انِي حميتُكِ مني فلا ترحلِي

[**هُجرآنْ **]

بعد ساعات قليلة من سرحانها في منظر النساء والاطفال....منظر الناس اللذين يبغضونها ببساطة ويبغضون جميع من لديهم تلك الجنسية اللعينة .... ماهذا الدمار الشامل الذي يضيع الانسان في وسط هذه الظرُوف العويصة ..... ماذا عن حياتها القديمة ؟ ....هل كانت تعيش بسلام ابنة الهاجر ؟ ... أبوها أسير ...وأمها مقتولة ....وهي وحيدتهما ....تربت في ملجأ ...ثم عملت لتجبر على التوقيع باستلام هذه الجنسية ....ترى بعينيها صديقات لها معتدى عليهم ...مغتصبات...يحملون ابناء لاباء اسرائيلين.... وهي تكره بالطبع هذا المصير.... لم تكن لديهم الدراسة موفقة في التمريض والطب الذي كان هو حلمها وشغلها الشاغل....لذلك خضعت لدورات تدريبية في أسس التمريض .... حتى حصلت على شهادة دبلوماسية في ذلك.... خرجت من المخيم .... وهي تراه واقفًا يتمشى بجوار الخيام .... كانت ستعبر من امامه لولا طفل صغيرة اتى اليها وهو يشد معطفها الاسود ويقول :
( هل تعطين الاطفال الابر يادكتورة ؟ )
ضحكَت بلا شعور على تعبيره ... وكان الموقف امام نظره ....يراقب الحوار ويستمع بشبح ابتسامة ....لتنحني للطفل وتقبله قائلة :
( الطفل الذي يأكل ويشرب جيدًا ويطيع امه ...بالطبع نحن لا نعطيه الابرة ... )
هز رأسه لتبتسم وتكمل حديثها بشغف وهي تقبله :
( حفظك الله ابنُ من أنت ؟ )
تقدم ناحيتها وهو يمسك الطفل ويقول :
( هذا ابن أخي رحمه الله ... اسمه وسام )
ابتسمت لتقرص وسام من خده وهي تقول بحب :
( حفظه الله...هل أمه هنا ؟ )
هز رأسه وهو يشير الى امه .... ابتسمت بهدوء لتأخذ وسام ناحية أمه....لكنه وقفت بتردد ...تخشى ان توضع في نفس الموقف المحرج الذي كان قبل قليل...لكن عز الدين شجعها على ذلك وهو يقول :
( لا بأس ...زوجة أخي متفهمة...وقد انتقدت النساء قبل قليل على تصرفهم معك... )
تقدمت بهدوء وهي تخرج من حقيبتها شوكولاه وتقدمها لوسام الذي كان مصيره أن ابتسم بخجل ولكنه بالكاد لم يصدق نفسه من الفرح.... توجهت ناحية امه امام النساء اللاتي يوزعن الغداء على الجنود .... وبأدب مرةً اخرى تبتسم لامه وهي تجلس بجوارها وتضع وسام على رجليها وتقول :
( هذا ابنك عبارة عن كتلة من الجمال...عسى ان يحفظه لكِ وتبلغي في زواجه )
ابتسمت لها هيفاء وهي تقول :
( قولي فليعينني الله على شقاوته.... )
قبلته بحب وهي تحتضنه :
( كان مستنزلاً ...يسألني ان كنت احقن الاطفال ابرا او لا ....لا أعلم من غششه بهذه المعلومة ...)
عقدت حاجبيها هيفاء بابتسامة وهي تقول :
( لابد وأنها الناموسة سعاد هي من فعلت ذلك.... انها تغار منكِ بالأحرى ...)
رفعت حاجبيها باستنكار وهي تقول :
( تغار ؟ ومني أنا ؟ ... ههههه ...هذا من السمعة الجيدة التي امتلكها ماشاء الله !)
ربتت هيفاء على كتفها وهي تقول :
( لا بأس يا أختي.... لا تقلقي...سيحبونكِ الناس...النساء هنا معقدات ولا يلمن والله على ذلك... فهن يكرهن اسم اسرائيل فكيف بشخص يحمل الجنسية الاسرائيلية...مع الايام سيحبونك واثبتِ انتِ لهمُ ذلك.... )
هزت رأسها بهدوء وهي تبتسم :
( شكرًا على رفع معنوياتي.... سأحتفظ بهذا في عقلي... )
انحنت تقبل وسام مرة أخرى :
( ما ألذ الاطفال والله... )
وسام بشقاوة يأكل الحلوى :
( وما ألذ الحلوى ... شكرًا يا دكتورة )
ابتسمت إكليل بعد سرحانها باحراج وهي تمد يدها لتصافح هيفاء :
( أنا إكليل ... )
ابتسمت هيفاء ايضًا وهي تهز رأسها :
( وأنا هيفاء....أي شيءٍ تحتاجيه فأنا بالخدمة ...)
صمتت لكن هيفاء كانت اكثر جرأة وهي تضرب كتفها بكتف إكليل بممازحة :
( سمعتِ بأنكِ تشاجرتِ مع أخ زوجي.... مالذي حدث بينكما ...)
إكليل صُدمت باحراج ثم قالت وهي تحك رأسها :
