جدائلكِ في حلمي (3) .. *مميزة و مكتملة* سلسلة قوارير العطّار

[عراقيه وبس والباقي خس]

تسجيييل حضووور ^^

[كاردينيا الغوازي]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يسعد مساؤكم جميعا ...
نبدا بالفصل الاول
اتمنى من الجميع المشاركة والتعليق
اريد حماس مضاعف عن حماس المقدمة
ربنا يسعدكم افرحوا قلبي انا محتاجة فعلا افرفش
احم .. انا شريرة شوي بالاحداث فتحملوني
ولاتستعجلوا الحكم على شي فما زال هناك المزيد
لكن اكيد حكون جدا سعيدة بتفاعلكم وافكاركم ..
ولاتنسوني باللايكات اذا اعجبكم الفصل طبعا

ممنونة من الكل

بسم الله نبدأ مع الفصل الاول

[كاردينيا الغوازي]

الفصل الاول

اهتم باناقة هندامه كعادته ... بلوزة صوفيه مرتفعة العنق بيضاء بشكل شاحب ومعرقة بخيطان قصيرة متعرجة متناثرة عشوائيا و بلون رمادي يجانس لون بنطاله الكتاني..

عطر مسكي اهداه له رضا ثم ساعة يده الفضية لتكتمل هيئته الانيقة التي هذبت بعضا من خشونة تعابيره ..

بعد ربع ساعة كان عبد الرحمن يجلس القرفصاء امام اطار سيارته الخلفي ينظر باحباط لشكله الذي بات مفلطحا وقد فرغ من الهواء حتى اخره تقريبا بينما يفكر ببداية نهاره السيئة هذه !

هل عليه حقا تبديل الاطار ..الان ؟!

شتم بهمس وهو ينظر لملابسه وقد كان على اتم الاستعداد للذهاب لعمله في الجامعة ..

صوت اقتراب خطوات من باب المرآب جذب انتباهه وقبل ان يقف على قدميه أطلت كف انثوية من بين الفتحات العليا لزخرفة الباب الحديدي الابيض ..

يعبس وهو يضيق عينيه وقلبه يخفق رغما عنه وتلك الكف بذراعها الرشيق تتدلى اكثر واكثر حتى تصل عتلة الباب من الداخل وتفتحه !

هكذا بكل بساطة و ... وقاحة !

تحرك بخفة وسرعة مع انفتاح الباب ليقف بشكل مباغت في وجه الدخيلة الوقحة التي كانت تخطو للداخل دون استئذان ...

شهقتها المتفاجئة وهي ترفع نظرات عينيها العسليتين اليه ثم ارتباكها الشديد وهي تضع يدها اعلى صدرها حيث تربط طرفي حجابها بعقدة انيقة مميزة يعلوها دبوس ذهبي على شكل ورقة شجرة ..

ردود افعالها هذه ارضت جانبا قاسيا فيه يرغب بشدة ان يجد متنفسا فيها هي تحديدا..

تمتمت وهي تستعيد بعض رباطة جاشها

" صباح الخير عبد الرحمن .."

صك اسنانه بعنف بينما قلبه يخفق بعنف من نوع آخر ...

قال اخيرا ببرود شرس متجاهلا رد تحيتها

" الا يفترض يا رباب ان تعرفي في عمرك هذا ضرورة طرق الابواب والاستئذان قبل دخول بيوت الناس ؟"

شحبت بشرتها الحليبية وبدى لون حجابها المشمشي عاجزا عن منحها دعماً ليبعث في شحوبها بعض الحيوية ..

للحظة فقط داهمه شعور الندم الخانق قبل ان يستعيد ذخيرته من القسوة مع استعادتها لتعابير السيطرة والتحكم فترفع حاجبيها قائلة ببرود مستفز

" اخذت الاذن من كبير هذا البيت .. اخاك رضا .. و زوج اختي اسيا ان كنت نسيت .. فهل يرضيك هذا ويجعلك تسمح لي بالمرور بدلا من ان تقف في وجهي هكذا ...؟!"

بجفنين شبه مرخيين يرد لها التحدي البارد بصمت مطبق وابتسامة صغيرة مستهينة ..

يتلكا قليلا وعن عمد يتأخر وهو يزيح جسده الضخم ليستدير اخيرا موليا اياها ظهره ثم بتجاهل كامل يتحرك عائدا ناحية سيارته وهو يصفر !

لم يغفل عنها وهو يتركها تحث خطواتها (المعتدة) ناحية السلم اللولبي المؤدي لجزء البيت العلوي المخصص لرضا واسيا وولديهما...

ترتقي درجات السلم وعيناه تدققان النظر بتركيز وتقييم عابس لبلوزتها المشمشية كلون حجابها .. فضفاضة.. طويلة تكاد تصل مستوى ركبتيها فوق بنطال بني مستعرض القصات يرف حول كاحليها..

دوما تختار ما يبرز قامتها الرشيقة لتبدو اكثر طولا وجاذبية ..

