آخر 10 مشاركات
انتقام عديم الرحمة(80)للكاتبة:كارول مورتيمور (الجزء الأول من سلسلة لعنة جامبرلي)كاملة (الكاتـب : *ايمي* - )           »          زواج الانتقام (3) للكاتبة: Amanda Browning *كاملة+روابط* (الكاتـب : raan - )           »          قلوب مشتعلة (1) .. *مميزة و مكتملة* سلسلة الروح وما تهوى (الكاتـب : jasmine - )           »          عشيقة الإيطالي (1) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : monaaa - )           »          عواقب إنتقامه (144) للكاتبة Jennie Lucas .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          الفارس الشجاع (29) للكاتبة: Day Leclaire *كاملة+روابط* (الكاتـب : بحر الندى - )           »          قلبي فداك (14) للكاتبة: Maggie Cox *كاملة+روبط* (الكاتـب : monaaa - )           »          انتقام النمر الأسود (13) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          90 - أيام معها - آن ميثر - ع.ق (الكاتـب : pink moon - )           »          و أمسى الحب خالدا *مكتملة* (الكاتـب : ملك علي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: من هو اكثر ثنائي نجح في جذب انتباهكم بقصتهم
قاصي و تيماء 2,118 58.56%
مسك و امجد 738 20.40%
ليث و سوار 761 21.04%
المصوتون: 3617. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree999Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-10-16, 01:15 AM   #8631

نوف بنت ابوها

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 145815
?  التسِجيلٌ » Nov 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,721
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Kuwait
?  نُقآطِيْ » نوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك action
Rewitysmile25


صباااااح الخييير .،. أناااا جيت يااااحلوااااات .،. .. شأخبار تيييمو تميمه في فصل ولا لا .،.، (( سوار وليث والمواجهه بين العائلتين (( الفضيحه والحقيره ميسره تطلع منها لازم يعرف ليث انهاا السبب فيها لاااااازم .،. يطلقها :: راجح و لقائه مع تيمااء (( الذيب مايهرول عبث )) أكييد وراه مصيبه ،؟،؟ مو جاي ياخذ رأيها ب أخذه ل عمرو ومطالبته ب حضانته من مياس و قاصي .،.

نوف بنت ابوها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-16, 01:17 AM   #8632

أمينة يوسف
عضو ذهبي
alkap ~
 
الصورة الرمزية أمينة يوسف

? العضوٌ??? » 120843
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 404
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » أمينة يوسف has a reputation beyond reputeأمينة يوسف has a reputation beyond reputeأمينة يوسف has a reputation beyond reputeأمينة يوسف has a reputation beyond reputeأمينة يوسف has a reputation beyond reputeأمينة يوسف has a reputation beyond reputeأمينة يوسف has a reputation beyond reputeأمينة يوسف has a reputation beyond reputeأمينة يوسف has a reputation beyond reputeأمينة يوسف has a reputation beyond reputeأمينة يوسف has a reputation beyond repute
?? ??? ~
الْخَـوْفُ مِنَ اللهِ شَـجاَعَة .. وَ عِبادَتُهُ حُـرِّيَـة ..وَ الذُلُّ لـهُ كَـرامـة ..وَ مـعْرِفَتـُهُ يـقيِـن.
افتراضي

تميمة تكتب رواية جديدة و أنا عرفت الآن فقط ؟؟؟؟
أنا الآن أعيد قراءة بعينيك وعد و قد قرأت بالفعل 1000 صفحة و زيادة لكني لو عرفت بوجود هذه الرواية لما بدأت فيها
ياااا لسعاااادتي ♥♥♥


أمينة يوسف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-16, 01:24 AM   #8633

اهات منسية

? العضوٌ??? » 377814
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 432
?  نُقآطِيْ » اهات منسية is on a distinguished road
افتراضي

فى انتظار الفصل باذن الله

اهات منسية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-16, 01:28 AM   #8634

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

مسا الورد يا سكاكر .... أنا حنزل الفصل حالا

tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 30-10-16, 01:29 AM   #8635

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

الفصل السابع و العشرون :

