آخر 10 مشاركات
تحميل رواية بعد الغياب لـ أنفاس قطر بصيغة pdf_ txt _ Word (الكاتـب : جرح الذات - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          لاجئ في سمائها... (الكاتـب : ألحان الربيع - )           »          علي الجهة الأخري (مصورة) (الكاتـب : دعاء ابو الوفا - )           »          أسيرتي في قفص من ذهب (2) * مميزة ومكتملة* .. سلسلة حكايات النشامى (الكاتـب : lolla sweety - )           »          قلبك منفاي *مكتملة* (الكاتـب : Hya ssin - )           »          جايكوب وايلد (118) للكاتبة: Sandra Marton {الجزء 1من الأخوة وايلد} *كاملة* (الكاتـب : Andalus - )           »          الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )           »          فجر يلوح بمشكاة * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Lamees othman - )           »          ثأر اليمام (1)..*مميزة ومكتملة * سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

Like Tree13Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-10-15, 11:13 PM   #11

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


الفصل العاشر
،
،
جلست نو ا ر بجوار رؤوف في سيارته في طريقهما للأسكندرية ومشهد سهير الأخير لا يبارح
عقلها.. وخاصة جملتها...
"أنتِ لا تعلمين شيئاً"
ما الذي تقصده وسهير؟.. وما هذا الذي لا أعلمه؟.. ماذا تخفين عني يا سهير؟.. وكيف
لي أن اطمئن عليكِ الآن؟..
قاطع أفكارها صوت رؤوف:
أنتِ هادئة جد اً
أجابته بشرود:
هاه..
سألها بقلق:
أنتِ لست معي على الإطلاق... ماذا بكِ؟
أجابته بتلعثم وهي تحاول تناسي كلمات سهير:
إنني قلقة على سهير فحسب...
رمقها في خبث وهو يسألها:
ألم تمنحيها بعض النصائح عن الحياة الزوجية؟..
صرخت به في غضب:
قيد القمر
150
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
يا الهي!.. هل هذا ما يشغل بال كل الرجال؟.
قهقه ضاحكاً:
ومن أين لكِ أن تعرفين ما بعقل كل الرجال؟..
رمقته بغيظ.. وقررت تغيير مجرى الحديث:
لم تخبرني لما قررت السفر فجأة وفي مثل هذا الوقت المتأخر؟..
رد عليها بحذر:
حسناً.. ما لا تعلمينه أن الرحلة ليست لمجرد النزهة فحسب, فأنا لدي عدة مقابلات عمل..
وقد تقدم موعد إحداها لصباح الغد..
صاحت به في غضب:
عمل!!!.. هل أتيت بي إلى الأسكندرية لتعمل أنت.. وتلقيني جانباً!
مد يده ليمسك بكفها ويرفعه إلى شفتيه ويقبله بخفة وهو يرمقها بنظ ا رت حنونة:
لا تغضبي.. سوف تقضين أوقاتاً لن تنسيها.. وهذا وعد مني.
توردت وجنتاها تحت وقع نظ ا رته وحاولت سحب يدها منه إلا أنه أمسك بها بإحكام, فسألته
بنبرة حانقة تقريباً لقدرته على السيطرة على غضبها بتلك السهولة:
أين سنقيم؟..
أخبرها باسم الفندق الذي حجز به بهدوء وقد فهم المغزى خلف سؤالها.. فهي لا تريد الإقامة
بفندق سبق له الإقامة به برفقة نعمات.. ولكنه لاحظ ملامح الإمتعاض على وجهها فأردف:
قيد القمر
151
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
اختاري الفندق الذي تريدينه.. وأنا لن أمانع.. فنحن الآن بعيداً عن موسم الصيف وسنجد
حج ا زً بسهولة.
أجابته بتردد:
ولكني لا أرغب في الإقامة بفندق!!
التفت لها بدهشة.. فسارعت بالقول:
أرغب أن نقيم في شقة.. أرجوك يا رؤوف.. سيكون ا رئعاً أن نكون بمفردنا في مكان
خاص بنا.. لعدة أيام فقط.. أنا أرغب.. في.. في.. أن أشعر بأني سيدة بيتي ولو لفترة
مؤقتة..
تنهد بقوة وهو يرفع هاتفه ليتصل بالمسئول عن فرع الشركة بالأسكند رية وما أن سمع
الصوت على الطرف الآخر حتى قال بسرعة:
عامر.. اسمعني جيداً, أنا في الطريق إلى الاسكندرية.. نعم.. أعلم أنك قمت بالحجز..
اسمعني.. إلغِ هذا الحجز.. أنا أريدك أن تجد لي شقة.. نعم شقة.. بالتأكيد يمكنك تدبير
شقة للإيجار!!
استمع إلى صوت محدثه على الطرف الآخر ثم اجابه:
نعم.. أعلم كم الساعة الآن.. وأعلم أيضاً أن ما تتقاضاه من ا رتب يمنحني الحق لأتصل
بك الآن... أمامي ساعتان وأصل إلى الأسكندرية.. أريد أن أجد مفتاح الشقة في مكتبي في
فرع الشركة... مفهوم؟
رمقته نو ا ر بنظرة مبهورة فهي لأول مرة ترى هذا ال وجه الآمر منه:
واااو.. ما كل هذه الأوامر.. الرجل موظف لديك وليس عبد اً
قيد القمر
152
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
رفع عينيه للسماء بعجز:
ألم أكن أنفذ طلباتك؟.. كيف تتوقعين إيجاد شقة الآن؟..
قالت بنبرة مهادنة:
شك ا رً لك.. أنت بطلي
أجابها بنفس النبرة العاجزة:
وتسخرين أيضاً؟.. سأحادث عامر وأخبره أن يعود لف ا رشه وينسى أمر الشقة
سارعت بالرد:
كلا.. كلا.... لا تحادثه... دعه يتعلم بعض النشاط.. من الذي يحتاج النوم في الثانية
صباحاً؟!!..
رمقها بنظرة نارية فأردفت وهي تضع يدها الحرة على فمها:
سأصمت نهائي اً
ضحك بهدوء وقال لها:
ستكون تلك معجزة بحق.
******************
جذب ص ا رخ سهير الهيستيري عمتها قمر.. فتحركت مسرعة لتذهب إليها.. حاول زوجها
أنور منعها:
انتظري يا قمر.. قد تكون ردة فعل عادية.. لا تنسي أنها عروس جديدة
لكنها رفضت الاستماع اليه:
قيد القمر
153
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
عادية!!.. ألا تسمع صوت ص ا رخها.. دعني.. دعني حتى أرى ماذا فعل ولدك بابنة
أخي..
وخرجت مسرعة.. بينما هو يتمتم:
والآن أصبح ولدي!!
طرقت قمر الباب الخارجي لجناح منذر ولم تنتظر أن تسمع الإذن بالدخول, فدخلت
بسرعة.. وخطت داخل البهو الخارجي للجناح وما أن وصلت لغرفة النوم حتى هالها ما أ رت
فعلى الف ا رش كانت سهير مكومة على نفسها وهي تحتضن أط ا رف ثوبها بق وة وتبكي
بهيستريا وصوت ص ا رخها يعلو وينخفض.. بينما تردد بجنون:
"ابتعد عني.. ابتعد عني.. لا أريد.. لا أريد.."
وكان منذر واقف بجوار الف ا رش ينظر لها بذهول ممزوج بحيرة شديدة ولا يدري كيف يهدئها
أو يسكتها..
صاحت به قمر وهي تجلس بجوار سهير على الف ا رش وتضمها لصدرها:
لا تقف هكذا.. تحرك واحضر كوباً من الماء..
تحرك منذر حتى ينفذ أمر والدته.. بينما احتضنت قمر ابنه أخيها وهي تربت على ظهرها
وتحاول تهدئتها.. ولكن انتفاضة جسد سهير لم تهدئ.. وان استكانت بين أحضان عمتها
التي أخذت تتمتم ببعض الآيات القرآنية حتى تطمئن الفتاة وتخرج من حالة الهيستيريا التي
انتابتها..
اهدئي يا سهير.. اهدئي يا بنتي.. ماذا فعل لكِ هذا الثور؟..
قيد القمر
154
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
كان ص ا رخ سهير قد تحول لشهقات متتالية عندما جلب منذر كوب الماء واعطاه لوالدته في
صمت وهو يرمق سهير بأسى..
أشارت له والدته إشارة خفيفة ب أ رسها حتى يخرج من الغرفة.. وعندما لمحت التذمر على
ملامحة أشارت له بيدها بقوة ليخرج.. بينما استمرت في ق ا رءة الأدعية والآيات القرآنية وهي
تربت على كتفي سهير حتى هدأت وغابت في النوم..
خرجت قمر من غرفة النوم بعد أن نث رت الغطاء على سهير التي كانت ما ا زلت تنتفض في
شهقات ضعيفة حتى في أثناء نومها..
وجدت منذر يذرع صالة الجناح جيئة وذهاباً.. فنهرته بصوت خافت:
ما الذي فعلته بالفتاة؟.. لم أظن أبداً أن يكون ابني بمثل تلك الوحشية!!
أجابها في ذهول:
ماذا تقولين ياأمي؟!!.. أي وحشية تلك؟!!.. أنا لم أفعل لها شيئ اً
بدت قمر حائرة وهي تحاول طمأنة ولدها:
حسناً.. يبدو أن خوفها الشديد هو ما سبب ذلك.. دعها ترتاح للصباح.. ولا تحاول
ازعاجها.. وسوف تتغلب على خوفها هذا بإذن الله
ربتت على كتفه.. وهي تقول قبل أن تخرج:
أنت تحبها.. فاصبر عليها.. تصبح على خير..
خرجت قمر وتركت ولدها والظنون تتلاعب به.. هل ما رآه من سهير مجرد خوف طبيعي
من ليلة الزفاف يصيب كل الفتيات؟... لقد كانت في حالة هيستريا تقريباً..
قيد القمر
155
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
تمدد على الأريكة وهو يستغفر ربه حتى يطرد ما مر بذهنه من ظنون.. فهو يثق في سهير
ثقة مطلقة.. إنها ابنة خاله قبل أن تكون حبيبته وزوجته.. عشقها يسري في عروقه.. كان
حلمه أن تصبح له.. أن يؤسس لها البيت الذي وصفته له في إحدى لقاءتهما التي كانت تتم
في الإجتماعات العائلية.. وكانت نو ا ر تساعدهما على التخفي واللقاء بعيداً عن الأعين..
كانت يومها تغلق عينيها حالمة وهي تصف له البيت الواسع الذي تحلم به بحديقته الواسعة
التي ستملأها بكل أنواع الورود التي تحبها.. والأرجوحة التي ستعلقها في أحد أركان
الحديقة.. حتى يلعب بها أولادهما.. وانتقلت لتصف له منزلهما بلونه الأبيض ونوافذه التي
بلون السماء.. وأنها تتمنى أن يحتوي على ستة غرف للنوم.. لأنها ترغب في انجاب خمسة
أطفال... وتريد منه انشاء غرفة خاصة ليلعب بها الأطفال داخل المنزل في الأيام الباردة..
وكيف أنها تريد مطبخاً واسعاً.. فهو مملكتها التي تعد بها أشهى الأكلات التي يحبها..
والتي تعلمتها وأتقنتها خصيصاً من أجله..
زفر بشدة وهو يحاول الهروب من ذكرياته معها.. فهو أسرع بزواجه منها قبل أن ينتهي من
بناء بيت أحلامها حتى لا تضيع من يده ويسبقه إليها زوج آخر.. فهو لا يحتمل أن تكون
لغيره..
وأخذ يحدث نفسه ويقنعها:
"إنها صغيرة.. ولابد أنها خائفة.. يجب أن أمنحها الوقت الكافي لتعتاد على وجودي
بجوارها"..
***************
قضت نو ا ر برفقة رؤوف أروع أيام حياتها.. فعند وصولهما إلى الأسكندرية وجدا أن المدعو
عامر قد وفر لهما بدلاً من الشقة.. ثلاث.. اختارت نو ا ر منهم أصغرهم.. فكانت أشبه
بشاليه صغير ولكنه يطل على البحر مباشرة.. لكنها كانت في قمة سعادتها, فعلى الرغم
قيد القمر
156
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
من مساحته الصغيرة التي لا تقارن ببيت رؤوف في مدينتهما إلا أنها اعتب رته عشهما
الخاص.. هي سيدته.. تديره كيفما شاءت.. وبالطريقة التي تناسبها.. ولم يعلق رؤوف على
تخليها عن الشقق الفخمة لتتمسك بهذا الشاليه البسيط في أثاثه والصغير في مساحته..
فيكفيه أنه أ رى عينيها تشع بسعادة صافية.. وترتسم على شفتيها أروع ابتسامة وهي تتوسله
أن يوافق على الإقامة في هذا الشاليه البسيط.. فلم يجد أمامه سوى الموافقة على طلبها..
فهو في النهاية لا يهتم بفخامة المكان أو مدى ث ا رئه.. كل ما يهتم به هو تلك الابتسامة
التي ي ا رها معلقة على شفتيها باستم ا رر طوال الأيام الماضية بالرغم أنه كان يتركها في
الصباح لينهي الأعمال التي جاء الى الاسكندرية من أجلها, إلا أنها لم تبدِ أي تذمر كالذي
أظهرته من قبل حيث كانت تعيش صباحاً في دور سيدة المنزل.. فتطهو الطعام.. وترتب
المكان.. وتقوم بأعمال المنزل كأي زوجة وربة منزل.. ليصل رؤوف ويجد طعامه معداً..
ثم ينطلقا ليجوبا كل شبر في الاسكندرية معاً.. فبرغم أن كلاهما قد ا زر المدينة من قبل
ولكن كلٍ بمفرده.. فقر ا ر ان يتعرفا عليها معاً وكأنها زيارتهما الأولى.. وأن يتركا ذكرى في
كل مكان يذهبا إليه..
كانت نو ا ر تصر أن يتركا السيارة ويتجولا على أقدامهما.. وعندما يعترض رؤ وف تخبره
بحالمية..
"إن الأسكندرية تحتاج منك أن تتذوقها ببطء.. أن تشعر بعبقها يخترق روحك.. وبعبيرها
ينتشر بين جنباتك لتشعر بالدفء والترحاب الذي ينبعث منها"..
فكان يبتسم ابتسامة هادئة.. ولكنها تجد نفسها في النهاية جالسة بجواره في السيارة
ليستكملا جولاتهما.. ليستقبل سيل العبا ا رت المتذمرة المنطلقة منها بأنه زوج مستبد ولا يتيح
لها الفرصة للتعبير عن نفسها بابتسامة لعوب أصبحت تصاحبه في الأيام الأخيرة وهو
يخبرها أنها لها مطلق الحرية للتعبير عن نفسها ولكن له هو فقط!!!.. فتتورد وجنتاها
قيد القمر
157
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ويتوتر جسدها وتقوم بحركة شفتيها التي يعشقها.. فينطلق بها مباشرة إلى عشهما الصغير
كما اسمته هي لينهل من دفئها وحبها..
مرت الأيام سريعاً وأوشك رؤوف على الانتهاء من أعماله.. حتى كان ذلك اليوم قبل
رحليهما بيومين حين وصل رؤوف متأخ ا رً عن موعده المعتاد فوجد نو ا ر تستقبله بابتسامتها
التي لم تختفي من على وجهها طوال إقامتهما في الأسكندرية:
لقد تأخرت اليوم؟..
أجابها وقد بدا عليه الإرهاق:
نعم.. فلقد طال الاجتماع لأكثر مما هو متوقع..
اقتربت منه بهدوء فطبع قبلة رقيقة على جبينها وهو يقول:
يبدو أنكِ أعددت الطعام اليوم أيضاً.. لقد كنت اعتزم أن اصطحبك للغذاء في الخارج
ألقت ب أ رسها على صدره:
أنت تعلم أن إعداد الطعام والقيام بباقي أعمال البيت تسعدني, كما أنها تشغل وقتي.. هيا
بدل ملابسك.. فلقد أعددت المائدة منذ مدة
بعد أن انتهى من تبديل ملابسه وجدها قد وضعت الطعام في الشرفة الخارجية للشاليه..
سألته وهي جالسة معه على مائدة الغذاء:
هل أعمال الشركة كثيرة جداً هنا؟
أجابها وهو يلتهم طعامه بتلذذ:
لقد اتسعت أعمالنا هنا مؤخ ا رً.. وكان منذر هو من يتابعها..
قيد القمر
158
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
هزت أ رسها بتفهم:
آه.. لذلك لا يوجد مكان ثابت للإقامة.. حسناً.. لقد فهمت الآن..
سكتت قليلاً.. تتأمل طريقته السريعة في تناول طعامه.. ثم سألته:
هل أنهيت كل أعمالك اليوم؟..
أجابها بحذر وهو ينهض بعد أن أنهى طعامه بسرعة كعادته:
نعم.. لماذا تسألين؟
تحركت معه وهو يتحرك نحو غرفة النوم:
ألن نخرج اليوم؟..
أجابها وهو يقربها منه:
سنخرج بالطبع.. ولكن دعينا نستريح قليلاً أولا أجابته بلهجة آمرة وهي تدفعه بقوة لينفذ طلبها:
كلا.. أنا أعلم جيداً وجهة نظرك عن ال ا رحة.. سنخرج والآن..
قهقه ضاحكاً وهو يقول:
يا الهي!!.. من يعتقد أن هذا التسلط يخرج من فتاة أكبر من الدمية بقليل!!
وضعت يدها في خصرها كعادتها وهي تسأله:
ومن هي الدمية؟!
عاد يقربها منه ثانية حتى ألصقها به:
قيد القمر
159
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أنتِ.. أنتِ دميتي أنا.. والآن أنا في م ا زج مناسب لل لعب!
ردت عليه بابتسامة لعوب:
ألم يخبرك أحد أن الصِبية لا تلعب بالدمى؟
قهقه ضاحكاً وهو يحملها للف ا رش:
ولكن الصِبية في مثل عمري.. مسموح لهم باللعب بالدمى إذا كُن بمثل روعتك
قفزت نو ا ر من الف ا رش بسرعة وهي تضحك:
كلا.. لن تستدرجني بمعسول الكلام... أنا أريد الخروج.. الآن!
حاول الإمساك بها فركضت هاربة منه وهي تكرر طلبها بضحكة رقيقة:
أريد الخروج.. الآن
وافقها بهدوء وهو يعود بها إلى داخل الحجرة:
بالطبع سنخرج...
ثم صمت قليلاً... ليستطرد قائلاً:
لاحقاً...
ولكنهما لم يخرجا في ذلك اليوم.. فبعد أن غابا معاً في عالم العشق والجنون كورت نو ا ر
نفسها بين أحضان رؤوف ا رفضة أن تسمح له بالنوم كعادتها مؤخ ا رً فربضت على صدره
ترتكز بذقنها على يديها اللاتين تشابكت أصابعهما وهي تدرس ملامحه عن قرب وتبدأ في
استجواب جديد له عن كل ما مر به في حياته..
قيد القمر
160
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
،
يتبع......



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-10-15, 11:14 PM   #12

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

تابع......
،
،
،
كان يتذمر في البداية من تلك الاستجوابات ولكنه خضع لها سعيداً بعد أن أخبرته أنها تريد
أن تتعرف على كل كبي رة وصغيرة مرت به وهو بعيد عنها.. فكان ي ا رقب السعادة على
ملامحها وهي تسمعه يحكي عن طفولته وعن الطرق التي كان يبتكرها للهر وب من تحكمات
جده بدون أن يبدو وكأنه غير مطيع له.. ثم يرتسم عليها الأسى عندما تسمعه يحكي عن
افتقاده لوالده أو عن ما كان يعانيه من تحكمات الجد المتزمتة.. فيمد يده ببساطة ليمحي
تقطيبة جبينها وهو يخبرها أنه ا رضٍ عن حياته ولا يلوم جده أو أي شخص آخر على أي ما
مر به...
مدت يدها تتخلل بأصابعها خصلات شعره وهي تسأله:
هل تعلم أن شعرك ليس أسود تماماً؟..
سألها بكسل وهو يلف ذ ا رعه حول جسدها:
حقاً؟!
نعم.. وعينيك أيضاً.. لهما درجة لون مختلفة عن عيني والدي.. أنت تشبه جدي كثي ا رً
رد يتصنع الغضب:
هل انتهيتِ من مقارنتي برجال العائلة؟..
ضحكت وهي تقول:
هل أنت غاضب من مقارنتي لك بأبي؟.. لقد كان جدي يلقبه ب أوسم رجال الجي ا زوي..
رد بتذمر:
نعم أنا غاضب, فيبدو أني لست وسيماً بما يكفي.. فهل تسمحين لي بالن وم الآن؟
أجابته بابتسامة لعوب:
قيد القمر
161
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
كلا.. لن تنام.. أنت خدعتني لتلعب بدميتك.. فتحمل عواقب ذلك
قهقه ضاحكاً:
حسناً.. ماذا أفعل إذا كنت أدمنت على تلك الدمية؟.. ولكني مستعد تماماً لجولة جديدة
من الاستجوابات.. ماذا تريدين أن تعرفي الليلة؟..
كانت نو ا ر طوال فترة وجودهما بالأسكندرية تفكر في كلام والدتها وعمتها.. هي شعرت
بالفعل أن رؤوف يمتلك مشاعر قوية.. ولكنه لا يجيد التعبير عنها.. فهو يركزها في الناحية
الحسية فقط.. فهذا ما يعرفه عن الحب والعشق.. جانبه المادي فقط..
لكنه كان جاهلاً تماماً عن نواحي الحب الرومانسية والروحية.. لذا قررت أن تكون هي
البادئة كما نصحتها عمتها.. أن تكون هي دليله لعالم الرومانسية الروحي كما كان هو
دليلها إلى عالم العشق الحسي..
تكلمت بنبرة جدية:
كلا.. لن يكون هناك استجوبات الليلة.. بل سيك ون هناك اعت ا رفات.. اعت ا رفاتي أنا..
تعجب رؤوف من كلامها فاعتدل جالساً وهو يسحبها معه لترتكز بين ذ ا رعيه وهو يسألها
بقلق:
ماذا هناك يا نو ا ر؟..
أجابته برقة:
هل تذكر ليلة وفاة عمي عبد الرحمن؟..
تغضن جبين رؤوف بقلق.. فتلك الأيام تمثل أسوأ ذكرياته, لكنه أدرك عن مغزى سؤالها:
نعم.. تلك الليلة عندما خرجتِ تركضين فزعاً من مجلس النساء
قيد القمر
162
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
سألته بدهشة:
هل تذكر ذلك؟..
أجاب بارتباك:
نعم.. ماذا بها تلك الليلة؟
ترددت قليلاً.. ثم حسمت أمرها:
تلك الليلة التي وقعت بها في حبك..
حاول مقاطعتها.. لكنها وضعت إصابعها على شفتيه برقة:
أعلم أنني كنت طفلة حينها.. وأن أحداثاً كثيرة مرت.. لكني لن أخدع نفسي وأوهمها أنني
وافقت على الزواج منك بسبب أبي.. أو جدي.. أو العائلة.. بل وافقت من أجلك.. من
أجلي.. فأنا بعد مصارحة مع نفسي اكتشفت أن الحلم الذي وقعت في حبه كطفلة.. لم
يتلاشَ كأحلام الطفولة ويختفِ.. بل ازداد ذلك الحب ونضج على مر السنين.. على الرغم
من رفضي الاعت ا رف به في البداية.. بل عدم اد ا ركي له.. حتى تقدمت للزواج مني.. فكان
أن وافقت تحت زعم أنني ارتبط برجل جيد لا غبار عليه.. وأنفذ أيضاً أوامر أبي.. لكني لن
أخدع نفسي أكثر من ذلك.. فأنا قررت المصارحة والمواجهة مع نفسي أولاً ومعك أيضاً..
فأنت تستحق أن تعلم أنني.. أحبك.. أحبك يا رؤوف..
كان رؤوف صامتاً بوجوم طوال فترة اعت ا رفتها المذهلة.. فهو للمرة الأولى يستمع لتلك
الكلمة.."أحبك".. وبتلك العاطفة الصادقة.. فلم يدري كيف يتصرف أو بماذا يجيب عليها..
نظر إليها بعجز.. غير قادر على الاستجابة ف أ رى في عينيها عاطفة خالصة.. ممزوجة
بسحابة من الدموع التي تهدد بالانهمار في لحظات..
لاحظت صمته التام أمام كلماتها فاستطردت لتكمل ما أ ا ردت قوله:
قيد القمر
163
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
تأكد أني لا أنتظر اعت ا رف مقابلاً لاعت ا رفي... لكنني يجب أن بوح بآخر اعت ا رفاتي.. أن
حبي لك هو ما جعلني أوافق على أن أكون زوجة ثانية.. لكني لن أرضى أبداً أن أحل في
المرتبة الثانية في قلبك.. وحياتك..
تأملت نو ا ر وقع كلماتها الأخيرة عليه فلاحظت اختلاجه خفيفة في عضلة فكه قبل أن
يتحرك بهدوء ويطبع قبلة رقيقة على جبينها.. ثم يرتدي ملابسه ويخرج من الغرفة وكأنه
يهرب منها ومن نفسه وأفكاره ومشاعره..
لم تفاجئ نو ا ر من ردة فعله.. فهي لم تتوقع منه اعت ا رف متبادل.. ولكن هذا لا يمنع من
احساس بجرح عميق نتيجه خروجه السريع بدون حتى أن يوجه لها كلمة واحدة..
مسحت دموعها التي هطلت على وجنتيها بهدوء وهي تحاول مواساة نفسها..
"فلأصبر قليلاً.. لعله يدرك كم أحبه.. ويتعرف على مشاعره الشخصية.. أنا لست داخل
أحد الأفلام القديمة التي يصرح بها البطل بحبه فجأة.. أنها الحياة.. الواقع.. من الممكن أن
يبادلني مشاعري يوماً ما.. ومن الممكن أن أنتظر طوال حياتي في انتظار ذلك"..
ظلت ت ا رقبه من نافذة غرفة النوم وهو جالس أمام البحر يبدو غائباً عما حوله.. ولا ي ا رفقه إلا
لفافات السجائر التي أخذ يستهلكها بش ا رهة على مدار الساعتين الماضيتين منذ أن تركها
لينفرد بنفسه.. وهي قررت ترك المساحة له ليفكر في كلماتها ويتيقن من صدقها.. ولكن
طال الوقت وهو لم يتحرك من جلسته.. فتحركت بتردد لتذهب إليه..
وجدته شارداً عما حوله ممسكاً بإحدى سجائره التي قاربت على الانتهاء وحرق يده.. فمدت
يدها وسحبتها منه, أجفل من حركتها.. ثم رفع إليها عينين حائرتين تناشداها مساعدته
للوصول إلى التصرف الصحيح.. كانت عينيه تسألها ألا تطالب برد على اعت ا رفها.. فهو
غير قادر على تكوين ذلك الرد.. أو التعبير عنه في كلمات واضحة.. جلست على ركبتيه
وقد قررت أن تجعله يعبر عن ما يموج بداخله بالطريقة التي يعرفها.. فإذا كان الجانب
قيد القمر
164
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
المادي من الحب هو ما يدركه ويفهمه.. فليكن.. لا يهم.. قد يأتي اليوم الذي يمتزج الجانب
الحسي للحب بالجانب العاطفي في إد ا ركه.. عليها فقط أن تساعده على ذلك.. فرفعت
ذ ا رعيها لتعقدهما حول عنقه وهي تسأله بلهجتها اللعوب وان شابها الكثير من الحزن:
هل ستظل في هذا الم ا زج العابس؟.. أعتقد أنني يجب أن احوله لم ا زج عابث؟..
ثم ضحكت برقة وهي تلمس أنفه بأنفها وتسأله:
هل اكتفيت من دميتك؟..
وكأنه كان ينتظر كلماتها فهجم عليها بسرعة يلتهم شفتيها مع آخر كلماتها ويرفعها بين
ذ ا رعيه ليعبر عن مشاعره بالطريقة التي يعرفها.. وان كان حبه عنيفاً في تلك المرة.. فهو
يختزن الكثير بداخله وغير قادر عن صياغته في كلمات.. ورغم ذلك كان يردد باستم ا رر...
"قمري"
*********************
جلسا معاً على مائدة الطعام مع باقي أف ا رد العائلة ولكن سهير كانت شاردة عن الواقع حولها
تتأمل ملامح منذر التي ظهر عليها الإرهاق بوضوح بمشاعر هائلة من الذنب والكره
لنفسها.. فبعد مرور أكثر من عشرة أيام على زفافهما.. إلا أن وضعهما لم يتغير عن الليلة
الأولى التي لا تتذكر الكثير من أحداثها.. سوى أنها سقطت نائمة لتستيقظ في الصباح
وتجد نفسها ما ا زلت في ثوب زفافها ومنذر نائم على الأريكة الموجودة في صالة الجناح..
يومها أيقظته بعد أن بدلت فستان الزفاف بفستان صباحي بسيط.. وسألته عما حدث؟..
ولكنه ظل صامتاً... عادت تسأله:
منذر.. لم لا تجيبني؟.. لم تركتني أنام بثوب الزفاف؟.. ولم نمت أنت هنا؟..
رمقها بارتباك وهو يجيبها بحذر:
قيد القمر
165
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
يبدو أنك.. أنك.. أن.. خوفك كان شديداً.. أمس.. ف
ترك جملته معلقة ولكنها فهمت ما أ ا رد قوله وقد بدأت لمحات مما حدث أمس تظهر في
عقلها فأخفت وجهها بين كفيها:
يا إلهي.. لقد تذكرت.. ما الذي تظنه بي عمتي قمر الآن؟.. أنا آسفة.. أنا آسفة..
وأجهشت في البكاء وهي تردد كلمات الأسف..
خشي منذر أن تدخل في نوبة هيستيريا جديدة فاقترب منها بحذر شديد وربت على كتفها
بخفة:
لا تخشِ شيئاً.. ولا تقلقي.. إن ما حدث شيء طبيعي بالنسبة لعروس صغيرة وجديدة
رفعت إليه عينيها الزرقاوين المغرورقتان بالدموع وهي تعتذر منه في صمت.. أخذ يتأمل
ملامحها الناعمة ووجنتيها المتوردتين وشفتيها المرتعشتين بفعل بكائها.. فلم يتمالك نفسه
وانحنى على شفتيها ليقبلهما برقة.. فتجاوبت معه في البداية.. ولكن بمجرد أن تحركت يديه
على جسدها حتى دفعته بعيداً وقد ظهر الذعر في عينيها مجدداً..
لهث منذر بقوة وهو يحاول التحكم في مشاعره والسيطرة عليها.. وأشار لها بيده أن تهدأ
وتطمئن:
اهدئي.. اهدئي يا سهير.. لا تخافي يا حبيبتي.. أنا لن استعجلك.. يكفيني وجودي
بجوارك..
نظرت له بعذاب لا تستطيع تفسير ما يحدث لها.. لا تستطيع إخباره بكلمات واضحة..
وحتى إن تمكنت من مصارحته هل سيقدر ما تشعر به؟... هل سيتفهمها ويتحملها؟..
قيد القمر
166
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
مرت عليها أيام التهنئة الأولى في عذاب والجميع يتوقع منها ابتسامة السعادة وملامح
العروس الخجول, التي لا تعلم كيف ترسمهما.. حاولت خداع والدتها وعدم مصارحتها بأي
شيء.. ولكن شموس بفطرتها أدركت وجود خطأ ما.. فحاولت اسداء النصح والارشاد إلى
ابنتها.. ولكنها لاحظت ملامح الذعر والفزع التي ترتسم على وجهها..
فسألتها شموس بقلق:
سهير.. ماذا هناك يا ابنتي.. صارحيني.. أنا أمك.. من أقرب إليكِ مني؟..
فأجابتها سهير بارتباك:
لا شيء يا أمي.. لا تقلقي.. أنا فقط أخجل من تلك الأحاديث.. أرجوكِ.. اطمئني ولا
داعي لإحداث جلبة..
حاولت شموس كثي ا رً مع ابنتها إلا أنها لم تستطع الوصول لشيء مفيد.. فمالت لتفسير
قمر.. بأن ما يحدث هو خجل طبيعي من العروس وان كان ا زئد عن المعتاد..
أفاقت على سؤال منذر:
سهير.. ماذا بكِ؟.. أنا أكلمك منذ فترة.. هل أنتِ بخير؟..
اجابته بارتباك:
نعم.. أنا بخير.. فقط كنت اتساءل عن موعد عودة نو ا ر
أعتقد أنهما سيعودان غداً إن شاء الله
حسناً..
كانت تنتظر عودة نو ا ر بفروغ الصبر.. فهي الوحيدة التي تستطيع فهمها والتفاهم معها.. لقد
حاولت مصارحتها بحقيقة الوضع أكثر من مرة في مكالمتهما المتبادلة.. لكنها كانت
قيد القمر
167
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
تستشعر السعادة التي ينبض بها صوت شقيقتها.. فتت ا رجع عن مفاتحتها وسؤالها النصيحة..
حتى لا تتسبب في تعكير سعادتها.. لكن نو ا ر لم تتصل منذ يومين وهذا يسبب لسهير
ضغط إضافي.. فشعورها بالسعادة في صوت شقيقتها كان يمنحها الأمل.. والإطمئنان...
ولكن اختفائها كان مريب ومقلق..
شعرت بيد منذر تهزها للمرة الثانية وهو ينبهها لشرودها عن الحوار الدائر.. فشعرت
بالحرج.. خاصة وقد ازدادت حساسيتها من جميع من حولها.. وازداد شعورها بأنها مادة
مثيرة لحوارتهم فحالها هي ومنذر لا يدل على عروسين جديدين ينعمان بالسعادة معاً..
استأذنت معتذرة لتصعد الى غرفتها.. وسمعت صوت منذر وهو يقول انه سيلحقها سريعاً...
صعدت سريعاً هاربة من الجميع ومن منذر بصفة خاصة.. فهي تدري أنه عانى الكثير منذ
ليلة زفافهما.. ولا تنكر أنه تفهم خوفها وعاملها برقة فائقة وهذا ما يزيد عذابها, معاملته
ال ا رقية والرقيقة لها بالرغم مما يصيبها كلما حاول الاقت ا رب منها.. فحالة ال رعب الهيستيري
التي تصيبها أصبحت تتحول لحالة من الجمود والتصلب كلما ضمها بين ذ ا رعيه فكان يبتعد
عنها بصعوبة تزداد في كل مرة.. وهي لا تدري إلى متى سيتحمل ويصبر.. تخشى اللحظة
التي ينفذ فيها صبره.. فيجبرها على ما لا تطيق.. كما أصبحت تخشى نظ ا رته المتسائلة
التي تتحول أحياناً من التفهم والشفقة إلى التساؤل والفضول.. ولا ترغب أن تأتي اللحظة
التي تتحول تلك النظ ا رت إلى نظ ا رت متهمة.. فهذا ما لا لن تطيقه أو تحتمله.. برغم أنها
تمنحه العذر في ذلك..
دخل منذر الى الغرفة وهو يحمل صينية عليها كأسين من العصير واخبرها ب رقة:
لقد احضرت لنا كوبين من العصير الطازج لنشربهما معاً.. فأنتِ تركتِ المائدة قبل أن
تنتهي من طعامك.
رمقته بامتنان وهي تقول:
قيد القمر
168
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
شك ا رً لك.. سوف أذهب لأبدل ملابسي وأعود سريع اً
تأملها وهي تتحرك ا ركضة تقريباً لتدخل إلى الحمام الملحق بالجناح.. وهو يفكر هل ما
سيقدم عليه هو التصرف الصحيح؟.. وهل ستسامحه سهير على ذلك؟... إنه يتمنى فقط أن
تستوعب الدافع و ا رء تصرفه ذاك.. فتعليقات أشقائه الأكبر منه وزوجاتهم أصبحت مثيرة
للغيظ, بل للغثيان.. فهو لا يقبل أن يقال كلمة واحدة عن أخلاق زوجته.. ورفضها المستمر
له لا يساعد على تحسين صورتها أمام أف ا رد أسرته التي أصبحت م ا رقبتهما معاً هي هوايتهم
الجديدة.. وكأنهم يتبادلون رهاناً ما عن إذا ما كانت العروس الجديدة ستستسلم لزوجها.. او
أن الوضع سيظل على ما هو عليه.. زوجان مع إيقاف التنفيذ!
أفاق على عودة سهير إلى الغرفة وهي تجلس على المقعد المقابل له وترفع كأس العصير
إلى فمها, فأوقفها بسرعة:
سهير.. توقفي... لا تشربي ذلك العصير!
سألته بدهشة:
لماذا؟!..
نهض من على مقعده ليتحرك في الغرفة بعدم ا رحة وأجابها بارتباك وهو محرج وخجل من
نفسه:
أنا آسف يا حبيبتي.. آسف جداً..
وضعت كأس العصير على المائدة وعادت تسأله وقد شعرت بالقلق:
لماذا تعتذر يا منذر؟.. ماذا يوجد بالعصير؟..
أجابها وهو يشيح بوجهه عنها:
قيد القمر
169
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
مهدئ للأعصاب
نهضت بدورها لتواجهه وهي تسأله بصدمة:
هل كنت تنوي أن تخدرني يا منذر؟
اجاب بسرعة:
كلا بالطبع.. ماذا تظنين بي؟!.. إنه مهدئ فقط.. سيرخي من أعصابك.. ولكنك ستكونين
واعية ومدركة لكل شيء.
سألته بتردد:
وهل.. هل.. سأكون قادرة.. على الرفض.. أو .. أو إيقافك؟.. أو..
قاطع كلامها:
بالتأكيد.. إنه مهدئ فقط.. وليس مخدر.. أو..
قطع كلامه عندما وجدها تتوجه للمائدة وترفع كوب العصير لشفتيها وتتجرعه عن آخره...