ترى هل تحاول اثار ة اعجاب احدهم في شركتها السخيفة ؟!

هل ستجد من .. يملأ عينيها ؟!

امواج جليدية تتكسر على شاطئ قلبه وتشققه بحوافها المثلمة ...

" عبد الرحمن ..."

مع نداء اخيه حذيفة من عند باب المطبخ المطل على المرآب انتفض عبد الرحمن من تلك الجروح التي تعّلم على قلبه وتنكئ جروحا قديمة ...

بواجهة هادئة رد على حذيفة وهو يقترب منه

" صباح الخير حذيفة .."






يتبع ....

[كاردينيا الغوازي]

ابتسامة حيرى مشاغبة داعبت ثغر حذيفة ثم سأل بتسلية " هل تحتاج .. مساعدة ؟"

رد عبد الرحمن ابتسامة اخيه وهو يتطلع لملابسه البسيطة القديمة التي يخصصها للمعمل فيقول " هل بامكانك اعفائي من تغيير ملابسي ومساعدتي في تغيير اطار السيارة المثقوب ؟"

رأس حذيفة تحرك بشكل جانبي للاعلى متطلعا للسلم اللولبي في الحديقة الامامية ثم يحرك حاجبيه ليقول مدعيا البراءة

" ان كان هذا ما يزعج .. صباحك .. فلا مانع من ان ادللك يا ابن الحاج عقيل ..."

اجفل الاثنان من صوت امهما وهي تردد بحنق وتذمر " اين ذهبت خلود وتركتني انتظر ؟! قالت ستحضر لي شايا اخر قبل ان تذهب لعملها .. هل تتناساني الآن ؟... هذه الفتاة اصبحت مغرورة ولاتراعيني كما يجب .. هل تستغل كوني لم أعد بقوتي كما السابق فتقلل من احترامها لي ؟ "

اخفى عبد الرحمن ابتسامته بينما يتوعده حذيفة بصمت قبل ان يلتفت لامه فيراضيها ويسترضيها وهو ينحني ليقبل يدها قائلا باحتيال " ما عاش من يقلل احترامك .. لقد اربكتها سوسو لانها اضاعت كتاب العلوم فساعدتها خلود حتى وجدته ثم خرجتا راكضتين لتلحقا بالباص .. "

بدت الحاجة سعاد عابسة كطفلة غير راضية رغم كل هذه المراضاة ليستمر حذيفة بمحاولاته وهو يلفها بذراعه ويضيف

" سأحضر لك الشاي بنفسي يا ام حذيفة .. فقط دعيني اساعد صغيرك مع اطاره المثقوب فلا نريد ان نفسد اناقته امام طالباته المفتونات .."

مطّت الحاجة سعاد فمها يمينا وشمالا بينما تتأرجح على عكازها بجسدها الممتلئ لتقول وهي تمصمص شفتيها " انت ايضا لديك عملك فكيف تخرج خلود قبلك.. هه .. عشنا لنرى النساء يسبقن خروج الرجال للعمل..! قلت لك منذ البداية عملها سيلهيها عن رعايتك انت وابنتك .. الا يكفي انها .."

بحزم خاص اوقف حذيفة استرسال امه في احدى نوبات نقمها المعتادة ليقول ببعض البشاشة " لاتبدين مرتاحة هذا الصباح .. فليحترق الإطار المثقوب .. تعالي معي لنتشارك فطورا ثانيا .. ما زال بي شهية لآكل المزيد لكن من يديك انت هذه المرة يا اغلى الناس .."

تراخت ملامح الحاجة سعاد فيضيف حذيفة ممازحا وهو يغمز ناحية عبد الرحمن المبتسم " انظري للمدلل كيف يغار لانك تفضلين صحبتي عليه ..؟! "

تضحك الحاجة سعاد وهي تتكئ على صدر ولدها مدعية تعبا مضاعفا عن حقيقته فيلتفت حذيفة لاخيه قائلا

" إلحق بمحسن قبل خروجه سيوصلك معه.."

هز عبد الرحمن رأسه موافقا وهو ينظر لساعة يده ثم استدار ليتحرك عبر المرآب ويخرج من بابه الحديدي مغلقا اياه خلفه فترتفع عيناه تلقائيا ناحية الشباك العلوي حيث نهاية السلم اللولبي فـ.. يراها ..



يتبع ..............

[كاردينيا الغوازي]

تقف هناك تحمل الصغير كاظم بين ذراعيها وتضاحكه.. احنى عبد الرحمن رأسه واحساس مألوف وقاس كالأدمان يعتصر قلبه ويوجعه حتى الصميم...

عابس الوجه مستغرق بالتفكير يسير بخطواته على الرصيف متوجها تلقائيا حتى يصل البيت المجاور الملاصق لبيت (عقيل الصائغ) .. انه البيت الصغير الذي انتقل اليه محسن حديثا مع عائلته بعد ان اشتراه من اصحابه المهاجرين ..

ولحسن الحظ لحق بمحسن قبل خروجه ...