" خائنة ....... خائنة ........ "
نظر اليه الشاب الذي يجلس بجواره , فضحك بعصبية وهو يقول متوترا
( اهتدي بالله يا رجل ..... من هي تلك الخائنة ؟! ..... هيا بنا لننهي أمر بيع السيارة , و دع عنك من تراقبها تلك ...... )
نظر اليه قاصي بصمت .... قبل أن يعاود النظر اليهما وهو يتنفس بسرعة و خطورة ....
كانت تبتسم بين كلمة و أخرى و هي تنظر اليه ....
بينما كان هو ينظر اليها بطريقة !!! ....
كان يبتسم بتلاعب ... عيناه تلمعان , .... بامكانه رؤية اللمعان في عينيه رغم المسافة التي تبعدهما عنه ...
رآها تحاول الإبتعاد ... الا أن راجح تجاوزها و اعترض طريقها ليمس ذراعها !!!! ...
عند هذه اللحظة لم يستطع السيطرة على النار المتقدة بداخله أكثر ....
فلم يدري بنفسه الا وهو يفتح الباب و يخرج من السيارة يصفقه خلفه بعنف ....
خرج الشاب الذي كان يرافقه من السيارة وهو يناديه بدهشة ...
( الى أين يا رجل ؟!! ..... الشاري ينتظرنا لننهي البيعة .... )
الا أن قاصي كان أصم الأذنين عن صوته ... و صوت العالم المحيط به , وهو يسرع الخطا بينما عيناه لا تبصران سوى الإثنين الواقفين من بعيد ....
لقد جذبت ذراعها من كف راجح و هي تعقد حاجبيها .. تتكلم بسرعة و حدة على ما يبدو و كأنها غاضبة ...
لقد مسها .... لقد لمس زوجته ......
سيكسر له كل عظمة صغيرة في كفه و ساعده و ذراعه ......
لكن ....
و بينما هو يسرع الخطى أكثر .... ألم يكن من المفترض أن تبتعد بعد أن عنفته على لمسه لها ؟!!!
لكنها لا تزال واقفة تتحدث !! ...
وقف قاصي للحظة في منتصف الطريق الذي قطعه رغبة منه في الوصول اليها على الجانب الآخر ...
وقف ينظر اليها بملامح غريبة ....
وهو يراها لا تزال واقفة تتكلم .... الثواني تمر و هي لم تبتعد بعد أن لمسها !!!! .....
في هذا الطريق الطويل .... كان واقفا متسمرا .... بشعره الطويل و ذقنه الغير حليقة .... و عينيه اللتين لا تريا الا ما يصوره له عقله المعذب فقط ....
صوت بوق عالي و صرير قوي جعله ينتبه من شروده القاتم ... فالتفت خلفه وهو ينظر بجمود الى سائق السيارة اللذي أخذ يشتم و يلعن ... بعد أن كاد يدهسه في وقفته الغريبة بمنتصف الطريق ...
لكن قاصي لم يحاول الرد حتى , بل عاد و استدار ليتابع عبور الطريق وصولا اليهما ... لكنه كان بطيء الخطى هذه المرة ...
يقتربان منه ... أو هو من يقترب منهما ببطىء , و عيناه مسلطتتان عليهما .....
الى أن أصبح خلفها مباشرة , .... ووصله صوتها و هي تقول متنهدة بتعب
( أنا يجب أن أغادر الآن ........ )
ثم استدارت منهكة , الا أنها تسمرت مكانها و تراجعت خطوة حتى كادت أن تلتصق براجح و هي ترى قاصي بشحمه و لحمه .... واقفا أمامها بطلته الغريبة ...
بشعره الطويل الملفت للنظر و الغريب على البصر .... و ذقنه باتت أطول و اخفت معظم وجهه , لكنها جعلته أقسى مظهرا ....
كانت تتأمله و هي فاغرة شفتيها , و اسمه على وشك الخروج من بينهما , الا أنه سبقها و ابتسم ...
ابتسم ابتسامة لم ترى أكثر منها قسوة و سخرية من قبل .... وهو يميل اليها ليقول بصوتٍ خافت
( لما العجلة ؟!! ........ )
زمت تيماء شفتيها و هي تدير عينيها لتنظر حولها بصمت ... محاولة تسجيل من تعرفه و يوجد بالقرب و سيكون شاهدا على الفضيحة التي ستحدث الآن ....
بينما تابع قاصي بصوته الخافت البريء ظاهريا و الذي يبدو في رقة الشفرة الباترة
( ألم تؤلمك قدماكِ من تلك الوقفة الطويلة ؟!! .... لما لم تجلسا في مقهى الكلية قليلا ؟!! .....)
تنفست تيماء بصوتٍ خافت و هي تبعد عينيها عنه ناظرة الى البعيد ..... تنتظر أن ينتهي بجمود .. فهي لم تعد تأبه لشيء .... فقدت كل مشاعرها و انتهى الأمر ....
انتهز راجح فرصة صمتها فقال ضاحكا وهو يضع كفيه في جيبي بنطاله
( ياللإجتماع العائلي الرائع ...... و كأننا على موعدٍ لم يتم الإتفاق عليه ..... )
صمت للحظة , قبل أن يتابع مبتسما متأكدا من وصول كل كلمة الى أذن قاصي و ... ادراكه ...
( أنا و ابنة عمي و ....... و أنت ........ )
ارتفعت عينا قاصي الى عيني راجح ببطىء دون أن يرد , الا أن راجح تابع ببسخرية أكثر شراسة
( أحاول أن أجد لك وصفا, الا أنني لا أستطيع ...... فإن كنت زوجها فهي ستطلب منك الطلاق قريبا , و إن كنت أخي فأنت مجرد ....... )
التفتت تيماء اليه فجأة و هي تقول بصرامة و من بين أسنانها
( اصمت ............... هذا يكفي ...غادر الآن , .... )
ضحكة قاصي من خلفها جعلت رعشة تسري في جسدها , بينما قال بصوته الخفيض الغير مطمئن
( لم أعرف أن الصداقة بينكما تطورت الى هذا الحد الذي يجعلك تتدخلين و تنصحين بل و تأمرينه بالصمت ....... )
أخذت تيماء نفسا قويا قبل ان تعاود الالتفات اليه , ثم قالت بجمود
( هلا تابعنا كلامنا الظريف هذا في مكانٍ آخر .... نحن نقف أمام كليتي إن لم تلحظا .... )
ارتفع حاجبي قاصي و ازدادت ابتسامته دهشة زائفة و قساوة مخيفة ... وهو يقول
( و تجمعينني به أيضا !! ........... )
أغمضت تيماء عينيها للحظة , قبل أن تفتحهما و تقول بصوتٍ خافت لا حياة به
( كفى رجاءا .......... )
الا أن راجح هو من تكلم خلفها و قال بصوته المقيت
( الم ترى الصورة بعد ؟!! ...... الى متى ستظل خادعا لنفسك ؟! ... ألا ترى أنه لا مكان لك في هذه العائلة التي تحاول منذ سنوات الدخول اليها من أي شق كثعبانٍ أرقط !! ....... )
أفلت نفس ساخنا من بين شفتي تيماء و هي تطرق بوجهها بينما صدرها يغلي بألمٍ على قاصي ... غير قادرة على الدفاع عنه , لأن أي كلمة ستنطق بها في تلك اللحظة ستزيد من خطورته .... لذا التزمت الصمت بينما تابع راجح قائلا ببرود وهو يعدد
( حاولت التذلل الى عمي سالم لسنواتٍ طويلة , و رضيت أن تكون خادما له و لابنتيه ظنا منك و لشدة غبائك أنه قد يساعدك ضد والدي .... و حين فقدت الأمل به , أدرت الدفة على ابنته , فتملقتها و جعلت سرقة قلبها هي شغلك الشاغل .... لكنك بزواجك منها اكتشفت أنك لم تتسلل الى العائلة , بل أخرجتها هي و تسببت في طردها منها .... لذا لم تحقق اليك ما كنت تصبو اليه , فبت تعاملها و كأنها زوجة من الدرجة الثانية لديك ..... حتى ابني .... حتى ابني لم يسلم منك , فأخذته و أنت تحاول غصبا أن تجعله ابنك , متخيلا أنه يحمل اسمك و أنك بالتبعية تحمل اسم عائلة الرافعي .... وزاد جنونك فتزوجت من أمه .... أي أنك تلتقط ما ارميه أنا من مخلفات .... )
كانت تيماء تتنفس بسرعة و تشنج و هي تنظر الى الأرض .... لا تصدق أن قاصي كان صامتا يستمع الى كل كلمة مسممة ينطق بها راجح .... لو كان الأمر بيدها لاستدارت و صفعته بكل قوتها , الا أنها لا تضمن ما سيفعله قاصي لو لامست وجه راجح بكفها .... حتى و إن كانت تلك اللمسة عبارة عن صفعة لتوقفه ...
رفعت وجهها تتحقق من ملامح قاصي بحذر , الا أن منظر ملامحهه كان فظيع ...
لم يفقد قسوته ... لكن الألم كان مسطورا في عينيه , لا تعلم إن كان راجح يستطيع رؤية هذا الألم , ام أنها هي وحدها من تمتلك خاصية قرائته .... لأنها تيماء وهو قاصي ...
