آخر 10 مشاركات
عيون حزينة (1) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة قلوب حزينة (الكاتـب : mira24 - )           »          رواية الورده العاشقه " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : sapphire - )           »          أنثى من ضوء القمر **مميزة ** (( كاملة )) (الكاتـب : هالة القمر - )           »          أنات في قلوب مقيدة (1) .. سلسلة قلوب مقيدة *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Asmaa Ahmad - )           »          الآتية من بعيد - مارغريت روم - ع.ج** (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          خلف الظلال - للكاتبة المبدعة*emanaa * نوفيلا زائرة *مكتملة&الروابط* (الكاتـب : Just Faith - )           »          رواية أنت لي للدكتورة منى المرشود النسخة الأصلية الكاملة (الكاتـب : مختلف - )           »          253- لعبة الحب - بيني جوردن - دار الكتاب العربي- (كتابة/كاملة)** (الكاتـب : Just Faith - )           »          71 ـ طال إنتظاري ـ ع.ق ( كتبتها أمل بيضون)** (الكاتـب : Fairey Angel - )           »          عندما تنحني الجبال " متميزة " مكتملة ... (الكاتـب : blue me - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > قسم ارشيف الروايات المنقولة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-09-19, 08:51 PM   #1

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25 الرّمادُ لا يَحترِقُ مرّتان / للكاتبة أَميــرَةُ زَمــآن






بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نقدم لكم رواية

الرّمادُ لا يَحترِقُ مرّتان
للكاتبة/ أَميــرَةُ زَمــآن





التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 13-10-19 الساعة 08:26 PM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-10-19, 08:03 PM   #2

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي




السلام عليكم..

كيفكم يا حلوين..

مم..انا عم بكتب الموضوع بتردد شديد.. ما بعرف اذا من الصواب انزلها او لا.. لكن، نجرب حظنا للمرة الرابعه..

بتمنى تعجبكم واشوف دعم مناسب يخليني اكمل..

قراءة سعيده ان شاء الله..

وان شاء الله تكون خفيفه عليكم ^^




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-10-19, 08:05 PM   #3

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


//

"عادة ما يكون هناك حاجة داخلية لشيء ما.. شيء مثل الحرية.. وكثيرا ما تكون الحرية للذين مثلي هي الموت!"




في ليلة من الليالي ، كان يجلس بين اهله ككل يوم ، لكن فجأة ورده أتصال على المسنجر .. لم يكن الغريب هو الاتصال بل المتصل...انزل ابنه وفز مسرعا خارج المنزل ليجيب :
-" ألو !"
-" ألو ، حسام؟ "
-"رشا!!!..مو مصدك انج داتكليمني ! .. تدرين شكد خايف وقلقان؟"
-" مو بإيدي .. "
سكتت قليلا لترتيب افكارها ، وظل ينتظر ردها .. قالت:
-"مش مهم شو صار، المهم الي رح احكيلك ياه هسه ، انا بحاجتك .. كثير!"
-"عيوني الج .. بس قوليلي "
-"انا بالعراق..بمخيم اللاجئين ، مش قادره اتحمل المكان ، اذا بتقدر .. تعال اكفلني وطلعني من هون "
مع كل كلمة نطقتها كان يتفاجأ أكثر فأكثر ، لجم لسانه لبعض الوقت ، هو متلهف جدا ليراها ويطمئن عليها بعد ان غابت اخبارها تماما ما لا يقل عن 4 شهور .. وبعد كل تلك الفترة ، تتصل ببساطه وتطلب ان يأتيها !..بالطبع سيفعل ، لكن زوجته وأهله ، كيف سيتقبلون الامر؟؟...
عندما طال صمته شعرت بتردده وتخوفه فقالت بتفهم:
-"حسام اسمع...مش مهم كثير ، هو بس شوية دلع .. انه المكان مش عاجبني .. فـ عادي بتفهم لو ما بتقد.."
قبل ان تنهي كلامها المرتبك قال مقاطعا :
-"باجر اخذ اذن من المدير واجيج على طول ، مشتاقلج"
لم تكن في مزاج يسمح بالمجاملات ، اخذت نفسا عميقا ، أخيرا ستتمكن من الخروج من هذا المخيم الكئيب .. قالت بهدوء:
-"آسفه على ازعاجك، بس مضطره! "
-"شهالحجي ؟ .. من شوكت بينه هالكلام؟ ..تعرفين غلاتج عندي .. اقل شي ممكن اسويه لج هالفتره ، مو كافي ما كنت وياج وكت الحرب؟"
"شكرا..ممـ .. جيب معك أوراقك ، ولما تطلبني ، اطلبني باسمي الرباعي ، متذكره ولا اذكرك؟"
"ذكريني حته اتأكد"
"خلص هسه ببعتلك ياه مسج حتى ترجعله"
"اوك .. مم.. اشوفج باجر لعد..تريدين شي مني وانا جاي؟"
"لا سلامتك...ع كل حال لازم افصل هسه..سلام"
لم تعطه فرصه للرد وقطعت الاتصال .. تنهد بشيء من الضياع ثم عاد الى الداخل ، أول من رآه كان والده الذي قال مباشره:
-"حسام شبيك؟ .. وجهك جنك شايف شوفه"
تأمله حسام قليلا ثم بتردد قال:
-"يبه أريدك بكلمتين انت وامي "
دق ناقوس الخطر في وجدان والده لكنه قال بهدوء:
-"شكل الليله مهي ماشيه...نادي امك وتعال ع غرفة ضيوف"
وبعد دقائق كانوا الثلاثة يجلسون بهدوء ، الانظار تراقب حسام ليتكلم لكنه يحاول ترتيب كلماته بالشكل الذي لا يسبب له مشاكل .. قال :
-"يبه، تذكر من سافرنا الاردن من جم سنه؟"
-"اي؟؟"
-"يبه بذاك الوقت رحنا ع العقبه ، وهناك قابلنا عيله محترمه وصار بينك وبين الوالد كلام .. وكان وياهم بنت صغيره بذاك الوقت .. متتجاوز ال15 .. ع كل حال انتوا التهيتوا بالسوالف وهي وانا وروان وعبود لعبنا سوا ، وصار بينا كلام وهيج .."
مسح والده على وجهه وهو يشعر بقدوم مصيبه..قال وهو يشير بيده لحسام:
-"حسام اخلص، اذكر كلشي .. تكلم .. المطلوب ؟"
صمت حسام قليلا وقد حزم امره ليختم الموضوع ويختصره:
-"تعرفت ع البنت اكثر ومع الوقت صرنا اصدقاء وكانت محترمه هواي ، وبقينه سوا حوالي 4 سنين للآن ، الي اريد اقوله ان البنت هنا بالعراق ، وموجوده بالمخيم ، تريدني اساعدها واطلعها من هناك وفهمت انها لوحدها .. يبه انا ما اقدر ارد طلب بنيه هيج ، مسكينه وطلبت المساعده .. وصغيره ، شنو 19 سنه لوحدها بمخيم؟"
قاطعته امه بتساؤل:
-"بغض النظر عن صداقتكم هاي لان مو وقتها ،ومع اني ما اذكر الموقف كله، بس شلون لوحدها ؟"
-"يمه يعني شنو؟ .. لاننا نشك انها لوحدها لو لا ما ااروح؟؟..واذا مو لوحدها .. ترا ابوها رجال زين والعشم بينه نساعدهم!"
عم الصمت قليلا..قال والده:
-"زين اسمع .. ما هي اخلاق ولا دين نتركها هيج وهي طلبت مساعدتنا ، تروح .. وتجيبها وان كانت وي اهلها تجيب اهلها .. ويجون يمنا ، نقوم بواجبهم وانساعدهم .. وباقي الامور تنحل بعدين "
عم الصمت مجددا ثم قالت والدته وهي تلاحظ ان في عينيه كلام آخر:
"مشكلتك زوجتك عبير مو؟"
"اي يمه"
"خلاص اتركها علي ، انت بس روح ولا تجيب سيره..ومن تجي البنت انا اشرح لها "
ابتسم بارتياح لكنه سرعان ما عاد الى دوامة افكاره..وقف والده وخرج وهو الاخر يفكر في الامر..قالت والدته فور خروج والده:
"يعني هسه افهم ان كل قلقك وتعبك من لما بدت حرب الاردن لانك خايف على هالبنيه؟"
شعر بان كلامها مبطن بمعاني كثيره...قال بانفعال لكن بصوت هامس:
"يمه شتقصدين؟...ترا والله ما بيني وبين البنيه غير الاحترام والاخوه"
همهت والدته ببعض الكلام الذي لم يسمعه ثم قالت:
"شوكت رايح لها؟"
"باجر"
"باجر شنو؟؟؟..متخبل انت؟ ع الاقل تحضر نفسك الطريق طويل .. "
قاطعها بأدب :
"يمه شنو احضر..شوية فلوس واوراق ، والطريق مليانه محلات وبقالات ، اشتري الي اريده"
سكتت دون تعليق..شعر بضيقها من الامر فزم شفتاه بعجز .. يعلم ان الامر لم يسر والده حتى ، لكن لا يمكنهم ردعه .. ترك فتاة وحيده طلبت العون .. لأمر مشين جدا لعائلة تميزت بالتزامها بالتقاليد والثقافه والاخلاق ، وحتى الدين يكره هذا
قالت امه:
-" يعني رح تبقه ويانه البنيه؟ "
لم يجب حسام فالكلمه كلمة والده في هذا الأمر. تنهدت الأم وهي تتخيل المشاكل التي ستنزل على البيت بقدوم الفتاة، لكن لا يمكنها منع الأمر، لا يمكنهم تركها وقد طلبت المساعده.. رفعت عينيها وتأملت حسام لعلها تقرأ في عينيه ما يفكر، يكلمها من سنين؟ اذن لهذا السبب تعب ومَرِض عندما بدأت الحرب في الأردن.. تذكر جيدا كيف انصدم وامتنع عن الأكل لأيام عندما سمع خبر القصف والحصار على محافظة اربد، كان اهتمامه بأخبار المنطقة غريب.. لكن كل شيء واضح الآن، على الأرجح الفتاة هي من سكان اربد! ماذا ستفعل بحال ابنها هذا الآن؟.. تنهدت مرة اخرى ثم خرجت من الغرفة..

**********

بعد ساعات من السير في الطريق، ركن سيارته أمام مبنى عتيق.. توجه الى المكتب المقصود فوجد امرأة كبيرة في السن، ألقى السلام وقال:
-"اني أريد اتكفل بنيه من المخيم واخذها وياي.."
نظرت اليه بتركيز، وكأنها على علم بقدومه فسألت:
-"شسم البنيه؟"
-"رشا"
همهمت وقد عرفتها.. اردفت:
-"اسمها الرباعي لو سمحت"

وبعد الكثير من المعاملات والخطوات.. اخيرا عاد الى تلك المرأة وقدم لها الأوراق المطلوبه فقالت:
-" هسه تقدر تاخذها.. دقايق وتجي البنبه."
همهم بفهم وجلس ينتظر.. قال بعد صمت:
-"ممكن أسأل سؤال؟ "
-"تفصل"
-"واضح انج تعرفين البنيه، اهي لوحدها بالمخيم؟ ما الها أهل؟"
فكرت المرأة باجابة ثم قالت:
-"اي لوحدها.. ما الها أهل ولا حامي.. حقها مهضوم بالمخيم، زين سويت من جيت واخذتها"
بقي صدى كلماتها يتردد في اذنه طول فترة انتظاره، حتى طُرقَ الباب فأذنت المرأة للطارق بالدخول.. ففتحت رشا الباب ووقفت بحياء دون اي كلمه.. هبَّ حسام واقفا فور رؤيته لها.. تقدمت قدماه طواعية نحوها، وقف امامها ويريد لو يدفنها في حضنه لكن لا يمكنه! قال بسعادة تصفها حروفه:
-"ألف حمد وشكر اني اشوفج بخير اخيرا!"
نظرت اليه وفي عينيها كلام كثير، لكن اكتفت دمعة انزلقت على خدها بوصف كل شيء.. مسحتها بسرعة وقالت:
-"خلينا نمشي بسرعة"
لم يناقش وحمل ما كانت تحمله وأشار الى الباب لتتقدم قبله.. لكنها التفتت الى تلك المرأة وقالت:
-"شكرا"
ابتسمت لها فعادت رشا تسير نحو الباب والغمام يحلق معها..

***********

لم يعرف كيف يفتح موضوع معها، ينظر اليها كل دقيقة، وبعد مدة من السير في الطريق الطويل، قال بتردد:
-"منوره لج رشا"
ابتسمت ابتسامة باهته جدا لا تنتمي للابتسام الا بالاسم..عمت دقائق صمت ثم قال:
"متأكد ما اكلتي اليوم مو؟"
قالت بهدوء :
"مش جاي ع بالي اكل .. اذا بدك تاكل انزل كل "
"اي جعت هواي .. بس اريدج وياي شون اكل لوحدي ؟"
"اه تاكل لوحدك .. جد ما بدي ، بتعرفني وانا منكده ما بقدر اكل"
"طيب..ما اجبرج ع الاكل .. بس تنزلين وياي..ترفضين هالطلب؟"
نظرت لعينيه مباشرة وكأنها تطلب منه اعفائها من هذا الطلب لكن استسلمت له عندما اوقف السيارة امام احد المطاعم الصغيرة ونزل ثم فتح الباب لها طالبا منها النزول .. تبعته دون كلام .. جلسا معا وطلب الاكل له ولها عله يتمكن من اقناعها ان تأكل .. ان كانت على هذه الحال منذ مده فلا يضمن ان تعيش طويلا ان استمرت عليه!..قبلت بالنهايه ان تأكل لقمتين او ثلاث .. بعدها خرجوا واكتآبها بدأ ينتقل اليه .. سألته بعد مدة وقد غابت الشمس والليل أسدل ستارته:
"مطولين نوصل بغداد؟"
"لا مو هواي .. قربنا"
وبعد دقائق شاهدت لافته تخبر بوصولهم الى بغداد.. ترددت قليلا حين قالت:
-"خدني على فندق منيح اقضي فيه هالليله.. لو سمحت"
عقد حاجبيه وقال باعتراض:
-"نعم؟ مفهمت.. شون؟.. تريدين فندق.. من عقلج؟!"
-"لو سمحت.. معي مبلغ منيح، لا تبدا.. "
قاطعها بانفعال:
-" وربي اذا اسمعج تقولين هالحجي مره ثانيه ازعل.. وزعلي مو هين وتعرفيه.. اهلي ينتظرون من الصبح وانتي تقولين فندق"
-" بالزبط.. انا منت عليك وتعبتك معي، بس لا تحرجني وتحرج اهلك معي.. ما بدي اكون ثفيله افهمني"
-" انتي افهمي يا رشا.. اني لو اتركج بفندق.. ابوي بيموتني.. احنه رجال يا رشا.. الي يجينا ما نتركه.. واذا تعزيني لا تكررين هالكلام"
-" بعزك بس بليز هالموضوع انا كنت حاسبه حسابه.. بعرف انك رح تجيبني لبيتك بس هالاشي رح يعمل مشاكل مع اهلك وزوجتك.. وانا ما بقدر هيك.. "
قال بانفعال:
-" رشا! خلاص.. انتهينا.. ماكو فندق.. مو امان"
-" بس.. "
-" تدرين.. انتي كلش عنيده، خلاص.. يصير خير"
كان كلامه يدل على موافقته فصمتت وارخت رأسها على النافذه.. كان يوم طويل جدا ومرهق مع كل الاحداث التي سبقته.. تنهدت وهي تتخيل حياتها القادمه.. ودون شعور، غطت في النوم..
استيقظت عندما ناداها حسام باسمها.. لم تكن معتادة على الاستيقاظ دون مصيبه فجفلت وهي تقول بخوف:
-"شو صار؟؟"
تفاجأ من ردة فعلها التي تفصح عن كمية الخوف الدفين فيها.. خصوصا جحوظ عينيها تلك اللحظه وانفاسها غير المستقره.. ابتسم ليهدئها وقال:
-"بسم الله الرحمن الرحيم.. وصلنا"
بقيت تتأمله لثواني لتعود الى الواقع ثم التفتت لترى انها داخل فناء منزلٍ ما.. نظرت اليه بعتب وقالت بانفعال هامس خشية ان يسمعها احد:
-"انا صح حكيت بدي فندق؟"
-"وما حتلاقين خدمه افضل من خدمة هالبيت.. انتي قلتي فندق منيح.. شسويلج.. هذا احسن شي خطر ببالي"
زمت شفتيها بغضب ولم تعقب.. ماذا يمكن القول وقد توقفت السيارة في الفناء؟ ابتسم بانتصار ونزل من السياره..

**********

منذ ان تأخر حسام عن موعد عودته من العمل وزوجته عبير تحاول الاتصال به وهو يكتفي برسائل يطمئنها بها.. ظلت تحاول معرفة مكانه من حماتها لكنها لا تخبرها.. الى ان سمعت صوت اصطفاف السيارة.. هبت واقفه لترى لكن ام حسام اوقفتها قائلة:
-"عبير.. انتظري"
توقفت لترى ما تريده.. فقالت:
-"حسام جاي وي بنيه.. راحلها المخيم مال اللاجئين اليوم.. لتنفعلين وخليج هاديه.. هو يريد يشرحلج من يجي الوقت.. انصدمت عبير من. كلامها وأول ما خطر في بالها انه تزوج.. ركضت بسرعة نحو النافذة لترى ان فتاة تنزل من السيارة وقد اخذ منها حاجياتها.. وضعت يدها على فمها لكن ام حسام قالت معقبه:
-"ما تزوج يا مجنونه.. هاي لاجئة طلبت المساعده"
لم تزح عبير نظرها عن الفتاة الى ان سمعت صوت خطوات على درج المنزل ثم بصوت ابو حسام يقول:
-"امشي ام حسام نستقبل البنيه..خلها تشوفج يمها خطيه"
وقفت ام حسام وتبعته.. ضربت عبير الارض بقدمها وجلست بانتظار ان يأتي حسام لترى ما الأمر.. نظرت للساعه، لقد تجاوز منتصف الليل.

استقبلهما ام وابو حسام بكل ترحيب وود..قالت ام حسام:
-"اهلا وسهلا.. تفضلي"
اكتفت رشا بالابتسام ودخلت باستحياء وهي ترمق حسام بنظرات العتاب.. جلست حيث اشاروا لها فبدأت ام حسام بالحديث:
-"منوره البيت يمه.. شونج؟ "
تنحنحت رشا لتبعد بحة صوتها قليلا لكنها فشلت عندما ظهرت واضحه في كلامها :
"النور نورك يا خالتي .. منيحه الحمدلله ، بس والله خجلانه منكم ، يعني فوق ما انا متعبه حسام بالمشوار الطويل.. يجيبني هون ع البيت .. قلتله يوخدني على فندق برتاح وبريحكم"
قال ابو حسام بعتب:
"وهذا كلام ينقال؟؟...عيب علينه ان تركناج بنت وحيده تقضين ليله بفندق ، شنو احنه ما عدنه دم؟"
"حاشاك يا عمي .. ما حدا بقدر يحكي عنكم كلمه..بس.."
قاطعتها ام حسام وهي ترا ملامح ابنها المتعبه :
"خلاص ماله داعي هالكلام..انتي هسه بين اهلج ، اكيد تعبانين ، خلني اقوم احضرلكم شي تاكلونه"
قالت رشا بانفعال:
"يا خالتي امانه لا تتعبي حالك..والله مش جوعانه.."
قال حسام مقاطعا:
"انطمي .. اي يمه الله يخليج ، حطي شي رح أموت من الجوع"
هزت رأسها بابتسامه وخرجت ، نظرت رشا لحسام بعتب ثم اعادت نظرها لوالده عندما سأل باستفسار وهو يحاول أخذ المعلومات منها بحذر:
-"حجالنا حسام عنج.. وذكرني بوالدج.. صحيح وين هو؟ "
كانت تنظر رشا لعينيه مباشرة.. مسح حسام على وجهه بقلق، حاول ان يتجنب الحديث بهذا الموضوع لانه يعلم مدى تعلقها بأهلها.. عندما طال نظرها لعيني ابو حسام دون رد.. بينما كانت عينيها تشرحان الكثير.. اراد تغيير الموضوع لشعوره بان الموضوع حساس لكنها ابتسمت بتمثيل مبتذل وقالت:
-"اعطاك عمره.. اهلي الله اخد امانتهم"
ابعدت عينيها عنه عندما اكملت جملتها التي كانت بحمل الجبال عليها، وقولها بالتظاهر بالثبات أمر اصعب.. زفرت الصعداء فقال ابو حسام بحزن وندم:
-"انا لله وانا اليه راجعون.. الله يرحمهم ويتقبلهم شهداء"
تمتمت بكلمة "آمين" دون ان ترفع نظرها لأحد.. محاولة ابعاد كل صور عائلتها الاخيره التي تنهش وعيها وعقلانيتها ببطئ.. حل الصمت الى ان دخلت ام حسام ومن خلفها ابنتها التي اطاعت امها بالقدوم الى هنا لعل الفتاة تشعر براحة اكثر.. كانتا تحملان الاكل وبعد تجهيزه بشكل كامل اضطرت ان تجلس رشا معهم مراعاة للذوق والأدب العام، وبعد مدة قصيرة ابتعدت عن الطعام وهي تقول:
-"الحمدلله، يسلمو ايديكي يا خالتي"
نظرت اليها باستغراب وقالت:
-"ما اكلتي شي.. كملي"
هزت رأسها بالرفض:
-"شكرا.. كثر الله خيرك"
وجلست مكانها.. بعد ثواني وقفت روان وتقدمت منها وهي تقول باسلوبها العفوي:
-"لا سلام على طعام.. مرحبا"
وقفت لها رشا مبتسمه وسلمت عليها دون تعقيب.. جلست روان بجانبها لتقول رشا:
-"روان صح؟.. من زمان نفسي اشوفك"
ابتسمت روان وبدأت تتحدث اليها بعفويه بينما نقل حسام وام حسام الأكل الى المطبخ.. وكانت عاصفه تنتظر حسام عندما قابلته عبير وكل تعابير الغضب الممكنه في وجهها.. قالت بانفعال:
-"ممكن افهم شدايصير وانا اخر من يعلم؟"
حاول ان يمتص غضبها وهو يقترب منها ويقول :
-" شونج حبي.. اشتاقيتلج"
رمقته بنظرات الشك وهي تقول:
-"اشتاقيتلي.. ليش ما كنت ترد على اتصالاتي"
رد بصراحة:
-"يعني ارد وتردحيلي قدام البنيه"
بانفعال وغضب ردت:
-"منو هالبنيه اصلا!! "
اخذ نفسا عميقا ووضع اصبعه على شفتيها وهو يقول :
-"صوتج.. لا ترفعيه.. ماريد البنيه تحس بأي شي او اي توتر"
هدأت نبرتها قليلا:
-"زين احجيلي.. "
-" بعدين.. هسه لازم اروحلهه"
تركها في غمرة غضبها وغيرتها وذهب.. رآها تجلس بين اخته وامه اللتان تحاولان جعلها مرتاحه وتدخلانها في الجو العائلي فابتسم وجلس جانبا وقال:
-" داشوف روان عرفت تخليج تحجين..وانتي طول الطريق ساكته"
قالت روان:
-"اي لعد شون..وهي تنحب بسرعة وربي"
ابتسمت لها رشا فقال ابو حسام:
-"زين يالله كل واحد على غرفته تأخر الوقت هواي"
قالت ام حسام:
-"ااي والله.. مشوار رشا وحسام كلش طويل يحتاجون راحه"
قالت رشا بمحاولة اخيره لاقناعهم;
-"بلاها اضل هون الليله امانه.. في الف مكان.. "
قبل ان تكمل قال ابو حسام:
-" يعني انتي ممرتاحه هنا؟"
ترددت بخجل وهي تقول :
" مش هيك.. "
-" اذا انتي ممرتاحه ومنزعجه هنا.. بهالحاله نسويلج الي يريحج.. بس لو تظنين ان احنه مزعوجين.. ازعل كلش.. يبه هذا بيتج من هنا الى ان يفرجها ربنا.. ع الاقل هالجم يوم حته تستقر امورج.. افتهمي اني مقدر اخليج تطلعين من بيتي بدون ما اطمن عليج.. وابوج جان صديق..ما اكون رجل ان خنت ابوج وتركت بنته لوحدهه! "
ألجمها رده وخجلت كثيرا.. ابتسم حسام على ملامحها وعلى اسلوب والده.. لم يكن بيد رشا الا ان تقول:
-" معك حق.. وانا مرتاحه هون"
ابتسم لها واشار لروان لتريها غرفتها.. اخذتها روان الى غرفة نوم الضيوف..قالت بعد ان وضعت حاجياتها بجانب الادراج الصغيره:
-" اتمنه تكونين مرتاحه.. من باجر اخلي خواني يطلعون هالسرير لغرفتي ونصير ننام سوه.. احسن مو"
ابتسمت رشا وقالت :
-" ليش هالتعب.. وكأني مطوله كثير، يوم يومين بالكثير وبتيسر"
-"نشوف.. بس ترا حبيت وجودج"
تأملتها رشا قليلا وشكرتها بهدوء فخرجت الاخرى وهي تفكر.. لا يبدو ان مدة تواجدها ستكون قصيرة ابدا! الجميع كان يعرف هذا بمن فيهم رشا.. ان لم تستطع اقناعهم او اختلاق شيء لاقناعهم فستظل هنا وقد يكون وجودها مثقل..تنهدت وتممدت بتعب. اغمضت عينيها وسمحت لدموعها ان تنساب دون قيود..
في غرفته، خرج من الحمام وارتدى ملابسه وعبير تقف بقرب الباب وتهز قدمها بغضب دون توقف.. تنتظر ان يتكلم لكنه لا يقول شيء. طفح بها الكيل عندما استلقى في السرير دةن ان ينبس فاقتربت من السرير وقالت :
-"دانتظر تقول شي وانت مو عبالك!"
-"عبير.. تعبان.. والنقاش يطول.. أجليها"
-"ما اريد أأجلها..كلمني هسه"
جلس وقال بغضب:
-"شقولج؟.. بنيه طلبت مساعدتنه وهي وحيده واكيد جنتي واقفه تسمعين من قالت اهلها ميتين.. واكيد جنتي واقفه تسمعين كلام ابوي.. شقولج؟"
-"طلبت مساعدتكم او مساعدتك انت؟! "
نظر لاصبعها الذي امتد مشيرا اليه فابتسم وقال:
-" مساعدتي اني"
تجمعت الدموع في عينيها وجلست على ااجهة المقابلة من السرير وقالت:
-" شنو تعنيلك هالبنت؟ "
اقترب منها ومسح دموعها واجاب:
-" اخت.. بنت.. حفيده. شي من هالنوع"
ابتسم لعله يقنعها لكنها اكتفت بالصمت.. ثم توجهت الى ابنهم حسن الذي بدأ بالبكاء..حملته لترضعه بينما غط حسام في نوم عميق فور استقرار رأسه على الوسادة..

**********

في اليوم التالي..كان ابو حسام وام حسام يجلسان في الصالة يتحدثان في أمر رشا، يحاولان تنظيم وتوقع الاحداث القادمه.. حيث قال ابو حسلم:
-"ما نقدر نسوي شي الا انه نخليها يمنا حته يظهر احد من اهلها"
ردت بتفكير:
-"زين وشون راح نعرف اذا لها أهل هني أو لا؟"
-"نسألها.."
صمتت قليلا ثم قالت:
-"ما اعرف، هالشي رح يجيبلنا مشاكل منوعه، يكفي حنصير سالفه يم الناس"
تأفف ابو حسام وقال:
-"ما اقدر افهمج! مره تقولين خطيه لازم نحميهه يمنا ومره تقولين حتجيب مشاكل.. طفرتيني.. احجيلي شتريدين بالظبط.. اقدر اسوي ألف حل.. بس هم انتي اثبتي"
اتضحت ملامح العتب على وجهها لاسلوب حديثه ثم قالت:
-" مو هيج قصدي..هي راح تظل ويانه هنا.. واي خطيه ما نتركها.. بس الي اقصده ان اكو امور لازم نحسب حسابها"
-" اي صح..بس قبل كل شي لازم نكلمها ونفهم منها كلشي.. وبعدهه نقرر بالظبط شنو راح نسوي وياهه"
هزت رأسها بالموافقه وبعد ثواني دخل عبد الرحمن اليهما وهو يحضر نفسه للذهاب الى الجامعه.. سأل :
-" تقول روان ان اكو ضيفه يمنا.. من الاردن.. صدق هالحجي؟ "
اجاب والده:
-"اي اخوك المحترم يعرفها واخذها من المخيم البارحه"
-" يعني صدق تبقه يمنا؟ "
رمقه والده بنظران حادة ثم قال:
-"ولّي ع جامعتك يله..مو وكت سوالفك"
وقفت ام حسام وهي تقول:
-"اروح اشوفها يمكن مستحيه تيجي لو تحتاج شي"
وتوجهت الى غرفتها.. طرقت الباب فسمعت الرد مباشرة:
-" مين؟ "
-" انا ام حسام يمه"
هرعت رشا بسرعة وفتحت الباب.. قابلتها بوجه بشوش رغم شحوبه وقالت:
-"صباح الخير"
ابتسمت لها :
-" صباح النور.. شونج اليوم؟ خما ما ارتحتي بالنومه؟ "
-" لا يي.. كتير ارتحت.. وانتي كيفك؟"
-"زينه..مم.. جيت اشوف اذا محتاجه شي.. او يمكن مستحيه تطلعين تجلسين ويانه"
لم ترد رشا واكتفت بإيمائة موافقة.. كانت ترتدي شالها وملابسها كامله فقالت ام حسام:
-"زين تعالي وياي..نفطر ونسولف"
ثم توجهت معها الى الصالة واذ بعبير تدخل الغرفة وتقول:
-" تفضلوا على الفطور"
انتبهت لوجود رشا فرمقتها بنظرات فاحصه من رأسها الى اخمص قدميها.. اشارت اليها ام حسام لتسلم عليها فتقدمت مرغمة ووجها خالي من اي ملامح مرحبه، ابتسمت رشا بمجاملة وسلمت عليها ثم قالت:
-"اهلين.. عبير صح؟"
-"اييه.. نورتي يا رشا"
قالتها وكأنها تدعو عليها وليست تستقبلها.. بددت ام حسام تلك الشحنات وهي تقول:
-"تسلم ايدج عبير.. تفضلي يا رشا، تفضلي"
التفتت رشا الى ابو حسام الذي مشى وصار قريب منهن:
-"السلام عليكم عمي"
رد السلام مبتسما ثم سبقهما الى المطبخ..
عندما دخلت رشا رأت حسام يجلس ووجهه تكتسيه ملامح الغضب، استنتجت مباشرة انه كان يدور نقاش بينه وبين عبير.. ابتسمت له بتلقائية فابتسم لها ثم جلست في الكرسي الذي اشارت اليه ام حسام.. سألت بعفويه :
-"وين روان؟"
-"روان بمدرستعا وعبود بجامعته.."
هزت رأسها بفهم وبدأت بالأكل رغم عدم رغبتها بذلك.. قال ابو حسام بعد لحظات:
-"رشا..اريد اسألج.."
صمت قليلا ليرتب حديثه فقالت رشا:
-"تفضل عمي"
-"اهلج..الله يرحمهم، بس ما الج عمام.. خوال؟"
شردت قليلا بتفكير ثم اجابت :
-" امبلا.. ما بعرف شو بدي احكيلك بس.."
صمتت قليلا وقد ومض في ذهنها ذكريات سيئة.. تنحنحت وقالت:
-"اخر مره تواصلت مع حدا منهم كان من شهر.. او اكثر"
كان ابو حسام يتأملها ويحاول ام يختار كلماته بحذر حتى لا يؤثر عليها كثيرا.. سأل:
-"شون جنتي تتواصلين وياهم؟.. ويعني وين جانو اخر شي؟ "
-" بعد ما القصف اخذ معظم اهلي.. اجا عمي للمنطقه.. وكان يتواصل مع باقي اعمامي وانهم رح ينتقلوا كلهم لبيته بعمان بعيدا عن الحرب مبدأيا.. بس خالي قال انه رح يجي لهون..للعراق، ولما خيروني.. اخترت اروح مع خالي.. وبعدين صارت ظروف واضطر خالي محمد يسلمني لخالي عبد الرحمن الي ترك عيلته بعمان واجاني.. وبرضو ظروف اخرى اجبرتنا انا وهو نتحرك لجهة العراق.. بس للاسف انخطف، ما بعرف مين الجهة الي خطفته.. وانقطعت اخباره عني.. ولحد هاليوم ما بعرف شو صار مع خوالي او اعمامي.. او جدودي"
حل صمت مخيف في المطبخ من شدة تأثرهم بينما كانت رشا تروي القصه بثبات مصطنع لكنه متقن.. قال باستغراب:
-" وشون وصلتي العراق وانتي ما معج احد؟.. وتقولي ان معظم اهلج ماتو.. يعني بقه منهم احد؟ "
تنهدت تنهيدة عميقه وقالت:
-" احنا كنا مع جماعة من الناس كلنا تحركنا للعراق لما عرفنا انه القصف بأي وقت بوصل المنطقه.. وبعد ما انخطفوا معظم الرجال والنسوان.. والله نجانا انا والي معي.. كملنا طريقنا لهون.. اما باقي اهلي ف.. ماتو بشكل او بآخر"
خنقت الغصة آخر حديثها فقطعته مجبره.. وسيطرت على ما تبقى من هدوئها.. شعر ابو حسام انها لا تريد الحديث اكثر فلم يعلق، بينما كانت باقي الانظار معلقة بها بكل تعاطف وهي تحاول تجاهلها بنظرها الى يديها المعقودتين على الطاولة.. ولكن حسام كان الأكثر تألما وتمزقا.. ولم يعرف ان كان من الصواب ان يتكلم ويقول شيء او لا! وقبل ان ينبس قالت رشا :
-"عمي انا لما قدرت اتصل بحسام.. نشرت على صفحاتي لأهلي ورسلتلهم انه أي حدا بقدر يجي العراق لازم يجي.. ورح استنا ردهم..الا ما يقدر حدا يدخل ويشوف..ولهيك بدي اشوفلي شغل.. بيت.. اي اشي لحتى حدا يتواصل معي.. وقبل ما تعترض انا معي مبلغ منيح قدرت اخبيه طول المده الي فاتت.. بقدر امشي فيه شهر شهرين.. بكون لقيت وظيفه.. "
قاطعها بصرامه:
-" هالحجي قطعا مرفوض.. بيتنا هو بيتج حته يظهر احد من اهلج وكتها تكلميني بهالموضوع"
-" بس ما بصير.. الله اعلم متى.. "
قاطعها:
-" بالضبط.. ماحد يدري متى يجي اهلج.. ما اقدر اسمح بهالشي.. بلادنا مو امان، رجال طول بعرض ما يقدر يمشي بالشارع بالليل لوحده.. تريدين انتي بنيه صغيره ضعيفه تبقين لوحدج؟ ياكلونج وربي.. بعدين حتكون اهانه لي بين الرجال ان تركتج، شيقولون.. ابو حسام ما سوا الواجب؟.. ترضينها؟...لأبوج ترضينها؟ لو روان لا سمح الله انحطت بنفس الموقف ابوج بيتركها؟ "
-" حاشاك يا عمي.. وطبعا ما بتركها بس انه.. "
-" لعد خلاص.. ما اسمع هالسيره مره ثانيه او ازعل..انتهينا"
بلعت ريقها دون قدرة منها على الرد.. لا تمتلك كلمات جيده ولا تفكير سليم في هذا الوقت.. اخذت نفس عميق ثم قالت:
-" الحمدلله.. يسلمو ايديكي عبير"
خرجت عبير من شرودها واكتفت بهز رأسها.. وقفت وذهبت رافضة اي اصرار لتكمل اكلها الذي لم تكد تبدأ به