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-10-15, 03:35 PM   #13

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الحادي عشر
،
،
كانت ترى نفسها.. طفلة صغيرة في العاشرة أو أكبر قليلاً.. تلعب في حديقة منزل الجدة
الكبرى هكذا يلقبونها فهي تكون جدة أمها.. وهي ذات شخصية قوية ومسيطرة على من
حولها.. كانت سهير تخشاها كثي ا رً وتطيع أوامرها بلا تردد.. حالها كحال الجميع.. حتى
نو ا ر بكل تمردها كانت تصبح كالحمل الوديع في حضرتها خوفاً من غضبها الذي سيليه
عقابها القاسي لكل من يحاول مخالفة أوامرها...
وعن طريق خدم المنزل وزواره الكثر وصلت إلى أذنيها الهمسات والهمهمات التي فهمت
منها أن أمها فقدت الطفل.. الصبي الذي تنتظره عائلة الجي ا زوي وجدها عبد الرؤوف
بالذات.. كانت تشعر بالخوف على أمها.. وبالحزن على شقيقها الذي توفي بدون أن
تعرفه.. ولكن كان الشعور المسيطر عليها هو الرعب.. الرعب من غضب الجدة, إذا
خالفت أحد أوامرها, أو أزعجتها بد ون قصد..
وما تسبب في زيادة رعبها سماعها أن والدتها في حالة حرجة بالمشفى.. لذا تقرر إقامتها
هي وشقيقتيها بصفة مؤقتة في بيت الجدة الكبرى.. حتى يتفرغ الجميع للعناية بوالدتها
شموس..
فاعتادت أن تتلمس تلك الهمسات حتى تطمئن على حالة أمها.. ولكنها لاحظت اختلاف
تلك الهمسات في ذلك اليوم مع ظهور لتلك السيدة صاحبة الوجه القاسي والتي تكاثرت
التجاعيد على ملامحه فأضافت لها مظه ا رً مربكاً ومرعباً في نفس الوقت..
كانت ملامح تلك السيدة تسبب لها القشعريرة.. بينما نظ ا رتها سببت لها رعباً لا حد له وهي
ترمقها بإص ا رر أثناء تهامسها مع جدتها الكبيرة.. خاصة عندما حمل لها الهواء بعض
قيد القمر
171
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
كلماتهما والتي كانت تدور حولها وخاصة جمالها اللافت وأنوثتها التي بدأت تتفتح كب ا رعم
الورود..
حاولت أن تتجاهلها وتستمر في لعبها ولكنها فوجئت بإحدى الخادمات تطلب منها الذهاب
إلى الجدة..
تحركت سهير في تردد حتى وصلت لجدتها التي ربتت على كتفها وهي تخبرها أنها
أصبحت فتاة كبيرة وجميلة.. ويجب عليها أن تطيع جدتها حتى تمنحها مكافأة كبيرة..
وطلبت منها أن تذهب مع الخادمة إلى الطابق الأعلى..
هنا.. تتحول الأحداث في ذهنها إلى ضباب.. أو هلوسات.. فكل ما يرسخ في ذهنها هو
وجه تلك السيدة وهي تقترب منها وفي يدها شفرة.. ما ا زلت تتذكر انعكاس الأضواء على
نصلها الحاد.. محاولة يائسة منها للهروب.. صوت تلك السيدة الجاف يأمرها بالسكون
وأيدي جدتها وخادمتها تثبتانها بإحكام.. صوت جدتها يأمرها مرة أخرى بالطاعة.. وآلام..
آلام حادة.. لم تفهم.. لم تدرك ماذا يحدث فلقد تعالى ص ا رخها وتعالى.. وفجأة اقتحمت نو ا ر
التي جلبها ص ا رخ أختها الغرفة وتعالت ص ا رختها هي الأخرى وهي تصيح:
لماذا تذبحون سهير؟..
لم تعرف سهير ماذا حدث بعد ذلك.. فهي فقدت وعيها من شدة الآلام.. ولكنها استيقظت
لتجد نفسها على ف ا رشها وفي غ رفتها ووالدها بجوارها ودموعه تسيل وهو يقبل يديها ويمسح
على شعرها وهو يتمتم لها بأن تسامحه..
رددت بوهن:
أبي.. ماذا يحدث؟.. لماذا تريدني أن أسامحك؟
لثم يدها ودموعه استمرت في التساقط وهو يجيب:
قيد القمر
172
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
لأني لم أكن موجوداً لأجلك..
سألته بحيرة:
ماذا تقصد يا أبي لست أفهم؟!
فأجابها بانكسار:
لا شيء حبيبتي.. لقد مررت بكابوس سيء فحسب.
عاد مشهد تلك السيدة القاسية يهاجمها وهي تقترب بشفرتها الحادة.. فتعالى ص ا رخها مرة
أخرى..
فتحت سهير عينيها ورمشت بقوة تحاول اخ ا رج عقلها من لجته السوداء.. وابعاد كابوسها
المعتاد عن عينيها.. ذلك الكابوس الذي اعتادت عليه وتعايشت معه سنين ط ويلة, ولكنه
ازداد حدة وبشاعة كلما اقترب موعد زفافها.. فكان يزيد من مخاوفها ويرفع من حالة الرعب
التي كانت تعيش فيها من أن يتكرر انتهاك الأنثى بداخلها مرة أخرى.. ت ا زيدت هواجسها
ومخاوفها حتى انفجرت مرة واحدة في ليلة زفافها وت ا رءت لها الشفرة الحادة تقترب مع اقت ا رب
منذر منها فكان أن انفجرت في وجهه تلك المخاوف والهواجس وتعالت ص ا رختها وهي
تدفعه عنها.. لم تستطع أن تفسر أو توضح ما أصابها.. وأسباب رعبها كلما اقترب منها..
حتى بادر هو بتقديم العصير الذي يحتوي على المهدئ.. ولكن حبيبها لم يطاوعه قلبه أن
يخدعها فصارحها بما فعل, وحاول منعها من شرب العصير, وهنا كان ق ا ررها بتحدي
نفسها, فإن كانت غير قادرة على مواجهة مخاوفها ومصارحة منذر بما تشعر به فلتلجأ لحل
آخر.. وهو تهدئة تلك المخاوف حتى يستطيع حبيبها الاقت ا رب منها وبثها حبه عله يقضي
على تلك المخاوف.. وهو تقريباً ما حدث لقد هدأت مخاوفها نوعاً ما.. وسمحت لمنذر
بالإقت ا رب منها وجعلها زوجته فعلاً.. وكان كلام منذر صحيحاً فلم يخدر المهدئ حواسها
ولم يغيب إد ا ركها.. فكانت تستطيع الرفض والابتعاد في أي لحظة, لكنها قررت أن تتناسى
قيد القمر
173
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
مخاوفها قليلاً يساعدها على ذلك قرص المهدئ الذي تجرعته مع العصير لتمنح حبيبها ما
يريده علها تعرف ذلك الشعور السرمدي التي كانت تصفه نو ا ر لها بروعة وجودها بين
ذ ا رعي حبيبها.. تلك السحابة المخملية الناعمة التي سيصحبها لها حبيبها ويمنحها شعو ا رً
بأنهما ينتميان لبعضهما فقط.. كانت تتساءل عن ذلك الشعور؟.. هل يوجد شيء
خاطيء؟.. هل هي لا تحب منذر بما يكفي؟.. أم أن ذلك الشعور سوف يأتي لاحق اً..
فبعد كل شيء كانت تلك مرتها الأولى فحسب.. ولابد أن المهدئ قد أثر ولو قليلاً عليها..
هذا ما كانت تخبر نفسها وهي مستلقية بين ذ ا رعي منذر تحا ول ألا تصدر أقل حركة, حتى
أنها حاولت التحكم في تنفسها حتى لا تتسبب في إيقاظه من نومه.. فهي لا تريد إعادة
التجربة مرة أخرى.. ليس حالياً على الأقل.. تريد أن تنفرد بنفسها قليلاً قبل أن تواجهه...
انسلت بهدوء من بين ذ ا رعي منذر وسحبت أول شيء وصلت له يديها لتلف جسدها به
وتحركت إلى الحمام بسرعة وأغلقت بابه خلفها.. وفتحت الماء البارد وتركته ينهمر فوق
أ رسها..
لقد تساءلت كثي ا رً.. عن جدوى ما قامت به جدتها نحوها.. تعددت أسئلتها لوالدتها ووالدها
وكانا دائماً ما ي ا روغان في الاجابة.. وكان ذلك يثير حيرتها وغضبها.. فهي تريد اجابة
واضحة ومقنعة للأفكار التي تتصارع في عقلها, حتى أخبرتها أمها مرة أن جدتها فعلت ذلك
بهدف حمايتها.. وحماية شرفها..
حركت سهير وجهها لتواجه المياه المنهمرة والتي تضرب وجهها بعنف وتتلألأ قط ا رتها تحت
الضوء الساطع فيذكرها لمعانها بالشفرة الحادة التي اقتطعت جزء منها بدعوى الحماية
والوقاية...
ابتسمت سهير بم ا ررة.. فكيف تكون الوحشية والانتهاك هما الحماية والوقاية؟.. ولم
الافت ا رض أنها بحاجة لتلك الحماية من الأساس؟.. وكأن كل أنثى تولد وتهمة معلقة فوق
قيد القمر
174
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أ رسها.. وتهمتها هي أنوثتها.. وكأنه كتب على كل فتاة أن تقضي عمرها لتثبت ب ا رءتها من
تهمة هي لا تعلمها ولم ترتكبها؟.. تلك النظرة الضيقة من مجتمع محدود الأفق نحو كل
أنثى وهو يترصد وي ا رقب اللحظة التي ستزل فيها قدمها نحو الخطيئة.. فتكون هي المتهمة
والجانية.. حتى لو كانت ضحية ومجني عليها.. إنها نظرة المجتمع وتفكيره الذي يظن أنه
باقتطاع جزء من جسدها فهو يحميها من خطر الإنزلاق ويمنحها الشرف والعفة.. مجتمع لا
يستوعب أن الشرف والعفة والطهارة هي معاني تزرع وتغرس في الروح وتقوى بالإيمان
والتقوى..
سهير... سهير.. هل أنتِ بالداخل يا حبيبتي؟..
صوت منذر انتشلها من وسط تصارع أفكارها.. ففكرت أن تتجاهل الرد عليه وتتعذر
بصوت المياه الجارية.. إلا أنها رجعت في ق ا ررها بعد أن فكرت ان ذلك سيكون سخيف حقاً
وأنها يجب أن تواجهه عاجلاً أم آجلاً..
أغلقت المياه ولفت نفسها في روب الحمام الخاص بمنذر.. وقد تعمدت ذلك حتى تخفي
نفسها وجسدها تماماً عنه وخرجت لتجده ينتظرها أمام باب الحمام وما أن لمحها حتى
بادرها:
صباح الخير يا أجمل عروس في الدنيا
ابتسمت بخجل وهي ملتفة بردائه تشبه الطفلة التي قررت العبث بملابس والدتها..
تأمل احم ا رر وجنتيها وهو يقربها منه ويدفن أ رسه في خصلاتها الشق ا رء المبللة ويستنشق
ا رئحتها بتلذذ هامساً:
هل سنعود للخجل مجدداً؟... ألن أسمع صباح الخير من أروع شفتين أ ريتهما في
حياتي؟..
قيد القمر
175
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أجبرت سهير نفسها على البقاء ساكنة بين أحضانه وهي تهمس بصوت لا يكاد يسمع:
صباح الخير..
طبع منذر قبلات ساخنة على عنقها وهو يسألها:
فقط؟..
همست بحيرة وهي تقاوم رغبة دفينة في الهروب من بين ذ ا رعيه:
فقط ماذا؟..
ضمها بقوة وهو يسحقها إلى صدره كأنه يبلغها أن اختبائها خلف الروب القطني الفضفاض
لن يجدي نفعاً وهمس في أذنها بعبث:
صباح الخير فقط؟.. بدون حبيبي؟..
ازداد احم ا رر سهير وهي تهمس بخفوت شديد:
صباح الخير يا حبيبي..
رفع منذر ذقنها المنخفضة بخجل بإبهامه ليواجه عينيها الزرقاوتين اللاتين التمع فيهما
تشتت مشاعرها وحيرتها الشديدة وقبل جبينها برقة, ثم انتقلت شفتاه لتأخذ شفتيها في قبلة
بدأت رقيقة ثم ازدادت تطلباً مع ازدياد ج أ رة يديه على جسدها, تجاوبت سهير مع قبلته
العاصفة لثوانٍ إلا أنها حاولت التملص من بين ذ ا رعيه عندما شعرت بسقوط رداء الحمام
على الأرض, لكنه منعها وهو يهمس:
ألم نتخطى مرحلة الخجل؟..
كادت تصرخ به أنه ليس الخجل, ليس الخجل هو ما يكبل مشاعرها.. إنها خائفة.. خائفة
من مشاعرها أو بالأحرى من قلة تلك المشاعر, حا ولت تذكر كلمات نو ا ر عن روعة الوجود
قيد القمر
176
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
مع الحبيب.. ذلك الشعور الذي تريد سهير أن تختبره مع حبيبها, فسكنت بين ذ ا رعيه وهي
تحلم بالوصول إلى تلك السحابة الوردية الناعمة..
*****************
أخذت نو ا ر تذهب وتجيء في غرفتها بغيظ شديد.. لا تدري كيف تبخرت السعادة التي
عاشتها مع رؤوف في الأيام الماضية وتحولت إلى جمود رهيب.. وتجاهل سافر من قبله؟..
والمثير للغيظ أنه أصبح يلازم نعمات بصورة مبالغ فيها, حتى أنها تظن أنه يستخدمها
كدرع يخفيه عنها..
لقد مر على عودتهما من الأسكندرية أكثر من أسبوعين أ رته فيهما م ا رت تعد على أصابع
اليد الواحدة, بالإضافة إلى قضائه جميع لياليه في الطابق الأعلى, فلم تجمعهما معاً غرفة
واحدة منذ عودتهما من الاسكندرية.. وللأمانة هي لا تستطيع لوم نعمات على تصرفه
ذاك.. فهي شعرت بتباعده بعد تلك الليلة التي صرحت فيها بحبها له, فكانت ت ا ره بالكاد في
اليومين التاليين وكان عذره دائماً أن الأعمال ت ا ركمت ويجب الانتهاء منها قبل العودة..
فكان يقضي النهار بالكامل في الخارج ويعود في وقت متأخر من المساء ليأكل وينام
مباشرة.. وظل هذا روتينه ليومين كامليين عادا بعدهما إلى منزلهما حيث فوجئت نو ا ر
باستقبال نعمات المرحب بهما, والمثير للدهشة أنها وجدت نفسها بين أحضان نعمات تستمع
لتمتمات الإعتذار عن سوء التفاهم الغير مقصود والذي تسببت به نعمات في ليلة الحنة
الأخيرة لسهير..
تجمدت نو ا ر تماماً ولم تعرف كيف تتصرف لمواجهه تلك المودة الغير مألوفة من الم أ رة
الأكبر سناً.. فغمغمت بكلمات نصفها غير مفهوم ولكنها استطاعت أن تخبر نعمات أنه لا
داعي للاعتذار وأن الموقف مر بسلام..
قيد القمر
177
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
وتحركت متوجهة لجناحها وهي تتوقع أن يتبعها رؤوف إلا أنها فوجئت به يصطحب نعمات
للطابق الأعلى ويلقي لها بتحية عابرة..
وكان ذلك الموقف نسخة ك ربونية عن الأيام التالية.. فهو يقضي أغلب وقته في عمله,
ويعود ليحبس نفسه في مكتبه.. وبالطبع يقضي لياليه في الطابق العلوي..
لم تهتم نو ا ر بنظرة الانتصار والتشفي في عيني نعمات بقدر اهتمامها بسبب هذا الإنقلاب
في تصرفاته تجاهها فمقدار غضبها كان يساوي مقدار حيرتها.. فهو يتجنبها وبوضوح..
يتجنب الانف ا رد بها أو التواجد معها, ولولا أن الواجب والأصول حتمت عليه م ا رفقتها لمنزل
عمتهما قمر حتى يقدما التهنئة لسهير ومنذر لما ا رفقها إلى هناك أبداً.. وما يثير حيرتها بل
تعجبها هو إص ا رره على عدم ذهابها إلى بيت عمتها لزيارة سهير بمفردها أبداً.. وكان يشدد
بقوة على وجود والدتها معها.. ولم يسمح لها بالذهاب وحدها إلا بعد عودة منذر إلى
العمل.. وكان عذره أنه لا يصح إزعاج العروسين بلا داعي..
كانت الحيرة تفتك بها.. هل تذهب إليه مرة أخرى؟.. هل تتركه لانع ا زله عنها؟.. إن كبريائها
يأبى عليها أن تسعى هي إليه بعد اعت ا رفها بحبه وصده وجموده الذي اتبع تلك الليلة..
وقلبها لا يرحمها يصرخ طالباً قربه..
تدعو وتبتهل كل ليلة حتى يأتي لجناحها.. لا ليبتعد عن نعمات, بل كي ت ا ره فقط وتسأله
عن الخطأ الذي ارتكبته ويعاقبها عليه.. بل يعاقبهما معاً.. فهي ترى التعاسة مرتسمة على
ملامحه بوضوح.. ترى رؤوف الذي كانت تخشاه وتهابه عندما تقدم للزواج منها, وليس
رؤوف الذي اقتربت منها وعاشت معه أحلى لحظات عمرها...
لمحت شاشة هاتفها تضيء باسم سهير.. تجاهلت نو ا ر الهاتف فحالتها لا تسمح بمحادثة
شقيقتها التي تبدو مؤخ ا رً كمن سُلب منه شيء ثمين, أو كمن تبحث عن حلم مفقود.. وهذا
يزيد من حنق نو ا ر, فهي ترى أن قصة حب منذر وسهير انتهت كما الحكايات الأسطورية
قيد القمر
178
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
"وعاشا في سعادة الى الابد".. فلماذا ترى انطفاء البريق في عينيها؟.. وتلمس ضياع
رونقها ومرحها الطبيعي.. هل الحب هو أسطورة في الحكايات والكتب فقط؟.. هل هو
س ا رب لا يمكن الإمساك به؟.. وهل ما تحمله من أحاسيس ومشاعر لرؤوف هو نتيجة وهم
أو تعود؟.. وماذا عن مشاعر سهير ومنذر؟.. هل هي وهم أيضاً؟.. إنها تشعر أن شقيقتها
تعيسة, ترى ذلك بوضوح على وجهها ولا تجد لذلك مبرر منطقي يقنع عقلها قبل قبلها...
تساقطت دموعها على وجنتيها بلا شعور منها عندما لمحت طيفه ي ا رقبها من خلف نافذة
مكتبه كعادته مؤخ ا رً.. لا تدري إلى ماذا يهدف؟.. أو ماذا يدور بعقله؟.. لماذا ي ا رقبها ولكنه
يمتنع عن التواصل معها؟؟.. هل رؤوف العابس والمتجهم هو من سيحل محل رؤوف
الرقيق الدافئ والعابث أحياناً الذي عرفته منذ زواجهما؟..
مسحت دموعها بظهر يدها وهي تدعو الله أن تصل الى حل أو اجابة شافية
لكل تساؤلاتها...
عادت شاشة هاتفها تضيء باسم سهير فالتقتت الهاتف لتجيبها, في محا ولة منها للهروب
من واقعها..
*****************
أغلق رؤوف ستائر نافذته بقوة بعد أن لمح حركة نو ا ر وهي تمسح دموعها, وامتدت أصابعه
في الهواء وبحركة لا إ ا ردية ليمسح دموعها ولكنه أخفضها ببطء عندما لاحظ عدم جدوى
حركته تلك, يعلم أنها حزينة وغاضبة ولكنه عاجز عن التواصل معها, مشاعره مبهمة وغير
واضحة, بل وغير مفهومة..
عندما صفعه تصريحها البرئ بالحب شعر بأنه أجبر على خوض غمار بحر هائج لا
يعرف أبسط مبادئ السباحة به.. لم يعرف بم يجبها أو ما الذي تنتظره منه, فهو طوال
قيد القمر
179
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
حياته مع جده استوعب منطقه ومبدأه بألا يأخذ أي شيء من المسلمات.. كل شيء له ثمن
وله مقابل, فتفضيل جده له عن باقي أحفاده_ حتى على عمه عبد السلام_ وعطفه عليه
كان بسبب طاعة رؤوف له وامتثاله لجميع أوامره.. فكان يسعى جاهداً لنيل د رجاته العلمية
كاملة واتقان الفنون والمها ا رت التجارية التي يكلفه بها جده كلما تاق لربتة على الكتف أو
ضمه بسيطة تشعره بالأمان, وأخي ا رً كلل طاعته له بزواجه من نعمات للحفاظ على أملاك
العائلة.. وللحفاظ على ا رحة بال جده.. حينها شعر رؤوف بأنه رد جميل جده كاملاً ودفع
ثمن تفضيله له بالكامل.. وحتى نعمات كان مدركاً أن و ا رء موافقتها على الز واج منه هدف
خفي وهو تحقيق حلمها بالأمومة وكان يعلم أنها تغرقه في أنوثتها حتى تصل لحلمها,
وعندما فشل في تحقيق ذلك الحلم أصبحت تغدق عليه حنانها وأمومتها حتى تحتفظ به
هو.. الرجل والزوج الذي بقي لها في الحياة كما أخبرته ليلة زفافه على نو ا ر... هذه هي
حياته التي ألفها وتآلف معها.. يقدم الثمن مقابل ما يحصل عليه من عواطف سواء كانت
ربتة على الكتف.. أو عواطف أكثر حميمية... لكن هي نو ا ر.. ما الذي قدمه لها حتى
تمنحه ذلك الاعت ا رف؟.. ماذا يستطيع أن يمنحها مقابل قلبها الذي تزعم أنه سقط في
حبه؟.. هل يمنحها قلبه بالمقابل؟.. هو لا يدري إذا كان يستطيع ذلك أو إذا كان يملك قلباً
من الأساس؟.. واذا فعل إلن تكون خيانة لنعمات؟.. فكيف يسقط معها في الحب ولا يفعل
مع نعمات؟.. أليست نعمات هي زوجته الأولى؟.. ألم يستمر زواجهما خمسة عشر
عاماً؟..ألم تكن هي الم أ رة الأولى في حياته من حولته من شاب هادئ إلى الرجل الذي تظن
نو ا ر أنها سقطت معه في الحب؟.. فكيف يحب نو ا ر, ولا يحبها هي؟.. أي منطق في
هذا؟.. أنه يتساءل إذا ما كانت مشاعره نحو نو ا ر هي مشاعر حب!!.. لعله فقط إحساس
بالتملك نحوها دعمه إد ا ركه أنه رجلها الأول والوحيد.. لا ينكر أنه شعور واحساس ا رئع بأن
يكون هو الرجل الوحيد الذي مر بحياتها, ولكنه بالتأكيد ليس حب اً فمعرفته بأنه لم يكن
الوحيد في حياة نعمات لم تؤرقه يوماً.. صحيح أنه أحس بشعور غير مريح على الإطلاق,
بل ان كلمة غير مريح هي بسيطة... فلقد كان شعو ا رً حارقاً بإقصاء منذر من الحياة عندما
قيد القمر
180
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ظن لوهلة أنها كانت متعلقة به, ومعرفته اللاحقة بأن ارتباط سهير بمنذر كان تتويج لقصة
حب طويلة هي من أنقذت منذر من نوبات غضبه الغير مفسرة.. لكنه لن يتوقف أمام تلك
النقاط الصغيرة فهو لطالما آمن بأن الحب ما هو إلا مجموعة من الأشعار وكلمات الأغاني
التي يخدع بها الصبية الفتيات الغري ا رت.. ولكن في الواقع.. في الحياة.. في حياته هو كما
أعتقد دائماً.. الإحت ا رم والمودة هما أساس الزواج المتين.. كزواجه من نعمات تماماً...
عادت أفكاره مرة أخرى لنو ا ر, فمنذ اعت ا رفها الصاعق تعمد هو البعد عنها واظهار الجفاء لها
حتى يعود لسابق عهده.. لرؤوف ما قبل قمر, كلا ليست قمر بل نو ا ر.. يجب عليه أن
يتذكر جيداً.. أنها نو ا ر.. ابنة عمه التي تزوجها حتى ينجبا معاً وريث عائلة الجي ا زوي..
يجب عليه نسيان جنون القمر وما جره عليه من فقدان لذاته, بل أنه عندما ي ا رجع مواقفه
معها في الفترة السابقة يجد أنه كاد أن يفقد عقله.. لقد انجرف خلف تجربة جديدة.. حياة
جديدة معها, حتى ظن أن ما يحدث له هو الحب؟.. ولكن تلك هي مجرد أوهام وعبث يفقده
عقله وتركيزه, لقد تعرض للتقريع والتأنيب من جده بسبب العقد الأخير الذي أبرمه في
الأسكندرية لموافقته على أحد الشروط التي ما كان لينظر له مرتين لو كان في كامل تركيزه,
ولكن عقله كان هائماً في سم ا رئه الصغيرة وتصرفاتها المجنونة فوقع العقد بدون م ا رجعة
متأنية وكانت النتيجة درس طويل من جده في إدارة الأعمال وتوقيع العقود نزل على أ رسه
ولأول مرة منذ التحق بالشركة.. كلا.. يجب أن يوقف هذا الجنون.. هذا الهوس بها يجب
أن ينتهي وتعود حياته هادئة.. روتينية.. حسناً ومملة قليلاً.. لكنها الحياة التي عرفها ويريد
أن يستكملها وعلى نو ا ر أن تنضم لها وفقاً لطريقته وشروطه..
تحرك متوجهاً نحو جناحها فقد آن آوان المواجهة فإن أ ا رد أن يسترد شخصيته الضائعة
فلابد من المواجهة...
*****************
قيد القمر
181
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
كانت نو ا ر غارقة في ذكرياتها السعيدة معه في الأسكندرية تحاول التغلب على آلام قلبها
الذي سببها جفاؤه نحوها.. تذكرت ذلك اليوم الذي طاوعها فيه بالتمشية على كورنيش
الأسكندرية متشابكي الأيدي عندما داهمتهما الأمطار.. كانت قط ا رت بسيطة ولكنه أخذ
يتذمر بانزعاج بينما تضحك بسعادة وهي ترفع وجهها ليستقبل قط ا رت المطر.. مما جعله
يتوقف عن تذمره لينظر إليها بتعجب انقلب لذهول عندما طلبت منه أن يتناولا المثلجات
تحت المطر.. وهي تعده بأنها تجربة لن ينساها أبداً.. ووافقها مجب ا رً تحت إلحاحها الشديد,
ابتسمت برقة عندما تذكرت احم ا رر وجنتيه وهو يبتسم بطفولية تقريباً ويعترف بأنها كانت
تجربة مثيرة حقاً...
دلف رؤوف بهدوء إلى جناحهما يحاول السيطرة على أفكاره الفوضوية عنما لمحها جالسة
بسكون على الأريكة شاردة عما حولها.. أخذ يتأملها بشوق وجرت عيناه على جسدها في
لهفة وتوق ظه ا ر في نظ ا رته التي ظهر فيها بوضوح اشتياقه وحنينه لها, لكنه تذكر ما الذي
أتى به هنا فتحكم بصعوبة في مشاعره المهتاجة ليسيطر على رغباته التي تحثه على إلقاء
كل أمور العقل خلف ظهره ليتقدم ويأخذها بين ذ ا رعيه ويتناسى كل شيء آخر,
يا الله كم اشتاق لها والى الشعور بها بين ذ ا رعيه.. لقد ابتعد لفترة طويلة والآن كل خلية
بجسده تدعوه إلى ضمها لصدره والارتواء من حبها حتى يكتفي ولا يظن أنه سيفعل يوماً..
وكاد أن يفعل حين لمعت في أ رسه فكرة أن ما يشعره نحوها ما هي إلا رغبات جسدية بحتة
وأنه يجب عليه أن يكون أقوى واصلب من تلك الرغبات الحياتية, ولا يجب أن يخضع
لسلطان أنوثتها عليه, بل يجب أن يخضعها هي لما يريد.. فقست نظ ا رت عينيه واستدعى
الغضب الذي شعر به عندما استمع لساعة من الزمن لتقريع ولوم جده له على إهماله في
عقد الصفقة الأخيرة.. وتحرك ليقترب منها.. بينما انتفضت نو ا ر في مكانها عندما ظهر
رؤوف أمامها فجأة وكأنه خرج من أفكارها ليتجسد أمامها بوسامته الرجولية وطوله المهيب
قيد القمر
182
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ولكن كان به شيء مختلف.. شيء لم تعتده منذ زواجهما ورغم ذلك لم تستطع إلا أن ترمقه
بشوق لم تحاول اخفائه, فهو أخي ا رً تنازل وجاء لي ا رها..
كادت أن تعبر عن فرحتها بوجوده وتلقي بنفسها بين ذ ا رعيه عندما لاحظت جمود عينيه..
ذلك ما كان متغير به.. فاللمعة التي اعتادتها في عينيه ونظ ا رته الحميمة لها قد اختفت
ليحل محلها جمود وغضب اخافاها بشدة حتى أنها وقفت بارتجاف وهي تسأله:
رؤوف.. ماذا بك؟.. لما تبدو غاضباً هكذا؟..
لمح رؤوف نظرة الخوف والقلق في عينيها وقفز قلبه داخل صدره يريد أن يضمها ويطمئنها
بأن كل شيء على ما ي ا رم.. ولكن كلا.. يجب أن تعتاد على ذلك الوجه منه, ليس القسوة
ولكن الحزم الصارم والبعد عن اللهو والعبث..
ليس بي شيئاً.. لماذا تعتقدين أنني غاضباً؟..
رمقته بحيرة لا تدري بما تجيبه.. هل تخبره بأن نظ ا رته غاضبة.. وجهه غاضب.. كل خلية
به تبدو غاضبة..
حسناً.. أنت تتجنبني تقريباً منذ أسبوعين.. وعندما تأتي إليّ الآن أ ا رك مقطباً هكذا.. إذاً
ماذا تريدني أن أعتقد؟..
زفر بحنق وهو يقول:
لست غاضباً.. حسناً.. لكني أريد محادتثتك في أمر هام..
صمت قليلاً سامحاً لنفسه بتأملها وهو يدرك أنه ليس لديه أدنى فكرة عما سيقوله لها..
استحثته نو ا ر على الاسترسال في الكلام:
حسناً.. رؤوف, أنا أسمعك.
قيد القمر
183
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ابتلع ريقه وهو يحاول ترتيب أفكاره ليقول:
أنه بشأن ما أخبرتني به مؤخ ا رً..
ضاقت عينا نو ا ر وهي تستوعب أنه يتكلم عن تصريحها بحبه.. فابتسمت بم ا ررة وهي تقول
باستفهام:
تقصد عن حبي لك؟
اندفع في الكلام بدون إ ا ردة:
نو ا ر.. استمعي إليّ.. أنتِ اختلط عليكِ الأمر.. لقد رسخ موقفي منكِ يوم وفاة عمي في
ذهنك ليجعلك تصوريني في صورة فارسك.. ومع الوقت ظننتِ أنكِ سقطتِ في الحب معي,
ولكن الحقيقة أنكِ تتوهمين ذلك فحسب.. فأنتِ تعشقين خيالاً تصورتيه لسنوات..
أخذت نو ا ر تنظر له بذهول.. وكادت أن تصرخ به..
" من أنت؟.. أين رؤوف؟.. وماذا فعلت به؟"..
هل هو جاد؟.. هل قال ما سمعته حقاً؟!.. بعد جفاء أكثر من أسبوعين تنازل وجاء إليها
من أجل أن يقنعها أن مشاعرها نحوه وهم.. س ا رب.. خيال عاشته وصدقته.. لم تعرف بما
تجبه!!.. كانت رغبتها قوية في صفعه, بل ضربه هي تريد فعلاً أن تضربه وتركله وتخمش
وجهه الوسيم, ثم تبكي.. نعم أنها تريد البكاء, بل النحيب على سذاجتها وضعف قلبها الأبله
الذي أحب ذلك الرجل, ولكنها بدلاً من ذلك.. سألته باستخفاف تقريباً:
هل أتيت الآن لتخبرني بما يجب عليّ أن أشعر به نحوك؟..
أجابها بهدوء وهو يغض النظر عن أسلوبها الساخر:
قيد القمر
184
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
كلا.. ولكني شعرت أنه عليّ توضيح ذلك.. حتى تفهمين كلامي عندما أخبرك.. أنني
أقدرك وأحترمك بالطبع فأنتِ ابنة عمي قبل أن تكوني زوجتي..
قاطعته نو ا ر بخوف:
هل تحاول تخبرني أنك تريد الطلاق؟..
كانت الكلمة مثل لكمة قوية أصابته في مقتل فجذبها من ذ ا رعها بقسوة وهو يصيح بغضب:
لا أريد أن أسمع تلك الكلمة منكِ مرة أخرى أبداً.. هل فهمتِ؟..
جذبت ذ ا رعها منه وهي تصيح به بدورها:
كلا.. كلا لم أفهم.. إذا كنت تريد الإستم ا رر في تلك الزيجة فما الداعي لكلامك السابق؟..
تنفس رؤوف بقوة يحاول الوصول إلى هدوئه المعتاد والذي تسلبه منه بسهولة تامة:
أنا أريد الوصول إلى بعض التفاهم.. بعض الإستق ا رر.. أفهم أنكِ صغيرة تريدين ترديد
كلمات الحب والغزل.. وتريدين أن تسمعيها في المقابل.. وقصة حب سهير ومنذر التي
عاصرتِ تطو ا رتها لا ريب أنها جعلتك ترسمين قصتك الخاصة وتعيشينها.. هذا شيء
أتفهمه..
سألته بسخرية مريرة وهي تفكر جدياً في إعمال أظافرها في وجهه حتى تشوه وسامته
الواضحة:
حقاً!!.. كم أنا سعيدة أنك تتفهم شطحات م ا رهقتي وأوهامي الخيالية... ماذا أتيت لتخبرني
به رؤوف؟.. كن صريحاً معي وتوقف عن الم ا روغة..
اجابها بهدوء:
قيد القمر
185
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
لا داعي للسخرية.. أنا أحاول أن أضع أسس لحياتنا.. فلا داعي للسخرية الآن.. فقط
أنني أريد لحياتنا معاً كزوجين أن تكون هادئة ومستقرة.. لا مجال للعواطف المشبوبة وجنون
المشاعر, لكن هذا لا ينفي وجود الود والإحت ا رم والتقدير بيننا.. هل تفهميني؟..
أجابته بغضب:
نعم.. أفهمك.. أنك تريد مني أن أتوقف عن حبك..
اوقفته عندما حاول مقاطعتها:
أو ادعاء وتوهم حبك كما تظن..
ثم ارتفع صوتها وهي تحاول السيطرة على عب ا رتها حتى لا تبكي أمامه:
حسناً.. أعتقد أن هذا سهل للغاية.. سوف أضغط زر الإيقاف فيتوقف قلبي عن حبك..
أليس هذا ما تريد؟!!
صاح بها في غضب:
قمر.. ا رقبي كلماتك.. وتوقفي عن السخرية.
همست بش ا رسة:
لا تناديني قمر وأنت تخبرني أنني اتوهم حبك, وأتخيل غ ا رمي بك.. لا تناديني قمر..
نو ا ر.. أنا صارحتك بذلك من أجلك.. حتى لا يتحطم قلبك عندما تدركين أنني أختلف عن
الفارس الذي تظنينه..
نظرت إليه وهي تحاول استيعاب كلامه.. لقد ظنت دائماً أن الرجال يحاولون اقناع النساء
بالحب, وليس العكس.. لماذا يرفض حبها إذاً ويحاول إقناعها بأنه وهم.. وحتى لو كان وهم
كما يظن, ماذا يضيره لو تركها مُضَللة في وهمها.. أم أنه يخشى التمتع بفكرة حبها له ثم
قيد القمر
186
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
فقدان ذلك الحب بعد ذلك.. هل الحرمان هو ما يخشاه؟.. لمع في ذهنها كلام أمها "امنحيه
الفرصة ليتعرف على مشاعر لم يعرفها من قبل, بل لم يكن يعترف بوجودها من الأساس"..
"فقط امنحيه المساحة ليعيش سنوات سلبت منه, وهو سيكون طوع بنانك"..
تنهدت بألم وهي تحاول التغلب على أشجان قلبها والاستماع إلى نصيحة أمها.. وقررت
منحهما فرصة معاً.. حتى يستطيعا الوصول لتفاهم مشترك:
حسناً.. لقد فهمت ماذا تريد قوله.. ولكن دعنا نتفق على أن نختلف..
وتقدمت لتقترب منه قليلاً وهي تأخذ وجهه بين يديها:
حبي لك ليس وهماً.. أو خيال اصطنعته لأعيش فيه.. لن أسحب اعت ا رفي بحبك.. فأنا
أحبك بالفعل..
لمحت نفس التعبير العاجز الذي ارتسم في عينيه عند سماعه لاعت ا رفها أول مرة, ولكنها
أجبرت نفسها على الكلام:
أنت لا تريد سماع كلمات العشق والغ ا رم.. ولا تريد ترديدها.. فليكن.. لك هذا.. ولكن..
تأكد أن مشاعري حقيقية.. ليست وهماً أو خيالاً أو حلم طفولي سخيف.. تقبل تلك الحقيقة
ودعنا نستكمل حياتنا في هدوء كما تريد..
قاطعها مردداً:
ولكن...
لكنها قاطعته بحسم:
بدون لكن.. أنت رجل أعمال يا رؤوف, وتلك صفقة ا ربحة.. صدقني.. فاقبل بها.
قيد القمر
187
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
صمت قليلاً لا يعرف ما عليه قوله أو فعله.. بقدر ما يحتاج لأن يضمها بين ذ ا رعيه الآن
إلا أنه لا يستطيع.. لا يستطيع فعل ذلك بها بعد أن ألقى بحبها في وجهها.. لذا غمغم
بصوت خافت:
سأعود للنوم في جناحنا عند أول الأسبوع..
أومأت له ب أ رسها فهي استنفذت كل قدرتها على التحاور وتريده فقط أن يبتعد عن عينيها
الآن حتى لو كان هذا معناه ذهابه إلى نعمات..
***************
صعد رؤوف بتثاقل إلى الطابق الأعلى.. يشعر أن ليس به قدرة على م واجهة نظ ا رت
نعمات وتصرفاتها الغريبة مؤخ ا رً.. وفي نفس الوقت غير قادر على البقاء في الغرفة مع نو ا ر
بدون لمسها.. وضمها وتقبيلها.. آه.. فليتوقف عن تلك الأفكار.. ويلتزم بما اتفقا عليه..
حياة هادئة ومستقرة...
دخل الغرفة عند نعمات التي لم تتوقع صعوده إليها بعدما لمحته وهو يذهب إلى جناح
نو ا ر... فكادت أن تصيح به دهشة من وجوده, ولكنها ابتلعت دهشتها.. وهي ت ا ره يتحرك في
الغرفة بتثاقل ليسحب ملابسه ويتوجه للحمام..
ابتسمت لنفسها بسعادة.. فيبدو أن تظاهرها بمداهنة نو ا ر واعتذارها عما بدر منها بشأن
مقطع الفيديو قد اتى بثماره وأعاد لها رؤوف القديم ولو جزئياً فهو لم يعد يرى نعمات
بمظهر الزوجة الشريرة التي ترغب في التنغيص على الزوجة الصغيرة, بل أنه عاد لي ا رها
كام أ رة طيبة اخطأت خطأ واعتذرت عنه والدليل على ذلك محاولته تعويضها عن الأيام التي
قضاها برفقة نو ا ر.. كان هذا ما تظنه نعمات أو ما تحاول إيهام نفسها به متناسية أن رؤوف
سافر بوجه وعاد بوجه آخر تماماً.. فهو حتى لم يعد كما كان قبل زواجه بنو ا ر.. فلقد تحول
إلى نسخة باهتة وحائرة من الرجل الذي كانه.. ولكنها لم تهتم.. فجُل اهتمامها أن يفقد
قيد القمر
188
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
رؤوف شغفه بنو ا ر.. وهي كفيلة بعد ذلك باسترداد ر ؤوف القديم زوجها للخمسة عشر عاماً
الماضية..
لمحته يخرج من الحمام ليستلقي على الف ا رش وهو يضع يديه خلف أ رسه.. ويغمض عينيه
بإرهاق.. كانت تتحرق شوقاً لتعرف لماذا تخلى عن ليلته برفقة سم ا رئه الصغيرة ليصعد إليها
ولكنها ابتلعت فضولها وهي تسأله حتى تجذب انتباهه اليها:
أريد أن أغير لون شعري إلى الأسود, ما أ ريك؟..
فتح رؤوف عينيه بدهشة وهو يسألها:
لقد كنت أظن أنكِ فخورة بلونه الأحمر؟!!
أجابته بصوت خافت لم يسمعه..
"ذلك قبل أن أكتشف عشقك للشعر الأسود"..
ثم رفعت صوتها ليسمعه:
آه.. نوع من التغيير, ما أ ريك؟
أجابها ببر ود وهو يغمض عينيه مرة أخرى ويسحب الغطاء ويلتحف به منهي اُ المناقشة:
افعلي ما يريحك, نعمات.. افعلي ما يريحك..
سكتت نعمات بعدما أدركت عزوفه عن الكلام وأغمضت عينيها في ألم يائس وهي تدرك
فشلها معه تلك الليلة... لتلحقها بمثيلاتها من الليالي السابقة..
**************
قيد القمر
189
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
مرت ثلاث أسابيع أو أكثر قليلاً بعد محادثة رؤوف لنو ا ر.. كانت تنتظره فيها أن يأتي
لجناحهما كما صرح, ولكنه استمر في التباعد والجفاء.. وكأنه يخشى الاقت ا رب منها أو لا
يعرف كيف يبدأ تلك الحياة الرتيبة التي يريدها معها..
وهي تحملت.. وتحملت.. حتى فاض كيلها وبلغ بها الحنق ذروته.. وكانت مج رد رؤيته
وهو يتهرب من التساؤلات في عينيها تثير جنونها.. وكاد صبرها أن ينفذ منه وهي تمنحه
العذر تلو الآخر.. ولكنه مستمر في مسلسل البعاد والجفاء.. وكأنه غير قادر على الإلت ا زم
بما أخبرها به من البعد عن جنون العواطف والمشاعر المشبوبة.. كان هذا استنتاجها والعذر
الذي تمنحه اياه بدلاً من أن تقتله أو تشوهه تلك الفكرة التي كانت ت ا رودها بشدة كلما لمحت
ابتسامته لنعمات حتى وهي ت ا رها ابتسامة عادية تكاد تكون رسمية, بل وصف ا رء أيضاً..
ولكنها لا تهتم يكفي أنه يبتسم لنعمات في حين أنه حتى لا ينظر إليها..
أضاءت شاشة هاتفها باسم سهير.. موعد محادثتهما الليلية التي تتبادلان فيها الأخبار..
لكن نو ا ر تجاهلتها.. فهي تشعر أن سهير ترواغها تحاول الوصول لشيء لا تدركه نو ا ر..
وهي ليست في م ا زج الآن لتبادل الأحاديث..
**********
ألقت سهير الهاتف بحنق عندما لم تحصل على اجابة من نو ا ر.. كانت تريد الكلام معها..
تريد اخ ا رج ما بداخلها.. تحاول أن تصل لاجابة لتساؤلاتها العديدة.. هتفت في غيظ...
"لماذا لا تجيبي على الهاتف يا نو ا ر؟.. أين أنتِ؟"
ابتسمت لنفسها بسخرية وهي تفكر.. وحتى لو اجابت نو ا ر على هاتفها ما الذي كنتِ تنوين
قوله لشقيقتك الصغرى؟.. كم مرة من قبل حاولتِ مصارحتها والأخذ بمشورتها ولكنكِ
جبنتِ؟.
قيد القمر
190
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
صرخت بها أعماقها..
"بل خجلت.. كيف أصارح شقيقتي بشيء كهذا؟.. بل كيف أصارح أي شخص آخر؟.. ماذا
ينبغي عليّ قوله؟.. نو ا ر.. أخبريني كيف تُسعِدين زوجك وتَسعَدين معه؟.. كيف تصلين الى
هذا الشعور الذي طالما صممتِ أذني بشأنه.. لماذا أشعر دائماً بالنقص؟.. وما هو الشيء
الناقص؟"..
لقد أصبحت تتهرب من منذر بشتى الوسائل والأعذار.. فما يبدأ بينهما جميلا ومثي ا رً ينتهي
بها وقد وصلت لقمة عصبيتها وغضبها.. وما يثير حنقها أنه كان يبدو سعيداً ومكتفياً..
كان هكذا على الأقل في البداية قبل أن تنتقل عدوى نزقها وعصبيتها إليه.. فأصبحا
يصيحان في وجه بعضهما لأتفه الأسباب.. ومن ي ا رهما وهما منغمسان في الشجار لا
يصدق أبداً أنه مر شه ا رن بالكاد على زواجهما.. خاصة أن تلك الشجا ا رت دائماً تلي الليالي
التي تتفنن فيها سهير في الهروب من منذر ورغباته فيستيقظ صباحاً بم ا زج أسود عاصف
وهي بدورها لا تحاول مهادنته بل تهاجمه بض ا روة وكأنها تتبنى أسلوب الهجوم خير وسيلة
للدفاع.. فهي تدرك تقصيرها نحوه وتشعر به ولكنها لا تريد أن تعترف به.. تريد أن تحيا
في حلمها العذري.. بأن ذلك لا يهم وأن حب منذر سيبقى كما كان قبل زواجهما..
ا رسخاً... قوياً وثابتاً.. ولكنها عندما ترى عصبيته لتهربها من واجبتها نحوه يثار غضبها
وتصب عصبيتها عليه فهو لا يريد إلا سعادته.. ولا يبغي إلا اشباع رغباته حتى لو كانت
ضد مشيئتها هي.. فكانت ترضخ أحياناً لما يريد تجنباً لمشاجرة جديدة.. ولكن للأسف هناك
دائماً ذلك الشيء الناقص.. تلك النكهة المفقودة والتي لا يستطيع كلاهما وضع يده عليها
ولكن في أعماقهما كلاهما يحمل اتهام للآخر بسلبه تلك النكهة الغامضة والنتيجة تكون
أعصابهما هما الاثنان في الصباح التالي وكأنها وصلت لدرجة الاحت ا رق فلا يحتمل أحدهما
من الآخر حتى كلمة صباح الخير... وهكذا وجدت سهير أن أفضل الحلول هو التهرب من
قيد القمر
191
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
منذر ومن نظ ا رته ورغباته واتهاماته... فأصبحت بعد حوالي شهرين من زواجها تجيد
اصطناع النوم بب ا رعة تحسدها عليها ممثلات السنيما...
مر الوقت عليها بدون أن تشعر به وهي تتحرك في غرفتها بدون هدف فلمحت الساعة وهي
تتجه الى النافذة فأدركت أن الوقت متأخر بالفعل.. فغمغمت بحرج لنفسها..
"يا الهي.. إن الوقت متأخر بالفعل لابد أن نو ا ر كانت برفقة رؤوف.. كم هذا مح رج"..
اد ا ركها للوقت جاء معه اد ا رك آخر وهو اقت ا رب وصول منذر إن لم يكن قد وصل بالفعل
ويقضي سهرته مع والدته كما اعتاد في اليومين الآخرين رغبة منه في تجنبها وتجنب
الشجار معها... من كان يصدق أن حب السنين يتحول في أيام إلى تلك المشاج ا رت
والمشاحنات.. هل من المعقول أن يتحول الحلم إلى كابوس بتلك السرعة... هل ستستمر
تلك المسرحية الهزلية بينهما طويلاً.. ألا يوجد ولو بصيص أمل في تحسن الأوضاع..
سمعت خطواته تقترب من باب الجناح فأسرعت بالاندساس في الف ا رش.. وتقمص دور
النائمة كما اعتادت كل ليلة.. شعرت بحركته في الغرفة وهو يبدل ملابسه.. ويتحرك هنا..
وهناك.. ثم صعقها صوته وهو يقول:
إذا ظننت للحظة أنني انخدعت بتمثيلك النوم كل ليلة, تكونين بلهاء.. أنا فقط أمرر ذلك
بإ ا ردتي.. تحركي يا مدام وأعدي الطعام لزوجك المنهك في العمل.. ولا يرغب منكِ سوى

بطعام محترم يسد رمقه..