دعت الله من كل قلبها , الا يتشفى به راجح و الا يمكنه من ايلامه أكثر .....
الا أن راجح تابع بصوتٍ أكثر عملية وهو يرفع كفيه مسلما ...
( حسنا ..... حدث ما حدث و استمتعت بدور والد أحد أطفال الرافعية , و استمتعت بمعاشرة أمه .... التي كانت زوجتي يوما ما ... ليست مرة واحدة بل لمرتين .... كنت أحاول التخلص منها , الا أنها تعود و تترجاني و أنا بقلبي الضعيف أقبل رجائها ... الى أن سئمت رخصها .... لكن لكل شيء نهاية ... عليك أن تتوقف عن اللعبة الآن و تسلمني ابني و أنا سأدفع لك كل قرش أنفقته عليه , و مكافأة رعاية أيضا .... و هينئا لك بأمه , أشبع بها ....... )
عاد ليصمت و كل منهما يواجه الآخر بنظراتٍ كفيلة بأن تردي خصمه قتيلا .... ثم أردف بصوتٍ أكثر جدية و قسوة
( هذا أقصى ما أستطيع عرضه عليك ... ابني و ابنة عمي سيخرجان من نطاق سيطرتك و الى الأبد ..... و هذه رغبتنا جميعا .... فتحلا ببعض الكرامة و ارحل ... )
كم من مرة نعتها بعديمة الكرامة حين كانت تحاول التقرب الى والدها ....
كم مرة آلمها بهذا اللقب و اوجعها عن قصد كي يبعدها عنه ....
لكن كل أوجاعها لم تماثل ذرة من وجعها الآن و هي تسمع راجح يقذفه بنفس التهمة .... , حينها فقط استدارت على عقبيها بسرعة و همست بشراسة من بين أسنانها
( هذا يكفي ..... أبتعد من عنا أو سأستدعي لك حرس الجامعة , ليلقون بك خارجا ...... )
ابتسم راجح بسخرية وهو يخفض وجهه ناظرا اليها بقصر قامتها , ثم قال بلطف و كأنه يحادث طفلا صغيرا عابثا
( حرس الجامعة خاصتك , لا يملكون مسي بكلمة يا صغيرة .... لكن حاولي لو أردتِ .... )
لمعت عينا تيماء أكثر و اوشكت على استدعائهم فعلا , الا أنها تعلم أن خلفها الآن بركانٍ على وشك الإنفجار في أي لحظة .... و إن فعل , فسيمسكون به هو و يتركون راجح , و هذا هو ما يريده ...
لذا قالت بصوتٍ آمر صلب
( أبتعد من هنا يا راجح ........ ابتعد بقبح كلامك , لا رغبة لي في سماعه , و قطعا لن اسمح لك بالتكلم بلساني ..... )
ابتسم راجح ابتسامة خبيثة وهو يخفض عينيه الى شفتيها عن قصد ... ثم رفع حاجبيه وهو يقول بخفوت
( كم سيكون هذا رائعا ........ إن سمحتِ لي بالتكلم بلسانك , فأنا قادر على الدفاع عنكِ أمامه .... )
فتحت تيماء شفتيها و هي تنوي الصراخ فيه , غير آبهة بالمكان بعد أن نفذ صبرها , الا أن الكلمات تجمدت في شهقةٍ صامتة و هي تشعر بقبضةٍ من حديد و أصابع كالمخالب نشبت في لحم خصرها , قبل ان يجذبها قاصي خلفه بفظاظة , .... فصار مواجها لراجح ...... مرفوع الذقن و مخيف الملامح ....
ثم تكلم أخيرا بصوتٍ خافت مهتز قليلا
( ألم تتعلم بعد الا تتعدى على ما يخص غيرك ؟!! ...... لا تزال أصابعي تاركة آثارها على وهجهك , ألم تكتفي ؟!! ..... )
ابتسم راجح وهو يضع قبضتيه في خصره مما جعل السترة التي يرتديها تتراجع للخلف فقال مشيرا بذقنه
( سأكون ممتنا لو حاولت .... فأنا أحمل سلاحا مرخصا , و سأكون سعيدا بتفريغ رصاصاته في صدرك دفاعا عن نفسي و حينها سنتخلص منك جميعا و نرتاح ..... )
اتسعت عينا تيماء برعب و هي تطال برأسها من خلف ذراع قاصي لتتحقق من الأمر و بالفعل لمحت السلاح المثبت في حزام بنطاله , مما جعلها تشهق برعب و هي تهتف بهمسٍ لنفسها
" لا ..... فليمسك حرس الجامعة بقاصي , أفضل من موته ... "
و لم تفكر مرتين .... بل رفعت ذقنها و هي تصرخ عاليا
( الأمن ....... الأمن ..... فليستدعي أحد حرس الجامعة بسرعة ..... )
سمعها الكثير من الطلاب و الاساتذة و سارع بعضهم في الإتجاه الى مكتب حرس الجامعة بالفعل , بينما أمسكت تيماء بذراع قاصي بكل قوتها .... لكنها لم تكن بالسرعة المطلوبة .... فقد قال قاصي بتوحش منتقم
( سأجازف .......... )
و قبل ان ينهي حروف كلمته , كان قد رفع ذراعه يهبط بكامل قبضته على عين راجح ....
صرخت تيماء بهلع و هي تراه يترنح للخلف , الا أنها كانت مسمرة النظرات على يده التي اندفعت تنوي الوصول للسلاح , .... لكن قاصي أمسك بمعصمه بقوة قبل أن يصل اليه و انحنى به بكل قوته حتى أسقطه أرضا وهو يقول من بين أسنانه
( إنها المرة الثانية التي أسقطك فيها أرضا .... لقد ثقل جسدك و ترهلت عضلاتك من حقد قلبك و ركضك خلف نزواتك ..... , و قد كنت أتمنى أن تكون أقوى من هذا لأتلذذ بتلك اللحظة التي أسحق فيها عظام كفك , لكن لا بأس ..... سأفعل على أي حال , كي تفكر ألف مرة قبل أن تلامس زوجتي أو حتى تنظر اليها .... )
حاول راجح الوصول الى سلاحه بيده اليسرى , الا أن قاصي كان أسرع منه مجددا وهو يضحك بقسوة ممسكا بمعصمه الآخر قائلا
( عليك أن تكون أسرع من هذا ..... او تفكر ألف مرة قبل أن تواجه مروض خيول ..... )
و قبل أن يرد راجح , كان قاصي قد لكمه بقوة , ثم قبض على ذقنه وهو يقول من بين أسنانه مقتربا من وجه راجح
( انظر الى الجرح الذي خلفه سكينك بين عيناي ..... لقد تركتك ترسمه عن قصد رغم ثقلك حركتك , كي يكون حافزا لي ..... كلما نظرت في المرآة , أتذكرك و أتذكر اي قذر علي الحذر منه ..... )
رمت تيماء بنفسها على ظهر قاصي و هي تتشبث بكلتا ذراعيه صارخة
( ابتعد عنه يا قاصي ..... أرجوك ....... فليساعدني أحد ...... )
نفضها قاصي وهو يصرخ عاليا
( ابتعدي ............. )
و من قوة دفعته ارتمت تيماء على ظهرها أرضا , فتأوهت بصوتٍ عالٍ و هي تصرخ
( احذر ....... طفلي ........ )
تسمر قاصي مكانه , قبل أن يستدير اليها بسرعة على ركبتيه ... فاتسعت عيناه وهو يراها ملقاة على ظهرها غير قادرة على النهوض , فأمسك بيدها ودس ذراعه تحت ظهرها ليرفعها الى صدره هاتفا بخوف
( هل أنت بخير ؟؟ ............. )
كان راجح قد استقام من خلفهما , فصرخت تيماء برعب و هي تحيط عنق قاصي بذراعيها محاولة أن تحميه من سلاح راجح
( لا ...... لا ..... قاصي لا ............ )
و كانت تلك هي الكلمات الأخيرة التي سمعتها أذناها قبل أن تسقط في شباكٍ ثقيلة سوداء أحاطت بوعيها ....
و جذبتها بعيدا عن هذا الجنون المحيط بها .... لكن ظل قلبها العاشق يصرخ برعب
" سأموت إن أصابك مكروه ....... سأقتل نفسي إن أصابك مكروه "
لم تعلم إن كانت قد نطقت بهذه الكلمات بصوتٍ عالٍ أم أنه صوت نبضات قلبها المرتعبة التي كانت ترفض فقدان الوعي في تلك اللحظة و ترك قاصي وحيدا يواجه مصيره دون أن تدافع عنه و تفديه بحياتها ....
لكن للأسف .... كانت أضعف من أن تقاومة الموجة القاتمة التي أخذت تجذبها للقاع أكثر فأكثر حتى تلاشى الوجود من حولها تماما ....
.................................................. .................................................. .....................
( تيماء ..... تيماء .... أفيقي أنتِ بخير ...... )
كان الصوت الرجولي الأجش يحاول اختراق سكينتها بكل تسلط و ..... توسل ....
رغم خشونته الا انه كان يحمل نبرةٍ من الخوف أضعفت قلبها .....
فعقدت حاجبيها بألم فسألها الصوت و نبرة الخوف تتضح به أكثر و أكثر
( هل تتألمين ؟!! ........ )
