آخر 10 مشاركات
رواية ناسينها ... خلينا نساعدكم [ أستفساراتكم وطلباتكم ] (الكاتـب : × غرور × - )           »          رواية قصاصٌ وخلاص (الكاتـب : اسما زايد - )           »          المستفيد الحبيب - أن هامبسون - عبير - عدد ممتاز (الكاتـب : pink moon - )           »          1117 - الفترة التجريبية - كاى ثورب - عبير دار النحاس (كتابة/كاملة)** (الكاتـب : samahss - )           »          4 - سيدة القصر الجنوبي - جانيت دايلي (الكاتـب : pink moon - )           »          3- من اجل حفنة من الجنيهات - كاي ثورب - ع.ق (تصوير جديد) (الكاتـب : Gege86 - )           »          ..خطوات نحو العشق * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : smile rania - )           »          حــــصاد مــــاضي...روايتي الثانية *متميزة&مكتملة* (الكاتـب : nobian - )           »          6 - رجل بلا قلب - ليليان بيك - ع.ق (الكاتـب : angel08 - )           »          عشق من قلـب الصوارم * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : عاشقةديرتها - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: من هو اكثر ثنائي نجح في جذب انتباهكم بقصتهم
قاصي و تيماء 2,118 58.56%
مسك و امجد 738 20.40%
ليث و سوار 761 21.04%
المصوتون: 3617. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree999Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-01-17, 04:41 AM   #11151

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي


مسا الورد يا سكاكر ..... أنا حنزل الفصل حالا
Dr. Aya likes this.

tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 22-01-17, 04:42 AM   #11152

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

الفصل السابع و الثلاثون :