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-10-19, 08:07 PM   #4

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


//


"تلك الاحداث التي تحرق أرواحنا، اكثر أذية من ضرب الرصاص"




مر اسبوع على تواجدها معهم…لم تنفع اي محاولة منها لاقناعهم بأن تبحث عن عمل، او ان تجد منزلا لنفسها.. كان كل شيء يتعلق بظهور اي احد من افراد عائلتها حيث اخبرها ابو حسام انه لو ظهر عم او خال لها فسيكون من حقها ان تجلس معه في بيت مستقل.. لكن يستحيل ان يتركوها تغادر… كان الانسجام مع العائلة سهل جدا، مع تجنب عبير قدر الامكان.. والليل تقضيه مع روان في غرفتهما المشتركه، لكن بمجرد ان تغفو روان.. يبدأ ليلها الوحيد الكئيب المليء بالذكريات السيئة، هي بالكاد تنام حتى..استيقظت فجرا فصلت ثم ايقظت روان للصلاة، ثم بعدها جلست روان امامها وقالت:
-"ما نمتي كالعاده مو؟"
ابتسمت لها رشا بتثاقل واشارت ان هذا الامر لا يهم.. قالت روان:
-"ولمتى؟ كافي رشا.. شوفي عيونج شون، صرت اتمنى اشوف طبيعة ملامحج السليمه شون..دموعج ما جفت؟"
تجاهلت رشا كل كلامها وقالت:
-"اليوم عزيمة العيلة صح؟.. خلينا نخفف ع امك شوية شغل ونقوم ننضف البيت ونحضر الاشياء الي بدها تحضير"
تنهدت روان وخرجت معها.. اليوم قرر ابو حسام ان يجمع العائلة في بيته ليعرفهم على رشا، بما ان وجودها قد يطول.. فكان لابد ان يعلموا بوجودها، كانت رشا تنظف المنزل وكأنه وسيلة تلهيها عن تفكيرها في أي شيء; لذلك كانت لا تخرج من غرفة الا وهي تشع من شدة نظافتها، اطبق عقرب الساعة على التاسعه صباحا، استيقظت ام حسام ونزلت للطابق السفلي لتستقبلها روائح المنظفات والمعطرات..توجهت نحو الاصوات في المطبخ.،فوجدت روان تجلس على الأرض وقد اخرجت معظم الصحون والكؤوس من الخزائن وتناول المغبر منها الى رشا لتنظفه، ابتسمت باستغراب قائلة:
-"شدتسوون؟ البيت يلمع.. من شوكت صاحيات؟"
قالت روان:
-"من الفجر.. رشا قالت لازم ننظف حتى نتفرغ للطبخ من تصحين"
-"اي بس كلش تعبانات..ماله داعي"
قالت رشا:
-" امبلا اله داعي.. بعدين قلت اتعب روان شوي، الا اذا يا خالتي هااشي بزعجك.. في نسوان ما بحبو حدا يشتغل ببيتتم..؟ "
ابتسمت ام حسام وقالت:
-" اكو احد يزعل من يريحه شخص؟.. الله يساعدج كلش اسعدتيني.. بس كاافي خلنا نسوي قهوة ونقعد ننتظر الباقيين يصحون"
قالت روان مازحة:
-" لو توقع قذيفه محد صحي.. يوم عطله شون يصحون"
ناولت اخر كومة صحون الى رشا ثم قامت لتحضر القهوه.. في تلك الاثناء استيقظت عبير.. مددت اضلعها بتعب ثم نظرت لحسام وكأنها تتأكد من وجوده بجانبها.. تنهدت ثم غيرت ملابسها ونزلت للاسفل، استغربت من كمية الروائح المعطره الهائلة التي تفوح من كل مكان.. دخلت المطبخ حيث سمعت اصوات الضحك، شاهدت روان وامها تجلسان على المائدة فقالت بصوت ناعس:
-"شهالنشاط.. المعطرات محتله المكان"
قالت ام حسام:
-"اي.. الله يساعدهم روان ورشا من الفجر صاحيات ينظفن"
عندها انتبهت عبير لوجود. ورشا فعقدت حاجببها وتوجهت لتجلس بجانب حماتها.. كانت رشا تحاول تناول البسكويت من الرف العلوي لكن طولها لم يساعدها مقارنة بارتفاع الرف وظلت تحاول تحت سخريات روان، تأملتها عبير من الخلف.. شعرها طويل انسدل على ظهرها ليغطيه، يتضح عليه تعب الحرب وقلة التغذية لكنه ما زال كثيفا، تنهدت عندما قالت ام حسام:
-"قومي يا عبير انتي طويله.. هسه توقع رشا يصيرلها شي"
وقفت بتثاقل وذهبت لتحضره وهي تتجنب النظر الى رشا..صبت روان فنجان قهوة لعبير وجلسن يتحدثن بأمور مختلفه.. الى ان قالت رشا:
-"خالتي انا الي طلب بس خجلانه"
تسلطت الانظار اليها وقالت ام حسام باهتمام:
-"تكلمي شتريدين"
-" بصراحة بحاجة انزل ع السوق بس ما بعرف كيف"
صمتت ام حسام قليلا ثم التفتت لعببر وقالت:
-"انتي رايحه للسوق اليوم وي حسام مو؟"
ردت عببر باندفاع:
-"اي بس مو حاسبين حساب نتأخر"
تتفتم ام حسام غيرة عبير لكنها تجاهلتها هذه المره وسألت رشا:
-"رح تأخريهم؟ "
ترددت رشا بالاجابه قليلا وهي ترى الرفص في ملامح عبير.. لكنها مضطره.. لا تمتلك ملابس مناسبه يمكن ارتدائها امام اناس غريبون.. بالكاد تتقبل ملابسها هذه امام عائلة حسام.. تنهدت وقالت:
-"لو مو مضطره ما كنت ازعجتكم، بس ما رح اتأخر ابدا.."
صمتت قليلا ثم قالت:
-"انا رايحه ع السوق بس من هسه اقول..ما اقبل اشتري شي الا من فلوسي.. بعرف حركات حسام رح يدفع هو.. بس قوليله يا عبير. اني حلفت ما اشتري شي الا بفلوسي"
اشاحت عبير بنظرها بعيدا دون تعليق..وبسرعة رفعت رشا شالها على راسها وارتدته بعشوائية عندما سمعت صوت بكاء حسن.. يعني حسام يحمله الى امه.. تنحنح حسام بقرب المطبخ وقال:
-" ادخل؟ "
نظرت عبير الى رشا وقالت بسرعة:
-" لأ"
ذهبت اليه بنفسها لتأخذ حسن وحذرته من الدخول بهمس فلم يناقشها وتجاهل اسلوبها ثم توجه للصاله.. تنهدت رشا وهي تلوم نفسها في داخلها..بقائها سيسبب مشاكل اكبر بينهما!
بعد مدة تم تحضير الفطور وجاء الجميع ليأكل.. وكعادتها رشا تكون اول من يشيع، توجهت للصالة حيث كان يوجد حسن.. حملته وبدأت تداعبه بحب.. سرعان ما تعلق قلبها به، تستغل فترات الوجبات لتداعبه براحتها.. بوجود عبير يستحيل ان تحمله فهي تخاف ان تحرجها او ان تغضب او اي شيء آخر.. لا تريد ان تسبب المتاعب.. استنشقت رائحة عنقه.. رائحة الاطفال تلك لها تأثير يماثل تأثير المخدرات.. همست بالقرب من وجهه:
-"والله انك اجمل مخلوق.. يا غالي يا ابن الغالي"
ابتسمت حين ابتسم كانه يفهمها.. مررت اصابعها على خده بحنيه وهي تحدثه بهمس:
-"بكرا بتكبر.. وبتصير تمشي وتحكي وتشاغب.. وتجنن ماما وبابا.. صح ولا يا اهبل"
لا يبلغ حسن من العمر الا ثلاث شهور لكنها تعشق محادثته.. اعادته بسرعة الى كرسيه (الكوت) عندما دخلت عبير.. قالت الاخيره:
-"دايبجي؟"
اجابت رشا:
-"لأه بس كنت بلعبه شوي"
لم تهتم عبير لكلامها وحملته معها قائلة:
-" رايحه ارضعه"
وفور خروجها دخل كل من روان وعبد الرحمن.. ابتسمت لهما، كمية الجنون في رأس هذين الاثنين لا يوصف.. اجتمااعهما كارثه.. قالت روان بحماس:
-"يقول عبود لو نصير نشتغل بالبيوت الا نجمع ثروه"
اكمل عبد:
-" اي صراحة شغل متقن كلش.. لو مكانكم رح اطلب اجر من امي وابوي"
ضحكت رشا وهي تقول:
-"بالك هيك؟.. خلص لازم نشتغل هالصنعه"
ضحكت مرة اخرى ثم قالت:
-"ذكرتوني بحالي.. زمان خواني كانو ضعيفين دراسيا.. قاقترحت ع اهلي اني ادرسهم مقابل راتب..الله يرحمهم، وافقوا بس خواني النذلين رفضوا الحصص"
ضحك عبد وقال:
-" عندج اكبر فأر تجارب حته تبدين شغلج..روان..ضعيفة كلشي"
عدل جلوسه وتكلم بجديه:
-"وربي ان درستيها وحصلت كامل باختبار الرياضيات.. وربي لو تطلبين سيارة بورش.. اجيبها لج"
انقطع حديثهم عندما دخل ابو حسام وحسام.. انسحب عبد من المكان بسرعة وهو يرى روان على وشك الانفجار..
قالت ام حسام:
-" حسام يالله اخذ رشا وعبير للسوق بسرعة.. جم ساعه ويجون الضيوف"
اومأ بالايجاب ورسل الى عبير رساله لتحضر نفسها.. شعرت رشا بالخجل من هذا الموقف وكادت ان تلغي فكرة الذهاب لكن كلما تذكرت انها ستكون اليوم بين عدد كبير من الناس بهذه الملابس الرثة تجد عذرا لنفسها لتذهب رغم كره عبير لها..

لم يكن السوق يعد بعيدا.. وقف حسام عند محل للملابس فقالت رشا:
-"انا بنزل هون وانتو ارجعولي لما تكملو"
اراد حسام ان يعترض لكن سبقته عبير:
-"اي زين.. اخذي راحتج"
مدت رشا 50 دينار اردني الى حسام وقالت:
-"دبر حالك فيهم.. وبدللي ياهم بدنانير عراقيه"
قال بانفعال:
-"رشا لترفعين ضغطي.. خلي فلوسج بجيبتج واني انطيج.."
قبل ان ينهي جملته كانت قد وضعت الورقه في حاملة الكؤوس فقالت:
-"والله ما برجعولي.. هسه خلصني اعطيني"
تأفف بضجر وفتح محفظته واعطاها كل ما فيها.. كان يساوي ما هو اكثر من خمسين دينار.. ضحكت رشا وقالت:
-"على فكرة حسبت مع روان كم دينار عراقي بساوي خمسين"
عدت بضع اوراق لترجعهم لكنه رمقها بنظرات حاده وقال باسلوبه المهيب:
-"شايفتني ولد صغير ترجعيلي فلوس؟.. انزلي ما اريد اسمع نفس"
تنهدت ونزلت من السيارة.. نقاشه ميؤوس منه، حدث كل هذا تحت انظار عبير التي استشاطت غيظا وغيرة، اسلوب حديثهما.. سلس ودون أي ذرة رسميه.. كل هذا امامها.. ماذا لو اختليا؟.. عندما اختفت رشا عن انظارهما قالت عبير وهي تحاول ان تسيطر على كلامها قدر الامكان:
-" حلوه صداقتكم..كلش أليف حجيكم.. ماكو رسميه"
ابتسم ابتسامه جانبيه وتجاهل حديثها، منذ ان تزوجها وهو يعشق اثارة غيرتها، يحب ان يرى انفعالها.. لكن انفعالاتها اصبحت مبالغة منذ قدوم رشا الغير متوقع.. قالت بعد ان شاهدت صمته:
-"ع الاقل قول شي يهدي غيرتي!"
اوقف السيارة جانبا والتفت اليها بكامل جسده وقال:
-"عبير.. هو سؤال واحد.. تثقين بحبي الج؟"
صمتت لبرهة ثم اجابت:
-"اثق.. بس اعرف انتو الرجال تعرفون تحبون الف مره"
-"يعني بله تشوفيني احبها مثل ما احبج؟.. بربج تعاملي معها لأي تعامل يقرب؟ انتي لو روان؟ "
صمتت قليلا واجابت بتردد:
-"انا ما شفت شون تعاملك وياها حتى اقرر"
اتسعت ابتسامته وقال:
-" يعني شنو برأيج؟"
تنهدت وقالت:
-" امشي خلنا نخلص.. خالتي متقدر تسكت حسن اذا جاع.. يحب بطنه مثل ابوه"
هز رأسه بقلة حيلة وحرك السيارة..

حاولت قدر الامكان ان تسرع، بالكاد دخلت ثلاث محلات.. احضرت كل ما تحتاجه هذه الفترة ثم عادت حيث انزلها حسام.. لكنها لم تستطع الصبر دقيقة واحده تحت شمس بغداد الحارقه فدخلت المحل المجاور لتراقب الطريق.. انتظرت بضع عشرة دقيقة حتى رأت السيارة.. تنهدت وشكرت فتيات المحل على احتمالها ثم خرجت اليهما.. عندما ركبت قال حسام:
-"انتي ما عندج موبايل؟.. ما عرفت شون اتواصل وياج.. اعرف اذا خلصتي لو لا.. جنتي ذكرينا.. تاخذين موبايلي ع الاقل"
رمقته عبير بغيظ وقد ضرب توصيتها بألا يكلم رشا بعرض الحائط.. ردت رشا:
-"معلش.. ما صار اشي"

**********

جلست امام المرآة تحت وابل التوبيخ من روان:
-" ما لقيتي ألوان اكثر غمق؟ لج شنو هذا.. شوية وردي.. شوية اصفر لج"
قالت رشا بسخرية:
-" اصفر؟ يا سلام على قلبي.. اخوي ميت قبل اسبوع وانا لابسه اصفر.. كحلي وابيض هذا اكثر شي فاتح طاوعني قلبي اشتريه"
تنهدت روان وتجاهلت فضولها للسؤال عن اخيها ثم قالت:
-"زين شراح تلبسين شال على راسج؟ لتقوليلي كحلي انتحر"
-" كان بودي بس لون وجهي مش مساعد.. انبسطي يختي شريته وردي"
ابتسمت روان وبحثت عنه بين الاكياس.. توقفت عندما سمعت عبير تقول:
-" روان.. رشا.. وصلوا"
رمت الشال على رشا لترتديه وارادت الخروج لكن اوقفتها رشا بنهر:
-" وين رايحه؟.. ننزل انا وانتي سوا"
تأفتت روان وانتظرتها لتنتهي ثم نزلتا.. ترددت رشا بالدخول فقالت:
-" انا رح اروح ع المطبخ.. انتي روحي سلمي.."
-"ليش بله؟"
-"مستحيه والله.. بعدين مو حلو ادخل.. واضح اكو شباب من الصوت.. من نصير نسوان لوحدنا ادخل"
ضحكت روان وقالت:
-" تاثرتي كلش باللهجه، زين يله سوي الي يريحج"
ذهبت روان الى الصالة وذهبت رشا لتكمل ما تبقى من المقبلات.. بعد قليل، بينما كانت تحرك الحساء، دخلت ام حسام الى المطبخ ومعها مرأتين..التفتت رشا اليهم وتركت التحريك ثم سلمت عليهما بهدوء.. لم يكن هناك داعٍ للسؤال فهم يعرفون بوجود فتاة عندهم.. لكن نطقت احداهن:
-"شنو اسمج؟"
-"رشا"
ابتسمت لها فقالت الاخرى:
-"قال لنا اخوي ابو حسام عنج، يرحم من فقدتي"
-"تعيشي"
قالت ام حسام بسرعة قبل ان تبدآن بالأسئلة الفضوليه:
-"يالله نجهز الأكل الناس ميته جوع"

بعد انتهاء الغداء والتنظيف..حيث كانت روان تشرح لها سيرة كل واحدة تسلم عليها، اتكأت رشا على الطاولة بتعب وقالت:
-"بس بدي انام..طفيت"
وكزتها روان وقالت:
-" محد قالج اصحي من الفجر.. بعدين ماكو نوم،هسه تبدأ جلسات الغيبه والنميمه مالت عماتي.. كلش ممتعه صراحة"
ضحكت عبير وقالت:
-"هالبنت تموت بسوالف الحريم"
قالت رشا:
-"بصراحة حكيهم ممتع"
جاء صوت (هبه) ابنة عم روان تقول:
-" يالله شبيكم تأخرتم.."
تمتمت روان بغيظ:
-" هاي مو ناويه تريحنا من صوتها اليوم"
ثم قالت بصوت مرتفع:
-" اي يله.. نحضر الجاي ونيجي"
التفتت عبير لرشا وقالت:
-"غسلي وجهج ويالله امشن.. برد الجاي واحنه نسولف"
تنهدت كلتاهما ولحقتا بها الى غرفة الجلوس حيث تجتمع النساء، بمجرد جلوس رشا حتى امطرت عليها الاسئلة.. وبادئها من هبه:
-" رشا ما حجيتيلنا.. شكد عمرج؟"
فكرت رشا قليلا ثم اجابت:
-" بعد شهر اطبق العشرين سنه"
-"مو معقوول! كلش مو مبين "
تلقت سؤال آخر سريع من احدى العمات:
-"من شوكت انتي بالعراق؟"
-"يعني حوالي شهر بالكثير"
-"شهر وما جيتي هنا لبيت اخوي الا من اسبوع.. شكو؟"
ترددت رشا بالاجابه وفكرت مليا مما اثار فضول الجميع:
-"بالبدايه كانت اموري منيحه بالمخيم بعدين صارت ظروف وكنت بحاجه اطلع"
-"وشلون وصلتي لأخويه؟"
نظرت رشا نظرة خاطفه لأم حسام فأشارت لها الاخرى اشارة فهمتها رشا جيدا.. لو علمن ان المعرفة عن طريق حسام فلن يتركنه او يتركن عبير وشأنها.. قالت رشا باستدراك:
-"عمي ابو حسام صديق قديم لبابا.. ووصلتله عن طريق حسابات بابا الله يرحمه"
التفتت رشا بعفوية نحو الفتاة التي قلدت كلمة "بابا" كما قالتها وهي تظن انها همست بها همسا، لم تعلق لكنها اكتفت بان تنظر اليها باسلوب بارد مستهزء.. قالت ام حسام حتى لا تتطور الاسئلة:
-"خلاص احنه مو بتحقيق.. روان.. نادي عبود خلي يجي ياخذ الجاي "
ذهبت روان مسرعة، فقالت رشا:
-"عبير.. سامعه صوت حسن بعيط"
-"شنو؟ "
-"حسن دايبجي.. سامعه صوته"
وقفت عبير وذهبت مسرعة الى حيث حسن.. التفتت لسؤال احداهن:
-"انتي دارسه شي؟"
قالت رشا وهي تعدل جلوسها:
-"كنت بدرس اشعه بس يا دوب كم شهر وقامت الحرب"
-" ناويه تتممين دراستج هنا؟"
قكرت رشا قليلا ثم ابتسمت بقلة حيلة وقالت:
-" آخر همي الدراسه بهالوقت.. هي بس تستقر أموري ولكل حادث حديث"
قالت هبه باسلوبها المستفز كعادتها:
-"بس غريييب.. شون حتبقين ببيت عمي،يعني ادري ما بيها شي بس الناس يحجون، جالسه ببيت بي شباب، واحد متزوج وواحد عزابي.. يعني مادري.."
صمتت وهي تراقب ملامح رشا وتترصد اجابتها، اتقنت رشا في الاحداث الاخيره ان تحافظ على لغة جسدها دون ان تظهر ما تشعر به.. فرغم شعورها بالضيق والصدمه من كلام هبه الا انها لم تظهر ذلك وقبل ان تجيب سبقتها ام حسام بتوبيخ:
-" شهالحجي، عيب عليج.. حسام وعبود كل واحد يداوم من الصبح للعصر..وكلكم تعرفون تربيتهم، ورشا كلش مربيه ومحترمه، يشهد ربي ما تجلس وياهم الا من اناديها اني تجلس ويانه..الناس تحجي بس المفروض انتي متحجين"
اصفر وجه هبه باحراج من هذا الرد، لم تكن تتوقع هذا.. خيّل لها ان زوجة عمها ام حسام غير متقبلة لوجود رشا، لكن بردها هذا يبدو انه مرحب بها جدا.. قالت رشا معقبه وبصوت هادئ وثابت:
-" لولا عمي ابو حسام واصراره ما كنت ضليت هون.. بس لانه زلمه محترم ومنيح، ما سمحلي اطلع"
لا تريد ان يظن احد للحظة انها قد رمت نفسها عليهم دون حياء، يجب ان يعرف الجميع ان الظروف هي التي اجبرتها واجبرتهم على هذا.. كان عبد الرحمن يقف قريبا هو وروان يستمعان الى الحديث.. همس لروان بضجر:
-" ام لسان هبه هاي شون تحجي هالحجي وبوجهه"
-" اني اشوفها ، صبرك علي"
اشارت له ليدخل ويأخذ الشاي.. بعد أن ألقى السلام ونظر الى هبه نظرة حادة اخذه وخرج، اقتربت روان من الشاشة الكبيره المعلقة على الحائط وشغلتها لعلهم يلتهون بالمسلسلات عن رشا.. لكن عندما اضاءت انتشر صوت المذيعة في كل مكان:
-" هذا وقد جرى ظهر اليوم رمي بعض القذائف فوق الزرقاء.."
كادت روان ان تغير القناة لكن رشا هتفت بانفعال:
-"روان خليه"
ثبتت روان على القناة الاخباريه ووقفت رشا بتلقائية وهي تسمع الاخبار:
-"اذ تعرضت المناطق السكنيه لأضرار كبيرة، لكن سرعان ما تدخل مجلس الأمن لوقف القصف معربين عن الخطورة القصوى بحدوث هذا القصف.. لوجود محطة البترول التي وان تعرضت لأي قصف فستكون كافيه بنشر غازات مشتعلة غير قابله للاطفاء مما سينسف معظم المنطقه.. هذا وقد اشارت ايضا لوجود محطة توليد الكهرباء التي تعد احدى المصادر الرئيسية في البلاد لتوليد الكهرباء.. "
رفعت رشا يدها المرتجفه الى فمها بعد ان انزلق خطين متوازيين من الدموع على وجنتيها...اقتربت روان منها بعد ان غيرت القناة بسرعة، امسكت يديها وقالت:
-" رشا.. سمعتيهم،وقفوا القصف.. منو الج من اهلج هناك؟ "
نظرت اليها رشا بعينان جاحظتان وقالت برجفه:
-" مين الي؟.. ولك نص اهلي هناك"
مسحت دموعها ثم ابعدت روان عنها وخرجت من الغرفة، نظرت روان لأم حسام بضياع فقالت الاخيرة:
-"روحي.. لتتركيها لوحدها"
وعندما خرجت روان قالت العمه ام عمار:
-" قطعت قلبي.. مسكينه"
تنهدت ام حسام وقالت:
-"الله يسامحه ابو حسام، ليش يفتح الاخبار.. كلها تحجي عن الاردن"
قالت احدى الفتيات:
-"خما تسوي بروحها شي يا عمه"
فكرت ام حسام قليلا ثم قالت بنفي:
-"لا البنيه عاقله متسوي هيج شي"
عمت الغرفه تمتمات وكل اثنتين انشغلتا بالكلام مع بعضهما.. بينما ذهبت رشا الى المطبخ وجلست على احد الكراسي وهي تضع يدها على رأسها وتفكر بخوف بمصير من تعرفهم في الزرقاء، جلست روان امامها واكتفت بان تجالسها دون كلام، الى ان دخلت عبير وهي تحمل حسن، عندما رأت رشا بتلك الحالة والدموع تترقرق بعينيها وتقاوم الهطول، سألت بقلق:
-"شبيها؟"
ردت روان:
-"الاخبار تقول ان صار قصف بوحده من المناطق وبيها اهلها"
تنفست رشا بعمق واغمضت عينيها ثم فتحتهما ونقلت نظرها بين عبير وروان وهي تقول:
-"معلش.. انسوا الى صار.. الله يحميهم"
مسحت دمعة تسللت الى خدها ثم ذهبت الى حمام قريب من المطبخ.. غسلت وجهها وجففته وعندما خرجت ايضا وجدت عبير وروان تنظران اليها بترقب،ابتسمت بتثاقل وقالت:
-"مالكم، خلص ما صار اشي"
اقتربت من عبير واخذت حسن من بين يديها وهي تقول لتغير الموضوع وتلطف الجو:
-" بتعرفي، حبيت هالولد كثير..داب بقلبي"
قبلته ثم تكلمت:
-"يالله امشو.. عيب نترك الضيوف لحالهم"
نظرت عبير وروان لبعضهما ثم لحقتا بها.. وكأن لا شيء حدث.. وكأن قلبها لم يكن سيقفز من مكانه خوفا قبل قليل.. بل هو كذاك الى الآن، لكن لن تسمح لنفسها بأن تفسد يوما كهذا على هذا العدد من الناس، يجب ان تتماسك وتظل صابره لأطول وقت ممكن، هذا ليس أول خبر سيء ستسمعه، واثقة في داخلها ان هناك احداث واخبار اسوأ بكثير من هذا.. دخلت الى الصالة وهي تداعب حسن وهو يستجيب لمداعبتها بتحريك يديه والابتسام.. لم يتوقع احد عودتها هكذا.. تجاهلت نظراتهم ثم جلست بجانب ام حسام التي شاركتها بمداعبة حسن قليلا.. ثم سمعوا صوت حركة واقتراب من غرفة الضيوف حيث الرجال.. كانت الاصوات تشير الى ان احدهم سيذهب وابو حسام يصر على بقاءه.. دخل ابو حسام ويتبعه اخوه ابو احمد وهو يخبره:
-"والله اشغال تعرف.. ما اقدر ابقه اكثر"
-"براحتك"
نظر الى النساء وقال:
-"يله عمي.. ابوجن مو قابل يبقه"
وقفت هبه واختاها متجهتان الى والدهما وهما يودعان الموجودين.. ثم وقفت ام عمار عندما انهت حديثها وقالت:
-"ان شاء الله نشوفكم وقت اخر"
وقفت ام حسام وقالت:
-" هلا.. الله وياكم"
بحث ابو احمد بعينيه عن فتاة غريبه.. حتى اشار ابو حسام الى رشا التي تنظر اليهما.. قال ابو حسام:
-"هاي رشا… بنتنه وامانتنه، سلمي يبه.. هذا اخويه ابو احمد"
وقفت رشا باحترام واومأت برأسها قائلة:
-" السلام عليكم عمي"
-"وعليكم السلام.."
تمتم بكلمة " ما شاء الله" ثم نظر الى ابو حسام بابتسامه غامضه وقال:
-"ام عمار، امشي يله كافي سوالف"
ضحكت ام عمار واختها ام محمد ثم خرجو من المنزل تحت اصوات ام حسام وابو حسام المودعه.. تقدم ابو حسام وجلس بين عبير وروان وهو يقول:
-" صراحة مليت من حجي الزلم، هاتن اشوف انتن شعندجن حجي اليوم"
ضحكت احدى بنات ام محمد وقالت:
-"والله يا خالي جنه نحجي عن جم ممثل هيجي.."
قاطعها بنظرات حاده:
-"لج سوسن، ينرادلج تكسير راس، لسانج طولان"
ضحكت ولم تعقب..عندما حدجتها امها..وقف وذهب الى غرفة الضيوف، قالت عبير لرشا التي تهز حسن بيديها:
-" شنو نام؟ "
هزت رشا رأسها دون كلام خشية استيقاظه فقالت ام حسام:
-" عبير وروان هاتو باقي الضيافة.. شنو ناسيات، قاعدات تنتظرن اوامر"
ترددت عبير. قليلا،بل كثيرا وهي تقول لرشا:
-"اخذيه لسريره بغرفتي"
ارادت ان تتراجع عن جملتها لكنها لم تستطع وخرجت خلف روان، ذهبت رشا الى حيث الدرج.. لم تكن تروق لها فكرة اخذ حسن لغرفتهما، تجد ان هذا الامر محرج خصوصا بعد ملاحظة تردد عبير.. تنهدت وهمست:
-" الله يستر.. كله عشانك يا صغير"
فتحت باب الغرفة بحذر بعد ان طرقته احتياطا، بحثت عن قابس الكهرباء ثم اضاءت الغرفة ووضعت حسن في سريره بحذر، غطته عندما شعرت ببرودة الغرفة بسبب المكيف، وبمجرد ان التفتت حتى جفلت ووضعت يدها على فمها كي لا تصرخ.. قالت عبير بتدارك:
-" شبيج؟ "
تنهدت رشا وقالت:
-"خوفتيني.. لا احم ولا دستور"
هزت عبير رأسها بفهم.. فخرجت رشا من الغرفة، تنهدت عبير بندم، ما كان عليها اللحاق بها.. ماذا ستفعل مثلا؟
توجهت رشا الى غرفتها.. جلست على سريرها وظلت تفكر في مصير اهلها لعدة دقائق.. تذكرت امر المنشورات التي نشرتها فاسرعت الى لابتوب روان..فتحته ودخلت الى صفحاتها لعلها تجد ردًّا، شعرت بوخز في قلبها وهي ترى ان هناك بعض الرسائل قد وصلتها. فتحتها بلهفه، كانت من عمها الذي يخبرها:
-"رشا، شو صار معك؟ شو اخبارك؟ وينك بالعراق..مين معك؟"
ارتجفت يداها وهي ترد:
-"عمي انا لحالي بالعراق..ما معي حدا، كنت بالمخيم بس طلعت"
ظلت تنتظر ان يشاهد رسالتها بتوتر، وبالفعل كان هو الآخر ينتظر اي رسالة منها.. رد بعد دقائق بسبب ضعف الانترنت:
"كيف لحالك؟.. انا تركتك مع خالك.. وكيف طلعتي من المخيم؟ "
تنهدت وكتبت بنفس الرجفه:
-"خالي خطفوه.."
-"اخوكي أمير وين؟ "
بلعت ريقها وكتبت:
-" مات.. بالمخيم"
بعد تلك الجمله كانت دقيقة انتظار رد عمها صعبة جدا.. وكانها نار تحرق ما حولها.. الى ان رد، وتتضح العصبيه في كلامه:
-" لييش ماات؟.. ولك انتي كيف طلعتي من المخيم جاوبي"
-"عمي انا بعرف..قصدي بابا كان بعرف زلمه عراقي..وانا تواصلت معه عشان يطلعني من المخيم وانا هسه ببيته"
رأى الرسالة ولم يجب.. بقيت تنتظر رده بأمل، دخلت روان وهي تقول:
-"رشا شتسوين هنانه"
نظرت رشا اليها نظرة خاطفه وعادت تنظر الى الشاشة بتوتر.. عندها شعرت روان بحدوث شيء غريب فجلست بجانبها وفهمت انه عمها..قالت بحماس:
-" هذا عمج!.. راح يجي؟"
لموتجب رشا وهي تتأمل الشاشه.. واخيرا وصلت رسالة عمها:
-"رح احاول احكي معك بعدين، ديري بالك ع حالك.. ولا تثقي بالناس الي عندك.. ورجوعك للمخيم بكون احسن.. يمكن اقدر اجي.. والاغلب لا..الوضع صعب يا رشا، خلي املك بربك كبير"
كتبت بسرعة:
-"عمي مشان الله خليك.. لسا ما كملت كلامي"
لم تصله الرسالة.. ظلت تنتظر ان تظهر دائرة مضلله تطمئنها بوصول الرسالة لكن يبدو ان الانترنت انقطع تماما من عنده.. اغلقت شاشة اللابتوب ونظرت الى روان وقالت:
-" اعملي حالك ما شفتي اشي.. امشي ننزل"
وقفت وسبقتها الى حيث الضيوف بينما كانت روان تجلس وتفكر بما رأته، هل ستستجيب رشا لما قاله عمها؟
نزلت بسرعة خلفها.. جلست رشا بجانب ام حسام ولم تنبس بحرف..وكانت تحاول السيطرة على رجفة يديها.. قالت ام حسام:
-"رشا اخذي صحن الكيك والعصير مالتج"
نظرت رشا الى الصحن والعصير بتبلد.. حتى هزت رأسها لتعود الى وعيها وذهبت لتأخذهما.. نظرت ام حسام الى روان وكأنها تسالها عما حدث.. فأومأت الاخرى بقلة حيلتها..

