آخر 10 مشاركات
آسف مولاتي (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          [تحميل] حصون من جليد للكاتبه المتألقه / برد المشاعر (مميزة )(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          602 - عودة الحب الى قلبي - كارول مورتيمر - ق.ع.د.ن *** (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          ساحرتي (1) *مميزة , مكتملة* .. سلسلة عندما تعشق القلوب (الكاتـب : lossil - )           »          سكنتُ خمائل قلبك (3).. سلسلة قلوب مغتربة *مكتملة* (الكاتـب : Shammosah - )           »          فوق رُبى الحب *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : AyahAhmed - )           »          طوق نجاة (4) .. سلسلة حكايا القلوب (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )           »          لتتوقف الثلوج.....فانظري لعيناي و قولي أحبك "مكتملة" (الكاتـب : smile rania - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          زهر جبينها المكلل- قلوب أحلام غربية (118) [حصريا] للكاتبة Hya Ssin *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : Hya ssin - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: من هو اكثر ثنائي نجح في جذب انتباهكم بقصتهم
قاصي و تيماء 2,117 58.56%
مسك و امجد 737 20.39%
ليث و سوار 761 21.05%
المصوتون: 3615. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree999Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-02-16, 11:24 PM   #2471

princess nora
alkap ~
 
الصورة الرمزية princess nora

? العضوٌ??? » 348951
?  التسِجيلٌ » Jul 2015
? مشَارَ?اتْي » 293
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » princess nora has a reputation beyond reputeprincess nora has a reputation beyond reputeprincess nora has a reputation beyond reputeprincess nora has a reputation beyond reputeprincess nora has a reputation beyond reputeprincess nora has a reputation beyond reputeprincess nora has a reputation beyond reputeprincess nora has a reputation beyond reputeprincess nora has a reputation beyond reputeprincess nora has a reputation beyond reputeprincess nora has a reputation beyond repute
¬» قناتك max
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 145 ( الأعضاء 111 والزوار 34)
‏princess nora, ‏زالاتان, ‏blackangel, ‏meryamaaa, ‏ghader, ‏كادىياسين, ‏يا من تحب, ‏rainfall, ‏زهرة مغتربة, ‏لين محمد, ‏métallurgier, ‏Fay~, ‏هرجوان, ‏زهره ربيع عمري, ‏safy mostafa, ‏دوسة 93, ‏مذكرات, ‏ام هنا, ‏noran assal, ‏hayaty alquran, ‏soe, ‏arwa-1, ‏lolo75, ‏بنت بلدي, ‏asma.alg, ‏نهاد على, ‏الآنسة تاء, ‏نسمة صيف 1, ‏اميرة البحر, ‏مسره الجوريه, ‏براءة الجزائرية, ‏هيا علي, ‏ام وزوجه, ‏luz del sol, ‏la feuille blanche, ‏نويفة, ‏الفتاة المسلمة, ‏الشوق والحب, ‏رياح النصر, ‏moi2elle, ‏نور محمد, ‏هبه الطيب, ‏زهور ساكورا, ‏sasad, ‏نداء الحق, ‏beauty anastasia, ‏مهرة..!, ‏forbescaroline, ‏NOOR ALKHFAF, ‏كيوانو, ‏هدوء الدوشة, ‏هبه غالى, ‏نجله على, ‏بيبه الجميله, ‏زهره البوفارديا, ‏ايماااا, ‏دعاء 99, ‏soma saif, ‏انكساري, ‏* وعد*, ‏*جوود*, ‏احاسيس ضائعه, ‏شاكرةلله, ‏Mary~), ‏ashrkt tarek, ‏سوما, ‏majda sarito, ‏الود 3, ‏نرمين البنجي, ‏mahawylolo, ‏Eyad ahmed, ‏Mememoon, ‏Semara, ‏noof11, ‏أنا لك علي طول, ‏ارض اللبان, ‏فله45, ‏Alzeer78, ‏ولاء محمد قاسم, ‏hope 21, ‏وردة شقى, ‏nada alaa, ‏Dndn1992, ‏سلمي و نقطة, ‏ام غيث, ‏fofa ali, ‏hind 444, ‏ام رناد, ‏Riham**, ‏Roro2005, ‏ban jubrail, ‏Aya youo, ‏رودينة محمد, ‏غيدائي, ‏Sanamero, ‏mar mar, ‏نهولة, ‏celinenodahend, ‏ام رنومة, ‏ملك جاسم, ‏حور الجنان, ‏غربة الرووح222, ‏yoda5, ‏gogo3046, ‏lolo575, ‏أودي رشاد, ‏واثق الخطا


تسجييييييييييل حضور تيمو
بالانتظار


princess nora غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 27-02-16, 11:28 PM   #2472

ريناد السيد
 
الصورة الرمزية ريناد السيد

? العضوٌ??? » 302634
?  التسِجيلٌ » Aug 2013
? مشَارَ?اتْي » 837
?  مُ?إني » ميلانو
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ريناد السيد is on a distinguished road
¬» مشروبك   fanta
¬» قناتك action
?? ??? ~
الحياه كذبه كبيره
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

مساء الخير
تسجيل حضور بانتظارك تيمو


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 159 ( الأعضاء 125 والزوار 34)
‏ريناد السيد, ‏ابتسامة تفاؤل, ‏زهره ربيع عمري, ‏ايفيان, ‏noran assal, ‏ذكرى تهز الروح, ‏خريف الحياة, ‏thebluestar, ‏شيزكيك, ‏كادىياسين, ‏اميرة فارس, ‏nahlaallam, ‏خضره, ‏رانيا فتحى, ‏*ماريان*, ‏هدوء الدوشة, ‏الجميله2, ‏nada yahia, ‏بنت بلدي, ‏فانليا, ‏asma.alg, ‏métallurgier, ‏س?ر, ‏نيورو, ‏suzyy, ‏la luz de la luna, ‏omboody, ‏الحب غالي, ‏rainfall, ‏loulouys, ‏yoda5, ‏دوسة 93, ‏Fay~, ‏Sanamero, ‏زهرة مغتربة, ‏DoaaHadia, ‏safy mostafa, ‏meryamaaa, ‏soe, ‏زالاتان, ‏blackangel, ‏ghader, ‏يا من تحب, ‏لين محمد, ‏مذكرات, ‏ام هنا, ‏hayaty alquran, ‏arwa-1, ‏نهاد على, ‏الآنسة تاء, ‏نسمة صيف 1, ‏اميرة البحر, ‏براءة الجزائرية, ‏هيا علي, ‏ام وزوجه, ‏luz del sol, ‏la feuille blanche, ‏نويفة, ‏الفتاة المسلمة, ‏الشوق والحب, ‏رياح النصر, ‏moi2elle, ‏نور محمد, ‏هبه الطيب, ‏زهور ساكورا, ‏sasad, ‏نداء الحق, ‏beauty anastasia, ‏مهرة..!, ‏forbescaroline, ‏NOOR ALKHFAF, ‏كيوانو, ‏هبه غالى, ‏نجله على, ‏بيبه الجميله, ‏زهره البوفارديا, ‏ايماااا, ‏دعاء 99, ‏soma saif, ‏انكساري, ‏* وعد*, ‏*جوود*, ‏احاسيس ضائعه, ‏شاكرةلله, ‏Mary~), ‏ashrkt tarek, ‏سوما, ‏majda sarito, ‏الود 3, ‏نرمين البنجي, ‏mahawylolo, ‏Eyad ahmed, ‏Mememoon, ‏Semara, ‏noof11, ‏أنا لك علي طول, ‏ارض اللبان, ‏فله45, ‏Alzeer78, ‏ولاء محمد قاسم, ‏hope 21, ‏وردة شقى, ‏nada alaa, ‏Dndn1992, ‏سلمي و نقطة, ‏ام غيث, ‏fofa ali, ‏hind 444, ‏ام رناد, ‏Riham**, ‏Roro2005, ‏ban jubrail, ‏Aya youo, ‏غيدائي, ‏mar mar, ‏نهولة, ‏celinenodahend, ‏ام رنومة, ‏ملك جاسم, ‏حور الجنان, ‏غربة الرووح222


ريناد السيد غير متواجد حالياً  
التوقيع
RENAD
رد مع اقتباس
قديم 27-02-16, 11:30 PM   #2473

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

مسا الورد يا سكاكر ... أنا حنزل اليوم نصف فصل ... معلش بنتي وقعت و ذراعها اتكسر ... و كنت لم اكمل النصف الثاني بعد

جاري التنزيل حالا

mareen likes this.

tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 27-02-16, 11:32 PM   #2474

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

الفصل الخامس :
( تيماء ...... اريد تيماء في الحلال يا حاج , سآخذها و نرحل من هنا للأبد ...... )
قبل حتى أن ينهي احرف عبارته القاطعة .... استطاع أن يلمح الرفض في عيني جده .....
الرفض الممتزج بصلابة قد يكون ورثها عنه ....
تحفزت عضلات قاصي تلقائيا وهو يرى الرفض قبل أن يسمعه ...... و أوشك العصيان أن يعلن أكثر نوباته تهورا ... الا أن جده بدأ كلامه قائلا بهدوء و رزانة
( لا يا قاصي ...... تيماء ليست لك يا ولدي ....... )
لم يرد قاصي على الفور .... للحظات كان وقع الكلمات الهادئة على أذنه أشد وطأة من توقعه قبلها ....
لذا استقام واقفا ببطىءِ من جلسته ... و عيناه بعيني جده في تحدٍ صامت ناري ....
قبل أن يقول بصوتٍ هادىء ... خطير في نبرة التحفز التي ظهرت به و كأنها الهدوء الذي يسبق العاصفة ...
( تيماء قدرت لي منذ البداية يا حاج سليمان .... و أنا لن أتخلى عنها ..... )
رفع جده ذقنه كي ينظر الى قاصي المشرف عليه من علو .... ليقول بصوته المهيب دون أن يفقد ذرة من هدوءه
( هل ألمح في صوتك نبرة التهديد يا قاصي ؟!! ..... أنت تتحدث عن الزواج بإحدى بنات الرافعية .... أي أنك لا تطلب مجرد فتاة ... بل تطلب الإقتران بقبيلة كاملة , لذا لا مكان للتهديد ... لا مكان للأهواء ....و حتى القلوب لو عارضت القانون ..... )
تصلب جسد قاصي و انقبضت كفاه حتى حفرت أظافره في راحتيه عميقا .... لكنه حين تكلم قال بصوتٍ غير مقروء الا أنه شديد البأس وهو يواجه جده
( و ما هو القانون الذي عارضته في طلب الزواج من تيماء ؟! ....... )
صمت جده و لم يرد .... لكنه لم يخفض وجهه و بقت عيناه الرماديتين بفعل الزمن في مواجهة عيني قاصي الناريتين .... و قبضته ممسكة برأس عصاه بثباتٍ دون أن تميل ....
حينها ابتسم قاصي دون مرح ..... ابتسامة اقرار قاسية وهو يتابع قائلا
( النسب !! ...... لا تستطيع أن تمنحني النسب يا حاج سليمان لذا فأنا لا أليق بتيماء .... اليس كذلك ؟؟ ... )
لم يكن يسأل ... بل كان يقرر واقعا مريرا , ظهرت مرارته في صوته رغم قساوته الصخرية ...
للحظات اطرق الحاج سليمان بوجهه وهو يستند الى عصاه المنتصبة ...
و ساد صمت طويل قبل ان يقول سليمان
( بعض الأمور لا تستوي يا قاصي يا ولدي .... حتى أنا لا أملك عليها سيطرة .... )
صمت عدة لحظات ثم عاد ليرفع وجهه الى قاصي قائلا
( الأمر يوجعني ..... و أعلم بالظلم الذي تعرضت له , الا أنني لا أستطيع مخالفة اعرافنا ..... تيماء بنت الرافعية هي من ستحمل وريث جديد .... و لقد سبق ووهبتها ارض من ارضي .... فالإناث لدينا لا ترث الأرض كما تعرف ..... و لهذا مصير هذه الأرض يجب ان يعود للرافعية ..... )
استعرت عينا قاصي وهو يستمع الى جده ... ثم قال بصوتٍ باتر كشفرة من الصلب
( الأرض ..... أهم من أرواح و قلوب ..... )
رفع سليمان وجهه ليقول بهدوء
( بل الأرض هويتنا ..... تحمل جذورنا و عليها نشأ نسلنا من جدود الجدود ..... الأمر أكبر مني يا قاصي يا ولدي ..... )
كانت قاصي يتنفس بسرعة ... و عيناه تشتدان سعيرا ... و قبضتاه تزدادان انقباضا ....
قبل أن يقول بصوتٍ خافت متردد كصفير الريح في مكانٍ خاوٍ مهجور
( و لماذا مسك اذن ؟!! ............... )
كانت الإجابة واضحة .... و شعر قاصي بالدناءة للسؤال , حيث أنه يعرف الجواب جيدا ...
لكنه كان في حاجةٍ لأن يضع مرآة واضحة لجده أمام نفسه بكل قسوة وواقعية ....
الا أن وجه جده لم يتغير ... لم يهتز لكن عيناه انخفضتا قليلا مما جعل قلب قاصي يشفق عليه للحظة ...
فهو يعلم جيدا مدى غلاوة مسك عنده .... لكن ...
رفع سليمان وجهه ليقول بهدوء
( تعرف الجواب يا قاصي .... و مع ذلك أنت من القسوة بحيث تريد مني النطق به , لا بأس اذن .... سأقوله إن كانت تلك هي رغبتك .... لأن مسك لا يمكنها أن تحمل وريثا لسالم ولدي .... شاء الله أن يبتليها و لا اعتراض على مشيئته .... )
ازداد انقباض كفي قاصي بقوة ... و انعقد حاجبيه ألما و غضبا , قبل أن يتابع جده بنفس الصوت الهادىء
( مسك .... فرس تلك العائلة .... عنفوانها .... تذكرني بأمها رحمها الله .. و بابنة عمها سوار ....ستظل دائما ذات مكانة في قلبي لن تمس أبدا ...... لكنها لن تحمل وريثا لأرض سالم لذا فهي الأنسب لك ... خاصة و أن سالم يستحق هذا العقاب بعد أن كانت له أطماع في بقائك تحت جناحه كل تلك السنوات ..... )
شعر قاصي في تلك اللحظة أنه قد وصل الى نهاية حافة سيطرته على نفسه فهدر فجأة بقوة
( كفى ......... )
انتفض سليمان الرافعي و هاجت عاصفة عينيه قبل أن يضرب الأرض بعصاه وهو يهدر بقوة أكبر
( اخفض صوتك يا ولد ....... و تعلم من تخاطب .... )

