آخر 10 مشاركات
371 - رمال الحب المتحركة - ديانا هاملتون (الكاتـب : عنووود - )           »          زوج لا ينسى (45) للكاتبة: ميشيل ريد .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          [تحميل]غار الغرام ،"الرواية الثالثة" للكاتبة / نبض أفكاري "مميزة" ( Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          مذكرات مغتربات "متميزة ومكتملة " (الكاتـب : maroska - )           »          داويني ببلسم روحك (1) .. سلسلة بيت الحكايا *متميزه و مكتملة* (الكاتـب : shymaa abou bakr - )           »          نيران الجوى (2) .. * متميزه ومكتملة * سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          تسألينني عن المذاق ! (4) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          متاهات بين أروقة العشق(1) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          مشاعر طي النسيان- شرقية-للكاتبة المبدعة:منى الليلي( ام حمدة )[زائرة] *كاملة &الروابط* (الكاتـب : أم حمدة - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات العربية المنقولة المكتملة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-10-15, 09:23 AM   #1

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
Rewitysmile25 جــواد بلا فـــارس / للكاتبة منى سلامة بنوتة أسمرة ، مصرية مكتملة


،
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
،
نقدم لكم رواية منقولة
جــواد بلا فـــارس
للكاتبة / منى سلامة
بنوتة أسمرة
،
،
قراءة ممتعة لكم جميعاً......
،



ندى تدى likes this.

لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-10-15, 09:25 AM   #2

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

رابط لتحميل الروايه

https://www.rewity.com/forum/t332881.html#post10703911


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




مقدمتــى


لن أحبــك .. فأنت خارج عالمــي
لن أحبــك .. فأنت لست فارسي
لن أحبــك .. فلا تتعب نفسك معي
أحبـــــــــك ؟! .. هذا آخر مقاصدي
أعشقـــك ؟! .. بالتأكيد تمزح معي
أتمنــاك ؟! .. أفق من وهمك وعي
لست كغيري من النساء
فأنا امرأة ذات كبريـــــــاء
انحنى فقط لرب السماء
لن تصمد أمام ايمانى
لن تدخل أبداً أحلامى
ستموت وأنت تتمنانى
ستبكى دمــاً لفقدانى
لن أصبح احدى جواريــــك
لن أفعل شيئاً يرضيـــــــك
لن أفتح قلبي لمعاليـــــك
فسموك لا يرقى لأحلامى
أحلامى رجــلاً كيوســف
وأنت بالرجولة لا توصــف

بسم الله الرحمن الرحيم

نبدأ........



التعديل الأخير تم بواسطة فيتامين سي ; 27-10-15 الساعة 02:04 AM
لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-10-15, 09:27 AM   #3

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 1 )




تسللت آشعة الشمس الذهبية لتلقى بنورها على أحد الأبراج السكنية فى أحد أحياء القاهرة الراقية .. تململ "آدم" فى الفراش وفتح عينيه بتكاسل .. حانت منه التفاته الى المرأة النائمة بجواره .. أزاح الغطاء ونظر الى ساعة الموبايل .. ثم نهض وخرج من الغرفة وتوجه الى الحمام .. أخذ دشاً ثم وقف أمام مرآة الحمام يزيل بيده بخار الماء الذى ترسب عليها .. نظر الى وجهه الوسيم ذو الملامح الرجولية .. وعينيه الزرقاويين الواسعتين التى تدير عقول الفتيات .. وبشرة وجهه الخمرية وشعره الأسود الحريري الذى انسابت بعض خصلاته المتبلله على جبينه .. فأعطته مظهراً جذاباً .. اذا أضيف الي ذلك جسده الرياضى وعضلاته المفتولة إذن فنحن أمام رجل قل من تستطيع مقاومة جاذبيته .. خرج "آدم" من الحمام لافاً منشفة حوله وسطه وآخرى يجفف بها شعره .. عاد الى الغرفة وتناول ملابسه الملقاة على الأرض فى اهمال وبدأ فى ارتدائها .. وقف أمام مرآة التسريحة يمشط شعره عندما وقعت منه الفرشاة على البلور لتصدر صوتاَ مزعجاً .. تململت المرأة النائمة فى الفراش وفتحت عينيها تنظر الى آدم الواقف أمام المرآة .. ابتسمت وهى تحمل قطعة ملابس شفافه ملقاة على طرف السرير لترتديها ثم تتوجه اليه وتلف يدها حول خصره قائلاً :
- صباح الخير يا بيبي
قال "آدم" بصوت رجولى رخيم :
- صباح النور
قبلت وجنته قائله بدلع :
- رايح فين على الصبح كده ؟
نظر اليها فى المرآة قائلاً بسخرية :
- هكون رايح فين يعني .. الشغل طبعاً
قالت بدلال :
- طيب متخليك معايا النهاردة
تحرك "آدم" مبتعداً عنها وذهب ليلتقط هاتفه الموضوع على الأرض بجوار السرير .. ثم قال :
- مش هينفع يا "بوسي"
قالت وهى تغادر الغرفة :
- طيب استنانى هاخد شاور ونفطر سوا
كان مندمجاً فى مطالعة بريده الالكترونى على الهاتف .. ثم خرج من الغرفة وحمل جاكيت البدلة الملقى على أحد مقاعد غرفة المعيشة ثم خرج وأغلق الباب خلفه .. خرجت "بوسى" من الحمام على أثر صوت غلق الباب لتجد "آدم" قد غادر البيت فزفرت بضيق .. ثم عادت الى الحمام مرة أخرى .

*****************************************
خرج "آدم" من البناية الأنيقة وتوجه الى السيارة ذات الموديل الحديث الواقفة أمامها .. انطلق بالسيارة .. ليتوقف عند احدى الإشارات ينتظر فتحها .. اخرج سيجاراً من جيبه وأشعله وهو ينفث دخانها بعمق .. حانت منه التفاته الى السيارة المجاورة .. ليجد الفتاة التى تقود السيارة الواقفة بجواره تبتسم له .. بادلها ابتسامتها وأخذت نظراته تزداد جرئه وخبثاً .. انطلقت الفتاة فى طريقها بعدما فُتحت الإشار .. سار "آدم" بسيارته خلفها وهو يبتسم بخبث .. أوقفت الفتاة سيارتها أمام أحد المطاعم وهى تعى تماماً تتبع "آدم" لها .. دخلت وطلبت فنجاناً من الشاى وجلست على احدى الطاولات .. دخل "آدم" يبحث بناظريه عنها الى أن وقع نظره عليها .. كانت فتاة جميلة وترتدى تنوره قصيرة و بلوزه مكشوفة الذراعين .. توجه الى طاولتها وجلس بدون أى دعوة .. نظرت الفتاة اليه بنظرات تملأها الإعجاب والدهشة فى نفس الوقت .. قالت بترفع :
- أفندم .. هو حضرتك مش شافني أعده هنا ؟
قال وهو يعقد ذراعيه فوق الطاولة ويرمقها بنظرات جريئه :
- لا شايفك .. وحسك كمان
قالت الفتاة مصطنعه الجديه :
- لو سمحت قوم من هنا عندك الترابيزات ماليه المطعم
قرب كرسيه منها بجرأة وهمس لها وهو يرفع حاجبه بثقه :
- عجبنى المكان ده ومش هتحرك من هنا
ابتسمت الفتاة وقد أعجبتها جرأته وثقته بنفسه .. حضر النادل يحمل الشاى فطلب منه "آدم" فنجانا آخر .. قضى مع الفتاة قرابة الساعة فى التعارف والدردشة وانتهى اللقاء بتبادل أرقام الهواتف ومضى كل منهما فى طريقه و هو يلوح للآخر مودعاً

***************************
رن جرس الهاتف الى أن انقطع صوته ليعود مرة أخرى يرن بإصرار .. تحركت الفتاة النائمة فى منتصف الفراش وتمطعت فى كسل .. وهمت بأن تأخذ الهاتف عندها انقطع صوت الرنين .. فعادت الى النوم مرة أخرى .. لكنها استيقظت عندما سمعت صوت الرنين مجدداً .. أمسكت هاتفها ونظرت بعينين نصف مفتوحتين الى اسم المتصل ثم ألقت برأسها على الوسادة وهى ترد بصوت ناعس قائله :
- ألو
صاح صوت أنثوى قائلاً :
- أيوة يا "آيات" انتى فين ؟
فركت "آيات" عينها وهى تقول بصوت ناعس :
- فى السرير
صاح الصوت الأنثوى :
- والله العظيم انتى بتهرجى
بدأت "آيات" فى الاستيقاظ شيئاً فشيئاً وقالت :
- ايه فى ايه يا "أسماء" ؟
صاحت "أسماء" بحده :
- انتى مش هتجبيها لبر السنة دى .. قومى يا فالحه عندك امتحان شيت كمان نص ساعة
هبت "آيات" جالسه على الفراش وهى تقول :
- هااااااااااار اسود .. هى الساعة كام ؟
قالت "أسماء" بحنق :
- 11 ونص يا فالحه
صاحت "آيات" بفزع وهى تزيح الغطاء وتغادر الفراش :
- طيب اقفلى يا "أسماء" اقفلى
ألقت بهاتفها على الفراش وفتحت الباب وأخذت تصرخ قبل أن تتوجه الى الحمام الملحق بغرفتها :
- دادة .. دادة
دخلت "آيات" الحمام وفى سرعة فرشت أسنانها وتوضأت وخرجت من الحمام وهى تجفف وجهها بالمنشفة فإصطدمت بسيدة قصير القامة فى العقد السادس من العمر تحمل ملامحها الطيبة والحنان .. قالت "آيات" بعتاب وهى تتوقف بعد ان اصطدمت بها :
- كده يا دادة "حليمة" مش قولتك امبارح تصحيني عشان عندى امتحان شيت
قالت "حليمة" بإستغراب :
- يا بنتى انتى قولتيلى ان الامتحان بكرة مش النهاردة
خبطت الفتاة على جبينها وهى تقول بحنق :
- أوف .. صح معاكى حق قولتلك كده .. أنا غبية
أنهت "آيات "صلاتها وأسرعت بفتح الدولاب وأخرجت ملابسها فى عجاله .. ساعدتها "حليمة" وهى تقول :
- براحه يا بنتى فى العجلة الندامة
صاحت "آيات" وهى تنزلع ملابسها بسرعه :
- ندامة ايه يا "دادة" الإمتحان هيضيع عليا .. ده عليه 20 درجة من درجات المادة يعنى لو ضاع منى هتسوح
أمسكت "آيات" هاتفها لتنظر الى الساعة وتصيح :
- يا لهووووويز باقى ربع ساعة
توقفت "آيات" أمام المرآة لترتدى حجابها الذى أخذت فى عجاله تلفه على شعرها بإحدى الطرق الحديثه التى رأتها على احدى المذيعات فى أحدى القنوات فى التلفاز .. ثم نظرت الى وجهها الذى بدا بريئاً هادئاً بعينيها السوداوين التى لا تتميز بالإتساع لكنها أيضاً لا توصف بالضيق .. والى بشرتها الخمرية مائلة للسمره والى شفاهها الرقيقة .. مطت شفتيها فى تبرم .. ثم أخذت كريم الأساس الذى اشترته أفتح درجة من لونها الحقيقي ليضفي عليها لوناً أكثر بياضاً وأخذت قلم الحكل لترسم عينيها وتزيد من اتساعهما .. ومررت قلم الروج على شفتيها بطريقة تزيد من سمكهما .. ابتعدت خطوة لتنظر لنفسها فى المرآة بعين الرضا .. مطت "حليمة" شفتيها فى تبرم قائله :
- لو أبوكى شافك كده هيقطم رقابتك
التفتت اليها "آيات" بسرعة قائله بلهفه :
- هو لسه هنا ؟
قالت "حليمة" :
- لا نزل الشركة من بدرى
ابتسمت "آيات" وهى تلقى على نفسها نظرة سريعة فى المرآة قائله :
- طيب وهيعرف منين
توجهت الى حقيبة يدها فى عجاله ووضعت فيها هاتفها ثم نظرت الى "حليمة" قائله :
- باى يا دادة
قالت "حليمة" وهى تشيعها بنظراتها :
- مع السلامة يا بنتى
نزلت "آيات" درجات الفيلا بسرعة وتوجهت الى الجراج وأخرجت سيارتها لتسير بها بسرعة عالية وسط شوارع القاهرة

*******************************
- معلش يا دكتورة أصلها كانت تعبانه أوى امبارح وكانت فى المستشفى .. أنا اتصلت بيها وهى زمانها جايه
قالت المعيدة وهى تجمع أوراقها لتنصرف :
- أنا مليش دعوة بالكلام ده .. الإمتحان له معاد محدد
قالت "اسماء" برجاء :
- عشان خاطرى يا دكتورة .. انتى عارفه ان الامتحان ده عليه 20 درجة بحالهم
قالت المعيدة وهى تتوجه الى باب القاعة للخروج :
- دكتور المادة حدد معاد محدد للإمتحان وصحبتك اتاخرت .. مش فى ايديى بأه .. كلمى دكتور المادة
وقفت "أسماء" أمامها تمنعها من الخروج وهى تخرج هاتفها قائله :
- يا دكتورة بقولك هى كانت تعبانه .. وهى خلاص فى الطريق
اتصلت بـ "آيات" وبمجرد أن انفتح الخط صاحت "أسماء" :
- أيوة يا "آيات" انتى فين ؟
أتاها صوت "آيات" قائلاً بلهفه :
- أنا خلاص بركن أدام الجامعة أهو .. الامتحان خلص ؟
قالت "أسماء" :
- تعالى على قاعة " أ " بسرعة
أنهت "أسماء" المكالمة ونظرت الى الدكتورة قائله بلهفه :
- خلاص هى داخله الكلية أهى

أوقفت "آيات" سيارتها أمام الجامعة وخرجت منها مسرعة ودلفت من البوابة وهى تحث الخطى .. الى أن وصلت الى مبنى كُتب عليه بخط كبيرة " كلية التجارة " .. صعدت "آيات" الدرجات بسرعة وتوجهت الى القاعة " أ " .. استقبلتها "أسماء" على الباب قائله :
- بسرعة وقفتها بالعافية
دخلت "آيات" وتوجهت الى المعيدة قائله وهى تلهث :
- آسفه والله يا دكتورة .. الطريق كان زحمة موت
نظرت الدكتورة بشك الى "أسماء" ثم نظرت الى "آيات" قائله :
- الطريق كان زحمة ولا انتى كنتى تعبانه امبارح فى المستشفى ؟
وكزت "أسماء" "آيات" فى ذراعها ففهمت "آيات" وقالت بسرعة :
- كنت تعبانه جداً وبجد نزلت بالعافية رغم ان الدكتور كتبلى على راحه واللى زاد وغطى ان الطريق كان زحمه كمان
نظرت اليها المعيدة وهى تعطيها ورقة الإمتحان قائله :
- طيب يلا انجرى لو دكتور المادة شافك هيبقى سين وجيم
جلست "آيات" وأخذت تجيب على أسئلة الإمتحان .. انتظرتها "أسماء" بالخارج الى أن أنهت الإمتحان .. شكرت "آيات" الدكتورة بإبتسامه قائله :
- ميرسى يا دكتورة
جذبتها "اسماء" من ذراعها وتوجهت بها الى كافيتيريا الكلية وجلستا على احدى الطاولات .. نظرت "أسماء" الى "آيات" قائله بغضب :
- والله بتستهبلى .. ده أنا كان ناقص أبوس ايد المعيدة عشان متمشيش
ضحكت "آيات" وهى تقول :
- تسلميلي يا "سمسم"
قالت "أسماء" بغيظ :
- أهو ده اللى انتى فالحه فيه مبخدش منك غير كلام
قامت "آيات" وهى تقول :
- طيب هروح أعزمك على نسكافيه حلاوة جدعنتك معايا النهاردة
صاحت "أسماء" بمرح :
- نسكافيه بس .. ده انتى المفروض تعمليلي حفلة .. أنقذت 20 درجة كانوا هيضيعوا عليكي
قالت "آيات" بمرح وهى تنصرف :
- يختى مش لما أشوف هاخد منهم كام درجة الأول
عادت "آيات" حاملة أكواب النسكافيه البلاستيكيه .. ووضعت كوباً أمام صديقتها ..سمعت من خلفها صوتاً يهتف :
- ازيكوا يا بنات .. عملتوا ايه فى امتحان الشيت ؟
جلست "آيات" وهى تنظر الى الشاب خلفها قائله :
- ازيك يا ابنى عاش مين شافك .. غطسان فين مبشوفاكش فى السكاشن ؟
قال الشاب مبتسماً وهو يجلس بين الفتاتين على الطاولة :
- محسسانى ان احنا فى طب .. يا بنتى دى تجارة
قالت "أسماء" بمرح :
- طول عمرك فاشل يا "أحمد"
قال "أحمد" مازحاُ :
- سبنالكوا انتوا الدح
أخذت "آيات" تشرب من كوبها ببطء .. مد "أحمد" يده وأخذ الكوب الموضوع أمام "أسماء" ورشف منه قائلاً :
- الله كنت محتاج كوباية نسكافية تظبطلى دماغى
صاحت "أسماء" بحنق :
- ياباى على الغلاسه .. متروح تجيبلك واحد ده "آيات" جيباهولى
نظر "أحمد" الى "آيات" وهو يرشف رشفه أخرى قائلاً :
- مش مشكلة تروح تجيبلك واحد تانى
قالت "آيات" :
- ليه ان شاء الله .. مش قايمة تانى أنا
قامت "أسماء" وهى تقول بغيظ :
- أوف .. هروح أجيب أنا
نظر "أحمد" الى "أسماء" وهى تبتعد ثم التفت الى "آيات" ورمقها بنظراته قائلاً :
- عملتى ايه فى الإمتحان ؟
قالت "آيات" بلا مبالاة وهى تتجول بعينيها فى رواد الكافيتيريا :
- كان لذيذ .. بس فى كام نقطة فى التشوز وقعوا منى
ضحك "أحمد" قائلاً :
- يا بنتى ده تشوز يعني اعملى حادى بادى
ابتسمت "آيات" قائله بمرح :
- ما أنا لما فشلت فى انى أختار صح .. عملت حادى بادى
قال "أحمد" وهو يرمقها بنظرت اعجاب واضحة :
- بس انتى زى القمر النهاردة
نظرت اليه "آيات" بحدة وقالت:
- "أحمد" لو سمحت انت عارف انى مبحبش كده
قال "أحمد" بضيق :
- ليه بأه ؟
قالت "أيات" بحزم :
- لان احنا فريندرز وبس
قال "أحمد" بتبرم :
- وليه منكنش أكتر من فريندز يا "آيات" .. ليه منكنش ........
قطع كلامه بعدما أتت "أسماء" حاملة كوبها .. جلست فى مقعدها الذى تركته منذ قليل .. قام "أحمد" قائلاً :
- سلام أشوفكوا بعدين
غادر "أحمد" .. ونظرات "أسماء" تتابعه .. ثم نظرت الى "آيات" بلؤم قائله :
- قالك ايه ؟
قالت "آيات" بلا مبالاة :
- هيقولى ايه يعني
قالت "أسماء" مبتسمه بخبث :
- فاكرانى مفهمتش اللى حصل ؟
قالت لها "آيات" بنفاذ صبر :
- ايه اللى حصل يعني
قالت "أسماء" :
- اتعمد انه ياخد من أدامى كوباية النسكافيه عشان أقوم أجيب لنفسي غيرها و يخلاله الجو
هتفت "آيات" بحنق وهى ترمق صديقتها بنظرات غاضبة :
- ومادمتى عارفه كده ايه اللى خلاكى تقومى أصلاً
قالت "أسماء" ضاحكة :
- مبحبش أبقى عزول يختى
قالت "آيات" بغيظ وهى تنتقل الى المقعد المجاور لـ "أسماء" وتفرك لحم ذراعها بين اصبعيها بقوة :
- بطلى الاسلوب ده مبحبوش
هتفت "أسماء" بألم :
- دراعى يا مفترية
قالت "آيات" بتشفى :
- أحسن عشان تحرمى تغيظينى تانى
قالت "أسماء" وهى تفرك ذراعها بيدها :
- يا بنتى ده الواد هيموت عليكي من سنة أولى .. بلى ريقه بأه
قالت "آيات" بتأفف :
- أوف .. ميت مرة أقولك أنا وهو فريندرز وبس .. فضينا بأه من السيرة دى
صمتت "أسماء" قليلا ثم نظرت الى "آيات" قائله بتهكم :
- انسى اللى فى بالك ده خالص
ارتبكت "آيات" ونظرت اليها قائله :
- تقصدى ايه ؟
تبادلتا نظرة ذات معنى .. الى أن أشاحت "آيات" بوجهها .. فقالت "أسماء" :
- طيب طمنينى على الأقل .. الموضوع متطور معاكى لحد فين
صمتت "آيات" وأخذت تحرك الكوب الفارغ بين يديها .. فقالت "أسماء" :
- خلاص برحتك مش هضغط عليكي
التفتت اليها "آيات" قائله بضيق :
- اتخنقت .. مش احنا خلصنا ما تيجى نقوم نلف بالعربية شوية أو نروح النادى ؟
قالت "أسماء" بإستنكار :
- عندنا النهاردة محاضرتين ورا بعض
قالت "آيات" وهى تنهض وتحمل حقيبتها :
- كبرى
خرجت الفتاتان من الجامعة وتوجهتا الى سيارة "آيات" وانطلقا بهما فى شوارع القاهرة .

******************************************
دخل "أحمد" بسيارته الفيلا وأوقف سيارته فى الجراج ثم صعد الدرجات يصفر بمرح .. توجه الى غرفته وشرع فى تبديل ملابسه .. نزل الى الطابق السلفى وهو يدور بعينيه فى المكان .. الى أن ظهرت الخادمة فسألها قائلاً :
- بابا و ماما هنا ؟
فقالت الخادمة :
- أيوة يا فندم فى الجنينة
خرج "أحمد" ليجد والدته واقفة تساعد والده فى تقليم احدى الأشجار بالحديقة .. فأقبل عليها قائلاً بمرح :
- يعني "فؤاد" بيه "الأسيوطى" بجلالة قدره وحرمه المصون واقفين بنفسهم بيقصوا الشجر .. دى لو الصحافة شمت خبر هتبقى فضيحة بجلاجل
نظر اليه أبويه وضحكا عالياً .. ثم قال له والده "فؤاد" :
- ليه بأه ان شاء الله .. عيب ولا حرام
قالت أمه مبتسمه :
- من امتى بأه قص الشجر فضيحة
أقبل عليها "أحمد" وقبل يدها قائلاً بمرح :
- الايدين الحلوة دى تتلف فى حرير مش تقص شجر
ضحك أبوه قائلاً :
- انت عارف انى بحب أعتنى بالجنينة بنفسي و والدتك بتحب دايماً تساعدنى فى كل حاجة اعملها
التفتت أمه اليه وقالت بلهفه :
- قولى عملت ايه فى امتحان النهاردة ؟
قال "أحمد" مبتسماً :
- حليته بصابع رجلى الصغير
ضحك أبو بتهكم قائلاً :
- آه هتقولى على نباهتك .. عارفها كويس .. بدليل انك بقالك 3 سنين فى سنة رابعة مش عايز تطلع منها
قالت أمه بضيق :
- متعكننش عليه بأه .. هو وعدنى انه هينجح السنة دى ان شاء الله
ثم التفتت اليه قائله :
- مش كده يا "أحمد" ؟
قال "أحمد" مبتسماً :
- طبعاً يا ست الكل أنا وعدتك
قال "فؤاد" متهكماً :
- طيب ما انت وعدتها السنة اللى فاتت واللى قبلها وبرده سقطت
قالت زوجته بضيق :
- "فؤاد" بلاش كلمة سقطت دى
قال "فؤاد" صاخراً وهو يخلع الجوانتى السميك الذى يرتدي :
- والله أنا مش عارف ايه أخرة دلعك فيه .. ده لو بنت مش هتدلع كده ؟
عانق "أحمد" أمه قائلاً :
- ربنا يخليكي ليا يا ماما انتى اللى نصفانى فى البيت ده
صاح "فؤاد" قائلاً :
- أيوة اتلميتوا على بعض
ثم قال :
- أنا رايح المكتب .. لما الغدا يجهز نادولى

******************************************

وضعت "آيات" هاتفها النقال بين أذنها وكتفها وجلست على فراشها تصبغ أظافر يدها بالمانكير .. وتحدثت بضيق قائله :
- ما انتى عارفة بابا يا "أسماء" .. مستحيل هيرضى انى أسافر سفريه فيها بيات
قالت "أسماء" بضيق :
- باباكى ده صعب أوى .. وكمان مش سامحلك تتأخرى بره البيت عن 10 بالليل .. يعني ايه أخرك 10 بالليل .. الناس أصلا بتبتدى تخرج الساعة 10
قالت "آيات" بحنق :
- خلاص بأه مش هنفضل نعيد ونزيد فى الكلام متخنقنيش انتى كمان
قالت "أسماء" بحزن :
- كان نفسي تيجي معايا أوى
زفرت "آيات" بضيق قائله :
- وأنا كمان .. انتى عارفه أنا بحب شرم أوى .. بس مش هينفع موضوع البيات ده
ثم قالت :
- طبعاً باباكى وافق
ضحكت "أسماء" قائله :
- آهااا باباتى حبيبى وافق طبعاً .. ماما اللى عصلجت شوية .. بس بابا راضانى ووافق
قالت "آيات" بمرح :
- باباكى ده راجل سكر .. مفيش زيه .. يا سلام لو يعد مع بابا شويه يعلمه ازاى يبقى أب فرى كده
سمعت "آيات" طرقات على باب غرفتها فقالت :
- ده أكيد بابا دى خبطته .. خليكي معايا هشوفه وأرجعلك
ألقت "آيات" هاتفها على الفراش وأخذت تنفخ فى أظافرها وتحركها فى الهواء لتجففها .. فتحت الباب ثم ابتسمت للرجل الوقور الذى يغطى الشيب رأسه قائله :
- بابا حبيبى
اقترب منها الرجل وقبل رأسها قائلاً :
- حبيبة بابا .. اعدة لوحدك وأنا آعد لوحدى .. متيجي نعد نتفرج على التى فى مع بعض
قالت "آيات" وهى تقبل وجنته :
- حاضر يا بابا هقفل بس مع "أسماء" و أنزل أعد معاك
نظر والدها الى هاتفها الملقى على الفراش وقال بمرح :
- انتوا مبتبطلوش رغى أبداً
ضحكت "آيات" قالئه :
- واحنا ورانا ايه غير الرغى
مسح على شعرها قائلاً :
- طيب يا حبيبتى هستناكى تحت
شيعته بإبتسامه ثم أغلقت الباب وعادت الى هاتفها لتضعه على أذنها قائله :
- "أسماء" انتى لسه عايشة ؟
ضحكت "أسماء" قائله :
- عايزانى أموت عشان مسافرش شرم للدرجة دى قلبك اسود وحقوده
ضحكت "آيات" قائله :
- آه بصراحة متغاظة منك عشان هتروحى وأنا لأ
ثم قالت بجديه :
- لا بجد اوعى تفكرى انى ممكن أحقد عليكي أو أبقى غلاويه كده .. انا مش كده والله يا "أسماء"
قالت "أسماء" بسرعة :
- انتى عبيطه يا بنت انتى .. انا بهزر معاكى
قالت "آيات" :
- طيب يلا من غير مطرود عشان نزله أعد مع بابا سيباه لوحده من ساعة ما جه من بره
قالت "أسماء" ضاحكة :
- ساعات بحس انك مراته مش بنته .. يلا سلام أشوفك بكرة فى الكلية
ثم هتفت قائله :
- عندنا بكرة امتحان شيت تانى اوعى تروح عليكي نومه زى النهاردة .. لو نمتى تانى لا انتى صحبتى ولا أعرفك مش هترجى المعيدة تانى
قالت "آيات" :
- لا متقلقيش يا "سمسم" هخلى دادة تصحيني .. يلا باى
- باى

*****************************************
جلست "آيات" على الأريكة بجوار والدها لمشاهدة التلفاز .. كانت مندمجه فى المشاهدة وهى تضع حبات الفشار فى فمها بنهم .. التف "عبد العزيز" والدها ينظر اليها وقد رُسمت ابتسامه حانيه على وجهه .. لف ذراعه حول كتفيها وقربها منه مقبلاً رأسها .. رفعت نظرها اليه مبتسمه فقال لها :
- تعرفى يا "آيات" من يوم وفاة أمك الله يرحمها .. ومفيش حاجة ماليه حياتى غيرك .. انتى اللى منوره حياتى بوجودك فيها وأى حاجه غيرك متهمنيش
دفنت "آيات" وجهها فى صدره وهى تقول :
- انت كمان يا بابا اللى وجودك منور حياتى ربنا ما يحرمنى منك أبداً
اقتربت دادة "حليمة" مبتسمة وهى تراهما هكذا .. وقالت بصوت حانى :
- يلا يا "آيات" يا بنتى عشان تنامى عندك امتحان الصبح
نظر "عبد العزيز" الى "آيات" بدهشة :
- عندك امتحان الصبح ؟ .. وايه اللى مسهرك لحد دلوقتى ؟
قالت وقد بدأ النعاس يزحف الى عينيها :
- مكنتش عايزه أنام
أوقفها والدها قائلاً بحزم :
- يلا على أوضتك يا "آيات"
ابتسمت "آيات" وانحنت لتقبل وجنته قائلاً :
- تصبح على خير يا بابا
رد والدها مبتسماً :
- تصبحى على خير يا حبيبتى
صعدت "آيات" الى غرفتها .. توجهت الى الدولاب لتختار ما ستدرتديه فى الغد .. فغداً يوم مميز بالنسبة لها .. لأنها غداً ... ستـــراه.

*****************************************

بعد منتصف الليل بعدة ساعات .. دخل "آدم" بسيارته أحد أحياء القاهرة الشعبية وتوقف أمام احدى البنايات .. بدت سيارته الحديثة متناقضة مع الأجواء حولها .. صعد "آدم" الدرجات برشاقه الى ان توقف أمام أحد الأبواب وأخرج مفتاحه ليفتح الباب بهدوء .. أغلق الباب خلفه وضغط على زر المصباح بجوار الباب .. التفت وشهق بفزع :
- خضتيني يا ماما
نظر الى المرأة الجالسه على مقعد الصالون الكبير .. امرأة فى العقد السادس من العمر يبدو عليها علامات الوهن والضعف .. وقفت أمامه ونظرت اليه بتبرم قائله :
- كل يوم يا "آدم" ترجع وش الصبح .. ده غير بياتك بره كل شويه والتانى
زفر "آدم" بضيق وهو يقول :
- هو أنا صغير يا ماما .. انا راجل وعندى 32 سنة يعني مش عيل صغير
قالت أمه بعصبيه :
- وعشان ما انت راجل ومش صغير المفروض تصرفاتك تكون أعقل من كده يا "آدم"
قال "آدم" وهو يتوجه الى غرفته :
- نكمل خناق الصبح .. انا مصدع وعايز أنام
كاد ان يغلق باب غرفته فأوقفت أمه الباب بيدها ونظرت اليه قائله :
- اتعشيت ؟
اومأت برأسه قائلاً :
- أيوة
نظرت اليه بعتاب ثم تركته ودخلت غرفتها .. أغلق "آدم" باب غرفته التى كانت تحتوى على آثاث متواضع لكنه جيد .. خلع قميصه وتوجه الى حاسوبه وجلس ينظر الى بريده الالكترونى .. زفر بضيق عندما لم يجد مبتغاه وأخرج سيجاراً وأشعله وظل ينفث دخانه بعصبيه ..
ثم أغلق الحاسوب وتوجه الى فراشه بعدما أنهى سيجاره واغلق المصباح وغط فى سبات عميق

**************************************
استيقظت "آيات" من فورها بعدما نادتها "حليمة" قائله :
- "آيات" .. اصحى يا بنتى عشان امتحانك
كان يبدو عليها النشاط بعكس الأمس .. أخذت دشاً سريعاً وارتدت ملابسها التى اختارتها بعناية الليلة الماضية .. وكالعادة وقفت أمام المرآة تضيف على ملامحها البريئة لمسات تخفى بها برائتها وبساطتها وتظهرها كإمرأة .. توجهت الى باب الفيلا فقالت بها "حليمة" قبل أن تغادر :
- مش هتفطرى يا "آيات" ؟
قالت "آيات" وهى تلوح لها مودعة :
- هفطر فى الجامعة يا دادة .. باى
توجهت الى سيارتها وانطلقت بها .. توقفت أمام الجامعة وخرجت لترتدى نظارتها الشمسية التى أضفت عليها بعض الغموض .. توجهت برشاقه الى داخل الحرم الجامعى .. قابلت "أسماء" فى الكافيتيريا .. فقالت "أسماء" بمرح :
- كويس ناموسيتك مكنتش كحلى زى امبارح .. يلا بينا نراجع خلاص معدش وقت
جلست الفتاتان معاً تراجعان بعض النقاط وتخبر كل منهما الأخرى عن توقعاتها لأسئلة الإمتحان .. ثم حان وقت الإمتحان ودلفتا الى داخل القاعة .. جلس "أحمد" على المقعد المجاور لـ "آيات" ونظر اليها مبتسماً فبادلته ابتسامته .. انتهى الإمتحان وخرجت الفتاتان لتعودا الى الكافيتيريا مرة أخرى .. قالت "آيات" بضيق :
- دكتور غبي
قالت "اسماء" بتبرم وهى تنظر الى ورقة الأسئله :
- امتحان مستفز لأبعد حد
زفرت "آيات" بضيق قائله :
- ده امتحان يجيبه فى الشيت أمال فى امتحان الترم هيعمل ايه .. ده هينفخنا
قالت "أسماء" وهى تطوى ورقة الإمتحان وتضعها فى حقيبتها :
- سيبك كبرى .. تعالى نشرب حاجة نروق بيها دمنا
بعد نصف ساعة بدأت "آيات" فى مراقبة ساعة الموبايل بإهتمام .. فنظرت "أسماء" الى وهى تقول بلؤم :
- فى ايه كل شوية تبصى لساعة الموبايل ؟
قالت "آيات" بغيظ :
- وعرفتى منين انى ببص لساعة الموبايل
قالت "أسماء" بسخريه :
- أمال بتبصى لايه ؟ للثيم مثلاً ؟
لم تجيبها "آيات" وتظاهرت بالإنشغال بالنظر الى رواد الكافيتيريا .. مرت الدقائق لتعلن الساعة الواحده الا عشر دقائق .. فأخذت "آيات" تلملم فى أشيائها وهى تقول لـ "اسماء" :
- يلا يا "أسماء"
قالت "أسماء" دون أن تتحرك من مكانها :
- يلا فين ؟
نظرت اليها "آيات" قائله :
- يلا عندنا محاضرة "ادارة أعمال" بعد عشر دقايق
قالت "أسماء" بلؤم :
- اشمعنى يعنى محاضرات "ادارة الأعمال" اللى بتصرى نحضرها
قالت "آيات" وهى تنهض مغادرة :
- أنا هحضرها عايزة تحضريها احضريها مش عايزة استنيني هنا لحد ما المحاضرة تخلص
نهضت "أسماء" وهى تسرع خلف "آيات" .. جلستا متجاورتين فى المدرج الذى ازدخر بالطلبة والطالبات .. سألت احدى الطالبات :
- هو الدكتور اتأخر ليه ؟
ردت أخرى :
- متأخرش ولا حاجة دى كلها 5 دقايق
ردت طالبة أخرى ضاحكة :
- ان مكنش ده يتأخر أمال مين اللى يتأخر
قالت أخرى بهيام :
- يخربيت كده ده عليه جوز عيون يهبلوا
شعرت "آيات" بالضيق وهى تستمع الى تلك التعليقات .. وفجأة انخفضت الأصوات تدريجياً وتعلقت الأنظار بالشخص القادم .. التفتت "آيات" تنظر الى باب المدرج وقلبها يخفق بسرعة وارتسمت ابتسامه صغيره على شفتيها ونظره حالمه فى عينيها .. دخل "آدم" المدرج ووقف على المنصة أمام المكتب ببدلته الأنيقة وملامحه الوسيمة ونظرات كالبحر متلاطم الأمواج .. نظر الى الطلاب قائلاً بصوته الرخيم :
- مساء الخير
ردد الطلاب :
- مساء الخير يا دكتــور "آدم"



