آخر 10 مشاركات
تائــهــة في عتمتـك (الكاتـب : نسريـن - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          حَمَائِمُ ثائرة! * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Lamees othman - )           »          ❤️‍حديث حب❤️‍ للروح ♥️والعقل♥️والقلب (الكاتـب : اسفة - )           »          593-الزوج المنسي- اليزبيث أوغست -قلوب دار نحاس (الكاتـب : Just Faith - )           »          ذنوب مُقيدة بالنسيان *مكتملة* (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          عشق من قلـب الصوارم * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : عاشقةديرتها - )           »          سحر التميمة (3) *مميزة ومكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          الزوج المنسي (10) للكاتبة: Helen Bianchin *كاملة+روابط* (الكاتـب : raan - )           »          الشيـطان حــولك .. *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : smile rania - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

Like Tree13Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-10-15, 05:04 PM   #21

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


الفصل التاسع عشر
،
،
،
كيف حالها الآن؟..
كان هذا أول ما سألته شموس لنوار عند وصولها الى منزلها..
أشارت نوار إلى باب جناحها:
أنها في جناحي.. وحالتها سيئة للغاية.. ما زالت تبكي باستمرار, لقد تشاجرت مع منذر
مشاجرة عنيفة.. وتعالت أصواتهما.. و..
استحثتها شموس:
وماذا؟..
ردت نوار بحرج:
أمي.. من الأفضل أن تسألي سهير..
وأين منذر الآن؟..
لا أدري.. لقد استقل سيارة رؤوف وانطلق بها بسرعة كبيرة ولم يستطع رؤ وف اللحاق به..
ولكنه ذهب ليبحث عنه..
أغمضت شموس عينيها بقوة.. فهي تدرك أن معركتها مع سهير قاسية وما تواجهه في
زواجها أكثر صعوبة مما واجهته نو ا ر يوماً.. فتنهدت بقوة وهي تسحب نفس عميق.. وقالت
لنو ا ر:
اتركيني وحدنا.. واعدي لها ش ا رب اً بارد اً
قيد القمر
329
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أومأت نو ا ر بصمت بينما اتجهت شموس إلى حيث توجد سهير والتي وجدتها متقوقعة على
الأريكة شاردة في الفضاء وهي تضم ركبتيها إلى صدرها وتحيطهما بذ ا رعيها.. ودموعها
تهطل بلا توقف..
اقتربت منها بهدوء وجلست خلفها لتلفها نحوها وتضمها إلى صدرها بقوة..
ماذا هناك يا سهير؟.. ماذا حدث؟..
أجهشت سهير في البكاء وهي تغمغم بكلمات غير مت ا ربطة:
انتهى.. كل.. شيء.. أنا.. آذيته.. حطمته.. دمرت.. كل شيء..
ا زدت شموس من ضمها وهي تهدئها:
اهدئي يا سهير.. اهدئي حتى أستطيع أن أفهم.. ماذا حدث؟..
أخبرتها سهير من وسط شهقاتها:
ضاع كل شيء.. انتهى.. منذر.. وأنا.. انتهينا.. انتهى زواجنا..
مسحت شموس على أ رسها بهدوء:
لماذا تقولين ذلك؟.. إن منذر يحبك..
ابتعدت سهير عن أحضان أمها وأخذت تهز أ رسها:
لا.. لا أعتقد أنه من الممكن أن يستمر في حبي بعد الآن..
ثم عادت تجهش في البكاء وهي تهمس:
لقد أضعته.. انتهى كل شيء..
سألتها شموس بحزم:
قيد القمر
330
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ماذا حدث يا سهير؟..
رفعت عينيها لأمها وهي تخبرها بألم:
لقد أخبرته.. ألقيت الحقيقة في وجهه.. لم أستطع تجميلها أو تخفيف وقعها.. لقد سأمت
من التظاهر وأرهقت من الإدعاء.. فصارحته.. و... و.. انتهى كل شيء.. سيتركني
الآن.. سيبتعد.. ويتركني..
سألتها شموس بارتياب:
وما هي تلك الحقيقة التي أنهت كل شيء؟.
هزت سهير أ رسها وهي تختنق بشهقاتها:
الحقيقة.. أنني عاجزة عن الاقت ا رب منه كما يجب.. أنني عاجزة عن حبه كما يريد.. أنني
زوجة فاشلة.. وأقل من أي ام أ رة.. أن هناك دائماً ما هو ناقص بيننا..
شهقة قوية من شموس أوقفت سهير عن الاسترسال في الكلام.. فرفعت عينيها لأمها بحيرة:
لقد خرجت الكلمات بدون أن أسيطر عليها.. أردت أن أخبره انني ام أ رة غير مكتملة..
فاشلة وباردة.. أردت أن أوضح له أنني لست تلك الفتاة الساذجة والسطحية التي يظنها..
ولكن.. لكن خرجت الكلمات بأبشع صورة ممكنة..
تنفست شموس بعمق.. وهي تحاول التحكم في غضبها, فابنتها منهارة بالفعل وحياتها
بأكملها على المحك.. وما أخبرته لزوجها أقسى من أن يتحمله أي رجل..
رمقت دموع ابنتها في شيء من الحزن وهي تسألها:
ولم أخبرته ذلك الكلام؟.. لم تعتقدين أنكِ عاجزة عن منح زوجك ما يستحق من حبك؟..
عادت سهير تجيب بأسلوبها الشارد وكأنها غائبة عما حولها:
قيد القمر
331
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
لأن تلك الحقيقة.. أنا غير قادرة على حبه كزوجة عاشقة!.. أو كأي ام أ رة أخرى طبيعية..
كيف أفعل؟.. وجدتي قامت بما قامت به نحوي كي لا أشعر هكذا.. أنتِ لم تكوني موجودة
بجانبي, وكذلك والدي.. كنت وحيدة ولم أدرك لم فعلت ذلك.. حتى تفسيرك لي كان مبتو ا رً
مشوهاً.. فلم أفهم.. لم أفهم.. أحياناً أشعر أن عقلي سينفجر.. فهو مشطور إلى أج ا زء..
جزء يحثني أن أصبح تلك الزوجة العاشقة لزوجي.. وجزء آخر يمنعني ويكبح تلك
المشاعر.. وهناك ذلك الجزء الآخر الذي يقف حائ ا رً غير قادر على اتخاذ أي رد فعل..
تهالكت شموس على أقرب مقعد وهي تهمس بألم:
يا الهي!!.. إن المشكلة أكبر مما ظننت.. لقد كنت أعتقد أنكِ تعانين من خوف غير
عادي أو ما شابه.. و
قاطعتها سهير:
ولكني خائفة.. أنا خائفة على الدوام..
نهضت شموس وهي تمسك بذ ا رعي ابنتها:
سهير يا بنتي.. إن عقلك صور لكِ ما حدث قديماً بتلك البشاعة التي تتصورينها لأن
جدتك اتبعت أسلوباً عتيقاً, بل يكاد يكون بدائياً.. وكونك طفلة صغيرة في ذلك الوقت هو ما
ضخم تلك المشاعر بداخلك..
رمقتها سهير بضياع:
أمي.. أنا لا أفهم.. لا أعرف كيف اتصرف..
ضمتها شموس بقوة لصدرها وهي تهمس بحزم:
قيد القمر
332
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أتمنى لو كنتِ صارحتني من مدة لكنت استطعت مساعدتك.. ولكن الآن.. لا مفر من
البحث عن مساعدة مناسبة ومحترفة..
ابتعدت سهير عنها بخوف:
ماذا تعنين يا أمي؟..
رفعت شموس ذقنها بحزم وهي تخبرها:
أعني أنه يجب علينا الذهاب إلى طبيبة.. على الأقل في البداية تكون طبيبة نسائية.. ثم..
طبيبة نفسية متخصصة ومأتمنة... وأعتقد أنني أعرف واحدة..
تملصت سهير من أمها بقوة وهي تصيح بها:
ماذا!!.. هل تعتقدين أنني مجنونة؟!
خبطت شموس كف بكف متعجبة:
من يسمعك يعتقد أنكِ أُمية جاهلة!.. أنتِ تعلمين أنكِ بحاجة إلى مساعدة.. أتمنى لو كنت
أستطيع تقديمها لكِ.. ولكني أخشى أن تزداد الحالة سوءً.. واللجوء إلى الطب النفسي لا
يعني بالضرورة وجود مرض عقلي.. لقد لجأت إلى مساعدة طبيبة نفسية بعد فقداني لأخيكِ
وفقداني لرحمي..
برقت عينا سهير بذهول:
ماذا؟!..
أخذتها شموس من يدها وجذبتها ليجلسا على الأريكة معاً:
نعم.. لقد حدث هذا.. لقد عارضت في البداية ولكن أبيكِ أقنعني بضرورة الذهاب, فحياتنا
كانت على المحك..
قيد القمر
333
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
هزت سهير أ رسها بذهول:
كلا.. كلا..
فصاحت بها شموس:
بل نعم.. هل تعتقدين أن ما م ررت به كان سهلاً.. أو هل كان من الممكن أن أتغلب
عليه بمفردي.. وحتى مع دعم أبيكِ مررت بوقت عصيب جداً ولولا تلك الطبيبة التي
أخبرتك عنها.. والتي أصر طبيبي في ذلك الوقت على مقابلتي لها وأضيف له اص ا رر
أبيكِ, لما كنت تغلبت على حسرتي.. وأنتِ يا حبيبتي في أمس الحاجة لها..
حاولت سهير الرفض:
ولكن ماذا عن منذر؟..
أجابتها أمها بحسم:
يجب أن تستعيدي ثقتك بنفسك أولاً.. حتى تستطيعين استعادة زوجك..
سألتها سهير مرة أخرى:
هل من الممكن أن يغفر لي؟..
طمأنتها شموس:
لا تقلقي.. سأجعل والدك يتكلم معه..
ص رخت سهير:
كلا..
تكلمت شموس بحزم وجدية:
قيد القمر
334
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
سهير... سوف نحاول إصلاح المشكلة.. والبداية عندكِ أنتِ.. يجب أن تقتنعي بالتخلي
عن تلك السرية والكتمان.. ودعي والدك يصلح الوضع مع منذر.. ولا تقلقي.. إن والدك لن
يتسبب بأي جرح أو إح ا رج لكِ..
بدت سهير غير مقتنعة ومترددة في الموافقة على ما اقترحته والدتها.. وعادت تلتمع عينيها
بنظ ا رت الحيرة والضياع.. فهي تخشى ذهابها لتلك الطبيبة.. وفي نفس الوقت لم تعد قادرة
على التعايش مع طوفان الأفكار والمشاعر المختلطة التي تجيش بها.. شعرت أمها بها
فربتت على كتفها برقة:
ارتاحي قليلاً.. وسأطلب من نو ا ر أن تأتيكِ بشيء لتتناوليه.. ثم نقرر ما سيحدث.. ولكني
سأتصل بأبيكِ حتى يتحدث مع منذر.. لا.. لا أريد أي اعت ا رض..
طأطأت سهير أ رسها في صمت.. وهي ت ا رقب أمها تهاتف أبيها وتشرح له ما حدث
باختصار وأخذ صوتها يخفت وهي تبتعد وتفتح باب الجناح متوجهة إلى الخارج حتى تكمل