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-10-15, 03:38 PM   #14

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثاني عشر
،
،
دخلت نعمات إلى غرفة المكتب الخاصة برؤوف, فهو يحبس نفسه بها معظم الوقت, لكنها
وجدته يجمع بعض الأو ا رق في حقيبته الجلدية الأنيقة.. فعلمت أنه في طريقه للخارج و ا زد
هذا من عصبيتها التي انعكست على كلماتها وهي تسأله:
رؤوف.. أ ريد أن أحادثك في أمر هام.
أجابها وهو ما ا زل مستمر في تجميع أو ا رقه:
ليس الآن يا نعمات.. فأنا في طريقي للخارج.
ردت نعمات بسخرية:
بالطبع.. فأنت لا تحتمل المكوث في المنزل وهي غير موجودة به.
رفع عينيه إليها بتساؤل عما و ا رء كلماتها.. فأردفت:
لا تنظر إليّ هكذا.. فهذا ما أ ا ره, بمجرد خروجها لزيارة أمها أو شقيقتها تنطلق أنت أيضاً
خارج المنزل وكأنك لا تحتمل البيت بدونها!!
ترك رؤوف الأو ا رق من يده وهو يستشعر جدية الموقف وعصبية نعمات التي ظهرت في
كلماتها :
نعمات.. اهدئي قليلاً.. أنا لدي موعد عمل بالفعل.. وما تقولينه هو بلا معنى..
قال آخر كلماته بصوت خافت فهو مدرك أنه كاذب.. فكلماتها تحمل بعض الصدق فهو
أصبح لا يطيق المكوث في مكان ونو ا ر ليست به, رغم أنه لا يقترب منها أو حتى يتبادل
أي حوار معها منذ حوارهما الأخير ولكنه يكتفي بالشعور بها معه في المكان نفسه..
صاحت نعمات به بعد أن رمقته بغيظ:
قيد القمر
193
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
بلا معنى!!.. الآن أصبحت كلماتي بلا معنى!!.
أجابها بهدوء:
أنا آسف لم أقصد التقليل منكِ, ولكن..
قاطعته بعصبية:
دعني أقول ما أتيت لقوله.. أظن أنه كما شُرِع لك تعدد الزوجات, فقد أُمرت بالعدل..
أليس كذلك؟..
رمقها رؤوف بحيرة.. فقد تشوش عقله.. ما الذي تريده؟.. هل تلومه على مكوثه الشهر
الماضي بغرفتها؟.. هل أتت لتحثه على البقاء مع نو ا ر؟..
فسألها بحيرة:
ماذا تقصدين يا نعمات؟.. أنا لا أفهم..
أجابته بحدة:
ما الذي لا تفهمه؟.. أنا أطالبك أن تعدل بيني وبين ابنة عمك.
غمرته الحيرة مرة أخ رى فهو غير واثق مما تريده نعمات.. هل فعلاً تطالبه بالمكوث مع نو ا ر
وقت أطول.. فسألها بذهول:
هل تطالبيني بالبقاء مع نو ا ر لوقت أطول؟..
صرخت بفزع:
كلا بالطبع..
إذاً ماذا تقولين؟.. أنا لم أتركك لليلة واحدة طوال الشهر الماضي... ماذا تريدين بالضبط؟
قيد القمر
194
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ابتلعت غصتها بم ا ررة وهي تقول:
أريدك أن ت ا رعي مشاعري.. أن تحافظ على ك ا رمتي..
سألها بحدة:
هل أخطأت نو ا ر في حقك؟
صاحت ودموعها بدأت تنهمر على وجنتيها:
كلا.. أنت من فعلت.
صعق من اجابتها:
أنا!!!!... كيف؟.
حاولت تتحكم في دموعها ولكنها أصرت على معاندتها وهي تتسابق على وجنتيها:
لا أنكر وجودك معي طوال الفترة الماضية.. ولكن من كان معي هو خيال رؤوف.. وليس
رؤوف.. فأنت شارد طوال الوقت.. أحدثك فلا تستمع إليّ.. اقترب منك, فتبتعد أميال...
حتى وأنت.. ونحن...
لم تستطع اكمال كلماتها فغصت بشهقات بكائها الذي صدمه.. فاقترب منها ليحتضنها
ويحاول تهدئتها.. كانت على حق.. فهو غائب بأفكاره دائماً مع سم ا رئه.. كان يتواجد مع
نعمات بجسده فقط.. ولكن أفكاره وخياله معها هي.. لم يدرك أن نعمات شعرت بذلك فلقد
ظن أنه يخفي ذلك جيداً.. ولكن على ما يبدو أنه كان على خطأ.. وسبب الأذى لنعمات
بدون قصد.. وهي لا تستحق ذلك أبداً.. ليس بعد كل احتوائها له وحنانها الذي لا ينكره
يكون ج ا زئها جرحه لها بتلك الطريقة..
قيد القمر
195
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ا زد من احتضانها وهو يربت على ظهرها برقة.. وقال لها وهو يعلم بأنه مسترسل في
الكذب:
اهدئي يا نعمات.. ولا تسلمي عقلك للظنون.. قد أبدو شارداً في الفترة الأخيرة ولكن ذلك
بسبب مشكلات عديدة في العمل.. فغيابي أنا ومنذر معاً تسبب في ت ا ركم الأعمال.. وظهور
مشكلات عدة.. كما أن صحة جدي ليست على ما ي ا رم هذه الأيام مما يسبب لي القلق
الشديد.. نو ا ر ليست لها علاقة بأي مما يحدث لي..
صمت قليلاً وهو يتمنى أن تصدق كذبته.. ولكنها دفعته عنها بقوة:
هل تخدعني أو تخدع نفسك يا رؤوف؟.. انظر.. أنا لا أعلم ماذا يدور بينك وبين ابنة
عمك.. ولا أريد أن أعلم.. كل ما أطلبه هو أن تحافظ على ك ا رمتي.. فلا تشعرني أنك
تستخدمني كدرع تختفي خلفه من مشاع.. من مشاكلك مع تلك الفتاة..
سكتت قليلاً عندما أدركت أنها في غمرة انفعالها كادت أن تنبهه إلى امتلاكه مشاعر بالفعل
لفتاته الصغيرة.. ولكنها فوجئت بعبارته الغاضبة:
نعمات.. تلك الفتاة هي زوجتي.. وهي تملك اسم كما تعلمين.. وكما أخبرتك من قبل..
نو ا ر لا علاقة لها بأي مما أمر به.. وأنا لا أكن لها مشاعر حب كما تظنين.. فأنتِ تعلمين
جيداً أ ريي بتلك الأمور..
فوجئت بحدته وغضبه وأدركت أن ما شعرت به هو حقيقة لا جدال فيها.. ف رؤوف عاشق
لابنة عمه.... وهي.. هي لم يتبق أمامها إلا أن تحتفظ بالبقعة الصغيرة التي تشغلها في
حياته.. هذا إذا سمح لها بذلك.. فأخذت عدة انفاس تهدئ بها انفعالها:
رؤوف..أ لن أطالبك بمشاعر أو عواطف.. فقط أريد بعض الاحت ا رم.. وهذا أقل ما استحق
بعد هذه السنوات..
قيد القمر
196
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
مسح رؤوف وجهه بين كفيه.. يشعر بضيق في صدره.. أنفاسه لا تريد أن تخرج.. كل ما
حوله يطبق عليه.. يريد ان يصرخ..
"ماذا بكم جميعاً؟.. ماذا تريدون مني؟.. حب؟.. مشاعر؟.. احاسيس؟.. احت ا رم؟.. كبرياء
وك ا رمة؟.. عمل؟.. شهرة؟.. محافظة على العائلة؟.. وريث؟.. ماااااااااذاااااا أفعل.. ماذا
استطيع أن أفعل"
زفر بقوة وهو يقول لنعمات:
اعتذر إن كنت اسأت إليكِ.. ولكن الأعمال كثيرة بالفعل.. وأنا مضطر للخروج الآن..
ألقى كلماته وسحب حقيبة أو ا رقه ليخرج سريعاً.. تاركاً نعمات خلفه ودموعها لم تجف..
وك ا رمتها مشوهة بجروح غائرة.. فلقد لمست حبه لنو ا ر.. لقد شعرت به يحاول الهروب وعدم
الاعت ا رف بمشاعره تلك.. ولكنها ليست زوجته فحسب, فهو ابنها الذي لم تنجبه.. ومن
تشعر بقلب الابن المدله في الحب إلا أمه..
***************
جلست نو ا ر برفقة سهير في غرفتهما القديمة تحاول معرفة ماذا أصاب شقيقتها وسلب
الضحكة من عينيها.. ولكن سهير كانت مصرة على أنها بخير وأن نو ا ر تتوهم ليس إلا..
صاحت بها نو ا ر بحنق:
لا تخب ريني أنني أتوهم.. بحق الله هل هذا مظهر عروس تزوجت من حبيب طفولتها؟..
اجابتها سهير بسخرية:
وما به مظهري؟.. هل يجب أن أحمل لافتة أصرح بها عن سعادتي وامتناني لزواجي من
منذر!!
قيد القمر
197
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
سألتها نو ا ر بعجب:
سهير.. لم أعهدك ساخرة.. للمرة المائة, ماذا بكِ؟
أجابتها سهير:
للمرة المائة أخبرك.. لا شيء..
ثم أردفت قبل أن تقاطعها نو ا ر:
ما أ ريك لو نقضي الليلة هنا في غرفتنا القديمة؟.. نسهر ونثرثر معاً حتى الفجر, كما
الأيام الخوالي.
صاحت بها نو ا ر:
هل أنتِ مجنونة؟!!... أنتِ عروس لم يمر على زواجك شهرين, وتريدين أن تقضي الليلة
بعيداً عن زوجك!!.. هل...
قطعت نو ا ر كلماتها وهي تفكر قليلاً ثم التمعت عينيها بشقاوة وهي تسحب هاتفها لتعبث
بأز ا رره قليلاً.. ثم أغلقته وهي تبتسم بخبث وتتمتم:
حسناً يا سيد "حياة هادئة ومستقرة" لنرى ماذا ستفعل الآن!!
سألتها سهير بعجب:
نو ا ر!!.. ماذا تفعلين؟.. وبم تتمتمين؟..
أجابتها نو ا ر بهدوء:
لقد أرسلت رسالة لرؤوف أخبره أنني سأقضي الليلة معكِ..
صاحت سهير:
قيد القمر
198
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
كيف؟.. وكلمات التقريع التي اسمعتني اياها منذ قليل و..
قاطع كلامها رنين الهاتف الخاص بنو ا ر, فالتقطته وهي تبتسم ابتسامة غامضة وترفعه على
أذنها لتسمع صوته يقول بحزم غاضب:
سآتي لأصطحبك بعد نصف ساعة.. كوني مستعدة.
ثم أغلق الخط بدون أن يسمع منها أي رد..
اتسعت ابتسامة نو ا ر وهي تنظر للهاتف بانتصار, فهو كان غاضباً.. نعم تستطيع ان تلمس
الغضب في صوته برغم محاولته اخفاءه.. أخي ا رً حصلت منه على رد فعل واستطاعت ان
تخدش غلاف الهدوء والجفاء الذي غلف نفسه به منذ تلك المحادثة الأخيرة بينهما والتي أ ا رد
بها وضع أطر لعلاقتهما.. وقد مر عليها أكثر من ثلاث أسابيع ولم يخطو بقدمه داخل
جناحها, بل أنه عاد للجفاء والعبوس كما لو أنه يعاقبها لاص ا ررها على حبه..
وكأنه ينتظرها لتسحب اعت ا رفها.. وهي لا تنكر أنها تنتظره أن يصرح بحبه.. حسناً.. هي
لن تت ا رجع ولكنها تدرك شغفه بها وتعرف كيف تستعيد ذلك الشغف وتشعل ني ا رن رؤوف مرة
أخرى...
قاطع صوت سهير أفكارها وهي تسألها:
نو ا ر.. ماذا يحدث؟.. ومن كان على الهاتف؟..
أجابتها نو ا ر وما ا زلت ابتسامتها على شفتيها:
أنه رؤوف سيأتي لاصطحابي بعد قليل.
ارتسمت خيبة الأمل على ملامح سهير:
إذاً.. لن تبيتي هنا الليلة؟
قيد القمر
199
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
بالطبع.. لا.. ولا أنتِ أيضاً.. هيا اتصلي بزوجك كي يأتي لاصطحابك.
أعفى دخول شموس الغرفة سهير من الاجابة فحمدت ربها على ذلك وهي تسمع صوت
أمها تنادي على شقيقتها:
هيا يا نو ا ر.. إن زوجك بالأسفل وهو في عجلة من أمره.
قفزت نو ا ر بسرعة وهي تجذب حقيبتها حتى قبل أن تنهي أمها كلامتها.. وقبلت أمها
وشقيقتها وهي تودعهما بسرعة.. وما أن خرجت نو ا ر من الغرفة حتى أغلقت شم وس الباب
وتحركت لتجلس بجوار ابنتها على الف ا رش.. وأخذت تتأمل ملامحها الفاتنة التي كساها
الحزن.. وسألتها برقة:
سهير.. ماذا بكِ يا ابنتي؟.. ماذا يحدث معكِ؟..
هبت سهير بقوة قائلة:
لا شيء.. لماذا لا تصدقوني!.. أنا بخير.
عادت شموس تسألها برقة مرة ثانية:
ولم العصبية إذاً؟
أجابت سهير بحنق:
لأنني سئمت من أسئلتكم التي لا أملك اجابة عنها..
لم تيأس شموس ولم تقتنع.. فهي أم.. وردارها الأمومي.. يخبرها أن ابنتها تكذب عليها..
وأن الأمور ليست بخير كما تدعي.. فعاودت محاصرة ابنتها مرة أخرى:
قيد القمر
200
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
سهير يا حبيبتي.. أنتِ ابنتي الكبرى.. أول من أ رت العين وأول من أذاقتني معنى
الأمومة.. هل تعتقدين أنني أصدق كلمات لسانك وأكذب عيني التي ترى التعاسة على
ملامحك.. وقلبي الذي يشعر بالألم بين جنباتك..
لم تحتمل سهير الحنان في صوت أمها ولم تستطع المقاومة أكثر فألقت نفسها بين ذ ا رعي
أمها وهي تبكي بح ا ررة.. تفرغ حمولتها من الألم والحيرة والتشوش على صدر أمها الذي
احتضنها بحنان واحتواء افتقدته بشدة..
ظلت شموس تضم ابنتها بقوة, تنتظر منها أن تهدئ ولكن طالت عب ا رت سهير ولم تصل
حتى إلى بداية الهدوء و ا زد ذلك من قلق شموس فسألتها بحذر:
هل يسيء منذر معاملتك؟.. هل يضايقكِ بشيء؟..
نزلت دموع سهير أكثر عند سماعها اسم منذر وهي تتذكر كلامه لها في تلك الليلة وهو
يطالبها بإعداد طعامه فذلك كل ما يبتغيه منها.. لحظة سماعها لعبارته تح ركت بدون وعي
لتعد له مائدة الطعام التي جلس أمامها يأكل في صمت ثم ما لبث أن رمى ما بيده من
لقيمات وهو يبدي امتعاضه من الطعام:
ما هذا؟.. هذا الطعام ماسخ جداً.. لقد ظننت أنكِ تجيدين الطهو على الأقل.. من الغد
ت ا رفقين أمي في المطبخ حتى تتقنين إعداد الطعام..
اجابته سهير بدهشة:
ولكن عمتي قمر هي من أعدت ذلك الطعام بالفعل..
صاح بحنق:
وأنتِ ماذا تفعلين طوال اليوم؟.. ومتى تبدأين في التصرف كزوجة وربة منزل؟..
قيد القمر
201
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
تيقنت سهير أنها واحدة من تلك الليالي التي يحاول فيها افتعال أي شجار معها.. وكعادتها
بدلاً من محاولة مهادنته انفعلت عليه وصاحت به:
يبدو أنك تتعذر بأي شيء بحثاً عن شجار
رمقها بنظرة خاصة وصمت قليلاً ثم قال:
لست أنا من يبحث عن الأعذار...
فهمت ما يريد قوله فأخفضت وجهها أرضاً وهي تغمغم بحرج:
منذر.. أنا..
قاطعها بسؤاله:
ماذا يحدث يا سهير؟.. هل آذيتك في شيء؟..
سارعت بالنفي:
كلا.. كلا..
سألها بألم:
هل كان حلم؟.. س ا رب؟.. هل كنا نتوهم؟..
شهقت بالبكاء وهي تحرك أ رسها نفياً:
منذر.. أنا أحبك.. أقسم لك
صاح بها:
إذاً.. لماذا يا سهير؟.. لماذا تعذبينا معاً؟..
قيد القمر
202
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
تلعثمت في كلماتها وهي تقترب منه.. فسارع بضمها لصدره:
منذر.. أناااا
لكنه قطع ما تريد قوله بقبلات ساخنة أغدقها عليها.. فهو اشتاق لها بقوة.. يحتاجها ويريدها
أن تفهم ذلك.. وهي استكانت بين ذ ا رعيه كعادتها وهي تأمل بكل قوة أن تكون تلك المرة
مختلفة... ولكن.. بعد أن هدأ كل شيء.. اكتشفت أنه.. لا شيء تغير.. لا شيء...
تنبهت من شرودها على حركة اصابع امها وهي تملس شعرها برقة وتعاود سؤالها باص ا رر:
هل يسيء منذر معاملتك يا سهير؟
ابتعدت عن أحضان أمها وهي تتحرك لتخفي عنها وجهها الذي احمر بوضوح معلناً عن
كذبها:
كلا.. يا أمي.. أنا ومنذر في خير حال.. في الواقع يجب أن اتصل به الآن حتى يأتي
ليصطحبني..
لكن شموس لم تقتنع.. ولفت ابنتها لتواجهها:
على من تكذبين؟.. يا سهير؟؟.. وما سبب ذلك البكاء إذاً؟
تلعثمت سهير وهي تقذف بأول اجابة:
لا شيء يا أمي.. أنا فقط افتقدكم بشدة.. وافتقد منزلنا ونو ا ر ونادية وكل شيء..
لم تكن تكذب عندما قالت ذلك.. فهي تفتقد منزلها بشدة.. وفي نفس الوقت تشعر أنه لم يعد
منزلها.. كم هذا غريب أن يتحول المنزل الذي ضمك لأكثر من عشرين عاماً إلى مكان
تعامل فيه كضيف.. وبرغم شعورك بالإنتماء له إلا أنك تشعر أن ولاؤك يتحول بدون أن
تدري إلى منزل آخر.. ومكان آخر..
قيد القمر
203
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
لذا فقد تناولت هاتفها بهدوء واتصلت بمنذر ليأتي ويصطحبها إلى.... من زلها... الجديد.
أما في سيارة رؤوف فكانت نو ا ر تكاد تتنفس غضبه الذي يبدو واضحاً في كل حركاته
وسكناته.. شعرت بالخوف قليلاً من مظهره العابس.. إلا أنها أغمضت عينيها تسترجع
بعض لحظاتهما الخاصة.. تستمد منها بعض القوة حتى تستطيع مواجهة أعاصير غضبه
التي تعلم أنها ستنطلق ما أن يصلا إلى المنزل.. لا تنكر سعادتها الخفية رغم خوفها,
فغضبه هذا ينفي ادعاءه الكاذب باللامبالاة والجفاء طوال تلك الأسابيع الماضية..
تقسم أنه لو كان وافق على قضائها الليلة في بيت والدها لكانت أحالت حياته جحيماً عن
حق.. لكنه باستجابته السريعة لرسالتها واص ا رره على اصطحابها بنفسه أثبت أنه يهتم فعلاً..
يهتم بوجودها تحت سقف منزله.. وهذه نقطة قد تبدأ منها.. فقط لو منحها الفرصة..
حانت منها التفاتة خفية نحوه ولاحظت انقباض ملامحه بشدة.. هل يعقل أن كل ذلك
الغضب بسبب رسالتها؟..
لاحظ رؤوف نظ ا رتها المختلسة له وشعر بخوفها من غضبه, حركاتها المتململة وعبثها
بكفيها مع سرعة أنفاسها أعلمته بمدى توترها..
ا ا رد طمأنتها.. اخبارها ألا تخاف منه.. لكن أفكاره كانت تعصف بشدة بين كلمات نعمات
له وتأكيده لها أن نو ا ر لا تأثر عليه اطلاقاً وبين الغضب الجارف الذي شعر به عندما
وصلته رسالتها لتخبره برغبتها في المكوث مع شقيقتها.. عندما شعر أنها تريد أن تحرمه
منها.. من وجودها.. من إحساسه أنها معه بنفس المكان...
كانا قد وصلا إلى منزلهما فترجلت بسرعة من السيارة.. ولكنه لحقها ليتمسك بذ ا رعها ويدخلا
معا تحت بصر نعمات التي كانت تنتظره في شرفتها فاغرورقت عينيها بالدموع وهي ت ا ره
يتمسك بنو ا ر كالطفل الذي عثر على أمه بعد عناء.. فشعرت أنها كما خسرت رؤوف الزوج
قيد القمر
204
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
فهي في طريقها لتخسر رؤوف الابن الذي بدأ يخترق شرنقة الحب الأمومي الذي أحاطته به
ساعياً لفرض سيطرته على زوجته.. لبسط قوامته على ام أ رته..
دخل رؤوف إلى جناحهما وهو ما ا زل يتمسك بذ ا رعها بقوة, رغم أنها آلمتها إلا أنها
أسعدتها.. ولكنها أخفت تلك السعادة بسرعة وهي تستعد لمواجهته:
رؤوف.. لماذا تصرفت بتلك الطريقة؟.. فأنت لم تدع لي فرصة لمناقشتك عندما هاتفتني..
لقد أغلقت الخط مباشرة.. لقد كنت أرغب حقاً في البقاء مع سهير.. كنا على وشك
التخطيط لسهرتنا الليلة.
ضغط رؤوف على اسنانه بشدة:
نو ا ر.. أرجوكِ.. أنا لست أبله.. ولا أنتِ.. وأنتِ متأكدة تماماً أنني ما كنت أسمح لكِ
بقضاء الليلة خارج البيت.
سألته بب ا رءة كاذبة وهي ترمش بعينيها:
لماذا؟.. فأنا كنت سأقضيها وحيدة كالعادة؟..
سأل بحدة:
إذاً.. ذلك كان عقابك لي؟..
استمرت في ادعاء الب ا رءة:
عقاب!!.. لماذا تظن ذلك؟
لقد كانت تلعب لعبة ما.. ربما يكون غير مدرك لابعادها.. ولكن أي لعبة يمكن لاثنين أن
يلعباها.. فسألها بنعومة:
أعتقد أنكِ غاضبة لمكوثي في الطابق العلوي في الفترة الماضية أليس كذلك؟..
قيد القمر
205
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أغاظها رده فاندفعت تهاجمه:
وماذا يغضبني؟.. فأنت على ما يبدو أصبحت تفضل الهياكل العظمية.. بدلا من الدُمى..
اشعلت كلماتها غضبه بسرعة البرق.. فالتمعت عينيه بقسوة وغضب وتكورت قبضتيه معاً
وهو يشد عليهما بقوة حتى ظنت أنه سوف يضربها بالفعل عقاباً على كلماتها الوقحة.. بينما
تسمرت قدماها في الأرض بانتظار أن يقع عليها عقابه كيفما كان, انطلقت اصوات رنين
هاتفه وهاتفها وهاتف المنزل كأنما جميع هواتف العالم قد تواطئت معاً حتى تعفيها مما كان
سيلحقه بها..
تجمد رؤوف عندما سمع رنين الهواتف وغمغم بخفوت:
جدي!!!
*************
تجمع جميع اف ا رد العائلة حول الطبيب الذي خرج لتوه من غرفة العناية الفائقة وهو يسحب
القناع الطبي للأسفل حتى يمكنه الحديث مع هذا الجمع القلق الذي اخترقه رؤوف بسهولة
وهو يواجه الطبيب مستفس ا رً:
كيف حال الحاج عبد الرؤوف الآن؟
سأله الطبيب بهدوء:
هل أنت ابنه؟..
كلا.. أنا حفيده
أجاب الطبيب بروتينية:
قيد القمر
206
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
المريض في حالة خطرة.. عندما وصل, أظهرت التحاليل وجود جلطة صغيرة في القلب..
لقد تمكنا من إذابتها والحمد لله.. لكن الأربع والعشرين ساعة القادمة حرجة.. فلندعو الله أن
تمر بسلام, وبعدها نرى ماذا ستكون الخطوة القادمة..
سأله رؤوف بصوت متحشرج:
هل سيكون بخير؟..
إنه رجل عجوز قوي.. وأنا أتوقع أن ينجو بإذن الله..
ثم وجه كلماته لجميع الموجودين:
يفضل أن تذهبوا إلى المنزل.. أو حتى تنتظروا بالكافيتريا.. فوقفوكم هنا لا داعي له..
قال الطبيب كلماته وابتعد عنهم.. فتصاعدت أصواتهم وهمهماتهم.. فارتفع صوت رؤوف
ليسكتهم وهو يشرح لهم ما قاله الطبيب بالتفصيل ويطلب منهم الذهاب للمنزل.. ولكنه قوبل
باعت ا رض الجميع وأولهم عمته قمر التي تجمدت دموعها في عينيها وهي تقول:
لن أبرح مكاني حتى يفيق أبي واطمئن عليه..
تعالت الأصوات توافقها.. بينما رؤوف يحاول اسكاتهم ونو ا ر ت ا رقبه عن بعد.. وهو يحاول
السيطرة على الموقف واحتواء الجميع..
فلمحت عمتها تقترب منه لتتأكد وتطمئن على صحة عبد الرؤوف:
رؤوف.. هل سيكون بخير فعلاً؟.. هل ننقله إلى القاهرة أو حتى يمكن أن يسافر للخارج؟؟
طمأنها رؤوف:
لا تقلقي يا عمتي.. فلندعو أن تمر الساعات القادمة.. ثم نفكر في القادم.. كما قال
الطبيب
قيد القمر
207
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ثم ربت على كتفها:
لا تقلقي.. لو تطلب الأمر أن آتي له بأكبر وأشهر اطباء القلب سآتي له بهم..
اقتربا منذر وقاسم منه وأخذا يتهامسا معه لينسق معهما خطط العمل لليوم التالي:
رؤوف.. هل نلغي اجتماع الغد؟.. أم نؤجله.. أم..
قاطع رؤوف استرسال منذر:
كلا.. لن نؤجل شيء.. سيتم كل شيء.. وسيتم توقيع العقد بأمر الله
ثم أ رته يقترب من ابيها المتكئ على جدار غرفة العناية يتأمل في صمت الاجهزة المتصلة
بجسد جدها, فيربت على كتفه بهدوء ويخبره بصوت متكسر:
سينجو.. إن شاء الله سينجو..
أومأ والدها بصمت حزين وعيناه ما ا زلت شاخصة نحو الغرفة.. فظهر تأثر رؤوف وقلقه
رغماً عنه, ثم شعرت بحركة خفيفة بجانبها فانتبهت أن نعمات تتحرك مت وجهة نحو رؤوف
فتبعتها بدون إ ا ردة لتسمعها تحدثه وهي تضغط على كتفع بمؤازرة واضحة:
تجلد يا رؤوف.... فالكل يعتمد عليك.. فحاول السيطرة على قلقك.
أومأ رؤوف يوافقها.. ثم أغمض عينيه للحظات قليلة وهو يخبرهما:
سأذهب إلى الحسابات لأترك بعض المبالغ المالية..
سارعت نو ا ر تجاوبه:
سآتي معك..
وتحركت بسرعة ت ا رفقه حتى لا تدع له فرصة للاعت ا رض..
قيد القمر
208
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
بعد أن أنهى المعاملات المالية مع قسم الحسابات في المستشفى.. تعلقت بذ ا رعه وهي
تسأله:
أين ستذهب؟..
أجابها بسخرية تقريباً:
إلى أين تعتقدين؟.. سنعود لنكون بجوار جدي..
كانت طوال الوقت الذي أخذه في انهاء المعاملات المالية تفكر في طريقه لتبعده عن الجمع
المتحلق حول جدها.. فالكل واحد منهم يطالبه بشيء ما.. ولم يهتم أي منهم بالاطمئنان
عليه هو.. كيف يشعر؟.. كيف يفكر؟.. وهو يرى الأب الوحيد الذي يعرفه يضيع منه؟..
وهو يفقد الأب للمرة الثانية؟..
لذا فقد اقترحت عليه بسرعة:
ما أ ريك أن تأتي معي لبيت جدي حتى أحضر له بعض الاشياء التي سيحتاجها عندما
يفيق بإذن الله؟..
اجابها بتبرم:
نو ا ر.. ليس هذا الوقت المناسب.. يمكنك الذهاب مع عمتي لاحقاً.
أصرت على موقفها:
ولكنك أكثر من يعرف ما الذي يحتاجه جدي... وما يرغب بأن ي ا ره عندما يستفيق.. هيا..
لن نتأخر..
عارضها مرة اخرى:
نو ا ر.. لكن.. لا أستطيع تركهم والذهاب هكذا
قيد القمر
209
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
اجابته بلهجة مقنعة:
لن نتأخر.. الموضوع لن يستغرق دقائق.. كما يمكننا أيضاً تجميع كل التحاليل والآشعة
السابقة الخاصة بجدي.. قد يحتاجون إليها لاحقاً..
اقتنع بكلامها الذي وافق شعو ا رً بداخله يحثه على الهرب من المستشفى وما تمثله من خطوة
على الطريق لفقدان وحرمان جديد...
وصلا سريعاً إلى قصر الجي ا زوي.. وتحرك رؤوف متوجهاً نحو غرفة جده بينما سألته نو ا ر:
هل أعد لك قدح من القهوة, حتى تنتهي من جمع أشياء جدي؟
اجابها بامتنان:
سيكون ذلك ا رئعاً.. شك ا رً لكِ.
توجه إلى غرفة جده بخطوات سريعة سرعان ما تباطئت أمام غرفة جده وهو يفتحها ببطء
وتردد كأنه لا يستطيع تصديق أنه لن يجده خلف ذلك الباب.. لن يستقبله بتلك النظرة
المتفحصة التي تصل لأعماقه وتكشف ما بداخله بسهولة.. قد لا يكون أغدق عليه الحنان
أو أسرف في بثه عواطفه.. ولكنه الأب الوحيد الذي امتلكه يوماً.. ربما لم يشعر عند وفاة
والده بقسوة تلك اللحظة فلقد كان أصغر سناً من أن يدرك ذلك الحزن.. ولكن ان يفقد جده
الآن, يشعر أن ذلك يدمره.. يفقده توازنه.. يدخله في دائرة حرمان جديدة.. احساس جديد
بالفقد.. ودوامة أخرى من المشاعر..
أعدت نو ا ر قدح القهوة كما يحبها رؤوف وتوجهت نحو غرفة جدها لتجده واقفاً في نافذة
الغرفة شارداً عما حوله ويقبض بشدة على مسبحة الجد وكأنه يستدعيه من خلالها..
وضعت قدح القهوة على إحدى الموائد الجانبية وتوجهت لتقف خلفه وتلف ذ ا رعيها حوله
تضمه لها بقوة وهي تهمس:
قيد القمر
210
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
سيكون بخير.. سيكون بخير..
وافقها بإيماءة بسيطة من أ رسه وهو يضم نفسه لها فأحكمت ذ ا رعيها حوله وهي تسأله:
هل أنت بخير؟.. كيف تشعر؟..
أجاب بخفوت:
لا أعلم..
عادت لتسأله:
هل الأمر بتلك الصعوبة؟.. أن تعبر عما تشعر به.. عما يجول بداخلك؟..
لم يجبها فضغطت على صدره تطالبه بمواجهتها.. وهي تجيبه عن سؤالها:
شعورك بالخوف والقلق من فقدان جدي لا يقلل من هيبتك.. ولا يضعف من شخصيتك..
أدارت جسده وهو ما ا زل بين ذ ا رعيها حتى أصبح في مواجهتها فلمحت ملامح وجهه
المنقبضة والقلق العاصف المختلط بشعور بالضياع ولأول مرة تلمحه في عينيه.. لم تعرف
كيف تتصرف.. فخبرتها في الحياة لم تؤهلها للتعامل مع موقف بهذا التعقيد فقررت اتباع
غريزتها تلك التي أخبرتها أنها يجب عليها أن تمنحه ال ا رحة والأمان.. فضمته بقوة وهي
تلف ذ ا رعيها حول عنقه:
حبيبي.. من غير الممكن أن تظل قوياً طوال الوقت.. يجب أن تسمح لنفسك بقليل من
الخوف والقلق.. والحزن.. لا تحرم نفسك من الإحساس بتلك المشاعر الإنسانية..
ضمها بقوة وهو يرفعها بين ذ ا رعيه ويهبط بها على الف ا رش.. يضم نفسه اليها ويخفي وجهه
في صدرها وبينما هي تمرر أصابعها على خصلات شعره بحنان شعرت بدموعه تجري

ساخنة على صدرها.