( كيف تنتشر الاخبار هنا بسرعة ؟ )
هيفاء تغمز لها :
( لدينا صحفيين وثقافة اعلامية نسائية هنا ....)
ضحكت بخفة ثم تقدمت سعاد وهي توزع الوجبات ...وحينما مرت على اكليل اعطتها بطريقة غير مهذبة ....حتى ان اكليل انزلت رأسها باحراج وهي تبتلع هذه الغصة في وسط حلقها....ليس بيدها أي شيء ويعاملونها بهذه الطريقة .....لكنها ستحتمل .... وهذا كل ماعليها ان تفعله .....تنفست الصعداء وهي تحاول ان تشارك الجميع تناول الغداء ...لكن الغصة كانت اكبر من احتمالها....فتحاملت على نفسها وهي تقف وتمشي مغادرةً باعتذار....ودعتها هيفاء التي اشفقت عليها....وهي بدأت تمشي بضياع بسبب الحالة التي هي بها .... جلست على صخرة وهي تراقب المكان .....وتنظر للجنود .... وهم يأكلون طعامهم....يتمازحون....يبتسمون ...يتناوبون الحراسة..... حتى في وسط الحرب....لم يحرموا انفسهم من هذه السعادة والابتسامة....كل ماكان عليها فعله هو الصمت المبرح ....والتأمل .... صرخت بقوة حينما رأت أحد الصواريخ التي تعبر السماء وكانت تصدر ضجيجًا بشكل غير طبيعي....من حسن الحظ بأن منطقة الحدود لم تكن مستهدفة والا كان قتلى وجرحى .... وخروا مابين شهيد وصريع.... لكنها بالتأكيد وصلت الى منطقة اخرى ومن الواضح بأن الصاروخ يستهدف غزة مع الاسف..... المخيف والمهيب في هذا المشهد ....بأن الجميع خرج من خيامه يصرخ....والجنود يتوزعون بحركة ملفتة....الاطفال تضع يدها على اذانها من الضجيج وهي تصرخ وتبكي.....كانت هي في وسط دهشة عميقة .....دهشة مهيبة تغلغلت في جسدها بالكامل....الجميع يركض بضياع..... صحيح لم تكن هناك صورايخ تستهدف الحدود....لكن هناك قذائف مابين الفينة والاخرى....قذائف نارية تستقصد ارعاب المدنيين اللاجئين ..... بكت برعب شديد وهي تشعر بأن القذائف ستسقط عليها..... امامها ترى جنود يقتلون...واطفال يجرحون ونساء ايضًا .... دارت حول نفسها بضياع والدخان يعم المكان....مرت الساعات وهي على هذا الضياع....وكان الوقت يشارف وقت الغروب.... تمشي بحسرة وبرعب ....حتى هيفاء وهشام لم تراهم ...الكل يمشي من امامها يفر بنفسه....الجنود تحاول لم اللاجئين لداخل المخيمات بسرعة....لكن رعبهم وهلعهم ازال التفكير من عقولهم.... ضاعت وسط هذا الوضع المرعب والمهيب....جلست في مكانها ووضعت رأسها بين ركبها وبدأت تبكي بخوف شديد وهي تتشهد بشهادة الاسلام ....تشعر بأنها ستكون شهيدة ... في هذا اليوم.... شعرت بأحد يناديها لاكثر من ست مرات....يصرخ ويهزها كي تستوعب لكنها لازالت تبكي.... ان تكون في حالة استعداد للموت من الصعب ان تستفيق في ثوانِي...خصوصا وهي تتذكر اليوم الذي قتلت فيه امها ....واسر فيه ابوها....قتلت في السيارة والدتها بواسطة قذائف تشبه هذه القذائف....امام عينيها تحولت والدتها الى اشلاء... بكت بحرقة وكأنها تودع .... لم تشعر الا بنفسها محمولة بين ذراعيه وهي تبكي برعب شديد وتسند جبينها لصدره بلا وعي وهي تقول :
( انا ضائعة ....أنا خائفة ....أمي ماتتت....أمي ماتت ....لقد اخذوا ابي.....لقد اخذوا ابي.....)
شعرت بالسكون وبهدوء الاصوات فجأة وهي ترى نفسها مستلقية على سرير في مخيمها....كانت تبكي برعب وتلتوي على نفسها....ولم يكن بيده حيلة الا ان كان المنظر هذا امام عينيه وهو يضع يده على جبينها....وكما توقع ....ارتفعت حرارتها بسبب ضغط الخوف الذي لديها.... ثم قال :
( لقد ناديتك اكثر من مرة....القذائف توقفت لاكثر من ساعة....وانتِ تبكين في مكانك.... مالذي حدث لكِ يا إكليل...)
كانت صامتة وتأن بخوف شديد وهي تتذكر المنظر الذي لا ينتهي :
( أنا خائفة ....لقد حولت هذه القذائف امي الى اشلاء.....اخاف ان اموت مثلها......)
