آخر 10 مشاركات
308 – نيران الحب -جينيفر تيلور -روايات أحلامي (الكاتـب : Just Faith - )           »          112 - دمية وراء القضبان - فيوليت وينسبير - ع.ق (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          صغيرات على الحياة / للكاتبة المبدعة أم وسن ، مكتملة (الكاتـب : بلازا - )           »          ثمن الكبرياء (107) للكاتبة: Michelle Reid...... كاملة (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          أحلام بعيــــــدة (11) للكاتبة الرائعة: بيان *كامله & مميزة* (الكاتـب : بيدا - )           »          317 – صدى الذكريات - فانيسا جرانت - روايات أحلامي (الكاتـب : Just Faith - )           »          فِتْنَة موريتي(103) للكاتبة:Katherine Garbera(الجزء2من سلسلة ميراث آل موريتي) كاملة (الكاتـب : Gege86 - )           »          العروس المنسية (16) للكاتبة: Michelle Reid *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          رواية كنتِ أنتِ.. وأنتِ لما تكوني أنتِ ما هو عادي *مكتملة* (الكاتـب : غِيْــمّ ~ - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات العربية المنقولة المكتملة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-10-15, 12:57 PM   #21

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي


هتفت "إيمان" بحنق :
- أنا تعبت .. تعبت .. بنشتغل زى التيييييييييييت ومش هاين عليهم يدفعولنا مرتبات عدلة
قالت لها صديقتها الجالسه معها فى كافيتيريا المستشفى :
- كل حاجة فى البلد دى خربانه .. فالحين بس يدوا فلوس أد كده للى بتمثل وللى بترقص وحتى للى بيلعب كورة .. لكن اللى بيطفح الدم زينا فى كلية زي كليتنا ويشتغل ويداوى الناس وتطلع عينه يدوه ملاليم
هتفت "إيمان" بحده :
- حسبنا الله ونعم الوكيل .. حاجة تقرف بجد .. حتى أخويا مش لاقى شغل عدل ولسه لحد دلوقتى متثبتش فى وظيفته
قالت صديقتها :
- أخوكى ده محترم أوى .. شوفته كذا مرة وهو جايلك المستشفى مبيبصش لبنات أبداً ولما بنت بتعدى من أدامه بيبص فى الأرض
قالت "إيمان" :
- فعلا "على" محترم أوى ومش بيحب يعمل حاجة غلط وهو عارف ان حرام يبص للبنات
ثم قالت بأسى :
- عارفه أنا نفسى فى واحد زى "على" أخويا كده .. ميبصش على بنات ولا يشوف حد غيري .. لناه لو قارنى بالبنات أكيد أنا الىل هخسر
ثم تنهدت قائله :
- تعرفى .. خايفة أوى ارتبط بواحد وبعد الجواز عينه تزوغ على واحدة رفيعه ويخونى معاها .. بفكر كتير أوى فى كده .. حسه انى لو اتجوزت مش هعرف أملى عين جوزى ومش هعرف أثق فى نفسي وأجلع والبس زى ما الستات بتلبس .. حسسه انى مكسوفة من شكلى ومن جسمى أوى
سالتها صديقتها :
- طيب انتى ليه متعمليش رجيم يا "إيمان" ؟
قالت "إيمان" بحنق :
- عملت كتير بس مش بعرف أستمر .. كل ما أتحمس انى أعمل رجيم أرجع تانى أكل زى البغله لحد ما أتخن أكتر من الأول
ثم قالت بحزن :
- نفسي أوى يبقى جسمى حلو عشان لما أتجوز متكسفش من نفسي .. نفسى أحس زى البنات كده انى واثقة فى نفسي وانى بنت زيهم .. أنا سعات بحس انى مش بنت .. ساعات بحس انى ست كبيرة
ترقرقت العبرات فى عينيها وهى تقول :
- عارفه لما بكون بشترى حاجة والراجل يقولى يا مدام .. بتخنق أوى وبحس انى عايزه اعيط .. ولا لما بسمع حد بيتريق على تخنى بحس انى عايزه ملك الموت ينزل ويقبض روحى
قالت صديقتها :
- معلش يا "إيمان" فى ناس كده مؤذية مع النبي صلى الله عليه وسلم قال " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده " .. وبعدين خلى عندك ثقه فى نفسك وواصلى على رجيم وان شاء الله تخسى
تنهدت "إيمان" وقالت بيأس :
- ربنا يسهل ان شاء الله

***********************************
فتحت "آيات" الباب لتجد "أسماء" أمامها تقول بغيظ :
- دخت على ما لقيت البيت
ابتسمت "آيات" قائله :
- معلش
تعانقت الصديقتان بشدة لفترة طويلة .. قالت "أسماء" :
- وحشتيني أوى .. عاملة ايه
قالت "آيات" بأعين دامعة :
- الحمد لله
نظرت "أسماء" الى المنزل المتواضع ثم أقبلت "حليمة" فسلمت علهيا قائله :
- ازيك يا دادة
ابتسمت "حليمة" وقالت :
- الحمد لله يا بنتى .. أما أروح أعملكوا شاى
جلست الفتاتان فى الحجرة التى خصصتها "حليمة" لـ "آيات" .. فقالت "أسماء" :
- البيت مبهدل أوى
قال "آيات" بحزن :
- اهو أحسن من الشارع
قالت "أسماء" بشرود :
- وأحسن من اللى أمر من الشارع
قالت لها "آيات" بإستغراب :
- تقصدى ايه ؟
ردت "أسماء" بوهن :
- مفيش .. خلينا فيكي انتى .. ناوية على ايه
قالت "آيات" وهى تفكر فى حالها :
- أكيد هنزل أشتغل .. مش معقول هسيب دادة "حليمة" تصرف عليا هى أصلاً على أد حالها
ثم قالت بمرارة :
- تصورى عمى لحد دلوقتى مكلمنيش .. ولا حتى عسان يعزيني فى وفاة بابا .. ولا قالى انتى ناقصك حاجة ولا لأ
قالت "أسماء" :
- انتى قولتيله ان عمو توفى
قالت "آيات" :
- لا متصلتش بيه بس أكيد عرف .. وأكيد على الأقل خالص عرف ان شركة بابا اتباعت لان الاعلان نزل فى الجرنال
قال "أسماء" بحنق :
- أنا مش عارف ايه الأهالى اللى معندهمش احساس دول .. حاجة تقرف
قالت "آيات" وهى تحاول أن تتناسى مآسيها :
- سيبك .. أنا أصلاً مش عايزه منه حاجه
فتحت "أسماء" حقيبتها وأخرجت رزمة نقدية وأعطتها لـ "آيات" قائله :
- ياريت كان معايا أكتر .. بس انتى عارف انى خيبه ومكنتش بعرف أحوش .. أنا بعت دهبي وده نص الفلوس والنص التانى شيلاهم لانى حسه انى هحتاجهم قريب
نظرت "آيات" الى المال وقالت بحزم :
- لا طبعاً مش هاخد منك حاجة يا "أسماء"
قالت "أسماء" بحده :
- ليه باه ان شاء الله مش احنا صحاب يا "آيات"
قالت "آيات" بصرامة وهى تشعر بالضيق لتعرضها لهذا الموقف :
- صحاب حاجة واللى انتى بتعمليه ده حاجه تانية .. مستحيل أقبلهم منك
قالت "أسماْء" وقد تضايقت من رفض "آيات" :
- معنى دكه انك بتعملى فرق بيني وبينك يا "آيات"
قالت "آيات" بسرعة :
- لا والله أبداً .. بس انا لسه معايا فلوس اتبقت من بيع العربيه .. وكمان أنا عارفه ظروفك المهببة انتى كمان شيليهم أكيد هتحتاجيهم وأنا لو احتجت حاجة هطلب منك
قالت "أسماء" :
- وعد .. وعد لو احتجتى حاجة هتطلب منى
نظرت اليها "آيات" بإمتنان قائله :
- أيوة وعد
ابتسمت "أسماء" قائله بتهكم ممازحة "آيات" :
- فين الشاى اللى دادة "حليمة" قالت عليه .. دى لو كانت بتسخنه فى حرارة الشمس كان زمانه غلى من بدرى
دخلت "حليمة" الغرفة تحمل صنية الشاى وهى تقول :
- الشاى للعرايس الحلوين

************************************
عادت "أسماء" الى بيت جدها .. وما كادت تصل الى منتصف الصالة حتى أحاطها "هانى" بذراعيه من الخلف وهو يقول :
- وحشتيني يا قمر
انتفضت "أسماء" وحررت نفسها من بين ذراعيه ثم التفتت تنظر اليه بغضب .. شعرت بالدهشة من جرئته وفى وضح النهار لكن دهشتها اختفت بعدما قال وهو ينظر اليها بجرأة :
- محدش فى البيت كلهم خرجوا يعني البيت فضى علينا أنا وانت يا جميل
صاحت "أسماء" بغضب :
- احترم نفسك بأه .. مش هسكتلك المر دى
ضحك قائلاً :
- تصدقى اترعبت .. هتعملى ايه يعني
قالت بغضب هادر :
- هصرخ وأفضحك وألم عليك الناس
قال بتهكم :
- لو صرختى انتى اللى هتتفضحى مش أنا
انقض عليها فجأة وأحاطها بذراعيه .. سمعت صوت الباب يفتح فصرخت قائله :
- ماما .. ماما الحقيني
تركها "هانى" على الفور .. دخلت أمها وخالتها يصيحان فى جزع :
- ايه فى ايه ؟
- بتصرخى ليه ؟
قالت "أسماء" بغضب :
- الزفت ده كل شوية يقرب منى ويعمل حاجات مش مظبوطة .. أنا سكت كتير بأه بس تعبت وقرفت
صاحت خالتها قائله :
- انتى بتقولى ايه يا بت انتى
أجهشت "أسماء" فى البكاء قائله :
- ابنك يا خالتو كل شوية يتحرش بيا وبيجيلى أوضتى بالليل
اقتربت منها أمها وصفعتها قائله :
- اخرسى يا بنت انىت ايه اللى بتقوليه ده
وضعت "أسماء" كفها على خدها المتأم وهى تقول باكية :
- والله العظيم يا ماما ما بكدب ده اللى بيحصل فعلاً
صاحت خالتها :
- لا يا حبيبتى أنا ابنى متربي أحسن تربية الدور والباقى عليكي انتى .. من أول ما رجلك خطت البيت ده وانتى بترسمى عليه وبترمى بلاكى عليه
ثم التفتت الى أختها قائله :
- لمى بنتك لألمهالك
جذبتها أمها من ذراعها قائله بغضب :
- عجبك الفضايح دى
جذبت "أسماء" ذراعها من يد أمها وهى تصيح بغضب :
- انا فاض بيا انتي مش أم انتي معندكيش احساس
صفعتها أمها مرة أخرى وهى تصيح :
- بطلى قلة أدب بأه فضحتينا
نظر اليها "هانى" بشماته وكأنه يقول لها .. لقد حذرتك بأن الفضيحة ستكون من نصيبك أنتِ .. لم تعبأ "أسماء" بنظراته ولا بكلام والدتها وخالتها وتوجهت الى غرفتها حاملة كل شئ يخصها وخرجت أمام ناظرى والدتها التى قالت :
- راحه فين ؟
التفتت اليها "أسماء" بوجهها المبلل بالعبرات وهى تقول بعنف :
- ملكيش دعوة بيا وانسى انك خلفتيني أصلاً
خرجت "أسماء" ولس أمامها الا مكان واحد للذهاب اليه ... "آيات"

************************************

انهارت "أسماء" باكية فى حضن "آيات" وهى تقص عليها ما عانته فى منزل خالتها .. لم تتمالك "آيات" نفسها ففاضت دموعها هى الأخرى وهى تقول :
- حسبي الله ونعم الوكيل ربنا ينتقم منه
قالت "أسماء" وهى تغمض عينيها بشدة علها تتناسى تلك الذكريات السيئة :
- كنت حسه انى بموت فى البيت ده ومحدش حاسس بيا لا أم ولا أب
نظرت اليها "آيات" قائله بحده :
- "أسماء" انتى ازاى سكتى على الأرف ده . ده المفروض تقولى وتتكلمى ومتسكتيش
قالت "أسماء" بضعف :
- ما أنا اتكلمت محدش صدقنى خوفت أتكلم تانى يطردونى أو يفضحونى
قالت "آيات" بعنف :
- الطرد والفضيحة أرحم مليون ألف مرة من انك تستسلمى للحقير ده .. سكوتك ده هو اللى شجعه انه يتمادى معاكى .. ومش كل مرة كانت هتعدى سليمة أكيد فى مرة من المرات كان هيغتضبك
قالت "أسماء" وعيناها تشع ألماً ممزوج بالحيرة :
- خوفت يا "آيات" خوفت
قالت "آيات" بحزم :
- أنا لو كنت مكانك كنت صرخت وفضحته ومهمنيش أى حاجة ولو هطرد أطرد بس أكون حافظت على نفسى ومخلتش حيوان زى ده يلمسنى
قالت "أسماء" بوهن :
- يارتنى كنت اتكلمت وقولتلك من زمان .. كان زمانك نصحتيني وكان زمانى بعدت عن القرف ده
انفجرت فى البكاء مرة أخرى فعانقتها "آيات" قائله بحنان :
- خلاص انسى اللى حصل
قالت "أسماء" من بين عبراتها :
- مش ممكن أبداً أقدر أنسى يا "آيات" .. انا مش بس قرفانه منه أنا كمان قرفانه من نفسى أوى
قالت "آيات" وهى تمسح على شعرها برفق :
- بكرة تنسى
ثم نظرت اليها قائله :
- ومتقلقيش هتفضلى هنا معايا .. هنكون مع بعض على الحلوة والمرة .. وأنا من بكرة هبدأ أدور على شغل
قالت "أسماء" وهى تمسح عبراتها :
- طيب ما تروحى لعمك
هزت "آيات" رأسها بقوة وهى تقول :
- لأ مش ممكن أبداً أروح أشحت منه
قالت "أسماء" بسرعة :
- لا مش هتشحتى منه انتى هتطلبى منه انه يشغلك عنده أو عند أحد من صحابه .. يعني هتطلبى منه يساعدك انك تلاقى شغل مش أكتر من كده .. ويا سلام بأه لو شافلنا شغل لينا احنا الاتنين .. اهو نقدر نصرف على نفسنا
قالت "آيات" وعلامات الحزن على وجهها :
- تعرفى ان محامى بابا الله يرحمه مرضاش يساعدنى .. رغم ان بابا كان بيعامله كويس
قالت "أسماء" بحده :
- حسبي الله ونعم الوكيل فيه .. أصلاً الناس معدش فى قلوبها رحمة .. بحس انهم بأوا كتل حجر ماشية على رجلين
ثم قالت وكأنها تتعلق بأى شئ للنجاة مما هما فيه :
- حاولى تروحيله يا "آيات" مهما كان عمك وحش بس معتقدش انه يسيبك فى ظروف زى دى .. على الأقل خالص يساعدك انك تلاقى شغل
قالت "آيات" وهى تشعر بالحيرة والتردد :
- بس اللى أعرفه عن عمله ان شغله مش مظبوط وعشان كده بابا بعد عنه
قالت "أسماء" :
- طيب خليه على الأقل يشوفلك شغل فى شركة حد من رجال الأعمال اللى يعرفهم .. مش معقول كل الىل يعرفهم شغلهم مش مظبوط .. وبعدين هو هيقولك فى وظيفة كذا انتى تشوفى اذا كانت مناسبه ولا لأ .. بس نتحرك نعمل أى حاجة الفلوس اللى معانا لو خلصت هنتبهدل يا "آيات" .. والشغل مش سهل انك تلاقيه
تنهدت "آيات" قائله وهى تفكر :
- مش عارفه محتارة أوى .. هستخير ربنا النهاردة وأشوف ربنا كاتبلنا ايه

**************************************
صاح "سراج" بحده وهو يتحدث مع ابنه "عاصى" عبر الهاتف :
- ايه اللى انتب تقوله ده يا "عاصى" ؟
صاح "عاصى" قائلاً :
- يعني نسكتله بعد اللى عمله فى قريتنا ده يا بابا .. التييييييييييت اللى زى ده لازم ياخد على دماغه عشان يتعلم الأدب ويعرف مين هما أسياده
قال "سراج" بحزم :
- هدي اللعب شويه يا "عاصى" .. لو عملت أى خطوة دلوقتى هيرد عليك بعشرة ومش هنخلص .. استنى شوية لحد ما نلاقى فرصة مناسبة ونضربه فى مقتل
هتفت "عاصى" بعنف :
- يا مين ينولنى رقبته دلوقتى أخلص عليه وأمحيه من على وش الدنيا
قال "سراج" محذراً :
- "عاصى" قولتلك هدى اللعب دلوقتى
قال "عاصى" بغل :
- حاضر يا بابا
صمت "سراج" قليلاً ثم سأله قائلاً :
- انت هترجع امتى من العين السخنة ؟
قال "عاصى" بصرامة :
- مش راجع .. انا خلاص هفضل هنا في العين السخنه ويا انا يا التيييييييييييت ده

ظل "عاصى" يفكر فى كيفية القضاء على "آدم" وازالته من أمامه تماماً .. لم يكن "عاصى" من تلكم الأشخاص التى تتميز بالورع أو الخوف أو الشفقة .. بل كان قلبه أشبه بالصخر .. وأثبت خلال سنين حياته أن له نصيب كبير من اسمه .. "عاصــى " !

**************************************
دخل "آدم" الشاليه ليجد أمه جالسه على أحد المقاعد .. قال :
- ازيك يا ماما
نظرت اليه بعتاب ثم أشاحت بوجهها عنه .. اقترب منها وسألها قائلاً بإهتمام :
- فى حاجه يا ماما ؟
صمتت قليلاً ثم قالت :
- ازاى قابل تعيش كده يا "آدم" ؟
جلس على المقعد المجاور لها وهو يقول بدهشة :
- ازاى يعني مش فاهم
قالت بحده :
- عيشتك حرام يا ابنى .. وفلوسك حرام
هتف "آدم" قائلاً :
- انا فلوسي مش حرام يا ماما
قالت بألم :
- لا حرام يا ابنى .. لما تيجي من وره الخمرة تبقى حرام .. لما تيجي من وره لحم الخنازير تبقى حرام .. لما تيجي من الرقص والمسخرة والستات العريانة وقلة الأدب تبقى حرام .. انا اتمشيت النهاردة فى القرية واتصدمت من اللى شوفته
قال "آدم" بإرتباك :
- الخمرة ولحم الخنازير فى زباين بيطلبوها وأنا مبضربش حد على ايده عشان ياكل أو يشرب منها وكمان فى أكلات معينة ميتفعش تتعمل من غير الخمرة والأكلات دى هى اللى بيتميز الأماكن الراقية والمطاعم والقرى الكبيرة .. وبالنسبة للملهى الليلى هو أصلا مش شغال دلوقتى بسبب الحريقة اللى حصلت .. وبالنسبة للرقص وللستات العريانه انا مش هضربهم على ايدهم واقولهم مترقصوش وغطوا جسمكوا
نظرت اليه أمه بألم وقالت بحسره :
- انت شايف ان كل اللى قولته ده مقنع ؟ .. طيب لو مقنع تقدر يوم القيامة تقوله أدامه ربنا لما يسألك جبت فلوسك منين ؟ .. تقدر تقوله لما تتسأل فى قبرك منين جبت فلوسك وصرفتها فى ايه ؟ .. الرسول صلى الله عليه وسلم قال " لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ" .. هتقدر تقول الكلام ده وقتها يا "آدم" ؟
قال "آدم" بضيق :
- أنا مبعملش حاجة غلط .. لا بشرب خمرة ولا باكل حاجة حرام
قالت "أمه بحزم :
- بس بتبيعهم للى بياكلهم وللى بيشربهم وده حرام وبتاخد سيئات زيهم بالظبط لانك بتقدمها ليهم وبتسهلها عليهم .. النبي صلى الله عليه وسلم قال "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا"
نهض "آدم" قائلاً وهو يريد الهروب من هذا النقاش :
- أنا داخل أرتاح شوية
دخل "آدم" عرفته وبدل ملابسه .. ألقى بنفسه فوق فراشه فى تهالك .. أخذ يفكر فى كلام والدته وهو يشعر بضيق شديد فى صدره وكأن الهواء سُحب من الغرفة عن كامله .. شعر بإختناق شديد وهو يفكر فى كل شئ وأى شئ .. قام يجلس فى فراشه وهو يحاول أن يزيل هذا الإحساس الذى أصبح ملازماً له فى الفترة الأخيرة .. قال لنفسه .. لماذا هذا الضيق يا "آدم" ؟ .. تعمل فى مركز يتمناه آلاف الشباب فى سنك ؟ .. لك مرتب كبير يسد احتياجاتك ويفيض ؟ .. ما شمكلتك .. لماذا هذا الثقل الذى تعشر به فوق صدك ؟ .. لماذا لا تهنأ وتفرح وتسعد وتعيش حياتك كما يفعل غيرك ؟! .. ما الذى ينقصك يا "آدم" .. ما الذى ينقصك ؟! ..
تسربت الى أسماعه صوت آيات من القرآن الكريم أدارتها والدته فى المسجل ورفعت الصوت عالياً حتى اخترق الباب المغلق ونفذ الى أذنيه .. أعاد ظهره الى الوراء وهو يرهف أذنيه بإنتباه شديد .. كالظمآن الذى يسمع صوت خرير الماء بالقرب منه



https://www.youtube.com/watch?featur...&v=AXmzNVNgXKQ


- يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( 12 ) يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ ( 13 ) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ( 14 ) فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ( 15)

عندما وصلت الى مسامعه تلك الآيه امتلأت عينى "آدم" بالعبرات حتى فاضت وتساقطت على وجهه الذى اشتاق لتلك الدموع الخاشعة الذليلة المستشعره بذنبها وتقصيرها وبُعدها .. أغمض عينيه ليفرغ ما بداخلهما من عبرات تحرقهما .. وانتفض جسده بعدة شهقات لم يستطع كبحها

- أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ .






لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-10-15, 01:11 PM   #22

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 18 )


جلس "سراج" فى بار قريته السياحية وقد علا وجهه علامات الإستغراق فى التفكير .. اقترب منه أحد الرجال قائلاً :
- "عاصى" بيه
التفت اليه "عاصى" .. فقال الرجل :
- مدير القرية اللى حضرتك طردته بعد ما البلطجية اتهجموا علينا
قال "عاصى" بغلظة :
- ماله سي زفت ده ؟
تردد الرجل قليلاً ثم قال :
- سمعنا انه اشتغل فى قرية جولدن بيتش
التفت "عاصى" اليه بحده وترك كأس الخمر من يده وقال بإستغراب :
- يعني ايه اشتغل فى جولدن بيتش
قال الرجل وقد بدا عليه الإرتباك :
- ده اللى عرفناه يا "عاصى" بيه .. "آدم" مدير القرية لما عرف ان حضرتك طردته عرض عليه مرتب كبير وشغله فى القرية
قال "عاصى" وعيناه تشعان شرراً :
- شغله ايه ؟
قال الرجل :
- مسكة ادارة المطعم
لكم "عاصى" الكأس الموضوع على البار بقبضته فوقع على الأرض وقد أصدر صوتاُ عالياً أثناء تهشمه .. انتفض الرجل وهو ينظر الى "عاصى" الذى بدا وكأنه تحول الى وحش كاسر زمجر قائلاً :
- وطبعاً التيييييييييييييت ده قالوا على كل أسرارنا فى ادارة القرية .. زمانه عرفه كل كبيرة وصغيره فى قريتنا
صاح فى الرجل قائلاً :
- روح انت .. وأى حاجة جديدة تحصل بلغهالى فوراً
أومأ الرجل برأسه وانصرف من أمام "عاصى" وهو يتنهد فى ارتياح .. عض "عاصى" شفتيه بقوة وهو يتوعد "آدم" قائلاً :
- ماشى يا تيييييييييييييت .. مبقاش أنا "عاصى" ان ماخليتك تلف حولين نفسك

**************************************
دخلت "آيات" المطبخ تساعد "حليمة" التى قالت :
- روحى انتى يا بنتى دول شوية فول وشوية طعمية مش هياخدوا منى حاجة
قالت "آيات" وهى تسخن الخبز :
- مفيش مشكلة يا دادة هساعدك
استيقظت "أسماء" ومرت على المطبخ فى طريقها الى الحمام وقالت بصوت ناعس :
- صباح الخير
- صباح النور
- صباح النور يا بنتى
قالت "آيات" وقد عزمت امرها على الذهاب الى عمها :
- على فكرة يا "أسماء" أنا استخرت ربنا .. وهروح النهاردة ان شاء الله لعمى
ابتسمت "أسماء" قائله :
- كويس .. وان شاء الله خير
كانت "آيات" متوترة للغاية من تلك المقابلة .. مضت سنوات طوال لم ترى فيها عمها "سراج" و لا أولاده .. تُرى أمازال يتذكر شكلها .. ايتذكر اسمها .. ماذا ستكون رده فعله عندما يراها أمامه .. تطلب منه وظيفة تكسب منها لقمة عيشها .. تنهدت "آيات" بحسرة ولاحت فى عينيها العبرات وهى تتذكر والدها وفقدانها له .. ترك فقدانه شرخاً كبيراً فى نفسها .. شعرت بأنها كشجرة اللبلاب التى فقدت دعامتها وأخذت فى التمايل .. لكنها أبداً لن تسمح لنفسها بالسقوط .. ستواجه الحياة وسلاحها هو قربها من الله عز وجل .. كانت "آيات" تحاول التقرب اليه بقدر ما تستطيع .. أبدلت ملابسها بأخرى أوسع منذ أن عادت من العمرة .. وإن كانت ملابسها لم تتصف بعد باللباس الشرعى .. إلا أنها شعرت براحه كبيرة عن تلك الملابس الضيقة التى اعتادت الخروج بها .. ومنذ أن عادت من العمرة لم تضع أى زينة على وجهها .. فأصبح أكثر اشراقاً ونعومة .. تنهدت "آيات" وشعور بالقلق يتسرب اليها .. كانت تخشى لقاء عمها .. تخشاه بشدة

*************************************
قامت والدة "آدم" بتحضير الفطور على الطاولة .. ثم ذهبت لايقاظ ابنها .. طرقت طرقة خفيفة ثم فتحت الباب .. لكنها تسمرت فى مكانها وبدأت العبرات تبلل عينيها وهى تنظر الى "آدم" الساجد على الأرض .. وضعت كفها على فمها لتكتم شهقات بكائها وأغلقت باب الغرفة ببطء .. جلست على أحد المقاعد وهى تبكى وتناجى ربها :
- يارب اهديه يارب .. يارب اصرف عنه كل سوء .. يارب عينه على نفسه وعلى شيطانه .. يارب اهديه أنا قلبي راضى عنه ارضى عنه يارب .. ارضى عنه
سمعت باب غرفته يُفتح فمسحت عبراتها بسرعة وقالت تقول له :
- يلا يا "آدم" عشان تفطر
التف الاثنان حول الطاولة .. كانت أمه تنظر اليه من حين الى آخر بنظرات فرحة ممزوجة بالحنان والرضا .. تقابلت نظراتهما فابتسم "آدم" ثم قال :
- ادعيلى يا ماما
قالت أمه بنبرة صادقة :
- والله يا ابنى بدعيلك دايماً .. ربنا ينورلك طريقك ويهديك يا "آدم"
اتسعت ابتسامته وهو يغادر الشاليه متوجهاً اى مكتبه فى القرية .. لأول مرة منذ شهور طويلة جداً يشعر براحة فى صدره .. كان شعور الضيق مازال يلازمه الا أنه هذا اليوم كان أخف وطأه .. استسمتع بهذا الشعور من الراحه الذى افتقده طويلاً .. دخل مكتبه وشرع فى ممارسة عمله بحماس .. دخل "زياد" المكتب ليقول :
- صباح الخير يا "آدم"
ابتسم له "آدم" قائلاً :
- صباح النور يا "زياد" .. ايه الأخبار .. مدير قرية الفيروز اللى اطرد أخباره ايه معانا
قال "زياد" وهو يجلس أمامه على المكتب :
- مبسوط على الآخر
ضحك "آدم" قائلاً :
- زمان "عاصى" هيموت من الغيظ
قال "زياد" بتوتر :
- يا خوفى المرة دى متجيش سليمة زى المرة اللى فاتت
قال "آدم" بحزم :
- ميقدرش يعمل حاجة أنا زودت الحراسة على القرية ومدى أوامر للبودى جاردز لو شافوا حد بيبلطج فى القرية يموتوه ضرب لحد ما يبانله صاحب
قال "زياد" فجأة :
- ايه أخبار بنت أخو "سراج" اللى انت كنت خاطبها ؟
قال "آدم" بإستغراب :
- اشمعنى يعني ليه بتسألنى
قال "زياد" :
- أصل أبوها مات
شعر "آدم" بالصدمة وهو يستمع لخبر موت "عبد العزيز" وهتف قائلاً :
- لا حول ولا قوة الا بالله
ثم نظر اليه قائلاً :
- انت عرفت منين ؟
قال "زياد" :
- قريته فى الجرنال من فترة
شعر "آدم" بالقلق على "آيات" فهو يعلم أنها ليس لها أقارب .. وليس لها أحداً فى هذه الدنيا إلا والدها .. أسرع "آدم" يخرج هاتفه ويتصل بـ "آيات" ..