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-10-15, 03:52 PM   #15

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثالث عشر
،
،
فتحت نو ا ر عينيها ببطء لتقابلها ملامح رؤوف وهو ينظر إليها ببرود.. وسمعته يأمرها
بجفاء:
استعدي بسرعة, فيجب علينا العودة سريعاً للمستشفى..
سألته بخوف وهي تتغافل عن جموده:
هل جدي بخير؟..
رد باختصار قبل أن يغادر مسرعاً:
كما هو.
صدمت نو ا ر من تصرفه وانص ا رفه السريع.. ماذا يحدث؟.. لقد ظنت الليلة الماضية أنهما
عب ا ر مرحلة البرود والجفاء بعد سقوطه بين ذ ا رعيها يذرف دموعه على صدرها.. وسقطت
كل الحواجز التي كان يشيدها ببسالة حول مشاعره لينكشف لها الطفل الخائف من ألم
الحرمان واليتم مرة أخرى.. لم يفاجئها انهياره بقدر ما صدمها قوة هذا الانهيار وهو ينتفض
باكياً بين ذ ا رعيها كطفل صغير يخشى فقدان عائلته..
ألجمتها الصدمة للحظة إلا أن غريزتها سرعان ما دفعتها لتحتضنه بقوة وهي تربت على
كتفيه وتملس خصلاته الثائرة كجسده الذي كان ينتفض بفعل شهقاته العنيفة..
لم تحاول أن تتكلم.. فكل الكلام لا معنى له أمام انهياره العنيف.. فتركته يفرغ كل ما
بداخله على صدرها وهي تكاد تحبس أنفاسها تخشى أن يشعر بوجوده بين ذ ا رعيها.. يتذكر
أنه يضغطها بجسده في الف ا رش فيمتنع عن إف ا رغ شحنة حزنه وألمه.. تريده أن يتخلص من
تلك الشجون فهو لن يتحمل المزيد..
قيد القمر 212
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice عصير الكتب للنشر الإليكتروني
عيناه التائهتان والجميع يلتف حوله في المستشفى يسأله المشورة أخبرتاها بوضوح أنه وصل
إلى حافة تحمله, لذلك أصرت على البعد عنهم بأقصى سرعة وليظنوا ما يحلو لهم.. هو ما
يهمها.. وهو فقط.. لقد أوشك على الإنهيار بالفعل ولم تكن تسمح لأي شخص أن يشهد
ذلك الإنهيار.. وهو لم يكن ليسامح نفسه لو سقط منها ا رً أمام أي شخص, وما هي متأكدة
منه أنه لن يسامحها لأنها شهدت لحظة ضعفه..
بدأت شهقاته تهدأ قليلاً.. فعلمت أنه بدأ يعود للواقع ويدرك ما قام به.. مرت فترة سكون
كادت أن تسمع فيها صوت الهواء وهو يتحرك في الغرفة.. فسكنت تماماً تنتظر ثورته, إلا
أنها شعرت بذ ا رعيه تشتدان حولها لتضمها إليه ولكن هذه المرة لم تكن ضمة مواساة.. لم
يكن يبحث عن دعم ذ ا رعيها, بل عن عاطفتها.. عن تجاوبها.. وتأكدت من ذلك عندما
تحركت شفتاه على صدرها تنشر قبلات لاهبة وهو يزيد من ضغط ذ ا رعيه حولها حتى
كادت أن تشعر بعظامها تتفتت من قوته...
أدركت أنه غير مدرك للقوة التي يستخدمها فبدأت تمسد شعره برقة وهي توزع قبلاتها على
وجهه تحاول أن تمنحه ال ا رحة والحنان حتى يخفف من القسوة التي يعاملها بها ولكنها
سرعان ما وجدت شفتيه تزحفان لتصلا إلى شفتيها فيضغطهما بعنف غريب عليه.. همست
بضعف:
رؤوف...
وصلها صوته وهو يقول بش ا رسة حارقة:
أحتاجكِ يا قمري.. أحتاجكِ بشدة..
كان صوته يحمل نبرة يائسة وهو ما ي ا زل يتمسك بها بقوة.. ولأول مرة يُشعِرها بحاجته إليها,
بل ويصرح بذلك أيضاً فلم يكن أمامها إلا الإستسلام له تمنحه ما يحتاج من سكينة و ا رحة..
وحب.. حبها الذي همسته له عدة م ا رت وهو لم يمانع في سماع تلك الهمسات, بل كلما
قيد القمر 213
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice عصير الكتب للنشر الإليكتروني
همست له بحبها كان يزداد جنوناً واندفاعاً نحوها.. اندفاعه اتسم بالعنف, بل القسوة.. لأول
مرة تلتمس منه تلك القسوة في علاقتهما الحميمة.. وكأن لمساته خرجت عن سيطرته, فبدلاً
من الحماية والدلال والشغف الذي تستشعره منه دائماً.. تلقت القسوة والألم..
انتهى جنونه سريعاً فاستلقى على ظهره لاهثاً وهو يغطي عينيه بذ ا رعه يخفيهما عنها وكأنه
غير قادر على مواجهتها بعد تلك العاصفة التي سحبها إليها.. فهو لأول مرة يفكر في نفسه
أولاً.. ويأخذ كل ما تهبه إياه بد ون أن يفكر بالعطاء في المقابل.. لقد تصرف مثل وغد
أناني وهو يكره نفسه لذلك.. لكنه كان بحاجة إليها بشدة.. حاجة لم يستطع تفسيرها, بل لم
يرد ذلك.. فهو لم يكن في احتياج لام أ رة.. لعلاقة.. بل لوجودها هي معه ولإحساسه بها بين
ذ ا رعيه, وكأنها تق أ ر أفكاره.. وجدها تحرك أ رسها لتضعها على كتفه وشعر بيدها الصغيرة
تتسلل بهدوء على عضلات صدره وهي تهمس بخفوت:
هل تعلم شيئاً؟..
لم تنتظر إجابته واسترسلت:
ليلة زفافنا.. عندما اكتشفت أن جناحنا يقع في الطابق الأرضي.. انتابني غضب شديد..
فقد شعرت بالإهانة وبجرح عميق لكبريائي حتى أنني توعدتك س ا رً وأقسمت أن أجعلك تطلب
مني الانتقال إلى الطابق الأعلى لأتخذ مكاني الملائم كسيدة للمنزل... مثلها تماماً..
نظر إليها باستفهام وهو ما ا زل متمسكاً بصمته.. فحركت أ رسها قليلاً لتضعها على صدره
قريباً من قلبه فكاد صوت دقاته العالية والسريعة أن يصم أذنيها وأكملت سرد قصتها:
لقد فكرت في الت ا رجع عن قسمي لاحقاً وخاصة بعدما لمحت الحديقة الداخلية التي تربط
الجناح بغرفة مكتبك.. فهي ا رئعة, بل مذهلة لقد أحببتها على الفور.. ولكن ما حسم الأمر
بداخلي فعلاً.. وجعلني أتمسك بموقع جناحي بالطابق الأرضي.. اكتشافي أنني استطيع
م ا رقبتك والإطمئنان عليك من خلال نافذتينا المتواجهتين.. فم ا رقبتي لك وأنت تعمل..
قيد القمر 214
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice عصير الكتب للنشر الإليكتروني
وخاصة في الأيام التي بعدت عني فيها, هي ما ساعدني على تخطي بعدك وجفائك.. فكان
أن فضلت اطمئناني عليك واحساسي بتواجدك معي ولو عن بعد على انتصاري عليها في
معركة السيادة على المنزل...
تجمد رؤوف تماماً تحت لمساتها الدافئة وهو لا يصدق ما تحاول إخباره به.. هل تقصد ما
فهمه من كلامها؟!!.. هل تقصد أنها فضلته عن نفسها.. أنها قدمته هو على كبريائها!!..
هل هذا صحيح؟.. هل يمثل لها تلك الأهمية!!..
وللمرة الثانية ترد على أفكاره التي لم ينطق بها وهي تتمتم:
أنت أهم وأغلى عندي من كل شيء... فقط صدق هذا..
تلك المرة عندما لفها بذ ا رعيه مقرباً إياها من صدره ومرتشفاً رحيق شفتيها.. كانا بالفعل
يتبادلان الحب..
حاولت نو ا ر سحب نفسها من ذكريات ليلتها الحافلة فأغمضت عينيها تعتصرهما حتى لا
تجري دموعها على وجنتيها وهي تكمل استعدادها حتى تصطحبه للمشفى محدثة نفسها
بألم..
"إلى متى؟... إلى متى تمتد حلقة جفائك التي لا تريد كسرها ولا تسمح لي باخت ا رقها؟".
تحركت بألم تبحث عن رؤوف الذي كان يجوب الطابق السفلي كمن مسه الجنون.. ضرب
إحدى الموائد الجانبية بعنف شديد مما تسبب في تكسير بعض التحف التي سقطت أرضاً..
كان الغضب يمزقه, بل يحرقه حرقاً.. كيف سمح بما حدث الليلة الماضية؟.. كيف يسمح
لنفسه بهذا الانهيار.. وأمامها.. بين ذ ا رعيها!!.. هي من دون الجميع تشهد على دموعه..
على لحظة ضعفه وانهياره..
قيد القمر 215
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice عصير الكتب للنشر الإليكتروني
لقد ظن أنه يملك بأس وثبات جده, الذي تلقى خبر وفاة ولده وهو ثابتاً.. صامداً و ا ربط
الجأش.. ولكن أثبتت الأيام أنه ضعيف, بل أضعف مما تخيل يوماً, فلقد سقط منها ا رً عند
تفكيره أنه قد يفقد جده, لم يتخيل أبداً أن ينتابه مثل ذلك الشعور.. لقد شعر بالهلع, بل
الرعب حتى أنه لجأ إلى ذ ا رعيها يلتمس الدعم منها وال ا رحة على صدرها..
هل انغماسه بها الليلة الماضية كان هروباً من هلعه.. ف ا ر ا رً من ضعفه الذي لمسه لأول مرة
الليلة الماضية وهو يواسي الجميع ويحل مشاكلهم, بينما كان في أعماقه يتوق لربته رقيقة
تطمئنه وتهدأ من مخاوفه.. لضمة من صدر حنون تخبره ألا يخاف ولا يجزع..
حتى نعمات.. حتى مواستها له جاءت رسمية وهي تحثه على الصمود من أجل الجميع..
هل لهذا السبب لم يلجأ لنعمات تلك الم أ رة التي استوعبته لسنوات... كلا.. لقد أ ا رد نو ا ر..
تاق إليها.. كان بحاجتها مهما حاول أن يهرب من تفسير ما شعر به أو يخدع نفسه بأن
اندفاعه الغير مسبوق نحوها كان سببه طول فترة بعده عنها.. إلا إنه لن يستطيع إنكار
السلام الذي وجده بين ذ ا رعيها.. وال ا رحة التي منحتها له بدون حساب.. وهو ينهل من
حبها, يأخذ كل ما تمنحه إياه متغاضياً عن العطاء..
كيف له أن يواجه عينيها بعد ما شعرت بحاجته إليها التي صرح بها بكل وضوح ليلة أمس,
وحتى بعد اعت ا رفاتها المتوالية بالحب.. يجد نفسه الآن في الموقف الأضعف وهروبه من
أمامها منذ قليل هو أكبر دليل على ضعفه ذاك.. لقد انكشف أمامها.. تعرت روحه تماماً..
خرج الطفل الخائف بداخله إلى العلن وكانت هي من أخذت بيده لتخرجه من ظلمات
الحرمان إلى ضياء الحب والاحتواء.. ولكن يبقى السؤال الصعب.. كيف يمكن لأي رجل
بعنفوانه أن يواجه ام أ رته بعد أن بكى بين ذ ا رعيها كالطفل الخائف؟.. ام أ رته التي تقف بعيداً
الآن مترددة ولا تعرف كيف تتواصل معه.. تحاول ألا تشعره بوجودها.. تريده أن ينفث عن
عصبيته وغضبه قبل أن يذهبا معاً ويواجها الجميع باختفائهما الغير مبرر.. والذي لن يمر
بسهولة... ولكنها لم تعلم أنه شعر بها منذ أن خطت بقدميها خارج غرفة جدهما..
قيد القمر 216
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أجفلت عندما وصلها صوته:
مستعدة؟..
أجابته بخفوت:
نعم..
ما أن وصلا إلى المشفى حتى اندفع إليه منذر وقاسم يسألانه بلهفة:
رؤوف!!.. أين كنت؟.
أجاب بغموض:
ذهبت لإنهاء بعض المهام الخاصة بالعمل.. هل جد جديد؟..
سأله قاسم بغيظ وهو يرمق نو ا ر بنظرة ذات معنى:
وهل أخذت تلك المهام الليل بأكمله؟.
شيئاً ما في نبرة قاسم لم ترق لرؤوف.. أو ربما في نظ ا رته نحو نو ا ر التي ألصقت نفسها به..
مما دفعه للرد بجفاء:
هذا شأن خاص بي..
عاد قاسم يتأمل نو ا ر مرة أخرى وهو يخاطب رؤوف بطريقة مستفزة:
يبدو أن تلك المهام كانت عاجلة بالفعل.. ولم تستطع الانتظار لأدائها..
ضغط رؤوف على أسنانه بغيظ وقد وصله المغزى من كلام قاسم ولكنه قرر تجاهله:
يجب أن يتواجد أحدنا بالشركة اليوم, فلتذهب أنت يا قاسم.
قيد القمر 217
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أجاب قاسم بحدة:
ولماذا أنا؟..
أنت المسئول عن الشئون القانونية, ويجب أن ت ا رجع العقد الخاص بالصفقة الأخيرة.. ماذا
بك؟.
أجابه قاسم بحدة:
كلا.. سأبقى.. سأجري عدة مكالمات لأسوي الأمور.. ولكني لن أذهب..
كانت نعمات ت ا رقب ما يحدث عن بعد.. واستطاعت أن تفهم من تعابيرهم أنهم يتجادلون
حول أمر ما.. لم تهتم بهذا, فما لفت انتباهها هو ملامح رؤوف المبهمة.. ولغة جسده
الغامضة.. فهو يبدو محتداً وعصبياً, ولكن في نفس الوقت مسيط ا رً وهادئ بل يكاد يكون
مسترخياً قليلاً عن ليلة أمس..
نقلت بصرها إلى السم ا رء الصغيرة بجانبه تلاحظ أن ملامحها تنطق بالاهتمام والقلق وهي
ترمقه بنظ ا رتها الجانبية, فأدركت أن نو ا ر هي من سحبته من بينهم جميعاً لتستأثر به
لنفسها..
تحركت نحوهما وهي تستشيط غضباً من اختفائه ليلة أمس.. وانعكس هذا على لهجتها
الحادة:
رؤوف.. أين كنت؟.
أجاب بحدة:
ماذا بكم جميعاً؟.. هل يجب أن أتواجد أمامكم طوال الأربع والعشرين ساعة؟!!.. ألا
أستطيع الحصول على بعض ال ا رحة؟..
قيد القمر 218
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice عصير الكتب للنشر الإليكتروني
تلعثمت نعمات أمام حدة رؤوف:
بالط.. ب.. ع.. ولكني لم أعتد اختفائك في الأوقات العصيبة..
أجاب بغضب وهو يتحرك مبتعداً:
لكل شيء بداية..
ثم ما لبث أن عاد وكأنه تذكر أم ا رً ما.. فسحب نو ا ر من ذ ا رعها.. متوجهاً نحو عمه.. تاركاً
نعمات وهي تتميز غيظاً وغلاً..
خاطب نو ا ر بحدة فهو يريدها بعيداً عن قاسم.. بعيداً جداً:
انتظريني هنا..
أجابت في خفوت وهي متعجبة من تصرفه:
حسناً..
بعد أن اطمئن من الطبيب المختص بحالة جده أن وضع هذا الأخير مستقر.. وأنه على
وشك نقله إلى غرفة عادية بدلاً من غرفة العناية المركزة.. خرج إلى حديقة المشفى ومشهد
قاسم وهو يرمق نو ا ر بتلك النظ ا رت الغريبة.. يتكرر في ذهنه م ا ر ا رً وتك ا ر ا رً.. ماذا و ا رء تلك
النظ ا رت؟.. وهل كانت موجهة نحو نو ا ر فقط؟.. أم نحوهما معاً, رداً على غيابهما
الطويل؟..
هل هذا ما طلبته منك يا رؤوف؟..
التفت ليجد نعمات تواجهه وملامح الغضب تبدو عليها.. فسألها بحيرة:
ماذا هناك يا نعمات؟..
قيد القمر 219
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أجابته بغضب:
ألم أطلب منك أن تحافظ على ك ا رمتي وخاصة أمام... زوجتك؟..
أجابها بإرهاق وهو يمسح وجهه بكفيه:
نعمات.. من أجل الله.. هل تظنين أن الوقت مناسب لحوار كهذا؟..
أجابته بغيظ:
وهل كان الوقت مناسب لتختفي مع ... زوجتك.. لتفعلا ما يحلو لكما؟..
انتفض جسده بصدمة من قولها.. وأخذ يتأملها للحظات.. يعلم أنها غاضبة لاختفائه ليلة
أمس ولكنه لا يدري لما لم يشعر بتعاطف مع غضبها هذا وبدلاً من ذلك أجابها بهدوء:
لا الوقت ولا المكان مناسبين للحوار الذي تريدينه..
قطع كلامه وصول نو ا ر اللاهث:
رؤوف.. لقد استفاق جدي... وهو يطلب رؤيتك.
أ ا زح نعمات من طريقه متوجهاً نحو جده, وتبعته نو ا ر ولكن نعمات استوقفتها:
لا تظني أنكِ ستمتلكينه, فقط لأنه مهووس بجسدكِ الشاب..
رمقتها نو ا ر باشمئ ا زز من عبا ا رتها واستمرت في طريقها.. لكنها التفتت لتقول من خلف
كتفها:
لا تجعليني أفقد آخر ما أكنه لكِ من احت ا رم..
*****************
قيد القمر 220
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice عصير الكتب للنشر الإليكتروني
وقف رؤوف على باب غرفة جده متردداً في الدخول إليه.. لا يريد أن ي ا ره في تلك الحالة
الضعيفة.. صحيح أن جده مر ببعض الأزمات الصحية من قبل, إلا أن تلك الأزمة الأخيرة
كانت أشدهم.. وأكثرهم خط ا رً على حياته..
سمع صوت جده يناديه بخفوت:
رؤوف.. تعالى يا بني..
تقدم رؤوف بسرعة.. وركع بجانب الف ا رش:
حمداً لله على سلامتك يا جدي.. لقد أثرت قلقنا جميعاً.
ربت الجد على كتفه بحنان:
لا تقلق ولا تحزن يا بني.. فأنت لم تعد وحيداً الآن, فلديك زوجة وقريباً سيكون لديك أبناء
أيضاً.. لقد طلبت رؤيتك الآن لأسألك شيئاً يا رؤوف.
سل ما تشاء يا جدي.
سعل العجوز بجهد:
رؤوف.. أريدك أن تسامحني يا ولدي.. فأنا أعلم أنني ظلمتك..
قاطع رؤوف كلام جده وهو يقول:
أنت لم تجبرني على شيء يا جدي.. أنا كنت موافق على كل شيء.
هل ترى أنني لم أجبرك؟.. ولكني لم أتح لك الخيار أيضاً..
أحنى رؤوف أ رسه ليقبل يد جده قائلاً:
قيد القمر 221
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice عصير الكتب للنشر الإليكتروني
دعك من هذا الكلام الآن.. فصحتك هي الأهم.. وتأكد لو أن الزمن عاد للو ا رء لم أكن
لأغير شيء مما حدث..
تمتم جده بخفوت:
بارك الله فيك يا بني.. آمل أن تكون شموس بنفس سماحتك.. هل هي بالخارج؟..
نعم يا جدي.
اطلب منها أن تأتي هي الأخرى..
دخلت شموس إلى غرفة العجوز بخطوات مترددة ي ا رفقها عبد السلام, ولكن ما أن رآه والده
حتى طلب منه أن يدعه مع شموس بمفردهما....
*****************
تأففت نو ا ر بضيق وهي جالسة بجانب سهير أمام غرفة جدهما:
يا الهي.. أصبحت لا أطيق ا رئحة تلك المطه ا رت.. لقد مر أكثر من شهر.. ألن يسمحوا
لجدي بالخروج من ذلك المكان؟..
ردت عليها سهير بنزق:
لماذا تصرين على الحضور يومياً, إذا كنتِ تنزعجين هكذا من ا رئحة المشفى؟..
أجابتها نو ا ر بغيظ وهي ترمق رؤوف ومنذر وهما يقفان مع إحدى الممرضات والتي توزع
ابتساماتها بسخاء للرجلين:
وهل أتركه لتلك الحرباء التي تستمر في مغازلته بلا هوادة؟.
سألتها سهير بخفوت:
قيد القمر 222
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ولم تقلقين؟ إن رؤوف لا يبدي أي اهتمام بها..
"بعكس منذر الذي يبدو كالأبله أمام محاولاتها الحقيرة".
كان هذا ما قالته سهير في نفسها.. بالطبع لم تسمعه نو ا ر التي هبت فجأة من مكانها,
فسألتها سهير:
أين تذهبين؟.
أجابتها نو ا ر بغيظ:
ألا ترين تلك الحقيرة؟... سوف أذهب لأقتلع عينيها..
وجهت سهير نظرها حيث تتجه نو ا ر, فوجدت تلك الممرضة تمسد ذ ا رع رؤوف كما لو كانت
تنظف كمه من بعض الأتربة الوهمية.. ولكن الحق يقال كان رؤوف يحاول جذب ذ ا رعه
منها بشدة عندما وصلت إليهما نو ا ر والتي كانت تحمل كوباً من الشاي الساخن لا تدري
سهير من أين التقطته في طريقها لهما..
أدركت سهير ما تنتويه نو ا ر وتحركت مسرعة لتمنعها.. ولكن ما أن اقتربت منهم حتى
لاحظت أن نو ا ر ترنحت فجأة وتمايلت نحو الممرضة ليسقط كوب الشاي بمحتوياته الساخنة
على زيها الأبيض النظيف, وهي تشهق من الصدمة:
أيتها المجنونة ماذا فعلتِ؟.
أجابتها نو ا ر بب ا رءة مزيفة:
آسفة.. أظن أنني أصبت بدوار بسيط.. يبدو أن الأجواء هنا تسبب لي الغثيان..
ابتعدت الممرضة في غيظ بعد أن فهمت تلميح نو ا ر المزدوج بينما سألها منذر بعتاب:
لما فعلت ذلك يا نو ا ر؟.. إن وداد طيبة القلب وتولي جدي رعاية خاصة..
قيد القمر 223
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice عصير الكتب للنشر الإليكتروني
استفهمت نو ا ر:
وداد؟!!!.. أتقصد تلك الح.. تلك الفتاة؟.. نعم أرى أنها تولي الجميع رعاية خاصة!!..
ثم وجهت كلامها إلى رؤوف:
أليس كذلك؟..
تأملها رؤوف للحظة.. ليدرك أنها تشعر بالغيرة.. ولكن لم؟.. هل تظن أنه يهتم بتلك
الفتاة؟.. إنه لا يهتم إلا بها هي.. وهي تعلم ذلك جيداً.. لحظة.. هل تعلم ذلك بالفعل؟..
هز أ رسه بحيرة.. بالطبع تعلم.. فلا يعقل ألا تشعر كم هي غالية وأثيرة عنده...
رؤوف!!.
انتبه من شروده وهو يقول:
أعتقد أنها ممرضة بارعة.. لقد أوصى الطبيب بها كم ا رفقة طبية.. لجدي في المنزل.
شحب وجه سهير بينما شهقت نو ا ر بحدة:
ماذا؟.. كلا هذا مستحيل..
أجاب رؤوف بجفاء:
إنها ممتازة.. وكما قال الطبيب هي الأفضل.. وسوف يحصل جدي على الأفضل.. لا
مجال للنقاش..
ثم جذبها من مرفقها مردفاً:
هيا بنا.. لقد تأخرت بالفعل, ولدي مواعيد هامة.
تمتمت نو ا ر بحنق:
قيد القمر 224
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice عصير الكتب للنشر الإليكتروني
"الآن تأخرت.. وعندما كنت تضاحك الحرباء كنت تمتلك الوقت".
سألها رؤوف بحيرة:
ماذا تقولين؟..
لا شيء.. هيا بنا حتى لا تتأخر.
في السيارة كان الصمت يلفهما كالعادة, فلقد اعتصم رؤوف بالصمت منذ دخول جده
المشفى.. واقتصرت حوا ا رته مع نو ا ر.. على كلمات معدودة... كانت أغلبها أسئلة منه عما
تعرف من معلومات عن لقاء شموس بعبد الرؤوف بالمشفى.. وهي معلومات لم تكن نو ا ر
تمتلكها.. لذا كف عن السؤال مرغماً.. ولكنه استمر في التباعد والانزواء.. بعيداً عن
الجميع ومتعللاً بانغماسه في العمل..
هذا أشعر نو ا ر أنهما يدو ا رن في دائرة مغلقة من الجفاء, فهو عاد لسابق عهده قبل دخول
جدهما المشفى.. ولكن الفارق أنه لم يمتنع تلك الفترة عن الدخول إلى جناحهما.. بل العكس
هو الصحيح.. فما يظهره من جفاء وبرود طوال النهار.. يتبدل في عتمة الليل إلى جنون,
بل هذيان.. فهو يغرقها بعاطفته ليلاً.. يبسط سطوته عليها ويتلذذ باستشعار تأثيره بها ولا
يتركها كل ليلة إلا بعد أن يسمع اعت ا رفاتها بحبه.. وترديدها لاسمه مع كل نفس تتنفسه..
كانت تتعجب من ذلك في البداية ولم تفهم ماذا أصابه, حتى أدركت أن تلك هي طريقته
لينسيها انهياره ودموعه بين ذ ا رعيها.. يريد أن يفرض تأثيره الرجولي عليها ويرسخه مزيحاً
من ذهنها أي أفكار قد تروادها عن ضعفه أو هشاشة نفسيته نتيجة مرض جدهما..
لقد كان يستغلها, بل يستغل حبها له, يستعمله ضدها.. صدمها ذلك الاكتشاف في بدايته,
ولكنها تفهمت حاجته كرجل لأن يظهر الأقوى وأمامها هي بالذات.. هي الزوجة التي
تصغره بعدد من السنوات.. والتي كانت ت ا ره دائماً كرجل صلب ومسئول.. فقررت أن تمنحه
قيد القمر 225
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice عصير الكتب للنشر الإليكتروني
قليلاً من الوقت حتى يظن أنها نسيت لحظة ضعفه, وبعدها لن تسمح له باستغلال ما تكنه
له من حب وعشق.. لن تجعله يبتذل ذلك الحب أو يتجاهله..
أفاقت على هزة من يده لتنتبه أنهما وصلا بالفعل أمام باب الفيلا وعلى ما يبدو أنه جالس
يتأملها منذ فترة.. أجلت صوتها وهي تقول:
سوف أذهب.. إلى اللقاء.
أجابها بهزة من أ رسه وهو ي ا رقبها تترجل ببطء, يبدو أنها مجهدة بالفعل ولم تكن تتظاهر في
المشفى.. ا رقب خطواتها المتعثرة ليفاجئ بها تتمايل بشدة غير قادرة على الوقوف فقفز
مسرعاً من السيارة ليتلقفها بين ذ ا رعيه قبل أن تسقط أرضاً..
حملها برفق حتى وضعها على ف ا رشهما.. وهو يتأمل ملامحها الهادئة بوداعة.. تختلف عن
ش ا رستها منذ قليل مع وداد..
يا الهي.. لقد سقط قلبه بين ضلوعه مع سقوطها أرضاً.. هل هي مريضة فعلاً؟.. إنها لم
تكن على ما ي ا رم في الفترة الأخيرة.. كما أنها تبدو شاحبة جداً.. ولكنها أيضاً جميلة جداً..
فهي تبدو ناعمة ووديعة, بل ا رئعة.. شعرها الغجري الذي فتنه من أول لحظة وهو يستنشق
ا رئحته, لحظتها عرف كيف ممكن للرجل أن يعشق شعر ام أ رة, أنفها الصغير المتكبر..
وشفتيها..
آه..
همسة صغيرة منها أفاقته قبل أن تشطح به أفكاره بعيداً, فتحرك ليتناول إحدى العطور
ويرشها برفق أمام أنفها حتى تستفيق...
رمشت بعينيها ببطء وهي ما ا زلت تتأوه وتحرك أ رسها برفق:
آه.. ماذا حدث؟.. أين أنا؟.
قيد القمر 226
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أجابها بقلق:
لقد فقدتِ وعيكِ؟.. ماذا بكِ؟.. هل أنتِ مريضة فعلاً؟..
أجابته بإرهاق:
لا أعلم.. يبدو أن ا رئحة المشفى أصبحت تزعجني بشدة.. لقد شعرت ببداية الدوار في
اللحظة التي وصلت بها للمشفى.
رفع حاجبه وهو يسألها:
إذاً مشهد سكب الشاي لم يكن متعمداً!!.
أجابته بغيظ:
طبعاً.. أنا شعرت بالدوار بالفعل, والا كنت قذفت بمحتويات الكوب في وجهها وليس على
ردائها..
كتم ضحكته بصعوبة.. إنها دائماً تنجح في استخ ا رج البسمة منه.. وربت على شعرها
يهدئها:
حسناً.. اهدئي.. اهدئي.. لا داعي للانفعال..
أجابت بغيظ:
لا داعي للانفعال!!.. ألم ترى كيف كانت تلك الحرباء تتمسح فيك؟.. وأنت سمحت لها
بذلك.
أمسك ذقنها بأصابعه وهو يضغط عليها برقة:
لا تدعي غيرتكِ تعميكِ عن الحقيقة.. أنتِ تعلمين جيداً أنني لم أسمح بذلك..
قيد القمر 227
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice عصير الكتب للنشر الإليكتروني
من السهل عليك قول ذلك.. فأنت لا تعرف الشعور بالغيرة..
ثم تحركت لتنام على جانبها:
أنا أشعر بالنعاس.. أعتقد أنني سأخلد للنوم قليلاً.
فوجئت به يلفها بذ ا رعيه وهو يعدل وضعها حتى تصبح أ رسها على ذ ا رعه وذ ا رعه الأخرى
يمسد على شعرها بحنان وهو يقول لها:
نامي يا نو ا ر.. ارتاحي يا طفلتي..
وهمس لنفسه..
"وما أد ا ركِ أني لم أعرف الشعور بالغيرة؟.. أنا لم أعرف ذلك الشعور إلا معكِ أنتِ يا
قمري".
في مرحلة ما بين النوم واليقظة تعجبت نو ا ر من احتضانه الحنون لها حتى أنها ظنت أنها
تتخيل ذلك.. وأن حلمها الذي يصاحبها في الفترة الأخيرة يتحقق ورؤوف يضمها لصدره فقط
كي يشعرها بال ا رحة بدون محاولته لفرض سيطرته الرجولية عليها..
*****************
أخذت شموس ترتشف الشاي بهدوء وهي مدركة لنظ ا رت عبد السلام المركزة عليها.. فهو
على مدار الشهر الماضي وهو يواصل ضغوطه عليها لتخبره بما تم بينها وبين والده, وهي
ت ا روغ وتتهرب منه.. حتى نو ا ر ابنتها ظلت تلح عليها لتعرف ولكنها أسكتتها تماماً عندما
اتهمتها أنها أصبحت تعمل كجاسوسة لصالح رؤوف زوجها.. لكن عبد السلام لا يكل ولا
يمل يرغب في المعرفة وهي تثابر على التملص من أسئلته..
ابتسمت لدى تذكرها كلمة عمها
قيد القمر 228
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice عصير الكتب للنشر الإليكتروني
"لطالما ظننت أنكِ الأقوى والأذكى يا شموس.. أذكى حتى من قمر ابنتي.. ولم تخيبي
ظني قط".
كانت تلك إحدى جمل الحوار الذي دار بين الاثنين والذي يتوق الجميع لمعرفة تفاصيله...
فبعد أن تركها عبد السلام بمفردها مع والده.. تحركت حتى وصلت للمقعد الموجود بجانب
الف ا رش وتمتمت بصوت خافت وبنبرة تكاد تكون رسمية:
حمداً لله على سلامتك يا عمي..
أجاب العجوز وقد بدأ يستعيد شيئاً من قوته:
سلمك الله يا شموس..
ثم سكت قليلاً.. ليتكلم بصعوبة وكأن ما سيقوله في غاية الصعوبة:
شموس.. يا ابنتي.. كنت أريد أن... أط....
قاطعته شموس بحسم:
كلا يا عمي.. كلا.. أرجوك لا تطلب الصفح والغف ا رن.
سألها بألم:
أتستكثرين ال ا رحة على عمكِ في أيامه الأخيرة؟..
أجابت بحدة:
وهل منحي لك الغف ا رن والصفح هو ما سيوفر لك ال ا رحة يا عمي.. لا أعتقد, بل هذا سيزيد
من ألمك.. أن تشعر بأنك تسببت لي بالألم والجرح العميق ورغم ذلك كنت أنا من السماحة
أن أمنحك صك غف ا رني.. كلا يا عمي.. سيزيد ذلك من همك, بل من ذنبك.. هل هذا ما
قيد القمر 229
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice عصير الكتب للنشر الإليكتروني
طلبته من رؤوف؟.. السماح!!.. أ ا رهن أنه أخبرك أن لا داعي لذلك, وأنه يوافقك على كل
ق ا ر ا رتك, أليس كذلك؟..
قال العجوز بإعجاب:
لطالما ظننت أنكِ الأقوى والأذكى يا شموس.. أذكى حتى من قمر ابنتي.. ولم تخيبي
ظني قط..
سألته شموس بابتسامة:
لماذا تظن ذلك يا عمي؟.. بسبب رفض عبد السلام الخضوع لأوامرك قديماً؟.. هل تعتقد
أن ذلك بسببي؟..
رد العجوز ابتسامتها وبدا وأن تلك المناوشة بينهما تزيد من قوته شيئاً فشيء:
أنا لا أظن ذلك.. أنا أعلم ذلك.. وأنتِ كذلك..
أنت تتحدث عن محاولتك الأخيرة لإقناع عبد السلام بالزواج من نعمات.. ذلك الكلام الذي
قاله.. لمن قام بالواسطة بينكما..
سأل الرجل بدهشة:
أنتِ تعلمين عن ذلك؟!!.
ضحكت بم ا ررة شموس:
عن إرسالك رؤوف حتى يفكر عبد السلام مرة ثانية في أمر تلك الزيجة, خاصة وأن
زوجته أصبحت غير قادرة على إنجاب أطفال؟... عن عدم قدرتك على طلب ذلك منه
شخصياً, فلجأت لحفيدك ليكون رسولاً بينكما؟.. عن رفض عبد السلام القاطع لذلك واخباره
لرؤوف أنه لن يستبدلني بنساء الدنيا كلها؟.. نعم.. نعم يا عمي أعلم بشأن ذلك.. وأكاد
قيد القمر 230
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أكون متأكدة أن ذلك هو سبب موافقة رؤوف على زواجه من نعمات قديماً, فالمسكين شعر
أنه خذلك مرة بعدما فشل في إقناع عمه بتلك الزيجة..
قال عبد الرؤوف بلهجة تقريرية:
قمر من أخبرتكِ..
نعم.. هي من أخبرتني.. فقد كانت تحاول رفع معنوياتي بعدما فقدت ابني..
وتهدج صوتها وهي تقول:
لقد فقدت ابني يا عمي.. وذلك قضاء الله وقدره.. اللهم لا اعت ا رض..
تعثرت الكلمات على شفتي العجوز:
شموس.. يا ابنتي..
مسحت شموس بعض الدمعات التي بدأت تسيل على وجنتيها وهي تقاطعه:
لقد أخبرتك يا عمي من قبل.. بالله عليك لا تسأل عن الغف ا رن.. كما أنني متأكدة أن ذلك
ليس السبب الوحيد لاستدعائي.. أنت تريد الإطمئنان.. على أحفادك.. الذكور أعني.. منذر
ورؤوف.. أليس كذلك؟..
أنتِ تفهمينني جيداً يا شموس.. لا يعجبني حال الأولاد.. فهم جميعاً يبدون وكأن التعاسة
تعشش فوق رؤوسهم, حتى منذر وسهير..
وسكت قليلاً ليضيف بنبرة ذات معنى:
العاشقان..
ضحكت شموس:
قيد القمر 231
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice عصير الكتب للنشر الإليكتروني
بالطبع.. أنت على علم عن ارتباطهما ببعضهما.. فأنت على معرفة بكل شيء.. لكني
أطلب منك يا عمي, بل أتوسلك.. أن تتركهما يدب ا رن حياتهما.. جميعاً بلا أي تدخل..
أرجوك, لا تتدخل...
أومأ العجوز:
لا تقلقي يا شموس.. فأنا متأكد أن أحفادي بين أيدٍ أمينة.. فبناتك ورثن منك قوتك
وضعفك.. نو ا ر تجيد استخدام الوجهين, ولكني أطلب منكِ أن تعلمي سهير كيف تستخدم
وتستغل قوة تأثيرها على زوجها.. بدلاً من إظهار ضعف مستمر.. صدقيني.. لن يحتمل
زواجها طويلاً.. اعتبريها نصيحة من رجل عجوز..
سكتت شموس على مضض فهو محق, سهير تحتاج إلى جلسة مصارحة طويلة.. فأحوالها
لا تعجبها بتاتاً..
انتبهت على صوت عبد السلام يسألها:
ألن تخبريني بما قاله لكِ والدي؟..
فاجأته بقولها:
عبد السلام.. أعتقد أنه يجب أن تحاول محادثة منذر.. وأنا سأتولى الكلام مع سهير..
فوضعهما لا يعجبني...
*****************
استيقظت نو ا ر بعدما افتقدت ذ ا رعيه من حولها, فتحركت بتكاسل في ف ا رشها.. وهي تتساءل
أين هو.. مر بذهنها قوله أنه مرتبط بمواعيد عمل مهمة.. فتأكدت أنه ذهب إلى عمله.....
وتركها...
قيد القمر 232
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أحبطت بشدة من تصرفه.. ألا يستطيع البقاء معها ويبتعد عن عمله الغالي حتى وهي
مريضة!!...
حسناً.. إنها فرصة لتتأكد من ذلك الهاجس الذي يزعجها مؤخ ا رً...
تحركت بخفة تفتح أحد أد ا رج المنضدة المجاورة لف ا رشها.. وهي تسحب منها تلك العلبة
وتخرج منها محتوياتها وتتوجه نحو حمام غرفتها وهي تبتهل إلى الله في صمت...


