آخر 10 مشاركات
308 – نيران الحب -جينيفر تيلور -روايات أحلامي (الكاتـب : Just Faith - )           »          112 - دمية وراء القضبان - فيوليت وينسبير - ع.ق (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          صغيرات على الحياة / للكاتبة المبدعة أم وسن ، مكتملة (الكاتـب : بلازا - )           »          ثمن الكبرياء (107) للكاتبة: Michelle Reid...... كاملة (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          أحلام بعيــــــدة (11) للكاتبة الرائعة: بيان *كامله & مميزة* (الكاتـب : بيدا - )           »          317 – صدى الذكريات - فانيسا جرانت - روايات أحلامي (الكاتـب : Just Faith - )           »          فِتْنَة موريتي(103) للكاتبة:Katherine Garbera(الجزء2من سلسلة ميراث آل موريتي) كاملة (الكاتـب : Gege86 - )           »          العروس المنسية (16) للكاتبة: Michelle Reid *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          رواية كنتِ أنتِ.. وأنتِ لما تكوني أنتِ ما هو عادي *مكتملة* (الكاتـب : غِيْــمّ ~ - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات العربية المنقولة المكتملة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-10-15, 09:05 AM   #21

اسطورة !

نجم روايتي ومشرفة سابقة وفراشة متالقة بعالم الازياء

alkap ~
 
الصورة الرمزية اسطورة !

? العضوٌ??? » 120033
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 15,367
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل التاسع عشر
- خلى بالك .. متتحركيش كتير .. ممكن يكون المسدس متعمر
لاحت ابتسامه عذبه على شفتيها وهى تقرأ رسالته .. أعادت قرائتها مرات ومرات .. ثم رفعت عينيها لتنظر اليه والى ذلك الإضطراب على وجهه .. والى الخوف الذى ظهر جلياً فى نظرات عينيه .. اتسعت ابتسامتها وهى تحرك شفتيهـا .. ببـطء .. ودون صـوت :
- متخفــش عليــا
قــرأ "مهند" رســم شفتيهــا .. ومجــدداً . . لمــح تلــك النظــرة فى عينيهــا .. خفــق قلبــه بقــوة ! .. وارتعــدت فرائصــه .. أخيــراً .. أيقـــن .. برعــب .. وخــوف .. وفـــزع ! .. معنــى تلك النظــرات !....
قال "عادل" وهو ينهض :
- أنا بعتذر عن الإزعاج اللى سببناه بس جالنا بلاغ وكان لازم نتأكد منه
التفت اليه "مهند" قائلاً :
- بلاغ ايه ؟
- جالنا بلاغ ان السلاح متخبى هنا فى الفيلا .. فى أوضة القاتل اللى قتل الجناينى
تبادل "مهند" نظرة "سريعة مع "سمر" قبل أن يرافق "عادل" الى الخارج ..ظلت "سمر" جالسه فى مكانها وهى شاردة .. تًرى من الذى دس المسدس فى غرفة "مهند" .. عاد "مهند" الى غرفة المعيشة وهو ينظر الى "سمر" وهو يومئ برأسه بأن تتبعه .. ففهمت مراده ونهضت ببطء وتبعته الى المكتب .. أغلق الباب خلفهما وتطلع اليها بصمت للحظات .. ثم قال :
- ليه عملتى كده ؟
نظرت اليه بثبات وقالت :
- عشان واثقة انك مش ممكن تكون القاتل .. أكيد حد حط المسدس فى أوضتك
زفر "مهند" بضيق وهو يقول :
- مين اللى يجرؤ يعمل حاجة زى كده .. وايه مصلحته
هزت "سمر" كتفيها بحيةر وقالت بجدية :
- محدش بيدخل الفيلا الا احنا واللى بيشتغلوا فيها .. أكيد حد من الخدامين أو من أهل البيت هو اللى حط المسدس فى أوضتك
نظر اليها "مهند" بحزم وبسط يده قائلاً :
- هاتيه
أخرجت المسدس من بنطالها وأعطته اياه وهى تسأل فى قلق :
- هتعمل ايه ؟
قال بحزم :
- هروح دلوقتى أسلمه للرائد "عادل"
نظرت اليه بدهشة ثم قالت بلهفة :
- بس كده هيشك فيك .. ممكن يفتكر انك القاتل
هز رأسه بثقه وهو يقول :
- لأ طبعاً .. لو كانوا لقوه فى أوضتى أو لقوه معايا كان هيبقى الموضوع فيه شك .. وممكن مكانوش صدقونى .. لكن دلوقتى هما مشيوا ايه اللى يخلينى أروح أسلمه بنفسى الا اذا كنت برئ فعلاً .. لو أنا القاتل أكيد مش هفتح النار على نفسى وأروح أسلمه
قالت بقلق :
- ربنا يستر
ثم نظرت اليه قائله :
- خلى بالك من نفسك
أشاح "مهند" بوجهه عنها سريعاً ودون كلمه دس المسدس فى الجيب الداخلى لسترته وفتح الباب وخرج !

*************
نظر "عادل" فى دهشة الى المسدس الموضوع أمامه فوق المكتب ثم رفع رأسه الى "مهند" قائلاً :
- وبعدين ؟
قال "مهند" بهدوء :
- مفيش كنت واقف فى الأوضة مذهول .. طلعت "سمر" عشان تعرفنى انك موجود وهتفتش البيت .. اتلخبطت واتبرجلت ومعرفش لقيت نفسى اتسمرت فى مكانى
صمت فحثه "عادل" :
- وبعدين
قال بسرعة وكأنه لا يريد سماع ما سينطقه فمه من كلمات :
- "سمر" خدت منى المسدس وخبته فى هدومها
عقد "عادل" حاجبيه بإستغراب ثم قال :
- طيب وليه مدام "سمر" تعمل كده ؟
قال بإقتضاب :
- لأنها حست انه مدسوس فى أوضتى
- ممممممم
أومأ "عادل" برأسه قائلاً وهو ينظر الى المسدس الذى خلفه بكيس شفاف حفاظاً على البصمات :
- كويس انك اتصرفت كدة .. وأنا من غير ما أنتظر المعمل الجنائى ان مش هنلاقى عليه الا بصماتك وبصمات مدام "سمر"
قال "مهندطبإستغراب :
- نفس أعرف مين ده اللى بيعمل كل البلاوى دى .. وليه يحط المسدس فى أوضتى ويبلغ
قال "عادل" على الفور :
- واضحة جداً ده حد عايز يخلص منك
نظر اليه "مهند"بحيرة وقال :
- بس أنا مليش أعداء
ابتسم "عادل" قائلاً :
- واضح ان ليك .. بدليل اللعبة دى
تنهد "مهند" وشرد وهو يفكر فى ذلك الشخص الذى أراد الايقاع به وايهام الشرطة بأنه قاتل الجنايني !

**************
التف الجميع حول مائدة الطعام .. كان البعض شاردا واآخر يتحدث فى مواضيع شتى .. تنهدت "انعام" قائله :
- مش عارفة مسلسل الرعب اللى احنا عايشين فيه ده هيخلص امتى
قالت "كوثر" ببرود :
- لما يبقى يمسكوا القاتل اللى مش عارفين لحد دلوقتى يمسكوه
قالت "انعام" بإستغراب :
- بس الظابط قال انه متأكد بنسبه كبيرة ان القاتل الأول هو نفس القاتل اللى فى الغيبوبة .. يعني يعتبر كدة خلاص مسكوه
صاحت "يسرية" بحده :
- أيوة بس مش متأكد بنسبة 100% .. يعني لسه فى شكل ان يكون فى 2 قتالين قتله .. مش قاتل واحد
قال "عدنان" بحزم :
- ممكن يا جماعة نقفل على الموضوع ده خلاص الواحد أعصابه تعبت

- السلام عليكم
التفتت "سمر" تنظر الى "مهند" الذى دخل الغرفة ألقى السلام عليكم ..
- وعليكم السلام
- وعليكم السلام
جلس "مهند" فى مكانه وانضم اليهم فى تناول طعام العشاء .. ظلت تتطلع اليه طيلة الوقت دون أن ينظر اليها .. التفتت "يسرية" لتقول الى "مهند" بلطف على غير العادة :
- "مهند" .. "نهال" كانت عايزة حد يشرحلها مشروع صغير طلبه منها الدكتور بتاعها .. ولما انكوا مهندسين زى بعض ياريت لو تقدر تساعدها
لاحت ابتسامة واسعة على شفتى "نهال" وهى ترمق والدتها ببهجة ثم تتطلع الى "مهند" الذى قال بأدب :
- مفيش مشكلة يا طنط .. مع ان "نهاد" بردة ممكن يشرحلها
ضحكت "يسرية" وقالت :
- لا "نهاد" تخصصه غير تخصصك .. انت هتفيدها أكتر .. معلش لو كنت بتقل عليك
قال بإقتضاب :
-لا أبداً
رشفت "سمر" من كوب الماء وهى تتطلع الى "نهال" التى اتسعت ابتسامتها ووشت يعينها بفرحتها لهذا الترتيب .. وضعت الكوب أمامها وظهر الضيق على محياها .. التفت اليها "عدنان" قائلاً :
- فى حاجه يا "سمر" ؟
هزت رأسها نفياً ونهضت قائلاً :
- تعبانه شوية .. هروح أنام .. بعد اذنكوا
غادرت غرفة الطعام وتوجهت الى غرفة النوم وهى لا تزال تشعر بالضيق

*****************
شهقت جارة "سحر" بحدة وهى جالسه معها فى بيتها وقالت :
- بتتكلمى بجد ؟ .. وبعدين
قالت "سحر" بحنق :
- لما رجع من الصلاة فضحت الدنيا وسمعته من المنقى يا خيار .. قال عاملى فيها بتاع ربنا وبيصلى الوقت بوقته والناس فاكراه راجل محترم ييجوا يشوف البلاوى اللى بيتفرج عليها
قالت جارتها وهى تحتسى قهوتها :
- تؤ تؤ تؤ .. ايه ده وازاى سكتى على كده .. أنا لو منك كنت سبتله البيت ... ده أنا كنت فاكراه راجل محترم .. كل ما يشوفنى يبص فى الأرض قولت بس هى دى الرجاله ولا بلاش .. يطلع فى الآخر كده .. تؤ تؤ تؤ
قالت "سحر" بغيظ :
- لا واللى يفرسك انه مركبنى أنا الغلط .. بالله عليكي عمرك جيتي شوفتى بيتى ناقصه حاجه
هتفت جارتها على الفور :
- لا طبعاً الشهادة لله انتى دى ست ولا كل الستات .. ست بيت بصحيح .. بس هما الرجالة كده عينهم فرغه ويندب فيها رصاصه .. بس انتى يا "سحر" باردة أوى .. ايه اللى مأعدك هنا كنتى اغضبيلك يومين عند أمك كان هييجى يبوس ايدك ورجلك ويقولك محتاس من غيرك ارجعى نورى بيتك .. آه ما الراجل من دول ميحسش بقيمة مراته الا لما تغيب عنه
قالت "سحر" متنهده :
- انتى عارفه انى مبحبش أعد عند أمى .. وبعدين هعمل ايه يعني ربنا يصبرنى عليه ويهديه ويعقل كده ويعرف انه خلاص بأه زوج وأب وفوق كتافه مسؤليه تخلى الواحد ينسى نفسه
هتفت جارتها وهى تترك فنجان القهوة فوق الطاوله :
- يوه كنت هنسى .. أما أنا عامله النهاردة بساره تاكلى صوابعك وراها أما أقوم أجيبلك طبق
ابتسمت "سحر" قائله :
- ماشى مستنياكى .. فرصة البت نايمة ونعد نتساير مع بعض على ما ولادك يرجعوا من المدرسة
قالت وهى تغادر :
- طيب رجعالك مش هعوق

***************
فتحت "انجى" باب بيتها وهى ترفع حاجبيها بدهشه وقالت :
- "نهاد"
نظر اليها قائلاً :
- ازيك يا انجى
رسمت تعبرياً جامداً على وجهها وهى تقول :
- أفندم عايز ايه يا "نهاد" ؟
- مبترديش على موبايلك ليه كلمتك كتير انتى مش ليكي فلوس معايا بحاول أكلمك عشان أوصلك الأربح مبترديش حتى "بيسان" قالتلى انها مش عارفه توصلك قولت آجى أشوف فى ايه
قالت ببرود :
- عادى يعنى .. زهقت من الناس وقولت أعد مع نفسى كام يوم
أومأ برأسه وهو يخرج مظروفاً من جيبه وقال :
- اتفضلى
أخذته منه وقالت :
- ميرسى
التفت ليغادر فعاجلته بقولها :
- على الأقل ادخل اشرب حاجه .. حد قالك عليا بخيله ولا ايه ؟
- التفت اليها وقال بأسف :
- معلش يا "انجى" عشان مستعجل
قالت بحنق وهى تمسك الباب لغلقه :
- أحسن برده
أوقف الباب بكفه قائلاً :
- طيب عندك شاى
فتحت الباب مرة أخرى وهى تنظر اليه بتحدى وقالت :
- ولو مش عندى هبعت البواب يجيبلك .. مش حجه يعني
ابتسم وقال :
- طيب هشرب الشاى وأمشى
فتحت الباب مبتسمه وهى تقول :
- اتفضل
ودخل "نهاد" !!

*********
نزلت "سمر" الدرج تبحث عن أى أحد فى الفيلا فلم تجد توجهت الى غرفة "لميس" فلم تجدها التفتت فكادت أن تصطدم بها فقالت :
- آه سورى يا مدام "لميس" .. هو مفيش حد هنا ولا ايه
باتسمت "لميس" وقالت :
- لا أعتقد محدش موجود .. "عدنان" بيه و مدام "انعام" فى المرسم .. و "مهند" مع "نهال" فى الجنينه .. و "فريدة" معرفش فين
عقدت "سمر" جبينها وقالت :
- طيب .. ميرسى
خرجت "سمر" تبحث تجول بعيناها فى الحديقه .. ازدادت امرارات الضيق على وجهها وهى ترى "مهند" جالس برفقة "نهال" على احدى الطاولات فى الحديقة .. لم تشعر بنفسها الا وهى تتوجه اليهما .. لكنها أبطات السير بعدما اقتربت فظهرت "فريد" جالسه معهما وقد أخفتها احدى الشجيرات فلم تنتبه الى وجودها فى أول الأمر .. وعلى الرغم من ذلك ظل الضيق مرسوماً بوضوع على وجهها .. اقتربت منهم وقالت :
- صباح الخير
- صباح النور
- صباح النور
لم يجب "مهند" ! .. فزادها ذلك ضيقاً .. نظرت اليهم قائله :
-بتعملوا ايه على الصبح كده ؟
قالت "نهال" وهى تنظر الى "سمر" بتحدى :
- "مهند" بيشرحلى حاجات مش فاهماها .. وانتى عطلتينا
نظرت اليها "سمر" ببرود فقالت "فريدة" على الفور :
- متزعليش أكيد "نهال" مش قصدها
قالت "نهال" ببرود :
- لا قصدى
ثم التفتت الى "مهند" مبتسمة وهى تقول :
- يلا نكمل
أكمل "مهند" ما يشرح وكأنه يستثقل المهمة الموكله اليه .. كان يتحدث بسرعة وبعجاله وتزيد "نهال" من ابطاء شرحه بكثرة أسئلتها .. الى أن قالت "سمر" بتهكم :
- ايه يا "نهال" شكلك مبتفهميش من أول مرة ... تعبتى "مهند" معاكى
نظرت اليها "نهال" ببرود وقالت :
- محدش اشتكالك
ثم قالت بلؤم :
- عمى "عدنان" فى المرسم .. روحيله سليه بدل ما هو آعد لوحده
احتقنت الدماء فى وجه "سمر" وغادرت .. ليس الى المرسم .. بل الى الفيلا !

*********
- جرعة زايدة هتخلص الليلة
ألقى "علاء" تلك العبارة على مسامع صديقه الذى قال :
- لا سك على فكرة القتل عندى فكرة أحلى من القتل .. القتل هيجيبلنا وجع الدماغ والشك وخاصة بعد ما البوليس بأه داخل خارج وبيشك فيكوا كلكوا
قال "علاء" بلهفه :
- طيب ايه الفكرة اللى أحلى من القتل
قال صديقه بحماس :
- بص بأه .. هنرجع للخطة (أ)
قال "علاء" بإستغراب :
- وايه هى الخطة (أ)
قال صديقه مبتسماً بثقه :
- قضية الحجر
- حجر ايه يا ابنى .. ما قولنا متجوز وعاقل و 24 حصان
قال صديقه بحماس :
- لا ما احنا هنجننه وهنخلى كل الناس تشهد بكده حتى مراته نفسها
- طب ازاى ؟
قال صديقه وكأنه يبوح بسر خطير :
- حبوب هلوسه
رفع "علاء" حاجبهي دهشة وهو يقلب الفكرة فى رأسه :
- حبوب هلوسه ؟
- أيوة يا برنس .. حبوب هلوسة هتخليه مش على بعضه وعقله يفوت وكل اللى حواليه يشهدوا انه مش طبيعي .. وبكده تقدروا ترفعوا قضية الحجر وساعتها نبقى نشوف صرفه لمراة عمك .. ايه رأيك يا برنس البرانيس
شرد "علاء" فأكمل صديقه قائلاً :
- وبكده تبقى خلصت منه ومن غير نقطة دم واحدة .. ولا جثه ولا قتل ولا يحزنون .. ايه رأيك بأه ؟
قال "علاء" بإعجاب :
- قشطة .. قشطة أوى

قال "عادل" بعدما أنهى طعامه :
- تسلم ايدك يا أم "عادل"
ابتسمت قائله :
- انشاله تسلم يا "عدول"
أشار "عادل" الى طبق الفاكهة فى أول السفرة وقال :
- ما تديني صابع موز
قالت أمه بحزم :
- أما تغسل ايدك الأول
ثم استدركت بسرعة ولهفة :
- اسكت يا وله يا "عادل" مش انا جبتلك عروسه
هتف "عادل" قائلاً :
- اسكتى يا ماما مش أنا مش عايز
هتفت والدته فى حده :
- مش عايز ايه .. انت مش عايز أنا عايزه .. نفسى أفرح بيك بأه وأشوفلك عيال بتتنطط حواليا بدل ما خلقتى فى خلقتك على طول كده
رفع "عادل" حاجبيه قائلاً :
- بدل ما خلقتى فى خلقتك .. مكنش العشم يا أم "عادل" .. للدرجة دى مش طايقانى
ثم أشار الى طبق الفاكهة قائلا :
- ما تديني صابع موز
تجاهلته أمه قائله :
- بص بأه .. العروسة اللى جيبهالك المرة دى نقاوه .. نقاوه
أومأ "عادل" برأسه وهو يصب الماء فى أحد الأكواب قائلاً :
- آه نقاوه .. قولتيلى
قالت أمه بحماس :
- وانت تعرفها كويس يا وله يا "عادل"
نظر اليها قائلاً :
- تبقى مين بأه ؟
قالت بحبور وحماس :
- البت "فتكات" بنت ست "روحية" جارتنا
كاد "عادل" أن يختنق بالماء فأخذ يسعل بقوة .. أسرعت أمه بضرب ظهره قائلاً :
- بسم الله الرحمن الرحيم .. اتشاهد يا وله
نظر اليها هاتفاً :
- ايه يا ماما هو أنا بموت
ثم قال :
- قوليتيلى مين ؟ سمعيني تانى كده
قالت وهى تستعيد حماسها :
- بقولك البت "فتكات" بنت الست "روحية"
أشار الى طبق الفاكهة قائلاً :
- طب هاتى موزه
مدت أمه يدهل والتقطت واحدة ثم أعطته اياها أخذ يقشرها ثم تناول قضمة كبيرة وهو يقول :
- قولتلى .. "فتكات" بنت "روحيه " .. اللى كانت بتمشى فى الشارع ناكشه شعرها وعيال المنطقة كلهم يزفوها ويمشوا وراها يغنوا الشعنونه أهى الشعنونه أهى
اختفت الابتسامه من وجه أمه وهى تقول بحماس :
- لا ما هى كبرت دلوقتى وبأت عروسه .. والله يا "عادل" لو شوفتها هتتهبل عليها
هتف "عادل" قائلاً :
- هى ناقصه هبل .. هاتى كمان صابع
أحضرت له ثمرة أخرى فى تبرم وهى تقول :
- ها ايه رأيك ؟
تناول قضمة من الثمرة فى يده وهو يقول :
- بصى يا حجه من الآخر كده وعلى سيراميك .. أنا لما أحب أتجوز هختار اللى أتجوزها دى على مزاجى .. "فتكات" بتاعتك دى بأه تخرطيها وتأكليها للبط .. قال نقاوه قال .. دى كانت كل ما تشترى آيس كريم توقع نصه على هدومها والباقى تلحوس بيه خلقتها
أشار الى طبق الفاكهة قائلاً :
- هاتى كمان صابع
هتفت أمه بحده :
- خلاص مفيش .. شطبنا .. قوم يله .. قوم يله من أدامى
نهض "عادل" وهو يقول :
- خلاص يا ستى هتذليى عشان كام صابع موز .. انا اللى جايبه على فكره
نظرت اليه أمه بحده وهى تقول بحنق :
- والنقاوه بتاعتك دى ناوى تلاقيها امتى ؟ .. لما توصل للستين ؟
ضحك "عادل" قائلاً وهو يغمز بعينه :
- لا احتمال قريب
نهضت أمه قائله بهلفه :
- بجد يا "عدول" فى واحده منشن عليها
ضحك "عادل" مره أخرى قائلاً :
- منشن آه .. منشن
قالت بلهفه :
- طيب ما تيلا
اختفت ابتسامته وقال بدهشة :
- يلا ايه ؟
قالت بحماس :
- يلا نروح نخطبها
ضرب "عادل" كفاً بكف وقال :
- لا حول ولا قوة الا بالله .. انتى مصدقتى يا حجه .. لسه شويه
قالت بحده :
- شويه ايه بس متنقطنيش .. مستنى ايه بس
قبل "عادل" وجنتها قائلاً :
- متقلقيش شويه بس وهقولك يلا روحى اخطبيهالى


******************
شعر "مهند" بالضيق لما كلفه اياه عمه من توصيل "سمر" من الشركة الى الفيلا .. ود لو اعتذر عن ذلك لكنه خشى أن يتضايق عمه .. أقبلت "سمر" فأشاح بوجهه عنها وتطلع أمامه .. قالت مبتسمه :
- مروح على طول ؟
أومأ برأسه دون أن يتحدث وانطلق فى طريقه أخذ قلبه ينبض بإضطراب ظهر الضيق على محياه وهو يفكر بعمق منذ أن وطأت قدما "سمر" الفيلا وهو يرى فى عينيها شيئاً غريباً شيئاً لم يكن لديه القدرة على تفسيره لم يكن يستطيع ترجمته ليس لأنه لا يجيد ترجمة لغة العيون بل لأنه لم يستطع عقله أن يستوعب الترجمة التى توصل اليها ازدادت تعابير جبينه حده وبدا وكأنه يعانى صراعاً بداخله صراع بين تصديق وعدم تصديق ما اكتشفه أيمكن أن ؟ أيمكن أن تكون تلك النظرة التى يراها فى عينها دائماً هى مشاعر تحملها تجاهه ؟ كيف ؟ كيف تفعل وقد أوضح لها جيداً بطبيعة العلاقة بينهما وطبيعة الصلة التى تربطهما كيف وهى زوجة عمه حتى وإن لم تكن من محارمه كيف تستطيع حتى أن تتخيل أو تتصور مشاعر كتلك رفض عقله أن يصدق بالتأكيد انت مخطئ يا "مهند" بالتأكيد فسرت نظراتها بطريقة خاطئة هتف فى نفسه لا ليست نظراتها فحسب بل كل شئ ايماءاتها نبرة صوتها تصرفاتها لما تقحم نفسها فى مشكلة وتخفى المسدس بين طيات ملابسها وهى لا تعرفك الا من فترة بسيطة ؟ ما الذى يجعلها تلغى من تفكيرها فكرة أن تكون أنت الجانى وتقول بكل ثقه بأنك لا يمكن أن تكون القاتل من أين أتت بتلك الثقة ؟ عاد ليفكر فى نظراتها مرة أخرى بل فى عينها نعم تلك العينان بشكلهما برسمهما توقف عن الاسترسال فى أفكاره وهو يزفر بضيق شديد التفتت اليه "سمر" قائله بإهتمام :
- فى حاجه مضايقاك ؟
هز رأسه نفياً بقوة دون أن ينظر اليها .. زفر بضيق أكبر عندما أغلقت الاشارة واضطر الى الوقوف مع طابور السيارات الطويل .. التفتت اليه "سمر" قائله ببنرة حملت الكثير من العتاب :
- خلصت مذاكره لـ "نهال" ؟
صمت ولم يجيب .. رأت الضيق على ملامحه .. وعينيه الغائرتان وكأنه شارد فى مكان آخر .. فأكملت :
- مش أخوها برده مهندس .. خليه هو يذاكرلها .. حتى لو تخصص مختلف بس أكيد هيفهم فى .......
قاطعها "مهند" وهو يلتفت اليها قائلاً بحده :
- لو سمحتى متدخليش فى أى حاجه تخصنى
شعرت بغصة فى حلقها وتجمعت العبرات فى عينها وهى تنظر اليه نظرة أجفلت قلبه فأشاح بوجهه عنها على الفور ازداد شعوره بالدهشه وأخذت نفسه تهتف صدق يا "مهند" صدق ما تراه فهتف عقله كيف أصدق بالتأكيد أنا مخطئ بالتأكيد تنهد بعمق وبدت متوتراً للغاية وهو يطبق بيديه على مقود السيارة تابعته "سمر" بعينيها بإهتمام فتحت الاشاره فإنطلق "مهند" بالسيارة وهو لا يزال يعقد جبينه بدا وكأن الغضب مسيطراً عليه بشدة بدت عيناه كشرارة غضب آخذه فى التزايد قالت "سمر" بهدوء :
- "مهند"
لم يجب .. كان شارداً بعمق فلم يسمعها .. مدت كفها لتلمس كفه فوق المقود وهى تقول :
- "مهند"
جذب كفه بسرعة وهو يلتفت اليها ناظراً اليها بغضب شديد .. بلعت ريقها بصعوبة وهى تقول :
- ناديتلك مردتش
عبرت السيارة مطبعاً صناعياً لم ينتبه اليه "مهند" فطاحت السيارة الى أعلى والى الأسفل فى حدة وقعت حقيبة "سمر" المفتوحة من فوق قدميها الى اليسار لتخرج محتويات الحقيبة متبعثرة داخل السيارة انحنت تجمع أشيائها لكنها تسمرت فى مكانها عندما امتدت يد "مهند" الى الصور الواقعة الى جوارها صورته تلك الصورة التى أخذتها من ألبوم " فريدة" دون علمها نظر "مهند" بغضب الى الصورة ثم التفت اليها قائلاً :
- صورتى بتعمل ايه فى شنطتك
ارتبكت بشدة وهى تقول :
- أنا .. كنت ...
ضغطت قدمه على دواسة البنزين وهو يصيح :
- انتى بتعملى ايه بالظبط .. ايه اللى انتى بتعمليه ده ؟
أطيق "مهند" بأصابعه على الصورة بشدة فى قبضة يده .. قفذت العبرات الى عين "سمر" . .أخذ "مهند" ينهج بسرعة وكأنه فى سباق للعدو .. زاد من الضغط على الدواسة وقد بدا غضبه جامحاً وهو يقول :
- انتى ... انتى .... مش عارف أقولك ايه .. مش عارف .. قولتك ..انتى مش بس مراة عمى .. انتى من محارمى .. أنا مش قادر أفهم ولا أتصور البشاعه اللى انتى فيها .. انتى واحدة مش طبيعية .. أكيد مش طبيعية
بكت "سمر" وهى تنظر الى عداد السرعة وتقول :
- "مهند" براحة
ما زادة ذلك الا ضغطاً على الدواسة فزادت سرعة السيارة وهو يقول يتمتم بغضب :
- أستغفر الله العظيم .. أستغفر الله العظيم
أجهشت "سمر" فى بكاء هيستيري وهى تنظر الى العداد صائحة بخوف :
- عشان خاطرى براحه .. "مهند" كفاية
أحاطت نفسها بذراعها وهى تنظر الى الطريق وقد أخذ جسدها يرتعش خوفاً .. أنحنت لتخفى وجهها بين قدميها وهى تصدر أنيناً من بين شفتيها .. انتبه الى بكائها وارتجافتها فأوقف السيارة على جانب الطريق وهى لا تزال تبكى وترتجف .. قال بإقتضاب وهو يتذكر أمر اصابتها فى حادثة سيارة من قبل :
- أنا آسف مكنش قصدى أخوفك
لم تتوقف عن البكاء أو عن الأنين .. كانت تمسك ذراعها المشلول وهى لا تزال تخفى رأسها فى قدميها
رفعت وجهها وهى تصيح بأمل :
- دراعى مش قادره
نظر الى ذراعها ثم قال بقلق :
- فى ايه .. مالك ؟
قالت وهى تستند بظهرها الى المقعد وتعببرات وجهها تنطق بألم شديد :
- مش قادرة .. بيألمنى أوى .. مش قادرة
نظر بخوف الى ذراعها وهو يتمتم بدهشه :
- ازاى يعني بيألمك مش المفروض انه مشلول
لم تجيب .. سكنت فجأة .. وتوقفت عن البكاء .. والحركة ! .. ناداها "مهند" قائلاً :
- "سمر" .. "سمر"
لم تجيب .. فهزها بيده :
- "سمر"
التفت فجأة وانطلق بالسيارة بسرعة وتوجه بها الى المشفى وهو ينظر اليها بين الحين والآخر فى قلق !

***********
تكرر نفس المشهد "دعاء" واقفة فى الحافلة تحاول الابتعاد عن أحد الرجال الذى يصر على الاقتراب منها متظاهراً بأن هذا بفعل الزحام وكالمرة السابقة أخذ "دياب" مكان الرجل ووقف هو بجوارها اطمأنت "دعاء" عندما رأته وبعدما خف الركاب من مقدمة الحافلة توجهت ووقفت فى المقدمة وفى محطة "دياب" وهو متوجه الى الباب لكى ينزل قال دون أن ينظر اليها :
- لما تلاقى الأتوبيس زحمة متطلعيش
أطرقت برأسها فوقع نظرها على الدبلة التى تزين يده اليسرى لم تجيب ولم ينتظر رداً ونزل فى محطته عاد الى بيته ليجد "سحر" نائمة كالعادة بجوار طفلتهما حاول ايقاظها فتعللت برغبتها فى النوم تركها وجلس على الأريكة شارداً واجماً يزفر بضيق بين الحين الى آخر أغمض هيينه مستندا بها على الأريكة ثم فتح عينيه فجأة وقد ترائى أمام عيناه صورة تلك الفتاة التى يراها يومياً أثناء عودته الى المنزل نفض رأسه وكأنه يزيل منها صورتها ثم استغفر ربه ونهض بتثاقل وأخذ دشاً ثم أوى الى فراشه بجوار زوجته وطفلته !


***************

اندفع "عدنان" الى داخل المشفى وهتفت بـ "مهند" قائلاً :
- "مهند" .. ايه اللى حصل ؟
نهض "مهند" وقال :
- الدكتورة معاها جوه
قال "عدنان" بلهفه :
- ايه اللى حصل ؟
اضطرب "مهند" وهو يقول :
- فجأة صرخت وقالت ان دراعها بيوجعها وبعدما أغمى عليها وجبتها المستشفى واتصلت بيك يا عمى
وقف "عدنان" والقلق قد استبد به ينتظر خروج الطبيبة التى قالت وهى تنقل نظرها بينهما :
- مين فيكوا "مهند" ؟
ارتجف قلب "مهند" وهو يقول :
- أنا
ابتسمت الطبيبة وهى تنظر اليه قائله :
- متخفش المدام بخير .. اظاهر بس ان فى حاجه ضايقتها .. وألم دراعها ده ممكن أوى يكون بداية استجابه لاعصاب دراعها .. وانا طلبت شويه فحوصات بعدها هنتطمن ان شاء الله
شعر "مهند" بالضيق لظن الطبيبة بأنه زوجها وعمه واقف بجواره .. قال "عدنان" بلهفه :
- طيب وهى هتتحجز فى المستشفى ولا تقدر تروح .. يعني هى كويسة تقدر تمشى ؟
قالت الطبيبة :
- حضرتك باباها
قال "مهند" بإقتضاب :
- ده جوزها
رفعت الطبيبة حاجبيها بدهشة ثم قالت :
- سورى أصلها أول ما فاقت فضلت تقول "مهند" فإفتكرت انك جوزها
ارتجف قلب "مهند" وبسرعة التفت لينظر الى وجه "عدنان" الذى قال بلهفه :
- طمنينى يا دكتورة تقدر تخرج ؟
ابتسمت الطبية وقالت :
- أيوة تقدر تخرج .. هى كويسة أوى .. بعد اذنكوا
توجه "عدنان" الى الداخل .. فيما غادر "مهند" المستشفى .. فقد شعر بأنه يريد أن يبتعد عن هذا المكان فى الحال !

**********
عادت "سمر" الى الفيلا ومرت الأيام فى انتظار نتيجة الفحوصات الجديدة بلهفة وقلق .. نزلت من غرفتها وتوجهت الى غرفة المعيشة لتجد "مهند" جالساً برفقة "فريدة" .. صاحت "فريدة" :
- تعالى يا "سمر"
دخلت "سمر" وجلست معهم .. بدا "مهند" شارداً فى مكان آخر .. بدا الضيق والوجوم على وجهه .. دخلت "نهال" وبنظرات تحدى صوبتها الى "سمر" أخذت تسأل "مهند" عدة أسئلة .. ورغم أنه كان يجيب عليها بإقتضاب شديد . .إلا أن الضيق ظهر على وجه "سمر" وغادرت الغرفة تحت نظرات "نهال" المتشفيه .. انتهت "نهال" من القاء أسئلتها وغادرت غرفة المعيشة .. التفتت "فريدة" وقالت لـ "مهند" :
- "مهند" انت فى حاجه بينك وبين "سمر" ؟
التفت "مهند" ينظر اليها بدهشه وهو يقول :
- مش فاهم
- أصلى بحس انك بتتجاهلها أوى .. حتى لما بتكلمك مبتردش عليها .. من ساعة ما تعبت من كام يوم وأنا حسه انك بتتعامل معاها ناشف أوى .. حتى أنشف ما بتتعامل مع "نهال"
قال "مهند" بإقتضاب :
- عادى بيتهيألك .. وبعدين انتى عارفه انى بحب أحط حدود بينى وبين أى واحدة
قالت "فريدة" بحيرة :
- أيوة تحط حدود حاجة وتعاملها ناشف كده حاجه تانية .. انت حتى مبتردش عليها يا "مهند" لما بتوجهلك كلام وبتكسفها .. ليه بتتعامل معاها كده ؟
زفر "مهند" بضيق وقال :
- احنا هنقضيها كلام عنها ولا ايه .. قولتيلى عايزه تتكلمى معايا هو ده اللى عايزه تكلميني فيه
ابتسمت قائله :
- لأ مش ده .. بس .......
طاقعها دخول "سمر" الغرفة برفقة أحدى الخادمات تحمل صينية موضوع فوقها ثلاثه أكوار .. أمرت الخادمه بوضعها على المنضدة وجلست قبالتهما .. ابتسمت "سمر" وقالت :
- عملت حاجه نشربها سوا
نظرت "فريدة" بدهشة وهى تحمل أحد الأكواب قائله وقد فعلت "سمر" مثلها :
- ايه ده انتى اللى عملاه بجد ؟
أومأت "سمر" برأسها مبتسمه .. فقالت "فريدة" بدهشه :
- وعرفتى الأبريه منين ؟ .. ده مشروب نوبى ميعرفوش الا النوبيين بس
عقد "مهند" جبينه بدهشه وهو يتناول كوبه وينظر الى السائل بداخله .. رشفت "فريدة" عدة رشفات ثم قالت :
- مممممم مشربتوش من زمان أوى .. ماما الله يرحمها هى اللى كانت بتعمله
ثم نظرت الى "سمر" وقالت بمرح :
- انتى تعرفى ان ماما الله يرحمها كانت نوبيه ؟
ابتسمت "سمر" بهدوء قائله :
- بجد ؟
قالت "فريدة" بحماس :
- أهاا كانت نوبيه عشان كده الأبريه ده عندنا مميز جدا أنا و "مهند" بنموت فيه
رفع "مهند" رأسه ينظر الى "سمر" التى قالت بهدوء :
- مش هتشرب
أخفض بصره ورشف عدة رشفات .. قالت "فردية" مبتسمه :
- لا وعملاه مزز أوى
قالت "سمر" بهدوء :
- ايه مبتحبيهوش كده ؟
قالت "فريدة" بمرح :
- بصراحة لأ .. أنا مش بحبه يكون مزز أوى .
ثم التفتت الى "مهند" وقالت :
- بس "مهند" بيحبه كده
انحنى "مهند" الى الأمام يدير الكوب بين كفيه يرشف منه بين الحين والآخر وهى يعقد جبينه شارداً .. رفع رأسه ونظر الى "سمر" قائلاً بإهتمام :
- اتعلمتيه فين ؟
نظرت اليه "سمر" قائله بهدوء :
- فى اسكندرية
قال بإهتمام :
- بس ده مش مشروب مشهور فى اسكندرية ده ميعرفهوش الا اللى عاش فى النوبه انتى عشتى فى النوبة قبل كده ؟
هزت رأسها نفياً
فضاقت عيناه وهو يقول :
- طيب تعرفى حد عاش فى النوبة ؟
ساد الصمت للحظات ثم أومأت برأسها ايجاباً بهدوء والتقت نظراتهما ليخفق قلب "مهند" بقـوة نظر الى عينيها وهو يشعر بأنه يعرف تلك العينــان جيداً شكلها رسمها نظراتها حديث عيناها وشفراتها التى ترسمها أمام عيناه فى الهواء بدت عيناها البنيتان كبحرعميق بحر شعر بأنه سبح فيه من قبل بل وغاص الى أعمق أعماقــه !




اسطورة ! غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-10-15, 09:18 AM   #22

اسطورة !

نجم روايتي ومشرفة سابقة وفراشة متالقة بعالم الازياء

alkap ~
 
الصورة الرمزية اسطورة !

? العضوٌ??? » 120033
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 15,367
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل العشرون
- أنا مسافر سوريا
أثارت كلماته الدهشة التى ظهرت جليه فى عيون الجميع .. هتفت "انعام" فى استغراب :
- اشمعنى سوريا يا "مهند" .. انت مش عارف الوضع هناك عامل ازاى ؟
قال "مهند" بحزم :
- أيوة عارف .. وعشان كده مسافر
نظر الجميع الى بعضهم فى دهشة .. خفق قلب "سمر" وهى تتطلع اليه بينما سأله "عدنان" فى دهشة :
- يعني ايه عشان كده مسافر ؟ .. عشان ايه بالظبط ؟
أخذ "مهند" نفساً عميقاً وقال بثبات وبأعين تشع عزم واصرار :
- عشان الجهاد
وقعت كلماته كالصاعقة على رؤس الجميع .. هتفت "كوثر" :
- جهاد ؟ .. جهاد ايه ؟ ....

نظر اليها "مهند" وقال :
- الجهاد يا عمتو .. مسلمين بيتدبحوا على ايد قتلة ومرتزقة .. الشيعة بينزلوا لسوريا من كل مكان يقتلوا فى المسلمين .. نقف نتفرج عليهم ؟ .. طيب نقول ايه لربنا لما نقابلهم ؟ .. وقفنا نتفرج ؟
ران الصمت على الجميع .. وبأعين ملتاعه وبقلق وجل قالت "سمر" :
- طيب انت ناوى تعد هناك أد ايه ؟
صمت "مهند" وأطرق برأسه .. لا يرفع عينه اليها .. ثم قال بحزم :
- معرفش
قال "عدنان" بقلق :
- طيب هتروح مع مين يا "مهند" .. معاك حد ولا لوحدك .. وهتروح ازاى أصلاً .. وفى حد مستينيك هناك .. يعني عارف هتنزل فين ؟
نظر اليه "مهند" قائلاً :
- متقلقش يا عمى .. كل حاجة مترتبه ومتسألنيش ازاى لانى مش هقدر أتكلم فى التفاصيل .. كل اللى أقدر أقوله انى هسافر تركيا ومن تركيا على سوريا ان شاء الله
رفع "مهند" عينيه ينظر الى "فريدة" ثم التفت الى "عدنان" قائلاً :
- وصيتك "فريدة" خلى بالك منها يا عمى
انفجرت "فريدة" فى البكاء ونهضت مقتربة من "مهند" وهى تقول :
- "مهند" متقولش كده .. عشان خاطرى متقولش كده .. ان شاء الله هترجع بالسلامة وانت اللى هتخلى بالك منى
عانقها "مهند" وهو يضمها الى صدره قائلاً :
- ان شاء الله يا "فريدة" .. ان شاء الله
ثم أبعدها عنه ونظر اليها مبتسماً وهو يقول :
- بس لو ربنا أراد ومرجعتش عايزك تخلى بالك من نفسك وتدعيلى ان ربنا يرحمنى
أجهشت فى البكاء مرة أخرى وهى تلقى بنفسها بين ذراعيه .. أعين اخرى تجمعت فيها العبرات فنهضت مسرعة تغادر الغرفة قبل أن تفضحها عيناها أمام الجميع .. وقفت "سمر" خارج غرفة المعيشة لتسمح بعبراتها بالإنهمار خوفاً وقلقاً !

*****************
انتهى سريعاً من حزم أغراضه قبل أن يترك لهم فرصة أن يفيقوا من هذا القرار المفاجئ ساد الوجوم الوجوه بكت "فريدة" كثيراً اقترب منها "مهند" وقال بحنان :
- انتى أكتر واحدة المفروض تفهمنى
أومأت برأسها وهى تقول :
- فاهماك يا "مهند" .. ومقتنعة باللى هتعمله بس غصب عنى
عانقها طويلاً ثم قال :
- متخفيش .. عمرى مكتوب لا هيزيد يوم ولا هيقل يوم
نظرت اليه بأعين دامعه وقالت :
- ربنا ينصرك
ابتسم قائلاً :
- ادعيلى بيها دايماً .. ماشى
أومأت برأسها وهى تمسح عبراتها .. سلم "مهند" على الجميع .. هتفت "نهال" بلهفة :
- "مهند" ابقى اتصل بينا طمنا عليك
أومأ برأسه ايجابا ودع الجميع وخرج من باب الفيلا كانت "سمر" مختفية عن الأجواء وضع "مهند" حقيبته داخل السيارة توجه الى باب السائق ليفتحه فحانت منه التفاته الى أعلى بعدما شعر بمن يقف فى الشرفة صدم لرؤية "سمر" دامعة العينين تنظر اليها نظرة أرعبته وارتعدت لها أوصاله هرب بعينيه سريعاً وركب سيارته .. منطلقاً بها الى وجهته !

********************
قطع "مهند" المسافة من تركيا الى سوريا وفى عقله تدور أحاديث عده حاول جاهداً أن ينقى عقله وقلبه وروحه من زينة الحياة الدنيا وآثارها فى النفس أخذ يتلمس فى نفسه الإخلاص واحتساب النية تذكر حديث النبى صلى الله عليه وسلم "من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار" وتذكر أيضاً " مر رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بشعب فيه عيينة من ماء عذبة فأعجبته لطيبها ، فقال : لو اعتزلت الناس فأقمت في هذا الشعب ولن أفعل حتى أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : لا تفعل فإن مقام أحدكم في سبيل الله أفضل من صلاته في بيته سبعين عاما ألا تحبون أن يغفر الله لكم ويدخلكم الجنة ؟ اغزوا في سبيل الله ، من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة " أغمض "مهند" عينيه وهو يستنشق هواء الرحلة رحلة الجهاد فى سبيل الله يعلم بالدهشة التى اعتملت فى نفوس الجميع لقراره الذى بدا لهم مفاجأً لكنه لم يكن كذلك فلطالما تمنى أن تتاح له الفرصة ليحمل قلبه بين كفيه ويشد الرحال الى حيث يبذل نفسه وماله فى سبيل الله أعد العدة منذ فترة لكنه انتظر أن تحين ساعة الصفر وها هى قد حانت
وصل "مهند" الى زميله الذى ظل على تواصل معه عبر الهاتف لم يريا بعضهما البعض من قبل لكن تم اعطاء رقمه لـ "مهند" وصل "مهند" الى المكان المنشود بعد عناء وتعب وارهاق سفر ساعات طوال كان المعسكر يضم رجال من جنسيات عربية مختلفة رجال تركوا خلقهم متاع الدنيا وهبوا لنصرة اخوانهم الذين تعالت صيحات استغاثاتهم تمزق القلوب بقوتها فهبوا وثارت حميتهم فى الدفاع عنهم وحماية أعراضهم وأرواحهم وحقناً لدمائهم تعرف "مهند" على رجلين سيمكث معهما فى خيمة واحدة الى أن تنتهى تدريباتهم ويصبحوا على أهبة الاستعداد للقيام بعمليات ممنهجة ومنظمة يقودها رجل ذو سمت اسلامى قيل لـ "مهند" بأنه قائد تلك المجموعة حيث يتم تقسييم الرجال الملبون لنداء الجهاد فى سبيل الله الى عدة مجموعات ولكل منها قائد ذو خبرة وحنكة يقوم على تدريبهم وتأهيلهم .. تقدم الرجلين من "مهند" يقدما أنفسهما :
- أهلاً بيك أنا "حمزة" مصرى
- اهلاً فيك أخى أنا أخوك "باسل" من هون من سوريا نصرها الله
سلم "مهند" على الرجلين وعرفهما بنفسه :
- أهلاً بيكوا أنا "مهند" .. مصرى
ابتسم "حمزة" وقال مرحباً وهو يعانقه بشدة :
- ابن بلدى .. أهى هى دى الرجاله ولا بلاش .. ربنا ينصرنا ان شاء الله
ربت "باسل" على كتفى الرجلين وقال :
- ربنا يحميكوا ويحمى مصر.. ويجزيكوا الجنة ان شاء الله

*******************
انتهى اليوم الأول من التدريبات وقد شعر "مهند" بإنهاك شديد فى جسده جلس على الرمال يروى ظمأه من زجاجة مياة ظلت تلازمة طوال التدريب ضحك "حمزة" قائلاً :
- شكلك مش رياضى خالص
ضحك "مهند" قائلاً :
- فعلاً من زمان ممارستك رياضة
قال "باسل" وهو يقوم بتمرينات حركة فى مكانه وهو واقف أمامهما :
- لا تقلق بكرة بتصير أحسن منا
نظر "مهند" الى "حمزة" قائلاً:
- انت متجوز يا "حمزة" ؟
جلس "حمزة" بجواره على الرمال وقال :
- خاطب .. وان شاء الله لو ربنا أراد ورجعت .. هنعمل الفرح على طول
ابتسم "مهند" وهو يربت على كتفه قائلاً :
- ان شاء الله ترجعلها بالسلامه
قال "حمزة" شارداً :
- مليش حد فى الدنيا دى الا خطيبتى وأمى ربنا يديها الصحة بس مقدرتش ما أجيش صعب انك تشوف وتعرف ان اخواتك بيتدبحوا وتنتهك حرماتهم على ايد كلاب خونه ميعرفوش دين ولا مله وتفضل آعد فى مكانك مقدرتش ما أجيش
قال "مهند" بيقين :
- ان شاء الله ربنا ينصرنا عليهم .. ربنا معانا اجنا .. لكن هما معاهم الشياطين والعياذ بالله .. أكيد ربنا هينصرنا .. أنا واثق
ابتسم "باسل" وهو ينظر اليهما قائلاً :
- كويس انك يكون عندك هاد الثقة واليقين بالله .. أنا كمان عندى ثقة ويقين انه هينصرنا ويحرر أسرانا وندوس على هادول الكلاب برجلينا ووقتها محدش هيخلصهم مننا
ثم أوقف تمرينه وهتف بحنق :
- بعد ما حزب نصر اللات اتدخل وبعتولنا لهون شيعة من كل مكان عشان يحاربونا ويدبحوا فينا نفسى أفهم المسلمين مستنيين ايش منشان يساعدونا ؟ نحنا أخوات فى الدين وفى العقيدة كيف بيتركونا هيك ؟ كيف كل واحد بيقول وأنا مالى المهم حالى كيف الشيعة بيجوا من كل مكان ومن كل بلد عشان ينصروا حزب الشيطان والمسلمين نايمين فى بيوتهم ومطمنين وآمنين ونحنا هون عم بنموت ونساءنا بتغتصب وأطفال بيتقطعوا أمام عيونا هدموا المساجد فوق المصلين ما بتشوفوا اللى بيحصل هون عن جد لما تنتهى التدريبات هتشوفوا كل شى على حقيقته وهتعرفوا ان الواقع هون أفظع وأبشع من اللى عم سمعتوا عنه وخلاكوا تيجوا تساعدونا وتقفوا جمبنا وتحموا أرواحنا وأرضنا
تنهد "مهند" بحسرة وهو يفكر فى كلمات "باسل" .. بينما شرد "حمزة" هو الآخر الى أن رُفع آذان الظهر .. فوقف الرجال صفاً خلف صف .. فى تضرع وخشوع يضعون جباههم فوق التراب داعيين النصر من رب الأرض والسماء

**************
هتفت "فريدة" بسعادة وبأعين دامعة وهى تستمع الى صوت أخيها عبر الهاتف :
- "مهند"
قفزت "سمر" من مكانها وتوجهت الى "فريدة" وقالت بلهفه :
- "مهند" بيكلمك ؟
أومأت "فريدة" برأسها وهى تقول بسعادة :
- "مهند" انت كويس .. طمنى عليك
قال "مهند" بهدوء مطئناً اياها :
- أيوة يا "فريدة" كويس الحمد لله متقلقيش عليا أنا كويس أوى .. طمنينى عليكى عامله ايه
قٌالت بتأثر :
- الحمد لله يا "مهند" .. أنا ارتحت دلوقتى لما سمعت صوتك واطمنت عليك
قال "مهند" مبتسماً :
- متقلقيش هبقى أتصل بيكي على طول
قالت بقلق :
- "مهند" الوضع عندكوا صعب مش كده ؟
قال بهدوء :
- متقلقيش انا لسه فى فترة تدريبات
قالت بلهفة :
- ابقى طمنى عليك دايماً
- متقلقيش
أشارت لها "سمر" لتعطيها هاتفها .. وبدهشه أعطتها "فريدة" الهاتف لتهتف "سمر" بلهفه :
- "مهند" .. "مهند" انت كويس ؟
تجمد "مهند" فى مكانه .. وتوقف تماماً عن التنفس .. هتفت "سمر" :
- "مهند" سامعنى .. انت كويس ؟
أطلق "مهند" انفاسه الحبيسة .. ثــم .. أغلق الهاتف على الفور .. هتفت "سمر" :
-" مهند" .. ألو .. ألو
أعطت الهاتف الى "فريدة" فوضعته على أذنها ثم قالت :
- أفل .. اظاهر الخط قطع
ظهر الأسى على وجه "سمر" ثم نظرت الى "فريدة" قائله :
- قالك ايه ؟
قالت "فريدة" وهى ترمق "سمر" بنظرات متفحصه :
- قالى كويس .. وهيتصل بيا بإستمرار
أومأت "سمر" برأسها وخرجت من الغرفة شارده بينما عينا "فريدة" تتابعها بإهتمام

نظر "مهند" الى هاتفه للحظات .. ثم وضعه فى جيبه وهو يعقد جبينه فى ضيق شديد .. ربت "باسل" على كتفه قائلاً :
- خلصت ؟
أومأ "مهند" برأسه .. ركبا معاً فى السيارة للعودة الى ثكناتهم .. بعدما اضطروا لمغادرتها الى حدى قرى "دير الزور" حيث تتمتع شبكات المحمول بالتغطية بينما تفتقر الى تلك التغطية حيث يمكثون فى العراء
افترش "مهند" الأرض وتوسد ذراعيه وهو ينظر الى سقف الخيمة وانعقاد جبينه يتزايد كلما توغل فى أفكاره أكثر .. التفت اليه "باسل" ليلاحظ عبوس وجهه وقال :
- بدك شى يا "مهند" ؟
التفت اليه "مهند" وقال :
- لا أبداً يا "باسل
قال "باسل " بإهتمام :
- انت بخير ؟ فى حاجه مزعلاك ؟
هز "مهند" رأسه نفياً وهو يقول :
- لا مفيش حاجه مضايقانى .. تصبح على خير
- وانت بخير