فركب معه بصمت بينما محسن يتولى الثرثرة طوال الطريق ولاكلام له الا عن ابنته منة ..

تسمعه يسعل بخفوت وهي تحمل عباءته من الجانبين مقتربة منه من الخلف ثم ترتفع بكاحليها لتشرأب بقامتها وتضع العباءة على كتفيه وهي تسأل

" هل اكملت شرب منقوع الاعشاب .."

يلتفت رضا برأسه للخلف يناظرها من فوق كتفه الايمن بابتسامته الذائبة الخاصة ثم يميل ليلثم بشفتيه ظاهر يدها قائلا بنبرة رجولة فياضة

" حتى آخر قطرة يا عطارتي.. لاحرمني الله من تدليلك لي يا اميرة البنات.."

تتضاحك اسيا وهي تطبع قبلة رقيقة على كتفه قبل ان تبتعد وهي تلملم شعرها الطويل المبعثر قائلة

" لم يعد يليق بي اميرة البنات يا رضا .. لي ولدان اسمهما وحده يهز مسامع الرجال .."

تجلس على كرسيها الخاص امام منضدة الزينة تطالع وجهه عبر المرآة فتراه ما زال يبتسم تلك الابتسامة الخاصة فتتورد طواعية ..

قليل الكلام رائق الطباع مهما كانت حالته..

وان تكلم يتغزل حتى وهو لايقصد الغزل ..

كلما مرّ عام يلحقه عام أدركت اسيا اي نعمة خبأها الله لها بزواجها من رضا ...

رأته يقترب بتلك الابتسامة ثم يمد كفيه ليفك عقدة شعرها برفق ينثره برقة بطريقة ما تشعرها برجولته بينما يسبل اهدابه وهو يقول اخيرا

" من تملك تورد حيائك ستظل اميرة لكل البنات حتى تشيخ ويغدو صغارها رجالا اشداء "

كان يمسد خصلات شعرها فتسترخي تلقائيا وهي تبتسم بخديها المتوردين فتسمعه يسألها

" هل حضرت رباب ؟"

ردت وهي تطالع انعكاس صورته امامها

" نعم .. حضرت عندما كنت تأخذ حمامك.. انها تلاعب كاظم في الصالة .."

ترك خصلات شعرها تنساب من بين اصابعه قبل ان يتحرك مبتعدا وهو يقول

" اذن لقد اخرتها كثيرا معي .."

تحركت هي الاخرى لتقف على قدميها بينما تراه يتوجه لباب الغرفة فتناديه بتردد

" رضا ..."

يلتفت نحوها فتجد نفسها تحدق بتجاعيد وجهه التي تكاثرت باكرا والشيب الذي غزا شعره حتى بات فضيا فيتلهف قلبها بل ويتوجع..

انه لايشتكي ابدا ولايمل حمل المزيد ...

قالت اخيرا " رباب تستطيع تدبر امرها بنفسها.. لست مجبرا لاخذها بنفسك لمحلات الصاغة في السوق الكبير .."

عيناه باتتا محجوبتين عن القراءة بينما يرد عليها " وهل اتركها تلف في الاسواق هنا وهناك بمفردها ؟! تلك الاسواق لم تعد آمنة كما السابق وفتاة شابة حتى وان كانت محجبة فهي عرضة للتحرش دائما.."

اقتربت خطوتين لتفصح عما يقض مضجعها

" انا لااريد ان .. ازعج عبد الرحمن .."

طالت نظراته نحوها قبل ان يقول بهدوء

" رباب تخصني كعبد الرحمن .. وهو رجل بما فيه الكفاية ليدرك هذا ويتفهمه .. وان لم يتفهمه فستكون مشكلته الخاصة لا مشكلتي او مشكلة رباب .."

للحظة صمتت اسيا لتقول بعدها بعينين لامعتين " حفظك الله لنا يا ابا جعفر.."

تبسم قبل ان يمد يده ليفتح الباب ..

تتنهد اسيا وهي تعاود لملمة شعرها بينما تتمتم لنفسها بحيرة حزينة

" فقط لو اعرف لماذا يا رباب..لماذا ؟!"



يتبع ...........

[كاردينيا الغوازي]

يقود رضا سيارته بصمت بينما تبدو اخت زوجته اكثر صمتا منه ...

رباب الصغيرة التي تعرف اهدافها باكرا ..

نشيطة مبهجة .. تلتقط كل ما هو جميل حولها وتضع لمستها عليه لتبرزه بطريقتها ...

فنانة بالفطرة وخلاقة مبدعة ...

موهبتها مختلفة عن موهبة حبيبة التي تميل للناحية الفنية البحته اكثر ...

فرباب اكثر عملية ومنظمة وتجيد الانتاج عبر موهبتها .. حتى انها صنعت لنفسها سمعة طيبة في مجال تصميم الازياء الاسلامية تحديدا وقد ابهرت الجميع على مستوى الجامعة حيث كانت تدرس ادارة الاعمال ثم اشتراكها في دورات تعلم تصميم الازياء بشكل حرفي فيما بعد...

