آخر 10 مشاركات
ثأر اليمام (1)..*مميزة ومكتملة * سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          1127 - الرجل الغامض - بيبر ادامس - د.ن (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          594- فراشة الليل -روايات عبير دار ميوزيك (الكاتـب : Just Faith - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          أسيرة الثلاثمائة يوم *مكتملة * (الكاتـب : ملك علي - )           »          ☆باحثاً عن ظلي الذي اختفى في الظلام☆ *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : Ceil - )           »          أجمل الأسرار (8) للكاتبة: Melanie Milburne..*كاملة+روابط* (الكاتـب : monaaa - )           »          شعر ثائر جزائري (6) *** لص ذكي سارق عجيب *** (الكاتـب : حكواتي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات العربية المنقولة المكتملة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-10-15, 10:49 AM   #11

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


الحلقة ( 9 )


جلس "آدم" فى حجرة الصالون ينتظر نزول "آيات" .. دخل "عبد العزيز" من الباب مبكراً عن موعده انتبه الى "آدم" فدخل سلم عليه قائلاً :
- أهلا بيك يا دكتور
نهض "آدم" وسلم عليه قائلاً :
- أهلا بحضرتك
جلس "عبد العزيز" فى مواجهة "آدم" وقال :
- بخصوص مكان سكنك اللى اديتهولى يا دكتور "آدم" .. انت سيبت الشقة دى من فترة مش كده ؟ .. لانهم قالولى انها اتباعت مرتين
شرب "آدم" رشفة من كوب الماء الموضوع أمامه وقال بهدوء أعصاب :
- أيوة بعتها .. وحالياً آعد عند والدتى فى بيتنا القديم لحد ما الشقة الجديدة تخلص لانى بعمل فيها شويه تعديلات
قال "عبد العزيز" :
- أنا افتكرتك اديتنى عنوان شقتك الحالية
قال "آدم" مبتسماً :
- لا اديت لحضرتك عنوان الشقة اللى كنت عايش فيها عشان لما تحب تسأل عنى تلاقى الجيران عارفيني
ابتسم "عبد العزيز" قائلاً :
- فعلاً الجيران كانوا عارفينك وعارفين الست والدتك كمان وقالوا عنكم كلام طيب جداً
ابتسم "آدم" وقد شعر بالإرتياح .. نزلت "آيات" والتى فوجئت بوالدها .. نظر اليها "عبد العزيز" بغضب وهو ينظر الى ملابسها ومكياجها .. شعرت "آيات" بالإضطراب .. فقال "عبد العزيز" بهدوء حتى لا يحرجها أمام "آدم" :
- اطلعى البسى حاجة تانية يا "آيات" الطقم ده شكله مش حلو عليكي
شعرت "آيات" بالحرج وقالت بصوت خافت :
- حاضر يا بابا
ثم التفتت الى "آدم" قائله :
- ثوانى ونازله
صعدت "آيات" وارتدت ملابس أكثر اتساعاً وان كانت مازالت غير محتشمة .. وأزالت المكياج فى عبوس .. نزلت الدرج فوقف "آدم" ينظر اليها متفرساً فيها .. ثم استأذن من والدها وانصرفا .. قاد "آدم" سيارته بهدوء وتوقف فى مكان ما .. التفت اليها قائلاً :
- انتى باباكى مش بيخليكي تحطى ميك اب وانتى خارجة
ارتبكت "آيات" وقالت دون أن تنظر اليه :
- أيوة
قال "آدم" بغلظة :
- يعني بتحطى من وراه .. بتستغفليه يعني
نظرت اليه "آيات" بحده فقال لها بصرامة :
- مفيش معنى تانى للى انتى بتعمليه غير كده
قالت "آيات" بحده :
- هو مانعنى انى احط ميك اب لانه مش بيحبه .. بس أنا بنت وصغيره وبحب أكون جميلة واحط ميك اب كل البنات بتعمل كده
قال "آدم" بهدوء وهو ينظر اليها :
- فعلاً كل البنات بتعمل كده
نظرت اليه فأكمل قائلاً بحزم :
- بس البنت المميزة اللى تجبر الراجل انه يحترمها مش هتعمل كده
احمرت وجنتاها خجلاً وأطرقت برأسها فقال وهو يتطلع اليها :
- نفسي تشوفى نفسك دلوقتى وخدودك لونهم أحمر من الكسوف وقوليلى الشكل ده أحلى ولا الدهان اللى بترسمى بيه على وشك
نظرت اليه "آيات" فأكمل قائلاً :
- على فكرة مفيش راحل محترم بيحترم البنت اللى بتعرض نفسها فى الشارع زى ما تكون جارية فى سوق الجوارى
قالت "آيات" بعتاب ممزوج بالحزن :
- أنا جاريه يا "أدم" ؟
قال بهدوء وهو ينظر الى عينيها :
- لا يا "آيات" مش جاريه .. بس مصره تخلى شكلك زيهم
نظرت الى عينيه وهى تحاول فهم ما يريد وما يفكر فيه .. قالت مبتسمه :
- لو انت مش حابب الميك اب يا "آدم" أنا مش هحطه تانى
انتبه "آدم" فجأة لما يفعل .. وسأل نفسه مرة أخرى .. ما شأنك ان وضعت مكياج أم لم تضع .. أشاح بوجهه عنها وقال ببرود :
- اعملى اللى انتى عايزاه
قالت "آيات" بحماس :
- لو مش عايزنى أحط بجد مش هحط
قال "آدم" وكأنه يعاند نفسه ويعاند ما يريد :
- لا حطى .. حطيه يا "آيات"
قالت بدهشة :
- بس انت لسه قايل .......
قال بحنق :
- سيبك من اللى قولته .. أنا عايزك تحطى ميك اب عايز أشوفك بيه على طول
أنهى جملته ثم انطلق بسيارته بعصبيه ظلت "آيات" تنظر اليه بإستغراب وهى لا تعى تلك التغيرات المفاجئة التى تطرأ عليه من حين لآخر

**************************************
فتح "على" باب البيت وهو ينادى فى مرح :
- ماما .. "إيمان"
جرت أمه مسرعة من المطبخ وفتحت "إيمان" غرفتها :
- خير فى ايه يا "على
قال بسعادة :
- الحمد لله لقيت شغل
عانقته أمه قائله :
- يامنت كريم يارب
قالت "إيمان" بسعادة :
- مبروك يا "على"
قال مبتسماً :
- الله يبارك فيكي يا "إيمان"
سألته بلهفه :
- اشتغلت ايه
قال "على" :
- هى شغلانه بسيطة فى محل بيع أجهزة كمبيوتر .. بس أهى بداية يا "إيمان" بدل ما أنا آعد كده من غير شغله ولا مشغله
قالت أمه بحماس :
- ربنا يجعلك فيها الخير يا ابنى وتبقى قدم السعد عليك وتكبر وتبقى أحسن واحد فى الدنيا يا "على" يا ابنى
قبل "على" يديدها قائلاً :
- ربنا ما يحرمنى منك يا أمى ولا من رضاكى عنى

***********************************

كالعادة شعرت بالتوتر والارتباك وهى جالسة فى غرفتها تنتظر أن تناديها والدتها .. فتحت والدتها الباب وقالت بحماس :
- يلا يا "إيمان" أبوكى قالى أناديكي .. ابوكى و أخوكى "على" أعدين مع العريس بره
شعرت "إيمان" بخفقات قلبها تتسارع بجنون ظلت تدعو الله فى سرها أن يبيض وجهها تلك المرة .. دخلت برأس منخفض وألقت السلام بصوت خافت .. ردوا السلام وجلست فى المقعد المواجه لهذا العريس .. استكملوا حديثهم مرة أخرى وكأنها غير موجودة ..شعرت بالحنق من هذا التجاهل وكادت أن تبكى أو تنهض لتغادر لولا أنها أجبرت نفسها على البقاء .. فجأة وجدته يوجه اليها الكلام قائلاً :
- ازيك يا دكتورة "إيمان"
شعرت "إيمان" بالسعادة بالرغم من أنه سؤال عادى .. لكن كونها محور اهتمام رجل هو ما أسعدها .. ردت بصوت خافت :
- الحمد لله
لم تستطع أن ترفع رأسها لتنظر اليه ظلت غاضه بصرها تفكر كفيها فى ارتباك شديد .. قال هذا العريس :
- أنا عرفت انك فى التكليف مش كده ؟
قالت بتوتر :
- أيوة
قال العريس :
- انتى كنت حابه تدخلى طب اسنان ولا التنسيق اللى أجبرك عليها
شعرت "إيمان" بالسعاة لأسئلته المتلاحقة عنها .. فقالت بشئ من الارتباك :
- بصراحة أنا كنت حابه أدخل صيدلة بس دخلت أسنان عشان مجموعى مجبش صيدلة بس بعد ما دخلتها حبيتها أوى
قال ضاحكاً :
- يعنى طبقتى مقولة حب ما تعمل حتى تعمل ما تحب
ابتسمت وهى تقول :
- حاجة زى كدة
تجرأت ورفعت رأسها لتنظر اليه .. كان شاباً أسمر البشرة لا تخلو ملامحه من الوسامة .. خفق قلبها لمرآه فغضت بصرها مرة أخرى .. ابتسم العريس قائلاً :
- طيب مش عايزه تسألينى عن حاجة ؟
دار الحديث بينهما قرابة النصف ساعة بعدها استأذن للإنصراف .. دخلت "إيمان" غرفتها وتركته يتحدث مع أبوها وأخوها أمام الباب .. أخذت تستعيد فى رأسها الحوار الذى دار بينهما .. وأخذ يتردد فى أعماقها نفس السؤال الذى يتردد كل مرة .. تُرى أسيوافق أم سيرفض ؟
دخلت والدتها الحجرة فقالت بلهفه :
- العريس قال ايه يا ماما
قالت أمها مستبشرة :
- ان شاء الله خير .. قال كمان كام يوم كده هيتصل يعرف ردك
قالت "إيمان" من قلبها :
- يارب تمها على خير يارب

*************************************
وقف "آدم" فى منطقته المفضلة فوق المقطم ينظر أمامه شارداً عابساً .. ظل يسأل نفسه .. ماذا يحدث لك يا "آدم" ؟ .. لماذا هذا التردد الذى تشعر به بداخلك ؟ .. ألست أنت من وضع الخطة ؟ .. لماذا التردد الآن ؟ .. أخذ يتردد بداخله سؤال .. ما ذنبها ؟ ما ذنب "آيات" فيما حدث لك ؟ .. لكنه رد على هذا السؤال قائلاً .. أنا لن أؤذيها .. أنا لا أريد سوى استرداد حقى فقط .. "آيات" لن تخسر شيئاً وستجد يوماً رجلاً أفضل منى .. ما هى الا أسابيع قليله أو حتى أشهر وتنسى اسمى .. وتنسى أنها رأتنى يوماً وستستمر فى حياتها .. مع رجل تحبه ويحبها .. عند تلك النقطة شعر بقشعريرة فى جسده .. تراءت أمام عيناه صورتها .. وابتسامتها العذبة .. ونظرات عينيها التى تشع حباً .. واهتمامها به .. ومشاعرها الصادقة النقية .. تباً لذلك .. لماذا يشعر بتلك النغزات فى قلبه .. لماذا لا تكف تلك المشاعر المثبطة عن التجوال بداخله .. شعر وكأنه بداخل فرن مشتعل بالرغم من النسمات الباردة التى كانت تلفح وجهه .. خلع الجاكت وفتح بعض من أزرار قميصه وهو يتنهد بعمق عله يتخلص من ذلك الشئ الذى يصر على الجثوم فوق صدره .. وبقوة

*************************************
فشلت "بوسى" طوال الأيام السابقة من الوصول الى "آدم" فلم تجد بداً من الذهاب الى الجامعة لمقابلته .. لم تجده ذلك اليوم فى مكتبه .. قابلت احدى الطالبات وسألتها قائله :
- لو سمحتى متعرفيش دكتور "آدم خطاب" ألاقيه فين ؟
قالت الطالبة :
- شوفيه فى مكتبه
قالت "بوسى" :
- روحت مكتبه ملقهتوش موجود
قالت طالبة أخرى :
- أنا فعلا مشفتوش النهاردة
قالت الطالبة الأولى :
- ممكن يكون واخد أجازة لأن دكتور "آدم" كتب كتابه آخر الاسبوع
نظرت اليها "بوسى" وقد جحظت عيناها وقالت :
- ايه ؟ .. كتب كتابه ؟
قالت الطالبه :
- أيوة .. خطب واحدة من دفعتنا .. وكتب كتابهم آخر الاسبوع
ثم ضحكت قائله :
- هى كمان غابت النهاردة
تمتمت "بوسى" بخفوت :
- ميرسي
خرجت "بوسى" من الكلية وعيناها تشعان غضباً وحقداً .. وقد امتلأتا بالعبرات وقالت فى نفسها : ماشى يا عريس

**************************************

فى اليوم التالى .. وقفت "آيات" أمام المرآة تقيس الفتسات الذى ستقوم بإرتدائه فى كتب كتابها .. ثم التفتت الى "أسماء" قائله :
- "أسماء" ايه رأيك فى الفستان
ابتسمت "أسماء" قائله :
- تحفة يا "آيات"
قالت "آيات" وهى تنظر الى نفسها فى المرآة بسعادة :
- واحد صاحب بابا عنده مصنع ملابس سواريه هو اللى صمم ان فستان كتب كتابى يبقى هديه منه
ضحكت "أسماء" قائله :
- أيوة يا عم محدش قدم وتصميم محدش لبسه غيرك .. ربنا يتمملك على خيري ا "يويو"
قالت "آيات" بلهفه وهى تنظر الى نفسها فى المرآة :
- يارب يعجب "آدم"

حاولت "آيات" كثيراً الاتصال بـ "آدم" دون جدوى .. ظلت والدة "آدم" تستمع الى رنين هاتف ابنها كل فترة .. فأصابها القلق لعدم رده .. دخلت غرفته لتجده فوق فراشه بملابس خروجه .. اقتربت منه لتجد العرق متصبب من وجهه وجسده وضعت كفها فوق جبينه لتجده مشتعلاً .. أصابها القلق فارتدت ملابسها وصعدت للطابق العلوى حيث جارهم الطبيب وطلبت منه النزول لفحص ابنها .. أخبرها الطبيب بأنه أصيب بالبرد وكتب على بعض الأدوية .. نزلت والدته مسرعة لشراء الأدوية التى وصفها الطبيب عادت وجلست بجواره وبجانبها الكمادات تضعها على جبينه ووجهه .. فتح "آدم" عينيه بصعوبة ليجدها جالسه بجواره تضع هذا الشئ البارد فوق وجهه .. نظر اليها ونظر اليه .. قالت بقلق :
- انت كويس يا "آدم" ؟
أومأ برأسه فوجد رأسه يتألم من مجرد تلك الإيماءه البسيطة .. قالت أمه بحنان :
- طيب نام أنا حطالك فرخة على النار أول ما تخلص هجبلك تاكل
نظر "آدم" اليها ثم أغمض عينيه وراح فى سبات عميق من فرط التعب .. رن هاتفه مرة أخرى فنظرت والدته الى الهاتف الملقى بجواره على الأرض .. نظرت لتجد اسم "آيات" .. نظرت الى "آدم" النائم .. ثم .. توجهت الى الخارج ببطء .. دفعها الفضول لتعرف من تلك الـ "آيات" التى تتصل بإبنها فى الحاح .. ردت قائله بتوجس :
- أيوة
شعرت "آيات" بالدهشة عندما استمعت لصوت امرأة .. فقالت :
- ألو .. مين معايا
قالت والدة "آدم" :
- أنا مامة "آدم" انتى مين ؟
ابتسمت "آيات" قائله بحماس :
- ازى حضرتك يا طنط .. أنا "آيات" .. خطيبته
وقع الخبر على رأس والدته كالصاعقة .. فرددت :
- خطيبته !
فقالت "آيات" :
- أيوة يا طنط .. معلش سامحيني أنا عرفت فى الخطوبة ان حضرتك كنتى مسافرة وتعبانه .. معلش كان لازم أكلمك بس أنا طلبت كتير الرقم من "آدم" وهو كان بيقولى ان الظروف مش سامحه انى أكلم حضرتك
صمتت والدة "آدم" وقد تساقطت العبرات فوق عينيها وهى تقطب جبينها فى حزن وألم .. فقالت "آيات" :
- طنط حضرتك معايا
قالت والدة "آدم" :
- أيوة
قالت "آيات" بقلق :
- هو "آدم" موجود أنا بكلمه من الصبح مبيردش
قالت أمه ببرود :
- تعبان شوية
قالت "آيات" بجزع :
- تعبان ازاى يا طنط .. ماله "آدم"
قالت أمه :
- عنده برد وسخن أوى والدكتور كان لسه عنده من شوية
قالت "آيات" وهى تشعر بالحزن والألم :
- طيب يا طنط اديني العنوان
صمتت أمه قليلاً .. ثم ألقت نظرة على ابنها وهى تتسائل فى نفسها .. ماذا تفعل من خلف ظهرى يا "آدم" ؟ .. بالتأكيد تلك الخطوبة ليست طبيعية والا لكنت أخبرتنى بأمرها ؟ .. اذا كنت تلعب فسأفسدك لعبتك يا بنى .. قالت والدته بجزم :
- خدى العنوان يا بنتى ..........
أسرعت "آيات" بإرتداء ملابسها فى عجالة وانطلقت بسيارتها الى العنوان الذى أخذته من والدته .. شعرت "آيات" بالدهشة وهى تدخل تلك المنطقة الشعبية البسيطة .. أوقفت سيارتها أمام البيت بعدما تعبت وعانت فى ايجاد العنوان .. رأت سيارة "آدم" فعلمت أنها فى المكان الصحيح .. صعدت الطبقات الى أن وصلت الى البيت .. فتحت لها والدته فنظرت اليها "آيات" تحاول تخمين أتلك المرأة أمه أم لا .. نظرت اليها أمه تحاول استكشاف تلك الخطيبة التى أخفاها ابنها عنها .. ابتسمت "آيات" قائله بخجل :
- أنا "آيات" خطيبة "آدم" .. حضرتك مامته ؟
أومأت أمه برأسها وأفسحت لها للدخول .. شعرت "آيات" بالإرتباك بسبب تلك المعاملة الباردة التى تلقتها من والدته .. قالت والدته وهى تقوم بواجب الضيافه :
- اتفضلى يا بنتى .. تشربي ايه
قالت "آيات" :
- شكراً يا طنط مش عايزه أتعب حضرتك .. أنا بس عايزة أطمن على "آدم"
أشارت والدته الى غرفته وتقدمتها .. دخلت "آيات" لتجد "آدم" يتوسط الفراش وقطعة قماش مبللة بالماء فوق رأسه .. حبات العرق تنبت على وجهه .. اغرورقت عيناها بالعبرات واقتربت منه تتحسس وجهه ثم قالت بقلق :
- ده سخن أوى
قالت أمه بهدوء :
- شوية وهيبقى كويس الدكتور كتبله على علاج وقال على بالليل هيكون كويس
جلست "آيات" بجواره وهى تشعر بالحزن من أجله .. تأملتها والدته جيداً .. تأملت هذا الحزن على وجهها وتلك العبرات فى عينيها ..نادت عليه كثيراً فلم يستيقظ .. فالتفتت "آيات" لوالدته قائله بقلق :
- أجبله دكتور تانى ؟ .. أو ناخده مستشفى ؟
قالت والدته :
- يا بنتى ما تقلقيش .. حرارته هتنزل كمان شوية
قالت "آيات" بقلق :
- طيب
أزالة عن جبينه قطعة القماش التى سخنت من فرط حرارته المرتفعه وغمستها فى الماء البارد فق الكمودينو ثم عادت لوضعها على جبينه مرة أخرى .. قالت والدته :
- هروح أشوف الأكل الى على النار
قالت "آيات" وهى تنظر اليها :
- ماشى يا طنط ومتقلقيش أنا هعمله الكمادات
توجهت والدته الى المطبخ .. وظلت "آيات" بجواره وهى تنظر اليه بألم .. وتناديه بين الحين و الآخر .. تذكرت "آيات" استقبال والدته لها .. وشعرت بالقلق من تلك المعاملة الباردة .. خرجت "آيات" من الغرفة تنظر يميناً ويساراً لتتلمس طريقها الى المطبخ . .سمعت صوتاً فتوجهت نحوهه .. التفتت والدة "آدم" لتجد "آيات" واقفة على باب المطبخ وهى تبتسم بإرتباك .. قالت "آيات" :
- تحبي أساعدك يا طنط
قالت والدة "آيات" وهى تنظر الى ملابسها :
- لا شكراً هدومك هتتوسخ
ابتسمت "آيات" وتوجهت الى مريلة المطبخ القديمة المعلقة على الباب وارتدتها قائله بمرح :
- كده مش هتتوسخ
نظرت اليها وادته وكأنها تحاول استكشافها .. اقتربت "آيات" ووقفت لا تدرى ما تفعل فقالت والدته :
- لو بتعرفى تقشرى البصل قشريه
ابتسمت "آيات" بخجل وقالت :
- بصراحة أول مرة هقشر بصل
ثم قالت بحماس :
- بس لازم أتعلم عشان ان شاء الله لما نتجوز أنا و "آدم" أطبخله بنفسي
عملت المرأتان معاً فى المطبخ .. كانت والدة "آدم" تحاول معرفة معلومات عنها وعن علاقتها بابنها .. علمت بأنها احدى طالباته .. وبأن كتب كتابهما نهاية الأسبوع .. شعرت بالألم يحرق قلبها .. وقالت فى نفسها لماذا يا "آدم" .. ماذا تحرمنى من أن أفرح بك وبزواجك .. اغرورت عيناها بالعبرات فقالت "آيات" بقلق :
- انتى كويسة يا طنط
قالت والدة "آدم" بهدوء :
- أيوة يا بنتى .. متشغليش بالك
سمع كلاهما صوت "آدم" ينادى والدته .. فقفزت "آيات" وتوجهت الى غرفة "آدم" ..التفت "آدم" ليشعر بالصدمة من رؤيتها أمامه .. قال بدهشة كبيرة وبصوت مبحوح :
- "آيات" .. انتى بتعملى ايه هنا ؟
قالت "آيات" وهى تقترب منه :
- اتصلت بيك وطنط ادتنى العنوان .. انت كويس يا حبيبى .. خضتنى عليك أوى
ظل عقل "آدم" يعمل بسرعة .. خشى أن تفسد خطته .. نظر اليها ليتبين رد فعلها بعدما رأت مكان عيشه .. لم يجد على وجهها سوى القلق من أجله .. دخلت والدته الغرفة وهى تنظر اليه نظرات نارية .. يعرف سببها جيداً .. أخذت "آيات" من يد والدته الصينية الموضوع عليها الطعام وقالت لـ "آدم" بحنان :
- اعد كويس عشان أحطلك الأكل
جلس "آدم" بصعوبة فوضعت الصينية فوق قدميه .. رمقته بحنان وهى تبتسم له .. خرجت والدته من الغرفة وهى ترمقه بنظرة عتاب لم يتحملها فأشاح بوجهه عنها .. جلست "آيات" بجواره وقالت بحنان :
- أأكلك أنا يا "آدم" ؟
هز رأسه نفياً .. وما كاد يمسك بالمعلقه حتى ارتعشت قليلاً فى يده وبدا خائر القوى .. امسكت "آيات" الملعقة وبدأت فى اطعامه كالطفل الصغير .. نظر اليها "آدم" بعينين نصف مفتوحتين يتأملها وهى تطعمه .. ابتسمت له تلك الابتسامه العذبه التى اعتادتها عيناه وألفتها .. كان يتمنى أن يبتسم لها ..لكن رغماً عنه لم يستطع .. لم يستطع خداعها بتلك البسمة .. التى ستعطيها المزيد من الشعور بالأمان .. وبالأمل .. شعر بإنقباض فى قلبه .. قالت "آيات" بحنان :
- كنت خايفة عليك أوى
أشاح بوجهه عنها وحاول أن يصم آذانه عن كلماتها وعن مشاعرها التى تغمره بها أزاح الصنية الموضوعه على قدمه وقال بعبوس :
- "آيات" روحى أنا بقيت كويس
قالت "آيات" بإستنكار :
- "آدم" انت ماكلتش حاجة .. وكمان أنا مش همشى غير لما أطمن عليك
شعر "آدم" بالنوم يداعب خفونه وبالإرهاق يشل حركته .. أغمض عينيه واستسلم له .. رمقته "آيات" فى حنان وحملت الصنية وتوجهت خارج الغرفة وأغلقتها بهدوء .. نظرت الى والدته التى تعد الطعام على السفرة قائله بحزن :
- مكلش كويس .. ونام
قالت أمه :
- لما يصحى هخليه يكمل أكله
أخذت منها الصينية وقالت لها :
- يلا يا بنتى عشان ناكل سوا
ابتسمت "آيات" وهى تقول بمرح :
- ماشى يا طنط .. تسلم ايدك
بعد عدة ساعات أفاق "آدم" على ضحكات بالخارج .. قام من فوره وهو يتذكر "آيات" وهى تطعمه.. أخذ يسأل نفسه أكان هذا حلماً أم واقعاً .. خرج ليجد "آيات" جالسه مع والدته أمام التلفاز .. نهض "آيات" قائله بسعادة :
- "آدم" الحمد لله
أدار "آدم" نظراته بينهما وظل صامتاً .. ثم فجأة نظر الى الساعة التى تجاوزت العاشرة بقليل وقال لـ "آيات" :
- انتى بتعملى ايه هنا لحد دلوقتى ؟
قالت "آيات" بحنان :
- محبتش أمشى قبل ما أطمن عليك
قال "آدم" وهو يشعر ببعض آثار التعب :
- "آيات" الوقت اتأخر .. يلا عشان تروحى
ابتسمت له قائلاً :
- حاضر .. بس لو سمحت ارجع أوضتك تانى وما تقومش من السرير غير عشان تصلى وبس
رمقته أمه بنظرات ساخرة .. فأبعد عينيه عن عينيها بسرعة وقال بنفاذ صبر :
- يلا يا "آيات"
دفعته "آيات" حتى عاد الى فراشه مرة أخرى ودثرته بغطائه ثم قالت بحنان :
- بكرة ان شاء الله هاجى أزورك
قال بحده :
- لا .. هبقى أتصل بيكي فى التليفون
شعرت بالحزن .. وبالضيق .. لماذا لا يريدها أن تزوره فى بيته مرة أخرى .. سلمت على والدته ثم حملت حقيبتها وخرجت .. نظرت والدته اليه وهى تقول :
- أنا مش فاهمة انت بتعمل ايه بالظبط .. مش هقولك الا ربنا يهديك يا ابنى .. ربنا يهديك ويهديلك نفسك ويبعد عنك شيطانك
حاولت "آيات" كثيراً تشغيل محرك سيارتها دون جدوى .. زفرت بضيق وسعدت مرة أخرى .. فتحت والدة "آدم" فقالت لها "آيات" فى حرج :
- معلش يا طنط .. متعرفيش ميكانيكي قريب من هنا العربية مش عايزه تدور
قالت والدة "آدم" :
- لا يا بنتى والله معرفش
قالت "آيات" مبتسمه :
- خلاص مفيش مشكلة أنا هاخد تاكسى وهسيبها هنا وهبقى أبعت حد ياخدها .. آسفه يا طنط على الازعاج
أغلقت والدة "آدم" الباب فخرج "آدم" من غرفته وهى يسير بصعوبة قائلاً :
- فى ايه يا ماما
قالت له :
- خطيبتك عربيتها عطلت وكانت بتسأل على ميكانيكى قولتلها معرفش
صمت "آدم" قليلاً ثم قال فجأة :
- ماما لو سمحتى نادى "آيات" بسرعة
فتحت والدته الباب ونادتها قبل أن تخرج من البوابة :
- "آيات"
نظرت "آيات" الى الأعلى وهتفت :
- أيوة يا طنط
قالت والدته :
- تعالى يا بنتى
صعدت "آيات" مرة أخرى فقال لها :
- "آدم" عايزك
ما كادت "آيات" تتوجه الى غرفته حتى خرج لها ووقف أمامها .. صمت للحظات ثم مد يده اليها بمفتاح سيارته قائلاً :
- خدى عربيتي يا "آيات"
نظرت "آيات" الى المفتاح ثم اليه وقالت مبتسمه :
- خلاص يا "آدم" أنا هاخد تاكسى مفيش مشكلة
نظر اليها بحزم قائلاً :
- مينفعش تركبى تاكسى لوحدك بالليل كده
خفق قلب "آيات" وهى تنظر اليه .. شعرت بالسعادة تغمر قلبها وهى تستشعر لأول مرة قلقه عليها .. قالت وهى لا تستطيع ابعاد عينها عن عينينه :
- خايف عليا ؟
خفق قلبه .. لأول مرة منذ زمن يشعر بأن داخل صدره قلب ينبض .. لكنه تمالك نفسه وقال بهدوء :
- يلا عشان متتأخريش
ابتسمت له وأخذت المفتاح وخرجت .. توجه الى شباك غرفته وفتحه وتابعها بعينيه حتى ركبت السيارة وانطلقت بها .. عاد الى فراشه يحاول النوم .. لكن النوم جفاه .. لم يستطع أن يغمض عيناه الا بعدما اتصلت به "آيات" لتخبره بأنها وصلت الى بيتها بسلام .







لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-10-15, 10:51 AM   #12

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 10 )


استقبل "آدم" صديقه "زياد" فى المطار قائلاً :
- حمدالله على السلامة يا "زيزو"
عانقه "زياد" قائلاً :
- الله يسلمك يا "آدم" .. خير جايبنى على ملا وشى ليه .. تعالى بسرعة وعايزك الموضوع ميحتملش تأجيل خير فهمنى بأه
قال "آدم" وهو يضع ذراعه على كتفيه ويسير معه :
- تعالى بس وأنا هحكيلك
توقفت سيارة "آدم" فى مكانه المفضل فوق جبل المقطم .. نزل و "زياد" ووقفاً متجاورين .. قال "زياد" مبتسماً :
- انت لسه بتحب تيجي هنا ؟
قال "آدم" وهو ينظر الى الفراغ أمامه :
- أيوة .. هنا بحس انى حر .. والأبواب كلها مفتوحة أدامى
نظر اليه "زياد" بإهتمام قائلاً :
- قولى بأه انت محتاجنى فى ايه ؟ .. وايه ده الموضوع اللى ميحتملش تأجيل
نظر اليه "آدم" قائلاً :
- أنا كتب كتابى بعد 5 أيام يا "زياد"

هتف "زياد" فى سعادة :
- ألف ألف مليون مبروك يا "آدم" .. اخص عليك ومخبى عليا مكنش العشم
نظر "آدم" أمامه فى وجوم .. اختفت ابتسامة "زياد" وسأله قائلاً :
- فى ايه يا "آدم" .. اوعى تقول أمك اللى غصبتك وجو أفلام الأبيض واسود ده
تنهد "آدم" قائلاً :
- لا محدش غصبنى
أشار اليه "زياد" قائلاً :
- بأه دى خلقة واحد هيتجوز بعد 5 أيام
قال "آدم" بجدية وهو يلتفت اليه :
- اسمعنى يا "زياد" .. اللى هكتب كتابى عليها دى تبقى بنت أخو "سراج حسان اليمانى"
نظر اليه "زياد" بدهشة كبيرة وقال :
- ازاى يعني بنت أخوه .. واشمعنى بنت أخوه .. وبعدين هو "سراج" ازاى سكتلك
صمت "آدم" فهتف "زياد" :
- "آدم" رد عليا وفهمنى ايه اللى بيحصل بالظبط
قال "آدم" ببرود وقسوة :
- "سراج" ميعرفش لانه مقاطع أبو خطيبتى .. وده اللى نفعنى لان "سراج" لو كان عرف كانت خطتى فشلت من أولها
نظر اليه "زياد" بشك قائلاً :
- خطت ايه اللى فشلت ؟ .. انت ناوى على ايه "آدم"
قال "آدم" بقسوة :
- ناوى أرجع حقى اللى اتسرق منى يا "زياد"
قال "زياد":
- وهترجعه ازاى ؟
قال "آدم" ونظرات عينيه البارده تزيد من بروده الليل :
- هكتب كتابى عليها .. وهساومهم على الطلاق
نظر اليه "زياد" مصدوماً دون أن يتفوه بكلمه .. فأكمل "آدم" :
- ساعتها أبوها هيضطر يساعدنى ويضغط على أخوه يرجعلى حقى عشان يخلص بنته
خرج "زياد" من صمته قائلاً :
- يا سلام وافرض بأه "سراج" مرضاش يرجعلك حقك .. انت عارفه كلب وميهموش الا نفسه
قال "آدم" بحده :
- ساعتها أبوها هو اللى هيضطر يدفعلى حقى
قال "زياد" بحده :
- و ابوها ذنبه ايه يا "آدم" ؟
صاح "أدم" بضيق :
- هما مش عيلة فى بعض واللى سرقنى يبقى أخوه وابن أخوه .. خلاص يتصرفوا مع بعض المهم حقى يرجع
قال "زياد" بأسى :
- "وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى" يا "آدم"
ثم قال بتحدى :
- طيب افرض بأه مرضيوش ورفعوا عليك قضية خلع ولا قضية نصب هتعمل ايه ساعتها
صمت "آدم" قليلاً ثم التفت اليه قائلاً بهدوء :
- لا هيخافوا
قال "زياد" بدهشة :
- وايه اللى هيخليهم يخافوا ان شاء الله
قال "آدم" بجمود :
- لانى ههددهم ساعتها انى هقول انها كانت بتجيلي البيت وأسوأ سمعتها فى الكلية وأقول انى كنت على علاقة بيها من زمان
شعر"زياد" بالصدمة وهو يستمع الى كلمات "آدم" التى تخلو من أى خلق فقال :
- حرام عليك .. حرام عليك يا "آدم" وهى ذنبها ايه ؟
قال "آدم" بعصبيه :
- أنا مش هأذيها يا "زياد" .. أنا ههددهم بس لكن مش هقول عنها حاجة .. وبعدين أنا لو كنت عايز أأذيها كنت كشفت نفسي بعد الدخلة مش بعد كتب الكتاب .. أنا بس عايز أمسك عليهم حاجة عشان أقدر أساوم بيها وأرجع حقى
هتف "زياد" بغضب :
- غلط يا "آدم" اللى انت بتعمله ده غلط .. ذنبها ايه هى وأبوها فى مشاكلك انت و "سراج" و "عاصى " ؟
صاح "آدم" بغضب هادر وهو يشيح بيديه :
- و أنا ذنبي ايه فى اللى حصل ده كله ؟ ..نصبوا عليا هما الاتنين وسرقونى وكل ده عشان فسخت خطوبتى ببنتهم .. اترميت فى السجن شهرين مع الحرامية والنصابين والبلطجية كل ده عشان طالبت بحقى .. بعتولى بلطجية لحد بيتي ضربونى وكسروه فوق دماغى وكسروا عربيتي كل ده عشان اتجرأت ورفعت عليهم قضية وبرده خسرتها .. قولى أعمل ايه أرجع حقى ازاى .. مشيت صح خدت فوق دماغى .. معدش قدامى غير طريق واحد وهو انى آخد حقى بدراعى
ثم قال بقسوة شديدة :
- ومش بس آخد حقى .. أنا مش هسيبهم الا لما أنسفهم من أدامى نسف .. هحاربهم فى شغلهم لحد ما أخسرهم كل حاجة
نظر "زياد" الى صديقه بأسى وقال :
- أنا مقدر كل اللى انت بتقوله وعارف أد ايه انت اتظلمت يا "آدم" .. لكن مهما حصل مينفعش تظلم واحدة بريئة ملهاش ذنب فى أى حاجة .. انت بتقول انك مش هتأذيها .. كون انك تكتب عليها وتطلقها ده مش هيبقى أذيه ليها ؟
قال "آدم" بعصبيه :
- لا مش أذيه .. أصلا كتب الكتاب زى الخطوبة شوف كام بنت خطوبتها بتتفسخ .. دى حاجه عاديه بتحصل لأى بنت
قال "زياد" وقد يأس من محاولة اقناعه :
- وجايبنى هنا ليه ؟
نظر اليه "آدم" قائلاً :
- محتاجك معايا .. عايزك تكون شاهد على العقد .. لان طبعا مفيش حد من قرايبي هيكون موجود ولا حتى والدتى مفيش الا زمايلى فى الجامعة .. فهقدمك ليهم على انك قريبي .. مش عايز أثير شكوكهم لحد ما كتب الكتاب يتم
قال "زياد" بأسى :
- أنا آسف يا "آدم" مستحيل أشارك فى حاجة زى كده
صاح "آدم" بغضب :
- هو انا بقولك اشهد على ورقة جواز عرفى .. ده جواز يا ابنى على ايد مأذون
قال "زياد" بحزم :
- جواز لعبة يا "آدم" .. لعبة بتلعبها عشان تضر بيها غيرك وأنا مستحيل أشارك فى كده
قال "آدم" بحنق :
- قولتلك محدش هينضر
وضع "زياد" كفه على كتف "آدم" قائلاً :
- أتمنى يا "آدم" انك تصحى وتفوق لنفسك قبل فوات الأوان

**********************************

جلست "بوسى" على الأريكة تفكر فى ألف طريقة وطريقة للإنتقام من "آدم" الذى خانها وباعها .. كانت تشعر بالغضب والحقد والكره .. ودت لو توجهت اليه فى الجامعة وفضحته وسط طلابه .. وأخبرتهم بحقيقة هذا الرجل الذى يجمعه بها علاقة محرمة .. والذى يسحب منها الأموال ليصرفها على ملذاته .. والذى لا يصلح لأن يكون دكتورة فى جامعة محترمة ومسؤلاً عن طالبات فى سن المراهقة .. أخذت تقطم أضافر يدها بعصبيه وهى تحاول أن تصل الى خطة محكمة للإنتقام .. فهى تعرف "آدم" جيداً وتعرف طرقه الملتوية للهروب من أى مشكلة .. فجأة سمعت صوت المفتاح فى الباب فهبت واقفة .. دخل "آدم" وألقى عليها نظرة وأغلق الباب خلفه .. اقترب منها مبتسماً .. ودت لو قفزت وأمسكت فى عنقه وحطمته بين يديها لكنها تمالكت نفسها حتى تحين اللحظة المناسبة .. قال "آدم" بصوته الرخيم وهو يقبل وجنتيها :
- ازيك يا حبيبتى
عقدت ذراعيها أمام صدرها وهى تنظر اليه بحده .. أخرج يده من خلف ظهره محملة بباقة ورد كبيرة وابتسم لها قائلاً :
- دى عشانك
نظرت "بوسى" الى الباقة ثم اليه دون أن تلمسها فقال "آدم" :
- مضايقه منى عشان بقالى فترة بعيد عنك مش كده ؟
عانقها قائلاً :
- حبيبتى معلش حقك عليا بس مكنتش فى المود الأيام اللى فاتت وكنت محتاج أبقى لوحدى شويه
قالت له "بوسى" :
- ودلوقتى انت فى المود
أبعدها عنه ونظر اليها مبتسماً وقال :
- أيوة يا حبيبتى وجيت أصالحك وأقولك أنا آسف يا "بوسى" .. وكمان أخرجك ونسهر سهرة حلوة .. ايه رأيك ؟
أخذت منه الباقه وهى تقول بلؤم :
- ماشى يا حبيبى ثوانى أجهز نفسى
دخلت "بوسى" وبدلت ملابسها وقد شعرت بالدهشة من تغيره المفاجئ خاصة بعدما علمت بأمر كتب كتابه .. كانت واثقه من أنه يريد منها شيئاً ما والا لما عاملها بتلك الطريقة الحانية .. خرجا معاً الى احدى المطاعم الراقية وحرص "آدم" على تدليلها كثيراً حتى كادت أن تتناسى أمر خطبته .. نظرت الى يديه لتجدهما خاليتان من أى دبلة .. ففكرت تُرى أكذبت عليها الفتاتان بالجامعة ؟ .. ثم قالت لنفسها ولما تكذبان .. ما مصلحتهما فى ذلك .. انتهت السهرة التى كانت كالحلم بالنسبة لها .. فمضى زمن لم ترى "آدم" يدللها على هذا النحو .. عادا الى البيت بدلت ملابسها فعانقها "آدم" قائلاً :
- وحشتيني أوى يا "بوسى"
ابتسمت قائله وقد تناست كل غضبها :
- وانت كمان يا حبيبى
رفع رأسها ونظر اليها يداعب خصلات شعرها وهو يقول :
- "بوسى" عايز منك خدمه
ابتسمت وهى تلقى برأسها فوق صدره قائله :
- أأمر يا حبيبى
اتسعت عيناها دهشة وتجمدت مكانها عندما سمعته يقول :
- عايز 30 ألف تانيين غير اللى خدتهم .. وهردهملك فى أقرب وقت
ابتعدت عنه "بوسى" ونظرت اليه بحده قائله بإحتقار :
- هو ده بأه اللى مخليك تعاملنى طول الليل زى البرنسيسة .. أنا برده قولت هو "آدم" عيان ولا ايه عشان يعاملنى بالحنية دى
زفر "آدم" بضيق وقال :
- ايه لزمة الكلام ده دلوقتى
صاحت بغضب :
- عشان مبتعرفنيش الا لو كنت عايز حاجة يا "آدم" .. مبسمعش كلمة حلوة منك الا لو كنت عايز منى حاجة .. ارحمنى بأه .. انت ايه مبتحسش
حمل "آدم" الجاكت فى عصبيه وهتف فى غضب :
- أنا خارج
أسرعت خلفه وصاحت بغضب :
- فى ستين داهية
خرج وأغلق الباب خلفه بقوة .. اتجه الى سيارته وانطلق بها بعصبيه بالغة

*****************************************

وقفت "ايمان" ترتدى اسدالها وتنشر الغسيل فى شرفة بيتهم .. عندما تعالت فجأة أصوات الزغاريد .. نظرت "إيمان" حولها لتتبين مصدر تلك الزغاريد .. قفز قلبها من مكانه عندما أدركت ان تلك الأصوات منبعثة من داخل بيتها .. تركت ما بيدها ودخلت لتستقبلها أمها قالت بلهفه :
- فى ايه يا ماما ؟
أطلقت "أمها" زغروده أخرى ثم قالت :
- العريس وافق يا "إيمان" وجاى هو وأمه وأبوه يوم الخميس عشان يخطبوكى
تحولت ملامح "إيمان" من الصدمة الى عدم التصديق الى السعادة وهى تصيح بفرح :
- بجد يا ماما .. متأكده ؟ .. اوعى تكونى بتهزرى
أطلقت أمها زغروده أخرى وقالت :
- مبروك يا "إيمان" مبروك يا حبيبتى
قفزت "إيمان" فى الهواء وهى لا تصدق سعادتها .. سمعتا طرقات على الباب فتحت لتجد احدى جاراتها تقول :
- خير يا أم "على" سمعنا زغاريت طالعه من عندكوا
قالت أمها بسعادة :
- عقبال عندك يا أم "محمد" .. "إيمان" بنتى هتتخطب
أطلقت المرأة زغروده ثم قالت :
- يا ألف نهار أبيض والله وكبرتى يا "إيمان" .. عقبال على يا أم "على"
قالت أمها ضاحكة :
- تعيشي .. وعقبال متفرحى بولادك انتى كمان .. ادخلى ادخلى لازم أعملك شربات حلاوة الخبر الحلو ده
دخلت "إيمان" غرفتها وهى لا تصدق نفسها .. لا تصدق أن السعادة طرقت بابها أخيراً .. سجدت الى الله شاكرة له .. وقلبها يقفز من الفرح .. فتحت دولاب ملابسها للتتخير منذ الآن .. ماذا سترتدى لملاقاة عريسها وأهله