لكن جنون قاصي في تلك اللحظة كان قد وصل الى منتهاه وهو يقول بعنف مادا قبضته أمامه
( أنت تتكلم عن مسك و تيماء و كأنهما مجرد فرستين للإستيلاد و التناسل ......)
نهض سليمان من مكانه ليتند الى عصاه .... وأصبحت عيناه بمستوى عيني قاصي .... في تحدٍ صلبٍ لا يقبل التهاون
( هذا ما لن تفهمه أبدا يا قاصي .... على الرغم من نشأتك قريبا من هذه الأرض , الا أنك لم ترث انتمائك لها ... لم ترث منها سوى الدم .... و الدم لا ينبت النسل .... )
صمت سليمان للحظة قبل أن يرفع يده ليمسك بكتف قاصي و نظر الى عينيه مليا ثم قال بصرامة
( تيماء هي الابنة الوحيدة لولدي سالم ..... عليها أن تتزوج أحد أبناء أعمامها يا قاصي .... لا أن تتزوج من كسر ذراع والدها يوما .... ستظل تلك الذكرى تبخس من حقه كوالدها و مكانتك كزوجٍ لها ..... )
ابتلع قاصي تلك الغصة المسننة الشاطرة في حلقه قبل أن يقول بخشونةٍ عنيفة
( كنت أدافع عنها ...... آخذ لها بحقها .... )
اشتدت قبضة سليمان على كتف قاصي حتى أوشكت أن تخلعه وهو يرد بقوة
( لكنه لم يكن حقك أنت ....... )
عاد ليصمت قليلا وهو يتأمل قاصي طويلا و قبضته تخف عن كتفه ثم ربت عليها وهو يقول بهدوء
( أترى مكانتك لدي ؟؟ ...... كان علي أن أكسر لك ذراعيك بعد ما فعلته بولدي .... لكن انقاذك لتيماء و استغاثتك بي وقتها جعلتني أعفو عنك ....فلا تتمادى يا قاصي ... أنت تطلب المستحيل .... )
كانت أنفاس قاصي تهدر بقوة .... صدره يعلو و يتردد بعنف .... عيناه تحترقان بنيران الغضب و الرغبة في التدمير .....
الا أنه قال بصوتٍ خافت عنيف
( تعلم أن مسك سترفض ....... أنت لا تقبل بي بمسك , لكنها كانت محاولة تهديد للجميع ..... )
أبعد سليمان كفه عن كتف قاصي ليستدير عنه بوقار .... ثم قال أخيرا
( لو قبلت بك فلن أمانع .............حتى لو رفض سالم , كلمتي عليه ستكون قانون و مسك ستكون من نصيبك ...... لكن لو رفضت !!! .. )
ضحك قاصي بقوة .... ضحكة استياء عنيفة هادرة .... الا أن جده لم يستدير اليه , بل ظل مكانه ينظر من النافذة الى الأرض الواسعة المنبسطة ....
ثم قال قاصي فجأة بصوتٍ جامد بدا كصخرة جليدية
( ماذا اذن لو قبلت بي تيماء ؟!!!!! ........ماذا لو اختارتني أنا ؟؟ ...... )
استدار سليمان اليه بقوة ينظر لعينيه المشتعلتين .... و انتظر بدهاء طويلا قبل ان يقول بصوتٍ صارم قاطع
( لا يا قاصي ........ تيماء ليست لك .... هي الوحيدة التي ستجدد نسل سالم عبر اسم الرافعية ..... )
أطرق بوجهه وهو يطرق الأرض بعصاه بشرود .... ثم قال بصوتٍ عميق
( لقد سلمت من قبل بابتعاد ابنتنا عنا كرامة لابنة اخي .... أم مسك ...... التي اختارت سالم دونا عن رجال العائلة جميعا ..... أما بعد موتها رحمها الله , فلا شيء يمنع عودتها ..... )
رد قاصي بصوتٍ قوي .. صلب كالحديد
( لا يعنيني كل هذا ....... ماذا لو اختارتني تيماء ؟؟ ....... كيف ستعاقبها ؟؟ .... )
استدار سليمان اليه ليقول بصوتٍ قاتم
( هل ترى نفسك كفؤا لها ؟!! ........... تيماء اختلفت .... تيماء الآن باتت شابة تمتلك الجمال و العلم و الأرض و المال و ..... النسب ..... )
ساد صمت طويل شاحب .... باهت ...... كالأموات ....
الا أن قاصي قال بصوتٍ لا حياة به .... صخري لا يتنفس ...
( ماذا لو اختارتني تيماء ؟؟.......... )
أطرق سليمان بوجهه قليلا قبل أن يقول بصوتٍ غريب هادىء ...
( حينها ستقتلعها من الأرضها و تبتعدان .........لكن الإقتلاع صعب لا يخرج الا بالدم .... )
عقد قاصي حاجبيه و اشتدت نظراته حتى بدت مرعبة وهو يقول بخفوت مهدد
( هل سينالها الأذى ؟!! .......... )
ظل سليمان مطرق الوجه .... متباعدا جدا عن قاصي للمرة الأولى .... ثم قال اخيرا بقتامة
( الأمر أخطر مما تظن يا قاصي .... و السبب يكمن بك أنت و بنسبك دون أن تدون مذنبا ..... أعلم ذلك .....لا تبرير لي وقتها لأبنائي و أبنائهم .... )
الا أن قاصي سأل مجددا بصوتٍ أقوى
( هل سينالها الأذى ؟!!! ............ )
قال سليمان دون مواربة
( هذا احتمال وارد يا قاصي .......... )
حينها لم ينتظر قاصي , بل قال بصوتٍ قاسي كالسيف ... مسلطا بسطوة
( كلمة منك أمام كلمة مني ....... )
ارتفع حاجبي سليمان قليلا الا انه قال بغموض
( ماذا تريد ؟؟ ......... )
رفع قاصي رأسه ليقول بصوتٍ لا يقبل الجدل
( إن اختارتني تيماء ..... فكلمة ثقة منك الا ينالها أذى و كلمة ثقةٍ مني الا أقتل ابنك عمران ..... )
.................................................. .................................................. .....................
( هل أنتِ معتادة على تلقيبه ب " حبيبك " كذلك ؟!!! ........ )
ارتفع حاجبي مسك اكثر ... و التوت شفتيها بتسلية اكبر ... فقالت تؤرجح ساقا فوق أخرى
( معظم الوقت ........... )
كانت هذا هو رد مسك لها بمنتهى البساطة ... مما جعل تيماء تقف أمامها مصدومة ... لا تفهم ... لا تستوعب ....
كل ما فهمته في تلك اللحظة هو أن مشاعرها حاليا كانت عبارة عن عاصفة هوجاء متناقضة الأحاسيس ... لكن أغلبها كان عنيفا .... غاضبا ....
استدارت تيماء بعيدا عن مسك ... لا تريد أن تريها هذا الضعف الذي أوهن ساقيها .....
لن تقبل أن تظهر بمظهر المنهزم ... خاصة و أن هذا هو تحديدا ما تشعر به في تلك اللحظة ....
وضعت تيماء يدها على معدتها و هي تهمس لنفسها بصدمة
" ما تلك النار التي تحرق أحشائي !!..... و أنا التي كنت أظن انه ماضٍ و انتهى , لكن من أخدع ؟!! ..... "
سمعت صوت مسك تقول بهدوءٍ من خلفها ...
( ألن تمنحينني ردا مستفزا من ردودك المعقدة ؟!! ....... )
أغمضت تيماء عينيها بألم فاق الحد .... و يدها تزداد انقباضا على معدتها ....
لكنها ابتلعت تلك الغصة في حلقها و همست بهدوء مماثل تدبرت أمره بمعجزة
( لا رد عندي .... اشبعي به ........ )
سمعت صوت حركة من خلفها و مسك تنهض من مكانها لتتقدم منها خطوتين قبل ان تقف خلفها مباشرة ثم قالت بهدوئها المعتاد و المفسر دائما بالغرور
( أشبع به؟!! ...... هذه لهجة سوقية جدا من انسانة المفترض أنها ستكون استاذة جامعية قريبا !! ... )
ازداد انقباض جفنيها بقوة ....
تلك الأستاذة الجامعية تشعر ... و تتألم .... بل و تحترق ألما .....
يوما ما قديما كانت ألفاظها أشد سوقية من هذا .... كانت تحارب و هي تهتف متمردة بأحقيتها في حبها الوحيد ...
أما الآن ...
فقد وطنت نفسها على أن تكون شديدة التصلب تجاه تلك الشاعر ... هذا العشق .....
ربما لأنها لم ترغب سوى في الهرب بعد أن تعرضت لما تعرضت له .....
رفعت تيماء وجهها و فتحت عينيها ببطىء ... ثم قالت بهدوء حزين دون أن تستدير ....
(لم تتعرفي علي بما يكفي من قبل ..... كنت أسوأ .... )
ساد صمت قصي قبل أن تستدير تيماء الى مسك و تلاقت نظراتهما في حوارٍ طويل ... قبل أن تتابع بصوتٍ أكثر هدوءا
( لكنني أتحسن ..... و سأكون أفضل ..... )
صمتت للحظة قبل أن ترفع ذقنها و تقول ناظرة الى عيني مسك مؤكدة
( سأكون افضل ...... خاصة بعد سفري .... للأبد ..... )
للحظة توهمت أن ابتسامة ساخرة يائسة ظهرت على شفتي مسك .... لكنها قالت في النهاية بمنهتى البساطة
( جيد ..... أتمنى لكِ الأفضل اذن ....... )
ثم لم تلبث ان استدارت و هي تقول
( سأخرج لأرى ما يمكنني فعله بأمر الحجز لكِ معي ....... طالما أن هذا هو قرارك الأخير ..... )
خرجت مسك من الغرفة و هي تغلق الباب خلفها بهدوء ...
فشعرت تيماء فجأة أن الغرفة توشك على أن تطبق عليها بجدرانها .... لذا أسرعت في الخروج الى الشرفة مجددا ....
كان الصباح قد أشرق بشعاعٍ ذهبي .. ... جعل .الأراضي الخضراء تكتسي باحمرارٍ مذهب ...
و رائحة الخيول قريبة جدا منها .... أما أصوات الطيور فكانت لحنا بديعا ....
الا أنها لم تشعر بكل هذا القدر من السحر و الجمال .....
ذكريات ما تعرضت له في هذا المكان .... بالإضافة الى الحاضر الصادم بكل مفاجآته ....
لم يسمحا لها بالإستمتاع بأي شيء هنا .....
شيء ما جعلها تنظر لأسفل ....
و ها هي للمرة الثانية تجده أمامها خارجا من ابواب الدار .....
كان مندفعا .... يضرب الأرض بخطواته الثقيلة و كأنه يحفر بها .......
لكن شيئا ما جعله يتوقف فجأة ....
ارتبكت تيماء و هي تنظر الى ظهره و رأسه المطرق .... قبل أن يستدير و يرفع عينيه اليها مباشرة ....
انتفضت و ازداد تمسكها بحاجز الشرفة .... لكنها لم تستطع أن تبعد عينيها عن عينيه ... أو حتى أن تستدير
شيء ما جعلها تقف مكانها و تنظر اليه ....
أما هو فقد كانت عيناه غامضتان .... شديدتي العمق و .... الألم ...
و هذا هو تحديدا ما جعلها غير قادرة على الإستدارة عنه ....
لطالما كانت حليفته في أشد أوقات ألمه .....
دون حتى أن يبوح لها بالكثير عن مأساته الخاصة .... لكنها كانت متواجدة بجواره دائما ... و كان هذا أكثر من كافي بالنسبة له ...
رأته فجأة يخرج هاتفه من جيب بنطاله .... يطلب رقما و يضعه على أذنه ناظرا للبعيد !! .....
فارتعش قلبها ألما .... هل يهاتف مسك ؟!! ... مجددا ؟!!
الم تكفيه مكالماتهما الليلة بعد ؟!! .....
لكنها قفزت مكانها و هي تشعر بهاتفها يهتز و يغني بجيب سترتها ....
عقدت حاجبيها و هي ترى الرقم الغريب , فرفعته الى أذنها متوجسة و هي تهمس بخفوت
( السلام عليكم !! ........ )
حينها أتاها صوته العميق ... المتنفس باهتياج خافت ... مكبوت
( لم يكن الأمر بتلك القذراة التي وصفتها ..... أنا آسف ..... )
اتسعت عينا تيماء بذهول و هي تسمع جوابه المتأخر عن عبارتها المريرة له .......
كانت ترتعش بقوة ... الا أنها لم تخفض عينيها عن عينيه ... و لم تبعد الهاتف عن اذنها ......
فتابع يقول و كأنه لا لم يتوقع أن ترد
( كنتِ لي واحة ..... لا صحراء جافية ....... كنت أعود اليكِ و أنا أعلم أن لا مخدر من الألم سواكِ ... )
ابتلعت تلك الغصة المفزعة و هي تقول بإختناق
( نعم كنت مخدرا لكِ يا قاصي ..... لو كنت أعني لك أكثر لكنت أفضيت الي بكل ما مررت به و حدث لك و لأمك .... كنت أستطيع الوقوف بجوارك أكثر ... و اتفهمك أكثر .... )
ضاقت عيناه على جمر النار بهما وهو يقول بهدوء
( و ها أنتِ بتِ تعرفين ........ فأين أنتِ ؟!! ........ )
ارتعشت شفتيها و هي تقول بخفوت
( الآن ..... فات الأوان .... أنا آسفة ...... )
هدر فجأة بقوة
( اللعنة على أسفك البارد ....... لقد راهنت عليكِ ...... )
قفزت من مكانها رعبا و هي تستدير عنه في شرفتها ..... الا أنه عاد و هدر مجددا بصوتٍ آمر
( استديري الي ........... )
