يعلم قصتها ... ينتظر أن يحاكمها ....
وقفت وعد خلفها تقول بخفوت و هي ترتب خمارها خلف رأسها
( هيا يا ملك ..... سنتأخر .... )
رفعت ملك وجهها و هي تأخذ نفسا مرتجفا ... قبل أن تومىء برأسها دون كلام ...
فقالت وعد بحزن
( ملك ..... هل أنتِ ناقمة علي ؟!! ........ )
استدارت ملك الى وعد ببطىء ... و صوت حفيف فستانها يدور معها .. ثم همست بخفوت
( و لماذا أكون ناقمة عليك يا وعد ؟! ........ )
قالت و عد بصوتٍ يائس
(لأنني أجبرتك على زواجٍ ترفضينه ...... )
ابتسمت ملك بحزن و هي تقول
( لم تجبريني ....... لقد كان قراري , حفاظا على أناسٍ لهم مكانة لدي .... )
عقدت وعد حاجبيها قليلا ... و هي تقول بخفوت
( حقا يا ملك ؟!! ........)
ابتسمت ملك من تحت خمارها تقول بصوتٍ هادىء
( حقا يا وعد ............. )
سمعا صوت طرقة على الباب ... قبل أن يسمعا صوت منسق الحفل وهو ينبههما الى ضرورة نزول العروس
تشنجت ملك قليلا ... و نظرت الى وعد بخوف , فابتسمت وعد لها و هي تقول
( أتتذكرين ليلة زفافي ..... حين أوشكت على الهرب لكن منعتمانتي أنتِ و كرمة ببراعة ..... )
ابتسمت ملك بارتجاف و هي تقول بأسى
( لكن كان هذا سيف ........ شتان بينهما ..... )
انحنت ابتسامة وعد و هي تهمس
( نعم ..... كان هذا سيف , شتان بينهما ........ )
تنهدت بقوة و هي تقول
( كوني قوية يا ملك كي يمر هذا الزفاف .... و بعدها سنخلصك منه ..... أعدك بذلك .. وسيف وعدك بهذا .... لن نجبرك على اي شيء مجددا ..... )
أومأت ملك برأسها و هي ترتجف رغما عنها .... فقط كل اهتمامها ان تمر تلك الليلة .....
فهي تعرف شادي جيدا .... و باتت تعرف أنه يصبح كالمجنون حين تتحكم به أهوائه .....
كل ما تعرفه أن سيف وعدها بأنها الليلة ستيبت آمنة بعيدا عنه .... لكنها تشك في أن يسمح شادي بذلك ...
تحركت ببطىء في اتجاه الباب الذي فتحته لها وعد .....
و ما أن خرجت حتى تسمرت مكانها و هي ترى رائف واقفا في مواجهتها !! ......
يقف مطرق الرأس .... احدى يديه في جيب بنطال حلة سوداء بالغة الأناقة ....
رفعت ملك وجهها تنظر اليه بانبهار على الرغم من أنها تراجعت للخلف خطوة .. تتمنى لو هربت من عينيه و اغلقت الباب... ما أن رفع وجهه اليها ....
كان شديد الوسامة لدرجة خطفت أنفاسها ....و بعضا من شعراته البيضاء الفضية تتألق تحت الثريا فوقهما ...
لم تره يوما بمثل هذه الوسامة و الجاذبية !!.... و كأنه تأنق خصيصا من أجلها هي ...
بينما كان هو الآخر ينظر اليها مسحورا بجمالها , الا أنه كان سحرا قاتما .... يائسا .... متألما ..
فهمس متأوها باسمها رغم عنه بصوتٍ أجش
( ملك ........ ملك يا جميلة ....... )
ارتجفت شفتيها غير قادرة على النطق ....و اتسعت عيناها تتأمله غير قادرة على ابعاد عينيها عنه ...
بينما قال منسق الحفل
( ستتأبطين ذراع وليّك نزولا على السلم الى أن يوصلك الى عريسك ..... )
رفعت ملك عينيها المذهولتين منتفضة الى رائف و هي تهز رأسها نفيا قليلا بطريقة غير ملحوظة ... الا أنه قال بخفوت وهو ينظر الى عينيها
( طلبت من سيف أن أحل محله ..... لن أتركك للحظة .....)
كانت ملك تنظر اليه فاغرة شفتيها الحمراوين .... تود لو تغمض عينيها و تفتحهما لتجد أن تلك الليلة ما هي الا كابوس ....
فهمست اختناق
( الا أنت ...... الا أنت ........ )
رغم انخفاض صوتها الا أنه سمعها بوضوح .... و كأن العالم ليس به سواهما , فاقترب منها خطوة وهو يقول بصوتٍ رجولي قاطع رغم خفوته ... وهو يحدق بعينيها من تحت خمارها
( لا أحد غيري ....... )
ثم مد ذراعه لها منتظرا .... فظلت تنظر اليه طويلا , قبل أن ترفع يدا مرتجفة .. مست بها ذراعه القوي تتعلق به كطوق نجاة ....
فشعر و كأنه يحمل حمامة بيضاء على ساعده ... و ليس صقرا .... حمامة تتشبث بذراعه بمخالب رقيقة .. على الرغم من رقتها الا أن تأثيرها انساب عبر طبقات حلته و قميصه و أرسلة رجفة عبر أوصاله ...
فجذبها معه وصولا الى أعلى السلم ...... حينها تسطلت عليهما الأضواء و بعض الشهقات من مدى جمالهما معا .... فتنهد رائف وهو يشعر بارتجافها الذي يزيد من الوحش الناهش في أعماقه ... بأصعب لحظة ممكن أن يمر بها ...
و صدحت الموسيقى عالية ... بينما اصطدمت عيناها بعيني كريم الذي ينتظرها أسفل السلم ...
كانت عيناه كعيني ظافر منتصر ... و ليس شخص أرغم على الزواج ...
عينان مفترستان ... تأكلانها حية .... ذرة ذرة ... و بريق مشتعل يضيئهما لدرجة تثير الذعر ...
لم تره و سيما أبدا .... على الرغم من أنها واثقة أنه اثار اعجاب كل أنثى في المكان .. بعينيه الملونتين الجائعتين و بريقهما اللاهث ... و شعره الفاتح اللامع و الذي طال قليلا .. فبات يشبه نفس الصبي الذي أحبته في الدار ... الا أنها فقدت هذا الحب .. و بدأت تفقد الشفقة , الا بعضا قليلا منها .....
همست ملك و هي تتشبث بذراع رائف
( رائف ......... أنا خائفة ....)
كان يحارب كي لا يظهر جانبا بداخله يأمره أن ينزل ليفترس ذلك الواقف بأسفل ينتظرها ... ثم يخطفها و يهرب بها ....
تلك الفتاة التي تتمسك بذراعه تخصه ... و لن يسمح لغيره أن ينالها الا ...... الا بطلبها هي ....
و الآن كان في لحظة ما بين الحكمة و القتل .... خاصة وهو يرى بوضوح نظرات كريم المفترسة لها ....
ضيق عينيه وهو يرفع يده الاخرى ليربت بها على يدها الممسكة بذراعه
( أعرف ........ لن أتركه يمس شعرة منكِ ...... أعدك .... )
كانا ينزلان كل درجةٍ ثم يتوقفان للحظة كي يتم تصويرهما بينما الاضواء أوشكت ان تعمي عينيها ...
