آخر 10 مشاركات
مابين الحب والعقاب (6)للرائعة: مورا أسامة *إعادة تنزيل من المقدمة إلى ف5* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          499 - أكثر من حلم أقل من حب -لين غراهام - أحلام جديدة جديدة (الكاتـب : Just Faith - )           »          انتقام النمر الأسود (13) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          قيود الندم -مارغريت بارغيتر -ع.ج-عدد ممتاز(كتابة/كاملة)** (الكاتـب : Just Faith - )           »          حياتي احترقت - فيفيان لي - ع.ج ( كتابة / كاملة )** (الكاتـب : عروس القمر - )           »          32 - ليلة ثم النسيان - باني جوردان عبير الجديدة (كتابة /كاملة **) (الكاتـب : dalia cool - )           »          202- لن تعيده الاشواق - لي ويلكنسون (الكاتـب : Gege86 - )           »          شيء من الندم ..* متميزه و مكتملة * (الكاتـب : هند صابر - )           »          سارق قلبي (51) -رواية غربية- للكاتبتين: وجع الكلمات & ولقد أنقذني روميو *مكتملة* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          في قلب الشاعر (5) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: من هو اكثر ثنائي نجح في جذب انتباهكم بقصتهم
قاصي و تيماء 2,117 58.56%
مسك و امجد 737 20.39%
ليث و سوار 761 21.05%
المصوتون: 3615. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree999Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-04-16, 11:36 PM   #3731

maha_1966

? العضوٌ??? » 212634
?  التسِجيلٌ » Nov 2011
? مشَارَ?اتْي » 522
?  نُقآطِيْ » maha_1966 has a reputation beyond reputemaha_1966 has a reputation beyond reputemaha_1966 has a reputation beyond reputemaha_1966 has a reputation beyond reputemaha_1966 has a reputation beyond reputemaha_1966 has a reputation beyond reputemaha_1966 has a reputation beyond reputemaha_1966 has a reputation beyond reputemaha_1966 has a reputation beyond reputemaha_1966 has a reputation beyond reputemaha_1966 has a reputation beyond repute
افتراضي


تسجيل حضووووووووووووووووووووووو ووووووووووور

maha_1966 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-04-16, 11:39 PM   #3732

ريناد السيد
 
الصورة الرمزية ريناد السيد

? العضوٌ??? » 302634
?  التسِجيلٌ » Aug 2013
? مشَارَ?اتْي » 837
?  مُ?إني » ميلانو
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ريناد السيد is on a distinguished road
¬» مشروبك   fanta
¬» قناتك action
?? ??? ~
الحياه كذبه كبيره
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

‏ريناد السيد, ‏R..*, ‏nourah, ‏hanene**, ‏JOURI05101, ‏يمنى اياد, ‏Ana Yoya, ‏nouhailanouha, ‏KHAD.A, ‏حياة زوجية, ‏يا من تحب, ‏emanmostafa, ‏شوشو العالم, ‏زالاتان, ‏ثمرو, ‏sonal, ‏سوما, ‏زهرة الاوركيدة, ‏amiraa22bk, ‏رحيل الامل, ‏ALana, ‏المثقفة الصغيرة, ‏totoranosh, ‏last hope, ‏دمعه نسيان, ‏ebti, ‏الطاف ام ملك, ‏اجمل غموض, ‏kokisemsem, ‏angle2008, ‏Ellaaf, ‏maha_1966, ‏Riarika, ‏الشعر الاسود, ‏كلي اناقه, ‏جميلة الجميلات, ‏maimickey, ‏ana sara, ‏rontii, ‏زهرة مغتربة, ‏dalia mostafa, ‏حنين مريم, ‏بنتن ل محمد, ‏escape, ‏مسره الجوريه, ‏ghader, ‏همسات حب, ‏البيضاء, ‏Fay~, ‏نهى حسام, ‏طفول, ‏موج البحر33, ‏umryum, ‏meryamaaa, ‏omniakilany, ‏نداء الحق, ‏هبه رمضان, ‏حووووووور, ‏Electron, ‏sajanody, ‏butter fly, ‏Roro adam, ‏نوت2009, ‏sara-khawla, ‏Alzeer78, ‏لما سعيد, ‏Hams3, ‏Monaelsaed, ‏نور الضى, ‏بريق العابرين, ‏غروري مصدره أهلي, ‏REEM HASSAN, ‏انجوانا, ‏سارقة الظلام, ‏Whispers, ‏Dodo Diab, ‏angela11, ‏hussin ali, ‏ايه الشرقاوي, ‏اريج البنفسج, ‏ولاء محمد قاسم, ‏fatma ahmad, ‏starmoon, ‏منيتي رضاك, ‏الشوق والحب, ‏شاهندا 14, ‏حور الجنان, ‏zezeabedanaby, ‏luz del sol, ‏عاشقة الحرف, ‏soe, ‏ماما تلي, ‏لولة العسولة, ‏maryema, ‏tamima nabil, ‏كيوانو, ‏khadibima 52, ‏ons_ons, ‏mona_90, ‏كبرياء امراة, ‏خضره, ‏safy mostafa, ‏doaapakr, ‏شكرإن, ‏jinin, ‏Rivan mohammad, ‏ام هنا, ‏jene, ‏Mememoon, ‏11Sozan, ‏toka saltah, ‏الصقر الصقر, ‏مهرة..!, ‏قلب السكر, ‏سمااااا, ‏Nora28, ‏ebrU, ‏intissar2, ‏عيون1, ‏همسات المطر, ‏thebluestar, ‏شيزكيك, ‏soumati, ‏AYOYAAA, ‏egyptian and proud, ‏najla1982, ‏ريهان احمد, ‏deegoo, ‏NOOR ALKHFAF, ‏khma44, ‏No problem, ‏noran assal, ‏لاار, ‏sweethoney, ‏Maryam haji, ‏engasmaamekawy, ‏عماد52, ‏حنان ياسمين, ‏ghdzo, ‏شيمو عصام, ‏basmati, ‏ام لينووو@, ‏طوطه, ‏ياسمين على احمد, ‏just dreem, ‏دادا, ‏فاطمه توتي, ‏sasad, ‏smeha, ‏nada alaa, ‏dallou3a, ‏أسماء44, ‏hawa500, ‏حائرة انا, ‏غيدائي, ‏ayman_barya, ‏sama2_egypt, ‏Engineer Esraa, ‏Light dream, ‏الوية احمد علي, ‏رياح النصر, ‏mero86, ‏تلوشه, ‏ندى سلام, ‏Souriana, ‏Rose Smile, ‏lamia57, ‏almaas muhamed, ‏كتكوته زعلانه, ‏لؤلؤةأبوها, ‏gogo3046, ‏سومة111, ‏القمر الفيروزي, ‏لين الورد 25, ‏دعاء 99, ‏شذى حسام, ‏sara osama, ‏samome

ريناد السيد غير متواجد حالياً  
التوقيع
RENAD
رد مع اقتباس
قديم 02-04-16, 11:40 PM   #3733

ريناد السيد
 
الصورة الرمزية ريناد السيد

? العضوٌ??? » 302634
?  التسِجيلٌ » Aug 2013
? مشَارَ?اتْي » 837
?  مُ?إني » ميلانو
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ريناد السيد is on a distinguished road
¬» مشروبك   fanta
¬» قناتك action
?? ??? ~
الحياه كذبه كبيره
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 238 ( الأعضاء 183 والزوار 55)
‏ريناد السيد, ‏R..*, ‏nourah, ‏hanene**, ‏JOURI05101, ‏يمنى اياد, ‏Ana Yoya, ‏nouhailanouha, ‏KHAD.A, ‏حياة زوجية, ‏يا من تحب, ‏emanmostafa, ‏شوشو العالم, ‏زالاتان, ‏ثمرو, ‏sonal, ‏سوما, ‏زهرة الاوركيدة, ‏amiraa22bk, ‏رحيل الامل, ‏ALana, ‏المثقفة الصغيرة, ‏totoranosh, ‏last hope, ‏دمعه نسيان, ‏ebti, ‏الطاف ام ملك, ‏اجمل غموض, ‏kokisemsem, ‏angle2008, ‏Ellaaf, ‏maha_1966, ‏Riarika, ‏الشعر الاسود, ‏كلي اناقه, ‏جميلة الجميلات, ‏maimickey, ‏ana sara, ‏rontii, ‏زهرة مغتربة, ‏dalia mostafa, ‏حنين مريم, ‏بنتن ل محمد, ‏escape, ‏مسره الجوريه, ‏ghader, ‏همسات حب, ‏البيضاء, ‏Fay~, ‏نهى حسام, ‏طفول, ‏موج البحر33, ‏umryum, ‏meryamaaa, ‏omniakilany, ‏نداء الحق, ‏هبه رمضان, ‏حووووووور, ‏Electron, ‏sajanody, ‏butter fly, ‏Roro adam, ‏نوت2009, ‏sara-khawla, ‏Alzeer78, ‏لما سعيد, ‏Hams3, ‏Monaelsaed, ‏نور الضى, ‏بريق العابرين, ‏غروري مصدره أهلي, ‏REEM HASSAN, ‏انجوانا, ‏سارقة الظلام, ‏Whispers, ‏Dodo Diab, ‏angela11, ‏hussin ali, ‏ايه الشرقاوي, ‏اريج البنفسج, ‏ولاء محمد قاسم, ‏fatma ahmad, ‏starmoon, ‏منيتي رضاك, ‏الشوق والحب, ‏شاهندا 14, ‏حور الجنان, ‏zezeabedanaby, ‏luz del sol, ‏عاشقة الحرف, ‏soe, ‏ماما تلي, ‏لولة العسولة, ‏maryema, ‏tamima nabil, ‏كيوانو, ‏khadibima 52, ‏ons_ons, ‏mona_90, ‏كبرياء امراة, ‏خضره, ‏safy mostafa, ‏doaapakr, ‏شكرإن, ‏jinin, ‏Rivan mohammad, ‏ام هنا, ‏jene, ‏Mememoon, ‏11Sozan, ‏toka saltah, ‏الصقر الصقر, ‏مهرة..!, ‏قلب السكر, ‏سمااااا, ‏Nora28, ‏ebrU, ‏intissar2, ‏عيون1, ‏همسات المطر, ‏thebluestar, ‏شيزكيك, ‏soumati, ‏AYOYAAA, ‏egyptian and proud, ‏najla1982, ‏ريهان احمد, ‏deegoo, ‏NOOR ALKHFAF, ‏khma44, ‏No problem, ‏noran assal, ‏لاار, ‏sweethoney, ‏Maryam haji, ‏engasmaamekawy, ‏عماد52, ‏حنان ياسمين, ‏ghdzo, ‏شيمو عصام, ‏basmati, ‏ام لينووو@, ‏طوطه, ‏ياسمين على احمد, ‏just dreem, ‏دادا, ‏فاطمه توتي, ‏sasad, ‏smeha, ‏nada alaa, ‏dallou3a, ‏أسماء44, ‏hawa500, ‏حائرة انا, ‏غيدائي, ‏ayman_barya, ‏sama2_egypt, ‏Engineer Esraa, ‏Light dream, ‏الوية احمد علي, ‏رياح النصر, ‏mero86, ‏تلوشه, ‏ندى سلام, ‏Souriana, ‏Rose Smile, ‏lamia57, ‏almaas muhamed, ‏كتكوته زعلانه, ‏لؤلؤةأبوها, ‏gogo3046, ‏سومة111, ‏القمر الفيروزي, ‏لين الورد 25, ‏دعاء 99, ‏شذى حسام, ‏sara osama, ‏samome


ريناد السيد غير متواجد حالياً  
التوقيع
RENAD
رد مع اقتباس
قديم 02-04-16, 11:41 PM   #3734

يا من تحب

? العضوٌ??? » 359153
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 177
?  نُقآطِيْ » يا من تحب is on a distinguished road
افتراضي

اي والله متنا من النعس ما عم نقدر نفتح عيوننا ،، انا شكلي رح انام

يا من تحب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-04-16, 11:45 PM   #3735

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

مسا الورد يا سكاكر .... أنا حنزل الفصل حالا ..... أرجو الامتناع عن النعليق مؤقتا لأن الفصل طويل جدا و حنزله على 3 مشاركات
esoo As likes this.

tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 02-04-16, 11:46 PM   #3736

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

الفصل التاسع :

( أنا الدكتور أيمن .... استاذها الجامعي و هذه والدتي .... السيدة راقية ...أنت ابن عمها الذي أجابني في الهاتف على ما أظن .. )
ساد صمت قاتل ... و قاصي ينظر اليه بتعابير غريبة .... أخذت تتوهج و تتوهج ... و تشتعل ....
و قد استقرت عيناه على باقة الورد !!!!! .... قبل أن ينهض ببطىء شديد !!!! ......

استطاع أن ينزع عينيه عن الباقة بأعجوبة .... ليمر بهما بتمهل على الرجل الواقف أمامه و كأنه خرج للتو من مجلة لعارضي الازياء ... على الرغم من وقار ما يرتديه ... الا أن كل قطعة كانت تحمل شعارا معروفا ....
صعدت عينا قاصي أخيرا الى وجه الرجل ..... كان حليقا ناعما ... و كأنه لم يعرف الشمس و الشقاء يوما ..... تماما مثل يديه ....
يداه مقلمتي الأظافر و ناعمتين ..... يدي رجل لم يعمل بهما سوى في مجال الحواسب و الأبحاث و الأوراق ....
لم تخدشهما الصخور و الحبال ..... لم تحملا الأثقال أو تروضا الحيوانات ......
وصل قاصي بعينيه لعيني الرجل .... المدعو أيمن ....
نظراته هادئة .... مسالمة برقي .... و تعالي فطري ........ و كأنه يعرف حق قدره جيدا .......

زاد الصمت أكثر من اللازم .... فتوترت والدة أيمن و هي تراقب هذا الغريب الذي يبدو مخيف المنظر ....
رفعت راقية وجهها و همست الى أيمن تهمس بقلق
( ابن عم العروس يبدو غريب الاطوار يا أيمن ..... لماذا يراقبنا بهذا الشكل ؟!! ...... )
رمق أيمن قاصي بنظراته .... كانت بعض الجروح تعلو وجهه .. و قميصه مغبر و احدي ازراره عند الخصر مفقودة .....
أما عينيه فكانتا صامتتين .... غير مقروئتين .... لكنهما كانتا كعيني مختل عقليا يوشك على الإنقضاض عليهما في أي لحظة ....
صدر عن قاصي نفسا خشن الصوت .... و ضاقت عيناه عليهما ...
فتشبست راقية بذراع أيمن و هي تهمس بقلق وخوف
( تراجع للخلف يا ايمن ........ )
ربت أيمن على كفها الممسك بذراعه و قال بخفوت
( لا تقلقي يا أمي ....... ربما كان يعاني من شيء ما ....... )
لكنها لم تهدأ ... و هي تراقب قاصي بعينين خائفتين .... فانتقل نظره اليها فجأة .. حينها تراجعت خطوة و أجبرت أيمن على التراجع و هي تلتقط نفسا متوترا ....
محاولة تجنب عينيه المتفحصتين لها بقوة .... حارقة !! ......
الى أن همس قاصي بصوت خفيض ... مريب
( راقية !! ......... )
نظرت اليه راقية بطرف عينيها ..... بينما قال أيمن بصوتٍ واضح
( نعم السيدة راقية الراوي ....... هل لديك اعتراض على الاسم ؟!!! ....... )
عاد قاصي بنظره الى عيني أيمن و كأنه ارتكب خطأ كبيرا في النطق في تلك اللحظة تحديدا ......
شابا يبدو رياضيا ...... لكنها رياضة راقية كاسم أمه ....
تحافظ على لياقته دون أن تمنحه القوة المحاربة للبقاء حيا .... فجسده لا يقارن بضخامة جسد قاصي .....
أصدرت اسنان قاصي صوت صرير حاد ....
فأخذت راقية نفسا آخر و هي تهمس بقلق
( تراجع يا أيمن ......... هل هو من سكان الجبل أم ماذا ؟ّ!! ...... )
مال أيمن برأسه الى رقية و همس بينما لم تبارح عيناه عيني قاصي الهمجيتين
( لا تقلقي يا أمي ..... ربما كان مريضا نفسيا أو شيء من هذا القبيل .... كل عائلة تحوي العديد من الإبتلائات ....فليشفه الله ..... )
تكلم قاصي بنفس الصوت الخفيض الخطير
( مريض ..... نفسيا ؟!! ...... )
رفعت راقية يدها الى صدرها و همست بنفسٍ متوتر
( ياللهي لقد سمعك ...... حاسة السمع لديه كالذئاب ...... تراجع يا أيمن ..... )
تراجع معها خطوة .... وهو يرفع حاجبا محاولا تفهم هذا الغريب الذي يتفحصه هو و أمه كما لو أنه يوشك على قتلهما ....
حينها تكلم أيمن بحزم وهو يقول منهيا هذا الصمت المريب
( هل تيماء مستيقظة ؟!! ...... نريد الدخول اليها ...... )
اتسعت عينا قاصي و برقت بهما نيران اندلعت فجأة مهددة باحراق المكان وهو يهمس
( تيماء ......... إنها ثاني مرة ......... )
عقد أيمن حاجبيه بعدم فهم ... ثم قال بخفوت
( ما اللذي تقصده بثاني مرة ؟!! ........... )
لم يرد قاصي على الفور وهو ينظر اليه بنظرةٍ كادت أن تحرقه حيا ... ثم قال بمنتهى الهدوء ... هدوء بطيء للغاية
( ثاني مرة تنطق فيها باسم تيماء مجردا ......... )
رفع أيمن ذقنه و قد بدأ يستوعب ببطىء ... قبل أن يقول بلهجةٍ باردة ذات مغزى
( و أنت نطقته مجردا ....... )
ضاقت عينا قاصي بخطورة .... ثم قال
( ليس من الحكمة أن تكرره أمامي .......... صدقني )
رفع أيمن حاجبه ساخرا وهو يقول باستهانة
( و لماذا يا سيد ......... أيا من تكن ..... تيماء تلميذتي .... و لقد ناديت اسمها عدد لا أذكره من المرات !! ...... )
عند هذه النقطة سحب نفسا عميقا و أغمض عينيه وهو يميل برأسه أسفل محاولا أن يسيطر على أعصابه .... الا أن قبضتيه كانتا منقبضتين لدرجة أن ابيضت مفاصل أصابعه بشدة .....
فقالت راقية ترتجف و هي تزيد من التشبث بذراع أيمن
( لا تستفزه يا أيمن ...... إنه غير طبيعي أبدا ........ )
لكن أيمن كان قد وصل الى نهاية صبره من تلك المقابلة الوقحة من ذلك الهمجي .....
فقال بوقاحة مماثلة ...
( لا تقلقي يا أمي ..... لا يمكنه فعل شيء , فقط فليحاول ....... )
ثم نظر الى قاصي قائلا بصوتٍ أعلى قليلا
( ماذا ؟!! ...... أين ذهب تحذيرك ؟!! ...... ألم تسمع اسمها بعد ؟!! .... تيماء ....تيماء ... تيماء سالم الرافعي ....... )
لم يفتح قاصي عينيه ... و لم تهتز عضلة في وجهه ..... لكن عينا أيمن استقرتا على قبضته حيث كان ابهامه يعد عدد المرات التي نطق فيها باسم تيماء .....
ضيق أيمن عينيه وهو يدرك أن الأمر أكبر من مجرد ابن عم رجعي .... لكنه لن يرضخ لهذه الوقاحة أبدا مهما كان شعور هذا الأحمق ...
الا يعرف مع من يتعامل ؟!!! ........
فتح قاصي عينيه أخيرا .... و دون مقدمات أو انتظار لحظة أخرى .....
هجم عليه ليضرب العلبة المغلفة في يده و يسقطها أرضا .... ثم ركلها بقدمه بعيدا .....
صرخت راقية بهلع .. بينما أفاق أيمن من الصدمة و صرخ بغضب وهو يقبض على قميص قاصي
( ماذا تفعل أيها الحقير ؟!! ..... هل جننت ؟!! ... الا تعلم من أنا ؟!! ..... )
الا أن قاصي هو الآخر قبض على قميصه بكلتا قبضتيه و جره ليرطمه بالجدار لينظر الى عينيه بنظراتٍ همجية وهو يهمس من بين اسنانه
( بل أنت الذي لا تعلم من انا .......... و يسرني أن أعلمك .... )
صرخت راقية برعب وهي تحاول جذب قاصي بعيدا عن ابنها دون أن تزحزحه لذرة
( الأمن ..... أين الأمن ...... مجنون .... مختا عقليا هارب من المصح ...... فلينقذنا أحد .... )
حاول أيمن لكم قاصي الا أنه كان أقوى منه و تلقى الضربة على ذراعه ليقبض فجأة على عنقه وهو يهدر
( كم أنا سعيد لأنك منحتني الفرصة لسحق أسنانك و قطع لسانك الذي نطق باسمها ..... )
رفع قبضته عاليا .... و كانت قبضة مرعبة .... منقبضة و بيضاء المفاصل ... بعكس العروق الزرقاء النافرة بباطن معصمه ....
.................................................. .................................................. ....................
قبل دقائق ....
مستلقية بفراشها ... تتلاعب بحافة غطائها الأبيض و هي تحدق في سقف الغرفة بعينين براقتين من الغضب الأزرق اللاهب ....
تشعر بالثورة على الجميع ....
تريد القيام و الصراخ في كل منهم .....
مسك التي خانتها و تركتها .....
جدها الذي يتخيل أن بإمكانه فجأة جعلها حفيدة عائلة الرافعية المفضلة ... بمجرد فرقعة من أصبعيه ...
و الأسوأ هو ارغامها على الزواج من أحد أبناء تلك العائلة ....
اللذين مهما تغربوا و تثقفوا .... الا أنهم يحملون نفس العقلية التي تجعلهم متلهفين للزواج من شابة غريبة لمجرد أنها المفضلة لدى سليمان الرافعي ....