لكنها لم تمتثل لأوامره .... بل بقت مكانها مستندة بظهرها الى حاجز الشرفة ... تتنفس بسرعةٍ و عنف ....
فقال بقسوةٍ اكبر و اكثر صرامة
( استديري الي وواجهيني ... أو والله سأصعد الى غرفتك ..... )
اتسعت عينا تيماء بذهول و استدارت اليه مذعورة ... و على الرغم من امتثالها لأمره الا أنها هتفت بقوة
( لن تجرؤ ........ )
التقت أعينهما مجددا .... فذاب الخصام للحظة .... قبل ان يقول بهدوء دون أن يحيد بعينيه عن عينيها
( لقد قلبت هذا الدار رأسا على عقب خلال الساعات السابقة يا تيماء ... و تسببت في حجز أحد أكبر ابناؤه داخل زريبة للمواشي .... لذا الا ترين أن الصعود الى غرفتك لن يكون تهورا جديدا ؟!! ..... )
فغرت شفتيها قليلا و هي تنظر الي عينيه .. و يدها الأخرى تلحق بالأولى ممسكة بالهاتف على أذنها و كأنها تخشى أن يسقط منها من فرط ارتجافها ... ثم قالت بخفوت
( ربما ليس بالنسبة لك ...... لكنك ستتسبب في الأذى لي ..... )
ظل ينظر اليها و تنظر اليه ... في صمت طويل , قبل أن يقول بصوتٍ غريب
( مجددا ...... )
همست و هي تومىء برأسها عله يتوقف و يبتعد
( نعم ... مجددا ........ )
قال قاصي بصوتٍ غريب و هو ينظر اليها عن بعد
( لم أمتلك الجرأة على مواجهتك صباحا و أنتِ أمامي .... خفت من ردة فعلي .... خفت عليكِ .... الأسلم أن يفصل بيننا طابقين على الأقل ....فبيننا حديث لم ينتهي بعد )
قالت تيماء بخفوت و هي تضع يدها على حاجز الشرفة و كأنها تقترب منه قليلا
( لا أريد الكلام في هذا الموضوع يا قاصي ...... أبدا ..... كانت ذكرى سوداء في حياتي و انتهت ... )
أخفضت رأسها و هي تشعر بالخجل ... ملامحها الشقية ,... تحولت الى الخجل الذائب ....
لكنه ليس الخجل الذي يزيدها جمالا ... بل هو الخجل الذي يجعل الخزي و الاحراج يملآنها أمامه هو ....
قال قاصي بصوتٍ قاسي مشتد
( لقد تأذيتِ بسببي ........... ثم ابتعدتِ .... دون حتى أن أجد الفرصة كي أعوضك ... )
انعقد حاجبيها قليلا
" و هل هناك ما قد يعوضها الشعور بالمهانة ... و الإذلال ؟!! .... هل هناك ما قد يصلح كسرها أمامه و أمام نفسها ؟!! ..... "
الا أنها لم ترفع وجهها اليه و هي تقول بخفوت
( أنا لا أعلم ما الذي تعرفه بالضبط .... لكن ..... )
استدار عنها !! ....
استدار عنها و الهاتف لا يزال على أذنه غير راغبا في مواجهتها بردة فعله ... ليقول بصوتٍ أجش خشن و متحشرج ....
( أخبرتك أنني أعرف كل شيء ....... أعرف أنكِ تألمتِ و صرختِ باسمي مستغيثة .... )
شهقت بصوتٍ عالٍ و هي تضع يدها على فمها بصدمة مذعورة ....
و كأنه كان معها في تلك الغرفة العطنة المتهالكة !! ......
هل كان ؟!!! ...... بالطبع لا ....
كانت تتنفس بصوتٍ عالٍ ... تردد صداه في الموجات بينهما و هي تنظر الى ظهره المتصلب ... بينما الهاتف على أذنه ... و كفه الأخرى شديدة الإنقباض لدرجة تجعله يبدو متحفزا و كأنه على وشك افتراس أحدهم ....
و حمدت الله أنها لا ترى وجهه في تلك اللحظة .... فهي تعلم جيدا كيف يمكن لغضبه أن يستعر في لحظةٍ واحدة دون كوابح .....
تكلم أخيرا ليقول بصوتٍ خافت متحفز ... عميق .... شديد العمق
( كنت تصرخين باسمي يا تيماء .... و ليس اسم أمك حتى ..... أنا فقط دون غيري .... كنت تستغيثين بي و أنا لم أكن موجودا لأدافع عنكِ ..... )
أفلتت منها تنهيدة ارتياح .... للحظةٍ مجنونة شكت أنه كان متواجدا في تلك الجريمة الدموية التي تعرضت لها ....
لقد كان يتكلم و كأنه يراها .... و كم اشعرها ذلك بالمزيد من الخزي و الإنكسار ....
فغرت شفتيها قليلا لتتكلم كي تنهي هذا الامر سريعا ... الا أنه سبقها في الكلام و قال بصوتٍ أشد عمقا دون أن يستدير اليها
( هل تألمتِ ؟!! ........ )
لم يكن سؤالا .... كان يعرف بأنها تألمت الى حد الصراخ لدقائق عنيفة طويلة .... الى أن جائتها الرحمة في اغماءة بعيدة اخيرا ....
لكنه كان كمن يريد اقرارا بألمها .... لذا وجدت نفسها تهمس كالمنساقة
( نعم .... جدا ........ )
سحب نفسا خشنا قويا .... كاد أن يكون منتزعا من رئتيها هي ....
ثم قال بصوتٍ اكثر خفوتا
( و صرخت باسمي ........ )
كان مصمما على انتزاع اعترافها كاملا ... فقالت بخفوت ضائع و هي تغمض عينيها
( نعم ....... للحظات حل ضوء ابيض امام عيني من شدة الألم و رأيتك أمامي ... فصرخت باسمك كي تأتي و تنتزعني من بين أيديهم ...... )
ساد صمت طويل .... لم يقطعه سوى صوت تنفسه المزعزع و الغير ثابت ... بينما كانت هي تتنفس بصعوبة و اعياء .... الى أن قال قاصي اخيرا بخفوت له نبرة غريبة
( أوتظنين أنني قد أتركك بعد هذا .... حتى لو مرت ست سنوات ؟!! ...... )
رفعت تيماء وجهها وفتحت عينيها لتنظر اليه ... الا انها صُدِمت بأنه قد استدار اليها اخيرا ....
قادرا على مواجهتها من جديد ...
لتجد عيناه القويتان تقتحمان عمق دار عينيها بلا تردد ......
ساد صمت طويل غريب قبل ان تسمعه يقول بصوتٍ قاسٍ .... خافت و شرير
( اتركك لرجلٍ آخر ؟!! ........... اذن فأنتِ لم تعرفيني يوما .... )
قالت تيماء بلهجةٍ حادة هجومية كي تدرأ الضعف عن أطرافها ...
( و أنا سأتركك لمسك ...... انعما بحياةٍ هادئة ان استطعتما ذلك .... لذا فنحن متعادلين .... )
التمعت عينا قاصي ببريق الشر و هو ينظر اليها , فعلمت انها قد تمادت ...
لكنه قال بهدوء غريب ... لا يحمل اي اثر للمرح
( تختارين التغابي يا تيماء .... كعادتك دائما حين يحاصرك احدهم في زاوية ضيقة ..... )
استندت بكفها الى حاجز الشرفة و مدت نفسها الى الامام قليلا و هي تقول من بين اسنانها بصوتٍ بدا شرس ... طرد الكثير من ضعفها ...
( بل أنت من يتغابى يا قاصي .... فالأعمى يستطيع رؤية تلك العلاقة الخاصة جدا بينكما ....تريدني و بالرغم من ذلك تبدو مرتاحا لخطبتها .... تدعوك ب " حبيبي " و تمسك بكفها !! فماهذا ؟!! ... هل هذا نوع من العلاقات الشاذة ؟!! ..... )
لم يرد قاصي .... بل نظر اليها نظرة ألزمتها الصمت فجأة .... ثم قال أخيرا بعد فترة طويلة
( يوما ما سأنظف لكِ لسانك هذا ..... أيتها الوقحة ..... )
ارتبكت قليلا أمام صرامة صوته الباترة .... الا أن غضبها منه كان أعمق و أشد ....
قال قاصي أخيرا بصوتٍ جليدي
( لن أتخلى عنكِ تيمائي ....... لن أتخلى عن فتاةٍ صرخت باسمي أنا في أفظع لحظات حياتها ألما , مهما بلغ بها درجة الغباء و الإنكار ...... )
فغرت تيماء شفتيها و بدأت في الهتاف
( هذا ليس سببا منطقيا للزواج .... أنت تشعر بالشفقة علي بسبب موقف عابر ...... أنا ..... )
الا أنه لم يسمعها من الأساس ..... فقد هدر بقوةٍ في الهاتف لدرجة كادت أن تصم أذنها
( و أستاذك الجامعي هذا سأمزق أعضاؤه إربا لو فكر مجرد التفكير في الإقتراب منكِ ..... )
فغرت تيماء شفتيها بذهول و رعب .... و قبل أن ترد , كان قد أغلق الخط في أذنها بعنف ....
و أمام ذهولها ... رمقها بنظرة ازدراء قبل ان يستدير و يغادر ....
لكنه بعد بضعة خطوات ... عاد و التفت اليها ....
ليرفع قبضته مشيرا اليها بإصبعه ... ثم ضرب على صدره بضربتين قويتين ...
" أنتِ تخصيني أنا ....... "
هذا هو معناها في قاموسه الخاص .....
كانت تلك الحركة هي الإشارة بينهما قديما .... اشارة لم تفهمها الا بعد الكثير من مرات التحية .....
ارتعشت شفتي تيماء و هي تبادله النظر بصدمة .... لكنه عاد و استدار عنها ليبتعد بخيلاء و قوة ....
ظلت تيماء تنظر اليه مذهولة ترتعش .... و أظافرها تحفر في خشب حاجز الشرفة ... بينما الهاتف لا يزال على اذنها حتى بعد أن أغلق الخط .... و كأنها تأمره أن يعود و يصلح ما فعله من بعثرة مشاعرها و اتزانها بعد كل هذه السنوات من المحاولة ......
الا أنه رحل ..... رحل ببساطة تاركا تهديدا لا يقبل الجدل أو المزيد من المناقشة .....
.................................................. .................................................. .....................
" أنتِ تخصيني أنا ... "
تلك العبارة البسيطة لخصت الكثير بينهما ......
أول مرة عرفتها .... كان يوما لن تنساه أبدا ......
ككل يومٍ لهما معا ....
كل يومٍ بينهما كان ذكرى غالية لن تنساها مطلقا .....
ذلك اليوم ...
أوصلها الى كليتها بدراجته البخارية صباحا .....فقد سافر اليها خصيصا من وقت الفجر , كي يتمكن من ايصالها الى كليتها صباحا .....
أوقف الدراجة فقفزت تيماء و هي ترتجف فعليا .... لكنها نزعت الخوذة بقوةٍ و عنف ... و عيناها تبرقان بتصميمٍ على خوض الحرب الشعواء الآتية ....
قال قاصي بصوتٍ جامد وهو ينظر الى تصميمها و درجة تهورها
( هل أدخل معكِ ؟!! ......... )
للحظةٍ ظلت تنظر اليه بنفس النظرة المحاربة .... الا أنها لم تلبث ان ابتسمت و هي تقول رافعة حاجبها
( ستكون تلك هي أكثر التصرفات غباءا ..... أنا على وشكِ الهجوم دفاعا عما تسببت به من فضيحة هنا في الكلية ..... )
لكن قاصي لم يبتسم .... بل ظل ينظر اليها بعنف و يداه تنقبضان بشدة على مقودي الدراجة ....
ثم قال أخيرا بقسوة
( لست مرتاحا لتركك وحيدة تواجهين ذلك الحقير ....... سأدخل معك ..... و أسحقهم كلهم لو أردتِ ... )
زمت تيماء شفتيها و اقتربت منه خطوة لتقول بحدة
( كم مرة طلبت منكِ أن تُحكِم عقلك قليلا قبل التهور يا قاصي .... لن تنال الحياة في كل طرقها بالذراع القوي الذي تتفاخر به هذا ......أنا بصدد خوض تحقيق رسمي أمام عميد الكلية ... و الحرس الجامعي .... لقد تسببت في احداث عاهة لزميلٍ لي ... وهو ابن استاذ معروف ,..... أي أن الكارثة مزدوجة ..... لذا دخولك معي بعد ما فعلته يعني أننا عصبة من الهمج ... لا يوقفنا رادع ... دعني أنا سأتصرف .. )
ضرب قاصي على المقود و هتف بفظاظة
( لن أتركك و أنتظر هنا كالنساء !! ......... )
اتسعت عيناها بغضب حقيقي قبل أن تضع كفيها في خصرها و هي تقول بحدة
( و مما تشكو النساء ؟!!! ......... )
كان هو من زم شفتيه وهو يهز رأسه قائلا
( ليس هذا وقت استفزازك يا حمقاء ...... قد تفصلين من الكلية بسببي .... )
ابتسمت قليلا ... ثم قالت برقة ذائبة
( فداك .......... )
اشتعلت عيناه غضبا وهو يقول بحدة
( أنت لا تتكلمين بجدية .... اليس كذلك ؟؟ ...... )
اتسعت ابتسامتها و قالت تطمئنه
( لا .... لا أتكلم بجدية ..... اطمئن ,..... )
حينها عبس مجددا بدلا من أن يرتاح باله .... بل قال بخيبة أمل مفاجئة
( حقا ؟!! ...... ظننتك صادقة ..... )
ارتفع حاجبيها و اتسعت عينيها قبل أن تضحك بقوة... ثم قالت و هي تهز رأسها يأسا
