لن اتراجع عن قراري - مادلين كير -روايات غادة (كتابة /كاملة)

[Just Faith]

آل روايتي وأعضاءه وزواره الكرام
كل رمضان وانتم بخير
وبهذه المناسبة سنضع بين ايديكم رواية كل يوم
لتتذكرونا بها
ارجو ان تنال اختيارتنا اعجابكم
لن اتراجع عن قراري - هليدا فاغنر


الملخص

لماذا عليها ان تتحمل مسؤولية اعمال والدها؟ تساءلت هيلين وهي تفكر بعرض الزواج الذي قدمه لها عدوها اللدود.
ولكنها مضطرة للزواج منه ولتحمل اذلاله لها كي تنقذ مئات العمال الذين يعملون في مصنع والدها.
أيمكن لزواج مبني على الكره ان يستمر ؟ ماذا لو ادركت الفتاة انها مع الوقت وقعت في بحب من يسعى لتدميرها

محتوى مخفي

يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي

[Just Faith]

الفصل الاول
" شكرا لك على هذه السهرة , مادلين " قالت هيلين وهما تخرجان من المطعم.
" لا تشكريني, هيلين , كل ما اريده هو ان ارى الابتسامة على وجهك" , اجابتها صديقتها بصدق و إخلاص.
فتح السائق باب السيارة لتدخل الآنستان , فأشارت له هيلين بالانطلاق.
في اللحظة التي انطلق فيها السائق , لاحظت هيلين نظرات الرجل الذي كان يهم بدخول المطعم والذي توقف و لايزال ينظر الى السيارة .

انه رجل طويل القامة , عريض المكنبين , اسود الشعر , انتفضت عندما لمست مادلين يدها .
" السماء صافية اليوم , انظري الى النجوم "
نظرت هيلين الى السماء المتلألئة بالنجوم وتذكرت والدها , لم يكن ابداً ذلك الرجل الحنون الذي كانت تتمناه . لقد توفي منذ عدة اشهر لكنها لم تذرف دمعة واحدة عليه . كم رأت الخوف في عيون الناس اثناء حياته !
و لاتزال تلمس هذا الخوف في نظراتهم وكأنهم يخشون ان تكون قاسية كوالدها سكوت كير الذي بنى امبراطوريته على انقاض سعادة الآخرين. كان الجميع يخافونه لأنهم يعلمون انه عديم الرحمة و الانسانية.
نزلت مادلين امام منزلها بعد ان تمنت لها ليلة هادئة فطلبت هيلين من السائق ان يسلك طريق الشاطئ , قبل عودتهما الى المنزل.
اخذت تتأمل امواج البحر وهي تفكر بما يقوله الناس عنها. لابد انهم يعتبرون انها مثل والدها.
"لا , ابداً" صرخت بدون وعي وعادت الى السيارة حيث ينتظرها السائق.
"الى المنزل , الآن "
انطلقت السيارة الليموزين الرمادية وفتحت هيلين النافذة لتترك نسيم الليل العليل يداعب وجهها.
لم تكن لتختار مثل هذه السيارة ابداً, لطالما تمنت ان تقود سيارتها بنفسها , لكن والدها لم يكن يسمح لها , كما وان وضعها الآن لا يسمح لها , فهي ابنة السيد سكوت كير ووريثة مصنعه لانتاج النسيج الذي يضم مئات الموظفين, صعدت الى غرفتها وهي لا ترغب الا بالنوم, لا! لا تريد ان تفكر بأي شيء , وخاصة بالاجتماع الاداري الذي سيقرر مصير المصنع النهائي.

ولكنها ودون ان تدري لماذا, تذكرت نظرات ذلك الرجل الذي كان ينظر اليها امام مدخل المطعم . كان يبدو رجل اعمال , لابد انه كان على موعد مع احد عملائه وقد اعجبته السيارة الليموزين. قالت لنفسها بسخرية ورمت فرشاة الشعر من يدها واستلقت على سريرها الواسع.
الرجال! لا يهمهم سوى المال والمظاهر المخادعة. من المؤكد ان هذا الرجل يحسدها على ثرائها كما يحسدها اندرو سكرتير والدها الخاص والذي يطمع بالاستيلاء على مصنع كير. انها تعرف مطامعه وتتمنى لو انها تستطيع ان تترك له كل شيء وتعيش حياة هادئة , لكنها عاجزة عن تسليمه ادارة المصنع لأنها تشعر بالمسؤولية تجاه الموظفين الذين خدموا المصنع سنوات طويلة . لا , لن تتركهم بين يدي اندرو الذي لا يقل قسوة عن والدها الذي كان له بمثابة الاستاذ و المربي.
صباح اليوم التالي , كانت هيلين على موعد مع المحامي توم وستون الذي يقدم لها النصائح كلما لجأت اليه .

