آخر 10 مشاركات
زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          منحتني السعادة (2) للكاتبة: Alison Roberts .. [إعادة تنزيل] *كاملة* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          هدية عيد الميلاد (84) للكاتبة : Abby Green .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          رهينة حمّيته (الكاتـب : فاطمة بنت الوليد - )           »          رواية نبــض خـافت * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : سما صافية - )           »          4-البديله - فيوليت وينسبير - ق.ع.ق .... ( كتابة / كاملة)** (الكاتـب : mero_959 - )           »          جددي فيني حياتي باللقاء *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : وديمه العطا - )           »          إمرأة لرجل واحد (2) * مميزة و مكتملة * .. سلسلة عندما تعشق القلوب (الكاتـب : lossil - )           »          110 قل..متى ستحبني - اليكس ستيفال ع.ج (كتابة /كاملة )** (الكاتـب : Just Faith - )           »          الفرصة الاخيرة للكاتبة blue me *كاملة* المتسابقة الثانية** (الكاتـب : ميرا جابر - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات عبير العام > روايات عبير المكتوبة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-01-09, 01:26 AM   #21

Shining Tears
 
الصورة الرمزية Shining Tears

? العضوٌ??? » 1639
?  التسِجيلٌ » Jan 2008
? مشَارَ?اتْي » 218
?  نُقآطِيْ » Shining Tears is on a distinguished road
افتراضي


الفصل الرابع

لم يكن الطريق الخاص الذي يقود إلى بيت كين ماريوت ، طويلاً فهو لم يكن فقط بجانب المطار ، ولكن يمكن الوصول اليه خلال الطرق الجانبية ، تجنباً لازدحام الطرق العامة الرئيسية . ولم يكن هذا شقة في مبنى كبير ، وإنما منزلاً ذا شرفات وفناء خلفي وكاراج .
فتح كين البوابة غلى الفناء الخلفي لكي تمر ليزا منها بسيارتها لتوقفعا على الأرض المرصوفة بالحجارة شأن معظم المنطقة ، وكانت وفرة النباتات الإستوائية التي تغطي ناحيتي السياج تؤمن عزلة المكان ، كان لاختيار كين لمسكنه هذا يمثل شخصيته . فهو منزل راقٍ في منطقة راقية ، كما انه ملائم وقريب من كل شيء ، من أماكن العمل واللهو والمتاجر وغير ذلك...
سار كين وليزا خلال الباب الزجاجي المنزلق إلى حيث المطبخ الحديث الطراز . والذي كل مافيه كان أبيض اللون ومن المعدن غير القابل للصدأ .
كان ديكور الشقة آخر صيحة في الحداثة ، فهو بالغ الرفاهية والإثارة . كانت غرفتا الجلوس والطعام في الطابق الأسفل مؤثثتين بالجلد ومعدن الكروم والزجاج بالألوان الأبيض والأسود والأحمر ، بلمسات قليلة من الأخضر والأرجواني ، ما جعل لكل ذلك تأثيراً غير عادي بجماله .
كان كل شيء في المنزل يصرخ بالثراء ، من الأرائك الفسيحة في قاعة الجلوس إلى المصابيح التي تنطق بالفن الحديث ، إلى اللوحات السريالية على الجدران ، كانت الجدية والبساطة هي السمة الغالبة ، فلا اضافات ولا اشياء لا معنى لها في نظر كين .
عندما دخلا المطبخ ، أمسكت ليزا البنفسج بيدين مرتجفتين وكأنها طلسم.
سألها كين وهو يضع حقائبه على الأرض ثم يتوجه إلى الثلاجة مباشرة
:" تريدين طبعاً شرابك المفضل عصير التفاح ."
أجابت :" نعم ، شكراً ."
وعندما جاء بكوبين سألته :" هل اعد شيئاً من الطعام ؟"
أجاب :" فيما بعد ."
وقفت امام الحوض تضع الأزهار في الزهرية ، بينما كان هو يقول بصوت منخفض رقيق :" لشد ما اشتقت إليك هذه الأسابيع الثلاثة ."
" وأنا اشتقت اليك أيضاً ، يا كين ."
" أليس هناك رجل آخر ، يا ليزا ."
" كلا ."
" ليس هناك ربما ؟"
فهزت رأسها نفياً .
" إياك ان تذكري رجلاً آخر بعد الآن ."
أجابت :" أبداً ."
لقد زرعت تلك الشكوك في ذهنه هذا الصباح ما جرح كبرياءه ، فقالت نادمة :" لم أكن أعني ما قلته لك في الهاتف ، يا كين ، فقد كنت غاضبة منك لأنك لم تتصل بي هاتفياً ."
فهمس يقول بصوت ناعم ساخر :" يا قطتي الصغيرة ، عليك أن تتعلمي ان لا تلعبي بالنار ."
قالت تعتذر :" كنت مشتاقة إليك يا كين ، وهذا كل شيء ."
" وكذلك أنا ... إلى أقصى حد ."
فقالت متأملة :" ما كان لي أن اتحدث عن رجال آخرين ."
قال :" إياك أن تجعلي هذا عادة فيك ."فساورها الأمل في انه ربما يهتم بها حقاً اكثر مما كانت تظن ، أم لعل ذلك مجرد حب التملك فيه ؟
" هل أنت مسرور الآن ؟"
" تقريباً ."
" ما الذي تريده اكثر من هذا ؟"
نظر اليها طويلاً دون ان تجيب .
بدا لها محبطاً للغاية ، ما جعلها تنبذ فكرة أنه كان لديه امرأة أخرى بجانبه . فقد كانت هي المرأة الوحيدة في حياته . لو كان كين فقط اكثر اهتماماً بها ، إذن لكانت سعادتها لا توصف معه .
ربما كان لها مكان خاص في نفسه ولكنه لم يقل لها قط انه يحبها ، وتساءلت ليزا عما إذا كان ذلك لأنه لم يستطع أن يرغم نفسه على قول شيء لا يشعر به ، أو ان ليس بإمكانه ان يقول شيئاً يكشف عن ضعف تجاهها ، ام ان ماضيه جعله غير قادر على حب أي انسان ؟ وإذا به يسألها برقة :" ماذا تقولين لو أنني قلت لك أنني أحبك ، يا ليزا ؟"
فقفز قلبها ونظرت إليه بمزيج من الأمل والريبة ، وانتصرت الريبة . فثمة سبب وراء كل مايقوله كين ، فهو يتكلم عن عقله وليس من قلبه . وربما يبحث عما يجعل علاقتهما تستمر بالشكل الذي يريده ، لم يكن كين قد احب احداً أو شيئاً في حياته قط من قبل ، فقد كره والدته لاتباعها حياتها الشخصية . وكره والده لأنه لم يجاهد في سبيل ماهو له وقبوله بضعف ما فعلته زوجته به وبولديهما ، كره في شقيقته عصابيتها التي تجعلها اتكالية على الآخرين ، رغم أنه كان يكن لها شيئاً من العطف ، ولو كان الحب في طبيعته ، لأخمده بصفته شيئاً غير موضع للثقة .
اجابته على سؤاله بعبوس ساخر كانت ترجو ان يخفي الألم الذي كان وراء كلماتها :" كنت أقول انك تكذب ."
" لماذا ؟"
" لأنك منذ ساعة كنت في المطار تشير لي إلى الباب قائلاً انه طريق الخروج من حياتك ."
" كنت اضعك امام خيارين ."
" ولكن ذلك لم يملأني بالثقة في مبلغ حبك لي ، يا كين ."
فلوى شفتيه :" لقد اعطيتني نفس الشعور بكلامك ذاك في الهاتف ."
أترى كرامته جرحت ؟ ما جعله يستفزها إلى القول بأنها تحبه ؟ فهي دون شك ، هددت حسه بالأمان عندما قالت له انها تهتم برجل آخر ، أترى ما يرضيه الآن هو الشعور بأنها ملكه روحاً وجسداً ، وعقلاً ؟ وفكرت مكتئبة ، بأن هذا كله من جانب واحد ، ذلك ان كين لا يحبها ، وإنما المسألة مسألة نفوذ ، وكان هو يريد ان يرى مبلغ نفوذه عليها ، وخاطبته بصمت ، ان ذلك لن يكون اثناء هذه العطلة ، فنحن الآن سنتقابل مقابلة الند للند ، يا كين ماريوت ، هزت كتفيها قائلة :" ربما نحن غير متلائمين ."
" أهذا هو رأيك ؟"
" لقد سبق وقلت لك انني سأعطيك رأيي مساء الأحد ."
" عما إذا كنت مغرمة بي ؟"
تعمدت إخفاء مشاعرها وهي تجيبه قائلة :" بل عن استمرار علاقتنا فترة أخرى ."
" مادام ذلك يناسبك ."
فهزت كتفيها :" شيء كهذا ."
" وإذا قلت لك انني لا أحبك ؟"
" إذن لصدقتك ."
ضحك ولكن دون بهجة :" اتعرفين ماهو الحب ، يا ليزا ؟"
قالت بارتياب :" وهل تعرفه انت يا كين ؟"
لوى شفتيه ساخراً :" لا اظن ذلك ."
فكرت هي بسخرية مرة بأن ظنه هذا صحيح ، وانها ضعيفة غبية في قبولها قضاء العطلة معه ، ولكنها غير نادمة ، في الحقيقة ، فقد قررت الآن ان هذا هو الوقت المناسب لكي تعرف وضعها في نفسه .
سألته :" اذا كان عليك ان تختار بيني وبين عملك ، فماذا تختار ، يا كين ؟"


Shining Tears غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-01-09, 01:27 AM   #22

Shining Tears
 
الصورة الرمزية Shining Tears

? العضوٌ??? » 1639
?  التسِجيلٌ » Jan 2008
? مشَارَ?اتْي » 218
?  نُقآطِيْ » Shining Tears is on a distinguished road
افتراضي