( كم الساعة الآن يا ولدي ؟!! .................. )
نظر أمجد الى ساعة معصمه , ثم قال مبتسما بخفوت وهو يعاود النظر الى أمه
( الحادية عشر يا حبيبة ...... )
ارتفع حاجبي والدته و قالت بدهشة متفاجئة
( هل مر الوقت سريعا هكذا ؟!! ...... لم أشعر به , هيا ..... اذهب الى شقتك .... )
ابتسم أمجد وهو يربت على كفها قائلا بمزاحٍ حنون
( هل مللتِ من رفقتي يا أم أمجد ؟!! ......... )
تأوهت والدته و هي تتشبث بكفه قائلة بحرارة
( والله لو أمضيت المتبقي من عمري كله برفقتك , لن تكفيني ....... )
انحنى أمجد اليها ليقبل جبهتها وهو يقول بخفوت
( حفظك الله لي يا حبيبة .......... )
رفعت أمه يدها تتلمس رأسه برفق حتى قبلت وجنته , ثم قالت بحزم
( هيا الآن .... لن تضعف قلبي بكلامك الآسر , اذهب الى زوجتك ... لا يصح أن تتركها حتى هذه الساعة و في بداية زواجكما ..... )
ابتسم أمجد بسخرية بسيطة , الا أنه قال بهدوء
( لا تقلقي يا أم أمجد ..... إنها لا تهتم .......... )
ارتفع حاجبي والدته قليلا , ثم عقدتهما و هي تقول بتردد و بنظرة غير مبصرة
( لا تهتم ؟!! ............ )
أعاد أمجد صياغة عبارته , فقال بلطف وهو يربت على كفها مجددا
( أقصد أنها متفهمة جدا لرغبتي في قضاء بعض الوقت معكِ , خاصة بعد اقامتنا في شقة مستقلة .... )
طلت والدته على صمتها لبضعة لحظات و هي عاقدة حاجبيها و كأنها غير مقتنعة تماما , الى أن قالت أخيرا بخفوت و دون مقدمات
( أنت لست مرتاحا يا ولدي .......... )
ارتفع حاجبي أمجد وهو ينظر الى وجه والدته , الحنون و نظراتها البعيدة الغير مبصرة و على الرغم من ذلك فهما العينان اللتان تريانه أكثر من أي شخص آخر ....
فقال بصوتٍ خافت متراجع
( ماذا تقصدين يا حبيبة ؟؟ .......... )
قالت أمه دون مواربة و بنبرة أكثر حزما
( أنت لست مرتاحا في زواجك ...... و لا يمكنك خداعي ...... )
ظل أمجد صامتا قليلا , ثم قال محاولا صرف نظرها عن الأمر
( ما الذي جعلك تظنين هذا ؟!! ....... )
رفعت والدته يدها في الهواء بحثا عن وجهه الى أن لمسته فأمسكت بذقنه و أدارته اليها و قالت بقوة هامسة
( انظر الي ..... تستطيع خداع الجميع , لكن ليس والدتك التي تعرفك من نبرة صوتك , أكثر من نفسك ....... )
لم يرد أمجد على الفور .... بينما تابعت والدته تقول بصوت أكثر خفوتا و حزنا ...
( أين ذهبت نبرة الحماس التي كانت تتراقص في صوتك و أنت تتحدث عنها ,قبل الزواج ؟!! ..... لماذا تبدو شاردا باستمرار بخلاف أي زوج سعيد بالمرأة التي اختارها بنفسه ؟!! ...... )
لم يرد أمجد مجددا , بل ظل صامتا فقالت والدته بقلق
( هل تشعر بالندم ؟! .... هل عاودك التفكير في أمر الإنجاب , فندمت ؟!!.... )
رفع أمجد وجهه و نظر اليها , ثم قال بصوتٍ هادىء صادق
( لا يا أمي ..... لم أندم , و لا أظنني سأفعل ...... كل يوم يصدق ظني , و أكتشف اي امرأةٍ رائعة تزوجت ...... كل يوم أعرفها به أكثر , يمر و كأنه خط جديد في لوحةٍ رائعة الجمال ..... )
صمت بللحظات فهمست والدته بأسى و هي تربت على ذقنه قائلة
( اذن ما الأمر ؟!! ............ )
تنهد أمجد قليلا , ثم قال بصوتٍ متوتر
( أشعر بأنني لا أمثل لها , ما تمثله هي لي ........ )
ارتفع حاجبي والدته بدهشة قبل أن تهتف باستنكار
( بعد كل ما قدمته لها من تضحية ؟!! ........ كيف لها أن تشعرك بهذا ؟!! ..... )
قال أمجد بقوة
( أنا لا أريد منها ثمنا , لأي تضحية قدمتها .... أنا فقط أريدها أن ......... )
صمت متنهدا , غير قادرا على ايجاد الكلمات المناسبة و التي تخنق صدره بعدم راحة .....
ثم قال أخيرا وهو ينظر الى والدته بتعب
( أريدها أن تكون انسانة ..... تبكي خوفا من احتمال ابتعادي عنها ...... لكنني متأكد أنني لو فعلت , فستودعني مبتسمة بكل أناقة ..... و تشكرني على الأيام الجميلة , ..... لا يفعل الإنسان هذا , الا مع شخص لم يمثل له شيء .... أي شيء ..... )
صمت قاطعا كلامه وهو يعقد حاجبيه بشدة , ثم لم لبث أن حك جبهته وهو يضحك بعصبية قائلا
( ما هذا الذي أقوله ؟!! ...... هذه المرأة رائعة معي بكل بساطة , فمما أشكو ؟!! ........ )
كانت والدته تنظر اليه بدقة على الرغم من غيومِ عينيها , ثم قالت أخيرا بصوتٍ حزين ملهوف
( تشكو من جانبٍ بك لن تستطيع تغييره أبدا ..... أنت تعطي من تحب قلبك بالكامل و تتوقع منه أن يبادلك بالمثل ..... أنت يا حبيبي لا تعرف السطحية و الأناقة الفارغة , أنت تمنح من روحك دون حساب ..... لطالما كانت هذه نقطة ضعفك تجاه الجميع ..... )
ابتسم أمجد بسخرية و قال متنهدا
( ربما آن الأوان كي أتخلص من هذا الجانب التافه اذن ........ )
عقدت والدته حاجبيها و قالت بحزم
( لا تقل هذا ...... لن تكون أمجد ولدي الذي أعرفه , ...... )
ابتسم أمجد دون مرح , ثم قال بمزاح زائف
( كفى كلام عني الآن , لما لا ترتاحي قليلا .... فأنتِ لم تعتادي السهر و أنا سأبقى بجوارك الى أن تنامي .... )
قالت والدته قاطعة , بصرامة
( بل ستذهب الى زوجتك من فورك .... فأنا سأظل مستيقظة قليلا , الى أن يطرق النوم أجفاني ..... )
قال أمجد مترددا ,
( لكن مهجة نائمة الآن ..... و لا أشعر بالراحة في تركك ...... )
قالت أمه دون تراجع
( سأكون بخير , و إن احتجت شيئا فسأنادي عليها ..... لا تقلق ..... هيا اذهب ..... )
اتجه أمجد الى باب غرفتها بعد أن تأكد من ايصال كل ماتحتاجه الى متناول يديها .... لكن و قبل أن يخرج ... نادته قائلة
( أمجد ........... )
التفت ينظر اليها بصمت , و هي أدركت أنه يفعل , فقالت متحفزة كأم مستعدة على افتراس من يجرؤ على المساس بإبنها الذي سيبقى في نظرها طفل مهما خط الشيب شعر رأسه
( لم أوافق على تلك الزيجة الا لتكون سعيدا ......... ضحيت بأكبر أمنية لي في سبيل سعادتك , ... أما سعادتك , فلن أضحي بها أبدا ...... )
لم يرد أمجد عليها سوى بكلمتين .... خافتتين
( تصبحين على خير يا حبيبة ...... ....... )
.................................................. .................................................. ...................
رفعت مسك عينيها عن الكتاب الذي كانت تقرأه ما أن سمعت صوت المفتاح في باب شقتهما , ثم رأت أمجد يدخل بهدوء صامتا ....
راقبته لبضعة لحظات بعينين حادتين , الى أن رفع وجهه اليها أخيرا و قال بخفوت
( مساء الخير ....... ظننتكِ نمتِ منذ فترة !! ......... )
لم ترد مسك على الفور , بل كانت تنظر اليه بنفس النظرة المتفحصة ,ثم وضعت كتابها جانبها و نهضت من مقعدها و هي تقول ببساطة
( كنت أنتظرك .......... )
ارتفع حاجبي أمجد وهو يقول واضعا مفاتيحه جانبا ...
( هذه سابقة من نوعها ............. )
توقفت مسك مكانها للحظة , .... قبل أن تعاود الإقتراب منه ببطىء , ثم قالت بصوتٍ متزن
( ما الذي أفهمه من هذا تحديدا ؟!! .......... )
نظر اليها أمجد و قال بنفس البساطة
( قصدت فقط أنكِ تنامين ما أن يطرق النوم عينيكِ ...... إنها المرة الأولى التي تشعرين فيها بغيابي .... )
رفعت مسك حاجبيها و هي تتأمله دون كلامٍ وهو يفرغ جيبيه من محفظته و هاتفه دون أن ينظر اليها ....
ثم قالت بفتور
( الازلت غاضبا مني ؟!! ......... )
رفع أمجد وجهه لينظر اليها و قال بنبرة طبيعية
( لأي شيء ؟!! .............. )
فتحت مسك شفتيها تنوي الكلام , الا أنها لم تلبث أن تراجعت , ثم قالت بإبتسامة أنيقة
( لا شيء ......... كنت أسال فقط , هل تناولت الطعام مع والدتك ؟!! ...... )
سوى أمجد كتفيه , ثم نظر اليها قائلا
( لا ...... فضلت أن آكل هنا , في بيتي ......... )
ابتسمت مسك أكثر قليلا و قالت بهدوءٍ راض
( جيد ..... فأنا أيضا كنت أنتظرك ........... لما لا تبدل ملابسك , الى أن أعد الطعام ..... )
و دون أن تنتظر منه ردا , كانت تتجه الى المطبخ , الا أنه أمسك بيدها و جذبها اليه برفق , حتى رفعت وجهها اليه متسائلة .... فنظر الى عينيها مليا قبل أن يقول بجدية
( كيف كانت مقابلتك اليوم ؟؟ .............. )
مالت ابتسامتها قليلا , ثم قالت بحذر
( ظننتك لن تسأل ......... لقد كانت موفقة جدا من وجهة نظري , الا أنني لا أعلم إن كنت قد حصلت على الوظيفة بالفعل ..... سأعرف خلال أيام ...... )
اومأ أمجد برأسه صامتا , ثم قال بهدوء و ثقة
( سيقبلون بكِ ...... من ذا الذي لا يقبل بمسك الرافعي ؟!! ........ )
ارتجفت ابتسامتها قليلا ... و دلكت احدى ذراعيها بكفها الأخرى و هي تبدو متململة بين ذراعيه , الى أن قالت أخيرا بخفوت
( س ..... سأعد الطعام , إنه جاهز .... سأقوم بتسخينه فقط .....و إن كنت لا .. )
كانت تهمس و هي تتراجع برأسها للخلف بينما شفتاه تلامسان عنقها بنعومة و رفق ... و أصابعه تعزفان لحنا باتت تدرك نغماته مؤخرا على جسدها , مدركا تماما , كيف يشعل حماسها بمجرد لمسةٍ تجعلها تقطع كلماتها الخافتة لتلتقط نفسها بين كل كلمةٍ و أخرى .....
الا أنها تابعت محاولة التماسك
( و إن كنت لا أفضل الأكل في ...... هذه الساعة المتأخرة من الليل ...... )
همهم أمجد قائلا من بين قبلاته الناعمة ,
( حقا !! ............. )
ضحكت و هي تشعر بأنفاسه تدغدغها , فأطبقت عنقها على تجويف كتفها بارتجاف ... ثم قالت بإختناق
( بلى ..... فهذا غير صحي تماما .......... )
كان قد جذبها اليه الآن بقوة حتى رفعت عينيها اليه متسائلة بدهشة , فقال لها مبتسما
( ما رأيك باقتراحٍ آخر اذا يا سيدة ألمظ ؟! ........ )
تألقت ابتسامتها بخبث و هي تهمس متفاعلة معه بكل حواسها
( هذا صحي أكثر على الأقل ....... يفقدك بعض السعرات , بعكس الأكل ليلا .... )
رفع أمجد وجهه عنها وهو يقول رافعا حاجبيه بحيرة
( ما هو هذا الذي يُفقِد السعرات ؟!! ..... أنا لم أقترح شيئا بعد !! بما كنتِ تفكرين ؟!! ...... )
عقدت حاجبيها بشدة .... ثم لم تلبث أن دفعته و هي تقول بفظاظة
( اذن ابتعد و احتفظ باقتراحاتك لنفسك ..... أنا ذاهبة لآكل ...... لقد جعت انتظارا ... )
أسرعت الخطى تجاه المطبخ , الا أنه كان أسرع منها فرفعها بين ذراعيه وهو يضحك قائلا
( سيظل رأسكِ يابسا و لسانك طويلا .... و ذكائك العاطفي محدود , لا أعلم لماذا أحببتك صدقا , ربما كان هذا نتيجة المرة الوحيدة التي دعت بها أمي عليً في مراهقتي و لا تزال تندم عليها حتى يومنا هذا ..... )
ضربت مسك صدره وهي تقول بحدة
( أنزلني ...... لا أريد منك شيئا ........ )
خفتت ضحكات أمجد قليلا , و نظر الى وجهها المنفعل العابس ..... ثم همس دون أن يحررها أو ينزلها أرضا
( هل سمعتِ ما قلت ؟!! ...... أحبك ....... )
سكنت مسك بين ذراعيه و قد ارتاحت يداها على كتفيه ..... و بهتت ملامحها قليلا ....
و طال بهما النظر ... كل ينظر الى عيني الآخر و في عينيه حوار قاتم , يخالف رغبة عواطفهما الجامحة ....
بدا أمجد منتظرا , عاقدا حاجبيه .... بينما أسبلت مسك جفنيها قليلا و مالت برأسها الى كتفه دون كلام ....
و هي تعقد ذراعيها حول عنقه أكثر .....
و حين يئس من ردها , تحرك بها الى غرفتهما في صمت .... صمت استمر خلال الساعة التي تلت و التي لم يقطعه خلالها سوى صوت أنفاسهما المتبعثرة ...
صمت تام لم يجرؤ على قطعه بكلمةٍ كي لا يفقد هذا الجو الحميمي الدافىء بينهما .... الى أن نامت بين ذراعيه أخيرا مبتسمة برقة و هي تحتضن ذراعه و تنام وجنتها عليها ....
بينما بقى أمجد مستيقظا , ينظر اليها طويلا دون ابتسام وهو يداعب خصلات شعرها .....
منذ اليوم الأول لزواجهما و هو يعلم أنه حظى بالزوجة المثالية ....
زوجة كما يقول الكتاب ....
زوجة بمواصفات رفيعة المستوى .......
زوجة أنيقة , راقية ..... قوية , أخلاقها لا خلاف عليها ......
مرحة بالفطرة ..... مجرد سماجتها تضحكه دون جهد , و حتى دون أن تحاول افتعال المرح .....
تجيد اعداد الطعام الصحي بمهارة .... و حين أبدى دهشته ذات يوم ... قالت ضاحكة بتحدٍ
أنه لا توجد فتاة من عائلة الرافعي لا تجيد الطبخ .... فهذه وصمة عار .... و هي لا تقبل بأن تكون أقل مستوى في أي شيء ....
هذا دون ذكر توافقهما الجسدي الملحوظ .....
نعم زوجة مثالية ......
مثالية أكثر من اللازم ..... و كأنها مرسومة بالمسطرة .....
و هذا ما كان يوتره ...
لا يريدها مثالية ..... مراعية لرغبته في البقاء مع والدته حتى وقت متأخر ,.....
لا تغار لأنها تثق بأخلاقه ..... لا بحبه
لا تفضي له بمقابلة العمل لأنها لم تعتقد أنه أمر شديد الأهمية بالنسبة له .....
أو ربما لم ترد أن تكون العلاقة بينهما أكثر عمقا عن مستوى معين ....
إنها تبقيه في المنطقة الآمنة من حياتها .... كي تسهل عليه الخروج فيما بعد ... مع رسالة شكرٍ لطيفة منها ...
أظلمت عينا أمجد وهو ينظر الى ملامحها الراضية المسترخية ....
انها تضعه خلف حاجز زجاجي بارد .... ليتمتع كل منهما بالنظر الى الآخر و كأنه في واجهة أنيقة للعرض دون التوغل للمظورات