تنفس الصعداء وهو ينظر لحالها الذي تحول الى وضعٍ مزري.....خرج ليطل برأسه من الخيمة....جنوده يسيطرون على الوضع ....الكل دخل الخيام...بعض الجنود يحملون الجرحى...كان ينظر يريد ان يرى هيفاء او الحاجة ام حسين لمساعدة اكليل ولكن دون جدوى....توجه ناحيتها ... ثم قال :
( اهدئي اكليل....كل شيء كما يرام .... )
هزت رأسها كناية عن عدم استيعابها :
( لقد كنا نأكل....كنت اتحدث مع هيفاء....وقفت ناحية الجنود أنظر لهم....واذا بهم يفروا امامي ....والنساء تصرخ...والاطفال تبكي.... وهناك قتلى ...هناك جرحى .... هنــ.....)
قاطعها وهو يقول :
( أنتِ بأمان.... لقد انتشلتك من الخطر ...وأتيتُ بكِ الى هنا.... هيا استوعبي ...انتِ بخير الآن ...)
تنفست الصعداء عدة مرات ... ثم قالت وهي تضع يدها على رأسها بصداع :
( يا إلهي....)
ابتسم بهدوء وهو يقف ليذهب :
( يجب ان تكونِي ممنونة لِي يومًا ما وتردي المعروف....فلولاي لكنتِ بقيت هناك ولم يعلم عنكِ أي احد ...)
وقفت وهي ترمقه بحدة ثم قالت عاقدة حاجبيها بشكل مفاجئ وهي تلم حقيبتها :
( هناك جرحى كثيرون....يجب ان اتفقدهم جميعًا .... هل لدينا امدادات طبية كافية هنا ؟)
هز رأسه لها وهو يقول :
( أجل في الوقت الحالي لدينا ...)
لبست حقيبة الظهر على كتف واحد فقط ...ولمت شعرها كذيل الحصان .....ثم خرجت تمشي خلفه الى مخيم الجرحى .....كان احد الجنود طبيبًا يوما ما....فقد تفقد نصف المصابين...والبقية لازالوا ينتظرون....فقد همت بسرعة لأن تأخذ المعقمات الطبية والقطن الطبي والملقط وهي تجفف الدماء من مناطق الجروح ...لكذا مصاب...من اطفال وحتى من نساء.... بعض النساء اعترضوا كونهم لازالوا يعتقدون بأنها اسرائيلية...لكن عز الدين غضب جدًا منهم... فما كان لديهم سوى الصمت وقبول ذلك....واساسا عامل الالم تحامل عليهم فما كان لدى اكليل الى ان تقوم بمداواة جراحاتهم.... انتهت من الجميع تقريبًا حتى اصبحت الساعة العاشرة مساءًا ....ولم يبقى سوى هو .... يوجد جرح في خده ...جرح عميق ممتد الى رقبته....وكان ينزف طوال الوقت.... لم تنتبه له في البداية ....ولكن بدلته البيضاء من تحت البدلة الجيشية كشفت عن الدماء.... فقالت له :
( هل بامكاني مداواتكِ سيدي ...لأرد المعروف لك ؟ )
ابتسم وهو يضع يده على خده الذي لطخ بالدم ويقول :
( لاحظي بأنك لن تردي المعروف كاملا بمداواتي...يتبقى لكِ نصف المعروف... فلقد انقذت حياتكِ ...فلا يقارن هذا بذاك....)
صمتت بهدوء وهي تمحو اثار ابتسامتها التي هو لمحها بذاته...ليجلس ويفتح قميصه وهو يراقب عينيها ...اللتان اتسعتا بخجل....فكان الجرح الى بداية صدره اسفل عظمة الترقوة.... احمرت وجنتيها ... وهي تغمس القطن في المعقم ....ثم تربت بها على خده ...كان يعض شفتيه بسبب وخزة الالم .... وكانت هي تنظر بعجز لهما.....تحمحمت بحرج ثم اكملت عملها...حتى انتهت منه ... وهي تقول بهدوء :
( انتهينا ....)
ابتسم ووقف وهو ينظر لصديقه الجندي حسام الذي لازال يطبب بقية المصابين من الجنود ...لم ينتهي بعد ... فلم يبقى سوى القليل... نظر لعينيها وما كان الا ان ارتعشت امامه... تنفس الصعداء وهو يقول :
( شكرًا إكليل... لقد اثبتي مدى تعاونكِ معنا.... وهذه خدمة مشرفة بالنسبة لنا...)
احنت رأسها قليلاً باحترام وهي تقول :
( ولو ! ...هذا واجبي ....))
ابتسم لها ثم انصرفت من امامه كالطيف....شعرت بالحرارة في كامل جسدها وهي تتذكر صدره البارز ....بنيته العضلية ...وشفتيه المغويتين.... وضعت رأسها على يديها بدوار وهي تقول :
( يا الهي.... اخرج من رأسي....اخرج من رأسي....)
حاولت ان تستجمع انفاسها....لتنزع ملابسها...ثم تستحم .....وترتدي ملابس اخرى .... وتنام بانهيار !