**************************************
تلقت "سمر" مكالمة من "إيمان" قالت لها فيها :
- "سمر" مش هتصدقى .. العريس وافق عليا يا "سمر"
قالت "سمر" بسعادة ممزوجة بدهشة :
- انهى يا "إيمان" .. اللى كان رفض؟
قالت "إيمان" بفرح :
- لا مش ده ده واحد غيره
قالت "سمر" بعتاب وهى تضحك :
- اخص عليكي مجبتليش سيرته يا نادله
قالت "إيمان" :
- معلش يا "سمر" والله كنت خايفه يرفض ويبقى شكلى زبالة كالعادة
ضحكت "سمر" قائله :
- والله فرحتيني يا "إيمان" ربنا يتمملك على خير يا حبيبتى
قالت "إيمان" بلهفه :
- بقولك ايه تعالى عدى عليا النهاردة .. هو وأهله جايين يوم الخميس وعايزاكى تختارى معايا الهدوم الى هلبسها
قالت "سمر" :
- ماشى يا حبيبتى هخلص شغل وأعدى عليكي ان شاء الله
قالت "إيمان" بسعادة :
- متحرمش منك يا "سمر" وعقبالك انتى كمان
اختفت ابتسامة "سمر" لكنها عادت لترسمها على وجهها مرة أخرى وقالت :
- المهم نفرح بيكي الأول يا عروسه .. يلا اقفلى عشان ألحق أخلص الكشوفات اللى بره دى
قالت "إيمان" ضاحكة :
- كروتيهم يا "سمر" ده أنا قلبت العيانين النهاردة عشان أروح بدرى
ضحكت "سمر" قائله :
- ما انتى فاشلة هقول ايه .. يلا يا بت سبينى أشوف شغلى خليني أجيلك بدرى
قالت "إيمان" بلهفه :
- ماشى هستناكى يلا سلام
أنهت "سمر" عملها وتوجهت الى بيت "إيمان" التفتت لتدخل البوابة فوجدت شاباً جالساً يسد مكان الدخول فغضت بصرها وقالت :
- لو سمحت ممكن أعدى
نظر اليها الشاب وابتسم فى مرح قائلاً :
- تدفعى كام وأنا أعديكي
زفرت "سمر" بضيق وقالت :
- لو سمحت عديني
قال الشاب ضاحكاً :
- طيب قوميني عشان مش قادر أقوم
ما كاد "على" يخرج من المسجد المواجه لبيته حتى وجد "سمر" واقفة لا تستطيع الدخول من البوابة تطرق برأسها وعلى وجهها علامات الضيق .. والشاب الجالس يرمقها بنظراته ويبتسم فى وجهها .. شعر "على" بدماؤه تغلى فى عروقه واقترب من الشاب صائحاً :
- لم نفسك يله
اختفت ابتسامة الشاب والتفت هو و "سمر" ينظران الى على الذى جذب الشاب من ملابسه وهو يصيح بغضب :
- لو عايز تتربى قولى وأنا أربيك
صاح الشاب :
- ايه فى ايه يا "على" .. انا معملتهاش حاجة
ثم التفت الشاب الى "سمر" قائلاً بحنق :
- عدى يا ستى
دخلت "سمر" من البوابة بسرعة فقال "على" للشاب وهو يرمقه بنظرات غاضبة :
- لو شوفتك بتضايقها تانى مش هسيبك فاهم
قال الشاب بحنق :
- خلاص يا سي "على" .. خلصنا بأه
دخل "على" البيت فوجد غرفة "إيمان" مغلقة فعلم أن "سمر" معها فى الداخل .. طرق الباب ثم وقف بعيداً .. فتحت "إيمان" الباب فأشار لها "على" بالخروج .. خرجت "إيمان" وهى تنظر اليه بدهشة قائله :
- فى ايه يا "على" ؟
قال "على" وهو يلقى نظرة على باب غرفتها الذى أغلقته خلفها :
- قولى لصحبتك لو حد ضايقها تانى تقولك و أنا هعرف شغلى معاه
قالت "إيمان" بدهشة :
- مش فاهمة مين يضايق "سمر"
قال "على" :
- قوليلها بس اللى قولتهولك ده
قالت بإستغراب :
- ماشى هقولها
دخلت "إيمان" وقالت لـ "سمر" التى كانت تتفحص ملابس "إيمان" المعلقة فى دولابها :
- "على" قالى أقولك لو حد ضايقك تانى قوليلى وهو هيتصرف معاه
التفتت "سمر" تنظر الى "إيمان" بإرتباك .. وأومأت برأسها ثم عادت تتفحص الملابس .. قالت "إيمان" بخبث وهى تجلس فوق فراشها :
- هى ايه الحكاية بالظبط ؟
قالت "سمر" بصوت هادئ :
- مفيش .. فى شاب ضايقنى تحت ومكنش راضى يعديني وأخوكى هزأه .. بس كده
قالت "إيمان" بلؤم وهى تبتسم :
- آه قولتيلي .. أصل أخويا "على" بيغير جدا
احمر وجه "سمر" وقالت لتغير الموضوع :
- الطقم ده مناسب
قالت "إيمان" مبتسمه بخبث :
- أنا كمان شايفه كدة .. شايفاه مناسب
نظرت "سمر" الى "إيمان" بحده فإنفجرت "إيمان" ضاحكة وهى تقول :
- يا بنتى اعترفى بأه ده أنا صحبتك
قالت "سمر" بحده :
- أعترف بإيه .. انتى اتهبلتى فى عقلك يا "إيمان"
قالت "إيمان" بدلع :
- طيب خليكوا انتوا الاتنين كده .. بكرة تترجونى عشان أكون حمامة السلام بينكوا
قالت "سمر" بحنق :
- لا انتى شكلك اتهبلتى فعلاً .. العريس طير عقلك من أعده واحدة .. ربنا يستر من اللى هيحصل بعد كده
أطلقت "إيمان" ضحكة عالية و"سمر" ترمقها بنظرات غيظ

**************************************

نزلت "آيات" الدرج مبتسمه وهى متوجهة الى غرفة الصالون لملاقاة "آدم" لكنها توقفت فجأة عندما سمعته يقول :
- طيب على الأقل نأجلها لبعد كتب الكتاب
شعرت بالدهشة فأطرقت السمع .. سمعت والدها يقول بحزم :
- ازاى يعني يا دكتور .. خطوبة وكتب كتاب من غير شبكة .. لو مش مستعد حاليا خلاص نأجل كتب الكتاب شوية
قال "آدم" بسرعة :
- لا أنا مش حابب التأجيل
قال "عبد العزيز :
- وأنا مينفعش أوافق ان بنتى تتكتب كتابها من غير شبكة محترمة تليق بيها وبمقامها .. ولا انت مستخسر فى بنتى يا دكتور
قال "آدم" على الفور :
- لا طبعاً مش ممكن أستخسر فيها حاجة
صمت قليلاً ثم قال :
- خلاص على معادنا ان شاء الله .. وبعد بكرة ننزل نشترى الشبكة
قال "عبد العزيز" بإرتياح :
- على خيرة الله
توجهت "آيات" الى الغرفة وابتسمت فى وجههما .. خرجت "آيات" بصحبة "آدم" الذى بدا واجماً شارداً .. ابتسمت له قائله :
- فى حاجة يا حبيبى
قال "آدم" بوجوم :
- لا متشغليش بالك
ثم التفت اليها قائلاً :
- بعد بكرة ان شاء الله هننزل نشترى الشبكة وكتب الكتاب فى معاده
ابتسمت له وظلت عينيها معلقة به .. ثم ما لبثت أن شعرت بالأسى وهى تراقب جبينه المقطب ونظرات عينيه الحائرة .. توقف "أدم" عند احدى اشارات المرور فقالت له هامسه وهى مازالت تنظر اليه :
- بحبك أوى
التفت "آدم" ينظر اليها .. خفق قلبه .. مرة أخرى .. وهو يرى الصدق فى عينيها .. حاول أن ينطق بها فلم يستطع .. لم يستطع قولها وهو ينظر الى عينيها .. فنظر أمامه ثم قال :
- وأنا كمان بحبك أوى
ابتسمت "آيات" .. ثم ما لبثت شردت هى الأخرى وقطبت جبينها تفكر بعمق الى أن ظهرت علامات الارتياح على وجهها .. لما هداها اليه عقلها

**********************************

وقف "آدم" مع "زياد" فى شرفة بيت هذا الثاني وهو يقول بحنق :
- أعمل ايه أبوها طالب شبكة بمبلغ مش عارف أدبره ورافض يأجلها .. لو الشبكة مجتش مش هنعرف نكتب الكتاب
قال "زياد" بحزم وهو ينظر ال صديقه :
- طلعنى أنا خالص من اللعبة دى قولتلك مش هساعدك يا "آدم" .. مش عايز أشيل ذنب البنت الغلبانه دى هى وأبوها
قال "آدم" بحنق :
- هرجعهملك فى أقرب وقت يا "زياد" .. أنا خلاص هاخد حقى
قال "زياد" بجدية :
- لو خدتهم بالطريقة دى فلوسك هتبقى حرام يا "آدم"
قال "آدم" بغيظ :
- خلاص يا "زياد" فضها سيرة أنا هتصرف
قال "زياد" بتهكم :
- مخدتهمش ليه من البنك بتاعك
نظر اليه "آدم" بغيظ فأكمل "زياد" :
- ست "بوسى" هانم اللى مش لاقيه حد يربيها .. تعرف انت متستهلش الا واحدة زيها فعلاً
نظر اليه "آدم" بحده فأكمل قائلاً :
- مترد مخدتهمش منها ليه
قال "آدم" بإقتضاب :
- مريضيتش
قال "زياد" ساخراً :
- البنك فلس ولا بتتقل عليك ؟ .. شكلك عملت حاجة ضايقتها فقطعت عنك المصروف
صاح "آدم" بغضب :
- انت في ايه نازل تريقه من الصبح .. أنا غلطان انى جتلك أصلاً
توجه "آدم" الى الباب وقبل أن يخرج لحق به "زياد" قائلاً :
- "آدم" افتكر كويس المقولة اللى بتقول : "من يأبى اليوم قبول النصيحه التي لاتكلفه شيئاً فسوف يضطر في الغد الي شراء الأسف بأغلى سعر "
توقف "آدم" للحظات وقد أولاه ظهره .. ثم تركه وخرج من البيت .. نظر اليه "زياد" من الشرفة وهو يركب سيارته .. فتنهد قائلاً :
- ربنا يهديك يا "آدم" .. وترجع "آدم" بتاع زمان


جلس "آدم" فى بيته ساهراً يفكر بضيق .. كيف يستطيع تدبير المبلغ لشراء الشبكة .. يفصله عن تحقيق خطته بضعة آلاف .. هل سيتهدم كل شئ فى لحظة .. شعر بالغضب وزفر بضيق وهو لا يدرى ماذا يصنع ..
وجد فجأة "آدم" اتصالا من "بوسى" .. تجاهلها تماماً .. لكنه وجد بعد دقائق رسالة تقول فيها :
- تعالالى دلوقتى جبتلك المبلغ اللى طلبته .. منتظراك
ابتسم "آدم" بسعادة وقفز من فراشه توجه الى بيتها على الفور .. فتح الباب فاستقبلته "بوسى" بكامل زينتها وابتسمت فى وجهه وهى تقول :
- حبيبى مهنش عليا زعلك
اقترب "آدم" منها وعانقها قائلاً :
- تسلمى يا حبيبتى
رفعت "بوسى" رأسها وابتسمت له .. ثم توجهت الى المنضدة وحملت المال الموضوع فوقها واتجهت به الى "آدم" الذى لمعت عيناه بمجرد أن رآى المال فى يدها .. أخذه منها وقبلها قائلاً :
- متقلقيش يا "بوسى" هرجعهملك فى أقرب وقت
ابتسمت قائله بدلال :
- "آدم" متسبنيش النهاردة .. أنا أصلا مسافره ومش هشوفك الا بعد فترة طويلة
سألها قائلاً دون اهتمام حقيقي :
- مسافرة فين ؟
قالت :
- مسافرة لأخويا فى أمريكا .. هعد عنده فترة يعني تغيير جو
ابتسم لها قائلاً :
- هتوحشيني يا "بوسى"
اقتربت منه هامسه :
- انت أكتر
جذبته من يده فترك المال على الطاولة وتوجه معها الى غرفة النوم ..
فى الصباح استيقظ "آدم" وألقى نظرة عليها ثم نهض وارتدى ملابسه وأخذ المال وغادر البيت .. سمعت "بوسى" صوت الباب وهو يغلق .. فنهضت تنظر للفراغ بجوارها فى سخرية .. ثم توجهت الى المقعد الذى غيرت مكانه الليلة الماضية ووضعت فوق ظهره جزء من ستارة الشرفة .. رفعت الستارة لتظهر الكاميرا الموضوعه فوق ظهر المقعد .. أعادت الفيديو من البداية لتظهر وهى تعدل من وضع الكامير .. حركت الصورة سريعاً ليظهر بعد ذلك "آدم" وهو يدخل الغرفة معها و ...... ابتسمت بعدما تأكدت من تسجيل كل شئ .. أخرجت كارت الذاكره من الكاميرا ووضعته فى كفها وأطبقت عليه بقوة وكأنها تطبق على كنز ثمين وابتسامة الإنتصار على شفتيها

*************************************

فى اليوم التالى وقف "آدم" فى مكانه المعتاد ينظر الى الفراغ وهو يشعر بشئ بداخله يحاول أن يثور ويفصح عن نفسه .. شعر وكأنه يحارب وحشاً لا يستطيع رؤيته .. فى تلك اللحظة اتصلت "آيات" بـ "آدم" وقالت له :
- "آدم" انت فين ؟
قال "آدم" بوجوم :
- أنا فى المقطم
سألته بحنان :
- بتعمل ايه ؟
قال "آدم" :
- مش بعمل حاجة .. واقف فى المكان اللى بحب أروحه
قالت على الفور :
- طيب استنانى أنا جايه .. باى
قال بدهشة :
- "آيات" استنى
لكنها أغلقت الخط .. أراد الاتصال بها وعزمها عن عدم المجئ .. لكن شئ ما بداخله أرادها أن تأتى .. أراد أن يراها .. أن يسمع صوتها .. أن يرى الصدق والنقاء فى عينيها .. وعذوبة ابتسامتها فوق شفتيها .. أتت .. تحمل تلك الإبتسامه التى شعر بأنها تزيح الجبال من فوق صدره .. أتت حاملة نظرات الحب فى عينيها .. والصدق والبراءة فى ملامح وجهها الصافى .. أتت حاملة فى يديها علبة أخذ ينظر اليها بإستغراب .. اقتربت منه ووقفت أمامه مبتسمه دون أن تتكلم .. نظر الى العلبة فى يدها ثم اليها وقال :
- جيتي ليه ؟
قالت دون أن تبعد عيناها عنه :
- انت فاكرنى مش هحس بيك وباللى مضايقك
اضطرب "آدم" وخفق قلبه بقوة .. نظر اليها يحاول فهم ما تعنيه فأكملت قائله بحنان :
- أنا سمعت كلامك مع بابا امبارح عن الشبكة
أشاح بوجهه عنها لكنه عاد ينظر اليها عندما قالت بحنان وهى ترمقه بنظرات حب :
- أنا كل حاجة معتمده فيها على بابا .. يعني أى حاجة عايزة أجيبها بخليه يجيبهالى أو بطلب منه فلوس على أدها .. وعمرى للأسف ما حوشت ولا فكرت أحوش .. وأى فلوس كانت بتبقى معايا كنت بصرفها لانى عارفه انى لما هطلب من بابا هيدنى ومكنتش عارفه انى ممكن أحتاج فلوس ومقدرش أطلبها من بابا
تحولت نظرات "آدم" اليها الى نظرات دهشة ممزوجة بالقلق .. ضاقت عيناه يحاول فهم لما تخبره بكل ذلك .. نظرت "آيات" الى العلبة فى يدها ثم نظرت اليه .. نقل "آدم" نظره من العلبة اليها ونظرات عينيه بدت كعلامة استفهام كبيرة .. قالت "آيات" بحنان ورقة وعذوبه وهى تفتح العلبة :
- ده دهبي يا "آدم" بيعه واشترى الشبكة اللى بابا طلبها منك
شعر "آدم" بغصة فى حلقة .. شعر وكأنه يختنق ولا يستطيع التنفس .. أكملت برقه :
- أنا عارفه ان صعب عليك تقبلهم منى .. بس أنا وانت واحد .. وخلاص بعد يومين هبقى مراتك والدهب ده هيبقى بعد كده فى بيتنا يعني ملكنا احنا الاتنين .. لو الظروف ضاقت بيك فى يوم هتلاقيني بديهملك يا "آدم" .. فمفيش فرق خدتهم دلوقتى أو خدتهم بعدين
شعر بقلبه يريد أن يقفز من صدره ويذهب اليها ليعانقها ويحتويها فى حنان .. ظل ينظر اليها وهو يحتويها بنظراته .. شعر بالألم فى قلبه وهو يراها تقدم له كل ما تملك فى سبيل أن تملكه هو .. تذكر خطته وانتقامه .. تذكر كيف سيكسر فرحتها ويحطم قلبها بعد يومين .. تذكر أن تلك العينان اللاتان تتطلعان اليه الآن بحب ستنهمر منهما العبرات بسببه .. تذكر أن تلك الإبتسامه التى تزين وجهها ستموت فوق شفتيها بسببه .. تحاول أن تكون مصدر سعادته وهو لا يتوانى عن فعل شئ ليكون مصدر شقائها .. نظر الى القطع الذهبية المتراصة فى العلبة التى تمسكها بيدها .. ثم نظر اليها فشعر بأنها أغلى قيمة من تلك القطع .. ود لو ضمها اليه وبثها حبه وحنانه .. لكن مازال فى داخله سواد يسيطر عليه .. مازال شيطانه أقوى من مقاومته الضعيفه الهشه .. توجهت "آيات" الى سيارته ووضعت العلبة فوق المقعد .. ثم قالت له قبل أن تغادر بإبتسامه عذبه :
- مستنياك بكرة أنا وبابا عشان نخرج نشترى الشبكة
قالت ذلك ثم توجهت الى سيارتها وانطلقت بها .. ظل "آدم" واقفاً فى مكانه وقد ازداد وجوماً وشروداً

************************************
ظل "آدم" طيلة اليوم حبيس غرفته .. ينظر الى القطع الذهبيه ويتلمسها بأصابعه .. تتقاذفه الأفكار يميناً ويساراً .. يسير فى الغرفة كالنمر الجريح .. لا يعرف وجهته .. لا يعرف دواءه .. فقط يشعر بالألم وبالقهر .. حاولت "آيات" كثيراُ الإتصال به .. لكنه لم يجيب .. كيف يجيب .. بماذا سيجيب .. أيبثها المزيد من كلماته الخادعة .. ووعوده الزائفة .. وأحلاماً ستتحول الى كابوس مزعج ستجد نفسها فى منتصفه .. وجد رساله منها تقول فيها :
- لو فاضى شوية افتح الفيس
جلس "آدم" أمام حاسوبه وكأن يدا خفيه تحركه .. وجدها لكنها لم تتحدث اليه .. ولم يتحدث اليها .. لا يدرى ماذا يقول لها .. ظل ينظر الى صورتها التى أرسلتها له من قبل .. تباً .. لماذا يشعر بهذا الحنين .. لماذا يخفق قلبه برقه .. لماذا لم تعد خفقاته قاسية قوية .. أرسلت له رسالة فقرأها بلهفه ليعرف ما فيها :
- أحبك بجنون ولغيرك لن اكون
أحبك ملء عيونى لأن عيونك ملكونى
أتمناك بجانبى ولكنى أخاف منك معذبى
أحب قربك وأبغض بعدك
أعيش لك وأهيم بك
ليتنى أتنفس عبيرك
وأنعم بحنانك
ولكنى أخاف فقدانك *

تملكه شعور لم يألفه من قبل .. ورقه لم يعهدها بداخله .. وحناناً جارفاً يستشعره بكل كيانه .. نظر الى تلك العلامة التى تظهر وتختفى فى انتظار حروفه .. فى انتظار كلماته .. لم يشعر إلا بأصابعه وهى تكتب على لوحة المفاتيح :
- متخفيش مش هسيبك أبداً
ظل ينظر الى تلك الجملة التى أرسلها .. وسأل نفسه لماذا أرسلها .. ألتكتمل خطتك .. ألتشعرها بالأمان حتى تُكلل خطتك بالنصر .. وجد نفسه يقول .. لا بل أرسلتها .. لأننى حقاً أشعر بها .. نعم .. لن أتركها أبداً

***********************************
هتف "زياد" قائلاً :
- انت بتتكلم جد ؟
قال "آدم" وجالس معه فى منزله :
- أيوة .. ادتنى دهبها وقالتلى اشترى الشبكة اللى بابا طلبها منك
نظر اليه "زياد" بحده قائلاً بحنق :
- والله انت ما تستاهل ضفرها .. هو فى كده .. البنت شكلها بتحبك فعلاً يا "آدم" .. حرام عليك دى لو عرفت الحقيقة ممكن يجرالها حاجة
صمت "آدم" قليلاً ثم قال :
- أنا هعمل تعديل فى الخطة
صاح "زياد" بحنق :
- المفروض تلغى الخطة من الأساس مش تعمل فيها تعديل
وقف "آدم" فى مواجهة "زياد" قائلاً بغضب :
- مش هيب حقى يا "زياد" واللى الكلاب دول عملوه فيا هردهلهم الطاق طاقين
قال "زياد" بحنق :
- والبنت اللى ملهاش أى ذنب دى ؟
قال "آدم" بجدية :
- اسمعنى كويس .. منكرش انى بدأت أتأثر بيها وبدأت مشاعرى تتحرك نحيتها .. وفى نفس الوقت مش ناوى أتراجع عن خطتى
قال "زياد" بإستغراب :
- مش فاهم .. هتحلها ازاى دى
قال "آدم" بحزم :
- هنكتب الكتاب عادى فى معاده .. وبعد كتب الكتاب هفهمها على كل حاجة .. بس مش هتعرف باباها وهوهم باباها انى ببتزه عشان يساعدنى آخد فلوسى من أخوه .. وبعد ما فلوسى ترجعلى هعرفه انى مكنتش ناوى أسيب "آيات" وانى متفق معاها على كده
صاح "زياد" متهكماً :
- ايه الخطة الفاشلة دى .. وانت متوقع انها هتخبي على أبوها .. وتسيبه مقهور أدامها وهو فاكر ان بنته مستقبلها بيضيع .. انت فاكرها صنم زيك
صاح "آدم" بنفاذ صبر :
- خلاص هخبي عليهم هما الاتنين وأنفذ خطتى عادى ولما آخد الفلوس هعرفهم انى مش هطلقها وانى عايزها
ضحك "زياد" ساخراً ثم قال :
- وأبوها يسامحك وهى تسامحك وينسوا انك ابتزيتهم .. وتعيشوا فى تبات ونبات وتخلفوا صبيان وبنات مش كده ؟ ده على فرض أصلا ان عمها هيدفعلك الفلوس .. أنا واثق مليون المية ان عمره ما هيدفع حاجة .. اللى هيدفع الفلوس دى هو أبوها عشان يخلص بنته من ايدك
صمت "آدم" فأكمل "زياد" :
- "آدم" انت عايز كل حاجة فى ايدك .. ومحدش بياخد من الدنيا دى كل حاجة .. اختار .. يا فلوسك يا "آيات" .. مش هينفع تاخد الاتنين
ظل "آدم" محتفظاً بصمته لفترة .. ثم قال بحزم وهو ينظر الى "زياد" :
- لا هاخد الاتنين .. فلوسى و "آيات" .. أنا هعرف ازاى أخليها تسامحنى
قال "زياد" :
- و أبوها ؟ .. أبوها مش ممكن يسامحك
قال "آدم" بعناد :
- مش مهم أبوها يسامحنى .. أبوها ميفرقش معايا فى حاجه .. المهم هى .. وأنا هعرف ازاى أخليها تسامحنى

************************************

توجهت "آيات" مع والدها و "آدم" لشراء الشبكة .. نظر "آدم" اليها وهو يتأمل تعبيرات وجهها الفرحة وهى تختار شبكتها وتبتسم فى سعادة .. وجد الابتسامة ترتسم على شفتيه رغماً عنه .. أخذ ينظر اليها برقه وهى تضحك مع والدها بمرح .. اختفت الإبتسامه من وجهه وهو يفكر فى اليوم العصيب الذى ينتظره فى الغد .. كان من المقرر أن يفصح عن كل شئ فى يوم كتب الكتاب .. لكنه نظر الى تلك السعادة على محياها وهو يشعر بالأسف على ما سيحدث .. وما هو مضطر لأن يفعله .. قرر أن يؤجل الأمر اسبوعاً .. حتى لا يكسر فرحتها بتلك السرعة .. سيحاول خلال الإسبوع أن يتقرب اليها حتى لا تقوى على العيس بدونه .. حتى اذا ما أتت لحظة طلب الصفح يجد قلبها مهيأ له .. يعلم أنها طيبة القلب .. ستنسى الإساءة .. وتصفح عنه .. "آيات" تحبه .. لن تتركه .. لن تقوى على فراقه .. سيعمل على تحقيق ذلك قبل الافصاح عن كل شئ .. ظل يردد تلك الكلمات حتى يقنع قلبه وعقله .. وحتى يريح ضميره .. نعم .. لن يطول الأمر كلها عدة أيام فقط أسترد خلالها حقى المسلوب .. ثم بعدها أطلب منها الصفح وأطلب منها أن تشاركنى حياتى للأبد .. بالتأكيد ستصفح عنى .. نعم ستفعل .. حبها لى أكبر من بضع أيام تعيشها فى العذاب .. بضع أيام فقط .. وسينتهى هذا الكابوس .. وسأنسج لها حلماً وردياً أعيش معها فيه للأبد

التفت والدها يقبل رأسها وهو يقول :
- ألف مبروك يا بنتى
قالت مبتسمة:
- الله يبارك فيك يا بابا
نظرت الى "آدم" فهمس قائلاً وابتسامته الجذابه على محياه :
- مبروك
همست بسعادة :
- مبروك علينا احنا الاتنين
امتدت يده ليمسك كفها الذى استقر فى راحته بإستكانه .. تطلع كل منهما الى الآخر فى سعادة

************************************
تأنق "آدم" أما مرآة غرفته وخرج متوجه الى باب البيت عندما خرجت أمه من غرفتها .. وقفت تنظر اليه بأعين دامعة .. تجمد "آدم" فى مكانه وهو يرى العبرات فى عينيها .. تكلمت بصوت باكى وقالت :
- مبروك يا ابنى
أخفض "آدم" رأه أرضاً وهو لا يقوى على مواجهة نظراتها .. تساقطت عبراتها وقالت بقلب مكلوم :
- كان نفسى أكون جمبك وأفرح لفرحك بس اظاهر انك مستعر من أمك يا "آدم"
أغمض عينيه وهو يشعر بكلماتها تمزقه وتؤلمه .. أكملت بصوتها الباكى :
- عروستك طيبة وبنت حلال ربنا يباركلكوا فى بعض
توجه "آدم" مسرعاً الى الباب ليخرج .. بل ليهرب .. تابعته أمه بعينيها وما كاد يخرج حتى جلست على أحد المقاعد لتنفجر فى بكاء مرير

وقفت "آيات" أمام المرآة تنظر الى نفسها بسعادة .. شعرت بالعبرات فى عينيها فقالت "أسماء" :
- بقولك ايه متبوظيش الميك اب مش عايزه دموع
التفتت اليها "آيات" وقالت بتأثر :
- حسه انى فرحانه أوى يا "أسماء" مش مصدقه
ثم نظرت الى المرآة مرة أخرى وهى تقول بحماس:
- خلاص بعد دقايق أنا و "آدم" هنتجوز .. وهنفضل مع بعض طول العمر
قالت "أسماء" مبتسمه :
- ربنا يتمملك على خير يا "آيات"
سمعتا طرقات على الباب .. اقتربت "حليمة" وهى تقول بأعين دامعه :
- بسم الله ما شاء الله .. زى القمر يا "آيات"
قالت "آيات" بحماس ممزج بالسعادة :
- بجد يا دادة يعني هعجب "آدم" ؟
قالت "حليمة" بحماس :
- ده انتى تعجبى الباشا
عانقتها والعبرات تتساقط على وجنتها وهى تقول :
- الحمد لله ان ربنا مد فى عمرى وشوفت اليوم ده
قالت "آيات" وهى تنظر اليها :
- دادة بتعيطي ليه دلوقتى هتخليني أعيط
قالت "أسماء" :
- لا أبوس ايدك يا "آيات" الميك اب هيبوظ
اقتربت احدى الخادمات من باب الغرفة وهى تقول مبتسمه :
- المأذون اتصل وقال انه على وصول يا آنسة "آيات"
شعرت "آيات" بقلبها يقفز فرحاً فنظرت الى نفسها فى المرآة للمرة الأخيرة وهى تقول فى نفسها بسعادة آخر مرة هبصلك وأنا الآنسة "آيات"
صفق الجميع لمرآى "آيات" وهى تبدو تبتسم لهم فى سعادة .. خفق قلب بسعادة "آدم" وهو ينظر اليها أمسك يدها قائلاً :
- زى القمر
قالت بسعادة :
- بجد
قال بحزم :
- أيوة بس اعملى حسابك مفيش ميك أب تانى بعد كده أنا سايبك النهاردة بس عشان عروسة وعايزه تفرحى .. بس بعد كده لو شوفتك بميك اب وانتى خارجة هيبقى فيها كلام تانى .. الميك اب ده يبقى ليا أنا وبس وكمان يكون حاجة بسيطة مش بالشكل اللى يغير ملامحك
استمعت اليه "آيات" بسعادة فأكمل قائلاً :
- ولبسك كمان محتاج فرمته من أول وجديد
ضحكت قائله :
- كل اللى انت عايزه هعمله
بتسم لها قائلاً :
- يعني مش معترضه على حاجة من اللى قولتها ؟
نظرت اليه بحب قائله :
- تؤ
ابتسمت عيناه وقال :
- يعني هتسمعى كلامى على طول ؟
قالت هامسه :
- أيوة هسمع كلامك على طول
اتسعت ابتسامته وأحكم قبضته على كفها وهو يقول هامساً :
- اتفقنا يا مدام "آيات"
نظرت اليه "آيات" وهى تشعر بأنها ملكت من الدنيا .. كل شئ

توقفت سيارة أمام الفيلا .. وما كاد باب السيارة أن ينفتح حتى نزلت "بوسى" وتوجهت الى الأمن الواقف على الفيلا .. ألقت نظرة على الفيلا ثم قالت له :
- مش دى فيلا "عبد العزيز حسان اليمانى" ؟
قال رجل الأمن :
- أيوة يا فندم
نظرت "آيات" الى الزينة المعلقة بقلب مكلوم وبأعين تشع حقداً ثم قالت :
- ممكن أقابل بنته "آيات" ؟
قال الرجل :
-طيب لحظة واحدة
اتصل الرجل بالفيلا لترد عليه "حليمة" وأخبرها بأمر تلك المرأة التى تريد مقابلة "آيات"
توجهت "حليمة" الى بوابة الفيلا وهى تنظر للمرأة بأعين متفحصة .. قالت "حليمة" :
- اتفضلى يا هانم أقولها مين
قالت "بوسى" بتوتر :
- هى متعرفنيش بس عايزة أقابلها ضرورى
قالت "حليمة" :
- طيب اتفضلى
قالت "بوسى" :
- لا .. ياريت تخليها تطلعلى هنا .. أرجوكى أنا محتاجة أتكلم معاها ضرورى جداً
ثم سألت بقلق :
- كتب الكتاب اتكتب ولا لسه ؟
قالت "حليمة" وهى تشعر بالإستغراب من تلك المرأة :
- لسه
قالت "بوسى" بلهفة :
- طيب لو سمحتى نديلها بسرعة
توجهت "حليمة" الى الداخل واقتربت من "آيات" التى كانت محاطة بضيوفها وهمست لها قائله :
- "آيات" يا بنتى فى واحدة برده مصره تقابلك وبتقول حاجة مهمة أوى
قالت "آيات" بلا مبالاة :
- طيب خليها تدخل يا دادة
قالت "حليمة" :
- مش راضية تدخل وعايزاكى تطلعيلها
قالت "آيات" :
- خلاص قوليلها مش دلوقتى أنا مش فاضية خلاص المأذون جه وهيكتبوا الكتاب دلوقتى
قالت "حليمة" وهى تشعر بالقلق :
- بس يا بنتى أنا حسه انى قلبي متوغوش وحسه انها عايزه تقولك حاجه مهمة .. اطلعى شوفيها عايزه ايه بسرعه وارجعى تانى
خرجت "آيات" ووقفت أمام باب الفيلا وهى تقول :
- هى فين يا دادة ؟
قالت "حليمة" وهى تشير الى بوابة الفيلا :
- أهى واقفة أدام البوابة
توجهت "آيات" اليها بخطوات مسرعة ثم توقفت أمامها وهى تقول بعجاله :
- أيوة حضرتك عايزانى .. ياريت بسرعة عشان أنا مشغوله
قالت "بوسى" وهى تنظر اليها من رأسها الى أخمص قدميها .. ثم قالت بتهكم :
- لا معلش افضيلي شوية
شعرت "آيات" بالدهشة من الطريقة التى تتحدث بها وقالت :
- أفندم .. حضرتك تعرفيني
قالت "بوسى" بحزم :
- لا معرفكيش ومش عايزه أعرفك أصلا أنا جايه أقولك حاجة وأمشى
قالت "آيات" بحده ولم يعجبها طريقة تحدث تلك المرأة :
- أفندم .. اتفضلى
صمتت "بوسى" قليلاً ثم فجرت قنبلتها :
- أنا و "آدم" .. خطيبك .. على علاقة ببعض من أكتر من سنة .. ولحد دلوقتى لسه مع بعض
صمتت "آيات" للحظات ثم ابتسمت بسخرية وعقدت ذراعيها أمام صدرها وهى تقول بثقة شديدة :
- لو ده اللى جايه تقوليهولى يبأه تعبتى نفسك على الفاضى أنا بثق فى خطيبى جداً .. وثقتى فيه ملهاش حدود .. بعد اذنك
التفتت "آيات" لتعود الى الفيلا لكن "بوسى" جذبتها من ذراعها وهى تقول :
- طيب شوفى ده وقوليلى رأيك
أخرجت "بوسى" هاتفها من حقيبتها وحركت أصبعها على شاشته و "آيات" تنظر اليها بنفاذ صبر .. ثم وضعت الهاتف أمام وجهها وهى تقول بتهكم :
- شوفى ده كده وقوليلى لسه برده بتثقى فى خطيبك وثقتك فيه ملهاش حدود
أمسكت "آيات" الهاتف بنفاذ صبر وهى تقول :
- أنا مش عارفه انتى عايزه ايه بالظبط
نظرت "آيات" الى الشاشة ببرود .. ثم ما لبثت أن تجمدت نظراتها .. وتجمدت ملامح وجهها .. بل تجمد جسدها كله وتوقفت عن التنفس للحظات وهى تنظر الى ما عرضته "بوسى" على شاشة هاتفها .. ثم .. وكأن دُبت فيها الحياة فجأة .. انتفضت وتركت الهاتف من يدها وكأنه أفعى سامة ليسقط أرضاً .. نظرت اليه وهو ملقى على الأرض لتتذكر بأنها مازالت تحبس أنفاسها أخذت عدة شهقات تحاول بها ايصال الهواء لرئتيها .. لكن بدا وكأنها تشعر بالإختناق كانت تلهث كغريق فى بحر كبير مظلم .. ألتقطت "بوسى" هاتفها ثم نظرت الى "آيات" بقلق وهى ترى انتفاضة جسدها وعينيها الغائرتين .. أحاطت .. ابتدى رجلا الأمن ينظران اليهما بشك .. التفتت "بوسى" اليها وقالت بسرعة وهى تحذف الملف من هاتفها :
- أنا اسفة انى جيت متأخر بس "آدم" شرانى وكان لازم أعمل حسابي انى أكون بره البلد الفترة دى أنا حالا راحة المطار وهسافر لأخويا اعد عنده فترة
ثم قالت لها :
- خلى بالك "آدم" كان خاطب بنت عمك
نظرت اليها "آيات" وهى تشعر بأنها تلقت ضربة أخرى قاتله .. تجمدت العبرات فى عينيها وأخذت تحرك رأسها وهى تحاول أن تعى كل ما يحدث فقالت "بوسى" :
- عمك وابن عمك نصبوا عليه ده كل اللى أعرفه وواثقة انه مخطبكيش لله فى لله
"آدم" مبيحش حد الا نفسه وبس واثقه ان دى خطه عشان يستغلك بيها
تساقطت العبرات من عينيها وهى واقفة ترتجف كورقة فى مهب الريح وقد عقد لسانها فلم تستطع النطق بكلمة .. قالت "بوسى" وقد شعرت حقاً بالشفقة من أجلها :
- نصيحة منى ابعدى عن "آدم" .. ده راجل مؤذى
رفعت "آيات" رأسها وأخيرا وجدت فى نفسها القدرة لتقول بين شهقاتها وبصوت مبحوح مرتجف متألم :
- انتى مراته ؟
ابتسم "بوسى" ساخرة وقالت :
- لا مش مراته .. أنا صحبته
اتسعت عينا "آيات" وهى تنظر اليها فأكملت "بوسى" قبل أن تلتفت لتنصرف :
- عشيقته يعني
أطلقت "آيات" صرخة ألم ووضعت يديها على فمها تكتم آهاتها التى انبعثت من أعماق قلبها .. أحاطت جسدها بذراعيها واقشعر بدنها وعلامات التقزز على وجهها .. أحاطت نفسها وكأنها تحميها مما رأت ومما سمعت .. تساقطت العبرات على وجنتيها كمجرى الماء المالح .. لم تستطع قدماها حملها فتهاوت مكانها على الأرض وهى تبكى بحرقة .. وتطلق آنات ألم بين شهقات بكائها كغزال جريح فى وسط صحراء قاحلة .. اقترب رجل الأمن منها وقال بقلق :
- آنسة "آيات" .. انتى كويسة
كانت مغمضة العينين يرتجف جسدها من قوة شهقاتها وتعالى صوت آهاتها وأناتها التى تمزق القلب .. فقال مرة أخرى :
- آنسة "آيات"
أتى الحارس الأخر وهو يقول بإضطراب :
- روح بسرعة نادى حد من الفيلا ييجى يشوفها ملها
ثم التفت الى زميله يقول :
- هو كتب الكتاب اتكتب ولا لسه ؟
قال الحارس وهو يتوجه الى الفيلا :
- معرفش
أفاقت "آيات" على جملة "كتب الكتاب" فتوقفت شهقات بكائها وفتحت عينيها .. نظر اليها الحارس قائلاً :
- آنسه "آيات"
لم تجيبه .. دارت عيناها بسرعة وهى تفكر فيما يحدث داخل الفيلا الآن .. التفتت بحدة تنظر الى الفيلا خلفها ووجهها غارقاً بعبراته .. ارتجفت شفتاها وهى بشدة وهى تهمهم :
- لا .. لا
جثا الحارس على ركبته بجوارها وهو يتفحصها بقلق ويقول :
- بتقولى ايه يا آنسة "آيات"
لم تجيبه "آيات" ولم تلتفت اليه حتى .. شهقت بقوة ونهضت ترفع طرف فستانها وتجرى بأقصى سرعتها فى اتجاه الفيلا وقلبها يخفق فى وجل .. كانت طعنات كعب حذائها على الأرض تشق سكون الليل ويطغى على أصوات الموسيقى المنبعثة من داخل الفيلا .. هرولت لتسبق الريح .. بل لتسبق الزمن .. تساقطت عبراتها الساخنة لتحرق وجهها وكاد قلبها أن يتوقف خوفاً وهلعاً وهى تدعو الله أن تصل قبل أن تُكتب وثيقة اعدامها.