خرج اخر الضيوف تقريبا.. اذ قرر اولاد العمومه ان يمضون الليل سوية باللعب ومشاهدة المباراة المنتظرة، تركهم ابو حسام في غرفة الضيوف وذهب الى حيث تجلس الأربعة، عندما وطئت قدمه غرفة الجلوس صمتت رشا عن الكلام وتحولت الانظار اليه، عقد حاجبيه باستغراب وقال:
-"شبيكم؟"
لم يجبه احد، فتقدم وجلس بقربهم واعاد سؤاله فقالت رشا:
-"عمي حكا معي"
سكت قليلا ثم عدل جلوسه وقال:
-"زين.. شبيكم مضايقين.. شي حلو!"
تنهدت رشا وقالت:
-"ما قدرت احكي معه منيح..الانترنت عندهم ضعيف، بس حكالي انه الاحسن اني ارجع للمخيم"
عند اخر كلمه دخل حسام الذي كان ذاهبا ليحضر البلايستيشن فتوقف وقال:
-"انتي بعدج تحجين بنفس الموضوع؟"
-"اسكت حسام مو فاهم شي انته"
عقد حاجبيه باستغراب بسبب رد والده فقال الاخير:
-" يعني هو مو باالعراق عمج؟ "
استغرب حسام من الجمله وجلس ليستمع..هزت رشا رأسها بالرفض وقالت روان:
-"حجالها انه صعب يجي للعراق.. وبنفس الوقت يقولها ترجع للمخيم.. يقول لازم ما تثق بينه"
لم تشأ رشا فتح الموضوع بتلك الطريقه فزمت شفتيها بانزعاج من روان ثم استدركت:
-" هو.. قلقان، وكان معصب اصلا لانه حكيلته انه امير.. اخوي الصغير مات بالمخيم.. يعني كانت ردة فعل عكسيه.. "
انهت كلامها وهي تترقب الرد.. قال حسام بسرعة:
-" امير كان وياج بالمخيم؟"
ردت وهي تنظر ليديها المتشابكتين:
-"آه كان.. بس.. ما تحمل المرض، او الشمس الساخنه.. و.. صار الي صار"
عقدت حاجبيها وبلعت ريقها ثم اردفت بسرعة:
-" يمكن لازم اسمع كلام عمي"
اغمضت عينيها وهي ما زالت تطأطئ رأسها.. شعر حسام انها لا تريد تطبيق هذه الفكره ابدا.. قال بلطف غير آبه بوجود عبير او اي شخص اخر:
-" رشا..هالفكره مو بالضروره تكون صح.. باعي"
رفعت رأسها ونظرت اليه.. اكمل:
-"راح نحجي ويه عمج.. ونخليه يعرفنه كلش زين.. وانتي اشرحيله شالي صارلج بالمخيم وخلاج تطلعين.. رشا اني اعرفج،ما جنتي راح تطلبيني اطلعج الا اذا اكو شي كلش زاعجج بالمخيم..ومادري ليش احس ان هالشي.. يتعلق بموت امير. سبب موته مثلا"
قال جملته الاخيره بغصه، لطالما أحب ذلك الصغير.. ويتمزق عليه لكن ماذا يمكنه ان يفعل.. هزت رأسها بالنفي واحاطت رأسها بيديها وهي تقول:
-" كنت لحالي، ما كان في حدا معي..ما كنت انام الليل.. كنت عارفه انه بدهم ياني.. بلسانه حكالي انا بدي اتزوجك.. بس لما رفضت صار يطلع حجج..ونظراته الي كانت مش مريحه.. ولما مرض امير، لما كان تعبان كتير وكنت لازم اخده بسرعة ع المركز الصحي، هو منعني.. ضل يناقش فيني ويقنعني.. وهددني.. وانا بشوف امير قدامي بختنق ما كنت عارفه شو اعمل.. اخر اشي قدرت اراوغه و.. بس تأخرت.. تأخرت كتير..الادوات هناك ما كانت كافيه تعالجه"
كان كلامها يختلط مع دموعها وشهقاتها التي حاولت جاهده منعها.. وقف حسام واقترب منها. اشار لعبير ان تبتعد ليجلس بجانبها.. بلع ريقه واغمض عينيه ليجبر نفسه على التماسك وقال :
-" رشا.. مين هالشخص؟..وشنو سوا بالضبط"
اجهشت بالبكاء وهي تقول:
-" ما بعرف مين هو..يا دوب عرفت اسمه من النسوان وبعرفش اذا صح او غلط، كلب.. خسرني اخوي"
بلع حسام ريقه بألم، قال بصوت منخفض وكأنه يخشى سماع الاجابه:
-"رشا.. قرب عليج؟.. سوا شي غلط اكثر من هيج؟"
رفعت رأسها ونظرت اليه بصدمه.. هزت رأسها بالنفي وهي تقول:
-"لا مستحيل.. ما بقدر، لا! "
ظلت تحملق في وجهه ودموعها لا تكف عن الانهمار.. رقّ الجميع لحالها لكن حسام كان يتقطع من الداخل.. بعد صمت دقيقه قال بابتسامه:
-"اي طبعا ما يقدر..انتي قويه مينخاف عليج"
اغمضت عينيها وتنهدت ثم ارادت المشي لتجلب منديل من الطاوله لكن عبير سبقتها واحضرت علبة المناديل كاملة اليها.. حاولت ايقاف دموعها لكنها أبت ان تتوقف.. قالت بصوت بالكاد يمكن سماعه من شدة البكاء:
-"انا ما بدي انكد عليكم.. بس.. "
لم تستطع اكمال جملتها وقد خانتها الكلمات..وضعت يدها على قلبها وهي تشعر بألم شديد فيه وصعوبه في التنفس.. وقفت وقالت على عجل:
-"آسفه..اعذروني اروح ع الحمام"
واختفت من امامهم في ثواني.. مسح حسام وجهه وكتم انفاسه.. ثم زفرها دفعة واحدة.. مسحت ام حسام دموعها وقالت:
-"شكد كان عمر اخوها؟"
نظر حسام الى امه واجاب بانكسار:
-" سبع سنين.. ثمانيه..هيج شي"
قالت روان بحزن:
-"يمه هذا حالها كل ليلة.. تنتطرني انام..وتظل تبجي للفجر.. متنام، احيانا اصحه من صوت بكاها..ما اعرف شسويلها، ما يصير يظل حالها هيجي"
قال ابو حسام:
-"ما نقدر نسوي شي.. جرحها جديد، ما لنا الا الدعاء"
قال حسام:
-"اني اسأل نفسي.. البنيه ما حجت.. ما تكلمت.. شنو صار وياها وخلاها تضطر تخرج من ذاك المكان.. ساكته وصافنه بس..اريد اعرف بس منو هالجلب الي جان يضايقها"
-"ما نقدر نسوي شي.. وما يصير نكلمها بالموضوع.. بيها الي يكفيها"
ذهبت ام حسام خلفها لترى ما وضعها.. وجدتها في غرفتها المشتركه، تجلس على سريرها وقد نزعت غطاء رأسها الذي ضغط عليها وعلى اعصابها.. كانت تكفكف دموعها وتتنهد مرات ومرات متتاليه.. جلست ام حسام بجاورها وقالت:
-" ادري ان الام متتعوض.. بس اعتبريني مثل امج، كلنا اهلج.. نريدلج الخير.. لتخجلين من دموعج يمه"
قالت رشا ببحه وكلمات متقطعه بسبب التنهيدات اللااراديه:
-"مش خجلانه من الدموع، انتو مش مجبورين تعيشو كل هاد النكد والغم.. ما حدا بحمل عن حدا"
-"بلى.. نقدر نحمل عنج ان ردتي"
لم تجب رشا فاردفت ام حسام:
-" هسه انتي مو تعرفين حسام من سنين.. وتثقين بي؟ "
هزت رأسها بالموافقه فأكملت:
-"زين احنه اهله.. مثلنا مثله.. وخوفنا عليج مثل خوفه عليج"
وضعت رشا يدها على عيناها وقالت بتعب:
-" بعرف.. ما بتقصرو"
-"يالله نامي.. وباجر ربنا يفرجها"

اعتذر حسام عن السهر مع اولاد عمومته وتركهم مع عبود.. فشعروا بأمر غريب لذا قرروا الرحيل.. وحكت روان لعبد الرحمن كل ما حدث.. اما في غرفة حسام.. كان يجهز نفسه للنوم وعبير تجلس على السرير وتنتظر ان ينتهي.. عندما تمدد مكانه قالت عبير:
-" حسام.. "
تأفف بضجر وهو يتوقع انفجار غيرتها في وجهه لكن ليس لديه مزاج لهذا.. لكنها فاجأته عندما اكملت:
-"خطيه رشا.. داحس لازم نسوي شي يفرحها وينسيها ألمها ع الاقل بينما هي ويانه.. انت تعرفها كلش زين، شنو الاشياء الي تسعدها"
بقي يتأملها بعدم تصديق وهي تتجاهل هذا لمعرفتها بما يفكر.. تنهد وقال بحزن:
-"وربي داحس.. اريد ابجي من الي سمعته، لج كلش جان لطيف وحباب اخوها.. وهيج اخر العنقود والكل يحبه"
تنهد واكمل:
-" مو قادر اتكلم هسه.. باجر نشوف شنو ممكن نسوي"
هزت رأسها بفهم واطفأت الأنوار..

بعد ان أنهى أبو حسام مكالمته الهاتفيه قالت ام حسام:
-"واضح انها ما قدرت تتماسك اليوم لان تراكمت عليهه الصدمات، شافت الاخبار، جان اكو قصف بالزرقا.. وتقول اهلها هناك"
تنهد بقلة حيلة وقال:
-" ما اعرف شسوي، اني ما فهمت منها شي وهي تتكلم.. لهيج هسه اتصلت بواحد من اصدقائي، راح يجيبلي كل اخبارها من لحظة دخولها للمخيم.. حته راحلهه حسام"
اومأت أم حسام بفهم وجلست تسبّح.. داعية الله ان يخفف على رشا محنتها.





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-10-19, 08:09 PM   #5

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


//

"الأرواح لا تنطفئ، اذا اشتعلت.. لن تخمد نارها"





كانت تمشي في غرفة الجلوس ذهابا وإيابا بانتظار اتصال عمها.. منذ يومين وهي تنتظر ان يعاود محادثتها.. اخبرها انه سيذهب لمكان يقدم تغطية نت جيده مهما كان الثمن.. وسيتصل بها.. كان حسام وابو حسام ينتظرون معها، واخيرا رن هاتف حسام في يدها، اجابت بلهفه:
-"ألو.. عمي"
-"كيف حالك يا عمي؟"
-"منيحه انا.. انت كيفك.. كيف العيله.. اعمامي وين.. عماتي؟"
تنهد بتعب وقال:
-"رشا.. اصبري علي"
سكت قليلا وهو يراقب حوله ثم قال:
-"انا وعيلتي لحد الآن مناح.. عمك مصطفى قدر يدبر حاله وسافر على ألمانيا، تواصلت معه عشانك، بس بقلي انه ما بقدر يجيكي.. تقريبا كل مصاريه صرفهم تذاكر سفر اله ولعيلته.. بتعرفي عشان الوضع، السفر صار غالي وبمية قول "الله" واسم الله حتى يزبط"
قالت بضيق:
-"طيب والباقيين؟"
-" مش قادر اتواصل مع الكل.. هسه مش مهم، انتي شو احوالك؟ وما فهمت مين الناس الي انتي عندهم؟"
رفعت نظرها الى حسام وابو حسام ثم قالت:
-" رح احول ع السماعه الخارجيه.. عمو ابو حسام هيو قدامي"
فعلت السماعه الخارجيه واكملت:
-" هسه همه بسمعوا صوتك.."
اقتربت من ابو حسام الذي قال:
-" السلام عليكم"
رد عمها بتوجس:
-" وعليكم السلام.. "
صمت قليلا واردف:
-" حكتلي رشا انك كنت تعرف اخوي الله يرحمه، بس انا ما سبق عرفت انه عنده معارف عراقيين"
قال ابو حسام بهدوء:
-" انا عرفته من سنين، واي ما جنه نتواصل هواي.. لكن اني شفته وكلمته"
-" طيب كيف وصلتم رشا؟"
قالت رشا:
-" عمو انا الي وصلتلهم.. مش همه وصلوني.. عمي انا كان الي معرفه مع ابنه الكبير.. ولما اضطريت اطلع من المخيم ما لقيت طريقه الا اني اتصل فيه ويجي يكفلني"
صمت عمها لبضع ثواني واخذ نفسا عميقا ثم قال محاولا السيطره على اعصابه:
-" وشو الظرف الي بخليكي تلجأي لشب بحياتك ما قابلتيه.. شو يا رشا؟ "
نظرت اليهم رشا بخجل ثم اجابت:
-" كان في شب بالمخيم مستقوي علي لأني وحدانيه.. والا بده يتزوجني.. بالطول بالعرض بده ياني بحجة بده يستر علي.. بس ما كان مريح بالمره، حتى سمعت انه كان يشرب.. ولما تجاوز بمضايقاته وصار يحاول يختلي فيي.. قررت اطلع قبل ما يوقع الفاس بالراس"
اغمض عمها عينيه بعجز.. يحرقه تعرض ابنة اخيه لكل هذا وهو عاجز عن فعل شيء.. قال بضعف:
-" وشو الي خلاكي تتكأدي انه الشب الي لجأتيله ما يكون زي الشب الي هربتي منه؟ "
نظرت الى حسام مطولا ثم اجابت بهدوء:
-" لأني بثق فيه.. بأمنه على حياتي يا عمي وبأكدلك اني ما بخسر.. انا عندهم من اكثر من اسبوع، ويشهد ربي ما شفت منهم الا كل خير.. الام بمقام امي، وكلهم زي خواني وخواتي.. شو كان بدك اعمل، اقعد استنى ينتهي مستقبلي بالمخيم؟ تحت الخوف؟"
سكت عمها ولم يعرف ما يقول.. اخذ حسام الهاتف منها وقال:
-" السلام عليكم.. اني حسام.. الشب الي تتكلمون عليه.. "
رد عليه العم السلام فأكمل:
-" ما اعرف اذا هالكلام ممكن يطمنك، بس اني متزوج.. وعندي ابن، راح نحافظ على رشا بعيونا.. اذا الله قدرك وجيت العراق، تاخذها يمك واحنه متطمنين وانت مرتاح، لكن ما نقدر نتركها تطلع من بيتنه وحيده..اذا الاردن بيها حرب.. انت تعرف ان العراق من عشرين سنه بيها حرب ومو أمان"
سكت لعله يجد أي تعليق.. لكن عمها صامت صمت الصخر.. قال ابو حسام:
-" يا اخوي.. بنتكم رفضت تبقه ويانه ما تريد تثقل علينه.. وتقول عدهه فلوس تستأجر بيهم بيت بسيط وتشوف وظيفه تعيش بيهه بس اني رفضت.. كلنه رفضنه، انت تعرف خطورة هالشي على بنت مثلهه.. لو انت هسه وافقت على كلامها، بنفسي اروح ادورلهه على بيت قريب يمنه، وأوظفهه .. "
تنهد عمها وقد التمس الصدق في كلام هذا الرجل.. في جميع الأحوال هي في خطر.. لكن يمكنه المخاطره بابقائها عند رجل هي تثق به، افضل من ان تكون في مجتمع غريب مليء بكلاب لا يعرفون الشرف، قال:
-" عندك حق.. بنتنا امانه معك.. لحتى تفرج علينا ونقدر نوصللها"
صمت ثم اتبع كلامه بنبرة منكسره لمسها ابو حسام ودخلت في صميم قلبه:
-"البنات عرض وشرف وامانه.. وبنتنا مكسوره، والظروف خلتنا عاجزين نسندها.. وانا أودعتها عندك بعد رب العالمين"
استنشق ابو حسام الهواء بعمق وقال:
-" لا تقلق عليها.. وباذن الله ما يخيب ظنك"
-" ممكن احكي معها هسه شوي.. لانه لازم ارجع لولادي بسرعة"
-"اي طبعا"
اخذت رشا الهاتف فخرج حسام وابو حسام ليتركوها على راحتها.. وضعت الهاتف على اذنها وقالت:
-" اه يا عمو"
قال باسلوب توصية وكأنها آخر مره يحدثها بها:
-" ما بعرف شو رح يصير معي يا رشا.. كل يوم بتشهد اول ما اصحى وقبل ما انام، ابن عمك وكثير من العيله انخطفو زي خالك.. ولحد هسه ما حدا بعرف مين ورا هالخطف.."
تنهد بينما مسحت هي دموعها.. ثم اكمل:
-"احنا شبه محاصرين هون.. ما بخفي عنك، شبه مستحيل اطلع.. الا اذا الله راد.. رح احاول قدر الامكان اتواصل مع اهل امك كمان، لعل وعسى حدا يقدر يجيكي، المشكله انهم بعاد، واحد قلتيلي انخطف، والباقي ما بعرف شو وضعهم.. وطبعا في مناطق كثير مقطوع عنها النت.. ومناطق فيهاش كهربا اصلا.. واذا صار اشي بالزرقا اكثر من الي صار، بتصير ربع البلد اذا مش نصها. خارج التغطيه.."
صمت، يعرف انه قد أهال عليها كمية كبيرة من خيبات الأمل والأوجاع، لكن لن يكذب عليها ويضعها في انتظار مطول.. قال بعد ثواني:
-" رشا انتي ع الخط؟ "
تنحنحت وردت ببحه:
-" آه معك.."
اخذ نفسا عميق وقال:
-" اصبري.. ما بعد الضيق الا الفرج"
-" لا اله الا الله"
كان صوتها مختنق بالبكاء.. فكر قليلا، تامل المستقبل وهو ينظر حوله الى الركام الذي سببه القصف.. قال:
-"الزلمه موجود حوليكي؟"
بلعت ريقها وقالت:
-"عمو ابو حسام؟.. لا ليش؟ "
-" ناديه.. تذكرت اشي لازم يصير"
استجمعت نفسها ومسحت دموعها ثم ذهبت تبحث عن ابو حسام.. نادت بصوتها المتعب:
-"عمو ابو حسام؟"
أطل من المطبخ مستفسرا عن سبب ندائها.. قالت وهي تمد اليه الهاتف:
-" عمي حمزه بده يحكي معك"
عقد حاجبيه باستغراب واخذ الهاتف منها.. كانت تتأمله محاولة ان تعرف ماذا يقول عمها.. لكن فاجأها ابو حسام عندما اشار لها ان تبتعد من امامه وذهب بسرعة الى غرقة الضيوف ثم تكلم:
-"صارت بعيده عني هسه.. قول يا اخوي"
قال عمها:
-"اخبارها انقطعت عني لأكثر من شهر.. وانا بفكرها مع خالها.. وانصدمت لما عرفت انه خالها انخطف.. وانا ما بعرف شو ممكن يصيرلي.. اذا اليوم موجود بكرا ما بعرف شو بصير، عندي طلب"
قال ابو حسام بتوجس:
-" ما تنرد خايب.. اطلب"
-" لهالسبب.. حاس انك قد الأمانه..اذا انقطع تواصلي معها لأكثر من اسبوعين، خليها تبدأ بمعاملة توكيل الك، يكون هالاشي احسن الها، اصارحك.. هي قويه والي براسها بتسويه.. لازم يكون في حدا مسؤول معها عنها.. ع الاقل تحسب حساب "
قال ابو حسام مدافعا:
-" طلبك أمر.. بس صدقا، رشا كلش محترمه ومؤدبه.. ما يحتاج هالقلق"
-" بعرف انها محترمه ومؤدبه.. بس فكرة البيت والشغل، اذا حست بفرصة او حجه مناسبه رح تنفذ الي براسها.. انا مش معارض فكرة الشغل لانكم مش مجبورين تصرفو عليها.. لكن المسكن.. ما اخفيك اني خفت وانت خوفتني"
قال ابو حسام بهدوء:
-" ببيتي وعائلتي.. ممنوع الشغل للبنيه، الله منعم علينا والخير كثير.. تجلس مرتاحه مثلها مثل بنتي، وكلشي يوصلها.. واكرر، لا تقلق عليها.. اني محاسب على كل شي.. واخاف ربي"
هز عمها رأسه وقال براحه:
-" الله يعوضك كل خير.. ويقدرني على رد الجميل"
-"هذا واجب"
سمع ابو حسام صوتا غريب.. فقال عمها بسرعة:
-" لازم ارجع لعيلتي هسه.. سلام"
لم يعطي ابو حسام فرصة للرد وقطع الاتصال.. بقي ابو حسام جالسا لعدة دقائق وهو يفكر بعمق.. وقف اخيرا وتوجه الى غرفة الجلوس حيث اجتمعت العائلة بانتظاره.. تأمل رشا وهو يفكر.. الآن اصبح الأمر رسمي.. قد لا تخرج من بيته ابدا، كم هي ثقيلة الأمانه.. كيف وان كانت متشكلة على هيئة انسان..فتاة وحيده ضعيفه؟.. استغربت رشا من نظراته وانتابتها الف فكرة وشك مما قاله عمها..ارادت ان تتكلم لكنه توجه ذاهبا الى الطابق الثاني حيث غرفته.. وتبعته ام حسام..نقلت رشا نظرها الى حسام لعله يجد تفسيرا.. لكنه اكتفى بتأملها دون اي كلمة..جميلة جدا كانت عيناها.. لكن الحرب قتلت كل لمعة فرح جميلة فيهما.. تنهد وذهب الى غرفته هو الآخر فلحقته عبير.. نظرت رشا الى روان وعبد الرحمن علها تجد تفسيرا عندهما..لكن عبد حاول تلطيف الجو قائلا:
-"كافي لتباوعيني هيج، ما اتحمل.. عيونج تقتل"
رفعت احد حاجبيها وابتسمت مرغمه.. كيف له مزاج ان يمزح وسط هذه الاجواء.. تنهدت وقررت ان تختلط في جو مرحه افضل من ان تفكر كثيرا، لديها يقين بانها لو ظلت تفكر ستنفجر.. قالت روان:
-"لا يا عبود.. شوف البنت صفنت من الغزل.. لتتكلم هيج بوجهها"
وكزتها رشا وقالت:
-"قليلين ادب انتي وياه.. وعلى فكره انا اكبر منه"
رفع عبود حاجبيه وقال:
-"بله.. وشون استنتجتي هالشي؟.. اني اكبر، عمرج عشرين وانا اكبر بسنه"
ابتسمت باستهزاء وهي تشير لرأسها وتقول:
-" بالضبط.. هالشي ما يغير حقيقة اني اكبر"
عقد حاجبيه بمحاولة فهم فضحكت روان وقالت:
-" مخبل انت.. تقصد عقلك صغير"
ضيق عينيه وقال:
-"اي يعني انتي الي عقلج جبير؟ "
لم تجبه وعادت لصمتها.. تنهد عبود بيأس من وضعها وخرج من الغرفة ساحبا روان معه.. ارخت ظهرها للخلف وضغطت على صدغيها باصابعها بسبب الصداع، اغمضت عينيها وكلمات عمها ترن في اذنها، ماذا ستفعل الآن، افقدها الأمل من أن تلتقي بأي أحد من عائلتها مرة اخرى..أيقنت الآن أن وجودها في هذا المنزل سيطول كثيرا، عليها التوقف عن التصرف كضيفه.. ونوبات البكاء يجب ان تتوقف، الحزن لن ينفعها ابدا في وضعها هذا، عليها اعتياد مبدأ "ما فات قد مات".. فتحت عينيها وهي تشعر بخطوات احدهم.. رأت عبير تتقدم منها وهي تحمل حسن، جلست بجانبها وقالت بلطف غير معتاد:
-"شرايج تريحيني منه اليوم.. كلش تعبني"
ابتسمت رشا رغم ملامحها المتعبه وقالت:
-"من عيوني، انا الي بريحك منه"
حملته وقربت وجهه من وجهها وفركت انفها بانفه وهي تقول:
-"دخيلو هالقمر دخيلو"
ابعدت وجهها عندما عطس فضحكت عبير واعطتها منديل، مسحت رشا وجهها وقالت:
-"على ما يبدو لازم اتعود على هالمفاجآت"
-"اي.. هذا اقل شي ممكن يسويه"
ابتسمت لها رشا ومسحت على رأسه بحنان..كانت عبير تنظر اليها بتعجب من قدرتها على تبديل مزاجها بسرعة.. لو تتقن هذا الفن لعاشت ملكه مدللة لأبعد حد في قصر حسام المتواضع، لا تعرف ان قلب رشا قد تفتت كفاية ليصبح غير مميز بين الفرح والحزن، ملامحها اتقنت التمثيل في المواقف، لكن لا شيء يصدر من قلبها!

**********

تمر الأيام سريعة متشابهة، استطاع الوقت ان يبني علاقات وطيده بين رشا والعائلة في مدة قصيرة، تعايشت مع أيامهم وأساليبهم وتعلمتها ببطئ كأنها تشكل نفسها مجددا في بيئة جديده.. وفي صباح مكتظ بالاصوات، ارتفع صوت روان وهي تقول:
-"رشا اريد ساندويتش لبنه على قولتك"
قالت كلمة كلمة "ساندويتش" بتمثيل متقن لأسلوب رشا..كانت تتكلم معها من غرفة الجلوس وهي تشاهد الحلقه التي فاتتها من مسلسها ورشا في المطبخ تحضر ما يمكنها تحضيره لهم في دوامهم، ردت رشا:
-"صدقتي حالك يختي، قومي اعمليها لحالك"
قال حسام بحزم بينما هو ينزل الدرج بسرعة وعجله:
-"انطمي انتي وياها.. صواتجن عاليه على هالصبح"
دخل المطبخ وخلفه عبير، اقترب من الطاوله حيث تقف رشا وتحضر الاشياء، قال:
-"صباح الخير"
ردت:
-"صباح النور"
سحب قطعة جزر من الصحن واكلها على عجل ثم التفت الى عبير وقال:
-"كلش تأخرت.. نادي عبدالرحمن"
خرجت عبير بينما كانت روان تدخل وتتفقد شطيرتها.. ناولتها رشا اياها مع علبة اخرى مليئة بالفواكه، قال حسام بعتب:
-"العز للرز.. وانا عادي متأخر وميت جوع"
ابتسمت وقالت:
-"مالي دخل.. خلي مرتك تعمللك"
هز رأسه بقلة حيلة فدخلت عبير وقالت:
-" يقول رح يطلع مع عمي.. انت وروان روحو"
هز رأسه وخرج مسرعا وهو يستعجل روان، عندما خرج اعطت رشا علبة مليئة بالفواكة مع زجاجة عصير الى عبير وقالت:
-" بسرعه اعطيه ياهن قبل ما يطلع"
فذهبت عبير خلفه وهي تبتسم على اسلوب رشا في منع اشتعال غيرتها.. وبمجرد ان رأى حسام ما بيدها ابتسم. وقال لها:
-" وتقولين عنها مو زينه؟"
جحظت عبير وقالت:
-"اني؟؟.. شوكت قلت هالشي؟"
ضحك وخرج مسرعا.. عادت الى المطبخ وقالت:
-"اساعدك بشي؟ "
ردت رشا:
-" اعملي قهوه.. عمو وخالتو بحبو يشربو قهوه الصبح"
دخل عبود الى المطبخ وجلس مقابل رشا وسأل:
-"شنو محضرتلي مفاجآت اليوم؟"
فتحت غطاء احدى الحافظات فرأى بداخلها قطعة كبيرة من الحلوى التي احضرها حسام في الليلة الماضيه.. قال بتفاجؤ مصطنع:
-" شون قدرتي تحميها من ايد روان.. وربي انج جباره"
-" هي نسفت كلشي بس انا خبيتلك هاي"
اراد ان يأخذها لكنها سحبتها بسرعة وقالت:
-" بيننا اتفاق.. سلّم تستلم"
تأفف بضجر وقال:
-"نسيت.. ما طبعتهم البارحه.. بس اوعدج اليوم ما ارجع للبيت الا وهمه وياي"
رفعت حاجبها بشك فأردف:
-" والله"
ابتسمت واعادت له الحافظة.. دخل الأبوان فقالت أم حسام:
-" اني من زمان حرمتهم هالدلال، عاقين ميستاهلون.. بس اجت مين ترحمهم"
التفت عبود وقال باستنكار:
-"احنه عاقين؟! "
لم تجبه ام حسام وجلست في مكانها الى يمين ابو حسام الذي ألقى السلام، سكبت عبير القهوه لها ولهم ثم جلست معهم.. قال ابو حسام:
-"يله بسرعة عبود، ما بقه وكت"
شرب عبود القهوة في رشفتين ثم وقف وقال:
-" جاهز"
طلب ابو حسام من عبير ان تضع له القهوة في كوب ورق ثم قال:
-"تحتاجون شي؟"
هزت ام حسام رأسها بالرفض فخرج وذهبت عبير لتقفل الباب خلفهم ثم صعدت لتحضر حسن.. التفتت ام حسام الى رشا وقالت:
-" جارتي تريد تزورني اليوم"
اومأت رشا بفهم فأردفت ام حسام:
-"جانت مسافره ورجعت من يومين"
ابتسمت رشا وقالت:
-"اهلا وسهلا فيها"
قبل ان تكمل جملتها رن هاتف ام حسام فقالت:
-"داتتصل"
ردت عليه وبعد ثواني انهت الاتصال وقالت:
-" تقول شافت ابو حسام طلع، تريد تجلس وياي من اول النهار"
-" معناها خليني اروح اغير اواعيي.. واحكي لعبير تجهز حالها"

**********

استقبلت ام حسام جارتها "مريم" قائلة:
-"نور البيت بيج، اهلا وسهلا"
-"منور بيج يا ام حسام.."
اشارت لها ام حسام ان تجلس وهي تتكلم:
-" شخباركم.. شمسوين"
وضعت مريم حقيبتها على الأرض واجابت:
-" تعرفين يا ام حسام الوضع ما استقر لهسه، نرتب الاغراض وهيجي"
-" اي صحيح الحمدلله ع السلامه"
-"تسلمين..انتي احجيلي.. شخباركم"
-"زينين الحمدلله.. عبير ولدت من جم شهر، ولد يجنن.. فلقة قمر ربي يحفظه"
ابتسمت مريم بفرح وقالت:
-"صدددق.. كلللش حمستيني اشوفه.. فديتهم، حسام من صار عمره عشرين سنه وهو يشتهي ولد.. هسه خله يشبع ولاد، شيخلصه من همهم"
ضحكت ام حسام ودخلت عبير وهي تحمل حسن وتقول:
-" يا هلا.. نور البييت بخالتي ام الفرزدق"
وقفت مريم وهي تقول:
-" اني شكد لازم اقول، ناديني مريم وبس.. فديت هالجمال.. تعالي ابوسج"
احتضنت عبير وقبلتها ثم حملت حسن وهي تقول:
-" يمه فدييت.. يجنن..فد انتاج يا عبير"
ضحكت عبير وجلست بجانبها وبعدها دخلت رشا حاملة القهوه بيديها وهي تلقي السلام.. نظرت اليها مريم باستغراب وهي ترد السلام ثم قالت:
-" ومنو هالحلوه؟ ذاكرتي زينه.. روان مو هيج"
ابتسمت لها رشا وقالت:
-"لأ انا مش روان"
استغربت مريم من اللهجه وتناولت فنجان القهوة عندما انحنت رشا لتقدمه اليها ثم قالت:
-"ام حساام! خما زوجتي عبود واني اخر من يعلم؟ ازعل منج والله"
ردت ام حسام بابتسامه:
-"لا شون.. ميصير، من يتزوج عبود بتكونين أول من يعلم، بس لا.. هاي.. تقدرين تقولين بنتنه"
خرجت رشا لتحضر سلة الشوكولاطه فقالت مريم بهمس خشية ان تسمع رشا:
-"لتقولين ان ابو حسام جان متزوج وهاي بنته!"
ضحكت ام حسام بقوة وضحكت عبير، دخلت رشا وهي تبتسم لضحكهم وتسأل:
-" مالكم.. الله يديم الضحكه"
قدمت الشوكولاطه لمريم فمسحت ام حسام دموع الضحك وهي تقول:
-"الله يسامحج يا مريم، خيالج شكد واسع.. ابو حسام ميسويها"
حاولت عبير ايقاف ضحكاتها وهي تقول:
-" ما لقيتي الا عمي ابو حسام.. حرامات"
قالت مريم بابتسامة بلهاء:
-"لعد شنو.. لا البنبه بنتكم ولا لهجتها من لهجتكم"
جلست رشا وهي تقول بابتسامة:
-"اها.. لهيك بتضحكو.. انا رشا يا خالتي، اردنيه لجأت للعراق، وعمي ابو حسام كان صديق لبابا..وكفلني وجابني لهون حتى يقدرو اهلي يجو ع العراق"
هزت مريم رأسها باستغراب ثم نظرت الى ام حسام وسألت:
-" وشكد صارلها يمكم؟ "
-" اسبوعين.. اسبوعين ونص... هيج شي"
رفعت مريم حاجبيها بفهم وارتشفت من قهوتها بتفكير.. تبدل الكلام من حديث الى آخر الى ان اخذت عبير الفناجين الفارغه الى المطبخ.. لحقتها رشا فهي لا تحب التواجد بين النساء لوحدها.. سالت مريم بسرعة:
-"وهاي البنيه مطوله يمكم يعني؟ كثير اسبوعين"
تنهدت ام حسام وقالت:
-"الله يعينها.. مو بايدها ولا ايدنا، كلشي بايد رب العالمين، اهلها ماتوا وهي تنتظر عمها يجيها"
-"مسكييينه.. حراام، كلش حلوه البنيه متستاهل.. صغيره"
هزت ام حسام رأسها بقلة حيلة..
في المطبخ كانت رشا تساعد عبير في تحضير ضيافة اخرى وتقول:
-" ع فكره كتير فضوليه واسئلتها كتيره هالمره"
ابتسمت عبير وقالت:
-" اي كلش.. بس تنحب"
-"لأ ما ارتحتلها"
-" اي بالبدايه هيج، بس بعدين بتتعودين وبتصيرين مثلها"
اومأت رشا برأسها دون اهتمام فقالت عبير:
-"بصراحة هي مو مريحه.. شفتي شون تباوع حسن جنها ما شافت الولاد بيوم، بربج روحي اخذيه واقري عليه المعوذات ونيميه، لتجيبيه عالغرفه"
هزت رشا رأسها بفهم وذهبت..

