وانتظرتك، لم أقل إني مللت،بقلم / ياسمين محمد، فصحى (مكتملة)

[فيتامين سي]

	بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اعضاء روايتي الغالين نقدم لكم رواية (( وانتظرتك، لم أقل إني مللت )) للكاتبة/ ياسمين محمد قراءة ممتعة للجميع ...

[فيتامين سي]

رابط لتحميل الرواية

https://www.rewity.com/forum/t409061.html

(١)

ولدت بعد ٣ سنوات من العلاج والانتظار، أسمتني أمي غيم لأنني جئتها في أشدّ أيام الصيف حرارة، كانت تضمّني بحنان -حسب رواية والدي- وهي تردد كلمات قصيدةٍ تحبها: “‏انتظرتُكِ، لم أقُل إنّي مللت، ولم أفكِّر في اعتذارك، قلت تكفيني التحيَّة، بل سيكفيني عبورُك مثلَ غيمِ الصيفِ في حلمي، وانتظرتك.. وانتظرتك” ثم تضيف: وجاءت حبيبتي، طفلتي الأولى! وتبكي.. أصبحت تلك الأبيات أغنيتي المفضلة، لحّنتها أمي وجعلتها تهويدة النوم الخاصة بي إلى أن بلغتُ الرابعة من العمر، الحبيبة.. لم تتخيل أبدًا أنني بعد ٢٠ عامًا فقط من ذلك اليوم سأجلس على سريرها المهجور وأرثيها بإكمال القصيدة: “انتبهَ المكانُ إلى غيابكِ، وانتظرتُكِ، لم أقُلْ إنَّي مللت ولم أفكِّر في اعتذاركِ وانتظرتكِ، وانتظرتك وانتظرتك” وأبكي..
إن كنتُ غيمًا؛ فقد فقدتُ سمائي.

[فيتامين سي]

(٢)


حظيتُ بالكثير من المتعة في سنوات حياتي، اهتم بي والداي جيدًا، التقطا لي عشرات الصور بشغف ووفرا لي كل ما أحتاج وأتمنى، وبالمقابل كنتُ ابنة مثالية، أحرزتُ أعلى العلامات على الدوام، لم أكن متذمرة ولم يمسني الحزن والغضب إلا لمامًا، اعتاد أبي أن يقول للجميع بصوتٍ فخور بأني سأصير ذات شأنٍ عظيم في المستقبل.. لذلك بذلتُ جهدي لأكون كما يحب، حين أصبحتُ في المرحلة الثانوية أردتُ إكمال دراستي بالخارج، لم يوافق أبي لكنه في الوقت ذاته لم يُرد أن يكون عائقًا أمام ما يمكن أن أكونه إن تلقيت تعليمًا أفضل، لذلك أخبرني بأنه لن يساعدني أبدًا، ولكن إن حصلتُ على منحةٍ دراسية بعلاماتي ومجهودي فإن لي ما أردت، وقد نلتها! التزم والدي بكلمته -رغم انتقادات أقاربي وتعليقاتهم المستنكرة- وسمح لي بالسفر، لكنني بعد عامينِ فقط من ذلك تركتُ الجامعة نهائيًا.. وعدتُ إلى المنزل.

[فيتامين سي]

(٣)