فأحيانا تغيب عنها المثالية للحظات حين ينشأ بينهما خلافٍ لسببٍ أو لآخر ..... و يحاول هوا اختراق هذا الحاجز الزجاجي ... و فرض سيطرته على مشاعرها ...
حينها تبدأ الشخصية التي يمقتها في الخروج للسطح ....
الشخصية المتعجرفة التي تدخرها لتدافع بها عن نفسها ضد أي ممن قد تسول له نفسه بمس كرامتها ولو بكلمة ....
مسك الرافعي أفهمته من اليوم الأول أنها ستكون زوجة مثالية , طالما عاملها على هذا الأساس ...
أما بخلاف ذلك .... فستكون شخص آخر , لا يود التعرف اليه .....
الغريب في الأمر .... أنها منحت لشخص مثل زوج اختها امتيازات لم تسمح له هو زوجها بأن ينالها ...
منحته الثقة ..... على الرغم من كل عيوبه و رفضها التام لتصرفاته , الا أنها تمنحه ثقة مطلقة ...
و هذا هو ما حجبته بإرادته عن علاقته به كزوجها ....
الثقة المطلقة ......
.................................................. .................................................. ..................
كانت تعلم أنها تتهور كطبيعتها ....
لكن الا تستحق حياتها منها لحظة تهور واحدة ؟!! .......
لقد كبتت كل أحلامها منذ بداية ادراكها للحياة .... قبلت بدراسة لا تحبها , و عملٍ لا تطيقه ... و زوج تنفر منه ... و في النهاية مدير يتحرش بها ....
على مدى تسع و عشرين عام و هي تقبل بما لا تريد .... لأنها الفرص الأخيرة في حياتها ....
أما آن الأوان كي تنتفض و تسعى للحصول على ما تتمنى ولو لمرة ؟!! ....
كانت تظن أن الطلاق هو كل مبتغاها ....
لكن منذ أن ساقها القدر الى البناية التي يقطن بها .... وقد أدركت بأن مبتغاها هو الحلم الذي تحلم به كل فتاة ...
نعم هي تشعر بنفسها كفتاة يزدهر قلبها بالحب للمرة الأولى ....
لا مجرد امرأة مطلقة , على أعتاب الثلاثين من عمرها .....
مضى على سكنها هنا ما يقرب من العام و نصف .... و هي على أحلامها المسكينة في أن يشعر بها و يحاول التقرب منها ....
لكن الى متى ستنتظر ؟!! ...... و كم من أعوامٍ ستضيع ؟!! ....
وقفت ياسمين أمام باب البناية و هي تضم كنزتها بكلتا قبضتيها الى صدرها .... ناظرة للبعيد و هي تحاول تهدئة قلبها المرتجف ...
الى أن رأته خارجا من الباب في نفس موعده .....
رفع أمين وجهه الرزين فرآها أمامه ... و للحظة شعرت بخطواته تتباطىء قليلا مما منحها الأمل فانتفض قلبها أكثر ....
كم هو جذاب في رجولته ... ملامحه المتجهمة تضفي عليه هالة من الجاذبية تجعل الجنس اللطيف ينجذب اليه تلقائيا ...
لا مبالته بهن ... و رزانته .... ثقل تصرفاته ...
كلها مواصفاتٍ كانت تتمناها بأحلام يقظتها .... الوردية بكل درجاتها ...
أمامه هي تشعر بأنها في الثامنة عشر ....
لا مجرد موظفة مطلقة و مطحونة يوميا في التعامل مع كافة قطاعات الشعب ......
رسمت على وجهها ابتسامة متألقة ما أن اقترب منها .... الا أنه أخفض وجهه عن قصد و قال بإيجاز
( السلام عليكم ......... )
و أوشك على تجاوزها و المضي الى عمله , الا أنها نادته قائلة بقوة قبل أن يفتر عزمها
( و عليكم السلام و رحمة الله ..... أستاذ أمين , لحظة من فضلك .... )
توقف أمين وهو يوليها ظهره .... فسقط قلبها بين أضلاعها و ظنت أنه سيتابع طريقه دون أن يلتفت اليها , الا أنه استدار اليها متسائلا ...
و للحظة ظنت أن عيناه قد تجرأتها عليها للحظة أطول مما اعتادت منه ... قبل أن يخفضهما وهو يقول
( كيف حالك سيدة ياسمين .... تحت أمرك .... )
ابتسمت و هي تقول بعصبية قليلا
( سيدة !!! ...... لا داعي للألقاب , نحن .... جيران ..... و أنت ..... ساعدتني كثيرا .... )
لم يرد وهو ينظر بعيدا عن قصد , حتى ظنت أنه زفر بخفوت .... فابتلعت ريقها بصعوبة , ثم قالت باتزان
( كان استقبالكم لي غاية في الذوق و الكرم ... على الرغم من تطفلي على جمعكم العائلي ...... )
رمقها أمين بنظرة مختصرة , ثم قال بهدوء
( شرفتِنا ........ )
اتسعت ابتسامتها , ثم تنحنحت قائلة
( منذ فترة طويلة لم أشعر بجو العائلة كما شعرت في بيتكم ..... انت تعلم ... منذ وفاة والدي .... اقتصرت حياتي مع والدتي و أختي ..... و الآن صفيت بمفردي ...... )
قال أمين بنبرة جادة
( الحل بيدك .... يمكنك العودة للسكن مع والدتك , ...... هذا أفضل لامرأة في مثل وضعك ..... )
بهتت ملامح ياسمين و تسمع منه تلك النبرة الأقرب الى الهجومية .... فعقدت حاجبيها و هي تنظر أرضا بتوتر .... و صمت هوا شاعرا بضرورة المغادرة من هنا سريعا ...
فوقوفهما معا أمام البناية بهذا الشكل مثيرا للشك .... الا أنه و قبل أن يعتذر منها , تكلمت ياسمين قائلة بصوت باهت دون أن تنظر اليه
( أنت لا تعرف شعور امرأة مضطرة للسكن مع رجلٍ غريب ... يعايرها بطلاقها كل لحظة , حتى لو كان زوج أختها ..... لا تجد الخصوصية أو الكرامة ..... )
نظر اليها أمين الآن .... نظرة مطولة الى رأسها المنخفض , و شعرها المتطاير حول وجهها .....
ثم قال مفاجئا نفسه
( و هل وجدت الخصوصية و الكرامة الآن ؟!! ....... )
رفعت وجهها تنظر اليه مجفلة .... كانت تلك المرة الأولى التي يبادر فيها للكلام دون ضغط ....
فابتسمت بارتباك و قالت بضعف
( أحاول ............ )
أطرق أمين برأسه , ثم نظر بعيدا و قال بتغير مفاجىء و كأنه ندم على محاولته للكلام معها
( يجب أن أذهب الآن ...... لا يصح وقوفنا بهذا الشكل .... و أنتِ لماذا تقفين هكذا ؟!! ..... )
قالت ياسمين و هي تحاول تدارك نفسها و تذكر ما أرادت قوله ....
( أنا كنت ذاهبة لعملي .... لكن رأيتك خارجا فأردت أن أطلب منك طلبا .... )
نظر اليها متسائلا بحيرة ... و نظراته مترددة في تأمل ملامحها و .... بنيتها ....
ثم قال بخشونة
( تفضلي ..... تحت أمرك ........ )
ابتسمت و قالت بسعادة
( الأمر لله ..... كنت أتمنى منك الا تخيب ظني في رجاء خاص ..... عرفت من نورا أنها قد اجتازت اختبارها الأخير .... و كانت تشعر بالرغبة في الترفيه عن نفسها ..... لذا أتمنى منك السماح لها بزيارتي .... ليست وحدها بل مجموعة كبيرة من صديقاتها ..... سأدعوهن للغذاء ..... ان وافقت أنت .... )
تجهمت ملامحه بشدة و ظل صامتا , مما جعلها تشعر بإهانة بالغة ....
الهذه الدرجة يراها غير جديرة بالثقة ؟!! ....
تبا لها .... لماذا تقبل بهذه الإهانة ؟!! ....
أرادت في اللحظة تجاوزه و تجاهل رده لتبتعد عنه للأبد .....
و كادت أن تفعلها ....
لكن الغيظ بداخلها جعلها تعض على أسنانها ثم عادت لتلتفت اليه و هي تقول بقوة
( أنا دخلت بيتكم .... و أكلت من طعامكم , اصبح بيننا خبز و ملح .... ساعتدني قبلها و اخذتني الى أمي و بقيت معي حتى اطنئننت عليها ..... أقطن معكم منذ عام و نصف و لم ترى مني ما يثير شكوكك تجاهي الى هذا الحد ...... فقط أخبرني ما هو الضرر الرهيب الذي قد ألحقه بأختك الصغيرة ؟!! ..... )
كان يستمع الى نبرتها الحادة وهو متجهما .... متفاجئا من اندفاعها , و ما أن انتهت حتى قال بسرعة و دون تفكير
( أنا لا أتهمك بشيء اطلاقا ... لا تلصقي بي ذنب كهذا , ..... لكن أنا لا أعرفك ....... )
شعرت ياسمين بأنه صفعها أكبر صفعة ممكن أن تتلقاها في حياتها ...
صفعة احراج بالغ ..... و كأن في كلمته البسيطة , الرد البالغ
أنا لا أعرفك .... فمن أين لي أن أثق بكِ ؟!! ...
قد تكونين سيئة السلوك .... أو حتى مجرمة .... أنا لا أعرفك ......
رفعت ياسمين عينيها تنظر اليه بصمت و قد شحب وجهها تماما من الإحراج البالغ , ... فقالت بصوتٍ جامد
( معك حق ...... بعد اذنك سأنصرف ..... )
و بالفعل تجاوزته بساقين تتخبطان ... الا أنه ناداها بسرعة
( ياسمين ........... )
توقفت مكانها و شعرت بقلبها يدق بسرعة و غباء .... اسمها منه جاء دافئا بشكلٍ لم تتوقعه ....
فالتفتت تنظر اليه بصمت و بحدقتين مهتزتين .... فبدا مرتبكا , ثم قال أخيرا بخفوت
( لم أقصد أن أجرحك ...... أنا فقط ......... )
لم يجد المزيد من الكلام , فقالت تعفيه من الحرج
( أنت صادق ............ )
رفع وجهه ينظر اليها بصمت , فتابعت بنفس النبرة
( أكثر من اللازم ........ لا تدعني أؤخرك عن عملك أكثر من هذا , الى اللقاء ..... )
و استدارت مجددا .... الا أن صوته علا من خلفها يقول بصرامة
( متى تريدين أن تكون تلك الزيارة ؟!! ........... )
توقفت مكانها و تسمرت ... بينما فغرت شفتيها قليلا , ثم التفتت اليه و هي تتأكد مما يقصد ....
كانت ملامحه متجهمة كعادته .... لكن عيناه كانتا مختلفتين .... بهما نظرة لم تستطع تفسيرها كي لا يضيع قلبها ....
همست ياسمين أخيرا و هي تهز كتفها بتردد
( نهاية الاسبوع , .... اذا وافقت .................. )
أومأ أمين برأسه متفهما , ثم قال أخيرا بخشونة
( حسنا ........ )
ارتفع حاجبيها و هي تنظر اليه بدهشة , الا أنه تجاوزها بدوره منهيا الكلام قائلا
( من الأفضل لكِ الذهاب الى عملك ..... فوقوفك هنا , ..... خطأ ..... )
ابتعد عنها و تركها تنظر اليه بصدمة .... بدأت تتحول الى ابتسامة وردية .....
.................................................. .................................................. ....................
أخفضت سوار عينيها الى قبضة ليث التي أطبقت على ساعدها بقوة , ثم رفعت عينيها المتورمتين اليه ....
كان واقفا بذات الشموخ الذي لم يفقده يوما , منذ بداية شبابه .... هيبته التي كان الجميع يتكلم عنها قبل ان يبلغ الثلاثين حتى ......
يتطلع اليها بنفس النظرة التي لم تدرك معناها الا مؤخرا .... نظرة قاومتها طويلا و رفضتها رفضا باتا ...
نظرة عشق جادة و كأنها الحياة بالنسبة له .....
فهمست سوار بتعب
( أريد العودة لبيتي ....... أرجوك ....... )
رفع ليث يده الى وجنتها يحيطها برفق , ثم قال بخفوت حازم .... حنون
( ليس بعد ...... لم تنتهي مهمتي يا مليحة ....... )
عقدت حاجبيها و همست بعدم تركيز
( مهمتك ؟!! ........... )
أومأ ليث برأسه دون أن يحيد بعينيه عن عينيها , ثم قال بخفوت و ثقة
( مهمتي كانت أن تستعيدي طهارة سمعتك ............ )
فغرت سوار شفتيها المرتجفتين قليلا و هي ترفع يدها لتمسح بأصابعها , الا أن أصابعه سبقتها لتمسح الخط النديً الناعم و قال بألم
( الم تنفذ دموعك بعد حبيبتي ؟؟ .......... )
عضت على شفتيها و هزت رأسها قائلة بإمتنان و بنبرة مختنقة
( هذه الدموع لأنني استعدتها ...استعدت سمعتي و شرفي ... مهما قلت فلن أوفيك حقك مطلقا ........ )
ابتسم ليث قليلا وهو يضمها الى صدره بقوة في دارهما الذي غادراه ذات يوم ليلا هربا من اتهامات الالسنة الباطلة ....
و عادا الآن اليه فور خروجهما من دار ميسرة .....
خرجا معا أمام الجميع وهو ممسك بكفها بقوةٍ و لم يتجرأ أحد على اعتراض طريقهما .....
و كأن ألسنة أعمامه قد انعقدت تماما ...... وهم ينظرون اليهما بذهول .....
أما ميسرة فصرخت خلفهما
( لن أتركك تهنأ بها ...... لن أفعل , لاحقتها لعنة لن تنتهي أبدا ........ و أنت ستلحق بها )
حينها استدار ليث لينظر اليها .... فضاقت عيناه بنفور , حيث كانت هيئتها مخيفة ...
أقرب الى البشاعة .....
يعلم الله أنه لم ينظر اليها تلك النظرة من قبل , .... لم يراها بشعة مطلقا , حتى و إن كانت لم تجذبه تماما ...
لكن في تلك اللحظة , رآها كمسخ دميم ..... فقال بأسف
( كنت أشفق عليكِ من جهلك و سواد روحك ....... أما الآن فحتى الشفقة , أصبحت أغلى مما تستحقين )
صرخت ميسرة بعنف
( لا ترحل مع اللعينة ...... لا تفعل ...... )
الا أن والدها صرخ بها وهو ينهال عليها ضربا
( كفاكِ .... حططتِ هامتي أرضا أمام الجميع , ...... اخرسي ..... )
لم يلتفت ليث اليهم أبدا و لم يهتم
بل خرج مع سوار كي لا يسمع المزيد من صوتها المخزي ....
كان في حاجة للإنفراد بها , ....سوار دون غيرها ....
ضمها الى صدره بقوة حتى تبكي الى أن تنفذ دموعها تماما , ثم يمسحها لها ...
لم يتوقع أن تطلب منه العودة الى بيتهما , و طالما أنهما هنا في دارهما , فهذا يعني أنها قصدت العودة الى بيتهما في المدينة ...
فقال بخفوت وهو يضمها اليه أكثر
( ظننتك ستسرين بالعودة الى دارك يا مليحة ........... )
رفعت وجهها الشاحب المبلل اليه ثم همست
( لم أشعر به داري ........ أريد العودة لشقتنا هناك في المدينة , بعيدا عن البلدة و قوانينها .... بعيدا عن كل ما عايشته هنا من ألم ..... لقد منحت هذه الأرض أكثر مما احتمل و اكتفيت , فمهما بلغ حبي لها ... لكنني أريد الإبتعاد ..... )
ابتسم لها ليث بحنان و بدت عيناه بعمق المحيط ... قادرتين على ابتلاعها فلا تنجو منهما مطلقا ....
ثم قال بصدق لم يخطئه قلبها
( على الرغم من عنادك و غبائك و سوء تصرفك .... و فضلا عن رغبتي في بعض الأحيان بضربك حتى تفقدين الرؤية باتزان ..... الا أن تلك الأيام التي عشناها سويا في شقتنا هناك , كانت أسعد أيام حياتي على الإطلاق .......... )