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-10-15, 09:32 AM   #4

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 2 )


وفجأة انخفضت الأصوات تدريجياً وتعلقت الأنظار بالشخص القادم .. التفتت "آيات" تنظر الى باب المدرج وقلبها يخفق بسرعة وارتسمت ابتسامه صغيره على شفتيها ونظره حالمه فى عينيها .. دخل "آدم" المدرج ووقف على المنصة أمام المكتب ببدلته الأنيقة وملامحه الوسيمة ونظرات كالبحر متلاطم الأمواج .. نظر الى الطلاب قائلاً بصوته الرخيم :
- مساء الخير
ردد الطلاب :
- مساء النور يا دكتــور "آدم"
حاولت "آيات" بصعوبه اخفاء البسمة التى ارتسمت على شفتيها حال رؤياه .. قال "آدم" وهو ينظر الى الأوراق أمامه :
- حد يفكرنى وقفنا فين المرة اللى فاتت
قال أحد الطلاب :
- ..........
اومأ "آدم" برأسه وبدأ محاضرته .. استمرت المحاضرة قرابة الساعتين .. قرب انتهاء المحاضرة بدا على الجميع الملل والحنق والرغبة فى انتهاء المحاضرة بإستثناء "آيات" .. التى كانت تنظر الى "آدم" تراقب كل حركة وكل سكنة وكل ايماءة وكل التفاته .. التفتت اليها "أسماء" قائله :
- اطلبي منه صورة أحسن
وكزتها "آيات" فى ذراعها بقوة فقالت "أسماء" بغيظ :
- كوعك عامل زى المسمار يا بنت انتى
قالت "آيات" بتشفى :
- أحسن عشان تحترمى نفسك
هتفت "أسماء" بصوت منخفض :
- انتى مش شايفة نفسك بتبصيله ازاى .. ده انتى هاين عليكي تاخديه فى ايدك وانتى خارجه من المحاضرة
وكزتها "آيات" مرة أخرى بقوة أكبر .. فلم تستطع "أسماء" كتم صرخة ألم :
- آآه
لم يكن صوتها عالياً للدرجة .. ولكنه كان ملفتاً خاصة مع السكون الذى كان سائداً فى المدرج .. التفت "آدم" الى مصدر الصوت .. فالتقت عيناه بعيني "آيات" .. شعرت بقلبها ينبض بجنون داخل صدرها .. وحبست أنفاسها وتضرجت وجنتاها بحمره خفيفه أخفتها الأصباغ الصناعية التى كانت تضعها على وجهها .. عاد "آدم" ليلتفت الى شرحه وهو ينقل نظره بين طلابه بلامبالاة .. نظرت "آيات" الى "أسماء" بغضب والتزمتا الصمت .. انتهت المحاضرة فتابعته "آيات" بعيناها وهو ينصرف قبل الطلاب .. ساد الهرج والمرج وخرجت الفتاتان من المدرج .. وقفتا أمام الكلية تتحدثان فقالت "أسماء" :
- متيجى نروح النادى النهاردة حسه انى مخنوقة
قالت "آيات" وهى تشعى بالملل :
- وأنا كمان
ثم قالت :
- وكمان هكلم "ايمان" و "سمر" ييجوا معانا
قالت "أسماء" بمرح :
- أوكيشن

توجهت الفتاتان الى النادى وجلستا حول احدى الطاولات فى انتظار حضور صديقتيهما .. قالت "أسماء" وهى تنظر الى "آيات" بعتاب :
- برده مش عايزه تتكلمى معايا
زفرت "آيات" بضيق دون أن تنطق بشئ .. فقالت "أسماء" بغضب :
- بس ابقى خليكي فاكراها يا "آيات" .. والله ما عدت حكيالك أى حاجه تانى
قالت "آيات" بحنق :
- مفيش أصلاً حاجة تتحكى
قالت "اسماء" بعناد :
- حاولى .. هتلاقى الكلام بيتسرسب منك واحدة واحدة
صمتت "آيات" لفترة ثم قالت بحزن :
- كل الحكاية انه عجبنى مش أكتر من كده يعني
قالت "أسماء" مبتسمه :
- ليكي حق يا "يويو" الراجل موز ودكتور فى الجامعة
نظرت اليها "آيات" بغضب قائله :
- احترمى نفسك يا "أسماء" لو سمحتى
ضحكت "أسماء" قائله :
- ده بجد بأه
ظهرت علامات الضيق على وجه "آيات" فإقتربت "أسماء" بمقعدها منها ووضعت يدها على يد "آيات" قائله بإهتمام :
- اتكلمى يا "آيات" .. قوليلى اللى جواكى
قالت "آيات" بنفس النظرة الجزينة :
- مفيش حاجة تتقال
قالت "أسماء" بجدية :
- بس أنا عمرى ما شوفتك كده يا "آيات" .. عمرى ما حسيت انك ممكن تنجذبى لحد كده .. ما فى ولاد كتير حوالينا وأمامير وستايل وولاد ناس .. بس انتى عمرك ما اهتميتي بحد منهم .. فمستغرباكى أوى .. لانى مشفتكيش قبل كده بتنجذبى لحد من مجرد شكله
نظرت اليها "آيات" وقالت بحده :
- أنا منجذبتلوش عشان شكله
قالت "أسماء" بإستغراب :
- أمال عشان ايه ؟ .. انتى أصلاً متعرفيهوش
قالت"آيات" وكأن شريط سينيمائى يمر من أمام عينيها :
- فى سنة أولى قبل ما أتعرف عليكي .. كان لسه بابا مجبليش العربية .. كنت بروح الجامعة فى تاكسى .. او بابا بيبعت معايا العربية بالسواق .. فى اليوم ده كنت راكبه تاكسى .. ونزلت أدام الجامعة .. معرفش ايه اللى حصل لقيت فجأة تاكسى تانى بيفرمل جامد أدامى وبيخبط فى الرصيف .. معرفش أنا اللى منتبهتش ولا هو اللى غلطان .. نزل السواق من التاكسى بتاعه وفضل يزعق فيا جامد أوى لدرجة انى عيطت وسط الشارع
كانت "أسماء" تسمع الى "آيات" بإهتمام فأكملت قائله :
- كنت فى موقف محرج أوى والراجل مش عايز يهدى ومش عايز يعديني واكمن العربية خبطت فى الرصيف كان عايز تمن التصليح وأنا ساعتها مكنش معايا المبلغ اللى طلبه كتعويض
اتسعت عينا "أسماء" وهى تستمع الى كلام "آيات" التى أكملت قائله بإتبسامه خفيفه :
- بعدها لقيت دكتور "آدم" جه .. شكله كان داخل الجامعة ولقى الخناقة والراجل وهو بيزعقلى .. المهم فضل يتكلم مع الراجل ويقوله متزعقلهاش كده دى بنت .. والراجل برده فضل يزعق ومصر ياخد فلوسه قولتله هتصل ببابا يبعتلى حد بالفلوس وافق بس بشرط انى افضل معاه متحركش لحد ما بابا ييجى
ثم نظرت "آيات" الى "أسماء" مبتسمه بخجل وهى تقول :
- كنت خايفه من الراجل أوى .. وكنت بعيط .. بس دكتور "آدم" فضل واقف معايا ومرضاش يمشى ويسيبنى واقفه معاه لوحدى .. حسيته كان مضايق من اللى حصلى وفضل يقولى متخفيش ميقدرش يعملك حاجه .. وفضل واقف جمبي .. كنت أول مرة أشوفه .. ومكنتش حتى اعرف انه دكتور عندنا فى الكلية
ثم أكملت :
- بابا جه بنفسه واتفاهم مع الراجل وساعتها دكتور "آدم" سألنى انتى كويسه .. قولتله أيوة .. قالى معلش راجل معندوش دم متزعليش نفسك أنا لو كان معايا المبلغ دلوقتى كنت دفعتهوله ومكنتش وقفتك كده
صمتت "آيات" قليلاً ثم قالت :
- بصراحة احترمته أوى وحسيته رجل أوى .. ومش عارفه دى تهيآت ولا ايه بس حسيت بنظرات عينه حنينه أوى وهو بيبصلى .. بعد كده بابا شكره انه كان جمبى ودافع عنى .. بس .. شوفته بالصدفة فى الكلية وعرفت انه بيدي مادة فى سنة رابعه .. آدى كل الحكاية
التفتت "أسماء" الى "آيات" قائله :
- بس أنتى عمرك ما قولتيلى انك حسه بحاجه نحيته
قلت "آيات" بحزن :
- أنا نسيت الموضوع وشيلته من بالى .. بس لما شوفته فى بداية السنة دى وبقيت بشوفه كتير .. مش عارفه .. على طول بفتكر الموقف اللى عمله معايا
ثم نظرت الى "أسماء" وقالت بحماس :
- تحسيه راجل كده .. مش حتت عيل .. يعني تحسيه واثق من نفسه وبيدافع عنك وخايف عليكي وبيحميكى
ثم تنهدت قائله :
- تفتكرى أنا مكبرة الموضوع ؟
قالت "أسماء" بعد تفكير :
- بصى مش عايزة أعشمك بحاجة .. وفى نفس الوقت مش عايزة اضايقك .. بس أنا مش شايفه أى اهتمام من نحيته يا "آيات"
قالت "آيات" بحزن وهى تطرق برأسها :
- عرفه
نظرت اليها "أسماء" قائله :
- طيب ما تحاولى تلفتى انتباهه
قالت "آيات" بدهشة :
- ازاى يعنى ؟
قالت "أسماء" بحيره :
- مش عارفه
فكرت "آيات" قليلاً ثم قالت بكبرياء :
- لا مش هحاول ألفت انتباهه .. هو لو حس بحاجه نحيتى يبقى منه لنفسه .. ولو محسش خلاص هو حر مش هضربه على ايده عشان يحبنى
ثم ظهر الحزن مرة أخرى فى عينيها وقالت وكأنها تحدث نفسها :
- تفتكرى ممكن يحبنى ؟
قالت "أسماء" :
- مش يمكن أصلاً يكون متجوز
التفتت اليها "آيات" قائله بثقه :
- لا مش متجوز .. مش لابس دبلة
قالت "أسماء" بتهكم :
- مش شرط كل الرجاله المتجوزين يلبسوا دبلة يا "آيات"
قالت "آيات" بثقه :
- لا أنا واثقه انه مش متجوز لانى عارفه الأكاونت بتاعه على الفيس وكاتب فى البروفايل بتاعه سينجل
قالت" أسماء" بدهشة :
وعرفتى الاكاونت بتاعه منين ؟
قالت "آيات" :
- من الجروب بتاع الكلية فى مرة رد على بوست فعرفته من الاسم ومن الصورة
قالت "أسماء" بعتاب :
- ما شاء الله .. كل ده من ورايا
مازحتها "آيات" قائله :
- متزعلش بأه يا "سمسم" .. أصلاً مفيش حاجة عشان أحكيها .. مجرد احساس من طرف واحد يعني حاجة عبيطة مش مستاهله تتقال
فى تلك الأثناء أقبلت فتاتان فى اتجاههما كان بينهما عامل مشترك ألا وهو ملابسهما الواسعة الفضفاضة وحجابهما الطويل .. ابتسمت "آيات" فى سعادة وهى تهتف قائله :
- "إيمان" .. "سمر"
قامت "أسماء" و "آيات" للترحيب بالفتاتين ومعانقتهما .. ثم التفوا معاً حول الطاولة .. بدا للناظر من بعيد أنهم مجموعة غريبة .. فتاتان بكامل زينتهما ويرتديان الملابس الضيقة المثيرة وأخرتان بدون أى زينه وترتديان ملابس محتشمه .. قالت "آيات" فى سعادة بالغة :
- وحشتونى أوى .. انتوا بجد أندال ليه مش بنجتمع مع بعض على طول .. لازم يعنى أفضل ألح عليكوا عشان نتقابل
ابتسمت "سمر" قائله :
- معلش يا "آيات" انتى عارفه أنا مشغوله أد ايه فى المستشفى
قالت "أسماء" ضاحكة :
- مش عارفه ايه اللى يخليكى تدخلى طب أصلا ملها تجاره ... زى الفل
ضحكت "سمر" قائله :
- آه فل أوى .. ده انتوا فى التراوه خالص
هتفت "أسماء" متظاهرة بالغضب :
- قصدك ايه بأه ده بتوع تجارة دول أجدع ناس .. تنكرى
قالت "سمر" ضاحكة :
- لا طبعاً منكرش .. كنت بهزر معاكى .. وبعدين يا ستى أهى كلها شهادة
التفتت "آيات" الى "ايمان" قائله بمزاح :
- ايه أخبار دكتور السنان الفاشلة ؟
قالت "إيمان" بغيظ :
- عارفه لو عدتى تقوليلى فاشلة تاني هعملك فيكي ايه
قالت "آيات" مبتسمه :
- الا قوليلى يا "ايمان" هو المفروض أغسل سنانى كام مرة فى اليوم عشان ميحصليش مشاكل فى سنانى ؟
قالت "ايمان" وهى تخرج بسكويت من حقيبتها وتتناوله :
- ازاى يعني ؟ .. هو انتى بتغسلى سنانك كل يوم
قالت "آيات" بدهشة :
- أيوة طبعاً وبابا بيضايق منى لو مغسلتهمش مرتين فى اليوم
صاحت "ايمان" قائله :
- أما فرفورة صحيح
ضحكت الفتيات وصاحت "آيات" :
- أنا اللى فرفورة ولا انتى اللى دكتورة سنان فاشلة .. انا مش عارفه أصلاً انتى طلعوكى من اعدادى ازاى
قالت "ايمان" لتغيظها :
- يلا يا نايتي .. أنا أصلا ايه اللى خلانى أعرف شويه بنات نايتي زيكوا كده مش عارفه .. بكرة تشوفى اسمى على أكبر عيادات الأسنان فى البلد وتطلبوا منى معاد عشان تقابلونى وتبقى السكرتيرة بتاعتى تقولكوا دكتورة "ايمان" مشغوله تعالوا بعد شهر
أكملت "أسماء" ضاحكة :
- آه مشغوله لان العيانين اتلموا عليها وادولها حتة علقه مرقداها شهر فى المستشفى فتعالوا لما صحتها تتحسن وتنسى الشرخ اللى حصل فى كرامتها
تظاهرت "ايمان" بالنهوض والمغادرة وهى تقول :
- تصدقوا ان خسارة فيكوا انى أعد معاكوا أصلاً
جذبتها "سمر" قائله :
- خلاص يا "ايمان" بنهزر معاكى انتى عارفه ان محدش بيقدر قيمة المواهب العبقرية اللى زيك فى البلد دى
جلست "ايمان" وقالت بترفع :
- بكرة تشوفوا "ايمان" دى هتبقى ايه
ثم قالت :
- مش هناكل حاجة
طلب الجميع مشروباً غازياً بجانب وجبة الغداء .. فقالت "ايمان" بتهكم :
- وكمان طالبينها دايت .. ده انتوا بجد فرافير
قالت "آيات" مبتسمه :
- أنا بخاف أتخن أوى
قالت "ايمان" بتهكم :
- أمال أنا مش خايفة ليه وأنا أدك 3 مرات يا "آيات"
كانت "ايمان" ذات وزن كبير .. بالنظر الى الفتيات الثلاثة فهى تبدو أكثرهن ضخامة .. ليس طولاً فقط وزناً وعلى الرغم من ملابسها الفضفاضة الواسعة الى أنها أظهرت مدى زيادة وزنها
قالت "سمر" بإهتمام :
- قولتلك كتير يا "إيمان" لازم تهتمى بأكلك أكتر من كده .. ده انتى يا بنتى مبتعرفيش تمشى على دايت أكتر من 3 أيام
قالت "إيمان" بسخرية :
- وأمشى على دايت ليه شيفانى تخينه .. ده أنا يدوبك برميل بس
انفجرت الفتيات فى الضحك .. ورعلى الرغم من الابتسامه التى ارتسمت على شفتى "إيمان" الا أن "آيات" لمحت سحابة حزن فى عينيها .. ظلت تنظر اليها تحاول فهم سبب تلك النظرات الحزينة لكنها لم تستشف شيئاً فسألتها بإهتمام :
- "إيمان" .. فى حاجة مضايقاكى
رسمت "إيمان" ابتسامة واسعة على شفتيها وقالت :
- أيوة مضايقة ان الأكل اتأخر
صاحت "أسماء" قائله :
- يا بنتى ارحمى نفسك .. شوية شوية وهتاكلينا
ثم تظاهرت أنها تنادى على النادل قائله :
- يا عم يا بتاع الأكل قولهم بسرعة شوية معانا حوت لو مسديناش بقه بأى حاجه هياكلنا واحدة ورا التانية
ضحكت الفتيات وشاركتهم "إيمان" الضحك

*************************************

توقف "آدم" بسيارته أمام البرج .. حياه رجل الامن الواقف .. ثم تتبعه بنظراته وهو يمط شفتيه فى اشمئزاز .. أتى رجل أمن آخر ليرى التعبير المرسوم على وجه زميله فسأله قائلاً :
- ايه فى ايه ؟
هتف رجل الأمن ومازالت تعبير الإشمئزاز على وجهه :
- الست اللى فى شقة 22 دى مش هتجيبها لبر
قال زميله :
- ليه ايه اللى حصل تانى ؟
قالت رجل الأمن بغضب :
- لا عندها خشى ولا حيا .. وكل كام شهر راجل طالع وراجل نازل أما بقت حاجة تقرف أنا عارف ليه متغورش من العمارة .. كل اللى ساكنين هنا ناس محترمة تروح تشوفلها جيران زيها تعيش وسطهم
قال زميله بضيق :
- ربنا يستر على وليانا .. أنا برده مبطقش أبص فى وشها .. ربنا يهديها
صاح الآخر بحرقه :
- قول ربنا ياخدها

صعد "آدم" الى شقة 22 وأخرج المفتاح ودخل وأغلق الباب خلفه .. ما كاد يدخل الى غرفة المعيشة حتى هبت "بوسي" واقفة وهى تنظر اليه بعتاب .. لم يعبأ "آدم" بنظراتها وتوجه الى غرفة النوم وهو يخلع جاكيت البدلة .. ألقاه على أقرب مقعد .. ثم توجه الى الدولاب وظل يتأمل البدل المتراصة بجوار بعضها ويختار من بينها .. دخلت "بوسى" ووقفت على باب الحجرة وهى تكتف ذراعيها أمام صدرها وتقول بتبرم :
- انت نازل تانى ؟
قال "آدم" وهو مازال يتأمل البدل بإهتمام :
- أيوة
اقتربت منه "بوسى" بعصبية وأدارته من كتفه بحده لينظر اليها .. فنظر اليها مندهشاً لتقول بغضب :
- "آدم" الوضع ده هيستمر لحد امتى ؟
قال بدهشه :
- وضع ايه ؟
قالت "بوسى" بعصبية شديدة :
- الوضع اللى احنا فيه ده .. مش حابب نتجوز قولت ماشى مفيش مشكلة .. لكن تدخل بمزاجك وتخرج بمزاجك وأعد بالأيام مشوفاكش .. كده أوفر أوى
قال "آدم" ببرود :
- انتى عايزه ايه دلوقتى يا "بوسى" ؟
اقتربت منه ووضعت كفيها على صدره وهى تنظر اليه برجاء قائله بأعين دامعه :
- أنا بحبك يا "آدم" .. بحبك أوى .. عمرى ما حبيت أى راجل زى ما أنا بحبك .. نفسى نكون زى أى اتنين فى الدنيا بيحبوا بعض .. أنا حساك بعيد عنى أوى يا "آدم" .. حتى لما بتبقى موجود معايا بحسك مش موجود .. نفسى تحبنى زى ما بحبك يا "آدم"
بدا "آدم" وكأنه يستثقل المهمه .. أمسك ذراعيها قائلاً :
- أنا بحبك يا "بوسى" ليه مش قادرة تقتنعى بكده .. ايه اللى يخليني أستمر معاكى لو مكنتش بحبك وبموت فيكي كمان
قالت "بوسى" بلهفه :
- بجد يا "آدم" بتحبنى بجد ومن قلبك ؟
عانقها قائلاً :
- طبعا يا حبيبتى .. وعمرى ما حبيت حد زى ما حبيتك
بدت عيناه خاويه جوفاء بارده .. ككلماتــه
ابتسمت "بوسى" بسعادة وهى تنعم بعناق حبيبها

**************************************

دخل "آدم" أحد المطاعم وهو ينظر حوله الى أن وقع نظره على الشخص الجالس على احدى الطاولات .. فعلت الإبتسامه شفتيه .. اقترب من الشخص قائلاً :
- عاش من شافك يا "زياد"
قام الرجل وعانق "آدم" قائلاً :
- وحشنى جداً يا "آدم" ربنا يعلم
جلس الاثنان والايتسامة تعلو شفتى "آدم" قائلاً بسعادة :
- وانت كمان يا "زيزو" وحشتنى جداً .. جيت من شرم امتى ؟ .. وخلاص استقريت هنا ولا راجع تانى
قال "زياد" ضاحكاً :
- لا راجع تانى .. انا بس خدت أجازة اكمن الموسم ده مش موسم شغل أد كده
ربت "آدم" على كتف صديقه قائلاً :
- أحسن حاجة انى شوفتك .. ولو مكنتش جيت كنت أنا اللى هجيلك وهو أقضى يومين فى شرم
ضحك "زياد" قائلاً :
- قول بأه انك عايز تستغل صحبك .. اكمنى مدير قرية سياحية وعايز تستنفع من ورايا
ضحك "آدم" قائلاً :
- أوبس .. كشفتنى يا معلم .. ماهو مش معقول صحبى وأخويا من أيام ما كنا فى الحضانة ومستنفعش من وراك حته تبقى عيبه فى حقك يا أخى
ابتسم "زياد" قائلاً :
- تعالى انت بس وملكش دعوة
قال "آدم" غامزاً :
- أخبار المزز ايه ؟
ضحك "زياد" قائلاً :
- أهم متلقحين هناك
قال "آدم" بمرح :
- عمار يا شرم
صمت كلاهما للحظات ثم سأله "زياد" قائلاً :
- ازي والدتك أخبار صحتها ايه ؟
أومأ "آدم" برأسه قائلاُ :
- كويسه الحمد لله
نظر "زياد" الى "آدم" بإهتمام قائلاً :
- وانت أخبارك ايه ؟
ظهرت العصبية فى تصرفات "آدم" وه يخرج سيجاره ليشعله .. اقترب منه النادل قائلاً بأدب :
- ممنوع التدخين يا فندم
نظر اليه "آدم" بحده ثم أطفها تحت أقدامه بعصبيه .. قال "زياد" وهو يرمقه بنظراته :
- مردتش .. أخبارك ايه ؟
قال "آدم" ببرود :
- زى ما أنا مفيش جديد
قال "زياد" :
- وازى صحبتك ؟
قال "آدم"بإستغراب :
- صحبتى مين ؟
قال "زياد" محاولاً التذكر :
- مش فاكر اسمها .. اللى كانت معاك فى آخر مرة نزلت فيها القاهرة .. كنتوا اتعرفتوا فى الديسكو باين
قال "آدم" بلا مبالاة :
- لا سيبتها
قالت "زياد" بحماس :
- أحسن .. أصلاً مكنتش مظبوطة
قال "آدم" بسخريه :
- وهو فى بنت مظبوطه .. كلهم تييييييييييييت
ثم قال بمرارة :
- خاصة الى بيتولدوا وفى بقهم معلقة دهب
هم بأن يشغل سيجاره أخرى لولا أن تذكر بان ذلك ممنوع فزفر بضيق .. بدا واجماً شارداً .. نظر اليه "زياد" ثم قال :
-"آدم" أنا عارف انك اتظلمت أوى .. بس مش معنى كده انك تظلم
التفت اليه "آدم" بحده قائلاً :
- يا ابنى احنا عايشين فى غابة .. الناس فيها عامله زى الكلاب المسعورة كل اللى بتقدر عليه لازم تاخده حتى لو من بق غيرها .. واللى يفوز هو اللى يقدر ياخد نصيب أكبر من التانى
نظر "زياد" الى "آدم" بنظرات مشفقة وهو يقول :
- مش كل الناس وحشة .. عندك أنا أهو .. أنا وحش يا "آدم" ؟
قال "آدم" بحده :
- انت متولدتش وفى بقك معلقة دهب يا "زياد" .. انت تعبت وشقيت واتمرمطت وطفحت الدم عشان توصل للى انت فيه دلوقتى .. وعشان كده انت لسه أبيض من جواك
قال "زياد" بثقه :
- وانت كمان زيي يا "آدم" احنا الاتنين زى بعض وعشنا فى نفس الظروف ونفس المستوى وكافحنا سوا وتعبنا سوا .. يعني انت كمان من جواك أبيض
قال "آدم" بتهكم :
- لا معدش يا صاحبى .. انا بقيت اسود .. وأسود من السواد كمان
لم يرد "زياد" أن يضغط على "آدم" فى الحديث أكثر .. فقال يحاول تغيير الجو :
- متاخدنيش فى دوكه قولى ناوى تفسحنى فين
ابتسم "آدم" قائلاً :
- انت تأمر يا "زياد" .. شوف حابب تروح فين وأنا أوديك
قال "زياد" مازحاً :
- اعتبرنى سايح وفسحنى
قال "آدم" ضاحكاً :
- ماشى يا سايح .. نتغدى وبعدين هعملك بروجرام هيعجبك
ابتسمت "زياد" لصديقه وربت على كتفه شاكراً

****************************************
عادت "آيات" من الخارج لتجد سيارة والدها فى الجراج فقد أتى مبكراً على غير العادة .. ركنت سيارتها بجوار سيارته ثم أخرجت من حقيبتها مناديل لإزالة المكياج وشرعت فى ازالة الأصباغ الصناعية التى تزين وجهها .. فبدت أكثر براءه .. خرجت من سيارتها وتوجهت الى داخل الفيلا .. رأت والدها وهو خارج من مكتبه فابتسمت له واقبلت عليه تعانقه وتقبل وجنته قائلاً :
- ازيك يا بابا .. جيت بدرى النهاردة يعني
ابتسم والدها قائلاً :
- تعبت شوية فقولت أريح
قال "آيات" بقلق وهى ترمقه بنظرات متفحصه :
- تعبان مالك يا بابا .. حاسس بإيه ؟
قال "عبد العزيز" وهو يبتسم ويربط على ذراعها :
- متقلقيش يا حبيبتى شوية ارهاق وهيروحوا لما أرتاح
قالت "آيات" وهى تنظر اليه بإهتمام :
- بابا متتعبش نفسك فى الشغل عندك الشركة مليانه موظفين . .لو سمحت يا بابا صحتك اهم عندى من أى حاجة فى الدنيا
ابتسم لها قائلاً :
- ربنا يخليكي ليا يا حبيبتى
بدا وكأنه انتبه الى ما ترتديه .. فعقد حاجبيه بضيق قائلاً :
- ايه ده يا "آيات" ؟
ارتبكت "آيات" وهى تنظر الى ملابسها قائله :
- ايه يا بابا ؟
قال "عبد العزيز" بصرامة :
- ايه اللى انتى لبساه ده يا "آيات" .. البادى ضيق جداً عليكي وأنا قولتلك قبل كده عايزة تلبسى بادر يبقى تلبسيه فوقيه جاكت ومقفول كمان
قالت "آيات" بحنق :
- ما هو أنا لو لبست فوقيه جاكت مقفول يبقى أصلا مش هيبان يا بابا
قال "عبد العزيز" بحزم :
- ان شاله عنه ما بان .. بنتى متمشيش ولابسه لبس ملزق على جسمها بالشكل ده وكل الرجاله عينهم راحه جايه عليها
شعرت "آيات" بالخجل وبالإضطراب فقالت :
- خلاص يا بابا أنا آسفة
فقال "عبد العزيز" بهدوء لكن بحزم :
- مش عايز أعلق على لبسك تانى يا "آيات" .. انتى كبيرة بما فيه الكفايه عشان تميزي بين الصح والغلط
قالت "آيات" بعدم اقتناع :
- صح يا بابا معاك حق .. معدتش هلبس حاجة ضيقه كده تانى
ابتسم والدها قائلاً :
- طيب يلا يا حبيبتى اطلعى غيري هدومك عشان نتغدى سوا
أومأت برأسها وصعدت الى غرفتها وعلامات التبرم على وجهها .. بدلت ملابسها فرن هاتفها قبل أن تتوجه الى باب الغرفة .. ردت قائله وهى تلقى بنفها على الفراش :
- أيوة يا "سمسم"
قالت "أسماء" :
- كنت بطمن انك وصلتى .. اتغديتي
قالت "آيات" :
- كنت لسه نزله أتغدى .. بابا جه بدرى النهاردة
ثم زفرت بضيق قائله :
- شلت الميك آب وأنا بركن العربية .. ولما دخلت الفيلا شافنى وادانى محاضرة عشان البادى اللى كنت لابساه
قالت "أسماء" بإستغراب :
- ماله البادى .. كان تقيل مش شفاف
قالت "آيات" بهدوء :
- بيقولى ضيق وملزق .. وأعد يقولى بنتى متمشيش كده والرجاله تبص عليها
ضحكت "أسماء" قائله :
- أبوكى ده عايزك تعنسي جميه
ضحكت "آيات" قائله :
- شكله كده فعلاً
ثم قالت :
- يلا باى بأه عشان بابا مستنينى نتغدى سوا
قالت "أسماء" :
- ماشى يا موزه .. أشوفك بكره .. باى

*****************************************
خرجت "سمر" من غرفتها وأقبلت على والدتها التى تتحدث فى هاتفها وقالت لها :
- ماما أنا خارجه .. رايحه عند "إيمان" شوية
أشارت لها أمها بالإنصراف وهى تتبادل المزاح مع صديقتها عبر الهاتف وتنفجر ضاحكة .. ألقت "إيمان" عليها نظرة حزينه ثم فتحت الباب وخرجت من بنايتها الأنيقه .. سارت قليلا فى الشارع الهادئ قبل أن تجد سيارة أخرى طلبت من سائها أن يقلها الى أحد الأحياء المتوسطة .. صعدت الدرجات العالية وأطرقت باب بيت "إيمان" فتح لها شاب فى أواخر العقد الثانى يتميز بلحية خفيفة بمجرد أن رآها أخفض بصره .. فقالت بحرج :
- "إيمان" موجودة ؟
قال بأدب دون أن ينظر اليها :
- لحظة واحدة
دخل الشاب وتوجه الى "إيمان" الواقفة فى الشرفة بإسدالها وقال لها :
- صحبتك بره يا "إيمان"
التفت "إيمان" وهتفت قائله :
- هى جت .. ايه ده مخدتش بالى منها وهى طالعه

ابتسمت "إيمان" فى وجه "سمر" وعانقتها وأدخلتها الى غرفتها وأغلقت الباب خلفهما .. قالت "إيمان" وهى تخلع اسدالها :
- كنت واقفة مستنياكى مخدتش بالى منك وانتى داخله العمارة
قالت "سمر" بمتسمه :
- اللى واخد عقلك
قالت "إيمان" مازحة :
- كنت بفكر فى حلة المحشى اللى ماما بتسويها على النار
ضحكت "سمر" قائله :
- محشى بالليل كده
قالت "إيمان" ساخرة :
- بعيد عنك احنا عيلة مفترية بتحب تتعشى محشى
انفجرت "سمر" ضاحكة ثم وضعت يدها على فمها وقالت :
- حرام عليكي مضحكينيش كده أخوكى بره هيسمع صوتى
قالت "إيمان" ضاحكة :
- يا ستى خليه يسمع يمكن الضحكة تجيبه على ملا وشه ولا حاجه
سألتها "سمر" وقد توقفت ضحكاتها :
- هو لسه مش لاقى شغل
قالت "إيمان" بحزن :
- لا للأسف .. وحتى الشغل اللى بيتعرض عليه مبيعجبوش
سألت "سمر" بإستغراب :
- ليه بأه مبيعجبوش
قالت "إيمان" :
- كل شغلانه بيطلع فيها حاجات غلط ومبيرضاش يشتغلها .. يعني آخر شغلانه جتله كانت فى بنك ومرتب ومركز وكل حاجة واحد قريبنا هو اللى اتوسطله جامد فيها وجابهاله
قالت "سمر" :
- وبعدين ؟
قالت "إيمان" :
- رفضها عشان فى البنك ده بيتعاملوا بالربا .. قروض بفوايد يعني
هتفت "سمر" بحماس :
- والله برافو عليه .. "على" أخوكى ده راجل محترم
هتفت "إيمان" بخبث :
- آه قوليتيلى
تضرجت وجنتا "سمر" خجلاً وقالت :
- ايه فى ايه ايه المشكلة يعني لما أقول انه محترم .. عادى يعني
قالت "إيمان" بخبث :
- طيب طالما انتى شايفه انها عادى .. نخليها عادى
قالت "سمر" لتغير الموضوع :
- أخبار تكليفك ايه
قالت "إيمان" بضيق :
- متفكرينيش طالع عيني فيه .. امتى بأه أخلص وارتاح
ضحكت "سمر" قائله :
- ربنا يكون فى عون العيانين اللى تحت ايدك
قالت "إيمان" بحنق :
- مش عارفه ايه اللى كان خلانى أدخل طب أسنان .. ملها تجارة ما هى زى الفل .. شوفتى "آيات" و "أسماء" فى التراوة خالص .. مش مطحونين زينا
صمتت قليلاً ثم قالت :
- أصلا تحسيى اننا كلنا على بعضنا كده مجموعة غريبة ومتناقضة
كادت "سمر" أن تتحدث لولا الطرقات التى سمعتها على الباب اعتدلت فى جلستها فقالت لها "إيمان" مطمئنة :
- خليكي زى ما انتى يا بنتى مستحيل يكون "على"
فتحت "إيمان" الباب فدخلت سيدة بسيطة يبدو على وجهها علامات الطيبة والبساطة أقبلت على "سمر" وقبلتها قائلاً :
- ازيك يا "سمر" عامله ايه يا حبيبتى وازاى ماما
قالت "سمر" مبتسمه :
- كويسه الحمد لله يا طنط ازى حضرتك
قالت والدة "إيمان" بسعادة :
- الحمد لله يا حبيتبى كويسه .. انتى منورانا والله
قالت "سمر" :
- ربنا يباركلك يا طنط ده نورك
قالت والدة "إيمان" بحماس :
- خمس دقايق المحشى هيخلص وأجبلكوا تتعشوا سوا انتى و "إيمان"
قالت "سمر" بحرج :
- لا يا طنط متشكره . أنا أصلا شويه وماشيه
هتفت والدة "إيمان" قائله :
- لا والله ما يحصل .. انتى بخيله ولا ايه .. لازم تكلى المحشى بتاع أم "إيمان" ده جرانى كلهم لما بكون عامله محشى يقولولى ريحة المحشى بتاعك غير أى حد يا أم "إيمان"
ابتسمت "سمر" بحرج قائله :
- أكيد طبعا هيبقى حلو طالما من ايدك .. تسلم ايدك يا طنط
التفتت والدة "إيمان" الى "إيمان" قائله بعتاب :
- مأعده صحبتك من غير حاجة تشربها من ساعتها
قالت "إيمان" بلا مبالاة :
- يا ماما هى حد غريب .. دى "سمر"
قالت أم "إيمان" بغيظ وهى تغادر :
- أصل الذوق مبيتشراش .. هروح أجبلكوا كوبايتين كركديه .. لسه عاملاه الصبح
خرجت والدة "إيمان" و أغلقت الباب خلفها .. التفتت "إيمان" الى "سمر" قائله بسخرية :
- عيلة همها على بطنها مفيش حاجة ورانا إلا الأكل والشرب
انفجرت "سمر" ضاحكة مرة أخرى وهى تضع يدها على فمها لكتم ضحكاتها .