كنتُ أجلس في غرفتي بالسكن الجامعيّ، أشرب قهوةً بالبندق وأقرأ بحثًا قيل لنا بأن كثيرًا من أجزائه قد ترِدُ في امتحان الغد، بعد فترة وبعينين مُتعبتين أبعدتُ نظري و ألقيتُ الأوراق جانبًا، جهزت حقيبتي واستلقيتُ لأنام.. كدت أغفو لولا أن أفزعتني فجأة نغمة هاتفي المُعلنةً عن وصول رسالة، تعجبتُ حين رأيت أن المرسل هي خالتي لمياء التي أعلم جيدًا أنها لا تحبني أبدًا! “غيم.. حبيبتي غيم، والديك توفيا في حادثٍ عصر اليوم، طلب مني شقيقك أن لا أخبرك في هذا الوقت لأن امتحانك النهائي الأخير صباح الغد لكنني لا أجد أن من الصواب إخفاء الأمر.. عليك أن تعودي لنتناقش بشأن ميراثك وإخوتك” قرأتُ الرسالة ثلاث مراتٍ متتالية ولم أشعر بأي شيء، لم أحزن، لم أذرف دمعة واحدة.. تثاءبت وأغلقت هاتفي ونمتُ نومًا عميقًا بلا أحلام حتى أيقظني المنبه في السابعة صباحًا، جلستُ صامتةً فوق سريري.. أحدق في الحائط أمامي وأحاول استيعاب ما حدث، ما الذي تعنيه بقول “والديك توفيا؟” هذا مستحيل! نهضتُ سريعًا واغتسلت، ارتديتُ ملابسي وراجعتُ بعض النقاط قبل أن أغادر الغرفة وأستقلّ سيارة أجرة للجامعة، إنها الثامنة والنصف صباحًا، في أيام الامتحانات ترسل لي أمي رسالة صباحية حافلةً بالحب والتشجيع مُرفقة بصورة لها ولأختيّ التوأمين الصغيرتين بتعابير لطيفة أحيانًا ومضحكة غالبًا.. ترسلها دائمًا في الثامنة والنصف، لم تتأخر الرسالة يومًا.. في التاسعة تمامًا أخبرت السائق أن يستدير ويعيديني إلى السكن، حزمت حقائبي وقمت بحجز تذكرة طيران عبر الإنترنت، ثم بكيت كما لم أبكِ في حياتي كلها..

[فيتامين سي]

(٤)


صباح اليوم التالي وقفتُ أمام منزلنا، أنظر إليه وأرتجف، لم أكن مستعدةً لمواجهة كلمات العزاء من أقاربي ولم أرغب في تلقّي المواساة ونظرات الشفقة، إنني حتى لم أفهم بعد ما يعنيه رحيل والديّ وما يعنيه البيت من دونهما.. شعرتُ بالضعف في أطرافي لكن وجود إخوتي الصغار في الداخل جعلني أتحلى بالقوة الكافية لأحبس دمعي وأتخطى عتبة الباب لأدخل.. الخالة لمياء كانت أول وجهٍ أراه، لسوء حظي، إذ أنها لحظة رؤيتها لي صرخت باكية وركضت إليّ لتحتضنني وهي تردد اسمي بين نحيبها وأمطرتني بعبارات الأسف والتعاطف، خلّصت نفسي من بين ذراعيها بصعوبة وأنا أتنفس بغير انتظام.. فقدتُ اتزاني تمامًا وشعرتُ وكأن قلبي سينفجر خارجًا من ضلوعي في أي لحظة.. سألتها بصوت مبحوح عن إخوتي فأجابتني بأن خالي اصطحب التوأمين في نزهة قصيرة بالسيارة ليبتعدوا عن جوّ المنزل أما أخي فهو في غرفته، طرقتُ بابه برفق ثم فتحته ليضمّني عمر إليه بكل قوته، كان يهمس باسمي ويبكي وكأنه حبس دموعه طويلاً ريثما يجد صدرًا دافئًا يسعه، جلسنا سويًا نعتصر أيدي بعضنا وكأننا نتعاهد على أن لا نفترق أبدًا مهما تدهورت حياتنا، بعد أن استجمع نفسه أخبرني بتخوف أن أقاربنا سيجتمعون مساء غد للتحدث بشأن أمورنا والعناية بنا وما إلى ذلك، لم يرُقني هذا، إنهم ليسوا مقربين منا ونكاد لا نعرفهم حتى، لكنني لم أكن قادرة على التفوّه بأي شيء، كما لو كنتُ في حلمٍ ولا ينطلق لساني ليمنع حصول ما أراه، بقينا ساهمين صامتين قبل أن ينفتح الباب فجأة لتدخل التوأمان آسيا وآسيل، ركضتا إليّ بوجهٍ طُبع الحزن على قسماته وإن كان هواء النزهة قد جفف عبراته، أدسّ وجهي في شعرهما الناعم، هما في السادسة فحسب، لا زالتا صغيرتين جدًا لتصبحا وحيدتين.. يمسح عمر على ظهري مواسيًا فألتفت إليه، أنظر لوجهه عبر غشاء الدموع، عمر أيضًا لا زال صغيرًا رغم بلوغه السابعة عشر مؤخرًا، وأنا.. خائفة كطفلة، أنا أيضًا.