( اثبت على موقف واحد يا قاصي .... ماذا تريدني أن أقول ؟!! ..... أن دراستي أهم من أي شيء آخر .... أم أنك أهم عندي من العالم بأسره ؟!! ..... )
التمعت عينا قاصي للحظة .... قبل أن يخفيهما قناعه الساخر ليقول بهدوء بعد فترة طويلة
( قولي الحقيقة ....... )
ظلت تنظر اليه و ابتسامتها تظلل شفتيها الحنونتين.... تتأمله ... بهيئته الغريبة الحبيبة الى القلب ....
ثم قالت أخيرا بخفوت صادق
( أنت أهم عندي من العالم بأسره ..... الدراسة هدف , أما أنت فحياتي كلها ..... )
ها قد سقط قناع وجهه الساخر الفظ ..... و ظهرت من تحته ملامح وجهه الشاردة الأقرب الى صدمة مرتبكة ...
و عيناه تلاحقان الكلمات البسيطة من شفتيها ... و تصعدان الى عينيها تطالبان بالترجمة الفورية بأصدق لغات تيماء .... و التي لا تخدعه أبدا .... عينيها !! ....
انتظرت منه أن يبادلها الكلام بمثله .... الا أنها كانت تعرف بأنه لن يفعل ....
قاصي لا يعرف الكلام .... لا يستطيع .... و ربما لا يريد ....
لقد وصلا الى المرحلة التي اصبح ارتباطهما قويا لدرجة تجعلها تتغاضى عن الكلمات و الاعترافات ... و تكتفي فقط بوجوده .... و اخلاصه لها ....
تنحنح قاصي ... ليسعل قليلا , محاولا الخروج من تلك الهالة التيمائية .....
ثم قال أخيرا بخشونةٍ زائدة
( المهم .... أخبريني كيف ستتصرفين في هذا التحقيق ...... )
شعرت بخيبة الأمل هذه المرة .... و ظلت تنظر اليه بيأس مؤلم .... و احتياج عاطفي مدمر ...
الا أنها تنهدت ببطىء لتقول بعدها بثقة
( سأخبرهم الحقيقة .... لقد تحرش بي علنا .... أمسك بذراعي دون وجه حق .... )
التمعت عينا قاصي بوحشية و ترددت أنفاسه ... فسارعت لتقول خوفا من اثارة المزيد من غضبه مجددا ...
( و استخدم ألفاظا لا تناسب الحرم الجامعي .... على مسمع من الجميع .... لذا كما ترى فلدي حججا قوية ... )
قال قاصي بغضب
( لكنك لستِ أنت من ضربه ..... علي الدخول لأدافع عنكِ ..... )
تأففت تيماء بصوتٍ عالٍ و هتفت
( كفى يا قاصي ..... ستتسبب في ايذائي أكثر ..... لا يمكنك الدخول أو الظهور .... عليك الإختفاء الى ان أخرج ..... )
نظرت الى ساعة معصمها قبل أن تقول بقلق
( لقد تأخرت ..... علي الدخول ...... أراك لاحقا , .... )
رفعت عينيها الى وجهه المظلم و حاجبيه المنعقدين بعدم اقتناع .... ثم قالت بهدوء
( يمكنك المغادرة .... اذهب الى أي مكان و تنزه قليلا الى أن أنتهي ...... )
قال قاصي بنبرةٍ فظة قاطعة
( سأنتظرك هنا و لن أرحل لمكان الى أن تخرجي ....... )
عادت و ابتسمت لتقول بخفوت
( حسنا اذن ........... )
تحركت تيماء خطوة لتبتعد الا أنه ناداها بخشونة قائلا
( تيماء ......... )
استدارت اليه متسائلة .... فقال بلهجةٍ آمرة
( لا تسمحي لهذا الحقير بأن يقترب منكِ ....... )
ابتسمت مجددا و قالت بخفوت
( لا أعتقد أنه في حالةٍ تسمح له بالإقتراب من أي أنثى لفترة طويلة ..... )
الا أن قاصي قال بجدية مهددة دون مزاح
( و لا أي حقير آخر ...... )
اتسعت ابتسامتها و أومأت مؤكدة بلطف
( و لا أي حقير آخر ....... )
استدارت بعيدا عنه قبل أن تخونها مشاعرها أكثر ..... و مشت عدة خطوات مطرقة الرأس قبل أن يناديها مجددا ...
فاستدارت اليه متسائلة .... الا أنه لم يتكلم ....
بل رفع قبضته مشيرا اليها بإصبعه ... ثم ضرب على صدره بضربتين قويتين ...
عقدت تيماء حاجبيها قليلا بعدم فهم .... الا ان قلبها انتفض بين أضلعها بقوة ...
هل تعني حركته بأنه .... يحبها ؟!! ....
لقد ضرب على قلبه مباشرة !! .....
ارتعشت شفتيها المبتسمتين بأمل ولهان .... ثم دون كلمة واحدة استدارت و دخلت الكلية جريا تحت أنظاره الحارقة ....
بعد بضعة ساعات ... خرجت أخيرا .....
كانت مطرقة الوجه ... الا أن ملامحها فكانت حمراء و غاضبة و كأنها طفلة تبكي .....
استقام قاصي ببطىء و هو يراقبها آتية من بعيد بملامحها الغريبة دون أن تنظر اليه .... فازداد انعقاد حاجبيه و انقباض كفيه ... منتظرا بصبرٍ نافذ الى أن وصلت اليه و هي متشبثة بذراع حقيبقتها و شعرها يتأرجح حول وجهها ....
تقدمت تيماء لتجلس على الدراجة و هي تقول بإختصار مبهم
( هيا بنا .............. )
الا أن كف قاصي أطبقت على ذراعها يديرها اليه بقوة وهو يقول صارما
( ماذا حدث ؟!! ........ )
قالت بصوتٍ متجهم مختنق
( انتهى الأمر .... لا تقلق ........ )
حاولت أن تتحرر منه لتجلس ... الا أنه لم يسمح لها وهو يشدد من قبضته على ذراعها ليقول بحدة
( تيماء .... أريد التفاصيل كلها ...... ماذا حدث ؟!! .... )
ظلت واقفة أمامه ... مطرقة الوجه و متمسكة بحزام حقيبتها الجلدي ....
حينها رفع قاصي ذقنها بكفه .... محتضنها بنعومة رغم خشونة راحة يده القوية و المتجرحة من ترويض الخيول ....
حيننها لم تجد بدا من أن ترفع جفنيها عن عينيها الفيروزيتين لتنظر اليه باستسلام .....
ظلت عينا قاصي تلاحقان كل ملامح وجهها بغموض قبل أن يقول بصوت حذر خطير ... آمر ...
( تكلمي ......أريد كل التفاصيل .... )
رمشت بعينيها مرتين قبل أن تقول باختصار حاد قليلا
( ماذا تريد ؟!! ..... اعتذرت و بكيت و توسلت .... و أختلقت قصة ...... )
اتسعت عيناه بوحشية و اشتدت كفه على ذقنها وهو يهتف بحدة
( اعتذرتِ ؟!!! .... و توسلتِ ؟!!! ....... لماذا ؟!!!!!! ..... )
ابعدت ذقنها عنه بالقوة و هي تهتف بعنف و كرامة مهدرة
( ماذا كنت تريدني أن أفعل يا قاصي ؟!! ..... لقد طلبو استدعاء أبي ..... أتعرف معنى هذا ؟!!! ..... أن يعرف بوجودك معي باستمرار و يدرك علاقتنا .... و حينها قد يبعدك عني ..... لقد أعلنت للكلية كلها أنني مرتبطة بك ....و كانوا يحققون معي على أساس أن صديقي الحميم قد ضرب زميل لي ..... و هددوا بفصلي نهائيا ...... )
كانت تلهث و هي تهتف بجملها الغير مرتبطة ..... الى أن صمتت أخيرا و هي تنظر الى عينيه المشتعلتين غضبا و قسوة .... ثم قالت أخيرا بصوتٍ باهت
( لو علم أبي بما حدث فسيفرق بيننا يا قاصي ...... حتى لو لم يهتم بي يوما , الا أنني أتوقع أن يثور غضبه و يأمرك بالإبتعاد عني .... أهذا ما تريده ؟!!! ...... )
صمتت أخيرا بعد أن ضاع صوتها ..... و بقت تنظر اليه منكسرة ....
تكلم قاصي أخيرا بخفوت شرس ...
( من صفعك ؟؟ ......... )
ارتفعت يدها بسرعة لتغطي وجنتها المحمرة ..... و ارتبكت أمام نظرته القاتمة , قبل أن تهمس كاذبة
( لم ..... لم ......... )
الا أن قاصي هدر بقوة
( من صفعك ؟؟ .......... )
أطرقت بوجهها بعيدا عنه لتقول بخفوت
( عميد الكلية ......... )
كانت تسمع صوت أنفاسه المتسارعة الخشنة , قبل أن يقول بصوتٍ غريب
( هل يحق له ذلك ؟؟!! ........ )
هزت تيماء رأسها نفيا ببطىء .... ثم قالت
( بالطبع لا ..... لكن التحقيق سار بشكل غير رسمي بعد أن بكيت و توسلت أليهم الا يستدعون والدي لأن عائلتي شديدة الصرامة و قد يضيع مستقبلي .... والد زميلي الذي ضربته كان حاضرا وهو صديق شخصي للعميد .....ف ... )
اختنق صوتها و اختفى .... فعضت على شفتيها المرتجفتين غير قادرة على المتابعة ....
الا أن قاصي قال ببطىء يكمل كلامها
( فصفعك ....... و أمرك الا تعيديها مجددا ...... )
لم ترد .... و لم تستطع أن تواجه عينيه المخيفتين ..... ثم همست أخيرا و بعد فترة طويلة
( أكنت تريد المجازفة بالإبتعاد عني يا قاصي ؟؟ ........ لو علم أبي .... )
ظل قاصي صامتا ... ملامحه غريبة و غير مقروءة .... الا أن جسده كان شديد التشنج و أنفاسه غير ثابتة ...
ثم قال أخيرا مغيرا الموضوع بصوتٍ خافت
( و ما هي القصة التي إختلقتها ؟؟ ......... )
ردت تيماء مبتسمة بحزن و هي تمسح دمعة خائنة أفلتت من عينها الفيروزية
( ادعيت أنك ابن عمي و خطيبي ..... و أنك انفعلت لرؤيته يمسك بذراعي ...... و حين طلبوا استدعاء والدي للتحقق من الأمر .... توسلت لهم الا يفعلوا لأن عائلتي في الجنوب شديدة الصرامة و لا تقبل أن يقابلني خطيبي هنا ..... )
لم تفهم يومها سر الذهول الذي ظهر على ملامح وجهه .... ذهول أقرب الى الصدمة و كأنها ذكرت شيئا صادقا تماما ..... و كم كانت شفافة الفكر في اختلاق قصتها ....
ساد صمت طويل قبل أن يقول قاصي أخيرا بصوتٍ غامض مداعب
( لازلتِ كاذبة مخادعة ....... منذ صغرك ..... )
ابتسمت و المزيد من الدموع تنساب على وجنتيها بصمت .... ثم قالت أخيرا بخفوت مترجي
( هلا ابتعدنا عن هنا أرجوك ..... خذني بعيدا جدا يا قاصي ...... )
ظل صامتا قبل أن يمد يده ليتناول الخوذة و يلبسها اياها برفق .... ثم اجلسها على الدراجة و جلس أمامها , لكن و قبل أن يتحرك .... قال ببساطة تغلف لهجة شديدة التوعد لم تهدأ بعد
( بالمناسبة ..... السيدة امتثال تسأل عنكِ باستمرار و تتمنى رؤيتك ..... لا تتوقف عن السؤال عن ابنة أختى المتوفاة المسكينة .... و توصيني أن أجيد رعايتها .... )
ضحكت تيماء عاليا و هي تحيط خصره بذراعيها ثم قالت برقةٍ خالصة
( و هل تجيد رعايتها عاملا بالوصية ؟!! ............... )
قال قاصي بجدية دون مرح
( أحاول ............... )
ابتسمت أكثر و هي تريح وجنتها على ظهره .... الا أنه قال بخفوت شارد قبل أن يتحرك
( دائما تكذبين لتنقذيني ........ منذ صغرك ...... )
لم تختفي ابتسامتها الحزينة و هي مرتاحة على ظهره ... ثم همست بخفوت
( و من لي سواك يا قاصي ؟!! ........ )
ظل صامتا و متحفزا .... لذا همست برقة كي تخرجه من تلك الحالة التي يعاني منها حاليا و التي تمس رجولته .... فهي تعرفه جيدا و تعرف درجة حمائيته و انفعاله حين يمس احدهم ما يخصه ....
( قاصي ...... تلك الحركة , حين ضربت صدرك قبل أن أدخل ..... ماذا كانت تعني ؟!! ...... )
تكلم بصوته الخشن الخافت بعد فترة طويلة
(" أنتِ تخصيني أنا ... " ........ )
فغرت تيماء شفتيها بنفس الصدمة منذ ست سنوات .... لم يكن اعترافا بالحب .....
لكنه كان صك الملكية بينهما ..... ارتباط غير قابل للانفصام ....
تنهدت تيماء و همست
( خذني بعيدا ........ أرجوك ....... )
تحرك قاصي دون أن يتكلم كلمة اضافية .... و انطلق بها كي يسمح للهواء البارد ان يلطف من احمرار وجنتها الحمراء ... و كرامتها الجريحة
فهو يعرفها حق المعرفة .... و يدرك جيدا حساسيتها المفرطة تجاه الإهانة .....
فكيف اذن بذلك الانتهاك الصريح ظلما ..... لكنه أبى أن يتكلم ....
و بعد يومين .... انتشر في الكلية خبر أن مجهولا ملثما هاجم عميد الكلية في المرآب المظلم ....
و لكمه ليكسر انفه .... و لم يتعرف أحد على هوية الفاعل حتى يومنا هذا ....