فتحت فمها و هي تحاول الكلام .... كان لديها الكثير من الكلام تريد قوله , الا أنها لم تستطع , بدت الكلمات واقفة على حافة شفتيها غير قادرة على تجاوزها , فحاولت أكثر , وبكل قوتها , الا أنها لم تستطع سوى الهمس ردا بكلمةٍ واحدة فقط
( جدا .............. )
كانت تتألم و بشدة .... و كأن هناك جرح يقطع قلبها , و يذر الملح عليه فيوجعه أكثر ....
فحاولت أن تنام علها تتغاضى عنه .... عل قلبها يستريح قليلا , لكن الصوت قال بحزمٍ قوي ... قلق و غاضب
( سأخرج بها من هنا ......إنها تتألم ... . )
كانت هناك جلبة و همهمات و صوت يخبره أنها بخير ... لم تفهم الكثير من الكلمات , لكنها كانت منزعجة , ففتحت عينيها ببطىء و هي ترمش بهما كي تستيقظ تماما ...
للحظات لم تفهم ما هو المكان المحيط بها ..... جدران كئيبة اللون , و خزنة ملفات ورقية ...
لوحة ميدانية ....... المكان ليس غريبا عليها , ...
إنه احدى مكاتب الكلية ..... لماذا تنام في مكتب الكلية عوضا عن نومها في سريرها ؟!! .....
و في لحظةٍ واحدة كانت قد استعادت كل ما مر بها قبل أن تفقد وعيها .... و آخر ما تتذكره هو أنها رأت راجح و هو يمد يده ليمسك بسلاحه من خلف قاصي المنحني عليها , يهتف باسمها بقلق ...
عند هذه الذكرى اتسعت عيناها على أقصاهما و استقامت صارخة برعب
( قاصي .................. )
الا أن كفين ثابتين أمسكا بكتفيها جعلاها ترفع رأسها لتراه يطل عليها بعد أن عاد اليها مسرعا , و جلس بجوارها على حافة الأريكة الصغيرة المستلقية عليها ....
كانت عيناه متوهجتان بخوفٍ لا يحسد عليه .... و أصابعه تحفر في كتفيها دون أن يدرك بأنه يؤلمها ,
و هي أيضا لم تشعر بألم من أصابعه .... فرؤيته حيا يرزق كان أقصى ما تمنته في تلك اللحظة ...
و دون تفكير هجمت عليه و هي تطبق على عنقه بذراعيها , بكل قوتها هامسة بعذاب
( ظننته قتلك ......... ظننته ........ )
كان قاصي يضمها الى صدره بقوة و يداه تضغطان ظهرها بينما أغمض عينيه يدس أنفه بالقرب من فكها ....
هو الآخر يتأكد من أنها بخير ..... قوتها التي كادت أن تزهق أنفاسه من شدة اطباقها على عنقه لم تفلح في طمأنته ...
لم يكن يريد سوى أن يشم تلك الرائحة ذات العبير البري للابد .... لطالما شعر بالأمان كلما تخللت رئتيه ...
كانت أصابع كل منهما تتحسس ظهر الآخر بارتجاف و كأنه يتأكد من أن شريك روحه بخير .... كل نفس تتحسسه تلك الأصابع ينتقل من صدرٍ للآخر .....
و كان بإمكانها أن يظلا هكذا للأبد ..... الى أن سمعا صوت تنحنح أجش ينبههما الى وضعهما , فسارعت تيماء الى الإبتعاد عنه و هي تستوعب تماما من معهما ....
و أدركت بهلع أنها في مكتب العميدة .... و هي تقف في نهاية الغرفة تراقبهما بصمت , فنقلت تيماء عينيها بينها و بين عيني قاصي المتجهمتين الصامتتين قبل أن تقول بخفوت و هي تصلح من وضع ملابسها و ووشاحها بأصابع واهنة ....
( ماذا حدث ؟!! ........... )
أجابتها العميدة بصوتٍ حازم و هي تتجه الى مكتبها
( هل أنتِ بخير أولا ؟؟ ........ أعتقد أنه من الأفضل أن تتجهي الى مشفى للإطئنان على طفلك ... )
استقامت تيماء و بينما ابتعد قاصي عنها يوليها ظهره بصمت و كأن تلك اللحظة السابقة بينهما لم تكن ...
نظرت اليه لعدة لحظات ثم أعادت عينيها الى العميدة و قالت بخفوت و هي تنهض مترنحة قليلا تتحسس جسدها و بطنها
( أنا بخير على ما أظن .... لا أشعر باي ألم أو شيء غير طبيعي ..... )
وضعت العميدة نظارتها و قالت تسألها بحسم
( هل أنتِ متأكدة ؟!! ........... )
أومأت تيماء برأسها , و هي تتجه الى أن جلست بضعف على الكرسي المقابل لمكتبها ثم قالت ببطىء
( متأكدة تماما ....... أرجوكِ أخبريني بما حدث ...... )
شبكت العميدة أصابعها على سطح المكتب و رفعت وجهها لتقول بغضب
( ربما عليكِ أنتِ أن تشرحي لي ما يحدث ..... إنها المرة الثانية التي يتسبب فيها زوجك بمشكلة علنية , و تشابك بالأيدي ..... لكن هذه المرة كان الوضع أفظع , فقد اشتبك مع آخر من خارج الحرم الجامعي يحمل سلاحا ...... )
صمتت للحظة قبل أن تطرق بيدها على سطح المكتب و هي تقول بصرامة
( أي عبثٍ هذا يا تيماء ؟!! ...... أي عبثٍ هذا يحدث داخل الحرم الجامعي ....... ماذا لو كان أصيب أحد الطلاب أو أردي قتيلا !! ..... )
نظرت تيماء الى ظهر قاصي بملامح شاحبة ., الا أنه لم يستدر .... بدا مستقيم الظهر , صلب الجسد و يداه في خصره , و كأنه لا يأبه لشيء .... أي شيء .....
فابتلعت الغصة في حلقها ثم نظرت الى العميدة من جديد و قالت بصوتٍ مهتز
( أرجوكِ طمئنيني ..... ماذا حدث ؟! .... لا أتذكر شيء ..... )
تنهدت العميدة قبل أن تقول بصرامة
( لحسن حظك أنني كنت موجودة , و سمعت بما حدث , فطلبت نقلك الى هنا و معك زوجك .... و تم التحفظ على الشخص الآخر صاحب السلاح ..... )
ابتلعت تيماء ريقها و قالت بصوتٍ واهٍ
( إنه ...... إنه ابن عمي الآخر , و سلاحه مرخص .... هو لم يأتِ لإرتكاب جريمة , بل يحمل سلاحه دائما للدفاع عن نفسه .... )
عند هذه الكلمات الخافتة التي كانت تحاول اقناع العميدة بها .... استدار قاصي اليها بعنف و هو ينظر اليها بعينين تستعران و كأن لهيبهما قد لفحها فنظرت اليه بصمت , ....
لكن عينيه أظلمتا و بدتا أكثر قتامة , ..... و كل منهما ينظر الى الآخر باتهام واضح .... لكن العميدة قاطعت هذا التواصل فهتفت بغضب
( و هل هذا عذر يا تيماء ؟!!! ......... )
استدارت تيماء لتنظر اليها , ثم قالت بارتباك خافت
( لا ...... ليس عذر مطلقا ........ لكن أرجوكِ أتمنى لو احتوينا الموقف و أعدك بأن ..... )
هتفت العميدة بغضبٍ متصاعد أكثر
( أي وعد .... أي وعد في تشابك بالأسلحة في الحرم الجامعي , لولا اغمائك لكان تم التحفظ على زوجك مع ابن عمك الآخر ...... )
أغمضت تيماء عينيها و هي تشعر بالإمتنان لهذا الإغماء ....
لم تتمنى يوما أن يكون هناك منقذا بمثل هذه الروعة ... فقد حدث في الوقت المناسب تماما , من يعلم غن لم يغمي عليها , لربما كان أصيب قاصي أو قتل في نزوة غضب عمياء بينه و بين أخيه ....
فتحت عينيها و هي تلتقط انفاسها لتقول بخفوت
( زوجي ليس له دخل .... وهو لا يمتلك اي سلاح , لم يفعل شيئا صدقيني ..... )
رفعت العميدة ذقنها و هي تقول بصرامة
( أنتِ أكثر وعيا يا تيماء من أن تظني بأن أمرا خطيرا كهذا سيتم احتواءه بتطييب الخاطر او الرجاء ....... )
صمتت للحظة ثم أردفت بصوتٍ أكثر قسوة
( لقد تم فتح محضر بالحالة ..... و سيتم استدعاء زوجك الآن ..... أما أنتِ ..... )
أخفضت نظرها قليلا , ثم قالت بحسم
( للأسف يا تيماء , ستحالين للتحقيق هذه المرة ..... و لن يمكنني مساعدتك مطلقا ..... )
كان آخر همها هو التحقيق .....
بالنسبة الى كل ما تخوضه في حياتها من أهوال .... يعد التحقيق المهني كهزل أطفال ....
لذا أخذت نفسا مرتجفا و قالت بخفوت
( مستعدة للتحقيق ....... و راضية به , لكن أريد لزوجي أن يرحل أرجوكِ ...... فأنا .... )
قاطعها فجأة صوت قاصي بعد أن قرر التنازل و الكلام أخيرا .... فقال بنبرة باترة , فظة