[فيتامين سي]

(٥)

مستلقية على ظهري، أحدّق بالسقف وعقلي يقلب الأمور، كيفما فكرت لا أجد سوى حلٍ واحد حتى لا يفترق إخوتي، عليّ ترك دراستي أو البحث عن وسيلة أخرى لإكمالها، لكنني لن أسافر مجددًا، أبدًا! ليس بعد ما حدث بالأمس.. أغلقتُ عينيّ وأنا أتذكر ما قالته خالتي لمياء لخالي وأشقاء والدي: “عليّ الانتقال إلى هذا المنزل أنا وزوجي وأولادي ليتسنّى لنا العناية بهم، كان بودي لو اصطحبتهم معي لمنزلي لكن أجد أن من الأفضل لهم أن لا نغيّر حياتهم كليًا، وبالطبع سنتولى إدارة ميراثهم بطريقةٍ مناسبة” وافقها الجميع الرأي بحماس وبدا عليهم الارتياح والرضا بهذا الحل بينما كنتُ وإخوتي جالسين فوق الأريكة وكأننا دمىً يُحدد في يد أي لاعبٍ ستكون، تمتم عمر في أذني حينها: لا يمكن أن تعيش خالتي معنا.. مستحيل! وهززت رأسي أوافقه، دون أن أنطق.. رغم كل اللطف الذي تبديه خالتي لمياء إلا أنها في الواقع غيورة جدًا، لم تترك لأمي سعادةً إلا نغصتها بطريقةٍ ما، تزوجت هي وأمي في الوقت نفسه تقريبًا لكن أبي كان زوجًا صبورًا محبًا بينما ابتُليت خالتي بزوجٍ نكد حادّ الطباع، وقد وجدت خالتي العزاء في كونها أنجبت من فورها طفلة أسمتها سوسن بينما خاضت أمي رحلة علاج؛ تهشم كبريائها حين ولدتُ أنا بعد ٣ سنوات فقط لأتفوق على ابنتها في كل شيء، كنتُ أكثر جمالًا وذكاءً وانطلاقًا في الحديث، لا أقول هذا تفاخرًا، بل لأنه ببساطة ما يردده الجميع وما يجعل خالتي لمياء توقعني دائمًا في المشكلات وتمقتني بشدة ولا تكف عن انتقادي، ومن ثمّ، فقد ساءت العلاقة بينها وبين أمي تدريجيًا حتى بات مفهومًا أنهما قد وصلا إلى حاجزٍ لن يستطيعا تجاوزه، وقد اعتادت أعيننا على رؤية خالتي تنعت أمي بأبشع الألفاظ كلما غضبت، ولم ننسى حتى الآن.

[فيتامين سي]

(٦)


