آخر 10 مشاركات
Harlequin Presents April 2013 (الكاتـب : سما مصر - )           »          في قلب الشاعر (5) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          347 - الراقصة و الارستقراطي - عبير الجديدة - م.د ( كتابة / كاملة )** (الكاتـب : lola @ - )           »          ..خطوات نحو العشق * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : smile rania - )           »          الملاك والوحش الايطالي (6) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : monaaa - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )           »          [تحميل] مشكلتي مع كلمة / للكاتبة الفيورا،سعودية (جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          رهينة حمّيته (الكاتـب : فاطمة بنت الوليد - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات أحلام العام > روايات أحلام المكتوبة

Like Tree24Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-09-14, 09:27 AM   #21

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي

abeer Abdel monem likes this.

Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-09-14, 09:28 AM   #22

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

فجأة سمعت صوت محرك فوق رأسها , فتمكنت من رفع
نفسها من الوضع الذي تكورت فيه بين العشب , ولوحت
بذراعها .. بضعف .. فقد مر على تركها المنزل أربعآ وعشرين
ساعة , أفقدتها خلالها الشمس كل قطرة ماء في جسدها وكل قوة
تملكها . فبعد أن سارت ساعات في الصباح , استسلمت للتعب
واستراحت تحت ظل شجرة صغيرة .. في تلك اللحظات سمعت
صوت الطائرة الصغيرة ولكن نعاسها ودوارها جعلاها لا تستعيد
وعيها إلا بعد وقت كانت فيه الطائرة قد ابتعدت ختى توارت عن
ناظريها . في تلك الساعة لوحت ذراعيها بقوة ثم لم تلبث أن
تدفقت دموع الإحباط بغزارة عظيمة .
بقيت في العراء فترة طويلة مرهفة تعاني من التعب ومن حروق
الشمس التي لذعت ذراعيها وساقيها . فسعت مرة اخرى الى
الاشجار .. واختار القدر مرة أخرى هذه اللحظات لمرور طائرة
التفتيش فصاحت وهي تركض خلفها :
- عودي الى هنا .. عودي !
وانهارت حيث كانت تقف .. ولم تتحرك من موضعها حتى
الآن .... وها هي في هذه اللحظة تسمع أزيز الطائرة للمرة
الثالثة .. فراحت تلوح وتلوح يساعدها الرعب .. في البدء لم
يرها .. فقد ابتعد ولكنها راحت تصرخ رغم معرفتها بعبث ما
تفعله .
- لا تذهب ! انظر الى الوراء ! ارجوك انظر الى الوراء !
نظرت الى الجسم الاسود في السماء .. كان جسدها مفصولآ
عن تفكيرها , فلم تكن تشعر بأطرافها . أما معدتها وفمها فماتا ولم
يبق إلا دماغها يصرخ بصمت حتى يرجع الطيار إليها .
استدارت الطائرة فجأة .. فاستعادت شانا الاحساس بجسدها ,
وخفق قلبها بقوة , وتوترت اعصابها الميتة .. فرفعت ذراعيها . لقد
شاهدها .. ما إن انبعث الأمل إلى قلبها حتى عاد إليها الإحساس
بالضياع إنما هذه المرة كان له تأثير على عقلها ودماغها قبل
جسدها . وفيما كانت ترى الطيار يدور ويدور بطائرته حتى يحط
أرضآ خرت الى الارض تحس بشلل مضيء يغمرها .. شلل نتج
عنه فقدان وعي كامل .
صحت على جدران بيضاء وعلى رائحة الادوية المطهرة ..
فأدركت أنها في غرفة مستشفى .. إنها تلك المستشفى الصغيرة
قرب المدرسة التي شاهدتها وعمتها اكثر من مرة وهما تتمشيان .
أغمضت عينيها ثانية .. تحس بأطرافها محترقة .. ثم راح
الضباب ينجلي بطيئآ أمام أشعة الشمس الدافئة فتذكرت كل ما
حدث لها منذ أن انطلقت إلى البرية انتهاء بالراحة التي تسللت إلى
نفسها بعد يأس .
ولكن .. ماذا جرى بعد ذلك ؟ وكم مضى عليها هنا ؟ ادارت
رأسها لأنها شعرت بحركة ما قرب السرير ... رفعت نظرها لتنظر
الى عيني صاحب مزرعة غريت سليف .. المتعبتين . لم يخرج من
بين شفتيها أي صوت رغم رغبتها في الاعتذار على ما سببته من
متاعب .
- كيف تشعرين الآن ..شانا ؟
نبراته هادئة نعم إنما قلقة أيضآ .. فانتفضت تتساءل كيف
استطاع كبح غضبه وماذا سيفعل لو قالت له إنها بخير .
- أنا بخير . ( قالت بوهن )
- لكنك محروقة .. تشعرين بالالم ؟
- اجل .. هناك ألم لاذع في قدمي وذراعي .. أنا آسفة جدآ
بيري .. لما سببته من متاعب للجميع .
وصمتت , بعدما رأت أن أي اعتذار أو تبرير سيكون سخيفآ ..
- هل انت من وجدني ؟ ( عادت تسأله )
- اجل .. بعد أن بدأت أفقد الامل . كنت أعلم أنك لم تبتعدي
كثيرآ , سيرآ على قدميك . ومع ذلك لم أستطع أن أراك .
- سمعت الطائرة مرتين . ولكنني كنت في كل مرة أفيء إلى
شجرة . وكنت في المرتين نائمة ولكنني حينما كنت أسمع الأزيز
كنت أركض إلى العراء فأرى الطائرة قد توارت بعيدآ . كنت انت
في الطائرة على الدوام ؟
- استرحت أكثر من مرة فقد شاركني بقيادة الطائرة لانس .
كان وجهه متجهما .. أكان قلقآ عليها يا ترى ؟ ولكن أجل ..
هذا طبيعي . سيقلق على أي إنسان يضيع في البرية . فلم تكن
بالنسبة له الفتاة التي أحبها يومآ بل فتاة تائهة في الأدغال .
- ما الذي دفعك الى الهيام على وجهك دون أن تقولي شيئآ
لأحد .
احمر وجهها حائرة من الرد . إنه السؤال الذي كانت تخشاه منذ
أن اكتشفت أمر ضياعها .
- كنت أحس برغبة في العزلة .
يا لهذه الحجة الواهية . كادت تندفع بتهور إلى البوح
بالحقيقة . كانت ستعترف أنها أحست بجرح عميق لما حدث بينهما
فشاءت أن تلوذ إلى الوحدة والصمت والهدوء لتذرف الدموع دون
خجل أو تردد .. ولكنها اخيرآ أردفت :
- ليس عندي عذر في الواقع .
كانت تعلم أنه غاضب غير انها أحست بتردد في إظهار غضبه
وهذا ما أكدته كلماته .
- أنت سالمة .. وهذا ما يهم الآن . ستبقين في المستشفى
يومين .
- يومين ؟
رد بحزم :
- نعم شانا .. ستبقين يومين تحت المراقبة .. وهذا امر طبيعي
أمر به الطبيب .
- وعمتي .. هل قلقت علي ؟
- طبعآ .. قلقنا عاليك جميعنا .
- آسفة ...
ولكنه قاطعها بخشونة :
- لا تهتمي بهذا ... عمتك نائمة الآن , ولذا لا تجدينها هنا .
جلست معك فترة بعد أن حملناك الى المستشفى غير أنني طلبت
منها أن تخلد الى النوم .
- أبقيت مستيقظة طوال الليل ؟
نظر مباشرة الى عينيها :
- لم يطبق لنا جميعآ جفن طوال الليل فالقرية كانت بأفرادها
جميعهم مستنفرة .
ثم لم يلبث ان وقف ليدير رأسه نحو الطبيب الذي دخل لتوه .
- لقد صحوت اذن ... عظيم !
وتجهم وجه الدكتور بورغلي .
- مالذي دفعك إلى هذا العمل بالله عليك ؟ ألم يحذرك أحد
من عاقبة مخالفة قوانين المنطقة !
- أجل لقد حذرني بيري منذ وصولي ...
وتحشرج صوتها فتدخل بيري :
- دع الامر حاليآ أيها الطبيب . سأذهب الآن , وستحضر عمتها
في المساء .
سألته شانا دون تفكير :
- وأنت بيري .. هل ستأتي معها ؟
كان رد بيري نظرة غريبة . ولكن الطبيب اجاب عنه :
- الرئيس بحاجة الى الراحة . بحث عنك أربعآ وعشرين ساعة
أو ما يزيد .
خجلت شانا من نفسها , فأدارت وجهها ولم تمض لحظات
حتى أصبحت وحيدة .
أتت عمتها بعد العشاء مع بيتر دين الذي شارك هو أيضآ
بالبحث عنها وقد استسلم بعد الظهر للتعب فنام . جلست العمة
على كرسي في مواجهتها تبتسم :
- هل أنت أفضل حالآ الان عزيزتي ؟ لقد أوى بيري إلى فراشه
حالما وصل الى البيت , ولكنه ترك لي رسالة يخبرني فيها أنك
بخير استلمتها بعد استيقاظي .
- لا أدري ما أقول عمتي .. انا آسفة لما سببته لكما من قلق .
قاطعتها العمة بسرعة :
- لاتفكري في هذا الآن يا طفلتي .. لقد انتهى الامر ..
وعدت سالمة الى البيت .
- لا أدري لماذا أقدمت على تلك الفعلة غير أنني أحسست
بالحاجة إلى العزلة التامة .

abeer Abdel monem likes this.

Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-09-14, 09:29 AM   #23

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

نظرت اليها بجد :
- أشعرت بالتعاسة بسبب امر ما ؟
ترددت شانا .. ولكن عمتها التي تعرفها جيدآ لن تخدعها أية
كذبة قد تخترعها ابنة شقيقها . فاطرقت برأسها , تعترف بأن تعاستها
كانت سبب تيهها . سألتها عمتها بالطبع عن سبب التعاسة ,
فاعترفت ثانية :
- كان بيري قاسيآ معي .. ذكرني .. بالماضي ...
حل صمت ثقيل تلاشى فيه كل توتر العجوز التي ابتسمت في
الواقع .
- أو ذكرك به حقآ . غريب ؟ إنما لما تأثرت هذا التأثر كله ,
عزيزتي ؟ فأنت ما عدت تحبينه .
كان هناك بعض الخبث في كلامها , فحارت مرة أخرى من
تصرفات عمتها الغريبة .
- رغم ذلك تألمت ذلك أن نبش الماضي يؤلم دائمآ .
- أجل .. ربما .. أظنه يؤلم .. ماذا قال لك بالضبط عزيزتي ؟
- ذكرني بالقرار الذي اتخذته . ذكـ .. ذكرني .. بأنه قرار
خاطئ .. إنه .. إنه .. لقد بدا منزعجآ رغم ارتباطه بفتاة أخرى .
- منزعج ؟ أليس غريبآ انزعاجه ؟
- تذكر جرحآ قديمآ لذا من الطبيعي ان يبدي الانزعاج لما عاناه
في الماضي .
طافت ابتسامة غريبة على فم العجوز :
- أطنك على حق عزيزتي . إن المرء دون ريب ينزعج حين
يتذكر ألمآ قديمآ . كان بيري هنا حين استعدت وعيك .. فكيف
تصرف ؟ أعني .. أكان غاضبآ منك ؟
-لا .. أبدآ .. ولم أفهم السبب . لأنه دون شك كان غاضبآ
على الازعاج الذي سببته للجميع وعلى تأخير زيارته إلى كوينس
تاون , ولكنه لم يظهر غضبه . بل على العكس كان في غاية
اللطف .
ونسيت وجود عمتها لحظات وهي تستعيد صورة بيري وشريانه
ذاك الذي كان ينبض على فكيه حين كان يقول إنه كاد يفقد
الأمل .. أجل .. منذ أن فتحت عينيها , فرأته واقفآ قرب سريرها ,
أحست بلطفه ورقته لطف كان مألوفآ لديها في تلك الايام حين
كانت الفتاة الوحيدة في حياته . الفتاة التي كان يأمل في أن تكون
عروس مزرعة ((غريت سيلف )) الرابعة .
وبرقت عيناها للذكرى , فادارت رأسها لئلا تلاحظ عمتها
ذلك ..
- كان لطيفآ معك .. صحيح ؟
قالت العمة ذلك وكأنها تكلم نفسها ثم غاصت ثانية في
أفكارها إلا أن ما كان يشغل بالها أمر ملؤه الرضى لا علاقة له بما
جعل ابنة اخيها تكاد تجهش بالبكاء ...

abeer Abdel monem likes this.

Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-09-14, 09:30 AM   #24

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

8-لا أطلب شفقة
تلقت شانا في يومها الأول في المستشفى زيارة سيدتين أو
ثلاث من زوجات الرعاة ممن تعرفت عليهن وعمتها أثناء تنزهاتهما
اليومية وقد حملن معهن الزهور والفاكهة والكتب , لتتسلى بها أثناء
وحدتها . أما بيري فجاء قبل الغداء ليوصل عمتها ولكنه بعد الظهر
عاد وحده فقال لشانا إن العمة تستريح الآن , وهي ستقصد
المستشفى في السادسة .
قالت شانا له بوهن عزيمة , لاحساسها العميق بالذنب:
- إنها متعبة . أليس كذلك ؟
كان بيري عندما زارها في الصباح متحفظآ غير أنها علمت أن
عليها قريبآ مواجهة غضبه وأسئلته المتعلقة بأسباب عصيان أوامره
والذهاب إلى الغابة وحدها . ستعود غدآ إلى الدار وعندها سيبدأ
بطرح الاسئلة , وبالتأنيب المناسب ..
- أعتقد أن الجميع متعب . (أجاب باقتضاب)
وقف يشرف عليها وهي مستلقية على السرير . كان شعرها
الجميل كهالة ذهبية حول وجهها المستلقي على الوسادة وكانت
عيناها النجلاوان البنفسجيتان ملبدتين وشفتاها مرتعشتين حين
قالت :
- أنا مذنبة أستحق اللوم بيري ... أريد العودة .. الى انكلترا !
لا تدري كيف انسلت منها هذه الكلمات فهي لم تشأ قول اي
شيء من هذا القبيل غير أن رغبتها المفاجئة في السفر وترك الرجل
الذي يثير وجوده فيها جيشانآ من المشاعر , دفعت هذه الكلمات
إلى الانسلال قبل أن تستطيع كبحها أو لجمها .
- أتودين مغادرتنا ؟
هزت رأسها .. كانت تشيح وجهها عنه , فغاب عنها رؤية
الخطوط الرمادية المرتسمة على وجهه ... ولأنها لم تجد سبيلآ
إلى التراجع أجابت :
- أجل بيري .. أريد الرحيل . لقد تمتعت بإقامتي هنا , أشكر
لك حسن استقبالنا . إلا انني أشعر بوجوب التفكير في الرحيل
قريبآ .
أعقب عبارتها تلك صمت مطبق طويل .
-هل تحدثت إلى عمتك ؟
حين هزت رأسها نفيآ .. أضاف :
- أنها مسرورة بوجودها في المزرعة لذا أعتقد أن من الخير لها
ألا تصر على الرحيل قبل ان تستعد هي . فربما تكون عطلتها هذه
آخر عطلة تحظى بها , فهي ليست صحيحة الجسم دائمآ . لذلك .
لن يكون مستساغآ قطع العطلة عليها .
أدارت وجهها اليه متفحصة , فكانه لا يرغب حقآ ان يغادرا
بيته بعد .. تعسر على شانا ان تصدق ما قاله , فعندما وصلتا ذكر
أنه لا يرحب بوجود شانا ولكنه عاد فتبدل فتغيرت تصرفاته بشكل
واضح دون أن تفهم لذلك سببآ . تنهدت تنهيدة عميقة :
- أعتقد انك علة حق . ربما يجب أن أكتم عنها شعوري هذا .
- لقد جعلتني أؤمن أنك احببت الاقامة عندنا ؟
جر كرسيآ فجلس عليه ... كان مظهره أكثر رسمية وهويرتدي
سترة رمادية قاتمة وربطة عنق فوق قميص ابيض ناصع كالثلج .
- لماذا غيرت فجأة رأيك ؟
هزت كتفيها بعجز :
- إن مرد قولي ذاك شعوري الحالي . فمن الخطأ الفادح هيامي
على وجهي في البرية . أشعر أنني الحقت الخزي والعار بنفسي .
ابتسم فدهشت .
- أيكون مرد ما أسمعه منك خوفك مما سأقوله لك حينما
تستعيدين عافيتك ؟
اخفضت جفنيها استحياء :
- انت شديد الملاحظة بيري .
- لا تصعب قراءة أفكارك شانا .
عكس صوتها دهشتها حين ردت :
- لا أفهم لماذا لست غاضبآ مني .
- غضبت في البدء غضبآ شديدآ , ولو وجدناك في الليلة الاولى
لصببت عليك جام غضبي كله . ولكنك بقيت تائهة فلما مرت
الساعات وحل الظلام عليك ..
وصمت .. وظل صامتآ فترة طويلة وكأن الكلام تعسر عليه
فجأة .. فلما أردف خرجت منه الكلمات بصعوبة .
- لقد تغلل القلق إلى نفوسنا واستولى علينا , لأننا كنا نعرف
انك تضعفين وتضعفين طوال الوقت . وسيأتي عليك وقت تعجزين
فيه عن التحرك وعندئذ تستلقين بين العشب المرتفع ويصبح من
المستحيل علينا إيجادك .
صمتت شانا تحدق إليه مذهولة .. بعد لحظات أضاف :
- لا تشغلي بالك شانا .. فلن أوبخك على ما حدث قلت
لعمتك إن حاجتك إلى العزلة التامة دفعتك إلى الخروج كما
فعلت . وأحسبني أفهم ما شعرت به شانا . ولأنني فهمتك لن أسبب
لك المزيد من الانزعاج .
وأمسك يدها فوق الغطاء , فغطاها بيده التي شعرت بها دافئة
وقوية تؤكد لها بشكل حاسم أنه صادق . لقد قال إنه فهم .. إذن
فهو يعرف انه آلمها ألمآ شديدآ عندما ذكرها بالماضي .. وهو يتفهم
ألمها ويعتبر الذكريات السبب في عصيانها أوامره , فابتسمت له ,
ورد عليها بابتسامة مماثلة . وسألها بلطف :
- أما زلت راغبة في العودة الى وطنك ؟
ردت بخجل :
- ليس الآن بيري .. أشكرك لأنك لست غاضبآ مع أنني
أستحق غضبك .
حلت ابتسامة خبيثة مكان الاخرى :
- ألذلك أقلقت نفسك حتى المرض ؟ هل انا مخيف الى هذه
الدرجة شانا ؟
إن محادثتهما الحميمة هذه غريبة .
- لا أشعر بالخوف عندما تكون على هذهى الحالة .
زال تحفظه تمامآ .. كان ينظر اليها والرقة في عينيه . يده تضم
يدها بنعومة . لقد أصبح سهل المنال فجاة , فتذكرت أملها بأن
يسامحها قبل أن تغادر منزله الى الأبد . فظلل وجهها سحابة الم ,
وارتجف فمها , فقال لها باهتمام مفاجئ :
- مابك ؟ أتعبة انت ؟
هزت رأسها , لا تريد ازعاجه او اقلاقه :
- لا .. لست متعبة .
وقعت اشعة الشمس على شعرها فزادت من نظارة لونه
الذهبي , ولامس الضوء عينها ليغير لونهما فتغيرت سيماء وجهها
وأصبحت الشرايين الزرقاء أكثر شفافية حول صدغيها .. فابتلع
بيري ريقه بصعوبة , ثم أشاح بصره عن صورتها الرائعة . قال
بطريقة مباغتة أذهلتها :
- يجب أن أذهب . وكما قلت .. ستحضر عمتك لقضاء ساعة
معك قبل العشاء .
نظرت اليه .. ما أشد وسامته وما أروع طوله وما أبهى استقامة
كتفيه العريضتين .