ظاهريا فقط ... رباب شخصية واضحة !

لكنها في الواقع هي فتاة غامضة مغلقة تماما فيما يخص انفعالاتها الداخلية التي لاتظهر منها الا ما تريده هي ...

حتى اسيا لم تستطع الوصول لذلك الجزء المخفي من اختها بحرص شديد!

تساءل رضا في سره ببعض الحيرة

"ما الذي تخفينه عنا جميعا يا رباب العطار؟!"

لم يكن الامر بسبب موضوع عبد الرحمن فقط الذي اثار حيرته وحيرة اسيا وسخط ونقمة عبد الرحمن ..

الامر ان ... الفتاة فاجأته حقا ولم يتوقع ما حصل .. بل وإصرارها على كتمانه عن باقي العائلة ..

وجد نفسه يسأل فجأة بعيدا عن افكاره

" متى ستعود حبيبة ؟ احاول مكالمة يحيى منذ يومين ولا اصل اليه .."

بدت له رباب للحظة وكأنها أجفلت ..

وكأنها كانت غارقة هي الاخرى بافكارها الخاصة المحجوبة ..

قالت وهي ترسم ابتسامة حلوة

" كلمتها ليلة الامس .. قالت اسبوع اخر وستكون في الوطن ان شاء الله .."

تطلع اليها رضا للحظات قبل ان يسأل

" هل هي جدية بمشاركتك مشروعك ؟"

ردت ببهجة تجعل عينيها تتألقان

" اجل .. انها متحمسة جدا لتكون جزءا من دار العطّار للازياء .."

ثم اضافت بمزيد من البهجة غافلة عن نظرات رضا المتفحصة

" هل تعلم ان يحيى ايضا سيدخل شريكا ؟ بالمال والمجهود .. سيستلم الادارة .."

تمتم رضا وهو يعود باهتمامه للقيادة " حقا ؟"

ردت بحبور وشعور واضح بالراحة

" نعم .. وانا سعيدة للغاية بقراره .. انا احتاج لدعم اداري ويد حازمة خبيرة توجهني حتى لا اتوه .. ما زلت في بداية الطريق والتطبيق العملي لما درسته في الجامعة مختلف تماما عن التطبيق النظري .."

تساءل رضا بهدوء

" ماذا عن رقية ؟ الا تريد العمل معك ؟"

ما ان طرح سؤاله حتى التفت اليها يقرأ ردة فعلها الاولى عبر تعابير وجهها ليراها قد تجهمت قليلا فتتراجع ابتسامتها الاولى وترد ببعض الغموض " رقية لاتهتم بأمر جدي كالعمل .. انها مستمتعة بحياتها الجامعية وصحبة رفيقاتها .. التافهات .."

قالت كلمتها الاخيرة ببعض الحدة مما لفت اهتمام رضا وجعله اكثر تركيزا ليقول مستدرجا اياها بالكلام

" لكنها ستتخرج قريبا .."

ادارت رباب رأسها جانبا وكأنها تخفي تعابيرها عنه بينما لم تستطع اخفاء احباطها وقلقها وغضبها في كلماتها ونبرة صوتها وهي تقول

" اجل قريبا .. ولاتفكير لها الا بكيفية اقناع امي بمنحها الاذن لتسافر بمفردها مع صديقاتها في رحلة خارج الوطن .. البارحة اثارت زوبعة بكاء مصطنع في محاولة لتليين امي وقد كادت تنجح ! "

صمت رضا وهو يحدق امامه في الطريق بينما تتنازعه الافكار المقلقة عن صغرى بنات يونس العطار .. رقية ...

تمتم وكأنه يحاول بث بعض الاطمئنان في قلب رباب وربما بعض الاطمئنان في قلبه هو الآخر

" ستتعلم معنى الحياة الحقيقية يوما ما.. انها مختلفة عنكن لكنها ستبقى ابنة الحاج يونس العطار .."

لم ترد رباب الا بـ " نعم .. اجل ..."

ثم عادت لصمتها واكتفى رضا ليكمل الطريق المزدحم صامتا وهو يعيد تقليب كلماتها في رأسه بينما ملامحه لاتعبر عن شيء مما يعتمل في داخله ..



يتبع ..............

[كاردينيا الغوازي]

بعد ثلث ساعة هتفت رباب بنبرة محببة

" ها قد وصلنا ...كم احب هذه الاسواق .."

كان يركن سيارته في موقف خاص وهو يناغشها بابتسامة حانية " لن تكوني انثى ان لم يزغلل عينيك لون المصوغات الذهبية .."

فترد وعيناها تلتمعان بلون الذهب وهما تحدقان بواجهات محلات الصاغة المتراصة

" ليست اللون تحديدا ولاقيمته بل احب نقوشها الجميلة .. اريد احياء النقوش القديمة وعكسها على اسلوب ازيائي.. وقعت في غرام اسورة من عهد حمورابي ... مرصعة بحبات الشذر .."