تحلق إخوتي حولي مشجعين، آسيل وآسيا لا تفهمان الأمر جيدًا لكن عزيمة عمر تبثّ الحماس بقلبيهما، اضغط زر الاتصال، آخذُ نفسًا عميقًا و.. يقول الطرف الآخر: “مرحبًا غيم، كيف حالك؟” أجبت بتماسك أنني بخير وقمت بالرد على سيل الأسئلة المعتادة، ثم بدأت بقول ما أريد قوله بوضوح ودون إتاحة مجال للمقاطعة: “اسمعيني خالتي رجاءً، نحن لا نريد أن نكون عبءً على أحد، ولذلك قررت أن أتولى مسؤولية كل شيء بنفسي، عمر سيساعدني كما أن أختيّ سنكونان على خير ما يرام معي، سأؤجل دراستي في الوقت الراهن لذا لا بأس، أيضًا سنتدبر نحن مصاريف معيشتنا، ترك والديّ ميراثًا كافيًا لحياة مريحة نسبيًا وقد وجدنا من يتدبر أمر استثماره لنا بحيث يكون دخلاً ثابتًا، لذلك أرجوك لا تقلقي من أجلنا ولا داعي أبدًا لتغيري حياتك، شكرًا جزيلاً، لن ننسى فضلك ما حيينا” وأغلقت الخط بسرعة وأنا أشعر بدقات قلبي تتسارع، نظرتُ إلى عمر بارتباك بينما ابتسم هو بانتصار وقال: حان دوري.. ثم أخذ الهاتف ودخل إلى غرفته بينما ذهبتُ لأعدّ عشاءً خفيفًا لأختيّ وأنا أفكر إن كان ما نفعله صوابًا حقًا، تقتضي خطتنا أن نخبر خالتي بالوقائع ومن ثم يتصل عمر بصديق والدي المقرب ليمنحنا عونه وإذنه لنا بالمكوث عنده ليومين ريثما تستوعب خالتي الأمر فلا تقوم بفرض نفسها علينا.. لم نجد طريقةً أخرى، إنه السبيل الوحيد لفرارٍ مهذب.

[فيتامين سي]

(٧)


كان للعمّ سليمان قصة حزينة جدًا، فقد وُلد لأسرة فقيرة تعيش في إحدى القرى الجنوبية، كان قوت يومه رغيف خبز وماء، بينما تناوله لثمرة فاكهة أو بعض الخضار يُعدّ ترفًا يندر الحصول عليه، أما الحلوى فلم يعرف طعمها طوال طفولته، لم يكمل دراسته بعد الابتدائية إذ أن والديه لم يعودا قادرين على تعليمه، حين بلغ السادسة عشر من عمره جازف بالنزول إلى وادٍ خطر للبحث عن هدفٍ للصيد، لكنه لم يعلم أبدًا أن الأمطار الغزيرة التي هطلت فجأة ستملأ الوادي وتُفجر سيلًا مندفعًا نحوه قبل أن يستطيع إيجاد مخرج، كان على شفير الموت حين أنقذه والدي ووهب له حياةً جديدة، العم سليمان يعلق على هذا الجزء من قصته قائلاً بدفءٍ وامتنان: “لقد متّ وولدتُ ذلك اليوم، متّ وولدت” فبعد أن أنقذه والدي احتُجزا في مكان مرتفع لحين توقف المطر، وهكذا لم يجدا بدًا من التحدث سويًا لقطع الوقت، أخبره والدي -الذي يكبره بخمس سنوات- عن حياته في المدينة ودراسته الجامعية بينما كان العم سليمان يُصغي إليه مبهورًا، وما لبث أن طلب منه برجاء أن يصطحبه للمدينة ولا شيء آخر، وافق والدي ولم يكتفِ باصطحابه فحسب، بل وجد له غرفةً ذات إيجارٍ منخفض وبحث من أجله عن عمل يناسبه، وهكذا، استقرّ العم في المدينة وبدأ حياةً جديدة، جمع بعد وقتٍ ليس بالقصير مبلغًا من المال والتحق بمعهد لدراسة الأعمال المكتبية وبفضل عمله مع رجال الأعمال اكتسب خبرةً لا بأس بها، ثمّ تزوج بعد ذلك وأنجب طفلين، وخلال كل لحظات حياته كان والدي حاضرًا وموجودًا في أحزانه وأفراحه، لذا كان العم يكنّ إخلاصًا وحبًا شديدين له، نعلم جيدًا كم سيسرّ بمساعدتنا الآن بعد رحيل أبي، نعلم أنه يحبنا ولن يتخلى عنا أبدًا، إن أخي عمر يثق به.. وكذلك أثق أنا بالترحاب الذي ستتلقانا به زوجته، العم سليمان وأسرته ملجأٌ آمن.