فقالت بهمس متشنج
( لست واثقة ............. )
قال رائف بصرامة خافتة جعلتها ترتجف قليلا
( الا تثقين بي ؟!!............ )
رفعت ملك وجهها تنظر اليه من تحت خمارها ... فاخفض وجهه اليها ... و ابتسم ...
حينها تم التقاط عشرات الصور لهما .... بينما كان كريم يقبض أصابعه بشدة .... ينظر اليهما و الجنون بداخله يزداد و يتوهج ....
كان الانتصار لذته تكمن في اللحظة التي سيأخذها من ذراع رائف ... ليتركه متحسرا ...
الا أن تلك النظرة بينهما كادت أن تقتله هلعا !! .....
لكن الليلة .... الليلة سينسيها كل رجلٍ آخر على وجه الأرض ... سيعمل على ذلك حتى تهتف باسمه كالرجل الوحيد المهيمن على حياتها
كم اشتاق لملمس جسدها الناعم و الذي يعرفه حق معرفةٍ ... يكاد يستنشق عبيره , و أصابعه تتصارع ليلامس تلك النعومة المختبئة أسفل كل هذه الكومة البيضاء ...
وصلت ملك مع رائف الى آخر درجتين و هي تراقب الشعاعين بعيني كريم ...
فرفعت وجهها الى عيني رائف لتهمس قائلة بقوة
( لا أريده أن يرفع خماري ..... لا أستطيع تحمل تلك المسرحية ... )
توقف رائف مكانه للحظة قبل آخر درجتين .... فاستدار اليها وهو يقول بخفوت أجش
( طلباتك أوامر يا وردتي البيضاء .... )
و قبل أن تفهم قصده ... كان قد ترك يدها , ليمسك بحافة خمارها ... فرفعها عن وجهها الى أعلى رأسها ... أمام الجميع .... و عادت الصور برنين مميز من كل مكان رغم اندهاش المدعويين قليلا ...
بينما كان رائف ينظر الى وجه ملك دون أن يبتسم .... طويلا , لدرجة جعلتها تشك بأنه قد نسي الحفل ...
فهمس أخيرا بصوتٍ أجش
( ما أجملك حورية !! ........... )
همست هي الأخرى باسمه مذهولة و قلبها يخفق بعنف رهيب
( رائف ...... لا تتركني ......... )
ضيق رائف عينيه وهو يهبط بوجهه اليها .... ففغرت شفتيها بذهول دون أن تعي لأنها كانت ترفع وجهها اليه ...
و بدلا من أن تمس شفتيه جبهتها ... همس أمام بشرتها بخفوت
( سأكون كظلك ..... و لن تكوني له الا على جثتي ...... )
ثم ابتعد عنها تحت أنظارها المتعلقة به ... و شعر و كأنه ينتزع طفلته الباكية المتعلقة بعنقه بالقوة ....
سمعت صوت كريم يقول هازئا من خلف رائف
( ما الأمر يا .. خالي .... هل تنوي سرقة عروسي ؟! ....)
تشنجت ملك بشدة ... بينما أظلمت ملامح رائف و بدت مخيفة أمام عينيها , ... و تعالت بعض ضحكات المتواجدين من حولهم ...
بينما ابتعد رائف عن ملك و هو يستدير الى كريم الذي كان يبتسم بشراسةٍ غريبة ... جعلت منه مسخا مشوها بعيني رائف .....
و ما أن اقترب منها و أمسك ذراعها ... حتى انحنى اليها ليطبع شفتيه على وجنتها بقوةٍ ... و لعدة ثوانٍ جعلتها تغمض عينيها و تشعر فجأة بالغثيان و صور هجومه أكثر من مرة تندفع الى ذاكرتها ....
حاولت ابعاد وجهها عنه .... الا أنه منع هروبها بأن لف ذراعه حول خصرها بالقوة ... فشعرت أنها تكاد تختنق ...
نفس ذراعه ... نفس قوته التي قيدتها حين أجهض طفلها ......
بينما همس في أذنها متأوها وهو يلامسها بشفتيه غير آبها لوجود الجمع من حولهما ....
( أخيرا ......آآآآه أخيرا يا مليكة ...... ما أجملك يا دائي الوحيد !! ...)
أغمضت عينيها بشدة و هي توشك على أن تسقط أمام كل هذا العدد من البشر ... الا أنها حاولت استجماع قوتها بأقصى قدرة تستطيعها ....
و بدأت موسيقى عالية في الضرب من حولها ... و الألوان و الأضواء تتداخل أمام عينيها ...
بينما قوة ذراع كريم تجذبها اليه ليتقدم بها في اتجاه القاعة ... بينما هي تلتفت برأسها هاتفة دون أن تستطيع منع نفسها
( رائف ..... راااااائف .... )
لكن أحدا لم يسمعها .... فالصوت من حولها كان عاليا و كأنه صراخ شرس همجي ... ابعد ما يكون عن موسيقى زفاف ....
بينما كان رائف يبتعد بظهره و عيناه عليها ... الناس يتدافعون أمامه فيحجبونها عنه ...
و رغم الصوت العالي الصارخ ... الا أنه يكاد يكون متأكدا أنه سمعها تنادي باسمه ... فأغمض عينيه وهو يطرق برأسه متنهدا بعنفٍ بينما صدره يغلي بعدم قدرة على تحمل ابتعادها مع .... زوجها ... امام عينيه ...
نار حارقة كانت تشتعل بصدره ... بعنفٍ لم يعرفه تجاه مشاعره منذ سنواتٍ طويلة ....
شعور الغيرة ... شعور لم يظن أنه قد يقابله بمثل هذا العنف ... لكنها لم تكن مجرد غيرة عادية منطقية ...
بل هي غيرة مؤلمة بدرجة تجعله يود الصراخ عاليا و تحطيم هذا المكان ......
تبا لكل المنطق في هذا العالم .... كان عليه استغلال الموقف و عرض الزواج عليها ....
كان عليه خطفها لو تطلب الأمر ..... لقد طلقها الحقير أمامه .... سمع قسم الطلاق بنفسه .. و لا يهمه أن يسمعه أحد غيره .....
استلزمه كل قوته كي يسلمها له ..... بيده .... و يقف هنا منتظرا تلك الليلة أن تنتهى لينتزعها من هذا المكان ... و الأهم أن ينتزعها من بين ذراعي كريم .....
استدار مبتعدا وهو يقف عند نهاية القاعة ..... يتأوه بصمت حين اختفت عن عينيه تماما .....
.................................................. .................................................. .....................
وقف سيف خارج قاعة الزفاف في الظلام وحده .... يدخن سيجارة وهو ينعم ببعض الهدوء
ينظر الى الليل الداكن البعيد أمامه .... يضيق عينيه وهو يراقب آخر هذا الأفق عله يصل الى نهايتة ...
( أنت فعلا تحولت الى مدخن شره ........)
صوتها تخلل نسيم الليل الصيفي ... و عطرها سبقها الى رئتيه .....