جلست "آيات" مع "سمر" و "إيمان" و "أسماء" .. فى غرفتها ببيت "حليمة" .. عندما رن الهاتف .. نظرت الى الرقم وشعرت بإضطراب بالغ عندما علمت أن "آدم" هو المتصل .. أخذت تتساءل فى نفسها عن سبب اتصاله .. ماذا يريد منها .. نظر اليها الثلاث فتيات وهى تمسك هاتفها وتنظر اليه بتوتر .. سالتها "أسماء" بإهتمام :
- ايه .. مين يا "آيات" ؟
قالت "آيات" بتوتر :
- "آدم"
أسرعت "سمر" قائله :
- متعبريهوش
انقطع الاتصال فقالت وهى مازالت تحاول تخمين سبب اتصاله :
- أصلاً مكنتش هرد
عاود الإتصال مرة أخرى فقالت "إيمان" :
- طيب شوفى عايز ايه
قالت "سمر" بحزم :
- لأ هيكون عايز منها ايه يعني .. خلاص الموضوع انتهى وده واحد نصاب وكداب المفروض متتكلمش معاه تانى ولا تثق فيه أبداً
قالت "أسماء" فى حيرة :
- بس ليه بيتصل تفتكرى عايز ايه يا "آيات" ؟
تنهدت "أسماء" بضيق ثم أغلقت هاتفها تماماً حتى لا يعاود الإتصال بها وهى تقول بضيق :
- معرفش ومش عايزه أعرف

شعر "آدم" بالتوتر عندما حاول الاتصال بها مرة اخرى ليجد هاتفها مغلق .. زفر بضيق فسأله "زياد" قائلاً بإهتمام :
- ايه مبتردش ؟
قال "آدم" بحنق وهو يكتب رسالة على هاتفه :
- كان بيرن وفجأة لقيته مقفول .. أكيد مش عايزه تكلمنى
نظر اليه "زياد" قائلاً :
- هتبعتلها رسالة ؟
قال "آدم" وهو يكتب رسالته :
- أيوة
أرسل "آدم" رسالته وقلبه وعقله منشغل بـ "آيات" وحالها بعد وفاة والدها .. شعر بالأسف لفقدانها والدها لعلمه بمدى تعلقها به .. وبمدى حبها له واعتزازها به .. رق قلبه لحالها وأخذ يتخيل شعورها بمرارة الفقد التى ذاق مثلها بعد وفاة والده .. حاول الاتصال بها مرة أخرى لكن الهاتف ظل مغلقاً .. انصرف "زياد" دون أن يشعر به "آدم" .. دخل الفيس بوك وتوجه الى حسابها .. أخذ يبحث عن اسمها دون جدوى .. طردته من عالمها تماماً .. حاول الإتصال بها مرة أخرى دون جدوى .. زفر بضيق وقد أخذ القلق منه مبلغه

************************************

فى المساء .. ألقت "آيات" نظرة على "أسماء" النائمة بجوارها .. ثم أسندت ظهرها الى واسادتها وهى تفكر فى لقاء الغد .. قررت الذهاب الى عمها فى الغد .. امتدت يدها الى هاتفها تفتحه .. اندهشت عندما وجدت رسالة من "آدم" .. فتحتها بأيدي متوترة وقرأت ما فيها :
- "آيات" البقاء لله عرفت ان والدك توفى .. أنا عايز أطمن عليكي
نظرت "آيات" الى الرسالة بسخرية ممزوجة بمرارة شعرت بها فى قلبها .. هتفت بداخلها .. تريد أن تطمئن على ؟! .. ما أرق قلبك ؟! .. تنهدت فى ضيق وتركت هاتفها على الأرض بجوار السرير وحاولت النوم

استلم "آدم" تقريراً بوصول رسالته فأسرع بالنهوض من فوق فراشه وأمسك هاتفه الموضوع على المكتب واتصل بها .. نظرت "آيات" الى الهاتف وهى تشعر بالإضطراب .. ثم ما لبث أن اختفى اضطرابها وظهرت علامات الألم على وجهها وهى تتذكر كيف خدعها وكيف لعب بعواطفها ومشاعرها وكيف استغل حبها له ليصل الى ما يريد .. وكيف خانها مع تلك المرأة .. وكيف تجرأ وفعل هذا الذنب الكبير .. هتفت بصمت .. ماذا تريد منى .. لم أعد أملك شيئاً تريده .. لم أعد أملك أى مال .. لم أعد أملك أحداً تستطيع ابتزازه .. لم أعد أملك اى شئ فى هذه الدنيا .. ابحث عن غيري لتستغلها وتلعب بها .. لن أمسح بأن أكون لعبة فى يدك مرة أخرى .. أغلقت "آيات" هاتفها تماماً .. ووضعت رأسها على وسادتها وقد فاضت عيناها بالعبرات .. تنظر الى هاتفها على الارض بحزن وألم

شعر "آدم" بالحزن عندما وجد هاتفها مغلقاً مرة أخرى .. قال فى نفسه .. لماذا يا "آيات" .. ما أردت سوى الإطمئنان عليكِ .. لماذا تبعديني عنكِ هكذا بلا رحمة .. لماذا لا تستمعى الى أعذارى ومبرراتى لما فعلت .. لست شخصاً كريهاً كما تظنين .. بل أنا شخص مريض يا "آيات" .. مريض بذوبى وآثامى وأخطائى .. أنا أولى بشفقتك من نفورك .. وأولى بعطفك وحنانك من بغضك .. جلس على فراشه وهو يتنهد فى حسره وهو يتذكر كيف أضاعها من بين يديه

***********************************
تقدمت "آيات" تعبر أورقة الشركة بإرتباك ظاهر .. شعرت بتوتر معدتها وكأنها ذاهبة الى امتحان مصيري .. كادت أن تعود ادراجها لكنها تذكرت الضيقة التى وقعت فيها .. وكيف أنها بلا مال وبلا عمل .. ويجب أن تتصرف بسرعة قبل أن ينفذ مالها ومال "أسماء" .. دخلت غرفة مديرة أعمال "سراج" وهى تقدم رجلاً وتؤخر الأخرى .. وقفت أمامها بإضطراب وهى تقول :
- لو سمحتى عايزة أقابل الأستاذ "سراج اليمانى"
نظرت اليها السكرتيرة وقالت بروتينيه :
- فى معاد معاه ؟
قالت "آيات" بتوتر :
- لأ .. بس ياريت حضرتك تقوليله بنت أخوه "عبد العزيز" عايزه تقابله
نظرت اليها المرأة نظرة متفحصة .. ثم قامت من فوق مكتبها وتوجهت الى مكتب "سراج" قائله :
- فى واحدة بتقول انها بنت أخو حضرتك وعايزه تقابلك
نظر اليها "سراج" بدهشة ثم ما لبثت أن ظهرت تعبيرات التعالى الممزوج بالغضب على وجهه ثم قال بحنق:
- قوليلها مش فاضى
التفتت السكرتيرة لتغادر فأوقفها قائلاً :
- ولا أقولك استنى .. دخليها .. بس ادخلى معاها ولما أشاورلك تقولى ان فى اجتماع
قالت المرأة بطاعة :
- حاضر يا فندم
جلس "سراج" وقد أسند ظهره الى الخلف ورفع رأسه بتعالى مستعداً لرؤية ابنة أخيه .. ابنة أخية الذى تبرى منه أمام الناس لعدم رضاه عن طرقه الملتوية فى تسيير أعماله .. دخلت "آيات" تتقدمها مديرة أعماله .. نظر اليها نظرة متفحصة .. بدت متوترة وهى تتطلع الى عمها الذى لم تره منذ سنوات طويلة .. ظل كلاهما ينظر الى الآخر بصمت بترقب .. ابتسمت "آيات" بصعوبة وهى تقول :
- ازيك يا عمو
صمت "سراج" لبرهة ثم قال بدون ترحيب حقيقي :
- أهلا أهلا ازيك
قالت آيات" بتوتر :
- الحمد لله
أشار لها بالجلوس قائلاً :
- اتفضلى اعدى
جلست "آيات" تضع حقيبتها أمامها وهى تفرك يديها فى قلق .. نظرت اليه قائله :
- حضرتك عرفت ان بابا اتوفى ؟
عقد "سراج" ما بين حاجبيه للحظات ثم قال :
- آه عرفت
نظرت اليه "آيات" بمزيج من الدهشة والحزن .. وهى تقول فى نفسها .. ومادمت قد علمت فلماذا لم تسأل اذن عن ابنة أخيك ؟! .. صمتت قليلاً ثم قالت بتوتر وخجل :
- حضرتك عرفت ان بابا الله يرحمه كنا عليه ديون واننا بعنا كل حاجة عشان نسدد الديون دى
قال "سراج" بلامبالاة :
- أيوة عرفت دى كمان
صمتت "آيات" لا تدرى ما تقول .. كان اللقاء أبرد مما توقعت .. كادت أن تغير رأيها وترحل دون أن تخبره بالسبب الحقيقي الذى دفعها الى المجئ اليه .. لكنها تذكرت محنتها فأرغمت نفسها على البقاء .. نظرت اليه بإستغراب فهو لم يسأل حتى اين تقيم ولا من أين تعيش .. تنهدت بعمق ثم قالت بألم :
- أنا اضطريت أبيع الفيلا وأبيع الشركة والعربية وكل حاجة عشان الديون تتسدد .. انا بس كنت عايزة من حضرتك ......
توترت وشعرت بالخجل فلم تستطع أن تنظر الى وجهة .. خفضت رأسها وقالت :
- يعني .. أنا محتاجة وظيفه
أرجع "سراج" ظهره الى الخلف .. ران الصمت للحظات ثم قال بصوته الأجش :
- طيب تعالى بعد كام يوم أكون حاولت أشوفلك شغلانه
ثم قال :
- انتى خريجة ايه ؟
قالت "آيات" بلهفة :
- بكالوريوس تجارة
قال "سراج" :
- اشتغلتى فين قبل كده ؟
قالت "آيات" بتوتر :
-لا انا مشتغلتش قبل كده دى أول مرة
ابتسم "سراج" بخرية ثم ما لبث أن قال :
- طيب هحاول أتصرف
فى تلك اللحظة دخل "عاصى" المكتب .. نظر اليه والده بدهشة .. قال "عاصى" وهو يلقى نظرة على "آيات" :
- مساء الخير .. معلش مكنتش أعرف ان عندك حد
قال "سراج" وهو يشير الى "آيات" :
- دى بنت عمك "عبد العزيز"
نظر اليها "عاصى" وقد رفع حاجبيه يرمقها بنظرة متفحصة أخدلتها .. ثم قال :
- "آيات" .. مش ممكن .. كبرتى واحلويتي
شعرت بسخونه فى وجهها وقد تضرجت وجنتاها بحمرة الخجل وأخفضت رأسها .. ابتسم قائلاً :
- ازيك ايه أخبارك
قالت بخفوت وهى تتحاشى النظر اليه :
- الحمد لله
أشار "سراج" لمديرة أعماله بطرف خفى فقالت على الفور :
- بفكرك بإجتماع حضرتك اللى هيبدأ دلوقتى يا "سراج" بيه
نهضت "آيات" على الفور وقالت بجرح :
- شكراً يا عمو .. أنا همشى دلوقتى وهاجى لحضرتك مرة تانية ان شاء الله تكون شوفتلى موضوع الشغل
أومأ "سراج" برأسه وقال بنبرة متعاليه :
- ان شاء الله
التفت "عاصى" الى والده بعد خروج "آيات" قائلاً بإستغراب :
- شغل ايه اللى بتتكلم عنه
قال "سراج" بتهكم :
- ابوها مات مديون وسابها على الحديدة ومش لاقيه وظيفه تعيش منها وجيالى أشوفلها شغل
قال "عاصى" :
- وقولتلها ايه
قال "سراج" بنفاذ صبر :
- قولتلها هبقى أتصرف .. المهم قولى هو انت ايه اللى نزلك القاهرة مش قولت هتفضل فى العين السخنة
ٌقال "عاصى" بصرامة :
- جاى أنخور ورا التيييييييييييت اللى اسمه "آدم" ده .. وأشوف أى حاجه أقدر أمسكها عليه والوى دراعه بيها
ثم هتف بغضب :
- تصور التييييييييت ده شغل عنده مدير القرية بتاعتنا اللى طردته
ثم قال وكأنه يتحدث الى نفسه :
- بس وربنا ما أنا عاتقه .. هخليه يندم على اليوم اللى فكر فيه انه يقف قصادى ويتحدانى

بمجرد خروج "آيات" من مكتب "سراج" أسرعت مديرة أعماله بمهاتفة "آدم" الذى كان فى منتصف اجتماع هام .. لكنه استأذن منهم ليرد عليها لظنه بأنها تحمل له أخباراً هامة عن "سراج" و "عاصى" .. قال بلهفة :
- أيوة
قالت مديرة أعمال "سراج" وهى تتلفت حولها لتتأكد من عدم وجود من يسمعها :
- أيوة يا دكتور "آدم"
قال بإهتمام :
- فى حاجة جديدة ؟ .. أنا فى اجتماع دلوقتى
قالت بسرعة :
- أيوة من شوية جت واحدة وقالت انها بنت أخو "سراج" بيه
اتسعت عينا "آدم" دهشة وقال :
- "آيات" ؟
انتبه "زياد" الذى كان جالساً على طاولة الإجتماعات الى اسم "آيات" فنظر الى "آدم" بإهتمام .. قالت مديرة أعماله "سراج" :
- مش عارفه اسمها
قال "آدم" بلهفة واهتمام :
- متعرفيش جتله ليه ؟
قالت المرأة :
- كانت جايه طالبه منه شغل
قال بدهشة :
- شغل ؟
قالت :
- أيوة قالت ان باباها كان مديون وباعوا كل حاجة الفيلا والشركةوانها عايزه شغل عشان تصرف منه على نفسها
خفق قلب "آدم" فى لوعة وصمت قليلا وهو يقول :
- يعني هى دلوقتى بتدور على شغل .. وباعت كل حاجة ورثتها ؟
قالت المرأة :
- ده اللى فهمته من كلامها
قال "آدم" بحزم :
- طيب لو جتله تانى بلغينى .. ضرورى جداً .. فاهمة
تمتمت المرأة بطاعة :
- أيوة فاهمة .. سلام دلوقتى

خرجت "آيات" وهى تشعر بالتوتر الشديد .. هربت دمعة من عينيها وهى تخرج من الشركة .. كان تعلم بوجود مشاكل بين أبيها وعمها لكنها لم تتوقع أن يقابلها بمثل هذا البرود .. ما ذنبها هى فى خلافاته مع والدها .. كيف يعاملها بمثل تلك القسوة .. كادت "آيات" أن توقف سيارة أجرة للعودة الى منزلها .. لكنها تذكرت بأنها يجب أن تقتصد فى نفقاتها حتى تجد وظيفة تضمن لها مرتب فى آخر كل شهر .. فهى لا تثق فى أن "سراج" سيجد لها عملاً .. رغم قدرته على ذلك بمجرد اشارة من اصبعه .. لكنها شعرت كما لو كان يريد الانتقام من والدها فيها .. ورد ما فعله به .. وقفت "آيات" فى محطة الأتوبيس تنتظره مع من ينتظرونه .. مر بعض الوقت حتى جاء الأتوبيس .. تزاحم الناس من حولها وهى تشعر بالضيق .. دخلت الى الأتوبيس بقوة الدفع .. شعرت بالراحة عندما وجدت مقعد بجوار الشباك مازال فارغاً .. جلست فى مكانها وانطلق الأتوبيس .. كانت تلك هى المرة الأولى التى تركب فيها المواصلات العامة .. نظرت من الشباك وهى تريح ظهرها الى الخلف وتستند برأسها على الزجاج تفكر فى حالها وفي مستقبلها المجهول .. شعرت و كأن شئ ما يلمسها فانتفضت ونظرت الى الرجل بجوارها والذى كان يبدو عليه علامات الهدوء .. كان ينظر أمامه وقد عقد ذراعيه فوق صدره .. عادت للنظر الى الشباك تتابع المارة بجوار الأتوبيس وقد شردت مرة أخرى .. مرة أخرى شعرت بنفس الشئ .. نظرت بجوارها بطرف عينيها فوجدت الرجل يتشيث فى ظهر المقعد الذى أمامه .. فقالت فى نفسها لعله تحرك من اهتزاز الأتوبيس .. فانزاحت حتى التصقت فى الشباك تماماُ للتتحاشى ملامسة الرجل لها .. بعد عدة دقائق شعرت بنفس الشئ .. التفتت تنظر اليه بحده و قد تأكدت بانه يتعمد لمسها بيده القريبة منها وهو عاقد ذراعيه فوق صدره .. شعرت بالغضب والضيق .. نظرت حولها فلم تجد أحداً منتبهاً لما يحدث .. انزوت أكثر بعيداً عنه .. لكنه اقترب بجسده منها ولمسها مرة أخرى .. تجمعت العبرات فى عينيها أرادت الصراخ فى وجهة لكنها خافت من فضح نفسها أمام ركاب الأتوبيس .. تذكرت "أسماء" عندما كانت فى وضع مشابه لوضعها وخشت هى أيضاً التحدث وعنفتها "آيات" .. أما الآن فهى تشعر بما كانت تشعر به "اسماء" .. شعور بالنفور والخوف والغضب والمهانة والتقزز .. نظرت اليه وهتفت بصوت منخفض :
- لو سمحت ابعد شوية
تظاهر الرجل بأنه لم سمعها ومال يميناً ويساراً وكأن حركة الأتوبيس هى التى تهزه هكذا .. لم تعد "آيات" تحتمل اقترابه وملامسته اياها نهضت فجأة وطلبت من السائق التوقف .. نزلت "آيات" من الأتوبيس ودموعها فى عينيها .. أوقفت أول سيارة أجره قابلتها وأملته العنوان حيث انطلق بها الى بيت "حليمة"
دخلت "آيات" البيت ولم تجد أحداً به .. دخلت غرفتها وجلست على فراشها باكيه .. كانت تشعر بالغضب والمهانة .. أخذت تمسح بيدها المواضع التى لمسها الرجل بيده وكتفه وكأنها تريد ازالة آثاره منها .. شعرت وكأن تلك الأماكن اتسخت بلمسه اياها .. كانت ترتعش بالبكاء فأحاطت جسدها بذراعيها وانحنت الى الأمام وهى تغمض عينيها دون ان تستطيع السيطرة على عبراتها التى تنساب على وجهها .. سمعت صوت هاتفها .. فنظرت الى حقيبتها الموضوعه بجوارها على الفراش ثم فتحتها لتجد رقماً غريباً .. كفكت دمعها وكادت أن تتجاهل الإتصال لولا أن تذكرت "سراج" فلعله وجد لها عملاً وأراد ابلاغها .. ثم فكرت بدهشة كيف علم برقمها .. لم تنتظر لتعرف الإجابة بل ردت مسرعة وهى تقول بلهفة :
- ألو
لم تسمع صوتاً فقالت مرة أخرى :
- ألو
اتاها صوت "آدم" قائلاً :
- أنا "آدم" يا "آيات"
انتفض قلبها بشدة .. وحبست أنفاسها المضطربة .. ثم قالت بصوت حاولت أن يبدو طبيعياً :

- أيوة حضرتك عايز ايه ؟
على الرغم من محاولتها الا أن صوتها خرج متحشرج مضطرب .. باكى .. فقال "آدم" بقلق :
- انتى كويسة ؟
بدا وكأنها استعادت تماسكها فقالت بحزم :
- أفندم حضرتك عايز ايه ؟
قال "آدم" وقد ازداد قلقه :
- انتى كنتى بتعيطي ؟
صمتت وقد انسابت العبرات من عينيها مرة أخرى فقال "آدم" بلهفة :
- "آيات" انتى كويسة .. اتكلمى معايا .. مالك فى ايه .. بتعيطى ليه
صاحت بصوتها الباكى :
- ملكش دعوة بيا .. دى حاجة متخصكش ولو سمحت متتصلش بيا تانى
شعر "آدم" بقلبه وقد كاد ينخلع من مكانه قلقاً وخوفاً وألماً من أجلها .. فقال بصوت حانى :
- "آيات" انتى فين .. اديني عنوانك
صاحت بغضب :
- عنوان ايه اللى انت عايزه .. انت تبعد عنى خالص .. فاهم . .أنا لا عايزة أشوفك ولا عايزه أسمع صوتك ولا عايزه أعرفك أبداً
قال "آدم" بألم وندم :
- عارف .. عارف انك مش طايقانى .. بس لو سمحتى عرفيني انتى فين وعنوانك ايه
قالت بصرامة قبل أن تنهى المكالمة :
- أنا هريحك خالص ومش هفتح الخط ده تانى .. وياريت تنسى انك عرفتنى فى يوم من الأيام لانى خلاص نسيتك ومبقتش أطيق أفتكرك
فتحت هاتفها وأخرجت شريحتها لتقسمها الى نصفين وتلقيها أمامها على الأرض

*************************************
اندمج "على" فى عمله وتابع العمال الذين يعملون تحت امرته .. بعد استراحة الغداء دخل المخازن ليجد بعض العمال وقد شرعوا فى طبع تواريخ صلاحية على العلب فأقبل عليهم قائلاً :
- انتوا بتعملوا ايه ؟
قال أحدهم :
- المشرف ندهلنا وقالنا نطبع الكلام ده على كل العلب دى
وأشار بيده على العديد من الكراتين والتى غطت الحائط والتى كانت تحتوى على عبوات الأغذية المحفوظة .. نظر "على" بدهشة الى الكراتين قائلاً:
- جت امتى الشحنه دى ؟
قال أحد العمال :
- علمى علمك
فتح "على" احدى الكراتين وأخذ يتفحص العبوات علبة علبة ليجد بأن التواريخ فى الأسفل تم ازالتها بالكامل .. ظل يتفحص الى أن وصل الى احدى العلب والتى لم يتم حذف التاريخ منها بدقة فبدا واضحاً للعيان أن العبوات منتهية الصلاحية من شهرين .. هتفت قائلاً :
- يا ولاد التييييييييييييييت
أخذ العبوات وتوجه الى مدير الشركة يطلب مقابلته .. لكن السكرتيرة منعته الى أن أخذ فى الصراخ وقد تعالى صوته قائلاً :
- أنا عايز مدير الشركة دى دلوقتى حالاً .. بتغيروا فى تاريخ الصلاحية وتبيعوا للناس أكل فاسد .. أنا عايز أعرف دلوقتى المدير عارف اللى بيحصل ده ولا نايم على ودانه .. ولا كلكوا طابخينها سوا
أقبل أحد المسؤلين بالشركة وحاول تهدئه "على" لكن "على" أصر على مقابلة مدير الشركة والذى صدمه بقرار فصله ! .. فصاح بدهشة وألم :
- ليه .. ليه ؟
قال مدير الشركة بغضب :
- انت ملكش دعوة الا بشغلك وطالما حطيت مناخيرك فى حاجة متخصكش يبقى متلزمنيش .. مين قال ان العبوات منتهية الصلاحية .. أنا راجل شريف وعندى ضمير
صاح "على" بغضب وهو يشير الى احدى العلب فى يده :
- العلبة دى التاريخ واضح عليها انه منتهى من شهرين
قال مدير الشركة :
- دى علبه وسط ملايين العلب السليمة
قال "على"بحده :
- لا العلب مش سليمة العلب كلها متشال من عليها الصلاحية والعمال تحت فى المخزن عمالين بيطبعوا تواريخ جديدة على العلب
ثم صاح :
- حرام عليكوا هى الناس ناقصة .. اتقوا ربنا دول ناس غلابة ده مفيش بيت فى مصر الا وفيه حد مريض .. حسبي الله ونعم الوكيل فيكوا ده انتوا ربنا هينتقم منكوا شر انتقام
خرج "على" من الشركة وهو يحمل العلبة فى يده وأوقف سيارة أجرة لكى يتوجه الى قسم الشرطة .. لكن لم يكد يبتعد بالسيارة عدة أمتار حتى أقبل بعض الرجال الذين أوقفوا السيارة وجذبوه من ملابسه وأوسعوه ضرباً وركلاً .. هرب سائق السيارة الأجرة وترك "على" فريسة لهؤلاء الوحوش

*********************************

صاحت "أسماء" بحنق :
- انتى ازاى سكتى .. ازاى سمحتيله يتحرش بيكى كده
قالت "آيات" بأعين دامعة وهى تجلس بجوارها على الفراش :
- كنت خايفة
نظرت اليها "أسماء" بعطف فقالت "آيات" بصوت مرتجف :
- فاكرة لما زعقتلك وقولتلك ليه متكلمتيش ليه مصرختيش قولتلى انك خوفتى من اللى ممكن يتقال عليكي .. انا حسيت بإحساسك ساعتها .. حسيت انى خايفة ان الناس تبصلى وحش .. وكنت مخضوضة ومش عارفه أعمل ايه .. فضلت أقوله يبعد بس هو مكنش بيبعد ومكنش حد واخد باله من اللى بيعمله يعني لو زعقت بصوت عالى كان ممكن يقول انى بتبلى عليه .. عشان كده وقفت العربية ونزلت
دمعت عيني "أسماء" وهى تتذكر "هانى" وتحرشاته ثم هتفت قائله بغضب :
- حسبي الله ونعم الوكيل فيهم كلهم ولاد ستين تيييييييييييييييييييت
قالت "آيات" بحزم :
- بلاش تشتمى خساره فيهم الحسنات اللى ياخدوها مننا .. قولى منهم لله وخلاص
قالت "أسماء" بحنق :
- منهم لله بس .. ده أنا نفسى أجمع كل الرجالة اللى بيعملوا كده وأحطهم فى ميدان عام ويدلق عليهم بنزين وكل بنت حصلها كده تمسك عود كبرت وترميه عليهم
قالت "آيات" بيقين :
- سبيهم .. نار الأخرة أشد حرارة من نار الدنيا .. المحفظة اللى كنت بروحلها المسجد قالتلنا ان النبي صلى الله عليه وسلم قال "ناركم التي توقدون جزء من سبعين جزءاً من جهنم "
قالت "أسماء" بتشفى :
- يارب يولعوا فيها كلهم
ثم قالت لـ "آيات" :
- عمك ده بارد أوى
قالت "آيات" بحزن :
- متوقعتش تكون مقابلته كده خالص
ثم دمعت عيناها قائله بصوت باكى وقد عزت عليها نفسها :
- كان نفسى أوى يقوم من على المكتب وياخدنى فى حضنه ويقولى متخفيش طول ما انا موجود أنا عمك ومن ممكن اسيبك وهخلى بالى منك
تنهدت "أسماء" بحسرة وقالت بتهكم :
- اذا كان الأم والأب اللى بيخلفوا وبيربوا مبيبقاش فى قلوبهم رحمة عايزة العم هو اللى يهتم .. سيبك بلا هم أنا قرفت من الناس كلها
ثم التفتت اليها قائله :
- والمحروس "آدم" ده كمان عايز ايه بعد ما خربها وأعد على تلها
قالت "آيات" بحنق :
- متفكرينيش .. أصلاً كلمنى فى وقت مكنتش طايقه أسمع فيه صوت أى راجل .. اديته كلمتين معرفش طلعوا منى ازاى وكسرت الشريحة
قالت "أسماء" بحماس :
- أحسن فى داهية هو كمان .. خلاص انتى فلستى عايز منك ايه بأه .. يسيبك فى حالك
قالت "آيات" بسخرية :
- قال بيقولى عايز يطمن عليا
ضحكت "أسماء" بسخرية قائله :
- لا والله فيه الخير .. مش قولتك كلهم ولاد ...........
قاطعتها "آيات" قائله :
- يا بنت انتى امسكى لسانك شويه بياخدوا حسناتك يا هبلة
زفرت "أسماء" بضيق وقالت وهى تخرج من الغرفة :
- طيب خليني ساكته أحسن لانى لو فتحت بقى مش هطلع شتيمة بس .. ده أنا هطلع مجارى
ضحكت "آيات" وهى تتابعها بعينيها الى أن خرجت

********************************
هرولت أم "على" بلوعة وهى تبحث عن ابنها فى المستشفى .. سألت عنه احدى الممرضات فأشارت الى الغرفة التى تضم عدة اسرة متجاورة على احداها يرقد "على" وقد ضمد رأسه ووضع ذراعه فى الجبيرة .. بكت "إيمان" وهى ترى أخيها والكدمات الواضحة على وجهه .. هتفت أمه بلوعة :
- "على" .. ايه اللى جرالك يا ابنى
نظر اليها "على" بأسى قائلاً :
- زى ما انتى شايفه .. طردونى من الشغل وضربونى
ضربت أمه بيدها على صدرها وهى تجلس بجواره على الفراش قائله :
- ليه .. ليه عملوا كده
قال "على" بمرارة :
- عشان احنا بلد تيييييييييييت كل حاجة فيها غلط واللى يفكر يقف قصاد الناس دى بياخد على دماغه زى ما انتى شايفه
بكت أمه بحسرة قائله :
- حسبي الله ونعم الوكيل فيهم .. كنت عملتلهم ايه عشان يعملوا فيك كده .. ده انت يا كبد أمك لا بتأذى حد ولا بتضايق حد وماشى جمب الحيط
ابتسم "على" قائلاً بمرارة :
- أيوة أنا فى حالى وماشى جمب الحيط بس أنا مستحيل أشوف غلط وأقبل وأسكت وأقول مليش دعوة .. لانى لو عملت كده هبقى بشاركهم فى جريمتهم دى وعقابي عند ربنا زيهم بالظبط .. تصورى انهم بيعدلوا تاريخ الصلاحية على عبوات أكل محفوظ فاسد وبيخلوها تاريخ جديد .. عايزين يسمموا الناس
قالت "إيمان" بغضب :
- منهم لله .. خلاص مبقاش فى ضمير للدرجة دى .. حتى الأكل
قال "على" بمرارة :
- قولى حتى الهوا .. دول لو طالوا يسمموا الهوا هيسمموه
أغمض "على" عينيه فى ألم .. وهو يقول فى نفسه .. يارب أحلامى بسيطة للغاية .. لست كغيرى أحلم بالسيارة الفارهة والفيلا الأنيقة وعمل يدرعليا الملايين .. بل حلمى هو وظيفة حلال وبيت مؤجر وأثاث متواضع وزوجة تشاركنى حياتى .. يكن لى منها أبناء أعلمهم وأربيهم وأجعلهم يسيرون فى درب الهدى والصلاح .. لست أبغى سوى حفظ كرامتى وماء وجهى .. لست أرغب سوى فى العيش .. العيش فقط

**********************************
جلس "آدم" أمام حاسوبه فى غرفته بالشاليه يتطلع الى صورة "آيات" .. ظلت عيناه تمر فوق تلك الكلمات التى سطرتها بيديها والتى تبثه فيها حبها وشوقها .. نظر الى الكلمات بمزيج من الحسرة والألم .. وأخذ يفكر كيف تحول هذا الحب بداخلها الى كره ونفور .. مازال لا يصدق .. مازال لا يصدق أن حبه بداخلها قد مات وانتهى .. أخذ يقول لنفسه .. انساها يا "آدم" .. أمامك مئات البنات اختر من شئت .. لكن شئ ما بداخله تمسك بها .. هى وحدها .. شعر بأنه لا يريد غيرها .. يريدها وحدها .. بصفائها ونقائها وبرائتها وطيبة قلبها .. تذكر اللحظات التى جمعتهما فى الماضى وكيف كانت معه صادقة المشاعر .. واضحة كالشمس .. رقيقة كرقة الندى على ورقات الشجر .. كم تهفو نفسه اليها .. الى النهل من بحر حنانها وعذوبة صوتها .. تذكر أنه لم يصلى العشاء بعد .. فوقف يصلى بين يدي الله وجد نفسه يدعو الله فى سجوده أن يغفر له .. وأن يجمع بينه وبين "آيات" .. ظل يردد دعائه كثيراً دون ملل أو كلل .. لا يعلم كيف سيتحقق ذلك .. كيف يمكن أن يتطهر من ذنوبه وهو مازال يعمل فى تلك القرية .. لن يستطيع ترك عمله .. عمله الذى بناه وكبره ويدر عليها مبالغ طائلة .. وفى نفس الوقت يتمنى رضا ربه عليه .. يتمنى "آيات" بقربه .. تشاركه حياته وأحلامه وطموحاته .. يريد مغفرة ربه ثم مغفرة "آيات" .. لكن كيف السبيل ؟! .. كيف يحقق تلك المعادلة الصعبة ؟! .. كيف ينجح فى الجمع بينهم ؟! .. لديه مثلث من ثلاث زوايا .. الله .. "آيات" .. عمله .. كيف يمكن أن يجمع الثلاثة زوايا فى خط مستقيم ؟! .. كيف ؟! .. ليس أمامه سوى حل واحد .. أن يخترق أحد أضلع المثلث ويثنيه الى أن يصبح خطاً مستقيماً .. لكنه وقف حائراً .. أى الأضلاع يكسر ؟!