يتبع .....


tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 27-02-16, 11:34 PM   #2475

sama2_egypt

? العضوٌ??? » 6396
?  التسِجيلٌ » Apr 2008
? مشَارَ?اتْي » 277
?  نُقآطِيْ » sama2_egypt has a reputation beyond reputesama2_egypt has a reputation beyond reputesama2_egypt has a reputation beyond reputesama2_egypt has a reputation beyond reputesama2_egypt has a reputation beyond reputesama2_egypt has a reputation beyond reputesama2_egypt has a reputation beyond reputesama2_egypt has a reputation beyond reputesama2_egypt has a reputation beyond reputesama2_egypt has a reputation beyond reputesama2_egypt has a reputation beyond repute
افتراضي

يا قلبي الف سلامه عليها
ربنا يتم شفاها على خير


sama2_egypt غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-02-16, 11:35 PM   #2476

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

انتفضت تيماء مجفلة من ذكرياتها البعيدة .... العنيفة ....
على صوت مسك تقول من خلفها بهدوء
( ناديتك مرتين و لم تسمعي ........ أين أنتِ ؟؟ ........ )
استدارت تيماء اليها .... على ساقين من الاسفنج الرخو ..... تنظر اليها بعينين زائغتين ...
قبل أن تقول بخفوت باهت
( أنا هنا ..... لم أذهب لمكان ....... )
مدت مسك ذقنها لترى قاصي مبتعدا ..... فأعادت عينيها الى عيني تيماء و قالت بادراك
( واضح أنكِ هنا ....... المهم , لقد تدبرت أمر الحجز في القطار معي ... للأسف لم أستطع حجز تذكرة طائرة .... ستكون رحلة طويلة و شاقة ..... )
أومأت تيماء برأسها دون حماس ... ثم قالت بشرود
( لقد أتيت في القطار ..... لا بأس , اعتدت الرحلات الشاقة ...... )
استفاقت من شرودها لتنظر الى عيني مسك قائلة برجاء
( أنا معتادة على السفر وهو ليس مشكلة ..... المشكلة هي اخراجي من هنا .... من هذا الدار دون مواجهة جدي ....... )
هزت مسك كتفها و قالت بفتور
( سأحاول ....... طالما أنتِ جبانة و أنانية ....... )
عبست تيماء بشدة ... الا أنها أمسكت لسانها عن اللفظ الفظ الذي كانت تنوي الهتاف به ... فهي حاليا أشد ضعفا من أن تفعل ....
لذا عادت و استدارت مستندة الى حاجز الشرفة .... تنظر الى ظله .......
.................................................. .................................................. .................
لا يعلم لماذا قادته ساقاه الى هنا ....
كان هذا آخر مكان ينشده لو كان يطلب الحياة .....
لكن جسده في هذه اللحظة بدا منفصلا عن أوامر عقله ..... لذا أخذ يسير بلا هدى , بينما ساقاه تحفظان الطريق جيدا ....
الى أن وصلى الى حدائق الدار .... حيث زرائب المواشي ....
كانت متعددة و ذات خاناتٍ خشبية ... لا يميز بعضها عن بعض شيئا ....
و مع ذلك وقف للحظةٍ عن بعد و عيناه تبحثان بصمت دموي الى أن وجد رجلين ضخمي الجثة .... يقفان ممسكين بالسلاح أمام إحدى الخانات ....
حينها اشتعلت عيناه أكثر بلون الدم الأسود ... و عاد ليسير اليها ببطىء .... و عيناه لا تحديان عن وجهتهما ....
الى أن وصل ووقف أمام الرجلين .... يتنفس بصوتٍ متشنج قبل أن يقول بصوتٍ آمر سلطوي ...
( أتركانا لدقائق .......... )
نظر الرجلين الى بعضهما بتوتر و قلق و هما يتململان .... الا أن قاصي هدر بقوةٍ
( الآن ....... هذه أوامر الحاج سليمان ...... )
ابتعدا الرجلين لكن ليس الى مكانٍ بعيد ..... بل وقفا على بعدٍ يجعلهما غير قادرين على سماع ما ينتوي قاصي قوله .....
أما هو فقد وقف أمام الباب الخشبي .... ينظر اليه بصمت طويل .... قبل أن يقترب أكثر ثم استدار و جلس أرضا مستندا بظهره الى الباب الخشبي ....
رافعا ركبتيه ... مستندا بمرفقيه اليهما بإهمال وهو ينظر الى السماء الممتدة من بعيد .... و قد حلقت بها طيور العمل الصباحية ....
ذقنه غير حليقة ... عيناه حمراوين بلون الدم ... اما عمقهما فأسود بلا قرار ....
رفع قاصي قبضته للخلف فجأة يضرب على الباب الخشبي بعنف وملامحه مشتدة عنيفة .....
و أسنانه تصطكان بوحشية و شراسة ....
ضرباته القوية جعلت البهائم تتحرك و تصدر اصواتا خافتة متململة .....
الا أن صوتا واحدا التقطته أذناه بدقةٍ متناهية ....
صوت مجفل ... شائخا .... مثير للشفقة المهينة .... وهو يقول بتعب
( من ..... ماذا ؟!! ....... )
التقطت اذنا قاصي المرهفتين ..... السؤال المجفل الغير واعي ... لرجلٍ كبير السن ... مقيدا الى أحد الأعمدة في الداخل ... مرتميا أرضا كقاصي تماما ..... و يفضل بينهما الحاجز الخشبي ...
قال قاصي بصوتٍ عالي ساخر رغم قتامته و عيناه تنظران الى البعيد بسعيرٍ لا يهدأ
( هل فقدت قدرتك على تمييز الصوت من ليلةٍ واحدة في الزريبة ؟!!! ..... لا لا ... تشجع يا رجل لا تزال في بداية الطريق .... أبحث داخلك عن موروثات الرافعية التي تتميز بالقدرة على التحمل .... )
لم يرد عليه الصوت .... فابتسم قاصي وهو يتلاعب بأصابعه قائلا ....
( كيف مضت ليلتك ؟!! ...... أتمنى أن تكون قد نمت مرتاحا ..... )
ساد الصمت مجددا ....لكن قاصي لم يتحمله ... فصرخ عاليا بعنف مما جعل الرجلين ينظران الي من بعيد بدهشة و تحفز ...
( عمرااااااان الرافعي ....... هل فقدت سمعك ؟!! ...... )
صمت .... صمت .... الا أنه لم يطول هذه المرة ... بل صدر صوت خشن مجهد يقول
( و أنت ؟!! ....... هل تنعم أنت بالراحة الآن ؟!! ..... )
كان الصوت واهنا .. و كأنه طاعنا في السن أكثر من صوته جده ......
لم يرد قاصي على الفور ... بينما الكره في عينيه يزداد و يتقد .... لكن السؤال ألزمه الصمت لفترة
" هل تنعم بالراحة الآن ؟!! ..... "
رد قاصي أخيرا بصوتٍ حاد ... باتر كالشفرة
( لن أنعم بالراحة و أنت لا تزال تتنفس من نسيم هذه الحياة ...... )
ضحك عمران .... كانت ضحكة مجهدة متعبة و كأن الحبال التي تقيده ... تقيد حنجرته .....
ثم قال بصوتٍ متحشرج
( و ماذا سيعيد لك موتي ؟!! ..... كرامتك أم رجولتك .... أو ربما أمك !!! ........ )
برقت عينا قاصي اكثر ... و باتت قادرة على احراق الأراضي الممتدة أمامه بنظرة قاتلة واحدة ....
الا أنه سأل بهدوء .... بمنتدى الهدوء دون ان يتحرك من مكانه و كأنه تحول الى تمثالٍ رخامي شارد
(بمناسبة الحديث عن الرجولة ...... بماذا شعرت و أنت تغتصبها ؟!! هل منحك صراخها الإحساس بملىء فراغ الرجولة الناقص ؟!! .... هل شعرت بالسلطة و التفوق و انت تخضعها دون حق ؟!! ..... )
ساد صمت غريب ... قبل أن يقول صوت عمران الواهن ... ساخرا قميئا
( أنت تحسبها من النساء ... اليس كذلك ؟!! ...... تحسبها ممن تتأثر نفسيتهن و يحتجن الى طبيب ليعالج تشوه روحها المنتهكة .... تحسبها امرأة تصرخ بحقوقها المهدرة المنتهكة ..... أمك لم تكن سوى شيء .... كائن ...... جاهلة لا تفهم و لا تشعر ..... و ما أكثرهن ...... مجرد أعدادا مرقمة على سطح هذه الأرض دون هوية ... و لا احد حتى سيذكرها غيرك .....
إنها لم تبكي حتى , كانت فقط ملامح الغباء تعلو وجهها بعدم فهم لما يحدث .... بينما أنت تظن أنها كانت منهارة نفسيا و تنعت تلك المغامرة الصغيرة باسم " اغتصاب " ..... "
صمت ليضحك وهو يسعل في آنٍ واحد .....
بينما تحولت عينا قاصي الى عيني وحشٍ غير آدمي ... عديمتي الرحمة ....
أما أظافره فكانت تحفر في التراب جانبه .... تحفران بعنف حتى نزف باطنها من الغبار و الحصوات .... لكنه لم يشعر بالألم .... و كأن النهايات العصبية قد ماتت و تجلطت .....
أما روحه فكانت تنزف نارا ... و ليس دما .....
تلك النار السوداء التي لا تهدأ و لا تخمد .....
قال قاصي أخيرا بصوتٍ ميت ....
( هل شعرت بشيء حين سمحت أنها ذُبِحت كالخراف ؟!! .... شيء , اي شيء ؟!! .... هل اشفقت عليها كما تشفق على قطة دهستها سيارة على طريقٍ سريع ؟!! ..... )
ساد صمت قاتل ... قبل أن يرد عمران بصوتٍ واهن حقود شديد الغل
( لا أتذكرها أصلا ............ )
لم يتحرك قاصي من مكانه .... بل ظل جالسا أرضا ... ينظر مع الفضاء البعيد و كأنه توحد معه دون روح ...
ثم قال أخيرا بنفس الصوت الميت
( و كيف كنت تراني .؟؟ .... كلما كبرت عاما .... هل كنت تشعر بدناءة فعلتك تسير على الأرض و تتمنى لو تخلصت منها ..... أم ربما كنت تشعر بالخوف من يومٍ أعود به لأنال منك ؟!! ..... )
تحشرجت أنفاس عمران وهو يقول كارها
( ها أنت تمنح نفسك قيمة أكبر مما تستحق ...... كما أعطيت أمك , أنت تطري نفسك يا ولد .... أنت لست سوى ابن زنا ... لا قيمة لك و ما اكثركم ..... خوفي كان من سالم , و انا اعلم انه يربي أفعى تحت ذراعه كي يستغلني بها ..... إنها الأرض بينه و بيني ..... كان ينتوي استغلال انتقامك يوما .... لكنه لم يعلم أن الأفعى تلدغ من رباها اولا .... و انت عضتت اليد التي امتدت له في ابنته .... أم تراك تظنني لا أعلم ما فعلته معها دون علم والدها ؟!! ..... نلت من شرفها , اليس كذلك ؟!! .... هل كنت تريد اجباره على يزوجها لك بهذه الطريقة ؟!! ..... )
صمت وهو يضحك بنفس الوهن اللزج .....
بينما نهض قاصي من مكانه ببطىء ... و عيناه لا تفصحان في وحشيتهما عن شيء ....
مجرد حيوانٍ ضاري ينظر أمامه بلا ابصار ...
و دون مقدمات استدار ليركل البوابة الخشبية بعنف ... مرة و اثنتين و ثلاث ...
وهو يصرخ عاليا بصوتٍ أفزع الطيور المحلقة من حوله ....
انطلق الرجلين يجريان اليه من خلفه يحاولان الامساك به ... الا انه لكم احدهم دون تمييز و تابع ركل الباب بقوةٍ حتى خلع القفل و انفتحت البوابة ....
حينها ركلها بقدمه ليندفع هاجما وهو يبحث بعينيه المتوحشتين .... الى ان وجده مرميا أرضا ..
مقيدا الى احد الأعمده .... يعلوه الغبار و تفوح منه رائحة المواشي ...
كان يبدو أكبر في السن ... و كريها لدرجةٍ تشبه الضباع .....
حينها لم يفكر قاصي مرتين قبل أن يندفع اليه و يركله في جانبه بقدمه ....
صرخ عمران متألما بقوة .... بينما انحنى قاصي اليه ليقبض على أعلى قميصه حتى أصبح وجهه على بعد شعراتٍ من وجه عمران المذعور المتأوه ....
بيما كانت ملامح قا صي مخيفة ... تدب الرعب في قلب من ينظر اليه في تلك اللحظة و هو يهمس
( اياك و النطق بكلمة في عرض تيماء ..... إنها أشرف من أمثالك , و إن كنت لم أستطع الدفاع عن شرف أمي .... فسوف أدافع عنها هي حتى مماتي .... أما أنت .... أنت .... بعد ان تخرج من هنا ذليلا مفلسا .... سيكون لنا لقاء عندئذ ..... )
كان الرجل الآخر قد وصل اليه وهو يهتف بقلق و رعب
( انه في حماية الحاج سليمان يا قاصي .... اتركه ...... اتركه .... )
لم يحتاج قاصي الى أمرٍ ثانٍ .... فقد نهض بمفرده لينظر الى عمران من علو وهو يلهث بعنف ....
قبل أن يقول مجددا بصوتٍ متوعد
( لنا لقاء يا عمران ...... و ستتمنى لو كنت قد نسفت رأسك ليلة امس رحمة بك .... )
و دون انتظار رد .... ركل قاصي كومة التراب بجوار عمران ...
فانتشر الغبار في أنفه و عينيه ... مما جعله يسعل بعنف و ألم متأوها ....
أما قاصي فوقف يراقبه للحظة ,, قبل أن يبصق عليه بقرف ... و يغادر مندفعا , كي لا يفقد المزيد من سيطرته .....
قادته قدماه المندفعتان بلا هدى الى الاسطبل ....