وسالم الرافعي ..... والدها
تلك الكلمة التي تحفر في قلبها نهرا من الدم النازف .....
كانت تظن أنها آتية الى هنا خصيصا كي تتشفى به و تريه ما أصبحت عليه ......
لكن انتهى الأمر بها الى مزيد من الذل و الألم على يديه .....
دون أن يرفع اصبعا واحدا للدفاع عنها .....
و هل كانت تظن أن يفعل ؟!! ..... بعد أن قتلها سابقا ؟!!! .....

و قاصي .........قاصي ......
أغمضت تيماء عينيها بشدة و همست من بين شفتيها المتحجرتين
( أوغاد ......... )
فاجأها صوت سوار و هي تقول بهدوء .....
( أرجو الا أكون من بينهم ..... )
فتحت تيماء عينيها مذهولة و قد نست وجودها تماما .... فقالت بفتور
( الازلتِ هنا ؟!! ........... )
ارتفع حاجب سوار و تقدمت منها ترفل بعبائتها السوداء الحريرية الأنيقة ..... ثم قالت ببساطة
( كم أنت عديمة الذوق و غير مضيافة اطلاقا ..... )
زفرت تيماء و هي ترجع رأسها للخلف قائلة بتعب
( لست مرغمة على أن أكون مضيافة لأي منكم ...... أرجوكِ اتركيني وحدي .... )
ارتفع حاجبي سوار ثم جلست على الكرسي المجاور لتيماء و هي تضع ساقا فوق أخرى بفخامتها و رقيها ....

أخذت تراقب ملامح تيماء الشاحبة مليا .....
كان بإمكانها ان ترد لها الفظاظة بأكثر منها .... الا أن نظرة واحدة الى وجه تلك الشابة , أعلمها بوضوح كم هي متألمة ....
و ليس ألم الجراحة .... بل تعاني من ألم أكبر و أشد عنفا .....
يجعلها تدافع عن نفسها بذلك القناع من التمرد و الوقاحة .....
تكلمت سوار أخيرا و قالت ببرود
( كنت وقحة جدا في التعامل مع جدك ..... لا أحد يتعامل بتلك الطريقة مع سليمان الرافعي و يبقى جزءا واحدا ..... )
نظرت اليها تيماء بغضب و قالت
( أنا لا أخضع لتلك القواعد ..... من سيفكر للحظة في محاولة السيطرة علي فسوف يجدني خير قادرة للدفاع عن نفسي بشراسة أمامه ...... )
زفرت سوار نفسا قاتما باردا .... ثم قالت بجمود
( تدرين أنكِ تتكلمين عن جدي .... و أنا لا احب سماع من يتكلم عنه بتلك الطريقة ..... )
قالت تيماء بقسوة دون خوف أو تردد ...
( اذن توقفي عن الكلام معي كي لا تسمعي المزيد من هذا الكلام ....... أنا آتية من عالم آخر غير عالمك ..... لا تعرفين عنه شيء و ليس بإمكانك فهم طريقة تفكير البشر خارج دائرتك المحدودة .... )
عقدت سوار حاجبيها و قالت بغضب
( كم أنت سطحية و محدودة التفكير ...... أتظنين أنني نشأت في هذه الارض على الزراعة و حلب الأبقار .. كتفكير معظم من هم من " عالمك " !! ...... حبيبتي أنا أكثر تحضرا مما تظنين ... و قد عشت معظم سنوات حياتي في الخارج ...... )
نظرت اليها تيماء و هتفت فجأة بغضب
( و الى ماذا انتهيت ؟!!! .... مثل أي فتاة هنا اقتنعت بالزواج من ابن عمك و البقاء هنا للأبد .... للأبد .... )
برقت عينا سوار بغضب شبيه بعيني جدها ... الا انها لم تفقد أعصابها , فنادرا كا كانت تسمح للغضب بأن يجعلها تستسلم للتهور و الحماقة ...
لذا تراجعت للخلف و قالت بمنتهى الهدوء
( لقد اخترت زوجي بنفسي ... و انا أكثر من راضية باختياري ...... )
قالت تيماء بحدة
( و ما أدراكِ ؟!! ..... لم تقابلي رجالا غيره كي تختاري بحق ..... هذا الإختيار الذي يفرضه سليمان الرافعي ما هو الا وهم ... يمنحه الى الفتاة و يجعلها تظن أنها صاحبة قرار نفسها ..... )
ضيقت سوار عينيها و هي تراقب تيماء بدقة .... ثم قالت بشرود
( أنتِ فعلا سطحية في الحكم على أمور لا علم لكِ بها ......حياتي أكثر تعقيدا مما تظنين , و زواجي كان الاختيار الامثل و الذي لم اندم عليه يوما ..... بالعكس , كنت لأندم لو اخترت اي شخص مختلف .... )
برقت عينا تيماء اكثر و هتفت بغضب
( حسنا هنيئا لكِ ..... انتِ سعيدة في زواجك , لكن انا حرة ..... لا أريد الزواج من رجل غريب عني و لا أعرف عنه شيئا ..... بلى أعرف .. أعرف أنه من عائلة الرافعي و هذا اكثر من كافي كي أرفض .... )
قالت سوار بهدوء خافت
( من الواضح أن عمي سالم هو السبب في نظرتك تلك الى باقي رجال عائلة الرافعي ..... أنا لا أعلم الكثير من التفاصيل , لكن أعرف فقط أنكِ لم تنشأي تحت جناحه و بين أحضانه ..... )
ساد صمت ثقيل .... كئيب , قبل أن تبتسم تيماء بسخرية قاسية مريرة و هي تنظر الى السقف قائلة ببرود
( بين أحضانه ؟!! ....... بلى لقد تذوقت طعم أحضانه بسخاء ...... )
صمتت سوار و هي ترى الألم على ملامح تيماء يزيد و يتضاعف ..... فشعرت بالتعاطف معها , و لامت نفسها على مجادلتها و هي في تلك الحالة .....
فقالت بعد فترة صمت برقة ...
( هل أنت مرتبطة بأستاذك الذي يريد خطبتك ؟!! ........ )
انتفضت تيماء فجأة بعنف و لدرجةٍ آلمت جرح الجراحة ..... لكنها قالت باندفاع و جدية
( أنا لست مرتبطة بأحد ....... )
فوجئت سوار باندفاع تيماء فقالت بهدوء
( لم أقصد شيئا سيئا ..... قصدت فقط سؤالك إن كنتِ تكنين له بعض المشاعر الخاصة ... )
أبعدت تيماء وجهها و هي ترد بقنوط شارد
( لا تربطني مشاعر بأحد ........ فقط حين نتزوج ..... )
أومأت سوار برأسها ثم قالت بحيادية
( أي أنه مجرد خاطب مناسب و ظروفه تلائمك .... لا شيء على نحو خاص , فلماذا اذن لا تنظرين الى أبناء عمومتك .... و أنا كمتحيزة لعائلتي أظن أن كل منهم أفضل بالنسبة لك ....... )
نظرت تيماء اليها بغضب و قالت بقوة
( تفكيره يناسبني .... عقله يشبه عقلي .... اختارني دون مصلحة مادية ..... كما أنني أريد السفر معه لإستكمال دراساتي في الخارج ...... أي أحمق سيرى أنه هو من يشبهني و يناسبني جدا و معه ستكون حياتي مثالية ...... )
رفعت سوار ذقنها و تغاضت عن الإهانة التي يتضمنها كلام تيماء الوقح ...... و قالت ببرود
( أتظنين أن ابناء أعمامك لديهم مصالح مادية في الزواج منكِ ؟!! ... الا تدرين مدى ثراء كل منهم ؟!! ... )
ردت تيماء باندفاع و دون أي ذرة تردد
( بكل تأكيد ..... أتظنين أنني توهمت ولو للحظة بأن أي منهم قد سقط صريع جمال عيني ؟!!! ... لا حبيبتي أنا لست غبية ..... قد أتصف بكثير من الصفات السيئة , الا أنني لا أتصف أبدا بالغباء .....
أين كانو قبل أن يعلن جدي مباركته لزواجي و دعمه لي ؟!! .....
و هل كان أي منهم ليقبل بي بظروفي القديمة ... منبوذة وحيدة .... تتلقى بعض المال كل شهر من جدها ؟!!
اطلاقا و أنت تعرفين الجواب جيدا ......
لكل منهم مطمع ... سواء كانت الأرض أو المال أو اي كانت المنح و الغنائم التي سيكافئني بها جدي .... )
صمتت كلمات تيماء و هي تلهث بعنف .... بينما عينيها تبدوان كلهيب أزرق عنيف و قاتل ... وسط وجهٍ أحمر قاتم .....
ساد صمت حزين مشحون .... و كلتاهما تنظر الى الأخرى قبل أن تقول سوار بخفوت
( كم أنتِ شابة مليئة بالمرارة !! ...... ماذا حدث لكِ كي تصبحين على هذا القدر من المرار و فقدان الثقة بالبشر ؟!! ..... )
ابتسمت تيماء بسخرية مريرة ثم قالت بخفوت
( أي ثقة تلك التي تتحدثين عنها ؟!! ...... لقد رأيت من تلك العائلة ما يجعلني أهرب منها بالأميال .....أنت فقط لا تعرفين .... و أنا لن أخبرك بما حدث لي .. سأدعك تعيشين حياة الأميرة في البرج العالي و التي تظن أن عائلتها العريقة هي الأروع ... )
كانت ملامح سوار هادئة ... حزينة قليلا و هي تراقب دمعة خائنة انسابت على وجنة تيماء المحتقنة .....
الا أنها رفعت يدها و مسحتها بعنف مبعدة وجهها عن عيني سوار المراقبتين لها ....
الا ان سوار قالت بهدوء خافت
( و لماذا أتيتِ اذن ؟!! .... لماذا عدت الى تلك العائلة طالما أنها قد آذتك كل هذا الأذى البادي في عينيكِ ؟!!.... )
التفتت اليها تيماء ... و قابلت عينيها العسليتين الهادئتين بأخرتين فيروزيتين تحترقان .... ثم قالت بفتور
( ظننت بمنتهى الحماقة أنهم قد ينصفوني ولو لمرة ....... حين أردت أن عائلة خطيبي يدها بيد عائلتي " العريقة " ... لكنهم خذلوني ... مجددا , كما خذلوني لمئات المرات منذ اليوم الذي أتيت به الى هذا العالم ...... )
صمتت سوار للحظة ... ثم قالت أخيرا بهدوء
( اذن أنتِ أيضا تريدين من هذه العائلة مصلحة ما ........ لم تأتي بدافع الحب العائلي و الإشتياق لجدك ..... لا أرى أن أهدافك تختلف كثيرا ..... )
نظرت تيماء الى عيني سوار ... ثم قالت بقهر مكبوت
( أنا تعبت من الكلام .... رجاءا كفى ...... كفى ....... )
نهضت سوار من مكانها و اقتربت من سرير تيماء ... فانحنت اليها و لامست جبهتها برفق و هي تقول بخفوت
( لا بأس ..... ارتاحي الآن ...... مهما كان ما تظنينه فأنتِ هنا في أمان و بين عائلتك ..... )
لم ترد تيماء ..... بل ظلت ناظرة الى السقف الأبيض و دمعة أخرى خائنة تنحدر من عينيها على مسار الدمعة الأولى ببطىء ....
أما سوار فقالت بخفوت
( سأذهب لأغلق تلك الستائر .... فشعاع الغروب يظلل عينيك و يضايقك ..... )
نظرت تيماء اليها بصدمة و قالت
( شعاع الغروب !!! ..... كم مضى على وجودي هنا ؟!! ...... )
قالت سوار برفق
( حوالي عشر ساعات ....... أنتِ هنا منذ الصباح الباكر ..... ستخرجين و تعودين الى دارنا غدا بمشيئة الله .... )
همست تيماء بتعب و هي تغمض عينيها بتعب
( ياللهي ...... كنت سأكون في بيتي الآن لو لم تغدر بي " أختي " ..... )
قالت سوار مبتسمة بتعاطف
( لا تظلمي مسك ...... أنتِ لا زلتِ هنا بسبب الجراحة ..... لا بسبب غدر مسك المزعوم .... )
أبعدت تيماء وجهها الى النافذة ... لا تريد اخبار سوار أن مسك هي من أخبرت قاصي بموعد سفرها كي يلحق بها ..... بينما غادرت هي بمنتهى البساطة .....
كانت تظنها مجرد أخت باردة لا تحمل لها مشاعر الأخوة بعد التباعد الذي حدث بينهما مؤخرا ...
لكن لم تظنها أبدا بمثل هذا السوء و القدرة على الخذلان بمنتهى القسوة .... و دون أي سبب مقنع ....
ابتعدت سوار الى النافذة كي تغلق ستائرها ....
و تيماء تنظر اليها بسكون بائس ... قبل أن تسمع جلبة و هتاف في الخارج ....
عقدت حاجبيها و التفتت تنظر الى باب الغرفة المغلق ... مرهفة السمع
ثم همست بتوجس تلاها هتاف الذهول
( هل هذا صوت ..... قاصي .... و أيمن !!! ؟!!! ...... ياللهي !!!!! .... ... ياللهي !!!!!! )
.................................................. .................................................. .....................
( كم أنا سعيد لأنك منحتني الفرصة لسحق أسنانك و قطع لسانك الذي نطق باسمها ..... )
رفع قاصي قبضته عاليا .... و كانت قبضة مرعبة .... منقبضة و بيضاء المفاصل ... بعكس العروق الزرقاء النافرة بباطن معصمه ....
و حين أوشكت قبضته على سحق فك أيمن .... سمع صوت هاتف بصرامة و قوة رغم الوهن به
( قاصي ....... توقف ...... )
أجفل قاصي مكانه ... و توتر جسده و انتفض وهو يدير رأسه الى باب الغرفة الذي كان مفتوحا الآن ....
و كانت تيماء تقف به مستندة بوهن الى اطاره .... منحنية الجسد , شاحبة الوجه ....
لكن عيناها تبرقان بصدمة و ذهول .... و رعب ..... ثم غضب ... غضب ناري أزرق .....
لم يشعر قاصي بقبضته التي انخفضت و يده الأخرى التي تركت قميص أيمن وهو يلتفت اليها بكليته ليصرخ بها بصرامة و قلق
( كيف نهضتِ من فراشك ؟!! ...... هل جننتِ ؟!! ...... )
رغم الألم العنيف الذي تشعر به بجانب بطنها .... الا أن الخوف في تلك اللحظة غطى على الشعور بالألم الجسدي ...
كانت مذهولة و مصدومة من المنظر الذي خرجت و رأته ...
قاصي ممسكا بقميص أيمن و قبضته مرفوعة ينوي ضربه !!!!! .......
لقد مر عمر كامل مما جعلها تنسى مدى عنفه و تهوره حين يضغط عليه أحد بما يفوق قدرته على السيطرة ...
تشبثت أصابعها بإطار الباب و حفرت أظافرها قويا في طلائه و هي تهمس بجنون مذهول
( أنا من جننت أم أنت ؟!!! ...... ماذا تفعل ؟!! ...... بالله عليك ماذا تفعل ؟!! ..... هذا أستاذي .... كيف تفعل ذلك .... كيف ؟!! .... )
كانت نبرتها أقرب الى التوسل .... التوسل الخفي كي يتوقف و أن يستفيق حالا من حالة الجنون التي هددها بها ...
الا انها كانت تظنه مجرد تهديد .... لم تتخيل أن يفضحها بتلك الطريقة ... و يتجرأ على ضرب أستاذها أو خطيبها أو أيا كانت صفته ....
اشتعل المكان من حولها فجأة بخروج سوار مسرعة في تلك اللحظة هاتفة بهلع
( ماذا تفعلين يا تيماء ؟!! .... كيف غافلتني و نزعتِ ابرة المحلول من كفك و نهضتِ و أنتِ بتلك الحالة ؟!!! ..... )
بينما اندفع أيمن غاضبا وهو يهتف بصرامة
( ما الذي يحدث يا تيماء ؟!! .... كيف يتجرأ هذا المخلوق على التعدي علي بهذا الإجرام ؟!! .... هل هو أحد الخدم لديكم ؟!! ...... والله لولا وجود امي راقية هانم معي لكن أجريت اتصالاتي و احضرت من يجره جرا على الحجز ..... و سأضمن أن يبقى هناك الباقي من عمره ...... )
لكن على الرغم من الهتاف المندفع من الجهتين حولهما .....
الا أنهما لم يسمعا صوتا ....
كانا وحدهما في عالمٍ آخر .... و أعينهما تتحارب بعتابٍ قاتل في صمت ....
كانت عيناه المزدريتان ... المتألمتين ... المحمومتين .... تسألانها في صمت
" أهذا هو ؟!!! ..... أهو من استبدلتني به ؟!! ......
أما عيناها فكانتا ترد السؤال بسؤالٍ آخر
" كيف تفعل هذا بي ؟!! ........ "
و بالفعل نطق لسانها بالسؤال همسا .... بقسوةٍ و الم
( كيف تفعل هذا بي ؟!! ...... لم اظنك ستؤذني أبدا !! .... )
اشتعل شيئا ما بعينه .... شيئا أشد عمقا و قتامة و هو يسمع بأذنه سؤالها الهامس من عمق قلبها .....
لكن صوت أيمن هتف فجاة بقوةٍ يقطع تواصلهما
( تيمااااااء ........ )
انتفضت تيماء و هي تلتفت اليه متألمة ... منحنية الجسد .....
بينما أمسكت أمه بذراعه و هي تهمس برعب و توسل
( لا تنطق اسمها يا أيمن ....... من الواضح أن الإسم يشكل له عقدة .... )
رمشت السيدة بعينيها المرعوبتين و قالت مصححة بتلعثم ....
( كيف حالك يا عروسنا ............. )
أغمضت تيماء عينيها بأسى .... بينما انتفض جسد قاصي الضخم المكبوت فجأة مع الكلمة الكارثية التي خرجت من بين شفتي السيدة " راقية هانم "
فاندفع و جذب باقة الورد من بين يد أيمن ليلقي بها على الأرض و يدهسها بقدمه أمام ذهول الجميع !! ....
رفعت تيماء يدها الى فمها المفتوح هلعا ....
اندفع أيمن كالمجنون ينوي الهجوم على قاصي بذهول مما رآه ... لكن راقية صرخت برعب و هي تتمسك بذراعه أكثر ....
( تراجع يا ايمن .... أترك الباقة له , لا نريدها .... )
لكن تيماء هي من هتفت هذه المرة بقوة
( توقف يا قاصي .... توقف أرجوك فضحتني ..... فضحتني ..... )
و دون أن تدري ماذا تفعل ..... وجدت أن عقلها قد اعطى الإشارة التي تعطى لكل الإناث في تلك الحالة ...
و هي الإشارة بالبكاء ...
و بالفعل لم تشعر بنفسها الا و هي تنفجر في البكاء , دافنة وجهها بين كفيها .... مستندة بظهرها الى إطار الباب ....
تسمر قاصي مكانه ... و شحبت ملامحه بشدة وهو يرى انهيارها الحقيقي بينما لا تستطيع حتى الوقوف على قدميها من شدة الألم ...
و شعر بالعجز عن الكلام وهو يلهث بعنف ... بينما ملامحه جامدة ... جامدة كالحجر وعيناه على انهيارها لا تهدآن ....
أما سوار فقد تأوهت و هي تمسك بذراع تيماء لتقول بقوة وقلق
( تيماء .... لا تفعلي هذا .... ستؤذين نفسك بهذه الطريقة .... )
تحرك أيمن اليها و قال بقلق و قد أجفله منظرها المنهار أيضا ...
( عودي الى فراشك يا تيماء .... آسف لما حدث ...... )
تحركت تيماء بصعوبةٍ و هي تعرج للداخل ... تسندها سوار بقوة .... الا أنها استطاعت أن تلتفت الى الخلف , ناظرة الى قاصي الذي وقف مكانه بعيدا ....
عيناه عليها بقسوة .... و كأنها تختطف أمام عينيه للمرة الثانية دون أن يجد القوة في جسده كي ينقض عليهم و ينتزعها من بين براثنهم ...
التوت عضلات حلقه بعنف وانقبضت كفاه الى جانبيه ...
فعضت تيماء على شفتيها المتورمتين المرتعشتين و هي غير قادرة على سلخ عينيها عن عينيه ....
لكن أيمن الذي لحق بها أخفى قاصي عن مرمى نظرها .... و صوت صفق الباب خلفهم قصف قلبها و صم أذنيها ......
.................................................. .................................................. ..................
مشت تيماء بصعوبةٍ و بقلم منهار الى الداخل معتمدة على ذراع سوار .. الى أن أجلستها على حافة سريرها ... ثم ساعدتها على الإستلقاء و غطتها جيدا .....
بينما التقطت تيماء عدة محارم ورقية من على الطاولة الجانبية لتمسح بها وجهها الشاحب
استطاعت راقية أن تلتقط أنفاسها ثم قالت بغضب و ازدراء
( ياله من جنون هذا الذي تعرضنا له للتو ..... جئنا نطلب يد العروس ليفاجئنا هذا المختل عقليا .... )
رفعت تيماء عينيها الى راقية ... و راقبت ملامحها الأرستقراطية التي تعلوها علامات التقزز و الغضب ... الا أنها كانت مسيطرة على نفسها بأعجوبة حفاظا على وقارها ....
قالت تيماء فجأة بخفوت جامد
( هذا ليس مختل عقليا .... و ليس خادما كما سبق و قال أيمن , إنه ابن عمي .... )
رفعت راقية عينيها الباردتين الى وجه تيماء الشاحب ... ثم قالت بعجب و نفور
( ابن عمك ؟!! ........... و لماذا يرتدي مثل المتسولين و يتصرف كالمختلين اذن ؟!! ...... أخبرني ايمن أن معظم أفراد عائلتك قد اكملو دراستهم في الخارج !! ..... لكن هذا الشاب في الخارج يبدو و كأنه لم يغادر الحظائر أبدا ..... )
تحركت سوار مستقيمة في وقفتها تنوي الرد بحزم ... الا أن تيماء أمسكت بذراعها كي تمنعها ...
و سبقتها هي ... لتقول بصرامة
( سيدة راقية ..... أنا لا أسمح لأحد بأن يتكلم بهذا الشكل عن ابن عمي ....... )
برقت عينا راقية بغضب و هتفت
( و هل تسمحي بتصرفاته الشاذة تلك ؟!! ....... ألم تري الجنون الذي فعله في الخارج لمجرد نطق اسمك ؟!! ..... دون التحقق و السؤال عن سبب وجودنا هنا !! .... )
أظلمت عينا تيماء بشرودٍ و شوق بعيد .... الا ان ذهنها كان حاضرا و هي تجيب بصدقٍ خالص
( إنه يشعر بحماية حصرية تجاهي ..... هذا الشخص تحديدا هو الوحيد الذي رعاني منذ صغري .... )
زفرت راقية بغضب و قالت بنفاذ صبر
( و ماذا فعلنا نحن كي نهدد تلك الحماية ؟!! .... هل هذا هو جزاء ابني الذي ارتعب بسبب اجرائك الجراحة و جرني معه الى هنا في سفرٍ استغرق ساعاتٍ طويلة كي نطمئن عليكِ و ننتهز الفرصة كي نخطبك من جدك ؟!! ...... )
تحرك أيمن و امسك بمرفق والدته وهو يقول بخفوت ملطفا الجو ....
( أمي ..... هدئي من روعك ...... لا داعي لأن نفسد هذه المناسبة و كذلك نرهق تيماء أكثر بالكلام عن هذا الموضوع .... من الواضح أنه شخص غير طبيعي .... لقد استطعت ادراك ذلك من نظرات عينيه الغير ثابتة و التي تبرق بعدم تركيز .... إنه يعاني مرضا نفسيا أو ما شبه ..... )
قالت راقية من بين شفتيها المتبرمتين بلهجةٍ ذات مغزى
( أرجو الا يقابلنا المزيد من الأشخاص على هذه الشاكلة ..... )
قالت سوار ببرود و قساوة
( من الواضح أنكِ لا تعرفين العائلة التي أتيت اليها كي تخطبين لولدك حق المعرفة سيدتي ..... عائلة الرافعي من اكبر عائلات الجنوب كلها .... و أبنائها لا يعلى على أخلاقهم و تعليمهم ..... )
قالت راقية ببرود خافت
( الكتاب واضح من عنوانه حبيبتي ...... )
ساد صمت رهيب بينما لم تقصر سوار في مبادلتها النظر من أعلى رأسها و حتى أخمص قدميها لتقول بترفع
( و هل الخطبة تأتي هكذا فجأة و دون مقدمات أو اعلامنا أولا كي نقوم بالواجب !! ...... من يتقدم لخطبة احدى بنات عائلة الرافعي عليه التوجه الى كبيرها أولا .... ثم المجيء الى المشفى ثانيا للإطمئنان عليها ... كي يكون هناك صفة للتواجد .... )
تأوهت راقية و هي تقول بعذاب
( ياللهي !! ....... لقد تعبت من هذا العنف في التعامل !!! ..... ماذا يحدث هنا بالضبط ؟!! ... )
قال أيمن بسرعة
( أهدئي يا أمي و اجلسي رجاءا ..... ربما كانت لديهم تقاليد خاصة , علينا التعامل مع الأمر ... )
بدت راقية رافضة للجلوس ... الا أن تيماء قالت بهدوء
( اجلسي رجاءا سيدة راقية .... هناك ما أريد قوله ..... )
بدت راقية نافذة الصبر لعدة لحظات .... لكنها رضخت و جلست على الكرسي الذي قدمه لها أيمن ....
و هي تضع ساقا فوق أخرى بترفع .... غير راضية الملامح ....
نظر أيمن الى تيماء و قال بخفوت
( كيف حالك الآن يا تيماء ...... اعذريني لأن السؤال جاء متأخرا جدا .... )
رفعت تيماء عينيها اليه و قالت بخفوت هادىء
( مرهقة ...... متألمة لكن لا شيء خطير و سأخرج من المشفى غدا ..... )
ابتسم أيمن و قال بسرور
( اذن سنحجز في أقرب فندق لنبيت ليلتنا أنا و أمي ثم نأتي لزيارة جدك غدا كي نتقدم لخطبتك .... )
أسبلت تيماء جفنيها قليلا .... ثم رفعتهما لتواجهه و هي تقول بهدوء
( هذا ما أريد مكالمتك بشأنه ..... أخشى أن الأمر ليس بهذه البساطة و هذا ما اكتشفته من زيارتي للبلد هنا ... )
ساد صمت متوتر و ارتبكت ملامح أيمن ... الا أن تيماء تابعت بهدوء مستجمعة كل ذرة قوة لديها كي لا تتخاذل أو تضعف ....
( هناك ما عليك معرفته ... و أرجوك لا تقاطعني حتى أنتهي ....
بداية أنا ابنة زواج ثاني لأبي ..... كانت لديه زوجته الأولى و هي ابنة عمه .... أما أمي فكانت امرأة بسيطة تزوجها في لحظة تهور ثم لم يتوافقا و انفصلا .... و نتجت أنا عن هذا الزواج ...
أنا نشأت بعيدا عن هذه العائلة طوال سنوات عمري كلها ........ بعيدة عن قوانينهم و رعايتهم الفعلية ....
الى أن بدأ جدي مؤخرا في التواصل معي من بعد ......
و هذا ما شجعني كي آتي اليه و أطلب منه أن يستقبلك و يوافق على طبلك ...
لكن ما فوجئت به , أن لجدي قوانين صارمة لا تسمح للفتاة بالزواج الا من أحد أبناء أعمامها فقط ...
و هذا الأمر غير قابل للتفاوض ..... إنها قوانين عتيقة و قديمة قدم الأزل ....
لكن أنا و بما أني نشأت بعيدا .... فأنا لن أخضع لتلك القوانين ....مطلقا ....
لذا عليك معرفة أنك لو قررت متابعة تلك الخطبة .... فسوف تحصل علي أنا وحدي بحقيبة ملابسي فقط كما يقولون ... دون مباركة أهلي و دون ميراث مستقبلا أو أي دعم مادي .... و هذا ما تحققت منه ....
لو واقفت ... فأنا موافقة و سأرحل معك الى آخر العالم و أساندك حتى آخر يوم بعمري .... )
ساد صمت مهيب بعد أن ألقت تيماء بقنبلتها الموقوتة ....
و اتسعت عينا راقية و هي تنظر الى ابنها نظرة قاتلة .... واضحة المعنى ....
بينما بدا أيمن مرتبكا .... مصدوما و كأنه فقد القدرة على الرد ......
و حين طال صمته و تردده .... تطوعت والدته بالكلام ... فرفعت وجهها و قالت بكل حزم و صدى صوتها يتردد في أرجاء الغرفة ...
( لقد قلتِ ما لديكِ يا تيماء و سمعناكِ للنهاية .... و الآن أتى دورك كي تسمعيني و أرجو أن تتفهمي موقفي ...
الزواج الحقيقي الناجح يا تيماء ليس زواجا بين شاب و فتاة تجمعهما الأحلام الوردية التي لا وجود لها سوى في الروايات و الأفلام ....
الزواج الحقيقي زواج بين عائلتين ..... تعبا كثيرا في انشاء كل طرف من طرفي هذا الزواج ...
كل عائلة منهما تستثمر تعبها في انشاء عائلة ثالثة جديدة , تضاهي نجاح العائلتين .....
ابني الدكتور أيمن ابن عائلة عريقة ... أصيلة .... تتمناه أفضل بنات البلد .... لا يعيبه شيء كي يتزوج متهربا بعروسه وهو يعلم أن أهلها قد ترفعوا عن وضع أيديهم بيده و يد عائلته ......
الزواج الحقيقي أن يضع الرجل يده بيد كبير العائلة كي يمنحه ابنتهم بثقة .... واعدا بأن يكون لها ظهرا في الشدائد ....
كما ان الزواج الحقيقي يعتمد على التكافؤ المادي كما التكافؤ العلمي و الاجتماعي تماما ...
نحن لا ينقصنا المال مطلقا ..... لكن اعذريني فكرة أن يأخذك ايمن بحقيبة ملابسك ما هي الا فكرة وهمية مستوحاة من الروايات .....
الزواج صفقة .... أعرف أن كلامي سيصدمك و ربما يجعلك تنظرين الي بنظرة سيئة , لكن هذا هو الواقع ...
الزواج صفقة لإنشاء أسرة أفضل من كل النواحي ...
و هذا لن يتحقق ان كان أحد أطراف هذه الصفقة مبتور الجذور ....... )
و هنا كان الصمت هو سيد الموقف .....
صمت ثقيل أرخى ستائره على كل المتواجدين بالغرفة .... بينما أطرقت تيماء بوجهها الجامد و الخالي من اي شعور انساني ....
أما سوار فقد كانت تنظر الى راقية بقسوة و نفور مترفع .... اما راقية فبادلتها النظر لتقول أخيرا بهدوء
( تعرفين أنني محقة .... و هذا هو رأيك جدك في الواقع ... يريد العائلة و النسب .... فلماذا نتنازل نحن ؟!! .... هل ابني الدكتور أيمن ينقصه شيء كي يتنازل و يقبل بما هو اقل ؟!! .... )
رفع أيمن وجهه الى أمه و قال بخفوت متخاذل
( أمي ..... ليس هكذا ...... )
نظرت اليه راقية و قالت بهدوء و تأكيد
( الصراحة في مثل هذه الأمور يا أيمن هي أقصر الطرق .... انت توافقني في الرأي , لقد اخترت تيماء لأنها متكافئة معك في كل شيء .... المستوى العلمي و المادي و الإجتماعي .... و عائلتها تماثل عائلتنا في الأصل .... لقد أخبرتني بلسانك أن تلك الجوانب هي التي جعلتك تراها العروس المثالية لك ... فهل أنت مستعد أن تتنازل عن كل شروط التكافؤ و لا تبقي سوى المستوى العلمي ؟!! ... ترى هل يكفي وحده ؟!!! ..... )
أطرق أيمن بوجهه ....
و نظرت اليه تيماء مليا ..... لترى الرد الواضح في انحناءة رأسه .....
و في تلك اللحظة شعرت بشعور غريب جدا ....
بدا و كأن طاقة بداخلها قد تفجرت .... طاقة عمرها خمس سنوات خلت ........
نهضت راقية من مكانها و قالت بهدوء
( أنا أعتذر للجميع إن كان كلامي قد جرحكم .... لكنني أقول الصدق و هذا ما تعلمونه جيدا .... )
ثم التفتت الى ايمن المطرق الرأس و قالت بلهجة قاطعة
( هيا بنا يا ايمن .... وجودنا هنا أصبح محرجا للجميع ........ )
التفتت بعدها الى تيماء و قالت بمودة فاترة
( حمد لله على سلامتك تيماء .... أتمنى لكِ أن يتم شفائك على خير و كنت أتمنى التعرف اليكِ في ظروف أحسن من تلك .... و نصيحة أخيرة من سيدة لن تريها مجددا , اقبلي بقوانين جدك .... فلن يقبل بكِ الا من يخضع اليها .... و الا ستبخسين من ثمنك جدا ..... )
لم ترد تيماء .... و لم ترفع وجهها اليها ...
بل أبقت وجهها ثابت .... جامد .... خالي من الحياة ......
لذا التفتت راقية الى أيمن و قالت بلهجةٍ آمرة حازمة
( هيا يا ايمن ........ )
ابتعدت الى الباب .... فنهض أيمن من مكانه ببطىء و اقترب من سرير تيماء ليقول بخفوت
( تيماء ....... )
الا أنها قاطعته بهدوء قوي أكثر ثباتا دون ان تلتفت اليه
( الحق بوالدتك يا دكتور أيمن ..... و اشكرك على زيارتك , و أعتذر على الطريق الطويل ..... )
ظل ينظر اليها طويلا ..... بصمت كئيب , ثم ابتعد ببطىء ليلحق بأمه التي فتحت باب الغرفة و خرجت .....







