آخر 10 مشاركات
راسين في الحلال .. كوميديا رومانسية *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : منال سالم - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          إلَى السماءِ تجلت نَظرَتِي وَرَنـت (الكاتـب : ميساء بيتي - )           »          دميمة لعنها الحب (3) للكاتبة منال سالم "زائرة" *كاملة مع الروابط* (الكاتـب : منال سالم - )           »          وريف الجوري (الكاتـب : Adella rose - )           »          استسلمي لي(164)للكاتبة:Angela Bissell (ج1من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          Carole Mortimer (الكاتـب : Breathless - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          539 - سديم الصباح - ليندساي آرمسترونغ - ق.ع.د.ن (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          انتقام النمر الأسود (13) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: من هو اكثر ثنائي نجح في جذب انتباهكم بقصتهم
قاصي و تيماء 2,118 58.56%
مسك و امجد 738 20.40%
ليث و سوار 761 21.04%
المصوتون: 3617. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree999Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-07-16, 11:35 PM   #6631

نداء الحق

نجم روايتي وعضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاءوفراشة الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية نداء الحق

? العضوٌ??? » 122312
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 6,902
?  مُ?إني » العراق
?  نُقآطِيْ » نداء الحق has a reputation beyond reputeنداء الحق has a reputation beyond reputeنداء الحق has a reputation beyond reputeنداء الحق has a reputation beyond reputeنداء الحق has a reputation beyond reputeنداء الحق has a reputation beyond reputeنداء الحق has a reputation beyond reputeنداء الحق has a reputation beyond reputeنداء الحق has a reputation beyond reputeنداء الحق has a reputation beyond reputeنداء الحق has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك action
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 268 ( الأعضاء 162 والزوار 106) ‏نداء الحق, ‏ن و ا ر ى, ‏قايد الغيد, ‏Souriana, ‏ميريزااد, ‏رودينة محمد, ‏sara osama, ‏سراج النور, ‏بوكاااا, ‏بنية مطر, ‏ريمين, ‏Lolita ,,, ‏métallurgier, ‏maimickey, ‏haneen el nada, ‏هّـمًسِـآتٌـ, ‏princess sara, ‏REEM HASSAN, ‏escape, ‏متفانية, ‏ghader, ‏ولاء محمد قاسم, ‏ناي محمد, ‏هبه عصام, ‏samiataha, ‏rosemary.e, ‏blackangel, ‏أميرة السقا, ‏بنتن ل محمد, ‏داليا انور, ‏starmoon, ‏Reanh, ‏يوما ما, ‏هيا علي, ‏eng miroo, ‏fattima2020, ‏Mary~), ‏ebti+, ‏نجوى1, ‏meryamaaa, ‏زهره ربيع عمري, ‏Omima Hisham, ‏lolololy909, ‏a_geo, ‏fattoma2020, ‏سوما, ‏Totooولا أحلا, ‏Meesho, ‏بشري كمال, ‏دعاء 99, ‏a girl, ‏Hams3, ‏سحر الخيال, ‏رفيده روفى, ‏عبث الحروف, ‏سهى منصور, ‏الصقر الصقر, ‏ساره يزيد, ‏لعنه الحب, ‏محمد الناصري, ‏nada alaa, ‏زهره محروس, ‏nanash, ‏sasad, ‏المثقفة الصغيرة, ‏Radwa muhammad, ‏lamia31, ‏حنان ياسمين, ‏الثقلين, ‏نور محمد+, ‏Anwr Ahmad, ‏soe, ‏mnmhsth, ‏safy mostafa, ‏Light dream, ‏marwabobaker, ‏rontii, ‏totoranosh, ‏كريستنا, ‏beso55, ‏noof11, ‏لولو73, ‏ناميس, ‏بعثرة مشاعر, ‏نوت2009, ‏نهيل نونا, ‏Bo33, ‏GAZALH, ‏نجدي 21, ‏kifok, ‏princess emo, ‏حناان محمد, ‏sweetrere, ‏فتكات هانم, ‏إقبال, ‏maysleem, ‏hidra, ‏bassa, ‏ملكة قلبي, ‏hayaty alquran, ‏emanmagdy, ‏Engineer Esraa, ‏haeinjoan, ‏hnoo .s, ‏بريق العابرين, ‏real seense, ‏نهاوند16, ‏زهرة الاوركيدة, ‏رحيل الامل, ‏Roro2005, ‏سكر نبات, ‏عشقي لديار الخير, ‏toka saltah, ‏Niveen gad, ‏القمر المضئ, ‏هيلةة, ‏براءة الجزائرية, ‏لمحة من الكون, ‏نهى سيد, ‏ماوة عبدو, ‏اغلى ناااسي, ‏sabreenaa, ‏لجين عمر, ‏الفراشه النائمه, ‏خجل الروح, ‏شانتو, ‏رؤى الريس, ‏mesho ahmed, ‏zjasmine, ‏Tami.999, ‏سبنا 33, ‏maha_1966, ‏mrmr momo, ‏Rbarebo, ‏فله45, ‏ماما تلي, ‏شقحه بنت سالم, ‏ghada.samir, ‏أسماء ابراهيم ابراهيم, ‏قلب السكر, ‏Um alhasan, ‏omboody, ‏الجميله2, ‏hadelosh, ‏رونقْ, ‏WARDA, ‏جنى التوت, ‏shoagh, ‏sweera, ‏هبة سارة, ‏Eman Js, ‏مريم ماجد, ‏حور مقصرات, ‏AYOYAAA, ‏mona_90, ‏أمل سنين, ‏ala7lam, ‏Neda nofal, ‏johayna123


تسجيل حضور


نداء الحق غير متواجد حالياً  
التوقيع


رد مع اقتباس
قديم 23-07-16, 11:35 PM   #6632

ورده علي

? العضوٌ??? » 364259
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 337
?  نُقآطِيْ » ورده علي is on a distinguished road
افتراضي

في انتظار البارت تميمه

ورده علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-07-16, 11:39 PM   #6633

أنا لك علي طول

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية أنا لك علي طول

? العضوٌ??? » 118610
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,542
? دولتي » دولتي Palestine
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » أنا لك علي طول has a reputation beyond reputeأنا لك علي طول has a reputation beyond reputeأنا لك علي طول has a reputation beyond reputeأنا لك علي طول has a reputation beyond reputeأنا لك علي طول has a reputation beyond reputeأنا لك علي طول has a reputation beyond reputeأنا لك علي طول has a reputation beyond reputeأنا لك علي طول has a reputation beyond reputeأنا لك علي طول has a reputation beyond reputeأنا لك علي طول has a reputation beyond reputeأنا لك علي طول has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك max
افتراضي

تسجيل حضوررررررررر

أنا لك علي طول غير متواجد حالياً  
التوقيع
بيني وبين وطني نبض انتفاضة وعنفوان شهيد وطلقة رصاص تزف الكرامة وتقتنص الحياة من كل محتل جبان .noor esmail madrid




رد مع اقتباس
قديم 23-07-16, 11:39 PM   #6634

REEM HASSAN

? العضوٌ??? » 355729
?  التسِجيلٌ » Oct 2015
? مشَارَ?اتْي » 110
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » REEM HASSAN is on a distinguished road
¬» قناتك max
¬» اشجع ahli
افتراضي

تسجيل حضووووووووووووووووووووووو وور

REEM HASSAN غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-07-16, 11:42 PM   #6635

hammam
alkap ~
? العضوٌ??? » 154658
?  التسِجيلٌ » Jan 2011
? مشَارَ?اتْي » 873
? الًجنِس »
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » hammam has a reputation beyond reputehammam has a reputation beyond reputehammam has a reputation beyond reputehammam has a reputation beyond reputehammam has a reputation beyond reputehammam has a reputation beyond reputehammam has a reputation beyond reputehammam has a reputation beyond reputehammam has a reputation beyond reputehammam has a reputation beyond reputehammam has a reputation beyond repute
¬» قناتك max
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تسجيل حضوووووووور

hammam غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-07-16, 11:44 PM   #6636

nanash

? العضوٌ??? » 276437
?  التسِجيلٌ » Nov 2012
? مشَارَ?اتْي » 964
?  نُقآطِيْ » nanash has a reputation beyond reputenanash has a reputation beyond reputenanash has a reputation beyond reputenanash has a reputation beyond reputenanash has a reputation beyond reputenanash has a reputation beyond reputenanash has a reputation beyond reputenanash has a reputation beyond reputenanash has a reputation beyond reputenanash has a reputation beyond reputenanash has a reputation beyond repute
افتراضي

يالا يا تميمة نعسانة ����

nanash غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-07-16, 11:46 PM   #6637

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

مسا الورد يا سكاكر ... انا حنزل الفصل حالا على جزئين
mareen likes this.

tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 23-07-16, 11:47 PM   #6638

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

الفصل السابع عشر :

( كان عليك التفكير في ذلك قبل الزواج مني ...... فأنا لن أسمح لكِ بالسفر , و لن أحررك .... )
للحظات ظنت تيماء أنها قد توهمت ما سمعته للتو ...
الا أن نظرة واحدة الى ملامح قاصي الهادئة و التي تتشابه مع نبرته الواثقة ... و نظرة عينيه الجليدية !! ... أخبرتها بوضوح أنه نطق للتو بما سمعته ...
و مع هذا قالت بعدم تصديق
( لن تسمح ..... لي ؟!! ........ هل هذا ما قلته للتو ؟!! ......... )
أومأ قاصي برأسه دون أي شعورٍ بالذنب و دون أن تحرر عيناه عينيها الواسعتين ... ثم قال بنفس الهدوء البارد
( هذا ما قلته , و ما سمعتِه بوضوح ....... لم أتزوجك بعد كل هذه السنوات من الإنتظار , كي أسمح لكِ بالسفر في النهاية .... ما هي الفترة التي ذكرتِها ؟!! .... اربع سنوات ؟!!! .... )
و دون أن ينتظر منها اجابة على سؤاله الوقح ... هز رأسه وهو يضحك ضحكة قصيرة جافة و خافتة ... و كأنه يسخر منها !!!
هل لديه من الجرأة و الوقاحة ما يجعله يسخر منها ؟!! .....
نظرت اليه وهو يبتعد عنها بهدوء ... الى ان جلس على اقرب مقعد مريح , ثم وضع ساقا فوق اخرى و اراح ذراعيه على مسنديه بدا مهيمنا على الوضح بأريحية وهو ينظر اليها و قد فقدت ملامحه السخرية ..
ثم قال بهدوء جليدي
( أربع سنوات !! .... أقضيها أنا هنا في انتظارك , أو ربما انتظار عطفك في الصفح عني !! .... )
رمشت تيماء بعينيها و هي تحاول التخلص من صدمة عدم تصديقها ... ثم لم تلبث أن هتفت بقسوة عارمة
( هل تسمع نفسك و أنت تتكلم ؟!! .... هل لديك أي فكرة عن مدى الجنون المحيط بك حاليا !! ..... )
لم تهتز ملامح قاصي وهو ينظر اليها صامتا ... جامد الوجه دون تعبير ...
فقط عيناه كانتا تتلقفان كل حركة منها ... و كل نفس مرتجف يخرج من بين شفتيها المتوترتين ...
أخذت تيماء نفسا مرتجفا بالفعل ... ثم شدت ظهرها لتقول بصوتٍ قاطع , محتد , يوحي بقرب فقدانها للسيطرة على نفسها , ...
( تلك المنحة هي المستقبل المتبقي لي ..... لن تحرمني منها مطلقا .... أنا التي لن تسمح لك بهذا ... )
ظل قاصي صامتا لعدة لحظات , دون أن تتغير تعابير وجهه , الا أن تيماء رأت عينيه تتغيران .. تتعمقان أكثر و كأنها قد آلمته .... و كأنه كان يظن أن رغبتها في البقاء معه ما هو الا أمر مسلم به !! ...
حسنا الخطأ خطأها من البداية .... هي التي جعلت من نفسها أمرا بديهي في حياة قاصي ....
لكنها ستعمل على تغيير هذا و على الفور ...
قال قاصي أخيرا بجفاء دون أن يتحرك من مكانه
( كان عليكِ التفكير في هذا قبل القبول بالزواج مني ...... الآن فقط تفكرين في مستقبلك المشرق !! ... لماذا لم تفكرين به سابقا ؟!! ..... انت ككل النساء يا تيماء , تحركها عواطفها لا عقلها .... لقد اتخذت قرارا بالقبول بي ... بكل علاتي و مساوئي .....و هذا القرار ليس حديثا , بل قديما جدا .... عمره خمس سنوات و اكثر ..... قبلتِ بي و انا مجهول الاسم و النسب .... مجرد خادم اجير لدى والدك .... قبلت برجلٍ لم تكن اي فتاة محترمة لتقبل بالزواج منه و منحه كل حبها ..... فهل اكتشافك لزواجي الصوري الآن يعد جريمة اخطر من كل ما سبق و قبلتِ به ؟!! ..... لا اظن يا تيماء ... لقد وقعت عقدا منذ سنواتٍ طويلة , عقدا بأن تكوني لي .... و أكون لكِ ..... )
عقدت تيماء حاجبيها من شدة الألم الذي عصف في قلبها في تلك اللحظة ...
و للمرة الأولى تتمنى لو استطاعت أن تقتله ... و تنتزع قلبه من صدره ....
فغرت شفتيها قليلا , ثم لم تلبث أن قالت بصوت متشنج
( اخرج من بيتي ........ الآن ....... )
لم يتحرك قاصي من مكانه , مجرد ظل ابتسامة ظهرت على شفتيه الصلبتين ثم قال بخشونة
( بيتك هو بيتي ...... بصفتي زوجك .... )
حينها فقط شعرت تيماء بأنها لن تتحمل أكثر , فهجمت عليه لتجذبه من مقدمة قميصه بكلتا قبضتيها وهي تصرخ في وجهه بعنف
( أخرج من هنا ..... أخرج من بيتي .... أنا من أدفع أيجاره و لي الحق برميك خارجا ...... أيها الخائن الدنيء ال ...... )
الا أنها لم تكمل كلامها الغاضب الوقح ... فقد مد يديه ليحيط بهما وجهها يجذبه اليه حتى أسكت كل عويلها بقبلة ....
للحظة تفاجئت ... و تسمرت مكانها محنية القوام أمامه , وهو يغمض عينيه لينال راحته في قبلتها القوية , الا أنها لم تلبث أن أخذت تضرب صدره بكل قوته كي يحرر وجهها ....
الى أن تركها أخيرا متنهدا بتنهيدة خشنة ... غاضبة و .... مرتاحة !! .....
أما هي فاستقامت ما أن حررها وتراجعت بسرعة للخلف , بتعثرٍ حتى سقطت أرضا ......
ظل ينظر اليها دون أن يتحرك من مكانه , بينما بقت هي مكانها أرضا تنظر اليه بعينين تهتزان بألم ....
ثم قالت أخيرا بصوتٍ مرتجف غاضب ... الا أنه كان خافتا , متداعيا ....
( ماذا أردت أن تثبت بهذا ؟!! .......... )
لم يرد قاصي على الفور .... بل ظل صامتا , و قد بدت ملامحه .. رقيقة , أم أنها تتوهم !! ....
ثم قال أخيرا بخفوت عميق
( لم أكن أثبت شيء ..... كنت أبتغي الراحة فقط .... )
و أمام عينيها الواسعتين وجدته يرجع رأسه للخلف , مغمضا عينيه و كأنه يسترجع مذاق قبلتها .....
نهضت تيماء بتوتر و هي ترتجف فعليا ... بداخلها رغبة عنيفة في البكاء , ثم قالت بعنف كي تمنع نفسها من الانفجار في البكاء
( حسنا ...... ابقى هنا ...... تمتع بشقتي لك و افعل بها ما شئت .... أنا التي سترحل , ..... )
استدارت عنه و هي تلتقط حجابها لتلفه حول وجهها عشوائيا , تتنفس بسرعة و جنون ... و الألم النازف في صدرها يزداد تشعبا و قسوة ....
قال قاصي من خلفها بصوت جامد
( الى أين ؟؟ ........... )
استدارت لتواجهه و هي تهتف بجنون
( الى أي مكانٍ بعيد عنك .......... أنا أكرهك ..... اكرهك .... )
توترت ملامح قاصي ., الا انه قال بهدوء جليدي
( لن تذهبي الى أي مكان يا تيماء ... ليس لكِ مكان آخر , أم تريدين الذهاب الى والدتك و زوجها ؟؟ ...... )
توقفت تيماء مكانها توليه ظهرها ... و هي تتنفس بسرعة , ناظرة أمامها بعينين مظلمتين , داكنتي اللون ...
عضت على شفتيها قليلا , الا أنها رفعت ذقنها و استدارت اليه قائلة بنبرة قاهرة .. مشددة على كل حرف
( سيكون هذا أفضل من التواجد معك حاليا ...... )
رد عليها قاصي بنفس الصلابة
( اذهبي و بدلي ملابسك يا تيماء ...... تعلمين أن أمك , لن تكون متعاونة معكِ في الوقت الحالي , و اراهن أنها لا تزال ناقمة عليكِ بسبب زواجنا المفاجىء ... و ما سببه لها .... )
عضت تيماء على شفتيها بشدة و ألم ...
تبا له !! ....
هل من المفترض به أن يستنتج كل شيء , بوضوح الشمس !!
ان كانت امها صعبة التحمل من قبل ... فقد تحولت الى انسانة مستحيل التعامل معها , منذ ان عرفت بزواجها من قاصي بتلك السرعة و الطريقة ...
لقد انتابتها حالة من الهلع ... خوفا مما سيترتب على هذا الزواج ....
كان الأمل لا يزال يداعبها في ان تدخل تيماء تحت عباءة جدها .... و أن تنالا رخاءا دائما بعدها , ....
لكن الأمل مات ما ان عرفت بزواج تيماء ...
باتت تهذي في الهاتف كالمجنونة .... ....
و ما أن أغلقت تيماء الهاتف معها , حتى انفجرت في البكاء , فقد كانت حينها في حاجة لأمها أكثر من اي وقت مضى ..
مهما كبرت و مهما وصلت الى مراتب عالية في دراستها ... كانت في حاجة لأمها بشدة و كأنها قد عادت الى سن الخامسة ....

