آخر 10 مشاركات
صقور تخشى الحب (1) *مميزة ومكتملة* سلسلة الوطن و الحب (الكاتـب : bella snow - )           »          71 ـ هل تجرؤين؟ ~ جيسكا ستيل (مكتوبة/ كاملة ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          أسيرة الثلاثمائة يوم *مكتملة * (الكاتـب : ملك علي - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          شهم الطبايع يا بشر هذا هو الفهد *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          تسألينني عن المذاق ! (4) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          غسق الماضي * مكتملة * (الكاتـب : ريما نون - )           »          الإغراء الممنوع (171) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 1 سلسلة إغراء فالكونيرى..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          علي الجهة الأخري (مصورة) (الكاتـب : دعاء ابو الوفا - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: من هو اكثر ثنائي نجح في جذب انتباهكم بقصتهم
قاصي و تيماء 2,118 58.56%
مسك و امجد 738 20.40%
ليث و سوار 761 21.04%
المصوتون: 3617. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree999Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-03-17, 01:41 AM   #12161

ألق

نجم روايتي ونبض متألق بالقسم الأدبي

 
الصورة الرمزية ألق

? العضوٌ??? » 384592
?  التسِجيلٌ » Oct 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,074
?  نُقآطِيْ » ألق has a reputation beyond reputeألق has a reputation beyond reputeألق has a reputation beyond reputeألق has a reputation beyond reputeألق has a reputation beyond reputeألق has a reputation beyond reputeألق has a reputation beyond reputeألق has a reputation beyond reputeألق has a reputation beyond reputeألق has a reputation beyond reputeألق has a reputation beyond repute
افتراضي


تصبحو على الف خير

مارح اقدر أسهر تعبانة

ان شاء الله أصبح على فصل حلو يارب

دمتم في حفظ الله

طماطم يس الله يسهل امرك اختي ويهدي بالك


ألق غير متواجد حالياً  
التوقيع
أحبك لا أدري أحبك بل أدري
رد مع اقتباس
قديم 05-03-17, 01:43 AM   #12162

بسمات الحياة

? العضوٌ??? » 382734
?  التسِجيلٌ » Oct 2016
? مشَارَ?اتْي » 47
?  نُقآطِيْ » بسمات الحياة is on a distinguished road
افتراضي

بأنتضار الفصل على احر من الجمر

بسمات الحياة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-03-17, 01:44 AM   #12163

نوف بنت ابوها

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 145815
?  التسِجيلٌ » Nov 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,721
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Kuwait
?  نُقآطِيْ » نوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك action
Rewitysmile12

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طماطم يس مشاهدة المشاركة
تيمو أنا عند حماتي ومفيش غيرك هيفصلني عن الواقع اللي انا فيه
ارجوووووكي اشغليني بفصل ملئ بالأحداث عشان هطلق قريب
تعوذي من الشيطان ياابنت يا طمطوووومه (( الله يبعد عننننكم شر الطلاق والمشاكل .،. علميها على روايات تيييمو وخليها تقرأ قااصي القلب وتنسااااج وترتاحين من الزعل و المشاكل


نوف بنت ابوها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-03-17, 01:45 AM   #12164

ebti

مشرفة منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ebti

? العضوٌ??? » 262524
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 14,201
?  نُقآطِيْ » ebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوف بنت ابوها مشاهدة المشاركة
أااالف شكر ياالغااليه على التسجيل ،.، حياااج على العشاء (( فتوووش )) يستااهل بُئئك

صحتين وهنا عزيزتي...


ebti غير متواجد حالياً  
التوقيع
إن كرماء الأصل كالغصن المثمر كلما حمل ثماراً تواضع وانحنى"
هكذا عرفتك عزيزتي um soso و هكذا تبقين في قلبي شكراً جزيلاً لك على الصورة الرمزية...

رد مع اقتباس
قديم 05-03-17, 01:46 AM   #12165

Hager Haleem

كاتبة قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Hager Haleem

? العضوٌ??? » 359482
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,301
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Hager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
Mh04

تسجيل حضوووووووووووووووور.........و� �صبحوا على خير
ابقى اقرأ الفصل بكره الصبح بقي


Hager Haleem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-03-17, 01:51 AM   #12166

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

مسا الورد يا سكاكر .... أنا حنزل الفصل حالا
Dr. Aya likes this.

tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 05-03-17, 01:53 AM   #12167

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

الفصل الثاني و الأربعون :