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-10-15, 10:52 AM   #13

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 11 )

دارت عيناها بسرعة وهى تفكر فيما يحدث داخل الفيلا الآن .. التفتت بحدة تنظر الى الفيلا خلفها ووجهها غارقاً بعبراته .. ارتجفت شفتاها بشدة وهى تهمهم :
- لا .. لا
جثا الحارس على ركبته بجوارها وهو يتفحصها بقلق ويقول :
- بتقولى ايه يا آنسة "آيات"
لم تجيبه "آيات" ولم تلتفت اليه حتى .. شهقت بقوة ونهضت ترفع طرف فستانها تجرى بأقصى سرعتها فى اتجاه الفيلا وقلبها يخفق فى وجل .. كانت طعنات كعب حذائها على الأرض تشق سكون الليل ويطغى على أصوات الموسيقى المنبعثة من داخل الفيلا .. هرولت لتسبق الريح .. بل لتسبق الزمن .. تساقطت عبراتها الساخنة لتحرق وجهها وكاد قلبها أن يتوقف خوفاً وهلعاً وهى تدعو الله أن تصل قبل أن تُكتب وثيقة اعدامها
شقت "آيات" طريقها بين الحضور .. كانت الوجوه مبتسمه مبتهجة .. بحثت بعينيها عن والدها .. أقبلت "أسماء" نحوها قائله بقلق :
- "آيات" كنتى فين ؟
لم تجيبها "آيات" بل لم تسمعها .. جرت فى اتجاه حجرة الصالون حيث رأت المأذون جالساً وعلى يمينه "آدم" وعلى يساره والدها .. سمعت أحد أصدقاء والدها من خلفها يقول :
- يلا يا عروسة مستنيينك عشان نكتب الكتاب
وقفت تنقل نظرها بين ثلاثتهم والحكل يختلط بالدموع على وجهها .. ارتج قلب "آدم" هلعاً عندما رآها على هذا النحو .. هب والدها واقفاً وقال فى هلع :
- "آيات" مالك ؟
التفتت تنظر الى والدها وقد بدأت فى النحيب مرة أخرى .. نظر والدها الى جسدها المرتعش فأحطاها بذراعيه قائلاً بحده من فرط خوفه :
- "آيات" .. مالك يا بنتى ؟
حاولت التحدث لكن الكلمات خانتها .. فقط كانت تبكى وترتجف عانقها والدها وهو يقرأ آيات من القرآن الكريم على مسامعها وقلبه يخفق فى هلع .. اقترب "آدم" منها وقد هاله مرآها على هذا النحو .. وضع يده على كفتها وهو يقول بقلق بالغ :
- "آيات" ايه اللى حصل ؟
رفعت "آيات" رأسها الموضوع على صدر والدها وانتفضت بعدما رأت يد "آدم" الموضوعة عليها وابعدت نفسها عن يده وانزوات تدفن نفسها فى حضن والدها أكثر وهى تأن ألماُ نظرت الى والدها بعينيها الدامعتين وكأنها ترجوه أن يحميها من "آدم" .. نظر اليها "آدم" بدهشة وهو لا يدرى ما بها ولما تبتعد عنه .. تجمهر بعض الضيوف فى حجرة الصالون ونظرت الدهشة والفضول تملأ أعينهم .. فأراد "عبد العزيز" أن يبتعد بها عن عيونهم المتطفلة فقال :
- مفيش حاجة يا جماعة .. لحظات وهرجعلكم
جذبها والدها وتوجه بها الى مكتبه لحق بهما "آدم" وأغلق الباب خلفه .. اقترب منها "آدم" قائلاً وهو يكاد يجن من رؤيتها بهذه الحالة :
- "آيات" قوليلى فى ايه .. ايه اللى حصل ؟
كانت ماتزال تئن بصوت يمزق القلب .. وضعت يديها على أذنيها حتى لا تسمعه .. أغمضت عينيها حتى لا تراه .. تمنت أن يختفى من أمامها .. عانقها والدها وعبراته تتساقط من عينيه قائلاً :
- يا بنتى .. يا بنتى ريحينى وقوليليى مالك
أنزلت يديها وتشبثت بملابس والدها بعدما كادت أن تسقط أرضاً أجلسها والدها على الأريكة وجلس بجوارها .. ذهب "آدم" مسرعاً لاحضار كوب من الماء .. قبل أن يعود التفتت "آيات" الى والدها .. خرج صوتها كصوت الألم .. فلو كان للألم صوتاً مميزاً لكان هو صوتها فى تلك اللحظة :
- مش عايزاه يا بابا
نظر اليها والدها بلهفة ودهشة يحاول استيعاب ما يحدث لابنته مسح على رأسها قائلاً :
- مين يا حبيبتى .. "آدم" يا "آيات" .. مش عايزة "آدم" ؟
قالت "آيات" وسط بكائها :
- أيوة يا بابا .. ده واحد مقرف
كانت مازالت ترتجف .. جلس "عبد العزيز" بجوارها وقال بلهفه :
- احكيلي يا "آيات" ايه اللى حصل .. عملك ايه ؟
فى تلك اللحظة حضر "آدم" ومعه كوب الماء .. أشاحت "آيات" بوجهها عنه بحده وأغمضت عينيها بقوة .. نظر اليها "آدم" بدهشة وحيرة وخوف و ألم .. نقل والدها بصره بينهما ثم التفت الى "آيات" قائلاً بحزم :
- قولى يا "آيات" متخفيش .. عملك ايه ؟ .. "آدم" عملك ايه ؟
نظر "آدم" الى والدها بدهشة ثم نظر الى "آيات" التى قالت بصوت مرتجف متألم وهى تخشى أن تفتح عينيها حتى لا تراه :
- واحدة جتيلى وورتنى فيديو ليهم مع بعض .. وقالتلى انه كان خاطب "شيرين" بنت عمو "سراج"
تجمد "آدم" فى مكانه وهو يستمع اليها .. فيديو .. أى فيديو .. ظل عقله يعمل بسرعة جنونية .. أمعقول أنها "بوسى" ! .. نظر "عبد العزيز" الى "آدم" بدهشة ممزوجة بالغضب قائلاً :
- انت كنت خاطب "شيرين" بنت أخويا ؟
قبل أن يتحدث تحدثت "آيات" قائله بصوت باكى :
- قالتلى ان عمو "سراج" و "عاصى" نصبوا عليه فى فلوس وانه خطبنى عشان يستغلنى .. هى قالتلى كده
كانت "آيات" مازالت مغمضة العينين بقوة .. وترتعش كورقة فى مهب الريح .. أحاطها والدها بذراعيه ونظر الى "آدم" قائلاُ بغضب هادر :
- الكلام ده مظبوط ؟ .. انطق
لم يجيبه "آدم" بل نظر الى "آيات" قائلاً :
- فيديو ايه اللى وريتهولك ؟
صرخت "آيات" بألم وقد انخرطت فى بكاء حار وتضاعفت ارتعاشة جسدها وهى تتذكر ما رأت .. كاد "عبد العزيز" أن يصاب بالجنون هتف فى "آدم" بغضب :
- "آدم" الكلام ده مظبوط .. اتكلم
صمت "آدم" وقد أغمض عينيه بقوة وهو يشعر بأن كل خططه باءت بالفشل .. فتح عينيه قائلاً بصوت خافت :
- أيوة مظبوط
قال "عبد العزيز" بغضب ممزوج بالحيرة :
- يعني ايه .. انت كنت خاطب "شيرين" بنت أخويا .. وأخويا نصب عليك
ما كاد "عبد العزيز" ينتهى من جملته حتى هتف "آدم" ليدافع عن نفسه قائلاً بحده وغضب :
- أيوة كنت خاطبها كنت خاطب بنت أخوك .. وكنت شريك مع أخوك فى مشروع سياحى .. ولما لقيتها اتغيرت 180 درجة واتصاحبت على شلة فاسدة وبقت المشاكل تكتر بينا وبعد ما نصحتها مرة واتنين وتلاته بدون أى استجابه فسخت خطوبتى معاها .. لكن أخوك المحترم وابن أخوك مضونى على عقود مزورة ونصبوا عليا وسرقوا فلوسى وسرقوا دراسة الجدوى اللى كنت عاملها للمشروع
ثم قال بقسوة وغضب مكبوت :
- ومش بس كده بقيت كل ما أطالب بحقى يبعتولى بلطجية يأدبونى عشان اسكت ولما رفضت اسكت لفقولى قضية واترميت فى السجن شهرين
كان يلهث بشدة لكنه أكمل قائلاً :
- ومش بس كدة .. مش بس طلعت خسران من المشروع لا طلعت مديون كمان ولحد دلوقتى وأنا مديون ولولا ان صاحب الدين وافق انهم يتقسطوا كل شهر كان زمانى مرمى فى السجن دلوقتى
نظر اليه "عبد العزيز" بغضب واحتقار وصاح :
- وأنا وبنتى ذنبنا ايه فى شغلك ومشاكلك انت وأخويا وابنه وبنته ؟ .. بتقرب مننا احنا ليه .. كنت عايز مننا ايه ؟
قال "آدم" ببرود :
- كنت عايز حقى
قال "عبد العزيز" بغضب :
- حقك تاخده من اللى ظلمك .. من اللى سرقك .. مش من ناس ملهمش أى دخل بالموضوع
قال "آدم" ببرود وان كان قد بأن يشعر بضعف موقفه :
- انتوا اخوات فى بعض يعني اللى حصل ده فى وشك انت كمان
نهض "عبد العزيز" ووقف أمام "آدم" وهو ينظر اليه بإحتقار قائلاً :
- انت انسان خسيس ومعندكش ذرة أخلاق ولا ضمير
صاح "آدم" بغضب :
- أخوك وابن أخوك نصبوا عليا وسرقونى ورمونى فى السجن .. مين فينا اللى معندوش أخلاق ولا ضمير
صاح "عبد العزيز" بقوة :
- أخويا أنا اصلا متبرى منه لانه نصاب وحرامى .. أقولهالك تانى .. أخويا نصاب وحرامى .. ومشاكله متخصنيش لا من قريب ولا من بعيد
ثم قال وعلامات الإشمئزاز على وجهه :
- خيبت ظنى فيك وأنا اللى فتحتلك بيتي وكنت هسلمك بنتى
فى تلك اللحظة شعر "آدم" بشئ من تأنيب الضمير .. شعر به وهو ينظر الى "آيات" التى ألقت برأسها على ظهر الأريكة وقد التفتت الى الجانب الآخر حتى لا تراه .. كانت مغمضة العينين .. تتساقط عبراتها على وجهها فى صمت مزق قلبه .. نظر اليها بلهفه وقد أشفق عليها .. أشفق عليها مما رأته ومما سمعته .. ود لو جلس بجوارها وعانقها وطلب منها عفوها وشرح لها ما عاناه وما أوصله لذلك الطريق بعدما أغلقت جميع الأبواب فى وجهه .. ود لو شرح لها الظلم الذى تعرض له علها تشفق عليه وتعذره .. نظر اليها بألم وهو يتمنى أن يقترب منها ليمسح تلك العبرات المنسابة على وجنتيها .. أفاق على صوت "عبد العزيز" وهو يقول بصرامة :
- اتفضل اطلع بره بيتي مش عايز أشوف وشك هنا تانى .. والحمد لله اننا لسه على البر وبنتى متكتبش كتابها عليك
وقف "آدم" ينظر الى "آيات" بألم .. فصرخ به "عبد العزيز" بغضب مشيراً الى الباب :
- قولتلك اطلع بره بيتي
بدا وكأن أعصابها الملتهبة لم تحتمل هذا الكم من الصراخ فوضعت يديها على أذنيها وظلت تصرخ بقوة .. أرادت أن تهتف قائله : كفى لم أعد أحتمل .. لكنها لم تجد كلمات تعبر بها عما تريد .. وكأنها طفل صغير لم يتعلم الكلام بعد .. ولغته الوحيدة التى يعرفها هى الصراخ الذى يعبر به عما يريد .. اقترب منها "عبد العزيز" بفزع وأحاطها بذراعه قائلاً بصوت باكى :
- "آيات"
ظلت تصرخ الى أن بح صوتها .. تجمعت العبرات فى عيني "آدم" .. لأول مرة منذ زمن يشعر بنغزات الدموع فى عينيه .. اقترب منها "آدم" قائلاً بألم وبصوت مرتجف :
- "آيات" لو عايزانى أمشى همشى بس اهدى
ما هى إلا لحظات حتى سكنت وقد أغشى عليها بين ذراعي والدها .. هتف "آدم" بقلبه قبل لسانه :
- "آيات"
هم بأن يقترب منها .. لكن "عبد العزيز" قال بقوة وصرامة :
- ابعد عن بنتى .. امشى اطلع بره يا اما هطلبلك البوليس .. سمعت
انفتح الباب ليدخل أحد أصدقاء "عبد العزيز" بعدما ارتفع صوت الصراخ حتى أكل الفضول والخوف الضيوف بالخارج .. صرخ "عبد العزيز" فى صديقه وهو يشير الى "آدم" قائلاً :
- طلعلى الكلب ده بره .. خليه يخفى من أدامى لقوم أقتله
قبل أن يتجه صديق "عبد العزيز" الى "آدم" كان قد غادر بالفعل تشيعه نظرات الدهشة والإستنكار والفضول من الجميع .. أسرع وتوجه الى سيارته الواقفة أمام الفيلا .. وانطلق بها وأوقفها على بعد أمتار قليلة من بوابة الفيلا .. أخذ يضرب بقبضة يده على المقود بقوة وشراسه وهو يلعن هذا الحظ الذى أوصل "بوسى" الى "آيات" وقبل لحظات من كتب الكتاب .. نعم هى "بوسى" ومن ستكون غيرها .. أراد أن ينطلق الى بيتها ليخرج فيها غضبه وحنقه لكنه أراد أولاً الإطمئنان على "آيات" المنهارة بالداخل .. أخذ ينظر الى الفيلا عله يتبين أى شئ .. لحظات و تعالت أصوات سرينة سيارة الإسعاف .. قفز قلبه هلعاً .. دخلت السيارة الفيلا ليرى النقالة تخرج منها فارغة ثم تعود محملة بـ "آيات" .. شعر بقلق بالغ .. رأى والدها يصعد معها فى سيارة الإسعاف قبل أن تنطلق فى طريقها الى المستشفى .. أدار "آدم" المحرك وانطلق بسيارته خلف سيارة الإسعاف

***************************************
ظل "آدم" قابعاً فى سيارته أمام المستشفى قرابة النصف ساعة .. كان يخشى أن يدخل فيطرده "عبد العزيز" .. لكن قلقه على "آيات" أخذ يتضاعف الى أن لم يعد يحتمل البقاء داخل السيارة نزل منها وتوجه الى الاستقبال ليسأل عن "آيات" علم رقم غرفتها والطبيب المشرف على حالتها .. سأل عن مكتب الطبيب وتوجه اليه قائلاً بلهفه :
- لو سمحت يا دكتور .. "آيات عبد العزيز حسان اليمانى" الحالة اللى جت من شوية عايز أطمن عليها
سأله الطبيب :
- انت قريبها ؟
قال "آدم" بصوت خافت :
- خطيبها
قال الطبيب :
- عندها انهيار عصبي نتيجة تعرضها لصدمة مفاجئة أو شئ مقدرتش تتحمله .. اديناها مهدئ وان شاء الله تبقى كويسة .. أهم حاجة زى ما قولت لباباها هى محتاجة راحة تامة وتبعد عن أى حاجة ممكن انها توترلها أعصابها
قال "آدم" بلهفه :
- يعني هتبقى كويسة ؟
قال الطبيب مبتسماً :
- أيوة متقلقش هى بس محتاجه راحة
شكره "آدم" .. توجه الى باب المستشفى ليخرج .. لكنه فجأة عدل عن رأيه وتوجه بدلاً من ذلك الى غرفة "آيات" غير عابئ بأمر والدها .. طرق الباب ودخل ليجدها بمفردها وسط الفراش الأبيض وقد علقت لها المحاليل .. اقترب من فراشها ونظر اليها بألم .. كانت ساكنة مغمضة العينين .. مسح على شعرها برفق وهو يتمتم :
- أنا آسف يا "آيات"
كانت نائمة لا تسمع ما يقول لكنه أكمل هامساً بتأثر والدموع تلمع داخل عيناه وهو يمسح على شعرها بيده :
- والله ماكنت ناوى أذيكي .. "آيات" لو سمعتيني هتعذريني .. "آيات" أنا مكنتش هسيبك .. قسيت على نفسى أكتر ما قسيت عليكي بس غصب عنى
ثم نظر اليها بألم قائلاً :
- هتسامحيني مش كده ؟ انتى بتحبيني أكيد هتسامحيني
فجأة دخل "عبد العزيز" ليجد "آدم" بجوار ابنته فصراخ قائلاً :
- انت بتعمل ايه هنا .. ابعد عن بنتى يا حقير
ثم خرج من الغرفة وأخذ يصرخ قائلاً :
- نادولى أمن المستشفى بسرعة
خرج "آدم" من الغرفة وتوجه الى الخارج مسرعاً قبل أن يحضر الأمن .. توجه الى سيارته وانطلق بها وهو لا يدرى وجهته

*************************************
وقف "عبد العزيز" يصلى فى غرفة ابنته بالمستشفى وقلبه يبكى قبل عيونه .. أخذ يتضرع الى الله عز وجل أن يحفظ ابنته ويصرف عنها كيد الماكرين .. وينجيها من "آدم" ومن شره .. أنهى صلاته وجلس على أحد المقاعد بجوار فراشها يتلو من كتاب الله بصوت خافت عله يتسرب الى آذانها ويخفف ما بها من هموم .. كان يتوقف كل فترة عن القراءة ليتمتم :
- حسبي الله ونعم الوكيل .. ربنا ينتقم منك

فزع "زياد" من الطرقات المتتالية على باب بيته وصوت الجرس الذى لا ينقطع .. توجه الى الباب مسرعاً وفتحه وأخذ ينظر الى "آدم" بدهشة .. دخل "آدم" وتوجه الى أقرب مقعد لينهار عليه .. أغلق "زياد" الباب وتوجه اليه قائلاً :
- فى ايه يا "آدم" ؟
أخفى "آدم" وجهه بين كفيه فجلس "زياد" بجواره وهو يقول بقلق :
- ايه اللى حصل ؟
قال "آدم" وهو ينظر اليه :
- آيات فى المستشفى الدكتور بيقول انهيار عصبي
هتف "زياد" :
- لا حول ولا قوة الا بالله .. ايه اللى حصل .. ايه اللى وصلها لكدة ؟
قص عليه "آدم" ما حدث ثم أعقب حديثه بعنف قائلاً :
- بنت التيييييييييييييت دى .. روحتلها البيت لقيتها غيرت الكالون
قال "زياد" بإرتياح :
- الحمد لله ان ده حصل الحمد لله
نظر اليه "آدم" بدهشة فقال "زياد" بحزم :
- ربنا ميرضاش بالظلم .. وانت كنت هتظلمها هى أبوها
صاح "آدم" :
- واللى حصلى مكنش ظلم ؟
قال "زياد" بحزم :
- مش معنى انك اتظلمت يبأه تظلم ناس ملهاش ذنب
تنهد "آدم" بقوة .. بالفعل .. بدأ الإحساس بالذنب يتسرب اليه رويداً رويداً .. رغم محاولته لمقاومة هذا الإحساس .. نظر الى "زياد" قائلاً وعلامات الألم على وجهه :
- متتخيلش كانت بتصرخ ازاى .. كانت مغمضة عنيها عشان متشوفنيش يا "زياد" .. كان جسمها بيرتعش بطريقه غريبه .. صوت عياطها كان بيقطع فى قلبي
تنهد "زياد" قائلاً بأسى :
- أنا مش عارف عقلك كان فين يا "آدم" .. قولتلك بلاش يا "آدم" البنت شكلها بتحبك ومش هتستحمل انت عندت وصممت قولت هخليها تسامحنى
قال "آدم" بغيظ شديد :
- ماهى بنت التيييييييييييييت دى لو مكنتش عملت اللى عملته كان الموضوع هيكون أسهل .. لكنها وريتها فيديو ليا وليها واحنا مع بعض معرفش صورته ازاى
صمت قليلاً ثم قال :
- أكيد عرفت بموضوع كتب الكتاب .. وآخر مرة كنت عندها سجلت الفيديو ده
قال "زياد" :
- وانت كنت عندها امتى
قال "آدم" بضيق :
- أول امبارح .. كنت محتاج فلوس وهى دبرتهملى
قال "زياد" بحده :
- مش عارف أقولك ايه .. بجد ما عارفه أقولك ايه .. انت انحدرت لمستوى صعب أوى يا "آدم" .. عارف ايه الحاجة الوحيدة اللى مصبرانى عليك
لم يجيبه "آدم" فأكمل قائلاً :
- اننا عشرة عمر وانى عارف ان اللى أدامى دلوقتى مش "آدم" اللى أعرفه .. اللى أدامى دلوقتى شيطان
التفت "آدم" بحده وقد شعر بقوة الكلمة .. فأكمل "زياد" و هو يشير الى قلب "آدم" قائلاً :
- بس أنا واثق ان هنا لسه فى نقطة بيضا .. وانها هترجع تكبر تانى وتنور قلبه
تنهد "آدم" وقد شعر بإرهاق شديد .. ارهاق ذهني وبدني ونفسي .. ربت "زياد" على كتفه قائلاً :
- قوم ارتاحلك شوية
لم يكن "آدم" فى حاجة للإلحاح .. فقد كان فى أمس الحاجة للراحة بالفعل .. توجه الى احدى الغرف وألقى بنفسه فوق الفراش وأغمض عينيه واستسلم للنوم

*************************************

ها هى ترى حلمها مرة أخرى .. النجيلة الخضراء التى تتراقص مع نسمات الرياح .. والشمس تغرب فى الأفق وتزين السماء بألوانها الحمراء والبرتقالية والصفراء .. وها هو فارسها مقبلاً على صهوة جواده .. فى عزم واصرار .. وها هى تبتسم وتستعد لإستقباله .. تستعد لأن تعطيه يدها ليجذبها خلفه وينطلق بها .. لكن ابتسامتها تلاشت والفرحة فى عينيها انطفأت عندما اقترب منها الجواد لتكتشف أنه .. جـــواد بلا فـــارس
استيقظت "آيات" فجأة .. وهى تنظر الى الغرفة حولها .. حاولت أن تتذكر أين هى وماذا تفعل فى هذا المكان .. شعرت بأنها نسيت الزمان والمكان .. شعرت بكل شئ وقت توقف .. حتى عقلها .. شعرت به وقد توقف عن العمل .. فجأة رأت وجه والدها يقترب منها ويتمتم :
- الحمد لله .. الحمد لله
نظرت اليه فى دهشة .. لماذا يبكى .. أين أنا .. ماذا أفعل فى هذا المكان .. وأين "آدم" .. كان اسمه هو الشرارة التى أعادت عقلها الى العمل .. وأعادت ذاكرتها اليها .. "آدم" .. ذلك الحبيب الغارد الذى طعنها وتركها وسط دمائها وأشلائها ورحل .. بدأت فى النحيب و الأنين .. أسرع والدها لينادى الطبيب .. ليقدم دواؤه لصغيرته التى تتألم وتبكى قهراً .. اقترب الطبيب حاملاً دواؤه .. ودت لو صرخت به .. لن ينفعنى دواؤك .. فجُرحى ليس له علاج .. جُرحى لن يندمل أبداً وان مر عليه ألف عام .. لا تتعب نفسك أيها الطبيب لن تجد لدائى دواء .. دائى هو طعنات غادرة بيد من أحببت .. ألمثل تلك الجروح دواء ؟! .. لا تتعب نفسك أيها الطبيب .. حتى وإن سكن أنيني وهدأ .. فلا تظن أنك نجحت فى علاجى وتقديم أسباب شفائي .. لأن أنين قلبي بداخلى لن يسكن أبداً .. أغمضت عينيها من جديد بعدما سرى المهدئ فى أوردتها واختلط بدمائها .. أغمضت عينيها لتحلم مجدداً بجوادهــا الــذى فقــد فارســه

وقف "عبد العزيز" ينظر الى ابنته النائمة بأعين دامعه وقلب مكلوم .. تنهد فى حسرة وهو يمسح بيده على رأسها فى حنان .. كانت وغزات الألم فى قلبه تتزابد حتى صارت غير محتملة .. وضع يده على قلبه ليوقف الألم اللعين الذى تفشى فيه دون جدوى .. شعر بالإختناق وبتنميل فى أطارفه .. ضغط الزر فحضرت الممرضة تلبي النداء .. أجلست "عبد العزيز" بعدما رأت آثار التعب على وجهه .. ظل يعتصر صدره بيده وهو لا يقوى على شرح ما به من "آلام .. أقبل الطبيب ليخبر "عبد العزيز" بضرورة عمل آشعة على .. القلــب

**************************************

استيقظ "آدم" على أصوات بالخارج .. استيقظ وجلس فى الفراش وهو ينظر الى بدلته التى مازال يرتديها و يتذكر أحداث الليلة الماضية والتى تمنى أن تكون كابوساً سيستيقظ منه بعد برهه .. نزل من الفراش وتوجه الى الخارج ليجد "زياد" يعد الطاولة بطعام الإفطار .. نظر اليه "زياد" قائلاً :
- انت لسه مغيرتش هدومك .. ادخل خد دش وتعالى افطر
امتثل "آدم" لكلام "زياد" الذى أحضر له ما يرتديه .. جلس "آدم" على الطاولة يلوك الطعام فى فمه دون أن يشعر بمذاقه .. شارداً واجماً متغرقاً فى التفكير .. قال له "زياد" :
- ناوى على ايه يا "آدم" ؟
قال "آدم" بأسى ممزوج باليأس :
- هعمل ايه يعنى .. خلاص كل حاجة ضاعت
نظر اليه "زياد" قائلاً :
- و خطيبتك ؟
ابتسم "آدم" بمرارة وقال :
- هى كمان ضاعت .. معتقدش انها ممكن ترضى تبص فى وشى تانى
تنهد "زياد" بأسى وقال بعتاب :
- قولتلك يا "آدم" محدش بياخد من الدنيا كل حاجة .. بس انت أصريت على اللى فى دماغك
نهض "آدم" ودخل الغرفة بدل ملابسه فقال له "زياد" قبل أن ينصرف :
- على فين ؟
قال "آدم" وهو يتوجه الى الباب :
- على المستشفى
لم يجد "آدم" طبيب "آيات" فسأل احدى الممرضات التى أخبرته أنها استيقظت بالأمس على نوبة عصبية وأن الطبيب أعطاها المزيد من المهدئ وأنها نائمة منذ الأمس .. حاول "آدم" رؤيتها لكنه علم بأن والدها معها فى غرفتها .. ظل يتحرك فى المستشفى بالطير المذبوح .. يريد أن يطمئن عليها لكنه ممنوع من رؤيتها .. رأى "أسماء" مقبلة من باب المستشفى بمجرد أن وقع نظرها عليه أقبلت نحوه قائله بلهفه :
- ايه اللى حصل لـ "آيات" يا دكتور "آدم" .. من امبارح وأنا مش عارفه أوصلها ولسه عمو رادد عليا من شوية وقالى انها فى المستشفى دى
قال "آدم" بحزم وهو ينظر الى "أسماء" :
- خليكي معاها يا "أسماء" متسبيهاش .. خليكي جمبها
قال ذلك ثم غادر المستشفى تحت أنظار "أسماء" المندهشة

لكن صدمت "أسماء" تضاعفت بعدما سمعت من والد "آيات" تطورات ما حدث الليلة الماضية .. فتحت فمها فى دهشة وهى تنظر الى صديقتها النائمة فى أسى وقالت بأسى :
- آه يا "آيات" يا حبيبتى أكيد كان صعب عليكي أوى
قال "عبد العزيز" بصوت مرهق :
- لازم أشتكيه للعميد بتاعه .. اللى زى ده ميصلحش انه يكون دكتور فى الجامعة .. حسبي الله ونعم الوكيل فيه ربنا ينتقم منه

************************************
جلست والدة "إيمان" فى غرفة المعيشة تفصص حبات البازيلاء أمام التلفاز .. اقترب منها "على" وجلس بجوارها وقبل يدها قائلاً :
- تسلم ايدك يا ست الكل
ابتسمت والدته قائله :
- تعيش يا "على"
- العريس وأهله جايين بعد بكرة مش كدة
- أيوة أمه لسه أفله معايا من شوية .. ربنا يجعله من نصيب أختك يا "على"
قال "على" مبتسماً :
- متقلقيش ان شاء الله خير .. ول كان من نصيبها هتاخده
صمتت قليلاً وبدا عليه الحرج ثم تنحنح قائلاً :
- ماما أنا كنت عايز أكلمك فى موضوع
نظرت اليه والدته قائله :
- عاز فلوس ؟
ازداد حرجه وقال بضيق :
- لا يا ماما أنا معايا فلوس
ثم نظر اليها قائلاً :
- ماما أنا بصراحة ومن الآخر كده معجب بواحدة من صحاب "إيمان" وعايزك تكلميها
قالت والدته ضاحكة :
- يبأه أكيد "سمر"
ابتسم "على" بحرج" فقالت والدته بلهفه :
- "سمر" مش كده ؟
أومأ "على" برأسه فقالت أمه بحماس :
- يازين ما اخترت دى بت زى النسمة ربنا يجعلها من نصيبك يا "على"
قال "على" بقلق :
- بصى يا ماما أنا لسه فى بداية الطريق وعارف انى هتعب شوية بس بصراحة خايف تضيع من ايدي فعشان كده يا ماما عايزك تكلمى "سمر" .. على الأقل نلبس دبل دلوقتى وأنا ان شاء الله بدور على شغل تانى يكون أحسن من ده
قالت والدته بحماس :
- متشلش هم .. هتكلم معاها
قبل "على" يد والدته بفرح قائلاً :
- ربنا يخليكي لينا يا ماما

************************************
عاد "آدم" الى بيته تتبعه نظرات أمه المتفحصة .. اقتربت منه قائله :
- فى حاجة يا "آدم"
قال "آدم" بإرهاق :
- لا متشغليش بالك يا ماما
تنهدت أمه بحسرة وألم وهى ترى ابنها يقصيها من حياته ويخرجها منها .. تركته فى يأس وذهبت الى المطبخ .. دخل "آدم" غرفته وأغلق الباب .. توجه الى فراشه وجلس عليه .. كانت علامات الحزن والأسى على وجهه .. والحيرة فى عينيه .. يشعر بأن كل ذلك كابوس وسيفيق منه .. لابد أن يكون كابوساً .. ليس من المعقول أن يخسر كل شئ .. خطته .. و "آيات" .. تساءل .. تُرى كيف حالها الآن .. كيف ستتجاوز صدمتها .. أستستطيع نسيانه .. بل أسيستطيع هو نسيانها .. رغماً عنه شعر بشئ تجاهها .. شعر بقلبه يتحرك من سباته ليخبره بأنه مازال فيه روحاً .. جذبته برقتها ملكته ببرائتها خطفت قلبه بصدقها ونقائها وحبها الكبير .. أحبته حباً يعرف جيداً بأنه لا يستحقه .. أكثر ما يؤلمه هى نظرتها اليه التى تشوهت .. لم تعد تراه "آدم" ذلك الرجل الذى كتبت فيه الشعر والخواطر .. بالتأكيد تراه الآن شيطاناً .. كما رآه أعز أصدقائه .. وكما تراه والدته .. قطب جبينه فى أسى .. وترددت أمانيه بداخله .. ليتك دخلتى حياتى فى وقت آخر وظرف آخر .. ليتك دخلتى حياتى وأنا "آدم" القديم .. ليتك دخلتى حياتى قبل أن تتشوه .. ما كنت عندها لأفكر لحظة فى أن أؤذيكِ .. ما كنت عندها سأتركك لتضيعي من بين يدي .. برائتك أظهرت لى كم أنا حقير .. صدقكِ أظهر لى كم انا زائف .. حبك أظهر لى كم أنا حقود .. تنهد فى ضيق وهو يشعر بغرفته تضيق به .. نهض وغادر بيته مسرعاً .. تجول فى الشوارع بسيارته وعيناه تشعان حيرة وأسى

***********************************

اختارت "إيمان" ملابسها بعناية فائقه واستعدت لاستقبال عريسها ووالديه .. جلس الجميع معاً فى غرفة الصالون رغم اعتراض "على" الذى لم يلقى صدى من والديه .. لاحظت "إيمان" منذ الوهلة الأولى ببعد حماتها عنها .. كانت تنظر اليها نظرات غير مريحة ولم تبتسم فى وجهها ولا مرة .. بل لم تبتسم أصلاً ولا مرة .. شعرت "إيمان" بالتوتر وتحولت سعادتها الى خوف وهى ترمقها بنظراتها من حين لآخر علها تجد وجهها وقد لانت ملامحه .. انتبهت الى حديث عريسها والذى كان يتسم بخفة الظل .. ابتسمت على نكاته وكتمت ضحكاتها على مزحاته .. شعرت بالسعادة وهى جالسه تستمع الى الحوار الدائر واهتمام والد العريس بمعرفة بعض التفاصيل عنها ومشاركتها فى الحديث .. لم يعكر صفوها سوى عبوس والدة العريس والذى لاحظه الجميع .. انتهت الزيارة مبكراً بعدما أعلنت والدة العريس أنها ترغب فى الإنصراف .. نظرت "إيمان" الى والدتها التى كانت تشعر بالضيق من تقرفات والدته التى تخلو من اللياقة .. فى الأسفل وبمجرد أن خرجوا من البوابة التفتت والدة العريس الى ابنها قائله بغيظ :
- وهى دى بأه اللى عجبتك يا فالح ؟
قال العريس :
- أيوة
صاحت :
- آه يا مرارى يانى .. وملقتش غير دى
قال ابنها بدهشة :
- مالها يا ماما ؟
قالت أمه بحنق وتهكم :
- انت مش شايف عامله زى الهضبة ازاى .. اتفرج عليها بعد الجواز والخلفة مش هتعرف تدخل من باب الشقة جتك الأرف فيك وفى ذوقك
قال ابنها بضيق :
- بس دكتورة ومحترمة وعجبنى شكلها .. وكمان أهلها ناس طيبين
قالت أمه بسخريه :
- وعامله زى ضلفة الدولاب
ثم قالت بحماس :
- يا ابنى دى خالتك "روحية" اتصلت بيا امبارح تقولى على حتت عروسة مفيش بعد كده .. انت اللى اتسرعت واتسربعت
قال ابنها :
- خلاص يا ماما بأه معدش ينفع الكلام ده
صاحت قائله :
- معدش ينفع ليه ان شاء الله هو انت كنت اتجوزتها ده مجرد كلام
قال بدهشة :
- يعني ايه ؟
قالت تشجعه :
- يعني تروح تشوف العروسة اللى خالتك "روحية" جيباهالك
قال ابنها وهو يفكر :
- وافرضى بأه معجبتنيش ابقى خسرت "إيمان"
قالت أمه بتهكم :
- بلا وكسة محسسنى انها السفيرة عزيزة .. أقولك يا ابن أمك تعمل ايه .. ما تقولهمش انك صرفت نظر لحد ما تشوف العروسة .. والله عجبتك يبأه تقول لأهل "إيمان" انك صرفت نظر ومش مستريح .. معجبتكش أهو يبقى مخسرتش حاجة .. ها قولت ايه ؟
ابتسم ابنها قائله :
- فكرة حلوة يا ماما وكدة أبقى مسكت العصاية من النص
قالت أمه بحماس :
- وأنا متأكده انها هتعجبك دى خالتك "روحية" بتقول عليها كلام يشرح القلب
ثم نظرت حولها قائله بحنق :
- يلا من هنا أحسن قلبي اتقبض من ساعة ما شوفت البت دى

************************************
جلست "آيات" فى فراشها تنظر الى الجدار أمامها بعينان ذابلتان من كثرة البكاء .. اقتربت منها "أسماء" قائله بحنان :
- ايه رأيك أشغلك التى فى نتفرج على حاجة سوا ؟
لم تجيبها "آيات" .. فجلست بجوارها على الفراش تنظر اليها بأسى وهى تقول :
- "آيات" .. طب اتكلمى .. مش أنا صحبتك .. قوليلى أى حاجة
ظهرت الدموع فى عيني "آيات" وهى مازالت تنظر الى الجدار أمامها وتضم قدميها الى صدرها .. قالت "أسماء" بحنان :
- عارفه ان اللى حصلك مكنش سهل .. بس صدقيني بكره تنسيه
أطلقت "آيات" آهة ألم ثم بدأت فى النحيب بضعف .. فحتى البكاء لم تعد تقوى عليه شعرت بأن طاقتها قد نفذت .. أو على وشك النفاذ .. عانقتها "أسماء" والدموع تتجمع فى عينيها هى الأخرى وهى تقول :
- خلاص يا "آيات" .. كفاية عياط بأه
لم يكن بكاءاً بقدر ما كان أنيناً .. حضنتها "أسماء" الى أن توقفت عن بكائها فابعدتها عنها ومسحت عبراتها وهى تقول بحماس :
- والله بكره تنسيه وتنسى كل اللى حصل ولا كأنه دخل حياتك .. وكلها شهر وشوية ونمتحن ونخلص من الكلية دى خالص .. وننسى سيرتها وكل حاجة عنها
نظرت اليها "آيات" بضعف وحزن وأسى .. فقالت "أسماء" بحماس :
- بكرة تشوفى وتقولى "أسماء" قالت .. يا بنتى اللى يبيعك بيعيه .. ده واحد ميستهلش انك تعيطي عليه أصلاً .. هو اللى خسرك مش انتى اللى خسرتيه يا "آيات"
ثم قالت :
- عارفه لما شوفته فى المستشفى قبل ما اعرف الحكاية .. كان باين عليه مضايق أوى وحزين أوى .. يا بنتى والله هو اللى خسر وندم وزمانه هيموت ويرجعلك .. أصلاً عمره ما هيلاقى واحده زيك وهو عارف كده كويس .. والله هو اللى خسر يا "آيات" مش انتى
تنهدت "آيات" وهى تغمص عينيها تعباً فقالت "أسماء" بحنان :
- نامى شوية يا حبيبتى
تمددت "آيات" وقامت "أماء" بتغطيتها .. وجلست على المقعد المجاور لفراشها .. أغمضت "آيات" عينيها علها تهرب من واقعها .. فالنوم بالنسبة لها ما هو الا وسيلة للهروب من هذا الواقع الأليم

***************************************

خرجت "آيات" من المستشفى وعادت الى الفيلا .. فى المساء دخل والدها اليها وابتسم لها قائلاً :
- أخبار حبيبتى ايه دلوقتى ؟
ابتسمت ابتسامه واهنه .. تمنى "عبد العزيز" أن يسمع صوتها الذى اشتاق اليه طيلة الأيام الماضية .. لكن الطبيب أخبره بأنه أمر مؤقت وبمجرد تحسن نفسيتها ستعاود الحديث مرة أخرى .. وطلب منه توفير كل سبل الراحة لها وعدم التحدث فيما يزعجها .. لذلك كان "عبد العزيز" يتجنب الحديث عن "آدم" وعما يخصه .. لكن هناك أمر لابد منه .. جلس "عبد العزيز" بجوارها وامتدت يده لتنزع دبلة "آدم" وخاتمه من أصابعها .. ترقرقت العبرات فى عينيها لتسقط على وجهها الحزين .. وهى ترى الدبلة التى ألبسها اياها طآدم" تنزع من يدها .. الى الأبد .. قال والدها بصوت باكى وهى يمسح بيده على وجنتها :
- أنا آسف يا بنتى .. كان لازم أهتم بالسؤال عنه أكتر من كده .. يمكن لو كنت سألت أكتر كنت عرفت اللى يخليني أرفضه من البدايه .. أنا آسف يا بنتى
ارتج جسدها بالبكاء فضمها الى صدره قائلاً :
- مش عايز أشوفك بتعيطى تانى فاهمة يا "آيات" .. كل حاجة هترجع زى الأول وأحسن كأنه مدخلش حياتنا أصلاً .. وبعد ما تخلصى امتحاناتك هاخدك ونسافر بره مصر كلها .. أى بلد تختاريها نعد فيها زى ما انتى عايزه ..
أبعدها عنه لينظر الى وجهها الباكى وهو يبتسم وسط دموعه قائلاً :
- شوفى بأه أنا ناوى اخليها رحلة تجنن .. وعايزك تستعدى ليها على الآخر .. ولو عايزه "أسماء" تطلع معانا مفيش مشكلة أنا هكلم والدها .. وأفسحكوا انتوا الاتنين فسحة تجنن .. ها ايه رأيك ؟
ابتسمت باتسامه ضعيفة مجاملة لوالدها دون شعور بذرة سعادة بداخلها .. فأكمل والدها بحماس مصطنع قائلاً :
- عايزك تفكرى من دلوقتى وتشوفى ايه المكان اللى تحبيه تروحيه ..هسيب اختيار المكان عليكي أما بروجرام الرحلة فهيكون عليا أنا .. اتفقنا ؟
أومأت برأسها وهى تمسح دموعها .. قبل جبينها قائلاً :
- نامى دلوقتى يا حبيبتى .. يلا تصبحى على خير
وضعت "آيات" رأسها على وسادتها .. التى لم تمضى عليها سوى دقائق قليله حتى تبللت بدموعها المنسابه من عينيها دون توقف .. تراءت أمام عيناها الفيديو الذى رأته لـ "آدم" .. أغمضت عينيها بشدة علها تزيل تلك الصورة من أمام عينيها .. لكن هيهات .. أخذت تفكر كيف يكون فارسها بتلك الأخلاق المتدنية .. كيف لم تراه على حقيقته .. كيف ظنت بأنه فارسها الذى تنتظره .. كيف استطاع أن يخدعها الى هذه الدرجة .. كانت تريد رجلاً يحميها ويحتويها ويحبها ويدافع عنها .. لكنها لم تجد أى من ذلك .. أفاقت من حلمها على واقع بشع .. تذكرت قبلته لها فى السيارة .. سرت قشعريرة باردة فى جسدها .. مدت يدها الى فمها تسمحه بقوة وكأنها تحاول ازالة أى أثر لقبلته .. وكأنها لا تطيق تلك الذكرى .. ظلت تتلوى فوق فراشها وتعالى صوت بكائها .. أزاحت الغطاء فجأة ونهضت لتتوجه الى حاسوبها .. فتحت صورة "آدم" لتنظر اليها بتقزز .. تلك الصورة التى كانت تجلس أمامها تتأملها دون كلل أو ملل .. أصبحت الآن تشعر تجاهها وتجاه صاحبها بالنفور الشديد .. مسحت الصورة وكل ما يمت له بصلة .. توجهت الى حساب الفيس بوك لتحظره تماماً .. وتطــرده خـــارج عالمهــــا

*********************************
دخلت "والدة "إيمان" غرفة ابنتها لترحب بـ "سمر" ثم طلبت من "إيمان" الخروج من الغرفة لتتحدث الى "سمر" فى موضوع خاص .. خرجت "إيمان" من الغرفة وهى تبتسم بخبث .. بدأت والدة "إيمان" حديثها قائله :
- شوفى بأه يا "سمر" .. انتى معزتك من معزة "إيمان" و "على" أيوة والله بحبك من يوم ما شوفتك .. بنت مؤدبة وطيبة وأخلاق وكل حاجة رنبا يحفظك يا بنتى
ابتسمت "سمر" فى خجل وقالت :
- تسلمى يا طنط ربنا يباركلك
قالت والدة "إيمان" :
- بصى بأه يا "سمر" .. أنا مبحبش ألف وأدور فهتكلم دوغرى .. "على" ابنى قالى انه عايزك
ارتبطت "سمر" واحمرت وجنتاها خجلاً .. نظرت الأرض وقد أُلجم لسانها فأكملت قائله :
- هو شغال دلوقتى .. هى صحيح شغلانه بيطة بس يا بنتى كل حاجة بتبتدى صغيره وبعدين بتكبر .. وبعدين هو بيقول انه هيدور على شغل تانى أحسن من الشغلانه دى .. ومتقلقيش ولا يكون عندك هم أصلا أنا و أبو "إيمان" شايلين قرشين لـ "إيمان" و "على" .. يعني "على" مش على الحديدة زى ما انتى فاهمه .. لا .. بس هو بيحب يسعى ورا القرش وميحبش يعتمد الا على نفسه
صمتت "سمر" دون أن تتفوه بحرف .. فأكملت :
- هو عايز يلبس دبل على الأقل .. عشان يتقال ان "سمر" لـ "على" و "على" لـ "سمر" .. لانه بصراحة ربنا خايف تضيعي من ايده .. قولتى ايه يا "سمر" ؟
بدا الإضطراب على "سمر" فقالت والدة "إيمان" بطيبة :
- طيب اي حبيتبى هسيبك تفكرى براحتك ومستنية رد منك .. اول ما تردى عليا ان شاء الله هاجى أنا وأبو "على" نطلب ايدك من ماما .. ماشى يا حبيبتى ؟
نظرت اليها "سمر" بحيرة .. فابتسمت والدة "إيمان" فى وجهها وخرجت لتترك "سمر" ومشاعر كثيرة متناقضة تجذبها يميناً ويساراً

**********************************

ظل "آدم" يبحث عن "آيات" فى محاضراته يأمل فى أن يراها .. ظل يتجول فى الكلية يومياً عله يلمحها .. لكن لا أثر لها .. علم بأنها لا تحضر الى الكلية .. كاد أن يجن من كثرة تفكيره بها .. أراد الإطمئنان عليها بأى شكل .. لكن كل السبل مقطوعه .. حتى صديقتها "أسماء" لا تحضر الى الكلية .. ففكر "آدم" فى حيلة يجذبها بها الى الكلية ليستطيع رؤيتها والإطمئنان عليها .. بمجرد أن انتهى من القاء محاضرته قال وهو ينظر الى طلابه :
- المحاضرة الجاية عليها 10 درجات من درجات المادة ولازم الكل يحضرها .. ياريت تعرفوا الناس اللى مبتجيش ان محاضرة المرة الجاية مهمة
خرج "آدم" من المدرج لتلحق به "ساندى" قائله :
- دكتور "آدم"
التفت اليها فقالت كبتسمه :
- ازيك يا دكتور أخبارك ايه ؟
قال بنفاذ صبر :
- الحمد لله
قالت بابتسامه واسعه :
- عندى ليك خبر حلو يا دكتور
نظر اليها "آدم" بلهفه ينتظر ما ستقوله .. قالت بمرح :
- بابا عجبه المشورع جداً جداً وطالب يقابل حضرتك
لاحت ابتسامه صغيره على زاوية فمه فأكملت "ساندى" حماس :
- قالى حضرتك تحدد المعاد وهو هينتظرك
قال "آدم" وقد ظهرت علامات الارتياح على وجهه :
- تمام يا "ساندى" هشوف معاد مناسب وأعرفك
ابتسم لها قبل أن ينصرف وهو يفكر فى أنه لم يخسر كل شئ بعد

***********************************

دخلت "أسماء" غرفة "آيات" لتجدها جالسه تطالع كتبها فوق فراشها اقترب منها مبتسمه وقالت :
- ازيك يا "يويو" أخبارك ايه
ابتسمت "آيات" وأشارت لها بالجلوس .. جذبت "أسماء" الكتاب من يدها وقالت بمرح :
- خيانة بتذاكرى من ورايا
ابتسمت "آيات" ابتسامة ضعيفة ثم كتبت على احدى الدفاتر بجانبها :
- يا بنتى الامتحانات خلاص قربت وعايزين نخلص بأه من هم المذاكره ده
قرأت "أسماء" ما خطته "آيات" بيدها ثم قالت بمرح :
- على رأيك عايزين نخلص من الامتحانات وقرفها عشان نفضى للرحلة بتاعتنا
ثم قالت بحماس :
- ياه يا "آيات" ده أنا متحمسة للرحلة دى أوى من دلوقتى .. اخترتى المكان ولا لسه ؟
كتبت "آيات" فوق دفترها :
- لا لسه
قالت "أسماء" :
- طيب فكرى براحتك بس "آيات" ياريت تظبطينا ماشى .. عايزة أتظبط
ابتسمت "آيات" وهى تومئ برأسها .. اختفت ابتسامتها سريعاً لتعاود النظر الى كتبها .. قالت "أسماء" بشئ من التردد :
- "آيات"
نظرت اليها "آيات" مستفهمة فقالت "أسماء" بتوتر :
- بصى عرفت ان المحاضرة الجاية عليها 10 درجات من درجات المادة .. هتروحى ؟
كتبت "آيات" على دفترها :
- مادة ايه ؟
نظرت اليها "أسماء" بأسى قائله :
- ادارة أعمال
تجمعت العبرات فى عينى "آيات" على الفور وأخذت تتنفس بسرعة وكأنها تشعر بالإختناق .. وفى عينيها نظرات حائرة متألمة .. قالت "أسماء" بحنان :
- هتحضريها ؟
هزت "آيات" رأسها نفياً بقوة .. فقالت "أسماء" :
- خلاص ولا يهمك عوضيهم فى النظرى
أومأت "آيات" برأسها بضعف .. عادت الى كتبها مرة أخرى لكنها شعرت بأن التركيز هرب منها تماماً