.................................................. .................................................. .................................................. ..............................................
بعد دقائق من تجولها في طرق حارتها التي لطالما حنت اليها ......صادفت آخر شخص هي ترغب في لقاءه .....انها فرح....صديقتها القديمة ......صديقتها التي كانتَ مطلعُ اهتمآم وثقة بالنسبَةِ إليهآ .....حينما رأتها تنظر لها دقائق ....وكانت تمسك في يدها كف احد اطفالها.....سرحت طويلاً .....بسبب هذهِ الصديقة ....لم تتمكن من ان تحظى بفرصة انجاب طفل كهذا الطفل الذي تمسكه.....لم يأتي اليها خطيب واحد .....ماعدا رضا .....شوهت سمعتها كثيرًا ولطختها بدماء الزيف.... لماذا يافرح؟ لماذَا وأنا من حظيتُ بكِ واحتضنَت عينايَ كل أسرارِك ....؟ لماذا يا صديقتِي بعثرتِ الروح الجميلة التي تتفاقُم كل ما رأت بسمتُكِ .... لماذاَ قتلتِ روح الصداقة .... وأرسلتها إلى محكمةِ الاعدَام ..... ؟ لماذا جعلتِ روحِي تحتضر من طعنتكِ ؟ أخطأتُ حينما أحببتِ ....وأخطأتِ أنتِ في خيانتِي ....
استدارت دون ان تعير تلك الصديقة القديمة اهتمامًا ....بينمَا تلك الصديقة كانت تنظر لها بعينينِ نادمتين .... لقد علمتها الامومة الحنية ....لقد نزلت عليها طاقت الرحمة من السماء.... لتنادي صديقتها بهمسٍ مرتجف :
( أروى .... أروى أرجُوكِ توقفي ...)
لكن أروى فضلت اكمال طريقها....فمهما حدث....فرح كانت واقعة في مشاكل الحب قبل زواجها....وكانت لديها قصص قديمة ...هي سترت عليها...لكن فرح...لم تفكر أن تعطي أروى فرصة الخصوصية ...على كل حال هي لا تفكر ان تحاسبها.....هي تفكر فقط بأن تبعد نفسها عنها....فالمؤمن لا يلدغ من جُحرٍ مرتين ... عادت الى المنزل بعد ان اقتنت بعض الزهور من محل لبيع الورود في حارتها....محل بسيط يبيع فيه شاب بعمر الخامسة عشر عامًا مع جده ذو السبعين من عمره.... مشت الى حيث يقبع مكان شقتها....وفي طريق ذهابها لمحت رضا يمشي مع جماعة من الشباب ... وكان مبتسمًا ... بل ضاحكًا معهم.... وفور ما ان رآها توقف بلا شعور....وكأنه لم يرها قط ....وكأنه يراها للمرة الاولى ... شعرت بالحرج وهي تنزل رأسها للاسفل وتضع شعرها خلف اذنها....ثم تتجاوزهم بهدوء وتصعد بسرعة كبيرة الى الاعلى وخفقان قلبها يكاد يفضح مابها .... بل ان الاحمرار كان على وشك ان يفجر كل شريان فيها.... فتحت لها والدتها الباب .... وتحججت بترتيب الزهور !!