فابتسم قليلا دون مرح ... و قال بهدوء
( هذا الدور لا يليق بكِ يا وعد ......... )
سمع صوت خطواتها تقترب منه على الأرض الرخامية برشاقة ... كعبي حذائها يصدران نغما كلاسيكيا يناسب مظهرها .... مظهرها الذي أهلكه منذ رآها خارجة مع ملك ....
كاد أن يصاب بنوبة جنون حانق وهو يراها بثوبٍ أسود كلاسيكي ضيق بالكاد يلامس ركبتيها ...
كميه القصيرين اللذين يتعديان استدارة كتفيها .... و شعرها الأسود الطويل التف بموجاتٍ طويلة انسابت على كتفيها بنعومة تنافس نعومة بشرتها ....
كاد أن يصرخ بها أن تعود و تبدل ملابسها و ترتدي ما يستر ساقيها و ذراعيها .....
الا أنه تذكر انها لم تعد تخصه ....أنه طلقها .....
فالتزم الصمت في نوبة عناد ... وها هو يدفع ثمنها الآن من أعصابه و كيانه المنقلب رأسا على عقب ..
و هو يلاحظ أن عيني كل رجلٍ في القاعة انحدرتا على قوامها النحيف الشبيه بقوام عارضات الازياء ...
وقفت وعد بجواره و هي تضع يديها على السور الرخامي أمامهما .... تنظر الى جانب وجهه الصلب .. وهو ينفث دخان سيجارته عاليا .... دون أن يتعطف عليها بكلمة ....
على الرغم من مأساوية هذا الحفل بالنسبة لها و لملك ... الا أن الجانب الأنثوي منها جعلها تهتم بأناقتها بشكل مبالغ فيه ... و هي تنتظر منه كلمة اعجاب .... كلمة تحيي أنوثتها من جديد و تسقي صحراء جسدها الجاف و المتشوق للمساته
لكنه نظر اليها نظرة صامتة ثم استدار دون أن يتكلم .....
لقد كسر نفسها المتألمة التي كانت تحتاج منه لكلمة اعجاب واحدة كي تصمد برقتها أمام تلك اليلة الصعبة عليهم جميعا ....
حين استمر الصمت بينهما طويلا ... و لم يتنازل حتى بالنظر اليها , فانتابها غيظ شديد منه
و قالت بتحدي راقي
( هلا أعطيتني سيجارة لو سمحت ....... أعصابي متوترة للغاية ... )
حينها و كأن عاصفة اندفعت خلاله فاستدار اليها بعنف وهو يهدر قائلا
( أعطيكِ ماذا يا روح والدتك الغالية ؟!!! .......... )
تظاهرت بالإندهاش و هي تقول ببساطة رافعة حاجبيها و هي تبعد شعرها عن كتفها بأناقة
( سيجارة يا سيف ..... ماذا بك ؟! ...... لم أحضر علبتي معي .... )
حينها هجم عليها يمسك بذراعها يجذبها اليه بقوةٍ فتأوهت بشدة ... بينما هتف بعنف
( هل تدخنين ؟! ..... منذ متى ؟! ...... )
قالت و هي تحاول أن تحرر ذراعها من يده التي بدت كالمخالب
( منذ فترة بسبب ضغط العمل ........ ما المشكلة ؟! ..... )
اتسعت عيناه بذهول بينما أوشك الغضب على أن يفتك به و بها ... وهدر مجددا وهو يجذبها اليه
( لقد جننتِ .... من المؤكد أنكِ جننتِ ....... )
عقدت حاجبيها و هي تهتف
( بل أنت الذي لا تزال رجعيا .... شره التدخين بينما ينتابك الجنون حين تعلم أنني أدخن مثلك .... )
هزها بقوة وهو يهدر غاضبا
( أيتها المعتوهة ..... حالة قلبك لا تتحمل التدخين ..... هل جننتِ ..... بالله عليكِ مما أنتِ مصنوعة ؟! ... )
سكنت ملامحها تماما .... و أفترت شفتيها عن تعبير رقيق و هي تسمع عبارته الهادرة ....
كانت تحاول الإبتسام ... الا أنها لم تستطع .....
ظلت تنظر الى عينيه الغاضبتين ... القلقتين ... و هي تنعم بتلك اللحظات قبل أن تقول بخفوت و رقة
( كنت أخدعك .... أنا لم أدخن بحياتي .... لا تقلق ... )
ظل قليلا غير مستوعبا بينما هو عاقدا حاجبيه يتحقق الصدق من الكذب بعينيها .... الى أن قالت برقة و هي تشير بعينيها الى السيجارة في يده
( لكنني أدخن معك الآن تدخينا سلبيا ........ )
رمش بعينيه وهو ينظر الى سيجارته المشتعلة .. قبل أن يرميها أرضا و يدهسها بحذائه وهو يتمتم غاضبا
( تبا ......... )
كانت تنظر اليه مبتسمة و هي تقول
( قد يخرج احد الى هنا و يرانا في هذا الوضع ....... هلا تركتني رجاءا .... لن أهرب أعدك ... )
رفع عينيه الغاضبتين الى عينيها الرماديتين الواسعتين المكحلتين بجمالٍ زاد من جمالهما ....
فترك ذراعها و كأنها احرقت كفه بنعومتها التي لم يلحظها قبلا في غمار قلقه عليها ....
لكنه عبس بشدة وهو يراها تدلك ذراعها من تأثير قبضته الساحقة التي ستترك علاماتٍ على بشرتها البيضاء
فقال معتذرا عابسا وهو يستدير عنها
( آسف .......... لكنك غبية ... )
قالت ساخرة
( منذ متى ؟! ........ )
رد عليها بخشونة دون أن ينظر اليها
( طوال عمرك غبية ........ )
ضحكت قليلا و هي تقول
( لم أقصد ذلك ..... بل قصدت منذ متى الأدب و الإعتذار ... ليست عادتك .... )
تأفف عاليا وهو يخرج علبة سيجارته ينوى اخراج واحدة .... الا انه تذكر وقوفها فقال مجددا بغضب
( أووووووف ..... هلا ابتعدتِ من هنا .... )
لكنها لم تبتعد ... بل استندت الى السور بظهرها بينما هو واقفا معاكسا لها .... فرأت وجهه بوضوح , و هي تقول ضاحكة قليلا
( يا اللهي أنت فعلا أصبحت مدخنا شرها ........ )
قال سيف من بين أنفاسه الغاضبة
( لا دخل لكِ يا وعد .........)
الا انها قالت بخفوت و بساطة
( الا يحق لي القلق عليك كما تقلق علي ؟!! ..... فأنت رغم كل شيء لا تزال ابن عمتي )
لم يرد عليها .... بل كان حتى يتجنب النظر اليها ... لكنها استطاعت سماع أنفاسه الخشنة ..
فاستدارت مثله وهي تنحني كي تستند الى السور بمرفقيها بميوعةٍ ...
حينها لمحت عينيه تنظران اليها رغم عنها ... تراقبان انحنائها الرشيق ...
فابتسمت و هي تعلم انه لا يزال يحبها .... على الرغم من أن هذا يبدو في منتهى القسوة و الظلم
الا أنها كانت سعيدة سادية و هي تعلم بأنه يحبها ... و لن يحب غيرها رغم الطلاق ....
ليلة أمس بعد مكالمته لها ... كانت كالمجنونة و هي تتخيل آلاف الصور له مع نساء غيرها ....