هز كتفيه :" هذا مجرد افتراض لن يحصل أبداً ." انه الرجل الواقعي ابداً ، كما أخذت تفكر ، والذي لا مكان للعاطفة في نفسه ، ومن العجيب حقاً ان فكر في شراء باقة بنفسج لها ، واصرت على سؤالها تريد الجواب :" ماذا كنت تختار ؟"
" في هذه اللحظة ؟"
قالت :" نعم ."
" في هذه اللحظة بالذات ؟"
" نعم ، الآن ."
لم يبد عليه أثر للتردد أو عدم التأكد وهو يقول :" انني اختار العمل ." انه صادق تماماً ، وفي غاية القسوة ، كين هذا ، وكانت هي تعلم ذلك بالطبع ، ولكن هذا لم يمنع الجرح من ان يصيبها في الصميم ، سألته متظاهرة بمجرد الفضول :" هل هناك سبب معين ؟"
" أهذا كل شيء ؟"
قال بعنف :" انك اخبرتني هذا الصباح بأنك ستتركينني ."
حدقت ليزا به وقد تملكها الذهول لتغيره المفاجئ هذا ، زقالت تدافع عن نفسها :" كان هذا فقط لأنك على ما أنت عليه ."
" وما هذا ؟"
" عدم الاهتمام أو الرضا بأي شيء ماعدا رغباتك الخاصة ."
رفع حاجبه بسخرية متغطرسة :" ما اسخف هذا ."
قالت بحدة :" هذا ليس سخيفاً ، وهو لا يحتاج إلى سوى لفتات بسيطة ..."
فقال هازئاً :" اتصال هاتفي مثلاً ..."
قالت بغضب :" بالضبط ."
فلمعت عيناه بسخرية مرة :" وإحضار أزهار لك ؟"
" كل هذا ذو فائدة ." قالت ذلك بغضب وقد تملكها الاستياء من رفضه اشياء تعني لها الكثير .
" وهل تسمين ذلك حباً ، ياليزا ؟" وكان عدم التصديق يغلف النبرة الخطرة في صوته المنخفض .
لكن ثقتها القوية فيما تعتقده ، لم تدع مجالاً للشك :" ان لفتات بسيطة كهذه تظهر انك لا تفكر في نفسك طوال الوقت ، انها تظهر اهتمامك بي ، ومن دون الاهتمام ، ليس هناك حب ."
بدت القسوة في أساريره :" ماذا تريدينني أن أفعل ؟ ان احضر اليك فنجان قهوة إلى السرير كل صباح ؟"
" تلك فكرة رائعة ."
" إذا كنت تريدين هذا النوع من الرعاية الطفولية التي تعامل بها شقيقتي زوجها ، فالأفضل أن تبحثي عنها في مكان آخر ، فهذه ليست فكرتي عن الحب ."
قالت ساخرة :" انني اعلم هذا ، يا كين ، فأنت لا تتنازل عن شيء ."
لمعت عيناه السوداوان ، وقال بجمود :" أرى انها ستكون عطلة مميزة ."
فقالت :" وهذا هو رأيي أنا أيضاً ، ربما الأفضل ان اذهب الآن ... ما دمت قد ارتحت الآن ."
أطلق ضحكة قصيرة خشنة :" انك تظنين هذا ، أليس كذلك يا ليزا ؟ تظنين ان كل ما أريده منك هو إرضاء رغباتي الحسية ، تظنين ان هذا ما يحملني على العودة اليك ؟"
نعم ، هذا ما كانت تظنه ، ولكنه كان من الإذلال لها بحيث لم تكن تستطيع الاعتراف به ، وحول عنف مشاعرها الحب في نفسها إلى كراهية .
قال بصوت ناعم :" دعيني اخبرك يا ليزا بأن ليس جسد الأنثى ما يعلقني بها ، أو يجعلني أعود اليها على الدوام ، مهما كان مبلغ جمالها ، وأنت جميلة جداً وفيك من الأنوثة ما يحلم به كل رجل ."
سألته وهي ترتجف :" وما الذي يعيدك إليّ دوماً إذن ؟"
قال هازئاً :" وهل تصدقين ... انها طبيعتك الحلوة المعطاء ؟"
فقالت تفسر كلامه بمرارة :" اتعني انني اخضع لك على الدوام ؟"
توترت ملامحه وكأنها صفعته :" انني لم و لن اعتبر المرأة مجرد موضوع للترفيه ، فقد شفيت من رغبات الجسد منذ وقت طويل ."
قال ذلك بمرارة بالغة ما جعلها غاية في تشتت الذهن .
استدار متجهاً نحو الباب ، فهتفت به وقد جعلها نبذه لها في برودة الثلج . "إلى اين انت ذاهب ؟"
سألته ذلك ناسية كل كلامه لها ماعدا انه يفضل عمله عليها .
ولكنه قال دون عناء النظر اليها :" لأحضر بعض الطعام ."
تنهدت ليزا لهذا الجواب الذي لم يعجبها :" اظنك تريدني ان اطهي لك شيئاً."
فالتفتت اليها وقد توترت ملامحه وبدت السخرية في عينيه العنيفتين :" كنت اظن حسب تعريفك ، ان هذا عمل شخص يحب ."
فقالت تنكر عليه سلطته تلك عليها :" لم اقل انني احبك ."
قال متهكماً :" هذا ما أراه ، ولهذا سأطهي طعامي بنفسي ."
زمجرت في أثره وهو يسير نحو الباب :" ان طبعك لا يطاق ."
وقف وألقى عليها نظرة ملتهبة . " ولكننا متلائمان في شيء واحد ، أليس كذلك يا ليزا ؟"
ثم خرج من المطبخ .
نهضت ليزا عدة دقائق وهي تغلي من الغيظ وقد تملكها السخط لطباع كين ماريوت الصعبة ، فهو يصر على انها ليست مجرد موضوع تسلية له ، ثم لا يلبث ان يذكرها بجمال ما يجمع بينهما ، كان رجلاً غامضاً يثير الأعصاب ولن تفهمه أبداً طوال حياتها . ومع ابتداء تحطم علاقتهما هذه ، فإن هذه العطلة ستكون سيئة للغاية .


Shining Tears غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-01-09, 01:29 AM   #23

Shining Tears
 
الصورة الرمزية Shining Tears

? العضوٌ??? » 1639
?  التسِجيلٌ » Jan 2008
? مشَارَ?اتْي » 218
?  نُقآطِيْ » Shining Tears is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الخامس

عبست ليزا في صورتها في مرآة خزانة الثياب التي امامها ، لقد قال لها كين انها جميلة جداً وبالغة الأنوثة ولوت شفتيها . من المؤكد انها لا تبدو صبيانية الشكل ، وتساءلت عما إذا كان كين يكلف نفسه عناء إلقاء نظرة عليها لو انها لم تكن جميلة .
أخذت تجيل نظراتها في غرفة النوم هذه ، كانت الملآات واكياس الوسائد من قماش الساتين احمر اللون . اما اللحاف فكانت الوانه مختلطة ما بين الأخضر البحري والأصفر و البنفسجي والقرمزي والأزرق ... ثم الأحمر، وكانت السجادة ملائمة لذلك جداً بلونها الأخضر القاتم ، كما كان التلفيزيون أسود اللون .
وتأوهت ليزا ، هناك شيء واحد يمكن ان يقال بالنسبة إلى كين ، وهو انه ليس من صفاته الضعف أو التردد أو انعدام الحيوية ، خصوصاً عند صنع قراراته ، ولا ي ذوقه في ديكور المنزل ، فحيويته تلمس كل شيء ، وعلى ليزا ان تعترف بأنها في وجوده ، تشعر بالحيوية أكثر من أي وقت آخر في حياتها ، أو مع أي شخص آخر ، وانتاولت معطفها المنزلي الحريري الليلكي اللون تضعه على جسمها ، ومن ثم خرجت من الغرفة .
لم يسمعها تهبط السلم ، فالسجادة السميكة كانت تمتص صوت وقع خطواتها ، وقفت ليزا عند العتبة بين المطبخ وغرفة الطعام واخذت تراقبه ، محاولة ان تكتشف شخصيته الحقيقية .
صفق باب الثلاجة بعد ان اخرج منها بعض اللحم المثلج وألقى به على الحوض ، ثم اتبعه بشيء من الخضر و البصل ، ثم اقفل درج الثلاجة برفسة من قدمه وكذلك باب الثلاجة ليلقي بعد ذلك بالخضر في الحوض أيضاً ، فقد كان من عادة كين تقشير البصل تحت الماء المتدفق .
كانت كل حركة منه تشير إلى توتره . لم تكن الأمور تسير على مايرام اثناء عطلة الأسبوع هذه ، وكان واضحاً انه يرغب في عودة حلوته الناعمة الرقيقة ليزا ، وليست هذه المرأة السليطة اللسان والتي كانت تفسد كل شيء.
كان يبدو متعباً للغاية ، فقد كانت عيناه غائرتين ، كما كان الخطان حول فمه أعمق من العادة ، كان عمل كين شاقاً مجهداً ، فقد كان يدير اعماله وحده تقريباً ، ولا شك ان الأسابيع الثلاثة الأخيرة كانت ثقيلة عليه ، لابد انه لا يشعر برغبة في الطهي والذي يدفعه إليه إما الجوع الشديد أو الكبرياء ، أو ليتباهى بذلك امامها ، أو الثلاثة اسباب معاً .
سألها دون اكتراث :" هل يكفي اللحم ، أم اصنع لك شيئاً آخر ؟"
لم تستطع ان تحتمل مثل هذا الوضع ، ربما عليها ان تذهب الآن ... ولكنها كانت وعدته بأن تمضي معه العطلة الأسبوعية .
قالت له :" لماذا لا نذهب إلى مطعم ليشيو ؟ فهو قريب من هنا ، وأنت دوماً تحب الطعام الذي يقدمه ."
كان هذا الطعم الايطالي مفضلاً لديه . ربما بإمكانهما ان يسترخيا هناك امام وجبة فاخرة ، وقد يريحهما المشي في برودة الليل من هذا التوتر المسيطر عليهما . شعرت بالإرتياح وهي ترى موافقة كين على ذلك .
قال وقد رقت ملامحه بابتسامة أسف :" لا يبدو ان بإمكاني تهدئة طباعي ، هذا النهار ."
فابتسمت :" لقد كنت أنا أيضاً متوترة الطباع ." قالت ذلك معتذرة ، تريد ان تنهي هذا الوضع بينهما ، والذي لا يفيد بشيء ، فكين هو كين وهو لن يتغير تبعاً لإرادتها . وقد سبق وقال ذلك بوضوح .
تقدم نحوها باسماً :" أهي هدنة ؟"
فأجابت :" نعم ، هدنة ."
أخذ ينظر في عينيها متفحصاً ، متسائلاً ، ثم استدار يتناول سماعة الهاتف :" سأـصل بالمطعم لأرى ان كانت لأرى ان كانت لديه موائد خالية ."
قالت بعدم اكتراث :" كما تشاء ."
ووقعت نظراتها على باقة البنفسج التي كانت وضعتها على الحوض ، وكانت قد ملأت الزهرية بالماء ، ولكن جدالها مع كين ألهاها عن وضع الأزهار فيها . وبينما كان هو يتكلم في الهاتف ، كانت هي تتوجه نحو هذه الأزهار لتكمل ما كانت بدأت به.
شعرت بأن كين يستدير لينظر اليها ، ولكنها لم تهتم باستصغاره لهذه الهدية من الأزهار ، فقد احبتها للغاية ، ورفعتها بحركة آلية ، إلى انفها تتشممها مرة أخرى قبل ان تضعها بعناية في الزهرية ، انها تحب ان تعتبرها دليل حب منه لها ، ربما كانت هذه حماقة منها ، ولكن ما الضرر في قليل من خداع النفس اثناء هذه العطلة الأسبوعية الأخيرة في علاقتهما ؟ سيكون عليها ان تواجه الحقيقة في الوقت المناسب ، افلا يمكن أن يكون هناك شيء من الحلاوة في تلك المرارة ؟
سمعت كين يضع السماعة ، فنظرت اليه مستطلعة ، وكان هو ينظر اليها وقد بدا الهزء في ملامحه ، وكأنه يفكر متأملاً في شيء لم يفكر فيه قط من قبل .
سألته :" هل كل شيء على ما يرام ؟"
" نعم ... انهم سيحجزون مائدة لنا ." وأومأ برأسه نحو الأزهار يسألها :"هل تسرك هذه الأزهار حقاً ، يا ليزا ؟"
" ألا تظن ذلك ، يا كين ؟"
فهز كتفيه :" لا اظنني أميل إلى التفكير في مثل هذه الأشياء ، أنني أراه ... مصطنعاً ."
" لماذا ؟"
فقال بخشونة :" لم يفعل احد شيئاً قط لأجلي دون ثمن ."
مسكين كين . فهو ما كان محباً ولا محبوباً ، (لم يفعل احد شيئاً قط لأجلي)، لقد كان الناس يرفعون ابصارهم إليه ، فيرون النجاح الذي احرزه دون ان يدركوا كم كلفه هذا الفراغ المر المظلم في روحه ، عزلته عن باقي الإنسانية ، كان بحاجة إلى شخص يحبه ... يحبه لنفسه وليس لمركزه ولا لثرائه . ذلك لأنه كان غلاماً غير مرغوب فيه ولا يحبه احد ، فتقدمت نحوه تلقائياً محاولة ان تفهم .
لقد ادركت فجأة السبب الذي يجعله يبخل عليها بباقة أزهار ، فقد كان يعتبر ان من الخداع ان يحاول شراء العطف والمودة ، لقد منحتها المكاشفة رؤيا ثمينة في نوع تفكير كين بالناس ، كما انها تزعزع عدة اشياء مما كان يثير استياءها .
حاولت ان تفسر له الأمر ، بقولها :" انه ليس الثمن وإنما هو التفكير ." كانت تريده ان يفهم ، يدرك انه لم يحصل على مثال من حياة أسرية مليئة بالمحبة والرعاية مثل التي تحتل تفكيرها .
خطر ببالها انها لابد قد كان افسدها تدليل والديها واخوتها لها ... بصفتها الابنة الوحيدة ، والأخت الصغرى ، وقد افتقدت هذا كله في كين إلى حد آلمها ، ودفعتها كرامتها إلى ان تمنع عنه مامنع عنها ، وها هي ذي تدرك الآن مبلغ خطأها لم يكن هو يعرف الأسباب ولكنها هي كانت تعرف .
تابعت تقول برقة :" ليس عليك ان تشتري أي شيء يا كين ، فإذا انت اوقفت سيارتك إلى جانب الطريق ، لتقطف بعض الأزهار البرية لأجلي ظناً منك انها قدج تعجبني ، فهي تسرني . فهذا يريني انك تهتم بي ."
والتوت شفتاها ساخرة :" ان ثلاثة اسابيع من الصمت أرتني انك لا تهتم بي . أو على الأقل هذا كان معنى ذلك في رأيي ." وتوسلت اليه عيناها ان