فتح عينيه بصعوبةٍ بعد نومٍ ثقيل جاء بعد تعب مضني .... و كأنه كان في حاجةٍ الى ساعاتٍ و ساعات منه ....
دون أن يوقظه شيء أو يتخلل أحلامه حتى , فقد كانت أحلامه بأكملها متمحورة حولها ...
حول الملكة .....
رمش بعينيه وهو يحاول افاقة عقله كي يستوعب مرأى هاتين العينين الجميلتين المحدقتين به .....
و ما أن استفاق أخيرا , حتى رآهما بكامل كيانه ...
عينان بلون العسل الصافي ... مشرقتان بنظرةٍ لم يراها بهما من قبل .... نظرة عشق , مقترنة ببعض الحزن ....
نظرة تملك و كبرياء بهي ....
نظرة ملكة .....
تحرك ليث قليلا ببطىء الى أن استند لمرفقه و هو لا يزال ينظر اليها , نصف مستلقية بجواره , تبدو جميلة بشكل استثنائي موجع ....
في استلقائها الهادىء و غطاء السرير يلفها بإحكام , .... لا يظهر منها سوى كتفيها , الا أنه مثير أكثر , خاصة وهو يعلم تماما ما يخفيه بأسفله.... كل ذرة منها يحفظها عن ظهر قلب .....
رفع ليث كفه يلاحق بأصابعه ملامح وجهها الملوكية برقةٍ تبدو كلمساتِ فراشةٍ مترددة ....
ثم همس أخيرا بصوتٍ أجش خشن من فرط انفعاله
( ملكة .......... لا يليق بكِ الا أن تكوني ملكة .... )
أسبلت سوار جفنيها و هي تبتلع ريقها بصعوبة ... بينما قلبها ينتفض بجنون مع لمساته الرقيقة و صوته الأجش ... و الكلمات !!! ..... يا لها من كلماتٍ صادرةٍ على لسان عاشق , قلبه كالحجر .... و كرامته بينهما حاجز ....
لعقت سوار شفتها السخية و هي تقول بصوتٍ وقور و أنثوي ... لا يعكس خجلها و اضطراب مشاعرها ...
( صباح الخير ..... لقد ..... لقد أطلت النوم ..... )
لم تتوقف أصابعه عن ملامسة ملامحها ... نزولا الى فكها و عنقها الطويل ... فتحشرج النفس مرورا بحلقها تحت أصابعه و تشنجت عضلاته ...
تكلم ليث قائلا بصوته الخافت بينما عيناه تتأملانها و كأنه يراها للمرة الأولى ....
( لقد نال التعب مني على ما يبدو ....... )
على الرغم الحزن الظاهر في عينيها , الا أنها لم تستطع السيطرة على شبح ابتسامة متلاعبة التي طفت على زاوية شفتيها , فقالت بصوتٍ كالخرير همسا ... و هي تتجنب النظر اليه
( بالطبع سينال التعب منك بعد ليلة كهذه ..... متى ستقر و تعترف بأن للعمر أحكامه .... )
داعبت أصابعه حافة الغطاء الملتف حولها , بينما برقت عيناه بإبتسامة مندهشة .... ثم قال بصوتٍ أكثر خشونة و خفوتا ..
( من يستطيع التفكير في العمر , بينما ترافقه ملكة متوحشة العواطف كتلك التي شاركتني ليلة من الأحلام !! ..... حتى إن توقف قلبي , فالأمر يستحق المجازفة يا وحش الليل .... )
سارعت سوار بوضع أصابعها على فمه بقوة و هي تهتف همسا بخوف و قسوة في آنٍ واحد
( هشششش ..... إياك و أن تعيد هذا الكلام مجددا ..... )
الا أن ليث لم يتراجع و لم يفقد ابتسامته وهو يهمس مقبلا كل اصبعا من أصابعها الملامسة لشفتيه .... بينما عيناه ترفضان ترك عينيها الذهبيتين المشعتين ..
( الموت ...... حقيقة لا يمكن إنكارها يا مليحة .... )
تغلبت القسوة على الوهن فصرخت به بصرامة ووقاحة
( اخرس .......... )
ارتفع حاجباه و توقف عن تقبيل أصابعها للحظة وهو يسألها بصدمة
( من هذا الذي أمرتِه بأن ..... يخرس !!!!! ...... )
لم تتراجع سوار و لم تشعر بالخوف بل قالت بصرامة أكبر و هي تنظر الى عينيه بوحشية
( أنت ....... ما الذي دهاك كي تتكلم عن الموت و نحن في وضعٍ كهذا !! ....... )
ضاقت عينا ليث قليلا وهو يقول بصوتٍ أجش خافت متأملا عينيها
( و هل يمكنني الكلام عنه في وضعٍ آخر ..... أكثر احتشاما ربما !! ..... )
احمرت وجنتا سوار قليلا , الا أنها لم تتراجع و هي تأمره بصرامة و كأنه أحد خدمها المطيعين
( و لا في أي وقت ........ لا تتكلم عن الموت اطلاقا ..... )
قبضت أصابعه على ذقنها بقوة وهو ينظر الى عينيها بقوة , ثم قال بصوتٍ هامس أجش
( الى أي حدٍ يؤلمك الكلام عن الموت يا مليحة ؟! .......... )
أظلمت عيناها قليلا و طفت سحابة الحزن عليهما فغشت نظرة العشق و أطفأت بريقها للحظة .... و قالت بصوتٍ مختنق
( يؤلمني جدا ....... فقدت الكثير يا ليث , حتى لم يعد لي سواك ..... و كان من المفترض بك أن تكون بجواري في كل فقدٍ فقدته ..... كان عليك أن تكون موجودا حين فقدت أمي , و كان هذا هو الفراق الأكثر ألما في حياتي ..... كان يجدر بك أن تكون واقفا في مقدمة مستقبلي العزاء بعد وفاة والدي .... و بعد انتهائه تأخذني بين أحضانك و تخبرني أنك متواجد معي , بجواري ..... ستكون لي الوالد و الزوج و الحبيب و كل شيء آخر في هذه الحياة ...... كان علي أن آخذك بين أحضاني بعد وفاة سليم رحمه الله و أهون عليك فراق صديقك الأقرب .... )
صمتت قليلا و ارتجفت شفتيها و هي تنظر الى عينيه الداكنتين المتألمتين , ثم تابعت بصوتٍ أكثر همسا ...
( كان عليك أن تحارب أكثر قليلا ... كي تحصل علي ...... كان عليك أن ترفض رفضي لك منذ عمرٍ بأكمله ..... تمسك بكتفي و تهزني بقوة لتصرخ بوجهي آمرا ... " لن أقبل بالرفض جوابا يا سوار .... لن أسمح لكِ بأن تتسببي في ضياع العمر الثمين من بين أصابعنا .... كان عليك أن تجبرني على رؤية حبي لك .... )
ارتجفت شفتاها و بدت غير قادرة على النطق أكثر ... بينما كان هو ينظر اليها عاقدا حاجبيه بشدة وهو يستمع منها الى كلماتٍ لطالما تمناها بألم .... لكن حين سمعها أخيرا , لم يتخيل أن تكون موجعة الى هذا الحد ...
همس ليث بصوتٍ متحشرج خافت
( هل تلقين اللوم علي يا مليحة ؟! ....... فماذا عني أنا اذن ؟!! .... لوم و عتاب سنوات لن يكفيني تجاهك ....... )
أخفضت عينيها المتألمتين ... الا أنه شدد قبضته على ذقنها و أمرها قائلا
( لا لا ..... لا تتهربي بعينيك , انظري الي يا ملكة و أخبريني عن حبك مجددا ..... لربما حينها تمكنت من تقليل عتابي لكِ ....... )
رفعت جفنيها و نظرت اليه قائلة بهدوء و دون تردد ... بنبرةٍ خلابة في سحرها
( أحبك يا ليث ...... ربما ليلة كاملة من اعلان حبي لك بكل طريقةٍ ممكنة لا تكفي كي تمحو ما كان بيننا لسنواتٍ طويلة ...... )
اخفض ليث يده عن ذقنها حتى أحاطت بعنقها و استقام قليلا لينظر الى عينيها بوضوحٍ أكبر , ثم قال بصوتٍ خشن ....
( اعترافك يا ملكة لن أكتفي منه لآخر يومٍ في عمري .... تكفيرا عن كل يومٍ ابتعدتِ فيه عن صدري .... )
رفعت سوار يدها و كانت هي المبادرة لملامسة وجهه القوي هذه المرة , تتأمل عينيه الصريحتين , ثم قالت بصوتٍ خافت مختلف و هي تدقق النظر أكثر بهاتين العينين
( سأتوقف عن منع الحمل بإرادتي ...... أريد أن أكون أم طفلك الوحيدة يا ليث ...... )
ساد صمت طويل بينهما و كلا منهما ينظر الى الآخر بنظرةٍ حادة .... كمحاربين في حربٍ شعواء ...
الى أن رفع ليث حاجبه و قال بصوتٍ غريب متسلي
( لقد منحتيني شرف عظيم بقبولك أن تكوني أما لأطفالي يا مليحة ... لكن هل لي أن أسأل إن كان هذا التغيير المفاجىء ما هو الا تطور مشروط بتراجعي عن الزواج من دليلة ؟!! ...... )
في لحظة واحدة رأى نظرات عينيها تتغير و تطلق شراراتٍ يعرفها جيدا ..... قادرة على إحراقه و احراق المكان من حولهما لو أحبت .... ثم تكلمت أخيرا بصوتٍ يرتجف من فرط الجنون و الرغبة في القتل
( ليث ..... ليث كن جادا , أنت لا تنوي الزواج منها .... أليس كذلك ؟!! ..... أنت تعاقبني فقط .... )
ارتفع حاجبيه بدهشة حقيقة و استدار اليها متكاسلا , ناظرا الى عينيها الحارقتين ... ثم سألها بهدوء
( كيف هذا يا مليحة ؟!! ....... هل تعرفين عني التلاعب بمشاعر البشر , لمجرد أن أعاقبك فقط ؟!! ..... ألهذه الدرجة ترين انعدام الرجولة في شخصي ؟!! ...... )
أغمضت عينيها و هي تحاول ابتلاع تلك الغصة المرعبة في حلقها ... ثم همست بصوتٍ مختنق
( أنت سيد الرجال يا ليث ......... )
و اثناء اغماض عينيها , لم ترى الإبتسامة الرجولية التي اتسعت و شملت وجهه بأكمله ......
لكنها شعرت بأصابعه التي تداعب عنقها بحركةٍ أكثر شغفا ... فإبتلعت تلك الغصة مجددا و كأنها تأبى أن تختفي .... و شعرت أصابعه الحساسة بحركة حلقها المتألم .... فتمهل كي يتذوق كل لحظةٍ ألم تعيشها غيرة عليه و رغبة في التملك ..... أن يكون لها وحدها , كما هي له وحده .....
و أخيرا فتحت عينيها تنظر اليه بتضرع و هي تهمس
( اعتذر لها يا ليث .... اذهب الى أهلها و أعتذر لهم ..... )
ارتفع حاجبيه أكثر و قال ببساطة منتهية
( أنا من يعتذر ؟!! ..... فيما أخطأت يا مليحة ؟! .... أنا ألتزم بكلمةٍ قطعتها زوجتي , مالكة قلبي و التي كلمتها سيف على عنقي ..... )
هتفت سوار بصوتٍ يائس مرتجف
( و ها أنا أصدر كلمة أخرى يا ليث ..... لماذا لا تنفذها ؟!!! ..... )
أبعد ليث يده عن عنقها و قال يوقفها بحزم
( لا ....... ليس حين يتعلق الأمر بالتلاعب بحياة الناس يا سوار .... حينها , لن أنفذ لكِ رغباتك ... )
صرخت فيه بقوة و غضب , بينما قلبها يصرخ أضعافا بعذاب و قهر
( ما أروع هذا ..... تسارع في لمح البصر لتنفيذ أمري حين يتعلق الأمر بالزواج من أخرى , أنت حتى لم تتخذ دقيقة واحدة كي تفكر في الأمر ..... )
ابتسم ليث دون مرح وهو يتطلع الى عينيها الشرستين ... ثم قال ببرود
( و هل منحتيني فرصة للتفكير يا مليحة ؟! ..... لقد فاتحت الفتاة في الأمر و خطبتِها لي دون حتى أن تتحلي ببعض الذوق في استشارتي أولا ...... أتعرفين ما هو الأسوأ من هذا بأكمله ؟!! .... الأسوأ هو أنكِ اخترت الفتاة التي سمعتي برغبتها في الزواج بي قبلا .... لقد قمتِ باستغلال ما سمعتيه خلسة و تصرفتِ بناء عليه ..... لقد اخترتِ فتاة موافقة من البداية يا سوار .... ماذا تظنين الناس ؟! ... خدم لديكِ يا مليحة ؟!!! ... )
فتحت فمها و كادت أن تصرخ فيه بجنون قبل أن تنشب مخالبها في مقلتي عينيه الوقحتين المبتسمتين .....
كادت أن تشوه وجهه الوسيم المتفاخر بوقار و تمزقه شر تمزيق ....
الا أن ملامحها ظلت محتفظة بقناع غريب بارد ... بل جليدي و هي تنظر اليه , تتخيل كيف يمكنها أن تعذبه الى أن يستغيث ....
ثم قالت أخيرا عوضا عن هذا كله بصوت باهت و ابتسامة باردة
( لما لا نترك الأمر قليلا ...... سأذهب لأعد الفطور ...... )
استدارت لتنهض من السرير , الا أنه أمسك بذراعها يعيدها مجددا ليعلوها و هي مستلقية تنظر اليه بعيني ملكة غاضبة .... فابتسم الى هاتين العينين و قال بصوتٍ أجش واثق
( لينتظر الفطور ...... فهو لن يطير ......... )
الرغبة في القتل انتابتها مجددا و على درجة أشد شراسة .... الا أنها قابلته بابتسامة أكثر برودا و استسلاما زائف ....
لكن البرود لم يلبث أن تحول الى شغفٍ لم تستطع كبته خلال الدقائق التي تلت .......
.................................................. .................................................. .....................
قفزت تيماء شاهقة فجأة مستيقظة في السرير الوثير الضخم و هي تنظر حولها غير مستوعبة للمكان الغريب المحيط بها ....
فنظرت بعينين متسعتين الى الأثاث الخشبي العتيق و الضخم و الذي يكاد أن يصل الى سقف الغرفة رغم ارتفاعه .... حتى أنها كانت لا تزال تشعر و كأنها أسيرة الكابوس الذي انتابها ... و أن الأثاث يزداد ضخامة و على وشكِ ابتلاعها ....
رفعت تيماء يدها لتضعها على صدرها المنتفض و هي تلتقط أنفاسها بجهد ....
كان للجو رائحة مميزة من حولها .... تشبه الخشب المحترق , لكن بعطرٍ أخاذ .... مع برودة الصباح الباكر و الضوء الرمادي الشاحب سمعت صوت اليمام بلحنٍ منظم جعلها تنظر الى النافذة عن بعد و تبتسم رغما عنها ....
لقد بدأ الأمر ككابوس ... و الآن يتحول الى حلمٍ قريب من القلب , و كأنها اعتادت المكان .....