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-10-15, 01:14 PM   #23

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 19 )



استيقظت أم "آدم" من نومها وخرجت من غرفتها لتجد "آدم" واقفاً فى الشرفة .. اتجهت اليه وقالت :
- صباح الخير يا "آدم"
التفت "آدم" وابتسم بوهن قائلاً :
- صباح النور يا ماما
نظرت اليه أمه بإستغراب وقالت :
- انت ايه اللى مصحيك بدرى كده ؟
قال "آدم" وقد بدت على وجه تعبيرات حزينه وفى عينيه حيرة استشعرتها أمه من أول وهلة :
- أنا منمتش أصلاً
اقتربت منه ووقفت بجواره على سور الشرفة ونظرت اليه قائله بإهتمام :
- خير يا ابنى فى ايه
تنهد "آدم" محاولاً تخليص نفسه من ضيقه الذى يجثم على صدره .. صمت ولم يجيب فحثته قائله :
- أنا أمك يا "آدم" لو فى حاجة قولى يا ابنى يمكن أقدر أساعدك
التفت "آدم" اليها وقال بحزن وضيق :
- "آيات" .. والدها اتوفى
صمتت والدته قليلاً ثم قالت :
- "آيات" خطيبتك القديمة مش كده ؟
أومأ برأسه فقالت أمه بأسى :
- لا حول ولا قوة الا بالله ربنا يرحمه ويغفرله
قال "آدم" وهو ينظر الى الشمس التى بدأت آشعتها تلوح فى الأفق :
- باباها كان مديون واضطرت تبيع كل ميراثها عشان تسدد ديونه .. وحتى الفيلا باعتها ومعرفش هى عايشه فين ولا ازاى
ثم زفر بضيق قائلاً :
- وراحت لـ "سراج" عمها تطلب منه شغل
سألته أمه بإستغراب :
- وانت يا ابنى عرفت كل ده ازاى هو انتوا لسه بتكلموا بعض
قال "آدم" بضيق :
- عرفته وخلاص .. حاولت أكلمها كتير مردتش عليا وفين وفين لما ردت .. ولما طلبت عنوانها وانى أطمن عليها قالتلى انها لا عايزة تشوفنى ولا عايزه تسمع صوتى وانها مش هتشغل الشريحة دى تانى ومن ساعتها وموبايلها مقفول
تابعت أمه بإهتمام تعبيرات الضيق على وجهه .. لاحت ابتسامه حانيه على شفتيها وهى تقول :
- انت حبتها يا "آدم" ؟
نظر "آدم" الى أمها بحزن وعيناه تقول : نعم .. أحبها .. أحبها
اتسعت ابتسامة أمه وهى تقول بحماس :
- دى بنت طيبة وبنت حلال .. أول ما شوفتها بصراحة معجبنيش شكلها يعني كانت بتحط مكياج كتير ولبسها ضيق فبصراحة اضايقت بس لما اتكلمت معاها حسيت انى ارتحتلها أوى وحسيت انها مؤدبة ومحترمة
ابتسم "آدم" بوهن قائلاً :
- حبيتها يعني ؟
قالت أمه بحماس :
- بصراحة أيوة .. ومادمت انت كمان حبيتها يبقى يا ابنى متضيعهاش من ايدك
اختفت ابتسامة "آدم" وهو يقول :
- ماما انتى متعرفيش اللى حصل ولا تعرفى احنا سبنا بعض ليه وازاى
نظرت اليه أمه نظرة مشجعة على الحديث .. فأخذ نفساً عميقاً ثم قص عليها كل شئ .. بدأ من الخطة التى وضعها لخطبة "آيات" وابتزاز "عبد العزيز" بورقة زواجها لإسترجاع حقه الذى سلبه "سراج" و "عاصى" .. الى علاقته بـ "بوسى" وفضحها اياه عند "آيات" والفيديو الذى صورته لهما معاً .. انتهى من كلامه الذى شعر بالضيق الشديد وهو يقصه على مسامع والدته .. كان ينظر الى أمامه أثناء حديثه وهو لا يجرؤ على النظر اليها .. شعر بالحزن والندم الشديد وهو يتذكر ما فعله بـ "آيات" .. ومن قبلها نفسه .. ران الصمت طويلاً .. كانت أمه تحاول استيعاب ما قال .. تحاول استيعاب أن بأن ابنها زانى .. ومخادع .. تحاول استيعاب مدى السوء الذى وصل اليها "آدم" .. لكنه فلذة كبدها .. وسيبقى كذلك .. مهما فعل ستسامحه وتحاول أن تقومه وتدعو له بالهداية .. وضعت يدها على كفته وهى تنظر الى تعبيرات وجه .. والى عيناه التى بدأت فى اللمعان بما فيهما من عبرات .. ثم قالت بحنان :
- ربنا غفور رحيم يا ابنى .. وزى ما قال سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم "كل ابن آدم خطاء، وخير الخطَّائين التوّابون" .. ومن رحمة ربنا ان باب التوبة مفتوح فى كل وقت وكل زمان وكل مكان .. بس انت ارفع ايدك وقول يارب .. ده مفيش أكرم منه ولا أرحم منه .. بيغفر ويسامح ويمحى كل ذنوبك فى ثانيه .. بس انت توب واستغفر يا حبيبى ومتخليش الشيطان يوسوسلك انك ملكش توبة أو ان ربنا مش هيغفرلك
نظر اليها "آدم" بلهفة وتطلب عيناه وترجوها الإستزاده من هذا الكلام الذى يبعث فى نفسه الأمل .. فأكملت بحماس :
- فى قصة النبي صلى الله عليه وسلم حكاها أنا مش حفظه الكلام بالظبط بس هحكيهالك أكنها قصة .. كان زمان أوى قبل ما ربنا يرسلنا النبي صلى الله عليه وسلم .. كان فى راجل قتل 99 روح .. والراجل ده حس فى يوم انه عايز يتوب وعايز يبقى بنى آدم كويس .. راح لراهب وقاله انه عايز يتوب وانه قتل 99 واحد .. الراهب قاله انت ملكش توبه .. فراح الراجل ده موت الراهب وكمل عدد اللى قتلهم ل 100 .. بعد كده الناس قالته فى عالم كبير روحله وقوله انك عايز تتوب .. راح للعالم ده وقاله انه قتل 100 انسان وعايز يتوب .. العالم قاله وايه اللى مانعك انك تتوب ! .. توب بس لازم تسيب المكان اللى انت فيه لان المكان ده مكان مش كويس وهيجرك تانى للمعاصى والذنوب لو انت فضلت فيه .. وروح البلد الفلانيه دى فيها ناس كويسه هياخدوا بايدك .. الراجل مكدبش خبر بس وهو فى الطريق مات .. وعشان هو كان فعلا عايز يتوب وهو واقع بيحتضر اتجه بصدره ناحية البلد الطيبة الى كان رايحلها .. بعد ما مات نزلت ملايكة الرحمة عايزين يقبضوا روحه .. ونزلت ملايكة العذاب عايزين يقبضوا روحه .. والملايكة اتخاصموا عليه .. ملايكة الرحمة قالوا ده تاب وكان عايز يقرب من ربنا واستغفر لذنوبه ورايح للبلد اللى فيها صحبة كويسة عشان يساعدوه على التوبة .. وملايكة العذاب قالوا ده راجل معملش أى حاجة خير فى حياته ولا حتى حسنه واحدة .. ساعتها ربنا ارسل ملاك فى صورة انسان خلوه حكم بينهم .. قالهم قيسوا المسافة بين البلد اللى عاش فيها الراجل ده وبين المكان اللى مات فيه .. وكمان قيسوا المسافة بين البلد الطيبة اللى كان رايحلها وبين المكان اللى مات فيه .. واذا طلعت المسافة الأولى أكبر من التانية يبقى تقبضه ملايكة العذاب .. واذا كانت المسافة التانية أكبر من الأولى يبقى تقبضه ملايكة الرحمة .. قاسوا المسافة ولقوا ان المسافة الأكبر هى اللى بين المكان اللى مات فيه وبين البلد الطبية اللى كان رايحلها فقبضته ملايكة الرحمة وربنا غفرله ذنوبه كلها .. رغم انه معملش أى حسنة فى حياته لحد ما مات .. بس مات على توبة وعلى نيه صادقة فى التوبة وعلى عمل يدل على انه فعلا تاب

شعر "آدم" بقشعريرة تسرى فى جسده وهو يستشعر رحمة الله عز وجل .. تذكر بالفعل الحديث الذى قاله النبي صلى الله عليه وسلم والذى شرحته أمه الطيبة دون أن تتذكر نصه .. "كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسًا، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدُلَّ على راهب، فأتاه فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفسًا، فهل له من توبة؟ فقال: لا. فقتله فكمَّل به مائة، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض، فدُلَّ على رجل عالم، فقال: إنه قتل مائة نفس، فهل له من توبة؟ فقال: نعم، ومن يحول بينه وبين التوبة، انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإنّ بها أناسًا يعبدون الله، فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك، فإنها أرض سوء.فانطلق حتى إذا نصَفَ الطريق أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبًا مقبلاً بقلبه إلى الله. وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرًا قط. فأتاهم ملَكٌ في صورة آدمي، فجعلوه بينهم، فقال: قيسوا ما بين الأرضَيْن، فإلى أيتهما كان أدنى فهو له. فقاسوه، فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد، فقبضته ملائكة الرحمة"
تأملت أمه انفراجة أساريره فإبتسمت قائله :
- "إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" يا ابنى .. وربنا سبحانه وتعالى بيقول " قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ "
تنهد "آدم" فى راحة وقد بدأ الأمل يدب فى أوصاله .. الأمل فى الكثير والكثير .. الأمل فى التوبة .. الأمل فى التطهير من ذنوبه وآثامه .. الأمل فى أن يصبح انسان أفضل .. الأمل فى استرجاع "آيات" .. من المؤكد أنها لن ترفض العودة اليه اذا ما لمست صدق توبته .. التفت الى أمه قائلاً بحماس :
- تفتكرى ممكن "آيات" ترجعلى لو حست فعلاً انى اتغيرت وانى ندمت على كل اللى عملته ؟
أشارت أمه الى السماء بإصبعها وقالت :
- اسأله وهو يديك .. مفيش حاجة بعيده عليه .. وربك بيقول " وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ "
أخذ "آدم" نفساً عميقاً وزفره فى راحة وقد شعر بصدره قد اتسع وشرح .. اتسعت ابتسامته وهو ينظر الى أمه ثم قبل رأسها ويديها وهو يقول بتأثر :
- ربنا يخليكي ليا يا ماما وميحرمنيش منك أبداً
نظرت اليه بحنان قائله :
- ويباركلى فيك يا ابنى وميحرمنيش منك أبداً

************************************
استيقظت "آيات" من نومها وجلست على فراشها تفكر فى وضعها والى الطريق المسدود الذى وصلت اليه .. تنهدت فى يأس وهى تتذكر مقابلة عمها التى ِأشعرتها كم هى وحيدة فى هذه الدنيا دون سند أو دعامة ترتكز عليها .. اغرورقت عيناها بالعبارت وهى تتذكر دعامتها التى فقدتها .. أبيها الحبيب .. الذى تشعر الآن بدونه بالضياع .. أغمضت عينيها وهى تتخيله أمامها تلقى بنفسها بين ذراعيه وتريح رأسها على كفته وتترك له همومها ليزيحها بيديه من فوق كتفيها .. ثم يعانقها بشدة يخفيها بين ذراعيه ويحميها من شرور الناس وأذاهم .. فتحت عينيها لتعود مرة أخرى الى واقعها المرير وهى تقول لنفسها .. همومك لن يزيحها غيرك يا "آيات" .. ولن يحميكى احداّ غيرك .. يجب أن تعتادى ذلك .. يجب أن تكونى أقوى .. فالضربة التى لا تقسمك يجب أن تجعلكِ أقوى ..

توجه "عاصى" الى كلية التجارة بجامعة القاهرة يحاول أن يتقصى أى معلومات تقع تحت يديه عن "آدم" .. قابل هناك احدى الطالبات التى قالت له :
- أيوة عارفاه بس هو السنة دى واخد أجازة بس كان بيدي سنة رابعة السنة اللى فاتت
قال "عاصى" بإهتمام :
- أصل أنا قريبه وكنت مسافر ومش عارف أوصله لانه غير رقمه وكمان غير مكان سكنه .. متعرفيش أأقدر ألاقيه فين .. أو مين هنا من الدكاترة قريب منه ويعرفه عن قرب
قالت الفتاة بحماس :
- ممكن تسأل العميد
بدا على "عاصى" التردد قليلاً فالعميد لن يأتيه الا برقمه وعنوانه وهو لا يريد تلك المعلومات .. بل يبحث عما يستطيع به أن يلوى ذراع "آدم" .. فقال للفتاة :
- أنا فعلاً هسأل العميد .. طيب انتى متعرفيش الطلبة هنا بيقولوا عليه ايه .. أكيد انتوا بينكوا وبين بعض بتبقوا عارفين الدكتور الكويس من الوحش وبتكون عارفين حاجات ممكن العميد ميعرفهاش
قالت الفتاة وقد شعرت بالإستغراب من أسئلته :
- لأ أنا معرفش عنه حاجة غير انه كان خاطب واحدة من الكلية السنة اللى فاتت وسابوا بعض .. غير كده معرفش حاجة عن دكتور "آدم" .. وهو معاملته مع الطلبة كويسة
قال "عاصى" بإهتمام :
- قولتيلى كان خاطب واحدة من الكلية .. طيب متعرفيش سابوا بعض ليه .. وهو اللى سابها ولا هى اللى سابته
بدأت الفتاة بالشعور بعدم الراحة من أسئلته الغريبة فقالت بنفاذ صبر وهى تهم بالانصراف :
- لا معرفش سابوا بعض ليه .. عن اذنك
أوقفها "عاصى" وقال بلهفة :
- طيب اسمها ايه البنت دى ؟
قالت الفتاة بحنق :
- اسمها "آيات اليمانى" .. ممكن تعدينى ؟
نظر "عاصى" الى الفتاة بدهشة وقال :
- "آيات اليمانى" ؟ .. تقصدى "آيات عبد العزيز حسان اليمانى" ؟
قالت وهى تغادر مسرعة :
- معرفش
لكن "عاصى" لم ييأس .. سأل حتى تأكد من أن "آيات" هى الفتاة التى خطبها "آدم" ثم انفصلا .. شعر بمزيج من الدهشة والانتصار .. فها هو يعرف معلومة جديدة قد يتوصل من خلالها الى نقطة الضعف التى سيخترقها للوصول الى "آدم" .. ومن ثَم تحطيمه

***********************************

أثناء تناول طعام الغداء قالت "أسماء" :
- متتصلى بعمك كده يا "آيات" يمكن يكون شافلك الشغل اللى قالك عليه
قالت "آيات" وهى تتناول طعامها :
- مش معايا رقمه .. وبعدين قالى أروحله بعد يومين
قالت "أسماء" :
- اليومين فاتوا خلاص
توقفت "آيات" عن تناول الطعام وقالت بيأس :
- تفتكرى فعلاً هيشغلنى ؟
قالت "حليمة" بحماس :
- طبعاً يا بنتى الضفر ميطلعش من اللحم ومهما كان انتى بنت أخوه
قالت "آيات" بتهكم :
- يا دادة انتى مشفتيش قابلنى ازاى .. أكنى واحدة غريبة ميعرفهاش
قالت "حليمة" وهى مازالت تصر على أن كل الناس طيبين مثلها :
- معلش دى ساعة شيطان .. لما يشوفك تانى النفوس هتصفى ويخدك تحت جناحه
قالت "آيات" بشرود :
- ياريت فعلاً النفوس تصفى أنا مليش غيره دلوقتى
نظرت اليها "اسماء" بعتاب قائله :
- وأنا ودادة "حليمة" روحنا فين يعني
نظرت اليهما "آيات" بإمتنان وقالت :
- انتوا دلوقتى كل أهلى وكل صحابي
ابتسمت حليمة وهى تربت على كتفها وكتف "أسماء" قائله :
- وانتوا الاتنين بناتى اللى مخلفتهمش .. أنا لا اتجوزت ولا خلفت بس ربنا رزقنى بيكوا انتوا الاتنين تونسوا وحدتى
ابتسمت الفتاتان لطيبة "حليمة" وحنانها .. قامت "حليمة" بعدما أنهت طعامها فنظرت "أسماء" الى "آيات" قائله :
- هو لسه فى ناس بالطيبة دى
ابتسمت "آيات" وهى تقول :
- عارفه .. لما كنت فى المسجد كنت بحفظ سورة الفرقان ولما قرأت الآية اللى بتقول "وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا " افتكرت دادة "حليمة" على طول
قالت "أسماء" بتأثر :
- فعلاً ست طيبة أوى وبيتمر فيها العشرة .. على الأقل هى أحن عليا من أمى اللى ولدتنى
اغرورقت عيناها بالعبارت فجلست "آيات" على المقعد المجاور لها وأحاطت كتفيها بذراعها وهى تقول :
- خلاص بأه مش بحب أشوفك زعلانه
مسحت "أسماء" عبرة كادت أن تفر من عينها وهى تقول :
- خلاص مش زعلانه
ابتسمت الفتاتان كلاهما فى وجه الأخرى لتدب كل منهما الأمل فى نفس صاحبتها

*******************************
توجهت "آيات" مرة أخرى الى شركة عمها .. فليس لها ملجأ سواه .. جلست فى مكتب مديرة مكتبه تنتظر أن يُسمح لها بالدخول .. طلب "سراج" من مديرة مكتبه أن تبقى معها حتى لا تطيل المكوث .. دخلت "آيات" بحرج أكبر من الحرج الذى لازمها فى أول زيارة لها .. ابتسمت له بإضطراب فأشار لا بالجلوس فى ترفع .. جلست "آيات" بتوتر وهى تقول :
- حضرتك قولتلى أجى كمان يومين عشان موضوع الشغل
قال "سراج" وهو ينشغل بالتطلع الى الملفات الموضوعه على المكتب أمامه :
- لا لسه ملقتش حاجة مناسبه
شعرت "آيات" بالإحباط وقالت :
- أنا مستعده أشتغل أى حاجة مش شرط حاجة محددة
قال "سارج" وهو مازال منهكاً فيما يفعل :
- انتى حديثة التخرج ومفيش خبرة فى أى حاجة عيازانى أشغلك ايه فى شركة كبيرة زى شركتى اللى أقل واحد فيها معاه خبره 3 سنين
شعرت "آيات" بالحزن والضيق .. أشار "سراج" لمديرة مكتبه بطرف خفى ففعلت كما فعلت المرة السابقة :
- "سراج" بيه حضرتك عندك اجتماع كمان خمس دقايق
قامت "آيات" بتثاقل وعلامات الحيرة والإضطراب على وجهها فقال لها "سراج"و هو ينظر اليها :
- سيبي بياناتك ولو لقيت حاجة مناسبة هبقى أبلغك
خرجت "آيات" من مكتبه وهى تملى مديرة مكتبه بمرارة رقمها وعنوانها فسألتها المرأة بإهتمام :
- ده عنوان بيتك مش كدة
قالت "آيات" بشرود :
- لا ده عنوان ست كانت بتشتغل عندنا أنا أعده معاها فى بيتها
غادرت الشركة كما فى المرة السابقة .. عيناها ممتلأتان بالدموع .. دونت المرأة بيانات "آيات" فى ورقة ووضعتها فى أحد الأدراج وعادت الى الانهماك فى عملها عازمة على الاتصال بـ "آدم" فى نهاية اليوم بعد الإنتهاء من عملها لإبلاغه بعودة "آيات" مرة أخرى
عادت "آيات" الى البيت وقصت على "أسماء" ما حدث فقالت لها :
- ده راجل تيييييييييت صحيح
قالت "آيات" بألم :
- حسسنى انى راحة أشحت منه .. أنا خلاص مستحيل أروحله تانى .. مستحيل أطلب منه أى حاجة تانى
ثم قالت :
- وأصلاً مكنتش مركزة ساعتها ومليت مديرة مكتبه رقمى القديم .. نسيت انى كسرت الشريحة وغيرت الرقم
قالت "أسماء" وهى تتنهد بتحسر :
- وهنعمل ايه دلوقتى يا "آيات" ؟

*******************************
- يعني "آيات" بنت عمى كانت خطيبة "آدم"
ألقى "عاصى" تلك العبارة على مسامع "سراج" الذى اتسعت عيناه دهشة وهو يقول :
- معقوله .. انت متأكد يا "عاصى"
قال "عاصى" بثقه :
- أيوة متأكد .. واللى عرفته ان حصل مشكله بينها وبينه يوم كتب الكتابة بعد ما المأذون جه .. بس محدش يعرف ايه هى المشكلة دى بالظبط
أخذ "سراج" يفكر وقد علمت الدهشة ملامحه .. فقال "عاصى" بحزم :
- لازم أعرف من "آيات" كل حاجة .. اكيد تعرف معلومات عن "آدم" ممكن تفيدنا ونقدر نستخدمها ضده
قال "سراج" وكأنه يتذكر أمراً :
- آه على فكرة كانت هنا النهاردة
قال "عاصى" بإهتمام :
- وبعدين ؟
قال "سراج" بلامبالاة :
- قولتها لسه ملقتلهاش شغل وانى هبقى أتصل بيها لو لقيت حاجة مناسبه
قال "عاصى" بحنق :
- يا بابا .. طيب وبعدين هنوصلها ازاى دلوقتى ؟
قال "سراج" وهو يضغط الزر لينادى مديرة مكتبه :
- أنا قولتها تسيب رقمها وعنوانها
دخلت المراة وقالت :
- ايوة يا فندم
قال لها "عاصى" بلهفة :
- "آيات" بنت عمى سابت بياناتها قبل ما تمشى ؟
أومأت المراة برأسها وقالت :
- أيوة سابت رقمها وعنوانها
قال "عاصى" بعجاله :
- طيب هاتيه بسرعة
توجهت الى مكتبها وأخرجت الورقة التى احتفظت لها وسلمتها الى "عاصى" الذى نظر اليها وعلى شفتيه باتسامة انتصار .. ما كادت تعود الى مكتبها حتى ضربت جبينها بكفها وهى تتمتم بغيظ :
- أووووف .. غبية
أمسكت هاتفها واتصلت بـ "آدم" الذى أجابها بلهفة قائلاً :
- ألو .. ها فى جديد
قالت المرأة بضيق :
- أيوة البنت جت تانى
قال "آدم" بلهفة وهو يهب واقفاً :
- ها وبعدين
قالت المرأة بصوت خافت وهى تتلفت حولها :
- "سراج" بيه قالى آخد منها بياناتها قبل ما تمشى .. وكتبتلى رقمها وعنوانها
قال "آدم" بسعادة وقد اتسعت ابتسامته وأمسك قلمه من فوق المكتب بلهفة :
- طيب مليني الرقم والعنوان
قالت المرأة بحرج :
- مش معايا
اختفت ابتسامة "آدم" وهو يقول بإستغراب :
- مش قولتى انها اديتك رقمها وعنوانها
قالت المرأة :
- أيوة بس "عاصى" بيه طلبهم واديتله الورقة ونسيت أكتبها عندى
قال "آدم" بغيظ :
- أعمل فيكي ايه دلوقتى
قالت المرأة بسرعة :
- متقلقش هحاول أتصرف
قال "آدم" بحزم :
- الرقم والعنوان عايز أعرفهم فى أقرب وقت .. النهاردة قبل بكرة
قالت المرأة بثقه :
- متقلقش هحاول أوصلهم
خرج "عاصى" من مكتب "سراج" فأسرعت بانهاء المكالمة .. وتابعته بعينيها الى أن انصرف وهى تفكر فى طريقة تحصل بها على الورقة التى سلمتها الى "عاصى" بيدها

************************************

عاد "على" الى بيته مستنداً الى والده ووالدتها .. جهزت "إيمان" غرفته وفراشه .. مدد عليه جسده المتعب من آثار الضرب والكدمات .. أسرعت والدته بالذهاب الى المطبخ لإعداد ما يتقوى به ابنها .. نظرت اليه "إيمان" بإشفاق وقالت :
- انت كويس يا "على" ؟
قال "على" مبتسماً بضعف :
- الحمد لله يا "إيمان"
جلست على المقعد امامه وقالت بحماس مصطنع :
- ان شاء الله الظروف هتبقى أحسن وهتلاقى الشغلانه اللى بتحلم بيها
قال "على" بتهكم :
- طبعاً طبعاً
علمت "إيمان" بأن كلماتها لن تصلح لمواساته فنهضت وهى ترمقه بنظرات حانيه .. اخرج "على" مصحفه من درج الكمودينو بجوار فراشه الصغير و وأخذ يقرأ فى كتاب الله الى أن وصل الى الآية فى سورة الإسراء التى تقول " مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا * كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا * انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا " .. تنهد "على" فى ضيق من نفسه وهو يشعر بأن انمك فى طلب الدنيا وخف شيئاً فشيئاً عن سعيه وعمله لدار البقاء .. تمتم فى خفوت :
- استغفر الله العظيم
ومازال يستغفر حتى أذن المغرب .. فتحامل على نفسه متثاقلاً وذهب الى الحمام ليتوضأ .. رأته والدته فساعدته فى الوضوء .. ثم نظرت اليه بدهشة عندما وجدته متوجهاً الى الباب وقالت له :
- رايح فين يا "على" ؟
قال وهو يرتدى حذائه :
- اشتقت للصلاة فى المسجد
جلس "على" على أحد المقاعد يصلى .. أخذ ينظر الى الأرض بحسرة وقد اشتاق لوضع جبهته عليها خضوعاً لله عز وجل .. أنتهى من صلاته وقد شعر بسكينة فى قلبه .. اقترب منه أحد الرجال ذو السمت الإسلامى والذى كان يعرفه شكلاً دون أن يتحدث معه .. قال له الرجل :
- شفاك الله وعافاك يا أخى
ابتسم له "على" قائلاً :
- جزاكِ الله خيراً
ابتسم له الرجل ببشاشه وقال :
- افتقدتك اليومين اللى فاتوا .. لانى متعود أشوفك دايماً فى المسجد ما شاء الله عليك
قال "على" بأسى :
- مفيش كنت تعبان شوية
نظر الرجل الى ذراع "على" الموضوع فى الجبيرة وقال :
- حادثة ؟
صمت "على" قليلاً ثم قال :
- يعني حاجة زى كدة
ربت الرجل على كتف "على" وقد انتبه الى تعبيرات الحزن والأسى على وجهه وقال :
- أبشر ان شاء الله
نظر اليه "على" قائلاً :
- تفتكر فى أمل ؟
ابتسم الرجل وقال :
- النبي صلى الله عليه و سلم علمنا ان " مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ : إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا ، قَالُوا : إِذًا نُكْثِرُ ؟ قَالَ : اللَّهُ أَكْثَرُ "
تمتم "على" :
- عليه الصلاة والسلام
أكمل الرجل قائلاً :
- وكمان النبي صلى الله عليه وسلم قالنا "ادعوا الله تعالى وأنتم موقنون بالإجابة" .. أحسن الظن بالله يكن كما ظننت ان شاء الله
قال "على" للرجل :
- فعلاً أنا كان نقصنى اليقين فى إجابة دعائي .. جزاك الله خيراً انك ذكرتنى
ربت الرجل على كتفه .. ظل "على" جالساً فى المسجد يقرأ من كتاب الله حتى حان موعد العشاء فأداها فى جماعة .. ظل يدعو الله كثيراً فى سجوده وهو يعلم أن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد .. فظل يدعوه بيقين فى اجابة دعائه وبالرضا والتسليم لقضائه

**********************************
يتبع......


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-10-15, 01:20 PM   #24

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

سمعت "آيات" صوت الجرس وهى جالسة فى غرفتها تقرأ فى مصحفها .. فالتفتت الى "اسماء" الواقفة فى الشرفة وقالت :
- مين اللى بيخبط علينا

نظرت اليها "أسماء" قائله :
معرفش تلاقى حد من جيران دادة "حليمة"
ثم قالت :
- فى عربية شيك أوى وقفت تحت البيت ونزل منها راجل شكله مش من المنطقة تفتكرى هو اللى بيخبط ؟
قالت "آيات" بإستغراب :
- هيكون مين يعني ؟
قالت "أسماء" وهى تمط شفتيها :
- معرفش بس أول ما الراجل دخل من المدخل سمعت بعدها بشوية صوت الجرس
لم تكد تنتهى من جملتها حتى طرقت "حليمة" باب الغرفة ونظرت الى "آيات" وهى تقول بحماس :
- "آيات" يا بنتى .. ابن عمك بره
انتفضت "آيات" وهبت واقفة وهى تقول :
- ابن عمى مين ؟
نظرت "أسماء" بدهشة تتابع ما يحدث فقالت "حليمة" مبتسمة :
- "عاصى" ابن عمك آعد بره فى الصالون مستنيكي
تبادلت الفتاتان نظرة دهشة .. قالت "أسماء" بلهفة :
- قومى البسى بسرعة أكيد جاى يتكلم معاكى عن الشغل اللى طلبتيه من عمك
ارتدت "آيات" ملابسها فى عجالة وقلبها يخفق بشدة من فرط توترها .. خرجت فوقف "عاصى" يستقبلها مبتسماً وهو يمد يده اليها قائلاً :
- ازيك يا "آيات"
شعرت بالحرج فمدت يدها تسلم عليه .. ثم نزعتها من يده سريعاً وهى تقول :
- الحمد لله .. اتفضل
أشارت الى المقعد فجلس .. دخلت "حليمة" وقدمت له الشاى بينما كانت "أسماء" تستمع الى حديثهما وهى واقفة بالقرب من الصالون .. بدأ "عاصى" حديثه قائلاً :
- أولاً بعتذر انى كنت مقصر فى حقك الفترة اللى فاتت بس أنا مكنتش هنا .. أنا كنت فى العين السخنة ولسه راجع من كام يوم وراجع تانى على هناك
قالت "آيات" بإبتسامة مجاملة :
- لا أبداً لا تقصير ولا حاجة
قال "عاصى" بإبتسامة مشجعة :
- طيب بما ان مفيش زعل يبقى نخرج نتعشى مع بعض
شعرت "آيات" بالحرج فأسرع قائلاً :
- عشان نتكلم فى تفاصيل الشغل
قالت "آيات" بلهفة :
- شغلى ؟
قال "عاصى" بحماس :
- أيوة هتشتغلى معايا .. بس عايزن نتكلم فى التفاصيل مع بعض وفرصة ندردش شوية وأعرف أخبار بنت عمى
صمتت "آيات" قليلاً ثم قالت :
- طيب ممكن صحبتى تيجي معانا
قال بدهشة :
- صحبتك ؟
قالت "آيات" شارحة :
- أيوة هى عايشة معايا هنا
شعر "عاصى" بالضيق لأنه أراد التحدث معها بمفردها لكنه خشى أن ترفض فقال :
- طبعاً طبعاً دى تنورنا
ابتسمت "أسماء" الى كانت تستمع الى الحوار فإستأذنت "آيات" لترتدى ملابسها .. دخلت "أسماء" الغرفة تنتظرها وبمجرد أن أغلقت "آيات" الباب قالت "أسماء" بسعادة :
- الحمد لله أخيراً الدنيا هتبتدى تتظبط معانا
قالت "آيات" بضيق :
- كان ايه لزمته موضوع العشا ده .. ما كان قالى التفاصيل هنا وخلصنا
قالت "اسماء" بحماس :
- يا بنتى وفيها ايه ما نتعشى معاه وبعدين ما أنا هكون معاكى مش هتكونى لوحدك
كانت "آيات" تشعر بعدم اقتناع لكنها أرغمت نفسها على إمرار هذا الأمر من أجل حل مشكلتها الحالية .. مضى بهما "عاصى" الى أحد المطاعم الراقية .. تذكرت "آيات" زيارتها السابقة لذلك المطعم مع والدها .. مرت سحابة حزن أمام عينيها لتلك الذكرى .. ثم ما لبثت أن نفضت تلك الذكريات من رأسها ورسمت على شفتيها ابتسامة مجاملة عندما نظر اليها "عاصى" مبتسماً .. قالت "أسماء" بمرح :
- حلو أوى المكان ده
ابتسم لها "عاصى" قائلاً :
- كويس انه عجبك
ثم التفت الى "آيات" قائلاً :
- وبنت عمى .. عاجبها المكان ولا لأ
ابتسم "آيات" قائله :
- أيوة .. جميل
شرع فى طلب الطعام لثلاثتهم .. نظر اليهما "عاصى" مستفهماً :
- انتوا صحاب من زمان
قالت "أسماء" بمرح :
- بألنا أكتر من 4 سنين مع بعض
التفت اليها "عاصى" قائلاً :
- وانتى خريجة ايه يا آنسة "أسماء"
قالت "أسماء" مبتسمه :
- أنا زى "آيات" ما احنا كنا زمايل فى الجامعة ومن هناك اتعرفنا على بعض وبقينا صحاب و أكتر من الإخوات
رفع "عاصى" حاجبيه قائلاً :
- واضح فعلاً انكوا قريبين من بعض أوى بدليل انكوا عايشين مع بعض
توترت "أسماء" فلم ترد مناقشة أسباب تركها لبيتها .. التفت "عاصى" الى "آيات" قائلاً :
- شكلك من النوع الهادى يا "آيات" .. أعده ساكته ومبتتكلميش
قالت وقد بدأت تضيق ذرعاً من جلوسها معه :
- لأ عادى
ثم قالت بجدية :
- ياريت نتكلم فى الشغل .. ايه التفاصيل اللى قولت اننا هناقشها مع بعض
فى تلك اللحظة حضر النادل ووضع أمامهم أصناف الطعام .. بدأ "عاصى" فى تناول طعامه وهو يقول :
- أنا عندى قرية سياحية فى العين السخنة .. وحابب انك تشتغلى معايا هناك
قالت "آيات" بحذر :
- هشتغل ايه بالظبط ؟
قال "عاصى" وهو يلوك الطعام فى فمه :
- الشغلانه اللى تختاريها .. ممكن تشتغلى فى العلاقات العامة أو فى الاستقبال أو فى أى مكان تختاريه فى القرية .. زى ما تحبي
صمتت "آيات" وهى تفكر فى كلامه .. فانتهزت "أسماء" الفرصة لتقول فى مرح :
- ويا ترى الشغل ده لـ "آيات" لوحدها .. مفيش حاجة تنفع صحبتها
التفت اليها "عاصى" وقال مبتسماً بلؤم :
- لا طبعاً .. أكيد فى لصحبتها
ابتسمت "أسماء" بسعادة وهى تقول :
- اتفقنا
التفت "عاصى" الى "آيات" ورفع حاجبيه وهو ينظر الى ملابسها متفحصاً وهو يقول :
- بس طبعاً محتاجة لوك تانى خالص
نظرت اليه "آيات" بدهشة وهى تقول :
- ازاى يعني ؟
قال "عاصى" وهو يشير الى ملابسها :
- مينفعش ده يكون لبس واحدة شغالة فى قرية سياحية وخاصة لو فى العلاقات العامة أو بتتعامل تعامل مباشر مع زوار القرية والسياح .. لازم يبقى لبسك أشيك من كده وكمان مينفعش يبقى وشك كده من غير ميك آب
ثم نظر الى "أسماء" وابتسم بخبث قائلاً :
- يعنى خليكي حلوة زى صحبتك
ابتسمت "أسماء" فقال "عاصى" وهو يتفحصها هى الأخرى :
- برده انتى كمان محتاجة شوية تعديلات
ثم قال بحماس :
- عامة متقلقوش هنديكوا سلفة من مرتبكوا تشتروا بيها لبس مناسب .. لازم قبل ما تروحوا القرية تكونوا على سنجة عشرة .. عشان أى حد بيشتغل فى القرية بيكون عنوان ليها
شعرت "آيات" بالضيق الشديد من كلامه .. نظر اليها "عاصى" متفحصاً وهو يقول :
- مالك يا "آيات" مبتكليش ليه ؟
قالت "آيات" بوجوم :
- شبعانه
قال "عاصى" بخبث :
- إلا قوليلى يا "آيات" انتى مخطوبة ؟
قالت "آيات" وعقلها منشغل فى طريقة للهرب من تلك السهرة التى أصبحث ثقيلة عليها :
- لأ
فسألها قائلاً :
- ولا اتخطبتى قبل كده ؟
نظرت اليه بحده وهى تتساءل فى نفسها .. هل يعلم بأمر خطبتها من "آدم" أم لا .. قالت فجأة :
- معلش أنا تعبانه ممكن نروح ؟
نظرت اليها "أسماء" بإستغراب ممزوج بالحنق .. أما "عاصى" فنظر اليها متفرساً محاول تخمين ما تفكر وما تشعر به .. استجاب لمطلبها دون الحاح حتى لا يضايقها .. أوقف سيارته تحت البيت وهو يقول بمرح :
- طبعا لما تبتدوا الشغل معانا فى العين السخنة هيكون ليكوا شاليه مخصوص .. يعني موضوع السكن مش عايزكوا تقلقوا منه خالص
ثم ابتسم وهو ينظر الى "آيات" قائلاً :
- مش عايزك تقلقى أبداً يا "آيات" طول ما أنا جمبك
ارتبكت "آيات" من نظراته ونزلت من السيارة هى و "أسماء" فلوح لهما مودعاً .. صعدت "آيات" الى البيت تتبعها "أسماء" بمجرد أن دخلت "أسماء" الغرفة أغلقتها عليهما وهى تقول :
- ليه قومتى بسرعة يا "آيات" أنا حسيت انه اضايق من كده
قالت "آيات" بضيق شديد :
- يضايق ولا يتفلق
سألتها "أسماء" قائله :
- ايه فى ايه من ساعة ما أعدنا معاه وانتى مش مظبوطة ولاويه بوزك
نظرت اليها "آيات" بحده قائله :
- انتى مسمعتيش الكلام اللى قاله .. عايز يلبسنا على مزاجه وكمان يخليني أحط ميك آب عشان أبقى عنوان يشرف قريته .. أهو أنا بأة ميلزمنيش الشغل فى قريته دى
هتفت "أسماء" بضيق :
- محسسانى انه قالنا البسوا بكيني
قالت "آيات" بغضب وقد احمر وجهها بشدة :
- ده بيقول ان لبسك انتى مش عاجبه .. لبسك اللى أنا شيفاه ضيق ومينفعش يتخرج بيه أصلاً
قالت "أسماء" وقد بدأ غضبها يتصاعد هى الأخرى :
- وماله لما نلبس لبس شيك وراقى زى ما هو عايز .. انا مستعدة أوافق على أى حاجة .. أى حاجة مقابل انى أشتغل وأصرف على نفسى ومرجعش بيت خالتى تانى .. لو هو ده شرطه أنا موافقه
قالت "آيات" بحزم وهى تقف فى مواجهتها :
- بس أنا مش موافقه ومش ممكن أوافق
قالت "أسماء" بحده :
- لو موافقتيش هنموت من الجوع مستحيل يشغلنى من غيرك
قالت "آيات" وهى تتوجه الى ملابس البيت لتستبدلها بملابسها التى ترتديها :
- مفيش حد بيموت من الجوع
هتفت "أسماء" بغيظ وهى تلقى بحقيبة يدها فوق الفراش :
- انتى ليه عنيده كده ؟
التفتت اليها "آيات" وهى تقول بصرامة :
- أنا مش هلبس لبس ضيق يا "أسماء" .. وأظن انتى كنتى بتلبسى ضيق أدام ابن خالتك وشوفى وصلتيه بلبسك انه يعمل ايه
اتسعت عينا "أسماء" من الغضب فهتفت بغضب هادر :
- طيب أنا ابن خالتى اتحرش بيا عشان كنت بلبس ضيق .. انتى بأه الراجل اللى فى الاتوبيس اتحرش بيكي ليه ... ها .. ما انتى بتلبسى واسع وبرده اتحرش بيكي .. يعني مش باللبس .. اى واحدة دلوقتى بيحصلها تحرش مهما كانت لابسه حتى لو ماشية لابسه شوال .. وده مش عيب فى البنت ده عيب فى ولاد التيييييييييييييييت اللى ماشيين فى الشارع
قالت "آيات" بحزم :
- أولاً أنا لبسى مش واسع للدرجة .. أيوة أوسع منك وأطول منك بس عارفه انى برده لبسى لسه مش صح .. ثانياً بأه العيب من البنت وعليها ذنب كبير لما تلبس لبس يثير الرجاله اللى ماشية فى الشارع ويستفزهم .. مش بقول ان اللى بيتحرش ده صح .. لا ده أصلاً مش راجل ومفيش فيه ريحة الرجولة وبكرة يحصل فى أخته وأمه وبنته ومراته اللى هو بيعمله فى بنات الناس لإن كما تدين تدان .. بس البنت لما تبقى نازله من بيتها ولابسه لبس مبين كل تفاصيل جسمها وواحد يمد ايده ولا يتحرش بالكلام يبأه هى مشتركة معاه فى اللى حصل ومشتركة معاه فى الذنب لأنها عرضت جسمها زى ما بتتعرض الجارية فى سوق العبيد .. ما ينفعش تحطى أدام كلب حتة لحمة وتلوميه انه كلها .. لو مش عايزاه ياكلها خلاص خبيها مش تسبيها مكشوفة أدامه .. لكن لما تبقى واحدة محترمة خارجه من بيتها ولابسه لبس محترم وواحد يقل أدبه عليها فهى معليهاش أى ذنب ومش بتاخد أى سيئات والسيئات بتكون من نصيبه هو لوحده لأنها لبست محترم ومعملتش أى حاجة تستفزه أو تثيره .. يعني البنت اللى بتلبس وحش دى شريكة فى جريمة التحرش عشان كده مقدرش أقول عليها ضحية .. أما البنت اللى بتلبس محترم هى دى فعلا الضحية .. وكفاية ان ربنا يكون غضبان على الأولى .. وراضى عن التانية
التزمت "أسماء" الصمت وهى تفكر فى كلام "آيات" التى قالت كتقرير لما انتهى عليه نقاشهما :
- أنا مش هلبس حاجة تغضب ربنا عشان أرضى "عاصى" أو عشان أرضى أى حد
ثم قالت بحنق :
- أنا حسه بذنب فظيع عشان سلمت عليه بإيدي رغم ان "سمر" نبهتنى كتير للموضوع ده وقالتلى مينفعش أسلم على راجل بإيدي .. أنا اتحرجت لما مدلى ايده .. بس مكنش لازم اعمل كده مهما كان هو مين ومهما كنت هتكسف .. لأن مفيش راجل ولا بنت ولا أى مخلوق فى الدنيا يستاهل انى اغضب ربنا عشانه
خرجت من غرفتها وتركت "أسماء" شارده فيما سمعت

