آخر 10 مشاركات
أسيرتي في قفص من ذهب (2) * مميزة ومكتملة* .. سلسلة حكايات النشامى (الكاتـب : lolla sweety - )           »          علي الجهة الأخري (مصورة) (الكاتـب : دعاء ابو الوفا - )           »          قلبك منفاي *مكتملة* (الكاتـب : Hya ssin - )           »          جايكوب وايلد (118) للكاتبة: Sandra Marton {الجزء 1من الأخوة وايلد} *كاملة* (الكاتـب : Andalus - )           »          الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )           »          فجر يلوح بمشكاة * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Lamees othman - )           »          ثأر اليمام (1)..*مميزة ومكتملة * سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          رجفة قلوب اسود الصحرا ..رواية بدوية رائعة *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : وديمه العطا - )           »          236 - سيد الجزيرة - مارى ويبرلى - روايات عبير الجديدة (الكاتـب : samahss - )           »          نيكو (175) للكاتبة: Sarah Castille (الجزء الأول من سلسلة دمار وانتقام) كاملة+روابط (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات العربية المنقولة المكتملة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-10-15, 01:07 PM   #1

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25 قطة في عرين الأسد / للكاتبة منى سلامة بنوتة أسمرة مصرية مكتملة



،

،
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
،
نقدم لكم رواية
قطة في عرين الأسد
للكاتبة منى سلامة
بنوتة أسمرة
،
،
قراءة ممتعة لكم جميعاً......
،



ندى تدى likes this.

لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-10-15, 01:15 PM   #2

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


رابط لتحميل الرواية

https://www.rewity.com/forum/t332191.html#post10681931





مقدمتي

الخيانــة .. هذا الخنجر الغادر الذى يطعن الإنسان فى غفله منه .. لا يتطلبسوى لحظات حتى يتمكن نصل الخنجر من الانغماس داخل قلبك ويسيل الدم منه أنهاراً .. لكنك تحتاج الى سنوات وسنوات للشفاء .. أحيانا تُشفى وأحياناً لا .. تظل مرارته ملازمة لك طيلة عمرك .. وترى كل الألوان حولك وقد دُبغت بالسواد .. فتعتاد عيناك على الأسود ولا تستطيع رؤية غيره من الألوان حتى لو كانت واضحة جلية أمام عيناك .. الوفــاء عملة نادرة .. لكنها ليست منعدمة الوجود .. ابحث عن الوفاء فى زمن الخيانة .. وعن الصدق فى زمن الكذب .. وعن الحب فى زمن الماديات .. فلا يخلو زمان ولا مكان من اللون الأبيض مهما ندر وعز وجوده .. ولولا السواد ما استطعنا تمييز البياض والنقاء.




التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 19-10-15 الساعة 12:33 AM
لامارا غير متواجد حالياً  
التوقيع







رد مع اقتباس
قديم 13-10-15, 10:58 AM   #3

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 1 )



أشرقت شمس الصباح وأخذت آشعتها الذهبية تتسلل الى السماء فى استحياء .. انه صباح يوم آخر .. يهرع فيه الناس الى أعمالهم و أشغالهم .. فترى زحمة السير فى الطرق وترى أطفالا يحملون حقائبهم ذاهبون الى مدارسهم صحبة وفرادى .. وترى المواصلات العامة وقد اكتظت براكبيها .. تتمعن فى تلك الوجوه .. فترى بعضها شارداً وبعضها مكتئباً وبعضها متأففاً وقليل منهم تحمل ملامحهم علامات الراحة والرضا .. ترى تلك السيدة الكبيرة التى صعدت الى الحافلة فيقوم هذا الشباب الشهم ويُجلسها مكانه اكراماً لسنها فينال دعوة طيبة .. وترى تلك الفتاة التى تسند رأسها على شباك الحافلة الزجاجى وتبدو مهمومة فتتمعن فيها محاولاً تخمين ما الذى يؤرق مضجع فتاة يافعة مثلها .. وترى هذا الرجل الواقف فى وسط الحافلة لا يجد مكاناً للجلوس تتمعن فى وجهه فتراه منهمكاً فى التفكير وكأنه يحمل هموم الدنيا فوق أكتافه .. وترى ذلك الطفل الصغير الذى اندس بين الكبار يبحث عن مكان يتسع لقدماه الصغيرتان وجسده النحيل
.. تلك هى الدنيا .. كالساقية تدور وتدور .. وكل منا يعرف دوره فى هذه الحياة .. دوره الذى اختاره الله عز وجل له .. فمنا من يبرع فيه .. وينال أجر الدنيا والآخرة .. ومنا من يتكاسل عنه .. فيخسر أجر الدنيا والآخرة .. وسط تلك الوجوه المصرية التى تتباين فى الشكل واللون والملامح .. ترى فتاة خمرية البشرة متوسطة الوزن والطول ليست بالجميلة باهرة الحسن وليست بالدميمة .. فتاة مصرية عادية كملايين الفتيات اللاتى ترتطم بها عيناك وأنت تسير فى شوارع القاهرة .. لا يميزها سوى حجاب تخفى به شعرها .. وملابس محتشمة تخفى تفاصيل جسدها الأنثوى .. تسير الفتاة الى المترو لتركب فى العربة المخصصة للسيدات .. تجلس على أحد المقاعد الشاغرة وتُخرج من حقيبتها مصحف صغير .. تقضى معه تلك الدقائق التى تفصلها عن مكان نزولها .. يتوقف المترو ويستعد الركاب للمغادرة .. تغادر "مريم" العربة وتتوجه الى تلك البناية التى تقع فى مواجهة المترو .. تدلف اليها ويلقى عليها حارس العمارة نظرة .. ثم يعود لمطالعة جريدته الصباحية .. تركب "مريم" المصعد وتضغط رقم 5 .. يتوقف المصعد فى الطابق الخامس .. تسير "مريم" عبر الردهة الطويلة التى اعتادت السير فيها يومياً حتى تصل الى باب مفتوح ومزين بلافته أنيقة كًتب عليها " شركة رؤية للدعاية والإعلان " ..
توجهت "مريم" مباشرة الى احد المكاتب ووضعت حقيبتها على المكتب وجلست عليه .. وبدأت فى فتح جهاز الكمبيوتر الذى أمامها .. ماهى الا دقائق حتى دخلت احدى الفتيات .. كانت فتاة جميلة ممشوقة القوام .. تتميز بحجابها واحتشام ملابسها .. أقبلت بإبتسامه عذبه قائله :
- صباح الخير يا "مريم"
رفعت "مريم" رأسها ونظرت الى صديقتها قائله :
- صباح الخير يا "مى"
أخذت الفتاة مكانها على المكتب الآخر الموجود فى الغرفة .. و التى كانت تضم ثلاث مكاتب .. عادت "مريم" الى مطالعة حاسوبها .. نظرت "مى" الى المكتب الفارغ وقالت :
- هى الهانم لسه مشرفتش
- تؤ
قالت "مي" بحدة :
- كالعادة عادتها ولا هتشتريها
قالت "مريم" بهدوء دون أن ترفع عينها عن حاسوبها :
- ملناش دعوة .. كل واحد حر فى نفسه
قالت "مى" بحدة أكثر :
- اشمعنى احنا نلتزم بمواعيدنا .. والهانم لازم كل يوم تتأخر .. أنا هبلغ أستاذ "عماد" باللى بيحصل ده
رفعت "مريم" عينيها لتنظر الى صديقتها قائله :
- ملناش دعوة يا "مي" .. لو أستاذ "عماد" سأل نبقى نقوله .. لكن طالما ما سألش عليها خلاص بلاش نعمل معاها مشاكل بدون داعى .. انتى عارفاها
قالت "مى" بغيظ :
- ما هو عشان عارفاها .. أوف مش عارفه ليه مينقلوهاش مكتب تانى ويريحونا منها
قالت "مريم" ببساطة :
- حاولى متحتكيش بيها وخلاص .. وبعدين سبيني أركز بأه عشان عندى شغل كتير
قالت "مى" وهى تبدأ فى تشغيل حاسوبها :
- شغاله على دعاية شركة دييبس ؟
- أها
- ربنا معاكى شغلهم صعب وصاحب الشركة مبيعجبهوش العجب بيعدل كتير
رفعت "مريم" ناظريها قائله :
- اشتغلتى معاهم قبل كدة
- أيوة من كذا سنة كنت ماسكه الحملة الدعائية بتاعتهم .. كانوا متعبين بجد
عادت "مريم" تنظر الى حاسبها وتمتمت :
- لحد دلوقتى ما قابلنيش مشاكل معاهم
- يارب دايماً
بعد نصف ساعة .. دخلت الى المكتب فتاة تصبغ وجهها بمكياج صارخ .. حتى سار وجهها وكأنه لوحه متداخلة الألوان .. وحجاب صغير جدا لا يكاد يغطى شعيراتها الثائرة من الأمام .. فتدخل يديها لتحاول عبثاً اخفاء تلك الخصلات .. دخلت ودون أن تلقى التحية توجهت الى المكتب الثالث وجلست عليه وبدأت فى تشغيل حاسوبها .. ثم أخرجت من حقيبتها مرآة وأخذت تتأكد من تمام زينتها ثم قامت وتوجهت الى الخارج .. تابعتها "مى" بعينيها وما كادت تخرج حتى هتفت قائله :
- شوفتى المولد اللى "سهى" عملاه فى وشها .. ده لو مش عشان حرام فعلى الأقل من باب ان مفيش واحدة تحط كمية الميك دى على الصبح .. شغل فلح صحيح
قالت "مريم" بنفاذ صبره ونظرة محذرة :
- "مى" بطلى تجيبي فى سيرتها .. هى حرة تعمل اللى تعمله .. لينا اننا ننصحها وبس لكن مش نتكلم عنها كده
قالت "مى"بغيظ :
- يعني عجبك منظرها
قالت فوراً :
- لأ طبعا مش عاجبنى .. بس بدل ما أنا وانتى نتكلم عنها فى غيابها .. الأحسن اننا ننصحها براحه أهو ناخد فيها ثواب .. ونتجنب احنا اننا ناخد سيئات عشان شوية نميمة
هتفت "مى" قائله :
- ما احنا ياما نصحناها ومفيش فايدة مبتحترمش نفسها أبداً .. واهى دلوقتى تلاقيها داخله عند أستاذ "أشرف" وهاتك يا تسبيل
قالت "مريم" بغضب :
- "مى" بجد كفاية لو سمحتى
قالت "مى" تحاول تهدئتها :
- خلاص متضايقيش مش هتكلم عنها تانى
عادت "مريم" الى عملها وهى تحاول تناسى غضبها من "مى"

فى المكتب المجاور وقفت "سهى" أمام مكتب الأستاذ "أشرف" قائله بإبتسامه :
- حقيقي بجد مش عارفه أشكرك ازاى يا أستاذ "أشرف" .. لولاك مكنتش عرفت أخلص الشغل ده كله لوحدى
قال "أشرف" مبتسماً :
- ولا يهمك يا آنسه "سهى" .. احنا زمايل وواجبنا اننا نساعد بعض
ازدادت ابتسامتها اتساعاً ونظرات عينيها جرئه قائله :
- بصراحة مش عارفة أودى جمايلك عليا فين .. من ساعة ما اشتغلت هنا وانت بتساعدنى ومرفضتليش أى طلب أبداً ... حقيقي انت انسان ذوق أوى
ابتسم لمجاملتها قائلاً :
- متشكر يا آنسه "سهى"
قالت وهى تغادر :
- لو احتجت منى حاجه فى أى وقت عرفني وأنا عنيا لحضرتك
أومأ برأسها .. خرجت من المكتب وعادت الى مكتبها تحمل بعض الأوراق وابتسامتها على شفتيها ..راقبتها "مى" بغيظ .. فإنتبهت "سهى" لنظراتها فقالت لها بحده :
- ايه مالك بتبصيلي كدة ليه .. لو عايزة صورة عرفينى وأنا أجبلك بدل ما انتى عماله تاخدلى صورة 4 فى 6 من ساعة ما دخلت

قالت "مى" بسخرية :
- وأنا هحتاج صور جنابك فى ايه ان شاء الله .. تكونيش حد مهم وأنا معرفش
قالت "سهى" بمياعه :
- آه حد مهم ومهم أوى كمان
قالت "مى" ساخرة :
- والله .. تصورى مكنتش أعرف
نظرت اليهما "مريم" قائله بغضب :
- هو انتوا مش هتبطلوا بأه .. مش عارفه أركز فى الشغل .. لو سمحتوا كل واحدة تبص فى جهازها وتشتغل .. ده مكان شغل مش مكان نتساير فيه
التزمت الفتاتان الصمت وعادتا الى عملهما وكل منهما ترمق الأخرى بنظرات حنق .. عادت "مريم" الى عملها تضرب بأصابعها النحيلة فوق لوحة المفاتيح .. حانت منها التفاته الى تلك الدبلة الذهبية التى تزين أصابع يدها اليمنى .. أخذت تتحسسها بأصابعها لحظات .. ثم عادت الى اكمال عملها .

**************************
من أهم محافظات صعيد مصر .. محافظة قنــا .. تلك المحافظة التى تتميز بموقع جغرافى رائع .. حيث تحدها شمالاً محافظة سوهاج .. وجنوباً محافظة الأقصر.. وشرقا محافظة البحر الأحمر .. وغربا محافظة الوادي الجديد .. تضم تلك المحافظة 11 مدينة .. أهمها مدينة نجع حمادى التى تُعرف بالصعيد الجوانى .. والتى تتميز بزراعة قصب السكر وبوجود العديد من مصانع الألومنيوم .. وتتميز بذلك المناخ الإقليمي الحار الذى يؤثر فى طباع أهلها .. تتشابه عادات أهل الصعيد مع عادات أهل الجزيرة العربية من حيث التكوين القبلى أو العشائرى فينقسم الناس بها الى عدة قبائل وكل قبيلة تتميز بالتماسك والترابط فيما بينهم فلا يستطيع غريب التسلل بينهم .. يتميزون أيضاً بغيرتهم الشديدة على كل ما يخص القبيلة ومصالحها .. توجد واحدة من كبرى القبائل ويطلق عليها قبيلة "تميــم" ..(اذا تشابه الإسم مع اسم قبيلة موجودة بالفعل فهو محض الصدفة) ..
توجد عائلتان من أكبر عائلات تلك القبيلة وهما عائلة "السمري" .. و عائلة "الهواري" .. كان بين العائلتان مصالح مشتركة كثيرة .. يشتركان معا فى العديد من الأعمال ويتميزان بسمعة و هيبة وسط أهل الصعيد .. عائلة "الهواري" .. كان كبيرها هو الحاج "سباعى" والذى يمثل رأس تلك العائله .. فى ذلك اليوم استيقظ "سباعى" من نومه ليترأس مائدة الطعام والتى وضع عليها ما لذ وطاب بدأ فى تناول الطعام ثم التفت الى ابنه الكبير "جمال" قائلاً :
- ايه أخبار المشكلة اللى كانت مع العمال يا "جمال"
قال "جمال" وهو يكمل طعامه بنهم :
- لا متجلجش يابوى حليناها ورضينا العمال .. مع انهم كانوا عايزين جطع رجابيهم
قال "سباعى" بحزم:
- اتعلم تسايس أمورك عشان المركب تمشى .. فى مواقف بتحتاج فيها الحزم وفى مواقف تانية بتعديها عشان مصلحتك
قال "جمال" بحنق :
- يعني شوية رجاله ميسووش يمشوا كلامهم علينا
قال "سباعى" بغضب
- الرجاله اللى بتقول عليهم ما يسووش هما من قبيلتك يا ولدى ولازم تطويهم تحت جناحك عشان قوتنا وعزتنا فى عددنا وعشان كده احنا من أكبر عائلات الصعيد كلياتها .. ولا عايزهم يجولوا عيلة "الهواري" مش عارفه تمشى شغلها زى باجى الخلج .. يعني هيا عيلة "السمري" أحسن منينا ولا ايه
قال "جمال" بسخرية :
- لا طبعا .. ده احنا نغلبهم بالعدد وبالنسب .. واحنا احسن منيهم مليون مرة .. وكل القبيلة عارفه اكده
- عفارم عليك ومادام اكده يبأه لازم الكل يتكلم عنا منيح وميجيبوش سيرتنا الا بالخير وعشان اكده رضينا العمال .. لكن مش معنا اكده اننا ضعاف .. لا .. اللى يتنمرد حدانا يا ويله منينا
صمت "سباعى" قليلاً ثم قال :
- أخبار المناجصة ايه .. لسه مفيش نتيجه
- لا يابوى أنى موصى ناس أكابر أول ما يعرفوا المناجصه رسيت على مين يبلغونا
ثم قال فى حبور :
- بس ما تجلجش واصل .. هترسى علينا يعني هترسى علينا .. مفيش حد حدانا يجدر يجدم مواصفات أحسن من اللى جدمناها .. متشيلش هم يابوى
قال "سباعى" وهى ينهض :
- ربنا يجدم اللى فيه الخير

************************
فى مكتب الأستاذ "عماد" صاحب ومدير شركة رؤية للدعاية والإعلان .. جلس أحد أصحاب الشركات وقال :
- بس يا أستاذ "عماد" احنا مش عايزين حملة عادية .. عايزين تغيير شامل فى كل شئ .. لوجو الشركة وبروشورز تعريف بنشاط الشركة تتوزع فى الشوارع وعلى الشركات الكبيرة .. ده غير البوسترات واعلانات أوت دور
قال "عماد" مبتسماً :
- ما تقلقش أبداً يا بشمهندس "خالد" .. احنا الدعاية عندنا على أعلى مستوى
قال "خالد" محذراً :
- مش عايز أى شغل يا أستاذ "عماد" .. لازم يبقى شغل من الآخر .. أنا مش مهم عندى الفلوس .. المهم النتيجة
طمأنه "عماد" قائلاً :
- متقلقش وهختارلك أحسن ديزاينر عندنا فى الشركة وهى اللى هتمسكلك الحملة
قال "خالد" مستغرباً :
- هى !
ابتسم "عماد" :
- أيوة .. ثوانى وهعرفك عليها
رفع سماعة الهاتف قائلاً :
- آنسة "صفاء" من فضلك ناديلى الآنسة "مريم"
- حاضر يا فندم
دخلت "صفاء" مكتب "مريم" قائله :
- "مريم" أستاذ "عماد" عايزك فى مكتبه
رفعت مريم رأسها قائله :
- متعرفيش عايزنى فى ايه؟
- لا مقاليش .. بس عنده عميل جديد
قامت مريم وعدلت هندامها .. وسارت الى مكتب أستاذ "عماد" وطرقت الباب بخفه ثم دخلت وتركته مفتوحاً خلفها .. توجهت الى المكتب قائله :
- أفندم يا أستاذ "عماد"
أشار "عماد" الى "خالد" قائلاً :
- البشمهندس "خالد" صاحب شركة مقاولات كبيرة .. وحابب يتعاون معانا عشان ننفذله حملة دعاية لشركته ونشاطها
قالت "مريم" بصوت خافت :
- أهلا بحضرتك
قال "خالد" بإقتضاب :
- أهلاً بيكي
نظر "عماد" الى "خالد" قائلاً :
- الآنسة "مريم" من أفضل الديزاينرز اللى فى شركتنا .. وأنا واثق ان شغلها هيعجبك
ثم التفت الى "مريم" قائلاً :
- يلا يا "مريم" عشان تتفقى مع البشمهندس "خالد" على تفاصيل الحملة
أومأت برأسها والتفتت الى "خالد" قائله :
- اتفضل معايا
توجهت "مريم" وخالد خلفها الى مكتبها .. تطلعت الفتاتان الى هذا الرجل الوسيم الأنيق الذى دخل الى مكتبهم .. قامت "سهى" على الفور بإخراج مرآتها تحت المكتب للتأكد من ضبط مكياجها .. جلست "مريم" على المكتب وقالت ل "خالد" :
- اتفضل
جلس "خالد" أمامها وهو يلقى نظرة على الفتاتان .. قالت "مريم" بروتينيه :
- حضرتك تحب تشرب ايه
قال "خالد" :
- قهوة سادة لو سمحتى
طلبت "مريم" له القهوة ثم قالت وهى تمسك بورقة وقلم :
- اتفضل حضرتك قولى طلباتك بخصوص الحملة الدعائية
استغرق الحديث بينهما قرابة النصف ساعة .. حتى قال "خالد" :
- وياريت اعلانات الأوت دور يكون فيها موديلز
قالت "مريم" بإقتضاب :
- آسفين يا بشمهندس .. مش بنستخدم صور الموديلز فى تصميماتنا
رفع "خالد" حاجبه بسخريه قائلاً :
- ازاى يعني .. كل الناس بتستخدم صور بنات فى الدعاية لشركتهم ومنتجاتهم
قال "مريم" بجديه :
- مش لازم نحط صور بنات على الإعلان عشان نجذب بيه انتباه الناس .. فى طرق تانية كتير أهمها شكل التصميم .. والكلام اللى مكتوب .. وحجم اليافته .. والألوان المستخدمه فى التصميم .. ونشاط الشركة نفسها وسمعتها فى السوق
أومأ برأسه وبدا غير مقتنعاً بكلامها .. وأخيراً نهض "خالد" للانصراف ومده يده اليها قائلاً:
- تمام يا آنسه "مريم" كده اتفقنا على كل التفاصيل ومنتظر الشغل يخلص خلال اسبوع زى ما اتفقنا
نظرت "مريم" الى يده الممدوده ثم نظرت اليه وقالت بجديه :
- آسفه مبسلمش .. حضرتك شرفتنا وان شاء الله خلال اسبوع كل التصاميم هتكون جاهزة .. وهعرضهم على حضرتك قبل التنفيذ
أعاد "خالد" يده ونظر اليها ساخراً ثم انصرف دون كلمه .. قالت "سهى" بعتاب :
- أحرجتى الراجل يا "مريم"
نظرت اليها "مريم" بجديه قائله :
- ما يتحرج وايه المشكلة
ثم عادت الى حاسبها لإكمال عملها


***************************
هتف "جمال" بغضب بالغ :
- يعني ايه المناجصة مرسيتش علينا .. يعني ايه الكلام ده
قال الرجل الواقف أمامه فى المكتب بتوتر :
- ده اللى حاصل يا "جمال" بيه .. خسرنا فى المناجصة
صاح بحنق :
- أمال رسيت على مين ؟
نظر اليه الرجل وبدا عليه الخوف ثم قال بإستسلام :
- على عيلة "السمري"
ضرب "جمال" على المكتب بكفيه وهب واقفاً وقال بغضب :
- عيلة "السمري" ؟ .. ازاى .. ازاى جدروا يجدموا عرض أحسن منينا .. ازاى
قال الرجل فى خوف :
- ماخبرش يا جمال "بيه" .. ده اللى حاصل
صرف الرجل الى عمله وجلس "جمال" يفكر وعلامات الغضب باديه على وجهه .. ثم هب واقفاً فجأة وذهب الى مكتب والده .. فتح الباب ووقف أمام والده قائلاً بغضب :
- شوفت يابوى .. عيلة "السمري" سرجوا المناجصة منينا
أسند "سباعى" ظهره الى المقعد قائلاً :
- ياولدى مفيش حاجة اسمها سرجوها منينا .. ده عرض وطلب واللى يجدم أحسن عرض هو اللى بيكسب المناجصة .. يعنى المنافسة شريفة
صاح "جمال" بحنق :
- المناجصة دى بتاعتنا .. احنا تعبنا ودفعنا دم جلبنا عشان ترسى علينا .. وفى الآخر ياخدوها ولاد "السمري" واحنا نطلع من المولد بلا حمص
قال "سباعى" فى غضب :
- انت دفعت رشوى يا "جمال" عشان المناجصة ترسى عيلنا
قال "جمالط بتوتر :
- ما اسمهاش رشوى يابوى .. دى .....
هب "سباعى" من مكانه قائلاً :
- لو قررتها تانى مرة يا "جمال" لا تلوم الا نفسك .. من امتى عيلة "الهوارى" ليها فى سكة الرشاوى .. على آخر الزمن يجي عيل زيك يفضحنا وسط القبيلة ويجولوا عيلة "الهوارى" ماتعرف تكسب الا بالرشاوى
قال "جمال" بإستسلام :
- آنى آسف يابوى ما عاد كررها
أشاح "سباعى" بيده قائلاً بضيق :
- يلا على مكتبك .. باعد عنى وشك عاد .. جبر يلمك
غادر "جمال" وهو يتأفف ويتلوى من الغضب

**************************
- ما تزوجيني يا ماما أوام يا ماما ده عريسي هياخدنى بالسلامة يا ماما
- الله الله .. واجفه تتزوجى أدام المرايه واحنا تحت ملبوخين تحت فى تحضير الوكل .. سيبي المراية اللى فى يدك عاد وانزلى شوفى النسوان تحت وساعديهم
قامت "صباح" ذات الاثنا والعشرين ربيعاً من فراشها وتركت المرأة قائله بضيق :
- ماشى يا اماى .. نازله دلوجيت
رمت الأم نظره محذره وهى تبتعد قائله :
- أما نشوف عاد
نزلت "صباح" لتساعد النساء فى تحضير الوليمة التى أعدها جدها كبير عائلة "السمري" من أجل فوزهم بالمناقصة .. تعالت ضحكات الرجال .. هتف "عبد الرحمن" كبير العائله بسعاده :
- الحمد لله والشكر ليك يارب .. فوزنا بالمناجصة اللى هتنجلنا ناجله تانية بعون الله
قال ابنه الأوسط "ياسين" بفرح :
- صح جولك يا بوى هتنجلنا ناجلة تانية .. وهيبقى اسم عيلة "السمري" هو الأول فى سوج الألومنيوم بعون الله
- الحمدلله .. الحمدلله يا ولدى .. ده فضل من عند ربك .. هو اللى بيعطى وهو اللى بيرزج
قال ابنه الآخر "عثمان" بشماته :
- نفسى أشوف دلوجيت وش "جمال" ابن "سباعي" زمانه جلبه جايد نار .. وبيتحسر على المناجصة
قال "عبد الرحمن" بنبرة صارمة :
- ايه اللى جاب السيرة دى دلوجيت يا "عثمان" .. احنا ولاد قبيلة واحدة .. وميصحش حدا فينا يشمت فى التانى .. اكده ولا مش اكده
قال "عثمان" يمتص غضب والده :
- اكده يابوى
- يلا جوموا شوفوا الوكل خلص ولا لسه عاد
كان "ياسين" و "عثمان" هما أحد أبناء "عبد الرحمن" الأربع .. "ياسين" فى العقد الرابع من العمر .. و "عثمان" فى أوائل العقد الثالث .. الإبن الأكبر "خيري" توفاه الله منذ زمن بعيد .. والابنه الصغرى "صباح" ذات الثانية والعشرين من العمر
التف الرجال حول طاولات الطعام وقد علقت الزينه .. وشرعوا فى تبادل المزاح وتجاذب أطراف الحديث .. ولم يخلو الأمر من اطلاق الأعيرة النارية فى الهواء تعبيراً عن فرحهم واحتفالهم