**********

بعد ساعتين من العمل المتواصل، رمى حسام ظهره على المقعد ورمى القلم من يده بتعب، حرك الكرسي يمينا ويسارا عدة مرات وهو يفكر.. عدل جلوسه ثم امسك هاتفه، فتح حسابه الوهمي في التيليجرام وفتح محادثته مع رشا، اربع شهور كامله يرسل لها دون ان يجد ردا منها، كل يوم كان يدخل ويتفقد ان كانت قد شاهدت الرسائل على الأقل، كان يريد أي خيط أمل يشير لبقائها حيّة.. لكنه فعليا في نهاية المطاف اقام الحداد عليها في داخله..لم يحلم ابدا برؤيتها مجددا.. لكن يالسخرية القدر،فجأة تتصل به وتقول انها على ما يرام، بل وايضا هي في العراق! والاعظم من هذا كله.. بعدما أيقن انها ماتت، ها هي الآن تعيش في منزله.. ابتسم وهو يرى محادثات قديمه، مرحها، جمال حديثهاا.. بريق مبسمها.. كل هذا اختفى الآن! تنهد بألم وهو يرى جملة كتبتها له :"حسام، انا عنجد خايفه..(الجماعه) بمعان.. وبحكو انه رح يصير قصف..اكيد رح يوصلونا" في تلك الاثناء كان مشغول، لم يرى رسالتها الا بعد يوم كامل، قال بكل هدوء: "معان بالجنوب وانتو اقصى الشمال، ميوصلونكم" لكن ماذا حدث بعدها.. لم يمر شهرين عن تلك الجمله، واذ بالجماعه تفاجئ الجميع بشن غارات جوية على أهل الشمال.. بدأت تحاصر الأردن من الأعلى والأسفل! شد يده وأرخاها مرارا وهو يتأمل المحادثات..لولا ولادة عبير وقدوم حسن كنوع من السعادة في حياته، لكان فقد صوابه من شدة القلق والتفكير.. اقفل شاشة الهاتف بسرعة عندما سمع صديقه من خلفه يقول:
-"حسام شبيك.. داناديك ما ترد"
التفت اليه حسام وقال ببرود:
-"ما سمعتك"
قطب صديقه حاجبيه وجلس امامه وقال:
-"هاي شبيك.. شنو مضايقك، خما صاير مشكله؟"
هز حسام رأسه بالرفض وقال:
-"جنت افكر، وخر خلي اخلص شغل"
رفع صديقه حاجبيه باستغراب وذهب دون نقاش.. مسح حسام على وجهه و اغمض عينيه وهو يستعيد شكل ملامحها المتعبه الكئيبة.. بالكاد تبتسم، لكنها فاشله في تمثيل أي انفعال آخر.. عليه أن يفعل شيئا.،أن يعيد حيويتها التي لطالما أحبها ودعا الله ان تكون له بنت مثلها!

**********

كانت ام حسام وعبير ورشا يتابعن برنامج للطبخ عندما دخلت روان ورمت حقيبتها بتعب وهي تقول:
-"اكررره المدررسسه"
جلست بعد ان تناولت منديل لتمسح وجهها المتعرق قليلا من سخونة الجو، قالت ام حسام بتحقيق:
-"ورقة اختبارج.. انطيني اياهه"
دارت بعينيها ثم قالت:
-"يمه.. ماكو داعي للاحراج"
-"بسرعة انطيني ياهه"
تأففت روان وسحبت ورقة الامتحان من جيبها وتقدمت من والدتها بتردد.. اخذتها ام حسام وهي تقول:
-"ناويتلج على شي.. وربي اذا راسبه الا يصير الي ببالي"
فتحت الورقه ولحسن حظ روان انها نجحت بفارق علامتين.. قالت ام حسام بحزم:
-" حظج حلو، مو راسبه.. لكن على هالعلامه الي تبيض الوجه.. اذا شفتج قاعده قدام الشاشه تشوفين مسلسلات تافهه قبل ما تدرسين خمس ساعات، راح اخلي ابوج يسحب الموبايل واللابتوب منج"
ارادت روان ان تعترض فاسكتتها ام احسام وقالت:
-"واكو بعد شي ثاني انتظري.. جنه واعدينج نحطلج شاشه بغرفتج، بس هسه تحلمين، من اشوف علاماتج ما تنزل اكثر من 3 علامات، بذاك الوقت اخلي ابوج يجيب شاشه لج"
انتفخ وجه روان بقهر وسحبت الورقه وذهبت لغرفتها وهي تمتم متذمره من المدرسه ومن والدتها..ابتسمت رشا ابتسامة شاحبه، كانت دوما رمزا للذكاء في عائلتها.. رغم انها لم تجتهد في دراستها في الثانويه العامه، الا انها حصلت المعدل الذي ارادته واعلى منه بقليل.. كم كان والداها يفتخران بها، وكم كان عتبهما كبيرا لانها لم تجتهد، فلربما كانت لتجعل نفسها الاولى على المحافظه.. بل على المملكة كلها.. انتبهت ام حسام لشرودها وابتسامتها الشاحبه فقالت:
-"رشا.. وين سرحتي؟"
رمشت رشا عدة مرات ونظرت اليها لتقول:
-"ماكو.. بس افكر ادرس روان،اساعدها شوي"
ابتسمت ام حسام وقالت:
-"فد فكره.. اذا الج صبر درسيها.. تتسلين وتضيعين وقت، وتفيدين روان"
هزت رشا رأسها وقالت:
-"معناها خلص.. من اليوم ببدا ادرسها وبجديه.. بما انها فترة امتحانات،بساعدها شوي"
دخل عبود وألقى السلام ثم جلس في الجهة المقابلة لرشا ووالدته..ردت ام حسام:
-"وعليكم السلام، شبيك انت الثاني؟"
كان من الواضح ان هناك ضيق في ملامحه.. قطب حاجبيه وقال بدون نفس له للحديث:
-" الدكتور الي جان يدرسنه سافر لظروف خاصه وعاجله، وراح يحطون دكتور ثاني يقهر، مستحيل انجح"
قالت ام حسام :
-"اي طبعا ما تنجح.. حظرتك متكل على الواسطات والصداقات بين الدكاتره، متريد تدرس.. رح تجلطني انت واختك.. شكو، محد يريد يدرس..حسام جان شاطر وذكي.. شبيكم انتو"
اشاح عبود وجهه ولم يجبها، متمتما بكلمات الغيظ الموجهة الى حسام، وقعت عينه على رشا التي رفعت يدها الى ذقنها وهي تشير اليه بالاتفاق، ابتسم ابتسامة واسعه وقال:
-" اطمني.. رجال وعند وعدي، الصور وياي"
قالت بحماس:
-" اماانه.. اعطيني ياهم يالله"
قالت عبير:
-" اني من الصبح انتظر… اريد اشوف شنو هالشي الي واعدج بي"
ابتسمت لها رشا وهي تمشي متجهة الى عبود، جلست بجانبه مع ابقاء مسافة جيده بينهما، قالت ام حسام:
-"حته اني، شعندكم"
فتح عبود حقيبة ظهره وانتشل منها مغلف صور، اخذته رشا بلهفه وهي تتشكره مرارا وتكرارا، نسيت وجودها بينهم وهي تفتح المغلف وتسحب الصور منه، كانت صور لعائلنها بحثت عنها و جمعتها من السوشال ميديا، وطلبت من عبود ان يطبعها لها لتنظر اليهم متى شائت وكيفما شائت.. تأملت الصور واحدة واحده، تلك في خطبة اختها وهم حول السياره المزينه..وتلك صورة امير في حفل تخريجة من اول صف له، واخرى يجتمعون بها في حفل تخرج اختها الاخرى.. العديد من الصور والعديد من المناسبات، تجمعت الدموع في عينيها والابتسامة عالقة في شفتيها، كانت تتلمس احدى الصور عندما جلست ام حسام بجانبها وشاهدت الصور.. قالت بابتسامة:
-"اهلج مو.. شكد حلوين"
رفعت رشا رأسها وقالت بابتسامة واسعه:
-"شوفي هون كان عيد ميلاد ماما، خطيب اختي كان موجود"
مسحت دمعة قفزت الى خدها وهي تعرفهم على كل واحد في الصور بعد مجيء عبير وجلوسها بقربهم، مرت الدقائق سريعة مؤثره وهي تتكلم عن الصور وعن احداثها واوقاتها، تضحك تارة وتكتفي بالابتسام تارة اخرى وتمسح اي دمعة تنزل بسرعة، لا تريد ان تفسد الدموع هذه اللحظة.. وكانوا يستمعون اليها باهتمام وتركيز وبشاشة.. في النهاية اخذ كل واحد صورة ليتأملها لوحده، مد عبود الصورة التي معه امام عينيها وهو يسأل:
-"وهذا منو، صغير بالعمر ما اظن عمج"
كانت صورة تجمع ابيها واعمامها في احد الحفلات ركزت النظر فيها وقالت بعدم اهتمام:
-"اه هاد ابن عمه لبابا.. انسى، ما برتاح لعيلتهم كلها"
ثنى شفتيه بعدم اهتمام ووقف قائلا:
-"رايح لغرفتي، يمه اذا احتجتي شي ارسلي رسالة"
لم تهتم والدته لكلامه وسألت رشا:
-" والله خطيب اختج حلو، شنو صار بعدين؟"
-"صار القصف وما بعرف لا اخباره ولا اخبار اهله، كل حدا راح بطريقه..الله يوفقه"
دعت ام حسام بالاستجابه فدخل ابو حسام مسلما فردوا السلام فقال:
-" شنو هالصور؟ "
اجابت رشا:
-" صور اهلي"
ابتسم واقترب منهم، ناولته الصوره التي كانت مع عبود وقالت وهي ترفع نظرها عاليا بسبب طوله:
-" هاي صورة بابا واعمامي"
اشارت الى كل واحد وهي تسميهم.. ثم اشارت الى عمها حمزه وقالت:
-"هاد عمي حمزه الي منحكي معه"
جلس بالقرب منها وسأل:
-" هاي شوكت، قبل شوفتنه الكم بالعقبه لو بعد؟"
فكرت قليلا ثم اجابت:
-"ع الاغلب بعد.."
هز رأسه بفهم فقالت ام حسام:
-"يعطيك العافيه.. جيعان؟ لو ننتظر حسام؟"
-"ننتظر حسام"
هزت رأسها فذهب الى غرفته..

**********

ارتشف حسام من العصير ثم قال:
-"ابويه.. دافكر نروح أربيل، هالفترة يكون جوها كلش ألطف من بغداد.. نتسلى ونستمتع يومين تلاثه.. هيج "
فكر والده قليلا ثم قال:
-"حلوه الفكره.. "
قبل ان يكمل قاطعتهم روان:
-"بس مو حلو نروح لوحدنه، خلي احد من اعمامي لو اخوالي يرافقنه"
-"اي جنت بقول بس قاطعتيني"
اتبع كلامه بنظرة غضب ثم عاد ينظر الى حسام واكمل:
-" اني شغلي اقدر اخذ اجازه بس انت متقدر، قبل اسبوعين اخذت اجازه يومين.. واخوانك مداومين"
قال حسام بسرعة:
-"عادي.. نروح الخميس، ونرد السبت"
قالت ام حسام:
-" روان عدهه امتحانات"
قالت روان برجاء:
-" يمممه عاادي"
حدجتها والدتها فصمتت بحزن، قالت رشا بلطف:
-"عادي يا خالتو.. بدرسها ع امتحان الأحد يوم الأربعاء، وبطريق الرجعه بتراجع الماده"
ابتسمت روان بفرح للفكرة فقال ابو حسام:
-" لعد خلاص، الخميس نطلع باذن الله.. راح اشوف منو من اخواني يقدر يطلع ويانه"
قال عبود:
-" يبه اتصل على عمتي ام عمار، والله رفقتهه حلوه، ومن مده ما شفنه عمار بسبب شغله"
اومأ حسام بانها فكرة جيده فقالت عبير:
-" بما ان الرحله حتكون لأيام، وين نقضيهه؟"
ابتسم حسام وقال:
-" ولوو يا حبيبتي..حاجيت صديقي، يمتلك مزرعه بأربيل، وبيها بيت..يأجرهم لرحلات هيج.. وحجالي اني ااقدر اخذها بعدد الأيام الي أريده، وبسعر رمزي ما يستاهل اثنين يشتركو بي"
قالت عبير بحماس:
-" خلاص لعد كلشي محلول، كلش تحمست.. من يوم ولدت حسن ما طلعت من البيت.. متت من الملل"
رفع حسام حاجبيه وقال:
-" وزيارات اهلج يا ناكره؟ "
-" هاي متنحسب.. واجب علي وعليك"
تنهدت رشا وكادت ان تنطق بما يجول في خاطرها، لكن سبقتها ام حسام قائلة:
-"وهاي الرحله حتكون احله رحله بوجود رشا"
كانت رشا ستقول انها ستبقى في المنزل او تذهب الى أي مكان.. قبل ان تنبس قاطعها حسام:
-"اي طبعا.. هاي المجنونه راح تنصدمون بيهه"
بتلقائية عبست عبير، وابتسمت رشا وقالت بقلة حيلة:
-"اي نشوف"
قال عبود:
-"واحلى شي.. ان هالرحله نطلعها بباص جبير، كلنه نكون سوه ونتناوب بالسواقه"
قالت روان:
-"ايي والله كلش بتكون ممتعه"
قال ابو حسام:
-"الي تريدونه يصير.. نستأجر باص لعيونكم"
تابعوا الحديث عن الرحله بحماس ورشا تتأمل جمال عائلتهم بصمت..

**********

قدمت مريم فنجان القهوه لزوجها وقالت:
-" اي والله، جالسه عدهم بالبيت من اسبوعين"
استقام زوجها بجلوسه وقال باستغراب:
-" زين شصاير بهالبنيه حته تسكن وياهم، لهالدرجه فقيره مثلا؟ "
-" لك لاا مو هيج، الي فهمته انهه فقدت كل اهلها وحته اقاربها متعرف اخبارهم"
-"خطيه.. الله يعينها"
وضعت يدها على يده وهي تقول :
-" لكن شنو من بنيه، بيهه كاريزما غريبه"
-"كاريزما.. شون يعني؟"
-"هي كلش عاديه، ما عدهه ذاك الجمال الخارق بس.. اخذت عقلي.. اكو شي غريب بملامحها ما قدرت اعرفه لكن سحرني.. لا طويله كلش.. ولا بيضا.. ولا عيون ملونه.. ولا شعر حريري.. بس خلاص اكو شي جذبني الهه"
رد عليها بنبرة سخرية:
-" واني شكو تحجيلي.. الله يستر عليهه"
ابتسمت مريم ولم تتكلم، ستدع الحديث الى وقته.




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-10-19, 08:14 PM   #6

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


//
"قد يكون الألم اكبر من البكاء"





-"رشا يالله قفلي الباب وتعالي"
قال عبود جملته وحمل آخر حقيبة وذهب الى حيث الحافله..سمت رشا بالله واقفلت الباب ولحقت به، قال ابو حسام:
-"كلشي جاهز؟"
رد عبود بالايجاب..
-"تأكدتي يا رشا من الباب؟"
هزت رأسها بالموافقه واعطت المفتاح لأم حسام.. فأمر والدهم باغلاق البوابه الخارجيه لينطلقوا بعدها نحو منزل عمهم ابو احمد، وبمجرد ان توقف الباص امام المنزل حتى بدأ حسام بالازعاج بأن يضغط على بوق الحافلة بشكل متواصل، الى ان رأى عمار قادم وهو يتأفف بانزعاج منه، فتح الباب فقال عمار:
-"وربي هسه أمي راح ترزلك"
-"وعليكم السلام يا محترم"
قالها ابو حسام فابتسم عمار. وسلم عليه ثم القى السلام على الباقين، دخلت خلفه بنات خاله، هبه وربى مع اخته اسراء.. ومن بعدهن ابو احمد وزوجته واخته ام عمار، ولحق باقي الشباب _معاذ واحمد_حاملين الحقائب، رتبت عبير واسراء الحقائب في الكرسي الخلفي ثم انطلق حسام في الطريق.. في الدقائق الأولى عجت الحافلة بالكلام العشوائي بينهم، بينما كانت رشا وروان يتكلمن..
-"انا متذكره انه بنات ابو احمد تلات مش تنتين"
ردت روان:
-"لج اي تلاثه.. بس وحده منهن متزوجه"
-"اه.. وطيب ام عمار ما معها الا عمار واسراء؟"
-"اي بس.. زوجها توفى من سنيين وهي اسراء صغيره"
اومأت رشا وكأنها انتبهت لشيء ما وقالت:
-"ايوااا.. عشان هيك ساكنه مع ابو احمد؟ "
ضربت روان كتفها وقالت:
-" عندج افكار عجيبه.. لا عدهم بيت جبير، بس اغلب الوكت عمتي تكون هنا لان بيتها قريب لبيت عمي.. وعمار كلش يتأخر بشغله"
-" وهو شو بشتغل؟ "
-" محامي"
هزت رشا رأسها فقالت روان:
-" اسمعي لج.. هبه ام لسان، اذا ضايقتج بكلمه وحده بس.. قوليلي، واني اعرف شون اتصرف"
ضحكن رشا وقالت:
-" طب وطي صوتك"
التفتت روان الى عمتها التي تقول:
-" شبيكم انتي وياها تتهامسون"
ابتسمت روان ببلاهه وقالت:
-" نحجي يا عمه"
-" اعرف تحجون.. اقول وخري خلي اجلس مكانج يم هالحلوه"
ابتسمت رشا بخجل فذهبت روان دون اعتراض، جلست ام عمار بجانبها وقالت:
-"شونج يا رشا؟"
-" منيحه الحمدلله.. ماشي الحال.. وانتي؟"
-"زينه زينه.. طمنيني مرتاحه ببيت اخوي ابو حسام؟.. اذا ممرتاحه احجيلي، بيتي جبير وواسع وفارغ، ما ندخله الا للنوم"
قالت رشا بخجل:
-"لا الله يسعدك، والله همه مش مقصرين معي باشي.. ريتك سالمه"
ابتسمت ام عمار وهي تتأملها ثم نظرت ناحية حسام وقالت:
-" هاي شنو.. الطريق طويل منقضيها هيج؟ شغل اغنيه خلنرقص"
ضحك حسام وعمار فقال عمار:
-" يمه بترقصين صدك؟ "
-" اي وشكو بيهه.. "
ضحك ابو احمد وقال:
-" ترا تسويهه"
-" اي اسويها لعد شون"
شغل حسام اغنيه عشوائية من قائمة هاتفه، كانت اغنية تركيه رومنسيه لم تتناسب ابدا مع الوضع فقالت رشا باعتراض موجهة حديثها الى ام عمار:
-"هاي اغنية هاي.. خليه يحط جيناك بهايه"
قالت روان بصوت عالي:
-" حسام شهالاغنيه، قولة رشا.. شغل جيناك بهايه"
اوما حسام باستغراب وقال:
-"رشا تريد جيناك بهايه.. خلاص لعد جيناك بهايه"
بحث في اليوتيوب ثم شغلها.. حاول عمار ان يسترق النظر بين المقاعد لعله يرى رشا التي يتكلم عنها الجميع.. مدت رشا يدها وقرصت روان بشده وهي تهمس:
-" ضروري تحكي انه انا بدي ياها"
تأوهت روان بشده وكادت تبكي وهي ترد بهمس:
-" الله ياااخذج شسويتي"
-"عشان تتعلمي مره تانيه"
ابتسم عمار واعاد نظره للطريق.. ابتسمت والدته وهي تراقبه، قالت هبه بصوت مرتفع:
-"ابويه.. ما افطرنه، خلنشتري شي ناكله.. راح اموت جوع"
همست روان ب" امين" وهي تفرك مكان القرصه بألم.. ضحكت ام عمار وهي تعرف المشاكل التي تفتعلها هبه.. قال ابو احمد:
-" مراح تموتين، اصبري… نطلع من بغداد بعدها يصير خير"
قال حسام:
-"اي ومنو راح يسوق من نطلع من بغداد؟ "
قال احمد باعتراض:
-" هاي شنو.. سوق وانت ساكت"
قال ابو حسام:
-" مو عاجبك سيد احمد.. كلكم الخمسه راح تسوقون"
قال عبد الرحمن بسرعة:
-"اني ماعرف اسوق حافلات"
نظر اليه حسام نظرة خاطفه وقال بخبث:
-" عادي نعلمك..ما تحتاج شي.. محد بينه عنده رخصة حافلات"
تأفف بضجر وقال:
-"زين ارفع الصوت.. جيناك بهايه بهمس مو راكبه"
رفع عمار الصوت فهزت عبير كتفيها وهي تقول :
-" وربي هالاغنيه تجبرنا نرقص.. شون نقعد.. ام عمار، قومي شوفينا هالخصر الممشوق"
-"سكتي بس..قومي انتي"
-" اني! هسه يطلقني حسام"
-" لعد كل وحده ترقص مكانها بخفيه وسريه"
ضحكن كلهن فالتفت ابو حسام وقال:
-" بدت جلسات الغيبه والنميمه.."
قال ابو احمد:
-"مدري شون راح يكفرن هالذنوب"
قالت ام احمد:
-" المشكلة ان هالذنوب منكم"
-" يعني كلامكم عنا؟ "
-" اي لعد شون.. مين غيركم"
ضحك الرجلان وقال ابو احمد:
-" شكرا على الشفافية"
نطرت رشا الى عبد الرحمن الذي كان منغمس في هاتفه، استنتجت انه يلعب فاخذت هاتف روان و ارسلت اليه:" اعطيني ألعب "
انتظرت دقيقتين حتى رفع رأسه ونظر الى روان ظنا منه انها هي التي تطلب، هزت رشا الهاتف في يدها لينتبه اليها، ابتسم واشار كأنه يسأل: صدقا؟.. هزت رأسها بالموافقة فأشار لها لتأتي.. كانت ام عمار قد ذهبت بالقرب من ام حسام وام احمد.. جلست رشا مقابل عبد الرحمن فأعطاها الهاتف وبدأت تلعب، كان يراقب لعبها.. كانت تلعب لعبة bupg استمرت اللعبه لنصف ساعة وهي لا تنتبه لشيء حولها سوا اللعب.. بينما كانت ملامحها جادة جدا من شدة التركيز، وفي النهايه عندما اطلقت اخر رصاصة لتفوز بالمركز الأول هتف الشباب حولها:
-"اوووووه.. سوتها!"
نظرت اليهم بتفاجؤ، قد تجمهروا بالقرب ليروا كيف تلعب.. بنفس الوقت قال ابو حسام بتفاجؤ:
-"شبيكم؟"
رد احمد:
-"جانت تلعب وفازت بالمركز الأول"
رمقه ابو حسام ببرود وعاد لحديثه مع اخيه.. نظر حسام اليهم من المرآة عندما ابتسمت وقالت:
-" احرجتوني والله.. وكأني فاتحه القسطنطينيه"
قال عبد الرحمن :
-"انطمي بس.. انطيني اشوف جم kill"
اعطته الهاتف فقرأ الرقم بصوت عالي واعجاب:
-" عشره!!"
قال معاذ:
-"اني ما وصلت خمسه.. خلاص كلنا نسلمج موبايلاتنه اليوم تلعبين وترفعين مستويات"
عدلت غطاء رأسها وقالت:
-"بالله؟ بشتغل عندك انا"
قالت ام احمد:
-"كافي واقفين فوق راسها، كل واحد يقعد مكانه، وانتي الثانيه تعالي هنا"
ذهبت رشا الى مكانها.. بينما كانت هبه تهمس لاختها بغيظ:
-" باعي شون، تحاول تلفت النظر بأي طريقه"
تأففت اختها بضجر فذهبت هبه بالقرب من عبير.. قالت:
-" عبير، شفتي شون حسام يباوع عليهه.. هاي شبيهه البنيه بس تلفت انظار"
لم تجبها عبير ونظرت الى حسام بعفويه.. سمعت أم حسام كلام هبه فقالت:
-"عبير تعالي اجلسي يمي.. خلي اشوف حسن"

**********

أوقفوا الحافلة بالقرب من احدى الاستراحات، نزلت هبه واسراء وروان ليخترن مسليات للطريق بينما توجه الشباب ليأتون بالفطور.. كان حسام يقف مستمعا الى عمار وهو يحدث احمد:
-"كلش صعب الشغل..اصعب شي من يجيك شخص يريدك تدافع عنه وانت ما تدري هو بريء لو لأ.. خسّرت نفسي كثير قضايا لأن بالنهايه اكتشفت ان موكلي مجرم، بس هسه الحمدلله ثبتت محامي لرجل اعمال محترم.. بركات دعوات امي"
قال احمد:
-"وربي محتار.. هاي الشركة سمعتهه زينه بس مادري.. الاداريين يخوفون، وافكر ادخل شريك بالمطعم.. ما اعرف"
قال حسام:
-" انت ما تضمن نجاح المطعم"
قطع كلامه عندما رن هاتفه، تابع وهو يسحبه من جيبه:
-" يعني الشركة اضمنلك.. وانت محت.. "
صمت وهو يرى اسم المتصل.. قال عمار باستغراب:
-" شبيك؟ "
-" دقيقه"
ذهبت وتركهما.. مشى نحو الحافلة بسرعة وطرق على النافذه التي تجلس رشا بقربها.. جفلت ونظرت اليه فأشار لها ان تنزل، خرجت اليه بسرعة فأعطاها الهاتف وقال:
-"عمج ديتصل"
اجابت بلهفه:
-" ألو.. "
كانت تسمع صوت تشويش فنظرت للشاشة واعادت الهاتف لاذنها.. قال حسام:
-" يمكن النت ضعيف يمه"
اشارت له بابتسامه انه يتكلم فعاد للشباب وتركها، سأل عمار باهتمام:
-"منو الي يتصل عليك وتجاوب هي.. شعجب"
-"عمها.. هي مسجله حساب المسنجر مالتها بموبايلي"
هز عمار رأسه بفهم وهو يراقبها كيف تتحرك، توترها واضح جدا.. اثارت فضوله ليستمع!
وبالعودة الى رشا، بعد السلام والاطمئنان سألها عمها:
-"انتي وين هسه؟"
ترددت بالاجابه قليلا وقالت:
-" تحت الشمس"
قالتها وهي تضع يدها فوق عينيها لتبعد سخونة الشمس، متجاهلة الحر الشديد الذي يذيبها شيء فشيء.. قال:
-" كيف يعني تحت الشمس. انتي مش ببيت ابو حسام؟ "
-" امبلا.. يعني.. همه طلعو رحله عائليه واخدوني معهم.."
قال بانفعال:
-" يا سلام؟.. عائليه؟..يعني معكم ناس ثانيه؟"
اجابت بتردد:
-"اه.. اخوه واخته"
-"معهم شباب؟"
-"شو فايدة السؤال؟"
رد بانفعال:
-"يعني معهم؟"
قالت بانفعال:
-" اه معهم.. وين الغلط؟ "
-" الغلط مش منهم.. انتي ليش رايحه معهم؟ "
ردت بانفعال أقرب للحزن:
-" وين اضل يعني؟.. بيوتي كثيره وانا ما بعرف؟ "
تنهد حمزه واخذ نفسا عميقا.. اعاد ترتيب كلماته ثم قال بهدوء:
-" رشا.. يا عمي.. ديري بالك ع حالك.. لو دار ابو حسام مناح.. مش ضروري اخوه واولاد اخوه يكونو مناح.. وانتي ان طارت او هدت بتضلي غريبه.. ما الك حدا"
سكتت وهي تتوجه لخلف الحافله، اسندت ظهرها للحديد الملتهب وقالت:
-"الي الله.. بحميني"
-"لا اله الا الله"
سكتا لدقيقه.. تعرف رشا ان عمها ما زال غاضبا من فكرة انها كانت تتحدث الى حسام من سنين.. ربما لو كان حولها لضربها..تعرف خطأها ولكن الأمر حدث واستفادت منه.. تنهد حمزه وقال ضاحكا بسخرية بعدما انهى تفكيره:
-"والله شر البلية ما يضحك.. "
وضعت يدها على قلبها ببطئ وسألت:
-"شو في؟"
سكت قليلا ثم اجاب:
-"عمك مصطفى، رسلي انه رح ينسجن بكرا.. تخيلي، كنا باشي وصرنا باشي تاني"
ضحكت رشا بحسره وقالت:
-"ومرته واولاده؟"
-"ربك كريم، اخوانها قادرين.. اخوها الي بأميركا رح يوخدها عنده، ولبين ما تجهز الفيزا وهيك، اخوها الى هون اليوم طيارته.. رح يسافر عندها"
وضعت يدها على رأسها وسالت:
-" عمو.. ما تواصلت مع اخوالي؟ "
لم يعرف كيف يجبها.. ستكتئب بكل تأكيد لو علمت بأن احدهم توفي.. وباقي عائلة امها لا يعرف عنها شيء.. اغمضت عينيها بقوة وكأنها تعرف بما يفكر.. لم تشأ ان تعرف شيئا وتتأكد مخاوفها فتتحول الرحله الى عزاء.. قالت:
-"ما بدي اعرف اخبارهم هسه.. بس خالي عبد الرحمن..في اخبار عنه؟ عن الأسرى بشكل عام؟"
-"ما حدا بعرف اشي.. حتى الحكومه مش واصله لاشي"
سكتت.. فقال:
-"ديري بالك ع حالك.. احذري من الكل.. وسلمي ع ابو حسام..سلام"
انهى الاتصال بدون ان يسمع الرد.. مسحت وجهها وتأففت بتعب من الحر.. ليس لديها مزاج للعودة للداخل.. استنشقت الهواء بصعوبه، ثم رفعت نظرها باستغراب للصوت الذي قال:
-" هسه تصيبج ظربة شمس.. متتحملين حرارة الشمس"
كان عمار الذي يتكلم.. سمعه حسام الذي كان يخرج من الحافله بعد ان سألته والدته عن رشا.. اقترب منه حسام فقال عمار:
-"شبيهه ما ترد؟"
قطب حسام جاجبيه ومشى نحوها.. سأل باستغراب:
-"شبيج؟ صاير شي وي عمج؟"
هزت رأسها بالرفض.. لاحظ احمرار وجهها من الحراره.. امسك الهاتف من يدها.. وجعلها تمشي معه.. استقبلها هواء المكيف البارد عندما دخلت فشعرت ببعض الراحه.. قالت ام حسام فور رؤيتها:
-" وينج؟.. مجنونه انتي.. افرضي طلعنه قبل منلاحظ غيابج"
ابتسمت رشا بتثاقل وقالت:
-"لا..حسام كان بعرف ويني"
اومأت ام حسام بفهم فمشت رشا الى روان التي تشير لها بان تاتي لجانبها.. بعد ان جلست قالت روان بنوع من الحزن:
-"انكسر اضفري"
تنهدت رشا ولم تهتم لما قالته فسالت روان:
-" شبيج.. وين جنتي؟ "
-" كنت بحكي مع عمي"
-"اي؟"
-"شو اي..يعني اكيد ما سمعت اخبار حلوه!"
-"زين شقالج؟"
-"عمي الي بألمانيا رح ينسجن. اكيد خابصله خبصه زي عادته"
سكتت روان.. لم تعرف كيف تعلق فاكملت رشا:
-" كل همي يرجعلي خالي عبود..روان..هو اكتر حدا بحبه بعد ماما وبابا! بالي عنده اربعه وعشرين ساعه.. شو بعملوا فيه هسه؟ "
وضعت روان يدهها على كتف رشا وقالت:
-"ادعيله انتي. الله يفك اسره"
-" امين يا رب"
اقترب عبد الرحمن وناولهما شطائر مختلفه عن الجميع فقالت هبه:
-" العز للرز والله.. "
نظر اليها باستصغار وقال:
-" خاف تطلع روحهن وهن ياكلن"
ابتسمت رشا وقالت:
-" انا ما بدي.. تاخديها؟"
قالت هبه بسرعة:
-"لا مو هيج.. دامزح..اني طلبت هذا اصلا"