***********************************

دخل المدرج وهو يتمنى حضورها .. يتمنى رؤيتها .. يتمنى الإطمئنان عليها .. بحثت عيناه عنها بلهفه .. تفرس فى الوجوه يبحث عن وجهها الذى افتقده .. لم يجدها .. نظر الى "أسماء" وكأنه يسألها عنها .. لكن "أسماء" أشاحت بوجهها عنه وعلى وجهها علامات الغضب .. ففهم .. فهم بأنه خسرها للأبد .. لا تريد حتى رؤيته .. لا تريد حتى درجاته التى وعد بها .. لا تريد منه أى شئ .. صمت .. طال صمته .. انتظر الطلاب أن يتحدث .. تحدث وأخذوا ينظرون اليه بدهشة عندما قال بضيق شديد :
- المحاضرة ملغية يا شباب
تعالت صيحات الاستنكار بعدما خرج "آدم" من المدرج .. خرجت "أسماء" متوجهة الى بوابة الكلية عندما استوقفها "آدم" قائلاً :
- "أسماء"
التفتت تنظر اليه .. فقال بلهفه :
- فين "آيات" مجتش ليه ؟ هى متعرفش ان المحاضر دى مهمة
قالت "أسماء" ببرود :
- لا عارفه .. بس مرضيتش تحضرها
صمت "آدم" وهو يشعر بالأسى ثم نظر اليها قائلاً بصوت مضطرب :
- ازيها عامله ايه ؟
قالت "أسماء" وهى تنظر اليه بعتاب شديد :
- كويسة .. الحمد لله كويسة
قال "آدم" بلهفه وهو يتفرس فيها :
- يعني هى أحسن .. انا عرفت انها خرجت من المستشفى
قالت "أسماء" والدموع فى عينيها فلم تعد تحتمل التظاهر بالتماسك :
- حرام عليك اللى عملته فيها .. انا عارفه انى مينفعش أقول لحضرتك كده .. بس بجد انت دمرت "آيات" هى متستهلش كده
شعر "آدم" بكلماتها كطعنات الخناجر فى صدره .. أكملت "أسماء" قائله بتأثر :
- "آيات" من يوم ما خرجت من المستشفى وهى مبتتكلمش
تجمد "آدم" فى مكانه وقلبه يئن من الألم .. قالت "أسماء" بحده قبل أن تغادر :
- حرام عليك بجد .. "آيات" عمرها ما هتسامحك أبداً .. ابعد عنها أحسن وسيبها فى حالها
غادرت "أسماء" لتترك "آدم" غارقاً فى الألــم والعــذاب ... والنــــدم


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-10-15, 11:02 AM   #14

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 12 )

انتظر "آدم" فى توتر الى أن سمحت به سكرتيرة "شكرى" والد "ساندى" بالدخول .. دخل مكتبه بثقه وتبادلا عبارات السلام والمجاملة .. ثم قال "شكرى" بإعجاب شديد :
- الحقيقة المشروع الى "ساندى" ورتنى الملف بتاعه مشروع هايل جداً .. وكمان المنطقة نفسها شوفت الصور والسى دى اللى كانوا مع الملف .. وبصراحة المنطقة تحفة
قال "آدم" بحماس :
- وعلى الواقع شئ تانى .. مكان بجد خيال
صمت "شكرى" قليلاً ثم قال :
- بس فى نقطة مخوفانى شوية يا دكتور
قال "آدم" وقد ضاقت عيناه :
- نقطة ايه ؟
قال "شكرى" بجدية :
- المنافسة القوية اللى هنواجهها هناك
ابتسم "آدم" بثقه وهو يقول :
- وهو ده بالظبط اللى أنا عايزه
قال "شكرى" بإستغراب :
- ازاى يعني ؟
قال "آدم" شارحاً :
- المنطقة اللى اخترتها عشان أنفذ عليها مشروعى هى من أروع مناطق العين السخة .. المنطقة دى على شكل دايرة .. متقسمة من النص ل 3 مثلثات .. كل مثلث بيمثل قرية سياحية .. يعني المنطقة عبارة عن 3 قرى سياحية على شكل دايره .. بيشتركوا مع بعض فى نقطة واحدة فى النص ودى اسمها "المنطقة الخضراء" وهى مساحة كبيرة للـ 3 قرى حق الانتفاع بيها
قال شكرى :
- تمام
فأكمل "آدم" بحماس :
- ال 3 قرى ملك لمجموعة شاكات كبيرة مصرية وأجنبيه وبيأجروا القرى التلاته بالكامل للشركات السياحية .. ال 3 قرى دول قرية واحدة بس منهم هى اللى متأجرة حاليا وهى اللى شغاله والقريتين التانيين غير مؤجرين
قال "شكرى" وهو يفكر بإمعان :
- بس يا دكتور القرية اللى متأجرة دى متأجرة لرجل أعمال كبير أوى وكمان القريه بتاعته ناجحة جداً وعليها اقبال كبير كل موسم
قال "آدم" بتهكم :
- القرية دى ناجحة بدراسة الجدوى بتاعتى وبالأسس اللى حطتها أنا لإدارة القرية السياحية
قال "شكرى" بإستغراب :
- ازاى يعني ؟
قال "آدم" بصرامة :
- أنا كنت داخل شريك فى المشروع ده مع "سراج اليمانى" صاحب القرية اللى شغاله دلوقتى واسمها "قرية الفيروز " .. بس حصل خلافات بيني وبينه وهو خد دراسة الجدوى و كل تفاصيل خطتى اللى حطتها عشان ادارة القرية ونفذها بالمللى .. وده سر نجاح قريته
قال "شكرى" بحماس :
- يعني حضرتك يا دكتور تقدر تحط خطه عمل وطريقة فى ادارة القرية تضرب بيها شغل "سراج اليمانى" ؟
ابتسم "آدم" قائلاً :
- بالظبط كده .. لانى عارف كل صغيرة وكبيرة فى "قرية الفيروز" وعارف كويس عيوبها ومميزاتها .. وأقدر أخلى "سراج اليمانى" خلال فترة صغيرة يقفل القرية ويعد فى بيتهم
ضحك "شكرى" قائلاً :
- ممتاز يا دكتور .. شكلنا هنعمل بيزنس كبير أوى مع بعض .. لانى زيك بعشق روح التحدى وطموحى ملوش حدود
ابتسم "آدم" قائلاً :
- أهم حاجة عندى انى أبدأ تنفيذ فى أقرب وقت
قال "شكرى" :
- اللى فهمته من "ساندى" انك معندكش استعداد حالياً تدخل شريك فى راس المال
قال "آدم" :
- بالظبط كده أنا هدخل شريك بالمجهود مقابل ادارتى للقرية كاملة من الألف للياء
قال "شكرى" مبتسماً :
- اتفقنا يا دكتور وهكلم المحامى يجهز العقود والنسب ولينا أعده تانية مع بعض
ثم قال :
- بس قولى لو كل حاجة مشيت تمام .. انت هيكون عندك استعداد تسافر العين السخنة امتى ؟
قال "آدم" بثقه :
- السنة الدراسية باقى عليها أقل من شهر .. بمجرد ما الإمتحانات تخلص هطلب أجازة من الجامعة وأسافر فوراً
قال "شكرى" ضاحكاًً :
- أحب الناس اللى عندها حماس كبير زيك يا دكتور .. اتفقنا

************************************
خرجت "أسماء" من المصعد فتناهى الى مسامعها صراخ أبويها من داخل البيت .. فتحت الباب بسرعة وتوجهت اليها قائله بحده :
- حرام عليكوا صوتكوا جايب لآخر العمارة فضحتونا أدام الناس
أكمل والدها موجهاً حديثه لوالدتها دون أن يأبى لوجود "أسماء" :
- أصل انتى أصلاً مش ست زى باقيه الستات لو كنتى فاكرة نفسك ست تبقى غلطانه .. هو أنا ايه اللى بيخليني أبص بره ما أنا لو لاقى ست جوه البيت مش هبص بره
صاحت أمها بتهكم :
- ليه بأه ان شاء الله .. أنا ست غصب عنك .. بس الدور والباقى على اللى عامل نفسه راجل وهو تيييييييييت .. أصلا التيييييييييييت ميعرفش الا التيييييييييت اللى زيه .. عشان كده كل اللى بتعرفهم بنات صيع زيك بالظبط .....
قبل أن تكمل حديثها هوى زوجها على وجهها بصفعة صمت آذان "أسماء" وهى تصيح باكية :
- كفاية بأه حرام عليكوا
صاح والدها فى والدتها :
- أنا هوريكي يا بنت التيييييييييييييييت اذا كنت راجل ولا لأ
أفاقت والدتها من صدمة الصفعة سريعاً ودفعته بيديها قائله :
- امشى اطلع بره بيتي يا تييييييييييييييت
دفعها زوجها بيديه هاتفاً بغضب :
- بيتك مين يا أم بيت ده بيتي أنا .. انتى اللى تطلعى بره مش أنا
صاحت أمها بغضب :
- لأ بيتي أنا مشاركات فيه بفلوسى .. وانت اللى هتطلع منه مش أنا .. ما انت لو كنت راجل كنت عرفت تجبلى شقة بفلوسك لكن طول عمرك فاشل وصايع وبتاع نسوان ولولايا كان زمانك بتشحت انت وبنتك
هوى زوجها وجهها بصفعه أخرى وقال :
- اظاهر انتى عايزه تتربى .. أنا بأه هسيبك كده زى البيت الوقف لا انتى طايلة جواز ولا طايلة طلاق وابقى وريني هتعملى ايه اما علمتك الأدب وربيتك مبقاش أنا .. وهتجوز عليكي بدل الواحده تلاته وهجيبهم يعيشوا معاكى هنا وابقى وريني هتعملى ايه .. اعلى ما فى خيلك اركبيه
لم تحتمل "أسماء" المزيد فخرجت من البيت لا ترى أمامها من فرط دموعها المنهمرة على وجهها

***********************************
أنهت "سمر" الكشوفات وظلت جالسه فى مكتبها شاردة تفكر فى كلام والدة "على" .. وجدت فى داخلها مشاعر كثيرة متناقضة .. فرح .. خوف .. لهفة .. رغبة فى الموافقة والرفض فى نفس الوقت .. لكم تكره هذا الشعور .. الشعور بالعجز والحيرة .. لا تستطيع أن تتحدى خوفها وتقدم على تلك التجربة .. تذكرت كيف مضت عليها وعلى والدتها الأيام والليالى دون أن يجدوا ما يسدوا به رمقهم .. تذكرت الشعور بالجوع .. ليس جوع جسدى فحسب .. بل جوع عاطفى .. جوع عاطفى لأب يحتوى ويطمئن ويبتسم فى وجهها فيعطيها الأمل ويخفف من أوجاعها .. أب يمسك بيدها الصغيرة ويقول لها لا تخشى شيئاً يا صغيريتى فأباكى موجود .. أب تراه يحتضن والدتها ويمسح دمعها .. لكنه اختار الرحيل .. بل الهروب .. وكأنهما حمل ثقيل على عاتقيه .. أخذت تتساءل ترى أين هو الآن .. ماذا يفعل .. أتزوج مرة أخرى ؟ .. بالتأكيد تزوج .. أله أبناء .. ألها أشقاء وشقيقات .. لماذا لم يعود .. إذا تحسن به الحال لماذا لا يعود .. لماذا حتى لا يخبرهم عن مكانه .. لماذا لا يتصل كل فترة ليطمئن عليهم .. ألهذه الدرجة نسيهم .. نسى أن له زوجة وابنة .. أخذت تتساءل فى ألم .. ألم يشتاق اليها والى والدتها .. ألم يشتاق الى ابنته الصغيره التى تركها يرقة صغيرة .. ألم يشتاق الى أن يراها وهى فراشة يافعه .. عادت بتفكيرها الى "على" .. والى رغبته فى الإرتباط بها .. اخذت تتساءل فى نفسها .. أى نوع من الرجال أنت يا "على" ؟ .. أستستطيع الصمود فى مواجهة مصاعب الحياة أم ستهرب عند أول أزمة ؟ .. الى متى ستستطيع الصمود ؟ .. أستستطيع حقاً أن تواجه الحياة معى .. بحلوها ومرها ؟ .. أم ستترك يدي فى منتصف الطريق ؟ .. أريد أن أطمئن اليك يا "على" وأن أثق لك .. لكن كيف السبيل الى ذلك ؟!

***********************************
استيقظ "آدم" من النوم فزعاً .. استعاذ بالله من الشيطان الرجيم ونهض يغسل وجهه .. عاد الى غرفته وهو يشعر بأن النوم فارق جفونه .. جلس على فراشه فى ظلام الغرفة .. وشعور بالضياع يتملكه .. نظر الى فراشه وهو يتذكر "آيات" يوم أن كان مريضاَ .. تذكر خوفها وقلقلها عليه .. تذكر رقتها وحنانها وهى تطعمه فى فمه .. أغمض عينيه بألم وهو يعترف لنفسه بأنه يشعر بالحنين اليها .. ويتمنى أن تعفو عنه وتسامحه وأن تغمره بحبها وحنانها من جديد .. صرخ قلبه قائلاً .. آه يا "آيات" لو تعلمين كم احتاج اليكِ الآن .. أحتاج اليك لتطيبي جراحى ولتساعديني على أن أخرج من ذلك المستنقع الذى غمرت نفسى به .. لست خائف على نفسى الآن بقدر خوفى عليكِ .. من سيطيب جراحك ؟ .. وهل ستطيب يوماً ؟ .. كم أتمنى رؤيتكِ .. والتمتع بإبتسامتك العذبه التى تغمر قلبي بعذوبتها ورقتها وصدقها .. ماذا فعلت بكِ وبنفسى ؟ .. توجه الى حاسوبه وفتحه .. تأمل صورتها بلهفة وحنين واشتياق .. قرأ رسائلها .. طبع كل حرف فيها داخل ذاكرته .. كيف استطاع أن يفرط فى حباً بتلك القوة .. وفى فتاة بهذا الصدق والبراءة .. فتاة أعطته قلبها ومشاعرها و اهتمامها ولم تبخل عليه حتى بذهبها .. أعطته كل شئ .. فماذا أعطاها هو ؟ .. لم تثقل عليه بالطلبات طوال فترة الخطبة .. بل لم تطلب أى شئ أصلاً .. لم تسأل حتى عن مكان سكنهما .. لم تسأل عن مرتبه .. لم تتضايق من مكان سكنه وبيته المتواضع عندما زارته .. لم تعلق حتى على هذا الأمر وتعاملت بشكل طبيعي .. واندمجت مع والدته وعاملتها بطيبة بلا غرور أو ترفع .. أخذ يفكر بألم .. لن أجد مثلها يوماً .. فتاة لم ترد منى إلا قلبى .. ولم أرد أنا سوى تحطيم قلبها

**********************************
فوجئ "آدم" بـ "عبد العزيز" يقتحم مكتبه بالجامعة ويلقى أمامه علبة الشبكة ويقول بصرامة :
- اتفضل شبكتك واوعى أشوفك بتقرب من بنتى تانى
لم يترك له فرصة الرد وتوجه "عبد العزيز" الى الخارج وهو يصفق الباب خلفه بقوة .. فتح "آدم" العلبة يتلمس القطع الذهبية التى اختارتها "آيات" بنفسها .. تذكر فرحتها وسعادتها فى هذا اليوم وهى تنتقى كل قطعة وتجربها .. تذكر ابتسامتها العذبه وهى تقول له " مبروك علينا احنا الاتنين" .. أغلق العلبة وألقاها فوق المكتب بلامبالاة .. تنهد فى حسرة وهو يسند رأسه الى قبضتى يده فوق المكتب ..
توجه "عبد العزيز" الى عميد الكلية وقص عليه ما حدث من "آدم" تجاهه وتجاه ابنته .. قال بحده :
- الدكتور اللى زى ده لازم يطرد من الجامعة مينفعش واحد زى ده ويدرس لطلاب وطالبات .. واحد بالأخلاق دى ميصحش انه يدرس فى جامعة محترمة ولا كلية محترمة .. لازم يطرد عشان يكون عبره لغيره
قال العميد وهو يتصل بمكتب "آدم" :
- هدى نفسك يا فندم وان شاء الله هنشوف الموضوع ده .. ألو .. دكتور "آدم" ياريت تشرفنى شوية فى مكتبي .. طيب منتظرك
فوجئ "آدم" بوجود "عبد العزيز" فى حجرة العميد .. قال العميد :
- اتفضل اعد يا دكتور "آدم"
جلس "آدم" وهو يتنهد بضيق .. قال العميد :
- الأستاذ "عبد العزيز" جاى يقدم فيك شكوى
ٌال "آدم" بضيق :
- شكوى ايه يا فندم ؟
صاح "عبد العزيز" قائلاً :
- يعني مش عارف اللى عملته .. ضحكت عليا وعلى بنتى وخطبتها وكنت عايز تكتب عليها وكل ده عشان تبتزنى أنا وهى .. مش عارف ازاى ضميرك وأخلاقك ماتوا للدرجة دى
قال العميد :
- لو سمحت يا أستاذ "عبد العزيز" مفيش داعى للكلام ده
ثم التفت الى "آدم" قائله :
- ردك ايه يا دكتور "آدم" على اللى سمعته دلوقتى ؟
قال "آدم" ببرود :
- عنده دليل على اللى بيقوله ده ؟ .. لو عند دليل يقدمه
هتف "عبد العزيز" بغيظ :
- أما بجح صحيح
قال "آدم" للعميد متجاهلاً "عبد العزيز" :
- أنا يا فندم كنت هاجى لحضرتك عشان أأقدم على أجازة بعد ما تنتهى السنة الدراسة دى
ثم نظر الى "عبد العزيز" قائلاً :
- هسيب القاهرة كلها
قال "عبد العزيز" بخنق :
- يكون أحسن برده
قال العميد :
- ياريت نحل الموضوع ودى ومفيش داعى الموضوع يكبر .. ايه رأيك يا أستاذ "عبد العزيز"
قال "عبد العزيز" يحزم قبل أن يغادر :
- أنا هشتكى للى خلقه .. هو قادر ينتقم منه ويجبلى حق بنتى .. مش هقول الا حسبي الله ونعم الوكيل .. بنتى من يوم اللى حصل وهى مفتحتش بقها بكلمة .. بس ربنا قادر ينصر المظلوم وينتقم من الظالم
غادر "عبد العزيز" ليترك "آدم" غارقاً فى بحور الندم والألم

************************************
عادت "إيمان" من الخارج بصحبة والدتها وهى تهتف:
- كان حتت يوم .. رجلى خلاص مش قادرة أمشى عليها
قالت أمها :
- هو انتى فاكرة شوار العروسة بالساهل ده هم ما يتلم
ضحكت "إيمان" قائلاً :
- لا ده أنا لو فضلت كل يوم أخرج بالشكل ده على الفرح هكون اختفيت
قالت أمها :
- أهو أحسن من شوربة الكرنب اللى قارفه نفسك بيها ليل نهار
قالت "إيمان" بمرح :
- لا خلاص كرنب ايه ده المشى اللى مشيته النهاردة يعادل حلتين تلاته أربعه .. أنا هبطل كرنب وهركز فى موضوع الشوار ده دخل مزاجى
هتفت أمها قائله :
- آه ياختى هو انتى دافعه حاجة من جيبك
ضحكت "إيمان" وهى تعانقها قائله :
- ربنا يخليكي لينا يا ست الكل يا منورة حياتنا وميحرمناش منك أبداً
توقفا عن الحديث بعدما خرج "على" من غرفته لينظر اليهما نظرة تردد وحيرة وأسى .. قالت أمه :
- انت مروحتش الشغل يا "على" ؟
تنهد قائلاً :
- لا روحت وجيت يا ماما
قالت "إيمان" بمرح :
- ايه مالك شايل طاجن ستك كده ليه ؟
قال "على" بضيق :
- عريس "إيمان" اتصل بيا من شوية
قالت "إيمان" بلهفه :
- خير قالك ايه ؟
صمت "على" قليلاً وهو ينظر الى أخته يشفق على ما ستسمعه .. ثم قال بصوت خافت :
- قال كل شئ نصيب
اختفت ابتسامة "إيمان" وهى تنظر الى أخيها فى حيرة .. ضربت أمها بيدها على صدرها قائله :
- ايه .. يعني ايه .. وهو وكان لعب عيال
قال "على" يهدوء :
- قال انه مش مرتاح وكل شئ نصيب
تجمعت العبرات فى عيني "إيمان" وقالت بصوت مرتجف :
- بس هو كان موافق .. ايه اللى حصل ؟
قال "على" وهو يرمقها بعطف :
- معرفش يا "إيمان" مقالش غير كده
ثم قال :
- بصى يا إيمان" مش انتى صليتي استخاره .. يبأه ده نتيجة صلاتك وأكيد ربنا اختارلك الخير ليكي
هتفت "إيمان" بغضب وحرقه :
- حرام والله العظيم حرام
لم تقف "إيمان" لتسمع المزيد من كلمات المواساة بل توجهت مسرعة الى غرفتها وأغلقتها عليها وألقت بنفسها فوق فراشها لتعود وسادتها تتبلل بدموعها من جديد

***************************************
بدأت الامتحانات سريعاً ودخل الطلاب فى دوامتها التى تشقلب كيانهم رأساً على عقب .. كان فى ذلك أثر كبير فى أن تنخرط "آيات" فى شئ ينسيها ولو لبعض الوقت التفكير فى حزنها .. كان امتحان مادة إدارة الأعمال هى المادة الأخيرة فى الجدول .. قامت "آيات" بقصها من الجدول قبل أن تعلقه على باب غرفتها .. حتى كتاب المادة وأوراقها أخفتهم فى مكان لا تقع عيناها عليهم .. حاولت أن تتناسى حزنها وكربها وساعدها على ذلك والدها ووجود "أسماء" بالقرب منها .. كل يوم تقترب فيه من آخر مادة كان يدب الخوف فى أوصالها والألم فى قلبها .. حتى أتى اليوم الموعود .. ليلة الإمتحان .. كانت تضع الكتاب أمامها لا تجرؤ حتى على لمسه .. كانت تنظر اليه بتقزز شديد وهى تشعر وكأن هذا الكتاب جزء منه .. جزء من "آدم" .. حاولت التركيز فى مذاكرة تلك المادة التى كانت تحفظها عن ظهر قلب لكنها وجدت أن عقلها صفحة بيضاء وكأنها تقرأ تلك المادة للمرة الأولى .. فى صبيحة يوم الإمتحان .. ارتدت "آيات" أول ما وقع تحت يدها من دولابها .. ودون أى زينه كمان هى عادتها فى الأيام الماضية نزلت الى الأسفل ليستقبلها والدها مبتسماً مشجعاً .. كان "عبد العزيز" يقوم بتوصيلها الى الكلية فى كل امتحان ويجلس فى كافيتيريا الكلية حتى تنتهى من آداء امتحانها ويُرجعها الى البيت .. كان يخشى عليها بشدة أن تقابل "آدم" .. أو يحاول مضايقتها .. دعى الله كثيراً فى هذا اليوم أن يمر الإمتحان الأخير دون مشاكل .. وقف ونظر اليها بحنان قائلاً :
- جاهزة يا حبيبتى
أومأت برأسها .. سارا معاً الى السيارة وانطلق بهما السائق الى الجامعة .
جلست "آيات" فى المدرج تنتظر ورقة الأسئلة وقلبها يخفق بعنف .. تمنت ألا تراه .. تمنت أن يمضى اليوم بسلام حتى تغادر تلك الجامعة بغير رجعه .. التفتت حولها لتنظر الى "أسماء" التى ابتسمت لها فبادلتها "آيات" بإبتسامه هشة ضعيفة .. حانت اللحظة وتم توزيع ورقة الأسئلة .. فتحت "آيات" ورقة الإجابة وكتبت السؤال الأول .. نعم هذا السؤال تعرفه جيداً .. رأته كثيراً وحفظته عن ظهر قلب فى بداية العام الدراسى .. لكن الآن .. شعرت بأن الكلمات تهرب منها .. وكأنها ترى السؤال لأول مرة .. تعرف السؤال .. وتعرف الإجابة .. لكن أصابعها تأبى أن تكتبها .. حاولت ارغام عقلها على التركيز دون جدوى .. ذكرها هذا السؤال بيوم ألقى "آدم" تلك المحاضرة .. تذكرت كيف كانت تنظر اليه وقتها بحب ولهفة .. تذكرت الامتحان المفاجئ الذى كانت تعلم بأمره .. تذكرت يوم أن علمت بأنه يرغب فى التقدم لها وخطبتها .. تذكرت يوم خطبتها .. تذكرت يوم مرضه وقلقها وخوفها عليه .. تذكرت يوم شراء الشبكة .. تذكرت يوم كتب كتابها ومدى سعادتها وهى تنظر الى المرآة .. حاولت ارغام عقلها عن التوقف فى الاسترسال فى تلك الذكريات التى أصبحت تؤلمها أشد ايلام .. لكن عقلها آبى .. أسندت رأسها بيديها تحاول أن تصب تركيزها على ورقة الأسئلة دون سواها .. لكن قلبها خفق بقوة حتى كاد أن ينخلع من مكانه عندما دخل "آدم" المدرج وقال :
- أخبار الامتحان ايه يا شباب ؟
لم ترفع رأسها .. لم تحاول النظر اليه .. صوته جعلها تشعر بالخوف .. بالرعب .. بالفزع .. لا تدرى مما هى خائفة .. فقط تشعر بقلبها يخفق بجنون .. ولا تتنمى سوى رحيله عن المدرج .. وتركها بسلام .. بحثت عيناه عنها .. إلى أن رآها .. كانت تدفن وجهها فى ورقتها دون أن ترفعه لتنظر اليه .. اقترب من أحد الطلبة وهو مازال ينظر اليها .. قال للطالب :
- أخبار الامتحان ايه ؟
قال الطلاب بحماس :
- سهل جداً يا دكتور .. ده أسهل امتحان مر علينا
قال طالب آخر :
- أول مرة تحط امتحان سهل كده يا دكتور .. أكيد كلنا هننجح فيه
تقدم "آدم" تجاهها وتظاهر بفحص ورقة احدى الطالبات التى ابتسمت وهى تقول :
- شكل الدفعة كلها هتجيب امتياز يا دكتور
لم يعبأ "آدم" بكلامها .. فتركيزه كله ينصب على "آيات" التى لم ترفع عينيها اليه حتى الآن .. ترك الطالبه وتقدم أكثر بإتجاه "آيات" .. شعرت بأن الدماء هربت من وجهها .. رأته بطرف عينها واقف بجوارها .. شعرت بالإختناق وكأنه يسحب الأكسجين الذى تتنفسه .. اقترب أكثر فأحطات جسدها بذراعيها وكأنها تحمى نفسها منه .. امتقع وجه "آدم" وهو ينظر اليها ويقول .. يالله كم ذبلت .. تلك الوردة اليافعه ذبلت للغاية .. أين تلك الابتسامة العذبة التى كانت تزين محياها .. أين تلك العينان اللاتان كانتا تلمعان فى مرح .. أين هى تلك الفتاة التى تشع بهجة وسرور .. أتته الإجابة من داخله .. لقد قتلتها يا "آدم" .. قتلتها .. شعر بألم حاد فى قلبه .. و بأسى ظهر جلياً على وجهه .. امتدت يده ليتفحص ورقة اجابتها .. لا شئ . .لم تكتب أى شئ .. شعرت بأن قربه منها يعذبها .. يجدد آلامها وأحزانها التى لم تشفى منها بعد .. أخذت تصرخ بكل كيانها .. ارحل .. ارحل عنى لا تقترب منى .. لا أريد أن أراك .. لا أريد أن أسمعك .. لا أريد أن اشعر بك .. وجودك يمزقنى ويذكرنى كم كنت ساذجة .. كم كنت أضحوكة .. كم كنت لعبة بين يديك .. تجمعت العبرات فى عينيها مهددة بالسقوط .. مهددة بفضحها أمام عيناه .. حاولت منعها بقوة من السقوط لكنها فشلت .. وانهمرت عبراتها أمام عيناه .. نظر اليها "آدم" يراقب تعبيرات وجهها المتألم .. وتلك اللئالئ التى تتساقط من عينيها وتحاول محوها بسرعة .. قال هامساً :
- أخبار الإمتحان ايه ؟
لم تشعر بنفسها الا وهى ترفع يديها لتغطى أذنها .. يالله لكم أصبحت تكره صوته .. أصبحت تشعر بصوته وكأنه خناجر تمزق أذنيها .. أحكمت وضع يديها على أذنيها حتى لا تسمعه أبداً .. نظر اليها "آدم" بألم .. ثم .. ولدهشتها وجدته يأخذ قلمها من بين أصابعها .. تركته فوراً حتى لا تتلامس أيديهما .. أخذ القلم وفتح ورقة اجابتها ودون أن ينتبه أحد وضع علامة مميزة بداخل الورقة .. نظرت الى العلامة التى صنعها بدهشة .. ماذا يفعل .. أيحاول الانتقام منها .. أيحاول ايهام المراقبين بأنها من صنع تلك العلامة .. أيحاول أن يضعها فى مأذق .. رفعت رأسها تنظر اليه .. فتلاقت نظراتهما .. تلك العينان الزرقاوان كم عشقتهما من قبل .. كم تمنت ألا تفارقهما ابداً .. كم سبحت فى بحارهما .. أما الآن فلا تشعرانها تلك العينان إلا بالألم .. والنفور .. والغضب .. نظر "آدم" اليها .. كم تبدوء بريئة .. ضعيفة .. حزينه .. تمنى أن يزيل تلك النظرة عن عينيها .. وتلك العبرات من وجهها .. ليرى "آيات" التى يعرفها .. التى تنظر اليه بحب وشوق ... أخذ يهتف بداخله .. ماذا أفعل لتسامحيني .. ماذا أفعل لأنال ثقتك من جديد .. ماذا أفعل حتى تتوقفى عن طعنى بتلك النظرات المعاتبة الغاضبة .. التى تشعرنى بمدى سوئى وحقارتى .. أبعدت عينيها عنه .. وقد اكتفت بما حصلت عليه من ألم .. من عينيه التى أصبحت مصدر ألمها وشقائها .. آلمه بعدها ونفورها .. لكنه يعلم جيداً بأنه يستحق ذلك .. التفت ليغادر فى صمت

انتهت "آيات" من آداء الامتحان الذى لم تكتب فيه الا بضع كلمات لن تعطيها درجة النجاح بأى حال من الأحوال وقفت خارج المدرج تبكى فى احدى الزوايا .. خرجت "أسماء" وقالت لها بلهفه :
- فى ايه يا "آيات" ؟
كتبت "آيات" فى دفترها :
- محلتش حاجه
عانقتها "أسماء" تحاول تهدئتها وهى تقول :
- خلاص يا حبيبتى ولا يهمك .. مش مهم
ثم نظرت اليها قائله :
- طيب تعالى نشوف امتحان الشفوى
كتبت "آيات" فى دفترها :
- محلتش نظرى كويس .. الشفوى هيفيدنى بإيه ؟
قالت "أسماء" :
- يا ستى متعرفيش ما فى ناس مبتبقاش حله حاجة وبتلاقيهم بينجحوا .. وان شاء الله تنجحى
سارت "آيات" مع "أسماء" للبحث عن لجنة الشفوى .. انتظرتا قليلاً مع الطلبة فى الخارج حتى استطاعتا الدخول للدكتور الذى سيقوم بإمتحانهما شفهياً .. جلستا أمامه ... قال الدكتور :
- أسمائكم ايه ؟
قالت "أسماء" اسمها أما "آيات" فكتبته على ورقة وأعطتها له .. نظر اليها فى دهشة فقالت "أسماء" :
- معلش يا دكتور عندها مشاكل فى زورها فعشان كده هتكتب الإجابات فى ورقة
قال لها :
-ربنا يشفيكي يا بنتى
نظر الى اسمها ثم قال :
- لا انتى لجنتك مع دكتور "آدم خطاب"
تسارعت خفقات قلبها وهى تنظر الى "أسماء" بدهشة .. قالت "أسماء" :
- بس يا دكتور .. دكتور "أدم" بيمتحن المدبلرين .. و"آيات" دى أول سنة ليها فى رابعة يعني دفعتنا
قال الدكتور :
- والله ده اللى دكتور "آدم" قالهولى .. الطالبه دى تمتحن شفوى عنده
نظرت الفتاتان الى بعضهما البعض ثم تمتمت "أسماء" :
- استنيني بره هخلص امتحان وأطلعلك
خرجت "آيات" ووقفت فى الخارج وعلامات الأسى على وجهها .. فجأة وجدت "أحمد" يقترب منها .. ووقف أمامها .. نظرت اليه "آيات" لترى نظرات الحزن فى عينيه .. بدأ حديثه قائلاً :
- ازيك يا "آيات" عامله ايه ؟
أومأت برأسها .. فشعر بالألم .. وقال لها :
- أنا عرفت اللى حصل .. محبتش أكلمك الفترة اللى فاتت .. حسيت انى مش هقدر أعملك حاجة ولا أخفف عنك .. بس النهاردة آخر يوم ومكنش ينفع يمر كده من غير ما أتكلم معاكى
توترت "آيات" فأكمل بأسى :
- انت متستهليش كده .. متستهليش كده أبداً
خانتها عبراتها لتتساقط فوق وجنتيها .. ظهرت علامات الألم على وجهه وهو يراها متألمة هكذا دون أن يجد فى نفسه القدرة على التخفيف عنها .. على بعد خطوات وقف "آدم" ينظر اليهما .. ينظر الى "آيات" الباكية و "أحمد" الواقف أمامها يواسيها بكلماته نظراته .. شعر بغصة فى حلقة .. كان يجب أن يكون هو مكان "أحمد" الآن .. واقف مع "آيات" يتحدث معها .. سمع "أحمد" يقول لها :
- أنا لسه بحبك يا "آيات" .. عارف انك مش مستعدة أبداً تسمعى كلام زى ده دلوقتى .. بس أنا فعلاً بحبك
ثم كتب فى ورقة قائلاً :
- دى أرقامى كلها .. لو احتجتى أى حاجة كلميني فى أى وقت
أعطاها الورقة وهو ينظر اليها بحنان قائلاً :
- ماشى يا "آيات" ؟
كانت تشعر بالإضطراب .. اخذت الورقة وأومأت برأسها .. شعر "آدم" بالغضب بتجاه هذا الـ "أحمد" .. ود لو ذهب اليه وصرخ فى وجهه .. ابتعد عنها .. ود لو صرخ فى وجه "آيات" .. القى بتلك الورقة فى وجهه .. لكنه يعلم جيداً أن كلا الأمرين لن يجنى منهما إلا إحراج نفسه فحسب .. انتبه "أحمد" لوجود "آدم" فنظر اليه بتحدى .. ثم التفت الى "آيات" قائلاً وهو يرفع صوته :
- حبيبتى مش عايزك تشيلي هم طول ما أنا جمبك
نظرت اليه "آيات" بعتاب .. دخل "آدم" مكتبه وصفق الباب خلفه بقوة .. انتبهت "آيات" على صوت غلق الباب فالتفتت لترى مصدره .. فى تلك اللحظة خرجت "أسماء" وسلمت على "أحمد" ثم قالت :
- خلصت شفوى ؟
قال "أحمد" :
- لا لسه .. هروح أمتحن وأرجعلكوا
جذبت "أسماء" "آيات" فى اتجاه مكتب "آدم" نظرت اليها "آيات" بحزن .. فقالت "أسماء" بحده :
- "آيات" ضيعتى منك ال 10 درجات بتوع المحاضرة ده غير الامتحان اللى اتعمل فى اخر محاضرة واللى برده محضرتيهوش والنظرى محلتيش فيه كويس .. ايه ناوية تضيعي الشفوى كمان
ظهر الألم على محياها فقالت "أسماء" بحنان :
- عارفه انه صعب بس حاولى تضغطى على نفسك .. عايزين نخلص من الكلية دى بأه
ظهرت العبرات فى عيني "آيات" ثم كتبت فى دفترها :
- مش قادرة يا "أسماء" .. لو شوفته هيعط تانى .. مش عايزاه يشوفنى ضعيفه وبعيط
كانت فى عينها نظرة تصميم ألا تحضر الإمتحان .. ألا تراه .. امتثلت "أسماء" لرغبتها مرغمة وقالت :
- طيب تعالى يلا ننزل زمان عمو مستنينا فى الكافيتيريا
انتظرها "آدم" .. دخل كل طلاب لجنته الا هى .. أرسل احدى الطالبات للبحث عنها فعادت تقول :
- البنات قالولى انها مشيت يا دكتور .. شكلها مش هتحضر الامتحان
ظهرت علامات الحزن على وجهه .. لقد أغلقت "آيات" كل الأبواب فى وجهه .. وهاهى تغلق آخر باب .. وآخر أمل .. فى أن يراها ويتحدث معها ويشرح لها .. شعر بالغضب وبالضيق .. لماذا لا تعطيه فرصة الدفاع عن نفسه .. لماذا لا تستمع اليه .. لماذا تطرده خارج عالمها بلا شفقة أو رحمة .. لماذا لا تريد أن تفهم أنه ليس بهذا السوء .. ولكن ما الفائدة .. لن يفيد أى كلام ولا أى سؤال .. أيقن "آدم" فى تلك اللحظة أنه بالفعل خسر "آيات" .. خســرها للأبـــد

**************************************
- أنا آسفة يا طنط
قالت "سمر" ذلك بصوت مرتجف .. حائر .. مضطرب .. نعم تتمنى الموافقة .. تتمنى أن تكون من نصيب "على" .. لن تنكر أنها انجذبت اليه .. الى أخلاقه وتدينه وغيرته وطيبته .. لكنها خائفة .. مازالت خائفة .. مازالت لا تستطيع التغلب على خوفها .. استخارت ربها .. مرات ومرات .. وقفت تناجيه فى جوف الليل ..لكنها مازالت خائفة .. مازالت الخوف يسيطر عليها ويشل تفكيرها .. لن تستطيع الإقدام على تلك الخطوة .. لا تشعر بأنها مستعدة لها بعد .. نعم رفضته .. رفضته وهى تتمنى الموافقة .

علم "على" .. حزن .. وصدم .. تحدث مع صديق طفولته قائلاً بتهكم ممزوج بالألم :
- أكيد رفضتنى عشان مش قد المقام
ثم قال :
- أنا قولت لماما تقولها انى هدور على شغل تانى .. وانى لسه فى بداية الطريق
ثم تنهد بحسرة قائلاً :
- أعمل ايه .. مش ذنبى ان حال البلد زى الزفت .. مش ذنبى ان مفيش فرص شغل .. مش ذنبى انى من أول ما اتخرجت مش عارف أشتغل شغلانه عدله أكون بيها نفسى .. أنا مش واحد صايع أنا اتعلمت وخدت شهادة بس للأسف مش عارف أشتغل بالشهادة اللى طفحت الدم عشان أخدها
قال صديقه مواسياً :
- ان شاء الله تلاقى شغلانه أحسن يا "على"
نهض "على" وهتف بغضب قائلاً :
- امتى .. هلاقيها امتى .. بعد ما "سمر" تضيع من ايدي وتتجوز أول واحد جاهز يخبط على باب بيتها .. ولا امتى .. قولى امتى هعيش زى الناس وأبقى قادر أفتح بيت .. لما يبقى عندى 40 سنة ؟!
التفت "على" ليغادر فى عصبيه جذبه صديقه قائلاً :
- "على" استنى بس رايح فين
صاح "على" بحده :
- رايح فى ستين داهية سيبنى .. بقولك سيبنى
سار"على" بأقصى سرعة وهو لا يدرى الى أين تأخذه قدماه .. كان يشعر ببركان ثائر بداخله .. بركان غاضب ناقم يريد أن يخرجه ليرتاح .. توقف بعدما تعب من المشى .. أخذ يلهث وهو ينظر حولها وجد مسجداً صغيراً فدخل وتوضأ وصلى .. بكت عيناه قبل قلبه وهو يتضرع الى الله أن يفرج كربه وأن يفتح له أبواب الرزق

***************************************
استيقظت "أسماء" من نومها على اصوات الصراخ مرة أخرى .. جلست فى فراشها للحظات ثم ما لبثت أن نهضت وخرجت لتجد النقاش وقد احتد بين أبويها كالعادة .. قالت "أسماء" بضعف :
- حرام عليكوا بأه
هتفت والدتها بغضب :
- تعالى يا "أسماء" .. تعالى شوفى أبوكى المحترم عمل ايه
ثم نظرت اليها أمها قائله :
- أبوكى اتجوز يا "أسماء"
شهقت "أسماء" بقوة وهى تضع يديها على فمها وتنقل نظرها بين والدها ووالدتها فى عدم تصديق .. فصاح والدها متهكماً متشفياً :
- أيوة اتجوزت .. وهجيبها تعيش معاكى هنا فى البيت عشان أذلك وأقهرك
صاحت زوجته بغضب :
- ومين قالك انى هعدلك هنا .. أنا ماشية رايحة أعد فى بيت بابا ولو مطلقتنيش هرفع عليك قضية خلع وهبهدلك فى المحاكم
صاحت "أسماء" باكية وهى تنظر الى تنظر الى والدتها برجاء :
- لا أرجوكى متقوليش كده عشان خاطرى متقوليش كده .. مش هقدر أتحمل يا ماما .. متسيبوش بعض
قالت أمها :
- احنا أصلا كان لازم ناخد الخطوة دى من زمان
ثم نظرت الى زوجها بتحدى قائله :
- لو مطلقتنيش هرفع عليك قضية خلع فاهم
ثم توجهت الى غرفتها تحضر حقيبة ملابسها .. صاح زوجها بسخرية :
- اعلى ما فى خيلك اركبها مش هطلق وهسيبك كده لحد ما ترجعى تبوسى جذمتى عشان أفتحلك باب الشقة
شعرت "أسماء" وكأن الأرض تميد بها .. نعم انها تميد بالفعل .. جلست على أحد المقاعد ودفنت وجهها بين كفيها لتنفجر فى بكاء حار

**************************************
نظر "آدم" حوله ليتأكد بأنه جمع كل أغراضه .. أخرج الحقائب أمام باب البيت .. ثم دخل وطرق باب غرفة والدته .. فتحها ليجدها جالسه على فراشها تبكى بحرقة .. اقترب منها وهو ينظر اليها بأسى .. جلس بجوارها .. صمت قليلاً ثم قال دون أن ينظر اليها :
- أنا مضطر يا ماما .. مضطر عشان أقدر أقف على رجلى تانى
قالت له بصوتها الباكى :
- اعمل اللى يريحك يا "آدم"
التفت اليها قائلاً :
- ماما أنا فعلا مضطر أسافر .. بس متقلقيش هظبط وضعى هناك وبعدين هاجى أخدك
قالت أمه باكية :
- اعمل اللى فيه صالحك يا "آدم" ومتشلش همى يا ابنى
تنهد "آدم" بألم وهو يشعر بالتمزق بين مشاعره ورغباته وطموحاته .. نهض متثاقلاً .. التفتت أمه تنظر اليه بأعين دامعه .. انحنى وقبل رأسها ثم غادر سريعاً .. حمل حقائبه وألقى نظرة أخيرة على البيت ثم خرج وأغلق الباب خلفه .. انخرطت والدته فى بكاء مرير وتعالت شهقات بكائها وهى تضم احدى صوره الى صدرها

*************************************
تعانق الصديقان طويلاً .. ثم نظر "زياد" الى "آدم" قائلاً :
- فكرت كويس
قال "آدم" :
- أيوة يا "زياد" فكرت كويس
ثم سأله قائلاً :
- هترجع شرم امتى ؟
قال "زياد" :
- بكرة ان شاء الله
تعانقا مرة أخرى وقال "زياد" قبل أن ينصرف :
- خلى بالك من نفسك يا "آدم"
ربت "آدم" على كتفه قائلاً :
- وانت كمان يا "زياد"
ركب "آدم" سيارته .. لكنه شعر بأنه يرغب فى توديع شخص ما قبل ذهابه .. أوقف سيارته أمام الفيلا .. وهو ينظر اليها .. يأمل أن يرى "آيات" .. يأمل أن يلقى عليها نظرة أخيرة .. يأمل أن يخبرها بأنه راحل .. سيترك القاهرة ويرحل يبنى نفسه فى مكان آخر .. يأمل أن يعتذر اليها .. ويطلب صفحها .. يأمل أن يطمئن عليها .. وأن يرى ابتسامتها على وجهها ليخف شعوره بالذنب تجاهها .. وقف طويلاً دون أن يظهر لها أى أثر .. أدار سيارته وانطلق فى طريقه الى العين الساخنة .. لتحقيق أحلامه وطموحاته .. ليعود "آدم خطاب" كما كان .. ليبنى كل شئ من العدم .. ليعود قوياً ذو سلطة ومال .. خسر "آيات" ويتألم لخسارتها .. لكنه سيحاول تحقيق أحلامه .. ليخفف شعوره بالخسارة .. سيحارب "سراج" و ابنه فى عقر دارهم .. سيذيقهم كأس الخسارة .. ويجعلهم يتجرعون مرارة الندم .. نظر بحزم الى الطريق وسيارته تسير عليها بتصميم واصرار

************************************

على احدى الطاولات فى النادى .. جلست الأربع فتيات .. كل منهما شاردة فى عالها الخاص ومشاكلها الخاصة وأحزانها الخاصة .. تنهدت "إيمان" فى أسى وهى تتذكر الإهانه التى تعرضت لها .. هذه المرة وقع الإهانه كان أقوى وأشد من سابقاتها .. هذه المرة شعرت بمرارة الرفض فى حلقها وفى قلبها وفى روحها .. هذه المرة علمت وتأكدت بأن الفرح لن يطرق بابها أبداً فمثلها لن تحب ولن تُحب .. لن تكون كصديقاتها لن تتزوج مثلهن .. ستعيش وحيدة لأن مثلها لن يرغبها أحد .. فكرت بسخرية .. لماذا يترك رجل تلكم الفتيات الرشيقات النحيلات ليتزوج ممن هى مثلها ؟ .. لن يحدث ذلك الا فى عالم أحلامها .. أحلامها التى يجب أن تفيق منها وتعلم جيداً أنها مجرد أحلام وأوهام .. يجب أن ترضى بواقعها وتقنع به حتى لا تتعب مرة أخرى .. حتى لا تُهان مرة أخرى .. من الآن هى من سترفض .. سترفض أن يراها أى رجل ليجلس واضعاً ساقاً فوق ساق ويقرر ان كانت تصلح له أم لا .. لن تضع نفسها فى هذا الموقف مرة أخرى .. لن تسمح لأحد بإهانتها مرة أخرى أو التقليل من شأنها .. سترفض قبل أن تُرفَض .. تعلم أن فى ذلك هروب .. لكن المواجهة أصبحت مؤلمة .. مؤلمة للغاية

أمسكت "سمر" احدى الزهرات على الطاولة تتلمسها بيدها وقلبها يتساءل ,, تُرى أستعرف الحب يوماً أستستطيع الوثوق فى رجل يوماً .. ترى أستجد من يملء ذلك الفراغ الذى تشعر به بداخلها .. أحياناً تشعر بالندم لرفضها "على" .. كانت بالفعل تشعر بإنجذاب تجاهه .. لكنها ليست بحاجة الى رجل يتقدم الى خطبتها وتصير زوجته .. بل هى بحاجة الى أب .. تشعر بأنها فى كنفه وتحت حمايته .. تشعر أمامه بأنها طفلة صغيرة وهو مسؤل عنها .. تشعر معه بأنها ابنته وليس فقط زوجته .. تُرى أمن الممكن أن يكون "على" ذلك الرجل حقاً .. ؟ اتسرعت برفضها اياه ؟ .. أمن الممكن أن يكون "على" هو الأب والزوج الذى تحلم به ؟!