*****************************
فى أحد القاعات الكبرى فى احد فنادق القاهرة .. تم اعداد الحفل الذى يضم نخبة من رجال الأعمال فى مصر .. وكان على رأس الحضور محافظ القاهرة والذى توجه الى الميكروفون للإدلاء بكلمته قائلاً :
- بسم الله الرحمن الرحيم .. السادة الحضور .. يسعدنا انضمامكم معنا الليلة ونحن نحتفل ونكرم أربعة من أكبر رجال الأعمال فى مصر .. والذين كان لهم الفضل بعد الله عز وجل فى توفير آلاف فرص العمل للشباب المصري .. واستثمارهم لما يملكون من أموال فى بلدهم الحبيب مصر .. وكان لهذا أثر بالغ فى تنشيط الإقتصاد والصناعة المصرية وارتفاع أسهم البورصة .. واضفاء الثقة على الصناعة المصرية وجودتها .. ولذلك فأتشرف بنفسي بتقديم أوسمة الشكر من المحافظة الى هؤلاء الرجال الأربعة الذين تعاونوا معاً لخدمة بلدهم الحبيب مصر
صمت قليلاً ثم قال :
- الأستاذ "سامر فخرى"
تعالى تصفيق الحضور .. نهض من أحد مقاعد الصف الأول رجل وسيم الملامح ذو بشرة بيضاء وعينين عسليتين .. كان يتميز بوسامة لافتة .. تقدم وصعد الدرجات التى تفصله عن المنصة .. تقدم من المحافظ الذى سلم عليه وبجوار احدى الفتيات التى تحمل الوسام .. قدمت له الوسام مبتسمه فتسلمه منها وبادلها الابتسام .. ثم عاد مرة أخرى الى مقعده .. تحدث المحافظ مرة أخرى قائلاً :
- الأستاذ "حامد زيدان "
نهض من المقعد لمجاور ل "سامر" .. رجل يتميز بالوسامة وله نظارت خبيثة واثقة .. صعد المنصة وسلم على الحافظ .. غمز بعينيه للفتاة التى تقدمت لتعطيه الوسام .. اقترب المحافظ مرة أخرى من الميكروفون قائلاً :
- الأستاذ "طارق عبد العزيز"
نهض "طارق" من مقعده كان رجلاً متوسط الطول هادئ الملامح .. سلم بدوره على المحافظ واستلم وسامه .. قال المحافظ:
- وأخيراً وليس آخراً الأستاذ "مراد خيري"
نهض من المقعد الرابع رجل فارع الطول ذو ملامح رجولية صارمة ونظرة حادة كنظرة الصقر تقدم ليتسلم وسامه هو الآخر
بعد انتهاء الحفل تعالت القاعة بالأصوات .. حيث كانت هذه من المرات القليلة التى يجتمع فيها كل هذا الكم من رجال الأعمال .. وقف الرجال الأربع ملتفين حولهم بعض المهنئين .. ثم انفض الحفل وخرج الرجال الأربع من القاعة وتوجهوا الى احدى الطاولات فى مطعم الفندق .. صاح "حامد" بمرح :
- عايزين بأه بالمناسبة الجميلة دى نعمل حاجه مطرقعة
ابتسم له "سامر" قائلاً :
- حاجه زى ايه ؟
- مش عارف فكروا معايا عايزين نشوف نفسنا شويه .. احنا اتطحنا شغل الشهور اللى فاتت عايزين ناخد بريك بأه ونطلع أى مكان
قال "طارق"مفكراً :
- طيب ايه رأيكوا فى رحلة سافارى
صاح "سامر" :
- سفارى ايه يا طارق .. بيقولك هلكانين شغل
- طيب عايزين ايه يعني
قال "سامر" بخبث :
- يعني عايزين حاجات طريه
صاح "طارق" قائلا :
- اااااه حاجات طريه قولتلى .. لا يا حبيبى مليش فيه
قال "حامد" بسخريه :
- والله انت هتنقطنى يا "طارق" .. المزز بتترمى حواليك يمين وشمال وتقولى ملكش فيه .. يا ابنى مترفصش النعمة لتزول
ضحك "طارق" بسدة قائلاً :
- طول عمرك بتاع تلت ورقات يا "حامد" .. وتحور فى الكلام عشان يبقى فى صالحك .. نعمة ايه يا ابنى الله يهديك .. روح انت و "سامر" واعملوا اللى انتوا عايزينه أنا مليش فى الجو ده
نظر "حامد" الى "مراد" قائلاً :
- ولا انت طبعاً ليك فى الكلام ده
نظر اليه "مراد" ولم يعقب فأكمل "حامد" :
- رجالة معقدة صحيح
قال "مراد" بجدية :
- انتوا مش هتتعشوا ولا ايه.. يلا انجزوا نطلب الأكل عشان راجع المكتب
قال "طارق" بدهشة :
- ليه راجع المكتب دلوقتى
قال "مرد" وهو يتفحص المنيو :
- عندى شغل
صاح "سامر" :
- يا ابنى حرام عليك متعبتش .. ده احنا طلعت عنينا الفترة اللى فاتت .. خد بريك مش كده
نظر اليها "مراد" بحده قائلاً :
- ولما احنا الأربعة ناخد بريك مين اللى يمشى الشغل ؟
قال "حامد" :
- يا "مراد" الدنيا فيها حاجات كتير أوى أهم من الشغل .. مش كله شغل يا ابنى .. وبعدين الجيش اللى احنا موظفينه عندنا ده بيقبضوا مرتبات على ايه .. مش عشان يشتغلوا واحنا نرتاح شوية
قال "مراد" بجدية وهو يعاود النظر الى المنيو :
- يلا انجزوا عايز أمشى
قال "سامر" بإستسلام :
- مفيش فايدة فيك
أثناء انهماكهم فى تناول الطعام قال "حامد" :
- آه صحيح يا شباب .. فى بنوته عايز أشغلها فى العلاقات العامة .. بنت شيك وجميلة وموزة وخريجة الجامعة الأمريكية .. يعني هتكون واجهة كويسة للشركة
قال "مراد" بهدوء :
- مفيش مشكلة نعملها انترفيو ولو مناسبة نشغلها
قال "حامد" ضاحكاً :
- انترفيو ايه يا "مراد" بقولك البنت موزه شكل وجسم تقولى انترفيو
قال "مرد" بصرامة موجهاً اليه نظرات نارية :
- احنا شركة محترمة يا "حامد" مش بيت دعارة .. يعني المؤهلات اللى تخلينا نشغل أى اوحدة عندنا ملهاش علاقة لا بشكلها ولا بجسمها
قال "حامد" بحنق وغضب مكبوت :
- مفيش مشكلة هشغلها عندى فى الشركة مع انى كنت حابب انها تشتغل فى شركتنا الجديدة اللى بينا احنا الأربعة .. بس مفيش مشكلة
قال "مراد" بهدوء :
- أنا ما قولتش مش هنشغلها أنا قولت هنعملها انترفيو ونشوف مؤهلاتها وخبرتها
قال "حامد"بضيق :
- خلاص يا "مراد" انسى
قال "طارق" مازحاً موجهاً حديثه الى "سامر" :
- ايه يا فنان قولنا ايه اخر أعمالك الفنية
ابتسم "سامر" قائلاً :
- خلال أيام هتشوفوا تحفتى الفنية الجديدة
قال "حامد" بمرح :
- اوعى تكون زى اللى فاتت .. مفهمتش منها أى حاجه أكنك جايب شوية ألوان وملغوص بيها ايدك وآعد تطبع على اللوحة زى العيال الصغيرين
قال "سامر" بحده :
- وانت ايه يفهمك انت فى الفن والرسم الراقى .. انت اخرك السهرات الحمرا بتاعتك
قال "حامد" بسخريه :
- وسهراتك انت ايه ؟ .. خضرا
قال "طارق" مبتسماً :
- اللى يشوفكوا بتتكلموا مع بعض مايقولش رجال أعمال .. يقول شوية أطفال فى الحضانة
قال له "حامد" ساخراً :
- خلينالك انت العقل انت وسى "مراد" .. اهو اتنين طاقين واتنين عاقلين عشان يبقى فى توازن

****************************
بعد انتهاء الوليمة التى أقامتها عائلة "السمري" احتفالاً بنجاحهم .. وقبل أن يوشك "عبد الرحمن" على النوم توجه الى ابنه "ياسين" قائلاً :
- "ياسين" يا ولدى .. روح المخزن وطل طله على الشحنة بتاعة المناجصة اللى المفروض تتسلم بكرة ان شاء الله
قال "ياسين" فى تكاسل :
- آنى رجعت عليها ميت مرة يابوى .. واتاكدت من كل حاجه الكمية والجودة
قال الأب بحزم :
- اتاكد تانى وتالت ورابع .. المناجصة كبيرة ولازم كل شئ يمشئ مظبوط عشان سمعتنا فى السوج تكبر .. وميلاجوش لينا ولا غلطة
قال "ياسين" مستسلماً :
- أمرك يابوى .. هروح دلوجيت
توجه "ياسين" بسيارته الى المخازن التى تحتوى على شحنة الألومنيوم والتى من المفترض أن يتم ترحيلها فى الصباح الى الشركة التى قبلت عرضهم فى المناقصة .. أوقف سيارته وأوشك أن يفتح باب المخزن لكنه دُهش عندما وجد القفل مكسور .. فتح الباب ودخل .. سمع بعض الأصوات فى الخلف .. توجه الى حيث مصدر الصوت ليُصدم برجل ملثم يقوم بإسكاب البنزين الذى اخترقت رائحته أنف "ياسين" على الكونتينرز التى تحتوى على شحنة الألومنيوم .. حانت التفاته من الرجل الملثم الى "ياسين" .. وقف الرجلين فى مواجهة بعضهما البعض .. قال "ياسين" فى نفسه تباً لتلك العينين وهاذان الحاجبان الكثيفان .. لم يظهر سوى نصف وجه لكن تمكن من معرفته .. تباً لك يا رجل أتجرؤ على معاداة عائلة "السمري" .. ستكون الحرب اذن .. دار هذا الحديث الصامت قبل أن يلتفت "ياسين" ويهرول فى اتجاه باب المخزن .. حتى يتمكن من احضار الرجال للقبض على هذا الملثم الذى عرفه حق المعرفة .. لكن قبل أن يتوجه "ياسين" الى باب المخزن انطلقت رصاصة من مسدس كاتم للصوت لتستقر فى رأس "ياسين" ويسقط قتيلاً والدماء تنفجر من رأسه على أرض المخزن.

***********************
جلست "مريم" فى غرفة المعيشة فى بيتها المتواضع للغاية .. تشاهد التلفاز .. بعينين بدتا وكأنهما فى عالم آخر .. تنظر الى اشياء لا وجود لها .. بدت ساهمة هادئة .. متقوقعة على نفسها تحتضن قدميها بذراعيها وتستد بذقنها على ركبتيها .. عينيها على ساعة الحائط .. تنظر اليها كل خمس دقائق .. وكأنها على موعد هام .. موعد لا يمكن تفويته .. موعد أهم من اى شئ آخر فى حياتها .. بمجرد أن تحركت عقاب الساعة لتقترب من الثانية عشر .. حتى هبت واقفه .. وتمنت أن تتحرك بسرعة أكبر .. تباً لكِ أيتها الxxxxب .. لماذا تسيرين كالسلحفاه .. هيا أريدك أن تصلى بى الى موعدى .. موعدى الذى أنتظره بشوق ولهفة .. دقائق قليلة وأعلنت الساعة وصولها أخيراً الى الثانية عشر بعد منتصف الليل .. لاحت ابتسامة صغيرة على شفتيها .. توجهت الى غرفة نومها وأخرجت حقيبة من دولاب ملابسها .. جلست على السرير وفتحت الحقيبة الممتلئة بخطابات مغلقة .. وأخذت تبحث بسرعة ونهم عن الخطاب الذى يحمل رقم 53 .. ظلت تبحث عنه حتى وجدته قابعاً بين الخطابات والتى يحمل كل منها رقماً خاصاً به .. اتسعت ابتسامتها ولمعت عيناها وحضنته بين كفيها وكأنها وجدت كنز ثمين .. أسرعت بلهفة تفتح الخطاب وتقرأ ما به :
- حبيبتى "مريم" .. كيف حالك اليوم حبيبتى .. أأنتِ بخير .. أأنتِ مريضة ..أتشكين من شئ حبيبتى .. أتمنى أن تكونى بخير حال .. "مريم" .. حبيبتى .. معشوقتى .. سأطلب منكِ هذه المرة شيئاً .. وأعلم أنكِ ستنفذين طلبي .. أريدك أن تختارى احدى صديقاتك المقربات .. وتذهبين معها غداً فى نزهة نيلية على ظهر مركب .. وسط النيل .. أريدك أن تغمضى عيناك الجميلتين وتتمتعين بالهواء المنعش وهو يلفح وجهكِ الجميل .. أتذكرين كيف كانت نزهاتنا النيلية .. كيف كنتى تطيرين فرحاً باللعب فى الماء بيدك .. كنت تبدين كطفلة صغيرة مشاكسة وأنتِ تحاولين رش الماء على ملابسي .. أتذكر جيداً ضحكاتك الجميلة .. وسعادتك فى تلك اللحظات .. أريدك أن تقومى بتلك النزهة يا "مريم" .. استمتعى بوقتك حبيبتى .. أعلم أنكِ لا ترفضين لى طلباً وستمتثلين لما أطلبه منكِ .. حبيبتى الجميلة .. القريبة البعيدة .. حبيبك ماجد
أنهت قراءة الخطاب وضمته الى صدرها بشدة وأغمضت عيناها لتتساقط عبرة على الخطاب .. وتقول هامسه :
- حاضر يا حبيبى .. حاضر.






لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-10-15, 11:12 AM   #4

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 2 )




أنهت "مريم" قراءة الخطاب وضمته الى صدرها بشدة وأغمضت عيناها لتتساقط عبرة على الخطاب .. وتقول هامسه :
- حاضر يا حبيبى .. حاضر.
طوت الخطاب وأعادته بداخل الظرف برفق ثم فتحت درج الكمودينو بجوار الفراش .. كان الدرج يحتوى على العديد من الخطابات ..ضمت اليهم الخطاب الذى بيدها وتوجهت الى فرشها وتدثرات بالغطاء .. ألقت نظرة حزينة على الفراش الآخر الخالى ثم أمسكت مصحفها وشرعت فى القراءة وعيناها تشعان حزناً وألماً .. بعد نصف ساعة أغلقت النور وأمسكت وسادتها وحضنتها وضمتها بشدة الى صدرها وأسندت عليها رأسها وأغلقت عينيها بعدما رددت أذكار النوم

************************
أنهى "مراد" عمله بالشركة ونظر الى ساعته ليجدها الثانية بعد منتصف الليل .. حمل الجاكت وارتداه ثم خرج من الشركة وتوجه بسيارته الى احدى الفلل الأنيقة فى أحد الأحياء الراقية .. دخل الفيلا وما كاد يصعد أول درجة من السلم الداخلى حتى سمع صوت من خلفه قائلاً :
- كل ده تأخير يا "مراد"
التفت "مراد" الى المرأة التى تبدو فى العقد السادس من العمر .. أنيقة .. تبدو علامات الطيبة جلية على وجهها .. أخذت تنظر اليه بعتاب فإقترب منها وقبل يدها قائلاً :
- أنا آسف يا أمى كان عندى شغل كتير
قالت بعتاب :
- وآفل موبايلك ليه .. ومبتردش على تليفون الشركة ليه
قال شارحاً :
- الموبايل فصل شحن والشاحن كان فى العربية كنت مشغول جدا فمعرفتش أنزل أجيبه وفصلت تليفون الشركة عشان أعرف أشتغل براحتى بدون ازعاج
ثالت محذره :
- اياك تعمل كده مرة تانية .. أنا كنت هموت من قلقلى عليك وكنت هكلم "أحمد" ابن خالتك يدور عليك
قال "مراد" بضيق :
- هو انا عيل صغير يا أمى عشان تكلمى حد يدور عليا
قالت "ناهد" بحزم :
- كلمة واحدة معدتش تعمل كده تانى وتقطع كل وسايل الاتصال بيك
أومأ برأسه قائلاً :
- حاضر يا أمى
نظرت اليه بحنان قائله :
- مش هتتعشى
قال وقد ظهر عليه علامات التعب :
- لأ اتعشيت بره بعد الحفلة .. أنا جعان نوم
ابتسمت أمه قائله :
- ألف مبروك يا حبيبى مرة تانية .. انت تستاهل كل خير
قبل يدها قائلاً :
- تسلمي يا أمى .. وتصبحى على خير
- تصبح على خير يا حبيبى
صعد "مراد" الى غرفته وغير ملابسه وجلس على فراشه ليستطيع .... نزع الساق الصناعية التى تملء الفراغ الموجود من بعد ركبته اليمنى .. ثم تمدد على فراشه وراح فى سبات عميق

*****************************

كان المخزن يعج برجال الشرطة الذين بدأوا فى التحقيق .. قال "عبد الرحمن" باكياً :
- كبدى عليك يا ولدى .. روحت منى يا ولدى
ثم التفت الى أحد رجال الشرطة قائلاً بألم :
- مين اللى يجدر يعمل اكده .. مين اللى له صالح يجتل ولدى .. "ياسين" كان خيرة الرجال .. عمره ما ضايج حد وعمره ما ظلم حد .. ليه يجتلوا ولدى ليه
اقترب منه "عثمان" وربت على كتفه قائلاً بصرامة :
- متجلجش يابوى .. هنجيب اللى عمل اكده فى اخوى ونخليه عبره للبلد كلياتها
قال الضابط بحزم :
- ده شغل الشرطة يا "عثمان" متدخلش نفسك فى المشاكل .. احنا هنعرف نوصل للجاتل وياخد عقابه
نظر "عثمان" الى الضابط ساخراً وقال بمرارة :
- أما نشوف يا حضرة الظابط .. أما نشوف .. بس اذا معرفتوش توصلوا للى جتل اخوى أنا هوصله وهجتله بيدي التنين دول
قال الضابط بحزم :
- "عثمان" مفيش داعى للكلام ده دلوجيت .. متحطش البنزين على النار وهى جايده
نظر "عثمان" بأسى لجثة أخيه الراقد على أرض المخزن واقترب منه قائلاً ثم جثا علي ركبتيه وقال بصرامة :
- متخفش يا ولد أبوى .. آنى لا هسكت ولا هيرتاحلى بال إلا لما أجيبلك حجك من اللى عمل فيك اكده .. حتى لو كان آخر يوم بعمرى .. نام فى جبرك واطمن .. أخوك راح ياخد بتارك من اللى جتلك .. ومش هيكفيني فيه حبل المشنجة .. لازمن أجتله بيدي .. اطمن يا ولد أبوى

فى بيت عائلة "السمري" تعالى صوت المذياع على محطة القرآن الكريم .. وعج البيت بالنساء اللاتى ارتدين السواد وأخذن فى النواح .. أخذت والده "ياسين" تلطم وجهها وتنوح قائله :
- جتلوك يا ولدى .. جتلوك وانت بعز شبابك .. ولدى راح منى يا ناس .. ولدى .. خدوك منى ليه يا ولدى
أخذت "صباح" أخته هى الأخرى تبكى وتنوح هى الآخرى قائله :
- اخوه .. جتلوك ياخوى
فجأة دخل "عبد الرحمن" وصاح بغضب بالغ فى النساء :
- يمين بالله أى حرمة هسمعها بتصوت ولا بتنوح لأكون جتلها بيدي دول .. مش عايز جنس حرمة تفتح خشمها وتصوت على ولدى اللى بيتعذب دلوجيت من نواحكوا ده
شعرت النساء بالخوف الشديد وكتمت والده "ياسين" فمها بيادها .. فقال "عبد الرحمن" بغضب واحتقار وهو يغادر :
- جبر أما يلمكم كلياتكم .. حريم ناجصه عجل بصحيح

*****************************
فى صباح اليوم التالى اجتمعت العائله على مائدة الطعام .. ترأس "مراد" رأس الطاولة .. ووالدته على المقعد المقابل .. وعلى يمينه أخته "نرمين" .. وعلى يساره أخته "سارة" .. قالت "سارة بمرح :
- بقولك ايه يا أبيه متفكك من الشغل النهاردة وتعالى خرجنا .. نخرج كلنا ونروح لأى مكان مع بعض
قال "مراد" وهو منهمك فى قراءة أخبار البورصة فى الجريده الصباحية :
- مشغول يا "سارة" مش هينفع
قالت "نرمين" بتأفف :
- كل يوم مشغول يا أبيه والمصيبة انك مش بتسمحلنا أصلاً نخرج من غيرك .. طيب نعمل ايه يعني زهقنا من الحبسة دى
نظر اليها "مراد" قائلاً :
- ان شاء الله نخرج فى الويك اند مع بعض
قالت "نرمين" بتحدى :
- كل مرة تقولنا كده وتيجي فى الويك اند تقول مشغول
قالت "ناهد" بنبرة محذرة :
- "نرمين" عيب تتكلمى مع أخوكى الكبير كده
التفتت "نرمين" الى أمها قائله :
- يا ماما مش قصدى بس زهقت من الأعده فى البيت ولسه شهر بحاله على الجامعه .. مش معقول هقضى الشهر ده محبوسه
قالت "سارة" مبتسمه :
- طيب أنا بأه أعمل ايه اللى خلصت كليتى خلاص يعني محبوسه محبوسه
نظر اليهما "مرد" وتنهد قائلاً :
- خلاص هحاول بجد أفضى نفسي وأخرجكوا .. بس مش عايز زن
قالت "ساره" مبتسمه :
- أنا عن نفسي مبحبش الزن .. قول لـ "نرمين" الكلام ده
التفتت اليه "نرمين" قائله برجاء :
- خلاص مش هزن بس حضرتك يا ابيه التزم بكلامك المره دى
قال "مراد" بصرامة :
- "نرمين" اتكلمى معايا بإسلوب أحسن من كده
قالت "نرمين"بخفوت :
- أنا آسفه يا أبيه مش قصدى
نظر اليها وقال بجديه :
- يلا افطروا
شرعت الفتاتان فى تناول طعامهما فى صمت

************************

دخلت "مريم" مكتبها وألقت السلام على "مي" :
- السلام عليكم .. ازيك يا "مى"
- وعليكم السلام يا "مريم"
جلست "مريم" وشرعت فى فتح حاسوبها .. اقتربت منها "مي" قائله :
- خلصتى تصميمات شركة دييبس ولا لسه
- أيوة هفنشها بس وأرفعها على الميل وأبعتها لصاحب الشركة
- ممممممم كويس
التفتت "مى" لتعود الى مكتبها .. لكن "مريم" أوقفتها قائله :
- "مى" عايزة أطلب منك خدمه
التفتت "مى" قائله :
- خير أأمرى
صمتت "مريم" قليلاً ثم قالت :
- بصى .. عايزاكى تيجي معايا النهاردة مشوار مهم
قالت "مي" بإستغراب :
- مشوار ايه
بدا على "مريم" التردد .. ثم عزمت أمرها قائله :
- هنركب مركب ونتفسح فى النيل
ضحكت "مى" وقالت :
- انتى حلمتى بمركب ولا .. اشمعنى يعني ايه اللى طلعها فى دماغك
ظهت سحابة حزن فى عينيها البنيتين .. وتبللت عينيها قليلاً وقالت بتأثر :
- "ماجد" طلب منى كده
اختفت ابتسامه "مى" ونظرت الى "مريم" فى أسى .. فحاولت "مريم" التماسك وقالت :
- ها هتيجي معايا ؟
قالت "مي" بإستسلام :
- ماشى هاجى معاكى
قالت "مريم" وهى تعاود الإلتفات الى حاسوبها :
- تمام .. نروح بعد الشغل ان شاء الله
أومأت "مى" برأسها وعادت الى مكتبها وهى ترمق "مريم" بنظرات مشفقه

****************************

اجتمع رجال القبيلة لتقديم العزاء فى "ياسين" .. توجه "سباعى" الى "عبد الرحمن" وسلم عليه قائلاً:
- شد حيلك يا "عبد الرحمن" .. والبقاء لله
قال "عبد الرحمن" فى خفوت :
- البقاء لله وحده .. ربنا أعطى ودلوجيت بياخد عطيته
ربت "سباعى" على كتفه قائلاً :
- متجلجش ان شاء الله هنعرف مين اللى جتله .. والشرطة مش ساكته .. وان شاء الله جريب هتبرد نارك على ابنك لما يتمسك التيييييييت اللى عمل اكده
قال "عبد الرحمن" بأسى :
- على الله يا "سباعى" .. على الله .. هو اللى جادر يكشف الظالم اللى جتل ابنى وحرج جلبي عليه .. انا لله وانا اليه راجعون اللهم اجرنى فى مصيبتى واخلف لى خيرا منها
بعدما انصرف الرجال اجتمع كبراء عائلة "السمرى" معاً .. قال أحد الرجال فى غضب :
- مين اللى يجدر يعمل اكده .. مين اللى يجدر يجف أدام عيلة "السمري" ويعاديها
قال آخر :
- مفيش الا عيلة "الهواري" أكيد حدا منهم هو اللى عيملها
أكد آخر :
- اييوة مفيش الا عيلة "الهواري" .. جلبهم اتحرج اكمننا كسبنا المناجصة .. وهناكلهم فى السوج .. عشان اكده بعتوا حدا من حداهم يحرج المخزن ويجتل "ياسين" ولد عمى
قال "عبد الرحمن" بحزم :
- مش هنتهم الناس من غير دليل .. طول عمر العيلتين واجفة جمب بعضيها .. وبينا مصالح اكتير .. مش هنظلم حدا منهم طالما مفيش دليل .. ان بعض الظن اثم .. ومش عايز كلام فى الموضوع ده كتير .. ولسانكم يرطرط فيه .. لان لو الكلام وصل لعيلة "الهوارى" أكيد النفوس هتشيل
ثم قال بحزم أكبر وهو يمعن التفكير :
- ربنا جادر يكشف المستور .. وينتجم من الظالم

************************
جلس "سباعى" مع ابنه "جمال" وبعض رجال العائله .. وقال فى أسى :
- ضاع الراجل فطيس .. لا حول ولا قوة الا بالله
قال أحد الرجال :
- هتجنن مين اللى يعمل حاجه بشعة زى اكده ويجتل "ياسين" المسكين .. كان راجل طيب والله
قال آخر :
- الله يرحمه .. فعلاً كان راجل طيب
قال "سباعى" :
- اللى عمل اكده حدا من الجبيلة
قال أحد الرجال بدهشة :
- ايه اللى خلاك تجول اكده يا حاج
قال "عبد الرحمن" بحزم :
- لان لو كان حدا غريب كان زمان حدا شافه واتعرف عليه وسطينا .. لكنه واحد من الجبيلة وعرف يندس وسطينا لما الناس اتلمت والشرطة اجت
قال "جمال" بحده :
- يمكن استخبى منينا يابوى .. ومشى من البلد من غير ما حدا يشوفه
قال "سباعى" فى حيرة :
- الله أعلم يا ولدى .. بس أكيد الشرطة هتعرفه وتمسكه
ثم قال بغضب :
- لازمن يتجتل فى ميدان عام على عملته دى .. بجلنا سنين طويلة ما حدا احدانا فى الجبيلة مات بطلجة رصاص .. ودلوجيت هنرجع لمرار الجتل والتار عاد .. ربنا ينتجم منييه
ثم قال بقلق :
- ياخوفى يتهموها فينا ولاد "السمري"
قال "جمال" بحده :
- وليه جولت اكده يابوى .. واحنا ايه دخلنا فى جتل ابنهم
- يخوفى يا "جمال" الشيطان يوزهم بسبب موضوع المناجصة ويفتكروا اننا عملنا اكده عشان خسرنا .. خصوصى اللى عمل اكده كان جاصد يحرج المخزن .. لولا "ياسين" اللى راح وكشفه ولد التييييييييت ده
قال أحد الرجال يطمئنه :
- لا اطمن يا حاج .. الحاج "عبد الرحمن" عاجل ودماغه توزن بلد .. مستحيل يسيب الشيطان يلعب فى دماغ حدا من عيلته .. خصوصى ان مفيش دليل ضدينا
تنهد "عبد الرحمن" قائلاً :
- على الله يا ولدى .. على الله

**************************
هتفت "مريم" بحنق :
- ده بيستهبل ده ولا ايه بالظبط
نظرت اليها "مى" قائله :
- خير فى ايه
قالت "مريم" بعصبيه :
- صاحب شركة دييبس بعتله التصميمات على الميل .. رد عليا وطالب ليستت تعديلات هتاخد منى على الأقل اسبوع .. والمفروض أبدأ من دلوقتى فى حملة شركة المقاولات
قالت "مى" مبتسمة :
- قولتلك انه متعب
قالت "مريم" بضيق :
- أوف .. كان لازم أعد معاه من الأول ويقولى على اللى عايزه .. بدل ما يسيبنى أشتغل وبعدين ييجي يعدل كل التصميمات ويحط التاتش بتاعه .. ما كان من الأول
قالت "مى" مقترحه :
- خلاص روحيله الشركة بدل ما تتعبى فيهم تانى والآخر برده يعدل
قالت "مى" بحزم وهى تنهض :
- انا هعمل كده فعلاً .. هروح أقول لأستاذ "عماد" على اللى حصل .. وهطلب اذن عشان أروح أشوف أخرتها مع الراجل ده
طبعت "مريم" صور التصميمات على الطابعة ووضعتهم فى أحد الملفات وتوجهت الى مكتب "عماد" الذى نظر الى تصميماتها ثم قال :
- تصميمات ممتازة يا "مريم"
قالت بضيق :
- بس معجبتش صاحب الشركة وطالب تعديلات هتاخد منى وقت كبير
- كان لازم من الأول تعدوا مع بعض ويقولك على اللى عايزه بدقه عشان ميضيعش وقتك ومجهودك على الفاضى
- وعشان كده يا فندم بطلب من حضرتك اذن انى أمشى دلوقتى عشان أروحله الشركه
رفع "عماد" مساعة الهاتف قائلاً :
- لأ خليكي يا "مريم" أنا هتكلم معاه وأخليه يبعتلنا حد من عنده يقولنا على الطلبات بالظبط ويكون الكلام أدامى عشان ميرجعش ويطلب تعديلات تانى
ذهبت "مريم" الى مكتبها دقائق وكلمتها "صفاء" سكرتيرة "عماد" قائله :
- أستاذ "عماد" بيقولك مدير تسويق شركة دييبس هييجى بكرة يتفق معاكى على التصميمات يا "مريم"
- خلاص ماشى فى انتظاره


*********************

التف الرجال الأربعه حول طاولة الإجتماعات لمناقشة مشروعهم الجديد .. قال "طارق" :
- بصوا يا جماعة .. زى ما اتفقنا عايزين نهتم بنقطتين .. الأولى ان السعر يكون مناسب للطبقه المتوسطة .. وتانى نقطة نهتم برده بالجودة .. يعني مش عشان نقلل فى السعر نقوم ننزل بمستوى الجودة بدرجة كبيرة .. يعني عايزين توازن ونجمع بين الجودة والسعر وبكده هنتميز عن غيرنا فى السوق
وافقه "مراد" على كلامه قائلاً :
- بالظبط كده يا "طارق" .. هى دى المعادلة اللى لو حققناها هنهزم كل منافسينا فى السوق .. لان كل المصانع والشركات المنافسه اما بيهتموا بالجودة على حساب السعر أو بالسعر على حساب الجودة .. لكن احنا ان شاء الله هنقدر نحقق المعادلة الصعبة دى ونهتم بالسعر والجودة مع بعض
قال "حامد" بإستخفاف :
- طيب بدل تعب القلب ده ليه منحددش الطبقة الراقية كفئة نوجه انتاجنا ليهم
قال "مراد" شارحاً :
- لان أغلب المصانع الكبيرة والماركات العالمية وأغلب المستوردين بيهتموا بالطبقة دى .. يبقى ايه الجديد اللى احنا هنقدمه لو عملنا زيهم ؟ .. الفكرة هى اننا نعمل اسم وماركة بس تكون فى مستوى العامل والموظف والطبقة العاملة دى .. وفى نفس الوقت جودة معقولة وتصميم راقى
هز "سامر" رأسه قائلاً :
- كلامك صح يا "مراد" .. احنا عايزين يبقى لنا اسم فى السوق ونتجاوز كل النافسين فى فترة صغيرة وده مش هيتحقق الا لو تميزنا عنهم
قال "حامد" مبتسماً :
- ماشى يا شباب وأنا معاكوا ان شاء الله .. امتى بأه هتبدأ ساعة الصفر
قال "طارق" :
- لما ننتهى من أول خط انتاج ونتأكد اننا وصلنا للمواصفات المطلوبة للمنتج ساعتها هنبدأ الحملة الدعائية على طول

*************************
توجهت "مريم" مع "مى" الى المصعد لمغادرة الشركة فأوقفها "أشرف" قائلاً :
- آنسه "مريم" لو سمحتى
التفتت "مريم" اليه وهى تشعر بالضيق .. وقف أمامها قائلاً :
- سمعت ان شركة دييبس تاعبينك فى شغلهم
قالت "مريم" بهدوء :
- لأ مفيش مشاكل .. شوية تعديلات بسيطة
قال وهو ينظر اليها :
- يعني لو تحبي أساعدك فيها .. مفيش عندى مشكلة أنا فاضى حالياً
قالت "مريم" بجديه :
- شكراً يا أستاذ "أشرف .. زى ما قولت التعديلات بسيطة .. بعد اذنك
خرجت مع "مى" من العمارة وركبا المترو .. قالت لها "مي" الجالسه بجوارها :
- ليس دايماً بتقطمى معاه الراجل حابب يساعدك
قالت "مريم" بحده :
- وأنا مش محتاجة مساعدة .. دى مش أول مرة عميل يطلب تعديلات على الشغل
- "مريم" واضح ان الراجل مهتم بيكي
نظرت اليها "مريم" وقالت بعصبية :
- قصدك ايه بمهتم بيا
قالت "مى" بنبرة ذات معنى :
- مهتم بيكي يا "مريم" أشرحهالك ازاى يعنى .. وبعدين "أشرف" انسان محترم وكويس وابن حلال و ........
قاطعتها "مريم" بحده :
- "مى" لو سمحتى اسكتى .. مش حبه أبداً أتكلم فى الموضوع ده
نظرت اليها "مى" بأسى قائله :
- لحد امتى ؟ .. لحد امتى يا "مريم"
لم تجيبها "مريم" بل التفتت لتنظر من الشباك فى صمت

***************************

دخل "طارق" الى مكتب "مراد" المنهمك فى عمله قائلاً :
- ها يا "مراد" مش هتمشى ؟
قال "مراد" دون أن يرفع نظرة من الورق الذى أمامه :
- لأ .. لسه عندى شغل
- طيب خد بريك طيب
- الشغل كتير يا "طارق"
- طيب خلاص براحتك أنا ماشى
- ماشى سلام
- سلام أشوفك بكرة
خرج "طارق" وترك "مراد" المنهمك فى عمله .. بعد لحظات دخلت السكرتيرة وقالت :
- أستاذ "مراد" لو سمحت عايزه أمشى بدرى النهاردة
رفع نظرها اليه قائلاً بحده :
- ليه ؟
قالت بتردد :
- يعني عندى حاجه مهمة
- ايه هى الحاجه المهمة اللى أهم من شغلك
صمتت قليلاً ثم قالت :
- بصراحة عيد ميلادى النهاردة وخارجه مع صحابي عايزين يحتفلوا بيا .. وأنا اصلا خلصت كل الشغل اللى ورايا
صاح بها غاضباً :
- امشى يا آنسه على مكتبك بلاش دلع
بُهتت الفتاة وقالت بإضطراب :
- أنا مش قصدى يا أستاذ "مراد" .. أنا بس ....
قاطعها قائلاً بصرامة :
- هنفضل فى تضييع الوقت ده كتير .. اتفضلى على مكتبك .. لما ييجى معاد الإنصراف ابقى اخرجى اعملى اللى انتى عايزاه
أومأت الفتاة برأسها وخرجت .. جلست على مكتبها فى عصبية قائله بغضب :
- راجل قليل الذوق.