نظر قاصي الى تعاقب انفعالاتها و صراعها الأليم على ملامح وجهها الشفافة .... فعلم حينها انه قد وصل الى مقصده بأقسى الطرق ....
تيماء لا تملك غيره .... وهو لا يملك غيرها ,
تركها عدة لحظات قبل أن يقول بهدوء
( أنا مجهد .... و جائع ....... )
أجفلت تيماء من صوته الهادىء الذي اقتحم تصارعها مع نفسها , فرفعت وجهها اليه لتقول عاقدة حاجبيها
( ماذا ؟! ....... )
ابتسم قاصي و رد بنعومة
( أنا مجهد للغاية ,..... و جائع جدا .... لم آكل طعاما حقيقيا منذ فترة طويلة .... فقط ما يكفي لابقائي حيا , و قادرا على الوصول اليكِ بقدميً ...... )
كانت تعلم أنه لا يكذب في هذا على الأقل ...
فعلى الرغم من دنائته و قسوته .... الا أن وجهه كان شاحبا و غائر الوجنتين ... الآن فقط لاحظت العمق الداكن تحت عينيه ....
و على الرغم من رغبتها في قتله , الا أنها وجدت بنفسها عطفا خائنا عليه .... مشاعر خبيثة , لا سبيل للشفاء منها ...
هتفت فجأة بغضب عنيف من خيانة نفسها لها .... ملوحة بذراعيها
( حسنا ابقى ..... اللعنة عليك , فلتأكل ما تريد , لكن لا تنتظر مني أن أقوم بخدمتك .... و بعدها أريد منك المغادرة على الفور يا قاصي , ..... لقد انتهينا .... هل تسمعني .... انتهينا ..... )
تحولت كلمتها الأخيرة الى صراخٍ هائج , الا أنها ارتعبت ما أن وجدت الدموع تلسع عينيها , ... تريد التساقط بغزارة طالبة للرحمة ...
فأولته ظهرها و اسرعت الى غرفتها دون ان تنتظر منه ردا .... تصفق بابها بعنف .....
و ما ان اغلقته حتى استندت اليه بكتفها .... و يدها على سطحه ....
قلبها يخفق بعنف و الدموع تنهمر على وجنتيها .....
همست لنفسها بعذاب
" أنا أحبه .... أنا لا ازال أحبه !! .....يا ربي أنا احبه و لا أجد السبيل لانتزاعه من نفسي ... "
استدارت لتستند بظهرها الى الباب ... ورفعت وجهها المبلل عاليا و هي تتابع الهمس بنشيجٍ ناعم
" منذ سنوات كنت اخجل من مناجاتك عن هذا الحب يا الله ..... كنت أخجل ليقيني بأنني اتجاوز و اتنازل في علاقتي به .....كنت مخطئة و لا أملك الإبتعاد عنه "
صمتت و هي تغمض عينيها لتنساب الدموع اكثر و اكثر كأنهارٍ متفجرة على وجنتيها الشاحبتين
" بعدها عاهدتك الا أعود للخطأ مجددا ..... و بكيت كثيرا على تجاوزاتي معه ..... , و الآن عاد ......
عاد و ارتضيت به زوجي حين تقينت بأنني لا أملك القدرة على الإبتعاد عنه ..... أصبح زوجي .... فماذا أفعل ؟!! ..... هل هذا هو تكفير لذنبي معه ؟!! .... أم عقاب على ما اقترفته ؟؟ ..... "
صمتت و هي تسقط وجهها لتبكي بخفوتٍ مطبقة عينيها ,. ثم همست باختناق من بين دموعها
" عذاب عدم قدرتي على انتزاعه من نفسي ... يفوق الم ما اقفترفه في حق ..... خيانة نفسي تفوق خيانته لي ...... ساعدني يا اللهي على ابعاده .... لا أريده ..... لا أريده ....لا أريد نفسي معه , ... أكره ما آل اليه حالي به .. . "
أخفت وجهها بكفيها و بكت بخفوت ...
حريصة الا يصله صوت بكائها ........ بينما هي تسمع تحركاته في الخارج و كأنه يتحرك في بيته ...
خطوات قوية و اوانٍ تطرق مع بعضها .... أدراج تفتح و كأنه غزو على بيتها و حياتها و كيانها كله ...
أما هي فمختبئة في غرفتها كفأرة صغيرة شديدة الجبن ....
أقصى ما تستطيع فعله هو اخفاء صوت بكائها كي لا تمنحه لذة الإنتصار ....
تحركت أخيرا و هي تنشج كطفلة صغيرة متجهة الى فراشها .... فخلعت سترتها و استلقت على سريرها الضيق تبكي و تبكي و هي تعتصر غطاء السرير الناعم بقوة حتى ابيضت مفاصل أصابعها , ...
تتقلب على الجمر و لا تملك راحة لعذابها ....
مضى وقت طويل , قبل أن تنتفض فجأة شاهقة و هي تسمع صوت باب الغرفة يفتح , ليدخل قاصي منه بهدوء ...
استوت جالسة تبعد شعرها المشعث عن وجهها لتنظر اليه بعينيها الواسعتين الحمراوين .... بينما وقف هو مكانه ينظر اليها بصمت قبل أن يقول بجفاء
( لقد حضرت الطعام ..... تعالي لتأكلي ..... )
أخذت نفسا طويلا قبل أن تهتف بعنف
( اخرج من غرفتي ...... لا أريد أكل اي شيء تعده يداك .... )
عقد قاصي حاجبيه على الرغم من ابتسامته التي ارتسمت على شفتيه , ثم قال بهدوء
( منذ أن عرفتك و انا الذي يعد الطعام يا تيماء .... , الآن توقفي عن عنادك و تعالي لتأكلي معي , لا أحب الأكل وحيدا ..... )
أخذت تتنفس بصعوبة و هي تنظر حولها بعدم تركيز ... الى أن رأت كوب ماء بجوارها على الطاولة الصغيرة الجانبية ... فأمسكت به لترميه بكل قوتها في اتجاه قاصي ...
لم تصدق ما فعلت للتو !!!
فلقد رمته في اتجاهه بالفعل ... و ليس مجرد تهديد , و بمعجزة ما استطاع اخراج رأسه في اللحظة الأخيرة خارج اطار الباب الذي يمسك بمقبضه ... فارتطم الكوب بالباب في المكان الذي كان يحتله وجهه للتو ... و سقط متهشما بقوة على الارض !! ...
أعاد قاصي وجهه و نظر الى الأرض بذهول قبل أن يرفع وجهه الى تيماء و قد تحول ذهوله الى غضبٍ بدأ يتقد تدريجيا .....
أما تيماء فقد كانت تبادله النظر بذهولٍ مماثل ... لا تصدق أن حالتها النفسية قد أوصلتها الى هذه المرحلة من الإجرام ....
كانت تنظر اليه بلهفة ... تتفحص وجهه ذرة ذرة كي تتأكد من أن الزجاج لم يصبه ...
و أثناء تلك اللحظات و من شدة خوفها , لم تلحظ اقترابه منها و على وجهه علامات الغضب , الا بعد أن أصبح بجوارها تماما ... فرفعت وجهها لتنظر اليه بترقب , لكنها لم تجد الفرصة ...
فقد انحنى اليها و لف خصرها بذراعٍ واحدة يجرها من على السرير كي تقف بتعثر ...
أخذت تيماء تصرخ و تضربه وهو يحملها بذراعٍ واحدة ... خارجا بها من الغرفة ,
حتى أنها تشبثت باطار الباب بأصابعها و اظافرها أثناء خروجه بها , لكن قوته كانت أكبر .... فحملها حملها بذراعٍ واحدة و هي تلوح بساقيها حتى وصلا الى المطبخ الصغير فرماها على أحد الكراسي بقوة .. لدرجة أنها كادت أن تقع من الجهة الأخرى لولا امساكه بها في اللحظة الأخيرة .. حتى استقرت جالسة
استقامت تيماء و هي تصرخ بجنون ... تحاول ضربه دون جدوى و شعرها يتطاير من حولها في كل الجهات فبدت كشمسٍ حارقة متوهجة في فصل صيف حار ...
( يا عديم التحضر ... أيها الجلف .... لا تلقني هكذا .... )
الا أن نظرة نارية منه جعلتها تجفل قليلا و تبتلع المتبقي من كلامها ... لكنها ظلت تحدجه بكرهٍ و هي تراه يجر كرسيا آخر ليجلس بجوارها ....
و ما أن حاولت النهوض باباء ... حتى قبضت أصابعه على ساعدها بدرجة جعلتها تتأوه بألم وهو يهدر قائلا
( اجلسي مكانك و لا تتحركي ..... )
كان صوته مشحونا ... غاضبا بحق !! ...
لا تزال وقاحته تبهرها .... فهو الغاضب !! ......
لكنها جلست مكانها تتنفس بسرعة و تشنج , ... تنظر اليه بنظراتٍ تفيض بالكره و الرفض , بينما هو يبادلها النظر باستياء .. ووجهه شديد الآحمرار ... ثم قال أخيرا
( كلي ....... )
نظرت تيماء الى الأطباق التي أعدها و لم تلحظها سابقا ... ففوجئت به أعد معكرونا و نقانق ...
لا تعلم لماذا آلمها منظر الطعام !!
الا انها و على الرغم من ذلك الألم العاطفي الذي شعرت به . ... أمسكت بحافة الطبق و دفعته بعيدا و هي تهتف بغضب
( لا أريد التسمم ...... )
انسكبت بعض المعكرونا على الطاولة ... ووقعت اثنتين من النقانق أيضا ...
حينها شعرت بالقليل من الندم و هي تختلس النظر الى قاصي الذي كان ينظر الى الفوضى أمامه بنظراتٍ ....
تشبه طفل خذلته أمه !! ...
هزت رأسها بقوة و هي تلعن غبائها و مشاعرها التافهة الساذجة .... و حين رفعت عينيها تعيد النظر اليه , وجدت أنه قد استعاد قناع القسوة و السخرية ناظرا اليها ... ثم قال أخيرا ببرود
( لن تفلح حركاتك الصبيانية في افقادي لشهيتي ...... هلا أكلت معي , أنا فقط جائع .... و بشدة ... )
هتفت تيماء و هي تمد رأسها اليه تقذف الكلمات في وجهه
( تسمم وحدك ........... )
رفع قاصي حاجبيه وهو يبدأ في تناول طعامه ببساطة قائلا
( أنت زوجة غير مهذبة ........ )
صرخت تيماء بعنف و هي تضرب الطاولة بقبضتها
( و أنت خائن ......... )
استمر في مضغ طعامه ببطىء دون ان ينظر اليها ... ثم قال بلا تعبير
( أخبرتك أنني لم أخنكِ ......... إن لم تصدقي , فهذه مشكلتك ..... )
كانت تلهث من فرط الجنون .. و فقدان السيطرة على الذات و هي ترى هذا البرود و تلك القسوة المتمثلان أمامها و المتجسدان في هذا الشخص عديم التحضر .... قاصي الحكيم ....
ابتلعت ريقها بصعوبة و هي تنظر اليه بألم ممتزج بغصة صدئة ...
شعره المتطاول ... و ذقنه الغير حليقة .... داكنة قليلا .. تزيد من منظره قسوة و لا مبالاة ...
حينها رفع عينيه اليها فجأة ....
اجفلت و انتفض قلبها ... الا انها بدت كالمنومة مغناطيسيا , غير قادرة على الاشاحة بعينيها عن عينيه الناريتين ...
فابتلعت ريقها ببطىء ...
تحركت عينا قاصي على عنقها وهو يراقب حركات عضلاته المتوترة ....
و للحظات طويلة عم السكون التام بينهما ....
عيناه البراقتان كانتا تلتهمان تفاصيلها في القميص الحريري بلون السكر الذي ترتديه ....
تتحركان على فتحته ... ازراره اللؤلؤية .....
ثم ترتفعان الى شعرها المشعث .... الذي لا يعلم منظره حاليا الا الله .....
اسبلت تيماء جفنيها بارتجاف .... ثم همست بخفوت
( اريدك أن ترحل يا قاصي .... وجودك هنا جنون ..... )
ساد الصمت لعدة لحظات , ثم سمعت صوته الخافت العميق يقول
( و أنا لن أرحل يا تيماء ....... ليس بعد أن نلت ما أردته طويلا .... هيا افتحي فمك ... )
رفعت جفنيها تنظر اليه بحيرة , فوجدته يمسك احدى النقانق الصغيرة بشوكته و يقربها من فمها ....
الا انها ظلت على صمتها و هي تنظر الى ملامح وجهه , و التي بدت حنونة قليلا ... كاسرة قناع السخرية البغيض ....
و دون ان تدري وجدت شفتيها تنفرجان ببطىء .. لتلتقط قطعة النقانق بينهما و تمضغها ببطىء مماثل , ابتسم لها قاصي برقة ... على الرغم من أنها تكاد أن تقسم بالألم الساكن في عمق عينيه ....
ارتفعت أصابعها المرتجفة .. لترجع بعض من خصلات شعرها المجنونة خلف أذنها و هي تعلم أن عينيه لن تحررانها بسهولة ... و تراقبان كل حركة منها ... و كل نفس متردد في صدرها الخافق ...
سألها قاصي بصوت أجش , ليقطع الصمت بينهما
( كيف يسير عملك ؟؟ ........ )
انتابتها الرغبة في الضحك عاليا .... لطالما كان تنقله في انطباعاته متطرفا ....
أطرقت بوجهها و قالت بخفوت
( رائع ..... عملي هو كل ما أريده حاليا , خاصة أنني أنهي أوراق المنحة حاليا بكل ما أملك من سرعة و اصرار .... )
سمعت صوت تنفسه الخشن , لكنها لم تجرؤ على رفع عينيها اليه , ....
كانت تريد أن تؤلمه .... توجعه بشدة و لن تترك لذلك سبيلا الا و ستسلكه .....
تكلم قاصي بصوت خافت الا أنه كان مخيفا ... أجشا
( و هل ترين هذا .... الشخص الذي كان يريد الزواج منكِ ؟؟ ..... )
رفعت تيماء وجهها اليه .... تنظر اليه طويلا , ثم قالت ببساطة
( أيهما تقصد ؟؟ ........ )
ارتفع حاجبي قاصي بصمت .... و رأت من تصلب فكه أنها قد أصابت الهدف .... الا أنه قال بجمود ظاهري
( على ما يبدو أن معجبيك كثر !! .... )
هزت تيماء كتفيها و قالت بهدوء ...
( على ما يبدو ....... )
ضحك قاصي ضحكة خافتة قاسية ... خالية من المرح أو الشعور ... ثم قال ببرود
( هكذا اذن !! ........ )
لم ترد تيماء و أبقت وجهها منخفض ... فقال قاصي بقسوة
( ايمن ..... قصدت أيمن أن كنتِ تدعين الغباء .....هل ترينه ؟!! ..... )
كان قلبها يرتجف بعنف بين أضلعها ... لقد عاد !! ... عاد الغيور !! .... عاد الرجل الذي تجن عيناه ما أن يشعر باحتمالية سرقة حبيبته منه !!
لكن هل هي حبيبته فعلا !! ..... متى كانت حبيبته ؟!! .....
ردت تيماء ببرود مبتلعة الألم الذي تشعر به بمهارة
( طبعا ..... أنا معيدة المادة التي يدرسها .... )
توقف قاصي عن الأكل للحظة ... و استمر في النظر اليها و هي تتجاهله كذبا ... بينما قال بهدوء
( معنى هذا أنكما تجلسان معا طويلا ..... تتكلمان كثيرا ..... )
هزت كتفها مجددا و قالت دون أن تنظر اليه
( طبيعي ...........)
قال قاصي بنبرة عنيفة مكتومة
( فيما تتكلمان ؟؟ ............ هل أخبرته ؟؟ .....)
رفعت تيماء عينين ميتتين اليه , ثم قالت بنبرة بلا روح
( ماذا تقصد بما أخبرته ؟!! ..... زواجنا أم خيانتك لي ؟؟ .........)
هتف قاصي بغضب مفاجىء و قد عجز عن التزام الصبر أكثر
( توقفي عن التغابي يا تيماء ....... ماذا أخبرته ؟!! ...... فيما تتكلمان يوميا ؟؟ .... لا تقنعيني أنه قد اقتنع بكِ كمجرد زميلة ...... )
كان وجهها جامدا كتمثال ناعم في قسوته .... و تعرف ان صمتها يزيد من المه , و ناره ....
و كم تمنت ان تحرقه النار أكثر .... فمهما تزايد سعيرها لن تساوي ذرة من ناره التي أحرقها بها ...
هدر قاصي بقوة وهو يضرب الطاولة بقبضته
( تيماااااااء .... أجيبيني ...... )
قالت تيماء بقسوة مشددة على احرف كلماتها
( أنا معيدة في الجامعة .... أتكلم يوميا مع عشرات الطلاب و العديد من الزملاء ... و أيمن واحد منهم , و الموضوع القديم ,أنا نبذته من تفكيري تماما .... و من المستحيل أن اتكلم عن زوجي مع أي رجل آخر .... أتعلم لماذا ؟!! .... لأنني لست خائنة مثلك .... أنا لدي قوانين تحكمني ... أما أنت ... فما أنت الا كائن عشوائي .... لا تخضع لأي قانون ... ترفض أي قيد حتى لو كانت المبادىء نفسها .... تدعي اللطف و حماية من تحب .... الا أنك في الواقع شخص أناني .... لا تهتم الا بما تريد , ..... )
نهضت من مكانها فجأة بقوة ... مما جعل الكرسي يتراجع بعنف , لكنها استندت الى الطاولة و انحنت اليه , تقرب وجهها من وجهه القاتم و عينيه المشتعلتين غضبا ... ثم قالت متابعة بقسوة لا ترحم ...
( إن كنت تظن أن مجرد اعدادك لطبق من الطعام ... ستجعلني أرضخ و اتحول الى قطة ناعمة تتمسح بك , فأنت اذن لم تعرف تيماء أبدا ..... انت لم تعد نفس الرجل الذي سبق ووهبته صك الملكية لنفسي .... الرجل الذي يخصني أنا وحدي ..... )
ضاقت عيناه المستعرتان على ملامح وجهها الشرسة ... ووجهها المتقد بعنفوان وهو يراها تستقيم واقفة ... ثم قالت بقسوة
( عشت عمري كله و أنا أتعلم فنون تحمل ابعاد من يخذلني من حياتي .... وأنت لن تكون استثناء ... )
التقطت نفسا مرتجفا طويلا و هي تتابع عينيه المحدقتين بها , ثم قالت اخيرا بجمود
( يمكنك البقاء ..... و يمكنك قضاء الليلة هنا على احد الأرائك طالما أنني لن أستطيع رميك خارجا .... وربما كان هذا جزء من ثمن ادفعه لك .... لنصبح متعادلين ..... أنا سأسافر يا قاصي .... و أنت ستتطلقني و تهتم بزوجتك و ابنك .... فهما اختيارك من البداية ..... أما أنا فكما قلت تماما , لم أكن سوى حلم .... مجرد حلم ساذج و استيقظنا منه ...... )
و دون ان تنتظر منه كلمة اخرى غادرت المطبخ و هي تهنىء نفسها بالتماسك أمامه ... قبل الانهيار التام وحدها ....
جرت في الرواق القصير و أسرعت الى غرفتها ... ثم أغلقت الباب خلفها بالمفتاح قبل أن تنهار باكية بعنف للمرة الثانية ...
لكنها تسمرت مكانها و هي تسمع أصوات تكسير عنيفة آتية من المطبخ !!! ...
اتسعت عيناها الحمراوين و الأصوات لا تتوقف ... فهمست بقلب يرجف و يدها على صدرها
" المجنون .... سيدمر بيتي !! ..... "
لكن البيت كان آخر همها .... كان همها الأول و الأخير هو قاصي فقط ...
انقبضت قبضتها على صدرها و هي تشعر بألمه بينما الأبواب تفصل بينهما دون رحمة .... تمنعها من الخروج اليه و التهدئة من نوبات غضبه التي تعرفها جيدا ...
تلك النوبات التي لا يستطيع التحكم بها الى حد أنها قد تؤلمه جسديا و تعذبه نفسيا ....
انفرجت شفتيها تهمسان بكلمة واحدة دون صوت
" اهدأ ...... "
و كأنه سيسمعها ...... لكن أصوات الحطام أخذت تتوالى , حتى بدأت تخشى أن يطرق الجيران بابها ليتسائلون عن سبب تلك الأصوات المفزعة ...
قفزت مكانها وهي تسمع صيحة قوية منه .. قبل ان يركل شيء ما .... على الارجح انه كرسي المطبخ , لأن سقط محدثا دويا عاليا ...
ثم ساد صمت قصير ... ظنت معه أنه قد استعاد رشده قليلا .... الا انها قفزت صارخة برعب حين شعرت بالباب يرتج خلفها اثر ضربة قوية عليه من الجهة الأخرى ... و صوت قاصي يهدر بعنف
( تريدين الهروب الآن ؟!! ...... سبق و حذرتك منذ سنوات طويلة , .... و اعطيتك الخيار كي تبتعدي و تهربي .... لكنك صرختِ بكل قوة أنكِ لا تخافين الظلام .... لا تهابين مما ينتظرك معي .... فماذا كنتِ تظنين اذن ؟!! ..... طريقا مفروشا بالورود ؟!! ... مع أول ثغرة قابلتِها في حياتي هربتِ ........ )
فغرت تيماء شفتيها المرتجفتين و هي تنظر جانبا منتظرة أن ينتهي من جنونه المخيف ...
فلقد خشيت أن يكسر الباب و يهجم عليها في تلك النوبة من الغضب .. و ماذا لو فعل ؟!! .... ستكرهه أكثر ...
حينها دعت الله من كل قلبها الا يتمادى ... فهي لا تريد كرهه أكثر .....
ضرب قاصي على الباب مجددا بكل قوته ... فقفزت بعيدا و هي تنظر الى الباب المغلق , متوقعة تداعيه في اي لحظة ...
الا أن قاصي قال اخيرا بصوت جهوري ..
( استمتعي بغرفتك الخالية المغلقة ..... و سأكون أنا خارجا , لن أبارح الى أي مكان ..... )
ثم سمعت صوت خطواته تبتعد ....
ظلت تيماء واقفة مكانها لا تعرف كيف تتصرف .... و كيف سمحت له اصلا بالبقاء !! ....
لكن هل من هو مثل قاصي يخضع للسماح ؟!! .... كان سيبقى رضت ام أبت .....
تحركت ببطىء الى أن جلست على حافة السرير ... تنظر الى الباب المغلق و هي تضم قبضتيها بقلبٍ يرجف ...
من تخدع !! .......
لقد فضلت البقاء معه على الذهاب الى بيت أمها .......
هل كان كرها منها , أم أنها كانت تريد الاستمتاع بليلة أخرى تقضيها معه تحت سقف واحد قبل أن يفترقا للأبد ......
أطرقت بوجهها و هي تتسائل عما سيفعله الآن .... و عما ستفعله هي .....
لكنه سيكون مجنونا إن تخيل للحظة أن تسمح له بأن يلمسها ...... لن تكون كريمة معه الى هذا الحد ؟!! .....
فليبقى خارجا و يغادر بعد أن يفقد الأمل أخيرا .... و بعد أن يموت قلبها .....
أغمضت تيماء عينيها و بمنتهى السلاسة , سمحتة لشهقة البكاء الخافتة أن تتحرر من شفتيها أخيرا ......
.................................................. .................................................. ...................
" خذ يا ولدي ... كل هذه أيضا .... "
نظر الى وجهها المليح ... و عينيها الكحيلتين طبيعيا ..... و ابتسامتها المنكسرة , .... ابتسامة تبدو و كأنها اعتذار دائم .....
يحب النظر الى ملامح وجهها البسيطة و تأمل ابتسامتها ....
و أكثر .... أنه يحب رائحتها .....
رائحتها تشبه الأرض التي حكت عنها طويلا ...... تشبه الطمي و رائحة النهر ......
لقد رسمت الأيام على وجهها خطوط رفيعة , رغم انها لم تكن سنواتٍ طويلة تزيدها عجزا .....
لكن الشقاء هو من ساعد في سرعة نحت كل تلك الخطوط ....
قال أخيرا بتذمر
" كليها أنتِ يا أمي ...... لقد شبعت .... "
الا أنه كان يكذب و كانت معدته الصغيرة لا تزال تئن جوعا , لكن أمه لم تكن قد تناولت شيئا من الأساس ...
كان يسمع صوت بطنها بوضوح ككل ليلة ... و كلما سمعه , وجد نفسه بالغريزة يقترب منها آخر الليل ليضع رأسه على بطنها ... عل تلك الأصوات تختفي , فيختفي معها جوعها ....
كان حضنها هو الراحة بعينيها .... رائحتها مسك يزيح عنه كل خوف لا تستطيع سنوات عمره ان تفسره ...
اصابعها التي تتخلل شعره و تمشطه , تهدىء من تخيلات الوحوش التي ترتسم أمام عينيه .....
حرك رأسه في حضنها مستمتعا بهذه الراحة التي غابت عنه طويلا .... أنفه يلتقط رائحتها بعذوبة ...
يود لو ظل هناك لفترة اطول ...
لكنه كان يعرف بأن نهاية وحشية ستأتي قريبا ككل مرة ....
دقات قلبه المتسارعة تخبره بهذا .....
تتسارع اكثر اكثر وهو يفتح عينيه على رؤية نصلٍ يلمع .... لا يبصر من يمسكه ....
لكن لمعانه يخطف النظر ...
حينها فقط اخذ يتشبث بطرف جلبابها الأسود و يصرخ عاليا الا تبتعد عنه وهو سيحميها .....
لكن صوت صراخها كان يغطي على صوت صرخاته .... فلا تسمعه ,,,
الى ان رآى النصل يتحرك من فوقهما ككل مرة في حركة غادرة .... تقطع عليه هنائه و راحته القصيرة ....
وهو يحاول الصراخ ... لكن دون جدوى .... يحاول و يحاول .....