***********************************

يتبع........


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-10-15, 01:21 PM   #25

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

سمعت والدة "آدم" عدة طرقات على باب غرفتها فى الصباح الباكر .. فنهضت من فراشها بعجالة وفتحت الباب لتجد "آدم" واقفاً أمامها فقالت بقلق :
- خير يا ابنى
قال "آدم" :
- أنا مسافر القاهرة يا ماما
قالت أمه وهى تنظر اليه بتمعن :
- خير يا ابنى حصل حاجة ؟
تنهد "آدم" بضيق قائلاً :
- "آيات" لسه قافله تليفونها وهموت وأطمن عليها .. مش قادر أستنى أكتر من كده
ابتسمت أمه بحنان وربتت على كتفه قائلاً :
- متقلقش ان شاء الله تلاقيها وتجبها معاك
قبل "آدم" رأسها قائلاً :
- ادعيلي يا ماما
انصرف آدم فرفعت أمه كفها الى السماء وقالت :
- يارب يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه اجمع عليه ضالته
انطلق "آدم" بسيارته الى القاهرة وهو عازم على اصلاح أموره مع "آيات" فلم يعد يطيق بعدها عنه ولو للحظة .. أرادها معه .. بجواره .. فى حياته .. تشاركه اياها .. لن يتركها وحدها وهو أدرى الناس بمدى طيبتها وبرائتها .. لن يتركها وسط الغابة لتلتهمها الضباع والكلاب .. سيكون زوجها وحاميها .. يحتاج منها فقط أن تسامحه .. ولن يتوانى عن اسعادها .. توجه فى بادئ الأمر الى الفيلا .. خرج من سيارته وألقى عليها نظرة من الخارج .. لفت نظره أحد الحراس .. نعم لقد رآى هذا الحارس من قبل .. أقبل عليه قائلاً :
- مساء الخير
نظر اليه الحارس وقد تذكره فقال :
- مساء النور يا دكتور "آدم"
ألقى "آدم" نظرة على الفيلا ثم نظر اليه قائلاً :
- محدش موجود فى الفيلا مش كدة
قال الحارس :
- لو تقصد حد من طرف عيلة "اليمانى" فلأ مفيش .. اللى هنا ناس جديدة سكنت بعد ما باعوا الفيلا
سأله "آدم" بإهتمام :
- متعرفش "آيات" بنته راحت فين ؟
قال الحارس :
- لا معرفش
ثم قال وكأنه تذكر شيئاً :
- بس هى يوميها مشيت مع دادة "حليمة" اللى كانت شغاله عندهم
قال "آدم" بلهفة وقد شعر بأنه وصل الى طرف الخيط الذى سيوصله بـ "آيات" :
- طيب متعرفش "حليمة" ساكنة فين ؟
هز الحارس رأسه نفياً وقال :
- لا والله معرفش
- ولا معاك رقمها ؟
- لا والله
تنهد "آدم" بحسرة ثم توجه الى سيارته وانطلق بها يفكر .. كيف سيصل الى "آيات"

توجه "زياد" الى شاليه "آدم" ففتحت له والدة "آدم" وهى تبتسم قائله :
- أهلا يا "زياد" يا ابنى اتفضل
قال "زياد" مبتسماً وهو يدخل البيت :
- ازيك يا خالتى أخبارك ايه
ابتسمت وهى تغلق الباب قائله :
- بخير يا ابنى الحمد لله .. اتفضل
ألقى "زياد" نظرة على الشالية ثم التفت اليها قائلاً :
- أمال فين "آدم" يا خالتى ؟
قالت له :
- "آدم" نزل القاهرة يدور على خطيبته القديمة
اتسعت عينا "زياد" دهشة وقال :
- ايه ؟ .. ولا جبلى سيرة
ثم توجه الى باب الشالية قائلاً :
- طيب يا خالتى أنا هكلمه على الموبايل
هتفت قائلاً :
- استنى يا ابنى أحطلك الغدا أنا سايباه يتردد على النار
قال "زياد" وهو يفتح الباب :
- تسلمى يا خالتى مرة تانية ان شاء الله
هاتف "زياد" "آدم" وقال له :
- ايه يا ابنى تسافر القاهرة كده من غير ما تعرفنى
قال "آدم" وهو يتوقف عند احدى اشارات المرور :
- معلش يا "زياد" أنا سافرت بدرى ومرضتش أقلقك
قال "زياد" بإهتمام :
- انتى ليه سافرت طيب .. حصل حاجة
قال "آدم" :
- أيوة حصل
قال "زياد" بقلق :
- ايه اللى حصل ؟
صمت "آدم" قليلاً ثم قال وفى عينيه سحابة حزن ولوعة :
- فى انى بحبها مش قادر أعيش من غيرها
ضحك "زياد" قائلاً :
- انت وقعت ولا الهوا رماك
قال "آدم" بحنق :
- مش فايقلك دلوقتى يا "زياد"
قال "زياد" بجديه :
- طيب عملت ايه .. وصلت لايه ؟
تنهد "آدم" وقال :
- كل اللى وصلتله ان الفيلا اتباعت ومحدش يعرف هى راحت فين بس الحارس قال انها مشيت مع الدادة بتاعتها .. "آيات" كانت بتحبها أوى فأكيد الست دى عارفه مكان "آيات" .. ده ان مكنش الاتنين مع بعض دلوقتى
قال "زياد" يحفز صديقه :
- متقلقش ان شاء الله هتلاقيها
قال "آدم" بحماس :
- أنا دلوقتى طالع على الجامعة .. كان ليها صاحبة قريبة منها أوى اسمها "أسماء" هحاول أوصل لعنوانها وأنا متأكد ان "أسماء" هتكون عارفه طريقها لانهم كانوا صحاب أوى و "آيات" كانت بتحبها
قال "زياد" :
- طيب تمام .. بلغنى بالتطورات يا "آدم"
ثم هتف فجأة :
- آه صحيح أنا أصلاً كنت بتصل بيك عشان أقولك حاجة مهمة أوى
قال "آدم" بأهتمام وهو ينطلق بسيارته بعدما فُتحت الإشارة :
- خير ؟
قال "زياد" :
- القرية التالتة اتأجرت
صمت "آدم" قليلاً ثم قال :
- اتأجرت لمين ؟
قال "زياد" :
- لا معرفش .. لسه مش عارفين مين اللى أجرها بس من الواضح انه سخن أوى .. العمال نزلين توضيب فيها وعربيات عفش داخلة خارجة .. لو استمروا على معدل الشغل ده يبقى هيفتتحها قريب أوى
قال "آدم" بإهتمام :
- ياريت يا "زياد" تجبلى كل المعلومات عن اللى أجر القرية وعن شغله وهل له فى السياحة ولا لأ .. عايز أعرف كل حاجة عنه
قال "زياد" بثقه :
- متقلقش على ما ترجع أكون جبتلك أراره ان شاء الله .. يلا انت ربنا يوفقك
انشغل "آدم" بالتفكير فى مستأجر القرية الثالثة .. لكن "آيات" اخترقت تفكيره رغماً عنه وحجبت عنه أى شئ سواهــا

********************************
هتفت "آيات" وهى واقفة على الباب قائله :
- يلا يا "أسماء"
قالت لها "حليمة" الواقفة بجوارها :
- متقلقيش يا بنتى ان شاء الله هتلاقى شغل كويس انتى و "أسماء"
نظرت اليها "آيات" وهى تقول :
- يارب يا دادة
عزمت "آيات" على البحث عن عمل بنفسها مع "أسماء" ..وعلى بدء الطريق من بدايته .. وأحسنت الظن بخالقها .. أقبلت "أسماء" تقول :
- خلاص خلصت
نزلت الفتاتان وقد شيعتهما "حليمة" مودعة وهى تقول بطيبتها المعهودة :
- ربنا يفتح فى وشكوا أبواب الرزق يارب ويكفيكوا شر ولاد الحرام ينورلكوا طريقكوا يارب
دخلت "حليمة" البيت وتوجهت الى غرفتها وأمسكت مصحفها واتكئت على الأريكة وهى ترتديها نظارتها وتقرأ فى كتاب الله .. نزلت الفتاتان الدرج .. وقبل أن تخرجا من البوابة أقبل أحد السكان وبصحبته فتاة .. تحاشت الفتاة النظر اليهما وبدا عليها التوتر .. أمسكها الشاب من ذراعها وتوجه بها الى أول شقة وفتح الباب ودخلا سوياً .. خرجتا من البوابة فانحنت "أسماء" على "آيات" قائله :
- شوفتى اللى انا شوفته
قالت "آيات" بتقزز :
- أيوة شوفت
قالت "أسماء" بغيظ :
- مش المفروض الشاب ده عايش لوحده .. مين بأه الحلوة اللى دخلت معاه دى
قالت "آيات" بضيق :
- مش أول مرة أشوفها داخله معاه الشقة .. وكل ما تشوفنى ترتبك وتتوتر وتدارى وشها
قالت "أسماء" بحده :
- وازاى السكان ساكتين على كدة
قالت "آيات" وهى تحث السير :
- معرفش يمكن محدش واخد باله .. سبيه ربنا مش بيسيب حد
توجهت الفتاتان لعدة عناوين جمعتاها من الجرائد لشركات ومكاتب تطلب موظفين .. كانت كل منهما تحمل فى يدها ملفها بكل أوراقها وشهاداتها .. وكل منهما تحمل فى قلبها أملاً بألا تعود فارغة اليدين

********************************
توجه "آدم" الى عنوان "أسماء" الذى حصل عليه من الكلية .. وقف قليلاً قبل أن يفتح له رجلاً .. تنحنح "آدم" وقال له :
- حضرتك والد "أسماء" ؟
أومأ والد "أسماء" برأسه وقال :
- خير فى حاجة ؟
قال "آدم" :
- انا كنت عايز أسألها عن حاجة .. هى موجودة ؟
قال له والدها وهو ينظر اليه نظرة متفحصة :
- لا مش موجودة انت مين ؟
قال "آدم" :
- أنا دكتور فى كليتها كنت بدرسلها مادة السنة اللى فاتت .. وكنت عايز أسألها عن واحدة صحبتها .. اسمها "آيات"
قال والدها بحدة :
- أصلاً أنا معرفش بنتى فين .. هربت من بيت أمها
نظر اليه "آدم" بدهشة وقد عُقد لسانه .. فتنهد الأب بحسرة قائلاً :
- من يوميها وأنا بدور عليها ومش عارف أوصلها .. روحت للفيلا اللى كانت عايشة فيها "آيات" صحبتها لأنها أقرب صاحبه ليها أو بمعنى أصح صحبتها الوحيدة .. لقيت الحارس بيقولى انهم باعوا الفيلا وان والد "آيات" اتوفى وميعرفش "آيات" راحت فين
تنهد "آدم" بحسرة ويأس وهو يقول :
- يعني ايه .. مش هنعرف نوصلهم
نظر اليه أبوها برجاء وهو يقول :
- ياريت لو عرفت حاجة تبلغنى .. أنا لفيت على الاقسام وعلى المستشفيات وبرده معرفتش أوصل لأى حاجة
قال "آدم" فجأة وقد تذكر شيئاً :
- طيب ما تكلمها على الموبايل ولا أفله موبايلها برده
تنهد أبوها بحسرة وقد لمعت عيناه بالعبرات وهوي قول بحرج :
- "أسماء" فى آخر يوم فى امتحانتها موبايلها اتسرق .. وقفت الشريحة وعملت واحدة جديدة بس كان بيجيلها مكالمات كتير معاكسات وادتنى فى مرة الموبايل أرد على اللى بيعاكسها وآخر ما زهقت قولتلها تغير رقمها
ثم أطرق برأسه قائلاً بحرج ممزوج بالندم :
- ومخدتش منها رقمها الجديد
نظر اليه "آدم" بتمعن قائلاً :
- طيب مامتها .. أكيد مامتها عارفه رقمها
قال أبوها بتهكم :
- مامتها متعرفش انها غيرت رقمها أصلاً
شعر "آدم" بالحنق والضيق فهل يعقل ألا يعرف أبوان رقم هاتف ابنتهما ! .. قبل أن ينصرف "آدم" تبادل والدها معه الأرقام وقال له برجاء ولهفة :
- أرجوك لو وصلت لحاجة عنها أو عن صحبتها "آيات" تبلغنى على طول
قال له "آدم" بلهفة :
- وانت كمان لو عرفت حاجة ياريت تبلغنى
انصرف "آدم" وقد شهر بأنه فقد بداية الخيط مرة أخرى !

*****************************************

تعبت الفتاتان من كثرة اللف على الشركات والمكاتب .. خارت قواهما فتوجهتا الى أحد المطاعم .. قالت "آيات" :
- يا بنتى بلاش مصاريف احنا لو الفلوس اللى معانا خلصت مش عارفه هنعمل ايه
قالت "أسماء" وهى تنظر الى قائمة الطعام لتتخير منها :
- يا ستى مرة واحدة مش هتفرق .. خلاص بطنى نشفت من الأكل اللى بناكله
قالت "آيات" وقد جرى ريقها هى الأخرى :
- طيب بس واحنا ماشيين ناخد معانا تيك أواى لدادة "حليمة"
قالت "أسماء" :
- لسه شركة الديكور مروحنلهمش
قالت "آيات" بحماس :
- طيب ناكل ونروحلهم وان شاء الله تصيب المرة دى
قالت "أسماء" بيأس وهى تنظر الى قائمة الطعام مرة أخرى :
- ان شاء الله

مر "عاصى" على مكتب مديرة مكتب "سراج" فى طريقه الى مكتب والده فأوقفته بسرعة قائله :
- "عاصى" بيه
التفت اليها قائلاً :
- أيوة
قالت المرأة :
- لو سمحت عايزة عنوان الآنسة "آيات" اللى اديته لحضرتك عشان أضم بياناتها فى البرنامج اللى مسجلين فيه أسماء اللى بيشتغلوا فى الشركة
بحث "عاصى" فى محفظته عن الورقة ثم أعطاها اليها بلامبالاة .. وتوجه الى مكتب والده .. ابتسمت المرأة وقد ظفرت بالورقة .. وأول ما فعلته بعد ذلك هو الإتصال بـ "آدم"

وقف "آدم" فى مكانه المفضل فوق جبل المقطم .. شعر بالضيق وقد أغلقت جميع الأبواب فى وجهة .. هتف قلبه بلوعة .. أين أنتِ يا "آيات" .. أين أنتِ ؟! .. اتسعت عيناه دهشة ورهبة ولهفة عندما رآى اسم مديرة مكتب "سراج" على هاتفه فأسرع يرد قائلاً :
- ها وصلتى لحاجة
قالت المرأة :
- ايوة جبت منه الورقة وفيها رقمها والعنوان اللى هى ساكنه فيه قالتلى انه عنوان واحدة كانت شغاله عندهم
قال "آدم" وهو يلف حول نفسه وقد شعر بالحماس والنشوة تدب فى أوصاله :
- طيب ابعتيهولى فى رسالة بسرعة .. بسرعة
انتظر رسالتها على أحر من الجمر وصلت رسالتها فشعر للوهلة الأولى بالإحباط لوجود نفس الرقم الذى يحمله لـ "آيات" والذى تغلقه دائماً .. لكنه تعلق بالعنوان كالغريق الذى يتعلق بطوق نجاته .. ركب سيارته وانطلق الى حيث تسكن

***********************************

أثناء جلوس الفتاتان معاً لتناول طعامهما .. رآيا فجأة الطاولة تهتز أمامهما وتتراقص فوقها أكواب الماء .. فأمسكتا فى الطاولة .. نظرت "آيات" حولها وهى ترى كل شئ يتحرك .. كان الزلزال يبدو قوياً .. ما هى إلا دقيقة حتى توقف الاهتزاز .. وعاد كل شئ الى مكانه .. وسكن الماء فى الأكواب .. لكن فى مكان آخر .. فى حى آخر لم يعد كل شئ الى مكانه .. بل انهار رأساً على عقب .. ذلك البناء القديم الذى سرت الرطوبة فى جدرانه كسريان الدم فى الشرايين .. فلم يتحمل تلك الهزة فتصدع الى أن انهار أمام أعين الناس المتسعة رهبة وخوفاً .. تعالت أصوات النساء بالصراخ والنحيب لانهيار هذا البيت فوق رؤس أصحابه .. وأسرع الرجال بطلب الاسعاف ومحاولة رفع الحطام لإنقاذ ما يمكن انقاذه .. لكن دوى فجأة صوت انفجار قوى فى المكان .. انفجرت أحد الأنابيب من تحت الأنقاض لترسل ألسنة لهب عالية الى السماء .. رجع الجميع الى الخلف وتعالت أصوات الصراخ مرة أخرى ممزوجة بصيحات الإستنكار .. لم يكد ينتهى دوى الانفجار الأول حتى أعقبه آخر .. وأصبحت الأنقاض كجمرة النار المشتعلة تحترق بكل ما فيها .. لم تستطيع دلاء الماء الممتلأه أن تطفئ من حدة غضب النيران المشتعلة .. لأن منبعها كان من الأعماق تحت الأنقاض المنهارة فوق الجثث .. حاول الجميع الاتيان بكل ما يستطيع لتنطفئ النيران .. وتُنقذ الأرواح .. اقترب "آدم" بسيارته من المكان .. هاله مرآى النيران المشتعلة وصوت الصراخ والنحيب .. لم يستطيع دخول الشارع لكثرة الزحام .. فأوقف سيارته على ناصيته وترجل منها ودخل وسط الزحام .. نظر الى الxxxx المنهار فى لوعة وهو يبحث بعينيه عن رقم 19 .. رقم بيت "حليمة" والذى تقطن فيه حبيبته "آيات" .. لم يجد .. توقفت الأرقام عند 18 .. ثـــم .. البناء المنهار .. نظر الى ألسنة اللهب والى الرجال الذين يسعون الى اطفائها .. التفت فى لوعة يسأل أحد الرجال :
- لو سمحت فين البيت رقم 19 ؟
تعلقت عينا "آدم" بشفتى الرجل وقد اضطرب تنفسه وتعالت ضربات قلبه المفزوع .. قال الرجل وهو يضرب كفاً بكف :
- لا حول ولا قوة الا بالله .. البيت رقم 19 هو البيت اللى وقع ده
التفت "آدم" ينظر الى الأنقاض فى لوعة وحسرة وألم وقد انخلع قلبه من مكانه .. اقتحم الصفوف وأخذ يصرخ وعيناه معلقتان بالكتلة الأسمنتيه المنهارة :
- "آيات" .. "آيات"
اخذ بجنون يحاول رفع أحد الجدران المنهارة وهو يصرخ بإسمها فى لوعة .. سُمعت أصوات سيارات المطافئ والاسعاف .. أبعدوا الجميع عن النيران وأخذوا فى محاولة اطفائها والسيطرة عليها .. نظر "آدم" بأعين دامعة متسعة من الفزع الى الxxxx وقد انهمرت الدموع من عينيه فى ألم .. ساعد الرجال مرة أخرى على رفع الأنقاض وعلى اخراج .. الجثث !

انهار "آدم" على الأرض يبكى بعدما تأكد الجميع من أن جميع ساكنى الxxxx هم الآن فى ذمة الله عز وجل .. بكا بقلبه المكلوم وعينه الثكلى .. ما أشد قسوة الفقد .. الفقد الأبدى .. تعالت شهقاته بالبكاء وارتجف جسده بشدة وهو يتمتم :
- لأ .. لأ
لم يرد أن يصدق أنها رحلت .. أنه لن يراها مرة أخرى .. هب وقفاً واتجه الى سيارته وهو لا يرى أمامه من فرط دموعه المنهمرة .. وانطلق خلف سيارة الاسعاف التى جمعت الجثث .. فى مشرحة المستشفى تجمهر بعض الأهالى للتعرف على جثث ذويهم واستيلامها .. وقف "آدم" بعينيه اللاتان بدتا كجمرتا نار من شدة احمرارهما .. كان يخشى الدخول .. لم يجد فى نفسه الجرأة على ذلك .. كان قلبه يبكى قبل عيناه كلما دخل أحد من الأهالى وعاد يبكى وقد تعرف على احدى الجثث .. انتظر الى أن انفض الجمع .. دعا الله أن تكون جميع الجثث قد استلمها أصحابها .. دخل وقلبه يخفق فى وجل .. سأل أحد العاملين بلوعة :
- لو سمحت كل الجثث اتعرفوا عليهم أهاليهم ؟
قال الرجل وهو يشعر بالأسى لتلك المأساة :
- لا يا ابنى لسه فى جثتين محدش اتعرف عليهم لحد دلوقتى
قال "آدم" بصوت مرتجف باكى :
- طيب لو سمحت عايز أشوفهم
نظر اليه الرجل بحسرة قائلاً :
- لا حول ولا قوة الا بالله انت كان ليك حد ساكن فى العمارة دى ؟
أومأ "آدم" برأسه ومازال جسده يرتعش .. أدخله الرجل الى المشرحة التى تراصت الجثث فوق طاولاتها .. اقترب الرجل من احدى الجثث وقال :
- طيب يا ابنى فى جثتين واحدة لست كبيرة وواحدة لبنت بس منظرها صعب ومش باين منها حاجة صعب انك تتعرف عليها .. اللى انت بتدور عليها صغيرة ولا كبيرة
قال "آدم" ودموعة تتساقط فوق وجهه :
- صغيرة
ثم أكمل بصوت مرتجف :
- بس كانت عايشة مع ست كبيرة
نظر اليه الرجل بحزن فقال "آدم" وهو يحاول تمالك نفسه :
- وريهالى
قال الرجل وقد أشفق عليه من رؤيتها :
- يا ابنى قولتك مش باين منها حاجة
قال "آدم" بحزم :
- وريهالى
امتثل الرجل لطلب "آدم" واقترب من الجثة ثــم .. ازاح الغطاء عنها .. ظهرت علامات الألم الشديد على وجهه وقد انعقد جبينه بقوة وهو ينظر الى الجثة التى تفحمت عن آخرها .. اقترب منها ومد يده المرتعشة يزيح الغطاء عنها أكثر لعله يتبين أى شئ يدله إن كانت "آيات" أم لا .. كانت بالفعل يصعب التعرف عليها .. لكن وقع فى قلبه أنها هى .. أخذ ينظر الى حجم جسدها وطولها ويقارنه بـ "آيات" .. بدت قريبة منها .. نفس الحجم ونفس الطول .. التفت الى الرجل قائلاً بصوته المرتجف :
- ورينى الجثة التانية
تقدم الرجل الى احدى الجثث .. وقف "آدم" أمامها .. فأزاح الرجل الغطاء .. شهق "آدم" بقوة وأخذ يبكى بحرقة وهو ينظر الى "حليمة" التى بدت ملامحها واضحة رغم الحروق التى أصابتها .. انفجر فى بكاء مرير .. قال له الرجل فى أسى :
- متقلقش يا ابنى هى متعزبتش بالنار .. الخبطة اللى فى دماغها دى موتتها على طول يعني محستش بحاجة
لم تكن صرخات "آدم" بالبكاء نابعة من تعرفه على "حليمة" .. بل تعرفه على "حليمة" جعله يجزم بأن الجثة الأخرى هى لـ "آيات" .. التفت اليها وأخذ جسده ينتفض بقوة لم يشعر بنفسه إلا وهو بنحنى ليأخذها بين ذراعية ضاماً اياها اليه بشدة .. آخذ يردد اسمها وسط بكائه الذى يشق القلوب .. أغمض عينيه بشدة وهو يضمها اليه أكثر لا يريد تركها .. اقترب منه عامل المشرحة مع زميله فى محاولة تهدئته ونزع الجثة من بين يديه .. لكنه تشبث بها بشدة بين أحضانه .. ولم يسمح لهم بنزعها من بين يديه .. رفع رأسه ينظر الي وجهها المتفحم وقد غطت الدموع وجهه .. لم يشعر بالخوف أو الفزع من شكلها .. بل أخذ يسقط عليها صورة "آيات" فى مخيلته .. ارتجفت شفتيه وهو يقبل وجنتها .. وضمها اليه مرة أخرى وهى ترتجف بين يديه من شدة نحيبه وقد أغمض عيناه وهو يردد اسمها فى لوعة


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-10-15, 01:25 PM   #26

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 20 )


جلس "آدم" على أحد المقاعد فى المستشفى .. منهاراً .. تتساقط الدموع من عينيه فى غزارة .. يرمقه المارة من العاملين بالمستشفى بنظرات الشفقة .. دخل "زياد" المستشفى ليبحث عنه .. لم يحتاج الى البحث كثيراً .. وجده فوق أحد المقاعد .. ملابسه رثة أصابها الحروق والتمزيق .. يجلس كما لو كان جثة بلا روح .. اقترب "زياد" منه وجلس بجواره وهو يشعر بالأسى تجاه صديقه المكلوم .. ربت على كتفه قائلاً :
- انت كويس يا "آدم"
لم يجيبه "آدم" بل أغمض عينيه بشدة لتتساقط العبرات منهما أكثر .. ثم ما لبث أن انفجر فى بكاء مرير .. حاول التحكم فى نفسه فلم يستطع .. تألم "زياد" لمرآى حال صديقه وقال :
- ادعيلها ان ربنا يرحمها ويغفرلها
قال "آدم" بصوت منهار وهو يحاول السيطرة على نفسه دون جدوى :
- ماتت محروقة يا "زياد" .. اتفحمت .. أنا اللى المفروض أتحرق مش هى يا "زياد"
توقفت شهقات بكاءه للحظات ثم قال بصوته الباكى الذى يمزق طيات القلب :
- كانت طيبة جداً .. مبتأذيش حد وفى حالها .. أنا اللى مؤذى يا "زياد" أنا اللى مؤذى أذتها وأذيت أبوها وأذيت أمى وأذيت نفسي
ثم قال :
- مش قادر أتخيل ان خلاص كده معدش هيبقى فى حياتى "آيات"
عاود بكاؤه مرة أخرى وهو يقول :
- مش عايزها تموت أنا محتاجلها جمبي .. بس للأسف اتأخرت عليها .. ياريتنى كنت جيتلها من بدرى .. ياريتنى مكنت سبتها وسافرت .. كان زمانها معايا دلوقتى
ربت "زياد" كتف صديقه فى اشفاق وهو يقول :
- خلاص يا "آدم" اهدى مش هيفيد الكلام ده
مسح "آدم" بكفيه العبرات التى تغرق وجهه .. فسأله "زياد" :
- انت اللى هتستلمها
قال "آد" بألم :
- هستلمها هى والدادة بتاعتها
قال "زياد" :
- هى الدادة ملهاش أهل يستلموها ؟
قال "آدم" وهو ينظر الى "زياد" بعينيه الحمراوين :
- محدش جه لحد دلوقتى .. وأنا مش هسيبها فى المشرحة لازم تدفن
تساقطت العبرات مرة أخرى من عينيه وهو يقول :
- لإن "آيات" كانت بتحبها
سأله زياد :
- هتستلمهم امتى؟
تمتم "آدم" :
- بكرة
ران الصمت لفترة ثم قال "زياد" :
- طيب قوم معايا يلا
قال "آدم" لحزم :
- لا هفضل هنا
هتف "زياد" :
- قوم يا "آدم" روح مش هيسلموك الجثتين غير بكرة
قال "آدم" بعناد وهو لا يريد مغادرة المستشفى :
- قولتلك هفضل هنا
تنهد "زياد" وظل بجوار صديقه .. لم يرد الضغط عليه أكثر