لكنها اصيبت بدهشة كبيرة عندما لمحت وهي تنزل من المصعد نفس الرجل الطويل الذي رأته امام مدخل المطعم مساء امس . أهذه مجرد صدفة أم ان الرجل يتعمد ملاحقتها ؟ تظاهرت بأنها لم تنتبه لوجوده وتابعت سيرها حتى سيارتها التي أقلتها الى المكتب بعد قليل على وصولها , دخل مكتبها السيد أندرو وكان يبدو متوتراً.
" ماذا هنالك أندرو ؟"
" لقد تحققت مخاوفي , وبدأت المنافسة تحتدم بيننا وبين شركة برمبرا الصناعية . يبدو انهم يسعون لابتلاع مصنعنا"
" انت تمزح اندرو, لا احد يمكنه ان يسيطر على مصنع كير!"
- لست من رأيك , اعتقد ان سلطة برميرا ستمتد خلال اسابيع فقط الى مصنعنا"
" تقصد انهم يفكرون بشرائه ؟" سألته بقلق.
" تماماً هكذا "
"هذا جنون !"
" يجب ان نواجه الأمر بواقعية ونبحثه في الاجتماع هذا المساء. ان اسهم برميرا تزداد تدريجياً, وهي ليست بحاجة لمن يعرف عنها"
" اعلم انها شركة ضخمة و ..."
" ضخمة جداً وعلى رأسها رجال اشداء لن يترددوا في تحطيمنا "
" أتريد ان تقنعني ان شركة حديثة كهذه بإمكانها ان تدمرنا بين ليلة وضحاها وتشتت عمالنا؟"
" انا احاول فقط ان اوضح لك حقيقة موقفنا, بعد وفاة والدك , اصبح هناك العديد ممن يتربصون الشر لهذا المصنع و ادارته و ..."
" حسناً . سنبحث هذا الأمر في الاجتماع الاسبوعي " قاطعته بحدة لأنها لاحظت بأنه يحثها على الاستسلام وبيع المصنع .
نهار الأحد وكعادتها, امتطت فرسها وخيلت في المنطقة الهادئة التي تحيط بمنزل والدها , انها تحب هذه المنطقة بالرغم من كل شيء , اطلقت العنان لفرسها الذي اخذ يسابق الريح.
فجأة لفت انتباهها رفع حوافر حصان خلفها, فأدارت وجهها فرأت شخصاً يقود حصانه على مسافة غير بعيدة عنها . لابد انه غريب عن المنطقة لأنها تعرف كل ابناء المزارعين الذين يمتطون الخيل هنا.
قررت ان تعود الى المنزل, فهي لا ترغب بالثرثرة مع احد اليوم . ولكن بلحظة اصبح الحصان خلفها , فضربت عنق فرسها الذي جرى بكل قوته, الا ان الفارس سبقها وعاد يخيل بمحاذاتها .
التفتت نحوه وبدت الدهشة على وجهها وكأنها لا تصدق ماتراه, انه نفس الرجل!
" انك فارسة ماهرة " قال الرجل مبتسماً.
" لكنك تلاحقني ؟"
" لمجرد التسلية " رد بهدوء.
" من انت ؟ وماذا تريد مني؟"
" عدوك , آنستي .. وفي خدمتك اذا شئت " قال , بسخرية .

نهاية الفصل

[Just Faith]

محتوى مخفي

يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي

[Just Faith]

الفصل الثالث

انه كعادته أنيق ووسيم وتنبعث من ملامح وجهه قوة وثقة كبيرتين.
" آه .." قال المحامي بدهشة " لم أره إلا الآن , لابد انه وصل لتوه"
" هل تعرفه؟"
" انه غاري هيل .. صاحب ومدير شركة برميرا "
" ماذا تقول ؟" سألته بتعجب " هل انت متأكد ؟".
" لا شك بذلك ابداً, انه غاري هيل , يعيش في اليونان ويتردد على فرنسا من وقت لآخر ليدير اعماله , لابد انه جاء ليشرف بنفسه على تدميرنا"

بهذه اللحظة التقت نظراتها بنظرات الرجل الذي ابتسم لها واحنى رأسه بسخرية .
" يا الهي , هذا كثير!" قالت هيلين بغضب , ثم دفعت الكرسي بعيداً ونهضت .
" الى اين ؟" سألها توم بدهشة.
" اريد ان اعرف ماذا يريد هذا الرجل مني , وجوده اليوم هنا ليس مصادفة "
" هيلين , انتظري.."
" اعذرني , توم يجب ان اكلمه "
وسارت باتجاه الرجل الذي ينظر اليها الآن ببرودة.
" سيد هيل على ما اعتقد " قالت له بحدة "لا اعتقد انني بحاجة لأعرفك بنفسي"
دعاها للجلوس بكل هدوء, فجلست وهي تنظر اليه بتحد.
" اخبرني محامي انك تحاول شراء مصنعي "
ظل الرجل يتأملها بهدوء, يبدو انه اذا اراد شيئا لا يتوقف امام شيء . ولكن هي , ماذا ستفعل . مستقبل الكثير من الموظفين بين يديها .
" اذا اكتشفت من أنا , هذه مفاجئة سارة ؟"
" ليس مفاجئة لأنك كنت تعرف انني سأتناول الغداء هنا. لماذا تلاحقني؟"
" سبق واخبرتك "
" قلت انك تتمتع بملاحقتي , لكن هذه ليست الحقيقة "
" انت جميلة جدا , آنسة "
" لن نضيع الوقت بالسخافات " قالت له باشمئزاز " لديك اسباب اخرى . اذا كنت تنوي اخافتي , فاعلم انني لا اخاف منك "
" حقاً ؟ يبدو انك حقاً ابنة ابيك سكوت كير. هو ايضاً لم يكن هناك شيء يخيفه "
" انا لست كوالدي ولست مسؤولة عن تصرفاته. اذا ورثت مصنعه فهذا لا يعني انني ورثت اخلاقه ايضا"
" تقصدين انك خلوقة ؟" سألها بسخرية.
" ما علاقتك انت بأخلاقي ؟"
" الأعمال ليست بعيدة عن الاخلاق , آنسة ..." اجابها غاضبا هذه المرة .
لم تفهم هيلين سبب غضبه ولكنها وجدت سعادة بإغضابه .
" منذ متى تديرين المصنع ؟"
" منذ ستة أشهر"
" وكيف تديرينه؟"
" اديره بأفضل طريقة ممكنة مع ...."
" اذاً تنوين ادارته والتمتع بالسلطة كوالدك ؟"