**************************************
فى صباح أحد الأيام تأنقت "آيات" كعادتها فى هذا اليوم من كل اسبوع .. توجهت الى الجامعة لتلتقى بـ "أسماء" أمام باب المدرج .. قالت لها "اسماء" بلؤم :
- ايه القمر ده انتى راحه حفلة ولا محاضرة
ابتسمت "آيات" قائله بلهفه :
- حلوه بجد ؟
قالت "أسماء" مبتسمه :
- زى القمر يا "يويو"
دخلت الفتاتان المدرج واختارتا مكان فى المنتصف .. جلست "آيات" تنظر الى باب المدرج فى انتظار قدومه .. ظهر أمامها فجأة .. فساد الهدوء .. وتعلقت أنظارها به حتى حياهم تحية الصباح .. ابتسمت "آيات" وهى تتذكر يوم أن التقته منذ ثلاث سنوات عندما أصر السائق على ابقائها معه الى حين حضور والدها وتسديد مبلغ التصليح .. تذكرت نظراته اليها وقتها .. وابتسامته الرقيقه .. تذكرت كيف كان متضايقاً من معاملة الرجل لها وكيف وقف بجوارها ليحميها منه وليردعه إن تطاول بكلماته عليها .. شعرت بالأمان وهو واقف بجوارها فى هذا الموقف الذى تعرضت له فى أول شهر لها بالجامعة .. كان مظهرها أبسط وملامحها أرق .. كيف لا وقد كانت تخلو من تلك الأصباغ الصناعية التى تملأه الآن .. كانت تبدو كغزال برئ ضل طريقه ويلتفت حوله يبحث عمن يخرجه من مأذقه .. عادت من شرودها الى واقعها عندما تعلقت الأنظار بالفتاة التى دخلت القاعة دون أن تنتظر اذناً من "آدم" .. التفت اليها "آدم" وقال بصارمة :
- انتى يا آنسه .. راحه فين ؟
التفتت الفتاة تنظر اليه فتحركت خصلات شعرها الذهبية فى رقة .. وقالت بهدوء :
- دخله المدرج
نظر اليها "آدم" نظرة طويلة وبدت ابتسامة سخرية على فمه .. بدا وكأنه قد نفذ الى أعماقها واكتشف كنهها .. قال بحزم وتحدى وهو يشير الى باب المدرج :
- اتفضلى اطلعى بره
علت الأصوات وتمايل البعض على أذن جاره هامساً .. سمعت "آيات" الفتاة التى بجوارها تقول للتى خلفها :
- أوبا .. "ساندى" شكلها بأه وحش أوى
قالت الفتاة خلفها :
- أحسن البنت دى مبطيقهاش .. شايفه لبسها عامل ازاى
قالت أخرى بغيظ :
- معاكى حق والله مش عارفه ازاى يدخلوا الأشكال دى الجامعة
صاحت أخرى :
- يخربيتها دى فتحة البادى ولا نفق شبر
تعالت ضحكات الفتيات .. فأعادت "آيات" النظر الى الفتاة تتفحصها .. التفتت "ساندى" وهى تقول لـ "آدم" بتعالى :
- مش من حقك تمنعنى انى أدخل المحاضرة
قال "آدم" وهو يرفع حاجبيه بتحدى :
- مش من حقى ؟
صمت قليلاً ثم نظر اليها ببرود قائلاً :
- طيب حضرتك ممنوعة من دخول محاضرات لحد آخر السنة .. ودرجات حضورك كلها هتتخصم منك
زفرت "ساندى" بضيق وقد احمر وجهها غضباً .. وغادرت المدرج بعصبيه
ابتسمت "آيات" وقد أسعدها ما فعله "آدم" بتلك الفتاة
ابتسم "آدم" فى نفسه .. فهو يعلم جيداً من هى "ساندى" .. ومن يكون والدها .. والأهم .. يعلم جيداً ماذا يريـــد منهـــا .


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-10-15, 09:35 AM   #5

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 3 )



دخل "آدم" منزله لتستقبله والدته قائله بعتاب :
- اتأخرت ليه يا "آدم"
زفر "آدم" بضيق وقال وهو يغلق الباب :
- كنت مع واحد صحبى
سار متوجهاً الى غرفته فأقبلت أمه خلفه قائله بغضب :
- وصاحبك هو اللى بتسهر عنده لنص الليل وساعات بتبات كمان .. وسايب عنده هدومك وبدلك ؟
التفت "آدم" صائحاً بغضب :
- انتى عايزه منى ايه ؟
قالت أمه والدموع فى عينيها :
- عايزاك ترجع "آدم" بتاع زمان
صاح وهو يغلق الباب فى وجهها :
- خلاص مات .. "آدم" بتاع زمان مات
تساقطت العبرات على وجهها وتوجهت الى غرفتها وفرشت سجادة الصلاة ووقفت بين يدي الله تبكى حال ابنها وتدعو له بالهداية

**************************************

توجه "آدم" الى فراشه وهو يشعر بالغضب .. بالغضب من نفسه وعلى نفسه .. بالغضب من كل شئ .. ظل جالساً يفكر بشرود .. ثم قام وتوجه الى حاسوبه .. اتسعت عيناه دهشة ولاحت ابتسامه على شفتيه عندما رآى البريد الإلكترونى الذى وصله .. فتحه بلهفة .. وقرأ ما جاء فيها :
- بسم الله تحية طيبة وبعد .. مؤهلاتك الدراسية ممتازة .. لكن ليست لديك الا خبرة أكاديمية فقط وتفتقر الى الخبرة العملية .. نعتذر عن قبول طلبك بالإنضمام الى شركتنا
أغلق "آدم" الحاسوب بعصبية وعلامات الغضب والضيق مرسومة على وجهه .. أخرج سيجاراً وأشعله وظل ينفث دخانه بعصبيه شديده .. طرقت أمه الباب ففتح لها وهو يخفى السيجارة خلف ظهره .. رأت أمه الدخان المتصاعد بجواره فنظرت اليه ببرود قائله :
- لو مش خايف على نفسك على الأقل خاف عليا
أطرق "آدم" برأسه ودخل يطفئ السيجارة .. دخلت أمه خلفه وهى تقول :
- لحد امتى يا "آدم" .. لحد امتى هتفضل مش راضى عن حياتك كده
قال "آدم" بحده :
- ماما لو سمحتى اقفلى على الموضوع ده
قالت أمه بحزن :
- ليه يا ابنى متستعوضش ربنا .. وتخلى اللى حصل ده يبأه دافع ليك انك تكون أحسن .. مش انك تبقى كده
نظر اليها "آدم" ببرود وهو يقول :
- ومالى كده .. دكتور فى الجامعة وزى الفل ومليون واحدة بتتمنانى
قالت أمه بحزن :
- حياتك كلها على بعضها غلط يا "آدم" .. أنا قلبي حاسس انك بتعمل حاجات كتير غلط .. الغلط بيجر غلط يا ابنى .. خليك مع ربنا ومتغضبوش
قال "آدم" بتهكم :
- يا ماما انتى طيبة زيادة عن اللزوم .. مفيش حد مبيغلطش دلوقتى .. كل الناس بتغلط .. وكل الناس بتبص للى فى ايد غيرها .. وكل واحد بأه مستنى التانى يقع عشان ينهش فيه .. ولو مبقيتيش زيهم مش هتعرفى تعيشي وسطهم
ترقرقت العبرات فى عيني أمه وهى تقول :
- زى ما فى الوحش فى الحلو يا "آدم" .. ليه تاخد الوحش مثال ليك وتمشى وراه .. ليه متبصش للحلو يا ابنى وتعمل زيه
قال "آدم" بتهكم :
- عايزانى أبقى طيب وأهبل عشان الناس تدوس عليا .. عايزانى أبقى طيب وأهبل عشان الكل يبأه فوق وأفضل أنا تحت رجليهم .. لا يا ماما .. أنا هبقى زيهم وأحسن منهم كلهم .. واللى ضاع منى هعوضه تانى .. وهنتقم من كل اللى ظلمنى
قالت أمه بحزم وهى ترمقه بنظرات ذات معنى :
- كويس انك عارف ان الظلم وحش وبيوجع .. وان المظلوم مبيتمناش حاجة فى الدنيا غير انه ينتقم من اللى ظلمه
قالت ذلك ثم غادر الغرفة وتركت "آدم" حائراً مضطرباً حانقاً

****************************************

فى صبيحة أحد الأيام خرجت "آيات" من الفيلا بسيارتها الفارهه ..سارت بها فى شوارع القاهرة .. توجهت الى مكان كتب عليه "جمعية رسالة الخيرية" توجهت الى الداخل وتوجهت الى مكتب احدى الفتيات التى هبت واقفة وقالت بسعادة :
- يا أهلا وسهلاً "آيات" شخصياً عندنا
قبلتها "آيات" قائله :
- وحشانى أخبارك ايه
قالت الفتاة :
- بخير الحمد لله .. اتأخرتى يعني مش عادتك
قالت "آيات" وهى تخرج سى دى من حقيبتها :
- معلش بس انشغلت شوية اليومين اللى فاتوا
قالت الفتاة مبتسمه وهى تأخذ منها السى دى :
- ولا يهمك يا قمر .. تسلم ايدك
قالت "آيات" وهى تهم بالمغادرة :
- يلا أشوفك بعدين
قالت الفتاة بإستنكار :
- على طول كدة تعالى اشربي حاجة الأول
قالت "آيات" :
- معلش عشان مستعجلة المرة دى
ابتسمت الفتاة قائله :
- خلاص برحتك .. ربنا يجازيكي خير يا "آيات" ويجعله فى ميزان حسناتك
ابتسمت لها "آيات" ولوحت لها مودعة .. خرجت "آيات" من المبنى الذى تزوره كثيراً منذ أن التحقت بالجامعة .. حيث تعرفت فيها على احدى الفتيات المتطوعات بتلك الجمعية .. شجعت الفتاة "آيات" على التطوع فى قسم كتابة الكتب للمكفوفين .. فتشارك "آيات" فى كتابة الكتب الثقافية والعلمية والدينية على الكمبيوتر ويتم تحويلها بعد ذلك الى طريقة "برايل" لتمكين المكفوفين من قرائتها والإستفادة منها .. كانت "آيات" تشعر بسعادة بالغة وهى تقدم تلك المساعدة لأولئك الذى حُرموا نعمة البصر .. كانت تجد سعادتها فى الشعور بأنها تقدم على عمل مفيد تُنفع به غيرها .. وتستغل وقت فراغها فى هذا العمل المفيد .. ركبت "آيات" سيارتها وانطلقت فى طريقها

*****************************************
- فاكر يا "زياد" لما كنا بنلعب كورة مع بعض هنا تحت البيت
قال "آدم" هذه العبارة وهو واقف مع "زياد" فى شرفة بيت هذا الأول .. نظر "زياد" الى الأسفل يراقب الأطفال الذين يجرون خلف الكرة والابتسامه على شفتيه قائلاً :
- أيوة طبعاً فاكر .. كانت أيام حلوة أوى
قال "آدم" وهى ينظر الى الأفق :
- كانت أيام بريئة أوى
التفت "زياد" لينظر الى "آدم" .. يراقب تعبيرات الوجوم على وجهه .. فقال :
- مش عجبنى حالك يا "آدم"
قال "آدم" بتهكم دون أن ينظر اليه :
- ولا أنا عجبنى حالى
قال "زياد" بحنق :
- طيب ليه متغيرش حالك ده .. ليه سايب نفسك لليأس كده .. ليه متحاولش تقوم وتقف على رجليك من تانى
قال "آدم" بصرامة وهو يزم شفتيه بقوة :
- لما أرجع حقى الأول
قال "زياد" بقلق :
- وهترجعه ازاى يعني ؟
قال "آدم" بقسوة وهو ينظر الى "زياد" :
- عشان تحارب التعالب لازم تبقى تعلب زيهم
ثم قال بقسوة شديدة :
- وساعتها يا ويله اللى يقع فى ايدى هاكله بسنانى
قال "زياد" وهو يزفر بضيق :
- شكل كده مفيش فايده من الكلام معاك .. اللى فى دماغك فى دماغك
قال "آدم" وهو يحاول تناسى الأمر :
- انت راجع شرم امتى ؟
قال "زياد" :
- كمان اسبوع
أومأ "آدم" برأسه وعاد ينظر الى الأفق وزرقة عيناه تختلط بزرقة السماء .. أخذ يتذكر كم وقف فى تلك الشرفة يتطلع الى قرص الشمس الذهبي ويرسم بخياله أحلاماً كبيرة .. أكبر من واقعه .. هكذا هو دائماً .. يحب الشئ صعب المنال .. يعشق المستحيل .. متيم بالتحدى .. رغم بساطة عيشه والظروف التى تربى بها .. إلا أن أحلامه فاقت واقعه .. فصعد السلم خطوة بخطوة بعزيمة وصبر وإصرار .. حتى وصل .. وصل الى قمة النجاح .. وصل الى ما أراد .. وصل الى ما كان يراه مستحيلاً .. أمسك بيده ما كان يراه صعب المنال .. فشعر بالزهو .. والفخر .. والسعادة .. لكن أحلامه تحطمت على صخرة الجشع وتهاوت أشلائها فى بئر الخيانه .. عندها بدأ يتعلم .. أن الحياة مثلما تعطى تأخذ .. ومثلما ترسم البسمة ترسم الدمعة .. لكنه لم يتقبل ذلك .. لم يتقبل الخسارة .. لم يتقبل المكتوب .. أراد أن يحارب القدر .. وأن يثور عليه .. وأن ينزع رداء الرضا .. ويرتدى حلة الإنتقام .. لكنه لا يعلم أن الإنتقام سيف ذو حدين .. حتى وان انتصرت به وقتلت خصمك .. فستنظر الى يدك فى النهاية لتجد النصل الآخر مزق يدك بحدته .. وسالت منه دمائك .. لم يعلم .. لكنه سيعلم .. لكن السؤال الآن .. هل سيفيد وقتها الندم ؟!

***************************************
ها هو عريس آخر يطرق باب بيتها .. عريس آخر ورؤية أخرى ومقابلة ستزيد من عمق جُرحها ان تُُوجت كسالفاتها بالرفض .. ليس منها .. بل منه .. دائماً لا تأخذ فرصتها فى الرفض .. فقبل أم تُعلنها .. يُعلنها العريس .. وتضم الى باقة جراحها جرحاً آخر .. يطعن كرامتها .. ويجرح أنوثتها .. ويزلزل ثقتها بنفسها .. فتلجأ الى دوائها الذى يريحها دائماً .. ويزيل ما بها من توتر .. الطعــام .. الذى قاله عنه نبينا صلى الله عليه وسلم : "ما ملأ ابن آدم وعاءً شراً من بطنه" .. لكنها لم تهتم .. فكل ما يهم .. هو أن تأكل وتأكل .. لتفرغ ما بها من شحنات مكبوته وصرخات مكتومة .. تلجأ الى الطعام كما يلجأ المدمن الى المخدر .. يعلم أنه يضره .. ويؤذيه .. لكنه لا يستطيع مقاومته .. فهو البئر الذى يلقى فيه آلامه وأحزانه .. رغم أنه يعلم جيداً .. أنه حل مؤقت .. ويجب عليه آجلاً أم عاجلاً أن يواجه واقعه .. الذى يهرب منه الى مخدره
قالت "ايمان" لأمها بتوتر :
- ماما أنا خايفة
قالت أمها بحماس :
- متخفيش يا بت .. ان شاء الله هتعجبيه وهيكون من نصيبك
ثم قالت :
- ده بسم الله ما شاء الله عليه دكتور وعنده عيادة الله أكبر .. وأخوكى "على" بيشكر فيه أوى
ثم ترقرقت العبرات فى عينيها وقالت بطيبة الأمهات :
- نفسى أوى أفرح بيكي يا "إيمان" يا بنتى .. ده منى عيني من الدنيا دى أشوفك فى بيتك انتى و "على" أخوكى
طرق "على" الباب ففتحت أمه فدخل ينظر الى "إيمان" قائلاً :
- يلا يا "إيمان" .. العريس بره
شعرت "إيمان" بتوتر بالغ وتضرجت وجنتاها بحمرة انتشرت فى وجهها كله حتى صار كحبة الطماطم .. قال "على" وهو يتفرس فيها :
- ايمان انتى حطه حاجة على وشك
قالت بسرعة :
- لا والله يا "على"
ابتسم قائلاً :
- طيب يلا
خرجت "إيمان" وقدميها تصطكان ببعضهما البعض .. جلست على أقرب مقعد وهى لا تجرؤ على رفع وجهها .. كان العريس بمفرده .. جلست معه ومع والدها وأخوها "على" قرابة النصف ساعة .. لم تتحدث خلالها أى كلمة وهو لم يوجه أى حديث لها .. استأذن وطلب الإنصراف .. شعرت "إيمان" فى داخلها بالحنق والحيرة .. لماذا لم يوجه اليها أى حديث .. لماذا رحل سريعاً .. بالتأكيد لم تعجبه .. ظلت تلك الأسئلة تدور برأسها .. سمعت والدها وهو يخبره بأن كلا الطرفين سينتظر رداً من الآخر يعد يومين .. دخلت غرفتها وأغلقت الباب وارتمت على فراشها تبكى قهراً .. كانت تشعر فى قرارة نفسها بأنها لم تعجبه .. وسينضم اسمه الى قائمة من رفضوها

********************************************

دخلت "سمر" المطبخ لتسخن الطعام لنفسها .. أحضرت طبقها وجلست أمام التلفاز .. عادت أمها من الخارج قائله :
- السلام عليكم
التفتت "سمر" وردت السلام .. فقالت أمها وهى تلقى بنفسها على المقعد متهالكة :
- كان عندنا شغل كتير أوى النهاردة
قامت "سمر" وتركت طبقها على الطاولة وقالت بحنان :
- هقوم أسخنلك الأكل
ابتسمت أمها بوهن قائله :
- تسلمي يا حبيبتى
دخلت "سمر" المطبخ تسخن الطعام لوالدتها .. شردت وهى تتذكر لقطات من الماضى .. لقطات كانت تشعر فيها بالأمان وبالسعادة .. لقظات لرجل ذهب ولن يعود يوماً .. ليس لأنه رحل عن الدنيا وفارق الحياة .. بل لأنه ببساطة .. لا يريد العودة .. لا يريد تحمل المسؤلية .. لا يريد أن يكون زوجاً .. لا يريد أن يكون أباً .. وعلى الرغم من ذلك لا تستطيع أن تكرهه .. حاولت ان تكرهه وأن تنساه وأن تمحيه تماماً من ذاكرتها .. لكن ذكراه أبت إلا أن تظهر أمام عينيها دائماً .. لتذكرها بتخليه عنها وعن أمها .. لتذكرها بأنها فقدت درعها الحامى .. لتذكرها بأنها عاشت طوال عمرها محرومه من أب نسى معنى الأبوة .. خرجت من شرودها لتنظر الى الطعام الذى يغلى .. أحضرت لأمها طبقها وناولتها اياه .. ابتسمت أمها بوهن قائله :
- رجعتى امتى النهاردة من المستشفى ؟
قالت "سمر" بلا مبالاة وهى تمد يدها لتأخذ طبقها الموضوع على الطاولة :
- زى كل يوم
قالت أمها وهى تبدأ فى تناول طعامها :
- مفيش جديد
هزت "سمر" رأيها نفياً وقالت بهدوء :
- لا .. مفيش جديد

****************************************
تعالت أصوات أبواها بالشجار كما هي عادتهما .. وكعادتها هربت الى غرفتها وأغلقتها عليها وجلست على فراشها .. أحضرت "أسماء" هاتفها بسرعة وأدخلت سماعاته فى أذنها واختارت احدى أغنياتها المفضلة ورفعت صوتها الى أعلى درجة واستلقت على فراشها تستمع اليها وهى مغمضة العينين ..
شردت بخيالها وهى تحاول التذكر متى بدأت تلك الشجارات التى تتكرر ولا تنتهى أبداً .. لم تستطع أن تتذكر متى بدأت تلك الشجارات .. لكنها تتذكر أمراً واحداً .. وهو أنها لم ترى أبويها على وفاق إلا فيما ندر .. على الرغم من المستوى الإجتماعى الراقى لأبويها .. ومستوى المعيشة الذى تعيش فيه وتتنماه الكثيرات .. إلا أنها كانت تشعر بالغيرة .. بل والحسد .. من الفتيات اللاتى يعشن بين أبوين يعرف كل منهما كيف يحترم الآخر .. ربما لهذا توطدت صداقتها بـ "آيات" واستمرت لأعوام على عكس علاقاتها السابقة والتى كانت تنتهى بسهولة بعدما تستشعر "أسماء" الشعور بالنقص الذى تشعر به فى تلك النقطة .. أما "آيات" فوالدتها متوفية .. ووالدها يعيش وحيداً معها .. فلم تشعر معها بمدى نقصها .. لأن "آيات" تعانى نقصاً هى الأخرى .. انتهت الاغنية لتعلم بأن الشجار مازال قائماً ولم ينتهى .. أعادت تشغيلها مرة أخرى .. وهى تغمض عينيها فى ألم

***************************************
جلست "ساندى" أمام والدها على المكتب قائله بعصبية :
- لازم تشوفلك حل معاه يا بابا .. أحرجنى أدام الدفعة كلها وكمان قالى متحضريش محاضراتى طول السنة وخصم درجات الحضور
ثم قالت بضيق شديد :
- فى داهية درجات الحضور المهم عندى شكلى أدام الدفعة .. لازم يردلى اعتبارى ويسمحلى أحضر محاضراته
ثم هتفت بغضب :
- لازم يا بابا تتكلم معاه وتخليه يرجع عن قراره ده .. عايزه من المحاضرة الجاية أدخل أدام الدفعة كلها وأعد وأنا حطه رجل على رجل
قام والدها والتف حول المكتب ووربت على وجنتها قائلاً :
- متقلقيش يا "ساندى" .. أنا هروحله بكره الجامعة وأحل المشكلة دى
ابتسمت "ساندى" فى فرح قائله :
- ميرسي يا بابا
ابتسم لها قائلاً :
- شيليى الموضوع من دماغك خالص ومتشيليش هم .. وفكرى بس فى حفلة عيد ميلادك
قالت "ساندى" فى مرح :
- أوكى
خرجت "ساندى" من شركة والدها وهى تقول لنفسها فى تحدى :
- اما أشوف أنا ولا انت يا دكتور "آدم"

**************************************
سمع "آدم" طرقات على باب مكتبه بالكلية فأذن بالدخول .. دخل "شكرى" والد "ساندى" وقدم نفسه الى "آدم" الذى تظاهر بأنه لم يسمع اسمه من قبل .. فذكره قائلاً :
- أنا والد "ساندى"
قال "آدم" وهو يتظاهر بالحيرة :
- "ساندى" !
قال "شكرى" :
- أيوة .. البنت اللى حضرتك طردتها من المدرج فى محاضرتك اللى فاتت
قال "آدم" بخبث :
- أيوة أيوة افتكرت .. اتفضل
جلس "شكرى" أمام "آدم" الذى طلب له فنجاناً من القهوة .. تنحنح "شكرى" قائلاً وهو يضع ساقاً فوق ساق :
- بنتى "ساندى" مكنتش تقصد الكلمه اللى قالتها .. طبعاً حضرتك يا دكتور تقدر تمنعها من حضور محاضراتك زى ما انت عايز
قال "آدم" وهو يستند الى ظهر المقعد ويضع ساقاً فوق ساق :
- أيوة وده اللى عملته فعلاً
تنحنح "شكرى" مرة أخرى وقد بدا عليه ثقل المهمة الملقاه على عتقه .. فلم يعتد أن يطلب من أحد أى شئ .. فهو معتاد فقط على القاء الأوامر .. قال بنبره فيها شئ من التعالى :
- ياريت يا دكتور تسمحلها ترجع تانى تحضر محاضراتك .. لان اللى حصل ده خلى شكلها وحش أدام زمايلها
تظاهر "آدم" بأنه يفكر فى الطلب .. ثم قال بلهجة متعاليه :
- مفيش مشكلة .. بس تعتذرلى عن اسلوبها معايا .. وساعتها هوافق انها ترجع تحضر محاضراتى
ابتسم "شكرى" وقال :
- مفيش مشكلة .. وحضرتك معزوم على عيد ميلاد "ساندى" آخر الإسبوع .. ومنتظرين حضورك ان شاء الله
ابتسم "آدم" قائلاً :
- ده شرف ليا يا فندم
أخرج "شكرى" كارت من جيبه وأعطاه الى "آدم" قائلاً :
- ده الكارت بتاعى
أخذه منه "آدم" بترفع وألقى عليه نظرة ساريعة ثم وضعه فوق المكتب بلامبالاة .. قام "شكرى" قائلاً :
- بعد اذنك يا دكتور
ابتسم "آدم" قائلً :
- اتفضل
خرج "شكرى" فأمسك "آدم" بالكارت مرة أخرى وأخذ يحركه فى الهوا قائلاً وعيناه تشعان خبثاً :
- أهو هو ده الكارت اللى أقدر ألعب بيه على حق

*************************************

وضعت "آيات" حاسوبها فوق قدميها وأخذت تنظر باسمة الى صورة "أدم" التى أخذتها من حسابه على الفيس بوك .. وحفظتها عندها .. تذكرت مرة أخرى يوم أن ساعدها وهدأ من روعها .. كان رجلاً وسيماً .. لكن اهتمامها بكلمة رجــل يفوق اهتمامها بكلمة وسيمــاً .. لطالما كنت "آيات" تحلم بمواصفات معينة فى فارس أحلامها .. تمنت أن يكون سنداً لها .. وأن يحتويها وتشعر معه بأنه رجلها وحاميها .. كانت شخصية الرجل المثالى التى تحلم بها متأثرة بشخصية والدها .. دائماً كانت ترى والدها رجلاً مميزاً .. وعلى الرغم من تضايقها من بعض تحكماته إلا أنها تعى أنه يفعل ذلك من أجل صالحها .. وأنا تمثل أهم ما فى حياته .. افتقدت "آيات" حنان وحضن أمها منذ الصغر .. فكان والدها كل شئ بالنسبة لها .. وحاول أن يكون كل ما افتقدته فى حياتها .. كذلك تتمنى أن يكون فارسهـــا .. ليس حبيبــاً فقط .. بل فارســـاً .. يتمتع برجولة وشهامة الفرسان .. وكانت تشعر أن كل هذه الصفات .. موجودة فى "أدم" .. فكانت تمضى الساعات فى مطالعة صورته تحفر كل تفاصيلها فى أعماق ذاكرتها .. تشرد بخيالها الى مكان بعيد .. مساحة شاسعة من الخضرة التى تتراقص مع نسمات الرياح .. والسماء بلونها الأزرق .. لون عيناه .. وقرص الشمس الذهبي الذى يبتسم لها ويبث فيها السعادة والأمل .. والنسمات الرقيقة تداعب خصلات شعرها الأسود وتتغزل فى ملامح وجهها .. وفستانها الأبيض الذى تتطاير طياته حولها .. ومن بعيد يأتى فارسها على حصان أصيل كمن يمتطيه .. يقبل عليها بعزم واصرار ليقف أمامها يداعب صفحة وجهها بنظراته الشغوفه .. يمد يده اليها والابتسامه تعلو شفتيه .. تتلمس الطريق الى كفه وعيناها لا تفارق عينيه .. تمتطى الجواد خلفه ليطير به وقد لفت ذراعيها حوله وهى تغمض عيناها لتنعم بدفء قربه .. كان يراودها هذا الحلم وهذه التخيلات كثيراً لكن كانت اللوحة ينقصها وجه الفــارس .. وها هى تنظر الى هذا الوجه الآن .. ابتسمت وهى تنظر الى صورة "آدم" وتقصها بعينيها لتضعها داخل حلمهـــا

*************************************
كانت "ساندى" تعلم أن حضور "آدم" لعيد ميلادها رداً كبيراً لكرامتها التى أهدرها أمام زملائها .. ابتسمت بسعادة وهى تتوقع دهشة صديقاتها فى عيد الميلاد عندما تقع عيناهم على "آدم" .. خططت لهذا اليوم جيداً لتبدو فيه كملكة متوجة تسير بين رعاياها

توجه "آدم" ببدلته الأنيقة وسيارته الفارهه الى هذا البرج السكنى لحضور عيد ميلاد "ساندى" .. كان "آدم" يعى جيداً كل خطوة يخطوها .. ويكيل تصرفاته بمكيال المصالح .. ويعلم أن "ساندى" هى التى ستوصله الى مبتغاه .. ستكون أداته التى تعينه على تحقيق مراده .. لكن عليه اللعب بحذر .. حتى لا يخسر اللعبة قبل أن تبدأ !
دخل المنزل بعدما فتحت الخادمة .. بيت أنيق عصري يتميز بالفخامة والرقى .. أخذ يجول بنظره بين الحضور .. حتى وقع نظره على "ساندى" بشعرها الذهبي الذى أخذ يتمايل فوق ظهرها العاري .. ووجهها الذى تعلوه الزينه .. وتاج صغير يزين رأسها .. وفستانها الأسود القصير ..نظر الى عيون الرجال المعلقة بها.. نظر اليهم فى سخرية .. ود لو صرخ بهم .. لماذا تحملقون فيها هكذا .. فما هى إلا فتاة كغيرها من بنات جنسها .. فتاة مصطنعة تتوارى خلف الأظافر الصناعية والرموش الصناعية والعدسات الصناعية وحمرة الوجه الصناعية وصبغة الشعر الصناعية فما هى إلا امرأة اتخذت من كل ما صنعه البشر للزينه وسيلة لتبدو كملكة .. لكن هيهات .. فليست تلك ملكة من الملكات .. الملكة تخطف القلوب بنقائها والعيون بصفائها .. أما تلك فهى تشعرك بأنك واقف أمام مانيكان للعرض فقط .. وأحيانا يكون قابلاً للمس !!

التفتت "ساندى" لتقع عيناها على "آدم" الواقف ينظر اليها .. أخفى سريعاً نظراته المتهكمة وابتسامته الساخرة ووقف مكانه .. ينظر اليها بعمق .. بادلته نظراته .. وابتسمت .. وكمان توقع .. اقتربت !
أقبلت تتهادى فى خطواتها وحيته وهى تمد يدها قائله :
- أهلاً وسهلاً دكتور "آدم"
استقبل كفها فى كفه وقال بهدوء :
- أهلا بيكي
ثم قال :
- كل سنة وانتى طيبة
ابتسمت فى سعادة وهى تقول :
- وانت طيب يا دكتور
أخرج "آدم" من جيبه علبة أنيقة وقدمها لها وأنظاره مركزة عليها يرقب تعابير وجهها .. اتسعت عيناها دهشة ثم رفعت حاجبها فى عدم تصديق وابتسامتها تتسع شيئاً فشيئاً تناولت منه العلبة الأنيقة لتجد سلسلة ذهبية تحمل حرفاً ذهبياً .. أول حرف من اسمها .. نظرت اليه بسعادة قائله :
- كلك ذوق يا دكتور
رسم "آدم" ابتسامة ساحرة على شفتيه يعلم تأثيرها جيداً .. وقال بصوته الرخيم :
- أتمنى انها تكون عجبتك
ابتسمت قائله وهى تنظر اليه بسعادة بالغة :
- أكيد عجبتنى
ثم أشارت بيدها قائلاً :
- اتفضل
جلست بجواره وأشارت للنادل ليقدم له مشروباً .. حركت وجهها برقه لتزيل الخصلات الذهبية التى تجمعت أمام عينها .. كانت تعى جيداً نظرات مثيلاتها المركزة عليها .. ومشاعر الغيرة التى تقطعهن .. رأت احداهن تميل على أذن الأخرى هامسه .. فإرتسمت ابتسامة رضا على شفتيها .. فلطالما أحبت أن يتهامس الناس حولها .. ونظرات الغيرة تشع من عيونهم .. كان "آدم" مدرك ما تشعر به تماماً .. فهو خبير فى نفوس "ساندى" ومثيلاتها .. يعلم أنهن لا يثيرهن سوى المظهر الجذاب .. والإسم الرنان .. أعطاها ما تريد .. ليأخذ فيما بعد ما يريد

*************************************

أقبلت "أسماء" على "آيات" التى تجلس على احدى الطاولات فى الكافيتيريا شاردة ساهمة .. حركت "أسماء" كفها أمام وجه "آيات" قائله :
- ايه .. اللى واخد عقلك
ابتسمت "آيات" ابتسامة واهنة وهى تقول :
- كنت مستنياكى
قالت "أسماء"ضاحكة :
- ما هو واضح
ثم قالت :
- شوفت "أحمد" وأنا جايه وسألنى عليكي
قالت "آيات" ببرود :
- طيب
قالت "أسماء" بتردد :
- وكلمنى عنك
قالت لها "آيات" بدهشة :
- يعني ايه كلمك عنى؟ .. قالك ايه يعني ؟
قالت "أسماء" وهى تنظر اليها :
- قالى انه بيحبك يا "آيات"
نظرت اليها "آيات" بدهشة .. للحظات أُلجم لسانها وتجمدت ملامحها .. قبل أن تظهر فيما بعض شرارة فى عينيها وهى تقول :
- هو مش هيبطل بأه .. ميت مرة أقوله مفيش حاجة بينى وبينه .. وانه صديق مش أكتر
قالت "أسماء" وهى تحرك كتفيها بلامبالاة :
- أنا قولت أقولك عشان تبقى عارفه
صمتت "آيات" قليلاً وقد بدا عليها الضيق .. ثم قالت :
- وقولتيله ايه ؟
قالت "أسماء" :
- قولته هقولك .. قالى منتظر منك الرد
قالت "آيات" بحده :
- قوليله يبطل شغل المراهقين ده وميتعبش نفسه على الفاضى
قالت "أسماء" :
- خلاص يا "آيات" متضايقيش نفسك
قالت "أسماء" فجأة وهى تتطلع الى نقطة ما خلف "آيات" :
- "أحمد" جاى نحيتنا
زفرت "آيات" بضيق .. قال "أحمد" مبتسماً :
- صباح الخير يا بنات
قالت "آيات" ببرود :
-صباح النور يا "أحمد"
لمس "أحمد" البرود فى صوتها واستشعره نظر الى "أسماء" فعلم أن هذا البرود ماهو الا رد على مشاعره تجاهها .. أطرق برأسه قليلاً صامتاً ثم قال موجهاً حديثه الى "آيات" كمحاولة جديدة منه للتقارب معها :
- هتطلعى الرحلة ؟
قالت بإستغراب :
- رحلة ايه ؟
قال "أحمد" :
- رحلة للعين السخنة لمدة 3 أيام
قالت "آيات" :
- لا مش هينفع بابا مش بيسمحلى أطلع رحلة فيها بيات
قال "آحمد" بأسف :
- يا خسارة
قالت "أسماء" بمرح :
- أنا بأه معنديش مشكلة أبداً
ثم التفتت الى "أحمد" قائله :
- هى امتى يا "أحمد" ؟
قال "أحمد" :
- آخر الاسبوع
قالت "أسماء" بمرح :
- كده فل أوى هطلع رحلة العين السخنة وبعدها أطلع رحلة شرم
قالت "آيات" بغيظ :
- بتغيظينى يعني ؟
قالت "أسماء" بمرح وهى تخرج لسانها :
-أيوة بغظيك
قال "أحمد" وهو يقف ليغادر :
- عامة فكرى يا "آيات" واعرضى الموضوع على والدك .. وخليه يطمن فى دكاترة طلعين معانا الرحلة
نظرت "آيات" الى هاتفها تلعب به وتجاهلت ما قال .. قالت "أسماء" بإهتمام :
- مين الكاترة اللى طلعين الرحلة يا "أحمد" ؟
قال "أحمد" وهو يغادر :
- دكتور "آدم" .. ودكتوره مش فاكر اسمها
تجمدت "آيات" فى مكانها .. غادر "أحمد" فأخذت "أسماء" تنظر حولها .. غير مدركة الى الصراع الذى يعتمل فى صدر "آيات" وفجأة لمعت عيناها ونهضت قائله بلهفه :
- يلا يا "أسماء"
نظرت اليها "اسماء" بدهشة وهى تلحق بها قائله :
- يلا فين .. رايحه فين يا "آيات" .. ردى عليا
جذبتها "آيات" من ذراعها وتوجهت الى المسؤل عن الرحلات بالكلية وطلبت منه تسجيل اسمها واسم "أسماء" فى رحلة العين الساخنة .. نظرت "أسماء" الى ما تفعله صديقتها بدهشة دشديدة .. تم تسجيل الأسماء وغادرت الفتاتان وسارتا معاً الى أن جذبتها "أسماء" من ذراعها لتوقفها قائله :
- انتى اتجننتى يا "آيات" .. ازاى هتطلعى الرحلة باباكى مستحيل يوافق ؟
صمتت "آيات" وهى تنظر الى صديقتها وبدا وكأنه تشعر بتردد كبير.. فهتفت "أسماء" :
- "آيات" ردى عليا
قالت "آيات" بشى من الخجل :
- بابا مش هيعرف انى هطلع الرحلة دى
قالت "أسماء" بدهشة :
- ازاى يعني مش هيعرف ؟
قالت "آيات" بعزم وإصرار :
- هقوله انى بايته عندك عشان نذاكر للإمتحانات .



