شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   كتاب روايتى (https://www.rewity.com/forum/f387/)
-   -   نظرة علمية لحقوق الملكية الفكرية لدى بعض النخب العربية (https://www.rewity.com/forum/t311613.html)

نوران الصمادي 20-11-14 04:20 PM

نظرة علمية لحقوق الملكية الفكرية لدى بعض النخب العربية
 
نظرة علمية لحقوق الملكية الفكرية لدى بعض النخب العربية

يقول "ألبرت كاموس": "أول رقيب على عقل المثقف هو عقله." أي أن المثقف الحقيقي يتحمل مسؤولية أدبية بصفته مثقفًا، ومسؤولية أخلاقية، تطبيقية وعملية، بصفته إنسانًا. مسؤولية المثقف الحقيقي مضاعفة.



شاركت عام 1991 في مؤتمر "إمبرو 9" الذي نظمه "معهد جوران للجودة" في "شيكاغو". وكان من ضمن العارضين شركة أمريكية تنشر خلاصات للمديرين التنفيذيين. سافرت بعد المؤتمر إلى "فيرمونت" مقر تلك الشركة، وقابلت ناشرة الخلاصات الأمريكية لأفاوضها على ترجمة سلسلتها إلى العربية. وعندما رفضت عرضي، خرجت من مكتبها وأقسمت بأن أنشر "خلاصات كتب المدير ورجل الأعمال" مستثمرًا كل ما أملك من أموال، وبجهد ذاتي، مهما كانت التكاليف.

صدر العدد الأول من "خلاصات" العربية في أكتوبر 1992، واليوم وبعد مرور عقدين من الزمن تضم خزانتنا الإدارية 5 نشرات إدارية، صدر منها حوالي 800 عدد، وآلاف المقالات، إضافة إلى حلقات "الإدارة في السيارة" الصوتية، و"إلهام على مدار العام"، وعشرين مصطلحًا إداريًا جديدًا أدخلناها إلى قاموس الإدارة العربية، أولها "التمكين" وآخرها "التمتين"، وبينهما جاءت: "الهندرة" و"الإلكتروقراطية" و"المقارنة المرجعية" وغيرها.
جاءت تلك المصطلحات التي ذاع صيتها في قاعات المحاضرات وعلى منصات المؤتمرات، تعريبًا لممارسات إدارية عالمية حديثة. حتى اكتشفنا "التمتين" كمنهجية ونظرية عربية خالصة اقتبسنا معناها اللغوي من القرآن الكريم، ومتناها بالأحاديث النبوية الشريفة وأقوال الحكماء والأمثال العربية، وبرهناها بالأسانيد العلمية والأبحاث الأكاديمية والاستقصاءات الميدانية.

الكتاب السيئون يسرقون، والكتاب الجيدون ينسخون، أما الكتاب الحقيقيون فيبحثون ويتفكرون ويبدعون فيما ينشرون. ولذا فإن الجانب المالي لحقوق الملكية الفكرية أقل أهمية من تكامل ونظافة ونزاهة العمل الفكري، ومن نسبته إلى صاحبه الحقيقي. لأن التراكم المعرفي هو أساس الحضارة؛ فاستناد الخلف إلى السلف ليس ضروريًا فقط، بل هو فعل إنساني طبيعي ومنطقي وفطري. فالبناء المعرفي يتطلب انتقاءً واستجلابًا واستجلاءً وتنظيمًا وربطًا واستنتاجًا واستدلالاً واستنباطًا وعمقًا، بحيث تخرج المؤلفات الجديدة حافلة بالاكتشافات، ومجددة للمعلومات، ومغيرة للاتجاهات، وخارقة للمسلمات. وعليه، يصعب تخيل تنمية اقتصادية وتمويل هادف للأبحاث العلمية دون حماية حقيقية للملكية الفكرية.