أغمض "مهند" عينيه ليروح فى ثبات عميق .. ما هى الا عدة ساعات حتى استيقظ من نومه وقد فتح عينيه فجأة .. ثم يجلس فى مكانه وصدره يعلو وبهبط بسرعة كبيرة .. زم شفتيه بشده وهو يتمتم بحده بالغة :
- استغفر الله .. استغفر الله
نهض من مكانه وهو يزيح الغطاء بعنف .. ثم توجه الى المكان الذى أعده الرجال بأيديهم وخصصوه للإغتسال .. فقد كان كل شئ فى حياتهم فى تلك البقعة شبه بدائياً .. فما قدموا من أجل أن ينعموا بحياة الترفيه بل بخوض الصعاب وبذل النفس بطيب خاطر .. غسل "مهند" وجهه ورأسه عدة مرات .. ثم خرج وقطرات الماء تتصبب من شعره دون أن يهتم بتجفيفها .. جلس فوق الرمال التى اكتسبت من الليل برودته .. قذف الرمال بكعب جذائه بحده بالغه .. خرج "باسل" من الخيمة ليجد "مهند" جالساً لوحده فى العراء .. اقترب منه وقال :
- "مهند" شو بك ؟
زفر بقوة دون أن يجيب .. بدا متضايقاً بشكل كبير .. جلس "باسل" الى جواره وهو ينظر اليه قائلاً :
- قولى يمكن بقدر أساعدك
قال "مهند" بحدة :
- مفيش يا "باسل"
صمت قليلاً ثم أكمل بضيق شديد :
- شوفت حلم ضايقنى
أومأ "باسل" برأسه وقال :
- استعيذ بالله
أمعن "باسل" النظر اليه ثم قال :
- واضح انه ضايقك كتير .. هاى أول مرة من يوم ما اجيبت بشوفك مضايق هيك
زفر "مهند" بضيق وهو يركل الرمل مرة أخرى بكعب جذائه ويقول بصوت مختنق :
- شوفت الحلم ده ازاى .. مش قادرة أتخيل .. حاسس انى مخنوق أوى
رآى "باسل" صدر "مهند" يعلو ويهبط بسرعة كبيرة وهو يلهث بشدة وعيناه تشعان غضباً فقال له :
- يا "مهند" ليش مزعل حالك .. هاى حلم .. ما إلك دخل فيه .. مو بكيفك .. غصب عنك .. ليش تضايق حالك منشان شى مو بإيدك ؟
هتف "مهند" بغضب :
- حتى لو حلم .. برده مكنش المفروض أحلمه
أسند "مهند" رأسه الى قبضتى يده وهو يغمض عينيه بشده ويحرك قدميه بعصبيه .. تمتم بكلمات غير مسموعه فسرها "باسل" أخيراً بأنها استغفار .. ربت "باسل" على ظهره وقال :
- لا تزعل حالك .. قال صلى الله عليه وسلم : "رُفع القلم عن ثلاث :عن الصَّبِى حَتَّى يَبْلُغَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ" .. يعني من رحمة ربنا انك ما بتتحاسب على حلمك لان ما إلك دخل فيه
لم تتوقف حركة قدميه العصبيه وقال بحدة وهو مطرقاً برأسه ومغمض العينين :
- عارف .. أنا مش بقول ان عليا ذنب .. بقول انى مضايق .. مضايق انى شوفت حلم زى ده .. حلمت بحاجه بشعة .. بشعة جداً .. واللى قهرنى انى فى الحلم مكنتش شايف بشاعتها .. كان الشيطان مزينهالى .. بجد مخنوق من نفسى أوى
ربت "باسل" على ظهره مرة أخرى وقال :
- ممكن يكون الشيطان عم يضايقك ويشغلك عن العمل العظيم اللى عم بتقوم بيه هون .. لا تعطيه الفرصه يا "مهند" .. اتفل عليه ورده خائب خاسر
أومأ "مهند" برأسه وقال بحماس :
- معاك حق .. معاك حق
قال "باسل" وهو ينهض :
- يلا تعا نقوم نعمل شوية تدريبات .. بدنا نبلش اليوم بكير
نهض "مهند" معه ونفض من رأسه كل شئ عن حلمه .. وحاول أن يتناساه بكل ما فيه

مرت الأيام التالية على "مهند" فى التدريبات وكل يوم تقوى عزيمته أكثر ويكبر حماسه يسمع عن سقوط جرحى شهداء فى صفوف كتيبتهم فيصيبه الحزن تارة والبشارة بالجنة تارة أخرى وفى أحد الأيام نزل الى البلدة القريبة لمهاتفة "فريدة" كما هى عادته تحدث معها لعدة دقائق قبل أن تقول له :
- "مهند" .. "سمر" عايزة تكلمك
صاح بحده :
- لأ
صمتت "فريدة" بحيرة فأكمل "مهند" بسرعة :
- متديهاش التليفون .. واوعى تديها الرقم اللى بكلمك منه
أومأت "فريدة" برأسها وكأنه يراها وهى تنظر الى "سمر" التى تقف أمامها وتمد يدها اليها متلهفة على التقاط الهاتف منها أنهت "فريدة" المكالمة وهى تنظر الى "سمر" بتوتر قائله :
- كان مضطر يقفل
أومأت "سمر" برأسها وبدا على وجهها الحزن والأسى وهى تعيد يدها الممدومة الى جوارها جلست على أحد المقاعد تستند وجنتها الى قبضة يدها شارده جلست "فريدة" أمامها وفى داخلها علامات استفهام كثيرة كثيرة جداً

**************
حانت محطة نزوله لكنه لم ينزل فيه كعادته كل يوم بل بقى فى الحافلة الى أن نزلت هى فى محطتها نزل "دياب "وسار خلفها عدة خطوات قبل أن يناديها بخفوت :
- يا آنسة
التفتت "دعاء" لتفاجأ بـ "دياب" خلفها .. توترت بشدة وهى تنظر حولها .. فقال بتوتر مماثل لتوترها :
- معلش بس كنت عايز أسألك عن حاجة
صمتت وهى تحدث نفسها بأن تتركه وتنصرف لكنه عاجلها قائلاً :
- أنا عارف انك بنت عم "مرزوق" الله يرحمه .. أنا بس كنت عايز أعرف .. يعنى .. مين ولى أمرك ؟
نظرت اليه بدهشة .. فأكمل "دياب" فى توتر وبصوت مضطرب :
- أقصد يعني .. لو عايز اتكلم مع ولى أمرك أتكلم مع مين ؟ .. يعني ياريت تديني رقم حد كبير فى العيلة .. أو حد مسؤل عنك
أطرقت برأسها فى توتر شديد وهى تتلفت حولها لا تدرى ما تفعل أتعطيه رقم خالها أم تتركه وتنصرف.. كادت أن تنصرف دون أن تجيب عن سؤاله ولا على طلبه لكنه أوقفها قائلاً :
- بصى بس .. أنا مش قصدى أضايقك والله .. أنا بس عايز رقم حد قريبك
أخرج "دياب" هاتفه من جيبه وهو يقول :
- اديني بس الرقم
وبتوتر كبير ودهشة أكبر أخرجت "دعاء" هاتفها وهى تلمح مرة أخرى دبلته فى يده اليسرى وأملته رقم خالها بصوت خافت للغايه لا يكاد يكون مسموعاً من فرط توترها بمجرد أن انتهت من تمليته للرقم التفتت لتنصرف مسرعة دون أن تترك له فرصة للإستزادة فى الحديث معها لاحت على شفتى "دياب" ابتسامة صغيره ثم عبر الطريق فى انتظار عودة الحافلة ليعود معها الى حيث محطة نزوله

******************
جلست "الرجال يتناولون ما يسدون به رمقهم من الزاد القليل .. قال "باسل" وهو شاخصاً ببصره :
- نفسى كتير أنولها
التفت اليه "مهند" وفى عينيه استفهام .. فنظر اليه "باسل" قائلاً :
- الشهادة .. نفسى أنولها
ابتسم "مهند" وأطرق برأسه .. قال "باسل" منتشياً :
- نفسى فى كل اللى النبى صلى الله عليه وسلم وعد بيه الشهيد لما قال : " إِنَّ لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ فِي أَوَّلِ دَفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ، وَيَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَيُحَلَّى حُلَّةَ الْإِيمَانِ، وَيُزَوَّجَ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، وَيُجَارَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَيَأْمَنَ مِنَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ وَيُوضَعَ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ، الْيَاقُوتَةُ مِنْهُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَيُزَوَّجَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، وَيُشَفَّعَ فِي سَبْعِينَ إِنْسَانًا مِنْ أَقَارِبِهِ " .. انا نفسى فى كل هاد
قال "حمزة" مبتسماً :
- كلنا نفسنا فى كده .. كلنا نفسنا فى الشهادة
قال "باسل" وفى عينيه نظرة غريبة وعبرة تقطر شوقاً :
- لا .. أنا شوقى أكبر اكتير
فجــأة سمعوا صوتاً عالياً وكأن صاعقة نزلت من السماء .. انتفض الرجال وصاح أحدهم :
- كلاب "بشار" هجموا على البلد اللى جمبنا بالقنابل والرشاشات
هب الرجال من أماكنهم تاركين الطعام من أيديهم تأنفه أنفسهم كل منهم يحمل سلاحه أسرع "مهند" الى الخيمة وحمل سلاحه قبل أن ينطلقوا داخل السيارات الى حيث سُمع دوى القنابل عالياً وصلوا الى البلده فهال "مهند" ما رآى صراخ وعويل وأجساد ممزقة وبيوت مهدمة فوق رؤس ساكنيها راحة الدخان مختلطة برائحة البارود والدماء فى مزيج مرعب زاد من بشاعته اللون الأحمر الذى تلطخت به الأرض وتشربته الى أن تشبعت ولم تعد تجد فى نفسها القدرة على تشرب المزيد نزل الرجال من السيارات ليجدوا الشبيحة فى كل مكان وكأنه جراد انتشر فى الزرع الأخضر فحوله الى أرض بور انطلقت أصوات الرصاص مختلطة بأصوات الصراخ من حناجر النساء والأطفال اندفع الرجال البواسل الأحرار بجرأة وشجاعة مرددين صيحات الجهاد هاتفين بقلوبهم وألسنهم "الله أكبر" بينما اندفعت ميليشيات حزب الشيطان هاتفين بقلوبهم وألسنتهم "بشار أكبر" !
اندفع عدد من الشبيحة مقتحمين أحد البيوت ليجدوا امرأة تضم طفلين باكيين الى صدرها وزوجها يحمل حديدة فى يده يدافع بها عن أسرته الصغيرة اندفع الشبيحة فى اتجاه الرجل وكبلوه وأرغموه على الجلوس ممرمغين رأسه فى التراب ساجداً أمامهم رغماً عنه أطلقت زوجته صيحة رعب عالية عندما اندفع اثنان من الشبيحة فى اتجاهها جاذبين اياها من شعرها الى أن تمزقين فى أيديهم يحاول زوجها الفكاك من قبضة الرجلين الممسكين به دون جدوى يطلق صيحات ألم وقهر وهو يرى زوجته العفيفة وقد انتهك سترها أمام عينيه وعيني اطفالها الصغار الذين انزووا الى أحد الجدران صارخين باكيين ملتاعيين أغمض الرجل عينيه ليبكى دماً وهو يطلق آهات تفلق الحجر وتفتته بعدما جثم أحدهم على أنفاس زوجته مغتصباً اياها بوحشية دون أن يكون لها حول ولا قوة فى دفعه وصده عنها تناوبوا اغتصابها أمام عيناه وعيني أبنائه الصغار الى أن اندفع أحدهم فى اتجاه ابنته التى لا تتجاوز خمس أعوام أطلقت الطفلة صيحات رعب وفزع وهى تبكى وتتوسل اليه أن يتركها .. توسل اليه الأب المكلوم والزوج المطعون دون أن يجد لتوسلاته صدى أخرج أحدهم مطواته وأمام ناظريه شق عنق الصغيره لتنفجر الدماء منها ويسقطها من يده فاقدة الحياة فقدت المرأة قدرتها على التحمل ما رأته عيناها فأغشى عليها بكا الرجل كما لم يبكى من قبل وهو يدعو عليهم بشتى أنواع العذاب وكأن الدعاء عليهم لم يزيدهم الا عنفاً اندفعوا فى اتجاه الرضيع ذو العامين الذى شهد مقتل أخته واغتصاب أمه ليطرق برأسه فى الجدار كما لم كان يطرق عليه بمطرقة وليس برأس رضيع الى أن اختفى صوته وسكنت حركة جسده وفارق الحياة ملحقاً بأخته الكبيرة الصغيرة وقبل رحيلهم أخذوا بالرجل المنهار يجروه جراً لا تقدر قدماه على حمله بعدما رآى ما حدث بزوجته وطفليه جروه الى سطح البناية وألقوه به من فوقهاً ليقط مهشم الجسد وسط بركة من الدماءأنتشوا من تعذيبهم وساديتهم وانصروفوا مغادرين يبحثون عن بيت آخر يعيثون فيه فساداً ويقذفون الرعب فى قلوب أصحابه

لم يكن حال المنزل المجاور أفضل حالاً بعدما اقتحمه عددا من الشبيحة جنباً لجنب مع أفراد من حزب نصر الله الشيعي ليمثلوا بجثث عدداً من أفراد الأسرة أمام ذويهم لقذف الرعب فى قلوبهم ليتلهى كل منهم بمصيبته ويروى لغيره عن بشاعتهم فيقذف الرعب فى قلوب غيره فما هى الا حرب نفسية قبل أن تكون حرب بالسلاح غادروا المنزل واللون الأحمر يكسو أرضه وجدرانه وكأن دماء المسلمين لم يعد لها حرمه لا يعلمون أو يتناسون قول النبى صلى الله عليه وسلم " والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا " لا يبالون بما أعده الله لهم من عذاب سيصيبهم فى الآخرة "وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً "
فى الوقت الذى ظنوا فيه أنهم أحكموا الحصار على البلدة وصلت الكتيبة التى تضم "مهند" وأفراد فرقته ليذيقوا ميليشيات النظام صنوف العذاء فهذا يندفع عن عقيده وايمان وقلب لا يخاف ونفس تأبى الهوان وهذا يندفع من أجل بضعه جنيهات تدس فى جيبه أو عقيده مهزوزه لا أساس لها ولا بنيان فتتقهره القلوب الضعيفه والأنفس المريضة بعدما تُسمع صيحات الجهاد من قلوب أسود الجيش السورى الحر جنباً الى جنب مع النازحين الى سوريا من مجاهدين فى سبيل الله دارت المعارك الطاحنة بين الفريقين لينفك الحصار رويداً رويداً فتقل أعداد ميليشيات النظام بعدما يلوذ بعضهم بالفرار ويقع آخرون قتلى وجرحى وأسرى فى أيدي الجنود البواسل والمجاهدين الأحرار ..
ربت "باسل" على كتفى "مهند" و "حمزة" وقال بلهفة :
- شوفت الحين قائد كتيبة لحزب اللات .. مو حواليه رجال كتير .. تعالوا معى نحاول نوقعه فى الأسر
اندفع "مهند" و "حمزة" خلف "باسل" والرصاص يندفع حولهم من كل مكان وأصبحت الرؤية مشوشة بسبب دخان البارود وقنابل الهاون التى يقذفها طيران النظام من السماء على رؤس الشعب الأعزل احتمى الرجال الثلاث خلف أحد السيارات وأشار "باسل" فى اتجاه أحد الرجال الذى يقف وبيده هاتفاً لاسلكياً يتحدث فيه بإستمرار بينما يحيط به بعض الرجال بل بعض الذكور اتفقوا على خطة الهجوم و وضعوها موضع التنفيذ اندفع الرجال البواسل فى اتجاههم وقبل أن يستوعب أحدهم ما يحدث دارت المعركة بين الفريقين فريق مكون من ثلاث رجال أبطال وفريق مكون من 6 رجال يرتجفون خوفاً من بطش البواسل وشراستهم فى القتال احتمى قائد الكتيبة فى احدى السيارات ينظر بأعين متسعة الى المعركة الدائرة بجواره وهو يتحدث فى الهاتف بعصبيه يطلب حضور المزيد من رجاله لحمايته اندفع "مهند" الى السيارة يحاول بكعب سلاحه كسر الزجاج فوق رأس قائد الكتيبة ساعده "باسل" بينما كان "حمزة" يقترب من هزيمة آخر رجلين جذب "مهند" قائد الكتيبة من ملابسه ليخرجه وسط الزجاج المهشم فيصيب وجهه وجسده الجروح ويصرخ الرجل فى ألم كتفد "باسل" يديه خلف ظهره جيداً بحبل سميك واندفع ثلاثتهم فى اتجاه احدى السيارات ليعودوا بغنيمتهم الى ثكناتهم مرة أخرى
لكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن اندفع مجموعة من الشبيحة من لا مكان لينقضوا على الفرسان أحكم "مهند" قبضته على قائد الكتيبة فهو كالصيد الثمين وعزم وأصر أن يعود به الى المعكسر ظافراً به اندلعت المعركة بين البواسل والشبيحة مرة أخرى فأندفع "مهند" فى اتجاه احدى السيارات المفتوحة من الخلف التى تشبه سيارة الشرطة التى تراها فى مصر دفع "مهند" بقائد الكتيبة بعنف داخل السيارة بينما اندفع "حمزة" ليجلس أمام المقود نادى "مهند" على "باسل" الذى كان يصارع بمفرده ثلاث رجال :
- "باسل" .. يلا يا "باسل"
صرخ "باسل" بأعلى صوته وهو يقاومهم فى شراسه :
- امشى يا "مهند" .. امشى من هون .. يلا انت و "حمزة" قبل ما يهجموا علينا أكتر ويفكوا أسر قائدهم
رأى "حمزة" فى مرآة السيارة عدد من الشبيحة يهرولون فى اتجاه السيارة فصاح :
- يلا يا "باسل"
صاح "باسل" بحزم واصرار :
- امشوا انتوا .. امشوا الحين
اندفع "حمزة" بالسيارة يشق طريقه قبل أن يتمكن الشبيحة من الوصول الى السيارة وانقاذ قائدهم من الأسر .. أخرج "مهند" رأسه من السيارة وهو يطلق عدة طلقات فى اتجاة الشبيحة الذين تجمعوا على "باسل" وتجاوز عددهم العشرة حتى يتفرقوا ويبتعدوا عنه .. لكن اتسعت عيناه فزعاً وهو يرى باسل قد وقع أسيراً فى أيديهم فأمسكوه وكتفوه يبقر أحدهم بطنه فتندفع الدماء منها غزيرة حارة .. صاح "مهند" من أعمق أعماقه :
- "بااااااسل"
نظر "حمزة" فى مرآة السيارة ليرى ما حدث لـ "باسل" فتندفع الدموع من عينيه بغزارة وهو يتمتم بصوت مرتجف :
- طلبها ونالها
غزت عينا "مهند" العبرات وهو يرى "باسل" وقد ألقاه الرجال أرضاً وداسوا عليه بالنعال .. اندفع بجسده خارج السيارة أكثر وهو ممسكاً بها متشبثاً بيده اليسرى لا تفترق عيناه عن جثة "باسل" التى فارقت الحياة وهو لايزال يطلق النار فى اتجاههم فيتساقطون واحداً تلو الآخر .. لو اقترب أكثر لاستطاع رؤية تلك الابتسامة العذبة التى تزين وجه "باسل" وتلك النظرة فى عيناه وكأنه ينظر الى ما اشتهاه ! .. وقبل أن يفيق "مهند" من صدمة استشهاد "باسل" اندفعت قذيفه هاون أطلقتها احدى الطائرات التى تحوم فى الهواء كالغراب .. لتنفجر السيارة وتتمزق الأجساد الى أشلاء !

***************
وقفت "سمر" فى شرفة غرفة المعيشة فى حين كان الجميع بالداخل .. تسمع أصوات الحديث والضحكات دون أن يكون لديها أدنى رغبة فى مشاركتهم سمرهم .. وقفت تستند بمرفقها الى سور الشرفة تنظر الى السماء والقمر يزينها فى ليلة تمامه .. يلمع ضوءه داخل عينيها فتكتسب عبراتها لون القمر الفضى لتقط كلألئ على وجنتيها .. ارتجفت شفتيها وهى تفرج عنهما ببطء هامسه للقمر :
- وحشنى أوى .. أوى .. قوله ييجى بأه .. قوله انى بستناه .. قوله انى مش بنساه .. ولا هنساه
سمعت من خلفها صيحة "عدنان" :
- ايه بتقولى ايه ؟ .. "مهند"
اندفعت تدخل الغرفة وهى تتطلع الى "عدنان" مثلما يتطلع الجميع فى مزيج من الدهشة والخوف والفزع .. أنهى "عدنان" المكالمة .. شعرت "سمر" بإنقباض فى قلبها.. خشيت أن تسأل عما حدث .. هتفت "فريدة" :
- فى ايه يا عمو .. فى حاجه ؟ .. حاجه بخصوص "مهند"
رفع "عدنان" رأسه ليجول بعيناه فى وجوههم وهو يقول فى أسى وحيرة واضطراب :
- بيقولولى ان "مهند" .......
صمت فحثته "انعام" قائله :
- خير يا "عدنان" .. قول متوقعش قلبى
تنهد وهو يقول بمرارة :
- قالولى انى أحتسبه فى الشهداء
تعالت الشهقات فى لوعة قبل أن يسمعوا ارتطاماً قوياً .. التفت الجميع الى مصدر الصوت لتتسع أعينهم وهم يرون "سمر" الملقاه على الأرض وقد سقطت مغشياً عليها !


اسطورة ! غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-10-15, 09:32 AM   #23

اسطورة !

نجم روايتي ومشرفة سابقة وفراشة متالقة بعالم الازياء

alkap ~
 
الصورة الرمزية اسطورة !

? العضوٌ??? » 120033
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 15,367
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الحادى والعشرون
مرت الليلة ثقيلة لزجة على نفوس الجميع .. لم تتوقف "فريدة" عن البكاء وهى تدعو لأخيها بالرحمة والمغفرة .. كذلك تأثر "عدنان" كثيراُ لفقد "مهند" .. فقد كان له بمثابة الإبن وليس ابن الأخ .. جلست النساء فى غرفة المعيشة يعلو وجوههم الحزن والأسى تدمع الأعين من حين الى آخر .. جلس الرجال فى المكتب برفقة "عدنان" يجرون اتصالات طوال الليل فى محاولة استعادة جثة "مهند" ودفنه باالقاهرة الأمر الذى كان شاقاً للغاية لعدم وجود امكانية نقل الجثث من حيث موقع المجاهدين .. بل وعدم وجود ثلاجات لحفظها .. فكان القرار أن يدفن "مهند" فى الأراضى السورية .. جلست "لميس" برفقة "سمر" التى أمر الطبيب بإعطائها مهدئاً بين الحين والآخر .. ومحاولة تخفيف الصدمة عليها .. انهمك الجميع فى التفكير بمصابهم .....
أما "يسرية" فقد ظل عقلها يعمل دون توقف عن سر تأثر "سمر" بخبر استشهاد "مهند" الى حد أن تفقد وعيها وتحتاج الى مهدئات للسيطرة عليها لكن الوقف لم يكن مناسباً لبحث أمر كهذا كذلك شعرت "لميس" بالدهشة وهى جالسه معها فى غرفة النوم تسمع همساتها وهى نائمة على الفراش الوحيد بالغرفة تلفظ بإسم "مهند" بين الحين والآخر وكأنها تنادى على حبيبها الراحل حاولت "لميس" أن تفهم همهمتها لكن صوتها كان خافتاً لا تستطيع سوى تمييز كلمة "مهند" نهضت "لميس" تتجول فى تلك الغرفة التى تدخلها فيما ندر نظرت بحسرة الى الأثاث الذى ينم عن ذوق رفيع والذى يصلح لعرسان جدد وقفت أمام التسريحة تتأمل مقتنيات "سمر" المرصوصة فوقها فى عناية شعرت بوغز الدموع فى عينيها وهى تنظر الى كل ركن فى الغرفه لا تعلم كيف واتتها الجرأة على فتح الدولاب التفتت تنظر الى "سمر" لتجدها تغلط فى النوم فتحت الدولاب الجرار وأخذت تنظر الى ملابس "عدنان" المرصوصة بعناية فتحت الجهة الأخرى من الدولاب ونظرت الى ملابس "سمر" وفساتينها القصير منها والطويل اغلقت الدولاب بسرعة وقلبها يخفق بشدة لا تدرى سبب ما فعلت لكنها تعلم أن وجودها فى تلك الغرفة يزيد من لهيب قلبها اشتعالاً عادت لتجلس بجوار "سمر" فلاحظت انها عادت الى همهمتها من جديد قربت أذنيها فإستطاعت تلك المرة أن تميز كلماتها قفز قلب "لميس" الى حلقها واتسعت عيناها فى دهشة وهى تسمع "سمر" تهمهم :
- "مهند" متسبنيش .. أنا بحبــك

*************
جلس "دياب" يحرك الموبايل بين يديه شارداً .. بحث عن الرقم الذى أملته اياه "عاء" وأخذ ينظر اليه وهو يضع اصبعه على زر الإتصال فى تردد .. تنهد بعمق وهو يمعن التفكير فى تلك الخطوة التى تشغل عقله كثيراً فى الآونة الأخيرة .. أصبح الوضع لا يحتمل .. لم يعد يستطيع تحمل اهمال زوجته له .. وعدم تقديرها لمشاعره .. وكأنه جماداً وليس بشراً من لحم ودم .. تنهد بعمق وهو يسند ظههر الى الأريكة وهو يفكر فيما اقترفه من خطأ بتحميل تلك الصور والمقاطع الى هاتفه .. يعلم بجرم ما فعل .. وبالذنب الذى أوقع نفسه فيه .. بل وتقززت نفسه من أن يعيد الكرة مرة أخرى .. لكنه يخاف من نفسه .. ومن شيطانه .. يخاف أن يقع فى خطأ أكبر من مجرد ذنب تقترفه عيناه .. يخشى أن تبدأ باقى حواسه فى عصيان أمره .. وفى جره الى طريق لم يتخيل أبداً أن يفكر فيه فى يوم من الأيام .. ليس أمامه سوى حلين لا ثالث لهما .. إما أن يعف نفسه بالحلال .. وإما أن يلجأ الى الحرام ّ
نهض من مكانه وذهب الى الحمام وتوضأ وضوءه للصلاة .. لحظات وسمع آذان الفجر فارتدى خفه ونزل الى المسجد يؤدى الصلاة .. بقى بعد الصلاة يردد الأذكار الى أن طلعت الشمس من مشرقها .. عاد الى بيته ليجد "سحر" جالسه فى وسط الفراش ترضع الصغيرة .. توجه الى المطبخ وأعد لنفسه ساندوتش من الجبن وكوب من الشاى .. تناوله فى شرود .. عاد الى غرفة النوم فرآهما تغطان فى نوم عميق .. ارتدى ملابسه .. وتوجه الى عمله والشرود لا يفارق !

***************
فتحت "سمر" عينيها لتجد نفسها وحيدة فى ظلام الغرفة الدامس .. جلست فى فراشها وهى تشعر بثقل شديد فى رأسها .. لحظات .. وتذكرت ما بها من نكبة فأجهشت فى البكاء وهى تشعر بكل ذرة فى جسدها تصرخ ألماً وقهراً .. أطبقت بيدها على ملاءة السرير تجعدها بين أصابعها فى عنف وجسدها يرتج لقوة بكائها .. شعرت بألم حارق يغزو ذراعها الأيسر .. أسندت بظهرها الى السرير وهى تبكى لما تحمله فى قلبها وذراعها من آلام .. طرقت "لميس" الباب ثم فتحته وهى تنظر الى "سمر" فى لوعة .. اقتربت منها قائله :
- مدام "سمر" .. حضرتك كويسة
التفت لها "سمر" بوجهها الباكى وهى تسألها بصوت مبحوح :
- فين "عدنان" ؟
قالت "لميس"بهدوء :
- سافر
قالت بصوت مرتجف :
- سافر فين ؟
قالت "لميس" بأسى :
- سافر سوريا .. أصر انه يشوف الجثة قبل ما تدفن .. حابب يتأكد من انه هو فعلاً "مهند"
قالت ذلك وقد لمعت عيناها بالعبرات .. فأجهشت "سمر" فى البكاء وهى تردد بلهفه :
- يارب ميكنش هو .. يارب يكون لسه عايش
ازدادت نزرات "لميس" حدة وهى تصوبها الى "سمر" التى لا تهتم بما تلفظه من كلمات .. بدت فى غير وعيها تماماً والا لما أخطأت بلفظ كلمات تجعلها موضع شك هكذا ! .. اقتربت "لميس" من الكمودينو بجوار الفراش وأعطت لـ "سمر" أدويتها .. ثم قالت :
- ارتاحى شوية زى ما الدكتور قال .. "عدنان" بيه وسانى عليكي وقالى أهتم بيكي بنفسى
لم تعبأ "سمر" بكلامها نهضت وتوجهت الى الحمام الملحق بالغرفة وغسلت وجهها .. وقفت تنظر فى المرآة الى أعينها الحمراء كالدماء .. ثم جففت وجهها وخرقت من الغرفة متوجهة الى غرفة "فريدة" التى رأتها جالسه برفقة "نهال" تبكيان سوياً فى لوعة .. لم تتحمل "سمر" وهى تراهما على هذا الحال فأجهشت بالبكاء هى الأخرى وهى تلقى بنفسها فوق احد المقاعد فى انهاك .. لحظات مرت قبل أن تقول بصوت مرتجف :
- ان شاء الله مش هيطلع هو اللى مات .. ان شاء الله هيكون عايش
مسحت "فريدة" عبراتها وهى تقول بلهة :
- يارب يا "سمر" .. يارب
نهضت "فريدة" فجأة وتوجهت الى الخارج .. وبعد دقائق عادت ثم حملت اسدالها وفرشت سجادة الصلاة ووقفت تصلى فى خشوع .. نظرت اليها "سمر" بأعين دامعة .. رأتها تسجد وتبكى فى سجودها تسمع همساتها بالدعاء الى "مهند" .. شعرت "سمر" فى داخلها بعجز كبير .. وكأن جوارحها كلها مشلولة .. شعرت بقهر غريب .. لا تقوى حتى الدعاء الى الله عز وجل .. تذكرت كلمات "مهند" لها عند النافورة فى ذلك الفندق .. عندما قال لها .. كيف تدعين الله وأن تعصيه .. كيف تجرؤين .. تساقطت العبرات من عينها حارقه .. مسحتها بظهر كفها وهى لا تزال تنظر الى "فريدة" الساجدة .. قبل أن تنهض وتعود الى غرفتها .. تناولت هاتفها النقال واتصلت بـ "عدنان" وهى تقول بلهفة :
- انت فين دلوقتى ؟
قال "عدنان" بصوت كمن انتهى للتو من البكاء :
- لسه واصل تركيا
- طيب انت عارف هتكلم مين وهتوصل ازاى
- أيوة عارف
- ضرورى تطمنا لما توصل لحاجة .. ضرورى
- أكيد .. هقفل دلوقتى .. هتصل بيكى أول ما أوصل سوريا
ألقت "سمر" الهاتف فوق فراشها .. ثم جلست بجواره وهى لا تزال تشعر بذلك الشعور .. بالعجز والشلل .. تنامى الى مسامعها آذان الفجر .. فبكت أكثر .. بكت وهى تسمع ذلك النداء الذى تجاهلته لسنوات طويلة .. تشعر بأنها عاجزة عن تلبية النداء وعن الاستجابة له وعن الخضوع له .. شعرت بنفسها تريد التضرع والهتاف .. يارب احميه .. يارب أعده سالماً .. لكن كيف .. كيف يستجيب الله لها ؟ .. كيف يلبى حاجتها ؟.. كيف وهى تعصاه سراً وجهاراً .. كيف وهى تأتى بما نهى وتعزف عما أمر ؟ .. انتهى المؤذن وبدأ الكون فى تلبية النداء .. ارتجف قلبها وهى تحمل اللاسلكى لتطلب من الخادمة الصعود الى غرفتها .. ولأول مرة منذ أن اتت الفيلا تطلب من الخادمة هذا الطلب :
- ساعديني اتوضا

أومأت الخادمة برأسها وتوجهت برفقة "سمر" الى الحمام .. كانت "سمر" تستعين بالخادمة فى كل شئ .. لم تكن تستطيع حتى ارتداء ملابسها بمفردها .. ولا أن تصفف شعرها بمفردها .. كانت تعتمد عليها فى كل شئ .. انتهت من الوضوء بحسب ما تتذكر .. ثم طلبت من الخادمة الإنصراف وهى تشعر بالاستحياء أن تصلى أمامها .. بل شعرت بالاستحياء أن تقف بين يدي الله .. أتت بسجادة "عدنان" وفرشتها أرضاً ثم وقفت وهى تشعر بشعور غريب يتملكها .. وقفت تطلقت تنهيدات وهى تشعر بتوتر .. يجفل قلبها كالموظف الذى عصى مديره كثيراً حتى طرده وأغلق بابه فى وجهه .. وبعد سنوات أراد العودة الى ذلك المدير واستسماحه أن يعطيه فرصة اخرى .. لكنه وقف على باب المدير يخشى أن يطرقه .. يتمنى أن يدخل .. لكنه لا يجرؤ . .يخشى أن يعود خائب صفر اليدين .. يخشى أن يظل المدير حاملاً له الغضب فى نفسه .. ولله المثل الأعلى !
بلعت ريقها ووقفت تغمض عينها للحظات تستشعر ما هى مقدمة عليه من صلاة يشاركها فيها الله عز وجل بالمعنى .. كما قال فى الحديث القدسى "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل. فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين. قال الله: حمدني عبدي، فإذا قال: الرحمن الرحيم. قال الله: أثنى علي عبدي. فإذا قال: مالك يوم الدين. قال: مجدني عبدي. وإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين. قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل. فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. قال: هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل "
رفعت كفها بمحاذات أذنها وكبرت للصلاة .. أطرقت برأسها فى خشوع تنظر الى موضع سجودها وقلبها ينبض داخل صدرها بتوتر .. لم تجد تنتهى من تلاوة الفاتحة حتى انفجرت الدموع من عينيها كنبعين صافيين يرويان ظمأ سنوات من الجفاف الذى لاقاه ذلك الوجه وتلك العيون .. حرموا سنين طوال من لذة البكاء من خشية الله .. ولذة الإنابة والخشوع والتضرع والتسليم .. شعرت بأنها أمة تقف بين يدي مولاها وسيدها .. ترجوه رحمته وتخشى عذابه .. نظرت الى موضع سجودها قبل أن تلمسه بجبهتها وأنفسها ككمال الذل والخضوع لله .. أغمضت عينها وهى تتمتم :
- سبحان ربى الأعلى
لم تكن كلمات عادية لتتم بها صلاتها .. بل استشعرت كل حرف فيها .. سبحانك ربى وأنت فوق عرشك مستوٍ عليه استواء يليق بجلالتك .. سبحان أعلى وأكبر من كل شئ .. سبحانك وأنت ملك الملوك تدير هذا الكون بمعرفتك كيفما شئت .. كل شئ فى هذا الكون أمره بين حرفين .. الكــاف والنــون .. من غيرك يدبر لى أمرى ويصلح لى حالى ويلبى لى طلبى ويكون منتهى رجائى .. من غيرك يغفر لى ذنبى ويزيل وحشة قلبى ويطهر لحمى وعظمى وروحى من ذنوب كستها وتشربتها وعششت فيها الى أن فاض بى الحال وجئت خاشعة ضارعة أعلن استسلامى وخضوعى وفشلى فى أن أنعم بحياتى فى بعدى عنك .. أعلن فشلى فى أن أدبر أمورى دون الرجوع اليك .. أعلن فشلى فى أن أكون سيدة امرى .. حره العقل والفكر .. علمت وأيقت أن ما أنا الا أمة تحتاج لسيدها ومولاها ليرشدها ويأمرها فتطيعه وينهاها فتنأى بنفسها عما نهى .. "أستغفر الله " .. كلمة ترددها الألسن حتى لربما فقدت الشعور بتذوق معناها وبإستشعارها بالقلب والروح .. استغفر الله من كل ذنب امتدت له يداى وذهبت له قدماى وتأملته عيناه وطربت له أذناى وتحدث به لسانى .. استغفر الله من كل ذرة كبر فى نفسى أبعدتنى ومدتى بقوة وهمية اشعرتنى بأننى مالكة أمرى ومديرة حالى .. لجأت اليك فلا ملجأ منك الا اليك .. أترد أمة ضعيفه تطرق بالك وتبتغى رضاك .. أترد أمة تبكى وتنتحب أن تغفر لها وتتنزل رحماتك عليها .. ظنى بك أنك لن تردنى .. ولن تغلق فى وجهى بابك .. أستحق عذابك لكن رجائى فى رحمتك كبير .. أعلم أن لتوبتى شروط .. وستجدها تامه بلا نقصان .. فتوبتى نبعت من اعماق قلبى وروحى .. لا ينقصها سوى أن تصدق عليها بعفوك .. أستغفرك ربي !


****************
فى الصباح خرجت "سمر" من غرفتها فقابلت "فريدة" وهى تنزل من الطابق الثالث للفيلا حيث غرفتها .. تمتمت "فريدة" :
- صباح الخير
- صباح النور
- فى جديد
تنهدت "سمر" قائله :
- كلمت "عدنان" من شويه .. قالى انه فى سوريا دلوقتى وأول ما يوصل للمعسكر بتاعهم ويشوف الجثة هيتصل بيا
لمعت العبرات فى عين "فريدة" وهى تقول :
- يارب .. يارب
لاحت ابتسامه صغيره على شفتي "سمر" وهى تقول :
- مماتس .. قلبى حاسس انه مماتش
قالت "فريدة" بلهفه وكأنها تتعلق بآخر أمل لها :
- يارب .. يارب يكون عايش
رن هاتف "سمر" فقالت بلهفة :
- "عدنان" .. ايه .. فى جديد ؟
تطلعت "فريدة" الى "سمر" بلهفة وهى تضم يديها الى صدرها تراقب تعبيرات وجهها .. فجــأة رأت ابتسامة كبيرة على وجه "سمر" وهى تهتف بلهفة :
- بجد ؟ .. واثق يا "عدنان" ؟
هتفت "فريدة" :
- "سمر" قوليلى .. عمو قالك ايه ؟
ضحكت "سمر" وهى تقول :
- طيب .. ماشى .. ربنا معاك
أنهت المكالمة وهى تقول لفريدة بحماس :
- مش هو
عانقتها "فريدة" بقوة وهى تهتف بأعين دامعة :
- الحمد لله .. اللحمد لله
نظرت اليها "سمر" بأعين دامعة وبسمة على شفتيها وهى تقول :
- قالى ان حصل انفجار وراأس الجثة مكنتش باينلها أى معالم .. بس شاف جسمه وحجمه ولون بشرته واتأكد انه مش "مهند"
هتفت "فريدة" بفرح :
- الحمد لله .. الحمد لله
عمت البهجة أرجاء البيت عندما علم الجميع بأن الجثة لم تكن لـ "مهند" استمر "عدنان" فى المكوث فى سوريا ليبحث عن ابن اخيه حياً أو ميتاً شعرت "سمر" بيقين أنه لايزال على قيد الحياة وكأن الحياة قد دبت فيها من جديد ليس لهذا الخبر فحسب بل لتلك المشاعر التى عادت للشعور بها مرة أخرى بعد هجر سنوات وسنوات عادت تحمل المصحف فى يدها تنهل من تلك الكلمات التى اشتاقت كثيراً اليها أصبح الدمع فى عينيها لا ينقطع تنظر حولها وكأنها ترى كل شئ بأعين جديدة وقلب جديد رق قلبها حتى أصبح كريشه رقيقه تطير داخل صدرها كلما فعلت طاعة واستشعرت عظمة خالقها
فوجئ الجميع بعودة "سمر" من الخارج فى أحد الأيام وهى محملة بحقائب كثيرة كانت نظراتهم اليها ما بين الدهشة و الاستنكار فمنذا الذى يجد في نفسه البال الرائق للقيام بالتسوق فى مثل هذه الظروف لكن دهشتهم تضاعفت لمرآى "سمر" الجديدة التى زين رأسها حجابها وزادتها زينة واحتشاماً ملابسها التى تخيرتها بعناية وضعت "فريدة" نصب عينها كمثال يُحتذى به وقلدتها حتى فى ألوان ملابسها الداكنة الغير ملفته لم يصدق الجميع ما يرون لعلها هى الوحيدة التى لم تستعجب ذلك التغيير المفاجئ الذى حدث لها لأنه كان بالنسبة اليها هو العودة الى طبيعتها العودة الى الفتاة التى تركتها فى الاسكندرية منذ سنوات ورحلت متحولة الى تلك الانسانة التى كرهتها الآن ولا ترغب فى عودتها من جديد شعرت أخيراً بأنها استعادت جزء كبير من نفسها وبأن روحها ردت اليها من جديد لم يكن التغيري ثقيلاً على نفسها وهى تتقرب به الى الله عز وجل تثبت به صدق توبتها ورغبتها فى طى الماضى والقائه خلف ظهرها

اراد "علاء" الاستمرار فى تلك الخطة الخبيثة التى وضعتها "يسرية" و "كوثر" للايقاع بـ "سمر" بين حبائله لكن "سمر" ردته صفر اليدين فإذا كانت "سمر" القديمة تضايقت من تصرفاته فـ "سمر" الجديدة تقززت منها أيقن تماماً أنها خطة لقيت الفشل مثل سابقتها لم يجد أمامه سوى الخطة (أ) التى اتفق عليها معه صديقه لولا سفر "عدنان" وانشغاله بموضوع "مهند" لكان وضعها فى حيز التنفيذ على الفور
****************
فى غياب "عدنان" كان المسؤل عن الشركة هو "حسنى" و "نهاد" أما "علاء" فلم يتسلم سوى زمام الأمور التى اعتاد الاهتمام بها تزمر "علاء من قلة الثقة التى يتعمل بها "عدنان" معه لكنه لم يفصح عن شعوره وأبقاه بداخله الى حين تنفسذ خطته الشيطانية التى ظل يحلم بنجاحها وتحقيق هدفه منها "سمر" أيضاً لم تترك الشركة على الرغم من عملها البسيط لكنه كان يشغلها عن الانتظار واحتساب الأيام رميت فى البداية بنظرات دهشة من الموظفين خاصة مع استمرارها فى أداء صلواتها فى أول وقتها فى المكان الذى خصصه "مهند" كمصلى للنساء العاملات بالشركة رُفع الأذان فغادرت مكتبها متوجهه الى المصلى تقف مع النساء جنباً الى جنب لأداء الفريضه وتلبية النداء أنهت صلاتها وجلست فى مكانها وهى تخرج كتيب صغير من حقيبتها مكتوب فيه أذكار ما بعد الصلاة ظلت ترددها الى أن انتهت تقهقرت للخلف وأسندت ظهرها على الجدار لا تجد فى نفسها القدرة على العودة الى عملها لا قدرة ولا رغبة لمعت العبرات فى عيناها وقد عاودتها مخاوفها فى أن يكون "مهند" قد استشهد بالفعل فعلى الرغم من مرور اسبوع من البحث المضنى لم يجد له "عدنان" أثراً لا حياً ولا ميتاً رأت احدى السيدات اللاتى يرتدين الزى الرسمى لعاملات النظافة تقترب منها وتقول :
- انتى كويسة يا بنتى ؟
نظرت اليها "سمر" وهى تمسح عبراتها قائله بخفوت :
- أيوة كويسة
نظرت اليها المرأة بإشفاق وقالت :
- مالك يا بنتى ايه اللى مضايقك .. بقالى اسبوع بشوفك وانتى بتصلى معانا وبعد ما بتخلصى بتاخدى ركن وتفضلى تعيطى
وكأن كلمات المرأة فجرت بداخلها رغبة قوية فى البكاء .. أجهشت فى البكاء وهى تحاول خفت صوتها .. غادرن جميع العاملات كل منهما الى مكتبها وبقيت "سمر" بمفردها مع تلك العاملة البسيطة التى افترشت الأرض بجوارها وهى تقول :
- ارمى حمولك على الله يا بنتى
أومأت "سمر" برأسها وهى تحاول التحكم فى دمعها .. قالت المرأة وهى تنظر اليها بإشفاق :
- انتى جديدة فى الشركة مش كده ؟ أصلى مشفتكيش هنا قبل كدة لو فى حد مضايقك قولى لصحاب الشركة دول ناس محترمين أوى
صمتت "سمر" دون ان توضح لها حقيقة نسبها الى أصحاب الشركة فوجدت المرأة وقد أجهشت فى البكاء فجأة التفتت "سمر" تنظر اليها بدهشة وقد اعتدلت فى جلستها وهى تقول :
- فى ايه ؟ .. بتعيطى ليه ؟
قالت المرأة بصوت باكى :
- فى واحد جدع ربنا يحميه .. من صحاب الشركة دى .. يا عيني سافر وأهله مش لاقينه ولا عارفين هو عايش ولا ميت
لمعت العبرات فى أعين "سمر" وهى تسألها :
- تقصدى "مهند" ؟
نظرت اليها المراة فى دهشة وهى تمسح عبراتها قائله :
- انتى تعرفى البشمهندس "مهند" ؟
تمتمت "سمر" بخفوت :
- أيوة أعرفه
قالت المرأة بتأثر :
- انا كمان أعرفه .. راجل بجد ربنا يحميه .. تعرفى انى أول ما شوفته شوفته فى الشارع كنت ببيع درة على الرصيف وهو جبنى وشغلنى هنا الهى يباركله ويرده لأهله بالسلامه
تمتمت "سمر" :
- يارب
قالت لها المرأة بتأثر وأعين دامعه :
- تعرفى انه ساعدنى فى جهاز بنتى .. الهى ربنا يستره دنيا وآخرة .. جابلها كل حاجة وخلانى رفعت راسى أدام أهل خطيبها بعد ما كانوا كلوا وشى وكانوا عايزين يفسخوا الخطوبة .. قالى ان جهازها كله عليه أنا فى الأول مصدقتش .. بس لقيته وعد ونفذ وجهزها لحد ما دخلت من اسبوعين
لاحت ابتسامه عذبة على شفتى "سمر" وهى تقول :
- هو دايماً كده .. بيحب يساحد غيره سواء معاه أو معهوش .. بيعمل اللى بيقدر عليه
نظرت المراة الى ذراع "سمر" قائله :
- مال دراعك يا بنتى كفا الله الشر
نظرت "سمر" بأسى الى ذراعها وهى تقول :
- معرفش ومحدش عارف .. مفيش دكتور عارف يعالجنى .. وآخر دكتورة روحتلها قالتلى معنديش اى حاجة عضوية .. قالتى ممكن تكون حاجة نفسية .. حتى موصفتليش علاج .. معرفش
ثم قالت بمرارة :
- خلاص أنا اتعودت عليه كده .. وعارفه انى هفضل على طول كده .. مش عايزه أروح لدكتور تانى ولا اعمل فحوصات تانى .. خلاص بأه .. تعبت .. وأصلاً مفيش فايده .. أمل على الفاضى .. وفى الآخر بيضيع وبتعب أكتر
أطلقت "سمر" تنهيدة عميقة أخرجت معها ناراً تعتمل بداخلها .. فقالت المرأة بحماس :
- طيب واللى يعالجك ؟
التفتت "سمر" تنظر اليها وقالت بحزم :
- أنا مش هروح لدكاتره تانى .. خلاص بجد .. مش عايزه
قالت المرأة بحماس :
- ومين قال بس دكاتره .. أنا اللى هعالجك
نظرت اليها "سمر" بدهشة .. فابتسمت المرأة وهى ترى سر دهشتها وقالت :
- يا بنتى انتى بتقولى جربتى دكاتره كتير ومحدش عرف يعالجك .. مش هتخسرى حاجة لو سمعتى كلامى .. وأنا بعون الله واثقة ان ربنا هيجعلنى سبب فى شفاكى
نظرت اليها "سمر" وهى متعجبه من ثقة المرأة بنفسها وهى تلقى على مسامعها تلك الكلمات ثم قالت بإستغراب :
- طيب هتعالجيني ازاى ؟
قالت وهى تربت على كفها :
- بكرة بعد صلاة الضهر هتعرفى ان شاء الله .. هستناكى هنا فى المصلى

************
دخل "دياب" البيت فسمع أصوات ضحك في الصاله واستطاع تمييز صوت جارتهم ألقي نظرة علي "سحر" لبريها بأنه عاد من صلاة الجمعة نظرت اليه "سحر" وعادت الي الاندماج في الحدث مع جارتها دخل "دياب" غرفه النوم يبدل ملابسه وهو يشعر بالامتعاض لهذا الحديث الدائر بين المرأتين عن فلانه وعلانه اختنق من جلسة النميمة التي تشارك فيها زوجتها أرسل لها رساله عبر المحمول كتب فيها :
- مش كفايه بأه .. هفضل محبوس في الاوضة كدة كتير
وفي تبرم قالت "سحر" لجارتها :
- معلش يا حبيبتي "دياب" عايز يتغدي أحضرله الأكل وأجي نعد مع بعض شويه
قالت جارتها وهي تنصرف :
- ماشي مستنياكي .. ومتنسيش تقوليله علي الموضوع اللي اتكلمنا فيه .. دي فرصه مش هتتعوض
دخلت "سحر" الي المطبخ بينما حمل "دياب" الصغيرة ودخل خلفها قائلا :
- موضوع ايه اللي جارتك بتقول علبهويا "سحر" ؟
قالت "سحر" وهي مستمرة في عملها :
- جيبالي شغل
عقد جبينه قائلا :
- شغل ايه ان شاء الله ؟
تركت ما بيدها ونظرت اليه قائله بحماس :
- ممرضه عند ناس أغنية أوي .. عارف هيدوني كام في الشهر .. ألف ونص
هتف "دياب" بحدة :
- ممرضه عند ناس .. مش فاهم
اكملت "سحر" بنفس الحماس:
- دول ناس راجعين من دبي والست الكبيرة تعبانه وبتحتاج ادوية ياما ومرافق معاها 12 ساعه
هتف "دياب" بغضب :
- انتي بتستهبلي سا "سحر" .. ازاي يعني .. لا طبعا مش ممكن اوافق ان مراتي تشتغل في بيت غريب عند ناس معرفهمش 12 ساعه في اليوم .. وبعدين انتي ناسيه ان عندك بت صغيره
قالت سحر بحده:
- لا مش ناسيه .. ما انا هوديها عن أمي وأنا راحه الشغل ووأنا راجعه هبقي أخدها
قال دياب بحزم شديد :
- انسي الموشوع ده يا "سحر"
هتفت بغضب:
- انسي ايه دول الف ونص .. فاهم يعني ايه الف ونص .. في حد تجيله النعمه لحد عنده ويرفصها؟
قال "دياب" بصرامة:
- تغور الفلوس أنا مشغلش مراتي عند ناس معرفهمش الله اعلم اخلاقهم عامله ازاي
هتفت بتهكم :
- وانت هتعرف ناس زي دول ازاي يا حبيبي .. دول ناس اغنية كبيرك تشتغلهم حارس علي البوابة زي عيلة "زياكيل" اللي انت بتشتغل عندهم اللي بياكلوا من خيرات ربنا وفي اخر اليوم يرمولك انت وزمايلك بواقي اكلهم
تجمد "دياب" في مكانه وهو ينظر اليها فأكملت بحزم:
- أنا مش هشيع من ايدي مبلغ زي ده .. نفسي بأه اعيش زي ما الناس عايشة
قال "دياب" بألم وقلب مطعون:
- هو انا حارمك من حاجه يا "سحر" .. انا لما بيتبقي فلوس بديهالك تجيبي اللي نفسك فيه
هتفت بتهكم :
- فلوس ايه يا أبو فلوس بقولك هيدوني الف ونص في الشهر نفسي بأ اعيش زي نا باقي الستات عايشة نفسي ألبس حتت دهب في ايدي ده انا من يوم ما اتجوزنا وانا بعت الخاتم والدبله اليتيمة اللي جبتهالي ومن يوميها وايدي فاضيه بتكسف لما جاره ليا تبص علي ايدي وهي فاضيه كده وايدها ما شاء الله الدهب ماليها
قال "دياب" بأسي:
- انا وعدتك اني هجبلك غيرهم لما الظروف تتحسن
هتفت بغضب:
-ولحد دلوقتي مشفتش منك حاجه ولا هشوف .. ليه بأه ارفض فرصه زي دي هو انت غاوي فقر وخلاص يا "دياب"
اخذ نفسا عميقا ثم قال بحزم:
- الشغل اللي بتقولي عليه ده مرفوض .. ومستحيل أوافق عليه ابدا .. ويكون في علمك الست جارتك دي أنا مبرتحلهاش وواضح انها بتملى دماغك بكلام فاضي .. مش عايزك تتكلمي معاها كتير وتدخليها البيت
هتفت بسخريه:
- وده اسمه ايه ان شاء الله مش كفايه ملطوعه لوحدي بين اربع حيطان طول اليوم كمان تقولي جارتك متعرفيهاش .. بطل خنقه بأه خنقتني
قال "دياب" بنبرة تهديد:
- "سحر" اسمعي الكلام اللي هقولهولك كويس لاني جبت أخري معاكي .. قدامك شهر لو متظبطتيش متلوميش الا نفسك
هتفت بغضب:
- يعني ايه ان شاء الله؟
هتف بغضب مماثل :
- يعني هتجوز يا "سحر"
اتسعت عيناها دهشه فأكمل بغضب:
- هتجوز واحدة تريحني .. واحدة تسمع كلامي .. واحدة عارف حقوق جوزها عليها .. واحدة مش نكديه وبتحب المشاكل .. واحدة تراعي ربنا فيا زي ما براعي ربنا فيها
- وضعت يديها في خاصرتيها وهي تهتف بتهكم شديد:
- ودي مين دي اللي هترضي بيك يا حبيبتي تكونش فاكر نفسك حاجه .. فوق لنفسك ده أنا عايشة معاك وأنا حطه جزمة في بقي ومستحمله .. مين دي اللي هتبص لواحد زيك وتقبل تعيش العيشة الهم اللي انا عايشاها
قال ببرود يخفي به كرامته الجريحه:
- اذا كنتي شايفه ان عيشتك معايا هم فغيرك تتمناها
اطلقت ضحكة ساخرة وهي تقول :
- لا ده انت مصدق نفسك بجد .. قال غيرك يتمناها قال .. اللي خدته القرعة تاخده أم الشعور
لم تتحمل كرامته الاستماع الي المزيد من تهكماتها وسخريتها .. ترك طفلته علي الفراش وخرج من البيت لا يلوي علي شئ .. جلس علي احدي الدرجات والعبرات في عيناه يميحها بأصابعه قبل أن تسقط علي وجهه وتزيد من جرح كرامته .. شعر بقلبه يكاد يتمزق ألما وبحمم تشتعل في صدره أوشكت علي خنقه بلهيبها