محادثتها.. فدخلت نو ا ر حاملة صينية مأكولات.. ووضعتها أمام سهير وأخذت في اطعامها
بهدوء.. وسهير ساهمة وكأنها في عالم آخر..
*************
انطلق منذر بالسيارة على غير هدى..
غضب.. صدمة.. ألم.. م ا ررة.. ضياع.. ذهول.. حيرة.. قهر
كل تلك الأحاسيس لا تستطيع وصف هامش بسيط مما يعتمل بداخله.. لم يفهم.. كيف
يمكنها أن تكون بتلك القسوة؟.. كيف يمكنها نطق تلك الكلمات؟.. والأدهى أن هذا ما كانت
تفكر فيه وتشعر به لشهور.. وهو من كان يظن أن كل مشكلتها نفور من العلاقة الزوجية..
لكنه لم يتخيل للحظة أنه هو السبب!!
قيد القمر
335
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
يا الله!!.. كيف لم يلحظ ذلك؟.. كيف؟.. ولكن.. لكن حتى لو لاحظ إن أبشع ك وابيسه لم
يكن ليتصور فيها أن تصفعه سهير بتلك الكلمات...
سهير الرقيقة جداً.. الخجلة على الدوام.. لا ترضى به رجلاً..
ترقرت دموع القهر في عينيه وكاد أن يذرفها بالفعل.. ولكنه رفض أن يمنح نفسه ال ا رحة
بتلك القط ا رت الدامعة.. فهو يحتاج لكل ما بداخله من غضب.. لا يمكن أن يسقط منها ا رً
فيثبت لها فعلاً أنه ليس رجلاً.. لم يعرف ماذا يفعل.. أو أين يذهب.. فقط ظل يجوب
الشوارع لساعات بدون هدف وجملتها القاسية تتردد في اذنيه..
" أنا لا اشعر بأي شيء.. وأنا معك.. وأنا بين ذ ا رعيك.. هناك شيء ناقص.. هناك دائماً
شيء ناقص.."
ضغط على دواسة الوقود بقوة وكأنه يفرغ غضبه فيها.. فازدادت سرعة السيارة بخطورة..
ولفحت نسمات الهواء وجه منذر لتهدأ من ح ا ررة الدماء المتصاعدة بغضب إلى أ رسه..
وبدأت الأفكار تتوارد الى أ رسه..
"هل معنى كلامها ما فهمته؟... هل لا تشعر بأي شيء بالفعل؟.. هل هي لا ت ا رني رجلٌ
كفاية لإسعادها؟.. وما الذي ينقصني لإسعادها؟.. هل يمكن إن تجد ذلك الشيء الناقص
مع رجلٌ آخر؟..."
ا زد من سرعة السيارة وهو يرغب في الهروب من صورتها مع أي رجل سواه.. وأخذ يلوم
نفسه..
"كيف له أن يتألم هكذا من مجرد خيال لها مع غيره.. بينما هي لم تتردد في إلقاء الحقيقة
في وجهه بكل قسوة؟.."
ثم يعود لي ا رجع نفسه..
قيد القمر
336
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
"كلا.. لقد حاولت الهروب من المواجهة طويلاً.. وكانت تعود لقوقعتها وترضى بتلقي
نظ ا رت اللوم مني.. دون أن تصرح بشيء.. أنا من ضغطت عليها وسببت ذلك الانفجار"
ضحك من نفسه بسخرية..
"أيها الغبي هل تلتمس لها الأعذار.. تلك القاسية.. جامدة القلب.. عديمة المشاعر.. نعم..
نعم.. أنها معدومة المشاعر وسأثبت لها أنه توجد الآلاف غيرها يرغبن في حبي الناقص
الذي لا يشعرها بشيء"
أوقف السيارة وأخذ يبحث عن هاتفه في جيوبه ولكنه تذكر أنه ترك بين يدي سهير.. فزفر
بضيق.. ثم لمح هاتف رؤوف ملقى على حاجز السيارة الأمامي.. فأمسك به بلهفة.. وهو
يضغط الأز ا رر التي حفظها عن ظهر قلب طوال الشهر الماضي..
وما أن جاءه صوت وداد, حتى هتف بها:
وداد.. أنا في طريقي إليكِ.. الآن.. الآن يا وداد..
أغلق الهاتف وارتسمت على ملامحه علامات التصميم وهو يوجه السيارة للطريق المؤدي
إلى قصر الجي ا زوي.. بينما على الجهة الأخرى ارتسمت على وجه وداد ابتسامة انتصار
واسعة..
***********
تمددت نعمات على ف ا رشها في غرفتها القديمة بقصر الجيز ا زوي, والتي مكثت فيها بعد وفاة
عبد الرحمن..
دارت عيناها على معالم الغرفة وهي تبتسم بسخرية..
قيد القمر
337
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
"لقد عدت إلى نقطة البداية.. فهنا.. بين جد ا رن تلك الحجرة بدأ كل شيء.. بدءً من حالة
الضياع التي مرت بها بعد وفاة عبد الرحمن ووصولاً إلى تلاعب قمر بها لتقنعها بالزواج
من رؤوف.. تلاعب سمحت هي به في ذلك الوقت.. فهي لم تكن تعرف ماذا تفعل
بحياتها.. كانت في حالة ضياع استغلتها قمر بب ا رعة.. لتزج بها في ذلك الارتباط مع
رؤوف.. والذي لم يثمر عن أي شيء..
أغمضت عينيها للحظة.. وهي تخاطب نفسها..
"لا تغالطي نفسك يا نعمات.. كيف لم يثمر عن شيء.. إن رصيدك المصرفي الآن مكون
من رقم ذو ستة أصفار"
وهذا هو الفارق عن حالتها بعد موت عبد الرحمن.. فهي بالفعل امتلكت الكثير كمي ا رث
شرعي لها.. إلا أنه كان أسهم.. وأنصبة مختلفة في أملاك وعقا ا رت الجي ا زوي.. ولم تكن
تمتلك الخبرة.. أو القوة على التصرف في أي شيء.. أما الآن فهي معها ثروة لا بأس بها..
فعلى ما يبدو أنه لم يكتب لها الذرية.. ولكنها تستطيع تأمين سنين عمرها القادمة بتلك
الثروة الصغيرة.. بالإضافة إلى أسهمها البسيطة في شركة الجي ا زوي..
تعجبت من نفسها ومن أفكارها السلسة في تدبير حياتها القادمة.. هل معنى هذا أنها قررت
بالفعل ترك رؤوف؟.. هي تعلم أنه حضر صباحاً لرؤويتها ولكنها تعللت بتعب أعصابها
حتى لا ت ا ره.. ظنت لوهلة أنه سيصر على رؤويتها ولكنه لم يفعل.. وهي لم تتعجب لذلك
فيبدو أنه قال ما عنده في مواجهتهما الأخيرة أونهى تلك المرحلة من حياته والآن سيتفرغ
لأسرته الصغيرة وابنه القادم في الطريق..
كم كانت تتمنى لو أنها قاسية بما يكفي لتحرمه فرحته بذلك الطفل, ولكنها ليست بتلك
القسوة أو الحقارة فمهما بلغ حقدها على نو ا ر إلا أنها غير قادرة على ايذاء الروح الصغيرة
بداخلها.. لكن هذا لا يعني أنها لا تريد العثور على أي وسيلة فقط لتعكر سعادتها.. وسعادة
قيد القمر
338
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
الجميع أو تسلبهم تلك السعادة.. فقط هي غير قادرة على سلب روح بريئة.. كل ذنبها أنها
نبتت في الرحم الخطأ..
صوت سيارة تندفع بسرعة بالغة داخل الطريق الداخلي لقصر الجي ا زوي هو ما أخرجها من
تأملاتها فتحركت بفضول لترى من الذي اقتحم القصر بتلك الطريقة, ولكنها فوجئت بسيارة
رؤوف تصتف في الممر وبتلك الفتاة التي تعتني بالرجل العجوز وهي تركض حتى وصلت
إلى جانب الباب الأمامي الذي خرج منه قائد السيارة وانقض على الفتاة بقبلة عاصفة..
جحظت عينيّ نعمات وهي تتابع المشهد.. وشلت الصدمة حركتها للحظات.. لم تستطع
تصديق عينيها.. هل من المعقول أن يكون يخدعها هي وفتاته الصغيرة معاً ليقيم علاقة مع
تلك الممرضة.. حاولت الرؤية من ا زوية أوضح ولكنها لم تتبين سوى خيال لشبح رجل لم
تستطع تبين ملامحه.. وأخي ا رً استعادت قدرتها على الحركة فالتقطت هاتفها وتحركت بسرعة
نحو الشرفة الخا رجية للفيلا لتستطيع الرؤوية من زواية أفضل وبدأت تسجل بعدسة الكامي ا ر
الخاصة بهاتفها كل ما يدور.. بين الفتاة والرجل الذي ي ا رفقها.. والتي تبينت ملامحه الآن
وعرفته على الفور.. وعرفت أيضاً كيف يمكنها تعكر سعادة غريمتها.. ولكن بطريق غير
مباشر..
******************
تهالك رؤوف بتعب على أول مقعد قابله في بهو منزله.. وزفر بحنق وهو يخبر نو ا ر:
لم أجده في أي مكان.. وكأن الأرض ابتلعته!
سألته نو ا ر:
هل ذهبت إلى منزل جدي؟.
قيد القمر
339
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
بالطبع.. لقد كان أول مكان أذهب إليه.. ولكنني لم أجده هناك.. أو في الشركة.. أو في
منزله.. لا أعلم أين ذهب!.. لعله يجوب الطرقات.. أو سافر خارج البلدة بأكملها..
وهمس بصوت منخفض لم تسمعه نو ا ر:
أنا لا ألومه..
ورفع صوته ليسألها:
هل خالتي شموس هنا؟..
نعم.. لقد تحدثت مع سهير وبعدها قامت بعدة مكالمات أخرى والآن تعد لسهير شيئاً
لتأكله... أعلم أنك تحتاج لل ا رحة.. لم لا تصعد إلى الطابق العلوي وترتاح قليلاً.. فيبدو أن
سهير باقية في جناحنا الليلة..
سألها بدهشة:
حقاً؟!
اجابته وقد عادت غيرتها تغلبها:
نعم.. ولكن اختر أي غرفة غير غرفتك القديمة!
قبل أن يرد عليها سمعا صرخة مكتومة.. صدرت من جناح نو ا ر التي اندفعت على الفور
لتتفقد ما يحدث مع شقيقتها, فوجدتها ترمق هاتفها بذهول وهي تضع يدها على فمها حتى
تكتم مزيد من الصرخات والدموع قد تجمدت في مآقيها.. ولكن لم تكن فقط دموعها ما
تجمدت.. كانت كل ملامحها متجمدة وهي تتابع ما يعرض على شاشة هاتفها..
تحركت نو ا ر نحوها وضمتها بقوة لصدرها.. وهي تنصحها:
سهير توقفي عن مشاهدة تلك الصور.. لا تعذبي نفسك أكثر..
قيد القمر
340
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
لم تجبها سهير بأي كلمة.. ووظلت عينيها تتحرك تتابع شاشة هاتفها.. ثم غمغمت بصوت
خافت مجروح:
لقد ذهب إليها..
ثم رمت هاتفها وهي تلتفت لنو ا ر:
أريد أن اذهب إلى منزلي!
سألتها بدهشة:
ماذا؟!!
تحركت سهير بسرعة لتخرج من الجناح فاصطدمت برؤوف الذي كان يقف خارج الباب قلقاً
مما يحدث بالداخل.. نظرت لرؤوف للحظة قصيرة وكأنها تتعرف على ملامحه, ثم أخبرته
بلهجة آمرة:
اصطحبني إلى المنزل.. الآن!
سألها بتوجس:
إلى بيت عمي عبد السلام؟
أخبرته بحزم:
بل منزلي.
جاءت شموس مهرولة من المطبخ لتستمع إلى كلمات سهير الأخيرة.. فحاولت إثنائها:
سهير.. من الأفضل أن تبتعدي عن منزلك ليومين فقط.. ثم..
قاطعتها سهير وهي تدفع بذ ا رع رؤوف:
قيد القمر
341
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
سأذهب الآن.. رؤوف.. هل ستصطحبني؟.. أو أذهب بمفردي؟..
صاحت شموس مرة أخ رى:
سهير.. انتظري..
تحركت سهير بالفعل في طريقها للباب وكأنها لم تسمع شيئاً... وخاطبت أمها:
لن أنتظر يا أمي.. ومن فضلك.. أنا أحتاج أن أكون مع منذر بمفردنا عند عودته..
سأتصل بكِ قريباً.
ثم سألت رؤوف بجدية:
رؤوف.. هل ستأتي؟
تحرك رؤوف ليصطحبها في السيارة التي عاد بها من الشركة:
حسناً.. سآتِ..
ما أن خرج رؤوف مصطحباً سهير حتى سمعت شموس صوت نو ا ر وهي تصيح بصوت
مذهول:
لا أصدق.. لا أصدق.. كيف وصلت بها الدناءة لتلك الدرجة؟!..
دلفت الى جناح ابنتها لت ا رها ممسكة بهاتف سهير وهي تتمتمم بكلمات غير مفهومة..
فجذبت الهاتف منها لتصدمها صور لمنذر وهو يقبل وداد بح ا ررة وهي تبدو ذائبة بين
ذ ا رعيه.. تصفحت الهاتف بسرعة لترى مزيداً من الصور لوداد مع منذر.. وفي النهاية
ظهرت لها بضع كلمات لم تصدق عينيها لرؤيتهم..
"كما اكتويت بنار شقيقتك.. سأحرق حب زوجك في قلبك"..
قيد القمر
342
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
بالطبع لم تحتج شموس أن تبحث عن الرقم الذي جاءت منه الرسائل فقد كان واضحاً أن
نعمات هي من أرسلتهم.. فتمتمت بذهول:
لقد جنت الم أ رة بلا شك..
سألتها نو ا ر بقلق:
ماذا سنفعل؟.. هل سنترك سهير بمفردها مع منذر؟..
اجابتها شموس بحيرة:
لست أدري.. لست أدري.. كيف يمكنني أتواجد معها وهي تواجه زوجها بخيانته؟.. لست
أدري ما العمل؟.. أنا في غاية الحيرة.. لكني يجب أن أحادث أبيكِ.. يجب أن يعثر على
منذر بأقصى سرعة..
ترددت نو ا ر وهي تقول بخوف:
وهل سنخبر رؤوف؟..
اجابتها شموس:
بالطبع سوف نخبر رؤوف.. لقد تعدت نعمات كل الحدود.. لم يكن عليها ادخال زواج
سهير في انتقام ليس لها أي علاقة به.. تلك السيدة يجب ايقافها.. وزوجك هو الوحيد
القادر على ذلك.. الآن.. دعيني أحادث والدك لأرى إذا كان وصل لمنذر أو لا..
***************
جلس منذر في كرسي القيادة بسيارة رؤوف خارج قصر الجي ا زوي وهو غائب عما حوله..
لقد كاد أن يسقط في الفخ.. فخ الخيانة.. حمداً لله على نعمة العقل الذي نبهه في آخر
قيد القمر
343
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
لحظة أنه على وشك خسارة كل شيء.. زوجته.. ونفسه والأهم.. إيمانه.. بل حمد اً لله على
نعمة الإيمان..
فهو لم يستطع أن يصدق ما كاد أن يفعله منذ دقائق.. لقد انقض على وداد ما أن رآها
محاولاً تضميد ج ا رح رجولته والتي أدمتها سهير بشدة.. وهي استجابت له بطريقة لم
يتوقعها.. طريقة انبأته بما لا يدع مجالاً للشك أنها أكثر من جاهزة لتلبية رغباته.. بل أنها
أكثر رغبة وربما أكثر خبرة أيضاً..
ضحك من نفسه بسخرية.. فهو اتبع طريقة رجال الكهوف ليثبت أنه رجل.. وهذا بالضبط
ما أوقفه عن اكمال ما بدأ مع وداد.. فهو للحظة لم يدرك ماذا يحاول اثباته؟.. ولمن؟..
لنفسه.. أم لسهير؟..
أنه لا يسعى اثبات أي شيء لنفسه فهو أدرى الناس بحاله, فهل يسعى لإثبات أنه رجل
لسهير عن طريق خيانتها؟!!..
أي منطق أعوج استحوذ عليه حتى يأتي إلى منزل جده ويجر وداد إلى المقعد الخلفي لسيارة
رؤوف ليحاول اغ ا رق ألمه في وقاحة أنوثتها..
انطلق فجأة في ضحك هيستيري.. قهقهات عالية انطلقت منه ودمعت لها عيناه.. مما أثار
تعجب وداد فسألته بحيرة:
منذر.. ماذا بك؟..
استمر بالضحك وهو غير قادر على تفسير سبب قهقهاته.. فهل يخبرها أنه جاء لها في
محاولة لإثبات رجولته لزوجته.. وتخيل نفسه يخبر سهير..
قيد القمر
344
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
"سهير حبيبتي.. أنتِ مخطئة.. أنا رجل بكامل عنفواني.. ودليلي على ذلك أنني قمت
بخيانتك في المقعد الخلفي لسيارة رؤوف الذي سوف يقتلني ما أن يسمع بذلك.. أو سيتركني
لشقيقتك لتسلخني حياً.. هذا إذا لم تسبقيها إنتِ.. فلقد قتلتني حياً بكلماتك بالفعل"..
لم يستطع كبح جماح نفسه.. واستمر في ضحكاته العالية مما تسبب في اغضاب وداد التي
صاحت به:
منذر.. توقف.. توقف عن تلك الضحكات..
اعتدل في جلسته.. وهو يحاول التحكم في ضحكاته:
وداد.. اخرجي من السيارة واجمعي أشيائك واتركي قصر الجي ا زوي الليلة..
بهتت وداد وهي تسأله:
ماذا؟..
أجابها بجدية:
ما سمعتِ.. الليلة.. لن تمكثي ليلة اضافية في القصر..
سألته بلهفة:
هل تعني أنك ستستأجر لي مكاناً بعيداً عن عائلتك؟
اجابها بقوة:
اعني أنني لا أريد أن أرى وجهك مرة أخرى.. اغربي عن وجهي..
شهقت بقوة وهي تخبره بوقاحة:
قيد القمر
345
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
حسناً.. لنكف عن اللعب.. أنت تريدني خارج القصر وخارج حياتك.. كم ستدفع لي مقابل
ابقاء فمي مغلقاً؟!
ردد بذهول:
ماذا؟
أجابته وهي تكتف ذ ا رعيها:
ما سمعت يا حبيبي.. كم ستدفع حتى لا أذهب إلى زوجتك الحلوة الرقيقة وأخبرها عن
مغامرتنا معاً.. وأطلعها على رسائلنا ومكالمتنا أيض اً؟
خرج منذر من السيارة كالعاصفة وفتح الباب الآخر المجاور لوداد وهو يصرخ بها:
اخرجي..
عادت لتسأله:
كم ستدفع؟..
جذبها من ذ ا رعها بشدة ليخرجها من السيارة وهو يجرها عبر الممر الخارجي للقصر وصولاً
إلى درجات السلم الخارجي فكانت تتعثر بشدة بفعل جذبه لها حتى أنها سقطت أكثر من
مرة.. فارتفعت ص ا رختها بشدة وهي تصيح به:
دعني.. دعني أيها المتوحش.. سوف أخبر زوجتك أي حيوان أنت..
ضحك بسخرية:
لا داعي لخدماتك العظيمة.. فهي بالفعل تعرف كل شيء.
وجد منذر نفسه فجأة وجهاً لوجه مع جده.. الذي سأله:
قيد القمر
346
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
هل قررت أخي ا رً تطهير قصر الجي ا زوي من العقربة التي سكنته؟..
تلعثم منذر بشدة.. ولم يعرف بم يرد على جده الذي أوضحت كلماته بأنه كان على د ا رية
بما يدور حوله.. فعاد جده يخبره وهو يشير إلى وداد التي تهالكت أرضاً:
اتركها لي.. واذهب إلى زوجتك.
والتفت الجد إلى الم أ رة الملقاة أرضاً وهو يسألها:
والآن هل ستجمعين أشيائك وترحلين.. أم استدعي الشرطة.. فقد تبين لي أنني فقدت عدة
آلاف من الجنيهات..
صرخت وداد:
لكنني لم أسرق أموالك..
جذبها العجوز بقوة لم تظن أنه يملكها وأخبرها بصوت مرعب:
لقد كنتِ على وشك سرقة أحد أحفادي.. فإذا كان العقاب لسرقة أموالي هو السجن, فإن
العقاب على سرقة أحد أحفادي هو الموت..
جذبت وداد ذ ا رعها منه وهي تقول بخوف:
سأذهب.. أنا سأذهب...
أما منذر فقد استقل السيارة ليخرج بها خارج القصر.. ويصفها بعيداً عنه بمسافة معقولة..
ليجلس ويحدق في الف ا رغ.. محاولاً التفكير فيما عليه فعله.. فالذهاب إلى زوجته ليس
بالبساطة التي أطلق بها جده الأمر.. أنه يحتاج إلى تفكير عميق ولكنه مرهق بشدة.. لكنه
يجب أن يصل لحل.. وهو غير قادر على التفكير على الإطلاق.. أرهقه ما حدث للتو مع
وداد, لقد كان غبياً ليتورط معها في المقام الأول.. ترى هل سيبلغ جده سهير؟!!..
قيد القمر
347
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
كلا.. كلا.. من المستحيل أن يقوم الجد بأمر كهذا.. ولكنه سقط من عيني جده.. وربما
للأبد.. وهذا ثمن كبير ليدفعه مقابل نزوة حمقاء.. لكنه يستحق.. لايستطيع أن ينكر.. لقد
حذ ره رؤوف م ا ر ا رً وهو لم يصغِ..
أخذ يلكم عجلة قيادة السيارة بقبضته.. وهو يصرخ بنفسه..
"غبي.. غبي.."
انتفض جسده فجأة وهو يسمع صوت خاله عبد السلام وهو يفتح باب السيا رة ويستقر في
الكرسي المجاور له ويسأله:
لماذا تنعت نفسك بالغباء يا منذر؟..
همس بصوت خافت بعد أن اطمئن قليلاً:
خالي!!..
أجابه خاله:
نعم خالك يا منذر؟.. أين أنت يا ولدي؟.. لقد أرهقتنا بحثاً عنك!
أجابه منذر محاولاً تغيير الموضوع:
كنت أجوب الطرقات قليلاً.. ماذا فعلت بقاسم اليوم يا خالي؟..
سأله عبد السلام قائلاً:
ماذا تعتقد؟.. هل تظن أنني قتلته!.. لقد سلمته لوالدتك.. وهي ستعرف كيف تقنعه
بالرحيل.. و الا سيتدخل جدك.. ويقنعه بطريقته.. لا تقلق على شقيقك..
ساد الصمت لفترة.. ثم سأل منذر خاله:
قيد القمر
348
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
هل كنت ترغب في الحديث مع جدي؟..
كلا يا ولدي.. لقد كنت أتمشى قليلاً.. فهواء الليل ينقي الأفكار.. ويجلي العقل..
عاد منذر يسأله:
هل ترغب أن اصطحبك إلى المنزل؟
اجابه خاله وهو يصطنع التبرم:
كلا.. فالمنزل أصبح خالياً بعد زواج البنات.. ولم أعد أجد من أتسامر معه.. ولكن الله
بعثك لي الليلة.. فهي فرصة لاسترجاع بعض ذكريات الماضي التي أصبحت شموس تتبرم
من سماعها..
سكت عبد السلام لحظات ثم رمق زوج ابنته بجدية متسائلاً:
هل توافق على مشاركتي بعض ذكرياتي القديمة؟..
تلعثم منذر لثوانٍ ثم اجاب:
نعم.. نعم بالطبع يا خالي..
أرجع عبد السلام أ رسه الى الخلف.. وأغمض عينيه وهو يسترسل في الكلام:
إن أكثر ذكرياتي ألماً وقسوة.. تلك المتعلقة بالفترة التي خسرنا فيها أنا وخالتك شموس..
ابننا.. الطفل الذي مات قبل أن يولد.. لذلك لا أستطيع ذكرها كثي ا رً أمامها.. فهي ذكريات
مؤلمة كما تعلم..
أومأ منذر ب أ رسه ولم يتحدث فهو لا يعلم إلى ما يهدف خاله.. ولكن عبد السلام لم يرَ حركة
أ رسه فهو استمر باغماض عينيه وأكمل:
قيد القمر
349
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
هل تعلم أن في ذلك الوقت أرسل لي جدك رؤوف ليعرض عليّ مرة أخرى الزواج من
نعمات.. وقد عزز عرضه بأن شموس فقدت رحمها وبالتالي فرصتها في الإنجاب.. بالطبع
تستطيع الاستنتاج أنني رفضت ذلك العرض..
ثم فتح عينيه فجأة وهو يسأل منذر:
هل تعلم لماذا رفضته؟.. وجلبت على أ رسي غضب جدك.. الذي لم يتوقف..
أجاب منذر بواقعية:
من أجل خالتي شموس بالطبع
أومأ عبد السلام موافقاً:
نعم من أجل خالتك شموس.. ولكن لم يكن ذلك لضعف أو تخاذل مني كما اتهمني
جدك.. فلو تغيرت الأوضاع وفقدت شموس الولد فقط واحتفظت برحمها, ربما طاوعت
جدك حتى لا أكون عاصياً لأمره وعاقاً له.. فالذرية هبه من الخالق.. ولقد ذاقت شموس
حلاوة تلك الهبة, ولكن فقدانها لرحمها غير قواعد اللعبة فأنا لم أرد لها أن تشعر بأي
نقص.. لم أرغب أن أعرض الم أ رة التي أحببتها لاحساس أنها ام أ رة أقل من غيرها.. فقط
لأن القدر شاء أن تفقد رحمها.. قد لا تعلم احساس الأنثى بأنها أقل من غيرها.. أو بأنها لا
تمنح رجلها ما يحتاجه.. ولكنه احساس قاتل.. لم أعشه أنا بالطبع ولكني أ ريته بوضوح في
عيون زوجتي.. أ ريته بوضوح شديد حتى خُيل إليّ انني عشته, فرفضت ع رض جدك على
الفور..
سأله منذر بغضب:
خالي.. هل تلمح لعلاقتي بسهير؟..
سأله خاله بهدوء:
قيد القمر
350
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
لماذا تظن ذلك يا منذر؟.. هل تعتقد أن سهير ترى أنها ام أ رة أقل من غيرها؟..
رفع منذر أ رسه فجأة وقد برقت في عقله إحدى جمل سهير والتي تغاضى هو عن تفسيرها
لشدة غضبه.. واخذت تلك الجملة تتردد بقوة..
"لأنني عاجزة عن الشعور بك.. عاجزة عن منحك مشاعر الزوجة العاشقة لزوجها.. عاجزة
عن حبك بالطريقة التي تريدها أنت.."
ثم عاد صوت خاله يعلو على صوت أفكاره مرة أخرى:
بمناسبة الذكريات التي صاحبت تلك الفترة.. هل تعلم أن سهير قد مرت بتجربة سيئة
للغاية في تلك الفترة؟..
نظر منذر إلى خاله باستفهام فأضاف الأخير:
لقد قررت جدة أمها أنه حان الوقت لاج ا رء عملية ختان لها, وللأسف استخدمت سيدة
بدائية وجاهلة للقيام بتلك العملية.. بدلاً من اللجوء لطبيب مختص حتى لاستشارته إذا ما
كانت الفتاة بحاجة إلى تلك العملية.. لقد تعرضت سهير لصدمة رهيبة, وآلام مبرحة.. حتى
أنها تعرضت للنزف.. ولكن بفضل الله كان نزيفاً بسيطاً..
همس منذر بصدمة:
يا الهي!!.. لماذا لم تخبرني؟..
اجابه خاله:
لقد عانت سهير لفترة طويلة من الكوابيس.. ربما ما ا زد الموقف سوءً عدم وج ود والدتها
بجوارها لفترة طويلة بسبب ظروفها الصحية في تلك الفترة.. ولكن سهير دفنت تلك الحادثة
في عقلها وقررت تناسيها تماماً.. ربما لذلك لم تخبرك.. أو..
قيد القمر
351
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
سأله منذر باستفهام:
أو ماذا يا خالي؟..
أو هي استشعرت عدم رغبتك في سماعها..
حاول منذر معارضة خاله, لكن عبد السلام قاطعه:
شيء أخير أريد اخبارك به.. أعرف أن موافقتي على زواج رؤوف بنو ا ر عرضتني للكثير
من الشائعات.. حتى أن البعض اخبرني ص ا رحة أنني قدمت ابنتي قرباناً للصلح مع أبي..
قال منذر بحرج:
خالي..
قاطع عبد السلام كلماته وكأنه لم يتحدث على الإطلاق واستمر في حديثه:
لم يكن هذا صحيحاً على الإطلاق.. فأغلى ما أملك هن بناتي.. ولا يمكن أن أقامر على
سعادتهن أبداً.. لقد وافقت لأن رؤوف طلب نور القمر بالاسم.. لم يتصرف كما هو معتاد
منه وطلب الزواج من سهير لأنها الكبرى وهو بالمناسبة لم يكن يعلم على الإطلاق بحبك
لسهير.. ولكنه طلب الزواج من نور القمر لأنه أ ا ردها هي.. لم يطلب رؤوف لنفسه أي
شيء طوال خمسة وثلاثون عاماً.. وعندما طلب ابنتي, علمت أنه سيحافظ عليها
وسيسعدها.. وحمداً لله لم يخب ظني..
ثم ضغط على كتف منذر بجدية:
منذر يا بني.. لا تجعلني أتمنى لو أن رؤوف كان أتبع الطرق التقليدية..
اتسعت عينا منذر من قسوة الكلمة.. ولكن خاله عاد ليربت على كتفه بحنان:
قيد القمر
352
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
اعذرني يا ولدي.. فأنا أب يحاول حماية سعادة ابنته.. ومما آ ا ره أن سعادتها معلقة بك..
فلا تخذلني.. ولا تخذلها.. هيا .. أدر تلك السيارة حتى تصطجبني لمنزلي..
وهذا ما فعله منذر.. فقد قام بايصال خاله إلى منزله ثم ترك سيارة رؤوف بجوار المنزل
أوخبر خاله أنه سيذهب إلى منزله مشياً على قدميه.. ولكنه لم يتوجه إلى منزله, بل ذهب
إلى مكتبه بالشركة ليجلس أمام حاسوبه ويتصفح كل ما أمكنه من مواقع تتحدث عن الختان
وآثاره المختلفة.. تابع بنهم جميع المعلومات التي تظهر أمامه من آ ا رء فقهية وآ ا رء علمية
وتجارب مختلفة لإناث تعرضن لتلك التجربة.. وتجارب أخرى لأزواج عانوا في علاقتهم مع
زوجاتهن وخاصة ممن تعرضن للتجربة بطريقة بدائية ووحشية مثلما تعرضت سهير..
التهم بحثه معظم ساعات الليل.. بعض الأبحاث جعلته يظن أن الحل سهلاً.. والبعض
الآخر ضخم من حجم المشكلة.. حتى أنه لم يعد يعرف ماذا يفعل!!..
غالبية المشاكل التي ق أ رها كانت الاجابة عنها ضرورة اللجوء إلى الأطباء.. النفسسيين على
الخصوص.. ثم الأطباء المتخصصين في الاستشا ا رت الزوجية..
اللجوء إلى الطب.. يبدو حلاً سهلاً ومريحاً.. ومحترفاً أيضاً.. لكن.. لكن هل يستطيع هو
القبول به.. والأصعب هل يستطيع تنفيذه؟.. هل يسمح بقبول النصح من شخص غريب
تماماً ليخبره كيف يتعامل مع زوجته؟!!..
عاد إلى الخلف في كرسيه حتى يصل لوضع أكثر ا رحة وهو يعصر خلايا عقله محاولاً
الوصول للحل الأمثل.. ولكن فجأة داهمه سؤال هام.. هل ما يحتاجه هو بحث عن حل
فعلاً.. هل الوضع بينهما ما ا زل قابلاً للاصلاح..
لقد اخطأ كل منهما في حق الآخر.. ولكن عليه أن يعترف أن مساحته من الخطأ أكبر..
فهو ترك الأمر ليتفاقم.. هو من هرب من حزنها الدائم وتقوقعها على نفسها بعلاقة خارج
إطار الزواج.. والخطأ الذي يعتبره الأعظم على الإطلاق هو تجاهله لخوفها الغ ريب في ليلة
قيد القمر
353
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
الزفاف.. لقد اكتفى بالوصول إلى ما يريد بعد ذلك عن طريق قرص المهدئ وأسكت ذلك
الصوت الذي استمر في تحذيره.. أن ذلك لم يكن خوفاً طبيعياً على الإطلاق.. كان يجب
عليه البحث خلف أسباب ذلك الخوف.. وأن يضغط عليها حتى تصارحه.. ولكنه اختار أن
يتجاهل ذلك الخوف.. وبذلك حرمها حتى من الإحساس بالأمان..
عليه أن يوازن اختيا ا رته ويفكر جيداً إذا كان حبه لسهير يستحق تضحيته بجزء ليس باليسير
على ك ا رمة أي رجل والذهاب معها إلى طبيب مختص بالعلاقات الزوجية..
****************
التقطت نعمات هاتفها لتجد عدداً من المكالمات الهاتفية.. تصفحتها بسرعة لتجد رقم رؤوف
يتكرر مرتين..
ابتسمت بسخرية..
"بالطبع.. لابد أن فتاته الصغيرة اشتكت له الساحرة الشريرة العجوز وما فعلته بشقيقتها
الحسناء.."
التمعت عيناها بسعادة وهي تهتف..
"حسناً.. بهذه الطريقه ستلومه السم ا رء الصغيرة على تعاسة شقيقتها.. فعلى أي حال أنا
مازلت زوجته.. "
تصفحت باقي الأرقام.. لتجد رقم غريب يتكرر أكثر من مرة.. تعجبت من ذلك الرقم وكانت
أكثر عجباً من تك ا رر الرقم..
ارتفع رنين الهاتف فجأة لتضيء شاشته بنفس ذلك الرقم المجهول.. فدفعها الفضول
للاجابة.. وما أن وضعت الهاتف على أذنها حتى وصلها صوتاً رجولياً يقول بعبث:
قيد القمر
354
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
يا لكِ من فتاة شقية!
شهقت بقوة وهي تجيب بغضب:
ماذا؟.. ما هذا التهريج؟!.. تأدب يا هذا!
ارتفعت صوت ضحكاته وهو يخبرها مرة اخرى:
حسناً.. حسناً.. لا تغضبي.. فقط أردت أن أعبر لكِ عن اعجابي بما قمته به اليوم!
همست بارتباك:
ماذا؟.. ماذا تقصد؟..
عاد لاستخدام ذلك الصوت العابث مرة أخرى:
أعني ما قمت به نحو سهير.. لقد أثبتِ أنكِ لستِ جميلة فحسب, بل ذكية أيضاً!
همست بعجب وقد استساغت الكلمة:
جميلة!!..
أجابها بغزل صريح:
بالطبع يا حلوتي.. أنتِ لست جميلة فحسب, بل فاتنة أيضاً.. وهذا أ ريي بكل تواضع..
نهرته في ضعف:
توقف عن هذا العبث.. من أنت؟.. ومن أين تعرفني؟..
تصنع الحزن وهو يسألها:
أتعنين أنكِ لم تتعرفي على صوتي إلى الآن؟..
قيد القمر
355
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني

ارتفع صوتها وهي تجيبه:
افصح عن شخصيتك.. و الا..
قاطعها بضحكة عالية:
أحب الفتاة الحازمة.. أنا قاسم يا حلوتي.. أنا فارسك المنقذ يا فاتنتي..
*************


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-10-15, 05:22 PM   #22

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل العشرون
،
،
،
وضعت نو ا ر سماعة الهاتف بعد ان اطمأنت من والدتها على أخبار منذر.. فعلى الأقل
استطاع والدها الوصول إليه والحديث معه.. ولكنها كانت في غاية القلق على شقيقتها والتي
تركت هاتفها في غرفة نو ا ر.. ولم تجد طريقة للاطمئنان عليها_بعدما قام رؤ وف بايصالها_
إلا بمحادثة عمتها.. وهي لم تجد لديها رغبة في ذلك..
ناداها رؤوف برقة وهو يشير إلى الأريكة بجانبه:
تعالي لتستريحي قليلاً.. فاليوم كان مرهقاً بالنسبة لكِ.
تح ركت لتجلس بجانبه وهي تضع أ رسها على كتفه:
أنت محق.. لا أصدق أن كل تلك الأحداث مرت في يوم واحد فقط..
قبل خصلات شعرها الثائرة بخفة.. وأدارها ليكون ظهرها مستريحاً على صد ره وأخذ يمسد لها
كتفيها برقة وهي استكانت على وضعها ذلك ومددت قدميها على الأريكة أمامها.. تشعر
أنها آمنة ومحمية بين ذ ا رعيه.. فأغمضت عينيها بوداعة عندما سمعت سؤاله:
نو ا ر.. هل تلوميني على ما فعلته نعمات؟..
صمتت لحظات شعر فيها بالقلق.. فعاد يسألها:
قمر.. هل استغرقتِ في النوم؟..
اجابته وهي تتهرب الرد الصريح:
يجب أن تجد حلاً لمنادتي ب قمر.. قد تسمعك عمتي يوماً.. وتظن أنك تقصدها هي
فتشك في قواك العقلية!..
وضع أ رسه على كتفها ورفع ذقنها بيده وهو يهمس بجوار اذنها:
قيد القمر
357
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
لا ترواغي.. ولا تتهربي من الاجابة..
لفت له وجهها وهي تعبس في وجهه وتبرم شفتيها:
ولماذا يسمح لك أنت دائماً بالم ا روغة!..
همس بحزم:
نو ا ر!!..
حاولت نو ا ر التملص من قبضته التي تتمسك بذقنها بقوة, لكنه لم يفلتها.. فاستسلمت لتخبره:
نعم.. نوعاً ما.. أنا ألومك.. كما ألوم نفسي.. لقد جرحت سهير بشدة بفعل تلك المشاهد..
وازدادت مشكلتها تعقيداً.. وكل ذلك بسبب انتقام سخيف من ام أ رة مجنونة..
سمعت صوته منبهاً:
نو ا ر.. لا تفعلي..
جذبت ذقنها بعنف من قبضته وهي تعتدل في جلستها على الأريكة هاتفة:
لا أفعل ماذا؟.. تلك السيدة حاولت هدم زواج شقيقتي.. وأنت غاضب لأنني دعوتها
بالمجنونة..
قطعت نو ا ر كلامها.. وهي تضع يدها على بطنها.. وتطلق تأوهاً خفيفاً..
جعله يتحرك بسرعة وهو ينزل أمامها على ركبتيه ويضع يده فوق يدها المستريحة على
بطنها ويسألها بقلق:
ماذا بكِ؟.. ما الذي يؤلمك؟..
قيد القمر
358
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
قبل أن تجيبه شعر بيدها تتحرك بخفة تحت يده.. فجذب يده بخوف وهو غير مدرك
لوصف ما حدث.. فما كان من نو ا ر إلا انها سحبت يده لتضعها على بطنها مباشرة.. فشعر
برجفة خفيفة تحت يده.. حركة تشبه رمشة الجفن عندما تستشعرها بباطن يدك.. ارتعد
جسده بالكامل متجاوباً مع تلك الحركة..
وهمس بتأثر:
هل هذا...
لم يستطع اكمال جملته.. فأكملتها له نو ا ر:
نعم.. أنه الطفل.. إنها ركلة بسيطة..
سألها بخوف:
هل تؤلمك؟..
هزت أ رسها نفياً:
كلا.. أنني اعتبرها وسيلة اتصال بيننا.. ولكن أحياناً تؤلم قليلاً..
ابتسم لها:
وماذا أخبرتك ابنتي الآن؟..
عاندته بقوة:
ابني يتحالف معي.. فهو شعر بصياحك عليّ لأنني دعوتها بالمجنونة.. أنا لا أفهم.. إذا
كانت مشكلتها تنحصر بييننا نحن.. لم تحاول ايذاء سهير.. فزواجها لا يحتمل تلك
التدخلات..
قيد القمر
359
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
عاد ليجلس على الأريكة وهو يسحبها بين ذ ا رعيه ويريحها في نفس وضعها الأول وهمس
لها:
وهذا ما أقصده.. أقصد لا تفعلي.. أي لا تلومي نفسك.. فأنتِ لم تجبري منذر على
الذهاب إلى تلك الممرضة.. وأيضاً لم تكوني السبب في ايذاء سهير له بالكلمات.. ما
يحدث بينهما هو مسئوليتها.. وما قامت به نعمات... غلطتها وستتحمل مسئ وليتها...
أ ا رحت ا رسها على كتفه وهي تخبره بهمس:
هل تعتقد ذلك؟.. أتمنى أن تفكر سهير بتلك الطريقة..
ساد الصمت لفترة ظل رؤوف فيها يمسد بطن نو ا ر برقة وكأنه يبحث ركلة أخرى.. عن
وسيلة الاتصال تلك التي أخبرته عنها..
قالت نو ا ر بهدوء:
لقد أخبرتني أمي أن تلك الحرباء قد رحلت.. ولكني لا أعلم هل رحيلها هذا دليل على
خسارتها.. أم خسارة سهير.. جدي لم يوضح ما حدث لأمي.. كما أنه منعها هي وعمتي
قمر من الحضور إلى القصر ليتفاهما مع نعمات..
واطلقت ضحكة صغيرة:
يتفاهما معها!!.. تلك ما أخبرتني به أمي.. جعلت الأمر يشبه تدابير عصابات المافيا..
صمتت مرة أخرى ثم عادت تسأله:
هل تعتقد أنه فعلها؟..
ا زد من ضمها وهو يقبل قمة أ رسها:
كلا.. لا أعتقد أنه فعلها!
قيد القمر
360
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
همست بذهول:
حقاً!!.. لقد أ ريت الصور والمقاطع المسجلة.
أجابها بثقة:
أنتِ أخبرتني بقصة عشقهما الطويلة.. لو كان ما أخبرتني به صحيحاً فهو لم يفعلها..
سألته:
أمممم... تبدو واثقاً جداً.
حملها ليضعها في الف ا رش وهو يهمس لها:
جداً.. جداً..
وتمتم لنفسه.. "أنا أعرف تماماً ما أتحدث عنه"
ورفع صوته قليلاً:
وشقيقتك أيضاً واثقة.. و الا ما كانت عادت إلى بيته.. هيا.. لتنامي فأنتِ يبدو عليكِ
الارهاق جداً.. وأنا سأنهي بعض الأو ا رق في المكتب.. ثم أنام..
غمغمت برقة:
كلا.. احتضنني حتى أنام.. ثم أذهب لأو ا رقك..
لف إلى الجهة الأخرى من الف ا رش وصعد إليه ليضمها بين ذ ا رعيه.. ويحتضنها بقوة.. وهو
يخبرها:
حسناً.. كما تريدين يا طفلتي
***************
قيد القمر
361
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
جلست سهير في نافذتها كالعادة تتأمل اختفاء الخيوط السوداء من الأفق وظهور آشعة
الشمس على استحياء وكأنها تشعر بمدى الألم الأسود الذي ت ا ركم بداخل سهير حتى ظنت
أن خيوط الشمس نفسها والتي تغمر الكون بضيائها عاجزة عن كشف ولو جزء صغير من
ذلك الحزن القاتم والذي سكن روحها وقلبها.. عندما لفت انتباها صوت الباب الخارجي
للجناح فرفعت عينيها لتلمح منذر يدخل الغرفة وهو يجرجر قدميه وقد بدا الإرهاق على
ملامح وجهه.. وما أن رآها حتى ظهرت الدهشة على وجهه.. فيبدو أنه لم يتوقع وجودها
في المنزل.. أربكه مظهرها لوهلة.. ثم حاول الحفاظ على هدوئه وهو يتجاهل وجودها
تماماً.. فبدأ بخلع ملابسه بهدوء..
ألقى قميصه على الف ا رش بإهمال.. وفتح خ ا زنته ليلتقط ملابس نظيفة.. ثم دخل إلى الحمام
في صمت تام..
ظلت سهير ترقبه حتى أغلق باب الحمام خلفه.. وهنا سقطت دموعها بغ ا زرة.. لقد تجاهل
وجودها تماماً, صحيح أنه لم يستطع اخفاء دهشته لرؤيتها في البداية إلا أنه تصرف بعد
ذلك وكأنها غير موجودة.. كأنها طيف غير مرئي.. أو شبح خفي لام أ رة اعتاد على
وجودها..
تحركت لتقف أمام مرآتها, فصدمت من تلك التي تطالعها في المرآة..
متى قامت بتحويل مظهرها إلى تلك الم أ رة التي تطل عليها من المرآة.. أنها لا تتذكر..
مهلاً.. إن آخر ما تتذكره هو إص ا ررها على دخول منزلها بمفردها ومنعت رؤوف من
اصطحابها للداخل.. لا تدري من أين اتت بتلك الإ ا ردة الحازمة.. ولكنها وجدت نفسها تأمره
بحزم بأن ينصرف وأن يمنع والدتها من اللحاق بها.. ثم دخلت منزلها وحيت عمتها قمر
بشرود لتصعد إلى غرفتها بعد ذلك.. وماذا بعد؟.. أنها لا تتذكر..
قيد القمر
362
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أغمضت عينيها وهي تضغط على خلايا عقلها وتجبرها على التذكر.. ف أ رت نفسها تملأ
مغطسها بالماء والكثير.. الكثير من العطور القوية لتغرق نفسها بداخل تلك المياه ذات
ال ا رئحة النفاذة والخانقة حتى أوشكت بالفعل على الاختناق.. ثم أنهت حمامها لتذهب وتقلب
بين غلالات نومها لترتدي أكثرهم كشفاً لجسدها.. التفتت نحو منضدة الزينة وبدأت تضع
زينة لوجهها ولكنها وجدت أصابعها ترسم ملامح ام أ رة مختلفة.. فبدلاً من أحمر الشفاه
الوردي الهادئ استخدمت الأحمر الداكن.. وبدلاً من ظلال جفونها بلون السماء الصافية..
استخدمت آخر له لون رمادي يكاد يقترب من الأسود.. ووجدت يدها تقترب من الكحل
الأسود لأول مرة لتحدد عينيها بب ا رعة لم تعتقد أنها تمتلكها.. وأخي ا رً بعدما انتهت رمقت تلك
التي تقابلها في المرآة وقد تحولت إلى ام أ رة ذات أنوثة متوحشة..
لم تدري لما قامت بذلك.. من الممكن أنها أ ا ردت دعم ثقتها بنفسها.. أو أنها رغبت في أن
تكون سهير مختلفة عن تلك المتخاذلة التي لم تعرف كيف تدافع عن بيتها.. بل دفعت