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-10-15, 09:42 AM   #6

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 4 )



- انتى اتجننتى يا "آيات" .. ازاى هتطلعى الرحلة باباكى مستحيل يوافق ؟
صمتت "آيات" وهى تنظر الى صديقتها وبدا وكأنها تشعر بتردد كبير .. فهتفت "أسماء" :
- "آيات" ردى عليا
قالت "آيات" بشئ من الخجل :
- بابا مش هيعرف انى هطلع الرحلة دى
قالت "أسماء" بدهشة :
- ازاى يعني مش هيعرف ؟
قالت "آيات" بعزم وإصرار :
- هقوله انى بايته عندك عشان نذاكر للإمتحانات
نظرت اليها "أسماء" بصمت .. فقالت "آيات" تبرر لنفسها قبل أن تبرر لـ "أسماء" :
- أعمل ايه يعني مش قدامى حل غير كده .. مفيش فرصة تانية ممكن يشوفنى ويتعرف عليا .. عنده 300 بنت فى الدفعه ايه اللى هيخليه ياخد باله منى أنا بالذات
قالت "أسماء" ساخرة :
- أمال راح فين أنا مش هلفت انتباهه مش هضربه على ايده عشان يحبنى
قالت "آيات" بحده :
- أنا مش هحاول أقرب منه ولا هلفت انتباهه أنا بس هكون موجوده معاه فى مكان واحد .. حس بيا حس .. محسش خلاص
أومأت "أسماء" برأسها وقالت بلامبالاة :
- حتى لو حاولتى تلفتى انتباهه أنا شايفاها حاجة عادية مفيهاش حاجة
قالت "آيات" بحماس وهى تخرج مع صديقتها من الكلية :
- يلا عشان عندنا حاجات كتير لازم نحضرها قبل معاد الرحلة

اشترت "آيات" ملابس جديده من أجل الرحلة .. لتظهر بأفضل مظهر أمام "آدم" عله يتلفت اليها ويدق قلبه بحبها ..كانت متحمسة للغاية وسعيدة للغاية .. لم يعكر صفو تلك السعادة سوى الإحساس بالذنب الذى تشعر به كل حين وآخر .. بسبب اضطرارها الكذب على والدها .. كادت أن تتراجع عن الفكرة ككل .. لكنها تذكرت أن هذه هى فرصتها الوحيدة حتى يراها "آدم" بعيداً عن العلاقة الأكاديمية التى تجمعهما .. أقنعت نفسها قائله :
- أنا مش هعمل حاجة غلط .. أنا بس هكون موجودة فى الرحلة .. وزيها زى أى رحلة .. مش هحاول أكلمه .. ولو اضطريت أكلمه هتكلم عادى .. لكن أنا مستحيل أقوله مشاعرى نحيته . .لازم تيجيى منه هو .. أنا مش هعمل حاجه غلط .. مجرد رحلة
ظلت تردد تلك الكلمات الى أن اقتنع بها ضميرها وراح فى سبات عميق

**************************************

كانت "إيمان" فى هذا اليوم تشعر بتوتر بالغ فهذا هو اليوم الموعود .. اليوم الذى سيتصل بهم العريس ليعرف ردهم ويعلمهم برده .. استخارت الله كثيراً ودعته أن يبيض وجهها أمام عائلتها .. وألا يضيف جرحاً آخر لحياتها التى امتلأت على آخرها بجروحاً وشروخاً وكدمات !
رن جرس الهاتف فإنتفضت فى وجل .. دخلت غرفتها لتجلس على فراشها فى توتر .. ضمت كفيها الى بعضهما البعض أمام وجهها وهى تردد :
- يارب مفيش حاجة وحشة تحصل .. يارب
دقائق مرت كالسنوات .. قبل أن ينفتح الباب .. بمجرد أن طالعت وجه والدتها الحزين وعلامات الأسى على وجهها حتى علمت الرد .. الرد الذى توقعته قبل أن يغادر بيتهم .. الرد الذى تسمعه دائماً .. والذى أصبح أمر مسلم به .. رفضهـــا .. حاولت حبس عبراتها .. فلا ينقصها الآن سوى شفقة والدتها .. لكنها لم تستطع .. انفجرت فى بكاء مرير .. أغلقت أمها الباب وجلست بجوارها وأخذتها بين ذراعيها قائله :
- يا بنتى وحدى الله .. بكرة ربنا هيبعتلك نصيبك لحد عندك
ثم قالت لتحاول أن تخرجها من حزنها :
- وبعدين أصلاً مكنش عاجبنى كان اتم كده وبارد ودمه تقيل
هبت "إيمان" واقفة والعبرات تغرق وجهها وهى تصيح بغضب :
- كفاية بأه كفاية .. مش عايزة أتهان أكتر من كده .. كل مرة تجيبولى عريس ويرفضنى .. كل مرة أطلع أدامه أكنى بعرض نفسي عليه ويايشترى ياميشتريش .. كفاية بأه ارحمونى أنا معدتش هقابل عرسان تانى .. ريحى نفسكوا بأه
وقفت أمها فى مواجهتها وهى تقول :
- انتى اتهبلتى فى عقلك يا بت انتى
قالت "إيمان" بصوت باكى :
- افهمى بأه وكلكوا افهموا مفيش واحد هيبص لواحدة زيي
ضربت أمها على صدرها وهى تقول :
- ليه ان شاء الله ناقصة ايد ولا ناقصة رجل ده انتى زى الفل
هتفت "إيمان" وهى تهزى من الغضب :
- مش شايفة أنا عامله ازاى .. مين هيرضى يتجوز واحدة شوال زيي
ثم فتحت دولابها بعصبيه وأخرجت ملابسها والقتها أرضاً وهى تصيح :
- بصى شوفى مقاسى كام .. عمرى ما دخلت محل إلا وألاقى البنت تقولى معلش يا مدام مقاسك مش عندنا .. مين هيرضى يتجوز واحدة زيي
انهارت على الأرض باكية فوق الملابس التى ألقتها أرضاً .. صاحت أمها وهى تغادر الغرفة :
- بت مجنونة صحيح .. لما يجيى أبوكى يبقى يشوفله صرفه معاكى
ثم أغلقت الباب خلفها بقوة

*****************************************

جلست "ساندى" مع صديقاتها فى النادى لتقول بتفاخر :
- طبعاً يا بنتى هو يقدر ميجيش .. اسألى "ريم" هى اللى شفته
قالت "ريم" صديقتها :
- أها دخل الحفلة من هنا والبنات كلها كانوا هياكلوه بعنيهم .. بس سابهم كلهم وأعد مع "ساندى"
ابتسمت "ساندى" وقالت بتعالى :
- وكمان جبلى هدية عيد ميلادى
قالت أحدى الفتيات بخبث :
- طب ايه ؟
ضحكت "ساندى" قائله :
- ايه ايه يا بنت انتى
قالت الفتاة :
- يعني أنا شيفاه مهتم .. حفلة عيد الميلاد .. وهدية .. وكمان رجع فى كلامه وسمحلك تحضرى المحاضرات .. أكيد كل ده مش لله وللوطن
قالت "ساندى" بدلال :
- الله أعلم
قالت فتاة أخر :
- هتطلعى الرحلة يا "ساندى" ؟
قالت "ساندى" :
- أهاا طبعا طالعاها
قالت الفتاة بخبث :
- من امتى بتطلعى رحلات تبع الجامعة .. من أول سنة وانتى بتطلعى تبع النادى ومبترضيش تطلعى معانا
قالت "ساندى" بلؤم :
- المرة دى هطلع
قالت الفتاة ضاحكة :
- ايه هو اللى طلب منك ولا ايه ؟
قالت "ساندى" كاذبه :
- أيوة قالى ياريت تطلعيها يا "ساندى"
ضحكت الفتاة قائله :
- ده شكل دكتور "آدم" وقع ولا حدش سمى عليه
تعالت ضحكات الفتيات حول "ساندى" التى كانت فى قمة سعادتها لأنها محور حديث الفتيات .. و سبب غيرتهن

*************************************
جلس "آدم" فى غرفته أمام حاسوبه يتصفح بتململ .. طرقت أمه الباب فأذن لها بالدخول .. دخلت وقدمت له كوب من الشاى فقال بعبوس :
- شكراً يا ماما
ثم عاد لمطالعة حاسوبه وقد بدا شارداً حزيناً .. فوجئ بأمه تجذب احدى المقاعد وتجلس بجواره .. نظر اليها ففهم أنها على وشك القاء محاضرة أخرى عليه فزفر بضيق وعاد ينظر الى حاسوبه مرة أخرى .. فقالت أمه :
- مش هكلمك فى الموضوع اللى كل شوية أكلمك فيه .. انا هكلمك فى حاجة تانية خالص
لم يبى "آدم" أى رد فعل فقالت أمه بعتاب :
- سبت الصلاة ليه يا "آدم" ؟
بدا وكأنه بوغت بالسؤال .. ظل ملتزماً الصمت فقالت أمه بأسى :
- ليه يا ابنى كده .. ده هى الحاجة اللى بتعصمك من الشيطان .. ليه تسيب الصلاة وهى عماد الدين يا ابنى .. ودى أول حاجة هتتسأل عنها فى قبرك .. لو كنت بتصلى وربنا قبل صلاتك هينظر فى عملك .. أما لو مكنتش بتصلى أو ربنا مش قابل صلاتك عملك كله هيضيع يا ابنى مهما كانت أعمالك دى كويسه .. طالما مفيش صلاة .. يبأه كل أعمالك دى هتضيع على الأرض
أطرق "آدم" برأسها دون أن يجيب .. فأكملت وقد اغرورقت عيناها بالعبرات :
- أنا خايفة عليك يا "آدم" .. خايفة عليك أوى
ثم قالت :
- ده ربنا قال إن من صفات المنافقين " وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاَةِ قَامُوا كُسَالَى " .. فما بالك باللى مبيصليش خالص
ثم قالت بحنان :
- تعرف يا "آدم" ان الصلاة هى الطاعة الوحيدة والفرض الوحيد من فرائض الاسلام اللى ربنا عرِج بنبيِّه إلى فوق السماء السابعة وفرض عليه الصلاة من فوق سبع سماوات .. فرضها خمسين صلاة .. كل يوم خمسين صلاة .. لكن النبي صلى الله عليه وسلم طلب من ربنا انه يخففهم لخمسه بس فربنا استجاب له .. وبقت خمسة فى العدد وخمسين فى الأجر والثواب .. أما باقى الفرائض والعبادات سيدنا جبريل كان بينزل للنبى ويوحى له بيها .. شوفت بأه الصلاة مكانتها مهمة ازاى عند ربنا
تنهد "آدم" وعقد ما بين حاجبيه وهو مازال ينظر الى الحاسوب أمامه .. فنظرت اليه أمها وقالت باكية :
- يا "آدم" النبي قال "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة " .. أنا خايفة عليك يا ابنى
أجهشت فى بكار حار .. التفت "آدم" ينظر اليها وقد اغرورقت عيناه بالعبرات .. مد يده وهم بأن يضعها على أمه ليخفف حدة بكائها .. لكنه قام فجأة بعصبيه وحمل هاتفه وغادر البيت .. جلست أمه فى مكانها تكفكف دمعها وهى تدعو من اعماق قلبها :
- يارب اهديه ونور بصيرته

***************************************
جلست "إيمان" تشاهد التلفاز حاملة علبة حلاوة كبيرة تأكل منها بنهم شديد وعلامات الوجوم على وجهها .. اقتربت منها أمها هاتفه بحده :
- وترجعى تقولى تخينة وأد الشوال .. حد يعمل عملتك السودة دى
قالت "إيمان" بحدة :
- ايه أموت من الجوع يعني
قالت أمها بعصبيه :
- ما قولناش تموتى من الجوع بس اهتمى بأكلك شوية .. اعملى رجيم .. مش طول ما انتى أعده وانتى عماله تلغى كده
تركت "إيمان" علبة الحلاوة بعصبية وصاحت قائلاً :
- مش طافحة
دخلت غرفتها وأغلقت الباب بعصبيه وجلست على فراشها وقد تركت العنان لعبراتها .. ثم قالت بغضب وهى تلقى بالوسادة أرضاَ :
- مش عايزة أعجب حد أصلاً .. محدش له دعوة بيا

****************************************

جلست "ساندى" تطالع الحساب الشخصى لـ "آدم" على الفيس بوك .. اتسعت ابتسامتها فى سعادة عندما قبل طلب اضافتها لقائمة أصدقائه .. بدأت المحادثة قائله :
"ساندى" : هاى دكتور
"آدم" : هاى "ساندى"
- ازيك عامل ايه
- بخير ازيك انتى
- تمام .. عرفت انك طالع مشرف على رحلة العين السخنة
- أيوة
- مفاجأة حلوة .. على فكرة أنا طالعه الرحلة
- كويس .. طلعتيها قبل كده
- يوووه كتير بس مش تبع الجامعة .. بحس رحلات الجامعة مملة ومش بكون فيها على راحتى
-معايا مش هتكون مملة
-هههههههه اكيد طبعا .. متشوقة للرحلة أوى .. وأعرف أماكن كتير حلوة ممكن نزودها للبروجرام هبقى أقولك عليها يوم الرحلة
- خلاص اتفقنا.. باى دلوقتى نتكلم بعدين
- باى دكتور
ابتسمت "ساندى" ثم هبت واقفة وفتحت دولاب ملابسها وأخذت تفكر كيف تستعد لتلك الرحلة .. والأهم .. كيف تجعل "آدم" لا يرى سواها فى هذه الرحلة

**************************************
كانت "آيات" واقفة أمام المكتبة تصور بعض الأوراق فأقبلت "أسماء" من خلفها وقبلتها قائله :
- سورى اتأخرت عليكي يا "يويو"
هتفت "آيات" بحنق :
- اتأخرتى كده ليه .. بقالى ساعة واقفة أصور فى ورقى وورقك
قالت "أسماء" وهى تتفحص الأوراق التى فى يد "آيات" :
- شوية بنات وقفت أتكلم معاهم .. بنستعد للرحلة
ثم التفتت تنظر الى "آيات" قائله :
- على فكرة "ساندى" طالعة الرحلة
قالت "آيات" بلامبالاة :
- ما تطلع
قالت "أسماء" بتردد :
-بصى فى حاجة كدة عرفتها .. مش عارفه أقولهالك ولا لأ
التفتت اليها "آيات" قائله :
- قولى طبعا حاجة ايه ؟
ترددت "أسماء" قائله :
- خايفة تضايقي
قالت "آيات" بقلق :
- قولى يا "أسماء" قلقتيني
قالت "أسماء" بتهكم :
- دكتور "آدم" حضر عيد ميلاد "ساندى" من كام يوم فى بيتها وجبلها هدية كمان
اتسعت عينا "آيات" من الدهشة وهى تمتم قائله :
- ازاى يعني .. ده طردها أدامنا من المحاضرة
مطت "أسماء" شفتيها قائله :
- معرفش يختى .. ده اللى سمعته
قالت "آيات" بعدم تصديق :
- أكيد اشاعة
قالت "أسماء" بتأكيد :
- لا يا بنتى مش اشاعة أنا كنت واقفة مع "ريم" والبنات وعرفت كمان انه طلب منها انها تطلع الرحلة دى
شعرت "آيات" بحزن شديد .. واغرورقت عيناها بالعبرات وقالت وهى تحاول أن ستتجمع رباطة جأشها :
- خلاص انسى أنا مش عايزة أطلع الرحلة
هتفت "أسماء" بحده :
- انتى غبية يا "آيات" هتسيبيلها الجمل بما حمل
التفتت "آيات" تنظر الى "أسماء" بحيرة وضيق قائله :
- أمال أعمل ايه يعني .. خلاص هو طالما بيحبها خلاص ربنا يهنيهم
هتفت "أسماء" بحدة أكثر :
- يا بنتى هتجننيني .. بطلى شغل العبط بتاعك ده .. أنا لو منك هروح الرحلة وأدب صوابعى فى عنيها أحاول ألفت انتباهه وأخليه يسيبها ويجيلى على ملا وشه
قالت "آيات" بكبرياء :
- أنا مش هعمل كده .. مش هلفت انتباهه .. هو لو محسش بيا من نفسه خلاص .. انا كنت طالعة الرحلة بس عشان بس أديله فرصة للكلام لو هو حابب يتكلم معايا .. لكن طالما مهتم بـ "ساندى" فخلاص هو حر
قالت "أسماء" بغيظ :
- يا بنتى ومين قالك انه مهتم بـ "سادى" أصلاً .. مش يمكن كدبت وقالت للبنات انه طلب منها تطلع الرحلة .. عايزة ترسمى نفسها يعني
صمتت "آيات" وهى تشعر بالحيرة .. فقالت "أسماء" :
- لازم تطلعى الرحلة دى .. عشان حتى تعرفى آخرة الموضوع ده ايه .. وتحطى النقط على الحروف بينك وبين نفسك .. اتفقنا ؟
نظرت "آيات" الى "أسماء" قليلاً .. ثم قالت :
- خلاص اتفقنا
شردت "آيات" وهى تتساءل .. تُرى أهناك شئ بينهما .. أيحبها .. تمنت أن تكون الإجابة .. لا

*************************************
وقف "آدم" يودع "زياد" قائلاً :
- هتوحشنى يا "زياد"
عانقه "زياد" قائلاً :
- وانت كمان يا "آدم" .. هستنى منك زيارة زى ما وعدتنى .. بجد هتقضى يومين حلوين فى شرم
ابتسم "آدم" قائلاً :
- خلاص اتفقنا ان شاء الله .. خد بالك من نفسك
ربت "زياد" على كتفه قائلاً :
- وانت كمان يا "آدم" خد بالك من نفسك
أوقف "آدم" سيارته أمام الكورنيش وأخذ يتمشى وهو ينظر الى النيل ويتأمله .. وقف وأسند ذراعيه على السور وهو يتأمل ظلام السماء .. شعر بأنه ينظر داخل قلبه .. فحال تلك السماء كحال قلبه .. ظلام فى ظلام .. ثم نظر الى القمر الذى لا يظهر منه سوى هلال صغير .. تماماً كقلبه .. يشعر بوجود ضوء صغير يحارب ليظهر ويتغلب على الظلام .. لكن "آدم" لا يسمح بهذا الضوء بأن يكبر ويُنير ظلام قلبه .. لا يسمح ولا يريد .. يريد قلبه أسود كما هو .. كيف سيحقق انتقامه ان اختفى هذا السواد ؟ .. يريد أن يرجع حقه ممن نهبه .. لا يريد أكثر من حقه المسلوب .. فلماذا يُلام على ذلك ؟ .. لماذا يُلام على رغبته فى استرداد حقه .. شعر بأنه يقترب شيئاً فشيئاً من هدفه .. خطوة وراء خطوة وسيصل الى مبتغاه .. عليه فقط .. الصبر .. والإنتظار

*************************************

فى صباح اليوم الموعود .. يوم الرحلة .. لم تستطع "آيات" النوم من فرط حماسها .. كانت تتمم على حقيبتها للمرة التى لا تتذكر عددها .. اتصلت بها "أسماء" قائله :
- أيوة يا "آيات" نتقابل فى مكان الباص
قالت "آيات" بحماس :
- تمام يا "أسماء" .. يلا سلام
توجهت الى سيارتها ووضعت حقيبتها .. تذكرت محادثتها مع والدها منذ يومين حين قال والدها :
- طيب وليه "أسماء" متجيش تبات هنا وتذاكروا سوا
- مامتها مش راضية
- يعني هى مامتها مش راضية .. وانتى ملكيش أهل
قالت "آيات" بسرعة :
- لا مش قصدى يا بابا .. قصدى ان فى بيت "أسماء" طنط موجودة .. أما هنا فأنا وحضرتك عايشين لوحدنا .. فعشان كدة الأحسن أنا اللى أروح أبات معاها
فكر "عبد العزيز" قليلاً ثم قال :
- مش عارف يا "آيات" مش حابب حكاية البيات دى
ألحت "آيات" قائله :
- عشان خاطرى يا بابا بجد محتاجين نذاكر سوا .. خلاص الإمتحانات قربت وأنا بركز أكتر لما بذاكر مع "أسماء" .. عشان خاطرى يا بابا وافق دول هما ليلتين بس .. عشان خاطرى وافق يا بابا .. وكمان لو تحب خليك معايا على الموبايل على طول نطمن على بعض
وافق "عبد العزيز" مرغماً وهو يقول :
- أعمل ايه يعنى .. خلاص يا بنتى
عانقته "آيات" فى سعادة قائله :
- ميرسي يا بابا
قال "عبد العزيز" محذراً :
- ممنوع الخروج بعد 10 يا "آيات" .. وياريت متخرجش أصلاً انتى رايحه تذاكرى مش تتفسحى
قالت "آيات" بحماس :
- متقلقش يا بابا متقلقش

انتبهت "آيات" الى اشارة المرور التى أرغمتها على التوقف .. توقفت وهى شاردة فيما تفعل .. زفرت بضيق .. فلم تتصور أن يصل بها الحال الى الكذب على والدها بهذا الشكل والسفر الى بلد أخرى والإقامة فيها دون علم والدها .. لكنها أخذت تقنع نفسها بأنها لن ترتكب أى شئ خطأ .. هى فقط تريد استغلال فرصة لن تتكرر .. تريد أن تكون قربه تريد أن تفهم مشاعرها وتعرف هل هناك أمل فى أن يشعر بها يوماً .. أم أنها تجرى خلف سراب .. أرهقها التفكير فزفرت بضيق وأدارت المسجل لتنساب نغمات احدى الأغنيات الى أذنيها

وصلت "آيات" لمكان التجمع .. رات مجموعات صغيرة بدأت فى التزايد رويداً رويداً .. بحثت بعيناها عن "آدم" فلم تراه .. أقبلت نحوها فتاتين فابتسمت ووقفت تتحدث معهما .. سمعت "صوت "سارة" قادمة فالتفتت لتقع نظراتها على "آدم" خفق قلب "آيات" بقوة .. وارتسمت رغماً عنها ابتسامه على شفتيها .. حاولت اخفاء تلك الإبتسامه لكنها لم تستطع .. كانت تشعر بشعور لذيذ وبسعادة غامرة .. اقترب "آدم" من الجمع وألقى عليهم التحية وسألهم قائلاً :
- جاهزين يا شباب
قال أحد الطلاب بحماس :
- طبعاً جاهزين يا دكتور
نظر "آدم" الى الساعة وقال:
- طيب على العموم لسه خمس دقائق وعايزكم تقفولى صف ومتطلعوش الباص إلا لما أتمم عليكم
قالت احدى الفتيات ضاحكة :
- ايه شغل ابتدائى ده يا دكتور
ابتسم "آدم" ابتسامته الجذابه التى خفق لها قلب "آيات" قائلاً :
- ده نظامى .. لو عندكوا اعتراض ممكن اعتذر عن اشراف الرحلة وأخلى دكتور "مسعد" يطلع بدالى
صاح الجميع فى استنكار :
- لا أبوس ايدك يا دكتور
- اعمل الى انت عايزه يا دكتور بس بلاش دكتور "مسعد"
ابتسم "آدم" والتفت يبحث بعينيه عن "ساندى" .. لكنه لم يجدها بين الحضور .. كانت "آيات" واقفة تتأمله .. التحمت نظراتهما .. فجفلت .. وأخفضت بصرها فى توتر .. ألقى "آدم" عليها نظرة لامبالاة وماهى إلا لحظات حتى حضرت "ساندى" و "أسماء" واكتمل العدد .. نظرت "آيات" بحده الى "ساندى" الواقفه تتحدث بميوعه مع "آدم" وقالت لـ "أسماء" بحنق :
- شايفه واقفه تكلمه ازاى
قالت "أسماء" :
- سيبك منها
وقف الجميع صفاً وتقدم كل طالب ليخبر اسمه لـ "أدم" الذى وقف بجوار باب الأتوبيس من الأسفل .. تابع "آدم" الكشف الذى بيده وهو يستمع الى اسم كل طالب على حدى .. اتى دور "آيات" فنظر اليها منتظراً أن تقول اسمها ليبحث عنه فى الكشف .. قالت بتوتر وهى تنظر اليه مبتسمه :
- "آيات عبد العزيز حسان اليمانى"
تصلب جسد "آدم" وهو يستمع الى اسمها .. رفع رأسه ونظر اليها بتمعن قائلاً :
- انتى من عيلة "حسن اليمانى" ؟
شعرت "آيات" بالسعادة فلربما يعرف أحد أفراد عائلتها وتجد مدخلاً للحديث معه .. قالت بحماس :
- أيوة
قال "آدم" بلهفه وعيناه الزرقاوين تكاد تخترقانها من فرط امعانه فيها :
- "سراج حسن اليمانى" يقربلك ايه ؟
ابتسمت "آيات" قائله بحماس :
- ده يبقى عمى
تجمدت ملامح "آدم" وظلت نظراته مثبتة عليها كالليزر .. شعرت "آيات" بالتوتر من نظراته التى لم تستطيع تفسير معناها .. قالت بإرتباك :
- اطلع الباص ؟
أومأ برأسه دون أن يرفع بصره عنها .. صعدت وضربات قلبها تزداد اضطراباً .. وقف "آدم" لحظات جامداً .. ثم ما لبثت تعبيرات الغضب أن ظهرت على ملامحه واشعلت نظراته وهو يتمتم بصرامة :
- عمك !!

جلست "آيات" بجوار "أسماء" وقالت لها بلهفه وسعادة بصوت منخفض خشية أن يسمعها من حولها :
- دكتور "آدم" اتكلم معايا
ضحكت "أسماء" قائله :
- صلاة النبي أحسن .. ده احنا لسه بنقول يا هادى
ثم غمزت بعينها قائله :
- يا "يويو" يا جامد
ثم قالت :
- احكيلى قالك ايه
قالت "آيات" بحماس :
- سألنى على عمى "سراج"
قالت "أسماء" بإستغراب :
- عمك ؟ .. وهو يعرفه منين ؟
قالت "آيات" بسعادة :
- معرفش .. بس مش مهم .. المهم انه اتكلم معايا يا "أسماء"
التفتت "آيات" تنظر الى "آدم" الواقف بجوار الأتوبيس التفت فالتقت عيناهما .. خفق قلبها .. لكنها هذه المرة لم تشح بوجهها .. وهو أيضاً لم يفعل .. حاولت أن تفهم معنى نظراته وسببها .. لكنها لم تستطع .. ولم تحاول كثيراً أن تفهم .. فكل ما كانت تشعر به الآن هو السعادة .. السعادة لأنه أخيراً التفت اليها
صعد الجميع وانطلق الأتوبيس بهم فى طريقهم الى العين الساخنة .. كان "آدم" يجلس فى الأمام على بعد ثلاث مقاعد من مقعدى "آيات" و "أسماء" .. التفت ينظر فى اتجاه "آيات" فانتبهت لتلك العينان الزرقاوان اللاتات تتفرسان فيها .. شعرت بإرتجافة فى أوصالها .. ثم عاد لينظر أمامه مرة أخرى .. ضحكت "أسماء" ضحكة خافته ووكزت "أسماء" فى ذراعها قائله :
- ايه يا "آيات" ده .. لحقتى وقعتيه
قالت "آيات" بإرتباك :
- والله ما عملت حاجة
قالت "أسماء" بلؤم :
- أمال لو عملتى
ثم انفجرت مرة أخرى ضاحكة .. لم تشاركها "آيات" ضحكاتها ولا مزاحها .. لأن عقلها كان فى مكان آخر .. كان مع والدها .. والدها الذى كذبت عليه .. وهاهى فى طريقها خارج القاهرة .. لتمضى ليلتين فى هذا البلد الغريب .. ودون علم والدها .. الذى كان ومازال كل ما تملك فى هذه الحياة .. شعرت بألم شديد فى قلبها .. وصوت يهتف بداخلها :
- أهذه ثقة والدكِ فيكِ يا "آيات" .. أيستحق منكِ تلك الخيانة .. وهو الذى لم يقصر فى حقك يوماً وهو الذى وثق بكِ دوماً .. وهو الذى كان الأب والأم والأخ والصديق وكل عائلتك .. أيستحق منكِ تلك الطعنة .. ماذا لو علم .. كيف يتكون نظرته اليكِ .. الى ابنته التى تعب وعانى فى تربيتها وتعليمها وأوصلها الى ما هى عليه الآن .. كيف ستكون خيبة أمله فيكِ يا "آيات"
كانت "آيات" تنظر من الشباك المجاور لها وهى شاردة واجمة وعلامات الحزن على وجهها ..لم تنتبه الى "ساندى" التى حضرت من الخلف فى اتجاه "آدم" ونظرت اليه قائله بدلال :
- تسمحلى يا دكتور عايزة أتكلم مع حضرتك فى بروجرام الرحلة
ابتسم لها "آدم" ووقف لتجلس على المقعد المجاور له .. كان عقل "آدم" فى مكان آخر تماماً فلم يستمع الى "ساندى" التى تلقى على مسامعه اقتراحاتها بشأن تطوير برنامج الرحلة والأماكن التى تعرفها فى العين الساخنة .. كان عقل "آدم" منشغل بتلك الفتاة التى تجلس خلفه بثلاث مقاعد .. قال لنفسه :
- ما هذه المصادفة يا "آدم" .. واحدة من عائلة "اليمانى" تحت رحمتك .. وفى قبضة يدك .. يبدو أن حظك بدأ فى الإبتسام لك أخيراً يا "آدم"
فجأة وبدون سابق انذار هبت "آيات" واقفة وهى تأخذ حقيبتها التى وضعتها فى الرف العلوى .. نظرت اليها "أسماء" بدهشة قائله :
- بتعملى ايه يا "آيات" ؟
قالت "آيات" بحزم وهى تضع الحقيبة على ظهرها :
- نازلة
قالت "أسماء" غير مصدقة :
- نازلة .. يعني ايه نازلة ؟
قالت "آيات" بحزم وهى تنظر اليها :
- مش عايزة أطلع الرحلة دى .. غيرت رأيي
فتحت "أسماء" فمها دهشة وقبل أن تتمكن من الرد عليها توجهت "آيات" الى السائق وأمرته بالتوقف توقف السائق لتنزل منه "آيات" .. أسرع "آدم" ينزل درجات الحافلة خلفها وجذبها من ذراعها قائلاً :
- انتى راحه فين ؟
التفتت اليه "آيات" بدهشة ونظرت الى يده الممسكة بذراعها وقالت :
- غيرت رأيي مش طالعه الرحله
قال "آدم" بدهشة :
- هو لعب عيال
جذبت ذراعها من يده وقالت بإضطراب :
- انا آسفة .. بس غيرت رأيي
التفتت لتغادر مشرعة .. رآها "آدم" وهى تبتعد .. كانت تسير فى طريق العودة الى القاهرة على هذا الطريق الصحراوى الذى يخلو من السيارات فى هذا الوقت من الصباح الباكر .. شعر "آدم" بأن هذه هى فرصته .. وأراد استغلالها الى أقصى درجة ممكنة .. توجه مسرعاً الى الأتوبيس وأخذ حقيبته وقال للمشرفة التى معه :
- أنا مضطر اروح معاها عشان مش هتعرف ترجع لوحدها .. وهبعتلكوا دكتور "مسعد" .. هتعرفى تتصرفى لوحدك يا دكتورة ؟
ابتسمت قائله :
- أيوة يا دكتور متقلقش .. المهم متسبش البنت لوحدها
نزل "آدم" من الأتوبيس وهو يحمل حقيبته على كتفه ويقول لنفسه بقسوة وغل وحقد دفين :
- متقلقيش مش هسيبها .. أبداً .. !