ابتسمت له قبل أن تغمض عينيها على آخر دموعها التي انسابت من تحت جفنيها المنطبقين ....
و همست على مضض و كأنها تخجل من اعترافها
( لا أعلم إن كانت أسعد أيام حياتي .... فلم أكن أبدا بمثل هذا العنف و الغضب و الشعور بالقهر ... كما كنت هناك ..... أحيانا كنت أرغب أنا أيضا في ضرب رأسك الصلب بأقرب جدار ....لكن ... لكن هناك بيتي .. )
اتسعت ابتسامته وهو ينظر اليها بنظرة جعلته أصغر عمرا ... ثم قال بصوتٍ أجش
( لا أحد غيرك مسموح له بمخاطبتي بتلك الطريقة يا مليحة ...... )
ابتسمت بجمالٍ حتى تألق طابع الحسن في ذقنها فضاعت ابتسامته هو ... و قال مبهورا
( سبحان خالق هذا الجمال ...... من أين لكِ بكل هذا الحسن ؟! ..... )
أسبلت جفنيها و هي تشعر بنفسها ملكة في حضرة سيد عرشها ...... كانت له طريقة في مغازلتها تجعلها تشعر بهذا ....
حتى صيغة كلماته مختلفة و كأنه خرج من كتاب ألف ليلة و ليلة .... لها وحدها و دون غيرها ....
رفعت وجهها تنظر اليه و همست بصوتٍ مرتجف
( اذن لنعد الى هناك .............. )
قال ليث بعد فترة من تأمله لها ,
( ليس بعد حبيبتي ...... هناك زيارة أخرى أهم ......... )
عقدت سوار حاجبيها و هي تقول بقلق
( زيارة أخرى ؟!! .......... ماذا تقصد ؟! أعصابي لم تعد تتحمل , ارحم سني فأنا لم أعد صغيرة لكل هذه الإنفعالات ..... )
ضحك ليث عاليا وأمام عينيها المشدوهتين رأت رأسه المتراجع للخلف ..... و كأنه فتى يغازل مراهقته الحبيبة .....
ثم نظر اليها قائلا بخبث
( أي سن تتحدثين عنه يا وحش الليل ؟!! ..... لقد كدتِ أن تصيبيني بإصاباتٍ خطيرة جدية و أنتِ تصارعينني بمقاومتك الغبية بينما .... )
هتفت سوار و قد احمرت وجنتاها بشدة بينما اتسعت عيناها
( هششششش .... ما هذا الذي تقوله ؟!! هل فقدت حيائك يا رجل ؟!! ....... )
ابتسم بحنان وهو ينحني ليلثم ثغرها الخلاب .... ثم قال هامسا بجدية
( معكِ ..... أريد أن أفقد حيائي و عمري الذي ضاع بعيدا عنكِ ....... )
ارتبكت اكثر فترنحت , الا أنه اسندها الى صدره و سألها بخفوت
( هل أنتِ بخير ؟!! ............ )
أومأت برأسها دون رد .... حينها همس لها بجدية
( جيد , اريد منكِ أن تستجمعي قواكِ لفترة يا مليحة الى أن ننتهي من زيارتنا التالية ... و أعدك بعدها أن تنامين بين أحضاني للأبد ....... )
رفعت سوار وجهها تنظر اليه بصمت , مدركة بأنه لن يتراجع عن شيء سبق و دبره مطلقا ....
لقد باتت تعرفه جيدا ......
.................................................. .................................................. ................
ارتمت سوار بقوة على صدر جدها و هي تضمه اليها بقوة باكية ... فضحك بوهن و هو يسعل قليلا
ثم قال
( على مهلك يا ابنة غانم ..... لم يعد جدك في عزمك و قوتك .... )
رفعت سوار كفه الى فمها و قبلت ظاهرها بقوة هامسة من بين دموعها
( اشتقت اليك يا جدي ...... اشتقت اليك جدا , بعيد الشر عنك يا غالي ..... أنا السبب في مرضك , لذا لم أقوى على رؤيتك ..... )
رفع جدها يده ليربت بها على قمة رأسها ثم قال بصوته الخشن
( لا تقولي هذا يا جوهرة عائلة الرافعي .... و سيدة هذا الدار , ما هو الا عمر و ينقضي ليسترد الخالق أمانته .... )
بكت بصوتٍ مختنق و همست
( لا تقل هذا ......... أرجوك ........ )
قال جدها وهو يربت على كفها الممسكة بيده ....
( ظلمتك كثيرا يا ابنة غانم ...... .... )
هزت رأسها بقوة و قالت بحزم و هي تمسح دموعها
( لا ..... لم تظلمني ...... لا تقل هذا , .... كل خطوة في حياتي اتخذتها بمحض ارادتي ..... )
قال لها جدها بملامح متغضنة
( فرضتها عليكِ الظروف ..... و كان علينا الوقوف ضدها , كي لا نجبرك على شيء ..... )
ابتسمت بحزن و قالت
( قدر و مكتوب يا جدي ............. )
قال سليمان بتعب
( أين هو زوجك .......... )
استدارت سوار تنظر خلفها , حيث كان ليث واقفا , مكتفا ذراعيه .... و للحظة توقفت عيناها على عينيه ...
كانت النظرة فيهما غريبة وهو ينظر اليها , .... عاقدا حاجبيه و كأن ما سمعه قد أوجعه بطريقة تجهلها ...
قالت سوار و عيناها لا تزال تحومان عليه
( ها هو عند الباب يا حاج ............. )
فقال سليمان يناديه
( تعال يا ليث يا ولدي ...... لا أقوى على رفع رأسي ...... )
اقترب منه ليث و قال بهدوء
( السلام عليكم يا حاج ...... سلامتك من المرض .... )
اقترب من الجهة الأخرى من فراش سليمان الرافعي و انحنى ليربت على كفه ليقول بصوت جاد
( أريد جمع أعمام سوار يا حاج ..... لدي ما أقوله لهم ..... )
رفعت سوار وجهها تنظر اليه بحيرة , الا أنه تابع يقول بنفس الحزم
( أعلم أن الوضع غير مناسب لطلبي هذا..... لكنني سبق ووعدتك أن أسترد سمعة سوار و أرد لها شرفها ..... و سيحدث هذا على الملأ ....... )
نظر اليه سليمان يتفحص ملامحه بقوة , فتابع ليث يقول وهو ينظر الى وجه سوار المبهوت
( لقد عرفت من أشاع عنها بالباطل , وهو من عائلتي ......لذا فأنا المسوؤل بالكامل عن رد شرفها , لقد تمت معاقبة هذا الشخص ...... أما بالنسبة لسوار , فأنا سأمنحها مهرا جديدا , و تزف الى داري في هودج عروس ......على مرأى و مسمع من الجميع و أولهم أعمامي .. )
ارتفع حاجبي سوار بذهول و قالت
( مهر و هودج !! ........ لا مستحيل , لن أقبل بهذا أبدا ...... )
ابتسم لها ليث دون مرح , فقد كانت النظرة بعينيه حزينة وهو يقول بجدية
( اتركي الأمر للرجال هذه المرة أيضا يا مليحة .... و أعدك أن تكون المرة الأخيرة التي يفرض عليكِ بها شيئا ...... )
أغمض سليمان عينيه وهو يتأوه بصوتٍ أجش معذب
( الحمد لله ....... ....... )
ثم مد يده بضعف الى أن أمسك بها ليث و مال اليه , كي يسمع ما يقول , فهمس سليمان بصوتٍ خشن متعب
( أنا مدين لك ..... كلنا مدينون لك يا ولدي .... )
كانت سوار تنظر اليهما و كأنها تحاول استيعاب ما يحدث , و ما أن استعادت صوتها حتى عارضت بقوة
( لا أريد أن أزف و أخرج من هنا عروسا فهذا دار .......... )
صمتت و هي تمسك لسانها في اللحظة الأخيرة , الا أن ليث أدرك تماما ما كانت على وشكِ قوله .... فأظلمت عيناه قليلا , لكنه قال بخفوت و كأنه لم يفهم ....
( سيتم هذا الأمر كما يليق بكِ يا سوار ....... و إن كان لديكِ هنا من يهمك بحق فستقبلين بهذا .... لأن شرفك هو شرف كل شخص في هذا الدار .... )
تاهت عيناها أمام عينيه الصارمتين , فنظرت الى جدها و قالت متوسلة
( جدي ................ )
بقى سليمان صامتا قليلا وهو يفكر بعمق ... ثم قال أخيرا آمرا
( اذهبي و استدعي من أعمامك كل من هو موجود في البلدة حاليا يا سوار ...... )
هتفت سوار بعجزٍ مصدومة
( لكن ......... )
قال سليمان بنبرة قوية رغم ضعفها
( لا تجادليني الآن يا ابنة غانم ....... اعترفت أنني ظلمتك بالفعل , لكن لا تتمردي في نهاية حياة جدك يا فتاة و ترفقي به ...... )
نقلت سوار عينيها بينهما بغضب و ألم ..... الا أن ملامح ليث كانت جدية تماما لا تقبل الجدال أو المفاوضة ....
فما يأمر به .... يخص شرف المليحة ابنة وهدة الهلالي ..... لذا هو على استعدادٍ لدفع حياته ثمنا لهذا الشرف ...
نهضت سوار مندفعة بقوة و هي تنفض عبائتها بجنون .... بينما نظر سليمان الى ليث يتأمله طويلا ثم قال بخفوت
( أنت يا ولد ...... تعلمت منك الشجاعة ...... )
عقد ليث حاجبيه بشدة وهو يعيد الى عينيه الى سليمان الرافعي متفاجئا من عبارته المجهدة , فقال بسرعة
( حاشاك يا حاج ..... ..... )
الا أن سليمان هز رأسه قليلا وهو يرفع وجهه مغمضا عينيه .... ثم قال بتعب
( ليتني فعلت أشياء كثيرة على الملأ كما فعلت أنت .... مرة بعد مرة!! ...... كم من مرةٍ وقفت أمام الجميع و تحديت القوانين , نصرة للحق !! ...... أما أنا فكانت العائلة لدي أهم , مما جعل الظلم يقع على كثير من أحفادي ...... )
ظل ليث صامتا قليلا وهو يستمع الى سليمان ..... ثم قال دون مواربة همسا ...
( قاصي الحكيم يا حاج ........... )
ارتفع حاجبي سليمان وهو ينظر الى ليث بدهشة مصدوما , ثم قال بوهن
( ألهذه الدرجة أنا مكشوف اليك يا ولد ............ )
ابتسم ليث برفق .... ثم قال بخفوت
( لا يا حاج ..... لكن حين تذكر كلمة ظلم في هذا الدار , لا يسعني الا تذكر اسم واحد .... قاصي الحكيم ..... أخي الثالث بعد سليم رحمه الله ..... قصة تشاركها ثلاثتنا و اختلف كل منا أنا و سليم على الحكم بها ..... بينما بقى قاصي ضائعا بين أمواج هذه الرحلة المضنية ...... لقد أريق دم والدته ظلما و عاش هو منبوذا من الجميع ملطخ بعارها المزعوم ...... و الظالم يسكن أرجاء هذا الدار .... هانئا دون ذرة رحمة ..... )
تغضنت ملامح سليمان أكثر دون أن يجد القدرة على فتح عينيه .... ثم قال بخفوت
( لم أكن أعرف ...... )
قال ليث بصوتٍ خافت قليلا
( و بعد أن عرفت ؟!! ...... لا أقصد أن أتهمك بشيء يا حاج , لكن من الواضح أنك تريد سماع هذا , و الا ما كنت قد بدأت الكلام و أنا لن أكتم حقا أبدا ....... )
ساد صمت ثقيل بينهما , ثم قال سليمان أخيرا
( عمران الآن في السجن .... هل عرفت ؟ ....... )
أومأ ليث وهو يقول بصدق
( بالطبع عرفت ..... كان هذا مجهود قاصي الشخصي , كم قضى من السنين وهو يعد لهذا .....كان يلاحقه سرا يجمع أقل معلومة قد تفيده ..... كان كمن يحارب أمواج البحار .... لا يملك الا طاقة غضب قادرة على احراق الجميع .... هي فقط من ساعدته على الوصول الى هدفه الذي كان مستحيلا في بداية شبابه .....
لقد أقسم قاصي قديما ان يقتل عمران .... و كان يحيا لهذا السبب فقط ..... لكن شيء واحد هو ما منعه ........ )
فتح سليمان عينيه و نظر الى ليث بصمت , ثم قال بصوت غريب مؤلم
( حفيدتي الصغيرة ....... تيماء ابنة سالم ........ )
أومأ له ليث بصمت .... ثم قال أخيرا بخفوت
( كانت له الحياة ...... كما كانت سوار بالنسبة لي ........ فكان على كل منا البحث عن حياته , فوق القوانين و الماضي و كل شيء آخر ..... )
أفلتت تنهيدة يائسة من بين شفتي سليمان وهو يتنفس بتحشرج , ثم قال بصوتٍ مختنق
( لقد عوضته ......... و سأفعل المزيد ..... )
ابتسم ليث دون مرح , ثم قال بخفوت
( أتخيل أنك قد عوضته بسخاء يا حاج .... لكنك لو كنت تعرف قاصي جيدا , فستدرك أن المال لم يكن مطمعا له مطلقا .... لا شيء يوازي شرف الأم ..... مهما كانت امرأة بسيطة , ظن البعض ألا قيمة لها , فانتهكوها دون رحمة و كأنها لا تستحق الرحمة ... و كأنها ليست من البشر أصلا .... )
كان سليمان ينظر اليه بنظرة غريبة موجعة .... ثم قال بخفوت و كأنه ينشد الراحة من غريب
( سأعمل على أن يظهر الحق حين يسترد الله أمانته ........... )
ظل ليث صامتا قليلا .... يشد على يد سليمان و كأنه يمنحه الدعم على الرغم من كل شيء , رغبة أخيرة منه في أن يساعد قاصي قدر استطاعته في هذا الأمر الحساس .... على الرغم من كونه ليس من العائلة ...
ثم قال بحذر
( أطال الله عمرك يا حاج ....... لا أعرف بالضبط ما انتويته , لكن الا تظن أن وقوفك بجوار قاصي في حياتك سيشكل له فارقا ... ... )
قال سليمان بصوت خافت
( الأمر صعب ...... صعب ..... عمران , ...... لا يزال ولدي ... كيف أملك القوة ؟! ....... )
رد ليث دون تردد ....
( أمام حساب رب العالمين , ستتمنى لو عدت يوما كي تمتلك تلك القوة ...... )
نظر اليه سليمان بدهشة , فتنهد ليث قائلا
( أعلم أنني تجاوزت حدودي .......... )
الا أن سليمان قال بعد فترة ....
( أتعلم لماذا اخترت أن أتكلم معك أنت تحديدا ؟! ........... )
رد ليث بخفوت
( لماذا يا حاج ؟ ............ )
أجابه سليمان قائلا مرهق الأنفاس
( لأنك لا تملك مصلحة ....... أخشى على قاصي من أولادي من بعدي .... لن يرحموه .... )
قال ليث مؤكدا
( و هذا سبب أدعى كي تدعمه في حياتك و تبريء ذمة والدته يا حاج ...... )
نظر اليه سليمان طويلا وهو يتفكر في كلامه القوي ثابت النبرات .... ثم قال بخفوت
( السبب الآخر ...... أن ما فعلته حتى الآن مع سوار , جعلك أقرب لي من أولادي يا ابن الهلالي , الآن فقط سأطمئن الى انني سأرحل و أتركها في حماية رجل يصونها و يحميها من الجميع .... )
أسبل ليث جفنيه وهو يتنفس بقنوط .... نفسا طويلا .... بطول السنوات المضنية , ثم قال أخيرا بصوتٍ غريب
( ليتك لم تضيع منا السنوات يا حاج ..... لكن , الحمد لله على كل حال , قدر و مكتوب ....... و قدري أن تكون سوار لي في نهاية المطاف , لذا فأنا شاكر على هذه النعمة ..... )
شد سليمان على يد ليث بقوة و همس بحرارة
( أشكرك ...... أشكرك يا ولدي على رد كرامتها للمرة الثانية ....... )
ابتسم له ليث دون رد , بينما لم يكن رضاه كاملا ..... ليست سمعتها فقط هي ما يسعى اليه , لو كان الأمر بيده , لإقتص من راجح على فعلته ....
أن ينقذ سمعتها دون أن يعاقب مدنسها , لهو نصر منقوص .... و كرامته موصومة بهذا النقص للأبد ما لم يأخذ لها حقها ....