تقلبت تيماء في سريرها بعنف و هي تركل الأغطية يمينا و يسارا و تصارع لتتحرر منها ....
ملوحة بذراعيها و هي تحاول الخروج من الكابوس الذي تعانيه و يجثم على صدرها فيثقله و يمنعها من التنفس .....
تحركت رأسها بعنف من جهة لأخرى .....
ترى أمامها صورا متداخلة ... ووجوها مختلفة تعرفها الا انها لا تتذكر هويتهم ....
و كأنها فاقدة للذاكرة .... و الظلام يثقل من حولها حتى يكتم أنفاسها ببطىء ... شيئا فشيئا حتى اقتربت من الاختناق ...
حينها فقط استيقظت من نومها بعنفٍ و هي تشهق شهقة كبيرة طالبة للتنفس ....
استقامت جالسة و هي تنظر حولها ... لتجد أن الظلام قد عم غرفتها , بينما العرق البارد يغطي جبهتها و نبضات قلبها متسارعة ...
تنهدت بتعب و هي ترفع يدها الى صدرها الخافق لتريح من شدة انقباضه ...
باتت الكوابيس تزعجها جدا مؤخرا .... لقد تزايدت جدا في الأيام الخمس الماضية .... حتى أنها لا تكاد تحصل بضعة ساعات قليلة من النوم القلق كل ليلة ....
يبدو أنها ستعود الى تناول أقراص النوم من جديد ....
فجسدها سينهار سريعا بهذه الطريقة طلبا للنوم العميق دون قلق ......
رفعت يدها لتبعد شعرها الغزير عن وجهها , الا أن أصابعها تسمرت و هي تسمع صوت همهماتٍ رجولية عنيفة خارج غرفتها ....
حينها فقط استيقظت كل اعصابها و عاد اليها استيعابها و هي تتذكر كل ما سبق فهمست بصدمة
" قاصي !!....... "
نهضت من سريرها بتعثر و اقتربت من باب غرفتها المغلق بحذر و بقدمين حافييتين .... ثم وضعت كفيها عليه و أرهفت السمع ...
نعم انه صوت قاصي !! ... يتكلم بصوت مكتوم عنيف و كأنه يتشاجر مع احد !!! ...
مع من يتكلم ؟!! ..... هل يهاتف أحد في مثل هذه الساعة ؟!! ...
لم تستطيع السماع جيدا ... الا أن صوته يعلو قليلا و يحتد ....إنه يتشاجر فعلا لكنها لا تفهم ما يقول ...
ظلت واقفة خلف الباب و قلبها يخفق بسرعة ... تريد معرفة ما يحدث , لكن عقلها يأمرها بالبقاء مكانها خلف الحاجز بينهما .. و لا تتعداه .....
لكن مع تزايد الضغط في صوت قاصي ..... كان ضغط نبضاتها يزيد معه و يتضاعف ....
و فجأة انتصرت نبضات القلب في فضولها على أوامر عقلها ...
فأخفضت كفها لتدير المفتاح بحذر .. ثم فتحت الباب ....
حكرت تيماء ببطىء ... تسير في الرواق خطوة خطوة ...
و مع كل خطوة تخطوها .. كانت تسمع صوت قاصي بوضوح أكبر ...
همهماته المتحشرجة العالية .. آتية من غرفة الجلوس .... فسارعت تيماء الخطى قليلا حتى وصلت الى هناك متوقعة أن تراه يتحدث في الهاتف ...
الا أنها تسمرت مكانها و هي تراه مستلقي على الأريكة الكبيرة .... في ضوء المصباح الجانبي الخافت
كان مرتمي عليها بمعنى أصح ....
و ذراعيه الضخمتين مرتميتين خارجها ... تتحركان بضعف و كأنه مقيد بقيود وهمية ....
اتسعت عينا تيماء و هي تستوعب منظره .... كان نائما , و قد تخلص من قميصه و بقى ببنطاله الجينز فقط ... مما جعلها ترى تسارع أنفاس صدره ارتفاعا و انخفاضا ....
بنما شفتيه تتحركان بهذيان لم تفهم من كلمه !!
كان يتصارع مع شيء وهمي !! ....
جسده متشنج بشكل غريب و كأنه محموم ينتفض !! ......
شيء مجهول كان يكبل حركته , فلو تحرر لربما حطم كل ما في الغرفة .... الا أن حركاته كانت مقيدة و جسده ينتفض في استلقائه ....
رأت العرق يلمع على صدره المتسارع ... كما استيقظت هي تماما منذ لحظات !! ...
ازداد انفراج شفتيها و هي تستوعب ببطىء أنه يعاني من كابوس كما عانت هي !! ....
أي صدفة تلك التي تجعلهما يتشاركان حتى الكوابيس !! ....
استفاقت من شرودها على صوته المختنق وهو يهمهم بعنف و كأن هناك شريط لاصق على فمه
" لا .. لاااااالالا ..... لا ..... "
عضت تيماء على شفتها و هي لا تعرف كيف تتصرف .... الألم بداخلها عنيف لرؤيته يتصارع مع الظلام بتلك الطريقة الموجعة ....
انتفاضة اخرى وحيدة منه .... جعلتها تحزم أمرها و تسرع اليه , حتى جثت على ركبتيها أرضا بجوار الأريكة .... و رفعت يدا مترددة لتلمس بها كتفه و هي تهمس
( قاصي ..... قاصي استيقظ ..... )
الا أنهم لم يسمعها من الأساس ... بل انتفض و تلوى في مكانه , مكبل الذراعين فوق رأسه بقيده الوهمي ...
هزته تيماء بقوة أكبر و نادته
( قاصي ........ قاصي أنها أنا .... تيماء ... استيقظ ... )
كان منظره مؤلما بشدة , .... لم تتخيل أن تراه بمثل هذا الضعف من قبل ....
ابتلعت غصة في حلقها و هي تحرك يدها على صدره منادية مجددا بصوت مختنق
( قاصي ........ )
تعالت همهماته أكتر ... و منها استطاعت التقاط كلمة واحدة مفهومة الأحرف
" أمي ..... "
أفلتت من بين شفتيه كصيحة مترجية بترجي مختنق وحشي ....
رفعت تيماء يدها الى فمها المرتجف ... و بقت مكانها أرضا و هي تراقبه بعينين مشوشتين ... لا تعلم متى امتلآتا بالدموع بهذه السرعة !! ...
في لحظة واحدة ... و بكلمة وحيدة .... ضاع منها كل غضبها منه و كل نفورها طار ادراج الرياح ...
وودت لو امتصت المه و اسكنته صدرها بدلا منه ... عله يرتاح قليلا ...
رفعت وجهها عاليا و هي تحاول التقاط أنفاسها بصعوبة و ترمش بعينيها كي لا تبكي ..
ثم أعادت عينيها اليه و اقتربت بوجهها منه و همست في أذنه برفق و هي تمشط شعره بأصابعها
( قاصي ...... استيقظ حبيبي , إنها أنا .... تيماء .... استيقظ ... )
كانت تستطيع الشعور بكل ذبذبات جسده المكبل تحت أصابعها ... و أعضاؤه كلها تتصارع , حينها ارتفعت على قدميها ... و استلقت بقربه ... تضم رأسه الى صدرها هامسة له باختناق
( قاصي ...... )
انتفض فجأة بقوة أكبر و ارتفعت يده بسرعة لتقبض على ساعدها بعنفٍ كاد أن يسحق عظامها الرقيقة ....
الا أنها هدأته قائلة برفق
( اهدأ ....... اهدأ ..... أنا تيماء ..... اهدأ .... )
رأت عيناه تفتحان وهو ينظر اليها غير مستوعب لمن تكون ... و لم تكن هذه هي المرة الأولى التي ترى فيها مراحل استيقاظه من أحد تلك الكوابيس المفزعة ...
لكن قديما لم تكن تعرف سببها ... أما الآن فهي تعرف أي مأساة مر بها في طفولته و قد تركت عليه آثارها حتى الآن ....
ضمت رأسه الى صدرها بذراعها الحره و انحنت لتهمس فوق جبهته ... تمسها بشفتيها
( أنا تيماء ......... )
بينما تركت معصمها الآخر في قبضته العنيفة لو كان هذا سيريحه ....
استمرا على هذا الوضع لعدة لحظات ... قبل أن يرفع وجهه اليها ... ينظر الى عينيها المببلتين الواسعتين ....
فهمس بصوت أجش
( تيماء .......... )
أومأت برأسها و هي تهمس بصوت لا يكاد يسمع
( نعم ........... )
نظر اليها لحظة .... ثم نظر الى ساعدها الذي سحق في قبضته ... حينها فقط خفف من قبضته عليه , فرأى العلامات الحمراء التي تركتها أصابعه على بشرتها الحساسة ...
و أمام عينيها المتألمتين ... رأته يرفع ساعدها الى فمه ليقبل باطنه برقة ... متمهلا و كأنه لا يود تركه أبدا ...
ثم أمال رأسه ليرتاح على صدرها مغمضا عينيه و كأنه يود النوم مجددا ... الا أنه التقط كفها الرقيقة ليضعها فوق صدره .. و قبض عليها بيده كي لا تسحبها ...
لكنها لم تكن لتسحبها .... بل تركته ليرتاح , ..... ساد صمت حزين بينهما , ثم قال قاصي بخفوت دون أن يفتح عينيه
( هل هذيت كثيرا ؟؟ ......... )
ابتلعتلا تيماء الغصة في حلقها و همست كاذبة
( لا ........... )
ثم همست له بخفوت
( لماذا تنام في ضوء المصباح ؟؟ ........ ربما كان هو ما أزعجك .... )
ساد الصمت مجددا , ثم قال قاصي أخيرا بصوتٍ خافت ...
( لا أحب النوم في الظلام ........... )
اتسعت عيناها و ارتفع حاجباها و هي تنظر اليه بعدم تصديق ....
ففاض الألم بداخلها أنهارا و انهارت كل قواها أمام هذا الحزن الكامن بداخل حبيبها ... حبيبها الذي يخشى الظلام ....
أحنت رأسها اليه دون ارادة منها و عادت لتقبل شعره و جبهته ....
تأوه قاصي بخفوت وهو يتقبل منها كرمها بشهية مفتوحة لكل ما تجود به ....
همست تيماء له بخفوت
( قاصي ..... لماذا لم تحاول الحصول على مساعدة ؟؟ ...... )
رأت شفتيه تبتسمان دون مرح ... و دون أن يفتح عينيه .... ثم قال بصوت خافت أجش
( لأجل بضعة كوابيس ؟؟!! .......... )
نظرت الى وجهه بألم , ثم همست له
( تعرف أن الأمر أكبر من هذا ......... )
فتح قاصي عينيه ... و رفع وجهه ينظر اليها طويلا , ثم همس بصوت أجش شارد
( نعم ..... إنه أكبر من ذلك ...... )
ابتلعت تيماء ريقها أمام النبرة الخاصة التي تكلم بها .... و عيناه تحاوران عينيها المتهربتين منهما , ...
حينها بدأت تشعر بشحنات غير مستحبة حاليا في الجو بينهما .... فحاولت النهوض الا أنه منعها بأن لف ذراعه حول خصرها بسرعة يضمها الى جسده بقوة ... ثم مال عليها حتى وجدته مشرفا عليها بعد أن كانت هي التي تضمه ...
ابتلعت تيماء ريقها بصعوبة و همست بجفاء
( أرى أنك أصبحت بخير الآن يا قاصي .... سأذهب الى غرفتي ..... )
الا أن يداه منعتاها و هي تحاول التملص منه فتزيد من رغبته التي بدأت تتوهج في عينيه ... ثم قال بخفوت أجش .. خشن
( ابقي معي يا تيماء .... أنا أحتاجك .... )
للحظات لم تفهم إن كان يقصد بطلبه أن تمضي الليلة بين ذراعيه أم يقصد أن تبقى معه كزوجة و تنبذ فكرة الإنفصال و السفر ...
و حين أصابعها العجز ... تململت هامسة برفض على الاحتمالين
( لا ..... لا يا قاصي ..... أنت تطلب المستحيل ..... )
لكنه أحكم الطوق من حولها تماما و همس لها بعنف خافت
( أنت من تهذين بالمستحيل ...... أنت و أنا لا سبيل للفراق بيننا يا تيماء ... مطلقا .... أنت الشخص الوحيد المتبقي لي في هذا العالم و لن أتركه أبدا .... )
همست تيماء بعذاب و هي تحاول الإبتعاد عنه
( لديك ابنك .... أنت اخترته ...... )
اقترب منها أكثر وهو يمرر يده على بطنها فوق قميصها الحريري هامسا
( نعم اخترته عن قصد .... أما ابني منكِ لم أختره .... سيولد رغما عنك و عني و عن الجميع .... )
أبعدت وجهها بضعف عن مرمى شفتيه و هتفت بألم
( أنا لست حامل .... و لن أكون ..... لن تقترب مني مجددا .... )
ضمها اليه أكثر حتى أصبحت مجرد الحركة البسيطة لها تتشكل مع حركات جسده ... تزيد من ناره و توجعه ....
ثم قال بخفوت
( و لماذا خرجتِ الي اذن ؟!! ...... لماذا لم تبقي أسيرة غرفتك الباردة ؟؟ ..... )
هتفت بيأس و هي تبعد وجهها عنه
( كنت أسمع صوتك ... و خفت أن ...... )
صمتت و هي لا تعرف كيف تجيب ... الا أنه لم يرحمها وهو يقترب منها هامسا
( خفت ....أن ماذا ؟!! .... خفتِ من أن يكون قد أصابني مكروه ؟!! ..... تخافين علي و أنا في بيتك و بين ذراعيكِ يا تيماء .... غريزة الحماية لديكِ تفوق أي اعتبارات أخرى .... هذه هي العلاقة بيننا يا تيماء ... )
اخفض وجهه ببطىء وهو ينظر الى عينيها المتسعتين ... الى أن تقابلت شفتاهما برقة و عذوبة كادت أن تطيح بعقلها .....
قبلاته لها طعم يختلف عن كل عنفه و فقدانه للسيطرة على نوبات غضبه ....
أغمضت تيماء عينيها و هي تهمس لنفسها
" ثوان فقط ... ثوان ثم سأبعده عني ..... "
الا أن الثواني تحولت الى دقيقة و اثنين ... ثم ابعد قاصي وجهه عنها لينظر الى وجهها المشتعل و شعرها الأهوج من حولها ...
فالتقط خصلة متكسرة طويلة منه ... لفها حول اصبعه كسلك معدني جميل في شكله الغريب ... ثم همس لها مبهورا
( و كأن السنوات لم تمر ..... لم يتغير بكِ شيء .... نفس النظرات , نفس الشفتين .... هو التملك ذاته و الوحد بالحصرية المطلقة التي تمنحينها لي دون الحاجة للكلام .... )
هزت رأسها نفيا بقوة , ثم لم تلبث أن هتفت بغضب متداعي و متكسر على شاطىء تلك العذوبة المفرطة منه ...
( لست هي ..... تغيرت .... تغيرت ....... )
رفع يده ووضعها على قلبها المذعور ... فشعر بكل اختلاجاته العنيفة تحت كفه ...
بينما هو ينظر الى عينيها المهتزتين بخوف ... ثم همس لها مبتسما بحنان
( تقولين أنكِ لست مولعة بالأمر يا تيمائي .... لكن استمعي الى هذا القلب الخافق تحت كفي , متعته تفوق أي متعة أخرى .... متعة لن يسلبها منكِ أي بشر .... )
أغمضت عينيها بقوة تبتعد عن هذا السحر المسكر .... بينما شعرت بأنفاسه تقترب منها الى أن قبل عنقها برفق ..... ثم همس بنعومة
( لمن ارتديتِ هذا القميص ؟!! ......... )
هتفت بقوة يائسة دون أن تفتح عينيها
( بالتأكيد ليس لك ........ )
هزتها ضحكته الخافتة وهو يقبل وجنتها ليهمس لها بنعومة
( لمن أذن ؟؟ ......... تريدين أن أراكِ جميلة ..... تملكين كل المقومات بداخلك لتكوني مولعة بالامر يا تيماء , فقط امنحيني الفرصة ..... )
أفلتت تنهيدة يأس من بين شفتيها المرتجفتين و هي تتصارع مع نفسها الغبية ... التي تستحق كل بلايا الزمن جراء هذا الغباء ...
ابتعد عنها فجأة ففتحت عينيها مصدومة من البرد الذي شعرت به فجأة و كأن صقيعا لفها و جمدها ....
فرأته يقف أمامها مبتسما ....
ثم سار ببطىء الى حيث كان جهاز التسجيل الذي تضعه في الغرفة .... فعبث في أسطوانتها وهو يقول بخفوت
( حين كنت أبحث في تلك الاسطوانات .... في وقت سابق , كنت اود معرفة الى مدى تغير ذوقك ... و الحق يقال أنه قد تغير تماما .... الا اسطوانة واحدة , كنت أبحث عنها الى أن وجدتها .... لم يخب ظني ... )
كانت تيماء قد قفزت واقفة من فوق الأريكة و انطرقت تجري و هي تنوي الهرب ...
حيث انبعثت في الغرفة ألحان أغنية تعرفها جيدا .....
الا أنه كان أسرع منها فلف ذراعه حول خصرها و أدارها اليه بنعمومة فسقطت على صدره الذي تقبلها بسهولة ... ممسكا باحدى قبضتيها مضمومة فوق قلبه .... بينما يده الأخرى على ظهرها تمنعها من الهرب ... تتحرك عليه ببطىء صعودا و نزولا و هو يتمايل بها
" غرباء في الليل ...... "
امتزج صوته الأجش بالألحان الناعمة , ثم همس متابعا وهو يدور بها في الغرفة ذات الضوء الشاحب
( هل تتذكرين تلك الأغنية يا تيماء ؟؟ ..... متى سمعناها للمرة الأولى و كم مرة رقصنا عليها ؟؟ .... )
هزت رأسها نفيا دون أن تجيب ... و دون أن تفتح عينيها , الا أنه مال بها وهو يرد
( كاذبة ..... كانت المرة الأولى التي اراقص بها فتاة في السادسة عشر .... ليلة احتفالها بيوم مولدها , الا أنه في الواقع لم يكن احتفالا بهذه المناسبة ... بل كان احتفالا أعدته عن سبق اصرار لتعترف فيه بحبها للمرة الأولى ..... فتاة كانت طفلة تثير جنوني ... و في نفس الوقت أجدني غير قادرا على الابتعاد عنها .... لكن تلك الطفلة حركت بداخلي مشاعر غير مرغوبة تجاهها عاما بعد عام و أنا أرى بعيني أنوثتها تكتمل أمامي .... هل تدركين كم كنت أرى نفسي دنئيا و أنا أختلس تلك النظرات لها !! ...
كم شتمت نفسي و أنا أستيقظ من نومي على حلم جمعني بها !! ....
الى ان قررت تلك الطفلة أن تأخذ بزمام المبادرة ... فحضرت الحفل كي تعترف بحبها , بكل شجاعة لم أمتلكها أنا ..... يومها وجدت نفسي أسلم كل حصوني لها , رغم انها كانت الشخص الخاطىء تماما ... و الذي دخل حياتي في الوقت الخاطىء .... أتتذكرين هديتي لها ؟؟ ...... )
افلتت تنهيدة بكاء من بين شفتيها دون أن تهز رأسها هذه المرة .... فقد رفع يده و لامس السلسال الذي أهداه لها و تابع يقول بهمس ٍ أكثر خفوتا ...
( طبعا تتذكرين .... لأنكِ لم تخلعيه مجددا , منذ آخر مرة هددت بحرمانك منه ....... )
توقفت الأغنية و توقفا عن التمايل ....
وقفا متواجهين .... قاصي مخفض الرأس يراقبها , بينما تيماء تنظر أرضا و الدموع تنساب على وجنتيها بصمت ...
فقال أخيرا بخفوت ساحر
(" تيمائي المهلكة ...يا أرضا أينعت جمالا .... فأهلكت الأعين بسحرها "
)