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-10-15, 03:59 PM   #16

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الرابع عشر
،
،
أمسكت نو ا ر العصا البلاستيكية تتأمل الإشارة الإيجابية التي تظهر أمامها بوضوح.. حسناً..
إنها حامل.. لقد تأكدت الآن.. رغم أن شكها كاد أن يصل لليقين.. ولكن رؤية العلامة
الإيجابية أمامها جعل الأمر يبدو حقيقياً أكثر..
تهالكت على الأرض بجوار باب الحمام تحتضن العصا البلاستيكية بشدة إلى صدرها
ودموعها تتساقط على وجنتيها بدون إ ا ردة منها.. وتحركت يدها لتمسد بطنها بحنان وهي
تفكر في طفلها القادم, بل طفلهما.. لو صدقت حساباتها فيكون ابنهما تكون في تلك الأيام
التي قضياها خارج نطاق الزمن في الإسكندرية..
تلك الأيام التي شعرت فيها أنهما زوجان طبيعيان يقضيان أجازتهما في عروس الثغر..
استمرت في تمسيد بطنها وكأنها تريد التواصل مع طفلها.. مشاعر قوية تنتابها نحوه.. حب
لم تتخيل وجوده وهي تشعر بوجود ثمرة حبها لرؤوف تنمو في أحشائها, فجزء من حبها
لذلك الطفل يرجع إلى أن رؤوف هو والده.. هو من شاركها تكوينه..
أغمضت عينيها تحلم بطفلهما.. أ رته يشبه رؤوف.. في كل شيء بدءً من عينيه الخض ا روين
حتى التقطيبة بين حاجبيه.. حنانه.. ورقته.. حتى قسوته التي اختبرتها مؤخ ا رً.. هي تعشق
كل تفاصيله.. لا تستطيع وصف مدى سعادتها وهي تحمل بداخلها جزء منه.. الرجل الذي
أحبته بكل قوة ومنحته بلا حدود من حبها وروحها ونفسها..
ترى ماذا ستكون ردة فعله على خبر حملها؟.. هل سيسعد به لأنه الوريث الذي تلهث خلفه
العائلة بأكملها؟.. أم لأن زواجهما سيتكلل بوجوده ليجمعهما معاً.. يدخلهما مرحلة جديدة في
الحياة كأسرة صغيرة..
ترغب بشدة أن يفكر فيه كهدية ا رئعة تتوج بها حبها له, لا كنتيجة حتمية لزواجهما..
قيد القمر
234
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
دخل رؤوف إلى جناحهما يحمل صينية طعام وكوب من العصير الطازج.. ولكنه فوجئ بها
متهالكة على أرض الغرفة, فترك ما يحمله بيده وهرع نحوها..
نو ا ر.. نو ا ر... ماذا بكِ؟..
رفعت إليه عينين مغرورقتين بدموعها وكل ما يتردد في ذهنها..
"إنه هنا.. هو لم يتركها ويذهب إلى عمله.. إنه هنا..".
تأمل رؤوف دموعها المنسابة بغ ا زرة.. ووجهها المحتقن بشدة وهي تشهق محاولة السيطرة
على دموعها.. ونزل على ركبتيه ليمد يده ويرفع ذقنها وهو يسألها بقلق:
نو ا ر.. ماذا بكِ؟ هل أنتِ مريضة؟.
لم تجبه سوى دموعها التي استجابت للحنان والقلق في صوته فازدادت انهما ا رً.. عصف به
القلق وهو ي ا رقب تلك الدمعات ولا يجد أي استجابة منها على سؤاله.. فقال بتوسل:
نو ا ر.. قمري.. هل تشعرين بأي ألم؟.. هل أنتِ على ما ي ا رم؟.
اكتفت بهز أ رسها كإجابة على أسئلته... فلم تجد داخلها القدرة على تكوين أي كلمات تصف
له ما تشعر به حالياً.. احتار رؤوف في تحديد ما بها وخاصة مع صمتها التام ودموعها
المنهمرة فقرر أن يحملها للف ا رش حتى تستريح من جلستها المتعبة على أرض الغرفة, ولكن
ما أن اقترب منها حتى لاحظ يدها القابضة بشدة على شيء ما.. باعد أصابعها برفق ليجد
العصا البلاستيكية بيدها, تناولها بدهشة:
ما هذا؟.. نو ا ر!!!..
أخي ا رً استطاعت إيجاد صوتها فأجابته وسط شهقاتها:
أنه.. اخ..ت..ب...ار.. ح..م..ل.
قيد القمر
235
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
نتيجة لغ ا زرة دموعها.. ظن أن نتيجة الاختبار سلبية, فضمها لصدره بقوة.. لا يريدها أن
تغرق في دوامة اختبا ا رت الحمل السلبية واللهاث خلف طفل يظنه الجميع هو الأمل
المنتظر.. من غير المعقول أنها ما ا زلت تعتقد أن كل ما يريده منها هو الطفل:
ولماذا البكاء؟.. فإذا كانت النتيجة سلبية تلك المرة.. فالأيام أمامنا كثيرة.. والمستقبل بيد
الله.. لا تحزني.. ولا تقلقي أبداً.. لا شيء يستحق نزول دمعاتكِ..
شعرت بال ا رحة والأمان وهو يضمها لصدره ويخبرها بتلك الكلمات.. التي أكدت لها عمق
اهتمامه بها فأجابته و أ رسها مدفون في صدره:
ولكن النتيجة إيجابية.. أنا حامل.. سيكون لنا طفل.
"إيجابية!!.. سيكون لنا طفل".
لم يعرف ما أصابه عندما سمع تلك الكلمات.. شعر أنها تتغلغل بداخله.. سيكون أب..
ستمنحه قمره طفلاً.. أخي ا رً سيكون هناك من ينتمي له هو.. طفله.. طفلهما.. أسرتهما
الصغيرة.. أخي ا رً سيمد جذوره عميقاً.. لن يكون وحيداً بعد الآن.. إنه سعيد.. بل السعادة لا
تصف ذرة مما يشعر به, ولكن.. ولكنها تبكي.. لم تبكي؟.. هل حمل طفله يبكيها؟.. هي
لا تريد طفله!!.. هل ا رجعت أفكارها بشأن زواجهما أم ماذا؟...
ترجم أفكاره إلى كلمات وهو يبعدها قليلاً عن صدره ويسألها بخوف:
إيجابية!!.. لما تبكين إذاً؟.. ألا ترغبين في الطفل؟.. هل تبكين لأنكِ لا تريدين حمل
طفلي؟..
عندما سمعت نو ا ر تلك الكلمات منه لم تدري بنفسها إلا وهي تنقض على صدره بقبضتيها
الصغيرتين تضربه بشدة وهي تصرخ به وسط دموعها:
قيد القمر
236
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أنت.. أنت أحمق.. أنت غبي.. أبله.. كيف تقول هذا الكلام؟.. بل كيف تفكر فيه!!..
ثلاثة شهور.. ثلاثة شهور وأكثر وأنا لم أكف عن ترديد حبي لك.. ماذا أفعل لك حتى
تصدق؟.. ماذا؟!!!!!!.
فوجئ رؤوف بهجومها المباغت وقذائف قبضتيها المتتالية تهوى على صدره بسرعة فاختل
توازنه وكاد أن يسقط على ظهره لولا أنه تدارك نفسه في اللحظة الأخيرة ليستند بكفيه على
الأرض ويوازن جسده بينما نو ا ر مستمرة في ضربه بعنف على صدره وهي تلقبه بالغبي
والأبله ودموعها تنهمر بلا توقف..
طوقها بذ ا رعيه بقوة محاولاً السيطرة على حركة ذ ا رعيها الطائشة وهو يحملها ليجلسها فوق
فخذيه بينما أسند ظهره إلى جانب الف ا رش..
همس في أذنها وهو يضم أ رسها إلى صدره:
هششششش.. اهدئي.. اهدئي يا طفلتي..
توقفت قبضتاها عن ضرب صد ره وقبضتا على قميصه بشدة وهي تغرز أ رسها في تجويف
عنقه وتتعالى شهقاتها مما دفعه لسؤالها بحيرة وقد أصابه الهلع من دموعها:
نو ا ر.. بالله عليكِ.. اشرحي لي ماذا يحدث.. إن دموعكِ لا تتوقف لأنكِ اكتشفتِ أنكِ
تحملين طفلي؟.. فكيف تريدينني أفكر؟.. إنكِ سعيدة!!.
أجابته من وسط دموعها:
ولكنني سعيدة.. سعيدة جداً..
سأل بطريقة حادة نوعاً ما:
إذاً لم الدموع؟.. أنتِ لا تكفين عن البكاء!!.
قيد القمر
237
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أبعدت أ رسها عن صدره وهو تقول بطفولية:
لست أدري.. إنها لا تكف عن الانهمار.. اجعلها تتوقف رؤوف.. أوقفها...
ا زد من ضمها لصدره وهو يربت على ظهرها بحنان مداعباً شعرها وأخذ يقبل دموعها برقة
يريد أن يمنحها ال ا رحة.. يخشى أن يكون سبب بكائها هو معاملته لها في الفترة الماضية
وأن يكون تسبب بدون قصد في أن تكره حمل طفله, بل يخشى أن... تكرهه هو.. لذا عاود
سؤالها وكأنه يحتاج للتأكيد:
إذاً أنتِ تريدين طفلي؟.. أنتِ سعيدة؟..
شعرت أنه بحاجة إلى تأكيدها في رغبتها بطفلهما فأجابته بوضوح:
طفلنا.. إنه طفلنا.. واطمئن أنا أريده أكثر من أي شيء في العالم.. وسعادتي لا توصف..
فقط لا أجد كلمات تكفي للتعبير عنها..
ثم سألته بحذر:
وأنت؟.. هل أنت سعيد؟..
ضمها إلى صدره بقوة فقد أ ا رحته كلمتها.. "طفلنا".. جعلته يشعر بانتمائها له هي ومن
تحمله بأحشائها.. ضاع منه كل ما كان يتظاهر به في الشهر الأخير من جفاء وبرود..
ولم يستطع الإدعاء بهما أكثر من ذلك, فصغيرته تحتاج للأمان وال ا رحة والاطمئنان..
فتخللت أصابعه في شعرها, بينما تمتد أصابع يده الأخرى لتمسح دموعها:
ماذا تظنين؟.. ألا تعتقدين أنني أحلم بأن تمنحيني فتاة صغيرة.. فاتنة مثل أمها؟!!.
سألته بتعجب:
هل تريدها أن تكون فتاة!!!.. ألا تريد الصبي.. الذي يريده جميع أف ا رد العائلة؟..
قيد القمر
238
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
رفعها بين ذ ا رعيه وتحرك بها نحو الف ا رش ليمددهاعليه برفق وهو يسوي شعرها الذي تناثر
حولها:
لا شأن لي بأحد.. أنا أريد فتاة صغيرة..
صمتا معاً وهما يتأملان بعضهما بحنان.. هي لا تصدق ما تسمعه هل فعلاً يريد فتاة
صغيرة!!!... أما هو فمد يده بتردد ورهبة ليضعها على بطنها وكأنه يخشى أن يؤذيها
وسألها بأمل:
هل حدث ذلك في الإسكندرية؟..
أسعدها أن تتطابق أفكارهما فوضعت يدها على يده وهي تحرك إبهامها عليها برقة:
هذا ما أتمناه.. لقد كانت أياماً جميلة..
وافقها قائلاً:
بالفعل..
صمت قليلاً ثم قال فجأة وكأنه تذكر شيئاً:
هل تعلمين.. أظن أن منذر وسهير بحاجة إلى الإسكندرية!!.
هبت من رقدتها فجأة, مما دفعه للصياح بها:
مهلاً.. ماذا بكِ؟.. هل تحتاجين شيئاً؟..
هزت أ رسها بصمت, ثم قالت بعجب:
يا الهي.. لابد أن حالهما أسوأ مما تصورت حتى أنك لاحظت ذلك!!..
ضحك بخفوت وهو يداعب خدها:
قيد القمر
239
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ألا يوجد أمل أن يقصر الحمل من هذا اللسان!!..
أ ا زحت يده وهي تتصنع الغضب وتخبره بطفولية:
كلا.. وابنتي ستكون مثلي تماماً.
تمتم بداخله.. "وهذا ما أتمناه يا صغيرتي".
ولكنه أخبرها:
بلا شك.. وأنا لا أمانع أبداً... ولكني جاد بشأن منذر وسهير.. إنهما بحاجة للابتعاد عن
الجميع..
كانت تعلم إنه محق.. وأن شقيقتها في محنة.. ولكن رغم ذلك كانت أعماقها تموج
بالسعادة.. فهو يثرثر معها كأي زوجين طبيعيين.. لقد عاد لمعاملتها بطريقة عادية وطبيعية
و... فجأة برق في ذهنها إنه تغير بسبب حملها.. وأن معرفته بوجود الطفل المنتظر هو ما
جعله يهجر بروده وينسى جفائه, وانعكس تفكيرها على نبرتها وهي ترد بجفاء:
لقد أخبرتني أمي أنها ستحادثها.. ولكن سهير ترفض تدخلنا في حياتها..
شعر أنها لا تود الحديث عن شقيقتها وزواجها المتزعزع.. فقرر تغيير الموضوع بعدما لمح
صينية الطعام وتحرك ليأتي بها ويضعها على الف ا رش قائلاً لنو ا ر:
هيا.. لقد أتيت إليكِ ببعض الطعام.. وعصير طازج أيضاً..
انطلق غضبها فجأة وكأن اهتمامه بطعامها أكد لها أن تغيره بسبب الطفل:
وما سر هذا الاهتمام؟.. هاه.. هل أنت قلق على ابنك؟.. تريد حشوي بالطعام من أجل
الطفل صحيح؟..
قيد القمر
240
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
يا الهي!!.. ماذا أصابها؟.. لم انطلق طبعها الناري فجأة؟.. إن ملامحها تبدو غاضبة
بشدة.. غاضبة وفاتنة بتلك العينان الذهبيتين والوجه المحتقن غضباً على ما يبدو منه..
شعر بأن يديه لها إ ا ردة منفصلة.. لا تستجيب لأوامر عقله الذي يخبره بأن احتواء وجهها
بيديه وتقبيلها هو غاية في الحماقة, خاصة وهي تشتعل غضباً لسبب غير مفهوم.. ولكنه
استمر في تقبيلها برقة وهي تحاول معاندته ومقاومته وتبعده عنها بغضب:
كل هذا من أجل الطفل أليس كذلك؟..
فهم الآن فقط سبب غضبها.. إنها تظن أنه يتودد إليها بسبب حملها..
همس أمام شفتيها:
كلا أيتها المجنونة الصغيرة.. أنا مهتم بكِ أنتِ.. وقلق على صحتكِ أنتِ.. واذا لم
تلاحظي.. فلقد أتيت بصينية الطعام قبل أن أعرف بالطفل.. فلقد تهاويتِ بين ذ ا رعي
وسقطت نائمة على غير عادتكِ... هل اطمئن عقلكِ الصغير المزعج الآن؟..
ابتسمت بخجل من انفجارها الغاضب في وجهه:
إن عقلي ليس صغي ا رً..
أبعدها قليلاً وهو يشير للطعام:
لكنكِ تعترفين إنه مزعج.. هيا أريدك أن تنهي طعامكِ..
همت بتناول طعامها ولكن مر بذهنها هاجس أقلقها, فتوقفت عن الأكل وأخذت تفرك يديها
بتوتر.. خائفة ومترددة مما ستطلبه منه, ولكنها لن تستطيع يجب أن تخبره.. يجب أن...
شعرت بيديه تغطي يديه معاً وهو يسألها بقلق:
ماذا الآن؟.. لماذا التوتر؟..
قيد القمر
241
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
اندفعت كلماتها بسرعة:
لا أريدك أن تخبرها.. لا أريدها أن تعلم الآن..
كان يعلم بالطبع أن ال.. ها.. هذه تعود إلى نعمات.. وهي طريقة نو ا ر في الإشارة إليها
مؤخ ا رً.. ولكن طلبها هذا.. مستحيل.. كيف يخفي أم ا رً كهذا؟.. إنه يريد أن يركض في
أنحاء البلدة ويخبر أهلها فرداً فردً.. إنه سيصبح أبً..
شعرت نو ا ر بتردده فنهضت لترتكز على ركبتيها وتلف عنقه بذ ا رعيها وهي تتوسله:
أرجوك.. أرجوك يا رؤوف.. لا تخبرها.. وأنا لن أخبر سهير, بل لن أخبر أمي حتى..
فقط لا تخبرها..
ضمها رؤوف بقوة وهو يطمئنها:
حسناً يا قمري.. لكِ ما تريدين.. ولكن أخبري والديكِ, فلا يعقل أن تخفي عنهما أنهما
سيصبحان جديّن..
امتزجت ضحكاتها بدموعها التي عادت لتسيل مرة أخرى وهي تزيد من ضمه لها:
شك ا رً لك.. شك ا رً لك يا حبيبي..
****************************
ظل الرنين المنبعث من هاتف منذر يزعج رؤوف الذي يت أ رس اجتماع يضم معظم رؤساء
الأقسام في شركة الجي ا زوي.. فالتفت له بحدة:
منذر.. من فضلك.. قم بإغلاق هاتفك.. فكما ترى الاجتماع هام.. ونحتاج لتركيزك معنا..
غمغم منذر بحرج.. وهم بإغلاق هاتفه عندما ارتفع رنينه مرة أخرى.. فخاطبه رؤوف بملل:
قيد القمر
242
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
من الأفضل أن ترى من على الهاتف.. ربما كان أم ا رً هاماً..
لمح منذر الاسم الذي يضيء به شاشة هاتفه فاحمرت أذناه كمن قبض عليه بالجرم
المشهود بينما تعالت ضحكات قاسم وهو يقول بخبث:
يبدو.. أن الأمر هام بالفعل.. ولا يحتمل التأجيل.
تحرك منذر خارج غرفة الاجتماعات وهو يرفع الهاتف لأذنه هامساً:
ماذا الآن؟.. ألم أخبركِ ألا تتصلي بي أثناء ساعات العمل!!.
جاءه الصوت من الطرف الآخر يتغنج بدلال:
وماذا أفعل إذا اشتقت لسماع صوتك؟!.. فأنت لا تسمح لي بمحادثتك وأنت في
المنزل؟!..
همس بغضب:
وداد!!.. لقد أخبرتك من قبل.. أنا من سيتصل بكِ.. وأنا لا أحب أن أعيد كلامي مرتين..
تصنعت وداد الحزن والأسى وهي تظهر الخضوع في صوتها:
كما تحب.. ولكن ما أ ريك أن تأتي اليوم لمنزل جدك, سأنتظرك لنتناول الغذاء سوياً..
أجابها باستسلام فهو لن يتحمل غضبها:
حسناً.. سآتي.. هل تناسبك الساعة الخامسة؟..
صاحت بفرح:
أي ساعة هي مناسبة مادمت سأكون معك..
قيد القمر
243
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أغلق هاتفه وهو يرمقه بحنق.. لا يدري إذا كان ما يفعله خطأ أم صواب.. كلا هو يدري..
يدري أنه مخطئ.. يدرك أنه يجب أن يت ا رجع ولكنه لا يستطيع مقاومة نفسه.. فما تمنحه له
وداد من اهتمام وعناية يفتقده بشدة مع سهير.. سهير التي أصبحت تتفنن في الابتعاد
والهروب منه.. وكأن سنين الحب والعشق كانت س ا رباً أو وهماً تحطم على صخرة الواقع..
زفر بضيق.. وهو يستمع إلى نفسه.. وكأن حبهما قد ضاع وسحق نتيجة ص ا رعات يومية
مع الحياة وليس بسبب تعنت سهير وحجبها لمشاعرها وأحاسيسها عنه.. بل لتكتمها لكل ما
تشعر به وما تريد التعبير عنه.. فأصبح لا يدري ماذا يضايقها من تصرفاته وما يسعدها..
هذا إذا كان هناك شيء يسعدها.. فهو لا يجد منها غير الصد والنفور.. حتى لحظاتهما
الحميمة تشعره وكأنها واجب ثقيل على قلبها وكأنه يجبرها على نفسه.. واذا ما أبدى أي
اعت ا رض أو ملحوظة يفاجئ بسيول من الدموع لا يعرف سبباً لها.. أما وداد.. وداد شيء
آخر.. وداد الأنوثة والدلال.. هي من تمنحه كل ما يفتقده في زواجه..
أغمض عينيه بألم.. من يخدع.. وداد هي أكبر خطأ ارتكبه في حق نفسه وفي حق
زواجه.. ولكنه كمن وقف على قمة المنحدر ولا خيار له إلا استكمال الطريق لأسفل فهو
أدمن الإحساس بالاهتمام.. ونظرة الشغف.. والدلال الذي تمنحه له وداد.. تشعره عن حق
بأنه رجل.. وليس حيوان لا يرغب إلا بإشباع رغباته كما رددت عليه سهير مرة تلك الجملة
التي صدمته.. ورغم اعتذارها أكثر من مرة.. إلا أنه لم يستطع الاقت ا رب منها مرة أخرى..
وعلاقتهما تقريباً أصبحت رسمية.. يحاولان الحفاظ على مظهر زواجهما أمام الجميع..
وبخلاف ذلك كلا منهما في إنع ا زل كامل عن الآخر..
حالة من الجفاف الأسري يعيشها منذ شهر كامل.. ولولا وجود وداد التي انتقلت لفيلا جده
بعد خروجه من المشفى منذ حوالي شهر.. لفقد عقله من التفكير في حياته وفي زواجه..
قيد القمر
244
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
حرك قدميه بتكاسل ليعود إلى الاجتماع حيث قابلته نظ ا رت رؤوف المتفحصة.. وقد بدا
الرفض في عينيه الغاضبتين.. وابتسامة خبيثة تتعلق على شفتي شقيقه وهو يسأله:
هل كان الأمر هام إلى تلك الدرجة؟..
رد رؤوف قبل أن ينبس منذر بكلمة:
لا.. لا أعتقد أن الأمر يستحق حقاً.. فلنعد إلى اجتماعنا..
ثم توجه بنظ ا رته إلى منذر الذي أخفض عينيه هرباً من مواجهة رؤوف.. ذلك الرؤوف
الجديد الذي أصبح يمتلك بجوار مها ا رته التجارية الفذة, نظ ا رت ثاقبة تكشف دواخل النفس
وكأنه قد اصطبغ بطبائع زوجته الصغيرة التي ترمق منذر بنظ ا رت نارية كلما التقيا.. يشعر
أن رؤوف هو ما يمنعها من إطلاق لسانها عليه.. فهو بنظرها سبب تعاسة شقيقتها..
انتهى الاجتماع بدون أن يفقه منذر شيئاً مما دار به.. وتحرك ليخرج من الغرفة عندما سمره
صوت رؤوف:
منذر.. نصيحة مني.. قلل من زيا ا رتك لفيلا جدي.. فالكل لاحظ ذلك.. وأنا أعني الكل.
رد عليه منذر بدون أن يلتفت له:
رؤوف لا تتدخل.. الأمر لا يعنيك..
صاح به رؤوف:
كيف لا يعنيني؟.. أن...
قاطعه قاسم الذي كان ما ا زل يتلكأ في جمع أرو ا رقه:
أنت فقط تهتم من أجل زوجتك الصغيرة.. والا منذ متى تهتم بحياة أي منا!!.
قيد القمر
245
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أجابه رؤوف من بين أسنانه:
هل هذا كل ما لديك؟!.. ألا تريد نصح أخيك حتى لا يدمر زواجه الذي لم يبدأ بعد.. من
أجل حماقة.. أو نزوة عابرة!!..
سأله قاسم باستف ا زز وخياله يصور له نو ا ر بجسدها الشهي وشعرها الغجري:
ولماذا يدمر زواجه؟.. وهل دمر زواجك الثاني, زواجك الأول؟.. على العكس أ ا رك تحيا
كما هارون الرشيد..
انطلقت ش ا ر ا رت الغضب من عيني رؤوف وهو يصيح بقاسم:
قاسم.. سأحذرك للمرة الأخيرة أن ت ا رعي كلماتك جيداً.. والا..
صاح به قاسم بحقد:
والا ماذا يا ابن الخال؟.. هل نسيت من منا الأكبر سناً حتى تصيح بي هكذا؟..
زفر رؤوف بضيق.. فقاسم ما يلبث أن يعود إلى تلك النغمة القديمة.. بأنه الأكبر سناً.. وأن
إدارة الشركات كانت يجب أن تكون له بدلاً من رؤوف الذي لا يتميز عنه في شيء إلا أنه
يحمل لقب الجي ا زوي.. بعكس قاسم..
ولكن قاسم يتناسى نزواته ومغام ا رته الطائشة التي كانت سبباً في إبعاده عن العائلة لفترة
طويلة.. ولم يعد لها إلا مؤخ ا رً بعدما تزوج ووضح بعض التغير في تصرفاته, إلا أنه لا
يتوقف أبداً عن إبداء تلك الملاحظات المزعجة برغم أنه موقن إن تسلمه الإدارة في أي وقت
سيتسبب في خسائر وكوارث مالية هائلة..
قيد القمر
246
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
فالقانون التجاري هو مجال قاسم وما يبرع به حقاً.. ولذلك قرر رؤوف إسناد قسم الشئون
القانونية له وجعله مسئول عن إب ا رم العقود.. رغبة من رؤوف في دفن أحقاد الماضي وجمع
شمل العائلة.. واتقاءً لشره.. وكل ما يرجوه ألا يكون قد أساء اتخاذ الق ا رر..
قاطع أفكاره صوت قاسم يخاطبه:
أنت ترفل في النعيم منذ سنوات وأخي ا رً يكافئك جدي بمكافأة إضافية بزواجك من..
قاطعه منذر بصرخة وكأنه يعلم أن أخاه سيزل لسانه بما لا تحمد عقباه:
قاسم.. كفى.. كلاكما كُفا عن ذلك اللغو.. فلا أحد له سلطة الحكم على تصرفاتي.. أ ا ركما
لاحقاً..
خرج منذر بسرعة يلحقه قاسم وكأنه لا يقدر على مواجهة رؤوف بمفرده.. أما رؤوف فزفر
بغضب وهو يضرب طاولة الاجتماعات بقبضته:
أنت غبي يا منذر.. غبي.. لم تزد في تعقيد حياتك بدون داعي؟...
ت ا رءت له سهير في آخر زيارة لمنزله بملامحها الحزينة.. وعيونها الكسيرة.. وشحوب وجهها
ال واضح.. والفرحة الضائعة من روحها.. أين تلك الفتاة التي كانت تهيم فرحاً عند ش ا رئها
لفستان الزفاف!!..
وما ا زده حنقاً انخ ا رط نو ا ر في البكاء الشديد بعد ذهاب سهير.. وهي تغمغم بكلمات لم يفهم
نصفها.. ولكنها تلخص ذهولها من حالة منذر وسهير.. وامكانية زوال الحب بتلك السرعة
والسهولة.. لقد آلمه قلبه حقاً عندما ظن أن نو ا ر ممكن أن تتخطى حبه بسهولة.. كانت
لحظة حارقة سببت له أرقاً لليالٍ طوال.. ولكن كثرة انفعالات نو ا ر وتأثرها بما يحدث حولها
نتيجة لحملها وجنون هرموناتها كما أخبره الطبيب طمأنته قليلاً بأن ذلك كان انفعالاً مؤقتاً..
وأنها باقية على حبه كما يتمنى.. لم يفهم لما يهتم بذلك وهو الذي أفهمها أن ما تشعر به
قيد القمر
247
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
مجرد وهم.. أو افتتان.. ولكنه يشعر بالسعادة بل بالزهو.. لأن تلك الفاتنة السم ا رء تظن أنها
تحبه.. وتصر على ذلك أيضاً..
أزعجته نوباتها الجنونية من البكاء.. والتي قد يتسبب بها أي شيء من مشهد مؤثر في أحد
الأفلام.. إلى خلاف مع نعمات على أمر من أمور إدارة المنزل.. وبقدر انزعاجه في
البداية, بقدر ما ازداد استمتاعه وهو يهدئ نو ا ر من تلك النوبات وهي تتشبث به وتتعلق
بعنقه تطالبه بحل مشاكل الكون أجمع.. لكن ما يقلقه حقاً أنه إلى الآن لم يخبر نعمات
بحمل نو ا ر.. ولا يعلم إلى متى سيكتم الخبر.. فنو ا ر قاربت على الانتهاء من شهرها ال ا ربع..
ولن يمر كثير من الوقت حتى تظهر معالم حملها بوضوح.. وان كانت لم تعد تغيب عن
عينيه الخبيرة بمعالم جسدها الخلاب..
حاول أن يبعد بأفكاره عن نو ا ر وجسدها وما تشعله فيه من أحاسيس بالعودة إلى فرحة جده
الطاغية عندما أخبره بأن الحفيد الذي ينتظره من سنين أوشك على الوصول.. حيث
اغرورقت عيني العجوز بالدموع وهو يخبره:
أخي ا رً.. يا رؤوف.. الآن يمكنني أن أموت وقد ارتاح قلبي..
قاطعه رؤوف:
أطال الله عمرك يا جدي.. أنت تهتم بمسألة الوريث تلك بشدة..
أجابه جده وهو يربت على كتفه:
عندما تصل لعمري ستتفهم أهمية استم ا رر العائلة.. مبارك لك يا ولدي.. أخي ا رً.. ستمتلك
عائلتك الخاصة..
كان رد فعل عمه مماثلاً تماماً من حيث الفرحة الطاغية وتهنئته بالابن القادم.. ولكنه ا زد
وشدد على الإهتمام بنو ا ر.. وصحتها و ا رحتها النفسية.. وقد فهم رؤوف تلميح عمه المبطن
قيد القمر
248
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
بمطالبته بحماية نو ا ر من إزعاجات نعمات.. بينما كان رد فعل شموس نوبة من البكاء وهي
تطالب رؤوف بالسماح لنو ا ر أن تقيم في منزل والدها باقي شهور حملها وهو ما رفضه
رؤوف بشدة.. مخب ا رً شموس أن نو ا ر لن تترك منزلها أبداً وقد أيدته نو ا ر في موقفه وهي تخبر
أمها بخجل برغبتها في البقاء بجانب زوجها..
تقبلت أمها ذلك على مضض وهي تؤكد على أنها ستصطحبها فو ا رً معها إذا ما شعرت بأي
إهمال منه في رعايتها.. وهو ما يتفانى فيه منذ علم بحملها.. ليس من أجل طفله القادم
فقط.. ولكن لأنها تستحق كل عناية ورعاية ودلال..
نظر إلى ساعته وهو يلملم أو ا رقه بسرعة فلقد تأخر اليوم عليها بما فيه الكفاية..
****************************
دلف منذر إلى منزله بسرعة ففوجئ بوالدته وسهير جالستين في البهو تتبادلان أط ا رف
الحديث.. فألقى تحية سريعة وهو يت وجه للدرج الداخلي.. لمح بطرف عينه والدته تلكز
سهير في جنبها لتنهض خلفه..
تحركت سهير خلفه بتثاقل حتى وصلت إلى جناحهما ووجدته يخلع قميصه وقد ظهر صدره
العضلي أمام عينيها فخفضتهما أرضاً... نظر إليها في فستانها الطويل الذي يغطي
جسدها وتخفي به معالم أنوثتها بب ا رعة ربما حتى لا تثير رغبته بها, دفع ذلك بسمة ساخرة
على شفتيه ما لبثت أن تحولت إلى ضحكة مليئة بالم ا ررة وهو يقول:
لا تقلقي.. لن أزعجكِ برغباتي الحيوانية الآن..
أجابته بألم:
منذر.. لقد اعتذرت عش ا رت الم ا رت عن تلك الغلطة.. لقد كانت زلة لسان لا أكثر..
أجابها بم ا ررة:
قيد القمر
249
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
زلة لسان تكشف كثير من مكنونات النفس..
ثم تحرك مبتعداً نحو باب الجناح.. وأوقفه صوتها المتعجب:
هل ستخرج ثانية؟.. ألن تتناول الغذاء؟..
أجابها بتردد:
سأتناول الغذاء برفقة جدي..
لمح صدمتها وشحوب لونها وهي ترمقه بانكسار ونظ ا رت اللوم تلمع في عينيها جنباً إلى
جنب مع دموعها التي سجنتهم تحت أجفانها وهي تطبقهم للحظات.. ثم تعود لتفتح عينيها
وترسم ابتسامة هادئة:
طعاماً هنيئاً.. أوصل سلامي لجدي.
استمر يرمقها بم ا ررة ظاهرة وهو لا يصدق ردة فعلها.. إنها تبارك خيانته.. خطر له
بسخرية..
"خيانة الزوج بمباركة الزوجة".
هل هو عديم القيمة بالنسبة لها إلى هذه الدرجة.. هو متأكد من يقينها بذهابه لرؤية وداد
وليس جده.. ألا يستفزها ذلك؟.. ألن توجه له كلمة لوم أو عتاب؟.. ألن تصرخ به وتتهمه
بالخيانة وتذهب لتطرد وداد من منزل جدهما؟...
كلا بالطبع.. إنها تتمسك بدور الزوجة ذات الكبرياء والتي تتعالى على رغبات زوجها
وخيانته.. أين كلمات الحب وقصائد العشق.. وانتظارها بفارغ الصبر لتكون في بيته كما
كانت تخبره!!.. يبدو أنه كان وهماً بالفعل..
قيد القمر
250
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
هز أ رسه بيأس وتوجه خارج الجناح.. والتقى في طريقه بوالدته التي رمقته بنظ ا رت نارية
وهي ت ا ره يتوجه للخارج ولكنه لم يهتم.. إذا كانت صاحبة الحق الوحيد في محاسبته لم يعنها
الأمر, فماذا يهمه بعد ذلك..
استقل سيارته في طريقه إلى منزل جده, أو بالأحرى إلى وداد.. وهو يتذكر بداية تورطه
معها.. وكان ذلك في اليوم الذي قذفتها به نو ا ر بكوب الشاي مما تسبب في إح ا رجها
أمامهم.. وقد عاد إليها في مساء ذلك اليوم لاسترضائها حتى لا ترفض م ا رفقة جده كما
أوصى الطبيب..
وجدها في الكافيتريا مع مجموعة من زميلاتها.. يتجاذبن أط ا رف الحديث وهن يتناولن
طعامهن.. ولكنها ما أن أ رته حتى توجهت نحوه وهي ترسم ابتسامة دافئة على شفتيها
وتحييه بح ا ررة:
مرحباً.. منذر..
ثم تحركت لتسير معه باتجاه الحديقة الخاصة بالمشفى.. حتى وصلا إلى ركن منعزل
نسبياً.. فسألته بحياء مصطنع:
هل تسمح لي بمنادتك منذر بدون ألقاب؟..
أجابها بود:
بالطبع.. فأنتِ ستصبحين واحدة من أف ا رد المنزل قريباً.. أليس كذلك؟.
أجابته وهي ترسم ملامح الحزن على وجهها:
لا أظن ذلك.. فيبدو أن زوجتك تكرهني.. لقد تعمدت سكب الشاي الساخن على ملابسي..
أجابها بحرج:
قيد القمر
251
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أنا آسف جداً لما حدث.. ولكن نو ا ر ليست زوجتي..
سألته بفرح:
حقاً؟..
نعم.. إنها شقيقة زوجتي..
اقتربت منه قائلة وهي تدعي التعجب:
هل تعني أن زوجتك هي الشق ا رء؟..
نعم...
اقتربت منه أكثر وهي تمط شفتيها بإجابتها:
غريب.. جداً..
سألها باندهاش:
لماذا؟..
حركت أناملها على طول ذ ا رعه وهي تتحسس عضلاته البارزة تحت قميصه:
اعتقد أن رجلاً مثلك.. يحتاج إلى زوجة دافئة.. حارة.. وليست شق ا رء باردة..
ابتلع ريقه بارتباك وهو يسألها:
ماذا تعنين برجل مثلي؟..
أجابته بغمزة من عينيها:
أحب أن أعتقد أنك ذو دماء حارة..
قيد القمر
252
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أسبلت رموشها ثم عادت لترفعهم وهي تنظر لعينيه بج أ رة وتردف بصوتٍ أجش:
دماء حارة جداً..
تجمد منذر أمام هجومها الحسي على مشاعره.. فهو العريس الجديد لم يمر أبداً بتلك
التجربة مع عروسه.. محبوبته.. التي يذوب عشقاً وحباً بها, والتي تتهمه بالحيوانية.. فقط
لأنه يرغب في قربها..
وجد نفسه يهيم في عيني وداد البنيتين ويتأمل ملامحها التي تكاد أن تكون عادية بشعرها
البني القصير جداً والذي يصل بالكاد إلى أذنيها وزينة وجهها المبالغ فيها فلم يستطع حتى
تحديد لون بشرتها التي تختفي تحت طبقات من مستحض ا رت التجميل.. ولكن رغم كل هذا
وجد دفء غريب واهتمام واضح في عينيها التي ظلت ترمقه بنظ ا رت شغوفة.. إلى أن سمع
صوتها:
يبدو أنني سأقبل بم ا رفقة جدك بعد كل شيء.
ثم أردفت وهي ترفع أناملها لتتحسس ملامحه بعبث:
من أجلك أنت فقط..
كان يجب عليه نهرها وايقاف ما يحدث, ولكنه وجد نفسه ينجرف وينجذب نحوها أكثر
وأكثر.. وأصبحت لقاءاته اليومية بها هي بلسم حياته ومكالمتهما التليفونية والتي تزخر
بعبا ا رت الغزل المثيرة هي دافعه للاستم ا رر, فينتظرها كالأرض المتشققة التي تصبو إلى
قطرة ماء واحدة..
وها هو يتجه إلى لقاء جديد وموعد جديد.. مع من شغلت أفكاره وألهته عن مآساة زواجه...
يرجو فقط أن يجد جده نائماً حتى لا يُحشر في موقف حرج..
قيد القمر
253
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
وصل بسيارته إلى فناء الفيلا حيث وجدها تنتظره أمام البوابة وقد ارتدت فستاناً قصي ا رً جداً
يصل إلى ركبتيها بالكاد.. ويتعلق بجسدها بحمالتين رفيعتين.. وقد ظهرت بشرتها اللامعة
تتحدى الطقس البارد وكأنها لا تشعر به, فسألها بتعجب:
ألا تشعرين بالبرد حتى ترتدي مثل ذلك الفستان؟.
فأجابته وهي تتحسس عضلات صدره الذي انتفخ إثر كلماتها:
تفكيري بك يكفي لتدفئتي أيها النمر..
امتدت يد منذر لتمسك أناملها المتجولة على صدره:
وداد.. نحن في مدخل المنزل الخارجي.. عملياً نحن في الطريق.. سترصدنا أعين
الناس..
تمسكت بيده لتسحبه معها إلى أحد أركان الحديقة والذي تظلله مجموعة من الأشجار
فتحجبه عن الأعين.. وما أن ارتكزت بظهرها إلى إحدى الأشجار حتى سألته:
هل ابتعدنا عن الناس بما يكفي؟..
ورفعت ذ ا رعيها تحيط بهما عنقه وهي تتوسله:
إلى متى ستعذبني ببعادك يا منذر؟.. لماذا لا تريحيني من شقائي في بعدك.. أرجوك..
ابقى معي..
فك ذ ا رعيها من ح ول عنقه وهو ينهرها:
وداد.. لقد تحدثنا في نفس الموضوع م ا ر ا رً.. وأخبرتكِ.. أنني لست مستعداً لاتخاذ تلك
الخطوة حالياً.. لم تزعجيني؟.
عادت لتحيطه بذ ا رعيها وهي تمسح أ رسها في صدره:
قيد القمر
254
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
لا تغضب يا حبيبي.. أنا أريد سعادتك و ا رحتك.. ألا تأتي إليّ من أجل ال ا رحة؟... فلم لا
تدعني أمنحك إياها.. أنا على أتم الاستعداد.. فقط لو تسمح لي..
أغمض منذر عينيه بألم.. وهو يفكر:
"يا الهي إنها تتوسل وصالي.. ترجوني لتمنحني ال ا رحة.. وزوجتي.. سهير حبيبة عمري
تعتقد أن رغبتي في قربها وتعبيري عن حبي واشتياقي لها هو حيوانية, بل إنها لا تتحمل
حتى رؤيتي.. ولكني مستعد لبذل الغالي والنفيس لأسمع تلك الكلمات بلسان سهير".
أفاق من أفكاره على شفتيها تتحركان على وجهه بهيام وهي تغرقه بكلمات تنم عن احتياجها
له وتداعب خصلات شعره بأناملها وتجذبه لها كأنها تطالبه بالاقت ا رب أكثر.. وهو في ظل
دوامة المشاعر التي تتقاذفه.. لم يدفعها عنه.. ولم يمانع.. لم يمانع على الإطلاق..
****************************
وقفت نو ا ر بصعوبة تعد قدح القهوة الذي طلبه منها رؤوف, فهو أصبح لا يستمتع بالقهوة إلا
من صنع يديها.. ولكن منذ بداية حملها و ا رئحة القهوة تزعجها بشدة..
أخذت تحرك أ رسها يمنة ويسرى رغبة منها في استنشاق بعض نسمات الهواء الخالية من
ال ا رئحة المزعجة ولكن بدون جدوى.. فوضعت يدها على فمها وأنفها تحاول حجب ال ا رئحة
النفاذة عنها وكانت على هذا الوضع حين دلف رؤوف إلى المطبخ ليأخذ منها قدح القهوة
خشية منه أن يصيبها الدوار المعتاد وهي تحمله إليه..
أحاط خصرها الذي امتلأ قليلاً بذ ا رعيه وهو يقف خلفها ويسألها:
ماذا بكِ يا نو ا ر؟.. يبدو على وجهكِ إما ا رت التعب.
التفت نو ا ر لتخفي وجهها في صدره محاولة استنشاق ا رئحة عطره الذي أصبحت تهواها
مؤخ ا رً..
قيد القمر
255
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ضغطها لوجهها في صدره بتلك الطريقة أثار قلقه, فهمس بأذنها:
ما الأمر؟.. ما الذي أزعجكِ؟..
أجابته بضيق:
لا تهتم.. ا رئحة القهوة تزعجني قليلاً..
حقاً!!.. لما لم تخبريني؟!!.
لحظات واتحسن.. لا تنزعج.
حملها بين ذ ا رعيه لينقلها إلى غرفتها ولكنه كان غافلاً عن نظ ا رت نعمات التي لمحته وهو
يحملها برقة.. تلك النظ ا رت التي ظهر فيها انكسار وألم شديد.. تعبي ا رت وجهها أظهرت
شعورها الحاد بالهج ا رن واشتياقها لزوجها الذي يزداد ابتعاده عنها شيء فشيء..
غمرها إحساس قوي بالعجز عن استرداده أو حتى استرداد جزء من اهتمامه الذي ينصب
بالكامل هذه الأيام على زوجته الجديدة.. السم ا رء الصغيرة التي تسللت تحت جلده وامتلكت
قلبه وأحرقت قلبها..
نعم هذا ما تشعر به حرقة القلب وانكساره... لكنها لن تكون ضحية لعائلة الجي ا زوي.. تلك
العائلة التي دمرت شبابها وهدمت حياتها.. مرة بالزواج من رجل عقيم تلاه زواج آخر من
طفل حولته هي لرجل.. ليحطم قلبها بتفضيله من هي أصغر وأكثر شباباً منها.. وبين
الرجلين ضاع شبابها وظلت حياتها جدباء بدون حتى طفل صغير.. يناديها أمي كما
تمنت.. ولكن كما احترق قلبها.. ستحرق قلوبهم جميعاً.. ولن تستثني أحداً.. أبداً!...