يتبع



التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 05-02-17 الساعة 12:19 PM
tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 22-01-17, 04:44 AM   #11153

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

خرجت سوار برفقة ليث من جناح سليمان الرافعي و هي تغلي و ترتعد ..... لكنها لم تجرؤ على الكلام أو النطق , فما فعله معها كان أكبر من أن تستطيع معارضته .....
خرج أعمامها قبلها بعد جلسة مطولة , ووافق الجميع على التعويض المادي و العلني الذي تعهد به ليث أمامهم جراء ما اقترفته احد أفراد عائلته دون أن يذكر اسم ميسرة , كي لا تسوء سمعتها هي الأخرى على الرغم من أنها تستحق ..... كان طلبه الوحيد أن يبقي على اسم من ارتكب هذا الجرم اكراما لإعتبارات خاصة ... لذا كان الأمر مفهوما دون الحاجة للإعتراف باسمها ....
لذا تمت الموافقة على صلح جديد و تعهد آخر من قبل ليث .... و أمام عينيها العسليتين الواسعتين , رأته يحمل المسؤولية مجددا .....
كم بدا مهيب الشكل وهو يجلس في مواجهتهم , عارضا عليهم القبول بجميع شروطهم كي يستحقها من جديد ... دون ان يخفض هامته ولو للحظة ....
عيناه لا تحيدان عن عينيها الا اضطرارا .... يبتسم لها كلما انتابها التردد أو الإرتباك و الحرج من حساسية وضعها .....
لذا لم تستطع المعارضة حين قبل جدها و أعمامها بما عرض ...... فأغمضت عينيها يأسا ....
و ما ان فتحتهما مجددا حتى رأت عينيه تنظران اليها مباشرة .... و بنظرة صريحة , قوية ..... و كأنه يحاول اختراق أعماقها ليعلم مدى احساسها بأنها مرغمة على ما تريد من جديد .....
( تمهلي يا مليحة ..... قد تتعثرين بطرفِ عبائتك , فتسقطين على ذقنك و قد يطمس طابع الحسن الذي أعشق تذوق طعمه .... حينها لن ارحمك .... )
توقفت سوار مكانها في الرواق الطويل , ثم التفتت اليه و هي تهمس بغضب من بين أسنانها
( هششششششش .... ما بالك اليوم ؟!!! ....... ستفضحنا ..... هل أصابك مس من الجنون ؟! ... )
ابتسم قائلا بثقة و جدية و هو ينظر اليها
( الا تدرين ماذا أصابني ؟! .... نعم أصابني مس من الجنون .... فالليلة هي ليلة عرسي الحقيقي منكِ ... منكِ وحدك دون شريكة لكِ بي ...... مصانة الكرامة , مرفوعة الرأس .... اليوم أنا عريس .... اتضنين علي ببعض السعادة ؟!! .....)
لمعت عيناها رغم عنها , و لم تستطع اخفاء البريق بهما .....
و لمح هو هذا البريق الخاطف ..... فابتسم لها بحنان و ابتسمت رغم عنها ....
حينها فقط مد لها ذراعه كي تحتمي باحضانه .... فتقدمت اليه بملىء ارادتها حتى اندست في صدره مخفضة الوجه ..... فانحنى وجهه ليلثم جبهتها متنهدا بقوة و كأنه مرهق حد السقوط بين أحضانها ...
ثم همس لها فوق جبهتها ...
( الليلة ستكونين أجمل عروس ...... عروس بحق , لا كالمرة السابقة ...... )
رفعت وجهها الشاحب اليه و همست بينما ارتاحت كفها على صدره
( كنت تعد لكل شيء قبلا ؟!!! ...........)
أومأ لها دون رد ... ففتحت شفتيها تود الكلام , لكن عيناها شردتا فجأة تجاه الممر المؤدي الى جناحها مع سليم ....
توقفت سوار مكانها و قد خانتها قدماها للحظة .....
بدت و كأنها قد أفاقت على نفسها من تلك الفرحة التي أوشكت أن تختطفها .... و أدرك هو ما تفكر به , فهو يعلم جيدا مكان جناحها مع سليم .....
شعر ليث بألم في صدره و كأن هناك من مد قبضته و اخترق بها صدره ,, ثم انتزع قلبه حيا من بين أضلاعه .....
نفس الشعور الذي أحسه حين رآها ذات يومٍ على ظهر جوادها ... ترتدي ملابس الرجال , الا أنه عرفها من عينيها .... و لمح الضحكة الوضاءة بهما .....
نفس قرصة القلب الموجعة ....., الا أنه أتبع نظراتها الى الممر الذي شردت به صامتة تماما ...
ثم أعاد عينيه اليها و قال فجأة خفوت
( يمكنك الذهاب ........... )
رفعت سوار وجهها اليه مجفلة .... ثم قالت و هي ترمش بعينيها
( ماذا قلت ؟!! ..... الى اين أذهب ؟!! ......)
قال ليث بعد لحظة صمت
( الى جناحك القديم ....... يمكنك دخوله ........ لن أتطفل على ذكراكِ .... )
بهت وجه سوار تماما و ارتجفت شفتيها ناظرة اليه بعدم تصديق ... ثم هزت رأسها بقوة و هي تقول
( لا ..... لن أفعل ....... لا يمكنني أن ........)
الا أن ليث رفع أصابعه ليسكت فمها بها وهو يقول بصوت خافت عميق
( اذهبي ............ )
وقفت سوار مكانها تنظر اليه بعينيها من فوق اصابعه التي تغطي فمها .... قبل ان يبعدها ببطىء ....
فهمست باختناق
( لن أستغرق وقتا طويلا ............ )
أومأ ليث برأسه ... أو هكذا توهم لها , فقط مالت رأسه قليلا دون أن تستطيع قراءة ملامحه ....
فابتعدت عنه تتراجع للخلف في خطوات متعثرة دون أن توليه ظهرها ... وهو كان يستدير معها ليراقبها بصمت الى أن استدارت أخيرا و أسرعت الخطى بينما عبائتها ترفل خلفها , ....
.................................................. .................................................. ................
أغلقت سوار باب جناحها و سليم خلفها .... لتنظر اليه كما تركته تماما .....
ظلت واقفة مكانها تجيل عينيها في المكان و هي تتنهد بصوتٍ مرتجف ..... كان هو نفس المكان .....
نفس الروح الجميلة التي تسكنه , و كأنها لا تزال تسمع صوت ابتهالات سليم ....
فابتسمت بحزن ..... ثم أغمضت عينيها و همست
( السلام عليكم و رحمة الله ......... )
لترفع يديها أمام وجهها و تهمس بقراءة الفاتحة ..... و ما أن انتهت حتى مسحت وجهها بكفيها قبل أن تفتح عينيها مجددا .....
كانت النظرة بعينيها مختلفة .... عميقة الحزن , لكن مع ابتسامة لم تمت على شفتيها ....
تحركت سوار ببطىء حتى ذهبت الى دولاب سليم .... ففتحته و التقطت احدى عبائاته ....
و كما أمرت .... تُركت العباءات كما هي دون غسيل , كي تبقى رائحته الطاهرة بها ....
أغمضت سوار عينيها و هي تستنشق هذه الرائحة العطرة .... لتملأ بها صدرها ....
ثم اتجهت ببطىء الى السرير و جلست على حافته بينما العباءة بين كفيها ....
رفعت سوار وجهها و همست بإختناق
( عرس جديد .... و اعتذار آخر ........ أنا آسفة يا حبيبي و صديقي الغالي ..... )
صمتت قليلا و هي ترمش بعينيها كي لا تطرف دموعها المحتجزة , ثم أخذت نفسا عميقا للتتابع همسا
( آسفة لأنني الليلة ...... لست مجبرة ....... أنا ذاهبة معه بكامل ارادتي يا سليم ..... )
عادت لتصمت قبل أن تنظر الى الغرفة الجميلة , فابتسمت أكثر و لم تستطع منع الدموع من الإنسياب على وجهها ..... ثم هتفت همسا من بين بكائها الناعم و ابتسامتها الحانية
( آسفة لأنني ..... أحبه ...... أحبه بكل جوارحي ....... )
أغمضت عينيها بقوة و هي تدفن وجهها في العباءة الناعمة ..... و أبقته هناك عدة لحظات , قبل أن ترفع عينيها الحمراوين .... واسعتين .... واسعتين للغاية , قبل أن تهمس ببطىء
( آسفة .... لأنني لن آخذ بالثأر .......... و أعرف أنك الآن ارتحت يا حبيب الروح ..... )
نظرت حولها مبتسمة من بين دموعها .... ثم أومأت مبتسمة و كأنه موجود حولها ... و همست مجددا
( أعرف أنك ارتحت ............ )
.................................................. .................................................. ...............
بعد مضي بضعة ساعات من التحضيرات على قدمٍ و ساق ......
نزلت سوار على السلالم العتيقة الخشبية و هي ترتدي عباءة شرقية ... مطرزة بخيوط الذهب من بدايتها و حتى نهايتها .....
و حول جسدها عباءة أخرى بيضاء ... تخفيها تماما من مقدمة رأسها و حتى أخمص قدميها .....
و ما أن خرجت من باب دار الرافعي .... حتى تعالت زغاريد النساء بقوة و انطلقت الأعيرة النارية ....
حتى تحولت السماء الداكنة الى ساحة احتفالات ....
رفعت سوار وجهها تنظر عبر القماش الأبيض الشفاف الذي يغطي وجهها ... لترى ليث واقفا بجوار الجمل الجاثي أرضا ....
فغرت شفتيها مبهورة و هي تراه يقف و أقل ما قد يقال عنه ..... هو أنه ..... رائع .....
الأربعيني الرائع .....
بكل هيبته و جاذبية سطوته ..... بالشعر الأبيض الذي خط جانبي رأسه ..... و العباءة التي تحيط كتفيه مفتوحة .... مما جعلت منه ملكا متوجا .....
وقفت مكانها تتأمله مصدومة الى أن صعدت عيناها حتى تقابلتا مع عينيه .... حينها فقط سرت رجفة في بدنها بأكمله ...
كان ينظر اليها و كأنه قد حظى بها أخيرا ....... و كأنها لم تكن له يوما من قبل ....
هو في نهاية العشرينات ..... و هي في الثامنة عشر .....
كان هذا عمر قلبيهما في تلك اللحظة ......
حين طال بها الوقوف ..... حثتها احدى زوجات أعمامها على التقدم .... فتحركت بالفعل و نزلت السلالم القليلة أمام باب الدار ... حتى وصلت الى الجمل الذي يحمل هودجا رائع الجمال .....
حينها تقدم منها ليث مبتسما ليمسك بكفيها فرفعت وجهها تنظر اليه , الا أنها لم تجد الوقت لتتأمله مليا ...
فقد انحنى ليرفعها بين ذراعيه بقوة .... بينما شهقت هي برعب و هي ترى نفسها تطير في السماء قبل أن تحط على مقعد الهودج ....
ما أن استقرت مكانها حتى رفعت كفها الى صدرها تلتقط أنفاسها .... ثم نظرت الى ليث الذي كان ممسكا بستار الهودج وهو يراقبها مبتسما بجذل .... ثم قال لها بخفوت همسا و تسلية
( أراك في دارنا يا وحش الليل ............ )
و أسدل الستار بعدها ....... حاولت سوار تهيئة نفسها , الا أن الجمل انخفض بها للأمام فجأة بأقصى سرعة .... فصرخت عاليا .... و هي تتشبث بقوائم الهودج كي لا تقع على رأس الجمل ....
ثم عاد ليرتفع وهو يلقي بها للخلف مجددا , فصرخت مرة أخرى وهي تمسك بقائمتي الهودج مغمضة عينيها بشدة و كأنها في احدى ألعاب الملاه المخيفة ....
كانت تتنفس بسرعة و رعب ... الى أن بدأ الجمل في الحركة .... مع صوت الأعيرة النارية ....
لكن فجأة توقف كل شيء ..... و ساد الصمت , فأزاحت سوار الستار قليلا لتنظر منه كي تتحقق مما يحدث ....
لترى ليث واقفا وهو رافعا كفه .... كي تصمت الأعيرة و الزغاريد ....
ثم هدر صوته بقوة يشق هذا السكون الليلي ...
( الليلة ليست عرسا جديدا ....... بل هي احتفالا مني بسليلة عائلة الرافعي .... زوجتي ... و هي تسترد كرامتها أمام الجميع ...... و ليشهد على هذا كل من يمر به هذا الهودج الذي يحملها ..... )
ثم أشار بيده الى الجمال كي يتابع سيره ... بينما تعالت الأعيرة النارية مجددا صاخبة و مرحبة ......
.................................................. .................................................. .....................
جلس ليث على حافة الفراش وهو يراقبها مبتسما ابتسامة خطفت قلبها ....
بينما وقفت أمامه ممسكة بحافتي عبائتها الطويلة .... تنظر اليه عبر القماش الأبيض الشفاف .....
الى أن قال أخيرا بخفوت
( اخلعي عبائتك حبيبتي ........دعيني أرى جمالك يا مليحة ........ )
دون اعتراض , رفعت سوار كفيها كي تفك أربطة العباءة الخارجية ..... ثم تركتها تسقط أرضا , بينما وقفت أمامه مطرقة الوجه و كأنها عروس صغيرة في الثامنة عشر .....
توقفت أنفاس ليث بحلقه وهو ينظر اليها مشدوها ....
كانت سوار كما لم يرها من قبل .... آية من الجمال ..... و هي ترتدي عباءة حريرية بيضاء , مطرزة بالكامل بالخيوط الذهبية .... و قد تركت شعرها منسدلا طويلا يكاد أن يلامس ساقيها في تموجاتٍ بسيطة طبيعية ...
فقط رفعت جوانبه بمشابك فضية قديمة ... تستخدمها العرائس في البلدة حتى الآن .....
عيناها محكلتان بقوة صريحة .... مرسومتان رسما بخطٍ أسود ثقيل حول اللون العسلي الشاحب لهما مما جعلها تبدو كفاتنة دون مبالغة منه .....
رفعت سوار وجهها تنظر اليه مبتسمة , بينما قلبها يدق بسرعة ..... و قبل أن يستوعب بعد كل هذا القدر من الجمال .... كانت قد رفعت كفيها مرة أخرى و فكت العباءة المطرزة لتضعها جانبا بكل ملوكية .....
حينها سقط فك ليث وهو يرى تلك الفاتنة الخلابة التي أخذت تريه من الجمال درجاتٍ حتى وقفت أمامه أخيرا
بثوبٍ من الحرير الخالص .... بدا شفافا .... و الضوء الجانبي يحاوطها ....
مظهرا كتفيها و صدرها و جمال قوامها دون خجل ..... ثم ينساب عليها كعروس فضية خرجت من بين أمواج البحر للتو ..... .
رفع ليث حاجبيه وهو يحاول الكلام ... الا أنه لم يستطع ....
فابتسمت له بمكر , قبل أن تتجه اليه متهادية حتى جلست بجواره ثم قالت ببساطة
( هل ستظل صامتا هكذا طويلا ؟!! ........ ألم تكن أنت من اشتريت لي العباءة المطرزة دون علمي ؟!! ....... )
هز ليث رأسه قليلا , ثم قال بصوتٍ مبحوح متحشرج
( ابتعت العباءة المطرزة ..... أما هذه ......... )
رفع يده ليضعها على جانب خصرها وهو يمر بها على طول جسدها ببطىء ..... عاجزا عن الكلام ....
فازدادت ابتسامتها تألقا و همست هي الأخرى ...
( أحضرتها معي ........... قلبي أخبرني أنني قد أحتاجها ...... )
أخذ ليث نفسا عميقا وهو ينظر اليها , ممتعا نظره بجمالها الذي يسلب العقل و القلب .... ثم قال بصوتٍ أجش
( لطالما أعبتني نظرتك البعيدة للأمور .......... )
ضحكت سوار و هي تطرق بوجهها ..... بينما هو يتأملها و كأنه غير قادرا على اشاحة نظره عنها الى أن قالت و هي تنظر جانبا بخجل
( حسنا .... أشعر بتورد وجنتي و هذا غريب جدا ........ )
قال ليث بصدق
( من حقك أن تخجلي يا مليحة و أنت ترتدين ما لا ترتديه ...... )
أفلتت ضحكة أخرى من بين شفتيها و هي ترفع أصابعها الى جبهتها بحرج , ثم نظرت اليه أخيرا و قالت بصدق
( ليث ....... كيف لي أن أشكرك ؟!! ......... )
اقترب منها ليث ببطىء وهو يميل عليها حتى تراجعت و استلقت على الفراش .... ثم مد أصابعه ليخلع المشابك الفضية عن شعرها و يرميها أرضا قائلا بصوتٍ أجش
( بأن تبدأين بخلع تلك الأسلحة الخطيرة مثلا .......... )
ثم انحنى أكثر ليقبلها بنعومة وهو يبعد كتف قميصها الحريري ببطىء شديد وهو يهمس لها بشغف
( و هذا ..... من باب الإمتنان ...... )
حاولت الكلام , الا أنه أصمت كل محاولاتها .... و نست ما كانت على وشك قوله ....