على الرغم من أنها تكاد أن تقسم بأن سيف لا ينجرف الى حياة العبث أبدا .... ليس هو ... و ليس طبعه ...
لكن رغم ذلك فنارها لم تهدأ للحظة واحدة ....
حتى الآن هي تراقبه ... تكاد تفحصه .. و تتخلل كيانه بعينيها لترى ان كان ارتاح مع غيرها !! ...
لكن عصبيته الشديدة تخبرها بأنه لم يفعل .... ليتها فقط تجزم بذلك ....
قال سيف أخيرا بخشونة يحاول تجنب تأثيرها عليه
( هل ملك بخير ؟! ........... )
تنهدت وعد و هي تعود لأرض الواقع بقسوة .....
واقع أن ملك ستغادر عريسها الليلة و ستتطلق قريبا ...
وواقع أن سيف طليقها و ليس زوجها .....
فقالت أخيرا تتنهد بخفوت
( من منا بخير ؟! ........ هذا الزفاف ما هو الا مسرحية رخيصة و ستصبح ملك مطلقة خلال أيام ..... بعد أن كنت أتخيلها عروسا لرجلٍ ذي شأن عظيم .... فها هو الزفاف لكن دون الشأن العظيم ... )
نظر اليها سيف بصمت ... بينما تابعت و هي تقول بخفوت ناظرة الى السماء السوداء أمامها
( منذ أن عثرت عليها .... و رأيتها شابة , سحرني جمالها ... و قبله جمال شخصيتها ... لذا كنت متأكدة أنها تستحق أن تكون عروسا لرجل عالي المستوى .... يليق بجمالها .... فهي تبدو كفتاة من فتياتِ الحكايات ... لذا اخذت ألهث كي احقق لها بعض المستوى تجهيزا لهذا الرجل المنتظر ..... كي لا يجدها مجرد بائعة زهور و اختها ما بين تقديم مشروبات و بين الخياطة ... من همٍ الى هم يا قلبي لا تحزن .... )
مطت شفتيها ضاحكة و هي تتابع قائلة
( كنت أنوى البحث لها عن عريس بنفسي ..... رغم أن الزواج لم يكن أبدا هو مطلق حلمي .... لكن حين يخص الأمر ملك , لم أكن أفكر سوى بمن ستتزوج و كأنني أم قديمة الطراز ......)
صمتت قليلا غير واعية لعيني سيف المدققتين بها و حاجبيه المنعقدين بشدة ... ثم همست تقول أخيرا
( و ها هي تزوجت ... و بحفل زفاف أسطوري .... بينما قلبها ينزف ألما .... )
هزت رأسها نفيا و كأنها غير مقتنعة .... ثم أخفضت رأسها , فانسدل شعرها حول وجهها ...
ظل يراقبها طويلا و هي تكاد تدفن وجهها بين ذراعيها المستندتين الى السور الرخامي ... و حين لاحظ اهتزاز كتفيها قليلا ... همس بصوتٍ اجش
( وعد ...... هل تبكين ؟! ....... )
لم ترد عليه ... و لم ترفع رأسها , فاقترب منها خطوة ... و رفع يده الى ظهرها ... فظلت معلقة في الهواء للحظة ... ثم انزلها أخيرا الى ظهرها يلامسها برفق وهو يقول بخفوت
( ارفعي وجهك ....... )
الا أنها ظلت مكانها .... غير قادرة على مواجهته ... فلم يجد بدا من أن يمسك بخصرها بكفيه و يرفعها لتقف أمامه ... و هاله أن يرى خطوطا سوداء مرتسمة على وجهها ... و مع ذلك لم يقلل هذا من جمالها ...
بينما همست بإختناق و هي تمسح وجنتيها بقبضتيها
( ياللهي .... لقد افسدت زينتي و من المؤكد أبدو مريعة الآن .......)
كان سيف ينظر اليها بصمت ... بينما صدحت من الداخل أنغام هادئة .... حالمة .....
فقال بخفوت وهو يمسك بقبضتها يخفضها عن وجهها
( ارقصي معي ........)
اتسعت عينيها بذهول ... بينما عقد هو حاجبيه بشدة وهو هو يلامس خصرها بيده ليجذبها اليه وهو يقول بخشونة ٍ خافتة
( أنتِ لا زلت زوجتي ..... فأشهر العدة لم تنتهي بعد .....)
أغمضت وعد عينيها و هي تهمس بينما تميل برأسها الى كتفه
( هشششش ........)
فضمها اليه بقوةٍ وهو يتمايل معها ....يتنهد بعطرها ... يضمها الى صدره الجائع المشتاق .... تاركا الغد لمصيره ....
.................................................. .................................................. ..................
كانت ملك تصارع كي تبعد ذراعيه عنها و هو يراقصها .... بينما كان هو يضمها اليه بقوةٍ ... و جرأة علنية فجة ... يقتنص وجنتيها و شفتيها بقبلاتٍ مسروقةٍ أمام أعين الجميع من الهاتفين و المصفقين بصفاقة ...
فهمست بجنون من بين شفتيها المحترقتين باشمئزاز
( ابتعد عني ........)
الا أنه كان بعالمٍ آخر من الهوس بها .... يتلمسها ... يتذوقها ... يشعرها بأنه مدمن و هي ادمانه ... لدرجةٍ أشعرتها بالقذارة التي تناقض بياض هذا الفستان الذي ترتديه و لا تليق به ....
همس في أذنها
( جميلة أنتِ جميلة .....أخيرا و بعد كل هذه السنوات أنت بين ذراعي أمام العالم كله ... من شدة نشوتي أشعر بالرغبة في طرحك أرضا و التهامك بنهمٍ أمامهم بعد أن كنتِ الخفاء .... أصبحتِ العلن بكل بهائه و سطوع ضوئه .....)
كان الغثيان يتزايد بداخلها بشدة و هي تدعو الله أن ينتهي هذا الحفل سريعا و تجد نفسها بسيارة سيف كي يعيدها للبيت .... و رائف سيكون معهما .... رائف !!
فتحت عينيها تبحث عنه في كل مكان .... الى أن أبصرته ....
كان يقف في آخر القاعة ... ينظر اليها بين ذراعي كريم و الصدمة تبدو واضحة على ملامحه ....
كان يقف كماردٍ ضخم ... أطول من كل الحاضرين رغم بعده ... و قبضتاه منقبضان الى جانبيه ....
بينما كان وجهه ..... و عيناه ......
كانت تنظر اليه باعتذار فطري ... لا تعرف له سببا .... و توسل بالغريزة .....
لكن عيناه كانتا مخيفتان وهو ينظر اليها .. ثم الى الجمع من حوله قليلا و كأنه يحاول السيطرة على نفسه كي لا يفتعل فضيحة ...
ثم يعود بعينيه الى عينيها لاهثا .... غاضبا ....
فجأة شعرت بقبضة كريم تمسك بذقنها تدير وجهها اليه ., و شفتيه تطبقان على شفتيها في قبلةٍ سرقت اليها أضواء الكاميرات كلها و تصفيق الجميع و كأنها حلبة مصارعة ....