و كأنها عادت الى بيتها و موطنها .....
لقد سافرت أكثر من مرة , لكنها لم تشعر يوما بجمال الإستيقاظ في مثل هذا الجو الخلاب من قبل .....
عقدت حاجبيها قليلا و هي تنظر الى الجهة المجاورة لها من السرير الخالي ..... فتسرب السحر سريعا و حل محله الخوف فنادت بقلق محاولة البحث بعينيها عبر أجزاء الغرفة المظلمة قليلا
( قاصي !!! ........ هل أنت هنا ؟! ........ )
لكن لم يجبها سوى صوت اليمام مع شقشقة الصباح الشاحب .....
حينها انقلب قلقها خوفا فأبعدت الغطاء الثقيل و سارعت لتنهض و هي تبحث عنه بنفسها .....
و ما أن تأكدت بأنه غادر الغرفة بالفعل حتى أمسكت بهاتفها تتصل به بأصابع متوترة .... لكنها فوجئت برنين هاتفه يصل الى أذنها .....
استدارت تيماء على عقبيها لتجد هاتفه موضوعا على الطاولة المجاورة لجانبه من السرير الخالي ....
و لم تحتاج الى المزيد من التفكير..... قبل أن تغتسل و ترتدي ملابسها كاملة لتخرج من الغرفة و هي تجيل عينيها عبر أروقة الدار الساكن .... تبحث عن قاصي بعينيها , دون أن تجد الجرأة على مناداته في مثل هذا السكون ...
نزلت أخيرا الى الطابق السفلي تتحرك ببطىء عبر البهو الضخم .... فرأت ضوء المطبخ مشعل و سمعت أصوات النساء و قد بدأن العمل بالفعل ....
اقتربت تيماء من المطبخ الى أن أطلت من بابه تنظر اليهن مبتسمة و هي تكتف ذراعيها ....
هي تعرف أم سعيد , و من ينساها بالطبع .....
و هناك فتاتين غيرها ..... يعملن بجد و قد بدأت رائحة الخبز الذي تم خبزه للتو تنتشر سريعا و تسلب العقل ...
قالت تيماء بصوتٍ رقيق
( صباح الخير ........ )
التفتت ثلاثتهن اليها متفاجئات و توقفن عن العمل للحظات قبل أن تبادرها أم سعيد قائلة بدهشة
( استيقظتِ مبكرة يا سيدتي ........... )
عقدت تيماء حاجبيها دون أن تفقد ابتسامتها و قالت بعتاب
( سيدتي !! ....... إنها أنا يا أم سعيد , تيماء .... الا تتذكريني ؟! ...... )
قالت أم سعيد بسرعة
( كيف أنساكِ يا ابنتي ..... و هل تنسى احدى حفيدات الحاج سليمان ؟! ...... )
ابتسمت تيماء و هي تدخل الى المطبخ بتمهل قائلة و هي تقطع جزء من أحد أرغفة الخبز لم تستطع مقاومة رائحتها ...
( ليس هذا ما قصدته...... كنتِ تتمتعين باستفزازي في زيارتي السابقة .... )
قالت أم سعيد بحذر و هي ترى تيماء و قد بدأت تقضم الخبز بنهم ....
( الوضع تغير ...... أنت الآن سيدة متزوجة , و أرجو أن تكوني قد ازدتِ نضجا عن زيارتك السابقة ...... )
ضحكت تيماء دون رد و هي تبحث حولها عن شيء تغمس فيه قطعة الخبز ... فسارعت أم سعيد تبعد طبقا عن مرمى أصابعها المتجولة و قالت بحدة
( ابتعدي عن الهريس .... كدتِ أن تموتي بسببه المرة السابقة .... )
ارتعشت تيماء و هي تقول متذكرة
( نعم أتذكر ...... إنها الشطة القاتلة , انكم تضعونها في كل شيء تقريبا , لا ينقص سوى الشاي ..... من المؤكد أنكم تعانون كثيرا أثناء دخول الحمام بسبب هذه الشطة الحارقة ... )
نظرت أم سعيد الى كلتا الفتاتين الناظرتين الى تيماء .... تكبتان ضحكاتهما و هما تريانها تأكل من طبق الجبن و كأنها لم تأكل منذ ساعات ....
فسألتها أم سعيد بقلق
( تبدين و كأنكِ تضورين جوعا يا فتاة ...... لقد أوصلت صينية العشاء بنفسي الى غرفتكما , الا تأكلي أم أن الطعام لم يعجبك ؟!! .... )
سعلت تيماء قليلا و هي تتجنب النظر اليهن ..... بينما احمر وجهها الفاضح بشدة و هي تقول متلعثمة
( على العكس .... الطعام كان شهيا جدا ..... )
طلبت السماح من الله على هذه الكذبة , فهي لم تذق الطعام من الأساس .... و لم يفعل قاصي , فالصينية لا تزال كما هي منذ ليلة أمس .....
لأنهما كانا ..... مشغولين قليلا !! .....
الا أن أم سعيد نظرت اليها بشك و هي تقول
( اذن لماذا تبدين و كأنكِ تأكلين في آخر زادك ؟! ........... )
زفرت تيماء و هي تضع الرغيف من يدها قائلة بهدوء
( سبحان الله يا أم سعيد ..... نسخة من عبد الكريم , لم يجمع الا من وفق ..... نفس القدرة على الإستفزاز و سد الشهية ...... )
قالت أم سعيد و هي تمط شفتيها
( أنا لم أقصد شيئا ..... كل ما قصدته أن زوجا من البط و صفيحة رقائق بالمرق مع أرز بالقشدة .... منذ بضعة ساعات قليلة , ربما كان كفيلا بأن يشبعك ..... لكنني كنت مخطئة على ما يبدو ..... )
نظرت تيماء اليها بيأس و قالت
( لم تكن لقمة خبز تلك التي أكلتها يا أم سعيد كي أستحق كل هذا التحقيق !! ...... )
ردت أم سعيد قائلة و هي تعاود الى عملها
( كلي يا ابنتي كلي .... الخير خير جدك ....... أتعشم فقط أن أجد أطباق طعام العشاء فارغة .... )
عضت تيماء على شفتها و هي تنظر الى السقف بحرج ..... صحيح , الكذب لا قدمين له .....
نظرت أم سعيد اليها بطرفِ عينيها و قالت بنبرة خاصة
( اذن ........ لقد تزوجتِ من قاصي الحكيم ..... أقصد السيد قاصي الحكيم الرافعي ... أقصد السيد قاصي الحكيم ابن ..... )
رفعت تيماء يدها و هي تقول متنهدة
( وصلني المعنى يا أم سعيد ..... و نعم أنا زوجته ...... )
كانت كلتا الفتاتان تنظران اليها بانبهار , بينما كانت أم سعيد تراقبها خلسة باهتمام .... ثم قالت
( من كان يصدق هذا ...... قاصي الحكيم يتزوج من حفيدة سليمان الرافعي ! .....دنيا غريبة , لا تدم لأحد ..... )
قالت تيماء بثقة
( قاصي حفيد سليمان الرافعي يا أم سعيد .... و عليكم جميعا البدء في تقبل الأمر و التعامل معه .... )
تنهدت أم سعيد و هي تقول بحسرة
( قلبي عليك يا رابحة ....... لم يكتب لكِ أن تشهدي برائتك بنفسك , و ترين ولدك رجلا ملىء العين .... و قد اعترف به الحاج سليمان ولدا , بل و زوجه من حفيدته .....عل هذا كله يريحك في قبرك و يعوض عنك ما لم تعيشيه في حياتك القصيرة ..... )
استندت تيماء الى الطاولة و هي تستمع الى أم سعيد بملامح شاحبة ... و همست بصوتٍ شارد
( أم قاصي ............. )
أومأت أم سعيد بحزنٍ و قالت
( الظلم سواد .....و على الرغم من ذلك , رابح هو من يرحل من هذه الحياة مظلوما و ليس ظالما .... )
تنهدت مرة أخرى و هي تهز رأسها بأسى هامسة
( قلبي عليكِ يا رابحة ....... رحمة الله عليكِ ..... )
صمتت للحظة و نظرت الى تيماء مدققة النظر بها ثم قالت عاقدة حاجبيها بدهشة
( اتدرين يا ابنتي ..... فيكِ شبه كبير منها , كيف لم ألحظ هذا الا الآن ؟! ...... )
ارتفع حاجبي تيماء بدهشة حقيقية ... ترى هل كان قاصي يقول الصدق ؟!! .... ظنته مجرد احساس يجتاحه ...
فقالت احدى الفتاتين بإنبهار
( هل هناك امرأة من بلدنا لها نفس لون هاتين العينين يا أم سعيد !!! ......إنهما تشبهان الجواهر .. )
قالت أم سعيد بنفاذ صبر
( لا أقصد لون العينين ..... لكن الآن و أنا أستعيد وجه رابحة , وجدته يشبه وجهك يا بنيتي ...أو ربما شيء ما آخر يربطك بها .. )
ازداد انعقاد حاجبيها و هزت رأسها ملوحة بكفها
( لا أعلم ..... ربما ما حدث في الأمس لا يزال مؤثرا على نفسي ...... من كان ليصدق !! ...... )
همست تيماء بصوتٍ مختنق على الرغم من عينيها البراقتين بدموعٍ منتشية
( نعم ...... من كان ليصدق !! ......... )
رمشت بعينيها كي تبعد الدموع عنهما بينما نظرت اليها أم سعيد بنظرةٍ فضولية و سألتها
( اذن ..... كيف هو الزواج من قاصي الحكيم ؟! .... أدرك أن الفتى عانى ظلما كبيرا , الا أنه كان دائما صبيا عدوانيا شرسا .... كيف لكِ يا ابنتي تحمل طباعه !! ...بينما أنتِ تربية العز و تعليم الخارج )
أطرقت تيماء برأسها قليلا و قالت بعد فترة
( بالنسبةِ لي , فلم تكن حياتي سهلة تماما , على الرغم من العز و الشهادات .... لست ضعيفة الى هذا الحد , و بالنسبة لقاصي ..... )
صمتت مجددا , ثم رفعت وجهها تنظر اليهن و قالت بهدوء
( ليس هناك قلبا أكثر حنانا من قلب قاصي الحكيم ...... يوما ما سيهدأ و تطيب روحه , حتى ان شاب شعر رأسه .... يوما ما ستطيب روحه .... )
هزت رأسها بقوة ثم ابتسمت قائلة و هي تحاول مقاومة ألم قلبها
( لقد سرقت رائحة خبزكن عقلي ...و أنستني أنني خرجت للبحث عن زوجي ..... ألم تراه احداكن ؟! ..... )
قالت أم سعيد و تعمل بنشاطٍ لا يناسب عمرها ...
( خرج من أكثر من ساعتين .... كان الظلام لا يزال محيطا بالدار ... سألته إن كان في حاجةٍ الى شيء ما ... الا أنه لم يجبني , و كأنه لم يسمعني ..... و تابع طريقه .... )
عقدت تيماء حاجبيها و سألتها بقلق
( الا تعرفين الى أن يمكن أن يكون قد ذهب ؟! ........... )
ردت أم سعيد متنهدة
( نظرت من النافذة في اثره .... رغم الظلام , الا أنني أعتقد أنه اتجه الى أرض الجياد ...... )
أومأت تيماء برأسها و قالت متحركة بسرعة
( نعم أعرفها ..... سأذهب للبحث عنه هناك ....... )
نظرت اليها أم سعيد و هتفت بدهشة تناديها
( وحدك يا ابنتي ..... انتظري حتى صعود الشمس .... )
أجابتها تيماء من الخارج
( النور في الخارج كافي .... مجرد دقائق و تشرق الشمس بالكامل ..... )
و دون انتظار ضمت سترتها و خرجت من باب الدار ... فلفحها هواء شديد البرودة على الفور أوقفها للحظة ...
الا أنها تابعت سيرها عبر الممر الذي لا تزال تتذكره .... كانت تسير بتمهل و هي تراقب الأشجار العالية و ثورة الطيور المغادرة لأعشاشها ... فابتسمت و أغمضت عينيها تستنشق رائحة الخبز من الأفران اليدوية و رائحة الخشب المحترق ....
الحياة هنا يمكنها أن تكون مسكرة للروح .....
ما هذا القدر من الجمال !! .....
تنهدت و همست و هي تفتح عينيها
( ليتني كبرت هنا ....... ليتها كانت بلدي و ليتها كانت عائلتي ..... ليتني لم أراها لاول مرة في أسوأ ذكرى لا تزال حاجزا حول قلبي تجاه هذه الأرض الساحرة ..... )
غامت عيناها قليلا و أظلمت ... لتقول بعد لحظات
( كفى ..... كفى يا تيماء , مر عمر بأكمله ...... بتِ الآن أكبر من مجرد ذكرى ...... )
وصلت الى أرض الجياد كما يطلقون عليها ....
هذا المربع الواسع .... ذي السياج العريض , حيث رأت قاصي يروض فرسا للمرة الأولى ... و كاد يومها أن يقف قلبها ذعرا عليه ....
و الآن و بعد مرور أكثر من عامٍ و نصف .... و في نفس المكان , لا يزال خوفها عليه موجعا ... بل أنه زاد أكثر ....
على الرغم من أن قاصي لم يكن يروض فرسا هذه المرة .... فقد رأته عن بعد , يمتطي فرسا مروضة ... و يعدو بها و كأنه يملك الأرض و ما عليها ....
وصلت تيماء الى الى السياج فأراحت كفيها عليه و هي تنظر الى قاصي فوق الفرس بنهم ....
من أجمل منه في الوجود ؟!! .... ذلك المخلوق البري الثائر .... و القادر على الإخلال بنبضات قلبها بعد كل هذه السنوات و كانها لا تزال نفس المراهقة المدلهة في عشقه ....
ابتسمت قليلا ابتسامة شاردة و هي تلتهمه بعينيها ... شعره متطاير بهمجية كذيل الفرس الذي يمتطيه ....
منافيا للتهذيب و المنطق و كل ما يخضع لقانون ....
مماثلا للفرس و كأنه مخلوق أسطوري آتٍ من فصيلة الخيول الجامحة .....
اقتربت من السياج اكثر حتى احتضنته بذراعيها المكتفتين و عيناها لا تزالان تنهلان من رؤيته ...
حتى الآن لا يزال يضع يده على قلبها في أكثر أوقاتهما حميمية .... كي يتأكد من نبضها المتسارع ...
كي يستشعر تأثيره بها , و يقسم على أن أحدا غير قادر على سلبها هذا التأثير مهما فعلوا بها ....
الغريب في الأمر ... أنه هو من يظنها دائما لا تزال معطوبة بسبب عقاب والدها لها و تحتاج لعلاج تلك الندبة ...
بينما هي المثقفة نوعا ما , لم تحاول حتى التعامل مع الأمر ... أقصى ما كانت تفعله هو محاولة نسيان الأمر و المضي قدما .... لكنها تفشل ....
الظروف جعلت طريقها يتقابل مع طريق سالم الرافعي أكثر من مرة .... و بدأت تشعر بالضعف تجاهه في مراتٍ قليلة ... لكن الذكرى السوداء لا تزال فارضة نفسها بقوة و كأنها تسخر من المحاولة ...