abeer Abdel monem likes this.

Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-09-14, 09:31 AM   #25

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

- شكرآ لمجيئك .. هذا لطف منك لأنك كثير الانشغال هذه
الأيام .
بقي قرب السرير فترة , يحدق في وجهها .. وكأنه يكره ان
يتركها . ثم وعدها مبتسمآ :
- سأعود صباح الغد .. أما في المساء فستعودين معي .
- ما أسعدني حين أعود إلى البيت !
قطعت كلامها فجأة وقد أدركت أنها تسرعت في الكلام من
غير تفكير . ارتفع اللون الوردي الى وجهها , فأسدلت ستارة
أهدابها على عينيها لتمنعه من رؤية الانفعال فيهما . ظل يتفرس فيها
بصمت وجمود , وكأنه يفكر في كلامها . عرفت انه مثلها , يسمع ما
قاله لها منذ زمن بعيد : ستكونين عروس (( غريت سليف )) الرابعة
وأجملهن وجهآ وأحبهن إلى القلوب .
أخيرآ , تمكنت من التطلع إليه . كانت عيناه كئيبتين واحدى
يديه مشدودة .. ودعها بسرعة ثم غادر الغرفة .
جاء الطبيب بعد برهة قصيرة , وعبر عن رضاه عن حالتها ثم
ذهب فورآ ..
كانت شانا تقرأ كتابآ حين ظهرت الممرضة الشابة تعلن وصول
زائر .
-تشارلز !
حيته شانا بحماس , ثم وضعت كتابها على غطاء السرير .
- ما أسعدني برؤيتك .. اكنت مع بيري ؟
تقدم منها ليجلس على الكرسي الذي تركه بيري منذ قليل ..
- لا .. جئت خصيصآ لأراك .
- أوَ اجتزت تلك المسافة كلها لتراني فقط ؟
ارتد في كرسيه , ناظرآ الى وجهها :
- ولم الدهشة ؟ ألا تذكرين أنني قلت لك إنني قادم يوم أمس ,
ولكن بيري ذكر أنكم ذاهبون الى البلدة .
صمت لأنه لاحظ انه بملاحظته تلك أحرج شانا . ثم لم يلبث
أن تنهد , ناقلآ حديثه إلى مسألة ضياعها.
- إن بيري دون شك حذرك مسبقآ من مغبة التوغل بعيدآ ,
فنحن نحذر الزائرين دائمآ من المخاطر التي تشكلها الأحراج هنا .
- اجل .. حذرني .. ولكنني نسيت تحذيره .
- نسيت ؟ وكيف تنسين بحق الله ؟
- يصعب علي شرح الوضع لك تشارلز . فأرجوك لا تطرح
المزيد من الأسئلة . كيف عرفت أنني تهت ؟ هل اتصل بيري بكم ؟
- طلب منا المساعدة.
- طلب مساعدتكم ؟ أتعني ان رعاتكم بحثوا عني أيضآ ؟
- لم يبلغ بيري أبي قبل صباح الامس . إذ وجد انه في ذلك
الوقت بحاجة الى كل رجل قادر على المساعدة . لم يكن يشك في
البدء في قدرته على العثور عليك قبل الغروب . ولما أغربت
الشمس رأى أن لا بد من طلب المساعدة .. فأرسلنا له الرجال ..
طبعآ .
- كلهم ؟
- معظمهم .
- ما أفظع ما قمت به لقد انزعجت المنطقة بأسرها ! وكيف
وصلوا ؟
- بل قولي بما سافروا .. لقد أتوا بالسيارات والشاحنات
والفانات والسيارات الخاصة ... لا تشغلي بالك بهذا الأمر شانا
فلست أول من يتيه في المنطقة .
- لن أسامح نفسي إذ كان على التفكير في ما سأكبدكم من
متاعب وإزعاج قبل أن أهيم على وجهي . لن أنسى ذلك أبدآ ..
أبدآ .
- بل ستنسينه بكل تأكيد .. لقد انتهى الأمر بسلام .. كيف
تشعرين الآن ؟
- بخير إلا من الحروق طبعآ .
هز رأسه متفهمآ :
- حروق الشمس كالجحيم أما العطش فهو الجحيم عينه .
ارتجفت للذكرى .. مع أنها ما زالت متكدرة لما كبدتهم من
مشاق .
- اجل إنه الجحيم .
وغير تشارلز الموضوع .
- كان علي المجيء لأراك شانا . بيري لا يعلم أنني هنا .
ولكنني سأزوره قبل عودتي .. طبعآ .
في نبرته ما أحرجها من جديد .. آه ليت تشارلز لا يعقد إقامتها
فتمتمت عازمة على تجنب الموضوع .
- هذا لطف كبير منك .. هل انزعج أهلك حين أرسلوا
رجالهم للبحث عني ؟
كانت بسؤالها تفكر في سندي التي تخشى عندما تلقاها أن
تواجهها بتعليق لئيم يتعلق بمن لا يحترمون القوانين . سمعت
تشارلز يرد :
- انزعجوا ! .. أبدآ .. فليست المرة الاولى التي نُطلب فيها
لمساعدة احد . لقد تاه في السنة الماضية جماعة من السواح كانوا
قد تركوا سياراتهم بعد تعطلها وقد حدث أن شاهد أحد رجالنا هذه
السيارة فعاد ليبلغنا . وقد أسرع عندها رجالنا ورجال بيري للبحث
عنهم .. كانوا جماعة من الاغبياء ! لا بد انهم تلقو تحذيرآ بأن
افضل وسيلة للنجاة هي البقاء قرب سياراتهم .. ولو فعلوا هذا لما
عانوا شيئآ .. لقد لزمنا حتى وجدناهم يومين من التفتيش . وعندما
عثرنا عليهم حملناهم إلى المستشفى حيث مكثوا فيها أربعة أيام .
دخلت الممرضة الى الغرفة تسأل :
- أتتناول الشاي مع شانا سيد جيلبرت ؟
- لا .. شربة ماء فقط .. ارجوك .
ثم التفت الى شانا ليتابع الحديث .
- أفضل انتظار العشاء , لأتناول وجبة كاملة .
ظل عندها نصف ساعة اخرى , ثم خرج قائلآ :
- سأراك في الحفلة .
ابتسمت له شانا . ثم برقت عيناها وهي ترى عمتها غلوريا في
الباب تبتسم لتشارلز , الذي تنحى جانبآ ليتركها تمر :
- تشارلز ... يا للطفك ! أيعلم بيري أنك تزور شانا ؟
جعل انتقال حديث عمتها من الترحيب الى السؤال شانا
تشهق .. لقد قاد تشارلز سيارته ما يزيد عن مئة ميل في حر الظهيرة
- لما يعرف بعد ...
إذن يجب أن تزور المنزل .