*********************************

نزلت الفتاتان من الأتوبيس .. قالت "أسماء" بألم :
- رجلى مش حسه بيها خالص
قالت "آيات" وهى تحمل طعام "حليمة" فى يدها :
- وأنا كمان خلاص مش قادرة
قالت "أسماء" بحنق :
- ما انتى اللى أصريتي اننا نشترى جرنال النهاردة ونلف كمان على عناوين المكاتب اللى طالبين موظفين
قالت "آيات" وهى تسير بصعوبة لألم قدميها :
- أعمل ايه قولت يمكن نلاقى حاجة .. ما العناوين اللى خدناها من جرنال امبارح وأول زى ما شوفتى يا اما حد سبقنا يا اما طلبين شهادات خبرة
قالت "أسماء" وهى تزفر بضيق :
- هنعمل ايه دلوقتى
قالت "آيات" بشرود :
- فى مكتبة فى الشارع اللى ساكنين فيه شوفتهم النهاردة واحنا معديين من أدامهم معلقين يافته طالبين واحدة تشتغل فى المكتبة
قالت "أسماء" بسخرية :
- حلو أوى بصراحة .. شغلانه هايله .. ويا ترى هيدوكى كام بأه
زفرت "آيات" بضيق وهى تقول :
- يدونى زى ما يدونى بأه أهو أحسن من مفيش لحد ما نشوف شغل تانى
قالت "آيات" فجأة :
- ايه ريحة الدخان دى
قالت "أسماء" بإستغراب :
- مش عارفه
التف للدخول الى الشارع الذى تقطن فيه "حليمة" .. صرخت "أسماء" وهى تجذب "آيات" من ذراعها :
- "آيات"
نظرت "آيات" الى ما تنظر اليه "أسماء" فهالها ما رأت .. شهقت بقوة وسقط الطعام من يدها وهى تحث الخطى فى اتجاه المبنى المنهار .. نظرت الفتاتان الى الركام بهلع وانفجرتا فى البكاء .. قالت احدى السيدات للفتاتين :
- لا حول ولا قوة الا بالله انتوا كان ليكوا حد ساكن هنا ؟
التفتت اليها "آيات" تصرخ قائله :
- دادة "حليمة" .. فين دادة "حليمة"
قالت المرأة وهى تنظر اليهما بعطف :
- البقاء لله يا بنتى كل اللى كانوا فى المبنى ماتوا الله يرحمهم
انفجرت "آيات" فى البكاء ولم تستطع قدماها حملها فجلست فى مكانها تبكى بشدة .. وقفت "أسماء" تنظر الى الركام باكية واضعة كفها على فمها وكفها الأخر على كتف "آيات" .. قالت المرأة فى أسى :
- لا حول ولا قوة الا بالله
التف حوهما امرأتين أخرتين وقالت احداهما :
- مالها .. كان ليها حد فى العمارة ؟
قالت أخرى :
- أيوة اظاهر كده
ربتت احداهن على كتف "آيات" النهارة وقالت :
- اهدى يا بنتى مش كده .. لا حول ولا قوة الا بالله .. قومى معايا يا بنتى
حاولت "أسماء" الباكية مساعدة "آيات" على الوقوف بمساعدة احدى النساء وأدخلتهما الى منزلها ..أحضرت لهن كوبين من الماء الممزوج بالسكر لتهدئ من روعهما فقد كانت "آيات" تبكى وتنتحب بشدة حتى كادت أن تفقد وعيها .. جلست المرأة بجوارها على الأريكة وهى تقول بحنان :
- كانت تقربلك ايه اللى بتقولى عليها "حليمة" دى
لم تتوقف "آيات" عن البكاء ولم تستطع الكلام فقالت "أسماء" وسط بكائها :
- كانت الدادة بتاعتها وكنا عايشين معاها فى شقتها
قالت المرأة بإستغراب :
- عايشين معاها .. أمال انتوا كنتوا فين
قالت "أسماء" :
- كنا بره من الصبح بندور على شغل ولسه راجعين دلوقتى
نظرت اليهما المرأة بحنان قائله :
- شوفوا رحمة ربنا كبيرة ازاى أنقذكوا من اللى حصل ده
هتفت "آيات" بصوت باكى :
- هى فين ..
قالت المرأة :
- خدوا الجثث كلها ودوهم مشرحة المستشفى
أغمضت "آيات" عينيها بألم وقالت :
- مستشفى ايه ؟
قالت المرأة :
- والله يا بنتى معرف .. بس ابنى أكيد عارف لانه كان معاهم هناك راح مع واحدة كانت بردة يا عيني بتعيط على ابنها اللى كان ساكن فى العمارة
ثم قالت :
- خليكوا أعدين ولما ييجى ابنى من بره هعرفلكوا منه المستشفى دى فين
قامت المرأة الطيبة ودخلت مطبخها المتواضع لتحضر بعض الطعام للفتاتين .. بعد ما يقرب من ساعة حضر ابن المرأة .. وسألته أمه عن االمستشفى التى أخذوا الجثث اليها .. قال الشاب :
- آه أنا كنت هناك بعد اللى حصل .. بكرة الصبح ان شاء الله هخدكوا هناك .. لما مشيت كان فى جثتين مكنش حد لسه اتعرف عليهم
قالت "آيات" بصوت مبحوح من كثرة البكاء :
- شكلهم ايه الجثتين دول
قال الشاب :
- لا والله مشوفتهمش
قالت أمه لـ "آيات" بطيبة :
- خليكوا بايتين هنا وبكرة الصبح ان شاء الله ابنى ياخدكوا المستشفى
كان التعب قد أخذ من الفتاتين مبلغه فساقتهم المرأة الى احدى الغرف وقالت :
- دى أوضة بناتى هما دلوقتى متجوزين والأوضة فاضية من ساعة ما مشيوا بس متقلقوش أنا بنضفها على طول .. يلا يا حبيبتى ارتاحوا وبكرة ابنى ان شاء الله يوصلكوا للمستشفى
التفتت "أسماء" الى المرأة قائله بوهن :
- شكراً
أغلقت المرأة الباب فنظرت الفتاتان الى بعضهم بريبة وقالت "أسماء" بصوت خافت :
- أنا خايفة
قالت بصوت باكى "آيات" وهى تمسح عبراتها :
- شكلها طيبة
قالت "أسماء" بقلق :
- أنا معدتش بثق فى حد
قالت "آيات" وهى تعاود البكاء :
- طيب لو مشينا هنروح فين .. احنا مكناش واخدين معانا فلوس كتير واتصرفت فى المواصلات والأكل .. يعني حتى ممعناش فلوس نأجر أوضة فى فندق
قالت "أسماء" وهى تضع أحد المقاعد خلف الباب .. لتشل حركة مقبضة فتمنع فتحه :
- ربنا يستر بأه
تمددت الفتاتان على الفراش وقد راحتا فى سبات عميق على الفور من شدة الإجهاد والتعب

**********************************
أشرق فجر اليوم الجديد .. تثائب "زياد" وهو يريح ظهره الى الخلف .. التفت اليه "آدم" قائلاً بصوته المجهد :
- قوم يا ابنى روح
قال "زياد" :
- أروح ازاى يعني يا "آدم" .. هفضل معاك طبعاً .. من ساعة ما اتصلت بيك أطمن على الأخبار وقولتلى على اللى حصل وأنا هموت من خوفى عليك وركبت العربية وطرت على القاهرة
قال له "آدم" بإمتنان :
- تسلم يا "زياد"
التفت اليه "زياد" قائلاً :
- ربنا يصبرك يا "آدم"
ترقرقت العبرات فى عيني "آدم" .. أقبل عليهما عامل المشرحة وهو يقول :
- تعالى يا ابنى خلاص المسؤل جه وهيسلمكوا الجثث
ظهرت تعبيرات الألم على وجه "آدم" عندما قال الرجل "جثث" .. أهذا ما أصبحت عليه حبيبته ؟! .. جثه هامده فارقتها الحياة ؟! .. حملا الجثتين الى احدى عربات الإسعاف وتوجها بهما الى حيث تم تغسيلهما ثم الى أحد المساجد للصلاة عليهما ثم توجها بهما الى ... المقابــر

ساق الشاب الفتاتان الى مكان المستشفى .. دخلت "آيات" الباكية .. قالت "أسماء" وهى تنظر حولها برعب :
- هو احنا لازم نشوفها
التفت اليها الشاب قائلاً :
- أيوة عشان تتعرفوا عليها وتستلموها
أجهشت "آيات" فى البكاء وهى تقول :
- مش هقدر أشوفها
تقدم أحد عمال المشرحة قائلاً :
- أيوة
قال له الشاب :
- البنتين دول ليهم واحدة قريبتهم كانت ساكنه فى العمارة اللى وقعت امبارح فى الزلزال اللى حصل فيها الحريقة .. وجايين عشان يتعرفوا عليها ويستلموها
قال عامل المشرحة بحيرة :
- بس الجثث بتاعة عمارة اللى وقعت فى الزلزال اتسلمت كلها
توقفت "آيات" عن البكاء وقد دب الأمل فى قلبها فى أن "حليمة" على قيد الحياة .. تبادلت نظرة دهشة مع "أسماء" ثم التفتت الى الرجل تقول له فى لهفة :
- حضرتك متأكد
قال الرجل :
- أيوة يا بنتى متأكد
سألت "أسماء" الرجل قائله :
- الست اللى بندور عليها اسمها "حليمة ......."
توجه الرجل الى مكتب صغير وأخرج أحد الكشوفات .. ثم علت وجهة سحابة حزن وقال :
- ربنا يرحمها يا بنتى .. ماتت وفى ناس استلموها من شوية
أجهشت "آيات" فى البكاء مرة أخرى عندما تأكدت من موت "حليمة" .. ساعدتها "أسماء" على الجلوس فوق أحد المقاعد .. التفتت "أسماء" الى الرجل قائله :
- حضرتك متأكد ؟
قال الرجل :
- أيوة طبعاً يا بنتى متأكد
فى تلك اللحظة ناداه أحد الأطباء فذهب مسرعاً اليه .. جلست "أسماء" بجوار "آيات" الباكية وقالت :
- خلاص يا "آيات" .. اهدى
قالت "آيات" وهى لاتزال تبكى :
- أنا حسه ان قلبي موجوع أوى يا "اسماء" .. انا كنت بحبها أوى .. دى هى الشخص الوحيد اللى اتبقالى فى الدنيا دى .. ربنا يرحمها مش قادرة أتحمل فراقها حسه انى هموت يا "أسماء"
عانقتها "أسماء" وهى تنظر حولها بضيق وقالت :
- طيب تعالى نمشى من هنا أنا قلبي اتقبض
نهضت الفتاتان معاً وقال لهما الشاب :
- تحبوا أوصلكوا لمكان ؟
التفتت اليه "أسماء" قائله :
- لا شكراً .. وأسفين اننا تعبناك معانا
قال الشاب :
- لا أبداً متقولوش كده .. ربنا يصبركوا

**************************************
وقف "آدم" أمام القبر الذى دفن فيه الجثة التى ظن أنها لـ "آيات" .. يرفع كفيه الى السماء ويدعو لها بالرحمة والمغفرة .. أنفجر فى البكاء وهو يردم فوقها التراب .. كان يشعر وكأن قلبه يشطر ويتفتت اللى فتات صغيرة .. يحمل كل جزء منها مرارة الفقد .. جلس أمام قبرها لا يريد الرحيل .. ربت "زياد" على كتفه قائلاً :
- يلا يا "أدم" قوم روح وغير هدومك وارتاح شوية
كانت ثيابه فى حالة رثة للغاية .. لكنه لم يعبأ بذلك .. ظلت عيناه معلقة بالقبر .. حثه "زياد" قائلاً :
- يلا يا "آدم"
قال "آدم" بحزم دون أن يلتفت اليه :
- روح انت أنا هستنى هنا
قال له "زياد" بعناد :
- مش همشى من غيرك .. طيب روح بيت مامتك غير هدومك وارتاح شوية وتعالى هنا تانى
تساقطت العبرات من عينه الثكلى وهو يقول :
- مش قادر أقوم .. مش قادر أسيبها .. دى أول ليلة هتقضيها فى القبر .. لوحدها
ارتجف جسدة فجأة لشدة بكاءه وهو يقول :
- خايف عليها أوى .. خايف أوى
قال "زياد" وهو يتألم لألم صديقه :
- ان شاء الله ربنا يرحمها ويتجاوز عن سيئاتها
قال "آدم" بحسرة وشعور بالندم يمزقه :
- كان فى حاجات كتير فى حياتها غلط .. يارتنى نصحتها .. يارتنى شلت من دماغى فكرة انى أرجع حقى وكنت كملت معاها .. كنت هغير فيها حاجات كتير .. هى كان عندها استعداد تتغير وتبقى أحسن .. كانت بتحبنى وكانت بتسمع كلامى .. كنت أقدر أحميها من ذنوب كتير بتعملها .. بس أنا ضيعتها .. ضيعتها من ايدي وضيعتها دلوقتى .. يارتنى نصحتها .. يارتنى مسبتهاش .. يارتنى ما سافرت
تنهد بعمق وهو يكمل بألم :
- ياريت "بوسى" مكانت راحتلها .. كان زمانا مع بعض دلوقتى .. أنا مكنتش ناوى أسيبها .. يوم كتب الكتاب فعلاً مكنتش ناوى أسيبها
ثم قال بمرارة :
- لكن فايدته ايه الكلام ده دلوقتى .. لا هيرجعهالى ولا هيخلينى أسامح نفسى على اللى عملته فيها وفى نفسي
ارتعش صوته وهو بقول :
- آخر مرة كلمتها فى التليفون كانت بعيط .. كان فى حاجة تعباها ومردتش تقولهالى .. كان نفسي أكون جمبها وأخفف عنها .. كان نفسي أشوفها وأقولها سامحينى يا أحن وأرق وأطيب قلب عرفته .. كان نفسي تاخدنى فى حضنها وتاخد بإيدى وتساعدنى انى أتغير وأبقى انسان تانى .. كان نفسي نساعد بعض ونعين بعض واللى فيه نقص التانى يكمله
تنهد بحسرة وهو يشعر بالنيران تتصاعد من داخله مع كل شهيق وزفير .. قام "زياد" وترك صديقه يتجرع أحزانه ويفرغ ما بداخله لعله ذلك يخفف عنه ما هو فيه

***************************************
جلست الفتاتان فى شرود فى احدى الحدائق العامة .. تنهدت "أسماء" قائله :
- أنا جعت
نظرت اليها "آيات" وقالت :
- انتى معاكى كام
نظرت "أسماء" الى حقيبتها ثم قالت فى تبرم :
- معايا 12 جنيه .. وانتى ؟
نظرت "آيات" فى حقيبتها تضع الجنية فوق الجنية وقالت :
- معايا 17 جنية
زفرت "أسماء" بضيق شديد وهى تقول :
- يعني معانا 29 جنية .. أصلاً مش هيكفونا يوم واحد .. ده غير ان مفيش حته نبات فيها
نظرت "أسماء" الى "آيات" وهى تقول فى لوعه :
- هنبات فى الشارع يا "آيات" .. ولا هنعمل ايه دلوقتى
تنهدت "آيات" فى حسرة ولم تجيب .. قالت "أسماء" بحزم :
- مفيش قدامنا الا "عاصى" ابن عمك .. هو اللى هينقذنا من الورطة اللى احنا فيها دى
التفتت اليها "آيات" بحدة قد عقدت ما بين حاجبيها لتقول فى عناد :
- لأ .. مش هروح لـ "عاصى"
هتفت "أسماء" بغضب :
- والله ؟ .. طيب وهنعمل ايه حضرتك .. هنبات فى الشارع ؟
قالت "آيات" بحزم وهى تشرد بتفكيرها :
- لأ مش هنبات فى الشارع
قالت لها "أسماء" بإستنكار :
- أمال هنعمل ايه فهميني
ازدرأت "آيات" ريقها بصعوبة وهى تقول :
- مفيش أدامنا غير ... "أحمد"
نظرت اليها "أسماء" بدهشة لبرهه ثم ما لبثت أن قالت :
- "أحمد" مين ؟ّ .. تقصدى "أحمد فؤاد" ؟
أومأت "آيات" برأسها ايجاباً فقالت "آيات" :
- فى آخر يوم امتحاناتنا ادانى أرقامه وقالى لو احتجته أكلمه
قالت "أسماء" بلهفة :
- أيوة صح "أحمد" بيحبك وأكيد هيساعدنا
قالت "آيات" بحزم :
- أنا مش هطلب منه مساعدة عشان هو بيحبنى .. أنا هطلب منه مساعدة لان مفيش أدامى غيره .. والمساعدة دى هتكون بدون أى مقابل
قالت لها "أسماء" بتبرم :
- يا ستى اعملى اللى انتى عايزاه المهم نخلص من الورطة دى
قالت "آيات" بضيق :
- بس للأسف أنا محتفظتش بأرقامه
ابتسمت "أسماء" وقالت وهى تخرج هاتفها من حقيبتها :
- متقلقيش أنا معايا رقمه
نظرت اليها "آيات" بدهشة وهى تقول :
- جبتيه منين ؟
قالت "أسماء" وهى منهمكة فى ايجاد رقمه على هاتفها :
- أيام خطوبتك واللى حصل فيها خد رقمى القديم وكان بيكلمنى عشان يطمن عليكي
قالت "آيات" بغيظ :
- ما قولتليش يعنى الموضوع ده وبعني يطمن عليا بصفته ايه يعني
قالت "أسماء" بفرح :
- أهو رقمه أهو .. يلا كلميه بس متطوليش عشان مش معايا الا كام دقيقه لو خلصوا مش هنعرف نشحن تانى
أخذت منها "آيات" الهاتف فى تردد .. كانت متوترة للغاية .. جزء منها لا يريد الإتصال به .. وجزء آخر يقول ليس لكِ ملجأ سواه .. إما هو أو "عاصى" .. عزمت أمرها واتصلت به وقلبها يخفق بقوة .. سمعت صوت الرنين ثم :
- ألو
صمتت "آيات" قليلاً ثم قالت :
- ألو .. أنا "آيات" يا "أحمد"
ران الصمت بينهما ثم هتف بسعادة وهو لا يصدق نفسه :
- "آيات" .. مش ممكن .. وحشتيني .. ازيك عاملة ايه
قالت "آيات" بتوتر وهى تنظر الى "أسماء" التى أشارت اليها تحثها على مواصلة الحديث :
- الحمد لله .. "أحمد" فى مشكلة أنا واقعة فيها .. وكنت محتاجه منك مساعدة لو كان ينفع يعني
قال "أحمد" بلهفة :
- طبعاً أنا تحت أمرك بس مش هينفع على الفون .. تعالى نشوف بعض ونتكلم براحتنا
قالت "آيات" بصعوبة :
- أنا مع "أسماء" فى حديقة الأزهر
قال "أحمد" على الفور :
- طيب أنا هنزل دلوقتى من الشركة ونص ساعة بالكتير وهكون عندك
أنهت "آيات" المحادثة وهى لا تدرى إن كانت تصرفت بطريقة صحيحة أم لا .. قامت وتوجهت الى المسجد القريب مع "أسماء" لأداء فريضة المغرب

*********************************
أوقف "أحمد" سيارته وأخذ يبحث بناظريه عن "آيات" الى أن وجدها .. ابتسم بسعادة وأقبل نحوها قائلاً بلهفه :
- ازيك يا "آيات"
قامت "آيات" لتقف فى مواجهته .. مد يده ليسلم عليها .. أحاطت جسدها بذراعيها وهى تقول فى توتر :
- معلش يا "أحمد" مش هسلم بالإيد
ابتسم فى توتر ومد يده الى "أسماء" قائلاً :
- ازيك يا "أسماء"
سلمت عليه "أسماء" وقالت بوهن :
- الله يسلمك يا "أحمد"
نظر "أحمد" اليهما .. كان يبدو عليهما التعب بالإضافة الى ملابسهما الغير مهندمة .. نظر الى "آيات" فى اهتمام قائلاً :
- تعالوا نعد فى مكان ونتكلم براحتنا
همت "أسماء" بالموافقة لكن "آيات" قالت على الفور :
- لا مفيش داعى .. نتكلم هنا أحسن
وقف يستمع اليها فى انصات قائلاً :
- خير يا "آيات" اتكلمى
قالت "آيات" بعد فترة من التردد :
- بابا اتوفى من فترة وكان عليه ديون اضطريت أبيع كل حاجة عشان نسددها .. وكنت عايشة مع "أسماء" عند دادة "حبيمة" فى بيتها
انهمرت عبراتها وهى تقول فى ألم :
- الزلزال اللى حصل امبارح .. البيت وقع و .. ماتت
ارتجف جسدها لشدة بكائها
نظر اليها "أحمد" بألم وهو يقول برقة :
- الله يرحمها .. خلاص يا "آيات" اهدى
حاولت "آيات" التماسك وهى تقول :
- كل فلوسنا كانت فى البيت اللى وقع .. ومفيش مكان نروح فيه
صمتت لا تدرى ما تقول .. بل شعرت أنها لا تدرى ماذا تريد منه .. ماذا سيفعل لها .. لا تدرى أتطلب منه مالاً أم سكناً أم عملاً .. شعرت بالتوتر والحرج وندمت أنها اتصلت به .. قالت فجأة بإضطراب :
- أنا آسفة يا "أحمد" مش عارفه ليه اتصلت بيك .. أنا مش عارف
ثم نظرت اليه بعينها الدامعتين وهى تقول :
- بس أنا معرفش حد ممكن ألجأله .. وأنا .......
قاطعها "أحمد" مبتسماً وهو يقول :
- متشليش هم .. تعالوا معايا
قالت له "آيات" بقلق :
- نيجى فين ؟
قال "أحمد" وهو ينظر اليها بحنان :
- شكلك تعبانه .. احنا عندنا شقة فى مدينة نصر .. هروح بس الفيلا أجيب المفتاح وبعدين أوصلكوا على هناك
نظرت "آيات" الى "أسماء" ثم التفتت الى "أحمد" قائله بتوتر :
- مش عايزة أضايقك أو ........
قاطعها مرة أخرى وهو يقول :
- مفيش داعى للكلام ده يا "آيات" .. يلا اتفضوا
انطلق "أحمد" بهما الى الفيلا .. أوقف سيارته ثم التفت اليهما قائلاً بإبتسامه مرحبه :
- تعالوا انزلوا هعرفكوا على ماما وبابا وأعرفهم عليكوا
قالت "آيات" بحرج :
- معلش يا "أحمد" مفيش داعى
قال دون أن يتضايق من رفضها :
- مفيش مشكلة .. استنونى هجيب المفتاح وآجى على طول
ترجل "أحمد" من سيارته .. التفتت "آيات" لتنظر الى "اسماء" قائله بندم :
- مكنش لازم أكلمه
قالت "أسماء" بدهشة :
- ليه ؟
قالت "آيات" وهى تشعر بضيق شديد :
- محرجة أوى منه .. يعنى هو ذنبه ايه عشان يشيل همنا
قالت "أسماء" وهى تريح ظهرها الى الخلف فى تعب :
- بصى أنا تعبانه ومش قادرة أناهد معاكى
نزل "أحمد" من غرفته فرأى أمه وأبيه خارجان من غرفة الطعام .. نظرت اليه أمه قائله :
- جيت امتى يا "أحمد"
قال "أحمد" وهو يلوح بالمفاتيح :
- جيت من شوية .. كنت عايز مفتاح شقة مدينة نصر
نظر اليه أمه بإستغراب قائله :
- لسه عايزها فى ايه
قال "أحمد" وهو متوجه الى باب الفيلا :
- فى اتنين صحابي هيباتوا فيها مؤقتاً
خرج "أحمد" فتوجهت والدته الى الشباب تنظر من الزجاج الى الفتاتان القابعتان فى سيارة ابنها .. ركب "أحمد" ثم انطلق بهما خارج أسوار الفيلا .. التفتت أمه الى أبيه قائله بحده :
- صحاب ابنك اللى هيباتوا فى الشقة بنتين مش ولدين
قال والده بإستغراب :
- وهو "أحمد" ليه هيبيتهم فى الشقة
قالت زوجته بحده :
- وأنا أعرف منين
ثم قالت :
- اتصل بيه شوف ايه الحكاية ومين البنتين دول
قال زوجها وهو متوجه الى مكتبه :
- لما يبقى يرجع هبقى أتكلم معاه
هتفت زوجته بحنق :
- ده ايه البرود ده .. بقولك ابنك معاه بنتين فى العربية وواخدهم وطالع بيهم على الشقة ويبقولك هيبيتهم فيها
التفت اليها قائلاً :
- أنا عارف ابنى كويس وعارف بتعامل معاه ازاى .. اطلعى انتى منها
تابعته بعينيها الى أن دخل مكتبه وهى تشعر بالغيظ


*********************************
يتبع......


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-10-15, 01:28 PM   #27

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

فتح "أحمد" باب المنزل وأشار لهما بالدخول قائلاً :
- اتفضلوا
دخلت الفتاتان وهما تنظران الى ما حولهما .. أضاء "أحمد" النور .. كانت شقة فاخرة ذو أثاث راقى .. التفتت "آيات" تنظر اليه فإبتسم لها قائلاً :
- متخافوش محدش بييجي هنا .. وعامة ماما وبابا عارفين ان فى اتنين صحابي هيباتوا فى الشقة
ثم نظر الى المنزل قائلاً :
- معلش الشقة مقفوله من فترة عشان كده هتلاقوها متربه بس بكرة الصبح ان شاء الله هبعت واحدة تنضفها
قالت "آيات" بحرج :
- مفيش داعى
ابتسم "آحمد" وهو يقول لها بحنان :
- متشليش هم .. ماشى
أومأت "آيات" برأسها فى حرج .. فأخرج المفتاح من الباب وأعطاه لها قائلاً :
- خدى مفتاح الشقة يا "آيات" ولو حبيتي تغيري الكالون غيريه
ثم أشار الى الباب خلفه قائلاً :
- عامة الباب فيه ترباس من جوه
قالت له "أسماء" بإمتنان :
- بجد متشكرين أوى يا "أحمد" مش عارفين من غيرك كنا عملنا ايه
قال لها "أحمد" :
- أنا معملتش حاجة
ثم توجه الى الخارج وهو يقول :
- يلا أسيبكوا ترتاحوا .. تصبحوا على خير
نزل "أحمد" فالتفت "آيات" الى "أسماء" التى أخذت تنظر الى محتويات المنزل وهى تقول :
- ده طلع بيحبك أوى على فكرة
زفرت "آيات" بضيق وهى تقول :
- أنا خايفة يفهمنى غلط .. ويفتكر ان دى مقابل دى
نظرت اليها "أسماء" وهو يقول :
- لا يا شيخة معتقدش .. وبعدين انتى مطلبتيش منه حاجة هو اللى عرض اننا نستنى فى الشقة دى
قالت "آيات" وهى تفكر بحزن :
- وبعدين هنعمل ايه يا "أسماء" .. أكيد مش هنفضل هنا على طول ..لازم نشوف حل
قالت "أسماء" بضيق :
- والله أنا مش عارفه هى عماله تتقفل فى وشنا كده ليه .. كل ما أقول خلاص هتفرج ألاقيها اسودت أكتر
قالت "آيات" وعينيها تمتلئ بالعبرات :
- وحشتنى أوى
التفتت اليها "أسماء" تنظر اليها لتدمع عينيها هى الأخرى .. قالت "آيات" ودموعها تتساقط :
- ربنا يرحمها .. كان نفسى أعرف هى مدفونة فين
كفكفت دموعها ونظرت الى "أسماء" قائله :
- تفتكرى يا "أسماء" مين اللى استلمها ؟
قالت "أسماء" وهى تفكر :
- يمكن حد قريبها
ٌالت "آيات" بحيرة :
- بس هى ملهاش حد
مطت "أسماء" شفتيها وهى تقول :
- معرفش .. يمكن حد من جيرانها
ثم قالت فجأة وهى تضع يدها على بطنها وعلامات الألم على وجهها :
- أنا جعانه أوى
قالت "آيات" :
- وأنا كمان هموت من الجوع .. شوفت سوبر ماركت أدام البيت واحنا طلعين .. هنزل أجيب أى حاجة
قالت "أسماء" محذره :
- بس خلى بالك ممعناش غير 29 جنيه ومعرفش هنقدر نجيب فلوس تانى امتى
أومأت "آيات" برأسها وما كادت تلتفت لتتوجه الى باب البيت حتى سمعتا صوت الجرس .. نظرتا الى بعض فى ريبة .. ثم نظرت "آيات" من العين السحرية لتعرف من القادم .. فتحت الباب بعدما تعرفت على "أحمد" .. ابتسم لها قائلاً :
- خوفت تكونوا نمتوا
قالت له بحذر :
- لا لسه
وضع "أحمد" بعض الأكياس من يده بجوار الباب من الداخل وهو يقول :
- قولت بدل ما تنزلوا .. انتوا أكيد لسه مش عارفين حاجة فى المنطقة هنا .. وكمان التلاجة فاضية للأسف .. لان الشقة دى مقفوله على طول
شعرت "آيات" بالحرج الشديد وقالت :
- مفيش داعى يا "أحمد"
قال لها وهو ينظر اليها بحنان :
- أنا معملتش حاجة .. يلا تصبحوا على خير .. ولو احتجتى حاجة كلمينى وأنا أجيلك على طول
أغلق الباب بيده .. نظرت الفتاتان الى بعضهما البعض ثم ابتسمت "أسماء" قائله بخبث :
- ده الحب ولع فى الدرة على الآخر

*********************************

خرج "آدم" من الحمام بشعره المبلل الذى تتساقط قطرات الماء منه على وجهه دخل غرفته وفرش سجادته ليصلى العشاء .. دعا لـ "آيات" كثيراً فى سجوده والعبرات تتساقط فوق سجادة الصلاة .. أنهى صلاته وألقى بنفسه فوق الفراش فى انهاك .. اقترب منه "زياد" قائلاً :
- "آدم" أنا جبت أكل قوم كلك لقمة
أولاه ظهره وأغمض عينيه .. نظر اليه "زياد" بأسى ثم تركه وأغلق باب الغرفة .. فتح "آدم" عينيه فى ظلام الغرفة ثم ما لبث أن أغلقهما وقد عقد جبينه فى ألم .. بعد منتصف الليل بقليل استيقظ "آدم" فجأة .. جلس على فراشه وهو يتذكر أحداث اليومين الماضيين كما لو كان كابوساً يتمنى الإستيقاظ منه .. توجه الى الخارج ونظر الى "زياد" النائم على الأريكة .. توجه الى الطعام فوق الطاولة وأخذ بضعة لقيمات يتقوى بها .. ثم حمل مفاتيح سيارته ومصحفاً صغيراً وتوجه الى الخارج دون أن يهتم بإرتداء ملابس لائقه .. استيقظ "زياد" على صوت غلق الباب .. انتفض وذهب الى غرفة "آدم" ليجده وقد غادرها .. فتح شرفة غرفته فوجده متوجهاً الى سيارته .. ثم انطلق بها .. تنهد "زياد" فى أسى وهو يعلم جيداً الى أين توجه "آدم"

جلس "آدم" أما القبر وقد افترش الأرض .. ينظر اليه بأعين دامعة تتساقط منهما العبرات فى صمت .. لف ذراعيه حول قدميه وضمهما الى صدره .. أخذ يشرد بخياله ويتخيلها الآن وقد انضمت جدران القبر لتضمها تلك الضمة التى قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم "إِنَّ لِلْقَبْرِ ضَغْطَةً وَلَوْ كَانَ أَحَدٌ نَاجِيًا مِنْهَا نَجَا مِنْهَا سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ " .. يعلم جيداً أن تلك الضمة تكون بحسب عمل الإنسان فإن كان خيراً كانت تلك الضمة حانية كضمة الأم لوليدها .. وإن كان شراً كانت قاسية تتهشم فيها العظام وتختلط فيها الضلوع .. ارتعش جسده ودب الخوف فى أوصاله .. خوف عليها .. على ما تلاقيه الآن فى قبرها فى أول ليلة .. نظر حوله .. الى سكون الليل والى الوحشة التى تحيط بالمكان .. والى شواهد القبور التى تتطلع اليه فى صمت .. ثم عاد لينظر الى القبر أمامه وازداد انهمار عبراته وهو يتذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم " صنفان من أهل النار لم أرهما بعد : رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات على رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ولا يجد ريحها ، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا " ارتجف جسده بشدة وهو يبكى ألماً وخوفاً .. أخذ يتمتم دون انقطاع :
- يارب ارحمها .. يارب ارحمها .. يارب ارحمها
ثم أخرج مصحفه من جيبه وظل يتلو آيات من كتاب الله بصوت مرتجف .. ذلك الكتاب الذى هجره طويلاً .. ها هو يعود الى حمله بين يديه والى تمرير عينيه وقلبه على كلماته الربانيه .. يشعر بقيمته وبكم هو فى حاجة اليه .. نوى بقلبه أن يهديها ثواب قرائته .. ودعا ربه أن يتقبلها منه .