مسحت "أسماء"دمعة كانت أن تفلت من عينيها وهى تتذكر شجارات والديها .. ما هذا الكم من عدم الإحترام .. لماذا تشعر دائماً بان الاحترام مفقود بينهما .. تذكرت احدى الجمل التى قرأتها يوماً .. أن أساس الزواج الناجح هو الإحترام القائم بين الزوجين وإن فُقد فهذا معناه أن حياة الزوجين معاً قد انتهت .. فكرت بمرارة فى سطوة الرجل والذى يحق له أن يتزوج واحدة واثنان وثلاث وأربع .. لماذا لا تكون للمرأة نفس السلطة فيحق لها الزواج من أكثر من رجل .. لماذا يكون للرجل فقط حق قهر المرأة واذلالها بالزواج من أخرى .. لماذا التهديد دائماً بالزواج الثانى لإرهاب الزوجة الأولى .. شعرت بالإختناق وهى تضع نفسها مكان أمها .. تُرى أمن الممكن أن تكون مكانها يوماً ؟ .. أمن الممكن أن تتزوج رجلاً يلعب بورقة الزواج الآخر ليرهبها ويخضعها له .. لن تتحمل .. لن تحترمه .. لن تستطع أن تعيش مع رجل لا يستخدم معها سوى اسلوب الإرهاب لتحقيق ما يريد .. لن تسمح لرجل أبداً بأن يهينها ويضربها ويسبها ويجرحها ويفرض سيطرته عليها .. لن تكون تحت رحمة رجل لا تتمنى فى الدنيا سوى رضاه .. ولا يتمنى هو سوى قهرها

نظرت "آيات" الى السماء الزرقاء .. شعرت بأنها تذكرها بشئ ما .. ظلت تحاول تذكره .. الى أن تذكرت .. لون عيناه .. نفضت رأسها بألم وكأنه تريد اخراج أى ذكرى له من رأسها .. تنهدت بقوة وهى تتذكر كيف أحبته وكيف وثقت به .. وكيف ظنته فارسها .. كيف خدعت فيه .. كيف رفعها الى فوق السحاب ليهوى بها فجأة الى الأرض .. لترتطم بها .. لماذا لا توافق على الزواج من "أحمد" .. الذى ينتظر اشارة منها .. لماذا لا تفعل وتسكت قلبها عن التحدث من اليوم .. وتترك لعقلها حرية التصرف .. لماذا لا تأخذ بالمثل القائل .. خد اللى يحبك .. لماذا لا تفعل .. "أحمد" شاب جيد و من عائلة محترمة ومن نفس مستواها الاجتماعى .. ومستقبله مضمون .. ويحبها .. ماذا تريد غير ذلك ؟! .. ماذا تريد أى فتاة غير ذلك ؟! .. قالت لنفسها .. أفيقى يا "آيات" .. أفيقي من أحلام المراهقة التى مازالت تلازمك .. الفرسان لا يأتون الا فى أحلام الفتيات الصغيرات .. وعندما تكبر الفتاة تدرك أنهم لا وجود لهم .. وتبدأ فى انتظار الزوج الذى يستطيع توفير بيت وحياة كريمة لها .. هذه هى أحلام الفتيات فى سنك .. اكبرى يا "آيات" .. اكبرى .




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-10-15, 12:13 PM   #15

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 13 )




توجه "آدم" الى القرية التى ستكون تحت تصرفه بعدما يستأجرها "شكرى" .. تذكر زيارته لها وللقريتين المجاورتين لتلك القرية عندما جاء مع "سراج" و "عاصى" لإختيار القرية المناسبة .. تذكر بمرارة كيف كان متحمساً لبدء مشروعه وكيف سهر الليالى فى التخطيط لهذا المشروع ودراسته من كل جانب .. تذكر بمرارة كيف أحب "شيرين" وكيف مات حبها داخل قلبه بعدما تحولت من فتاة بريئة الى فتاة سافرة .. ظل يشجب تصرافتها كثيراً ويبين لها خطأها .. لكنها كانت مصره على الطريق الذى اختارته ولم تعبأ بخسارته .. ففسخ خطبتها بعدما تشوهت صورتها أمامه وحادت عن صورة فتاة أحلامه .. أخذ يفكر فى أخطائه وفى علاقاته النسائية .. نعم هو الآن وصل الى درجة كبيرة من الإنحدار الأخلاقى .. لكن فتاة أحلامه ظلت بنفس صورتها لم تتغير تلك الصورة ولم تتبدل .. شعر بأن "آيات" كان من الممكن أن تكون هى .. فلديها استعداد فطرى بأن تكون أفضل .. ويسهل تشكيلها وتوجيهها .. وتستجيب للنصيحة اذا ما لمست صدق صاحبها .. فكر بأسى كيف خسرها وكيف أضاعها من يده .. نظر الى أمواج البحر المتلاطمة .. وهو يحاول أن يتناسى حزنه وألمه وقهره .. أقنع نفسه بأنه سيجد غيرها .. يجد وليفة تشاطره حياته وتعيد اليه نفسه التى فقدها .. لكن عليه أولاً بناء ذاته واسترجاع أمجاده وتقلين أعداءه درساً لن ينسوه .. ألقى بكل عواطفه ومشاعره فى البحر قبل أن يوليه ظهره ويتوجه الى هدفه بحزم واصرار وتصميم

******************************************
كانت "آيات" نائمة فى غرفتها .. متمدده على فراشها وعقلها سابح فى مكان آخر .. علمت من والدها بسفر "آدم" وبتركه للجامعة .. أخذت تُفكر تُرى أين ذهب ؟ .. ولماذا ترك التدريس بالجامعة ؟ .. أخذت تلوم نفسها بشدة على اهتمامها بأمره .. قالت لنفسها .. وما شأنك أنتِ يا "آيات" ان بقى أم ذهب .. لم تعد أموره من شأنك ولا أمورك من شأنه .. نزلت الستارة يا "آيات" وانتهت المسرحية السخيفة التى أعطاكى فيها دور البطولة وأشرككِ فيها رغماً عنكِ .. انتهت المسرحية وصفق الجمهور وربح "آدم" المركز الأول فى الغش والخداع .. وها أنت تنزلين من فوق المنصة لتعودين الى مكانك المظلم الكئيب .. لا تحملين فى قلبك سوى الحزن والألم .. لا يشعر بكِ مؤلف المسريحة وكاتبها وموزع أدوارها .. لقد نسيك ورماكِ من خلف ظهره وواصل حياته وخططه كما يريد .. لم تكونى سوى بطلة من احدى بطلاته فى مسرحية من احدى مسرحياته .. لا تظنى أنكِ كنت تعنين له شيئاً .. انتِ الغبية يا "آيات" كان يجب أن تشعرى بذلك .. كان يجب ان ترشدكِ فطنتكِ لذلك .. أتذكرين يوم أن رآى الشاب يضايقك ويزعجك .. لم يحرك ساكناً .. لأنكِ لا تعنين له شيئاً .. ولم تعنين له شيئاً .. أفيقى من وهمك .. فلا يستحق دموعك وأحزانك .. وفرى دموعك لمن يستحقها يا "آيات" ولا تبكي بعد اليوم

سمعت طرقات على باب غرفتها فنهضت فى تكاسل لتفتح الباب .. وجدت "أسماء" واقفة بجوار والدها وكلاهما يبتسم فى سعادة .. نظرت اليها "آيات" تحاول معرفة سبب تلك السعادة البادية عليهما .. صرخت "أسماء" فجأة وهى تعانقها وتلف بها فى الغرفة :
- نجحنا يا "آيات" نجحنا
لم تصدق "آيات" نفسها .. نزعت "آيات" نفسها من حضن "أسماء" ونظرت اليها غير مصدقة .. قالت "أسماء" بفرح وهى تقفز فى الهواء :
- نجحنا احنا الاتنين خلاص خلصنا مذاكرة وجامعة وامتحانات .. خلاص لا امتحانات بعد اليوم
اقترب منها والدها وعانقها بشدة قائلاً :
- مبروك يا حبيبة قلبي
ابتسمت "آيات" وهى تنظر اليه .. لكن ابتسامتها لم تكن بتلك العذوبه التى كانت تبدو بها من قبل .. شعر والدها وهو ينظر اليها بأن سعادتها ناقصة .. ومازالت عيناها تشع حزناً ... حتى ابتسامتها كانت تشى بشئ من الألم .. تنهد فى حسره ثم أخفى شعوره بالأسى بداخله وقال بمرح :
- لازم نسهر سهرة حلوة بالمناسبة دى .. يلا أسيبكوا مع بعض وبالليل جهزوا نفسكوا انتوا الاتنين
خرج "عبد العزيز" فجلست الفتاتان على الفراش .. اعطت "أسماء" احدى الأوراق لـ "آيات" قائله :
- خدى يا "يويو" دى درجاتنا فى جميع المواد
نظرت "آيات" الى الورقة ثم تجمدت نظراتها وفتحت فمها فى دهشة وهى تنظر الى مادة ادارة الأعمال .. رفعت رأسها لتنظر الى "أسماء" التى قالت لها :
- أنا برده استغربت انتى لا حليتي نظرى ولا دخلتى الشفوى وضاع منك درجات أد كده فى أعمال السنة .. كنت حطه ايدي على قلبي وأنا بشوف درجتك فى المادة دى عشان مكنتش عايزاكى تشيليها وتمتحنيها تانى كنت عارفه انها هتكون صعبه عليكي
ثم ابتسمت "اسماء" قائله :
- بس فرحت واستغرب فى نفس الوقت لما لقيتك جايبه فيها .. امتياز
نظرت "آيات" الى الورقة مرة أخرى .. لكن هذه المرة كانت تنظر اليها بغضب شديد .. أخذت تتسائل فى نفسها .. ما هذا .. تعويض .. تعويض عن تلك الأيام التى قضتها معه .. أم تعويض عن جرحها واهانتها وتحطيم قلبها .. أيظن أنه بهذه الطريقة سيريح ضميره .. أيظن أنها ستسامحه لمجرد أن أعطاها تقدير لا تستحقه .. ألقت الورقة بغضب ونهضت تفتح باب الشرفة بعصبية وقفت فى الشرفة وهى تقطب ما بين حاجبيها فى ضيق شديد .. وتلهث من فرط عصبيتها وتوترها .. اقتربت منها "أسماء" وقالت :
- سيبك من اللى فات يا "آيات" .. انسيه بحلوه ومره .. ولا كأنه حصل فى يوم من الأيام .. امسحى الأيام دى من ذاكرتك تماماً
أومأت "آيات" برأسها .. ونظرة تصميم فى عينيها .. فهذا ما قررته بالفعل

************************************
تلقى "آدم" اتصالاً من "شكرى" فى المساء يطمئن فيه على سير الأوضاع بالقرية .. فقال "آدم" بحماس :
- لا متقلقش .. كل حاجة تمام .. الإفتتاح هيكون فى أقرب وقت ان شاء الله .. الامتحانات خلصت وعايزين نلحق الموسم من أوله
قال "شكرى" مبتسماً :
- أنا واثق فيك يا دكتور
ابتسم "آدم" قائلاً :
- وأنا متشكر لثقتك الكبيرة دى
ثم قال بجديه :
- محتاج شوية حاجات ناقصة فى الكافيتيريا والبار .. لازم كل حاجة تبقى جاهزة قبل الافتتاح .. هبعت الليسته بالفاكس .. وكمان الاعلانات اللى عملناها عن الموظفين اللى طالبينهم ياريت توقفها لانى خلاص اخترت كل الاستف اللى هيكون شغال فى القرية
قال "شكرى" فى سعادة :
- شكلك مبتضيعش وقت يا دكتور
قال "آدم" وفى عينيه نظرة تصميم :
- معنديش وقت عشان أضيعه .. لازم نبتدى فى أقرب وقت اعلانات القرية .. لازم كل بيت فى مصر يعرف بقريتنا الجديدة
قال "شكرى" مفكراً :
- لسه مخترناش اسمها يا دكتور
قال "آدم" :
- لا خلاص اخترت اسمها .. اسمها هيكون .. "قرية جولدن بيتش"
أخذ "شكرى" يلوك الإسم فى فمه قائلاً :
- جولدن بيتش .. جولدنش بيتش .. مممممم اسم جميل وقوى
ابتسم "آدم" قائلاً :
- كنت واثق انه هيعجبك
قال "شكرى" ممازحاً :
- أما نشوف "الفيروز" ولا "جولدن بيتش"
قال "آدم" بجدية بالغة :
- متقلقش قريب أوى هتتمحى قرية الفيروز من على خريطة القرى السياحية فى العين السخنة
ضحك "شكرى" قائلاً :
- أنا واثق من كده يا دكتور .. منتظر الفاكس .. ولو احتجت حاجة كلمنى .. سلام
أنهى "آدم" المكالمة وعكف مرة أخرى على مطالعة الأوراق التى أمامه وهو يدرس كل خطوة جيداً .. ليضع خطة محكمة لنجاح قريته السياحية .. قرية "جولدن بيتش"

**********************************
استيقظت "أسماء" على صوت صراخ زوجة أبيها وهى تقول :
- انتى لسه نايمة لحد دلوقتى .. قومى شوفى المطبخ يضرب يقلب
قالت "أسماء" وهى تنظر اليها بحده :
- حد قالك انى الشغالة الفلبينية اللى بابا جبهالك
صرخت فيها قائله :
- احترمى نفسك يا بنت انتى وإلا والله العظيم أقول لباباكى
نظرت "أسماء" بسخرية لتلك المرأة التى تكبرها ببضع سنوات فقط وقالت بتحدى :
- اعملى اللى انتى عايزه تعمليه
خرجت وهى تتوعدها قائله :
- ماشى والله لأقول لباباكى لما ييجى .. وشوفى بأه هيعمل فيكي ايه
تنهدت "أسماء" بقوة وهى تغطى وجهها بوسادتها لتقلل من حدة أصوات الموسيقى التى انبعثت من غرفة زوجة أبيها

ما كاد والدها يعود من عمله حتى استقبلته زوجته الجديدة شاكية باكية .. فما كان منه الا أن صرخ على "أسماء" قائلاً :
- أمك اللى قالتلك تعملى كده .. مش كده .. قالتك تهيني مراتى وتقرفيها فى عيشتها عشان تطفشيها .. انا عارف تفكير أمك كويس .. لو كنتى فاكرة انك كده هتطفشيها تبقى غلطانه انتى وأمك متلزمونيش ولو حد هيمشى من البيت ده هيبقى انتى فاحترمى نفسك يا بنت انتى أحسنلك
شعرت "أسماء" بالقهر والظلم وقالت :
- والله يا بابا معملتلها حاجة وماما ماقالتليش حاجة
صاحت زوجة أبيها قائله :
- يعني أنا بتبلى عليكي يعني أما قليلة الأدب صحيح .. يعني أنا كدابه
قال والدها بصرامة :
- شوفى يا "أسماء" مراتى تعامليها زى ما بتعاملى ماما بالظبط فاهمة ولو اشتكتلى منك تانى هزعلك يا "أسماء"
دخلت "أسماء" غرفتها ونظرت زوجة أبيها تتابعها فى تشفى .. انفجرت "أسماء" باكية وهى تشعر بأنها وصلت الى أعلى درجات التحميل .. ولن تستطيع تحمل المزيد

****************************************
توقفت سيارة فارهه أمام بناية أنيقة .. نزل السائق وفتح الباب لينزل من السيارة رجل فى العقد السادس من العمر بدت عليه القوة والصلابة رغم سنوات عمره المتقدمة .. سار فى حزم الى أن وصل الى مكتبه بتلك الشركة الكبيرة .. دخل "سراج اليمانى" مكتبه لتلحق به مديرة مكتبه ومعها دفترها تذكره بمواعيده لهذا اليوم .. لكنه قاطعها قائلاً :
- فين "عاصى" ؟
قبل أن تتمكن مديرة مكتبه من الرد .. سمع صوتاُ من خلفها يقول :
- صباح الخير يا بابا
نظر "سراج" الى ابنه "عاصى" الشاب ذو الثلاثين من عمره والذى يتمتع بعينان تشعان مكراً ودهاءاً تستطيع تبينه من أول وهلة .. كانت تعابير وجهه القاسية تشكل مع ابتسامته الساخرة على ركن فمه صورة منفره تحذرك من الإقتراب من هذا الرجل .. نظر "عاصى" الى والده قائلاً بسخرية :
- كالعادة يا بابا أول ما بتحتاجنى بتلاقيني أدامك
أشار "سراج" الى مديرة مكتبه بالإنصراف .. بدت الجدية على ملامحه وهو يقول :
- انت عرفت ان القرية اللى جمب قرية الفيروز اتأجرت ؟
قال "عاصى" وهو يجلس :
- أيوة عرفت
سأل "سراج" بإهتمام وهو يضيق عيناه :
- مين اللى أجرها ؟ .. ومين اللى مساكها دلوقتى ؟
قال "عاصى" وهو يمط شفتيه :
- لسه منعرفش
قال "سراج" بصرامة :
- عايز بكرة بالكتير تكون عندى كل المعلومات دى
قال "عاصى بثقة :
- مدير القرية بتاعتنا هناك كلفته انه يشوفلنا الموضوع ده ومنتظر منه تليفون بالتفاصيل كلها .. متقلقش يا بابا
ثم قال بسخرية :
- وبعدين مين الغبي ده اللى رايح يفتح قرية سياحية جمب قرية "سراج اليمانى" .. دى لوحدها تخليك تعرف أد ايه هو شخص غبي وفاشل ومحسبهاش كويس
ثم قال بثقه وغرور :
- متقلقش يا بابا العين السخنة مفيش فيها الا قرية الفيروز .. وهنفضل أكبر و أشهر قرية فيها .. وأى حد هيفكر ينافسنا يبقى بينهى مشروعه بدرى بدرى .. لأن مصيره هيبقى الخسارة .. محدش يقدر يقف أدام "سراج اليمانى" و ابنه "عاصى"

****************************************
أتت الخادمة لتنبئ "آيات" الجالسه فى حديقة الفيلا بزيارة آخر شخص توقعت رؤيته فى منزلها فى تلك اللحظة .. "سمر" .. قامت "آيات" تستقبل صديقتها بلهفة وفرحة ظهرت فى ابتسامتها وعينيها وان لم تستطع التعبير عن ذلك بالكلام .. أجلستها "آيات" فى حجرة الصالون .. كانت تنظر الى "سمر" بسعادة .. فلطالما أحبت صحبتها واستمتعت بها .. كانت تشعر معها دائماً بالراحة ونفسها تهفو الى الحديث معها .. ابتسمت "سمر" وهى تقول :
- ازيك يا "آيات" وحشتيني أوى
أومأت "آيات" برأسها مبتسمة .. فقالت "سمر" بحزن :
- لسه برده مبتتكلميش
اختفت ابتسامه "آيات" ليحل محلها الحزن .. قالت "سمر" بحزم :
- "آيات" اللى انتى فيه ده بإيدك انتى .. "آيات" لحد امتى هتفضلى كده .. فوقى بأه من اللى انتى فيه
نظرت اليها "آيات"بعبوس فقالت "سمر" :
- "آيات" يا حبيبتى .. انتى عارفه أن ليه مصاحباكى رغم ان من الواضح ان فى حاجات كتير مختلفة بينا
نظرت اليها "آيات" فأكملت "سمر" بجدية :
- لانك بنت من جواكى عاملة زى قطعة القطن فى بياضها ونقائها ورقتها
ابتسمت "آيات" بوهن فأكملت "سمر" بحماس :
- "آيات" بجد انتى ممكن تكونى أحسن من كده بكتير .. بكتير أوى .. بجد أنا بحبك أوى ولو مكنتش بحبك ما كنتش جيت لحد عندك عشان أقولك الكلمتين دول .. أنا كنت حبه اتكلم معاكى بعيد عن "أسماء"
ظهرت علامات الدهشة على وجه "آيات" فقالت "سمر" :
- أسماء" كمان بنت كويسه من جواها بس عيبها انها عنيده شوية .. لكن انتى يا "آيات" بحسك زى الورقة البيضا اللى سهل الواحد يرسم عليها اللى هو عايزه .. وفى نفس الوقت مش ساذجة ولا عبيطة .. لا انتى عاقلة وبتقدرى تواجهى مشاكلك .. عارفه يا "آيات" الانسان القوى هو اللى يقدر يواجه مشاكله ويحلها
صمتت قليلاً ثم قالت بتردد :
- فاكرة يوم ما جتيلى المستشفى واتكلمنا عن الحاجة اللى حصلت وكانت مضايقاكى
نظرت "آيات" الى الأرض بخجل وزفرت بضيق وهى تتذكر قلبة "آدم" التى تشعرها ذكراها بالضيق ةالنفور .. فأسرعت "سمر" قائله :
- مش بقولك كده عشان أضايقك .. لا بقولك كده عشان افكرك أد ايه انتى كنتى شجاعه .. ولما عرفتى ان كده غلط واجهتيه وقتها رغم مشاعرك القوية نحيته ورغم خوفك من انه يزعل .. وفرحت أوى بجد بيكي وحسيت أد ايه انتى انسانه قوية
نظرت اليها "آيات" بحزن فقالت "سمر" بحنان :
- حبيبتى لازم تبتدى صفحة جديدة مع نفسك ومع ربنا يا "آيات" .. انتى كويسة من جوه بس ده مش كفايه .. لازم يبقى من بره زى من جوه يا "آيات" .. مش اللى بيحب حد بيسمع كلامه ؟
أومأت "آيات" برأسها فقالت "سمر" :
- انتى بتحبي ربنا مش كده يا "آيات"
أومأت "آيات" برأسها مرة أخرى فقالت "سمر" بحماس :
- أهو ربنا بأه اللى انتى بتحبيه ده أمرك بشروط معينه للحجاب .. ولو شرط واحد مش موجود فيه يبقى الحجاب مش صحيح عارفه ايه هى الشروط دى ؟
نظرت اليها "آيات" بحيرة ثم هزت رأسها نفياً .. فقالت "سمر" بهدوء :
- انه يكون ساتر للجسم .. انه يكون واسع فضفاض مش موضح تفاصيل الجسم .. انه ميكنش زينة فى نفسه يعني ميكنش ملفت .. أنه ميكنش شفاف .. انه ميكنش معطر ببرفيوم أو بخور .. انه ميكنش شبه لبس الرجال .. انه ميكنش شبه لبس الكافرات .. انه ميكنش لباس شهره يعني عشان الناس تشاور عليكي وانتى لابساه .. فهمتى يا "آيات" ؟
أومأت "آيات" برأسها وهى تزن فى عقلها ما قالته "سمر" .. فقالت لها "سمر" بحنان :
- والله يا "آيات" أنا صعبان عليا أوى أشوفك كده .. لانى حسه انك ممكن تكونى كويسة أوى أحسن منى كمان .. بجد والله مش بجاملك أنا فعلاً ساعات بحس انك أحسن منى وممكن تكونى أحسن .. بس انتى خدى خطوة وهتلاقى بعدها ربنا ييسرلك كل حاجة
بدا على "آيات" التفكير فقالت "سمر" بحماس :
- ايه رأيك يا "آيات" تيجي معايا المسجد اللى أنا بروح أحفظ فيه .. والله المحفظة كويسة أوى وهتحبيها تحسي انها أختك الكبيرة بجد كلامها جميل بتعد تتكلم معانا بعد ما تسمعلنا تقرألنا اللى هنحفظه .. ايه رأيك تيجي تجربى وان شاء الله الصحبة هتعجبك أوى .. ها ايه رأيك ؟
فكرت "آيات" قليلاً ثم ابتسمت بوهن وهى تومئ برأسها .. فاتسعت ابتسامة "سمر" قائلاً :
- خلاص يبأه ان شاء الله معادنا زى النهاردة لانى لسه راجعه من عندها النهاردة .. احنا بنتقابل فى مسجد قريب من بيتي .. ان شاء الله هاجى أخدك .. ولو عايزه تسألى باباكى اسأليه وعرفيني هيقولك ايه .. وكمان لو عايزة "أسماء" تيجي معانا قوليلها واقنعيها بطريقتك انتى أقرب لـ "أسماء" منى قولتى ايه ؟..
ابتسمت "آيات" فربتت "سمر" على يدها قائله بإبتسامه :
- صدقيني هتبقى أحسن من دلوقتى مليون مرة .. بكرة تشوفى .. بس قولى يارب .. وخليكي معاه

**************************************

دخلت والدة "إيمان" عليها الغرفة لتجد أشيائها مبعثرة وعلى الكتب بعض الأطباق الفارغة وعلى الأرض كوب فارغ فهتفت بحده :
- ايه ده يا بت يا "إيمان" أوضتك مالها عامله زى الزريبة كده ؟
كانت "إيمان" جالسه فى منتصف فراشها تلعب فى هاتفها وفى يدها علبة باسكويت تأكل منها .. نظرت إليها "إيمان" ثم عادت تلعب فى هاتفها دون أن ترد فصاحت والدتها بغضب :
- انتى يا بت مش بكلمك .. قومى يا معفنة نضفى أوضتك .. ريحتها تغم النفس
فتحت والدتها شباك الحجرة والتفتت اليها تقول فى غضب :
- قومى يا بت فزى
نهضت "إيمان" متثاقله وهى تقول بضيق :
- طيب حاضر هروقها
قالت والدتها متهكمة :
- أكل ومرعه وقلة صنعة .. ما انتى لو بتتحركى وتهزى لحمك ده هتخسى بدل ما انتى عاملة زى البروته كده
صاحت "إيمان" بحده :
- ماما خلاص مفيش داعى للكلام ده
قال والدتها بتهكم :
- بأه ده منظر دكتوره .. ييجوا زمايلك فى المستشفى يشوفوا عفانتك عشان محدش فيهم يبص فى خلقتك تانى
خرجت "إيمان" من الغرفة توجهت الى الحمام وأغلقت الباب عليها لتهرب من كلام أمها اللاذع .. جلست على طرف البانيو وأخذت تبكى فى صمت .. طرقت والدتها الباب بعنف وقالت :
- اخلصى عايزة أكمل غسيل
صاحت "إيمان" بحده :
- طيب طيب
مسحت عبراتها وقامت لتغسل وجهها .. نظرت فى المرآة لترى وجهها المبلل وعينيها المنتفخة من السهر وكثرية البكاء وتلك الهالات التى ظهرت تحت عينيها فباتت واضحة على بشرتها ناصعة البياض .. شعرت بالتقزز وهى تنظر الى وجهها أبعدت عينيها سريعاً حتى لا تستمر فى النظر الى وجهها الذى أشعرها كم هى قبيحه وغير مرغوبه

***************************************
لم تعد "أسماء" تتحمل معاملة زوجة أبيها .. ولا انحياز أبيها لزوجته الجديدة .. لم تعد تتحمل العيش مع امرأة اختارها والدها لتحل محل أمها ولتكون الخنجر الذى يطعن أمها فى أنوثتها وكرامتها .. وصلت الى ذروة تحملها فقالت لوالدها بوهن :
- أنا عايزه أروح أعيش عند ماما يا بابا
لم يعترض والدها .. بل بدا وكأنه كان ينتظر طلبها .. ليخلو له البيت مع زوجته الجديدة .. حزمت أمتعتها فى أسى.. وهى تبكى ألماً وقهراً .. رأت نظرات الفرح والتشفى فى عيني زوجة أبيها .. لم تؤلمها تلك النظرات بقدر ما ألمها غياب أبيها .. فلم يهتم حتى بوداعها أو بتوصيلها .. نزلت "أسماء" لتتوجه الى بيت جدها حيث تعيش أمها .. مع جدها ومع خالتها الأرملة وابنيها .. كان الوضع بالنسبة لها يشعرها بالضيق لوجود الشابين معها فى نفس البيت .. لكنها أرغمت على ذلك فقد قررت ألا تعود أبداً الى بيت أبيها .. كان البيت كبيراً مكوناً من طابقين .. حرصت "أسماء" على عدم ازعاج أحد بعدما قالت لها والدتها بحزم :
- أنا مش عايزة مشاكل فاهمة .. ملناش حته تانيه نروح فيها .. خليكى عاقله وراضى الكل يا اما هتلاقينى أنا وانتى اترمينا فى الشارع
امتثلت "أسماء" لأوامر أمها .. بل الأكثر أنها كانت تمضى معظم الوقت فى غرفتها لئلا يتضايق أحداً من وجودها .. كانت تعيش فى البيت بملابس البيت العادية وبشعرها المكشوف رغم وجود الشابيين فى البيت .. كانت تشعر بأنه لأمر شاق عليها أن تتحجب طيلة الوقت خاصة وأن أحد الشابيين فى الثانوية العامة وان لم يكن فى احدى دروسه فهو فى البيت قابع فيه دائماً .. أما الشاب الآخر أنهى كليته ولا يعمل فيقضى معظم الليل فى الخارج ومعظم النهار فى البيت نائماً .. لم يكن يضايقها سوى نظرات هذ الشاب التى لم تكن تريحها بأى حال من الأحوال .. لذلك كانت تحاول دائماً أن تتحاشى رؤيته أو المكوث معه فى مكان واحد

***********************************
هتف "سراج" فى دهشة ممزوجة بالحيرة :
- ايه .. بتقول ايه يا "عاصى" ؟
قال "عاصى" بحده :
- زى ما بقولك يا بابا .. الكلب اللى اسمه "آدم" هو اللى ماسك القرية الجديدة واللى مأجرها رجل أعمال شغال فى مجال السياحة بس أول مرة يأجر قرية فى العين السخنة
قال "سراج" وقد عقد ما بين حاجبيه فى غضب :
- شكل اللى اسمه "آدم" ده مش ناوى يجيبها لبر
قال "عاصى" بغضب :
- ده أنا أولع فيه هو وأهله .. وزى ما رميته فى السجن هرجع أرميه تانى اظاهر انه اشتاقله أوى ونفسه يرجلعه تانى
قال "سراج" بحزم :
- متعملش أى حاجة من غير ما أعرف يا "عاصى"
ثم قال وهو شارداً :
- استنى شوية لحد ما الأمور تتضح أكتر ونعرف هو ناوى على ايه بالظبط
قال "عاصى" متهكماً :
- هيكون ناوى على ايه يعني يا بابا .. أكيد عايز يفرد نفسه ويقول أنا أهو .. بس واللى خلقه ما هسيبه المرة دى الا لما أطلع روحه فى ايدى .. لانى حذرته انه يبعد عن طريقى لكن شكله غاوى مشاكل وبيعزها أد عنيه
قال "سراج" بجدية :
- عايز اعرف دبة النملة فى القريه دى ..الناس اللى شغاله معاه مرتاباهم مين دراعه اليمين البروجرام الترفيهي اللى عمله للسياح حتى أنواع الأكل اللى فى المنيو .. عايز كل التفاصيل دى تكون عندى
قال "عاصى" بثقة وهو يرفع أحد حاجبيه :
- متخفش أنا ابتديت فعلاً أزرع ناس عنده فى القرية
ثم قال بغل :
- أما نشوف أنا ولا انت يا سى "آدم"

*************************************
دخل "آدم" غرفته وهو يشعر بإنهاك بالغ .. ألقى بنفسه فوق فراشه يريح ظهره المتعب .. طيلة الايام الماضية لم يذق غمضاً ولا راحة .. كان يعمل بهمة ونشاط حتى شعر بالإنهاك .. أراد أن ينهى كل شئ فى أقرب وقت ليستطيع افتتاح القرية واعلان بدء الحرب .. ساعده انهماكه فى عمله على أن يتغلب ولو قليلاً على اشتياقه لـ "آيات" .. لكن عندما يعود الى غرفته فى المساء لا يملك سوى التفكير فيها .. شعر برغبة قوية فى مهاتفتها والإطمئنان عليها ومعرفة حالها وهل تحسنت واستطاعت الكلام مرة أخرى أم لا .. تنهد بقوة وهو يتذكر ما فعله بها وصدمتها حينما علمت بحقيقته فلم تتحمل مشاعرها الرقيقة الصادقة كل هذا الخداع والأكاذيب .. تذكر آخر مرة رآها يوم إمتحان مادته .. كيف كانت عبراتها تتساقط فوق وجنتيها ومشاعر الألم محفورة على وجهها .. لكم يريد الآن أن يتحدث معها ويخفف عنها .. لكم أراد أن يخبرها بأنه لم يكن ليؤذيها ولم يكن ينوى تركها .. أراد أن يخبرها بأن مشاعره تحركت تجاهها بالفعل .. وأنه تنماها بالفعل وأنه رغب بأن تصير زوجته بالفعل .. لكن تُرى هل ستصدقه .. بالطبع لن تصدقه .. كيف تصدق من كذب عليها وخدعها .. كيف تثق به مرة أخرى .. شطح بخياله بعيداً .. عندما يتمكن من هزيمة "سراج" وابنه .. ويحقق ما حلم به ويبنى نفسه مرة أخرى .. تُرى أتقبل به ان عاد اليها ؟ .. لم يحتج الى تفكير طويل فالإجابه جاهزة .. بالطبع لا .. لم تهتم "آيات" لا بماله ولا بثرائه بل اهتمت بشخصه الذى صدمت فيه .. فلا فائدة اذن إن ملك الدنيا ووضعها تحت أقدامها .. مادامت نظرتها فيه قد تحطمت .. تذكر نفورها منه ونظرت عينيها الغاضبة المعاتبة .. أصابه ذلك بالإحباط الشديد .. وقال فى نفسه .. انسى يا "آدم" .. انسى .. لن تفكر فيك بعد الآن .. لن تحترمك بعد الآن .. لن تكون لك بعد الآن .. شعر بالغيرة تتسرب الى قلبه وهو يتذكر وقوفها مع "أحمد" الذى صرخ بأعلى صوته وسط الجامعة معلناً عن حبه لها وعن رغبته فى الزواج منها .. تُرى أمازال يعرض عليها الزواج .. أستوافق "آيات" على الزواج منه .. أستصير فعلاً زوجة لغيره .. امتلأ قلبه بالألم وأخذ نفساً عميقاً عله يريح قلبه مما يعانيه .. تناول هاتفه واتصل بـ "زياد" يتحدث معه قليلاً ليصرف ذهنه عن التفكير في "آيات" .. فى وسط حواره قال :
- آه صحيح كنت عايز أقولك حاجة مهمة
قال "زياد" :
- خير يا "آدم" ؟
قال "آدم" بحزم :
- أنا محتاجك معايا يا "زياد"
قال "زياد" بإستغراب :
- محتاجنى معاك ازاى يعني ؟
قال "آدم" بجدية :
- بص يا "زياد" انا محتاج معايا حد ثق فيه .. ومش هلاقى أحسن منك .. أنا عارف "سراج" و "عاصى" كويس جداً وعارف تفكيرهم .. زمانهم دلوقتى عرفوا انى مدير القرية الجديدة وانى اخترت المكان ده بالذات عشان أحاربهم.. وأكيد هيحاولوا يدمرونى بكل الطرق .. أنا محتاج معايا حد أثق فيه لان كل اللى شغالين هنا لسه جداد ولسه محطوطين تحت الاختبار .. عارف ان هيكون منهم جواسيس وناس هيقدر "عاصى" انه يرشيها عشان يوصلها .. عشان كده لازم يكون فى حد جمبي لو أنا مش موجود يكون هو عيني اللى بشوف بيها .. فاهمنى يا "زياد" ؟
قال "زياد" بعد تفكير :
- طيب وشغلى يا "آدم"
قال "آدم" على الفور :
- أصلاً القرية اللى انت ماسكها دلوقتى قرية تعبانه لشركة صغيره .. يعني الفرصة اللى أنا بعرضها عليك أحسن مليون مرة من ادارتك للقرية التعبانه دى .. وكمان المرتب هيكون زى ما انت عايز .. ده غير ان شغلك هيكون معايا أنا يعني لا صاحب القرية يقرفك ولا يطلع عينك لانى أنا المسؤل الأول والأخير عن كل حاجة فى القرية لانى شريك فيها بمجهودى
صمت "زياد" يفكر في عرض "آدم" فحثه "آدم" قائلاً :
- مش هقبل رفض يا "زياد" .. بجد محتاجك جمبي .. وفعلاً دى فرصة بالنسبة لك .. وانت عارف كويس ان الشركة اللى انت شغال معاها شوية وهتلاقيهم صفوا أعمالهم لأن الشركات الصغيرة اللى زى دى بتظهر بسرعة وتختفى بسرعة .. قولت ايه ؟
قال "زياد" مفكراً :
- هى فعلاً فرصة زى ما بتقول .. خاصة فعلا ان الشغل بأه زفت وانا فعلا متوقع انهم هيقفلوا الشركة قريب
قال "آدم" لهفه :
- طب ايه ؟
قال "زياد" مبتمسماً :
- شكلى مش هعرف أخلص منك أبداً
ضحك "آدم" قائلاً :
- أهو هو ده الكلام .. بجد فرحتينى يا "زياد"
ثم قال :
- بص بأه يا باشا تلم عزالك كده وتجيلى فى أقرب وقت .. فى بلاوى متلتله لازم تخلص قبل الإفتتاح .. قشطة يا معلم
ضحك "زياد" قائلاً :
- قشطة يا دكتور

**************************************
ما كادت "ساندى" تعلم بأن افتتاح القرية السياحية الخاصة بشركة والدها سيكون خلال شهر حتى قالت لوالدها بلهفه :
- بابا أنا عايزة أشتغل فى القرية السياحية الجديدة
قال والدها مستغرباً :
- بس احنا متفقين من زمان ان شغلك هيكون معايا فى الشركة يا "ساندى"
قالت بدلال :
- بس أنا حابه أشتغل فى القرية يا بابا .. عشان خاطرى يا بابا واقف .. وبعدين أكيد هستفاد كتير جداً من خبرة دكتور "آدم"
فكر والدها قليلاً ثم قال :
- طيب يا "ساندى" زى ما تحبي
عانقته "ساندى" قائلاً بمرح :
- ميرسي يا بابا
ابتسمت فى سعادة وهى تشعر بالحماس واللهفة لى العمل فى القرية السياحية .. بجوار "آدم"

************************************



لبيك اللهم لبيك .. لبيك لا شريك لك لبيك .. إن الحمد والنعمة لك والملك .. لا شريك لك
أخذ والد "آيات" يلبى نداء العمرة بصوت مسموع وهو جالس بجوارها فى الطائرة .. قرر والدها القيام بأداء العمرة قبل الذهاب الى رحلتهما .. أراد أن يدعو الله عز وجل لابنته بالشفاء فى هذه البقعة المباركة .. وظن أن فى ذهابها خير كثير لها .. ود لو أدى معها مناسك الحج لولا أن الحج فى أشهر معلومات كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ : شَوَّالٌ وَ ذُو الْقَعْدَةِ وَ ذُو الْحِجَّةِ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحُجُّ فِيمَا سِوَاهُنَّ ".. أخذ "عبد العزيز" يردد .. لبيك اللهم لبيك .. دون كلل أو ملل .. نظرت اليه "آيات" وهى تستمع اليه وتشعر بشعور غريب .. ودت لو استطاعت النطق لتلبى مثله .. فعلت بقلبها .. حطت الطائرة ونزلت منها فى المدينة وهى تنظر الى حولها برهبة .. توجها الى الفندق لوضع حاجياتهما .. ثم توجها الى القبر النبي صلى الله عليه وسلم لزيارته والسلام عليه ثم توجها الى مكة



أمرها والدها أن تقول بقلبها : " بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك " .. فعلت مثلما قال والدها .. بمجرد دخولها المسجد الحرام شعرت بشعور لذيذ يغمرها وتنبهت كل حواسها .. نظرت حولها الى المعتمرين لتشعر بسكينة وصفاء .. كانت تنظر حولها بدهشة ورهبة واستمتاع .. شعور غريب لم تألفه من قبل .. كان والدها مستمر فى التلبية وهى كذلك .. حتى وصلا الى الكعبة فأمرها بقطع التلبية .. يالله نظرت "آيات" الى الكعبة لتشعر وكأن الزمن توقف بها .. وكأن العالم كله ما هو إلا هذه البقعة المباركة ولا شئ سواها



لا تعرف "آيات" من أين أتتها تلك العبرات .. ولا لماذا أتت .. لكنها وجدتها تتساقط فوق وجنتيها بغزارة .. لم يكن الحزن سبب بكاءها .. بل كان التأثر الشديد .. شعرت وكأنها أمام شئ عظيم .. شئ لا تستحق الوقوف أمامه ولا التواجد حوله .. شعرت بنفسها صغيرة للغاية .. ضعيفة للغاية .. مليئة بالذنوب والخطايا .. توجها الى الحجر الأسود .. فإضطبع "عبد العزيز" - أى كشف عن كتفه الأيمن- من حظهما كان الزحام قد خف نوعاً ما .. فاستطاعا الاقتراب منه .. أمرها والدها بلمسه بيدها اليمنى وتقبيله




تذكرت "آيات" كلام والدها قبل صعودهما الى الطائرة .. أخبرها أن فى تقبيل الحجر الأسود اتباع سنة .. ليس المقصود بها التبرك أو غير ذلك .. بل المقصود هو فعل شئ فعله النبي صلى الله عليه وسلم .. تذكرت والدها حينما قال لها أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال حين قَبَّل الحجر الأسود : (إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك) .. وقال لها ايضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إن مسح الحجر الأسود والركن اليماني يحطان الخطايا حطاً " .. شعرت بقشعريرة تسرى فى جسدها وهى تتلمس الحجر الأسود بيدها لم تتمالك نفسها مرة أخرى ففاضت عيناها بالبكاء .. أمرها والدها قائلاً :
- قولى "بسم الله، والله أكبر" عشان نبدأ الطواف
ففعلت "آيات" .. تذكرت كلام والدها أنهما سيطوفان 7 أشواط تبدأ من الحجر الأسود وتنتهى عنده .. وخلال ذلك تستطيع قراءة القرآن أو الدعاء أو الاستغفار ..
مسحت بيدها هى ووالدها على الركن اليمانى بدون تقبيل وسمعت " عبد العزيز" يقول :
- رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
ففعلت مثله



طافت "آيات" وهى تستغفر الله عز وجل وتبكى بحرقة .. مازالت تجهل أسباب بكائها لكن كل ما حولها يجعلها تبكى .. شعرت وكأن البكاء يطهرها .. ويزيل ما في قلبها وروحها من آثام .. استشعرت بأن الله عز وجل يراها الآن .. تفعل ما أمر به .. وتستغفره .. فإزدادت حدة بكائها .. كان "عبد العزيز " قد سبقها فى أول ثلاث أشواط حيث الرمل - أى الاسراع فى السير- أما باقى الأربع أشواط فمشى مشياً عادياً استطاع أن يكون قريباً منها فيستمع الى بكائها .. نظر اليها فى حنان وأكمل دعائه واستغفاره وتضرعه الى الله عز وجل لشفاء ابنته وحفظها من كل سوء ..
بعدما انتهيا من الطواف قام "عبد العزيز" بتغطية كتفه الأيمن واتجها الى مقام ابراهيم .. هو الحجر الذي كان إبراهيم عليه السلام يقف عليه عند بناء الكعبة .. وفي هذا الحجر أثر قدمي إبراهيم عليه السلام



تذكرت كلام والدها أن عمر رضي الله عنه قال : "وافقت ربي في ثلاث، فقلت: يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت: "وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى"
ذكرها والدها قائلاً :
- "آيات" يا بنتى .. هتقرى فى الركعة الأولى بعد الفاتحة سورة (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) .. وفي الركعة الثانية بعد الفاتحة سورة (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)
أومأت برأسها ايجاباً وبدأت فى الصلاة .. بعدما انتهيت من صلاتها أخذها والدها حيث ماء زمزم .. ذلك الماء المبارك الذى قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم : " ماء زمزم لما شرب له "




شربه "عبد العزيز" بنية أن يقيه من عطش يوم القيامة ثم التفت الى "آيات" قائلاً :
- اشربيه يا بنتى بنية ان ربنا يشفيكي
شربت "آيات" ذلك الماء المبارك وهى تدعو الله عز وجل أن يشفيها ويفرج كربها ويزيل همها وينير بصيرتها .. شعرت بألن للماء مذاق خاص فى فمها .. لم تشعر من قبل بان للماء طعماً .. لكن هذه شعرت وهى تشرب من زمزم بأن له طعماً مميزاً تمنت أن يبقى فى فمها للأبد .. بعد ذلك عادا الى استيلام الحجر الأسود مرة أخرى بالتقبيل .. ثم توجها الى المسعى وعندما اقتربا من الصفا تلا "عبد العزيز" قول الله تعالى (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ) وكذلك فعلت "آيات" ..