رفع قاصي وجهه و نظر اليها فجأة ... فارتبكت , الا أنها تذكرت بأنها زوجته .... ليس كالمرة السابقة
لذا ابتسمت له بإرتجاف و رفعت كفها تلوح له بحماس ....
الا أنه لم يبادلها الإبتسام , و لم يحاول ترك اللجام كي يلوح لها ......
بل أبعد عينيه عنها و تابع انطلاقه بالفرس و كأنه لم يرها من الأساس ....
بهتت ابتسامة تيماء حتى اختفت ... ثم انحنت لتستند الى السياج تراقبه بصمت , وهو لا ينظر اليها متنازلا ولو بنظرة ....
و بعد فترة طويلة .... رأته يبطىء حركة الفرس , أخيرا الى أن قفز من فوق ظهرها ... ثم اقترب بوجهه من أنفها و همس لها بحنان مبتسما ...
ارتفع حاجبي تيماء و هي ترى هذا المنظر .... هل يعقل أن تغار من الفرس أيضا !! ....
انها تغار عليه من كل ما هو مؤنث .... تبا , إنها حتى لا تستطيع تبين إن كان هذا الفرس ذكرا أم أنثى ...
أي أن مستوى غيرتها انتقل الى منحدر أكثر غباءا ....
الغيرة من كل ما يستحوذ على حنان قاصي الحكيم .... حبه ... اهتمامه .... تملكه .....
ربط قاصي الفرس أخيرا ثم تهادى اليها متنازلا الى أن وصل اليها فوقف مستندا بظهره الى السياج الذي تحتضنه بذراعيها ... هو داخله و هي خارجه ... لا ترى سوى جانب وجهه و لا تستطيع أن تتبين منه شيئا ....
انتظرت منه أن يتكلم أو أن يقول أي شيء ... الا أنه بدا في عالمٍ بعيدٍ عنها تماما ....
لذا بادرت تيماء محاولة أن تعيده الى عالمها من جديد فقالت بخفوت و حذر
( كيف حالك ؟! ........... )
ظل قاصي ينظر الى الفضاء الممتد أمامه لفترة ثم قال أخيرا بصوتٍ ساخر
( حالي كحال رجلٍ اعترف جده أمام الجميع أن أمه قد تم اغتصابها و يتوجب على الجميع التوقف عن تلقيبها بالزانية ..... )
ارتجفت شفتي تيماء قليلا , الا انها اقتربت منه خطوة بحذر , حتى باتت واقفة خلفه تماما , لا يفصلهما سوى السياج , فرفعت يدها تضعها على منتصف ظهره ... و على الفور تشنجت عضلاته كلها , و ظنت بأنه سيلقي بيدها بعيدا , الا أنه عاد و استكان ... فتشجعت و حركت يدها على ظهره برفق و همست
( أعلم بأنك بعد ليلة طويلة من الإنفعال .... استيقظت من النوم , فوجدت أن تلك الدمعة التي انسابت من عينك قد جفت .... و أن الإنفعال قد خفت , لتكتشف بأنك لم تربح الكثير فعليا .... لم يكن المال هو هدفك , و لم يحظى عمران بالعقاب الذي يستحقه ..... ووالدتك ..... والدتك لا تزال في قبرها ..... لكنها مرتاحة , أنا متأكدة من هذا , مؤمنة به ...... أنت أجبرت الجميع على إحترامك و هي مظلومة , و الآن ستحظى بإحترامٍ أكبر بعد أن طهرت اسمها ...... هذا يساوي الكثير يا قاصي ..... )
انعقد حاجبيه بشدة و شعرت بعضلاته تختلج بصعوبة تحت راحتها الناعمة الرقيقة ....
ثم ضحكت بعصبية و هي تحاول المزاح
( هل تتخيل أن أم سعيد تظنني أشبه والدتك فعلا !! .... كنت أظنك تبالغ ..... )
رد قاصي بصوتٍ متباعد
( أنتِ لا تشبهينها ..... كانت مجرد أحلاما ...... )
شعرت تيماء و كأنه ضربها و أهانها ... أرادت الصراخ به معترضة
بلى أشبهها .... أنت أخبرتني بهذا و لا يمكنك التراجع ...
الا أنها عوضا عن هذا قالت بصوتٍ خافت
( أخبرتني أنها لا تمتلك نفس لون عيني .... بينما قالت الفتاة التي تساعدها بأن عيناي تشبهان الجواهر .... )
صمتت قليلا و هي لا تدري كيف تخرجه من خلف السياج الذي أحاط به نفسه مع بداية اليوم الجديد ...
ثم سألته بمشاغبة
( أتظن أن عيناي تشبهان الجواهر حقا يا قاصي ؟! ........ لماذا لا تتغزل بهما على الرغم من أنهما الشيء الوحيد المختلف بي !! ... )
ظل صامتا قليلا بينما هي تبتسم بسخرية و تفكر ما هذا الذي تهذي به ؟! .... محاولة فاشلة كي تخرجه مما هو به ....
الا أنها تسمرت مكانها حين شعرت به يتحرك ليواجهها فجأة ... كان وجهها مواجه لصدره مع فارق الطول بينهما ... لذا انحنى حتى استند بذراعيه الى السياج بذراعيه مكتفين ... فأصبح وجهه لا يفصله عن وجهها سوى نسمة باردة تمر بين بشرتيهما .....
و وجدت عينين كالجمر الداكن المتقد تدققان النظر في عينيها الواسعتين ... مما جعلها تتلون و تحترق و ترتبك و تسبل جفنيها ....
لكنه لم يلحظ اضطرابها , بل رد عليها بصوتٍ عميق
( هذا لأنهما ليسا أجمل ما تتميزين به ...... )
رفعت عينيها اليه بدهشة و قالت بخيبة أمل
( ليسا كذلك ؟!! .............. )
هز رأسه نفيا ببطىء وهو لا يزال محدقا في عينيها , ثم قال بصوتٍ أجش
( أجمل ما فيك هو كيانك المتقد بروحٍ لم أعرف مثلها في أي امرأة سواكِ .... كيانك المتقد هذا يغشي عيني عن تأمل لون عينيك في كثير من الأحيان .... و أحيانا أخرى أنسى ما هو لون شعرك الفعلي ... حتى تلك الوحمة التي أجوع الى تقبيلها كل يوم , أنسى في أي جانب هي من وجهك ..... أنت مهلكة و من الظلم ربط سبب هذا بلون عينيكِ أو جمال شعرك .... )
فغرت تيماء شفتيها بذهول و هي تستمع اليه كمتسول مسكين ....
ثم سألته بغباء
( هل تتكلم عني ؟! .......... )
ابتسم ابتسامة ساخرة و على الرغم من ذلك بدت في عينيها أجمل ابتسامة في الكون , ثم قال هازئا
( و هل هناك مهلكة سواكِ ؟!! ..... و كأنك لا تعلمين !! ...... )
رمشت تيماء بعينيها و أخفضت وجهها و هي تقول بصوتٍ مرتجف
( أحيانا ...... احيانا , أظن بأنني لا أعلم ...... )
رفع قاصي كفيه و استقام ليعدل من حجابها تحت ذقنها و حول فكيها ..... ثم لم يلبث أن أبقى كفيه حول وجهها يرفعه اليه , حتى نظرت الى عينيه .... و كأنه قد أسرهما بقيدٍ خفي , فسألها فجأة و دون مقدمات
بصوتٍ أجش غريب و نظراتٍ متحجرة
( متى تنوين السفر ؟ ................. )
فغرت تيماء شفتيها و همست بتلعثم و كأنه أخذها على حين غفلة
( الس .... السفر .......... )
أومأ قاصي بنفس التعبير الجامد و العينين اللتين انطفأ الجمر بهما خلال لحظة .... ثم قال ببرود
( بلى السفر ..... لماذا تبدين مترددة اليوم ؟! .... اليس هذا ما كنتِ تنتظرينه ؟! .... )
أخفضت تيماء عينيها و هي تتنفس بسرعةٍ موجعة ...
السفر ....
ليلة أمس و هي بين أحضانه همست لنفسها بأنها لن تتركه مطلقا .... لن يمكنها هذا .....
ستتنازل عن دراستها و تبقى معه , فهو بحاجة اليها الآن أكثر من أي وقتٍ مضى و هي لن تتخلى عنه أبدا ...
ليس لأجله فقط , بل لأنه الرجل الوحيد في حياتها .... بل هو حياتها نفسها ...
بدونه تبدو الأيام خاوية و موجعة و متشابهة .. ... باردة كزنزانة رطبة و مظلمة .....
ليلة أمس قررت التنازل عن المنحة , فهي لم تكن أهلا لها من البداية ...
لكن الآن في ضوء الشمس .... و السؤال الصارم صادر من بين شفتيه الجامدتين و عيناه تطالبانها بالجواب الصريح ... بدا الرد صعبا للغاية ...
المزيد من التنازل ....
و ها هي تجعل منه حياتها كاملة , بينما هي جزء من حياته و أولوياته كما ينبغي .....
العقل يقول ان التنازل مهزلة في هذه الحالة ....
همست تيماء بعذاب و كأنها تخاطب نفسها بجنون
( السفر ؟! ....... السفر ؟!! ............ )
كانت تنتفض و ترتجف بشدة , بينما هو يسجل كل تعبير يمر على ملامحها الشفافة ... الى أن ابتسم ابتسامة ميتة وهو يسألها ساخرا
( هل هو سؤال صعب الى هذه الدرجة ؟!! ........ ظننتك قد أعدتِ خططك جيدا .... )
كانت تهز رأسها و هي تنظر اليه بارتياع .... لا تعلم الجواب , ..... تريد من يرشدها الى الصواب ....
فتحت فمها و هي تعيد مجددا برعب
( السفر ......... السفر .......... )
و لم تدري أن دموعها قد انسابت من عينيها على وجنتيها حتى لامست أصابعه ..... ابتسم ابتسامة مريرة هذه المرة وهو يراها تصارع نفسها و لا تدري ماذا تفعل ....
فداعب ابهاماه وجنتيها برفق وهو يهمس بصوتٍ أجش
( هوني عليك ....... إنه مجرد سؤال ........ )
مجرد سؤال !! ...... إنه يسألها إن كانت تفضل الحياة أم الموت بأمان ......
ساد بينهما صمت طويل و كل منهما ينظر الى عيني الآخر , الى أن قال قاصي اخيرا بخفوت متحشرج
( إن كان هذا سيساعدك ...... أنا وجدت شريط أقراص منع الحمل بين أغراضك ....... )
فغرت تيماء شفتيها و توقف النفس الخارج من بينهما و هي تنظر اليه بصدمة .... و كان الصمت هذه المرة مرعبا ....
أخذت نفس مهتز و قالت أول شيء طرأ على بالها
( لقد أخفيته بمهارة ...... هل تفتش أغراضي مجددا ؟!! ...... )
ابتسم قاصي ابتسامة أكثر مرارة , وهو يجيبها دون تردد
( بالطبع ......... كل يوم تقريبا , كنت أحاول اكتشاف إن أصبحتِ حامل ..... بعض الأدلة , أتذكرين ؟! ....حتى أنني أقوم بعدها كي يطمئن قلبي .....الى أن وجدت الشريط )
كان من المفترض بها أن تغضب و تساعدها وقاحته على التماسك وتقوية قلبها .... الا أن هذا لم يحدث ....
بل انصهر قلبها أكثر و همست بألم
( ليس هذا من حقك ............. )
ضحك بقسوة و ضغط ابهاماه أكثر على وجنتيها وهو يقول
( كل ما هو يخصك حقي يا مهلكة ..... هل نسيتِ عهدنا ؟!! ..... )
ترك وجنتها ليضم قبضته ثم ضرب بها على صدرها وهو يقول بصوتٍ قوي في عمق و كأنه نابع من قلبه مباشرة
( أنتِ بأكملك تخصينني ....... فما بالك ببعض الأغراض التافهة , خاصة و أنها الدليل الوحيد على بقائك أو رحيلك ..... كنت أدعو الله كل ليلة الا تحملي طفلي , كي لا تنتهي مهمتي و ترحلي به ..... الى أن عرفت أنكِ بدأت في منع الحمل بنفسك ..... للحظة انتابتني سعادة حمقاء , و ظننت أنكِ قررتِ التخلي عن صفقتك المؤذية في الحصول على طفل و الرحيل .... لكن حين لاحظت أنكِ لا تزالين على تواصلك مع جامعتك أكتشفت الحقيقة ..... لقد أفقتِ يا تيماء .... أفقتِ و أستعدتِ وعيك تماما ... و أدركتِ أن الرحيل دون رابطٍ يربطنا لهو أسهل و أخف .... )
كانت تبكي الآن بشدة ... تشهق و ترتجف , لكنها استطاعت النطق بعجز
( لكن ...... لكن هذا لم يظهر عليك ليلة أمس أو قبلها ..... لماذا لم تثور و تجعل حياتي كابوسا ؟! ....... )
تنهد تنهيدة عميقة وهو يميل رأسها للخلف و يدقق النظر في عينيها أكثر .. ثم قال بخفوت
( لن أجعل حياتك كابوسا بعد الآن ...... مهما كان قرارك , أنتِ حرة منذ اليوم ....... )
صدرت من حلقها شهقة غريبة و كأن أحدهم غرس نصلا في منتصف صدرها .... الا أنه أومأ لها وهو يقول بخفوت مؤكدا
( يمكنك التحليق أخيرا ........ لقد سجنتك لسنواتٍ طويلة و آن لكِ أن تتحرري ....... )
هتفت تيماء باكية و هي تهز رأسها نفيا بسرعة و خوف
( لا يا قاصي .... لقد قررت ليلة أمس أنني لن أ ........)
لكنه أغلق كل احتاجاتها بأن سحبها الى صدره بقوة حتى نشب خشب السياج في بطنها , لكنها لم تشعر بألمه , فقد كان ألم قلبها أفظع ...
و قال بصوتٍ قوي قاسي
( لا تتابعي ..... لا أريد السماع , قرارك ليلة أمس لن يكون هو ما سيحدد حياتك الآتية ..... )
تشبثت تيماء به بكل قوتها و كأنه يحاول الهرب منها , أو هناك من يحاول خطفه منها ... و هتفت برعب
( لن أستطيع يا قاصي ..... أدركت بأنني لن أستطيع الإبتعاد عنك , ...... أنا أحبك كما لم أحبك أحدا مطلقا ..... )
أغمض عينيه وهو يقبل جبهتها بقوة عنيفة ... ثم قال بصوتٍ خشن متحشرج
( ستفعلين ..... كي لا يتحول هذا الحب يوما الى كره , ولقد أوشك هذا على الحدوث ...... و أنا لن أسمح بهذا مطلقا .... أنت صغيرة جدا , لم تتمي عامك السادس و العشرين حتى , في قمة شغفك و حبك لهذا العشق ..... لكن ما أن تمر بكِ الأعوام و تكتشفين أنكِ لا تملكين شيئا سوى هذا العشق .... سيتحول الى كره .... خاصة و أنكِ سبق و أخترتِ من هو ليس بقادر على منحك ما تستحقين ....)
أغمضت عينيها بشدة و همست كالمحمومة