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-09-14, 09:32 AM   #26

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

نظر اليها تشارلز مستغربآ , ثم تبادل النظرات مع شانا :
- كنت على وشك أن أقول إنني سأزوره .
احمر وجه العمة بشدة .. وتمتمت :
- عذرآ على تطفلي . كان علي أن أدرك انك لا بد زائرآ
المزرعة قبل عودتك .
- إلا أنك بدوت ملهوفة حتى أقوم بهذه الزيارة سيدة جيليس ؟
لقد حيرته بالحاحها كما اذهلت شانا . ولكن العمة هزت
كتفيها بعدم اكتراث مفتعل :
- ملهوفة ؟ ولمَ أكون ملهوفة إن زرته أم لم تزره ؟ لا .. لقد
ذكرت تلك الكلمات عرضيآ ليس إلا . هذا ما يحدث للمرء عادة
حين يكون فكره مشغولآ بأمور اخرى .
نظرت شانا الى وجهه عمتها ممعنة وأجابت :
- وما هي الأمور التي تشغل بالك عمتي ؟
- انت بكل تأكيد ...! لا أقوى على عدم التفكير في المحنة
الفظيعة التي مررت بها . إنها وحدها تكاد تميتني رعبآ .
نظرت شانا اليها بارتياب , تتذكر كيف تجاوزت العمة الأمر
بسهولة . ولكنها لم تقل شيئآ . بل ودعت تشارلز الذي لوح بيده
قبل ان يغادر الغرفة .
- اجلسي عمتي .. كيف جئت ؟ أوصلك بيتر ثانية ؟
- اجل .. أليس هذا لطفآ منه ؟ أنا لن اتعب إن جئت سيرآ
ولكن بيري يرفض ذلك . ذلك الشاب عطوف حقآ لقد قال بصوته
الصارم : لا .. ستتعبين كثيرآ .. فكان أن ارسل بيتر ليوصلني ...
والآن عزيزتي .. كيف حالك اليوم ؟ تبدين بصحة جيدة , وأنت
على فراشك مستلقية .
-أنا في أتم عافية فكل شيء حتى الحروق أفضل حالآ .
لاح لها أن أفكار عمتها بعيدة جدآ . فبعد أن سألتها ذلك
السؤال فقدت الاهتمام بردها وراحت تتمتم وكأنها تحدث نفسها :
- اتساءل ماذا سيعتقد بيري حين يعرف ان تشارلز قطع تلك
المسافة ليراك . أنا نفسي ما كنت لأصدق أنه سيفعل ذلك .
هزت شانا رأسها مرتبكة فهي ما عادت تفهم عمتها هذه
الايام . فقررت أن من الأجدى لها ترك العمة وشأنها فلتفعل ما
تشاء .
غير أن العمة لم تلبث أن انتقلت إلى الحديث عن أمور أخرى
بعفوية حتى حان وقت رحيلها .. فانحنت تقبل ابنة اخيها :
- عمت مساء عزيزتي .. وانا سعيدة لأنك لم تتلقي اللوم على
ما قمت به .
ولكن لماذا تهتم العمة بأثر زيارة تشارلز على بيري ؟
والسؤال هل سيبدي بيري أية ردة فعل ؟ طبعآ لن يفعل . ولكن
شانا كانت مخطئة في ما تيقنت منه ذلك أن بيري حين وصل إلى
المستشفى صباح اليوم التالي كان أول ما قال باقتضاب ووجوم :
- يبدو تشارلز مهتمآ بك اهتمامآ عليه أن يشعرك بالفخر , فلقد
قطع هذه المسافة ليراك فقط .
نظرت شانا اليه بسرعة , كانت جالسة الى الوسائد ..
تبدو جميلة خلابة ترتدي سترة نوم وردية جميلة , فردت عليه:
- هذا ما أدهشني ايضآ . فلو كان قلقآ علي لسأل عن حالي
بواسطة جهاز الإرسال .
جلس بيري ساخطآ :
- كان قلقآ عليك بالتأكيد . ما من شك في هذا !
وازدات حيرة شانا فسألته متوترة :
- هل أنت منزعج لأنه زارني ؟
ارتفع رأسه بتعجرف فجأة .
- منزعج ؟ ولماذا أنزعج ؟
- لا سبب أبدآ .. لكنك لا تبدو راضيآ .
ارتجفت شفتها , فقطب جبينه ثم غدا أرق وألطف .
- لست غاضبآ ولكن زيارته فاجأتني وهو إلى ذلك لم يعلمني
بها . إنه لا يتمادى عادة ولا يتجاوز غزله حدود معينة .
- لكن تشارلز لم يغازلني قط ولم يتمادا
- أثق بكلامك ولكن هذا لا يعني أنه لن يتمادى .. فهو مهتم
بك حقآ .
جعله هذا التفكير يعبس عبوسآ شديدآ .. لكن وجهه كان
يرتدي قناعآ باردآ لم تفهمه . فقالت شانا بهدوء:
- هو يهدر وقته إذن . لأنني لست مهتمة به أبدآ .
- ألا تجدينه جذابآ ؟
- إنه جذاب دون شك ؟ فمظهره جميل وجسده رائع وأخلاقه
عظيمة لذا أحسب أن امرأة ما ستقع في حبه رأسآ على عقب يومآ .
ابتسم بيري ابتسامة خالية من المرح . كان متباعدآ منطويآ على
نفسه , فعيناه كئيبتان وأفكاره بعيدةكل البعد عن السعادة .
- اذن .. تجدينه جذابآ ؟
هزت رأسها وقد اربكتها تصرفاته :
- قلت لك إنه جذاب . إما أنك أسأت فهمي وإما أنك حرفت
معنى قولي .
فكان رده غير المتوقع :
- أنا آسف .. أفهم من هذا أنه رغم طلته البهية لم يفتنك ؟
- لست في مزاج يقدر فيه أي إنسان على أن يفتنني بيري . أقوم
وعمتي بعطلة ستنتهي وشيكآ لذا من الغباء أن اتورط مع احد .
هز رأسه وقال :
- لن تسافرا قريبآ . فعمتك تحس بالاستقرار والرضى .
نظرت اليه بدهشة :
- ألا تهمك المدة التي سنمكثها عندك ؟
- نحن نحب الزائرين , فالزيارة تضفي تغييرآ مستساغآ على
حياتنا .
- لدى عمتي منزل وحديقة ..
- ومن يرعاهما لها ؟
- جاران غير أننا لن نستطيع الابتعاد طويلآ .
- أخبريني ... ماذا ستفعلين حين تعودين ؟
- سأعود الى وظيفتي التي أرجو أن تكون شاغرة .
- وماذا تفعلين في العطلات الأسبوعية ؟
- اقوم بأعمال منزلية , أو أخبز إلا أنني أمضي معظم أوقات
فراغي برعاية الحديقة فعمتي لم تعد قوية الجسم . ورعاية الحديقة
تتطلب قوة وقدرة .
بدت عيناه مستقرتين في عمق عينيها بشكل غريب فاحمرَ
وجهها وحل الاحمرار محل الشحوب , وارتفعت ابتسامة الى
شفتيها , أما هو فلم تتزحزح نظرته عن وجهها حتى هز رأيه أخيرآ
وقال بصوت تغمرة الشفقة :
- ليس لديك خيارات كثيرة .
أهذه شفقة ؟ ثارت أعصابها .. شفقة ! ونظرت الى الوراء تتذكر
مناسبات أظهر فيها الشفقة ولكن وجهه حاليآ مطبوع بالشفقة .. انه
يفكر في حياتها ورتابتها . . ربما يحس رغم شفقته أن اللوم يقع
عليها وحدها . فحياتها كان يمكن ان تكون مختلفة كل الاختلاف
لو اتبعت قرار قلبها بدل قرار ضميرها . أحست بالبرود فامسكت
آليآ بالاغطية تشدها ثم لم يلبث أن عاد الشحوب إلى وجهه فتغيرت
ملامح وجهه وهو يرى هذا التغيير المباغت .
قالت بجفاء :
- حياتي هادئة مستقرة وعامرة . ربما ليس فيها إثارة . نعم
ولكنني قانعة بها .
اتضح أن تصرفاتها وكلماتها جعلته ينتفض فمال الى الامام في
كرسيه ... واقترب منها كثيرآ , تلمع عيناه غضبآ . حتى بدا اكثر من
مخيف .. ورغم ذلك .. تحبه ! ألا تتمكن من مد يدها إليه فهذا
عذاب أليم . آه ليته يمسك يدها أو يضمها ضمآ شديدآ قويآ كما
كان يفعل في الماضي . يالبؤسها وضعفها ! أيجلس حبيبها قربها
وهي عاجزة عن الابتسام ابتسامة مشرقة أو عن الاستناد إلى كتفه
بتملك ؟ تجمع ثقل كبير في عينيها ومات قلبها فعوضآ عن القيام بما
تتوق إليه كان عليها ادعاء الهدوء والبرود , ووضع قناع غير
عاطفي .. كان عليها أن تحافظ على رأسها شامخآ لتظهر أن
كبرياءها ما تزال محفوظة .
ووقف بيري فجأة .. وكأنه أحس أن وجوده لم يعد مرغوبآ ..
فودعها بكلمات متوترة ككلماتها وتركها .. تركها تعض بقوة على
شفتها , وتبتلع بصعوبة الشفقة ...!
إنها ذل لن تقوى على احتماله أبدآ !
أن يتصرف بلا مبالاة خير لها من الشفقة .

abeer Abdel monem likes this.

Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-09-14, 09:33 AM   #27

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

9- لن أغفر لك أبدآ
كان الجميع في الأمسية التي سبقت أمسية الحفلة جالسين
يرتشفون القهوة . الطالبان بيتر ولانس يتبادلان الحديث بعيدآ عن
بيري والعمة غلوريا , المستغرقين في حديث طويل وشانا تجلس
باسترخاء في الكرسي الهزًاز غارقة في أفكارها .
وكانت منذ أن لمست من بيري شفقته قد لاذت الى تحفظ
بارد أشبه بعباءة تحميها من الألم ترتديها كلما وجدت نفسها مع
بيري وحيدين ... وكان بيري من جهته قد لاذ إلى كبريائه وراح
يعاملها بفتور وما هي إلا ساعات على عودتها من المستشفى حتى
أصبحا لا يتبادلان الحديث إل في الحالات الضرورية . وقد حارت
العمة في أمرهما فاستجوبت شانا التي لم تتردد في قول الحقيقة .
- بيري يشفق علي وأنا أرفض منه الشفقة . أذا بقيت باردة
متحفظة معه فسيعرف سريعآ انني لا أتوسل لأحظى ببعض لطفه أو
عطفه . وبما أنه يشفق علي فقد اتخذت قرارآ بأن أعامله ببرود أثناء
إقامتي في مزرعته . أنا آسفة عمتي الا أن لي كرامتي فافهمي رجاء ,
فمن الصعب على فتاة كانت تملك حب رجل وحياته أن تصبح
موضع شفقته .
غضبت العمة عندما سمعت كلماتها هذه فخرجت عن طورها :
- الشفقة ! أوه لا يا عزيزتي ! أنا على يقين من وقوعك في خطأ
فادح .
وقتذاك أوشكت العمة على الإجهاش بالبكاء فتأسفت شانا
لأنها لم تقل لها ما قالته لباقة . ولكن الاوان فات للتراجع .
- لقد كان لطيفآ معي إلى درجة الرقة , كما لاحظت بل إنه لم
يعاتبني على ما فعلته وقد لاحظت شفقته عدة مرات فيما بعد
خاصة في تعابير وجهه .. وأعرف أنني على حق عمتي فلا
تجادليني .
تنهدت العمة بعمق , ثم قالت وكأنها تحدث نفسها :
- حسنآ .. لم آخذ هذا الامر في حسباني .
ولكن شانا لم تتأكد من كلامها . أما العمة فقطعت كلامها
بحدة وكأنما خافت أن تفهم ابنة اخيها ما يجول في خلدها ثم
تابعت :
- لم أرَ ما يشبه الشفقة في تصرفاته عزيزتي شانا إنما لماذا
تتصورين الأمر على هذه الصورة ؟ انه متعاطف معك ليس إلا .
- هل عليً برأيك أن أستأنس بشفقته ؟
لم تفهم عمتها معنى ان تتلقى الشفقة عوضآ عن الحب الضائع
الى الأبد . كذلك , ربما كان لها عذر في ما تقول وها هي الآن
تتحدث الى بيري , وتنظر الى شانا بين حين وآخر .. وكأن
تأكيدات ابنة اخيها لها تدور في رأسها غير أن هذه النظرات
تغيظها .. فوقفت ووجهت نظرتها الى المجموعة كلها قائلة:
- أخالني سأخلد إلى فراشي فهلا عذرتموني ؟
نظر اليها بيري عندما وقفت :
- أمتعبة أنت ؟
وشملت نظراته ذراعيها المتورمتين من جراء حروق الشمس
التي لا ترحم , فهزت شانا رأسها :
- اجل بيري .. أحس بالتعب فعلآ .
وخالته يعبس ولكن مهما كانت مشاعره , فالعطف يغلب عليه .
فليحتفظ بعطفه لنفسه . ارتفع رأسها , ونظرت مباشرة الى عينيه,
وفمها متوتر بتعجرف , فضاقت عيناه فيما أطبقت يده المستلقية
على الكرسي بشدة .
- إلى الفراش إذن . أرجو أن تشعري بأنك أفضل حالآ في
الصباح .
ثم التفت الى عمتها ليقول شيئآ . فعلمت شانا أنه يتصرف
بتكبر ولكنها السبب فلِمَ ترتجف شفتاها وتجتاحها موجة من
الاشفاق على النفس ؟
تركتهم دون أن تتوجه إلى فراشها , بل تسللت الى الحديقة
بهدوء تريد أن تنفرد بنفسها بعيدآ عن الناظرين في الشرفة .. نادتها
دالية ظليلة إليها , فجلست على مقعد حجري تناهى إليها الأصوات
من بعيد .. أصوات بعض عمال بيري الجالسين خارج منازلهم ..
أحست بعدو مسرع أعقبه ركض على قدميها ربما صاحبه سنجاب
صغير يجري ليؤمن طعامه .. جلست جامدة تنظر حولها , تأمل أن
تشاهد عينيه السوداوين الامعتين ولكنه كان قد اختفى دون ان
يترك أثرآ . اتكأت الى الوراء تحدق الى غصون الأشجار وأوراقها
فشاهدت كوكب الجنوب فوق رأسها يلمع وكأنه مزاييك متلألئ
في كبد السماء المخملية القاتمة ذات اللون الاحمر الشديد
الاسوداد .. ثم لم تلبث أن سمعت صوتآ آخر ... لا بل وقع أقدام
واثقة ظلت تقترب وتقترب فارتدت إلى الوراء رغم علمها أنها لم
تكن بعيدة عن الرؤية .
- ألم تقولي إنك ذاهبة الى النوم , بينما كل ما تريدينه بعض
العزلة ثانية .
وكان في صوته الحاد النبرات اتهامآ , فاستوت على مقعدها ,
وقد انزعجت منه لأنه راقبها عندما قصدت الحديقة . كان يقف
تحت الدالية طويلآ مستقيم القامة يضع احدى يديه في جيب
سرواله , والأخرى يسندها الى دعامة الدالية . كان حدود الجبل
القابع وحيدآ يبدو واضحآ خلفه , أما القمم فتاهت في بساط قطني
أبيض منخفض ..
أجل وجدت هذه الحديقة مؤنسة منعش هواؤها . فلم يطب
لي الإيواء إلى فراشي باكرآ .
- وهل اكتشفت هذا بعد ان تركتنا ؟
ابتلعت ريقها بصعوبة , لتريح الالم الذي أحست به يطبق على
حنجرتها .
- أجل .. أعتقد أنني أدركت هذا بعد تركي لكم .
تجهم وجهه .. وتقدم خطوتان غير أنه لم يحاول احتلال
المكان المجاور لها على المقعد . ثم قال بنبرة حادة قاطعة :
- وكأنك بت متيمة بصحبة نفسك أكثر من العادة .
- قد يجد المرء في كثير من الأحيان البهجة في الخلوة .
- وفيما تفكرين حين تكونين وحيدة هكذا ؟
لاحظت أن البرودة التي ما زالت صوته قد بدأت بالتلاشي ,
وهذا ما لا تريده ذلك أنها تعني العودة الى وضع تتمنى تجنبه ..
وضع تكون فيه عرضة لشفقته .. ولكن الغريب أنها في الوقت ذاته
كانت تتوق الى رقته ولطفه وابتسامته .
صمتت تحاول التملص من الحقيقة إلا أنها لاحظت أن بيري
فقد صبره أثناء هذا الصمت .
- أفكر في أشياء كثيرة , إنما أحاول بشكل رئيسي ..إراحة
تفكيري .. والمرء يستطيع إيجاد الراحة حيث الهدوء والسكينة ,
والقرب من الطبيعة .
- لقد اصبحت متعلقة بهذا المكان , أليس كذلك شانا ؟
رغم انبثاق الكلمات من شفتيه بنعومة وهمس إلا أنها رأت
إنذارآ ما مما مسَ كرامتها وجعل قسماتها تتغير . اعترفت بقدر ما
استطاعت من صراحة :
- يعجبني .. إنها بلاد مخيفة , غير أن لها جمالآ وجاذبية
فريدين .
كانت مهذبة عفوية الكلام , ليس في كلامها ذرة حماس أو
مواربة كذلك .