يتبع


tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 23-07-16, 11:49 PM   #6639

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

(" تيمائي المهلكة ...يا أرضا أينعت جمالا .... فأهلكت الأعين بسحرها ")
ياللهي !!
كم هو قاسي .... و يعرف كيف يؤلمها في الوقت الصحيح حتى تسقط بين يديه منهارة القلب ....
كان الألم أكبر من احتمالها فقالت دون أن ترفع وجهها اليه
( ماذا تريد مني يا قاصي ؟؟ ......... )
قال قاصي بخفوت وهو يمسك بأعلى ذراعيها
( أريدك أن تنامي بين ذراعي ... لا أريد أكثر من هذا , و لندع التفكير في المشاكل للغد ... أحتاجك بجواري فقط ..... )
همست تيماء بوجع
( هذا لن يفلح يا قاصي ....... )
رد عليها بصوتٍ أجش وهو يحرك كفيه نزولا على ذراعيها حتى امسك بكفيها
( بل سيفلح .... ستنامين على الفور , على الأقل سيتمكن كل منا من النوم اخيرا بدون كوابيس .... )
فتحت عينيها دون ان تفرع وجهها اليه , و كانت تعلم انه يرى الصراع على وجهها بمنتهى الوضوح و كان هذا يرضيه بشدة ...
فجرها خلفه الى أن استلقى على الأريكة , ثم جذبها اليه لتستلقي بجواره ....
و ما أن استقر ظهرها على صدره حتى أحاطها بذراعيه و أغمض عينيه وهو يستند بذقنه فوق رأسها ثم همس برضا
( آآآآه .... هذا رائع ..... )
لم ترد تيماء عليه .... بل كانت تتنعم باحتضانه لها و كأنه يعلم تماما كم هي في حاجة اليه ....
دقات قلبه على ظهرها قوية و ثابتة ... متسارعة قليلا , و يشعرها هذا بالسعادة , يشعرها أنها عادت الى تلك الفتاة المراهقة التي كان يتحدث عنها ... فتاته .....
لكن كيف السبيل الى التخلص من الألم بداخلها كي تنعم بتلك السعادة خالصة
مر وقت طويل قبل أن يهمس قاصي في أذنها بخفوت
( لماذا لم تطلبي مني طلاقها ؟؟ ........ )
ابتسمت تيماء ابتسامة مريرة ... ثم همست بصوت أجش مختنق
( هل تظن أن بطلاقها تحل المشكلة ؟!! ....لا يا قاصي , لن يريح قلبي الا أن أراك متألما , كما آلمتني ... )
ابتسم قاصي هو الآخر ابتسامة ألم و قال بلا روح
( كانت هذه نفس اجابتي .... )
عقدت تيماء حاجبيها و هي تستنتج المعنى المبطن لكلماته ....
هل يتكلمان كثيرا ؟!! .... هل يحدثها عنها ؟!! ..... هل يمتلك الوقاحة و الجرأة ليبحث علاقتهما مع زوجته !! .....