" ماذا تقصد ؟" سألته بفضول.
" يقولون انك تتركين الادارة للسيد أندرو ..أهذا صحيح ؟"
" هذا ليس من شأنك. بإمكانك ان تدير اعمالك كما تشاء , ولكن لا علاقة لك بإدارة مصنعي "
" حقاً؟"
" ماذا تريد من مصنع كير؟"
" لم أقرر بعد"
" لكنك تنوي شراءه, ولهذا تراقب اعمالنا عن كثب كي يتسنى لك الانقضاض في الوقت المناسب"
" ربما, ولكن هل تفكرين ببيع المصنع ؟"
" بالتأكيد لا !" صرخت هيلين.
" لكني انصحك بذلك"
" يجب ان تزيل من رأسك كل ما يتعلق ببيع المصنع " قالت بحدة " فهو غير معروض للبيع "
" القرار يعود لك , آنسة كير" قال ضاحكا"اعتقد انك تشعرين بالراحة الآن "
نهضت هيلين بعد ان رمقته بنظرة كره.
" انتظري آنسة, يجب ان تعلمي انني لا اشتري بالمال ما يمكنني ان احصل عليه مجاناً وبسهولة ...!"
عرفت في هذه اللحظة , انه لا يعني المصنع فقط بل يتحدث عنها هي شخصياً , متعجرف ! ودفعت الكرسي بعيداً عنها .
" انا لن ابقى لكي اضيع مزيداً من الوقت معك"
" اذن , مرة ثانية الى اللقاء, آنسة كير"
تركته وسارت الى طاولتها حيث بادرها توم بالسؤال بسرعة :
" ماذا هناك؟"
"ذاك اللعين المتعجرف" تمتمت بحدة وكأنها تحدث نفسها.
"هل قال لك شيء ...؟"
" فقط انه يريد المصنع " قالت بغضب.
" هكذا ببضعة كلمات ؟"
" اجل , فهذا هدفه الحقيقي" راقبته وهو يدفع الحساب ولم يكلف نفسه, ان يلقي عليها نظرة.
" لن يحصل على المصنع توم , سأقنعه حتى ولو كان الشيء الأخير في حياتي! قل لي كيف سنفعل ذلك"
" لقد ناقشت موجز القضية مع الآنسة كير " قال المحامي للجنة المجتمعة :
" والآن يجب ان اقول بصراحة ان التمديد اكثر مما تعتقد .. ولذلك علينا اخذه بعين الاعتبار "
ابتسم اندرو بلاك وكأنه لا يصدق ما يقوله المحامي.
كانت هيلين تستمع بصمت الى اقوال اللجنة وتعليقاتهم مرة واحدة فقط تركت عينيها تتأملان تلك الصورة المعلقة على الحائط . للحظات لم تصدق انها تحدق بالرجل الذي كان والدها . والدها , فكرت , لم أناديك بذلك ابداً, استطيع ان اجد لك مئات الأسماء.
بالنسبة للناس هو الرجل الذي يكرهه الجميع , يفعل كل شيء ولا يفسح المجال لأحد ان يقف في طريقه.

نهاية الفصل

[Just Faith]

محتوى مخفي

يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي

[Just Faith]

الفصل الخامس

" والدي حقق النجاح لهذه الشركة على حساب اناس كثيرين , ولكنه مات الآن , وتلك الطرق التي كان يعالج بها اموره انتهت كذلك بموته .. الشركة لا يمكن ان تشق طريقها متجاهلة الكثير من العقبات , كما جرت العادة. وان لهذه الشركة ان تأخذ بين الاعتبار بعض المسؤوليات الاجتماعية تجاه العمال الذين بفضلهم تقوم الشركة وتزدهر , واذا عاملنهم بشكل صحيح , انا متأكدة انهم سيعاملونا بالمثل , وهذا يعني ايضا مزيد من الانتاج وبذل مجهود أكبر في العمل" صمتت للحظات وقالت " حسنا هذا كل ما أردت ان اقوله "

" وفي كل الأحوال افترض اننا سنعود الى التصويت على اقفال المصنع أم لا " قال فيليب لورنس.
كانت عينا أندرو تلمعان غضباً" شيء أخير من فضلكم , نحن جميعاً نحترم مشاعر المالك. ولكن أنا آسف ان تكون معارضة مع هذه المناسبة " التزمت هيلين الصمت فأضاف " هل أذكر اللجنة ان الآنسة كير مالكة لهذه الشركة منذ ستة أشهر, لقد كنت نائب الرئيس , خلال تسعة عشرة عاماً و الآن لنصوت من هو مع اقفال المصنع فليرفع يده " رفع أندرو و شخص آخر من اللجنة يديهما في حين ان الجميع بقيت أياديهم منخفضة .
" والآن من مع بقاء المصنع كما هو فليرفع يده؟" رفع جميع الباقين ايديهم بالاضافة الى هيلين.
كانت عينا أندرو كالحجر, حيت التقت بعينيها ولكنها ابتسمت وهي تسمع فيليب لورنس يقول لبعض افراد اللجنة , ان أندرو اصبح على علم الآن الى أي حد هيلين مستعدة لكي تمنع الطرق التي كان يمارسها والدها. وخياره الآن .. اما ان يحاربها , والا يعترف بأن القانون القديم قد مات الآن الى الأبد . ارتاحت حين انتهى الاجتماع , المصنع عبء ثقيل عليها , ولكنها لن تتخلص منه قبل ان تؤمن جميع العمال.

بعد اسبوع وصلتها رسالة احضرتها الخادمة خلال الافطار, فتحت المغلف بسرعة وقرأت :
" عزيزتي الآنسة كير, اصبحت على معرفة الآن ان هناك امور يجب ان نناقشها فيما يتعلق بالشركة. لن اتحدث مع احد في المصنع ماعداك , ولوحدك , ادعوك للعشاء هذا الثلاثاء, ستقلك سيارتي في الساعة السادسة والنصف . غاري هيل "
سيارتي ستقلك ! رددت لنفسها من يظن نفسه ذاك المتعجرف؟ وضعت الرسالة على الطاولة , ثم حملت سماعة الهاتف وطلبت توم وستون المحامي.
" تلقيت دعوة من صاحب برميرا , يريد مناقشة أمر المصنع"
" اعتقد ان هذا ما يريده " قال توم بصوت هادئ" سيقدم لك عرضاً , يا الهي , أنا أدفع كل شيء لكي أكون معك نهار الثلاثاء "
" اذن انت تعتقد انه يجب علي ان أذهب ؟" سألت هيلين .
" لا مجال للسؤال , يجب ان تتحدثي اليه , هيلين فلم يعد بعد هناك وقت"
" يبدو وكأنك تلقيت اخباراً سيئة ؟"
" الى حد ما . برميرا على وشك ان تطلق العنان لسلطتها , فهذا ما يبدو حتى الآن "
" ألا نستطيع ان ...؟"