سألها ببعض العجب " هل تحبين النقوش البابلية للمجوهرات ؟ ظننتك تودين رؤية نماذج حديثة وعصرية.."

تلتفت اليه وهي تقول بحماسة

" اعشق مجوهرات ذاك العصر البعيد يا رضا.."

تتسع ابتسامته وهو يناظرها بمحبة خالصة

" حسنا يا ابنة العطار عرفت مطلبك .. سنمر اولا على بضعة محلات للصاغة وبعدها سنذهب للمحل الكبير لعقيل الصائغ .."

يترجل من سيارته وهو يعدل من عباءته فوق كتفيه ..

اخذ رضا يسعل بقوة بينما يغلق بابه فسألته رباب وهي تترجل من السيارة وتلتف حولها

" هل انت بخير يا رضا ؟"

رفع رأسه ليرد على سؤال رباب عندما لمح من مسافة قريبة ذاك الخيال الاسود .. في نفس المكان تلفها عباءتها السوداء مستندة بظهرها على واجهة احدى المحلات تناظره..

ضيق رضا عينيه وهو ينظر اليها لبضع لحظات قبل ان يطرق برأسه يطمئن رباب بالقول

" انا بخير عزيزتي .. انه اخر اثار الانفلونزا .. سعال مزعج .. ولولا شراب عطارتي اسيا لكان اسوأ .."

ضحكت رباب من لفظ (عطارتي اسيا) الذي يطلقه رضا على اختها ..

اخذ رضا يمشي بصحبة رباب ويلقي التحايا ويردها هنا وهناك دون ان يغفل عن تلك المرأة ..

امرأة بات يراها يوميا في نفس المكان تقريبا..

ترتدي العباءة السوداء التقليدية على الدوام..

عباءة لم تعد ترتديها في معظم احياء العاصمة الا عدد قليل نسبيا من النسوة الكبيرات في السن .. لكن الامر مختلف في بعض الاحياء الشعبية المغلقة ، فالنسوة هناك من كافة الاعمار يرتدينها فرضا عليهن واحتشاما..

رآها كيف تتشبث بطرفي العباءة الواسعة الفضفاضة وتحكم اغلاقها بيدها من الامام لتتستر بسوادها من قمة رأسها حتى اسفل قدميها ولايظهر منها الا جزء من وجهها .. عيناها الكحيلتان فقط .. وتلك العينان لاتملان اخباره انه .. هو .. المقصد و المراد..!



يتبع ..............

[كاردينيا الغوازي]

بنظرة جانبية قال محسن وهو يلف مقود السيارة لليسار " هل سأظل اتكلم بمفردي بينما ان تواصل صمتك العابس ؟!"

ابتسامة جانبية بينما يقول عبد الرحمن لاخيه " اسف محسن ... بالي مشغول بعض الشيء .."

فجأة سأل محسن

" لماذا لاتتزوج يا عبد الرحمن ؟"

أرخى عبد الرحمن رأسه للخلف وبجفنين شبه مطبقين تمتم الكلمة بسخرية مبطنة

" اتزوج ..."

لم يفطن محسن لتلك السخرية وظن ان أخاه يستغرب الفكرة فقط فشجعه بالقول

" نعم .. تتزوج لم لا ؟! جناحي القديم اصبح لك الآن بعد الاضافات والتعديلات عليه وضم غرفتك القديمة اليه اصبح اقرب لشقة فاخرة .. كما انك مستقر الآن في عملك في الجامعة وتم تثبيتك كاستاذ وطالب دكتوراه .."

قال عبد الرحمن بهدوء غريب

" سأؤجل رسالتي حاليا .."

ارتفع حاجبي محسن وهي يلتفت جانبا برأسه ليحدق في وجه اخيه ...

ضيق محسن عينيه وهو يرى ذلك الغموض والجمود اللذان يتلبسان وجه اخيه كقناع عازل ...

سأله محسن وهو يركن سيارته جانبا

" لماذا لاتفصح عما يزعجك ويجعلك بهذه الحالة الغريبة ..؟"

تمتم عبد الرحمن بنفس التعابير

" كيف غريبة ؟"

لم يهتم محسن لتلك اللامبالاة الظاهرية ليقول مفسرا بتركيز لاخيه الاصغر

" منذ اشهر طويلة وانت بهذه الحالة .. في البداية السفر والدراسة خارج البلد كان اثره رائعا في شخصك وقد عدت الينا اكثر انفتاحا وثقة واعتدادا .. حتى اكثر مرحا .."

ايضا لم يتلق محسن اي تغيير يذكر في تعابير عبد الرحمن ليواصل محسن تساؤلاته

" ما الذي حصل ليجعلك تعود لحالة غريبة كئيبة سيطرت عليك في مراهقتك .. انه أمر بت لاافهمه ؟! هل تشعر بخيبة الامل في عملك مثلا كاستاذ جامعي ؟ "

بسخرية واضحة هذه المرة وان شابها غموض متناقض محير قال عبد الرحمن

" لم يحصل شيء محسن .. ربما العيش في بلد الثلوج يلائمني اكثر .."