هزت رأسها منتفضة فجأة ... فزاد من ضمها اليه وهو يهمس بقلق
( ماذا بكِ .... هل تشعرين بالبرد ؟؟ ..... )
الا أن تيماء لم تجب ... بل فتحت عينيها الفيروزيتين بلونٍ كاللهيب الأزرق و هي تنظر أمامها ... ثم همست أخيرا بهدوء
( هل لديك أدنى فكرة عن الوضع الذي وضعتني به يا قاصي ؟؟ ...... أنا حتى لا أملك حق مسامحتك و اعتبارها مجرد نزوة , لأن هناك طفل .... هناك طفل يا قاصي عمره خمس سنوات كاملة .... منذ أن أبصر النور لم يعرف سواك والدا .... هل تتخيلني بالدناءة التي تجعلني اشترط عليك تركه ؟!! .... و طبعا بطلاقك لوالدته ... ستنتهي علاقتك به , فهي لن تتركه لك كهدية مع بطاقة شكر !! ... الحقيقة يا قاصي أنني هي الدخيلة .... انكر كلامي و اخبرني أنك تستطيع التخلي عن عمرو و اخراجه من حياتك ...)
ساد صمت طويل .. و شعرت بصدره يضرب ظهرها بقوة ... و أنفاسه تلفح عنقها تكاد أن تحرقه ...
لكنها تحملت و انتظرت منه الرد .... الى أن أجاب أخيرا بجفاء خافت
( لا أستطيع التخلي عن عمرو .... انه ابني ..... أنا من علمته المشي ... أنا من كنت آخذه الى الطبيب ... أنا من سمع منه كلمة أبي للمرة الأولى .... )
ضاقت عينا تيماء على دموعٍ لا تريد أن تذرفها .... و هي تتخيل تلك الحياة المستقرة و التي تمثل اطار متكاملا و هي خارجه ....
لذا تابعت بقسوة و اختناق
( و أنت من كنت تريد اسمه ..... اسم عائلته .... هل تتنازل و تخبرني عن خطتك ؟؟ .... تلك العائلة متنازله عنه تماما .... لماذا تسعى أنت اليه ... )
ظل قاصي صامتا ... و كفيه تنقبضان على ذراعيها المكتفتين بقوة آلمتها ... ثم قال أخيرا
( هذا الولد أريده أن يكبر معتمدا على ما أكسبه من مال ... أريده أن يتربى تحت سقف بيتي بعد أن تخلى عنه والده ..... ابن عائلة الرافعي .... )
همست تيماء باختناق
( كما فعل والدي معك ....... )
اخفض قاصي عينيه ينظر الى شعرها المرتمي على صدره ... فرفع يده يبعده عن وجهها , يتمنى لو يراها الآن في تلك اللحظة .... ثم قال بخفوت
( نعم .... كما فعل والدك معي , لكن أنكر فضله , الا أن الفارق هو أنني جعلت من عمرو ابني .... لا مجرد خادم .... و ان اردت الحقيقة .... راجح الرافعي رغم كل عيوبه و دنائته لا يقارن بوالده ... عمران الرافعي ..... فأطفال راجح دائما من الحلال .... وهو يمنحهم اسمه في النهاية ... سيرثونه و لن يحملون وصمة ابن غير شرعي ...... )
همست تيماء شاعرة بالفراغ
( و ماذا عن عمرو نفسه ؟؟ .... ألم تفكر به ؟؟ .... ما أن يستوعب الأمر حتى يتألم كل لحظة و كل ساعة وهو يرى بعينيه نبذ والده له ..... )
قال قاصي بعد فترة طويلة
( مثلما تألمتِ أنتِ ........ )
" مثلما تألمتِ أنتِ ...... "
و حتى الآن لا تزال تعاني ....
عمرو خسر والده و انفاقه عليه .... لكن الله عوضه بقاصي ....
أما تيماء , فقد خسرت والدها و لم تخسر انفاقه عليها لسنوات طويلة في رفاهية مقبولة ....
فهل عوضها الله بقاصي مثل عمرو !!! ..... ام أنه بالنسبة لها ابتلاء ؟!! .....
أغمضت عينيها و هي تهمس بلوعة و قهر
( يا للها من دائرة سوداء .... عميقة و مخيفة ...... )
قرب شفتيه منها لطبعهما أعلى وجنتها المرتفعة بقوة وهو يهمس
( مظلمة يا تيماء .... و أنت لا تخشين الظلام ..... أتتذكرين , ......... )
أغمضت عينيها و هي تشعر بالتعب يهد روحها قبل جسدها ... فهمست تشدد على أحرفها تؤلمه بكل ما أوتيت من قوة
( أنا متعبة ..... متعبة جدا ........ )
تحركت تندس به و هي ترغب في الحصول على مسكن لهذا الألم , فضمها قاصي اليه و همس بخفوت
( نامي الآن ..... لكن لا تتحركي كثيرا , فهناك حدود لسيطرتي على نفسي ..... يا تيمائي المهلكة ... )
لم تسمعه تماما ... فقد أغلقت عينيها في نعاس داهمها كهروب من تلك اللحظة ...
لطالما كانت تلك هي عادتها منذ الصغر .... حين تضر الى اتخاذ قرار لا يرضاه قلبها المندفع ... كانت تهرب الى النوم كي تهدىء من عنفوانه و اندفاعه ....
أما قاصي فلم يستطع النوم كما ادعى .... بل ظل ينظر اليها وهو يداعب شعرها الكث ...
كانت جميلة في عينيه .... مهلكة لكل من يعرفها , ..... من لا يعرفها و يستطيع منع نفسه من الغرق بها ؟!! ....
لكنها اختارته هو ....
هي له ... و انتهى الأمر .......
قرار مضته و على آخر سطر به مخطوط " لا تراجع ...... "
.................................................. .................................................. ......................
تململت تيماء في نومها و هي تشعر بالخدر يسري في أوصالها .... بعد نوم ليلة كاملة دون أن ينتابها أي كابوس جديد ....
رمشت بعينيها و هي تنظر الى سقف الغرفة .... تمد ذراعيها المسترخيتين ....
و ما هي الا لحظة , ثم انتفضت جالسة تنظر الى غرفتها !!
ماذا يحدث الآن ؟!! ....
هل هي مجموعة من الأحلام تنتابها ؟!! ....
متى استيقظت و متى نامت وكيف عادت الى غرفتها ؟!! ....
نهضت من فراشها تبحث عن قاصي في أنحاء الشقة الصغيرة .... و كان في داخلها أمل خائن في أن تراه ...
لكن الامل مات حين تأكدت من أنه قد رحل , بعد أن منحها السكينة لساعات قليلة ...
وقفت تيماء في منتصف شقتها , مستندة بكفها الى الجدار ....
هل تلعن غبائها ... أم ببساطة تعترف أنها كانت في حاجة الى وجوده ليلة أمس ....
حتى و إن كان الجاني .... ماذا يفيدها أن تعاقبه و هي تحتاجه !! ....
هذا التفكير العقيم جعلها تستند الى الجدار بظهرها و هي تنظر الى الشقة الخاوية .... لتعرف تماما ما هي مكانتها , في دائرته السوداء ....
أخذت نفسا عميقا و هي تسمع دقات ساعة الحائط ... تعلن أنها الثامنة صباحا , اي أن موعد محاضرتها بعد ساعة تقريبا ..
لم تتأخر يوما في الاستيقاظ الى هذا الحد , لكن على ما يبدو أن هذا تأثير قاصي عليها ...
تحركت تيماء تجر قدميها جرا كي تستعد , ...
ستذهب الى محاضرتها و تواجه طلابها ... فهي ليست جبانة أو متخاذلة و هذا الوقت الذي ستمضيه في البكاء .... هم أولى به ....
.................................................. .................................................. ..............
( باحث الانثروبولوجيا الاجتماعية .. لا يستوي عمله , الا بالتعايش في البيئة التي يدرسها لفترة طويلة .... الكتب وحدها , لن تنفعه بنسبة مئة بالمئة ... انما تكون عينه هي جهاز التصوير الخاص به ... في مراقبة المجتمع الذي يريد دراسته ... تسجيل عاداته و تقاليده و ثقافاته ... و مقارنتها في الوقت الحالي بما كانت عليه في نفس المجتمع منذ عشرات السنوات .... و هذا النظام هو ما يطلق عليه .. " نظام الملاحظة بالمعايشة " .....
من أهم ما يتطرق اليه باحث الانثروبولجيا الاجتماعية ..في دراسته , هي نظم الزواج و عاداتها و المختلفة من مجتمع لآخر ....
و مدى تطورها على مدى السنوات ... نجد أن التطور كان سريعا جدا في بعضها , و كان بطيئا جدا في البعض الآخر , لدرجة أنه قد لا يلاحظ أي تطور في فترة من خمسين الى ستين عام ....
يعتمد هذا على المجتمع نفسه ... و مدى قابليته للتطور القادم مع الوافدين من مجتمعات مختلفة ,,,أو العائدين من أجيال جديدة عايشت مجتمعات أخرى ..... لكن في كل الأحوال هناك تطور و تغيير حتى و ان كان غير ملحوظ .... حيث ثبت بالدراسة , استحالة الثبات على نفس النظم الاجتماعية بنسبة تامة على مدى السنوات ... "
انتهت تيماء من تلك الفقرة و هي تنظر الى الجمع الجالس أمامها ....
بينما كان عقلها لا يسمع سوى لحن الليلة الماضية ...
ترى هل وجنتيها الساخنتين محمرتين فعلا أم أنها تتوهم ... و هل يلاحظ طلابها ارتباكها اليوم ؟!! ...
لم تتوتر نبرتها ...
الا أن ارتباك كيانها لا يمكنها أن تنكره ....
اللحن يدور في أذنها .... أما السؤال المرافق له فهو
" هل سيعود اليها الليلة ؟!! ........ و لماذا غادر بمثل هذه السرعة ؟! ... "
لم تكن فخورة بنفسها ....
على الرغم من ثباتها على موقفها الذي اتخذته ... الا أن في داخلها ضعف تجاهه , يمنحه الأمل ....
أي أمل يبتغيه ؟!! ....
أن تكون استاذة جامعية ... بينما لا توصيف اجتماعي لها سوى زوجة ثانية له ؟!! ....
هذه العبارة ... هي العبارة المنمقة التي سترميها في وجهه ما أن يترجاها مجددا ما أن يترجاها في أن تتراجع عن السفر ...
لكن الأنثى بداخلها ... تصرخ بعبارة أخرى .. أكثر عذابا و أشد جنونا ...
أنا لن أقبل أن تشاركني بك امرأة أخرى ... و ألم فراقك أهون من وجع المشاركة ....
" لقد خنت وطنك يا قاصي ..... و خيانة الوطن , لا عقاب يكفيها سوى الطرد منه ... "
( أستاذة تيماء ....... )
رفعت تيماء وجهها الشاحب مجفلة و هي تسمع نداء احدى الطالبات في مكبر الصوت ... فردت عليها معتذرة
( نعم يا سهيلة ....... تفضلي بسؤالك .... )
ردت عليها الطالبة تسأل
( في المحاضرة السابقة .... كنت قد طرحت سؤالا ... عن شخص ولد في بيئة , بموروثات معينة ... لكنه نشأ في بيئة أخرى بظروف مختلفة تماما .... هل سنحصل على شخص مختلف تماما عما لو كان قد نشأ في بيئته ؟؟ .... أعتقد أن الإجابة الواضحة هي أننا سنحصل على شخص مختلف , لن تبقى به سوى الموروثات الجسدية و الجينية .... لكن الطبائع ستختلف جذريا .... )
فتحت تيماء شفتيها لتجيب ... الا أن الكلمات تسمرت في حلقها و هي ترى دخول شخص من الباب الخلفي في نهاية القاعة ....
هذا الشخص و رغم بعد المسافة , الا أنه غير قابل للبس في هويته ....
قاصي الحكيم !! ....
اتسعت عينا تيماء بصدمة و هي تراه يتخذ إحدى المقاعد الخلفية و يجلس عليها بأريحية مكتفا ذراعيه ... ينظر اليها و عيناه في عينيها من هذا البعد !!
ارتجفت تيماء كليا و هي تستوعب وجوده .... ماذا يفعل هنا ؟!! ... و كيف سمح له الأمن بالدخول الى الكلية من الأساس ؟!! .....
هزت رأسها قليلا ... ثم حاولت جاهدة استجماع قواها العقلية و هي تجيب بصوت بدا مهتز تماما ... و عيناها لا تحيدان عن عيني قاصي ...
( الإنسان يختلف باختلاف البيئة التي نشأ بها .... يكتسب منها ما يؤثر عليه سلبا أو ايجابا ... لكن تظل لديه موروثات لا تقبل التغيير و هذه الموروثات ليست جسدية بالضرورة .....
هناك نظريات أخرى تقول أن السلوك الإنحرافي مثلا قد يكون وراثيا ..... حسنا هذه النظريات عليها خلاف كبير , ففي التعاليم الدينية ....لا يرث الانسان السلوك الإنحرافي و الا لما كان هناك مبدأ الحساب و العقاب ..... و الذي يعتمد على الطريق الذي اتخذه كل انسان بملء ارادته ....
هل المجرم مثلا يورث ابنه نفس الميول الانحرافية حتى لو نشأ الإبن في بيئة مخالفة لبيئة والده ؟؟ ... )
كانت تتكلم و قلبها يخفق بعنف .... و عيناها أسيرتي هاتين العينين البعيدتين ....
فتابعت بصوت مهتز
( هل يكون الأخ ....... مرآه لأخيه في بيئة أخرى مهما حاولنا الإنكار ؟!! ...... )
شعرت تيماء بعيني قاصي تلفحانها من بعد ...... و كأنه لهيبهما قد وصلها و أحرق الكلمات على شفتيها ....