بزوجها إلى أحضان ام أ رة أخرى.. أم أنها أ ا ردت أن تبهر عينيّ منذر فيدرك ما فاته بترك
نفسه يسقط بين أحضان الخيانة..
كل ما أدركته وأ ا ردته أنها أ ا ردت أن تخرج من عباءة الم أ رة الطفلة.. لتصبح أنثى تدافع عن
ك ا رمتها التي أضاعها زوجها بخيانته لها.. هي لا تنكر أنها ضغطت عليه وأهانته بشدة
برغم أنها لم تتعمد ذلك, ولكن هل رده عليها يكون بالخيانة.. لقد أباح لنفسه الخيانة حتى
يسترد رجولته التي جرحتها بغبائها.. ولكنه لم يفكر في كيفية جبر كسر أنوثتها المهدرة وهي
تصارحه بأنها زوجة عاجزة وفاشلة.. لم استمع فقط إلى كلماتها التي انتقصت من عنفوانه
ولكنه اختار صم أذنيه عن ما قالته في حق نفسها..
لقد ازداد الموقف تعقيداً.. ولم تعد تعرف ما الحل.. هل تتغاضى عن خيانته, مقابل أن
يسامحها على زلتها في حق رجولته؟.. هل هذا هو الحل؟..
قيد القمر
363
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
تشعر أنه حل مشوه وملوث.. ولن يغير في الوضع الحالي شيئاً.. سيستم ا رن في اداء
تمثيلية سخيفة أمام الجميع حتى يسأم أحدهما من لعب دوره فيهدم كل شيء مثلما حدث
اليوم..
أخرجها من أفكارها انقطاع صوت المياه بداخل الحمام.. مما يعني قرب المواجهة..
مسحت دموعها بهدوء.. وتحركت ناحية الف ا رش لترفع ملابس منذر الذي ألقاها بإهمال,
فلفت انتباهها لطخة حم ا رءعلى ياقة قميصه.. تأملتها قليلاً, ثم أدركت ماهيتها.. فجعدت
القميص وألقت به بقوة نحو باب الحمام في نفس اللحظة التي خرج بها منذر من الحمام..
فالتقط القميص الطائر بإحدى يديه وهو يحاول اخفاء ارتباكه بعودتها والتغلب على ما
يعتريه لرؤويتها بذلك المظهر المهلك.. لقد فوجيء بعودتها.. لم يظن أبد اً أنه سيعود ليجدها
في انتظاره.. كان يتمنى أن يمدد جسده فقط ليحصل على قسط بسيط من ال ا رحة.. ويرتب
أفكاره جيداً.. ثم يذهب لي ا رها ليحاولا معاً تحديد مصير زواجهما ومقدار التنازل المطلوب
من كلاهما ليستطيعا النجاة بحياتهما معاً بعد أن جنحت علاقتهما وكادت أن تتحطم على
صخور الواقع.. الواقع الذي ظلت تهرب منه سهير لشهور.. ولابد من مواجهته الآن..
حسناً فعلت بعودتها إلى المنزل فالمواجهة ستتم حتماً.. والأفضل أن تكون عاجلاً وليس
آجلاً.. ولكن هل يجب عليها أن تبدو بتلك الروعة!.. همس لنفسه بغيظ..
"يا الهي.. هل تحاول قتلي بمظهرها ذاك.. هل من الممكن أن تكون تلك الأنوثة الصارخة
غير قادرة على الشعور بشيء.. أنها تبدو مهلكة.. برغم زينة وجهها المبالغ فيها والتي
حاولت بها الظهور بمظهر مبتذل إلا أنها لم تنجح.. فهي تبدو كما ينبغي أن تكون الأنثى
الكاملة"..
ابتلع لعابه بصعوبة محاولاً السيطرة على انفعلاته فتبنى أسلوباً ساخ ا رً من قذفها لقميصه:
حسناً فعلتِ.. ذلك القميص قذر بالفعل ويجب غسله.
قيد القمر
364
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أجابته بقوة وهي تحاول التمسك بقناع الم أ رة الواثقة:
بل يجب حرقه.
ألقى القميص من يده بإهمال وهو يلتفت إليها متسائلاً وهو يحرك سبابته لأعلى وأسفل
مشي ا رً إليها محاولاً ألا يبدو متأث ا رً بها:
ماذا فعلتِ بنفسك؟..
أجابت بثقة واهية:
تغيير لا أكثر.. فهذا القناع هو ما يعجب الرجال على ما يبدو..
تخلى منذر عن هدوئه وهو يصيح بها:
لا تقلبي الأدوار يا سهير.. ما ا زلت كلماتك تدوي في أذني ولم يخف تأثيرها بعد.
قررت مصارحته.. فتحركت حتى وصلت إلى القميص الملقى أرضاً.. وتناولته لترفعه في
وجهه وهي تشير إلى بقعة أحمر الشفاه:
أعرف أين قضيت ليلتك.. فلا داعي للعب دور الضحية..
فوجئ بمعرفتها, بل صدم.. هل علمت أنه ذهب لخيانتها.. خيانتها فعلاً.. و رغم ذلك عادت
إلى بيته.. عادت إليه.. هل من الممكن إنه يوجد بصيص من الإمل لتلك العلاقة بعد كل
شيء..
سألها بحيرة:
تعرفين.. ولكنكِ هنا..
همست بألم:
قيد القمر
365
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
نعم.. أنا هنا..
ذاهلاً سألها:
هل تستطيعين الغف ا رن؟..
سقطت يديها إلى جانبها فسقط معها القميص أرضاً وجرت دموعها على وجنتيها:
لا أعلم..
سألها ثانية:
و الى أين يؤدي بنا ذلك؟..
همست ثانية:
لا أعلم..
أجابها بنفس همسها:
ولكنكِ هنا..
أومأت بعجز:
ولكنني هنا..
تحرك مقترباً منها يختصر المسافة التي بينهما فخطى فوق قميصه الملقى أرضاً.. وحاول
أن يتمسك بيديها إلا أنها أبعدتهما وهي تخبره:
لا تقترب.. لا تلمسني..
لم يستمع لها وهو يمسك بيديها ليخبرها:
قيد القمر
366
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
تعرفين أنني لم أفعلها..
اندفعت العب ا رت من عينيها وشعرت أنها ستختنق بشهقاتها وهي تجهش بالبكاء:
أعرف..
ارتفعت يديه إلى ذ ا رعيها ليقربها منه وهو يهمس بعذاب:
لكنكِ لا تعلمين أن وجودك هكذا قريبة مني أكاد أشعر بدقات قلبك تعانق دقات قلبي..
أونافسي تداعب جبهتك فتطاير خصلاتك لتداعب وجنتي.. هذا القرب.. هذه النظ ا رت
الحائرة التي تصرخ بحبك لي.. تؤثر بي.. اكثر من الآلاف من قبلاتها..
آآآآآآآآآه
صرخة انطلقت من اعماقها وهي تتهاوى ارضاً على ركبتيها.. دافنة أ رسها بينهما.. جسدها
ينتفض من عنف بكائها.. تسأله وهي تكاد تختنق من شهقاتها:
قبلتها!!..
هبط منذر أمامها وهو يحاول ضم جسدها المنتفض لصدره وأ ا رح أ رسه فوق خصلاتها
المنتشرة:
سهير.. لا تفعلي ذلك بنا.. دعينا نبدأ من جديد.. وننسى كل ما فات..
رفعت أ رسها فكانت جالسة على ركبتيها في مواجهته:
كلا.. يجب توضيح كل شيء.. لا يمكن أن نبدأ من جديد وهناك خيوط قوية تشدنا
للخلف.. لن يستقيم الأمر..
أمسك منذر بوجهها بين يديه وهو يمسح دموعها بإبهاميه:
قيد القمر
367
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أنا أعلم..
شهقت متفاجأة:
تعلم!!.. كل شيء؟..
أومأ ب أ رسه موافقاً:
كل شيء.. كل ما أردتِ اخباري به.. ولكن غروري.. منعني من الاستماع.. فزعك ليلة
زفافنا.. نظ ا رتك الضائعة ونحن معاً.. لقد فهمت.. كل شيء.. وهذا ليس خطأك..
دفعته عنها بقوة وهي تتماسك وتحاول النهوض:
كيف ليس خطأي.. لقد دفعتك بعيداً.. ألقيتك بيدي إلى ام أ رة أخرى لتمنحك ما عجزت أنا
عنه.. وبعد كل ذلك.. تخبرني أنه ليس خطأي.. خطأ من اذاً؟..
نهض هو الآخر ليواجهها:
حسناً.. كلانا أخطأنا.. ولكننا نستطيع تعديل الأمور و اصلاحها.. نحن من نتحكم بحياتنا
وليس أحداً آخر..
هزت أ رسها بعجز:
أنك تجعل الأمر غاية في السهولة..
أمسك وجهها بين كفيه ثانية ليرفعه له:
كلا.. إن الأمر لن يكون بتلك السهولة.. وسنواجه عقبات ومصاعب عدة.. ولكنه
يستحق.. زواجنا يستحق.. فأنا لن أرغب بام أ رة غيرك.. ولن أسمح لكِ أن تكوني مع رجل
سواي.. لذلك لا حل أمامنا إلا أن نصلح من حياتنا ونعمل على انجاح زواجنا..
قيد القمر
368
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
سألته بحيرة:
ماذا تعني؟..
اجابها بحماس:
لقد قضيت الساعات الماضية اتصفح على شبكات النت كل ما يتعلق بموضوع الختان..
قاطعته وهي تبتسم وسط دموعها الغزيرة:
قضيت ليلتك بالمكتب..
سألها بلوم:
أين تظنين أنني قضيتها؟.. لقد أخبرتك.. لا ام أ رة لي سواكِ..
أومأت ب أ رسها في سعادة:
كم أحبك.. أنت وحدك من تملك سعادتي وشقائي.. أحبك.. ومستعدة أن أبتعد عنك.. أن
أضحي بوجودي إلى جوارك, لو كان في ذلك سعادتك..
ضمها لصدره بقوة فشعرت كأنه يريد زرعها بين دقات قلبه.. وهمس لها بحب جارف:
لن أتركك تبتعدين عني أبداً.. اصلاح ما أفسدناه في حياتنا سهل جداً.. ولكن الت ا زمنا
بخطواته هو التحدي..
أبعدها قليلاً وهو يسألها بتردد:
حبيبتي.. تعلمين أن الخطوة الأولى هي اللجوء لطبيب نفسي..
أومأت موافقة:
قيد القمر
369
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أعلم.. وأمي منتظرة إشارة مني حتى تحدد لي موعد مع طبيبة مؤتمنة وهي على علاقة
طيبة بها..
زفر بارتياح.. فقد هونت عليه نصف المسافة.. شكر بينه وبين نفسه خالته شموس.. أنها
سيدة ا رئعة بالفعل..
ابتسم بسعادة:
لقد ارحتني بشدة.. ولكن الخطوة الأخرى هي التحدي الفعلي..
اخفضت أ رسها بحرج وهي تغمغم:
أعلم.. لقد بحثت أنا أيضاً طويلاً في الموضوع.. وأعلم مدى التضحية التي ستقوم بها
لنخطو تلك الخطوة..
رفع ذقنها بأصابعه:
هل تعلمين.. وأنا جالس في مكتبي أفكر في الأمر وكيف أنني سأدع شخصاً آخر.. حتى
ولو كان مختصاً يخبرني كيف أعامل زوجتي.. انتابتني الهواجس وترددت كثي ا رً.. ولكن ما
أن دخلت إلى جناحنا لأجدك بتلك الروعة.. في كامل زينتك وروعتك.. ولكنكِ قمتِ بذلك
لكل الأسباب الخاطئة.. حتى تبخر كل ترددي واختفت كل هواجسي.. فأنا أريدك بكل تلك
الروعة.. ولكن لتكوني.. سهير وليس أي شخصاً آخر تختفين خلف قناعه..