Shining Tears غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-01-09, 01:31 AM   #24

Shining Tears
 
الصورة الرمزية Shining Tears

? العضوٌ??? » 1639
?  التسِجيلٌ » Jan 2008
? مشَارَ?اتْي » 218
?  نُقآطِيْ » Shining Tears is on a distinguished road
افتراضي

يقول الحقيقة . " فهل انا مخطئة في ذلك ، يا كين ؟"
لم يجبها بضيق هذه المرة وإنما بقي عدة دقائق يفكر في ما قالت ، وأخيراً قال معترفاً كما لم يقر من قبل :" انني افكر فيك يا ليزا ، واكثر مما أريد ."
هذا شيء آخر يكشفه لها ، ومن الواضح انه لم يكن يحب ان يكشف عن ضعفه عن السيطرة على مركزها في حياته ، وسألته :" هل الأمر مؤلم إلى هذا الحد ؟"
كان في هذا الجواب مايشير إلى استيائه من دفعه مكرهاً إلى القيام بعمل أكثر من المعتاد لكي يحصل على هذه العطلة الأسبوعية .
" انك لم تتدرب على المحبوةة ، أليس كذلك يا كين ؟"
اجاب ساخراً :" ليس كثيراً ."
" لماذا لا تجرب ذلك احياناً ؟ ولو من باب التغيير ."
" هذا يدل على الضعف والنقص في الاستقلال الذاتي ."
"وهذا ما لا تطيقه ؟"
فابتسم دون بهجة :ط لنقل انني احذر من إعطاء أي شخص ما يمكنه من استغلالي ."
كبرياء ، استقلال ، مناعة ... هذا هو كين ، ولكن ليس هناك رجل يعيش كجزيرة منفردة تماماً ، مهما كان دافعه إلى ذلك ، فهناك ذلك القبس من الانسانية في كل انسان ، والذي يدفعه إلى الاتصال بالآخرين ، لكي يعرف ويفهم ويتلقى العناية ولو من شخص واحد ، ربما هي ليزا التي أراد ان يصل إليها ، ولكنه لم يستطع تماماً ان يطلق المجال لنفسه ، لانه إذا هي خذلته فسيكره نفسه لضعفه في جعلها تتغلب على دفاعاته لوقاية نفسه .
قالت له بهدوء :" انك لا تتنازل عن رأيك كثيراً يا كين ."
" وكذلك انت ، يا ليزا ."
اومأت برأسها وهي تفكر بألم ، انه هو الذي اقام الحواجز ، وهي التي ضربت تلك الحواجز برأسها وهي تفكر بألم ، انه هو الذي اقام الحواجز ، وهي التي ضربت تلك الحواجز برأسها وقلبها ، لقد منحته من نفسها كل شيء ، وكان هذا هو السبب في ان صمته الطويل ذاك كان لا يطاق ، ولكن من الواضح انه يشعر بأنها خذلته من بعض النواحي ، وفي رأيه انها خذلته فعلاً هذا الصباح حين لم تشأ القبول بخطته .
قالت له :" اظنك تصبح قاسياً ... حين يكون عليك ان تحارب القساوة ."
وانحدرت نظراتها عن وجهه لتستقرا على الأزهار مرة أخرى ، كانت هذه برهاناً على انه فكر فيها في المطار بعد ان رأى منها عدم الجزم بالنسبة إلى موافاته لعطلة الأسبوع ، وحسب اعتقاده ، كان شراؤها من باب السخرية لكي يراضيها ، ولكنه على الأقل لم يكن ساخراً إلى الحد الذي يجعله يشتري لها وروداً حمراء ، رمز الحب ، لم يكن مخادعاً إلى هذه الدرجة ، ولكنه كان من القسوة بحيث يفعل ما يفكر فيه ، لكي يحصل على مايريد ، وكان ما يزال يريدها ، ويبدو ان العنف قد تملكه عندما هددته بتركه .
" هل يعجبك أن أريك نوع تفكيري بك عندما كنت في فيكتوريا ؟"
نظرت إليه بارتياب :" وكيف ستفعل ذلك ، يا كين ؟"
كان في عينيه عزم بالغ ، ما جعل لدى ليزا انطباعاً بأن كين قد قرر ان يجرب حظه ، ولكنه كان صلباً إزاء اي نتيجة سلبية .
لم يجب على سؤالها ، وإنما سار نحو حقائبه التي كان وضعها بجانب الجدار ، ثم تناول حقيبة اوراقه قائلاً :" انتظريني هنا ."
كان قد ترك المفاتيح في الطابق العلوي ، بالطبع ، فقالت له :" سآتي معك."
نظر إليها ساخراً :" عديمة الصبر ؟"
" بل عملية ."
فهز كتفيه :" كما تشائين ."
" ان عليّ ان ارتدي ثيابي إذا كنا سنخرج لتناول الطعام ."
" هذا صحيح ."
لم تكن في الحقيقة تتوقع منه شيئاً ، وكونه توجه إلى حقيبة اوراقه ، يعني ان ثمة شيئاً في ذهنه يتعلق بعمله من ناحية ما ، وربما كان فكر في شيءيمكنه مراضاتها به ، ورأت ليزا أنه على الأقل كان يحاول وفي هذا شيء من التغيير ، رغم ان هذا لم يكن من طبيعته .
في غرفة نومها اخذت ليزا تلتقط ملابسها من على الأرض ، دون ان تهتم بما كان كين يفعل ، فقد كان توقعها أي شيء من كين ماريوت مجرد أوهام.
" ليزا ؟"
نظرت عند سماعها لهجته النافدة الصبر وهو يسألها :" ألا تريدين أن تري؟"
" وهذا ما فعلت ، دعي ما بيدك واستديري مواجهة المرآة ، ثم ارفعي شعرك ."
نظرت اليه مقطبة الجبين وقد تشوش ذهنها إزاء هذه التعليمات ، وما لبثت ان امتثلت لما طلبه منها ، مفكرة في أنه لابد اشترى لها عقداً ، أو ما أشبه ، وقد يكون سلسلة ذهبية .
ولكن ما وضعه حول عنقها لم يكن شيئاً يمكن ان تتوقع من كين ان يختاره ، كان عبارة عن سلسلة ذهبية يتدلى منها حجر كريم ارجواني اللون محاط باللآلئ ، وذلك بشكل بديع قديم الطراز ، لم يكن متألقاً أو مبهرجاً بشكل واضح ملفت للنظر ، ولكنه كان رائعاً وانثوياً بالغ الرقة .
قال لها :" يمكنك ان تدعي شعرك ينسدل ."
انزلت ذراعها غير مصدقة وقد افعم قلبها سروراً .
قال لها :" لقد نظرت إليه في واجهة المتجر ثم خطرت أنت ببالي . انما لا تسأليني لماذا ، فقد شعرت بأن عليّ ان اشتريه لك ، وهكذا فعلت ."
ثم نظر في عينيهافي المرآة ليرى تأثير ذلك عليها ثم سألها بخشونة :" هل اعجبك ، يا ليزا ؟"
فاغرورقت عيناها بالدموع دون إرادة منها ، وخنقتها غصة فلم تستطع ان تتكلم الأزهار أولاً ، والآن هذه ... كانت هذه غير عادية ... وقد اختارها لها خصيصاً لأنها كانت تعبر عن طريقة تفكيره فيها ... كم كانت مخطئة ، مخطئة إلى حط فظيع ، ومخطئة إلى حد رائع لأن كين ربما كان يحبها بطريقته الخاصة .
وتدفقت دموعها من ين اهدابها الكثيفة ، عضت شفتها محاولة ان تبتلع ريقها ، بينما الدموع تستمر في التدفق على وجنتيها وهي تحدق في كين الذي تملكته الدهشة ، " ليزا ؟" لم تستطع ان ترى وجهه جيداً من خلال دموعها ، ولكنها سمعت صوته المتوتر غير الواثق . " لماذا تبكين ، يا ليزا؟"
لم تبك قط من قبل ، وخصوصاً امام كين ، مهما كان الألم الذيكانت تشعر به احياناً ، لقد كانت كرامتها ترغمها على الظهور بمظهر القوة والصلابة ، لأنه هو كان قوياً ، ولكن هديته هذه ورقته أوهنتا منها العزيمة ، لتنطلق الحقيقة من بين شفتيها :" كنت اظن ... كنت اظن انك ترفع في شأني وتحطمني حسبما يلائمك ذلك ، وانك لاتفكر بي عندما لا نكون معاً ."
لم يقل شيئاً ... بماذا كان يفكر ؟ لم يكن لديها فكرة ، ولكن هذا لم يبج لها مهماً .
وأخيراً هدأت مشاعرها فنظرت اليه ، بدا وجهه عابساً فبادلها النظرات وقد بدا الإنزعاج في عينيه ، وتساءلت هي عما إذا كانت أثارت في نفسه شعوراً غير مرغوب فيه . لم يكن يريدها ان تخطئ في شيء .
اندفعت تقول :" أنا آسفة . شكراً يا كين ." لم تكن تريده ان يشعر بالأسى في الوقت الذي جعلها تشعر فيه بالسعادة .
تنهد قائلاً :" اننا بحاجة إلىا طعام دون شك ."
وبعد حوالي ساعة ، كانا ينطلقان إلى المطعم . وكانت هي طوال الطريق تتلمس السلسة في عنقها ن كان الوقت منتصف الشتاء ، وكان هواء الليل قارساً بالنسبة لدفء الشقة ، ولكنه جعل أحاسيس ليزا نابضة بالحياة .
كانت ليلة رائعة الجمال ، قد سطعت النجوم في السماء ، والنسائم تحرك اوراق الشجر على طول الطريق . وكين بجانبها ، وبعد ، فهذه العطلة الأسبوعية لن تكون مزعجة ن كما كانت تظن وإنما اجمل عطلة في حياتها.