.................................................. .................................................. .................................................. .................................................. ...

تستيقظ بتعب شديد وهي تشعر بأن الحرارة تحرق عينيها.... وأن آثار المرض بالتأكيد هي بادية فيها....جلست من فراشها وهي تضع يدها على رأسها....غسلت وجهها بالماء ثم ارتدت معطفها....وربطت حذائها البوت البني ....وفتحت باب الخيمة تنظر للخارج ....كان الفجر في اول بداياته.... مرابطة الجنود لا تنتهي....يتعاقبون فيما بينهم.... خرجت للخارج وهي تضع يدها على ذراعيها ....موجة البرد القارس... كانت تكشف عن نفسها.... توجهت الى مخيم النساء وهي ترى هيفاء تغسل وجه ابنها بالماء....وفور ما ان انتبهت لها تقدمت اليها وهي تقول :
( صباحُ الخير ... كيف حالكِ ؟ )
ابتسمت لها هيفاء وهي تمسح وجه ابنها :
( الحمدلله بخير...تعالي يا إكليل هل بإمكانكِ أن تكشفي عن ابني وسام....انه يتقيأ كثيرًا )
إكليل بقلق تجلس على ركبها وتصل الى مستوى وسام وهي تضع يدها على جبينه وترى بأن حرارته مرتفعة ... ثم قالت وهي تخرج مصباح ضوئي :
( كم يوم وهو على هذا الحال ؟ )
هيفاء تجلس بجوارها والقلق يتزايد :
( منذ يومين ...وهو لا يتوقف...خصوصا حينما يهرع الى النوم يستيقظ فجرًا ليتقيأ ... لا اعلم هل هو من الطعام ام من موجة البرد )
ابتسمت لها إكليل تطمأنها وهي توجه المصباح لعين وسام لترى عينه :
( لا تقلقي...من الواضح انها بسبب موجة البرد...حتى انا اعاني من اعراض هذه الموجة....البسيه شيء يقوم بتدفيته كي لا يزيد الوضع سواءًا )
ابتسمت لوسام وهي تشير له :
( ايها البطل...اين يؤلمك ؟ ...هل هنا في جهة البطن او الصدر...او اسفل البطن ؟ )
وسام يشير الى جهة معدته :
( انها معدتي...تؤلمني كثيرًا ...اشعر بألم كبير ايتها الدكتورة )
اكليل تبتسم :
( اذا يجب ان تشرب الدواء كي لا نحقنك بالإبرة....)
وقفت وهي تحمل حقيبتها وتدخل اغراضها :
( سوف اذهب الى خيمة الامدادات الطبية ....لارى الدواء المناسب له والمتوفر ...)
هزت هيفاء رأسها ....مشت بهدوء الى خيمة الامدادات ....رأت هشام وعز الدين يتقدمون ناحيتها.....تلعثمت فور ان رأت عز الدين ....هشام تجاوزهما الى خيمته هو وعبد الاله .....وترددت في اكمال خطاها ....لكنها اكملت الا ان عز استوقفها قائلاً :
( إلى أين ؟ )
تنفست بهدوء وهي تشعر بأن البرد يتسلل الى رئتيها بشكل خطير ...حتى انها بدأت لا تشعر بقدميها :