دخل "نهاد" الي بيته فتنامي الي مسامعه صوت "انجي" برفقة "بيسان" .. كاد أن يغادر البيت مرة اخري لولا ان رأته "بيسان" وهتفت:
- "نهاد" حمدالله علي السلام يا حبيبي
في تبرم أغلق "نهاد" باب البيت وتوجه الي "بيسان" مقبلا اياها وهو يقول:
- ازيك يا حبيبتي
ابتسمت قائله وهي تعانقه بعيناها:
- الحمد لله يا حبيبي كنت فاكراك هتبات النهارده كمان
قال وهو يتحاشي النظر الي "انجي" :
- خلصت بدري فرجعت وكمان عشان مسبش الشركة لوحدها .. بعد غياب عمي و "مهند" الحمل زاد عليا
امسكت بكفه قائله:
-طيب يا حبيبي ادخل خد شاور وغير هدومك علي ما اقولهم يحضروا الاكل
نهضت "انجي" وقالت بلؤم:
- طيب همشي انا بأه مبحبش ابقي عزول
التفتت اليها "بيسان" قائله بعتاب:
- اخس عليكي ليه بتقولي كدة .. انتي واحدة مننا .. خليكي اتغدي معانا
كاد "نهاد" أن ينصرف لولا أن صاحت "انجي" :
- "نهاد" عايزاك لو سمحت .. انت ناسي ان بينا شغل ولا ايه
تسمر في مكانه وهو لايزال يتحاشي النظر اليها .. تركتهما "بيسان" بنفردهما ودخلت الي الخادمة في المطبخ تشرف علي تجهيز الطعام .. اقتربت "انجي" من "نهاد" فرجع الي الخلف .. نظرت اليه بعتاب قائله:
- معدتش بشوفك ليه .. حتي الفلوس بتحولها علي حسابي في البنك وبتعاملني زي الغريب
قال "نهاد" بحده وهو ينظر حوله في توتر مخافة ان تسمع "بيسان" حديثهما:
- "انجي" ابعدي عني .. كفايه بأه
قالت بدلال:
- كفايه ايه يا "نهاد" .. انا بحبك وانت عارف كدة
ثم قالت بلؤم:
- وانت كمان بتحبني انا واثقه من كدة
هتف بحنق شديد بصوت خافت:
- لا مبحبكيش ولا عمري حبيتك .. اللي حصل بينا كان غلطه .. غلطة فظيعة مش اكتر من كده .. ملوش أي معني بالنسبه لي ولا هيكونله أي معني
ثم نظر اليها باحتقار وقال:
- ازاي بيجيلك الجرأة تبصي في عين صحبتك بعد ما خنتيها بالشكل ده
قالت بتهكم وبنظرة تحدي:
- بالظبط زي ما انت بيجيلك الجرأه انك تبص في عنيها بعد ما خنتها
امتقع وجه "نهاد" بشده حتي كان ان يبكي ثم قال بصوت مختنق:
- ابعدي عني وعن "بيسان"
قالت وهي ترفع حاجبيها بتحدي:
- مش هبعد عنك يا "نهاد" .. انا مش واحدة من الشلرع عشان تقرب مني وقت ما انت عايز وتبعد وقت ما انت عايز
تركها "نهاد" ودخل غرفة النوم .. جلس علي الفراش واضعا وجهه بين كفيه .. انتفض فجأه بعدما شعر بيد تمسح علي شعره .. ابتسمت "بيسان" وقالت بحنان:
- شكلك مرهق اوي .
أوما براسه وهو ينهض قائلا بصوت مختنق:
- شويه
لفت "بيسان" ذراعيها حول عنقه وهي تضمه اليها قائله بإشتياق:
- وحشتني أوي
اغمض "نهاد" عينيه بألم وهو يحيطها بذراعيه وامارات الأسي علي وجهه

- يعني ايه الخطه باظت ؟
هتفت "يسريه" بهذه العبارة فقال "علاء " بتبرم:
- معرفش ايه اللي شقلب كيانها فجأه كدة .. دي حتي معدتش بتسلم عليا بايدها .. هو في حد بيتغير 180 درجه فجأة كدة
قالت "كوثر" باستغراب:
- انا كمان مستغرباها جدا التغيبر بيكون تدريجي لكن دي اتغيرت فجأة .. نامت وصحت وبقت واحدة تانيه .. بأت نسخه من "فريدة" و "مهند"
عقدت "يسريه" جبينها بشدة وهي شارده ثم هتفت:
- "كوثر" .. خدتي بالك من اللي حصل ل "سمر" لما عرفت بخبر استشهاد "مهند"
هتفت "كوثر" :
- بنت حلال كنت لسه هتكلم في النقطة دي .. ده اذا كان اخته بنت امه وابوه ما اغماش عليها كده .. لكن دي بمجرد ما سمعت الخبر وقعت من طولها
قالت "يسريه" باستغراب:
- ازاي يعني .. بس دول محرمين علي بعض
قال "علاء" بسخريه:
- قولنا كده من الاول محدش صدقني
اتسعت عينا "كوثر" وهي تقول:
- ازاي يعني .. لا طبعا مستحيل .. تقصد ان في علاقه بين "سمر" و"مهند"
قال "علاء" بثقه:
- ايوة طبعا .. أمال اللي جرالها ده من ايه .. اكيد متحملتش تسمع خبر وفاة حبيب القلب
قالت "يسريه" شارده:
- طيب ازاي .. هي ماشي واتوقع منها كده .. اللي تقدر تلف علي راجل زي "عدنان" تقدر تلف علي غيره بس الغريب هو "مهند" ازاي يسمح بكده .. ده مبيسلمش عليا بايده يقوم يخون عمه ومع واحدة متحللوش كمان
قال "علاء" بغيظ:
- محسسني ان "مهند" ده ملاك .. ما هو راجل زي باقي الرجاله .. وارد انه يغلط ويخون كمان


***********
جلست "سمر" في المسجد بجوار المراة الطيبة التي قالت لها :
- اكشفيلي دراعك يا بنتي
نظرت "سمر" بشك الي الادوات الموضوعه في حقيبه المرأه وهي تقول:
- ايه ده؟
قالت المراه بثقه:
- بصي بأه صلي علي سيدك النبى
- عليه الصلام والسلام
- دي حاجه اسمها حجامه بتنقي الجسم من الدم الفاسد اللي بيأذيه وبيسبب أمراض كتير .. الحجامه دي سيدك النبى وصي بيها
ثم اخرجت ورقه كبيرة من حقيبتها مرسوم عليها هبكل لانسان وأسهم عديدز منطقه من كل مكان في جسده وقالت:
- دي خريطة لجسم الانسان .. وكل مكان بتعملي فيه الحجامه بيعالج مرض شكل .. يعني علي حسب المرض بنختار المكان اللي هنعمل فيه الحجامه .. والحجامه نوعين ناشف ودي من غير تشريط ومن غير دم .. والنوع التاني بالتشريط وده اللي هعملهولك
اخرجت المرأه موس نظيف فقالت "سمر " بخوف:
- هيوجعني؟
ضحكت المرأه وقالت:
- متخفيش ايدي خفيفه مش هتحسي بحاجه
ساعدت المرأه "سمر" علي كشف ذراعها وسمت بالله ثم بدأت في التشريط و شفط الدم الفاسد بالكاسات المخصصة للحجامة .. نظرت "سمر" بدهشة الي اللون الاسود للدماء وهي تقول:
- ليه الدم لونه كده؟
قالت المرأه بخبره:
- كل ما كان الدم فاسد كل ما لونه اغمق
ظلت المراة تشفط الدم بالكاسات الي ان انتهت .. ثم قالت بحماس وهي تخرج علبه صغيره من حقيبتها :
- بصي بأه يا ست البنات ده عسل جبلي .. طبعا عارفه ان العسل شفاء ان شاء الله .. هتاخدي منه معلقة علي الريق كل يوم الصبح .. انا قرأتلك عليه ودلوقتي بأه اديني دراعك هدلكهولك بزيت زتون وأنا برقيك
ثم ابتسمت قائله:
- الله يرحمها حماتي جالها مرض رقدها في السرير وما فاقتش الا لما واظبت علي رقيتها كل يوم .. مع العلاج اللي كان بيوصفهولها الدكتور .. ربنا يرحمها
نظرت "سمر" الي المرأه التي أخذت بضمير تمسد لها ذراعها وتمتم بآيات وأدعية الرقية الشرعية .. شعرت "سمر" بالراحة تسري بداخلها حتي وان لم تشعر بتحسن في ذراعها .. انتهت المرأه ثم قالت:
- بصي بأه يا بنتي .. عشان اللي بعمله يجيب نتيجه لازم روشته علاج تمشي عليها .. زي ما بتروحي لدكتور ويديكي روشته أد كدة عشان تخفي
قالت "سمر" بحماس:
- طيب قوليلي الادوية اللي اخدها وانا اشتريها
ابتسمت المرأه وقالت:
- لا الأدوية اللي هقولها مش بتشتريها
رفعت "سمر" حاجبيها باستغراب فاكملت المرأه بحزم:
- الروشته هي انك تصلي كل صلاة في معادها خاصة الفجر لانك لو مصليتيهوش في وقته الشيطان بيعقد عليكي 3 عقد كل يوم .. اذكار الصبح والمساء والنوم متفوتيش يوم من غير ما تقوليها .. ولازم ولابد تتصدقي بنية ان ربنا يشفيكي . سيدك النبي قال :"داووا مرضاكم بالصدقة" .. وكمان متنسيش الاستغفار كل يوم 1000 ولا 2000 ولا 5000 مرو علي اد ما ربنا يقدرك .. وكل يوم هتجيلي هنا المسجد هرقيكي وكل فترة هعملك حجامه وانا واثقه ان ربنا هيشفيكي من اللي صابك واللي محدش عارف يعالجك منه
ابتسمت "سمر" وهي تومئ برأسها وقد شعرت براحة تتسرب اليها وثقه في كلام المرأة البسيطة والتي ما هي الا عاملة نظافه لكن الثقه واليقين الذي كانت تتحدث بهما كان كفيلا بأن يبث الأمل و الثقة في نفس "سمر" وتوقن هي الاخري بأنه طريق الشفاء .. قالت المرأه بفضول:
- متأخذنيش يا بنتي في السؤال .. بس كنت عايزة اعرف انتي تعرفي البشمهتدس "مهند" منين؟ .. أصلك يغنى المرة اللي فاتت كنتي بتقولي "مهند" حاف كده من غير بشمهندس
اختفت ابتسامة "سمر" وأطرقت برأسها للحظات ثم نظرت الي للمرأه وقالت:
- السمك لو خرجتيه من البحر يحصله ايه ؟
نظرت اليها المرأه بدهشه وقالت:
- يموت طبعا
قالت سمر :
- لا .. ممكن تحطيه في حوض سمك وتمليه مايه ويعيش .. مش كده؟
قالت المرأة:
- ايوة صح
لمعت العبرات في عيني "سمر" وقالت بصوت مرتجف :
- أنا بأه لو بعدت عن مهند أموت .. أموت بجد
نظرت المرأة في مزيج من الفضول والدهشة الى ملامح "سمر" التى تنطق ألما والي عبراتها التي ملأت عيناها ثم قالت بصدق:
- ربنا يجمعكوا ببعض يا بنتي ولا يحرمكوا من بعض ابدا
قالت "سمر" بلهفه وهي تضع يدها فوق يد المرأة:
- ايوة عشان خاطري ادعيلي الدعوة دي .. ادعيها علي طول
قالت المرأة بإشفاق:
- حاضر يا بنتي هدعيلك .. وهدعيله ان ربنا يرجعه بالسلامة
قالت "سمر" وهي تتنهد بقوة:
- يارب .. يارب يرجع بالسلامة

***********

توجهت "فريدة" الي "سمر" التي اتخذت زاويه في الحديقه وجلست فيها بمفردها شارده .. التفتت اليها "سمر" عندما اقتربت منها وقالت باهتمام:
- في جديد؟
هزت "فريدة" رأسها نفيا وهي تجلس بجوارها قائله:
- لسه مكلمه عمو "عدنان" قالي مفيش جديد
ثم تنهدت قائله:
- بس وعدني انه مش هيرجع الا و "مهند " في ايده
أومات "سمر" برأسها وعادت تنظر أمامها وتشرد من جديد .. تنهدت "فريده" قائله:
- مكنتش متصوره اني هتحرم منه تاني
التفتت اليها "سمر" فأكملت "فريده" وهي تنظر اليها:
- أصل ماما وبابا مطلقين من زمان .. وبعد ما اطلقوا اتفقوا ان ماما تاخد "مهند " وبابا ياخدني .. وانا عشت مع بابا في السعوديه .. و "مهند" فضل عايش مع ماما هنا في مصر .. للاسف مكناش بننزل مصر الا كل كام سنه مره .. ولما بابا اتوفي رجعت مصر ومن يومها ما افترقتش عن "مهند" ابدا
ثم لمعت عيناها بالعبرات وهي تقول:
- نفسي يرجع .. وحشني اوي
اطلقت "سمر" تنهيدة حارة .. فالتفتت "فريده" تنظر اليها وفي داخلها علامات استفهام كبيرة ودت لو القتها علي مسامعها لتجد لها اجابات شافيه .. تطلعت بتمعن الي "سمر" الشارده .. شردت هي الاخري وهي تشعر في داخلها بشعور ازعجها وافكار نبذتها فطرتها السليمة .. استعاذت بالله من الشيطان الذي يوسوس في صدرها ويبث فيها افكاره وسمومه .. وهي تقول :
- "مهند" صعبان عليا .. قاسى في حياته كتير
التفتت "سمر" تنظر اليها فاكملت "فريده" وهي لا تزال شارده سابحة في ذكرياتها :
- عاش مع ماما في مستوي صعب في الوقت اللي كنت انا عايشه مع بابا عيشه مرتاحه .. كان نفسي اوي نرجع نتجمع كلنا في بيت واحد زي ما كنا واحنا صغيرين .. بس للاسف مشاكل ماما و بابا كانت اكبر من انهم يحلوها او ينسوها عشانا
اطلقت تنهيده عنيقه وهي تقول:
- ومهند" قاسى كتير في حياته عشان يقدر يفتح بيت ويتجوز وكان بيرفض أي مساعده مني رغم انها كانت مساعدات عبيطة .. وللاسف بابا محاولش ابدا انه يساعده في جوازه اللي اتاخر كتير بسبب ظروفه
تساقطت العبرات بغزاره من عين "سمر " ووجهها يقطر ألما .. كانت "فريده" تنظر امامها فلم ننتبه لوجهها الباكي واكملت:
- بعد ما مراته ماتت في الحادثه اتالم اوي .. خاصة انه كان حاسس بالذنب مع انها مش غلطته
قالت "سمر" بشفتين مرتجفتين ونبرة حزينه:
- تفتكري لسه بيحبها؟
التفتت "فريده" بعدما التقطت اذنيها نبرة الحزن في صوت "سمر" .. نظرت اليها بفضول وهي مندهشة من تلك الدموع التي تتساقط من عينيها واحدة تلو الاخري وقالت :
- ايوة اعتقد انه لسه بيحبها بدليل انه مش راضي ابدا يتجوز تاني
اشاحت "سمر" بوجهها وهي تمسح عبراتها بكفها قائله :
- يمكن نساها .. ايه ضمنك انه لسه بيحبها
قالت "فريده" وهي لا تزال تراقب تعبيرات وجهها بتمعن:
- لا انا واثقه انه لسه بيحبها .. كانوا مبسوطين مع بعض ومرتاحين مع بعض .. صحيح انا معشتش معاهم الا كام شهر وبعدها حصلت الحادثه بس في الكام شهر دول حسيت ان مفيش اي مشاكل بينهم .. يمكن "مهند" مبيعبرش عن مشاعره بالكلام ومتقدريش تعرفي اللي جواه بس "نهلة" كانت بتموت فيه كانت بتحبه بجنون .. وانا واثقه انه هو كمان كان بيحبها ولايزال
اطرقت "سمر" برأسها وهي تغمض عيناها بألم ثم تفتحهما لتتساقط منهما العبرات غزيرة تحرق وجهها وهي تقول بصوت مرتجف :
- مش مهم أي حاجه .. المهم يرجع بالسلامة .. أي حاجه تانيه مش مهمة
شعرت "سمر" بغصه في حلقها بينما نظرت اليها "فريدة" قائله بدهشة:
- انتي بتعيطي بيه يا "سمر"
مسحت "سمر" وجهها المبلل وهي تنظر اليها قائله بابتسامه باهته:
- اصلي اتاثرت بقصة حبهم .. يعني صعب انك تلاقي دلوقتي اتنين بيحبوا بعض كدة
نهضت "سمر" وتوجهت الي الفيلا بينما تتابعها "فريدة" باهتمام .. وهي لا تصدق التبرير الذي سمعته !


*********

تفاجأ الجميع بمكالمة "عدنان" التي أكد فيها عثوره علي "مهند" في منزل أحد السوريين بعدما لحقت به اصابة ادخلته غيبوبة لايام .. تكفل السوري بعلاجه وبمجرد ان استعاد "مهند" وعيه أخبره عن المعسكر الذي ينتمي اليه وطلب منه الاتصال ب "عدنان" ليطمئنهم عليه .. سجدت "فريدة" شكرا وحمدت سمر الله عز وجل وقد غشيت عيناهما بعبرات الفرح لعثورهم اخيرا علي "مهند" .. اخبرهم "عدنان" بانه متوجه الي منزل السوري لملاقاة "مهند"
بكت "فريدة" وهي تستمع الي صوت اخيها عبر الهاتف بدا متعبا منهكا .. هتفت باكيه:
- "مهند" انت كويس طمني علي
نظر اليها الجميع بتأثر وهي تتحدث اليه بينما لم تستطيع "سمر" التحكم في عبراتها المتساقطة .. هتفت "سمر" بلهفة:
- شغلي الاسبيكر يا "فريدة"
فعلت "فريدة" فخفق قلب "سمر" بقوة وهي تستمع الي صوت "مهند" الذي كان واضحا عليه اثار التعب والاجهاد وهو يقول:
- انا كويس الحمه لله متقلقيش
انتفض جسد "سمر" بالبكاء وهي تضع كفها فوق فمها تحاول السيطرة علي مشاعرها المتأججه في حين تتابعها نظرات "كوثر" و"يسريه" باهتمام شديد
هتفت "انعام" بأعين دامعه:
- "مهند" حبيبي هترجع امتي .. قلقتنا عليك اوي
تمتم "مهند" بصوت مجهد:
- شويه كدة يا عمتو لما اقدر اتحرك هاجي ان شاء الله
قالت "نهال" بقلق:
- "مهند" مالك .. فيك ايه؟
قال "مهند" بهدوء:
- مفيش اصابة بسيظة متقلقوش
سالته "فريدة" بقلق:
- يعني انت كويس؟
اجاب بنفس الهدوء:
- الحمد لله .. كويس اوي .. خلي بالك من نفسك يا "فريدة" .. وقريب اوي هكون عندكوا ان شاء الله
عم الارتياح قلوب الجميع بعد انتهاء المكالمة بينما هتفت "نهال":
- انا حسه ان "مهند" مخبي حاجه علينا .. وكمان عمو "عدنان" كان صوته غريب اكنه بيعيط
قالت "انعام" بحزم:
- لا بيتهيالك يا "نهال" .. هو بخير وكلنا سمعنا صوته واطمنا عليه وان شاء الله قريب هيكونوا هنا بلاش نقلق نفسنا .. ان شاء الله "مهند" هيقوم بالسلامة ويرجع وسطينا
قالت تلك الكلمات لتخفي شعورا بالقلق لازمها وهي تستمع الي صوت "عدنان" المضطرب عير الهاتف !

*************
بعد ما يقرب من اسبوعين تابع خلالها "عدنان" ادارة شركته عبر الهاتف لرفضه العودة دون "مهند" اتصل لينبأهم أخيرا بعودته هو و "مهند" في مساء اليوم التالي لكنه اتصل في الصباح ليخبرهم بتأخرهم يومين لعدم وجود أماكن شاغره علي الطائرة التي ستغادر تركيا الي مصر في ذلك اليوم وعلي الرغم من علم الجميع بتأخر وصولهما الا أن "سمر" جفاها النوم ونزلت الي غرفة المعيشة مرتدية حجابها بعدما قرر "علاء" المبيت في الفيلا وقفت في شرفة غرفة المعيشة تنظر الي الطريق وهي تعلم علم اليقين أنهم لن يأتوا اليوم بسبب الزحام علي خطوط الطيران لكن بقي لديها أملا أن يتمكنوا من القدوم أمسكت هاتفها واتصلت ب "عدنان" بلهفة قائله :
- ايوة يا "عدنان" .. لسه برده مش لاقيين أماكن فاضيه ؟
اتسعت ابتسامتها وهي تهتف :
- بجد .. يعني ايه .. وصلتوا مصر ؟
كادت أن تقفز في الهواء وهي تحتضن هاتفها وتدور في الغرفه قائله :
- طيب منتظراكوا .. تيجوا بالسلامة .. منتظراكوا
انتهت المكالمة وعادت الي الشرفة وابتسامة واسعة تزين محياها وهي تضع كفها فوق صدرها بينما كفها الآخر ترفعه ببطء شديد لتتمسك بسور الشرفه لم تكن سعادتها ببداية شفاء ذراعها بأكبر من سعادتها لرؤية "مهند" مرة أخري نظرت الي ذراعها وهي تتحسسه مبتسمة داعية بالخير الي المرأة الطيبة التي يسرت لها سبل الشفاء من شللها الذي لم يكن لسبب عضوي بل كان لأسباب نفسيه تتعلق بتعرضها لصدمات متتاليه وفاة والدها وخيارتها للشركة ولكل ما تملك واخيرا قرار باهر بالانفصال تذكرت ذلك اليوم الذي وقفت معه أمام النادي ليخبرها بقراره في فسخ الخطبه تذكرت شعورها بالدوار وبالالم يغزو ذراعها وبزغللة عينها وبشعورها بالقئ في السيارة والتي اكدت لها آخر طبيبة فحصتها بأن كل تلك العوامل هي التي أدت الي اصابتها بالشلل دون أن يكون هناك سبب عضوي لذلك وهذا ما حير الأطباء خاصة بعد شفاء كدمة رأسها والتي ظنوا بأنها السبب في اصابة ذراعها بالشلل نظرات الي السماء بتأثر وهي تحمد الله عز وجل ان رزقها بتلك المرأة التي عاونتها وبثت فيها الأمل في الشفاء بيقينها وصبرها واخلاصها .. دون أي مقابل مادي
مرت اكثر من ساعتين وهي لا تزال تنتظر في الشرفه بعدما فشلت في الاتصال ب "عدنان" بسبب نفاذ بطارية هاتفه من الشحن خفق قلبها كالطبل داخل صدرها وهي تتطلع الي أضواء مصابيح السيارة القادمة من بعيد تشق طريقها في الشارع الخالي من المارة في مثل هذا الوقت المتأخر من الليل رأت سيارة أجرة تقف أمام بوابة الفيلا وانفتح الباب ليهبط "عدنان" لم تنتظر أكثر اندفعت للخارج تفتح باب الفيلا وهي تهرول نزولا فوق الدرجات وتقطع الممر الطويل الي البوابة التي فتحها الحارس ليدخل "عدنان" وبرفقته "مهند" توقفت فجأة وغارت الدماء في وجهها وارتجف جسدها وقلبها غزت العبرات عيناها وقد توقفت عن التنفس وهي تتطلع بحيرة ودهشة وألم الي "مهند" تقدم منها "عدنان" الذي أمسك "مهند" من ذراعه ليقطع المسافة الفاصلة بينهما ببطء ويقفا أمام "سمر" هما ينظران الى ملابسها وحجابها فى دهشة بينما "سمر" هطلت الدموع من عيناها بغزارة وهي تنظر بألم وحسرة الي الفراغ الذي حل مكان ذراع "مهند" الأيسر !


اسطورة ! غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-10-15, 09:56 AM   #24

اسطورة !

نجم روايتي ومشرفة سابقة وفراشة متالقة بعالم الازياء

alkap ~
 
الصورة الرمزية اسطورة !

? العضوٌ??? » 120033
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 15,367
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثانى والعشرون
قال "عدنان" بدهشة:
- "سمر" .. انتي اتحجبتي؟
لم ترد "سمر" .. بل لم تسمعه .. كانت عيونها الممتلئة بالعبرات تتطلع الي "مهند" والي فراغ ذراعه وجسدها يرتحف بالبكاء .. خرجت "فريدة" من الفيلا وهي تهرول تجاههم بعدما رأتهم من شرفة غرفتها .. هتفت بلهفة:
- "مهند"
لكنها تسمرت في مكانها وهي تنظر اليه وقد اتسعت عيناها وهي تصيح:
- "مهند" .. "مهند" .. ايه اللي حصل
اجهشت في البكاء وهي تهتف:
- حسبي الله ونعم الوكيل فيهم .. ربنا ينتقم منهم .. انت ذنبك ايه يجرالك كدة...
احاطها "مهند" بذراعه وقد انفجرت في بكاء مرير .. ربت علي ظهرها قائلا:
- قولي الحمد لله
تعالي صوتها بالبكاء فأبعدها عنه وقال:
- قولي يا "فريدة" .. قولي الحمد لله
قالت وسط بكائها:
- الحمد لله
ربت علي كتفها قائلا بهدوء:
- انا كويس الحمد لله .. احسن من غيري كتير .. الحمد لله
تطلعت اليه "سمر" بألم مغلف بالاعجاب كيف يمكنه ان يكون قويا هكذا يواسي فريدة بدلا من ان تواسيه هي شعرت بانه قوي قوي للغايه لا شئ يقدر علي هزيمته او اضعاف ايمانه علي الرغم منها امتلأت عيناها بالاعجاب ممزوج بلهفة اللقاء وشوق ايام مضت دون لقاء رأي "مهند" في عينيها تلك النظرات فاشاح بوجهه عنها علي الفور بعدما فهم تلك النظرات جيدا

تحولت اجواء البيت من فرحة برجوعه الي حزن وألم لما اصابه خاصة "انعام" التي تأثرت بشدة وفي الوقت الذي كان يستعد كل منهم لتقديم عبارات المواساة ادهشهم "مهند" بصبره واحتسابه كأن شيئا لم يكن وعلي الرغم من كل شئ امتلات أنفس الجميع بالاعجاب بقوته وصلابته حتي أولئك الذين يضمرون الشر في نفوسهم لم يملكوا سوي الاقرار بأنه رجل غير عادي رجل قلما يأتي الزمان بمثله جلست "سمر" أمامه علي طاولة العشاء وهي ترمقه بنظراتها بين الحين والاخر شعر بتلك العينان وهما تتطلعان اليه فتعمد الا يرفع رأسه وينظر اليها شعر في تلك اللحظة بأن النظر اليها محرم رغم انها من محارمه الا انه شعر بشئ غريب ضايقه تذكر حلمه في سوريا فازدادت تعبيرات وجهه ضيقا وغضبا استأذن ونهض مغادرا الغرفه علي الفور وكأنه يفر من الجحيم
**********************
- انا عايز اطلب من حضرتك ايد الانسه "دعاء"
نظرت اليه "دعاء" في دهشة شديدة وهو يلقي تلك الكلمات علي مسامع خالها عندما اتصل بخالها وطلب مقابلته في حضورها ظنت بأنه يريدها لأحد أصدقاؤه او لأحد أقاربه خاصه وأنها رأت في يده دبلة الزواج لم تتوقع وهي تتوجه الي بيت خالها اليوم أنها ستسمع منه رغبته في الزواج منها حانت من خالها التفاته الي يده وقال بإستغراب:
- هو انت متجوز
نظر "دياب" بإرتباك الي دبلته ثم قال :
- أيوه متجوز .. وعندي بنت عندها شهور
عقدت "دعاء" جبينها وهي تستمع اليه .. نهض خالها وقال:
- طيب .. هسيبكوا تتكلموا مع بعض
ودت "دعاء" لو قالت لخالها لا تتركنا بمفردنا فليس هناك ما نتحدث عنه متزوج ولديه طفله سمعت وهي تطرق برأسها أرضا "دياب" وهو يتنحنح قائلا:
- طبعا انتي عارفه اني بشتغل حارس عند "عدنان زياكيل" أنا مرتبي ......... وحاليا بدور على شغل تاني بجانب شغلي ده طبعا انا مش في امكاني اني اعمل فرح او اني أجيب شبكة
ثم قال بتوتر بالغ وهو مطرقا برأسه:
- أنا كل اللي هقدر أوعدك بيه هو اني هجيبلك شقه لوحدك يعني مش هعيشك مع مراتي والحاجة التانية اللي أوعدك بيها هي اني أراعي ربنا فيكي
ساد الصمت بعد كلماته .. الي أن قطعته "دعاء" قائله بخفوت :
- ممكن أعرف ليه حضرتك عايز تتجوز تاني
تنهد "دياب" و أطرق صامتا .. ثم نظر اليها قائلا"
- أنا كنت عارف طبعا انك هتسألي السؤال ده وحقك تعرفي بس أنا مش هقدر أعيب في واحدة علي ذمتي وكلت معاها عيش وملح مهما كنت مضايق منها كل اللي أقدر أقوله اني مش لاقي راحتي معاها ومستحيل أطلقها لان بينا بنت يمكن لو مكنش ليا منها بنت كنت فكرت في موضوع الطلاق بس دلوقتي مش ممكن لاني مش عايز بنتي تتربي بعيد عني أو بعيد عن أمها
كانت "دعاء" تستمع اليه بإهتمام أعجبها كونه يحفظ سر زوجته ولا يرغب في أن يفشي أسرارهما الزوجية أمام أحد لكنها قالت بإستغراب :
- طيب ليه اخترتني أنا بالذات .. مع ان حضرتك أكيد عارف اني آنسه .. ليه مدورتش علي واحده أرمله أو مطلقه
قال "دياب" علي الفور :
- لاني مكنتش بدور اصلا .. بس ربنا حطك في طريقي
ثم توتر وهو يقول:
- من أول يوم شوفتك فيه في الفيلا وأنا حاسس بحاجه نحيتك .. رغم اني بغض بصري .. وبحاول اني معملش حاجه تغضب ربنا .. بس غصب عني ارتحتلك .. وحسيت بإنجذاب نحيتك
ثم قال بحزن :
- أنا مش راجل حابب التعدد بس الظروف اضطرتني لكده مراتي اتكلمت معاها بدل المرة ألف وبرده مش مرتاح معاها ومعندهاش استعداد تغير من نفسها وأنا مش عايز الا الحلال لاني الحمد لله مليش في سكة الحرام
استمعت "دعاء" اليه ثم شردت في كلامه .. نظر اليها وهو يقول بخفوت :
- أنا عارف ان ظروفي صعبة وانك بنت متجوزتيش قبل كدة وانك المفروض انك ترفضيني وتستني فرصه احسن مني بس أنا صليت استخارة قبل ما أجيلك ودلوقتي وأنا آعد معاكي حاسس اني مرتاح جدا
شعرت "دعاء" بالخجل لكلماته التي يلقيها رجل لأول مرة علي مسامعها .. قال "دياب" مبتسما:
- تعرفي اني حاسس انك هتوافقي
رفعت رأسها تنظر اليه في دهشه .. فأكمل وابتسامة واسعة تزين وجهه :
- آه والله حاسس بكده معرفش ليه ولا ازاي بس هو ده اللي أنا حاسس بيه حاسس ان رغم ظروفي المهببة دي كلها انك هتوافقي عليا وهتكوني من نصيبي
انتهت المقابلة علي مهلة محددة لرد الطرفين .. لكن قبل أن ينصرف "دياب" نظر اليها مبتسما بخجل وهو يقول :
- أنا موافق علي فكرة أنا قولت أقولك عشان يعني تبقي مطمنة انك عجبتيني
أطرقت "دعاء" برأسها وهي تشعر بسخونة في وجنتيها تأملها "دياب" للحظة في اعجاب قبل أن يستأذن للإنصراف تركت "دعاء" بيت خالها وتوجهت الي بيتها وقد علي وجهها الشرود وأخذت تتذكر كل المرات التي رأته فيها منذ أن وافق "مهند" على عملها في الفيلا

************
- ايه سبب التغيير المفاجئ اللي حصل ل "سمر" ؟
ألقى "مهند" هذه العباره على مسامع "فريدة" فردت قائله بحماس :
- والله ما أعرف يا "مهند" فجأه لقيناها نزلت اشترت هدوم وطرح ولبستهم تعرف انها مبقتش تسلم علي "علاء" و "نهاد" بإيديها ولا حتى تببن شعرها أدامهم
رفع "مهند" حاجبيه في دهشة فأكملت "فريدة" قائله :
- تعرف كمان اني بقيت أشوفها بتصلي وبتقرأ قرآن في الفترة اللي انت كنت غايب فيها كنت لما أصحى الفجر ألاقي الشغاله خارجه من أوضتها ولما سألتها في مرة قالتلي انها بتوضيها
بدا عليه الشرود قبل أن ينظر اليها بإهتمام قائلا:
- ازاي ايديها رجعت تتحرك راحت لدكتور جديد؟
قالت "فريده" بحيرة :
- أهي دي كمان حاجه غريبه لا راحت لدكتور ولا حاجه ولما سألناها قالت ان في واحدة في الشركة اللي اللي بتعالجها كل يوم بتعملها حجامه وترقيها
قال "مهند" بدهشه :
- هي مين دي ؟ واثقه انها عندنا في الشركة ؟
قالت "فريدة" بثقه :
- أيوة واثقه "سمر" قالتلنا كده وقالت كمان انها كانت بتشتغل في شوي الدرة .. وانت جبتها تشتغل في الشركة
ضاقت عينا "مهند" وهو يتذكر تلك المرأة التي ساعدها ووفر لها عملا في الشركة والتي وعدته أن ترد له الجميل يوما تري أفعلت هذا من باب رد الجميل ؟ أتعلم أن "سمر" زوجة عمه ؟ ألهذا ساعدتها ؟ ما أشعره حقا بالدهشة هو تواصل "سمر" مع امرأة بسيطة كتلك تنهد وهو يشعر بأن "سمر" وتصرفاتها دائما ما تصيبه بالحيرة !

*********************
هتف "نهاد" بحنق عبر الهاتف :
- مش جايلك يا "انجى" افهمي بأه
أتاه صوتها البارد وهي تقول :
- قولتلك أنا مش واحدة من الشارع تعرفني وتسيبني وقت ما تحب
هتف بغضب بالغ :
- انتي عايزه مني ايه .. أه .. عايزه مني ايه
قالت بنعومه :
- عايزاك تحبني زي ما بحبك يا "نهاد"
وقف وقد ازداد غضبا قائلا:
وأنا يا ستي مبحبكيش .. هو بالعافيه
ظهر علي صوتها الغضب وهي تقول:
- أمال اللي حصل بينا ده كان ايه
صمت "نهاد" وهو يمرر أصايعه في خلاص شعره بعصبيه وقد أغمض عينيه في ألم .. فقالت :
- "نهاد" أنا مستنياك بكرة .. ولو مجتش .. تليفون صغير ل "بيسان" وهقولها فيه علي اللي حصل بينا
هتف بغضب هادر :
- حقيرة
أطلقت ضحكة ساخرة وهي تقول :
- أمال فاكرني هحافظ علي مشاعرها .. لو مش عايز تحصل مشاكل بينكوا يبأه خليك لذيذ معايا زي ما كنت
صمت وهو يجلس علي الأريكة بالمكتب يسند رأسه الي قبضة يده وهو يحرك قدميه في عصبيه .. فقالت بصوت ناعم :
- انت ليه بتضطرني اني استخدم معاك الاسلوب ده يا حبيبي .. أنا بحبك يا "نهاد" وحبي ليك هو اللي بيوصلني أقولك الكلام ده
تمتم بغضب مكبوت :
- انتي واحدة حقيرة مبتحبيش الا نفسك وبس
هتفت بغضب :
- اذا كنت أنا حقيرة فإنت كمان حقير زيي .. وخنت "ببسان" زيي بالظبط
أغمض عينيه بألم وهي يقول بأسى:
- معاكي حق .. أنا حقير زيك بالظبط

**********************
اقترب "دياب" من "بشير" الذي جلس فوق أحد مقاعد في حديقة الفيلا شاردا .. اعتدل "بشير" في جلسته وقد أخرجه قدوم "دياب" من شروده .. جلس "دياب" بجواره فوق المقعد وقال:
- حالك مش عاجبني
ابتسم "بشير" ابتسامه باهته وهو يقول :
- ليه بس ما أنا كويس أهو
تنهد "دياب" قائلا:
- لا مش كويس يا "بشير" اوعى تكون فاكرني مش حاسس بيك وعارف اللي جواك
ارتبك "بشير" وهو يقول:
- مش فاهم قصدة ايه
شرد "دياب" ينظر الي مساحة الخضرة الشاسعة أمامه وهو يقول:
_ بص يا "بشير" ..أنا أكبر منك سنا وخبره .. وبحبك في الله .. عشان كده هنصحك
أخذ نفسا عميقا فالتفت اليه "بشير" ينظر اليه بإهتمام وهو يقول:
- سعادة أي اتنين متجوزين .. مش في الحب .. ولا في الفلوس .. ولا في الجمال والوسامة .. سعادة أي اتنين متحوزين في التفاهم والتكافؤ
ثم نظر الي "بشير" قائلا:
- لو التفاهم والتكافؤ موجود .. عمر ما المشاكل تدخل بينكوا .. وحتي لو دخلت هتبقى مجرد زوبعه في فنحان وتنتهي بسرعة
ثم قال :
- عارف يا "بشير" لو اتجوزت واحدة أعلي منك في كل حاحة .. واحدة من عالم غير العالم اللي انت اتولدت واتربيت وعشت فيه .. مهما كنت بتحبها ومهما كانت بتحبك .. لازم هيكون بينكوا خلافات كتير .. الجواز يا "بشير" مش حب في حب .. ولا وسيلة انك تفضي بشهوتك في الحلال وخلاص .. لأ .. الجواز هو انك تحس انك عايش مع واحدة بتكملك وانت بتكملها .. واحدة تحس بقوامتك عليها .. واحدة تحس ان همها هو همك .. ورضاها في رضاك .. واحدة بينك وبينها موده ورحمة قبل ما يكون بينك وبينها حب وعشق .. واحدة تشوف فيك الأب والأخ والزوج وانت تشوف فيها الأم والأخت والزوجة .. واحدة تعينك علي طاعة ربنا .. وتتقي ربنا فيك .. وتتقي ربنا فيها .. والله يا "بشير" هو ده الحب اللي بيدوم .. لو لقيت واحدة حسيت انها شبهك متضيعش وقت وخدها في الحلال .. لكن حب وغرام من غير تفاهم وتكافؤ هيكون مسيره الموت .. بس مش هيموت لوحده .. هيخنقك ويموتك معاه
شرد "بشير" في كلام "دياب" الذي لمس وترا حساسا في نفسه .. ربت "دياب" علي ثم "بشير" قائلا:
- لو مكنتش بحبك مكنتش دخلت نفسي في حاجه متخصنيش .. بس أنا بحبك في الله وبتمنالك الخير .. عشان كده نصحتك يا "بشير" والدور عليك بأه يا تاخد بالنصيحة يا ترميها ورا ضهرك
نهض "دياب" وعاد الي عمله علي البوابه .. بيننا أخذ "بشير" يتطلع الي لاشئ .. وعقله يعيد كلمات "بشير" مرات و مرات و مرات !

***************
جلست "لميس" برفقة "نهال" في غرفتها تقص عليها تلك الأخيرة طرائفها مع أصدقائها في الجامعة .. هدأت الضحكات .. وساد الصمت لبضع لحظات قبل أن تقطعه "لميس" قائله بنبرة ذات معنى:
- شوفتي "سمر" .. ما شاء الله عليها .. اتحجبت ولبسها بأه حلو أوي
قالت "نهال" وهي تمط شفتيها:
- بس لبسها بأه واسع أوي .. هي ممكن تتحجب وتغطي شعرها بس متقفلهاش أوي كده
ابتسمت "لميس" قائله:
- بس يا حبيبتي هو ده الحجاب الصح .. لكن الحجاب المودرن اللي بتشوفي صحابك لبسينه ده ميعتبرش حجاب خالص
نظرت اليها "نهال" بدهشه وهي تقول:
- ازاي يعني مش حجاب .. ده أنا كنت بفكر أغطي شعري وألبس حجاب روش زيهم
قالت "لميس" بهدوء:
- أهو كلمة روش دي متنفعش تتقال علي الحجاب الصح .. لان من شروط الحجاب انه ميكنش ملفت .. ولا مزين .. ولا لبس بتلبسيه للشهرة .. عشان تتعرفي بيه .. ولازم يستر جسمك وميبينش تفاصيله .. يعني ميكنش ضيق ولا يكون شفاف .. وميكنش معطر ببرفيوم أو بخور أو أي حاجه يشمها اللي ماشي جمبك .. وميكنش شبه لبس الرجاله ولا يكون شبه لبس الكفار .. دي شروط الحجاب اللي ربنا أمر بيه .. بصي علي صحابك وقوليلي كام واحدة فيهم حققت الشروط دي في حجابها؟
صمتت "نهال" وهي لا تتذكر واحدة فقط منهن قد حققت تلك الشروط .. فأكملت "لميس" بحنان وهي تمسح على شعرها :
- الشعر الجميل ده لازم يتغطي زي ما ربنا أمرنا .. عشان ندخل الجنة اللي ربنا أعدها وجهزها للمؤمنين .. مش نفسك تدخلي الجنة يا "نهال"؟
أومأت "نهال" برأسها .. لكنها قالت :
- بس الحجاب اللي بتقولي عليه ده هيكبرني .. وهيخلي صحابي يتريقوا عليا ويقولولي لابسه شوال
ابتسنت "لميس" وهي تقول:
- الصحابة اتحملوا عذاب شديد أوي .. وعلي الرغم من العذاب ده الا انهم فضلوا متمسكين بدينهم واسلامهم .. تفتكري تريقة بنت عليكي ولا بنتين ولا حتي عشرين بنت ييجي حاجه جمب التعذيب اللي اتعرضله الصحابة ؟ ..كان النبي صلي الله عليه وسلم بيمر علي الصحابة وهما بيتعذبوا ويشد من عزيمتهم .. كان بيشوف سيدنا "عمار" بن "ياسر" بيتعذب هو وأمه و أبوه ويقولهم "صبرا آل "عمار" ان موعدكم الجنة" .. انتي بأه معندكيش القوة اللي تخليكي تصبري علي تريقه أو كلام مش هينقص منك حاجه .. بالعكس ده هما بيدوكي من حسناتهم .. معقول انتي ضعيفه لدرجة ان خوفك من تريقتهم عليكي يخليكي تعصي ربنا ؟ .. يعني خايفه منهم ومش خايفه من ربنا
تنهدت "نهال" وهي تنهض قائله :
- يلا أنا جعت .. زمانهم تحت بيستعدوا للغدا
شعرت "لميس" بالإحباط فلم ذلك هو رد الفعل الذي أرادته .. لكنها رسمت بسمة على ثغرها وهي تقول :
- ماشي حبيبتي .. بالهنا والشفا مقدما

دخل "مهند" الفيلا متوجها الي غرفة المعيشة التي وجدها فارغة جلس علي الأريكة وهو يشعر بألم مكان البتر أغمض عينيه قليلا ووضع يده بجواره علي الأريكة لترتطم بأجنده صغيره مفتوحه علي احدى الصفحات أمسكها "مهند" في يده ليجد تلك الكلمات مسطرة فوق أحدى صفحاتها بخط أنيق :
- غريبة أنا في بلدي وحيدة أنا بين الناس لا أجد لنفسي موطنا لا أجد لها حاميا سوى قلب أسد لا يشعر بنبضات قلبي التي تصرخ بإسمه غير عابئ بتلك الصرخات يسمعها يفهمها لكنه لا يشعر بها وبي كم أريد نسيانه ومحوه من حنايا عقلي واسكات قلبي وارغامه على نسيان اسمه ومنع روحي من أن تهفو اليه لكنني لم أستطع أن أفعل فسلطانه على نفسي قويا مهيبا لا أستطيع الفكاك منه قلبي يئن يتألم يحترق وصاحب القلعة يرفض ادخالي يرفض أن يمنحني رشفة من يداه أروي بها ظمأي وعطش أيامي يرفض أن يطفئ نيران قلبي المشتعل يا صاحب القلعة أستسلم فحصونك أنهكت قواي بنيتها عالية شامخة فأذاقتني العذاب والهوان يا صاحب القلعة أستسلم غلبتني حصونك بصلابتها رشقتني بسهام صفت ما بداخل جسدي من دماء وها أنا أسقط أمام عينيك القاسيتين أشلاء لن أمد يدي لتنقذني لن أصرخ طالبة أن تنجدني بل سأدعك تنظر الي وأنا أحتضر تتذكر صريعة حبك يوما اقترب من جسدي المسجى علي الأرض أمام قلعتك أخرج خنجرك من جرابه ارفعه عاليا واهوى به فوق قلبي اطعنه وفجر دماؤه اطعنه وبعثر أشلاؤه هيا تقدم ولا تتردد ها أنا أراك تخرج خنجرك يا صاحب القلعة وتقترب مني في تؤدة ها أنت ترفعه عاليا لتهوى به فوق قلبي لماذا توقفت يداك .. لماذا التفت الي خنجرك هيا اطعن ولا تنظر اليه لماذا أنت متعجب أتتعحب من الدماء التي تغلف خنجرك وأنت لم تطعني بعد؟ أخطأت يا صاحب القلعة فالدماء علي خنجرك هي دمائي لعلك لا تتذكر ولكنك طعنت قلبي بخنجرك من قبل ها أنا أغمض عيناي اطعني الثانية ولا تتردد فقلبي لن يموت مرتين!
عقد "مهند" جبينه وهو يقرأ تلك الكلمات التي لا يعلم كاتبها أراد قرائتها مرة أخرى لكنه سمع صوتا من خلفه يقول بصوت مشاكس :
- مش تستأذن قبل ما تقراها
التفت بحدة ليجد "سمر" واقفة خلفه نهض من فوق الأريكة ومد يده بالمفكرة قائلا:
- أنا آسف مكنتش أعرف انها بتاعتك
أخذتها منه وابتسمت وهي تنظر اليها قائله :
- أنا طول عمري بحب الكتابة وكنت بكتب خواطر وأنا صغيرة بس لما سافرت تركيا نسيت الهواية دي بس من كام يوم لقيت نفسي بمسك بالقلم وبشخبط الشخبطة دي
ابتسمت بخجل ورفعت رأسها لتنظر اليه اختفت ابتسامتها وهي تنظر الي ذراعه المبتور لمعت الدموع في عينيها ونطق وجهها بالألم وهي تهمس :
- انت كويس؟ صعب عليك مش كده ؟ حتى لو انت بينت أدامنا كلنا انك كويس بس أكيد من جواك اتأثرت وحزنت أنا حسه بيك
رأته يغادر الغرفة مسرعا فارا منها ولم تكن مخطئة شعر "مهند" بأنه يفر بالفعل توجه الي غرفته وجلس فوق فراشه وهو يلهث بلع ريقع بصعوبة وقد تجمدت ملامحه أخافه ما يشعر به بداخله زفر في ضيق وهو يحاول أن يسيطر علي مشاعره الغريبه التي تجتاحه وتتسرب الي كيانه كالهواء الذي ينتشر في غرفة مغلقة الأبواب يتسرب اليها من فتحات خفيه وثغرات رأى أمامه صورتها عيناها تلك العينان لماذا يشعر دائما بذلك الشعور المخيف شعور بالحنين الي الغوص داخل عيناها والتسليم لأمواجها تأخذه الي حيث شاءت !

***********
توجهت "سمر" في الصباح الي غرفة الطعام .. لم تجد سوي "مهند" و "علاء" .. فابتسمت قائله :
- صحيين متأخر زيي
أجاب "علاء" مبتسما:
- أيوة واتأخرنا علي الشغل زيك بالظبط
تجاهلها "مهند" تماما وكأنها غير موجودة .. فقالت بهدوء:
- ممكن يا "مهند" تاخدني معاك وانت رايح الشركة؟
قال بإقتضاب دون أن ينظر اليها :
- خلي "علاء" يوصلك ..أنا رايح مشوار قبل الشركة
قال "علاء" مرحبا :
- مفيش مشكله يا "سمر" هوصلك أنا
شعرت بغصة في حلقها حتي أنها لم تكمل طعامها .. نهضت وقالت :
- هستناك بره يا "علاء"
خرجت الي الجراج وعلي وجهها علامات ضيق شديد بعد دقائق خرج "علاء" و "مهند" متقدما كل منهما في اتجاه سيارته ركب "بشير" أمام المقود في سيارة "مهند" وركب هو بالخلف وانطلق بها و"سمر" تتابعه بضيق

********
في مسجد الشركة جلست "سمر" بجوار المرأة الطيبة ترقيها وبعدما انتهت قالت المرأة بتأثر شديد:
- قلبي انفطر لما شوفت اللي صابه حسبي الله ونعم الوكيل فيهم شاب زي الورد يحصله كده منهم لله البعدا
تمتمت "سمر" بخفوت :
- الحمد لله انه رجع بالسلامة دي أهم حاجه
ربتت المرأة علي ذراع "سمر" وهي تقول :
- باينك بتحبيه أوي
ابتسمت "سمر" وهي تقول :
- أوي
قالت المرأة ببشاشه :
- ربنا ما يحرمكوش من بعض
أخرجت "سمر" محفظتها وأخرجت منها بعض المال تعطيه للمرأة لكنها أصرت بشدة علي عدم تقاضي أجر علاجها وهي تقول:
- عيب عليكي يا بنتي .. ده البشمهندس خيره مغرقني .. وكان نفسي من زمان أردله الجميل بأي شكل
ردت "سمر" يدها الي حقيبتها فوقع نظر المرأة علي صورة في محفظتها فسألتها :
- مين الأموره دي ؟
أخرجت "سمر" الصورة وهي تنظر اليها بتأثر قائله :
- دي أنا
أخذت منها المرأة الصورة تنقل عينها بدهشة بينها وبين "سمر" وهي تقول :
- سبحان الله اللي يشوفها يقول واحدة تانية خالص
صمتت "سمر" وقد اكتسي وجهها الحزن وهي تقول :
- زمان حصلتلي حادثة حصلي كسور كتير في وشي وكان محتاج ترميم عملت عمليات كتير .. وده غير شكلي كتير
قالت المرأة بدهشة :
- فعلا يا بنتي شكلك اتغير أوي
ثم قالت تطيب بخاطرها :
- بس انتي دلوقتي أحلي
ابتسمت "سمر" بوهن وهي تقول :
- كنت بحب شكلي الأول أكتر .. عشان اتعودت عليه .. أما دلوقتي ساعات لما ببص في المراية بستغرب شكلي .. علي الرغم من ان الحادثة فات عليها سنين طويلة
نهضت "سمر" واسأذنتها منصرفه ..