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-10-15, 04:10 PM   #17

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الخامس عشر
،
،
،
أغمضت سهير عينيها بألم وهي جالسة في نافذتها تتأمل الطريق الذي اتخذه منذر منذ قليل
ليذهب إلى جدهما كما أخبرها.. أو إلى تلك الفتاة التي سكنت قصر الجي ا زوي بدعوة م ا رعاة
صاحبه بينما هي تخطط للاستيلاء على من تطاله يدها من أحفاده, فبعد صد رؤوف
الواضح لها حولت اهتمامها إلى منذر الذي تلقى ذلك الاهتمام بشغف وتقبله بسعادة...
تستطيع سهير تحديد اللحظة الذي بدأ فيها منذر علاقته بتلك الحرباء.. كما تستطيع التأكيد
على أنه لم يتمادى معها بعد.. فهي تفهم منذر جيداً وتحفظ ردود أفعاله ك ا رحة يدها كيف لا
وهو توأم روحها وحبيبها الوحيد... ولكنها للعجب تمنحه العذر فيما يفعل.. فهي من تدفعه
دفعاً لذلك, بل هي من منعت عمتها قمر من التدخل ومحادثة منذر ورده عن تصرفاته..
فهي طالما آمنت أن ما بين الزوجين يجب أن يظل بينهما.. وأن تدخل أي طرف ثالث ولو
بحسن نية سيتسبب بأذى قد لا يمكن احتوائه.. ولكنها أيضاً تدرك وجوب مصارحة منذر
بوضعها وأحاسيسها, ولكنها لا تضمن ردة فعله.. فما تملكه من تبري ا رت لسلوكها نحوه قد
يعتبره هو إهانة لرجولته.. وكيانه كرجل وزوج..
ظنت دوماً أن حبهما صلباً كالصخر وثابتاً كالجبال ولكنها تخشى ألا يحتمل مواجهة
كتلك.. تعلم أنه خطأها من البداية.. فقلة خبرتها وخجلها منعاها من مصارحته بما ينتابها
وهي بين ذ ا رعيه.. تدرك بتقصيرها نحوه.. وخطأها الذي قد يتسبب في دمار زواجهما..
لذلك هي تسمح له بالتمادي مع تلك الحرباء ربما كتعويض عن حرمانه من مشاعرها
واهتمامها.. ولكنها أحياناً تتساءل إن كان ذلك تصرف ماكر منها تركه ليخطأ ويخطأ ثم
ت واجهه بما لديها فيتساوى الطرفين في الخطأ..
تدرك أن المواجهة آتية وحتمية ولكنها تخشى, بل وترتعب من تبعاتها, هل ستنتهي حياتها
معه تماماً؟.. أم ترضخ وتقبل بوجود ام أ رة اخرى في حياته لتمنحه ما تعجز هي منحه
قيد القمر
257

نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني

إياه؟.. ولكن هل ستتحمل مشاركته مع أخرى؟.. لا تعتقد.. هي ليست بقوة نو ا ر, ولا تمتلك
سعة حيلتها التي مكنتها من السيطرة على قلب وعقل رؤوف الذي أصبح لا يرى غيرها
والأعمى وحده من يتغافل عن ذلك.. ولكن رغم هذا تظل نو ا ر زوجة لنصف زوج.. وهو
وضع لن تحتمله سهير ولن تطيقه فرغم كل الأفكار المنطقية وكل الأعذار التي تمنحها
لمنذر فهي تشعر بني ا رن حارقة تكوي قلبها وتحرق روحها حرقاً لمجرد تخيله برفقة تلك
الفتاة.. فكيف ستتحمل أن يكون زوجاً لأخرى؟!!!...
هل تلك الحرقة بداخلها تشبه ما تشعر به نو ا ر عندما يقضي رؤوف أوقاته مع زوجته
الأخرى.. وكيف تتحمل نو ا ر تلك الآلام المبرحة وتلك الغيرة الحارقة؟.. إلا أن هاجساً شري ا رً
همس لها, بل نو ا ر هي الدخيلة ومن تشعر بحرقة القلب وظلم الأيام هي نعمات.. الزوجة
الأولى التي هجرها رؤوف ليتنعم بالسعادة مع نو ا ر شقيقتها..
نفضت أ رسها بعنف وهي ترمي عنها تلك الأفكار السوداء.. كيف تفكر بهذه الطريقة؟..
وكيف تظن بشقيقتها هذا الظن؟.. هل فقدت عقلها؟.. أم أنها تحاول أن ترمي مشاكلها على
من حولها..
بينما تشرد بأفكارها لمحت منذر يدلف من بوابة البيت بسيارته بسرعة كبيرة..
حدثت نفسها..
"لم يبقَ مع الأخرى إذاً.. لقد عاد إلى البيت.. عاد إليها".
تنهدت ب ا رحة وانتابها شعور خفي بالأمان فهو ما ا زل صامداً.. ولكن إلى متى؟!!!.
دلف منذر إلى المنزل وهو يجر قدميه ج ا رً.. لا يدري كيف أوقف وداد وسحب نفسه من
بين أحضانها.. لا يستطيع فهم نفسه فهو غير قادر على الابتعاد عنها وفي نفس الوقت لا
يرغب بأن يتطور الأمر ويصل إلى مرحلة اللاعودة.. ما ا زل يجاهد نفسه محاولاً إيقاف
قيد القمر
258

نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني

الأمر أو حتى تجميده عند حد معين.. فهو لن يتمادى إلا في إطار شرعي, ولكن هل هو
مستعد لتلك الخطوة وهل يرغب فعلاً في الإقدام عليها؟.. وهل يستطيع مواجهة العائلة بق ا رر
كهذا؟.. والأهم.. هل يمكنه مواجهة سهير؟..
جذبه من لجة أفكاره أصوات عالية آتية من بهو المنزل وما أن اقترب حتى تبين أن قاسم
يتشاحن مع أمهما.. فجائه صوته منفعلاً وهو يتهم أمهما كعادته:
أنتِ طالما فضلتِ رؤوف على الكل.. حتى على ابنكِ.. عليّ أنا.. الجميع فعل.. وفي
نهاية الأمر أصبح هو الرئيس والمتحكم في كل شيء..
قاطعته قمر بصوت متهدج:
يكفي يا قاسم.. يكفي يا بني.. أنت تعلم أن هذا ليس صحيحاً.. فجدك يُعد رؤوف منذ
طفولته حتى يخلفه في كل شيء..
زعق قاسم بغضب وكأنه لا يصدق ما تقوله أمه:
هاه.. وزواجه الأول الذي منحه رضا جدي الكامل.. وعطف وشفقة الجميع.. ألم أكن أنا
أولى منه بذلك.. فأنا أكبر الأحفاد, أم تناسيتم ذلك أيضاً؟.
واجهته أمه بعنف عله يستفيق من ضلالاته:
بل أنت من نسيت.. هل تريد فعلاً الخوض في ذلك.. تلك الأيام السوداء التي أتى فيها
أخي عبد الرحمن رحمه الله ليخبرني.. أن ابني.. ابني الكبير الذي كنت أعقد عليه كل
آمالي, اختلس من أم وال شركة الجي ا زوي, ولولا سرعة تصرف عبد الرحمن وأبيك وتغطيتهما
للعجز لوصل الأمر للشرطة.. هل تظن أن جدك غفل عن ذلك؟..
وتعالى ص ا رخها:
قيد القمر
259

نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني

هل تظن أنه لم يعلم؟.. كلا يا أكبر الأحفاد.. لقد علم وأ ا رد إبلاغ الشرطة لولا توسلاتي له
ولولا خالك عبد الرحمن_رحمه الله_ لكنت تقبع في زن ا زنة مظلمة, واكتفى والدي فقط بطردك
من الشركة وابعادك عن العائلة في ذلك الوقت.. هل تظن أنه كان يثق بك ليأتمنك على
الثروة, بل وعلى أرملة عمك؟.. هاه.. أجبني يا أكبر الأحفاد؟..
أجابها بصفاقة:
أنا أعلم قدرك في قلب جدي ولو كنتِ عرضتِ عليه أمر زواجي من نعمات لكنت أنا
من يتحكم في الجميع الآن؟.. ولا تتعذري بأنكِ عرضتِ عليه رؤوف خوفاً عليّ من
زواجي بتلك العجوز فذلك محض ه ا رء..
أجابته بصوتٍ باكٍ:
بل أشفقت عليك من ثقل الأمانة يا ولدي.. فأنا أعلم الناس بك, فأنت قطعة مني.. أنت
أضعف من أن تتحمل تلك الأمانة.. كنت ستفرط فيها وتبوء بإثمها وأتحمل أنا معك ذلك
الإثم.. لقد كان الحمل ثقيل ورؤوف هو الوحيد المؤهل لحمله بدون أن يفرط فيه.. حِمل
الثروة, وحِمل الم أ رة التي اقترن بها وحافظ على عشرته معها طوال سنوات رغم فارق السن
بينهما..
أجابها بحقد:
بالفعل حافظ على العش رة بزواجه عليها من ابنة الخال!.
أجابته باستف ا زز:
أليس ذلك حقاً من حقوقه؟.. بعد عشرته لنعمات طوال تلك السنوات التي لم تسفر عن ابن
أو ابنة..
أجابها من بين أسنانه:
قيد القمر
260

نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني

الآن تقولين أن ذلك حقه!.. وماذا عني؟.. لماذا لم تساعديني للزواج منها.. فأنتِ تعلمين
أنني أريد نو ا ر منذ سنوات.. لماذا رفضتِ التوسط لي عند خالي ليوافق على زواجي منها؟..
صرخت به:
هل أنت مجنون؟.. كنت قد تزوجت لتوك وكانت أحوالك على وشك التحسن وكان ذلك
بفضل زوجتك.. تلك الفتاة الطيبة التي أصلحت من أحوالك.. فهل كنت تريد مكافأتها
بالزواج عليها؟.. وهل من الممكن أن يوافق خالك أو نو ا ر على تلك المهزلة؟.. أفق لنفسك
حتى لا تضيع الحياة التي عدت إليها بمعجزة.. وانسى أي أحلام مجنونة عن نو ا ر أو رؤوف
أو ثروة جدك.. وأحمد ربك على ما وصلت إليه..
كان صوته يقطر حقداً وهو يجيبها:
أنساها!!.. بالطبع سوف أفعل.. وهل أملك حلاً آخر غير ذلك؟.. ولكني لن أيأس أبداً..
دخل منذر ليقطع ذلك النقاش الذي أصبح يتكرر بصورة يومية وقطع كلام قاسم بقوله:
إن نو ا ر تعشق رؤوف.. وهو أحق الناس بها.. فلا تفكر بزوجة ابن خالك فهذا تصرف أقل
ما يقال عنه أنه دنئ, ولا تنسَ أن رؤوف تحدى جدي كي يعيدك للشركة مرة أخرى وأخذ
تلك المخاطرة على مسئوليته الشخصية, فلا ترد له الجميل بتلك التصرفات الرعناء..
أجابه قاسم بسخرية:
انظروا من يتكلم عن التصرفات الرعناء!.. أين كنت الآن يا أخي الصغير؟..
ثم أخرج من أحد جيوبه زجاجة عطر صغيرة وأخذ يرش على منذر بكثافة, بينما منذر يبتعد
عنه قائلاً:
ماذا تفعل؟.. هل جننت؟..
قيد القمر
261

نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني

قهقه قاسم ساخ ا رً:
أحاول أن أغطي على ا رئحة العطر النسائي الرخيص الذي ينبعث منك يا أخي الصغير,
حتى لا تهجرك ابنة الخال الأخرى.
حدجتهما قمر بنظ ا رت يائسة وهي تتمتمم:
يا الهي.. ماذا فعلت حتى ابتلي في أولادي هكذا؟.. لماذا يا منذر؟.. لماذا يا ولدي؟.
أجابهما منذر بغضب موجه لنفسه أولاً:
لا شأن لأحد بي أو بحياتي.
صاحت به قمر:
ماذا تعني ب لا شأن لأحد بحياتك؟.. هل نسيت أن سهير تكون ابنة أخي؟.. هل تعتقد
أنني ا رضية عن تصرفاتك نحوها.. أقسم بالله لولا توسلاتها لكان لي معك شأناً آخر..
ولكني لن أصمت طويلاً.. انتبه لنفسك ولزواجك والا سأتدخل أنا ولن ترى سهير مرة أخرى
في حياتك..
رمقها منذر باستخفاف بينما ابتسم قاسم بتشفي وهو يرى دفة الهجوم توجهت نحو منذر بدلاً
منه.. وحيا والدته بسرعة وهو ينطلق من المنزل.. بينما اكتفى منذر بالصمت التام ليصعد
إلى جناحه تتابعه نظ ا رت أمه القلقة والخائفة من القادم..
دلف منذر إلى جناحه فوجد سهير جالسة على نافذتها تتأمل السماء بشرود, فحياها بهدوء:
مساء الخير..
التفتت سهير إليه وهي ترد تحيته وتسأله:
مساء الخير.. هل أعد لك الطعام؟.. أم تناولت طعامك مع جدي كما قلت؟.
قيد القمر
262

نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني

كانت تخاطبه بلهجة رقيقة وهادئة يظهر فيها أملها جلياً بأن يعود لها منذر الحبيب العاشق,
فأدرك شعور الأمان الذي غمرها عند رؤيته يعود لجناحهما فوجهها الملائكي يعبر عما
تشعر به بوضوح..
رد لها ابتسامتها وهو يسألها:
وهل تبقى أي طعام لي؟.
أجابته برقة:
بالطبع.. أنا أعد ما تحب من أطعمة دائماً.. حتى ولو لم تأكلها معي..
أدركا كلاهما أنهما لا يتحدثان عن الطعام وأن ثمة حديث مبطن وخفي يدور خلف الكلمات
الواضحة.. فسألها منذر بص ا رحة:
هل هذا صحيح؟.. هل تفكرين بي دائماً يا سهير؟.. هل..
وضعت أناملها على شفتيه لتمنعه من الاسترسال وهي تعترف له:
سهير لم ولن تعشق إلا منذر.. أقسم لك أنني لم أقصد يوماً جرحك أو إيلامك.. أقسم
لك.. أنني تألمت أكثر منك عندما تفوهت بتلك الملاحظة الحمقاء.. أنا فقط حمقاء غبية
وتحبك بقوة..
اقترب منها وجذبها نحوه وأخذ يتأمل ملامحها التي يعشقها وهو يمرر أنامله عليها برقة
وعينيه تغرق في عينيها المغرورقة بالدموع يتبادلان حديثاً صامتاً.. تعبر عنه نظ ا رته
ودموعها..
"لماذا إذاً؟.. لماذا؟.. وهل يمكن أن أكتفي بالأقوال التي تناقضها الأفعال؟.. حاولي أكثر..
انقذيني.. انقذينا.. لا تدعي حبنا يم وت".
قيد القمر
263

نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني

كانت نظ ا رته تصرخ بذلك بينما هو صامتاً يتأمل ردها الذي تمثل في دموعها العاجزة
فاقترب منها بهدوء ليقبل شفتيها برقة أ ا رد بها تطهير نفسه مما أوشك على السقوط فيه منذ
قليل.. مرغ وجهه في عنقها وكأنه يمسح بطهارتها إثم ما كان يقوم به مع وداد.. احتضنها
قريباً من قلبه يريد أن يزيح عن ضميره عبئ الخيانة.. يريدها أن تدفعه كعادتها.. فترفع عن
كاهله ما ينوء به من ذنب.. ولكنها استسلمت لقبلته بخضوع يدفعها شعور خفي للتأكد أنه
ما ا زل منذرها وهي ما ا زلت سيدته الوحيدة...
*******************
في الصباح التالي جلس رؤوف بغرفته في شركة الجي ا زوي وهو يرتكز بكلا مرفقيه على
مكتبه واضعاً وجهه بين كفيه.. وهو غائب عن كل ما يحيط به.. يبدو كمن يحمل هموم
العالم فوق كتفيه.. وهذا هو شعوره بالضبط بعدما حدث في الليلة الماضية.. فلم يكن
يتصور في أقسى كوابيسه أن يصدر منه ذلك التصرف.. لا يدري تفسي ا رً لما حدث.. ولا
يستطيع أن يخترع واحداً لنعمات.. جميع التعويضات والاعتذا ا رت في العالم لا تكفي للتكفير
عما قام به.. فكر بسخرية..
"تصحيح, بل ما لم يقم به!!".
أغمض عينيه بألم وهو يتذكر نظ ا رت نعمات الجريحة والمذهولة.. وهو يفشل لأول مرة منذ
زواجهما الذي تعدى عمره الخمسة عشر عاماً في أداء واجباته الزوجية نحوها.. والأكثر
إيلاماً وذلاً لها.. أنها هي من جاءت له في مكتبه تطالبه بتلك الحقوق.. برغم ما قد يسببه
لها ذلك من إح ا رج ومهانة, إلا أنها أتت إليه تنبهه إلى تأخره في زيارة غرفتها وتشدد على
العدل بين الزوجات..
ارتبك وقتها رؤوف من حديثها خاصة وأنها كررته من قبل أكثر من مرة, ولكنها كانت المرة
الأولى التي تطلب منه ص ا رحة منحها حقها الشرعي كزوجة.. انهال سيل من الاعتذا ا رت
قيد القمر
264

نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني

والأعذار على لسانه وهو يحاول استرضائها وتهدئة غضبها وهو يقنعها أنه كان ينوي قضاء
تلك الليلة في غرفتها, فهو على أي حال يرغب في الحفاظ على ك ا رمتها وكبريائها أمامه
وهذا على أقل ما يستطيع منحه لها بعد عجزه عن منحها أي مشاعر تتعدى الاحت ا رم..
ولكن محاولته تلك ضاعت هباءً بعد فشله كرجل في منحها حقوقها..
ساق كمية هائلة من الأعذار والتبري ا رت لنعمات.. وألقى اللوم على الارهاق وتكدس العمل
وانشغال باله بالصفقات المتعثرة وتصرفات قاسم المزعجة.. وظلت هي تستمع إليه في
صمت وهي تحبس دموعها حتى لا تسيل أمامه ولم تجبه بشيء, فقط سحبت الغطاء عليها
لتختفي تحته عن عينيه..
علم أنها تبكي على وسادتها في صمت, كما علم أنها لم تصدق أيً مما قاله, هو نفسه لم
يقتنع بأي من أسبابه وهو يدرك كم هي واهية وغير مقنعة..
يعلم الله كم حاول.. وحاول.. ولكنه ببساطة لم يستطع.. هو لم ينفر منها أو شيء من
هذا.. ولكنه فقط عجز عن الاقت ا رب منها.. حتى إنه عجز عن التظاهر بالحماس الفاتر كما
اعتاد معها مؤخ ا رً..
تمرد جسده على أوامر عقله.. وخضع باستسلام كامل لأوامر القلب الذي أخبره أنه ملكاً
لسم ا رء ذهبية العينين وأبى أن يكون ملكاً لام أ رة سواها.. وانتهت الليلة بجرح هائل لا يندمل
بقلب نعمات..
كم هاله رد فعلها وهي تتكوم على نفسها وتخفي نفسها عن عينيه وهي تنظر له بعينيها
الدامعتين اللتين بعثتا له نظ ا رت اللوم والاتهام والعتاب ثم تخفضهما باستسلام وكأنها تلقت
منه ما تتوقع وما انتظرته منذ زواجه الثاني, ولكن رغم ذلك لم تدكا أعماقه كما فعلتا عينيها
الذهبيتين وهو يخبرها بأنه سيقضي ليلته في الطابق العلوي.. تلك الدمعات التي تساقطت
على وجنتيها اللامعتين هم ما أعجزوه عن منح نفسه لغيرها..
قيد القمر
265

نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني

برغم قسوة ما حدث وصدمته به.. إلا أن عذابه الأكبر هو إخلاله بمبدأ العدل بين زوجتيه..
وهذا ما يجب أن يفكر به بتمعن.. يجب أن يصل إلى حل لتلك المعضلة فهو طالما اعتقد
أن شغفه ومشاعره الغامضة نحو نو ا ر يعادلها كم هائل من مشاعر الود والاحت ا رم نحو
نعمات.. ولكن بعد ليلة الأمس واكتشافه بعجزه عن منح نعمات ما تستحق كزوجة اختلت
كفتي المي ا زن.. واهتز قانون العدل في نظره ويجب عليه التفكير ملياً كي لا يظلم أي منهما
وعلى الأخص نعمات..
نعم.. هو يجب أن يهيئ نفسه لاتخاذ ق ا رر حاسم.. ولكنه يبتهل إلى الله أن يكون عادلاً
بقدر ما هو حاسم...
*******************
شعرت نعمات وكأنها ذرفت دموعها كلها فلم يتبق لديها المزيد.. تشعر بجفاف في مآقيها لا
يعادله إلا جفاف روحها.. جرح عميق سببه لها رؤوف.. جرح لا ب ا رء منه.. لاتصدق
عزوفه عنها أمس وعجزه عن التواصل معها.. وهي من حاولت دفن الحقد في قلبها ومنحه
فرصة أخيرة ليصلح الوضع ويساوي كفتي المي ا زن.. ويعيد إليها جزء من كبريائها الذي مرغه
في الت ا رب وهو يزداد التصاقاً بابنة عمه في الفترة الماضية.. ابنة عمه التي أصبحت عالمه
ومداره الذي يدور حوله..
رؤوف من كان لا يعترف بالحب وقصص العشق, سقط بقوة في غ ا رم السم ا رء الصغيرة..
في غ ا رم ابنة العم الشابة.. تلك الفتاة التي سعدت في البداية لاختياره لها وظنتها فتاة
متوسطة الجمال وذات لسان سليط سينفر رؤوف على الفور.. ولكن ما حدث هو العكس
فجمال نو ا ر تفتح وازدهر ب زواجها من رؤوف الذي تبين أن لسانها السليط جزء من التعويذة
التي ألقتها عليه.. ليتحول رؤوف إلى رجل آخر.. رجل لم تعد تتعرف عليه.. أو تعرف
طريقاً للتفاهم معه.. تشعر برفضه لتصرفاتها.. وان لزم الصمت ولم يعلق.. كانت تظن أن
قيد القمر
266

نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني

ذلك من باب الحفاظ على حسن العشرة.. ولكنها تدرك الآن أن ذلك نوع من الشفقة أو
العطف على ام أ رة هو غير قادر على منحها أكثر من الاحت ا رم.. وكل ذلك نتيجة لدخول
تلك الفتاة في حياته..
ازداد الغضب والحقد داخل قلب نعمات.. كلما تذكرت تبري ا رته الواهية لما حدث في الليلة
الماضية.. وهي تدرك كذبها جميعاً.. فهي واثقة إنه لا يعاني من تلك الضغوط مع سم ا رئه
الصغيرة.. فأخذت تردد بجنون:
"تلك الساقطة الصغيرة التي سيطرت عليه بجسدها الشاب واستحوذت على كل اهتمامه
ومشاعره ولم تترك لي أي شيء وهذا ما تأكدت منه الليلة الماضية.. ليلة الجرح الدامي لي
كام أ رة وزوجة.. ليلة إهانة واذلال أنوثتي على يد زوجي.. نعم أنوثتي.. وهل معنى أنني
وصلت لسن الخمسين أن أعتزل الحياة؟.. أن أتنازل عن كياني وكبريائي كأنثى؟.. وهل
لأنني أكبره في السن فيجب عليّ أن أرضى بما ألتقطه من فتات اهتمامه؟.. وأليس من
حقي التنعم بقربه؟.. هل يجب عليّ أن أقدم تنازلي عنه وأتقاعد عن الحياة لمجرد بلوغي
الخمسين؟.. وأتركه لتلك الفاسقة التي تستغل شبابها لتهيمن عليه وتستعبد حواسه وتبعده
عني.. أنا من علمته كيف يكون رجلاً".
عند تلك النقطة شعرت نعمات بالدماء تجري حارة إلى أ رسها وفقدت كل منطقها وتعقلها
وهي تتوجه نحو غرفة نو ا ر تتقافز في مخيلتها مشاهد تجمع بين رؤوف ونو ا ر وهو يمنحها ما
ضن به عليها هي..
اقتحمت نعمات جناح نو ا ر وهي تدفع الباب بقوة أجفلت نو ا ر التي كانت جالسة على الأريكة
ومندمجة في ق ا رءة أحد الكتب الذي يتكلم عن الحمل وم ا رحله, فدست الكتاب خلف إحدى
الوسائد تخفيه عن عيون نعمات وهبت واقفة وهي تصيح بها:
ما هذا؟.. كيف تقتحمين الغرفة بدون استئذان؟.. ماذا تريدين؟.
قيد القمر
267

نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني

أجابتها نعمات بغضب:
أنا لم اقتحم أي مكان.. أنا في بيتي ومن حقي دخول أي غرفة وقتما شئت وكيفما شئت..
أم ت ا ركِ نسيتِ ذلك؟.. أما الذي أريده.. فهو توضيح بعض النقاط التي قد تكون غائبة
عنكِ..
شحب وجه نو ا ر عند سماعها تلميح نعمات بأنها سيدة المنزل مما يعني أن نو ا ر ليست بأكثر
من ضيفة مؤقتة... بينما نعمات تكمل هجومها..
ماذا!!.. ألم يعجبكِ كلامي؟.. ألم تدركي أنكِ مؤقتة في حياته مثل مكان جناحكِ المنعزل
في منزله؟.. ألم تفهمي أنني اخترت مكان جناحكِ بعيداً جداً عنه حتى تدركي بنفسكِ
مكانتكِ في أسرتي الصغيرة.. ركن صغير منعزل..
عندما تفوهت نعمات بتلك الكلمات التي تقصد بها جرح نو ا ر, أدركت تلك الأخيرة.. أنها لا
تعرف كيف أن مكتب رؤوف يرتبط بذلك الجناح عبر الحديقة الداخلية وأدركت كذب كلماتها
التي تتشدق بها فارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيها وهي تخبرها:
ولكن رؤوف هو من اختار لي جناحي.. هل تعلمين لماذا؟.
شحب وجه نعمات وهي تدرك انكشاف كذبتها, فسحبتها نو ا ر أمام النافذة.. لتريها منها مكتب
رؤوف المكشوف أمامها... فازداد شحوب نعمات بينما نو ا ر تواصل:
يبدو لي أنكِ لم تتعرفي جيداً على منزلكِ كما تدعين.. ويبدو لي أيضاً أنكِ لا تقضين ما
يكفي من الوقت مع رؤوف لتكتشفي ما الذي تطل عليه نافذة مكتبه..
ألقت نو ا ر كلماتها وهي تكتف ذ ا رعيها على صدرها وترمق نعمات باستخفاف لتكمل:
والآن.. إن كنتِ انتهيتِ من لغوكِ المريض.. أرجو أن تخرجي بهدوء..
قيد القمر
268

نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني

ازداد غيظ نعمات أمام ثبات نو ا ر فصاحت بها:
يبدو أنكِ أنتِ من نسيتِ أن زواجكما كان بهدف إنجاب الذرية لعائلة الجي ا زوي؟.. حتى
يرضى كبير العائلة وينال رؤوف منه ما يريد... من ثروة ونفوذ..
صمتت قليلاً لتردف بنبرة ذات مغزى:
كما كان زواجه مني بالضبط.. أولى محطاته للاستيلاء على عقل وثروة العجوز..
صعقت نو ا ر من كلمات نعمات.. ما الذي تقصده تلك العجوز؟.. هل تظنها فتاة ساذجة
حمقاء فأتت لتتلاعب بها وبأفكارها وتشوه صورة رؤوف أمامها.. ألا تعرف أنه ابن عمها
قبل أن يكون زوجها.. وهي أكثر الناس د ا رية برفعة أخلاقه ونبل تصرفاته..
فصرخت بها حتى تخرسها عن هذا اللغو:
اصمتِ.. هل تستمعين لنفسكِ؟.. كيف تفكرين هكذا؟.. ألم تدركي طبيعة رؤوف وانسانيته
ومروءته طوال سنوات زواجكِ منه؟!.. كيف تتطاولين عليه هكذا؟..
سخرت منها نعمات بقسوة تريد جرحها وقتل ثقتها ب رؤوف:
بالطبع أنا أعرف كل شيء عن رؤوف..
ثم وضعت يدها في خصرها وهي تنظر لها نظرة ذات معنى:
كل شيء.. ألم أكن زوجة له لخمسة عشر عاماً؟.. وشهدت تطوره من شاب غرير خجول
إلى رجل الأعمال والزوج الناجح.. كم عمر زواجكِ يا صغيرة؟.. هاه.. خمسة شهور..
خمسة شهور جعلوكِ تفهمين رؤوف وتدركين ممي ا زته؟.. تظنين أنكِ استوعبتيه وملكتيه بعد
خمسة شهور.. تعشمين نفسكِ باللحظة التي تكونين فيها أولى اهتماماته.. والم أ رة الوحيدة
التي يهتم بها.. هذا لن يحدث..
قيد القمر
269

نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني

كانت نعمات تهمس بكلماتها الأخيرة بألم وكأنها تحدث نفسها وتحاول إفاقتها من حلم
عاشت به لسنوات..
وعادت لترفع صوتها:
رؤوف لا يهتم سوى برؤوف.. وعائلة الجي ا زوي.. وأعمال عائلة الجي ا زوي.. وكل ما عدا
ذلك هي كماليات.. واضافات لا معنى لها..
وضعت نو ا ر يديها على أذنيها وهي تحرك أ رسها يمنة ويسرة تحاول منع سموم نعمات من
التسلل داخلها وتقاوم البداية المألوفة لنوبة غثيان قوية:
اصمتِ.. يا إلهي.. اصمتِ.. كيف تشوهينه بتلك الطريقة؟!.. كيف عشتِ معه وأنتِ
تظنين ذلك به؟..
صرخت نعمات:
لأني أردت طفلاً.. كل ما كنت أريده هو طفل.. بينما هو أ ا رد كل شيء آخر بدءً من رضا
جده وحتى ابنة عمه الصغيرة.. وأخي ا رً نال كل ما أ ا رد.. بينما أنا...
وتعالى ص ا رخها:
أنا.. أنا حصلت على زوج طفل.. حولته إلى الرجل الذي يسعد لياليكِ في الف ا رش..
لينتقل بكليته إلى الفتاة الشابة ذات الجسد الممشوق والمفاتن الظاهرة.. ولكني سأظل دائماً
موجودة بداخله حتى ولو بعيداً جداً في أعمق أعماقه.. لن يستطيع أن يتناساني أو يتخطى
أولى ذكرياته كرجل بين ذ ا رعي..
واقتربت من نو ا ر تجذب ذ ا رعها بشدة وتهمس لها بحقد بالغ:
قيد القمر
270

نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني

أريدكِ أن تتذكري في كل لحظة يضمك فيها إلى صدره.. إنني أنا.. الم أ رة العجوز التي
تنظرين إليها باشمئ ا زز الآن قد عشتها معه من قبل, بل أنني من لقنته فنون العشق التي
يغمرك بها..
اتسعت عينا نو ا ر باشمئ ا زز و ا زد إحساسها بالغثيان وبداية دوار يهاجمها بقوة وتلك الصور
تتوالى أمام عينيها وحاولت جذب يدها من نعمات واحساس الغثيان يزداد بداخلها:
يا لكِ من عجوز حاقدة وشريرة.. لو لم تكوني في سن أمي, بل أنتِ أكبر منها سناً حتى..
لكنت أجبت على كل كلماتكِ الحقيرة.. اتركيني.. فأنتِ تثيرين اشمئ ا ززي..
نو ا ر!!!!.
التفتت الم أ رتان معاً لتريا رؤوف واقفاً
بباب الجناح وقد شحب وجهه بينما تلتمع عيناه

بنظ ا رت غاضبة بل حارقة.. وقد تغلف جسده بهالة واضحة من الغضب الصارخ الذي يهدد
بحرق كل شيء..
شحب وجه نو ا ر وهي تظن أنه سمع جملتها الأخيرة فقط وخشيت أن يعتقد إنها تهين نعمات
بدون سبب, وتتطاول عليها متعمدة.. وازداد شعورها بالغثيان والدوار وهي تلمح بريق
الانتصار في عيني نعمات فعلمت أنها ستستغل تلك الفرصة بدناءة فهتفت بضعف:
رؤوف.. لا.. لا تتسرع.. أنا..
ولم تستطع إكمال جملتها فقد تهاوت أرضاً وهي تشعر أن الغرفة تميد بها..
سارع رؤوف نحوها ليلتقطها قبل أن يمس جسدها الأرض بسنتيمترات بسيطة.. فالتفت
عباءتها الفضفاضة حولها لتظهر بروز بطنها الصغير بوضوح أمام عيني نعمات
المذهولتين وهي تدرك الحقيقة الغائبة عنها.. الحقيقة التي ستقلب جميع موازينها..
"الساقطة الصغيرة حامل!".
قيد



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-10-15, 04:25 PM   #18

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل السادس عشر
،
،
،
التقط منذر هاتفه من على سطح مكتبه بعدما أصدر صوتاً ينبئ بورود رسالة إليه.. أخذ
يتأمله للحظة.. يتمنى أن تكون الرسالة من سهير.. يريد أن يطمئن أن حياتهما من الممكن
أن تتحسن وتتطور للأفضل, فبعد ليلة أمس وذوبانها بين يديه الأمر الذي فاجئه عادت
- -
في الصباح لتتقوقع على نفسها وتتجنب النظر في عينيه, ومواجهة تساؤلاته عما حدث
ليجعلها تتباعد عنه مرة ثانية...
تصاعد صوت الهاتف يعلن عن وصول رسالة ثانية.. فأدرك على الفور هوية المرسل,
بالتأكيد وداد..
كانت الرسالة الأولى اعتذار رقيق من وداد:
"آسفة جداً.. لا تغضب مني.. أنا أعتذر منك رغم أنك أنت من أهنتني بهروبك السريع".
ابتسم رغماً عنه وهو يستشعر اهتمامها به.. وفتح الرسالة الثانية والتي كانت تتوسله فيها
للحضور حتى ت ا ره..
ارتفع رنين الهاتف ليعلن عن اتصال منها فرفعه سريعاً إلى أذنه وقبل أن ينبس بأي كلمة
سمع صوتها اللاهث يتوسله:
منذر.. أرجوك.. أنا آسفة لا تكن قاسياً هكذا.. لقد أغلقت هاتفك منذ الأمس.. لا تحرمني
من رؤيتك.. عاقبني بأي شيء غير هذا.. على الأقل مر بالسيارة أمام منزل جدك حتى
أ ا رك..
قاطعها منذر بهدوء:
ما كل هذا يا وداد؟.. لقد أغلقت الهاتف لليلة واحدة فقط!.
-
قيد القمر
272
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أجابته وقد بدأ صوتها يكتسب غنجه المعتاد وقد أدركت أنها تغلبت على غضبه منها:
وهل تعتبر مرور ليلة كاملة بدون أن أسمع صوتك شيئاً بسيطاً!!.. يا لك من قاسي
-
القلب..
ضحك بقوة وهو يقول لها:
حسناً.. لا تغضبي.. لقد سمعتِ صوتي.. سأغلق الخط الآن..
-
صاحت بنزق:
منذر!!.
-
ذكرته صيحتها.. بصيحة مماثلة لمعشوقته وهي تنهره بخجل عندما كان يصارحها بحبه..
رغم أن اسمه هو ما تردد في كل مرة على لسان كلتا الم أ رتين, إلا أن الفارق كان رهيب بين
خجل سهير الطبيعي الذي اخترق قلبه وجعله ينتفض بين ضلوعه.. وغنج وداد الوقح الذي
يثير حواسه وغ ا رئزه.. ابتسم لنفسه بسخرية وهو يتساءل في نفسه بعجب:
"وقح؟!!!".
ليجيب تساؤله بص ا رحة:
"نعم.. وقح".
إنه يدرك أن وداد ام أ رة وقحة, إلا أنه معجب بهذه الوقاحة.. لابد أنه مريض.. أو منحرف
ليعجب بشيء كهذا.. وكلما تعمق في تلك العلاقة ا زد احتقاره لنفسه..
يجب عليه تحجيم تلك العلاقة تمهيداً لإنهائها والا فقد تفعلها أمه وتحرمه من سهير
بالفعل.. وهو لا يستطيع تحمل ذلك.. حتى وهما على تلك الحال من الخلاف الغير
قيد القمر
273
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
مفهوم.. لا يريد البعد عنها.. فهو يعيش على أمل أن تتحسن حياته الزوجية, ووجود وداد
سيدمر ذلك الأمل.. يجب أن يتخلص منها بسرعة.. فأجابها بفتور:
حسناً يا وداد.. صدقاً لابد أن أذهب الآن.. سوف أحادثكِ لاحقاً..
-
سارعت بسؤاله:
هل سآ ا رك اليوم؟..
-
لا أدري.. سأهاتفكِ فور أن أرتب أموري..
-
وأغلق الخط سريعاً قبل أن يت ا رجع عن ق ا رره..
*******************
أ ا رح رؤوف جسد نو ا ر المتهالك بين ذ ا رعيه برقة على ف ا رشها تحت نظ ا رت نعمات الحارقة
والتي ما ا زلت تحت صدمة اكتشافها لحمل نو ا ر.. وغيظها من حالة الإغماء التي أصابتها
وأعفتها من غضب رؤوف بعد أن سمع بأذنيه إهانة نعمات على لسانها.. وفوجئت به
يصيح بها وهو يتحرك بسرعة ليلتقط زجاجة عطره ويرش القليل منها أمام أنف نو ا ر:
نعمات.. اذهبي إلى غرفتكِ الآن..
-
صاحت به بغيظ:
ماذا؟.. ألن نتحدث عن هذا؟..
-
أعاد رؤوف محاولة إفاقة نو ا ر بلا جدوى.. مما سبب له قلقاً عاصفاً فعاد يصرخ ثانية:
نتحدث!!!.. عن ماذا؟.. ألا ترين أنها مريضة!.
-
أجابته بحقد:
قيد القمر
274
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
بل أرى أنها حامل.. إلى متى ظننت أن بإمكانك إخفاء الأمر؟.. تفاجئ رؤوف بإد ا رك نعمات لحمل نو ا ر, ولكن أ ا رحه ذلك فهو يريد كشف الأو ا رق كاملة..
فقد أُنهك تماماً وهو يحاول المحافظة على مشاعرها.. بينما هي...
قاطعت أفكاره بصوتها الصارخ:
رؤوف.. أجبني..
-
أجابها وهو يبحث عن هاتفه ويعبث بأز ا رره بجنون
نعمات.. اخرجي من الغرفة الآن, حتى
- أتمكن من مهاتفة الطبيب..