**********

اخذ كل واحد حقيبة ودخل الى المنزل الكبير.. وقف حسام في منتصف المنزل وقال:
-" الطابق الي فوك بي غرف نوم حتكون للنسوان، واحنه بغرف النوم الي هنا.. اكو مسبح بالحديقه.. واكو واحد بالسطح.. مقفله.. حتاخذون راحتكم بيهه"
بدأت الأمهات باعطاء الاوامر لترتيب الحقائب، وفي نهاية الأمر استقر كل واحد على سريرة ليرتاحون من المشوار الطويل.. روان ورشا وام حسام في غرفه، وهبه واختها وامها في غرفة، واسراء وامها في غرفة وعبير لوحدها مع حسن في غرفة اخرى.. بينما خرج الشبّان الى الحديقة حيث بركة السباحه الفارغه.. جلسوا على الكراسي الطويلة باسترخاء، قال معاذ:
-"حسام هسه شون نصب بيهه ماي؟"
-"نشغل المضخات.. شون يعني"
قال عمار:
-"هسه تعب، بعدين نشغلهه ونشوف"
كان عبد الرحمن يلعب في هاتفه فقال احمد:
-"ما وقفت لعب.. كافي"
-"انت شدخلك"
قال حسام بهدوء:
-"صادق، اترك الموبايل"
تنهد وترك هاتفه احتراما لكلمة اخيه.. سكتوا يتأملون السماء ثم قال عمار:
-" احمد احجيلي، ما نويت تتزوج؟"
قال احمد:
-" لا مو مناسبني الزواج هسه، انت مو ناوي؟"
سكت عمار قليلا ثم قال:
-" مادري"
-" شون ما تدري..منو يدري"
-"اقصد، ما شفت الي تناسبني، وما فكرت ادور"
قال حسام:
-"اذا تريد.. اقول لأمي تنطي امك عناوين البنيات الي رحت طلبتهن اني.. اكو هواي بنات اخلاق وادب وثقافه.. فطيرات كلش.. بس اني جنت اريد صغيره فما اخذتهم.. شنو رأيك؟"
قال عمار بانزعاج:
-" شون من فكر.. اني ما اريد فطيره.. ولا اريد هاي الزوارات.. ادور على شي مميز.. بنيه ذكيه، تعرف شوكت تتكلم وشوكت تسكت.. هيج.. ما يهمني عمرهه ولا يهمني مستواها، اذا عجبتني وكتها ما يردني عنهه الا الموت"
صفق عبد الرحمن وقال مصفرا:
-" الله على شاعر العصر، الله على الكاتب المخضرم.. صفقوا"
رمى عليه عمار المفاتيح فسقطت بالمسبح.. ضحك عبد الرحمن وقال:
-" يالله يا شاعر، اشوفك شون تقلب دولفين"
ضحكوا جميعهم وعمار يتمتم متذمرا.. جاء ابو حسام وقال:
-" شبيكم جالسين، صبوا الماي بالمسبح يله، احنه قاطعين كل هالمسافه وكأن ماكو الا اربيل بهالبلد حته نجلس؟"
قال معاذ:
-"اني قلتلهم، يقولون تعب"
-"هسه من تقعدون بالماي البارد ترتاحون.. وقوم يا حسام انت وامك ومرتك شوفو المسبح الي فوك"
وقف حسام مغلوبا على امره وصعد الى فوق، نادى على أمه خوفا من ان تظهر احدى الفتيات امامه دون حجاب.. لكن لم يسمع شيء، استنتج انهم في الغرف فاكمل طريقه وطرق اول باب قابله فوصله صوت عبير:
-" منو؟ "
-" عندج احد؟ "
-" لا ماكو ادخل"
فتح الباب فوجدها ترضع حسن وتشير له ان يبقى هادئا، قال:
-"وين غرفة امي وروان؟"
-"اخر غرفة بالممر"
اومأ بالإيجاب وخرج، طرق باب الغرفة الغرفه بعد ان تنحنح امام الغرف الاخرى ليعلن عن وجوده.. وصله صوت امه:
-"منو؟"
-"اني حسام يمه"
اشارت ام حسام لروان ان تذهب وترى ماذا يريد بينما كانت رشا على وشك ان تغفو. ذهبت اليه روان فقال:
-" شتسوون؟"
-" ننام وازعجتنه.. شتريد؟"
-"ام لسان.. نريد نصب ماي بالمسبح.. تعالي وياي"
ذهبت معه بحماس.. وبعد قليل كان كلا المسبحين مملوءان بالمياه

قفزت ربى بالماء وقالت:
-"كلللش منااسبه.. يا ربي تجنن"
نزلت هبه للماء بحذر، وتبعتهما اسراء وروان وعبير.. جلست رشا بجانب ام حسام التي سالتها:
-" شبيج ما نزلتي؟ "
-" كمان شوي بنزل، هسه ما فيي حيل"
صرخت روان:
-"لج رشا تعاالي"
اشارت رشا بالرفض، وبعد اصرار اكتفت بأن تجلس على طرف المسبح وتغمر قدميها بالماء.. لكن باغتتها ربى عندما سحبنها وألقتها في الماء.. شهقت رشا متفاجأه تحت ضحك الجميع.. ضربت كتف ربى بتضايق وقالت:
-" ما اثقل دمك"
دفعت روان الماء نحوها وقالت:
-"سكتي بس واستمتعي"
ابتسمت رشا ورشت الماء عليها بالمقابل.. وبعد ساعة من اللعب جلست الفتيات بعشوائية حول المسبح، قالت اسراء وهي تتلمس شعر رشا:
-"شعرج خسارته تعبان، لازم تقصيه حته يقوه ويطول اكثر"
قالت رشا بانزعاج:
-" يطول اكثر من هيك؟؟ لا بدي اقصه واخلص منه"
ابتسمت اسراء وقالت:
-"اني اخذت دورة تجميل، واشتغلت شوي، اقدر اقصه"
وضعت رشا يدها على يد اسراء وقالت:
-"ايدي بزنارك تقصيه"
ضحكت اسراء وقالت:
-" اوك اوك.. باقرب فرصه اقصه"
ابتسمت رشا براحة.. اخيرا ستتخلص من هذا الشعر المزعج بالنسبة اليها..

**********

بعد الغداء _الذي كان عشاء في الواقع_ نام الجميع متعبين.. الا حسام وعبير اللذين قررا الاستمتاع بالجو والمشي تحت ضوء القمر..لكن كانت عبير هادئه لا تتكلم الا قليلا مقارنة بكلام حسام.. حتى قال بضجر:
-"شبيج؟"
-"ماكو"
-"اكو.. احجي"
وقفت عن المشي ونظرت اليه بتوسل وهي تقول:
-"حسام ارجوك.. كافي تظهر اهتمام لرشا، تدري شنو؟ هبه اليوم تقولي باعي شون حسام يباوعهه! لهالدرجه اهتمامك واضح بيهه؟ اذا تحبهه قول!"
رفع حاجبيه ومسح ذقنه ثم قال:
-"اظن اننا انتهينه من هالموضوع؟"
-" ما انتهينه! اني بس جنت صابره وساكته حته تتأقلم رشا ويانه، بس ما اقدر اتحمل اكثر.. همين هي الثانيه كلش جريئة وما عدهه حدود وقويه! تحجي وي الكل وتضحك وتشتغل.. منسجمه.. ماكو أي داعي تبقه انت مهتم بيهه"
-"هسه كل هذا الانفجار من جمله صغيره قالتهه هبه وانتي صدقتيهه؟!! "
-" حسام اني مو بحاحة احد يقولي أي شي.. انا اعرفك اكثر من نفسك.. انت تحبهه! "
اغمض عينيه مستغفرا وهي مسحت دموعها.. قال بهدوء:
-" واضح انج متعرفيني.. عبير اتركي هالحجي الليله.. احنه هنانه نتسله ونلعب ونرفه روحنا.. ما اجينه نحجي بهالكلام الناقص"
قالت بقهر :
-"هسه هالحجي صار ناقص؟ كل مره احجي هالحجي تسكت ومتدافع عن نفسك بس تحاول تنسيني ياه.. احجيلي، ريحني.. تحبهه؟"
مشى نحوها بسرعة وامسك يدها وقال بهمس وهو يقرب وجهه من وجهها:
-" لأ ما احبهه.. وما اريد اسمع هالحجي مره ثانيه.. طفرتيني"
رمى يدها وقال:
-"روحي نامي.. ما اريد اسهر وياج"
تركها تقف ملجومة مكانها واختفى من امامها

**********

في اليوم التالي كانت الأمهات قد أيقظن الجميع بعد الفجر، خرج عمار وحسام ليجلبا طعام للفطور بينما بدأت ام احمد وام حسام بتحضير امور اخرى، كانت رشا واسراء تساعداهما الى ان قالت ام عمار:
-"انتي وهي روحن واني اكمل"
قالت اسراء:
-"لا يمه خلي اخلص"
-"اسراء خلاص روحي"
تنهدت اسراء وخرجت الى مكان جلوس العائلة.. نظرت ام عمار لرشا وقالت:
-"وانتي همين"
رفعت رشا حاجبيها بالرفض وقالت:
-"خليني هون احسن"
مشت ام حسام باتجاهها واخذت السكين منها وقالت:
-" اسمعي الكلام، يله شوفي شيسون البنات"
غُلبت على أمرها وذهبت، قالت ام عمار:
-"والله هالبنت تجنن.. تنحب كلش"
قالت ام حسام بابتسامه:
-"اي والله.. كلش"

عندما ذهبت اليهم رشا وجدتهم يجلسون على الأرض ويلعبون لعبة (صراحة أو جرأه) ابتسمت باستغراب وتعجب وجلست خلفهم على الكنب وهي تسمع هبه تسأل عبود:
-"ما لقيت البنيه المناسبه بالجامعه؟"
تأفف وقال:
-" انتي ما عندج غير هالسالفه.. بلى لقيت"
اخذ علبة المياه واراد ان يديرها لكن روان قالت:
-"انتظر.. رشا تعالي العبي ويانه"
اشارت بحاجبيها رفضا فقالت روان:
-"يالله! متخسرين شي"
رفضت مرة اخرى لكن بدأ جميعهم بمناداتها الى ان جلست معهم مرغمة، أدار عبود علبة المياه الصغيره فوقعت اختياراتها على اسراء وروان..قالت روان:
-"صراحه؟"
-"اي.."
-"زين.. احجيلي شي تخفينه عن عمار"
نظرت حولها ثم ضحكت وقالت:
-"ما تحجون؟"
اجابو جميعهم:
-" ما نحجي"
-"خلاص..اضمن ان الحجايه رح توصله.. المهم، قبل فتره وقعت موبايله وانكسرت الشاشه وما قلت، جان يظن انه هو الي ناسيه ووقعه بالشغل"
قال احمد بتفاجؤ:
-"احنه عايلة نصابين وربي، واحد بيكم.. بس واحد ما يكون مسوي مصيبه بالثاني! "
تجاهلته اسراء وادارت العلبه فوقع الاختيار على معاذ ورشا، تأففت رشا بضجر فقال معاذ:
-"زين شنو؟ "
-" صراحه.. "
فكر قليلا ثم سأل:
-" احجيلنا موقف، حسيتي بي انج خذلتي نفسج، مع خذلانج لشخص اخر"
فكرت قليلا ثم قالت بهدوء:
-" خذلت اخوي لما ضليت اهرب فيه من الحرب، ومات هون.. وخذلت نفسي لما مات بسبب ضعفي، بعد ارادة الله"
اخذت علبة المياه وأدارتها دون تعقيب.. لكن في تلك الاثناء دخل حسام وعمار.. لم تكد علبة المياه ان تدور من ضعف اللفه فوقفت على رشا وعمار الذي كان يمشي.. قال احمد باعتراض:
-" ما حركتها.. "
قال معاذ:
-" خلاص خلنكمل.. الدور على رشا وعمار"
توقف عمار واستدار اليهم باستغراب.. قال عبود:
-"يله تعال.. دورك"
-"يا سخفكم"
كاد ان يرفض لكن وجد ان رشا هي نده، انتابه فضول فقرر اللعب.. تقدم منهم وانتظر سؤالها.. بقيت صامته لا تعرف ما تسأل.. قالت هبه:
-" يله عاد اسألي اي شي، او نخليه هسه هو يسألج"
-" مم.. طيب لو رجع فيك الزمن بتدرس نفس التخصص وبتصير محامي؟ "
مسح ذقنه ذو اللحية الكثيفه بتفكير ثم قال:
-"لا ما اظن! اختار شي اسهل وما بي كل هالمسؤوليه"
في تلك اللحظة نزل الآباء من السطح بعدما اعادو ملئ المسبح بالماء كما طلبت أم حسام، قال ابو احمد بغضب:
-"شتسوي انت وياها.. كلكم.. متستحون تلعبون مختلط.. امشي كل وحده على غرفه"
قال ابو حسام:
-"صادق والله.. قم انت وياه لا بارك الله فيكم"
ضحك الشباب بسرية وخرجوا من المنزل، بعدها نزلت عبير وهي تحمل حسن في حضنها.. جلست بجانب اسراء التي اخذت حسن وبدأت تلعب معه وتقبله.. ابتسمت رشا ولكن شيء في داخلها لا يجعلها ترتاح، تشعر برغبة في الاتصال بعمها والاطمئنان عليه، وكأن شيء ما قد حصل وهي تريد معرفة ذلك الشيء! قالت هبه عندما لاحظت شرودها:
-"رشا شبيج؟.. من الصبح مطنكره"
رفعت رشا عينيها وقالت:
-"فش اشي، مش مطنكره."
-"يمه النعومه والدلع.. مو هيج تنقال: مطنكره"
ابتسمت رشا بسخريه وقالت:
-"نعومه ودلع؟.. لعاد كيف بتنحكا؟ ما بسمعها الا هيك"
وبالفعل رشا نطقتها باللكنة العراقيه وليس اللكنة الاردنيه بالرغم من تشابه الكلمات في اللهجتين.. قالت هبه:
-"لا وربي دلع.. مبالغ"
رفعت رشا حاجبها وقالت:
-" يعني خاوه بدي اطلع مدلعه حالي؟ ترا اطمني فش ادفش مني.. واذا مدلعه فهي مش مشكله ترا"
غيرت هبه جلوسها متأهبة للمشكلة والنقاش وقالت:
-"شبيج عصبتي.. ما قلنا شي، هي حقيقه"
ابتسمت رشا وعرفت الى ماذا ترمي هبه فقالت بنعومة مبالغه:
-" حبيبتي، انا لو بدي اتدلع، وانعم حالي، بعرف كتييير منيح كِيف اعمل هيك"
قالت هبه بنفس الاسلوب:
-" عيني حته لو تدلعتي ما يلييق"
قالت عبير:
-"كافي انتي وهي.. هسه انادي عمي ابو حسام"
وضعت هبه يدها على خصرها وقالت:
-"ناديه ست عبير، شمسوين، او نادي حسام، يطلع حق رشا الطاق طاقين"
عرفت كل من عبير ورشا ماذا تقصد لكن ام احمد أوقفت النقاش وهي تقول بصرامه:
-"شهالحجي؟ عيب عليجن.. الجهال ما سووا مثل ما تسون.. انجبي انتي وياها وتعالن نقلن الأكل"
تأففت هبه ولحقت والدتها.. لكن اسراء امسكت يد رشا وقالت:
-" لا تروحين، خلها تشتغل بروحها.. قليلة ادب"
لم تعارض رشا الفكرة وطلبت هاتف روان وبدأت تلعب، غاظت هذه الحركة هبه كثيرا لكن لم تتمكن من الاعتراض لان اسراء وروان سرعان ما هرعتا لمساعدة امهاتهما.. ظهر في اخبار google امام رشا ان الزرقاء تتعرض لقصف اخر ومجلس الأمن يبعث جنود لتنساند الجيش الاردني في عملية حفظ السلام، كما مدت تركيا الاردن بطائرات قتاليه ضمن التحالف.. ارتجف قلب رشا وهي تتذكر صمت عمها عندما سألته عن اهل امها.. اغمضت عينيها وحاولت نبذ الافكار السيئة، بعد دقائق قليلة اجتمع الكل على الأكل.. الا رشا وعبير اعتذرتا وذهبت كل واحدة الى مكان.. سأل ابو حسام زوجته بهمس:
-"شبيهن؟ صاير شي؟"
-"والله مادري، عبير مطنكره من الصبح ورشا مثلهه، بعد الفطور اشوف شبيهن"
هز رأسه برضى وباشر الأكل.. اما حسام فقد شعر بتأنيب الضمير، ما كان عليه التصرف هكذا، بالنهاية يحق لها ان تغار، ويعرف انه المخطئ بجميع الحالات، تنهد وأكل قليلا حتى لا يشك أحد في شيء ثم يذهب اليها.. حيث صعدت عبير الى السطح وجلست على طرف البِركة وغمرت قدميها بالماء.. تفكر كيف ستتصرف مع رشا، تعلم في داخلها ان رشا لم تفعل شيء خاطئ منذ قدومها فهي تتجنب حسام، على الأقل امام عبير! لكن ايضا غيرتها تظهرها بمظهر الفتاة المتمسكنه التي تتقن التمثيل، وعلى أي حال فكلاهما مخطئ في موضوع الصداقه، الى هذا اليوم لم تخبر احد من اهلها بأمر رشا الا والدها، لو علمت امها لطلبت منها ان تترك منزل حسام قليلا لتعاقبه.. لم تعد تعرف ما الصواب، عندما يخطر ببالها ولو احتمال ضئييل جدا ان تدخل رشا بشكل "رسمي" الى حياتهم تجن!
قطعت افكارها عندما جلس حسام بجانبها وبلل قدميه بالماء، تجاهلت وجوده، قال:
-"اني آسف"
لم تجب.. كأنها لم تسمع.. تنهد وقال:
-"انفعلت.. ما يحق لي.. سامحيني، تبقين زوجتي حبيبتي الي يومي ما يحله بدون ابتسامتهه"
ابتسمت وقالت بضعف:
-"بديت اكره موضوع انك تغلبني بكلامك"
-"اي لأن الحجي صادق ويوصل قلبج وانتي تعرفين هالشي"
وضعت رأسها على كتفه وقالت:
-" اغار عليك كلش.. احبك هواي!"
ابتسم واحاطها بذراعه وهو يقول:
-" اعرف.. وتعرفيني احب اغيظج، بس ماكو بنيه بهالدنيا تسكن قلبي غيرج"
اغمضت عينيها براحة ولم تعقب..
بينما كانت رشا تجلس في المجلس الخارجي قرب الاشجار، تحاول الاتصال بعمها مرارا وتكرارا لكن لا الرسائل تصل ولا الاتصالات تكتمل.. زفرت بيأس ووضعت الهاتف بجانبها.. فركت اصابعها وهي تنظر اليهم، محتارة جدا.. تشعر ان كل الأبواب مغلقة في وجهها.. جلس عبد الرحمن مقابلها تفصل بينهما الطاوله.. لم تنتبه له فقال:
-"رشا شبيج؟"
رفعت عينيها اليه دون ان ترفع رأسها ثم عادت تنظر لأصابعها وقالت:
-"ماكو.. بس كنت بحاول اتصل بعمي"
لم يعرف ماذا يقول فوقف وقال:
-"اذا احتجتي شي ناديني"
هزت رأسها فمشى مبتعدا، كان عمار واحمد يمشيان خلفه فقال احمد بصوت منخفض:
-"داحس هالبنيه مو مريحه.. اكو شي غريب"
اومأ بالرفض وقال:
-"ما اظن.. حسام حجالي انهه يتيمه هسه.. فقدت اهلهه بقذيفه من اربع شهور، واخوها مات من فتره قصيره.. طبيعي تكون هيج.. يمكن عدهه حاله نفسيه.. بس ما اظن، تتكلم بطبيعيه وتصرفاتها عاقله..ما اعرف"
قال احمد:
-" من شوي سمعت هبه تكلم امي، هالبنيه جلطتها قبل الفطور"
ضحك عمار وقال:
-" تستاهل اختك.. حته هالبنيه المسكينه ما خلصت من لسانهه"
في تلك الاثناء نزل حسام وعبير.. قال لأمه:
-" اني وعبير راح نطلع نشوف السوق.. محتاجه شي؟ "
-" لا.. اخذوا راحتكم"
قالت عبير:
-"زين الحليب مال حسن فوك بغرفتي.. نحاول ما نتأخر، نرد قبل ميصحه"
اومأت الأم بالموافقه واستمرت بالحديث مع الاخريات.. وفي طريق خروجهم رأى حسام رشا تجلس، لم يرتح لجلوسها هكذا، وكأن امرا اصابها.. شدته عبير وقالت هامسه:
-" طالعين حته ترضيني، لتجلطني"
تظاهر حسام انه لا يعرف عم تتكلم وخرج قبل ان تقوده نفسه اليها.. شاهدتهم رشا في حالتهم تلك فهمست:
-"وهدول التانيين خطيتهم برقبتي اذا تطلقوا بسببي"
وقفت وعادت الى الداخل.. فور رؤيتها قالت ام حسام:
-"رشا وين جنتي؟"
-"قعدت برا شوي.. الجو حلو"
قالت اسراء:
-" زين شرايج اقصلج شعرج هسه؟ مدانسوي شي"
ابتسمت رشا وقالت:
-"بسرعه يالله"
قالت اسراء:
-"يمه.. المقص الزين ويانه؟ "
-" اي يمه تلقينه فوك"
مشت اسراء نحو الدرج ولحقتها رشا..وركضت روان معهما.. في الغرفة، مشطت رشا شعرها وجدلته.. قالت اسراء باستغراب:
-"ليش هيج؟..شون اقص؟ "
قالت رشا:
-" لازم اجدله عشان يضل متماسك"
ضربت اسراء يديها فوق بعضهما وسالت باستنكار:
-" شكو.. شكد ناويه تقصين منه؟ "
اشارت رشا الى نهاية رقبتها وقالت:
-"لهون"
شهقت روان وقالت:
-"لج يا مجنونه.. تضحين بشعرج هيج! غبيه انتي؟"
-"انا هيك بدي.. "
قالت اسراء بمحاولة اقناع:
-" خليه طويل.. باجر تتباهين بي"
رمقتها رشا ببرود وقالت:
-"يعني انا كثير هاامني اتباها بشعري؟.. قصي وانتي ساكته"
قالت روان بانفعال:
-"لا.. لتقصين.. هاي مجنونه، تسمعين كلامها؟ "
قالت رشا:
-" انتي لا تدخلي.. يالله يا اسراء.. امانه اكسبي فيي اجر"
تنهدت اسراء واقتربت ببطئ.. احاطت الظفيرة بالمقص، كانت متردده جدا لكن تحت اصرار رشا قصته مرغمه.. اخذت رشا ظفيرتها الطويلة وربطتها من الجهة الأخرى ثم قالت:
-" يالله هسه زبطيها وعدليها، ما بدي اشي اطول من اشي"
تنهدت اسراء بقلة حيلة وهي تهمس:
-" مجنونه والله"
امسكت روان الظفيره وقالت بحزن:
-"غبيه.. اريد ابجي..شسويتي!"
ضحكت رشا وقالت:
-"جعلها اكبر المخاسر يختي"
قالت روان:
-"راح اضمهم يمي، كل فتره اشوفج اياهن حته تندمين، وهمين امي راح تزعل منج"
لم تهتم رشا لكلامها وتاملت نفسها في المرآة، وراقبت عمل اسراء بتركيز..




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-10-19, 08:16 PM   #7

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


//

"قد يكون الحزن سببا لقوة هائلة فيك"




نفضت شعرها القصير امام الأمهات بعد ان شاهدن ظفيرتها بيد روان، خللت اصابعها في شعرها ونقلت معظمه للجهة اليسرى وانتظرت رأيهم، قالت ام حسام:
-"يعني خسارة شعرج الطويل.. بس القصير فد شي حلو.. مناسب"
قالت ام عمار باعجاب:
-"اي والله.. كلش مناسب، ملامح وجهه بانت اكثر، تجننين فديتج"
ابتسمت رشا بخجل وقالت:
-"تسلموا من زوقكم"
اخذت الظفيرة من روان وقالت:
-"انا بدي اخبيها"
طُرق الباب ودخلت عبير، عندما رأت رشا انصدمت وعقدت حاجبيها قائلة:
-" شسويتي؟ "
اقتربت وشاهدت الظفيره الطويله فقالت باستنكار:
-" ليش لج؟ مجنونه"
قالت رشا:
-" طيب حلو ولا لا؟"
تأملتها عبير قليلا ثم اجابت:
-" بصراحه..لا كلش احله من الطويل، مناسب لوجهج"
نظرت رشا الى روان وقالت باستفزاز:
-"الكل يقول حلو"
تكتفت روان بانزعاج ولم تتكلم.. قالت هبه :
-"لعد هسه اني عدي اطول شعر"
لم تلتفت رشا اليها فشعرت بغيظ وعضت شفتها السفلية.. قالت ام احمد:
-"عبير شنو شريتي من السوق؟ "
جلست عبير وقالت:
-" ما اشتريت شي.. بس السوق فد شي، ما جنت رايقه.. بس صدق يسحر"
نظرت ام احمد لأم عمار وقالت:
-"شرايج نروح؟"
فكرت ام عمار قليلا ثم قالت:
-" نروح.. ام حسام تجين ويانه؟"
-"لا اني ابقه يم البنات"
قالت ام احمد:
-"لعد خلي اطلب من احمد يروح ويانه"
قالت هبه:
-"يمه اروح اطلع وياج"
قالت ربى بسرعة:
-" واني يمه"
-" زين يله.. البسن"
وخرجت..حملت عبير حسن الذي بدأ بالبكاء ثم قالت:
-"وانتن، يالله نطلع للمسبح، باجر ماكو لعب بالمي"
قالت اسراء:
-" اخ بس.. ما نقدر نبقه اكثر؟"
-" اتمنه.. بس حسام بطلوع الروح قدر يقنع مديره يغيب باجر.. ميقدر ياخذ اجازه اطول"

**********


ورد حسام اتصال من حمزه.. وقف، قال والده:
-"وين؟"
-"اشوف رشا، عمها يتصل"
قالت ام عمار من خلفه:
-" صعدت للمسبح، رد انت"
ثم اشارت لأحمد كي يأتي.. اجاب حسام الاتصال:
-" السلام عليكم"
-" وعليكم السلام.."
-"مم رشا بعيده مو يمي، اذا تتصل بعد.. "
-"لا منيح، انا بدي احكي معك انت"
قطب حسام حاجبيه وجلس ببطئ قائلا:
-" خير شكو؟ "
تنهد حمزه وقال:
-"انا رح احاول اطلع من المنطقه الي انا فيها لمنطقه اقرب للعراق.. انا هيك بخاطر بكلشي، بس معلش"
سكت فقال حسام:
-" الله يساعدك"
-" انا ما بدي رشا تعرف بهالاشي"
نظر حسام الى والده بتوجس ثم قال:
-"ليش؟"
اشار ابو حسام ان يفعل السماعة الخارجيه ففعل.. قال حمزه:
-"احتمال يصير أي اشي، وحرام تضل تستنا.. بعرفش اذا رح ارجع اتصل او لا.. بس اكيد رح اغيب، اقل اشي اسبوعين.. ابو حسام موجود؟ "
-"اي يمي.. تفضل يبه"
اخذ ابو حسام الهاتف وسلم على حمزه.. وبعدها قال حمزه:
-"تقدر تبدأ بمعاملة التوكيل من رشا؟"
سكت ابو حسام قليلا وقال:
-" ان شاء الله"
-" ما بدي اوصيك يا ابو حسام، رشا امانة عندكم لحتى يفرجها ربنا"
-" لا تقلق.. بعيوني"
-" تسلم"
بعد وهلة من الصمت قال حمزه:
-" طيب انا لازم اتحرك هسه.. ادعولي"
-"الله وياك."
-"سلام"
-" سلام"
اعطى ابو حسام الهاتف اليه فقال حسام:
-"هسه شنو؟"
رد ابو حسام:
-" شنو.. ولا شي.. نسوي معاملة التوكيل، اصير اني وكيلها وانت كفيلها وتقريبا نكون مسؤولين عنهه بهالوقت"
قال ابو احمد:
-"هذا عمها؟ "
اومأ ابو حسام فقال ابو احمد:
-"اذا صار بي شي لا سمح الله.. شيصير؟"
تنهد حسام وقال:
-"ما يصير شي..تبقه يمنه.. حته يجي احد من اهلها"
قال عمار:
-" هسه هو الوحيد الي تتواصلون وياه من اهلهه؟ "
-" اي ماكو احد الا هو..وعمها بألمانيا انسجن"
فكر عمار قليلا ثم قال:
-" خلوني اني امشي بمعاملة التوكيل، اقلها اعرف.. "
قال ابو حسام مقاطعا :
-"لأ.. البنيه امانه يمي، نطبق طلب عمهه وبس"
لم يعلق احد وحل الصمت..

كانت عبير تنظر اليهم من الشباك.. التفتت الى ام حسام التي تناديها:
-" عبير.. تعالي اريدج بشي"
استغربت عبير ومشت نحوها.. سألتها بصوت منخفض:
-" ما جنتي طبيعية الصبح.. شصاير؟ حسام مسوي شي؟"
لم تجب عبير فقالت ام حسام:
-" يعني مسوي؟ على شنو؟"
نظرت عبير الى رشا التي تجفف نفسها من الماء ثم قالت:
-"على رشا"
-"زعلانه من وجودها؟ مضايقه؟ "
ترددت عبير قليلا ثم اجابت:
-"مو كلش، يعني اعرف هي محتاجتنه، منقدر نتخلّه عنهه هسه.. بس، حسام مهتم بيهه! "
قالت ام حسام بانزعاج:
-"هيج؟.. لان هبه قالت جلمتين صرتي تشكي بي؟"
-"خالتي اني ما همتني هبه.. بس.. قلبي يضيق كل ما اشوفه واقف وياهه"
تنهدت ام حسام وقالت:
-"اصبري، فتره وتمضي"
ربتت على كتفها ثم توجهت للمسبح لتبلل قدميها قليلا..