( وسام مريض ..و...أريد أن ...أصرف لها الدواء المناسب ...)
عقد حاجبيه بضياع :
( ماذا؟ هل هو مريض حقا ؟؟)
هزت رأسها....اخذها معه الى خيمة للامدادات الطبية ...بدأت تبحث عن بعض الادوية.....لكنها انحنت بتعب شديد وارهاق وهي تلهث بتعب .... البرد افقدها طاقتها ..... حتى رئتيها لا تحتملان ....لان لباسها لم يكن مكتملا ليدفيها من البرد القارس .....توجه ناحيتها عز بقلق وهو ينظر لها منحنية على دولاب الادوية ويدها على صدرها وتعتصر بعض الادوية ...بحثت عن مسكن للالم لها ....بعدما اخذت دواء لوسام ....مشت وكانت تشعر بالدوار....جسمها يفقد الطاقة تدريجيا .... كانت ستسقط لكنها تحاملت ....توجه لها عز بقلق وهو يقول :
( هل أنتِ بخير ...؟؟؟)
هزت رأسها وحالها لا يعجب عز ....الذي رافقها لاعطاء وسام الدواء....كانت ترتجف امامه ....ومن الواضح بان لباسها لم يكن كافيا...فلا يفعل هذا المعطف الخفيف شيئا ان كان ما تحته لباس خفيف .... وقفت بعدما اعطت وسام ....توجهت الى خيمتها بتعب ...وعز يمشي خلفها....وهو يوهم نفسه بأنه يراقب المكان....بينما بالحقيقة قلبه يشعر بأن إكليل ليست على ما يرام ....توجه ناحيتها حينما سقطت وهي ترتجف بشكل غير طبيعي .... في ثوانٍ كان هو امامها ....:
( إكليل ...ماذا بكِ ...حالك لا يعجبني ...)
إكليل بإرهاق وحيرة وتعب افقدها السيطرة حتى على عقلها :
( لا استطيع المشي ...ساقاي لا تحملاني .....هل انت ...أتيت ...لا ...اقصـ...)
قاطعها وهو يحملها بين ذراعيه ....وهو يشعر بنومها السريع ....فقد استجاب جسدها البارد لدفء جسده ...وخارت قواها لتغفى .....ادخلها خيمتها ...وهو يضعها على فراشها....طلب من احد الشباب ان يحضر بطانية ...احضرها وغطاها بها .... انتزع معطفه الحربي وهو يضعه على جسدها بهدوء ....انها المرة الثانية التي يقدر له ان تنهار امامه وهو يدخلها بنفسه الى خيمتها ليراها نائمة بسلام ....احتار في امرها بالفعل .... نظر الى ساعته ....وشعر بتوتر من ان يطلب حسام ليكشف على اكليل ولا يعلم لما كره ذلك ....رفع جهاز التردد وهو يقول :
( حسام ....هل تسمعني ...)
رد حسام بعد خمس دقائق :
( نعم عز ...ماذا يجري ؟ )
عز بتردد وهو يحك جبينه :
( لدي مريض سقط بسبب البرد ....وحرارة جسده مرتفعة جدا ...ماذا افعل ؟ )
حسام يشرح له بهدوء :
( قم بتدفئته جيدا ..انتظر عشر دقائق حتى يشعر بالدفء ....ثم خذ كمادات باردة وضعها على جبينه ...)
توجه للخارج يبحث عن ماء بارد ....وكمادات ....ثم عاد ليضعهما على جبينها وهو يضغط عليه بهدوء ......