Shining Tears غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-01-09, 01:33 AM   #25

Shining Tears
 
الصورة الرمزية Shining Tears

? العضوٌ??? » 1639
?  التسِجيلٌ » Jan 2008
? مشَارَ?اتْي » 218
?  نُقآطِيْ » Shining Tears is on a distinguished road
افتراضي

الفصل السادس ^.^

كان مطعم لوسيو منزلاً قائماً على مرتفع ، وقد جدد لكي يناسب احتياجات المطعم ، كان فيه قاعتا طعام ، وأثناء فصل الصيف تصبح ثلاثاً ، وذلك باستعمال الحديقة الخلفية ، أما الديكور فكان متواضعاً ، وكان اللون الوردي مسبغاً على الجدران واغطية الموائد وستائر النوافذ المشرفة على الشارع . كانت الأنغام الموسيقية تتجاوب في انحاء المكان ، وكان الندل ودودين ، بالغي العناية . والخدمة ممتازة ، وكذلك الطعام ، وكان المكان بجملته ساراً للغاية .
غستقبل النادل كين وليزا عند الباب ثم رافقهما إلى المائدة الوحيدة الخالية في القاعة الأمامية ز وعندما جلسا ،توقفت الأحاديث التي كانت تدور بين الزبائن ، فقد كان كين معروفاً في هذه المنطقة حيث انه كان قد اقام منشآت عديدة لمشاريع عامة ، وكان دوماً يجتذب انظار النساء ، بينما كان الرجال ينظرون إليه بفضول مزيج بالحسد والاحترام .
لم يبد على كين أنه تأثر بكل هذا ، اما ليزا فقد كانت تعي دوماً نظرات النساء اليه ، كان ذلك في البداية يجعلها تشعر بعدم الاطمئنان وكان هذا يساهم في جعلها تخضع لقواعد كين ، لأنها كانت تخاف دوماً من انها إذا لم يكن راضياً عنها ، فهناك نساء أخريات يتلهفن إلى احتلال مكانها ، وهكذا كما ادركت ليزا ، كان هذا هو السبب في مشكلاتها مع كين ن والتي كانت تختزنها في اعماقها إلى أن طفح منها الكيل هذه العطلة الأسبوعية .
كان ذلك قد سبب عدة مواجهات بينهما ، ولكنها كانت دوماً هي التي تتراجع ، متنازلة عن مطالبها بدلاً من فرضها بالقوة . ذلك انها اذا أرادت استمرار علاقتهما ، لم يكن امامها خيار آخر ، اذ ان كين ماريوت لم يكن يعرف الإنحناء ، ولا كان من الممكن إقناعه ، فقد قرر وانتهى الأمر .
حتى هذا النهار . كان ثمة شيء مختلف ، انها تشعر به في دمها ، لم يكن هذا يعني ان كين كان أقل حزماً وقساوة وإنما كان ببساطة يقرر أموراً لم تكن تنتظرها منه مطلقاً ، ذلك انه اليوم ، فقط وبوضح تام ، اخبرها بأن ليس ثمة امرأة اخرى في حياته ن وقد اثبت ذلك لها بطريقته الخاصة ، ما جعل ليزا تعترف أخيراً انه ليس صياد نساء ، وفي الواقع حسب ما تتذكره، لم ينظر غلى امرأة أخرى منذ تعرف إليها.
حتى الآن بالنسبة إليه، كانت ليزا هي المرأة الوحيدة في المطعم ، كان جالساً امامها ، وعدا عن نقاشه مع النادل في انواع الطعام ن كان كل اهتمامه منصرفاً اليها ، كانت عيناه دائمة التحديق في وجهها ، وفمه على استعداد للابتسام لكل ما تقوله ، وكان السرور مرتسماً على ملامحه لجلوسه معها ن وكانت هي تشعر بوجهها يتوهج سعادة .
كان الطعام لذيذاً كالعادة ، دهشت ليزا وهي ترى شهيتها كبيرة للغاية ن وقد مضى وقت طويل منذ تناولت الغداء ، لكنها لم تكن تشعر بالجوع على الاطلاق ، واخيراً قررت ان ذلك نتيجة استهلاك طاقتها هذا النهار .
سالته :" كيف تجد الطعام في فيكتوريا ؟"
" لم انتبه ، كان طعاماً ، وهذا كل شيء ."
يعني انه كان وقوداً يساعده على الاستمرار حياً ن فقد كان العمل هو همه الوحيد ، وبإمكان ليزا ان تتصوره غير منتبه إلى أي شيء آخر .
" هل انتهت المشاكل الرئيسية الآن في ناحية البناء ؟"
" لقد انتهى الأسوأ ، واجتياز الزمة سيستغرق بعض الوقت ن ثمة كثير من الناس يريدون تسوية الأمور ، وهذه ليست هي الطريقة لإنجاز الأشياء ."
كانت تعلم انها ليست طريقة كين ، ولكنها أيضاً ليست طريقة احد ، إذ كان يبغي النجاح ، وكانت ليزا تقدر ذلك من خلال اتصالها اليومي بجاك كونواي .
المشكلة مع كين كانت في نقل هموم عمله غلى حياته الخاصة ، ومن ناحية اخرى ، كما رأت ليزا ، ربما ذلك النوع من هذه المقدرة جاءت فقط من رجل قد تأصل هذا في طبيعته .
اخذت تتساءل كيف يسير جاك كونواي في حياته الخاصة ، كل ماكنت تعرفه هو انه استمر مع نفس المرأة ثلاثين عاماً ، ولكنها كانت واثقة على كل حال من أنه إذا كان يعبث مع النساء ، فهو لم يكن ليغامر بما له من الأولوية عنده ، وقد سمعته مرة في جدال يقول ان الطلاق هو غباء ، وتصورت ليزا ان كين ربما يفكر بنفس الطريقة ، فالإعتبارات المالية تحكم دوماً عالم كين .
لكن ليزا عادت تذكر نفسها بسرعة بان هذا ليس الاعتبار الوحيد لدى كين ماريوت ، فثمة اسباب كثيرة لديه للاحتفاظ بمسيرة الحياة الزوجية ، عدا عن مجرد الرغبة في صيانة ماله ، فقد كان كين انتاج زواج محطم ، فهو يكره الطلاق بمرارة ، وما اصبح عليه الآن لم يكن سوى نتيجة لما حصل بينه وبين والديه ، وكانت ليزا واثقة من ذلك .
ومع انه لم يأت قط على سيرة حياته بالتفصيل، إلا ان تعليقاته اللاذعة التي كانت تصدر عنه من حين لآخر ، جعلتها تتكهن بالمأساة التي سارت بها حياته ، وحياة شقيقته ، ولا شك ان كين ما كان ليفرض ذلك النوع من العذاب العقلي والعاطفي على أولاده عندما يتزوج ، ذلك ان التزامه هو بقساوة الصخر.
وتمنت لو يتحدث بوضوح عن حياته ، سألها كين فجأة والفضول يظهر من عينيه :" بماذا تفكرين ؟"
قالت متأملة :" ان بعض الرجال اكثر جاذبية من غيرهم ، ولكنني اتفق معك ، لكن ... ليس هذا ما يجعل الرجل يتشيث بالمرأة ."
سألها برقة :" ما الذي يجعلك تتشبثين بي يا ليزا ؟"
فأجفلت لهذا السؤال المباشر ، ليس من عادة كين ان يجس مشاعر الآخرين ، رغم انه قد قام بذلك هذه الليلوةة عندما تطرق إلى موضوع الحب ، وفكرت في الأمر عدة لحظات ، ثم سألته :" أتريد الحقيقة ؟"
" نعم ."
فتنهدت ، وبسطت يديها وكأنه تعتذر عن عدم تمكنها من ابداء الأسباب :"اظن اقرب تفسير يمكنني اعطاؤه هو انني اشعر بكل ما حولي يتوقد ، عندما اكون معك ، فالحياة اكثر إشراقاً وتألقاً ، وبهجة ..." لوت شفتيها وهي تتابع :" وعندما تكون بعيداً عني اشعر بأنني شبه حية ."
قطب جبينه وهو يومئ برأسه مفكراً ، ثم القى عليها نظرة تفهم :" هذا إذن ، السبب في انك تريدينني ان اتصل بك هاتفياً ، لكي تستمري في الشعور بانك مازلت على قيد الحياة ، أليس كذلك ؟"
" هذا أحد الأسباب ."
فقال :" سأفعل ذلك في المستقبل يا ليزا ."
حركت رأسها غير مصدقة . هل يقرر ذلك بهذه السهولة ؟ ثم عادت فأدركت ان كين قد غير رأيه في ما تحتاج إليه ، ولم يعد يظن انها تريده العوبة بين يديها .
سألته وهي تتساءل عما إذا كان بسبب آخر غير ما سبق وقاله (بأنهما متلائمان) سألته قائلة :" وما الذي يجعلك تتشبث بي ؟" منحها ابتسامته الملتوية :" اظن الأمر مشابهاً ." ثم تلاشت ابتسامته ، وازدحمت المشاعر في عينيه ، ثم قال برقة :" انني اريدك ان تبقي معي ، يا ليزا ، فماهو رأيك؟"
تبقى معه لمجرد التسلية اثناء العطلات الأسبوعية ؟ هذا بالاضافة غلى المكالمات الهاتفية التي وعدها بها ؟ وامتلأ قلبها بمزيج من الأمل واليأس . كانت تريد من كين أكثر مما اعطاها بكثير ، ولكنه قد ابتدأ يعطي . ومع مزيد من الوقت والتفهم بينهما ، ربما يصبح بإمكانها ان يصلا إلى نوع من المشاركة التي تعني استجابة كل منهما لطالب الآخر .
" لا أدري بالدقة ماذا تعني ، يا كين . ما الذي يدور في ذهنك ؟ ما الذي تتطلع إليه ؟"
" الزواج ."
سرقت هذه الكلمة انفاس ليزا وهزتها هزاً ، فنظرت إليه ذاهلة ، هل هو جاد في كلامه ؟
نظر اليها كان وجهه رزيناً وعيناه لا يمكن سبر غورهما ,هو ينظر في عينيها :" انني اطلب منك ان تتزوجيني يا ليزا ."
قالت وقد جف فمها :" لا يمكن ان تكون جاداً ." كان جسدها يرتجف كأوراق الخريف ، أتراه من القسوة بحيث يعرض عليها هذا الأمر لكي تستمر علاقتهما فترة بعد هذه العطلة الأسبوعية ؟ وقال :" بل أنا جاد ."
غصت بريقها وهي ترغم نفسها على القول بسخرية :" بعد كل ما كان بيننا هذا النهار ؟"
" وما أهمية ذلك ؟"
" ظننته مهماً للغاية ."
" انه لا يهم مثقال ذرة ."
" بل اظنه مهماً ."