كان كالأعمى في غضبه ... و روحه هائجة بلا رحمة .....
اخذ ينظر الى الخيول بجنون , الى ان استقر نظره على الفرس السوداء التي روضها بالأمس ......
و دون تفكير .... انطلق اليها ليخرجها من خانتها الخشبية قبل ان يعتليها برشاقة ....
صهلت الفرس و ووقفت على ساقيها الخلفيتين ... الا ان قاصي احكم الامساك بلجامها وأنزل اماميتيها أرضا قبل أن يضرب بطنها بقدمه .... فاندفعت منطلقة تجري كالريح .... خارج ابواب القصر كما فعل ليلة أمس
فخيول الرافعية دائما كانت متاحة له و كأنه يملكها ....
كانت أكثر منهم اخلاصا ..... و أشد جمالا ...... و أنقى روحا .....
كانت تيماء ....
يراها في كل فرسٍ يروضها .... و يندم بعد ترويضها .....
خرج قاصي جاريا كالمجنون محلقا على فرسه بين الأراضي الخضراء الواسعة .....
و عيناه تقدحانِ شررا صامتا ....
و كانت الفرس تقفز منه و تصهل عاليا ... الا أنه يعاود السيطرة عليها بعنف ....
الى ان فقد الزمام في لحظة ... فرمته عن ظهرها بمنتهى القوة ... لدرجة ان تدحرج عدة مرات .....
حتى استلقى على ظهره متأوها بقوة .....
كانت السماء من فوقه شديدة الوسع ..... و مع ذلك لم يشعر بها يوما ضيقة الى هذا الحد ......
انسانة واحدة هي التي كانت قادرة على ابعاد الخيوط العنكبوتية عن صدره .... دون حتى ان تعلم ما يمر به و يتشبث في صدره كوباءٍ اسود ....
انسانة وحيدة .... و هي تيماء ...
تلك الأرض الواسعة التي كان ينسى بها نفسه و اسمه و هويته .... او انعدامها .........
من يجرؤ لينتزعها منه الآن ؟!! ....
من يجرؤ على انتزاع أرضه و داره الوحيد ؟!! ..... بعد كل سنوات الإنتظار ......
والله ابدا ......
إن كان عليه أن يكون أنانيا ليحيا ..... فسيكون .....
نهض قاصي من مكانه متأوها ... يعرج قليلا ... وهو ينظر حوله لاهثا ... متعبا ....
يشعر بألمٍ في صدره ....
و طال به السير دون أن توقف على الرغم من تعبه ..... الى أن وجدها تقف هناك وحيدة .... بالقرب من نخلةٍ وحيدة ....
وقف قاصي مكانه ينظر اليها و يتأمل جمالها الخلاب .....
مرفوعة الرأس بكبرياء و أناقة ....... فابتسم بألم .... ليهمس و يده على صدره المتألم
( كم أنتِ جميلة !! ...... و كم تشبهينها !! ...... )
اقترب قاصي من الفرس السوداء على مهل ... دون أن تجفل أو تهرب ... فعقد حاجبيه وهو يراقب هدوئها الغريب
الى ان وصل اليها .... و بنظرةٍ واحدة , علم أنها جرحت ساقها .....
ازداد انعقاد حاجبيه وهو يقترب منها غاضبا .... ثم مد يده ليتلمس أعلى أنفها بين عينيها وهو يقول بصوتٍ نادم خشن ... حنون
( لقد آذيتِ نفسك بسببي ..... ما كان علي اختيارك ...... )
نفرت الفرس قليلا مبتعدة متألمة .... الا أنه جذب لجامها برفق حتى وضع جبهته بين عينيها و أغمض عينيه
حتى استكانت تماما بتلك الصلة الغريبة بينها و بين مروضها .... فهمس بخفوت شارد و كأنه يحدث شخصا غير موجود ...
( أنا آسف .........والله أنا آسف .... ما كان علي اختيارك .... )
.................................................. .................................................. .....................
نهض ليث من مكانه بجوار زوجته وهو يراها قد راحت في سباتٍ عميق ....
بعد أن بقى يراقبها طويلا بصمت ....
على الرغم من كل مساوئها و آثامها .... الا أنه يشعر بتأنيب ضمير كبير تجاهها .... لم يستطع يوما أن يحبها ... أو حتى أن يروض مشاعر الإعجاب لديه ولو قليلا ...
و كان هذا يزيد من كرهه لنفسه ..... و يجعله على عكس المتوقع يتحملها مرة بعد مرة ...
و كأنه يعاقب نفسه بعيوبها .....
شعر فجأة أنه بحاجة لأن يبتعد عنها .... يحتاج أن يكون وحيدا في تلك اللحظة ....
فنهض مرتديا ملابسه ..... متجها الى حمام غرفته ليقف تحت سيلا من الماء البارد المثلج مغلقا عينيه طويلا ... طويلا ....
كم تمنى لو يشعر بشيء من الراحة بين أحضانها .... حينها كان ليكتفي بها قلبا و روحا ....
كان ليضمها اليه دائما و أبدا ....
لكن شيئا ما كان يجعله أقرب للنفور منها .....
هذا الشيء لم يكن وليد اللحظة ... بل هو شعور متنامي على مر السنوات ....
و بعد أن عرف بامر السحر الأسود الذي تقوم به بمساعدة شيوخ الدجل ... أرجع الأمر اليه ....
الأمر تخطى معها مجرد أعمالا من الشعوذة ....
بل اكتشف أنها اتجهت الى السحر و القراءات السوداء ..... كانت علما من المفترض أنه مدروسا ...
حينها ذهل من قدرتها على احتضان الشر تجاه البشر الى هذه الدرجة .....
على ما يبدو أنها كانت فاشلة ....
فسحرها الأسود ... لم يجمع بين قلبيهما ... لم يجعلها ملكة الحسن في عينيه .....
لم يدمر حياة شقيقته التي كانت ضحيتها دائما ...
و لم يمنحها أطفالا ....
دون اي سبب طبي معروف ......
نعم يشفق عليها , فهي أحيانا تبدو كالمجنونة بسبب تأخر انجابها على الرغم أن من هن في مثل عمرها ... قد التحق أطفالهن بالمدارس .... أما هو فقد اعتبرها نعمة من الله ....
أي أم تلك تستطيع تربية طفل و هي تمارس السحر الاسود !! .....
لقد فكر في طلاقها أكثر من مرة .... و كل مرة كان يبدو مرتاحا للقرار أكثر من ذي قبل ....
الا أنه يعود و يتراجع .... غير قادرا على فعل ذلك بابنة عمه ....
فهو يعلم جيدا وضع المراة المطلقة التي نشأت و تربت هنا ...
على عكسه هو ..... فهو كان دائم السفر و أكثر تحضرا .... لم ينشأ هنا بمعنى الكلمة الحرفي ....
لكن يظل سحر تلك الأرض يجذبه اليها .....
سحرا خلابا .... يختلف عن سحر زوجته الأسود .....
تنهد ليث وهو يخرج من تحت الماء ... ليلف نفسه بمنشفةٍ سوداء وهو شارد الذهن ... متعب القلب ....
لم يكن مرآها اليوم بالشيء المناسب له أبدا ....
هذا و كأنه قد رأى منها شيئا !!! ....
بلى .... لقد رآى منها عينيها !! ........
تأفف ليث وهو يرمي المقص الذي كان ينوي تهذيب لحيته به ... و ظل مكانه ناظرا الى نفسه في المرآة طويلا قبل أن يقول بخفوت
( تبا لذلك يا ليث ...... لقد شاب جانبي شعرك و أنت لا تزال تفكر في غرام المراهقة !! .... )
اتجه الى فراشه فارتمى عليه بحجمه الضخم مما جعل الأعمدة تهتز بقوةٍ وهو ينظر الى السقف متأملا بملامح جامدة لمحاتٍ من الماضي .... خانه عقله و قلبه ليرسمانها له في بضعة لحظات من الحرية ...
و استنشاق عبير جمالٍ حرم منه منذ زمن بعيد ....
ضاقت عيناه و قال بصوتٍ عميق
( من تخدع يا ليث !! ..... ربما كانت هي مراهقة .... لكن أنت كنت رجلا تقارب الثلاثين من عمرك ... أي انه عشق مع سبق الإصرار و الترصد ..... )
مرآها و هي تكبر أمامه عاما بعد عام .....
لتتألق بصورةٍ جعلت منها فخر العائلتين معا .......
سوار العسل كما يحب أن يلقبها .....
فارسة السلاح .... و ليست فارسة الخيل .....
كان دائما يرفض ان ركوبها الخيل .... كان يغار عليها من نفسه .....
كانت بهية الشكل ... بشكلٍ يثير الجنون ....
كان دائم الغضب عليها ... كثير الأوامر ..... و هي ذات روحٍ نافرة ذات كبرياء خاص لا تقبل بالكثير من الأوامر ,,,
و مع ذلك كانت تطيعه ....
كانت تمنحه مكانة اقرب الى العم أو حتى الأب ....
وضع ليث ذراعيه تحت رأسه و ضاقت عيناه بألم و هو يهمس بخفوت
( لو كنت أعلم أنكِ ستضيعين مني بهذه السرعة لما أغضبتك أبدا ........ يا سوار العسل )
أغمض عينيه وهو يحاول جاهدا ابعاد صورتها عن مخيلته ....
الا أن جمالها كان اكبر من أن يسمح له بذلك ....
منذ صارت صبية وهو لم يرى منها سوى وجهها فقط ....
و كان هذا اكثر من كافٍ كي يسقط صريع هواها .... على الرغم من أنها تصغره بعشر سنواتٍ كاملة ....
نعم كانت فارسة ... و من يستطيع أن يقاوم الوقوع بغرام فارسة !! ....
أظلمت عيناه بحزنٍ دفين ... و همس وهو يبتسم باستياء
( بالله عليك يا ليث ....... لو علم من حولك أنك تمتلك قلبا عاشقا لم يخسر حبه منذ عشر سنواتٍ كاملة لفقدوا احترامهم لك ...... )
بهتت ابتسامته حتى اختفت تماما ....
لقد طالت به الليالي التي كان يدعو فيها الله أن يخلص قلبه من ذلك العشق القوي ....
لكن الله لم يأذن بعد .... و تظل سوار تحتل أحلامه نوما و يقظة ....
فإن كان يسيطر على أحلام اليقظة بكل قوته .... فأحلام المنام كانت تخونه ....
و تظهر له سوار بديعة الحسن و الدلال ... بشعرٍ يطير من حولها و عباءة من الحرير تجعل منها أميرة ....
و يدها دائما كانت ممتدة اليه ..... بكل الاحلام .... بينما الإبتسامة تزين ثغرها و تزيدها بهاءا ....
أغمض عينيه بألم .....
عيناها اليوم كانتا تبتسمان .... كانت سعيدة راضية ....
و عليه أن يكون سعيدا من أجلها ....
لو كان أحبها فعلا بصدق يوما ما .... عليه أن يكون سعيدا من أجلها ......
لكن ضعفه البشري كان يجعل من ألمه .. جرحا محرقا ,مزعجا خلال السنوات الطويلة .....
كان يعلم علم اليقين أنها لم تحب سليم يوما ....
كان بالنسبة لها مجرد أخ .... وسليم كذلك لم يفكر بها كحبيبة أبدا ....كان يراها كأخته الصغرى ....
و هذا هو ما كان يخادع به نفسه ....
لكن اي رجل يظل ينظر الى سوار كأخته بعد أن يغلق عليهما باب واحد ؟!!! ....
ظل هذا السؤال معلقا في ذهنه طويلا .... طاعنا قلبه في مقتل ....
وجد أن قبضته قد انضمت و ضربت السرير فجأة بغضب وهو يتذكر كيف سلبوها منه ببساطة !! ...\
و هو من أجل مصلحة العائلتين لم يبادر بالإقتحام و خطفها منهم و الهرب بها ....
يومها كان يقارب الثلاثين من عمره .... و قد طال به الإنتظار الى أن تنتهي من دراستها ....
لكن الخوف أن يسبقه راجح كان يسيطر عليه ككابوس مفزع كل ليلة ...
الى أن حزم أمره و ذهب بمفرده ... الى سليمان الرافعي ....
لا يزال يتذكر جلسته ذات الهيبة و السلطة .... ابتسامته المهيبة و نظرته المدققة و كأنه يحاول قراءة من يجلس أمامه بدقة ....
لا يزال يتذكر أنه فتح الكلام مباشرة دون أي مقدمات أو مجاملة ....
فقد قال بكل ثقة و قوة
( لقد جئت لطلب يد سوار ابنة عمتي للزواج يا حاج سليمان ........ )
نظر اليه سليمان طويلا بصمت .... لم تهتز به عضلة واحدة ....
بل ضاقت عيناه قليلا فقط ... و ساد صمت مقلق .... قبل أن يقول سليمان بهدوء وهو يمسك بعصاه بقوة
( و لماذا أتيت بمفردك يا ليث ؟!! .... شاب مهذب و معروف عنه الخلق المحمود .... أنتظر منه أن يتبع الأصول و يحضر معه كبار عائلته احتراما لقيمة عائلة العروس .... خاصة لو كانت عائلة لها قدرها كعائلة الرافعي .... )
لم يهتز ليث في مقعده على الرغم انه كان في تلك اللحظة يواجه أصعب اختبارا في حياته كلها ....
اختبارا قد يحكم على قلبه بالحياة ..... أو الموت ....
لكنه رد بهدوء و ثقة متوارثة لديه من آباءه و أجداده
( فكرت أن آتي بمفردي أولا يا حاج سليمان لأسمع رأيك قبل أن أعرض كبار عائلتي و قبيلتي للحرج ... )
أطرق سليمان بوجهه مفكرا وهو يضرب الأرض بعصاه برفق .... قبل أن يرفع عينيه الى عيني ليث ليقول بهدوء
( ما الذي يجعل شابا من عائلة عريقة .... يتوقع الحرج لكبار عائلته عند التقدم للزواج من ابنة عائلة كبيرة أخرى ؟!!! ..... الا لو كان هناك سببا يمنع هذا الزواج !! ..... )
تجمدت ملامح ليث .... لكنه بقى على جلسته المهذبة .... دون أن يفقد وقاره ....
لكن قلبه كان يحارب في تلك اللحظة من أجل البقاء ....
فقال بأدب