( لنفكر قليلا ...... كل شيء له حل , نستطيع أن ننقذ زواجنا ..... لو أردنا فسنستطيع .....)
ضغطت أصابعه على ظهرها بقوة و همس بصوتٍ صلب لا يقبل التهاون
( هذا هو ما أفعله .............صدقيني .... )
لم تستطع الرد عليه , كانت عاصفة البكاء أقوى من قدرتها على الرد , لذا تركت لنفسها الشيء الوحيد الى تستطيع فعله في تلك اللحظة ..... التشبث بصدره و كأنه لوح النجاة ......
.................................................. .................................................. ..................
دخلا سويا الى دار الرافعية ... بصمت تام , قبضته تمسك بكفها بقوة ...
ملامحه صارمة و باهتة , بينما هي تنظر اليه بعينيها المتورمتين بين الحين و الآخر ... و أصابعها تحفر في باطن راحته و كأنها تتأكد بأنهما لا يزالان معا .....
أما هو فكان يتعمد الا ينظر اليها في تلك اللحظات .... لكنه لم يتخلى عن كفها مطلقا , ....
نادت أم سعيد من خلفهما بسرعة
( قاصي ....آآآه المعذرة سامحني يا ولدي .... اقصد سيد قاصي , الحاج سليمان نزل بنفسه للفطور و يريد للمتواجدين تناول الفطور معه وهو ينتظركما .....)
حينها نظر قاصي الى تيماء أخيرا , فبادلته النظر بأسى الا أنها ابتسمت له مشجعة تحاول اخفاء الألم بداخلها و همست بقوة
( هيا بنا لتتناول الفطور بصحبة جدك ........)
انحنى حاجباها بحنان و هي تلاحظ تردده ... على الرغم من شراسة طباعه , الا أنها كانت تفهم جيدا سبب تردده ...
ربما كان هناك أحد الأعمام أو اثنين و ربما ثلاث .... من المؤكد غاضبين بعد اعتراف أمس , و قد أقدموا عليه احتراما لوالدهم ليس أكثر ... ماذا لو أهانه أحدهم , حينها سيضطر للرد بعنف و في وجود سليمان الرافعي ...
نعم كانت أكثر منه خوفا و قلقا ... الا أنها ربتت على كفه و قالت بثقة
( لنذهب ..........سويا ..... )
حين دخلا الى غرفة مائدة الطعام الضخمة .... توقفت تيماء للحظة و هي تراقب المتواجدين بعيني أنثى الصقر و التي تحاول حماية فراخها .... و بنظرة واحدة , استطاعت تمييز وجود سليمان على رأس المائدة .... ووالدها .... و عمها والد زاهر ... .
و عمتها زهيرة ... لا تزال تتذكرها جيدا و تتذكر فمها الذي يكان أن يقع من مكانه بسبب امتعاضها الدائم ....
و آآآه ها هو ولدها العاطفي بجوارها ...رفاعي ؟!! ... لا لا عرابي ....
الحمد لله كانوا هؤلاء المتواجدين فقط .... أغمضت عينيها بإرتياح مؤقت ... ثم شدت على كف قاصي كي يقتربا و قالت بصوت هادىء
( صباح الخير ........ )
نظر اليهما الجميع و حل الصمت التام على المكان و كما توقعت واجهتهما نظراتٍ قاتمة رافضة ... بالإضافة الى شفتي زهيرة الممتعضتين ... و كأن مشاكلها في الحياة قد انتهت لتنقصها شفتي زهيرة الشبيهتين بإطار سيارة مثقوب و مفرغ من هواء ... انقطع قلبه سيرا على أسفلتٍ ساخن في ساعة ظهيرة حارقة ....
بدأوا في رد التحية بلا ترحيب حقيقي ... مجرد همهمات متذمرة , الا أنها لم تبالي , فرفعت ذقنها بثقة و جذبت قاصي خلفها حتى وصلت الى جدها و انحنت اليه لتقبل وجنته بكل قوتها و هي تقول
( آسفة لأننا تسببنا في تأخير الفطور لكم .... لكن سعادتي بنزولك هذا الصباح فاقت كل شيء , تبدو أفضل بالفعل يا جدي .... )
ارتبك سليمان الرافعي قليلا من تلك القبلة التي طبعتها على وجنته فهذه ليست عادة النساء هنا ... مجرد قبلة على الكف هي المعتادة , لكنه ابتسم رغم عنه و قال بصوتٍ متعب متكئا على عصاه التي تحمله دائما
( تعالي يا ابنة سالم .... أريد أن رؤية السعادة من خلال وجهك المشرق دائما و عينيكِ الضاحكتين ... )
ضحك سالم و قال بسخرية قاتمة
( أي عينين ضاحكتين يا حاج !! .... الا تراهما متورمتين من شدة البكاء ,!! ..... )
نقل عينيه الى قاصي و سأله بقسوة و صرامة
( متى وجدت الوقت كي تبكيها مجددا ؟!! ...... ألن تكتفي أبدا ؟!! ...... )
ساد صمت متوتر بين الجميع , بينما شدت قبضة قاصي على كف تيماء وهو ينظر الى سالم بحقد قبل أن يقول ببرود قاتل
( اخلع عنك ثوب الأب الفاضل , لأن الدور بات هزليا بطريقة لا تطاق .... و إن كنت قد نسيت انظر الى ذراعك و تذكر ما فعلته به ..... )
برقت عينا سالم بغضب و انقبضت كفه على السكين الموضوعة أمامه دون وعي , بينما هدر سليمان قائلا
( اصمت يا ولد ..... لن تتجاوز الحدود مع عمك بعد الآن , لأن هذا ما لن أقبل به .... سالم هو والد زوجتك و عليك احترامه .... لا مزيد من حروبٍ قذرة بينكما و لن يدفع ثمنها سوى حفيدتي .... )
كان سالم لا يزال ناظرا الى قاصي بطريقة مخيفة غير قادرا على التغاضي عن وقاحته , بينما تابع سليمان آمرا
( اهدأ يا سالم أو والله أعود الى فراشي لأقضي به اليومين المتبقيين لي ......علكم ترتاحون مني أخيرا . )
زفر سالم بينما قال والد زاهر بإقتضاب
( أطال الله عمرك يا حاج و حفظك لنا ..... لا ترهق نفسك أكثر .... )
ظل سليمان متجهما , محاولا استعادة بعض الهدوء و راحة البال .... ثم قال بتجهم
( تعال يا قاصي ..... اجلس بجواري ...... )
نظر الجميع اليه برفض و قابل هو نظراتهم بسخرية و استهانة , الا أن تيماء شددت على قبضته و همست له
( هيا اذهب ....... )
سحب قاصي يده من يدها على مضض وهو ينظر الى عينيها , ثم أخذ نفسا عميقا و ذهب ليتخذ الكرسي المجاور لسليمان ....
نظر اليه جده طويلا و في عينيه المجعدتي الزوايا ... كانت هناك نظرة من الراحة ....
وضع كفه المتعرقة فجأة على ساق قاصي و قبض عليها , فنظر اليه قاصي مستفهما , الا أن سليمان لم يكن ناظرا اليه هذه المرة , بل نظر الى أبا زاهر و قال بنبرةٍ حازمة ...
( بعد الفطور يا أبا زاهر أريدك أن ترافق قاصي لتريه أرضه ..... كي يتعرف عليها و على موقعها .... )
قالت زهيرة متأوهة و هي غير قادرة على الصمت أكثر
( ياللفضيحة و شماتة الأعداء ...... كيف يكن لإبن رابحة نصيبا من أرض الرافعية , بل و سيتجول بها على الملأ !! ..... )
نظر اليها قاصي نظرة مرعبة جعلتها ترتجف و تتراجع في مقعدها و هي تهتف
( لماذا تنظر الي بهذه الطريقة يا ولد ؟!! .... هل تنوي التهجم على عمتك أيضا ؟! ..... )
هدر سليمان قائلا
( ها قد نطقتِها بنفسك ما أن شعرتِ بالخوف .... " عمتك " .... و هكذا ستفعلين كلما كان سندا لكِ , وقت الخوف و الحاجة ..... )
ربتت زهيرة على ساق ولدها عرابي و قالت بصوتٍ مرتجف
( لدي ولدي حفظه الله لي يا حاج ... هو السند , فلما أحتاج لغريب ! .... )
رفع سليمان وجهه و استند بكفيه الى العصا التي لا تزال تحمل وزنه و تصلب ظهره .... ثم قال بجفاء
( لقد دفنت ثلاث من أبنائي يا زهيرة ... و ابن أحدهم كذلك , الأغلى ...... لا تغتري بالولد كثيرا , إنها افخري بالحق .... )
همست زهيرة و هي تضع يدها على صدرها و تنفخ فيه برعب
( بسم الله , بعيد الشر عن ابني ..... حفظه الله ... )
قال سليمان بهدوء
( أنا لن اطردك من هنا عقابا على ما قلتِه اكراما لولدك يا زهيرة ..... لكن تذكري أنكِ تخاطبين والدك و كبير الرافعية ..... )
نظرت اليه زهيرة بتوتر و قالت مرغمة
( حفظك الله لنا يا حاج .... لا تغضب مني أرجوك , أنا فقط .... )
هتف سليمان بخشونة
( كفى ...... لا مزيد من الجدال , لقد باتت البلدة بأكملها تعرف الآن .... و الأرض مسجلة باسم قاصي , لذا أصبح الجدال ما هو الا عبث .... تعاملوا مع الأمر ... )
ثم نظر الى أبي زاهر سأله بنبرة آمرة
( ما هو قولك يا أبا زاهر .... هل ستعصي أوامر والدك ؟! ...... )
ربت أبا زاهر على كف والده و قال بجفاء
( لا عاش و لا كان من يراجع الحاج سليمان في كلمته ...... سأفعل ما تأمر به يا حاج .... )
شدد سليمان على ذراعه وهو يقول بصوتٍ منهك
( و ماذا بعد وفاتي ؟! ..... هل ستتربصون به ؟! ..... )
قال والد زاهر بسرعة
( أطال الله عمرك يا حاج .... لا داعي لهذا الكلام , كلمته نافذة .... ما دمت حيا و أبنائي من بعدي .... )
تنهد سليمان براحة و قال
( ربما كنت أشد أبنائي , لكنني أعرف أن الغدر ليس من طبعك ..... لذا ثق يا ولدي أن الله لن يضيع لك معروف عهدك هذا .... و سيحفظ به أولادك .... يوما ما سيرد معروفك خلالهم , فلا تتجهم هكذا .... )
أومأ والد زاهر متجهما ,
( لله الأمر يا حاج ..... تعرف أنني لن أخلف عهدا معك أمام الله ..... )
أومأ سليمان برأسه راضيا , ثم نظر الى عرابي و ابتسم قائلا
( و ماذا عنك يا عرابي يا ولدي ؟! ..... متى سيحين زواجك ؟!! ..... لقد طالت الخطبة جدا ... )
مطت زهيرة شفتيها و أصدرت بهما كل صوتٍ اعتراضي ممكن قبل أن تقول بحسرة
( خطبة الخيبة و الندامة ...... و كأن ابني كان كبش الفداء كي تقررون زواجه من ابنة الهلالية ..... )
زفر سليمان و قد فاض به الكيل بينما أمسك عرابي بقبضة والدته وهو يقول بنبرة حادة كي يمنعها من التهور أكثر
( كانت تلك شروط والدها و أهلها جميعا يا جدي .... أن تنهي العامين المتبقيين لها من الدراسة في كلية الصيدلة و بعدها يعقد القران .... حتى أنهم رفضوا أن أراها حتى الآن ....و أنا بصراحة لست متلهفا للبحث عنها في كليتها أو أي مكان آخر طالما لا يتحلون ببعض الذوق كي يمنحوني الإذن برؤيتها ولو لمرة في بيتهم ... أنا لم أعتبر نفسي خاطبا مطلقا . )
عقد سليمان الرافعي حاجبيه و قال بدهشة
( لم تراها حتى الآن ؟! ....... هل أصابهم الجنون أم ماذا ؟! ....... )
هتفت زهيرة بغضب و استياء
( هل هذا من الشرع يا أبي ؟! ..... من يظنون أنفسهم !! ...... دعنا نحل أنفسنا من تلك الخطبة الهزلية ... )
ازداد انعقاد حاجبي سليمان .... وهو يفكر بغضب , الا أنه قال بإستياء
( لا يمكننا فسخ الخطبة بهذا الشكل ..... كانت كلمة رجال , ستكون ضدنا و سيكون لهم حق عندنا .... )
هتف سالم فجأة بغضب
( حين طلق أشرف ابنتي مسك , لم يتحرك أحد ليأخذ لها حقها يا حاج ..... هل ابنة الهلالية أغلى من مسك الرافعي !! ..... )
راقبت تيماء حدة سالم في الدفاع عن مسك بضراوة كما يفعل دائما , و مجددا .... شعرت بغيرة لم تستطع السيطرة عليها حتى هذه اللحظة ...
حين أبعدت عينيها بالقوة عن وجه سالم , اصطدمت عيناها بعيني قاصي الذي كان ينظر اليها بقوة , و كأنه قرأ مشاعرها بمنتهى الوضوع , فأخفضت عينيها الى كوبها و هي تتنهد بأسى .....
قال سليمان بقوة وهو يرد على سالم
( أشرف ابن أخيك يا سالم .... هل كنت تريد عداء مع شقيقك !! لقد أخذت جلسة الصلح بينكما أكثر من عام و كان علينا انهاء الخلاف ........ أما كلام العائلات فشيء آخر , .... )
زم شفتيه مفكرا بتجهم , بينما زاد الإرهاق على ملامحه ... ثم قال أخيرا بصوتٍ آمر
( اسمع يا ولدي ....... شرعا لك رؤيتها , و لا يجوز لهم منعك .... لذا أرى أن تتبع الطريق الصحيح , فلتذهب اليهم مطالبا برؤيتها , فإن رفضوا كان لك أن تفسخ تلك الخطبة و تحل كلمتك ..... )
نظر عرابي الى أمه التي بدت عليها البهجة للمرة الأولى , و قالت بسعادة
( هذا هو الكلام ..... و بالطبع يجوز له الا يتقبلها شكلا , شرعا يحق له ذلك ... وهو لن يتقبلها بكل تأكيد .... )
نظر الجميع لها ممتعضي الملامح فهتفت بحدة
( ماذا ؟!! ......... حقه ....... )
ربت عرابي على كتفها و قال بخفوت و ثقة ..
( لا تقلقي يا أمي , سأنهي هذا الأمر ........... )
أما سليمان فنظر الى قاصي و سأله بهدوء
( الى متى تنوي البقاء معنا يا ولدي ............. )
نظر قاصي الى تيماء , التي تلهفت عيناها الى عينيه و ارتجف قلبها بشدة , .... فقال أخيرا بخفوت أجش دون أن ينزع عينيه عنها
( سنرحل غدا يا حاج .... فأنا أريد البقاء مع زوجتي لبعض الوقت ..... قبل أن تسافرعائدة لدراستها .... )
غامت عيناها و همست شفتاها دون صوت
" لا ........ "