**********

بعد تناول العشاء خرج الجميع الى الحديقة، الشباب حول المسبح والنساء في المجلس الخارجي.. ملأت الضحكات كل مكان بينما كانت هبه تروي موقفا مضحك حدث معها، انهت حديثها قائلة:
-"كله كوم، والشاشة الي ما قبلت تتحرك ولا تستجيب للمس كوم ثاني"
مسحت ام عمار دموعها وهي تضحك وتقول:
-"الله يهديج يا هبه، معدتي اوجعتني"
قالت روان وهي تحاول اسكات ضحكاتها:
-"ترفعين الضغظ لكن وربي حجيانج تجنن"
كانت رشا تكتفي بالابتسام فقالت هبه:
-"ما ضحكتي يا رشا.. خما ما عجبتج القصه؟ "
ردت بسرعة:
-" لا حلوه.. بس عادي مش ضروري اضحك"
-" اي فعلا اكو نفسيات مو على كلشي تضحك.. مزاجهم صعب"
-" بالزبط"
قالت رشا كلمتها بتهكم فحدجت ام احمد ابنتها لتسكت..امسكت رشا يد روان وقالت:
-"امشي نطلع برا"
ذهبت معها روان دون نقاش.. كانتا تمشيان بين الشجيرات وتتحدثن في امور مختلفه.. قالت روان:
-" سمعت امي تقول ان عبير زعلانه من حسام.. مدري ليه"
فكرت رشا واستعادت ذاكرتها عندما كانا معا وشدته بغضب.. قالت:
-"يا خبر اليوم بمصاري بكرا ببلاش."
تعرف انها السبب.. شهقت برعب عندما قفز معاذ وعبود امامهما.. وصرخت روان.. تنفست رشا بغضب وامسكت حجرا ورمته عليهما.. واستمرت بالرمي وهي تتكلم:
-" مزع يمزعك انت وياه.. ناقصنا معاتيه.. وقفتوا قلبي"
شاركتها روان :
-" رح احجي لأبوي يقص رجلينك انت وهو"
بينما كان الشابان لا يستطيعان الكلام من الضحك ومحاولة صد الحجاره.. توقف صخب تلك اللحظة عندما جاء عمار وهو يقول:
-"شكو.. شبيكم؟"
تركت رشا الحجر الذي بيدها وعدلت ملامحها وتنحنحت وقالت:
-" هدول المجانين خوفونا"
نظر عمار اليهما بغضب وقال بحزم:
-" انقلع انت وياه.. تمزحون هيج مزح بنص الليل"
ذهب الاثنان متذمرين..فقال:
-"وانتن..الدنيا ليل والشجر كثير، خاف اكو شي.."
قبل ان يكمل كلامه قالت روان بخوف:
-"عمار اكو شي على كتفك!"
نفض كتفه بسرعة فقالت روان بصرخة خافته:
-"لكك لاا الثاني.. مشى وتحرك قريب رقبتك"
اراد ان ينفضه فقالت رشا بسرعه:
-" لا لا.. استنا"
اقتربت منه ممسكة ورقة شجر.. وبحذر شديد اوقعته عن ياقة قميصه، اذ كاد ذلك العنكبوت ان يدخل الى عنقه فصدره.. قالت رشا :
-"انا رايحه.. بنجن لو طلع علي هيك اشي"
ذهبت ولحقتها روان بسرعة، عند اعادة المشهد من نظرة عمار، فقد كانت عيناه تتبعان حركاتها بتركيز، عندما اقتربت منه.. عيناها ترتكزان على عنقه وعيناه تحدقان بتركيز شديد بملامحها القريبه.. ظل واقفا لثواني ثم تنحنح وعاد الى الباقين..

**********

وصلوا اخيرا الى منزلهم.. نزلت روان من الحافلة وهي تقول براحة:
-" home sweet home"
سبقتهم اليه لتفتح الباب، رمت الحقيبه في اقرب مكان ورمت نفسها على الأرائِك.. دخلوا خلفها وكل واحد جلس في مكان..تآفف حسام بتعب وقال:
-"اول مره واخر مره بحياتي اسوي هيج جنان..جلسه ربع ساعه جدام النهر تكفي"
وقفت عبير بتعب وقالت:
-"طالعه اخذ راحتي بغرفتي"
نزعت روان غطاء رأسها واسترخت..ذهبت رشا ايضا لغرفتها لتحظى ببعض الراحه.. قال حسام فور ذهابها:
-"ابويه.. شوكت تحجيلهه عن التوكيل؟"
-"نرتاح بالأول ووراها يصير خير"
وقف وتوجه الى غرفته وتبعته ام حسام..
غطت رشا في نوم عميق بمجرد ان وضعت نفسها في السرير.. استيقظت عند المغرب، جلست ووضعت يدها على رأسها من الصداع الذي اصابها..نظرت للنافذه فشاهدت الشمس تسحب اخر اشعتها، مسحت وجهها بتعب وتوجهت للحمام، استحمت ثم خرجت لتستغرب الهدوء الشديد.. من الغريب ان روان تركتها نائمة هكذا ولا يوجد اي صوت في الطابق!.. فتحت الباب وأطلت منه.. يبدو ان لا أحد هنا.. مشت متوجهة للدرج، سمعت اصوات كلام تصدر من غرفة المعيشة، ييدو ان هناك ضيوف!.. ذهبت بسرعة للمرآة الفخمه المعلقه في الممر الذي يأخذ الى غرفة المعيشة.. عدلت بعض التفاصيل في مظهرها ثم توجهت اليهم يحذر.. تنحنحت عندما وصلت الباب فانقطع الكلام وتوجهت الانظار اليها، قالت بابتسامة:
-"السلام عليكم"
رددن عليها السلام فتقدمت وصافحت النساء ثم جلست بجانب ام حسام! استغربت النظرات التي يرمقونها بها، قالت ام حسام:
-"هاي رشا.. ضيفتنه الحلوه"
-"تشرفنا"
نطقت اكبرهن الجمله بتهكم فأكملت ام حسام:
-"رشا.. ذني أم عبير وخواتهه"
ارتفع حاجبا رشا بفهم ثم ابتسمت وقالت:
-"ايوا!.. يا اهلا وسهلا"
شعرت ام حسام بتوتر الاجواء خصوصا عندما لاحظت الصد من عبير فقالت:
-"رشا عيني.. باجر امتحان روان.. ما درست، يا عيني قومي وياها درسيهه"
فهمت رشا ما ترمي اليه ام حسام فذهبت هي وروان دون كلام.. بمجرد خروجهما من الغرفة شدت رشا روان اليها بعنف وقالت :
-" ليش ما اجيتي وخبرتيني انه اهل عبير هون؟"
ردت روان بانزعاج:
-"ما خطرلي.. همين جنتي نايمه امي قالت لا تصحيهه"
-" بدك تكسير راس..جد ما درستي؟"
-"بلى درست.. بس امي تريد.."
سكتت لم تعرف كيف تكمل.. ابتسمت رشا قائلة:
-"بدها تقصر الشر وتبعدني عن عبير.. شكلها عبير مستشره اصلا"
جلست روان حول المائدة وسألت:
-"شنو يعني مستشره؟ "
-" يعني صايره شريره، امها مبين قويه.. اكيد حكتلها كلمه هيك او هيك"
قالت روان بانفعال مدافعة:
-" لاا وربي عسل.. بس هيج لانها مستغربه"
لم تهتم رشا لكلامها وبحثت عن شيء لتأكله، فالجوع قضم امعائها، لم تأكل من يوم أمس.. اشارت روان لشيء ما وقالت:
-" امي ضمتلج حصتج من الغدا"
اخذت رشا الحافظات وجلست تأكل، قالت روان:
-" اريد اخذلج صوره والله.. اول مره اشوفج تاكلين بدون ألف (اكلي يا رشا) "
قالت رشا :
-"والله صحيت ميته جوع"
-"لعد اتركج على راحتج، رايحه اراجع الماده، ما اريد اترزل باجر"

في غرفة الجلوس، نظرت ام عبير بعتب الى ام حسام وقالت:
-"ما يصير يا أم حسام، هاي بنيه شحلاتها..العين عليهه، شون تبقه بهالبيت وبي اثنين شباب"
تنهدت ام حسام وقالت:
-" ما بايدي شي، يعني وجودها مؤقت.. ينرادلهه وكت حته يجي عمها.. وما بقه الا جم يوم، ادعيله يقدر يوصل بغداد"
لم تقتنع ام عبير وقالت:
-"هاي حرب.. ماكو اي احد يقدر يضمنهه.. بس ما بايدنه نقول الا الله يساعده"

**********

بعد ان غادرت العائلة، ذهب الجميع للنوم.. وفي غرفة نوم حسام وعبير.. كانت تمشط شعرها عندما قال حسام:
-" شبيج متتحاجين"
-" شتريد احجي؟ "
رفع حاجببه ثم تمدد ونظر لانعكاس صورتها وقال:
-" يعني غريبه.. كل يوم متسكتين… خصوصا من تشوفين اهلج، اخبار الأمه كلها تحجيلي ياها"
وضعت عببر المشط ونظرت اليه عبر المرآة وقالت:
-"ماكو اخبار، الخاتون ما تركت مكان للحجي"
-"منو الخاتون.. رشا؟ سوت شي؟ "
-" ما سوت.. بس امي كلش انزعجت.. لانها حست فيني وبقهري"
تأفف حسام وغطى نفسه وهو يتذمر:
-" ما راح ننتهي من السيمفونية"
اغمض عينيه ولم يهتم لكلام عبير التي تبرر لنفسها، فتأففت هي الأخرى وذهبت لتنام هي الاخرى بجانبه..
بينما بقيت رشا مستيقظة، نامت طويلا خلال النهار، كانت تبحث في قنوات التلفاز عن فيلم جميل لتشاهده، ومن الطبيعي أن لا تجد الا افلام الرعب في هذا الوقت.. استقرت على فيلم IT، احضرت بعض المسليات وبدأت بالمتابعه.. وكان لها من نصيب الرعب حظا وفيرا رغم استمتاعها.. عند انتهائه لم تمتلك الشجاعة للتحرك من مكانها.. نظرت للساعه فوجدت انه لم يتبقى الا ساعة عن الفجر، أمضتها تشاهد مسلسلات الكرتون السخيفه وقراءة المعوذات.. عندما اذن، كانت مضطرة للذهاب الى الحمام للتوضؤ، ركضت بسرعة، ولم يكن خروجه كدخوله، بعد سماعها خطوات اقدام.. تنفست بصعوبة ثم اقنعت نفسها انها وساوس.. استجمعت نفسها وخرجت.. مشت بخطوات بطيئة وحذرة الى المطبخ المظلم.. حاولت ألا تصدر صوتا، شعرت بحركة صادرة من ناحية الثلاجه.. كانت تلك البقعه مظلمة جدا.. تنفست بصعوبة وامسكت الملعقه التي كانت على الطاولة، نظرت بتردد نحو تلك البقعة فشاهدت ظلا، سمعت صوت كلام فرمت الملعقه بكل قوة وهي تقول:
-"اعوذ بالله من الشيطان الرجيم"
تأوه ذلك الظل بألم وذهب مسرعا الى ازرار الضوء، اضيء المطبخ فرأت رشا ان ما يخيفها كان عبد الرحمن، جحظت عيناها وعضت اصبعها وهي تراه يفرك جبينه بألم، التفت اليها لكن ثبت نظره بالأرض وهو يقول بهمس وألم:
-"ما الشيطان الا انتي.. حسبي الله، اقولج غطي شعرج ترميني بخاشوقه"
فغر فاهها ببلاهة عندماا تذكرت الأمر وركضت لغرفة الجلوس لتحضر غطاء رأسها ثم عادت اليه، كان يجلس ويتحسس اصابته بألم، اقتربت منه وحاولت تبرير فعلتها:
-"والله ما كان قصدي..يعني كنت خايفه وهيك.. فكرتك جني! "
كان يقطب حاجبيه عندما نظر اليها وقال:
-" جني الي ياكلج..خما شايفه فلم رعب؟"
هزت رأسها بالموافقه فتأفف وقال:
-"اصابات افلام الرعب تطلع براسي كل مره.. شالسبب؟.. مثلج مثل روان، افلام الرعب ممنوعه"
لم تناقشه واحضرت مكعب ثلج، وضعته داخل خِرقة ثم قالت:
-" بعد ايدك"
انزل يده عن جبينه فوجدت احمرارا على شكل خط مستقيم فوق حاجبه قالت بتأنيب;
-"الله يوخدني.. كنت رح اروح عينك يا مشحر.. لو اني قاصده الرميه ما صابت! "
وضعت الثلجة عليها ثم طلبت منه ان يمسكها.. جلست امامهه وهي تقول:
-"جد آسفه والله مش قصدي"
-"لج خلاص اسكتي يا مزعجه، اعرف مو قصدج"
تنهدت وذهبت لتصلي، عندما انتهت وعادت، كانت ام حسام في المطبخ وتسأل عبد الرحمن ما حدث معه.. قال:
-" ولا شي، طلع جني وضربني"
-"عبود.!!"
ضحكت رشا وقالت:
-"صباح الخير"
-"صباح النور.. شمصحيج؟"
-" ما نمت"
-" ليش؟ "
-" نمت هواي البارحه.. ع كل حال، انا رميت المعلقه على عبود.. مسكين"
اقتربت منه وطلبت ان ينزل الثلجه، قالت بتنهيده:
-"يالله منيح، مش كتير سيئه.. يومين تلات بتختفي"
جلست ام حسام وسألت:
-"ليش ترمينه بخاشوقه؟ "
حكت رشا حاجبها وقالت بخجل:
-"خفت.. كان الضو مطفي"
ابتسمت ام حسام بقلة حيلة ثم قالت:
-" حصل خير"
تثائبت رشا ثم قالت:
-"انتهيت، لازم انام"
قالت ام حسام:
-"اي نامي، بس صحي روان"
اشارت رشا لعينيها كأنت تقول: بتؤمري. ثم ذهبت لغرفتها، ثم ذهبت ام حسام لإيقاظ زوجها..

***********

وقعت رشا آخر ورقة وناولتها للموظف فابتسم وقال:
-"رسميا يا ابو حسام انت وكيل الآنسه رشا"
شكره ابو حسام ثم خرج مع رشا، قال عندما ركبت بالسياره:
-" وهسه عمج يكون مطمن"
قالت بتفكير:
-"مش حاسيته اشي ضروري بصراحه.. غلبك عمك بدون سبب"
-"ولو!.. بالعكس.. كلشي لمصلحتج"
همهمت والتفتت الى النافذة لتتأمل طرقات بغداد الجميلة ثم قالت بتذكر:
-" عمي.. بحكو انه المن والسلوى ببغداد شي يجنن"
ابتسم وقال:
-"اي كلش.. تحبين تتذوقين؟ "
-"طبعا!"
هز رأسه وذهب. الى احد سوق عتيقه.. بمجرد اليها تهتف عينيك بعفويه: انها بلاد الرافدين!
توقف امام احد البقالات، نزل لبضع دقائق ثم عاد للسياره مع صندوق كبيرة، جلس مكانه وناول الصندوق الكرتوني لرشا وقال:
-" هذا افضل مكان.. اشتري منه عادة"
-" شكرا يا عمي، كلفتك"
-" لا شهالحجي، ما بينه هالكلام.. عموما هسه الكل يكون مشتهيهه، ما شريتهه من وكت"
فتحت العلبة وتناولت احدى القطع، قضمت منها فغرقت في لذاذة الطعم، تنفست الصعداء فضحك ابو حسام وقال:
-"هاي شنو.. لهالدرجة تحبينهه؟ "
ردت :
-" واكتر.. تبعت الاردن كنت اموت عليها وهي ما بترتقي لطعم هاي.. تخيل كيف بحب هاي"
-" صحتين صحتين.. طيب ممكن تنطيني قطعه قبل ما تختفي القطع؟"
ضحكت ومدت له العلبه ليختار..

وصلا المنزل فقال ابو حسام:
-"اني ما رح اجي، قولي لخالتج ما تنتظرني للغدا"
هزت رأسها بفهم ونزلت، طرقت الباب ودخلت فاستقبلتها روان وهي تهتف بحماس:
-" رشااا فديييتج، اخذنه علامة الرياضيات، علامتي كلللش حلوه"
اخذت رشا الورقة منها وقرأت العلامه : 15/20. هزت رأسها باعجاب وقالت:
-"متحسنه"
-" شنو منحسنه… لج هذا ممتاز بالنسبالي! من اليوم انتي الموظفة الرسميه لتدريسي"
اشارت رشا لعينيها وقالت بابتسامة:
-"من عيوني.. كم روان عندي؟ "
ناولتها المن والسلوى واكملت:
-" خدي.. انتو بنعمة ببغداد ع هيك من وسلوى"
اخذتها روان بسعادة وذهبت للمطبخ، نظرت رشا لعبير وام حسام وقالت:
-" السلام عليكم"
-" وعليكم السلام"
جلست رشا ثم قالت:
-"ابو حسام بحكي لا تنتظروه للغدا"
قالت ام حسام باعتراض:
-" ليش؟ جنت محضره كلشي"
-"ما بعرف والله، يمكن شغل"
التفتت لصوت حسن الذي بدأ باصدار تلك الاصوات الطفولية الساحره بينما ينام على ظهره ويتأمل السقف.. ذهبت اليه وقبلته ثم قالت:
-" يعمري، فديتهم الحلوين يا ناس، بجنن هالقمر"
قالت عبير:
-" فاتج.. من الصبح هيج"
قالت عبير بحزن مصطنع:
-"هيك يا اهبل، بتلعب من وراي؟"
داعبته بحب ثم اعادته مكانه وذهبت لغرفتها.. صلت الظهر ثم نزلت للغداء بعدما حضر حسام وعبد الرحمن.. قالت بينما هم يأكلون:
-"بفكر بشغلة"
نظر اليها حسام باهتمام فأكملت:
-"اني اشتغل.."
قال حسام مقاطعا:
-" النقاش عقيم وانتي تعرفين هالشي.. "
-" لا هالمره غير! "
وضع الملعقه وانتظرها ان تكمل:
-"انه هالمره.. بما انه روان استفادت من تدريسي.. ليش ما اجيب ولاد الجيران الصغار ادرسهم، بطلع مصروفي ع الاقل"
لم يتكلم حسام وهو يفكر بالأمر فقالت امه:
-"صراحة هي فكرة حلوه اذا انتي مصره عليهه.. بس ما اضمنلج عمج ابو حسام"
-" انا متأكده انه رح يكون مقتنع وما رح يعارض"
مسح حسام ذقنه وقال:
-" يعني انتي مصره؟ "
-" آه مصره.. وكتير كمان.. ع الاقل احس انه الي فايده بدل قعدة المطلقات هاي"
ابتسم ثم قال:
-"القرار لأبوي.. مادري شيقول.. واذا وافق، اني اتكفل بالادوات"
ابتسمت له بامتنان فقال عبد الرحمن :
-" يعني هيج بيتنه بيصير كله اطفال مزعجين؟!"
بلعت رشا ريقها ثم اجابت:
-" يعني.. عادي بصير انا اروح عليهم ع بيوتهم! "
قالت ام حسام بسرعه:
-" وانت شنو زاعجك سيد عبود؟ تقعد بغرفتك ع الموبايل طول اليوم متنزل هالطابق، هسه صرت تنزعج؟ يجون هنا، البيت كبير وغرفة الضيوف شبه معزوله"
قال حسام:
-" لعد خلاص..يجي ابوي واتفاهم وياه"
قالت رشا:
-" لأ انا خليني احكي معه احسن، بقنعه اذا رفض"
-"براحتج"
انهت عبير أكلها وخرجت من المطبخ..تنهد حسام وخرج خلفها، جلست امام التلفاز فجلس بجانبها، توقع منها ان تنفجر فيه لكنها بقيت ساكته، تنفس الصعداء وفتح هاتفه.. بينما هناك حرب تقام داخل عبير تود لو تفجرها لكنها جَبُنَت!

**********

-" اني مو قلتلج خلاص ماكو شغل!"
تنهدت رشا وقالت:
-"يا عمي.. بس اسمع الفكره"
-"زين احجي داسمعج"
اخذت نفسا عميقا وقالت:
-"بدي اخلي ولاد الحاره الصغار يجو يدرسو عندي، بعطيهم دروس تقويه.. وهيك بجمع مبلغ منيح، بصرف ع حالي"
عدل جلوسه وقال:
-"احنه مقصرين بشي؟"
ردت بانفعال:
-" لا والله، اهلي ما كانو يعملولي زي ما بتعملولي انتو "
-" زين ليش تريدين تجمعين مصروف الج؟"
فركت يديها وقالت:
-" يعني.. برتاح اكتر"
صمت ابو حسام لدقيقتين ثم قال:
-" زين.. تشتغلين هالشي.. بس بشرط"
لمعت عيناها واجابت باندفاع:
-" اشرط اي اشي"
-"الفلوس الي تجمعينهه من شغلج، تضمينهه للوقت الي يجي بي عمج.. راح تحتاجون فلوس.. اما طول الفتره الي تكونين بيهه ببيتي متصرفين فلس واحد من فلوسج، واذا يريحج ان يكون لج مصروف حر بإيدج، اني بداية كل اسبوع انطيج مبلغ تصرفين منه براحتج"
ارادت ان ترفض لكنها اشار لها بالصمت وأكمل:
-" اذا تظنين انج تكلفيني.. فهاي الفكره نوعا ما تضحك، انتي شنو مصروفج؟ أكل متاكلين مثل الناس، طبخنه ما تغير، وكلش وجودج لطيف.. يعني خلاص بطلي تفكير بانج غريبه، انتي صرتي من اهل البيت، وتضايقني فكرة انج راح تطلعين من هنا اصلا"
ابتسمت لكلامه لكن سرعان ما انمحت ابتسامتها وقالت:
-" انت بتعرف اشي عن عمي انا ما بعرفه؟ "
كلامه يوحي بأنه متأكد من أن عمها سيأتي! بطريقة ما شعرت انه يعرف شيئا.. سكت ابو حسام لدقيقنين فقالت:
-" يعني بتعرف! "
هز رأسه وقال:
-" عمج ديحاول يوصل للعراق، لهالسبب ميكلمج، ميقدر"
انقبض قلبها بشده، لا تعرف ان كان فرحا ام خوفا! وضعت يدها على صدرها ولم يتكلم أيهما.. الى ان دخلت ام حسام وقالت:
-"ام الفرزدق تقول حتيجي تزورنه الليله"
التفت اليها ابو حسام وقال:
-" اي.. البيت بيتهه"
-"اي بس راح يجي ابو الفرزدق وياهه"
-" اهلا وسهلا، براحتهم"
تركتهم رشا وذهبت لغرفتها.. جلست في اقرب مكان وكانت ملامحها تنم عن كمية الضياع فيها.. قالت روان باستغراب:
-"شبيج؟ "
نظرت اليها رشا وتنهدت ثم قالت:
-"عمي بطريقة بده يجي للعراق"
-" زين؟ شكو بيهه؟ مو ترييدين هيج؟ "
صمتت لثواني ثم فالت:
-" اه بدي هيك بس انه الوضع بخوف لانه الجماعات المسلحه تجمعها اغلبه بالمفرق!"
-" ممم الله يحميه ادعيله.. يجي وتشوفيه"
-"يا رب"
ضغطت على صدرها وتنفست بعمق..

**********

فتح ابو حسام الباب وقال مرحبًا:
-" تفضل تفضل اخويه"
صافحه ابو الفرزدق بحراره وهو يقول:
-" يزيد فضلك يا ابو حسام"
دخلا واشار له ابو حسام ان يجلس وهو ويقول:
-" والله خجلان منك، جيت من السفر وما زرتك بس اكو مشاغل ومصايب لفوق راسي، ما لقيت وقت مناسب ازورك بي"
قال ابو الفرزدق:
-"مو بينه هالحجي، ادري بظروفكم.. واحنه اخوه، اني ازورق مو مشكله"
-"الله يسعدك.. اي قلي، حتستقرون هنا لو همين اكو سفر؟"
-"اكو سفر، بس مادري شوكت، زيد اجه ويانه.. نريد نزوجه، يستقر هو هنا واحنه نرجع نسافر"
-" ما شاء الله! ومنو البنيه الي راح تطلبوله ياهه؟"
-" والله مادري، ام الفرزدق دتشوف البنيات.. الي تعجبهه يشوفها زيد وهو يقرر"
-" الله يساعدكم"

وفي جهة اخرى استقبلت ام حسام ام الفرزدق من الباب الآخر، وبدأت احاديثهما المتنوعه، الى ان فتحت مريم حقيبتها واخرجت منها قماشا غريبا، قالت وهي تناول الفستان لأم حسام:
-" باعي يا ام حسام، هاذا الفستان شريته من هناك، شوفي شكد يخبل وخفيف"
فردته ام حسام امامها وقالت:
-"والله كلش حلو، اللون هذا يسحر، شون بهاي القماشه!.. هذا بشكد؟"
اشارت لها مريم ان السعر غير مهم ثم قالت:
-"اني جنت ناويه انطيه لخطيبة زيد من نخطبله، بس مادري هيج من شفت رشا قلت هذا الفستان ما يليق الا عليهه.. ناديها يا أم حسام خلها تشوف"
ابتسمت ام حسام ثم قالت:
-" اي.. زين.. انتظريني"
وقفت ام حسام لتذهب فأوقفتها مريم قائله:
-"همين وينهن روان وعبير؟ شكو مو هنا؟ "
-" عبير مجننها حسن دتحاول تنيمه، وروان عدهه امتحان"
هزت مريم راسها بفهم فذهبت أم حسام، لكن قبل ان تخرج دخلت رشا وهي تحمل القهوه.. قالت:
-"السلام عليكم"
قالت مريم بابتسامه:
-" وعليكم السلام ورحمة الله! شفتي، بنت حلال.."
ابتسمت رشا وقالت:
-" شكلكم كنتو تحكو عني"
-" اي جنت اقول هالفستان ما يليق الا برشا.. شرايج"
نظرت رشا للفستان لكنه ملامحه لم تكن واضحه، كان فستانا بلون ازرق خافت مع بريق يشبه بريق النجوم، خفيف وبالكاد يظهر، لكنه يعطي جمالا غريبا للقماش، بالاضافة الى نقشات القماشة نفسها بنفس اللون او افتح قليلا بحيث لا يلاحظ الفرق أحد.. قالت رشا وهي تقدم لها القهوهى
-"الله يسعدك ما اله داعي.."
تناولت القهوه وقالت:
-"لا شلون، شي مصمم لاسمج"
قدمت رشا القهوة لأم حسام وجلست ثم تناولت الفستان وتاملته، قصير وذا اكمام منفوشة بنفس اللون لكنها اكثر شفافيه، قالت:
-"والله حلو، بس يعني انا وين بدي ألبسه؟"
-"هي هديه، اني مالي علاقه وين تلبسيه"
ردت:
-" طيب.. يسلمو كتير، كلك زوق"
ابتسمت مريم ونظرت لأم حسام، وبنظرتها كانت قد نقلت كل افكارها اليها، نظرت ام حسام لرشا بتفكير فقالت مريم:
-"شرايج تلبسيه؟ خلينه نشوفج بي"
ابتسمت رشا بارتباك وقالت:
-" لا شو، ما رح البسه"
-" لج يله قومي"
رفعت رشا حاجببها رفضا فقالت مريم:
-" زين.. الي يريحج"




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-10-19, 08:17 PM   #8

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


//


"وكأن ما حدث، كان بالأمس! "




وضعت ام حسام صحن الفاكهة امام زوجها وقالت:
-"داحسها ناويه تخطب رشا لزيد"
عقد ابو حسام حاجبيه وقال:
-"معقول؟"
-"اي معقول.. ليش لا، رشا بيهه مواصفات ممتازه لأي عروس.. واصلا لمّحتلي اكثر من مره، مره تقول جنت اريد انطي الفستان لخطيبة زيد وانطته لرشا، ومره تحجيلي انهه تريد بنيه فطيره لزيد وبين الكلام قالت باسلوب مزح انهه تفضل تكون لا اهل ولا اقارب، يعني برأيها هيج يتحكم زيد اكثر بيهه وما يكون اكو طرف يشوش بينهم"
حك ابو حسام ذقنه بتفكير ثم قال:
-" ما علينه منهم.. اني قلت لأبو الفرزدق ان عم البنيه بطريقه لهنا، ما اظن يجون يخطبونهه قبل ميجي عمهه، واذا اجو.. نقلهم ينتظرون عمهه هو ولي امرها"
هزت أم حسام رأسها وقالت:
-" وهذا الصح، ما نتورط بهيج خطوه صعبه.. ورشا مو مثل نظرة مريم، رشا قويه ويطلع منهه كلشي، بس هي هسه متغلط لاننا منغلط"
-" لهالدرجه؟ انتي تقولين هيج وعمهه يقول هيج.. شككتوني بنفسي، داشوفها كلش لطيفه وبريئه"
-" للأمانه هي لطيفه ومحترمه.. بس هذا الشي مينفي انهه داهيه، يعني كافي نعرف انهه هي وحسام جانو مثل ميقولون اصدقاء لخمس سنين"
رفع ابو حسام حاجبه وقال:
-" ام حساام.. شقصدج، ترا هالشي منتشر بالاردن وتعرفين، اي غلط بس همين لتحسسيني انهه هامله لا سمح الله"
ردت بانفعال:
-" اني ما اقصد هيييج! الله يسامحك… يعني..خلاص سكتت، ما راح تفهم"
رمقها بحدة ثم اخذ قطعة فاكهة واكلها..

**********

كانو يجلسون حول مائدة الغداء عندما قال ابو حسام:
-" رشا، شرايج نطلع نشوف بيوت الاجار ، يعني من يجي عمج تحتاجون بيت مو؟ "
ابتسمت رشا وقالت:
-"اه طبعا، بس انتا راجع تعبان من الشغل منأجلها ليوم عطله"
قالتها وهي تتمنى ان يصر على رأيه، لكنه احبطها عندما رد بابتسامة واسعه:
-"الله يرضه عليج"
كان حسام ينظر اليها مطولا، يتأمل انقلاب حالها.. منذ ان علمت بأن عمها سيأتي وهي مبتسمه وقد عاد النور الى وجهها، ذلك الجمال الغريب المخفي بين قسمات ملامحها العاديه قد عاد مجددا..تأوه عندما داست عبير على قدمه ثم قالت بهمس لا يلاحظ:
-"خير.. تباوعها جنك اول مره تشوفهه"
تأفف ثم وقف وقال:
-" الحمدلله شبعت"
خرج من المطبخ متوجها لغرفة الجلوس، شاهد التلفاز بملل الى ان اتاه عبد الله.. جلس بجانبه وقال:
-" حسام، شوكت عيد ميلاد رشا؟"
عقد حسام حاجبيه باستغراب ثم سأل:
-" وليش؟"
-"يعني،دافكر نحتفل بيهه، وافكر نجمع فلوسنا على بعض ونشتريلهه موبايل، ماحد يقدر يبقه بدون موبايل"
فكر حسام قليلا ثم قال:
-"صدق والله، حلوه الفكره.. خلاص لعد ننفذها"
-"زين شوكت؟"
-"شنو اليوم؟ اي تذكرت.. مم.. بعد اسبوع "
-"لعد لازم نبدا نحضر"
اشار له حسام ليفعل ما يشاء ثم عاد تركيزه الى التلفاز.. في المطبخ، بدأت روان ورشا بلملمة صحون الغداء ثم قالت روان:
-"اليوم دورج بغسل المواعين يا قلبي"
-" بعرف يختي انه الجلي علي"
ابتسمت روان وخرجت من المطبخ.. بعد ان انهت رشا عملها ذهبت لغرفة الجلوس.. و بمجرد ان رأوها حسام وعبد الرحمن وروان حل الصمت..رفعت حاجبيها باستغراب وقالت:
-"مالكم سكتوا فجأه"
قالت روان :
-"مالج شغل..حجي اخوه انتي شكو"
شدها حسام وقال:
-"عيب..مو هيج تبررين"
نظر الى رشا وقال بابتسامه:
-"ماكو بس هيج نحجي "
ابتسمت له بلطف وجلست بعيدا عنهم، وكعادته ابو حسام يفتح قنوات الأخبار..فوصل الى مسامع رشا: "ونبهت الحكومة الأردنية الشباب الذين خرجوا معارضين على انها قد تتخذ اجراءات صارمه بحقهم..هذا وقد وصلتنا معلومات من مصادر موثوقه ان عددا من المتظاهرين تم اعتقالهم بتهمة انتمائهم للجماعة مما سيهدد سلمية التظاهرات"
عندما لاحظ ابو حسام شدة انتباهها مع الخبر اغلق الشاشة وقال ليضيع الموضوع:
-"رشا .. يله عمي قومي حظري نفسج خلنطلع نشوف بيت، عمج ما بقه شي ويوصل، جم يوم ويكون وياج"
ابتسمت بامتنان وقالت:
-"انا جاهزه"
وقفت ثم اردفت:
-"بس خليني اجيب شنتتي"
خرجت من غرفة الجلوس فقال حسام:
-"بابه خلاص لا عاد تفتح الاخبار، كافيها هموم"
هز ابو حسام رأسه وقال:
-"اني نسيتهه..ما انتبهت، جنت نبهتني"
قالت ام حسام:
-"حصل خير..انت وين تريد تشوفلها بيت؟..انت تعرف ان البيوت ببغداد اجرها كلش عالي"
-"اعرف..بس مو كلهن، احاول اشوف بيت متواضع يقدر يمشي امورها وامور عمها الى ان يصير عدهم قدره ماليه، واني راح اساعدهم بالاجره "
-"زين..الله يساعدك"

**********

مر يومان او ثلاثه ، وقد تمكن ابو حسام من ايجاد بيت صغير مناسب لرشا، وقد خرجا معا لإتمام أمور الاستئجار..بينما في المنزل كان حسام وعبد الرحمن وروان يحضرون لحفلة عيد ميلاد رشا..وبينما كان حسام ينفخ البلالين وقفت عبير امامه وهي تهز قدمها بعصبيه وقالت:
-"ما شاء الله، كلش تعبانين بالتحضيرات..وانت كلش متحمس داشوفك"
تنهد وربط البلون ثم قال:
-"المطلوب؟"
-"ابدا ماكو مطلوب، بس شوية اهتمام بمرتك..ابنك..لك من يومين ما سألت عني!"
جحظت عيناه بصدمه وقال باستنكار:
-"اسأل عنج شنو؟..اكل وماكل وياج..نوم ونايم وياج..سهر وسهران وياج..خير..شتريدين؟"
تجمعت الدموع في عيناها وقالت:
-"يعني انت هذا تعتبره اهتمام..لك داتهتم برشا اكثر مني!"
وقف وقال بعصبيه:
-"شون اهتم بيهه اكثر منج شووون؟"
-"شون يعني؟..شريتلها موبايل، ودتجهز الحفله، اني مرتك ما سويتلي شي هيج"
ضرب يديه بقلة حيلة وقال:
-"عيد ميلادج اجه؟ ما اجه..لتسوين مشكلة من لا شيء، والموبايل اني شاركت بسعره فقط...الفكره فكرة عبود والفلوس اني وعبود وروان وشوي امي..يعني مستخسره شوية فرح لقلب هالمسكينه؟"
ارتفع صوتها وهي ترد:
-"اي والله كلش مهتم لقلب المسكينه..طبعا ميهونلك بيهه..حسام اصحه!..انت ابو..مو مراهق"
ارتفع صوتها اكثر وغضبه فاض قائلا:
-"مراهق؟؟؟..صايره وقحه يا عبير...ما اسمحلج تغلطين اكثر..اني مو مراهق واعرف شسوي"
-"يا سلااام!..هواي تعرف تطبق بنيات..تعرفها من 5 سنين!..انت شايف هالشي هين؟..لو اني اعرف واحد من 5 سنين شبتقول؟"
-"ببساطه اكسر راسج"
-"شفت!!..حسبي الله ونعم الوكيل فيك"
بدأ حسن بالبكاء ودخلت ام حسام وهي تقول بقلق:
-"شبيكم؟؟..شصاير؟"
رمقته عبير بنظرة غضب اخيره وخرجت..كررت ام حسام السؤال لابنها:
-"شصاير بينكم ؟"
-"ما صاير شي..انسي يمه"
تنهدت بقلة حيلة وخرجت خلف عبير علها تخبرها ما الأمر..
جلس حسام وغطى وجهه. بيديه، تنهد بعمق.. لا يعرف ما الذي يصيبه عندما تتكلم عبير في هذا الأمر، لكنه يعلم في داخله انها محقه، او من حقها أن تغضب، لكن لا يمكنه ابدا الابتعاد.. او ترك رشا.. خصوصا في هذا الوضع..رفع رأسه ونظر للسقف، ان قراره نهائي، عندمل تنتقل رشا للسكن مع عمها، سيحل الأمر، ويحاول ارجاع المياه الى مجاريها..