( و هل هناك ما يمنع زواجي من سوار يا حاج سليمان ؟!! ........ )
ابتسم سليمان برفق وهو يقول
( لطالما عرفت عنك الدهاء يا ليث الهلالي .... فلا تحاول تغيير نظرتي لك يا ولدي ..... )
الا أن ليث لم يتراجع ... على الرغم من انقباض قلبه المؤلم و الذي لا يزال يشعر بألمه حتى الآن .....
فقال بهدوء و ثقة
( و مع ذلك أفضل السماع منك يا حاج سليمان .... سببا مقنعا لرفضي ... )
رفع سليمان اصبعيه وهو يقول بهدوء مماثل
( حسنا يا ليث , طالما ترغب في السماع .... سببين كلاهما اقوى من الآخر و يجلب الكوارث ....
أولا هناك ثأر دم قديم بين العائلتين ... فقدنا فيه زهرة الشباب عندنا و عندكم .... الى أن أنهيناه و الحمد لله بعد جهد مرير بزواج عمتك وهدة من ولدي غانم ..... و حلت الى دارنا و زادته فرحا و اصبحت كواحدة من بناتي ..... لا أنكر أنها أصبحت بهجة قلبي والله العالم ..... لكن اعادة الزواج بين العائلتين مجددا ليس مبررا ... خاصة .... خاصة ..... و هذا يقودنا الى السبب الثاني ...
وهو أن سوار لم تعدم ولدي عميها بعد , كي تتزوج من رجلٍ من عائلة غريبة ... عائلة بيننا و بينهم ثأر دم قديم !!! ..... )
ضاقت عينا ليث بألم ... و غضب .... و تحفز ....و خوف ...
إنها المرة الأولى التي يشعر فيها بالخوف , لا يزال طعمه في حلقه مرا كالعلقم حتى يومه هذا ...
الا انه كان متوقعا لهذا تماما .... و كان يعلم ان الحرب امامه طويلة ....
لذا قال بهدوء يحمل التصميم و الإصرار
( أنا لست من عائلة غريبة يا حاج سليمان .... سوار تكون ابنة عمتي .... )
قال الحاج سليمان بهدوء مماثل و بنبرة تحدي الثقة و الإصرار ...
( لكنك لست الأولى بها ..... أنت هلالي .... و هي مكتوبة عليها أن تكون زوجة لرافعي من قبيلتها .... )
كانا كجبلين يتناطحان .... على الرغم من فارق السن ....
ليث يمنح الإحساس بالهيبة لمن يجلس أمامه .... تماما كالحاج سليمان
و كلاهما لا يستسلم ابدا .....
فقال ليث رافعا ذقنه بقوة
( و ماذا عن الأجدر بها يا حاج ؟!! ......... )
ارتفع حاجبي سليمان بدهشة و برقت عيناه غضبا ... الا أنه قال بهدوء دون أن يفقد أعصابه
( أتهين أبناء أبنائي في وجودي و في داري يا ليث ؟!! .... و تدعي أنهما ليسا الأجدر ببنات أعمامهم ؟!!! .... )
ضاقت عينا ليث وهو يقول ببطىء ... يخوض في أرضٍ حذرة
( واحد منهما ليس الأجدر بها يا حاج ....... و أنت تعلم ذلك في قرارة نفسك .... )
نهض سليمان بقوة وهو يضرب الأرض بعصاه منهيا الحديث ....
( كفى يا ليث .... احترامي لشخصك لا يسمح لك بهذا التجاوز ...... )
الا أن ليث نهض هو الآخر ليقول بهدوء و ثقة شديدين
( لا أتجاوز معك يا حاج ... قدرك على رأسي , أكلمك بصراحة لأنني أعرف مقدار حبك لسوار .... الكمال لله واحده يا حاج و كل عائلة بها الأصلح كما بها العكس .... فهل ترضى لها الأذى ؟!! .... انها ابنة عمتى ... هي غالية لدي و ابنة غالية .... و أنا لا أزكي نفسي , لكنني الأجدر بها .... سأحافظ عليها كجوهرة لم تراها عين قط .... سأرعاها بنفسي .... لن ألمس امرأة غيرها حتى في الحلال ... ستكون ام اولادي الوحيدة .... و ستزين داري كما زينت وهدة الهلالي دارك ...... )
استدار سليمان عن ليث و هو ينظر الى البعيد بوجهٍ متباعد .....
فقال ليث عله يكون قد مس قلبه ....
( تعرفني منذ طفولتي يا حاج ... الا تراني الأجدر بها ؟!! .... أنا سأرتضي جوابك الصريح بشخصي .... )
قال سليمان بهدوء
( شخصك لا غبار عليه يا ليث ..... لكنك تريد فتح ابوابا من الجحيم بين العائلتين من جديد .... الزواج الأول كان ليجفف أنهار الدم .... أما الزواج الثاني فسيجددها .... و أنا لن أسمح بذلك .... بعكس ما تعتقده , فأنا لست الحاكم الوحيد هنا ....كل رجال العائلة لن يقبلون بهذه الزيجة التي لا مبرر لها خاصة و أنا لها ابني عمين ....... )
قال ليث بقوة و اصرار
( و ماذا لو كانت تلك الزيجة لها مبرر قوي ..... على الأقل بالنسبة لي .... )
كان المعنى واضحا ... لا يحتاج لسؤال , فلم يسمح له سليمان بنطقها ...
لذا قال بصوتٍ غامض
( أرى أنه بات من الأصول الا تختلط بسوار أكثر من هذا يا ليث ...... )
ارتفع وجه ليث المجفل .... و حينها علم أن سليمان الرافعي قد وقع على أوراق الحكم بإعدام قلبه .....
أغمض ليث عينيه وهو مستلقيا على سريره ...
يتذكر يوما من أكثر أيام حياته ايلاما ....
و يتذكر يوما بعدها ....
ذلك اليوم الذي هاتفها به و طلب منها ان تقابله لأمرٍ هام .....
فأتت اليه في الموعد ... عند المنحدر المطل على سفح الجبل الأخضر ....
كانت تقترب من بعيد متهادية ... تحمل طرف عبائتها السوداء الحريرية الفضفاضة ....
تغطي وجهها كما يأمرها دائما .... لكن عينيها العسليتين ظاهرتين له ... تبتسمان بوضوح ....
تنهد ليث وهو يدرك من ابتسامتها أن سليمان الرافعي لم يفاتحها في شيء و لم يمنعها من مقابلته بعد .....
كانت أمامه فرصة واحدة أخيرة .....
ما أن وصلت اليه حتى قالت بصوتها القوي الجميل
( السلام عليكم يا سيد الشباب .... ما سر هذا الموعد الغامض ؟؟ ...... )
كان جمال عينيها المبتسمتين يكاد ان يوقف قلبه .... لكن ملامحه كانت هادئة وقورة وهو يقول بخفوت لا يناسب ما بقلبه في تلك اللحظة
( سوار ......... )
ردت عليه مبتسمة بعفوية
( نعم .......... )
نظر الى عينيها الضاحكتين برقي فطري .... ثم قال بمنتهى الهدوء
( أنا أحبك ....... )
للحظات راقب تعاقب التغيير الطفيف جدا على عينيها ... فهما لم تتغيران ثم اتسعتا بضحكةٍ حائرة ...
قبل أن ينعقد حاجبيها قليلا ... ثم اتسعت عيناها على اقصى درجة حتى بديتا كقمرين تامين الاستدارة ...
و حينها اختار الوشاح ان يطير عن وجهها بفعل النسيم البارد ...
فكشف عن شفتيها الفاغرتين بذهول ... لم يقلل من جمالهما ...
فتابع ليث بخشونة و قوة .... كمن يطالب بحقه
( أريدك أن تكوني زوجتي ..... اردتك زوجتي منذ سنواتٍ طويلة ...... )
كانت تتراجع بذهول و هي غير قادرة حتى على اغلاق فمها ....
الا أنها همست بغباء ... غير مستوعبة
( كيف ...... متى ..... من تريد أن تتزوج ؟!!! ...... )
اقترب منها خطوة و عينيه بعينيها دون أن يخجل أو يضطرب
( كيف ؟!! .... كيف يحتل الشروق لحظات الظلام الأخيرة , فينتشر بها ... مبددا قتامتها ليضيء الكون بشعاعٍ ذهبي وردي ... يلامس ورود الصباح و يقبلها بقطراتٍ من الندى ...... )
اتسعت عيناها اكثر و اكثر ... فتابع يقول بصوتٍ اكثر جدية
( متى ؟!! ...... منذ أن امتلك ساعدك الرقيق بعض القوة للإمساك بالسلاح ... فامتلك زمام قلبي قبله ..... )
شهقت دون صوت و هي تشعر بالدور ... الا أنه جاوب السؤال الأخير فقال بهدوء
( و أريد أن أتزوجك انتِ ...... هل من اسئلة أخرى ؟!! ...... )
كان معروفا عنها الذكاء في مرحلةٍ ما من حياتها ... أما في تلك اللحظة فقد بدت تشكل الغباء في كل صوره ....
ثم رفعت يدا مرتجفة الى صدرها ... و همست ما أن وجدت صوتها
( تتزوجني .... أنا ؟!! ........ ليث هل أنت جاد ؟!! ..... )
انعقد حاجبيه و قال بجدية
( و هل مزحت معك من قبل يا فتاة ؟!! ........ )
ابتلعت ريقها و همست بتلعثم
( لكنك تتكلم بجدية .... بجدية شديدة ؟!! ...... )
ازداد انعقاد حاجبيه و قال بحيرة
( ظننت الأمر يتطلب الجدية ......... )
ارتعشت شفتيها و هي تنظر أرضا بوجه أحمر .... قبل أن تعاود رفع وجهها اليه لتقول بارتباك و حياء جديدين تماما
( أنت ...... لم تغازلني يوما .... لم تظهر مشاعرك أبدا .... حتى الآن تبدو كم يقر أمرا واقعا .... دون حتى ابتسامة ..... )
قال ليث بقوة
( لم أدرك أن الغباء صفة من صفاتك يا سوار العسل .... كم مرة طلبت منكِ عدم كشف وجهك ؟!! .... لأن جماله يفتنني قبل الجميع ...... )
سحبت نفسا يائسا .... متحشرجا قبل أن تقول بصوتٍ مختنق
( لم تصغها بتلك الصورة من قبل ...... )
الا أنه لم يسمع اعتراضها اليائس ... بل تابع بقوة أكبر
( و نعم أنت محقة .... أنا أقر أمرا واقعا ... إنه الأمر الواقع الوحيد الذي أقره .... حبك بالنسبة لي واقعا و ليس حلما .... )
رفعت يدها الى جبهتها فجأة و هي تقول
( أشعر بالدوار ......... )
سارع ليث بالإمساك بها قبل أن تقع .... و كأن تيارا غريبا قد سرى بينهما
فشهقت سوار بصدمة .... أما ليث فتركها على الفور مصدوما مثلها ...
فسقطت أرضا و هي لا تزال تنظر اليه بذهول !! .....
ابتعد عنها ليث وهو يتنفس بسرعة ... محاولا السيطرة على انفعاله .... و على رغبته العنيفة في اسكات شهقاتها المذهولة تلك .... بينما هي لا تزال جالسة خلفه على الأرض ....
الا أنها تكلمت أخيرا لتقول بخفوت ضائع
( لماذا لم تقل شيئا من قبل يا ليث ؟!! ...... اي شيء !! .... )
أغمض عينيه و هو لا يجد الرد المناسب كي لا يجرحها .... الى ان قال أخيرا بهدوء قاتم
( من تظنين أنكِ متعلقة به .... لا يستحقك يا سوار ...... )
حينها صدرت عنها صيحة استنكار و هي تقفز واقفة لتهتف بصدمة
( ماذا تقول ؟!!! ......... )
استدار اليها بعنف وهو يهتف بها بقوة و صرامة
( لا تتزوجي راجح يا سوار ...... ستندمين عمرك كله ...... )
كان يرى ذهولها بعينين متألمتين .... ثم قال بهدوء متعب
( تزوجيني ............ و أعدك أن أنسيكِ أي ظلٍ لرجلٍ غيري ...... )
رفعت يدها المرتجفة الى فمها و مالت عينيها بعدم تصديق و هي تهز رأسها علها تتخلص من الدوار المحيط بها ....
ثم همست بخفوت
( ليث أنا ......... لست .... لم أكن أعرف أنك ........ )
اقترب منها و قال بقوة
( اقبلي الزواج مني و أنا سأتكفل بالباقي .......... سأهتم بقلبك الغبي هذا و أعقله .... )
ارتفع حاجباها ... و احمرت وجنتيها .... قبل ان تفلت منها ضحكة يائسة غبية ...
لكنها سرعان ما تبخرت و هي تقول بخفوت
( ليث ...... لقد قطعت وعدا ل ..... لراجح ..... وعدني أن يتغير للأفضل و أنا أعطيته وعدي ...هو ابن عمي و الجميع يتوقعون زواجنا ..... لم أكن أعلم أنك ..... )
كان يتنفس بقوة و عيناه تصرخان بها أن تتوقف ... فهدر بها فجأة
( هل تحبينه ؟!!! ............ )
ابتعدت عنه خطوة .... و هي تنظر اليه بعينين ساكنتين من العسل ...
فهدر بها مجددا
( هل تفعلين ؟؟ ..... هل تحبينه ؟؟؟ ........ )
أطرقت بوجهها .... و بهدوء خافت قالت بشجاعة
( نعم ..... نعم أحببته منذ سنوات , لم يكن ذلك بيدي .....و سأتزوجه هو , فهو سبقك و لا يحق لك أن تخطبني بعد خطبته لي ...... )
.................................................. .................................................. ......................
نزلت تيماء من غرفتها بعد أن شعرت بالإحتجاز فيها لدرجة الاختناق ...
فقررت التحرر أخيرا ... علها تهدأ قليلا و تستجمع قواها كي تتمكن من احتمال مشقة السفر ...
و الأهم هو التحرر من سلطان قاصي عليها .....
سمعت صوتا يقول من خلفها
( صباح الخير يا قاتلة الفئران ...... كيف حال عروس المستقبل ؟؟ .... )
استدارت تيماء لتنظر الى فريد الذي كان كعادته يتناول احدى أعواد البقسماط .....
فقالت بهدوء و هي تنظر اليه
( الا تتوقف عن أكل تلك الأعواد ؟!! ........ أشك أن معدتك قد تحولت الى عش عصافير .... )
عبس فريد وهو يقول ببساطة
( أعشاش العصافير تلك مكانها في عقلك فقط ...... )
قالت تيماء و هي تتنهد