" ليس هناك أي أمل التكنولوجيا التي يستعملونها لا يضاهيها شيء . يبدو انها نهايتنا, هيلين"
" انت متأكد انك لا تبالغ ؟ فيبدو الأمر وكأنه من قصص الخيال , توم"
" اسمعي هيلين , اذا كنت لا تريدين ان تري بنفسك دمار الشركة و المصنع قابلي غاري هيل , ولكن لا توافقي على أي شيء قبل بحث الأمر مع اللجنة ومعي ..."
" اوه , طبعاً , أتعتقد انني غبية لهذه الدرجة؟"
" لا , ابداً , هيلين , لقد أثبت انك قديرة في الأعمال , لكن برميرا شركة قوية ويديرها رجل قاس"
" لاحظت ذلك, انه يذكرني بقسوة والدي, ومع ذلك سأذهب لمقابلته كما تقول !"
للحقيقة , ليس لديها خيار آخر. يجب ان تقوم بكل ما بوسعها لانقاذ العاملين في المصنع, وضعها هي لا يهمها بقدر ما يهمها العاملون لديها.
نهار الثلاثاء , وقفت امام المرآة تتأمل نفسها وتحاول ان تسيطر على توترها . ارتدت ثوباً ازرق من الحرير الطبيعي ووضعت معطفاً على كتفيها وجلست تنتظر وصول سيارة عدوها.
في الساعة السادسة والنصف تماماً وصلت سيارة غاري هيل الفخمة يقودها سائق متوسط في السن يرتدي الزي الرسمي لهذه المهنة.
دخلت الى السيارة وقد ازداد توترها عندما فكرت انها تجلس مكان صاحب برميرا . ثم ضحكت بمرارة. يبدو انه قريباً سيجلس مكان صاحبة شركة ومصنع كير.
استقبلتها خادمة أنيقة ومهذبة جداً ورافقتها الى الصالون حيث كان السيد هيل بانتظارها.
ما ان رآها حتى نهض على الفور مرحباً:
" عزيزتي , هيلين , انت حقا ساحرة" قال بإعجاب خال من اية سخرية.
" لن نضيع الوقت بالمجاملات الفارغة , سيد هيل" قالت غاضبة "جئت بناءً على دعوتك لمناقشة أمر هام "
" بالتأكيد وأنت تعرفين هذا الموضوع جيداً" قال بلطف ودعاها للجلوس.
"لايمكنك تحطيم اعمالنا , سيد هيل , بمحاولتك ذلك سيخسر مئات العمال وظائفهم "
" ألن تجلسي؟" قال وهو يرفع معطفها عن كتفيها فلامست يداه كتفيها واحست بارتعاشة هزت كيانها , لكنها بذلت جهداً كبيراً كي لا يلاحظ اضطرابها.
" هل انت خائفة مني هيلين كير؟" سألها بلطف.
" تخيفني؟ لا ابداً"
" اذاً لنتناول الطعام" ومد يده نحوها فاستجابت بتردد .
كانت لمسة يده تحرقها لكنها حاولت ان تتماسك , وسارت معه الى غرفة الطعام وهي تجول نظرها في هذا المنزل الفخم ؟
" هل أعجبك ؟"
" انه حقاً رائع " قالت بصدق.
" اعتقد ان الطعام سيعجبك ايضاً"
" لا اشعر بالجوع الآن "
" اذاً لنشرب شيئا من النبيذ, انه فاخر , من اشهر أقبية فرنسا "
نهاية الفصل

[Just Faith]

الفصل السادس

سكب غاري كأساً وناوله لهيلين ثم سكب واحداً لنفسه وسألها بفضول :
" كيف حال السيد أندرو , الا يزال سكرتير الشركة و المصنع ؟"
بدت الدهشة على وجه الفتاة.
" يحاول ان يقابلني منذ بضعة ايام, لكنني كنت مشغولاً جداً"
" بالتأكيد , انت مشغول بالعمل على تحطيم شركتنا ومصنعنا, أليس كذلك , سيد هيل"
" من قال لك انني أفكر بتحطيمكم ؟ لنقل انها نوع من المنافسة "

" المنافسة لا تكون بهذا الشكل " اجابته بحدة.
" للمنافسة عدة طرق و أساليب , آنسة كير"
" اعتقد انك تريد ان تكون الأفضل في كل شيء"
" تقريبا " اجابها ضاحكاً.
دخلت الخادمة تحمل الطعام , وعندما انتهت من توزيع الأطباق , امرها السيد غاري ان لا تقاطعهما اثناء تناول الطعام .
"ماهذا؟" سألته وهو يضع في طبقها نوعاً غريباً من الطعام.
" انه الطبق المفضل في اسبانيا , تذوقيه, سيعجبك حتماً"
ابتسمت هيلين وتذوقت الطعام وكان بالفعل لذيذا.
" هل تتردد على اسبانيا كثيراً؟"
" ازور مدناً كثيرة بحكم عملي: لندن , مدريد, روما, أثينا, القاهرة .. لكل مدينة سحرها الخاص.. كما وان لكل امرأة سحرها الخاص " اضاف وهو ينظر الى عينيها .

ارتبكت هيلين ووضعت الشوكة من يدها .
" اين تلقيت علومك , آنسة كير؟" سألها مغيراً الموضوع وكأنه لا يريد احراجها.
" عندما انهيت دراستي المتوسطة انتقلت الى لندن , تخرجت من هنا"
" انت اذاً لم تعيشي طويلاً مع والدك؟"
"كلا!" اجابته هيلين وشردت لأفكارها للحظات وهي تذكر علاقتها بوالدها .. كان رجل اعمال قاسي لا يعرف شفقة .
" بماذا تفكرين ؟"
" افكر بالشركة, واريد ان اعرف ماذا تريد منا, سيد هيل"
" اسمي غاري, نادني به , الا اذا كان لا يعجبك " اجابها بابتسامة جميلة.
" لا ضرورة لذلك, سيد هيل"
" نعم , ولكني أحب ان اسمعك تناديني بأسمي"
" بالنسبة لمصنع كير... " قالت متجاهلة كلماته " يبدو انك رجل مثقف وثري ولست بحاجة لمصنعنا"
" يبدو انك ايضاً متعلقة بهذا المصنع مع انك ثرية ايضاً"
ابتسمت بمرارة .
" سيد هيل , هذا المصنع لم يكن يهمني ابداً, لكنك تدفعني للتمسك به أكثر"
" وكيف ذلك ؟"
" لأنك تسعى الى تدميره , و الى صرف مئات العمال"