Shining Tears غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-01-09, 01:34 AM   #26

Shining Tears
 
الصورة الرمزية Shining Tears

? العضوٌ??? » 1639
?  التسِجيلٌ » Jan 2008
? مشَارَ?اتْي » 218
?  نُقآطِيْ » Shining Tears is on a distinguished road
افتراضي

حدّق في عينيها بعنف :" اننا ما زلنا معاً ، أليس كذلك ؟ أنا وأنت يا ليزا وعلى الدوام ."
تمتمت تقول وقد كف قلبها عن الخفقان :" انا ... انا لا ادري ما عليّ ان اقول ."
قال بلهجة آمرة :" لا تفكري ، بل قولي : نعم ، يا كين ، سأتزوجك ..."
ولكن الأمر لم يكن سهلاً بهذا الشكل . ووجدت ليزا ان من الصعب استيعابه ، وخطر ببالها فجأة ان هذا هو سبب حضوره هذه العطلة ، وسبب اهميتها ، ولماذا كانت مختلفة عن غيرها ، ولماذا قام بكل ما قام به من اشياء لم تكن تتوقعها ، ولماذا كان متوتراً بهذا الشكل ، وغاضباً ومنزعجاً لتصرفاتها .
كان كل شيء يمهد عرض الزواج ، فقد كان سبق وقرر ذلك ، وإذا بها تفسد كل شيء وذلك بعدم تجاوبها معه ، حسب عادتها ، الزواج !
بقي الذهول مسيطراً على ذهنها ، ما جعل أي تفكير عقلاني ، مستحيلاً ، قال قلبها : نعم، وقال عقلها ... انتظري ، لقد سبب لها قلبها كثيراً من الوحدة والألم مع كين ماريوت ن توسل إليها قلبها بان كين كان يتغير ، ويقوم بتنازلات ، ويرعاها ، لقد هتف بها ان تلقي بالحذر جانباً ، وتتقدم نحو المجهول ، وان تكون شجاعة ، وتتمسك بهذه الفرصة التي تجعلها تحقق كل ما تريده مع هذا الرجل .
اما عقلها فيقول انهما بحاجة إلى قضاء مزيد من الوقت معاً قبل ان يتخذا التزاماً حياتياً كهذا ، مزيداً من الوقت لكي يتأكد من أنهما على صواب ، ومن اعماقها المضطربة ، سألته :" لماذا ؟"
ذلك ان كين لم يفعل شيئاً قط دون سبب ، فهناك دوماً سبب ، فماهو السبب الذي يجعله يتزوجها ، إذن ظ ولماذا قرر هذا فجأة بعد ان بقيت علاقتهما سنة كاملة ؟وهل قرر هذا اثناء هذه العطلة الاسبوعية ام قبلها ؟
اجابها دون تردد :" اريدك زوجة لي ، اريد ان يكون لي أولاد منك ، أريدك بجانبي بقية حياتنا ."
هكذا بكل هذه البساطة والوضوح ، تم الاختيار ، وصدر القرار .
(لدي رؤيا لما أريده ) كانت هذه هي الكلمات التي كان كين قالها في السيارة عندما سألته ان كان لديه خطة لقضاء هذه العطلة الأسبوعية ، وكانت ظنت حينذاكـ ،انه يشير بها إلى اعماله ، ولكنها في الحقيقة ، ما كان في ذهنه ، ألا وهو الزواج بها ، وتساءلت عما إذا كان قد حدد مسبقاً تاريخ تنفيذ قراره هذا .
سألته :" أظن لديك فكرة عن الوقت الذي سيجري فيه هذا الزواج ؟"
أجاب بلهجة المر الواقع :" مدة اسبوع او نحوها ."
كان يعني بهذا مكتب تسجيل الزواج دون أية اضافات بطبيعة الحال ن ودون استشارتها عما قد ترغب فيه بالنسبة لحفلة الزفاف أو ما أشبه ."
قالت :" كلا ."
بدت عليه المفاجأة ، وسألها :" ما الذي تعنينه بهذا ؟"
قالت بحزم :" أعطني سبباً جيداً لعدم امكانية ذلك ." كل ما كانت ليزا تختزنه من استياء لتصرفات كين تجاهها ، قد طفا إلى السطح مرة أخرى ، فقالت عابسة :ط لأنني اقول هذا ."
فقال عابساً هو أيضاً :" هذا ليس سبباً ."
" عفواً يا سيدي ..." وكان هذا النادل قد جاء محضراً النوع الأول مما طلباه ، وضع طبقها امامها ، ثم وضع ما طلبه كين لنفسه من الكافيار والقريدس امام كين ، واثناء ذلك كانت ليزا قد تمالكت نفسها ن متذكرة ان كين ربما لم يقصد ان يجرحها ، فهو قد ظن ان طريقته معقولة للغاية .
ابتعد النادل ن وكان كين قد أرغم نفسه اثناء ذلك على الإسترخاء فقال بلهجة هادئة :" ما هو الاعتراض الذي لديك ، يا ليزا ؟"
بدا الحذر في عينيها :" إذا نحن تزوجنا يا كين فأنا من يقرر الموعد ويرتب أمر الزفاف ."
رقت ملامحه وقال بأسف :" كنت اظنك مثلي ، تتعجلين الأمر قدرالأمكان."
لم تكن ليزا تستطيع ان تتصور ان ثمة امرأة لا تريد عرساً كبيراً مع كل ملحقاته التي طالما حلمت بها ، وهي لن تسمح لكين بان يخادعها لتترك ذلك ، لنه ليس الطراز الذي يريده ن ان عليه ان يبدأ بإدراك ان هناك فروقاً بين النساء والرجال .
" اظنني مندفعاً هذا النهار ."
" هذا صحيح تماماً ." قالت ذلك متأثرة ، فقد كان قد سبب لها تشتتاً في المشاعر ، ما جعلها تفقد شهيتها للطعام .
" انني آسف ."
فاتسعت عيناها دهشة ن هل هذا اعتذار آخر من كين ؟ إنه يتغير حقاً ، انها لم تسمعه يعتذر قط لأي انسان ، قبل اليوم .
فقالت :" وأنا آسفة أيضاً ."
" لماذا ؟"
" لأنك لم تفهمني بشكل افضل ."
هذا بينما حدثت نفسها بأنه قد يكون ذنبها قدر ما هو ذنبه ، فقد كان عليها ان تثبت شخصيتها اثناء الشهور الماضية ، بدلاً من خضوعها وضعفها إزاء كين في السماح له بأن يدير الأمور حسب رغبته .
هز رأسه عدة مرات يزن كلماتها في ذهنه ، ثم سألها :" هل هذا يعني موافقتك على الزواج ؟"
" انني افكر فيه ."
كان في تغير معاملة كبين لها ما شجعها على التفكير امسكت بالشوكة تتناول بها الطعام شاعرة فجأة بشهيتها تعود اليها ، ما يجعلها تستمتع بمذاق الطعام ، لقد اخذالآن قلبها يخفق لعرض كين ، بعد ان هدأت الصدمة ، ولكن عقلها كان منشغلاً للغاية .
ربما كان كين ماهراً في اللجوء غلى المناورة إزاء أية مواجهة بينما هو مصمم على الفوز ، ربما لم يكن يهمه شعورها كثيراً ، قدر ما يهمه الوصول إلى ما يريد ، وبأي وسيلاة ن وذكرت نفسها بأنه قد يكون قاسياً في ذلك ولكنه لا يتخلى عن النزاهة ، عليها ألا تنسى ذلك ، وأخذ قلبها يخفق وهي تفكر في ان كين يريدها معه بقية حياتهما .
سألها وهو يلتهم الطعام بشهية بالغة :" ما الذي تفكرين فيه يا ليزا ؟"
ألقت عليه نظرة حادة :" هناك الكثير مثل كيف ستكون بقية حياتي معك ."
أجاب :" أنها ستكون بالشكل الذي نصنعها به كغيرها من الأمور ، ان هذا يعود إلينا نحن ."
فقالت :" هذا يستوجب التزاماً من الاثنين ."
" ان كوني عرضت عليك الزواج يمثل التزامي ." لم تكن تستطيع المجادلة في هذا ، فقد كانت هي الحقيقة ، فعندما يقرركين أمراً ، فهو يلتزم به ، ولكن الموضوع هو ، كم من العطاء هو مستعد لتقديمه لكي ينجح زواجهما؟ فما يرضيه قد لا يرضيها ، فقد حدث هذا في الماضي ، وهي قد سبق واكتشفت ان حبها له ليس ضماناً للسعادة .
قالت له وقد بدا في صوتها شيء من الاستياء :" انك لم تتعرف إلى أسرتي بعد ."


Shining Tears غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-01-09, 01:36 AM   #27

Shining Tears
 
الصورة الرمزية Shining Tears

? العضوٌ??? » 1639
?  التسِجيلٌ » Jan 2008
? مشَارَ?اتْي » 218
?  نُقآطِيْ » Shining Tears is on a distinguished road
افتراضي