**************************************
فى الصباح توجه "أحمد" الى مكتب والده بالبيت .. ابتسم له والده وأزاح عويناته من فوق أنفه قائلاً :
- تعالى يا "أحمد"
ابتسم "أحمد" وجلس وهو يقول :
- ماما قالتلى ان حضرتك عايزنى
نظر اليه والده "فؤاد" قائلاً :
- مين صحابك دول اللى بايتين فى شقة مدينة نصر
قص عليه "أحمد" مأساة "آيات" ورغبته فى مساعدتها .. فقال له :
- برافو عليك .. مكنش يصلح تسيب بنتين فى ظروف زى دى من غير ما تساعدهم
ثم نظر اليه متفحصاً وهو يقول :
- بس قولى بتساعدهم لله فى لله كده ولا فى سبب تانى
تنحنح "أحمد" ثم قال بمرح :
- بصراحه يا "فؤاد" بيه فى أسباب أخرى
قال فؤاد بلؤم :
- اهاا قولتلى .. مين فيهم بأه
قال "أحمد" مبتسماً :
- "آيات"
قال "فؤاد" وهو يرجع ظهره الى الخلف يستند به على ظهر مقعده :
- ماشى يا سى "أحمد" .. المهم دلوقتى عايز أسألك عن حاجة مهمة
قالت له بجديه :
- اتفضل يا بابا
قال "فؤاد" بإهتمام :
- فى دكتور كان عندك فى الكلية اسمه "آدم خطاب" تعرفه ؟
ظهرت علامات الضيق على وجه "أحمد" وهو يتذكر خطبة "آدم" لـ "آيات" ثم قال :
- أيوة أعرفه كان دكتور عندنا فى الجامعة
ثم هتف بغيظ :
- بس راجل مش محترم
رفع "فؤاد" حاجبيه بدهشة ثم قال :
- ازاى يعني مش محترم ؟
قال "أحمد" بحده :
- سي "آدم" ده كان خطيب "آيات" البنت اللى كنت بكلم حضرتك عنها دلوقتى .. وطلع راجل مش محترم وماشيُه مش مظبوط .. خانها مع واحده صورته فيديو وهو معاها وراحت يوم كتب الكتاب لـ "آيات" ووريتها الفيديو .. و "آيات" و باباها طردوه من البيت وفسخوا الخطوبة
نظر اليه "فؤاد" صامتاً يزن ما قاله فى عقله ثم سأله :
- "آيات" اللى قالتلك
قال "أحمد" :
- لأ مش "آيات" .. صاحبتها "أسماء" .. بعد اللى حصل "آيات" جالها انهيار عصبي وتعبت ودخلت المستشفى ومكنتش بتتكلم من الصدمة وبعدين سافرت مع باباها عمره وأنا فى الفترة دى كنت بتصل بـ "أسماء" عشان أطمن على "آيات" وأعرف أخبارها
أومأ "فؤاد" برأسه فى شرود .. فسأله "أحمد" بإهتمام وقال :
- انت ليه بتسأل عنه يا بابا
أخذ "فؤاد" نفسهاً عميقاً ثم قال :
- لانى قررت أأجر قرية سياحية جمب قريته فى العين السخنة .. فكنت حابب أعرف كل حاجة عنه هو ومدير القرية التانية .. لأن القرية اللى أنا اخترتها ملك لمجموعة شركات مالكة لـ 3 قرى جمب بعض .. فكنت حابب أعرف كل المعلومات عن منافسيني فى القريتين اللى جمبي
نظر اليه "أحمد" بدهشة وقال :
- ما قولتليش يعني على موضوع القرية دى
قال "فؤاد" :
- الموضوع فى دماغى من زمان بس كنت محتاج حد يشاركنى فيه .. لأنه مشروع ضخم ومش هقدر أدخل فيه لوحدى .. والحمد لله لقيت بدل للشريك اتنين
ابتسم "أحمد" قائلاً بحماس :
- طيب ايه رأيك تشغل "آيات" و "أسماء" فى القرية .. دول بنتين ممتازين بجد يا بابا وأهو تاخد فيهم ثواب
قال "فؤاد" :
- أنا فعلاً محتاج عماله الفترة اللى جاية .. بس مش فى القرية .. هنا فى شركة السياحة اللى هتتعامل مع العملا وتجذبهم لقريتنا
ثم قال :
- هما نفس تخصصك ادارة أعمال ولا تخصص تانى ؟
قال "أحمد" :
- أيوة نفس تخصصى
قال "فؤاد" :
- طيب ممتاز .. خليهم يجولى الشركة فى بعد يومين لانى مسافر بكرة .. هعمل معاهم انترفيو بسيط .. وان شاء الله يكونوا معانا فى الشركة
اتسعت ابتسامة "أحمد" وهو يقول بحماس :
- متشكر أوى يا بابا .. أكيد هيفرحوا أوى
ابتسم فؤاد قائلاً :
- بس خلى بالك أنا الشغل عندى مفيهوش لا قرابه ولا مجاملات .. لو هيشتغلوا معايا هديهم مرتبات كويسة بس فى المقابل عايز شغل ممتاز .. يعني مايعتمدوش على صحوبيتك ويهملوا شغلهم
ضحك "أحمد" قائلاً :
- طول عمرك متعرفش غير شغلك يا "فؤاد" بيه .. لا ليك فى الكوسة ولا فى السلطة
ضحك "فؤاد" وهو يحمل عويناته ليرتديها مرة أخرى :
- طيب يلا بأه عشان عندى شغل
شعر "أحمد" بالإرتياح وركب الى سيارته بسعادة وعزم على التوجه الى "آيات" ليخبرها بهذه البشرى

*******************************
قالت والدة "آدم" على الهاتف بقلق بالغ :
- أنا خايفة عليه يا "زياد"
تنهد "زياد" قائلاً وهو يحاول أن يبث فيها الطمأنينه :
- متقلقيش يا خالتى أنا معاه وواخد بالى منه
قالت بصوت باكى :
- لا حول ولا قوة الا بالله ربنا يرحمها .. يا قلبي عليك يا ابنى .. ربنا يصبرك
قال "زياد" :
- يارب
قالت "أم "آدم" بلهفة :
- لما ييجي يا "زياد" اتصل بيا وخليني أسمع صوته .. وقوله يفتح موبايله يا ابنى أنا هموت من القلق عليه
قال "زياد" مطمئناً اياها :
- حاضر من عنيا يا خالتى متقلقيش
سمع "زياد" صوت الفمتاح فى الباب فهب واقفاً وهو يقول :
- أهو جه
قالت بلهفة :
- اديهولى يا "زياد"
دخل "آدم" الى البيت أشعثاً أغبراً .. نظر "زياد" الى ما كان يرتديه .. فلقد اعتاد أن يرى "آدم" متأنقاً فى غاية الأناقة .. ولم يعتد أن يراه غير مهتم بملابسه هكذا .. نظر اليه قائلاً :
- "آدم" مامتك عايزه تكلمك
أخذ "آدم" الهاتف من "زياد" وقال بصوت مبحوح :
- أيوة يا ماما
قالت أمه بصوت كمن أوشك على البكاء :
- ازيك يا حبيبى انت كويس
تنهد بإرهاق قائلاً :
- أيوة كويس
صمتت أمه قليلاً ثم قالت بحزن وأسى :
- ربنا يرحمها يا ابنى
دمعت عيناه وهو يقول :
- آمين
قالت أمه :
- هترجع امتى يا ابنى
قال "آدم" وهو يمسح دمعة فرت من عينه :
- شوية كده
ثم قال :
- انتى كويسة .. ناقصك حاجة
قالت أمه :
- لا يا ابنى مش ناقصنى غير وجودك جمبي
قال "آدم" بخفوت :
- يومين كده وهرجع ان شاء الله
قالت أمه :
- تيجي بالسلامة يا حبيبى .. بس افتح تليفونك عشان لما أحب أطمن عليك
قال بإستسلام :
- حاضر
قال "زياد" لـ "آدم" محاولاً جذب انتباهه لشئ آخر بعيداً عما يقاسيه :
- أنا عرفت مين اللى أجر القرية التالتة يا "آدم"
بدا على "آدم" وكأن الأمر لا يعنيه .. ودون ان يتفوه بحرف توجه "آدم" الى غرفته تحت أنظار زياد" وتمدد فوق فراشه فى انهاك

*************************************

فتح "على" الباب .. بمجرد أن رأى "سمر" أمامه شعر بمشاعر كثيرة متضاربه .. فغض بصره على الفور .. نظرت الى ذراعه المجبر وهى تشعر بالإشفاق عليه .. فمنذ أن أخبرتها "إيمان" بما حدث له وهى تشعر بالحزن من أجله .. تمتمت بصوت خافت :
- "إيمان" موجودة ؟
قال لها وهو يفسح الطريق :
- أيوة موجودة اتفضلى
انتظرت "سمر" أمام الباب الى أن حضرتك "إيمان" قائله :
- تعالى يا "سمر" ادخلى
دخلت "سمر" وتعانقت الصديقتان .. وقع نظرها مرة أخرى على "على" الذى كان متوجهاً الى غرفته .. تلاقت عيونهما للحظة .. بدت عيناها حزينتان لما أصابه .. وبدا معاتباً اياها على رفضها المتكرر له .. ثم دخل غرفته وأغلق الباب بهدوء
جلست "سمر" مع "إيمان" فى غرفتها فقالت هذه الأخيرة :
- باركيلى
التفتت اليها "سمر" على الفور وقالت :
- ايه .. عريس ؟
ضحكت "إيمان" بسخرية :
- هو انتى لسه عندك أمل .. ده أنا فقدت الأمل من زمان
نظرت اليها "سمر" بحزن لما تشعر به من احباط ثم قالت :
- أمال أباركلك على ايه
قالت "إيمان" بتهكم وهى تجلس فوق الفراش :
- سيبت شغلى
هتفت "سمر" بدهشة وهى تجلس بجوارها :
- ايه .. سبتى شغلك .. ليه يا إيمان"
قالت "إيمان" بتبرم :
- قرفت .. بدور فى ساقية طول الشهر ومبقبضش غير ملاليم .. قرفت من الشغل ومن الناس ومن كل حاجة
قالت "سمر" بعتاب :
- بس على الأقل كنتى بتخرجى وبتشوفى ناس يا "إيمان"
قالت "إيمان" بضيق :
- بلا أرف .. سيبك .. قوليلي أخبارك ايه انتى
قالت "سمر" الحمد لله
ثم سألتها فى حرج :
- ازي اخوكى دلوقتى ؟
تنهدت "إيمان" بأسى قائله :
- أهو زى ما انتى شايفه التيييييييييت ضربوه وكسروله ايده .. كل ده عشان مكنش موافق انهم يغيروا تاريخ صلاحية عبوات الأكل المحفوظ
قالت "سمر" بحنق :
- ربنا ينتقم منهم
قالت "إيمان" بتهكم :
- كل حاجة فى البلد دى بايظة .. محدش مرتاح يا بنتى .. محدش مرتاح أبداً
قالت "سمر" وسحابة حزن تمر بعينيها :
- على رأيك .. محدش مرتاح
نظرت "سمر" الى "إيمان" بتفحص .. فإنتبهت لزيادة وزنها عدة كيلو جرامات .. شعرت "سمر" بالإشفاق عليها .. وبالضيق أيضاً فهى من تفعل بنفسها ذلك .. لم تشأ أن تخبرها بأنها لاحظت زيادة وزنها حتى لا تصاب بالإحباط فهى تعلم حساسية "إيمان" الشديدة لهذا الأمر

************************************

وقف "آدم" أمام القبر يدعو ويستغفر .. بدا وكأنه لا يريد مفارقة هذا المكان .. كان الحزن والألم ينخران فى جسده فبدا وجهه كلوحة تعبر ببراعة عما يقاسيه ويكابده .. ودعها بنظراته الحزينة وعيونه الدامعه وقد اتسعت الهالات تحت عينيه .. همس لها بصوت مرتجف وكأنه قادم من مكان سحيق :
- مش هنساكى
اقترب منه "زياد" وربت على كتفه .. التفت اليه "آدم" فجذبه "زياد" من ذراعه قائلاً :
- يلا يا "آدم"
سار "آدم" معه وتوجها كلٍ الى سيارته .. نظر "زياد" الى "آدم" بقلق وقال :
- هتعرف تسوق ؟
ارتدى "آدم" نظارته الشمسية وهو يفتح باب سيارته ويقول :
- أيوة
وانطلقا فى طريقهما الى .. العين الساخنة

*************************************
تمدد "آدم" على فراشه ينظر الى سقف الغرفه ..كالجثة التى فارقت الحياة لا يميزه عنها سوى حركة جفوته الرتيبة من حين لآخر .. تابعته أمه بنظراتها المشفقه وهى لا تدرى ماذا تصنع لولدها لتخفف من هذا العذاب الذى يدب فى أوصاله .. لم يظن أنه سيتألم لفقدها الى هذه الدرجة .. لم يدرك أنها مهمة له لهذا الحد .. علم فى تلك اللحظة أنه لم يحب فتاة قبلها .. أشد ما يؤلمه هو الطريقة التى ظن أنها ماتت بها .. ظل يتخيل الزلزال وانهيار البناء والحريق .. هل قاست وتعذبت أم ماتت على الفور مثل "حليمة" التى دفنها فى القبر المجاور لها .. ظهرت تقطيبة على جبينه وهو يتمنى ألا تكون قد تألمت .. ظلت الأسئله تتقاذف الى عقله .. ماذا يحدث لها الآن .. أقبرها الآن روضة من رياض الجنة .. ام حفرة سحيقة من حفر النار .. ارتجف جسده وارتعد .. امتدت يده الى مصحفه وفتحه وشرع فى القراءه .. واهدائها هذا الأجر

امتنع "آدم" عن الذهاب الى عمله اليومين الماضيين .. لم يجد فى نفسه القوة على العمل أو حتى الحديث .. ظل قابعاً فى غرفته لا يلوى على شئ .. ذات ليلة أتت "ساندى" للإطمئنان عليه بعدما علمت من "زياد" شدة تأثره لوفاة "آيات" خطيبته السابقة .. شعرت "ساندى" لأول وهلة بالحزن لوفاتها ثم ما لبثت أن شعرت بالغيظ .. كانت تظن أن "آدم" نسى "آيات" ومحاها من تفكيره تماماً .. لكنها اكتشفت أنها كانت مخطئة وظنت أن هذا ما كان يحول بينها وبينه .. لم تنكر تلك السعادة التى شعرت بها فيما بعد وهى تفكر فى أنها تخلصت من غريمتها .. وللأبد .. وبالتأكيد سيكون "آدم" محتاج الآن لمن تبقى معه وتبدد أحزانه .. عدة أيام أو أسابيع وسينساها ويبدأ قلبه فى البحث عن حب جديد .. وستكون هى ذاك الحب .. توجهت الى الشاليه .. فتحت لها والدة "آدم" ودعتها للدخول .. فإبتسمت لها "ساندى" قائله :
- انا جيت أطمن على "آدم"
قطبت أمه جبينها فى حزن وهى تقول :
- والله يا بنتى زى ما هو .. لا عايز يخرج ولا عايز يتكلم مع حد .. طول الوقت حابس نفسه فى أوضته .. وحتى الأكل بياكل بالعافية
تسرب شعور بالغبظ الى نفس "ساندى" لكنها قالت بأسف زائف :
- بجد ربنا يصبره .. أكيد كانت حاجه صعبة عليه .. مع انى كنت فاكره انها خلاص مبقتش تفرق معاه من ساعة ما سابوا بعض
قالت أمه بتأثر :
- اذا كنت أنا اللى شوفتها مرة واحدة واتأثرت بموتها .. ربنا يرحمها كانت صغيره
قالت "ساندى" وهى تجول بعينيها فى المكان :
- ممكن يا طنط تقوليلى انى عايزة أشوف .. أنا قلقانه عليه أوى وعايزه أطمن عليه
لكن رد "آدم" كان حاداً عندما قال لأمه :
- قوليلها نايم
قالت أمه بعتاب :
- يعنى يا ابنى أحرج البنت وهى فى بيتنا أنا قولتلها انك صاحى .. ميصحش برده
قال "آدم" بحزم :
- مش طايق أشوف حد .. يا تقوليلها انتى يا أطلع أقولها
كان آخر ما سنقصه الآن هو رؤية "ساندى" بسماجتها وثقل ظلها .. رن هاتفه فتفحصه للحظة ثم رد قائلاً :
- ألو
قال الطرف الآخر :
- أيوة يا دكتور "آدم" .. ازى حضرتك .. أنا "مدحت" والد "أسماء"
- أيوة رقمى عندى يا أستاذ "مدحت
قال "مدحت" بحرج :
- أنا آسف لو اتصلت فى وقت غير مناسب
- لأ ابداً اتفضل
- كنت عايز أسأل عن "أسماء" موصلتش لحاجة ؟ .. معرفتش حتى طريق صاحبتها "آيات"
دمعت عيناه وهو يقول بصعوبة بصوت مضطرب :
- "آيات" .. "آيات" الله يرحمها
صمت "مدحت" للحظات ثم صاح :
- لا حول ولا قوة إلا بالله .. ماتت ازاى
تحدث "آدم" بصعوبة بالغة وقد شق عليه التحدث عن موتها مع أحد :
- الزلزال اللى حصل .. البيت الى كانت ساكنه فيه مع الدادة وقع
قال "مدحت" بلهفة ولوعة :
- أسماء كانت معاها ؟
- لا مكانتش معاها
- انت متأكد ؟
- أيوة متأكد لإن الجثث كلها استلموها أهلهم
قال "مدحت" بأسى :
- ربنا يصبر أهلهم .. البقاء لله يا دكتور .. وآسف انى ضايقتك
ألقى "آدم" الهاتف على فراشه بلامبالاة وأسند ظهره الى الخلف ليغرق فى أحزانه من جديد .. شعر بكل شئ حوله تافهاً لا قيمة له .. كل ما كان يحلم به وكل ما كان يطمح اليه .. كل شئ فجأة بدا صغيراً .. بلا قيمة .. وضيعاً .. تسرب اليه الندم ينهش فى قلبه .. شعر بأنه ترك ما يستحق من أجل مالا يستحق .. شعر بأنه كان يسير طيله الفترة الفائتة كالمغيب .. كالأعمى .. كفاقد البصر والبصيرة .. غضبه وقهره والظلم الذى تعرض له أحادوه عن الطريق الصحيح وسلسله الشيطان فى سلاسله يحركه كما يشاء .. واستسلم هو بلا أى رغبة فى المقاومة .. حركته رغبته فى الإنتقام واسترداد حقه حتى قسى قلبه كقلوب من ظلموه .. فلا فرق بينهما الآن .. كلاهما ظالم مذنب هالك عاجلاً أم آجلاً .. أغمض عينيه وهو يتمنى أن يفقد ذاكرته .. أو يعود بها الى عامين مضوا .. الى حيث كان "آدم" .. شخص آخر .. غير "آدم" الذى يراه الآن فى مرآته

***************************************
نزلت "آيات" بصحبة "أسماء" من البناية الأنيقة .. انحنت "أسماء" على أذنها قائله :
- يارب فعلاً تصيب المرة دى ويرضى يشغلنا
قالت "آيات" وهى تنظر الى "أحمد" الذى خرج من سيارته ليستقبلهما :
- ان شاء الله خير
التف "أحمد" حول السيارة وفتح الباب لـ "آيات" قائلاً ببشاشة :
- بابا مستنينا فى المكتب
قالت له "آيات" بحرج :
- مكنش فى داعى تيجي معانا احنا كان ممكن نروح لوحدنا بدل ما نتعبك
وكزتها "أسماء" بكوعها ونظرت اليها نظرة تقول .. أنسيتي أننا لا نلمك مالاً يكفى حتى للذهاب الى الشركة
قال "أحمد" وهو مازال محتفظاً بإبتسامته :
- لا مفيش تعب ولا حاجة
ظلت "آيات" طوال الطريق شاردة ترمق "أحمد" بنظرات مختلسة .. كانت تخشى أن يظن فى لجوئها اليه معنى لا تقصده .. خاصة بأنها تعلم بمشاعره تجاهها .. قطبت جبينها بشدة وهى تخشى أن يكون فى موقفها هذا استغلالاً لمشاعره بطريقة أو بأخرى .. توقف بسيارته أمام شركة والده .. نزلت "آيات" من السيارة لتلتفت الى "اسماء" قائله :
- "أسماء" اسبقينا خطوتين
نظرت اليها "أسماء" بدهشة ثم ما لبثت أن استجابت لطلبها .. التف "أحمد" حول السيارة ووقف مواجهاً لـ "آيات" وهو يلقى نظرة على "أسماء" التى ابتعدت عدة خطوات .. وقفت "آيات" فى مواجهته وهى تقول :
- "أحمد" فى حاجة مهمة عايزه أقولهالك
ارتسمت البسمة على شفتيه وهو يقول :
- اتفضلى يا "آيات"
أخذت تبحث عن كلمات مناسبة تصوغ به ما تريد قوله .. قالت بجدية :
- بص يا "أحمد" .. أنا خايفة تفهمنى غلط .. يعني أنا لجأتلك لإنى ملقتش حد غيرك ألجأله .. لو كان ينفع ألجأ لعمى كنت لجأتله بس هو شبه طردنى من مكتبه .. ده غير ابنه اللى مرتحتلوش نهائي .. وأنا مليش حد
قال "أحمد" وهو يحاول فهم ما تقول :
- أيوة عارف كده
قالت "آيات" بحزم :
- يعني أنا مش بوعدك بحاجة .. ولا هيكون فى مقابل على اللى انت بتعمله معايا .. فاهمنى
تجمدت نظراته للحظة وظهر العبوس على محياه ثم قال :
- "آيات" اللى عايزك تعرفيه هو انى مش بساعدك عشان عايز حاجة مقابل مساعدتى ليكي .. أى بنت لو كانت مكانك ولجأتلى بظروفها دى كنت برده ساعدتها
ثم قال وهو ينظر اليها بنظرة ذات مغزى :
- ما بالك بأه إن البنت دى .. بحبها
توترت "آيات" وأخفضت بصرها بعدما تضرجت وجنتاها .. فقال بخفوت :
- أنا عارف كويس انك مش حسه بحاجه نحيتي .. بس أنا مش حابب أفقد الأمل .. وفى نفس الوقت مش هطلب منك حاجة مقابل مساعدتى ليكي .. أصلاً لو عملت كده مبقاش راجل .. لو استغليت ضعف واحدة وحاجتها للى يساعدها و يقف جمبها .. مبقاش راجل
نظرت اليه "آيات" بإمتنان لشهامته وطيبته .. فرسم ابتسامه على شفتيه وهو يقول :
- يلا زمان بابا مستنى وبابا ده موته وسمه التأخير
جلست مع "أسماء" و "أحمد" فى مكتب السكرتيرة فى انتظار أن يُسمح لهم بالدخول .. أخذت تفكر فى حياتها الجديدة التى ستُقبل عليها بعد لحظات .. عمل جديد ومسكن جديد وطريق جديد .. تُرى أسينتهى هذا الطريق ككل الطرق التى سلكتها ؟ .. أم أنها ستجد هذه المرة فى نهايته .. السعــادة ؟!

***************************************

نظر "آدم" فى مرآة الحمام يرقب نظرات عينه الغائرة .. وقد ازدادت عمقاً وزرقه .. والى شعره الأسود الذى تتساقط منه حبات الماء على وجهه .. أخذ ينظر الى تلك الملامح التى ينظر اليها يومياً فى مرآته .. رغم أنها نفس الملامح الا أنه شعر اليوم بشئ مختلف .. شعر بأنه شخص آخر غير من يراه فى مرآته يومياً .. اختلف فيه شئ .. شئ لا يظهر أثره إلا فى نظرات عينيه .. ها هو مقبل على فصل جديد من حياته .. فصل ليس كالفصول التى سبقته .. ارتدى ملابسه وتأنق .. تأمل نفسه فى مرآته للمرة الأخيرة قبل أن يقبل يد والدته ويتوجه الى خارج الشاليه .. ارتدى نظارته الشمسية وقد عقد ما بين حاجبيه فى عزم واصرار .. وسار بخطوات واثقة .. ونظرات عينيه من خلف النظاره ثابته ثاقبة تعرف ما تريد جيداً .. اليوم سيأخذ عدة قرارات مهمة .. اليوم سيكون مختلفاً فى قرية جولدن بيتش .. شعر بأنه كالجراح الذى أخطأ فى احدى عملياته وكاد أن يموت المريض بين يديه .. لكن قبل أن يتلقى اللوم والتوبيخ أسرع بأخذه الى غرفة العمليات مرة أخرى .. وها هو يمسك بمبضعه فى يده .. وبيده الأخرى يحدد مكان المرض .. ها هو يهوى بيده على المكان ليشقه وينظفه ويطهره !

https://www.youtube.com/watch?featur...&v=DhD_bzbz8hg

كنت ميتاً في بحور الغيّ والإثم غريقا .. كنت عبدا في قيود الذنب مملوكا رقيقا
مد لي الشيطان من اسبابه حبلا وثيقا .. منكرات كنت آتيها غروبا وشروقا
غزت الاثام لحمي ثم عظمي والعروق .. كنت في التفحيط نجما يبهر الدنيا بريقا
اجهدت سيارتي من شده الزحف الطريق .. يارفيق الدرب مهما كنت فذا لن تفوق
والجماهير اصمتني صفيرا ونعيقا .. كم اطار كان يهدى ثم ارميه عتيقا
كم دخلت السجن مرات فازداد فسوقا .. اصبح الوجدان قفرا ضامئ الإرض سحيقا
انني احتاج غيثا صافيا يكفي بروقا .. صافيا يكفي بروقا


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-10-15, 06:40 AM   #28

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 21 )



شعرت "آيات" بالتوتر الشديد وهى تدلف الى مكتب "فؤاد" والد "أحمد" .. حانت منها التفاته الى "أسماء" فوجدتها بنفس توترها .. تبادلت الفتاتان النظرات قبل أن يقدمها "أحمد" الى والده قائلاً :
- بابا أحب أعرفك على "آيات" و "أسماء" .. زمايلى فى الكلية
ابتسم "فؤاد" ووقف يمد يده ليسلم على الفتاتان قائلاً :
- أهلاً بيكم
سلمت عليه "أسماء" .. أما "آيات" فتوترت رفعت يدها قليلاً ثم تراجعت وقالت بإرتباك شديد :
- معلش يا عمو مش بسلم بإيدي
أعاد "فؤاد" يده بجواره ثم أشار لهما بالجلوس قائلاً :
- اتفضلوا
جلست الفتاتان فى مقعدين متواجهين .. أما "أحمد" فجذب مقعداً وجلس بالقرب من "آيات" .. عقد "فؤاد" كفيه فوق المكتب وقال :
- ها تحبوا تشربوا ايه ؟
ضغط زراً بجواره فحضرت السكرتيرة على الفور ثم انصرفت تحضر ما طلبوه .. بدأ "فؤاد" حديثه قائلاً :
- "أحمد" كلمكوا عن طبيعة الشغل اللى محتاجكوا فيه ؟
قبل أن تجيب الفتاتات أسرع "أحمد" بالإجابة قائلاً :
- لا يا بابا ما قولتلهمش حاجة .. قولت حضرتك تشرحلهم أفضل
رجع "فؤاد" بظهره الى الخلف ثم قال :
- أنا ناوى ان شاء الله أعمل مشروع سياحى .. قرية سياحية فى العين السخنة
نظرت الفتاتان الى بعضهما البعض فى دهشة .. فلاحظ "فؤاد" دهشتهما فضاقت عينيه قائلاً :
- فى حاجة ؟
التفتت "آيات" اليه وتنحنحت ثم قالت :
- لا أبداً .. بس ابن عمى برده عامل مشروع سياحي فى العين السخنة وكان عارض علينا نشتغل معاه
قال "فؤاد" بإهتمام :
- اسمه ايه ابن عمك ؟
- "عاصى سراج اليمانى"
رفع "فؤاد" حابيه بدهشة وهتف :
- انتى بنت أخو "سراج اليمانى" ؟
حانت منها التفاته الى "أسماء" ثم نظرت اليه قائله بتوتر :
- أيوة
صمت "فؤاد" وقد بدا عليه التفكير .. سأله "أحمد" بإهتمام :
- ليه فى حاجة يا بابا .. حضرتك تعرفه ؟
عقد "فؤاد" ذراعيه مرة أخرى فوق المكتب ونظر الى "آيات" قائلاً :
- قرية "سراج اليمانى" اسمها قرية الفيروز ودى جمب قريتنا بالظبط
أومأت "آيات" برأسها وقد غرقت فى التفكير .. نظر اليها "فؤاد" نظرة ثاقبه وقال :
- وقرية "شكرى ......." اسمها جولدن بيتش ودى كمان جمب قريتها
فجأة تجمدت الدماء فى عروقها عندما سمعته يقول :
- ومديرها دكتور "آدم خطاب "
بدا على "أسماء" الدهشة وهى تستمع الى "فؤاد" .. أما "آيات" فقد بدا عليها الضيق .. رمق "أحمد" والده بنظرات عتاب وكأنه يقول : لماذا أخبرتها ؟ .. خشى "أحمد" أن تتراجع "آيات" عن العمل فى القرية بعدما عملت بأنها ستعمل فى قرية منافسة لـ "سراج" عمها .. و "آدم" خطيبها السابق .. نظرت "أسماء" اليها ترقب تعبيرات وجهها علها تستشف ما تفكر فيه وما تنوى فعله .. ظلت "آيات" صامتة ترمق السجادة فى شرود .. أكمل "فؤاد" حديثه قائلاً :
- شغلك انتى و "أسماء" لو وافقتوا تشتغلوا عندى .. مش هيكون فى القرية فمتقلقيش مش هتحتكى بحد منهم .. شغلك هيكون هنا فى المكتب السياحى اللى هنستقبل فيه الحجوزات واللى هنعمل منه الدعاية للقرية
التفتت "آيات" تنظر الى "فؤاد" وهى تسأله بإهتمام :
- هنشتغل ايه بالظبط
- أنا محتاج ناس بتحب شغلها وناس متفرغة لان الشغل الفترة الجاية هيكون متعب .. انا مش داخل منافسة زى دى عشان أخسرها .. وداخل وأنا عارف كويس حجم منافسيني .. ولازم أتفوق عليهم .. عشان كده محتاج معايا ناس بتعشق النجاح .. وتكره الفشل
ثم قال :
- وعلى أد ما هتدوا لشغلكوا على أد ما شغلكوا هيديكوا .. يعنى اللى بيتعب معايا بيلاقى نتيجة لتعبه
صمتت "آيات" تزن كلماته فى عقلها ثم قالت :
- طيب هل فى ملف خاص بالمشروع أو ملخص عنه
- أكيد فى
- طيب أحب أشوفه وأدرس الموضوع الأول قبل ما أوافق
ضحك "فؤاد" قائلاً :
- محسسانى انى بتكلم مع سيدة أعمال من الدرجة الأولى
شعرت "آيات" بالجرح وقالت :
- أنا بس حبه انى أتأكد ان كل حاجة هتكون مظبوطة .. أقصد ان مش هيبقى فيه حاجات تغضب ربنا .. أنا كنت فى الجامعة وفى ثانوى بعشق الرحلات .. وزرت العين السخنة كتير أوى وأعرفها كويس جداً .. وروحت قرى كتير بصراحة كان فى حاجات كنت بضايق منها بس مكنتش بهتم .. لكن دلوقتى يهمنى انى لما أشتغل فى مكان ميكنش فيه حاجت غلط بتحصل .. عشان مشلش ذنبها
ابتسم "فؤاد" وهو يخرج احدى الملفات من درج مكتبه ويضع فوقها سي دي ويضعهم أمام "آيات" قائلاً :
- دى نسخة من البريزنتيشن اللى بقدمه للعملا .. وده سي دى فيه صور القرية والمناطق اللى حوليها
أخذتهم "آيات" قائله :
- ان شاء الله هرد على حضرتك خلال يومين بالكتير
التفت "فؤاد" الى "اسماء" قائلاً :
- وانتى يا "أسماء"
ابتسمت "أسماء" وقالت فى كياسة :
- طبعاً أنا يشرفنى جداً انى أتشغل عند حضرتك يا أستاذ "فؤاد"
- خلاص يبقى اتفقنا .. ادرسوا الموضوع كويس ومنتظر ردكوا عليا .. خلاص المكتب انتهينا من تشطيباته وبكرة بالكتير يكون اتفرش .. فمحتاج رد فى أقرب وقت

*************************************

جلس مدحت والد "أسماء" أمام التلفاز وهو لا يعى ما يدور .. سمع المفتاح يدور فى الباب فهب واقفاً وعلامات الغضب على وجهه .. نظرت اليه زوجته الجديدة قائله :
- انت هنا يا بيبي
عقد ذراعيه أمام صدره قائلاً :
- أيوة هنا .. كنتى فين ؟
قالت فى تبرم :
- كنت مع صحابى
زمجر فى غضب :
- طبعاً بتصرفى فى الفلوس اللى سحبتيها امبارح
ارتبكت وقالت :
- انا كنت محتاجة مبلغ وخدته .. وبعدين انت ادتنى الكريدت عشان لو احتجت حاجة أسحبها
صاح بغضب هادر :
- ممكن أفهم كنتى بتعملى ايه بـ 15 ألف جنية

زفرت بحنق وقالت وهى تلوح بيديها :
- اشتريت شوية حاجات
- أيوة ايه هى الحاجات اللى اشتريتيها دى ؟
هتفت بغضب وهى تتوجه الى غرفة النوم :
- حاجات وخلاص
انقض عليها جاذباً اياها من ذراعها وهو ينظر اليها بشراسة قائلاً :
- اوعى تكونى فكرانى نايم على ودانى .. انا عارف كويس انتى عملتى ايه بالفلوس دى
بلعت ريقها بصعوبة وقالت وهى تخفى خوفها :
- ايه الكلام ده
قال بعنف :
- أنا عارف كويس انك لسه بتقابلى التيييييييييييت خطيبك .. وانك ادتيله الفلوس دى
شعرت بالصدمة لكنها تمالكت أعصابها وقالت :
- ايه الكلام الأهبل ده
لطمها على وجهها فتأوهت بألم .. قال بحزم :
- أنا اللى غلطان من الأول انى اتجوزت عيله زيك متعرفش يعني ايه مسؤلية
صاحت وهى تمسح بكفها على وجنتها المتألمه :
- احمد ربنا انى رضيت بواحد زيك شايب وعايب
لطمها مرة أخرى صارخاً فيها :
- لمى هدومك وامشى اطلعى بره .. انتى طالق
ضحكت بسخرية قائله :
- قال يعني طردتنى من الجنة .. بلا أرف
ألقى بجسده فوق أحد المقاعد وهو يدفن وجهه بين كفيه ويشعر بأن عالمه ينهار من حوله