آنسة كير , وضع المصنع سيء للغاية. بدأت الأسهم تنخفض, انتاجكم لا يستحق كل هذا العناد. أنتم واقعون تحت عجز مالي ولقد استدان سكرتير المصنع الكثير من المال من المصارف وال...."
" اذاً انت تعرف كل شيء عنا!"
" نعم و أعرف ان هذه الديون يجب ان تدفع .. الا اذا استطاع المصنع ان يضاعف انتاجه خلال هذا العام .."
" سينجح في ذلك" اجابته بصوت ضعيف , فهي ليست متأكدة مما تقول.
" لا اعتقد ذلك, وقريباً ستجدين نفسك في مأزق كبير"
"عندئذ ستكون انت سعيداً جداً"
" أتعلمين ان هذا كله بسبب سوء الادارة ؟" سألها بسخرية.
" انا لم استلم الادارة الا منذ بضعة أشهر , سيد هيل" اجابته بحدة " لكنني سأبذل جهدي كي يقوم المصنع من جديد"
" لن تنجحي مع من يحيط بك من الأغبياء والسارقين "
" ولكن لماذا تريد المصنع أنت , طالما انه بحالة صعبة؟"
"أريده مهما كان الثمن, صحيح اني لست بحاجة اليه , لكني سأجد لذة كبيرة وأنا أراه يتحطم أمامي"
" ولكن لماذا بحق السماء ؟" صرخت بحدة.
" لمجرد المتعة"
" مستحيل"
" يجب ان تصدقي, فليس لديك أي خيار آخر, بعد مدة قصيرة سيصبح المصنع والشركة ملكاً لي , وسأفعل ما كنت اخطط له منذ زمن بعيد"
رفعت نظرها نحوه فرأت عينيه تخفيان ألماً لا تعرف سببه.
" لم يعد هناك ما نتحدث به, يجب ان اذهب" قالت له بغضب ثم نهضت . لكنه كان الأسرع فأمسك يدها و اجبرها على الجلوس.
" لن تذهبي الآن. انت مخطئة , لا يزال لدينا الكثير لنناقشه , ما رأيك بكأس آخر ؟."
أومأت هيلين بالايجاب , فقد كانت حقاً متوترة وبحاجة الى شيء ينعشها.
" كم انت جميلة !" قال بلطف .
ولاحظت نظراته الغامضة التي كانت تتأملها , فأدارت وجهها وقالت بتردد " لا يمكن ان تفعل ذلك سيد هيل"
"غاري " صحح كلامها مبتسماً.
" غاري " كررت هيلين " انه أمر لا انساني , ستشرد الكثير من العائلات . بسبب خسارتهم لوظائفهم , لا تستطيع ان تفعل ذلك ببساطة !"
" صدقيني ايتها السيدة الباردة , بإمكاني ان افعل ذلك وسأفلعه "
" ماذا تريد لكي تترك اعمال كير وشأنها , وتتخلى عن فكرة طرد الموظفين , ما الذي يمنعك عن ذلك ؟"
" انت حقاً مؤثرة , منذ متى يأبه أي شخص من عائلة كير, بما يحتاج اليه الآخرون ؟"
" فقط لمجرد انني احمل اسم سكوت كير؟ هذا لا يعني انني مثله ! ما تقوله فظيع ولا يمكنني ان اتخيله !"

نهاية الفصل

[Just Faith]

الفصل السابع

" انها الأعمال! " لمس عقد الألماس الذي يتدلى من عنقها واضاف" انه عقد جميل, من الواضح انك تتمتعين بثروتك "
" أنا أصنع ثيابي لوحدي, كما تعرف , ولم استخدم ثرائي ابدا!" كيف تستطيع ان تخبر أحد , وبالأخص هذا الرجل كيف كانت حياتها مع والدها, ومايعني ان تكون ابنة سكوت كير؟
" أنت ابنة والدك, هيلين كير, تملكين تسلطه وقوة ارادته!"
" اذا كان المال ما تريده, بإمكاني ان اعطيك كل ما تركه والدي"

" حقاً , وماذا لديك ؟" سأل ساخراً.
" انت تعرف ما أملكه , المنزل, مساحة كبيرة جداً من الأراضي , بعض التحف , ثلاثة احصنة لا اعرف ماذا غير ذلك. بدون شك انت تعرف قيمة كل ذلك بالتفصيل"
" تقريبا. ولكنه شيء مؤثر من امرأة في الثانية والعشرين "
اخذ صينية القهوة من الخادمة وأضاف " اخشى ان كل هذه الممتلكات التي تتحدثين عنها لا تفي الدين يا عزيزتي هيلين فالمصنع على منحدر خطر."
ترقرقت الدموع في عينيها ولكنه لم يتوقف فتابع بحدة " اذن؟ ماذا هناك لتقدميه؟"
" يبدو انك تتمتع بهذه اللعبة , كما اطلقت عليها ؟"
"متعة ؟هذه الكلمة هي المناسبة"
" انت متعجرف وقاسٍ, هل حقاً تتمتع بتحطيم الشركة, والتسبب بالخسارة لكثير من الناس؟ أنا لا اصدق ذلك سيد هيل"
" اذا كنت ستبدأين بالأسئلة الشخصية , اذن يجب ان تناديني غاري, ولكنك لم تجيبي على سؤالي حتى الآن , ايتها الأميرة هيلين, ما الذي تملكينه غير ذلك؟"
" لا شيء!" صرخت هيلين بحزن.
" انت حقاً لا تقدرين نفسك, هل تعرفين ايتها الجميلة , بإمكاني ان اترك اعمال كير وشأنها , وحتى انه يمكنني ان احسن وضعها , و أؤمن للموظفين ظروف أفضل من التي يتمتعون بها , ولكن هذا يتطلب ثمناً وأنا اريده ان يتحقق!"
" أي ثمن؟"
" أنا اريدك, هيلين كير. فقط انت ولا شيء سواك"
"أنا! ولكن كيف تريد ان تحصل عليّ؟"
" كزوجتي " قال بنبرة جادة.
ولكنها لم تستطع ان تصدقه.
" اذا كنت تحاول ان تظهر روح النكتة , فهذا لن ينفع , هل تحاول ان تسخر مني مجدداً؟"
" اطلاقاً, أنا جاد الى أقصى حد. هل تفضلين ان أجثو على ركبتي ؟"
" أنا لا أصدق ذلك , ما الذي يدعوك للزواج مني ؟ أقصد أريد سبباً منطقياً؟"
" ربما وقعت في غرامك!" قال والابتسامة لا تفارق وجهه.
" وربما القمر لونه أخضر كذلك!" علقت بغضب.
" هل أستطيع ان اسأل , أين تقيم , سيد هيل؟ فبالطبع هذا مؤقت !" وجالت بنظرها في الغرفة للحظات.
"كابرى, أروع جزيرة في المتوسط , لماذا تسألين ؟"