الخبرة بلا نظرية تبقى عمياء، والنظرية بلا خبرة هي لعبة ذهنية صماء. فمن يدعي أنه خبير ولا يستند إلى نظرية لن يبصر الحقيقة، ولن يسلط ضوءًا عليها. ومن يطرح نظريات دون ممارسات يعيش في برج عاجي حزينًا وكئيبًا. إذ يحدث الإبداع الحقيقي عندما نمزج ما في داخلنا بما استحضرناه من خارجنا، بتناغم يتطلب جهدًا وقلقًا إيجابيًا، يُحمل المدخلات مسؤولية المخرجات.

قال "هنري فورد": "لم أخترع أي شيء، لكنني جمعت اكتشافات السابقين التي تراكمت عبر السنين. يحدث التقدم عندما تكون كل عناصر الإبداع جاهزة، ويصبح مزيج الابتكار الجديد أمرًا لا مفر منه." "هنري فورد" الذي صنع أول سيارة في التاريخ يقول بتواضع إنه لم يخترع شيئًا. بينما يدعي أحد المؤلفين المكثرين العرب وهو يعمل مهندسًا ودكتورًا، ومدربًا وإعلاميًا وواعظًا وناشطًا ومحاضرًا وقائدًا ومصممًا وناشرًا وخبيرًا مستشارًا، وهو صاحب مراكز للإبداع، يدعي أنه ألّف حوالي مائة كتاب في عشر سنوات. وهذا يعني إحصائيًا أنه كان يجمع ويكتب ويحرر ويراجع وينشر كتابًا كل شهر تقريبًا. ومع تطور محركات البحث الرقمية، اكتشفنا أن المؤلف الخبير الكبير كان – وما زال – يضع اسمه أو يبصم وهو في غفلة من أمره على كتب يؤلفها أشياعه وأتباعه. دون أن يكتب فيها حرفًا، أو يسطر فيها كلمة.

علاقتنا بهذه المسألة أو المهزلة الحضارية أن أخانا ومن شاركه التوليف والتزييف "لطشوا" ما طاب لهم من خلاصات شعاع، ومن كتبها، ورصوا عشرات المصطلحات التي عربناها وصغناها وشرحناها، في فصول كتب مبعثرة ومسعرة، ونسبوها لأنفسهم، وكأنهم أصحابها، وكتبوا في صدور كتبهم أن حقوقهم محفوظة. ولهذا أعلن أنا "نسيم الصمادي" ومن منطلق حضاري وفكري وأخلاقي وعروبي وإنساني بحت، أن مفاهيم: "التمكين" و"الهندرة" و"الهدم الخلاق" و"التحول المؤسسي" و"تصحيح مسار الاستثمار البشري" و"الإلكتروقراطية" و"التمتين" هي مصطلحات إدارية، عربتها بنفسي، أو اجترحتها وصغتها بأدواتي ولغتي، ونشرتها تطبيقًا لرسالتي وخدمة لأمتي. ورغم أنني لم أسجل منها كعلامة تجارية محمية سوى "التمتين" كمنهجية متكاملة في التنمية البشرية، فإن أسبقية نشرها في دورياتي وكتبي تحميها تلقائيًا، بداية من يوم نشرها. فلا يجوز النقل الحرفي منها، إلا بموافقتي أو موافقة من ينوب عني في الشركة العربية للإعلام العلمي "شعاع" التي هي مؤسستي.

يقول "جون ستيوارت مل": "في كل جدل فكري يصيب الطرفان المتجادلان فيما يؤكدان، ويخطئان فيما ينفيان وينكران." ونحن نؤكد أن الخبير المؤلف الدكتور العظيم لم يكتب الكتب التي كتب عليها اسمه، ولم يقرأ الكتب التي حققت ملايين الدولارات، لمجرد أنها تحمل صورته كمؤلف وتبرز عضلاته الإلقائية كمدرب فذ، ومحاضر جهبذ. بل إنه يعترف أنه حتى لم يقرأ مقدماتها، فهو يرى أن الغاية تبرر له الوسيلة، لأنه يدافع عن قضايا الأمة، حتى وإن جاء دفاعه بفكر مسروق، وتأليف مسلوق، وضمير مخروق.



نسيم الصمادي
edara.com


الساعة الآن 01:24 PM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.