سألته بغيظ:
ألن نت....
-
قاطعها صارخاً:
الآن..
-
*******************
شكر رؤوف الطبيب بعدما طمئنه على صحة نو ا ر.. ولكنه حذره من تعرضها لأي ضغوط
إضافية لأنه لاحظ بداية طفيفة لارتفاع في ضغط الدم, وان سيطر عليها حالياً, لكنه لا
يضمن ألا تشكل خطورة على صحتها وصحة الجنين إذا تكرر الأمر...
وما أفزع رؤوف أن الأمر تكرر وبصورة أقوى من المرة الأولى فهي ما أن سمعت تلك
الكلمات حتى دخلت في نوبة بكاء..
قيد القمر
275
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
فاقترب من ف ا رشها بهدوء ليجلس مقابلاً لها وسحبها بين ذ ا رعيه وهو يمسد على شعرها
بحنان:
ماذا هناك؟.. لماذا تبكين الآن؟..
-
أجابته وسط شهقاتها:
ألم تسمع كلمات الطبيب؟.. إنه يقول قد ت وجد خطورة على حياة الجنين..
-
ضمها بقوة:
هششش.. توقفي عن البكاء.. ألم يخبركِ أن تتوقفي عن الانفعالات الحادة..
-
ابتعدت عن أحضانه وهي ترمش بأهدابها تحاول نفض الدموع عنها:
لهذا لم تصرخ عليّ؟.. خوفاً على الطفل؟.
-
سألها بتعجب:
لماذا تظنين أنني أريد الص ا رخ عليكِ ؟..
-
تسارعت الكلمات على لسانها:
أعلم أنك غاضب.. لقد أ ريت وجهك عندما دخلت الغرفة.. ولكني أقسم لك أنني لم أُهنها
-
أو أتطاول عليها بدون سبب.. إنها هي من..
وضع أصابعه على شفيها يسكتها عن الكلام:
هششششش.. لستِ بحاجة للقسم.. لقد سمعت كل شيء.
-
رفعت عيونها المغرو رقة بالدموع لتنظر في عينيه:
كل شيء؟..
-
قيد القمر
276
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أومأ بحزن وهو يبتعد بعينيه عن عينيها ويتحرك بعيداً عن الف ا رش:
نعم.
-
سألته بريبة:
لهذا لم تصرخ عليّ؟.. أم لخوفك على الطفل؟.. أم لأنك توافق على كلماتها؟...أم..
-
زفر بضيق مقاطعاً استرسالها في الكلام:
نو ا ر.. أرجوكِ لا تحاولي تفسير شيء أنتِ غير مدركة لكل أبعاده.
-
بعد سماعها جملته عادت دموعها تنهمر بغ ا زرة وهي تسترجع كل كلمة قالتها لها نعمات..
وخاصة عن مكانة كلا منهما في حياة رؤوف.. فما قالته نعمات صحيح.. إنها ستظل في
أعماق رؤوف دائماً, فنعمات بالفعل هي أول ام أ رة في حياته وتجمعهما ذكريات مشتركة
عديدة حاولت بشدة عدم التفكير بها وا ا زحتها من عقلها من قبل حتى تستطيع إكمال حياتها
كزوجة ثانية لرؤوف, ولكن كلمات نعمات أيقظت عقلها من سباته وبدأ يصور لها شريط
من صور متوالية لرؤوف ونعمات معاً وكلما توالت الصور في عقلها كلما تعالت شهقاتها
وتحولت إلى هيستريا حقيقية أفزعت رؤوف بشدة فهي عادت تجهش في البكاء وهو غير
قادر على إيقافها أو اد ا رك سبب انفجارها مرة ثانية وأخذت تردد من بين شهقاتها:
غير مدركة!!.. غير مدركة لماذا بالضبط؟..
-
شعرت في لحظة أن كل ما تحاوله معه هي محاولات هشة وعقيمة ولن تثمر أبداً, فهو لن
يدرك عمق حبها أبداً.. ولن تصل معه إلى نقطة تفاهم حتى وليس حب متبادل أو مشاعر
عميقة كالتي تجمعه بنعمات.. فهو استمع لإهانات نعمات لها ولم يحاول التدخل لحمايتها
وايقاف نعمات..
نهضت من الف ا رش لتواجهه وأخذت تردد بذهول وهي تشير إليه بسبابتها:
قيد القمر
277
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أن..ت سم..عت.. سمعت كلماتها الحقيرة لي.. وا هانتها المتعمدة ولم تتدخل لتمنعها.. كيف؟.. كيف؟.. هل أنا لا شيء بالنسبة لك حتى تتركها تجرحني هكذا؟..
قاطعها بحدة وهو يقترب منها:
نو ا ر.. اسمعيني لحظة... أن...
-
صاحت بغيظ:
لا أريد أن أسمع شيء.. يكفي ما سمعته اليوم..
-
صرخ بغضب:
يا إلهي!!.. ما هذا الجنون!!.. لا تدعي هرموناتكِ المجنونة تتحكم في عقلكِ..
-
صرخت به ودموعها تنهمر بغ ا زرة:
هرموناتي جُنت بسبب طفلك..
-
وأخذت تخبط على بطنها بجنون:
ذلك الذي تريده أكثر من أي شيء آخر أليس كذلك؟.
-
اقترب منها ليبعد يديها عن بطنها وهو يحاول منعها من أذية نفسها:
اهدئي أيتها المجنونة.. اهدئي.. ستؤذين نفسكِ..
-
شل حركة يديها المجنونة بينما أخذت تردد:
أريد أمي.. أريد أمي..
-
حاول تهدئتها بلا فائدة.. وظلت تردد.."أريد أمي".. بلا انقطاع.. وأخي ا رً رضخ لطلبها هامساً
في أذنها بحرقة:
قيد القمر
278
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
سناً سآتي لكِ بأمكِ, ولكن لن تخرجي من هذا المنزل يا قمر, هل سمعتِ؟.. لن ح تبتعدي عني أبداً..
واتصل بعمه وأخبره أن نو ا ر تحتاج والدتها في بعض الشئون النسائية..
*******************
صعدت نعمات إلى غرفتها بعدما خرجت كالعاصفة من الغرفة التي دخلتها لتنتقم من رؤوف
في شخص زوجته الصغيرة وتحاول خلخلة ثقتها فيه وتحطم حبها له وخرجت وقد تلقت
هزيمة أقوى من هزيمة البارحة.. فالصغيرة حامل.. لقد قُضيّ الأمر إذاً.. فهي على الرغم
من كل التحاليل التي تثبت سلامة رؤوف وقدرته على الإنجاب, إلا أن أملاً خفياً كان
يداعبها بأن لا تحمل الصغيرة, وأن يكون رؤوف كعمه غير قاد ا رً على الإنجاب, ومع مرور
الشهور وعدم ظهور بوادر الحمل على نو ا ر قويّ هذا الأمل في قلبها.. وشطح خيالها أحياناً
بأن تتمرد الفتاة وتهجره طلباً لطفل من رجلٍ آخر ويعود هو لها مطأطئ ال أ رس طالباً غف ا رنها
على تفكيره في ام أ رة غيرها وان كانت زوجته..
كم تخيلت مشاهد عتابها ومسامحتها له وكيف سيعودان لحياتهما القديمة قبل دخول نو ا ر
إليها ويطويان صفحة الإنجاب تماماً فيُحرم هو من وجود ابن له كما حرمت هي.. ويزداد
تقاربهما فوجعهما سيكون واحد, ولكن مرة أخرى تهزمها الصغيرة وتثبت أنها الأحق برؤوف,
بل إنها تلك المرة ختمت على صفقة زواجهما بختم أبدي وحملت طفله.. وريث الجي ا زوي..
الآن بالفعل أصبح لا مكان لها في بيت رؤوف..
*******************
ما أن أ رت نو ا ر والدتها حتى ارتمت بين أحضانها وهي تجهش بالبكاء.. تحت نظ ا رت رؤوف
المذهولة ونظ ا رت والدها القلقة... همست شموس لها بفزع:
قيد القمر
279
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ماذا بكِ يا نورا؟.. لقد اطمأنيت على صحتكِ من رؤوف.. ما سبب تلك الدموع؟.. أخذت نو ا ر تشهق بحدة:
أمي أريد الذهاب من هنا.. سأذهب معكِ أنتِ وأبي..
-
صرخ رؤوف بحدة:
نو ا ر!!!.. هل هذا ما اتفقنا عليه؟..
-
أخذت ترمقه والدموع تتساقط من عينيها وهي تتذكر كلامه لها قبل وصول والديها عندما
ضمها بشدة لصدره وهو يهمس لها أنه لن يسمح بابتعادها عنه وعليها ألا تفكر في ترك
المنزل..
أفاقت على حركة والدتها وهي تمسك ذقنها بأصابعها لتحرك وجهها وتقطع النظ ا رت
المتبادلة بينها وبين رؤوف:
ماذا يحدث بينكما؟..
-
والتفتت إلى رؤوف متهمة إياه بقسوة:
ألم أحذرك من قبل.. بأنني سوف آخذها من هنا في اللحظة التي تهملها فيها..
-
وأشارت إلى نو ا ر وهي تصرخ في رؤوف بغضب:
هل هذه العناية التي توليها إياها كما تعهدت لي؟.. هاه.. أجبني..
-
نهر عبد السلام زوجته بلطف:
شموس.. دعينا نفهم الموضوع أولاً.. وأنتِ يا نو ا ر كفي عن البكاء.. وتحدثي معنا..
-
مسحت نو ا ر دموعها بظهر يدها بحركة طفولية خفق لها قلب رؤف..
قيد القمر
280
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
"يا إلهي.. لابد أنني سأجن".
همس لنفسه بقهر بينما لزمت نو ا ر الصمت ولم تجب على سؤال والدها الذي أعاد سؤاله مرة
أخرى على رؤوف فصمت هو الآخر وهو يكتف ذ ا رعيه على صدره ويتأمل نو ا ر بنظ ا رت
غاضبة أعادت الدموع إلى عينيها مرة أخرى, فمسح وجهه بكفيه بتعب وهو يهمس:
يا إلهي.. ماذا أفعل؟..
-
برقت عيني شموس بنظرة إشفاق على رؤوف أخفتها سريعاً وهي تتوجه إليه بالكلام:
يبدو أن الحمل أثر على أعصاب نو ا ر, فلتدعها تأتي معنا.. ترتاح ليومين.. وستعود بعد
-
ذلك وقد هدأت قليلاً..
أجابها رؤوف باحت ا رم:
عفواً يا خالتي.. نو ا ر لن تترك منزلها.. ولكني أقترح.. بعد إذن عمي بالطبع.. أن تبقي
-
معها لفترة حتى تهدأ أعصابها.. و..
قاطعته نو ا ر بعصبية:
هذا ليس منزلي.. إنه..
-
لم يدعها تكمل كلماتها وأخبرها بحسم:
بل هو منزلكِ, ألم يكن طلبكِ منزل خاص, وكان هذا شرطكِ الأول لإتمام الزواج؟.
-
أخبرته بش ا رسة:
نعم.. ولكني لم أطلب أن يضم المنزل زوجتك القديسة أيضاً.. لقد خدعتني..
-
رن صوت والدها بقوة:
قيد القمر
281
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
نورا!!.. التفتت نو ا ر فجأة كأنها تذكرت وجود والديها وغمغمت بخفوت:
أخرجني من هنا يا أبي..
-
تحرك رؤوف بسرعة وجذبها من ذ ا رعها بحركة عنيفة جفلت لها شموس وتحركت لتمنعه
ولكن عبد السلام أوقفها في حين صرخ رؤوف:
لقد نفذت طلبكِ.. أقسم لكِ.. ما حدث بعد ذلك كان بدون قصد.. ولكن هذا منزلكِ..
-
بيتكِ.. إنه ملككِ يا نو ا ر..
غمغمت بذهول ونسيت ذ ا رعها التي يقبض عليها بقوة:
بيتي!!.. ملكي!!.. ماذا تقصد؟..
-
رد أبيها:
يقصد أنكِ تمتلكين ذلك المنزل, لقد سجله رؤوف باسمكِ في اليوم التالي لزيارته لنا..
-
رددت بذهول:
اليوم التالي!!.. قبل أن نتزوج؟..
-
أجابها رؤوف تلك المرة:
نعم.. إن البيت سُجل باسمكِ والأو ا رق مع عمي.. واذا كانت أعصابكِ متعبة بسببي,
-
فسأترك أنا المنزل.. لكنكِ لن تتركيه أبداً..
رفعت عينيها بذهول وهي تردد بعذاب:
أنا لا أفهم.. لا أفهم..
-
قيد القمر
282
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
لم يكن ذهول نو ا ر أقل من ذهول نعمات التي نزلت من جناحها بعدما لمحت سيارة عبد
السلام.. وربضت خارج باب جناح نو ا ر تحاول معرفة ماذا يحدث.. وهي تأمل أن يكون
الطبيب أخبرهم بموت الجنين أو أنها فقدته أو ما شابه.. لكنها صعقت بخبر ملكية نو ا ر
للمنزل وغمغمت بأسى:
"يا إلهي.. ألن تنتهي المفاجآت؟!!".
ولم تكد تتم جملتها حتى سمعت ص ا رخ رؤوف بأن نو ا ر لن تترك المنزل واستعداده هو لتركه
حتى تستريح وتهدأ أعصابها.. فلم تتمالك نفسها واقتحمت الجناح للمرة الثانية في ذلك اليوم
وهي تصيح بغضب:
رؤوف.. ما هذا الذي سمعته؟..
-
التفت رؤوف لها بينما أخفت نو ا ر نفسها خلفه وهي تحمي بطنها بإحدى يديها وتتمسك بكتف
رؤوف باليد الأخرى مما منحه شعو ا رً عارماً بال ا رحة والحماية فهي احتمت به هو رغم وجود
والديها حولها وصاح في نعمات بغضب بارد يحاول التحكم فيه:
نعمات.. هل تتلصصين على الأبواب أيضاً؟..
-
ابتلعت إهانته وهي تسأله:
هل صحيح ما سمعته؟.. هل هذا المنزل ملكها؟..
-
سألته وهي تشير إلى ن و ا ر بحقد..
تنهد رؤوف بتعب.. والتفت إلى نو ا ر والتي ما ا زلت متمسكة بكتفه من الخلف.. واستدار
ليواجهها وهو يأخذ وجهها بين كفيه هامساً:
قيد القمر
283
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
نورا.. أرجوكِ.. عديني ألا تتركي المنزل.. عديني أن نتحدث أولاً.. لكني الآن يجب عليّ توضيح بعض الأمور لنعمات..
سألته نو ا ر غاضبة وهي تحاول تحرير وجهها من بين كفيه:
هل ستتركني وتذهب معها هي؟..
-
همس بتعب وهو يضع جبهته فوق جبهتها متناسياً الجمهور الذي ي ا رقبه:
يا الهي.. استحلفكِ بالله يا نو ا ر.. أن تعديني ألا تتركي البيت, ليس قبل أن نتحدث على
-
أي حال..
تحرك لسانها بدون إ ا ردة منها:
أعدك..
-
طبع قبلة رقيقة على جبهتها وهمس:
شك ا رً لكِ..
-
ثم وجه حديثه إلى عمه:
استئذنك قليلاً يا عمي..
-
والتفت إلى نعمات وهو يشير إلى الباب:
تفضلي.. لنذهب إلى غرفة المكتب.. فهناك بعض الأمور التي يجب توضيحها..
-

*******************



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-10-15, 04:35 PM   #19

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل السابع عشر

ما أن خرج رؤوف برفقة نعمات من الغرفة حتى توجهت نو ا ر إلى خ ا زنة ملابسها محاولة
اخ ا رج ثيابها.. بينما تبادل والديها نظ ا رت حائرة.. وارتفع صوت شموس تسأل ابنتها:
نو ا ر.. ماذا تفعلين؟..
-
أجابتها نو ا ر بغيظ:
أجمع ملابسي.. أليس هذا واضحاً؟!!.
-
سألتها شموس ببرود بعدما تبادلت نظرة ذات مغزى مع عبد السلام:
لماذا؟..
-
صاحت نو ا ر بغضب:
لماذا ماذا يا أمي؟.. لأنني سوف آتِ معكما بالطبع..
-
سألتها شموس بصبر:
لماذا تريدين ترك بيتكِ؟.. ماذا حدث؟..
-
لم تجبها نو ا ر وأخفضت بصرها أرضاً..
كان الدور على عبد السلام ليسألها بنبرة تعرفها جيداً:
ألم تعطي وعداً لزوجكِ ألا تتركي البيت؟.. وحتى بدون الوعد يا نور القمر, منذ متى
-
تترك بنات الجي ا زوي بيوت أزواجهن؟..
صرخت نو ا ر بغيظ:
وهل تريدني أن أنتظره بعدما يفرغ من الحديث مع جلالتها و..
-
قيد القمر
285
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
صرخ بها أبيها:
نور القمر!.. انتبهي للسانك.. فأنتِ تحدثين والدكِ, واذا كنتِ لا تنوين الالت ا زم بوعدكِ
-
فلماذا منحتيه له؟..
لم تعرف نو ا ر بم تجب والدها.. فهي غير قادرة على المكوث في بيته لحظة واحدة وخاصة
بعد إد ا ركها أنها كانت تعيش كضيفة في بيتها.. وأن نعمات كانت تمارس دور سيدة المنزل
بكل صلف وغرور.. و... هي الآن مع رؤوف.. معه وحدهما.. في غرفة المكتب..
تحركت بسرعة لتزيح الستائر وتكشف النافذة لتفاجئ بأن نافذته مغلقة..
فصرخت بغيظ وهي تلقي بثيابها بعبث:
أريد الذهاب الآن.
-
هم والدها بالصياح بها مرة أخرى إلا أن شموس أشارت له وتولت هي سؤالها تلك المرة
وهي تتجه نحو الخ ا زنة مدعية أنها تساعدها في جمع ملابسها التي بعثرتها ولكنها في الواقع
كانت تعيد ترتيبها وتعيدها إلى الخ ا زنة مرة أخرى:
هل تريدين ترك المنزل للأبد؟.. أم لفترة مؤقتة؟.. أخبريني حتى أعد لكِ ما يكفي من
-
الثياب؟..
والتفتت نحوها تسألها باستف ا زز:
هل ستكتفين بالثياب أم ستجمعين كل أشيائكِ؟..
-
أجابتها نو ا ر بتحدي:
اجمعي كل شيء..
-
تصنعت شموس الاستسلام والحزن:
قيد القمر
286
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
حسناً.. سأصطحبكِ معي الآن, وسأترك والدكِ ليتفاهم مع رؤوف على طلباتكِ.. فأنتِ لكِ حقوق ولن..
صرخت نو ا ر:
أمي!!.. أي تفاهم؟.. وأي حقوق تلك؟.. لماذا تتحدثين وكأنني أريد..
-
قاطعتها شموس بحسم:
نعم يا نور القمر.. ماذا تريدين؟.. ماذا حدث الآن لتهدمي المعبد فوق رؤوس الجميع..
-
لقد مر بكما الكثير ومع ذلك تحملتِ بصبر أثار تعجبي واعجابي معاً..
سألتها نو ا ر مشدوهة:
أمي.. كيف..؟..
-
قاطعتها شموس بعدما أشارت لعبد السلام فترك الغرفة لتستطيع الأم التفاهم مع ابنتها:
كيف عرفتِ؟.. لأنني أمكِ؟.. أم أن هذه إجابة لا تكفي؟.. لأنني كنت أ ا ره يجركِ خلفه
-
في كل مكان وفي عينيه تلك النظرة الجامدة, وفي عينيكِ نظرة عاشقة و ا رضية.. وأنتِ كنتِ
مستسلمة وخاضعة لم تعترضي على ذلك, بل كأنكِ كنتِ تريدين إثبات شيئاً ما.. فماذا
حدث اليوم ليثير ذلك الانقلاب الخطير في نفسيتكِ؟..
ثم ضمتها بحنان وهي تسألها مباشرة:
لماذا كنتِ تبكين يا حبيبتي؟.. عندما وصلنا كنتِ منهارة, ماذا حدث؟..
-
سالت دموع نو ا ر بصمت:
إنني لن أحتمل أن أتواجد تحت سقف بيته لوقتٍ أطول..
-
قيد القمر
287
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
لم تستطع أن تخبر والدتها بأن ما حدث اليوم كان القشة التي قسمت ظهرها.. التي أظهرت
لها عدم جدوى ما تقوم به وما تحاول إيصاله له من مشاعر.. فهو حتى لم يدافع عنها
عندما سمع تهجمات نعمات بأذنيه, فكيف تستطيع البقاء معه وهو لا يحترمها.. ولكن رغم
كل غضبها منه لم تستطع أن تشوه صورته أمام والدتها التي أبعدتها عن صدرها وهي
تسألها:
هل تريدين تركه؟.. أم تلقينه درس فحسب؟..
-
فوجئت نو ا ر بفهم أمها لها وحاولت تتكلم عندما قاطعتها شموس:
لأنكِ في كلتا الحالتين أخطأتِ الوقت.. دعيني أكمل كلامي.. وأسألكِ لماذا الآن؟.. لماذا
-
بعد ما تحولت نظ ا رته الجامدة إلى أخرى تذوب عشقاً.. لماذا بعدما لم يخجل من وجودي
ووجود والدكِ وتوسلكِ البقاء؟.. هل أخطأ بالفعل؟.. أم أنكِ تبحثين عن استسلام كامل؟..
غمغمت نو ا ر بحرج:
أنا..
-
قاطعتها شموس بحسم:
أنتِ ستبقين حتى تتحدثي مع زوجك.. وبعد ذلك إذا أردتِ تركه سأنفذ لكِ رغبتكِ.
-
أومأت نو ا ر موافقة أمها فهي لا تريد ترك رؤوف.. وهل جنت لتترك رؤوفها الجديد.. إنها
فقط تريد تلقينه درساً كما فهمتها أمها بف ا رسة..
*******************
ما أن وطأت نعمات بقدمها غرفة مكتب رؤوف حتى تحركت نحو نافذته تشير نحوها
بسخرية:
قيد القمر
288
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ك في مكتبك؟ بجانب النافذة.. لهذا كنت تقضي كل أوقات تجاهلها رؤوف وهو يغلق النافذة ويلف ليجلس على كرسي مكتبه ويتأملها للحظات طويلة
وأجابها أخي ا رً:
نعمات.. اجلسي من فضلكِ..
-
كلا.. أفضل أن أكون واقفة.. وأنا أتلقى الحكم بإعدامي!..
-
لا داعي للد ا رما المبالغ فيها.
-
صرخت بغضب:
مبالغ فيها!!.. ألا ترى أنك أخطأت في حقي.. ليس مرة واحدة, بل ثلاث م ا رت..
-
وأخذت تعدد على أصابعها:
أولاً.. أخفيت عني خبر حمل زوجتك.. وثانياً.. اكتشفت أن المنزل الذي أقيم به ملك
-
لضرتي.. وأنا من كنت أظن أنني ملكته المتوجة.. و..
قاطعها رؤوف:
لقد كنتِ ملكة متوجة في منزلكِ الأول.. ذلك المنزل الذي رفضتِ الإقامة به مخبرة إياي
-
بكل قسوة.. أنه حان الوقت لأنتقل من منزل عمي وأعدُ لكِ منزلكِ الخاص.. كما أعددت
واحد لعروسي الجديدة.. هل نسيتِ كلماتكِ؟..
حاولت مقاطعته لكنه لم يسمح لها:
لقد كنتِ محقة.. بالفعل إنه حقكِ أن أعد لكِ منزل خاص.. ولكننا أقمنا في "منزل عمي"
-
كما تدعين بناء على رغبتكِ التي استجبت لها في ذلك الوقت.. أليس هذا صحيحاً؟..
قيد القمر
289
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أجابته بقوة ا رفضة الموافقة على كلماته:
أنت اعترفت الآن بحقي في منزل منفصل..
نعم.. وعند زواجي من نو ا ر طلبت منكِ اختيار أي منزل لأشتريه لكِ.. لكنكِ أصررت
-
على أن أشيد منزل من الصفر.. وطلبتِ البقاء في منزلي الجديد.. كنتِ تضغطين عليّ
بقوة وتضعيني في موقف حرج أمام عمي وعائلته بأكملها وقبل كل شيء أمام نو ا ر التي
ظنت أنني خدعتها, واحتملت أن أظهر في مظهر الرجل الوغد حتى لا تقوم حرب في ذلك
المنزل.. والى الآن أنتِ ترفضين رؤية الأرض التي سيقام عليها منزلكِ.. فأين أخطأت في
حقكِ؟..
أجابته بغضب:
لقد سجلت المنزل باسمها!.
-
أجابها ببرود:
ليس لكِ أن تحاسبيني على ذلك ما دمت سأفعل لكِ المثل.. هل هناك شيء آخر؟..
-
فوجئت نعمات بكمية البرود التي يتعامل بها.. إنه يعاملها كموظف لديه, فقالت بغيظ:
وخبر حملها؟..
-
أجاب بنفس البرود:
كنت سأخبركِ في الوقت المناسب..
-
كانت تريد أن تصرخ به وليلة أمس.. واهدار ك ا رمتي وبعثرة كبريائي في الوحل.. ولكنها بدلاً
من ذلك قالت بغضب:
لقد سمعت إهانتي بأذنيك ولم ترفع ساكناً لتدافع عن ك ا رمتي!.
-
قيد القمر
290
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أجابها بسخرية:
يبدو أنكِ غفلتِ عن تعليم الزوج الطفل الذي لقنتيه فنون العشق, كيفية الدفاع عن ك ا رمة
-
زوجته..
ت ا رجعت نعمات خطوتين للخلف وقد شحب وجهها بعد إد ا ركها لسماعه حوارها مع نو ا ر
بالكامل, بينما تحرك هو من خلف مكتبه ليتقدم نحوها هامساً بقسوة:
فقط.. أحب أن أصحح لكِ معلوماتكِ, فرؤوف الذي تظنين أنكِ ساهمت في تكوينه.. لم
-
يكن رجلاً تفتخرين به كما تظنين, كان مسخاً.. مسخ حولته فتاة عاشقة إلى إنسان.. إنسان
حي..
غمغمت بضعف:
رؤوف.. أنا..
-
عاد لمقاطعتها:
أنا من سيتحدث.. أنا لن أدخل في لغو النساء.. فكلانا يعلم سبب تهجمكِ على نو ا ر..
-
وأنا اعتذرت عن ما حدث ليلة امس, ولكن لن أدع نو ا ر تدفع ثمنه.. ما أريد معرفته حقاً..
هل تظنين أن زواجي منكِ كان خطوة لتحقيق طموحاتي؟.. هل تظنين أنني ذلك الرجل
الانتهازي الذي لا يعبأ بشيء إلا تحقيق طموحه والاستيلاء على ثروة جده على حساب كل
شيء؟..
واجهته بقوة:
هل تريد إخباري أنك تزوجتني لأنك أحببتني؟.. أنت تزوجتني لتنفيذ أوامر جدك..
-
وافقها رؤوف بهزة من أ رسه:
قيد القمر
291
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
هذا صحيح.. ولكني استمريت معكِ لخمسة عشر سنة, ولم يكن ذلك بناء على أوامر جدي.. لقد حملت لكِ كثير من مشاعر المودة والرحمة والاحت ا رم..
ولكن ليس الحب..
-
هز أ رسه:
ولكن ليس الحب.. آسف على ذلك.
-
سألته بألم:
وهي.. هل..
-
قاطعها بهدوء:
هذا شيء يخصني أنا وهي فقط.
-
همست:
ولكني أحب..
-
أوقفها بإشارة من يده.. فبعد سماعه لكلمة الحب على لسان نو ا ر.. بل من قلبها الصادق لم
يستطع ترك نعمات تشوه الكلمة بإدعائها حبه.. ليس بعدما تغلغت داخله بنبرتها الدافئة
الصادقة..
كلا يا نعمات.. قد تحملين لي مشاعر عدة.. أشكركِ على الطيب منها.. وآسف إذا كنت
-
السبب في وجود أي مشاعر سيئة داخلكِ.. لكن أي منها ليس الحب.. فما تعلمته مؤخ ا رً..
أن الحبيب لا يلوث سيرة من يحب حتى بالكلمات.. لا يقلل من قيمته.. أو يشوه سمعته..
فلا داعي لترديد كلمة.. تحمل مشاعر سامية.. لكنكِ تطلقينها في وجهي الآن بغرض
الضغط عليّ مرة أخرى..
قيد القمر
292
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
رفعت نعمات أ رسها بكبرياء:
والآن؟..
-
أجابها بهدوء:
الآن.. أعتقد أنه من الأفضل.. أن تذهبي إلى قصر الجي ا زوي.. حتى يتم تنظيف..
-
منزلكِ القديم.. أقصد منزل عمي..
سألته بألم:
هل تطردني من منزلك.. أم من حياتك؟..
-
أجابها بواقعية:
إن المنزل ملك لنو ا ر كما أدركتِ.. ووجودكِ في حياتي شيء يعود لكِ.. آسف مرة أخرى
-
على ليلة أمس, صدقاً لم أرغب في إهانتكِ.. ولكن الآن بعد سماعي.. لكلماتكِ عني..
بسط يديه أمامه بعجز وكرر:
كما أخبرتكِ.. وجودكِ في حياتي شيء يعود لكِ.. وأنا سأنفذ لكِ ما تريدين..
-
سأذهب لأعد حقيبتي لأذهب لقصر الجي ا زوي.. وسأبلغك بق ا رري..
-
تحركت نعمات لتخرج من المكتب بكبرياء وأغلقت الباب خلفها.. وتركته غارقاً في أفكاره..
يتعجب من نفسه وكيف استطاع التحكم في غضبه وخيبة أمله بتلك الطريقة.. كاد أن
يواجهها أكثر من مرة أنها كما أضاعت عمرها مثلما تظن معه بدون طفل, هو أيضاً فقد
خمسة عشر عاماً من حياته بدون أن يعيشهم فعلاً.. والآن تعصف به تلك السنوات بما
تحمله من العديد من المشاعر التي لم يعرفها إلا مع نو ا ر.. ولكنه لم يرد أن تكون
قيد القمر
293
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
مواجهتهما الأخيرة جارحة ومؤذية لهما على السواء.. فكتم مشاعره بداخله وأغلق عليها وهذا
ما تعلمه من رؤوف القديم.. أم أنه اعتاد إظهار انفعالاته أمام نو ا ر فقط..
هل يختزن ألمه حتى تريحه هي بابتسامتها الدافئة؟.. وروحها المرحة وأحضانها الحانية؟..
هل آن أوان اعت ا رفه؟.. على الأقل أمام نفسه.. أنه لا يحبها فقط, بل يعشقها.. فأذناه لم
تحتملا سماع كلمات الحب من ام أ رة سواها.. ولم يعد يستطيع إنكار ما يشعر به نحوها,
حتى وان برر لنفسه تغير معاملته لنو ا ر وتحول قسوته السابقة عليها إلى شغف وحنان
جارف بسبب حملها ورغبته في توفير مناخ هادئ حولها حتى لا يتأثر الطفل القادم, ولكن
تلك ستكون كذبة كبرى... فمعرفته بخبر حملها كانت إش ا رقة شمس حبه لها.. ليس بسبب
الحمل ولكن لإد ا ركه أن ما يجيش به صدره من مشاعر لم يتأثر بمعرفته للخبر, بل لو
ا زدت مشاعره أكثر من ذلك لأنفجر قلبه حباً وعشقاً لها.. إنه فقط غير قادر على التصريح
بهذا.. فهو لم يعرف بعد كيفية التعبير عما يشعر به في كلمات بليغة..
*******************
دخل رؤوف إلى جناح نو ا ر التي وجدها ا رقدة على الأريكة بين أحضان والدتها التي تملس
على شعرها برقة وكأنها تمنحها دعمها وحنانها في نفس الوقت.. تعلقت عينيه بعيني نو ا ر,
فوجد آثار الدموع ما ا زلت ظاهرة عليها.. استمر تبادل النظ ا رت بينهما لفترة ألقى بعدها
التحية عليهما بهدوء:
مساء الخير..
-
ردت شموس تحيته بخفوت بينما ظلت نو ا ر ترمقه بنظ ا رتها وهو يتحرك في الغرفة بتململ
فهو لا يعلم ماذا يدور ب أ رسها من أفكار.. لاحظ اختفاء عمه ولكن خالته شموس ما ا زلت
متواجدة.. فهل معنى ذلك أنها ما ا زلت مصرة على ترك المنزل.. ارتسمت حيرته في عينيه
وهو يسأل شموس:
قيد القمر
294
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
هل ذهب عمي؟.. كلا أعتقد أنه في الحديقة.. سأذهب لأ رى إذا كان يحتاج لشيء..
-
وتركتهما معاً في الغرفة بعدما أطلقت نظرة تحذيرية نحو نو ا ر.. كأنها تحذرها ألا تطاوع
جنونها وتهد المعبد... وتهدم كل شيء..
بعد أن خرجت شموس تحرك رؤوف نحو نو ا ر ليركع على ركبة واحدة أمامها ويهمس برقة:
آسف..
-
هزتها الرقة التي تغلف نبرته كعادته كلما حادثها بتلك الطريقة... سحب يدها ليطبع قبلة
رقيقة عليها ويهمس مرة أخرى:
آسف..
-
ثم قلب يدها ليطبع قبلة ثالثة في باطن يدها ويعود لهمسه:
آسف.. آسف.. لأنني سببت لكِ الحزن وتسببت في نزول دموعكِ..
-
حاولت نو ا ر جذب يدها من يدها لكنه شد عليها فسألته:
هل أنهيت كلامك معها؟.
-
أومأ ب أ رسه قائلاً:
إنها الآن تعد أشيائها استعداداً للذهاب إلى قصر الجي ا زوي.
-
لم تستطع نو ا ر إخفاء دهشتها وهي تسأله:
هل ستذهب؟.. هكذا؟..
-
أجابها بإيماءة من أ رسه.. ثم مد أنامله ليرفع ذقنها ويواجه عينيها متسائلاً:
قيد القمر
295
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ترك المنزل؟.. هل مازلتِ مصرة على سالت دموعها وهي تسأله:
كيف تركتني أعيش غريبة في بيتي؟..
-
وهل أشعرتك يوم اً بالغربة؟..
-
رمقتة بنظرة لائمة.. فأخفض بصره وهو يخفي عينيه عنها:
أدري أنني آلمتكِ كثي ا رً, وأنكِ تفهمتني واحتويتِ هواجسي وأشباحي.. وأنني رددت ذلك
-
بمزيد من الألم لكِ.. فهل أطمع بقليل من التفهم منكِ الآن..
ازدادت دموعها انهما ا رً وهي تتذكر ما مرت به معه فنزل على ركبتيه معاً ليستطيع ضمها
لصدره فهمست له:
لقد آلمتني كثي ا رً.. وابتعدت وقسوت و..
-
قاطعها بحنان:
واقتربتِ أنتِ أكثر وأغرقتني بحنانكِ ورقتكِ.. وأربكتِ سنواتي الخمسة والثلاثون.. وقلبتِ
-
حياتي أ رساً على عقب..
ونظر في عينيها:
ومازلتِ تفعلين..
-
لم يجاوبه سوى دموعها التي ما ا زلت تنهمر.. يدرك أنها قدمت كل ما لديها والآن تنتظر منه
ما يقابل عطائها له.. وهو يحاول جاهداً.. ولكن يبدو أنه لم يحقق أي نجاح.. فقرر تفسير
الأمور العالقة أولاً.. على الأقل حتى تهدأ قليلاً وتتوقف عن البكاء وبدأ بأمر المنزل:
قيد القمر
296
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
نورا.. أنا لم أستطع إخباركِ بأمر المنزل.. فهي طلبت منزلاً خاص بها أيضاً.. ولم يكن من العدل أن أعلن عن ملكيتكِ لهذا المنزل قبل أن أخصص لها منزلها.. تلك كانت
قناعاتي.. ولم أرغب يوم اً في تعريضكِ للأذى..
لم تعرف كيف تعارضه وهو يحدثها بمنطقه هذا, لكنها لم تستسلم:
إن أبي كان على علم بأمر المنزل.. أخبرته ولم تخبرني.
-
لقد علم عمي لأنه كان موجوداً لتسجيل العقد باسمكِ بموجب الت وكيل الذي منحته له أنتِ
-
وشقيقاتك.. ولم يخبركِ لأنني أردت أن أقدم لكِ مفتاح المنزل كهدية زواج.. ولكن كما
أخبرتكِ.. ما حدث من نعمات تسبب في تأجيل ذلك قليلاً...
أدركت أنها لا تستطيع هزيمة منطقه فيما يختص بأمر المنزل.. والذي حسم الآن بخروج
نعمات منه.. للأبد.. فعادت تهاجمه حول ما يؤرقها بالفعل:
وسكوتك عندما أهانتني بتلك الكلمات الرهيبة؟..
-
صمت رؤوف قليلاً ثم تحرك مبتعداً عنها لينهض على قدميه ويتجه نحو النافذة يتأمل
الف ا رغ بشرود ثم التفت إليها قائلاً:
نو ا ر.. كوني منصفة لقد كانت الإهانات كلها موجهة لشخصي.. هي فقط قررت
-
استخدامكِ في الهجوم عليّ.. وأنا آسف لذلك فأنا أعلم كم كانت كلماتها مؤلمة وجارحة..
لقد أردت إيقافها عن مهاجمتك.. صدقاً.. أردت التدخل.. ولكني عجزت قدمي عن الحركة
أمام كمية الإهانات والاتهامات التي كانت تلقيها على أ رسي..
شعرت نو ا ر بمقدار الألم الذي يقطر من حروفه.. يا الهي إنه يتألم بشدة.. لأول مرة تلحظ
الألم الح زين في عينيه منذ دخل الغرفة وهي من فسرت نظ ا رته على أنها غضب.. ولكنه لم
قيد القمر
297
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
يكن غاضباً.. كان مصدوماً ومتألماً.. وهي غير قادرة على تقديم ال ا رحة له.. كيف يمكنها
وهو يتألم بسبب كلمات ام أ رة اخرى..
سألته وهي تحاول التحكم في الغيرة التي تعصف بها:
هل أزعجتك كلماتها؟..
-
ضحك بم ا ررة:
أزعجتني!!.. نو ا ر.. بالله عليكِ هل تظنين أنه من السهل عليّ سماع تلك الكلمات بعد
-
خمسة عشر عاماً من الزواج؟!..
لاحظ ترقرق الدموع في عينيها فاقترب منها بسرعة:
يا إلهي.. أنا لا أتسبب إلا في زيادة آلامكِ.. بالله عليكِ لا تبكي, فأنا لا أتحمل أن أ ا ركِ
-
تبكين..
سألته من بين دموعها:
هي محقة إذاً.. ما بينكما عميقٌ جداً.. لن يمكنني أن أصل إليه يوماً..
-
أمسك كتفيها بيديه وهو يريح جبهته فوق جبهتها.. وهو يهمس بحرقة:
أتعلمين.. ربما استغرق الأمر خمسة عشر عاماً من الزواج لأصبح ذلك الزوج الذي كانت
-
تتشدق بأنها من ساهمت في إيجاده.. ولكن.. بفضل ام أ رة استثنائية تحول ذلك الزوج إلى
رجلٌ عاشق.. وذلك ما حدث فقط في خمسة شهور..
ساد صمتٌ تام بعد اعت ا رفه ذاك.. هل هو اعت ا رف بالفعل؟.. ماذا يعني؟.. هل هو عاشق
لها؟.. لماذا لا يصارحها بكلمات واضحة بدلاً من تلك الكلمات الم ا روغة؟.. ارتسمت حيرتها
في عينيها وهي ترفعهما إليه.. فأجابها بهمس:
قيد القمر
298
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
رفقاً برجل مازال يتحسس طريقه في عالم المشاعر وأبجديات الغرام.. همست برقة وهي تحيط عنقه بذ ا رعيها:
يا إلهي...
-
كان جوابه عليها قبلة رقيقة على شفتيها وهو يقربها من صدره بقوة ويرفعها بين ذ ا رعيه
ليعمق قبلته أكثر.. وأكثر.. وهي تبادله قبلته التي شعرت بها مختلفة عن كل قبلاتهما
السابقة.. كانت أكثر رقة.. أكثر عذوبة.. أكثر حناناً وروعة..
شعرت به يضعها برفق على ف ا رشها وهو مستمر في تقبيلها على شفتيها ووجنتيها وجفونها
وهي مستسلمة تماماً له.. ذائبة فيه وهو يبثها مشاعر مختلفة عن كل ما جمعهما من قبل..
طرقات خفيفة على الباب أبعدته عنها.. وطرق مسامعهما صوت شموس:
نو ا ر!!!..
-
غطت نو ا ر وجهها بكفيها وهي تعتدل جالسة في الف ا رش محاولة تغطية ما كشفه رؤوف من
جسدها وهي تقول بذهول:
يا الهي.. أمي!.. وأبي أيضاً!... كيف نسيتهما؟!!..
-
همس باستمتاع وهو يلمس شفتيها المتورمة والتي تظهر بوضوح ما كان يفعله بها:
ألا تعلمين كيف نسيناهما؟!!.
-
ضربته على كتفه بغيظ وهي تصيح به:
تحرك وارتدي قميصك قبل أن تدخل أمي علينا..
-
قيد القمر
299
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
كاد أن يجيبها بتعليق مستفز آخر عندما دوي صوت شموس من خارج باب الجناح وهي
تقول بحرج:
نو ا ر.. هل مازلتما بالداخل؟..
-
تحرك رؤوف بسرعة وهو يغلق آخر أز ا رر قميصه.. وهمس لها:
سوف أخبر والديكِ أنكِ باقية في منزلكِ..
-
ابتسمت له برقة وهي تسوي من هندامها فتحرك هو ليفتح الباب لشموس التي لاحظت
مظهره المرتبك والغير مرتب وعلى الف ور أدركت أن ابنتها تعقلت وأن حياتها ستستقر أخي ا رً..
خاصة بعدما لمحت الخدم ينزلون عدة حقائب خاصة بنعمات..
لم تتمالك شموس نفسها وألقت السؤال الذي يثير فضولها:
نعمات ستترك المنزل, أليس كذلك؟.
-
أجابها رؤوف ليطمئنها على نو ا ر:
نعم.. ستقيم مؤقتاً في قصر الجي ا ز وي.. كما أن نو ا ر باقية في منزلها..
-
سألته شموس بعملية:
هل نصطحب نعمات معنا إلى بيت عمي؟..
-
لمح رؤوف نعمات تتحرك على الدرج الداخلي للمنزل فأجاب:
أعتقد أنه من الأفضل أن أقوم أنا بإيصالها..
-
جاءت نو ا ر لتقف بجوار رؤوف واستمعت لكلماته الأخيرة فوافقته:
قيد القمر
300
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أمي.. أعتقد أنه من غير اللائق أن يتركها رؤوف تذهب معكما.. فهذا ليس من نعم يا طبعه..
رمقتها أمها بإعجاب وفي داخلها تتساءل لماذا لا تملك سهير بعض من ذكاء وقوة نو ا ر.. أو
هي تمتلكهما ولكنها تخشى استخدامهما...
ربتت شموس على كتفي نو ا ر واقتربت منها لتحتضنها:
بارك الله لكِ يا نو ا ر وأسعدكِ يا بنيتي..
-
ما أن ابتعدت شموس عن ابنتها حتى اقتربت نعمات بهدوء من وقفتهم وهي تخبر رؤوف
ببرود:
سوف أذهب الآن إلى قصر الجي ا زوي..
-
حسناً.. سأصطحبكِ إلى هناك.
-
أجابت بنفس برودها:
لا داعي.. لقد اتصلت بعمي عبد الرؤوف وأرسل لي السيارة لتصطحبني بالفعل..
-
فوجئ رؤوف بحركتها تلك.. ولكن بعدما سمعه منها اليوم لم يعد يستبعد أي شيء.. حتى
ما قامت به الآن لتظهره كالنذل الذي ألقى بها في الطريق.. هز أ رسه بعجب.. وأظهرت
نظ ا رته لها أنه بات يفهم تصرفاتها تماماً.. وأجابها ببرود مماثل:
حسناً.. كما تريدين..
-
منحته نظرة أخيرة.. ثم تحركت لتخرج من البيت تحت نظ ا رت شموس التي تنهدت ب ا رحة
بينما أمسكت نو ا ر بكف رؤوف في مؤازرة خفية.. فالتفت إليها وأحاط كتفيها بذ ا رعه في
قيد القمر
301
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
اللحظة التي دخل والدها إلى المنزل و أ رى نو ا ر محاطة بحماية زوجها فتبادل نظ ا رت ال ا رحة
مع شموس وهو يلقي بالتحية على رؤوف..
سوف نذهب الآن يا رؤوف.. اعتني بنو ا ر جيداً..
-
أومأ رؤوف ب أ رسه:
لا تقلق يا عمي... أنت تعلم أنها في أمان.
-
غادرت شموس مع عبد السلام بعد أن تبادل بعض الكلمات مع رؤوف وفهم ما حدث تقريباً
مع نعمات وطمئن رؤوف بأنه سيحاول شرح الوضع لكبير العائلة..
وما هي إلا ثواني بعدما دخلت نو ا ر إلى جناحها حتى وجدت نفسها تطير في الهواء لتكتشف
أنها محمولة بين ذ ا رعي رؤوف ليصطحبها في رحلة عشق طويلة استغرقت معظم ساعات
الليل.. لتستيقظ بين ذ ا رعيه وهو يتأملها بشغف.. فغمغمت بخجل:
صباح الخير.
-
أجابها بابتسامة واسعة ت رتسم على وجهه للمرة الأولى:

صباحكِ سكر.