عبس محسن بشدة وبانت صرامة طباعه وهو يقول بنوع من التوبيخ

" لاتنس اصلك يا اصغر اولاد الحاج عقيل الصائغ .. اياك ان تنسى اصلك فتخسر الطريقين .."

ثم فتح الباب يترجل منها وعبد الرحمن صامت جامد المحيا بينما يتلوع من الداخل ...

[كاردينيا الغوازي]

بيت الحاج عقيل الصائغ ..



ساد الصمت حالما ألقت الحاجة سعاد قنبلتها كما تراها بدرية التي تراخى في يدها فنجان القهوة وهي تحدق في رفيقة عمرها التي لاتعرف كيف تمسكها ان تفعل ما تنتويه هذه المرة ...

تستند سعاد بقبضتها على ركبتها بتحفز تناظر بقلة صبر وجه بدرية وهي تحملق فيها في المقابل ...

كزت سعاد على اسنانها وهي تقول بنوع من الاستهجان " ردي علي .. قولي شيئا يا بدرية .. هل أكلم نفسي ؟!! الامر مهم .. "

زفرت بدرية بقوة وهي تضع فنجانها جانبا وتتذمر بالقول

" هل قهوتك باتت ماسخة ام كلامك من يضفي هذه النكهة عليها ؟!"

شهقت سعاد وهي تهتف بها " كفي بدرية عن تقريعك لي وتكلمي معي بجدية .."

زمت بدرية شفتيها الرقيقتين وهي تقول بضيق " ماذا تريدين مني ان اقول يا سعاد ؟"

تأففت سعاد لتقول بعدها

" قولي لي بالضبط .. بماذا اخطأت ؟!"

عندها تكلمت بدرية بجدية متسائلة

" هل انت واعية لما تطلبينه ؟ "

ردت سعاد بعزم

" نعم .. طلبت منك ايجاد عروس لحذيفة .. انت معارفك اكثر مني .. انا لم اعد اغادر البيت بالاشهر ..."

ضيقت بدرية عينيها ثم سألت تضفي نبرة التأثر على صوتها عن عمد

" وماذا عن خلود ؟ "

ردت سعاد بعفوية صادقة وملامحها تنبئ عن مشاعرها الحقيقية وهي ترفع قبضتها لصدرها

" خلود قطعة من قلبي وسندي .. انها ابنتي التي لم ألدها .. يكفي انها من تحملني في مرضي وتتحملني في نوبات ضيقي .."

تنهدت بدرية وهي تحرك رأسها يمينا وشمالا وتقول تعرب عن عجبها

" عجيب امرك يا امرأة .."

فأخذت سعاد تفسر نفسها بالقول

" محبتي لخلود امر ورغبتي بتزويج ولدي امر اخر وهي تحبه جدا وستتفهم .."

راوغت بدرية الكلام لتكسب وقتا في التفكير بمخرج فتقول مدعية الغيظ

" اقسم بالله نصف شيب رأسي بسببك .."

تشوح سعاد بيدها وهي تقول بتدللها الذي لايشيخ " انت عجوز يا بدرية فلا تحمليني مسؤولية ما يفعله الدهر ! "

قالت بدرية ببعض الجدية وهي ما زالت في داخلها تفكر بحل " انت تكسرين قلبها .."

تشبثت سعاد بوجهة نظرها وهي تقول بحزم

" رخصة تعدد الزوجات للرجل جاء لهذه الاسباب .. هل ستحرمين حلال الله ؟"

فتناورها بدرية بالقول الموبخ تذكرها بما مضى " ألم تعتبري مما حصل لابنتك قبل سنوات مع الحاج يونس وما جره بعدها من خرائب ؟"

فتصر سعاد وهي ترد قائلة " الحالتين مختلفتين .. كما ان .. خلود مختلفة عن رفيدة وابتهال .."

لسبب ما شعرت بدرية بمنتهى الاستفزاز فتقف على قدميها وتهدد رفيقة عمرها بالقول

" اسمعيني يا سعاد .. يحرم علي دخول بيتك اذا كلمتني مرة اخرى في هذا الموضوع .."

نادتها سعاد وهي تحاول بجهد مضاعف ان تقف على قدميها " بدرية ... دعينا نتناقش اولا .."

تبتسم بدرية شامته بمحاولات سعاد للوقوف دون نجاح ثم تقول لها

" فلتنفعك العروس الجديدة يا سعاد وتساعدك على تحريك هذا الجسد الثقيل الكسول ..."

نظرت سعاد للاعلى تتطلع لوجه بدرية التي تقف مشرفة عليها فتحاول تليينها بالقول

" انه يحتاج ان يؤاخي سعاد الصغيرة .. الا ترينها كم هي وحيدة .. قد يفسدها الدلال.."

فتتخصر بدرية وتقول بصرامة " كذابة كبيرة انت .. سوسو لن يفسدها الدلال فخلود احسنت تربيتها .."