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-10-15, 09:46 AM   #7

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 5 )


- انا آسفة .. بس غيرت رأيي
التفتت لتغادر مسرعة .. رآها "آدم" وهى تبتعد .. كانت تسير فى طريق العودة الى القاهرة على هذا الطريق الصحراوى الذى يخلو من السيارات فى هذا الوقت من الصباح الباكر .. شعر "آدم" بأن هذه هى فرصته .. وأراد استغلالها الى أقصى درجة ممكنة .. توجه مسرعاً الى الأتوبيس وأخذ حقيبته وقال للمشرفة التى معه :
- أنا مضطر اروح معاها عشان مش هتعرف ترجع لوحدها .. وهبعتلكوا دكتور "مسعد" .. هتعرفى تتصرفى لوحدك يا دكتورة ؟
ابتسمت قائله :
- أيوة يا دكتور متقلقش .. المهم متسبش البنت لوحدها
نزل "آدم" من الأتوبيس وهو يحمل حقيبته على كتفه ويقول لنفسه بقسوة :
- متقلقيش مش هسيبها أبداً !
رحل الأتوبيس وأسرع "آدم" الخطى خلف "آيات" .. التفتت لتجده يقترب منها توقفت ونظرت اليه بدهشة شديدة .. قال لها "آدم" بجدية :
- مينفعش تمشى لوحدك .. أنا هاجى أوصلك
شعرت بقلبها يقفز فرحاً .. ابتسمت لا شعورياً .. حاولت أن تخفى تلك الابتسامه التى ظهرت على شفتيها .. لكنها كعادتها لم تستطع .. كان وجه "آيات" دائماً مرآة لما بداخلها .. لا تستطيع اظهار غير ما تشعر به .. أشاحت بوجهها عنه .. حتى لا يرى ابتسامتها وتلك السعادة فى عينيها .. سارت بجواره صامته .. التفت اليها ومد يده قائلاً :
- هاتى الشنطة
نظرت اليه قائله بصوت خافت :
- مفيش مشكلة أنا هشيلها
ابتسم اتبسامه خفق لها قلبها وقال :
- ليه مش شايفانى راجل ولا ايه
ابتسمت له وأعطته اياها .. نظرت اليه وهى تقول لنفسها :
- انه هو .. انه حقاً فارســي


شعرت "أسماء" بالغضب الشديد مما فعلته "آيات" حاولت الإتصال بها لكنها لم تجب .. فقالت بضيق :
- طبعاً من لقى أحبابه يا "آيات" هانم
ثم أخذت تنظر من الشباك فى وجوم


سمعت "آيات" صوت الهاتف لتجد أن "أسماء" هى المتصلة .. ضبطته على الوضع الصامت ثم اعادته الى حقيبتها .. كان "آدم" يتابعها بطرف خفى .. قال فجأة :
- حبيبك ؟
التفتت اليه "آيات" بدهشة وقالت :
- لأ
فقال "آدم" :
- افتكرت اتخنقتوا سوا وعشان كدة نزلتى من الأتوبيس
قالت بحماس :
- لأ أنا كنت طالعة مع واحده صحبتى
ابتسم لها "آدم" قائلاً :
- أمال ليه نزلتى من الأتوبيس ؟ .. وبسببك اضطريت أرجع ومكملش الرحلة
قالت بحرج :
- أناآسف جداً يا دكتور .. مكنش قصدى .. ومكنتش أعرف ان حضرتك هتنزل من الأتوبيس
قال "آدم" لجدية :
- ازاى كنتى عايزانى اسيبك لوحدك فى الصحرا دى
ابتسمت قائله :
- ميرسي أوى يا دكتور .. أنا فعلاً كنت خايفة ومكنتش عارفه هعمل ايه
أعاد سؤاله قائلاً :
- ليه نزلتى من الأتوبيس ؟
صمتت "آيات" قليلاً ثم قالت بتوتر :
- كده غيرت رأيي
قال "آدم" بشك :
- فجأة كدة ؟ .. اكيد فى سبب
صمتت .. فقال :
- حد ضايقك فى الأتوبيس ؟
قالت بسرعة :
- لا يا دكتور مفيش حد ضايقنى
- أمال ايه .. ايه اللى خلاكى تقررى فجأة انك تقطعى رحلتك
بدا عليها التردد ثم أخيراً قالت بصوت مضطرب :
- بصراحة .. انا كنت طالعة من ورا بابا .. بس حسيت بالذنب .. ومقدرتش أكمل
كانت تنظر أمامها .. فلم ترى نظرات "آدم" الساخرة .. تحدث الى نفسه قائلاً : ها هى فتاة مستهترة أخرى .. بنفس الشكل ونفس الأخلاق .. نظرة اليها نظرة متفحصة .. تأمل عينيها المرسومتان جيداً لتبدوان أكثر اتساعاً .. رأى المسكرة التى تزيد من حجم رموشها .. رآى كريم الأساس الذى أعطاها لون بشرة غير لونها الحقيقي فبدت بشرة وجهها متناقضة فى لونها مع لون بشرة يدها .. نظر أمامه وهو يقول لنفسه : مانيكان آخر للعرض فقط .. فياتُرى هل يُسمح بلمسه أم لا ؟!

شعرت "آيات" بالسعادة والأمان وهى تسير بجواره .. بجوار فارسها .. لم يعد لديها شك بأنه فارسها .. الذى طالما راودها فى أحلامها .. وجاءها على حصانه الأصيل .. وأخذها وانطلق بها ليشق الريح بسرعته .. شعرت بأنها تحبه بكل كيانها .. هذا الفارس .. هذا الرجل .. التفت "آدم" اليها قائلاً :
- تعبتى ؟
قالت "بوهن :
- بصراحة شوية
ابتسم قائلاً وهو يربت على كتفها :
- معلش ان شاء الله نلاقى عربية بسرعة
ارتجفت "آيات" للمسة يده على كتفها .. اضطربت ووقعت فى حيرة لكنها لم تبدى اعتراض .. ازاح "آدم" يده وهو يقول لنفسه : اذن فهو قابل للمس ! .. ومن أى ان كان ! .. تماماً كغيرها !

أخيراً وبعد السير لأكثر من ساعة .. أتت سياره فى تجاه القاهرة .. فإستقلاها .. وانطلقت بهما فى طريق العودة .. أوقف "آدم" لها تاكسى لتعود به الى منزلها لكنها أوقفلها قائلاً وهو يخرج احدى الكروت من جيبه :
- ده رقمى لما تروحى طمنينى انك وصلتى
قالت "آيات" مبتسمة :
- ميرسي يا دكتور
أغلق الباب بعدما ركبت وقال وهو ينظر اليها :
- مستنى اتصالك
رحل فالتفتت "آيات" تنظر من الزجاج الخلفى الى هذا الرجل الذى باتت واثقة بأنه نصفها الآخـر

عادت "آيات" لتخبر والدها بأنها غيرت رأيها بعدما استقبلت والدة "أسماء" أقارب لهم فلم تستطع المكوث عندهم لانها لن تشعر معهم بالراحة .. فرح "عبد العزيز" بذلك فقد كان لا يستريح لأمر اقامتها فى مكان بعيد عنه .. يحب دائماً أن يراها حوله ليطمئن قلبه عليها .. صعدت الى غرفتها وأخرجت "هاتفها بسرعة واتصلت بـ "آدم" لمئنه بوصولها كما طلب منها .. فقال لها :
- تمام .. وخلى بالك من نفسك وبلاش حركات مجنونة تانى
ضحكت قائله :
- حاضر يا دكتور
ألقت "آيات" الهاتف على فراشها وألقت بنفسها بجواره وهى تبتسم ابتسامة حالمة وتتخيل ما حدث اليوم .. والذى لم يكن فى الحسبان

*********************************

كانت "سمر" فى مكتبها بالمستشفى تستقبل المرضى كعادتها .. دخلت احدى الأمها ومعها طفلها الصغير .. ابتسمت "سمر" وقامت تداعب الصغير قائله بمرح :
- ازيك يا "كوكو" أخبارنا ايه النهاردة
ابتسمت أمه قائله :
- الحمد لله يا دكتورة "سمر" أحسن كتير من الإسبوع اللى فات
حملته "سمر" وقلبت وجنته قائله :
- انت خوفتنى عليك أوى يا "كوكو" .. وخوفت ماما كمان ينفع كده
ابتسم الصغير بخجل فقبلته مرة أخرى قائله :
- مش هتكلم بأه نفسي أسمع صوتك
قالت أمه بإهتمام :
- هو كده متأخر فى الكلام يا دكتورة
نظرت اليها "سمر" وطمأنتها قائله :
- لا متقلقيش هو بس انطوائى شوية فمحتاج يختلط بأطفال فى سنه وأكبر منه
قالت أمه بحزن :
- للأسف مفيش عندنا فى العيلة أطفال فى سنه
قالت "سمر" :
- وديه حضانه لأن مهم أوى ناه يتعلم المهارات الإجتماعية وهات خد ويشارك فى اللعب .. ده هيخرج من انطوائيته دى واحده واحده
ابتسمت أمه قائله :
- مبرسي يا دكتورة .. وان شاء الله أقدمله فى حضانه
قبلت "سمر" الصغير ثم أعطته لأمه قائله :
- ربنا يباركلك فيه
ثم توجهت الى مكتبها وأخرجت لعبة صغيرة وأعطتها له قائله :
- دى من طنط "سمر" عشان تفتكرنى على طول .. ماشى يا "كوكو"
ابتسم الصغير وأخذ اللعبة من يدها
قالت أمه وهى تنظر الى "سمر" مبتسمه :
- الحقيقة كنت عايزه أتكلم معاكى فى موضوع
قالت "سمر" بإهتمام :
- طبعاً اتفضلى
قالت الأم بإبتسامه حانية :
- بصراحة أنا حبيتك أوى .. وحبيت أكتر لبسك المحترم وأخلاقك العالية .. وكمان حنيتك على الأطفال واهتمامك بشغلك .. بصراحة أنا مش هلاقى أحسن منك عروسه لأخويا
شعرت "سمر" بالإرتباك .. فأكملت المرأة :
- هو بيدور على عروسه وانتى مواصفاتك مناسبه بالنسبة له .. فأنا عايزة منك بس رقم والدك وهو ان شاء الله هيكلمه النهاردة .. أنا كلمت أخويا عنك وهو معجب جدا بالكلام اللى سمعه عنك .. وهو اللى طلب منك أقولك كده
صمتت "سمر" وقد أطرقت برأسها أرضاَ وعلامات الحزن على وجهها .. فقالت المرأة :
- دكتورة "سمر" انتى اضايقتى ؟
نظرت اليه "سمر" قائله :
- لا أبداً مضايقتش .. بس
صمتت قليلاً ثم قالت :
- بس الحقيقة أنا مبفكرش فى الإرتباط دلوقتى
قالت المرأة بحماس :
- صدقتيني أخويا هيعجبك ان شاء الله .. وكمان أكيد مش هترتبطوا فجأة كد . أكيد هيبقى فيه فترة خطوبة وتعارف يعني متقلقيش
قالت "سمر بحزم :
- معلش آسفة لكن فكرة الإرتباط أصلاً مش فى بالى حالياً
قالت المرأة بحزن :
- طيب عامة لو غيرتى رأيك عرفيني .. لانى بجد مش هلاقيله عروسه زيك كده
ابتسمت "سمر" قائله :
- لا ان شاء الله هيلاقى اللى أحسن منى .. لكن أنا بجد مش عايزه أخليه ينتظر على الفاصى
قالت المرأة :
- يعني ده ردك النهائى .. ما يمكن تغيري رأيك
قالت "سمر" بتماسك :
- لا مش هغير رأيي .. وبجد أنا اسفة
ابتسمت المرأة بحزن قائله :
- هقوله الكلام اللى قوتيه .. بس عامة أنا مش هيأس وربنا يقدم اللى فيه الخير
خرجت المرأة فجلست "سمر" أمام مكتبها وهى شاردة .. ووجهها يشع حزناً وألماً .. كانت تعلم جيداً أنها لن تستطيع أن تقدم على تلك الخطوة .. لا تستطيع أن تثق برجل فتكتشف بعد ذلك أنه كوالدها .. عانت كثيراً من ترك والدها لها ولأمها .. تجرعت مرارة اليتم رغم أن والدها حى يرزق .. شعرت بأنها لن تستطيع أن تعطى قلبها وحياتها لرجل قد لا يكون أهلاً للثقة .. ويفعل بها كما فعل والدها بأمها .. كانت خائفة بشدة .. خائفة من الفشل .. خائفة الى درجة أنها حتى ترفض المحاولة .. تنهدت بعمق .. وصرفت تلك الأفكار عن رأسها .. واستعدت لإستقبال المريض التالى

**************************************

فتحت والدة "أسماء" الباب وابتسمت قائله :
- أهلا يا "آيات" اتفضلى يا حبيبتى
دخلت "آيات" وقبلتها قائله :
- ازيك يا طنط
- الحمد لله يا "آيات"
- هى "أسماء" جوه
- آيوة يا حبيبتى جوه فى أوضتها
توجهت "آيات" الى غرفة "أسماء" التى هبت واقف بمجدر أن رأتها وقالت لها بحده :
- انتى بتعملى ايه هنا ؟
أغلقت "آيات" الباب واقتربت منها قائله :
- أنا آسفة يا "سمسم"
قالت "أسماء" بحده :
- والله .. وأعمل ايه بأسفك ده .. أصرفه منين
قالت "آيات" برجاء :
- خلاص بأه يا "أسماء" متزعليش
قالت "أسماء" بغضب :
- وليكي عين تقولى متزعليش .. طلعتيني رحلة أصلا مكنش على بالى أطلعها وقولت مفيش مشكلة صحبتى ولازم أكون جمبها .. وفجأة تطلعلك الجنونه وتنزلى من الباص وهو فى نص الطريق .. واللى زاد وغطى ان حبيب القلب نزل وراكى وفضلت أتصل بيكي لما قرفت وانتى طبعا منفضالى .. ما انتى هتفتكريني ازاى مش حبيب القلب معاكى
قالت "آيات" بحده :
- ما أنا يا "أسماء" فضلت أتصل بيكي بعدها وطول الـ 3 أيام وانتى مش معبرانى
قالت "أسماء" بغضب :
- طبعاً معبركيش وحذفت رقمك من عندى اصلاً ومش عايزه أعرفك تانى
قالت "آيات" بحزن :
- خلاص بأه يا "أسماء" ياستى أن آسفة وحقك عليا .. أنا حسيت انى بعمل حاجة غلط .. حسيت بالذنب أوى ومقدرتش استنى .. ووالله مكنشت أعرف انه هينزل ورايا .. أعرف منين يعني
صمتت "أسماء" فاقتربت منها "آيات" قائله :
- خلاص بأه ميبقاش قلبك اسود
هتفت "أسماء" :
- أنا قلبى بلاك .. ملكيش دعوة
قبلتها "آيات" قائله بمرح :
- ده انت قلبك أبيض وزى الفل يا "سمسم" يا قمر انت
قالت "أسماء" مبتسمه :
- ايوة اضحكى عليا بكلمتين
ثم وكزتها بقوة فى ذراعها فصرخت "آيات" قائله :
- يا مفترية
قالت "أسماء" بتشفى :
- أحسن تستاهلى
ثم جذبتها من ذراعها وأجلستها على الفراش وجلست أمامها وقالت لها :
- عايزة أعرف كل حاجة من ساعة ما نزلتوا من الباص .. فاهمة
ابتسمت "آيات" قائله بسعادة :
- بصى يا ستى .. أول شال عنى الشنطة .. بصراحة احترمته أوى لما عمل كدة .. وكان مهتم بيا أوى .. ووقف لحد ما وقفلى التاكسى .. وكمان ادانى رقمه عاشن لما أوصله أكلمه وأطمنه عليا
استعت عينا "أسماء" دهشة وقالت :
- بتهرجى مش كده
قالت "آيات" ضاحكة :
- لا والله مش بهرج
قالت "أسماء" بإستغراب :
- غريبة .. ايه الإهتمام المفاجئ ده .. ده مش اهتمام دكتور بطالبه نزلت من الباص .. كان ممكن يرجع معاكى القاهرة وبعدين يسيبك مش يوقفلك تاكسى ويديكى رقمه عشان يطمن عليكى
ثم قالت بقلق :
- أنا مش مرتاحة للموضوع ده
قالت "آيات" بشرود :
- أنا برده استغربت زيك .. بس مش عارفه .. هو كان محترم وفعلا كنت حساه مهتم بيا .. وكان مهتم كمان يعرف أنا لسه سيبت الباص ونزلت
نظرت اليها "أسماء" قائله :
- وقولتيله ايه ؟
هزت "آيات" كتفيها قائله :
- قولتله الحقيقة
هتفت "أسماء" بغضب :
- انتى غبية يا "آيات" .. كده هياخد عنك فكرة وحشة
قالت "آيات" بقلق :
- بس أنا رجعت عن الغلط اللى كنت بعمله ونزلت من الباص .. أنا لو وحشة كنت كملت الرحلة
قالت "أسماء" بحنق :
- يا بنتى مش هيهتم رجعتى عن الغلط ولا مرجعتيش .. كل اللى هيبصله هو انك كنت مسافرة من ورا أهلك .. أكيد هيقول عليكي بنت فلتانه
قالت "آيات" بحزن وقلق :
- لا متقوليش كده .. ان شاء الله ميكنش خد عنى فكرة وحشة

*************************************
جلس "على" مع صديقه فى المسجد بعد الانتهاء من صلاة العشاء .. قال "على" بحزن :
- مش عارف أعلم ايه .. نفسي أوى تكون من نصيبي وخايف تضيع من ايدي
قال صديقه :
- طالما بتحبها ليه متتقدملهاش ؟
تنهد "على" قائلاً بحسرة :
- ياريت كن ينفع كنت خدت أبوي و أمى ومن بكرة كنت روحت اتقدملتلها
قال صديقه :
-طيب مبتعملش كده ليه
قال "على" بضيق شديد :
- أتقدملها ازاى وأنا لسه لحد دلوقتى مش لاقى شغل .. دى دكتورة وبتشتغل .. يعني تبقى هى بتشتغل و أنا عاطل يعني
ربت صديقه على كتفه قائلاً :
- متضايقش نفسك يا "على" ربنا كبير
صمت "على" قليلاً ثم قال باسماً :
- عارف اي أكتر حاجة عجبانى فيها ؟ .. خجلها .. أول ما بتشوفنى بتبص فى الأرض ومبتحاولش تتكلم معايا ولا حتى تقولى ازيك رغم انها صاحبة أختى أختى من زمان .. وكمان هى بنت ناس ومحترمة ومؤدبة وماما وأختى بيحبوها جداً
ضحك صديقه قائلاً :
- أمك و أختك بس اللى بيحبوها ؟
ضحك "على" قائلاً :
- اتلم يله .. ويلا قبل ما يقفلوا المسجد علينا واحنا أعدين

************************************
جلست "ساندى" مع صديقتها "ريم" فى النادى وهى تهتف بحنق :
- مش قادرة أنسى اللى حصل يا "ريم" دمى محروق أوى
قالت "ريم" مبتسمه :
- بصراحة شكلك مكنش لطيف خالص .. خاصة انك قولتى ان هو اللى طلب منك تطلعى الرحلة
قالت "ساندى" بغضب :
- أنا مش فاهمة لزمتها ايه انه ينزل يوصلها .. مكان بعت معاها أى حد .. أو حتى وصلها ويرجع تانى ليه يبعتلنا دكتور "مسعد" بداله
قالت "ريم" بلامبالاة :
- يمكن معجب بيها
نظرت "اليها "ساندى" بحده وقالت بغضب :
- انتى بتتكلمى بجد ؟
قالت "ريم" مبتسمه :
- معرفش .. أنا بقول يمكن
ضاقت عيناها وهى تفكر فى كيفية استرداد كرامتها التى شعرت أنها أهدرت

***************************************
جلست "آيات" فى المدرج تنتظر قدوم "آدم" .. تأنقت اليوم فوق العادة .. أرادت أن يراها بهيئة أجمل مما رآها من قبل .. اضطربت وخفق قلبها بقوة عندما راته يدخل من الباب .. ارتسمت على شفتيها تلك الإبتسامه الى تقفز تلقائياً الى شفتيها بمجرد أن تراه .. وقف وقال :
- صباح الخير يا شباب
- صباح النور يا دكتور
لفت عيناه المرج بسرعة .. يبدو أنه كان يبحث عن شخص ما .. خفق قلبها .. تُرى أيبحث عنها وسط طلابه ؟ .. لم تكد تنتهى من ترديد السؤال داخل نفسها حتى قال "آدم" :
- "آيات عبد العزيز حسان اليمانى"
شعرت بألم شديد يغزو معدتها من فرط التوتر .. قامت وقالت بصوت مضطرب :
- أيوة يا دكتور
التقت نظراتهما .. فشعرت بإضطرابها يتضاعف .. فقال بصوت هادئ :
- عايزك فى مكتبي بعد المحاضرة
أومأت برأسها وجلست .. كانت "ساندى" تتابع ما يحدث فى اهتمام .. بدأ "آدم" فى القاء محاضرته
بعد انتهاء المحاضرة قالت "آيات" بقلق :
- تفتكرى عايزنى ليه ؟
قالت "أسماء" بإستغراب :
- مش عارفه .. يمكن عشان موضوع الرحلة
قالت "آيات" بتوتر :
- ربنا يستر
قالت "أسماء" :
- متقلقيش .. وهستناكى فى الكافيتيريا
توجهت "آيات" الى مكتب "آدم" وهى تشعر بأنها متوجهه الى امتحان مصيري .. طرقت الباب بهدوء فأذن لها بالدخول .. أغلقت الباب خلفها وتوجهت اليه وقالت بصوت مضطرب :
- خير يا دكتور .. فى حاجة
نظر اليها متفحصاً فشعرت بالخجل و أطرقت برأسها .. ابتسم قائلاً :
- حبيت أطمن عليكى .. باباكى عمل ايه لما عرف بموضوع الرحلة
شعرت "آيات" بالسعادة لإهتمامه وقالت بصوت منخفض :
- أنا ما قولتش لبابا على اللى حصل .. مش عايزه أقوله عشان ميضايقش منى
ابتسم "آدم" فى نفسه بتهكم .. ثم نظر اليها قائلاً :
- شوفت دفتر الحضور .. انتى من أول السنة مفوتيش ليا ولا محاضرة
ابتسمت "آيات" وقالت :
- أيوة فعلاً
ابتسم لها ابتسامته الساحرة وقال :
- ودى حاجة تبسطنى
شعرت "آيات" بالسعادة تغمر كيانها لحديثها معه ولقربها منه .. قالت بمرح :
- وكمان أنا بذاكر مادة حضرتك يا دكتور أول بأول يعي لو عملت امتحان مفاجئ هتلاقيني جاهزة
أرجع "آدم" ظهره الى الخلف وقال مبتسماً :
- والله فكرة .. خلاص هعمل امتحان مفاجئ المحاضرة الجاية
ضحكت "آيات" ضحكة خافته وقالت :
- بس أنا كدة عرفت ان فى امتحان مفاجئ
ابتسم لها قائلاً بصوته الرخيم وهو ينظر اليها بعمق :
- انتى حاله خاصة
اتسعت ابتسامتها وقفز قلبها فرحاً .. حاولت اخفاء ابتسامتها فلم تستطع .. كان "آدم" خبيراً فى تفسير مشاعر الفتيات وايماءاتهن .. علم وهو ينظر اليها أنها تكن له شيئاً ما .. أسعده ذلك بشدة .. لأنها بذلك .. اختصرت عليه نصف الطريق

**********************************
وقفت "ساندى" تنظر يميناً ويساراً فى تململ .. وفجأة رأت "آدم" وهو متوجه الى سيارته فأسرعت نحوه قائله :
- هاى دكتور "آدم"
التفت اليه مبتسماً وقال :
- هاى "ساندى"
ابتسمت له قائله :
- زعلانه منك يا دكتور كده تسيبنا فى الرحلة وتبعتلنا دكتور "مسعد" ملقتش الا دكتور "مسعد"
ابتسم "آدم" قائلاً :
- شكل دكتور "مسعد" ضايقكوا
قالت "ساندى" بحنق :
- منع البنات انها تلبس بكينى على البيلاج .. وكمان مرضيش يودينا حمام السباحه برده لنفس السبب لان ممنوع دخول حمام السباحه الا بالبكينى
ابتسم "آدم" بسخرية لكنه أخفى ابتسامته سريعاً وقال :
- معلش المرة الجايه هطلع أنا معاكوا
نظرت "ساندى" الى السيارة ثم اليه ومررت أصابعها برقه فى خصلات شعرها قائله بدلال :
- عربيتى فى التصليح .. يضايقك لو وصلتنى فى طريقك
قال "آدم" بهدوء :
- لا طبعا .. اتفضلى
التفت "ساندى" حول السيارة لتركب وهى تلقى بنظرها على البنات حوله الذين يرمقونها بنظراتهن .. شعرت بالسعادة وهى تركب سيارة "آدم" على مرآى ومسمع منهن
أوصلها "آدم" الى مكان سكنها وقبل أن تخرج من السيارة التفتت له قائله بدلال :
- ميرسي أوى يا دكتور .. آه على فكرة فى بارتى حلو أوى النهاردة تحب تحضره ؟
ابتسم لها قائلاً :
- امتى ؟
قالت بحماس :
- هتبدأ 9 بالليل
صمت قليلاً .. فتعلقت أنظارها به تتمنى موافقته .. اتسعت ابتسامتها عندما قال :
- قوليلي العنوان
أملته العنوان ونزلت من السيارة وهى تبتسم له مودعه

كانت حفلة كعشرات الحفلات التى تحضرها "ساندى" لكن المميزفيها هذه المرة هو "آدم" الواقف بجوارها .. والذى أثار ذلك غيرة قريناتها من الفتيات بالحفل .. كان "آدم" يعى جيداً ما يحدث حوله لكنه تظاهر باللامبالاة .. فكل ما يريده يتحقق بدون أن يسعى اليه .. وها هى "ساندى" هى الأخرى تختصر عليه نصف الطريق

******************************
قالت "ساندى" بتفاخر أمام "ريم" وهى جالسه معها فى النادر :
- امبارح بالليل كنت مع "آدم"
هتفت "ريم" غير مصدقه :
- بتتكلمى بجد ؟
قالت "ساندى" ضاحكة :
- أمال بهزر
قالت "ريم" بلهفه :
- كنتى معاه فين ؟
قالت "ساندى" :
- كنا فى حفلة مع بعض .. وفضلنا طول الليل مع بعض وروحنا قبل الفجر بشوية .. بس كانت سهرة لذيذة موووت .. والبنات كانوا بيبصولى وهاين عليهم يقطعونى بعنيهم لأن "آدم" مكنش معبر فى الحفلة واحدة غيري
ثم قالت ضاحكة :
- تصورى واحدة جتله بتقوله انها عايزه ترقص معاه وهاتك يا تسبيل .. أحرجها وقالها لو عايز أرقص جمبي بنت زى القمر هرقص معاها .. حسيتها كانت هتموت من الغيظ
ضحكت "ريم" قائله :
- ممتازة يا "ساندى" خلاص كده دكتور "آدم" بأه متيم
ابتسمت "ساندى" قائلاً بتعالى :
- طبعاً يا بنتى هو أنا شويه

***************************************

وقفت "آيات" ضاحكة مع "أسماء" و بعض صديقاتها .. عندما اقترب منهن "أحمد" ووقف وصبت نظراته على "آيات" فقالت له :
- ازيك يا "أحمد"
لم يجيبها .. فقالت "أسماء" :
- ايه يا ابنى مالك واقف متنح لـ "آيات" كده
قال "أحمد" فجأة وعلى مرآى ومسمع من الجميع :
- بحبك تتجوزيني ؟
فتحت "آيات" فمها بدهشة واتسعت عيناها .. وتعالت شهقات الفتيات وضحكهن ومزاحهن .. لكن "أحمد" لم يكتفى بذلك بل التف حول نفسه وصرخ فى جميع من حوله :
- يا جماعة اشهدوا .. أنا بحبك "آيات" وعايز أتجوزها .. بحبهااااااااااااااااااااا ا
نظرت "آيات" حولها لتجد نظرات الجميع معلقة بها وهم يتضاحكون فى استمتاع بهذا المشهد
صاحت بصوت خافت :
- "أحمد" اسكت فضحتنى
قال "أحمد" دون أن يعبأ بكلامها وبصوت مرتفع :
- بحبك يا "آيات" بحببببببببببببببببببببببب ببببببك
كاد قلب "آيات" أن يتوقف هلعاً عندما رأت نظرات "آدم" المصوبه تجاهها .. ودت لو جرت عليه وأخبرته بأنها ليس لها ذنب فيا يحدث وأنها لا تبادله مشاعره .. نظر اليها "آدم" ثم التفت ودخل داخل الكلية .. تابعته "آيات" بنظرها وهى تشعر بالأسى والحسرة .. وقف "أحمد" أمام "آيات" قائلاً :
- قلتى ايه يا "آيات"
التفتت "آيات" اليه وهى تشعر بالغضب الشديد تجاهه وصاحت قائله :
- انت اتجننت على فكرة .. اتجننت
هرعت مسرعة الى داخل الكلية .. وتوجهت الى مكتب "آدم" ..لا تدرى ماا ستقول له .. كن كل ما شعرت به هو أنها يجب أن توضح له ما حدث .. طرقت الباب ودخلت وأغلقته خلفها .. اقتربت من مكتبه وهى تشعر بتوتر بالغ .. قال لها "آدم" ببرود :
- خير يا آنسه
تطلعت اليه بحزن وأسى وهى لا تعرف كيف تبدأ حديثها .. فقال ببرود :
- ايه جايه تعزميني على الفرح
انطلقت الكلمات من فمها برسعة :
- لا والله ما فى فرح أصلاً .. هو أنا معرفش هو اتجنن ولا ايه اللى حصله .. أنا مليش دعوة بالكلام اللى قاله ده أنا أصلا مصدومة من اللى حصل ده
تفرس فيها "آدم" .. وهو يشعر بأن مشاعرها تجاهه اتضح انها أعمق مما ظن .. كانت تنظر اليه وملامح الأسى والضيق على وجهها .. وقالت :
- أنا مفيش حاجة بينى وبينه .. احنا زملا وأصدقاء بس ... لكن ما فيش حاجة من دى بينا خالص
طاله صمته الا أن قال بصوت هادئ :
- وجايه تقوليلى الكلام ده ليه ؟
شعرت بالخجل الشديد .. وبالندم لتسرعها .. لم تستطع أن تنطق بحرف .. لما تعرف كيف تجيبه .. قالت بإضطراب :
- أنا آسفه انى عطلت حضرتك
والتفتت لتخرج مسرعة من المكتب .. وابتسامة خبيثة تتكون عى شفتى "آدم" .. وخطة خبيثة تُرسم داخل عقله

*************************************
بعد يومين عادت "آيات" الى بيتها فإستقبلها والدها وهو يقول :
- "يويو" حبيبتى
فتح لها ذراعيه فألقت نفها فى أحضانه .. قبل رأسها وابتسم لها بسعادة .. قالت "آيات" :
- خير با بابا شكلك مبسوط
قال ضاحكاً :
- مبسوط جداً
قالت "آيات" مبتسمة :
- ابسطنى معاك
قال والدها وهوي تفرس فيها :
- جالك النهاردة عريس
اختفت ابتسامة "آيات" ليحل محلها الوجوم .. ثم قالتب توتر :
- مش دلوقتى يا بابا لما أخلص دراستى
قال والدها :
- أساساً معدش الا كام شهر وتخلصى وبعدين مش تسأليني الأول مين هو
قالت "آيات" بلامبالاة :
- مين .. حد من ولاد صحابك ؟
قال والدها مبتسماً :
- قالى انه دكتور عندك فى الجامعة .. اسمه دكتور "آدم خطاب" .. بيديكوا مادة "ادارة أعمال"
أخذ قلب "آيات"يرقص فرحاً وهى تتمتم فى سعادة بالغة وبصوت مرتجف :
- دكتور "آدم" !



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-10-15, 10:04 AM   #8

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 6 )



- جالك النهاردة عريس
اختفت ابتسامة "آيات" ليحل محلها الوجوم .. ثم قالت بتوتر :
- مش دلوقتى يا بابا لما أخلص دراستى
قال والدها :
- أساساً معدش الا كام شهر وتخلصى وبعدين مش تسأليني الأول مين هو
قالت "آيات" بلامبالاة :
- مين .. حد من ولاد صحابك ؟
قال والدها مبتسماً :
- قالى انه دكتور عندك فى الجامعة .. اسمه دكتور "آدم خطاب" .. بيديكوا مادة "ادارة أعمال"
أخذ قلب "آيات"يرقص فرحاً وهى تتمتم فى سعادة بالغة وبصوت مرتجف :
- دكتور "آدم" !
قال والدها :
- أيوة يا "آيات" .. تعرفيه مش كده
قالت بحماس لم تستطيع اخفاؤه :
- أيوة يا بابا أعرفه
ثم قالت :
- طيب هو قالك ايه بالظبط
ضحك والدها قائلاً :
- أمال راح فين كلامك اللى كان من شوية .. مش دلوقتى يا بابا لما أخلص دراستى
احمرت وجنتاها خجلاً .. فقال والدها :
- قالى يشرفنى انى أتقدم لبنتك "آيات" .. وعرفنى بنفسه .. وعايز ييجى البيت عشان يتقدم رسمى وتعدوا تتكلموا مع بعض
قالت "آيات" بفرح :
- بجد .. وقولتله ايه ؟
قال والدها مبتسماً :
- قولتله هرد عليك بكرة ان شاء الله .. قولت الأول آخد رأيك بما انه دكتور عندك فى الجامعة يعني شايفاه وعارفاه .. فخفت يكون مفيش قبول .. بس كده من الواضح ان فى قبول وقبول أوى كمان
ضحكت "آيات" خجلاً وأطرقت برأسها .. اقترب منها والدها وقبل جبينها قائلاً :
- ربنا يكتبلك اللى فيه الخير يا بنتى
صعدت "آيات" فى غرفتها وهى تكاد تقفز فى الهواء فرحاً .. لم تصدق ما حدث .. "آدم" تقدم لها .. فارسها يريدها معه على ظهر جواده .. فرسها اقتحم حياتها بفروسية الفرسان ودخل البيت من بابه .. هو بالفعل فارسها .. وحبيبها
فتحت حقيبتها بسرعة وأخرجت هاتفها .. لم تكد "أسماء" تجيب على الهاتف حتى قفزت "آيات" قائله بفرحة غامرة :
- دكتور "آدم" اتقدملى يا "أسماء"
صاحت "أسماء" بدهشة بالغه :
- ايه .. بتقولى ايه .. بتهرجى
ضحكت "آيات" بسعادة وقالت بصوت أشبه بالصراخ :
- لا مش بهرج .. والله اتقدملى .. رجعت البيت لقيت بابا بيقولى انه اتقدملى
صمتت "أسماء" قليلاً ثم قالت وهى مصدومة :
- مش مصدقة
قالت "آيات" :
- ولا أنا مصدقة .. أنا هتجنن .. انا مش عارفه أعمل ايه .. فرحانه أوى .. عايزة أصرخ عايزة أضحك عايزة أطير .. "أسماء" .. أنا حسه ان أنا بحلم .. لحد دلوقتى مش قادرة أصدق
قالت "أسماء" وهى لم تفق من صدمتها بعد :
- أنا نفسي لسه مش قادرة أصدق .. معقول حبك بالسرعة دى
قالت "آيات" وابتسامه حالمه على شفتيها :
- تفتكرى بيحبنى فعلاً يا "أسماء" .. ياااه مش قادرة أصدق .. أنا فرحانه بطريقة محدش يقدر يتخيلها
قالت "أسماء" مبتسمه :
- حبيبتى يا "آيات" ربنا يتمملك على خير يارب
قالت "آيات" بصدق :
- ميرسي يا "سمسم" وعقبالك انتى كمان يااارب

********************************
فتحت والدة "إيمان" الباب وابتسمت قائله بترحاب :
- أهلا أهلا يا "سمر" اتفضلى يا حبيبتى
انتفض "على" الجالس فى غرفته .. وابتسم ابتسامة صغيرة
قالت والداته لـ "سمر" :
- "ايمان" فى أوضتها يا حبيبتى .. والله ما عارفه البت دى ملها .. عين وصابتها
دخلت "سمر" غرفة "ايمان" .. فوجدتها جالسه فى فراشها وأمامها طبق كشرى كبير تأكل منه دون توقف .. ضحكت "سمر" قائله :
- طيب قوليلى ازيك حتى
قالت "إيمان" بهدوء وهى تبلع ما بداخل جوفها :
- ازيك يا "سمر"
أغلقت "سمر" الباب وجلست بجوار "إيمان" قائله :
- ايه يا بنتى فى ايه .. مش عجبانى بقالك كام يوم .. وكل ما أتصل بالبيت طنط تقولى نايمة .. وعلى الموبايل مبترديش .. فى ايه يا "إيمان"
تركت "إيمان" الطبق من يدها وقالت بحزن :
- ما أنا زى الفل أهو .. وأعده عماله ألغ مش راحمة نفسي
قالت "أسماء" وهى تنظر اليها بتمعن :
- أنا عارفاكى يا "إيمان" مبتكليش كده الا لو كنتى مضايقة
ثم جذبت الطبق من يدها قائله :
- وبعدين كده كتير أوى .. حرام عليكي نفسك
قالت "إيمان" بحدة وهى تستعيد طبقها مرة أخرى :
- يا ستى انتى مالك ومالى .. أنا جعانه .. ايه أموت من الجوع يعني
قالت "سمر" بحزم :
- ده مش جوع يا "إيمان" ده هروب .. بتهربي من مشاكلك بالأكل .. بتهربي من خنقتك بالأكل
قالت "إيمان" بتحكم :
- كنت فاكراكى دكتورة أطفال مكنتش أعرف انك دكتورة نفسيه
قالت "سمر" بهدوء :
- مش لازم أكون دكتورة نفسية عشان أقدر أفهم صحبتى .. أقرب صاحبة ليا
تنهدت "إيمان" وأطرقت صامته .. قالت "سمر" :
- انتى ليه بتعمل فى نفسك كده .. مش اتفقنا هتعملى رجيم وقولتيلى الاسبوع اللى فات انك هتبتدى فيه
هتفت "إيمان" بحده :
- وأعمل رجيم ليه .. عشان مين .. عشان أعجب راجل وييوافق انه يتجوزنى .. لا مش عايزة أنا عجبنى نفسي كده
قالت "سمر" بحزم :
- لا مش عشان تعجبى راجل .. وأعتقد ان المفروض ان انتى واحدة ملتزمة وعارفه كويس انك ميتفعش تجذبي راجل ليكي لا بشكلك ولا بجسمك .. انتى هتعملى رجيم عشانك انتى عشان "إيمان"
قالت "إيمان" بعناد :
- "سمر" اقفلى على الموضوع .. أنا مش عايزة أعمل رجيم .. أنا كده مبسوطة بنفسي .. ومبسوطة أوى كمان
صاحت "سمر" بحنق :
- عنيدة ودماغك ناشفة
قالت "إيمان" لتغير الموضوع :
- أخبار شغلك فى المستشفى ايه ؟
قالت "سمر" :
- كويس
قالت "إيمان" :
- مفيش جديد ؟
تذكرت "سمر" .. المرأة التى كانت تريدها لأخوها .. تنهدت وقالت حزن :
- لا مفيش جديد