**********

تنفست رشا الصعداء بعدما وقعت العقد الذي حاول ابو حسام جاهدا ان يجعله مناسب لأي ظرف طارئ.. نظرت اليه وقالت بابتسامه:
-"هسه ما ضل اشي الا اني اشوف عمي"
ابتسم لها وقال:
-"اي، لا تنسين لازمكم شوية اثاث تعيشون بي"
مددت اطرافها بتعب ثم قالت:
-"عادي، يوم تاني"
هز رأسه بموافقه ثم قال:
-"ما تغدينه، شرايج اخذج على مطعم ناكل بي"
فكرت قليلا ثم قالت:
-"لا مش ضروري، هسه بس نوصل البيت اكيد خالتو حاسبه حسابنا بالغدا"
اومأ ثم وقف وقال:
-" زين يله خلنمشي"
جاء الرجل صاحب المنزل، رجل بسيط جدا.. قال:
-"خما رايحين؟ "
اجابه ابو حسام:
-"اي والله يا ابو فادي، لازم نروح تأخرنه"
-" زين تغدوا وروحو"
ابتسم ابو حسام بامتنان، رغم قلة حيلته الا انه يدعوهم للغداء.. اجاب:
-" لا تسلم، الأهل يتصلون"
ودعوا بعضهم بعد اخذ مفتاح..

وصلوا المنزل، ركن ابو حسام السياره في مكانها ثم قال:
-"انتي روحي اني شوي واجي"
نزلت وذهبت للباب، طرقته ثم انتظرت قليلا وفتحته، استغربت العتمه المبالع بها بالداخل، يبدو انهم انزلوا جميع الأباجورات.. عقدت حاجبيها باستغراب ودخلت، كانت تحاول تلمس اي شيء حولها، وضعت حقيبتها على الأرض واذ بالأنوار تضيء وصوت جماعي:
-" happy birth day to you"
وضعت يدها على فمها بتفاجؤ وقالت:
-"ما احلاااكم"
اشعل حسام الشموع على الكعكه بينما اقترب عبد الرحمن منها وهو يحمل الكاميرا:
-"شون هالمفاجأه؟"
اتسعت ابتسامتها اكثر واجابت:
-"بتجننن زييكم، كتتيير حلووو.. عنجد شكرا"
تأملت الغرفة حولها، امتلأت بلالين وزينه، ضحكت بفرح وقالت:
-"مع اني حاسه حالي زي الصغار بس بجنن"
احتضنتها روان وقالت:
-"اي مو هاذا تخطيطي اني وعبود، يطلع يجنن.. بس الشكر لحسام قدر ينفخ كل هالبلالين"
واتبعت كلامها بضحكه، ضحكت رشا وقالت:
-" يسعدكم ويخليلي ياكم"
قال عبود:
-"اي بس حته تعرفي انج غاليه"
ابتسم وارسل اليها قبله عفويه بالهواء، ضحكت رشا على عفويته وقال ابو حسام الذي دخل في تلك اللحظهى
-" انت ما تستحي.. ينرادلك تكسير"
ضحك عبد الرحمن وقال:
-" والله مادري شون هيج"
تجاهله والده وقال لمن يقف خلفه:
-" تفصلوا اهلا.وسهلا"
دخلت اسراء وهي تقول :
-" يزيد فضلك خالي.."
ودخلت خلفها امها ام عمار..سلمتا على رشا ثم قالت ام حسام:
-"العمر كله يا رب، تعيشين وتشوفين احفاد احفادج"
-" تسلميلي يا رب"
قال حسام:
-"خلاص السلامات وصلت، الشموع حتخلص وانتم تسلمون"
ضحكت رشا واقتربت منه ومن الكعكه.. همست بطريقة لا يلاحظها احد:
-" شكرا حسام"
ابتسم ولم يرد، تفهمه دون ان يتكلم، لا يمكنه تهنئتها كما يريد بوجود عبير.. تذكر زوجته فرفع نظره اليها، تراقبهما بحقد.. تجاهل نظراتها واشار لها ان تتكلم مع رشا، فقالت عبير مرغمه:
-"كل عام وانتي بخير"
كانت جملتها متهكمه، نظرت اليها رشا باستغراب واكتفت بالابتسام، سأل حسام عمته:
-"عمار ما اجه؟"
-"لا ما اجه، قال راح يجي بالليل هسه ميقدر"
هز رأسه بفهم فاطفات روان الانوار وقالت:
-"يالله رشا تمني امنيه وطفي الشموع"
اقترب عبود منها اكثر لتظهر بوضوح في الكاميرا فابتسمت ثم نفخت على الشموع، قالت اسراء:
-"شتمنيتي؟"
رفعت رشا حاجبيها رفضا للاجابه وقالت:
-"سررر"
امسكت ام حسام السكين وقالت:
-" يالله ترا مشتهيه الكيكه"
قطعتها ثم بدأت توزع بمساعدة روان على الموجودين.. ملأت الاحاديث الجانبية المكان الى ان قالت روان:
-"هسه صار وكت الهديه مالتنه"
ذهبت مسرعة الى احد الرفوف واخذتها فقالت رشا:
-"وهديه كمان! والله ماله داعي"
جلست روان بجانبها وقالت:
-" يالله فتحيهه.. عبود هات الكاميره صور"
كان عبود يقف فوق رؤوسهما قبل ان تتكلم..فتحت رشا الهديه وهي تقول:
-"شكلها هديه محرزه"
ما ان شاهدت صورة الهاتف على علبته وضعت يدها على فمها ووزعت نظرها بينهم بامتنان وقالت:
-" كتير! "
قرصت روان خدها وقالت:
-"لا مو كثير، تستاهلين اكثر"
تجمعت الدموع في عينيها وقالت:
-"شكرا.. عنجد شكرا كتير.. خجلتوني"
قال حسام:
-"مسكين اني، بعيد ميلادي محد قالي وينك"
ضحك ابو حسام وقال:
-"شرايك نسويلك حفله همين؟"
قالت عبير:
-"اي نسويله ليش لا، اني بنفسي اسويلك فديتك"
ابتسم حسام بحب فقالت اسراء:
-" لعد اخذي هديتي اني وامي"
اعطتها الهديه ثم عادت مكانها، ازداد احمرار وجنتي رشا وقالت:
-" الله يخليلي ياكم"
فتحت الهديه فكانت عِقد من الفضه ترتبط فيه ٣ فراشات تختلف احجامها.. زمت شفتيها ثم قالت بامتنان:
-" شكد حلو! حبيته!.. شكرا كتير"
قالت ام عمار:
-"وربي تستاهلين كل خير"
قال ابو حسام:
-" واني عندي الج هديه خاصه ثانيه…"
فتح هاتفه واكمل:
-" عمج اليوم رسلي"
وضعت رشا الهدايا جانبا وذهبت اليه بسرعه.. تسارعت دقات قلبها عندما اخذت الهاتف منه وقرأت:
-"شكرا يا ابو حسام تعبناك مع رشا، فضلك طمرنا، انا صرت بالمفرق قريب من حدود العراق، كم كيلو ونوصل.. مع هيك ممكن اتأخر اكثر، على كل حال تقدر رشا تستقر بالبيت الي استأجرتوه حتى اجي..سلملي عليها كثير.. ما رح الحق احكي معها.. شكرا"
تأملت الرساله مطولا وكررت قراءتها عدة مرات، تنفست الصعداء ثم قالت:
-" الحمدلله انه بخير، ما ضل اشي وبوصل"
قال جميعهم: الحمدلله. ثم قالت ام حسام:
-" تفضلو يا جماعه الاكل كثير، عبد الرحمن اعطي فشار لعمتك واسراء"

استمر الكلام والضحك حتى حلّ الليل..جاء عمار، فتح له حسام الباب وسلم عليه بحرارة وقال:
-"زين جيت، تأخرت"
-"اي والله اعذرني، جنت مركز بقضية بايدي والحمدلله لقيت الي اريده"
-"الحمدلله، الله يوفقك..تفضل"
دخل عمار وألقى السلام ثم نظر لرشا وقال:
-" كل عام وانتي بخير، كلش جنت مشغول.. ردت اشوفلج هديه بس ما قدرت"
قالت رشا :
-"ولو! الله يسعدك.. عمتو واسراء ما قصروا.. تسلم"
ابتسم لملامحها الوديعه، لم يرى هذه السعادة الصافيه في وجهها من قبل..تبدو اجمل! انزل نظره عنها ومشى نحو خاله وسلم عليه ثم على عبود وجلس بقرب امه التي همست له:
-" شنو؟ عجبتك البنيه؟ "
تظاهر انه لم يسمعها وقال:
-" عبد الرحمن، ما جبت العاب جديده للبليستيشن؟ "
رد عليه بغرور:
-"ولو! اني عيود، طبعا جبت. فد لعبة رعب تدوخ"
-"ممتاز.. لعد الليله نلعب"
قالت رشا بعفويه:
-"لعبة رعب؟"
نظر اليها عبد الرحمن وقال:
-"اي.. تلعبين؟ لو تخافين؟ "
-" انا اخاف! عيب عليك.. قوم نلعب"
قالت ام حسام:
-" هسه تلعبون بس قبل خلنا نضيف الضيف! قومي يا روان جيبي حصة عمار"
ذهبت روان بسرعه فقالت ام عمار:
-" صحيح نسيت اسألج.. سمعت رشا تريد تدرس الاطفال مو؟ "
قالت ام حسام:
-"اي.. تريد"
-"وشوكت تبدا؟ "
قالت رشا:
-"بالعطله الصيفيه ما ضل عنها اشي.. بعمللهم دروس تقويه"
-" اي ووين يعني حتدرسين؟ "
سكتت قليلا ثم اجابت:
-" لوقتها بصير خير، لسا هسه احنا بعجقة استئجار البيت وجية عمي.. بعديها منشوف"
اومأت ام عمار بفهم فقالت روان بعد ان وضعت الصحن والعصير امام عمار:
-"امشي رشا نلعب براحتنه قبل ما يجوون الزنخين على قولتج.. تعالي اسراء"
ذهبن الى غرفة الضيوف حيث يلعب الشبان غالبا.. وصلّت روان البليستيشن بالشاشة فقالت رشا:
-" انا أولى"
ردت روان:
-" اي اوك بس اي لعبه؟"
-"نشوف"
تنقلت رشا بين الألعاب الى أن رأت عنوان يدل على انها لعبة الرعب التي يتحدثون عنها.. فتحتها فقالت اسراء:
-" اني ما اقدر اخاف!"
-"معناها اكتفي بالمشاهده حبيبتي"
انطلقت الموسيقى المخيفة في ارجاء الغرفة ثم بعد التحميل كانت رشا على ارض اللعبه، أرض جرداء الا من الشجر المحترق.. بدأت تركض داخل اللعبه حتى دخلت منزلا ما، وهناك صرخت الفتيات عندما قفزت جثة امامهن وخلفها وحش يركض نحو شخصية اللعبه.. وانتهت اللعبه عندما تم قتلها.. ضحكت رشا وقالت:
-"هاي لعبه هاي!"
قالت اسراء:
-"انا مالي علاقه، ما العب."
خرجت من الغرفه باللحظه التي دخل بها عبود يلحقه حسام وعمار..قال عبود:
-"شنو هالصراخ! على اساس متخافين"
-"انا ما صرخت.. روان واسراء صرخو"
قالت روان:
-"للامانه ما صرخت..بس ايد اللعبه حتنكسر بين ايديها"
ضحكت رشا ثم قالت:
-"بس حكيلي كيف بتنلعب، شو لازم اعمل؟"
-"مادري.. اليوم حملتها."
لوت رشا شفتيها بحيره ثم قالت وهي تنفض يديها:
-" وسسعوا للقدرات جواتي خليها تطلع، اقعدو وشاهدوني بصمت"
اعادت الرشا اللعبه وانسجمت بها الى حد انقطاعها عن العالم، صحيح انها امضت الوقت تركض وتهرب من و الى الوحش لكن حماس الجميع تأجج معها.. انتقلت بعدها من مرحلة الى الأخرى الى أن ماتت الشخصيه.. التفتت اليهم فوجدتهم مصدومين.. قالت:
-"قولو عني عاطله.. ختمت خمس مراحل بجلسة وحده، صحيح ما رح انام الليل بس معلش"
ضحك حسام فقال عبود:
-"احلفي ما لعبتيها قبل؟"
-"تؤ ما لعبتها، بس من خبراتي السابقه...اركض واهرب طول الوقت بتنجو.. المهم تلاقي سلاح"
عدل عمار جلوسه وقال بسخريه:
-"صدق صغيره.. داحس ممضيه عمرج تلعبين"
رفعت حاجبها وقالت:
-" يا سلام شو ذمتك واسعه.. ع اساس انت الي عمرك انجازات!"
-"والله اني كل قضية الي انجاز"
-" وانا قضية عمري اكبر من كل قضاياك مجتمعه"
-" حجي فارغ"
-" ادخل حرب، واطلع منها زي ما دخلتها.. وراجعني"
-"انتي لولا عمج جان وياج متطلعين منها"
-" انا ما كان معي حدا الا رب العالمين.. الشهرين الي قضاهم خالي معي كنا فيها مستقرين ببيت، ولما انخطف بلشت المعاناة، خلي جماعه ارهابيه تخطفك واطلع منها بالسليم..وتعال تكلم"
سكت عمار وقال حسام بتفاجؤ:
-" خطفوج؟!! "
ادركت ما تفوهت به ثم قالت بتردد:
-" لأ.. مش فعليا، حاولوا يعني"
استنفر في جلوسه وقال:
-" اي شون يعني شصار؟ "
تنهدت وقالت:
-" ولا اشي.. بس مسكوني، كانو رح يوخدوني معهم بس لقيت طريقه بفضل الله اني اطلع، بمساعدة شخص.. الله يرحمه"
-"قوليلي شصار بالتفصيل"

**********

بعد ان اضطرت رشا ان تخرج من المنزل الصغير هي وخالها وامير مع سكان القريه بعد اعلان اقتراب القصف منهم… مشوا مسافات طويلة جدا امتدت لثلاثة ايام متواصلة بالكاد يتخللها بعض الراحه.. ومع اقتراب نفاذ الطعام والطاقة من الجميع، لمح الناس سيارات محملة بالرجال قادمة من البعيد، وبسرعة بدأ الناس يركضون في كل الاتجاهات، الا رشا وخالها عبد الرحمن..اجلسها امامه واخرج جميع الأموال التي معه من حذائه حيث كان يخبئها وقال:
-"امسكي هدول خبيهم معك.. بمكانين مختلفين"
اخذت الأموال وانتظرت باقي اوامره فنهرها:
-"هسه خبيهم.. فش وقت"
قسمت النقود نصفين.. نصف خبأته في حمالة صدرها والنصف الآخر في حذائها، ونقلت الأموال التي كانت في جيبها الى حذاء أمير فقال خالها:
-"واركضي معي بسرعه"
حمل عبد الرحمن أمير وركض مسرعا الى احدى العمارات المهجوره..ركض الى السطح وهو يكلمها:
-" اذا صار اشي وصرتي لحالك.. بتضلي تمشي لجهة العراق، لجهة الغرب، وين بتغرب الشمس الحقيها"
ارتفعت اصوات الصراخ واطلاق النار فبدأ أمير يبكي، اخرسه عبد الرحمن ووضعه داخل خزان الماء الفارغ وحمل رشا وألحقها به..ثم قال:
-"خلي أمير ساكت.. انا بدي اتخبا بخزان ثاني.. شو ما صار لا تطلعي!"
انصاعت لأوامره ووضعت يدها على فم امير، بعد دقائق سمعوا صوت ركض قادم من الدرج، بمجرد ان وصلت اصوات الاقدام الى السطح قال احدهم:
-"هي مطوله معك وانت تركض؟!"
واطلقوا النار..شهقت رشا بخوف فالتفتو الى جهة الخزانات باستغراب وتشكيك.. اشار احدهم للبقيه ان يضربو الخزانات، وضعت رشا يدها على فمها، ضربو باسلحتهم احدى الخزانات الفارغة.. توتر خالها بشدة وشعر ان الأمر سينتهي هنا، اما ان يمسكو به ويضللهم او سيمسكون بالجميع!.. همس:
-"اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله"
اخذ نفسا عميقا ووقف ثم قفز خارج الخزان فتوجهت الاسلحه نحوه، رفع يديه باستسلام.. قال قائدهم:
-"انا بحب الي زيك، يالله قدامي"
لم ينبس عبد الرحمن ببنت شفه ونظر الى جثة الرجل، اصابته كانت بسلاح بوباكشن في رأسه، مما أدى لظهور الدماغ وخروج احدى العينين وانتشار اشلاء الجمجمه بجانبه، اغمض عينيه من صعوبة المنظر ونزل عن ظهر الخزان.. فامسكوه بقوة وسحبوه معهم.. كانت رشا تبكي بشدة بعدما ايقنت انهم اخذوا خالها.. تحاول جاهدة ان لا تصدر صوتا.. وعندما تأكدت انهم ذهبوا، وقفت ونظرت خارج الخزان بحذر، فلم تجد احدا، قالت لأمير بنبرة باكيه:
-"لا تتحرك، ولا تطلع صوت.. شوي وبرجع"
قفزت بصعوبة خارج الخزان ونظرت من اسوار السطح الى الاسفل، فرأت السيارات محملة بالرجال والنساء تبتعد.. والشمس بدأت تغيب..وبعض الجثث ملقاة هنا وهناك.. وبعض النساء العاريات..حاولت ان تستجمع ما تبقى من قوتها ومسحت دموعها ثم استدارت فوقع نظرها على جثة ذلك الرجل، شهقت برعب وكادت عيناها ان تخرجان من محلهما، جلست في مكانها وكتبت انفاسها بيديها وهي تتأمل المنظر، سمعت بكاء أمير فوقفت وذهبت اليه، نظرت للجثة مرة اخرى ولم تعرف كيف تمنع امير من مشاهدتها.. قالت:
-"امير بدي اطلعك من هون، بس اوعك.. اوعك تفتح عيونك.. غمضهم"
وبعد دقائق من المحاولة اخرجته وحملته في حضنها.. دافنة رأسه بين عنقها وكتفها.. قالت:
-"رح ننزل.. لا تفتح عيونك بالمره، خليك مغمض"
قال:
-"وين خالو؟"
عقدت حاجبيها بحزن وردت بتردد:
-"ما بعرف.. يمكن سبقنا، لما نوصل منعرف"
نزلت الدرج بحذر وقد اصبح الليل مُعمي، دون وجود القمر في سمائه.. وعندما خرجت من العماره جفلت عندما امسكت احداهن بقدميها وقالت بتوسل:
-" مشان الله استريني، اعطيني اشي استر حالي فيه! "
نظرت اليها بحزن ثم نظرت حولها لعلها تجد شيء تعطيها اياه، لكن الليل قد منع الرؤيه، وخافت ان تنشغل بالبحث فيرى أمير هذه المناظر المؤذية او ان يحدث اي شيء.. تنهدت ووضعت أمير على الأرض وقالت بصرامه:
-"حط ايدك على عيونك وأوعا تفتحهم"
انصاع لأمرها وراحت تبحث عن اي قطعة ملابس، تعثرت بجثة رجل وسقطت، لكنها سرعان ما جلست امام الجثه وبدأت تخلع عنها ملابسها، مبقية ما يستر العورة.. عادت للمرأة واعطتها الملابس وسعادتها في ارتداءها بعد ان أيقنت ان احدى يديها مكسوره.. ساعدتها للوقوف وقالت:
-" خلينا نمشي، خطر نضل هون، رح يرجعو يفتشو اكيد"
لم تعارضها المرأة فحملت رشا أمير ومشت.. كانت تبحث بقدميها عن اي شيء تربط به كسر اليد، واخيرا وجدت شالا ملقيا، جلست على الأرض وقالت:
-"خليني اجبر ايدك"
-"لأ.. خليني أغطي فيه شعري"
فكرت رشا قليلا ثم قالت:
-"الضروريات تبيح المحظورات، بإذن الله انتي مش آثمه، خليني ألف ايدك"
مدت يدها اليها دون نقاش، تجاهلت رشا صرخاتها وهي تحاول اعادة العظم مكانه وربطت الشال بقوة ثم قالت:
-"اسمي رشا، شو اسمك؟ "
ردت باكيه:
-"بتول! "
وانخرطت في بكاء شديد.. لم تعرف رشا كيف تواسيها في مصابها.. تنهدت وقالت:
-" مش وقت عياط، يالله نكمل مشي"
تحاول رشا جاهدة ان تحافظ على رباطة جأشها ولا تبكي.. واستمر المسير.. حتى ظهر اليوم التالي، اشتدت الشمس واشتد العطش، وخطت اقدامهم حدود قرية قد اصابها القصف قديما!.. قال أمير:
-"عطشان!"
حملته رشا ومشت نحو البيوت قائلة:
-"الا ما نلاقي اكل بثلاجات البيوت.. حتى لو معفن، المهم اكل!"
قالت بتول:
-"معناته خليني ادور ببيت ثاني"
افترقا، ثم وجدت رشا خبزا يابس هو الشيء الوحيد الصالح للأكل، اكلته بصعوبة مع أمير ثم بحثت أكثر في الخزانات، ووجدت بعض المعلبات بغض النظر عن فترة صلاحيتها، ووجدت معالق وسككاين، فتحت احدى المعلبات امام امير وتركته يأكل ثم توجهت لباقي الغرف بحثا عن حقائب، وعندما وجدت، حملت ما يمكنها حمله في داخلها واخفت بعض السكاكين لعلها تحتاجهم في الدفاع عن نفسها..وفجأة دخلت بتول تصرخ:
-"سيارات، سيارات جايه!"
ارتبكت رشا ولم تعرف ما تفعل، نظرت من الفوهات التي تركتها القذائف ثم قالت:
-"منقدرش نطلع، بشوفونا.. واكيد شافوكي.. لازم نتخبا هون"
لكن قبل ان يتحركان كانت السيارات قد اصطفت امام المنزل، تجمدت دمائهم عندما دخل احدهم، سحبت رشا سكينة ووجهتها نحوه وقالت بعنف:
-"اتركنا بحال سبيلنا!"
ضحك الرجل وقال:
-"حيلج.. بتقليش بيضه.. احنا ما بدنا منكن اشي"
-" ولا شو بدك؟ "
تنهد وجلس على الأرض وقال:
-"احنا جماعة منساعد، وصلتنا الأخبار عن الي صار بالناس الي كنتن معهم، واجينا نشوف مين ضل منهم نساعده، بتقدري تقولي احنا زلم المفرق تجمعنا وجمعنا سلاحنا وقلنا يا روح ما بعدك روح، تعالن معنا وباذن الله ما بصيرلكن اشي"
ظلت رشا توجه السكين نحوه وقالت:
-"شو بضمني؟ "
ضحك مرة اخرى وقال:
-" بالله عليكي؟ لو احنا من زلم الجماعه بدي احكي معك بلطف؟ ترا في برا حوالي سبع زلم، منخلص عليكن بغمضة عين، وشفتي همه شو بعملو.."
وقف وقال:
-" ع كل حال انتن حرات"
التفت ليخرج فقالت رشا بسرعه:
-"منيجي"
-"بتشرفي"
حملت الحقيبه وأمير ولحقت به، وترددت بتول لكنها انصاعت اخيرا لرشا.. اخذوهم الى مكان يشبه المعسكر، لا تكاد تُرى النساء فيه.. قدموا لهم الماء والطعام وتركوهم في ضيافة سيدة كبيرة في السن، قالت:
-" انتن منين يمه؟"
ردت رشا:
-"انا من اربد"
قالت بتول:
-" وانا من هون من المفرق"
-"والنعم"
سكتت قليلا ثم نظرت لآمير وسألت رشا:
-"هاظ ابنج؟"
هزت رشا رأسها نفيا وردت:
-"اخوي الصغير"
-"وين اهلج؟ ماتو؟"
اومأت بالايجاب فنقلت العجوز نظرها لبتول وسألت:
-"وانتي؟"
-" انا كنت مع ابوي واخوي بس الاثنين انمسكو امبارح وصار الي صار"
دمعت عيناها فتنهدت العجوز وقالت:
-"الله يخلصنا منهم ع أهون سبب"
مرت دقائق صمت الى ان قالت رشا:
-"بدنا نروح للعراق"
-" وليش يعني؟ بتفكري العراق آمنه اكثر من هالبلد مثلا؟"
-"منضل تحت عهدة المنظمات الانسانية ع الأقل"
-" بس الوضع خطير لهناك، بتقدريش تروحي لحالج"
-"يعني بهالمكان الي انتو فيه فش خطر؟ مهمه بقنبلة يدوية وحده بدمرو نص الخيام"
قالت رشا جملتها بانفعال وسرعان ما ندمت عليها.. قالت العجوز:
-" بيتي هون الليله.. وبكرا منشوف شو بصير"
قالت بتول:
-" انا رح اضل هون، اذا ما فيها مانع! "
ابتسمت العجوز وقالت:
-" والله البيت بيتج.. سدر البيت الج والعتبه النا"





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-11-19, 07:08 PM   #9

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


"أحيانا يكون الندم أقسى عقاب! "




في قريب الساعة السابعه صباحا، أيقظت رشا أمير وجمعت حاجياتها ثم خرجت من الخيمه.. قابلها ذات الرجل الذي احضرها الى هنا فقال:
-"شو بتسوي؟ وين رح تروحي؟"
-"لازم اطلع بكير عشان اوصل العراق بأقرب وقت ممكن"
فكر قليلا ثم قال:
-"بس هالإشي خطر كثير.. ما بتقدري توصلي لحالج"
-"الله بساعد.."
نظر لأمير وشعر بالشفقة عليه فقال:
-"امشي معي.."
ذهبت خلفه دون نقاش، أخذها الي المنطقة التي يتجمع بها الرجال للحراسه.. وقف على شيء يشبه المنصه وقال بصوت مرتفع جهوري:
-" يا قوم.. هالبنت بدها تروح للعراق لحالها.. واحنا بصحرا، واقرب قريه تحتاج يوم كامل مشي.. لو بايدي كنت رافقتها، بس ماقدر لأن الي عيله وعيال.. مين يتبرع يرافقها؟ مع العلم ما رح نمدكم الا بالمي والاكل، سياره ما نعطي، مافيش الا ثلث سيارات يالله يخدمن حاجاتنا"
عم النقاش بين الرجال ونظراتهم متسلطه على رشا، تنهدت وقالت للرجل:
-" بس انا ما بدي حدا يجي معي! همه كمان ما بقدرو يتركو اولادهم عشاني! "
-" اذا حد تبرع، بتروحي، اذا ما حدا تبرع، ما رح اسمحلج تروحي"
قبل ان تعترض وقف احدهم وقال:
-" انا ارافقها! "
نظر اليه وقال:
-"لا يا ابو مازن، عندك بنات ما يصير يظلن لحالهن، هاي روحه يمكن ما بعدها رجعه"
شعرت رشا انه يحاول اقفال الأبواب في وجهها لكن قال شاب في بدايات الثلاثين:
-" انا ارافقها"
ابتسم الرجل وكأنه انتظره ليتكلم، قال:
-"جهز حالك"
لم يكن بمقدور رشا مناقشتهم في شيء فاكتفت بالانتظار، وبعد ما يقارب النصف ساعه من جلوسها على تلك المنصة امام الرجال، قدم اليها ذالك الشاب وقال:
-"انا جاهز.. اذا انتي جاهزه"
رفعت نظرها اليه بصعوبة بسبب الشمس ثم قالت:
-"على فكرة انت مش مجبور، هو بس هداك العمو مصر"
اشار لها انه لا يهتم وحمل حقيبتها فوقفت وحملت أمير ومشت معه تحت اشعة الشمس في أوج الظهر!

**********

مرالوقت مرهق للغاية عليها، اجتمع عليها ثقل التعب والحرارة وثقل أمير معهم، وفجأة توقفت ووضعت أمير على الأرض وجلست بجانبه بعد ان غطت وجهها بيديها، قال أمير بقلق:
-"مالك؟"
لم تجبه.. التفت اليها معتز وقال:
-"شو صار؟"
استنشقت الهواء بصعوبة وقالت:
-"تعبت، خلينا نرتاح"
قال:
-"انتي مصره تحملي اخوكي! ترا كبير بقدر يمشي"
-"كبير! مش كبير.. حرارة الأرض بتوجعله رجليه"
-"وهسه لما رميتيه ع الأرض ما بتصيبه حرارتها؟"
نظرت اليه بانزعاج وقالت:
-"طول ما الي طاقه احمله ع راسي وما اتعبه بحمله، بس الله لا يحمل نفسا الا وسعها"
تنهد وفتح شيء يشبه الخيمه لكنه اصغر من ان يتسع اكثر من شخص واحد جالس، نظرت اليها رشا باستغراب، يبدو انها مظلة كبيرة معدله.. قال:
-" ارتاحي شوي من الشمس هون انتي واخوكي"
ترددت قليلا لكنها اخيرا طلبت من امير ان يدخل، جعلته ينام ثم جلست بقرب معتز الذي قال:
-"انا قلت ارتاحي"
-"وانا بقول احنا بالهوا سوا، يا اما تحت الشمس مع بعض او لا"
هز كتفيه بدون اهتمام فقالت:
-"مش حاسيتك بدوي، لهجتك، منظرك.. مش بدوي"
-" لا انا مش بدوي، انا زيي زيك هيك ماتو مرتي وابني ولقيت حالي مع البدو.."
صمتت لدقيقة ثم قالت:
-"كان خالي معي بس اخدوه.. الله يوخدهم ويخلصنا منهم.. الله يفك أسره"
-" بديش احبطك بس انه.. مستحيل ينفك اسره"
تجاهلت جملته وقالت:
-" في ناس بعرفهم بالعراق، ناس بقدر اثق فيهم، لهيك حابه اروح للعراق، ع الأقل الي ناس بعرف اتواصل معهم"
بدأ يرسم بالرمل وهو يقول:
-" امي وابوي سافرو على تركيا، لما نوصل العراق بلكي قدرت اسافرلهم"
وقفت رشا وقالت:
-" معناته خلينا نمشي، منوصل اسرع لأهالينا"
نظفت ملابسها من الرمال ثم اكملت:
-" كم ضايل مي؟ "
-" كثير.. خدي اشربي"
مد لها علبة المياه فشربت قليلا ثم شربت أمير ومشو.. مع سرعة سيرهم وصلوا القرية قبل مغيب الشمس بقليل.. قد لا يكون من الممتع ذكر معاناة الحرب كامله لأن تفاصيلها تطول، يكفي القول ان الظروف جعلتهم يمكثون فيها بضعة عشر يوما تحت الحصار المفاجئ، الى ان وقع الاشتباك بين الجيش والجماعة..
استيقظ الناس على صوت القنابل اليدوية واطلاق النار، نهضت رشا واحتضنت امير الذي يبكي بخوف، كانت خائفة هي ايضا ولم تعرف ما الذي يحصل، شهقت عندما اقتحم معتز غرفتهما.. حمل امير وسحبها من يدها لتتعبه وهو يقول:
-"بسرعة ما معنا وقت، بسرعة يا رشا"
ركضت معه ناسية تماما ضرورة ستر شعرها، خرجوا يركضون في الشوارع التي تلتهمها النيران، ركضوا مع افواج الناس نحو قوات الجيش التي تناديهم، كانت هناك عربة نقل تجمعهم.. قبل ان يصلوها بدأت الرصاصات تقترب منهم، ويسقط الناس من حولهم بعشوائية.. نظرت رشا خلفها فوجدت رجال مسلحون يركضون اليهم، صرخت قائلة:
-"معتز! اسرع"
الكلام اسهل من الفعل! تعثر معتز باحد الناس الئين سقطوا فجأة ووقع مع أمير، توقفت رشا وحاولت ان توقفه بارتباك وتوتر وهي ترى المسلحين يقتربون اكثر، صرخت باكيه:
-"رح نموت يالله"
استعاد معتز طاقته ووقف وهو ما زال يحمل امير، قبل ان يصل المسلحون قاطعهم جنود الجيش فأكملوا ركضهم، قفزت رشا الى العربة وتناولت امير منه، وقبل ان يصعد معتز قام احد المسلحين بقتل السائق والركوب مكانخ، وحصل اشتباك ساخن بالقرب منهم وحولهم.. انقض المسلحون على الشاحنه ينزلون الناس، ويحاول الجيش ابعادهم دون إيذاء الناس.. سحبوا رشا ومعتز مبتعدين، وامير يصرخ كي يعودو بينما تمنعه النساء من اللحاق بهما..محاولات ومحاولات للافلات دوم جدوى، الى ان سقط من يمسك رشا قتيلا بفعل القناص.. وبسرعة اخذت رشا سلاحه ووجهته للاخرين، صرخ الجنود:
-"اتركيهم وارجعي"
لم يكن بمقدور الجيش ان يطلقوا النار بسبب الرهائن، رغم تمكنهم من حماية الناقلة، قبل ان تتحرك رشا من مكانها جائت سيارة من المسلحين تطلق النار على الجنود، وبعفوية اطلقت رشا النار عليهم واردت احدهم قتيلا ثم تركت السلاح بسبب قوة رد فعله التي آذتها، امسكها آخر فهرع معتز الذي تمكن من تحرير نفسه اليها، ابعده عنها وأمرها بالركض نحو الناقلة التي بدأت تتحرك بعد تأمينها، ترددت ولكنها سرعان ما اذعنت للأمر من أجل أمير، ضرب من كان يمسكها بشدة حتى اطلقوا عليه النار ومات، صرخت رشا دون ان تلتفت وقفزت للناقلة بسرعة ومنعت نفسها من النظر..