فترفع سعاد حاجبيها قليلا مدعية البراءة وهي تردد " لكن الصغيرة تشعر .."

قاطعتها بدرية وهي تشوح بسبابتها في وجهها قائلة " بل الكبيرة هي من تشعر ! وبكل انانية تريد ان تنفذ .."

عندها تراخى اسلوب الحاجة سعاد وهي تمد ذراعها لتجر ذراع بدرية وهي تقول لها

" اجلسي واكملي قهوتك .. الا يكفي طول قامتك وقصر قامتي لتكمليها بوقوفك فوق رأسي وانا جالسة ؟! "

اخذت بدرية تنزع ذراعها من قبضة سعاد فبديتا كفتاتين مراهقتين تتشاجران بينما سعاد تحكم قبضتها على ذراع بدرية وهي تصر بالقول " اقعدي يا بدرية السكر مرتفع عندي هذا اليوم .."

هتفت بها بدرية بلؤم

" هذه الالاعيب ليست علي .. اتركيها للمسكينة خلود حتى تبيت ليلتها معك في الغرفة وانت تدعين المرض .."

اخيرا دحرتها عزيمة سعاد وربما بدرية من استعادت هدوئها لتعود وتجلس جوار رفيقتها التي اخذت تتشكى ردا على اتهامات بدرية

" احيانا اشعر بالوحدة والوحشة ... "

فتناكفها بدرية بالقول الحانق " تستطيعين جعل عبد الرحمن ان ينام جوارك.."

فترد سعاد وهي تلتقط فنجان بدرية تعيده لها

" انه ضخم كاخوته وقد لايرتاح في نومه جواري .."

تأخذ بدرية الفنجان بيد بينما ترفع سبابة اليد الاخرى لفمها تعضها من الجانب وتقول وهي تكز " اخخخ منك يا سعاد اخخخخخخ .. الحاج عقيل رحمه الله كان ينام جوارك لاربعين سنة وهو اكثر ضخامة من اولاده .. كل ما في الامر انت لاتريدين ازعاج نوم عزيزك الغالي المدلل عبد الرحمن بينما لاتتأثرين بتعب المسكينة خلود وهي تسهر قربك قلقه على لاشيء .."

شهقت سعاد تعتب على بدرية قائلة

" هل بت الشريرة الان ..؟ اصبحتِ مزعجة جدا بتقدمك في العمر يا بدرية .."

تهتف بدرية وهي ترفع رأسها للاعلى تناظر السقف " اعوذ بالله من الشيطان الرجيم .."

تبتسم سعاد وتمد يدها لتربت على حجر بدرية وهي تقول بابتسامة عريضة

" اشربي قهوتك وسنتكلم ..."

تهز بدرية رأسها وهي تعاود ارتشاف ما تبقى من قهوتها فيخطر في بالها خاطر لتسأل سعاد

" كيف هي رفيده والغالية شروق .. مضى وقت طويل لم أرها فيه .."

ترد سعاد ببعض العجب لتحول الموضوع

" انهما بخير والحمد لله .. رفيدة تعرفينها قليلة الخروج مثلي والصغيرة السمراء مشغولة بدراستها على الدوام .."

تبتسم بدرية وهي تضع فنجانها على المنضدة امامها بعد ان أنهت شربه لتقول ببشاشة

" انها فتاة حلوة تأخذ بمجامع القلوب .."

عندها قالت سعاد بتلقائية وهي تتنهد راحة

" الحمد لله ان سالم لديه ولد من صلبه .. والا ما كنا سنفتح فمنا لو قرر الزواج على ابنتي.."

صمتت بدرية للحظات قبل ان تقول بنبرة معينة " انه داء مجتمعاتنا التي لاتعرف الرضا الا قليلا ..."

فتعبس سعاد تجادلها " هل اصبحت زينة الحياة الدنيا داء يا بدرية ؟! استغفري ربك .."

فترد بدرية بنفس النبرة " استغفره واحمده على الدوام .. المشكلة ليست في نعمه سبحانه بل التفكير الدائم اننا يجب ان نحصل وبأي طريقة على هذه الزينة الزائلة .. حتى لو حطمنا ارواحا وقلوبا نقية .."

قالت سعاد تواصل جدلها بما تعتقده حجج وبراهين " انها عاداتنا وتقاليدنا وما تربينا وكبرنا عليه .. الولد الذكر عزوة لاهله وامتداد لأسم العائلة من جيل لجيل .. "

ثم تضيف سعاد باسترسال وايمان كامل بما تقول " لو لم انجب الذكور لتزوج علي الحاج عقيل .. ولم أكن سأفتح فمي عندها .. وزوجك ايضا يا بدرية كان لفعل المثل ..."

فقالت بدرية وهي ترفع حاجبيها بعنفوان

" لو فعلها لكنت طلقته ورميت به في الشارع.."

تضحك سعاد من قلبها وهي تقول

" قادرة وتفعلينها يا امرأة ..."