يتبع


tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 02-04-16, 11:49 PM   #3737

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

" الزواج صفقة لإنشاء أسرة أفضل من كل النواحي ... و هذا لن يتحقق ان كان أحد أطراف هذه الصفقة مبتور الجذور ......."
" تعرفين أنني محقة .... و هذا هو رأيك جدك في الواقع ... يريد العائلة و النسب .... فلماذا نتنازل نحن ؟!! .... هل ابني الدكتور أيمن ينقصه شيء كي يتنازل و يقبل بما هو اقل ؟!! ...."

تلك هي العبارات التي سمعها قاصي و خرقت أذنه وهو يرهف السمع واضعا كلتا يديه على باب الغرفة ...
ملامحه الآن كانت مختلفة تماما .....
لقد اختفى الجنون و الهياج ذو الحمم البركانية الخطرة ...
و حل محله جمود صخري و عينين ميتتين .....
شعور غريب بثقل يسمره في مكانه .... و طعم صدأ يملأ حلقه بفظاعة .....

تراجع قاصي للخلف ببطىء وهو يسمع صوت الخطوات الأنثوية لقدمي والدة أيمن و هي تقترب لتفتح باب الغرفة ....
و فتحته بالفعل ......لكنها شهقت و هي ترى قاصي واقفا أمامها ...
صامتا ... صلبا كصخر الجبال الناتئة دون تعبير ... دون شعور ....
بعينين .... عينين ...... مترصدتين كالمتربصين خلف الأشجار ...
رفعت راقية يدها الى صدرها و هي تغمض عينيها برعب من منظره المفاجىء .... و همست بهلع
( أيمن .... أيمن .... النجدة ...... )
تقدم أيمن من خلفها و تجاوزها ليقف أمامها ناظرا الى قاصي ... ثم قال بهجوم
( ماذا تريد ؟!! ..... ارحل من هنا , نريد أن نمر ...... )
الا أنه للمرة الثانية لم يتوقع اندفاع ذلك الثور الهمجي تجاهه ليقبض على قميصه و يضربه بالحائط خلفه ... أمام صراخ أمه المرتعب ....
الا أن قاصي همس بشراسة من بين أسنانه
( من تظن نفسك ؟!! ..... من تظنان أنفسكما أنت ووالدتك كي تأتيان الى هنا و ترفضانها بتلك الطريقة ؟!!! .....)
حاول أيمن ضرب قاصي ... الا ان قوته لم تكن متكافئة أبدا و قاصي يضغط بساعده على عنق أيمن بكل قوته ليتابع هامسا مزدريا مرددا كلام راقية
( يقبل بما هو أقل !!! ..... يقبل بما هو أقل !!!!! .... ما رأيك أن اجعل منكما كومة أقل في تلك اللحظة و حالا ....... )
كانت راقية قد بدأت تولول .... فخرجت سوار مسرعة ليصدمها المنظر من جديد فهتفت في صرامة
( اتركه يا قاصي .... الآن , الرجل ضيف في بلدنا و هذا لا يصح .... )
الا ان قاصي لم يحرره وهو يقول بوحشية
( هذه النوعية من البشر لا تعرف ما يصح و ما لا يصح ........... لذا دعينا نعاملهم على علاتهم ... )
لكن سوار هتفت بقوةٍ تكاد أن تكون ذكورية قاصفة ....
( أتركه الآن يا قاصي ....... هذا الرجل على أرضنا و لن يمسه سوء الى أن يغادر هو و أمه .... )
استمر قاصي ينظر الى عيني أيمن للحظات طويلة .... قبل أن يدفعه بعيدا عنه ليخاطب أمه و كأنه يخاطب والدة طفل شقي ....
( خذي ولدك ... " الدكتور " ... و غادرا المكان حالا و أياكما و الإقتراب من تيماء مطلقا ... و الا فلن يتعرف أحد على جثة الدكتور كي يتم استخراج شهادة وفاة .... )
صرخت راقية بصوتٍ عالي و هي تسحب أيمن من ذراعه بقوة و هي تهذي
( هيا يا ايمن ...... هيا لنخرج من هنا , إنها عائلة من المجانين .... مالها ابنة خالك ؟!! ..... أقسم أن نضغط عليها الى أن تتمم دراساتها العليا و تصبح لائقة بك .... هيا من هنا ... )
كان أيمن واقفا مكانه متحفزا بوجه أحمر و نفس لاهث وهو ينظر الى قاصي بحربٍ شعواء ....
الا أن سوار قالت بقوة
( أنصحك بسماع نصيحة أمك ... من سيدة لن تراها مجددا .... اذهب و تزوج ابنة خالك , ... فابن العم هذا هو الأكثر شراسة و ليس الوحيد ..... و ثلاثة منهم سيأتون بأي لحظة .... )
ضربت راقية على صدرها و هي تولول
( غيره ؟!!! .... هل هناك غيره ؟!! .... هيا يا أيمن و الا والله لن أرضى عنك لآخر عمري ...... )
تنازل أيمن أخيرا و تحرك يلحقها بعد أن رمق قاصي بنظرة نارية ....
ظل قاصي يراقب انصرافهما بعينين ضيقتان من شدة الغضب ... الألم ...
و ما أن اختفيا حتى تحرك الى غرفة تيماء ... فوقف ببابها و ألقى عليها نظرة قاتمة و هي نصف مستلقية في فراشها تنظر أمامها بلا تعبير ....
و استمر الصمت طويلا الى أن قال فجأة بصوت قاصف عميق
( لو نهضتِ من مكانك مجددا فسوف أضربك ....... )
انتفضت تيماء مكانها و رفعت وجهها اليه .... و هنا بدأت بعض الحياة تدب بها من جديد فهتفت بغضب على الرغم من الوهن و الألم الذي تشعر به
( لن تجرؤ .............. )
الا أن صوت قاصي هدر بعنف من هول ما يشعر به في تلك اللحظة
( جربيني حلوتي ..... فقط جربيني ...... أقسم بالله أن أضربك لو رأيتك واقفة على قدميك ....)
و دون أن ينتظر جوابا منها ... استدار و ابتعد و هو ينفث نارا كالبركان ...
فرفعت سوار حاجبها و هي تقول بعجب
( تضرب حفيدة سليمان الرافعي ؟!!! ......... )
التفت اليها قاصي و قال دون تردد
( و أضرب من يتشدد لها ...... ...... )
رفعت سوار كلا حاجبيها و قالت بهدوء
( الحمد لله أن جدك ليس هنا ....... قاصي لما لا تغادر ؟!! .... أنا سأبقى هنا .... )
قال قاصي بنبرة لا تقبل الجدل
( لن أغادر المكان الا بعد أن تغادر هي ......... )
زمت سوار شفتيها و استدارت كي تدخل الغرفة , الا ان قاصي قال بقوة
( سيدة سوار ........ )
التفتت سوار اليه متسائلة .... فقال عاقدا حاجبيه
( من قلتِ سيحضر الى هنا ؟!!! ........ )
قالت سوار ببساطة
( أبناء أعمامها ...... سيأتون ما أن تستجمع قوتها قليلا ..... و من المرجح أنهم سيلازمونها ليل نهار الى ان تختار احدا منهم .... )
ثم استدارت و دخلت ..... بينما وقف قاصي ينظر أرضا بغموض ... الى باقة الورد التي سحقها بقدمه منذ دقائق ....
ترى كم باقة ورد سيسحق .... و كم عنقا سيلوى .......
رفع قاصي وجهه القاتم لينظر الى غرفة تيماء و قال بخفوت شاردا
( كم قتل من الرجال في سبيل الأرض ..... على الرجل أن يدافع عن أرضه ..... و أنتِ أرضي يا تيمائي المهلكة ...... )
.................................................. .................................................. ..................
" كم قتل من رجال في سبيل الأرض ..... على الرجل أن يدافع عن أرضه ... و أنتِ أرضي يا تيمائي المهلكة .... "