[فيتامين سي]

(٨)


مرضت سوسن وانشغلت الخالة بها ورمينا بتصرفاتنا رمادًا باردًا على أي شعلة عطفٍ وشفقة داخلها تجاهنا فنسيت أمرنا كليًا، وهو ما ناسبنا على أي حال.. باتت الأيام تمرّ بهدوء بعد عودتنا للمنزل، قسّمنا المهام بيننا وتوليت شرح الأوضاع للصغيرتين بطريقة بسيطة محاولةً تخفيف الأمر لأقصى حدّ، أخي كان متعاونًا، حنونًا وحازمًا، وبدا وكأنه كبر فجأة وأصبح رجلاً حدّ أني شعرتُ بأنه يكبرني سنًا، الآن.. بعد أن تخلصنا من كل مخاوفنا وحافظنا على حرية حياتنا، صار تفكيرنا منصبًا على والدينا.. تمرّ الذكرى علينا كهبّة ريحٍ، تُدفئنا حين يغزو الصقيع واليأس قلوبنا، وتنعشنا في غمرة إرهاق ضغوطنا اليومية.. مضت الأيام، عاد عمر لمدرسته وكذلك التوأمان، بينما ساعدتني استقلاليتي في حياتي السابقة على تدبير شؤون المنزل. بقي أمرٌ واحد لا زال معلقًا، لم أجد له حلًا حتى الآن.. إنني أتساءل يوميًا عمّا إذا كنتُ سأكمل دراستي يومًا ما؟ أم أنني سأضطر لانتظار أن يكبر إخوتي لألتفت إلى حياتي.. أختنقُ بالدموع وأنا أفكر في كل شيء، أردتُ احتضان أمي بشدة، أردتُ نظرة فخرٍ وتشجيع من أبي.. أردتهما في تلك اللحظة بكل كياني وروحي، كنتُ أعلم أننا جميعًا نشعر بذلك، أسمع بكاء عمر الخافت كل يوم، أضمّ آسيل حين تنهض فزعةً منتصف الليل وهي تنادي أمي، وآسيا.. الهشّة الضعيفة التي تقف أمام باب غرفتهما كل صباح بعينين ناعستين وتطرقه، وتظل واقفةً على أملٍ ينهار له قلبي، أريد أن أصرخ: لن يُفتح! ولا أقوى..

[فيتامين سي]

(٩)


يرنّ المنبه في الخامسة فجرًا، أستيقظ سريعًا لأوقظ إخوتي، أقوم بكيّ ملابس عمر، أحاول أن أكون متيقظة حيال نظافة آسيا وآسيل، أمشط شعرهما جيدًا وأتأكد من أن كتبهما موضوعةٌ حسب الجدول المدرسي، أذهب للمطبخ لأعدّ بعض الشطائر لهم، ركضٌ مستمر من الخامسة حتى السابعة والنصف صباحًا، موعد مغادرتهم.. أجلس منهكةً على الأريكة وأنا أفكر بأن أمي كانت امرأةًّ خارقة حقًا، أنظر حولي.. لا زال عليّ أن أغسل كومةً من الملابس وأن أجلي الصحون، أشعرُ بالنعاس.. ولكن لا ينبغي أن أنام وإلا فلن أنتهي أبدًا، أعيشُ صباحًا طويلاً بين تنظيف وترتيب، بقيت ساعتان على موعد عودتهم، أعدّ لنفسي كوبًا من الشاي وأرتشفه بتلذذ المتعب بينما أُخرج بعض الخضروات من الثلاجة لأقوم بإعداد الغداء، يعودون جائعين، نأكل سويًا ونحن نستمع لثرثرة آسيل اللا نهائية، يذهب عمر لأخذ قيلولته المعتادة بينما أساعد التوأمين على حلّ واجباتهما.. يستغرق هذا وقتًا لا بأس به، أعد العشاء لهما ثمّ أضعهما في السرير وأحكي لهما قصّة قصيرة.. أقبلهما ثم أذهب للاطمئنان على عمر، نتحدث قليلاً عنّا، عن والدينا وعن مشاعرنا، ثم أذهب لغرفتي وألقي بنفسي فوق السرير، أمدّ يدي لألتقط المنبّه.. أعيد ضبطه على الساعة الخامسة، أغلق عينيّ المرهقتين وأنام نومًا عميقًا..