هدأت ضحكات سعاد لتقول بدرية بجدية هذه المرة " سأقولها لك يا سعاد كما قلتها سابقا قبل سنوات ان كنت تذكرين عندما هادنتِ ابنتك في زواجها من الحاج يونس .."

حمرة خجل وشعور بالذنب لونت خدي سعاد بينما تكمل بدرية كلامها وعيناها في عيني رفيقتها " احمدي الله على نعمه يا بدرية .. منحك الكثير فاياك والطمع .. لاتكسري قلبا كقلب خلود .. انها فتاة لاسند لها الا زوجها بعد الله .. فاياك وظلم من يستجير برب العزة ولايستجير بسواه .. اياك والظلم .. والا فربنا سيوجعك بظلم اكبر ..."

بدت ملامح سعاد وجلة فتقول بدرية المزيد

" تذكري كسرة ابنتك وقد فرجها الله عليها .. فلا تنسي النعم فتُبتلين بالنقم .. انت وعيالك واحفادك .."

قالت بدرية قولها هذا وهي ما زالت تفكر بحل حقيقي .. انها تعرف سعاد بما يكفي لتعرف انها قد تتأثر الآن وتصمت لكن التأثر سيخفت شيئا فشيئا لتعاود المحاولة من جديد..




يتبع بتكملة الفصل في الصفحة التالية https://www.rewity.com/forum/t337208-120.html............

[كاردينيا الغوازي]

يتطلع لاحدث صور اخته مروة وهو يبتسم بشقاوة.. المجنونة لاتكف عن ارسال صورها مع خطيبها فاروق وهي تسحبه خلفها كل يوم في مكان ..

ساعة في سوق الطيور لتشتري دجاجة وساعة في محل انتيكات لتبحث عن ساعة اثرية منسية وساعة في سوق شعبي تشتري اقمشة لامعة فقط لتصنع ثوبا مبهرجا تتشارك فكاهته مع صديقاتها المجنونات مثلها ..

وفاروق يستسلم لاهوائها وهو يبدو في قمة الارتباك والانصياع والاستمتاع في نفس الوقت ...

اغلق مهند هاتفه وهو يعود بنصف تركيزه مع عمله ..

عيناه ترقبان عقــــارب الساعة لايبغي الا ان يصل وقت الظهيرة ليغادر الى ذاك المقهى ..

يدّعي انه يحب القهوة هناك ..

يدّعي انه يعشق شرب سيجارة عند منتصف النهار ..

يدعي انه ............

يحب خلوته تلك بمفرده ليجلس على كرسي قريب من الشباك يراقب و... يترقب ..

رن هاتفه وللحظات تعكرت صفحة جبينه وهو يحدق باسم (جوري) ...

رن الهاتف ورن .. وهو لايجد قوة ولا ادنى رغبة باصبعه ليضغط على قبول الاتصال ..

تراجع بظهره للخلف يستند لكرسيه بينما الهاتف يواصل رنينه حتى ... صمت ...

شعر بالضيق وهو يعد الدقائق الخمس عدا حتى رفع هاتفه واتصل بامه ...

" مرحبا امي .. اين حبيبة ؟"

جاءه صوت امه وهي تقول بعجب " مرحبا بني.. الصغيرة تلعب معي هنا في المطبخ لكن لماذا تتصل لتسأل عن حبيبة؟"

فرد كاذبا بنصف كلامه

" جوري اتصلت قبل قليل لكني كنت مشغولا.. خشيت ان يكون الامر يخص حبيبة.. حاولت الاتصال بجوري ولم افلح.. ان كانت جوارك هلا سألتها هل تحتاج لشيء مني .."

فقالت الام " جوري تنشر الغسيل في السطح حيث الشمس مشرقة اليوم وعندما تنزل سأسالها .."

عبس مهند قليلا وقبل ان يقول شيئا جاءه صوت والده فجأة عبر الهاتف

" مهند عاود الاتصال بزوجتك .. امك لن تكون مرسالا بينكما .."

صمت مهند ولم يرد فبادره والده ليقطع الصمت قائلا بنبرة تشع بالندم والضيق

" لاتحملني في شيبتي اكثر مما احتمل .. الفتاة ليس لها ذنب .."

تصلب فكا مهند دون ان ينطق بحرف فيخفت صوت ابيه عن عمد ليضيف

" يكفي انك اسميت ابنتك حبيبة .. يقتلني الشعور كلما ناديتها وكأنك تذكرني دوما بألمك الذي لم يمت .."

بجمود كامل قال مهند

" لم يكن خطأك ابي .. انا وافقتك ورضيت الزواج بأخرى .. انه ليس ذنبك ولا ذنب جوري .. "

قلبه يتمزق في صدره فسارع ليضيف

" عذرا والدي انا مشغول الان .. بلغ جوري لو سمحت ان ارادت شيئا مني .. ان تكتب رسالة نصية .. لن استطيع الرد على مكالمتها .. مع السلامة .."

ثم اغلق الهاتف دون ان يمنح والده فرصة ليعترض ..



يتبع ..............