( زوجك قادرا على الدفاع عن نفسه .... لم يطلبك كمحامية , فلتتفرغي للدفاع عمن يحتاج لدفاعك .... )
أغمضت تيماء عينيها دون أن تلتفت اليه , بينما تنهدت العميدة بعدم رضا ... ثم قالت بخفوت أخيرا و بعد فترة صمت
( مشاكلك تزداد كل يوم يا تيماء و هذا يؤسفني بشكلٍ خاص .... فأنت من الأشخاص المثابرين اللذين لا يوقفهم شيء عن طموحهم و طريقهم المهني و الدراسي ..... لكنك تسمحين لحياتك الخاصة بأن تؤثر عليكِ .... لا أقول أنها توقفك , لكنها تؤخرك ... كان من الممكن أن تسرعي أكثر و تصبحي من أصغر من نالو درجة الدكتوراة عمرا ..... فلماذا ترضين بالمستوى العادي طالما امكانياتك الشخصية تؤهلك أن تكوني من المميزين ...... )
أطرقت تيماء برأسها و هي تنظر الى أصابعها المتشابكة في حجرها ... تتلاعب بها برقة , بينما قاصي يراقبها من بعيد بنظراته الصامتة بلون الفحم ..... فمه يكاد أن يرسم خطا للحزن مرافقا لخط القسوة ....
تكلمت أخيرا و قالت بهدوء
( أشكر لكِ اهتمامك سيدتي ..... أنا أعدك بأن كل ما أتسبب فيه من مشاكل سينتهي في أقرب مما تظنين ..... فأنا سأقدم على طلب أجازة و أسافر لمتابعة دراستي في الخارج على نفقتي الخاصة ...... )
رفع قاصي وجهه فجأة و بدت ملامحه مجفلة شاحبة .... لكنها كانت جامدة بلا تعبير ,....
بدا كميت مصفوع ..... لا تضره الصفعة , لكنها غادرة ... منفرة ...... سادية .....
قالت العميدة بصوتٍ هادىء
( أتمنى لك كل الخير يا تيماء ...... و آسفة إن كنت لم أستطع مساعدتك في مشكلة اليوم .... )
نقلت عينيها بينهما , ثم قالت بصوتٍ حازم و هي تنهض من مكتبها
( سأترككما بمفردكما لبضعة لحظات ........ قبل أن يتم استدعاء زوجك .... )
اتجهت الى الباب بوقار , لكنها التفتت الى قاصي و قالت آمرة
( لا أريد المزيد من المشاكل رجاءا ......... )
لم ينظر اليها قاصي , بل كان كل نظره منصبا على تيماء الجالسة في كرسيها شاحبة الوجه , تنظر الى أصابعها المتشابكة , حيث بدت كمراهقة لا تتعدى السابعة عشر ...
لقد فقدت الكثير من الوزن و بدا وجهها صغيرا جدا في طيات وشاحها الكث ......
حتى كتفاها كانتا أصغر حجما .... بدت كالنسمة الضئيلة التي تمر على وجهٍ حار , فتجعله يشتاق لها أكثر و لا يرتوي منها فور مرورها ....
أغلقت العميدة الباب خلفها .... بينما استمر كل منهما على وضعه
هي تأبى النظر اليه , بينما هو لا يحررها من عينيه المقتنصتين ....
ساد الصمت الثقيل بينهما طويلا ... و كأنه يخبرهما عن مدى اتساع المسافة بينهما, الى أن تكلم قاصي أخيرا و قال بصوتٍ جامد , عديم المشاعر
( ستسافرين !! ............. )
رفعت تيماء وجهها تنظر اليه ببطىء .... قبل أن تنهض واقفة تواجهه بصمت و عينين واسعتين , فقدتا بريقهما المتوهج .... لتقول بعد فترة بهدوء
( نعم هذا ما أريده ..... لكن و بما أنك عرفت فستقف في طريقي و تنتهز الفرص كي تمنعني من السفر , فقد سبق و فعلتها ..... )
لم يرد عليها قاصي على الفور , بل كانت حرب النظرات بينهما أقوى و أعنف أثرا , الى أن قال اخيرا بنفس الجفاء
( سمعتك تقولين أن السفر سيكون على نفقتك الخاصة ..... أي أنه ليس منحة , لا داعي لأسأل من أين لكِ بالمال ..... اليس كذلك ؟!! ..... )
رفعت تيماء ذقنها و استمرت في النظر اليه , قبل أن تقول بخفوت
( ما دمت قد رأيت أنه لا داعي للسؤال .... فلا تسأل ....... )
ضحك قاصي ضحكة تعرفها ... و تكرهها من كل قلبها ....
ضحكة سوداء إن كان لها لونا توصف به ......
ضحكة هي سلاحه ليدافع به ضد الألم ..... وهو يتألم الآن و هي تعرف , لكنها لا تعرف إن كانت راضية عن ألمه أم تكره نفسها أكثر لأنها السبب في هذا الألم ....
انتظرته الى أن انتهى من ضحكته السوداء , ثم رفع وجهه القاتم لينظر اليها نظرة مقت قبل أن يقول بشراسة خافتة
( و مع ذلك أريد سماعها منكِ ...... سأتلذذ بصوتك و أنت تنطقينها أمامي لو امتلكتِ الجرأة .... )
ظلت تيماء صامتة , باردة الملامح و هي تنظر اليه بصمت .... الى أن فقد قاصي قناعه الساخر وهدر بعنف وهو يضرب الحائط بقبضته
( انطقيها ..... من أين لكِ بالمال ؟! ......... )
رفعت ذقنها أكثر و كتفت ذراعيها لتقول ببطىء و برود
( من أبي ..... من سالم الرافعي ....... إن كان هذا هو ما تريد سماعه بكل هذه الرغبة و الهوس ..... )
هز رأسه في حركة غير مفهومة .... و كأنه يسألها ..... و كأنه يسأل نفسه ....
بينما راقبت عيناها شفتيه وهما تتحركان بعجزٍ تريدان الكلام .... الى أن زمهما بقسوة .... ووقف أمامها شامخا صامتا .... يرمقها بنظرةٍ كانت أقسى من صفعته ...
الا أنها قاومت ألمها و هي ترفع حاجبيها , تجبر نفسها على القول ببرود
( هيا ..... أنا أنتظرها منك ..... كلمتك التي حفظتها عن ظهر قلب , ... " يا عديمة الكرامة " ..... لماذا أنت صامت .... قلها مجددا ...... )
التوت شفتي قاصي في ابتسامة واهية .... لم تحمل أثرا للسخرية هذه المرة , بل كانت غريبة ميتة .... ثم قال أخيرا بصوتٍ خافت
( لا داعي لتكرارها ..... فمن الواضح أنها لم تجدي نفعا معك ........ )
عضت تيماء على زاوية شفتها بصمت و هي تطرق بوجهها المتألم .... بينما كانت سرعة أنفاسها تتزايد , بصمت ..... و غضب ....
فرفعت وجهها فجأة اليه و قالت من بين أنفاسها
( زد من قسوتك يا قاصي ..... فلم أعد أبالي ......... لم أعد أشعر بشيء .... )
كاذبة ...
صرخ بها قلبها بقسوة ... الا أنها كتمت صرخته بكل ما تبقى لها من قوة , فقالت ببرود
( كرر فعلتك و اصفعني ...... هيا ...... لقد فعلتها مرة , و لن أمانع في أن تعيدها ..... حقا لن أمانع )
للحظة توترت ملامحه , و تراجع رأسه للخلف ... بدا شاحب الملامح و فكه يتوتر و كأنه غير قادر على السيطرة عليه ...
استمر الصمت بينهما طويلا و كل منهما ينظر الي الآخر بعنف و توتر ... الى ان تحرك من مكانه كحيوانٍ هائج فجأة ... مندفعا تجاهها , فقبض على كتفيها بكل قوته و ادارها وهو يتراجع بها الى ان الصقها بالجدار فتأوهت بصمت , الا أنه رفع قبضته ليقبض على ذقنها يرفع وجهها اليه بقوة ...
ثم همس أمامه بنبرة ترتجف كصوت شيطانٍ أعمى
( كم مرةٍ قابلتهِ ؟!! ............... )
هتفت تيماء بصعوبةٍ من ضغض قبضته على وجنتيها
( من تقصد ؟!! ........... )
هز وجهها بقوةٍ وهو يهمس أمامها بنبرة مخيفة ترتجف
( راجح ....... كم مرةٍ قابلتهِ ؟؟؟ ...... كم مرةٍ حاول اقناعك بهجري .... و متى عرف بنيتك في طلب ال ...... الطلاق ؟؟ ....... متى استطاع اقناعك بمساعدته في سلب عمرو مني ؟؟ ..... أم أنها كانت الحجة التي ستتحججين بها حين تطلبين الطلاق ؟!! .... لأنني رفضت شرطك الكاذب !! ..... كانت مجرد حجة , اليس كذلك ؟؟ ... )
صمت للحظة و انفاسه ترتجف فوق بشرة وجهها .... ثم همس مبتسما و كأنه يقنع نفسه بالقوة
( كانت حجة .... اليس كذلك يا تيماء ؟!! ..... حجة بزغت لكِ فجأة كي تحاولين الفكاك مني بأسلوب أنيق .... أكون أنا المخطيء فيه ...... )
هتفت تيماء من بين قبضته و أصابعه بكل قوتها