صرخت فجأة بين شفتيه و هي تضرب صدره بقبضتيها
( ابتعد عني .......... )
ضاقت عيناه بشر , الا أنها لم تهتم .. بل طارت عيناها بحثا عن رائف , لكنها لم تجده ... بل وجدت مكانه خاليا .... مظلما ....
فأطرقت وجهها بخزي و ألم .... حينها ضمها كريم اليه يهمس بشرٍ مختبىء داخل نبرةٍ ناعمة كالعسل
( مليكة ....... )
انتفضت تنظر اليه وهي تقول
( قدمي أوجعتني ..... أريد الجلوس ..... )
و دون أن تسمع رأيه ابتعدت عنه كي تذهب الى أريكة العروسين و ارتمت جالسة عليها ... تبحث بعينيها عن رائف .... لكنها أيضا لم تجده .... و أثناء بحثها , التقت عيناها بعيني كريم الذي كان لا يزال واقفا مكانه حيث تركته .... ينظر اليها بنظرةٍ مخيفة ... الا أنها لم تهتم بها ...
كان كل همها يدور حول سؤال واحد ..... هل يمكن لرائف أن ينسى تلك القبلة التي رآها بعينيه !! ....
.................................................. .................................................. ..................
أخذ الوقت يمر ببطىء ... و هي جالسة مكانها مطرقة الرأس ....
كان كريم يرقص مع اصدقائه و يتعالى صراخه بجنون صاخب و كأنه فاز بأكبر جائزة يناصيب ...
بينما كانت شبه متأكدة بأسى أن رائف رحل و تركها ..... فهي لم تره مجددا ....
اخذت تفرك اصابعها محاولة حساب كم تبقى من الوقت كي تنتهي تلك المهزلة .....
ستنتهي برحيل آخر مدعو .... و حينها ستغادر مع سيف .... بعد أن رحل رائف .....
رفعت وجهها بأسى .... فشهقت و هي تراه مجددا ... يقف بنفس مكانه هناك , فابتسمت رغما عنها ...
و كانت تلك هي أول ابتسامة لها في هذا الزفاف البائس ....
صحيح أنه لم يستطع أن يرد لها الابتسامة بمثلها .... الا أن عينيه رقتا لها قليلا ... و كان ذلك في حد ذاته كفيلا كي لا تفقد ابتسامتها ...
لكنها انتفضت فجأة على صوت كريم وهو يقول في مكبر الصوت الخاص بمنسق الأغاني ....
( أصدقائي و حضرات المدعوين الكرام ..... كانت ليلة رائعة و لا تزال .... لكنني مضطر للخروج مع زوجتي و الصعود الى غرفتنا الآن .... فأنا غير قادر على الإنتظار أكثر .... سنوات طويلة من الحب ستكلل الليلة .....و غدا ستنقلنا الطائرة لشهر عسل هو مفاجتي المذهلة لعروسي الجميلة ... لذا استمتعوا بكل دقيقة و كأننا معكم تماما ... تحياتي للجميع .. )
تعالت الشهقات و الضحك الصاخب من صراحته الفظيعة ... لكن ملك لم تعي بنفسها الا و هي تشهق رعبا ..
أي ليلة ؟!! .... أي غرفة ؟! .... شهر عسل من ؟!!!
فنظرت بذعر الى رائف الذي كان يبدو غاضبا .. هائجا بصمت ....
ثم دون لحظة تأخير واحدة ... و جدته يندفع خارجا من القاعة ....
فرفعت يدها الى صدرها و هي تبحث عن سيف ...
لو تطلب الأمر فستصرخ و تجري من القاعة و ليحدث ما يحدث ..... و لتكن الفضيحة , لكن المهم أنها لن تدع كريم يقترب منها أو يلمسها ...
تدافع المهنئين الى كريم ... يحجبونه عنها قليلا .. لكن عيناه الشرستان كانتا مصوبتان عليها باصرار .. كي لا تهرب ...
و مرت عدة دقائق .... فانقشع الجمع من حوله ... و بقي هو واقفا ينظر اليها و في عينيه نظرة قناص حاد النظر ... يقترب منها على مهل...
الى أن وصل اليها , فأمسك بيدها يجذبها اليه بالقوة حتى نهضت من مكانها و ارتمت عليه فتلقفها بين ذراعيه .. الا انها انتفضت تدفعه في صدره بغضب....
و ما أن استقامت حتى وجدت رائف يندفع داخلا الى القاعة مجددا ...
فرمشت بعينيها و هي تتنفس براحة , على الرغم من لا تصور لها عن كيفية انقاذه لها .......
قال رائف بصوتٍ جليدي صلب من خلف كريم
( هل يمكنني تهنئة العروس يا عريس ؟! ............ )
ابتعد كريم ببطىء عن ملك .... و استدار ينظر الى رائف للحظات قبل ان يقول مبتسما بتشفي
( تفضل يا خالي ..... أعرف أنها "كابنتك" التي لم تنجبها تماما , لكن أسرع فنحن نريد الهرب من هنا لبدء شهر العسل ..... أنت تدرك طبعا مدى لهفتنا لذلك ... و لهفتي أنا تحديدا ... )
تجمدت عينا رائف .... و انقبضت كفه اكثر ... الا انه ابتسم ببرود ... ليقول بلطفٍ زائد
( أعرف لهفتك يا حبيب خالك .... خاصة بآخر لقاء لنا ... حين كنت مقيدا ... مرميا أرضا ... تتوسل حبها و بقائها... )
برقت عينا كريم بكرهٍ بشع .. شوه شكله الوسيم ... لكنه ضحك عاليا بعد لحظات ثم قال بصوتٍ عالٍ
( كان مجرد حلما يا خالي العزيز ..... بل كابوس احلم به دائما بأنها تتسرب من بين أصابعي ... لكن كلما استيقظت أجدها لا تزال ملكي ... فأتنفس الصعداء ..... )
ظل رائف ينظر اليه بصمت .... نظرة مخيفة في برودها و الجحيم القابع تحت سطح هذا البرود ...
ثم تجاهله وهو يستدير الى ملك ملتقطا يدها كي يصافحها مهنئا ...
أخفضت ملك وجهها و هي تشعر بأن شيئين صغيرين انتقلا من كفه الى كفها فأخفضت وجهها ..
الا انه كان أسرع منها وهو ينحنى اليها مقبلا وجنتها !!.... مما جعلها ترفع وجهها اليه شاهقة بذهول
فهمس بالقرب من فكها
( لا تخفضي وجهك .... هذه الأقراص ضعيها له بأي شراب و سأكون عندك خلال دقائق بكل الأحوال .... حتى ولو لم تتمكن من فعلها .... )
أبعد وجهه عنها ينظر اليها بصمت ...الى وجهها المشع احمرارا بشدة و هي لا تزال فاغرة شفتيها من قبلته التي حطت على وجنتها للتو !!... و خشي الا تكون سمعت ما قال ...
فأعاد برقة مؤكدا عليها
( هل سمعتني يا عروس ؟! ....... مبارك حبيبتي ... )
فغرت شفتيها أكثر ... و اتسعت عيناها بذهول أشد .... لكنها أومأت بغباء و هي تقبض كفها على الأقراص
فأومأ هو الآخر برأسه و عيناه بعينيها ... ثم ابتعد عنها على مضض ...