توجه "مهند" الي مكتب "عدنان" في موعد الانصراف لم يجد السكرتيرة ووجد باب المكتب مفتوحا فدخل لكنه تسمر في مكانه وهو يري "سمر" بين ذراعي "عدنان" معانقا اياها ضاما اليها بشدة الي صدره وهي تلقي برأسها فوق صدره في استكانه لم ينتبها لدخوله فخرج مسرعا وقلبه يرتجف و نفسه يضيق !

*************
نظر "مهند" الي "عدنان" بضيق وهو يقول:
- ما تطلعوا اسكندرية تغيروا جو "سمر" و "فريدة" محبوسين علي طول في البيت وانت كمان يا "مهند" محتاج تغير جو اطلوا اتفسحولكوا يومين أنا عارف انكوا اسكندرانية وهتفضلوا اسكندرية عن أي بلد تانية
قال "مهند" وهو يتهرب من تلك الرحلة التي ستكون برفقة آخر شخص يتمني مرافقته :
- في الشركة شغل كتير يا عمي .. مينفعش أسافر
لكن محاولة هروبه باءت بالفشل بعدما أصر "عدنان" على ضرورة أخذ فترة استجمام لكل منهم تحمست "فريدة" جدا للفكرة وكذلك "سمر" التي أعربت عن سعادتها لزيارة مسقط رأسها والمكان الذي حمل ذكريات طفولتها وصباها وفي تبرم استعد "مهند" للسفر في اليوم التالي رافضا اصطحاب "بشير" مصرا علي قيادة سيارته الأتوماتيك بنفسه ابتسمت "سمر" وهي تنظر اليه بإعجاب لا يعوقه شئ عن ممارسة حياته الطبيعية بشكل عادي في حين أنها تحتاج الي الخادمة بإستمرار علي الرغم من تحسن ذراعها بشكل كبير .. مكنها من تحريكة بحرية وحمل الأشياء الخفيفة انطلقت السيارة تشق طريقها الي بلدها الحبيب

لمعت عيناها بالعبرات وهي تتشمم رائحة اسكندرية وبحرها رائحة مميزة لا تجدها في مكان آخر أشعرتها تلك الرائحة بحنين جارف حنين الي أيام مضت وولت مدبرة أغمضت عيناها بألم تنهمر عبرة حزينه من بين أهدابها المغلقة حانت من "مهند" التفاته الي مرآة السيارة فخفق قلبه لمرآى عبرتها وتغبيرات وجهها المتألم تطلع أمامه وهو يتمتم بالاستغفار ويعقد جبينه بضيق شديد ضيق من نفسه ومن مشاعره ومن الشئ الغريب الذي يشعره اتجاهها بالألفة ومن عيناها وما بهما من أسرار يتمني حل ألغازهما لتختفي علامات الاستفهام من داخله قال "مهند" بهدوء:
- تحبوا تروحوا فين ؟
قالت "سمر" علي الفور :
- المندرة
خفق قلبه فتجاهله وصفت له "سمر" طريقا .. وقالت :
- المكان ده من أحب الأماكن لقلبي
خفق قلبه للمرة الثالثه لكن هذه المرة بقوة أكبر وهو يتبع تعليمات "سمر" ويوقف سيارته أمام أحب بقعه له في اسكندرية بل في الدنيا بأسرها عقد جبينه بشده وعيناه تنطق بالحيرة قالت "فريدة" ضاحكة :
- هو كل أهل المندرة بيحبوا المكان ده ولا ايه
ابتسمت "سمر" مجاملة ونزلت من السيارة تعانق تلك البقعة بعيناها الممتلأة بعبرات شوق وحنين وقفت أمام البحر تنظر الي أمواجه المتلاطمة وهي تغمض عيناها تاركه زمنها لتعود سنوات الي الوراء وكأنها بنت الأمس نظرت "فريدة" الي "سمر" التي كانت تبعد عنها عدة أمتار وهي تقول ل "مهند":
- أول مرة أشوفها متأثرة كدة شكلها بتحب اسكندرية أوي
التفتت "سمر" تبحث بعيناها عن شئ ما ثم تمتمت فجأة بنبرة حملت شوق ولهفة :
- صخرتي
توجهت الي تلك الصخرة الكبيرة تتحسسها وتجلس فوقها تطلع اليها "مهند" بإهتمام شديد يراقب حركاتها وتعبيرات وجهها خفق قلبه من جديد وشعر بحنين يدفعه اليها استعاذ بالله وأشاح بوجهه عنها متقدما في اتجاه البحر رأت "فريدة" اللسان الصخري الممتد في البحر يشقه بصرامه ..
تقدمت تجاهه تسير فوق صخوره المتراصه بجوار بعضها البعض التفت "مهند" ينظر اليها فيما كان البحر يهدر بأمواجه عاليا مصدرا صوته الرتيب فتح "مهند" شفتيه ليهتف ب "فريدة" أن تنتبه لكن الدماء تجمدت في عروقه عندما هتفت "سمر" :
- "فريدة" خلي بالك .. في صخرة بتتحرك
التفت "مهند" بحدة ينظر الي "سمر" تلاقت نظراتهما في صمت للحظات طويله دون أن يحيد أحدهما بنظره عن الآخر اقترب منها وهي جالسه فوق الصخرة .. وقال :
- كنتي بتيجي هنا كتير ؟
أومأت برأسها .. فقال وهو يرمقها بنظراته الثاقبه:
- لوحدك؟
انتظر بلهفة أن يسمع اجابتها لكنها نظرت الي البحر دون أن تجيب سألها مرة أخري في اصرار لا يعلم هو نفسه سببه :
- لوحدك ؟
لكنها ظلت تنظر الي البحر .. دون أن تجيب
تقدمت منهما "فريدة" وقد ضايقها .. تحدثهما بمفردهما .. وقالت :
- تعالوا نتمشى شوية تعالي يا "سمر" يمكن تعرفي طريق الشارع اللي كنتي ساكنه فيه
نهضت "سمر" وسارت بصمت بجوار "فريدة" سار "مهند" خلفهما ونظراته تجمع ما بين الحيرة والخوف حيرة من غموضها وخوف مما من الممكن أن يكتشفه !

تأملت "سمر" بلهفة شوارع المندرة .. تتذكر بنيانها وحوانيتها .. تمتمت :
- اتغيرت كتير
ابتسمت "فريدة" وهي تقول :
- كل حاجه بتتغير .. انتي مسافرة بآلك كام سنة؟
قالت "سمر" بإقتضاب:
- كتير
قفزت في مكانها عندما سمعت "مهند" الذي كان يسير خلفهما يقول :
- كتير ده ملوش عدد محدد ؟ .. لتاني مرة تتسألي السؤال ده وتهربي منه .. انتي ليه بتحبي تكوني غامضة؟
التفتت تلقي عليه نظرة خاطفة .. ثم تعود لتنظر أمامها قائله :
- أنا مبحبش أكون غامضة ولا حاجه
هتفت "فريدة" وهي تشير الي أحد المنازل :
- ده بيت "مهند" تجمدت الدماء في عروق "سمر" وهي تنظر الى المنزل الذي تشير اليه "فريدة" تعلقت عيناها بالشرفة في الطابق الثاني فسمعت "فريدة" تقول :
- كان عايش في الشقة دي في الدور التاني
توقفت أقدامهم تحت المنزل لاح علي وجه "مهند" ابتسامه وهو يتطلع الي أحد الرجال المقبل عليه برفقة امرأته ترك الفتاتين وتوجه الي الرجل مسلما عليه ومعانقا اياه .. تمتمت "فريدة" :
- ده حماه و حماته ثواني يا "سمر" هسلم عليهم و أرجعلك
تطلعت "سمر" بأعين دامعة وشفاه مرتجفة الي الرجل والمرأة سمعت صيحات الاستنكار مما أصاب "مهند" بدا في أعينهما التأثر وهما يواسيانه بالكلام والنظرات شعرت بغصة في حلقها ابتلعتها سريعا توجهت الي "فريدة" وقاطعت حديثها مع المرأة التي نظرت الي "سمر" بلا مبالاة انحنت علي اذنها قائله :
- معاكي مفتاح الشقة ؟
نظرت اليها "فريدة" بدهشة فقالت "سمر" بإبتسامه باهته :
- عايزة أتفرج عليها
نظرت "فريدة" الي "مهند" الذي اندمج في حديقه مع الرجل ثم لأخرجت من حقيبتها مفتاحا أعطته الي "سمر" في تردد وهي تقول :
- طيب استني نطلع سوا
لكن "سمر" لم تعبأ بكلامها أخذت المفتاح وتوجهت مسرعة الي بوابة البناية و "فريدة" تتابعها بقلق ثم عادت لتكمل حديثها مع المرأة وقفت "سمر" أمام الباب تتحسسه بيد مرتعشة أدارت المفتاح في الباب فإنفتح بسلاسة تقدمت الي داخل البيت ثم التفتت تنير المكان بالمفتاح المثبت علي الجدار جوار الباب امتلأت عيناها بالعبرات وهي تتأمل البيت بآثاثه ومحتوياته هطلت الدموع غزيرة من عينيها وجسدهت يرتعش من بكائها تقدمت الي احدى الغرفتين في المنزل وأنارت مصباحها كانت غرفة نوم كبيرة دخلتها في تؤدة ولا تزال دموعها تنهمر فوث وجنتيها نظرت بتأثر الي الأشياء الموضوعة فوق التسريحة والتي غلفها التراب مسحت بكفها جزء من التراب المعلق غلى المرآة ونظرت الي وجهها الباكي في ألم التفتت لتلقي نظرة علي الفراش خلفها قبل أن تغمض عينيها للحظات نطق خلالها وجهها بالألم في الأسفل انتهي "مهند" من حديثه مع الرجل ليلتفت فلا يجد حوله سوى "فريدة" التي اقترب منها قائلا :
- فين "سمر" ؟
قالت بقلق :
- خدت المفتاح وطلعت فوق
نظر اليها بحدة قائلا:
- فوق فين؟
أشارت بإرتباك الي شرفة بيته وقالت :
- في شقتك
تطاير الشرر من أعينه فشعرت "فريدة" بالخوف وهي تراه متوجها الي البناية فالتفتت تكمل بعقل متشتت حديثها مع المرأة التي كانت نهمه تواقه لمعرفة أخبارهما وجد "مهند" باب البيت مواربا ففتحه ودخل بحث بعيناه عنها فرأى ضوء المصباح يتسرب من غرفة النوم توجه اليها ليتجمد في مكانه وهو ينظر الي "سمر" الي استندت بظهرها الي الجدار تغلق عيناها بألم بينما العبرات تقفز من بين أهدابها وارتجف شفتيها وهي تطبق عليهما بشدة دخل الغرفة شعرت بحركته ففتحت عينيها وحاولت مسح عينيها ووجهها في توتر فاتسخ وجهها من التراب الذي علق في يدها حاولت مسحه أكثر فلم يزيدها ذلك الا اتساخا نظر اليها "مهند" بإمعان كما لو أنه يراها لأول مرة تأمل نظرات عينيها الدامعة المضطربة ووجهها الذي يعلوه التراب المختلط بدموعها وهو يشعر برجفه في قلبه حاولت تجاوزه فوقف أمامها قائلا :
- ادخلي اغسلي وشك
وقفتز ساكنه للحظات ثم أومأت برأسها وتوجهت الي المطبخ يتبعها "مهند" بإصرار وهو ينظر اليها بتمعن .. وبتلقائية شديدة مدت "سمر" يدها خلف الثلاجة لتفتح محبس المياة ! .. ثم تتوجه الي الحوض وتغسل وجهها .. وقف "مهند" خلفها وهو يقول بصوت عميق كأنه قادم من كهف مظلم :
- عرفتي منين ان محبس الماية ورا التلاجه؟
توقفت عن غسل وجهها وقد تجمدت في مكانها .. وبحركة واحدة اقترب منها "مهند" وأدارها لينظر الي وجهها الذي تتساقط منه قطرات الماء أطبق علي ذراعها بقوة وهو ينظر اليها بعيني صقر قائلا :
- اتكلمي عرفتي منين مكان المحبس
نظرت اليه "سمر" بنظرة جمعت ما بين البرود و الألم والعتاب .. لهث بشدة وصدره يعلو ويهبط وهو يزيد من ضغط قبضته فوق ذراعها وهو يقول بصرامة :
- انتي مين ؟
ثم هتف بغضب :
- عرفتي منين مكان المحبس عرفتي منين الأكل اللي بحبه .. ايه معنى الولاعة اللي جبتهالي
ظلت "سمر" ترمقه في ثبات بنفس النظرات وهي تقول :
- سيبني
حاولت أن تفلت ذراعها من قبضة يده الحديدية ففشلت حاولت التحرك والابتعاد عنه فلم تستطع قال وهو ينظر اليها بنظرات ثاقبه تود النفاذ الي أعماقها :
- جاوبيني علي أسألتي .. كفاية غموض بأه
ثم قال بحيرة ممزوجة بالألم :
- انتي مين ؟
نظرت اليه بتحدي وهي ترفع حاجبيها وتقول بقوة :
- أنا "سمر" مراة عمك
تبادلا النظرات كل منهما ينظر الي الآخر بثبات في تلك اللحظة دخلت عليهما "فريدة" لترى اقترابهما من بعضهما بهذا الشكل و "مهند" مطبق علي ذراعها فإمتلأت عيناها دهشة وضيق وهي تهتف بإستنكار :
- "مهند" !


اسطورة ! غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-10-15, 10:02 AM   #25

اسطورة !

نجم روايتي ومشرفة سابقة وفراشة متالقة بعالم الازياء

alkap ~
 
الصورة الرمزية اسطورة !

? العضوٌ??? » 120033
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 15,367
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثانى والعشرون
قال "عدنان" بدهشة:
- "سمر" .. انتي اتحجبتي؟
لم ترد "سمر" .. بل لم تسمعه .. كانت عيونها الممتلئة بالعبرات تتطلع الي "مهند" والي فراغ ذراعه وجسدها يرتحف بالبكاء .. خرجت "فريدة" من الفيلا وهي تهرول تجاههم بعدما رأتهم من شرفة غرفتها .. هتفت بلهفة:
- "مهند"
لكنها تسمرت في مكانها وهي تنظر اليه وقد اتسعت عيناها وهي تصيح:
- "مهند" .. "مهند" .. ايه اللي حصل
اجهشت في البكاء وهي تهتف:
- حسبي الله ونعم الوكيل فيهم .. ربنا ينتقم منهم .. انت ذنبك ايه يجرالك كدة...
احاطها "مهند" بذراعه وقد انفجرت في بكاء مرير .. ربت علي ظهرها قائلا:
- قولي الحمد لله
تعالي صوتها بالبكاء فأبعدها عنه وقال:
- قولي يا "فريدة" .. قولي الحمد لله
قالت وسط بكائها:
- الحمد لله
ربت علي كتفها قائلا بهدوء:
- انا كويس الحمد لله .. احسن من غيري كتير .. الحمد لله
تطلعت اليه "سمر" بألم مغلف بالاعجاب كيف يمكنه ان يكون قويا هكذا يواسي فريدة بدلا من ان تواسيه هي شعرت بانه قوي قوي للغايه لا شئ يقدر علي هزيمته او اضعاف ايمانه علي الرغم منها امتلأت عيناها بالاعجاب ممزوج بلهفة اللقاء وشوق ايام مضت دون لقاء رأي "مهند" في عينيها تلك النظرات فاشاح بوجهه عنها علي الفور بعدما فهم تلك النظرات جيدا

تحولت اجواء البيت من فرحة برجوعه الي حزن وألم لما اصابه خاصة "انعام" التي تأثرت بشدة وفي الوقت الذي كان يستعد كل منهم لتقديم عبارات المواساة ادهشهم "مهند" بصبره واحتسابه كأن شيئا لم يكن وعلي الرغم من كل شئ امتلات أنفس الجميع بالاعجاب بقوته وصلابته حتي أولئك الذين يضمرون الشر في نفوسهم لم يملكوا سوي الاقرار بأنه رجل غير عادي رجل قلما يأتي الزمان بمثله جلست "سمر" أمامه علي طاولة العشاء وهي ترمقه بنظراتها بين الحين والاخر شعر بتلك العينان وهما تتطلعان اليه فتعمد الا يرفع رأسه وينظر اليها شعر في تلك اللحظة بأن النظر اليها محرم رغم انها من محارمه الا انه شعر بشئ غريب ضايقه تذكر حلمه في سوريا فازدادت تعبيرات وجهه ضيقا وغضبا استأذن ونهض مغادرا الغرفه علي الفور وكأنه يفر من الجحيم
**********************
- انا عايز اطلب من حضرتك ايد الانسه "دعاء"
نظرت اليه "دعاء" في دهشة شديدة وهو يلقي تلك الكلمات علي مسامع خالها عندما اتصل بخالها وطلب مقابلته في حضورها ظنت بأنه يريدها لأحد أصدقاؤه او لأحد أقاربه خاصه وأنها رأت في يده دبلة الزواج لم تتوقع وهي تتوجه الي بيت خالها اليوم أنها ستسمع منه رغبته في الزواج منها حانت من خالها التفاته الي يده وقال بإستغراب:
- هو انت متجوز
نظر "دياب" بإرتباك الي دبلته ثم قال :
- أيوه متجوز .. وعندي بنت عندها شهور
عقدت "دعاء" جبينها وهي تستمع اليه .. نهض خالها وقال:
- طيب .. هسيبكوا تتكلموا مع بعض
ودت "دعاء" لو قالت لخالها لا تتركنا بمفردنا فليس هناك ما نتحدث عنه متزوج ولديه طفله سمعت وهي تطرق برأسها أرضا "دياب" وهو يتنحنح قائلا:
- طبعا انتي عارفه اني بشتغل حارس عند "عدنان زياكيل" أنا مرتبي ......... وحاليا بدور على شغل تاني بجانب شغلي ده طبعا انا مش في امكاني اني اعمل فرح او اني أجيب شبكة
ثم قال بتوتر بالغ وهو مطرقا برأسه:
- أنا كل اللي هقدر أوعدك بيه هو اني هجيبلك شقه لوحدك يعني مش هعيشك مع مراتي والحاجة التانية اللي أوعدك بيها هي اني أراعي ربنا فيكي
ساد الصمت بعد كلماته .. الي أن قطعته "دعاء" قائله بخفوت :
- ممكن أعرف ليه حضرتك عايز تتجوز تاني
تنهد "دياب" و أطرق صامتا .. ثم نظر اليها قائلا"
- أنا كنت عارف طبعا انك هتسألي السؤال ده وحقك تعرفي بس أنا مش هقدر أعيب في واحدة علي ذمتي وكلت معاها عيش وملح مهما كنت مضايق منها كل اللي أقدر أقوله اني مش لاقي راحتي معاها ومستحيل أطلقها لان بينا بنت يمكن لو مكنش ليا منها بنت كنت فكرت في موضوع الطلاق بس دلوقتي مش ممكن لاني مش عايز بنتي تتربي بعيد عني أو بعيد عن أمها
كانت "دعاء" تستمع اليه بإهتمام أعجبها كونه يحفظ سر زوجته ولا يرغب في أن يفشي أسرارهما الزوجية أمام أحد لكنها قالت بإستغراب :
- طيب ليه اخترتني أنا بالذات .. مع ان حضرتك أكيد عارف اني آنسه .. ليه مدورتش علي واحده أرمله أو مطلقه
قال "دياب" علي الفور :
- لاني مكنتش بدور اصلا .. بس ربنا حطك في طريقي
ثم توتر وهو يقول:
- من أول يوم شوفتك فيه في الفيلا وأنا حاسس بحاجه نحيتك .. رغم اني بغض بصري .. وبحاول اني معملش حاجه تغضب ربنا .. بس غصب عني ارتحتلك .. وحسيت بإنجذاب نحيتك
ثم قال بحزن :
- أنا مش راجل حابب التعدد بس الظروف اضطرتني لكده مراتي اتكلمت معاها بدل المرة ألف وبرده مش مرتاح معاها ومعندهاش استعداد تغير من نفسها وأنا مش عايز الا الحلال لاني الحمد لله مليش في سكة الحرام
استمعت "دعاء" اليه ثم شردت في كلامه .. نظر اليها وهو يقول بخفوت :
- أنا عارف ان ظروفي صعبة وانك بنت متجوزتيش قبل كدة وانك المفروض انك ترفضيني وتستني فرصه احسن مني بس أنا صليت استخارة قبل ما أجيلك ودلوقتي وأنا آعد معاكي حاسس اني مرتاح جدا
شعرت "دعاء" بالخجل لكلماته التي يلقيها رجل لأول مرة علي مسامعها .. قال "دياب" مبتسما:
- تعرفي اني حاسس انك هتوافقي
رفعت رأسها تنظر اليه في دهشه .. فأكمل وابتسامة واسعة تزين وجهه :
- آه والله حاسس بكده معرفش ليه ولا ازاي بس هو ده اللي أنا حاسس بيه حاسس ان رغم ظروفي المهببة دي كلها انك هتوافقي عليا وهتكوني من نصيبي
انتهت المقابلة علي مهلة محددة لرد الطرفين .. لكن قبل أن ينصرف "دياب" نظر اليها مبتسما بخجل وهو يقول :
- أنا موافق علي فكرة أنا قولت أقولك عشان يعني تبقي مطمنة انك عجبتيني
أطرقت "دعاء" برأسها وهي تشعر بسخونة في وجنتيها تأملها "دياب" للحظة في اعجاب قبل أن يستأذن للإنصراف تركت "دعاء" بيت خالها وتوجهت الي بيتها وقد علي وجهها الشرود وأخذت تتذكر كل المرات التي رأته فيها منذ أن وافق "مهند" على عملها في الفيلا

************
- ايه سبب التغيير المفاجئ اللي حصل ل "سمر" ؟
ألقى "مهند" هذه العباره على مسامع "فريدة" فردت قائله بحماس :
- والله ما أعرف يا "مهند" فجأه لقيناها نزلت اشترت هدوم وطرح ولبستهم تعرف انها مبقتش تسلم علي "علاء" و "نهاد" بإيديها ولا حتى تببن شعرها أدامهم
رفع "مهند" حاجبيه في دهشة فأكملت "فريدة" قائله :
- تعرف كمان اني بقيت أشوفها بتصلي وبتقرأ قرآن في الفترة اللي انت كنت غايب فيها كنت لما أصحى الفجر ألاقي الشغاله خارجه من أوضتها ولما سألتها في مرة قالتلي انها بتوضيها
بدا عليه الشرود قبل أن ينظر اليها بإهتمام قائلا:
- ازاي ايديها رجعت تتحرك راحت لدكتور جديد؟
قالت "فريده" بحيرة :
- أهي دي كمان حاجه غريبه لا راحت لدكتور ولا حاجه ولما سألناها قالت ان في واحدة في الشركة اللي اللي بتعالجها كل يوم بتعملها حجامه وترقيها
قال "مهند" بدهشه :
- هي مين دي ؟ واثقه انها عندنا في الشركة ؟
قالت "فريدة" بثقه :
- أيوة واثقه "سمر" قالتلنا كده وقالت كمان انها كانت بتشتغل في شوي الدرة .. وانت جبتها تشتغل في الشركة
ضاقت عينا "مهند" وهو يتذكر تلك المرأة التي ساعدها ووفر لها عملا في الشركة والتي وعدته أن ترد له الجميل يوما تري أفعلت هذا من باب رد الجميل ؟ أتعلم أن "سمر" زوجة عمه ؟ ألهذا ساعدتها ؟ ما أشعره حقا بالدهشة هو تواصل "سمر" مع امرأة بسيطة كتلك تنهد وهو يشعر بأن "سمر" وتصرفاتها دائما ما تصيبه بالحيرة !

*********************
هتف "نهاد" بحنق عبر الهاتف :
- مش جايلك يا "انجى" افهمي بأه
أتاه صوتها البارد وهي تقول :
- قولتلك أنا مش واحدة من الشارع تعرفني وتسيبني وقت ما تحب
هتف بغضب بالغ :
- انتي عايزه مني ايه .. أه .. عايزه مني ايه
قالت بنعومه :
- عايزاك تحبني زي ما بحبك يا "نهاد"
وقف وقد ازداد غضبا قائلا:
وأنا يا ستي مبحبكيش .. هو بالعافيه
ظهر علي صوتها الغضب وهي تقول:
- أمال اللي حصل بينا ده كان ايه
صمت "نهاد" وهو يمرر أصايعه في خلاص شعره بعصبيه وقد أغمض عينيه في ألم .. فقالت :
- "نهاد" أنا مستنياك بكرة .. ولو مجتش .. تليفون صغير ل "بيسان" وهقولها فيه علي اللي حصل بينا
هتف بغضب هادر :
- حقيرة
أطلقت ضحكة ساخرة وهي تقول :
- أمال فاكرني هحافظ علي مشاعرها .. لو مش عايز تحصل مشاكل بينكوا يبأه خليك لذيذ معايا زي ما كنت
صمت وهو يجلس علي الأريكة بالمكتب يسند رأسه الي قبضة يده وهو يحرك قدميه في عصبيه .. فقالت بصوت ناعم :
- انت ليه بتضطرني اني استخدم معاك الاسلوب ده يا حبيبي .. أنا بحبك يا "نهاد" وحبي ليك هو اللي بيوصلني أقولك الكلام ده
تمتم بغضب مكبوت :
- انتي واحدة حقيرة مبتحبيش الا نفسك وبس
هتفت بغضب :
- اذا كنت أنا حقيرة فإنت كمان حقير زيي .. وخنت "ببسان" زيي بالظبط
أغمض عينيه بألم وهي يقول بأسى:
- معاكي حق .. أنا حقير زيك بالظبط

**********************
اقترب "دياب" من "بشير" الذي جلس فوق أحد مقاعد في حديقة الفيلا شاردا .. اعتدل "بشير" في جلسته وقد أخرجه قدوم "دياب" من شروده .. جلس "دياب" بجواره فوق المقعد وقال:
- حالك مش عاجبني
ابتسم "بشير" ابتسامه باهته وهو يقول :
- ليه بس ما أنا كويس أهو
تنهد "دياب" قائلا:
- لا مش كويس يا "بشير" اوعى تكون فاكرني مش حاسس بيك وعارف اللي جواك
ارتبك "بشير" وهو يقول:
- مش فاهم قصدة ايه
شرد "دياب" ينظر الي مساحة الخضرة الشاسعة أمامه وهو يقول:
_ بص يا "بشير" ..أنا أكبر منك سنا وخبره .. وبحبك في الله .. عشان كده هنصحك
أخذ نفسا عميقا فالتفت اليه "بشير" ينظر اليه بإهتمام وهو يقول:
- سعادة أي اتنين متجوزين .. مش في الحب .. ولا في الفلوس .. ولا في الجمال والوسامة .. سعادة أي اتنين متحوزين في التفاهم والتكافؤ
ثم نظر الي "بشير" قائلا:
- لو التفاهم والتكافؤ موجود .. عمر ما المشاكل تدخل بينكوا .. وحتي لو دخلت هتبقى مجرد زوبعه في فنحان وتنتهي بسرعة
ثم قال :
- عارف يا "بشير" لو اتجوزت واحدة أعلي منك في كل حاحة .. واحدة من عالم غير العالم اللي انت اتولدت واتربيت وعشت فيه .. مهما كنت بتحبها ومهما كانت بتحبك .. لازم هيكون بينكوا خلافات كتير .. الجواز يا "بشير" مش حب في حب .. ولا وسيلة انك تفضي بشهوتك في الحلال وخلاص .. لأ .. الجواز هو انك تحس انك عايش مع واحدة بتكملك وانت بتكملها .. واحدة تحس بقوامتك عليها .. واحدة تحس ان همها هو همك .. ورضاها في رضاك .. واحدة بينك وبينها موده ورحمة قبل ما يكون بينك وبينها حب وعشق .. واحدة تشوف فيك الأب والأخ والزوج وانت تشوف فيها الأم والأخت والزوجة .. واحدة تعينك علي طاعة ربنا .. وتتقي ربنا فيك .. وتتقي ربنا فيها .. والله يا "بشير" هو ده الحب اللي بيدوم .. لو لقيت واحدة حسيت انها شبهك متضيعش وقت وخدها في الحلال .. لكن حب وغرام من غير تفاهم وتكافؤ هيكون مسيره الموت .. بس مش هيموت لوحده .. هيخنقك ويموتك معاه
شرد "بشير" في كلام "دياب" الذي لمس وترا حساسا في نفسه .. ربت "دياب" علي ثم "بشير" قائلا:
- لو مكنتش بحبك مكنتش دخلت نفسي في حاجه متخصنيش .. بس أنا بحبك في الله وبتمنالك الخير .. عشان كده نصحتك يا "بشير" والدور عليك بأه يا تاخد بالنصيحة يا ترميها ورا ضهرك
نهض "دياب" وعاد الي عمله علي البوابه .. بيننا أخذ "بشير" يتطلع الي لاشئ .. وعقله يعيد كلمات "بشير" مرات و مرات و مرات !

***************
جلست "لميس" برفقة "نهال" في غرفتها تقص عليها تلك الأخيرة طرائفها مع أصدقائها في الجامعة .. هدأت الضحكات .. وساد الصمت لبضع لحظات قبل أن تقطعه "لميس" قائله بنبرة ذات معنى:
- شوفتي "سمر" .. ما شاء الله عليها .. اتحجبت ولبسها بأه حلو أوي
قالت "نهال" وهي تمط شفتيها:
- بس لبسها بأه واسع أوي .. هي ممكن تتحجب وتغطي شعرها بس متقفلهاش أوي كده
ابتسمت "لميس" قائله:
- بس يا حبيبتي هو ده الحجاب الصح .. لكن الحجاب المودرن اللي بتشوفي صحابك لبسينه ده ميعتبرش حجاب خالص
نظرت اليها "نهال" بدهشه وهي تقول:
- ازاي يعني مش حجاب .. ده أنا كنت بفكر أغطي شعري وألبس حجاب روش زيهم
قالت "لميس" بهدوء:
- أهو كلمة روش دي متنفعش تتقال علي الحجاب الصح .. لان من شروط الحجاب انه ميكنش ملفت .. ولا مزين .. ولا لبس بتلبسيه للشهرة .. عشان تتعرفي بيه .. ولازم يستر جسمك وميبينش تفاصيله .. يعني ميكنش ضيق ولا يكون شفاف .. وميكنش معطر ببرفيوم أو بخور أو أي حاجه يشمها اللي ماشي جمبك .. وميكنش شبه لبس الرجاله ولا يكون شبه لبس الكفار .. دي شروط الحجاب اللي ربنا أمر بيه .. بصي علي صحابك وقوليلي كام واحدة فيهم حققت الشروط دي في حجابها؟
صمتت "نهال" وهي لا تتذكر واحدة فقط منهن قد حققت تلك الشروط .. فأكملت "لميس" بحنان وهي تمسح على شعرها :
- الشعر الجميل ده لازم يتغطي زي ما ربنا أمرنا .. عشان ندخل الجنة اللي ربنا أعدها وجهزها للمؤمنين .. مش نفسك تدخلي الجنة يا "نهال"؟
أومأت "نهال" برأسها .. لكنها قالت :
- بس الحجاب اللي بتقولي عليه ده هيكبرني .. وهيخلي صحابي يتريقوا عليا ويقولولي لابسه شوال
ابتسنت "لميس" وهي تقول:
- الصحابة اتحملوا عذاب شديد أوي .. وعلي الرغم من العذاب ده الا انهم فضلوا متمسكين بدينهم واسلامهم .. تفتكري تريقة بنت عليكي ولا بنتين ولا حتي عشرين بنت ييجي حاجه جمب التعذيب اللي اتعرضله الصحابة ؟ ..كان النبي صلي الله عليه وسلم بيمر علي الصحابة وهما بيتعذبوا ويشد من عزيمتهم .. كان بيشوف سيدنا "عمار" بن "ياسر" بيتعذب هو وأمه و أبوه ويقولهم "صبرا آل "عمار" ان موعدكم الجنة" .. انتي بأه معندكيش القوة اللي تخليكي تصبري علي تريقه أو كلام مش هينقص منك حاجه .. بالعكس ده هما بيدوكي من حسناتهم .. معقول انتي ضعيفه لدرجة ان خوفك من تريقتهم عليكي يخليكي تعصي ربنا ؟ .. يعني خايفه منهم ومش خايفه من ربنا
تنهدت "نهال" وهي تنهض قائله :
- يلا أنا جعت .. زمانهم تحت بيستعدوا للغدا
شعرت "لميس" بالإحباط فلم ذلك هو رد الفعل الذي أرادته .. لكنها رسمت بسمة على ثغرها وهي تقول :
- ماشي حبيبتي .. بالهنا والشفا مقدما

دخل "مهند" الفيلا متوجها الي غرفة المعيشة التي وجدها فارغة جلس علي الأريكة وهو يشعر بألم مكان البتر أغمض عينيه قليلا ووضع يده بجواره علي الأريكة لترتطم بأجنده صغيره مفتوحه علي احدى الصفحات أمسكها "مهند" في يده ليجد تلك الكلمات مسطرة فوق أحدى صفحاتها بخط أنيق :
- غريبة أنا في بلدي وحيدة أنا بين الناس لا أجد لنفسي موطنا لا أجد لها حاميا سوى قلب أسد لا يشعر بنبضات قلبي التي تصرخ بإسمه غير عابئ بتلك الصرخات يسمعها يفهمها لكنه لا يشعر بها وبي كم أريد نسيانه ومحوه من حنايا عقلي واسكات قلبي وارغامه على نسيان اسمه ومنع روحي من أن تهفو اليه لكنني لم أستطع أن أفعل فسلطانه على نفسي قويا مهيبا لا أستطيع الفكاك منه قلبي يئن يتألم يحترق وصاحب القلعة يرفض ادخالي يرفض أن يمنحني رشفة من يداه أروي بها ظمأي وعطش أيامي يرفض أن يطفئ نيران قلبي المشتعل يا صاحب القلعة أستسلم فحصونك أنهكت قواي بنيتها عالية شامخة فأذاقتني العذاب والهوان يا صاحب القلعة أستسلم غلبتني حصونك بصلابتها رشقتني بسهام صفت ما بداخل جسدي من دماء وها أنا أسقط أمام عينيك القاسيتين أشلاء لن أمد يدي لتنقذني لن أصرخ طالبة أن تنجدني بل سأدعك تنظر الي وأنا أحتضر تتذكر صريعة حبك يوما اقترب من جسدي المسجى علي الأرض أمام قلعتك أخرج خنجرك من جرابه ارفعه عاليا واهوى به فوق قلبي اطعنه وفجر دماؤه اطعنه وبعثر أشلاؤه هيا تقدم ولا تتردد ها أنا أراك تخرج خنجرك يا صاحب القلعة وتقترب مني في تؤدة ها أنت ترفعه عاليا لتهوى به فوق قلبي لماذا توقفت يداك .. لماذا التفت الي خنجرك هيا اطعن ولا تنظر اليه لماذا أنت متعجب أتتعحب من الدماء التي تغلف خنجرك وأنت لم تطعني بعد؟ أخطأت يا صاحب القلعة فالدماء علي خنجرك هي دمائي لعلك لا تتذكر ولكنك طعنت قلبي بخنجرك من قبل ها أنا أغمض عيناي اطعني الثانية ولا تتردد فقلبي لن يموت مرتين!
عقد "مهند" جبينه وهو يقرأ تلك الكلمات التي لا يعلم كاتبها أراد قرائتها مرة أخرى لكنه سمع صوتا من خلفه يقول بصوت مشاكس :
- مش تستأذن قبل ما تقراها
التفت بحدة ليجد "سمر" واقفة خلفه نهض من فوق الأريكة ومد يده بالمفكرة قائلا:
- أنا آسف مكنتش أعرف انها بتاعتك
أخذتها منه وابتسمت وهي تنظر اليها قائله :
- أنا طول عمري بحب الكتابة وكنت بكتب خواطر وأنا صغيرة بس لما سافرت تركيا نسيت الهواية دي بس من كام يوم لقيت نفسي بمسك بالقلم وبشخبط الشخبطة دي
ابتسمت بخجل ورفعت رأسها لتنظر اليه اختفت ابتسامتها وهي تنظر الي ذراعه المبتور لمعت الدموع في عينيها ونطق وجهها بالألم وهي تهمس :
- انت كويس؟ صعب عليك مش كده ؟ حتى لو انت بينت أدامنا كلنا انك كويس بس أكيد من جواك اتأثرت وحزنت أنا حسه بيك
رأته يغادر الغرفة مسرعا فارا منها ولم تكن مخطئة شعر "مهند" بأنه يفر بالفعل توجه الي غرفته وجلس فوق فراشه وهو يلهث بلع ريقع بصعوبة وقد تجمدت ملامحه أخافه ما يشعر به بداخله زفر في ضيق وهو يحاول أن يسيطر علي مشاعره الغريبه التي تجتاحه وتتسرب الي كيانه كالهواء الذي ينتشر في غرفة مغلقة الأبواب يتسرب اليها من فتحات خفيه وثغرات رأى أمامه صورتها عيناها تلك العينان لماذا يشعر دائما بذلك الشعور المخيف شعور بالحنين الي الغوص داخل عيناها والتسليم لأمواجها تأخذه الي حيث شاءت !

***********
توجهت "سمر" في الصباح الي غرفة الطعام .. لم تجد سوي "مهند" و "علاء" .. فابتسمت قائله :
- صحيين متأخر زيي
أجاب "علاء" مبتسما:
- أيوة واتأخرنا علي الشغل زيك بالظبط
تجاهلها "مهند" تماما وكأنها غير موجودة .. فقالت بهدوء:
- ممكن يا "مهند" تاخدني معاك وانت رايح الشركة؟
قال بإقتضاب دون أن ينظر اليها :
- خلي "علاء" يوصلك ..أنا رايح مشوار قبل الشركة
قال "علاء" مرحبا :
- مفيش مشكله يا "سمر" هوصلك أنا
شعرت بغصة في حلقها حتي أنها لم تكمل طعامها .. نهضت وقالت :
- هستناك بره يا "علاء"
خرجت الي الجراج وعلي وجهها علامات ضيق شديد بعد دقائق خرج "علاء" و "مهند" متقدما كل منهما في اتجاه سيارته ركب "بشير" أمام المقود في سيارة "مهند" وركب هو بالخلف وانطلق بها و"سمر" تتابعه بضيق

********
في مسجد الشركة جلست "سمر" بجوار المرأة الطيبة ترقيها وبعدما انتهت قالت المرأة بتأثر شديد:
- قلبي انفطر لما شوفت اللي صابه حسبي الله ونعم الوكيل فيهم شاب زي الورد يحصله كده منهم لله البعدا
تمتمت "سمر" بخفوت :
- الحمد لله انه رجع بالسلامة دي أهم حاجه
ربتت المرأة علي ذراع "سمر" وهي تقول :
- باينك بتحبيه أوي
ابتسمت "سمر" وهي تقول :
- أوي
قالت المرأة ببشاشه :
- ربنا ما يحرمكوش من بعض
أخرجت "سمر" محفظتها وأخرجت منها بعض المال تعطيه للمرأة لكنها أصرت بشدة علي عدم تقاضي أجر علاجها وهي تقول:
- عيب عليكي يا بنتي .. ده البشمهندس خيره مغرقني .. وكان نفسي من زمان أردله الجميل بأي شكل
ردت "سمر" يدها الي حقيبتها فوقع نظر المرأة علي صورة في محفظتها فسألتها :
- مين الأموره دي ؟
أخرجت "سمر" الصورة وهي تنظر اليها بتأثر قائله :
- دي أنا
أخذت منها المرأة الصورة تنقل عينها بدهشة بينها وبين "سمر" وهي تقول :
- سبحان الله اللي يشوفها يقول واحدة تانية خالص
صمتت "سمر" وقد اكتسي وجهها الحزن وهي تقول :
- زمان حصلتلي حادثة حصلي كسور كتير في وشي وكان محتاج ترميم عملت عمليات كتير .. وده غير شكلي كتير
قالت المرأة بدهشة :
- فعلا يا بنتي شكلك اتغير أوي
ثم قالت تطيب بخاطرها :
- بس انتي دلوقتي أحلي
ابتسمت "سمر" بوهن وهي تقول :
- كنت بحب شكلي الأول أكتر .. عشان اتعودت عليه .. أما دلوقتي ساعات لما ببص في المراية بستغرب شكلي .. علي الرغم من ان الحادثة فات عليها سنين طويلة
نهضت "سمر" واسأذنتها منصرفه ..

توجه "مهند" الي مكتب "عدنان" في موعد الانصراف لم يجد السكرتيرة ووجد باب المكتب مفتوحا فدخل لكنه تسمر في مكانه وهو يري "سمر" بين ذراعي "عدنان" معانقا اياها ضاما اليها بشدة الي صدره وهي تلقي برأسها فوق صدره في استكانه لم ينتبها لدخوله فخرج مسرعا وقلبه يرتجف و نفسه يضيق !

*************
نظر "مهند" الي "عدنان" بضيق وهو يقول:
- ما تطلعوا اسكندرية تغيروا جو "سمر" و "فريدة" محبوسين علي طول في البيت وانت كمان يا "مهند" محتاج تغير جو اطلوا اتفسحولكوا يومين أنا عارف انكوا اسكندرانية وهتفضلوا اسكندرية عن أي بلد تانية
قال "مهند" وهو يتهرب من تلك الرحلة التي ستكون برفقة آخر شخص يتمني مرافقته :
- في الشركة شغل كتير يا عمي .. مينفعش أسافر
لكن محاولة هروبه باءت بالفشل بعدما أصر "عدنان" على ضرورة أخذ فترة استجمام لكل منهم تحمست "فريدة" جدا للفكرة وكذلك "سمر" التي أعربت عن سعادتها لزيارة مسقط رأسها والمكان الذي حمل ذكريات طفولتها وصباها وفي تبرم استعد "مهند" للسفر في اليوم التالي رافضا اصطحاب "بشير" مصرا علي قيادة سيارته الأتوماتيك بنفسه ابتسمت "سمر" وهي تنظر اليه بإعجاب لا يعوقه شئ عن ممارسة حياته الطبيعية بشكل عادي في حين أنها تحتاج الي الخادمة بإستمرار علي الرغم من تحسن ذراعها بشكل كبير .. مكنها من تحريكة بحرية وحمل الأشياء الخفيفة انطلقت السيارة تشق طريقها الي بلدها الحبيب

لمعت عيناها بالعبرات وهي تتشمم رائحة اسكندرية وبحرها رائحة مميزة لا تجدها في مكان آخر أشعرتها تلك الرائحة بحنين جارف حنين الي أيام مضت وولت مدبرة أغمضت عيناها بألم تنهمر عبرة حزينه من بين أهدابها المغلقة حانت من "مهند" التفاته الي مرآة السيارة فخفق قلبه لمرآى عبرتها وتغبيرات وجهها المتألم تطلع أمامه وهو يتمتم بالاستغفار ويعقد جبينه بضيق شديد ضيق من نفسه ومن مشاعره ومن الشئ الغريب الذي يشعره اتجاهها بالألفة ومن عيناها وما بهما من أسرار يتمني حل ألغازهما لتختفي علامات الاستفهام من داخله قال "مهند" بهدوء:
- تحبوا تروحوا فين ؟
قالت "سمر" علي الفور :
- المندرة
خفق قلبه فتجاهله وصفت له "سمر" طريقا .. وقالت :
- المكان ده من أحب الأماكن لقلبي
خفق قلبه للمرة الثالثه لكن هذه المرة بقوة أكبر وهو يتبع تعليمات "سمر" ويوقف سيارته أمام أحب بقعه له في اسكندرية بل في الدنيا بأسرها عقد جبينه بشده وعيناه تنطق بالحيرة قالت "فريدة" ضاحكة :
- هو كل أهل المندرة بيحبوا المكان ده ولا ايه
ابتسمت "سمر" مجاملة ونزلت من السيارة تعانق تلك البقعة بعيناها الممتلأة بعبرات شوق وحنين وقفت أمام البحر تنظر الي أمواجه المتلاطمة وهي تغمض عيناها تاركه زمنها لتعود سنوات الي الوراء وكأنها بنت الأمس نظرت "فريدة" الي "سمر" التي كانت تبعد عنها عدة أمتار وهي تقول ل "مهند":
- أول مرة أشوفها متأثرة كدة شكلها بتحب اسكندرية أوي
التفتت "سمر" تبحث بعيناها عن شئ ما ثم تمتمت فجأة بنبرة حملت شوق ولهفة :
- صخرتي
توجهت الي تلك الصخرة الكبيرة تتحسسها وتجلس فوقها تطلع اليها "مهند" بإهتمام شديد يراقب حركاتها وتعبيرات وجهها خفق قلبه من جديد وشعر بحنين يدفعه اليها استعاذ بالله وأشاح بوجهه عنها متقدما في اتجاه البحر رأت "فريدة" اللسان الصخري الممتد في البحر يشقه بصرامه ..
تقدمت تجاهه تسير فوق صخوره المتراصه بجوار بعضها البعض التفت "مهند" ينظر اليها فيما كان البحر يهدر بأمواجه عاليا مصدرا صوته الرتيب فتح "مهند" شفتيه ليهتف ب "فريدة" أن تنتبه لكن الدماء تجمدت في عروقه عندما هتفت "سمر" :
- "فريدة" خلي بالك .. في صخرة بتتحرك
التفت "مهند" بحدة ينظر الي "سمر" تلاقت نظراتهما في صمت للحظات طويله دون أن يحيد أحدهما بنظره عن الآخر اقترب منها وهي جالسه فوق الصخرة .. وقال :
- كنتي بتيجي هنا كتير ؟
أومأت برأسها .. فقال وهو يرمقها بنظراته الثاقبه:
- لوحدك؟
انتظر بلهفة أن يسمع اجابتها لكنها نظرت الي البحر دون أن تجيب سألها مرة أخري في اصرار لا يعلم هو نفسه سببه :
- لوحدك ؟
لكنها ظلت تنظر الي البحر .. دون أن تجيب
تقدمت منهما "فريدة" وقد ضايقها .. تحدثهما بمفردهما .. وقالت :
- تعالوا نتمشى شوية تعالي يا "سمر" يمكن تعرفي طريق الشارع اللي كنتي ساكنه فيه
نهضت "سمر" وسارت بصمت بجوار "فريدة" سار "مهند" خلفهما ونظراته تجمع ما بين الحيرة والخوف حيرة من غموضها وخوف مما من الممكن أن يكتشفه !

تأملت "سمر" بلهفة شوارع المندرة .. تتذكر بنيانها وحوانيتها .. تمتمت :
- اتغيرت كتير
ابتسمت "فريدة" وهي تقول :
- كل حاجه بتتغير .. انتي مسافرة بآلك كام سنة؟
قالت "سمر" بإقتضاب:
- كتير
قفزت في مكانها عندما سمعت "مهند" الذي كان يسير خلفهما يقول :
- كتير ده ملوش عدد محدد ؟ .. لتاني مرة تتسألي السؤال ده وتهربي منه .. انتي ليه بتحبي تكوني غامضة؟
التفتت تلقي عليه نظرة خاطفة .. ثم تعود لتنظر أمامها قائله :
- أنا مبحبش أكون غامضة ولا حاجه
هتفت "فريدة" وهي تشير الي أحد المنازل :
- ده بيت "مهند" تجمدت الدماء في عروق "سمر" وهي تنظر الى المنزل الذي تشير اليه "فريدة" تعلقت عيناها بالشرفة في الطابق الثاني فسمعت "فريدة" تقول :
- كان عايش في الشقة دي في الدور التاني
توقفت أقدامهم تحت المنزل لاح علي وجه "مهند" ابتسامه وهو يتطلع الي أحد الرجال المقبل عليه برفقة امرأته ترك الفتاتين وتوجه الي الرجل مسلما عليه ومعانقا اياه .. تمتمت "فريدة" :
- ده حماه و حماته ثواني يا "سمر" هسلم عليهم و أرجعلك
تطلعت "سمر" بأعين دامعة وشفاه مرتجفة الي الرجل والمرأة سمعت صيحات الاستنكار مما أصاب "مهند" بدا في أعينهما التأثر وهما يواسيانه بالكلام والنظرات شعرت بغصة في حلقها ابتلعتها سريعا توجهت الي "فريدة" وقاطعت حديثها مع المرأة التي نظرت الي "سمر" بلا مبالاة انحنت علي اذنها قائله :
- معاكي مفتاح الشقة ؟
نظرت اليها "فريدة" بدهشة فقالت "سمر" بإبتسامه باهته :
- عايزة أتفرج عليها
نظرت "فريدة" الي "مهند" الذي اندمج في حديقه مع الرجل ثم لأخرجت من حقيبتها مفتاحا أعطته الي "سمر" في تردد وهي تقول :
- طيب استني نطلع سوا
لكن "سمر" لم تعبأ بكلامها أخذت المفتاح وتوجهت مسرعة الي بوابة البناية و "فريدة" تتابعها بقلق ثم عادت لتكمل حديثها مع المرأة وقفت "سمر" أمام الباب تتحسسه بيد مرتعشة أدارت المفتاح في الباب فإنفتح بسلاسة تقدمت الي داخل البيت ثم التفتت تنير المكان بالمفتاح المثبت علي الجدار جوار الباب امتلأت عيناها بالعبرات وهي تتأمل البيت بآثاثه ومحتوياته هطلت الدموع غزيرة من عينيها وجسدهت يرتعش من بكائها تقدمت الي احدى الغرفتين في المنزل وأنارت مصباحها كانت غرفة نوم كبيرة دخلتها في تؤدة ولا تزال دموعها تنهمر فوث وجنتيها نظرت بتأثر الي الأشياء الموضوعة فوق التسريحة والتي غلفها التراب مسحت بكفها جزء من التراب المعلق غلى المرآة ونظرت الي وجهها الباكي في ألم التفتت لتلقي نظرة علي الفراش خلفها قبل أن تغمض عينيها للحظات نطق خلالها وجهها بالألم في الأسفل انتهي "مهند" من حديثه مع الرجل ليلتفت فلا يجد حوله سوى "فريدة" التي اقترب منها قائلا :
- فين "سمر" ؟
قالت بقلق :
- خدت المفتاح وطلعت فوق
نظر اليها بحدة قائلا:
- فوق فين؟
أشارت بإرتباك الي شرفة بيته وقالت :
- في شقتك
تطاير الشرر من أعينه فشعرت "فريدة" بالخوف وهي تراه متوجها الي البناية فالتفتت تكمل بعقل متشتت حديثها مع المرأة التي كانت نهمه تواقه لمعرفة أخبارهما وجد "مهند" باب البيت مواربا ففتحه ودخل بحث بعيناه عنها فرأى ضوء المصباح يتسرب من غرفة النوم توجه اليها ليتجمد في مكانه وهو ينظر الي "سمر" الي استندت بظهرها الي الجدار تغلق عيناها بألم بينما العبرات تقفز من بين أهدابها وارتجف شفتيها وهي تطبق عليهما بشدة دخل الغرفة شعرت بحركته ففتحت عينيها وحاولت مسح عينيها ووجهها في توتر فاتسخ وجهها من التراب الذي علق في يدها حاولت مسحه أكثر فلم يزيدها ذلك الا اتساخا نظر اليها "مهند" بإمعان كما لو أنه يراها لأول مرة تأمل نظرات عينيها الدامعة المضطربة ووجهها الذي يعلوه التراب المختلط بدموعها وهو يشعر برجفه في قلبه حاولت تجاوزه فوقف أمامها قائلا :
- ادخلي اغسلي وشك
وقفتز ساكنه للحظات ثم أومأت برأسها وتوجهت الي المطبخ يتبعها "مهند" بإصرار وهو ينظر اليها بتمعن .. وبتلقائية شديدة مدت "سمر" يدها خلف الثلاجة لتفتح محبس المياة ! .. ثم تتوجه الي الحوض وتغسل وجهها .. وقف "مهند" خلفها وهو يقول بصوت عميق كأنه قادم من كهف مظلم :
- عرفتي منين ان محبس الماية ورا التلاجه؟
توقفت عن غسل وجهها وقد تجمدت في مكانها .. وبحركة واحدة اقترب منها "مهند" وأدارها لينظر الي وجهها الذي تتساقط منه قطرات الماء أطبق علي ذراعها بقوة وهو ينظر اليها بعيني صقر قائلا :
- اتكلمي عرفتي منين مكان المحبس
نظرت اليه "سمر" بنظرة جمعت ما بين البرود و الألم والعتاب .. لهث بشدة وصدره يعلو ويهبط وهو يزيد من ضغط قبضته فوق ذراعها وهو يقول بصرامة :
- انتي مين ؟
ثم هتف بغضب :
- عرفتي منين مكان المحبس عرفتي منين الأكل اللي بحبه .. ايه معنى الولاعة اللي جبتهالي
ظلت "سمر" ترمقه في ثبات بنفس النظرات وهي تقول :
- سيبني
حاولت أن تفلت ذراعها من قبضة يده الحديدية ففشلت حاولت التحرك والابتعاد عنه فلم تستطع قال وهو ينظر اليها بنظرات ثاقبه تود النفاذ الي أعماقها :
- جاوبيني علي أسألتي .. كفاية غموض بأه
ثم قال بحيرة ممزوجة بالألم :
- انتي مين ؟
نظرت اليه بتحدي وهي ترفع حاجبيها وتقول بقوة :
- أنا "سمر" مراة عمك
تبادلا النظرات كل منهما ينظر الي الآخر بثبات في تلك اللحظة دخلت عليهما "فريدة" لترى اقترابهما من بعضهما بهذا الشكل و "مهند" مطبق علي ذراعها فإمتلأت عيناها دهشة وضيق وهي تهتف بإستنكار :
- "مهند" !