***********************
داعبت "مريم" الماء حول المركب بيدها وهى تبتسم فى حبور .. أخذت تجمع الماء بيدها ثم تتركه ليتسلل من بين أصابعها .. راقبتها "مي" فى صمت .. وفى عيناها نظرة أسى .. اختفت ابتسامة "مريم" لتحل محلها عبرة فلتت من عينينها فأسرعت بمسحها بأصابعها .. اقتربت منها "مى" وجلست بجوارها قائله :
- تحبي نمشى
قالت "مريم" متصنعة المرح :
- لأ خلينا شوية كمان .. انتى زهقتى منى ولا ايه
- لأ طبعا .. بس حساكى مضايقه
قالت "مريم" وهى تحاول الابتسام :
- لأ بالعكس أنا مبسوطة .. أنا بحب أوى ركوب المركب فى النيل .. بفرح أوى .. لأن بابا كان بياخدنى أنا وماما وأختى ويفسحنا فى المركب .. وكنت ببقى فرحانه أوى
اغرورقت عيناها بالدموع رغماً عنها وشعرت بغصة فى حلقها وقالت بصوت مرتجف :
- و "ماجد" عارف كده
.


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-10-15, 11:28 AM   #5

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 3 )


عاد "مراد" الى منزله .. استقبلته والدته قائله :
- حبيبى اطلع شوف عمتك لانها كانت تعبانه شوية النهاردة
قال "مراد" بقلق :
- خير مالها يا أمى ؟
- مفيش الضغط على شويه عليها وكانت تعبانه بس الحمدلله هى أحسن دلوقتى
صعد "مراد" درجات السلم وتوجه الى غرفة عمته طرق الباب ففتحت أخته "سارة" وهى تشير له أن يصمت خرجت وأغلقت الباب خلفها قائله :
- متصحيهاش دلوقتى يا أبيه هى نامت بالعافية
قال بقلق :
- هى عاملة ايه دلوقتى
- لا متقلقش كويسة .. بس مكنش جايلها نوم .. وأخيراً نامت
- متابعة معاها الدوا يا "سارة"
- أيوة طبعا متخافش يا أبيه
- أمال الضغط على ليه ؟
- تلاقيها افتكرت حاجة ضايقتها ولا حاجه
أومأ "مراد" برأسه وتوجه الى غرفته .. اتصل به "طارق" قائلاً :
- "مراد" انت فين
قال "مراد" بصوت مرهق :
- فى البيت يا "طارق" خير فى حاجه
- لا كنا طالعين أنا و "سامر" و "حامد" نسهر برة وكنا بنشوفك فين عشان تيجي معانا .. هعدى عليك ناخدك
- بلاش مش حابب أخرج النهاردة
- ليه يا ابنى تعالى نغير جو أنا من زمان ما خرجتش وانت كمان .. يلا فرصة نسهر سهرة حلوة
رفض "مراد" بإصرار قائلاً :
- لأ يا "طارق" .. قولتلك مش حابب أخرج
- خلاص برحتك .. سلام
- سلام
قال "حامد" الجالس بجوار "طارق" فى السيارة :
- هييجى ؟
- لأ قال مش حابب يخرج
قال "حامد"بسخرية :
- ده لو بنت مش هتحبس نفسها فى البيت كدة
- سيبه على راحته
هتف "حامد" بغيظ :
- أنا نفسي أفهم هو البنى آدم ده ايه بالظبط .. مفيش وراه غير الشغل وبس .. أنا عمرى ما شوفت حد صعب زيه كده
قال "طارق" بهدوء :
- "مراد" طول عمره بيحب شغله
قال "سامر" الجالس بالخلف :
- بس مش كده .. يعني محسسنى ان الدنيا شغل وبس .. يشتغل ماقولناش حاجه بس يشوف مزاجه برده .. ده لما واحدة بتعدى من أدامه مبتتهزش فيه شعره مهما كانت مزه طحن
قال "طارق" مبتسماً :
- سبنالك انت المزز دول
قال "حامد" بسخرية :
- وانت كمان غريب .. عايش فى المدينة الفاضلة .. يعني عايز تفهمنى انك عمرك ما غلطت أبداً
قال "طارق" فوراً :
- أكيد غلطت بس غلط عن غلط يفرق
- آه .. أنا قولت كده برده
قال "طارق" بإستغراب :
- قولت ايه ؟
قال "حامد" بنفس السخرية :
- المرء على دين خليله .. انت وصحبك فوله واتقسمت نصين .. بس هو قفل أكتر منك
تنهد "طارق" بحسرة قائلاً :
- "مراد" مكنش كده خالص .. بس حصلت ظروف غيرته
قاطعهم "سامر" قائلاً :
- كفاية بأه كلام عن "مراد" وقولولى ناويين تسهرونا فين

***************************

عادت "مريم" من عملها .. توجهت الى المطبخ وأخرجت من الثلاجة جبنة وخبز وشرعت فى عمل سندوتش وتناوله .. ثم توجهت الى غرفتها لتغير ملابسها .. فتحت الدولاب الذى كان مقسم من الداخل لنصفين قسم يحوى ملابسها وقسم آخر يحوى ملابس أصغر سناً توقفت أما الملابس الصغيرة جذبت احداها وظلت تتحسسها فى ألم وكأنها تشتاق الى صاحبتها .. تنهدت وانتهت من تغير ملابسها ثم جلست على فراشها صامته لا تفعل شيئاً سوى النظر الى فراغ الغرفة .. ظلت قرابة النصف ساعة جالسة دون حراك .. ثم نهضت وتوضأت وصلت وفتحت التلفاز لا لتشاهد ما به .. بل لتسمع صوتاً .. أى صوت .. يخترق هذا الصمت القاتل الذى تعيش فيه .. وأخيراً استسلمت للنعاس امام التلفاز وهى تحضن مخدتها وتسند رأسها اليها
فى الصباح توجهت الى عملها عن طريق المترو مثلما تفعل كل صباح .. قالت لها "مى" وهى تتمعن فيها :
- نمتى امبارح كويس ؟
قالت "مريم" وهى تبدأ فى تشغيل حاسوبها :
- أيوة الحمد لله
قالت "مى" بحده :
- يبأه رجعتى تانى متكليش كويس .. شوفى وشك فى المراية بأه عامل ازاى يا "مريم"
قالت "مريم" مدافعه عن نفسها :
- والله باكل يا "مى" .. هعيش من غير أكل يعني
- طيب بصى شوفى فى المرايه وشك أصفر ازاى
قالت "مريم" بحنق :
- خلقة ربنا أعمل ايه يعني
هتفت "مى" :
- لا مش خلقة ربنا يا "مريم" .. حرام عليكي اللى بتعمليه فى نفسك ده يا بنتى انتى لسه صغيره مكملتيش 30 سنة
قالت "مريم" بحنق :
- لأ كملتهم من شهرين
قالت "مي" بعناد :
- برده صغيره .. بس اللى يشوفك يقول دى واحدة عندها 60 سنة مش 30 سنة
قالت "مريم" بنفاذ صبر :
- "مى" شوفى شغلك وفكك منى .. انا عندى شغل كتير
قالت "مى" بغيظ :
- ماشى يا ست "مريم" أما نشوف أخرتها معاكى
ثم استطردت قائله :
- واعملى حسابك ان ماما عزماكى على الغدا عندنا بكرة
قالت "مريم" بحرج :
- اشكرى طنط كتير بس مش هقدر اجى
هتفت "مى" :
- ليه سياتك مش هتقدرى تيجي .. وراكى ايه .. انتى من البيت للشغل ومن الشغل للبيت
نظرت اليها "مريم" بلوم قائله :
- انتى اللى قولتيلها تعزمنى
هتفت "مي" بغيظ :
- يا ست انتى الست عايزة تشوفك وتعزمك على الغدا انتى مكلكعة الدنيا ليه
قالت "مريم" مبتسمه :
- خلاص ماشى هاجى ان شاء الله
ابتسمت "مى" :
- أيوة كده فكيها ربنا يفكها فى وشك ووشى يارب
- آمين
ماهى الا دقائق حتى دخلت "سهى" التى قالت :
- صباح الخير
قالت "مريم" :
- صباح النور
قالت "مى" بإستغراب :
- مش عادتك يعني تقولى صباح الخير وانتى داخله .. أخيراً خدتى بالك ان فى بشر معاكى فى نفس المكتب
قالت "سهى" مبتسمه :
- مفيش أصلى مبسوطة شوية
قالت "مريم" :
- ربنا يسعدك دايماً
تنهدت "سهى" قائله :
- يارب وينويلى اللى فى بالى
ردن هاتف "سهى" فإتسعت ابتسامتها وقفزت من المكتب قائله :
- استنا خليك معايا هطلع أكلمك من بره المكتب
وغادرت الغرفة لتتحدث بالخارج .. تابعتها "مى" بعينيها ثم قالت ل "مريم" :
- شايفه .. اهى رجعت للتليفونات تانى .. شكلها علقت مع حد جديد
قالت "مريم" دون أن ترفع نظرها عن حاسوبها :
- يمكن بتكلم حد من أهلها أو واحدة صحبتها
هتفت "مى" :
- والله .. وبتتكلم بره المكتب ليه .. وعماله تتسهوك وترقق فى صوتها .. ومسمعتيهاش وهى بتقوله استنا خليك معايا
نظرت اليها "مريم" بحزم قائله :
- ملناش دعوة يا "مى".. وعلى فكرة اللى انتى بتقوليه ده بدايه الطريق للقذف
ارتبكت "مى" وشعرت بالخوف من وقع الكلمة وقالت :
- أنا مش قصدى يا "مريم"
قالت "مريم" بحزم :
- قصدك ولا مش قصدك .. اللى انتى بتقوليه فيه شبهة قذف محصنات وانتى واحدة عارفه ربنا .. عارفه عقاب قذف المحصنات ايه
ثم قالت :
- ربنا بيقول فى سورة النور
{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }
{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }
قالت "مى" وقد شعرت بالندم :
- أستغفر الله العظيم .. الواحد مش ناقص ذنوب .. خلاص معدتش هجيب سيرتها تانى .. هى حره تعمل اللى هى عايزاه
قالت "مريم" بهدوء :
- أيوة كده .. بلاش نتكلم على أى بنت وحش عشان ربنا مش يبتلينا بواحده تتكلم عننا وحش .. لان كله سلف ودين
- ماشى يا "مريم" خلاص مش هتكلم عنها تانى
ابتسمت "مريم" قائله :
- اوعى تكونى زعلتى منى أنا بنصحك عشان بحبك
ابتسمت "مى" قائله :
- عارفه .. ولو معملتيش كده تبقى مش بتحبينى
عادت الفتاتان الى عملهما .. دخلت "سهى" بعد فترة .. لم تلتفت اليها الفتاتان .. وبدأت هى الأخرى فى أداء عملها

استيقظ "مراد" من نومه .. وارتدى ملابسه وثبت الساق الصناعية فى قدمه اليمنى ثم خرج من غرفته وتوجه الى غرفة عمته .. طرق الباب فأذنت له بالدخول
فتح الباب .. كانت جالسه فى الفراش ومتدثرة بغطائها .. وتمسك أحد الكتب فى يدها ونظارة كبيرة على عينيها .. امرأة فى العقد السادس من العمر .. ورغم كبر سنها الا أن ملامحها وبنيتها تتميز بالقوة والصلابة .. لها نظرات حادة قوية .. تشعر بأنها تسبر أغوارك .. اقترب منها قائلاً :
- صباح الخير يا عمتو
رسمت ابتسامه خفيفة على شفتيها وقالت :
- صباح الخير يا ولدى
ابتسم قائلاً :
- أخبار صحتك ايه النهاردة .. أمى قالتلى ان حضرتك تعبتى امبارح .. جيت عشان أشوفك بس كنتى نايمة محبتش أزعجك
قالت عمته "بهيرة" :
- ربنا يبارك فيك يا ولدى .. ويعينك وينورلك طريجك .. آني منيحه الحمدلله والشكر ليه
جلس بجوارها قائلاً :
- خدى بالك من صحتك يا عمتو ولو اتجتى أى حاجة عرفيني
ربتت على كتفه قائله :
- تسلم يا ولد أخوى .. انت مش مخليني محتاجه لحاجه واصل .. ربنا يديك على أد نيتك .. ويبارك فيك وفى اخواتك البنات
- مش هتنزلى تفطرى معانا
- لا سبجتك يا ولدى .. انزل انت افطر وشوف مصالحك .. الله يعينك ويوفجك
نزل "مراد" وترأس مائدة الطعام كالمعتاد
قالت "نرمين" بتحدى :
- ها يا أبيه هتخرجنا بكرة ولا لأ
نظر اليها "مراد" قائلاً بإتستلام :
- حاضر يا "نرمين" هخرجكوا ان شاء الله
تنفست الصعداء قائله :
- أخيرا هنخرج
نظر اليها "مراد" بإستغراب قائلاً :
- اللى يسمع كده يقول محبوسة فى البيت .. عندك جنبنة طويلة عريضة بره اتمشى فيها براحتك .. وعندك العربية والسواق اطلعى انتى و "سارة" واتمشوا بيها
قالت "نرمين" بدهشة :
- وهى دى اسمها فسحة يا أبيه .. أنا عايزة أروح مولات .. أعمل شوبينج .. نسافر مكان .. شرم .. اسكندرية .. مطروح .. أى مكان تغيير يعني
قال "مراد" وهى يتفحص جريدته :
- لما افضى ان شاء الله هنسافر سوا
قالت "نرمين" برجاء :
- طيب وليه منروحش انا و "سارة" لوحدنا شرم مثلا .. والسواق هيكون معانا .. يوصلنا ويجبنا فى نفس اليوم
نظر اليها "مراد" بحدة قائلاً :
- فى بنت محترمة تسافر لوحدها من غير أهلها
قالت مرتبكة :
- احنا مش هنبات .. يوم بس ونرجع
قال بغضب :
- وافرضى حد ضايقك انتى ولا أختك هتتصرفوا ازاى .. افرضى حصلكوا حاجه .. لازم يبقى فى راجل معاكوا .. مينفعش بنتين يسافروا لوحدهم .. انتوا ما بتقروش جرايد وتسمعوا عن الحوادث اللى بتحصل والبلطجية اللى ملوا البلد
قالت "سارة" لتلطف الجو :
- معاك حق يا أبيه .. هى بس "نرمين" من زهقها بتقول كده .. بس هى أكيد عارفه ان مينفعش نسافر من غيرك
قالت الأم وهى تنظر اليهم :
- هو مينفعش فى يوم نفطر بدون نقاش وكلام كتير .. يلا افطروا وسيبوا أخوكوا يفطر عشان هو مشغول مش فاضى زيكوا
نظرت "ناهد" الى مراد قائله :
- شوفت عمتك يا "مراد"
رفع نظره من الجريدة وقال :
- أيوة يا أمى عديت عليها قبل ما أنزل .. واطمنت عليها
- ماشى يا حبيبى

******************************
جلس "عبد الرحمن" على سريره ساهماً لا يشتهى حتى تناول الطعام .. اقتربت منه زوجته وجلست بجواره قائله بصوت باكى :
- جلبي حارجنى جوى على ولدى يا حاج
تنهد قائلاً :
- ربنا يرحمه ويغفرله ويرزجه الجنه .. يارب
قالت زوجته ودموعها تنهمر :
- كان أحن واحد فى اخواته ..فجدت الكبير بدرى بدرى .. ودلوجيت فجت "ياسين" .. يا كبدى عليكوا يا ولادى التنين
قال "عبد الرحمن" بحده :
- ادعيلهم ان ربنا يرحمهم بدل النواح ده يا وليه
قالت زوجته بحزم :
- آنى مش ههدى ولا يرتاحلى بال إلا لما أشوف اللى جتل ولدى وهما بيعدموه وبيشنجوه .. اللهى ربنا ينتجم منه
قال "عبد الرحمن" بحزم :
- ان شاء الله هيمسكوه ويتعاقب على عيملته
ثم قال بحيره :
- بس أموت وأعرف هو مين .. آنى واثج انه حدا من الجبيلة .. بس مين العلم عند الله
تنهد وقال :
- ربنا جادر يكشف المستور .. انا وكلته وهو حسبي

****************************
دخلت "صفاء" سكرتيرة "عماد" الى مكتب "مريم" قائله :
- "مريم" .. أستاذ "عماد" عايزك فى مكتبه
نظرت اليها قائله :
- هو وصل ؟
- تقصدى صاحب شركة دييبس .. أيوة وصل
قالت "مريم" بإستغراب :
- مش قولتيلى امبارح ان اللى هييجى مدير التسويق
هزت "صفاء" كتفيها قائله :
- أستاذ "عماد" قالى كده امبارح .. بس الراجل اللى جه عرف نفسه على انه صاحب الشركة
قامت "مريم" وحملت الملف الذى يضم تصميماتها الخاصة بحملة الشركة وتوجهت الى مكتب "عماد"
قال لها "عماد" :
- تعالى يا "مريم" اتفضلى
ألقت "مريم" نظرة على الرجل الجالس فقدمها "عماد" للرجال قائلاً :
- الآنسه "مريم" الديزاينر المسؤلة عن حملة شركة حضرتك
ثم نظر الى "مريم" قائلاً :
- الأستاذ "طارق عبد العزيز" مدير شركة دييبس
قالت "مريم" بخفوت :
- أهلا وسهلاً
نظر اليها الرجل قائلاً :
- اهلا بيكي
أشار "عماد" لـ "مريم" قائلاً :
- اتفضلى اعدى يا "مريم"
جلست "مريم" فى المقعد المواجه لـ "طارق" .. الذى نظر اليها قائلاً :
- أولاً أنا آسف على التعديلات الكتير اللى طلبتها .. لان من البداية دى غلطتى انى موضحتش اللى عايزه الظبط .. وعشان كده جيت بنفسي بدل مدير التسويق لانى خفت ميقدرش يشرح اللى أنا عايزه بالظبط
قالت "مريم" بهدوء :
- مفيش مشكلة حضرتك
ثم أعطته الملف قائله :
- اتفضل حضرتك دى كل التصميمات الخاصة بالحملة عرفنى التعديلات تحديداً وأنا هنفذها فوراً
دخلت فى تلك اللحظة "صفاء" قائله :
- أستاذ "عماد" .. فى عميل عايز يقابل حضرتك ضرورى
نظر "عماد" الى "مريم" قائلاً :
- "مريم" خدى أستاذ "طارق" وناقشوا التعديلات فى مكتبك
أومأت "مريم" برأسها وقالت لـ "طارق" :
- اتفضل معايا حضرتك
سار "طارق" خلفها .. ودخلا مكتبها .. رفعت الفتاتان رأسيهما لتنظران الى الرجل القادم .. جلس فى مواجهتها وقدمت له شئ يشربه وبدأ فى توضيح التعديلات التى يريدها .. ثم قال :
- أنا آسف مرة تانية لو التعديلات كتير
قالت "مريم" بهدوء وهى تتفحص ما كتبت :
- مفيش مشكلة .. بس الموضوع هياخد وقت .. يعني ممكن اسبوع من دلوقتى .. لان عندى شغل تانى بخلصه
قال "طارق" مبتسماً :
- مفيش مشكلة هستنى كفاية انى تعبتك وعطلتك معايا
نظرت اليه وقالت بجديه :
- ان شاء الله هعرض على حضرتك التصميمات قبل ما نبعتها المطبعة
تمعن فيها "طارق" قائلاً :
- واضح انك مضايقه منى أوى
قالت مندهشة :
- لأ أبداً
قال معتذراً :
- أنا بجد آسف انى تعبتك
قالت بجديه :
- مفيش مشكلة
قام ليغادر فوقع نظرة على "مى" فقال وكأنه يحاول أن يتذكر شيئاً :
- احنا اتقابلنا قبل كده ؟
قالت بإرتباك :
- أيوة أنا كنت نفذت لحضرتك حملة اعلانية من فترة طويلة
قال وكأنه تذكر :
- أيوة تمام افتكرتك
ضحك وهو ينظر الى الفتاتان قائلاً :
- ووقتها تعبتك معايا برده .. اظاهر انى طلعت عينكوا انتوا الاتنين
ابتسمت "مى" قائله :
- لا مفيش مشكلة .. احنا معرضين فى شغلنا للتعديلات اللى العميل بيطلبها بعد ما بيشوف التصميم
ابتسم قائلاً :
- شكرا لذوقكم .. مع السلامة
ردت "مى" :
- مع السلامة
بمجرد أن انصرف قالت "سهى " :
- يا ربي على الذوق والأدب والشياكة .. هو النوع ده تفصيل ولا جاهز .. ومنشأه ايه بالظبط .. ده يتاكل أكل .. يا بختك يا "مريم"
نظرت اليها "مى " وهى تنفخ بحدة ثم عادت لتكمل عملها دون أن تلتفت اليها .. وفعلت "مريم" مثلها بعدما رمتها بنظرة صارمة

خرجت "مريم" من الشركة بعد انتهاء عملها .. لفت نظرها "خالد" الذى أوقف سيارته أمام العمارة فأكملت طريقها .. لكنه انتبه اليها فأوقفها قائلاً :
- آنسة "مريم" لو سمحتى
التفت اليه بضسق وهى تنظر للمارة حولها .. اقترب منها قائلاً :
- ازيك أخبارك ايه .. وأخبار حملتنا ايه
قالت بضيق :
- تمام الحمد لله .. وزى ما قولت لحضرتك ان شاء الله هعرض على حضرتك التصميمات فى المعاد اللى اتفقنا عليه .. بعد اذنك
همت بالمغادرة لكنه اعترض طريقها قائلاً :
- أنا كنت جاى عشان شوية اضافات محتاج أضيفها فى الأعداد وحجم يفط الأوت دور .. بس طالما انتى هنا خلاص
أشار الى سيارته قائلاً :
- تعالى نروح أى مكان نتكلم فيه سوا وأوصلك فى طريقى
نظرت اليه بحده قائله :
- آسفه مبركبش عربية حد .. بعد اذنك
همت بالمغادرة لكنه أمسك ذراعها يوقفها قائلاً:
- حيلك حيلك انتى بتتكملى معايا كده ليه
جذبت ذراعها من يده بعنف قائله بغضب :
- انت ازاى تسمح لنفسك تمسكنى كده .. ملكش عندى غير شغل وبس وأنا دلوقتي مش فى ساعات العمل بتاعتى
نظر اليها بسخرية من رأسها الى أخمص قدمها قائلاً :
- فى ايه .. اوعى تكونى شايفه نفسك حاجه .. أنا كل اللى قصدته انى اتكلم فى الشغل .. دماغك راحت فين هو انتى مبتشوفيش نفسك فى المرايه ولا ايه .. فكرانى هبص لواحده لوكل زيك
احمر وجهها من الغضب والتفتت تنصرف بدون أن ترد عليه .. كانت تشعر بالحنق والضيق لتلك الإهانة التى تعرضت لها .. ركبت فى المترو وهى تقاوم انهمار دموعها بصعوبة .. لكنها تركت لعبراتها العنان بعدما عادت الى بيتها .. وعزمت على اخبار "عماد" فى الصباح بقرارها بعدم رغبتها فى العمل على الحملة الدعائية لشركة "خالد"

*****************************
فى سكون الليل .. وفى احد الأماكن الهادئة التى تخلو من المارة .. وقف رجل ملثم ينظر يميناً ويساراً .. وهو متململاً قلقاً .. حتى رآى فتاة مقبلة فى اتجاهه وهى تنظر خلفها .. جذبها من ذراعها ووقفا خلف أحد الأبنية .. أنزل "جمال" اللثام عن وجهه قائلاً :
- حبيبتى وحشتيني جوى
أزاح بيده الطرحة التى كانت تمسكها لتخفى بها نصف وجهها وقال :
- وحشتيني جوى يا "صباح"
ارتبكت "صباح" وقالت بخجل :
- وانت كمان يا "جمال" وحشتنى جوى .. مكنتش عارفه آجى النهاردة خرجت بالعافية بعد ما أبويا نام
نظر اليها محاولا تقبيلها فابعدته قائله بحزن :
- شوفت اللى صاير فينا يا "جمال" .. "ياسين" أخوى اتجتل
قال "جمال" وهو يقترب منها أكثر :
- معلش يا حبيبتى .. بكرة يمسكوا باللى جتله .. انتى وحشانى جوى جوى
قبلها .. ثم أبعدته قائله :
- أنا همشى لحدا يشوفنا ..
- هشوفك تانى امتى
- ماعرفش .. هبجى أكلمك زى كل مرة .. يلا انا ماشية يا "جمال"
مشت الفتاة وهى تلتفت خلفها وسارت فى طريقها الى منزلها .. فوجدت والدتها تقول :
- كنتى فين يا "صباح"
قالت بإرتباك :
- مكنتش فى حتى يامه .. كنت بتمشى شويه
قالت أها بغضب :
- فى الوجت ده .. انتى اتجننتى فى عجلك يا "صباح" .. امشى انجرى على اوضتك جبر يلمك قليلة الربايه صحيح
دخلت "صباح" غرفتها وأغلقت الباب بعصبيه ثم جلست على فراشها تتذكر مداعبات حبيبها "جمال" وتلك اللحظات التى اختلستها فى سكون الليل للالتقاء به.




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-10-15, 12:13 PM   #6

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 4 )


قضت "مريم" ليلتها وهى تشعر بالألم والحزن بسبب الإهانة التى تعرضت لها من "خالد" .. وعزمت على ترك حملته تماماً .. توجهت "مريم" فى الصباح الى مكتب "عماد" وقالت له :
- لو سمحت يا أستاذ "عماد" أنا مش حبه أمسك حملة شركة المقاولات
نظر اليها "عماد" بإستغراب قائلاً :
- ليه ؟
فكرت قليلاً ثم قالت :
- يعني مش حبه وخلاص .. ممكن أبدل الحملة دى مع أى حد من زمايلي وآخد الشغل بتاعه
صمت "عماد" قليلاً ثم قال:
- طيب .. بدلى مع "سهى" وخدى الحملة اللى هتبدأ فيها
شكرته قائله :
- شكراً يا أستاذ "عماد"
همت بالإنصراف لكنه أوقفها قائلاً:
- "مريم"
- أيوة
نظر اليها متمعناً ثم قال :
- انتى كويسة
أومأت برأسها قائله :
- الحمد لله
ظل ينظر اليها قليلاً ثم قال :
- لو احتجتى لأى حاجة عرفيني
نظرت اليه بإمتنان وقالت :
- شكراً يا أستاذ "عماد"
خرجت وعينا "عماد" تتابعانها فى أسى .. ثم انكب على عمله .