بعدما صعدا الى الصفا نظرا الى الكعبة واستقبلا القبلة وردد "عبد العزيز" ثلاث مرات ومعه "آيات" :
- اللهُ أكبر ، اللهُ أكبر، اللهُ أكبر ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملكُ، وله الحمدُ، وهو على كلِّ شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنـجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده
بدأ هو و "آيات" فى السعى وقراءة القرآن والدعاء والاستغفار حتى وصلا الى المروة .. رددا ثلاث مرات مع النظر الى الكعبه :
- اللهُ أكبرُ ، اللهُ أكبرُ ، اللهُ أكبرُ،لا إله إلا الله ، وحدهُ لا شريكَ له ، لهُ الملكُ، ولهُ الحمدُ ، وهو على كلِّ شيء قدير ،لا إله إلا الله، وحده ، أنـجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده
ظلا يسعيان بين الصفا والمروة .. وبعدما أتما الشوط السابع عند المروة قام "عبد العزيز" بحلق جميع شعر رأسه .. وقص لـ "آيات" مقدار عقلة الاصبع من شعرها .. بدل "عبد العزيز" ملابس الإحرام بملابسه العادية .. أما "آيات" فظلت فى الملابس الفضفاضة التى ارتدتها لأداء العمرة .. مكثا فى مكة بعض الوقت وحملا معهما الهدايا وماء زمزم .. وتوجها الى الكعبة وطافا بها طواف الوداع قبل أن يغادرا مكة .. شعرت آيات وهى تطوف طواف الوداع وكأنها تودع شخصاً عزيزاً .. شعرت بأنها ستفتقد هذا المكان بشدة .. شعرت براحة وسكينة لم تألفهما من قبل .. شعرت وكأن كل همومها وأحزانها قد زالت وكأنها ولدت فى ذلك اليوم بقلب جديد .. روح جديدة .. شعرت بسعادة بداخلها لا تدرى سببها .. شعرت بأنها ستعود الى هذا المكان مرة أخرى .. بل مرات .. فحنينها لهذا المكان بدأ ولن ينطفئ أبداً
نظرت من شباك الطائرة الى المدينة قبل أن تغادرها .. نظرت لها من السماء بملء عينيها وكأنها تحفر صورتها فى قلبها وعقلها .. أسندت رأسها الى المقعد وهى تتنهد فى راحة .. وتتذكر ما فعلته فى العمرة .. ربت والدها على يدها وابتسم لها قائلاً بحنان :
- مبسوطة يا "آيات" ؟
نظرت اليه وابتسمت .. اغرورقت عيناه وهو يراها لأول مرة منذ فترة تبتسم بسعادة .. وتلمع عيناها بهجة .. شعر بأنه يرى "آيات" التى افتقدها والتى اشتاق الى رؤيا ابتسامتها العذبه .. اتسعت ابتسامته وهو ينظر اليها بحنان .. كان ينتظر منها ايماءة برأسها لتجيب بها عن سؤاله كما هى عادتها .. لكن دموعه أخذت فى التساقط على وجنتيه عندما ردت قائله :
- الحمد لله




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-10-15, 12:27 PM   #16

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 14 )



هبت نسمات الصيف الحارة لتلفح وجه "آيات" الواقفة فى شرفة غرفتها .. توجهت الى الداخل لتهرب من تلك الموجات الساخنه .. نزلت الى الأسفل حيث قابلت فى طريقها دادة "حلمية" التى خرجت للتو من غرفة الطعام لتبتسم فى وجهها قائله :
- كويس هتفطروا مع بعض النهاردة
نظرت اليها "آيات" وعلى شفتيها إبتسامه عذبه .. سعدت بها "حليمة" التى حمدت الله على عودة "آيات" الى وضعها الطبيعي .. دخلت غرفة الطعام وهى تقول بمرح :
- خيانه بتفطر من غيري
قبلت رأس والدها الذى ضحك قائلاً :
- ومن امتى بأه واحنا بنفطر سوا .. أنا راجل بصحى بدرى عشان شغلى وحضرتك بتنامى للضهر
جلست "آيات" بجوار والدها على الطاولة وقالت :
- و أصحى بدرى أعمل ايه .. أنا لا شغله ولا مشغله
تناولت قطعة خبر ثم نظرت الى والدها قائله :
- لسه برده يا بابا رافض شغلى عندك فى الشركة
قال "عبد العزيز" وهو يرشف من فنجانه :
- مش مسأله رافض يا "آيات" .. أنا بس مش عايز أتعبك يا حبيبتى وكمان لما نبقى نطلع الرحلة اللى اتفقنا عليها
قالت "آيات" ضاحكة :
- آه الرحلة اللى بسمع عنها من قبل امتحاناتى ولسه مطلعنهاش لحد دلوقتى
ابتسم "عبد العزيز" قائلاً بأسف :
- أديكي شايفه من ساعة ما رجعنا من العمرة وأنا مطحون فى الشركة .. بس زى ما وعدتك هفضى نفسى فى أقرب وقت ونطلع الرحلة اللى وعدتك بيها
ابتسمت "آيات" قائله بتأثر :
- أحلى رحلة ممكن أفكر انى أطلعها فى يوم من الأيام هى العمرة ..بجد كان شعور مختلف عمرى ما حسيت بيه قبل كده
ثم نظرت الى والدها قائله :
- ياريت يا بابا نطلعها مع بعض كل سنة
قال "عبد العزيز" وهو يربت على يدها :
- ان شاء الله يا "آيات" .. وكمان هنطلع نحج مع بعض السنة دى ان شاء الله
قالت "آيات" بلهفه :
- بجد يا بابا .. متتصورش فرحت أد ايه .. أنا من يوم ما رجعت من هناك وأنا نفسى أروح هناك وأشوف الكعبة تانى
قال "عبد العزيز" وهو ينهض :
- ان شاء الله نروح تانى وتالت وعاشر كمان .. بس سبينى دلوقتى بأه عشان الشغل بيناديني
شيعته "آيات" بنظراتها قائله :
- ربنا معاك يا بابا
أنهت "آيات" فطارها وتوجهت الى غرفة المعيشة تشاهد التلفاز .. رن هاتفها فردت مبتسمه :
- ألو .. أيوة يا "سمر
قالت "سمر" :
- اسمها السلام عليكم يا بنتى
ضحكت "آيات" قائله :
- السلام عليكم يا "سمر"
- وعليكم السلام .. ها هتيجي النهاردة
قالت "آيات" :
- أيوة طبعاً بس له مرجعتش
- يلا قومى راجعى وبطلى كسل
ثم قالت :
- أصلا اللى بتكلمك دى لسه مرجعتش
ضحكت "آيات" قائله :
- طيب قولى لنفسك الأول
قالت "سمر" :
- "أسماء" مش عايزه تيجي معانا برده
قالت "آيات" بحزن :
- "أسماء" مش عايزه تعمل أى حاجة .. من ساعة ما مامتها وباباها انفصلوا وراحت عاشت مع مامتها وهى اتغيرت أوى وبعدت عنى أوى حتى لما بكلمها كتير اوى مبتردش عليا ولما بترد ببقى حسه انها عايزه تنهى المكالمة
قالت "سمر" :
- بس اللى أعرفه انكوا صحاب أوى
قالت "آيات" بحسره :
- أيوة صحاب جداً .. بس هى "أسماء" كده لما حاجة تضايقها تلاقيها بعدت عن الكل وخدت جمب لوحدها حتى مبترضاش تحكى عن مشاكلها .. أنا فوجئت لما عرفت ان مامتها وباباها انفصلوا مع انها ماقالتليش انهم مكانوش متفقين مع بعض وده مزعلنى منها أوى
قالت "سمر" :
- ربنا يفرج كربها
- آمين
ثم قالت "آيات" بعزم :
- بس أنا برده هفضل ألح عليها انها تيجي معايا المسجد حسه ان جو المسجد هيخليها تنسى مشاكلها وتندمج مع المجموعة اللى هناك .. وكمان لما تبتدى تحفظ قرآن أكيد هتحس براحه أكبر وربنا هيزيل همها
ثم قالت :
- أنا نفسى حسيت بكده وحسيت الصحبة الحلوة دى هونت عليا حاجات كتير
قالت ""سمر" :
- خلاص حاولى تقنعيها وانتى وشطارتك بأه .. هستناكى متتأخريش
- ماشى يا "سمر"
هاتفت "آيات" .. "أسماء" التى ردت بهدوء قائله :
- ألو
قالت "آيات" بمرح :
- سمسم ازيك .. وحشانى رغم انك مش معبرانى خالص
قالت "اسماء" بحزن :
- معلش يا "آيات" أنا مش فى المود اليومين دول
قالت "آيات" بعتاب :
- طيب ليه مبتتكلميش معايا يا "أسماء" مش احنا صحاب
تنهدت "أسماء" قائله :
- مفيش حاجة أصلاً عشان أتكلم عنها .. سيبك منى .. انتى أخبارك ايه .. عاملة ايه دلوقتى
قالت "آيات" :
- "أسماء" سيبك منى وقوليلى انتى اللى عامله ايه .. مرتاحه مع مامتك فى بيت جدك ؟
قالت "أسماء" بضيق :
- "آيات" بجد مش حابه أتكلم عن أى حاجه تخصنى أصلا أنا بحاول أهرب من التفكير فى مشاكلى فمش عايزه اتكلم فيها أصلا كلميني عن أى حاجة الا عنى .. بجد يا "آيات" مش حبه أتكلم فى حاجه ملهاش حل .. ما هينوبنى الا انى أتحسر على حالى وخلاص فبلاش منه
قالت "آيات" مشجعة :
- حبيبتى ان شاء الله كل حاجة هتتصلح بس انتى متبقيش محبطه كده
قالت "اسماء" لتغير الموضوع :
- أخبار الأجازة معاكى ايه
ضحكت "آيات" قائله :
- أجازة ايه يا بنتى احنا خلصنا خلاص
ابتسمت "أسماء" بوهن قائله :
- معلش تعود بأه .. تعرفى له مش مصدقة اننا خلصنا دراسة .. كانت أيام تيييييييييييت
ضحكت "آيات" قائله :
- واضح انك بتعزيها أوى
قالت "أسماء" بمتسمه :
- أوى أوى .. أهى غارت
قالت "آيات" :
- بقولك ايه يا "سمسم" ما تيجي معايا المسجد النهاردة .. والله الناس اللى هناك لذاذ أوى وهترتاحى معاهم
قالت "أسماء" بضيق :
- لأ مش حبه أروح فى حته
قالت "آيات" :
- بس يا "أسماء" ........
قاطعتها "أسماء" قائله :
- "آيات" بجد متضغطيش عليا .. سبينى وأنا شوية كدة وهتلقيني فوقت ورجعت زى الأول .. معلش يا "آيات" بس فعلاً أنا مش فى المود خالص
قالت "آيات" بحزن :
- ربنا يريح قلبك يا "أسماء"
تنهدت "أسماء" قائله :
- آمين

**************************************

دخل "زياد" مكتب "آدم" بالقرية السياحية وهو يصيح قائلاً :
- ايه يا "آدم" الطباخ التعبان اللى عينته ده ؟
رفع "آدم" رأسه ونظر اليه قائلاً :
- ماله .. عمل ايه ؟
قال "زياد" وهو يجلس :
- ده كبيره يا "آدم" يفتح كشك على ناصية شارع
قال "آدم" بضيق :
- أنا مليش فى موضوع الطبيخ ده .. قدملى شهاداته والأماكن اللى اشتغل فيها وكلها أماكن كويسة
قال "زياد" :
- وأكيد اطرد منها
قال "آدم" وقد بدا عليه اتعب :
- أنا كان مطلوب منى أعمل انترفيو لكل عامل ولكل مسؤل فى القرية .. فأكيد هتلاقى فى حاجات ممكن تفلت من تحت ايدي وعشان كده وجودك معايا هيفرق كتير
قال "زياد" :
- متقلقش سيب موضوع الطباخ ده عليا
قبل أن ينصرف وقع بصره على البار الصغير فى زاوية المكتب فالتفت الى "آدم" الذى عاد للإنهماك فى عمله وقال :
- انت بتشرب ولا ايه ؟
تابع "آدم" عيناه الواقعه على البار ثم نظر اليه قائلاً :
- لا ده عشان الأجانب والناس اللى بتشرب .. أكيد مش هقدملهم قهوة وشاى
قال ذلك ثم التقط علبة السجائر وأخرج منها سيجاراً وبدأ فى اشعاله .. قال "زياد" بعتاب :
- انت رجعت للسجاير تانى ولا ايه مش كنت بطلت يا ابنى
قال "آدم" بلا مبالاة وهو يعاود النظر الى حاسوبه :
- كبر
هز "زياد" رأسه وغادر المكتب .. رفع "آدم" رأسه لينظر الى البار الذى أمر بوضعه داخل مكتبه .. شعر ببعض الإمتعاض لكنه تجاهل الأمر وقال فى نفسه .. ضروريات عمل .. ثم عاد الى عمله مرة أخرى

************************************
ما كادت "سمر" تتوجه الى باب المستشفى لتغادرها حتى التقت بـ "على" .. نظرت اليه بدهشة ثم انتبهت الى نظراتها فأخفضت بصرها وأكملت طريقها الذى اعترضه "على" قائلاً :
- لو سمحتى يا دكتورة
اضطربت "سمر" بشدة ووقفت وهى تشعر بالتوتر الشديد .. بدا على "على" التوتر مثلها .. قال بحرج :
- أنا بس كنت عايز أقول لحضرتك انى لقيت شغل تانى .. حالياً أنا بشتغل محاسب فى شركة استيراد .. لسه متثبتش فيها بس على أمل انى اتثبت ان شاء الله أنا متفائل
بلغ اضطراب "سمر" درجاته القصوى .. كانت تنظر الى الأرض دون أن يكون لديها الجرأة لتنظر اليه .. فأكمل بإرتباك :
- أنا بس كنت عايز أعرفك انى عندى طموح كبير ونفسى أحققه .. ونفسى أكون أحسن .. يعني أقصد
تلعثم بشدة ثم قال :
- أنا حابب آجى البيت انا ووالدى ووالدتى ويبقى الكلام براحتنا أكتر وأدام والدتك
شعرت "سمر" بالكلمات تهرب منها لا تدرى ما تقول .. وقفت صامته تنظر أرضاً وهى مرتبكة وعاقدة ما بين حاجبيها .. توتر "على" بشدة ثم قال فجأة بعصبية وقد ظن بأنها ترفضه للمرة الثانية :
- أنا آسف .. انسى اللى قلته .. آسف انى ضايقتك
ثم التفت وغادر المكان وهو يشعر بالحنق والضيق .. وقفت "سمر" مكانها تحاول تنظيم ضربات قلبها التى أخذت تتسارع بقوة .. ثم ما لبثت أن نزلت الدرج واستقلت التاكسى الى منزلها وهى تفكر فيما حدث منذ قليل

**************************************
كان "عبد العزيز" جالساً فى حديقة الفيلا مع "آيات" يحتسيان الشاى .. قالت "آيات" بحماس :
- عارف يا بابا .. المحفظة بتاعتى قالتلى ان مستوايا اتحسن كتير فى القراءة وقالتلى انى لو ركزت فى التجويد ممكن آخد اجازة فيها
ابتسم "عبد العزيز" بسعادة قائلاً :
- ما شاء الله .. يلا اتجدعنى وخديها وأنا أجبلك أحلى هدية تطلبيها
قالت "آيات" مبتسمه :
- لا أنا لو هخدها يبقى هاخدها عشان ربنا وهستنى هديتى منه هو
قال "عبد العزيز" :
- ربنا يفتح عليكي يا بنتى
نظر "عبد العزيز" الى "آيات" قائلاً :
- انتى ليه معدتيش بتلبسى أى حاجة من الدهب بتاعك ؟
ارتبكت "آيات" وصمتت لا تدرى ما تقول .. أتقول له ابنتك اسذجة يا أبي وأعطت كل ذهبها لهذا الحقير الذى خانها وخدعها واستغلها .. أأقول لك أننى أعطيته كل ذهبي لكى يشترى لى شبكة كبيرة حتى يعلى فى نظرك وتشعر بأنه يقدر ابنتك وتوافق على كتب الكتاب فى موعده .. أم اخبرك بأننى كنت على استعداد أن أعطيه كل مالى ان كنت أملك مالاً بإسمى .. ماذا ستقول عنى إن علمت .. وفى نفس الوقت لا أستطيع أن أخفى عنك ما حدث .. لن أستطيع أن أكذب عليك وأنا أنظر فى عينيك .. فتحت فمها لتخبره بالحقيقة عندما قاطعها صوت هاتفه .. رد "عبد العزيز" على محامي الشركة وما لبث ان امتقع وجهه وقال من فوره وسار بعيداً عن مسامع "آيات" قائلاً :
- انت واثق من اللى بتقوله ده ؟
قال محاميه بحزن :
- أيوة للأسف يا "عبد العزيز" بيه خسرنا كل فلوسنا فى البورصة ومطلوب مننا تسديد مبالغ طائله فى فترة صغيرة جدا
صاح "عبد العزيز" قائلاً :
- لا حول ولا قوة إلا بالله انا لله وانا اليه راجعون اللهم اجرنى فى مصيبتى واخلف لى خيراً منها
ثم قال :
- انت فين دلوقتى ؟
- فى المكتب بشوف حل للمصيبة دى
قال "عبد العزيز" بلهفه :
- استنانى عندك أنا جايلك
توجه "عبد العزيز" حيث تجلس "آيات" وقال وقد بدا عليه التوتر والإضطراب :
- انا رايح المكتب يا "آيات"
غادر دون أن يعطيها فرصة للرد وقفت وصاحت :
- فى حاجة يا بابا
التفت قائلاً :
- لا مفيش .. شغل مستعجل بس
غادر مسرعاً .. شعرت "آيات" باخوف يدب فى أوصالها .. خوف لا تدرى سببه .. استعاذت بالله من الشيطان الرجيم وجلست وهى تحاول أن تطمئن نفسها

*************************************
وقفت "أسماء" فى المطبخ تحضر الشاى لنفسها .. كانت ترتدى بيجاما واسعة وقد عقصت شعرها الى الخلف .. وقفت تدندن وهى تصب الماء المغلى فى كوبها .. شعرت فجأة بشخص خلفها فالتفتت ثم انتفضت بعدما رأت "هانى" ابن خالتها الأكبر يقف خلفها .. قالت بفزع :
- خضتنى
ابتسم لها قائلاً :
- بتعملى ايه ؟
قالت بإقتضاب وهى تشعر بالضيق من وقوفه بالقرب منها :
- شاى
وقف بجانيها ينظر اليها وهو يستند بذراعيه الى رخامة المطبخ .. أنهت "أسماء" اعداد الشاى وتوجهت الى غرفتها بعدما التقت نظراتهما للحظه فلم تعجبها طريقته فى النظر اليها ولا تلك الابتسامه الخبيثه على زاوية فمه .. دخلت غرفتها وأغلقت الباب خلفها وجلست فى فراشها تحتسى كوب الشاى الساخن

***********************************

كان "آدم" فى تلك الفترة يعمل بهمة ونشاط لتكون القرية بأفضل حال عندما يحين موعد الإفتتاح .. كان يتوتر ويكثر من التدخين كلما اقترب الموعد .. كان يعقد آمالاً كبيرة على نجاح مشروعه السياحى .. وعلى النجاح فى منافسته مع "سراج" و "عاصى" .. ومثلما تمكن "عاصى" من زراعةد جواسيسه داخل قرية "جولد بيتش" تمكن "آدم" أيضاً من زراع جواسيسه داخل قرية "الفيروز" .. ليس ذلك فحسب .. بل تمكن من خلال علاقاته السابقة بالعاملين فى شركة "سراج" بالقاهرة من الحصول على معلومات عنه وعن اعماله أولاً بأول ... وهذا ما ساعدته كثيراً بعدما استطاع تجنيد مديرة أعمال "سراج" والتى كانت على علاقة وطيدة بـ "آدم" أثناء عمله مع "سراج" فهو من وفر لها تلك الوظيفة .. وحان وقت رد الجميل .. او كما يسميانه هكذا وهو أبعد ما يكون عن "الجميل" .. كانت مديرة أعمال "سراج" تنقل أخباره الى "آدم" حيث استغل "آدم" تلك الأخبار بعدما علم بوجود مشكلات ثقه بين العملاء وبين قرية لفيروز بسبب بعض الإهمال وسوء الخدمة .. لذلك اهتم جيداً بشكل قريته وبالديكورات الداخلية وبتوفير خدمه من أفضل ما يكون .

أعد "آدم" جيداً للإحتفال الذى سيقام فى ليلة الإفتتاح .. حرص على توفير ألذ أنواع الطعام وأغلى انواع الخمور .. واستخدم فى الخدمة فتيات يرتدين ملابس جريئة .. بدأ الإحتفال بحضور "شكرى" و "ساندى" وتم قص الشريط الأحمر وصفق الجميع فى سعادة .. كان "شكرى" مبهوراً بما استطاع "آدم" انجازه فى القرية فى تلك الفترة البسيطة .. علم جيداً بأنه لم يبخل عليها لا بوقته ولا بجهده .. أعجبت "ساندى" أيضاً بالقرية وازداد تمسكها بالعمل فى القريه مع "آدم" .. بدأت أصوات الموسيقى تسري فى مكان الحفل .. وبدأن الفتيات بخدمة الضيوف .. أشاد الجميع بجمال القرية وبجودة الطعام والشراب .. وأيضاً بروعة ديكورات الغرف وتقسيمها والأماكن المطلة عليها .. كانت الطبيعة حول القرية ساحرة تخطف الألباب .. اتسعت ابتسامة "آدم" وهو يراقب تعبيرات الإعجاب التى كانت فى عيون الحضور وأولهم وأهمهم .. "شكرى" .. تنهد فى راحة وقد شعر بأنه على بداية الطريق الصحيح

أثناء قياده "عاصى" سيارته رن هاتفه فرد قائلاً :
- أيوة يا بابا
- انت فين يا "عاصى" ؟ .. مش عارف ان عندنا عشاء عمل النهاردة
- لأ أنا عندى سهرة أهم
- سهرة ايه دى ؟
- افتتاح قرية "جولدن بيتش"
صمت "سراج" قليلاً ثم قال :
- انت ناوى تروح ؟
قال "عاصى" بتهكم :
- لازم طبعاً أروح الافتتاح .. ودى تيجي لازم نبارك لدكتور آدم
قال "سراج" :
- ماشى يا "عاصى" بس مش عايز مشاكل فى الافتتاح أكيد الصحافة هتبقى هناك .. وابقى اتصل بيا طمنى على الأوضاع هنا
قال "عاصى" :
- متقلقش يا بابا أنا واخد بالى كويس .. سلام
نظر "عاصى" الى الطريق أمامه وهو يفكر فى "آدم" و فى تحديه الذى بدأه .. أخذت الأفكار الشيطانية تلعب برأسه وأخذ يفاضل بينها ليختار الطريقة التى سيعاقب بها "آدم" على قوفه فى وجهه

************************************
جلس "عبد العزيز" يطالع الأوراق مع محاميه وهو يشعر بألم حاد فى قلبه .. كانت المصيبة أكبر من قدرته على التفكير فى ايجاد مخرج .. قال المحامى بأسف :
- أنا مش عارف ازاى ده حصل .. أسهمنا انهارت مرة واحدة فى البرصة والمستثمرين طالبين فلوسهم .. الخسارة كبيرة جداً ورأس المال اللى هيتبقى بعد بيع الأسهم وحتى الأصول والأملاك بالكاد هتغطى الخسارة
قل "عبد العزيز" وهو يفرك عضله صدره بقوة عله يخفف من الألم الحارق فى صدره :
- طيب نستنى شوية منبعش دلوقتى
قال أحد مدراء شركته :
- الأسهم بتخسر يوم عن يوم .. لو استنينا أكتر من كده هنخسر أكتر وأكتر أنا مش شايف حل غير فى البيع بالسعر الحالى
ظهرت علامات الألم على وجه "عبد العزيز" ثم ما لبث أن ضاق نفسه ليطلق صيحة ألم قبل أن يسقط مغشياً عيه

*************************************
أخذ "آدم" يحيي ضيوفه ويقدم لهم ما لذ وطاب .. ثم ما لبث أن جلس على احدى الطاولات .. بدأت موسيقى هادئة تدور فى المكان فاقتربت منه "ساندى" تتألق فى فستان سهرتها عارى الكتفين وهى تقول بدلال :
- قوم ارقص معايا يا "آدم"
نظر اليها "آدم" وقد رفع أحدى حاجبيه بدهشة لاستخدامها اسمه بدون لقب فقالت ضاحكة وقد أدركت سبب دهشته :
- احنا بقينا زملاء عمل وصحاب كمان يعني دور الطالبه والدكتور ده خلاص معدش ينفع بينا
ابتسم "آدم" بسخريه ثم ما لبت أن تحولت ابتسامته الساخرة الى ابتسامة مجاملة .. نهض "آدم" معها وتوسطا القاعة وأمسك بيديها وهو يحيطها بذراعه الآخر وشرعا فى الرقص سوياً .. نظرت "ساندى" حولها فالتقت عيناها بعيني فتاة أجنبية .. يبدو أنه لم يرق لها رقص "آدم" مع "ساندى" .. نظرت الى "ساندى" ببرود فبادلتها "ساندى" نظرة تحدى وسخرية .. تركت الفتاة كأسها على الطاولة واقتربت منهما ثم قالت بلهجة مصرية ركيكة :
- دكتور "آدم" مدير القرية ؟
أومأ "آدم" برأسه ايجابا وضعت يديها على ذراعه وقد لعب الخمر برأسها فبدأت فى التحدث بثقل :
- تعالى نرقص سوا
ترك "آدم" "ساندى" لمراقصة تلك السائحة الأجنبية والتى كانت على رأس فوج كبير نزل فى القرية فى تلك الليلة .. كان "آدم" يتحرك معها كالدمية .. جسد بلا روح .. لكنه كان يقول لنفسه أن ذلك من ضروريات العمل .. فلا يجب اغضاب مثل تلك العميلة .. وأن حربه مع "عاصى" اذا أراد حقاً أن يربحها فعليه أن يتمسك بكل فرصة ويستغلها جيداً .. التفت اليها قائلاً بإبتسامته الساحرة :
- عجبتك القرية ؟
قالت وهى ترمقة بنظراتها :
- جداً .. وصحابي كمان .. شكلنا هنطول هنا شوية
قال "آدم" وقد برقت عيناه :
- القرية تحت أمركوا
قالت بخبث :
- وصاحب القرية ؟
نظر اليها "آدم" وقد فهم ما ترمى اليه .. قالت بدلال :
- عايزة أشوف شاليه صاحب القرية .. ممكن ؟
ابتسم لها "آدم" وقبل أن يفتح فمه رآى أمامه الشخص الذى توقع رؤياه والذى انتظره طيلة الحفل .. "عاصى" .. قال للفتاة الأجنبية دون أن يرفع نظره عن "عاصى " :
- ثوانى ورجعلك
اقترب "آدم" من "عاصى" .. ابتسم "عاصى" بتسخرية بمجرد أن وقعت عيناه على "آدم" وقال :
- أهلاً بدكتور "آدم" .. مفاجأة مش كدة
وقف "آدم" أمامه وهو ينظر اليه بغل وحقد قائلاً :
- لا مش مفاجأة .. أنا عارفك كويس .. عارف كويس ان الكلب لما ترميله عضمة مش هيقدر يقاوم وهيجرى وراها
ظهرت علامات الغضب على وجه "عاصى" وقال :
- احترم نفسك يا "آدم"
قال "آدم" بحده :
- أنا محترم غصب عنك
اقتربت منه الفتاة الأجنبية ولفت ذراعه بذراعيها وهى تقول :
- مش يلا بأه
نظر "عاصى" بسخرية الى الفتاة فقال "آدم" بشماته مشيراً الى احدى الطاولات التى التف حولها مجموعة كبيرة من الأجانب :
- أحب أاقدملك "جيسي" وصحابها .. كانوا من نزلاء قرية الفيروز .. بس بعد ما شافوا قريتنا النهاردة لغوا الحجز فى الفيروز وحجزوا فى جولدن بيتش
شعر "عاصى" بغضب بالغ وهو ينظر الى الفتاة المتعلقة بذراع "آدم" ثم نظر اليه قائلاً:
- مش هتقدر تقف قصادى يا "آدم" .. انسحب أحسنلك
قال "آدم" بتحدى صارخ :
- أعلى ما فى خيلك اركبه يا "عاصى" .. انا أدك انت وأبوك .. وهوقعكوا زى ما وقعتونى
قال "عاصى" صارخاً وهو يدفع "آدم" فى كتفه :
- اجرى العب بعيد يله
لم يتحرك "آدم" بل تحرك حراسه .. ثلاث رجال مفتولى العضلات بمجرد أن رؤا يد "عاصى" وهى تدفع "آدم" أسرعوا بالإحاطة بـ "عاصى" .. نظر اليهم "عاصى" فى توتر فابتسم "آدم" ساخراً وهو يقول :
- أصلى كنت عارف انك جاى فجبتهم يرحبوا بيك
نظر اليه "عاصى" بغبط وقال :
- ليك يوم يا "آدم" كلامنا منتهاش .. هنكمله بعدين
قال "آدم" ضاحكاً :
- فى أى وقت تحبه .. انت تؤمر
رحل "عاصى" وعينا "آدم" تتابعه بإستمتاع .. قالت الفتاة وهى تقترب منه :
- ياه ده انت جامد أوى
ابتسم "آدم" فقالت بلال وهى ترمقه بنظراتها الجريئة :
- مش هتوريني الشاليه بتاعك بأه
توجه "آدم معها خارج الحفل الذى أوشك أن ينتهى .. أوقفه "زياد" وهو يرمق الفتاة شزراً :
- رايح فين يا "آدم" ؟
قال "آدم" بهدوء :
- خلاص الحفلة خلصت .. شوف انت لو حد احتاج حاجه .. سلام
شعر "زياد" بالضيق من رحيل صديقه مع تلك الفتاة التى تكشف من جسدها أكثر مما تستر

************************************

شعرت "أسماء" أثناء نومها بشئ حار يسبح فوق جسدها .. أحكمت وضع الغطاء عليها .. وغطت فى النوم مرة أخرى .. أفاقت وهى تشعر بضغط على أجزاء متفرقة من جسدها .. فتحت عينيها لترتطم بوجه "هانى" .. هبت جالسه فى فراشها وهى تقول بفزع :
- انت بتعمل ايه فى أوضتى ؟
أشار "هانى" بإصبعه الى فمه قائلاً :
- ششششش وطى صوتك
أمسكت "أسماء" الغطاء الذى كشفه عنها وغطت به جسدها حتى ذقنها وقالت وهى تنظر اليه برعب :
- اطلع بره بدل ما أصرخ وأفضحك
قال "هانى" بسخرية :
- مش هتقدرى
قالت بتحدى وقد شعرت بأن حركتها قد شلت من الرعب :
- لأ أقدر
فجأة انطلقت تغادر الفراش وتنطلق فى اتجاه الباب فتحته وتوجهت الى غرفة خالتها تطرق الباب بعنف .. أسرع "هانى" بالخروج من غرفتها والتوجه الى غرفته والنوم على فراشه متظاهراً بالنوم .. فتحت خالت "أسماء" الباب وهى تقول :
- ايه فى ايه حد خبط على حد كده
قالت "أسماء" باكية :
- "هانى" كان فى أوضتى يا خالتو
قالت خالتها بإستنكار :
- "هانى" ابنى
استيقظ الجميع على تلك الأصوات المرتفعه اقتربت منها أمها قائله :
- ايه فى ايه يا "أسماء"
قالت "أسماء" باكية وهى تنظر الى أمها وخالتها :
- "هانى" كان فى أوضتى لقيته واقف جمب السرير وشال الغطا من عليا وقالى اسكتى ومتتكلميش
صاحت خالتها قائله بغضب :
- ابنى متربي يا "أسماء" ايه اللى انتى بتقوليه ده
خرج "هانى" من غرفته وهو يتظاهر بالنعاس وقال :
- ايه فى ايه ايه الدوشة دى
قالت أم "أسماء" :
- انت كنت نايم
قال وهو يفرك عيناه :
- أيوة صحيت على صوتكوا
قالت "أسماء" باكية :
- كذاب ده له طالع من أوضتى دلوقتى
أمسكتها خالتها من ذراعها قائله :
- انت بنت مش متربية وقليلة الأدب وكمان بتتبلى على ابنى .. أفهم ايه من التمثيلية اللى انتى عملاها دى .. بترسمى على الواد يعني ولا ايه
انفجرت "أسماء" فى بكاء حار وهى تمتم :
- والله العظيم كان فى أوضتى
جذبتها أمها من ذراعها بعدما اعتذرت الى أختها وقالت لأسمها بصرامة :
- اعتذرى لخالتك
نظرت "أسماء" الى خالتها وقالت :
- آسفة يا خالتو .. بس والله .......
جذبتها أمها قبل أن تنهى كلامها وتوجهت الى غرفتها وأغلقت الباب ثم قالت بقسوة :
- انت ايه معندكيش احساس .. بقولك مش عايزه مشاكل وانتى راحه فاضحة نفسك فى نص الليل وتقولى الواد دخل أوضتك
قالت "أسماء" :
- يا ماما .......
قالت أمها بعنف :
- اخرسى .. ومش عايزه أسمع أى كلمة فى الموضوع ده .. ولو عملتى مشكلة تانى يا "اسماء" يبقى ترجعى بيت أبوكى أحسن وتعدى مع المحروسة بتاعته
قالت ذلك ثم خرجت وأغلقت الباب خلفها .. جلست "أسماء" خلف الباب وهى تدفن وجهها بين قدميها وتبكى وشعور بالقهر والظلم يغمرها

*************************************
دخلت "آيات" الى المستشفى بصحبة دادة "حليمة" وهى تهرول وتسأل كل من تقابله بأعين دامعه :
- بابا فين .. "عبد العزيز حسان اليمانى"
أشارت لها احدى الممرضات أن تتوجه الى مكتب الاستقبال ففعلت وقالت بصوت باكى :
- لو سمحتوا بابا جراله ايه قولولى بابا جراله ايه اسمع "عبد العزيز حسان اليمانى"
قال لها الرجل :
- الاستاذ "عبد العزيز" فى العناية المركزة بالدور الرابع
هرولت "آيات" وهى تضع يدها على قلبها وتتمتم :
- يارب يارب
طمأنتها "حليمة" قائله :
- متقلقيش يا بنتى ان شاء الله خير
رات محامى والدها واقفاً فى الممر فجرت ليه قائله بلهفه :
- بابا فين يا عمو ؟
قال لها المحامى بأسى :
- فى العناية المركزة يا ابنتى
انفجرت باكية وهى تقول :
- ايه اللى حصل .. ايه اللى حصله ؟
قال المحامى وهو يتنهد بحسره :
- جاله خبر خسارة كبيرة اتعرضلها بعدها جتله أزمة وجبته على هنا على طول والدكاتره دخلوه العناية المركزة
انهارت باكية على أحد المقاعد وهى تقول بصدق :
- مش مهم أى حاجه المهم انه يبقى كويس .. أى خساره ممكن تتعوض لكن هو لأ .. مش ممكن اعوضه أبداً
ثم قالت من أعماق قلبها :
- يارب اشفيه يارب .. يارب احفظه يارب

*************************************
تجولت الفتاة فى الشاليه وهى تنظر اليه بإعجاب .. فقال لها "آدم" مبتسماً :
- عجبك ؟
قالت وهى تتأمل "آدم" بإعجاب :
- جميل جداً .. وانت كمان جميل جداً
ابتسم "آدم" مجاملاً ثم نظرت اليه قائله بمرح :
- عندك درينك ؟
قال "آدم" وهو يهز رأسه نفياً :
- لا للأسف مش عندى غير شاى ليكي فى الشاى
ابتسمت وهى تقترب منه بدلال قائله :
- لا خلاص مش مهم
أحاطته بذراعيها والتقت نظرات عيونها الجريئة بعيونه التى تتلاطم نظراتها كتلاطم الأمواج فى بحر هائج مظلم حائر لا تدرى كل موجه فى أى وجهة تذهب فترتطم فى طريقها بموجة أخرى لتمتزج معها وتختفى بداخلها وهكذا حتى تصل الى الشط بهدوء وقد سكنت ثائرتها واطمئنت ذراتها بوصولها أخيراً الى بر الأمان .. لكن عيناه بحثت عن الشط فلم تجده !




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-10-15, 12:41 PM   #17

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 15 )
تؤمّلُ أنك يوماً تتوبْ !
وتشكو الذنوبَ .. وأنتَ الذنوبْ!

وفي كل يومٍ تبوء بذنبٍ
وعيبٍ يُضاف لباقي العيوبْ

تؤمّل أنك تحيا طويلا ً
وشمسك مالت وحان الغروبْ !

أتهجرُ دربَ الهدى والصلاحِ
وترحل في مُهلكات الدروب ؟!

تؤجّل توبَك دوماً ! ولستَ
تؤجل يوماً لقاء الذنوبْ !



قال "آدم" وهو يهز رأسه نفياً :
- لا للأسف مش عندى غير شاى ليكي فى الشاى
ابتسمت وهى تقترب منه بدلال قائله :
- لا خلاص مش مهم
أحاطته بذراعيها والتقت نظرات عيونها الجريئة بعيونه التى تتلاطم نظراتها كتلاطم الأمواج فى بحر هائج مظلم حائر لا تدرى كل موجه فى أى وجهة تذهب فترتطم فى طريقها بموجة أخرى لتمتزج معها وتختفى بداخلها وهكذا حتى تصل الى الشط بهدوء وقد سكنت ثائرتها واطمئنت ذراتها بوصولها أخيراً الى بر الأمان .. لكن عيناه بحثت عن الشط فلم تجده !
لكم غرق من قبل بين الأمواج العالية تأخذه وتجذبه الى حيث أرادت لكن هذه المرة شعور بالنفور لازمه .. أين هو من تلك الفتاة البريئة التى بكت أمامه عندما استشعرت أمام خالقها شعور عظيم بالذنب من أجل .. قبلــة .. تذكر عبراتها التى انهمرت وهى تدفن وجهها بكفيها وتخبره بأنها ظلت طوال الليل تشعر بالذنب مما حدث بينهما .. خشت من خالقها من أجل تلك القبلة وهو ينتهك حرمات الله وتحت ناظريه .. أين تلك الفتاة التى معه الآن من الفتاة النقية التى أوقفت خاطبها عند حده وكرهت تجاوزاته التى تغضب ربها رغم شدة حبها له .. أين هى من تلك الفتاة العفيفة التى لم تقبل أن يمسها رجلاً آخر غير زوجها حتى ولو كان خطيبها .. نظر الى الفتاة التى معه يحاول أن يتناسى تلك الأفكار التى تراوده .. لكن كلما غاص فى البحر أكثر .. كلما شعر بالنفور بداخله يكبر .. حتى .. نهض عنها .. نظرت اليه بغضب قائله :
- فى ايه ؟
عدل ملابسه وقال بهدوء :
- بعد اذنك اخرجى
نظرت الفتاة اليه بغضب شديد وهى تسب بلغتها .. انتظرها "آدم" خارج الشاليه حتى خرجت وهى ترمقه شزراً .. أغلق "آدم" باب الشاليه وأخذ يحث السير وكأنه يهرب من شئ مخيف بشع .. أخذ يسير بغير هدى فى اتجاه البحر حتى علم بأن هذا الشئ المخيف البشع الذى أراد الهروب منه إنما بداخله هو .. لكن كيف السبيل الى الهرب .. كيف النجاة .. ركل الأرض بطرف حذائه بقوة فتناثرت حبات الرمل أمامه كموجة غاضبة .. جلس على الرمل ينظر الى البحر الثائر كثوران نفسه .. تنهد بقوة وهو يستشعر مدى الإنحدار الذى أوصله اليه عقله .. تذكر نظرات "آيات" يوم أن علمت بحقيقته .. نظرت اليه بتقزز ثم أغمضت عينها حتى تتجنب رؤياه .. وصمت أذنيها لتتجنب سماع صوته .. شعر الآن بما كانت تشعر به وقتها.. فها هو يشعر بالتقزز من نفسه ومن كل شئ فيه .. يشعر بأنه غارق فى مستنقع لزج كلما حاول النهوض جذبه اليه مرة أخرى حتى استسلم له تماماً .. ظل صوت يهتف بداخله .. انهض يا "آدم" .. انهض .. فصاح صوت آخر .. أمثلى يستطيع النهوض ؟! .. لقد أغرقنى المستنقع بقذارته حتى لم أعد أشتم الا تلك العفونة المنبعثة منى .. لن أستطيع النهوض .. لكنى رغماً عنى .. لم أعد أطيق تلك الرائحة التى أصبحت تصيبنى بالغثيان .