كانت تلك هي العبارة التي ظلت تتردد في ذهنه المعذب طوال الطريق الطويل منذ خمس سنوات ....
كان جالسا في القطار المرتج كارتجاجة كيانه كله .....
يعد الدقائق واحدة تلو الأخرى في سلسلة الساعات الطويلة ....
من يراه , يظن أن هذا الشاب قاسي الهيئة و الممسك بذراعي مقعده في القطار لا يمكن لشيء أن يهزمه أو يكسره ....
لكن الحقيقة كانت مغايرة تماما ....
فلقد هزمه سالم الرافعي ..... هزمه حين اخذ تيماء .... و جعله يأتيه ذليلا حتى داره , كي يستسلم الى موته ....
لكن قاصي لم يهاب الموت يوما ....
لم يعرف الخوف من أي شيء بحياته .... الا بعد أن عرف تيماء ...
و معرفة أن تيماء موجودة في البلد بين قبضتي والدها ... كان كفيلا بأن يلقي الرعب في قلبه ...
سالم الرافعي لا يمتلك أي ذرة أبوة تجاه تيماء تجعله يشفق عليها أو يتهاون في عقابها ....
أغمض عينيه و سمح لخياله أن يرسم له صورا من عذابها ....
و ما أن تلاحقت أمامه الصور المفزعة ... حتى ضرب ذراع المقعد بقبضته وهو يهتف بشراسة
( لاااااااااااااااا ........ )
فتح قاصي عينيه ليراقب امتداد الأراضي الخضراء أمامه و المتسارعة من نافذة القطار .... كتسارع أنفاسه ... فهمس من بين أسنانه بصوتٍ عنيف
( انتظر ...... انتظر ........ )
كان يدعو سالم الرافعي أن ينتظر الى أن يصل اليه ....
و حينها إما أن يموت فداءا لها ..... و إما أن يقتل والدها ثأرا لها .....
نزل قاصي من القطار في بلدة مجاورة و ما أن اختفى تماما في حال كان هناك من يراقبه .... حتى أخرج هاتفه و اتصل بسالم الرافعي ....
حين سمع صوته ... شك للوهلة الأولى أنه ليس سالم ...
كان صوت يفيض بالغل ... خفيض و شرس .....
لكن قاصي لم يضيع الوقت في محاولة تحليل الصوت .... لذا قال باختصار
( أنا هنا و سأكون بين يديك ..... لكن أحتاج الى التأكد من أن تيماء بخير .... )
ساد صمت مرعب قبل أن يقول سالم بصوتٍ يغلي من الكره
( هل تملي شروطك يا لقيط ؟!! ..... تعال عندي حالا و سأكون رحيما في قتلك ..... )
أغمض قاصي عينيه و ابتلع الكلمة بمقدرة فذة ... ثم قال بصوتٍ أكثر صلابة لا يقبل المساومة
( سأكون عندك في عقر دارك .... أعزل و لا يعرف عني أحد و لا ينتظرني اي بشر .... لكن أولا أريد التأكد أن تيماء بخير ..... أنا السبب في كل ما حدث , أما هي فابنتك في النهاية ... مجرد فتاة طائشة و ارتكبت حركة متهورة .... أنا المجرم الحقيقي ..... سأطمئن عليها و بعدها سأكون عندك .... )
كان متأكدا من أنه سينتظر طويلا .... و سيساوم سالم لفترةٍ كفيلة بأن تحرق صدره حيا ....
لكن بعد فترة تمكن من سماع صوت همهمات خفيضة .....
ضيق قاصي عينيه و عقد حاجبيه محاولا فك شفرة تلك الهمهمات ....
ثم همس بقلق
( تيماء !! ....... هل هذه أنت ِ ؟!! ........ )
سمع صوت مختنق ... تأوه مكتوم و أنفاس مختنقة متألمة و غير ثابتة .... ثم همست باسمه أخيرا ....
لم يكن اسمه واضحا من بين شفتيها المتحرجتين و قد حفر الألم كل حرف من أحرفه ...
و كأنها احتاجت لمجهود جبار كي تنطق به .....
فدار قاصي حول نفسه بجنون وهو يصرخ قائلا
( تيماااااء ... ماذا فعل بكِ ؟.... هل أنتِ بخير ؟!! .... أجيبيني بسرعة صغيرتي قبل أن يأخذ الهاتف منكِ ...أرجوكِ قولي أي شيء ..... . )
الا أن الجواب الذي وصل اليه لم يرحمه ....
كانت شهقة طفلة تجش ببكاء مختنق ....
بكاء غير ثابت ... و كأنها تبتعد و تقترب ....
و مع كل نفس تلتقطه كانت تتأوه ... الى أن همست بنحيب يائس
( قاصي أنا أتألم جدا ........ )
اتسعت عيناه و التوى حلقه بصعوبة .... و أخذ صدره يتسارع في حركته حتى بدا كقطارٍ مجنون بلا سائق ...
فصرخ بصوتٍ أعلى
( أين أنتِ ؟؟ .... أين أنتِ ....... )
الا ان صوت سالم كان هو الذي وصله في تلك اللحظة وهو يقول بنبرة تفيض غلا
( تعال الآن ...... ... كن رجلا و تحمل نتيجة انتهاكك لحرمة بيتي طالما اعترفت أنها مجرد طفلة طائشة .... )
قال قاصي وهو يرتجف بكل معنى الكلمة بعكس عينيه المتوحشتين
( ماذا تنوي على فعله معها ؟؟؟ ......... )
صرخ سالم بقسوة و عنف
( من أنت لتحقق معي يا لقيط يا ابن الفاجرة ...... كان يجب أن أعلم أنك فاجر كأمك تماما , مهما أطعمتك و آويتك فستظل مدنسا لنهاية عمرك و الذي سيكون بيدي ..... )
انقبضت كف قاصي بقوة ... و تردد صدى صوت أنفاسه بقوة و عنف ...
تحمل .... تحمل ....
ثم نطق أخيرا بصوت صلب عنيف
( سآتي اليك .......... )
.................................................. .................................................. ....................
لم تكن عملية العثور على تيماء سهلة ....
لكنها كانت متوقعة .....
سالم الرافعي كان متوقع التصرفات بالنسبة اليه .....
سنوات طويلة كان بها خادمه المطيع .... و يعرف سير تحركاته بالخطوة .....
يعرف كل مخزن و مكان مهجور يمتلكه سالم في هذه البلد ....
و لقد أمره أن يأتيه في أحدها .... لكن قاصي كان متأكدا بأن تيماء لن تكون في نفس المكان ...
كما تأكد بنفسه أنها ليست في دار سليمان الرافعي و لا يعلم أحد بوصولها مع والدها ....
لذا دار قاصي متلحفا بملابس أهل البلد و المزارعين من مكان الى آخر يخص سالم الرافعي ......
و شيء واحد كان قاصي متأكدا منه ... وهو أن سالم لن يستعين بأي من رجاله في هذا الأمر خوفا من الفضيحة ....
و هذا كان شيء جيد ......
و عثر على البيت المقصود أخيرا ...... بيت قديم مهمل يملكه سالم منذ سنوات طويلة .....
حين طرق قاصي الباب , فتحت له سيدة عجوز .... ترتدي جلباب أسود متغضن كتغضنات تجاعيد وجهها تماما ....
وجهها كان يشبه الأرض من تشققه و خلوه من الحياة .....
قال قاصي دون مقدمات بصوتٍ صلب صخري لا يحمل أي تردد
( السيد سالم أرسلني كي آخذ ابنته ....... )
دققت به النظر قبل أن تقول بصوتٍ خشن يناسب وجهها
( ليست تلك هي تعليماته ........ )
لم يحتاج قاصي الى أكثر من ذلك ... فدفعها بقوة و اقتحم المكان هاجما كالمسعور على كل الغرف .... بينما المرأة لمتأوهة تهتف من خلفه بغضب
( تعال هنا ...... تعال يا ولد .... )
لكن قاصي كان أعمى العينين الا عن البحث عنها .... أصمت الأذن الا عن سماع صوتها يطمئنه بكلمة ....
الى أن ضرب أحد الأبواب الخشبية القديمة بقدمه و بكل قوته .... الا أنه تسمر مكانه و كأن الأرض قد تزلزلت من تحت قدميه ...
للحظات فقد القدرة على التحرك أو حتى النطق .....
كان المنظر الذي رآه أمامه ذا وقعٍ صادم على قلبه .... لم يعرفه منذ رؤيته لمقتل أمه بعينيه ....
فقد كانت تيماء .... هي تيماء رغم تغير ملامحها ...
في نهاية الغرفة العطنة القديمة .... معلقة من ذراعيها بعامود خرساني ......
حبل سميك يقيد رسغيها و يعلقها في العامود .... بينما قدميها المتساقطتين لا تلامسان الأرض .....
وجهها ساقط على عنقها .... ربما نائمة و ربما مغمى عليها ....
لكن الأكيد أن ذلك الوجه الذي كاد ورديا يفيض بالشقاوة لم يعد كذلك الآن ....
فقد كان مليئا بالكدمات ... متورما حد الشناعة .....
و الدم ينزف من أنفمها و فمها .... بخلاف جرح شديد البشاعة اعلى وجنتها متقرح و عليه دم متجمد ......
تمكن قاصي من جر قدميه ببطىء .... وهو ينظر اليها كجثة هامدة بذهول ...
لكن صوت المرأة الكبيرة من خلفه جعله يفيق لنفسه فانتفض و استدار اليعا بعنف ليلف وشاحهها الأسود حول عنقها حتى اتسعت عينيها بحملقة فارغة ....
لكن قاصي همس بشراسة أمام وجهها
( أنتِ الآن تخاطبين مجرما ... لن يهمه سنك أو كونك امرأة ...... أنا سأخرج و معي تلك الفتاة , و لن يمنعني أحد الا و قتلته و لن أبالي ..... هل تفهمين ؟؟؟ .... )
لم تجبه المرأة بل ظلت تنظر اليه بنفس النظرة المحملقة الواسعة ذات التعبير الفارغ ... فتركها قاصي بعنف ليندفع الى تيماء و هو يحاول جاهدا تجنب النظر الى وجهها كي لا يضعف أو يتسمر مكانه ....
كانت تبدو هشة .... نحيفة و هي معلقة كالذبيحة في ثوبٍ أسود يسترها و يبتلعها بالكامل .....
ابتلع قاصي ريقه بصعوبة و اقترب منها ليقفز على صندوق مجاور لها و موضوعا أرضا ....
مخرجا من جيب سكين صغير لا يرافقه .....
ضم قاصي خصرها الى جسده بذراعه بقوة .... و باليد الأخرى قطع القيد الذي يقيد كفيها ... و ما أن نجح في فكه تماما حتى تهاوي جسدها و شعر بثقله الواهن فوق ذراعه و هي ترتمي عليه دون وعي ....
نزل قاصي أرضا على ركبتيه وهو يضمها الى أحضانه هامسا بهلع
( تيماء ....... تيماء ...... أجيبيني .... )
لم يعلم إن كانت قد أفاقت أم لا تزال غائبة عن الوعي ..... الا أن أصابعها تشبثت به بوهن غريب و هي تهمس بإعياء
( قاصي ...... هل أنت هنا أم أنها ...... مزيد من الأحلام ؟؟ .... )
ضمها الي صدره بكل قوته حتى أنت ألما و تأوهت وهو يرجع رأسه للخلف مغمضا عينيه ملتقطا أنفاسه ....
ثم أخفض وجهه ليدفنه في كثافة شعرها المموج الزغبي ليهمس بخشونة متحشرجة
( تمسكي بي يا صغيرة ...... تمسكي بي تيمائي المهلكة ....... و ستعرفين إن كنت حلم أم حقيقة .... )
رفعت ذراعيها بوهن و لفتهما حول عنقه و دفنت وجهها في عنقه لتشهق فجأة و كأنها سمكة أعيدت الى ماء البحر و كتبت لها الحياة من جديد
الا ان شهقتها كانت ما بين النحيب و الألم و الصراخ
( قاصي ....... قاصي ........ لقد عذبني كثيرا , اخرجني من هنا ..... اخرجني أرجوك .... لا تتركني )
مرغ قاصي وجهه الصخري ذو الملامح العنيفة من توالي الأحداث الدموية أمامه , في شعرها و همس بخشونة صارمة ... متحشرجة وهو يضم جسدها المتهاوي اليه بقوة
( لن اتركك ابدا ....... أبدا ..... )
أخذت تنتحب في عنقه بقوة , بينما نهض من مكانه وهو يحملها بين ذراعيه الحديدتين المتحديتين لأي مخلوق على أن ينتزعها منه ....
تحرك قاصي بها الا أن المرأة وقفت في وجهه و قالت بصوتها الخشن الأجش
( أعد الفتاة يا ولد ..... ما تفعله سيضرك و يضرها , ..... )
حفرت أصابع قاصي مشددة على ظهر تيماء و ساقيها وهو يحملها و يضمها الى صدره ...
ثم قال بصوتٍ صلب خطير و عينين تشتعلان نار
( أنصحك بالإبتعاد عن طريقي كي لا يضيع المتبقي من عمرك هباءا ..... )
الا أن المرآة وقفت مكانها بثبات و قالت بخشونة لا تعرف التعاطف
( لن أدعك تخرج بها ........ والدها يريدها هنا معي ..... )
تحرك قاصي ليتجاوز تلك المرآة بالقوة وهو يدفعها بكتفه دون أن يتخلى عن تيماء ..... بينما جسدها الذي جرى عليه العمر لم يستطع مقاومته كشجرةٍ يابسة متقطعة الجذور ....
و خرج قاصي من هذا البيت وهو يحمل تيماء معه ......

تلك الجلسة تحت جنح الظلام لا يزال يتذكرها حتى الآن و كأنها كانت بالأمس ....
حين وضع تيماء أرضا برفق بجوار أحد الأشجار ... يسند ظهرها اليها و يبعد شعرها المتناثر عن وجهها المتهالك ... فتأوهت بخفوت مغمضة عينيها ....
استطاع أن يلمح تلك الكدمات الشديدة القتامة و التي تعلو عظمة الترقوة ... و تتناقض مع بياض بشرتها الشاحب .... ظاهرة من فتحة عنق الثوب المتهدل الواسع عليها ....
فرفع يده ... يتلمس تلك الكدمات برفق فشهقت تيماء و هي تطبق جفنيها بقوة و تعض على شفتها السفلى بألم ....
فسحب قاصي نفسا أجشا غاضبا ... مرتجفا و همس بخفوت بين صوت حفيف أوراق الشجر في الليل ....
( كم آذاك ! ............. و لم أكن حتى متواجدا كي أدافع عنكِ ... )
ظلت تيماء على حالها مغمضة عينيها لعدة لحظات ... ثم فتحت عينيها تنظر اليه بتعب ... عينين عميقتين بعمقِ البحر في أشد ساعات الليل ظلاما ....
تنظر اليها عينيه السوداوين بنارٍ من الغضب التملكي العنيف ...
ثم رفعت اصابعها ببطىء و اجهاد حتى لامست فكه بأصابع مرتجفة و همست باعياء
( المهم أنك هنا أخيرا ..... كنت أعلم أنك لن تتركني أبدا .... )
قبض قاصي على كفها بقوة و حولها الى فمه وهو يقبل راحة يدها كالمسعور هامسا بشراسة
( ابدا .... أبدا يا صغيرة ..... أنتِ تخصيني و أنا لا أترك ما يخصني مطلقا ..... )
انسابت دمعتين ثقيلتين على وجنتيها و همست بصوتٍ مختنق
( دعنا نغادر هذه البلد للأبد ...... لنتابع خطتنا و نفر الآن ...... أرجوك , لم أعد أطيق رائحة الحطب بها .... تلك الرائحة تخنقني و تذكرني بالأنفاس المتهدجة التي سحبتها و أنا أحاول تحمل ضربات حزامه على جسدي و أنا معلقة أتأرجح كالبهائم ..... )
التوى فكه بعنف و التوى حلقه وهو يحاول جاهدا السيطرة على نفسه كي لا يرعبها بردة فعله ....
الا أن كل ما استطاعه هو التقاط نفسا أكثر خشونة وهو ينظر بعيدا الى الليل الداكن الصامت لدرجة الاختناق ...
فهمست تيماء بخوف
( قاصي ....... لماذا تصمت ؟!! ..... لماذا لا نفرالآن و نبتعد للأبد ..... لا تصمت هكذا أرجوك , أنت تخيفني ..... )
التفت قاصي ينظر اليها بملامح زادها الظلام غموضا و ألما .....
ثم رفع أصابع يده الحرة و تلمس وجنتها بحنان وهو يتأملها و كأنه يتأملها للمرة الأخيرة و يخزن ملامحها بذاكرته للأبد ..... مما جعل الدموع تتلاحق على وجهها بغزارة فهمست بنحيبٍ مختنق خائف
( قاصي !! ............ )
قال قاصي أخيرا بصوتٍ خافت ... شبيه بصرير الريح الباردة التي تلفحهما , بينما عيناه لا تبارحان عينيها الباكيتين
( لن أستطيع الخروج بكِ من هذه البلد أبدا ...... سيكون هذا مستحيلا ....نحن هنا محاصرين تماما .... )
ازدادت حدة بكائها الصامت و همست باختناق
( و ماذا سنفعل ؟!! ...... )
استمر في النظر اليها بعينين فقدتا كل أقنعتهما .... ووجه متغضن من الألم , و أصابعه لا تزال تتجول على ملامحها محاولة رسم تلك الصورة للأبد ...
ثم همس أخيرا بصوتٍ أجوف ... بعيد ....
( سأحميكِ بحياتي ..... و لن يمسك سوء طالما لا يزال بصدري نفس يتردد .... )
همست تيماء ترتجف من هول القادم ..... و صدرها يخفق بعنف و الم
( ماذا ستفعل ؟!! ........... )
قال قاصي ببطىء و بصوتٍ ثابت ... فاقد الحياة ....
( سأسلمك لجدك ........... )
اتسعت عينا تيماء برعب و فغرت شفتيها المرتجفتين و هي تحاول الهتاف ... الا أن الرعب كان يمنع الكلمات من مغادرة حلقها المتشنج ....
فرفع قاصي اصابعه يغطي بهما فمها الفاغر وهو يهمس بألم
( اهدئي ........ اهدئي و لا تتكلمي ...... أرجوكِ لا تتكلمي ..... )
تساقطت دموعها على أصابعه الخشنة المستقرة على شفتيها و هي تهز رأسها نفيا بعجز .... تطالعه بعينين واسعتين ذاهلتين .... باكيتين ....
فقال قاصي متابعا بصوتٍ قاسٍ عبثا .... مزيفا ....
( لقد بلغته قبل وصولي اليكِ بدقائق ...... و أخبرته بأنني سأسلمك له ....... )
كانت عيناها كطبقين مستديرين يحملان فاكهة الألم الزرقاء .... بدموعٍ فيروزية ....
و كأنها تسمعه يتكم بصوتٍ غير صوته ...
حينها رفع أصابعه عن شفتيها و أحاط وجهها بكلتا كفيه ... وهو يرفعه اليه , يخاطبها بعينيه القاسيتين كي تستوعب
( اسمعيني جيدا ..... لن يحميكِ من والدك سوى سليمان الرافعي وهو لن يؤذيكِ ...... أقسم لكِ أنكِ ستكونين بخيرٍ معه ...... )
همست تيماء بنحيبٍ مختنق
( لا ..... لا ...... لن أذهب اليه مطلقا .... أريد مغادرة هذه البلد معك ...... ماذا .... ماذا عن زواجنا ؟!! ... ماذا .... ماذا عن كوني أخصك و أنك لن تتركني أبدا ؟!! ....)
شدد قاصي قبضتيه على وجهها و هزه قليلا وهو يقول بصرامة و حدة
( اسمعيني جيدا ..... لا مجال للدلال هنا , إنها مسألة حياة أو موت ..... و فرصتنا معدومة في الهرب ..... ستنفذين ما آمرك به ..... )
كانت تلهث وهي تنظر اليه بذهول و رعب .... تنتحب بصمت و تشعر بألم يفوق قدرتها على التحمل ....
و حين استطاعت الكلام أخيرا قالت أخيرا بذهولٍ و صدمة .... صدمة عذاب
( و ماذا ....... عنك ؟!! ......... )
ساد صمت طويل ...... و الظلام يحيط بهما و كل منهما ينظر الى الآخر دون أي بادرة من الأمل تلوح لهما ...
الى أن قال قاصي أخيرا بصوتٍ ميت .... لا يحمل الحياة
( هذا ما سيقرره جدك ...... لكن اعلمي أنه طالما كنت أحيا معك على هذه الأرض فلن أتخلى عنكِ أبدا .... مهما فرقتنا الأعوام .... مهما طالت .... أو قصرت ..... )
تحولت أنفاسها الى شهقاتٍ مرتعبة و الدموع تتجمد على وجنتيها .... ثم همست بعدم استيعاب
( قد يقتلك ....... سيقتلك , ...... هؤلاء البشر لا يتعاطفون و لا يعرفون معنى الرحمة ....... )
ساد الصمت الكئيب حولهما مجددا .... قبل ان يقول قاصي بصوتٍ خافت
( سأعمل على التأكد حينها أن لن يؤذيكِ شيء من بعدي ........... )
صمت قليلا وهو ينظر الي عينيها الذاهلتين المرتعبتين .... ثم قال بصوتٍ أجش وهو يلامس الجرح المتقرح أعلى وجنتها
( أنا آسف يا تيماء ..........آسف ....... )
.................................................. .................................................. ..............
" أنا آسف يا تيماء .......آسف ...... "
شعرت بأصابعه على وجنتها ... تلاحق تلك القطبات القليلة ... القديمة .....
قطبات عمرها خمس سنوات .....
فشهقت و هي تفتح عينيها هاتفة بقوة
( قاصي !!! ............... )
الا أنها لم ترى سوى ظلام غرفة المشفى ..... أدارت تيماء وجهها و هي تنظر حولها لتستوعب مكان وجودها ....
حتى سمعت صوت سوار تقول بخفوت
( هل تحتاجين لشيء يا تيماء ؟!! ......... )
نظرت اليها تيماء طويلا ... ثم قالت بشك
( هل كان قاصي هنا للتو ؟!! ........ )
قالت سوار بحيرة
( قاصي لا يزال خارج الغرفة ..... رفض المغادرة ....... )
فتحت تيماء شفتيها تريد سؤال سوار
" هل كان هنا ؟!! ...... منحنيا ينظر الى وجهي و يلاحق اصبعه تلك القطبات أعلى وجنتي ؟!! ...... "
الا أنها عدت و أغلقت شفتيها و هي ترجع رأسها للخلف .... ناظرة الى السقف القاتم ..... بضياع ... ..
.................................................. .................................................. ...................
" بعد اسبوع ........... "

سمعت صوت طرقات على باب غرفتها ... بينما هي تنظر الى نفسها في المرآة .....
فالتفتت تنظر الى الباب بصمت قبل أن تقول بخفوت
( تفضل ............ )
فتح الباب و دخلت سوار الى الغرفة مبتسمة ... ثم توقفت قليلا و هي تنظر الى تيماء قائلة بحبور
( صباح الخير ...... كم تبدين جميلة يا تيماء !! ...... )
ابتسمت تيماء دون مرح .... لكنها قالت بهدوء
( حقا ؟!! ......... ربما كانت عبائتك هي السبب ....... )
قالت سوار ضاحكة
( هراء ....... العباءة ازدادت بريقا و تناقضا مع ملامحك فزادت جمالا ..... )

كانت تيماء ترتدي احدى عباءات سوار ....
عباءة من الحرير الأسود واسعة و هفهافة .... الا أنها تضيق عند الصدر بتطريز رائع .... ما بين الاحمر و الذهبي .......
أما الوشاح الحريري الأسود الذي أحاط بوجه تيماء .... فقد تناقض بشدة مع بياض وجهها و لون عينيها الفيروزيتين ....
فبدت كأميرة فارة من احدى كتب الروايات الشرقية القديمة .....