*********************************

فى المساء وقف "آدم" أمام البحر الهادر يراقب موجاته الغاضبه التى ترسل الزبد تحت قدميه .. اقترب منه "زياد" قائلاً وهو يلهث :
- ايه يا ابنى انت فين دوختنى عليك
التفت اليه "آدم" بصمت .. وقف "زياد" أمامه يتفرس فيه قائلاً :
- انت كويس
أومأ "آدم" برأسه .. فقال "زياد" :
- أنا رجعت النهاردة من شرم لقيت كل اللى فى القرية بيتكلموا عن اللى حصل النهاردة
عاد "آدم" ينظر الى البحر مرة أخرى وهو لايزال محتفظاً بصمته .. سأله "زياد" :
- انت بجد منعت الخمور من القرية .. وشلت من المنيو الأكلات الى بتتعمل بيها ؟
أومأ "آدم" برأسه دون أن ينظر اليه .. فأكمل "زياد" مبتسماً :
- وعرفت كمان انك قلبت الملهى الليلى لقاعة بلياردو وبولينج .. وان المهندس هييجى من بكرة يعاين المكان
التفت "زياد" ينظر الى البحر لبرهة .. ثم نظر الى "آدم" قائلاً :
- هو ده اللى كان لازم يحصل .. أنا كمان مكنتش مرتاح للحاجات دى .. كنت حاسس ان بركة فلوسنا كانت ناقصه
تحدث "آدم" قائلاً بحزم :
- قول فلوسنا كانت حرام أصلاً
ركل "زياد" الرمل بطرف حذائه ثم قال :
- معاك حق
ثم تنهد فى ضيق قائلاً :
- رغم ان الواحد عارف كده بس للأسف ساعات بنضعف أدام المغريات المادية
ثم وضع كفه على كتف "آدم" وقال مبتسماً :
- بس برافو عليك
ران الصمت بينهما الى أن قطعه "زياد" قائلاً :
- بس يا ترى ايه هيكون رد فعل "شكرى" لما يعرف .. تفتكر ممكن يعترض ؟
قال "آدم" بحزم وهو يراقب موجة عالية تبتلع أخرى :
- يتفلق .. لو مش عاجبه يخبط دماغه فى الحيطه
التفت "آدم" ليغادر المكان .. جلس "زياد" على الرمل وهو يرقب الأمواج بدوره .. ثم أراح ظهره فوق الرمال ينظر الى النجمات القليلة التى تتلألأ فى السماء وهو يقول لنفسه :
- ايه يا "زياد" مش ناوى تلاقى نصك التانى بأه
ثم رفع ذراعيه الى السماء قائلاً بمرح :
- ابعتها يارب

**********************************

جلست "آيات" على الأرض فى حجرة المعيشة تفترش أمامها الصور والأوراق التى كانت موجودة فى الملف الذى أعطاها اياها "فؤاد" .. أقبلت عليها "أسماء" حاملة كوبين من الشاى الساخن وضعت أحدهما بجوار "آيات" ثم جلست على أحد المقاعد تنظر الى صديقتها المنهمكة فى مطالعة الأورق والصور ثم قالت :
- ها ايه الأخبار
حكت "آيات" رأسها ثم قالت وهى تنظر الى احدى الأوراق فى يدها :
- بصراحة مشروع جبار .. ولو اتعمله دراسة جدوى صح مكاسبه هتكون رهيبة .. الموقع فعلاً خرافى .. رغم انى حافظه العين السخنة بس عمرى ما شوفت فيها مكان بالروعة دى
قالت "أسماء" بإهتمام :
- هتوافقى يعني ؟
نظرت اليها "آيات" قائله بشرود :
- لسه مقررتش .. فى حاجات قلقانى
- ايه اللى قالقك مش بتقولى مشروع كويس
ثم هتفت "أسماء" بتهكم :
- وبعدين يا "آيات" ملف ايه اللى بتدرسيه .. محسسانى انك هتدخلى شريكه فى المشروع .. يا بنتى ده انتى يدوبك شغاله فى المكتب السياحى .. ده ايه الهم ده يارب
قالت "آيات" بحزم :
- لازم أعرف كل حاجة عن المكان اللى هشتغل فيه .. افرضى اشتغلت فى المكتب السياحى وفى الآخر اكتشفت ان فى حاجات حرام بتحصل فى القرية دى .. أشيل ذنبهم يعني ؟
قالت "أسماء" بحده :
- حاجات حرام ايه يا بنتى متنرفزينيش .. دى قرية محترمة هيحصل فيها ايه يعني
قالت "آيات" بهدوء :
- يحصل فيها اللى كنا بنشوفه فى القرى اللى بنروحها يا "أسماء" .. ستات عريانه ماشية يمين وشمال .. بيسين مينفعش تنزليه الا وانتى لابسه بيكيني والرجاله راحه جايه عينهم تندب فيها رصاصة .. و البيرة اللى كانت بتتشرب زى البيبسي بالظبط .. ده غير المناظر اللى كنا بنشوفها عيني عينك كدة من غير أى كسوف ولا خجل .. ويا سلام بأه على الأجانب اللى كنا بنتكعبل فيهم على الشط والواحده من دول قالعه كل هدومها ونايمة على الأرض تعمل حمام شمس .. مش ده اللى كان بيحصل فى القرى اللى بنروحها يا "أسماء"
قالت "أسماء" بتبرم :
- يعني نعمل ايه .. نقول للرجاله اتلموا ومتبصوش على البنات وهى ماشية على البحر أو وهى نازله البسين .. ولا نقول لكل بنت اياكى تعملى علاقة مع واحد فى القرية عشان مناخدش ذنبك
ثم قالت بتهكم :
- لو كل الناس فكرت بطريقتك يبقى السياحة هتضرب وكل واحد صاحب قرية يقفلها ويعد فى بيتهم أحسن .. ويبقى بلد زى مصر خسرت أهم مصادرها للدخل القومى .. يا بنتى لو كل الناس فكرت زيك كده كان البلد خربت
ابتسمت "آيات" بثقة وهى تقول بتحدى :
- طيب .. أنا بأه هعمل دراسة جدوى للمشروع ده بالطريقة اللى أنا شيفاها .. هحط فيها كل الأفكار اللى فى دماغى .. وهنحسبها بالورقة والقلم .. ونشوف اذا أفكارى دى اتنفذت السياحة فعلاً هتضرب ولا لأ
ابتسمت "أسماء" بسخرية وهى تنهض قائلاً :
- والله انتى مخك تعبان
نظرت "آيات" الى الأوراق أمامها .. ثم حملتهم جميعهم وتوجهت الى غرفة المكتب والتى تحتوى على الحاسوب الساكن فى ركن الغرفة .. ثم شرعت تضرب بأناملها فوق لوحة المفاتيح فى تؤدة

******************************************
لم يشعر بمضى الوقت وهو يتأمل صورتها .. امتدت أصابعه لتتلمس الشاشه .. ذلك الوجه البرئ الخالى من أى شئ مصطنع .. تلك النظرة البريئة والبسمة الرقيقة .. امتدت يده الى درج مكتبه ليخرج منها تلك الورقة التى تمزق قلبه كلما تطلع اليها .. شهــادة وفــاة .. نظر بعيون ثكلى الى اسمها الذى كان يأمل أن يراه على عقد زواجهما .. لكن إرادة الله سبقت أمانيه ... أخذ شهيقاً عميقاً ليزفر معه ما يعتمل فى صدره من ألم .. لكن هيهات .. لا سبيل للخلاص من هذا الألم .. تناول مصحفه من فوق المكتب .. وأخذ يقرأ فيه .. علا صوته فى التلاوة ليصل الى مسامع أمه .. ابتسمت فى حنو وهى ترنو الى غرفته ببصرها .. كم اشتاقت لسماع ترتيله العذب .. وصوته الخاشع يطرب أذنيها المرهفتين .. انتهى من التلاوة بعدما دامت لما يقرب من ساعة .. أطلت برأسها من الباب الموارب وابتسمت فى حنو قائله :
- أجيبلك تتعشى يا "آدم"
هز رأسه نفياً .. ففتحت الباب أكثر ودخلت قائله :
- يا حبيبى انت على لحم بطنك من الصبح .. مفطرتش وحتى فى الغدا مكلتش الا لقمتين .. عشان خاطرى يا حبيبى أحضر لقمة ناكل سوا .. ماشى
أومأ برأسه ايجاباً اذعاناً لإصرارها فابتسمت قائله :
- ان شاله يباركلى فيك
أحضرت صنية كبيرة موضوع عليها ما لذ وطاب .. وضعتها فوق الطاولة ونادت عليه .. جلس بجوارها يلوك الطعام فى فمه وكأنه لا يشعر بمذاقه .. قالت مبتسمه :
- عجبك الأكل
قال بخفوت :
- أيوة يا ماما تسلم ايدك
ربتت على ظهره وهى تضع أمامه المزيد من الطعام .. نظر اليها قائلاً :
- على فكرة أنا منعت الخمرة واللحوم الحرام من القرية .. والملهى هنقلبه صالة ألعاب
اتسعت ابتسامة والدته فقال لها :
- حبيت أعرفك عشان تعرفى ان فلوسى معادتش حرام
قالت له فى حماس :
- ربنا يبارك فيك يا ابنى ويصرف عنك كل سوء .. اهو كدة انت ابنى "آدم" اللى طمرت تربيتي فيه
ابتسم بوهن وأمسك كفها قائلاً :
- ربنا يخليكي ليا يا ماما وجودك جمبي فارق معايا
وضعت يدها الأخرى فوق كفه وقالت :
- وهتلاقيني لآخر يوم فى عمرى جمبك ووراك .. لو وقعت أقومك .. ولو تعبت أداويك .. انت ابنى وحته منى نفسى أشوفك أحسن واحد فى الدنيا دى
ثم استدركت قائله :
- مش بالمال ولا بالجاه .. لكن بالأدب والدين والأخلاق
قبل "آدم" يدها قائلاً يتأثر :
- عارفه لو كل الأمهات زيك .. كان شباب كتير حالهم انصلح .. لكن فى أمهات بدل ما تدعى لإبنها بالهداية بتدعى عليه .. ومتعرفش ان دعاء الأم مستجاب .. فى أمهات بتدمر ولادها بلسانها .. بكلمة منها تخرج فى ساعة اجابة ربنا يتقبل دعاءها على ابنها
ابتسمت أمه فى حنو وقالت :
- عمر ما قلبي طاوعنى أدعى عليك .. حتى لما كنت قاسى عليا كنت بدعيلك بالهداية .. والحمد لله أهو ربنا استجاب وهداك وصلح حالك وباركلى فيك يا "آدم"

**********************************
شعرت "مديجة" والدة "أسماء" بالصدمة عندما فتحت الباب لتجد زوجها أمامها .. نظرت اليه لبرهة وقد تجمدت فى مكانها .. ثم قالت :
- أفندم عايز ايه
لم يجيبها بل اندفع للداخل فتراجعت للوراء .. أغلق الباب خلفه فصاحت :
- امشى اطلع بره
نظر اليها بصرامة قائلاً :
- "أسماء" هربت من البيت ليه يا "مديحة" ؟
اشتعلت عيناها غضبت وهتفت :
- انت جاى تفتكر بنتك دلوقتى .. صباح الخير يا "مدحت"
اشتعلت عيناه غضباً هو الآخر وقال :
- بنتك لفيت عليها فى كل حته وسألت طوب الأرض عليها ومحدش عارف هى فين .. ايه اللى خلاها تسيب البيت انطقى
قالت بصوت مضطرب وهى تحاول أو تطمئن نفسها :
- متقلقش هى أكيد عند "آيات" صحبتها
قال بوجوم :
- "آيات" ماتت
شهقت "مديحة" واضعة كفها فوق فمها وقالت :
- ماتت .. ماتت ازاى ؟
- العمارة اللى كانت ساكنه فيها وقعت فى الزلزال
دمعت عيناها وهى تهتف بفزع :
- و "أسماء" ؟ .. "أسماء" حصلها ايه يا "مدحت"
زفر بيأس قائلاً :
- "أسماء" مكنتش معاها
صرخت قائله والدموع تنهمر من عينيها :
- انت واثق .. واثق ان بنتى مكنتش معاها
- أيوة واثق
ثم اقتربمنها ينظر اليها وقال بصرامة :
- ايه اللى خلى "أسماء" تمشى ؟
قالت بصوت باكى :
- معرفش .. قالت كلام عن ان "هانى" ضايقها .. بس "هانى" بيقول انه معملهاش حاجة .. معرفش هى كانت بتقول كدة عشان تلفت الانتباه ليها ولا زى ما أختى بتقول ان "هانى" عجبها ولما مدهاش وش طلعت الكلام ده عليه
صمت "مدحت" قليلاً يستوعب ما قالت ثم بدا وكأن جنونه قد جن وصاح :
- "هانى" ابن أختك ؟ .. عملها ايه .. "أسماء" قالتلك ايه ؟
قالت بمزيج من الخجل والحيرة والندم :
- قالت انه كان بيدخلها أوضتها وانه ... بيتحرش بيها
أمسكها "مدحت" من ذراعيها بقسوة قائلاً :
- وصدقتيه وكذبتيها ؟ .. كدبتى بنتك يا "مديحة"
قالت بإضطراب وهى تشعر بالألم من قبضتيه على ذراعيها :
- "هانى" مش ممكن يعمل كده .. الولد متربى كويس و ...........
لم ينقذها من بين يديه سوى سماعه لصوت الباب من خلفه .. أطل "هانى" برأسه .. وما كاد يدخل المنزل حتى ترك "مدحت" ذراعى "مديحة" ليهوى على وجه "هانى" بصفعة ألصقته بالجدار .. نظر "هانى" بدهشة وصدمة الى "مدحت" .. وصرخت "مديحة" قائله :
- سيبه يا "مدحت"
لم يلتفت اليها بل جذبه من شعره وأعقبه بصفعة أخرى فجرت الدماء من شفتيه وأخذ يصيح ويئن بألم .. صرخ "مدحت" بغضب :
- عملت ايه فى بنتى يا تييييييييييييييييت
حاول "هانى" التحدث لكن "مدحت" لم يدع له الفرصة .. صرخ بصوت مكتوم بعدما سدد له "مدحت" ركلة فى بطنه احتقنت لها الدماء فى وجهه وهو يشعر بصعوبة شديدة فى التنفس .. أقبلت أمه من الخارج تصرخ وتولول :
- انت اتجننت انت بتعمل ايه فى ابنى
جثت على ركبتيها بجوار "هانى" تتفحصه وهى تصيح بغضب فى "مدحت" :
- انت بتمد ايدك على ابنى .. والله لأوديك فى ستين داهية
ثم نظرت الى أختها قائله :
- لمى هدومك وامشى اطلعى بره انتى وجوزك والله لأحبسكوا انتوا الاتنين
وضعت رأس "هانى" الدامى على صدرها وهى تبكى قائله :
- "هانى" .. عمل فيك ايه الحيوان ده
اقترب "مدحت" وبصق فى وجه "هانى" الجالس على الأرض وقال فى صرامة :
- اتفو عليك عيل تيييييييييييت
انصرف "مدحت" بينما توجهت "مديحة" الباكية تجمع أغراضها فى عجالة وهى تبكى فى لوحة وحسرة وندم .. قام "هانى" بمساعدة أمه التى لم تتوقف عن النحيب والوعيد لأختها وزوجها .. أجلسته على الأريكة .. فى تلك اللحظة خرجت "مديحة" من الغرفة فهجمت عليها أختها تجذبها من ملابسها وتصرخ فيها :
- مش عارفين تربوا بنتكوا وجايين تتشطروا على ابنى .. روحى شوفى بنتك التيييييييييت هربت مع مين وبعدين ابقى تعالى كلمينى
نظرت اليها "مديحة" بغضب بأعينها الدامعة وهى تقول :
- حسبي الله ونعم الوكيل فيكي انتى وابنك .. بس مش غلطتكوا .. دى غلطتى انى مصدقتش بنتى ودافعت عن ابنك التييييييييييت
جذبت ذراعها من بين يديها وخرجت لا تدرى الى أين تذهب .. فلا هى تملك المال ولا تملك المكان .. مكانها الوحيد كان بيتها الذى طُردت منه وها هى الآن تُطرد من بيت أبيها الذى تعلم جيداً أنه لا حول له ولا قوة أمام عنفوان ابنته .. نزلت الدرج وهى تفكر فى ابنتها الضائعة التى انتهجت خطواتها من قبل .. ونزلت بحقيبة ملابسها لا تدرى الى أين تذهب .. عزمت على التوجه الى الصاغة لبيع احدى مصوغاتها الذهبية الى أن تبحث عن عمل وهى التى كانت تعيش منعمة مرفهة فى بيت زوجها .. صدمت عندما نظرت الى "مدحت" الذى لايزال واقفاً أمام بوابة المنزل .. أقبل نحوها واشار الى السيارة بصرامة قائلاً :
- اركبي
قالت بكبرياء :
- لا مش راكبه .. وبعدين مش خايف مراتك الجديدة تشوفك وانت بتوصلنى
فتح باب السيارة وقال بغضب وعيناه تنذران بالشر:
- بقولك اركبي أنا روحى فى مناخيرى متجننينيش
لا تعلم لما استسلمت وركب .. حطم كرامتها وكبريائها ولن تسامحه أبداً .. بدا أيضاً وكأنه لا يطيق وجودها بجواره فى السيارة .. لكن كان يجمعهما الآن شئ مشترك أهم بكثير من مشاعر كليهما تجاه الآخر .. قال بجدية :
- دلوقتى عايزين نحصر أسماء الناس اللى "أسماء" تعرفهم ونروحلهم واحد واحد
قالت "مديحة" بعصبية :
- انت فاكرنى هستناك .. انا عملت كده واتصلت بكل اللى تعرفهم محدش عارف مكانها
- نحاول تانى وتالت ورابع .. مفيش أدامنا غير كده
نظرت اليه بحقد قائله :
- ما انت لو كنت أب وزوج محترم مكنش ده حصل .. لكن انت ..........
داس مكابح السيارة بقوة حتى أصدرت صريراً مرعباً .. كادت ان يصطدم رأسها فى الزجاج الأمامى .. وقبل أن تأخذ أنفاسها التفت اليها "مدحت" هاتفاً بصوت صم آذانها :
- انا راجل مش محترم و تيييييييييييييت .. انتى بأه ايه يا أم يا فاضلة .. فى أم تسيب بنتها تحت ايد تييييييييييت زى ده .. فى أم تكدب بنتها وتصدق ابن أختها .. فى أم تسيب بنتها تنزل من بيتها بشنطة هدومها متعرفش هى راحه فين .. ردى عليا يا "مديحة"
لم تستطع "مديحة" الرد .. بل لم تستطع حتى النظر اليه .. انهمرت عبراتها وهى تتطلع أمامها وشعور عميق بالندم ينهشها .. أدار "مدحت" السيارة مرة أخرى فى عصبيه وهو يقول :
- هترجعى معايا البيت لحد ما نشوف حل للمصيبة اللى احنا فيها وأطمن على بنتى .. بعدها نتطلق وكل واحد يروح لحاله
لم ترد "مديحة" سوى بمزيد من العبرات المنهمرة .. ومزيد من الشعور بالندم

*************************************
يتبع.........


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-10-15, 06:41 AM   #29

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

- أيوة أسمع عنه .. ابنه كان عندى فى الكلية
قال "آدم" ذلك موجهاً حديثه الى "زياد" بعدما عرف منه بان "فؤاد" هو الذى استأجر القرية الثالثة .. تذكر "آدم" يوم أن هتف "أحمد" وسط الجامعة معلناً حبه لـ "آيات" .. تذكر يومها كيف هرعت الى مكتبه لتخبره بأنها لا تبادله مشاعره .. علم وقتها بأنها تحمل له هو مشاعر خاصة دفعتها الى التصرف بتهور والإقدام الى مكتبه لشرح الأمر .. تنهد وهو يتذكر مدى طيبتها ووضوحها وبرائتها .. اخرجه "زياد" من شروده قائلاً :
- بس لسه مش عارفين مين المدير اللى هيجيبه للقرية .. بس بيقولوا انه محتاج شريك معاه عشان يقدر يفتتح القرية وفى اتنين رجال أعمال عرضين شراكتهم بس لسه متفقش مع حد فيهم
أومأ "آدم" برأسه وهو يقول :
- "فؤاد" رجل أعمال محترم بس ملوش فى شغل السياحة .. يعني ميعتبرش منافس قوى بالنسبة لنا .. تلاقيه حب يجرب حظه .. بس أنا واثق انه مش هيستمر .. ده اذا لقى حد يشاركه أصلاً
قال "زياد" وهو يمط شفتيه :
- أنا كمان شايف كده .. مفيش داعى للقلق
سمعا صوت طرقات على باب الشاليه فهب "آدم" واقفاً ليرى القادم .. شعر بالإمتعاض وهو يرى "ساندى" أمامه .. ابتسمت قائله :
- هاى ازيك يا "آدم"
قال "آدم" وعلامات الجدية على وجهه :
- كويس الحمد لله
هتفت بمرح :
- حسيت انى هموت من الملل قولت آجى أعد معاك انت وطنط .. بصراحة حبيتها أوى وأنا وهى بقينا صحاب خلاص
التفت "آدم" بتبرم ونادى والدته .. أسرعت بالقدوم لترى "ساندى" أمامها .. أقبلت عليها "ساندى" تقبلها وهى تقول :
- ازيك طنط عامله ايه دلوقتى
ابتسمت والدة "آدم" قائله :
- بخير يا بنتى تسلمى
تركهما "آدم" وتوجه الى غرفة المعيشة حيث "زياد" وأشار له قائلاً :
- قوم نخرج
قال "زياد" وهو يتلفت حوله :
- مين اللى جه ؟
قال "آدم" بتأفف :
- "ساندى"
نظرت "ساندى" الى "آدم" الذى مر بجوارها متوجهاً الى باب الشاليه وهتفت :
- انت خارج
التفت اليها قائلاً بتهكم :
- ده بعد اذنك
شعرت بالغيظ .. قال لها "زياد" وهو يلحق بصديقه :
- ازيك يا "ساندى"
قالت وهى شاردة وعلامات الضيق على وجهها :
- كويسه
أغلق "زياد" الباب خلفه .. رسمت "ساندى" على شفتيها ابتسامه مصطنعة عندما قالت لها والدة "آدم" :
- اتفضلى يا ابنتى اعدى
جلست فى تبرم .. فآخر ما كانت تريده عندما قدمت الى الشاليه هو مجالسه والدة "آدم"

************************************

وقف "عاصى" فى شرفة الشاليه الخاص به يمسك بيده كأساً من الخمر وفى اليد الأخرى الهاتف .. أرجع رأه للوراء وانفجر ضاحكاً وهو يقول :
- أيوة اظاهر كده .. قولتلك من الأول انه عيل غبي .. رايح يمنع الخمرة من القرية لأ وقلب الملهى الليلى لصالة ألعاب
انفجر فى الضحك مرة أخرى وهو يقول :
- احترس السيارة ترجع الى الخلف
قال "سراج" على الطرف الآخر :
- أنا مش عارف هو بيخطط لايه بالظبط
قال "عاصى" بحقد :
- هيكون بيخطط لايه يعني ده عيل تييييييييت ميتخفش منه
رشف رشفه من كأسه ثم قال :
- لا والتانى اللى اسمه "فؤاد" اللى رايح يأجر قرية جمب حيتان زينا .. أهو ده بأه غباؤه ملوش وصف .. واحد لسه بيقول يا هادى فى شغل السياحة مش يختار مكان مفيهوش منافسين كبار زينا .. لا جاى راشق فى النص .. يشرب بأه
ثم قال :
- ده حتى مش عارف يشيل الليلة لوحدة وبيدور على شريك
- هو لقى شرك ولا لسه ؟
قال "عاصى" بثقه :
- لا لسه .. متقلقش أنا بعرف الأخبار أول بأول .. واول ما هعرف حاجة هبلغك .. بس اطمن "فؤاد" هو آخر شخص نخاف منه
قال "سراج" وهو يوافقه الرأى :
- معاك حق

***********************************
جلست "آيات" فى مكتب سكرتيرة "فؤاد" وهى تتذكر بضيق قدوم "أحمد" ذالك اليوم ودسه لرزمة مالية فى يدها وأخبرها أنها ستخصم من مرتبها الأول .. حاولت بحرج وضيق رفض هذا المال لكنه أصر بشدة وتركها وانصرف .. التفتت اليها "أسماء" الجاله بجوارها وهى تقول :
- افرضى معجبوش الدراسة اللى عملتيها .. هنتصرف ازاى ؟
قالت "آيات" بحزم :
- مش هقبل الشغل طبعاً
بثت كلماتها الغيظ فى نفس "أسماء" التى قالت بتهكم :
- أول مرة أشوف واحدة رايحه تشتغل فى شركة وتفرض عليهم طريقتها فى الشغل .. وكمان مقرره انهم لو معجبهمش دراسة الجدوى بتاعتها ترفض الشغل معاهم
قالت "آيات" وقد تعبت من مناقشة "أسماء" فى هذا الأمر :
- قولتلك مليون مرة مش هعمل حاجة حرام .. ولو الموضوع متظبطش زى ما أنا عايزه مش هشتغل معاهم
سالتها "أسماء" بحده :
- ولما ترفضى الشغل هنعمل ايه ساعتها .. وهنرد لـ "أحمد" السلفة اللى ادهالنا من المرتب ازاى ؟
شعرت بالضيق وهى تفكر فى ورطتهما .. قطع عودة السكرتيرة حبل أفكارها لتشير لهما الى مكتب "فؤاد" قائله :
- اتفضلوا بس خلوا بالكوا ان الأستاذ "فؤاد" عنده اجتماع بعد 10 دقايق بالظبط
لم تكن "آيات" فى حاجة الا لهذه الدقايق لعرض الدراسة التى عكفت على كتابتها لمشروع القرية السياحية .. قام "فؤاد" وسلم على "أسماء" ثم التفت لـ "آيات" دون ان يمد يده قائلاً :
- ازيك يا "أسماء" .. ازيك يا "آيات"
- الحمد لله
- الحمد لله
أشار لهما بالجلوس وعقد كفيه فوق المكتب وقال :
- خير كنتوا عايزنى فى حاجة
تنحنحت "آيات" قائله :
- أيوة .. انا عملت دراسة جدوى لمشروع القرية السياحية
كانت نظرات "فؤاد" تنم عن دهشته مدت يدها بالملف فأخذه منها وارتدى عويناته الموضوعه فوق المكتب وأخذ يتفحصه .. مرت الدقائق تشعرها بالتوتر أكثر .. قبل أن ينتهى "فؤاد" من مطالعة الملف كاملاً دخلت سكرتيرته معلنة عن بدء الإجتماع .. تسرب شعور بالضيق فى نفس "آيات" التى كانت تتمنى أن تتاح لها الفرصة لمعرفة رأيه فى الحال .. قامت بحرج وقالت :
- معلش أنا أصلاً اللى غلطانه انى جيت من غير معاد .. ان شاء الله هحدد معاد مع السكرتيرة ونبقى نيجي مرة تانية
نزع "فؤاد" عويناته ونظر اليها قائلاً :
- تقدرى تشرحى الدراسة اللى علمتيها أدام ضيوفى اللى عامل معاهم الاجتماع ؟
تبادلت "آيات" نظرة دهشة مع "أسماء" ثم التفتت الى "فؤاد" قائله بإرتباك :
- مش عارفه
نهض "فؤاد" قائلاً :
- تعالوا معايا
تبعته الفتاتان فى استسلام .. كاد قلب "آيات" أن يتوقف من شدة التوتر والإرتباك .. دخل "فؤاد" قاعة اجتماعات صغيرة تضم طاولة كبيرة جلس عليها ثلاثة رجال بالإضافة الى "أحمد" الذى رفع حاجبيه فى دهشة لمرآى الفتاتين برفقة والده .. قدم "فؤاد" كل منهم للآخرين .. علمت بأن أحد هؤلاء الرجال هو محامى "فؤاد" أما الرجلال الآخران هما رجلى الأعمال المرشح أن يشارك أحدهما "فؤاد" فى مشروع القرية السياحية .. جلس "فؤاد" وظلت الفتاتان واقفتان .. قال "فؤاد" وهو يلوح بملف "آيات" فى يده :
- الآنسة "آيات" عملت دراسة جدوى لمشروع القرية وحابب انها تعرضه عليكوا بنفسها
طلب "فؤاد" من السكرتيرة ادارة البروجيكتور .. وقفت "آيات" بجوار الشاشة البيضاء تشعر بتوتر بالغ وقد أصبحت تحت محط أنظار الجميع .. كانت تثق بفكرتها وبمشروعها لكنها لم تسبق أن قدمت بريزينتيشن من قبل .. وأمام رجال أعمال ذو أهمية !