فتحت سوار عينيها ما أن أبعد وجهه عنها قليلا .... فرأت وجهه مطلا عليها , ينظر اليها بعشق أسير عينيها .... ليقول أخيرا بصوتٍ عميق يرتجف
( احساسي الليلة و أنت الزوجة الوحيدة لي ..... فاق أي سعادة أخرى عرفتها في حياتي ..... )
ابتسمت سوار برقة و هي تلهث بصمت ..... لكن فجأة , انعقد حاجبيها بشدة , بهتت ملامحها بينما شردت عيناها بعيدا .....
ثم قفزت جالسة و هي ترفع كفيها الى وجنتيها مغمضة عينيها بهلع ....
استقام ليث بجوارها وهو ينظر اليها عاقدا حاجبيه بقلق ...ثم قال
( ماذا بكِ يا سوار ؟!! ...... ما الذي غيرك بهذا الشكل ؟!! ....... )
ظلت سوار على نفس وضعها المصدوم , قبل أن تدير وجهها اليه ببطىء و عجز .... ثم هزت رأسها و هي تهمس بذعر
( ليث ..... لقد تهورت ...... و فعلت شيئا سيئا للغاية ..... )
ابتسم ليث وهو يداعب شعرها ليقول بمداعبة خبيثة
( سواء تهورتِ ... تشقلبتِ .... حتى و إن أضئتِ في الظلام ..... لن يعتقك شيء من بين ذراعي الليلة ... )
فغرت شفتيها بصدمة , ثم ابتلعت ريقها و هي تهمس بعجز
( ليث ....... أنا آسفة , لم أكن أعرف أنك تنوي فعل كل هذا لأجلي , ظننتك تريد اذلالي فقط .... )
عقد ليث حاجبيه مجددا و قال بخفوت
( ماذا بكِ حبيبتي ؟ ...... أخبريني بما فعلتِ , لكن اطمئني أولا أنه لن يبعدني شيء عنكِ مطلقا ..... لقد تعودت على غبائك و صلابة عقلك المزرنخ .... لذا لا أعتقد أن هناك ما قد يصدمني أكثر ... )
أفلت نفس مرتجف من بين شفتيها , ثم همست بأسى و بصوتٍ متقطع .... ناظرة اليه بطرف عينيها
( لقد ........ لقد خطبت , لك فتاة أخرى ........... )
.................................................. .................................................. ...............
( انتظر يا ليث ..... أرجوك اسمعني لحظة فقط ...... )
جرت سوار خلفه على السلالم و هي لا تزال في قميصها الحريري الشفاف ... و شعرها ينتفض من حولها , يشاركها بعثرة كيانها كله ....
الى أن أمسكت بذراعه و نشبت فيها أظافر كفيها , ...... استدار ليث لينظر الى كفيها الممسكين به , ثم رفع عينيه الى عينيها , فصدمتها النظرة بهما و التي جمدتها في مكانها , الا أنها لم تبالي و صرخت بقوة
( لقد آلمني تصرفك يا ليث .... و ظننتك تذلني ....... أوجعتني جدا بكلامك عن احتمال حمل ميسرة بطفلك , و أنا غير قادرة على حمله لك , و فرضك الإنجاب علي بالقوة .... كل هذا جعلني كالمجنونة ...... لذا تصرفت دون تفكير , ... أردتك أن تحصل على طفل من أي امرأة الا ميسرة ...... لأنها هي التي شوهت سمعتي و أساءت الى شرفي ......و أردت أن أجرحك كما جرحتني ..... أردت ضرب عصفورين بحجر , معاقبتك على تعاملك معي .... و أيضا تحصل على طفلٍ من امرأة , أنا من تختارها لك .... )
كان ليث يستمع اليها صامتا تماما ..... الى أن انتهت و هي تلهث بعنف , محمرة الوجه , مشعثة الشعر
... ثم نفض ذراعه من بين كفيها و قال بنبرة خافتة مخيفة
( أنصحك الا تدعيني أسمع صوتك خلال الأيام المقبلة ...... فنبرته حاليا تقرفني ..... )
.................................................. .................................................. ..................
بعد اسبوع ......
لم يشعر أبدا أنه أكثر جوعا اليها , منه الآن ..... و هي بين ذراعيه ......
يضمها اليه بكل قوة اشتياقه لها .....
ينهل من حبها كالمجنون , دون رادعٍ أو مزيد من الكبت ......
رائحتها ... بشرتها ..... ثغرها الواعد .....
لكن الغريب في الأمر أنه كلما اغترف من حبها شعر بالشوق أكثر .... شوق موجع ....
فرفع وجهه عنها وهو يهمس لها بنفسٍ مهتز .... و صوت متحشرج بينما عيناه تلمعان بشررٍ مخيف
( أنا اتألم ....... جدا ......لا تبتعدي .. )
ابتسمت له بإغواء ... و تحركت شفتاها تحت نظراته المتربصة بهما ... لتهمس له بصوتٍ
ممتعض !!!!!
( أنا لن أذهب لأي مكان ...... استيقظ ..... )
كانت نبرتها الممتعضة عالية , و تبدو شاذة على ميل شفتيها المغريتين و نظرة الوعد في عينيها ....
مما جعله يعقد حاجبيه بشدة و يفتح عينيه .... الم تكونا مفتوحتين من الأساس ؟!! ...
فتح قاصي عينيه بنعاس .... الا أنه انتفض وهو يشهق مبتعدا للخلف وهو يراها تستند بكلتا ذراعيها على ذراع الأريكة التي ينام عليها .... جالسة القرفصاء بجواره تراقبه أثناء نومه !!! .....
مطت تيماء شفتيها بإمتعاضٍ أكبر و هي تقول
( هل رأيت عفريتا ؟!! ......... )
رمش بعينيه عدة مرات .... ثم هز رأسه كي يجليه و يستيقظ تماما , قبل أن يعاود النظر اليها ....
كان شعرها مرفوعا لأعلى رأسها ..... بمشبك طويل عرضيا ... مما جعل اطرافه تقف على هيئة ذيل طاووس منتفش ..... تعقد منديلا أحمر حول رأسها , مربوطا خلف عنقها ... و ساقط قليلا على جبهتها ...
بينما هناك قلما خلف أذنها و نظارة على أنفها .....
شتان ما بين شكلها و هي تشرف عليه .... تراقبه بالمقلوب .... و بين منظرها في الحلم .....
أخذ قاصي نفسا عميقا , ثم قال بصوتٍ أجش
( كم الساعة الآن ؟!! ............ )
ردت تيماء بجفاء
( السادسة صباحا ............ )
تأفف قاصي وهو يستقيم ليجلس على الأريكة , ضاغطا جبهته بأصابعه ... ثم قال بإستياء
( لماذا توقظينني اذن ؟!! ........... )
ردت تيماء بخفوت
( أنا لم أوقظك ....... أنت من كنت تعاني كابوسا كالمعتاد .... )
عقد قاصي حاجبيه بشدة وهو ينظر اليها بارتياب ..... ثم قال بقلق
( هل تكلمت ؟!! ............. )
أومأت تيماء برأسها دون أن ترد , فقال لها متجهما , متمنيا الا يكون قد فضح رغبته الحمقاء بها ....
( ماذا قلت ؟!!!! ........... )
لم ترد تيماء على الفور .... بل نهضت من جلستها و اقتربت منه لتجلس على الأريكة قبل أن تنظر الى عينيه و تقول بخفوت
( كنت تتألم ....... و طلبت مني الا أتركك ........ )
عقد قاصي حاجبيه بشدة , وهو يتأملها بتحفص مما جعلها ترتبك قليلا .... ثم قالت بصوتٍ متوتر
( أو هكذا ظننت ........ كنت تطلب من امرأة الا تتركك و تبتعد , فظننت ...... أنها أنا .... )
بدت لها كلماتها غبية حتى على سمعها هي ......
ظنت أم تمنت ؟!! ......
رفعت وجهها اليه و قالت بصوتٍ أجش
( هل كنت تحلم بوالدتك مجددا ؟!! ................ )
ظل قاصي صامتا قليلا , ثم قال أخيرا بصوتٍ أجش
( كانت امرأة ....... مجرد امرأة , طلبت منها الا ترحل ...... )
زمت تيماء شفتيها في خطٍ مشتد , ثم قالت ببرود
( و بماذا أجابتك ؟!! .............. )
كانت عيناه تلاحقانها .... تلاحقان كل حركة عصبية منها , و كل مرة أسنانها تعض بها على شفتها بتوتر ....
حركة أصابعها الخرقاء ....... و اهتزاز ساقها بتوتر ......
كل شيء منها بات يحفظه عن ظهر قلب .....
قال أخيرا بجمود
( لم تجب ..... فبفضلك , اسيقظت قبل أن تجد فرصة كي تجيب طلبي ...... )
مطت شفتيها و قالت بنبرةٍ جليدية ....
( غدا اسألها مجددا ...... و أعدك الا أتدخل , ظننتك تعاني أحد كوابيسك فأتيت مسرعة على صوتك .... لكن على ما يبدو أنه لم يعد لي مكان بها ...... )
ثم نهضت باندفاع و هي تشعر بمشاعر غريبة تجتاحها .... مشاعر أخذت تتراكم بداخلها خلال الاسبوع الماضي حتى أوشكت على الإنفجار ....
توقفت تيماء بعد بضع خطوات .... ثم استدارت اليه فجأة بقوة و كأنها قررت أن تواجهه بدلا من الهرب كما يريد تماما ..... فسألته بحدة
( لماذا تنام على الأريكة ؟!!! ........... )
بدا قاصي مجفلا من سؤالها المفاجىء الحاد ...... فأخذ نفس عميق , ثم قال بصوتٍ غير مقنع
( تثاقلت رأسي و نمت رغم عني ........... )
لم ترد تيماء .... و لم تتحرك من مكانها و هي واقفة تنظر اليه بنظرة قاسية و ملامح جامدة .... ثم قالت بصوتٍ لا يحمل أي تعبير
( أنت تفعل هذا كل ليلة منذ وصولي الى هنا .......... لماذا لا تأتي الى فراشك .... )
لأنك تنامين به ....
أراد الصراخ بهذا عاليا ...... أراد أن يهزها بقوة و انفعال وهو يصرخ مرارا و تكرارا بأنه غير قادرا على النوم بجوارها و تجاهلها .....
يكفيه فقط الشعور بها متكورة برائحتها الطفولية حتى يترك لنفسه العنان ....
كان بداخله في تلك اللحظة صراخا عاليا يكاد أن يصم اذنيه .... الا أن ملامحه كانت جامدة و قد وضع أحد اقنعته الحجرية وهو يراقب نظراتها ذات الصقيع القاسي ....
ثم قال أخيرا بفتور
( لا تضخمي الأمر يا تيماء ........... )
أفلتت منها ضحكة ساخرة قصيرة .... و هي تردد لنفسها همسا
( لا أضخم الامور !! ........ معك حق , كم أنا سخيفة ! ....... اعذرني اذن .... سأتركك الى أحلامك و امرأتك المجهولة ...... )
استدارت تبتعد عنه مندفعة ..... الا أنها عادت وتوقفت مجددا و هي تتنفس بسرعة , ثم قالت بقسوة
( هل عرفت امرأة أخرى ؟!! ............ )
ساد صمت غريب من خلفها , فشعرت بنفسها ترتجف بشدة .... لا تعرف ان كانت تلك ارتجافة غضب أم ..... خوف !! ....
تكلم قاصي قائلا ببرود
( و ماذا يهمك في الأمر ؟!! ...... طالما أنكِ سترحلين في كل الأحوال ؟! .... )
أغمضت تيماء عينيها و هي تفغر شفتيها .....
هل فعل حقا ؟!! ....... ما الذي يمنعه ؟!! .... يظل قاصي الحكيم على الرغم من كل شيء ....
كانت له قديما صولات و جولات .....
شعرت تيماء بوجع غريب و مألوف في نفس الوقت يجتاح كيانها دون رحمة .....
فقالت ببرود ميت دون أن تستير اليه .....
( بلى أهتم ....... أهتم أن يأتي طفلي الى هذا العالم من أبوين مخلصين لبعضهما ....... )
هزت رأسها يمينا و يسارا و هي تطبق عينيها بشدة .... و شعرت بأنها على وشك أن تفقد سيطرتها على أعصابها التي بدأت تتفتت بتغيير مفاجىء منذ فقدانها لطفلها ...
فهتفت بحدة
( أعلم بأنك لم تهتم لموت طفلنا كما تدعي ....... والله كنت أعلم هذا ...... و أنا لا أطلب منك أن تمنحني شعور لا تمتلكه ..... لكن على الأقل حاول ...... حاول أن ........ )
صمتت و هي تشعر بنفسها تهذي ,... فرفعت يدها الى عينيها و هي ترتجف .... ثم استدارت صارخة فجأة
( لن أقبل بأن تخونني بينما أحاول أنا الحصول على طفل منك ..... )
لم تكن قد استدارت بعد و هي تصرخ .... لكن ترافقت آخر كلماتها مع ارتطامها بصدره وهو يقف خلفها مباشرة دون أن تشعر ....
رفعت تيماء وجهها تنظر اليه ..... الا أن ذراعه أطبقت على خصرها فجأة حتى رفعها عن الأرض تماما .... بينما أمسكت كفه الأخرى بيدها ..... و دار بها ببطىء ...
رفعت تيماء حاجبا واحدا و هي تمد اطرافها محاولة لمس الأرض ... الا أنها من الواضح كانت بعيدة ... فقالت بصوتٍ غريب باهت
( ماذا تفعل بالضبط ؟!! ............. )
رد عليها قاصي بجفاء و بنبرة خافتة وهو يتحرك بها في أرجاء المكان ببطىء
( أحاول ............ )
عقدت حاجبيها قليلا , ثم قالت بعصبية و هي تهز رأسها
( تحاول ماذا ؟!!! ...... أنزلني ....... ما الذي تظن أنك تفعله ؟!! ....... )
لم يرد عليها قاصي ... بل ظل ينظر الى وجهها وهو يتمايل بها و هي لا تلامس الأرض بقدميها ....
يدور بها ببطىء .... و العالم يدور من حولها ....
دوار غريب اكتنفها , و أضعف من مقاومتها .... فقالت بصوتٍ متعب
( ابتعد عني ........... لا أريد أن .......... )
الا أن قاصي قال آمرا بصوتٍ مشتد خفيض
( هل تودين المحاولة أم لا ؟!!! .............. )
صمتت تيماء و هي تخفض وجهها بينما تركت نفسها الى ذراعيه تماما ....
يراقصها كما يشاء!! ......
دون موسيقى .... كان صوته يهمس لها بلحن قديم .......
يتأملها من تحت جفنيه المطبقين قليلا .... و هي تشعر بأنفاسه تداعب الشعريات الدقيقة بجوار أذنها .....
رفعت تيماء عينيها الفيروزيتين اليه , ثم همست تسأله بصوتٍ أجش
( قاصي ....... هل تقربك مني يحتاج الى كل هذه المحاولة ؟!! ........ )
لم يرد عليها ..... بل دار بها مرة أخرى حتى تطوعت ساقيها للخلف .....
أغمضت تيماء و هي تشعر بالدوار من تلك الدوامة التي لفتهما معا وهو يدور بها .... و ما أن استقرت انفاسها حتى فتحت عينيها و نظرت اليه .... ثم سألته بصوتٍ ميت هامس ... شديد الخفوت
( هل تخونني ؟!! ................ )
أيضا لم يرد ...... بل كان يدندن باللحن الذي تعرفه و رقصا عليه كثيرا في مراهقتها .....
خطواته واسعة .... و المكان بأكمله يدور بهما و حولهما .....
بينما قلبها يخفق خفقات كانت تظن بأنها قد نستها .....
و استمر رقصهما طويلا و هي مستسلمة له تماما ..... الى أن تباطئت حركاته , شيئا فشيئا ... حتى أنزلها أرضا أخيرا على قدميها .... و أسندها الى الجدار من خلفها برفق ... ثم احتجزها بين كفيه و نظر الى وجهها المرتفع اليه بتساؤل .....
عيناه كانتا تنطقان بالألم .... بخلاف ما توقعت ...... ثم همس أخيرا بصوتٍ خفيض عميق
( بلى شعرت بالألم لفقد طفلي منكِ أكثر من أي شيء آخر في هذا العالم ...... لكن أتعلمين ما الذي أوجعني أكثر ؟!! ..... وقوفي منبوذا أثناء دفنه دون أن يحاول أحد مواساتي و كأنني مجرد نكرة ..... قد تظنيني أنانيا , لكن وقوفي بعيدا و أنا أصرخ بداخلي .... " أنا والد هذا الطفل ..... و أنا زوج تلك الفتاة التي تقف بثبات رافضة حتى البكاء ..... أنا هو الوحيد المعني بالأمر , و أنا الوحيد الغير قادر على المطالبه بحقه في هذا كله ".... نعم تألمت لفقده يا تيماء ...... لكنني تألمت أكثر لفقد حقي بكِ ..... )
فغرت تيماء شفتيها المرتعشين و هي تنظر اليه بعينين ضائعتين ...... وهو ينظر اليها بنظرة أشعرتها بأنها كل شيء له .... و قبل أن تستطيع منع نفسها ....
رفعت ذراعيها لتحيط بهما عنقه ببطىء و هي تستطيل على أطراف أصابعها ثم قبلته برفق ....
للحظات ظل ساكنا أمام قبلتها الحنونة المتوسلة الا يرفضها ..... لعلها تمنحه ما افتقده .....
ثم بدأ في التجاوب معها ببطىء وهو يغمض عينيه .... ليتحول البطىء لسرعة .... و السكون لشغف حاد كاد أن يذهب بأنفاسه .....
مضت بهما دقائق طويلة و هما في عالم غير العالم المحيط بهما .... الى أن رفع وجهه عنها أخيرا ....
و ما أن فتحت فمها لتهمس باسمه مذهولة ....
حتى أمسك بكفها وهو يجذبها خلفه بقوة ..............