"كابرى! " كررت هيلين " لا اعرف ماهي العادات التي تتبع هناك, ولكن في فرنسا, سيد هيل الابتزاز غير قانوني! لا عجب انك تتمتع وأنت تجعلني استاء لهذه الدرجة. وعلى أي حال , فلابد انك غير جاد فيما تقول!"
" ولكن, أنا جاد الى أقصى حد. واذا اعتقدت انني أمزح في أي شيء مماقلته حتى الآن . فأنت مخطئة "
" انت تريد الزواج مني ؟ ولكن بحق السماء لماذا؟"
" أريدك وبشروطي"
" لتحصل على المصنع , وهكذا تحقق هدفك؟"
" استطيع الحصول على أكثر , من المصنع اذا اردت ولكن انت من أريد, هيلين فقط لا غير!"
" ولكن انت تتحدث عن زواج , وليس عن امور تتعلق بالتكنولوجيا! الزواج يعني ان نعيش معاً, رجل و امرأة . كم تعتقد ان زواج من هذا النوع سيستمر ؟ وماذا سيحصل حين تشعر بالملل من اللعبة التي تلعبها الآن؟ طلاق سريع؟ لابد انك تعرف انه أمر مستحيل! ولن يحصل!"
" هذه هي كلمتك الأخيرة " سأل غاري.
" نعم, فكر بثمن آخر"
" ليس هناك أي ثمن آخر بإمكانك ان تودعي المصنع من الآن . لن أترك حجراً على ماهو. سيصبح مجرد وهم!"
" كلا!" صرخت هيلين " لا يمكن ان تفعل ذلك!"
" حسناً .. حسناً " رفع حاجبيه بسخرية" بوادر العاطفة الحقيقية بدأت تظهر . لابد انك متعلقة بالثراء والسلطة"
" تحطيم المصنع يعني طرد الموظفين من عملهم , بحق السماء كيف تستطيع ان تساوم على حياة هؤلاء الناس, أنا لا استحق كل هذا الخراب الذي ستسببه ! هذا جنون !"
"خيارك واضح اذن , هل أنا كريه بالنسبة لك ؟" سأل فجأة.
" هذا ليس موضوعنا"
" هل أنا ؟"
" بالطبع كلا, انت جذاب ولست بحاجة لأن يخبرك أحد عن ذلك, ولكن ..."
بدأ يضحك ثم علق :
"انت حقاً لا تعرفين شيئا فيما يتعلق بالرجال, هيلين, ولكن هل تجدينني حقاً جذاب؟"
" لقد قلت انك غير كريه!" قالت هيلين وشعرت بالاحمرار يعلو وجهها.
" ليس هناك رجل في حياتك , أليس كذلك , الا اذا اعتبرنا الأصدقاء الذين جمعتهم حولك في خلال الأشهر الماضية.. أية عقبة يمكن ان تواجه زواجنا اذن؟"
" انت لا تصدق . الناس لا يتزوجون فقط لعدم وجود أية عقبة في طريقهم ! وهناك عقبة هنا .. حقيقة انك تحمل مسدساً فوق رأسي!"
" حسناً, لنقل انني لا أجبرك على الزواج , سأعطيك ثلاثة ايام لكي تفكري هيلين . نهار الأحد ليلاً أريد جوابك , وبعد ذلك لن يكون هناك أي حوار بيننا!"
تأملها للحظات ثم أضاف :
" اصغي اليّ .. بعد الأيام الثلاثة اللاحقة ستعلنين أهم قرار تتخذينه في حياتك. لن يكون هناك شيء أهم من ذلك. لقد ذكرت الطلاق منذ لحظات , تلك الكلمة لا توجد في قاموسي , هيلين , لذلك فكري جيداً ولا تتسرعي !" قال الكلمة الأخيرة وكأنه يسخر منها. ثم نادى سائقه وطلب منه ان يصطحب الآنسة الى منزلها.

نهاية الفصل

[Just Faith]

الفصل الثامن

صعدت هيلين الى غرفتها بسرعة وبدلت ملابسها ثم رمت بنفسها على السرير تذرف دموعاً حارة.
ما الذنب الذي اقترفته لتتلقى كل هذا ؟ فقط لأنها ابنة سكوت كير الظالم الذي كان يدوس على الجميع من أجل الوصول الى اهدافه؟ ليتها ولدت فقيرة معدمة ولم تجد نفسها امام هذا الخيار الصعب. لو لم تكن ابنة سكوت كير , كان بإمكانها ان تتزوج من شاب تحبه ويحبها بدل ان تتزوج من هذا الرجل المتعجرف الذي يجبرها على الزواج منه.
نعم انه يجبرها لأنها بالتأكيد لن تتمكن من تعريض مئات العمال في المصنع للمجاعة و العوز.

لم تتمكن من النوم جيدا هذه الليلة وهي تفكر بخيارها الصعب. كيف يمكنها ان تربط حياتها برجل لا يحبها ويتلذذ بعذابها.
استيقظت في الصباح على رنين الهاتف. انه توم وستون المحامي.
واخبرته الفتاة بماحدث بينها وبين غاري هيل, فأبدى الرجل أسفه لأنه لا يستطيع ان يفعل شيئا من اجل انقاذ المصنع .
" أنا لا ألومك توم , فأنت لم تكن قادرا على التكهن بكل مايحصل الآن. غاري هيل رجل قاس كان مصمما منذ مدة طويلة على تدميرنا"
" ولكن لماذا؟"
" يقول بأنه يتصرف هكذا لمجرد المتعة "
" يا الهي, هيلين, الطرق جميعها مقفلة امامنا, نحن في قبضته . لا اعرف ماذا اقول , فحتى لو كان امامنا أي أمل, لن يقف غاري هيل مكتوف الأيدي , وسيبذل كل ما بوسعه لتدميرنا"
" لم يعد هناك أي فرصة , توم. انه حقا شيء يدعو للضحك, منذ عام فقط كانت شركتنا أكبر شركة في السوق , وهانحن الآن نسير الى الهاوية "
" هل أنت بخير ؟" سألها المحامي" تبدين يائسة للغاية "
" نعم. ولكن لا داع للغضب بعد الآن , فلن يكون هناك أي صراع بيننا وبين شركة برميرا"
" ماذا تقصدين , هيلين , بحق السماء؟"
"سأتزوج قريبا من غاري هيل, هذا هو الثمن الذي يطلبه "
" ولكن ..."