**********

جلست بجانت روان وقالت بعد ان اختصرت الاخداث ببضع جمل بخيلة بالمعنى:
-"الله كان يبعتلي ناس حتى تحميني وتموت مكاني.. الله يرحمه"
صمتوا لدقيقتين ثم قال عمار:
-"آسف على الحجي من شويه"
ابتسمت :
-"لا عادي، واكيد انت محامي ناجح وشاطر"
-"بفضل الله"
-"طب يله انا خليني اشوف تلفوني الجديد وانتو العبو"
خرجت من الغرفة وتبعتها روان، قال عمار:
-" تذكر يا حسام اليوم الي صار بي قصف على هالمنطقه من جم 15 سنه.. مادري ليه تذكرت هاليوم"
-" اي! باليوم الي جنه نلعب بي ومن صار القصف انت من الخوف سحبت ايد اللعبه مع الاتاري كلهه"
ابتسم عمار بتثاقل وقال:
-" شعجب ما اجتكم رشا من اول يوم اجت بي للعراق؟"
تنهد حسام واجاب:
-" يمكن ما رادتنه نتثاقل منهه ومن اخوهه، لولا الحاجه ما اجت"
-" كلش قوية هالبنيه"
صمت حسام قليلا ثم قال:
-" اي، يمكن.. بس هي تخزن، متأكد حيجي يوم تنفجر بي"

**********

في غرفة نومهما، انتهت روان من تمشيط شعرها ثم جلست بجانب رشا التي تتعرف على اعدادات الهاتف.. قالت:
-" رح تروحين؟ "
حاولت رشا ان تفهم قصدها لكنها فشلت فسألت:
-" اروح وين؟"
-"على البيت الي استأجرتيه وي ابويه"
سكتت رشا لبعض الوقت ثم وضعت الهاتف جانبا واجابت:
-"غالبا.. اي"
-"ليش متبقين ويانه حته يجي عمج؟"
-"صعب يا روان، ليش اضل محمليتكم عبئي ع الفاضي؟"
-"منو قلج انج عبء؟ انتي متبطلين هالافكار؟"
ابتسمت رشا:
-"ما حدا حكا، ولا حدا رح يعترف.. وما حدا بفكر بهالطريقه اصلا، بس الموضوع هيك مهما تجاهلناه، ماشي انتو زي اهلي.. بس انا بصل غريبه.. الشي الي ممكن يصير قدام عبير مثلا من عفوية وحياة عائلية سلسه، ما رح يصير قدامي لأني بضل بخانة اني غريبه.. في رسميه معينه بالبيت..والكل حاس فيها"
سكتت روان؛ لم تعرف ماذا تقول فاتسعت ابتسامة رشا وقالت:
-" ع كل حال اليوم كان بجنن، عنجد كتير فرحتوني، وعمتك ام عمار حكاايه! بتجنن يختي.. نفسي اسهر معها ليل طويل! "
-" اي كلش حلوه الجلسه وي عمتي، تبرد القلب"
فكت رشا ربطة شعرها وحركته بعشوائية ثم قالت:
-" قومي عن تختي خليني انام، طفيت"
ابتسمت روان وذهبت لسريرها بعد ان اطفأت النور..

وفي غرفة قريبة، يجلس حسام على سريرة ويداعب حسن بكل حب، ملأت ضحكاتهم ارجاء الغرفة فابتسمت عبير وقالت:
-" يكبر بسرعة، ديسبق عمره"
-"اي ما شاء الله، يجنن فديته"
قالها وقبله بقوة، جلست عبير بجانبه ثم اخذته منه وقالت:
-"جوعان.. ما شرب حليب من ساعات"
بدأت ترضعه فقال حسام:
-"شرايج باجر نطلع"
-"نطلع وين يعني؟"
فكر قليلا واجاب:
-"اي مكان تحبينه، نتغدا بشي مطعم مثلا، نروح بعديهه على شي مول لو شي، هيج يعني نضيع وقت سوه"
استغربت عرضه هذا، هو الذي لم يحب هذه المشاوير يوما، عقدت حاجبيها وقالت:
-" شالمناسبه؟"
-"ماكو، مو كافي اني اريد نكون لوحدنه ليوم؟ "
سكتت لبعض الوقت ثم قالت:
-"مو ضروري، ما اريد.. ببيتنه اريحلنه"
قالت جملتها باقتضاب فقال:
-" شبيج انقلبتي؟ شكو؟ "
-" ماكو.. بس هالاسلوب الي تحسسني بي اني تافهه وغبيه ما اريده"
قال بتفاجؤ:
-"يا اسلوب؟؟ وشنو تافهه وغبيه؟ شقلت اني؟ "
لم تنظر اليه وهي تجيب:
-"لاني زعلت على موضوع رشا تريد تسكتني، لا عيني.. مو هيج"
وقف وقال:
-"تدرين.. اني الغلطان يا وجه النكد.. عمرج لا جيتي، اني رايح.. لأن اذا سمعت جلمه زياده منج.. ميصير خير"
خرج من الغرفه واغلق بابها بقوة، بكت عبير بقلة حيلة وهي تراقب حسن وهو يرضع..

صعد حسام الى سطح المنزل وأخذ يمشي بعشوائية يكلم نفسه.. كل يوم يزيد الأمر سوءا، والاسوأ انه لا يسيطر على غضبه عندما يتم فتح الموضوع.. لا يعرف لماذا!
استمر على هذه الحال لساعتين، وفي ذلك الوقت لم تتمكن رشا من النوم بسبب التفكير في تلك الاحداث المأساوية، تقلبت عدة مرات حتى يئست من النوم، فنهضت، تأكدت من نوم روان ثم لفت شال على رأسها وخرجت من الغرفة، نزلت للطابق السفلي تحديدا للمطبخ، شربت الماء ثم عادت للطابق الثاني، قبل دخولها الغرفة سمعت صوت حركة، مشت نحو الصوت فوجدت باب السلالم التي تؤدي للسطح مفتوح، اقتربت بحذر فخرج حسام امامها فجأة، شهقت واضعة يدها على فمها ثم قالت بهمس:
-"شو بتعمل؟ خوفتني"
رد هامسا:
-"انتي شو بتعملي.. اقلك.. تعالي معي ع السطح"
صعد الدرج مرة اخرى فلحقته.. قال عندما وصلت:
-"ليش صاحيه؟"
-"ما عرفت انام اصلا"
جلس على احد المقاعد وقال:
-" بتفكري صح؟ كله عشان خليتك تفتحي الموضوع"
ابتسمت وقالت:
-"احكي معي عراقي ياخي.. احلا"
-"لتغيرين الموضوع"
تنهدت:
-" امبلا بفكر، انت عارف قديش هو شعور صعب، المشكلة مش اني حزنانه او هيك.. المشكلة اني ضايعه!"
-" كيف ضايعه؟ "
-" مش عم بعرف شو لازم اعمل، بفكر بخالي.. بفكر بالشب الي ساعدني، بأمير! بماما.. بابا.. كلهم.. حاسه وكأني تركت كل هالشغلات عالقه واجيت هون "
-"بس انتي متقدرين تسوين شي.. انتي سويتي الشي الصح، امير جان وياج وجنتي مجبوره تهربي بي وتحميه"
-" بس كنت عارفه رح يموت! "
استغرب جملتها فقال :
-" شون يعني؟ "
ترددت قليلا:
-" يعني.. هو مرض، نفسيا وجسديا.. بطل ياكل او يشرب.. يا دوب بالغصب، ولما وصلنا المخيم كانت حالته بتزيد سوء وما كنت عارفه شو أعمل..أو غالبا كنت فاقده الأمل.. وتركته يموت قدامي.. "
اختنقت كلماتها فقال:
-" هاذا الشي مكتوب ومقدر، مو بايدج.. كافي تفكير اعوج"
اخذت نفسا عميقا ثم ابتسمت بتثاقل وقالت:
-" اشتقت لقعدات زمان، كنا نضل نحكي ونستغيب بخلق الله زي نسوان الحارات"
ضحك قليلا وقال:
-" اي والله جانت ايام حلوه، المشكلة ان هسه اكو مسؤوليات ماقدر اقعد وياج واكلمج.. "
قاطعته:
-" طبعا ما بتقدر.. ولازم ما تقدر ابدا.. مرتك احق فيك، ع كل حال الحكي الفاضي ما بفيدني ولا بفيدك.. هينا قاعدين منحكي..تغير اشي؟ "
ابتسم وقال:
-" بالنسبه الي اي.. احس بسعادة من اشوفج.. مو كافي ظنيتج ميته اربع شهور؟ "
تأملته وتاملت كلماته مطولا.. لا تعرف ماذا تقول، أتخبره بانها تحتاج الحديث اليه اكثر من حاجتها للماء؟ اتقول انه الوحيد الذي قد يزيح هموم صدرها بابتسامته.. لكن لا يمكنها الضغط على جانبه الضعيف.. لديه عائلة يهتم بها!.. قالت لتغيير الموضوع:
-" شكد احب حسن! داحسه يجيبلي سعادة.. يمكن تضحك بس بحسه عوضني عن امير"
اتسعت ابتسامته وقال:
-"اي.. حته عبير تقول انج اكثر وحده تعرفين تسكتيه وتهتمين بي"
ضحكت قليلا ثم قالت:
-"اه.. خبره ما شاء الله عني"
سكت كلاهما، فوقفت رشا وذهبت الى حافة السور، بما ان السطح مضلل بالخشب والقرميد لن تتمكن من رؤية السماء، انحنت عند الحافه لترى النجوم فقال حسام :
-"ديري بالج لتوقعين"
لم تعر كلامه اهميه، في تلك اللحظات كانت عبير تصعد الدرج، شعرت ان عليها ارضاءه، لا تريد خسارته!
سمعت كلامه الاخير ففتحت الباب باندفاع، نظر الى الباب باستغراب وتفاجأ عندما رآها، لم تنتبه رشا وقالت بينما تلتفت اليه:
-"نفسي اروح ع مكان ما فيه ضو.. "
قطعت حديثها عندما شاهدت عبير التي تقف مصدومة عند الباب، لكنها سرعان ما عادت تنزل بسرعه.. هتف حسام:
-"عبير!"
لم تستمع اليه فركض خلفها.. تسمرت رشا مكانها بقلق وبدأت دقات قلبها تتسارع.. امسك حسام يد عبير وقال:
-"شبيج؟ ترا ماكو شي"
قالت والدموع تخنقها:
-" اني الغبيه وثقت بيك.. جان لازم من اول يوم شفتك جايبهه رحت لبيت اهلي.. هسه تاخذني الهم.. هسه"
-"شتقولين؟ لتخربين بيتج بايدج"
-"بيتي خربان من اليوم الي اجت بي هالجنيه عله هالبيت"
قالت رشا من فوق الدرج:
-"عبير.. لا تفهمي الموضوع غلط"
-"انتي اخرسي ولا جلمه.. يا ممثله، تفه على هيج اخلاق"
انزعج حسام من كلامها ونهرها:
-" عبير! مالها داعي هالتصرفات"
-"اي دافع عنهه حبيبة القلب.. طبعا متحب اسيئلها"
استيقظ ابو وأم حسام على صوت الشجار، خرجوا من غرفتهم يتكلمون:
-"شكو.. شصاير؟؟ "
سحبت عبير يدها من حسام بقوة وذهبت الى ابو حسام.. قالت والدموع تغرق وجنتيها:
-"اني هسه اريد اروح بيت اهلي، ابنكم ما اريده، ديخون!"
لم يفهموا ما يجري حتى ظهرت رشا امامهم ووقفت خلف حسام بتوتر.. قال حسام مدافعا:
-"ترا والله ماكو من هالحجي! اني زعلت من عبير وطلعت للسطح، ورشا صحت وشفتها وقلتلها تعالي اشوف شبيج.. وماكو يعني بس عشر دقايق واجت عبير! "
قالت عبير بانفعال:
-" شتريد وقت اكثر؟ آسفه والله قطعت خلوتكم!"
-"عبير!!"
صرخ حسام باسمها وتقدم بغضب منها لكن ابوه وقف في وجهه وقال بهدوء غريب:
-" انت وياها تعالوا للغرفه.. ما اريد اسمع جلمه الا من اسمحلكم"
مشوا للغرفة دون نقاش. نظر ابو حسام الى رشا نظرة غريبة ثم تركوها تقف هناك واغلقوا الباب.. خرج كل من عبد وروان من غرفهم بعد ان تأكدوا ان رشا لوحدها.. امسكت روان بيدها وقالت:
-"امشي.. بابه هسه يحلهه"
سحبت رشا يدها فقال عبود:
-" اني متأكد ابويه يعرف ان ماكو شي، لتقلقين"
لم تهتم لكلامها ومشت بسرعة الى غرفتها، فتحت خزانة الملابس وبدات تأخذ ملابسها.. امسكتها روان وقالت بانفعال:
-"شبيج يا غبيه!.. لتكبرين الموضوع اكثر!"
قال عبد الرحمن باقتضاب:
-" هسه تسوين مشكلة ثانية"
ردت:
-"انا كان لازم احسب حساب هالشي قبل ما اطلع من المخيم، شو فيها لو ضليت هناك منجبه زيي زي باقي هالناس!"
دفعتها روان لتجلس على السرير وقالت:
-"اصبري.. نشوف شيصير، بعديهه سوي الي تريدينه"

اما في الغرفة.. كانت ام حسام تحتضن عبير وهي تبكي ووتكلم:
-" من اليوم الي اجت بي هالبنيه على هالبيت وحسام مقلوب! يعاملني بطريقة سيئه! ماقدر اناقشه وميكلمني ولا شي! ماعرف شصارله"
لم تكن تعرف ما تقول فصمتت وانخرطت في بكائها.. قال حسام:
-" اقسم بالله ماكو شي تغير! احنه كلنه انشغلنه بموضوع رشا حتى عبير بنفسهه.. واني جنت اعصب لانها جانت تضل تقولي تحبهها وتخوني! شقول اني بهالحاله! "
سكت ابو حسام لبعض الوقت ثم قال:
-" ماكو داعي تتكلمون اني اعرف شدايصير، واعرف شنو لازم يصير.. انتو الاثنين تسكتون وما اريد اسمع صوتكم الليله، وعبير موضوع اهلج انسيه.. لتكبرين الموضوع.. اعرف حسام غلطان بس ميخون.. اني ادبر الموضوع، روحي لابنج بغرفتج يالله"
وقفت عبير وخرجت من الغرفه الى غرفتها بسرعة دون ان تنظر لأحد.. نظر ابو حسام الى ابنه بعتب وقال:
-" جان ينقصنا هالشي؟ "
-" يبه.. "
-" اسكت..اني من البداية غضبان عليك.. تكلم بنت غريبة بالسنين.. وتجيبها للبيت بغض النظر عن الاسباب! شكو؟ لهالدرجه شايفنه منفتحين؟ عبير جانت عاقله من البدايه وما قالت لاهلهه وبقت صابره بس انت تجاهلت هالشي.. واخرتها؟ تختلي بالبنيه؟ مهما جانت هالاسباب.. هالشي عيب وحرام..الغلط راكبك، اني جنت انتظر البنيه تستقر ببيتها وي عمها وبعدهه افاتحك بهالموضوع، بس همين زين انفتح هسه.. ما اريدك تكلم رشا او تباوعلها او اي شي! من اليوم انت متعرفها.. اذا اكلت ويانه انت متاكل.. اذا قعدت ويانه انت متقعد..يا ابو حسن انت هسه مسؤول عن عائله، لتضيعهه من البدايه.. "
سكت قليلا فقال حسام:
-" ما عندي مانع.. بس رشا.. "
قبل ان يكمل قاطعته والدته:
-" اسمع الحجي، رشا ميصيبهه شي، ما شفت بنيه مثلهه، لا تقلق.. واني يمهه الي تريده اسويه.. المهم انت متعرفهه..مو كافي خمس سنين وياهه.. مشبعت؟ "
تضايق كثيرا لكن ما بيده شيء، اختنقت انفاسه وشد على يديه محاولا منع الكلام الذي يدور في رأسه من اعتراضات ومراوغات.. قال ابو حسام:
-" هسه تطلع من البيت، نام يم عمتك ام عمار..ولترجع الا باجر من تخلص شغل.. وترجع حسام القديم.. الي نعرفه..يالله امشي"
اخذ حسام نفسا عميقا ليهدئ نفسه ثم خرج منصاعا لأمر والده، شاهدته رشا وهو ينزل الدرج دون النظر نحوها.. ثم سمعت الباب يفتح ويغلق.. ثم سمعت صوت ام حسام:
-" رشا.. تعالي"
التفتت اليها بقلق.. مشت وهي متخوفه من ردة الفعل، تشعر انها ستطرد الآن لا محاله! وقفت امام الأبوان بارتباك..قالت ام حسام:
-"شرايج بالي صار؟"
بلعت رشا ريقها وقالت:
-"غلط.."
قال ابو حسام:
-"انتي مثل بنتي.. واعاتبج مثل ما اعاتب اولادي.. لو انتي ضيفه عاديه جنه سكرنه الموضوع بينّه كعائلة.. بس انتي فرد من هالعائلة ولازم تعرفين شصار.. قلت لحسام هو من اليوم ميعرفج، تعرفين عنده عيله لازم يهتم بيهه.."
تسارعت دقات قلبها اكثر وردت:
-"طبعا.. هاد الصح، وانا كذلك.. "
-" يعجبني بيج انج عاقله، لهالسبب اريد مساعدتج بانج تتجاهلين حسام.."
قبل ان يكمل قالت:
-" لازم من بكرا الصبح اروح ع البيت الي استأجرناه، أثاث ما بدي.. السرير الي بنام عليه بكفيني.. مش محتاجه اشي ثاني..اذا سمحت عمي"
صمت كلاهما بتفكير، نظر ابو حسام لزوجته وتردد قليلا ثم قال:
-" ما اريدج تحسين ان بيتنه تسكر بوجهج.. لو لزم الأمر اخلي حسام وزوجته يطلعون وانتي تبقين.. بس بما ان الظرف هيج، فأظن من العقل تروحين لبيتج فعلا"
ابتسمت رشا بتثاقل وقالت:
-" بعرف انه بيتكم ما تسكر بوجهي.. هاد تصليح لخطأي بإني اجيت على بيتكم من البدايه بمعرفتي بالمشاكل الى رح تصير مع حسام..اعذروني"
استدارت لتخرج فقالت ام حسام:
-" ما نقطعج ولا تقطعينه"
توقفت رشا قليلا وابتسمت لها مجاملة ثم خرجت الى غرفتها حيث عبود وروان، قالت:
-" الأفضل للكل اني اروح ع بيتي الجديد"
اخذت تضع ملابسها في الحقيبة التي اشترتها مؤخرا.. بينما يقف عبود وروان عاجزين.. منصدمين من تصرف والدهما، كيف يسمح لضيفته بالخروج؟ هل يرى هذا هو الحل؟..توقعت رشا ما يفكرون به فابتسمت وقالت:
-"عبير وحسام لازم يرجعو زي أول.. وجودي بمنع هالاشي، وانا اخترت اني اطلع.."










اعتذر عن الاخطاء الاملائية ككل🌸




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-04-20, 12:36 AM   #10

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


//
"توجعنا الأيام! "




وضعت حقيبتها على الطاولة القديمة ثم التفتت الى ابو حسام الذي يقول:
-"أي شي تحتاجينه اني موجود، لتترددين"
ابتسمت بتثاقل ثم عادت تتأمل منزلها الجديد، صغير جدا، قديم جدا، من الجيد ان ابو حسام يحتفظ ببعض الأثاث القديم ويعطي لها.. وإلا كيف كانت ستسكن هنا؟ على الأرض؟.. تنهدت، لم يكن بمقدورها الكلام، عندما يئس ابو حسام منها قال بحزن:
-" راح اتركج تتعرفين على بيتج هسه، رح اجي اطمن عليج بعدين"
-"ماله داعي.. شكرا"
ظل في مكانه لثواني لعله يجد كلاما يقوله لكنه لم يجد فخرج.. تأملت رشا الباب قليلا ثم أقفلته ودخلت لترى ما لديها.. عليها أن تحمد الله ان لديها هذا الاثاث البسيط غيرها لا يجده!
غرفة نوم وغرفة جلوس، حمام ومطبخ.. أليس هذا كثيرا لمن في حالها؟ مررت اصابعها على الجدران ثم اسندت ظهرها لأحدهم وضمت ذراعيها .. كل ما يدور في ذهنها كان أن هذه الجدران باردة جدا..موحشة كالحرب تماما!

**********

لم تخرج عبير من غرفتها إلا عندما تأكدت تماما أن رشا خرجت من المنزل.. ذهبت الى المطبخ حيث كانت أم حسام تعد طعام الفطور.. جلست على كرسي وهي تترقب أي نوع من التوبيخ، نظرت اليها ام حسام ثم قالت بهدوء:
-"شونج اليوم؟"
ردت عبير بحذر:
-"زينه.. انتي شونج؟"
لم ترد أم حسام واستمرت في عملها فقامت عبير تساعدها.. كان الوضع مربكا نوعا ما لعبير بسبب شدة هدوء حماتها، إلى أن قالت :
-"خلي علاقتج ترجع زينة وي حسام، انتي تعرفين اذا استفزيتيه يحطج براسه ومترتاحين لشهور! "
-" اكيد.. خلاص ما احجي"
-"اي.. رشا من الفجر قالت لأبو حسام يطلعها، ما رضيت تفطر ويانه، ظلمتيها وظلمتي زوجج بكلامج"
لم تعقب.. لو ردت فلن ينتهي هذا النقاش.. دخل ابو حسام وجلس في غرفة الجلوس، ذهبت اليه زوجته تطلب منه ان يأتي ويفطر لكنه قال:
-" ما اريد، انسدت نفسي عن الأكل"
قالت باستغراب:
-" شصاير؟ "
قال بضيق:
-" البنيه ما قبلت اي شي مني، لا أكل ولا ماي ولا أي شي، متأكد دتحس اننا طردناها، مو هاي اخلاقنه.. بس شسوي؟ بربج الي سويناه صح لو غلط؟"
لم تعرف ما تقوله فاكتفت بالصمت..

**********

كان حسام يجلس مع ابن عمته عمار الذي يحاول ان يأخذ منه أي معلومة حول ما حصل معه لكنه فشل، تنهد بيأس أخيرا ثم وقف وقال:
-" عندي شوية شغل، اخلصه واجيك بسرعه"
-" آني اصلا اريد ارجع للبيت"
-" لعد خلنا نطلع وي بعض"
وقف حسام فدخلت ام عمار وقالت:
-"لتروح أريدك"
تنهد حسام وقال:
-"عمتي.. الله عليج ماله داعه التحقيق"
-" مو بمزاجك، عمار روح شغلك يمه"
غادر عمار بهدوء فجلست امه امام حسام وقالت:
-" يلا احجيلي، ليش داحس رشا الهه علاقه بالموضوع"
تنهد حسام ثم قال:
-" عمتي، ما اريد أحد يعرف بالموضوع.."
-"احجي.. والي خلقني الكلام ميطلع.."

**********

تشعر انها تحترق حرفيا من حرارة المكان، تمشي بعشوائية في المنزل وتلوح بورقة امام وجهها لعلها تجلب لها بعض الهواء البارد، حتى تنفسها أصبح صعبا من سخونة الهواء..
بحثت في كل شبر عن أي شيء يبرد عليها لكن لا جدوى.. جلست بتعب وضغطت على رأسها بسبب الصداع، لا يمكنها تحمل الحرارة أكثر..أمسكت هاتفها، هل تتصل بأبي حسام وتخبره؟ نظرت مطولا لشاشة الهاتف، لا يمكنها طلب شيء أكثر منهم.. لقد أثقلت عليهم بما فيه الكفايه.. رمت الهاتف جانبا بعد ان خطرت لها فكرة مناسبه، ارتدت ملابس مناسبه ثم خرجت الى صاحب المنزل، طرقت باب منزله ووقفت تنتظره وكأنها تنتظر باب الفرن أن يفتح وتخرج منه.. اخيرا فتحه، إلقت التحيه فردها بابتسامة وقال:
-"هلا بيج.. تفضلي"
-"اهلا فيك، خالتو موجوده؟"
علم انها تقصد زوجته فهز رأسه موافقا فدخلت، وبعد الترحيب قالت:
-"ما بدي أطول عليكم بس، الدنيا شوب، وبيتي مافي أي اشي يخفف الحر.. ما بعرف اذا بتقدروا تساعدوني، أي اشي يبرد الجو!"
رقّوا لحالها وهم يلاحظون احمرار بشرتها من الحراره، قال:
-" اني اعتذر ما خطرت لنا فكرة الحر، هسه اجيبلج شي"
خرج منحرجا على عجله.. التفتت لزوجته التي قالت:
-" والله ماندري انج ما عندج شي يخفف الحر"
هزت رشا رأسها بالرفض وقالت:
-" مش ذنبكم"
بعد لحظات عاد الرجل حامِلاً مروحة قديمه وقال:
-"مو كلش زينه لكن تساعد"
اخذتها منهم وهي تنشكرهم مرارًا وتكرارًا.. وفي منزلها بدأت تبلل نفسها بالماء وتقف امام المروحه بعجز.. وهكذا كلما تجف تبلل نفسها، واخيرًا تفاجأت بطرقات على الباب، ترددت قليلا ثم سألت:
-"من؟"
وصلها صوت أم عمار:
-"اني ام عمار"
فتحت رشا بسرعة وقالت:
-" تفضلي تفضلي"
دخلت ام عمار بابتسامه وسلمت عليها وقالت:
-"شونج؟ شبيج تقطرين ماي؟"
ابتسمت رشا بخجل وقالت:
-"ببرد ع حالي شوي.. تفضلي اقعدي"
جلست أم عمار وهي تتأمل الغرفه المتهالكه بحزن.. قالت رشا:
-"آسفه الوضع مكركب ومش من مقامك بس يعني الحمدلله ع نعمته"
حل الصمت لثواني ثم اردفت:
-"بصراحه استغربت جيتك.. البيت بيتك بس انه.. "
قاطعتها ام عمار :
-"سألت ابو حسام ووصلني"
الصمت للحظات، ثم أتبعت ام عمار حديثها:
-"اذا تريدين، تقدرين تعيشين وياي.."
قاطعتها رشا بهدوء:
-" لا معلش.. مرتاحه هيك يسلمو"

*********

مر اسبوعان، رشا تنتظر عمها بشوق كبير، وعائلة حسام شبه منقطعين، بالكاد تزورها أم حسام وأم عمار.
وفي منزل ابو حسام، جلست مريم وام حسام تتبادلان الأحاديث الى ان قالت مريم :
-" بيت رشا وين يصير؟ مو على اساس عمهه على وصول"
هزت ام حسام كتفيها بقلة حيلة وقالت:
-"بعد مادري"
-"يعني شكد باقي ويرجع؟"
-"والله مادري يعني ماكو أخبار منه"

********

جلست رشا بيأس..انها المرة الألف التي تتصل بعمها لكنه لا يرد، لا تصله الرسائل حتى..تنهدت وأرسلت آخر رسالة بيأس، قفز قلبها عندما أصبحت حالته متصل..رأى رسالاتها وبدأ يكتب ، ثواني ووصلها الرد:
-"شو يا حلوه"
استغربت..كتبت بتردد:
-"عمي وينك..صرلي فترة ببعتلك وانت مختفي..شو صاير معك؟"
أرسل ضحكات..ثم كتب:
-"حابه تحكي مكالمه؟"
بدون تردد اتصلت..انفتح الاتصال وسمعت انفاسه ..قالت بتوتر:
-"عمو..طمني وينك؟"
سمعت ضحكة مقرفة جدا..وصوت أجش يقول:
-"انا مش عمك يا قمر..أصلا بعرفش هاظ تلفون مين..كان في كثير قتلى، ولقيت هاظ التلفون واخذته"
تجمدت الدماء في عروقها ..نطقت بخوف:
-"انت مين؟"
-"اه صحيح نسيت أعرفك..انا من الجماعـ…"
قبل ان يكمل جملته قطعت الاتصال ورمت الهاتف بعيدا..احاطت رأسها بيديها وصارت تمشي بضياع في أرجاء الغرفة وهي تتنفس بصعوبة..ثم بدأت تبكي بضعف..حتى جلست على ركبتيها وانخرطت في بكاء هستيري...صرخت بألم:
-"مات مات مااات..ياااا ربببي سااعدني "
كانت تهتز للأمام وللخلف بحركات قد تبدو حركات مجنون..ثم تمددت على الأرض وضمت ركبتيها وأخذت تبكي دون توقف..

********

-"أتصل عليها من الأمس ما ترد"
نظر عمار الى أمه بقلق ثم قال:
-"يمه لا تكون البنيه صاير لها شي؟"
فكرت أم عمار قليلا ثم قالت بتخوف:
-"خل كلامك خير ..هسه اتصل بخالك"
رفعت الهاتف الى اذنها بعدما اتصلت بأبي حسام..رد عليها مرحبا..لم ترد على مقدماته وقالت مباشره:
-"ما عندك أخبار عن رشا؟"
قال ابو حسام بنبرة قلقه:
-"لا والله ..الكل حاول يتصل بيهه وماكو رد..حتى الرّجال الي تسكن يمه طلبناه يسأل عليها ببيتها ويقول ما تفتح الباب وماكو رد..آني طالع لها ويه أم حسام"
وضعت ام عمار يدها على قلبها وقالت:
-"خبرني بأي شي جديد يصير"


********

وصلوا للمنزل ونزلوا مسرعين..ضرب أبو حسام الباب بقوة وهو ينادي..مرة ومرتين وخمسة دون أن تجيب..قال محذرا:
-"أعد للتلاثه وبعديهه أكسر الباب"
ما كاد يبدأ بالعد حتى فتحت الباب..نظرت اليهم بنظرات فارغة..كان واضحا جدا شحوبها وانتفاخ عينيها واحمرارهما..لم تنبس ببنت شفه..و عادت للداخل..جلست على الأريكة المهترئة وضمت نفسها .. كان هاتفها مرمي في مكانه لم يتحرك، دخلوا بتوجس ، وقفوا أمامها ..سألوها بخوف:
-"شكو..شصاير وياج؟"
لم تنظر إليهم..ولم ترد..أمسكت أم حسام يدها وقالت تحثها على الكلام:
-"أحد ضرّج؟ يابنت تحجي"
قالت بصوت مبحوح:
-"حمزه مات..عمي ما رح ييجي"



بصراحه..
نوعا ما الشغف انطفى للكتابه

بحاول بصعوبه اكتب





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:13 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.