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-09-14, 09:35 AM   #28

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

رفعت رأسها الى السماء , فنسيت وجود بيري لحظات .. في
تلك اللحظة انسلَ القمر من بين الغيوم البيضاء التي تحيط بقمم
الجبل , فأضاف نوره الفضي أنوارآ الى انوار النجوم .. كانت مجرة
درب التبانة تبتعد مسافرة الى ما لا نهاية , مع مجموعة لا تنتهي
من اللآلئ اللامعة في كبد السماء . وكانت الاراضي الممتدة
هاجعة تحت هذه الأنوار .. والصوت الوحيد الذي كان يتحرك في
الهواء هو همس اشجار الصنوبر قرب السفوح البعيدة .
تقدم بيري فوقف على مقربة منها . عندما التفتت إلى وجهه
راحت شفتاه تتحركان بطريقة غريبة . ولكن ما من صوت كان
يتناهى الى أذنيها . أحست بتوتر , كانت قد عرفت مثيله منذ قدومها
إلى هذه البلاد إلا أن هذا التوتر في هذه اللحظات كان أقوى
وأشد .. ولا بد انه احس بهذا .. فتوقف .. وتكلم .. يسألها :
- رغم ميلك الشديد للعزلة .. أتمانعين إن جلست معك ؟
اهو رجاء ؟ ما هذه الكلمات الغريبة ! لا .. هذا مستحيل كيف
خطرت لها هذه الفكرة ؟
- إنها داليتك .
قالت هذه الكلمات برقة تدفعها قوة غريبة من الود لم تستطع
كبحها للتخفيف من توتر كرامتها . إنه ضعفها هو الذي يجعلها
تتوق إلى هدنة قصيرة .. قبل ان يلجأ كل منهما , في ضوء النهار,
الى الرسميات .
- طبعآ يمكنك الجلوس .
- شكرآ لك .
احتل الفراغ الملاصق لها , وأخذ يحدق بكآبة إلى الجبال وقد
ران الصمت عليه وعلى شانا أيضآ بشكل طبيعي . غير أن صمتهما
هذا ركز التوتر أكثر , حتى أصبح حيآ نشيطآ جاعلآ كل منهما يتمنى
لو يحطم الآخر هذا الصمت الذي لم يقطعه سوى صراخ ابن آوى
المرعب الآتي من البعيد . تحركت شانا لا إراديآ قليلآ نحو رفيقها ,
وقد ارتجفت .. وقالت هامسة :
- كائن ما سيقتل قريبآ هناك .
وصمت الدغل صمتآ لا رحمة فيه بل قسوة كبيرة .
- إنه قانون الغلبة للأقوى . سيقتل كائن ما ليبقى الاخر حيآ .
أكان يفكر في أعداد القطعان الكبيرة التي يطلقها في هذه
الأقفار ؟ ولكن تربية المواشي لسوقها الى الذبح عمل قائم على قدم
وساق , دون التفكير في أن هذه الحيوانات المسكينة لا تستطيع
فعل شيئ إزاء مصيرها .. نطقت بأفكارها , دون قصد , فأمعن فيها
بيري النظر ثم قال :
- إنها الضرورة مرة أخرى شانا .. غير أن حيواناتنا تبقى
مطمئنة هنا حتى نرسلها الى قطارات شحن المواشي . وعملنا هذا
لا يشبه أبدآ المزارع الصناعية التي تربي المواشي داخل جدران
مغلقة .
ابتسمت تهز رأسها :
- أعرف هذا .. كانت فكرة ليس إلا فأنا اكره مجرد التفكير في
أن كائنآ ما سيقتل .
- .. اذكر هذا ..
وصمت .. إلا أنها سرعان ما عرفت إلى أين ارتدت ذاكرته
فقالت له :
- إنما حالة كلبتي تحسنت .
فالتفت اليها بحدة يسأل :
- ألم تستدع الحاجة إلى أن يقتلها البيطري ؟
هزت رأسها :
- أجرى لها البيطري عملية جراحية قامت على أثرها سليمة
قوية وقد عاشت بعد ذلك ثلاث سنوات أخرى حتى ماتت بسلام
وهي نائمة أما سبب موتها فالهرم .
- حسنآ ! أذرفت تلك الدموع كلها على لا شيء ؟
ضحكت بنعومة :
- لقد مررت بعذاب من أجلها !
أذكر هذا . كان ذلك قبل ثلاث أيام من ...
صمت فجأة إلا ان شيئآ أبعد من سيطرتها جعلها تنهي جملته :
- .. قبل أن نودع بعضآ بعضآ . أجل بيري .. اذكر هذا جيدآ ..
بكيت وبكيت حتى بدأت تفقد صبرك معي ..
- لا شانا .. لم أفقد صبري معك ! ولكنني قلقت عليك من
المرض ..
صمت ثانية إنما فجأة كما فعل في المرة الأولى . فقد
تحرك شيء ما في حنجرته . فتمنت شانا لو أن الحديث لم يأخذ
هذا المجرى .. المؤلم ذلك أن التأثير بدأ جليآ عليه كما هو جلي
عليها فقالت :
-فنغير الموضوع بيري .
- لقد وعدتك برحلة الى البحيرات , لذلك يجب فعل شيء
حيال الأمر .
استرخى الوضع بينهما بشكل ظاهر :
- ما ألطفك بيري .. إنما هل سنبقى هناك فترة قصيرة كما
ذكرت .
ابتسم :
- طبعآ .. فسترغبين وعمتك في رؤية المناظر الساحرة
والشلالات المتدفقة .
دام حديثهما ما يزيد عن ربع ساعة وكلاهما يكره أن ينتهي
الحديث , وكلاهما يكره العودة الى المنزل .
ران صمت طويل لم تقطعه الا همسات الاشجار وحفيف
أوراقها .
قال بيري أخيرآ :
- ربما من الأفضل أن نتحرك من هنا .
ووقف . هب نسيم ناعم من جهة الجبال لاعب شعره برقة ..
فاضربت شانا لروعة منظره وأغمضت عينيها لئلا ترى فتنته
وجاذبيته , غير أن قلبها كان يعصف بها ويتوسل بصمت : ابق بعد
بيري .. ارجوك ابق بعد !
ماهذا الجنون ؟
حاولت تنحية هذا الجنون عن أفكارها فهبت تقف بسرعة
ولكنها في تسرعها هذا لوت كاحلها , وقبل أن تتمكن من موازنة
نفسها كان بيري قد التقطها . حاولت بضعف أن تنسحب غير أن
ذراعيه اشتدتا . وقال لها آمرآ :
- استرخي .
أرخت عضلاتها المشدودة بطاعة عمياء وماهي إلا لحظة حتى
ارتد رأسها الى الوراء بعد أن أمسك بيري شعرها وشده بلطف .
كان لطيفآ ناعمآ وهو عينيها فوجنتيها .
- أذن .. ما زلت تحبينني على الرغم من المعاملة التي عاملتني
بها مؤخرآ .
وأعقب عبارته تلك عناق آخر فآخر وطفقت تشعر مع كل عناق
بأحاسيسها تشتد حرارة وشغفآ .
تمتمت باحتجاج :
- بيري .. أرجوك !
سألها مازحآ :
- أرجوك ماذا ؟ أتسألينني المزيد ؟
اجتاحتها عاصفة من الحياء , فردت في محاولة لإظهار
الحشمة :
- بالطبع لا ! كنت أطلب .. أن تتركني .
رفع حاجبيه وقد التمع المرح في عينيه :
- لكنك , لا تحاولين التخلص . فهل أنت متأكدة من أنك
تريدين مني أن أتركك .
إنه آخر ماتريده ومع ذلك قالت مضطربة:
- طبعآ .. أنا واثقة ..
- كاذبة !
وشدها مجددآ .. وكان في عناقه شوق ولهفة وتجاوب ..
فارتفعت ذراعاها إليه تتعلق به بينما توهج وجهها الساحر
إشراقآ وسعادة . ولكن ذكرى قاسية أتتها من زاوية سخيفة : ذكرى
فتاة اسمها سندي . لا .. إنها صورة فحسب فلا أهمية للفتاة أبدآ ,
لأن بيري لم يحبها يومآ .. إنها هي .. شانا .. حبه الوحيد ,
والمرأة التي لم يتوقف عن حبها قط .. لقد عرفت شانا مشاعره
غريزيآ , عرفتها من طريقة احتوائه لها , ومن تعابير وجهه الرقيقة ,
ومن ابتسامته اللطيفة التي كانت تتراقص على شفتيه . سيكون
صادقآ مع سندي وسيعترف لها إنه ما زال يهتم بحبه الاول ..
ستغضب سندي دون شك ولكنها في الوقت نفسه ستقف بتعال
وتنظر إلى ما سيقوله متفلسفة وستفهم أنها لن تستطيع الاحتفاظ
ببيري , ولن تلزمه بوعوده .
- شانا ...
انطلقت ارتعاشة من جسده أوقفت تعويذة السحر التي سقطت
فيها . . فلمس قلبها أصبع من ثلج وهبطت أحلامها من غيمة
الرضى والدفء إلى أرض الواقع الباردة . تلك الافكار الضخمة ,
والاستنتاجات الواثقة .. كانت أفكارها وحدها وها هي الآن تنظر
بوجل الى وجهه .. وجه الرجل الذي تراخت قبضته حولها . وجه
الرجل الذي طغت على ملامحه قناع لا حياة فيه .
- سامحيني شانا .. أعتذر لك بصدق على هذه الهفوة .. لن
أغفر لنفسي عليها أبدآ .
الصمت .. وكأنه الصمت الذي يلي يوم القيامة .. تاركآ الثلج
المحدق بقلبها عذابآ . أحست به يستولي على جسدها كله .
- هفوة ..؟
انسلت الكلمة من شفتيها لا إراديآ وارتدت الى الوراء مبتعدة
عنه فهبطت ذراعاه الى جانبيه .. وتابعت :
- وأنا كذلك آسفة .
راحت عيناها تحرقانها وأخذ الحريق يمتد الى صدغيها حتى
كادت تنفجر من الألم . لقد وقفت بين ذراعيه , تتلقى عناقه وتبادله
إياه .. فكيف ..
قالت بلهجة خشنة :
- لا شيء هناك يستدعي المسامحة .. إنها غلطتي كما هي
غلطتك !
وارتدت عنه .. تحدق الى الظلام الكثيف وتردف :
- كان .. يجب .. أن ندخل الى المنزل .. منذ زمن طويل ..
وتكسر صوتها ثم توجهت بسرعة الى مدخل المنزل ذي
القناطر . ولكنه سد عليها الطريق .. ولو عن غير قصد .. فقد
تحرك وكأنه يريد كذلك الخروج من هذا المكان .. الحميم ..
الموحش .. فتوقفت شانا ترفع نظرها اليه , والرجاء في عينيها .
تمتمت بصوت مختنق :
- دعني أمر .
- أنا آسف .. أشعر أنني نذل شانا ..
صمت قليلآ .. فشاهدت قطرات من العرق تتصفد من جبينه .
وتابع بخشونة :
- لم يقدر لنا السير في طريق واحد .