أجاب بإختصار :" انني لن اتزوجهم هم ، بل سأتزوجك انت ، دعينا لا نخلط الأمور ."
أصرت بقولها :" انني لن اقاطع اسرتي ، يا كين . لا أريدك ان تقول بأن عليّ ألا أهتم بأسرتي لمجرد انك لا تهتم بأسرتك ، فإذا شئت ان تتزوجني ، عليك أن تقبل فكرة انها جزء من حياتي ، وبالتالي ستكون جزءاً من حياتك انت أيضاً ." قطب جبينه فهو لم يفكر في هذا الأمر من قبل .
" " إذا كنت تحبين اسرتك إلى هذا الحد ..."
فقاطعته ضارعة :" ارتيد ان يقاطعنا أولادك عندما يتزوجون ؟"
ازداد عبوساً ، إذ يبدو ان افكاره لم تصل إلى ذاك الحد ، والتوت شفتاه وهو يقول :" كلا ، لا أريد ان يحدث ذلك ."
فقالت :" ان أسرتي غالية عليّ كذلك ."
قال باقتناع :" لا بأس ، سأقابل اسرتك في الوقت الملائم في هذه العطلة الأسبوعية ، إذا شئت ، إذا أرادوا ان يتعرفوا عليّ ، ولكن عليهم ان يقبلوا بي كما انا ، يا ليزا ."
كان واضحاً انه لايثق بالأهل ولا بموافقتهم ، ومرة أخرى تمنت ليزا لو تعرف المزيد عن نشأته . ولكنها كانت تعلم ان التطرق إلى هذا الموضوع لا جوى من ورائه .
فقالت بهدوء :" إن والديّ لا يتدخلان مطلقاً في أموري الشخصية ، يا كين ، انهما سيرحبان بك في الأسرة مهما كان رأيهما بك ، إذا انا اخترتك زوجاً."
بدت القسوة في نظراته :" إذا ، يا ليزا ؟"
بادلته النظر دون ان يطرف لها جفن وهي تقول :" انني لم أقل نعم بعد ، يا كين ."
" ولماذا لا تقولينها ، إذن ؟"
قالت شاعرة بالتوتر لهذا الإلحاح منه :" ان بيننا اشياء كثيرة غير محلولة بعد ، وانا افضل الانتهاء منها قبل قبل الزواج ، وليس بعده ."
توترت ملامح كين ، ولمعت عيناه بالكبرياء :" كلا ، لا أريدك ان تضعيني تحت التجربة ، يا ليزا ، فأنا لا اريد ان اكون معلقاً ، اما ان اكون رجلاً مناسباً لك أو لا أكون ."
فقالت كارهة :" سأفكر في ذلك ."
بدا العزم وعدم اللين على ملامحه وهو يقول :" ليس عليك أن تفكري في هذا الأمر ، فإما انك تريدين الزواج مني أو لا تريدين ، فإذا كان عليك ان تفكري في هذا الأمر ، فلا تقدمي عليه إذن ."
قالت بلهجة العتاب :" ولكن هذا غير منطقي ."
لكنه لم يتزحزح عن موقفه :" قرري الآن يا ليزا ."
إنه كين الحازم الذي لا يرحم ، ولكن الحق كان معه، فكل التفكير في العالم لن يغير من الأمر شيئاً ، فإذا لم تتزوجه فستندم ، دون شك ، على ذلك أيضاً طوال حياتها ، وبدا لها الاحتمال هذا كئيباً للغاية ، وهو ان كل ما ستفعله لن يكون صوباً .
كانت تعلم ان هذه هي آخر عطلة أسبوعية يمضيانها معاً ، ولن يكون ثمة استمرار لمثل هذه العلاقة التي كانت بينهما ، ولم يكن هذا يعني انها كانت تريد ذلك ، فقد كان هذا هو سبب رغبتها في جعل هذه العطلة الأسبوعية النهاية لذلك . ولكنها لم تكن تحلم قط بهذا التطور في كين .
رفعت اليه عينين متشككتين ، ثم همست بصعوبة والغصة تخنقها :" هل تحبني ، يا كين ؟"
نظر إليها ، اتراها رات في عينيه لمحة من ضعف ، أم هي تخيلات منها ؟ ثم قال برقة :" ليزا ، ان بإمكاني ان امنحك من نفسي اكثر مما منحته قط ، أو سأمنحه لأي انسان آخر ، فهل في هذا جواب لسؤالك ؟"
في الواقع ، لم يكن هذا جواباً على سؤالها بل على بعض الأسئلة ، تاركاً اشياء كثيرة أخرى معلقة في الهواء ، وسمعت نفسها تقول :" نعم ." وكانت تفكر في مقدار ضعفها امامه ، انها ستكون اكبر حمقاء في العالم إذا رضيت بالقليل الذي يقدمه اليها كين ، ومع ذلك فقد كان الحق معه وهو يقول :" إذا كان عليك ان تفكري في هذا الأمر، فلا تقدمي عليه إذن ."
وأخيراً كان لقلبها الكلمة الفاصلة ، فهي له وستكون له على الدوام مهما خبأ له المستقبل . " هل قلت (نعم) للزواج مني .؟"
كان كين يريد ان يتأكد منها نهائياً ، وبوضوح تام .
" نعم ."
وهكذا قالتها ، خطرت ببالها لحظة كلماتها له في الهاتف ، هذا الصباح ، ساخرة من هذا القرار الذي اتخذته لتوها ، ما الذي صنعته ؟
لقد كانت استبدلت بالفراغ القات في حياتها غيوماً رمادية قد تكون مبطنة بلون فضي .. هذا ما صنعته ، وعندما استقر في ذهنها هذا الجواب ، بدد الأمل اليأس في نفسها وخفف من شكوكها ز
إسترخى كين في كرسيه وقد لاحت على شفتيه ابتسامة خفيفة بدا وكأن التوتر والإحباط وافرهاق ، كل ذلك قد فارقه وبدا الانتعاش والنشاط عليه وقد احاطت به هالة من الرضى قال برقة :" بقدر ما يمكن من السرعة ؟"
وحدثت نفسها عما يمنع ذلك والأمر قد تقرر سواءً كان للأفضل ام للأسوأ ، فقالت :" ستة اسابيع هي أقل ما يمكن ."
التوت ابتسامته :" ستة اسابيع ،إذن ؟ هل معنى ذلك ان اتحمل عناء الانتظار لكي يتم زواجنا ؟"
فقالت بإصرار :" وملحقاته أيضاً ."
" ان شروطك صعبة ، يا ليزا ."
" وكذلك شروطك ، يا كين ماريوت ."
" انها متماثلة إذن ."
تنهدت :" لدي شعور بأننا سنتقاتل على الدوام عند حدود معينة لا ينبغي تجاوزها ."
" آه ، ولكنني واثق من اننا سنتفق في نهاية الأمر ." وبدت في عينيه نظرة تفصح عن ان حبهما سيجعل من كلقتال بينهما قصير الأمد .
اشار إلى النادل الذي اقبل على الفور ، فأمره برفع الأطباق وإحضار المرطبات ن وربما لم تكن ليزا تهدف إلى الرفاهية في حياتها ، ولكنها كانت تعلم ان هذا لا يفيدها بشيء إذا لم تكن سعيدة مع كين ، ان على زواجهما ان ينجح .
اخذت تحدث نفسها بذلك متذكرة قول كين ان نجاح هذا راجع اليهما ، فالزواج الناجح يصنعه الزوجان معاً .
\قالت تذكره :" هذا راجع إلينا ." وتذكرت ما كان قاله مرة بأنه اختصاصي في قهر الصعاب ، انها واثقة الآن من انه لن يدع زواجهما ينهار اذا كان بإمكانه إنقاذه ، وجعلها تفكيرها هذا اكثر ثقة في المستقبل .
قال :" انا موافق على ان ذلك راجع الينا ."
نظرت إليه ، كانت تحب هذا الرجل رغم كل شيء ، وفكرت في انه إذا غرق زواجهما ... حسناً ليس هناك رجل آخر تفضل ان تغرق معه ...
وكان هذا يثبت لها رأيها في مبلغ حماقتها ، فبدلاً من ان تتصرف بتعقل وتقطع علاقتها به ، هذه العطلة الأسبوعية ، إذا بهما يتزوجان . نظرت في عينيه ، يساورها امل يائس :" أترانا نحن الاثنين ، سننجو من عواقب هذا القرار ؟"
فكسا ملامحه عبوس ساخر ، وقال :" اشك في هذا ولكنك تعلمين كما اعلم ... ان علينا ان نحاول ."


Shining Tears غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-01-09, 01:40 AM   #28

Shining Tears
 
الصورة الرمزية Shining Tears

? العضوٌ??? » 1639
?  التسِجيلٌ » Jan 2008
? مشَارَ?اتْي » 218
?  نُقآطِيْ » Shining Tears is on a distinguished road
افتراضي

الفصل السابع ؟^_^

مساء الأحد ، اوصلت ليزا كين إلى المطار لكي يستقل الطائرة إلى ملبورن، لم يكن قد قابل والديها اثناء هذه العطلة ، إذ قررت ليزا ان من الأفضل ان تعدهما لذلك أولاً ، وذلك افضل من مفاجأتهما بكل شيء مرة واحدة .
كان ذهنها ما يزال غارقاً في دوامة من عدم التصديق والبعد عن الواقع ، لقد كانت في بداية العطلة الأسبوعية ، لا تفكر إلا في قطع علاقتها بكين ماريوت . وفي نهايتها كانت قد سلمته نفسها طوال الحياة .
وتساءلت عما إذا كانت النساء جميعاً تمر في مثل هذه المشاعر في فترة الخطوبة ، ذلك ان كل امرأة سيكون عليها ان تعلم ان حياتها لن تعود أبداً كما كانت .
ودعها كين بنفس اللهفة والشوق اللذين استقبلها بهما منذ ليلتين ، وكأنه كان يريد ان يمتص كل جزء منها ، وهو يقول :" من الآن فصاعداً عليك ألا تفكرين في رجل آخر ." قال ذلك بابتسامة صغيرة جافة ، ولكن عينيه كانتا جادتين للغاية .
فقالت :" أنا لا اريد ذلك ، يا كين ، فقد وعدتك بألا يكون هناك رجل غيرك."
صعدت ابتسامته غلى عينيه تغمرانها بالحنان . لقد أقسمت ليزا على ألا تمنحه سبباً يجعله يشك في اخلاصها مرة أخرى ، فقد كان ما كانت نوهت به عن (رجل آخر) يوم الجمعة الماضية ما زال في باله ، وبدا غريباً في نظرها ان رجلاً بالغ الثقة في نفسه مثل كين لم يتخلص بعد من عامل الغيرة التي تملكته لقولها ذاك ، ولكنها تكنهت بانه لا يثق بالآخرين ، حتى بها هي .
شعرت بشيء من الكآبة لهذه الفكرة اثناء عودتها غلى شقتها التي تعيش فيها مع شقيقها ، لقد قال لها كين ان بإمكانه ان يمنحها من نفسه اكثر مما يمنح أي شخص آخر ، ولكن الألم كان يتملكها وهي ترى انعدام ثقته بها ، ربما كان هذا نتيجة كونه قاسي كثيراً . ان ماعليها القيام به الآن هو ان تقنع كين بأنها ستقف إلى جانبه مهما كانت الأمور .
كانت شقتها واحدة من شقق كثيرة في مبنى كبير في منطقة بوندي ولا تشبه شقة كين بشيء ، وعندما دخلتها في تلك الليلة ، نظرت حولها وهي تفكر في انها اشبه بكابوس ، لقد كانت هي وشقيقها طوني ، قد جمعا قطعاً غريبة من الأثاث واضافا إليها ما كان يعجبهما في اوقات مختلفة ، ولم تكن منسجمة متآلفة ، ولكنها كانت مريحة .
عندما يكون طوني في البيت تسود الفوضى في المكان بشكل دائم ، ولكنه الآن منظم للغاية . ذلك ان ليزا استقلت بالشقة لنفسها لمدة عشرة ايام ، إلى حين عودة شقيقها من لندن بعد زيارته القاهرة وسنغافورة . وتمنت لو انه هنا ، فقد أرادت ان تشرك احداً في مشاعرها . فقد شعرت بنفسها منفصلة عن كل شيء وبشكل غريب ، وكأنها كانت بين عالمين ، وكان شعورها بالوحدة بالغاً .
اتصل بها كين من ملبورن ليتمنى لها ليلة سعيدة ، فخف لديها الشعور بالوحدة . ان كين يفكر فيها ... فهو يحاول .
كان الخلاف الوحيد بينهما اثناء اليومين الماضيين ، على خاتم الخطبة ، فتبعاً لقرار كين ، كالعادة ، أوصى بإنجازه صباح السبت ، وقد اعترضت ليزا بشدة ، فإذا كانت احواله المالية في تراجع ، كما قال فهي لا تريده ان ينفق لأجلها مبلغاً ضخماً .
ولكن كان لكين رأي آخر ، فقد قال بلهجة لاذعة :" في الحياة ظروف يصبح فيها المال خارج الاعتبار ." وهكذا كان ، فاختار ياقوتة زرقاء رائعة الجمال محاطة بأحجار الماس ، واغلقت ليزا اذنيها كيلا تسمع ثمنها ، فقد كان من الأفضل ألا تعلم .
كان ينبغي تغيير حجم الخاتم ، وهكذا رتب الأمر بحيث تأتي لأخذه من متجر المجوهرات براودز يوم الثلاثاء ، ولم تشأ ليزا ان تخبر احداً بخطبتها قبل ان يصبح خاتم كين في اصبعها ، فقد بقيت تفكر في انه اذا حدث شيء فوق العادة ، فإن بإمكانها ان تغير رأيها ، وهكذا كين أيضاً .
ويوم الثلاثاء بعد الظهر، احضرت الخاتم من المتجر ووضعته في اصبعها شاعرة بأنها قد اصبحت مخطوبة حقاً . اتصل بها كين هاتفياً تلك الليلة ليسألها ان كانت احضرته ثم سألها :" ألم تتحدثي مع والديك بعد ؟"
" كنت على وشك القيام بذلك ." قالت ذلك كيلا تترك لديه أي شك على الاطلاق .
" إذا أنت جعلت موعد الزفاف بعد سبعة اسابيع بدلاً من ستة ، يا ليزا ، فسيكون لدي وقت كافٍ آخذك فيه إلى شهر عسل حقيقي ، اتحبين هذا ؟"
فاغرورقت عيناها بالدموع ، ان كين يحاول بعث السرور في نفسها حقاً، واجابته :" نعم ، احب هذا كثيراً . شكراً لك ، سأخبر والدتي ووالدي ، احسب عندك سبعة أسابيع ."
عندما اخلبرت والديها ، كانت ردة الفعل لديهما تترواح بين الدهشة والسرور واللهفة للتعرف إلى الرجل الذي ستتزوجه ، ورتبوا الأمر بحيث تأتي مع كين لتناول الغداء نهار الأحد .
أما ردة الفعل التي لم تكن تنتظرها فكانت من رئيسها في العمل جاك كونواي ، ذلك ان السرور لم يظهر عليه ، وإنما بدا عليه ارتباك كلياً ، وتساءلت عما إذا كان قد ظن بانه على وشك ان يخسرها ، ما يتوجب عليه إيجاد بديلة لها ، ولكنها سرعان ما اكتشفت ان هذا ليس ما كان يفكر فيه .
قال لها فجأة وعيناه الفولاذيتان مسمرتان على وجهها :" انك تدركين بأن وضعك في الشركة حساس ، أليس كذلك يا ليزا ؟"
بادلته ليزا النظر دون ان تفهم شيئاً :" آسفة ، فأنا لم أفهم ."
" بصفتك سكرتيرتي يسهل عليك الوصول إلى المعلومات المتعلقة بمشاريع وينجيكامبل وجيسامين ، وتلك المعلومات التي ستظهر هناك ستجعل كين ماريوت في مركز يمنحه تفوقاً كاسحاً على منافسيه ."
فقالت تدافع عن كين بحرارة :" انه لم يسألني عنها أبداً ."
وبعد ، فقد كانت لديه الفرصة ليضغط عليها أثناء العطلة الأسبوعية لكي تخبره عما حدث في اجتماع يوم الجمعة ، ولكنه لم يفعل ، وتابعت تقول بمزيد من الحرارة :ط حتى ولو سألني ، فلن اعطيها له ."
تبددت الشكوك ولكن بقيت في عينيه نظرة حادة عنيفة :" قد لا يحدث هذا ، ولكنني أرى ان انقلك إلى مكان آخر ."
لم يكن جاك كونواي ، وهو المدير المنفذ للشركة الدولية المختلطة يقبل المغامرة بسمعته ومهما كانت فائدة ليزا له في الماضي ، فهي ليست سوى سكرتيرة .
شعرت ليزا انها طعنت بنزاهتها ، واستقامتها ، فقالت والكبرياء تتألق في عينيها :" لا اريد ان افقد عملي ، يا سيدي ."
" انه تضارب المصالح ، يا عزيزتي ."
فأصرت قائلة :" لن يكون هناك أي تضارب ." لم تشأ ان تغير عملها ، فهي تحب مكانها هذا ، وعملها فيه ، والمسؤولية الملقاة على عاتقها . بدا الشك على وجه جاك كونواي !
" إنني أكره ان اعرضك لاحتمال حدوث شيء ، يا ليزا ، بدلاً من ان تكوني فرداً مفيداً هنا ."
قالت بعناد :" هذا لن يحدث ."
نظر إلى وجهها المتوهج عدة لحظات ، ثم قال :" سأفكر في الأمر ." ولكن من الواضح ان هذا الوضع كان يزعجه .