قالت "مريم" لـ "سهى" :
- "سهى" أستاذ "عماد" قالى أبدل معاكى حملة شركة المقاولات بالحملة اللى فى ايديكى
نظرت اليها كل من "مى" و "سهى" بدهشة .. قالت "سهى" :
- ليه .. اشمعنى
- مفيش هو قالى كده
- مفيش مشكلة هاتى الملف بتاع الحملة وخدى ملف حملتى أهو
بدأت "مريم" فى العمل على الحملة الجديدة .. وهى تحاول أن تتناسى كلمات "خالد" الجارحة التى قالها لها بالأمس

***************************
نظر "عثمان" الى أخته "صباح" التى وقفت تصفف شعرها أمام المرآة قائلاً :
- انتى مش هتبطلى وجوف جدام المرايه ولا اييه .. جومى شوفى أمك وساعديها فى تحضير الوكل
قالت بحنق :
- حاضر نازله
صاح قائلاً:
- يلا يا بت انجرى بلاش دلع وجلة حيا
صاحت قائله :
- هو آنى عملت اييه يعني .. حاجة غريبة صحيح
صاح "عبد الرحمن" قائلاً :
- هو انتوا مش هتبطلوا خناج أبداً .. لازمن كل يوم نسمع الخلج صوتنا
نزلت "صباح" وهى تتمتم بغضب .. جلس "عثمان" بجوار" أبيه على الأريكة ساهماً .. ثم قال :
- تفتكر مين اللى عمل اكده يا بوى
تنهدت "عبد الرحمن" وقال :
- علمى علمك يا ولدى .. علمى علمك
ثم قال بأسى :
- فجدت ابنى "ياسين" ومن جبله "خيري" الله يرحمهم التنين
- الله يرحمهم
التفت "عثمان" الى أبيه قائلاً :
- لسه مفيش أخبار عن ولاد "خيري" خوى الله يرحمه
قال "عبد الرحمن" بألم :
- لا والله ياولدى .. آنى ما خليت شئ إلا وعميلته .. آني حتى مخبرش بجيله كام ولد عايش .. آني معرفش غير ان بنته ماتت معاه فى الحادثة .. والناس جالولى انه مخلف غيرها .. لكن مخبرش ولاد ولا بنات عايشين ولا ميتين .. وين أراضيهم مخبرش
قال "عثمان" بحزم :
- لازمن نلاجيهم ونلم لحمنا يابوى
- ان شاء الله يا ولدى .. ان شاء الله هنلاجيهم ونجيبهم يعيشوا معانا اهنه


************************************

تقدم رجل الى مكتب سكرتيرة "مراد" قائلاً :
- أنا مندوب جمعية رسالة وعندى معاد مع الأستاذ "مراد خيري"
قالت له السكرتيرة :
- اتفضل استريح
قامت وتوجهت الى مكتب "مراد" لحظات وعادت وأشارت للرجل بالدخول قائله :
- اتفضل
تقدم الرجل الى مكتب "مراد" الذى قام ليصافحه .. قائلاً :
- أهلا بيك اتفضل اعد
قدم الرجل الكارنيه والبطاقة الى "مراد" قائلاً :
- أنا مندوب من جمعية رسالة .. أولاً أنا شاكر لحضرتك انك سمحتلى آخد من وقتك .. وآسف لو كنت هعطلك
قال له "مراد" :
- لا أبداً اتفضل
تحدث الرجل قائلاً :
- جمعية رسالة لو حضرتك مسمعتش عنها .. دى جمعية خيرية ليها أنشطة كتير جداً .. اتأسست فى مصر سنة 1999 .. بدأت كحركة طلابيه فى كلية الهندسة .. وبعدين نشاطها وسع لما تم لتبرع بقطعة أرض فى فيصل وقدرنا بمجهوداتنا اننا نشهر الجمعية .. وحالياً لينا أكتر من 50 فرع فى جميع أنحاء الجمهورية .. من نشاطاتنا .. مساعدات الأسر الفقيرة .. محو الأمية .. خدمات للمكفوفين .. كفالة اليتيم .. رعاية الصم والبكم .. رعاية المعاقين ذهنياً .. مستوصفات خيريه ..
صمت قليلاً ثم قال :
- وتوفير كراسى متحركة وأطراف صناعية للغير القادرين
أومأ "مراد" برأسه .. فتنحنح الرجل قائلاً :
- يعني أنا دايماً بشوف ان ميحسش بالناس دى غير اللى مر بظروفهم .. وعشان كدة جيت لحضرتك النهاردة .. لو تحب تساهم معانا فى مساعدة الناس دى
أومأ "مراد" برأسه ودون أن يتكلم أخرج دفتر شيكات من درج مكتبه وقلماً أنيقاً وذيل الشيك بتوقيعه وكتب مبلغاً اتسعت له ابتسامة الرجل وشكره بحراره وأعطاه وصلاً قائلاً :
- حقيقي متشكرين جداً يا أستاذ "مراد" .. وأنا كنت واثق من كرم اخلاقك .. ومتشكرين مرة تانية
أومأ "مراد" برأسه دون كلمه .. استأذن الرجل وانصرف .. شرد "مراد" قليلاً وعلامات الحزن على وجهه .. ثم ما لبث أن عاد الى الملفات التى أمامه واندمج فى عمله مرة أخرى


*********************************

توجهت "مريم" مع "مى" الى منزلها .. استقبلتها والدتها بترحاب شديد :
- ازيك يا "مريم" أخبارك ايه
ابتسمت "مريم" قائله :
- الحمد لله يا طنط ازى حضرتك
- بخير يا "مريم" الحمد لله
ثم التفتت الى "مى" قائله :
- يلا خدى صحبتك على أوضتك عمال ما أجهزلكوا الغدا
قالت "مريم" بحرج :
- معلش يا طنط تعبت حضرتك
ابتسمت والدة "مى" وقالت :
- لا يا حبيبتى أبداً مفيش تعب ولا حاجه
دخلت الفتاتان الى الغرفة .. قالت "مي" :
- فكى الطرحة متخافيش بابا مش بييجي دلوقتى
أومأت "مريم" برأسها .. اقتربت منها "مى" وجلست بجوارها على السرير قائله :
- حالك مش عاجبنى يا "مريم"
حاولت "مريم" رسم ابتسامة على شفتيها قائله :
- ليه مالى ما أنا كويسه أهو
نظرت اليها "مى" بحزن وقالت :
- لحد امتى هتفضلى عايشة لوحدك كده .. كده غلط عليكي يا "مريم" لا بتشوفى حد ولا بتتكلمى مع حد .. أنا مش عارفه ازاى طايقه تعيشي فى البيت لوحدك
ظهرت سحابة حزن فى عينيها وقالت :
- أعمل ايه قدرى كده
قالت "مى" بحماس :
- ما هو انتى لو تفكيها شوية .. يعني "أشرف" كان شكله باين عليه انه عايز .......
قاطعتها "مريم" بحده :
- تانى يا "مى" .. مش قولتلك مش عايزة أتكلم فى موضوع "أشرف" ده
قالت "مى" بحزم :
- يعني حضرتك ناوية تعيشي طول العمر لوحدك يعني
قالت "مى" بأسى :
- ياريت أموت وأرتاح
- ليه كده يا "مريم" .. ليه بتقولى كده
قالت والعبرات فى عينيها :
- تعرفى يا "مى" دى أكتر حاجه بتمناها .. او تعتبر الحاجة الوحيدة اللى بتمناها .. انى أموت وأرتاح .. أنا عايشة ليه أصلاً
تنهدت "مى" قائله :
- استغفرى ربنا يا "مريم" .. انتى متعرفيش الخير فين
تمتمت بصوت خافت :
- أستغفر الله .. مش قصدى .. بس ساعات بيطلع منى كلام غصب عنى
ابتسكت بضعف قائله :
- بس متخفيش عليا أنا كويسة .. كويسة أوى .. وبعدين خلاص أنا أخدت على الوحدة .. يعني لما بكون لوحدى فى البيت مش بكون مضايقة .. خلاص أنا اتعودت على كده
قالت ذلك ثم شردت .. راقبتها "مى" ثم أخرجتها من شرودها قائله :
- انتى ليه سبتى حملة شركة المقاولات
تنهدت "مريم" بحدة وكأنها لا تريد أن تتذكر ما حدث .. لكنها قصت على "مى" ما دار بينها وبين "خالد" بالأمس .. هتفت "مى" قائله :
- ده انسان مش محترم وقليل الذوق .. ازاى يقولك كده
قالت بأسى :
- أهو ده اللى حصل .. كل ده عشان بقوله ازاى تمسك ايدي كده
التفتت الى "مى" وقالت بغضب:
- كان ماسكنى من دراعى فى وسط الشارع .. عادى ولا أكن فى حاجه غلط بيعملها .. لا والبشمهندس كان عايزنى أركب عربيته ونعد فى مكان نتكلم فى الشغل .. حاجه هم صحيح
- سيبك منه .. وأحسن انك سبتى الحملة بتاعته .. بلاش حرقة دم الواحد مش ناقص الأشكال دى كمان
- مرضتش طبعاً أقول لأستاذ "عماد" على اللى حصل .. اتحرجت جداً أقوله الكلام اللى قالهولى .. وهو بصراحة كان ذوق أوى ووافق على طول انى أبدل مع "سهى" الحملة اللى هى مسكاها
ابتسمت "مى" قائله :
- "عماد" طول عمره ذوق ومحترم
قالت "مريم" بسرعة :
- جداً .. محترم جداً .. من الرجالة القليين اللى تقابليهم فى حياتك وتحسى فعلاً انهم ناس محترمة .. كفاية انه مش بيرضى يعمل حاجات غلط فى شغله رغم انه ممكن يكسب أضعاف أضعاف ما بيكسب .. لكنه مانع تماماً صور البنات على التصاميم أو صورة أى حاجة حرام .. وبيرضاش يعمل حملات دعائية لأى مكان فيه رقص أو خمرة أو أى حاجة حرام .. بجد ربنا يباركله
قالت "مى" بخبث :
- فينه ييجى يسمع الكلام اللى بيتقال عنه
نظرت اليها "مريم" بحده قائله :
- "مى" مفيش داعى للكلام ده .. انتى فاهمة انى بتكلم عادى ومش فى نيتى حاجه
هتفت "مى" قائله :
- ماهو المصيبة ان مفيش فى نيتك حاجه .. نفسي مرة أشوفلك نيه مش كويسة
ضحكت "مريم" قائله :
- انتى فظيعه على فكرة
- أنا فظيعة أمال انتى تبقى ايه .. أنا مش عارفه مستحملاكى ليه
ابتسمت "مريم" :
- عشان صحبتى وبتحبينى وعارفه ان أنا كمان بحبك أوى
بادلتها "مى" الابتسام قائله :
- ماشى يا ستى غلبتيني المرة دى
ثم نهضت قائله :
- أما أشوف الحجة دى اتأخرت فى الأكل كده ليه
توجهت "مى" الى المطبخ لمساعدة والدتها .. وقالت لها :
- متحرمش منك يا ماما
ابتسمت أمها قائله :
- ده مش عشانك ده عشان "مريم"
- ربنا يكرمك انك سمعتى كلامى ووافقتى نعزمها
قالت أمها بحزن :
- دى بنت غلبانه ربنا يصلح حالها والله قلبي بيتقطع عليها .. ربنا يرزقها بإبن الحلال اللى يعوضها
ثم التفتت الى "مى" قائله :
- هى لسه عايشة لوحدها
قالت "مى" :
- أيوة هتعيش مع مين يعني .. ملهاش حد تعيش معاه
- ولا حتى أهل أبوها أو أهل أمها .. يعني ملهاش أعمام خيلان خالات
- لأ ملهاش حد خالص .. أهل مامتها ميتين ومامتها كانت البنت الوحيدة ليهم .. وأهل باباها مش عايشين هنا
قالت أمها بسرعة :
-طيب يلا شيلي الأكل معايا نحطه على السفرة ..اتأخرنا فى الغدا أوى وعندنا ضيفه ميصحش
التف ثلاثتهم حول طاولة الطعام .. قالت والدة "مى" :
- "مريم" حبيبتى كلى مبتاكليش ليه
ابتسمت لها "مريم" بخجل قائله :
- باكل يا طنط
هتفت الأم :
- ده أكل عصافير يا بنتى .. كلى كويس يا حبيبتى ولا مكسوفة انتى زى "مى" بنتى
- لأ أبداً يا طنط مش مكسوفة .. بس أنا أكلى كده
- لا يا حبيبتى كده مينفعش لازم تاخدى بالك من أكلك وصحتك
هتفت "مى" :
- قوليلها يا ماما بدل ماهى بقت عاملة زى ستى الحجة كده
عاتبها أمها قائله :
- تؤ عيب يا "مى" متضايقيهاش
ثم التفتت الى "مريم" قائله بحنان :
- يلا يا حبيبتى كلى
نظرت اليها "مريم" بأسف قائله :
- معلش يا طنط بس بجد شبعت
- حبيبتى انتى مكلتيش حاجه
- والله يا طنط شبعت فعلاً .. تسلم ايدك الأكل حلو أوى
تنهدت قالت الأم فى استسلام :
- طيب قومى يا حبيبتى اغسلى ايديكي الحمام فاضى
قامت "مريم" فنظرت أم "مى" اليها وقالت بحزن :
- البنت دى وجعالى قلبي أوى
- أنا كمان مضايقة عشانها
قالت أمها مستفهمة :
- هو مفيش حد اتقدملها قريب
هتفت "مى" بصوت منخفض :
- وهى أصلاً مديه لحد فرصة .. وانتى فكرك ان حتى لو حد اتقدم هى هتوافق .. مستحيل توافق
قالت الأم بإستغراب :
- يعني هتعيش طول عمرها لوحدها كدة .. لو كان لها أهل كنا قولنا أهى فى بيت أهلها .. لكن دى عايشة لوحدها .. والناس مبترحمش
قالت "مى" بثقه :
- مستحيل "مريم" تفكر فى راجل تانى غير "ماجد" .. مستحيل
قالت أمها :
- بس "ماجد" ........
قطعت كلامها عندما أتت "مريم" من الداخل .. جلست الفتاتان لتجاذب أطراف الحديث .. حاولت "مى" اضفاء جو من المرح لتخرج "مريم" من قوقعة الأحزان التى حاوطتها من كل جانب

*****************************

كان "مراد" فى طريقه الى بيته عندما أوقف سيارته أمام احدى الإشارات فى انتظار أن يُفتح الطريق .. التفت الى الجانب ليجد شاباً يتحدث الى فتاة توليه ظهرها .. كانت الفتاة ترتدى بدى ضيق للغاية على بنطلون سكيني التصق بجسمها تماماً حتى ظهرت كل تفاصيله واضحة للعيان .. كان من الواضح أن الفتاة متضايقه من حديث الشاب .. لكنه ظل يلف ويدور حولها .. التفتت اليه لتحدثه بحده .. لكنه ظل يضايقها حتى تطاول عليها بيده .. انتفض "مراد" وخرج من سيارته مسرعاً .. وتوجه الى الشاب وجذبه من ملابسه وقال بغضب :
- لم نفسك يله .. لو انت مش متربي وملقتش حد يربيك أنا أعرف ازاى أربيك
نظر اليه الفتى فى دهشة وصاح :
- وانت مالك ومالى أنا كلمتك
لكمه "مراد" فى كتفه بقبضة يده قائلا بغضب هادر :
- بتمد ايدك على واحده فى الشارع وأدام الناس عينى عينك كده .. ليه .. فاكر ان البلد دى مفيهاش رجاله
تجمع المارة وحاولوا تهدئة "مراد" الذى يبدو وكأنه قد استشاط غضباً .. فقال الفتى بخوف :
- خلاص محصلش حاجه .. أنا آسف
قال "مراد" بغضب بالغ :
- امشى من أدامى دلوقتى بدل ما أشلفطلك وشك
شعر "الفتى بالخوف من نظرات "مراد" النارية وتعبيرات الغضب التى حولته الى وحش كاسر يكاد أن يفتك بالفتى .. رحل الفتى وهم "مراد" بأنه يتوجه الى سيارته التى تسد الطريق فوقفت الفتاة أمامه قائله :
- ميرسي أوى لحضرتك على اللى انت عملته عشانى
نظر اليها "مراد" بإحتقار قائلاً بحده :
- ماهو العيب مش عليكي .. العيب على الراجل اللى سابك تنزلى من بيته بالمنظر ده .. واللى المفروض ميتقالش عليه راجل أصلاً
تركها وتوجه الى سيارته وقد اشتعلت وجنتاها من الخجل .

*****************************
جلس "حامد" فى بيته يشاهد احدى قنوات الرقص .. وصوت التلفاز يكاد يصم الآذان .. عندما رن جرس الباب .. توجه ليفتحه فوجد أمامه امرأة تكشف من جسدها أكثر مما تستر .. نظرت اليه بحده قائله :
- مفاجأة مش كدة
ظهرت عليه علامات الغضب وترك الباب مفتوح ودخل وعاد الى مكانه فوق الأريكة .. دخلت وأغلقت الباب ووقفت تنقل بصرها من التلفاز اليه وقالت :
- ممكن لو سمحت نتكلم شوية
قال بلامبالاه :
- مفيش حاجة نتكلم فيها
أمسك الريموت غاضبة وأغلقت التلفاز بعصبيه وقالت :
- لأ فى يا "حامد"
وقف وقال لها بغضب :
- انتى عايزه ايه يا "هايدى" بالظبط فى ليلتك اللى مش فايته دى
صاحب بغضب هى الأخرى :
- عايزه نتكلم فى المصيبة اللى أنا فيها دى
قال ببرود :
- اديكي قولتى المصيبة اللى انتى فيها .. انا دخلى ايه بأه
هتفت قائله :
- لا انت ليك وليك كمان .. مش انت السبب .. ولا أنا حملت لوحدى
صاح بسخرية :
- وأنا مضربتكيش على ايدك يا "هايدي" .. ومحدش قالك بتقى غبية ومتعمليش حسابك عشان حاجه زى كده متحصلش
قالت بتوتر بالغ :
- يعني ايه يا "حامد" اتصرف ازاى دلوقتى .. وايه اللى يمنع اننا نتجوز
صاح ضاحكاً :
- نـــ ايه ؟ .. سمعيني تانى كده .. نتجوز .. ليه شيفانى عيل برياله هتعرفى تضحكى عليه بكلمتين .. أنا مش بتاع جواز يا كتكوته .. وانتى عارفه كده من الأول
قالت وهى تبكى :
- بس أنا دلوقتى فى مصيبة
قال ببرود :
- اتصرفى عندك مليون طريقة تنزلى بيها اللى فى بطنك
ازداد بكائها قائله :
- بس أنا خايفه يا "حامد" .. خايفة يجرالى حاجه
زفر بضيق وصاح بحده :
- بقولك ايه بطلى قلة مزاج على المسا .. روحى شوفى هتتصرفى فى مصيبتك دى ازاى وحلى عن سمايا
نظرت اليه بإحتقار قائله :
- مكنتش أعرف انك حقير للدرجة دى
قال بسخرية :
- وآديكي عرفتى .. يلا بأه الباب يفوت جمل
جلس مكانه على الأريكة وأعاد تشغيل التلفاز مرة أخرى .. فتوجهت "هايدى" بإنكسار الى الباب وفتحته وخرجت

******************************

بعد عدة أيام "طارق" الى مكتب الدعاية .. ودلف الى مكتب "مريم" قائلاً :
- ازيك يا آنسه "مريم"
نظر اليه الثلاث فتيات .. أومأت "مريم" برأسها قائله :
- الحمد لله .. اتفضل يا فندم
جلس "طارق" فى مواجهتها ووجهت شاشة الحاسب تجاهه لتريه التصميمات قبل طبعها .. قال لها مبتسماً :
- شغلك ممتاز فعلاً .. والتعديلات زى ما طلبتها بالظبط .. شكلك فعلاً بروفيشنال
شكرته قائله :
- شكراً لذوق حضرتك
تمعن فى وجهها قائلاً :
- انتى مضايقة منى فى حاجه
نظرت اليه فى دهشة وقالت :
- لأ
قال بإستغراب :
- أمال ليه بتتكلمى معايا ناشف كده .. أنا اعتذرتلك المرة اللى فاتت عن تعبك معايا فى الحملة وأكيد هراعى ده لما آجى أدفع الدفعة التانية من الفلوس
قالت بجديه :
- أنا مش مضايقه من حضرتك فى حاجه .. وأنا مش قصدى أتكلم ناشف بس دى طريقتى وده اسلوبى
ثم عادت تنظر الى الحاسوب قائله :
- ان شاء الله التصميمات هتدخل المطبعه من بكرة .. وخلال 3 أيام بالظبط هتكون كل حاجة جاهزة وتقدر حضرتك تستلمهم فى أى وقت
وقف قائلاً :
- تمام أوى .. حابب أتكلم مع أستاذ "عماد" شوية .. متعرفيش هو فى مكتبه ولا لا
نظرت اليه قائله :
- لأ معرفش .. تقدر حضرتك تسأل السكرتيره
أومأ برأسه قائلاً :
- تمام .. ومتشكر مرة تانية

بعد ربع ساعة .. قامت "مريم" وحملت حقيبتها قائله :
- سلام بأه أنا ماشية
قالت "مى" دون أن ترفع عينيها عن حاسوبها :
- سلام يا "مريم"
سألتها "مريم" :
- مش هتروحى
قالت "مى" بحنق :
- شوية كده .. لسه عندى شغل
قالت وهى تتوجه الى الباب :
- طيب سلام أشوفك بكرة
خرجت "مريم" من باب العمارة لتجد "خالد" يقوم بركن سيارته .. شعرت بالضيق من تلك الصدفة التى جمعتها به ثانياً .. حاولت السير فى طريقها .. لكنه رآها وأقبل عليها يوقفها قائلاً بغضب :
- بأه حته بتاعه زيك ترفض تمسكلى الحملة بتاعتى .. ليه فاكره نفسك مين .. انتى متعرفيش أنا مين ولا ايه يا بت انتى
نظرت اليه بحده ائله :
- مسمحلكش تتكلم معايا بالإسلوب ده
قال بسخريه :
- نعم .. متسمحيليش .. هو أنا محتاج اذنك .. أنا حالا هطلع لمديرك وأخليه يشوف شغله معاكى .. عشان تعرفى ازاى تبقى محترمة وازاى تتكلمي مع الناس المحترمة
قالت بصرامة :
- أنا محترمة غصب عنك .. ومش محتاجة حد يعلمنى ازاى أبقى محترمة
استشاط غضباً وقال :
- انتى ازاى تتكملى معايا كده .. انتى اتجننتى فى عقلك
سمع "طارق" جزء من الحوار عندما خرج من بوابة العمارة وهم بالتوجه الى سيارته لكن صوت الصراخ جذب انتباهه واسمتع الى جزء من الحوار واقترب منهما قائلاً :
- فى حاجه يا آنسه "مريم"
نظر اليه "خالد" قائلاً :
- انت مين انت كمان .. متخليك فى حالك
همت "مريم" بالمغادرة لكن "خالد" وقف أمامها قائلاً :
- استنى أنا لسه مخلصتش كلامى
قالت بصرامة :
- وأنا معنديش استعداد أسمع منك حرف واحد .. عندك مشكلة اعرضها على أستاذ "عماد" ومتضطرنيش أتصرف معاك تصرف ميعجبكش
صاح غاضباً :
- انتى فعلا اتجننتى فى عقلك .. انتى فاكرة نفسك مين يا بنت انتى ما تفوقى لنفسك
وقف "طارق" فى وجهه قائلاً :
- لأ لحد كدة وكفاية .. ازاى تتكلم معاها كده
التفت اليه "خالد" قائلاً :
- وانت مالك انت .. مالك وملها
قال "طارق" بحزم :
- انا خطيبها عندك اعتراض .. يلا اتفضل امشى
شعرت "مريم" بالدهشة لادعائه بأنها خطيبته .. لكن كان هذا كفيل بأن يرحل "خالد" وهو يرمقها بنظرات غيظ .. همت "مريم" بالمغادرة لكن "طارق" أوقفها قائلاً :
- هو بيضايقك ليه
قالت بتوتر :
- عشان رفضت أمسك الحملة الإعلانيه بتاعة شركته
نظر اليها مستفهماً :
- ورفضتى ليه
قالت بإقتضاب :
- عشان انسان مش محترم
ثم قالت دون أن تنظر اليه :
- بعد اذنك
أوقفها قائلاً :
- طيب تعالى اتفضلى معايا وأنا أوصلك
وجهت اليه نظرات نارية لكنها حافظت على هدوء صوتها قائله :
- آسفة مبركبش مع حد .. بعد اذنك
انصرفت "مريم" فى طريقها وعينا "طارق" تتابعانها لفترة ثم ركب سيارته وانطلق فى طريقه

****************************

جلست "مريم" كالعادة على الأريكة أمام التلفاز دون أن ترى حقاً ما يتم عرضه أمامها .. كانت فى عالم آخر .. تلقى نظرة كل فترة على الساعة المعلقة على الحائط .. وكالعادة تأهبت عندما اقتربت الساعة من الثانية عشر بعد منتصف الليل .. وتوجهت الى حقيبة الرسائل وأخذت تبحث عن الخطاب الذى يحمل رقم 54 .. دقت الساعة لتعلن الوقت الثانية عشر فتحت الخطاب بلهفة وشغف .. وعيناها تلمعان وبسمة صغيره على شفتيها .. قرأت بعينيها وقلبها وروحها :
- حبيبتى "مريم" .. كيف أنتِ الآن .. أتهتمين بنفسك حبيبتى .. أم عدتِ الى اهمال نفسك وطعامك مرة خرى .. أعلم أنكِ لا ترفضين لى طلباً ولا تعصين لى أمراَ .. لذلك إن كنتى تحبينني بالفعل فستهتمين بنفسك أكثر .. كيف حالك مع الله .. أتواظبين على قراءة وردك أم تتكاسلين .. أعرف جيداً أن حبيتى لا تتكاسل عن فعل الخير .. لكنى أذكرك فحسب .. لا تقطعين خيراً تفعليه .. وارمى سهماً فى كل خير تجديه .. حبيبتى طلبى هذا الإسبوع هو زيارة صغيرة منكِ الى والدتى .. التى أشفق عليها وعلى حالها .. أعلم أنها زيارة لا تفيد .. لكنى أريدك أن تقومى بها .. من أجلى يا "مريم" .. حبيبك : ماجد
ضمت الجواب الى صدرها واستنشقته لعلها تجد رائحة "ماجد" وقد علقت به .. ثم أضافته الى باقى الخطابات فى درج الكمودينو .. أنهت قراءة وردها ووضعت المصحف بجوارها وأغلقت النور .. ظلت شاردة قليلاً .. وعزمت فى الصباح على تنفيذ ما طلبه منها "ماجد" .. زيارة والدتــه التــى تعيـــش فى أحــد دور المسنيـــن .

***************************
حاول "مراد" النوم لكنه شعر بالأرق ففتح الشرفة ووقف فيها .. همت والدته بغلق شباك غرفتها عندما رأته .. فتوجهت الى غرفته وطرقت الباب .. فتح لها "مراد" ودعاها للدخول .. قالت :
- شوفتك من شباك أوضتى عرفت انك صاحى
- مش جايلى نوم
جلست أمه على أريكة فى الغرفة وجلس بجوارها قائلاً :
- عمتو عامله ايه دلوقتى
نظرت اليه بتمعن قائله :
- كويسة .. بس مش هى اللى قلقانى
قال بقلق :
- "سارة" و "نرمين" كويسين
قالت بنبرة ذات معنى :
- أيوة كويسين بس انت اللى مش كويس يا "مراد"
قال "مراد" بهدوء :
- ليه مش كويس ليه ما أنا زى الفل أهو
نظرت اليه أمه بعتاب قائله :
- مش ناوى تفرحنى يا "مراد" و تتجوز وأشوف ولادك وأطمن عليك قبل ما أموت
قال "مراد" على الفور :
- ربنا يبارك فى صحتك وفى عمرك يا أمى
قالت بإصرار :
- رد على سؤالى .. ناوى تتجوز امتى .. ناوى تفرحنى بيك امتى
قال "مراد" بضيق :
- أمى لو سمحتى مش حابب أتكلم فى الموضوع ده
قالت أمه بحده :
- يعني ايه مش حابب .. انت هتفضل دافن نفسك بالحيا كده لحد امتى .. مفيش فى حياتك غير شغل وبس
قام "مراد" بعصبيه وقال :
- وأنا مش حابب يكون فى حياتى غير الشغل وبس
نهضت ووقفت فى مواجهته قائله :
- لأ .. أنا مش ممكن أسمحلك تضيع شبابك كده
قال "مراد" بنفاذ صبر :
- أنا مبسوط كده
هتفت أمه :
- بس أنا مش مبسوطة يا "مراد" .. ولا انت مبسوط .. ده أنا حتى مبشوفكش بتبتسم .. انت مفيش حاجه بتعملها ولا بتفكر فيها غير شغلك .. حياتك فاضية يا "مراد"
قال "مراد" بحزم :
- لأ مش فاضية انتى و"سارة" و "نرمين" وعمتو ملينها عليا
قالت أمه بحده :
- "مراد" .. دور على عروسه .. ولو مش لاقى قولى وأنا أدورلك .. عايزه أشوفك متجوز يا "مراد" وعندك بيت واسرة
قال "مراد" بمرارة :
- ما أنا اتجوزت يا أمى .. اتجوزت
رقت ملامح أمه وقالت بحزن :
- مش كل البنات يا ابنى زى ......
قاطعها قائلاً بعنف :
- لأ كلهم زى بعض .. ميفرقوش حاجة عن بعض .. كلهم عينه واحده .. وأنا مش ممكن أذل نفسي لواحده فيهم .. ولا يبقى لأى ست تأثير عليا
قتربت أمه منه تحاول تهدئته فقال بحده :
- لو سمحتى يا أمى .. متفتحيش الموضوع ده تانى معايا .. أنا مش هتجوز أبداًً .. مهما قولتى ومهما عملتى .. وده قراري ومش ممكن أغيره أبداً
نظرت اليه أمه بأسى وأستسلام .. ثم غادرت الغرفـة فى صمـــت .. جلس "مراد" على فراشه وهو يغطى وجهه بكفيه ثم قام ودخل الشرفة مرة أخرى وجلس على أحد المقاعد شــارداً .. فى ظلمــة الليــل البهيـــم .





لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-10-15, 04:33 PM   #7

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 5 )


استيقظت "مريم" فى الصباح التالى وقد عزمت على زيارة والدة "ماجد" كما طلب منها فى خطابه الذى قرأته بالأمس .. خرجت وركبت المترو كالعادة وتوجهت الى أحد دور المسنين .. دخلت غرفة والدة "ماجد" لتجدها مستلقية على فراشها تنظر الى سقف الغرفة فى صمت .. شعرت بالألم يغزو قلبها وهى تراها على هذه الحالة .. اقتربت منها .. لم تحرك المرأة ساكناً .. لم تنظر حتى اليها .. ظلت تنظر الى سقف الغرفة وكأنها لا تعى ما يدور حولها .. اقتربت منها "مريم" أكثر ومسحت بكفها على رأسها .. والعبرات تترقرق فى عينيها لحال المرأة النائمة على الفراش أمامها .. اقتربت منها احدى العاملات بالدار .. فالتفتت اليها "مريم" قائله :
- هى عاملة ايه دلوقتى
قالت العاملة فى اسف :
- زى ما انتى شايفه .. مبتتكلمش ولا بتستجيب لأى علاج
قالت "مريم" بحزن :
- مواظبين على العلاج بتاعها
- أيوة من يوم ماجت واحنا بنهتم بيها وبحالتها .. ودكتور الدار كمان مهتم بيها لانها صعبانه عليه .. بس اظاهر انها هتقضى باقى أيامها وهى كده .. لانه بيقول انها مبتستجبش للعلاج نهائى
ألقت عليها "مريم" نظرة متألمه ثم التفتت للمرأة قائله :
- طيب ورجلها
- برده يا بنتى لسه ما بتقدرش تمشى عليها .. لا بتتكلم ولا حتى بتتحرك من مكانها .. ربنا يكون فى عونها
جلست "مريم" قبالتها على الفراش وتحدث اليها قائله :
- ماما .. ازي صحتك .. انتى مش عارفانى .. أنا "مريم"
لم تجد أى استجابه من المرأة .. فانحنت عليها تقبل رأسها وملامح الألم مرسومة على وجهها ثم توجهت "مريم" الى غرفة مديرة الدار وقالت لها :
- مينفعش أخدها تعيش معايا
قالت مديرة الدار :
- لو خدتيها يبأه تخلى بالك انها محتاج معاملة خاصة .. واهتمام 24 ساعة لانها مبتقدرش تعمل أى حاجه لنفسها .. انتى متفرغة
قالت "مريم" بأسف :
- لأ بشتغل .. وللأسف مضطرة أشتغل
قالت مديرة الدار :
- يبقى مش هتعرفى تهتمى بيها يا بنتى .. مينفعش تتساب لوحدها .. لازم مرافق ليها 24 ساعة .. من رأيى خليها هنا أفضل .. لانك مش هتعرفى تهتمى بيها الإهتمام المطلوب
قالت "مريم" بألم :
- طيب وحالتها الصحية .. مش ممكن تتحسن
- والله ده علمه عند ربنا .. بس هى مفيش عندها أى استجابة للعلاج .. ولا بتتفاعل حتى مع غيرها من المقيمين هنا .. ولا بتحاول حتى تتفاعل معاهم .. على طول لوحدها .. هى سامعة وشايفة كل حاجة .. بس مفيش استجابة .. واضح ان صدمتها كانت شديدة أوى
شكرها "مريم" ونهضت بأسى .. خرجت من الدار وهى تحاول أن تغالب دموعها التى انهمرت من عينيها رغماً عنها

******************************
دخلت "سهى" مكتب سكرتيرة "خالد" وقالت لها :
- أنا عندى معاد دلوقتى مع البشمهندس "خالد"
بعد عدة دقائق أدخلتها السكرتيرة .. توجهت الى مكتب "خالد" مبتسمة وقالت :
-ازي حضرتك يا بشمهندس
قال ببرود :
- الحمد لله اتفضلى
جلست وأخرجت ملفاً من حقيبتها وقالت :
- أستاذ "عماد" قالى آجى لحضرتك وأشوف تفاصيل الشغل اللى حضرتك عايزه
قال بنبرة متعالية :
- أيوة لانى مش هاجى شركتكوا تانى.. يعد كدة حد منكوا هو اللى يجيلى هنا وأشرحله اللى أنا عايزه .. لان اظاهر انكوا مبتعرفوش تختاروا الناس اللى بتشتغل فى الشركة .. وأنا لولا سمعتكوا فى السوق وجودة شغلكوا أنا مكنتش اتعاملت معاكوا تانى
ابتسمت "سهى" قوالت :
- أنا مش عارفه حضرتك مضايق مننا ليه .. بس عامة أنا واثقه ان حضرتك مش هتضايق من شغلك معايا
ثم ضحكت قائله :
- هى "مريم" معلش قفل شوية فممكن يكون ده ضايقك
قال بهدوء :
- دى مش قفل .. دى قليلة الأدب
ابتسمت قائله :
- معلش يا بشمهندس حقك علينا .. وان شاء الله هعملك أحسن من الشغل اللى كانت هتعمله "مريم"
ابتسم قائلاً :
- اما نشوف

********************************

جلس الأربعة رجال معاً على طاولة الإجتماعات فبدأ "طارق" فى الحديث قائلاً :
- أنا شايف ان هى دى مواصفات المنتج اللى احنا عاوزينه
أخذ الجميع يتفحص ما أمامهم من قطع ملابس .. قال "سامر" :
- انا كمان رأيي كدة يا "طارق" وكمان دراسة الجدوى اللى عملناها بتقول ان الأرباح هتكون مضمونة ان شاء الله
قال "حامد" :
- يعني رغم انى لسه عند رأيي الأولانى اننا نريح دماغنا ونشتغل للطبقة الراقية .. بس دراسة الجدوى اللى اتعملت شجعتنى بصراحة .. وأنا شايف زيكوا ان المنتج ممتاز زى ما احنا عايزين
التفت "طارق" الى "مراد" قائلاً :
- وانت يا "مراد" ايه رأيك
قال "مراد" :
- ممتاز يا "طارق" .. بس معلش لازم نهتم بالفينيشينج أكتر من كدة
قال "حامد" بسخرية :
- أكتر من كدة ايه يابنى أنا شايف انه مناسب للطبقة المتوسطة دى .. يعني كويس أصلا اننا بنقدملهم منتج بالجودة دى والسعر ده
قال "مراد" بحزم :
- يا نشتغل صح يا منشتغلش .. وأنا بحب أهتم بالتفاصيل الدقيقة دى .. الفينيشينج كويس بس لازم يكون أفضل من كدة
قال "طارق" :
- خلاص مفيش مشكلة نهتم بالفينيشينج أكتر .. وأنا هبلغهم كدة فى المصنع .. بس مبدأياً أنا شايف انه كله تمام
قال "سامر" مستفهماً :
- مش المفروض نبتدى الدعاية .. يعني مش عايزين نتأخر لان الأيام اللى جاية موسم وعايزين نستغلها
أومأ "مراد" برأسها قائلاً :
- فعلاً معاك حق يا "سامر" .. أنا هتكلم مع مدير شركة الدعاية اللى بتعامل معاها ونبدأ فوراً ان شاء الله
قال "طارق" :
- لأ أنا أعرف شركة كويسة وتعاملهم ممتاز ومواعيدهم مظبوطة
التفت اليه "مراد" قائلاً :
- شركة ايه ؟
- اسمها رؤية
فكر "مراد" قليلاً ثم قال :
- مسمعتش عنهم قبل كدة
أخرج "طارق" من حقيبته أحد الملفات وأعطاها الى "مراد" قائلاً :
- دى تصميمات الدعاية اللى عملتها عندهم لشركتى
أخذ "مراد" الملف يتفحصه .. ثم قال مستفهماً :
- أخد منهم وقت أد ايه الشغل ده ؟
قال "طارق" مبتسماً :
- اسبوع
قال "مراد" بدهشة :
- اسبوع .. فترة صغيرة جدا على شغل عالى زى ده
- أيوة الديزاينر الى عملته واضح انها مجتهدة جداً
قال "سامر" مندهشاً :
- فعلاً الشغل ممتاز فى وقت قياسى
قال "مراد" بإعجاب وهو مازال يتفحص التصميمات التى أمامه :
- تنسيق التصميم ممتاز ومكان اللوجو والألوان نفسها والفونت .. بصراحة شغل عالى جداً
ثم التفت الى "طارقٌ" قائلاً :
- وجودة التصاميم بعد التنفيذ
قال "طارق" :
- لسه مستلمتش الشغل بعد يومين هستلمه ان شاء الله بس أنا اتعاملت معاهم قبل كدة من كذا سنة وخامات الورق كانت ممتازة
قال "مراد" بإهتمام :
- طيب تمام يبقى هاتلى رقمهم أو قولى عنوانهم وأنا هتواصل معاهم
صمت "طارق" قليلاً ثم قال :
- كدة كدة أنا بتعامل معاهم .. سبنى أنا اتفق معاهم على الحملة بتاعة شراكتنا .. وعامة احنا الاتنين ذوقنا فى الشغل واحد
قال"حامد" ساخراً :
- وأنا و "سامر" ملناش رأي فى القصة دى ولا ايه
التفت اليه "سامر" وهو ينظر الى التصميمات قائلاً :
- ديزاينر زى دي تسلمها نفسك وانت مطمن .. بجد شغلها راقى جداً
التفت الي "طارق" قائلاً :
- اسمها ايه يا "طارق"
نظر اليه "طارق" قائلاً :
- "مريم"
لوك "سامر" الاسم فى لسانه قائلاً :
- "مريم" .. بس ليه مش ماضيه على التصميمات بإسمها
هز "طارق" كتفيه قائلاً :
- معرفش بس أكيد عشان بتشتغل تبع شركة دعاية فالامضاء بتكون باسم الشركة مش بإسمها هى
قال "سامر" بحماس :
- على فكرة لو اشتغلت لوحدها هتعمل اسم جامد
قاطعهم "مراد" وهو يقف قائلاً :
- خلاص زى ما اتفقنا .. "طارق" اهتم بموضوع الفينيشينج والحملة .. سلام أنا راجع المكتب عشان عندى معاد دلوقتى
خرج "مراد" فهتف "حامد" قائلاً :
- الراجل ده مبيريحش نفسه أبداً .. ده ماكنة شغل
قال "سامر" وهو ينهض :
- وعشان كدة دماغه جامدة فى الشغل .. وتدخل معاه أى مشروع وانت مطمن .. يلا سلام يا شباب
قال له "حامد" مبتسماً :
- امتى افتتاح الجاليري بتاعك
ابتسم "سامر" قائلاً :
- يعني لسه شوية .. بظبط فيه .. بس قريب أكيد
قال "طارق" مبتسماً بحماس :
- ايه ده أخيراً نويت تعرض أعمالك على الناس
قال "سامر" :
- أيوة يا سيدى خلاص نفذت الفكرة اللى كنت بأجل فيها
قال "طارق" مشجعاً ايه :
- متقلقش يا "سامر" ان شاء الله هينجح نجاح كبير لانك فنان موهوب
قال "حامد" ساخراً :
- آه موهوب أوى هتقولى على مواهبه
التفت اليه "سامر" بحده :
- هو انت مبتعرفش تقول كلمة كويسة أبداً .. كل كلامك سخرية كده
نهض "حامد" وتوجه الى الباب قائلاً :
- سيبنالكوا انتوا الكلام الحلو .. يلا سلام أنا كمان مش فاضيلكوا

********************************

اقتربت "مى" من "مريم" الجالسه على مكتبها وقالت :
- ايه اللى حصل امبارح ؟
نظرت اليها "مريم" بدهشة وقالت :
- مش فاهمة .. ايه اللى حصل فى ايه
ألقت "مى" نظرة على "سهى" المندمجة فى عملها وقالت ل "مريم" بخفوت :
- نزلت امبارح بعدك على طول أجيب حاجة من السوبر ماركت اللى أدم العماره .. لقيتك واقفة مع الأستاذ "طارق" بتتكلموا وبعدين سبتيه ومشيتي
قالت "مريم" وهى تضرب بأصابعها فوق لوحة المفاتيح :
- مفيش اللى اسمه "خالد" ده وقفنى وكان بيغتت عليا .. فجه أستاذ "طارق" يشوف فى ايه
نظرت اليها "مى" وقالت بإهتمام :
- قالك ايه يعني
قالت "مريم" بنفاذ صبر وهى تنظر اليها :
- ما قاليش حاجه يا "مى" هيقولى ايه يعني سأل بس هو فى ايه .. واللى اسمه "خالد" ده عمال بيتغابي فى الكلام فأستاذ "طارق" حاشه عنى واضطر يقوله انى خطيبته عشان يسيبنى ويمشى
قالت "مى" بضيق :
- قال انك خطيبته ؟
قالت "مريم" بصوت خافت :
- أيوة اضطر يقول كده عشان "خالد" يحترم نفسه ويمشى
أومأت "مى" برأسها وعادت الى مكتبها ويبدو عليها علامات الضيق والحنق

**************************
- مش عايز جنس مخلوج يعرف .. وحجك محفوظ
تفوه "جمال" بتلك العبارة وهو جالس مع أحد الرجال فى مكتبه .. قال الرجل بتوتر :
- بس آنى خايف يا "جمال" بيه
قال "جمال" بحده :
- خايف من اييه دلوجيت .. انت كل اللى مطلوب منيك انك تجبلى نسخه من الملف بس اكده ولا من شاف ولا من درى
قال الرجل بخوف :
- بس لو "عثمان" بيه درى بالموضوع والله ليطوخنى
هتف "جمال" :
- واييه اللى هيخليه يدرى بس .. انت لو عملت اللى جولتلك عليه مفيش حد هيعرف شئ واصل
ثم أخرج عدة رزم نقدية من الخزينه الموضوعه بجوار مكتبه وألقاها على الرجل قائلا:
- خد دول .. ولما تجبلى نسخة من الملف هعطيك زييهم
نظر الرجل الى المال وقد لمعت عيناه وقال :
- انت تأمر يا "جمال" بيه آنى خدامك وخدام عيلة الهوارى
نظر اليه "جمال" بسخرية قائلا :
- وعشان اكده بتشتغل عند عيلة السمرى مش اكده
قال الرجل بحرج :
- أصلهم بيدفعوا امنيح يا "جمال" بيه
أشار "جمال" الى الباب قائلاً :
- طب يلا روح اعمل اللى جولتلك عليه .. بس اوعى حسك عينك حد يدرى بالكلام اللى دار بيناتنا دلوجيت .. انت مش جد الوجوف جدامى ها
قال الرجل بسرعة :
- طبعا يا "جمال" بيه طبعا

*************************
دخل "طارق" مكتب "مراد" الذى كان يجلس بصحبة "سامر" .. قال "طارق" :
- سلام يا "مراد" أنا ماشى عايز حاجه
تطلع اليه "مراد" قائلاً :
- هتروح شركة الدعاية
أومأ "طارق" برأسه قائلاً :
- أيوة .. هتفق معاهم على الحملة بتاعة مشروعنا الجديد
فكر "مراد" قليلاً ثم قال :
- عرفت اللى احنا محتاجينه تحديداً مش كدة
- أيوة أيوة متقلقش .. يلا سلام
خرج "طارق" وتوجه الى سيارته لكنه وجد "سامر " خلفه يقول :
- جاى معاك يا باشا
ركب "سامر" بجوار "طارق" الذى سأله بدهشة :
- جاى معايا ليه
نظر اليه "سامر" بخبث قائلاً :
- عايز أشوف الفنانه اللى عملت التصميمات بتاعة شركتك .. يعني .. هى فنانه وأنا فنان فممكن نفهم بعض من أول نظرة
وغمز "سامر" بعينه .. انطلق "طارق" بسيارته صمت لفترة ثم قال بهدوء :
- متتعبش نفسك لأنها مش تيمك
ضحك "سامر" قائلاً :
- وعرفت منين انها مش تيمي
- لما تشوفها هتعرف وتتأكد ان كلامى صح
- سيبنى أنا اللى أحكم
قال "طارق" بهدوء :
- براحتك .. بس أنا حذرتك .. تاعب نفسك فى المشوار على الفاضى
دخل "طارق" و "سامر" الى مكتب "مريم" .. اقترب "طارق" من مكتبها قائلاً :
- مساء الخير يا آنسه "مريم"
رفعت "مريم" رأسها قائله :
- مساء النور يا أستاذ "طارق" .. اتفضل
جلس "طارق" و "سامر" .. ألقت "مريم" نظرة على "سامر" ثم وجهت الكلام الى "طارق" قائله :
- أنا قولت لحضرتك آخر مرة ان الشغل هيكون جاهز بعد بكرة مش النهاردة
ابتسم "طارق" قائلاً :
- لأ أنا مش جاى عشان الشغل بتاعى .. أنا جاى عشان عايزك تمسكى حملة تانية .. خاصة بمصنع ملابس وماركة جديدة نازلة السوق
قالت "مريم" بهدوء :
- بس الكلام عن جملة جديدة بيكون مع أستاذ "عماد" وهو بيختار الديزاينر اللى بيقوم بالحملة
رفع "طارق" حاجبيه قائلاً بتأكيد :
- لازام انتى اللى تمسكلى الحملة دى .. لاننا عجبنا شغلك انتى .. وبصراحة شريكى لما شاف شغلك انبهر بيه وعشان كدة عايزينك انتى اللى تمسكى حملة الدعاية بتاعتنا
كان كل من "مى" و "سهى" تتابعان الحوار الدائر بإهتمام .. قالت "مى" بشئ من الحنق :
- مفيش مشكلة يا أستاذ "طارق" .. حضرتك كلم الأستاذ "عماد" وأنا عن نفسي خلصت الحملة اللى شغاله عليها وممكن أمسك حملة حضرتك وأظن حضرتك جربت شغلى وعارفه كويس
التفت لها "طارق" وقال مبتسماً :
- طبعاً وشغلك ممتاز .. بس شريكي أعجب بشغل الآنسة "مريم" عشان كده عايزها تحديداً اللى تمسك حملتنا
فى هذه الأثناء كان هناك نظرات وابتسامات متبادلة بين "سامر" و "سهى" .. قال "طارق" لـ "سامر" :
- مش كدة يا "سامر" ؟
نظر اليه "سامر" وبدا وكأنه لم ينتبه للكلام فقال :
- ايه .. بتقول ايه
- بقولك اننا عايزين الآنسة "مريم" تحديدا اللى تمسك حملتنا مش كدة ؟
قال "سامر" بسرعة :
- أيوة أيوة طبعا .. شغلها ممتاز فعلاً
قالت "مريم" بهدوء :
- طيب حضرتك قول الكلام ده للأستاذ "عماد" وأنا عن نفسي معنديش مشكلة انى أشتغل فى الحملة الدعائية لحضرتك
ابتسم "طارق" قائلاً :
- تمام كدة . .هنروح حالا نتكلم مع أستاذ "عماد" .. وبكرة ان شاء الله هرجعلك تانى عشان نتكلم فى التفاصيل
قالت "مريم" :
- ممكن نتكلم فيها النهاردة بدل ما حضرتك تروح وتيجي تانى
ابتسم لها "طارق" مرة أخرى قائلاً :
- معلش خليها بكرة .. يلا سلام أشوفك بكرة ان شاء الله
خرج الاثنان وتوجها الى مكتب "عماد" للاتفاق على الحملة الجديدة .. ثم توجها الى سيارة "طارق" .. انطلق "طارق" فى طريقة فابتسم له "سامر" بخبث قائلً :
- هو فيه ايه بالظبط يا "طارق"
التفت اليه "طارق" بدهشة :
- مش فاهم تقصد ايه
- كان ممكن تقولها تفاصيل الحملة الموضوع مكنش هياخد 10 دقايق
نظر "طارق" أمامه ولم يعلق فضحك "سامر" قائلاً :
- معاك حق هى مش تيمي خالص
ثم التفت اليه بخبث قائلاً :
- بس خدت بالك من الموزه اللى كانت معاها فى المكتب
قال له "طارق" :
- مين قصدك .. انهى فيهم
- اللى كانت لابسه بدرى روز
مط "طارق" شفتيه قائلاً :
- مخدتش بالى منها
رفع "سامر" حاجبه قائلاً :
- آه صح .. ما انت كنت مركز فى حتة تانية
التفت اليه "طارق" قائلاً :
- "سامر" يا حبيبى .. خليك فى حالك أحسن
ابتسم "سامر" ونظر أمامه .. أما "طارق" فقد بدا عليه الشرود والتفكير

********************************
عاد "مراد" الى بيته وتوجه الى غرفة الطعام حيث كان الجميع مجتمعاً :
- مساء الخير يا جماعه
- مساء النور
مساء النور يا أبيه
قال "مراد" وقد بدا عليه الإرهاق :
- أنا طالع أغير هدومى وأنام
قالت له أمه بحده :
- مش هتتعشى يعني
- لأ مليش نفس .. تصبحوا على خير
دخل غرفته فوجت والدته خلفه .. دخلت وأغلقت الباب ووقفت أمامه . ثم .. أخرجت احدى الصور من جيبها ومدت يدها اليه .. أخذ الصورة بدهشة .. فوجدها صور لفتاة جميلة محجبة .. نظر الى والدته قائلاً :
- ايه ده ؟
قالن له "ناهد" بحزم :
- عروسة .. بنت واحدة صحبتى .. بنت عيلة كبيرة ومحترمة و مهندسة و .....
قاطعها "مراد" وهو يلقى بالصورة على الكمودينو قائلاً بضيق :
- تانى يا أمى .. تانى
صاحت بغصب :
- تانى وتالت ورابع وعاشر لحد ما تريح قلبي وتتجوز
صاح بحده :
- يعني هو جوازى اللى هيريح قلبك
- أيوة يا "مراد"
صمت قليلا وبدا وكأن عيناه تشتعل غضباً ثم قال بصرامة :
- ماما.. أنا مش هتجوز .. أنا مش هتجوز .. فاهمة معنى كلامى . أنا .. مش .. هتجوز .. أبداً
نظرت اليه أمه بغضب .. ثم تركت الغرفة وخرجت وأغلقت الباب خلفها بشدة .. زفر "مراد" بضيق وجلس على فراشه وقد بدا عليه الغضب .. التفت للصورة الموضوعه على الكمودينو بجواره ودون أن يلقى عليها نظرة أخرى مزقها قطع صغيرة ثم قام وألقاها فى سلة المهملات .


******************************

عادت "مريم" الى بيتها .. وحضرت لنفسها الطعام وجلست تتناوله فى صمت وهدوء .. ألقت نظرة على باب الغرفة المغلقة بجوار غرفتها .. نهضت وكأن شيئاً يسحبها تجاه تلك الغرفة .. فتحت بابها ببطء .. وأضاءت النور .. وقفت تتطلع الى أثاث الغرفة بأعين دامعة .. اقتربت ببطء وجلست على الفراش .. وأخذت تتحسسه بأصابع يدها فى رقه .. نهضت وأغلقت الضوء والباب .. وتوجهت الى اللاب توب الخاص بها حملته الى فراشها وتدثرت بغطائها .. وفتحت أحد الملفت التى كُتب عليها "عائلتى" .. أخذت تتطلع لبعض الصور الموجودة فى الملف .. صورتها منذ عدة سنوات وقد بدت أصغر سناً وأكثر اشراقاً وبهجة .. وصورة تجمعها بفتاة تصغرها ببضع سنوات وكل منهما تعانق الأخرى وتبتسم للكاميرا .. وصورة تجمعها بإمرأة كبيرة وقد لفت "مريم" ذراعها حولها وقبلتها على وجنتها .. وصورة تجمعها بالمرأة وبالفتاة وبرجل كبير بدا عليه سماة الرجولة والصلابة .. أخذت تتحسس بأصابعها تلك الصورة على الشاشة وعيناها تزرف الدموع فى صمت .. وشفتيها ترتجفان وهى تطبق عليهما بشدة وكأنها تحاول حبس صرخة ألم كادت أن تخرج من أعماق روحها .. ثم توجهت الى ملف آخر عنوانه "حبيبى" .. أخذت تتطلع لعشرات الصور التى تجمعها بشاب طويل نحيل خمرى البشرة ذو ملامح مليحة .. عشرات الصور فى أماكن وأوضاع عديدة .. فى احدى البواخر فى النيل .. على أحدى الكبارى .. على شط البحر .. فى أحدى الحدائق .. عشرات الصور التى تبدو فيها "مريم" وكأنها فتاة أخرى .. فتاة تشع بهجة وسعادة وابتسامتها الجميلة لا تفارق ثغرها أبداً .. سقطت عبرة خلف عبرة .. وضعت الاب توب بجانبها على السرير ونامت بجواره وهى تنظر الى صورة تجمعها بذلك الرجل وهو يجلس على كرسي بجوارها وكلاهما يلبس دبلة بيده اليمنى .. وكانت هذه آخر صورة رأتها قبل أن تغمض عينيها وتغط فى النوم .




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-10-15, 04:35 PM   #8

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


الحلقة ( 6 )

خرج "مراد" من غرفته فى الصباح ومر قبل نزوله على غرفة عمته .. طرق الباب فسمحت له بالدخول .. اقترب منها قائلاً :
- صباح الخير يا عمتو
قالت بوجوم :
- صباح الخير يا "مراد" يا ولدى
ابتسم وقال :
- ايه اخبار صحتك النهاردة
- تمام يا ولدى الحمد لله
تمعن "مراد" فى النظر اليها ثم قال :
- فى حاجة مضايقاكى يا عمتو ؟
صمتت طويلاً ثم نظرت اليه قائله بقلق :
- فى خراب هيحل علينا يا ولد أخوى .. جلبي مش مطمن وبحلم بأحلام جلجه منامى
جلس على الفراش بجوارها ونظر اليها قائلاً :
- ليه بتقولى كده يا عمتو .. وحلمتى بإيه
قالت "بهيرة" بجدية بالغة :
- جلبي متوغوش جوى يا ولدى .. ومجدرش أحكيلك الأحلام البشعة اللى بشوفها .. لأن سيدك وحبيبك النبي جال "لا تحدّث الناس بتلعُّب الشيطان بك في منامك "
قال "مراد" :
- عليه الصلاة والسلام .. ممكن تكون أطغاث أحلام يا عمتو .. متشغليش بالك بيها
لمست كفه قائله بجديه :
- خلى بالك من نفسك يا ولدى ومن أمك واخواتك
وضع "مراد" كفه الأخرى فوق كفها قائلاً بإبتسامه :
- متقلقيش يا عمتو .. كلكوا فى عنيا
- ربنا يبارك فيك وينورلك طريجك وما يشمت حدا فيك

******************************

أدخلت سكرتيرة "خالد" "سهى" الى مكتبه فقالت مبتسمه :
- ازيك يا بشمهندس
مدت له يدها فقام وسلم عليها مبتسماً :
- ازيك انتى يا آنسه "سهى"
قالت برقه :
- تمام الحمد لله .. معلش هعطلك شوية بس فى حاجات مش واضحة ومحتاجه أعرفها من حضرتك قبل ما أبدأ شغل
ابتسم لها بخبث وقد شعر بأنها حجه ليس إلا .. وقال :
- لا أبداً مفيش مشكلة اتفضلى استريحى
جلست "سهى" فقال :
- تحبي تشربي ايه بأه
قالت بمرح :
- أنا مبشربش غير عصير .. لا ليا فى الشاى ولا فى القهوة
ضحك قائلاً :
- فى حد ميشربش شاى ولا قهوة
قالت بدلع :
- أنا يا بشمهندس .. كل الناس بتستغرب لما بقول كده .. بس أنا مبحبهمش
نظر اليها بخبث قائلاً :
- حظهم وحش
ابتسمت بسرور .. وقد أخذ الإثنان يتطلعان لبعضهما البعض وعيناهما تقول الكثيــر.