**************************************
دخلت "آيات" المدرج متأنقة كعادتها .. لكن هذه المرة قلبها يخفق من السعادة .. اليوم سترى "آدم" .. ليس فى المحاضرة فحسب بل فى بيتها .. اليوم سيأتى "آدم" ليتقدم لها رسمياً .. كانت عيناها تلمعان وابتسامتها لا تفارق وجهها .. رأته وهو يدخل من الباب .. ودت لو قامت وصرخت وسط الطلاب .. هذا الرجل فارسى .. هذا الرجل حبيبى .. هذا الرجل خطيبي .. هو لى وحدى .. وأنا له وحده .. صعد المنصة وحياهم ثم أدار عينيه حتى وصل اليها .. وجدها مبتسمة تنظر له بلهفه .. رأى على وجهها علامات الموافقة .. فعلم أن زيارة اليوم نتيجتها محسومة .. قال بصوته الرخيم :
- امتحان مفاجئ يا شباب .. كله يطلع ورقة وقلم واكتبوا ورايا الأسئلة دى
ابتسمت "آيات" فى سعادة وهى تنظر حولها وتتأمل ملامح الصدمة على وجوه الطلاب .. أما هى فظلت محتفظة بإبتسامتها .. فحبيبها خصها وحدها بمعرفة أمر هذا الإمتحان المفاجئ .. ألقى عليها "آدم" نظرة فتلاقت عيناهما .. واتسعت ابتسامتها وهى تمسك بقلمها وتستعد لكتابة الأسئلة

**************************************
تأنق "آدم" ووقف أمام المرآة يتمم على مظهره .. دخلت "بوسي" غرفة النوم وهى تتأمله .. ثم اقتربت منه قائله :
- ايه الشياكة دى كلها .. اللى يشوف كده يقول عريس
ابتسم "آدم" قائلاً :
- ومن امتى يعني مبهتمش بلبسي
قالت "بوسي" بقلق :
- بس النهاردة حسه انك مهتم زيادة عن اللزوم .. خير ان شاء الله
قال "آدم" بلامبالاة وهى يعيد ربط ربطة عنقه :
- مفيش فى لقاء عمل مهم بالنسبة لى
اقتربت منه "بوسي" وحاولت عناقه من الخلف فابتعد عنها فوراً وقال :
- "بوسي" البدلة مكوية .. وكمان البرفيوم بتاعك مش عايزه ييجى عليها
قالت "بوسي" بضيق :
- طيب هتتأخر ؟
قال "آدم" بلامبالاة وهو يتوجه الى الخارج :
- احتمال أبات عند ماما النهاردة
قالت "بوسي" بحنق شديد :
- وليه متبتش هنا
قال "آدم" بنفاذ صبر :
- ماما لوحدها
قالت "بوسي" بحزن :
- بس يا "آدم" أنا مبحبش أبات لوحدى وانت عارف كده
قال "آدم" وهو يقبل وجنتيها :
- حاضر هحاول أبات معاكى النهاردة .. سلام
خرج وأغلق الباب خلفه .. توجهت "بوسي" الى الشرفة تشاهده وهو متوجه الى السيارة ثم تنهدت فى حسرة وعلامات الحزن على وجهها

**************************************
وقفت "آيات" أمام المرأة تتمم على فستانها ومكياجها ولفة حجابها .. قالت دادة "حليمة" بسعادة :
- بسم الله الله أكبر .. زى القمر يا "آيات"
التفت اليها "آيات" قائله بلهفه :
- بجد يا دادة شكلى حلو ؟
هتفت "حليمة" بحنان :
- حلو بس ده انتى زى القمر يا بنتى
ابتسمت "آيات" بسعادة ثم قفزت من مكانها عندما سمعت صوت سياره تتوقف تحت نافذتها .. أسرعت بفتح الشرفة ثم قالت بلهفه :
- جه يا دادة جه
تقدمت "حليمة" لتنظر من الشرفة ثم صاحت فى سعادة :
- بسم الله ما شاء الله .. عريسك حلو أوى يا "آيات" وباين عليه راجل ملو هدومه .. ربنا يسعدك يا حبيبتى ويوفقك يارب
قالت "آيات" بسعادة ولهفه :
- دادة حلو الميك آب ولفة الطرحة كدة ولا أعدل فيهم حاجه
قالت "حليمة" بحنان :
- يا حبيبتى انتى زى القمر من غير حاجة
قالت مبتسمه :
- نفسيى النهاردة يشوفنى أحلى واحدة فى الدنيا
عانقتها "حليمة" قائله :
- ربنا يسعدك يارب ويتمملك بخير
دخلت "أسماء" الغرفة مسرعة وهى تقول :
- جه يا "آيات" انتى فين
خرجت "آيات" من الشرفة وهى تقول :
- آه شوفته يا "أسماء" انتى اللى كنتى فين
قالت "أسماء" بمرح :
- كنت فى المطبخ ما انتى مجوعانى من الصبح
قالت "آيات" ضاحكة :
- المقابلة تعدى على خير وأنا أخدك ونروح أرقى وأحسن مطعم فيكي يا كايرو وأعزمك عزومة محصلتش
ضحكت "أسماء" قائله :
- ماشى خليكي شاهده يا دادة .. عشان مترجعش فى كلامها بعد كده

فى الأسفل دخل "آدم" بعدما أدخلته الخادمة وجلس فى انتظار والد "آيات" .. نظر حوله يتأمل الفيلا الراقية بمفروشاتها الثمينة وعيناه تشعان كرهاً وحقداً وتساءل فى نفسه بسخرية :
- يا ترى فلوسك حرام زى أخوك يا "عبد العزيز" بيه ؟! ..
لحظات وحضر والد "آيات" يرحب به قائلاً :
- اهلاً وسهلاً يا دكتور
قام "آدم" وسلم عليه قائلاً :
- أهلا بيك يا فندم
قال له "عبد العزيز" وهو يجلس فى المقعد المقابل له :
- اتفضل يا دكتور .. تشرب ايه ؟
قال "آدم" :
- قهوة مظبوط ياريت
طلب "عبد العزيز" من الخادمة احضار ما أراد .. ثم نظر اليه قائلاً :
- برده لسه مفتكرتش اتقابلنا فيه ؟
ابتسم "آدم" قائلاً :
- بصراحة لأ .. بس فعلاً عندى نفس احساس حضرتك .. اننا اتقابلنا قبل كده
ابتسم "عبد العزيز" وهو يقول بمرح :
- خلصا اللى يفتكر الأول يفكر التانى
.. ظلا يتحدثان لنصف ساعة .. اخبره خلالها "آدم" بأنه وحيد أمه و أبوه .. وبأن والده متوفى منذ أعوام .. ووالدته على سفر حالياً لأحد أقاربهم فى محافظة أخرى .. وأن لديه شقة مفروشة حديثاً فى أحد الأحياء الراقية .. أخبره عن مشواره العلمى وعن كفاحه ونضاله ليصل الى ما هو عليه .. أعجب "عبد العزيز" بما سمع منه .. لم يكن كل ما قاله "آدم" كذباً .. كان الجزء المتعلق بكفاحه وبمعاناته حتى حصل على الدكتوراة صدقاً .. تجبر أى أب على أن يشعر تجاهه بالفخر والإحترام .. أمر "عبد العزيز" الخادمة لتطلب من "آيات" النزول .. شعرت وكأن قدماها ترفضان حملها .. ابتسمت تلقائياً عندما وقع نظرها عليه اختفت حمرة الخجل خلف الباودر الذى تضعه على وجهها .. قام ومد يده قائلاً :
- أهلا بيكِ يا آنسة "آيات"
مدت يدها قائله بصوت منخفض والإبتسامه تزين وجهها :
- أهلا بيك يا دكتور
ارتجف قلبها عندما تلامست أيديهما .. ودت لو تركت كفها بين راحته فترة أطول .. لكنها سحبتها بسرعة وبخجل وجلست فى المقعد الذى أمامه .. تأملها "آدم" وقد فعلت المستحيل لتبدو بصورة أنيقة جذابه .. لكن تلك الصورة أشعرته بالنفور .. أشعرته بأنها الجارية المعروضة فى سوق الجوارى والتى تتزين وتفتخر بمحاسنها حتى يشتريها الرجال .. وتصير ملكاً لرجل يأسره جمالها .. لكن "آدم" لم يكن أبداً يستهويه هذا النوع من الفتيات .. لم يكن يستويه من تقدم التنازلات لتنال رضاه السامي .. لم يكن يستهويه الشئ السهل .. الذى يستطيع لمسه متى أراد ويفعل به ما يريد فى الوقت الذى يريد .. هذا النوع يضعه فى قائمة "للتسلية فقط" .. أما قائمة "للأبد" .. لم تحمل إلا اسماً واحداً وسرعان ما حذفه منها بعدما أيقن بأنه أخطأ فى وضعه من الأساس .. أفاق من شروده على صوت "عبد العزيز" وهو يقول :
- منور يا دكتور
ابتسم "آدم" قائلاً :
- ده نور حضرتك يا فندم
قام "عبد العزيز" وقال :
- أسيبكوا تتكلموا مع بعض .. بعد اذنكوا
نظر "آدم" الى "آيات" المبتسمه ثم رسم على شفتيه ابتسامه قائلاً :
- عملتى ايه فى امتحان النهاردة؟
ضحكت قائله :
- الإمتحان المفاجئ ؟
ضحك قائلاً :
- أيوة بالظبط كده
ابتسمت وهى تقول :
- حليت الأسئلة كلها .. حضرتك طبعاً لسه مصححتش الورق
ابتسم "آدم" وهو يخرج ورقة من جيبه قائلاً :
- صححت ورقتك
نظرت الى الورقة التى فى يده ثم نظرت اليه لتقابل عيناه التى ترسل آشعة اختراق قوية فانهارت حصونها أمام نظراته وابتسم قائلاً :
- فول مارك
ابتسمت وهى تقول بمرح :
- قولتلك .. لو عملت امتحان مفاجئ هتلاقيني جاهزة
قال بخبث وهو يعيد الورقة لجيبه :
- شكلك بتحبي ادارة الأعمال أوى
صمتت .. ودت لو قالت له بل أحبك أنت .. قالت له "آيات" بإهتمام :
- ممكن أسأل حضرتك سؤال
- اتفضلى طبعاً
قالت "آيات"وهى تنظر اليه مبتسمه :
- ليه اتقدمتلى .. اشمعنى أنا ؟
صمت "آدم" قليلا ثم قال :
- تفتكرى ليه ؟
قالت :
- أنا اللى بسأل
أخذ رشفة من العصير الموضوع أمامه ثم قال :
- بكرة تعرفى
نظرت اليه .. تحاول أن تعرف فيما يفكر .. ماذا يشعر .. ابتسم لها تلك الإبتسامه الساحرة الذى تذيب الجليد .. فخفق قلبها .. واتسعت ابتسامتها وهى تقول فى نفسها :
- بحبك .. بحبك يا "آدم"

**************************************
بعد يومين .. كانت "آيات" جالسه فى شرفة غرفتها تتأمل القمر الذى اكتمل وصار بدراً .. تأملت ضوئه الفضى وهو يخترق ظلام السماء .. شعرت بأنه كقلبها .. يشع ضوءاً وفرحاً .. ويبث فى جسدها شعوراً لذيذاً .. تذكرت حلمها .. الزرع .. الخضرة .. وفارسها على جواده الأصيل .. مقبل نحوها .. والشمس تزين الأفق .. يقف أمامها ويمد يده .. فتبتسم وتصعد خلفه .. أفاقت من أحلامها على صوت طرقات الباب .. وقفت وفتحت الباب وابتسمت قائله :
- بابا .. انت لسه صاحى
ابتسم وهو يدخل قائلاً :
- أيوة حبيبتى .. وشوفتك وأنا فى الجنينة قولت آجى عشان أتكلم معاكى شوية
قالت له :
- اتفضل يا بابا
وقفا متجاورين فى الشرفة .. استنشق "عبد العزيز" عبير المساء .. ثم التفت الى ابنته يمسح بيده على شعرها وينظر لها فى حنان .. ابتسمت "آيات" واقتربت منه تلقى برأسها على صدره .. قبل شعرها قائلاً :
- صعب عليا أوى فراقك .. بس كان لازم ييجى اليوم ده .. عارف لو يرضى .. كنت خليتكوا تعيشوا انتوا الاتنين معايا هنا فى الفيلا
ابتسمت "آيات" وقد رفعت رأسها لتنزر اليه فأكمل قائلاً :
- قوليلى الأولى .. ايه ردك ؟ .. المفروض أبقى عارف ردك عشان لما يتصل بيا بكرة
نظرت "آيات" الى يديها بخجل وهى تعبث بهما بتوتر .. فقال والدها ضاحكاً :
- أفهم يعني ان السكوت علامة الرضا
ضحكت قائله :
- يعني
قبل رأسها قائلاً وقد اغرورقت عيناه بالعبرات :
- مبروك يا حبيبتى .. مبورك
نظرت اليه وقد اغرورقت عيناها بالعبرات هى الأخرى وقالت :
- ليه بأه كده يا بابا .. بتعيط ليه
ابتسم والدموع فى عينيه قائلاً :
- مبعيطش ولا حاجة انتى اللى بتعيطي
مسحت الدمعة التى سقطت على وجهها وهى تقول بصوت مضطرب :
- مبحبش أشوفك بتعيط .. متعيطش تانى
ابتسم لها وهو يعانقها قائلاً :
- ربنا ما يحرمنى منك أبداً يا بنتى
أغمضت عينيها وهى تلف يدها حوله قائله :
- ولا يحرمنى منك يا بابا

****************************************
اتصل "آدم" بـ "عبد العزيز" ليعرف منه قرار "آيات" والذى يتوقعه بالفعل .. اتسعت ابتسامته الواثقة وهو يتلقى خبر موافقتها على طلبه للزواج منها .. قال "عبد العزيز" :
- ياريت تشرفنى فى الفيلا يا دكتور "آدم" عشان نتكلم فى التفاصيل
قال "آدم" :
- حضرتك تؤمر .. ان شاء الله بكرة هكون عند حضرتك على الساعة 5 .. مناسب ؟
قال "عبد العزيز" :
- أيوة مناسب .. فى انتظارك ان شاء الله
أنهى "آدم" المكالمة وعيناه تلمع خبثاً ومكراً وقد أسعده اقترابه من تحقيق هدفه .. دخلت "بوسى" غرفة المعيشة وطوقت بذراعيها رقبة "آدم" الجالس على الأريكة .. أرغم نفسه على الابتسام فهمست فى أذنه :
- وحشتنى أوى
قال لها :
- وانتى كمان
همست قائله :
- طيب آعد لوحدك ليه
قال "آدم" وهى يرفع هاتفه :
- كنت بتكلم فى الموبايل
جذبته قائله بدلال :
- طيب كفاية شغل بأه
نهض وقبل وجنتها قائلاً :
- حاضر يا حبيبتى

*************************************
كان "آدم" فى طريقه الى بيت "آيات" .. عندما رن هاتفه .. ابتسم بسخرية ثم رد قائلاً :
- هاى "ساندى"
قالت "ساندى" بمرح :
- هاى دكتور .. ازيك
- تمام
قالت بمرح :
- بقولك ايه يا دكتور هو الامتحان بتاع المرة اللى فاتت ده كان مهم يعني
ابتسم قائلاً :
- أها مهم ودرجاته مخصومه من توتل المادة
قالت بدلال :
- أصل أنا مكنتش مستعده .. وبصراحة معرفتش أجاوب على أى سؤال .. ورقتى بيضا يعني
قال "آدم" بمرح :
- يعني هتاخدى o كبيره
قالت "ساندى" بمرح :
- وأهون عليك يا دكتور تديني O .. مكنش عيش وباتيه
ضحك قائلاً بلؤم :
- لو وعدتيني انك تذاكرى مادتى كويس أنا هغير ال O دى
قالت بحماس :
- ده أنا هعد دلوقتى أكل الكتب مش بس أذاكر
قال "آدم" بخبث :
- ماشى يا "ساندى" .. متقلقيش
قالت بدلال :
- واثق انى مقلقش
قال :
- طالما "آدم" قالك متقلقيش يبقى متقلقيش
قالت بسعادة :
- ميرسي يا دكتور
أنهى "آدم" المكالمة وهو يبتسم لنفسه بسخرية

**************************************
قال "آدم" لـ "عبدالعزيز" وهو جالس معه فى فيلته :
- أنا بقول نخليها كتب كتاب مع الخطوبة
ضحك "عبد العزيز" قائلاً :
- بالسرعة دى يا دكتور
قال "آدم" مبتسماً :
- أنا جاهز يا "عبد العزيز" بيه .. ايه يخليني أستنى
قال "عبد العزيز " :
- على الأقل تستنى تشوف هتقدروا تتفاهموا مع بعض ولا لاء
قال "آدم" بثق :
- لا حضرتك متقلقش أنا واثق ان أنا و "آيات" هنتفاهم كويس .. ومش هيكون فى أى مشاكل بينا
صمت "عبد العزيز" يفكر .. ثم قال :
- بصراحة يا دكتورة . .أنا مش حابب السرعة دى .. على الأقل يكون فى شهر بين الخطوبة وكتب الكتاب
شعر "آدم" بالضيق .. لكنه ابتم قائلاً :
- مفيش مشكلة نخليها شهر وبعدها نكتب الكتاب
قال "عبد العزيز" :
- وناوى الفرح يكون امتى ؟
صمت "آدم" وقد بوغت بالسؤال .. فخطته لن تصل الى يوم العرس أبداً .. خطته ستكتمل بكتب الكتاب .. هذا هو هدفه الذى يريد أن يصل اليه .. بالإضافه الى أنه لو وصل الى العرس فسينكشف أمر .. وينكشف كذبه .. فهو لا يملك تلك الشقة الفاخرة التى ادعى أنها ملكه .. ولا يملك حتى ما سيدفعه لإقامة حفل العرس .. لذلك فخطته ستتوقف عند كتب الكتاب .. هو فقط يريد "آيات" فى يده .. أو بمعنى أصح .. يريد روحها فى يده .. ليتحكم فيها وفيهم كيفما شاء .. ويسترد حقه المسلوب .. أفاق من شروده قائلاً :
- نحدد سوا المعاد .. مفيش معاد محدد فى بالى
اقتربت "آيات" فى تلك اللحظة .. فنهض "آدم" ومد يده ليسلم عليها قائلاً :
- ازيك يا آيات"
أجابت مبتسمه :
- كويسة الحمد لله
قام "عبد العزيز" وتركهما بمفردهما .. رفعت رأسها لتجد نظرات "آدم" مثبتة عليها فإبتسمت بخجل .. ثم قالت :
- اتفقتوا على ايه ؟
قال "آدم" مبتسماً :
- اتفقنا ان الخطوبة هتكون بعد اسبوع .. وكتب الكتاب بعدها بشهر
قفز قلب "آيات" فرحاً فسألها "آدم" وهو يراقب تعبيرات وجهها التى تشع سعادة :
- ايه رأيك ؟
قالت بصوت مضطرب :
- تمام .. مفيش مشكلة
بدت على "آدم" ملامح الجدية ثم قال :
- انتوا ليه مقاطعين عمك "سراج" ؟
لم تكن تلك المعلومة مفاجئة بالنسبة الى "آدم" .. أو اكتشفها بعد أن تقدم لخطبتها .. بل تلك المعلومة تحديداً هى ما جعلت "آدم" يقدم على طلب يدها بقلب جامد .. لأن مادامت الخيوط منقطعة بينها وبين عمها .. إذن فلن يعرف بأمر خطبتها .. ولن يلتقيه "آدم" إلا فى اللحظة التى يريدها "آدم" .. يريد أن يخفى هذا الأمر عن "سراج" حتى تأتى اللحظة الحاسمة .. فيكشف أوراقه ويربح كل الموجود على الطاولة .. قالت "آيات" بحزن :
- مش عارفه بصراحة
قال "آدم" بإستغراب :
- ازاى يعني مش عارفه
قالت "آيات" شارحه :
- بابا مقاطعه من زمان .. وقالى ان حصل خلاف كبير أوى بينهم وقاطعوا بعض .. لكن مرضاش يحكيلى المشاكل اللى حصلت بينه وبين عمو
قال "آدم" بإهتمام :
- وولاد عمك انتى على علاقة بيهم ؟
قالت "آيات" بحزن :
- لا بابا منعنى انى اتكلم معاهم وهما كمان محدش فيهم بيكلمنى .. هو عنده بنت واحدة وولد واحد .. بس للأسف بقالنا سنين مشوفناش بعض ومنعرفش أى حاجة عن بعض
ابتسم "آدم" وهو يشكر الظروف التى تساعده على استكمال خطته دون أى منغصات

**************************************

هتفت "ريم" ضاحكة :
- مش قادرة أبطل ضحك .. دكتور "آدم" هيخطب وانتى عماله مصدعانى ليل نهار ده كلمنى يا "ريم" .. ده بيقولى كذا يا "ريم"
هتفت "ساندى" بحنق وهى تهب واقفة :
- "ريم" لو مبطلتيش ضحك هسيبك وأمشى
قالت "ريم" وهى تحاول كتم ضحكاتها :
- خلاص خلاص اعدى
جلست "ساندى" قائله بحنق :
- وبعدين انتى هبلة ؟ .. انتى فاكرانى بحبه ولا ايه .. أنا بس عايزه اننا نبقى صحاب لانى بحب النظرة اللى بشوفها فى عين البنات لما بكون واقفه معاه
قالت "ريم" بتهكم :
- وهى خطيبته بأه هتسمحله يقف معاكى تانى .. خلاص يا بنتى دى لو هتطول هتحسبه فى البيت ومتنزلوش منه
ثم انفجرت ضاحكة مرة أخرى فقالت "ساندى" بحنق :
- ليه ان شاء الله .. وبعدين دكتور "آدم" واحد فري جداً جداً ومش متخلف .. وهى لو عملت كده فعلاً يبقى بتخنقه وهتخليه يطفش منها بسرعة
صمتت قليلاً ثم قالت بثقة :
- بكرة تشوفى ان دكتور "آدم" هيفضل زى ما هو ومش هيتغير عشانها

*************************************
اقترب "آدم" من "بوسي" الواقفة فى المطبخ ولفها بذراعيه قائلاً :
- بتعملى ايه
ابتسمت له قائلاً :
- بعمل ساندوتشات للعشا
ثم قالت بمرح :
- فرحانه أوى انك هتبات معايا النهاردة كمان
قبل وجنتها قائلاً :
- أعمل ايه بتوحشيني لما ببعد عنك
التفتت اليه قائله بسعادة :
- بجد يا "آدم" ؟
قال لها وهى يلعب بخصلات شعرها :
- طبعاً يا حبيبتى
ابتسمت له والتفتت مرة أخرى تكمل عملها .. بدا على "آدم" التردد قليلاً ثم قال :
- "بوسى" كنت عايز أطلب منك طلب
قالت مبتسمة :
- أأمر يا حبيبى
أخذ قطعة خيار ووضعها فى فمه ثم قال :
- محتاج 20 ألف جنية وهرهملك فى أقرب قوتك
صمتت قليلاً ثم قالت :
- عايزهم فى ايه ؟
قال ببرود :
- ايه تحقيق .. عايزهم وخلاص
توقفت "بوسى" عما تفعل والتفتت اليه قائله :
- بس يا "آدم" على الأقل عرفنى عايزهم فى ايه
قال ببرود وهو يرمقها بحده :
- خلاص انسى يا "بوسي"
ثم غادر وتوجه الى غرفة النوم .. هرعت "بوسي" خلفه تنظر اليه وهو يبدل ملابسه فقالت :
- بتعمل ايه يا "آدم"
قال ببرود دون أن يلتفت اليها :
- رايح البيت
قالت بحزن :
- مش انت قولتلى هتبات معايا النهاردة
قال دون أن ينظر اليها :
- غيرت رأيي أنا سايب ماما من امبارح
قالت "بوسي" :
- "آدم" ليه بتعمل كده .. انت عارف انى بكره أعد لوحدى .. بتخنق من الوحدة .. ليه مش عايز تعد معايا
التفت اليها "آدم" ونظر اليها بحدة قائله :
- أعد معاكى ليه هو انتى بتحبيني
اقتربت منه "بوسى" وقالت بصوت متهدج :
- أيوة بحبك يا "آدم" .. انت عارف انى بحبك
قال "آدم" بحزم :
- لو بتحبيني بجد يباه هتعملى اللى قولتلك عليه يا "بوسي"
قالت "بوسي" مبتسمة :
- خلاص يا حبيبى متزعلش بكرة هروح أسحبهم من البنك
قال "آدم" مبتسماً :
- متقلقيش هردهملك هما وكل الفلوس اللى خدتها منك قبل كده
قالت مبتسمة وهى تلقى بنفسها بين ذراعيه :
- أنا مش عايزاك تردهملى يا "آدم" .. أنا عايزاكى تفضل معايا ومتسبنيش أبداً
قال "آدم" بنظرات خاوية وصوت خاوى كالصوت الذى يخرج من الرسائل المسجلة :
- متخفيش يا حبيبتى مش ممكن أسيبك أبداً

*************************************
توجهت "آيات" بصحبة "آدم" لشراء دبل الخطوبة .. كانت فى قمة سعادتها وفرحتها وهى جالسه بجوار حبيبها فى سيارته .. امتدت يد "أدم" لتمسك بيدها .. فالتفتت وابتسمت له فى سعادة .. نزل وفتح لها الباب فابتسمت له .. لكم تعشق رقته وتصرفاته الراقية .. دخلا محل الذهب لشراء دبلتين ذهبيتين .. فما كان أحدهما سيهتم بعدم جواز لبس الذهب للرجل .. تناسيا ذلك أو لم يتذكراه أصلاً .. كانت "آيات" تبتسم فى سعادة وهى تختار الدبلة التى ستتوج أصابعها .. راقب "آدم" تعبيرات وجهها الفرحه .. وابتسامتها التى لم تفارقها كلما رآها .. أخيراً اختارت ما أعجبها .. وطلب منها "آدم" اختيار خاتم كهدية للخطبة .. ابتسمت فى سعادة واختارت الخاتم .. أعطى "آدم" ما اختاروه لصاحب المحل وقبل أن يحاسبه قالت "آيات" للرجل بسعادة :
- لو سمحت اكتب "آدم" و "آيات" على كل دبلة وكمان اكتب 25 سبتمبر سنة ....
شعر "آدم" بالدهشة من التاريخ الذى اختارته .. فهذا التاريخ يبعد ثلاث سنوات ونصف عن التاريخ الخالى .. ذهب الرجل لينفذ طلبها فاقترب منها "آدم" قائلاً :
- اشمعنى التاريخ ده
نظرت اليه بعنيان تشعان حباً وهى تقول :
- تاريخ أول مرة اتقابلنا فيها
عقد "آدم" ما بين حاجبيه فى دهشة ونظرة لها وهو لا يعى ما تقول .. فقالت مبتسمة :
- أول مرة اتقابلنا فيها .. كان فى أول شهر ليا فى الجامعة .. تاكسى خبط فى الرصيد والسواق وقف يتخانق معايا .. انت جيت ودافعت عنى .. وفضلت واقف جمبي لحد ما بابا جه ودفع للراجل الفلوس
نظر اليها "آدم" بدهشة .. أخيراً تذكر أين رآى والد "آيات" من قبل .. لكن الشئ الوحيد الذى لا يستطيع تذكره .. هو "آيات" نفسها .. لم تكن هى تلك الفتاة التى رآها يومها .. أخذ ينظر اليها ويتأملها جيداً .. تلك الفتاة الواقفة أمامه الآن والتى تبدو كفتيات الإعلانات مختلفة تماماً عن تلك الفتاة البريئة النقية التى رآها من قبل .. والتى لفتت انتباهه يومها .. برقتها وبساطتها ووجهها البرئ الذى كانت تعلوه حمرة الخجل كلما التقت أعينهما .. شعر بالدهشة تغمر كيانه وهو يتساءل فى نفسه .. أين ذهبت تلك الفتاة البريئة ؟! .. لماذا أصبحتى كما أراكى الآن ؟!




لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-10-15, 10:08 AM   #9

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 7 )


كان حفل الخطوبة فى حديقة الفيلا .. تم تجهيزها بشكل ممتاز .. وحضر الأهل والأصحاب .. أما "آدم" فلم يدعو الا زملائه بالجامعة .. ولم يظهر له بالحفل أى من أقربائه .. وعندما سُئل عن ذلك قال ببساطة :
- مليش حد فى الدنيا غير ولدتى وكانت مسافرة عند قرايبها وتعبت جداً ومقدرتش تيجي
فى غرفة "آيات" التف "أسماء" و "سمر" و "إيمان" حولها .. كانت تضحك وتمزح معهن وهى تشعر بأنها كالعصفورة .. تطير وتسبح فى الفضاء وترفرف بجناحيها فى سعادة .. كانت تشعر أن هذا اليوم هو أحلى أيام حياتها .. نزلت مع صديقاتها وجلست على المقعد بجوار "آدم" .. ما هى إلا لحظات وتعالت أصوات التصفيق بعدما ألبسها "آدم" دبلتها وألبسته دبلته .. انحنى "آدم" ليهمس فى أذنها :
- مبروك يا حبيبتى
اتسعت ابتسامة "آيات" وتعالت دقات قلبها الصغير وهى تسمع منه لأول مرة كلمة "حبيبتى" .. كان الناظر اليها يستطيع أن يتبين سعادتها الغامرة فى هذا اليوم ..
تعالت أصوات موسيقى حالمة .. فأمسك "آدم" بيدها ووقف أمامها ليراقصها .. لكنه فجأة وجد "عبد العزيز" مقبلاً تجاههما وأمسك ذراعيه قائلاً :
- بعد كتب الكتاب يا دكتور
نظر اليه "آدم" للحظه صامتاً ثم قال مبتسماً :
- طبعاً
شكرت "آيات" والدها فى سرها .. لانه عفاها من حرج مراقصة "آدم" أمام الناس ..
أقبلت صديقاتها لتقديم تهنئتهن .. ألقى "آدم" نظرة على كل من "إيمان" و "سمر" .. وشعر بالدهشة .. كانتا الوحيدتان من بين الفتيات بالحفل اللاتى يرتدين لباساً محتشماً وبدون أى زينة للوجه .. نظر الى الطريقة التى تتعامل بها "آيات" معهن فشعر أنهما على صلة وطيدة بها .. بعدما رحلتا انحنى "آدم" على أذن "آيات" قائله :
- مين دول ؟
ابتسمت قائله :
- صحابي
قال "آدم" بإستغراب :
- معاكى فى الكلية
قالت "آيات" شارحة :
- لا "سمر" دكتورة أطفال .. و "إيمان" دكتورة أسنان فى التكليف .. و "أسماء" معايا ف الكلية
كانت تشير لكل واحدة منهن أثناء حديثها فقال بدهشة :
- واتعرفتوا ازاى .. انتوا لا من كلية واحدة ولا من سن واحد بإستثناء "أسماء"
ابتسمت قائله :
- اتعرفنا فى رحلة طلعتها فى أول سنة ليا فى الجامعة .. ومن يوميها واحنا صحاب
أومأ "آدم" برأسه .. ثم ابتسم لها وهو ينظر اليها بتمعن قائلاً :
- انتى جميلة أوى النهاردة
ضحكت "آيات" بسعادة قائله :
- بجد ؟ عجبتك يعني ؟
قال "آدم" وهو يشبك أصابعها بين أصابع يده :
- انتى عجبانى على طول
ازدادت سعادتها واتسعت ابتسامتها وهى تنظر اليه بعينان تشعان حباً
نظر اليها قائلاً :
- هستأذن من باباكى ونخرج سوا بكرة .. اتفقنا
أومأت برأسها قائله بسعادة :
- اتفقنا
شعرت بسعادة غامرة وهى تنظر الى يده الممسكة بيدها .. رفعت رأسها لتنظر اليه وهى تتمنى ألا تفترق أيديهما أبداً

********************************
انتهى حفل خطبتهما .. وعاد الجميع الى بيته .. أوقف "آدم" سيارته أمام منزله .. وفتح الباب ودخل غرفته .. وفجأة التفت ليجد والدته واقفة أمام الباب المفتوح .. خلع جايت البدلة واتجه الى الدولاب لإحضار ملابسه .. نظرت اليه أمه بغضب قائله :
- مش هقولك كنت بايت فين .. ولا هقولك بتعمل ايه ومبتعملش ايه .. هقولك حاجة واحدة .. رضا الأم من رضا الرب
أخرج "آدم" ملابسها ووقف أمامها لتفسح له الطريق .. حانت منها التفاته الى يده المزينة بالدبلة .. شهقت من الدهشة ونظرت اليه تقول :
- ايه الدبلة اللى فى ايدك دى يا "آدم" ؟
قال "آدم" بنفاذ صبر :
- مش حاجة مهمة متقلقيش
قالت أمه وهى تمسك يده وتتفرس فيها :
- يعني ايه مش حاجة مهمة .. لابسها ليه ؟
ثم صاحت بغضب :
- كمان دهب ؟ انت مش عارف ان لبس الدهب حرام للراجل يا "آدم" .. الرسول صلى الله عليه وسلم نهى الرجاله عن لبس الحرير والذهب وقال دول للستات بس مش للرجاله يا "آدم"
نظر اليها "آدم" بلا أى تعبيرات على وجهه فأكملت أمه قائله بتهكم :
- صحيح انت ليه هتهتم بالحلال والحرام وانت أصلاً مبتصليش
ثم قالت وتعبيرات الإشمئزاز على وجهها :
- تصدق بالله أنا بقيت أقرف أبص فى وشك
قالت ذلك ثم تركته ودخلت غرفتها وأغلقت الباب خلفها بقوة .. ظل "آدم" واقفاً مكانه شارداً واجماً