بينما ضيقت الفتاة عينيها و هي تحاول استيعاب كلام تيماء الذي اهتز و ابتعد عن المحاضرة ... لكن و قبل أن تسألها .... سمعت تيماء صوت طرق على باب القاعة الأمامي .... ثم دخلت احدى الموظفات و انحنت على تيماء تهمس لها بصوت غير مسموع
( أستاذة تيماء ..... العميدة تريدك في مكتبها على الفور ...... )
عقدت تيماء حاجبيها و هي تسأل بحيرة
( لماذا ؟!! ...... )
قالت الموظفة
( لا أعرف .... لكنها أرسلتني اليكِ على الفور حيث أنكِ تغلقين هاتفك أثناء المحاضرة .... )
ازداد انعقاد حاجبي تيماء و هي تهمس
( ترى أهو شيء يخص ورق المنحة ؟!! .. عسى أن يكون قد اقترب من الإنتهاء من الروتين الطويل .... )
هزت الموظفة كتفيها و هي تهمس لها
( أتمنى هذا ..... )
ابتسمت لها تيماء باهتزاز ثم قالت
( حسنا ..... سأذهب الى مكتبها على الفور ..... شكرا لكِ .... )
خرجت الموظفة بينما رفعت تيماء عينيها الى حيث يجلس قاصي , .... لكنها فوجئت بالمقعد الذي كان يحتله خاليا !!! ...
تسمرت تيماء مكانها و هي تبحث عنه بعينيها في كافة أرجاء القاعة دون أن تجد له أثرا ...
فهمست لنفسها مصدومة
" هل كان وجوده هو أحد أكبر أوهامي !!! ..... "
.................................................. .................................................. .....................
طرقت تيماء باب مكتب عميدة الكلية ...
ثم دخلت و هي تبتسم بتهذيب ... الا أن ابتسامتها تصلبت و هي ترى الدكتور أيمن جالسا أمام مكتب العميدة ...
ينظر اليها باستياء واضح لا يبشر بالخير ....
ماذا حدث ؟!! .... هل يشكو منها للعميدة في شيء ؟!! ......
كانت تيماء طوال الطريق الى المكتب و هي تشعر بالتضارب في مشاعرها ... حيال قرب انتهاء اجراءات حصولها على المنحة ... و هي فرصة يتمناها الكثير غيرها ...
الا أنها حين شعرت بالأمر وشيكا ....
صدمها ذلك الألم النابع من فراقها الأخير لقاصي .....
و مع كل خطوة تخطوها تجاه مكتب العميدة .... كانت ترى لحظة الفراق تقترب أكثر و أكثر ....
فينقبض صدرها أكثر ....
أما الآن ... فهناك شيء خاطىء ....
هل طارت المنحة من بين أصابعها لأي سبب كان ؟!! .....
حسنا لا بأس .... قدر الله و ما شاء فعل ....
لن يمنعها هذا من ترك قاصي ... و الإهتمام بعملها هنا و بطلابها .... و بدء التحضير للدكتوراة ...
العميدة هي سيدة مهذبة جدا ... لطالما كانت مشجعة لها منذ عودتها ... تشعرها بالفخر
لذلك نظرات الأسف المرتسمة على وجهها , تعطي تيماء فكرة عن صدق توقعها في فقدانها للمنحة ....
قالت تيماء بتهذيب و هي تنظر الى أيمن بقلق
( السلام عليكم ...... صباح الخير دكتورة هناء ..... )
ابتسمت العميدة بحرج و هي ترد
( صباح الخير يا تيماء .... تعالي اجلسي من فضلك ...... )
اقتربت تيماء و جلست في الكرسي المقابل لأيمن و عيناها تتنقلان بينه و بين العميدة ... ثم همست بقلق
( أشعر أن هناك خطب ما ........ )
أخذت العميدة نفسا عميقا , ثم قالت بهدوء حازم
( لماذا لم تخبرينا بزواجك يا تيماء ؟؟؟ ..... . .... )
وقع قلب تيماء بين قدميها أرضا و هي تسمع هذا السؤال الصادم و الغير مبشر ....
مجرد معرفتهم بالأمر يدل على أن ما ستسمعه الآن لن يسرها أبدا ....
ردت تيماء و هي تنظر الى أيمن الذي بدا غاضبا و بشدة ...
( حدث كل شيء بسرعة .... حتى أننا .... لم نقم اي احتفال بالزفاف .... كانت هناك حالة وفاة لدى العائلة .... ابن عمي توفي لذا .... )
تبا لذلك ... كانت تثرثر كالمجانين ...
لذا صمتت و هي تلتقط أنفاسها قبل أن تهمس باستسلام عاجز ...
( لكن لماذا ؟!! ...... ماذا حدث ؟؟ ..... )
تطوع أيمن للكلام وهو يهتف فجأة
( تزوجتِ ذلك الهمجي الرابض على باب غرفتك .... و أنا كنت أعلم أن شيء ما في الصورة خاطئا ..... أنا فقط أتسائل عن سبب تلاعبك بموضوع جاد كالقبول من ابن عائلة محترمة , بينما أنت على ما يبدو مرتبطة بهذا ال ....... )
قاطعته العميدة بنبرة عالية محتدة
( دكتور أيمن .... لا مجال للكلام هنا عن أمورٍ شخصية تسيء الى صورة زميلة في الجامعة ... أنا لن أسمح .... )
لكن تيماء لم تسمعها و هي تنظر الى أيمن بعينين تتقدان بشرر لاهب ثم قالت بنبرة باترة كالسيف
( اياك ..... ثم اياك , الكلام عن زوجي بتلك الطريقة ..... كونك أستاذي لا يمنحك الحق في التجاوز معي و خاصة عن زوجي ....أو الرجوع الى موضوعٍ يسيء الى كرامته كزوج.... )
تقابلت نظراتهما طويلا ... الى أن ضحك أيمن ضحكة أجفلتها ...
ضحكة ساخرة يمتزج فيها الغضب بالسخرية !!... ضحكة متشفية ... جعلت وجهها يمتقع بشدة ....
ثم قال مخاطبة العميدة باستهزاء
( تفضلي يا دكتورة هناء ..... أخبريها ..... )
كانت تموت ببطىء بينهما .....
المزيد من الأوجاع .... الى أن قالت العميدة بصوت قاتم متعاطف
( لقد حضر زوجك الى هنا يا تيماء ....... )
أغمضت تيماء عينيها على صدمة كان يجب أن تتوقعها ... و ظلت صامتة حتى بات التنفس عبارة عن طعنات مؤلمة ...
و ما أن استجمعت قواها ... حت فتحتهما و نظرت الى العميدة قائلة بصوت هادىء ... لا تعبير فيه
( لماذا ؟!! ........... )
فتحت العميدة كفيها و هي تقول بحيرة
( أنا آسفة جدا يا تيماء ..... لقد أتى كي يعلمنا بعدم موافقته على سفرك بصفته زوجك , ..... )
صوت صفير عالٍ صدح في أذنيها ... حتى كاد أن يخرقهما ... لقد شعرت بعينيها تنزفان من شدة هذا الصفير العالي ...
بينما الضغط يتزايد على جانبي جبهتها و هي تنظر الى العميدة بنظرة فارغة ... و كأنها لم تفهم ...
فتابعت العميدة بخفوت
( آسفة جدا يا تيماء .... هذا الموضوع خاص بينكما , لكن طالما أنه غير موافق , يمكنه منعك من السفر قانونيا .... لذا أرى أن المنحة ستأول الى من تناسب ظروفه أكثر منك..... أعرف أن هذا غير عادل , لكن
........ يمكنه منعك لاحقا و حينها تكونين قد أضعت وقتا طويلا قد يستغله غيرك )
نظرت تيماء الى ايمن ... حيث كانت الابتسامة الساخرة المستاءة لا تزال مرتسمة على وجهه ....
بينما تابعت العميدة توضح
( لقد أوشك على أن يتشابك بالأيدي مع الدكتور أيمن ...... لكننا تداركنا الموقف .... أنا آسفة يا ابنتي ... )
عضت تيماء على شفتها و عيناها تلمعان بغلالة من دموع زجاجية حبيسة .... و هي تنظر بتشوش الى نظران التعاطف في عيني العميدة .... فنهضت ببطىء و هي تقول بهدوء
( آسفة لما حدث ..... بعد اذنك ......أحتاج الى المغادرة .. )
.................................................. .................................................. .................