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-10-15, 04:44 PM   #20

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثامن عشر
،
،
ألقى منذر هاتفه بغضب على فراشه.. يريد التخلص منه بأي شكل, بل احراقه لو تطلب
الأمر حتى يتخلص مما به من سخافات أو بالأحرى بذاءات, فمطاردة وداد له أصبحت لا
تحتمل.. فهي تكثف من اتصالاتها ورسائلها في اليوميين الماضيين بشدة وكأنها أدركت
بغريزتها الأنثوية قر اره بانهاء علاقته بها.. وهي تحاول بشتى الطرق مقاومة ذلك الق ا رر,
وكان آخر وسائلها لدك حصونه ومهاجمة دفاعته ارسالها لعدة صور لها في أوضاع قد
تكون مثيرة للبعض ولكنها أثارت اشمئزازه وغضبه في نفس الوقت..
وما يثير أعصابه حقاً أنها تواظب على ارسال تلك الصور المصحوبة بعبارات الغزل
الفج.. والكلمات الموحية.. بالوعود المغرية بالسعادة.. والمتعة..
لقد شعر في لحظة ما أنه مُطَارد ومحاصر, شعر وكأنه فريسة في مطاردة ما وهذا أصابه
بالحنق والغيظ الشديد.. لا يعلم إذا كان شعوره ذاك يرجع لاقترابه من سهير في اليوميين
الماضيين.. أو أنه بدأ يسئم من تلك اللعبة... فهو أدرك أولوياته وسهير و زواجه منها مهما
كانت المشاكل التي تواجه ذلك الزواج على قائمة تلك الأولويات فهو مُصر على مواجهتها
والتغلب عليها و انقاذ حياته وحب حياته..
أكمل ارتداء ملابسه في سرعة فهو تأخر بالفعل هذا الصباح.. ولكن لا بأس.. فالوقت الذي
يقضيه مع سهير على الافطار.. وحدهما في جناحهما يثرثران معاً حول أي شيء.. كان
أثمن من أن يختصره حتى يصل إلى العمل في موعده المعتاد..
تلفت حوله ليبحث عنها فلمحها وهي تحادث أمها في الهاتف وتبدو على ملامحها معالم
الاستياء والرفض لما يصلها من الجهة الأخرى, فأدرك انها محادثة أخرى من أمها تحاول
فيها معرفة ما يحزن ابنتها ويسبب لها التعاسة.. كم يتمنى لو تبوح بما يشقيها بدلاً من تلك
قيد القمر
303
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
السرية التي تغلفها ولكنه يدرك طبيعة سهير الكتومة والتي تسبب له صعوبة شديدة في
التواصل معها..
فوجئ بسهير تنهي المكالمة وهي تلقي بهاتفها غاضبة وبسيل من الكلمات الغير مفهومة
ينهمر شفتيها:
إن أمي في غاية الارتياح لترك نعمات منزل رؤوف.. إنها تكاد تطير من السعادة.. لا
أدري كيف تفكر!!.. ألم تستمع للشائعات المنتشرة في البلدة.. إن النساء لا سيرة لهن إلا ما
حدث.. يتشدقن بأن رؤوف ألقى نعمات في الطريق حتى يرضي زوجته الصغيرة.. كيف
فعلت نوار ذلك؟.. كيف؟..
سألها بتعجب:
هل تلقين باللوم على شقيقتك فيما حدث؟..
بدا وكأنها بوغتت بسؤاله.. فأجابت بغموض:
ليس بالضبط.. ولكن لابد أن تعترف أنه غير عادل ما تم بحق نعمات!.. فهي قبل كل
شيء زوجته الأولى ولم تقصر معه بشيء, كما أن عقمها ليس خطأها حتى تُلقى عند أول
محطة بعد أن ضمن حصوله على الذرية من نو ا ر.
همس بذهول:
يا الهي!.. أنتِ تلومين شقيقتك بالفعل!
أجابته بحرج:
كلا.. ولكني لست معجبة بما حدث.
قيد القمر
304
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
لماذا؟!.. أنني لم أر رؤوف بمثل تلك السعادة و ا رحة البال من قبل.. أنه يضج بالحياة..
وذلك بفضل نوار.
سألته باتهام:
يبدو أنك معجب بنوار للغاية!
أنا معجب بما قامت به لرؤوف..
وهل أنت معجب أيضاً بطرده لزوجته الأولى من حياته, فقط لأن نو ا ر منحته حياة عجزت
عن منحها له نعمات علماً بأن هذا رغماً عنها!.. يبدو أن الرجال يلهثون خلف كل ما هو
مبهرج ومزركش.. فهذا ما يلفت أنظارهم هذه الأيام.
تعجب بشدة من حماسها في الدفاع عن نعمات.. فسألها بحيرة:
ما الأمر يا سهير هل تدافعين عن نعمات بالفعل؟.. أم أننا نتحدث عن شيء آخر؟.
تلعثمت وهي تجيبه:
أي أمر آخر؟!.. أنا أخبرك بما أفكر.. أليس هذا ما تطالبني به دائماً؟!!
هز أ رسه بأسى وهو ي ا رها عادت لقوقعتها المعتادة منسحبة من النقاش كلما تطرق ولو من
بعيد لحياتهما معاً, لكنه رفض ذلك الإنسحاب من المواجهة فتحرك ليواجهها وهو يجذبها
نحوه:
كفى هروباً.. أنتِ تعلمين عم أتحدث.. اخرجي ما بداخلك وصارحيني..
رفعت إليه عينين مغرورقتين بدموعها التي تحاول حبسها:
ليس الآن.. ليس الآن يا منذر.. لا تذر الملح على الجرح الآن.. فهو ما ا زل مؤلماً...
قيد القمر
305
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
سهير.. يجب أن تدعيني أدخل لعقلك.. أرجوكِ.. كفى كتمان وسرية.
همست بخفوت:
قريباً.. قريباً يا حبيبي أعدك.
حسناً لن أضغط عليكِ.. ولكن لن أؤجل الأمر طويلاً..
أومأت ب أ رسها موافقة.. فطبع قبلة رقيقة على جبهتها.. وهو يودعها منصرفاً إلى عمله..
فذهبت إلى نافذتها المعتادة حتى تلمح خروجه من البيت.. وتابعته بنظ ا رتها وهو يتجه إلى
سيارته ولكنها فوجئت به يلتفت لها ويلوح لها بيده.. ثم أرسل لها قبلة طائرة أعقبها بغمزة من
عينه وهو يتخيل تورد خديها من ج أ رته معها..
تحركت بعدها بسعادة وهي ترتب جناحها وخيال قبلة منذر الطائرة يسيطر على عقلها فيرسم
على شفتيها ابتسامة رقيقة.. كانت تشعر بجهوده ليقترب منها وهو يحاول موازنة معاملته
لها بين منذر الحبيب العاشق الذي سقطت في غ ا رمه ومنذر الزوج الذي تمثل احتياجاته
ورغباته كرجل شبح يزعج أحلامها العذرية.. وهي بالمقابل كانت تتقبل جه وده بسعادة
وتقترب منه أكثر, تعود شيئاُ فشيء إلى شخصية سهير العاشقة الحالمة.. خاصة وهي ت ا ره
ملتصقاً بها وامتناعه عن زيارة قصر الجي ا زوي تماماً.. ولكن تبقى الخطوة الهامة التي تخشى
عواقبها.. المصارحة..
"سوف أصارحه بكل شيء.. هذا ما يجب أن يكون"
قطع تسلسل أفكارها وهي ترتب أغطية الف ا رش.. رنين هاتف صدر من بينها.. أخذت تبحث
عن مصدره وهي تظن أن أمها تهاتفها مرة اخرى, أوخي ا رً عثرت عليه وسحبته من بين
الأغطية وت ا زمن محاولتها الرد عليه مع صدور صوت آخر ينبأ بوصول رسالة والتي
ظهرت لعيني سهير المذهولتين..
قيد القمر
306
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
لتتبين أنها تمسك بهاتف منذر في يدها وليس هاتفها هي..
****************
جلس رؤوف على مائدة الإفطار التي أعدتها نو ا ر.. وهو يتأمل وجنتيها المتوردتين من تأثير
تحديقه بها وملاحظته لكل تحركاتها حتى أنهت إعداد المائدة وابتسمت له قائلة:
صباح الخير.. لقد انتهيت من إعداد الإفطار.. هل تريد قهوتك الآن؟..
سحبها من يدها ليجلسها على المقعد المجاور له:
فقط اجلسي واستريحي قليلاً.. أنا لا أريد تلك القهوة التي تسبب لكِ الغثيان.. أستطيع
الإستغناء عنها..
ثم غمز لها:
آه وصباحك سكر..
عادت وجنتيها للتورد فهي غير معتادة على م ا زجه العابث هذا في اليومين الماضيين..
واص ا رره على تلك التحية.. "صباحك سكر"..
لاحظ هو اح ا رجها وتورد وجنتيها.. فحاول تغيير الموضوع:
هل ترغبين بالاستم ا رر في الإقامة بجناحك؟.. أم ترغبين في الإنتقال إلى الطابق العلوي؟..
تفاجئت من سؤاله فأخفضت بصرها وهي تغمغم بخفوت:
الطابق العلوي!!.. إنني لن أضع قدماً فيه قبل أن أطهره أولاً!!
سأل بذهول:
ماذا؟!!!
قيد القمر
307
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أجابته بصوت واضح:
أنا لن أضع قدماً فيه قبل أن أغيره كلياً.. وحالياً جناحي مناسب لظروف الحمل.. ولا أريد
تركه..
كما تريدين.. عندما تكونين مستعدة اخبريني لنبدأ التغيي ا رت التي تريدينها..
ثم أكمل طعامه تحت نظ ا رتها الم ا رقبة.. تريد أن تطلب منه شيئاً ولكنها تخشى رد فعله,
فأخذت تفرك بيديها كعادتها عندما تتوتر..
ترك طعامه والتفت اليها:
كًفي عن فرك يديكِ واخبريني ماذا تريدين.
سألته بسرعة:
لما لا تطرد تلك الحرباء؟..
تأملها للحظات ولم يرد فعادت تلح عليه ويدها تمتد لتتمسك بيده:
اطردها.. اطردها يا رؤوف.. أنت تعلم تماماً ماذا يحدث.. اطردها من فضلك.
كان يعلم عمن تتحدث لذا اجابها بهدوء :
وهل طردها هو الحل؟..
سألته بحيرة:
ماذا تعني؟..
أعني بطردها أمنحها ميزة أن تكون الطرف المظلوم.. وهذا سيزيد من تعاطف منذر
معها.. طردها ليس هو الحل.
قيد القمر
308
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
سألته وهي تخشى سماع الاجابة:
الى اي حد هو متورط معها؟
أخفى عينيه عنها وهو يجاوبها:
لا تقلقي.. سوف نصل لحل بإذن الله..
أدركت أنه لم يمنحها اجابة لسؤالها ولكنها لم تلح عليه, فهي تخشى معرفة الاجابة.. لذا
ابتلعت م ا روغته ومررتها له تلك المرة..
حسناً.. وما هو الحل الذي تقترحه؟
شد على يدها الممسكة بقبضته:
نو ا ر.. لا تخوضي حرباً أنتِ لستِ طرفاً فيها.
سألته بحيرة:
ماذا تعني؟
الحل لن يأتي من أي شخص إلا سهير.. تدخل أي منا لن يحل المشكلة.. سيؤجلها فقط.
غمغمت بحنق:
أنت تتحدث مثل أمي بالضبط.. فهي أمرتني بعدم التدخل.
جذبها من يدها وهو يتحرك نحو الباب:
إن خالتي شموس سيدة في غاية الحكمة.. استمعي لها.
ثم غمز لها وهو يقول بعبث لم تعتده منه من مدة طويلة:
قيد القمر
309
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ولكن هذا لا يعني أن نكف أيدينا تماماً.. من الممكن تحريك بضع خيوط دون تدخل فعلي
في حياتهما..
صاحت بنزق:
لماذا تتحدث بغموض؟.
ضحك من غضبها الطفولي:
أعني الأسكندرية..
صاحت بفرح:
حقاً!!.. هل ستنقل منذر إلى فرع الأسكندرية.. هذا ا رئع.. بهذه الطريقة سيبتعد عن
الحرباء تماماً..
ابتسم بداخله لاص ا ررها على تسمية تلك الممرضة بالحرباء.. سحقاً.. لقد نسى اسمها
بالفعل.. لكنه اجاب نو ا ر بهدوء:
كلا لن أنقله إلى فرع الاسكندرية فالوقت مبكر على هذا.. لكني أستطيع افتعال بعض
المشكلات التي تطلب وجوده لاصلاحها..
رمت ذ ا رعيها حول عنقه بسعادة وهي تصيح:
أنت ا رئع.. كم أحبك يا زوجي العزيز!
ابتسم بخبث وهو يسألها:
كيف ستكافئني على تلك الحركة الذكية؟
ابتسمت بحب:
قيد القمر
310
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أنا كلي ملكٌ لك.
ضمها لصدره بقوة ثم طبع قبلة على مقدمة أ رسها وهو يهمس لها:
أعلم.. وأنتِ عرفتِ كيف تمتلكين كل جوارحي.
ابتسمت برقة لكلماته التي لا ي ا زل يحاول اختيارها بعناية.. فهو يلمح فقط بدون مصارحة
بحبه.. ولكنها تستشعر ذلك الحب في كل همسة.. في كل لمسة وحتى أصبحت تعرف
كيف تق أ ره في نظ ا رت عينيه..
انتبهت على صوته:
سأذهب الآن.. انتبهي على نفسك, وعلى ابنتي الصغيرة.
لاحظ ابتسامتها الماكرة.. والتي ترتسم في عينيها كلما ذكر موضوع طفلتهما القادمة في
الطريق فسألها بفضول:
لا أعلم معنى تلك الابتسامة ولكنها تقلقني للغاية..
ضحكت بصوت عالٍ:
ستتأخر على عملك.
غمغم بقلة حيلة:
أعلم أنني لن أصل إلى اجابة شافية.. حسناً.. سأذهب الآن.
تحرك ليفتح الباب ولكنه وقف متردداً.. فسألته بقلق:
ماذا هناك؟..
تردد في اخبارها.. ثم حسم أمره هو لن يخفي عنها أي شيء:
قيد القمر
311
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أردت اخبارك أنني سأمر على نعمات في منزل جدي قبل أن أذهب إلى العمل.
خرجت الكلمة على لسانها قبل أن تستطع منعها:
لماذا؟..
كانت لهجتها حادة وغاضبة.. وكرهت نفسها لأنه شعر بذلك ولكنها لم تستطع الادعاء
بالامبالاة وهو يخبرها أنه سيذهب ليرى نعمات..
اجاب رؤوف بهدوء حازم:
نو ا ر.. أنها ما ا زلت زوجتي.. ومن واجبي الاطمئنان عليها و..
قاطعته بحنق:
أعلم.. أنا آسفة.. لا .. لست كذلك.. أنا أعلم أنه يجب عليك ترتيب أمورها.. فقط.. لا
أدري.. انتبه على نفسك..
أمسك ذقنها برقة وطبع قبلة طويلة على وجنتها:
لا تقلقي.. ولا حاجة لتلك الغيرة التي تلتمع في عينيكِ.
حاولت تحرير ذقنها من يده لكنه لم يمكنها فهمست أخي ا رً بغيرة واضحة:
لا تقترب من الحرباء التي تعتني بجدي.. يكفي أنك سترى نعمات.
قهقه بسعادة وهو يقبلها مودعاً:
لا تتغيري أبداً يا صغيرتي الغيورة.
****************
ما أن وصل منذر إلى مكتبه حتى لحق به شقيقه قاسم الذي بادره قائلاً:
قيد القمر
312
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
لقد تأخرت اليوم.. واحتاج إلى توقيعك لانهاء بعض الأعمال..
حسناً.. أنا هنا.. هات الأو ا رق التي تحتاج لتوقيعها
ناوله بعض الأو ا رق فأخذ منذر ي ا رجعها بدقة تحت ناظري شقيقه الذي تمتم في نفسه
"لقد وصل بي الحال لأن انتظر توقيع شقيقي الأصغر على بعض الأو ا رق التافهة.. آه من
تلك الزلة القديمة التي لا يريد أحد أن ينساها أو حتى يتظاهر بنسيانها.. بسببها سأبقى
موظفاً للأبد.. بينما أخي الأصغر وابن خالي يتوليان إدارة الشركات"
تنحنح ليجلي صوته وهو يسأل:
لم يصل صاحب الفخامة إلى الآن.. هل تعلم لماذا تأخر؟..
ضيق منذر عينيه متسائلاً:
صاحب الفخامة!!.. هل تعني رؤوف؟!.. لا أدري لما تأخر اليوم!!.. لابد أنه على
وصول فليس من عادته التأخير.
رد قاسم ساخ ا رً:
يجب أن تعتاد على تأخره, فهو تخلص من العجوز الشمطاء.. وغرق في أحضان ابنة
الخال الفاتنة.
رمى منذر القلم بغيظ وهو يصيح به:
يا إلهي!!.. ألن ننتهي من تلك الحكاية؟!!.. دع الأمور على حالها يا قاسم ولا داعي
لإثارة المشاكل.. إن نو ا ر تنتمي كلياً لرؤوف فتوقف عن الأحلام المستحيلة.
صاح قاسم بنزق:
قيد القمر
313
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
مستحيلة!.. هاه.. لو كنت أعلم أنها لا تمانع في أن تصبح زوجة ثانية لكنت تحركت من
مدة طويلة.. ولكنت تمتعت بها الآن وبجسدها..
قاطعه منذر بحدة:
توقف.. ألا تملك أي حياء.. يا الهي.. أنك تتحدث عن ام أ رة متزوجة.. وزوجها هو ابن
خالك.. فقط توقف..
عاد قاسم يتحدث وكأنه يحادث نفسه:
نعم ام أ رة.. ويالها من ام أ رة فاتنة!!.. و..
لم يستطع اكمال جملته بسبب قبضة رؤوف التي طارت في وجهه وهو يجذبه من ملابسه
ويكيل له اللكمات.. رؤوف الذي وصل قبل لحظات ليستمع إلى بذاءات قاسم المقززة فاقتحم
الغرفة بسرعة ليلكمه وينطلق فيه صارخاً:
أنت حيوان.. بل أقل من حيوان.. كيف تتج أ ر على التفكير بها؟.. كيف؟..
وعاد يكيل له اللكمات التي تفاداها قاسم تلك المرة وهو يسدد لرؤوف لكمة ق وية لم يستطع
رؤوف تفاديها.. وصرخ قاسم بغضب:
ولماذا لا أفكر بها؟.. أنا أريدها!.. لقد أردت الزواج منها من مدة ولم يمنعني عنها إلا
زلتي القديمة والزوجة المعلقة برقبتي.. لقد لهثت خلف أمي حتى تزوجني اياها ولم أنجح..
بينما أنت.. أنت.. اكتفيت بإشارة من اصبعك الأصغر فجعلوها ملكاً لك..
لم يحتمل رؤوف سماع كلماته فعاد لتسديد اللكمات له بينما قفز منذر بينهما يحاول فض
اشتباكهما دون جدوى..
قيد القمر
314
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
جذبت أصواتهم العالية عدد من الموظفين في الشركة فتدافعوا لمعرفة ماذا يحدث بين أحفاد
الجي ا زوي.. فمشاجرة بين الأحفاد الذكور حدث لا يتم يومياً في شركة الجي ا زوي المعروفة
بالت ا زم جميع من يعمل بها..
تحرك عبد السلام بصعوبة وهو يفض الجمع المتحلق من الموظفين وكانت الأصوات
العالية قد لفتت انتباهه هو أيضاً..
فدخل الغرفة ليجد رؤوف يكيل اللكمات لقاسم ومنذر يحاول إبعاده عنه وهو يصيح به:
يكفي يا رؤوف.. يكفي.. سوف تقتله.
ولكن غضب رؤوف كان أكبر من أن يصغي لمنذر أو حتى لعمه عبد السلام الذي شارك
منذر في الإمساك برؤوف و ابعاده عن قاسم الذي تهالك أرضاً بعدما ترك رؤوف ملابسه..
وظل رؤوف يصارع للإفلات ممن يمسكان به.. وهو يصيح:
اتركاني.. اتركاني حتى أؤدب هذا الحيوان.. إنه انسان مريض.. مريض..
تمكن منذر بمساعده خاله أخي ا رً من السيطرة على رؤوف الذي جلس على أحد المقاعد وهو
يتنفس بصعوبة ج ا رء المجهود الذي بذله.. وهنا صاح عبد السلام بغضب:
هل جننتم جميعاً؟!!.. تتبادلان اللكمات في الشركة!!.. ماذا حدث؟..
همس له منذر بكلمات موجزة تلخص ما حدث فتغير وجه عبد السلام وهو يرمق قاسم
بغضب بينما هو يحاول النهوض من الأرض فتحرك رؤوف نحوه يحاول لكمه م رة أخرى
ولكن منذر انتبه له فقيد حركته بينما صاح في خاله متوسلاً:
أرجوك.. يا خالي.. أرجوك اخرج قاسم من هنا قبل أن يقتله رؤوف ونخسرهما مع اً..
قيد القمر
315
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
بدا على عبد السلام الرغبة في ضرب قاسم ولكنه تمالك نفسه وهو يرى رؤ وف في حالة
غضب عارمة, فجذب قاسم يرفعه من الأرض ليخرجه من الغرفة يتبعه صوت رؤوف
الغاضب:
لا تدعه يطأ بقدمه أرض الشركة ثانية.. لا أطيق رؤويته.. ابعده عن عينيّ حتى لا اقتله..
ساد صمت حرج بعد خروج عبد السلام وقاسم من الغرفة.. فعاد رؤوف يجلس متهالكاً على
مقعده وهو يتأمل قبضته المدماة إثر شجاره مع قاسم
وسأل منذر بغضب مكبوت:
كنت تعلم.. أليس كذلك؟..
كان تقري ا رً أكثر منه سؤال فغمغم منذر بحرج:
رؤوف.. لا تعول على كلماته القذرة.. إن قاسم يتطلع دائماً إلى ما يملكه الآخ رون.. هو لا
يقصد شيئاً معيناً.. لا تفكر كثي ا رً فيما سمعته!
رمقه رؤوف بذهول.. كيف لا يفكر فيما سمعه!!.. إن كلمات قاسم كانت كطعنات الخناجر
لقلبه وعقله معاً وهو يتصور خيال قاسم المريض حول نو ا ر.. لقد أ ا رد قتله.. وكاد أن يفعل..
عاد الغضب يتملكه مرة أخرى فاعتصر قبضتيه بقوة..
ولمح منذر سلسلة الانفعالات على وجهه فعاد يحدثه بهدوء:
يمكنك نقله إلى فرع القاهرة و..
غمغم رؤوف بغضب:
أريد قتله..
صاح به منذر في هلع:
قيد القمر
316
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
رؤوف!!.. تعقل.. أنت..
عاد رؤوف يتحدث كما لو لم يسمع منذر:
كان يجب أن أثق بحدسي.. لم يكن علي أن أدعه يقترب من أي مكان هي متواجدة فيه..
عاد منذر يحدثه بهدوء:
أرجوك يا رؤوف.. حكم عقلك قليلا
..
ابعده عن هنا.. هذا الحل الأمثل.. أنت لا تستطيع
التحكم في عقول البشر.. وصدقني ما يدور في عقل قاسم مجموعة من الخيالات لا أكثر..
تلك طبيعته.. لكنه لن يضرك أو يضر زوجتك.. أنه ذو خيال مريض فحسب.. أشعر
أحياناً أنه لولا ا ربطة الأخوة بيننا لضم سهير لخيالاته أيضاً..
ساد الصمت مرة أخرى بعد كلام منذر المحير وحاول رؤوف السيطرة على الغضب الذي
يعصف به.. فما ا زلت الرغبة في محو قاسم من الحياة تنتابه بقوة.. ولكن ما يمنعه عنه هو
عمته قمر.. فهي لا تستحق ذلك الألم..
قاطع الصمت صوت هاتف رؤوف فالتقطه بسرعة ليجده يضيء باسم نو ا ر, ف ف رعه إلى أذنه
بلهفة:
نو ا ر!!.. ماذا حدث هل أنتِ بخير؟.. هل تعرض لكِ....
قاطعته نو ا ر:
مهلاً يا رؤوف.. لا تقلق.. أنا بخير.. ولكن..
عاد لمقاطعتها:
ولكن ماذا؟..
اجابته بصوتٍ باكٍ:
قيد القمر
317
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أنها سهير.... هل تستطيع احضار منذر والقدوم سريعاً.. إن سهير هنا وهي تبكي
بهيستريا..
قطب رؤوف بقلق:
حسناً.. نحن في طريقنا إليكِ.. لا تقلقي..
اجابته بصوت مخنوق:
لا تتأخر.
أغلق الهاتف والتفت إلى منذر يسأله بغضب:
هل آذيت سهير؟.. هل أخبرتها عن تلك الفاسقة التي تعرفت عليها مؤخ ا رً؟..
تفاجئ منذر من سؤال رؤوف فسأله بحيرة:
ماذا؟.. ماذا تعني؟..
قاطعها صوت هاتف رؤوف مرة أخرى وكانت تلك المرة هي عمته قمر والتي صاحت به
فور أن أجاب الهاتف:
أين ذلك المجنون؟.. أين منذر؟.. ما الذي فعله للفتاة؟.. لقد خرجت كالمجنونة من المنزل!
اجابها رؤوف بخفوت:
اهدئي, عمتي.. ولا تقلقي علي سهير.. إنها في منزلي مع نو ا ر.. ونحن في ط ريقنا إيهما
الآن..
ولكن.. ماذا..
قاطعها بسرعة:
قيد القمر
318
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
سوف أخبرك بالتفاصيل فور أن أعلمها.
وما أن أغلق الخط حتى صاح به منذر:
ماذا بها سهير؟.. ماذا يحدث؟..
اجابه رؤوف وهو يصحبه للخارج:
سوف نعلم عندما نصل إلي منزلي.. بالمناسبة.. أين هاتفك؟.. لماذا اتصلت عمتي على
هاتفي؟.. هل أضعته ام ماذا؟..
صدم منذر وقد تذكر القاءه لهاتفه على الف ا رش.. بعدما ضاق ذرعاً بما ترسله وداد من
صور فاضحة وربط ذلك بانهيار سهير.. وصرخ برؤوف:
أسرع يا رؤوف.. يا الهي.. يا الهي.. لماذا لم أمحِ تلك الصور؟.. لماذا؟..
رمقه رؤوف بحيرة ولكنه لم يسأله فهو بدا في حالة مزرية.. فتحرك نحو السيارة حتى يذهبا
إلى منزله بأقصى سرعة..
****************
وصل رؤوف سريعاً إلى منزله ودلف هو أولاً إليه وهو ينادي على نو ا ر بلهفة.. فخرجت له
من جناحها مسرعة:
رؤوف... حمداً لله أنك وصلت.. سهير.. أنا لا أعلم ما بها.. أنها تبكي بلا ت وقف.. لقد
فكرت في استدعاء أمي.. ولكني انتظرت حتى تأتي أولا ربت رؤوف على وجنتها برفق:
لا تقلقي.. لقد أتيت بمنذر معي.. ومن الأفضل عدم استدعاء والدتك حتى نعلم ما الأمر..
قيد القمر
319
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
والتفت منادياً منذر الذي دخل بحرج وما أن شاهدته نو ا ر حتى صاحت به:
ماذا فعلت لها؟.. سوف أ..
قاطعها رؤوف:
اهدئي يا نو ا ر.. لا داعي لكل هذا.. نحن لا نعلم ما المشكلة..
صاحت به بغضب وهي تشير إلى منذر:
أنه هو المشكلة.. أنها تقبض على هاتفه بشدة وتبكي بلا توقف.. لقد كانت في حالة
هيستيريا عند وصولها ولكن الآن دموعها تنزل فقط بدون أن تصدر أي صوت..
همس منذر بألم:
يا الهي.. أين هي يا نو ا ر؟.. أين هي؟..
سكتت ولم ترد عليه بل اكتفت برمقه بنظ ا رتها القاتلة, فحثها رؤوف بهدوء:
هل هي في جناحنا؟..
هزت أ رسها في موافقة صامتة.. فأشار له رؤوف إلى مكان الجناح حيث تتواجد سهير
فأسرع منذر متجهاً نحو بابه وحاولت نو ا ر أن تلحق به ولكن رؤوف أوقفها:
دعيه يا نو ا ر..
عارضته بقوة:
ولكن..
اجابها بحسم:
أنها زوجته..
قيد القمر
320
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
اقتربت منه وهي تضع أ رسها على صدره وتهمس بضعف:
أخشى ان يؤذيها.. أن سهير هشة جداً و...
قطعت كلماتها بصيحة دهشة وهي تلمح قبضته المدماة:
رؤوف!!.. ماذا حدث ليدك؟.. كيف أصبت هكذا؟..
نظر إلى يده المصابة وهو يطمئنها:
لا تقلقي.. أنه لا شيء
أمسكت يده تتأمل عقد أصابعه المدماة وصاحت بعجب:
رؤوف.. هل كنت تتشاجر؟.. مع من تشاجرت؟..
نو ا ر.. أرجوكِ.. دعي هذا الآن.. أنا أمامك وبخير.. ليس بي شيئاً.. فاطمئني..
استفهمت منه بخوف:
هل ذلك له علاقة بنعمات؟.
سألها بتكهم:
هل تعتقدين أنني تبادلت اللكمات مع نعمات؟!
اجابت بحرج:
بالطبع لا.. لم أقصد هذا.. أقصد.. هل لكمت جدار أو ما شابه؟..
اجاب بغموض:
ما شابه.. لا تقلقي.. أنا بخير الآن
قيد القمر
321
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
رمقته بقلق.. أنه يخفي شيئاً ما.. وبالتأكيد لن تدع الأمر وتسكت عنه.. سوف تعرف كل
شيء.. سوف تدفعه إلى الكلام بطريقتها.. ولكن لتؤجل ذلك قليلاً.. حتى تطمئن على
شقيقتها.. فيكفيها أنه بخير وهو هنا معها..
اجابته مذعنة:
فلتأتِ معي إلى المطبخ حتى أضع بعض الثلج على يدك..
وعندما وصلا إلى المطبخ سألته بفضول:
إذاً.. ماذا حدث مع نعمات؟..
رمقها بنظرة متأملة.. يدرك أنها تشتعل من الغيرة.. وهي لا تخفي ذلك.. أنها واضحة في
كل مشاعرها.. ومع ذلك يشعر أنها رمز الغموض.. استحثته بحركة خفيفة من يدها..
فأجابها بهدوء:
لا شيء.. لقد رفضت مقابلتي.. وطلبت من جدي أن يبلغني.. أنها تحتاج إلى وقت حتى
ترتاح أعصابها وتتغلب على خيبة أملها..
ضغطت كتفه في مؤازرة قوية وهي تهمس:
لا تغضب.. جدي متفهم لموقفك.. لقد أخبرني أبي بذلك... وهي سوف تهدأ بإذن الله..
قبل أن يجيبها ارتفع ص ا رخ سهير على منذر.. كانت كلماتها غير واضحة في البداية..
ولكنها بدأت تتضح شيئاً فشيء.. وشحب وجه نو ا ر على إثرها ثم امتقع حرجاً.. وبدا أنها
تجمدت وهي تتبادل النظ ا رت مع رؤوف الذي سحبها من يدها بسرعة وأغلق باب المطبخ
عليهما:
فلنمنحهما بعض الخصوصية.. أين ذلك الثلج الذي أخبرتني عنه؟..
قيد القمر
322
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
تحركت معه في صمت وهي مذهولة من الكلمات التي تناثرت إلى آذانها.. فعاد هو يخبرها
بخفوت:
أعتقد أنه من الأفضل أن تستدعي والدتك..
جمعت بعض قطع الثلج في قطعة قماش نظيفة ووضعتها على يده المكدومة وهي تومئ له
بالموافقة:
انت محق.. يجب أن تأتي أمي.
****************
دلف منذر إلى جناح نو ا ر حيث تتواجد سهير التي لمحها على الفور جالسة على الأريكة..
منكمشة على نفسها.. دموعها تهطل بغ ا زرة.. ويديها قابضة بشدة على هاتفه..
كاد البؤس البادي عليها أن يتسبب في إيقاف قلبه من الالم.. فهو آذاها.. وبقوة.. ولا يدري
كيف يصلح ما تسبب بكسره في لحظات طيش غبية.. لعن غبائه الذي منعه من محو تلك
الصور القذرة.. والتي بالتأكيد صدمت عينيّ سهير البريئتين.. ووضعت في عقلها خيالات
جامحة عن المدى الذي وصلت فيه علاقته بوداد..
همس بصوت خافت:
سهير..
رفعت عينيها الغارقتين بدموع حارقة.. وهي ترفع يدها بهاتفه:
إنه.. هاتفك.. أنا.. أنا لم أقصد.. لم أقصد تصفح ما.. ما به.. لم أتعمد البحث عن
الصور.. لم أتعمد.. لقد.. لقد قفزت في وجهي.... أنا لم أقصد..
وخفت صوتها وهي تضغط على الهاتف بقبضتيها وتهز أ رسها بضياع:
قيد القمر
323
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
لم أقصد..
اقترب منها سريعاً ومد يده ليمسح دموعها التي تنساب بلا إ ا ردة منها.. فانتفضت بقوة عند
ملامسة يده لوجنتها وابتعدت إلى آخر الأريكة وهي تصرخ :
لا تقترب مني.. لا تلمسني..
صاح بعذاب:
سهير.. اسمعيني.. أنتِ فهمتِ الموضوع خطأ.
همست بصوتها الجريح:
فهمت!!.. أنا لم أفهم شيئاً.. أنا أحاول اخماد عقلي حتى لا أستوعب معنى ما أ ريت على
هاتفك..
سهير.. لا تفعلي هذا بنفسك.. فقط اعطيني فرصة لأشرح.. أنتِ اخطأتِ الفهم..
فرصة!.. خطأ..
ثم ارتفع صوتها قليلاً:
إلى أي مدى وصلت علاقتك بها؟..
حاول أن يحرك شفتيه, ولكنها أشارت له ليصمت:
لا.. لا تجب عن ذلك.
عاد يهتف بها:
سهير.. ما يحدث هو سوء تفاهم كبير.. الموضوع أبسط من هذا..
نهضت فجأة لتقف على قدميها:
قيد القمر
324
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
بسيط!!.. جرحك لي.. وخيانتك.. هي سوء تفاهم وموضوع بسيط..
صمتت وسألته بهمس:
هل أحببتها؟
هتف بسرعة:
كلا بالطبع.. أنتِ تعلمين أنكِ حبي الوحيد.
اجابته بسخرية:
واضح.. وهل مطلوب مني أن أسامحك وأغفر لك بعد أن تخبرني بذلك؟!
اقترب منها بهدوء ليواجهها ولكنه امتنع عن لمسها بعدما لمح التحذير في عينيها:
هل تسخرين الآن مما جمعنا معاً؟
هتفت به:
ما جمعنا لم يمنعك من خيانتي.. من خيانة ذلك الحب الذي تدعي أنك تحمله لي..
أمسك بذ ا رعيها صارخاً:
لم أخنك.. اقسم أنني..
تملصت من بين يديه:
النظرة خيانة..
صرخ بها في غضب:
قيد القمر
325
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
توقفي.. توقفي يا سهير عن تلك المثالية الحمقاء.. توقفي عن لعب دور الضحية
والاندماج به.. ولا تدعي مفاجئتك بما حدث
بهتت من هجومه المفاجئ.. وقد تبينت أنه يكشف جميع الأو ا رق, فصاحت به:
ولكنني فوجئت.. فوجئت بمدى الابتذال الذي يمكن أن تصل إليه..
صرخ بها:
ابتذال!!.. سهير.. توقفي.. أنتِ.. فهمتِ الموضوع كله خطأ.. أنا..
صرخت به:
أنت ماذا؟.. أنت كنت تذهب يومياً إليها.. كنت ت ا رها وتتحدث معها.. تتبادل معها الرسائل
الهاتفية.. نعم.. لقد أ ريتها.. فأنا لم أتعمد البحث في هاتفك في البداية.. ولكنني لم أستطع
مقاومة نفسي بعدما أ ريت تلك الصور المقززة.. أنت كنت تحيا معها تقريباً حياة كاملة..
أمسك بذ ا رعها بعنف:
نعم.. اعترف بكل هذا.. ولا أدري لماذا تلقين باللوم عليّ فقط.. فكما يبدو أنكِ كنتِ
تتابعين تطور علاقتي بها.. ولم ترفعي إصبعاً لايقاف ما يحدث..
صرخت به:
أنا!!... تلومني أنا على خيانتك؟!..
صرخ بقوة:
لقد أخبرتك.. أنا لم أخنك..
أكملت له جملته:
قيد القمر
326
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
بعد.. أنت لم تخونني بعد.. فأنت كما يبدو تنتظر أن استمر في تجاهلي لتصرفاتك..
ووقتها ستمنح نفسك العذر في خيانة كاملة.. أليس كذلك؟..
إذا كان هذا ما تظنينه.. أن خيانتي لك ستحدث لا محالة.. وأن الأمر مسألة وقت.. فلم
استمريتِ مع زوج هو في نظرك مشروع لرجل خائن؟..
همست بضعف:
لأني أحبك..
صاح بها بقسوة:
ولم عليّ أن أقبل بتلك الاجابة.. بينما أنتِ سخرتِ من حبي لكِ منذ قليل؟.. وماذا فعلتِ
لتحافظي على ذلك الحب؟..
تساقطت دموعها وهي تهمس:
يالك من قاسٍ.. مما صنعت؟.. هل تهاجمني الآن؟.. وأنا التي كنت أتعامل معك بكل
الحذر حتى لا أتسبب بجرحك.. أو اهانتك..
وارتفع صوتها قليلاً:
أنت تلومني.. لا بأس.. فأنا أيضاً ألومك.. ألومك على ضياع حبيبي.. على ضياع
حلمي..
صرخ بها وهو يجذب ذ ا رعها بعنف:
تلوميني!.. أفيقي يا سهير.. أفيقي.. إن سبب ما نحن فيه الآن هو خيالاتك الرومانسية,
والتي تجعلك تنفرين مني.. أو من أي علاقة تربطنا معاً.. لأنكِ بر ومانسيتك الحمقاء
تعتقدين أن علاقتنا الزوجية تلوث مشاعرك الرومانسية والعذرية السخيفة..
قيد القمر
327
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ا زدت دموعها انهما ا رً وهي تستمع إلى اتهماته له.. هل يعتقد أنها بمثل تلك السخافة
والسطحية!!..
أنت مخطئ.. مخطئ.. أنا لا أعتقد ذلك.. لا أعتقد أن العلاقة الزوجية تلوث مشاع ري
العذرية السخيفة كما دعوتها.. أنا أعتقد أن تلك العلاقة هي صلة روحية بين الزوجيين قبل
أن تكون صلة جسدية.. وسيلة منحها الله لكل زوجين حتى يزدادا تقارباً.. هذا هو ما
أعتقده.. لكن للأسف في كل مرة نكون فيها معاً.. كنت أشعر أنني ازداد تباعداً عنك..
هل تعلم لماذا.. لأنني عاجزة عن الشعور بك.. عاجزة عن منحك مشاعر الزوجة العاشقة
لزوجها.. عاجزة عن حبك بالطريقة التي تريدها أنت..
سألها وقد بهت من تصريحها الأخير:
ماذا تعنين؟.. ما معنى تلك الكلمات الغامضة؟.. كوني صريحة وتوقفي عن الم رواغة
واللعب بالكلمات..
صرخت به وكأنها ترمي بكل همومها وأح ا زنها دفعة واحدة:
أنا لا اشعر بأي شيء.. وأنا معك.. وأنا بين ذ ا رعيك.. هناك شيء ناقص.. هناك دائماً
شيء ناقص..
وضعت يدها على شفتيها بجزع وقد أدركت أنها صرحت بالكثير.. الكثير الذي لم يحتمله
منذر فتقهقر إلى الخلف مصدوماً مما سمعه وأدركه من خلال كلماتها.. وهو يرمقها بنظرات
تشتعل من الغضب.. الغضب على كرامته.. على رجولته الجريحة.. عليها هي.. وعلى كل

ما أخبرته به الآن..


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:59 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.