******************************

جلس "طارق" قبالة "مريم" على مكتبها وأخذ يشرح لها طلباته فى الحملة الإعلانيه .. كنت تستمع اليه بإهتمام وتدون ما يقول .. لم يرفع عينيه عن وجهها .. شعر بالحيرة من نظرة عينيها الحزينة .. دائماً يرى الحزن فى عينينها .. أخذ يسأل نفسه .. تُرى ما سبب حزنها ؟ .. انتهى من الحديث .. فنظرت اليه "مريم" وقالت بجديه :
- تمام يا أستاذ "طارق" .. بس الشغل المرة دى هياخد وقت أطول يعني نقول من 10 أيام لاسبوعين
ابتسم قائلاً :
- مفيش مشكلة خالص .. وطالما انتى اللى ماسكة الحملة يبأه أنا مطمن جداً .. بصراحة شغلك ممتاز ودخل دماغى أوى .. وباين عليكي موهوبة فعلاً
شعرت بالخجل لإطرائه ولاحت ابتسامه صغيره على شفتيها وخفضت بصرها قائلاً :
- متشكره لذوق حضرتك
قال لها فجأه :
- تعرفى دى أول مرة أشوفك مبتسمه من يوم ما بدأت الشغل معاكى
اختفت ابتسامتها الصغيرة سريعاً ليحل محلها تعبيراً جاداًُ .. كانت "مى" ترمقهما شزراً .. وازدادت عصبيتها بعدما سمعت جملة "طارق" الأخيره .. قالت "مريم" بجدية :
- فى أى اضافات تحب حضرتك تضيفها
قال"طارق" :
- لأ كده تمام .. ومتشكر جداً انك وافقتى تمسكى الحملة بتاعتنا .. وان شاء الله مش هيكون آخر تعامل بينا
ثم قال:
- صحيح قوليلي اسمك "مريم" ايه ؟
قالت بخفوت :
- "مريم خيري"
نهض من مقعده ومد يده اليها قائلا بإبتسامه :
- تمام .. أشوف بعد 10 أيام ان شاء الله
قامت من مكانها وقالت بهدوء :
- أنا آسفه مبسلمش .. ان شاء الله الشغل يخلص فى معاده
أعاد "طارق" يده بجواره وابتسم قائلاً :
- برافو عليكي .. بتعملى الصح حتى لو كان صعب ومحرج
لم ترد وتجنبت النظر اليه .. قال قبل أن يغادر :
- مع السلامه وشكرا مقدماً على الشغل
خرج "طارق" .. فجلست "مريم" مرة أخرى على مكتبها .. التقت عيناها بعين "مى" التى بدا عليها الحنق والضيق .. قالت "مى" بتهكم :
- ما شاء الله عليه لماح أوى .. واخد باله اذا كنتى بتبتسمى ولا مبتبتسميش
قالت "مريم" بضيق وهى تلتفت الى حاسوبها :
- مفيش داعى للكلام ده يا "مى"
كتمت "مى" غيظها ثم عادت الى عملها وهى تحاول التركيز .. لكن عبثــاً

********************************

توجه "أشرف" الى مكتب "عماد" .. فقال له :
- تعالى اتفضل يا "أشرف"
جلس "أشرفف .. فسأله "عماد" قائلاً :
- أخبار شغل مكتب الديكور ايه ؟
قال "أشرف" بحماس :
-لا حضرتك متقلقش الشغل عجبهم جدا وطالبين كميات تانية
ابتسم "عماد" وقال :
- ممتاز
تنحنح "أشرف" وقال :
- بصراحة أنا كنت عايز أتكلم مع حضرتك فى موضوع شخصي
- اتفضل يا "أشرف"
بدا عليه التردد وهو يقول :
- يعنى .. بصراحة .. أنا عايز أتقدم للآنسه "مريم"
اتسعت ابتسامة "عماد" وهو يقول :
- يازين ما اخترت .. مش هتلاقى أحسن منها يا "أشرف"
ابتسم "أشرف" وقال :
- عارف يا أستاذ "عماد" .. وبصراحة أنا مش عارف أتقدم لمين ..يعني حضرتك عارف ظروف "مريم" .. وأنا بصراحة اتحرجت أكلمها مباشرة .. ومبقتش عارف أعمل ايه .. ففكرت ان حضرتك تعرض عليها الموضوع وترفع عنى الحرج ده
قال "عماد" بسعادة :
- متقلقش أنا هعرض عليها الموضوع وان شاء الله خير
قال "أشرف" بتوتر :
- بصراحة أنا خايف ترفض
صمت "عماد" قليلاً ثم قال :
- مظنش ترفض يا "أشرف" انت انسان كويس وأى واحدة تتمناك
قال "أشرف" ببعض الضيق :
- بس حضرتك عارف موضوع "ماجد" .. يعني أنا خايف تكون لسه متعلقه بيه
قال "عماد" بجديه :
- "مريم" لازم تشوف حياتها .. اكيد مش هتفضل طول عمرها كده ..متخفش أنا أظن انها هتوافق ان شاء الله
قال "أشرف" بلهفه :
- يارب ان شاء الله

********************************

- انت مش هتيجي تتجدملى بجه يا "جمال"
قالت "صباح" هذه العبارة وهى تلتقى بـ "جمال" سراً فى مكانهما المعتاد .. قال بضيق :
- انتى شايفه الظروف عامله ازاى يا "صباح"
قالت بحزن :
- ظروف ايه يا "جمال" .. آني لما بخرج أجابلك ببجى مرعوبه لحدا يشوفنى .. ونفسى ما يبجاش اللى بينا فى السر كاننا بنسرج
قال "جمال" بحنق :
- انتى عارفه كويس العداوة اللى بين عيلتى وعيلتك يا "صباح" أنا خايف من اكده
هتفت "صباح" بحده :
- عداوة ايه اللى بتتكلم عنها يا "جمال" خلاص دى راحت لحالها .. من يوم اللى حصل والعيلتين اتحدوا سوا وجربوا من بعض
- بس لسه النفوس شايله يا "صباح"
- لأ يا "جمال" بيتهيجلك .. احنا خلاص معدش فى بينا وبينكوا أيتها عداوة .. ازاى يبجى فى عداوة بعد ما العيلتين حموا بعض وداروا على بعض عشان التار اللى عليهم
قال "جمال" وهو شارد :
- اه بس لو أعرف الحجيجه
تنهدت "صباح" بحسره قائله :
- خلاص "خيري" مات الله يرحمه .. ومات السر معاه
قال "جمال" مفكراً :
- تفتكرى مين فعلاً اللى كان ظالم ومين اللى كان مظلوم
قلت "صباح" بإباء :
- أخوى ما جتلش حدا يا "جمال" .. أخوى ميعملش اكده واصل
صاح "جمال" بحده :
- وآني عمى ميعملش اكده واصل .. آني متأكد ان أخوكى هو اللى عيميلها يا "صباح" .. وعمى هو اللى دفع التمن
قالت "صباح" بغضب :
- وليه ميكنش عمك اللى عيميلها وأخوى هو اللى دفع التمن
صاح "جمال" بغضب مماثل :
- جولتلك عمى ميعملش اكده واصل .. عمى كان راجل يعرف ربنا وكان سيد الرجاله وكل الناس كانت تحكى عن جدعنته ورجولته
قالت بتعالى :
- وآني كمان أخوى كان راجل من ضهر راجل .. وزبيبة الصلاه فوج جبينه
قال "جمال" بغضب وهو ينصرف :
- فتك بعافيه يا "صباح" .. كلامك بجه سم بيهري فى جتتى
نظرت اليه "صباح" بحزن وهو يبتعــد

***********************************
دخلت "مريم" مكتب "عماد" بعدما أرسل "صفاء" سكرتيرته فى طلبها .. تقدمت قائله :
- أفندم يا أستاذ "عماد"
أشار "عماد" الى المقعد أمام المكتب قائلاً :
- اتفضلى اعدى يا "مريم"
جلست "مريم" ونظرت اليه بإنتباه .. بدا وكأنه يفكر فى طريقه لعرض الموضوع عليها .. انتظرت أن يتحدث حتى قال :
- "مريم" .. فى واحد زميلك هنا فى الشركة .. طلب انه يتقدملك
شعرت "مريم" بالخجل والإحمرار بدأ فى غزو وجنتيها وأطرقت برأسها .. فأكمل "عماد" :
- هو عارف ظروفك .. وعشان كده معرفش يتكلم مع مين .. وجالى
ثم ابتسم قائلاً :
- أنا بعتبرك أخت صغيره ليا يا "مريم" وعشان كده بكلمك كأخ وبقولك .. الشاب ده ممتاز وفعلاً راجل محترم و ...
قاطعته "مريم" قائله بضيق :
- بعد اذنك يا أستاذ "عماد" .. انا معنديش استعداد للارتباط حالياً
قال فى هدوء :
- مش تعرفى هو مين الأول
قالت بحزم :
- مش هتفرق
صمت قليلاً ثم قال :
- "أشرف"
نظر اليه بدهشة .. وصمتت لحظات ثم عادت لتقول بحزم :
- زى ما قولت لحضرتك الموضوع ده مبفكرش فيه حالياً
بدا عليه الجزن لردها .. ثم قال :
- خلاص يا "مريم" اتفضلى على مكتبك .. بس أتمنى انك تفكرى كويس الأول .. انا مش هديله رد الا لما تفكرى وتردى عليا
قالت بجديه بالغه :
- أنا مش هغير رأيي أبداً يا أستاذ "عماد" .. فياريت حضرتك تبلغه من دلوقتى بدل ما ينتظر على الفاضى
ثم نهضت وقالت :
- بعد اذنك
عادت الى مكتبها وهى شارده تماماً ومقطبة الجبين .. انتبهت "مى" لحالها فاقتربت منها قاله :
- خير مالك .. كان أستاذ "عماد" عايزك فى ايه
قالت بضيق :
- مفيش
التفتت الى الحاسوب تكمل عملها فى صمت .. أخذت "مى" تمعن النظر اليها وقالت :
- لأ فى .. واضح على وشك انه فى .. قالك ايه ضايقك
نظرت اليها "مريم" وقالت بحده :
- تصورى ان "أشرف" قال لأستاذ "عماد" انه عايز يتقدملى
ابتسمت "مى" وصفقت بيدها بمرح وقالت :
- كنت واثقه ان احساسى صح .. يا سلام عليكي يا "مى" تفهميها وهى طايره
قالت "مريم" بضيق :
- "مى" قفلى على الموضوع
جذبت "مى" احدى الكراسى وجلست بجوارها وقالت بحده :
- ممكن أفهم انتى ليه رافضه .. "أشرف" راجل ممتاز بجد .. والكل بيشكر فيه
قالت "مريم" بنفاذ صبر :
- أنا ما قولتش انه وحش
- أمال ايه ؟ .. رفضاه ليه ؟
صمتت "مريم" فقالت "مى" بحده :
- "مريم" فوقى بأه .. انسى "ماجد" بأه .. راح ومش هيرجع تانى
نظرت اليها "مريم" بألم وقد تجمعت الدموع فى عينيها .. رق قلب "مى" لحالها وقالت بهدوء :
- مش قصدى أضايقك .. بس لازم تعيشي حياتك بأه
تساقطت العبرات من عينيها قائله :
- مش قادرة يا "مى" .. مش قادره أنساه .. مش قادره
نظرت اليها بحنان وقالت :
- لازم تحاولى تنسيه .. وتعيشي حياتك
قالت "مريم" بشفتين مرتجفتين :
- أنساه ازاى يا "مى" .. ازاى أنساه .. "ماجد" كان روحى .. كان حياتى .. كان مستقبلى .. كان الحاجه الوحيدة اللى بتخليني مبسوطه وفرحانه .. كان الحضن الدافى .. كان الانسان الوحيد اللى بحس معاه بالأمان .. كان الهوا اللى بتنفسه يا "مى" .. فاهمه يعني ايه الهوا اللى بتنفسه .. يعني أنا دلوقتى ميته
قالت "مى" بحزم :
- لأ انتى عايشه مش ميته .. هو اللى مات يا "مريم" .. "ماجد" اللى مات مش انتى
انفجرت "مريم" فى البكاء قائله :
- أنا مت يوم ما مات يا "مى"
اقتربت منها "مى" وحضنتها قائله بأسى :
- الموضوع ده فات عليه أكتر من سنة يا "مريم" .. لازم تحاولى تنسى بأه
قالت "مريم" من بين شهقاتها :
- حتى لو مر عشر سنين مش ممكن أنساه أبداً .. ومش ممكن أتجوز واحد غيره .. أنا مراته هو وبس .. وان شاء الله ربنا هيجمعنى بيه فى الجنه .. وأبقى مراته هناك
رفعت "مريم" رأسها ونظرت الى "مى" بوجه مبلل بالدموع وقالت بصوت مرتجف :
- الواحده فى الجنة بتكون لآخر راجل اتجوزته .. وأنا مش عايزه أكون فى الجنه مرات حد تانى غيره .. انا عايزة أبقى مرات "ماجد" فى الجنة يا "مى" .. دى الحاجه الوحيدة اللى مصبرانى .. عشان كدة مش ممكن أتجوز واحد غيره .. مش عايزه أتجوز غيره يا "مى"
كانت "مريم" تبكى وترتجف بشدة .. نظرت اليها "مى" بأسى وحضنتها مرة أخرى لتهدئ من روعهــا .

********************************

خرج "عثمان" من سيارته مسرعاً وصعد سلالم الشركة بسرعة ودخل مكتبه ليجد رجلين ينتظراه بالخارج فأشار لهما بالدخول .. جلس أما مكتبه وقال لهما :
- فى اييه .. اييه اللى حصل
قال أحدهما :
- لجينا راجل يا "عثمان" بييه عم بيدور فى مكتبك على ورج .. بعد ما كل الموظفين روحوا بيوتهم .. كشفناه بكاميرات المراجبه .. ومسكناه وحبسناه فى المخزن
نهض "عثمان" وسبقهما قائلاً :
- تعالوا معايا
نزل "عثمان" الى المخزن وفتح الرجال الباب .. نظر الى الرجل المربوط الى الكرسي وقال بغلظة :
- انت ميين .. وميين اللى باعتك .. وكنت عم بتدور على اييه فى مكتبي
نظر اليه الرجل بخوف دون أن يتحدث .. فلكمه "عثمان" على وجه وسال دمه .. وصرخ به قائلاً :
- يمين بالله لو متكلمتش وجولتلى كل حاجه لكون طخك بيدى
قال الرجل بخوف :
- أبوس يدك يا "عثمان" بييه .. انا معرفش كيف الشيطان وزنى خلانى أعلم اكده
صرخ به "عثمان" قائلاً :
- جاوبنى يا ولد التيييييييييييت اييه اللى دخلك مكتبي ومين اللى وزك
بلع الرجل رقه بصعوبه وهو محتار أيتحدث أم يصمت .. فجأة أخرج "عثمان" سلاح من ثيابه وصوبه الى الرجل قائلاً :
- اتشاهد على روحك يا ولد التيييييييييييييت
أغمض الرجل عينيه وقال بسرعة :
- هجولك كل شئ يا "عثمان" بييه بس أبوس يدك ما تجتلنيش أنا راجل عندى مره وعيال
- جول انطج
بلع الرجل ريقه وقال بخوف :
- كنت عم بدور على ملف تبع مواعيد شحنات الألومنيوم اللى طالعه من المخزن عشان طلبيات المناجصة
صمت "عثمان" قليلاً ثم قرب وجهه من الرجل قائلاً :
- مين اللى جلك تعمل اكده ؟
قال الرجل بتوتر :
- "جمال" بييه
بدا وكأن "عثمان" تحول الى تمثال لا يتحرك .. ثم بدت ملامح وجهه وكأنه تحول الى وحش كاسر .. وقال بصرامة :
- أني هعرف كيف أربيك يا "جمال" الـتييييييييت

*******************************

جلس "مراد" مع "طارق" فى أحد المطاعم .. قال "طارق" :
- مش عارف ليه مش مرتاح ل "حامد" ده خالص
قال به "مراد" وهو يفكر بتمعن :
- أنا كمان مش مرتاحله كشخص .. بس فى الشغل هو كويس .. واحنا محتاجين علاقاته فى شراكتنا الجديده
قال "طارق" :
- على رأيك فعلا هو هيخدمنا جامد
صمت قليلاً ثم سأله "مراد" :
- عملت ايه فى موضوع شركة الدعاية
ابتسم "طارق" :
- لا متقلقش كله تمام .. اتفقت معاهم على كل حاجه وهستلم التصاميم بعد 10 أيام ان شاء الله
شرد "طارق" قليلاً ثم قال :
- عارف يا "مراد" .. البنت المسؤلة عن الحملة .. بنت محترمة أوى .. واحدة كدة تحس انها جد أوى وشخصيتها قوية وفى نفس الوقت تحس انها رقيقه اوى وضعيفه أوى .. مش عارف ازاى جامعه بين القوة والضعف فى وقت واحد
صمت "مراد" وقد بدا وكأن الحديث لا يعنيه .. فأكمل "طارق" :
- مش عارف ليه لفتت انتباهى مع انها عاديه جداً
ظل "مراد" يتناول طعامه وهو محتفظ بصمته .. فنظر اليه "طارق" قائلاً بمرح :
- وانت بأه مفيش واحدة عارفه تلفت انتباهك ولا ايه
قال "مراد" بجدية:
- لا مفيش
تمعن "طارق" النظر اليه ثم قال :
- على فكرة يا "مراد" انت غلط .. ليه بتعمم حكمك .. مش كل البنات زى بعضها .. زى ما مش كل الرجاله زى بعضها .. فى اللى زي "حامد" وفى اللى زي "سامر" وفى اللى زيك وزيي وغيرنا كتير .. كل واحد غير التانى
نظر اليه "مراد" وقال بحزم :
- أنا مش بعمم حكمى .. أنا بقول ان معظمهم معندهمش أصل وميعرفوش يحبوا ولا يخلصوا فى حبهم .. معظمهم أنانى عايز يتحب وبس .. تديلها كل ما عندك .. ومتخدش منها الا اللى تتفضل بيه عليك .. تديلها حياتك كلها .. وتستخسر فيك انها تكون جمبك
هتف "طارق" قائلاً :
- ليه النظرة السوداويه دى يا "مراد" .. ليه متديش لنفسك فرصة تانية
قال "مراد" بحزم :
- اديت نفسي فرصة تانية يا "طارق" وانت عارف كده كويس .. وبرده مفرقتش حاجه عن اللى قبلها
- "مراد" انت مليون واحدة تتمناك مش بقول كده عشان أجاملك بس فعلا انت من أرجل الناس اللى عرفتها فى حياتى
قال "مراد" بمراره :
- بس دايماً اللى بعوزها بترفضنى واللى بحتاجلها بتسيبنى .. أنا معنديش استعداد أذل نفسي لواحده مرة تانية .. أو أنتظر من واحدة تانى انها تقولى آسفه أنا مش هقدر أرتبط بيك أنا عايزه واحد طبيعي
تنهد "طارق" قائلاً :
- قولتلك مش كل البنات رد فعلها واحد .. زى ما فى دى .. فى دى
قال "مراد" بصرامة :
- وأنا بأه لا عايز دى ولا عايز دى .. أنا مرتاح كده .. أحسن ما تحصلى حاجه تانية وألاقى اللى بتطعنى فى ضهرى وتقولى مش هقدر أعيش معاك وعايزه أتطلق
صمت قليلاً ثم قال بجمود :
- انت مجربتش يعني ايه تمر بأزمة وتبقى محتاج لمراتك جمبك وتلاقيها بتفكر انها تسيبك .. مجربتش يعني ايه تترجاها انها تفضل جمبك وتلاقيها مكسوفه منك ومن اصابتك .. وتشوف في عنيها نظره تتمنى انك تتعمى ومتشوفهاش .. مجربتش يعني ايه تتقدم لواحده وأول ما تعرف ان رجلك مبتوره ترفضك .. انت مجربتش الاحساس ده يا "طارق" احساس مميت .. تحس أكن سكاكين بتقطع فيك .. تحس أن حد جاب سكينه تلمه وبيدبحك بيها ببطء .. أنا مش ممكن أهين نفسي تانى .. أو انى أقبل ان واحدة تعيش معايا وهى حسه بالنقص .. أو شايفه انى أقل من غيري .. وحسه انها مكسوفه منى .. مكسوفه تعرف الناس انى جوزها .. وانى عندى اعاقه .. مش ممكن أبداً هسمح لنفسي انى أضعف وأحتاج لواحده جمبي .. أو انى أترجاها تفضل جمبي ومتسبنيش .. وألاقيها رغم احتياجى ليها تصدنى بكل برود .. مش هقبل على نفسي الاهانة دى تانى
صمت "طارق" وقد أيقن أن كلامه مع "مراد" لن يفيد .. لأن جرحه أكبر من أن يُشفي ببضع كلمات للمواساه.

*****************************

عاد "مراد" الى بيته ليجد والدته فى استقباله قائله بعجاله وهى تشير الى الصالون :
- عروستك ومامتها أعدين جوه يا "مراد" يلا تعالى سلم عليهم
قال بإندهاش :
- عروستى مين
- بنت صحبتى اللى وريتك صورتها
قال بحزم :
- ماما احنا انتهينا من الكلام فى الموضوع ده
قالت بحزم هى الأخرى :
- أنا مش هبطل كلام فى الموضوع ده يا "مراد" .. شوفها واعد معاها يمكن تعجبك
قال بحده :
- مش هتعجبنى ومش عايزها تعجبنى
نظرت اليه أمه بغضب قائله :
- "مراد" لو مدخلتش ورايا الصالون تسلم على الضيوف اعرف انى غضبانه عليك
ثم تركته وانصرف .. كبح جماح غضبه بصعوبه .. ثم دخل الصالون .. نظر الى المرأتين وهز رأسه قائلاً :
- أهلا وسهلا
قالت المرأة الكبيرة مبتهجه :
- أهلا بيك انت يا "مراد" ازيك وازى صحتك
جلس على أحد المقاعد قائلاً :
- الحمد لله
كان يشعر وكأن بداخله بركان غضب على وشك الإنفجار .. كان حانقاً بسبب ذلك المأذق الذى زجته فيه ولدته .. ظل صامتاً .. ولم يوجه نظرة واحدة الى الفتاة الجالسه .. نظرت اليه أمه بعتاب ثم ابتسمت للفتاة قائله :
- منورانا يا "بسمة" دى أول مرة تيجي عندنا
ابتسمت الفتاة قائله :
- ده نورك يا طنط .. معلش انتى عارفه ان دراستى كانت فى محافظة تانية ومكنتش بنزل القاهرة كتير كنت ببقى مشغولة طول الاسبوع .. وفعلاً مبسوطة اني جيت مع ماما النهاردة
ابتسمت "ناهد" قائله :
- شوية وهييجوا البنات ولازم أعرفكوا على بعض ان شاء الله
قالت بمرح :
- وأنا كمان حابه اتعرف عليهم .. مع انى سمعت ان واحدة فيهم دماغها لاسعه يعني شكلى انا وهى هنبقى صحاب لانى أنا كمان لاسعه وبحب اللى دماغهم لاسعه
نظر اليها "مراد" متهكماً ثم نظر الي أمه وكأنه يقول (هى دى اللى انتى جيبهالى ) .. تظاهرت أمه وكأنها لم تفهم معنى نظراته .. وقالت للفتاة :
- انتى ما شاء الله عليكي عاقلة جدا وكمان بتتحملى السؤلية .. عرفت من ماما انك كنتى معتمدة على نفسك طول فترة سفرك
قالت "بسمة" بفخر ضاحكة :
- طبعا يا طنط .. وكمان انا اجتماعية جدا وقدرت اكون صداقات كتير اوى فى المحافظة اللى كنت فيها يعني انا بقيت هناك اشهر من النار على العلم .. امشى فى الشارع بس قولى "بسمه" هتلاقى الناس تقول اه البنت الموزه اللى مفيش منها اتنين دى
ألقى عليها "مراد" نظرة أخرى متهكمة .. قالت والدة "بسمة" :
- مالك يا "مراد" يا حبيبى ساكت ليه
قال مراد" بهدوء :
- بسمعكوا
التفت "بسمة" اليه قائله بمرح :
- شكلك جد أوى فكها شوية .. وبعدين أنا اللى يعد معايا لازم يموت على روحه من الضحك .. لان عليا خفة دم محصلتش
نظر اليها "مراد" ببرود وقال :
- معلش اظاهر أنا اللى مبفهمش فى خفة الدم
تدخلت "ناهد" قائله :
- طبعا يا حبيبتى ده انتى زينة البنات .. ما شاء الله عليكي أدب وجمال وتعليم وكل حاجة .. ده انتى تتخطفى خطف
ضحكت الفتاة قائله :
- والله يا طنط هو على الخطف فأنا بتخطف فعلاً .. انا بيتقدمولى كتير أوى ما أقولكيش بس أنا اللى مش عجبنى حد .. اللى أتجوزه ده لازم يكون واد مخلص مفيش منه اتنين
قال "مراد" ساخراً :
- واد !
أكملت "بسمة" قائله بمرح :
- وبما ان عنيا عسلى فياريت يبقى عنده أوبشن العيون الزرقا أو الخضرا عشان نكون لايقين على بعض .. بس لو مفيش الا بنى خلاص مفيش مشكلة هرضى بالأمر الواقع
كانت نظرات "مراد" مليئة بالتهكم والسخرية .. نظرت اليه الفتاة وقد تضايقت من نظراته الساخرة .. قام "مراد" قائلاً :
- بعد اذنكوا
توجه الى غرفته فلحقت به أمه قائله :
- رايح فين والناس تحت .. هما جايين عشانى ولا عشانك
التفت اليها "مراد" قائلاً ببرود :
- والله مكنتش أعرف ان البنت هى بتتقدم دلوقتى وبتروح تشوف الراجل فى بيته .. ومع ذلك أعدت معاها عشان أريحك .. بالله عليكي انتى شايفه انها مناسبه ليا ؟
قالت بحده :
- مالها يعني ماهى بنت زى الفل أهى
تنهدت "مراد" قائلاً :
- ماما أنا بجد مرهق جداً وتعبت مناهده معاكى فى الموضوع ده .. تروح تشوفلها واد مخلص بأوبشن العيون الملونه .. تتجوزه وتفكها منى خالص
خرجت أمه وهى ترمقه بنظرات غاضبة .. دخل "مراد" الى شرفة غرفته .. ووقف شادراً وقد بدا عليه الإستغراق فى التفكير .. لم يشعر بمضى الوقت .. بعد فترة رآى "بسمة" وأمها تخرجان من البيت .. وقفا قليلاً أما سيارتهما التى أوقفاها أمام الباب .. سمع الفتاة تقول لأمها :
- مش كفايه انه معاق .. لأ وكمان راسم نفسه وعايش فى الدور .. قولتلك من الأول مش هينفعنى انتى اللى أصريتي انى آجى معاكى
شعر "مراد" وكأن خنجراً مسموم انغرس فى جراحه مرة أخرى .. ليسيـل الــدم منـه أنهـاراً.



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-10-15, 04:37 PM   #9

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 7 )


خرجت أمه وهى ترمقه بنظرات غاضبة .. دخل "مراد" الى شرفة غرفته .. ووقف شادراً وقد بدا عليه الإستغراق فى التفكير .. لم يشعر بمضى الوقت .. بعد فترة رآى "بسمة" وأمها تخرجان من البيت .. وقفا قليلاً أما سيارتهما التى أوقفاها أمام الباب .. سمع الفتاة تقول لأمها :
- مش كفايه انه معاق .. لأ وكمان راسم نفسه وعايش فى الدور .. قولتلك من الأول مش هينفعنى انتى اللى أصريتي انى آجى معاكى
شعر "مراد" وكأن خنجراً مسموم انغرس فى جراحه مرة أخرى .. ليسيـل الــدم منـه أنهـاراً.
لحظات وسمع طرقات على باب غرفته .. لم يحرك ساكناً .. وقف واجماً مقطب الجبين سمع والدته من خلفه تقول :
- عجبك كده أهم مشيوا بسرعة ومرضيوش يعدوا أكتر من كده
التفت "مراد" اليها ببطء .. كانت النار تشتعل داخل عيناه .. زأر كأســـدٍ غاضب:
- مش عايز أبداً .. أبداً .. أسمع كلام فى موضوع الجواز ده تانى .. أنا مش عايز أتجوز .. ولا محتاج انى أتجوز
ثم أكمل بصرامة :
- لو جبتيلى سيرة الجواز تانى أنا هسيب البيت وأخد شقة أعد فيها لوحدى
قالت امه بحده :
- وليه متديش لنفسك فرصة انك تعرف البنت
قال بعنف :
- البنت اللى أول ما خرجت من باب بيتنا قالت لمامتها كفاية انه معاق .. هى دى اللى عايزانى أتجوزها .. عشان تتكبر عليا وتحسسنى بالنقص طول عمرى .. أنا لا هسمحلها ولا هسمح لغيرها انها تقلل منى أو تمس كرامتى .. عرفيها ان أنا اللى رافضها مش هى
قال ذلك ثم خرج من الغرفة بغضب .. تنهدت أمه بحسرة وحيرة وضيق .

توجه "مراد" الى سيارته وأغلق الباب بعصبيه وانطلق بأقصى سرعة .. كان الغضب بادياً على وجهه وهو يسير مسرعاً بدون وجهة محدده .. وكلما زاد افراز الأدرينالين فى دمه .. زاد من سرعة سيارته .. حتى كادت أن تنحرف عن الطريق .. كان يشعر بأن بداخله بركان ثائر .. يريد أن يفرغه ليرتاح .. لكن هيهات .. لا طريقه لإفراغه أبداً .. وصل الى الطريق الصحراوى .. ثم أوقف سيارته على جانب الطريق كان يلهث وكأن خرج من سباق للعدو .. استغرق الأمر ساعة ونصف حتى استطاع التحكم فى غضبه .. أدار مقود السيارة وعاد فى طريقه مرة أخرى .. أدار المسجل ليستمع الى ترتيل آيات الله .. فشعر بسكينه داخل قلبه .. ولانت ملامحه قليلاً .. وأصبح أكثر هدوءاً .. أثناء توجهه الى بيته .. سمع آذان العشاء ينطلق من مكبر أحد المساجد الصغيرة على الطريق .. أوقف سيارته وتوجه الى المسجد توضأ ووقف يصلى .. كان يطيل كثيراً فى سجوده وكأنه لا يريد لجبينه أن يفارق أرض المسجد .. ثم يبتعد عنه ليعود اليه مرة أخرى فى لهفه .. أنهى صلاته ورحل الجميع لكنه ظل فى المسجد .. أسند ظهره على أحد الأعمدة .. بدا عليه الوجوم والشرود .. اقترب منه الإمام قائلاً :
- مالك يا ابنى فى حاجه
نظر اليه "مراد" قائلاً :
- لا يا شيخ مفيش حاجه
تفرش الشيخ الأرض بجوار "مراد" وقال له :
- ارمى حمولك على الله .. هو وحده اللى بإيده الحل
تمتم "مراد:
- ونعم بالله
أكمل الشيخ :
- ضاقت ولما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرج .. الدنيا دى دار ابتلاء .. ولازم الواحد يصبر ويحتسب
ثم نظر الى "مراد" قائلاً :
- تعرف ان أى حاجه بتصيبك فى الدنيا بتكفر من سيئاتك وحملك فى الآخره .. تعرف ان حتى الشوكة لما تشكك بتكفر عنك سيئاتك .. ده مش كلامي أنا ده كلام النبي صلى الله عليه وسلم "لا يصيب المؤمن من هم، ولا غم، ولا أذى إلا كفر الله به عنه حتى الشوكة".. شوف رحمة ربنا بيك أد ايه
بدا على "مراد" التأثر فأكمل الشيخ قائلاً :
- الصبر يا ابنى نعمة من ربنا وثوابه عظيم .. بس أهم حاجه تصبر صبر جميل .. يعني تكون راضى .. مش تصبر بسخط ولأن مش قدامك حاجه الا انك تصبر .. لا .. تصبر وانت راضى وبتقول الحمد لله .. ربك بيقول
{‏ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ‏ }‏‏
أومأ "مراد" برأسه وابتسم للشيخ قائلاً :
- شكرا يا شيخ كنت محتاج أسمع الكلمتين دول .. ربنا يباركلك
ربت الشيخ على كتفه ثم نهض .. سكن "مراد" قليلاً ثم غادر المسجد وتوجه الى سيارته وهو يشعر بأنه أصبح أفضل حالاً وأكثر راحة .