يتبع



tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 05-03-17, 01:55 AM   #12168

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

بعد بضعة أيام ......
نظرت سوار عبر منظار الباب و سارعت لتفتح الباب هاتفة بقوة
( هريرة ........ حمد لله على سلامة وصولك ... )
سارعت هريرة بالدخول و أغلقت الباب خلفها قبل أن تحيط عنق سوار بذراعيها بكل قوتها و هي تهتف بحرارة
( سوار .... اشتقت اليكما جدا ....... )
ابتعدت عنها للحظة تتأمل ملامح سوار الجميلة المرهقة ثم قالت بصوتٍ يتوهج من شدة الفرح و السرور
( لا أصدق أنكِ أنتِ من نزلت اليها من السفر مباشرة ..... أنتِ زوجة ليث الوحيدة بعد كل هذه السنوات أخيرا ..... إنه حلم .... حلم يا زوجة أخي و حبيبته الوحيدة ...... )
عانقتها مجددا و هي تتأوه بصوتٍ عالٍ فأغمضت سوار عينيها ألما و دفنت وجهها في كتف هريرة على الرغم من أنها أقصر منها بكثير ... و دون سابق انذار انفجرت باكية ! ...
عقدت هريرة حاجبيها قليلا و هي تحاول تبين هوية هذا الصوت الصادم , فنظرت جانبا و هي تسألها بشك
( سوار ..... ما هذا الصوت ؟!! .... هل تبكين ؟!! ..... )
أبعدتها عنها بالقوة و نظرت الى وجهها و بالفعل صدمت بمنظر سوار و هي تبكي محمرة الوجه و الأنف كالأطفال ....
فهتفت بإرتياع
( ياللهي !!! ...... ماذا حدث يا سوار ؟! .... هل أخي بخير ؟! أجيبيني أرجوك , قلبي سيتوقف من شدة الخوف ...... هل ليث بخير ... )
مسحت سوار وجهها بكفها و هي تقول بصوتٍ محبط مهزوم
( أخاك بخير ..... لا تخافي .... )
وضعت هريرة يدها على صدرها و هي تزفر براحة هامسة
( الحمد لله ......لقد أرعبتيني حقا , طالما أن ليث بخير و أنتِ كذلك و لا تزالان متزوجان من بعضيكما ... فكل شيء قابل للحل ان شاء الله ..... )
رفعت سوار وجهها تنظر الى هريرة بوجهٍ شاحب و عينين قاتمتين , ثم سألتها بقسوة
( حتى إن كان أخاك ينوي الزواج من ثانية ؟! .... أقصد ثالثة !! ..... )
كانت هريرة تخلع حجابها ببساطة , لكن ما أن سمعت ما نطقت به سوار للتو حتى استدارت على عقبيها صارخة
( ينوي ماذا ؟!!!!!!!!!! ....... )
تنهدت سوار بعنف و جلست على الأريكة دون رد , تنظر أمامها بعينين تتقدان شررا على الرغم من احمرار البكاء بهما .....
أما هريرة فاندفعت اليها و جلست بجوارها على حافة الأريكة هاتفة
( أعيدي ما قلتهِ للتو ؟! ..... هل هذا مقلبا معدا منكما كي تفسدا عطلتي ؟!! .... )
نظرت سوار اليها و هزت رأسها نفيا ببطىء ...
فضربت هريرة كفا على كف و هي تهتف بذهول
( اذن لقد جن ليث ..... لا تفسير آخر ..... لقد جن تماما , ....... )
رمقتها سوار بطرفِ عينيها العسليتين المذنبتين .... ثم قالت مقرة بصوتٍ متراجع
( ليس تماما .......... )
صمتت هريرة عن هتافها المفزوع و هي تنظر الى سوار بشك و توجس .... ثم لم تلبث ان استدارت بكليتها متربعة فوق الأريكة بجوار سوار و قالت آمرة بحدة
( أخبريني كافة التفاصيل .... و إياكِ أن تستثني دورك من الخطأ , فأنا أعرف تلك النبرة جيدا .... لا تخرج من بين شفتيكِ الا حين ترتكبين جريمة فقط ...... )
بدت سوار محرجة كما لم تراها هريرة من قبل , فنظرت اليها مصدومة و قالت متابعة
( لقد ارتكبتِ شيئا فظيعا يا سوار .... ملامحك تنطق بهذا ...... فقط أخبريني .... )
قالت سوار أولا بفتور
( أخبريني أنتِ أولا .... أين هو زوجك ؟! .... لماذا لم يأتي معك ؟! ..... )
قالت هريرة بحدة
( بالطبع لن يأتي الآن وهو يعرف أن ليث في عمله , إنه في الفندق , أما أنا فلم استطع الإنتظار و أتيت اليكِ من فوري .... الآن كفي عن المماطلة و أخبريني ماذا فعلتِ كي تفقدي الرجل عقله يا بنت الرافعية ؟! ....
لقد كان عاقلا مع الساحرة الشريرة ميسرة لعشر سنوات و أكثر .... و ظل كالجبل لا يهتز , ماذا فعلتِ به أنتِ ؟!! ..... )
ظلت سوار صامتة تتلاعب بأصابعها في حجرها غير قادرة على الرد .. فأمسكت هريرة بكفيها و نظرت الى عينيها قائلة بثقة و حرارة
( تكلمي يا سوار ... من المؤكد أن الأمر ليس بمثل هذا السوء ....... )
:
:
:
بعد لحظات من شرح ما حدث بكلماتٍ مختصرة خافتة بشدة ....
قفزت هريرة واقفة و هي تصرخ فيها بجنون
( فعلتِ ماذا ؟!!!! .... خطبتِ أخرى لزوجك بنفسك ؟! .... رغما عنه ؟!! ..... ما الذي دهاكِ يا امرأة كي تقدمي على تلك الفعلة الأسود من قرن الخروب !! ....... )
رفعت سوار وجهها تنظر اليها و هتفت بحدة و أسى
( أنتِ لا تفهمين شيئا .... أخاكِ أذلني في مرحلة صعبة جدا من حياتي , و لم أكن بكامل قواي العقلية ... تصرفت بتهور و دون تفكير ...... )
رفعت هريرة اصبعها و هتفت بصرامة
( لا ..... ليث يستحيل عليه أن يذلك , .... الإذلال الحقيقي هو ما اقترفتيه أنتِ بحق نفسك ...... و هذا هو الرد المتوقع من ليث , إنه أخي و أعرف جيدا ردات فعله حين يفيض به الكيل ..... )
صرخت سوار بعذاب و هي تتخلل شعرها بأصابعها
( كفى يا هريرة أرجوكِ .. قلبي لم يعد قادرا على تحمل المزيد من اللوم و التقريع .... يكفيني ما أنا فيه ... )
نظرت اليها هريرة بحدة و هي تهز ساقها بعصبية , ثم لم تلبث أن قالت و هي تعود لترمي نفسها بحدة متربعة على الأريكة بجوار سوار من جديد ضاربة على فخذها
( حسنا .... سأحاول الا أضربك بمضرب الذباب هذا .... دعينا نتكلم بالعقل ... )
نظرت اليها سوار بطرفِ عينيها و قالت بتذمر
( احترمي فارق السن بيني و بينك يا هريرة .... لا تنسي أنني كنت أرضعك من المعزة و أنت ذات ثلاث سنوات فقط ...... )
ضربت هريرة على فخذها مجددا و هي تقول بحدة
( و هل أفادك فرق العمر بيننا في شيء ؟! ..... بالله عليكِ أنا و التي كنتِ تمسكين بها أسفل المعزة كي تشرب من حليبها ,... لا أسمح لزوجي بأن يخاطب زميلات العمل حتى بات منبوذا بينهم .... بينما أنت يا كبيرة يا عاقلة يا ناضجة .... تخطبين لزوجك بالقوة ثم تندمين , يا ذات عقل أم الخلول الرخوية .... )
أخفضت سوار وجهها بين كفيها و همست بإرهاق
( أشعر بأنني على الوشك الإصابةِ بالإغماء ...... )
أمسكت هريرة بكفها و أبعدتها عن وجهها بالقوة و هي تهتف بحدة
( لا وحياتك .... هذه الحركات لن تخيل علي يا بنت الرافعية .... ارفعي وجهك , أريد سؤالك عن شيء ... )
نظرت سوار اليها بطرفِ عينيها و قالت بقنوط
( ماذا ؟! ................. )
سألتها هريرة بهدوء و حذر
( الآن .... ما هي طبيعة علاقة بليث بعد أن عرفتِ بنيته على المضي قدما في الموضوع ؟! .... )
فتحت سوار كفيها و اجابت بفتور ...
( كيف ستكون ؟! .... سمن على عسل ....... )
ظلت هريرة ناظرة اليها لبضعة لحظات بدون تعبير .... ثم لم تلبث أن أخفضت رأسها لتستند بجبهتها الى قبضتيها و هي تقول بتعب
( يا مثبت العقل و الدين ........مسكين يا أخي , والله مسكين و بدأت أقدر موقفه .... )
استدارت سوار اليها قليلا و قالت بقوة
( اسمعيني جيدا ..... أنا لن أمنحه المبرر الذي يجعله مرتاح الضمير تجاه تلك الزيجة , لذا هو يظنني قد رضخت للأمر الواقع ...... أنا سأمنحه كل ما أستطيعه من حب و تعويض .... لكن لو تزوج تلك الفتاة بالفعل فسوف أقتلهما ..... هو لا يعرف غضب سوار الرافعي بعد ..... )
نظرت اليها هريرة بقنوط و قالت
( يعرف غبائها فقط .......... لقد تفوقتِ على نفسك حقا ...... )
أمسكت سوار بكفيها و قالت مترجية
( هريرة , هلا أمضيتِ ليلتك معنا ؟!! ........ أريده أن يبتعد عني دون أن أكون أنا السبب .... )
عقدت هريرة حاجبيها و قالت بدهشة
( أشك أن يوقف هذا ليث ........... لا أظنه خجولا الى تلك الدرجة .... )
قالت سوار بإصرار
( ستصرين على المبيت معي في غرفتي ....... و في الصباح أكون أنا نعم الزوجة .... )
ارتفع حاجبي هريرة و قالت بخفوت
( لك الله يا أخي حبيبي ........ لك الله ... )
.................................................. .................................................. ....................
راقبته سوار عن بعد و هي تحضر العصير .... كان يضم أخته اليه بقوة مبتسما و كأنها بالفعل هريرة صغيرة تطلب مداعبته و دلاله ... حتى أنه هو من اختار لها اسمها عند مولدها .....
أي قوةٍ يمتلكها هذا الرجل !! ......
قوةٍ في حبه ...
قوةٍ في حنانه ....
قوةٍ في نصرته لكلمة الحق ....
قوة في محاربة الجميع بلا استثناء ....
قوةٍ تحدي كل قانون قد يهدد سعادة من يحب .......
قوةٍ في عقابه و صلابته و عناد رأسه ....
قوته في الحصول على ما يريد ....
رفع عينيه عن رأس أخته كي ينظر الى سوار مباشرة , فارتبكت و تابعت عملها .....
بينما أعاد اهتمامه لشقيقته و سألها بنعومة
( الى متى تنويان البقاء ؟! ............ )
ضمت هريرة قبضتيها و صرخت بسعادة و جذل
( شهران كاملان يا ليث ..... شهران كاملان , حتى تملني ..... )
ضحك ليث بصوتٍ أجش و داعب شعرها الناعم قائلا
( لن أمل منك أبدا حتى لو بقيت عشرة أشهر و سافرتِ اثنين فقط .......... )
صفقت بكفيها و سألته بسعادة
( اذن أين ستنزهني غدا ؟؟ ........... )
ارتفع حاجبي ليث وهو ينظر الى زوجها متسائلا
( هل أنا من سأنزهها ؟!! ..... لماذا زوجتها لك اذن ؟!! ....... )
ضحك زوجها وهو يقول مستسلما
( أنت لا تعرف ما ينتظرك بعد ...... )
التفتت هريرة تنظر اليه لتحدجه بنظرةٍ محذرة , ثم نظرت الى ليث و قالت بدلال
( ينتظرك كل الخير يا حبيبي ........... )
بعد فترة اتجه ليث الى حيث تقف سوار و التقط كفها فرفعت عينيها اليه متسائلة , الا أنه قبل ظهر كفها برقة مما جعلها ترف بعينيها ثم همس لها بصوتٍ أجش ....
( أشتقت اليك ............ )
نظرت سوار الى هريرة و زوجها .... الا أنهما كانا منهمكين في حوارٍ طويل ... مما جعلها ترتبك و تعاود النظر اليه قائلة بصوتٍ رخيم هادىء
( و أنا أيضا ......... كنت أتمنى أن أقوم بزيارتك في العمل أنا و هريرة اليوم .... الا أنك .... الا أنك منعتني من الذهاب الى هناك ..... )
إن كانت تقصد أن توجع ضميره , فقد فشلت تماما ... اذ أنه ابتسم و عانقت أصابعه أصابعها ليقول بنبرةٍ خاصة , جادة حنونة و مبهجة في آنٍ واحد
( لدي حل أفضل ...... سأفتح لكِ مشروعا خاصا بكِ أو مكتب صغير ..... و أقوم أنا بزيارتك كل يوم ... ما رأيك ؟! ..... )
أصابها إحباط بالغ فأبعدت وجهها بإباء عنه و هي تتنفس بسرعة و غضب , فسألها محتارا ....
( ألم تعجبك فكرة المشروع ؟!! .. ظننتك ستسرين بها , حتى أنني كنت أنوي أن أفاجئك بها كهدية لكِ ..... )
ردت سوار بقوة و هي تعد فناجين القهوة بعصبية ...
( لن أستطيع ادارة مشروع بمفردي .... حتى و إن كان صغيرا , أنت تهدر مالك هباءا .... )
حاولت الإبتعاد عنه الا أنه أمسك بكفها يمنعها فنظرت اليه منتظرة بملل , الا أن قال بصوتٍ واثق هادىء
( سأكون بجوارك خطوة بخطوة ......... )
ابتعد الملل الكاذب عن عينيها , و غابت القسوة عن ملامحها .... فهمست له بحيرة
( كيف يمكنك أن تكون بمثل هذه الرقة ..... و بمثل هذه القسوة !! ..... أنت تؤلمني بشدة , هل لديك فكرة عن مقدار معاناتي !! ..... )
انعقد حاجبيه قليلا , الا أنه أومأ قائلا بخفوت
( لدي فكرة واضحة عن الأمر .......... )
أومأت هي الأخرى و همست بإصرار
( جيد أنك تعرف ........... )
ثم ابتعدت عنه كي لا تفسح له المزيد من حنان قسوته .... فهي لم تعد تتحمل أكثر .....
بينما كانت هريرة تراقبهما من بعيد بقلق و هي تستشعر التوتر المنتشر في الجو من حولها .....
و بعد فترة طويلة رافقت زوجها الى باب الشقة , ثم نظرت اليه معتذرة بدلال و همست
( أنا آسفة جدا أنك مضطر للرحيل بمفردك ..... لكن عملية الإنقاذ تلك هي حالة طارئة .... )
رفع زوجها اصبعه و دفع به انفها وهو يقول مازحا .....
( أنتِ مدينة لي بخدمة ............ )
ارتفع حاجبي هريرة و تمايلت قائلة بخبث
( خدمة !!! ..... هل نسيت أن ليث يدينك بخدمة قبلا حيث أن وقف في وجه الجميع كي نتزوج !! .... )
ابتسم زوجها بعينين محبتين و قال بحنان
( غلبتيني يا قطتي ....... إنها خدمة العمر , و لأجل سعادته سأتحمل بقائي بعيدا عنكِ الليلة ..... )
مطت هريرة شفتيها كالأطفال ثم همست متأوهة ....
( هيا اذهب قبل أن أغير رأيي , فقد بدأت أشتاق اليك بالفعل ...... )
انحنى زوجها ليقبل وجنتها بحب قبل أن ينصرف فأغلقت الباب خلفه متنهدة ..... في حين خرج ليث من احدى الغرف وهو يسأل
( هل سمعت صوت باب الشقة للتو ؟! ......... )
نظرت هريرة الى سوار التي بادلتها النظر بمكرٍ قبل أن تتظاهر بمزيد من الإنشغال , فقالت هريرة ببساطة
( آه لقد رحل عصام ........... )
ارتفع حاجبي ليث وهو يسألها بدهشة
( رحل دون أن يسلم علي ؟!! ........ )
هز رأسه قليلا و ابتعد ليجمع مع سوار بعض الأكواب , الا أنه استقام و نظر مجددا الى هريرة و سألها بدهشةٍ أكبر
( ان كان زوجك قد رحل .... فماذا تفعلين أنتِ هنا ؟! .......... )
ردت هريرة بتلعثم
( آآآآه ...... أنا سأبيت هذه الليلة معكما ........ )
ارتفع حاجبيه أكثر وهو ينظر اليها بعدم فهم الا أنه سأل دون مقدمات
( لماذا ؟! ............... )
حكت هريرة شعرها بحرج و قالت بصوتٍ متلعثم أكثر
( آآآه حسنا ...... لأنني اشتقت اليكما ......... )
ضاقت عينا ليث و قال ببطىء
( ونحن أيضا اشتقنا اليكِ , لذا سنتقابل غدا و كل يومٍ من أيامِ عطلتكما إن أحببتِ , لكن هذا لا يعني أن تتركي زوجك يخرج من هنا بمفرده بل و يبيت وحيدا ..... )
نظرت هريرة الى سوار مستغيثة , الا أن سوار استدارت عنها بنذالة ..... فقالت هريرة بغباء
( أنا أريد النوم بجوار سوار ............ )
ارتفع حاجبي ليث أكثر و أكثر .... و نظر الى شقيقته بصمت , فعدلت كلامها و هي تقول ضاحكة بعصبية
( أقصد أنه لدي الكثير من الحكايات لأقصها على سوار ..... جلسة فتيات , أنت تعلم .... )
سألها ليث ببساطة
( الا يمكن لجلسة الفتيات أن تنتظر الى الصباح ؟! .......... )
ردت هريرة دون تفكير , تريد انهاء هذا التحقيق سريعا ....
( لا .....لن تنتظر ........ )
ضاقت عينا ليث و سأل أخته قائلا بقوة
( هل أنتِ و عاصم متشاجران و كنتما تتقنان الدور أمامنا ........ )
وجدت هريرة أن الحل الأمثل قد لاح لها فقالت بسعادة بينما سوار تشير اليها بالنفي سريعا ....
( نعم ..... بصراحة بيننا خلاف بسيط و قررت قضاء ليلتي معكما حتى تهدأ أعصابي ..... )
حينها انعقد حاجبيه بشدة و قال آمرا
( أمامك خمس دقائق لتضعين فيها حجابك و سأوصلك الى زوجك بنفسي ...... خلافتكما تقومان بحلها و أنتما تحت سقفٍ واحد ...... و إياكِ أن تكرري هذا الإقتراح مجددا , و الا أنا من سيقف لكِ بنفسه ... )
أغمضت سوار عينيها بيأس و سقطت كتفاها ..... بينما تنهدت هريرة و هي تنظر اليها معتذرة .....
أما ليث فقال بصرامة
( الخمس دقائق تمر ................ هيا أسرعي ...... )
.................................................. .................................................. ......................
أثناء قيادته للسيارة , قال ليث بهدوء وهو يركز نظره على الطريق
( تلك المسرحية التي قمتما بها ..... كانت غاية في السذاجة .... )
انتفضت هريرة مكانها و نظرت اليه مذهولة لتقول بصدمة
( ماذا ؟! ........... )
لم يرد على سؤالها التافه , بل تابع كلامه قائلا بنفس الهدوء
( على ما يبدو أن سوار قد أخبرتك عن دليلة , فلم تدخرا وقت كي تحيكان الخطط ...... )
مطت هريرة شفتيها و قالت بحدة , غير قادرة على منع نفسها
( اذن السيدة اسمها دليلة ...... عسى الا تربح أبدا ...... )
نظر اليها ليث و قال بصرامة
( هريرة ..... راقبي كلامك ......... )
ردت عليه هريرة بإنفعال
( و تدافع عنها يا ليث ؟!! ...... كيف يمكنك أن تفعل هذا يا ليث ؟! .... بعد أن حدثت المعجزة و أصبح حب عمرك في متناول يدك , تكرر نفس المأساة و تتزوج من امرأة لا تحبها !! ..... هل نسيت ايامك المضنية مع ميسرة !! ...... يبدو أنك قد اعتدت أن تكون لك أكثر من امرأة , فما أن طلقت ميسرة حتى بحثت عن غيرها بمنتهى السرعة ..... لكن سوار لا تستحق هذا منك يا ليث ...... )
ابتسم ليث وهو يدير المقود قائلا بهدوء
( يفترض بي أن أضربك يا فتاة على قلة تهذيبك ...... لكن للأسف , وصلنا ..... )
نظرت هريرة الى بوابة الفندق التي دخلها بسيارته للتو فتنهدت قائلة بضيق
( أشعر بالجنون ...... لا أصدق , حتى الآن لا أصدق ........... )
ابتسم و هو يقرص وجنتها قائلا
( هيا انزلي لزوجك ....... و لا تقلقي على ابنة وهدة , فهي أقدر مني و منكِ على الدفاع عن نفسها و حقوقها ...... لكنها تحتاج فقط لبعض الوقت .... )
.................................................. .................................................. .....................
حين وصل ليث الى البيت , كانت سوار في الفراش نائمة بدلال ... متعطرة بأجمل عطورها و أكثرها شرقية ....
إن كان مخططها مع هريرة قد فشل , فلن تفشل صورتها على الأقل .... ستظل تغريه الى أن يستسلم ...
فهو في النهاية يحبها هي ......
كتمت سوار أنفاسها حين استلقى الى جوارها منتظرة ... الا أنه أدار لها ظهره قائلا ببساطة
( حين تودين بعض الخصوصية ليس عليكِ سوى الطلب .... لكن لا تجري أختي معكِ , لتترك زوجها كي تساعدك ....... أنت تحرجيني و تحرجين نفسك أكثر ....... )
شحبت ملامح سوار تماما .... و شعرت بقلبها يحترق غيظا بين أضلاعها , و بدأ الضغط يتزايد حول عينيها حتى ظنت أن رأسها ستنفجر .... فما كان منها الا أن أبعدت الغطاء عنها و خرجت من الغرفة جريا ......
بينما ليث ينظر الى خروجها مبتسما .... لكن ما أن اختفت حتى اختفت معها ابتسامته ... و في لحظة ضعف أوشك قلبه على التراجع ....
.................................................. .................................................. ......................
تحرك راجح متكاسلا الى باب الشقة ليفتحه دون حماس .... الا أنه توقف مكانه و هو يرى الزائرة الغير مرغوب فيها صباحا ....
رمقها من أعلى رأسها و حتى أخمص قدميها , ثم سألها بفظاظة
( ماذا تفعلين هنا ؟!! ........ لا تخبريني أنكِ بعد كل هذه الأشهر الطويلة لازلت على أملِ العودة !! .... )
رفعت بدور وجهها الشاحب لتنظر اليه و قالت دون مقدمات .... بصوتٍ فاقد الرغبة في الحياة
( أرجوك يا راجح ...... أقسمت عليك بأغلى شيء لديك ... بل أقسمت عليك بالله الذي هو أكبر مني و منك .... سيفتضح أمري ..... لم أعد قادرة على افتعال أي أسباب جديدة لرفض من يتقدمون الي ..... ماذا لو تزوجت أحد أبناء أعمامي !! .... فضيحتي و فضيحة أبي ستكون على كل لسان ..... )
تأفف راجح وهو يبتعد عن الباب هاتفا بنفاذ صبر
( لا أصدق ..... ربما توجب علي تغيير مكان سكني و اخفاؤه عنكِ .... )
وقفت بدور خلفه و صرخت بعنف و توسل
( أرجوك يا راجح ...... مضت فترة مناسبة كي يسامحوك , أرجوك تزوجني ولو لفترة قصيرة ثم طلقني ..... أتوسل اليك ..... )
أشعل راجح سيجارة وهو يوليها ظهره ثم قال ببرود وهو ينفث دخانها ...
( أخرجي من هنا يا بدور و لا تعودي ........ لن يمكنني مساعدتك ...... )
الا أنها صرخت فيه بجنون
( لن أغادر يا راجح ...... سأظل لصيقة بك الى أن تفعل ما أطلبه منك ....... أقسم بالله لن أغادر ... )
استدار راجح ينظر اليها بحاجبين مرتفعين ... ثم سألها ساخرا
( تقسمين أنكِ لن تغادري ؟!! .......... )
أومأت برأسها و هتفت بقسوة و عنف
( أقسم أنني لن أغادر ...... أقسم بالله لن أدعك تفلت بفعلتك معي ...... )
ضحك راجح عاليا , ثم قال من بين ضحكاته المقيته
( تصورين الأمر كمشهد قديم من فيلمٍ دون الوان ..... لذئبٍ بشري سلبكِ أغلى ما تملكين , أفيقي يا بدور .... كنتِ زوجتي و انتهى الأمر بيننا بالطلاق و إن أحببتِ أن اخبار والدك بالأمر فلا مانع لدي .... )
كانت بدور تنظر اليه بيأسٍ و هي تهز رأسها قليلا و قد تشوشت صورته أمامها بفعل الدموع الحبيسة أمام حدقتيها ....
الا أن هذا هو ما توقعته تماما .... لذا ضربت الأرض بقدمها و صرخت
( لن أسمح لك بأن تحط من هامة والدي في الأرض ........ لن أسمح بهذا ..... )
ضحك راجح مجددا وهو يسألها بدهشة
( أنا من حططت هامته في الأرض ؟!! ..... عليكِ التفكير في هذه النقطة مليا يا ابنة المحترمين .... )
أغمضت بدور عينيها بألم .... الا انها قالت بصوتٍ باهت
( لن أغادر يا راجح .......... لن أفعل ........ )
أومأ راجح برأسه قائلا بإبتسامة متسليا
( حسنا ..... لم تتركي لي خيار آخر , سألجأ الى التصرف الأخير معكِ .... ربما ننعم جميعا بالراحة بعدها .... )
و دون انتظار أمسك بهاتفه وهو يقول ببساطة
( سأتصل بوالدك و أخيك كي يحضران لأخذك من هنا ..... و متأكد أنها ستكون المرة الأخيرة التي تكرميني فيها بالزيارة حينها ..... )
شعرت بدور فجأة و كأن الهواء قد سحب تماما من رئتيها .... و أن الموت بات أقرب لها مما تتصور ...
و تحول الرعب بداخلها الى نبضاتٍ مؤلمة ......
و كطائر مذبوح في لحظاته الأخيرة ... فكرت في الهجوم عليه علها تختطف الهاتف ....
أو أن تهرب الى الحمام لتقطع شرايين رسغها .....
لكن يدها تحركت ببطىء و ثبات ..... لتلتقط هاتفها و تسبقه في الإتصال برقمٍ تحفظه عن ظهر قلب ....
و ما أن وصلها الصوت الثابت حتى همست بصوتٍ تأكدت بأن يصل الى راجح
( سوار ...... هل يمكنك الي ؟؟ ....... أنا أحتاجك بشدة ...... )
توقفت أصابع راجح عن العمل فجأة , و اخترق الإسم الحبيب روحه و كيانه ... فاستدار ببطىء شديد وهو ينظر الى بدور و التي بادلته النظر بعينين بلون الدم .....
.................................................. .................................................. ......................