**************************************
توجهت "آيات" للخارج بخطوات مسرعة .. خفق قلبها وهى ترى "آدم" واقف بجوار سيارته بحلته الأنيقة الفاخرة .. اقتربت منه وابتسامتها تزين وجهها قائله :
- اتأخر عليك ؟
ابتسم لها قائلاً :
- لا يا حبيبتى ولا يهمك
فتح لها الباب فجلست .. انطلق بسيارته .. كانت تشعر وكأن كل ما حولها يشاركها فرحتها .. التفت "آدم" لينظر الى تلك الإبتسامه التى لا تفارقها .. تلاقت أعينهما فإتسعت ابتسامتها .. توقفا أمام أحد المطاعم الفاخرة .. جلس "آدم" فى المقعد المواجه لها .. و أثناء تناول وجبتهما .. قالت "آيات" :
- ممكن تبقى تدينى رقم طنط عشان أكلمها ؟
قال "آدم" بدهشة :
- طنط مين ؟
قالت "آيات" :
- مامتك .. هى مجتش الخطوبة عشان تعبانه والمفروض انى أسأل عليها
قال وهو يحاول تغيير الموضوع :
- ان شاء الله .. ما قولتليش المكان عجبك ؟
ابتسمت قائله :
- جداً
صمت "آدم" قليلاً ثم قال :
- انتى والدتك متوفيه من زمان ؟
قالت "آيات" بشئ من الحزن :
- أهاا .. من يوم ما ولدتنى .. انا عمرى ما شوفتها أبداً
ثم قالت وهى تبتسم بحزن :
- بس عندى صور كتير ليها .. كل فترة بخرجهم وأعد أتفرج عليهم
راقب "آدم" تعبيرات وجهها .. فنظرت اليه قائله :
- وانت باباك متوفى من زمان ؟
شعر "آدم" بالضيق لسؤالها عن شئ خاص به .. فقال بنفاذ صبر :
- أيوة
ثم قال وهو ينظر اليها بتمعن :
- باباكى قالى أدمنا شهر عشان كتب الكتاب .. وانه بعد الشهر ده هيسألك عن رأيك .. حبه تكتبي الكتاب ولا تمدى فترة الخطوبة
قالت :
- أيوة بابا قالى كده فعلاً
قال "آدم" مبتسماً بخبث :
- طيب مش عايزه تطمنينى رأيك هيبقى ايه ؟
ابتسمت له قائله بمرح :
- استنى الشهر وانت تعرف
قال لها بخبث :
- طيب واللى مش قادر يستنى وخايف أوى من قرارك وعايز يعرفه بسرعة .. يعمل يه ؟
صمتت قليلاً ثم نظرت اليه قائله بإبتسامه :
- يطمن
شعر "آدم" بالراحة .. ومد يده وضعها فوق يدها قائلاً :
- مش هخليكي تندمى أبداً على قرارك ده
شعرت بالإضطراب وبالسعادة فى نفس الوقت وقالت :
- عارفه يا "آدم"
ثم ضحكت بخجل قائله :
- على فكرة دى أول مرة أقول اسمك من غير دكتور
قال بنبره حانيه :
- فى كلمة تانية عايزها بدل اسمى
نظرت اليه بسعادة وقد ادركت ما يريد قوله .. اقترب وجلس على المقعد المجاور لها وأمسك يدها بين راحتيه ونظر لها بعمق قائلاً :
- بحبك يا "آيات"
خفق قلبها بسرعة واضطرب تنفسها .. ها هو حبيبها جالس بجوارها ويخبرها عن حبه لها .. ألجمت السعادة لسانها فقال "آدم" هامساً :
- بحبك يا "آيات" وعايز أسمعها منك
شعرت بأن الكلمات ترفض الخروج .. كانت تشعر بإضطراب بالغ .. ودت لو صرخت له بها .. لكن الكلمة حُبست بداخلها .. ترك "آدم" يدها قائلاً :
- خلاص براحتك مش هضغط عليكي
نظرت اليه خشت أن تكون قد أغضبته .. فكر "آدم" بسخرية .. أتحاولين الظهور بمظهر الفتاة الصعبة الآن .. لا تحاولى لقد كشفتك جيداً وأعرف أنك سهلة .. ولعبة فى يدي !
قال لها :
- يلا عشان منتأخرش
نهضت معه وأوصلها الى بيتها .. قبل أن تنزل أمسك يديها مقبلاً اياها إبتسمت برقه .. قال لها :
- تصبحى على خير
قالت بصوت خافت :
- وانت من أهل الخير
غادر "آدم" و"آيات" تشيعه بنظراتها .. ثم تمتمت بصوت خافت :
- بحبك يا "آدم" .. بحبك أوى

***********************************
ظلت "آيات" ساهرة فى شرفة غرفتها .. كانت تفكر بحزن هل يا تُرى "آدم" غضب منها لأنها لن تفصح عن حبها له ؟ .. هل ظن بأنها لا تحبه ؟ .. هل هو حزين الآن ؟ .. خفق قلبها بقوة وهى تشعر بأنها لا تتحمل أن تكون سبب حزنه أو ضيقه .. توجهت الى حاسوبها وضربت بأصابعها فوق أزراره ابتساموه صغيره على شفتيها .. توردت وجنتاها خجلاً قبل أن تضغط زر الإرسال .. اتصلت بـ "آدم" وهى تتمنى أن يكون مستيقظاً .. رد "آدم" قائلاً :
- حبيبتى وحشتيني
ابتسمت "آيات" بسعادة قائله :
- خفت تكون نمت
قال لها بهيام :
- مش عارف أنام
ٍسألته :
- ليه مش عارف تنام ؟
قال هامساً :
- بفكر فيكي .. بفكر فى عنيكي اللى بقيت حاسس انى مقدرش أبعد عنهم ثانية واحدة .. بفكر فى ايديكى اللى كانت فى ايدي من شويه .. أنا مش عارف ازاى قدرتى تعلقيني بيكي بسرعة كده
أغمضت "آيات" عينها تستشعر كلماته بكل حواسها .. ثم قالت بصوت خافت :
- افتح الفيس يا "آدم" بعتلك حاجة عايزاك تشوفها
قال بدهشة :
- وانتى عرفتى الفيس بتاعى منين ؟
قالت بخجل :
- كنت عارفاه من زمان .. بس عمرى ما بعتلك آد
شعر "آدم" بالدهشة .. ثم قال :
- طيب خليكي معايا بفتح الجهاز
قالت بسرعة :
- لا شوف وأنا مش معاك .. أنا هقفل دلوقتى .. باى
قال بدهشة :
- باى
فتح جهازه وهو يتمتم لنفسه بحنق :
- ابتدينا شغل المراهقة
نظر "آدم" الى حسابه ليجد رسالة مرسلة من "آيات" فتحها ليجد فيها :
- أحبـــك .. أنت كل عالمى
أحبـــك .. أنت وحدك فارسي
أحبــــك .. فى كل وقت أنت معي
أحبـــك ؟! .. هذا أول مقاصدى
أعشقـــك ؟! .. ها أنت فهمت مشاعرى
أتمنـــاك ؟! .. أنت فى قلبي فعى
أنت فــــارس أحلامــــى
أحلامى رجلاً لا يُوصَف
وكل صفاته بيك توصَف


لم يكن صدى تلك الكلمات فى قلب "آدم" سوى السخرية والتهكم .. ظل ينظر اليها بأعين بارده وقلب أبرد .. ثم أمسك هاتفه .. وبمجرد أن ردت "آيات" قال هامساً :
- وانتى فتاة أحلامى
وضعت "آيات" كفها على قلبها علها تبطئ من وقع دقاته .. وابتسمت فى سعادة وهى تقول له :
- ربنا ما يحرمنى منك يا "آدم"

************************************

مر الإسبوعين بسرعة وببطء .. فكان وقعهما على "آيات" كالسحر .. كالتحليق فى الفضاء .. كنسمات الربيع .. أما على "آدم" فكان وقعها كئيباً رتيباً مملاً .. يتمنى أن تجرى الأيام ويمضى الشهر سريعاً ليُنهى لعبته .. فى أحد الأيام وقف "آدم" أمام باب الفيلا فى انتظار خروج "آيات" .. كانت "آيات" تتخير الأوقات التى لا يكون والدها فى البيت .. حتى تستطيع وضع زينتها كما تريد .. فهى تعلم أن سكوت والدها على وضعها الميكياج يوم أن تقدم "آدم" لخطبتها والأيام التى تلته فقط من أجل أنها عروس ولم يرد ازعاجها .. لكنها تعلم جيداً أن لصبره حدود .. نزلت درجات الفيلا وعيناها معلقتان بـ "آدم" الذى اختار اليوم ارتداء الجينز .. ابتسمت له قائله بمرح :
- أول مرة أشوفك كجوال
ابتسم ابتسامته الساحرة وسألها بمرح :
- طب ايه ؟ أنهى ستايل يعجبك أكتر ؟
قالت بصدق :
- حبيبى أنا بحبك مهما لبست .. حتى لو لبست جبه وقفطان
ضحك "آدم" قائلاً :
- طيب بس لتلاقيني فى مرة عملها بجد
صحكت قائله بعند :
- برده هحبك متحاولش
جلست "آيات" فى السيارة والتف "آدم" ليجلس بجوارها ثم ابتسم قائلاً :
- حبيبتى عايزه تروح فين النهاردة ؟
صمتت قليلاً ثم قالت :
- ايه رأيك نتمشى على النيل
قال بدهشة :
- نتمشى على النيل
قالت بسرعة :
- أيوة .. ايه مش عايز
قال بلامبالاة وهى ينطلق بيارته :
- فكرت هتقولى نعد فى مكان يعني
قالت بصوت طفولى :
- زهقت .. وكمان مش بحب الأماكن المقفوله .. بحب أوى أقف أتفرج على النيل .. كنت أنا و "أسماء" نخرج نتمشى على النيل ونقف ونسرح ونتكلم لحد ما نزهق
توقف "آدم" فى حد المناطق الهادئة .. نزلت "آيات" ووقفت تنظر الى النيل بسعادة ونسماء الليل تداعب وجنتيها .. نظرت الى "آدم" الواقف بجوارها تتأمله ثم التفتت اليه وقالت فجأة :
- "آدم" انت فى حاجة مضايقاك ؟
التفت اليها قائلاً بدهشة :
- ليه بتقولى كده ؟
قالت بحيرة :
- مش عارفه .. ساعات بحس كده .. ساعات بحس انك مضايق من حاجه أو مخنوق من حاجه
صمت "آدم" وهو ينظر اليها لا يدرى ما يقول .. فأكملت قائله بحنان :
- "آدم" مش أنا حبيبتك وبعد اسبوعين ان شاء الله هكون مراتك .. يعني لو فى حاجة مضايقاك قولى عليها وفضفض معايا يمكن ترتاح
ظل "آدم" ينظر اليها وهو يرى مشاعرها الصادقة تجاهه .. أشاح بوجهه بسرعة وأخذ يتطلع الى النيل ثم عاد ينظر اليها وهو يرسم ابتسامه على شفتيه ويقول :
- لا يا حبيبتى أنا مفيش حاجة مضايقانى .. متشغليش بالك انتى
ابتسمت "آيات" له ثم وضعت يدها على ذراعه التى كان يستند بها الى السور وقالت :
- ماشى يا حبيبى .. بس خليك فاكر وقت ماتحب تتكلم مع حد أنا موجوده
ارغم نفسه على الإبتسام ووضعه كفه فوق كفها الممسكة بذراعه وقال لها :
- مكنتش أعرف انك بتحبينى أوى كده
نظرت اليه بعتاب قائله بصوت متهدج :
- اخص عليك ازاى تقول كده .. أنا بحبك أوى يا "آدم" بحبك بجد .. عشان كده بضايق أوى لما بحس انك ممكن تكون مضايق
شعر بالإختناق وهو يستشعر صدق كلماتها .. قال فجأة :
- يلا نمشى
قالت بإستغراب :
- ليه فى حاجه ؟
قال بحده :
- لا بس افتكرت معاد مهم
شعرت "آيات" بالدهشة من تصرفه لكنها لم ترد مضايقته بكثرة الأسئلة .. أوصلها الى الفيلا .. ودون أن يوجه لها كلمة .. فقالت قبل أن تنزل من السيارة :
- طمنى عليك لما توصل البيت
هز رأسه قائلاً :
- ماشى
خرجت "آيات" وأغلقت الباب لينطلق "آدم" فى طريقه .. كان يشعر بالضيق والحنق .. لا يدرى لما شعر بذلك .. ظل يسير بسيارته وهو يحاول ازاحة هذا الشئ الذى يجثم على صدره ويحاول خنقه

*************************************

هتفت "إيمان" بغضب بعدما أخبرتها والدتها بأمر العريس الجديد الذى يريد أن يتقدم لها :
- مش هقابله يعني مش هقابله
قالت "أمها بحده :
- يعني ايه مش هتقابليه
قالت "إيمان" بعند :
- يعني مش هقابله .. مش عايزة أتجوز
هتفت أمها بغضب :
- يعني ايه مش عايزة تتجوزى يا بت انتى .. اتهبلتى فى عقلك ولا ايه .. لا اتظبطى لأظبطك متطلعيش جنانك عليا
هتفت "إيمان" وقد بدأت فى البكاء :
- انتى ليه مش عايزة تفهميني يا ماما .. أنا تعبت بأه مش كل شوية حد ييجى ويمشى ويتصل يقول معلش مفيش نصيب .. كفاية بأه مش عايزة أتجرح تانى
صاحت والدتها وهى تغادر الغرفة :
- أهو ده اللى انتى فالحة فيه كل شوية عياط وغم .. هتقابليه ورجلك فوق رقبتك ولما ييجى أبوكى يبقى يشوفله صرفه معاكى
أغلقت الباب خلفها بعنف .. فجلست "إيمان" على فراشها تبكى الى أن شعرت بالإرهاق فنامت ودموعها تبلل وجهها
استيقظت فوجدت الجميع قد آووا الى فرشهم .. توجهت الى الثلاجة وأخرجت بعض الطعام وتوجهت الى غرفة المعيشة واشعلت التلفاز بصوت منخفض وجلست تأكل بنهم .. بعد عدة دقائق تذكرت أمر ذلك العريس .. توقفت عن تناول الطعام وقد بدت عليها الحيرة .. قامت وتوجهت الى الثلاجة وأعادت الطعام الى مكانه وقامت وتوضأت ودخلت غرفتها تصلى لله عز وجل وتدعوه ألا تُجرح تلك المرة

************************************

توقف "آدم" بسيارته فى احدى دور سينما السيارات والتى كانت تتميز بالهدوء .. التفت وابتسم لـ "آيات" الجالسه بجواره فبادلته الإبتسام .. نظر "آدم" أمامه .. لم يكن يعى حرفاً مما يدور على الشاشة .. لأنه كان شارداً .. ويفكر بعمق .. التفت ينظر الى "آيات" التى اندمجت فى تناول الفيشار وهي تنظر الى الشاشة بترقب شديد وقد استهواها الفيلم الذى تتابعه .. شعر "آدم" وهو ينظر اليها بأن فيها شيئاً من البراءة .. رغم الملابس الضيقة الملفتة المثيرة التى كانت ترتديها وحجابها الغير محكم على رأسها والذى أظهر رقبتها كاملة .. ورغم المكياج الذى أبرز ملامح وجهها وأعطاها عمراً أكبر من عمرها .. إلا أن شئ واحد فيها ظل يشع براءه .. ابتسامتها .. تلك الابتسامه العذبة التى ترتسم على وجهها حال رؤيته .. وتتسع حال فرحها .. وتختفى اذا تضايقت .. و تزداد رقة كلما قال كلمات تُخجلها .. تلك الإبتسامة التى تعلن عن نفسها وعن طهرها وبرائتها وسط كل تلك المظاهر التى يكرهها "آدم" .. شعرت "آيات" بنظراته فالتفتت تنظر اليه .. بمجرد أن تلاقت أعينهما ابتسمت .. ابتسمت عيناها قبل شفتاها .. حاول الإشاحة بوجهه فلم يستطع .. شعر بالضيق وبالإختناق مرة أخرى .. شعر مرة أخرى بذلك الشئ الذى يجثم على صدره بقوه .. أراد هذه المرة أن يقتله وأن يمنعه من التواجد بداخله مرة أخرى .. أراد أن يزيحه من طريقه تماماً .. فكر .. للحظات .. ولم يجد إلا طريقاً واحداً ليقضى على هذا الشئ قبل أن يظهر أكثر ويعلن عن نفسه .. مد يده ليتلمس وجنتها .. ابتسمت بخجل وهى تطرق برأسها .. ثم رفعت رأسها لتنظر اليه مرة أخرى .. لكن ابتسامتها تلاشت عندما وجدته ينحنى نحوها لــ .. يقبل شفتيها .. شعرت بالصدمة وتجمدت .. لم تمنعه .. لم تعترض .. لم تتحرك .. أنهى قبلته التى استغرقت ثوانى معدودة .. ثم اعتدل فى جلسته وهو ينظر أمامه يتأمل شاشة العرض وهو يبتسم ابتسامة رضا .. أخيراً قضى على هذا الشئ .. للأبــد

**************************************

عادت "آيات" الى الفيلا وعلامات الوجود على وجهها .. أقبلت عليها "حليمة" لتقول :
- حمدالله على السلامة يا بنتى .. أحضرلك الأكل ولا اتعشيتي مع خطيبك
قالت "آيات" بصوت مضطرب :
- مش عايزة يا دادة
صعدت الى غرفتها وعينا "حليمة" تتابعها بقلق .. دخلت "آيات" غرفتها وأغلقت الباب .. جلست على فراشها فى الظلام .. لا ينير الغرفة سوى ضوء القمر المتسلل عبر الشرفة .. جلست فى مكانها متجمده كالتمثال .. ونظرات عينيها غائرتان .. وضعت أصابعها على شفتيها تتلمسهما وهى تتذكر قبلة "آدم" .. شعرت فجأة بقشعريرة تجتاح جسدها وبنغزات الدموع فى عينيها .. أخذت نفسهاً طويلاً وشعور الضيق يتزايد بداخلها .. أخرجت هاتفها واتصلت بـ "أسماء" التى أجابتها قائله :
- ايه ده معقول .. مش متعودة يعني انك تعبريني فى الوقت ده .. من ساعة ما اتخطبتى وانتى الوقت ده حجزاه لخطيبك .. نفسى أفهم مبتزهقوش رغى
قالت "آيات" بصوت مضطرب مبحوح :
- "أسماء" أنا مضايقه أوى
قالت "آسماء" بجديه :
- ايه فى ايه .. ايه اللى حصل اوعوا تكونوا اتخانقتوا
قالت "آيات" بإضطراب :
- لا مش كده
ثم صمتت .. فحثتها "أسماء" قائله :
- فى ايه يا بنتى متتكلمى
عضت "آيات" شفتيها وهى تقول بحنق :
- حصلت حاجة مش عارفه حسه انى مضايقه
قالت "أسماء" :
- طيب متفهميني ايه اللى حصل عشان أبقى فاهمة انتى بتتكلمى عن ايه
زفرت "آيات" بضيق وهى تقول بصوت خافت لا يكاد يُسمع :
- "آدم" بسنى
ضحكت "أسماء" بشدة وهى تقول :
- وقعتى قلبي أنا قولت مصيبة حصلت
قالت "آيات" بضيق :
- طيب قوليلى
قالت "أسماء" ضاحكة :
- أقولك ايه يا بنتى .. أنا مش فاهمة اصلا انتى مضايقه ليه
قالت آيات" بحيرة :
- يعني اللى حصل ده عادى
قالت "أسماء" بتهكم :
- والله يا "آيات" اللى يسمعك كده يقول طفلة فى ابتدائى
هتفت "آيات" بغضب :
- خلاص يا "أسماء" .. أنا أصلاً غلطانه انى اتصلت بيكي .. باى
هتفت "أسماء" بسرعة :
- يا مجنونة استنى .. طيب خلاص حبه جد بأه .. انتى ايه مضايقك دلوقتى ؟
قالت "آيات" بحده :
- معرفش مضايقه وخلاص .. حسه ان أنا مضايقه
قالت "أسماء" :
- طيب مش انتى بتحبيه يا "آيات" ؟
قالت "آيات" بسرعة :
- جداً وانتى عارفه
قالت "أسماء" :
- وهو بيحبك ؟
قالت "آيات" بثقه :
- أيوة بيحبنى
هتفت "أسماء" قائله :
- يعنى انتى بتحبيه وهو بيحبك ومخطوبين وهيتكتب كتابكوا بعد اسبوعين وباسك .. فيها ايه دى ؟
صمتت "آيات" .. لا تدرى ما تقول .. فقالت "أسماء" :
- متردى يا بنتى
قالت "آيات" بقلق :
- حسه ان كده غلط .. وكمان أنا خايفه "آدم" ياخد فكرة وحشة عنى
قالت "أسماء" بإستغراب :
- انتى عبيطة يا "آيات" كل المخطوبين بيعملوا كده
قالت "آيات" بنبره حزينه :
- أنا حسه بالذنب أوى .. مش عارفه يمكن عشان أول مرة يحصل كده .. مش عارفه بس حسه .........
قاطعتها "أسماء" قائله :
- يا بنتى متكربيش الموضوع
صمتت "آيات" قليلاً ثم قالت بأعين دامعه وصوت مرتجف :
- بس يا "أسماء" أنا سمعت فى مرة شيخ بيقول ان لو حصل حاجات زى دى بين اتنين مش متجوزين ربنا مش بيباركلهم فى ارتباطهم ده .. وان هو لو بيحبها فعلاً هيحافظ عليها ومش هيعمل فيها كده ..وان اللى بيعمل كده مع واحدة مش مراته بيبقى شايفها وحشة ومش محترمة
قالت "أسماء" :
- "آيات" محسسانى انه اغتصبك .. دى بوسه يا بنتى .. مش حاجة كبيرة يعني
تنامى الى مسامعها شهقات بكاء "آيات" فقالت بحنان :
- "آيات" بتعيطى ليه دلوقتى ؟
تعالت شهقات "آيات" وقالت ودموعها تتساقط على وجنتيها :
- مش عارفه .. بس حسه انى مضايقة أوى
قالت "أسماء" بهدوء :
- طيب بطلى عياط .. الموضوع مش كبير للدرجة دى .. هو باسك بس ولا حصل حاجة تانى ؟
قالت "آيات" بصوت مرتجف :
- باسنى بس
قالت "أسماء" :
- خلاص شيلي الموضوع من دماغك ومتفكريش فيه .. خلاص .. وبطلى عياط بأه
مسحت "آيات" دموعها وهى تقول :
- طيب خلاص يا "أسماء"
قالت "أسماء" بحنان :
- هديتي ؟
قالت "آيات" :
- أيوة خلاص .. أنا هقفل لانى حسه بصداع جامد هاخد حاجة للصداع وأنام
قالت "أسماء" :
- طيب ماشى وكلمينى لما تصحى
- ماشى .. يلا باى
أنهت "آيات" المحادثة وهى تشعر بنفسها أهدأ .. دخلت الحمام وتوضأت وصلت الفروض التى فاتتها ثم أوت الى فراشها


عاد "آدم" الى بيته وألقى بنفسه على فراشه وهو يتذكر استسلامها لقبلته فإبتسم ساخراً وقال لنفسه متهكماً قبل أن يغلق عيناه : كما توقعت بالضبط

**************************************

جلست "سمر" فى مكتبها بالمستشفى تنتظر دخول المريض التالى .. لكنها شعرت بالدهشة بعدما رفعت رأسها لتجد "آيات" أمامها .. فهتفت بدهشة :
- "آيات"
ثم ابتسمت قائله :
- بتعملى ايه هنا ؟
ابتسمت "آيات" وهى تغلق الباب قائله :
- جيت أشوفك .. ومتخفيش دفعت كشف يعني ده دورى مش بعطل حد من اللى بره يعني
التفت "سمر" حول المكتب وعانقتها قائله :
- لا طبعا هردلك الكشف .. حبيبتى فرحانه أوى انى شوفتك
ثم قالت :
- بس بصراحة مستغربة أوى
تنهدت "آيات" وهى تجلس أمام المكتب قائله :
- بصراحة مكنتش قادرة أستنى .. حسيت انى عايزة أتكلم معاكى .. صحيت ولبست وجيت على طول .. جلست "سمر" على المقعد أمامها وهى تقول بقلق :
- خير يا "آيات" فى ايه ؟
أطرقت "آيات" برأسها وأخذت تفرك حزام حقيبتها بين يديها .. قالت "سمر" مشجعة :
- اتكلمى فى ايه ؟
ثم قالت :
- لو خايفة أحب اطمنك .. أى حاجة هتقوليها دلوقتى مستحيل تطلع بره
نظرت اليها "آيات" وقالت ممتنه :
- عارفه يا "سمر" وعشان كده جتلك
قالت "سمر" بإبتسامة حانية :
- طيب قوليلى بأه فى ايه ؟
أخذت "آيات" نفساً عميقاً ثم قصت عليها ما حدث بينها وبين "آدم" بالأمس .. هتفت "سمر" بغضب :
- انتى غلطتى أوى يا "آيات" ده خطيبك مش جوزك
هتفت "آيات" تدافع عن نفسها وعن "آدم" :
- بس احنا بنحب بعض يا "سمر"
قالت "سمر" بصرامة :
- حتى لو بتحبوا بعض .. اللى حصل ده غلط أوى
شعرت "آيات" بالحزن وهى تستمع الى كلمات "سمر" التى تعزز احاسها بالذنب الذى يراودها منذ الأمس .. قالت "سمر" :
- "آيات" أنا عارفاكى كويس .. وبقالنا سنين مع بعض .. كلمتك كتير على لبسك وعلى الميك آب بس مكنتيش بتسمعيلي وكنت بدعيلك ان ربنا يهديكى ومبحاولش أضغط عليكي عشان متكرهينيش وتبعدى عنى .. بس بجد الموضوع ده مينفعش أقول ربنا يهديكي وأسكت
صمتت قليلاً ثم قالت :
- "آيات" فى حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بيقول : " فالعينُ تَزني وزِناها النظرُ، واليَدُ تَزني وزِناها اللمسُ، والرِّجلُ تَزني وزِناها الخُطى، واللسانُ يزني وزِنَاه المَنطِقُ، والفَمُ يَزني وزناهُ القُبَلُ، والنفس تَمَنَّى وتشتَهي، والفَرجُ يُصَدِّقُ ذلكَ أو يكذبهُ "
وضعت "آيات" يدها على فمها وقد اغرورقت عيناها بالعبرات .. وأخذت ترتجف وهى تغمض عينيها باكية .. اقتربت منها "سمر" وجلست على المنضدة أمامها ووضعت يديها على قدميها وهى تقول :
- "آيات" اللى انتى حسه بيه دلوقتى حاجة كويسة أوى .. لان ده معناه ان عندك نفس لوامة .. بتلومى نفسك لما بتعملى حاجة غلط .. وده عشان انتى بنت طيبة ونضيفة وكويسة .. بس مشكلتك ان مفيش فى حياتك حد يوجهك للصح ويبعدك عن الغلط
قالت "آيات" من بين شهقاتها :
- أعمل ايه دلوقتى .. يعني أنا كده ........
ثم انفجرت باكية مرة أخرى
عانقتها "سمر" قائله :
- ممكن متعيطيش لو سمحتى .. بصى فى عهد النبي صلى الله عليه وسلم جاله راجل من الأنصار اسمه "أبو اليسر بن عمرو" وقاله : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَقِيتُ امْرَأَةً فِي الْبُسْتَانِ فَضَمَمْتُهَا إِلَيَّ وَبَاشَرْتُهَا وَقَبَّلْتُهَا وَفَعَلْتُ بِهَا كُلَّ شَيْءٍ غَيْرَ أَنِّي لَمْ أُجَامِعْهَا قَالَ فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ : ( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ) ، قَالَ فَدَعَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَهَا عَلَيْهِ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَهُ خَاصَّةً أَمْ لِلنَّاسِ كَافَّةً فَقَالَ : " بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّةً . "
توقفت "آيات" عن البكاء وقالت بصوت مبحوح :
- مفهمتش يا "سمر" اشرحى
قالت "سمر" مبتسمه :
- يعنى فى راجل راح للنبى صلى الله عليه وسلم وقاله انه باس واحدة واتمتع بيها من غير ما يحصل بينهم علاقة كاملة .. فالنبي صلى الله عليه وسلم مردش عليه لحد ما ربنا سبحانه وتعالى أوحى للنبي عن طريق سيدنا جبريل بالآية اللى بتقول : " إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين " .. فسيدنا "عمر" سأل النبي صلى الله عليه وسلم وقاله : الآية دى للراجل ده بس فالنبي قاله لا لكل الناس .. يعني أى حد يغلط .. يعمل بعدها حاجة كويسة .. عشان الحسنات تضيع السيئات اللى خدها .. فهمتى يا "آيات"
أومأت "آيات" برأسها قائله :
- آه فهمت
صمتت برهه ثم نظرت الى "سمر" قائله بلهفه :
- يعني أنا دلوقتى لو عملت خير وحسنات كتير كده ربنا يسامحنى على اللى حصل
ابتسمت "سمر" قائله :
- أيوة يا "آيات" بس لازم تعاهدى ربنا ان ده ميحصلش تانى أبداً .. لازم تحطى حدود بينك وبين خطيبك
ًثم ضحكت قائله :
- وبعدين يا ستى كلها اسبوعين .. استحملوا الاسبوعين دول
ضحكت "آيات" وعانقت "سمر" بحرارة قائله :
- ربنا يريح قلبك يا "سمر" .. أنا بجد كنت مضايقه أوى بس انتى طمنتيني وعرفتيني المفروض أعمل ايه
ابتسمت "سمر" قائله :
- احنا اخوات يا "آيات" أى حاجة حابه تسأليني عنها كلميني على طول
ابتسمت "آيات" وهى تخرج مرآتها لتعدل من زينتها ثم نهضت قائله بمرح :
- همشى بأه قبل ما أمهات الأطفال اللى بره يدعو عليا
ضحكت "سمر" وقالت :
- ماشى يا "آيات" .. خلى بالك من نفسك
قالت "آيات" مبتسمه :
- ربنا يوفقك يا "سمر" .. باى
- مع السلامة

**********************************
ابتسمت "ساندى" وهى ترى اسم "آدم" على هاتفها فأسرعت بالرد قائله :
- هاى دكتور
قال"آدم" الذى كان يقود سيارته :
- هاى "ساندى" .. ازيك
قالت بعتاب :
- تمام يا دكتور .. مبروك الخطوبة ولو انى زعلانه جداَ انك معزمتنيش
قال "آدم" :
- معلش الخطوبة كانت على الضيق بس فى كتب الكتاب ان شاء الله أكيد هتكونى معزومة
قالت بمرح :
- خلاص اتفقنا بس لو معزمتنيش المرة دى كمان بجد هزعل جداً
قال "آدم" بجديه :
- فاضية شوية يا "ساندى" .. عايز أقابلك
اتسعت ابتسامتها وقالت بلهفه :
- طبعاً يا دكتور .. ولو مش فاضية أفضالك
ابتسم قائلاً :
- تمام .. يبقى نتقابل كمان نص ساعة
اتفق معها على المكان ثم أنهى المحادثة معها .. لم يكن يغلق هاتفه حتى أتاه اتصال من "آيات" فرد قائلاً :
- حبيبة قلبي كنت لسه هكلمك
تكلمت بجدية قائله :
- "آدم" عايزة أشوفك ضرورى
قال "آدم" بقلق :
- خير فى حاجة يا "آيات" ؟
قالت بنفس النبرة الجادة :
- أيوة بس لما أشوفك
قال "آدم" :
- طيب جايلك حالا .. انتى فى الفيلا
- أيوة
- خلاص ربع ساعة وهكون عندك
اتصل بـ "ساندى" وأجله معاده معها ليوم آخر .. ثم انطلق فى طريقه الى الفيلا وهو يحاول تخمين فيما أرادته "آيات" .. دخلت السيارة وانطلق بها .. التفت اليها قائلاً :
- مالك يا حبيبتى ؟
قالت "آيات" بجديه :
- عايزة أتكلم معاك شوية .. بس وقفنا فى مكان الأول
توقف "آدم" فى مكان ما على الكورنيش .. كانت "آيات" طيلة الطريق شاردة .. خرجت من السيارة فتبعها "آدم" .. وقف أمامها قائلاً :
- فى ايه يا "آيات" ؟
بلعت "آيات" ريقها بصعوبة وهى تخشى أن يسئ فهم حديثها .. لكنها تشجعت ونظرت اليه قائله :
- "آدم" انت عارف أنا بحبك أد ايه .. مش كده
أومأ برأسها وعيناه تتفرسان فيها .. فأكملت قائله بنبره حزينه وقد ترقرقت العبرات فى عينيها :
- اللى حصل امبارح ده مكنش المفروض يحصل
أخذ "آدم" ينظر الى عينيها الدامعة وملامحها الحزينة بتمعن وبصمت .. فأكملت قائله بصوت مرتجف :
- أنا كنت عارفه ان ده غلط .. بس معرفش ليه ممنعتكش .. أصلاً ده حصل فجأة وأنا مكنتش مركزة .. ومعرفش كنت مصدومة ومعرفتش أعمل ايه
ثم قالت :
- فضلت طول الليل حسه بالذنب .. والصبح اتكلمت مع واحدة صحبتى وقالتلى .......
صمتت قليلا وقد ارتجفت شفتاها وتساقطت العبرات من عينيها وهى تقول بصوت باكى :
- قالتلى ان فى حديث ان ده حاجة زى الزنا كده .. أو بمعنى تانى ان ده طريق للزنا
قالت الكلمة الأخيرة بصوت مرتجف وما كادت تنطقها حتى ارتجف جسدها لقوة بكائها .. أخفت وجهها بكفيها وهى تحاول السيطرة على شهقات بكائها .. تجمدت نظرات "آدم" بل وتجمدت كل حواسه .. وهو ينظر اليها باكية أمامه .. شاعرة بالذنب .. من أجل قبله .. لم تشاركه فيها .. بل تلقتها فقط .. شعر وكأن شخصاً ألقى على رأسه دلواً من الماء البارد .. توقفت "آيات" عن البكاء وهى تقول :
- أنا عارفه ان انت عملت كده عشان بتحبنى .. بس أنا مش عايزة حاجة تحصل تخلى ربنا غضبان علينا ويعاقبنا يا "آدم"
رفعت رأسها تنظر اليه بأسى وقد بللت العبرات وجهها :
- أنا مش عايزة ربنا يعاقبنا بإنه يحرمنا من بعض يا "آدم"
ظل يتطلع اليها دون أن يتفوه بكلمة .. مسحت عبراتها وهى تقول :
- بس ده اللى كنت عايزه أقوله .. ومش عايزاك تزعل منى .. أنا عارفه ومقدرة ان انت بتحبنى .. والله أنا كمان بحبك .. بس أنا خايفه نعمل حاجة غلط ونتعاقب عليها
نظرت اليه قائله :
- ساكت ليه .. قول حاجة
خرج "آدم" عن صمته قائلاً :
- اركبي عشان أوصلك الفيلا
قالت بحزن :
- انت زعلت منى ؟
قال بهدوء :
- لأ .. بس عندى شغل
قالت "آيات" :
- انا آسفة انى عطلتك بس أنا مكنتش قادرة أتسنى وكنت حبه أتكلم معاك
توجهت الى السيارة وركبت .. لحق بها "آدم" وركب بجوارها .. أخرجت مرآتها لتجد الكحل قد سال على وجهها وخرب مكياجها .. تنهدت فى ضيق وأخرجت مناديلها المذيلة للمكياج وأخذت تزيله عن وجهها .. لم يلتفت لها "آدم" طوال الطريق بل ظل شارداً .. أوقف سيارته أمام الفيلا .. وما كاد يلتفت اليها مودعاً حتى شعر وكأن أحداً ضربه على رأسه .. نظر الى تلك الفتاة الجالسه بجواره بعينيها الصافيتين البريئتين وبوجهها الذى تعلوه حمره خفيفه وبشفتيها الرقيقتين .. التفتت اليه "آيات" قائله :
- "آدم" ياريت متزعلش منى .. وتكون فهمت كلامى صح
استمر فى النظر اليها فشعرت بالخجل وتضرجت وجنتاها بحمرة محببه .. أخذ يتأملها "آدم" وقد عقد لسانه .. نظرت اليه مرة أخرى مبتسمة تلك الإبتسامة العذبه .. شعر وكأنه يراها لأول مرة .. تأملته "آيات" وقد شعرت بأنه ينظر اليها كما لم ينظر من قبل .. عشقت نظراته فى تلك اللحظة .. وابتسمت بخجل قائله :
- بتبصلى كده ليه ؟
سألها بهدوء قائلاً :
- انت ليه بتغيري شكلك ؟
قالت بإستغراب :
- تقصد الميك آب يعني ؟
لم يجيب فقالت وهى تهز كتفيها :
- عادى يعني .. كل البنات بتحب الميك آب
ظل صامتاً يتطلع اليها .. فسألته قائله :
- انت مبتحبش الميك آب ؟
انتبه الى نفسه والى ما يحدث .. وقال لنفسه ما شأنك أنت ان وضعت مكياج أم لم تضع .. فبعد أقل من اسبوعين ستنتهى اللعبة وستفترقان كل الى حال سبيله .. نظر "آدم" أمامه وهو يقول :
- يلا انزلى عشان ألحق معادى
نظرت اليه تحاول أن تفهم فيما يفكر .. تحاول أن تفهم نظراته التى تعجز كثيراً عن تفسير معناها .. لكنها اتمثلت لأوامره ونزلت .. وتابعت السيارة بعينيها وهى تبتعد .. ولأول مرة .. يرفع "آدم" عينيه لينظر اليها فى مرآة السيارة وهو يبتعد


لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-10-15, 10:44 AM   #10

لامارا

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة وعضو فريق التصميم و كاتبة في قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية لامارا

? العضوٌ??? » 216
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 87,659
?  نُقآطِيْ » لامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond reputeلامارا has a reputation beyond repute
افتراضي

الحلقة ( 8 )

جلس "آدم" فى أحد المطاعم وتحت يده ملف أخذ يطرق عليه بأصابعه فى توتر وهو ينظر الى ساعته بين الحين والآخر .. أقبلت عليه "ساندى" تتهادى فى خطواتها .. حيته قائله :
- هاى دكتور .. اتأخرت عليك
قال "آدم" بإبتسامة مجاملة :
- مش كتير
قالت بمرح وهى تجلس أمامه على الطاولة :
- سورى يا دكتور الطريق كان زحمة موت
أومأ "آدم" برأسه وبدا بأن عقله مشغولاً بشئ آخر .. طلب لها مشروباً .. تحدثا قرابة النص ساعة فى موضوعات شتى عن الجامعة والدراسة والعمل .. الى أن قال "آدم" بجديه :
- "ساندى" كنت محتاج منك خدمة
قالت "ساندى" بلهفه :
- طبعاً انت تؤمر يا دكتور
أمسك الملف الذى كان يستند اليه ذراعه ووضعه أمامها قائلاً :
- دى دراسة جدوى لمشروع قرية سياحية فى العين السخنة .. الدراسة دى عملتها من كذا سنة .. أرباحها خيالية ومضمونة جداً
ابتسمت "ساندى" قائله وهى تتفحص الملف :
- طبعاً طالما حضرتك اللى عاملها تبقى ممتازة يا دكتور "آدم"
قال "آدم" وهو ينظر اليها بتمعن :
- الدراسة دى أنا محتاج ليها ممول
ثم قال بضيق :
- كنت المفروض انى أنا هكون أحد الممولين فيها بس مش هينفع دلوقتى أشارك فى راس المال
ثم قال بلهفه :
- أنا عارف ان والدك رجل أعمال ومش بس كدة .. عنده شركة سياحية كبيرة ومنافس قوى فى السوق
ابتسمت "ساندى" بتفاخر وهى تقول ضاحكة :
- فعلاً بابا حقق اسم كبير أوى فى عالم السياحة
قال "آدم" بجدية :
- وعشان كده أنا حابب انه يمول المشروع ده .. المشروع ده من أضخم المشاريع اللى اتعملها دراسة جدوى .. وكمان المكان نفسه خيالى مش ممكن تتخيلى روعته ... وكل شئ موجود فى الملف ده
قالت "ساندى" مبتسمة :
- طيب وليه حضرتك متعرضش على بابا المشروع ده بنفسك
قال "آدم" مبتسماً وهو يرجع ظهره للخلف :
- ما أنا هعرضه بنفسي ..ربس انتى متخيله رجل أعمال زى باباكى بيتعرض عليه كام مشروع وكام دراسة جدوى .. ايه اللى يخليه يلتفت لمشروعى وياخده بجديه
ضحكت "ساندى" بدلال قائله :
- عايزنى أكون واسطة يعني
ابتسم ابتسامته الساحرة وهو يقول بلؤم :
- بالظبط كده
ابتسمت وهى تقول بخبث :
- أخبار نتيجة الإمتحان المفاجئ ايه ؟
ابتسم "آدم" ولمعت عيناه وهو يقول :
- امتحان مفاجئ ايه اللى بتتكلمى فيه .. قولى أخبارك امتحان الفاينال ايه
ابتسمت "ساندى" وقد لمعت عيناها عندما أخرج "آدم" ورقة من جيبه ووضعها أمامها .. نظرت "آيات" بفرحة وعدم تصديق الى الاسئلة الموجودة فى الورقة ثم نظرت الى "آدم" قائله بمرح :
- يا سلام عليك يا دكتور .. كده تمام أوى وشكلنا هنعمل مع بعض أحلى بيزنس
ابتسم "آدم" وقال محذراً :
- الورقة دى ليكي انتى بس ولو اتسربت يمين ولا شمال .. انتى عارفه أنا ممكن أعمل ايه يا "ساندى"
قالت ضاحكة وهى تضع الورقة فى حقيبتها :
- ليه هو أنا مجنونة ولا ايه .. أسربها عشان ياخدوا درجات عاليه .. انا مالى انشاله الدفعة كلها تسقط .. المهم انى ضمنت الفول مارك
ابتسم "آدم" قائلاً :
- استنى منك رد امتى ؟
قالت بحماس :
- بابا مسافر وراجع من السفر خلال اسبوعين ان شاء الله ويمكن أقل كمان .. أول ما ييجي مش هخليه يقوم من على الملف غير لما يقراه كله .. وأنا واثقه فيك يا دكتور وعارفه ان أكيد بابا هينبهر بدراسة الجدوى اللى عملتها
اتسعت ابتسامة "آدم" وهو يقول :
- اتفقنا يا "ساندى"

**************************************
جلست "آيات" فى كافيتيريا الكلية تنقل احدى الأجزاء التى فاتتها من المحاضرة الى دفترها .. اقتربت منها "أسماء" فرفعت "آيات" رأسها لتنظر اليها ببرود ثم عادت تكمل كتابتها .. جلست "آسماء" فى المقعد المجاور لها وقالت :
- "آيات" مالك فى ايه ؟ .. انتى مخصمانى ولا ايه ؟
قالت "آيات" ببرود دون أن تنظر اليها :
- مفيش حاجة
قالت "أسماء" بحده :
- لا فى .. مش معبرانى .. بتحضرى المحاضرات من غيري .. بتصل بيكي بتردى بالقطارة .. فى ايه يا "آيات" .. من يوم المكالمة اللى كنتى مضايقه فيها وانتى بتعامليني وحش
نظرت اليها "آيات" بحده وقالت :
- كنت فاكراكى صحبتى .. كنت فاكراكى بتخافى عليا بجد .. بس بجد أنا اتصدمت فيكي يا "أسماء"
قالت "أسماء" بدهشة :
- ليه كل ده ايه اللى حصل فهميني ؟
قالت "آيات" بصوت خافت حتى لا تلفت نظر أحد ممن حولها :
- لما قولتلك على اللى حصل بينى وبين "آدم" أعدتى تقوليلى عادى ومفيهاش حاجة وكل المخطوبين بيعملوا كده .. تعرفى ان دي حاجة النبي قال عنها انها زنا وانها طريق بيودى للزنا .. وانتى حتى مفكرتيش تنصحيني وتقوليلى لا يا "آيات" اللى حصل ده غلط .. لا فضلتى تقولى انى طفلة فى ابتدائى وان ده طبيعى طالما بنحب بعض
ثم جمعت أشيائها من فوق الطاولة وحملت حقيبتها وهى تقول قبل أن تغادر :
- بجد اتصدمت فيكي يا "أسماء"
رحلت "آيات" لتترك "أسماء" متجمدة مكانها .. لحظات ونهضت هى الأخرى سارت تبحث عن "آيات" الى أن وجدتها تخرج من باب الكلية فتوجهت تجاهها بسرعة وجذبتها من ذراعها بشدة وجعلتها تلتفت اليها ثم صاحت بحنق :
- وأنا كنت هعرف منين يعني ان كده غلط .. ليه أسألتى الظن فيا وقولتى انى مش بحبك ومش بخاف عليكي .. أنا معرفش ان كده غلط .. ما كل الناس حولينا بيعملوا كده ومن غير خطوبة حتى .. ليه شوفتيني وحشة كدة يا "آيات"
ثم اغرورقت عيناها بالعبرات وهى تقول بصوت باكى :
- احنا صحاب من أربع سنين عمرك شوفتيني أذيتك ولا عملت حاجة تحسسك انى مش بحبك ؟ .. ها ردى عليا .. أصلا أنا مليش صحاب غيرك وربنا يعلم انى بحبك أكنك أختى وحتى مش بحاول أتعرف على بنات تانية لانى حسه ان انتى صحبتى بجد .. وعارفه انك بتحبينى زى ما أنا بحبك .. تيجيى دلوقتى تقوليلى انى مش خايفة عليكي .. والله ما اكنت أعرف .. أنا افتكرت الموضوع عادى ولما لقيتك مضايقة وبتعيطي قولت اهونها عليكي شوية عشان مبحبش اشوفك مضايقة
ثم قالت بألم :
- بس شكراً اوى يا "آيات" شكرا اوى على الكلام اللى سمعتيهولى ده .. أنا صاحبه وحشة وزبالة ابعدى عنى بأه
قالت ذلك ثم توجهت الى بوابة الكلية وهى تحاول مداراة دموعها التى تجمعت داخل عينيها .. وقفت "آيات" فى مكانها تنظر اليها وهى تبتعد .. ثم تنهدت بضيق شديد وجلست على أحد المقاعد بوجوم

*************************************
طرقت "آيات" باب مكتب "آدم" ودخلت وقد بدا على وجهها العبوس قالت بهدوء :
- "آدم" هعطلك عن حاجة
قال وهو ينهض ويقف أمامها :
- لا أبداً
وقف ينظر اليها والى المكياج الذى كان يغطى وجهها .. والى التيشيرت الضيق الذى أبرز تفاصيل جسدها .. وضعت الكتب من يدها ووقفت أمامه وقد عقدت ذراعيها أمام صدرها وهى تقول بضيق :
- اتخانقت مع "أسماء"
قال "آدم" وهو يشعر بالملل من الإستماع الى المشكلة :
- اتخانقتوا ليه ؟
قالت "آيات" بحنق :
- أنا اتغبيت أوى معاها وقولتلها كلام مكنش ينفع أقوله وهى مضايقه منى دلوقتى
قال "آدم" ببساطة :
- خلاص كلميها واعتذريلها وصالحيها
قالت "آيات" بحزن :
- خايفة مترضاش تصالحنى
فقال "آدم" بنفاذ صبر :
- يعني عايزانى أعملك ايه يعني .. أكلمها بدالك وأقولها معلش صالحى "آيات"
شعرت "آيات" بالصدمة من الإسلوب الذى خاطبها به .. فرسمت ابتسامة على شفتيها بصعوبة وأخذت كتبها وقالت بصوت حاولت أن يبدو طبيعياً :
- معاك حق هكلمها وأعتذرلها .. شكراً يا "آدم" وآسفة عطلتك
خرجت مسرعة وأغلقت الباب خلفها وهى تشعر بقطرات الدموع فى عينيها .. لكنها سيطرت عليها ومنعتها من الإنهمار

**************************************

دخلت والدة "إيمان" المطبخ لتجدها واقفة وتغلى شيئاً ما ذو رائحة قوية فقالت لها وهى تتشمم الرائحة المنبعثة من الطنجرة :
- ايه ده بتعملى ايه يا "إيمان"
قالت "إيمان" بوجوم دون أن تنظر اليها :
- شوربة كرنب
قالت أمها بإستغراب :
- ايه شوربة كرنب دى ؟
قالت "إيمان" بهدوء :
- عشان التخسيس يا ماما
قالت أمها وهى تتأفف من الرائحة :
- بس دى ريحتها صعبة أوى يا "إيمان" هتشربيها ازاى دى
قالت "إيمان" بنفاذ صبر :
- هشربها وخلاص
قالت أمها وهى تنظر اليها :
- طيب اتغدى الأول ده أنا عاملة صنية مكرونة بالبشاميل من اللى بتحبيها
قالت "إيمان" بحنق وهى تضع الشوربة فى طبقها :
- مكرونة بشاميل ايه يا ماما بقولك هشرب كرنب عشان أخس .. يعني أقرف نفسي بأم الشوربة دى عشان آكل شوية مكرونة يضيعوا كل اللى عملته
قالت أمها وهى تغادر المطبخ :
- أنا مالى يختى هو أنا اللى هاكل ولا انتى .. انتى حرة اعملى اللى تعمليه
جلست "إيمان" ممسكة بطبقها أمام التلفاز وهى تجبر نفسها على شرب هذا السائل ذو الرائحة القوية

*************************************
نظرت "أسماء" من العين السحرية لتجد "آيات" واقفة أمام الباب .. ترددت قليلاً قبل أن تفتح لها .. نظرت "آيات" اليها بحزن .. فبادلتها "أسماء" بنظرة عتاب .. دخلت "آيات" وأغلقت الباب قائله بحزم :
- بصى وقبل ما تقولى أى حاجة .. حقك عليا .. أنا غلطت فعلاً وقولتلك كلما صعب .. اعملى فيا بأه اللى انتى عايزاه بس مش ماشية من هنا غير لما تقوليلى انك صالحتيني
ابتسمت "أسماء" ونظرت اليها بعتاب قائله :
- يعني لو قولتلك مش هصالحك مش هتمشى وهتفضلى أعده هنا على طول
ابتسمت "آيات" قائله :
- أيوة
قالت "أسماء" بلؤم :
- طيب مش هصالحك .. عشان تفضلى معايا هنا على طول
عانقتها "آيات" قائله :
- متزعليش منى يا "سمسم" والله بحبك أوى ومقدرش أستغنى عنك خالص
فى تلك اللحظة تعالت أصوات أبوى "أسماء" بالصراخ ودخلا فى احدى شجاراتهما .. فصرخت "أسماء" فيهما :
- اقفلوا عليكوا الباب فى ناس هنا
نظرت "آيات" اليها بحزن .. فقالت "أسماء" بضيق :
- "آيات" امشى دلوقتى
أومات "آيات" برأسها وقد تعالت حدة أصواتهما .. أغلقت "أسماء" باب غرفتها عليها ونامت على فراشها تضع فوق رأسها وسادة تكتم بها تلك الأصوات التى تمنت أن تخرس للأبــد

**************************************
جلست "آيات" فى حجرة المعيشة تضع اللاب توب فوق قدميها وهى تنظر الى صورة "آدم" التى تحتفظ بها على حاسوبها .. قفز قلبها فرحاً عندما وجدت اتصالاً من "آدم" ردت قائله :
- ألو
قال "آدم" والذى كان جالساً أمام حاسوبه :
- ازيك يا حبيبتى عاملة ايه
قالت بهدوء :
- الحمد لله ازيك انت
قال بلامبالاة :
- الحمدلله .. بتعملى ايه
ابتسمت وهى تقول :
- أعدة بتفرج على صورتك
ابتسم بسخرية وهو يقول :
- فرحتيني
اتسعت ابتسامتها وهى تقول :
- لما بحس انك وحشنى ببص للصورة عشان أحس انك معايا
قال "آدم" بلامبالة :
- وأنا كمان عايز صورة ليكي عشان لما تكونى مش معايا أبصلها وأحس انك معايا
قالت بلهفه :
- طيب استنى هبعتلك صورة دلوقتى
قال "ببرود" :
- ماشى يا حبيبتى
أخذت "آيات" تنظر الى عشرات الصور التى تحتفظ بها فى حاسوبها ثم قالت :
- محتارة .. مش عارفه أبعتلك أنهى صورة
صمت "آدم" وقد انشغل بالحديث مع "ساندى" عبر الفيس بوك .. قالت "آيات" وهى تنظر الى الصور :
- انت شكلك مبتحبش الميك آب .. أبعتلك صورة من غير ميك آب ؟
قال "آدم" وتركيزه مع "ساندى" :
- ابعتى اللى تحبيها وأكيد هتعجبنى
ابتسمت "آيات" وهى ترسل الصورة وقالت :
- خلاص بعتها
صمتت قليلاً ثم قالت :
- انت مشغول ولا ايه
قال "آدم" بسرعة :
- لا أبداً برد على واحد صحبى مسافر
قالت "آيات" بحزن :
- طيب شوفتها
قال كاذباً :
- أيوة شوفتها .. زى القمر يا حبيبتى
عقدت "آيات" ما بين حاجبيها وقد شعرت ببروده .. فقلت بهدوء :
- طيب يا "آدم" أنا هقفل دلوقتى عشان تتكلم مع صاحبك براحتك
قال "آدم" بسرعة :
- لا يا حبيبتى أنا معاكى خلاص
قالت بهدوء :
- أنا أصلاً هنام دلوقتى .. خلى بالك من نفسك ومتسهرش كتير عشان محاضرة بكرة .. تصبح على خير
- تصبحى على خير
قبل أن تغلق قال "آدم" :
- "آيات" .. بحبك أوى
ابتسمت قائله :
- وأنا كمان بحبك أوى .. باى
أنهت "آيات" المكالمة وهى تشعر بالحزن .. أحياناً تشعر بقرب "آدم" منها وبحبه الكبير لها .. وأحياناً تشعر به بعيداً غريباً بارداً .. اعترفت لنفسها بأنها حتى الآن لم تستطع فهمه .. اعترفت لنفسها بأنها تشعر بشئ غريب فى قلبها .. شئ يقلقها ويشعرها بالخوف .. شئ يجعلها تفتقد جزءاً من شعورها بالأمان .. شئ القلق ملازماً لها .. تمنت أن تستطيع فهمه .. وأن تستطيع احتوائه .. وأن تستطيع أن تجعله لا يقوى على فراقها .. ولا يتمنى إلا قربها

****************************************

أنهى "آدم" محادثته مع "ساندى" وأغلق حاسوبه وخرج يبحث عن أمه اقترب من غرفتها ليجدها ساجدة على الأرض فوق سجادة الصلاة .. سمع همهمتها وصوت نحيبها .. جفل قلبه لمرآها هكذا .. نظر اليها بحزن لأنه يعلم جيداً بأنه سبب بكائها .. وكأنه لا يطيق النظر اليها أكثر عاد الى غرفته مرة أخرى وآوى الى فراشه وهو ينظر الى سقف الغرفة .. دقائق بعدها امتدت يده الى أحد أدراج الكمودينو ليخرج منه بعض الصور .. أخذ يتأمل صوره مع والدته منذ بضع سنوات .. وتلك الإبتسامة الساحرة التى تملأ وجهه .. تأمل ابتسامة والدته الحانية وهو يشعر وكأنها تضفى عليه المزيد من الحزن والألم .. نظر الى صورة أخرى على أحد المكاتب الفاخرة وهو يبتسم بسعادة للمصور .. وصورة تجمعه بـ "زياد" صديقه فى أحد الأماكن والتى تبدو بأنها يُعاد بناؤها أو ترميمها .. أعاد الصور مكانها وتحولت نظراته من الحزن الى القسوة .. وتمتم بصوت منخفض :
- مش هسيبك غير لما أرجع حقى منك يا "سراج" الـتيييييييييت و أربيك انت وابنك
أغمض عينيه وبداخل رأسه صورة لـ "سراج" تجمعه بإبنه .. "عاصي"

************************************
توقفت سيارة "آدم" أمام الفيلا .. ركبت "آيات" قائله بإبتسامة :
- معلش اتأخرت عليك
ابتسم قائلاً :
- عادتك ولا هتشتريها
ضحكت بعذوبه قائله :
- بأه كده يا "آدم" ماشى
انطلق فى طريقه فقالت له :
- حبيبى فى مكان عايزه أروحه الأول
قال لها :
- فين ؟
قالت "آيات" :
- هوصفلك الطرق
طلبت من "آدم" التوقف أمام أحد فروع جمعية رسالة .. نظر "آدم" الى المنطقة السكنية حوله .. فقالت له "آيات" :
- مش هتأخر عليك هسلم بس حاجة وأرجع على طول
رآها "آدم" تتوجه الى داخل الجمعية فشعر بالدهشة .. انتظرها حتى عادت وركبت بجواره .. سألها بإستغراب :
- كنتى بتعملى ايه هنا ؟
قالت "آيات" بشئ من التردد :
- أنا مشتركة فى الجميعة
قال "آدم" وهو يفرس فيها :
- مشتركة فيها ازاى يعني ؟
قالت "آيات" :
- بكتب الكتب على الكمبيوتر وبجيبهالهم على سي دي وهما بيحولوها لطريقة برايل عشان الناس اللى فقدوا بصرهم يعرفوا يقروها ويستفيدوا منها
شعر "آدم" بالدهشة وهو يستمع اليها .. أدار المحرك وسار فى طريقه دون أن يتحدث اليها .. توقف أمام أحد المطاعم ونزلا معاً .. جلست "آيات" على المقعد المجاور له وانتظرا احضار النادل لما طلبا .. قالت له "آيات" وهى شارده :
- تعرف يا "آدم" ساعات بحس اننا محظوظين أوى .. ربنا ادانا حاجات كتير حلوة وفى ناس كتير أوى محرومة منها
نظر "آدم" اليها وكأنها يحاول استكشافها .. أكملت دون أن تنظر اليه :
- ربنا خد منى ماما الله يرحمها .. ودى حاجة صعبة أوى انى أتحرم منها ومن حضنها .. بس ربنا عوضنى بأب حنين أوى .. بيحبنى وبيخاف عليا .. بس فى ناس ربنا حرمها من الاتنين من الأب ومن الأم .. أو بيكونوا عايشين بس مش حنينين وطيبين
ظل ينظر اليها صامتاً .. فنظرت اليه قائله بحزن :
- واحدة صحبتى كده .. باباها ومامتها عايشين بس مش حنينين عليها .. مش بيعرفوا يتفاهموا معاها ولا بيعرفوا يتفاهموا مع بعض على طول خناق وزعيق .. بتصعب عليا أوى
وجدت "آدم" صامتاً فقالت بسرعة وهى ترسم ابتسامة على شفتيها :
- معلش صدعتك بكلامى .. عارفه انك مبتحبش تتكلم فى المشاكل
نظرت أمامها تتطلع الى المنظر الذى يطل عليه المطعم .. أما "آدم" فإستمر فى تفرسه فيها .. ومشاعر كثيرة متناقضة تتصارع بداخله .. فكر أنه بعد أقل من اسبوعين سيكشف أوراقه .. وسيخبر "آيات" بالحقيقة وبالسبب الذى دفعه لخطبتها ولكتب كتابها .. رغماً عنه قفز الى رأسه سؤالاَ .. تُرى ماذا سيكون شعورها وقتها ؟ .. ماذا ستشعر بعدما تعلم أنها كانت جزء من خطته للنيل من عمها وابتزازه ؟ .. ماذا ستشعر بعد أن تعلم أنه ما تقرب إليها إلا من أجل استعادة حقه المسلوب ؟ .. زفر بضيق وهو ينظر اليها بغضب .. أراد أن يصرخ فيها .. لماذا أنت طيبة هكذا ؟ .. لماذا أنتِ صادقة هكذا ؟ .. لماذا لا تكونين مثل "ساندى" و مثل "بوسي" ومثل باقى الفتيات من طبقتك ؟ .. لماذا لا تكونين مانيكان للعرض مثلهن .. لماذا تلك البراءة التى لم تستطيعي اخفاءها جيداً خلف مكياجك وملابسك المثيرة ؟ .. لماذا أحببتيني لهذه الدرجة ؟ .. لماذا لا تكونين كعشرات الفتيات اللاتى ينجذبن الى وسامتى وعملى وثرائي دون الإهتمام بما أحب وبما أكره ؟ .. لماذا تتسللين الى داخل عقلي لتكتشفيه ؟ .. لماذا لا تكتفين بما أظهره لكِ ؟ .. لماذا تريدين المزيد ؟
.. لماذا لا تتركيني وشأنى لأكمل خطتى كما خططت ؟!
حانت من "آيات" التفاته اليه لترى علامات الضيق على وجهه ..فقالت بلهفة :
- "آدم" فى حاجة مضايقاك ؟
زفر بضيق قائلاً وهو يحاول التصرف بطريقة طبيعية :
- شوية مشاكل فى الشغل متشغليش بالك
ابتسمت له ونظرت فى عينيه قائله :
- معلش يا حبيبى بس انت ان شاء الله هتقدر تحلها .. معلش مفيش شغل مفيش فيه مشاكل .. متضايقش نفسك
تطلع اليها للحظة ثم أبعد عيناه عنها وهو يشعر بذلك الشئ يعود ليجثم على صدره مرة أخرى

طلب "آدم" من "آيات" الإنتظار أمام المطعم حتى يحضر سيارته التى صفها على بعد عدة شوارع بسبب زحمة السير .. سمعت "آيات" ضحكات لشابين بالقرب منها فلم تلتفت اليهما سمعت أحد الشابين يتجرأ عليها بالكلام بكلماته المبتذلة .. التفتت ونظرت اليه نظرة محذرة إلا أن الفتى وجد فيها دافعاً ليزيد من مضايقتها .. شعرت بالحنق وهى يميناً ويساراً وهى تقول فى نفسها :
- انت فين يا "آدم"
اقترب الشاب منها فالتفتت اليه تقول بحده :
- احترم نفسك خطيبي جاى دلوقتى ولو شافك هيبهدلك
قال الشاب بمياعه :
- يا خسارة هو القمر مخطوب .. ينفع كده يعني تكسر قلبي ده دبت فيك خلاص يا جميل
قالت بغضب وهى تبتعد خطوة للخلف :
- قولتلك احترم نفسك
قال الشاب مبتسماً :
- أحبك وانت متعصب .. هو فى كده .. حتى وانت متعصب زى القمر
توقف "آدم" بسيارته أمام "آيات" التى لاحظ علامات الخوف على وجهها واقتراب الشاب منها .. بمجرد أن رأت "آيات" سيارة "آدم" توجهت اليها مسرعة وركبت ورمقت الفتى بنظرة غاضبة فتجرأ الشاب وأرسل لها قبلة فى الهواء تحت مرئى من "آدم" .. انطلق "آدم" بسيارته يشق طريقه بين السيارات .. كنت تلهث وكأنها كانت تجرى .. نظر اليها ليجد جبينها المعقود و نظراتها الغاضبة .. قال وهو يتظاهر بأنه لم ينتبه لما حدث :
- فى حاجة ؟
أخذت نفساً عميقاً وحاولت الابتسام وهى تنظر له قائله :
- لا يا حبيبى مفيش حاجة
ثم التفتت لتنظر من الشباك المجاور لها وقد عقدت حاجبيها مرة أخرى وتبدلت نظرة الغضب الى نظرة حزن .. لم يكن ضيقها بسبب الشاب الذى ضايقها فحسب .. بل بسبب "آدم" الذى لم يهب لنجدتها أو لتلقين الفتى درساً .. تنبهت "آيات" جيداً لنظرات "آدم" التى رأت ووعت ما يحدث .. ومع ذلك لم يحرك ساكناً وكأنها لا تخصه .. وكأنها ليست خطيبته وحبيبته وكرامتها من كرامته .. وكأنها لن تصبح بعد عدة أيام زوجته وعرضه .. شعرت بالحزن فى قلبها .. تُرى ألا يغار عليها الى هذا الحد ؟ .. اى رجل فى مكانه كان تصرفه سيكون مختلفاً .. كان سيثور ويغضب ولربما تشاجر مع الفتى من أجلها .. لماذا حتى لا يطيب خاطرها بكلمة .. لماذا يتظاهر بأنه لم يرى ما حدث .
راقب "آدم" تعبيرات وجهها .. تنهد فى ضيق .. شعر بالإختناق .. شعر بأنه لم يعد يتحمل تلك الأيام التى تفصله عن يوم كتب الكتاب .. لتنتهى لعبته

************************************
عادت "آيات" الى منزلها لتلقى بنفسها على فراشها حزينة دامعة العينين .. قال لها "آدم" قبل أن تخرج من السيارة :
- بحبك يا "آيات"
ولأول مرة تمسع منه تلك الكلمة دون أن يقفز قلبها فرحاً .. شعرت بشئ يسلب فرحتها بها .. شعرت بها وكأنه يقولها لأنه يجب أن يقولها .. شعرت وكأنها كلمة ألقاها لسانه دون أن يمررها على قلبه .. أخذت تتسائل .. تُرى أيحبنى بالفعل ؟ .. لماذا إذن أشعر بالخوف والقلق والحيرة من نظرات عينيه ونبرات صوته .. تُرى أندم على ارتباطه بى .. أيرانى غير مناسبة له .. أيخشى من جرح مشاعرى برفضه اياى .. أمسكت هاتفها تنهدت بعمق ثم اتصلت بـ "آدم" .
كان "آدم" واقفاً يستند على سيارته وينظر الى أضواء القاهرة من فوق جبل المقطم عندما وجد اتصالاً من "آيات" رد قائلاً :
- أيوة يا "آيات"
قالت "آيات" بسرعة وكأنها تخشى هروب الكلمات منها :
- "آدم" .. انا عايزة أقولك حاجة واسمعنى للآخر ومتردش غير لما أقولك .. ماشى
صمت "آدم" فقالت بصوت مضطرب :
- "آدم" أنا عمرى ما حبيت حد .. ولا عمرى حسيت بحاجة ناحية أى ولد غير المشاعر العبيطة اللى أى بنت بتحسها فى ثانوي .. بس عمرى ما شاورت على راجل واتمنيت انه يكون جوزى
صمتت قليلاً ثم قالت بأعين دامعة :
- انت أول واحد أحس نحيته بكده .. أول واحد أقول هو ده الراجل اللى نفسي يكون جوزى .. ونفسى أعيش معاه فى بيت واحد .. ونفسي يحبنى زى ما بحبه .. انت كبرت أوى فى نظرى لما دافعت عنى يوم ما سواق التاكسى كان بيزعقلى .. احترمتك أوى وحسيتك راجل أوى وعشان كده حسيت انى معجبة بيك .. ولما شوفتك السنة دى معرفش احساسى ده كبر .. ولما اتقدمتلى كنت طايره من الفرح وبجد حبيتك أوى يا "آدم" لانى شوفت فيك كل اللى كنت بتمناه فى فارس أحلامى
كان "آدم" يستمع اليها فى وجوم .. فأكملت بصوت باكى :
- بس لو انت حاسس ان مش أنا فتاة أحلامك .. وانك ندمت ومش عايز تكمل .. قولى يا "آدم" .. متخفش أنا هتفهم ده لانى عارفه ان مينفعش نكمل مع بعض لو واحد فينا مش متقبل التانى وخايف يقوله كده عشان ميجرحوش
تساقطت العبرات من عينيها وقالت بصوت مرتجف :
- أنا عارفه ان ده هيكون صعب عليا بس ده أحسن عندى مليون مرة من انى اكتشفت بعدين انك اتجوزتنى عشان متجرحنيش .. "آدم" فى اللحظة اللى أنا بكلمك فيها دلوقتى أنا مستعدة أسمع منك كلمة مش عايزك يا "آيات" .. لو انت حاسسها قولها دلوقتى .. لأنك لو أجلتها أنا معرفش ساعتها هقدر أتحملها ولا لاء
أغمض "آدم" عينيه وهو محتفظاً يصمته .. فأكملت بصوت مرتجف والعبرات تتساقط على وجنتيها :
- "آدم" خليك صريح معايا .. لو مش عايزنى وندمت قولى دلوقتى وأنا هقول لبابا ان مفيش نصيب ده لو انت خايف تتكلم مع بابا .. ولو خايف عليا متخفش أنا فاهمة ان الخطوبة بتبقى فترة للتعارف وعشان كل واحد يقدر يشوف هو ده الانسان اللى يتمناه ولا لاء .. يعنى أنا هعذرك ومش هضايق منك يا "آدم"
صمتت "آيات" وهى تحاول السيطرة نفسها ومسح عبراتها التى أغرقت وجنتيها .. قاتل "آيات" بصوت حاولت أن يبدو طبيعياً :
- "آدم" أنا خلصت ومستنية ردك .. حابب تكمل معايا ولا لاء ؟
صمت "آدم" .. وظهرت الحيرة فى عينيه .. والأسى على وجهه .. طال صمته .. فحثته "آيات" قائله والدموه تبلل عينيها من جديد :
- أنا حسه بيها بس عايزة أسمعها منك عشان أفضل فكراها .. عشان تنسيني كل الكلام الحلو اللى سمعته منك قبل كده
صمت فقالت بحده :
- "آدم" رد عليا .. قولتك خلاص أنا فهمت .. بس عايزة أسمعها .. قولها وخلاص وهقفل بعدها ومش هضايقك تانى .. انت عايز تكمل معايا ولا لاء ؟
عض "آدم" على شفتيه بقوة .. وتنهد بقوة ثم أغمض عينيه قائلاً :
- أيوة عايز أكمل معاكى
شعرت "آيات" بالدهشة فلم تكن تلك الإجابة التى شعرت بأنها على طرف لسانه .. قالت "آيات" :
- بجد يا "آدم" .. يعني مش ندمان ؟
قال "آدم" بهدوء وهو يبلع ريقه بصعوبه :
- لا مش ندمان
تنهدت "آيات" بإرتياح وضحكت وسط دموعها قائله :
- حسه انى بحلم .. مكنتش متوقعة انك تقولى كده
اتسعت ابتسامتها وهى تمسح دموعها قائله :
- الحمد لله .. كنت خايفه أوى .. كده ارتحت
لكن شعور "آدم" كان أبعد ما يكون عن الراحة .. ظل يستمع الى السعادة فى نبرات صوتها وكل كلمة تشعره بسواد قلبه أكثر فأكثر .. قالت "آيات" :
- شكلك بره مش كده ؟
تمتم :
- أيوة
قالت "آيات" مبتسمه :
- طيب يا حبيبى متتأخرش ولما تروح طمنى عليك مش هنام إلا لما تتصل
تمتم "آدم" :
- لا نامى يمكن أتأخر
ابتسمت قائله بحنان :
- مش هعرف أنام الا لما أطمن انك فى البيت .. خلى بالك من نفسك
قال "آدم" بخفوت :
- مع السلامة
قالت "آيات" قبل ان يغلق :
- بحبك أوى
صمت "آدم" للحظات .. ثم قال بصوت مضطرب :
- وأنا كمان
ابتسمت وأنهت المحادثة وهى تتنهد فى راحة
أما "آدم" فأخذ ينظر الى الفراغ الشاسع أمامه .. وهو يسمع كلماتها تتردد فى أذنيه .. تشعره بالحيرة والأسى
عاد الى بيته واتصل بها يخبرها بوصوله .. بدل ملابسه وتوجه الى فراشه .. ظل ينظر الى سقف الغرفة .. ثم فجأة قام وتوجه الى حاسوبه وفتح رسالة "آيات" والتى أرفقت بها صورتها والتى لم يفتحها بعد .. ظل ينتظر تحميل الصورة وهو لا يعرف لما أراد رؤيتها .. ظلت أصابعه تطرق على الماوس بعصبيه .. الى أن ظهرت الصورة .. اختارت صورة بدون أى زينه .. وابتسامتها العذبه تنير وجهها .. ظل يتأمل ملامحها بإهتمام .. نظر الى عينيها وتذكر أخر كلماتها : بحبك يا "آدم" .. شعر فى تلك اللحظة بالخوف .. الخوف الشديد .. سيطر شعور الخوف عليه وأخذ فى التزايد فأغلق حاسوبه بسرعة لتختفى صورتها من أمام عيناه .



لامارا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:38 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.