( صدق ما تشاء ...... لن أحاول تبرئة نفسي أمامك ........ )
الا أن قاصي صرخ بها
( كم مرةٍ تقابلتما ؟؟؟؟؟ ....... أجيبيني ........ )
ضربته تيماء بكلتا قبضتيها في صدره بعنف و هي تصرخ
( أخرس يا عديم الثقة ., يا مشوه التفكير ... من تظن نفسك كي تتهمني أنا , بعد كل ما قدمته لك ...... )
ضحك قاصي عاليا , ضحكة مجنونة غير مسيطر عليها , ثم قال يسألها بعنفٍ ساخر مهووس
( هذا هو ما تريدين الإقتناع به ..... اليس كذلك ؟!! ...... أنني مشوه التفكير و لا أصلح لكِ ..... )
هتفت به و هي تحاول دفعه عنها عبثا ...
( لا أحتاج الى اقناع نفسي ..... لأنني مقتنعة بالفعل ..... ابتعد عني .... )
الا انه لم يبتعد , بل رفع كلتا قبضتيه و أمسك بجانبي وجهها و قال بعنف من بين أنفاسه المتهدجة
( إنهم يعبثون بكِ ...... يحاولون ايهامك بأنهم يساعدونكِ لتنالين حياة أفضل , الا أنهم يتسللون اليكِ كدودٍ عفن ..... و قد بدأوا بأحقر طريقة قد يلجأون اليها .... سيضعونه في طريقك , وسيحاول اغوائك ... بينما أنتِ عمياء .... انتِ لا تفهمين فيما يفكرون ......إنه لا يحاول مساعدتك , بل يحاول اغوائك ...يحاول اغوائك .... افهمي هذا .... . )
صرخت تيماء بقوة و هي تضربه للمرة الأخيرة
( احترم نفسك ...... و اخرس ..... اخرس ....... )
فتح قاصي فمه ينوي الكلام , الا أنها صرخت به بجنون و هي تعاود ضرب صدره
( قلت اخرس ........ )
صمت قاصي وهو يلهث بعنف .... بينما كانت تلهث هي الأخرى بوجهٍ أحمر , قبل أن تهتف من بين لهاثها المجهد
( كان يجب أن اعرف أنك تفكر مثلهم ..... لأنني تجاوزت معك منذ بداية مراهقتي ... اخطأت و انزلقت ..... فسأظل محل اتهام طوال حياتي .... بل وصل بك الأمر أن تتهمني بأخيك أيها القذر .... )
صمتت للحظة و هي تحاول السيطرة على نفسها قبل أن تنهار تماما , ثم تابعت بقهر
( أقسم يا قاصي أن ضرب والدي لي بسببك كله .... كله .... لم يؤلمني قدر صفعتك لي , أعلم لماذا ؟! ...... لأنها كانت صفعة انعدام ثقة ...... لقد انهارت الثقة بيننا تماما , و هذا معناه أن حياتنا معا انهارت ... هذا إن كانت هناك حياة قبلا من الاساس ...... )
كان يلهث بصعوبة .... كالمجذوب بشعره و لحيته و غليان المشاعر في عينيه ..... عينيه كان بهما ذهول و جنون و .... نفس الألم .....
الا أنه قال بصعوبة و بصوتٍ غاضب خافت
( أنا لا أتهمك ...... بل ألعن غبائك , افهمي .....أنا لا أستطيع الثقة , لا أملكها .... أنا .... )
الا أنها رفعت وجهها و قالت بخفوت تقاطعه
( أنا تعبت ...... أنا تعبت و طفلي تعب قبل أن يأتي الى النور , و هذه ليست الحياة التي اتمناها له , سأسافر يا قاصي ....و إن أردت ايذائي أكثر فافعل .....لكنك لن تربح الكثير بما تفعل .... )
ابتعد عنها قاصي خطوة ... و اخذ ينظر اليها , بنفس النظرات .... قبل أن يصرخ فجأة وهو يرفع قبضته عاليا مما جعل تيماء تشهق خوفا و هي ترفع كلتا قبضتيها دفاعا عن وجهها ...
الا أن قبضة قاصي حطت فوق زجاج خزنة الملفات , فهشمت واجهته تماما بدويٍ مزعج ....
مرت عدة لحظات قبل أن تبعد تيماء قبضتيها عن وجهها ببطىء و هي ترتجف ... ناظرة الى ما حدث , فاتسعت عيناها و هي تنظر الى الخزنة المحطمة ...... , ثم نظرت الى قاصي بسرعةٍ و هلع ....
ترى إن كان قد جرح نفسه ..... الا أنه كان يوليها ظهره واقفا على بعد ....
و قبل ان تتكلم , سمعت صوت باب المكتب يفتح ,ثم دخلت العميدة الى الكلية قائلة بهدوء
( الحرس يريدون زوجك يا تيماء .......... )
نظرت اليها تيماء برجاء , ثم نظرت الى قاصي ..... كانت تهز رأسها نفيا , لا تعرف تحديدا ما الذي تنكره أو تنفيه ....
ربما كانت تنفي ما يحدث ....
تتمنى لو أغمضت عينيها , لتفتحهما و تجد أن كل ما يحدث ما كان الا مجرد كابوس من احدى كوابيسها التي اعتادتها لسنواتٍ طويلة ..... و ترى نفسها بعد استيقظاها بين ذراعيه , يضمها الى صدره و يربت على ظهرها هامسا في أذنها بصوته الأجش الناعس
" لا بأس ...... كان , مجرد كابوسا , أنا هنا .... و لن أتركك ... "
لكنها كانت تعلم أن أمنيتها لن تتحقق هذه المرة , و أن هذا لن يحدث .... لن تضمها ذراعاه مجددا و تشعر بالأمان بينهما ....
تكلمت العميدة و هي تنظر اليهما بعدم راحة ..
( تيماء !! ............ )
فنظرت اليها تيماء عاجزة عن الكلام , تريد لxxxxب الساعة أن تتوقف عند هذه اللحظة ....
لكنها لم تتوقف مع الأسف , فقد تكلم قاصي و قال بصوتٍ أجش بطيء
( سافري يا تيماء ...... لن أمنعك ....... )
تسمرت مكانها , و هي تشعر بأنها لم تسمع ما قاله فعلا .... فهمست بإعياء
( ماذا ؟!! .......... )
التفت اليها ببطىء و كم أوجعتها عيناه في تلك اللحظة .... بكل ما فيهما من ألم و عذاب , كطفلٍ يفقد أمه للمرة الثانية ...
لكن ملامحه كانت صلبة .... جامدة بشكل لا يعرف حياة أو مشاعر ..
ثم تكلم مجددا بنفس النبرة وهو ينظر الى عينيها
( ابتعدي عن هنا تماما ..... و أنا لن أمنعك , لكن بشرط , لا تحاولي طلب الطلاق لأنني سأدفع عمري قبل أن تحصلي عليه ..... )
فغرت تيماء شفتيها المرتعشتين و هي تهز رأسها نفيا مجددا ....
لكنه أخفض رأسه وهو يتابع بخفوت
( بلغيهم هذا في صفقتك معهم ..... طلاقك سيكون بنزع لحمي عن جسدي .... و هذا ثمنه أغلى .... )
خرج تأوه خافت غير مسموع من بين شفتيها , الا أن أي منهما لم يسمعه وهو يرفع وجهه للعميدة قائلا بصوتٍ أجش صلب
( أنا ذاهب معهم ......... )
لكن و ما أن تحرك الى الباب حتى هتفت تيماء بقوة
( مجيئك اليوم لم يكن صدفة , اليس كذلك ؟! ..... كنت تأتي كل يوم و لم تتحرك الا برؤية راجح ..... أجبني اليس كذلك ؟!! ..... )
ظل قاصي واقفا مكانه بصمت .... ثم تكلم أخيرا قائلا بتهديد خافت
( حافظي على الطفل بحياتك ........ و اعتبريه تهديدا آخر ...... )
خرج قاصي أمام عينيها الخائفتين , بينما عضت على شفتيها بقسوة و هي تمنع نفسها عن المزيد و المزيد من الصراخ ....
أما العميدة فقد دخلت الى المكتب و هي تنظر الى الخزنة بذهول .... ثم قالت بعدم تصديق
( هل كسر خزنتي ؟!! ......... هل كسر زجاج خزنتي ؟!!!! ...... )
نظرت اليها تيماء بصمت و دموعها تغرق وجهها ... و كل ما استطاعت نطقه من بين شهقاتها ,
( أرجوكِ لا تضيفي هذا الى شجارهما ...... أنا من كسرتها ...... )
.................................................. .................................................. ...............
صفق سالم الباب خلفه بعنف , قبل أن يدخل الغرفة قائلا بصوتٍ غاضب آمر
( ما الذي جعلك تسافر الى تيماء و تذهب الى كليتها ؟!! ...... )
كان قد عاد للتو من السفر بعد أن انتهى المحضر الذي تم فتحه ..... و الذي لم يستغرق معه كراجح الرافعي الكثير , .....
أخذ نفسا طويلا من سيجارته , ثم نفثها في الهواء بلا مبالاة , ثم نظر الى عمه قائلا بسخرية
( هل اتصلت بك شاكية بهذه السرعة ؟!!! ..... أنا للتو فقط وصلت .... )
هتف به سالم وهو يقترب منه