كانت هريرة جالسة تراقبها بقلق بينما سوار تدور في الشقة و هي تفرك أصابعها بغضب ..... ثم قالت بتحدٍ دون أن تنظر اليها
( هو قال هذا !! ...... حسنا يا ليث .... لا بأس ..... زد من حسابك معي , فقد تماديت و عبرت كل الحدود ...... )
قالت هريرة برجاء
( اهدئي قليلا يا سوار .......... صدقيني قلبي يخبرني بأن شيء لم يحدث و أنه يستفزك فقط .... )
استدارت اليها سوار قائلة بعنف
( هذا ما كنت أظنه أنا أيضا ..... لكن دليلة لن تخدعني , الأمور بينهما تتم بالتدريج ...... )
تنهت هريرة خوفا على زواج أخيها .... فهي تعرف ان سوار لن ترضخ و ليث لن يتراجع .....
وقفت سوار حين سمعت صوت رنين هاتفها فتأففت بقوة لا تريد أن تكلم أحدا ..... الا أنها أمسكت به و ردت بنفاذ صبر
( السلام عليكم ............ )
لكن الصوت الذي وصلها كان آخر صوت تتوقع سماعه في تلك اللحظة ..... ...
عقدت سوار حاجبيها بشدة و قالت بدهشة بالغة
( بدور !!!! .............. )
ردت بدور عليها بصوتٍ مرتجف بشدة , كمن على وشك الإصابة بالإغماء ......
( سوار ........ هل يمكنك أن تأتي الي ...... أنا أحتاجك بشدة )
هزت سوار رأسها غير مستوعبة ..... ثم قالت بحدة
( انتظري لحظة ..... من أين تتكلمين ؟! .... أين أنتِ ؟!! ...... )
ردت بدور بصوتٍ مرتجف خافت يثير القلق
( أنا ...... في شقتنا هنا في المدينة , لا أظنك تعلمين العنوان ........ )
تلبدت ملامح سوار بشدة و قالت
( بالطبع لا أعرفه .......... آسفة يا بدور لن أستطيع القدوم اليكِ ....... يمكنك اخباري عما تريدين في الهاتف .... )
اختنق صوت بدور و هتفت بأسى
( أرجوكِ تعالي ....... أنا غير قادرة على الخروج من الشقة , أخي لا يسمح لي ...... )
قالت سوار بحدة
( و كذلك زوجي لا يسمح لي ... آسفة ...... إن أردتِ اخباري عن الأمر في الهاتف , فأنا أسمعك .... )
انفجرت بدور في نحيب مختنق فجأة فتأففت سوار و هتفت بها بصرامة
( البكاء لن يفيدك ...... تكلمي ........ )
هتفت بدور بإختناق و توسل
( أرجوكِ تعالي ...... لن آخذ من وقتك أكثر من عشر دقائق ........أنا لا أحد لدي كي أستغيث به .... )
هتفت سوار بحدة و هي ترفع رأسها لاعلى
( ياللهي ..... أنتِ ملحة بشكل مزعج جدا ........ )
كان نحيب بدور المتواصل يوتر أعصابها أكثر فقالت بصرامة
( توقفي عن البكاء و اخبريني بالعنوان ..........عشر دقائق و سأنصرف يا بدور , هل فهمتِ ؟ أرجو الا تكوني قد أوقعتِ نفسك في المزيد من المشاكل ..... )
سجلت سوار العنوان على الهاتف , ثم نظرت الى هريرة قائلة بحزم
( هريرة .... انتظريني هنا , سأذهب في زيارة سريعة لإبنة عمي فهي تحتاج الى مساعدة ملحة ... )
نهضت هريرة سريعا و هتفت
( سآتي معكِ ............... )
توقفت سوار و نظرت اليها بحرج ....
( اعذريني يا هريرة ..... هي لديها ظروف سرية خاصة , لهذا هي تحتاجني ..... )
قالت هريرة بقلق ....
( لكن هل ستذهبين بمفردك ؟!! ............ )
ردت سوار بهدوء
( بالطبع لا ...... سأتصل بفريد إن كان متفرغا سأطلب منه أن يقلني ..... و إن لم يرد , ربما ..... ربما سأطلب من تيماء أن ترافقني , هي سريعة الحركة و متعاونة دائما ...... )
لحقتها هريرة و قالت بسرعة
( حسنا ألن تخبري ليث بخروجك أولا ؟!! ........ )
وقفت سوار مكانها و هي تتنهد بنفاذ صبر ..... تخبر ليث !!! ..... و حين يسألها أي ابنة عم تلك , بماذا ستجيبه ؟!! ......
.................................................. .................................................. .................
خرجت كلا من سوار و تيماء من المصعد .... فقالت سوار و هي تنظر حولها
( آسفة جدا يا تيماء أنني ورطتك في هذه المهمة الثقيلة .... الا أنها لا تزال ابنة عمنا في النهاية , و لا يمكنك تخيل الى أي حد يمكنها أن تورط نفسها في المشاكل ...... أنا أخشى أن تحاول الإنتحار أو ما شبه .... )
توقفت تيماء مكانها و هتفت بصدمة
( تنتحر ؟!! ...... لماذا ؟!! ....... ما هي مشكلتها ؟!! ....... )
زمت سوار شفتيها و قالت بإقتضاب
( سأخبرك لاحقا ..... إنه سر ائتمنتي عليه تلك الحمقاء , أخبريني .... هل قاصي يعلم بأنكِ معي ؟؟ .... )
هزت تيماء رأسها نفيا و قالت بخفوت
( خرج من الصباح الباكر ......... اتصلت و أخبرته , فرفض .... فأتيت دون اذن منه .... )
توقفت سوار و نظرت اليها بدهشة و هتفت
( لماذا قمتِ بهذا التصرف ؟!! ........... )
ردت تيماء ببساطة
( لم أكن لأتركك تأتين بمفردك طالما طلبتِ مني المساعدة ..... ليس كارثة إن قمنا بزيارة ابنة عمنا , .... قاصي لا يزال متحسسا من العائلة بأكملها ..... )
لوحت سوار بكفيها و قالت
( كل هذا لأجل أغبى بنات الرافعية ...... علها تقدر ما نقوم به لأجلها , .... )
ردت تيماء ببساطة
( أنا أتوق الى التعرف عليها اكثر , .... أنا أتذكرها جيدا , كانت فتاة طيبة , الا أنها فاقدة للثقة بنفسها بشكلٍ موجع .... و أغلب الظن أن والدها و شقيقها هما السبب .... يكفي أن يكون شخص كزاهر هذا شقيقها ,)
مطت سوار شفتيها و قالت بسخرية
( أنتِ لا تعرفين عنها الكثير ..... أنا اعرف أكثر , عامة هيا بنا الى الشقة ...... )
طرقت سوار جرس الباب و انتظرت ورائها تيماء تدس كفيها في جيبي سترتها بعفوية , و ما هي الا لحظات حتى فتح الباب , فعقدت سوار حاجبيها و هي ترى بدور مرتدية عبائتها السوداء و حجابها المماثل ..... بينما كان وجهها محتقنا من شدة البكاء ..... الا أنها همست بإعياء
( تفضلي ............ أرجوكِ .... )
دخلت سوار بحذر و هي تنظر الى وجه بدور تتبعها تيماء و التي ما أن رأتها بدور حتى شهقت قائلة
( ماذا تفعل هذه هنا ؟!! ...... كي تفعلين هذا بي يا سوار !! .... )
زمت تيماء شفتيها و قالت من بينهما بفظاظة
( على الأقل يمكنك التظاهر بالترحيب , خاصة و أننا تركنا ما بأيدينا و جئناكِ فورا .... )
كانت كلا من سوار و تيماء قد دخلتا الى الشقة , فلم تلحظا الباب الذي أغلق حتى سمعها صوته .... بينما بدور تقف أمامهما .... فالتفتتا بسرعة وهما تريان راجح خلفهما يغلق الباب بالمفتاح ليضعه في جيب بنطاله وهو ينظر اليهما مبتسما ابتسامة مخيفة ... ثم قال متشدقا ببطىء
( يالها من زيارة غالية .... سوار الرافعي بنفسها و معها زوجة ابن الحرام !! ...... )
شهقت تيماء بقوة و هي تختبىء خلف سوار , بينما تداركت سوار لحظة الصدمة الأولى و نظرت الى بدور و قالت بنبرة مخيفة
( لا أصدق أنك دبرتي لنا هذا الفخ ؟! ...... أي حقيرة أنتِ !! .... )
هتفت بدور و هي تنتحب بقوة و عنف
( ليس فخا أقسم بالله ..... لم يكن لدي حل آخر , لقد هدد بفضحي لدى والدي و أوشك على الإتصال به , لم يمنعه سوى اسمك .... سامحيني أرجوكِ , لكن أنا ليس لي دخل في قصة حبكما تلك .... لقد ظلمتماني طويلا ..... )
نظرت اليها سوار بقرف قبل أن تستدير لتنظر الى راجح بنظرة كرهٍ قاتلة و قالت من بين أسنانها
( افتح الباب و دعنا نخرج من هنا .... هذه المرة ستكون بموتك ...... )
ضحك راجح وهو يهز رأسه غير مصدقا لعنجهيتها و ثبات روحها ..... ثم قال بنبرة شاردة بطيئة
( تعالي و خذي المفتاح بنفسك .......... )
صرخت به سوار بوحشية
( افتح الباب يا راجح و انجو بحياتك , فلو أتى زوجانا الى هنا , لن يرحماك ..... )
ضحك راجح بخفوت وهو يتأمل كل ذرة من حركتها , كل حرفٍ يخرج من بين شفتيها .... ثم همس لها
( الأمر يستحق المجازفة ...... سوار الرافعي تقف أمامي , في بيتي ..... بكل بهائها و جمالها ... يمكنني الموت راضيا , فداءا لتلك اللحظة .... )
برقت عينا سوار بجنون و هي تنظر الى بدور و قالت بنبرة صاعقة
( بيته !!! ........... )
غطت بدور وجهها بكفيها و انفجرت في البكاء .... بينما صرخت سوار به
( ماذا تظن أنك ستفعل ؟!! .... هل ستحتجزنا هنا في وسط المدينة ؟! ...... أم تنوي التهجم علينا ؟!! .... )
لم يكن في نفس العالم معهما .... كان يبدو و كأنه في عالم آخر معها وحدها .... مع صوتها الساحر في نبرته الآمرة , تخفي الخوف داخلها بمهارة ... و تقف أمامه بشراسةٍ على استعدادٍ لنهش لحمه إن تجرأ و اقترب منها ....
قال راجح بنبرته البطيئة وهو ينظر الى عينيها
( اطنئني يا ابنة عمي ...... لن أؤذيكِ مطلقا , ..... يكفيني النظر اليكِ فقط .... )
ضحكت سوار بسخرية و هي ترتجف حتى العظام من شدة كرهها و نفورها
( لن تؤذيني !! ........ ألا تعرف كم آذيتني في المرة الأولى يا عديم الشرف !! .... و الآن تعيد نفس مخططك القذر !! ..... )
تأتأ راجح بشفتيه وهو لا يزال واقفا مكانه .... بينهما و بين الباب , ... ينظر الى عينيها بنهم شارد , محروم .... ثم قال بخفوت
( في المرة السابقة كنت أخطط لجعلك زوجتي ..... بينما الآن أنا كالمحكوم عليه بالإعدام , و قد سألوه عن أمنيته الأخيرة .... فاختار النظر الى عينيكِ برضا .... )
نظرت بدور اليه بعينيها المتورمتين و همست بإختناق
( و أنا ..... ما ذنبي أنا ؟!! ....... لماذا فعلت بي ما فعلت ؟! ..... ماذا فعلت كي أستحق منك أن تدمر حياتي ؟!!..... )
نظر اليها راجح نظرة لا مبالية ثم قال ببرود