***********************************
جلست "سارة" على فراشها تتأمل احدى الصور ولاحت على شفتيها ابتسامه صغيره .. اقتحمت "نرمين" أختها الصغرى الغرفة دون استئذان .. ارتبكت "سارة" وحاولت اخفاء الصورة خلفها قائله بحنق :
- فى حد يفتح الباب كده من غير ما يخبط
نظرت اليها "نرمين" بخبث قالئه :
- ايه اللى مخبياه ورا ضهرك
قالت "سارة" بتوتر :
- ملكيش دعوة حاجه متخصكيش
ثم اكملت بغضب :
- "نرمين" متفتحيش الباب كده وتهجمى على الأوضة .. ابقى خبطى الأول زى الناس المحترمة
قفزت "نرمين" اتجاهها وفى لحظة خطفت الصورة من يدها .. حاولت "سارة" انتزاع الصورة منها .. لكن "نرمين" كانت قد رأتها بالفعل .. فصاحت :
- يا حلاوة يا ولاد .. يادى الفضيحة ام جلاجل يادى الجرسه أم حناجل
قالت "سارة" بإرتباك وهى تخطف الصورة من يدها :
- فضيحة ايه متحترمى نفسك
أمسكتها "نرمين" من يدها وأجلستها على الفراش وجلست بجوارها قائله :
- قوليلى بأه ومن الأول وواحدة واحدة كدة .. صورة "طارق" بتعمل معاكى ايه .. وجبتيها منين
قالت "سارة" بتوتر وهى تنظر الى الباب المفتوح :
- قومى اقفلى الباب الأول
فعلت "نرمين" وعادت لتجلس بجوارها مرة أخرى .. قالت "سارة" بخجل :
- دى صورة كان "مراد" و "طارق" متصورينها مع بعض بس أنا قصيت الجزء اللى فيه "طارق" .. يعني مش هو اللى ادهالى أو حاجه عشان دماغك متروحش لبعيد
ابتسمت "نرمين" بخبث وقالت :
- آه جولتيلي يا بنيتى .. وبتعملى ايه بأه بصورة سي "طارق"
نظرت اليها "سارة" بحزن وقالت بصوت خافت :
- بحبه يا "نرمين" .. ومش عارفه أعمل ايه
قالت "نرمين" بجديه :
- طيب انتى حسه ان فى حاجه من نحيته
هتفت "سارة" بحنق :
- هو أنا بشوفه أصلا .. وبآله كتير مجاش عندنا .. مش عارفه "مراد" ليه مبقاش يعزمه كتير زى الأول
قالت "نرمين" بسخريه :
- قال يعني لو جه كتير هتعرفوا تتكلموا سوا
قالت "سارة" بحزن وهى تنظر الى الصورة :
- عارفه ان مفيش أمل
ابتسمت "نرمين" وقالت بمرح :
- بس بصراحة لو جيتي للحق يعني هو مش أمور .. "مراد" عنده صحاب كتير أحلى منه
نظرت اليها "سارة" بجديه وقالت :
- بس راجل وانسان محترم وذوق وأخلاقه كويسة وبعدين مش وحش .. هو مش وسيم أوى ماشى .. بس مش وحش
ابتسمت "نرمين" بخبث وقالت :
- أنا مالى يا ستى هو بتاعى ولا بتاعك
قالت "سارة" بحده :
- ايه بتاعى وبتاعك دى متحترمى نفسك يا "نرمين"
- يا ستى متزعلش كده بهزر .. هو لا حد يعرف يهزر معاكى ولا مع أخوكى .. ايه يارب البيت العقد ده
صمتت قليلا ثم قالت :
- وناويه تعملى ايه يا ست الكتكوته
قالت "سارة" بإستغراب :
- أعمل ايه يعني .. ولا حاجه طبعا
هتفت "نرمين" :
- يا فرحتى بيكي يا "سارة" .. عايشه فيلم حب من طرف واحد .. وحتى معندكيش استعداد تحاولى يبقى من طرفين
قالت "سارة" بدهشة :
- انتى عجيبة فعلا عايزانى اعمل ايه يعني اروح أقوله أنا بحبك ممكن لو سمحت تحبنى وتيجي تتقدملى
- لأ طبعا ما قولتش كده .. بس حاولى مثلا تلفتى نظره .. يعني مثلا روحى ل "مراد" الشركة .. وبصى ل "طارق" بصات ليها معنى و كمان ممكن ..........
قاطعتها "سارة" قائله بغضب :
- بس كفايه .. أنا غلطانه انى حكتلك أصلا ايه العك اللى بتقوليه ده .. أنا مستحيل طبعاً أعمل كده
صاحت "نرمين" وهى تنهض وتغادر الغرفة :
- براحتك بأه أنا نصحتك وانتى حره
خرجت من الغرفة لتترك "سارة" التى أخذت تتأمل الصورة مرة أخرى فى حزن

****************************

جلست "مريم" تراقب ساعة الحائط .. ها هى على موعد مع خطاب آخر من خطابات "ماجد" .. دقت الساعة معلنة منتصف الليل ففتحت الخطاب رقم 55 فى لهفة وقرأت :
- حبيبتى "مريم" .. أتذكرين الزهرة التى أهديتها لكِ يوم أن كُتب كتابنا .. قلت لكِ يومها انها تشبهك فى رقتك وبراءتك .. ليس عندى ذرة شك فى أنك مازلتى تحتفظين بتلك الزهرة .. لم تخبريني أبداً أنكِ تحتفظين بها لكننى على يقين من ذلك .. حبيبتى طلب منكِ هذا الاسبوع سيكون صعباً قليلاً .. أريدك أن تتخلصى من تلك الزهرة .. تخلصى منها بالشكل الذى يريحك .. تخلصى منها اليوم يا "مريم" .. اليوم .. حبيبك ماجد
انهمرت العبرات من عينيها بغزارة وصاحت بغضب :
- ليه يا "ماجد" كده .. ليه
توجهت الى أحد الأدراج وأخرجت حقيبة صغيرة فتحتها وأخرجت منها ذهرة قد تجففت .. أخذت تنظر اليها بحسرة وكأنها شخص غالى لا تبغى مفارقته .. وضعتها بجوارها على الوسادة ونامت بأعين دامعه .. فى الصباح توجهت الى أحب مكان اليها .. كانت تقف فى هذا المكان مع "ماجد" يمزحان ويمرحان وهو يعلمها كيف تصطاد السمك .. وقفت قليلاً ثم أخرجت الزهرة من حقيبتها وألقتها فى المــاء وهى تنظر اليها فى ألم .

****************************
رن جرس هاتف "سهى" فاتسعت ابتسامتها عندما رأت اسم المتصل وردت بلهفه :
- ألو
- ألو ازيك يا "سهى"
قالت برقه :
- الحمد لله يا بشمهندس "خالد"
التفت كل من "مريم" و "مى" الى "سهى" التى تتحدث فى الهاتف .. التقت النظرات فقامت "سهى" من فورها وقالت :
- ثوانى يا بشمهندس هطلع أتكلم من بره عشان الشبكة
خرجت "سهى" فقالت "مى" بسخرية :
- عشان الشبكة ولا عشان الاتنين اللى كاتمين على نفسك فى المكتب
التفتت "مريم" الى حاسوبها تكمل عملها فى وجوم .. اقتربت منها "مى" قائله :
- مالك .. فى حاجه مضايقاكى
- تؤ
- ده العادى بتاعك يعني
ابتسمت "مريم" بمرارة قائله :
- بالظبط كده
عادت "سهى" مرة أخرة وعلى شفتيها ابتسامة واسعة لم تستطع مداراتها .. الفتت اليها "مى" قائله :
- متفرحينا معاكى
قالت "سهى" بفخر :
- مفيش .. البشمهندس "خالد" كان بيعزمنى على حفلة عيد ميلاده
نظرت الفتاتان الى بعضهما البعض .. ثم قالت "مي" :
- بشمهندس "خالد" مين ؟
قالت بدلع :
- صاحب شركة المقاولات اللى بنفذله الحملة بتاعة شركته
قطبت "مريم" جبينها وقالت :
- خلى بالك يا "سهى" .. ده انسان مش محترم
قالت "سهى" بسخرية :
- انتى اللى معقده يا "مريم" .. فكيها شوية يا بنتى مش كده .. مش هتتجوزى بطريقتك دى
نهضت "مريم" بعصبية وقالت :
- و أنا مش عايزة أتجوز أصلاً
ثم غادرت المكتب فالتفت "مى" الى "سهى" قائله :
- على طول كدة مبتعرفيش تنقى كلامك
هتفت "سهى" :
- أنا مالى اذا كانت صحبتك معقدة نفسياً تروح تشوفلها دكتور يعالجها .. أنا مقولتش حاجه غلط .. هى اللى منفسنه
خرجت "مى" للبحث عن "مريم" لكنها صدمت عندما رأتها واقفة مع "طارق" خارج المكتب .. وقفت بجوار الباب الخارجى للمكتب تتخفى وتستمع الى حديثهم .. سمعت طارق يقول :
- أيوة عارف انك قولتيلى انهم هيخلصوا بعد 10 ايام مش اسبوع بس قولت يمكن تكونى خلصتيهم بدرى
قالت "مريم" بجديه :
- لأ يا فندم مخلصتهمش ولو كنت خلصتهم كنت بعت لحضرتك ايميل .. عن اذنك
أوقفها "طارق" ونظر اليها قائلاً :
- انتى اضايقتى منى ولا ايه
قالت بنفاذ صبر :
- لا يا فندم وهضايق من ايه
قال "طارق":
- يعني عشان .........
قطع "طارق" كلامه وهو ينتبه لأول مرة الى الدبلة التى تزين أصابع يدها اليمني .. بُهت للحظات ثم سألها بصوت خافت :
- انتى مخطوبة
تتبعت "مريم" نظراته الى أصابع يدها ثم قالت بحزم :
- لا مش مخطوبة .. مكتوب كتابى
ظهر الضيق على وجه "طارق" .. فقالت "مريم" :
- بعد اذن حضرتك
ثم التفتت ودخلت المكتب دون أن تنتبه الى "مى" التى ظهرت علامات الحزن على وجهها

***********************************

- المسخرة دى متحصلش فى شركتى يا "حامد" انت فاهم
تفوه "مراد" بهذه العبارة فى غضب وهو يجتمع بـ "حامد" فى مكتبه بالشركه .. هتف "حامد" :
- مسخرة ايه وبتاع ايه .. انت اللى قفل يا "مراد"
قال "مراد" بغضب هادر :
- لما أشوفك انت وواحدة من الموظفين فى مكتبها وعمالين بتبوسوا فى بعض دى متبقاش مسخرة .. امال المسخرة تبقى ايه بالظبط
هتفت "حامد" بحده :
- انا حر أعمل اللى أنا عايزه أنا مش عيل صغير
قال "مراد" بصرامه وعيناه تشعان غضباً :
- تعمل اللى انت عايزه بره الشركة بتاعتى لكن طول ما انت فى الشركة تحترم نفسك يا "حامد"
قال "حامد" بغضب :
- انا محترم غصب عنك يا "مراد"
قال "مراد" بسخريه :
- ماهو واضح أوى .. ولعلمك البنت دى أنا هرفدها فوراً البنت اللى متكنش أمينة على نفسها عمرها ما هتكون أمينه على الشغل
دخل "طارق" المكتب وصاح قائلاً :
- فى ايه يا جماعة صوتكوا جايب لحد الأسانسير
قال له "حامد" بغضب :
- فى انه بيتدخل فى خصوصياتى وبيتكلم معايا أكنى عيل صغير
قال "مراد" فى غضب مماثل :
- خصوصياتك دى تبقى فى شركتك او بيتك او ان شاله فى الشارع لكن مش فى شركتى .. مش هاجى أسمح على آخر الزمن ان قذاره زى دى تحصل فى شركتى
صاح "حامد" بسخريه وتهكم :
- قذاره .. ده قصر ديل يا "مراد"
أسرع "طارق" قائلاً بحده :
- "حامد"
أكمل "حامد" وهو ينظر الى "مراد" ودون ان يلتفت لـ "طارق" وقال بقسوة:
- ماهو عشان مفيش واحدة راضيه تعبرك غيرت لما شوفتنى معاها .. وعمال دلوقتى تفش غلك فيا
ساد الصمت للحظات .. صاح "طارق" فى "حامد" :
- انت بجد زودتها أوى
بدا وجه "مراد" جامداً .. لا يحمل أى تعبيرات .. وبدت نظراته جامدة بارده .. وقال بهدوء :
- بكرة الصبح المحامى بتاعى هيكون عندك فى شركتك عشان فض الشراكة اللى بينا
صاح "حامد" بغضب :
- والله لأخليك تندم يا "مراد" .. مبقاش "حامد" ان مخلتكش تندم يا "مراد"
قال ذلك ثم خرج بعصبيه وأغلق الباب خلفه بعنف .. جلس "مراد" على مكتبه ووجه مازال جامداً .. جلس "طارق" قائلاًً :
- قولتلك قبل كدة انى مبرتحلوش .. سبحان الله من أول ما شوفته وأنا قلبي مقبوض منه .. أحسن اننا هنفض الشراكه معاه .. واحد مقرف زى ده مش عايزين نتعامل معاه أصلاً
صمت "مراد" ولم يرد .. ثم قام وحمل موبايله ومفاتيحه وغادر المكتب .. تنهد "طارق" بضيق وقد شعر بالغضب لكلمات "حامد" الجارحه التى وجهها لـ "مراد".

*********************************
دخل "عثمان" مكتب والده فجأة وهو يصيح قائلاً:
- بوى بوى .. لجينا ولد "خيري" أخوى يابوى
هب "عبد الرحمن" واقفاً وقال بلهفه :
- بجد يا ولدى .. كام ولد عنديه .. وهما فين عرفت طريجهم كلياتهم
قال "عثمان" بحماس :
- ايوة عرفت كل حاجه يا بوى .. ولد "اسماعيل المنصورى" عرفنا انه عم يشتغل فى المباحث ومركزه بجه كبير جوى جوى .. كلمته ووصيته يجيبلى أرار الموضوع بس مرضيتش أجيبلك سيره الا لما أوصل لنتيجة
قال "عبد الرحمن" بلهفه :
- جولى بسرعة عرفت ايه عن ولد أخوك يا ولدى
قال "عثمان" :
- عرفت ان هو ومرته وبنته الصغيره عيملوا حادثه .. كانوا راكبين تاكسي وخبطوا فى شاحنة كبيره .. الشاحنة انجلبت وانفجرت ومات اللى اللى في العربيتين
قال "عبد الرحمن" بتأثر :
- لا حول ولا جوة الا بالله
أكمل "عثمان" :
- ادفنوا كلياتهم فى القاهرة .. والراجل اللى كان معاه فى الشغل واللى رد علينا وجالنا انه مات هاد مكنش يعرف اى شئ عن عيلته .. بس ولد "اسماعيل المنصورى" عرف يوصل لكل شئ
قال "عبد الرحمن" :
- كمل يا ولدى باجيله كم ولد
قال "عثمان" :
- مش ولد يا بوى .. بنت .. بنت واحده وعايشه لحالها
صمت "عبد الرحمن" قليلاً .. فقال "عثمان" بحزم :
- مينفعش تعيش وحديها فى القاهرة يا بوى .. لازمن تيجى تعيش بيناتنا
أومأ "عبد الرحمن" برأسه قائلاً:
- عندك حج يا ولدى لازمن نلم نلحمنا مينفعش نسيبها تعيش لحالها
ثم التفت اليه قائلاً بحماس :
- من بكرة الصبح جهز العربية والسواج عشان هنطلع آنى وانت على القاهرة .. أنا مالى صبر حتى شوف حفيدتي بنت "خيري" ولدى الله يرحمه ويحسن اليه

*********************************
قال "خالد" وهى يتطلع الى عيني "سهى" :
- النهاردة عيد ميلادى والنجوم فى السما والقمر بين ايديا
كانا يرقصان معاً فى شرفة منزله الذى تقام فيه حفلة عيد ميلاده .. كانت "سهى" تشعر بالحرج لكنها أيضاً كانت تشعر بسعادة بالغه لكلمات الإطراء الذى يلقيها هذا الرجل الغني الوسيم على مسامعها .. ابتسمت قائله :
- ميرسي يا بشمهندس
ابتسم قائلاً :
- لأ بشمهندس ايه بأه خليها "خالد" على طول .. أنا شايف ان خلاص الرسميات معدتش تنفع بينا
ثم قال بخبث وهى يتطلع الى عينيها :
- ولا انتى شايفه ايه
ابتسمت قائله بدلع :
- ماشى يا "خالد"
قال بهيام :
- الله مكنتش أعرف ان اسمى حلو كده الا لما نطقتيه
- من الواضح انك بتعرف تتكلم كويس يعني شكلك مش سهل خالص
نظر اليها بجرأة قائلاً :
- هو فى حد يشوف القمر ويسكت .. قمر ايه هو أصلا القمر ييجى حاجه جمبك .. ده انتى جامده طحن
ضحكت بدلال وقالت :
- ميرسي يا "خالد"
توقفت نغمات الموسيقي ..فقال لها :
- خليكى هنا يا قمر هروح أجيب حاجه نشربها وآجى
أومأت برأسها مبتسمة .. دخل وتركها وهى تنظر الى السماء وتشعر أن أبواب الحظ انفتحت لها أخيراً .. عاد "خالد" وهو يحمل كأسين من الخمر وأعطاها واحداً .. نظرت بريبه الى كأسها وقالت :
- ده عصير ؟
افنجر "خالد" ضاحكاً وقال :
- عصير .. آه عصير .. عصير قصب .. بوزع فى حفلة عيد ميلادى على الضيوف عصير قصب
ابتسمت بتوتر وقالت :
- لو خمره فأنا مبشربهاش
أخذ "خالد" رشفة من كأسه وقال :
- ليه مبتشربيهاش
هزت كتفيها وقالت بإرتباك :
- مش عارفه .. عشان حرام
مط "خالد" شفتيه وقال :
- سيبك من الشيوخ اللى مفيش وراهم حاجة الا انهم يحرموا كل حاجة مش على مزاجهم .. ناقص يقولوا الهوا اللى بنتنفسه هو كمان حرام
قالت "سهى" بإرتباك :
- بس أنا بيتهيألى ان فى آيه بتقول ان الخمره حرام .. انا مش عارفه الآيه .. بس بيتهيألى كده
قال "خالد" وهو ينظر اليها :
- الحرام هو انك تشربي كمية كبيرة .. لكن لو كمية صغيرة مفيهاش مشكلة مش هتضرك .. تعرفى أصلاً ان الخمرة مفيدة جداً وليها فوايد كتيرة وان فى آيه فى القرآن بتقول كده
قالت "سهى" بدهشة :
- بجد
أومأ "خالد" برأسه وقال :
- أيوة بجد .. الآية فى سورة البقرة وبتقول : " يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما منافع للناس "
لم يكن ما قاله "خالد" سوء تأويل للآيه فقط بل تحريف للآية الكريمه التى تقول {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا} .. بدا على "سهى" شئ من الاقتناع بكلامه .. فحثها قائلاً :
- اشربي هتعجبك أوى
قربت "سهى" الكأس من شفتيها وأخذت رشفة صغيرة وهى تسمع صوتاً بداخلها يخبرها بأنها ترتكب اثماً ثم ما لبثت أن أسكتت هذا الصوت وتجاهلته واندمجت مع "خالد" فى الضحك والمزاح
دخلت "سهى" الى بيتها وهى تسير على أطراف أصابعها حتى لا يستيقظ أهلها .. دخلت غرفتها وهى تشعر بنشوة وسعادة بالغة .. لقد قضت سهرة رائعه مع فتى أحلامها والذى يبدو أنه أعجب بها هو الآخر

************************************

فى اليوم التالى سافر كل من "عبد الرحمن" و "عثمان" الى القاهرة للبحث عن ابنتهم "مريم" .. ذهبا الى العنوان الذى حصلا عليه .. لم يجدا أحداً فى المنزل .. انتظراها قرابة الخمس ساعات أمام الباب لا يتحركان من مكانهما .. أكد لهما الجيران أنها تبيت فى بيتها كل يوم .. ولا تبيت برة البيت أبداً .. وأنها تعود قبل المغرب من عملها .. انتظراها حتى رآى فتاة تصعد درجات السلم وتقف أمامهما فى دهشة وهى تراهما يجلسان على السلم أمام باب شقتها .. وقف "عبد الرحمن" بمجرد أن رآها .. أخذ يمعن النظر فيها وقد اغرورقت عينا بالدموع .. قالت "مريم" بدهشة :
- أفندم .. فى حاجة حضرك .. دى شقتى
اقترب منها "عبد الرحمن" فرجعت للخلف فى خوف وقالت :
- فى ايه حضرتك
قال "عبد الرحمن" بتأثر شديد :
- انتى بنت "خيري" .. بنت "خيري ولدى
نظرت اليه "مريم" بدهشة وقد عقد لسانها .. فقال بصوت مرتجف :
- ايوة انتى بنته .. أنا واثج انك بنته .. عرفتك بجلبي يا بنت ابنى .. آني جدك "عبد الرحمن" يا بنتى .. آنى جدك
ازدادت دهشت "مريم" واضطرابها وهى تنقل نظرها بين الرجلين .. فأشار "عبد الرحمن" الى "عثمان" قائلاً :
- هاد عمك "عثمان" يا بنتى .. عمك أخو بوكى الله يرحمه ويحسن اليه
كانت "مريم" تشعر وكأن لسانها عقد من الصدمة .. اقترب منها "عبد الرحمن" فتوترت .. فقال "عثمان" :
- وريها بطاجتك والصور يابوى يمكن تطمن شوى
أخرج "عبد الرحمن" من جيبه بطاقته وأعطاها لـ "مريم" أخذت تتفحص الاسم وقلبها يخفق بشدة .. مد يده وأعطاها عدة صور قائلاً :
- دى صور بوكى يا بنتى .. صورى آنى وهو وعمك "عثمان" وعمتك "صباح" وعمك" ياسين" الله يرحمه ويحسن اليه
تطلعت "مريم" الى الصور وقد أغرورقت عيناها بالعبرات وهى تتطلع الى صورة والدها وعائلته .. كانت تنظر صور والدها بشوق ولهفة .. تساقطت عبراتها الصامته .. لم يتحمل "عبد الرحمن" أكثر فضمها بشدة الى صدره وهو يردد :
- بنت ولدى .. ما عاد سيبك واصل .. احنا اهلك يا بنتى .. احنا منك وانتى منينا .. وحشتينى كتير .. دورت عليكي كتير .. على ولاد الغالى .. والحمدلله لجيتك .. الحمد لله .. الحمد لله
رغم العبرات التى كانت تتساقط من عينيها وشهقات بكائها الصغيرة التى خرجت منها رغماً عنها .. إلا أنها وجدت ابتسامة صغيرة وقد رسمت على شفتيها وأخذت تتمسك بيديها بملابس هذا الرجل الذى يعانقها .. تشبثت به وكأنها تخشى أن يتركها .. كالغريق الذى يتعلق بطوق نجاته .. لكم افتقدت هذا الحضن الحانى .. حضن عائلتها التى فقدتها منذ سنوات .. وذاقت بعدهم مرارة الوحدة واليتم والحرمان .. وها هو الله الآن قد رزقها بعائلة والدها .. لتعوضها عن فقدان عائلتهــا .. ولتخرجها من وحدتها القاتلــة المميتـــة .



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-10-15, 05:57 PM   #10

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 8 )


- دى صور بوكى يا بنتى .. صورى آنى وهو وعمك "عثمان" وعمتك "صباح" وعمك" ياسين" الله يرحمه ويحسن اليه
تطلعت "مريم" الى الصور وقد أغرورقت عيناها بالعبرات وهى تتطلع الى صورة والدها وعائلته .. كانت تنظر صور والدها بشوق ولهفة .. تساقطت عبراتها الصامته .. لم يتحمل "عبد الرحمن" أكثر فضمها بشدة الى صدره وهو يردد :
- بنت ولدى .. ما عاد سيبك واصل .. احنا اهلك يا بنتى .. احنا منك وانتى منينا .. وحشتينى كتير .. دورت عليكي كتير .. على ولاد الغالى .. والحمدلله لجيتك .. الحمد لله .. الحمد لله
رغم العبرات التى كانت تتساقط من عينيها وشهقات بكائها الصغيرة التى خرجت منها رغماً عنها .. إلا أنها وجدت ابتسامة صغيرة وقد رسمت على شفتيها وأخذت تتمسك بيديها بملابس هذا الرجل الذى يعانقها .. تشبثت به وكأنها تخشى أن يتركها .. كالغريق الذى يتعلق بطوق نجاته .. لكم افتقدت هذا الحضن الحانى .. حضن عائلتها التى فقدتها منذ سنوات .. وذاقت بعدهم مرارة الوحدة واليتم والحرمان .. وها هو الله الآن قد رزقها بعائلة والدها .. لتعوضها عن فقدان عائلتهــا .. ولتخرجها من وحدتها القاتلــة المميتـــة .