استعانت بالله وقامت بعرض الصورة الأولى التى كانت تمثل صورة لدائرة صفراء فى منتصفها دائرة صغيرة خضراء وتحدثت قائله :
- زى ما حضراتكوا عارفين المنطقة اللى فى الصورة ملك لمجموعة شركات مصرية وأجنبية ومتقسمة ل 3 قرى جمب بعض على شكل دايره .. ال 3 قرى بيشتركوا فى المنطقة الخضرا اللى فى النص ودى متقسمة لملعب جولف و اسطبل خيول لممارسة رياضة ركوب الخيل ولل 3 قرى حق الانتفاع المشترك بيها بحسب تقسم معين بيكون منصوص فى العقد
تقدمت من البروجيكتور لعرض الصورة التالية والتى كانت تمثل مثلث أصفر ثم التفتت اليهم تتحاشى النظر الى وجوههم حتى لا تتوتر أكثر وقالت :
- القرية الأولى هى قرية الفيروز .. رجل الأعمال اللى أجرها "سراج اليمانى" ومدير القرية هو ابنه "عاصى" .. ممبزات القرية دى هى انها أكبر ال 3 قرى فى المساحة وتقسيم الغرف والشاليهات ممتاز .. القرية التانية هى قرية جولدن بيتش رجل الأعمال اللى أجرها هو "شكرى ..... " .. ومديرها ...
صمتت برهة وهى تشعر بالتوتر لذكر اسمه .. ثم قالت :
- مديرها دكتور "آدم خطاب " .. هى أصغر فى الحجم من قرية الفيروز لكن ميزتها الطابع المعمارى الأثرى اللى فيها .. القرية التالتة وهى قريتنا وهى أصغرهم مساحة لكن ميزتها وجود 2 بيسين بعكس القريتين التانيية اللى فيهم بيسين واحد
قال أحد الرجلين وهو يمط شفتيه :
- وايه الميزة فى كده ؟
قالت "آيات" بهدوء :
- هشرح دلوقتى .. قرية الفيروز وقرية جولدن بيتش بدأوا منافسة قوية بينهم .. القريتين بيسمحوا بوجود الخمور وكافة أنواع اللحوم .. وقرية جولدن بيتش فيها ملهى ليلي .. وفى المقابل قرية الفيروز فيها مساج للرجال والنساء والقائم عليه بيكون رجال فقط
قالت الجملة الأخيرة بشئ من التقزز .. ثم أردفت :
- زى ما حضراتكوا شايفين هما قريتين سياحيتين كبار بس زيهم زى أى قرية تانية مفيش حاجة بتميزهم غير فروقات بسيطة مبتأثرش كتير .. لو احنا فتحنا القرية التالتة وخدت نفس الطابع بتاع القريتين دول يبأه مستفدناش أى حاجة ومقدمناش أى حاجة جديدة .. وهتبقى منافسة روتينية مش أكتر
سألتهم فجأة :
- عارفين البطاطس الشيبسى ؟
ابتسم الجميع .. قال "أحمد" بمرح :
- أكيد عارفينها
قالت "آيات" بحماس :
- نتخيل ان اللى بياكل شيبسى فى مصر هما 3 مليون فرد .. اتعودوا على منتج بشكل ومواصفات ونكهات معينة .. وبعد فترة جت شركة جديدة نزلت منتج تانى بس المنتج ده بنفس مواصفات ونكهات وطعم المنتج الأول مجرد بس انهم سموه اسم جديد .. اللى هيحصل ان ال 3 مليون هيتقسموا نصين نص هيشترى المنتج الأول ونص هيشترى المنتج التانى .. لأن المنتجين زى بعض فمش فارقه كتير .. لو أنا جيت ونزلت منتج بنفس شكل ومواصفات المنتجين التانيين كل اللى هيحصل هو ان ال 3 مليون هيتقسموا على 3 .. لكن لو أنا جيت وقدمت منتج بإسم جديد .. وشكل جديد ونكهة جديدة وجودة أعلى وكمان عملت عليه تخفيض .. تفتكروا هيفضل عدد اللى بيشتروا الشيبسى هما هماهم ال 3 مليون ؟
أجابت على نفسها قائله :
- أكيد لأ .. لان فى ناس بتحب نكهات تانية ملقتهاش فى المنتجين الأول والتانى .. واللى أنا عملته هو انى وفرت للناس دى النكهة الجديدة اللى تجذبهم .. ده بالإضافة ان ال 3 مليون اللى اتعودوا على المنتج القديم أكيد الفضول هيدفعهم انهم يغيروا ويجربوا الجديد .. ولما أنا أهتم بالجودة وأخليها أعلى .. يبقى كسبتهم هما كمان فى صفى وأبقى فعلاً ملكت السوق بدون منازع
صمتت قليلاً تتأمل الوجوه التى تعلقت أنظارهم بها تبغى المزيد من التوضيح .. عرضت احدى الصور لأحد الشواطئ الخلابة ثم التفتت اليهم قائله :
- دى صورة من قرية فى تركيا .. اللى أنا بقترحه فى دراسة الجدوى بتاعتى اننا نعمل زى ما القرية دى عملت بالظبط
سألها أحد الرجلين بإهتمام :
- وايه اللى عملته القرية دى ؟
قالت "آيات" بثقة :
- أضافت مفهوم جديد للسياحة اسمه السياحة الحلال
رفع أحد الرجلين حاجبيه بسخرية قائلاً :
- سياحة حلال !
أما الآخر فقال بإهتمام :
- ياريت تشرحى أكتر
أكملت "آيات" قائله :
- من كام سنة دخلت تركيا مفهوم السياحة الحلال للقرى والشواطئ بتاعتها .. كان الكل متوقع فى البداية فشل ذريع للنوع ده من السياحة .. لكن تركيا أثبتت ان الفكرة ناجحة وناجحة جداً .. عارفين قيمة المبيعات وصلت لكام فى خمس سنين ؟
قال أحد الرجلين بروتينيه :
- 100%
ابتسمت "آيات" قائله :
- لأ .. 200%
ساد الوجوه مزيج من الدهشة والإعجاب .. قال أحد الرجلين :
- طيب وايه مفهوم السياحة الحلال ده ؟ .. وايه الفرق بينه وبين السياحة اللى بنشوفها فى كل القرى اللى بنروحها
قالت "آيات" وهى تعرض صورة للقرية الثالثة مصورة بالأقمار الصناعية :
- أولاً قريتنا هيمنع فيها منعاً باتاً أى حاجة حرام .. من أول الخمور لحد البكيني
ضحك أحد الرجلين بصوت عالى وهو يرجع رأسه الى الخلف ويقول :
- حلوة دى .. هنمنع البكيني .. ازاى بأه ممكن أفهم .. أمال الناس هتلبس ايه
كظمت "آيات" غيظها وأكملت قائله :
- ثانياً بالنسبة لحمام السباحة .. زى ما قولت ان قريتنا فى حمامين سباحة ودى ميزة كويسة جداً .. لان اللى هيحصل هو اننا هنخصص بيسين للرجاله وبيسين للستات .. بيسين الرجاله هنسمح فيه بدخول الرجاله والصبيان و البنات تحت سن 7 سنين .. وبيسين السيدات هنسمح فيه بدخول السيدات والبنات الصغيرة والصبيان من تحت سن 7 سنين .. ومش بس كدة .. هيبقى فى حد أدنى للبس .. يعني فى حمام السيدات ممنوع لبس البكيني وهيلتزموا بالمواصفات الشرعية للبس اللى المفروض تلبسه السيدات أدام بعضهم وكذلك فى حمام الرجاله .. طبعاً القائمين على حمام الرجاله هيكونوا كلهم رجالة من أول عامل النظافه لحد المدير المسؤل .. ونفس الشئ فى حمام السيدات
اندفع أحد الرجلين يقول بحده :
- ها وبعدين .. هتعملى ايه بأه على البيلاج .. أظن هتقوليلنا نقفل البيلاج أحسن
قالت "آيات" بهدوء :
- لأ طبعاً ازاى نقفل البيلاج .. سياحة الشواطئ هتفضل زى ما هى .. دى متعة فى حد ذاتها .. مفيش حد بيسافر مصيف أو قرية الا وبيعشق انه يقعد على الشط وينزل البحر
صمتت قليلاً ثم قالت بحزم :
- بس برده هيبقى فى شروط للحد الأدنى من اللبس .. وأظن نوعية الناس اللى هتيجي القرية عشان يفصلوا بين الرجاله والستات فى حمامات السباحة مستحيل يقبلوا بعرى على الشط .. يعني واحد بيغير على مراته وجه قريتنا عشان تبقى بحريتها فى حمام السباحة بعيد عن عيون الرجاله مش معقول أبداً أول ما يقعد معاها على البيلاج يلبسها بيكيني أو لبس مكشوف !
قال الرجل وهو مازال محتداً :
- انتى بتتكلمى عن مين بالظبط .. مين اللى هيحب سياحة زى دى .. وانه يعد فى قرية بالمنظر ده ؟
قالت "آيات" دون أن تسمح له بإخراجها عن طورها بإسلوبه :
- اللى هيحب النوع ده من السياحة هو كل راجل مصرى عنده نخوه وكرامه وبيغير على بنته ومراته وأمه وأخته .. وكل ست فى مصر بتغير على جوزها وابنها من انه يشوف مناظر مش كويسة .. المصريين بالفطرة عندهم نزعة دينية .. حتى لو الواحد بيعمل غلط برده بيفضل يغير على مراته وميقبلش عليها الهوا .. فى ناس كتير أوى فى مصر عندها امكانيات انها تروح قرى سياحية بس مبيرضوش عشان المناظر اللى هما متأكدين انهم هيشوفوها هناك .. الناس اللى أعده فى بيوتها دى ونفسها تصيف فى مكان محترم متشلش فيه ذنوب وفى نفس الوقت تستمتع بوقتها والمناظر الطبيعية أنا هوفرلهم كل ده .. قرية محترمة مفيش فيها حاجة حرام .. وأنا واثقة إن كتير أوى من رواد القرى التانية نفسهم فى كده بس للأسف مش لاقيين قدامهم إلا القرى اللى بيروحوها
قال أحد الرجلين :
- انتى بتتكلمى عن المصريين يعنى سياحة داخلية .. فين بأه السياحة الخارجية من الدراسة دى ؟
قالت "آيات" بحماس :
- طبعاً عامله حسابهم .. أولاً أكتر ناس هتحب النوع ده من السياحة هما دول الخليج .. اللى أصلا بيمشوا البنت بشكل معين ولبس معين .. واللى عندهم مولات كاملة من أولها لآخرها ستات فى ستات .. يعني لما أنا آجى أقولهم على قرية سياحية فيها فصل بين الرجالة والستات هتبقى ده شئ رائع بالنسبة لهم
قال الرجل الساخر :
- طيب والأجانب ملهمش نصيب ولا ايه ولا احنا هنشتغل على المصريين والعرب
التفتت اليه "آيات" وقالت :
- لأ طبعاً ازاى .. أنا بعمل مشروع سياحى يعني عايزة أجذب له المصريين وغير المصريين .. العرب وغير العرب
أخذت نفسهاً عميقاً ثم قالت :
- بالنسبة لحمامات السباحة هيلتزموا بالقوانين الرجالة فى مكان والستات فى مكان .. وممنوع الخمور فى القرية حتى لو للسياح الأجانب .. بالنسبة للشواطئ هيلتزموا بنفس القوانين اللى فرضتها على الكل وهى حد أدنى من الإحتشام
صاح الرجل غاضباً :
- انتى واثقة انك طبيعية .. مش ناقص غير تقوليلى هتسلبى الاجانب الحجاب
قال "فؤاد" بشئ من الضيق :
- براحة شوية هى بتشرح وجهة نظرها مش بتفرضها على حد
قال الرجل بغيظ :
- آسف .. اتفضلى كملى
ساد الصمت لبرهة ثم قالت وهى تجول بنظرها فى وجوههم :
- انتوا عارفين ملكة انجلترا عملت ايه لما زارت الإمارات ؟
نظر اليها الجميع فى حيرة فأجابت عن سؤالها قائله :
- لبست حجاب
ثم أردفت :
- احترمت البلد اللى هى رايحاها ولبست حجاب .. ودى مين ؟ .. ملكة بريطانيا .. لبسته ليه ؟ .. لأن ده من أبسط قواعد الإيتيكيت .. وهى انك تحترم المكان اللى انت فيه .. بقوانينه بأعرافه .. محدش من بلدها ولا من أى بلد أجنبية تانية طلع واستنكر اللى هى عملته لأنه بمنتهى البساطة .. اللى هى عملته ده يدل على انها انسانه راقية فعلاً
نظرت اليهم قليلاً ثم قالت :
- لما بييجى السياح يزوروا المساجد الأثرية زي السلطان حسن والأزهر ومسجد محمد علي و ........ لما بييجوا يدخلوا المسجد بيعملوا ايه ؟ .. بيخلعوا الشوز أو بيلبسوا فوقيها أكياس مش كدة ؟
نظر اليها الجميع فى صمت فأكملت :
- لان من قوانينا كمسلمين ان مينفعش حد يدخل المسجد بالشوز بتاعه .. وهما عارفين القانون ده وبيحترموه .. أنا مبجبرش أى سايح انه يدخل المسجد او انه يعمل حاجة مخالفه لمعتقداته لانه طبعا بيدخل الكنيسة بتاعته بالشوز .. بس كل اللى أنا بقوله هو اذا كنت عايز تدخل المكان ده يبقى تلتزم بالقانون ده .. ولانهم ناس بتحترم القوانين وعقلها متفتح جداً بيلتزموا بالقانون ده وبيدخلوا المسجد بالطريقة اللى احنا حطينها مش كده ؟
أخذت نفساً عميقاً ثم قالت وهى تنظر الى أحد الرجلين بتحدى :
- لما حضرتك بتروح تزور حد فى بيته بتحترم البيت اللى حضرتك فيه بقوانينه وقواعده .. يعنى مثلا لو زورت واحد صحبك مبيسمحش ان مراته تعد مع صحابه .. حتى لو كنت انت غير كده ومينفعش أبدا تقوله ادخل نادى مراتك من جوه أنا متعود أعد مع مرتات صحابى .. مش كده برده ؟
أكملت قائله :
- لانك ببساطة لو عملت كدة يبقى أخليت بقواعد الاتيكيت واللياقة لان اللى بيروح مكان بيحترم صحاب المكان وبيحترم قوانينه .. ولما يرجع بيته يبقى يعمل كل اللى هو عايزه .. حريتك تنتهى عندما تبدأ حرية الآخرين .. وده اللى أنا هعمله فى القرية .. اللى عايز يشرفنى فى القرية يلتزم بقوانين بسيطه مش هتضره فى شئ وفى نفس الوقت هتحمى أهلى وناسى وولاد بلدى وتحافظ عليهم .. وأنا واثقة ان النقطة دى مش هتشكل أى مشكلة مع السياح الأجانب لانهم ببساطة عارفين وفاهمين كويس أوى ان ده قانون والقوانين ليها احترامها .. السايح اللى جاى من ألمانيا ولا استراليا وقطع نص الكره الأرضية عشان يتمتع بشمس مصر وبشواطئ مصر مش هيبقى صعب عليه يستغنى فى الكام يوم اللى هو قاعدهم عن الخمرة اللى بيشربها فى بلده وغرقان فيها وزهقان منها ليل نهار .. ولا هيضره فى شئ انه يلتزم بحد ادنى من الاحتشام .. مبقولش الستات الاجانب تتحجب بس بقول على الأقل متبينش جسمها على البيلاج .. لكن فى الشاليه بتاعها او فى غرفتها هما حرين .. وكمان ممكن أعمل زى شاطئ خاص بالإيجار للسياح الأجانب .. يأجروا الشاطئ ده ويعملوا فيه كل اللى هما عايزينه .. لانى ساعتها هكون زى صاحب البيت اللى بيأجر شقه لمجموعة سياح
ثم قالت :
- وفى نفس الوقت أنا هتميز فى القرية من كل شئ .. الروم سيرفيس .. جودة الأكل فى مطعم القرية هجيب طباخين على أعلى مستوى .. النضافة ههتم بيها جداً .. وأظن كلكوا عارفين المشكلة اللى واجهتها قرية الفيروز مع موضوع النظافة وده اللى انتبهتله قرية جولدن بيتش واهتموا بمستوى النضافة فى القرية جداً عشا يتميزوا عن قرية الفيروز .. وكمان أنا ممكن أوفر ميزات مش موجودة فى القرى اللى حوليا .. زى مكان صغير يتعمل عيادة أطفال وتبقى خدمة بتقدمها القرية لنزلائها مع طبعاً دفع أجر للكشف لكن مخفض لنزلاء القرية عن اللى خارج القرية .. أنا لو أم وأدامى 3 قرى سياحية واحدة منهم فيها عيادة للأطفال أكيد هختار القرية اللى فيها العيادة عشان لو ابنى تعب ألاقى اللى يسعفه .. كمان ممكن أعمل سحب وقرعة ورحلات ترفيهية مجانية كدعاية للقرية .. كمان ههتم جدا جدا بالدعاية سواء فى التى فى أو الأوت دور وكفاية انى هكون أول قرية بتحط القوانين دى فى مصر .. كمان أقدر أوفر زى ملعب صغير للأطفال مجهز بكل الألعاب اللى تجذب انتابههم .. ده غير صالة بلاى ستيشن وبلياردو وبولينج .. ممكن كمان أخصص جزء من المساحة الخضرا ويبقى فى زى ملاهى مصغره .. ده الإضافة الى مسجد صغير عشان الناس الحريصة على صلاة الجماعة فى المسجد
أخذت نفس عميق ثم قالت :
- فى مليون ألف طريقة أأقدر أجذب بيها النزلاء لقريتي من غير ما أضطر انى أدخل فيها خمرة وأسمح فيها بالعرى .. مش لازم أغضب ربنا عشان أنجح فى شغلى وأتفوق فيه .. الذكى فعلاً هو اللى يقدر يجمع بين النجاح ورضى ربنا
ساد الصمت لفترة طويلة .. كانت أعين الجميع سابحة فى مكان آخر كل منهم غارق فى شروده .. لكن عيني "أحمد" سُلطت على "آيات" بنظرات اعجاب مفضوحه .. أول من قطع الصمت هو "فؤاد" الذى قال :
- بصراحة أنا مندهش من الأفكار اللى طرحتيها .. كبيزنس مان أقدر أقول ان كلامك عقلانى جداً ومنطقى جداً .. وفعلاً لو اتنفذ هيبقى قنبلة الموسم
قال أحد الرجلين :
- بس محتاجين نفكر كويس لانها خطوة مش سهلة
قال الآخر :
- أنا كمان محتاج وقت للتفكير
قال "فؤاد" بحماس :
- تمام يبقى نجتمع هنا بعد اسبوع يكون كل واحد فكر كويس فى الكلام اللى اتقال
ابتسمت "آيات" والحماس والأمل يداعب أحلامها .. كانت عازمة على النجاح فى هذا الأمر .. تمنت من الله أن تكون إجابة الرجلين أو أحدهما .. هى الموافقة

**************************************

أخذت "آيات" تتمشى بغير هدى سابحة فى أفكارها وأحلامها وطموحاتها .. أخذتها قدماها الى الفيلا .. التى شهدت كل ذكريات طفولتها وصباها .. نظرت الى الفيلا من البوابة الحديدية بنظرة اشتياق ممزوج بالحزن .. تنهدت وهى تتحسر على تلك الأيام التى ولت ولن تعود .. ترقرقت دموع الشوق فى عينيها .. الشوق لبيتها القديم .. لوالدها .. لـ "حليمة" .. لحياتها السابقة .. ثم ما لبثت أن نفضت تلك الذكريات عنها والتفت لتعود أدراجها .. لكنها فجأة وجدت من يمسك بذراعها من الخلف .. التفتت بحده .. فإصطدمت عيناها برجل سمح الوجه ذو لحية سوادء أنيق الملبس ارتسمت على ثغره ابتسامه عذبه وفى عينيه نظره سعادة ومرح .. نظرت اليه لبرهه ثم ما لبثت أن رسمت ابتسامة واسعة على شفتيها ونظرت اليه بشوق ولهفة وعدم تصديق وهتفت بسعادة بالغة :
- كــريــم !


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-10-15, 05:04 PM   #30

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 22 )


أخذت "آيات" تتمشى بغير هدى سابحة فى أفكارها وأحلامها وطموحاتها .. أخذتها قدماها الى الفيلا .. التى شهدت كل ذكريات طفولتها وصباها .. نظرت الى الفيلا من البوابة الحديدية بنظرة اشتياق ممزوج بالحزن .. تنهدت وهى تتحسر على تلك الأيام التى ولت ولن تعود .. ترقرقت دموع الشوق فى عينيها .. الشوق لبيتها القديم .. لوالدها .. لـ "حليمة" .. لحياتها السابقة .. ثم ما لبثت أن نفضت تلك الذكريات عنها والتفت لتعود أدراجها .. لكنها فجأة وجدت من يمسك بذراعها من الخلف .. التفتت بحده .. فإصطدمت عيناها برجل سمح الوجه ذو لحية سوادء أنيق الملبس ارتسمت على ثغره ابتسامه عذبه وفى عينيه نظره سعادة ومرح .. نظرت اليه لبرهه ثم ما لبثت أن رسمت ابتسامة واسعة على شفتيها ونظرت اليه بشوق ولهفة وعدم تصديق وهتفت بسعادة بالغة :
- كــريــم !
اتسعت ابتسامته وهو يقول اليها :
- "آيات" .. مش مصدق .. كبرتى يا بنت انتى
أطلت الفرحة من عينيها وهى تقول بسعادة :
- أنا اللى مش مصدقه .. "كريم" انت جيت امتى .. وطنط و عمو جم معاك ولا لأ ؟
قال لها مبتسماً :
- لا محدش جه غيري .. هما لسه فى النمسا
ثم اخذ نفساً عميقاً وقال :
- أنا اللى اشتقت لمصر أوى .. فخدت بعضى وجيت
قالت "آيات" بفرحة كالأطفال :
- أنا فرحانه أوى انك جيت .. بجد فرحانة أوى
ثم قالت بعتاب :
- رغم انك مبتسألش عليا
قال معتذراً :
- معلش أنا عارف ان أنا قصرت معاكى .. بس بجد من يوم ما سافرت وأنا مطحون شغل .. لحد ما قولت ستوب كفاية أوى كده الواحد بأه ينزل بلده يعمله فيها مشروع صغير على أده ويتجوز ويستقر بأه
ابتسمت قائله بمرح :
- ايه ده انت لسه عانس ؟ .. مش عيب عليك ده انتى دلوقتى عندك يجي 33 سنة
أطلق "كريم" ضحكة عالية ثم قال :
- هو فى راجل بيعنس يا تحفه انتى
قالت "آيات" مازحه :
- أنا قولت بأه هترجع وفى ايدك واحده نمساوية مستوردة
ضحك قائلاً بمرح :
- لا مليش أنا فى المستورد .. البلدى يوكل برده
ابتسمت وقالت وهى تنظر اليه بسعادة :
- بجد لسه مش قادرة أصدق انى شوفتك
نظر اليها بسعادة وهو يقول :
- أنا اللى مبسوط أوى انى شوفتك .. ونفسى أشوف عمو "عبد العزيز" أوى .. هو فى الفيلا ولا فى الشركة ؟
ألقت "آيات" نظرة حزينة على الفيلا .. ثم ترقرقت عيناها بالعبارت وهى تقول :
- بابا اتوفى يا "كريم"
اختفت ابتسامة "كريم" لتحمل محلها تقطيبة جبينه وهو يهتف :
- لا حول ولا قوة الا بالله .. لا حول ولا قوة الا بالله
نظر اليها يتأمل عبراتها المتساقطة وشهقات بكائها قائلاً بأسى :
- طيب ادخلى دلوقتى ونتكلم بعدين عشان مينفعش تعيطى كده فى الشارع
مسحت عبراتها لتقول بمرارة :
- الفيلا اتابعت .. أنا مبقتش عايشة هنا
نظر اليها بدهشة .. ثم قال :
- ازاى يعني ؟
صمتت وهى تطرق برأسها أرضاً لتتساقط عبراتها من جديد .. جذبها من ذراعها وفتح باب احدى السيارات الواقفة أمام الفيلا المواجهة لفيلا "آيات" القديمة وقال :
- اركبي يا "آيات"
ركب خلف المقود وانطلق بها الى أحد المطاعم .. نظرت الى النيل بجوارها وهى شارده .. تأملها قائلاً :
- فاكرة لما كنت بفسحك وأجيبك هنا
التفتت تنظر اليه وهى تقول بإبتسامه حزينه :
- أيوة فاكرة
انحنى "كريم" على الطاولة واضعاً ذراعيه فوقها وهو ينظر اليها قائلاً :
- احكيلي يا "آيات" .. شكلك متغير كتير .. حسك بقيتي أكبر من سنك .. اتكلمى امتى عمو اتوفى وليه بعتى الفيلا وعايشه فين دلوقتى
قالت بأسى :
- أنا فعلاً حسه أكنى عندى 50 سنة يا "كريم" .. موجوعه أوى .. من كل حاجة
نظر اليها بإشفاق قائلاً :
- طيب اتكلمى .. ولا خلاص معدتيش بتعتبريني أخوكى الكبير
مسحت عبرة متساقطة وهى تقول :
- لأ طبعاً ازاى .. انت فعلاً أخويا يا "كريم" .. وطول عمرى بحب أحكيلك مشاكلى وبحب انك تنصحنى
- طيب اتكلمى أنا سمعك
أخذت نفساً عميقاً ..ثم .. روت عن وفاة والدها وعما قاسته من بعده من الديون والافلاس والبقاء بلا مأوى .. كان يعقد حاجبيه بقوة وهو يستمع اليها وينظر اليها بأسى .. انتهت من كلماتها فأعطاها منديلاً تكفكف به دمعها وهو يقول بحنان :
- مش عايزك تخافى طول ما أنا موجود يا "آيات"
نظرت اليه بإمتنان لما بثته كلماته القليلة .. الكثير من الأمان بداخلها .. فأكمل قائلاً بحزم :
- أول حاجة لازم تحصل انك تسيبي شقة زميلك دى .. ميصحش تعدى فى شقة واحد غريب وأخوكى موجود
ابتسمت ولم تعقب فأكمل بحيرة :
- وصحبتك دى اللى حكايتها حكاية .. كده مش هينفع تعدى معايا فى الفيلا .. بس مفيش مشكلة هسيبهالكوا وانزل أنا فى أى فندق مؤقتاً لحد ما نشوف الأمور هترسى على ايه
قالت "آيات" على الفور :
- لا يا "كريم" مش معقول نخرجك من بيتك .. وبعدين أنا خلاص هشتغل وهيبقى لى مرتب
قال "كريم" بجدية :
- ولحد ما تشتغلى ويبقى لك مرتب ازاى تفضلى عايشه فى شقة زميلك يا "آيات"
قالت بحرج :
- أنا اضطريت أعمل كده مكنش قدامى غير كده
تنهد قائلاً :
- عارف بس طالما فى بديل يبقى خلاص الوضع ده ميصحش يستمر أكتر من كده .. هتيجي تعدى انتى وصحبتك فى الفيلا .. لحد ما الأمور تتظبط
فكر قليلاً ثم نظر اليها وقال :
- شركة ايه اللى هتشتغلى فيها .. انتى بتقولى شركة والد زميلك .. طيب هتشتغلى ايه يعني
- هشتغل فى مكتب سياحى
رفع حاجبيه فى دهشة ثم قال :
- مكتب سياحى
صمت وعلامات الضيق على وجهه ثم قال :
- طيب مش وقت كلام فى الموضوع ده دلوقتى .. أهم حاجة دلوقتى انك تنقلى من الشقة دى النهاردة
أوصلها "كريم" الى بيت "أحمد" .. والتفت اليها قائلاً وهو ينظر الى العمارة والى المنطقة حولها :
- تحبي أستناكى
التفتت اليه وقالت :
- لا هناخد وقت على ما نرتب حاجتنا .. هتصل بيك لما أخلص
أخرجت هاتفها وقالت :
- قولى رقمك يا "كريم"
أمسك منها الهاتف ودون رقمه ثم اتصل به .. ثم قال :
- قوليلى رقم زميلك عشان أتصل بيه أشكره
قالت له "آيات" :
- مش معايا رقمه .. هو مع "أسماء" صحبتى
- طيب خلاص ابعتيهولى فى رسالة عشان أعرفه انكوا هتسيبوا الشقة و أشكره على اللى عمله معاكى
أومأت برأسها وتوجهت الى البناية .. استقبلتها "أسماء" قائله :
- كنتى فين يا بنتى ؟
أغلقت "آيات" الباب وعلامات الفرح على وجهها وقالت :
- "كريم" رجع من السفر
نزرت اليها "أسماء" بإسغراب وهى تقول :
- "كريم" مين ؟
قالت "آيات" بحماس وهى تضع حقيبة يدها فوق المقعد :
- "كريم" جارنا .. أخويا فى الرضاعة اللى حكتلك عنه
قالت "أسماء" وهى تمط شفتيها :
- مش فاكرة .. أنا فاكرة انك قولتيلى ليكى أخ بس مش فاكرة انتى قولتيلى ايه عنه
قالت "آيات" وهى تجلس على أحد المقاعد :
- ده ابن جيرانا اللى فى الفيلا اللى أصادنا .. مامته كانت صاحبة ماما الله يرحمها .. ولما ماما اتوفت بعد ولادتى طنط دى رضعتنى عشان كانت لسه والده جديد .. ومن كام سنة سافروا كلهم النمسا عشان عمو باباه جاله شغل هناك و"كريم" اشتغل هو كمان هناك
ثم أضافت بسعادة :
- بس هو دلوقتى رجع مصر لوحده .. فرحت أوى لما شوفته تانى .. بجد كنت مفتقداه جدا .. "كريم" ده يا بنتى أنا كنت بعتبره بابا التانى مش بس أخويا
ضحكت "أسماء" بتهكم وقالت :
- بابا !
قالت "آيات" بحما وهى تقف فى مواجهتها :
- تعرفى انه قالى اننا نسيب الشقة ونروح نعد عنده فى الفيلا
نظرت اليها "أسماء" بدهشة .. وبدت شاردة .. قالت لها "آيات" بقلق :
- ايه فى ايه مفرحتيش ليه افتكرتك هتفرحى
قطبت جبينها قائله :
- مش عارفه .. أنا طبعاً واثقة فيه لانك واثقة فيه .. بس أنا بقيت أخاف من الناس كلها .. وانتى بتقولى انه رجع لوحده يعني عايش لوحده
ثم استدركت :
- ولا هو متجوز ؟
- لا مش متجوز .. بس متقلقيش هو أصلاً قالى انه مش هيعد فى الفيلا وهيسبنى أعده فيها أنا اونتى لوحدنا لانه بدره شاف انه ميصحش انك تعدى فى الفيلا وهو موجود فيها
رفعت "أسماء" حاجبيها بدهشة وقالت مبتسمه :
- ده شكله طيب أوى
قالت "آيات" بحماس :
- طيب موووت ..بجد أكتر حد محترم ممكن تقاليه فى حياتك
ضحكت "أسماء" قائله :
- يا خسارة مامته دى عملت فيكي فصل بايخ أوى كان لازم ترضعك يعني حبكت
قالت "آيات" بمراره وفى عينها نظرة حزينه :
- لا كدة أحسن لان علاقة الأخوة هى اللى بتدوم .. لكن الحب بيخلص بسرعة
اختفت ابتسامة "أسماء" وهى تنظر الى "آيات" .. بدت على وشك البكاء لكنها تداركت نفسها بسرعة وهى تقول بمرح زائف :
- يلا بأه عشان نلم حاجتها هو مستنى اتصال منى
عكفت الفتاتان على تعبئة أغراضهما .. حانت من "أسماء" التفاته قائله :
- شكلة ايه "كريم" ده ؟
قالت "آيات" وهى تضع ملابسها فى حقيبتها :
- ريحى نفسك مش استايلك
- مش ستايلى ازاى يعني ؟
التفتت اليها "آيات" قائله :
- ملتحى وبيدقق فى كل حاجة .. يعنى بالنسبة لك هتشوفيه متشدد ورجعى
قالت "أسماء" بتهكم :
- آه قولتيلى
ابتسمت "آيات" وهى تقول شاردة :
- كان بينصحنى فى حاجات كتير وكنت على طول بسمع كلامه .. بس لما سافر ودخلت الجامعة .. معرفش .. حسيت انى لوحدى .. ونسيت كل اللى عملهولى واللى كان بيقولهولى
تنهدت بأسى قائله ونظرة حزن فى عينيها :
- ياريته فضل هنا .. خاصة لما بدأت أدخل الجامعة وأشوف ناس واختلط بناس .. أكيد كان هيغير نظرتى لحاجات كتير
لمعت عبرة فى عينها وهى تقول :
- وأكيد كان هيغير مشاعرى تجاه حاجات كتير
توقفت "أسماء" عن تعبئة أغراضها ثم نظرت الى صديقتها وسألتها بشك :
- "آيات" انتى لسه .......
قاطعتها "آيات" على الفور وقالت بصرامة شديدة :
- لأ
ثم التفتت الى حقيبتها تعاود جمع أغراضها .. وقفت "أسماء" تنظر اليها للحظات .. ثم انهمكت هى الأخرى فيما تفعل

*************************
طرق "أحمد" باب مكتب والده فى المنزل .. دخل ليجد والده جالساً مستغرقاً فى التفكير .. ابتسم وهو يجلس قبالته قائلاً بمرح :
- كانت جامده صح ؟
نظر اليه والده فأكمل "أحمد" بحماس :
- بجد أفكارها روعة .. ولو اطبقت فعلاً هنبقى فعلاً كسبنا السوق .. انا رأيى ندخل بقلب جامد .. الاقتراحات اللى قالتها "آيات" بجد ممتازة
اختفت ابتسامته وهو ينظر الى والده الذى يجلس واجماً .. سأله "أحمد" بإهتمام :
- فى حاجة يا بابا
قال "فؤاد" وهو يخلع عويناته ليعبث بها :
- الرجلين اللى كانوا هيشاركونى .. رفضوا الفكرة اللى "آيات" طرحتها
ثم أطلق تنهديه وقال :
- للأسف الاتنين رفضوا
مط "أحمد" شفتيه فى تبرم ثم قال :
- مش مشكلة أكيد هنلاقى حد غيرهم يشاركنا
ثم نظر الى والده وقلا بحنق :
- وبعدين مش احنا اتفقنا اسبوع ويفكروا .. ايه اللى خلاهم يردوا دلوقتى ومفتش كام ساعة من الاجتماع
قال "فؤاد" بحيرة :
- مش عارف
ثم نظر الى "أحمد" وقال بحزم :
- أفكارها فعلاً عجبتنى .. خاصة انها هتريح ضمير الواحد من انه يضطر يسمح بحاجات مش مظبوطة .. يعني الواحد هيشتغل ويكسب وينافس وكمان هيكون ضميره مرتاح
أرجع ظهره الى اخلف قائلاً بحزم :
- أنا هنفذ افكارها كلها .. ومش بس كده . .أنا كمان هخليها تشتغل فى القرية نفسها مش فى المكتب السياحى هنا
ابتسم "أحمد" فقال والده مبتسماً :
- وان شاء الله هلاقى حد يشاركنى .. رجال الأعمال المحترمة كتير و أكيد حد فيهم هتعجبه الفكرة ان شاء الله
قال "أحمد" بلهفة :
- يعني أفرحها وأبشرها ؟
- أيوة .. خلاص "آيات" من النهاردة موظفة فى شركتى .. وطبعاً "أسماء" صحبتها
خرج "أحمد" متوجهاً الى سيارته عازماً على الذهاب الى "آيات" ليخبرها بتلك البشرى بنفسه يرى علامات السعادة على وجهها .. رن هاتفه فرد قائلاً وهو يستعد لركوب السياره :
- ألو
- أستاذ "أحمد فؤاد" ؟
- أيوة أنا يا فندم
- مع حضرتك "كريم" أخو "آيات"
توقفت يد "أحمد" على مفتاح السيارة وهو يعقد حاجبيه فى دهشة .. أكمل "كريم" قائلاً :
- أنا متشكر جدا على اللى حصرتك عملته مع أختى .. وهى وصحبتها هيسيبوا الشقة النهاردة .. فياريت نتقابل عشان أديلك مفتاح الشقة
صمت "أحمد" يحاول أن يتوعب ما يسمع ثم قال :
- مفيش مشكلة .. شوف تحب نتقابل فين ؟
- أنا مستنى تليفون من "آيات" لما هتخلص لم حاجتها هى وصحبتها هتكلمنى ساعتها هكلمك وأجيلك أسلمك المفتاح
أنهى "أحمد" المكالمة وهو شارداً ثم هتف بحنق ممزوج بالدهشة :
- ده مين "كريم" ده ان شاء الله
أدار سيارته وانطلق فى طريقه الى "آيات"

****************************************
يتبع.......


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:51 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.