( بالطبع اتصلت بي , كيف تفعل هذا و تتسبب لها بمثل هذه الفضيحة علنا ؟!! ......لقد ظنت أنني أنا من أرسلتك اليها ..... )
رفع راجح وجهه الساخر ينظر الى عمه و أخذ نفسا آخر من سيجارته , قبل أن يقول ببرود
( لا تخبرني أنك بدأت تهتم بها و تعتبرها ابنتك فعلا يا عمي !! ........ )
جلس سالم على الكرسي المقابل له , وهو يميل مستندا الى ركبتيه بمرفقيه هاتفا من بين أسنانه
( احترم نفسك يا ولد و تعلم كيف تتكلم مع من هم أكبر منك في العائلة .... فيما كنت تفكر و أنت توشك على قتل أخيك بسلاحك الخاص .... و أمام كلية ابنتي تحديدا و في وجودها !! ..... أخبرني يا ولد , هل تتعاطى شيئا يجعلك مجنونا خطيرا الى هذه الدرجة ؟!! ...... )
رفع راجح وجهه مباشرة ينظر الى سالم بعينين كريهتين من شدة الحقد بهما وهو يقول بنبرة خطيرة
( كلمة " أخيك " كفيلة بأن تجعل مني مجرما ...... فلا تستفزني أكثر يا عمي سالم ... )
هتف به سالم بغضب و استياء
( ألم تصبح مجرما بعد ؟!!!! ..... أنت مجرم بالفطرة و منذ مولدك ..... فيما كنت تفكر و ماذا تريد من تيماء ؟!!! ..... )
ضحك راجح عاليا رغم البريق الغاضب الشرس الذي لا يزال ظاهرا في عينيه بحقد ....
ثم لم يلبث أن قال ببرود
( ما هذا الدور يا عمي ؟! ..... ألم تعدني بمحاولة الحصول على مساعدتها في قضية ضم عمرو الي حضانتي ؟!! ......... )
هتف سالم مؤكدا
( نعم وعدتك ..... على أن أفعل أنا هذا , انا من سيقنعها و يتفاهم معها ..... لماذا ذهبت اليها و ماذا تريد منها ؟!! ...... )
ارتفع حاجبي راجح ببراءة وهو يقول نافثا دخان سيجارته
( هل تخاف على ابنتك مني ؟!! ....... هل نسيت أنها ابنة عمي في نفس الوقت , من حقي أن أراها و أتعرف عليها !! ...... )
هدر سالم فجأة غاضبا
( ألم تكن سوار ابنة عمك أيضا .... و تجرأت على فعلتك السوداء تجاههها ...... و تسألني إن كنت أخاف على بناتي منك !!! ...... )
رمى راجح سيجارته أرضا وهو يسحقها بحذائه بكل قوة .... بينما أظلمت عيناه بمشاعر سوداء ما أن سمع اسم سوار ... فشردتا الى عالم مجهول في أعمق زوايا روحه , لم يزره غيره ... و لا يوجد به سواها .... سوار ......
نظر راجح الى عمه طويلا .... ثم قال بصوتٍ بعيد
( بمن تقارنها يا عمي !! ............. )
أغمض عينيه للحظة , قبل أن يضحك فجأة بصوتٍ عالٍ مما جعل ملامح سالم تتوتر من تقلب مشاعره بهذه السرعة المتهورة ... ثم قال ببساطة وهو يتراجع للخلف
( صحيح أن سوار ملكة ..... لكن هذا لا يمنع أن ابنتك البعيدة جذابة بطريقة خاصة يا عمي .... إنها لطيفة و مضحكة .... )
صرخ به سالم بعنف
( اخرس يا ولد و احترم نفسك ...... انها ابنة عمك , ابنتي .... و لن أسمح لك ب .... )
رفع راجح كفيه بدهشة وهو يقول بتعجب
( و ماذا قلت ؟!! ...... لم أقل سوى أنها لطيفة , ابنة عمي الصغيرة لطيفة ..... )
نهض سالم من مكانه وهو يقول باستياء يدور حول نفسه
( هل حقا كنت ناويا على قتله ؟!! ....... اسمع يا ولد ان كنت تريد التصرف بجنونك المعتاد , فافعل ذلك بعيدا عني و عن بناتي .... )
ابتسم راجح بقسوة , الا أنه أشعل سيجارة أخرى ليقول ببرود
( هو استفزني بوجوده .....و قد حذرته أن سلاحي معي فلم يرتدع ..... لم أشعر بنفسي الا و قبضتي تمتد اليه ..... لولا الأحمق الذي كان يرافقه على الأرجح و الذي لم أراه يتبعه .... هجم علي من الخلف و أمسك بمعصمي قبل الوصول اليه لكنا ارتحنا منه جميعا ..... )
صرخ به سالم بذهول
( قتل لا ..... قتل لا يا معتوه , و فوق كل هذا أمام ابنتي التي تحمل طفله ... و تريد أن تزجنا معك في تلك الجريمة !! ....... )
عاد راجح ليضحك وهو يرفع رأسه للخلف ناظرا الى السقف بعينيه قائلا بشرود
( لقد أصبحت رقيق القلب على غير العادة يا عمي .......... ترى أهو تأثير دخول ابنتك اللطيفة حديثا الى حياتك ؟!! ..... )
هتف به سالم بغضب ...
( هذه ليست رقة قلب يا احمق .... انه تحكيم عقل , ليس هناك اكثر مني رغبة في اراقة دم الحقير الذي تجرأ و تزوج ابنتي رغم ارادتي الا أنني لم أقتله .... ماذا سأستفيد من قتله سوى تمضية المتبقي من حياتي خلف القضبان .... )
نفث راجح دخان سيجارته وهو يقول بصوته المتباعد
( حين يخص الأمر ابن الزنا ..... فأنا لا أحكم المنطق , بل أفكر في أكثر الطرق التي تؤلمه و تذله .... و سأفعل ..... )
هتف سالم ناظرا اليه بعنف
( غبي ...... غبي و ستظل هكذا طوال عمرك ...... لذا ابتعد بغبائك عن بناتي يا راجح و لتجعل كلامك كله معي أنا ......... هل كلامي واضح ؟!! ..... )
ثم خرج من الغرفة منفعلا ... تاركا راجح مرتميا , ناظرا الى السقف وهو يتذكر ما حدث ....
يتذكر كيف رمت تيماء بنفسها على صدر قاصي و هي تظن نفسها تحميه من سلاحه دون تردد .....
ازداد ظلام عينيه وهو يشعل روحه لا السيجارة ....
لقد أوشكت على الموت تضحية بنفسها لأجل من تحب ......
نفث دخان السيجارة بصوتٍ خافت من بين شفتيه المغلقتين , بينما تاهت عيناه بحريقٍ آخر .... صداه يشعل أحشاؤه .... و لسانه يهمس بخفوت
( سوار ........ و هل هناك من تقارن بسوار !! ........ )
.................................................. .................................................. ......................
خرج قاصي أخيرا من قسم الشرطة بعد أن أرخى الليل أستاره ....
يرافقه الشاب الذي بقى معه منذ الصباح , كان كلا منهما مرهق الملامح مجهد الجسد ....
لكن قاصي تحديدا كان يبدو ميت الروح ....
هيكلا يسير بخواء .....
تكلم الشاب أخيرا بصوتٍ متعب وهو ينظر الى ساعة معصمه
( يبدو أن النهار قد انقضى ... لا بيع و لا شراء ..... سأذهب الآن و هاتفني غدا إن كنت لا تزال على قرارك في بيع السيارة ...... )
توقف قاصي مكانه , قبل أن ينظر الي الشاب طويلا ... مما جعله يتوقف هو الآخر ناظرا اليه بتوجس و قلق ....
الا أن قاصي أمسك بكتفه فجأة و قال بصوتٍ أجش
( أشكرك على موقفك ...... لم أظن أن تقحم نفسك في الأمر حد الإمساك به , و تبقى معي حتى هذه الساعة ..... )
ابتسم الشاب باحراج , ثم قال بتردد
( لا شكر على واجب ..... انتِ ضيفا على المدينة , أتيت بغية البيع , و لم أكن لأتركك في شجارٍ وحدك ... اسمع , ...... إن لم يكن لديك مكانا للمبيت هنا , تعال معي و انا سأجد لك غرفة ..... )
شردت عينا قاصي قليلا وهو ينظر الى البعيد ..... قبل أن يقول بصوته الأجش الجامد
( نعم ....... لم يعد لي مكان هنا , ..... )
أخذ نفس عميق , قبل أن يعاود النظر الى الشاب و قال بصوتٍ ذو عزم
( لكن لا وقت لدي كي أضيعه ......... إن كان المشتري جاهزا في هذه الساعة , فلنقم بالأمر و ليأخذ السيارة على الفور ..... )
نظر الشاب الى معصمه مجددا , ثم قال بتردد
( سأتصل به , ليقدم الله ما به الخير ...... تبدو محتاجا للمال بيأس .... )
لم يرد قاصي عليه , بل أخرج هاتفه من جيب بنطاله , و طلب رقما .... و انتظر للحظات ثم قال ببأس و دون مقدمات
( نعم إنه أنا ..... المبلغ سيكون جاهزا خلال يومين , و ما أن تصبح نقودي أمامك لا أريد خللا في الامر ..... )