دلف ثلاثتهم الى داخل البيت .. رحبت "مريم" بهم بحماس قائله :
- اتفلضوا .. اتفضلوا
جلس جدها وعمها فى حجرة الصالون وأخذا يتطلعان الى الشقة المتواضعة وأثاثها المتواضع .. استأذنتهم ودخلت المطبخ لتعد لهم الشاى .. لم تشعر بنفسها إلا وهى تسجد شكراً لله على أرض المطبخ .. تشكره لأنها أخيراً ستشعر أنها وسط عائلة كأى فتاة أخرى .. لها عم وجد وعمه .. يا ما أحلى ذلك .. أخذت تتسائل تُرى هل جدتها على قيد الحياة .. هل لدى عمها وعمتها أطفال .. هل سيرحب الجميع بها .. لكم تتمنى رؤيتهم جميعاً .. والتعرف عليهم .. عادت بلهفة حاملة أقداح الشاى وقدمتها اليهما .. جذبها جدها من يدها وأجلسها جواره قائلا :
- تعالى يا بنت الغالى ..اجعدى جمبى اهنه .. حاسس انى شامم فيكي ريحة المرحوم "خيري"
ابتسمت له وجذبها الى حضنه وقبل رأسها .. ابتسمت فى سعادة .. رفعت رأسها وقالت :
- أنا لسه مش مصدقة .. حسه انى بحلم .. أنا فرحانه أوى .. فرحانه أوى انكوا جيتوا وانكوا دورتوا عليا
قال "عبد الرحمن" بتأثر :
- من يوم ما عرفت بموت أبوكى وأنا عم دور على ولاده .. والحمد لله لجيتك يا بنتى .. الحمد لله
قال "عثمان" مستفهماً :
- انتى عايشه لحالك اهنه
نظرت اليه وابتسمت بخجل قائله :
- أيوة عايشة لوحدى
شعرت فوراً بالألفة مع جدها .. لكنها كانت متوجسه خيفه من عمها .. ربما لتعبيراته الجامدة التى تظهر على ملامح وجهه .. ربما لو ابتسم لها لذاب الجليد قليلاً .. نظرت الى جدها قائله :
- أنا هقوم أحضر العشا
قال "عثمان" :
- لا نبجى ناكل فى البيت ان شاء الله .. يلا لمى خلجاتك عشان تيجي معانا
نظرت اليه "مريم" بدهشة وشعرت بالإضطراب قائله :
- آجى معاكوا فين
قال "عثمان" :
- تيجي معانا البلد .. النجع .. بيت أهل أبوكى
بدت عليها الحيرة فقال "عبد الرحمن" :
- مش معجول نسيبك عايشه اهنه لحالك يا بنتى .. انتى مهما كان بنت وصغيرة والدنيا معدتش أمان
ارتطمت عيناه بالدبلة فى أصابع يدها اليمنى فابتسم قائلاً :
- انتى مخطوبة يا بنتى ؟
نظرت "مريم" الى دبلتها ولمستها بأصابعها بحزن وقالت بصوت خافت :
- مكتوب كتابى
اتسعت ابتسامة جدها وقال :
- ما شاء الله .. خلاص كلمى جوزك ييجى عشان نتعرف عليه ويتعرف علينا عشان يعرف انك ليكى أهل وعزوة
ترقرقت العبرات فى عينيها وقالت بصوت مرتجف :
- هو .. ميت
ظهر الحزن على وجه جدها وقد شعر بالحزن الذى بداخلها .. قال "عثمان" :
- وليه لابسه دبلته .. مات الله يرحمه .. لازمن تجلعيها للناس تفتكرك مخطوبه
تضايقت من طلب عمها .. لكنها تمالكت "مريم" نفسها وأخفت حزنها وضيقها سريعاً .. وابتسمت قائله :
- هو تيته موجودة .. يعني عايشه ؟
قال "عبد الرحمن" بإستغراب :
- تيته .. تيته مين ؟
قال "عثمان" :
- تجصد أماى يا بوى .. اييوه عايشه
ابتسمت بسعادة وقالت :
- نفسي أشوفها أوى .. بابا الله يرحمه كان بيحكيلى عنها كتير
ربت "عبد الرحمن" على ظهرها قائلاً:
- وهى كمان نفسها تشوفك كتير .. هى مستنيانا .. يلا جومى يا بنتى جهزى حالك
قالت "مريم" بتردد :
- بس مش هينفع آجى كده مرة واحدة .. يعني أنا عندى شغل .. ومش عارفه .. مكنتش متخيلة أبداً انى هفارق البيت ده
قال "عثمان" بحده :
- عيزانا نسيبك لحالك اهنه ولا اييه .. ليه عيلتك مفيهاش راجل ولا اييه
قالت "مريم" بسرعة :
- لأ مش قصدى يا عمو .. بس أنا أقصد ان فى مصالح ناس فى ايدي .. يعنى فى الشغل .. ومينفعش أمشى كده فجأة من غير معرف حد .. وكمان معرفش أنا طول عمرى عايشه هنا .. معرفش عمرى ما روحت فى مكان تانى غير هنا
قال "عبد الرحمن" وقد شعر بالحيرة والتوتر داخلها :
- طيب يا بنتى .. هجولك على اجتراح وان شاء الله يعجبك
التفتت اليه قائله :
- اتفضل يا جدو
- بصى يا بنتى .. هنسيبك اهنه اسبوع .. تفكرى منيح .. وتعرفى صاحب الشغل انك هتمشى .. عشان بردك مصالح الناس اللى فى يدك متتعطلش .. وبعدين تيجي تعيشي حدانا شهر .. وتشوفى هترتاحى حدانا ولا ترجعى اهنه تانى
قال "عثمان" بحده :
- كيف يعني ترجع اهنه تانى يا بوى .. كيف تجول اكده
قال "عبد الرحمن" بصرامة بصوت مرتفع :
- مالك صالح يا "عثمان" .. الحكى بينى وبينها لا تتدخل واصل
سكت "عثمان" على مضد .. التفت "عبد الرحمن" الى "مريم" وقال بحنان :
- ايه جولك يا بنتى
ابتسمت "مريم" قائله :
- ماشى يا جدو موافقه
ابتسم "عبد الرحمن" وأخذها فى حضنه قائلاً :
- ربنا يبارك فيكي يا بنتى ويكملك بعجلك
نظرت اليه قائله :
- بلاش تروحوا النهاردة يا جدو .. خليكوا بايتين هنا النهاردة .. أوضة بابا وماما الله يرحمهم فاضيه .. وأنا بنضفها على طول .. باتوا فيها النهاردة
ابتسم "عبد الرحمن" قائلاً :
- ماشى يا بنتى .. كيف ما بدك
قالت له "مريم" بحماس :
- احكيلى عن المكان اللى عايشين فيه يا جدو
أخذ "عبد الرحمن" يحدثها عن بلدهم وبعض من عاداتهم وهى تستمع اليه وعلى ثغرها ابتسامه وفى عينها فرحه غابت عنها طويلاً .. قالت له عندما انتهى من حديث :
- أنا فرحانة أوى انى هعيش معاكوا هناك
قال "عبد الرحمن" وعلى ملامحه الجديه :
- قبل أى حاجه لازمن تعرفى الأول حكاية التار اللى كان على أبوكى الله يرحمه لعيلة "المنفلوطى"
قالت "مريم" بهدوء :
- عارفه يا جدو
- عارفه ايه بالظبط يا بنتى ؟
- بابا الله يرحمه قالى ان فى حد عندكوا اتقتل وهما اتهمومها فى بابا الله يرحمه .. وعشان كده هرب من بلده وجه القاهرة .. بس هو معملش كده .. مش هو اللى قتل الراجل اللى مات
سألها "عبد الرحمن" :
- مجالكيش حاجه تانى
- لأ قالى كده بس .. وأصلا مكنش بيحب يتكلم فى الموضوع ده
أومأ "عبد الرحمن" برأسه قائلاً :
- فعلاً محدش فينا بيحب يتكلم فى الموضوع ده .. بس لازمن تعرفى شئ .. محدش يعرف ان أبوكى مات .. لأن لو عيلة "المنفلوطى" خبرت انه مات وان معندوش الا بنت .. يبجى هياخدوا بتارهم من عمك "عثمان" يا بنتى .. وعشان اكده خبر موت أبوكى ما هيخرجش من عيلتنا .. كلياتهم عارفين انه هربان بره الصعيد .. لكن محدش يعرف انه مات الله يرحمه .. فهمتى يا بنتى ؟
أومأت "مريم" برأسها وقد شعرت ببعض الخوف .. ثم ما لبثت أن تناست خوفها وذكريات ماضى والدها .. و قامت "مريم" وحضرت العشاء لجدها وعمها .. ارتدت عباءة وشعرت بالخجل من الكشف عن شعرها بالرغم من أنهم محارمها .. كانت تشعر بالراحه مع جدها وكأنها تعرفه من زمان .. لكن خجلها الأكبر كان من "عثمان" الذى بدا جامداً فلم تستطع الشعور بالألفة تجاهه
قضت "مريم" ليلتها وهى تشعر بالراحة والأمان .. لأول مرة منذ سنوات تشعر بالأمان وهى فى بيتها .. تشعر بأنها ليست بمفردها .. كانت من فرط سعادتها لا تستطيع النوم .. كلما سمعت صوتاً فى الخارج ابتسمت .. ياه لكم تفتقد العيش مع غيرها .. لكم تفتقد أن تسمع فى البيت أصوات وحركات غير صوت جهاز التلفاز .. أصوات آدمية تعيش معها وتتحدث معها .. قامت على آذان الفجر .. خرجت لكى تتوضأ فوجدت جدها وعمها وقد استيقظا .. ابتسمت لهما قائله :
- صباح الخير
ابتسم "عبد الرحمن" قائلاً :
- صباح الخير يا بنتى
قال "عثمان" :
- صباح الخير يا بنت خوى
قال "عبد الرحمن" :
- سمعنا صوت مسجد جريب من اهنه
قالت "مريم" شارحه :
- أيوة يا جدو .. حضرتك انزل من العمار امشى شوية يمين هتلاقى المسجد
- طيب يا بنتى هننزل نصلى ونرجعلك
أومأت برأسها وأغلقت الباب خلفهما .. صلت الفجر وجلست تقرأ وردها .. سمعت صوت جرس الباب .. شعرت بالخوف لأول وهله .. ثم مالبثت أن تذكرت جدها وعمها .. ابتسمت بحزن وهى تحاول أن تتذكر متى آخر مرة سمعت فيها صوت هذا الجرس .. فتحت لهما وأدخلتهما .. قال "عثمان" :
- احنا هنمشى يا بنت خوى
قالت "مريم" بحزن :
- دلوقتى .. طيب نفطر سوا
قال "عبد الرحمن" بحزن :
- معلش يا بنتى بس جالنا تليفون ان جدتك بعافيه شويه
قالت بقلق :
- ليه مالها
- مفيش شوية تعب .. وكمان لينا مصالح هناك .. مينفعش نتأخر عليها واصل .. آنى كنت فاكر اننا هنرجع امبارح
شعرت "مريم" بالأسى .. جذها جدها الى حضنه قائلاً :
- هو اسبوع واحد زى ما اتفجنا وهنيجى ناخدك .. ماشى
أومأت برأسها قائله :
- ماشى يا جدو
آلمها رحيلهما سريعاً .. كانت تتمنى بقائهما فترة أطول .. طلبت من جدها ترك الصور معها .. جلست على فراشها وهى تتطلع الى صور أفراد العائله وهى مبتسمه وفرحه .. مضى وقت طويل لم تشعر فيه بهذه البهجة .. ذهبت الى عملها والابتسامه باديه على محياها وحيت "مى" و "سهى" قائله :
- السلام عليكم .. ازيكوا يا بنات
قالت "مى" :
- وعليكم السلام ازيك يا "مريم"
قالت "سهى " :
- الحمدلله ازيك انتى
قالت مبتسمه :
- كويسة الحمد لله
قالت لها "مى" وهى تتمعن فى النظر اليها :
- خير .. شكلك مبسوط
قالت "مريم" بسعادة :
- جدا يا "مى" جدا
صاحت "سهى" :
- ايه اتخطبتى ؟
نظرت اليها "مريم" وبدا وكأنها سمعت حديث يضايقها .. فقالت بضيق :
- لأ
مطت "سهى" شفتيها قائله :
- أمال ايه اللى يفرح غير كده
قالت "مريم" بسعادة :
- امبارح زارنى جدى وعمى
قالت "مى" بدهشة :
- جدك وعمك !
قالت "مريم" بابتسامه واسعة :
- أيوة وليا كمان عمه وجده
هتفت "مى" بسعادة :
- بجد ولا تهزرى
- أيوة بجد
- ما شاء الله .. أخيراً عرفتى طريق أهلك
ضحكت بسعادة :
- ومش كده وبس .. عايزينى أروح أعيش معاهم كمان
قالت "مى" بدهشة :
- تعيشي معاهم فين ؟
- فى الصعيد
شهقت "سهى" قائله :
- الصعيد .. بتهرجى يا "مريم"
قالت "مريم" بهدوء :
- لأ مش بهرج .. دول كمان كانوا عايزنى أسافر معاهم امبارح .. بس أنا مرضتش أسافر بسرعة كدة
قامت "مى" من مكتبها وجلست أمام "مريم" قائله :
- بتتكملى بجد .. يعني فعلاً هتسافرى الصعيد
قالت "مريم" بحيرة :
- مش عارفه يا "مى" حسه انى متلخبطه .. بس كل اللى أعرفه انى ليا أهل ومش عايزه أبعد عنهم .. أنا تعبت أوى من العيشه لوحدى يا "مى" .. أنا حبه أكون وسطيهم .. حبه أعيش معاهم .. بس هى فكرة الصعيد دى اللى مخوفانى .. أنا مش عارفه نظام حياتهم ازاى .. وهعرف أعيش معاهم ولا لأ .. ومش عارفه أصلا هما كلهم هيتقبلونى وسطيهم ويحبونى ولا لأ .. خايفه أوى .. وعشان كده جدو قالى أجرب شهر .. ولو ارتحت خلاص أفضل عايشه معاهم .. ولو مرتحتش أرجع القاهرة تانى
قالت "سهى" بسخريه :
- وانتى فكرك هيسيبوكى ترجعى القاهرة .. أكيد لأ طبعا .. مش هيخلوكى ترجعى تعيشي لوحدك .. دول صعايده يا بنتى يعني بيغيروا على بناتهم موت
تنهدت "مريم" قائله بحيره :
- أنا استخرت ربنا .. وراضيه باللى يختارهولى
قالت "مى" بأسى :
- على الرغم من انى فرحانه انك أخيراً عرفتى أهلك وقابلتيهم بس اضايقت أوى لما عرفت انك ممكن تسافرى ومترجعيش تانى
ابتسمت "مريم" قائله :
- عارفه يا "مى" انتى هتوحشيني أوى أوى بس حتى لو سافرت أكيد هاجى هنا كل فترة .. وبعدين هيكون بينا تليفونات ان شاء الله
قالت "سهى" مبتسمه :
- ربنا يسعدك يا "مريم" انتى طيبه وتستاهلى كل خير

توجهت "مريم" الى مكتب "عماد" لكى تخبره بأمر سفرها وتركها للعمل قال بوجوم :
- بصراحة أنا مضايق جداً انى هخسر واحدة زيك يا "مريم" .. انتى أفضل ديزاينر عندى فى الشركة
ابتسمت قائله :
- متشكره يا أستاذ "عماد" ..بس فى كتير زمايلى هنا موهوبين أكتر منى
قال بجديه :
- لما أقولك انك أفضل ديزاينر يبأه بقول الحقيقة ومش بجاملك
صمت قليلاً وبدا عليه التفكير ثم قال :
- طيب يا "مريم" أنا عندى اقتراح .. ايه رأيك تستمرى فى العمل فى الشركة حتى وانتى مسافره
قالت "مريم" بدهشة :
- ازاى ؟
ابتسم "عماد" قائلاً :
- عن طريق الانترنت .. هنتواصل معاكى ونبعتلك الأوردرز المطلوبة وانتى تنفذيها وتبعتيها على الميل ومرتبك يوصلك عن طريق البنك
ابتسمت "مريم" وقد شعرت بسعادة غامرة لأنها لن تضطر الى ترك عملها الذى تعشقه .. قالت بسعادة :
- بجد متشكرة جداً يا أستاذ "عماد" .. انا فعلاَ مكنتش حبه أبداً أسيب شغلى لانى بحب شغلى أوى .. ومش متخيله انى ممكن أبعد عنه
قال "عماد" بسعادة :
- خلاص اتفقنا .. وربنا يوفقك فى حياتك يا "مريم" انتى مش بس ديزاينر ممتاز .. لأ وعلى المستوى الشخصى بنت ممتازة كمان
أطرقت رأسها بخجل وقالت لخفوت :
- شكراً يا أستاذ "عماد" .. بعد اذنك
خرجت "مريم" من مكتبه وقلبها يقفز فرحاً .. ستعيش وسط عائلتها وفى نفس الوقت ستستمر فى عملها بالشركة .

********************************

جلس "عبد الرحمن" على المائدة مع زوجته و"عثمان" و "صباح" .. قالت زوجته بلهفه :
- شكلها ايه يا حاج
ابتسم "عبد الرحمن" قائلاً :
- حلوة وصغيره بس سفيفه جوى شكلها مبتتغذاش منيح
قالت "صباح" :
- متجوزه يابوى ؟
- لا .. كان مكتوب كتابها بس جوزها مات
قالت زوجته بحسره :
- لا حول ولا جوة الا بالله .. يعني اترملت جوام جوام
قال "عبد الرحمن" :
- بس هى لساتها صغيره .. والحياة أدامها .. وان شاء الله نجوزها حدا من عيلتنا واحنا أولى بلحمنا
أومأ "عثمان" برأسه قائلاً :
- اييوه يا بوى نشوفلها حدا من عيلتنا مينفعش تبجى لحالها اكده خاصه من بعد ما اترملت .. مش عايزين حدا يتكلم عليها
- ان شاء الله يا ولدى .. ان شاء الله

********************************

صاح "حامد" بحنق :
- بعتلى المحامى بتاعه عشان يفض الشراكه اللى بينى وبينه .. وكل ده عشان ايه عشان شافنى ببوس موظفه عنده .. وهو مال أهله هى كانت من بقيت عيلته
قال "سامر" بحزم :
- انت عارف كويس يا "حامد" ان "مراد" صعيدي وطبعه حامى .. يعني أكيد مش هيشوف منظر زى ده ويسكتلك
قال "حامد" بحنق :
- ده راجل متخلف .. تصور طرد البنت من الشركة .. طبعاً جبتها وشغلتها عندى فى شركتى .. ولا الحوجه لسى "مراد" خالص
قال "سامر" بضيق :
- بس مكنش يصح تقول لـ "مراد" الكلام اللى سمعته من "طارق" ده
صاح "حامد" بغضب :
- هى مش دى الحقيقة ولا ايه .. مراته سابته زى الكلب الجربان واطلقت منه وراحت اتجوزت واحد تانى .. ولما فكر يخطب تانى والبنت رحبت بيه .. أول ما عرفت ان رجله مبتوره رفضته على طول .. كدبت أنا ولا دى الحقيقة
قال "سامر" بغضب :
- انت ليه معندكش احساس كده هو ذنبه يعني .. دى حادثة قضاء وقدر .. وبعدين دى حاجه متعيبوش "مراد" راجل وشهم وصعب دلوقتى تلاقى واحد زيه
صاح "حامد" بسخريه :
- ليه ان شاء الله جايب الديب من ديله .. شكلكوا كلكوا عينه واحده
صمت "حامد" قليلاً وبدا عليه التفكير ثم قال وهو يحاول أن يكظم غيظه :
- فاكر انه لما يطردنى بره الشراكه هسكتله .. بكرة يشوف أنا هعمل فيه ايه
قال "سامر" بقلق :
- هتعمل ايه يعني يا "حامد"
نظر اليه "حامد" وقال بحزم :
- اتفرج واتعلم
شعر "سامر" بالقلق من التعبيرات الباديه على وجه "حامد" .. ونظر اليه يحاول أن يخترق عقله ليعلم فيما يفكر .. وماذا ينوى أن يفعل .. وكيف ينوى الإنتقام من "مراد"

************************************
- مش هتصدج يا "جمال ".. لجينا بنت "خيري" الله يرحمه
هتفت "صباح" بهذه العبارة وهى تلتقى بـ "جمال" سراً فى مكانهما المعتاد قال "جمال" بلهفه :
- بنت بس معندوش ولاد ؟
قالت "صباح" :
- لا معندوش ولاد .. بنت بس والبنت التانيه ماتت معاه فى الحادثه هو ومرته
أومأ "جمال" برأسه وقال وهو يمعن فى التفكير :
- يبجى اكده لو عيلة "المنفلوطى" فكروا ياخدوا بتارهم منيكم يبجى أخوكى "عثمان" هو اللى عليه الدور
قالت "صباح" بهلع :
- وايه اللى هيعرف عيلة "المنفلوطى" ان أخويا "خيري" مات وان عنديه بنت واحده
قال "جمال" وقد لمع عيناه بخبث :
- معاكى حج .. وايه اللى هيعرفهم
نفض "جمال" الأفكار من رأسه واقترب من "صباح" قائلاً :
- اشتجتلك جوى يا "صباح"
حاول تقبيلها فابتعدت قائله :
- آني مضايجه منك جوى يا "جمال" .. حسه انك مش رايد تتجوزنى
قبلها قائلاً :
- كيف تجولى اكده يا "صباح"
- أمال ليه مش بتطلبنى من أبوى يا "جمال" .. آنى خايفه حد يتجدملى .. وأبوى يوافج عليه
قال "جمال" وهو يغير الموضوع :
- لما بنت "خيري" توصل عرفيني يا "صباح"
قالت "صباح" بحده :
- وانت عايز تعرف ليه يا "جمال"
قال "جمال" بنفاذ صبر :
- عرفيني وخلاص ملكيش صالح
نهض وقال وهو يغادر :
- فتك بعافيه أنا راجع الشركة عندى شغل كتير
نظرت اليه "ًصباح" بغل وهو يبتعد .

***********************************

التف "مراد" حول طاولة الطعام مع أسرته فى أحد المطاعم الفخمة .. قالت "سارة" التى كان يبدو عليها الشرود والتفكير :
- أبيه أنا عايزة أشتغل عندك فى الشركة
نظر اليها "مراد" بدهشة قائلاً :
- تشتغلى فى الشركة
- أيوة
- تشتغلى ايه يا "سارة"
قالت بلهفه :
- أى حاجه فى المكان اللى انت تختاره
فكر "مراد" قليلاً ثم قال :
- لا يا "سارة" مش هينفع
قالت بإلحاح "
- ليه بس يا أبيه أنا هكون معاك .. وبعدين حطنى فى مكان مختلطش فيه بحد .. يعنى يكون اللى فى المكتب معايا بنات بس .. عشان خاطرى يا أبيه أنا حسه بزهق فظيع .. وبعدين هروح انا وانت سوا ونرجع سوا مش همشى لوحدى
تنهد "مراد" ثم قال :
- طيب يا "سارة" هفكر فى الموضوع وارد عليكي
قالت بحماس :
- بس عشان خاطرى مترفضش .. بجد أنا حبه أوى أشتغل فى الشركة
ابتسم قائلاً :
- خلاص سبيني أفكر
تلاقت نظرات "سارة" مع نظرات "نرمين" الى ابتسمت اليها بخبث .. فتجاهلتها "سارة" وتناولت طعامها فى صمت.. بعد قليل جاء لـ "مراد" اتصال هام فإستأذن منهم ليتحدث بالخارج .. خرج من المطعم ووقف على جانب يتحدث فى الهاتف .. ما كاد ينهى اتصاله حتى سمع سيدتان تخرجان من المطعم تقول احداهما للأخرى :
- خدتى بالك من "مراد خيري" وعيلته كانوا جوه
- أيوة شوفته صعبان عليا أوى بعد اللى حصله فى رجله
قالت الأولى فى أسى :
-
وكمان مراته اللى سابته واتجوزت واحد غيره .. مسكين صعبان عليا أوى احساس صعب برده انه يحس ان مراته سابته عشان اعاقته واتجوزت واحد تانى وخاصه انه لسه متجوزش لحد دلوقتى
- طبعا يا بنتى صعب انه يلاقى واحده ترضى بيه أنا عن نفسي مرضاش أتجوز واحد أحس معاه بالنقص والناس بتبصله بشفقه وصحابي بأه يستلمونى تريقه ملقتيش الا واحد معاق

رحلت المرأتان .. دون أن تنتبها الى "مراد" الواقف فى أحد الأركان على مدخل المطعم .. شعر "مراد" بألم وغضب يغزوان قلبه وكيانه كله .. هذا ما يلاقيه من الناس إما الرفض وإما السخرية وإما الشفقه .. وثلاثتهم يكرههم كرهاً .. ولا يقبل على نفسه احداهن أبداً ..توجه الى داخل المطعم وقال لأسرته :
- يلا عشان نمشى
نظرت اليه "نرمين" قائله :
- لا يا أبيه سيبنا أعدين شويه لسه مطلبناش الحلو
صاح "مراد" فيها بغضب :
- قولت قومى حالاً
نظرت اليه أمه قائله :
- بتزعلقها ليه يا "مراد" .. خلينا أعدين شوية
نظر الى أمه قائلاً بحزم :
- أنا عايز أمشى عندى شغل .. ومش هينفع أسيبكوا لوحدكوا .. يلا قوموا معايا
نهضت الفتاتان وهما تشعران بالحنق والضيق .. شعرت والدته بأن شيئاً ما أصابه أو أن المحادثة الهاتفيه عكرت مزاجه للغايه .. أوصلهم الى المنزل دون أن يتفوه ببنت شفه .. ثم انطلق فى طريقه وهو لا يدرى وجهته .. فقط يدرى شئ واحد .. لا شئ فى هذه الدنيا يستطيع مداواة جراحه أبداً .

********************************
تعددت اللقاءات بين "خالد" و "سهى" .. كانت تخرج معه فى سيارته .. أخذها الى أماكن عده .. كانت تشعر بسعادة غامرة وهى تركب تلك السيارة الفارهه .. وتحاول الاقتراب منه أكثر فأكثر .. كانت تتمنى ألا تفترق عنه وأن توقعه فى حبها .. شعرت بأنها حققت هذا الهدف بالفعل .. فها هو "خالد" وقد أغمرها بالهدايا والفسح .. كانت تتمنى وهو يلبي .. ابتسمت لنفسها بسعادة والهواء المنعش يداعب وجهها من شباك السيارة .. مد "خالد" يده ونزع قطعة القماش الصغيره التى تسميها مجازاً حجاب .. ثم نظر اليها قائلاً :
- كده شكلك أحلى
ابتسمت له وعدلت من تصفيف شعرها وهى تنظر الى المرآة
لمس "خالد" شعرها قائلاً :
- طالما شعرك حلو كده بتخبيه ليه
ضحكت قائله :
- تعود بأه
- لأ مش عايزك تلبسيه تانى شكله وحش عليكي
ابتسمت قائله :
- بس لازم ألبسه أدام أهلى وأنا نازله من البيت .. بس أوعدك أول ما نتقابل هقلعه على طول
ابتسم قائلاً :
- ماشى يا جميل .. تحبي بأه تروحى فين النهاردة
قالت بدلع :
- اختار انت المكان
رفع حاجبه بخبث قائلاً :
- ومش هتعترضى
قالت بدلال :
- تؤ مش هعترض
بعد ربع ساعة من القيادة أوقف سيارته أمام العمارة التى يقطن فيها .. نظرت "سهى" الى العمارة بريبه ثم التفتت الى "خالد" قائله :
- مش ده بيتك
ابتسم قائلاً :
- أيوة يا حبيبتى
أوقف السيارة ونزل منها والتف حولها وفتح لها الباب .. نزلت وبدا عليها التردد ثم قالت :
- طيب مينفعش نروح مكان تانى
ابتسم لها قائلا :
- انتى خايفه منى ولا ايه
قالت بسرعة :
- لأ طبعا بس خايفة يعنى ان حد يشوفنا
جذبها من يدها قائلاً :
- محدش هنا يعرفك .. ولو عليا فمحدش له حاجه عندى
صعدت معه وهى تشعر بخفقات قلبها المتسارعه .. عاد الصوت بداخلها يخبرها بأنها تفعل شيئاً خاطئاً وبأنها تمادت كثيراً وتنازلاتها تكبر يوماً بعد يوم .. لكنها أسكتت هذا الصوت كالمعتاد وقالت له "أنا مش هعمل حاجه غلط مجرد زيارة صغيرة وهنزل على طول أنا كبيرة وعاقلة وأقدر أحافظ على نفسي كويس " .. دخلت الى البيت وهى متوتره قليلاً .. فضلت الجلوس فى الشرفة عاد اليها وقدم لها كأساً فقالت بدهشة :
- بالنهار كده
ضحك قائلاً :
- وفيها ايه يعني هى الخمرة ليها وقت محدد
قالت بقلق :
- لا بلاش مش عايزه
ابتسم قائلاً :
- خلاص براحتك
نظر اليها قائلاً :
- انتى ليه متوتره كده
- بصراحة أصل دى أول مرة أروح بيت واحد
- ما انتى جيتي هنا قبل كده
قالت بسرعة :
- بس يومها كان فى حفلة بس النهاردة مفيش غيري
اقترب منها قائلاً :
- ماهو حلاوتها ان مفيش غيرك
ابعدته عنها قائله :
- "خالد" انت عايز منى ايه بالظبط
لمعت عيناه قائلاً :
- لسه مفهمتيش .. حبيبتى أما عايز أتجوزك
شعرك بسعادة غامرة تجتاح كيانها كله .. شعرت وكأنها لمست النجوم بيديها وحصلت على نجمة منهم .. قالت بحبور :
- بجد يا "خالد" .. بتتكلم جد .. عايز تتجوزنى بجد
ابتسم واقترب منها قائلاً:
- أيوة طبعاً يا حبيبتى .. بتكلم جد .. من يوم ما شوفتك وانتى دخلتى دماغى .. ومبقتش بتمنى غير انك تكونى ليا
اتسعت ابتسامتها .. لكنها تحطمت وتلاشت عندما سمعته يقول :
- بس هنتجوز عرفى
صمتت قليلاً تحاول استيعاب ما قال .. ثم دفعته "سهى" بعيداً عنها وقالت بغضب :
- عرفى .. انت ازاى تعرض عليا حاجه زى كده .. انت فاكرنى ايه
حاول أن يقترب منها مرة أخرى فأبعدته عنها بعنف .. صاح غاضباً :
- انتى هتترسمى عليا ولا ايه .. ما انتى كنتى عارفه من البداية ان ده هيحصل
نظرت اليه وهى غير مصدقة أذنيها فأكمل بتهكم وسخرية قائلاً :
- بقيتي بتتحججى بأى حجة عشان تجيلى المكتب ولما عزمتك على عيد ميلادى كنتى طايره من الفرح .. ورقصتى معايا يوم عيد ميلادى ومفيش حاجه قولتهالك وعارضتيني فيها حتى لما ادتلك خمره تشربيها نفذتى كلامى ورضيتي تخرجى معايا وتقبلى منى هدايا وتيجى معايا بيتي وانتى عارفه انى عايش لوحدى .. فبلاش بأه الرسم ده وطالما أنا وانتى فاهمين بعض كويس وعارفين كل واحد فينا عايز ايه من التانى يبأه خلينا حلوين مع بعض وبلاش نعكر مزاجنا بكلام ملوش لزمه
كانت تشعر بصدمة شديدة .. من كلماته التى ألقاها على مسامعها .. حاول الإقتراب مرة أخرى .. ابتعدت عنه فوراً وتوجهت الى باب البيت وخرجت مسرعه .. نزلت درجات السلم وهى تكاد لا ترى من الدموع التى تنهمر من عينيها .. أوقفت سيارة أجرة .. وأسرعت مبتعدة عن هذا المكان وهذا الشخص الذى أشعرها أنها فتاة رخيصة يمكن شرائها ببضع هدايا وبضع كلمات.

**********************************
هاهى على موعد مع خطاب آخر من خطابات "ماجد" .. فتحت الخطاب بلهفة شديدة .. لكم كانت تتمنى وجوده معها لتخبره بأمر عائلة والدها.. قرأت ما كتبه "ماجد" لها :
- زوجتى الحبيبة "مريم" .. كيف هو حالك مع الله .. لا أريد أى شئ أن يشغلكِ عن وردك وأذكارك وقيامك وفعلك للخير يا "مريم" .. أتذكرين حديثنا معاًً ودعائنا معاً بأن نلتقى أنا وأنتِ فى الجنة من بعد هذا الفراق الذى كُتب علينا .. أنا هنا لا أدرى الى أين أوصلتنى أعمالى يا "مريم" وليس لى سواكى ليهديني ما يخفف عنى حملى الثقيل .. لن أطلب منكِ شيئاً محدداً .. لا أريد سوى ما فى استطاعتكِ فعله .. من أجلى ومن أجلك .. حبيبك "ماجد"
ابتسمت "مريم" وترقرقت العبرات فى عينيها وهى تعلم جيداً ما ستقدمه له .. توجهت الى أحد الأدراج فى غرفتها وأخرجت علبه صغيره .. فتحتها وأخرجت منها القطع الذهبيه التى بها .. وفى الصباح ذهبت الى الصائغ وباعت ما بجوزتها .. أخذت المال والابتسامه على شفتيها .. توجهت الى أحد المساجد التى تم بنائها حديثاً فى شارعها .. كان مسجداً صغيراً لم يتم الإنتهاء من تشطيبه حيث توقف استكماله بسبب قلة الموارد المالية .. سألت عن صاحب المسجد وذهبت الى محله الذى يقع فى نفس الشارع .. كان شيخاً ديناً .. أعطته "مريم" ما بحوزتها من مال جمعته من بيع مصوغاتها ومصوغات والدتها و أختها .. وطلبت منه أن يقوم بتشطيب المسجد بهذا المال ويقوم بفرش المسجد وشراء المصاحف .. شكرها الرجل كثيراً ودعا لها بسعة الرزق .. كانت "مريم" تشعر بسعادة غامرة لأنها لم تتصدق عن "ماجد" فقد بل شملت صدقتها أمها وأبيها وأختها .. وتذكرت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من بنى لله مسجداً يذكر فيه اسم الله تعالى بنى الله له به بيتا في الجنة " .. دعت الله أن يتقبل الهدية التى أهدتها لأفراد عائلتها.. قال لها الرجل :
- قوليلى يا بنتى الصدقة ليكي ولا لحد متوفى
قالت "مريم" بإستغراب :
- لحد متوفى .. بس ليه حضرتك بتسأله ؟
قال الرجل مبتسماً :
- عشان يا بنتى احنا هنعمل يافته بأسماء الناس المتوفيه واللى أهلهم اتبرعوا للمسجد وهنعلقها فى المسجد عشان الناس تدعيلهم بالرحمة والمغفرة
أومأت "مريم" برأسها وأملته أسماء أبيها وأمها وأختها .. فقال الرجل بأسى :
- ربنا يرحمهم ويغفرلهم .. ماتوا مع بعض
قالت "مريم" بحزن :
- أيوة فى حادثة
نظر اليها الرجل مشفقاً وقال :
- ربنا يجعل الصدقه دى فى ميزان حسناتهم وحسناتك يا بنتى
تمتمت بخفوت :
- آمين .. ولسه فى كمان جوزى
نظر اليها الرجل بحزن بالغ وقال:
- لا حول ولا قوة الا بالله .. ربنا يعوضك يا بنتى ويصبر قلبك .. قوليلى اسمه
قالت "مريم" بحزن :
- "ماجد" ... "ماجد خيري"



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:42 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.