Shining Tears غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-01-09, 01:41 AM   #29

Shining Tears
 
الصورة الرمزية Shining Tears

? العضوٌ??? » 1639
?  التسِجيلٌ » Jan 2008
? مشَارَ?اتْي » 218
?  نُقآطِيْ » Shining Tears is on a distinguished road
افتراضي

كما أنه أزعج ليزا . ولأول مرة اخذت تتساءل عما إذا كان كين ماريوت قد فكر بالزواج منها لكي يحصل علة معلومات يراها بالغة الأهمية لعمله ، ولكنها ما لبثت ان نبذت هذه الفكرة ، حقاً ان كين كان متطرفاً ، ولكن ليس إلى هذا الحد.
عندما اتصل بها كين تلك الليلة ، كانت هي قد نفت هذه الفكرة من رأسها كلياً ، فقد كان لديها أشياء اكثر أهمية بكثير لتفكر فيها . مثل اجتماع كين بوالديها ، وترتيبات الزواج .
كانت زيارتهما لزالديها ناجحة تماماً ، فقد كان تأثير كين عليهما كبيراً . فهو وسيم ناجح يبدو عليه الثراء ، وقد احسنت ليزا باختياره ، فقد كان ذلك واضحاً على وجهيهما ، ومع ان ليزا كانت واعية للتحفظ الداخلي لكين ، إلا انه اظهر ظرفاً جعل الحديث بينهم أكثر سهولة .
لكن عندما تطرقوا إلى ترتيبات الزواج ، اخذت الأمور في التعقيد ، لقد وافق كين ، بكل سهولة على أي شيء أرادته ليزا وأسرتها ، اما الصعوبة فكانت في أنه لم يكن لديه شخصياً احد يدعوه إلى العرس ، فحسب اعتباره، كان زواجه من ليزا مسألة شخصية لا تخص سواهما ، هما الاثنين .
سألته والدة ليزا محتج :" حتى ولا فرد واحد من أسرتك ؟"
فكانت كلمة ( كلا ) من كين واضحة تماماً ، وتغاضت ليزا عن الصمت الذاهل الذي تلا ذلك بما امكنها من السرعة ، ولكنها شعرت بالغضب من كين لعدم تساهله بالنسبة لهذا الموضوع على الإطلاق ، كان قد تركها تتصرف ، بالنسبة لحفلة الزواج ، كما تشاء ، ولكنه كان يتصرف حسبما يشاء ، هو أيضاً ، لقد أرادها ان تتزوجه ، وهذا ما كان ، نظرة واحدة إلى ملامحه المتحجرة كانت تحذيراً كافياً لليزا بأن احدى قرارات كين والتي هي ( خذيه أو دعيه ) ولا مجال للنقاش .
بعد ذلك جاءت اليها والدتها قائلة ، ان من المؤكد ان الأعراس هي المناسبات التي يتصالح فيها المتخاصمون من أفراد الأسرة ، انه جفاء اثيم يبعث على الخزي ، ورغم انها تعلم ان الطلاق يجعل الأولاد عديمي الصفح ، أفلا يمكنها هي ليزا ، ان تتكلم مع كين في هذا الشأن ؟ من المؤكد ان والديه لا يريدان لهذا الصدع ان يستمر . ثم ماذا بالنسبة إلى شقيقته ؟ ألم تخبرها ليزا ان كين لديه شقيقة ؟
فكان ان قالت ليزا :" سأتحدث إليه يا والدتي ." ولكنها كانت تشك في انها ستحرز أي نجاح ، فقد أصدر كين القانون ، وعلى أسرتها أن تقبل به كما هو ، ولكن ليزا فكرت في ان شقيقة كين قد تحب ان تحضر العرس ، فقد كان يزورها احياناً ، افلا تجرح كرامتها إذا لم يطلب منها الحضور ؟
في طريقهما عائدين إلى المدينة ، قررت ليزا ان تتطرق إلى الموضوع ، وعلى كل حال فإن الدعوات يجب ان ترسل بالبريد هذا الأسبوع ، كل شيء يجب ان يتقرر .
ابتدأت تقول مترددة :" كين ان شقيقتك ..."
فقاطعها بحزم :" كلا ، يا ليزا ."
تنهد كين وهو ينظر اليها : " ان والديك شخصان طيبان ، ماجعلني افهم السبب في رغبتك في دعوة اسرتك لكي يحضروا حفل زواجك ، وان تستمر علاقتك بهم ، ولكن هذا غير ممكن بالنسبة لأسرتي ، صدقيني ."
قالت باستياء :" انك انت لا تريد ان تجعله ممكناً ."
أطلق ضحكة خشنة :" ليس ذلك من طرف واحد ، يا ليزا ، فهما يكرهانني بقدر ما اكرههما ."
" لماذا ؟"
قست ملامحه وهو يقول بلهجة أرسلت قشعريرة في جسد ليزا :" لأنني جعلتهما يدفعان ثمن مافعلاه ."
ثمة شيء غير عادي . فهذا لم يمن مجرد مأساة طلاق أو أولاد محرومين من الحب ، وحاولت ليزا ان تتذكر كل شيء كان كين قاله عن اسرته ، ولكنه كان قليلاً جداً ، كانت تعلم ان والده كان طبيباً نفسياً شرعياً بارزاً كان يقدم آراء خبيرة في المحاكم الجنائية ، دوماً في مجال الدفاع .
" كان يجد عذراً لأي شيء ." كانت هذه احدى التعليقات النادرة التي كان كين يشير بها اليه ، وكانت السخرية في عينيه السوداوين تجعل رأيه واضحاً ، لقد كانت هناك اشياء ما كان كين ماريوت ليصفح عنها قط .
لم تكن ليزا تعلم شيئاً عن والدته ما عدا انها تزوجت مرة أخرى بعد الطلاق. كما فهمت ان شقيقته كانت عصبية إلى درجة تدعوإلى اليأس وكان زوجها يقوم نحوها بدور الممرضة ، وكان هذا مجموعة معلومات ليزا . واخذت تتساءل عما يجعل ابنة طبيب نفسي تصل إلى حد تكون فيه عصابية لا رجاء في شفائها ، كما وصفها كين .
قالت ليزا بهدوء :" اظن من الافضل ان تذكر مافعلاه ، وما فعلته انت ، ياكين."
"دعي عنك هذا فقد اصبح من التاريخ."
"لقد قبلت مراوغتك لي بالنسبة الى اسرتك مدة عام ، ياكين، وقد قبلته لانه لم يكن لي حق بمعرفة ذلك، ولكن من حقي الان ان افهم الرجل الذي سأتزوجه."
فنظر اليها بجانب عينه.
"الاتفهمين الرجل الذي ستزوجينه؟"
"ليس دائما."
قال ساخرا من نفسه:" ولا أنا ."
" الاتظن ان عليك ان تخبرني بما حدث؟" اصرت ليزا على قولها هذا مصممة تماما هذه المرة على ان لا تقبل منه أي مراوغه.
فهز كتفيه:" انها ليست قصة جميلة."
"لست بحاجة الى قصة جميلة، بل اريد الحقيقة. فإذا بقيت مستمرا في استبعادي من حياتك ، فأي نوع من الزواج سيكون لنا؟"
اجابها بحدة:" انه ذلك الذي يصنع معظم المستقبل."
"انه الماضي الذي جعلك ما انت عليه يا كين، فأنت دوما تقول او تفعل اشياء لا افهمها ، انني اريد ان افهم ، وقد حان الوقت لكي تمنحني هذا التفسير."
فقطب حاجبيه :" انك لن تحبي ذلك."
" هذا لايهم."
مضت لحظات صمت سادها التوتر، واخيرا قال معترفا:"هذا صحيح، وهذا شيء احبه فيك ، ياليزا، فأنت لا تخافين مواجهة الحقائق."
ولكنها كانت تعلم ان هذا غير صحيح، فهي تخاف، في داخلها على الاقل، ولكنها تخلت عن عادة دفن رأسها في الرمال، في العطلة بأن كين يحب مزاياها كما يحب انوثتها.
قالت مصرة وهي تذكر نفسها بألاتخاف مهما يكن وما يكشفه:" ماذا حدث؟"