( أنت حقا أكثر طبيب مستفز أراه في حياتي كلها ....... )

ابتسم فريد و افترس قطعة أخرى قبل أن يقول بهدوء
( معقدة من الأطباء ..... اليس كذلك ؟!!! ....... )
استدارت تيماء مبتعدة عنه دون أن ترد ..... فلحقها ليقول ببساطة
( لا تحزني لأنك لم تتمكني من دخولها ..... إنها كلية تحتاج الى مهاراتٍ عقلية خاصة و قدراتٍ فائقة ... هوني على نفسك .... )
لم ترد عليه تيماء .... بل ظلت تسير مسرعة الخطى بينما هو يلحقها بصبر , ثم قال بهدوء
( كما أنها تحتاج الى أعصابٍ من حديد .... تخيلي دخولك المشرحة في عامك الدراسي الاول .... )
توقفت تيماء مكانها و هي تكتف ذراعيها ....تنظر الى البعيد قبل أن تقول شاردة دون أن تستدير اليه
( على فكرة قبل أن تتفاخر أكثر .. لقد حضرت معظم العام الأول بكلية الطب ... و دخلت المشرحة .. )
عقد فريد حاجبيه ليقول محتارا
( و كيف كان ذلك ؟!! .......... )
هزت تيماء كتفيها و هي تقول بفتور
( كنت طالبة بكلية الطب .......... لكنني خرجت منها و غيرت مجال دراستي كلها .... )



انتهى النصف الاول من الفصل الخامس ... و اعتذر بسبب ظروف بنتي





























tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 27-02-16, 11:41 PM   #2477

روح هاربة

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية روح هاربة

? العضوٌ??? » 343253
?  التسِجيلٌ » May 2015
? مشَارَ?اتْي » 2,479
?  نُقآطِيْ » روح هاربة has a reputation beyond reputeروح هاربة has a reputation beyond reputeروح هاربة has a reputation beyond reputeروح هاربة has a reputation beyond reputeروح هاربة has a reputation beyond reputeروح هاربة has a reputation beyond reputeروح هاربة has a reputation beyond reputeروح هاربة has a reputation beyond reputeروح هاربة has a reputation beyond reputeروح هاربة has a reputation beyond reputeروح هاربة has a reputation beyond repute
افتراضي

سلامت بنتك الله يحميها ..الكسر مو هين أن شاء الله تصير احسن

روح هاربة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-02-16, 11:42 PM   #2478

اسفة

مراقبة،مشرفة عالمي..خيالي,الوثائقية،البحوث والمعلومات،روايتي كافيه،(قاصة ولؤلؤة ألتراس،لغوية،حارسة السراديب، راوي)،نشيطة،تسالي،متألقةومحررة جريدة الأدبي، صحافية فلفل حار،كاتبة عبير alkap ~

 
الصورة الرمزية اسفة

? العضوٌ??? » 110863
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 47,605
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسفة has a reputation beyond reputeاسفة has a reputation beyond reputeاسفة has a reputation beyond reputeاسفة has a reputation beyond reputeاسفة has a reputation beyond reputeاسفة has a reputation beyond reputeاسفة has a reputation beyond reputeاسفة has a reputation beyond reputeاسفة has a reputation beyond reputeاسفة has a reputation beyond reputeاسفة has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك fox
?? ??? ~
دورى يادنياكماتشائين وأرفعي من تشائين وأخفضى من تشائين لكنك أبدالن تغيري من الحقائق ولا من المثاليات الصحيحة أو الأفكار السليمة التى تؤكدلنادائما إن الأهداف المشروعة فى الحياة لا بدمنالسعي إليها بوسائل شريفةوأن ما نحققه بغيرهذه الوسائل لا يحقق لنا أبدا
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة tamima nabil مشاهدة المشاركة
مسا الورد يا سكاكر ... أنا حنزل اليوم نصف فصل ... معلش بنتي وقعت و ذراعها اتكسر ... و كنت لم اكمل النصف الثاني بعد

جاري التنزيل حالا

لاحول ولا قوة إلا بالله سلامتها تيميز الف سلامة
كفاية الخضة
الله يعينك
أجر وعافية حبتى ربنا يحفظها لك




اسفة غير متواجد حالياً  
التوقيع


رد مع اقتباس
قديم 28-02-16, 12:00 AM   #2479

asma.alg
 
الصورة الرمزية asma.alg

? العضوٌ??? » 354073
?  التسِجيلٌ » Sep 2015
? مشَارَ?اتْي » 144
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » asma.alg has a reputation beyond reputeasma.alg has a reputation beyond reputeasma.alg has a reputation beyond reputeasma.alg has a reputation beyond reputeasma.alg has a reputation beyond reputeasma.alg has a reputation beyond reputeasma.alg has a reputation beyond reputeasma.alg has a reputation beyond reputeasma.alg has a reputation beyond reputeasma.alg has a reputation beyond reputeasma.alg has a reputation beyond repute
¬» قناتك max
افتراضي

سلاامم

يا الله الله يشفيها لبنتك ويعافيها


قرات الجزء الاول من الفصل والثاني بكرا ان شاء الله نعست كتيييييير


asma.alg غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 28-02-16, 12:02 AM   #2480

يا من تحب

? العضوٌ??? » 359153
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 177
?  نُقآطِيْ » يا من تحب is on a distinguished road
افتراضي

Well finally the new part is here, but I feel I am going to read again the whole story because I am kind of forget what was happening,so I will read that later when I was free in order for me to be more involved and focused.. I am serious this the last I will read incomplete novel ... keep going I support you with all my heart although I knew that you do not need me for that , but anyway good luck

يا من تحب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:52 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.