.................................................. .................................................. .....................
خرج أمجد من غرفة نومه على صوت رنين جرس الباب .... فقال بحيرة و قلق
( ترى من سيأتينا في الصباح الباكر ؟........... )
لحقته مسك و هي تعقد رباط مبذلها الحريري قائلة بقنوط
( ربما كانت مهجة ..... تود دعوتنا الى الفطور ...... مجددا ..... )
قال أمجد بقلقٍ متزايد
( لا ...... كانت لتتصل بالهاتف ...... )
فتح الباب بسرعة , ليجد تيماء واقفة عند الباب مطرقة الوجه ...... فقال بدهشة
( تيماء ...... صباح الخير , ماذا بك ؟!! ...... هل أنتِ بخير ؟!! ...... )
رفعت وجها باهتا اليه , ثم ابتسمت بوهن و قالت
( صباح الخير يا أمجد ...... أعتذر عن قدومي بمثل هذا الوقت , ... كنت فقط ..... )
قاطعها صوت مسك من خلف كتف أمجد و هي تقول بقلق
( تعالي يا تيماء ....... ماذا حدث ؟!!! ......... )
ابتعد أمجد عن الباب سامحا لها بالدخول .... فدخلت بخطواتٍ مرتبكة و نظرت الى مسك بحرج .... و همست
( مسك ..... أنا آسفة جدا لتطفلي لكن ......... )
وصلت اليها مسك و أمسكت بذراعها قائلة بسرعة
( كفى غباءا .... ماذا بكِ ؟؟ ....... انطقي ....... )
بدت تيماء مترددة و هي تنظر حولها بضعف و عجز ..... و كأنها تتسائل عما تفعله هنا .... ثم نظرت الى مسك و همست بصوت غريب
( لقد فقدت طفلي ............ )
انعقد حاجبي مسك قليلا و هي تنظر اليها .... الا أنها همست بقوة ,
( أعرف ......... أعرف حبيبتي ........ )
أخذت تيماء نفسا مرتجفا , ثم قالت بصوتٍ متقطع و هي تهز كتفيها معتذرة
( لقد فقدت طفلي ......... )
أومأت مسك لتقول بحرارة
( أعرف ..... أعرف ........ )
ثم ضمتها الى صدرها بقوة , و حينها فقط , شعرت تيماء بنفسها تنهار و ثقل وزنها يشدها أرضا .... فبدأت تقع بين ذراعي مسك و هي تشهق باكية فجأة بصوتٍ عالٍ مريع .... فاغرة فمها على أقصى اتساعه ... بينما أطبقت عينيها على بكاءٍ عنيف ......
نزلت معها مسك أرضا على ركبتيها دون أن تتركها من بين ذراعيها و همست لها بصوتٍ خافت
( أعرف ........ والله أعرف حبيبتي ...... )
لكن تيماء كانت قد عجزت عن الكلام أكثر ..... فظلت تبكي , و تبكي ..... بينما مسك تشدها الى صدرها أكثر .....
هتفت تيماء بصوتٍ مختنق متعثر بين شهقاتها الأقرب للصراخ
( أشعر بالوحدة ........ أكره هذا الشعور ...... أريد طفلي يا مسك ........ )
أراحت مسك وجنتها على رأس تيماء و همست لها بخفوت
( سيمر ...... سيمر كل هذا ......... )
و أثناء هذا .... تراجع أمجد للخلف وهو ينظر اليهما بعينين مظلمتين بينما شعر بغصة في حلقة مؤلمة كجمرة نار وهو ينظر الى وجه مسك الساكن ..... و عينيها الغائرتين , دون قطرة دمع واحدة ......
لكن الألم في عينيها ضرب قلبه ..... ضربه بكل قوة ...... فأغمض عينيه وهو يهمس بداخله
" أنا أيضا أعرف حبيبتي ....... أنا أيضا أعرف ..... "
.................................................. .................................................. ....................