إنها المرة الأولى التي تنزل فيها لتناول طعام الإفطار مع جدها و باقي أفراد عائلتها المصونة ...... بعد أن فكت قطبات الجراحة أخيرا و أصبحت حرة الحركة .....
أسبوع كامل لم ترى به قاصي .... و لم تتجرأ على السؤال عنه .....
بدا و كأنه قد اختفى تماما .... تاركا اياها تسقط في حالةٍ من الفراغ !!! ....
كانت تتخيل أنه سيلاحقها كظلها .... يملي عليها حضوره غصبا ....
لكنه اختفى بمنتهى البساطة .....
تماما كما اختفى منذ خمس سنوات بعد أن سلمها الى جدها كطرد مغلف و مدموغ .....
نظرت تيماء الى عينيها الفيروزيتين في المرآة ...
كانتا بلونٍ رائق .... صافٍ ...
تلك الدرجة التي تراها حين تشعر بنفسها تسقط في تلك الهوة من الفراغ ... منعدمة الوزن فاقدة الجاذبية .....
قالت سوار أخيرا تشدها من شرودها المتباعد ....
( لقد سأل عنكِ جدي ..... وهو مسرور للنزولك أخيرا ..... )
لقد زارها سليمان الرافعي في غرفتها عدة مرات قليلة منذ ان انتقلت الى دار الرافعية من أسبوع بعد اجرائها للجراحة .....
كانت زيارات مختصرة ... موجزة , و جافة العبارات ...
كانا لا يزالان على خصام منذ أن احتدم حوارهما في المشفى آخر مرة .....
لكن بعد أن انتفى سبب الشجار و بعد رحيل أيمن دون أن يتجرأ على التقدم الى جدها و طلب يدها ....
امتنع سليمان الرافعي عن فتح الموضوع مجددا ....
و كم أراحها ذلك ...
كانت تشعر بالخزي بما يكفيها ... دون القدرة على تحمل المزيد من الهوان و الذل ...
لكن يبدو أن سليمان الرافعي قد راعى ذلك و أحجم عن ذكر الموضوع للأبد .....
قالت تيماء بحذر و هي تدعي العفوية في السؤال
( من سيكون متواجدا ؟!! ............ )
ابتسمت سوار و قالت بمداعبة
( أبناء أعمامك كلهم ..... أمين و عرابي و فريد أخي ..... و زاهر و أخته بدور .... تلك التي هي مخطوبة لراجح ..... )
كيانها يحترق على نارٍ هادئة و هي ترغب في القاء السؤال ...
هل سيتواجد قاصي ؟!! ....
لكنها لم تجرؤ .... اطرقت تيماء بوجهها و قالت بفتور و عدم حماس
( حسنا ........... جيد .... )
عقدت سوار حاجبيها و قالت دون ان تفقد ابتسامتها
( ما سر هذه الطاعة و اللامبالاة الحكيمة ؟!! أين ذهب لسانك الشبيه بالأفعى الجرسية ......... العالم في خطر على ما يبدو ...... )
مطت تيماء شفتيها و قالت بامتعاض
( اكتشفت أن الجدال هنا ما هو الا كالنفخ في قربة ماء مثقوبة خاصة للنساء ......... لذا قررت الحفاظ على صوتي , علني أستخدمه في شيء أكثر نفعا .... كالغناء مثلا عوضا عن ضرب رأسي في الحائط ... )
ضحكت سوار و قالت
( ها هو لسانك .... قد بدأت في الشك أنكِ تعلمتِ التعقل هنا و بدأت في الخوف عليك .... عامة أعرف ما قد يسري عنكِ و يبعد عنكِ تلك الحالة من الفتور .... )
قالت تيماء بدون حماس
( ماذا ؟!! .......... نحلب العنزة اليتيمة المربوطة بجوار باب المطبخ ؟!! ..... )
مطت سوار شفتيها و تأففت و هي تقول
( أوووووف من استفزازك , كان الله في عون من يتزوجك ..... المبتلى المسكين لا بد أنه قد فعل شيئا بالغ السوء في حياته كي يعاقب بكِ ....... )
قالت تيماء ببرود و هي تنظر الى عينيها الشاردتين في المرآة
( المبتلى المسكين على ما يبدو قد فر قبل أن يبتلى بي ......... )
قالت سوار بعينين تبرقان
( و هل يجرؤ على الفرار ؟!! ...... إنه تحت ينتظرك .....و يرحب بابتلاءه بكِ حامدا شاكرا .... )
استدارت تيماء على نفسها و قد انتفض قلبها وهو يختلج متناثرا بين أضلعا كرذاذ من الذهب السحري ....
قائلة بتهور و غباء ... بينما عيناها تبرقان كنجمتين من الفيروز الخالص
( هل هو موجود ؟!!! ........... )
ابتسمت سوار متعجبة من لهفة تيماء الجديدة ... لكنها قالت بفرح
( بالتأكيد ..... كما أخبرتك ان كلهم متواجدين ... على أنني لست متأكدة بعد من منهم هو المبتلى تحديدا .... هذا يعتمد على اختيارك .... )
و كأن الرذاذ الذهبي قد تحول فجأة الى رماد كئيب ....
بعد أن سقطت عليها كلمات سوار كدلو من الماء البارد على شعلة توهجها و أطفئتها و حولتها الى حفنة من الرماد ....
عادت تيماء لتستدير مجددا الى المرآة .....
فصدمتها عيناها الفاضحتين ....
لقد عرت نفسها أمام نفسها ....... و كأن الصورة في المرآة تسألها ساخرة
" ما هذا الذي فكرتِ به للتو ؟! ...... لقد كان أول من يخطر ببالك !!!! .... "
أخذت تيماء نفسا عميقا و التفتت الى سوار قائلة ببهجة زائفة كي تداري سؤالها الغبي منذ لحظة
( اذن أخبريني عن الشييء الذي قد يسري عني ....... أنتظر بشوق )
ضحكت سوار و هي تهز رأسها بيأسٍ منها قائلة
( يا مجنونة ..... حسنا اسمعي آنستي , ما رأيك في حضور حفل زفاف تقليدي تماما معي الليلة بما أنكِ استطعت الحركة بحرية أخيرا ..... ستستمتعين جدا .... )
عقدت تيماء حاجبيها و قالت بخفوت
( زفاف من ؟!! ........... )
ردت عليها سوار قائلة بابتسامة عريضة
( زفاف ابن خالي من عائلة الهلالي ... سترين بيت مختلف و عائلة مختلفة .... ما رأيك ؟!! .... )
اطرقت تيماء بوجهها و هي تقول بتردد
( لا أعلم ...... لا أظن بصراحة ...... )
الا أن سوار لم تتركها بسهولة فقالت بلهجة قوية
( تعالي معي يا تيماء ..... سليم مسافر اليوم و لن يحضر و أنا لا أريد الذهاب وحدي .... )
نظرت اليها تيماء و قالت باعتراض محبط
( لما لا تصطحبين أي فتاة أخرى من بنات أعمامك ..... )
قالت سوار متنهدة
( لا أحد يريد الذهاب .... أعرف هذا دون الحاجة للسؤال , لا تزال المحبة مفقودة بين العائلتين رغم أن الظاهر يؤكد عكس ذلك .... لكن تبقى النفوس غير راضية و لن ترضى أبدا ..... كما أن معظم أفراد العائلة قد غادروا بالفعل .... لقد خلا الدار بعد أن كان مكتظا خلال الأسبوع الماضي ... و لم يتبقى سوى أبناء أعمامك منتظرين البشرة منكِ ....... )
رمشت تيماء بعينيها و هي تنفث نفسا لاهبا غاضبا كلما وصل الحوار الى تلك النقطة ...
لذا رفعت وجهها و قالت مغيرة الموضوع
( حسنا لا بأس مبدئيا .... لكن لا أستطيع أن أعدك بذلك .... )
قالت سوار بنفاذ صبر
( أشكر لكِ تضحيتك العظيمة آنسة تيماء ..... هلا نزلنا الآن لأننا تأخرنا جدا و قد ينزل جدي قبلنا ... )
عادت تيماء تنظر الى نفسها في المرآة .... و قالت بتوتر
( بلى ..... انزلي أنتِ رجاءا .... و أنا سأهاتف أمي ثم ألحق بكِ ........ )
خرجت سوار و أغلقت الباب خلفها .... بينما رفعت تيماء يدها الى صدرها و اخرجت النفس الذي كتمته طويلا ....
ثم لم تبلث أن اطرقت برأسها و هزته غضبا و هي تهمس
( كف عن تسلطك على عقلي في كل لحظة ..... ابتعد ..... ابتعد ..... ابتعد بروحك كما ابتعدت بجسدك .... )
كانت يدها لا تزال على صدرها فشعرت كما تشعر مؤخرا بأن صدرها خالٍ ... بارد .... بعد أن أخذ منها السلسال الفضي الثقيل الوزن و الذي ظلت لسنوات تشعر بثقله على صدرها ....
و كلما توترت كانت ترفع يدها لتمسك به دون أن تدري ...
الآن و خلال الأسبوع الماضي ... لا تزال حتى اليوم , كلما حل قاصي على تفكيرها رفعت يدها تلتمس الإمساك بسلساله الا أنها لا تجده ....
و تتذكر أنها قد فقدته ....... فتشعر بالمزيد من الفراغ و الغربة .....
زفرت تيماء بقوة ... ثم تناولت الهاتف بغيظ و ضربت رقم هاتف ثريا .....
و كما تعودت خلال الأيام الماضية ....
كلما فتحت أمها الخط ... تبادرها بالعويل و التذمر ... و اليوم لم يكن استثناء ابدا ....
هتفت ثريا بأنين يثير الإستياء
( تيماء سأموت .... سأموت ..... كيف لكِ أن تكوني ناكرة الجميل و متحجرة القلب الى هذه الدرجة ؟!! ... )
أغمضت تيماء عينيها و قالت بخفوت
( ثريااااااا ..... غبت عنكِ أسبوع , الا يمكنك ولو لمرة اظهار بعض الحنان في كلامك معي ؟!! .... كل يوم نفس الصراخ و العويل , لقد تعبت بالله عليكِ يا أمي ..... )
لكن ثريا لم تتراجع و لم تشعر للحظة بالحرج ..... بل تابعت بنفس الصوت المتصابي المدلل و المزعج
( أنتِ تعبتِ ؟!! ..... أنتِ تعبتِ ؟!!! ..... و ماذا عني أنا ؟! .... تلك الخادمة الغبية التي احضرتها قبل سفرك رحلت .... رحلت و أنا من تقوم بكافة أعمال البيت ..... الا تملكين أي حس بالعطف على أمك ؟!! ..... الا يكفي أنني قد تحملت سفرك في الخارج لمدة ثلاث سنوات كاملة .... اطهو و انظف و اغسل .... و كل هذا في سبيل أن تنالي شهادتك و تتقدمين بحياتك .... لكن انظري كيف تكافئيني الآن ؟!! .... )
زفرت تيماء بصمت ...
بينما تحولت ملامحها الى غلاف جليدي .....
في الواقع لقد أصبحت أمها مؤخرا عبئا ثقيلا عليها ... عبئا أنانيا للغاية ....
لم تشعر تيماء بالذنب و هي تفكر في هذا ...
رغم حبها لأمها و امتنانها الشديد لها لأنها الوحيدة التي بقت معها و لم تتخلى عنها ....
الا أن الحقيقة تفرض نفسها ....
أمها ما هي الا طفلة غاية في الأنانية , كثيرة المتطلبات دون التفكير في غيرها .....
حتى أنها الآن تخالف الواقع تماما فيما نطقت به للتو ....
تلك السفرة للخارج .... الثلاث سنوات كي تنهي رسالتها ....
لم تكن كرما فائضا من أمها كما أوحت ....
بل كانت بعد معاناة فظيعة مع العويل و النحيب و الرفض القاطع .....
ثريا لم تستطع أبدا خدمة نفسها على الرغم من أنها نشأت في بيئة متهالكة و مطحونة ....
الا انها بطبعها كانت و لا تزال شديدة الإتكالية .... ...
و عند نقطة معينة ... كان لتيماء وقفة صارمة أمام أمها ...
حين قررت أن مستقبلها أهم من الجميع ... دون اهدار لحقوق أمها ....
لذا كانت شديدة الحزم و هي تعلن لأمها أنها قد اتخذت قرارها و انتهى الأمر و عليها أن تعتمد على نفسها لمدة ثلاث أو أربع سنوات ....
فأحضرت لها خادمة و سائق .... و كل هذه الرفاهية بمال سليمان الرافعي ... الذي يأتي ظاهريا من والدها ....
لكن ثريا كانت غير متعاونة اطلاقا خلال الثلاث سنوات ....
اتصالات من النحيب و العويل و الدعاء على نفسها و على تيماء أحيانا ....
خادمة وراء خادمة ..... و تيماء تلتزم معها أقصى درجات ضبط النفس .... فيكفيها تماما أنها قد نفذت قرارها و سافرت ... لذا حاولت أن تكون متعاطفة مع أمها قدر امكانها ....
حتى هذه السفرة الآن ....
لم تخبر ثريا عن وجهتها الحقيقية .... بل كذبت و ادعت أنها مسافرة الى مؤتمر لمدة ثلاث أيام ....
حماية لنفسها من المزيد من العويل لو علمت أنها متجهة الى عائلة أبيها بعد ما كان منهم ....
لكن للأسف ... بغير ارادتها تحولت الثلاث أيام الى اسبوع كامل .... و أمها لا تنفك عن التذمر كل يوم ...
رفعت تيماء وجهها لتقابل عينيها الفيروزيتين في المرآة ....
و فاجأها سؤال صادم
هل بقائك هنا بغير ارادتك فعلا ؟!! .........
رمشت تيماء بعينيها و أبعدت السؤال المجنون عن ذهنها المجهد ....
و قالت بهدوء يائس
( ثريا ..... لقد أخبرتك أنني أجريت جراحة الزائدة ..... الا يشعرك ذلك بنوع من القلق علي ولو للمرة واحدة ؟! ...... كل ما تفكرين به هو الخادمة التي هربت بسبب طريقة تعاملك معها !! ..... )
هتفت ثريا بغضب
( هذا لأنك سافرتِ ضد ارادتي للمرة الثانية .... لو كنتِ بقيت لكنتِ أجريتِ الجراحة هنا و مكثت معك ... )
رفعت تيماء عينيها الى السماء و قالت بفتور
( آه ...... صحيح ..... )
كانت أكثر غضبا من ان تجادل امها في تلك اللحظة كي لا تتهور و تجرحها بكلمة .... لذا قالت بخفوت
( سأهاتف معارفي مجددا و أبحث لكِ عن خادمة أخرى .... لكن رجاءا يا أمي حاولي أن تبقين عليها هذه المرة ..... باتت كل الخادمات يعرفن بيتنا بالإسم و يتحاشين المرور من شارعنا .... )
هتفت ثريا قالت بصرامة
( و لماذا تبحثين عن خادمة أخرى ؟!! .... متى ستعودين ؟!! ..... ألم ينتهي الاسبوع ؟!! .... لقد نزعت خيط القطبات .... ماذا تنتظرين بعد ؟!! .... )
أجفلت تيماء و هي تقابل صورتها في المرآة مجددا ...
و بدت صورتها في تلك اللحظة شديدة الشر و هي تضحك منها ساخرة ......





يتبع


tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 02-04-16, 11:50 PM   #3738

توني 26

نجم روايتي وساحرة واحة الأسمر بقلوب أحلام

alkap ~
 
الصورة الرمزية توني 26

? العضوٌ??? » 274116
?  التسِجيلٌ » Nov 2012
? مشَارَ?اتْي » 1,738
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » توني 26 has a reputation beyond reputeتوني 26 has a reputation beyond reputeتوني 26 has a reputation beyond reputeتوني 26 has a reputation beyond reputeتوني 26 has a reputation beyond reputeتوني 26 has a reputation beyond reputeتوني 26 has a reputation beyond reputeتوني 26 has a reputation beyond reputeتوني 26 has a reputation beyond reputeتوني 26 has a reputation beyond reputeتوني 26 has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

و أخيرا تسجيل حضور من موكع الحدس


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 250 ( الأعضاء 192 والزوار 58)
‏توني 26, ‏hope 21, ‏tamima nabil+, ‏غير عن كل البشر, ‏canad, ‏سوما, ‏اجمل غموض, ‏rontii, ‏ToOoOmy, ‏meryamaaa, ‏زهرة الاوركيدة, ‏khadibima 52, ‏الشعر الاسود, ‏قرنفل احمر, ‏ebti, ‏عيون1, ‏تلوشه, ‏ronita1417, ‏همسات حب, ‏كاتبة مبتدئة, ‏يمنى اياد, ‏خيال القصيد, ‏najla1982, ‏maimickey, ‏طوطه, ‏رودينة محمد, ‏last hope, ‏شاهندا 14, ‏خضره, ‏amatoallah, ‏حور الجنان, ‏gentle dona, ‏sonal, ‏luz del sol, ‏Fay~, ‏بنتن ل محمد, ‏REEM HASSAN, ‏كريستنا, ‏هبه رمضان, ‏ليال الود, ‏يا من تحب, ‏saraa_2_, ‏بريق العابرين, ‏sasad, ‏شوشو العالم, ‏sawpalmetto, ‏نداء الحق, ‏سارقة الظلام, ‏موج البحر33, ‏رندا5, ‏ريناد السيد, ‏11_roro, ‏KHAD.A, ‏ALana, ‏رمـاد الشوق, ‏hanene**, ‏دمعه نسيان, ‏Ana Yoya, ‏emanmostafa, ‏زالاتان, ‏amiraa22bk, ‏totoranosh, ‏الطاف ام ملك, ‏kokisemsem, ‏angle2008, ‏Ellaaf, ‏Riarika, ‏كلي اناقه, ‏جميلة الجميلات, ‏ana sara, ‏زهرة مغتربة, ‏dalia mostafa, ‏حنين مريم, ‏escape, ‏مسره الجوريه, ‏ghader, ‏البيضاء, ‏نهى حسام, ‏طفول, ‏umryum, ‏omniakilany, ‏حووووووور, ‏Electron, ‏sajanody, ‏butter fly, ‏Roro adam, ‏نوت2009, ‏sara-khawla, ‏Alzeer78, ‏لما سعيد, ‏Hams3, ‏Monaelsaed, ‏نور الضى, ‏غروري مصدره أهلي, ‏انجوانا, ‏Whispers, ‏Dodo Diab, ‏angela11, ‏hussin ali, ‏ايه الشرقاوي, ‏اريج البنفسج, ‏ولاء محمد قاسم, ‏fatma ahmad, ‏starmoon, ‏منيتي رضاك, ‏الشوق والحب, ‏zezeabedanaby, ‏عاشقة الحرف, ‏soe, ‏ماما تلي, ‏لولة العسولة, ‏maryema, ‏كيوانو, ‏ons_ons, ‏mona_90, ‏كبرياء امراة, ‏safy mostafa, ‏doaapakr, ‏شكرإن, ‏jinin, ‏Rivan mohammad, ‏ام هنا, ‏jene, ‏Mememoon, ‏11Sozan, ‏toka saltah, ‏الصقر الصقر, ‏مهرة..!, ‏قلب السكر, ‏سمااااا, ‏Nora28, ‏ebrU, ‏intissar2, ‏همسات المطر, ‏thebluestar, ‏شيزكيك, ‏soumati, ‏AYOYAAA, ‏egyptian and proud, ‏ريهان احمد, ‏deegoo, ‏NOOR ALKHFAF, ‏khma44, ‏No problem, ‏noran assal, ‏sweethoney, ‏Maryam haji, ‏engasmaamekawy, ‏عماد52, ‏حنان ياسمين, ‏ghdzo, ‏شيمو عصام, ‏basmati, ‏ام لينووو@, ‏ياسمين على احمد, ‏just dreem, ‏دادا, ‏فاطمه توتي, ‏smeha, ‏nada alaa, ‏dallou3a, ‏أسماء44, ‏hawa500, ‏حائرة انا, ‏غيدائي, ‏ayman_barya, ‏sama2_egypt, ‏Engineer Esraa, ‏Light dream, ‏الوية احمد علي, ‏رياح النصر, ‏mero86, ‏ندى سلام, ‏Souriana, ‏Rose Smile, ‏lamia57, ‏almaas muhamed, ‏كتكوته زعلانه, ‏لؤلؤةأبوها, ‏gogo3046, ‏سومة111, ‏القمر الفيروزي, ‏لين الورد 25, ‏دعاء 99, ‏شذى حسام, ‏sara osama

مراسلتكم توني من أمام بحث سلاسل التوريد و أثرها علي خلق و حفظ و توصيل القيمة المدركة للعملاء
هييييييييييييييييح



توني 26 غير متواجد حالياً  
التوقيع

إهداء نوفيلا للعشق لونه الدموي لـزهرة الكاميليا4 ... صديقة قل مثيلاتها , في إحدي المرات و بعد إنقطاع عن الحديث عبر الفيس بوك كتبت لها ... (توووتة محتاجاكي في شغلة) , و خلال أقل من دقيقة كانت حاضرة تعرض عدتها و عتادها , طلبت منها قراءة النوفيلا و فوجئت أنها لم تتأخر لحظة
بالعكس أنتهت منها و أعادتها لي مع تعليق في وقت لا يذكر
الإهداء ليس لأنها قرأت النوفيلا ... لكن لروعتها و تواجدها مع صديقتها وقت إحتاجتها دون أن تسأل
صديقتي الليبية الحلوة ما أرووووووووعك
النوفيلا قليلة بحقك , لكنها كل ما أملك إهدائه لك اليوم
عسي ربي يجمعني بك علي خير قريباً ... أحممممم و ناكل أيس كريم مع بعض

إهداء لــعاشقة الكلمات (أم حمودي) معك أجد عاطفة أمومية خالصة تغرقني , شاكرة لكل رسالة تبادلناها و كل نصيحة حياتيه تكرمتي بها علي قلبي المتلهف
رد مع اقتباس
قديم 02-04-16, 11:51 PM   #3739

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

نزلت تيماء بتردد ...