اسطورة ! غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-10-15, 02:11 PM   #26

اسطورة !

نجم روايتي ومشرفة سابقة وفراشة متالقة بعالم الازياء

alkap ~
 
الصورة الرمزية اسطورة !

? العضوٌ??? » 120033
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 15,367
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثالث والعشرون
ابتعد "مهند" عند "سمر" تاركا ذراعها .. تطلع بتوتر الي "فريدة" التي تنظر اليه بإستنكار .. خرجت "سمر" من المطبخ وتمتمت :
- هستناكوا تحت
ساد الصمت للحظات .. قبل أن يغادر "مهند" دون أن يقدم تفسيرا ل "فريدة" .. لم تندهش "سمر" عندما قال "مهند" بعدما ركبوا السيارة :
- هنرجع القاهرة
عقدت "فريدة جبينها بدهشة ممزوجة بالضيق .. بينما نظر "مهند" في مرآة السيارة ليجد نظرة عتاب في عيني "سمر" قبل أن تشيح بوجهها عنه .. ظل شاردا طوال الطريق .. محاولا تفسير تصرفاتها ونظراتها الغير مفهومه .. أكثر ما كاد أن يصيبه بالجنون هو علمها بتفاصيل دقيقة في بيته الذي لم يسكن فيه الا مع زوجته "نهلة" ......

وانضمت اليهما "فريدة" بضعة أشهر قبل الحادث هذا ما كان يدهشه ويشتت تفكيره شك بأنها احدي صديقات "نهلة" ولكن لم يكن لها صديقات تودهن ويودونها ولم تدخل أحدا قط بيت الزوجية ولم يكن لها سوي والدها ووالدتها حتي أنها ليس لها اخوة ولا أخوات تطلع مرة أخري في السيارة الي ملامحها التي يشعر تجاهها بأنها شخص غريب عنه لكن تلك العينان لماذا يشعر بهذا الانجذاب وهذا الحنين اليهما فجأة انفرج ما بين شفتيه وهو يتطلع اليها لا يحيد بنظره عنها عن عينيها التفتت فرأت عيناه المصوبة تجاهها في مرآة السيارة خفق قلبها وقلبه وتعالت أصواتهما حتي كاد كل منهما يسمع دقات قلب الآخر رأته يلهث يتنفس بسرعة يركز علي عينيها قالت عيناه كلمة فتوترت واضطربت استطاعت ترجمة تلك الكلمة التي نطقت بها عيناه :
- عرفتك!

********************
قالت "دعاء" بإهتمام وهي تطرق برأسها :
- و مراتك عارفه انك هتتجوز ؟
أومأ "دياب" برأسه قائلا :
- أيوة عارفه .. أنا حذرتها .. ان مكنتش العلاقة تتحسن بينا .. هتجوز .. وللأسف محاولتش حتي مجرد محاوله انها تصلح من نفسه .. وعاطيه ودنها لجراتها بيودودوا في ودانها ليل نهار
ثم نظر اليها قائلا بحزم :
- أنا مظلمتهاش .. أنا حذرتها كتير .. وحتي لو اتجوزت مش هظلمها .. هعدل بينك وبينها في النفقه و المبيت

أطرقت "دعاء" برأسها وهي شارده .. تقكر .. هل توافق غلي تلك الزيجة وتلك الظروف الشاقه .. أم تنتظر لعل تأتيها فرصة أفضل .. تنهدت وهي تتذكر أنها استخارت الله مرات عدة .. وفي كل مرة تري حلما حميلا .. يزينه وجه "دياب" .. أصابتها حيرة شديدة .. فوجدت يقول بنبرة حانيه :
- أنا عارف انك مستصعبة الموضوع .. عشان ظروفي و موضوع جوازي
قغلت "دعاء" علي القور :
- لا ظروفك مش مشكلة بالنسبة لي
ثم أطرقت برأسها وهي تقول بخجل ممزوج بالألم :
- أنا كمان ظروفي صعبة .. أنا حتي مش هقدر أجهز نفسي .. وبابا الله يرحمه مسبليش حاجه قبل ما يموت .. من ساعة ما اشتغلت عند البشمهندس "مهند" وهو بيديني مرتب حلو أوي .. بحوش منه .. بس يدوبك اللي لحقت أحوشه هو مرتب شهر واحد .. يعني ميعمليش حاجة .. ميجهزش عروسه
رغم ظروفها الصعبة .. الا أن "دياب" شعر بالارتياح لتشابه ظروفهما .. فابتسم قائلا بحنان :
- متقلقيش بكرة ان شاء الله أنا اللي هجيبلك ةل حاجة
شعرت "دعاء" بسعادة خفية .. سعادة أن تكون مسؤلة من شخص ما .. يهتم بها ويراعيها ويتقي الله فيها .. علي الرغم منها تسرب اليها شعور بالراحة تجاه "دياب" .. لم تراه سوي مرتين .. لكن حديثه واسلوبه اشعراها بمدي جديته واحترامه ونقاء سريرته .. سأل خالها عنه في مكان سكنه مع زوجته .. فلم يسمع عنه الا كل خير .. الصغير والكبير يمتدح أخلاقه .. ويصفه ب : جدع ابن حلال .. قاطع "دياب" أفكارها ليقول :
- لو محتاجه نقعد مع بعض مرة تالته معنديش مشكلة .. المهم تكوني مرتاحه و مطمنة
ودت لو أخبرته بأنها بالفعل تشعر بالراحة والاطمئنان .. صمتت قليلا وهي تتذكر حديث النبي صلي الله عليه وسلم : "اذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه" .. بحثت بداخلها لتجد نفسها راضيه بدينه وخلقه .. فأخذت نفسا عميقا ثم أطرقت برأسها قائله بخجل :
- لا مفيش داعي نقعد مع بعض مرة تالته
نظر اليها "دياب" بتوتر وهو يقول :
- يعني ايه ؟
لاحت علي شفتيها ابتسامه خجول وهي لا تزال مطرقه برأسها .. فاتسعت ابتسامة "دياب" وطلت الفرحة من عيناه وهو يقول :
- الحمد لله .. الحمد لله

****************************
أوقف "مهند" سيارته أمام الفيلا .. نظر في المرآة يتابع بعينيه "سمر" التي تنزل بسرعة ثم تتوجه الي الفيلا دون أن تنظر خلفها .. نزلت "فريدة" والتفت حول السيارة لتقف أمام "مهند" قائله:
- مش هتدخل ؟
قال بإقتضاب :
- لأ
انطلق بسيارته وعيناها تتابعانه في دهشة .. وقلق
قاد "مهند" السيارة بغير هدى وعقله يعمل بلا توقف .. نعم عرفتك .. مهما وضعتي علي وجهك من أقنعه فسيعرفكي قلبي حتما .. استطعتي تغيير كل ملامحك .. لكن بقيت عيناكي كما هي ليتعرفها قلبي .. لماذا .. لماذا فعلتي ذلك .. لماذا غيرتي ملامحك .. لماذا تركتيني .. لماذا هربتي مني .. لماذا تركتيني أتعذب في بعدك .. لماذا .. لماذا عدتي الآن .. تظهرين من العدم .. وكأن شيئا لم يكن .. ما تلك اللعبة التي تلعبيها مع عمي .. لماذا أخفيتم الأمر عني .. من حقي أن أعرف .. نعم من حقي
أوقف "مهند" سيارته علي جانب الطريق وهو يلهث غضبا وقد ازداد انفعاله حتي خشى ألا يستطيع التحكم في مقود السيارة .. أغمض عينيه بألم وهو يقول .. لماذا تخفين نفسك عني .. لماذا؟ .. أتعاقبينني ؟ .. لست أنا من يحتاج الي العقاب .. سكن للحظات شاردا ثم أخذ نفسا عميقا وهو يقول وقد ظهرت ابتسامه عذبه علي شفتيه :
- عادت يا بحر .. عادت
عاد الي الفيلا قرب الفجر ليجد الجميع نيام .. توجه الي غرفته .. الي خزينته .. وأخرج منها القداحة التي أهدته اياها "سمر" .. جلس فراشه ينظر الي لهيبها المشتعل وهو يبتسم

****************************
جلست "بيسان" برفقة "نهاد" حول طاولة الطعام تتحدث في مواضيع شتي بينما هي شاردا .. وضع كفها فوق كفه الموضوع فوق الطاوله فانتفض .. قالت بحنان :
- سرحان في ايه
قال بخفوت :
- مفيش
ابتسمت بحنان وقالت:
- ازاي يعني مفيش .. هو أنا مش عارفاك ولا ايه
أطرق"نهاد" برأسه .. فزعت "بيسان" لمرآى العبرات في عينيه فهتقت :
- "نهاد" .. ايه اللي حصل .. "نهاد" قولي
صمت قليلا .. ثم قال بصوت مختنق وهو لايزال مطرقا برأسه خجلا من مواجهتها :
- أنا خنتك
ضحكت وهي تنظر اليه بحيره .. فرفع رأسه ونظر اليها بأعين مبلله بالعبرات وهو يقول:
- مع صاحبتك .. "انجي" .. خنتك معاها
اختفت ابتسامتها لتتسع عيناها وقد تسمرت في مكانها وتوقفت عن ابتنفس وهي تحاول أن تبتسم قائله :
- بتهزر صح ؟ .. بتختبر ثقتي فيك ؟ .. صح ؟
أطرق برأسه وهو يقول بألم :
- ياريته كان هزار
نهضت "بيسان" فجأة وهي تشعر بأن الأرض تتحرك من حولها .. بل تتزلزل .. هتفت :
- قول تاني .. قول اللي قولته تاني
نظر اليها "نهاد" بألم وهو يقول :
- خنتك مع "انجي"
ارتجف جسدها وارتعد .. أحاطت جسدها بذراعيها وعلي وجهها علامات التقزز وهي تقول بصوت مرتجف :
- ازاي ؟
نهض "نهاد" ومد يده محاولا لمسها .. فابتعدت للخلف وهي تتمتم وكأنها تتحدث الي نفسها :
- ازاي ؟
قال بصوت مضطرب :
- كنت بروحلها البيت عشان أديها مكسبها الشهري علي الفلوس اللي بشغلهالها .. وفي مرة ... وفي مرة .....
توقف عن الحديث .. لم يجد في نفسه القدرة علي ذكر تفاصيل ما حدث .. لا كيف حدث .. انهمرت العبرات من عينيها في غزارة ووجهها ينطق بالألم .. غادرت من أمامه وهي تمسح عبراتها وتأمر الخادمة بحزم :
- لبسي "فريد" .. وحضري شنطته
توجهت الي غرفة النوم و "نهاد" يتبعها .. أخرجت حقيبه فارغه وأخذت بجمع ملابسها وبعض متعلقاتها .. اقترب منها "نهاد" محاولا لمسها قائلا :
- "بيسان"
انتفضت مبتعده عن يده وهي تصرخ في وجهه :
- متلمسنيش .. انت فاهم .. متلمسنيش
عادت الي حزم أغراضها بوجه جامد كالحجر .. عبرات عينيها تزداد غزاره .. وقف يتابعها في ألم الي أن انتهت .. حاول حمل الحقيبه عنها فانتفضت مبتعده .. حملت "فريد" بيد والحقيبة بيد وتوجهت الي باب البيت .. فتحت لها الخادمة الباب فانظلقت الي المصعد .. لحق بها "نهاد" وهتف :
- رايحه فين ؟ .. "بيسان"
دفعته بيدها وأغلقت باب المصعد .. نزل "نهاد" الدرج مسرعا .. لحقها قبل أن توقف سيارة أجرة وهو يهتف :
- مش هينفع أسيبك تمشي كده .. قوليلي عايزة تروحي فين وأنا أوصلك
هتفت بألم :
- ابعد عني .. مش عايزه حاجه منك .. ابعد عني
توجه "نهاد" مسرعا الي سيارته وأوقفها أمامها .. ثم نزل وفتح لها الباب قائلا :
- طيب عشان "فريد" .. خليني أوصلك للمكان اللي انتي عايزاه .. هخاف تركبوا تاكسي لوحدكوا والوقت متأخر كده

بدأ الصغير بالبكاء فتركت حقيبتها أرضا محاوله اسكاته .. تناول "نهاد" حقيبتها وحقيبه "فريد" االتي علقتها فوق كتفها ووضعهما في المقعد الخلفي .. دخل "بيسان" السياره فانطلق بها .. قالت بحزم :
- وديني عند "فريدة"
أومأ برأسه علي الفور وهو يراقب تعبيرات وجهها قائلا:
- حاضر
ما عي الا لحظات كانت كالسكون الذي سبق عاصفة بكاء وأنين انطلقت من "بيسان" وهي تهتف :
ليه .. قولي ليه .. قولي سبب واحد عشان تخوني
تجمعت العبرات في عين "نهاد" وهو يتطلع الي الطريق أمامه .. فصرخت وهي تضرب كتفه بقبضه يدها باكية بقوة :
- ليه خنتني ليه خنتني كان ناقصك ايه أنا مقصرة معاك في ايه انطق اتكلم
قال "نهاد" بألم وهو يتطلع اليها :
- بطلي عياط يا "بيسان" أنا مستهلش دمعة واحدة من دموعك دي
أجهشت في بكاء مرير .. مد يده محاولا لمسها فانتفضت وهي تصرخ :
- قولت ابعد عني متلمسنيش
أعاد يده الي المقود وهو يطلق تنهيدة حارة .. تعرب عما بداخله من نيران .. أشعلتها خطيئته !


- أنا اتجوزت
لم تصدق "سحر" أذنيها .. أكمل "دياب" بهدوء :
- كتبنا الكتاب النهاردة .. والدخله هتكون قريب
سادت لحظة صمت قبل أن تصرخ "سحر" قائله :
- عملتها يا "دياب" .. عملتها واتجوزت .. أنا كنت عارفه من الأول انك راجل تييييييييت .. وياما جارتي حذرتني منك وأنا اللي مكنتش بصدقها .. كنت بقولها "دياب" أبدا .. "دياب" مش ممكن يعمل كدة .. مش ممكن يخوني بس طلعت تييييييييييت
نظر اليها "دياب" بحزم وقال :
أنا لا خونتك ولا ظلمتك .. أنا استخدمت شرع ربنا بعد ما عملت معاكس البدع عشان تغيري من نفسك .. فضلتي تسمعي لدي شوية و دي شوية وتخرجي اسرار بيتك لحد ما ضيعوكي
انفجرت في البكاء وهي تصيح بغضب :
مش ممكن اعيش معاك بعد كده .. طلقني يا "دياب" أنا مستحيل أعيش معاك يوم واحد بعد ما جبتلي ضره
اندفعت الي الدولاب لتجمع اغراضها لكن دياب اوقفها قائلا :
- ده بيتك .. أنا اللي هسيبه مش انتي .. لحد ما تهدي ونقعد نتكلم مع بعض بهدوء .. وعلي فكرة أنا لو عايز اطلقك كنت طلقتك .. لكن انتي أم بنتي و مستحيل أظلمك .. وكمان أنا مش هعيشها معاكي .. أنا هاخدلها شقة لوحدها .. يعني ده هيفضل بيتك انتي و بنتي
خرج "دياب" من المنزل .. لتجلس "سحر" فوق الفراش باكية وهي تصيح :
- منك لله .. منك لله .. يارب اكسره زي ما كسرني .. ربنا ينتقم منك يا "دياب"

************
طرقت "لميس" مكتب "عدنان" بالمرسم فأذن لها بالدخول .. وقفت أمامه بإرتباك وهي تقول :
- بعد اذنك يا "عدنان" بيه .. لو مش هعطلك في حاجه عايزة اتكلم مع حضرتك فيها .. حاجه مهمة
أشار لها بالجلوس ونظر اليها بإهتمام قائلا :
- خير يا مدام "لميس"
مر علي ذهنها صورة "سمر" يوم أن جاءهم خبر استشهاد "مهند" وتلك الحالة التي أصابتها .. والكلمات التي أخذت تهذي بها في نومها بعدما تناولت المهدئ .. تذكرت قول سمر : بحبك يا "مهند" .. جفلت عندما حثها "عدنان" قائلا :
- اتفضلي .. أنا سامعك
بلعت ريقها بصعوبة وهي تحول أن تتخير كلماتها بعناية ثم قالت :
- حضرتك ومدام "سمر" لسه عرسان جداد .. ومدام "سمر" شابه صغيرة .. وكمان كانت عايشة بره
ثم قالت بجدية :
يعني اللي أقصد أقوله انها محتاجه اهتمام زيادة .. خروج .. فسح .. يعني تحس انها عروسه جديدة .. أنا عارفه فرق السن اللي بينكوا كبير .. ويمكن ده ميخليش حضرتك تاخد بالك من نقطة زي دي
ثم قالت بإرتباك :
- أنا عارفه طبعا اني بتدخل في حاجه متخصنيش .. بس أنا اتعودت من زمان اني أهتم بكل فرد في العيلة دي .. واني اعتبر نفسي مسؤله عن راحتهم وسعادتهم .. وأنا ......
صمتت لا تدري ما تقول .. كيف تخبره بأنها تشك ب "سمر" .. وأنها سمعتها تنطق بحبها لابن أخيه الذي هو بمثابة ابنه .. كيف تخبره بأن تلك الفتاة لم تكن مناسبة له بأي حال من الأحوال .. من مقاومات الزواج الناجح التكافؤ .. في كل شئ .. أما "عدنان" و "سمر" لم تري بينهما أي تكافؤ علي الاطلاق .. كان بإمكانها أن تخبره بتلك الكلمات التي هذيت بها "سمر" .. لكنها لم تستطع أن تطعنه في مقتل .. لم تستطع أن تكون سببا في شعوره بالألم .. حتي وإن كانت تتألم بسببه .. بسبب حبها الغير متكافئ .. أطرقت برأسها وهي تقول بخفوت :
- أنا آسفة مرة تانية اني اتدخلت في حاجه متخصنيش .. بس أنا نيتي خير
نهضت واستأذنت للانصراف دون أن تجرؤ علي النظر الي وجهه .. تابعها "عدنان" بعيناه .. والابتسامه على شفتاه !


*************************
جلست "مهند" مع العائلة حول مائدة الطعام وهو يتطلع الي المقعد الفارغ أمامه ويقول بهدوء :
- هي "سمر" مش ظاهره اليومين دول ليه ؟
شعرت "فريدة" بالضيق لاهتمامه بتواجد "سمر" وملاحظه اختفائها .. قال "عدنان":
- اليومين دول تعبانه شويه وملهاش نفس للأكل
قالت "انعام" مبتسمه :
- بس هي كويسة الحمد لله ودراعها كل يوم بيتحسن عن اليوم اللي قبله
شرد "مهند" قليلا .. ثم أخرج هاتفه يلعب بأزراره ثم يعيده الي جيبه
مدت "سمر" يدها بتكاسل الي الطاولة بجوارها في شرفة غرفتها بعدما سمعت تنبيها بوصول رساله .. انتفض جسدها واتسعت عيناها وهي ترى رقم "مهند" .. فتحت الرسالة ليرتجف قلبها وهي تقرأ فيها :
- بتهربي ؟
أسندت ظهرها الي المقعد وهي تلق تنهيدة عميقه وعلامات الضيق والحزن علي وجهها

********************
في مساء اليوم التالي لاحت الابتسامة علي شفتي "مهند" عندما دخلت "سمر" غرفة المعيشة بصحبة "عدنان" .. بدا علي وجهها الحزن والاضطراب .. جلست بجوار "عدنان" علي الاريكة .. فيما قالت لها "كوثر":
- سلامتك يا "سمر" .. سمعنا انك تعبانه
ابتسمت "سمر" ابتسامه باهته دون أن تجيب .. أطلقت تنهيده أعربت عن انشغالها بما يضايقها يؤرقها .. وقف "عدنان" والتفت حول "سمر" واضعا كفيه فوق كتفيها وهو ينظر الي الجميع قائلا بإبتسامه واسعه :
- أنا جمعتكوا هنا النهاردة عشان عندي ليكوا خبر يجنن
نظر الجميع الي بعضهم البعض في قلق .. فأخبار "عدنان" دائما صادمة !
قال بسعادة وهو قبل رأس "سمر" :
- أحب أعرفكوا كلكوا .. ان "سمر" حامل .. بس مش حامل في ابني
اتسعت أعين الجميع دهشة وقد فغر كل منهم فاهه وكأن علي رؤسهم الطير .. فأطلق "عدنان" ضحكة مرحة وهو يقول :
- "سمر" حامل في ولادي.. حامل في توأم
كادت أعينهم أن تخرج من محجريها وهم يرشقونها كالسهام في بطن "سمر" المختفي خلف ملابسها الواسعة هتفت "يسرية" بحده:
- عشان كدة لبستي واسع ؟ .. عشان تخبي الحمل عننا
أطرقت "سمر" برأسها تجيب علي عبارات التهنئة بهمهمات غير مفهومه .. وعلي وجهها حزن وضيق ملحوظ ..
ألقت نظرة علي "مهند" الذي ترك الغرفة ووقف في الشرفه بعدما ألقي علي مسامعها كلمة تهنئة مقتضبة وقف يستند بيده الى سور الشرفه وهو يزفر بضيق شديد وقد أطلق الشرر من عيناه السوداوان .. لحقت به "فريدة" وقالت بحده :
- مالك يا "مهند"
التفت اليها ثم عاد ينظر أمامه وهو يقول :
- مفيش
وقفت بجواره وهي تقول بحده وترمقه بأعين متفحصه :
لا في .. مالك .. ليه وشك اتغير لما سمعت خبر حمل "سمر"
زفر "مهند" بضيق شديد .. فارتعدت فرائص "فريدة" وهي تقول:
- "مهند" انت .......
لم تستطع أن تكمل عبارتها .. لم تستطع .. غزت العبرات عيناها وهي تقول بضيق :
- "مهند" ازاي تسمح لنفسك .......
لم يدعها "مهند" تكمل جملتها بل قاطعها وهو ينظر اليها بحزم قائلا:
- "فريدة" أنا كل ما أشوف "سمر" أحس انها ........
صمت فحثته قائله :
- تحس انها ايه ؟
زفر بقوة وهو يقول بعصبيه :
- مش مهم خلاص طلع احساسي غلط .. "فريدة" أنا عايز أسيب الفيلا .. علي الأقل مؤقتا .. حاسس اني مخنوق
نظرت اليه بحزن وقالت :
- طيب هتروح فين وهتقول لعمي ايه
قال بضيق :
- هروح اسكندرية .. هقوله محتاج لأغير جو معتقدش انه هيمانع
أومأت برأسها وهي تشجعه قائلا بحماس :
- ماشي يا "مهند" سافر .. علي الأقل عشان تعيد حساباتك .. واستعيذ بالله كتير .. ربنا ينجيك ويعصمك من الفتن
قال بخفوت :
- آمين

*********************
بالفعل لم يعارض "عدنان" في سفر "مهند" بل شجعه علي ذلك حزم أغراضه وقد أضناه السهر يشعر بحيره ما بين ما يشعر به وما يراه أمام عيناه نزل الدرج وهو يتمني ألا يلتقي بها بدا كمن يهرب من شئ يخيفه ويشتته ويضعفه وضع حقيبته في السيارة و "دياب" يتطلع اليه بإعجاب قائلا لزميله :
- ما شاء الله عليه رغم اللي حصل في دراعه بس تحسه بيتصرف زي أي حد طبيعي صابر وراضي لأبعد حد ربنا يباركه في صحته وماله ويرزقه ببنت الحلال اللي تسعده
لم يكد "مهند" يركب سيارته ويتوجه بها الي بوابة الفيلا حتي رأى "دياب" هرولا في اتجاهه وهو ينظر الي أعلي ويصيح :
- حريقه .. حريقه
ضغط "مهند" مكابح سيارته وتوجل منها ليتجمد في مكانه هلعا وهو يرى النار تشب من غرفة "سمر" فهرول بعزم طاقته في اتجاه الفيلا صعد الدرج في لهفه وهو يحاول فتح باب الغرفة دون جدوى صارخا بإحضار نسخة المفتاح التي بحوذة "لميس" فإستعان ب "دياب" وهشموه معا فيما ارتفعت أصوات الصراخ من حناجر النساء استطاعا أخيرا أن يهشما باب الغرفة قبل أن تضعد "لميس" الدرج حامله المفتاح اختنق الجميع بالدخان المنبعث من الغرفة دخل "مهند" ليجد "سمر" ملقاة علي الأرض وبجوارها كأس مهشم وعلي ملابسها بضع قطرات من لون دموي صرخ ب "دياب" :
- شيلها معايا
لكن "دياب" حملها بمفرده بين ذراعيه وأخرجها من الغرفة .. فأسرع "مهند" أمامه وهو يهتف :
- بسرعة يا "دياب"
وضعها "دياب" في المقعد الخلفي وانطلق برفقة "مهند" الي المشفى ! .. بينما النساء من خلفهم في حالة خوف و فزع

وقف "مهند" و "دياب" خارج غرفة الفحص .. بدا علي "مهند" الاضطراب .. ربت "دياب" علي كتف "مهند" قائلا:
- بعد اذنك يا بشمهندس هتصل أطمن الجماعة عندي في البيت اني هتأخر
أومأ "مهند" برأسه وهو شاردا .. ابتعد "دياب" يتحدث الي هاتفه .. خرجت الطبيبه فهب "مهند" واقفا وهو يقول :
- ازيها .. عامله ايه دلوقتي؟
قالت الطبيبة مبتسمة :
- متقلقش الآنسة بخير
تمتم "مهند" بخفوت بصوت قلق :
- هي مدام مش آنسه .. جوزها اتصلت بيه وجاي في الطريق .. الحمل كويس .. يعني الجنين محصلوش حاجه؟
اتسعت عينا الطبيبة وهي تقول بحيرة:
- جوزها ايه وحمل ايه .. دي فيرجن
وقع الخبر كالصاعقة علي رأس "مهند" .. وهو يقول بحيرة واضطراب :
- مش فاهم .. أكيد حضرتك غلطانه
قالت الطبيبة بهدوء وهي تضع يديها في جيب معطفها :
- لما فاقت شافت العصير المدلوق علي هدومها فاتخضت وطلبت مني اني أفحصها يعني أنا متأكده من اللي بقوله وهي بخير الحمد لله الحمد لله انكوا خرجتوها بسرعة قبل ما تتخنق بالدخان
انصرفت الطبيبة وتركت "مهند" الذي يحاول أن يفيق من صدمته .. في تلك اللحظة حضر "عدنان" وقال بلهفة :
- هي فين ؟
أشار "مهند" الي الغرفه وهو ينظر الي عمه متفحصا اياه في امعان دخل "عدنان" الغرفة فتبعه "مهند" رآه وهو يجلس بجوار "سمر" ويمسك يدها ويقول لها :
- انتي كويسه يا حبيبتي
أومأت برأسها وابتسمت بوهن قائله :
- أيوة الحمد لله
وقف "مهند" علي باب الغرفة يرمق كليهما في غضب .. غضب شديد!


اسطورة ! غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-10-15, 02:21 PM   #27

اسطورة !

نجم روايتي ومشرفة سابقة وفراشة متالقة بعالم الازياء

alkap ~
 
الصورة الرمزية اسطورة !

? العضوٌ??? » 120033
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 15,367
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الرابع والعشرون

عادت سيارة "مهند" يقودها "بشير" والي جواره "دياب" .. تتبعها سيارة "عدنان" يقودها بنفسه والي جواره "مهند" و في الخلف "سمر" يبدو عليها التعب و الارهاق .. استقبلهم الجميع محاولين الاطمئنان علي صحة "سمر" و علي حملها ! .. طمأنهم "عدنان" قائلا:
- الحمد لله هي بخير واللي في بطنها بخير
ظهر علي وجه "مهند" امارات الضيق .. وصعد متوجها الي غرفته .. اقتربت "بيسان" من "سمر" وعانقتها قائله :
- حمدالله علي سلامتك يا "سمر" .. الحمد لله انك بخير والبيبي بخير
قالت "فريدة" :
- سلامتك يا "سمر" .. الحمد لله انك كويسه ....


توجه الجميع برفقة "سمر" الي غرفة المعيشة بينما صعدت "فريدة" الي غرفه "مهند" .. طرقت الباب فأذن لها بالدخول .. نظرت اليه بقلق قائله :
- رجعت ليه .. مش كنت هتسافر .. خلاص "سمر" بأت كويسه
تمتم بخفوت وهو مطرقا برأسه :
- غيرت رأيى .. مش هسافر
قالت بحدة :
- ليه يا "مهند" مش هتسافر
نظر اليها بإنهاك قائلا :
- هقولك بعدين .. لما كل حاجه تتكشف
رفعت حاجبيها بإستغراب وهي تقول :
- هو ايه ده اللي يتكشف ؟ .. مش فاهمة كلامك
وقف "مهند" قائلا بحزم :
- "فريدة" قولتلك هشرحلك بعدين .. ممكن تسبيني دلوقتي لاني مرهق جدا ومحتاج أرتاح شويه
غادرت "فريدة" الغرفة بتبرم وهي تشعر بالقلق علي أخيها .. وقلب أخيها !

****************
نزل "عادل" من سيارته أمام فيلا "زياكيل" وهو يقول بتهكم :
- هو أنا مفيش ورايا الا العيلة دي ولا ايه .. ده باينه مرار طافح
كالعادة .. اتخذ "عادل" من مكتب "عدنان" مكانا لبدء التحقيق بينما كان فريقه يفحصون مكان الحريق لمعرفة أسبابه .. أول من استمع الي شهادته هي "سمر" التي قالت :
معرفش ايه اللي حصل .. أنا فوقت لقيت نفسي في المستشفي
قال "عادل" بإهتمام :
- يعني مشوفتيش النار .. مشمتيش ريحة الدخان
هزت "سمر" رأسها نفيا وقالت :
- لا خالص
قال "عادل" وهو يحك ذقنه مفكرا بإمعان :
- طيب احكيلي اللي حصل من أول ما دخلتي الأوضة .. وهل شوفتي فيها حاجه غريبة ولا لأ
قال "سمر" شارده وهي تتذكر :
- أنا طلعت أريح في الاوضة زي كل يوم .. بنام شويه بعد ما برجع من الشغل .. وطلبت العصير بتاعي شربته .. ودي اخر حاجه انا فاكراها .. ممكن أكون نمت من الارهاق وعيني غفلت من غير ما أحس
قال "عادل" وهو ينظر اليها بإهتمام:
- انتي متعوده تشربي عصير كل يوم
- أيوة .. بعد الغدا .. انا بشربه معاهم . أو بطلع أشربه في أوضتي
- ومين اللي بيجبهولك .. بتعمليه بنفسك ؟
- لأ .. الشغاله هي اللي بتعملهولي .. دي واحدة مسؤله عن كل حاجه خاصه بيا من يوم ما جيت الفيلا
- وبعد ما جبتلك العصير ايه اللي حصل
قالت "سمر" مؤكدة:
- خرجت وأفلت أنا الباب وراها بالمفتاح
- علي طول بتقفليه بالمفتاح ؟
- أيوة
- المفتاح له نسخ تانيه
- 3 نسخ .. وواحدة مع "عدنان" وواحدة مع مدام "لميس"
-مديرة الفيلا مش كده
-أيوة
شرد "عادل" وهو يقول في نفسه ها هو ذلك الاسم يتردد مرة أخرى !

جلس "عدنان" أمام "عادل" مجيبا:
- الأوضه ملهاش الا 3 مفاتيح بس .. ومستحيل حد يطلع علي المفتاح حتي لو سرقه .. الكالون ده أنا جايبه من بره .. مينفعش يطلع للمفتاح بتاعه نسخ تانيه
- طيب بتشك في حد معين .. مدام "لميس" مثلا
قال "عدنان" بحزم :
- لا طبعا مستحيل أشك فيها
رفع "عادل" حاجبيه بدهشه .. ها هو للمرة الثانية يدافع عن مدبرة منزله بقوة .. قال "عادل" :
- طيب تفسر بايه الحريقه اللي خصلت .. واللي الخبرا بتوعنا اللي فحصوا الاوضه دلوقتي أكدوا انها بفعل فاعل .. حد ولع في الفرش اللي في البلكونه .. تفسر ده بايه
قال "عدنان" بوجوم :
- معرفش .. حقيقي معرفش

قالت خادمة "سمر" علي الفور :
- أنا اديت لمدام "سمر" كوباية العصير وخرجت وسمعتها وهي بتقفل الباب ورايا بالمفتاح
- مخدتيش بالك من حاجه غريبه
- لا أبدا .. أنا اديتلها كوباية العصير ونزلت علي طول

قالت "لميس" بأعين دامعة :
- لا طبعا مش ممكن أعمل كده .. وأنا ايه مصلحتي في أذية مدام "سمر"
قال "عادل" بلؤم :
- يعني ممكن تكوني شايفاها أخدت من البيت ده حاجه كانت عينك عليها .. وخبر الحمل كان القشة اللي قطمت ظهر البعير
احتدت "لميس" هاتفه :
- لو سمحت مسمحلكش تكلمني كده .. أنا واحده محترمة
قال "عادل" بلؤم :
- طيب اديتي مفتاح الاوضه لحد ؟
قالت بحزم:
- لا مستحيل أديه لحد لان "عدنان" بيه طلب مني كده .. حتي البنت اللي بتنضف وبتشوف طلبات مدام "سمر" .. أنا اللي بفتحلها الأوضة بنفسي وبقف لحد ما تخلص تنضيف وتخرج وأقفل وراها

احتار "عادل" بشدة وظل يفرك ذقنه بعصبيه اندثرت فجأة عندما دخلت "فريدة" علي استحياء لمعت عيناه وهو يشير اليها بالجلوس أمامه ويطلب من أحد العساكر أن يأتي بكوب عصير ليمون ثم التفت اليها يقول ضاحكا :
- شكلك متماسك النهاردة مش منهاره كالعاده ولا عشان المرة دي مفيش جثث عامة طلبتلك اللمون احتياطي عشان لو انهرتي فجأة
أطرقت رأسها وهي تحاول ألا تبتسم تنحنح ثم تحدث بجديه قائلا:
- قوليلي بأه اللي تعرفيه عن الحريقة اللي حصلت
قالت "فريدة" مقطبة الجبين :
- كنت في الجنينه سمعت "دياب" الحارس اللي علي البوابة بيصرخ وبيقول حريقه .. بعدها شوفته هو و "مهند" بيجروا ناحية الفيلا فجريت وراهم وكسروا الباب وطلعوا "سمر" من الأوضة وخدوها علي المستشفى
أومأ "عادل" برأسه وهو يفكر في كلامها قائلا بمكر مبتسما :
- طيب ملكيش أي توقعات المرة دي زي توقع المرة اللي فاتت بتاع ان اللي مقصود بالقتل هو الجنايني
قالت "فريدة" بحماس :
- أيوة عندي توقع صحيح هو مبني علي مجرد احساس بس ممكن يكون بداية الخيط
استمع لها "عادل" في انتباه .. انتباه شديد !

*************************
طرقت "فريدة" غرفة "بيسان" التي تقيم بها في الفيلا فتحت "بيسان" ورسمت ابتسامة باهته علي شفتيها وهي تدعو "فريدة" للدخول جلست "فريدة" أمامها علي الأريكة المواجهة للفراش وهي تقول :
- "بيسان" في حاجه حصلت بينك وبين "نهاد" ؟
اضطربت "بيسان" وقالت :
- لا أبدا ليه بتقولي كدة .. أنا بس حبيت أغير جو أنا و "فريد" مش أكتر من كدة
لم تقتنع "فريدة" بتلك الكلمات كمبرر علي بقاء "بيسان" في الفيلا بدون "نهاد" ! .. لكنها قالت :
- أنا مش قصدي أتدخل في خصوصياتك .. بس أنا حابه أتطمن عليكي
عندها لم تستطع "بيسان" الاستمرار في التظاهر بأن كل شئ علي ما يرام وانفجرت في البكاء نهضت "فريدة" من فوق الأريكة وجلست بجوارها علي الفراش وهي تربت علي ظهرها قائلا :
- خلاص يا "بيسان" .. كفايه .. اهدي
حاولت "بيسان" السيطرة علي عواطفها وهي تمسح عبراتها بأيدي مرتجفه وتقول :
- أنا كويسه .. كويسه
نظرت اليها "فريدة" بأسى قائله :
- لو تحبي تتكلمي معايا اتكلمي .. وكوني واثقه ان محدش هيعرف أبدا
قالت "بيسان" ووجها ينطق بالألم :
- نفسي فعلا أتكلم مع حد وأخرج اللي جوايا يمكن أرتاح شويه .. بس مش هقدر .. مش هقدر أبدا أفشي سر "نهاد" وأخلي صورته تتهز أدام أي حد
لاحت الابتسامه علي شفتي "فريدة" وهي تقول:
- انتي عاقله أوي يا "بيسان" .. ما شاء الله عليكي
قالت "بيسان" بمراره :
- ياريت العقل ده كان فادني .. بس للأسف مافادنيش
قالت "فريدة" بحنان:
- بصي يا "بيسان" صحيح أنا معرفش ايه هي المشكلة اللي بينك وبين جوزك بس أنا عارفه الحل
نظرت اليها "بيسان" بإهتمام فأكملت "فريدة" بثقه :
- لو عايزين البركة تدخل حياتكم وعلاقتكم ببعض لازم تقربوا من ربنا أكتر من كدة ما عند الله لا ينال الا بطاعته صحيح "نهاد" بيحبك وانتي بتحبيه بس الحب مش كفاية أبدا عشان يعصم الواحد من الزلل لازم يبقي في جواكي وجواه خوف واحساس بالمراقبة ومش انتي وجوزك بس لا كلنا لازم نستشعر احساس اننا متراقبين في كل ساعة وكل لحظة وان مفيش حاجه بنقولها ولا بنعملها ولا حتي بنفكر فيها الا وربنا بيعلمها سبحانه وسع علمه كل شئ الخوف من ربنا والقرب منه هو اللي هيحمينا من الوقوع في الغلط
ثم قالت وهي تنظر الي "بيسان"بإمعان وقد استشعرت في نفسها سبب الخلاف :
- مهما كان "نهاد" بيحبك يا "بيسان" .. مش حبك هو اللي هيمنعه من انه يغلط .. لازم يخاف من ربنا قبل ما يخاف منك .. لازم يخاف انه يغضب ربنا قبل ما يخاف انه يزعلك .. لازم يندم علي غلطه في حق ربنا قبل غلطه نحيتك
فكرت "بيسان" فيما قالت "فريدة" ثم تنهدت قائله :
- معاكي حق يا "فريدة" .. معاكي حق .. أنا كنت فاكرة ان الحب ده أقوي حاجه في الدنيا .. وهي اللي تخلي أي راجل مخلص لمراته .. وأي واحدة مخلصه لجوزها .. بس الكلام ده فعلا غلط .. الحب مش أقوي حاجه تمنع الانسان من انه يغلط .. زي ما قولتي الخوف من ربنا و من عقابه أقوي من الحب بكتير
ابتسمت "فريدة" وهي تربت علي كتفها قائله :
- وأنا اللي أعرفه عنك انك عاقله يا "بيسان" وهتقدري تعدي من الأزمة دي .. "نهاد" ابن عمي كويس مش وحش .. بس هو زي رجاله كتير أقصي طموحاته من الدنيا انه يتجوز ويخلف ويبقي عنده شقه وعربيه وحساب في البنك .. مبيفكرش في اللي أبعد من كده .. ودي مهمتك انتي .. تاخدي بإيد جوزك واحدة واحدة وتعرفيه الطريق الصح
ثم ألقت "فريدة" نظرة علي حجاب "بيسان" القصير وملابسها الضيقه وهي تقول:
- بس لازم تغيري من نفسك الأول .. تتغيري من بره وجوه .. ازاي هتعنيه علي الصح وانتي بتعملي الغلط ؟ .. ربنا بيقول "أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم"
أومأت "بيسان" برأسها وهي تقول :
- معاكي حق .. لازم أبدأ بنفسي الأول
ثم شردت قائله بصرامة في نفسها :
- لازم أحافظ علي بيتي من أي حية عايزه تهده فوق دماغي .. مش ممكن أدي الفرصة لواحدة حقيرة انها تخطف جوزي مني
ثم لمعت عيناها بخبث وهي تردد في نفسها :
- بس لازم أسيب "نهاد" كده شويه .. عشان يتربي

*************************
التف الجميع حول طاولة الطعام ..أقبلت "سمر" فرفع "مهند" رأسه علي الفور يتأملها الي أن جلست .. قالت لها "انعام" بحنان :
- ازيك دلوقتي يا "سمر" ؟
ابتسمت "سمر" قائله :
- بخير الحمد لله
رفعت عيناها الي "مهند" الجالس أمامها لتجده ينظر اليها فأشاحت بوجهها علي الفور ..حضرت خادمة "سمر" لتعطيها هاتفها .. قالت "فريدة" الي الجميع :
- علي فكرة أنا عرفت من الظابط "عادل" ان القاتل اللي قتل الحارس فاق من الغيبوبة .. وقال معلومة مهمة جدا
التفت اليها الجميع في اهتمام .. وهتفت بها "يسرية" بلهفة :
- قال ايه ؟
قالت "فريدة" وهي تجول بعيناها في وجوه الجميع :
- قال انه كتب ورقه وخباها في الجراج .. والورقه دي فيها اسم الشخص اللي استخدمه عشان يدخل عندنا الفيلا
نظر الجميع الي بعضهم البعض في دهشة .. التفت "مهند" قائلا اليها :
- غربية ايه اللي يخليه يكتب ورقة زي دي .. طيب ليه البوليس مفتش الجراج؟
قالت "فريدة" بلا مبالاة وهي تتناول طعامها :
- الظابط "عادل" بيقول مستنيين أمر من النيابة بتفتيش الجراج
شردت "كوثر " .. بينما نهض"حسني" علي عجل حاملا هاتفه وهو يقول:
- بعد اذنكوا هرد علي التليفون
غادر الغرفة ومن بعده "علاء" .. بينما جلست "انعام" مقطبة الجبين وهي تتمتم بصوت خافت :
- غريبة
عادت "فريدة" لاكمال طعامها وكأن شيئا لم يكن .. دعت الله أن تنجح خطتها التي رسمتها مع .. "عادل" .. للايقاع بالشخص الذي استخدم القاتل وأدخله الفيلا يوم حفلة اصدار "مهند" لكتابه .. فهو نفس الشخص الذي دبر الحريق في غرفة "سمر" !

مد "دياب" يده الحامله بعلبة قطيفه صغيرة الي "دعاء" مبتسما وهو جالس قبالتها في بيت خالها قائلا :
- اتفضلي
نظرت "دعاء" بدهشة الي العلبة .. فحثها "دياب" قائلا :
- خديها .. افتحيها
أخذتها من يده بعد لحظة توتر وفتحتها لتجد خاتما ذهبيا خفيف الوزن .. رفعت عيناها المتسائلتين الي "دياب" فابتسم بخجل قائلا :
- كان نفسي أجيبلك حاجه أكبر من كدة .. بس معلش .. بكرة أجيبلك أحسن منه ان شاء الله
ابتسمت "دعاء" وهي تنظر بسعادة الي الخاتم وتمتم :
- شكرا
اقترب منها "دياب" وجلس علي الاريكة التي تجلس عليها تاركا مسافة بينهما .. توترت "دعاء" وهو يمد يده ليأخذ الخاتم من العلبة ويقول مبتسما :
- عايز ألبسهولك أنا
أخذت تفرك أيديها بتوتر لا تجرؤ علي مد يدها اليه .. مد "دياب" يده ليلتقط كفها بين راحته فاشتعلت وجنتاها خجلا وارتعش كفها وهي مطرقة برأسها .. اتسعت ابتسامة "دياب" وأطل الشغف من عينيه وهو يتأمل خجلها الذي جعل قلبه يرقص طربا .. وألبسها الخاتم .. بضميـــر

**************************
بعد الانتهاء من العشاء جلس الجميع أمام التلفاز .. شعرت "سمر" بعينان مصوبتان تجاهها .. رفعت رأسها ليخفق قلبها بقوة وهي تتطلع الي عيني "مهند" .. أشاحت بوجهها وقد بدا التوتر علي محياها .. كانت "سمر" تجلس علي مقعد كبير في الزاوية البعيدة للغرفة وبجوارها منضدة صغيرة .. نهض "مهند" وتظاهر بأنه يحضر منديلا من فوق المنضده .. وقف خلفها ينحني لالتقاط المنديل و بعد أن أدار عيناه علي الجميع ليتأكد من اندماجهم فيما يشاهدون .. همس بالقرب من أذن "سمر" :
- هستناكي في أوضتي بعد ما الكل ينام
خفق قلبها بقوة وهمست وهي تتطلع الي الجميع بقلق :
- مش هاجي
همس بحزم :
- هتيجي
زمت شفتيها بقوة بينما عاد "مهند" الي مكانه وهو يرمقها بنظراته بين الحين والآخر ..نهضت فجأة واستأذنت من الجميع للخلود الي الفراش .. بعد دقائق نهض "حسني" برفقة "عدنان" و توجها الي المرسم للحديث عن العمل .. بقيت "نهال" و "فريدة" و "انعام" و "بيسان"
بقي "مهند" الي أن صعد الجميع الي غرفهم .. ثم صعد الي غرفته .. أخرج هاتفه وأرسل ل "سمر" رساله يقول فيها :
- كلهم ناموا .. وعمي "حسني" مع عمي "عدنان" في المرسم .. مستنيكي في أوضتي
ألقت "سمر" الهاتف من يدها فوق الطاولة في الشرفه وهي تزفر بقوة .. أخذ "مهند" يسير في غرفته بتوتر مجيئا وذهابا الي أن مر أكثر من نصف ساعة دون أن تظهر "سمر"
سمعت "سمر" طرقات علي باب الغرفة فذهبت لفتحها .. اتسعت عيناها دهشة وهي ترى "مهند" واقفا علي أعتاب غرفتها .. هتفت وهي تنظر خلفه :
- انت بتعمل ايه في أوضتي .. "مهند" انت اتجننت
حاولت غلق الباب لكنه دفع الباب بكفه ثم دفعها ودخل الغرفة .. ثم .. أغلق الباب بالمفتاح الموضوع في الباب .. هتفت "سمر" بحدة:
- انت اتجننت .. اتفضل اطلع بره .. افرض حد شافك
فجأة صاحت "سمر" بألم عندما قبض "مهند" بقوة علي شعرها ودفعها الي الخلف ليلتصق ظهرها بالجدار .. أصدرت آهات ألم وهي تحاول الفكاك من قبضة يده وهي تهتف :
- "مهند" انت اتجننت .. سيب شعري
سحب شعرها للخلف فاضطرت أن ترفع رأسها فالتقت عيناها بعينيه التي تشع غضبا وسمعته بقول بغضب شديد وهو يزيد من ضم قبضة يده علي شعرها :
- فرحانه بيه وبجسمك وعاملالي عرض أزياء من أول ما جيتي ؟ .. عارفه أنا عايز أعمل فيكي ايه دلوقتي .. أديكي كام قلم علي وشك أطفي بيهم النار اللي جوايا
هتفت بغضب وهي تحاول من جديد أن تفلت شعرها من بين أصابعه المتشبثة بها بقوة :
- سيب شعري .. انت ملكش حكم عليا .. ملكش دعوة أبين شعري ولا مبينوش .. ألبس متغطي ولا عريان .. أنا حرة .. آآآآآه
أطلقت صرخة ألم أخرى عندما اشتدت قبضته علي شعرها حتي تمزقت شعرتين أو ثلاث بين أصابعه وهو يقول بغضب شديد:
- قسما بالله لو شوفتك من غير حجاب تاني ولا شوفتك لابسه حاجه تبين مللي واحد من جسمك لهديكي حتت علقة .. وأدامهم كلهم ولا هيهمني
علي الرغم من قسوة قبضته علي شعرها وما تشعر به من ألم الا أنها لم تستطع أن تمنع شعور السعادة الذي تسرب اليها وجعل قلبها يخفق بقوة .. لكنها أخفته بداخلها وهي ترسم تعبيرات غاضبة علي وجهها قائله بحده :
- ممكن تسيبني بأه
ترك "مهند" شعرها فأعادت جمع الخصلات المشعثة وهي تتطلع الي عيني "مهند" التي تحولت من الغضب الي الحنان في لمح البصر .. أخفضت بصرها لا تقوي علي مواجهة نظراته التي تتأمل في ملامحها بإمعان خشية أن يفضحها وجهها معلنا عما يعتمل في داخلها من أحاسيس .. سمعته يهمس متنهدا :
- هحتاج فترة عشان أتعود علي شكلك الجديد
رفعت رأسها قائله بكبرياء :
- تتعود أو متتعودش دي حاجة متهمنيش
لكن كبريائها تحطم ومقاومتها تلاشت عندما رفع كفه يمرره علي وجنتها بحنان وهو يحتضنها بعينيه .. اضطربت "سمر" .. ثم .. لاحت في عينيها العبرات تصرخ معلنة عن ألم يشعل النيران داخل صدرها .. همس "مهند" بحنان وهو يمسح بأصابعه احدي العبرات الهاربه من عينيها :
- متعيطيش .. عشان خاطري متعيطيش
اضطرب تنفسها وتسارع وهي تنظر اليه برجاء هاتفه بألم :
- اخرج .. أرجوك اخرج
أطرقت برأسها .. فما كان من "مهند" الا أن أومأ برأسه بهدوء ثم غادر الغرفة في صمت وامارات الأسى علي محياه

***************************
اختفت ابتسامة "دياب" بعدما هتفت "سحر" بسخرية وهي تقلب الخاتم بين أصابعها :
- دهب ده ولا صفيح
قال بجدية :
- دهب طبعا يا "سحر"
قالت وهي تلوي شفتيها :
- ده كام جرام ده .. ده محصلش خاتم أطفال من اللي بيلبسوه للعيال اللي لسه مولودين .. هتكسف طبعا ألبسه قدام جيراني
تنهد "دياب" بقوة ثم قال بضيق :
- أنا جبتلك واحد زي ما جبت ل "دعاء" .. عشان أنا مش عايز أفرق بينكوا في المعاملة .. زي ما هجيبلك هجيبلها .. وزي ما هجيبلها هجيبلك .. عشان عقاب اللي ما بيعدلش بين زوجاته انه بييجي يقوم القيامة وأحد شقيه مائل .. ربنا يعفينا
هتفر "سحر" بغضب :
- البتاعة دي متجبش سيرتها أدامي ابدا انت فاهم .. أنا أعده هنا عشان بنتي وبس مش أكتر من كدة
قال "دياب" بحزم وهو يغير ملابسه :
- مسمهاش بتاعه .. اسمها "دعاء"
زفرت "سحر" بحنق ثم توجهت الي المطبخ تجلي الصحون وتنظف المطبخ قرابة الساعة .. تحممت وتوجهت الي الفراش .. اقترب منها "دياب" يسمح علي شعرها محاولا تقبيلها .. الا أنها دفعته عنها وقالت بحنق :
- "دياب" أنا مش فايقه دلوقتي
لم ينبت ببنت شفه .. بل أعطاها ظهره وتدثر ونام وهو يغمض عيناه قائلا بهدوء:
- علي فكرة أنا مكنتش عايزك .. بس محبتش أكون مقصر معاكي
زادتها كلماته حنقا تقلبت بعنف وهي تضع الصغيرة بينهما .. تنهد "دياب" وهو يهز رأسه يمينا ويسارا ثم يخلد للنوم

****************************
هتفت جارة "سحر" بتهكم :
- سكتناله دخل بحماره
جلست "سحر" بجوارها وهي تقول بحنق :
لا وجاي يضحك عليا بحتت خاتم معفن والله لو تشوفيه مستحيل ترضي تلبسيه ابدا أدام حد
قالت جارتها بلهفة :
- وناويه تعملي ايه هتسيبي العقربة اللي اتجوزها دي تخطفه منك
هتفت "سحر" وهي تشيح بيدها :
- تخطفه يختي تشبع بيه
قالت جارتها بلؤم :
- يا خايبه .. ده انتي لازم تلاعبيهم علي الشناكل .. أمال تسيبهالها خضرة مخضرة كده
قالت "سحر" بإستغراب :
- يعني أعمل ايه يعني
قالت جارتها وقد ازداد حماسها :
- هقولك علي حاجه تعمليها تطلع من حبابي عنيهم .. بس قوليلي الأول .. انتي عارفه معاد دخلتهم
قالت "سحر" بضيق :
- أه يختي عارفاه الاهي ما يوعوا يتهنوا بيها
لمعت عيناها وهي تبث سمها في أذني "سحر" قائله:
- حلو .. تعالي بأه أقولك ازاي تبوظيلهم الليلة .. وشهر العسل كله

**************************
في المساء خرجت "سمر" الي الحديقه تتمشي فيها شارده قلقه كعابرة سبيل ضلت طريقها وصلت الي المرسم وأشعلت ضوءه وضعت كفيها في جيبها تتطلع الي اللوحات المرصوصة بجوار بعضها علي الجدار فجأة انطفأ النور التفتت بسرعة فرأت عبر ضوء القمر المتسلل من الجدار الزجاجي للمرسم "مهند" وهو يقف أمام باب المرسم ثم ببطء يدخل مقتربا منها بلعت ريقها بصعوبة ثم سارت متجه الي باب المرسم لكن قبضة "مهند" علي ذراعها منعتها من التحرك نظرت اليه قائله بحده :
- سيبني
علت شفتيه ابتسامه خبيثه ونظرة مرح في عينيه وهو يهز رأسه نفيا ازدادت حدتها وهي تحاول افلات ذراعها من قبضته قائلا :
- "مهند" سيبني .. ممكن حد يشوفنا
اختفت ابتسامته ليقول بجدية :
- لازم نتكلم
استطاعت أخيرا تحرير ذراعها من قبضته التي تراخت ونظرت اليه ببرود قائله :
- مفيش بينا حاجة نتكلم فيها
حاولت المغادرة لكنه أطبق علي ذراعها وأوقفها أمامه مرة أخري مقتربا بوجهه منها حتي استطاعت أن تشعر بأنفاسه الساخنة تلفح وجهها وهو يقول بحدة :
- ليه أوهمتوني انك اتجوزتي .. ايه اللي استفدتوه من اللعبة دي
صمتت للحظات دت خلالها مصدومة ثم نظرت الي عينيه بتحدي وهي تقول بقسوة شديدة :
- ومين قالك اني متجوزتش .. صحي النوم
لاحت علي شفتيه ابتسامه وهو يقول بتهكم :
- أنا عرفت كل حاجة
توترت "سمر" وقالت :
- عرفت ايه
قال "مهند" والغضب علي محياه :
- الدكتوره قالتلي انك لما فوقتي اتخضيتي لما شوفتي العصير اللي كان علي هدومك وطلبتي منها تفحصك
بلعت "سمر" ريقها بصعوبة وقد احمرت وجنتاها خجلا وغضبا في نفس الوقت .. فأكمل "مهند" بغضب :
- اتكلمي عايز أفهم ليه عملتي كده انطقي ليه عملتي كده كان كتب كتاب بس مش كده ؟ ولا مكتبتوش الكتاب اصلا ؟ انطقي
هتفت بغضب :
- "مهند" ابعد عني .. أنا معنديش استعداد أفهمك أي حاجه أو أشرحلك أي حاجه
نزعت ذراعها من يده وسارت متوجهة الي باب المرسم لكن قبل أن تصل اليه أمسكها "مهند" مرة أخري وأدارها تجاهه وقبل أن تعي ما يحدث وجدته يحيط جسدها بذراعه يضمها اليه بشده بشوق بحنان سكنت فجأة لحظات بدت كسنوات خفق خلالها قلبها بقوة وأغمضت عيناها همس في أذنها بعذوبه :
- ياااااه .. أخيرا
تنهد بقوة ثم أبعدها قليلا ينظر الي أعماق عينيها هامسا :
- بحبك
خفق قلبها بشدة واضطرب تنفسها حاولت أن تبعده عنها لكنه كان مطبقا عليها بقوة نظرت اليه وقالت وهي تحاول أن تتصنع البرود :
- وأنا مش حسه بأي حاجه نحيتك
قال بحنان وهو يغوص بنظراته في عيناها :
- كدابه عنيكي بتقول غير كده عنيكي بتصرخ وتقول أنا كمان بحبك يا "مهند"
لمعت العبرات في عيناها وهي تهتف بألم :
- لو عنيا قالت كدة هغمضهم مش هفتحهم أبدا هغيرهم زي ما غيرت وشي
نظر اليها "مهند" هاتفا بأسي بصوت متهدج :
- الخنجر اللي اتكلمتي عنه في خاطرتك خنجرك انتي واللي علي الخنجر ده دمي أنا
قالت بتهكم ممزوج بالغضب :
- بتحاول تخدع نفسك ولا تخدعني ؟
أطرقت برأسها فوقعت عيناها علي فراغ البدلة مكان ذراعه الأيسر المبتور ازداد لمعان عينيها ودون تفكير رفعت كفها تتحسس ذلك الفراغ بطول ذراعه من أعلي الي أسفل والعبرات تتساقط فوق وجنتيها علي وجهها الذي ينطق ألما نظر "مهند" الي كفها الذي يرتعش متحسسا ذراع البدلة الفارغ ثم نظر اليها يضمها اليه بشدة ما ان لامس وجهها صدره حتي انفجرت في البكاء بدت وكأنها تحبس بداخلها بركانا تفجر فجأه لا تريد حممه أن تهدأ مسح "مهند" بيده علي ظهرها وقبل رأسها وهو يقول بحنان بالغ متأثرا لبكائها :
- حبيبتي أنا كويس صدقيني كويس وراضي باللي ربنا اختارهولي حالي أحسن من حال شباب كتير اصاباتهم كانت أكبر الحمد لله علي كل حال
رفعت وجهها المبلل العبرات وهي تنظر اليه هامسه :
- انت جميل أوي .. و قوي أوي .. ياريتني كنت قوية زيك
مسح عبراتها بأطراف أصابعه وهو يقول برقه :
- الحمد لله ان ربنا شافاكي الست ردتلي الجميل بأحسن حاجه ممكن أي حد في الدنيا يقدمهالي
نظر الي ذراعها الذي عاد كليا الي طبيعته متحسسا اياه ثم نظر اليها متطلعا الي تلك العينان التي لطالما رآهما تتطلعان اليه بحب وعشق تحسس وجنتها بأنامله قبل أن ينحني ليطبع قبل رقيقه علي شفتيها دون مقاومة منها
وعلي مقربة منهما شهقت "يسرية" التي كانت تصورهما بهاتفها وقفت للحظات أخري فرأتهما يتحدثان قليلا وتنظر "سمر" الي ساعتها ثم يستعدان لمغادة المرسم أسرعت وتوجهت الي داخل الفيلا وهي تقبض علي هاتفها وكلها عزم واصرار علي فضح "مهند" و "سمر" !
توجهت الي غرفة المعيشة حيث اجتمعت العائلة بأسرها وصاحت بقوة :
- شوفت "مهند" بيبوس "سمر" في المرسم
بدا وكأن صاعقة ضربت في المكان ونزلت فوق رؤسهم !