خرجت من بوابة الكيلة و هي لا ترى أمامها ....
كانت تشعر بنفسها تسير بأقدام مطاطية ... جسمها ينتفض داخليا بشحنات باردة كالجليد ...
بينما العالم يبدو في عينيها في تلك اللحظة أضيق من ثقب ابرة صدئة ....
سارت على غير هدى عدة خطوات , الى أن أمسكت كف بذراعها تديرها الى رجل طويل ... عرفته قبل أن ترفع عينيها الى وجهه ...
لكنها فعلت .. رفعتهما الى عينيه ,.... كانت تحتاج في تلك اللحظة الى التحقق منهما ....
نظرت تيماء بعينيها المشوشتين الى عيني قاصي المظلمتين ... و حاجبيه المنعقدين ....
نزولا الى الخطوط المشتدة حول فمه .....
نعم هو ..... لا مجال للوهم و الخداع بعد الآن .....
تكلم قاصي أخيرا قائلا بصوت خشن
( تعالي معي ......... )
الا أن تيماء سمرت قدميها في الأرض و هي تنظر اليه بصمت .... ثم لم تلبث أن قالت بصوت غريب
( تذكرت لتوي اليوم الذي خرجت فيه باكية من مكتب العميد بعد أن صفعني على وجههي ...... لم أندم يومها رغم الإهانة , لأنني كنت أدافع عن وجودك في حياتي ..... نفس الأحداث و نفس السيناريو ... مع فارق واحد ضخم .... وهو أن الصفعة هذه المرة كانت بيدك أنت ....... )
ازداد انعقاد حاجبيه ... و ازدادت الخطوط حول فمه عمقا .... بينما جذبت هي ذراعها بالقوة من كفه , لتبتعد عنه .....
و ما أن نطق باسمها .... حتى استدارت اليه صارخة غير آبهة بالطلاب المتحركين من حولهما ....
( ابتعد عني ....... ابتعد عني مرة واحدة و للأبد .... أنا ...... أكرهك .... أنا أكرهك .... )
و دون أن تنظر الى الطريق عبرته مسرعة .... فسمعت صوت مكابح عالية لدرجة أنها غطت أذنيها بكفيها بينما السيارة تتوقف على بعد خطوة واحدة منها مع أصوت شهقاتٍ عالية ....
لكن أعلاها كان صوت قاصي الذي صرخ هادرا
( تيمااااااااااااء ...... )
أبعدت تيماء كفيها عن أذنيها و هي تنظر الى الطريق و السيارة المتوقفة .... و الطلاب المتجمهرين ...
بينما لم تلتقط عيناها من بين كل هاؤلاء ... سوى قاصي الذي ارتمى مستندا بظهره الى عامود انارة و قد وضع يده على صدره مغمضا عينيه للحظة ... ملتقطا نفسه ...
لذا و قبل أن تسمح له باستغلال الفرصة ... كانت قد جرت الى سيارتها , و انطلقت بها .....
لا تبتغي سوى حذفه من حياتها .......
.................................................. .................................................. ......................
تقدمت ثريا الى باب الشقة حيث الرنين الرتيب لا يتوقف .....
و ما أن فتحت الباب ... حتى وجدت تيماء واقفة به تنظر اليها بصمت ... و بعينين فارغتين غريبتين ....
تكلمت ثريا قائلة بقلق
( تيماء ؟!! ......... ما الذي أتى بكِ الآن ؟!! ألم تخبريني بوضوح في آخر اتصال بيننا أنكِ لا تريدين أي تواصل بيننا في الفترة الحالية ؟!! .....)
فتحت تيماء شفتيها و هي تنظر الى امها طويلا ... ثم تكلمت بخفوت هامسة
( ارجوكِ لا تخذليني ..... أرجوكِ .... أحتاجك الآن أكثر من احتياجي لأي شخص آخر و أكثر من أي وقت مضى ...... لا أريد سماعها , لا أريد سماع عبارة " ألم أحذرك ....... " ..... أرجوكِ لا تخذليني , فأنا على حافة الموت انهيارا .... )
تقطعت آخر أحرف كلماتها و اختنقت في حلقها و هي تشهق فجأة بالبكاء .... قبل أن ترتمي في أحضان أمها التي تلقتها بين ذراعيها هامسة برعب و هي تشدد على ابنتها
( ماذا حدث ؟؟ ..... ماذا حدث ؟؟ ...... )
الا أن تيماء كانت أكثر ضعفا من أن تتكلم في تلك اللحظة .... كل ما أرادته هو أن تبكي على صدر أمها للمرة الأولى في حياتها ....
لاحقا ... كانت ثريا تجلس على أريكة مريحة و ساقيها تحتها , بينما رأس تيماء مرتاحة على ركبتيها بعد أن راحت في سبات عميق من شدة التعب و البكاء ...
الا أنها تمكنت من اخبار أمها بما حدث في كلمات منتحبة ....
ما عاد يهمها ان تداري عن الجميع أفعال قاصي بعد الآن ..... لن تفعل , فهي بشر في النهاية و كانت لتموت لو لم تخرج ما في جعبتها و تحكيه الى أمها شاهقة منتحبة ....
ظلت ثريا تمشط شعر تيماء بأصابعها طويلا و هي تنظر اليها في نومها ....
إنها المرة الأولى التي ترى فيها تيماء منكسرة بهذه الصورة ....
لطالما كانت تيماء الصخرة التي تستند اليها , رغم انها ابنتها , الا انها كانت الظهر الذي تستند اليه و بدونه تضيع ....
لقد كانت تيماء دائما أقوى من عشرات الرجال في الصلابة و الوقوف أمام عثرات الحياة ....
حتى في محنتها مع عائلة والدها منذ سنوات ....
انتابتها حالة من الصمت و الرعب لفترة , قبل ان تنهض على قدميها , اقوي و أصلب عودا ....
لكن الآن ....
لقد انكسرت طفلتها و كان هذا واضحا على سقوطها بين ذراعيها بعد كل هذا العمر ....
لأن هذه المرة من كسرها هو حب عمرها ....
قاصي الذي حذرتها منه دائما .......
استمرت ثريا في مداعبة شعر تيماء لعدة دقائق أخرى و على ملامحها علامات من الغموض الممتزج بالإصرار ....
ثم نهضت اخيرا و ازاحت رأس تيماء بحرص و استبدلت مكانها بوسادة أراحت عليها رأسها مجددا ...
ابتعدت ثريا و هي تفرك أصابعها بتفكير طويل , ثم استدارت تنظر الى تيماء نظرة أخيرة , قبل ان تذهب الى هاتفها ... تنظر اليه بنظرة مترددة , لكنها لم تلبث أن اتخذت قرارها و طلبت رقما و انتظرت و الهاتف على أذنها ... الى أن ردت أخيرا بصوتٍ خافت حاسم
( كيف حالك يا سالم ..... أنا ثريا ....... )
.................................................. .................................................. ......................
لا تصدق أنا جالسة هذه الجلسة !!
مسك الرافعي ....
أهذه هي نهايتها ؟!! .... منذ متى كان الزواج هو كل مبتغاها ؟!! ...
منذ أن تركها أشرف و هي عازفة عن الفكرة من الأساس نظرا لظروفها .... هذا بخلاف الجرح الذي خلفه أشرف .....
أما مؤخرا !! ... تحديدا و منذ أن عادت للاستقرار و العمل هنا ... و هي تشعر بتغيير تدريجي بها ...
الى أن وجدت نفسها توافق على مقابلة زاهر الرافعي لها ... تمهيدا للكلام بينهما , بعد أن طلب يدها للزواج من والدها ...
جلست بأناقة واضعة ساقا فوق أخرى ... في المقهى الأنيق الذي تواعدا على اللقاء به أمس , بعد أن أتصل بها للمرة الأولى ....
تراقبه بتأني و هي هادئة تمام الهدوء على عكسه .... ذقنها مرتفعة فطريا و دائما ...
بينما هو يبدو متململا ... نافذ الصبر , ينظر حوله في كل مكان .... و يتجنب النظر الى عينيها ....
قالت مسك أخيرا بصوتها الهادىء
( هل هناك مشكلة يا زاهر؟!! ..... أراك غير مرتاحا ...... )
حين وجهت الكلام له اضطر اخيرا الى النظر اليها و كأنه عبء ثقيل عليه ....
إنه لا يجيد التعامل مع النساء تماما , و هذه أول ملاحظة تدركها منذ زمن بعيد .....
رد زاهر متبرما
( لم يكن هناك داعٍ للمقابلة في مكان عام ... هكذا أمام الناس بوجهٍ مكشوف , لا حياء و لا أدب .... )
ارتفع حاجبي مسك و هي تسمع نبرته الفظة ...
هل أهانها للتو فعلا أم أنها تتخيل فقط و تتحامل عليه ...
زمت مسك شفتيها و قالت مبتسمة ابتسامة متحفظة
( و هل كان لديك بديل ؟!! .... والدي سافر و أنا وحدي في البيت ..... فماذا كنت تقترح ؟؟ .... )
رد زاهر متبرما وهو ينظر اليها بطرف عينيه
( لا أرى داعي لطلبك مقابلتي .... لقد سبق و طلبت يدك من عمي سالم و دخلت البيت من بابه .... )
ارتفع حاجبيها أكثر الآن ... لكنها تمسكت بصلابة أعصابها و قالت بهدوء
( أرى أن من حقي الجلوس معك قليلا قبل أن اتخذ قراري .... أم أنك تعتبر موافقتي أمرا مسلما به ؟! ... )
رفع زاهر عينيه اليها ....
و استقريتا على وجهها للمرة الأولى منذ أن جلسا .... حينها ارتبكت مسك و هي تلمح فيهما الجواب قبل أن يرد .... و لكنه رد بصوت خشن متردد
( أنت لست شخص يسهل أن يتصف أي شيء يخصه بأنه ... مسلم به يا بهية عائلة الرافعي .... )
احمرت وجنتي مسك و هي تبتسم رغم عنها قائلة
( بهية عائلة الرافعي !! .... ما هذا اللقب ؟!! ........ )
رد زاهر بخشونة وهو يتأملها .... عينيها و ملامحها حتى تململت
( لا لقب آخر لكِ غيره .... بهية كالفرس العربية الأصيلة , منذ صغرك ......)
راقبته مسك طويلا , ثم سألته بهدوء
( هل أنت معجب بي يا زاهر ؟؟ ....... )
انعقد حاجبيه و ارتبك قليلا ثم قال متجنبا الرد المباشر
( و لماذا تقدمت لطلب يدك إن لم أكن ....... )
تذمر وهو يهمهم و كأن الكلمة الطيبة تخرج من فمه بخروج الروح ..... الا أن مسك أصرت و سألته
( قصدت قبل هذا ..... منذ وقت طويل مثلا ؟؟ ...... )
هتف زاهر بخشونة
( استغفر الله .... كنت على ذمة رجل آخر , ما تلك الأسئلة عديمة الأدب ؟!! ....)
ردت مسك هذه المرة متعجبة
( هل تشتمني يا زاهر أم أنني أتوهم ؟!! ......... )
عقد حاجبيه و ارتبك اكثر ثم قال على مضض
( حاشاك يا ابنة عمي ..... لكنك بصراحة تسألين أسئلة جريئة .... و حياتك كلها متحررة , تحتلف عن حياة بناتنا .... )
راقبته مسك وهو يتململ في مقعده , ...
لم تكن قد أمعنت النظر فيه من قبل على الرغم من أنه ابن عمها ..... لو رأته تعرفه , الا أنها لم تتمعن في شكله ...
كان شكله , بعيدا قليلا عن أهل الحضر ....
شاربه الكث ... و ملابسه الغير عصرية ...... الا أنه يتمتع بشكل مقبول نوعا .....
نعم مقبول , الا أنه للأسف ... من الواضح أنا لا تشعر تجاهه بأي جاذبية جسدية .....
على الرغم من أن تفكيرها هذا يعد محرجا و جريئا ... الا أنها كشابة ناضجة , قد شعرت بهذه الجاذبية من قبل تجاه أشرف .... و من بعده لم تشعر بها مجددا
الا ......
أسبلت مسك جفنيها و صورة أمجد تترآى لها .....
هزت رأسها قليلا و هي تبعد تلك الصورة عن رأسها ... محاولة التركيز مع زاهر الجالس أمامها ...
ثم ردت عليه تقول بهدوء
( أنا شابة على وشك اتمام عامي السابع و العشرين يا زاهر .... لم أعش في البلد بينكم , لذا من الطبيعي أن تختلف حياتي عن حياة فتياتكم .... و شابة في مثل عمري عليها أن تنحي الخجل جانبا حين يتقدم شخص للزواج منها .... و تسأل عن كل ما يثير فضولها تجاهه .... )
قال زاهر محتدا ...
( الخطأ في هذا خطأ عمي سالم سامحه الله .... هو من أبعدك أنت و أختك عن عاداتنا و تقاليدنا ... لتتربيا على قيمٍ مختلفة ... )
قالت مسك ببساطة
( اذن لماذا تريد الزواج مني طالما نحن مختلفي النشأة الى هذا الحد ؟!! ...... )
رفع عينيه اليها ... و بدا و كمن أسقط في يده , ... فظل صامتا طويلا ... ثم قال أخيرا باستسلام
( القلب و ما يريد يا ابنة عمي ...... )
ارتبكت مسك مجددا , الا أنها ابتسمت بصمت ....
على الرغم من غياب الجاذبية الجسدية , الا أنها لا تستطيع انكار بعض الايجابيات به ...
فهو على الأقل رجل محترم لا يعرف العبث و لا يقبل الحرام ... و معجب بها ...
بل على ما يبدو أنه أكثر من معجب بها ...
تنهدت مسك و هي تنظر من نافذة المقهى الأنيقة الى الطريق الهادىء ...
تحاول استخلاص بعض التشجيع من عبارته الأخيرة كي تتقبل الأمر ....
الا أنها انتفضت فجأة على صوته وهو يهتف مناديا النادل
( أين الشاي يا ابني ؟!! .... نحن هنا منذ نصف ساعة و لم يصل بعد !! .... أما لو كنا قط طلبنا طعاما لكان وصل في يوم آخر .... )
احمر وجه مسك بشدة و هي تنظر حولها بحرج و قد بدأ الجميع في النظر اليهما ....
أتى النادل مسرعا وهو يحمل صينية عليها قهوة مسك ... و الشاي الذي طلبه زاهر ...
نظر زاهر الى الشاي , ثم قال باستياء
( شاي بخيط !! ..... اليس لديكم شاي ثقيل .. نعناع ... أي شي يعدل من التركيز !! ... )
رد النادل مبهوتا
( ليس لدينا سيدي ...... )
زفر زاهر بغضب و قال بتذمر
( حسنا اذهب ... هي جلسة ليس لها داعي من بدايتها .... لكن هي تحكمات و السلام ... )
بهتت ملامح مسك و هي تمسك بمقعد الكرسي بكفيها رافعة حاجبيها ...
هل ستتزوج هذا الرجل فعلا ؟!! ...
رفع زاهر وجهه المتجهم ينظر اليها ثم قال باستياء
( ماذا ؟؟؟ ...... )
رفعت مسك ذقنها ثم قالت بهدوء متزن من بين أسنانها
( سلامتك .......... )
رد زاهر بفظاظة
( سلًمك الله ....... )
ثم رمى الملعقة جانبا فأحدثت ضجيجا مزعجا .....
زفرت مسك بنفاذ صبر ... الا أنها تمالكت نفسها ثم قالت ببرود
( اذن .... متى ستتزوج أختك ؟؟ ....... )
ارتسم عبوس شديد على وجه زاهر دون أن يرد ... فقالت مسك باهتمام
( هل هناك مشاكل في زواجها ؟؟ ....... )
رد زاهر بسرعة و صرامة
( لقد طُلقت بدور من راجح ........ )
عقدت مسك حاجبيها و اتسعت عيناها بصدمة قائلة
( ماذا ؟!!! ...... متى ؟!! ..... و لماذا ؟!! ...... )
رد زاهر باختصار
( طُلِقت ليلة زفاف سوار من ابن عائلة الهلالي ........ )
قالت مسك بعدم فهم
( لكن كيف و ما علاقتها بالأمر .... لماذا يتم طلاقها في نفس الليلة ؟؟ .... )
رد زاهر بغضب مكبوت ووجه ممتقع و خزي مرتسم على ملامحه
( بدون تفاصيل غير مهمة يا ابنة عمي ....... لقد طُلِقت بعد كل هذه الفترة من عقد القران , و حسبت عليها خطبة .... لا حول و لا قوة الا بالله .... )
ردت مسك بخفوت محاولة أن تلطف من الجو
( هي الرابحة يا زاهر ..... أنت أعلم الناس براجح ابن عمك , ليس مريحا ابدا .... و بدور تستحق من هو افضل ...... )
هتف زاهر بغضب ...
( لكن حُسِبت عليها خطبة .... و هذا يقلل من شأنها ... )
عقدت مسك حاجبيها بشدة و قالت بنفاذ صبر
( هل هذا هو كل ما يهمك ؟!! ..... أنها احتسبت عليها خطبة !!! ..... )
أجابها زاهر محتدا
( أنت لا تفهمين مدى سوء الأمر عندنا في البلد ..... أنت تحيين هنا حياة , لا رقيب عليها و لا حسيب أما في البلد فالأمر يختلف ... و الفتاة التي تطلق بعد عقد قرانها تقل فرصها في الزواج .... )
حسنا عليها الآن أن ترى هذا الجانب من زاهر ان كانت تفكر جديا في الزواج منه ....
هذا واقع و نشأة .... لا يمكنها تجاهل طريقة تفكيره و نظرته للأمور .....
لذا قالت أخيرا بصوتٍ خافت بطىء و شارد .....
( عامة .... عسى أن يعوضها الله خيرا منه .. )
ارتشف زاهر من كوب الشاي الخاص به ....و ساد صمت طويل بينهما ....
الى أن قالت مسك بتردد ...
( زاهر .... أنت .... أنت تعرف ظروفي السابقة , اليس كذلك ؟! ..... )
رفع وجهه اليها ثم وضع الكوب على الطاولة بقوة وهو يقول بغضب
( لا حول و لا قوة الا بالله ...... )
عبست مسك و هتفت بحدة
( ماذا ؟!! ........ ماذا ... لماذا أنت مستاء دائما ؟! ..... )
هتف زاهر بغضب
( لماذا تتحدثين عن رجل لم تعودي على ذمته الآن ؟؟!! ...... )
زفرت مسك هي الأخرى و هي تهز رأسها يأسا قائلة مثله و قد عيل صبرها
( استغفر الله العظيم ........ و من ذكر شيء عنه !!! ..... لو تتحلى بالقليل من آداب الحديث و تنتظر و تفهم أولا ..... )
نظر اليها زاهر و قال بفظاظة
( و ماذا قصدت اذن بظروفك السابقة ؟!! .... أي ظروف أهم من زيجة سابقة ؟!! .... )
ارتبكت مسك .... الا أنها قالت بهدوء
( الأهم يا زاهر ...... مرضي و عدم قدرتي على الإنجاب ..... )
توقف زاهر عن الحركة ... و نظر الى كوب الشاي بصمت ... فقالت مسك بتوجس
( أنت تعلم ..... اليس كذلك ؟؟ ..... )
رد زاهر دون أن ينظر اليها
( أعلم بالطبع .... مرضك , كان صدمة لنا يا ابنة عمي ..... )
رقت ملامح مسك ..... ثم قالت بهدوء
( شكرا لقلقك يا زاهر ....... )
قال زاهر بصوت أجش وهو يتجنب النظر اليها ,
( رغبنا في زيارتك و أنت كنت ترفضين ........ )
قالت مسك و هي ترتشف قهوتها
( أنت تعلم أن الأمر حساس لأي امرأة ...... لكن شكرا لك على اهتمامك .... )
ظل زاهر صامتا ثم قال بصوت خافت أجش
( و ردت لنا الروح بشفائك يا بهية عائلة الرافعي ...... )
ابتسمت مسك رغم عنها , ثم قالت و هي تتأمله عسى أن تنجذب اليه بالقوة
( شكرا لك يا زاهر .... أقدر لك هذه الكلمات جدا ..... )
صمتت قليلا ثم قالت بتصميم مكررة
( و ماذا عن عدم قدرتي على الإنجاب ؟؟ ...... هل ترضى بها ؟؟؟ .... )
أظلمت عينا زاهر قليلا , الا انه قال متجنبا النظر اليها
( من الواضح أنني أقبل بها ... و الا ما كنت تقدمت لكِ و طلبت يدك للزواج .... )
قالت مسك باصرار أشد و هي تلاحق كل ذرة من ملامحه
( و مع هذا أريد سماع الإجابة مباشرة منك يا زاهر .... أتضحي بأبوتك من أجلي ؟!!! .... انا شخصيا لست مصدقة حتى الآن .... )
رفع وجهه و نظر اليها ثم قال بصوت أجش
( لو تعلمين مكانتك داخلي يا بهية .... لصدقت على الفور ........ )
تراجعت مسك ببطىء في مقعدها و هي تنظر الى زاهر بعين جديدة ....
" رجل مثله و في ريعان شبابه ... يضحي بأبوته من أجل أن يحظى بها !! .... ترى ماذا تريد أكثر من هذا في الزواج ؟!! .... الجاذبية الجسدية المفقودة , لا تقارن بالتضحية التي يقدمها زاهر .... و ربما كان هذا تعويض الله لها .... "
أطرقت مسك بوجهها و هي ترتشف قهوتها بصمت ... و في داخلها تنهيدة كبيرة , لا تعرف ان كانت ارتياحا و رضا .......أم مجرد استسلام ....
.................................................. .................................................. ....................
" بالعودة الى ليلة زواجهما ...منذ عدة أيام ... "