استمر غطه على جرس الباب في رنين متواصل عنيف ... الى أن فتحت مسك الباب و هي تقول بحدة
( توقف ....... توقف .......... )
هدر قاصي بقوة
( أين هي ؟!!! ............. )
حاول تجاوزها بهمجية ليقتحم البيت , الا أن كف مسك منعته و هي تدفعه في صدره قائلة بصرامة
( انتظر يا بني آدم أنت ........ هل هي وكالة دون بواب ؟!! ..... ام اسطبل ......هنا بيتي , بيت مسك الرافعي و عليك احترامه ..... )
وقف قاصي مكانه ينظر اليها وهو يتنفس بسرعة و الإنفعال يتلاعب بملامحه و يعصف بعينيه ... فسألها بصوت متشنج
( كيف حالها ؟!! ............... )
تنهدت مسك , ثم قالت بهدوء
( أظنها صدمة متأخرة ..... لكنها بخير الآن .......انفجرت فجأة ثم نامت فجأة ... .. )
رفع قاصي أصابعه ليتخلل بها خصلات شعره بقوة وهو يتنفس بسرعة هامسا بقلق
( أنا السبب ........ تبا لهذا .... )
عقدت مسك حاجبيها وسألته بصرامة
( لماذا ؟!!! ........ ماذا فعلت بها ؟!! ......... تبا لك يا قاصي , الا يكفيك ما أصابها ؟!! ..... ما السبب في الحالة التي وصلت لها تيماء ؟!! ..... )
رفع قاصي وجهه ينظر اليها بعجز .... الا أنه قال بقوة و حزم
( أين هي ؟!! ....... أريد رؤيتها ....... )
قالت مسك بنبرة قاطعة
( إنها نائمة ............. )
رد عليها قاصي بحدة
( و إن يكن ؟!!! ............. )
هتفت مسك بحدة مماثلة ....
( يا ابني انظر حولك ..... هذا بيتي و السيد زوجي ليس موجودا ..... هناك أصول عليك احترامها .... )
فتح قاصي فمه ينوي صب جام غضبه عليها و على المحترم زوجها .... الا أن صوت خافت جاء من خلفه جعله يصمت تماما ...
( لا داعي لكل هذا ....... أنا مستيقظة ...... )
دار قاصي على عقبيه بسرعة وهو ينظر اليها , قبل أن يغمض عينيه زافرا براحة لحظية ....
كاد أن يصاب بالجنون حين اسيقظ و فتح عينيه فلم يجدها .....
للحظات انتابته حالة همجية فأخذ يصرخ وهو يظن بأنها قد جنت و قررت انتظار نتيجة تقاربهما بعيدا عنه .... بعد أن نالت مرادها ....
لكن الحالة الهمجية , سرعان ما تحولت الى طوفان من القلق ما أن اتصلت به مسك لتخبره بما حدث مع تيماء ....
حينها ارتدى ملابسه كيفما اتفق .... ثم جاء اليها جريا كالمجنون ....
نظر اليها قاصي بعينين مشتعلتين و اقترب منها بحذر ....... بينما كانت هي تقف هادئة ساكنة , .... شعرها الفوضوي يحيط بوجهها في هالة متشابكة .... و ملابسها و كأنها قطعة من الشرق و قطعة من الغرب ....
وصل اليها أخيرا و مد يده ليمسك بذراعها .... الا أنه تراجع في اللحظة الأخيرة قبل أن يمسها .... فتشنج كفه قليلا , لينزلها الى جانبه كي لا تنتفض أو يصدر عنها تصرف قد يزيد من جنونه الكامن بداخله ...
تكلم قاصي أخيرا بخفوت
( تيماء ......... هل أنتِ بخير ؟!! ........ )
أومأت برأسها و هي تنظر اليه بنظرة طويلة هادئة ..... فتأوه بداخله , راغبا في كسر أقرب شيء له ....
لكنه أخذ نفسا طويلا كي يهدىء من روعه .... ثم قال أخيرا بصوتٍ أجش
( لماذا غادرتِ صباحا بهذا الشكل ؟!! ........... )
ظلت صامتة قليلا , ثم قالت أخيرا بصوتٍ متعب
( كنت في حاجة الى مسك ..... الأن أنا بخير , آسفة أنني أقلقتك بهذا الشكل ...... )
انعقد حاجبيه قليلا بعدم راحة , ثم سألها بحذر
( اذن ....... هل نعود الى شقتنا ؟!! ....... )
بدت تلك اللحظة من أطول اللحظات التي انتظرها في حياته .... و كأنها دهر ... الى أن قالت أخيرا بهدوء
( خمس دقائق لأضع حجابي و اكون جاهزة .......... )










انتهى الفصل 37 ... قراءة سعيدة



tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 22-01-17, 05:20 AM   #11154

بيلسان محمد

? العضوٌ??? » 380903
?  التسِجيلٌ » Aug 2016
? مشَارَ?اتْي » 2
?  نُقآطِيْ » بيلسان محمد is on a distinguished road
افتراضي

ياتيموووووو بسرعه مستنياكي

بيلسان محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-01-17, 05:45 AM   #11155

rokkaa

? العضوٌ??? » 358286
?  التسِجيلٌ » Nov 2015
? مشَارَ?اتْي » 136
?  نُقآطِيْ » rokkaa is on a distinguished road
افتراضي

سوار دي تاخد جايزه نوبل في الغباء انا قلت اخيرا اعترفت لنفسها بحبها لليث تروح مفجره في وشو القنبله منك لله يامليحه
امجد واحساسه بمسك والله الراجل ده رائع ياربي فاهمها وحاسس بيها بشكل لا يوصف
فصل رائع ياتيمو دمتي مبدعه


rokkaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-01-17, 05:57 AM   #11156

**sweet girl**
alkap ~
 
الصورة الرمزية **sweet girl**

? العضوٌ??? » 68402
?  التسِجيلٌ » Dec 2008
? مشَارَ?اتْي » 745
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » **sweet girl** has a reputation beyond repute**sweet girl** has a reputation beyond repute**sweet girl** has a reputation beyond repute**sweet girl** has a reputation beyond repute**sweet girl** has a reputation beyond repute**sweet girl** has a reputation beyond repute**sweet girl** has a reputation beyond repute**sweet girl** has a reputation beyond repute**sweet girl** has a reputation beyond repute**sweet girl** has a reputation beyond repute**sweet girl** has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

فصل روووووووعة بكل ما للكلمة من معني بالذات اخر مشهد من الفصل.... مش ممكن اخيرا تيماء انهارت اخيرا عبرت عن صدمتها وفاقت من احساسها بوجود طفلها.. دي اول خطوة لرجوعها لطبيعيتها تاني.. مش ممكن تيمو كل مادا ما بتزيدي ابدااع وتمييز وموهبة... بجد بمووووووت فيكي يا بنت

**sweet girl** غير متواجد حالياً  
التوقيع
الكلمة الطيبة مثل الريح الطيب .... تترك اثر في النفس ... وتعطر صاحبها بحسن الخلق

رد مع اقتباس
قديم 22-01-17, 06:12 AM   #11157

Qwert yuiop

? العضوٌ??? » 384121
?  التسِجيلٌ » Oct 2016
? مشَارَ?اتْي » 20
?  نُقآطِيْ » Qwert yuiop is on a distinguished road
افتراضي

موفقه فصل جميل 🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹

Qwert yuiop غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-01-17, 06:13 AM   #11158

زهرة الغردينيا

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,778
?  نُقآطِيْ » زهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فصل رائع سلمت يداك
أعتقد أن ليث لن يسامح سوار بسهوله هذة المرة
و من الممكن أن يتمادي في عقابها بزواجة مرة أخري .


زهرة الغردينيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-01-17, 06:18 AM   #11159

**sweet girl**
alkap ~
 
الصورة الرمزية **sweet girl**

? العضوٌ??? » 68402
?  التسِجيلٌ » Dec 2008
? مشَارَ?اتْي » 745
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » **sweet girl** has a reputation beyond repute**sweet girl** has a reputation beyond repute**sweet girl** has a reputation beyond repute**sweet girl** has a reputation beyond repute**sweet girl** has a reputation beyond repute**sweet girl** has a reputation beyond repute**sweet girl** has a reputation beyond repute**sweet girl** has a reputation beyond repute**sweet girl** has a reputation beyond repute**sweet girl** has a reputation beyond repute**sweet girl** has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك mbc4
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اه نسيت... ااااااخ من سوووووار واللي هببته الله واعلم ايه اللي هيعمله فيها ليث.. حلال فيها الشنق..

**sweet girl** غير متواجد حالياً  
التوقيع
الكلمة الطيبة مثل الريح الطيب .... تترك اثر في النفس ... وتعطر صاحبها بحسن الخلق

رد مع اقتباس
قديم 22-01-17, 07:11 AM   #11160

Naira_Sherif

? العضوٌ??? » 384474
?  التسِجيلٌ » Oct 2016
? مشَارَ?اتْي » 18
?  نُقآطِيْ » Naira_Sherif is on a distinguished road
افتراضي

بالله عليكي ما تخليش ليث يتجوز اللي اسمها دليله دي علشان يربي سوار ..هي اينعم غبيه و وبدماغ تور بينطح من غير تفكير بس برده اللي صبره السنين دي كلها علي عمايل ميسره المهببه لدرجة السحر والكفر والعياذ بالله من غير ما يعمل فيها حاجه مش قادر يصبره علي عملة سوار المليحه حبيبته؟؟؟ عارفه ان الغلطة من الحبيب بتوجع بس البنيه غلطت وعارفه غلطها والمسامح كريم ..والاجر والثواب علي الله ... هينوبك ثواب فينا

Naira_Sherif غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:49 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.