" هذا هو قراري النهائي , توم. وعدني غاري هيل بأنه سيعمل على تحسين اوضاع المصنع وسيحتفظ بالعمال ويحسن معاملتهم اذا واقفت على الزواج منه"
واقفلت الخط قبل ان يتسنى لتوم ان يطرح عليها أي سؤال آخر. ودخلت الحمام لأنها بحاجة للإنتعاش.
نعم , ستتزوج من رجل مثل والدها ! وإلا ماذا ستفعل والى من ستلجأ؟ لا يمكن لأحد ان يقدم لها المساعدة , فهي وحدها التي ستواجه كل شيء.
لماذا يرغب غاري هيل بالزواج منها؟ هل يمكن ان يكون راغباً بها؟ ربما, فهي فتاة جميلة, ومع ذلك, لا يمكنها ان تصدق انه يتنازل عن رغبته بتحطيم المصنع من أجل تحقيق رغبته بامتلاكها .
ولكن مايدهشها انه بإمكانه الحصول على اجمل نساء العالم اذا اراد. فهو شاب وسيم جذاب وثري, ويعرف كل شيء عن النساء بينما هي لا تعرف شيئاً تقريباً عن الرجال.

ماذا ينتظرها مع هذا الرجل ؟ تساءلت وهي تجفف شعرها . كم تشعر بالوحدة في هذا العالم القاسي , لقد توفيت والدتها منذ عشرة اعوام وتوفي والدها الذي لم تشعر نحوه بأي حب . لم يبق لديها سوى صديقتها مادلين. لكن مادلين سافرت مع زوجها لقضاء شهر العسل في جبال الألب, وقد لا تراها قبل زواجها من غاري هيل.
يا الهي , مجرد ذكر اسمه يجعلها ترتجف وتتوتر , فكيف ستعيش معه تحت سقف واحد؟
بعد الظهر , اتصلت بغاري هيل واخبرته بقرارها .
" انت لم تنتظري حتى مساء يوم الثلاثاء " اجابها بهدوء" ولكن قرارك يسعدني كثيراً, لقد وفرت علي عذاب الانتظار, بالمناسبة أنا أدعوك لتناول العشاء في أفضل مطعم في المدينة , اعتقد ان هناك اشياء كثيرة نناقشها قبل الزواج, فأنا اريد ان يتم الزواج بأقرب وقت ممكن "
بعد عشرة ايام فقط, كانت هيلين تسافر برفقة زوجها الى جزيرة كابرى. وحتى لحظة دخولها الى منزل الزوجية لم تكن تصدق بأنها اصبحت السيدة هيل.
" أنا لا اصدق " صرخت غاضبة " تريد مني ان أقوم بدور المضيفة في حفل عشاء في اول يوم نصل فيه ؟"
"لقد دعوت اصدقائي , وكلهم لطفاء" قال وهو يفك ربطة عنقه بهدوء"الجميع متشوقون هنا للتعرف بك"
"لا يمكنني القيام بذلك, أنا متعبة ولا أحب القيام بهذا الدور"
" لا يمكنك ان ترفضي , فهذه الحفلة من أجلك, لقد أرسلت الدعوة منذ ايام , هيلين , ونحن لم نعد غريبين , أليس كذلك؟"
" كفى !" صرخت بحدة.
" لم يعد هناك مجال للتراجع , هيلين , نحن الآن بعيدين عن فرنسا, انت في منزلك ومع زوجك" ثم تأملها قليلا , وأضاف بلطف " اذا كنت بحاجة للراحة ادخلي وانعمي بساعتين من الراحة , سأرشدك الى غرفة النوم "
" ألا استطيع ان اشرب فنجاناً من القهوة , بحق السماء ؟" ووضعت يدها على رأسها , فقد كانت تشعر بالصداع . والحديث عن غرفة النوم جعلها تزداد توتراً.
" انا حقاً, لست قادرة على التفكير بشكل صحيح !"
" انت تفكيرين كثيراً على أي حال " قال وهو يبتسم " سأطلب القهوة"
" مازلت لا استطيع ان اصدق شيئا من هذا " قالت وهي تجول بنظرها في الغرفة , خاتم الزواج في يدها . قبلات غاري على شفتيها . نظرات توم المحامي وبعض الأصدقاء , والأسئلة التي كانت تجول في أذهان الحضور.
كل ذلك تركته منذ ساعات لتجئ الى كابرى برفقة زوجها .
كانت الفيلا جميلة وتدل على ذوق رفيع. فكرت هيلين لو انها حقا في ظروف عادية لأحبت هذا المنزل من كل قلبها. سارت الى النافذة ووقفت تتأمل الحديقة المليئة بالورود.

نهاية الفصل

[Just Faith]

الفصل التاسع

المجلات و الصحف نشرت صورهم. الرجل الجذاب الشهير, غاري هيل, يتزوج من فتاة ساحرة, تدعى هيلين كير , الثنائي الرائع.
جميع النساء تحسدنها على هذا الزواج, هي وحدها تشعر بالحزن. ترقرقت الدموع في عينيها... دخل غاري الى الصالون حيث كانت ترتاح :
" ابتسمي ايتها السيدة الجميلة. دعي الرجال يشعرون بأهميتهم"
" ارجوك, لا تدعني أقوم بذلك...سأتعرف عليهم في وقت آخر, غاري"