Shining Tears غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-01-09, 01:43 AM   #30

Shining Tears
 
الصورة الرمزية Shining Tears

? العضوٌ??? » 1639
?  التسِجيلٌ » Jan 2008
? مشَارَ?اتْي » 218
?  نُقآطِيْ » Shining Tears is on a distinguished road
افتراضي

استرخى في مقعده في سيارته الجاغوار وقد فارق وجهه، وكانت اساريره هادئة تماما عندما ابتدأ يتكلم، وصوته جامدا خاليا من المشاعره:" اولا ، انني دمرت سمعهة والدي المهنية ونزاهته المفترضى."
سرت في جسم ليزا قشعريرة ، فهي لم تتوقع شيئا كهذا، فسألته:" وكيف؟"
"لقد كشفت الحقيقة."
"آه، يا كين."
أي نوع من الرجال ستتزوج، انها تعرف كين رجلا عنيفا، اما ان يكون قاسيا بهذا الشكل؟
لم يتحول نظره عن الطريق امامه ، وكأنه لم يسمع هتافها، كان يحيط به جو من القسوةالهادئة وهو يتابع قائلا:" ثم دمرت زوج والدتي ، ماليا وقد استغرق هذا وقتا طويلا ، ولكنني نجحت في ذلك."
شعرت ليزا بالتشنج في جسدها، مالذي كان السبب في كل هذه الكراهية؟ لابد ان هناك سببا، لان كين لا يفعل شيئا دون سبب.
"لقد تركت والدتي قريبة من الفقر والعوز قد امكاني ، ما جعلها تعيش دون تلك الرفاهية التي هي اهم لديها من اي شيء او شخص آخر."
هذا اذن مافعله بوالده وزوج والدته، اذ حرمهما اهم شيء لديهما، السمعة ، الثراء، الكرامة ، الزهو.
قالت محاولة جهدها الاحتفاظ بهدوئها وجمود مشاعرها مثله ، قالت تسأله:" اهو انتقام؟"
"كلا ، ليس انتقاما بل عدالة." وكان في كلمته الاخيرة عنف بالغ.
قالت له برقة :" لم يكن في ذلك شيء منها عندما كنت مرغما على الدخول الى المدرسة الداخلية، التي ارسلاني اليها ، لكي يزيحاني من الطريق."
فالتوت شفتاه ، وبدت السخرية في صوته:" عدا عن الادمان."
توتر فكه، وما لبث ان استرخى بعد ان رغم نفسه على ذلك مرة اخرى.
سألته ليزا بهدوء:" ماذا حدث عدا عن هذا؟"
"لقد قادوا شقيقتي الى الانحراف."
قال ذلك بشكل عنيف واقعي لا اثر للمشاعر فيه ، ماجعل دم ليزا يجمد في عروقها للتفكير في كل مالم يذكره بعد ، لا شك ان كين لم يقصد بكلامه ما فهمته منه.
سألته مستطلعه :" هل انضمت اليهم في ذلك ؟"
" كلا... ليس بإرادتها، كانت جينا كأرنب منوم مغناطيسيا، فهي عاجزة عن رد الاجرام بحقها، لقد عودوها هذا بمرور السنوات."
"ولكن ، الم يسيطروا عليك انت ، ياكين؟"
" كلا ، انهم لم يستطيعوا."
ماعدا الكراهية والتمرد والرغبة في النهوض من الكبوة والقضاء على الشذوذ الرغبة في التفوق هذا ما اخذت ليزا تفكر فيه ، ولكن شقيقته... ما زال عقل ليزا مجفلا من قبول هذا النوع من الوقائع التي تحدث عنها كين ، لابد انها تتخيل حقيقة ماتسمع.
سألته رغبة منها في التخفيف عن كين من هذه الصور التي يختزنها في ذاكرته:" ماذا حدث لجينا؟"
اجاب بحدق مر :" اخذ زوج والدتي الحيوان يغرر بها كل يوم عاشت فيه معهما ، اما والدي اتخذ مهنة ايجاد العذر لكل انواع البراءة بدعوة الطب النفسي فقد رفض ان يصدقنا .. رفض التدخل وابعاد جينا ، ولم تشأ والدتي ان تفقد حياة الرفاهية التي كانت تعيش فيها ، فاغمضت عينيها عما كان يجري ، كانت تعلم ولكنها لم تهتم.
اغمضت ليزا عينيها وقد شملتها رجفة ، تلك كانت الذكريات السوداء التي ارادت من كين ان يشاركها فيها ، الذكريات التي شفته من المآسي العنيفة منذ زمن طويل ، نعم لقد قرأت عن مثل هذه الامور ، في الصحف وسمعت عنها في التلفزيون ولكنها لم تتوقع قط ان تمس مثل هذه الفظائع حياتها.
لاعجب اذن في ان يحتفظ كين لنفسه بها... وتمنت لو لم تسأله ، تمنت... كلا ، من الافضل لها ان تعلم هذه الامور مهما كانت شائنة، انها تساعدها على الاقل في فهم كين.
حاولت ان تتصور كيف كان تأثير ذلك عليه، وهو يرى نفسه عاجزا عن منعه من الاستمرار ، عاجزا عن انقاذ شقيقته... غلام في الثانية او الثالثة عشرة يكافح ضد كبار مصممين على ابقاء كل شيء على ما هو عليه، والتوى قلبها عطفا على الصبي الذي حرم من طفولته.
سألته :" كيف دمرت زوج والدتك ماليا؟"
القى عليها نظرة تتألق رضاء حاقدا ، وقال :" كان لديه شركة الهندسة، فكرست نفسي لمنافسته عمليا، استأجرت كبير موظفيه وكان هذا الجزء سهلا ، فقد كان نذلا مع موظفيه كما كان في كل شيء في حياته ، ثم اخذت انافسه في كل عطاء يتقدم به ، فاقدم سعرا ارخص ، او بالاختصار دمرت اعماله ، واقدم هو على عدة اشياء حمقاء دفعة اليه الاحباط ومن ثم اعلن افلاسه ، وبعد ذلك بوقت قصير مات إثر ذبحة قلبية ، ولم اتالم لاجله."
ياله من رجل عنيف لايعرف الصفح ، سألته:" هل اعددت نفسك لذلك منذ كنت في المدرسة؟"
" نعم"
كان هذا هو السبب في ان عمله كان له الاهمية الكبرى لديه. لم يكن هو الوسيلة فقط لحياة ناحجة في العالم، وانما كل نجاح يحصل عليه كان يغزي في نفسه، دون شك ، الرضا وهو يرى تحت رحمته الرجل والمرأة اللذين اجرما في حق شقيقته وذلك بكل قسوة.
اخذ يدق بقبضته على عجلة القيادة بخفة عدة مرات وهو يقول بحزم :" العدالة... يجب ان تكون هناك عدالة."
وخيل الى ليزا ان قبضته هي مطرقة القاضي على منصة المحكمة.
وتحت هدوئه الظاهري ، كانت ليزا تحس بمشاعره العنيفة المضطرمة، وفكرت في انه ليس بامكان كل عدالة ان تبطل ما كان حدث ، انها تعاقب المجرم ، ولكنها لا تنقذ الضحية.
سألته شاعرة بالالم الهائل لهذه الفتاة التي سلبوها صباها:" لماذا لم تترك شقيقتك منزل والدتها؟"
"كانت في منتهى الضعف والاتكالية..."
" ولكنها تركت المنزل اخيرا؟" سألته ذلك بضراعة آملة ان تسمع شيئا يوحي اليها بالفرح في هذه القصة المروعة.
" نعم ، لقج ابعدتها عنهما بعد ان اصبحت كبيرت الى حد يمكنني السيطرة على اي محاولة منهما لاعادتها." قال ذلك بعنف بينما اصابعه تشتد على عجلة القيادة" وكانت قد اصبحت في حالة بالغة من التلف. تلف يدوم معها مدى حياتها وصدرت عنه آهة وكأنه يريد ان يرتاح من بعض مشاعره المكبوتة ، ثم تابع يقول :" انني افعل ما استطيعه، فأنا ارسل اليها مبلغا كل شهر لكي تشعر ببعض الاستقلال ، وهي تعلم ان بامكانها الاتصال بي كلما احتاجت شيئا ولكننا لا نتكلم مع بعضنا البعض، فقد حدثت اشيئا كثيرة جدا."
والام كثيرة ، واعباء كثيرة يحملها في الاعماق المظلمة من عقله وقلبه وروحه ، فلا عجب انه لم يضع ثقته في احد ...
ولا عجب في كونه يعيش وحيدا . ذهبت الافكار بليزا الى حياتها العائلية السهلة الخالية من المزعجات ، وملأها التقدير له لقوته في ان يصبح الرجل الذي هو عليه الان.
لم تشعر بالعطف على والدته ووالده وزوج والدته ، اذ ليس بامكانها ان تجد عذرا او تصفح عن ذلك النوع من الاثم .
وكين لن يسألها مطلقا عما اذا كانت تستحسن او لا تستحسن ما حصل ، لقد كان هو الكبرياء ولعزم والقانون ولكنه كان رجلها واذا كان كان ما قام به قد ساعدها على التخلص من اي من الالام التي ابتليا بها ، فهي لن تفكر في انتقاد عمله ، بل هي بجانبه.
قالت بلهجة حزينة :" انني اسفة يا كين."
القى عليها نظرة حذرة فيها معنى من الضعف ، ماجعلها تحدس بأنه لم يكاشف شخصا اخر بما حدثها به ، فقابلت نظراته دون ان يطرف لها جفن ، عالمة بأنه يريد ان يعلم ما اذا كان عطفها هذا صادقا ، كانت هذه الحظة هامة ، ومسألة ثقة تمتد اليها وتعود اليه .
فعادت تقول :" شكرا لانك اخبرتني بكل هذا."
قال لها بخشونة :" اريد ان تكون ذكريات عرسنا سعيدة ياليزا."
طمئنته بقولها :" وهي ستكون كذلك."
"وهذا هو السبب في انني لا اريد احدا من اهلي هناك."


Shining Tears غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:49 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.