خرجت سوار من غرفتها و هي تلف وشاحها الأسود حول رأسها .... بينما كان ليث ينتظرها خارج الغرفة مباشرة ...
أجفلت للحظة و هي تراه واقفا على الباب .... فتراجعت , خطوة , .....
الا أنه تقدم تلك الخطوة منها وهو يقول بصوت عميق كي يهدىء من روعها بعد ما تعرضت له
( لا تخافي .... إنه أنا ....... )
قالت سوار بصوت ثابت رغم شحوب وجهها
( لست خائفة ....... أنا فقط متفاجئة من وقوفك هنا على باب الغرفة ..... )
رد ليث بصوت قوي , مشتد
( لم أكن لأتركك للحظة و هذا الحقير لا يزال متواجد في البيت .... )
كانت عيناه تترصدان ملامح وجهها بنظراتٍ صريحة لم تعتدها منه من قبل ... جعلتها توتر .....
ليس من حقه أن ينظر اليها بتلك الطريقة في مثل تلك الظروف ....
الا يكفي أنه ...... قبلها !! .....
حتى الآن لا تصدق أنها قد سمحت له بتقبيلها .....
لا تعلم كيف حدث هذا ....
لحظة انهيار منها جعلته يتلقف شفتيها بنهم لم تعرف مثله من قبل .....
لقد أصابها الدوار بعد خروجه عدة مرات ....
ليس هذا ليث أبدا .... ليس ليث هو من يستغل لحظة ضعفها و يعاملها بتلك الطريقة ....
كان بداخلها غضب بدأ يتقد مع استجماعها لقوتها ووعيها بالتدريج ....
غضب منه و غضب أكثر من نفسها ....
لقد انتهك حرمة هاتين الشفتين , فان كانت زوجته .... فلقد سرع في الزواج بها انقاذا للموقف ...
بينما لم يكد نصف العام يمر على مقتل زوجها و لم يأخذ احد بثأره ......
( غطي وجهك ...... )
أصدر ليث أمره بصرامة , فرفعت وجهها تنظر اليه , و فجأة شعرت بالتمرد يجتاحها فقالت برفض
( أنا لا أغطي وجههي ....... )
كان ليث يستعد للحركة ... الا أن عبارتها جعلته يتسمر مكانه , ليلتفت اليها فجأة ... ينظر اليها بنظرة غريبة , فيها القليل من البأس ..... ثم قال بهدوء حاول الا يظهر فيه توتر مشاعره
( أنا الآن زوجك يا سوار .... و إن طلبت منكِ أن تغطي وجهك فستفعلين .... رجاءا .... )
كانت سوار تنظر اليه وهو يتكلم ....
نبرة التملك بدأت تظهر في صوته .... ترى متى سيتصرف بما يمليه هذا التملك ؟!! ....
رفعت وجهها ثم مدت يدها تلتقط حافة وشاحها ... لتثبته حول وجهها و هي تنظر اليه ... منتظرة منه أن يسبقها ... الا أنه كان واقفا مكانه ينظر الي عينيها بنظرة غريبة ... و كأنه يتحاور معها حوار سري ...
لا تعرفه هي ..... بدا و كأنه يتآمر مع عينيها في صمت ....
أسبلت سوار جفنيها و هي تتململ , فأخذ ليث نفسا عميقا ثم مد لها يد كي تتقدمه ...
تحركت سوار بجواره بتردد .... بينما قال ليث بهدوء وهو ينظر حوله بعينيه , خوفا عليها من النسيم الملامس لها
( سنستقل سيارتي ذهابا للدار في صمت ..... لن يكون هناك دفوف أو هودج نظرا للظروف ... و لقد توقفت الأعيرة النارية , فاطمئني .... )
ظلت سوار صامتة .... و هي تسير بجواره , فتوقت ليث ....
حينها اضطرت للتوقف ناظرة اليه بتساؤل ....
ظل ينظر الى عينيها لعدة لحظات ثم قال بخفوت
( لو كان الأمر بيدي يا سوار لأقمت لكِ عرسا لسبع ليالٍ كاملة ...... ما حدث كان خارجا عن ارادتي ... )
ردت سوار بهدوء خافت
( سبق و نلت عرسي يا ابن خالي ..... زواجنا الآن ما هو الا ظرف خارج عن ارادتنا فلا تفكر في تلك المظاهر ..... )
أظلمت عينا ليث قليلا و تسارع نفس غاضب في صدره .... الا أنه تمالك نفسه وهو يزفر بتعب أخيرا ...
ثم قال بصوت أجش خافت ...
( أنت مخطئة يا سوار ....... أنا........ )
الا أن سوار قاطعته و هي تسأل باهتمام
( أين فريد ؟؟ ....... أريد رؤية أخي قبل ذهابي ....لماذا لم يأتي للإطمئنان على أخته .... )
رأت ملامحه تتصلب وهو يقول
( فريد لديه ما يشغله ...... ينال ممن مس شرف أخته .... )
فغرت سوار شفتيها و هتفت فجأة بهلع
( ماذا لو قتله ؟!!!!!!! ...... أريد رؤية فريد حالا ..... )
للحظة تداخلت الأفكار في رأس ليث .....
هل خوفها المفاجىء هذا على فريد وحده ...... أم أنها لا تزال ........
أغمض ليث عينيه وهو يهمس بصوت مكتوم
" استغفر الله العظيم ........... "
هتفت سوار بقلق و هي تمسك بساعده فجأة بقوة
( لماذا أنت صامت يا ليث ؟؟ ..... أين فريد ؟؟ ... أريد رؤيته قبل أن يتهور ..... )
أخفض ليث عينيه ينظر الى قبضتها القوية كالرجال على ساعده ... ثم رفعهما الى عينيها الواسعتين القويتين .... فيهما من الشجاعة ما ينقص لدى الكثير من الرجال ...
لكن و قبل ان يجيبها ... انتفضت سوار على صوت راجح وهو يصرخ عاليا صرخة تردد صداها في أرجاء البيت الخاوي
( سوااااااااااااااااااار ...... سوااااااااااااار ....... )
فغرت سوار شفتيها و نظرت الى ليث و هي ترفع يدها الى صدرها تسأله بهلع
( ماذا يحدث ؟!! ..... هل يعذبونه ؟؟!! ....... )
لم تتحرك عضلة في ملامح ليث الصلبة الرخامية .... لكنه قال في النهاية
( الا ترين أنه يستحق العذاب ؟!! ..... لقد منعني جدك بالقوة من الدخول اليه , آمرا أن ينال منه شقيقك .... لا غيره ..... )
عاد صوت راجح يصرخ مزلزلا الجدران
( سوااااااااااااار ......... )
أغمضت سوار عينيها و هي تحاول ابعاد هذا الصوت الشبيه بعواء حيوانٍ مفترس يحتضر
الا أن ليث لم يترك لها الفرصة كي تخاف عليه ... ولو حتى من باب الشفقة و الإنسانية ...
فمد يده يمسك بكفها بقوة ...
مما جعلها تفتح عينيها و تنظر اليه مجفلة .... فصدمتها عيناه الصلبتان ... صقريتان و لا تسمحان بالرفض كجواب ...
فجذبها خلفه وهو يسرع الخطى ..... بينما هي تركض ورائه و عبائتها ترفل خلفها ....
قالت سوار بقوة
( انتظر ..... أريد رؤية أخي .... لن أرحل بدون أن أراه و أتكلم معه ......)
لكن ليث قال بصرامة دون أن يبطىء
( اخبرتك أن شقيقك لديه ما يشغلك ...... اما أنتِ .... فقد انتهت اقامتك في هذا البيت , و ستعودين الى بيت عائلتك ..... ستعودين الى بيت وهدة الهلالي .... )
.................................................. .................................................. ...................
" منذ دقائق ........ "
جالسا على الأرض وهو يلهث قليلا .... ثم رفع يده يمسح الدم عن زاوية شفتيه بظهر كفه ...
بينما عيناه المحتقرتين ... تنظران الى راجح المرتمي أرضا ... مكدوم الوجه و الجسد
كانت معركة استمرت لاكثر من ساعة ...
و لم يكن راجح ... بالخصم الذي تسهل هزيمته ....
لكن حين يتعلق الأمر بشرف اخت رجل ....
يتحول حينها الى وحش مفترس لينهش من لحم الحقير الذي تجرأ و انتهك كرامتها و حرمتها .....
نظر فريد الى راجح ... ثم تحامل على نفسه و نهض بصعوبة رغم الاصابات المتفرقة بجسده ....
ليقترب منه ببطىء
و ما أن وقف بجواره مشرفا عليه ... حتى بصق عليه وهو يهتف بتقزز
( أيها الحقير عديم الشرف ..... والله لولا أن القتل ليس منهجي لدفنتك حيا , ليأكلك دود الأرض .... فحتى السلاح شرف لا تستحقه .... )
جثا فريد على عقبيه بجوار راجح الذي كان يحرك وجهه بصعوبة ناظرا الى فريد بملامحه الغاضبة العنيفة ...
لم يتخيل ان يستطيع فريد الأصغر منه سنا هزيمته جسديا في اي يوم و لأي سبب ....
الا أنه تكلم اخيرا بصعوبة وهو يبصق دما من فمه مع كل كلمة
( لقد نلت حقك .... و حق شقيقتك .... و الآن دعني اخرج اليها , يجب ان اعقد قراني عليها في التو .... سوار لن تكون .... آآآآه )
لم يستطع راجح متابعة كلماته المتعثرة , حين قبض فريد على عنقه بقبضةٍ من حديد و بكل قوة
فجحظت عيناه و شعر بنفاذ الهواء من رئتيه تدريجيا .... بينما همس فريد من بين شفتيه
( استطيع الآن بحركة بسيطة واحدة قتلك و اراحة العالم من شرك .... و سأفعلها لو حاولت الخوض في سمعة اختى مجددا ..... أفهمت ..... )
أومأ راجح برأسه بصعوبة و عيناه تتسعان أكثر .... لكن فريد لم يرتاح بعد و لم يشفي غليله ....
بل اقترب منه و همس بتشفي
( كما أنني لم أخبرك بعد ..... لقد عقد قران على ليث منذ ساعة و انتهى الامر ..... )
ترك فريد عنق راجح ....
و الذي ظلت عيناه على اتساعهما و هو يهمس بهذيان ... يسعل من الألم على عنقه ...
( انت تكذب ..... أنت تكذب ...لم يحدث .. )
ابتسم فريد بتلذذ وهو يقول
( بلى ..... سوار الآن في طريقها الى بيت زوجها ...... )
أغمض راجح عينيه , قبل أن يصرخ بوحشية و احتضار ......
( سواااااااااااار ....... سواااااااااااااااااار ...... )
أما فريد فقد كان ينظر اليه مبتسما بتقزز ..... يستمتع بصراخه الوحشي و الذي لم يشفي غليله بعد ....
بعد فترة قصيرة ....
سمع فريد طرق على الباب ... ووصله صوت جده يقول
( افتح يا فريد .... ... افتح حالا ..... )
استقام فريد على قدميه , ثم اتجه الى الباب كي يفتحه .... فنظر سليمان بتجهم اليه ثم نقل عينيه الى راجح المرتمي ارضا .يصرخ كالوحوش المحتضرة ... ...
فقال سليمان
( هل انتهيت منه ؟؟ ........ )
رد فريد بعنف
( لن يكفيني فيه أيام بعد ما تجرأ عليه .... )
رفع سليمان كفه و ربت على كتف فريد قائلا
( ليس الآن يا ولدي ..... هناك ما هو أهم ...... )
ثم استدار و قال آمرا بتجهم
( ادخلوا ............. )
دخل أولا عمران الرافعي و الذي ارتعب على ولده الملقى أرضا بفظاعة .... تبعه والد زاهر و بدور الذي كان ينظر الى راجح باحتقار و رغبة في القتل .....ثم تلتهما ..... بدور ... ثم زاهر
دخلت بدور الى الغرفة تعرج بتعثر و هي غير مستوعبة بعد لما يحدث ...
كل ما تعرفه أن والدها آتاها متجهما غاضبا و أمرها أن تتحضر كي تأتي معه لأمر هام ....
كان قلبها يخفق بعنف خوفا ... الا أن خوفها تحول الى ذعر و هي ترى راجح و ما أصابه ...
صرخت بدور بعنف
( راااااااااجح .......... )
و حاولت الجري اليه .... الا أن والدها أمسك بذراعها وهو يصرخ فيها
( اثبتي مكانك .... اياك و الاقتراب منه ........ )
وقفت مكانها و هي تنظر الى راجح بذهول و رعب , بينما اقترب زاهر وهو ينوي الهجوم عليه
( ايها القذر ...... سأقتلك ....... )
لكن صوت سليمان الرافعي قصف عاليا
( انتظر يا زاهر ........ انتظر ..... )
نظر سليمان الى راجح و قال بنيرة جامدة ميتة
( الق يمين الطلاق على بدور ........ )
شهقت بدور عاليا و الذعر يرسم أبشع صوره على ملامحها ....
بينما بدى راجح كالميت وهو ينظر الى الجميع ... الى أن وقعت عيناه على بدور المرتعبة و التي كانت تهز رأسها بتوسل ...
الا أنه فتح شفتيه و قال بوضوح و عيناه في عينيها
( أنت طالق ......... )
ضربت بدور وجنتها بعنف و عيناها تتسعان بهلع ....
و لم تتوقف صفعات الذعر على وجهها , الا أن أحدا لم يلحظها خاصة و ان صوت سليمان تعالى بعنف
( و الآن .... احمل ولدك و غادرا هذه الأرض يا عمران .... لا عودة لكما أبدا ...... )







انتهى الفصل 17...... قراءة سعيدة
















tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 23-07-16, 11:55 PM   #6640

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 366 ( الأعضاء 218 والزوار 148)‏tamima nabil, ‏غرررام الورد, ‏Riham hassanien, ‏mona_90, ‏rontii+, ‏nashwa magdy+, ‏thebluestar, ‏jello, ‏ساره يزيد, ‏Anwr Ahmad, ‏safy mostafa, ‏reham ali, ‏sasad, ‏métallurgier, ‏المحب لله, ‏riritta, ‏la luz de la luna, ‏لامار جودت, ‏rosemary.e, ‏nada alaa, ‏أنا لك علي طول, ‏hayaty alquran, ‏ناي محمد, ‏**sweet girl**+, ‏ياسمين نور, ‏بسمه شهيد, ‏مسره الجوريه, ‏ToOoOmy, ‏الهجرس, ‏Um alhasan, ‏ن و ا ر ى, ‏Omima Hisham+, ‏haeinjoan, ‏lolo.khalili, ‏محمد معاذ, ‏سهى منصور+, ‏رفيدة هشام, ‏ghader, ‏القمر المضئ, ‏فتكات هانم, ‏braa, ‏رونقْ, ‏jjeje, ‏hidaya 2+, ‏بوكاااا, ‏amatoallah, ‏ولاء محمد قاسم, ‏بشري كمال+, ‏REEM HASSAN, ‏سراج النور, ‏rerol, ‏زهره محروس+, ‏غرام العيون, ‏سلمي و نقطة, ‏fattima2020, ‏ربروبة, ‏زهره ربيع عمري+, ‏emanmostafa, ‏أم لين, ‏meryamaaa, ‏كياكيا, ‏ابتسامه تحمل الالم, ‏hnoo .s, ‏mesho ahmed, ‏لولو73, ‏maimickey, ‏c-moon, ‏الاميره بونى, ‏سوما, ‏اغلى ناااسي, ‏mnmhsth, ‏بعثرة مشاعر, ‏الشيماءعمر, ‏ayaahmedmohamed, ‏دعاء 99, ‏R..*, ‏مريمة علي, ‏مزوووووون, ‏princess sara+, ‏nona amien+, ‏هّـمًسِـآتٌـ, ‏نور المعز, ‏bosy el-dmardash, ‏زهرة القمرD, ‏dallou3a, ‏amiraa22bk+, ‏محمد الناصري, ‏ايماااا, ‏ام الانس, ‏الثقلين, ‏ghdzo, ‏khadibima 52+, ‏كيوانو, ‏الشوق والحب, ‏خالد ايناس, ‏wafaa wafaa, ‏نداء الحق+, ‏كتكوته زعلانه, ‏Zaaed, ‏نور محمد+, ‏eng miroo, ‏hammam, ‏نهيل نونا, ‏noor jamal, ‏Abeiir7, ‏gentle dona, ‏soma_77, ‏براءة الجزائرية, ‏Meesho, ‏الطاف ام ملك, ‏يوما ما, ‏ninaa, ‏bassa, ‏Niveen gad, ‏سكر نبات, ‏هينمات., ‏maysleem, ‏SUZ, ‏هدوء الدوشة, ‏جنون امراه, ‏وفاء مصطفى, ‏ورده علي+, ‏بنتن ل محمد, ‏zjasmine, ‏سماح ياسين, ‏نوت2009, ‏sabreenaa, ‏أميرة السقا, ‏حنان الرزقي, ‏mo'aa+, ‏سمر 99, ‏ناميس, ‏forbescaroline, ‏a_geo, ‏canad, ‏mimi0289, ‏Reanh, ‏قايد الغيد, ‏Souriana, ‏بنية مطر, ‏ريمين, ‏Lolita ,,, ‏haneen el nada, ‏escape, ‏متفانية, ‏هبه عصام, ‏samiataha, ‏blackangel, ‏داليا انور, ‏starmoon+, ‏هيا علي, ‏Mary~), ‏ebti, ‏نجوى1, ‏lolololy909, ‏fattoma2020, ‏Totooولا أحلا, ‏a girl, ‏سحر الخيال, ‏رفيده روفى, ‏عبث الحروف, ‏الصقر الصقر, ‏لعنه الحب, ‏المثقفة الصغيرة, ‏Radwa muhammad, ‏lamia31, ‏حنان ياسمين, ‏soe, ‏Light dream, ‏marwabobaker, ‏totoranosh, ‏كريستنا, ‏beso55, ‏noof11+, ‏Bo33, ‏GAZALH, ‏نجدي 21, ‏kifok, ‏princess emo, ‏حناان محمد, ‏sweetrere, ‏إقبال, ‏hidra, ‏emanmagdy, ‏Engineer Esraa, ‏بريق العابرين, ‏real seense, ‏نهاوند16, ‏زهرة الاوركيدة, ‏رحيل الامل, ‏Roro2005+, ‏toka saltah, ‏هيلةة, ‏لمحة من الكون, ‏نهى سيد, ‏ماوة عبدو, ‏لجين عمر, ‏الفراشه النائمه, ‏خجل الروح, ‏شانتو, ‏رؤى الريس, ‏Tami.999, ‏سبنا 33, ‏maha_1966, ‏mrmr momo, ‏Rbarebo, ‏ماما تلي, ‏شقحه بنت سالم, ‏ghada.samir, ‏أسماء ابراهيم ابراهيم, ‏قلب السكر

tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:41 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.