abeer Abdel monem likes this.

Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-09-14, 09:36 AM   #29

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

ثم ارتد على عقبيه مبتعدآ .. تركها لتلحق به ببطء شديد ..
ولكنه لم يبتعد كثيرآ حتى التفت ونظر الى الوراء .. ليتأكد من أنها
قادمة ثم انتظر حتى أصبحت على محاذاته فسار معها توازي
خطواته خطواتها .. فقالت دون أن يظهر في صوتها تأثر:
- لا تقلق . فلن أخرج الى الأحراج ثانية .
احسته ينتفض لكلامها , فقد ارتفع رأسه وأخذت قبضتاه
تشتدان فرد بهدوء :
- لست خائفآ من هذا .
- إذن أرجوك اكمل طريقك . أود لو أكمل الطريق وحدي .
هز رأسه , وأبقى عينيه الى الامام :
- سأرافقك حتى المنزل .
قالت شانا بعد أن قطعا بضع خطوات :
- لا شك في أنك توافقني الرأي على وجوب مغادرة المزرعة .
فليتك تفكر في طريقة ما لتسرع سفرنا .
توقف مفكرآ .. وعاد صراخ ابن آوى من جديد ليبدد الصمت
الذي سرعان ما خيم ثانية .. وبدأ القول :
- سيكون هذا صعبآ .
غير أن شانا قاطعته , وقد فقدت السيطرة على أعصابها :
- لن ابقى ! أريد العودة الى بلدي حالآ ! وفي أسرع وقت
ممكن . ادع أمام عمتي أنك تنتظر زوارآ أو أنك ستتزوج قريبآ , لذا
ترغب في ألا يزعجك أحد .. لا أعبأ بما تدعيه أمامها إنما قل شيئآ
يجعلها تفهم أنك ما عدت ترحب بنا كلانا لا وحدي .
وتلاشى صوتها بعد أن خانتها الكلمات وبعد أن غدا النطق
متعسرآ . لم تستطع حتى الآن استيعاب حقيقة تصرفه , فهو لم
يتعمد فقط إيلامها .. بل في الوقت نفسه كان خائنآ لخطيبته فتوقف
عن سيره والتفت إليها :
- ليس وحدك ؟ ماذا تعنين ؟
عندئذ فقط وعت شانا ما قالته .. فأجابت فاقدة الصبر :
- لا يهم .
إلا أن قبضته على رسغها أوقفتها :
- ماذا تقصدين ؟
نظرت اليه فإذا وجهه مرهق . عندئذ أحست بتوق مجنون إلى
أن تبعد عنه الإحراج , ولكن تلك اللحظة ولت لتجتاحها موجة من
المرارة كبيرة , فلم تتردد في أن تكشف له ما سمعته حين
وصلت ... وفي هذه المرة علمت أنه ارتبك فقد تصاعد خطان من
الاحمرار الشديد الى جانبي فمه .. إنه آسف .. آسف لانه جرح
مشاعرها .. أحست في هذه اللحظة المريرة الكاشفة انها تكرهه
فصاحت به قبل أن يتفوه معتذرآ :
- لا أريد شفقتك ! احتفظ بها لنفسك ! لقد أوليتني إياها منذ
وقت وقد شاهدتها في كثير من المناسبات ! لست حمقاء بيري ..
فأنا أعرف ملامح الشفقة حين أراها !
لمعت عيناه فجأة وغضب لهذا التهجم فعلمت شانا أنها آلمته
أكثر مما يجب , وأنه كان ينوي إنكار اتهامها . ولكن تعابيره سرعان
ماتبدلت الى غضب عارم .
- أتسعين إلى أن تظهريني بمظهر النذل . ولكن قبل أن تلقي
اللوم علي عودي بالذاكرة الى الوراء الى ما فعلته بي , ألست أنت
من تخلى عني ؟ أتذكرين ؟ والآن ماذا تريدين ؟ هل تريدين أن أتخلى
عن سندي كما تخليت أنت عني ؟ حسنآ .. فكري ثانية .. لا .. لا
تنكري هذا ..! أعرف تمامآ ما في ذهنك ! ربما لا تكترثين بإيذاء
الناس أما أنا فأهتم ! لذا فأخرجي فكرة نبذي لسندي من رأسك !
حدقت الى وجه اصفر شاحب من الغضب .. وعلمت دون أي
ظلال من الشك أنه لا يزال يحبها . لقد قال إنها قد لا تهتم بآلام
الناس أما هو فبلى . خرج عن طوره ليؤلمها لما فعلته به . لما
انزلت بحياته من دمار .. فهو يعلم أنه إن تزوج سندي فحياته دون
شك ستتدمر !
وبسبب غبائها هي , حرما من السعادة !
قالت وهي متيقنه من أنه لن يتخلى عن خطيبته :
- أتقول إنك لن تنبذ خطيبتك ؟ ألا تذكر يومآ طلبت مني نبذ
خطيبي ؟
فوقف عن سيره , ونظر اليها :
- إن ذلك مختلف .
- مختلف ؟
- أجل .. مختلف ! لقد وعدتني بإخلاص بالزواج ثم حنثت
بوعدك ...
- لماذا ؟ أليس بسبب حادثة تود ؟ لماذا لا تفهم ؟ لماذا ؟
ولكنه رمى بحجتها عرض الحائط وقال:
- هناك فرق كبير .. فأنا لم أعدك بشيء الآن وهذا يعني أنني
لن أحنث بوعودي ...
ردت شانا بلطف :
- إنك تجادل جدالآ بيزنطيآ .. بيري لا تقاطعني .. فأنا لا
أنتظر منك ان تتخلى عن سندي ..
- بل كنت تنتظرينه ! لقد رأيته في عينيك .
هزت رأسها موافقة , لكنها قالت إنها الآن لا تتوقع منه ذلك .
- أفهم أنها مسألة شرف بالنسبة لك .. أعرف يا بيري أن قدرنا
كما ذكرته منذ قليل ليس واحدآ وأن سبيلنا منفصل وما اللوم إلا
واقع على كاهلي ..
أمتدت يدها برجاء الى كم قميصه :
- بيري أرجوك . أغفر لي لتصبح حياتي أسهل .
لم تتغير تعابير وجهه البتة بل كانت صارمة كصوته حين قال
بمرارة :
- لن أغفر لك ابدآ .. ابدآ

abeer Abdel monem likes this.

Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-09-14, 09:38 AM   #30

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

10-عروس ((غريت سليف))
كانت مرارته واضحة وندمه على خطوبته واضحآ أيضآ . وليس
لدى شانا أدنى شك في هذين الاستنتاجين .
قالت حين ذكرت لها عمتها إن بيري تجاهلها أثناء الفطور
والغداء في اليوم التالي :
- ماكان يجب أن اعود الى حياته , فعودتي الى حياته أحدثت
شرخآ فظيعآ فيها . وهذا ما يكرهه .
- لقد تخاصمتما إذن ؟
- يمكنك تسمية ذلك بالخصام . لم يستطيع مسامحتي على ما
فعلته به .
- لم يستطع مسامحتك .. ما أغبى هؤلاء الرجال ! إنما ألم
تذكري بحزم أنك ما عدت تعبئين به ؟ أكان ذلك كذبآ ؟
هزت شانا رأسها بلا تردد :
- ما قلت ذلك إلا لأبعد عنك الإحساس بالذنب .. ولكنك
كنت تعرفين منذ البداية أنني كذبت , أليس كذلك ؟
حين هزت عمتها رأسها إيجابآ :
- عرفت ذلك يا عمتي من الملاحظات الوقحة التي كنت
توجهينها لي في مناسبات مختلفة .
- وهو أما زال يحبك ؟ طبعآ يحبك أعرف ذلك .
رفعت شانا رأسها .. بعد أن ظلت مستيقظة طوال الليل ,
فهمت من بين أشياء كثيرة أسباب تصرفات عمتها . فهمت أن كل
حركة قامت بها العمة وكل تصرف تصرفته يصب في غاية واحدة
وهو جمعهما من جديد .
- كنت تأملين منذ البداية أن تقنعي بيري بالتخلي عن سندي
والزواج بي .. تآمرت , وناورت , بكل الطرق .. تركتنا في الصباح
ساعة الفطور ومهدت لنا الطريق لنبقى معآ , وقلت لتشارلز إن قلبي
محطم بسبب موت تود , ليكون لطيفآ معي , فتثيرين بذلك غيرة
بيري . أعلم أنك كنت متفائلة , تحسين بالرضى على جهودك ذلك
أن بيري كان يبدو أحيانآ غيورآ من تشارلز ..
- كنت اعلم أنه يحبك .. ولما ذكرت شيئآ عن نبش الماضي
اضفت الى أدلتي دليلآ اضافيآ . اعلمي أنني حتى الآن موقنة انه لن
يتزوج سندي .
- سيتزوجها عمتي .. كنت تتآمرين ولم تفكري في أن اللطف
الذي يظهره لي ما هو إلا شفقة غير أنك لم تأخذي هذه الحالة
بعين الاعتبار .
- منذ متى تعرفين .. مؤا ... خططي ؟
- فكرت في كل شيء ليلة أمس .
- أكنت مستيقظة ؟
- لم أستطع النوم .
تمنت لو تتخلى العجوز عن الموضوع غير أن الأخيرة لم تكن
مستعدة بعد :
- بسبب خصامكما ؟
- أجل .. طبعآ بسبب خصامنا !
حركت العمة يديها بسرعة دليل الغضب :
- لماذايخرج الناس دائمآ عن طورهم فيؤلمون من يحبون ؟
أليس لديه عقل يمنعه من الزواج بتلك الفتاة الرهيبة ؟
- إنها مسألة شرف عمتي .. لن يتخلى عنها !
- شرف ! بل حماقة وعناد .. عناد لعين صرف .. هذه عادة
الرجال !
- لن يفسد حياته بسبب العناد . لا .. انها مسألة شرف . ألم
تفكري في ما سيكون عليه موقفه أمام الناس لو فسخ خطوبته
وتزوجني ؟ إنه عضو محترم في هذا المجتمع , وأهل سندي هم
اقرب جيران له . فكري في الإحراج الذي سيسببه فسخ الخطوبة
وفي الاحترام الذي سيخسره حين سيدينه جميع الناس على سوء
تصرفه .. لا يمكنه فسخ خطوبته ولو أراد .
حين لم ترد العمة طرقت شانا موضوع عودتهما بلادهما ,
فنظرت اليها العمة متفهمة :
- انت ترغبين في العودة في أسرع وقت , طبعآ . أنا مستعدة
للسفر متى شئت .. ولكنني يجب أن أقول إنني أكره الهزيمة . ما
هذا الموقف السخيف ! انت وبيري تحبان بعضكما بعضآ بجنون .
ومع ذلك يرفض الغبي فسخ خطوبته . انني حانقة عليكما كليكما .
لماذا تضعان الضمير والشرف , أو كائنآ ما تسمى تصرفات بيري ,
قبل السعادة ؟ انت يومآ رفضت الاصغاء الى نصيحة من كانوا
ينظرون الى وضعك بموضوعية وركبت رأسك الابله العنيد دون ان
تفكري في المعاناة التي تنزلينها بك وببيري .
- عمتي .. لقد تباحثنا هذا مرارآ من قبل , لذا أرجوك لا
تعودي إلى تذكيري بغلطتي .
تابعت العمة وكأنها لم تسمع مقاطعة شانا :
- والآن جاء دور بيري .. أيمكن لرجل في مثل سنه أن يكون
عديم التفكير أو التعقل فيرمي بسعادته عرض الحائط ؟ أرجو أن
يندم على هذا في كل لحظة من لحظات حياته !
- عمتي ! ما أفضع هذا القول ! انظري إلى الأمر من جهة
أخرى . إن بيري وسندي إن نحينا الحب جانبآ , متلائمان فهما
ينتميان الى الطبقة ذاتها ويشتركان في الاهتمامات نفسها .
- بالله عليك يا طفلة .. لا تستفزيني أكثر من هذا لم أر قط
شخصين أقل أنسجامآ وملاءمة من بيري وسندي ! أما بالنسبة للحب
فتكادين تخرسينني من الذهول .
ولكن من الواضح انها لن تخرس أبدآ .. اذ تابعت وتابعت ,
متجاهلة احتجاجات شانا تلوح بيديها ساخطة :
- الحب .. ! الحب ! تتكلمين وكأن لا اهمية له , تمرين به
مرور الكرام .. إن كنت تحسبين الحب غير مهم فأخطأت . إنه
السبب الرئيسي للزواج الذي يدوم طويلآ , وهو أي الحب كان منذ
الأزل وسيظل إلى الأبد السبب الرئيسي لزواج ناجح دائم .
أتعتقدين أنهما قد ينسجمان في حياتهما دون حب ؟
- إذا كان لهما اهتمامات أخرى ..
قاطعتها العمة ثانية :
- أتعلمين ما هو رأيي ؟ إن بيري قرر الزواج لينجب وريثآ .
وهذه رغبة طبيعية .. أجل .. هذا هو سبب خطوبته لتلك الفتاة .
وغاصت العمة في تفكيرها العميق , فسارعت شانا تقول بنفاذ
صبر .
- المهم يا عمتي أنه خطبها , وهو ينوي الزواج بها .
كانت شانا قد فكرت قبلآ , أن الرغبة في وريث , قد دفعت
بيري إلى اتخاذ خطوة الزواج . فقد انتظر وقتآ طويلآ لم ينظر خلاله
كما قال تشارلز الى فتاة أخرى بجدية حتى أشهر قليلة ماضية , راح
يلاحظ سندي غير ان استنتاجها هذا حفظته لنفسها . لأنها كانت
ترغب في وضع حد لهذا الجدال المؤلم , فقد بدت عمتها على
وشك أن تتفهم الموقف , وبدأت بالحديث عن حفلة الشواء ..
التي دعي اليها بعض عائلات المزارعين من مسافات بعيدة ..إضافة
الى رعاة بيري , وهذا يعني أنه سيكون هناك حشد كبير ..
التقت شانا ببيري وهي تبدو ساحرة خلابة رغم شحوب وجهها
حين كانت على وشك الخروج من المنزل . . تنحت عنه لأنها
تتوقع أن يرغب في الوحدة وأفسحت له المجال ليتقدمها بيد أنه
توقف , غير قادر على إخفاء بريق الاعجاب في عينيه اللتين طافتا
بها من رأسها حتى أخمص قدميها .
- يليق بك اللون الأزرق خاصة فيه هذا اللون بالذات ماذا
تسمينه ؟
ارتفعت حمرة لذيذة على خديها وقالت بخفر:
- عمتي اشترته لي .. تسميه زهرة العريشة الزرقاء .
هز رأسه , أما هي فاسترقت النظر اليه من تحت أهدابها ..
فلاحظت ملامح وجهه المتوترة المتشددة , وعرفت أنه يجبر نفسه
على أن يظهر بمظهر المسترخي .
- أجل .. هذا ما يجب ان يسمى .
وانتقلت عيناه الى شعرها الذهبي الذي يشكل هالة جميلة حول
وجهها المستدير ثم قال فجأة :
- تعالي فلنتمش معآ .

abeer Abdel monem likes this.

Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:56 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.