درجة درجة .... و هي متمسكة بالحاجز الخشبي الأرابيسك للسلم ...
تطول بعينيها بحثا ...... لكن دون جدوى ....
وصلت تيماء الى مائدة الفطور الضخمة ..... و التي كانت تحمل على متنها كل ما لذ و طاب ....
و الذي هو ابعد ما يكون عن تنصيف الفطور ...
استطاعت أن تميز الأفراد الجالسين ....
فبعد اسبوع كامل ... باتت تعرف العديد من أفراد العائلة ...
عمتها زهيرة ..... سيدة متوسطة العمر قوية الجسد و حادة النظرات دون حرج .... و هي والدة عرابي ....
و ها هو عرابي يجلس بجوارها .... تظن أن عرابي هذا يعيش قصة حب دون بطلة ...
فهو يحب من نفسه ليل نهار .....
وسيم و بداخله طفل عابث ... بعكس أمه الصارمة و التي تريد تزويجه لأفضل فتاة في العالم ... وحتى إن وجدتها فلن تراها تليق به أيضا ...

و هذا هو أمين ابن عمها راشد ... أكثرهم عقلا و اتزانا .... كما انه يتميز بابتسامة غاية في الجاذبية .... وسامته رجولية و هادئة ....

و هذا فريد ابن عمها غانم .... الأكثر جنونا و طاقة .... شقيق سوار و النصف رافعي و نصف هلالي .....
إنه الألطف بينهم و الايسر تعاملا معه .... لكنه أيضا الأكثر استفزازا ....

أما هذا الشاب الضخم متجهم الوجه دائما .... هو زاهر ...
متجهم و غامض مثل أخته بدور .... يبدو شديد القسوة و الجلافة .... لا يتبادل أطراف الحديث و لا يبالي بمن حوله ....
زاهر و بدور هما ولدي عمها ناصح .... و هذا العم أكثر شدة من ابنه ... يكاد أن يكون عنيفا و لا يعرف سوى الشدة في التعامل و الحمد لله أنه ليس متواجدا هنا الآن ....
من الواضح أن هذه المائدة أعدت للأحفاد تحديدا .... بينما خلت من الجيل الاكبر ....
حين خطت تيماء خطوتين ... لاحظها الجميع ...
فنهض اثنين منهم وهما الإثنين الأكثر اهتماما من ذئاب الرافعية ....
أمين المتزن .... و عرابي العاشق ....
أما زاهر فقد رمقها رافضا ... لا تعلم ما الذي هو رافضه في الواقع !!! ... لكنه ولد ليكون رافضا و معترضا ....
و فريد لم ينهض من الأساس وهو يتناول ما بين الجبن و الفطير .... و بين عسل النحل دون انتظار أحد ... لكنه لوح لها بعفوية ...
ابتسمت تيماء ابتسامة دبلوماسية و هي تقترب منهم قائلة بهدوء
( صباح الخير ....... )
سمعت عدة همهمات .... أغلبها متجهم ... باستثناء أمين و عرابي ....
و قال عرابي على نحوٍ خاص ....
( صباح الخير يا تيماء ...... اخيرا اشرقت الشمس بنزولك !! .... )
سعل فريد فجأة وهو يختنق بلقمة طعام وقفت في حلقه .... الى أن نال ضربة من قبضة شقيقته سوار ... و التي كانت قوية حتى تنفس أخيرا ....
قالت سوار بنفاذ صبر
( على مهلك في الطعام ...... كنت ستلقى حتفك ضحية لقمة فطير ..... ثم الا يجب عليك انتظار جدك من باب الإحترام ؟!! ..... )
قال فريد دون تردد
( أنا موقفي صريح يا سوار ..... آنا آتي الى هنا فقط لآكل و لست مستعدا للإنتظار و كل هذه الخيرات معروضة أمامي ...... )
قالت سوار بصرامة
( حسنا أرني شجاعتك أمام جدك و أنت تعيد ما قلته للتو ......... )
قال عرابي بابتسامة رائعة وهو يشير الى المقعد المجاور لمقعده ...
( تفضلي يا تيماء .... لا تقفي طويلا و نحن نناقش خط سير معدة ابن عمك .... فقد يطول الأمر و هذا هو طبعه .... )
ابتسمت تيماء تلقائيا ... لكن ابتسامتها بهتت و هي ترى نظرات عمتها زهيرة لها و هي ترمقها من أعلى رأسها حتى أخمص قدميها ... دون أن تنسى مصمصة شفتيها بتعجب نسائي شهير ...
رفعت تيماء حاجبها و أخفضت نظرها تتحقق مما ترتديه ... علها تكون قد نسيت ارتداء بنطالا أو قميصا ... و هذا هو سبب امتعاض عمتها والدة عرابي .....
لكنها لم تجد سوى العباءة الفضفاضة كما توقعت .....
قال فريد ببراءة فجأة مزيحا الكرسي بجواره
( تعالي يا تيماء و اجلسي ......... )
بصراحة كانت تفضل الجلوس بجوار فريد .... فهو بسيط جدا و لا تشعر بالحرج معه .....
و هي لا قبل لها حاليا على تحمل نظرات عرابي و غزله العفيف ...
و غزله العفيف هذا تعريفه في قاموسها الخاص
هو الغزل الذي ينتهجه الشاب الشرقي في سبيل ايقاع فتاة الزواج التقليدي التي قابلها للتو ... في سبيل حثها على الموافقة .... و لا مانع من بعض العواطف و اعتراف سريع بالوقوع في الحب من اول نظرة ... متعجبا من تصاريف القدر .....
نظرت تيماء الى عرابي و ابتسمت برقة فغارت غمازتيها و هي تقول بلطف
( سأجلس هنا ..... لأنه أقرب ..... )
رفع زاهر وجهه وهو يهتف متذمرا
( الن تنتهو من هذا الحوار العبثي ؟!! .... فلتجلسي بأي مكان و انجزي ...تصدع رأسنا ... )
سقطت تيماء جالسة على الكرسي مجفلة من صوته و هي ترمقه رافعة جانب شفتها العليا مترافقا مع حاجبها الأيسر .....
لكنها قالت باثقة الكلمات
( حاضر ......... )
رمقهما عرابي بضيق , لكنه تراجع الى كرسيه و جلس فربتت امه على فخذه و كأنها تواسيه بعد هذا الرفض المتوحش لذاته المبجلة ..... و ربما كان الرفض الأول في حياته كلها ....
انحنت تيماء على اذن فريد و همست بغضب مشيرة بعينيها الى زاهر المتجهم
( ماذا به هذا المخلوق ؟!! ....... لماذا يعاملني كأنني ناموسة مضروبة و ميتة على الحائط ؟!! .... )
نظر فريد الى زاهر ... ثم همس بخفوت
( احتار الطب في تفسير سبب تجهمه و نقمته على الجميع ... لقد ولد بهذا الشكل المعقد ....يالفرحتك و هنائك لو تزوجتِ به .... ستربحين فخر انتاج العائلة كلها من النكد و البؤس .... فهو مثل أخته المعقدة الصغيرة بدور و والدهما المادة الخام للتجهم و النكد ..... و ياللسعادة ... بدور مخطوبة لفخر المفسدين .... راجح ابن عمران .... بصراحة نسب يشرف , توكلي على الله و اختاري زاهر ..... سيجعل حياتك بؤسا من أجود الأنواع .... )

هزت تيماء رأسها مقشعرة مبعدة عن ذهنها تخيل نفسها متزوجة من هذا الجلف ....
قال أمين بتهذيب مبتسما
( هل زال الألم تماما يا تيماء ؟.......... )
رفعت تيماء وجهها اليه و ابتسمت قائلة بلطف
( نعم ..... شكرا لك ......... )
رفعت زهيرة وجهها و قالت بلهجة ممطوطة بنفور والدة الزوج المعروف .... قبل حتى ان يتزوج ابنها بعد ..
( كيف حال امك يا تيماء ؟؟ ....... )
ارتفع حاجبي تيماء و هي تهمس في داخلها
" أمي ؟!! ....... أنا من أجريت الجراحة و ليست أمي !! .... "
الا انها قالت بهدوء مختصر
( بخير ..... شكرا لكِ ..... )
لكن زهيرة قالت
( لماذا لم تأتي معك ؟؟ ......... )
ارتفع حاجبي تيماء اكثر .....
لكنها قالت بوضوح و دون مواربة
( كيف تأتي الى هنا و بأي صفة يا عمتي ؟!! ..... أمي مطلقة من والدي و لا يصح تواجدها هنا لعدة أيام في وجوده ..... ثم أنها لم تأتي هنا قبلا فلماذا تفعل الآن ؟!! ..... )
أومأت زهيرة برأسها في ميلٍ غير مريح و قالت ببساطة أبعد ما تكون عن البساطة ....
( نعم صحيح ..... لكن الوضع اختلف الآن ... انتِ على وشك الزواج من أحد أبناء أعمامك .... فكيف لعروسٍ أن تأتي مسافرة وحدها و كأنها يتيمة !! .... )
عم المكان صمت مريع ... و رفعت سوار وجهها تنظر الى ملامح تيماء الجامدة بقلق .... ثم نظرت الى زهيرة بضيق على هذا الإفساد المتعمد لروعة هذا الصباح ......
لكن تيماء رفعت ذقنها و قالت بتعالٍ متعمد
( و هل العروس هي من تأتي لخطبة العريس يا عمتي ؟!!! ..... انا هنا للزيارة فقط , لكن من يريد أن يخطبني سيسافر خصيصا الى أمي ... في بيتها .... و حينها ستفكر في الأمر , .... )
امتقع وجه زهيرة بشدة و نفثت نفسا بدا الدخان الهادر ..... اما فريد فقال هامسا مبتهجا
( أحسنتِ .... أحسنتِ يا مصيبة عصرك ..... لم ينجح أحد في ايقاف عمتك زهيرة عند حدها من قبل و نجا أبدا .... يقال أن قبو دارها يحتوى على عدة جثث مجهولة المصدر ... على أن المرجح أنهم لأناسٍ أثارو غضبها فسلطت عليهم هذا الشعاع الذي ترمقك به الآن .... رحمك الله يا تيماء , كنتِ طيبة و مستفزة ... )
قاطعهم فجأة صوت سليمان الرافعي يقول بهيبة و قوة
( صباح الخير ...... أرى أن معظم أحفادي قد اجتمعوا ........ )
رد عليه الجميع بابتسامات عديدة .... لكن سليمان نظر الى تيماء مباشرة ...
كانت ملامحه صارمة ... لا يزال غاضبا عليها ....
لكن عيناه كانتا مبتسمتين .... حنونتين و كأنه سعيدا بنزولها أخيرا و مشاركة أحفاده المائدة للمرة الأولى بعد رحلة عمرها الطويلة بعيدة عن عائلتها .....
وقفت سوار و قالت مبتسمة برقة
( صباح الخير يا جدي ..... تفضل اجلس مكانك .... )
ربت سليمان على وجنتها بحنو أثار غيرة تيماء قليلا .... خاصة و أنه جلس و جلست هي في مكانها .... و مكان سوار لم يكن بجوار زوجها سليم .... بل كان كرسيا خاصا بجوار سليمان الرافعي ... و كأنها زوجته ... لا حفيدته ...
رفع سليمان وجهه الى تيماء و قال بجفاء
( كيف حالك الآن يا ابنة سالم ....... )
لم تبتسم و شعرت بالحزن داخلها .... الا انها ردت بصلابة تشبه صلابته
( بخير .... شكرا لك ....... )
و على الرغم من تهذيب عبارتها المختصرة الا انه شعر بنبرة التحدي في صوتها .... مما جعله يعقد حاجبيه أكثر بغضب أبوي ....
قال محدثا سوار
( أين زوجك يا سوار و لماذا لستِ معه قبل موعد سفره ؟؟ ...... )
قالت سوار مبتسمة
( تعرف سليم يا جدي ...... يحب أحيانا أن يخرج للتأمل في الطبيعة و اليوم و بما أنه مسافر أحس أنه سيشتاق الى الأراضي و جمالها .... فأخبرني أنه سيطيل المكوث بها قليلا بعد صلاة الفجر .... )
تنهد سليمان قال بهدوء
( و هل هناك من يماثل نقاء روح سليم .... رضا الله عنه و أرضاه ..... لقد ربحتِ به يا سوار ..... )
ابتسمت سوار دون كلام .... لا تعرف لماذا شعرت فجأة بموجةٍ من الأسى
و كأن شيئا ما قد قبض قلبها ......
أخفضت سوار وجهها و همست تستعيذ من الشيطان .... لكن عينيها ضاقتا بتفكير و شرود ...
لطالما كان قلبها دليلها .... و تلك القرصة شعرت بها يوم .... يوم وفاة والدتها .....
رفعت يدها فجأة الى جبهتها و هي تغمض عينيها بخوف .....
حينها قال سليمان بقلق
( ماذا بكِ يا سوار ؟!! ......... هل أنت مريضة ؟؟ .... )
رفعت سوار وجهها الشاحب و ابتسمت قائلة
( لا يا جدي أنا بخير ..... لقد بكرت في الاستيقاظ , هذا كل شيء .... )
قالت زهيرة فجأة بلهجةٍ قوية ذات معانٍ عدة
( قد تكونين حامل يا سوار ....... عسى الله أن يطعم قلبك برؤية طفل لكِ بعد كل هذه السنوات من الانتظار .... )
ساد صمت متوتر سقط على رؤوس الجميع .... بينما شعرت سوار فجأة في الرغبة في الانهيار بكاءا ...
ربما كان هذا هو سبب في انقباض قلبها ....
ذلك الحرمان الذي فرضته على سليم منذ سنوات ....
على الرغم من انها لم تفرض عليه شيئا و لم يفرض عليها شيئا .... و أنه ما تزوجها الا كي يحميها من فرض راجح عليها كزوج ....
الا أنها الآن تشعر بالألم .... و فكرت ربما لو ضغطت على نفسها أكثر و في وقتٍ أبكر ....
ابتلعت غصة مؤلمة في حلقها ....
بينما نقلت تيماء عينيها بغضبٍ بينهما ... ثم انحنت لتهمس لفريد مغتاظة
( اليس من المفترض أن هذا السؤال يعد شيئا نسائيا و لا يصح القاءه أمام مجموعة من الرجال ؟!! .... )
ارتفع حاجبي فريد و نظر اليها بتعجب ... ثم همس مذهولا
( هذا يحدث في المدن عديمة الهيبة مثللكم ..... أما هنا فعليكِ معرفة أن معدل القاء هذا السؤال يقاس بعدد المرات في اللقاء الواحد ....و كلما حصلتِ على عدد أكبر كلما زادت فرصتك في الإنجاب ... معروفة .... )
ضحكت تيماء رغم عنها فرفعت يدها بسرعة تغطي بها ضحكتها الخافتة ....
و كان سليمان ينظر الى ضحكهما و همساتهما بغضب و نفاذ صبر .... كان يبدو متذمرا و غير راضيا ...
على عكس سوار التى نظرت اليهما و ابتسمت بسعادة لتهمس الى جدها مبتهجة
( انظر يا جدي ..... انظر كم هما منسجمان معا .... يبدو أن تيماء ستختار أخي فريد و من ستجد أفضل منه .... )
زفر سليمان بعدم رضا وهو ينظر اليهما .... فريد بالذات يستفزه أكثر من باقي احفاده ...
يأخذ الامور كلها بتهريج و دون أي حس للمسؤولية .....
همهم سليمان على مضض ..
( هممممم .... سنرى ...... )
نظر سليمان الى زاهر و ابتسم متفاخرا بينه و بين نفسه .... و تسائل لماذا لا تختار تيماء زاهر مثلا ...
رجل مهيب .... يقف الصقر على شاربيه .... متجهم الوجه دائما مما يمنحه مقاما و مهابة بين الناس ....
عاد ليهمهم بتفكير عميق راضيا
( هممممممم .... )
التفت فجأة الى تيماء و نادى بصرامة
( بنت يا تيماء ..... تعالي الى هنا بجواري على الناحية الاخرى ...... )
فوجئت تيماء بطلبه الصارم ... الا أنها لم تملك سوى القيام و أخذ طبقها .... ثم اتجهت الى المقعد الخالي بجوار على الجهة الاخرى .... رأسا برأس مع سوار ....
و حين بقت مكانها تنظر اليه بصمت ... نظر اليها و قال بصرامة
( ماذا تنتظرين ؟ ...... أكملي طعامك .... هيا ..... )
اخفضت تيماء وجهها .... و راودها شعور غريب جدا ......
شعور غامر بالفرح !!!!
بهجة غريبة انتابتها .... و جعلتها تشعر للمرة الأولى كم هي مرغوبة عن حق .....
بداخلها طفلة تتوق للشعور بهذا الحب الرجولي المسمى " أبوة " ....
و على الرغم من أنها استوت شابة ناضجة الآن ...
الا أن مجرد طلب فظ من جدها جعلها ترتعش بسعادة حمقاء ..... رفعت تيماء وجهها لتنظر اليه ....
و تذكرت المرة الأولى التي رأت بها سليمان الرافعي
.................................................. .................................................. ................
" منذ خمس سنوات ....... "
( اقتربي يا فتاة ....... تعالي الى هنا .... )
قصفت تلك العبارة بصوتٍ مرعب ... مزلزل
تردد صداه بين جنبات البيت الذي تقف به ......
صوت رجولي عميق و قد زاده العمر قوة لا العكس ...... جعلها تنتفض في مكانها و ترتعش ....
كانت مطرقة الوجه .... لا تستطيع الوقوف على قميها الحافيتين المتقرحتين ....
ملابسها السوداء مغبرة و شعرها أشعث .... و كل عظمة من جسدها تؤلمها من شدة الضرب .....
حين ظلت مكانها صامتة ترتعش دون أن تجد القدرة على فك اصابعها المتشابكة أو التحرك ....
هدر سليمان الرافعي مجددا بصوتٍ اكثر سلطة و قوة وهو يضرب الأرض بعصاه بعنف
( قلت تعالي الى هنا ...... هل أنتِ صماء ؟ ..... )
ارتجفت شفتي تيماء ببكاء صامت .... غير قادرة حتى على اصدار صوت شهقاتها المرتعبة ....
تقدمت بقدميها الحافيتين المجروحتين على سطح الأرض الناعمة ببطىء شديد ....
الى ان وقفت ما أن رأت طرف عبائته الرجالية ....
لكنها لم ترفع وجهها ....
قال سليمان اخيرا بصوتٍ قاسي مخيف
( ارفعي وجهك ....... )
ارتفع وجهها ببطىء كي تنظر اليه .... على الرغم من الرعب الذي كانت تعيشه في تلك اللحظة ...
فمن الممكن أن تكون تلك هي آخر لحظات عمرها ....
قد يرفع سلاحه و يفرغ طلقاته في رأسها ..... و يدفنها في هذه الارض دون أن يعرف عنها أحدا .....
أخذت تشهق و هي ترتجف .....
كانت تريد أن تتوب قبل أن تموت ......
صحيح أنها ليست نادمة على حبها لقاصي ابدا .... و ستظل تحبه لآخر لحظة في حياتها و التي تقترب أسرع مما تظن ....
الا أنها كانت تريد الفرصة كي تتوب ...
ستموت دون أن تتزوجه ..... ستموت بعد أن قلبها دون رباط شرعي بينهما ....
تريد فرصة كي تتوب و ترتدي الحجاب .... و لن تفعل ما قد يغضب ربها أبدا .....
ربما لو منحت الفرصة فستتزوج قاصي على الفور .... لكنها لن تفعل ما يغضب الله و تقسم على ذلك ....
نظرت تيماء اليه أخيرا ....
كان شكله غريب .... و هيبته مخيفة , أكثر من والدها ....
بل أن والدها لا يقارن به من الأساس .....
نظراته حادة كنظرات الصقر وهو يرمقها دون رحمة ... الى أن قال أخيرا بصوته المرعب
( كم عمرك ؟؟ ......... )
ابتلعت تيماء ريقها دون أن تتوقف دموعها ... الا أنها همست بصوتٍ مذبوح
( تس .... تسعة عشر ...... )
ضيق سليمان عينيه وهو يتخلل جسدها المرتعش بهما .... ثم قال أخيرا بخفوت خطر
( لقد أجرمتِ جريمة لا يمحوها الا الدم في بلدنا ....... )
أطبقت تيماء جفنيها بشدة و سقط وجهها و هي تشهق باكية برعب
( ياللهي ........ أمي ...... أمي تحتاجني ...... )
الا أن سليمان ضرب الارض مجددا وهو يهدر
( اخرسي ....... )
خرست بالفعل .... ووقفت مكانها مشبكة أصابعها مسقطة رأسها و هي تبكي و تبكي ......
الى أن قال سليمان بنبرة تفيض شرا
( الى أي حد أخطأت ؟؟ ......... )
تعالى صوت نحيبها الا أنه هدر كقصف المدافع
( أجيبي ........ )
فصرخت بعنف و هي تسقط على ركبتيها
( لم أفرط بشرفي ..... لم أفعل .... أقسم بالله و قد تأكد والدي بنفسه من ذلك ..... )
صمت سليمان ... لكن الشر زاد على ملامح وجهه و قال بنبرة مهينة وهو يشير اليها بالعصا قائلا بازدراء
( هل أنتِ راضية عن منظرك هذا ؟!! .... و ما تعرضتِ له من ذل ؟!! ..... )
بقت مكانها محنية الوجه و هي تبكي بعنف .....
لكن جدها ظل صامتا طويلا الى أن قال أخيرا بصوتٍ قاسي
( عذرك الوحيد هو أنكِ لم تجدي من يربيك .... و هذا هو الشيء الوحيد الذي سينقذك .... )
رفعت تيماء وجهها المتورم الباكي و نظرت الي وجه جدها الذي بدا و كأنه لم يعرف الرحمة قبل هذه اللحظة ...
لكنها استطاعت الهمس بضياع
( هل ستعفو عني ؟؟ ........ )
قابلت عيناه الغاضبتين عينيها المتقرحتين .... ثم قال أخيرا بصوتٍ غاضب عنيف
( الخطأ أكبر منكِ بكثير .... و هناك من هم يستحقون عقابا أشد من عقابك .... لكن رغم ذلك فعلتك لن تمر على خير يا فتاة .... ستنالين عقابا شديدا على فعلتك الفاجرة تلك ... و ستتعلمين الأدب و معنى العفة منذ هذه اللحظة ..... )
أخذت تيماء تمسح الدموع عن وجهها المكدوم و هي جاثية أرضا على ركبتيها .. ثم أتتها الجرأة من مكانٍ مجهول لتقول فجأة بشجاعة
( و ماذا ستفعل مع قاصي ؟؟ ........ )
نهض سليمان من مكانه فجأة و عبائته تتحرك من حوله بهياج و بدا وجهه شديد العنف و هو يهدر واقفا أمامها كالطود .....
( أتتجرأين على ذكر اسمه يا فتاة يا عديمة الأدب ؟؟!! ...... )
تحركت تيماء على ركبتيها حتى وصلت اليه و هتفت متوسلة بشجاعة غريبة
( أرجوك الا تقتله ..... أرجوك ... هو لم يفعل شيئا , أنا السبب .... أنا من أردت الحصول على الاهتمام وهو أراد الزواج مني .... كان خطأ متهورا , لكن أرجوك الا تقتله ..... ليس من العدل أن تعفو عني و تقتله ... أنا السبب ...... اقتلني معه اذن كي لا تكون ظالما .... )
وقف سليمان يشرف عليها من علو بنظراتٍ نارية غاضبة .... ثم قال اخيرا بصوت غامض
( هذا الاسم ستنسيه للأبد ...... فهمت أم أمحيه أنا من الوجود ؟؟ .... )
شعرت تيماء في تلك اللحظة أن قلبها قد سقط و تحطم الى آلاف الشظايا ..... وأن روحها قد ماتت للأبد ...
و همست أخيرا بصوتٍ ميت
( فهمت ............. )
.................................................. .................................................. ...................