( ما حدث بيننا لم يكن سوى قسمة و نصيب ...... كل منا ذهب الى طريقه و عليك الإقتناع بهذا ..... )
صرخت بدور بعذاب
( لماذا جعلتني زوجتك فعلا طالما أنك لم تحبني مطلقا ..........)
مط راجح شفتيه وهو يقول ببساطة
( تلك الأمور لا علاقة لها بالحب أو عدمه ..... أنتِ ارتضيتِ هذا على نفسك , لذا لا يحق لكِ الإعتراض حين تفشل الزيجة ....... )
نظرت سوار اليها بقرف و هتفت بها
( ما الذي تفعلينه هنا أصلا ؟! ...... أنتِ لم تعودي زوجته , كيف لكِ أن تتواجدي لديه في شقته ؟!!!! ...... على الأقل ما فعلتهِ من قبل كان حلالا على الرغم من مدى غبائك .... لكن الآن , كيف لك المجيء الى هنا بمفردك ؟!!..... )
نظرت اليها بدور بعينين ميتتين حمراوين توقفتا عن البكاء و كأنها لم تعد قادرة على المزيد , ثم قالت بخفوت
( انهم يريدون تزويجي لأمين ....... سأقتل نفسي قبل أن يحدث هذا و يفتضح أمري أمامه ...... )
ضحك راجح عاليا ... فانتفضت بدور تنظر اليه بألم , بينما هزت سوار رأسها بتقزز ..... ثم سألته بصوتٍ خفيض
( أنا فقط لدي سؤال واحد ..... الا تمتلك ذرة من ضمير !!! ..... كيف لك أن تكون شيطانا الى هذه الدرجة ؟!! ..... )
توقف ضحك راجح وهو ينظر اليها نظرة , جعلتها تتراجع للخلف و هي تمسك بيد تيماء بقوة ....ثم قال أخيرا بصوتٍ غريب
( إن كان هذا هو ما سيريحك , فيمكنك تلقيبي بالشيطان ....و الشيطان سيكون سعيدا بالجلوس أمامك هذه الدقائق القليلة , سجين نظرة منكِ .... )
همست تيماء بإرتجاف
( إنه مختل يا سوار ...... أنا أعرفه جيدا , إنه مختل و مضطرب نفسيا ..... )
شدت سوار على قبضتها و قالت بشجاعة , بينما عيناها على راجح تراقبان كل خطوة يخطوها
( ليس مختلا يا تيماء , إنه يدرك تماما كل خطوة يقوم بها ...... )
أومأ راجح برأسه بحركةٍ مسرحية وهو يقول مبتسما دون روح
( هذه شهادة منكِ ........ )
تكلمت تيماء بقسوة
( أنت ستتسبب في ضياع مستقبلك يا راجح للأبد .... هذا إن كان هناك شيئا متبقيا منه , هل تتخيل أنك ستخطفها مثلا ؟!! ...... )
ارتفع حاجبي راجح بسخرية وهو ينظر الى تيماء و قال ضاحكا
( الفأرة الصغيرة العاشقة !! ...... أتصدقين أنني اشتقت اليكِ حقا !! ......... أي خطفِ و أنتما من أتيتما الى شقتي دون اجبار !! ...... )
صرخت به تيماء قائلة
( حسنا ..... نقر لك بأننا وقعنا في هذا الفخ الساذج , ما هي خطوتك التالية ؟!! ...... أنت تعلم أنك لن تستطيع فعل أي شيء ..... )
ابتسم راجح بسخريةٍ قائلا
( اطمنئني يا فأرتي ...... وجود سوار معكما هنا , لهو أكبر ضمان لكن على أنكن في أمان ..... )
صمت للحظة و نظر الى عيني سوار , ثم قال بنبرة غريبة باهتة
( لن أؤذيها ما حييت ............. )
ابتسمت سوار بسخرية مقيتة و قالت بإختناق
( ليتك تعرف كم آذيتني في المرة الأولى ............. افتح الباب و اخرجنا من هنا يا راجح , احتجازنا جريمة ..... )
ضحك راجح بخفوت و قال ببساطة
( أي احتجازٍ هذا و هواتفيكما معكما ..... تفضلا و قوما بالإتصال بزوجيكما .... سأكون سعيدا و أنا أرى ابن الهلالية و ابن الحرام آتيان الى هنا كي يصطحبا زوجتيهما ..... )
نظرت سوار الى تيماء التي زمت شفتيها و بادلتها النظر ...قبل أن تنظر كلاهما الى بدور .....
أخفضت بدور رأسها و همست
( لولا خوفي من الله لقتلت نفسي أمامكما , أقسم بالله ........ )
مطت سوار شفتيها بقرف و قالت
( و بما سيفيدنا موتك ؟! ........ لا تتكلمي , لا أريد سماع صوتك ..... مفهوم !! ....... )
سألتها تيماء بجدية
( اذا ماذا نفعل ؟!! ..... هل نتصل بهما أم نطرق الباب و نصرخ عاليا ؟؟؟ ...... )
ضحك راجح وهو يستمع اليهن بتسلية شريرة ,, فرمقته سوار بنظرةٍ كانت الوحيدة القادرة على ايلامه , ثم قالت بصوتٍ ضائع
( لو حضرا الى هنا ستحدث مجزرة ...... )
أغمضت تيماء عينيها و هي ترتجف من تخيل الموقف ...... بينما تابعت سوار قائلة بحزم
( و مع ذلك هذا هو الحل الوحيد ..... فالصراخ لن يفيد , فهما سيعلمان بكل حالٍ من الاحوال .... اخرجي هاتفك و اتصلي بقاصي ..... )
و دون انتظار ردها أخرجت هاتفها و طلبت رقم ليث .......
.................................................. .................................................. ...................
جلست ثلاثتهن على الأريكة متجاورات ..... بينما هو يجلس أمامهن , ينظر اليها دون حرج .....
و كأنه يحيى لحظاته الاخيرة بنهم .....
صامتا , لا يبتسم و لا يتكلم .... فقط يراقب كل نفسٍ يخرج من بين شفتيها و هي تتجنب النظر اليه .....
أما بدور فقد كانت شاحبة شحوب الأموات و هي تنتفض و ترتجف بعنف ..... حتى أشفقت عليها تيماء فأمسكت بكفها رغم عنها و همست لها
( اهدئي قليلا ....... تبدين كمن سيتوقف قلبه .... )
نظرت اليها بدور بعينين غائرتين و كأنها لا تبصر شيئا , ثم همست بضياع
( سيفتضح أمري ........ سأتي زوجيكما الى هنا و يفتضح أمري ....... )
زمت سوار شفتيها و قالت بنبرة جليدية
( أؤمريها أن تصمت يا تيماء ...... لا أريد سماع صوتها ..... )
لكن تيماء كلمت بدور قائلة بقسوة
( لا يمكن للأمر أن يكون بمثل هذه الخطورة ..... نعم أخطئت ,.... و خطأ في منتهى الغباء و الحقارة لكنكِ كنتِ زوجته ..... كان عليك الوقوف أمام والدك و الإعتراف مرة واحدة و للأبد .... ربما صفعك و نلتِ منه ضربة كسرت عظامك .... لكنكِ ستكونين قد تحررتِ من هذا الكابوس .... )
نظرت اليها بدور و ابتسمت هامسة بنبرة الأموات
( صفعني !! ........... أنتِ لا تعرفين والدي , سيقتلني و يتلذذ بتعذيبي قبلا ...... )
همست تيماء بعنف
( لم يكن هذا ليحدث , لقد انتهى عهد قتل الآباء لبناتهن ....... أنتِ سجينة الرعب الذي رسمتيه لنفسك ..... )
أومأت بدور و قالت
( نعم ...... نعم أنا سجينة للرعب كما قلتي , الا أنني لست من رسمه .... بل والدي ..... )
صمتت للحظة ثم همست بخفوت ميت
( أتعرفين أن معظم الأسر توقفت عن عادة ليلة الدخلة العلنية القديمة ..... الا أقل القليل , و من بينهم والدي , يقول هذا و يفخر به ...... هل يمكنك أن تتخيلي تفكيره ؟! ..... )
أومأت تيماء برأسها دون أن تجيب ..... ثم همست هي الأخرى
( يمكنني تخيل الطريقة التي سيعاقبك بها ........... كما تعاقب الفتيات عادة ..... )
عقدت بدور حاجبيها بعدم فهم و همست بصوتٍ شديد الخفوت
( ماذا تقصدين ؟!! ......... )
همست تيماء لكها بكلمةٍ بحركة الشفاه دون أن تنطقها , لكن بدور فهمتها و همست
( لقد قمت بهذا بالفعل ........ حين كنت صغيرة , بعض العائلات تفعل هذا ..... الأمر ليس خطيرا الى هذه الدرجة ..... )
صرخت تيماء فجأة , بقهر و ألم
( بلى إنه خطير ........ إنه يترك ندبة لا تزول ..... )
أجفل راجح وهو ينظر الى تيماء بعد شرود طويل ... ثم سألها قائلا بخشونة
( بماذا تهمسان ؟!!! ............ )
نظرت اليه تيماء بشراسة و صرخت فيه و قد بدأت سيطرتها تنهار
( اخرس يا حيوان و لا تتدخل .......... )
ارتفع حاجبي راجح وتحولت نظراته الى نظراتٍ مخيفة مرعبة ....... بينما أمسكت سوار بكفها و قالت ببطىء
( ليس الى هذه الدرجة يا تيماء .... لا تنسي أنه مجرم معتوه ..... )
صرخت تيماء بجنون
( معتوه على نفسه ........ الجبان الحقير , محتجز النساء ........ )
نهض راجح من مكانه و اقترب منهن ببطىء فتراجعت ثلاثتهن الى ظهر الأريكة , و كانت سوار هي أول من صرخ به
( إن تجرأت على مس احدانا فسوف أقطع لك الجزء الذي تفخر به من جسدك و أسلمه لك في يدك أيها الحقير ...... )
تسمر راجح مكانه للحظة .... ثم مال اليها مبتسما حتى أبعدت وجهها عنه بعنف , فهمس لها بصوتٍ مختنق
( لماذا لا تغادرين قلبي كما غادرتِ حياتي .... بمنتهى البساطة و دون نظرة واحدة للوراء ......... لماذا لا تنزعين حبك كما انتزعتِ نفسك ....... لماذا .... )
صمت لحظة , ثم صرخ فيها بعنف مما جعلها تطبق جفنيها بشدة
( لماذاااااااااااااااا ................ )
صرخت تيماء و بدور بأصواتٍ مختنقة خائفة .... أما سوار فظلت مكانها مشيحة بوجهها عنه بصلابة ....
تهيء نفسها الى تمزيق لحمه بأسنانها إن تجرأ و لمسها ....
لكنه لم يجد الوقت .... فصوتٍ آخر أكثر صخبا صدح في المكان ....
صوت رصاصة .... كسرت الباب , ليقتحم المكان اثنان ... غشى الجنون نظراتهما ....













انتهى الفصل 42 قراءة سعيدة



tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 05-03-17, 02:03 AM   #12169

همهمات صاخبة
 
الصورة الرمزية همهمات صاخبة

? العضوٌ??? » 377676
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 71
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » همهمات صاخبة is on a distinguished road
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك mbc
¬» اشجع ahli
افتراضي

تسلمي يا احلي تيمو
جارى القراءة يا قطعة السكر


همهمات صاخبة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-03-17, 02:20 AM   #12170

نوف بنت ابوها

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 145815
?  التسِجيلٌ » Nov 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,721
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Kuwait
?  نُقآطِيْ » نوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك action
افتراضي

حراااااام عليييييييج يااااا تيمو ؛؛ عند أهم لقطه يخلص الفصل ،.، صوت الرصاصه واقتحام الليث و العاشق قاصي القلب شقة راااجح

نوف بنت ابوها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:54 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.