حينها اندفع كريم وهو يقبض على كفها الآخر ليقول بقوة و كرامةٍ مهتزة
( هيا مليكة ....... لنغادر قبل أن ينتهز خالي الفرصة ليقبلك مجددا ....)
تسمر رائف مكانه و انقبض صدره بشدة وهو يرى كريم يجر ملك خلفه ليندفع خارجا....
بينما كانت هي تنظر للخلف ... اليه ... عيناها متعلقتان به ... تقتله .......
.................................................. .................................................. ......................
فتح كريم باب الغرفة بنفسه بعد أن صرف العامل .... و دون كلمة استدار الى ملك المذعورة وانحنى ليحملها بسرعةٍ بينما شهقت هي عاليا و أخذت تصرخ بغضب و هياج ....
( أنزلني ....... أنزلني ...... )
ضحك كريم وهو يسرع بالدخول وهو يحملها هامسا
( ششششش ستثيرين الذعر بجنونك هذا ....... )
و ما أن أنزلها أرضا على قدميها و استدار ليغلق الباب ... حتى جرت سريعا و هي تحمل حافتي فستانها الى آخر الجناح الفخم ...
التفت كريم اليها مجددا يبحث عنها ... و حين رآها تقف في ركنٍ بعيد ... ترتعش و تنظر اليه بغضب يخالطه خوف تحاول جاهدة اخفائه ...
فقال باسما وهو يخلع سترته ببطىء ليلقيها بعيدا باهمال
( تبدين عروسا عذراء بحق ...... ربما لم تكن ليلتنا الأولى مرضية لكِ , لكنها كانت كالنعيم بالنسبة لي و ستظل تحفر ذكراها بقلبي دائما ... لكن هذا لن يمنع أنني سأحاول تعويضك عنها بأقصى استطاعتي ... )
نزع الصديري الخاص بالحلة ليلقيه هو الآخر على الأرض , بينما وقفت ملك تنظر اليه باشمئزاز و هي تتذكر تلك الليلة التي يحكي عنها بكل تفاصيلها المأساوية ... متغاضيا عن ذكر اعتقادها أنها كانت متزوجة رسميا منه بينما هو في الواقع لم يكتب سوى ورقة بيضاء ... تساويها رخصا .....
تجمدت عيناها عليه و هي تتمنى لو تنهش عينيه .... و صدره العاري الذي يتباهى به الآن بعد أن نزع قميصه عنه ....
وهو يقترب منها ببطء و بعينيه نظرة افتراس جلية , و ما أن لاحظ نفورها الواضح حتى قال برقته القديمة الناعمة كالعسل
( مليكة .... الا يمكنك تجاوز ما مضى ... انظري كيف جمعنا القدر رغم الجميع .... دون خسائر تذكر ..... آنا آسف و سأظل عمري كله أعتذر لكِ و أحاول أن أعوضك .... هلا منحتني الفرصة ..... )
كان قد وصل اليها , فوضع يديه على خصرها وهو ينحني اليها ليداعب عنقها بأنفه ....
بينما كانت هي متشنجة كتمثال من رخام .... و أوشكت على الصراخ , الا أنها تماسكت كي تنفذ خطة رائف أولا .... فقالت بجهد جبار و هي تتحمل لمساته البغيضة
( آسف على أي شيء ؟! ... على النصب أم الإغتصاب أم القتل ؟! ..... حدد رجاءا كي أحاول أن أسامحك )
رفع وجهه عنها بغضب وهو يقول بصوتٍ خافت خطير
( الا ترين أنكِ تبالغين بدرامية سخيفة ......... )
نظرت الى عينيه و هي تهمس بشراسة و قد نست خوفها
( لقد أوهمتني بأنه زواجا رسميا .... ثم فرضت رغبتك علي دون ارادة مني .... قيدتني بين ذراعيك و قتلت ابننا .... ثم ادعيت أنني مجنونة معتوهة ... مستغلا ظروفا ممرت بها و أنا صغيرة .... أي حقير .. دنيء ... قذرٍ أنت .... )
كانت تصرخ بكلماتها الأخيرة بجنون ....
فاشتعل الغضب بعينيه وهو يصرخ هو الآخر
( كفى ........ كفى ..... أنا أحاول جاهدا السيطرة على جموحي معك لكنك لا تمنحيني الفرصة ... بينما كان عليك أن تكوني شاكرة لأنني لم أعاقبك على ما فعلته مع رائف المرة السابقة ..... فقد اعتبرت أنك نلت حقك و انتهينا .... لا أريد كلمة أخرى عن الماضي ..... لقد نلتِ حقك كاملا .... و أنا راضيا و عليكِ أن تكوني راضية كذلك .... )
فغرت شفتيها بذهول و هي تنظر اليه .... بينما همست بصوتٍ واهي
( نلت حقي ؟! ..... لمجرد أنه ضربك ؟! ...... هل هذا هو حقي ؟! ...... )
تنهد بجنون وهو يصرخ فجأة بهياج مما جعلها تصرخ هي الأخرى بذعر لتتراجع ملتصقة بالجدار خلفها مغطية أذنيها بكفيها
زفر كريم بغضب وهو يشتم بصوتٍ منخفض .... ثم نظر لذعرها فتنهد بعد فترةٍ ليقول بعدها بعذاب
( لماذا تجبريني على هذا ؟!! ..... ماذا ستجنين من كل هذا ؟! .... لطالما كنتِ تفهمين طباعي و تحتوينني بكل رقتك و حنانك .... ما الذي غيرك ؟! ..... )
كانت تلهث بذعر .... و هي تراه مجنونا مختلا ... , لكنها سيطرت على نفسها بالقوة و هي تخفض كفيها لتقول باختناق لم تحتاج الى تمثيله
( أريد أن أشرب ....... أشعر بعطش شديد .... )
نظر اليها بلهفة وهو يبتسم قليلا , ثم هتف هامسا
( طبعا ...... طبعا مليكة .... فقط ارتاحي ... أو دعيني أنا أريحك ... فقط اهدئي .... )
ابتعد عنها ليتجه الى مسطح رخامي .... يحتوي على زجاجة خمر كهدية للعروسين بناءا على طلبه , ففتحها بقوةٍ و سائلها الذهبي الأبيض ينساب على يده ....
صب لها كأسا .... و لنفسه , بينما كانت تراقبه بصمت , قبل أن تقول بفتور
( متى تعلمت شرب الخمر ؟! ...... لم أكن أعلم ذلك ...... )
نظر اليها بطرف عينيه ... ثم ضحك قليلا وهو يقول
( قليلا فقط ... في بعض المناسبات ....لا يقارن شربي بشرب أمي .... فهي نهمة للخمر مهووسة و تقوم بحركاتٍ مجنونة بعد أن تسكر ...... لكنها تصبح مغرية لا تقاوم )
عقدت ملك حاجبيها بشدة و نفور .... ها هو يتكلم عن أمه مجددا بطريقة ..........
تثير الغثيان بغرابة ..... بينما كان هو يقول بخفوت ناظرا للسطح الذهبي الشفاف ...