رمت نفسها على صدره وهي تبكي قائلة:
ماذا فعلت لأستحق رجلاً بمثل روعتك؟..
اجابها ببساطة:
قيد القمر
370
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
لقد أحببتني لدرجة أنكِ سمحتِ لي بجرحك.. حتى لا تكوني أنتِ البادئة بجرحي.. كيف
تريدين مني الاستغناء عنك!!..
ثم رفع أ رسها عن صدره وهو يتناول إحدى المناشف النظيفة.. ليمسح زينتها الكثيفة..
ويخبرها بهدوء:
هكذا.. أريد استعادة سهير خاصتي..
ابتسمت له بحب وهي تساعده بإ ا زلة القناع المخادع الذي حاولت الإختفاء خلفه.. فهي لم
تعد بحاجة إلى الإختباء بعد الآن.. فقط تحتاج للدعم والحماية الأمان والحب.. الكثير من
الحب.. وهو ما يمنحه لها منذر بلا حدود..
*****************
بعد مرور أربعة أشهر...
كانت سهير تسير بجانب منذر وهما متشابكي الأيدي.. على كورنيش الأسكندرية.. وهي
تشعر ب ا رحة لا حد لها.. ا رحة لم تتصور يوماً أن تعرفها..
أغمضت عينيها بارتياح وهي تسأل منذر:
هل سنسافر إلى بلدتنا في نهاية هذا الأسبوع؟..
ترك يدها ليحيط كتفها بذ ا رعه:
كما ترغبين يا حبيبتي..
اجابته بابتسامة:
نعم.. فأنا أفتقد نو ا ر بشدة.
قيد القمر
371
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
قهقه ضاحكاً:
نو ا ر فقط!..
كلا بالطبع... ولكنك تعلم كم أنا مرتبطة بها.. ولا تنسَ أن لها الفضل الأ ول في نقلك إلى
فرع الأسكندرية..
ضحك وهو يشاكسها:
أنتِ مخطئة.. فانتقالنا إلى هنا كان بفضل رؤوف وأفكاره..
هتفت بذهول:
حقاً..
اجابها بموافقة من أ رسه.. فعادت تعانده:
ولكنه فعل ذلك من أجل نو ا ر.. إذاً هي صاحبة الفضل..
رفع يديه باستسلام:
حسناً ومن أنا لأعارض.. كما تشائين..
ابتسمت له بسعادة لم تظن أنها ستجدها يوماً.. حتى بعد مصارحتهما, بل مواجهتهما
الأخيرة.. لم تكن تعتقد أنها من الممكن أن تعود لتبتسم بسعادة حقيقية وليست ادعاء أو
تظاهر..
استرجعت في ذهنها أول لقاء مع طبيبتها النفسية.. تلك الم أ رة الهادئة صاحبة الابتسامة
الدافئة والنظارة ذات الإطار الفضي الأنيق.. والنظ ا رت التي تمنحك إحساس بأنك في
بيتك.. لقد فهمت لحظتها لما أصرت والدتها على مقابلة تلك الطبيبة.. فهي تدعى حنان
قيد القمر
372
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
وهي بالفعل ينبوع من الحنان والاطمئنان.. بالإضافة لمهارتها الطبية.. ففي لقاءها الأول
أدخلتها الطبيبة وطلبت من منذر الانتظار بالخارج..
كانت سهير خجلة ومحرجة للغاية.. لكن الطبيبة.. امتصت كل ذلك في سرعة وسهولة غير
عادية.. حتى وجدت سهير نفسها تبوح بكل ما في نفسها.. حتى ما خجلت عن الإفصاح
عنه لإمها أو منذر..
تذكرت معها تجربتها المؤلمة في الختان.. وأخبرتها الطبيبة بحزم:
أولاً يجب أن تعلمي.. أنه لا عيب أن تكوني انثى جميلة.. بل ذلك يدعو إلى الفخر..
مرتان وليس مرة واحدة.. مرة لكونك أنثى ومرة لكونك جميلة.. لا تجعلي ملاحظة جدتك
حول جمالك وربطك لما قامت به بذلك الجمال.. لا تخشي جمالك.. اتركي زوجك يتمتع
به.. حتى بمتعة النظر له.. لا تخفيه.. أو تداري أنوثتك خلف ملابس فضفاضة.. وأنا اتكلم
عن وجودك في منزلك ومع زوجك بالطبع..
ثم التقطت.. أنفاسها.. وهي تخبرها بجدية:
نأتي للنقطة الأهم.. حادثة الختان.. وما سببته لكِ من آلام.. لكن ذلك كان بسبب اتباع
جدتك لذلك الأسلوب البدائي.. بينما لو لجأت لطبيبة أو ج ا رحة.. لمر الأمر بد ون أي
ذكريات تذكر من جانبك.. إن تخطيكِ لتلك الذكرى بالذات يعتمد على قوة إ ا ردتك.. ورغبتك
الحقيقية في وضعها في الحجم البسيط الذي تستحقه.. مجرد تجربة و ان كانت صعبة..
ولكنكِ أقوى من تدعيها تتحكم بحياتك.. أو تفسد علاقتك مع زوجك..
لقد تكلما مع اً لساعات.. حتى انتبهت الطبيبة فجأة.. وهي تخبرها بم ا زح:
لقد خصصت اليوم لكِ بالكامل.. وذلك من أجل عيون والدتك فقط.. لكنني في المرة
القادمة سأعاملك كسائر مرضاي.. فلا يمكنني اهمالهم جميعاً.. أليس كذلك؟..
قيد القمر
373
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ضحكت سهير بحرج وهي تغمغم:
أنا آسفة..
ابتسمت لها الطبيبة وهي تخبرها بمودة:
ماذا بكِ يا فتاة أنني أمازحك فحسب!..
أنا اعلم.. ولكن لماذا تقولين أن هناك مرة أخرى؟..
سألتها الطبيبة بطريقتها المرحة:
هل سئمتِ مني بتلك السرعة!..
ثم تحولت لجدية دافئة ولكن حازمة:
سهير لقد بدأنا اليوم أول خطوة في طريق العلاج.. ما ا زل أمامنا طريق طويل.. يجب
الالت ا زم بمواعيد الجلسات.. وعلى زوجك أيضاً أن يكون في مثل الت ا زمك.. فسأطلب منه
أحياناً.. الإنضمام إلينا.. هل هذا واضح؟..
أومأت سهير بموافقة صامتة.. لتكمل الطبيبة:
هناك أيضاً مستشارة العلاقات الزوجية.. وهي طبيبة صديقة لي.. ومن حسن حظك أنها
تقيم بالاسكندرية.. أنتِ أخبرتني أنكِ على وشك الإنتقال الى هناك.. ستبدآن تلك الجلسات
بعد فترة بسيطة.. فأنا أفضل أن نمر بعدة جلسات نفسية أولاً.. حتى تكوني في وضع
أفضل لتقبل نصائح تلك الطبيبة..
أومأت سهير مرة أخرى.. فربتت على كتفها الطبيبة برقة:
حسناً.. أ ا ركِ الأسبوع القادم..
قيد القمر
374
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
عادت سهير من ذكريات ذلك اللقاء لتمسك بيد زوجها بقوة.. ذلك الرجل الذي أثبت لها قوة
حبه بكل طريقة ممكنة.. لقد تعاهدا على أن يبدآ من جديد.. وهو ما ا زل بجوارها إلى الآن..
يتحمل خجلها الذي لم تستطع التخلص منه بالكامل.. حتى بعد مرور شهرين على
وصولهما للأسكنرية ومقابلة الطبيبة التي رشحتها الدكتورة حنان..
لقد ترددا يومها في الذهاب.. حتى أنها اتصلت بالعيادة حوالي خمس م ا رت لتلغي الموعد ثم
تعود وتتصل لتأكيده.. كان منذر أيضاً متوجساً.. ي ا رقبها وهي تلغي الموعد تارة وتأكده تارة
أخرى وهو صامت.. متخوف من الذهاب... ولكنه في المرة الأخيرة التي حاولت فيها إلغاء
الموعد.. منعها.. وطلب منها بحزم أن تستعد للذهاب..
وكان الموعد الأول نقطة تحول.. في حياتها.. فالطبيبة كانت تحاورهما بسلاسة.. وكانت
في غاية الإحت ا رف.. وهي تضع معهما بضع قواعد لتجعلهما يتبعانها بحزم.. يومها ابتسمت
باحت ا رفية وهي تنظر لمنذر:
أنا لن أفرض عليك.. طريقة تعاملك مع زوجتك.. أو أضع لك لائحة بما عليك القيام به..
لحظتها اصطبغ وجه سهير باللون القرمزي.. فنظرت لها الطبيبة.. ثم عاودت النظر لهما
معاً:
يجب أن اتأكد في رغبتكما القوية في التمسك بزواجكما.. وتخطي أي عقبات تقابله..
اندفعا معاً في الاجابة:
بالطبع..
ابتسمت الطبيبة بدفء:
قيد القمر
375
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
حسناً.. لقد درست ما أرسلته لي الطبيبة حنان بكل دقة.. واستطيع أن أخبركما الآن..أن
المشكلة.. ليست عويصة كما تتخيلان.. والحل منحه لنا الله سبحان وتعالى في كتابه
الحكيم.."وقدموا لأنفسكم"..
رمقت منذر بنظرة فاحصة:
أعتقد أنك بدأت تفهمني يا سيد منذر.. إن تلك الآية الصغيرة.. تعددت تفسي ا رتها.. ولكن
ما يهمنا الآن هو ما يختص بحالتكما.. هل تفهما ما أتكلم عنه؟..
أومأ منذر ب أ رسه.. بينما التفتت الطبيبة إلى سهير:
والآن يا سهير.. إن تقرير الطبيبة النسائية مبشر جداً.. لكنني أريد منكِ بعض التعاون مع
منذر.. حاولي أن تسترخي.. لا ت ا رقبي ما يحدث بينكما.. تذكري دائماً أنكِ طرف فاعل..
وليس متفرجة على ما يقوم به زوجك.. والأهم.. انسِ أن لتلك التجربة القديمة أي أثر على
مشاعرك الحالية.. ولا تجعلي من خجلك حاجز منيع بينكِ وبين زوجك.. تذكري أن الحياء
أمر مرغوب في الرجل والم أ رة.. ولكن الإف ا رط فيه غير مطلوب كأي شيء آخر.. و..
كانت سهير تشعر بلونها يتحول إلى الأحمر القاني.. ولكنها كانت منتبهة لحديث الطبيبة
ومشدودة له بقوة.. فهي أخذتهما في رحلة بسيطة ولكنها مفيدة لتساعدهما على تكوين علاقة
زوجية ترضيهما معاً..
وهذا ما حدث تقريباً.. لقد توطدت علاقتهما الروحية قبل الزوجية.. واتبعا تعليمات الطبيبة
بدقة.. وتستطيع الآن أن تقول أنها حقاً سعيدة.. هذا لا يعني أن حياتهما كاملة.. فهما
ما ا زلا يتابعان مع كلتا الطبيبتين ولكن عدد م ا رت ترددهما أصبح أقل بكثير عن البداية..
لا تنكر أنه تمر بينهما بعض الأوقات يشع ا رن فيها بالقلق.. والخوف من العودة إلى الو ا رء..
إلا أن الصلة الروحية التي ا زدت بينهما بشدة نتيجة تشاركهما تلك المشكلة.. كانت ما
قيد القمر
376
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ينقذهما من الوقوع في ب ا رثن الفشل.. فهما مص ا رن على إنجاح زواجهما.. وتق وية علاقتهما
مهما كلفهما الأمر من مجهود.. ووجودهما هنا في الأسكندرية وحدهما وبعيداً عن الجميع..
ساعدهما على ذلك كثي ا رً..
التفتت لمنذر بسعادة:

منذر.. أنني أريد بعض الترمس!..


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-10-15, 05:28 PM   #23

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الخاتمة
،
،
،
اندفعت سهير تركض بسرعة بين طرقات المستشفى.. حتى وصلت إلى طابق الولادة..
فوجدت.. الجميع متواجد.. والدها ووالدتها.. ورؤوف وعمتها قمر بالطبع.. ولكن رؤوف
كانت تبدو على وجهه ملامح الرعب الشديد..
وهو يذرع ممر المستشفى ذهاباً و اياباً متمتماً ببعض الآيات القرآنية..
فاقتربت سهير من إمها التي هللت لرؤيتها وهي تحتضنها وتسألها:
متى وصلتما؟..
أجابتها سهير:
الآن.. كيف حالها؟
طمأنتها شموس:
لا تقلقي.. كل شيء على ما ي ا رم..
التفتت إلى رؤوف الذي كان يحادث منذر.. وعادت لأمها:
إن رؤوف يبدو على وشك قتل أحدهم.
مطت شموس شفتيها:
فلندعو ألا يقتل الطبيب.. فنو ا ر ما ا زلت تحتاجه..
كادت تفلت قهقه من سهير ولكنها تحكمت في نفسها.. وهي تعاود السؤال:
منذ متى هي بالداخل؟..
قيد القمر
378
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
أخبرتك ألا تقلقي.. لقد قضينا الليلة بالمشفى في انتظار اللحظة التي يقرر فيها ابن أختك
الخروج إلى النور.. وهي بالداخل منذ نصف ساعة فقط..
ضحكت سهير وهي تسأل:
ابن!!.. لماذا يصر رؤوف على إنها فتاة إذاً..
تأملت شموس التغيير الذي أصاب ابنتها.. فهي أصبحت أكثر انفتاحاً.. أكثر ارتياحاً..
وبالطبع تبدو سعيدة..
أجابتها:
لا تهتمي.. إنه يريد فتاة.. وهي عندما علمت أن الطفل صبي.. كانت تجاريه فحسب..
أظن أنه متأكد أنها تحمل ولده وليست ابنته ولكنه يشاكسها فحسب..
ابتسمت سهير بمرح وهي تتبادل نظ ا رت دافئة مع منذر الذي كان يلوح لها خفية.. وعندها
انطلق صوت ص ا رخ طفل صغير لينبأ باش ا رقة حياة جديدة..
تحرك رؤوف بسرعة.. نحو غرفة العمليات.. فخرجت إحدى الممرضات وهي تبتسم له:
ألف مبروك.. لقد رزقك الله بصبي وسيم كوالده..
خر رؤوف ساجداً ليشكر ربه على المنحة ال ا رئعة وكذلك عبد السلام الذي حمد ربه أولاً على
سلامة ابنته فهو كتم رعبه منذ أن علم أن نو ا ر داهمتها آلام المخاض.. لا يريد تذكر ذلك
اليوم الذي دفن فيه ابنه.. بدون حتى أن يرى عينيه مفتوحتين حتى ليع رف ما كان لونهما..
ضحكت الممرضة بسعادة وهي تبارك لهما ثانية:
ألف مبروك مرة ثانية
وتوجهت لرؤوف وهي تسأله:
قيد القمر
379
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
ألا تريد أن تهنئ زوجتك بنفسك؟
اندفع رؤف نحو حجرة الولادة.. ليجد نو ا ر تحتضن ابنهما.. قريباً من قلبها.. وتبدو على
ملامحها معالم الإرهاق الممتزجة بسعادة صافية..
تحرك ليجلس بجوارها.. ولفها بذ ا رعه.. ليضمها هي وابنهما تحت جناحه.. ويطبع قبلة
طويلة على جبهتها.. وهو يهمس:
شك ا رً لكِ.. شك ا رً لكِ.. وآسف بشدة.
همست بعجب وهي تريح أ رسها على كتفه:
لماذا الأسف؟..
اجابها بحب:
لقد أرهقكِ ابني حتى يخرج إلى الدنيا.
ابتسمت وهي تجيب ببساطة:
أحبك..
دخل والديها عليهما وشموس تصيح:
لن أستطيع الانتظار حتى تنقلوها إلى غرفة خاصة.. سأ ا رها الآن.. وماذا في ذلك.. أنها
غرفة ولادة.. وليست مكتب رئيس الجمهورية..
ابتسمت نو ا ر لوالديها واندفعت والدتها لتحتضنها:
ألف مبروك يا حبيبتي.. وحمداً لله على سلامتك..
سلمكِ الله يا أمي..
قيد القمر
380
نهى طلبة
FB.com/groups/Book.juice
عصير الكتب للنشر الإليكتروني
والتفتت لوالدها:
ألا تريد أن ترى حفيدك يا أبي؟..
اقترب أب وها ليحمل الطفل الصغير ويتجه نحو رؤوف الذي نهض ليقف بجانب الف ا رش عند
دخولهما..
مد عبد السلام الطفل لرؤوف:
هيا يا رؤوف.. احمل ابنك حتى يتعرف الصبي على والده..
حمل رؤوف الطفل برعب شديد.. كان خائفاً أن يسقطه.. ولكن ما أن حمله حتى فتح
الصغير فمه الوردي كأنه يتثائب ثم ظهرت بسمة خفيفة على وجهه..
فصاح رؤوف:
إنه يبتسم لي..
هتفت نو ا ر بغيرة:
لا أصدق بعد كل ما عانيته في حمله وولادته يبتسم لك.. وأنت من كنت تدعوه بالفتاة
طوال فترة الحمل..
اجابها رؤوف:
هذا يعلمك أن تستمعي لكلامي المرة القادمة.. وأنا أخبرك من الآن أنني أريد فتاة صغيرة..
ارتفع ضحكات الموجودين من حولهما.. وتنحنحت الممرضة تطالب الجميع بالخ روج حتى
يمكن للأم الصغيرة أن ترتاح..
قبل أن يخرج أذن رؤوف في أذن ابنه اليمنى.. وأقام الصلاة في أذنه اليسرى.. ثم سلمه
لنو ا ر كي تبدأ أولى مهامها في اطعامه..
***************
وقف منذر وسهير ي ا رقبان الطفل الصغير والذي بدا هادئاً كملاك صغير..
داعبت سهير وجنته الناعمة بدفء وهي تسأل منذر:
هل ترى كم هو جميل وناعم!..
أسكتها:
هشششش.. ابتعدي عنه.. إن شقيقتك في الغرفة المجاورة وقد نامت للتو.. ولو علمت أنكِ
السبب في ايقاظه.. قد تفتك بكِ..
ضحكت سهير وهي تسأله:
ألن تدافع عني؟..
بحلق عينيه بذعر مصطنع:
أنا!!.. أواجه أختك المتوحشة.. إن الجميع يمشي على أط ا رف أصابعه منذ ولادتها.. خوفاً
منها.. ألن تعود الى بيتها؟.
ابتسمت سهير وهي تتأمل الرضيع الصغير الذي بلغ أمس شهره الأول..
ستعود غداً إن شاء الله.. إن رؤوف في غاية السعادة لعودتها
أجاب بوقاحة:
بالطبع.. فأنا أدرك شعوره.. أنتِ تلازمين شقيقتك منذ شهر كامل.. وأنا في غاية الشوق..
صاحت به بحرج:
منذر.. أيها المحتال.. لقد كنت معك منذ ثلاثة أيام.
ضمها لصدره بقوة:
حقاً.. لماذا إذاً شعرت بهم وكأنهم ثلاثون يوم اً!
تملصت منه:
دع عبثك الآن.. فوالدتي ممكن أن تدخل في أي لحظة..
ثم أردفت بشقاوة:
آه.. أعتقد إنك يجب أن تعتاد على الشوق قليلاً.. فالطبيبة أخبرتني اليوم أنني حامل في
الأسبوع الخامس..
صرخ منذر بقوة:
حق اً!..
ارتفع ص ا رخ الطفل مفزوعاً من صوت منذر المرتفع.. فهتفت سهير:
ستقتلك نو ا ر..
اجابها بجدية:
كلا من المستحيل أن تقتل والد زوجة ابنها!
حملقت به بحيرة.. فأخبرها بحزم:
نعم.. أنني أريد فتاة صغيرة!..
جاء من خلفه صوت نو ا ر وهي تخبره بنزق:
ألم تعلمكم التجربة يا أحفاد الجي ا زوي ألا تتحدوا بنات شموس!
***************
كانت الوليمة المعدة.. للاحتفال بعقيقة..
"نور الدين عبد الرؤوف عبد الله الجي ا زوي"
يوماً مشهوداً بحق.. وقف فيه الجي ا زوي الكبير بنفسه ليشرف على الذبائح.. والموائد التي
امتدت في حديقه قصره.. وجاءت جموع الناس لتهنئ العجوز وحفيده الشاب بوريث عائلة
الجي ا زوي الصغير..
ابتسم عبد الرؤف.. لقد أطلق رؤوف على ابنه اسم نور الدين.. يعلم أنه أطلقه عليه لأنه
مشتق من اسم نو ا ر.. تلك الفتاة ال ا رئعة التي اضاءت حياة حفيده.. بعد أن عاش سنوات
عجاف..
أخذ يتأمل أحفاده جميعاً وقد رفرفت السعادة عليهم.. وحمد ربه أن مد في عمره حتى يرى
ذلك اليوم..
جاء عبد السلام ليقف بجواره ويربت على كتفه:
أنه يوم جميل أليس كذلك؟..
أومأ عبد الرؤوف موافقاً.. ثم قال لعبد السلام:
هات ما عندك..
هز عبد السلام أ رسه في أسى:
صح توقعك.. لقد تزوجته..
هز العجوز أ رسه بحزن:
لله في خلقه شئون.. حمداً لله أن رؤوف لم ينجب منها.. لكان اضطر أن يدفن باقي
سنواته معها..
اتهمه عبد السلام:
أنت من زوجته اياها..
وافقه العجوز:
لقد اضطرت لذلك.. وحمداً لله أنها كانت تعيش في فترة تخبط فوافقت بسرعة بدون أن
تحصي بدائلها وتقرر مساومتنا على ما امتلكته من ثروة العائلة..
ايده عبد السلام:
حمداً لله أن رؤوف استطاع على مدار السنوات الماضية ش ا رء ممتلكاتنا منها مرة أخرى..
وبهامش خسارة لا يذكر
نعم.. لا أصدق أنني كدت أخدع بدموعها عندما أتى رؤوف في صباح ذلك اليوم بعد ما
حاولت بدناءة تحطيم سهير.. لقد ارتفع صوته عليها لأول مرة حتى أنني كدت أن أنهره
على ذلك.. وأخي ا رً ألقى يمين الطلاق.. لقد شعرت أنه أ ا زح جبلاً من على صدره..
هز عبد السلام أ رسه بأسى:
إنها غبية.. غبية من تستبدل رؤوف بقاسم..
قال الجد بهدوء:
إنهما يستحقان بعضهما.. فقاسم ونعمات.. كلاهما أغرق نفسه في الحقد..
*******************
وقفت نو ا ر بجانب سهير وهما تتلقيان التهاني من نساء البلدة.. فأخي ا رً دخل الفرح قصر
الجي ا زوي.. بعدما هجرته السعادة لفترة ليست بالقصيرة..
لمحت نو ا ر شقيقتها وهي ت ا رقب زوجها بمحبة.. فاقتربت منها أكثر لتبعدها عن آذان النساء
اللاتي يبحثن عن أي شائعة لتلوكها السنتهن.. وسألتها برقة:
تحبينه يا سهير؟..
مسدت سهير على بطنها وكأنها تداعب طفلها وهي تجيب على سؤال نو ا ر:
أنتِ من تسألين يا نو ا ر!!.. أنا لا أحبه فقط.. أنا أعشقه..
عادت نو ا ر لتسألها بخوف:
هل تمكنتِ من مسامحته؟..
ابتسمت لها سهير بتفهم:
لقد منحته السماح عن كل اخطائه الماضية والمستقبلية عندما أحببته.. أنني سامحته..
نعم.. منذ سنين من قبل حتى أن يجرحني.. لكن هناك النسيان.. وهو يسعى جاهداً حتى
أنسى.. وسوف ينجح بإذن الله..
استمعت شموس التي كانت قريبة من ابنتيها إلى حوارهما.. وقد أدركت أخي ا رً مكمن قوة
سهير.. قد تبدو نو ا ر جامحة ومسيطرة أحياناً.. لكن القوة التي تملكها سهير أكبر بم ا رحل..
فالقوة التي تمكن الإنسان من المسامحة وغف ا رن الإساءة ليس سهل امتلاكها.. وسهير مُنحت
تلك القوة كما منحت الهبه لاستغلالها...
********************
استيقظت نو ا ر على صوت بكاء نور الدين.. فتحركت من ف ا رشها لتجد إن رؤ وف يرفع
ابنهما من مهده ويهدهده بين ذ ا رعيه.. كما لاحظت وجود دفتر رسم كبير ملقى بجوار
الكرسي المجاور للمهد..
فسألت رؤوف مداعبة:
إلن تمل من رسمه؟!
ضحك بسعادة:
كلا.. ولكن الحل في يدك.. امنحيه شقيقة.. حتى ابدأ في رسمها
لكزته في كتفه:
إن نور الدين عمره أربعة أشهر فقط
رفع حاجبه باستفهام:
إذاً.. هل استخدمتِ العلبة الموجودة في درج المنضدة أم لا؟
اجابته بهمس:
نعم استخدمتها.
سأل بأمل:
و...
عاد لتلكمه ثانية:
وارح نفسك.. أخي ا رً ستحصل على ابنة صغيرة..
وضع ابنه في مهده برقة ثم التفت ليرفعها ويدور بها في الهواء..
وهو يصرخ بسعادة:
أخي ا رً.. ستصبح عندي نسخة صغيرة منكِ .
ضحكت بعبث:
لا أعرف إذا كنت تستطيع التعامل مع اثنين مني..
ضمها إلى صدره وهو يمنحها قبلة طويلة.. ثم همس لها:
صباحك سكر..
وضعت يدها في خصرها:
الآن بعد أن تأكدت أنني حامل في ابنتك تذكرت أن تمنحني تحيتي الخاصة!
نظر إلى عينيها وكل ملامحه ترسم لوحة لعاشق مغرم بحبيته:
إذا مر يوم ولم أتذكر به
أن أقول صباحك سكر
ورحت أخط كطفلٍ صغير
كلاماً غريباً على وجه دفتر
فلا تضجري من ذهولي وصمتي
ولا تحسبي أن شيئاً تغير
فحين أنا لا أقول: أحب
فمعناه أني أحبك أكثر



تمت بحمد الله


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-12-15, 10:13 AM   #24

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-01-16, 09:50 PM   #25

بنوتة رومانسية

? العضوٌ??? » 60522
?  التسِجيلٌ » Nov 2008
? مشَارَ?اتْي » 1,251
?  نُقآطِيْ » بنوتة رومانسية has a brilliant futureبنوتة رومانسية has a brilliant futureبنوتة رومانسية has a brilliant futureبنوتة رومانسية has a brilliant futureبنوتة رومانسية has a brilliant futureبنوتة رومانسية has a brilliant futureبنوتة رومانسية has a brilliant futureبنوتة رومانسية has a brilliant futureبنوتة رومانسية has a brilliant futureبنوتة رومانسية has a brilliant futureبنوتة رومانسية has a brilliant future
افتراضي

شششككككككك رررررراااااا

بنوتة رومانسية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-01-16, 10:14 PM   #26

بنوتة رومانسية

? العضوٌ??? » 60522
?  التسِجيلٌ » Nov 2008
? مشَارَ?اتْي » 1,251
?  نُقآطِيْ » بنوتة رومانسية has a brilliant futureبنوتة رومانسية has a brilliant futureبنوتة رومانسية has a brilliant futureبنوتة رومانسية has a brilliant futureبنوتة رومانسية has a brilliant futureبنوتة رومانسية has a brilliant futureبنوتة رومانسية has a brilliant futureبنوتة رومانسية has a brilliant futureبنوتة رومانسية has a brilliant futureبنوتة رومانسية has a brilliant futureبنوتة رومانسية has a brilliant future
افتراضي

شششككككككك رررررراااااا

بنوتة رومانسية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-01-16, 09:43 PM   #27

زهرة احساس

? العضوٌ??? » 335571
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,151
?  نُقآطِيْ » زهرة احساس is on a distinguished road
افتراضي

🌴🌹🍃❤🌻🌼🌷🌟✨🌳⭐🍀🌺🌸🌸💐ررررررووووووععععع عهههههه

زهرة احساس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-03-16, 01:56 AM   #28

فاطمة الزهراء 1
 
الصورة الرمزية فاطمة الزهراء 1

? العضوٌ??? » 304743
?  التسِجيلٌ » Sep 2013
? مشَارَ?اتْي » 394
?  نُقآطِيْ » فاطمة الزهراء 1 has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء 1 has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء 1 has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء 1 has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء 1 has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء 1 has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء 1 has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء 1 has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء 1 has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء 1 has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء 1 has a reputation beyond repute
Elk

يسلمووووووووووووو حبيبتي ع مجهودك الرائع

فاطمة الزهراء 1 غير متواجد حالياً  
التوقيع
‫ نوفيلا(عالم موازي)https://www.rewity.com/forum/t368692.html
قصة (حتى أخر العمر )
https://www.rewity.com/forum/t342197.html#post11031034
قصة( عيناك قدري )
https://www.rewity.com/forum/t344332.html#post11102243
رد مع اقتباس
قديم 04-04-16, 10:35 PM   #29

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

modyblue غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-04-16, 01:18 AM   #30

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

modyblue غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:45 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.