***************************************
جلست "آيات" تبكى وتتضرع الى الله أن ينقذ والدها وأن يحفظه لها .. أخيراً خرج الطبيب المسؤل عن حالته فهبت واقفة وهى تنظر اليه بخوف وقلق قائله :
- بابا عامل ايه دلوقتى .. ممكن أشوفه
قال الطبيب وعلامات الإشفاق على وجهه :
- للأسف .. عضلات القلب ضعيفه وفى صمام تالف لازم عملية تبديل صمام فى أقرب وقت
أجهشت "آيات" فى البكاء .. فأحاطتها "حليمة" الباكية بذراعيها .. فقال الطبيب :
- المشكلة ان العملية أصلاً فيها خطورة عليه لان زى ما قولت عضلات القلب ضعيفه .. بس فى نفس الوقت مينفعش نتنى على العملية أكتر من كده
قالت "آيات" من بين شهقات بكائها :
- يعني نعمل ايه ؟
قال الطبيب :
- بصى يا بنتى الحالتين فيهم خطورة سواء انتظرنا أو عملنا العملية .. بس رأيى الشخصي اننا نعمل العلمية ونتوكل على الله
ثم قال :
- طبعا لازم موافقة حد من أهله
قالت "آيات" وهى تحاول أن تتمالك نفسها :
- طيب هرد عى حضرتك النهاردة وأقولك عنعمل ايه
قال الطبيب :
- معاكى لحد اسبوع لان مينفعش ندخله العلميات دلوقتى .. لما حالته تستقر شويه
انصرف الطبيب وترك "آيات" غارقة فى حيرتها وخوفها

***************************************
كانت "إيمان" فى طريقها الى عملها عندما استقلت الحافلة وجلست بجواء الشباك تتطلع منه الى الطريق بعقل نصف منتبه .. كان الشرود بادى عليها وهى مستغرقه فى التفكير .. لكنها انتبهت فجأة على ضحكات عاليه من المقعد خلفها .. سمعت شاباً يقول لآخر :
- أهى واقفة مش لاقيه حته تعد فيها
فقال الآخر ضاحكاً :
- طبعاً يا ابنى ودى يجبولها كرسى يكفيها ازاى دى
نظرت "إيمان" أمامها لتجد سيدة بدينة للغاية تقف وهى تتمسك بأحد المقاعد وحبات العرق تتصبب فوق جبينها فتسمحها بمنديلها وتعود لتتمسك بيديها فى المقعد .. سمعت الشاب يقول :
- حد يقولها تقف فى النص بلاش تركن أوى على الجمب اليمين أحسن الأتوبيس يتقلب بينا
ضحك زميله وهو يقول :
- أو ممكن نجيب فيل ونحطه الجه التانية عشان يبقى فى توازن
شعرت "إيمان" بالعبرات الساخنه تتساقط فوق وجهها وهى تستمع الى سخرية الشابين من تلك المرأة .. لم تكن "إيمان" فى مثل بدانتها لكنها شعرت بكلمات الشابين كالخناجر تطعن فيها هى .. وكأن كلماتهما موجهة اليها .. ألقت نظرة شفقه على تلك السيدة وهى تحسبن على الشابين فى الخلف .. ألا يعلم مثل أولئك النهى الربانى فى سورة الحجرات : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ " .. ألا يعلم أولئك الجهال أن الله لا ينظر الى الأجساد لكنه ينظر الى عمل تلك الأجساد : " إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ " .. ألا يعلمون أن الإنسان كرمه الله عز وجل وأسجد له ملائكته وعلمه من علمه لذلك وجبت المحافظة على كرامته مصانه غير مهانه .. ألا يعلم أولئك الذين يسخرون ويستهزأون من غيرهم من ذوى البدانة أن أحياناً تكون تلك البدانة أمراً وراثياً لا دخل للإنسان فيها .. كلون عينيه و لون شعره ولون بشرته وشكل أنفه و طوله وقصره .. كيف تلوم انسان أن لون عينيه أسود ؟! .. كيف تلومه لأنه قصير القامة ؟! .. كيف تلومه لأن أنفه كبير ؟! .. هو لم يخلق نفسه بل الله خلق والله جميل يحب الجمال لا يخلق شيئاً قبيحاً أبداً .. لكن لا يوجد انسان كامل فالكمال لله وحده فقط .. ومقاييس الجمال والدمامه نسبيه من شخص لآخر .. قد يفضل رجل الشقراوات وآخر يفضل السمراوات .. قد يفضل رجل النحيلات ويفضل آخر البدينات .. لكن الغير مقبول هو الاستهزاء بما لا يروق لك .. ودت إيمان" لو صرخت فى وجوه الشابين قائله ألم تعلموا بأن الله أعد عذاباً شديداً وهلاكاً ودماراً لكل من يستهزئ بغيره ويعيب فيهم ويغتابهم "وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ " .. وفى أحد التفسيرات أن "الويل" هو وادى فى جهنم .. مسحت "إيمان" عبراتها المتساقطة وهى تتذكر أن الله عادل لا يظلم أبداً ولذلك أعطى تلك المرأة من حسنات هاذين الشابين ما الله به عليم .

**************************************
جلس "آدم" فى مكتبه يطالع حاسوبه ويطمئن على سير العمل فى القرية .. شعر بالسعادة عندما وجد الإقبال على قريته فى يومها الأول بعد الإفتتاح فاق توقعاته .. شعر بأنه سيصل الى حلمه بأسرع مما ظن .. دخل "زياد" مكتبه وعلى وجهه علامات العبوس .. قال له "آدم" مبتسماً بسعادة :
- شوفت كام نزيل فى القرية ومن أول يوم
قل "زياد" واجماً :
- أيوة شوفت
نظر اليه "آدم" يرقب تعبيرات وجهه برهه ثم قال :
- ايه فى ايه يا "زياد" .. فى مشاكل ولا حاجه
نظر اليه "زياد" بعتاب قائلاً :
- البنت بتاعة امبارح باتت معاك يا آدم ؟
ظهر على "آدم" علامات التبرم .. فقال "زياد" بحده :
- شوفتكوا وانتوا رايحين جهة الشاليه بتاعك .. باتت عندك مش كده
نظر اليه "آدم" قائلاً ببرود :
- لأ .. ارتحت
نظر اليه "زياد" متفرساً ثم قال :
- يبقى كنت ناوى بس فى حاجة منعتك
زفر "آدم" بضيق فقال "زياد" :
- لو مكنتش صحبى وبحبك مكنتش اهتميت وكنت قولت يولع هو وهيا وأنا مالى .. بس أنا خايف عليك يا "آدم"
قال "آدم" بضيق :
- متخافش يا "زياد" .. وبعدين متعكرش مزاجى أنا فرحان وسيبنى أشوف شغلى بمزاج
قبل أن ينصرف "زياد" قال له "آدم" :
- آه "زياد" .. جهز نفسك النهاردة عشان افتتاح الملهى الليلى
قال له "زياد" بتبرم :
- مش عارف ايه لزمتها
قال "آدم" بحزم :
- لازمتها اننا بنجذب السياح وبنجذب المصريين اللى عايزين قرية سياحية كاملة من كله .. خاصة بأه ان قرية الفيروز مفيهاش ملهى ليلى ولا فيها مساحة ينفع يتعمل فيها ملهى ليلى ولا حتى فيها ترخيص ملهى ليلى
قال "زياد" بضيق :
- يعني مينفعش نجذب الناس للقرية بتاعتنا غيرب الكباريه ده
قال "آدم" بحده :
- ماسموش كباريه .. ده مكان فيه رقص وشرب مش أكتر من كده متحسسنيش انى هفتح بيت دعارة فى القرية
قال "زياد" متبرماً :
- طيب انت حر .. مع انى مش مستريح للموضوع ده .. لان نوعية الناس اللى هتدخله مش هتبقى مظبوطة
قال "آدم" بنفاذ صبر :
- اللى مش مظبوط نظبطه أمال البودى جاردز اللى أنا جايبهم دول جايبهم ليه
أومأ "زياد" رأسه بعدم اقتناع ثم غادر المكتب

***********************************
توجهت "آيات" الى مكتب محامى والدها بالشركة .. لتسأله عن كيفية سحب أموال من حساب والدها تكفى للعملية .. فليس لها حساب خاص بها .. لكن المحامى صدمها بشدة عندما قال فى أسف :
- أنا عارف انها هتبقى صدمة بكيرة عليكي بس أنا مضطر أصارحك .. باباكى اتعرض لخسارة جامدة جداً .. الأرصدة كلها اتجمدت واتحجز على الفيلا والشركة وكل حاجة بإسم "عبد العزيز" بيه
نظرت اليه "آيات" مصدومة وقد فغرت فاها .. فاكمل قائلاً :
- لو ابتاعت الشركة بالفيلا بكل مشتملاتهم يدوبك هتقضى الدين اللى على باباكى لأن حجم الاستثمارات كان كبير جداً وللأسف سهمنا نزل جامد فى البورصة وكل يوم بينزل عن اليوم اللى قبله
غارت عيناها وقد عُقد لسانها من الصدمة لا تدرى ما تقول .. فقال المحامى :
- أنصحك يا آنسة "آيات" ببيع كل شئ عشان تسديد الديون .. لان كل ما اتأخرتى فى البيع كل ما السهم نزل أكتر
قالت "آيات" بنظرات دامعة :
- يعني ايه ؟ .. مفيش فلوس يعمل العملية ؟
قال المحامى :
- ممكن تستأذنى حد من أصحاب الدين انك تتأخرى شوية فى السداد .. بس لازم البيع فى أقرب وقت
قالت "آيات" بحيرة وأسى :
- ازاى يعني هبيع أنا مفيش حاجة بإسمى كل حاجة بإسم بابا
قال المحامى :
- أنا معايا توكيل منه .. بس محتاج آخد موافقتك .. على فكرة قبل ما والدك يدخل المستشفى كنا بنتكلم فى القطة دى وأكيد كان هيوافق على البيع
فكرت "آيات" بعقل مشتت .. لم تجد غير أن ستتمع الى كلام المحامى .. فقالت بأعين دامعة :
- خلاص حضرتك اتصرف .. المهم يكون معايا فلوس فى اقرب وقت عشان عملية بابا هتتكلم جامد
طمأنها المحامى قائلاً :
- متقلقيش ان شاء الله البيع ينتهى بسرعة .. بس ياريت تعملى حسابك وتفضى الفيلا فى اليومين الجايين
شعرت "آيات" بالحزن والألم والقهر لكنها تمتمت :
- انا لله وانا اليه راجعون اللهم اجرنى فى مصيبتى واخلف لى خيراً منها
خرجت "آيات" من مكتب المحامى لتركب سيارتها بآلية .. وصلت الى المستشفى وجلست فى الخارج بعدما رفض الطبيب السماح لها بالدخول .. جلست على أحد المقاعد تنهمر العبرات من عينيها فى ألم ولسانها لا يفتر عن الدعاء لوالدها والتضرع الى الله بشفاءه

********************************

يتبع........


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-10-15, 12:42 PM   #18

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

خرج "آدم" من مكتبه ليجد "ساندى" تتشاجر مع احدى الموظفات .. ثم أقبلت على "آدم" قائله بحدة :
- "آدم" البنت دى تطرد فوراَ
نظر "آدم" الى الفتاة الواقفة وقال :
- ملها عملت ايه ؟
قالت "ساندى" بتعالى :
- مش عايزه تسمع الكلام .. بقولها تدينى حسابات النزلاء عشان أراجعها رفضت .. بنت قليلة الأدب لازم تطردها
أمر الفتاة بالإنصراف ثم نظر "آدم" بغضب الى "ساندى" قائلاً :
- أنا هنا اللى اقول مين يمشى ومين يستنى .. وبعدين انتى عايزة الحسابات تراجعيها ليه ؟ .. مالك انتى ومال الحسابات .. انتى وظيفتك هنا فى العلاقات العامة وبس
قالت "ساندى" بحده :
- دى قرية بابا وأعلم فيها اللى أنا عايزاه
قال "آدم" بصرامة :
- اسمعى يا "ساندى" .. هتلتزمى بشغلك هنا وتبعدى عن طريق يبقى تمام ومفيش مشاكل .. أما لو فضلتى تدخلى فى اللى ميخصكيش يبقى تروحى تشتغلى فى شركة باباكى اللى فى القاهرة احسن
نظرت اليه "ساندى" بغيظ وقالت بحده :
- اظاهر ان انت نسيت ان دى قرية بابا وانت شغال عنده
قال "آدم" بعنف :
- لا دى قريتي زى ما هى قريته أنا شريكه مش شغال عنده
رمقها بنظرة غاضبه قبل أن يتركها وينصرف .. شعرت "ساندى" بالغضب الشديد .. فما كانت تتوقع تلك المعاملة من "آدم" بعدما ساعدتها على اقناع والدها بمشروعه

******************************

جلست "سمر" فى حجرة المعيشة أمام التلفاز .. سمعت صوت الباب يفتح خلفها .. دخلت والدتها وألقت السلام ثم قالت :
- فى غدا ؟
قالت "سمر" :
- أيوة يا ماما .. أقوم أسخنهولك
قالت والدتها :
- لا خليكي
دخلت والدتها وبدلت ملابسها ثم توجهت الى المطبخ .. تبعتها "سمر" ووقفت على باب المطبخ تنظر الى أمها .. فالتفتت اليها قائله :
- أخبار شغك ايه ؟
قالت "سمر" بخفوت :
- تمام الحمد لله
قالت والدتها :
- اتغديتي ؟
قالت "سمر" :
- أيوة من شوية
صمت كلاهما لفترة قبل أن تقطع "سمر" هذا الصمت قائله :
- ماما .. هو انتى متعرفيش أى حاجة عن بابا ؟
وقع الطبق من يد والدتها ليتفتت الى أشلاء .. حاولت جمعه فانجرحت يدها .. أسرعت "سمر" بمساعدة أمها قائله :
- خليكي .. انا هشيله
نظفت "سمر" مكان الطبق المكسور .. ثم نظرت الى والدتها التى علا الغضب وجهها .. ثمق الت :
- ايدك كويسه
قالت أمها :
- أيوة
ثم التفتت اليها قائله بحزم :
- مش عايزه أسمع سيرة الراجل ده تانى .. ماشى يا "سمر" ؟
قالت "سمر" بألم :
- أنا بس عايزه أعرف هو ليه مبيسألش عننا يني خلاص نسانا
صاحت امها قائله :
- أيوة نسانا ومعدناش لازمينه .. ومش عايزه أسمع كلمه واحده عنه بعد كده
خرجت أمها المطبخ مسرعة لتدخل غرفتها باكية .. تبكى شعوراً لا يوصف بالظلم والقهر والخيانة .. يااه ما أقسى الخيانه .. عندما تأتى من أقرب الأشخاص اليك .. تكون مرارتها كالعلقم .. وألمها كحد السكين .

************************************

جلست "آيات" مع "أسماء" فى الفيلا .. قالت "أسماء" تواسيها :
- معلش يا "آيات" .. ربنا يقوم عمو بالسلامة
قالت "آيات" باكية :
- أنا مش عايزه غير كده .. مش مهم أى حاجه خالص .. المهم هو يقوم بالسلامة
ابتسمت "أسماء" مشجعة وقالت :
- ان شاء اليه هيقوم بالسلامة
ثم قالت :
- هتعملى ايه فى فلوس العمليه
قالت "آيات" بحزن وأسى :
- المحامى هيبيع كل حاجة ونستأذن حد من أصحاب الدين انى أأجل الدفع شويه .. مع انى خايفه أوى يرفضوا
قالت "اسماء" :
- وليه متطلبيش دهبك من دكترو "آدم" ؟
خفق قلب "آيات" بقوة وهى تستمع الى اسمه .. ثم ما لبثت أن شعرت بالضيق .. فقالت "أسماء" بحزم :
- انت محتاجة كل مليم واكيد دهبك ده هيفك ضيقه .. اطلبيهم منه
صمتت "آيات" قليلاً ثم قالت بحزن وتهكم :
- تفتكرى لو طلبتهم منه هيرجعهملى
قالت "أسماء" بحده :
- اطلبيهم يا "آيات" .. ولو مرجعهمش يبقى منه لله بجد
تنهدت "آيات" وهى تشعر بالحيرة ثم قالت بوهن :
- مش قدامى فعلاً غير كده .. مع انى حسه انه مش هيرجعهملى
قالت "أسماء" مشجعة :
- كلميه دلوقتى
أمسكت "آيات" هاتفها وهى تشعر بالإضطراب والتوتر .. هل هى ستسمع صوته بعد كل تلك المدة .. لولا ضيقتها ما فكرت فى الإتصال به قط .. فآخر ما تريده هو سماع صوته .. أو التحدث معه .. اتصلت فلم يجب أحد .. عاودت الإتصال فلم يجب .. تنهدت بحسرة وهى تقول بمراراة :
- أكيد عارف انها أنا وانى هطلب دهبى .. قولتك مش هيرجعهم
قالت "أسماء" وهى تخرج هاتفها :
- طيب كلميه من رقمى
انتظرت "آيات" لبعض الوقت ثم حاولت الاتصال به من هاتف "أسماء" ثم قالت :
- برده مبيردش
قالت "أسماء" وهى تنهض :
- ان شاء الله يرد .. أنا همشى بأه يا "آيات"
وقفت "آيات" قائله بوهن :
- طيب يا "أسماء" وأنا هطلع أنام شوية وآخد دش وبعدين هنزل أروح المستشفى أبات مع باباها هناك يمكن يفوق ولا حاجه
عانقتها "أسماء" قائله :
- متخفيش ان شاء الله هيقول بالسلامة
تنهدت "آيات" بعمق قائله :
- يارب يا "أسماء" يارب

*************************************

كانت "أسماء" جالسه فى فراشها شاردة تفكر فى حالها وفى وضعها هى و "آيات" .. أرهقها التفكير فقامت واغلقت المصباح وتمددت على فراشها تحاول النوم .. فجأة "هانى" يدخل عليها الغرفة ويغلق الباب خلفه .. صاحت قائله :
- امشى اطلع بره
أشار "هانى" الى فمه بإصبعه وقال مهدداً :
- لو صرختى زى المرة اللى فاتت هقول ان انتى اللى طلبتى آجيلك أوضتك
فكرت "أسماء" فى كلامه .. لو فعل ذلك فستطرد من البيت شر طرده .. بكت قائله :
- حرام عليك سيبنى فى حالى بأه
اقترب من الفراش فانزوت به أكثر .. قال وعينيه تلمعان فى ظلام الغرفة :
- أسيبك ايه هو أنا عبيط .. حد يشوف الحلاوة دى كلها أدامه ويسيبها
شدت "أسماء" الغطاء عليها أكثر .. لكنه جذبه وأزاحه عنها .. بكت قائله :
- حرام عليه ده أنا بنت خالتك
قال بغلظة وهو يتلمسها بيده :
- مبلاش تمثيل بأه منتى لو واحدة محترمة مكنتيش أعدتى بلبس زى ده فى بيت فيه شابين
نظرت "أسماء" الى البنطلون والبادى نصف الكم الذى ترتديه وتتجول به فى البيت بلا حرج وهتفت باكية :
- أنا لابسه عادى مش وحش .. وانتوا ولاد خالتى مش حد غريب .. حرام عليك
لم يعبأ ببكائها ولا بتوسلاتها وقال بتهكم :
- متخفيش مش هأذيكي .. ده ان كنتى لسه سليمة أصلاً
شعرت بأنفاسه الكريهة المعبأة برائحة الدخان تلفح وجهها وتكتم أنفاسها وشهقات بكائها المرير .. شعرت بالعجز والضعف وقلة الحيلة وهى تعلم أن مصيرها ان لم تطيعه هو الطرد من البيت بفضيحة تشوه سمعتها أمام الجميع .. شعرت بالنفور والتقزز منه ومن نفسها بكت وتوسلت وترجته أن يتركها .. لكنه ظل يعبث بها الى ان اكتفى .. شعرت "أسماء" برغبة شديدة فى التقيؤ فلم تستطع أن تكبح جماح نفسها فمدت رأسها بجوار الفراش لتأتى بكل ما فى بطنها المضطرب .. قال "هانى" بتقزز وهو يغادر :
- قرفتيني الله يقرفك .. وبعدين زى ما وعدتك أهو صاغ سليم
خرج من غرفتها ليتركها باكية بحرقة وهى تكاد تختنق وتغمض عينيها بشدة علها تتناسى تلك الدقائق الكريهة وما حدث فيها .. نهضت مسرعة الى دولاب ملابسها وارتدت على عجالة وأخذت ما استطاعت أن تصل اليه يدها من ملابسه وخرجت من البيت مسرعة دون أن تهتم بإيقاظ والدتها وابلاغها برغبتها فى الرحيل

******************************************


فى وسط الإحتفال فى الملهى الليلى الجديد الملحق بقرية جولدن بيتش .. قال "زياد" لـ "آدم" بصوت مرتفع حتى يتمكن من سماعه :
- كله تمام ومفيش مشاكل
ابتسم "آدم" قائلاً :
- كويس وأنا شايف ان معظم اللى هنا مش نزلاء القرية .. بس أكيد هيبقوا نزلاء من بكرة
قال "زياد" مبتسماً :
- شكلنا فعلاً هناكل السوق هنا
ضحك "آدم" قائلاً :
- طبعا يا ابنى كلها فترة صغيرة وميبقاش فى العين السخنة الا قريتنا
ثم قال بحماس :
- ولسه كمان لما الاعلانات الجديدة تنزل فى التى فى
قال "زياد" وهو يحتسى كوب عصير :
- هتنزل امتى
قال "آدم" بحماس :
- من الاسبوع الجاى ان شاء الله ده غير العروض اللى عاملينها للعائلات .. ان شاء الله فى أقل من شهر القرية هتكون كومبليت
ابتسم "زياد" قائلاً :
- أنا كمان متوقع كده
قال "آدم" وهو يبحث بيعينه عن "شكرى" :
- أمال فين "شكرى"
قال "زياد" :
- كان هنا من شوية
أخرج "آدم" هاتفه ليتصل به .. لكنه تجمد فى مكانه وقد تعلقت عيناه بالهاتف .. ترك من كوب العصير الذى كان ممسكاً به وهو لا يبعد نظره عن الهاتف .. انتبه "زياد" لنظراته فقال بقلق :
- ايه فى حاجه ؟
لم يجيبه "آدم" بل أسرع لمغادرة الملهى وابتعد عن الضوضاء .. أخذ ينظر الى اسم "آيات" بهاتفه وقلبه يخفق شوقاً وخوفاً ورهبة .. تُرى لماذا اتصلت به .. أعاد الاتصال بها بلهفة وشوق .. خرجت "آيات" من الحمام وهى تلف منشفتها حولها وأسرعت بإلتقاط هاتفها الموضوع على الفراش .. نظرت الى رقم "آدم" وهى تشعر بتوتر بالغ واضطرب تنفسها .. جلست على فراشها وهى تحاول أن تنظم تنفسها لتستطيع التحدث معه .. انتهى الرنين .. وعندما أوشكت على الاتصال به وجدته يتصل .. أخذت نفساً عميقاً ثم ردت قائله :
- ألو
ابتسم "آدم" بسعادة عندما سرى صوتها الرقيق الى أذنه .. قال بلهفه :
- ازيك يا "آيات" ؟
حاولت "آيات" التحدث بصوت طبيعي واخفاء توترها واضطرابها .. قالت بسرعة حتى لا تهرب الكلمات منها :
- الحمد لله .. أنا كنت بتصل عشان الأمانه بتاعتى اللى عند حضرتك
أخذت "آيات" تضم أصابع يدها بقوة الى قبضتها .. كانت تشعر بتوتر بالغ .. يالله لكم تحتاج الى ذهبها الآن لتستطيع جمع المال من أجل العملية الجراحية التى تتوقف عليها حياة والدها .. خافت بشدة .. خافت أن يرفض اعادتهم اليها .. اضطرب تنفسها عندما صمت .. طال صمته .. تجمعت العبرات فى عينيها وأخذت بالتساقط .. ماذا ينتظر .. أينتظر أن تترجاه أن يعيدهم اليها .. ان كان هذا ما يريده فستفعل .. من أجل أن تنقذ والدها .. همت بالتحدث لترجوه ان يعيدهم اليها فهى فى أمس الحاجة اليهم .. لكنه سبقها قائلاً بصوته الرخيم :
- أكيد طبعاً
لم تصدق أذنها .. أكمل قائلاً :
- أنا مكنتش عارف أرجعهملك ازاى .. من يوم اللى حصل وأنا معرفتش أشوفك وكمان خفت أديهم لوالدك عشان ميعرفش اللى انتى عملتيه .. خفت يأذيكي لما يعرف انك اديتيهملى
تنهدت "آيات" براحة ومسحت عبراتها .. فأكمل "آدم" قائلاً :
- انا دلوقتى فى العين السخنة مش فى القاهرة
قالت "آيات" بسرعة :
- مفيش مشكلة ابعتهملى مع أى شركة شحن
صمت "آدم" يفكر .. شعر بأنه لا يريد أن يضيع تلك الفرصة .. الفرصة الوحيدة التى من الممكن أن يلتقى فيها بـ "آيات" .. والتحدث معها ورؤيتها .. لم يكن أبداً ليضيع تلك الفرصة من يده .. قال "آدم" :
- أنا جاى بكرة القاهرة .. هديهملك بنفسي
قالت "آيات" وهى تشعر بالتوتر :
- مفيش داعى ابعتهم مع أى شركة أو حتى بالبريد السريع
قال "آدم" وهو يبحث عن حجه :
- لا طبعاً مينفعش ده دهب افرضى الطرد ضاع أو حد سرقه
قالت "آيات" بإستسلام :
- طيب خلاص
قال "آدم" برقه :
- خلاص أنا جاى بكرة وأول ما أوصل القاهرة هكلمك
قالت بهدوء :
- ماشى .. مع السلامة
انهت "آيات" المحادثة وهى تشعر وكأن حملاً ثقيلاً زيح عن صدرها .. أسرعت بإرتداء ملابسها والذهاب الى المستشفى حيث والدها المريض

**************************************

طرقت "أسماء" بيت والدها بلهفة .. الى أن فتحت لها زوجته وهى تقول بغضب :
- ايه فى ايه يا بنت انتى فى حد يخبط على حد فى نص الليل ؟
قالت "أسماء" الباكية :
- فين بابا ؟
همت بالدخول فأوقفتها زوجته وهى تقول :
- عندك عندك فى ايه هو أنا سمحتلك تدخلى
صاحت "أسماء" قائله :
- بقولك فين بابا
ثم نظرت الى الداخل وهى تهتف :
- بابا .. بابا .. بابا
قالت زوجته بحده :
- باباكى مش موجود .. باباكى مسافر .. وكفاية قلة أدب بأه هتصحى الجيران .. اتفضلى امشى من هنا
أغلقت الباب فى وجهها .. فظلت "أمساء" تطرق الباب دون أن تجيبها .. أخرجت "أسماء" الهاتف لتتصل بوالدها لكنها وجدت الخط مشغول .. كان والدها فى تلك اللحظة يتحدث مع زوجته التى اتصلت به قائله :
- شوفت بنتك عملت ايه .. جايه تفضحنى وسط العمارة وعماله تزعق وتشتم وآخر سفالة وقلة أدب
قال زوجها بحده :
- هى فين
قالت زوجته بصوت باكى :
- خفت منها افلت الباب عليا .. شكل أمها هى اللى قايلالها تعمل كده قولتلك مش هتسيبنا فى حالنا .. طلقها بأه خلينا نخلص من القرف ده
صاح زوجها بغضب :
- مش هطلقها وأعلى ما فى خيلها تركبه .. اقفلى دلوقتى
جلست "أسماء" على السلم تتصل بوالدها كل دقيقة الى أن وجدته يتصل بها .. قالت بلهفه :
- بابا أنا .........
قاطعها والدها وهو يصرخ بغضب :
- انتى ازاى يا بنت انتى تروح لمراتى وأنا مش موجود وتزعقيلها كده
قالت "اسماء" باكية :
- أنا مزعقتش أنا كنت بنادى عليك كنت فاكراك جوه
هتف والدها بعنف :
- روحى قولى لأمك الكلام ده ميجيش معايا .. ومش هطلق وخليها كده زى الكلبه
قالت "أسماء" وقد تعالت شهقات بكائها :
- مش ماما اللى بعتانى والله .. أنا اللى جايه لوحدى
قال واحدة بغلظة :
- طيب ارجعى لأمك تانى واياك أشوفك بتهوبى نحية مراتى تانى
لم يعطيها فرصة للرد أنهى المكالمة وأغلق الهاتف .. أخذت أسماء" تيكى الى أن أجهدها البكاء .. نهضت بتثاقل حاملة حقيبتها .. سارت فى الشارع الخالى المظلم وهى لا تدرى ما تفعله .. فها هى صديقتها "آيات" تمر بظروف صعبة هى الأخرى .. وعلى وشك الطرد من بيتها بعد أيام .. ووالدها ملقى فى المستشفى لا تستطيع أن تدبر تكلفة علاجه .. لمن تذهب .. بمن تلجأ .. سارت لا تعرف وجهتها .. الى أن قابلها أحد الرجال الذى نظر اليها بطريقها أشعرتها بالخوف الشديد و بالنفور .. تذكرت نظرات "هانى" الخبيثة وأنفاسه الكريهة .. وقفت بجوار أحد الأعمدة لتأتى بما فى معدتها من جديد .. تساقطت العبرات فوق وجهها وهى تشعر بأن ليس أمامها سوى العودة الى بيت جدها .. إما بيت جدها .. وإما الشارع .. حيث الكلاب المسعورة فى كل مكان !


**************************************

فى اليوم التالى استعد "آدم" للسفر وأخبر "زياد" بضرورة توجهه الى القاهرة لإعادة مصوغات "آيات" اليها ثم قال بلهفه :
- ادعيلي يا "زياد" ان المقابلة دى تكن نتيجتها حلوة
قال "زياد" :
- بصراحة مش متفائل بس يارب
قال "آدم" وهو يعدل من ربطة عنقه :
- تفتكر دى حجة عشان تكلمنى .. يعنى هى فعلاً لو عايزه الدهب بتاعها كانت خلت باباها يكلمنى ويطلبه .. مش هى تكلمنى بنفسها مش كده ؟
قالت "زياد" مفكراً :
- يمكن خافت تقول لباباها انها ادتلك دهبها
قال "آدم" :
- تفتكر يا "زياد" ممكن نرجع أنا وهى لبعض تانى ؟
قال "زياد" بحزن :
- مش عايز أحبطك بس أنا شايف ان ده مستحيل
قال "آدم" وهو ينظر الى "زياد" :
- بس هى بتحبنى أوى يا "زياد" .. انت متعرفش "آيات" بتحبنى ازاى .. ولا أد ايه هى طيبة وحنينة
صمت ولاحت ابتسامه على شفتيه وهو يقول :
- وحشتنى أوى .. مش مصدق انى أخيراً هشوفها
أسرع "آدم" متوجهاً الى سيارته التى انطلق بها فى طريقه الى القاهرة .. بمجرد وصوله اتصل بـ "آيات" قائلاً :
- أنا وصلت يا "آيات" تحبي نتقابل فين ؟
قالت "آيات" :
- تعالى الفيلا
صمت "آدم" قليلاً ثم قال :
- مينفعش نتقابل فى مكان بره
قالت "آيات" بحزم شديد :
- لأ
ثم قالت :
- لما توصل الفيلا رنلى
أنهت "آيات" المكالمة وهى تنظر الى الشرفة فى انتظاره .. بعد ما يقرب من النصف ساعة رأت سيارته تقترب من الفيلا .. شعرت بقلبها يخفق بشده داخل صدرها .. أسعرت الى الداخل حتى تتجنب رؤياه ثم نادت دادة "حليمة" وقالت لها :
- وصل يا دادة
همت "حليمة" بالخروج فأسرعت "آيات" قائله :
- دادة زى ما فهمتك
قالت "حليمة" :
- متقلقيش يا بنتى
توقف "آدم" أمام بوابة الفيلا وهو ينظر اليها .. نزل من سيارته وهو يتصل بـ "آيات" التى لم تجيب .. رآى "حليمة" مقبلة تجاهه .. توقفت أمامه قائله :
- الآنسة "آيات" بعتتنى آخد الأمانة بتاعتها
نظر "آدم" اليها بضيق ثم القى نظرة على الفيلا وقال :
- طيب هى مينفعش تخرج تاخدها بنفسها
ٌقالت "حليمة" بحزم :
- لا مش هينفع
شعر "آدم" بالضيق الشديد فقد كان يمنى نفسه برؤياها وبالحديث معها .. توجه الى سيارته وأحضر العلبة وأعطاها الى "حليمة" وما كادت لتتلفت لتغادر حتى أوقفها قائلاً :
- "آيات" كويسة ؟
نظرت اليه "حليمة" بحزم وقالت بترفع :
- أوية كويس .. كويسة أوى
دخلت "حليمة" الى الفيلا فهبت "آيات" واقفة وقالت بلهفه :
- ها يا دادة ادهالك ؟
أعطتها "حليمة" العلبة فتتحتها "آيات" بلهفة تتمم على محتوياتها ثم ابتسمت قائله :
- الحمد لله كل حاجة موجودة
قالت "حليمة" بتردد :
- سألنى عليكي
نظرت اليها "آيات" قائله :
- وقولتيله ايه ؟
قالت "حليمة" :
- قولتيله زى ما نبهتى عليا .. انك كويسة ومجبتلوش سيرة عن أى حاجة خالص
أومأت "آيات" برأسها .. قالت "حليمة" بطيبة :
- ليه ما قولتيلوش انك فى ضيقة يا بنتى ؟
نظرت اليها "آيات" بحده قائله بمرارة :
- أقوله عشان يشمت فيا .. ده واحد بيكرهنى أنا وبابا يا دادة .. لو عرف اللى حصلنا هيشمت فينا
نهضت تنظر من باب الشرفة النصف مفتوح .. رأته مازال واقفاً أمام سيارته ينظر فى اتجاه الفيلا .. رجعت الى الخلف بسرعة حتى لا يراها .. بعد عدة دقائق سمعت صوت السيارة .. نظرت من جديد لتراه يرحل ويبتعد من أمام ناظريها .. تابعته بعينيها الحزينتين الى أن اختفى من أمامها .. ثم توجهت الى خارج الفيلا وقادت سيارتها الى حيث محل الذهب لبيع كل ما تملكه من هذه الدنيا من أجل انقاذ والدها

****************************************
انطلق "آدم" بسيارته فى شوارع القاهرة وهو يشعر بالحزن والأسى .. ألهذه الدرجة تكره رؤيته .. لماذا لم تدعه يراها ويتحدث اليها .. لماذا لا تسمع منه مثلما سمعت عنه .. شعر بالضيق الشديد لأنه شعر بأنه فقد كل الخيوط التى توصله اليها .. توجه "آدم" الى بيت والدته .. تلك المرأة الطبية التى تحملت منه الكثير والتى يشعر بأنه ظلمها بشدة .. نظر الى البيت بشوق .. صعد الدرجات الى أن وصل الى الباب المكسور .. شعر بالدهشة وهو يفتح الباب الذى لم يكن مغلقاً .. رآى علامات الكسر على الباب ومحتويات البيت المبعثرة .. أخذ ينادى على والدته بفزع :
- ماما .. ماما
لم يجدها .. لا اثر لها .. هاله الدماء التى كانت تغطى أرض غرفة والدته .. وأرض الصاله .. كاد أن شجن .. أسرع بطرق باب الشقة المقابلة بلهفة وخوف وجزع .. فتحت جارته فقال لها :
- أنا "آدم خطاب" متعرفيش فين ماما ؟
قال ذلك وهو يشير الى شقة والدته .. فقالت المرأة بأسى :
- واحد ابن حرام طلع عليها بالليل وسرق كل اللى حيلتها وشكلها كانت هتصوت وتفضحه فخبطها على دماغها ونقلوها على المسشتفى
شعر "آدم" بفزع وخوف شديد قال بلهفه :
- هى فين .. مستشفى ايه ؟
ٌقالت المرآة :
- والله يا ابنى معرف .. اسأل اسطة "عبده" المكوجى هو الى طلبلها الاسعاف .. وهو نازل من فوق شاف باب الشقة مكسور ولما دخل لقاها غرقانه فى دمها
أسرع "آدم" بالتوجه الى الرجل الذى قال بغضب :
- كنت فين يا ابنى وأمك مرمية لوحدها كده .. لا حول ولا قوة الا بالله .. خلاص معدش فى قلوبكوا رحمه
قال "آدم" بأعين دامعة وصوت أجش :
- هى فين .. وديتها مستشفى ايه ؟
أخبره الرجل عن المستشفى الحكومى التى نقلت سيارة الإسعاف أمه اليها .. أسرعب التوجه الى المستشفى والعبرات تغطى وجة المتألم .. أوقف السيارة ودخل مسرعاً يبحث عنها .. الى ان وجدها نائمة على احد الأسرة وقد عصبت لفافة بيضاء حول رأسها .. اقترب منها يبكى بحرقة وهو يتحسس رأسها ويدها .. حاول منادتها فلم تستجب .. التفت الى احدى الممرضات قائلاً بلهفه :
- لو سمحتى .. عايز الدكتور اللى متابع حالتها
قالت الممرضة ببرود وهى تلوك اللبان فى فمها :
- الدكتور مشى
قال "آدم" بحده :
- طيب أنا عايز أعرف حالتها أسأل مين هنا
نظرت الممرضة الى الأوراق المعلقة على طرف فراشها بلامابلاة ثم قالت :
- متقلقش ان شاء الله هتبقى كويسة
قال "آدم" بحزم :
- لو سمحتى أنا عايز أعرف حالتها بالظبط
قالت الممرضة بحنق :
- شايفنى دكتورة أمامك .. أنا ممرضة يا اخويا .. قولتلك هتبقى كويسة .. لما يبقى الدكتور يفوت بكرة ابقى اسأله
نظر اليها "آدم" بغضب وهى تبتعد .. لم ينتظر أكثر بل أزاح الغطاء عن والدته الذى انبعثت منه رائحة كريهة .. وحملها مسرعاً وتوجه بها الى الخارج .. صاحت احدى الممرضات :
- انت يا أفندى واخدها ورايح بيها على فين ؟ .. ده مجنون ده ولا ايه
لم يعبأ "آدم" لكلامها وتوجه الى السيارة وانطلق بها الى احدى المستشفيات التى يعرفها .. دخل المستشفى فأسرعت الممرضة بإحضار الترولى وتوجهت بها الى غرفة الفحص .. دخل "آدم" غرفة الفحص وقال للطبيب بصوت مضطرب للغاية :
- قالولى ان حرامى خبطها على دماغها وودوها المستشفى بس معرفتش حالتها هناك ومحدش كان متابعها فجبتها وجيت على هنا
طمأنه الطبيب وطلب من الممرضة آشعة لمعرفة هل تعانى من كسور بالجمجمة أم لا .. وبمدى خطورة حالتها
جلس "آدم" خارج الغرفة وهو يسند جبينه الى قبضتيه وهو يغمض عينيه بقوة .. حاول أن يدعو الله لها .. لكن توقفت الكلمات على لسانه وأبت أن تخرج .. هتف صوت بداخله .. كيف ستدعوه يا "آدم" .. كيف ؟! .. أوتظن أنه سيستجيب لك ؟!