انتهـــت المقدمة ،،
إلى الملُتقى بإذن الله .....
أتمنى أن أرى توقعـــــــآتكمُ :$

[um soso]

عزيزتي هل هذه كلها مقدمه
او الفصل الاول .... او الاثنين معا

[**هُجرآنْ **]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة um soso

عزيزتي هل هذه كلها مقدمه
او الفصل الاول .... او الاثنين معا

لا فقط المُقدمة :$

[**هُجرآنْ **]

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 4 والزوار 0)
‏**هُجرآنْ **, ‏كونتشي, ‏أسماء44, ‏um soso

الحمدُلله بدآية خير مُبشرة ... أتمنى أن أرى أسمائُكم تولي رأيها بِروايتِي المولودَة توًا ...

[نداء الحق]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مساء الخيرات والسرور والسعادة ياهجران
مقدمة جميلة جدا واسلوب واعد وتشد القارئ
تسجيل متابعة معك من البداية
ابطال القصة هما زوجين
أروى ورضا
وعز واكليل
بانتظارك ياريت لو تحددي لنا يوم للتنزيل الفصول حتى نستطيع التواجد

[سجن المؤمن]

الحقيقة جمال حرفك .. تعجز الكلمات عن وصفة ..
الفكرة جديدة غير مستهلكة ..
التمهيد ..طويل مشبع .. التهمت حقيقة الحروف التهاما ..
قدراتك على التعبير أبهرتني ..
بالنسبة لشخصيات ..
اكليل و عز الدين مازلنا لم نتعرف عليهم جيدا ..
أم أروى لم أستسغها .. قسوتها أوجعتني ..
طريقتها في معالجة الخطأ الفادح لإبنتنها خاطئة ..
رضا : لم يعجبني فيه تركه لأروى مدة خمسة سنوات ..
تواجه هذا المجتمع المجحف وحدها ..
ألم تحتج رجولته على هذا الصمت ..
كيف يتركها تقاسي و تتألم وحيدة .. محبوسة ..
مقهورة ..أنا لا أبرئها من الخطأ لكن مادامها تابت ..
لماذا ما نزال نطاردها بذنبها .. تعبيرك عن ألمها كان قمة في الإحترافية ...
حقيقة بداية روايتك خلبت لبي ..
متابعة معك بشوق ..
لا تتأخري علينا ..موفقة إن شاء الله

[زينة و نحول]

مبروك الرواية وتمنياتي لك بالاستمرار ، لقد شدني أسلوبك في الكتابة ... سأكون من المتابعين معك ان شاء الله ..

[انين قلب مجروح]

مساء الخير
شكر عليك دعوتك لي
المقدمة جميلة ومشوقه جدا
انا لن استطيع الحكم علي ام اروي
فيما فعلته بابنتها لانها ترى بمنظرها انه الصواب
ولكن اعاتب رضا علي ما فعله باروي
اروي لم ولن تنسي رضا هي لا ادري ماذا اقول غير انها ظنت انها تصالحت مع نفسها ولكنها فقط علمت ان مافعلته غير صحيح
طرحتي فكرة نعيشها في المجتمع العربي
دائما يلقون اللوم علي الانثي سوى كانت مخطئة ام لا
وجل ليس علية لوم
عز الدين وأكليل
قصتهم لا اعرف كيف اصفها
غير انها شجرة ورد صغير انزرعت في ارض غير ارضها بدات بنمو لتكبر وشجر بوردها يسر الناظر ولكن رحلة نموها ستمر بمصاعب كتير
جعلتي عقلي يعمل بمختلف الاحتمالات لمسار الرواية
سلمت اناملك عزيزتي هجران

[**هُجرآنْ **]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نداء الحق

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مساء الخيرات والسرور والسعادة ياهجران
مقدمة جميلة جدا واسلوب واعد وتشد القارئ
تسجيل متابعة معك من البداية
ابطال القصة هما زوجين
أروى ورضا
وعز واكليل
بانتظارك ياريت لو تحددي لنا يوم للتنزيل الفصول حتى نستطيع التواجد

شُكرًا لِهذآ الحضور المبهر عزيزتي ......الذي اعرفه بأني ابتسمت بمجرد قراءة تعليقاتكم المكللة بالحفآوة,,,
وماخاب ظني في هذآ المكان .... بداية مبشرة :$

[rontii]

ماشاء الله اسلوبك تحفة و القصة جميله جدا و مختلفه
اولا مقدمة كبيرة جدا تنفح 3 فصول عرفتنا بقصتين لاكليل و اروي
متبعاكي ان شاء الله و اتمني ليكي كل التوفيق
عندي مشكله مش عارفة هي عندي انا بس و ﻻ الكل
الصور بتاعه الابطال كانت ظاهرة عندي احد ساعتين فاتو و حاليا الصور مش راضية تفتح خالص
لو مفيهاش تعب ليكي نزليهم في تعليق جديد عشان اشوفهم او عيدي رفعهم في اول الروايه