( تيماء ...... أكملي فطورك .... )

افاقت تيماء من ذكرياتها المريرة على صوت جدها الخشن الصلب و الذي اضافت اليه السنوات بعض الوهن دون ان تفقده هيبته و سطوته ....
نظرت الي وجهه طويلا ....
كانت تظن يومها أنه سيذيقها أصنافا من العذاب .....
لكن الأيام التي تلت أثبتت لها أن العذاب رأته على يد والدها في آخر جريمة له معها ....
حين أمر بذبحها على أيدٍ همجية ازهقت دمها .... و كسرت المتبقي من روحها ....
ما رأته في الأيام الأخيرة لها في هذه البلد كان أعنف مما تستطيع أن تتحمله ...
و كلما حاولت أن تنسى , تنتابها الرجفة من الذكرى البشعة في قساوتها ....
و آخر ما تذكره دائما هو صوت سليمان الرافعي يصرخ على سالم و يوشك أن يبطش به بسبب فعلته التي ثأر بها لأبوته المهانة على يد ابنته و خادمه ....
أخفضت تيماء وجهها الى طبقها و هي تبتلع مرارة الذكرى ....
سمعت صوت أنثوي من خلفها يقول بخفوت ووداعة
( صباح الخير يا جدي ....... )
رفعت عينيها لترى بدور خطيبة راجح آتية و هي تعرج قليلا ..... الى أن وصلت لجدها فناولها يده لتقبلها وهو ينظر اليها مبتسما برفق
ثم قال راضيا
( أهلا أهلا يا صغيرة ..... صباح الخير يا ابنتي ..... تعالي و اجلسي مكانك ... )
تقدمت بدور ببطىء حتى اقتربت لتجلس بجوار شقيقها زاهر المتجهم .... لكن و قبل أن تجلس خاطبها زاهر بصرامة جافة
( ما الذي أخرك كل هذا الوقت ؟؟؟ ..... أين كنتِ ؟؟ .... )
ظهر التوتر و الإرتباك على وجه بدور البريء و الشبيه بوجوه الغزلان ... ثم احمرت وجنتيها بشدة و جلست ببطىء و هي تهمس بتخاذل
( كنت أحضر حقيبتي لأستعد للعودة الى كليتي .... )
تذمر زاهر وهو يقول بجفاء
( الكلية ... الكلية .... من يسمعك يظن أنكِ من المتفوقات , بينما أنتِ في الحقيقة تتجاوزين كل سنة بشق الأنفس .... فلا أعلم ما فائدة السفر ذهابا وعودة لفتاة مثلك .... )
بان الارتباك اكثر على بدور ... الا انها لم تستطع الرد فنظرت الى طبقها بمنتهى السلبية ...
مما جعل تيماء تشعر بالغضب على هذا الزاهر الجلف القاسي ...
ماذا يظن أخته ؟!! .... بهيمة تربط في البيت الى أن يتم بيعها لاقرب مشتري ؟!!! .....
لكن سليمان هو من تكلم فقال بخشونة
( لا تكلم أختك بهذه الطريقة يا زاهر في وجودي .... بنات الرافعي لهن حق اختيار القدر الذي تردنه من الدراسة ..... فلا تقسو عليها .... أختك تربيتها سليمة و لا خوف عليها حتى لو سافرت الى آخر العالم ... )
تذمر زاهر و ظهر الرفض على ملامحه . الا أنه لم سيتطع أن يعارض جده ....
أما بدور فمع سماعها لما قاله جدها .... فقد وقع على صدرها مثل نصل خنجر حاد , جعلها تفغر شفتيها المكتنزتين ألما ....
بينما قال سليمان متابعا برضا
( لا تتعجل الزواج ..... فقريبا يصبح الفرح فرحين ..... زفاف تيماء و بدور معا ...... سيكون عرسا لسبع ليالٍ .... سيحكي و يتحاكى عنه الجميع لسنواتٍ طويلة ..... )
اظلمت عينا تيماء و أخذت نفسا نافذ الصبر و هي تعاود اغماضهما كي لا يرى جدها انطباعها الرافض ...
لا فائدة .... جدها يأبى أن الإقتناع بأن هناك من قد يخالفه ....
بينما بهت وجه بدور بشدةٍ حتى حاكى وجوه الأموات .... و أظلمت عيناها هي الأخرى مثل عيني تيماء ....
لكن ظلاما باردا .... مخيفا .....
قال سليمان بقوةٍ فجأة
( هل رأيتِ راجح يا بدور خلال الاسبوع الماضي ؟؟ ....... )
اجفلت بدور و رفعت وجهها مصدومة من السؤال فقالت متلعثمة بخوف
( لا.... لم ..... لست ...... )
تطوع زاهر ليقول بقوة
( و أين ستراه يا حاج .... نحن هنا في البلد و لسنا في الخارج .... )
زفر سليمان بقوة بينما غصت بدور في لقمةٍ يابسة تمضغها بلا شهية .... ثم همست بخوف
( لا .... لم أره يا جدي منذ أن أوصلني الى هنا ...... )
أومأ سليمان بوجهه ذو الملامح الغامضة ....
ثم قال بصوتٍ أجش
( منذ أن حدثت المواجهة بينه و بين قاصي .... ابتعد كل منهما .... ربما كانا في حاجة لهذا الإبتعاد .... )
انتفض قلب تيماء بين أضلعها و هي تسمع اسمه أخيرا ..... ترى اشارة اليه بعد انقطاع لسبع أيامٍ كاملة ...
لكن الإشارة لم ترح قلبها ....
بل أشعلت بها نيران الخوف .... هل تواجه قاصي مع أخيه !! ....
أخاه يبدو عنيفا كأسلافه .... لكن تستطيع تيماء من المرة التي نظرت بها الى عينيه أن تؤكد بأنه عنفه لن يكون شريفا أبدا ....
قال سليمان بصوتٍ خافت ....
( سيكون على كلاهما تقبل الآخر .... عاجلا أم آجلا ...... )
قال زاهر بتردد خشن
( اسمحلي يا حاج سليمان ...... لو كنت تريد رأيي فما حدث .... )
رفع سليمان يده لا يقبل بمتابعة الحوار ... ثم قال بصرامة
( لا مزيد من الإعتراض يا زاهر ...... هذا وضع علينا التعامل معه .... )
صمت للحظة ثم رفع رأسه ليواجه الجميع ... قبل أن يقول بصرامة
( و هذا الكلام موجه للجميع ...... قاصي جزء من هذه العائلة حتى لو لم يكن له وصفا مسجلا في الاوراق .... علينا تقبله شئنا أم أبينا .... و لا أريد ان أسمع ان أحدكم قد تجاوز حدوده معه ....
لا اطلب منكم الإعجاب به غصبا.... لكن عليكم تقبله ..... هل كلامي واضح ؟؟ .... )
قال زاهر متجرأ فجأة و بصوتٍ غامض
( لكن يا حاج ..... خطبته لمسك ...... أنا أرفضها لو سمحت لي ..... )
رفعت تيماء وجهها مصدومة ... و قد سقطت شوكتها في صحنها ..... محدثة صوتا عاليا مزعجا ...
بينما اندلعت النيران في احشائها ... تحرقها بتمهل عديم الرحمة ...
الا أن عيني سليمان كانتا غامضتين وهو يقول بهدوء
( هل أخبرك والدك بهذه السرعة يا زاهر ؟؟ .... حسنا لقد كان الموضوع بين عددا محدودا من الأفراد .... لكننا لن نخفيه أكثر .... قاصي يناسب مسك و هذا هو اغلى تعويض عندي يمكنني أن أمنحه اياه .... )
بدت ملامح زاهر غاضبة .... رافضة .... و قال بتوتر عنيف
( لكن يا حاج ..... مسك ..... مسك .... إنه لا يليق بها ... )
ضيق سليمان عينيه وهو يراقب وجه زاهر بنظرة من يراه للمرة الأولى .... ثم قال أخيرا بصوتٍ غريب هادىء
( أنت تعرف ظروف مسك يا زاهر .... ظروف خاصة , تجعلها احتمالا بعيدا كزوجة لأحد أبناء أعمامها .... و هذا قضاء الله لا اعتراض عليه .... لذا أرى أن قاصي بالنسبة لها سيكون راحة ... و هي ستكون له عائلة ..... )
تجهمت ملامح زاهر اكثر و أكثر .... بينما شعرت تيماء أن النيران تندلع متجاوزة أحشائها الى سائر أطرافها ....
مسك عائلة له ..... لقاصي ؟!! .....
لا .... العبارة ليست متناسبة .....
هي وطن قاصي .... هي وحدها أرضه .....
هو من أخبرها بذلك ....
و همس في أذنها بحرارة الهبتها
" كم قتل من رجال دفاعا عن الأرض ........ و أنتِ أرضي يا تيمائي المهلكة ..سأموت لأجلك .. "

رمشت تيماء بعينيها و ابتلعت ريقها بصعوبة ... ثم رفعت وجهها الشاحب و قالت بفتور ميت
( أي ظروف خاصة ؟!! ........ )
نظر سليمان اليها و كأنه متفاجئا بكلامها بعد صمت طويل ..... قائلا
( ماذا ؟!! ...... )
ردت تيماء بنفس الفتور
( ذكرت للتو يا جدي أن مسك لها ظروف خاصة تجعل قاصي هو الأنسب لها .... أي ظروف تلك التي تجمعهما ؟؟ ....... )
ضاقت عينا سليمان أكثر و اكثر ..... كانت نبرة تيماء بها اتهام قديم ... عمره خمس سنوات ....
لكنه أجاب بهدوء و وقار
( أنتِ كنتِ بعيدة ..... لا تعرفين الكثير مما حدث لأختك ..... لقد أصيبت مسك بورم خبيث أثر على قدرتها على الإنجاب ...... لهذا تركها خطيبها و انهارت حياتها فجأة , الا أن كل همنا كان علاجها فقط دون الإهتمام بشيء آخر ..... لقد ظلت لأشهر تعالج بالعلاج الكيماوي خارجا .... و كان قاصي هو من بقى بجوارها دائما بناءا على طلبها لم يتركها للحظة .... هذه الأشهر قربت بينهما .... و في نفس الوقت باعدت بينها و بين حلم الإنجاب ..... )
انتهى سليمان من سرد الأحداث الأليمة بهدوء خافت ...
بينما شعرت تيماء في تلك اللحظة أن مطرقة قد سقطت على رأسها و هشمتها .......
امتلأت عينيها بالدموع فجأة دون أن تذرفها .... و هزت رأسها بصدمة و هي تهمس ذاهلة بارتياع
( سرطان !! ........ )
اطرق سليمان بوجهه و قال بخفوت
( قدر الله و ما شاء فعل .......... )
شعرت تيماء في تلك اللحظة بالعالم يدور من حولها بسرعةٍ رهيبة ... و صراخٍ مدوي يصم أذنيها ...
فهزت رأسها و همست بصوت مختنق و هي تنهض واقفة
( اعذروني ...... أشعر بالدوار , أريد أن أستلقي بغرفتي قليلا ..... )
نهضت دون أن تسمع ردا و أسرعت الخطا متعثرة بطرف عبائتها السوداء .....
و الصراخ المدوي يطوف بها بجنون ممزقا صدرها بعنف و دون رحمة ...
بدت كلمات جدها في أذنها كصراخٍ لا يرحم ....
" لقد ظلت لأشهر تعالج بالعلاج الكيماوي خارجا .... و كان قاصي هو من بقى بجوارها دائما بناءا على طلبها لم يتركها للحظة .... هذه الأشهر قربت بينهما .... و في نفس الوقت باعدت بينها و بين حلم الإنجاب ....."
" و كان قاصي هو من بقى بجوارها دائما بناءا على طلبها لم يتركها للحظة .... هذه الأشهر قربت بينهما... "

" سرطان ..... سرطان ...... "
ارتمت تيماء على فراشها و هي تبكي بعنف .... تلومهم جميعا ..... جميعهم ....
هذا ليس عدلا ...... ليس عدلا ......
.................................................. .................................................. ...................
جالسة خلف مكتبها تعمل على حاسوبها النقال ....
كانت مستغرقة في العمل الشاق منذ ساعاتٍ طويلة دون أن تأخذ دقيقة من الراحة ......
كان العمل عبارة عن دوامة تبتلعها كل يوم و تلقي بها في نهاية النهار كجثة هامدة على سريرها ....
و هذا ناسبها جدا ....
هذا هو النمط من الحياة الذي كانت تريده .....
لا يترك لها أي فرصة لحكايا القلب .... أو المزيد من الإحساس بالغدر .....
هذه هي الحياة المثالية بالنسبة لها ....