*****************************************
توجهت "آيات" الى المستشفى بعدما تمكنت من بيع مصوغاتها الذهبية ودفعتهم تحت حساب العملية .. ما كادت تتوجه الى غرفة والدها بالعناية المركزة حتى قالت لها الممرضة :
- والدك تعب أوى .. وحولنا نتصل بيكي مردتيش
صاحت "آيات" بأعين دامعة :
- ايه ؟ .. موبايلى نسيته فى البيت .. حصله ايه ؟
خرج الطبيب فأسرعت تقول بلهفه :
- بابا ماله يا دكتور
قال الطبيب :
- لازم العملية تتعمل النهاردة خلاص معدش ينفع انتظار اكتر من كده
قالت "آيات" باكية :
- أنا دفعت مبلغ تحت الحساب دلوقتى وان شاء الله هجيب باقى الفلوس
أعطاها الطبيب ورقة لتمضى عليها قائلاً :
- طيب امضى على موافقتك اجراء العملية
أغمضت "آيات" عينيها تستخير ربها عز وجل .. ثم .. مضت الورقة وسملتها الى الطبيب .. جلست "آيات" على أحد المقاعد وهى تهتف من أعماق قلبها المكلوم :
- يارب اشفيه يارب .. انت قادر على كل شئ .. يارب استجبلى واشفيه يارب


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-10-15, 12:50 PM   #19

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 16 )



بعد فترة طويلة من الإنتظار شعر "آدم" بالتوتر الشديد مد يده الى جيبه ليشعل احدى سجائره .. إلا أنه تذكر وجوده فى المستشفى فأعاد العلبة الى جيبه مرة أخرى .. نهض من مقعده وهو يدور حول نفسه كالطير الجريح .. كان التوتر قد أخذ منه مبلغه .. وأخيراً انفتح الباب .. وخرجت والدته من حجرة الآشعة على الترولى .. كانت قد بدأت فى الإفاقة قليلاً .. قال "آدم" للطبيب بلهفة :
- خير يا دكتور ؟
قال الطبيب :
- لا اطمن ان شاء الله بسيطة .. بس المسكن اللى خدته مكنش كافى ففقدت وعيها من شده الألم
شعر "آدم" بالألم وهو يقول بندم شديد :
- أنا السبب
ثم نظر الى الطبيب قائلاً :
- طيب والآشعة اللى حضرتك عملتها على راسها ؟
قال الطبيب :
- لا متقلقش الحمد لله الوضع مطمئن .. بس أهم حاجة ترتاح كويس الفترة اللى جايه
قال "آدم"
- حاضر يا دكتور
توجه "آدم" الى غرفة والدتها .. رآها وقد فتحت عيناها وتدور بهما فى الغرفة .. اقترب منها ببطء .. فالتفتت تنظر اليه .. ما كادت العبرات تقفز الى عينيها حتى قفزت الى عينيه هو الآخر .. اقترب منها وجلس بجوارها وقبل رأسها المضمد ويديها ودموعه تغرقهما وهو يقول بصوت مرتجف :
- أنا آسف يا ماما .. بجد آسف
بللت العبرات وجهها وشهقات بكائها تمزق قلبه فنظر اليها بتأثر قائلاً :
- أنا عارف ان أنا ابن عاق .. ادعيلى ان ربنا يهديني
تحدثت أمه بصوت واهن وهى تقول :
- بدعيلك يا "آدم" .. بدعيلك يا ابنى ان ربنا يهديك ويكفيك شر نفسك
قبل يديها مرة أخرى ثم مسح العبرات المتساقطة فوق وجهه قائلاً بحزم :
- بمجرد ما صحتك تتحسن .. هاخدك تيجي تعيش معايا .. مش ممكن أسيبك هنا تانى
ابتسمت أمه وأجهشت فى البكاء وهى تقول :
- وحشتنى أوى يا "آدم"
شعر "آدم" برغبة قوية فى البكاء .. رغبة لم تجتاحه من قبل كما هى الآن .. شعر بشئ محبوس بداخله يخنقه ويتمنى أن يخرج .. وضع رأسه فوق كتف والدته وأجهش فى البكاء .. ربتت أمه بيدها على شعره وهى تلف ذراعيها حوله كالطفل الصغير .. علت شفتيها ابتسامه من بين دموعها وهى تضمه اليها بشدة خشية أن يبتعد عنها مرة أخرى .. قالت أمه بصوت مرتجف :
- ربنا يهديك يا "آدم" .. ربنا يهديك
رفع "آدم" رأسه ونظر اليها بوجهه الباكي قائلاً :
- مسامحانى ؟
نظرت أمه اليه بحنان قائله :
- لما تبقى أب هتعرف ان ابنك ده حته منك مينفعش تغضب عليه عشان رضاك عليه من رضا ربنا فمش هيجيلك قلب تفضل غضبان عليه .. وهتسامحه وتاخده فى حضنك .. ومهما عمل فيك هتفضل تحبه وتدعيله
قبل "آدم" رأسها برفق وقال بتأثر :
- أنا مستهلكيش على فكرة
أمسكت وجهه بين كفيها وقالت بحزم :
- لا تستاهل .. بس ارجع "آدم" ابنى .. وسيبك من الطريق اللى انت ماشى فيه ده
تنهد "آدم" بحزن .. ثم نظر اليها قائلاً برقه :
- نامى دلوقتى .. الدكتور قال انك محتاجه راحه .. ومتقلقيش هفضل جملك لحد ما تقومى بالسلامة وأخدك معايا
ابتسمت أمه بسعادة وهى تنظر اليه وتتأمله .. تشبع شوقها اليه طوال الفترة السابقة

**************************************
ظلت "آيات" تدعو وتستغفر الله عز وجل وهى تنتظر خروج والدها من حجرة العمليات .. مرت ساعة وراء ساعة ونار الإنتظار تأكلها وتنهش فيها .. تنظر الى الباب المغلق وتتمنى أن يتحرك ويُفتح .. ظلت تنظر اليه تأمره بعينيها أن ينفتح .. الى أن استجاب لها .. خرج الطبيب فنهضت بلهفة تسأله وعيناها حمراوين من شدة البكاء .. قالت بصوت مبحوح :
- بابا عامل ايه دلوقتى يا دكتور ؟
التفت الطبيب حوله ثم قال :
- انتى مفيش حد من قرايبك معاكى ؟
هزت "آيات" رأسها نفياً وهى تقول بضعف :
- لا أنا مليش حد غير بابا
نظر اليها الطبيب بشفقة .. فقالت تحثه على الكلام وهى تمسح الدموع التى تبلل وجهها :
- هو كويس ؟ .. هيخرج امتى ؟
تنهد الطبيب وقال بحنو :
- معلش يا بنتى .. البقاء لله
تسمرت "آيات" فى مكانها .. تنظر الى الطبيب وقد حبست أنفاسها .. بدت عيناها كبئرين ماء امتلآ على آخرهما .. تمتمت قائله :
- ايه ؟
نظر اليها وقد أشفق على حالها فقال بأسى :
- قلبه متحملش العملية .. للأسف اتوفى
لم ترفع "آيات" عيناها عن الطبيب .. أخذت دموعها تتساقط وهى تكرر :
- ايه ؟
نادى الطبيب احدى الممرضات وقد شعر بالقلق على "آيات" .. قال لها :
- خليكي معاها متسبيهاش
استمرت "آيات" فى النظر اليه ودموعها لا تتوقف عن الإنهمار .. ورددت للمرة الثالثه :
- ايه ؟ .. بتقول ايه ؟ .. فين بابا ؟
اضطرب تنفسها وهى تحاول أن تستوعب ما قاله نظرت الى غرفة العمليات وأخذت تنادى :
- بابا .. بابا .. اخرج يا بابا أنا مستنياك
حاولت الممرضة أن تمسك ذراعيها لتبعدها عن غرفة العمليات .. فنفضت "آيات" ذراعيها منها بقوة وهى تصيح :
- بابا .. بابا اطلع أنا مستنياك
حاولت اقتحام غرفة العمليات لكن الطبيب أمسكها وهو يصيح فى الممرضة :
- هاتيلى حقنة مهدئ بسرعة
أجهشت "آيات" فى البكاء وهى تصرخ بأعلى صوتها :
- بابا .. بابا اطلع .. بابا
قال لها الطبيب وهو يحاول أن يهدئها :
- لا حول ولا قوة الا بالله .. اهدى يا بنتى
خارت قواها على الأرض وهو ممسكاً بها وأخذت تصيح :
- بابا اطلع بأه .. بابا اطلع
التف حولها عدد من الممرضات .. اخذت تبكى بحرقة .. حملوها الى الترولى وأدخلوها احدى الغرف ومازالت صيحات بكائها تشق قلب من يسمعها

*****************************************

أمضت "أسماء" الليل فى غرفتها وهى جالسه فوق فراشها تبكى قهراً .. أزاحت التسريحة ووضعتها خلف الباب حتى لا يتمكن ابن خالتها من الدخول مرة أخرى الى غرفتها .. فى الصباح تخيرت "أسماء" عباءة واسعة ارتدتها وارتدت فوقها حجابا طويلا وخرجت من الغرفة .. تجمعت الأسرة حول طاولة الطعام .. لمحت نظرات السخرية فى عيني "هانى" وهو ينظر الى ملابسها .. تذكرت أحداث الليلة الماضية فلم تجد فى نفسها رغبة فى تناول الطعام .. نهضت وتوجهت الى غرفتها بعدما طلبت من خالتها مفتاح لغرفتها فقالت لها :
- عايزاه ليه ؟
قالت "أسماء" بإرتباك :
- عادى يا خالتو
قالت خالتها بلا مبالاة :
- هبقى أدورلك عليه
دخلت "أسماء" غرفتها وأغلقتها مرة أخرى بالتسريحة .. تعلم بأنه لن يجرؤ على افتحام غرفتها فى وضح النهار لكنها لم يكن لديها استعداد للمخاطرة .. فتحت الشرفة وخرجت تستنشق الهواء الساخن .. الذى ألهب عينيها ففاضت دموعها مرة أخرى .. قالت لنفسها :
- هى مش هتتحل بأه يا "أسماء" !

*****************************************

ساعد المحامى "آيات" فى اجراءات الدفن .. خانتها ذاكرتها فلم تتصل بـ "سراج" لتخبره بوفاة أخيه .. ولا حتى بـ "أسماء" .. كانت فى دنيا غير الدنيا .. ولولا وجود دادة "حليمة" بجوارها لماتت فى بيتها جوعاً أو حزناً دون أن يشعر بها أحد .. سقطت مغشياً عليها مرات عدة فأسرعت دادة "حليمة" بمساعدتها وبمداواتها .. دُفن "عبد العزيز" فى مقابر العائله .. عادت "آيات" الى الفيلا الخالية .. أخذت تنظر الى كل ركن فيها بألم .. فكل مكان بها يحمل ذكرى لها مع والدها الحبيب .. جلست على فراشها متعبة مرهقة .. فقالت لها "حليمة" بإشفاق :
- أجبلك تاكلى يا حبيبتى
هزت "آيات" رأسها نفياُ وهى تضع رأسها على الوسادة وتغمض عينيها
مسحت "حليمة" بكفها على شعر "آيات" وهى تقول بحنان :
- طيب نامى دلوقتى يا بنتى ولما تصحى هحضرلك الغدا
لم تجد "آيات" فى نفسها رغبة لفعل أى شئ سوى .. النوم .. حيث تهرب من الواقع الى عالم الأحلام .. لكن واقعها اخترق حلمها بقوة لتقوم فزعة من نومها وهى تصرخ :
- بابا
هرولت "حليمة" من المطيخ قائله :
- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. انتى كويسة يا "آيات" ؟
قالت "آيات" بوهن :
- أيوة
جلست "حليمة" بجوارها .. فوضعت "آيات" رأسها على الوسادة مرة أخرى لتتساقط منها عبرات صامته .. مسحت "حليمة" وجه "آيات" المبلل .. ودون أن تشعر .. بكت هى الأخرى
نهضت "آيات" فى منتصف الليل وأمسكت مصحفها تقرأ من كتاب الله وقد فاضت عيناها .. نوت بقلبها اهداء ثواب تلك القراءة لأبيها .. لم تستطع أن تكمل .. قطع عليها بكائها القراءة .. كانت تشعر بألم يمزقها الى أشلاء .. كيف تتحمل فقدان أبيها .. لم يكن فقط أباً .. بل كان كل عائلتها وكل صحبها .. كان شعورها كمن فقد عائلته كلها فى يوم واحد .. أخذت ترفع يديها بالدعاء له بالرحمة والمغفرة

******************************************

أمضى "آدم" الاسبوع بجوار والدته فى المستشفى .. لم يتركها خلاله الا لفترات قصيرة ثم يعود اليها مرة أخرى .. تابع سير العمل بالقرية عن طريق الهاتف .. وتابعه "زياد" بالأخبار أولاً بأول .. كانت أمه سعيدة بهذا التغير وهذا الإهتمام منه .. قالت له فى احدى المرات وهى تنظر اليها متبسمه :
- ياه .. كنت وحشنى أوى يا "آدم"
ابتسم "آدم" فأكملت دامعة العينين :
- كان وحشنى ابنى اللى بيخاف عليا وبيهتم بيا .. كان وحشنى أوى
جلس "آدم" بجوارها قائلاً :
- طيب بلاش عياط علشان خاطرى
ابتسمت وهى تحاول اخفاء تأثرها وقالت :
- حاضر يا ابنى خلاص مش هيعط
ثم نظرت اليه قائله :
- شغلك مش متعطل يا "آدم" ؟
قال "آدم" :
- لا متقلقيش يا ماما أنا متابع كل حاجة بالتليفون .. وكمان "زياد" هناك فعشان كده مطمن
قالت أمه بسعادة :
- ما شاء الله هو "زياد" بيشتغل معاك
ابتسم قائلاً :
- أيوة
قالت أمه بحنان :
- طول عمركوا روحكوا فى بعض .. ربنا ما بيفرق بينكوا أبداً
قال "آدم" بمرح وهو ينظر الى هاتفه :
- أهو بيتصل ياريتنا كنا جبنا سيرة ربع جنيه
رد "آدم" قائلاً :
- أيوة يا "زياد"
قال "زياد" بتوتر :
- أيوة يا "آدم" .. ازى طنط عاملة ايه دلوقتى
قال "آدم" وقد انتبه لتغير صوته :
- أحسن الحمد لله .. ما صوتك .. فى حاجة حصلت ؟
تنهد "زياد" بضيق وبلهفة كما لو كان لا يستطيع الإنتظار أكثر ليخبره بما لديه :
- لازم تيجي تلحقنى بسرعة يا "آدم" فى حريقة فى القرية
صاح "آدم" وقد هب واقفاً :
- ايه .. حريقه ؟
نظرت اليه أمه بجزع وقالت :
- لا حول ولا قوة الا بالله
قال "زياد" بإضطرب :
- أيوة حريقة .. لسه المطافى ماشيه من شوية
صاح "آدم" قائلاً :
- فى حد مات ؟
قال "زياد" بسرعة :
- لا اطمن لا فى حد مات ولا حد اتصاب لان الكلام ده حصل بالنهار مكنش فى حد فى الملهى
صاح "آدم" بغضب بالغ :
- الملهى ؟ .. الحرقة كانت فى الملهى ؟
تنهد "زياد" قائلاً :
- أيوة النار مسكت فيه .. وللأسف المطافى جت متأخر وجزء كبير منه اتفحم
قال "آدم" بغضب هادر :
- مفيش غيره .. "عاصى" الكلب هو اللى عملها
قال "زياد" بقلق :
- متتهورش يا "آدم" لو سمحت أنا بلغت البوليس وهو أكيد هيعرف مين اللى عمل كده
قال "آدم" بعنف وبدا وكأنه لم يستمع الى كلمات "زياد" :
- أنا هوريك يا "عاصى" الكلب .. اذا كنت حابب شغل البلطجة معنديش أى مشكله اشرب بأه
كان "آدم" يغلى من الغضب فقالت له والدته بقلق :
- خير يا "آدم"
قال "آدم" بحده :
- مفيش شوية مشاكل فى الشغل متشغليش بالك يا ماما
قالت أمه وهى تنظر اليها بإشفاق :
- طيب يا حبيبى سافر انت متعطلش شغلك بسببى أنا بقيت كويسة
نظر "آدم" اليها بحزم قائلاً :
- مش هسيبك هنا يا ماما .. هتيجي معايا
ثم توجه الى الخارج قائلاً :
- هروح أسأل الدكتور إذا كان ينفع تسافرى ولا لأ

**************************************
صاحت "أسماء" بحده :
- انتى بتستعطبى يا "آيات" بجد زعلتيني منك جداً اسبوع يا "آيات" .. اسبوع وأنا معرفش ان باباكى اتوفى وألفه موبايلك كمان
قالت "آيات" بوهن وهى جالسه فى فراشها :
- معلش يا "اسماء" أنا مكنش عقلى فيا .. مكنتش قادرة أتكلم ولا حتى أشوف حد
قالت "أسماء" وهى تجلس بجوارها :
- بس أنا مش حد يا "آيات"
قالت "آيات" ودموعها تتساقط على وجهها :
- معرفش بأه .. أنا كنت طول الوقت بنام عشان أهرب من التفكير .. وبعدين لما فوقت كلمتك وقولتك
عانقتها "أسماء" قائله :
- يا حبيبتى يا "آيات" .. معلش ربنا يرحمه
بكت "آيات" قائله :
- مش قادرة يا "أسماء" مش قادرة أتحمل فراقه .. مش قادرة أصدق انه خلاص مات .. بنام وبصحى أحس انه هيخبط على بابا أوضتى .. ويقولى تعالى اتعشى معايا .. ويكلمنى عن الرحلة اللى هنطلعها سوا .. ده وعدنى ياخدنى للحج السنة دى .. وهنطلع عمره كل سنة .. مش قادرة اصدق انى خلاص مش هشوفه تانى .. ازاى مشوفوش تانى يا "أسماء" .. ازاى .. ازاى هعيش من غير بابا .. ازاى بابا معدش موجود .. ازاى معدتش هسمع صوته .. يعني هو كده خلاص معدش هيكون موجود تانى .. خلاص كده هفضل عايشه من غير ما أشوفه
انهمرت العبرات من عيني "أسماء" وهى تنظر الى صديقتها فى أسى واشفاق وقالت :
- ربنا يصبرك يا "آيات"
نظرت "أسماء" الى الحقائب التى تملأ الغرفة وقالت :
- انتى هتسيبى الفيلا امتى ؟ .. وهتروحى فين ؟ .. ودفعتى أصلا فلوس العملية ازاى ؟ .. معاكى فلوس ؟
قالت "آيات" وهى تحاول تمالك أعصابها :
- خدت دهبى .. وبعته ودفعت جزء من احساب العملية .. ولما الشركة اتباعت كملت ودفعت باقى حساب المستشفى .. الفيلا كمان اتباعت بكل اللى فيها فى المزاد بس مديني مهلة لآخر الشهر عشان أخرج منها
قالت "أسماء" بإستغراب :
- بس مش المفروض عمك ده اللى بتكرهوه يورث فى باباكى
قالت "آيات" :
- لا .. الميراث مبيتوزعش الا بعد تسديد الديون .. مش ربنا بيقول فى سورة النساء "من بعد وصية يوصى بها أو دين "
ثم قالت بألم :
- مع انى برده هيبقى عليا أكيد ديون .. لان المحامى قالى ان الفلوس بتاعة الفيلا والعربية مش هتكفى .. فهضطر أبيع عربيتي وللأسف معنديش حاجة تانى أبيعها والفلوس اللى باسم بابا فى البنك كمان راحت
قالت "أسماء" بأسى :
- ده ايه الهم ده
ثم قالت بحزم :
- بيعي عربيتك وخلى فلوسها ليكي انتى .. انتى أولى بيها وسيبك من موضوع الديون واللى يسألك قولى ممعكيش
نظرت اليها "آيات" بلوم وبألم وقالت :
- انتى تعرفى ان فى حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بيقول " يغفر للشهيد كل شىء إلا الدين" .. وكمان فى حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم "أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بجنازة ليصلي عليها، فقال: هل عليه من دين؟ قالوا: نعم، قال: صلوا على صاحبكم، قال أبو قتادة: علي دينه يا رسول الله، فصلى عليه" ..يعني الرسول مصلاش على الميت صاحب الدين الا بعد ما حد من الصحابة قال انه هيسدد عنه دينه .. ازاى أسيب بابا من غير ما أسدد دينه
تنهدت "أسماء" بأسى وقالت :
- والله لو كان معايا حاجة يا "آيات" مكنتش اتأخرت عنك
قالت "آيات" وهى تنظر اليها ممتنه :
- عارفه يا "اسماء"
قالت "أسماء" :
- أمال انتى هتعيشي فين بعد ما تسيبي الفيلا ؟
قالت "آيات" بحيرة واسى :
- معرفش .. معرفش

*************************************
أغلق "عاصى" الهاتف وهو يضحك بشدة .. سأله والده الجالس معه فى المكتب قائلاً :
- خير متضحكنا معاك
قال "عاصى" بسعادة :
- مفيش .. "آدم" كان مسافر القاهرة فبعتله هدية صغيرة نستقبله بيها لما يرجع
قال أبوه بإستغراب :
- هدية ايه يا "عاصى" ؟
قال "عاصى" بتشفى :
- ولعتله فى الملهى الليلى اللى فرحان بيه
ضرب "سراج" بقوة على المكتب فإنتفض "عاصى" .. صاح "سراج" بغضب :
- أنا مش قولتلك متعملش حاجة من غير ما ترجعلى يا "عاصى"
قال "عاصى" بغيظ :
- هو اللى بدأ اللعب بالنار .. اللى يلعب بالنار تلسعه
صاح "سراج" بحده :
- غبي يا "عاصى" .. غبي .. انت عارف "آدم" كويس .. مش من النوع اللى يخاف ويكش .. انت عارفه كويس ايه اللى خلاك تتهور كده
قال "عاصى" بحده :
- هيعمل ايه يعنى ولا يقدر يعمل حاجة
هتف "سراج" بحده :
- غور من دامى يا "عاصى" .. وتروح حالا القرية تأمن عليها كويس وتخليك فيها اليومين دول لانى واثق ان "آدم" مش هيسكت .. وأى حاجة جديدة تبلغنى بيها فوراً
ثم صاح محذراً وهو يشير بإصبعه :
- واياك حسك عينك تعمل حاجة من غير ما ترجعلى .. فاهم يا غبي
خرج "عاصى" من مكتب والده وعلامات الغضب على وجهه .. وقف أمام المصعد وهو يتمتم بغضب :
- أكنى عيل صغير اعملى يا "عاصى" .. واياك تعمل يا "عاصى" .. حاجة تقرف

************************************

توجه "آدم" مع والدته الى منزلها يجمع حاجياتها ثم انطلق بها الى العين الساخنة .. كان "آدم" شارداً طوال الطريق يفكر بغيظ فيما فعله "عاصى" بقريته .. فليس لديه أدنى شك بأنه وراء حرق الملهى الليلى .. تلقى اتصالات عديدة من "شكرى" الذى بدا غاضباً لكن "آدم" طمأنه بأن الخسائر ليست كبيرة وبأن الإقبال على القرية لم يتأثر بتلك الحادثة .. لكن "آدم" صمم على تلقين "عاصى" درساً حتى لا يتجرأ مرة أخرى على الإقتراب منه ..أوصل والدته الى الشاليه وتوجه من فوره الى الملهى الليلى .. عاينه بغضب وهو يتفحص الخسار ثم صاح بغضب :
- ابن التييييييييييت
قال "زياد" بهدئه :
- الحمد لله انها جت على أد كده يا "آدم" .. كويس ان محدش اتصاب ولا حد مات والا كانت هتكون فضيحه بجد
خرج "آدم" مسرعاً واجتمع بالحرس الخاص الذى استأجرهم .. و ... أمرهم بما يجب أن يفعلوه .. قوبل بالإعتراض فى البداية .. لكن الإعتراض اختفى بعدما لوح "آدم" بالثمن !

***********************************
أثناء الغداء قالت والدة "سماء" :
- أنا خارجه النهاردة مع خالتك وجدك رايحين نزور ناس قريبنا فى البلد وهنرجع متأخر
خشت "أسماء" من البقاء بمفردها فى المنزل فقالت بلهفه :
- لا أنا جايه معاكوا
لم تعترض والدتها حانت منها التفاته الى "هانى" الذى ابتسم لها بسخرية .. قامت وتوجهت الى غرفتها فكانت رؤيته تسبب لها الغثيان .. بعد منتصف الليل عادوا من الخارج والكل متعب مرهق .. توجهت "أسماء" الى غرفتها ووضعت التسريحة خلف الباب كعادتها كلما دخلت الى غرفتها .. ما كادت تلتفت حتى رأت "هانى" أمامها .. كادت أن تصرخ لكنه وضع يده على فمها يكممه قائلاً :
- ششششش لو فتحتى بوقك هتبقى فضيحه وهقولهم انى كنت نايم فى أوضتك لأنها طراوه .. وانتى اللى بتتبلى عليا
بكت "أسماء" وهى تقول له :
- حرام عليك بأه .. أنا بنت خالتك مش واحده من الشارع
كالمرة السابقة لم يعبأ لبكائها ولا لتوسلاتها .. وجذبها الى الفراش .. أخذت تهتف بين شهقات بكائها المرير :
- كفاية بأه
انتهت تلك الدقائق الكريهة كسابقتها وعاد الى غرفته منشياً شاعراً بالإنتصار .. أما "أسماء" فكانت نفسيتها وأعصابها فى الحضيض .. ظلت تتلوى فى فراشها بعدما تقيأت بشدة وأصابها الإعياء .. أغمضت عينيها بشدة وهى لا تتمنى إلا شئ واحد ... المــوت

**************************************
استيقظ "عاصى" على صوت هاتفه .. رد بصوت ناعس :
- أيوة
صاح الطرف الآخر :
- الحق يا أستاذ "عاصى" فى بلطجية دخلوا القرية بعربيات جيب وكسروا الواجهة والازاز اللى فى المدخل .. وولعوا فى الجنينة ومحدش عرف يمسكهم ..
هب "عاصى" واقفا وارتدى ملابسه على عجالة ونزل يرى المصيبة التى أصابت قريته .. وجت النزلاء قد تجمهروا فى الأسفل وهم ينظرون بجزع الى الحريق الكبير المشتعل فى الحديقة والزرع فصاح قائلاً :
- طلبوا المطافى بسرعة
صاح مدير القرية :
- طلبناها يا أستاذ "عاصى"
صاح به "عاصى" بحده وهو يرى الزجاج المحطم والتماثيل المهشمة والنار التى تلتهم كل ما يقابلها :
- وكنت فين حضرتك لما ده حصل وفين الأمن
قال مدير القرية بقلق وارتباك :
- كل حاجة حصلت فجأة .. دلخوا بعربيات جيب ورموا ملوتوف على الجنينة وحجارة على الواجهات وعلى ما جينا نتصرف لفوا ومشيوا بسرعة
صاح "عاصى" بغضب هادر :
- اتفضل قفل حسابك وسلم شغلك وشوفلك مكان تانى ديره .. انت كبيرك أوى تدير حضانة اطفال مش قرية سياحيه
شعر مدير القرية بالمهانة وتوجه الى الداخل مسرعاً بغضب .. وقف "عاصى" ينظر الى ما حوله بغيظ وقد تعالت صيحات الإستنكار من النزلاء فصاح بغضب :
- حد يطلب المطافى

*************************************

توجهت "آيات" الى مكتب محامى والدها .. كانت هذه هى المرة الأولى التى تحتاج لأحد غير والدها .. وتطلب منه شيئاً ما .. شعرت بحرج بالغ .. قالت ورأسها منخفض :
- أنا محتاجة مبلغ صغير وهمضيلك وصولات أمانه
صمت المحامى قليلاً ثم قال متهرباً :
- انا لو كان معايا فلوس مكنتش أعزها عليكي بس أنا حالياً بمر بأزمة مالية خاصة بعد ما شغلى فى شركة والدك انتهى .. يعنى أنا زيي زيك
نظرت اليه بألم وقالت :
- بس أنا مفيش مكان حتى أورح فيه .. محتاجة على الأقل أأجر شقة .. والفلوس اللى اتبقت من بعد بيع العربية مش هتكفي الا ايجار كام شهر .. ده غير الأكل والشرب والمصاريف
قال المحامى بلامبالاة :
- انزلى اشتغلى .. انتى متخرجة ومعاكى شهادة وأكيد هتلاقى شغل كتير
قالت "آيات" بيأس والدموع فى عينيها :
- طيب حضرتك متقدرش تشوفلى شغل فى أى شركة ؟
قال المحامى وهو يمط شفتيه :
- هحاول أشوفلك
خرجت " آيات" من مكتبه تنظر الى الشارع المزدحم وقد امتلأت عيناها بالعبرات .. نظرت الى المارة فى الشارع بألم وهى تستعد لأول مرة لمواجهة الحياة بمفردها .



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-10-15, 12:55 PM   #20

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 17 )



تجولت "آيات" فى الفيلا تتأمل كل ركن فيها بأعين دامعة .. تجمع ما يعز عليها فراقه .. وتضعه فى حقيبتها .. تجمعت الحقائب فى الأسفل .. فتحت شرفة غرفة المعيشة ووقفت تنظر الى القمر بأعين دامعة .. هذه هى الليلة الأخيرة التى ترى فيها هذا القمر من بيتها الذى ولدت وعاشت وتربت فيه .. من الغد سيكون هذا البيت ملكاً لغيرها .. سيسكنه اناس آخرون .. ستطأ أقدام غريبة تلك الأرض التى زحفت ومشت عليها أولى خطواتها .. وتلك الشرفة التى سهرت فيها ليالى طويلة .. ستشتاق لهواء هذا البيت .. لجدرانه .. لآثاثه .. لأركانه .. فرت منها دمعة حزينه .. مسحتها بأصابعها و سؤالاً ملحاً يتردد بداخلها .. أين ستذهبين يا "آيات" .. ليس لديكِ مأوى .. وليس فى حوزتك الا بضعة آلاف من الجنيهات .. ماذا ستفعلين ؟! .. الى من ستلجأين ؟! .. لم يكن لكِ فى هذه الدنيا الا والدك .. لكنه رحل .. رغماً عنه ورغماً عنكِ .. أستستطيعين مواجهة تلك الحياة بمفردك ؟! .. قاطع دخول دادة "حليمة" شرود أفكارها .. ابتسمت لها "حليمة" بحنان قائله :
- أجيبلك تتعشى يا بنتى
هزت "آيات" رأسها نفياً وقالت بأسى :
- ومين له نفس للأكل يا دادة
نظرت الى القمر مرة أخرى .. وشردت فى حالها من جديد وهى تقول :
- المفروض أسيب الفيلا بكرة ومش عارفه أروح فين
.. ثم التفتت الى "حليمة" قائله وهى ترمقها بنظرات حزينة :
- هيعز عليا فراقك أوى يا دادة
ابتسمت "حليمة" بحنان فقالت "آيات" بصوت باكى :
- بجد هتوحشيني أوى .. لو كنت عارفه انا راحيه لفين كنت خدت معايا .. بس أنا حتى مش عارفه هعيش ازاى
عانقتها "حليمة" وأخذت تمسح على شعرها بحنان .. أجهشت "آيات" فى البكاء علها تريح صدرها مما يقاسيه من أحزان .. قالت "حليمة" بطيبة :
- بس أنا باه مش هسيبك يا "آيات"
نظرت اليها "آيات" قالئه وهى تمسح عبراتها :
- مش هينفع يا دادة أخدك معايا . .أنا أصلاً لسه معرفش هعيش فين
ابتسمت "حليمة" وحى تتأملها قائله :
- هتعيشي معايا
نظرت اليها "آيات" بدهشة فأكملت "حليمة" :
- بيتي القديم لسه موجود مبعتوش .. سبحان من خلانى ما أحتجش أبيعه .. وأهو الزمن لف ودار واحتجتله .. وكمان أن محوشه قرشين من مرتبى اللى كنت باخده من والدك الله يرحمه .. هتيجي تعيشي معايا ورزقى ورزقك على الله
اغرورقت عينا "آيات" بالعبرات وهى تنظر اليها .. لم تتمالك نفسها فأجهشت فى البكاء مرة أخرى وهى تقول بتأثر شديد :
- بجد يا دادة مش عارفه أقولك ايه
قالت "حليمة" بأعين دامعة :
- متقويش حاجة .. أبوكى كان راجل طيب .. زرع فى حياته الخير .. وانتى بتحصديه دلوقتى .. عمره ما عامل حد من اللى شغالين عنده بطريقة وحشة .. كان بيعامل الناس بطيبة وعمره ما قصر مع حد ولا عمره أذى حد .. ولما سألته فى مرة عن سر معاملته الحنينة للخدم وللناس اللى شغاله عنده قالى ان النبي صلى اله عليه وسلم قال " إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ - أى خدمكم-، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلاَ تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ" .. كان راجل طيب ويعرف ربنا والناس كانت بتحبه .. ربنا يرحمه هو وأمك
ابتسمت "آيات" وهى تقول :
- يارب .. يارب ارحمهم
ربتت "حليمة" على كفتها وقالت مبتسمة :
- متشغليش بالك .. لينا رب وهو أرحم بينا من عباده
ثم قالت :
- أما أروح أتمم على الحاجة اللى هناخدها
نظرت "آيات" الى السماء وقد لاحت ابتسام على شفتيها وهى تقول بتأثر :
- الحمد لله .. انت كريم اوى يارب

************************************
استيقظ "آدم" من نومه فوجد والدتها فى مطبخ الشاليه تعد الطعام فنظر لها قائلاً :
- صباح الخير يا ماما
نظرت اليه أمه قائله :
- صباح النور يا "آدم"
قال "آدم" وهو يقترب منها :
- ماما بتعملى ايه ؟ .. روحى ارتاحى وأنا خلاص اتفقت مع واحدة هتيجي تنضف وتطبخ
قالت أمه بحزم :
- لا مليش أنا فى الحاجت دى .. أنا مبحبش واحدة غريبة تنضف بيتي ولا تحط ايديها فى أكلى
قال "آدم" :
- يا ماما انتى تعبانه مينفعش الىل بتعمليه ده الدكتور قال ترتاحى
قالت أمه بعناد :
- أنا الحمد لله بقيت كويسة أوى وأقدر أقف على رجلى وأعملى شغل البيت
قال "آدم" مستسلماً :
- طيب براحتك
ثم قال يحذرها :
- بس لو تعبتى ارتاحى على طول اتفقنا
ابتسمت له قائله :
- ربنا يخليك ليا يا ابنى ولا حيرمنى منك
أخذها فى حضنه قائلاً :
- ولا يحرمنى منك يا ماما
نظرت اليه والدته بعتاب قائله :
- انت لسه مبتصليش
ارتبك "آدم" وشعر بالحرج فقالت بحزن :
- ربنا يهديك يا "آدم"
نظر اليها "آدم" قائلاً :
- أيوة .. ادعيلى الدعوة دى .. انتى دعوتك مستجابة
قالت أمه :
- بدعيلك يا حبيبى .. بس مش كفاية دعائي لوحده .. ربنا بيقول فى سورة الرعد " إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ " .. لازم تبدأ بتغيير نفسك بنفسك يا "آدم"
تنهد "آدم" قائلاً :
- ان شاء الله
ثم توجه الى باب المطبخ وقال :
- هروح أغير عشان متأخرش على الشغل
قالت له أمه بإهتمام :
- مش هتفطر
قال "آدم" بعبوس :
- لا مليش نفس
ارتدى "آدم" ملابسه وخرج من الشاليه متوجهاً الى مكتبه .. كان العبوس بادى على ملامح وجهه .. كان يشعر بالضيق والحنق .. لا يدرى السبب .. لكنه غير مرتاح .. غير سعيد .. يشعر بان شئ بداخله مفقود .. شئ لم يستطع ان يملأه بملذاته ونزواته وسهراته وأمواله وقريته السياحية .. على الرغم من النجاح الذى حققه حتى الآن .. الا أنه لم يشعر بالفخر لهذا النجاح .. بل يشعر بالفشل ! .. زفر بضيق وهو يجلس الى مكتبه .. تحدث الى نفسه قائلاً .. لماذا هذا الشعور البغيض ؟! .. لماذا لا تفرح يا "آدم" بإنجازاتك ونجاحك ؟! .. لماذا تشعر بأنك لم تنجز شيئاً ولم تربح شيئاً .. لماذا هذه المرارة التى تشعر بها داخل حلقك .. ما الذى ينقصك يا "آدم" ؟! .. عما تبحث لتكون سعيداً ؟! .. علم الإجابة .. لكنه لم يجرؤ على الإفصح بها لنفسه .. شعوره بالذنب ألجمه وقيده وجعله كالعاجز .. كالعطشان الذى يتمنى قطرة ماء وأمامه نهر من الماء العذب لكنه بدلاً من أن يشرب منه توجه الى البحر المالح .. لكنه كلما حاول أن يروى ظمأه ازداد عطشاً .. لا عطشه ارتوى .. ولا جسده ارتاح !

*************************************
فى صباح اليوم التالى خرجت "آيات" من الفيلا مع "حليمة" وهى تتأمل الفيلا وتودعها بعينيها الممتلأه بالعبرات .. أسرع الحارس بحمل الحقائب فى السيارة الأجرة التى توقفت أمام باب الفيلا .. نظر الى "آيات" بأسى قائلاً :
- آنسة "آيات" مش محتاجه اى حاجة ؟
نظرت اليه "آيات" قائله :
- شكراً
قال الحارس وهو متأثراً بما حل بها :
- انتى زى أختى الصغيرة .. أنا عندى أخت فى سنك .. أنا هنا مش همشى الساكن الجديد الحمد لله هخلاني فى شغلى .. لو احتجتى أى حاجة أنا موجود هنا
نظرت اليه "آيات" وقد اغرورقت عيناها بالعبرات وهى تقول :
- متشكرة أوى
تابعها بعيناه الحزينتين وهى تركب السيارة بجوار "حليمة" لتنطلق بهما الى سكنها الجديد ..
فى أحد الأحياء الشعبية توقفت السيارة .. ساعد السائق فى انزال الحقائب وايصالها الى باب الشقة .. صعدت "آيات" البناية القديمة والدرجات المتهالكة وتأملت الجدران المزرية والتى تنبعث منها رائحة غريبة .. أسرعت "حليمة" بفتح الباب .. ثم توجهت الى الشباك ففتحته لينير البيت بنور الصباح .. تأملت "آيات" الشقة الصغيرة المكونة من غرفتين صغيرتين بكل منهما فراش وبصالة صغيرة بها صالون متهالك ومطبخ وحمام .. كان البيت الصغير فى حالة مزرية وقد غطى التراب الأثاث بالكامل .. قالت "حليمة" بتفائل :
- متقلقيش هينضف ويبقى زى الفل
ابتسمت "آيات" بوهن والتفتت لتدخل الحقائب الى الداخل فساعدتها "حليمة" .. ثم قالت بمرح :
- تحبي تختارى أنهى أوضة
نظرت "آيات" الى الغرفتين .. فكلاهما فى حالة رثة .. قالت بخفوت :
- أى واحدة مش هتفرق
توجهت "حليمة" الى احدى الغرف وقالت وهى تفتح شباكها :
- تعالى هنا دى شرحه عن التانية
بدأت "حليمة" بتنظيف غرفة "آيات" التى مدت يد المساعدة الى "حليمة" رغم اعتراضها .. كان العمل شاقاً فأكوام التراب كانت تغطى كل شئ .. بعد أكثر من ساعة من العمل المتواصل فى الغرفة أصبحت صالحة للإستهلاك الآدمى .. ألقت "آيات" بجسدها المرهق على الفراش .. فلم تعتاد العمل فى البيت ولا تحمل مشاق التنظيف .. استسلمت الى النوم و "حليمة" تغلق باب غرفتها وهى تبتسم فى اشفاق

***************************************

جلس "آدم" على الشط يتأمل البحر أمامه .. كان شارداً فلم يرى تلك الفتاة التى ترتدى البكيني والتى اقتربت من مكان جلوسه .. انتبه اليها عندما قالت :
- حضرتك دكتور "آدم" مدير القرية مش كدة ؟
ابتسم "آدم" مجاملاً وقال :
- أيوة أنا
جلست الفتاة دون دعوة على المقعد المجاور له وهى تقول بمرح :
- بجد القرية تحفة .. أول مرة أحس ان مصر فيها أماكن حلوة .. طول عمرى بقضى الأجازة بره .. بس لما شوفت اعلنا قريتكوا قولت أجرب وبجد انبهرت
ابتسم "آدم" قائلاً :
- الحمد لله ان قريتنا عجبتك
قالت الفتاة وهى تمديدها اليه :
- أنا "بسنت"
أمسك يدها فى راحته قائلاً :
- تشرفنا يا آنسه "بسنت"
ضحكت قائله :
- لا مبحبش آنسة وأستاذ والجو ده .. أنا "بسنت" وصحابي بيقولولى "بوسى"
ذكره الإسم بـ "بوسى" .. تلك المراة التى أمضى معها ما يقرب من العام .. يعيش معها وفى بيتها ويصرف من مالها .. تلك المرأة التى عاش معها عيشة تغضب رب السماوات والأرض .. عقد حاجبيه بضيق وهو يتذكر أيامه ولياليه معها .. شعر بنفور شديد .. من نفسه .. تذكر آخر لقاء جمعه بها .. تذكر افسادها لزواجه من "آيات" .. "آيات" .. تلك الفتاة التى يأبى عقله أن ينساها .. لماذا يتذكرها دائماً .. لماذا لا يستطيع نسيانها .. لماذا تقفز الى عقله بين الحين والآخر .. قال لنفسه افق يا "آدم" .. "آيات" ضاعت من بين يديك للأبد .. لا فائدة من البكاء على اللبن المسكوب .. قالت "بسنت" التى كانت تراقب تعبيرات وجهة :
- انت شكلك مش معايا خالص
نظر اليها "آدم" وكأنه نسى وجودها .. ثم نهض قائلاً :
- بعد اذنك عندى شغل
ابتعد وهى ترمقه بنظراتها المغتاظه .. كانت الفتاة جميلة .. و متحررة .. وترمقه بنظرات الإعجاب .. ويعلم أنه اذا أراد علاقة معها فسيلقى ترحيباً منها .. لكنه لم يفعل .. سأل نفسه .. لماذا ؟! .. فأتاه الجواب من داخله .. سئمت الحرام !

**********************************

استيقظت "آيات" على رائحة الطعام الشهى .. شعرت بألم حاد فى بطنها وهى تتذكر أنها لم تتناول شيئاً منذ الأمس .. فتحت الباب لتجد البيت مقلوباً رأساً على عقب .. تلمست الطريق الى المطبخ لتجد "حليمة" واقفة تعد الطعام .. لتفتت تنظر اليها مبتسمه وقالت :
- صباح الخير يا ست البنات .. ثوانى والأكل يكون جاهز
قالت "آيات" مبتمة بضعف :
- قصدك مساء الخير يا دادة
ثم قالت :
- هى الساعة كام ؟
قالت "حليمة" وهى تنظر الى هاتفها :
- المغرب هيأذن
صاحت "آيات" قائله :
- كده يا دادة تسيبيني نايمة أنا مصلتش الضهر ولا العصر
أسرعت "آيات" وتوجهت الى الحمام لتتوضأ .. جمعت الظهر والعصر وبمجرد أن انتهت سمعت آذان المغرب يتردد من المسجد القريب .. نادتها "حليمة" قائله :
- يلا يا بنتى الأكل جهز
قالت "آيات" وهى تقف :
- هصلى المغرب الأول يا دادة
ابتسمت "حليمة" وقالت :
- طيب تعالى نصلى جماعة بدل ما كل واحدة تصلى لوحدها
ابتسمت "آيات" ووقفت بجوار "حليمة" التى أمتها فى الصلاة .. تناولت "آيات" طعامها بنهم شديد على الرغم من بساطته وتواضعه .. راقبتها "حليمة" بإشفاق والابتسامة على ثغرها .. أسرعت "آيات" بالرد على الهاتف قائله :
- السلام عليكم .. ازيك يا "سمر"
قالت "سمر" بلهفة :
- وعليكم السلام .. اخص عليكي يا "آيات" بأه ده كله يحصل وأنا معرفش
قالت "آيات" بخفوت :
- حصل ايه
هتفت "سمر" بضيق :
- يعني والدك يتوفى ومشكلة الديون وانك تسيبي الفيلا كل ده وأنا معرفش هو يا بنتى مش احنا صحاب ولا ايه
قالت "آيات" :
- أيوة طبعاً يا "سمر" .. بس معلش اعذريني أنا والله حتى "أسماء" مكنش بيبقى فيا دماغ أكلمها
قالت "سمر" :
- أنا لسه أفله مع "أسماء" وحكتلى على اللى حصلك .. عملتى ايه فى موضوع السكن ؟
توجهت "آيات" الى غرفتها وأغلقت الباب وهى تقول :
- اللي ساعدني وفتحلي بيته آخر شخص توقعت انه يقدر يساعدني
قالت "سمر" بإستغراب :
- مين اللى سعدك
قالت "آيات" مبتسمة بتأثر :
- دادة "حليمة" .. فتحتلى بيتها وبتعاملنى زى بنتها
ابتسمت "سمر" وقالت :
- الحمد لله .. رنبا كبير
اغرورقت عينا "آيات" بالعبرات وهى تقول :
- أيوة فعلاً كبير أوى ومفيش أحن منه
قالت "سمر" مشجعة :
- يبقى طلعى حاجة لله يا "آيات" حتى لو كانت صغيرة
ابتسمت "آيات" وهى تقول :
- كويس انك فكرتيني .. انا هعمل كده فعلاً ..
ثم قالت بحزن :
- رغم انى مش هقدر أطلع مبلغ كبير
قالت "سمر" بمتسمه :
- ربنا بيقول " فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ " .. و رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سبق درهم مائة ألف درهم" قالوا: وكيف؟ قال: "كان لرجل درهمان تصدق بأحدهما، وانطلق رجل إلى عرض ماله، فأخذ منه مائة ألف درهم فتصدق به " . يعني أجر راجل تصدق بدرهم أكبر من أجل راجل تصدق بمية الف درهم .. فسألوه ازاى يا رسول الله .. فقال .. ان اللى تصدق بدرهم واحد ده راجل كان معاه درهمين تصدق بواحد واحتفظ بواحد فمعنى كده انه تصدق بنص ماله .. أما التانى كان معها فلوس كتير تصدق منها بـ مية ألف درهم .. لكن المية ألف دول بيمثلوا جزء صغير من فلوسه الكتير .. يعني تعملى الخير ومتستصغريهوش يا "آيات" بالعكس لما تتصدقى وانى محتاجة وفى أشد الحاجة .. الثواب بيبقى أكتر بكتير من لو تصدقتى وانتى مرتاحه مادياً
ابتسمت "آيات" وهى تقول بحماس :
- بجد فرحتيني بالكلام ده يا "سمر" وحمستيني انى أتصدق بجد .. وربنا يتقبل منى يارب
ابتسمت "سمر" وقالت :
- ان شاء الله يتقبل منك يا "آيات"
ثم قالت بجدية :
- "آيات" احنا اخوات .. لو احتجتى أى حاجة هتقوليلى مش كده
قالت "آيات" :
- طبعا يا "سمر" .. ومتشكره أوى على مكالمتك دى
قالت "سمر" :
- مفيش شكر بينا احنا اخوات زى ما قولتلك .. وبجد لو احتجتيني فى أى حاجة هتلاقيني جمبك
قالت "آيات" بتأثر :
- بجد متشكره يا "ٍمر" .. كلام ده لوحده بيطمنى وبيحسسنى انى مش لوحدى
قالت "سمر" تطمأنها :
- انتى مش لوحدك يا "آيات" .. كلنا هنكون جمبك
بعد قليل تلقت مكاملة من "إيمان" التى قدمت اليها واجب العزاء وكلمات المواساة .. سعدت "آيات" بإهتمام صديقاتها بها وشعرت بأن كلماتهم تهون عليها مصابها

************************************
يتبع.....


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:03 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.