اسطورة ! غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-10-15, 02:29 PM   #28

اسطورة !

نجم روايتي ومشرفة سابقة وفراشة متالقة بعالم الازياء

alkap ~
 
الصورة الرمزية اسطورة !

? العضوٌ??? » 120033
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 15,367
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الخامس والعشرون

((( فــلاش بــاك )))
فى الإسكندرية .. المندرة .. وفى أحد الشوارع القريبة من البحر .. والتى تضم بيوت سكنيه متراصة ملتصقة ببعضها البعض .. أطلقت الصغيرة ذات الست سنوات ضحكاتها المرحة وهي تسير برفقة صديقاتها عائدة الي بيتها .. لوحت لهم مودعة ودخلت البناية وصعدت الدرجات القليلة التي تفصلها عن باب بيتها .. فتحت لها الباب امرأة بشوش تبدو امارات الطيبة والحنان جليه علي ملامحها وعيناها وهي تتطلع الي ابنتها .. عانقتها الطفله قائله :
- ازيك يا ماما ....
قبلت الأم رأس الصغيرة وداعبت شعيراتها المتمردة قائله بعتاب :
- قولنا اللي يدخل مكان يقول ايه
هتفت الصغيرة مبتسمة :
- السلام عليكم
ابتسمت أمها قائلة :
- وعليكم السلام .. يلا حبيبتي ادخلي غيري علي ما أغرفلك تاكلي
دخلت الصغيرة الي غرفتها الصغيرة تنزع عنها مريلة المدرسة ذات اللون البني بعدما ساعدتها والدتها علي فك أزرارها القوية علي يداها الصغيرتان .. دخلت والدتها المطبخ تضع طعام الصغيرة في طبقها المفضل .. انتهت الصغيرة من تبديل ملابسها لتجلس علي فراشها الصغير حاملة عروستها المصنوعة من القماش والتي تحبها كما لو كانت ابنتها .. وفجأة فزعت الصغيرة وهي تستمع الي أصوات الصراخ التي عمت المكان .. نظرت بخوف واضطراب الي والدتها التي ارتدت اسدالها وهرولت تفتح باب المنزل وهي تتساءل بخوف :
- في ايه .. ايه اللي حصل ؟
رأت امرأة تنزل الدرج بسرعة وفي يدها ابنتها ذات الستة عشر ربيعا وهي تهتف بلوعه :
- في ماس في العمارة .. حصلت حريقة في شقة أم "رامي" .. هاتي "سامرين" واخرجوا بسرعة
دخلت الأم مسرعة وحملت الصغيرة علي ساعدها وأخذت مفتاح البيت المعلق خلف الباب وهرولت مسرعة الي خارج البنايه .. وقفت بجوار المرأة وهي تهتف بلوعة :
- أمال فين أم "رامي" ؟
قالت المرأة وهي تلهث :
- متقلقيش شوفتها نازله
أقبلت عليهما امرأة يبدو علي ملامحها امارات الهلع .. فهتفت بها أم "سامرين" :
- أم "رامي" ايه اللي حصل .. وفين "رامي" لسه في المدرسة ؟
قالت المرأة بهلع وهي تتطلع الي النيران التي تلتهم شقتها من الشباك :
- "رامي" عنده درس بعد المدرسة .. لقيت فجأة شرارة ومسكت في الستارة والأنترية فضلت أصوت ونزلت جري من علي السلم
تجمهر الجيران حولهم مطمئنين اياهم .. بكت الصغيرة "سامرين" علي كتف والدتها وتعالت شهقاتها .. اقتربت منها احدي الجارات وربتت علي ظهرها قائله :
- يا حبيبتي متخفيش .. بطلي عياط
ثم نظرت اليهم قائله :
- تعالوا اتفضلوا عندي في البيت علي ما الرجالة تطفي الحريقه ويتأكدوا ان الكهربا سليمة مش معقول هتفضلوا واقفين في الشارع كدة
دخلت الثلاث نساء بيت الجارة فحضرت لهم العصير قائله :
- اشربوا حاجه تروق دمكوا .. دا أنا اتفزعت من صوت الصويت
ثم نظرت الي أم "رامي" ضاحكة وهي تقول :
- عليكي صرخة يا أم "رامي" تخض العفريت
ابتسمت أم "رامي" ابتسامة باهته وهي تنظر الي المرأة بجوارها قائله :
- علي فكرة أم "فريدة" كان صويتها أعلي مني
قالت الجارة ضاحكة :
- افتكرتها انتي
قالت أم "فريدة" وهي تشد علي يد ابنتها :
- أعمل ايه اترعبت لما لقيتها بتصرخ وبتقول حريقه .. ومفيش راجل في البيت .. لا جوزي ولا "عدنان" ولا "حمدي" بيرجعوا دلوقتي من الشغل .. فضلت أصرخ غصب عني
نظرت "فريدة" الي الصغيرة قائله :
- "سامرين" خلاص متخافيش مفيش حاجه
تعلقت "سامرين" بعنق والدتها أكثر بينما نظرت أمها الي أم "فريدة" قائله :
- أمال فين "مهند" في المدرسة برده ؟
هزت رأسها نفيا وقالت :
- لا في الدكان
لحظات وسمعوا طرقات علي الباب نهضت الجارة لتفتح الباب فطالعها شاب في السادسة عشر من عمره .. أسمر البشرة .. طويل .. نحيل .. قال لها بأدب :
- السلام عليكم .. هي ماما عند حضرتك ؟
هتفت أم "فريدة" من الداخل :
- تعالي يا "مهند"
بمجرد أن رأته الصغيرة .. تركت عنق والدتها واندفعت كالسهم في اتجاه الشاب فانحني ليسمح لها بأن تحيط عنقه بذراعيها ويرفعها حاملا اياها بخفه .. أشارت له الجارة بالجلوس وقالت :
- اتفضل يا ابني
جلس "مهند" والصغيرة تضم يديها تغلقهما حول عنقه .. مسح علي شعرها فقالت أم "فريدة" بحنان :
- يا عيني اتخضت وفضلت تعيط
فابتسم للصغيرة مربتا علي ظهرها ضاما اياها اليه أكثر ليبث فيها الأمن والأمان
سألته أم "سامرين" قائله:
- "حمدي" جه معاك؟
أومأ برأسه قائلا :
- أيوة يا عمتو .. و عمو "عدنان" و بابا .. والحمد لله طفوا الحريقة .. بس مستنيين الكهربائي يتأكد ان مش هيحصل ماس تاني
بعد قليل نظر الي الصغيرة ليجدها تغط في النوم وقد أسندت رأسها الي صدره دون أن تفك ذراعيها من حول رقبته .. فابتسم وهو يقبل شعرها ويسند ظهره للمقعد حتي ترتاح في نومتها أكثر

*******************
(( بعد مرور عام ))
دخلت أم "رامي" الشرفة حاملة صنية موضوع فوقها كوب من الشاي وقطعة كيك وضعتها أمام الرجل الجالس في شرود وهي تقول :
- الشاي يا "عدنان"
خرج "عدنان"من شروده وتناول كوب الشاي بين أصابعه يرتشف رشفات صغيرة جلست بجواره شارده قليلا ثم هتفت بغيظ :
- يعني "حمدي" مش قادر يستني لما حتي يمر سنه علي وفاة أختك .. عايز يجيب للبت مراة أب من دلوقتي
تنهد "عدنان" بأسي وهو يقول :
- أنا مش صعبان عليا الا البت الصغيرة من يوم ما أختي الله يرحمها ماتت وهي حالها يصعب علي الكافر
نظرت اليه أم "رامي" بعتاب قائله :
- كده يا "عدنان" ربنا يعلم أنا بعاملها زي "رامي" ابني بالظبط حتي أم "فريدة" مبتسبهاش خاصة بعد ما اطلقت هي وأخوك وخد "فريدة" وسافر بقت يا عيني بتعوض شوقها لبنتها في "سامرين"
تنهد "عدنان" ثم رشف رشفة أخري قائلا:
- يارب بس اللي هيتجوزها "حمدي" دي تبقي حنينة علي البت .. البت صغيرة ومش ناقصة مراة أب تعكنن عليها عيشتها
قالت زوجته بسخرية :
- والله مش متفائله من الموضوع ده اذا كان "حمدي" نفسه مش حنين علي البت ولا بيشوفها الا علي النوم هتبقي مراته حنينه عليها
تنهدت في حسرة وهي تتمتم :
- الله يرحمك يا أم "سامرين" كانت ست طيبة ومفيش منها اتنين
قال "عدنان" بحزن وهو يدعو بالرحمة لأخته :
- الله يرحمها للأسف كنت قاسى عليها أوى ربنا يسامحه أبويا على طول ميحبناش نتعامل بحنيه مع اخواتنا البنات وبيشد عليهم وبيخلينا نشد عليهم .. الله يرحمك يا أختى

************************
دخل "مهند" الشرفة ليجد "سامرين" تدخل رأسها من السور الحديدي وتشاهد الأطفال الذين يلعبون الكرة بالأسفل .. أخفي يديه خلف ظهره وهو يقول :
- بتعملي ايه
التفتت اليه وهي تخرج رأسها قائله :
- بتفرج علي العيال وهما بيلعبوا
جلس علي الكرسي وأخرج يده من خلف ظهره .. فابتسمت وهي تنظر الي الحلوي في يده .. أخذتها منه وهي تحاول فتحها بأسنانها .. فقال "مهند" بعتاب :
- اللي يديكي حاجة تقوليله ايه؟
اقتربت منه لتطبع قبلة صغيرة علي وجنته وهي تقول :
- شكرا
فتحت الحلوي و أخذت تتناولها بنهم .. ثم ما لبثت أن غطي الحزن وجهها وهي تنظر الي "مهند" قائله :
- هي ماما هتيجي امتي ؟
شعر "مهند" بالأسي وهو ينظر الي عيناها الحزينتين التي تفصح عن مدي اشتياقها لرؤية والدتها .. حملها وأجلسها فوق قدمه وأحاطها بذراعيه قائلا :
- بصي يا حبيبتي .. ماما ان شاء الله في مكان جميل أحسن من هنا بكتير
لمعت عيناها بالعبرات وهي تقول بأسي :
- ليه ما خدتنيش معاها؟
تنهد "مهند" قائلا :
- ربنا هو اللي بيختار المعاد اللي كل واحد هيموت فيه .. مش أنا فهمتك يعني ايه موت .. ويعني ايه جنه ونار ؟
أومأت برأسها وهي تقول باكية :
- أيوة .. بس هي برده وحشاني
ضمها "مهند" الي صدره وهو يقبل شعرها قائلا :
- أنا معاكي و بابا و عمتو و عمو "عدنان" و "رامي" و طنط أم "رامي"
قالت بحزن وهي ترفع رأسها تنظر اليه
- "فريدة" كمان وحشتني .. هي خلاص كدة سافرت ومش هترجع تاني؟
شرد "مهند" بأسي وهو يقول مفتقدا توأمه :
- ان شاء الله هترجع تاني
ثم نظر الى شعيراتها المتمرة وهو يقول بمرح :
- هو انتى على طول ناكشه شعرك كده .. نفسى أشوفك مسرحة 10 دقايق على بعض
قالت بتبرم :
- هو اللى بيسيب التوكه ويخرج
أطلق "مهند" ضحكة عالية وقال لها :
- طيب ادخلى هاتى الفرشة بتاعتى من على الكمودينو
دخلت وأحضرت الفرشاة فأجلسها على قدميه ونزع التوكة وأخذ فى تصفيف شعرها وجمعه بالتوكة مرة أخرى .. رفعت "سامرين" يدها لتتحسس شعرها المرتب ثم تلتفت مبتسمة وهى تقول :
- شكرا يا "مهند"

**************************
فتحت أم "فريدة" باب البيت لتجد "سامرين" تبكي بحرقة .. انحنت تعانقها قائله :
- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. مالك يا "سامرين" بتعيطي ليه ؟
لم تستطع أن توقف بكائها لتتحدث .. جذبتها من يدها وأجلستها بجواها علي الاريكة وهي تمسح علي شعرها قائله :
- مالك يا حبيبتي مين زعلك؟
مدت "سامرين" يديها وهي لا تزال تبكي .. فانتبهت أم "فريدة" لأول مرة الي العروسة الممزقة في يدها فشهقت قائله :
- ايه دة .. مين اللي قطعلك عروستك كدة ؟
ازدادت حدة بكائها حتي ظنت أم "فريدة" أن قلب الصغيرة سينفطر من فرط البكاء .. فهتفت بحدة :
- مراة أبوكي اللي قطعتها ؟
أومأت "سامرين" برأسها .. فهتفت أم "فريدة" :
- لا حول ولا قوة الا بالله .. معلش يا بنتي متزعليش .. قومي اغسلي وشك علي ما أعملك العصير اللي بتحبيه
ساعدتها أم "فريدة" علي النهوض وهي تنظر اليها بأسي

بعد عدة ساعات فتح "مهند" باب البيت واقترب من والدته الجالسه تشاهد التلفاز فقبل رأسها وقال :
- السلام عليكم .. ازيك يا أمي
لم يسمع ردها فأنظاره كانت معلقة بالعروسة الممزقة فوق الطاولة .. التقطها وهو يهتف بلوعة :
- ايه ده ايه اللي قطع عروسة "سامرين" كده
قالت أمه بأسي :
- الوليه مراة أبوها .. منها لله كل شوية تنكد علي البت وحطه راسها براسها أكنها من سنها
عقد "مهند" جبينه بضيق وهو يقول :
- هي فين دلوقتي
أشارت أمه الي غرفته قائله :
- نايمة في أوضتك .. فضلت تعيط لحد ما حسيت ان روحها هتطلع .. أكلتها وعملتلها عصير ودخلتها تنام
دخل "مهند" غرفته ليجد "سامرين" تتوسط فراشه الصغير وهي متقوقعة علي نفسها كنوم الجنين في أحشاء أمه .. مسح علي شعرها برفق ثم خرج قائلا لأمه :
- أنا خارج يا ماما
هتفت والدته وهي تخرج من المطبخ :
- رايح فين استني أما تتغدي
قال وهو يفتح باب البيت :
- هروح أجيبلها عروسة بدل اللي اتقطعت
وقبل أن تجد أمه ما تقول خرج وأغلق الباب خلفه

استيقظت "سامرين" من نومها وتنامي الي مسامعها أصوات التلفاز بالخارج .. أزاحت الغطاء ونهضت تغادر الغرفة .. ابتسمت عندما وقع نظرها علي "مهند" الذي اتسعت ابتسامته وهو يقول بمرح :
- صحي النوم يا هانم .. انتي فاكره أوضتي لوكانده ولا ايه
ضحكت وهي تجلس علي أحد المقاعد .. نظرت بدهشة الي العروسة الموضوعه فوق الطاوله .. فابتسمت أم "فريدة" قائله :
- عجبتك ؟
رفعت رأسها تنظر اليهما بدهشة فانحني "مهند" وأمسك بالعروسة واضعا اياها فوق قدميها وقال :
- عروستك الجديدة .. شوفي بأه هتسميها ايه
اتسعت عيناها وهي تنظر بلهفة علي لعبتها الجديدة وهي تهتف :
- بجد بتاعتي
قال "مهند" بمرح :
- أكيد مش جايبها لنفسي .. ولا جايبها لماما
أطلقت الصغيرة ضحكة مرحة وهي تفض غلاف العلبة الشفافة وتتطلع بإنبهار الي لعبتها الجديدة وتمسح علي شعرها الناعم ثم تنهض معانقة "مهند" وهي تقول بحماس :
- شكرا .. شكرا .. شكرا.. شكرا .. شكرا
ضحك قائلا:
- كل ده شكرا
تركته والتفتت الي عروستها تلعب بها .. الي أن اتصل "حمدي" وطلب نزولها .. توجهت الي الباب مسرعة فهتفت أم "فريدة" وهي تنظر الي العروسه التي تركتها فوق الأريكة :
- عروستك يا "سامرين"
التفتت وهي تمسك بمقبض الباب تنظر الي العروسه في تردد ثم قالت بحسم :
- لا خليها هنا عشان متكسرهاليش تاني .. لما آجي هنا هبقي ألعب بيها
فتحت الباب وغادرت فتنهد "مهند" بأسي وهو يقول لأمه :
- ماما خلي بالك منها
هتفت أمه قي تأثر :
- والله يا ابني دي في عنيا .. معزتها من معزة "فريدة" بالظبط

**********************
جلست "سامرين" في مقعدها بالمدرسة وهي تعد النقود القليلة التي تضعها في حقيبتها .. اقتربت منها احدي الفتيات قائله وهي تحرك الحلوي التي تأكل منها :
- مش هتجيبي حاجه حلوة ؟
قالت "سامرين" وهي تعيد عد النقود :
- لأ
قالت الفتاة وهي تشير الي النقود :
- ليه ما انتي معاكي فلوس كتير
قالت "سامرين" بحزم :
- لا أنا بحوشهم عشان هشتري حاجه
سألتها الفتاة وهي تأكل من حلواها :
- هتشتري ايه قوليلي ؟
قالت "سامرين" بحماس :
- "مهند" ابن خالى نجح وهيدخل الجامعة .. وأنا عايزة أجيبله هدية
أخذت الفتاة تأكل الحلوي بتلذذ وقالت لتغيظ "سامرين":
- خليكي انتي عماله تحوشي وأنا آكل الحاجة الحلوة الجميلة دي .. ومش هديكي حته منها
قالت "سامرين" بحدة :
- بطلي تغيظيني يا "نهلة" .. مش عايزة منك حاجة أصلا


وقفت الفتاتان أمام أحد الباعة الذين يفترشون بضاعتهم فوق الأرصفة أخذت "سامرين" تجول بعينيها في البضاعة المعروضة .. فحثتها "نهلة" قائله:
- يلا يا "سامرين" هتأخر وماما هتزعقلي
انحنت "سامرين" لتلتقط احدي القداحات التي أعجبت بألوانها والأشكال الكرتونية المطبوعة فوقها ثم نظرت الي البائع قائله :
- بكام دي يا عمو ؟
- باتنين جنيه ونص
علت البسمة شفتيها فقد كان ثمنها بمقدار ما تحمله من مال في حقيبتها ابتاعتها وسارت مع "نهلة" بسعادة وهي تقلب القداحة بين يديها توجهت الي غرفتها لتعبث في أغراضها ثم تخرج غلاف هدايا قديم أحضرت لاصق وأخذت تلف القداحة بالغلاف الرخيص !
فتحت الباب مسرعة فعالجتها زوجة أبيها قائله :
- علي فين يا بت؟
قالت بسرعة وهي ترتدي خفها :
- طالعه عند طنط أم "فريدة"
وضعت أصابعها علي جرس الباب الي أن فتح "رامي" الباب وصاح :
- ايه يا بنتي انتي حد يضرب الجرس كدة
مرت بجواره ودخلت لتجد "عدنان" جالسا برفقة زوجته و "مهند" ووالدته .. ففتح "عدنان" ذراعيه قائلا :
- حبيبة خالو
ارتمت بين ذراعبه يقبلها وهي مبتسمة .. ثم نظرت الي "مهند" وتقدمت نحوه قائله بحماس :
- اتفضل
نظر "مهند" بإبتسامة واسعة الي الهدية الملفوفه بغير احتراف وأخذها قائلا :
- انتي جبتيها عشاني؟
أومأت برأسها مبتسمة وهي تقول بلهفة :
- افتحها
فض "مهند" مغلف الهدية ليتطلع بدهشة الي القداحة قائلا:
- ولاعة ! .. بس أنا مبشربش سجاير
أطلق "رامي" ضحكة عالية وهو يقول :
- يا هبلة حد يجيب لحد هدية عبيطة زي دي وكمان لواحد مبيشربش سجاير
اختفت الابتسامة من وجه "سامرين" ليحل محلها الوجوم الممزوج بالخجل وهي تقول ل "مهند" بحزن :
- يعني معجبتكش؟
ابتسم"مهند" وصاح علي الفور :
- طبعا عجبتني .. كفايه انك جبتيهالي عشان تفرحيني بيها
أطرقت برأسها فقال بمرح :
- لا وجايه في وقتها تمام .. رمضان قرب وهيبقي فيه شمع وفوانيس .. يعني أكيد هحتاج الولاعة
ابتسمت ولمعت عيناها خاصة بعدما نهض "مهند" وأحضر فانوسا مجوف وضع الشمعة بداخله وأشعلها بالقداحة و "سامرين" تتسع ابتسامتها .. مد يده بالفانوس قائلا :
- كل سنة وانتي طيبه يا "سمسمة" .. عشان أبقي أنا أول واحد جبتلك الفانوس أخذته منه والسعادة علي محياها فقال :
- خلي بالك اوعي الشمعة تلسعك
قالت بحماس :
- متخفش
ابتسم الجميع وهم يراقبون السعادة علي محيا الصغيرة .. قال "رامي" بتهكم :
- طيب منا أنا كمان ثانوية عامة مجبتليش هدية ليه
اختفت ابتسامة "عدنان" وهو يقول بتهكم :
- وتجبلك هدية ليه من فلاحتك .. ابن عمك جاب مجموع دخله كليه هندسة .. وانت مش لاقينلك كلية تقبل بمجموعك .. اللي زيك يتكسف يوري وشه للناس
شعر "رامي" بالحنق وانتفخت أوداجه !

********************
(( بعد مرور 3 سنوات))

سمعت أم"فريدة" طرقات متعجلة علي الباب فعلمت أن هذه الطرقات ل "سامرين" فتحت الباب فهالها وجه "سامرين" يعلوه الاصفرار والاضطراب .. أغلقت الباب وقالت :
- مالك يا حبيبتي
قالت "سامرين" بتوتر وهي تبلع ريقها :
- أصل يا طنط حصلت حاجة غريبة .. وأنا خايفه
أجلستها علي الأريكة وقالت :
- خير يا حبيبتي ايه اللي حصل .. قولي ومتخافيش
بعد تردد مالت "سامرين" بخجل علي أذنها وهمست ببعض الكلمات في اضطرات .. أطلقت أم "فريدة" ضحكة عالية وقالت :
- هو ده بأه اللي مخوفك
قبلتها قائله :
- لا يا حبيبتي متخافيش دي حاجه عاديه وبتحصل لكل البنات
ثم قالت بمرح :
- بس كده بأه احنا بقينا عرايس حلوين وربنا هيحاسبنا علي كل حاجة .. يعني في حاجات كتير لازم تتغير
نظرت اليها "سامرين" ببراءة قائله :
- حاجات ايه يا طنط ؟
قالت أم "فريدة" بحنان وهي تمسح علي شعرها :
- يعني الشعر الحلو ده لازم يتغطي عشان خلاص كده معدش ينفع تبينيه أدام حد
ثم أشارت الي يديها العاريتين وقالت :
- ولازم نلبس لبس يغطي جسمنا وميبينهوش .. وكمان الصلاة أنا عارفه انك بتصلي بس مقطع .. كدة خلاص معدش ينفع تقطيع في الصلاة لازم تصلي زي البنات الحلوين .. ماشي يا "سامرين"
أومأت برأسها قائله :
- ماشي يا طنط

في اليوم التالي عاد "مهند" الي البيت ليسمع ضحكات أمه و "سامرين" قادمة من الشرفة .. اتجه اليهما مبتسما .. اتسعت ابتسامته وهو ينظر الي "سامرين" بدهشة وقد لفت شعرها بحجاب طويل .. جلس علي المقعد بينهما وهو يقول :
- ايه ده .. من امتي الكلام ده
ضحكت أمه قائله :
- من النهاردة .. خلاص "سامرين" هتلبسه ومش هتقلعه .. مش كدة يا "سامرين"
قالت وهي تحتسي العصير :
- أيوة يا طنط
ابتسم "مهند" وهو ينظر الي المشروب في يدها قائلا:
- أبريه ؟ طيب مش كنتي تسيبيلي شويه .. أنتي عارفه اني بحبه
بتلقائية مدت يديها بكوبها النصف ممتلئ الي "مهند" فقرص خدها بلطف ثم أمسك يدها يعيدها اليها قائلا :
- لا يا حبيبتي بهزر معاكي .. بالهنا والشفا
بعد العشاء نزلت "سامرين" متوجهة الي شقتها .. فنهض "مهند" وهو يشعر بالانهاك قائلا :
- تصبحي علي خير يا ماما
أوقفته أمه قائله :
- "مهند"
التفت اليها فصمتت قليلا ثم قالت :
- حبيبي "سامرين" معدتش صغيرة .. معدش ينفع تهزر معاها كدة
بهت "مهند" للحظات فأكملت أمه :
- عارفه انك بتعاملها زي أختك الصغيرة .. بس "سامرين" كبرت علي المعاملة دي
صمت للحظات ثم أومأ برأسه ودخل غرفته يبدل ملابسه شاردا


********************
((بعد مرور 4 سنوات ))
ارتدت المريلة الكحلي لأول مرة .. نظرت في المرآة قبل أن تحمل حقيبة المدرس علي كتفها وتدخل المطبخ تتناول ثمرة فاكهة بدل الفطور .. فمنذ طلاق أبيها من زوجته الثانية أصبح عبء البيت علي كاهلها وكثيرا ما تنسي نفسها في تناول طعام صحي .. فتحت الباب وخرجت .. ابتسمت عندما رأت "مهند" ينزل قائلا :
- رايحه المدرسة؟
أومأت برأسها وقالت بخجل :
- أيوة النهاردة أول يوم
ابتسم قائلا :
- ربنا معاكي
نزلت أمامه فرأت "نهلة" التي تنتظرها أمام البوابة وهي تصيح قائلا :
- ما بدري يا ست هانم
صمتت "نهلة" بعدما رأت "مهند" يخرج خلف "سامرين" ويسير في طريقه الي عمله .. تابعته بعيناها فهتفت "سامرين" :
- يلا يا بنتي سرحتي في ايه
أفاقت "نهلة" من شرودها وسارت برفقة صديقتها الي أول أيامهما في المرحلة الثانوية .. في احدي الحصص .. وبينما المعلمة مندمجة في شرح الدرس .. التفتت "نهلة" فشعرت بالحنق وهي تري القلوب التي ترسمها "سامرين" في كراستها وقد اخترقتها أسهم تحمل حرفي "m" و "s" .. فهتفت بصوت منخفض :
- "سامرين" ركزي بدل الهبل اللي بتعمليه ده
ابتسمت "سامرين" وهي تغلق كراستها وتهمس بهيام :
- الهبل ده نفسي أوي يحس بيه
قالت "نهلة" بحدة :
- أصلا لو قولتيله علي اللي انتي حساه نحيته مش هيحترمك وهيقول عليكي بنت قليلة الأدب
هتفت "سامرين":
- يا بنتي انتي عبيطة .. بقولك بس نفسي .. أكيد طبعا مش هروح أقوله حاجه زي دي .. ده أنا أتكسف موت
تمتمت "نهلة"بحنق :
- طيب نركز في الشرح بأه ضيعتي علينا نص الحصة

عادت "سامرين" من المدرسة تسير في طريقها شارده .. همت بالدخول من البوابة لكنها فوجئت ب "رامي" يخرج منها وهو يصفر قائلا :
- ايه يا بت الحلاوة دي .. والله ولبسنا المريلة الكحلي
داعب وجنتها بأصابعه فأزاحتها بعنف وهي تقول :
- "رامي" قولتلك مبحبش الهزار بالايد .. حرام
قال بحدة :
- ايه يا بت انتي هتعملي فيها آنسه ولا ايه .. ما أنا بهزر مع بنات خالتي بايدي وأكبر منك
قالت بتحدي :
- أنا بأه مش زي بنات خالتك .. أنا مش زي أي بنت
أطلق ضحكة عاليه استفزتها .. حاولت الدخول من البوابة فسدها بجسده وهو يقول مداعبا :
- يا واد يا واثق انت .. أحب أنا اللي تبقي واثقه من نفسها كده
رفعت أحد حاجبيها وهي تضع يديها في خاصرتيها قائله :
- ممكن تعديني
تطلع اليها بجرأة وقال :
- تدفعي كام
لكن ابتسامته تلاشت عندما رأي "مهند" قادما تجاههما وعلي وجهه امارات الغضب .. قال "مهند" بحده :
- في ايه يا "رامي" متعديها
قال "رامي" بعناد وقد ضايقه حدة "مهند" :
- بنت عمتي وبهزر معاها فيها ايه يعني
قال "مهند" بغضب مكبوت :
- عديها يا "رامي" مينفعش تفضل واقفه تتكلم مع شابين لوحدها كده .. واياك تمد ايدك عليها تاني
كانت "سامرين" تنظر اليهما بإضطراب .. كتف"رامي" ذراعيه أمام صدره وهو ينظر اليه بتحدي قائلا :
- مالك انت أمد ايدي عليها ولا ما أمدش .. اذا كان أبوها نفسه لما بهزر معاها أدامه كده مبيقوليش حاجه .. هتعملي فيها ولي أمرها
قال "مهند" بغضب وهو ينظر الي "سامرين" بعينان تشعان شررا :
- هو انتوا متعودين تهزروا مع بعض كده ؟
قبل أن يجيب "رامي" هتفت "سامرين" بسرعة ولهفة وكأنها تنفي عن نفسها تهمة :
- لا والله .. دي مرة واحدة بس اللي هزر معايا بإيده وبابا قالي عادي ده ابن خالك .. بس أنا زعقتله وقولتله ميهزرش معايا كده تاني
وضع "رامي" كفيه في بنطاله وغادر وهو ينظر الي "مهند" بسخرية قائلا:
- سيبهالك مخضرة
دخلت "سامرين" بتوتر تصعد الدرجات التي تفصلها عن باب الشقة .. أنزلت حقيبتها من فوق كتفها تبحث عن المفتاح .. تجاوزها "مهند" ثم التفت اليها قائلا :
- "سامرين"
التفتت اليه بلهفه وتوتر فقال بحزم :
- لو "رامي" ضايقك تاني مترديش عليه وتعالي قوليلي علي طول
صمتت وهي تتطلع اليه بأعين مبتسمه .. فقال بحزم :
- سمعتي ؟
أومأت برأسها وهي تحاول أن تخفي الابتسامه التي أرادت أن تقفز الي شفتيها .. خفق قلب "مهند" وهو يتطلع الي عينيها البنيتين ونظراتها فوقع شئ في قلبه جعله يغض بصره عنها ويشيح بوجهه مكملا صعود الدرجات الي بيته .. دخلت "سامرين" غرفتها ودارت فيها وهي تمسك عروستها .. ثم جلست علي الفراش وهي تنظر اليها بأعين حالمه وتهمس لها قائله :
- تفتكري بيغير ؟


اسطورة ! غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-10-15, 02:41 PM   #29

اسطورة !

نجم روايتي ومشرفة سابقة وفراشة متالقة بعالم الازياء

alkap ~
 
الصورة الرمزية اسطورة !

? العضوٌ??? » 120033
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 15,367
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل السادس والعشرون
وقفت "سامرين" أمام المرآة تضع زبدة شفاه حمراء علي شفتيها وتدلكهما ببعضهما البعض عدلت حجابها ونادت علي والدها قائله :
- بابا أنا خارجه
أتاها صوته منغرفة النوم قائلا :
- طيب اقفلي الباب كويس وراكي
نزلت "سامرين" الدرج بخفه .. وسرعة .. اصطدمت أثناء خروجها من البوابه بصدر "مهند" الذي كان متوجها الي الداخل .. تراجعت الي الوراء بخجل وانتظرت أن يفسح لها الطريق .. انتفضت عندما سمعت نبرات صوته الغاضبه وهو يقول :
- ايه الهباب اللي حطاه علي شفايفك ده ...
قالت بتوتر وهي تمسح الصبغة الحمراء بلسانها :
- دي زبدة كاكاو
قال بحزم :
- امسحيها
أخرجت منديلا من حقيبتها المسدلة فوق كتفها ومسحت شفتيها .. فأفسح لها الطريق .. أطرقت برأسها وتوجهت الي البناية المقابله حيث كتب كتاب ابنة جيرانهم .. سلمت علي العروس وجلست بجوار "نهلة" التي قالت لها بعد فتره :
- مالك مبتسمه كده ليه من أول ما دخلتي
مالت علي أذنيها قائله بنشوه :
- وأنا نازله قابلت "مهند" علي السلم .. كنت حطه زبدة كاكاو زعقلي وقالي أمسحها
غارت عينا "نهلة" وهي تقول بإقتضاب :
- وايه يعني
قالت "سامرين" بلهفة :
- تفتكري بيغير عليا .. هو مبيرداش أبدا اني احط ميك آب ولو لبست لبس ضيق شويه بيزعقلي .. حتي مبيرداش يخليني أقف أتكلم مع "رامي"
قالت "نهلة" بحده :
- أنا أصلا مش عارفه انتي بتسمحيله يتحكم فيكي كده ويزعقلك كده ازاي .. المفروض توقفيه عند حده قوليله ملكش دعوه بيا انت مش ولي أمري
قالت "سامرين" بهيام :
- بالعكس أنا ببقي مبسوطة أوي لما بيعمل كده .. بفرح أوي لما بيعلق علي حاجات خاصة بيا .. بحس انه مسؤل عني واني أهمه
احتقن وجه "نهلة" وصمتت قليلا ثم قالت بحزم:
- أصلا اللي بيعمله ده مش معناه انه حاسس بحاجه نحيتك .. هو بيعتبرك زي "فريدة" أخته وعشان كدة بيتعامل معاكي بالشكل ده .. لكن مش غيره ولا حاجه .. أصلا هو أكيد شايفك عيله صغيره
لاحت امارات الحزن علي وجه "سامرين" وتحولت السعادة في عينيها الي أسي

***************************
وقفت "سامرين" في المطبخ تقطع صنية البسبوسة وتضعها في طبق تقديم كبير ..
ارتدت الاسدال وحملت الطبق وصعدت به الي الأعلي .. فتح لها "مهند" فابتسمت بخجل سلمت علي أم "فريدة" التي قالت ببشاشه :
- ايه ده يا "سامرين"
قالت بسعادة ممزوجة بالخجل :
- دي بسبوسة يا طنط أنا اللي عملاها
هتفت أم "فريدة" :
- تسلم ايدك يا حبيبتي
توجهت الي المطبخ قائله :
- هروح أجيب اطباق
وضعت قطعتين في طبق وقدمته الي أم "فريدة" ثم فعلت المثل مع "مهند" وهي تطرق برأسها مبتسمه بخجل .. تناوله منها قائلا :
- تسلم ايدك يا "سامرين"
شعرت بالسعادة لكلماته كما لو كان أسمعها غزلا .. رأته يزيح القشدة بطرف الملعقة فقالت :
- بتشيلها ليه .. دي حلوة
ابتسم قائلا :
- مبحبهاش بالقشطة
هتفت أم "فريدة" :
- الله .. تسلم ايدك يا "سامرين" حلوة أوي
جلست وهي تقول بسعادة :
- بالهنا والشفا يا طنط
نهضت أم "فريدة" فجأة وتركت طبقها قائله :
- نسيت الأكل علي النار
بعد لحظات شعر "مهند" بالحرج من جلوسه بمفرده معها .. فنهض حاملا طبقه .. قالت "سامرين" بنبرة حزينة التقطتها أذناه :
- انت ليه معدتش بتتعامل معايا زي الأول؟
التفت اليها فأكملت بتوتر :
- انت مضايق مني في حاجه ؟ .. بحس علي طول انك مضايق مني ومبتحبش تعد معايا لما آجي
أطرق برأسه للحظات صامتا ثم قال بهدوء :
- لا انتي غلطانه أنا مش مضايق منك ولا حاجه .. وان كنتي شايفه فرق في معاملتي معاكي .. فده لانك كبرتي ومعدتيش "سامرين" الصغيرة بتاعة زمان
ثم قال مبتسما :
- يعني مينفعش أعد معاكي أنا وانتي لوحدنا .. بصراحة بقيت بتحرج
أطرقت برأسها بخجل .. توجه الي غرفته فتركت شفتيها تتسعان لتعرب عما بداخلها من سعادة لكلماته التي أشعرتها بأنه يراها فتاة كبيرة .. يتعامل معها كأنثي .. وليس كطفلة

************************
(( بعد مرور عامان ))
قال "حمدي" :
- بس يا "عدنان" "سامرين" لسه في تالتة ثانوي
قال "عدنان" بمرح :
- بصراحة الواد خايف لتطير من ايده .. واحنا أولي بلحمنا .. وده ابن خالها يعني هيحطها في عنيه .. فعلي الأقل نلبس دبل دلوقتي .. ولما تخلص جامعتها يبقوا يتجوزوا
فكر "حمدي" قليلا ثم قال :
- بس فهم ابنك ان مفيش كتب كتاب الا قبل الفرح باسبوع .. عشان ميتنططليش كل شويه ويقولي نكتب الكتاب
قال "عدنان" :
- خلاص زي ما تحب .. عرف بأه "سامرين" بالموضوع .. وبالليل هكون عندكوا مع "رامي" و أم "رامي" و يا سلام لو ننزل نشتري الدبل النهاردة .. الواد "رامي" هيفرح أوي
أومأ "حمدي" برأسه قائلا :
- علي خيرة الله

تلقت "سامرين" لكمة قوية في ذراعها من "حمدي" وهو يهتف قائلا :
- يا تيييييييييييت اعقلي لربيكي عايزه تصغري رقبتي أدام الناس
أخذت "سامرين" تفرك ذراعها بألم وهي تهتف باكية :
- أنا مبطقش "رامي" ازاي اتجوزه
صاح "حمدي" فيها :
- هتتجوزيه ورجلك فوق رقابتك أنا محدش يكسرلي كلمة يلا قومي فزي البسي عشان خالك ومراته وابنه جايين بعد شوية وهنروح نشتري الدبل
دخلت "سامرين" غرفتها وألقت بنفسها فوق فراشها وقد أجهشت في بكاء مرير .. بعد دقائق طويلة نهضت وغسلت وجهها ودون أن يشعر والدها فتحت الباب وصعدت .. الي حيث ملجأها ومأمنها .. امتقع وجه "مهند" وهو ينظر الي وجهها الباكي وقال بلهفة :
- في ايه يا "سامرين" .. مين اللي زعلك ؟
تمتمت بصوت مضطرب :
- ممكن أدخل
لكنه ظل واقفا يسد الباب وقال بخفوت :
- ماما مش هنا
أومأت برأسها وقد تجمعت العبرات في عينيها وهمت بأن تنزل .. لكنها توقفت والتفتت تنظر اليه فوجدته لايزال واقفا أمام الباب وعلامات الضيق علي وجهه .. فنظرت اليه وهي تقول بنبره ذات معني:
- خالو "عدنان" و ابنه "رامي" هينزلولنا بعد شوية عشان نروح نشتري الدبل
تجمد "مهند" في مكانه واتسعت عيناه وهو يقول :
- دبل ايه ؟
قالت والعبرات تتساقط من عينيها :
- "رامي" اتقدملي و بابا وافق
رمقته بنظرة وكأنها تستنجد به .. ثم نزلت ودخلت بيتها .. ظل "مهند" واقفا في مكانه أمام الباب لفترة قبل أن يدخل ويجلس في وجوم .. عادت أمه من الخارج لتجده جالس فوق أحد المقاعد كالتمثال .. فاقتربت منه قائلا :
- مالك يا "مهند"
قال بوجوم :
- "سامرين" طلعت من شوية .. بتقول ان "رامي" اتقدملها وأبوها وافق .. وهيروحوا يجيبوا الدبل النهاردة
جلست أمامه دون أن يبدو عليها الدهشة وهي تقول :
- ما أنا عارفه
نظر اليها بدهشة قائلا :
- عرفتي منين ؟
قالت :
- بعد ما "عدنان" كلم "حمدي" النهاردة الصبح في الشغل .. أم "رامي" نزلت وعرفتني اللي حصل
قال بحدة :
- وليه ما قولتليش يا ماما
تفرست فيه قائله :
- عادي .. قولت أستني لما أشوف رأي "سامرين" وأبقي أقولك وننزل نباركلها
احتد وهو يقول :
- نباركلها علي ايه دي كانت مقطعه نفسها من العياط هي عمرها ما كانت بتطيق "رامي" ومستحيل توافق عليه أنا عارفها كويس
رفعت أمه حاجبيها قائله :
- ده بدل ما تعقلها وتحاول تقنعها ب "رامي"
هب واقفا وهو يقول بعصبيه :
- "رامي" ايه ده اللي أقنعها بيه .. ماما انتي بتلعبي بأعصابي ؟
لاحت ابتسامه علي شفتيها ونظرات خبث في عينيها وهي تقول :
- وهلعب بأعصابك ليه يعني
نظر اليها "مهند" بثبات وهو يقول بحزم :
- انتي عارفه كويس اني عايزها ليا .. واني حاطط عيني عليها
أطلقت أمه ضحك عالية وهو تقول :
- هعرف منين يا ابني هو انت عمرك نطقت بحاجه
قال بعصبية :
- أنا واثق انك كنتي حسه
ابتسمت بلؤم وقالت :
- طبعا كنت حسه .. ده أنا اللي مربياكوا انتوا الاتنين
قال "مهند" بلهفة :
- طيب ما دمتي عارفانا احنا الاتنين .. قوليلي بأه .. هي حسه بحاجه نحيتي ولا مشاعرها مشاعر اخوة من أكتر من كدة
أطلقت أمه ضحكة عاليه وهي تقول :
- اخوة ايه يا "مهند" ده اللي ميشفش م الغربال يبقي أعمي .. البت بتحبك من ساعة ما فتحت عنيها علي الدنيا
ابتسم "مهند" بسعادة وقال :
- طمنتيني ربنا يطمن قلبك
لكن ابتسامته ما لبثت أن تلاشت وحل محلها التوتر وهو يقول :
- طيب هنعمل ايه دلوقتي دي بتقول نازلين يشتروا الدبل
ضحكت أمه بسعادة قائله :
- قولتلك يا ابني أنا اللي مربياكوا وأكتر واحدة في الدنيا دي عارفاكوا وحفظاكوا .. "سامرين" قويه .. ومتحبش حد يغصبها علي حاجة هي مش عايزاها .. والله لو أبوها مسكلها السكينة وقالها هموتك هترفض "رامي" ولا هيهمها
فكر "مهند" قليلا ثم سألها :
- يعني رأيك متدخلش
قالت بحكنة :
- لا متدخلش .. لو اتدخلت هتحصل مشاكل .. سيبها تيجي منها
دخل غرفته وهو يشعر بالإضطراب .. خشي أن تضعف قوتها أمام اصرار والدها .. توضأ وصلي ركعتين دعا فيهما الله عز وجل أن يجعلها نصيبه .. و حلاله

**********************
في صباح اليوم التالي فتحت أم "فريدة" الباب فقابلتها أم "رامي" بوجهها الممتقع .. دخلت صامته وجلست في وجوم .. جلست أم "فريدة" بجوارها وهي تسألها بإهتمام :
- خير يا أم "رامي" كفا الله الشر
وكأنها كانت تحتاج الي هذا السؤال لتندفع الكلمات من بين شفتيها بحدة وعصبية :
- البت المفعوصة اللي كنت بغيرلها البامبرز من كام سنة تقف عند الصايغ وبكل قلة أدب وبجاحه تقول انها مش عايزة تتجوز ابني
لاحت ابتسامة ارتياح علي شفتي أم "فريدة" أخفتها سريعا .. فأكملت أم "رامي" بغضب :
- تصوري لا همها أبوها ولا خالها ولا عملت اعتبار لحد ورفضت انها تنقي الدبل .. رجعنا من عند الصايغ وأفانا يقمر عيش .. الواد ابني منقوط من امبارح يا كبدي عليه صعبان عليه نفسه ان حتت بت زي دي ترفضه .. و "عدنان" هيطق هو كمان لانه فضل يحايل فيها أكنه بيشحت علي ابنه والهانم مركبة الوش الخشب وبتتكلم بطريقة لو شوفتيها يا أم "فريدة" تقولي ان عمرها ما شافت ربايه
قاطعتها أم "فريدة" وقالت :
- لا "سامرين" متربية متقوليش عليها كدة
هتفت أم "رامي" بحدة:
- لو شوفتيها امبارح كنتي قولتي زي ما بقول بالظبط
ثم قالت بشماته :
- بس أبوها رباها .. أول ما رجعنا واتقفل عليهم الباب .. واحنا طلعين سمعناه وهو ببضربها .. أحسن خليها تتعلم الأدب قليلة الحيا دي
هتفت أم "فريدة" قائله :
- لا حول ولا قوة الا بالله .. هو الجواز بالغصب .. يضربها ليه "حمدي" .. البت من حقها تقول آه أو لأ هي حره
قالت أم"رامي" بأنفه :
- هو ابني "رامي" يترفض برده .. دي البنات بتتجنن عليه .. وسامة وشياكة ومرتاح وهيهنيها لكن هيا وش فقر
ثم قالت بغل :
- الواد "رامي" أول ما لقاها مصره علي الرفض قال ل "حمدي" في وشه شكل بنتك شايفالها شوفه تانيه وحد لاعب بعقلها
هتفت أم "فريدة" بغضب :
- وكمان بتخوضوا في عرض البت .. لا حول ولا قوة الا بالله .. اتقوا ربنا دي البت غلبانه ومش ناقصه كفايه اللي شفته في جوازة أبوها .. دي أقل حاجه بتراضيها وبتفرح بيها .. الجواز مش بالغصب طالما مش عايزاه هي حره
خرجت أم "رامي" من بيت أم "فريدة" وهي تشعر بالغضب الشديد لعدم وقوفها في صفها .. ولدفاعها عن"سامرين"