فتح باب مكتبها فجأة بكل عنف و دون استئذان ....
فانتفضت مسك مكانها و هي ترفع وجهها لترى أمجد الحسيني يقتحم مكتبها بملامح مكفهرة ....
الى أن ألقى أمامها على سطح المكتب ملفا ورقيا و قال بعنف و فظاظة
( هل يمكنك تفسير معنى هذا ؟؟؟ ......... )
كانت مسك لا تزال مسمرة مكانها ... غير مستوعبة لهذا الهجوم الوقح ...
الا انها تمالكت نفسها سريعا و قالت بمنتهى البرود
( بما أنك أنت من اقتحمت مكتبي للتو دون اذن .... فعليك شرح ما تريد تفسيرا له اولا ... و ثانيا تبرير هجومك الغير مسموح به في مكتبي الخاص .... )
اظلمت عينا أمجد بنظرة لم تراها مسك من قبل ...
كان وجهه يرتج من الغضب و لم يسبق لها أن رأته منفعلا حتى ....
مر أسبوع كامل منذ أن بدأت العمل هنا معه ....
كان يعاملها خلال السبعة أيام بمنتهى الصلف و البرود ....
لاحظت أنه أنيق التعامل مع الجميع .... لطيف وودود بما يتجاوز كل الحدود العملية , بدءا من أكبر منصب و حتى أصغر عامل ....
يقوم بتدليل العاملين حد الفشل ....
الا هي ....
كان يصل عند حدودها و يتحول الى شخص في منتهى انعدام الذوق ...
لكنها في الواقع لم تهتم كثيرا ...
طالما أنه لم يتجاوز حدوده معها فهي خير قادرة على التعامل مع أمثاله ......
و تجاهل كل محاولات استثنائها في التعامل تزيد من غضبه اكثر ...
لكنه اليوم كان مختلفا ...
كان يبدو غاضبا بطريقة مخيفة لغيرها .... لكن ليس بالنسبة لها ...
تكلم أمجد وهو يميل اليها ليستند الى سطح المكتب بكفيه ... حتى أصبح وجهه مقابلا لوجهها قائلا بازدراء حقيقي
( من تظنين نفسك ؟!! ........ )
عقدت مسك حاجبيها قليلا امام تلك الطاقة العنيفة من الغضب الأسود الموجهة لها شخصيا ....
لكنها تمالكت نفسها للمرة الثانية و قالت ببرود
( عفوا !! .............. )
كلمتها الباردة المعتادة كانت كفيلة لافقاده آخر ذرات السيطرة على نفسه فهدر في وجهها بقوة
( توقفي عن قول تلك الكلمة الغبية التي لا تعني شيئا سوى أنكِ لا تجدين نفسك قادرة على المواجهة ...... )
عند هذه النقطة قفزت مسك من مكانها تنتفض بجنون و هي تهتف مشيرة الى الباب بغرور
( هذا يكفي ...... أخرج من مكتبي حالا و الا ناديت الأمن لك ...... )
صرخ بها أمجد بصوتٍ جهوري في نبرة واحدة أجفلتها
( اجلسي مكانك .......... )
ارتبكت ملامح مسك أمام تلك الصيحة الرجولية الحازمة ....
من يظن نفسه ؟!! ..... و لماذا هي صامتة ؟!! .... لماذا لا تمسك بأقرب شيء و تضرب به جبهته ....
صرخ أمجد صرخة أخرى أكثر صرامة
( اجلسي ....... )
وجدت مسك نفسها تجلس دون ارادتها الحرة ... الا أنها رفعت وجهها تنظر اليه بصمت و تراقب هذا الجنون القاتم لشخص عرف ببروده .... و انتابها الفضول لمعرفة السبب الي أثار جنونه الى هذا الحد ....
قالت مسك اخيرا بنبرة جليدية تثير الإعجاب
( هل تظن نفسك الآن أكثر رجولة بعد أن علا صوتك ؟!! ...... اسمحلي علو صوتك و صراخك أضعفك بنظري جدا ..... خسارة .... )
ضاقت عينا أمجد و انقبضت كفاه على سطح المكتب وهو يلاحق ملامحها بنظراتٍ كالسهام ...
نظراتٍ غريبة للغاية ....
نظرات من يقوم بتحليل حالةٍ خاصة و مستعصية أمامه ...
و هذا الشعور اغضبها و كأنها فأر تجارب ....
تكلم أمجد أخيرا و قال بصوتٍ هادىء أخيرا ... الا أنه بدا أكثر اهانة من صراخه ....
( هل أراحك ما قلته الآن ؟!! .... ربما تنتظرين مني كهمجي أن أتعدى عليكِ أو أضربك مثلا فاقدا السيطرة على اعصابي كي يمكنك ايقافي بواسطة الشرطة .... )
رفعت مسك حاجبها الرفيع الأنيق و قالت ببرود
( أستطيع فعل ذلك الآن ...... لقد منحتني أكثر من فرصة , لكن لأن حظك سعيد اليوم ... لقد أثرت فضولي لمعرفة سبب غضبك الهمجي هذا ..... فهلا جلست و ابتعدت عن مجال أنفاسي كي نتكلم بهدوء ؟؟ ... )
شعرت بانفاسه تحرق الجو من حولها ... فضاقت عينيها هي الاخرى و سيطرت على نفسها كي لا تخدشة بأظافرها .....
تراجع أمجد أخيرا .... لكنه لم يجلس , بل رمقها بنظرةٍ مزدرية , ثم استدار عنها يوليها ظهره و يتجه الى النافذة و كأنه يأنف من النظر اليها ....
ثم قال أخيرا بصوتٍ قاسٍ كالرخام المصقول ... جارح الحواف
( انظري الى الملف أمامك ...... )
أرادت أن ترميه بالملف فيضرب مؤخرة رأسه بكل قوتها و أوشكت على الرفض ببلادة الا ان فضولها تغلب عليها ... ففتحت الملف و طالعته من فوق أنفها المتعالي و تحت نظارتها ....
ثم لم تلبث أن رفعت حاجبيها بتعجب حقيقي و نظرت اليه متسائلة بعدم تصديق
( هذه دراسة اقتراحي الذي قدمته الى مجلس الإدارة و تمت الموافقة عليه ...... هل هذا ما أثار غضبك ؟!!! .... بالله عليك هل أنت واعٍ لنفسك ؟!! ...... ظننتك تشك بأنني ارتكبت جريمة !! .... )
التفت اليها أمجد مندفعا .... يراقبها عن بعد بعينين غير مستوعبتين .... حارقتين ...
ثم قال أخيرا بصوتٍ غريب ... اجش و باهت ....
( الا تعدين تسريح عشرين عاملا في الشركة ... و مئة من عمال المصنع جريمة ؟!!!! ......
مئة و عشرين فردا .... كل منهم يعيل أسرة , أي أن مئة و عشرين أسرة ستفقد مصدر دخلها بين ليلة وضحاها ...
ان لم تكن تلك جريمة ؟!! .... فكيف تكون الجرائم من وجهة نظرك ؟!! ...... )
كانت مسك لا تزال جالسة مكانها تنظر اليه غير مستوعبة بعد .... ثم قالت اخيرا بلهجة عملية باردة
( لا أصدق أنني اسمع هذا الكلام من شخص يحتل مثل منصبك و يشهد له الجميع باتقانه لعمله و تفوقه به ..... سيدي الفاضل نحن لا ندير مجمع خيري , لو كان كذلك لكنت تفهمت وجهة نظرك ....
المئة و عشرون عاملا لا أنظر اليهم على أنهم حالات انسانية .... أنا أدرس طاقاتهم و أقرر إن كانو مصدر فائدة أم مجرد أماكن مشغولة و مهدرة .... نحن هنا قطاع خاص ... لأشخاص وضعوا أموالهم في هذا المكان كي يتم استثماره ....
ليست وظيفتي هي اعداد تقرير اجتماعي لما يخص كل اسرة .... أنا فقط أقوم بعملي .... )
التوت شفتي أمجد وهو يقول بسخرية سوداء
( ماذا توقعت ؟!! .... هل تخيلت للحظة أنني قد أخاطب بكِ أي ذرة انسانية متواجدة بداخلك ؟!! .....عبثا !! .... )
شعرت بالإهانة تستفزها و تشعل وجنتيها الا انها لن تسمح له بافقادها لأعصابها ..... لذا تراجعت للخلف و شبكت اصابعها فوق ركبتيها و هي تقول ببرود
( ها أنت تتكلم عن الإنسانية و تحول الأمر الى موضوع شخصي ....... لم تستوعب كلمة مما نطقت به للتو ... )
نظر اليها أمجد طويلا ...
كانت ترتدي حلة بيضاء ..... و شعرها الناعم مجموع في ضفيرة قصيرة مرتاحة تلامس كتفها الأيمن ....
كبريائها يزيدها جمالا و أناقتها مصدر خطر على كل من يراها ....
الا أن روحها تحمل سوادا لا يناسب هذا المظهر الخارجي الرائع مطلقا ....
لقد ضاق بها جميع العاملون هنا منذ اليوم الأول بسبب تعنتها و معاملتها لهم بمنتهى الإهانة .....
و تلقائيا أصبح يعاملها بنفس المعاملة .... معاملة من هم أدنى ...
الغريب في الامر أنه ما ان يعود الى بيته مساءا .... يجد نفسه شاعرا بالذنب ...
لم يسبق له أن عامل امرأة على هذا النحو من قبل .... وهي جديدة في هذا المكان وهو لم يسهل لها الأمور مطلقا ... و مع ذلك لم تشكو لأي أحد كأي فتاة مدللة مرفهة كما ظنها ....
لذا كان يقرر كل مساء أن يكون في اليوم التالي أكثر لطفا معها ....
لكن ما أن يراها حتى تستفزه احدى تصرفاتها و يعاود معاملتها بطريقة أكثر سوءا ....
كان يتعامل معها بطريقة غير احترافية اطلاقا وهو يعرف ذلك ...
لكن منذ متى كان يتعامل مع البشر على أنهم مجرد أدوات في مجال عملي يتطلب الاحترافية ...
كان هذا هو أحد أكبر عيوبه في العمل وهو يعترف بذلك ....
لكنه استطاع أن يتحايل على هذا العيب و يخفيه مقارنة بعمله المعروف بالكفاءة منقطعة النظير ....
اليوم صباحا ما أن وصل ووجد القرار الخاص على سطح مكتبه ....
شعر فجأة بثورةٍ عارمة تهدر في أعماقه ...
بهذه البساطة !! ......
من تظن نفسها ؟!! .......
تكلم أمجد أخيرا و قال بهدوء جليدي متابعا كلامها الأخير
( الموضوع فعلا شخصي و قد خيبتِ أملي كثيرا ......... )
انعقد حاجبيها متفاجئة ...
أولا ... هل كان لديه أمل بها ؟!!! ..... هذه معلومة جديدة تماما .... لكن فليبلل امله و يشرب ماءه عله يختنق بشربةٍ منه و يموت و ترتاح من صلافته ...
ثانيا وهو الأهم ....
لماذا يدعي أن الأمر شخصي ؟!! .... ما مصلحتها ؟!! .....
رفعت مسك ذقنها و قالت ببرود
( هل تتهمني أن لي أغراض خاصة في الأمر ؟!! ..... )
رفع أمجد أحد حاجبيه و لم يحيد بعينيه عن عينيها و هو يقول بصوتٍ غريب .... قاسي و مزدري
( أليس لكِ أي أهداف " شخصية " في الامر ؟!! ......... )
ازداد انعقاد حاجبيها و فغرت شفتيها قليلا و هي تهز وجهها غير مستوعبة .... ثم قالت أخيرا بحذر ناري
( أنا استلمت العمل منذ اسبوع فقط ...... و قبلها كنت أعمل في الخارج , لما قد يكون لي هدف خاص في الأمر ؟!! .... هل أريد احضار افراد عائلتي مثلا لشغل المناصب الخالية ؟!! ..... )
ظل أمجد ينظر اليها الى أن قال أخيرا بصوتٍ خافت أكثر قسوة
( أتعلمين ماذا .... ظنتتك شخصية مختلفة ...... ظننتك مثيرة للإعجاب بثقتك الزائدة بنفسك ,..... لكن تبين لي أن تلك الثقة ما هي الا قناع رخيص تخفين خلفه نفسا مهتزة لا ترغب الا في الإنتقام ..... )
فغرت مسك شفتيها بذهول ....
و همست دون تفكير
( هل أنت مجنون ؟!! ...... صدقا ؟!! ...... هل أنت مجنون ؟!! ..... بدأت أشك في أنك غير متزن عقليا اطلاقا و تنتابك الهلاوس بين الحين و الآخر !! ..... أي قناع و أي انتقام !!! .... لماذا أنتقم من مجموعة من العاملين ؟!! ....... )
ابتسم أمجد ابتسامة ساخرة سوداء محتقرة .... ثم قال أخيرا بصوت غريب
( واجهي نفسك بتلك الأسئلة و احصلي على الجواب بنفسك ...... لأنني في كل الأحوال قدمت ورقة مفادها أنه إما أنتِ و إما أنا في هذا المكان ...... )
اتسع فمها اكثر و تأكدت الآن من انه مجنون تماما ... فقالت بعدم تصديق
( هل ستترك العمل لمجرد اقتراح و دراسة قمت بتقديمها .. بينما القرار الحقيقي صدر من مجلس الإدارة ؟!!! ....... لا أعلم كيف وظفوك من الأساس و هذه هي ردات فعلك على الخلافات .... أنت انسان متطرف !! .... )
ابتسم باستهانة وهو يقول بقسوة
( اقنعي نفسك بهذا ضمن سلسلة الإقناعات التي تستيقظين و تحفظينها دون كلل مع كل صباح ..... )
اندفع أمجد خارجا من مكتبها أمام عينيها الذاهلتين .... الا أنه استدار اليها قبل أن يخرج و قال بلهجة غريبة
( تلك الفتاة الصغيرة أسماء التي تعاملينها بمنتهى الإحتقار ..... ترعى ثلاث أطفال , وهم أطفال أختها التي توفيت منذ خمس سنوات .... أحد هؤلاء الأطفال تم تشخيص اصابته باللوكيميا منذ فترة ..... )
شعرت مسك أنها قد تسمرت مكانها ... و بهتت ملامحها تماما بينما تهدلت شفتاها بشرود غريب .....
لكن أمجد لم يلاحظ ذلك بل تابع بمنتهى القسوة
( و احذري ماذا ...... اسمها ضمن قائمة العمال اللذين تقرر تسريحهم من العمل ..... )
صمت للحظة ثم ابتسم ساخرا وهو يقول
( آآه اعذريني ..... لقد نسيت أنكِ لا تعدين تقريرا انسانيا عن حالة كل عامل .... سامحيني لأنني عطلتك بمثل هذه الامور التافهة ....... )
خرج أمجد من المكتب مندفعا .... بينما بقت مسك جالسة مكانها تنظر الى الفراغ بملامح .... تشع ألما ....
.................................................. .................................................. ....................
وصلت مسك الى بيتها أخيرا ... تجر ساقيها بتعب و تخاذل ....
غرتها الطويلة منسابة بعد ان تحررت من ضفيرتها القصيرة و لامست فكها بحرية ....
عيناها بركتان من العنبر القاسي .... مشوب بحزنٍ في عمقه .....
اليوم كان مرهقا نفسيا الى حد الرغبة في اغراق نفسها بحوض الاستحمام .....
ذلك الحقير أمجد ....
الحقير الذي صبت عليه لعناتها منذ خروجها من العمل ... هو السبب في حالتها المأساوية تلك ....
لقد انهارت و عليها ان تهدىء من نفسها ... وحيدة بشقتها الخالية .....
فتح المصعد أبوابه ... الا أنها شهقت ما أن بادرتها فتاة بالهتاف مرحة
( مسك ..... يالها من صدفة سعيدة ...... كيف حالك ؟!! .... )
نظرت مسك الى الفتاة بقنوط ...
في الحقيقة هي شابة ودودة ... تماثلها عمرا , مبتسمة باستمرار ....
تقطن بنفس الطابق الذي يضم شقة مسك .....
اسمها وفاء ...... متزوجة و لديها طفلة جميلة صغيرة .....
انتقلت وفاء و زوجها و طفلتها الى هذه الشقة أثناء وجود مسك في الخارج ......
و ما أن عادت مسك من السفر حتى سعت وفاء الى التعرف عليها
كانت ممتنة لمسك جدا .....
لأنها و بعد تبادل حديث يائس قصير ..... قدمت لها خدمة و توصية الى طفلتها الصغيرة في مشفى خاص باهظ الثمن ....
طفلتها كانت تعاني من حالة معينة و تحتاج الى علاج مبكر .....
و مسك لها علاقات قوية بادارة هذه المشفى و المالكين لها ..... لذا قامت بمساعدتها و من يومها و تلك الشابة تتمنى لو تستطيع أن تحمل مسك من على الأرض و توصلها الى شقتها كل يوم ....
وفاء لطيفة ..... الا أن أسئلتها كثيرة جدا و بدأت تتصف بالتطفل
كانت تسألها عن مكان عملها ووظيفتها ووظيفة والدها و اسمه ..... حتى شعرت مسك بضرورة تجنبها قليلا ...
لكنها كانت اليوم اكثر ارهاقا من محاولة التزام الحزم معها ... لذا ردت باجهاد
( مرحبا يا وفاء ...... أنا بخير كيف حال طفلتك الآن ؟؟ ..... )
ردت وفاء مبتهجة بامتنان و أعين دامعة
( مهما قلت لن أوفيكِ حقك أبدا ....... )
أغمضت مسك عينيها و حكت جبهتها باعياء و هي تهمس
( وفاااء ليس مجددا رجاءا ....... )
أسرعت وفاء بالقول
( لا بأس ....... لا بأس ....... اسمعي ... لي عندك رجاء خاص , ما رأيك لو نخرج سويا في يوم خلال الاسبوع القادم .... )
فتحت مسك عينيها و قالت بخفوت
( كنت أتمنى حقا يا وفاء .... لكن كما ترين أنا أعود من عملي بوقتٍ متأخر مرهقة للغاية ..... )
قالت وفاء بلهفة ....
( يوم عطلتك ....رجاءا يا مسك ......أنا أحتاج لها جدا .... )
تنهدت مسك بتعب و لم تستطع ان تفكر بشكل سديد .... لذا قالت باستسلام
( لا بأس فليكن يوم العطلة اذن ..... هاتفيني و نتفق على الساعة .... )
ابتعدت مسك .... بينما أسرعت وفاء الى شقتها و ما ان أغلقت الباب خلفها حتى اخرجت هاتفها طلبت رقما ثم انتظرت و قالت بسعادة
( نعم يا خالتي ...... لقد اتفقت على موعد مع جارتي .... و كما اتفقنا ستأتيان بمحض الصدفة ..... و عسى الله أن يتمم على خير .... إنها عروس لن يجد مثلها أبدا ..... )
.................................................. .................................................. ......................
دخلت مسك مرهقة و رمت حقيبتها جانبا ....
ثم القت بنفسها على احد المقاعد و هي تخلع حذائيها و ترمي بهما بعيدا ..... انحنت الى الامام و هي تدلك قدميها المتعبتين من الكعب العالي ....
لكن رنين الهاتف جعلها تتوقف فجاة و تنظر الى حقيبتها الملقاة بعيدا ....
زفرت مسك بقوة و هي تهمس بغضب
( لماذا لا ينتهي هذا اليوم ؟!! ...... ماذا يريد الجميع مني ؟!! .... لماذا يلاحقني الجميع , أريد الوحدة .... فقط أنشد الوحدة .... )
نهضت من مكانها بغضب و انحنت لتلتقط حقيبتها و انتزعت منها هاتفها لترد بحدة
( ألوووو ...... من معي ؟؟ ..... )
ساد صمت قصير قبل ان تسمع الصوت الرجولي الذي تعرفه جيدا , يصلها خافتا
( نفس الرقم يا مسك ؟؟ ....... )
تسمرت مسك مكانها ... و دارت حول نفسها قليلا , ثم توقفت وسألت بخفوت جامد رغم معرفتها بالجواب
( أشرف ؟!! .......... )
ساد نفس الصمت القصير .... ثم قال بخفوت
( كيف حالك يا مسك ؟؟ ....... )
أطرقت مسك بوجهها لتنظر ارضا ... ثم قالت ببرود
( بخير حال ..... كما رأيتني تماما ... )
قال أشرف بتردد
( بدوتِ جميلة ....... جدا ...... )
رفعت مسك وجهها بملامح جامدة كالصخر .... و أنف مرتفع ... الا أن صدرها كان يؤلمها بعنف ....
ثم قالت بلا تعبير
( شكرا لك ........ يبدو كذلك فعلا ...... )
ساد الصمت مجددا .... فقال اشرف بصوتٍ حازم رغم خفوته
( يجب أن اراكِ يا مسك ..... أحتاج أن أتكلم معك ..... رجاءا لا تخذليني ... )
علت شفتيها ابتسامة ساخرة حزينة .... ثم سألت بصوت ناعم ذو نغم مميز
( اخذلك ؟!!! ....... )
كانت نبرتها واضحة , الا أنها لم تثنيه فقال مندفعا
( مسك أريد الكلام معك قليلا ..... أنت لا تزالين ابنة عمي رغم كل شيء .... على الأقل لأجل صلة القرابة .... )
جلست مسك على المقعد ووضعت ساقا فوق الأخرى بأناقة .... ثم قالت بهدوء و ثقة
( لم أكن أنوي أن أستثنيك من حياتي كابن عمي يا أشرف .... لو كنت حضرت الإجتماع العائلي لكنت رأيتني و تكلمت معي .... لكنك تخلفت عن الحضور ..... )
قال أشرف بصوتٍ مكبوت
( تعرفين موقفي يا مسك ..... لم أكن أستطيع الحضور ...... )
ابتسمت مسك و قالت بخفوت ساخر
( نعم ...... أعرف موقفك ...... )
قال أشرف مستغلا هدوئها الذي لم يتوقعه و تهذيبها ... فقال برجاء
( هلا تقابلنا بأحد المقاهي ؟!! ...... رجاءا .... )
قالت مسك بصوتٍ حازم
( يبدو أنك لم تعرفني يا أشرف رغم السنوات الطويلة .... صحيح أنك ستظل ابن عمي دائما , الا أن هذا لا يعني خروجي مع رجل متزوج ..... دون علم زوجته .... )
أضافت العبارة الاخيرة مشددة على كل حرف .... و كما توقعت سمعت صوت أنفاسه المترددة ....
لذا قالت بلهجة هادئة لا تحمل أي تعبير
( اتركها للظروف يا أشرف ..... يوما ما سأسمعك ..... )







انتهى الفصل التاسع .... قراءة سعيدة



















tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 02-04-16, 11:53 PM   #3740

اسفة

مراقبة،مشرفة عالمي..خيالي,الوثائقية،البحوث والمعلومات،روايتي كافيه،(قاصة ولؤلؤة ألتراس،لغوية،حارسة السراديب، راوي)،نشيطة،تسالي،متألقةومحررة جريدة الأدبي، صحافية فلفل حار،كاتبة عبير alkap ~

 
الصورة الرمزية اسفة

? العضوٌ??? » 110863
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 47,605
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسفة has a reputation beyond reputeاسفة has a reputation beyond reputeاسفة has a reputation beyond reputeاسفة has a reputation beyond reputeاسفة has a reputation beyond reputeاسفة has a reputation beyond reputeاسفة has a reputation beyond reputeاسفة has a reputation beyond reputeاسفة has a reputation beyond reputeاسفة has a reputation beyond reputeاسفة has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك fox
?? ??? ~
دورى يادنياكماتشائين وأرفعي من تشائين وأخفضى من تشائين لكنك أبدالن تغيري من الحقائق ولا من المثاليات الصحيحة أو الأفكار السليمة التى تؤكدلنادائما إن الأهداف المشروعة فى الحياة لا بدمنالسعي إليها بوسائل شريفةوأن ما نحققه بغيرهذه الوسائل لا يحقق لنا أبدا
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي





قشطات تيميز الطعمة


شكراً لأنكِ جئتِ تشبهين أمي
شكراً لأنكِ أمي..
شكراً لأنكِ جئتني في عباءة القدر
شكراً لأنكِ واسعة كالسماء
ودائمة كالسماء
وطيبة..
.
.
كالقمر



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 273 ( الأعضاء 204 والزوار 69) ‏اسفة*, ‏موج البحر33, ‏meryamaaa, ‏روح هاربة, ‏sara-khawla, ‏Moi Esraa, ‏وردة جوريه حمراء, ‏deegoo, ‏tamima nabil, ‏الشعر الاسود, ‏عاشقة الجنة, ‏angela11, ‏كيوانو, ‏سوما, ‏ام علي اياد, ‏رحيل الامل, ‏fatma ahmad, ‏خضره, ‏saraa_2_, ‏ALana, ‏ولاء محمد قاسم, ‏ana sara, ‏ghader, ‏ليلة القمر, ‏gogo3046, ‏الفجر الخجول, ‏nadahosney, ‏amiraa22bk, ‏Nody Nody, ‏la princesse * malak, ‏rontii, ‏كريستنا, ‏Hams3, ‏last hope, ‏ريمين, ‏غير عن كل البشر, ‏نوت2009, ‏عاشقة الحرف, ‏همسات حب, ‏Engineer Esraa, ‏maimickey, ‏نداء الحق+, ‏شاهندا 14, ‏تلوشه, ‏lasha, ‏dodah123, ‏انجوانا, ‏maryema, ‏كادىياسين, ‏escape, ‏الكونتيسة نسرينا, ‏دمعه نسيان, ‏حنان ياسمين, ‏رمـاد الشوق, ‏زهرة الاوركيدة, ‏ronita1417, ‏هبوش 2000, ‏خيال القصيد, ‏hope 21, ‏عروب 55, ‏ebti, ‏emanmostafa, ‏Fay~, ‏كاتبة مبتدئة+, ‏طفول, ‏عبيركك, ‏ToOoOmy, ‏amatoallah, ‏canad, ‏اجمل غموض, ‏khadibima 52+, ‏قرنفل احمر, ‏عيون1, ‏يمنى اياد, ‏najla1982, ‏طوطه, ‏رودينة محمد, ‏حور الجنان, ‏gentle dona, ‏sonal, ‏luz del sol, ‏بنتن ل محمد, ‏REEM HASSAN, ‏هبه رمضان, ‏ليال الود, ‏يا من تحب, ‏بريق العابرين, ‏sasad, ‏شوشو العالم, ‏sawpalmetto, ‏سارقة الظلام, ‏رندا5, ‏ريناد السيد, ‏11_roro, ‏KHAD.A, ‏hanene**, ‏Ana Yoya, ‏زالاتان, ‏totoranosh, ‏الطاف ام ملك, ‏kokisemsem, ‏angle2008, ‏Ellaaf, ‏Riarika, ‏كلي اناقه, ‏جميلة الجميلات, ‏زهرة مغتربة, ‏dalia mostafa, ‏حنين مريم, ‏مسره الجوريه, ‏البيضاء, ‏نهى حسام, ‏umryum, ‏omniakilany, ‏حووووووور, ‏Electron, ‏sajanody, ‏butter fly, ‏Roro adam, ‏Alzeer78, ‏لما سعيد, ‏Monaelsaed, ‏نور الضى, ‏غروري مصدره أهلي, ‏Whispers, ‏Dodo Diab, ‏hussin ali, ‏ايه الشرقاوي, ‏اريج البنفسج, ‏starmoon, ‏منيتي رضاك, ‏الشوق والحب, ‏zezeabedanaby, ‏soe, ‏ماما تلي, ‏لولة العسولة, ‏ons_ons, ‏mona_90, ‏كبرياء امراة, ‏safy mostafa, ‏doaapakr, ‏شكرإن+, ‏jinin, ‏Rivan mohammad, ‏ام هنا, ‏jene, ‏Mememoon, ‏11Sozan, ‏toka saltah, ‏الصقر الصقر, ‏مهرة..!, ‏قلب السكر, ‏سمااااا, ‏Nora28+, ‏ebrU, ‏intissar2, ‏همسات المطر, ‏thebluestar, ‏شيزكيك, ‏soumati, ‏AYOYAAA, ‏egyptian and proud, ‏ريهان احمد, ‏NOOR ALKHFAF, ‏khma44, ‏No problem, ‏sweethoney, ‏Maryam haji, ‏engasmaamekawy, ‏عماد52, ‏ghdzo, ‏شيمو عصام, ‏basmati, ‏ام لينووو@, ‏ياسمين على احمد, ‏just dreem, ‏دادا, ‏فاطمه توتي, ‏smeha, ‏nada alaa, ‏dallou3a, ‏أسماء44, ‏hawa500, ‏حائرة انا, ‏غيدائي, ‏ayman_barya, ‏sama2_egypt, ‏Light dream, ‏الوية احمد علي, ‏رياح النصر, ‏mero86, ‏ندى سلام, ‏Souriana, ‏Rose Smile, ‏lamia57, ‏almaas muhamed, ‏كتكوته زعلانه, ‏لؤلؤةأبوها


اسفة غير متواجد حالياً  
التوقيع


رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:08 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.