"دعينا ننتهي من هذا الأمر" امسك يدها بلطف وأضاف اريد ان اريك المنزل , هلين . تعالي"
" اذا كنت تصر " قالت بتهذيب , اخذت تتأمل الغرفة تلو الأخرى بإعجاب, وحين ادخلها غرف النوم قالت :
" هل هذه غرفتي؟"
" غرفتك ؟" ابتسم " انها لنا نحن الاثنين معاً, ايتها الفتاة "
"انت تمزح! لا تقصد ان نتشارك الغرفة نفسها ؟"
" أليس هذا معروف بين المتزوجين!" قال بلطف.
لم تتشارك هيلين ابداً مع رجل من قبل غرفة نوم. فكيف تستطيع ان تفعل الآن ؟ وخاصة مع رجل مثل غاري.
" هذا لن ينفع , اريد غرفة منفصلة !"
ابتسم غاري وقال " انت تصرين , وترفضين , هذه ليست كلمات جميلة , هيلين"
" لم افكر ابداً بمشاركتك الفراش" صرخت بحدة " اذا كنت ..."
" انت لست في موقع يؤهلك لكي تطلبي شيء هيلين , حاولي ان تتذكري انك زوجتي, الآن . لماذا لا ترتاحين قبل ان تبدأ الحفلة ؟" وقف وبدأ بخلع ملابسه.
" ماذا تفعل ؟" سألت بدهشة .
" سأستحم . هل تريدين الانضمام اليّ؟"
" أفضل ان استحم مع سمك القرش" علقت " لن أنام في سرير واحد معك, ليس هذه الليلة , ولا غيرها . يجب ان تجعلهم يأتون بسرير لي ويضعونه في مكان آخر , غاري!"
نظر اليها وكأنه لم يسمع :
"يجب؟ هذه ليست كلمة تستعمل مع الزوج, يا زوجتي الحبيبة " فتح الخزانة , فبدت ثيابها معلقة بترتيب " اسمعي هيلين هذه ملابسك , وهذه غرفة نومك وهنا ستنامين "
"كلا لن أفعل !"
"اذن, بحق السماء لن تنامي ابداً" قال بنبرة جافة تدل على انه يريد ان ينهي المشاجرة.
تابع خلع ملابسه, دون ان يهتم لنظراتها . كانت حقا لا تعرف شيء عن الرجال, ولكن غاري بدى رجلاً جذاباً.
حاولت ان تنظر الى البعيد , فقال :
"تبدين كالشبح , يا عزيزتي. هل من الممكن انك لم تري رجلاً يخلع ملابسه من قبل؟"
شعرت بالاحمرار يعلو وجنتيها, فأخذ يضحك.
" سأدخل لأستحم , ارتاحي هيلين , فأنت حقاً مرهقة "

سمعته يغلق باب الحمام , خلعت حذاءها وتمددت على السرير , شعرت بالحنين الى منزلها . فتجمعت الدموع مجدداً وكانت على وشك ان تنهمر. مجرد التفكير بالتعرف على الغرباء الليلة لا يحتمل. كيف ستواجه النظرات الفضولية ؟ كيف تتظاهر بأن زواجها من غاري ليس سوى لعبة؟ اغمضت عينيها فغطت في النوم لشدة الارهاق.
كانت الحفلة ناجحة حقاً.؟ توقعت ان يكون اصدقاء غاري من الرجال كبيرين في السن, متعجرفين , ولكن على العكس , فقد كان معظمهم من الشباب المرحين.
فيكتوريا فلانتي , ممثلة رأتها هيلين في عديد من الافلام , بدت بدون شك النجمة , بينما زوجها المخرج , رجل في الأربعين, واعتبر الأكبر بين الرجال. ولكن الزوجين الآخرين كارلو وسارة شيبرالي, كانا شابين , وسرت بالتعرف عليهم.
كانت هيلين سعيدة للغاية, وحين اصبحت الحفلة على وشك ان تنتهي ادركت انها نادراً ما تمتعت بحياتها . دخل الجميع لتناول الطعام, وكان غاري الرجل البارز بينهم بحسن ضيافته ولياقته.
الفتاة الوحيدة التي لم تكن تشارك الجميع فرحهم , كانت ابنة عم غاري , ميشيلا هيل , شقراء طويلة القامة , كارلو و زوجته كانا رسامين , في حين ميشيلا ماتزال طالبة.
وجدت هيلين شيئا مشتركاً بينهما, فابتسمت لها وسألتها :
"كيف هي جامعة روما؟ رائعة على ما اعتقد , أليس كذلك؟"
" انها مزدحمة " ضحكت ميشيلا " ولكن لا بأس بها . انت كذلك كنت في مانشستر أليس كذلك؟"
"اجل لثلاث سنوات " قالت هيلين.
"هل هذا هو من تصميمك ؟" سألت ميشيلا , وهي تتأمل بإعجاب الثوب الأسود , الذي أظهر قامة هيلين الفارعة "انه ساحر"
"شكراً لك"
" سمعت انك ورثت مصنع والدك أليس كذلك؟"
" هذا صحيح"
"أهكذا تعرفت على غاري؟" سألت بفضول.
"اجل, هكذا تعرفت عليه " اجابت هيلين وكأنها تحدث نفسها.
" اعتقد ان الأمر رومنطقي للغاية" قالت ميشيلا " انت محظوظة , هيلين .. لكي تحصلي على الثراء وعلى رجل مثل غاري هيل كزوج"
" انه الحظ, حقاً " توقفت هيلين ولم تحاول ان تشرح لها من أية جهة, شعرت بعيني غاري تتأملها فأبتسمت له. هل يضحك عليها ؟ .
قطعت سارة شيبرالي حبل افكارها , مع الممثلة وقالت " انه حقاً رومنطقي , أليس كذلك هيلين ؟"
أومأت هيلين بالايجاب , وفكرت انهم لو يدركون فقط الدافع الحقيقي وراء زواجهما.
" منذ متى تعرفين غاري؟" سألت ميشيلا.
" منذ اسابيع . لقد حصل كل شيء بسرعة. وأنا بالكاد اعرف كل شيء عن زوجي!"
" لا تقلقي, فأنت لست الوحيدة " قال كارلو وهو يبتسم "غاري, رجل الغموض"
"تماماً" وافقت زوجته وتابعت حين اصبح غاري بينهم " نحن نعرفك منذ سنين , غاري , وأنت بالكاد تتحدث عن طفولتك , اين ولدت , عائلتك , أي شيء من هذا القبيل"

نهاية الفصل