وقفت "سامرين" تنظر الي المرآة تتحسس الكدمة التي خلفتها صفعة والدها علي خدها الأيسر .. سمعت طرقات علي الباب فارتدت اسدالها وفتحته ليخفق قلبها بقوة ويسقط أرضا وهي تري "مهند" أمامها .. لم يكن حاله مختلفا .. تعالت ضربات قلبه الذي ارتوي لرؤيتها وتألم لما أصابها .. ود لو مد أصابعه يتحسس تلك الكدمة ويقبلها برقة محاولا تخفيف آلامها .. انتبه لنفسه فغض بصره وقال بصوت مضطرب فضح مشاعره الجياشه :
- "سامرين" اطلعي لماما عايزاكي
غادر بسرعة فحملت "سامرين" المفتاح وصعدت الي الأعلي .. قصت علي أم "فريدة" ما حدث من رفضها شراء الدبل رغم اصرارهم الشديد الذي وصل الي حد تعنيفها .. ظنوا في بداية الأمر بأنه تمنع العروس الخجول .. لكن ثارت ثائرتهم بعدما أيقنوا من أن رفضها قاطع لن تتزحزح عنه .. ربتت علي ظهرها قائله :
- معلش يا بنتي .. أنا مش عارفه هما بيفكروا ازاي .. هو في حد بيتجوز بالغصب .. ربنا يهديهم
ابتسمت "سامرين" رغم ألم وجهها وهي تقول :
- الحمد لله اني خلصت منه .. أصلا اضايق مني جدا وكان متنرفز يعني خلاص مش هيبص في وشي تاني
ابتسمت أم "فريدة" بحنان وهي تقول :
- للدرجة دي مكنتيش عايزه "رامي"
أومأت برأسها بقوة .. فقالت أم "فريدة" بلؤم :
- طيب في حد تاني حطه عينك عليه
اضطربت "سامرين" وأجابت بسرعة :
- لا طبعا يا طنط
قالت أم "فريدة" مبتسمة بخبث وعيناها تلمع بمرح :
- يعني مش حسه بأي حاجه كده ولا كده نحية "مهند" ابني
توقفت "سامرين" عن التنفس وقد شعرت بالفزع .. عادت لتلهث وكأنها تبذل مجهودا شاقا .. احتقنت وجنتاها بالدماء الساخنة .. بل امتدت لوجهها كله وهي تطرق برأسها .. ربتت أم "فريدة" علي كفها بحنان وهي تقول :
- أنا كنت حابه استني شويه لحد ما الموضوع يهدي بس "مهند" أصر اني اكلمك دلوقتي وأعرف رأيك
شعرت بأنها لحظات وتفقد وعيها .. ضحكت أم "فريدة" وقالت :
- مالك متبرجله كده ليه .. أول مرة أشوفك مكسوفة كدة
ثم قالت :
- ها قوليلي .. يكلم أبوكي ولا ياخدها من قاصرها وميحرجش نفسه معاه
أطرقت "سامرين" برأسها لا تقوي علي النظر اليها فحثتها أم "فريدة" ضاحكة :
- طيب هزي راسك وأنا هفهم
ببطء أومأت "سامرين" برأسها ايجابا .. وقبل أن ترد عليها أم "فريدة" سمعتا طرقات علي الباب ثم صوت المفتاح يجول فيه .. توترت "سامرين" واضطربت بشدة وهي تري "مهند" يدخل البيت .. ودت لو نهضت هاربه لكنه وقف أمام المنفذ الوحيد للهرب .. نهضت والدته ووقفت أمامه قائله :
- كنت واثقه انك مش هتصبر .. وانك مستعجل تعرف ردها
بلغ من "سامرين" الحياء مبلغه ودت لو انشقت الأرض وابتلعتها .. شعرت بأن نبضات قلبها العاليه تكاد تصل الي أذنيه .. ان لم تكن قد وصلت بالفعل .. نظرت "مهند" الي أمه مستفهما .. فتنهدت قائله وهي تتصنع الحزن :
- كل شئ نصيب يا ابني .. ربنا يوفقك مع واحدة تانيه
خفق قلب "مهند" بحسرة وألم .. التفت بحدة يتطلع الي "سامرين" بعتاب و التي رفعت رأسها وتطلعت الي عيناه وعيناها تصرخ قائله بلوعة :
- كلا .. لم أرفضك .. كيف أرفضك .. كيف أرفض من سكن فؤادي وملء كياني بحبه وعشقه .. كيف أرفض من علمني أولي كلماتي وأولي خطواتي .. كيف أرفض من تفتحت عيناي علي رؤية وجهه ومن احتواني صدره فكان ملجأي وأمني وأماني .. كيف أرفض من ذابت كلمات الهوي علي شفتاي كلما رأيته .. كيف أرفض من اعتلي قلبي حتي جلس متربعا علي عرشه لا ينازعه فيه أحد .. أحبك يا من تقطعت أنفاسي لقربه .. وودت لو تتوقف في بعده .. أحبك يا من سقيتني حنانك رشفه بعد رشفه فما كان من قلبي الضعيف الا أن سار ثملا فوقع أسيرا لعينيك .. متعطشا لأن ينهل المزيد من بحر حنانك .. تحركني أمواجك كيفما شئت ووقتما شئت .. كيف تسألني ان كنت أقبل بأن أكون وليفتك .. هذا لا يحتاج الي سؤالي .. فنظره الي عيناي تخبرك بحالي
قرأت عيناه كلمات عينيها .. فعلت البسمة ثغره وخفق قلبه يرقص طربا بين ضلوعه .. التفت ينظر الي أمه بتحدي .. فنقلت بصرها بينهما وهي تقول بمرح :
- آه يعني أطلع منها أنا
اقترب "مهند" منها وقبل رأسها فربتت علي صدره قائله :
- ربنا يهنيكوا ببعض يا ابني

*************
سجد "مهند" لله شكرا بعدما تلقي الموافقة والقبول به خطيبا ل "سامرين" لكن هذا الخبر سبب شقاق كبير في نفس "عدنان" و "رامي" وأمه اعتبروا رفض "سامرين" ل "رامي" وقبولها ب "مهند" اهانه كبيرة لهم خاصة مع مميزات "رامي" المادية والتي لا يتمتع بها "مهند" تعجبت "سامرين" من ذلك كلاهما ابن خالها لكن من حقها أن تختار الزوج الذي تتمني أن تقضي معه بقية عمرها لم تحسبها بالمال أيهما أغني بل امتثلت لأمر النبي عندما قال : "اذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه" فاذا أضيف الي ذلك حبها له منذ الصغر فسيكون رفضها له هو ضربا من الجنون أصر "مهند" علي كتب الكتاب فالخطوبة لن تقدم له جديدا لأنه لن يستطيع الاختلاء بها ولا التحدث معها كيفما شاء وافق "حمدي" علي مضض وفي اليوم الموعود علقت الزينه وبثت الأناشيد من بيت أم "فريدة" وحولها الأهل والصحب تزينت العروس وجلست مع النساء فأميرها الولهان يغار عليها من عيون الرجال استأذن للدخول وسط الفرح والحبور وامتدت يداه للمس تلك اليد التي حرم عليه لمسها منذ أن كانت في العاشرة منذ أن تفجرت أنوثتها وخرجت من شرنقة الطفوله ها هو يلمسها مرة أخري ويحضنها بكفه كف الصغيرة كبر وأصبح كف أنثي يذوب قلبه حبا لها أدخل خاتمه الذهبي في اصبعها ليعلن للعالم بأسره أن تلك الفتاة صارت فتاته حقه وملكه وممتلكاته تركت كفها طيا بين كفه مستسلما للمسات تلك الأصابع التي تشد عليه فتنتقل عبرها نبضاته قلبه لترتطم بنبضات قلبها محدثة ذبذبات في جسدها وقشعريرة لذيذة ودت لو استمرت للأبد تركت أصابعه كفها علي مضض علي وعد بلقاء آخر أكثر حراره بعيدا عن العيون المتلصصة
أشع من عيون الجميع الفرح والسرور وانهالت الدعوات الصادقة من قلوب مخلصة قلب واحد امتلأ حقدا وكرها حتي غارت العينان وتجعد الجبين تطلعت "نهلة" الي "سامرين" الضاحكة بقلب مغلول وصدر يحمل بين جنباته الغيرة والحسد فازت صديقتها بقلب الرجل الوحيد الذي أحبته وتمنته لكنه لم يعيرها حتي مجرد نظرة بينما خفق قلبه بحب صديقتها تأملته "نهلة" وهو يضع خاتمه في أصابع "سامرين" وعيناه تشعان حبا وعشقا وهياما فازدادت غيرتها وظلت تأكل بقلبها حتي أحرقته من الغيظ
**************************
تعالي هدير البحر ليحمل الزبد الي الشاطئ يروي رماله الظمآنة .. اقتربت بعدها موجة عاليه حتي وصلت الي مقدمة الصخرة التي يجلس عليها هذان العاشقان اللذان يتهامسان بنعومه بينما نظرات كل منهما تحتضن الأخر .. وتتشبك الأصابع كأنها تتحدي الناظر اليهما أن يستطيع تفريقهما عن بعضهما البعض .. أحاط "مهند" كتفي "سامرين" بذراعه فوضعت علي الفور رأسها فوق صدره تستمع في استكانه الي نبضات قلبه المختلطة بصوت البحر .. همست قائله وهي تتطلع الي شمس الغروب :
- تعرف نفسى في ايه .. نفسي نفضل هنا ومنروحش أبدا
ابتسم "مهند" مقبلا رأسها وهو يقول :
- عارفه بأه أنا نفسي في ايه .. نفسي أجيب منك ولاد كتير .. ويبقي عندي أسرة كبيرة أوي
رفعت رأسها وابتسم له قائله :
- طيب ولو مخلفتش الا بنات هتزعل ؟
قال علي الفور :
- أنا لما قولت ولاد كان قصدي أطفال .. يعني صبيان وبنات .. أنا عمري أبدا ما هفرق بين ولادي وبناتي .. عمري ما هسمح للغيرة انها تدخل بينهم .. الرسول أمرنا اننا نعدل بين أبنائنا
صمت قليلا ثم قال :
- اللى بيفرق بين البنت والولاد فى المعاملة ويضايق من خلفة البنات ده بيعمل زى ما كانوا بيعملوا فى الجاهلية "وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًا وَهُوَ كَظِيمٌ" .. نسوا ان ربنا سبحانه وتعالى بيقول "لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور· أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير"
ثم قال بحزم :
- الرجاله اللى بتكره خلفة البنات دى رجاله جاهلة ميعرفوش ان البنات سبب فى دخول أبوهم الجنة .. النبي صلى الله عليه وسلم قال : "ما من مسلم له ابنتان فيحسن إليهما ما صحبتاه أو صحبها إلا أدخلتاه الجنة" .. وقال كمان : "من سعى على ثلاث بنات فهو في الجنة وكان له كأجر مجاهد في سبيل الله صائماً قائماً" .. وفى مرة دخل راجل من الأنصار على النبي صلى الله عليه وسلم وقاله : "يا رسول الله إن لي بناتاً وأنا أدعو عليهن بالموت فقال : يا بن ساعدة لاتدع عليهن فإن البركة في البنات هن المحملات عند النعمة والمنعيات عند المصيبة والممرضات عند الشدة تقلهن على الأرض ورزقهن على الله" .. وقال كمان : "من كان له ثلاث بنات يؤدبهن ، ويرحمهن ، ويكفلهن ، ويزوجهن ، وجبت له الجنة البتة " .. قيل : يارسول الله ، فان كانتا اثنتين ؟ .. قال : " وان كانتا اثنتين " .. قال : فرأى بعض القوم ان لو قالوا : واحدة ، لقال : واحدة"
ثم نظر الى "سامرني" قائلاً :
- تعرفى ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : "سووا بين أولادكم في القبل "
نظرت "سامرين" اليه بدهشة وهى لا تزال واضعه رأسها فوق صدره فأكمل قائلاً :
- يعني حتى البوسة النبي أمرنا اننا نساوى فيها بين ولادنا منبسش واحد وننسى التانى .. لان ده هيولد الغيره والحقد والحسد فى نفوسهم
ثم قال بحزم :
- مش ممكن أغلط غلطة جدى وأفرق فى المعاملة بين ولادى
تنهدت "سامرين" بأسى وقالت :
- أنا مضايقه أوى ان عيلتنا مشتته كده .. جدو طول عمره مبيحبش ماما ولا خالتو "كوثر" و لا خالتو "انعام" وبيعاملهم وحش .. مامتك حكيتلى كده .. ده حتى ولاده الولاد بيفرق بينهم وطول عمره مسلم كل شغله هنا لخالو "عدنان" وكان واخد خالو "حسنى" معاه فى القاهرة .. حتى باباك كان بيعامله وحش عشان كده اضطر يسافر يشوف شغل بره
تنهد "مهند" بأسى وهو يقول :
- جدو طول عمره كان بيعامل بناته وحش جدا لدرجة انهم كرهوه .. تيتة الله يرحمها كانت بتراضيهم بس من تحت لتحت .. كتير كنت بضايق من معاملته الوحشة لبابا .. مش ذنب بابا انه مبيفهمش فى التجارة زى عمى "عدنان" و عمى "حسنى" .. كل واحد ربنا خلقه بصفات ومواصفات غير التانى .. ولازم يبقى فى تنوع لان الناس بتحتاج بعضها عشان يكملوا بعض .. بس للأسف ظلمهم وهو عايش وظلمهم بعد ما مات .. من ساعة ما كتب كل حاجة بيملكها لعمو "عدنان" و أنا حاسس ان العلاقات خلاص اتقطعت تماما بينه وبينه العيلة فى القاهرة اللى اضايقوا جدا من اللى حصل .. حتى بابا اتصل بعمو وقاله حرام انه يقبل حاجه زى كده .. واذا كان جدو غلط هو يصلح غلطة جدى .. بس للأسف عمو "عدنان" مرجعش لاخواته حقهم اللى جدو كتبه كله بإسمه
قالت "سامرين" وهى تنظر الى البحر :
- كان نفسى نبقى عيلة كبيرة مترابطة .. وجدوا يبقى كبير العيلة .. آخر مرة سافرتله معاك ومع مامتك قبل ما يموت عاملنى وحش .. صعبت عليا نفسى .. مش معقول لسه فى حد بيفرق فى المعاملة بين البنات والولاد .. أكن البنات دول مش بشر .. أكنهم معندهمش كرامه .. رغم ان دينا جميل .. وبيدي للبنت وضعها ويحفظلها كرامتها
قال "مهند" وهو يقبل كفها :
- أنا كمان كان نفسى ان عيلتنا تكون مترابطة .. عمتو "انعام" وحشتنى أوى مسافرة من زمن مع جوزها ومخدتش أجازة بقالها فترة .. وعمتو "كوثر" بحس انها بعيدة عن الكل وواخدة جمب لوحدها .. الوحيد اللى قريب منها هو عمو "حسنى" .. يمكن لاننا عايشين هنا فى اسكندرية وهما فى القاهرة
رفعت "سمر" رأسها ونظرت اليه قائله بحده :
- فى حاجة اسمها تليفون .. حتى لو المسافة بعيدة رغم انها مش بعيدة .. حتى لما بكلمها فى التليفون بحس انها بارده معايا مش عارفه ليه .. جدو هو السبب هو اللى خلى كل أخ ميحبش أخوه ولا ولاد أخوه
ابتسم بعذوبة وهو يسند جبينه الى جبينها قائله :
- سيبك من العالم دى كلها .. أنا وانتى فى دنيا لوحدنا
ابتسمت وقالت :
- وطنط أم "فريدة" و "فريدة" وباباك كمان
اتسعت ابتسامة "مهند" ثم أبعد رأسه قائلا :
- انتى ليه بتقولى لماما طنط أم "فريدة" .. ليه مبتقوليلهاش يا ماما
صمتت فأكمل :
- ماما بتقولى سيبها براحتها ومش راضية تكلمك فى النقطة دى .. بس أنا حابب تقوليلها يا ماما
ابتسمت وقالت :
- وأنا كمان حابه .. بس خفت تضايق .. يعني هى عمرها ما طلبت منى كده.. معرفش اتكسفت
مسح على وجنتها بأصابعه وقال :
- هى مطلبتش منك لانها حبت انها تيجي منك لوحدها .. بس لو قولتلها يا ماما هتفرح أوى
أومأت برأسها وقالت مبتسمة :
- حاضر هقولها يا ماما
اتسعت ابتسامته وهو يقول برقه :
- عقبال ما تبقي انتى كمان ماما
ضحكت بسعادة وهى تنظر الى عيناه وتغوص فى بحارهما .. لم تشعر بشئ آخر الا .. زوجها .. والبحر .. والصخرة .. والهواء الذى يدغدغ وجهها

***************
لم يكن اعلان خبر خطبة "رامى" الا ردا على خبر كتب كتاب "مهند" و "سامرين" .. قدم الجميع اليه التهنئة الواجبة على الرغم من النفوس التى لم تعد صافية .. فى الشهور التالية بدأ الضجر يتسرب الى نفس "حمدى" خاصة وهو يرى ويسمع "رامى" يتحدث بتفاخر عن شقة الزوجية التى يعدها لعروسه .. بينما "مهند" لم يستطع حتى الآن شراء شبكة لابنته .. بإستثناء الخاتم الذى توج به اصبعها يوم كتب الكتاب .. بدأ الشيطان يبث سمومه فى نفس "حمدى" بأنه تسرع فى الموافقة على "مهند" والذى سيحمله عبء مصاريف ابنته وجهازها .. ود لو زوجها لرجل مثل "رامى" لن يتوانى عن تحمل كل شئ خاصة مع والد كـ "عدنان" ورث من أبيه الكثير ولم يبخل على ابنه بشئ رغم أنه استزف ماله الى حد كبير .. لكنه أراد له أن يتفاخر خاصة أمام من رفضته وفضلت عليه من هو أقل منه مالا .

كان "حمدى" دائما يسخر من هدايا "مهند" البسيطة بينما كانت "سامرين" تطير بها فرحا .. فهى من زوجها وحبيبها ونبض قلبها .. بدأ "مهند" فى العمل لساعات أطول حتى يستطيع جمع المال اللازم ليغير أثاث بيت والدته بالكامل .. بعدما اتفق مع والدها أن بيت أمه سيكون بيت الزوجية .
فى أحد الأيام عاد "مهند" متأخرا من عمله الثانى الذى يمتد الى الساعة الثانية صباحا .. كان منهك القوى يكاد يترنج من النوم الذى غلب عيناه .. وقفت "سامرين" فى الشرفة بقلق تنتظر حضوره .. رآها والقلق بادى على محياها فارتسمت ابتسامه عذبة على محياه .. توجهت الى الباب وفتحته تنتظر دخوله من البوابة .. اقترب منها فرأت الاجهاد على وجهه .. لم تشعر الا وقد لمعت عيناها بالعبرات ..فقال بدهشة :
- ايه يا "سامرين" فى حاجه مضايقاكى
قالت بتأثر :
- صعبان عليا أوى .. انت مبترتحش خالص ..خد اجازه كام يوم يا "مهند" صحتك أهم حاجه عندى
على وجهه المتعب ابتسامه حانيه وهو يقول :
- أجازة ايه .. ده أنا نفسى أفضل صاحى ومنمش وأشتغل ال 24 ساعة عشان أقدر فى أقرب وقت أجمع فلوس العفش .. نفسى بأه نبقى فى بيت واحد يا "سامرين"
ابتسمت وهى تنظر اليه بأعين مبلله وتقول :
- وأنا كمان نفسى أوى فى كده .. بس حرام عليك نفسك .. ارتاح يومين كده مش هتعرف تواصل انت حتى يوم الجمعة مبتريحش
تأمل نظراتها القلقة بسعادة ثم اقترب منها يمسح على وجنتها برفق وهو يهمس لها :
- فداكى يا حبيبتى .. فداكى أى حاجة .. المهم تبقى معايا وفى بيتى
أغمضت عينيها للحظات ثم دفنت وجهها في ذلك الصدر الذى طالما احتواها برفق وحنان

*****************
تلقى الجميع بأسى ولوعة خبر وفاة "رامى" ووالدته فى حادث مرورى عندما كانوا فى طريقهم لنقل أغراض "رامى" الى بيت الزوجية عم الحزن البيت الذى ما كان يخلو من الضحكات تأثر "عدنان" بشدة وترك كل شئ واختفى لا أحد يعلم مكانه لا يجدون له أثراً ترك كل شئ وانزوى فى احدى الشقق يأكل ويشرب وينام كانت صدمته كبيرة فى فقد أسرته الصغيرة خاصة قبيل أيام من زواج ابنه الوحيد فى تلك الفترة بدأت ضغوط "حمدى" على "مهند" تتزايد وطلباته تكثر حاول "مهند" ارضاءه بكل السبل وحاول ألا يصطدم معه من أجل حبيبته وزوجته الى أن تصير فى بيته كان على استعداد أن يتحمل كل شئ رغم احساسه بالمهانة كلما طالبه والدها بما لا يستطع غير مقدراً لظروفه كشاب فى مقتبل العمر طلب النجدة من والده لكن والده فى تلك الفترة لم يطن ليستطيع مساعدته بشئ كان عمله فى بداياته خاصة بعدما ترك كفيله الأول لمشاكل بينهما بسبب خسائر فادحة تعرض لها والده بعدما نصب كفيله عليه فبعد مرور تلك السنوات الطوال كان كمن يبدأ من الصفر فوقف عاجزا عن مساعدة ابنه كان التواصل بين "فريدة" و "مهند" عبر الهاتف وكذلك مع والدتها التى علمت منها بسوء وضع "مهند" الذى لا يستطيع الزواج لنقص ما يحمله من مال لا يكفى لتجهيز عش الزوجية كانت "فريدة" تلوم والدها كثيراً على عدم مساعدته ل "مهند" رغم تأكيده لها بأنه لا يملك ما يساعده به غير ما يرسله كل شهر منذ أن سافر من نفقة خاصة به و بطليقته كانت تساعد فى المصاريف ومنها استطاع "مهند" طوال تلك السنوات أن يفتح دكانا خاصا به لبيع مستلزمات الكمبيوتر فكر كثيرا فى بيع محتويات الدكان وتجهيز البيت بالمال لكن عندها سيبقى بلا عمل بالإضافه الى رفض "حمدى" بتلك الفكرة تماما قائلاً :
- أنا مش هجوز بنتى لواحد عاطل مش هيقدر يصرف عليها
كانت تلك الكلمات كالخناجر فى صدر "مهند" مما دفعه للعمل الاضافى لتجهيز البيت بأفضل ما يبكون لكن شهر وراء شهر مر العام دون جديد لم يستطيعا لا شراء غرفة النوم والتى أصر "حمدى" على المشاركة فى اختيارها فقضت تكلفتها على ما مال "مهند" فلم يبقى معه الا القليل الذى يكاد يكفى للفرح حاول كثيراً استرضاء "حمدى" بأن يتم الزفاف بغرفة النوم التى اشتراها على أن يكمل تجهيز البيت فيما بعد لكنه قال بتزمت :
- ليه ان شاء الله انت واخد واحده من الشارع ازاى تدخل على عفش قديم مش كفاية انهاه تعيش مع أمك فى بيت واحد
عاد "مهند" الى الصفر مرة أخرى يحسب الأيام والشهور التى تفصله عن تحقيق حلمه حاول كثيرا البحث عن "عدنان" لطلب المساعده منه لكن لم يهتدى اليه سبيلا سافر الى "حسنى" يستسمحه فى أن يسلفه بعض المال لاتمام زواجه لكنه قوبل بالصد حتى أنه توجه مرغما الى "كوثر" والتى لم يكن ردها بأفضل من رد أخيها كمحاولة أخيرة هاتف "انعام" يطلب منها أن تسلفه بعض المال لكنها بحسرة أخبرته بأنها لا تملك مالا خاصا بها طلبت من زوجها مساعدة ابن أخيها لكنه رفض مساعدته لربما لأنه يعلم بظروفه ويعلم بأنه لن يستطيع در المال حاول أن يوازن بين ما تبقى معه وبين طلبات "حمدى" لكنه فشل بدا وكأنه "حمدى" يصعب عليه الأمر ويعسر أمر زواجه لم يعلم "مهند" بأن الشيطان لعب برأس "حمدى" حتى تملك منه خاصة بعدما أبدى أحد أصدقائه اعجابه ب "سامرين" وطلبها لابنه دون أن يعلم بأمر زواجها من"مهند" عند تلك النقطة صمم "حمدى" بكل ما أوتى من قوة على التفريق بين "مهند" و "سامرين" خاصة وأن له مصالح كثيرة مع هذا الرجل ولكم يريد أن تتوطد العلاقات بينهما بالنسب فعزم فى نفسه قائلاً :
- لازم أفرق بينهم بأى شكل !


اسطورة ! غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-10-15, 03:17 PM   #30

اسطورة !

نجم روايتي ومشرفة سابقة وفراشة متالقة بعالم الازياء

alkap ~
 
الصورة الرمزية اسطورة !

? العضوٌ??? » 120033
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 15,367
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond reputeاسطورة ! has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل السابع والعشرون
فتحت أم "فريدة" الباب وابتسمت في وجه "سامرين" قائله :
- تعالي يا حبيبتي
نظرت "سامرين" وهي "مهند" الذي افترش مرتبة علي أرض الصالة واستغرق في نوم عميق :
- هو لسه نايم
قالت أم "فريدة" وهي تتوجه الي المطبخ :
- أيوة غلبت أصحيه .. صحيه انتي علي ما أحضر السحور
جلست بركبتيها علي الأرض بجواره وهي تمسح بيدها علي شعره هامسه بإسمه .. فتح عينيه بصعوبه ولاحت ابتسامه علي شفتيه وهو يتطلع اليها قائلا بصوت ناعس :
- حبيبتي .....
ابتسمت بنعومه وقالت :
- يلا يا كسلان قوم عشان تتسحر .. السحور سنة مينفعش تفوتها .. النبي صلي الله عليه وسلم قالنا ان في السحور بركة
ابتسم وهو يومئ برأسه فقالت :
- اوعي تكون مصلتش قيام .. دي أول ليلة في رمضان
نهض وجلس وهو يقول :
- لا صليت الحمد لله .. لازم الواحد يحتسب أجر " من قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه "
قالت بحماس :
- وكمان أجر الصيام " من صام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"
ثم نظرت الي حيث ينام وقالت بحزن اشفاقا عليه :
- انت برده مصر تنام كده علي الأرض
ابتسم وهو يداعب وجنتها قائلا :
- انتي عارفه ان ماما أخدت أوضتي وبتنام فيها .. وسبتلنا أوضتها الكبيرة اللي فرشت فيها أوضة نومنا .. فمفيش مكان تاني أنام فيه غير هنا
قالت بحنان :
- طيب نام في أوضتنا
قبل جبينها قائلا وهو ينظر الي عيناها بحنان :
- أديكي قولتي أوضتنا .. يعني مينفعش أنام فيها لوحدي .. وبعدين دي أوضة عروسة عايزاني أبهدلهالك يعني
قالت بسرعة :
- يا سيدي أنا راضية
همس قائلا وهو يتطلع اليها بحب :
- وأنا مش راضي .. مش هنام فيها من غيرك
كاد أن يعانقها لولا دخول والدته قائلا :
- يلا يا ولاد السحور
عاونتها "سامرين" في رص الأطباق فوق الطاوله والتف ثلاثتهم ينعمون بطعام السحور .. فقال "مهند" اليهما :
- متنسوش نية الصيام .. لان الصيام مينفعش من غير نية
قالت "سامرين" وهي تمضغ احدي اللقيمات :
- أنوي كل يوم يا "مهند" ولا أول يوم بس ؟
ضحك قائلا :
- كل سنة تسأليني السؤال ده .. بتنوي مرة واحدة بس في أول الشهر انك هتصومي رمضان كله فريضة لله .. لو حبيتي تنوي كل يوم انوي .. بس مش شرط طالما نويتي أول يوم انك هتصومي رمضان كله امتثالا لأمر ربنا في فريضة الصيام
أومأت برأسها وعادت لتكمل سحورها قائله وهي تنظر الي ساعتها :
- معدش الا دقايق علي الفجر اتسحرنا متأخر النهاردة
قال "مهند" :
- كده أحسن .. لان النبي صلي الله عليه وسلم قال : "ولا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور" .. يعني نعجل بالفطار أول ما المغرب يأذن ونأخر السحور
انتهوا من السحور وشرب الماء ولحظات وأذن الفجر .. نزل "مهند" لأداء الفريضة في المسجد بينما صلت "سامرين" مع والدته في جماعة .. عاد "مهند" بعد الشروق ليجد "سامرين" واقفه في الشرفه ساهمه دخل ووقف بحوارها قائلا :
- بتعملي ايه
التفتت اليه وابتسمت قائله :
- صليت الفجر ووقفت في البلكونة والوقت سرقني
صمت "مهند" قليلا ثم استند بمرفقيه الي سور الشرفه وهو يقول :
- انتي فضلتي واقفة في البلكونة تضيعي وقت .. وأنا خدت أجر حجة وعمرة
نظرت اليه ضاحكة وقالت :
- ايه ده هي مكة قريبة للدرجة دي
قال دون أن يبتسم :
- مبهزرش علي فكرة
نظرت اليه بدهشة فقال :
- النبي صلي الله عليه وسلم قال : " من صلي صلاة الغداة (الفجر) في جماعة ثم جلس يذكر الله حتي تطلع الشمس ثم قام فصلي ركعتين انقلب بأجر حجة وعمرة" .. يعني أنا دلوقتي ومن غير ما أدفع ولا مليم خدت أجر حجة وعمرة
نظرت اليه "سامرين" وهي لا تزال مندهشة من هذا الأجر العظيم علي عمل قليل المجهود .. فأكمل "مهند" قائلا :
- يعني انتي في رمضان تقدري كل يوم تاخدي أجر حجه وعمرة يعني تطلعي من شهر رمضان ب 30 حجة و 30 عمرة
قال "سامرين" بحماس :
- ان شاء الله هعمل كدة كل يوم .. بس قولي من الفجر للشروق أعمل ايه يعني اقرأ قرآن بس ؟
قال "مهند":
- اقري قرآن .. استغفري ربنا .. قولي أذكار الصباح .. قولي أذكار ما بعد الصلاة .. مش شرط قراية قرآن بس .. وأول ما الشمس تشرق تقومي تصلي ركعتين .. بس خلي بالك طول الفترة دي متنشغليش بحاجه تانية .. تفضلي أعده في مكانك تذكري ربنا لحد الشروق عشان تاخدي أجر الحجة والعمرة
أومأت "سامرين" برأسها ايجابا فقال "مهند" مبتسما :
- ناوية تختمي كام ختمة السنة دي ؟
قالت "سامرين" :
- والله لو خلصت ختمة واحدة هبقي مبسوطة .. السنة اللي فاتت ملحقتش أختم
قال "مهند" بحماس :
- تعرفي انك لو ختمتي ختمة واحدة في الأيام العادية وربنا تقبلها منك .. تاخدي كام حسنة ؟
صمتت فقال :
- تاخدي 3 مليون وربع حسنات
اتسعت عيناها دهشة فأكمل "مهند" بحماس
- تخيلي بأه ان في رمصان كل حاجة أجرها مضاعف .. يعني الختمة الواحدة عليها ملايين الحسنات .. يعني تمحيلك ملايين الذنوب
شردت فقال :
- تعرفي كمان انك في رمضان ليكي 60 دعوة مستجابة ؟ .. يعني 60 مشكلة من مشاكل حياتك ممكن تتحل .. يعني 60 حلم من أحلامك ممكن تتحقق .. تخيلي لو واحد غني اداكي 60 شيك علي بياض .. تخيلي هتكوني فرحانه ازاي .. ولله المثل الأعلي ربنا اداكي 60 دعوة مستجابة في رمضان .. النبي صلي الله عليه وسلم قال :" ولكل مسلم في كل يوم وليلة دعوة مستجابة"
تمتمت "سامرين" وقد اقشعر بدنها :
- سبحان الله
فأكمل "مهند" مبتسما :
- تعرفي ان في الأيام العادية ربنا ينزل الي السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل ويقول هل من سائل يعطي .. هل من مستغفر يغفر له .. هل من تائب يتاب عليه .. لكن في رمضان ربنا بينزل الي السماء في آخر ثلثين من الليل .. يعني الفرصة أكبر في اجابة الدعاء
ثم أكمل :
- تعرفي ان ليلة القدر اللي هي 12 ساعة خير من 1000 شهر .. يعني خير من 720،000 ساعة يعني تقريبا مليون الا ربع ساعة .. يعني اللي يفوته أجرها يبقي محروم فعلا .. لان ساعة واحدة عبادة فيها أفضل من انك تعبدي ربنا 60،000 ساعة في الأيام العادية .. وآية واحدة من القرآن تقرأيها فيها أفضل من انك تقرأي 60،000 آية في الأيام العادية .. و تركعي ركعة واحدة فيها أفضل من ركوعك 60،000 ركعة في الأيام العادية .. ولو فطرتي فيها صائم هتاخدي أجر أعلي من انك تفطري 60،000 صائم في الأيام العادية
تمتمت "سامرين" بتأثر :
- سبحان الله .. يعني الثواب ده كله الناس بتضيعه .. في ناس كتير بتفتكر ان رمضان هو صيام عن الأكل والشرب وبس .. وبيضيع منهم الثواب الكبير أوي ده
ربت "مهند" علي ظهرها قائلا :
- مش عايزك تضيعي الأجر ده .. عايزك تستغلي كل لحظة في رمضان .. عارفه ليه ؟
نظرت اليه فابتسم بعذوبة وقال بحنان :
- عشان نفسي نكون مع بعض في الجنة .. في نفس الدرجة .. ونفس المكان .. مش عايزك تتأخري عني
نظرت اليه مبتسمة وقد لمعت عيناها بالعبرات تأثرا


**************************
أتي العيد حاملا البهجة والسرور وبشريات الرحمة والمغفرة والعتق من النيران لكن شاءت الأقدار أن يقلب "حمدي" الفرح والسرور الي حزن وألم فبمجرد أن أتاه خبر وفاة والده الذي كان قاطعا عن وصله حتي طرب قلبه للميراث الذي أتي اليه علي طبق من فضة تغير الحال وبدأ "حمدي" يعلنها صراحة في وجه "مهند" :
- طلق بنتي انت مش من مستواها أنا ورثت في أبويا وعايز بنتي تعيش مرتاحه
قال "مهند" بوجوم :
- وأنا هعيشها مرتاحه .. مش هحرمها أبدا من حاجه
ضحك "حمدي" بسخرية قائلا :
- بأمارة ايه اذا كنت لحد دلوقتي بقالك أكتر من سنة معرفتش تجيب الا أوضة نوم
قال "مهند" بإقتضاب :
- ان شاء الله هجهز باقي الشقة في أقرب وقت
لكن "حمدي" قال ببرود حازم :
- وأنا مش هستني عليك أكتر من كدة .. بنتي يتمناها شباب كتير .. ايه يخليني أرميها الرمية دي
ثم قال بحزم :
- طلق بنتي يا "مهند" ده آخر كلام عندي
عندها تحول "مهند" الوديع الي وحش كاسر غلت الدماء في عروقه ونهض وهو يرمق "حمدي" بنظرات قاتله وهو يقول بصرامة شديدة :
- مش هطلقها .. وده آخر كلام عندي

وكــانت الحــرب !
***********************
صرخت "سامرين"بألم وهي تتلقي من "حمدي" احدي الصفعات القوية علي وجهها وهي تقول :
- برده مش هقوله يطلقني
فما كان من "حمدي" الا أن خلع حزام بنطاله وهوي به فوق جسدها أخذت تصرخ بألم وهي ترجوه أن يتوقف فصاح قائلا :
- اللي قولته يتنفذ .. هتطلعي للتييييييييت ده وتقوليله انك مش عايزاه وتطلبي منه الطلاق
بكت بحرقة واختلط بكائها بأنين عظامها المتألمة وهي تقول :
- حرام عليك يا بابا أنا مش عايزاه يطلقني أنا مش عايزة أتجوز غيره أنا راضيه بعيشته دي
صاح في وجهها بغضب قائلا :
- مش بمزاجك يا تييييييييت .. الحق عليا اني عايزلك جوازه تتشرفي بيها .. حاجه ترفع الراس مش الواد التييييييببييت ده
قالت بحزم ودموعها تتساقط فوق وجهها :
- وأنا مفيش راجل في الدنيا دي يملي عيني غير "مهند"
جذبها والدها من ذراعها فصرخت متألمة .. أوقفها والتقط اسدالها وألقاه في وجهها قائلا بصرامة وهي يرفع اصبعه مهددا :
- قسما بالله لو ما طلعتي دلوقتي قولتيله يطلقك لأكون مموتك بايدي
صعدت "سامرين" وهي تبكي وتأن من ألم جسدها وألم قلبها .. فتحت أم "فريدة" الباب فهالها وجهها الباكي وتلك الكدمات علي وجنتها فشهقت بقوة قائله :
- ايه اللي حصل يا "سامرين" .. أبوكي ضربك ؟
توجه "مهند" الي الباب فزعا بعدما سمع والدته .. اتسعت عيناه دهشة وهو يراها علي هذا الحال .. بمجرد أن رأته "سامرين" اندفعت بقوة تلقي بنفسها فوق صدره وهي تبكي قائله بصوت مرتجف :
- عايزني أقولك تطلقني .. أنا مش عايزة أطلق يا "مهند" .. مطلقنيش
أحاطها بذراعيه وقلبه يحترق علي ما أصابها من والدها .. مسح علي رأسها ثم ضمه اليه بقوة وهو يقول :
- متخفيش مش هطلقك
رفعت وجهها الباكي تنظر اليها برجاء قائله بصوت مرتجف :
- خليني هنا .. متنزلنيش عنده تاني .. لو نزلت هيموتني .. خليني هنا يا "مهند" أنا مش عايزة أبعد عنك
نظر "مهند" الي والدته التي قالت بحيرة :
- والله ما أنا عارفه الحل ايه .. بس لو مرجعتيش يا "سامرين" هتبقي حريقه
صاحت "سامرين" بحده :
- هيعمل فيا ايه أكتر من كدة
ثم التفتت الي "مهند" واضعة كفيها فوق صدره وهي تنظر اليه برجاء قائله :
- متسبنيش يا "مهند" .. احنا متجوزين .. محدش له حاجه عندنا .. اللي بيعمله ده ميرضيش ربنا .. خليني هنا .. مش عايزه أعيش معاه تاني .. ونقول للناس كلها ان احنا خلاص اتجوزنا .. عشان خاطري مترجعنيش له تاني
تنهد "مهند" بقوة وهو يقبل جبينها قائلا :
- متخفيش .. مش هخليه يأذيكي تاني

جلس "مهند" بجوارها علي الفراش يمسح علي شعرها بيده يرقيها حتي غطت في النوم أخذت أصابعه تتحسس بحنان ذلك اللون الأزرق الذي ظهر في أماكن متفرقه علي ذراعها تنهد بأسي وهو يقبل جبينها برفق ثم يحمل الكوب الفارغ الموضوع بجوار الفراش وينهض مغادرا الغرفة وهو يغلق الباب في هدوء التفتت اليه أمه الجالسه علي الأريكة لتقطع شرودها قائله :
- نامت ؟
هز رأسه ايجابا وهو يضع الكوب في المطبخ ثم يعود ليلقي بنفسه فوق أحد المقاعد وهو يسند جبينه الي قبضة يده ويغرق في التفكير قالت أمه بقلق :
- "حمدي" مش سهل مش هيعدي الموضوع ده علي خير .. مش هيسكت ويرضي بالأمر الواقع
رفع "مهند" برأسه ونظر اليها قائلا بحنق وغضب :
- كنتي عايزاني أعمل ايه يعني أرجعهاله عشان يموتها انتي مشفتيش وشها ودراعها عاملين ازاي وأكيد باقي جسمها كمان متبهدل
ثم قال بحزم :
- أنا مش هطلق مراتي وأعلي ما في خيله يركبه
نهضت أمه وهي تشعر بالأسي الممزوج بالحيرة لهذا الوضع الذي وصل اليه الأمر دخلت غرفتها واستلقت علي فراشها بينما أحضر "مهند" المرتبة وأزاح الطاولة الصغيرة ليفترشها علي الأرض كعادته ويتوسد يديه محاولا التفكير في حل للخروج من هذا المأذق

في الصباح توجه "مهند" الي عمله بعدما قال لوالدته :
- خلي بالك منها يا ماما .. لو حصل مشاكل كلميني علي طول
في الظهيرة فوجئ بسيارة شرطة تقف أمام دكانه ويتوجه اليه أحدهم قائلا :
- انت "مهند...."
قال "مهند" باستغراب وهو ينظر الي ملابسه الميري والي السيارة التي تقف بالخارج :
- أيوة أنا
أشار رجل الشرطة الي السيارة قائلا :
- طيب اتفضل معانا شويه
قال "مهند" بقلق :
- خير في حاجة
قتل الضابط :
- في اتهام متوجهلك ومطلوب أقوالك
قال بدهشة :
- اتهام ايه
قال الظابط وهو يشير الي السيارة :
- اتهام خطف واغتصاب بنت أبوها مقدم فيك شكوي
تجمدت ملامح "مهند" واضطرب وهو متوجه الي السيارة شعر بالغضب الشديد وهو جالس في مكتب الضابط الذي يستمع الي أقواله بعدما أخبره بأن "حمدي" اتهمه بخطف "سامرين" واغتصابها .. قال "مهند" بغضب :
- الكلام ده محصلش .. وبعدين دي مش خطيبتي زي ما أبوها بيقول في المحضر .. دي مراتي
توجه "مهند" الي بيته لاحضار قسيمة الزواج التي تثبت أنه زوج "سامرين" وليس خطيبها كما ادعي "حمدي" .. أغلق المحضر دون توجيه تهمة الي "مهند" .. جلست أمه تبكي في غرفتها فاقترب منها قائلا :
- خلاص يا ماما حصل خير
قالت بفزع بصوت باكي :
- قولتلك الراجل ده قوي .. ومش هيسكت .. يا ابني أنا خايفه عليك .. أبوك مكنش بيحب "حمدي" أبدا وكان بيقول عليه انه واحد ميعرفش ربنا .. خايفه يأذيك يا ابني
قال "مهند" بحزم :
- ميقدرش يعملي حاجه .. وآدي المحضر بتاعه نزل علي فشوش
قالت أمه بقلق بالغ :
- انت فكرك الموضوع هيقف علي كده .. أكيد مش هيقف
تنهد "مهند" قائلا:
- يعني أعمل ايه يا ماما .. أطلق مراتي عشان يرتاح .. أنا مش ممكن أطلق "سامرين" .. انتي عارفه أنا بحبها أد ايه .. وهي بتحبني أد ايه .. محدش فينا يقدر يعيش من غير التاني .. أنا عندي أموت ولا اني أطلقها وأسيبها تتجوز واحد غيري
تنهدت أمه في حيرة وأسي .. نهض "مهند" ودخل الشرفة ليجد "سامرين" واقفة في وجوم تسقي الزهرة التي تفتحت وأينعت وظهر جمالها .. فقال "مهند" بمرح وهو ينظر اليها :
- انتي عاملة زي الوردة دي بالظبط .. كبرتي وحلويتي ومحتاجة اللي يقطفك .. تسمحيلي أقطفك ؟
التفتت تنظر اليه بأعين دامعة ثم عادت لتسقي الزهرة اقترب منها وجذبها من يدها الي أن أجلسها علي أحد المقاعد وجلس جوارها وقال:
- متخفيش .. كل حاجة هتتصلح
بكت وهي تقول :
- خايفة أوي يا "مهند"
مسح علي ظهرها قائلا بحنان :
- خايفة وأنا معاكي
قالت بلهفة ممزوجة بالخوف والقلق وهي تتطلع الي عيناه تتشبث بهما :
- خايفه تعمل اللي بابا عايزه .. خايفه يضغط عليك لحد ما فعلا تطلقني .. عشان خاطري متسبنيش
خفق قلبه و احتوتها عيناه وهو يمسح عبراتها بأصابعه ويقول برقه :
- مش ممكن أطلقك مهما عمل فيا .. متقلقيش .. مش عايزك تخافي
ابتسم في وجهها بعذوبه فبثت ابتسامته الأمل فيها وابتسمت له برقه .. فاتسعت ابتسامته قائلا :
- أيوة كده خلي الدنيا تنور
مد يده مشبكا أصابعه بين أصابعها ثم رفعهما أمام وجهها قائلا بثقة:
- شايفه دول .. مستحيل حد يقدر يفكهم من بعض
اتسعت ابتسامتها وضغطت علي يده بأصابعها بقوة .. ففعل مثلها .. فتعانقت العيون والقلوب والأرواح

*********************
شعر "مهند" وكأن الدنيا تنهار من تحت أقدامه وهو يري دكانه وقد دك دكا والناس واقفه تضرب كفا بكف مشفقين علي مصدر رزقه الذي تحول الي فتات لم يجد في الدكان أي شئ سليم كل شئ مكسور وما لم يتكسر تحول الي رماد بفعل الحريق الذي ساعد أهل الحي علي اخماده وجد جملة مكتوبه علي جدار المحل من الخارج بألوان الطلاء :
- مش هخليكوا تتهنوا وهفضل وراك لحد ما تنفذ اللي أنا عايزه يا تييييييييييت
احتقنت الدماء في وجه "مهند" وهو يتمتم :
- انا لله وانا اليه راجعون .. اللهم اجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها

وقف "مهند" مع الشرطة التي تعاين الدكان .. رأى فجأة أمه مقبله تجاهه في لوعة وهي تتحسسه قائله بفزع :
- فيك حاجة يا ابني .. انت كويس
طمأنها قائلا :
- متقلقيش يا ماما الحمد لله أنا كويس
شهقت بقوة وهي تري دكان ابنها الذي تحطم وتهشم واحترق .. بكت وهي تقرأ الرسالة المكتوبة علي الجدار وتهتف :
- حسبي الله ونعم الوكيل .. ربنا ينتقم منه شر انتقام .. ربنا ينتقم منه .. منه لله الظالم المفتري
قال "مهند" بقلق وهو يتلفت حوله :
- ماما فين "سامرين" ؟ اوعي تكوني سبتيها لوحدها
قالت باكية :
- في البيت .. لما الجيران قالولي علي اللي حصل محستش بنفسي الا وأنا بلبس وبجري عليك .. منه لله .. منه لله
قال "مهند" بقلق :
- طيب يا ماما ارجعي البيت دلوقتي أنا خايف يعمل حاجة في "سامرين"

في تلك اللحظة نزلت "سامرين" باكية الي بيت والدها طرقت الباب في خوف وتوتر .. انتفضت بعدما فتح لها "حمدي" الباب .. نظرت اليه في ترقب للحظات تخشي أن يضربها .. ثم قالت :
- بابا لو سمحت ممكن نتكلم
نظر اليها بإحتقار قائلا :
- مفيش كلام بيني وبينك يا تييييييييييت .. اما علمتك الأدب انتي وهو مبقاش أنا
قالت باكية بقلب مفطور ودموعها تنهمر بغزارة :
- ليه يا بابا .. ليه .. أنا مش عايزة أطلق .. أنا راضيه بعيشة "مهند" ليه عايزني أسيبه .. أنا مش حابه أعمل حاجة غصب عنك .. بس خوفت أرجع من غير ما يطلقني تقوم تعمل فيا حاجة أو تضربني تاني
قال بحدة وهو يجذبها من ذراعها ويغلق باب البيت بقوة :
- كدة كدة هقتلك يا تييييييييت .. خليتي الكلب ده يشمت فيا ويرفع عينه في عيني .. طبعا ما هو خد منك اللي هو عايزه وقدر يلوي دراعي
قالت بسرعة متجاهلة أظافره المحشورة في ذراعها :
- لا يا بابا .. "مهند" ملمسنيش
صمت للحظات ثم صاح بغضب :
- فاكراني هصدق كلامك ده
قالت بحماس :
- والله العظيم والله العظيم ملمسنيش .. الأيام اللي فاتت دي كنت ببات في أوضه لوحدي وهو كان بينام في الصالة علي الأرض
هدأت ثائرة "حمدي" وشعرت بأظافره يخف انغماسها داخل لحم ذراعها .. فقالت بألم :
- "مهند" مش عايز يكسر عينك يا بابا ولا عايز يبقي في مشاكل بينك وبينه رغم اني قولتله نعلن للناس اننا خلاص اتقفل علينا باب واحد بس مرضيش قالي انتي مش عاملة عملة عشان أخدك من بيت أهلك من غير فرح بس خلاني أعده عندهم عشان كان خايف عليا منك
ظنت أن تلك الكلمات من شأنها أن تسد الفجوة بين "حمدي" و "مهند" ويري "حمدي" في "مهند" الشهامة والرجولة .. لكنه لم يكن يبحث عن الشهامة والرجولة بل كان يبحث عن شئ آخر .. رفع اصبعه محذرا في وجهها وهو يقول بحدة :
- اسمعيني وافهمي الكلام اللي هقولهولك كويس .. أنا شاركت رجل أعمال غني همسك أنا الشغل بره مصر وهو يمسك الشغل جوه مصر .. الراجل ده كلمني انه عايزك لابنه وأنا قولتله انك مكتوب كتابك وبعدين رجعت قولتله ان حصل مشاكل بينك وبين خطيبك واطلقتوا
نظرا "سامرين" الي والدها بدهشة فأكمل بصرامة :
- ومن ساعة ما عرف وهو عايز ييجي يزورنا هو وابنه وانا عمال أأجل لحد ما نخلص من المصيبة اللي اسمها "مهند" ويحل عنك وعني
ظهر الغضب علي محياه وهو يقول :
- الراجل ده عايز أمسك فيه بايدي وسناني لان الشغل معاه هينقلني ناقله تانيه خالص .. ولو في نسب بينا أكيد العلاقات هتبقي أحسن وهيفكر دايما ان أنا أولي من غيري غيري بشراكته .. ده غير ان ابنه مرتاح وهيجبلك اللي انتي عايزاه .. يعني هتعيشي أحسن من العيشة اللي "مهند" بتاعك ده هيعيشهالك 100 مرة
ضمت "سامرين" شفتيها الي بعضهما بقوة ثم قالت لحزم :
- أنا مش عايزه راجل غير "مهند"
أمسك بذراعها مرة أخري لكن هذه المرة لواه خلف ظهرها فشهقت ألما وهو يقول بغضب :
- قسما بالله لو ما طلقك لكون مدبرله حادثه تجيب أجله .. ولا أدبرله مصيبة ترميه في السجن وساعتها هطلقك منه وأخليكي ترفعي قضية تفريق ورجلك فوق رقبتك
شعرت "سامرين" بالخوف وقالت باكيه :
- عشان خاطري يا بابا سيبنا في حالنا .. عشان خاطري .. كفايه اللي حصل في دكان "مهند" أنا واثقه ان انت اللي حرقتهوله
صاح بغضب وهو يزيد من لي ذراعها :
- أيوة أنا اللي حرقتهوله .. والمرة الجاية هحرقه هوه
تركها فأخذت تفرك ذراعها وامارات الألم علي محياها .. ثم قال وهو ينظر اليها بغضب :
- قدامك 3 أيام تقنعيه فيهم انه يطلقك يا اما انتي عارفه أنا هعمل ايه
بكت تتوسل اليه لكن دون جدوي فتح الباب ودفعها قائلا :
- وعلي الله تخليه يلمسك يا تيييييييييت والله ساعتها أقتلك انتي وهو
أغلق الباب في وجهها بعنف فصعدت مترنحة مرتعشة الي المكان الوحيد الذي تشعر بأنه بيتها !

*******************
عادت أم "فريدة" من الخارج فاستقبلتها "سامرين" بلهفة قائله :
- خير يا ماما .. "مهند" كويس ؟
قالت باكية :
- أبوكي حرقله الدكان .. كسرله كل حاجه .. الواد هيموت بحسرته
أجهشت "سامرين" في البكاء وهي تكتم فمها بكفها .. لحظات وفتح الباب ليدخل "مهند" فاندفعت تجاهه تعانقه وتهتف باكيه :
- أنا آسفه .. أنا آسفة
ربت علي ظهرها قائلا وقد بلغ التعب منه مبلغه :
- بتتأسفي علي ايه .. انتي ملكيش ذنب في حاجه
قالت أم "فريدة" بغيظ :
أبوكي سيبله رساله علي الحيطة بيهدده ورغم كدة "مهند" مرضيش يشتكيه رغم انه متأكد ان هو اللي حرقله الدكان
رفعت "سامرين" رأسها تنظر اليه بأعين دامعة متسائله فمسح على ذراعيها قائلاً :
- مرضتش أقيد النار أكتر ما هى قايده .. لو اشتكيته يبقى بقطع أى أمل فى ان الأمور تتصلح بينا وبينه
دفنت وجهها فى صدرة وهى تبكى بحرقة فمسح على شعرها قائلاً وهو يتنهد بقوة :
- الحمد لله على كل حال .. الحمد لله
نظرت اليه قائله :
- هتعمل ايه دلوقتى ؟
خفق قلبها بقوة .. لأول مرة تلمح الدموع في عينيه .. تلمح الحيرة والضعف والعجز .. لم يجيبها بل توجه الى الحمام وأغلقه .. وقف تحت الدش يحاول أن يستجمع شتات أفكاره .. ويفكر فى حل لهذه المصيبة التى قضت على مصدر رزقه .. انسابت عبراته الساخنة مع المياة الجارية لتمحو أثرها سريعاً .. خرج ليجد "سامرين" واقفة فى المطبخ تعد له الطعام فتمتم قائلاً :
- متتعبيش نفسك مليش نفس
توقفت عما تفعل وهى تنظر الى بأسى .. هم بالتوجه الى فرشته ليحملها فهتفت قائله :
- نام فى الأوضة .. أنا مش هنام دلوقتى
بدا وكأنه من التعب لا يستطيع المجادلة .. توجه الى الغرفة وألقى بنفسه فوق الفراش .. انتفض وهو يشعر بها تحكم وضع الغطاء على جسده .. ابتسم لها بوهن .. بضعف .. ابتسامه حملت الكثير من الألم وقلة الحيلة .. بادلته مثلها .. وخرجت من الغرفة !