( جميلة هي منذ أن رفضتني ......... هشة كأجمل النساء الضعيفات اللاتي يثرن الرغبة في حمايتهن , لكنها لا تصلح لأن تكون أما ..... )
رفع وجهه الى ملك التي كانت تنظر اليه بقتامة فقال مبتسما ببساطة
( لذا لم أعاملها كأم ......... )
هز رأسه قليلا وهو يعود لنفس الموضوع
(المهم ..... ترفقي بي مليكة , فالليلة ليلة زفافنا و أنا أنوي أن أجعلك راضية بكل ما أملك من أسلحتي ..... فقط لا تقاوميني ..... )
اتجه اليها ببطىء وهو ينظر الى عينيها مبتسما .... و ما ان مد لها بكأسٍ من الكأسين حتى تناولته و هي تقاوم رغبتها في القائه بعيدا .... بينما نظرت بقلق الى كأسه ثم همست بخفوت
( فقط عدني بشيء ......... )
نظر اليها بذهولٍ من صوتها الرقيق المذعن فهتف بلهفة
( أي شيء ...... اي شيء يا مليكة....... )
أطرقت برأسها و هي تهمس
( لا تقترب مني الى أن أهدأ تماما ...... ليس قبل ذلك , أريد أن أكون أنا من تناديك ..... أرجوك )
أغمض عينيه وهو يتنهد بقوةٍ تعبا و فرحا .... ثم همس بصوتٍ معذب سعيد
( على عكس ما تعتقدينه ...... أنا قادر على تحمل أي شيء ... اي شيء في سبيل ارضائك ... مهما كان صعبا مضنيا ... لذا .... فطلباتك أوامر مليكة .... )
اقتربت منه رغما عنها ... بكل النفور في جسدها و ارتفعت على أطراف أصابعها و هي تحيط عنقه باحدى ذراعيها .... حتى أصبح كأسها خلف رأسه و هي تقبل وجنته بشغف رائع التمثيل و هي تهمس
( شكرا .... لك ...... )
كان مذهولا ... يبدو كمتسول عاجز ... وهو يشعر بها ترتجف بين ذراعيه برضاها .... فهمس باختناق مذهول
( الا تمنحيني قبلة فقط ..... واحدة فقط أستطيع بها الصمود .... )
ابتلعت ريقها بصعوبة .... ثم أومأت برأسها بصمت .... فازداد ذهوله وهو يقترب منها ببطىء
و ما أن لامس شفتيها بشفتيه حتى أسقطت يدها بالكأس على ظهره ... فانتفض صارخا
( ما اللذي ؟! .......... )
تظاهرت بالذعر و هي تهتف
( أنا آسفة ....... أنا آسفة ...... لم أقصد لقد ارتعشت يدي و أنت تقبلني ..... )
رمش بعينيه وهو ينظر اليها متدلها برقتها و استسلامها .... فقال بخفوت
( حقا يا مليكة ؟! ........ )
أومأت برأسها بصمت ... ثم همست بخفوت
( هلا أحضرت لي واحدا آخرا ..... أنا أرتجف بشدة ....... )
هز رأسه قليلا بعدم تصديق وهو يهمس
( من عيوني مليكة ...... من عيوني .... خذي كأسي اشربي منه و سأحضر واحدا آخر .... )
فالتقطته منه مبتسمة و ما أن استدار عنها رغم عنه .... حتى اسقطت القرصين في الكأس و أخذت تديره بسرعة قبل أن يعود اليها ......
ثم سكبت رشفة منه بعيدا ... و ما أن عاد اليها بواحدٍ آخر .... حتى أخذته منه و ناولته كاسه وهي تهمس
( خذ هذا ...... لقد رشفت منه رشفة ..... )
ثم بللت شفتيها بلسانها بقصد .... حينها بدا كالأبله فعلا وهو ينظر الى لسانها مذهولا .... ثم شرب كأسه في جرعةٍ واحدة و عيناه لا تزال على عينيها ......
بينما كانت هي ترتجف بقوةٍ و هي تخشى أن يضيع كل شيء بسرعة .... و بالفعل همس كريم بجنون
( لا أستطيع الإنتظار ...... أنا آسف مليكة ..... لا أستطيع .... )
تجمدت عيناها بذعر و غضب ... لكنها همست بجمود
( لكنك وعدتني .......... )
همس بخفوت وهو يلهث قليلا
( لم يكن عليكِ اذن أن تثيريني ........ )
قفزت ملك من أمامه و هي تجري رامية الكأس بعيدا .... لكنه لحقها بسرعة صارخا
( لا تثيري جنوني كالمرة السابقة يا ملك , و تبكين بعدها ....... )
الا أنها مدت يدها في صدر فستانها و أخرجت منه مدية صغيرة أشهرتها في وجهه و هي تقف متحفزة بعينين شرستين و هي تهمس من بين أسنانها
( أقسم بالله لو اقتربت مني فسأفتلك ....... )
تسمر مكانه وهو ينظر اليها بذهول , قائلا
( تحملين مدية معك ؟!!! ...... أتهددينني بالقتل ؟! ...... )
هتفت بقوةٍ صارخة
( لم أكن لأترك شيئا للإحتمالات يا كريم القاضي ..... خاصة حين يتعلق الأمر بك تحتلني من جديد و تمارس علي أمراضك ....... )
وقف مكانه مصدوما .... غاضبا .... شرسا .....
لذا لم تمر لحظتين .... حتى هجم عليها صارخا
( اذن أريني أفضل ما لديكِ ....... )
حينها لم تتوانى عن شق فكه بجرحٍ سطحي ... فصرخ متألما وهو يتراجع عنها واضعا يده على الجرح النازف بذهول .... ينظر اليها غير مصدقا ....
.................................................. .................................................. ...............
نظر الى ساعة معصمه و هو يقارب الجنون .... لم تنتهي النصف ساعة ... بل تبقى منها خمس دقائق ...
الا أن هذه الدقائق بدت كالدهر .... فاندفع بكل قوته الى جناح العروسين ... حتى أنه كان تقريبا يركض في الممر الطويل ... و قلبه يصرخ بخوفٍ لم يعرفه منذ فترةٍ طويلة
نبضاته كلها تصرخ باسمها هلعا .... ملك ... ملك ... ملك ... كيف طاوعه قلبه و تركها ؟!!! ...
وصل الى الجناح ... فطرق بابه بعنف و حين لم يسمع صوتا أخذ يطرقه مجددا و بعنفٍ أكبر ..... الى أن سمع صوتها المرتجف يهمس من خلف الباب
( من ؟!!!! .......... )
حينها هدر نفسه بالصعداء وهو يستريح بكفيه و جبهته على سطح الباب ... لاهثا بتعب وهو يقول بخفوت
( إنه أنا يا صغيرة ...... افتحي الباب .... )
فتحت الباب ببطىء .... الى أن رآها واقفة أمامه بكامل فستانها الضخم ... تنظر اليه بخوف , الا أنها كانت سليمة تماما ...
حينها همس بقوةٍ
( ملك ...... ياللهي .. الحمد لله ... كدت أن ..... )
لم يكمل كلامه حين ارتمت على صدره ترتجف بشدة تحيط خصره بذراعيها .... فاتسعت عيناه قليلا و تشنج جسده كله ... و نظر الى جانبي الرواق .. قبل أن يغمض عينيه للحظة متحملا ذلك العذاب ... الحلو بطريقةٍ سافرة بحتة ...