*******************
بما تبقى معه من مال حاول اعادة ترميم الدكان من الداخل واتفق مع عدد من التجار الذى يعرفونه ويعرفون أمانته فى التعامل وسمعته فى السوق أن يأخذ منهم بضاعة بالآجل يضعها فى المحل ويدفع لهم على دفعات حمد الله أن يسر له ذلك وبدأ يستبشر خيراً لكن توالت المصائب فوق رأسه عندما داهمته الشرطة مصحوبة بأمر بتفتيش الدكان هاله ما وجده رجال الشرطة من أكياس صغيرة تحتوى على مسحوق أبيض هتف قائلا :
- ايه ده ؟
قال الضابط بحده :
- مش عارف ايه ده يا تيييييييييييييييت .. خدوه على البوكس
فمنطق بعض رجال الشرطة هو أن المتهم متهم حتى تثبت براءته اتصل بوالدته وهو فى سيارة الشرطة وأخبهرا بما حدث ثم اتصل بأحد جيرانه ممن يعملون فى مهنة المحاماة وطلب منه الحضور الى قسم الشرطة اندفعت "والدته برفقة "سامرين" الى قسم الشرطة تبحث عنه شعرت "سامرين" بمغص حاد فى بطنها وهى تعلم علم اليقين بأن والدها هو من دبر له هذه المصيبة كما هدد بعد عدة ساعات من الاستجواب والفحص وانتظار تقرير المعمل الجنائي تبين أن المسحوق ما هو الا دقيق لكنها كانت من الذكاء لتفهم الرسالة التى أرسلها والدها فهذه المرة قرصة ودن لكن التالية لن تكون كذلك وفى حاةل من الوجوم والأسى عاد الجميع الى البتي منهكون القوى صامتون وكأن على رؤسهم الطير لم يعد يجد أحدهم كلمة مواساة ليقدمها للآخر توجه كل منهم الى فرشته والدمعة فى عينيه
لم تنم "سامرين" فى تلك الليلة بقيت ساهرة زاهدة النوم توضأت ووقفت بين يدي الله تبكى وتشكو له ضعف حالها وهوانها على الناس كانت تشعر بأنها كالطير المذبوح فى عنقه ستألم ويدور حول نفسه غير عالم بوسيله لتخفيف ألمه أو لوقف نزيف دمه هتف قلبها قائلا انت كنت لا أستطيع مداواة جروحى فعلى الأقل أحمى من تهفو اليه روحى أخذت العبرات تتساقط فوق وجنتيها تحرقها تلسعها دون ان تهتم بمسحها ظلت تنزف دمعاً الى أن نضبت الدموع فى عينيها سمعت طرقات خفيفة على باب الغرفة فنهضت من فوق الأرض لفتحه وجدت أم "فريدة" تنظر اليها بأعين دامعة وتغلق الباب خلفها ثم تقول بصوت باكى :
- "سامرين"
قالت "سامرين" بخفوت :
- أيوة يا ماما
قالت أم "فريدة" وهى تبكى :
- أنا اللى مربياكى من يوم ما أمك ماتت عمرى ما بخلت عليكي بحاجه ربا يعلم لو كانت "فريدة" بنتى عايشه معايا مكنتش هعاملها أحسن من كده
تساقطت العبرات من عيني "سامرين" بعد أن ظنت أن دموع عينيها قدنشفت من كثرة البكاء .. لكن اتضح لها أن هناك المزيد ! .. أكملت أم "فريدة" بلوعة :
- ابنى هيضيع منى .. يرضيكى ان "مهند" يضيع منى .. أنا مليش غيره بعد ربنا .. كان هيتسجن النهاردة .. لو كانوا لقوا مخدرات بدل الدقيق مكنش رجع معايا النهاردة
ثم أجهشت فى البكاء قائله :
- كان ممكن يبقى بايت النهاردة على البورش مع المجرمين والحراميه
اختلط صوت بكاء الاثناتان ببعضهما البعض .. فاقتربت أم "فريدة" من "سامرين" وأمسك كفها قائله :
- حلفتك بالله لتبعدى عن ابنى عشان أبوكى يسيبه فى حاله
نظرت اليها "سامرين" وكأنها تتمزق .. تحترق .. فقالت أم "فريدة" بأسى :
- أرجوكى يا "سامرين" .. أرجوكى يا بنتى . .أنا عمرى ما طلبت منك حاجة .. بالله عليكى مضيعيش "مهند" منى ده أنا ممكن أروح فيها
بكت المرأة مرة أخرى وهى تنظر اليها بألم قائله :
- أبوكى مش هيسيبه فى حاله .. أبوكى شرانى وأنا عارفاه من زمان .. لو بتحبى "مهند" هتخافى عليه ومش هتسمحى لحاجة تأذيه .. لو بتحبى ابنى بجد ابعدى عنه يا "سامرين"
أطرقت "سامرين" برأسها ولا تزال عبراتها تتساقط .. أغمضت عينيها للحظات ثم تمتمت بشفتين مرتجفتين :
- حاضر
رق قلب أم "فريدة" لحالها .. لكنها تمالكت نفسها وخرجت من الغرفة تغلق الباب خلفها .. لتتساقط "سامرني" فوق الفراش تتظر الى سقف الغرفة وقد أيقنت منذ هذه اللحظة أنها ستعيش ما تبقى من حياتها بجسد بلا روح !

***************
هتفت أم "فريدة" قائله :
- "مهند" .. "مهند"
خرج من الحمام وتوجه اليها فقالت بدهشة :
- "سامرين" مش فى البيت
قال بدهشة :
- ازاى يعني ؟
قالت بحيرة :
- قمت ملقتهاش
ترك "مهند" المنشفة ونزل بسرعة الى الأسفل وطرق الباب بعصبية وتوتر .. اندهش عندما رآها تفتح له الباب فقال :
- "سامرين" بتعملى ايه هنا .. ليه نزلتى من غير ما تقوليلى ولا حتى تعرفى ماما
قالت وهى تحاول رسم البسمة فوق ثغرها :
- مفيش .. بابا وحشنى ونزلت أشوفه
قال بقلق :
- عملك حاجة ؟
اتسعت ابتسامتها وهى تقول :
- لا أبدا .. اتصالحنا خلاص
ابتسم وهو يقول :
- طيب كويس الحمد لله
اختفت ابتسامته عندما رأى "حمدى" خلفها .. انتبه لأول مرة الى ملابسها وقال :
- انتى خارجه
قالت وهى تنظر الى أبيها :
- أيوة خارجه مع بابا
ثم ابتسمت قائله بمكر :
- بابا وعدنى انه هيشتريلى لبس وحاجات كتير بمناسبة اننا اتصالحنا
ابتسم دون تعقيب نظر اليه "حمدى" بحدة وهو يغلق الباب ويتوجه مع "سامرين" الى السيارة الجديدة التى اشتراها ركبت "سامرين" بجوار والدها وانطلق بها تحت أنظار "مهند"

وقف "مهند" فى الشرفة يتمشى يمينا ويسارا فى عصبية .. ينظر الى ساعته بني الحين والآخر :
- دخلت أمه الشرفة وقالت :
- لسه مجتش برده
نظر اليها ثم هز رأسه نفيا .. ثم اخذ يطرق بقبضته على السور بقوة .. فقالت أمه :
- معلش زمانها جايه
التفت اليها يقول بغضب :
-جايه ايه وزفت ايه كل يوم على ده الحال
قالت أمه بحزن :
- ما هى مع أبوها يا ابنى مش مع حد غريب
سمع صوت سيارة فالتفتت ليجد سيارة يراها لأول مرة .. لحظات ورأى "سامرين" تهبط منها .. نزل مسرعا ووقف أمام البوابة ليرى "حمدى" يتضاحك مع رجلين فى السيارة أحدهما كبير والآخر شاب فى مقتبل العمر .. نزل "حمدى "وتوجه مع "سامرين" الى البناية .. ألقى على "مهند" نظرة ساخرة وهو يقول ل "سامرين" :
- متتاخريش
دخل البناية بينما وقفت "سامرني" فى مواجهة "مهند" الذى قال :
- مين اللى انتوا جايين معاهم دول
قالت وهى ترسم على شفتيه اابتسامة واسعة :
- ده صاحب بابا وابنه .. رجل أعمال كبير أوى وابنه كمان رجل أعمال زيه
أومأ برأسه وهو يعض على شفتيه ثم قال :
- جيتوا معاهم ليه ؟
قالت بمرح :
- أصل عربيتنا عطلت فهما وصلونا .. اسكت يا "مهند" لو شوفت بيتهم هتتجنن .. حاجة كده وهم مبنشفهاش الا فى الكتالوجات
ظل صامتا وهو ينظر اليها فأكملت بمرح وهى تخرج علبه من حقيبتها قائله بسعادة :
- شوف جابلى ايه
فتحت العلبة الظهيرة ليظهر خاتم ذهبى .. عقيد جبينه بقوة وهو يقول :
- مين اللى جابهولك
قالت وهى تتناول الخاتم أمام ناظريه وتضعه فى اصبعها قائله :
- صاحب بابا
قال بحده :
- وجابهولك ليه ان شاء الله
قالت بمرح :
- عشان نجحت .. جابهولى بمناسبة نجاحى
قال بدهشة ممزوجة بالضيق :
- ازاى يعني ؟ .. أنا لسه كنت فى كليتك النهاردة وقالولى ان النتيجة مبنتش
قالت بتفاخر :
- أصل صاحب بابا وابنه دول ما شاء الله ناس واصلين ويعرفوا دكاتره عندى فى الكلية فجابوهالى من الكنترول
شعر "مهند" بغصة فى حلقه وهو يقول :
- مبروك .. كان نفسى أبقى أول واحد يقولهالك
قالت مبتسمة :
- الله يبارك فيك
توجهت للداخل فتبعها .. وقفت أمام باب بيتها وقالت :
- تصبح على خير
التفتت فسمعته يقول هامسا :
- وحشتيني
أغمضت عينيها وهى توليه ظهرها .. ظهر الألم على محياها وهى تبلع ريقها بصعوبة شاعرة وكأن روحها تتمزق .. التفتت وقالت وهى ترسم بصعوبة ابتسامة على شفتيها بصوت حاولت أن يبدو باردا :
- وانت كمان .. تصبح على خير
دخلت وأغلقت الباب خلفها مسرعة قبل أن يرى عبراتها التى أخذت فى الانهمار .. وقفت ساكنة فى مكانها خلف الباب لا تتحرك .. لم تدرى كم مر عليها وهى واقفة مستندة بظهرها الى الباب .. لكنها رأت والدها يعبر الصالة بمنامته وهو يقول بحدة :
- مش هنخلص من الموضوع ده بأه قولتيلى اصبر وآديني صابر بس لحد امتى خلاص سفرنا قرب والواد مسافر معانا بس عايز يبقى فى ارتباط قبل ما نسافر يعني على الأقل تلبسوا دبل هنا وسط أهله ولما نسافر تبقوا تحددوا معاد الفرح
لم تجيبه "سامرين" بشئ توجهت الى غرفتها وألقت بنفسها فوق فراشها بملابسها وهى تتقوقع على نفسها فى نومة الجنين تغمض عينيها بشدة وهى تضم الغطاء الى صدرها بقوة

*******************
وقفت "سامرين" شاردة الى أن نزل "مهند" مرتديا بدلة رماديا خفق قلبها بشدة لمرآه ابتسم قائلاً وهو يعدل من وضع ربطه عنقه :
- يلا يا جميل
نظرت اليها بحنان واشتياق سرعان ما أخفته وهى تقول بصوت حاولت أن يبدو باردا :
- ايه ده يا "مهند" ؟
قال فى دهشة :
- فى ايه
قالت وعلى وجهها علامات الضيق وهى تشير الى بدلته :
- قولتلك اننا رايحين خطوبة بنت واحد صاحب بابا .. وقلتلك انه هيكون فى قاعة كبيرة
قال بدهشة وهى ينظر الى ملابسه :
- ما أنا عشان كده لبست بدلة
بلعت ريقها بصعوبة ثم قالت بحدة :
- بس شكلها بيئة أوى
عقد جبينه بضيق وقال :
- مش بيئة ولا حاجة يا "سامرين"
قالت بعصبية :
- لا بيئة وشكلها رخيص ومش قيمة .. ازاى هروح معاك كدة .. فى الحفلة هيكون فى ناس محترمة و .....
قاطعها قائلاً بصرامة :
- مش كل اللى معاه فلوس بأه محترم
قالت بتهكم :
- مش وقت فلسفة .. أنا مش هقدر أروح كده .. تعالى نشتريلك حاجة فى طريقنا
قال بوجوم وهو يشعر بألم يغزو قلبه وكأنها تسدد اليه طعنات تلو الأخرى :
- مش هينفع أشترى حاجة دلوقتى .. انتى عارفه انى بجهز الدكان من أول وجديد
قالت متأففة وهى تدخل البناية :
- خلاص مش مشكلة بأه مش هروح
قال بعتاب ونظراته تشع ألما :
- للدرجة دى يعني شايفه ان شكلى يكسف
خفق قلبها بقوة وتقطعت أنفاسها .. لكنها قالت بجمود :
- انا ما قولتش ان شكلك يكسف .. بس مش حبه ان حد يبصلنا بصه وحشه .. يعني أقصد .....
مقاطعا اياها .. تركها ودخل البناية .. غير قادر على سماع المزيد !

***************
كعادته جلس على الاكل شاردا .. قالت والدته :
- كل يا "مهند"
أومأ برأسه دون أن يضع فى فمه شيئا فقالت بإشفاق :
- متخانق انت و "سامرين" ؟
قال بضيق :
- مش عارف ملها حاسسها متغيره متغيره أوى أكنها واحدة تانية من يوم ما رجعت لأبوها وعرفها بصاحبة وولاد صاحبه وأنا حاسسها متغيره معايا بارده وبعيدة وتفكيرها بأه غريب
عضت أمه على شفتيها وهى تنظر اليه بإشفاق غير قادرة على شرح سبب تغير "سامرين" نهضت وتوجهت الى المطبخ تعيد الأطباق التى لم ينقص منها الا القليل تنهدت وهى تتمتم :
- يارب .. يارب انت عارف الخير فين .. يارب


فتحت الباب فنظرا ليها بعتاب قائلاً :
- حرمانى منك ليه
تجمدت "سامرين" فى مكانها وهى تتأمل عيناه التى افتقدتهما بشده .. لكنها قالت مبتسمة :
- مفيش أنا موجودة أهو
أخرج من خلف ظهره باقة زهور وابتسم لها قائلاً :
- عشان حبيبتى
تعالت خفقات قلبها حبا له وماتت الكلمات فوق شفتيها ودت لو فعلت كما كانت تفعل من قبل وتتوجه اليه لتلقى بنفهسا بين ذراعيه ملقية برأسها فوق صدره لكنها منعت نفسها بصعوبة أطرقت برأسها تنظر الى الباقى فما كان منه الا أن جذبها الى المكان الذى كانت تحلم بالوصول اليه منذ قليل وبشق الأنفس وبمجاهدة لمشاعرها التى تأمرها بأن تبقى أسيرة بين ذراعية ابتعدت عنه برفق لكن بحزم نظر اليها قاءلاً :
- مالك اي "سامرين" .. متغيره معايا ليه ؟
قالت وهى تهرب من عينيه :
- بصراحة فعلا أنا حسه نفسى متغيره
أمسك بذقنها يرفع رأسها ليجبرها على النظر اليه وقال :
- ايه اللى مغيرك ؟
أبعدت كفه عن وجهها وقالت :
- بصراحة الفترة الأخيرة شوفت حاجات كتير خليتنى حسه اننا مش عايشين .. فى ناس عندما فلوس ملهاش حصر .. وعايشة فى أرقى الأماكن وبتاكل أحسن أكل .. ليه منكنش زى الناس دول .. بدل ما نبات واحنا قلقانين يا ترى هيكون معانا فلوس بكرة ولا لأ .. لما شوفت الناس دى حسيت انى نفسى أكون مرتاحه زيهم
قال "مهند" برفق :
- ومين قالك انهم مرتاحين .. الراحة مش فى الفلوس .. دى مظهر من بره .. لكن من جوه انتى متعرفيش هما سعدا ولا لأ .. شايلين الهم ولا لاء
قالت بتهكم :
- هم ايه اللى هيشيلوه .. انت بتتكلم كده عشان عمرك ما عيشت زيهم
قال بهدوء :
- وأنا مش عايز أعيش زيهم أنا كفاية عليا انى أعيش فى بيت صغير مع الانسانة اللى بحبها مش مهم عندى أى حاجة تانية غير انها تكون معايا تعيني وأعينها على طاعة ربنا واننا نكون أسرة نراعيها ونحامى عليها يا ترى هى كمان نفسها فى كدة ولا حسه ان مشاعرها اتغيرت وأحلامها اختلفت ؟
تنهدت بقوة قائله :
- مش عارفه
قال بألم :
- مش عارفه ؟
صمت للحظات ثم قال :
- طيب لما تعرفى قوليلى
تابعته بنظرات أسى وهو يغادر البناية
*******************

لم يشعر "مهند" بنفسه الا وهو يجذب "سامرين" من ذراعها بقوة بينما كانت واقفة أسفل البناية بصحبة والدها وصديقه وابن صديقه الذى أخذ يتطلع اليها بنظرات ألهبت النار فى نفس "مهند" وهو واقف ينظر اليهم من الشرفة توجهت معه الى داخل البناية بينما التفت والدها وقال بتوتر :
- كنا بنقول ايه ؟
قال شريكه بدهشة :
- مين ده ؟ .. وازاى تسمحله يمسك بنتك كده ويسحبها لجوه ؟
قال ابنه فى حدة وهو متوجه الى البناية :
- ازاى يا عمو سمحتله ياخد "سامرين" كدة
حاول "حمدى" أن يوفقه لكنه كان قد توجه الى الداخل ليجد "مهند" يتحدث بحدة الى "سامرين" فقال له :
- انت يا كابتن .. فى حد يمسك بنت ويشدها كده
التفت اليه "مهند" قائلاً بقسوة :
- وانت مال أهلك ؟
نظر اليه الشاب بتهكم وهو يقول :
- لا مالى ونص
ثم نظر الى "سامرين" قائلاً :
- تعالى يا "سامرين"
وقف "مهند" بينه وبينها وهو يدفعه فى كتفه قائلاً :
- اجرى العب بعيد
كاد الفتى أن يدخل معه ىف شجار لكن "حمدى" صاح فيه :
- خلصنا يا ابنى خلاص
فصاح الشاب :
- انت مش شايف قلة أدبه يا عمى
قال "مهند" بعنف وهو يدفعه فى كتفه :
- قلة أدب ايه اللى بتتكلم عنها .. مالك انت تتدخل بيني وبين مراتى
فتح الشاب فمه وهو ينظر اليه بدهشة قائلا :
- مراتك ؟ .. هو انت اللى كنت كاتب كتابك عليها ؟
قال "مهند" بحزم :
- ايه كنت ايه ؟ .. أنا جوزها ..أفندم بأه حضرتك عايز ايه ؟
رمق الفتى "حمدى" بتهكمم ثم نظر الى "مهند" قائلك :
- سورى أصل حماك العزيز قالنا ان بنته اطلقت .. وكنا النهاردة بنتكلم فى تفاصيل الجواز
التفت "مهند" بحدة غير مصدقا ما يسمع يتطلع الى "حمدى" الذى بدا على وجهه الضيق والحرج .. ثم يلتفت الى "سامرين" التى نكسف برأسها .. خرج الفتى وتوجه الى والده يخبره بما حدث فانطلقا فى طريقهما مغادرين المكان .. هدر "مهند" وهو يمسك بذراعها بحدة قائلاً :
- الكلام ده مظبوط ؟ .. انطقى ؟
ارتجف جسدها وشفتيها ولم تستطع النطق .. قال بغضب شديد وهو يلهث :
- معناه ايه الكلام ده .. بتتخطبى لواحد تانى وانتى على ذمتى .. مراتى . .انطقى .. معناه ايه الكلام ده
تدخل "حمدى" بغيظ شديد وقد أغضبه افساد "مهند" لهذه الويجة وصاح فيه :
- افهم ياللى ما بتفهمش .. البت مش عايزاك . .لو راجل و عندك كرامة طلقها
التفت "مهند" ينظر اليه بغضب ثم التفت ينظر الى "سامرني" قائلا وهو يشد على ذراعها :
- الكلام ده مظبوط ؟ .. انتى عايز تطلقى
صاح "حمدى" بتهكم :
- انت لسه هتسألها .. ده أعمى بصحيح
هتف فيها "مهند" بغضب :
- "سامرين" انطقى .. عايزه تطلقى ؟
بصوت مبحوح .. مرتجف .. مكسة الرأس قالت :
- أنا مكنتش عارفه ازاى أفاتحك فى الموضوع بس أنا أنا فكرت كتير وحسى انى اتسرعت شويه يعني .........
- انتى طالـــــق
توقف قلبها عن العمل وتمردت الدماء عن السير فى شرايينها لتغذى جسدها ترك ذراعها بقسوة بعنف وكأنه يلقيها من يده يلقها خارج حياته خرج من البناية يسير بغير هدى بخطوات مسرعة غاضبة جامحة وقفت للحظات ثم سقطت مغشيا عليها !

***************
بأعين دامعة وقفت تنظر الى شرفة الطابق الثانى تودعها بعينها وبقلبها .. وضع والدها الحقائب فى السيارة وقال :
- ثوانى وراجع يا "سامرين"
ترك السيارة وتوجه الى أحد جيرانه ليودعه لم تشعر "سامرين" بنفسها الا وهى تسير فى اتجاه البحر .. الى تلك البقعة التى لطالما توجهت اليها تجمدت فى مكانها وهى ترى "مهند" هناك جالسا فوق الصخرة التى جمعتهما منذ أن أعلنا حبهما وتوج كل منهما الآخر بخاتمه رفعت كفيها تتحسس الخاتم الذى لا يزال فى أصابعها ثم نظرت الى "مهند" الذى يوليها ظهره بأعين دامعه وقلبها يهتف :
- سامحنى سامحنى يا حبيبى لم أستطع أن أقف فى صفوف المشاهدين بينما أبى يذيقك ألوان العذاب لم أستطع أن أتحمل رؤيتك وأنت تضيع وتنسل من بين أصابعى لم أستطع أن أرى الألم وقلة الحيلة فى عينيك سامحنى فأنت لست فقط حبيبى أنت كل أصحابى وأهلى وخلانى أخشى عليك حتى من تلك الرمال التى تتقاذفها الرياح فتلسعك يخفق قلبى هلعا وأنا أرى الخطر يدنو منك كيف تريدنى أن أقف متكتفة الأيدي غير عابئه بما يصيبك سامحنى لم أستطع أن أكون أنانية وأفكر فيما يريده قلبي لم أستطع أن أفكر فى نفسى حاولت لكنى لم أستطع والدتك محقة ان كنت أحبك حقا فسأبتعد عنك سأحميك منى ومما يصيبك بسببى سامحنى عش حياتك لكن أرجوك لا تنسانى
انسابت العبرات من عينيها وهى تغادر بسرعة قبل أن يلمحها و يلتقى بعينيها .. فتفضحها أمام عينيه !

شعرت "سامرين" بالصدمة وهى تقف فى مطار القاهرة بينما يقدمها والدها الى تلك المرأة ويقول :
- أقدملك "فيروز" مراتى
كانت فى حالة يرثى لها جلست فى مقعد الانتظار كمن ينتظر الحكم بالإعدام لا تدرى ماذا يبكيها أكثر زواج أبيها الثالث والذى لا تعلم عنه شيئاً أم سفرها وتركها لكل ما تحبه صعدت الطائرة بجسد خاوى وتهالكت فوق أحد مقاعدها وهى تتطلع الى الشباك مودعة تلك البلد التى قضت فيها 18 عاماً من عمرها

خرج "عدنان" من قوقعته بعدما هزه رحيل "فيروز" المفاجئ تعرف عليها من خلال العمل تقربت منه بعد الحادث الذى أصاب زوجته وابنه ورحلا على أثره تظارهت بأنه القلب الحنون الذى سيحتوى آلامه وأحزانه كان يجد معها سلوى لأيامه هرب من كل شئ و أى شئ لربما كان السبب فى تقربه منها هو أنها لا تمت له بصلة كان يشعر فى تلك المرحلة بأنه يود الهرب حتى من نفسه استعاد عافيته ونشاطه بعدما أيقن بسخرية أنها ليست سوى مجرد كريستاله مزيفة براقة من الخارج لكن لا قيمة لها توجه الى القاهرة ليتسلم أعمال والده الراحل وميراثه الذى تركه من أجله باع كل ممتلكاته فى الاسكندرية حتى البيت الذى عاش فيه مع زوجته وابنه بدأ فى تكبير شركة والده والعمل على أن يصبح رجل اعمال ذا صيت ونفوذ فكان يرى فى عمله تعويض عن شعور النقص الذى خلفه رحيل أسرته الصغيرة
أما "فيروز" فكانت تعرف "حمدى" الذى كان بينه وبين "عدنان" أعمال مشتركة فى الاسكندرية تعبت من محاولة التقرب من "عدنان" وتليين رأسه واصطياده كزوج لها وبمجرد أن علمت بأمر ميراث "حمدى" من والده فنزعت شباكها من "عدنان" وألقتها على "حمدى" الذى كان اصطياده أكثر سهولة
عاش "مهند" لأربعة أشهر دون أن يستطيع أن يتخطى صدمته فالتفاة التى عشقها منذ أن تعلم العشق الهوى تركته من أجل دنيا زائلة تسعى ورائها بل طعنته فى قلبه وكرامته عندما وافقت على غيره وهى لا تزال فى عصنته لم تتحمل كرامته الجريحة وقلبه المطعون تلك الآلام فإنزوى بنفسه مبتعدا عن الجميع أصبح لا يرى من الحياة الا بيته وعمله وتلك الساعات التى يقضيها فى المسجد وهو يبث نحواه الى الله لكن الله أراد أن يزيد من ابتلاءه وعناءه مرضت والدته مرضا شديدا ألزم حضور "فريدة" لزيارتها كانت فى سكرات الموت ظل يدعو ويستغفر لها لكنه كان يعلم بأن أمر الله آت لا محالة لم تستطع وهى على فراشا لموت الا أن تعترف له بالحقيقة التى زلزلت كيانه وعصفت به :
- "سامرين" بتحبك بتحبك أوى ضحت بسعادتها وراحتها عشان تحميك من أبوها ازاى تتصور ان "سامرين" اللى اتعلمت الحب على ايديك ممكن تفرط فيك بالسهولة دى سامحنى يا ابنى أنا كمان قسيت عليها وقولتلها لو كانت بتحبك لازم تسيبك سامحنى يا ابنى بس خوفى عليك هو اللى خلانى أعمل كده

اختلطت دموع "مهند" على فقد والدته بدموعه على فقد زوجته وحبيبته لكم كان يتمنى أن يأتى هذا الاعتراف مبكرا قبل أن تنقضى أشهر العدة .. لكن أمر الله نفذ !
لم تصدق "سامرين" نفسها وهى تستمع الى صوت "مهند" عبر الهاتف وهو يقول :
- "سامرين" .. ليه سمعتى كلامهم .. ليه عملتى كده ؟
بكت بحرقة شديدة وهى تقول :
- أنا اسفه .. أنا اسفه .. بس كنت خايفة عليك أوى
لمعت العبرات فى عينيه وهو يتمتم بخفوت:
- ماما اتوفت يا "سامرين"
شهقت بقوة قبل أن تنفجر فى البكاء .. حاول تهدئتها لكنه فشل .. شعرت كما لو أن روحها تسحب منها .. أنهى المكالمة حتى تفرغ ما بها من شحنات عاطفية متأججة .. هدأت وسكنت نفسها بعد وقت طويل نائمة باكية على الفراش فى غرفتها دون أن يعبأ بها أحد .. رأت رقمه من جديد .. فردت بلهفه وبصوت مبحوح من كثرة البكاء :
- "مهند"
قال بلهفة :
- "سامرين" انتى كويس ؟
أومأت برأسها كأنه يراها ثم قالت :
- الحمد لله .. طمنى عليك
قال بأسى :
- الحمد لله على كل حال
صمت .. وصمتت .. ود لو قال لها كلاما كثيرا .. لكنه يعلم بأنها لم تعد حلاً له .. لم تعد من محارمه .. صارت غريبه عنه .. علمت سبب سكوته فتساقطت عبراتها وهى تتنهد بقوة .. قال "مهند" وهو يحاول السيطرة على عواطفه الجياشة التى يريد أن يبثها اياها :
- لازم نرجع لبعض
قالت بلهفة وكأن تلك الكلمة أحيتها من جديد :
- ازاى ؟
قال بحزم :
- هكلم أبوكى مرة واتنين وعشرة ومليون .. مش ممكن تكون لغيري يا "سامرين" .. فاهمة .. مش ممكن تكونى لغيري .. انتى ليا أنا وبس
أغمضت "سامرين" عينيها وهى تشعر بقلبها ينبض من جديد داخل صدرها بعد أن فقد معنى نبضاته كبح "مهند" كباح نفسه بقوة شديدة ولم يهاتفها بعد تلك المكالمة ظل يعمل ويجتهد حتى يستطيع انهاء عش الزوجية الذى طال تجهيزه هاتف "حمدى" كثيرا وفى كل مرة يقابل بالرفض القاطع لكنه لم ييأس ولن ييأس حاول "حمدى" تزويجها لكنها كانت مصره على الرفض مصرة اصرار شديد غير عابئه بأى شئ فلم يعد يفرق معها أى شئ حتى لو ضربها حتى ولو قتلها لن تتزوج رغما عنها لن تتزوج رجلاً غيره دون كلام أو وسيلة اتصال بقيت القلوب على اتصال تزوره فى منامه ويزورها فى منامها فيطفئ اللقاء بعد من نيران اللهفة والاشتياق ..

حتى أتى اليوم الأليم الذى طعنت فيه "سامرين" فى ظهرها بخنجر الخيانة من قلوب جبانه كانت البداية حادث رهيب هشم كل عظامها دخلت فى غيبوبة طويلة احتجات خلالها الى الكثير من العمليات الجراحية سقط "حمدى" بقلب نادم وبأعين باكية يتحسر على ابنته الوحيدة التى تموت أمام عينيه نصحه أحد الأطباء بسرعة أخذها الى أحدى المستشفيات الشهيرة فى تركيا حيث مجموعة من الأطباء الماهرين اللذين من شأنهم أن يعيدون له ابنته كما كانت وبلمح البصر طار من دبي الى تركيا غير عابئ بأعماله التى خلفها وراءه ومع "فيروز" المتبرمة على هذا التغيير المفاجئ خضعت فى تركيا للعديد من العمليات الجراحية التى استغرقت شهورا طوال دون أن يدرى الحبيب الولهان ما أصاب حبيبته من آلام هاتف والدها كعادته كل حين فزفر "حمدى" بضيق وهو يصيح وهو ينظر الى هاتفه دون أن يجيب غير عابئ بوجوده فى المشفى :
- يا أخى حل عنى بأه
قالت "فيروز" بإهتمام :
- مين ده يا "حمدى" ؟
قال بغضب :
- ابن خالها .. كل مرة أديله كلمتين فى جنابه وبرده يفوت كام شهر وألاقيه بيتصل تانى
زفرت بضيق وهى تقول :
- ناقصينه هو كمان
قال "حمدى" بغضب :
- أهى اتشوهت خليه يرتاح
ثم أمسك بهاتفه فقالت :
- هتعمل ايه ؟
قال بحده وهو يتصل ب "مهند" :
- هقوله على اللى حصل يمكن يحل عنها بأه
خطفت منه "فيروز" الهاتف وأغلقت الخط وهى تقول :
- مظنش انه هيحل عنها بالسهولة دى .. سيبلى أنا الموضوع ده .. بس لما "سامرين" تخف هخلصك من الواد ده خالص
مرت شهور أخرى ووضع "سامرين" فى التحسن .. شعر والدها بشعور غريب وهو يرى ملامحها التى بدلت من شكلها كثيراً حتى أنه لم يتعرفها عندما رآها .. بكت وهى تلمح تلك النظرة فى عيني والدها وقالت :
- أنا مش حبه شكلى كده .. انا عايزه شكلى القديم
جلس بجوارها مربتا على كتفها .. بكت "سامرين" بحرقة .. فتلك التربيته هى أقسى ما سفعله والدها .. لا يضمها الى صدره أبدا .. بكت وهى تتذكر ذلك الصدر الذى لطلما ضمها اليه .. ولطالما بكت فوقه .. صرخت شوقا اليه وقلبه ايهتف .. أحتاجك بشدة .. أحتاجك تعالى سريعا .. هتاف تعلم بأنه لن يفيد .. فلا هو سيسمعها .. ولا هو سيأتى .. نظرت الى والدها بألم .. ودت لو قذفت فى وجهه كلمات قاسية .. عنيفة .. لكنها شعرت بإنهاك منعها من التحدث .. ألقت برأسها فوق وسادتها تنظر الى سقف الغرفة وهى تغمض عينيها علها تحلم به .. وهو يضمها اليه .. فتختفى آلامها


بدأت الحية فى التفكير والتخطيط لبث سمومها فى أذن "سامرين" .. لم تكن تهتم بما فى صالح "سامرين" بقدر اهتمامها بنيل رضا "حمدى" الذى لم يكن سهلا كما تصورت .. لم يدع لها الحبل على الغارب فى تصرف فى ماله .. حتى عمله كان يحجبه عنها فلا تعلم حتى كم لديه فى البنك من أموال .. أرادت أن تثبت له بأنها شخص يعتمد عليه ويستحق ثقته .. وتعلم أن أكثر ما يؤرقه هو ذلك المدعو "مهند" والذى يتمنى من ابنته نسيانه محوه من ذاكرتها تماما .. فى أحد الأيام وبينما هما جالسان على مائدة الفطور قالت "فيروز" محاولة التذكر :
- "حمدى" انت فى مرة وانتى بتكلمنى عن "سامرين" قوللتى انها هبله ومبتعرفش تختار مين تقربه منها ومين تبعده عنها
توقف عن المضغ للحظات ثم قال :
- أيوة فعلا قولتلك كدة
قالت بإهتمام :
- يوميها قولتلى عن واحدة صحبتها بتحب اللى اسمه "مهند" ده وهى متعرفش
قال بتهكم وهى يحتسى من فنجان الشاى :
- وقال ايه صاحبته االأنتيم . .مكنتيش تشوفى نظراتها ليها وله كانت بتبقى عامله ازاى .. أقطع دراعى ان ما كانت البت دى بتحبه .. وبنتى الهبلة عملها صاحبتها ومقرباها منها ولحد دلوقتى بتتصل بيها
قالت "فيروز" :
- طيب ليه ما فهمتش "سامرين" وقولتلها على شكوك
قال بحده :
- هتتغابى انتى كمان .. وأقولها ليه .. أنا قولت يمكن البت دى تلف عليه وتخلصنا منه .. لكنها طلعت هبله زى بنتى بالظبط .. فضلت محلك سر .. أو يمكن حاولت وفشلت
قالت "فيروز" وهى تفكر بإمعان :
- اسمها ايه البنت دى ؟
- "نهلة"
معاك رقمها ؟
قال بدهشة :
- وعايزه رقمها فى ايه ؟
قالت بإصرار :
- معاك بس رقمها
قال بلا مبالاة :
- لا مش معايا بس ممكن أجيبه من "سامرين" قولتلك انهم بيتكلموا مع بعض على طول
قالت بلؤم شديد :
- طيب عايزاه ضرورى .. ضرورى أوى

حبكت "فيروز" خطتها الشيطانية والتى ساعدتهاعلى تنفيذها ذلك القلب الحقود والنفس التى تشتهى ما بيد غيرها بدا وكأنهما تفهمان بعض جيداً وتتحدثان بنفس اللغة .. عندما سألتها "فيروز" قائله :
- انتى بتحبى "مهند" مش كدة ؟
صمتت "نهلة" فضحكت "فيروز" قائله :
- متخفيش انا هساعدك تخلصى من غريمتك .. بس انتى كمان لازم تساعديني
قالت "نهلة" بلهفة وقد بأ الألم يدب فى قلبها منذ أن علمت بطلاقهما وبسفر "سامرين" .. قالت بلهفة :
- أساعدك ازاى
قالت "فيروز" بحزم :
- قوليلى الأولى .. بتحبى "مهند" ؟ .. ولا بتحبى "سامرين" ؟ .. أصل اللى هطلبه منك مينفعش تعمليه الا اذا كنتى بتحبى شخص واحد بس فيهم
صمتت "نهلة" للحظات ثم قالت بصوت مرتجف غلب فيه قلبها على عقلها :
- أيوة بحب "مهند" .. بحبه أوى .. فوق مالا تتصورى
قالت "فيروز" بحماس :
- تمام أوى .. اسمعيني كويس

***************
هتفت "سامرين" بحدة وهى تغادر فراشها تود نزع الضمادة من فوق وجهها :
- انتى بتستهبلى مش كدة ؟ .. مش ممكن أصدق طبعا
أوقفتها الممرضة فصاحت فيها "سامرين" :
- عايزه أفك وشى بأه .. كفاية عمليات زهقت .. زهقت
جذبتها "فيروز" وأجلستها فوق الفراش وقالت :
- اسمعيني كويس
هبت فيها "سامرين" قائله وهى تلهث :
- مش هسمعك .. انتى واحدة كدابة .. "مهند" قالى اننا لبعض .. وانه بيجهزلى الشقة وهيكلم بابا تانى وتالت ومليون لحد ما يوافق
قالت "فيروز" بقسوة :
- حبيب القلب اللى انتى مستنياه واللى مسألش فيكي ولا مرة من ساعة ما عملتى الحادثة خلاص بيوضب شقته عشان يتجوز واحدة غيرك
دفعتها "سامرين" بيديها قائله :
- انتى كدابة .. ده محصلش .. وأنا معرفش هو اتصل بيا ولا لأ .. انتوا خدتوا موبايلى ومنعين انى أتكلم فى التليفون كل ما أقول للممرضة عايزة موبايل تقولى ممنوع . .انتوا اللى منعينهم يخلونى أتكلم فى التليفون مش كده ؟ .. خايفين انى أوصل ل "مهند" ويوصلى ..قولوا اللى تقولوه مش ممكن أصدق انه يحب ويتجوز واحدة غيرى
أخرجت "فيروز" هاتف "سامرين" من حقيبتها وضغطت بعض الأزرار ثم قالت :
- اتفضلى كلمى عروسته لو مش مصدقانى .. اتصلت عشان تعزمك على فرحها وأنا رديت عليها
خطفت "سامرين" منها الهاتف ونظرت بدهشة الى اسم "نهلة" وهى تقول بغضب :
- ايه اللى انتى بتقوليه ده .. دى صحبتى
أتاها صوت "نهلة" قائله :
- ألو "سامرين"
قالت "سامرين" بلهفة :
- "نهلة" .. "نهلة" ازيك
أتاها صوتها باردا وهى تقول :
- كويسة .. ازيك انتى
الحمد لله يا "نهلة "
عقدت "فيروز" ذراعيها أمام صدرها .. فهتفت "سامرين" بتهكم :
- تصورى "فيروز" مراة بابا بتقولى انك عروسة "مهند" وان "مهند" هيتجوزك .. لا وواقفة أدامى بكل برود .. وخلتنى أتصل بيكي كمان
ثم قالت ل "فيروز" :
- ارتحتى كده لما كذبتك اتكشفت ؟ .. انتى فاكرانى عيلة صغيره عشان أصدق الكلام اللى بتقوليه ده
تعالت خفقات قلبها وتسمرت فى مكانها وهى تسمع "نهلة" تقول :
- لا صدقى
عدلت "سامرين" من وضع الهاتف فوق أذنها وهى تقول :
- "نهلة "مسمعتكيش .. بتقولى ايه
أتاها صوت صديقة الطفولة محملا بكل الحقد والكره الذى لم تتوقع أن تسمعه منها يوما وهى تقول :
- بقولك صدقى "مهند" ده الراجل الوحيد اللى أنا حبيته واللى اتمنيت انه يكون من نصيبى لكنك طول الوقت كنتى واقفة فى طريقي زى الحيطة السد بسببك مكنش قادر يشوفنى ولا حتى يحس بيها رغم انى كنت بحاول كتير انى ألمحله أنا كنت بتعذب وبتقطع أدامك وانتى مش حسه بيه مش حسيه بالنار اللى فى قلبى وانتى بتحكيلى عن مشاعرك نحيته محستيش بيا وأنا بموت يوم كتب كتابك .. كنت بتقطع وانتى فى قمة سعادتك عمرك ما حسيتي اللى جوايا ولو كنتى حسيتى كنتى دبحتيني بسكينة تلمه ولا كنت هفرق معاكى المهم انتى تتهنى وتعيشي مرتاحه ومبسوطة مش هيهمك قلب صاحبتك اللى بيتقطع وهى شيفاكى مع حبيبها أنا بكرهك يا "سامرين" بجد بكرهك أنا طول الوقت وأنا بحبك وبكرهك فى نفس الوقت بحبك لما نكون مع بعض زى أى بنتين صحاب وبكرهك لما بيشوف فى ايدك دبلة "مهند" ولما بسمعك بتتكلمى عن "مهند" ولما بتوصفيلى مشاعرك ناحيته انتى معندكيش ذرة احساس والا كنتى حسيتى باللى فى قلبى يوم طلاقك كان يوم فرح بالنسبة لى لانى حسيت ان خلاص الأمل رجعلى تانى ما فرحتش قد ما فرحت بسفرك وبانى خلاص هخلص من العقبة اللى كانت واقفة فى طريقي كنت واثقة ان "مهند" لو عرفنى هيحبنى أنا وهيفضلنى عليكي أنا أحلى منك وأجمل منك وأشيك منك وأشطر منك كنت بتحسر لما بلاقيه يبصلك بحب وأنا حتى مبيرضاش يرفع عينه فى عيني بجد بكرهك يا "سامرين" وكرهتك أكتر لما كنتى سبب فى أذيته وباباكى حرقله دكانه وكان هيدخله السجن واستحمل كل ده عشانك بجد كرهتك أوى وقتها لكن دلوقتى خلاص "مهند" بأه معايا زى ما أنا عايزه وزى ما كنت بتمنى نساكى يا "سامرين" ومعدش فى قلبه حد غيري نساكى وقطع كل ذكرياته معاكى قطعها ورماها فى البحر أدامى خلاص خلص الشقة عشانى وحددنا معاد الفرح بقينا بنحلم مع بعض بحياتنا اللى جاية وبولادنا وبمستقبلنا مع بعض كان نفسى أقولك الكلمتين دول لانى كنت مخبياهم فى قلبي سنين طويلة وأخيرا جت اللحظة اللى طلعت فيها كل الى جوايا أنا دلوقتى ارتحت ربنا يوفقك فى حياتك بس أرجوكى ابعدى عنه وعنى وسبينا عايشين مبسوطين مع بعض كفايا اللى شافه بسببك ومن تحت راسك أنا هنسيه كل الألم اللى شافه معاكى وعلى فكرة كمان "مهند" قالى انه ملمسكيش ساعتها كنت طايره من الفرح قالى انى حبيبته الأولى والأخيرة .. ابعدى عنه يا "سامرين" ومتفرقيش بينى وبينه لانك حتى لو حولتى تفرقى بيننا مش هتعرفى "مهند" خلاص دبلته بقت فى ايدي وبكرة هينقلها فى ايدي الشمال معدلكيش أى وجود فى حياته ولا حياتى

لم تكن تلك كلمات تلقى على مسامعها بل خناجر تنهش فى قلبها حتى نزف كل قطرة من دمه وبقى كالخرقة البالية لا تصلح لشئ ولا نفع لها تقدمت "فيروز" لتطرق على الحديد وهو ساخن لم تأبى للحاله التى أصابت "سامرين" العبرات تتساقط من تحت الشاش الذى يغلف وجهها على جرحها ليزيدها ألماً بملحها ساكنه لا تتحرك تمسك الهاتف فى يدها المرتجفة وهى فى حالة غريبه وكأنها غائبة فى عالم آخر أمسكت "فيروز" الهاتف وضربت بعض الأرقام وقالت :
- دلوقتى كلميه قوليله انك مش عايزاه وانك خلاص هتتجوزى ردى كرامتك واعتبارك فهميه انك نستيه زى ما هو نساكى وانك هتدورى على حياتك ومستقبلك زى ما هو عمل حسسيه ان خيانته موجعتكيش ردى اعتبارك يا "سامرين"
وضعت "فيروز" الهاتف على أذن "سامرين" وقلبها يخفق بإضطراب .. تخشى أن تتفوه "سامرين" بما يفسد عليها خطتها .. تسرب الى أذن "سامرين" صوته .. فانتفضت .. بدت وكأنها خرجت من الغيبوبة التى دخلتها لدقائق .. أتاها صوته بلهفة :
- "سامرين" .. "سامرين" .. ألو
حاولت التحدث لكنها شعرت بلسانها قد ألجم .. أخيرا خرج صوتها مبحوحا بفعل الشاش والعمليات التى أثرت على حنجرتها وأحبالها الصوتية .. قال "مهند" بإستغراب :
- مال صوتك يا "سامرين" .. ألو
أخرجت صوتها بصعوبة لتقول بنبرة عنيفة تقطر ألما :
- "مهند" أنا بكرهك .. سمعت .. أنا بكرهك .. انتى دبحتنى .. أنا مش هسامحك أبدا .. أبدا .. أبدا .. ومش ممكن أفكر فيك تانى أبدا .. عيش حياتك زى ما انت عايز عمر ما واحدة هتحبك زى ما كنت بحبك
هتف "مهند" بقلب وجل :
- "سامرين" ايه اللى بتقوليه ده
قالت والنار تنهش فى قلبها :
- انت ولا حاجة بالنسبة لى .. هنسى كل حاجة تفكرنى بيك وبالايام اللى عشتها فى اسكندرية .. مش هفتكر غير ماما الله يرحمها .. مش عايزة أفتكر أى حاجة ولا أى حد بعدها .. هنساكوا كلكوا .. وهعيش حياتى مش هوقفها عشانك ولا عشان أى حد .. وهييجى اليوم اللى هتصل بيك وأقولك باركلى أنا اتجوزت
قفز قلبه فى حلقه وهو يقول بحده :
- انتى بتقولى ايه .. انتى بتخرفى تقولى ايه .. جواز ايه .. "سامرين"
أمسكت الهاتف من يد "فيروز" وألقته فى الجدار المقابل وهى تصرخ باكية .. جذب صوتها العديد من الممرضات اللاتى هرعن الى غرفتها لتهدأتها .. لكن هيهات .. كانت ثائرة كالبركان الغاضب الجامح .. لا يستطع أحد حبح جماح حممه الملتهبة الساخنة الحارقة .. فيقذفها يمينا ويسارا عله يرتاح وتبرد ناره !

*************
ارتجف قلبه وهو يستمع الى "حمدى" الذى قال بحدة :
- ابعد عنها بأه وسيبها تشوف حياتها .. "سامرين" اتخطبت .. وكتب كتابها قريب .. حل عنها بأه
انتهت المكالمة لينهار "مهند" مادياً ومعنوياً فاقدا كل الخيوط اتلى توصله ب "سامرين" غير مدرك لما حدث ولماذا حدث وكيف حدث كل ما يعلمه أنها أصحبت حلم صعب المنال بعد عدة أشهر دب أمل بسيط فى كيانه وابتلع كرامته المهانه واتصل ب "حمدى" ليخبره بأنها قد كتب كتابها .. وعلى وشك الزواج لم يدرى "مهند" أتلك لعبة من "حمدى" أم أنها تزوجت بالفعل كاد أن يجن جنونه وأن يفقد عقله دون أن يجد اجابة شافية تذكر مكالمتها الأخيرة وكلماتها تخترق أذنه " وهييجى اليوم اللى هتصل بيك وأقولك باركلى أنا اتجوزت" صرخ قلبه بألم غير مصدقاً أن الحبيبة القريبة البعيدة التى كانت بالأمس حلاله صارت اليوم عشــق ممنــوع !

*********************
مرت السنوات كصحراء قاحلة لا تجد فيها "سامرين" ما يروى ظمأ روحها وقلبها أصرت "فيروز" على تقديمها الى المجتمع بإسم "سمر" تخفيفا لاسمها الذى لم ينل اعجابها وقفت خلف "سامرين" تنظرات الى المرآة وهى ترتدى ثوبا أنيقا وقد نزع حجابها وتكشف جسدها وكبر خواء روحها قالت "فيروز" من خلفها مبتسمة :
- اسم جديد وشكل جديد وحياة جديدة
لكن "سامرين" كانت تشعر بأنها فقدت كل معنى للحياة .. وكل رغبة فى التمسك بها . .فتركت الأمواج تتقاذفها كيفما شاءت .. دون ضابط أو رابط .. تأخذها الحياة يمينا ويسارا دون بوصلة تحدد وجهتها .. حتى أوقعتها الأقدار فى طريق "باهر" الذى عرض عليها الزواج فى لحظة اندفاع .. وبقلب ظمآن .. وروح تتمنى الخلاص وافقت .. وهى لا تعلم لما وافقت .. لكنها تعلم بأن قلبها يحتاج وليفا يعوض بحنانة قسوة أيامها ومرارتها

مرت تلك السنوات على "مهند" وهو يزداد قربا من الله .. شاكيا ضارعا اليه .. ان يرحمه من ذلك الألم الذى سكن فؤاده .. استخار واستشار فكان رد شيخه الوفى :
- حلك فى الجواز يا ابنى
لا يعلم لما اختار "نهلة" كزوجة يحاول بها ملء خواء أيامه .. ألأنها صديقها . .ألأنها جزء منها .. ألأنها أوقعت نفسها فى طريقه .. لا يعلم .. لكنه استخار وألقى بحموله على الله .. وقدم المهر للعروس .. وتم الزفاف

كان "عدنان" قد بدأ فى جمع ما تبقى من أشلاء عائلته المشتته حوله وتحت رعايته رفض "مهند" ترك الاسكندرية والقدوم الى القاهرة لكن الأقدار شاءت أن يتوفى زوج "انعام" وتعود الى القاهرة تعيش مع "عدنان" فيلته وبعد زواج "مهند" بعام توفى والده دون أن يراه الا مرات قليلة خلال تلك السنوات عادت "فريدة" لتنضم الى "مهند" فى بيته تقضى بضعه أشهر معه ومع "نهله" التى كانت تتباهى أمامها دائماً بالحب الذى جمعهما وأخفت عنها العبرات التى تزرفها كل ليلة بعدما أيقنت بأنها لم تمتلك فى "مهند" سوى جسده لكن قلبه ظل محصن بعيد المنال كان يعاملها برفق كما أوصى النبى الرجال لا يمنع عنها حقا من حقوقها يؤدى واجباته تجاهها كما الكتاب لكن قلبه ليس له عليه سلطان .. فهو بيد رب الأرباب !
ما هى الا شهور قليلة حتى وقع الحادث الأليم لتروح ضحيته "نهلة" وينجو "مهند" و "فريدة" شعر "مهند" بالذنب لفقدها لقلة خبرته فى القيادة رغم يقينه بأنه لم يكن المخطئ فى تلك الحادثة لكن بقى بداخله شعورا بتأنيب الضمير ظل ملازما له لفتره الى ان تناساه شيئا فشيئا ولم يبقى لها فى قلبه سوى الدعاء لها بالرحمة والمغفرة
انضم بعدها "مهند" و "فريدة" الى "عدنان" و "انعام" يعيشون معاً كأسرة يعوض كل منهم الآخر عن الأسرة التى فقدها !


اسطورة ! غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:53 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.