ثم تحرك بها الى الداخل و أغلق الباب خلفه ليستند عليه ..مرجعا رأسه للخلف مغمضا عينيه بصعوبة ....
بينما هي لا تزال مرمية على صدره تتشبث به و ترتجف بشدة ....
فتح رائف عينيه و أمسك بكتفيها يبعدها عنه بالقوة و هي تمانع بشدة ... وليست في وعيها الكامل ....
فضحك قليلا بغضب و استياء
( ابتعدي يا صغيرة ..... كي لا أنسى الجزء القليل المتبقي من ضميري ..... )
كان يعلم أنها لا تسمعه ... فقد كانت في صدمة واضحة ... فرفع وجهها الشاحب اليه و أخذ يربت عليه بقوةٍ كي يعيد الدم اليه وهو يقول بحزم
( ملك .... ملك ..... أنتِ بخير ..... أنتِ بخير و لم يصبكِ مكروها .... )
أخذت تنظر حولها قليلا ... و هي ترمش بعينيها ... الى أن رفعتهما الى عينيه تقول بصدمة متأخرة و هي تتلمس نفسها
( أنا بخير ..... أنا بخير .... نعم أنا بخير ..... )
كل حركاتها تثير كيانه و تشعل به نارا تأبى أن تنطفىء .... الا أنه لاحظ بجنون أحمر شفتيها ملوثا ... مدنسا حول فمها ...
فابتعد عن الباب بجنون مندفعا للداخل ... يريد ضربه و سحق فمه الشهواني البغيض ...
الا أنه وجد كريم مرتميا على السرير ... فاردا ذراعيه ... رتيب التنفس ....
فاقترب رائف منه بعينين داكنتي الشر .... و رفع قبضته المضمومة عاليا ... الا أن ملك تعلقت بمعصمه في اللحظة الأخيرة و هي تهتف بذعر
( لا يا رائف .... لا .... إنه غائب عن الوعي ..... اتركه أرجوك , لقد جرحته بالفعل .... )
لم يهدأ غضب رائف ... و لم تلين ملامحه وهو ينظر الى الجرح في فك كريم ببرود .... ثم قال أخيرا بفتور قاسي
( بماذا جرحته ؟!! ......... )
أخرجت المدية من صدر فستانها تحت أنظاره المصدومة .... ثم قالت
( كان يجب أن آخذ احطياطاتي ....... )
ظل ينظر اليها بوجوم قليلا .... قبل أن يضحك بخفوت وهو يقول
( يبدو أنكِ لستِ في حاجةٍ لي يا صغيرة ........ )
نظرت الى وجهه بصمت .... قبل أن تقول بخفوت
( لكل منا وجهة نظر في ذلك ...........)
ضاقت عيناه بشدة .... و نبض قلبه بعنف , فعبس وهو يستدير عنها ليتأمل ذلك المرتمي على السرير ...
كان رائف يدور حول السرير ببطىء دون أن ينزع عينيه عن كريم ... ثم قال بخفوت
( لأول مرة بحياتي أشعر أنني لا أستطيع التمييز بين الصح من الخطأ ..... )
قالت ملك بخفوت
( هل تظن أن ما نفعله خطأ ؟!........ )
رفع وجهه اليها يقول بنبرةٍ ذات مغزى .... و ببطىء شديد بينما عيناه بعينيها
( أنتِ زوجته .... و أنا سآخذكِ معي الآن ..... )
كانت تنظر اليه بصمت طويل دون أن تحيد بعينيها عن عينيه ... ثم قالت أخيرا بهدوء
( ليس لوقتٍ طويل ....... لن أظل زوجته لوقتٍ طويل , هذا لو تحركنا حالا كي نبدأ في الإجراءات ... )
ارتفع حاجبيه و هو ينظر اليها يود لو يقبل قوتها تلك بكل شغفه المضني ... ثم انتشرت الإبتسامة على وجهه تدريجيا قبل أن يقول بنفس الهدوء
( اذن ...... هيا بنا ..... )
نظر حوله وهو يقول منعقد الحاجبين
( أين ال .......... )
ثم لم يلبث أن هتف وهو يضرب جبهته
( لقد نسيت الحقيبة في الخارج ........ )
اندفع الى الباب و هي تقول بحيرة
( أي حقيبة ؟!!! .......... )
رأته يفتح الباب ليتناول حقيبة ساقطة أرضا ثم يعود اليها قائلا
( لقد أقنعتهم في البهو أنني خال العريس و أنني أحمل له بعض الملابس التي يحتاجها ..... )
مد الحقيبة اليها وهو يقول بحزم
( ادخلي الحمام و بدلي ملابسك بسرعة ..... فليس من السهل أن نهربك و أنتِ ترتدين تلك الكومة الخيمية .... )
أخذت ملك الحقيبة و جرت الى الحمام بينما قال رائف بنفس الغباء السابق .... حين كانت ببيته
( هل تحتاجين مساعدة في خلعه ؟! ....... )
أغمض عينيه يلعن غبائه للمرة الثانية ..... يقسم أنه بريء النية , رغم انه الآن بدأ يشعر بالنية تتلوث قليلا ...
لكنه فتح عينيه حين شعر بها تقف مكانها و تستدير اليه ... لم تكن مصدومة مثل المرة السابقة , بل قالت بهدوء مبتسمة
( ليس معنى أنك لا تستطيع حاليا التمييز بين الصح و الخطأ .... أن تتمادى .... )
اتسعت ابتسامتها قليلا .. ثم دخلت الحمام و احكمت غلق الباب خلفها ... بينما كان هو يقف مكانه مذهولا
فالصغيرة تمازحه ... ببساطة ... ووقاحة .... و كأنه ......
رفع عينيه الى باب الحمام و صدره يتضخم أكثر و أكثر ... متسائلا عن عن صحة ما يحدث الآن ...
لكن أفكاره كلها توقفت حين فتحت الباب و خرجت ترتدي بنطالا من الجينز الضيق و سترة رياضية ذات خطاء للرأس خلف عنقها .... بينما أنسدلت ضفيرتها الطويلة على كتفها ......
كانت تبدو كصبي صغير .... و لم تكن يوما أكثر جمالا !!!!
ظل رائف مكانه صامتا .... واجما .... وهو يتأملها من ضفيرتها و حتى حذائها الرياضي ...
قبل أن يقول بخشونةٍ خافتة
( تعالي الى هنا ........ )
اقتربت منه ببطىء الى أن وقفت أمامه بأدب ... فمد يديه و رفع غطاء الرأس فوق شعرها و جذبه على جانبي وجهها بقوةٍ وهو يقول بابتسامةٍ كبيرة حنونة
( أخفي وجهك هذا ...... نريد أن تكلل العملية بنجاح .... )
اتسعت ابتسامتها .... و هي تنظر اليه برقة , بينما أخفض يده ليمسك بكفها يسحبها معه ....
و كانت مستعدة لأن تتبعه لأي مكان ... فقد سلمته ثقتها منذ زمن ....
لكن حانت منها التفاتة أخيرة الى كريم الملقى على السرير ... لكن رائف جذبها بقوةٍ وهو يقول بصوتٍ قاطع
( لا تنظري للخلف مجددا ..... لقد انتهى الامر ... )




انتهى الفصل 46


ساهر ف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:55 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.