يتبع



tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 30-10-16, 01:29 AM   #8636

نوف بنت ابوها

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 145815
?  التسِجيلٌ » Nov 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,721
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Kuwait
?  نُقآطِيْ » نوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond reputeنوف بنت ابوها has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك action
افتراضي

تماما و على بعد خطوتين , انتفضت متسمرة مكانها على صرخة ليث بعنف ووحشية
( ما تقولانه تطير له الرقاب .... و من يتجرأ على مس سمعة زوجتي فليواجهنا لأقطع من لحمه و انتزع قلبه بقبضتي .... )
ارتجفت سوار بعنف و هي تسمع تلك الصرخة المتوحشة و التي لم تسمع كنبرتها من ليث سابقا ابدا ....
فغرت سوار شفتيها المرتعشتين بذهول ... قبل أن تجر قدميها جرا حتى التصقت بالباب مرهفة السمع ....
لكنها لم تكن في حاجة الى ذلك ..... فصوت عمه كان يماثل صوت ليث وحشية وهو يهدر قائلا
( تمزق من ؟ أو من ؟!!! ...... البلد كلها تتكلم عن سمعة زوجتك التي أصبحت في الوحل , و علاقتها المحرمة بابن عمها ..... لقد ضبتها عائلتها معه بعد أن فرا سويا في احدى الليالي .... و عوضا عن تطهير شرفهم بدمها ...... قاموا ببالإسراع في تزويجها لك و نحن من كنا نتسائل عن السبب ..... لكن أنت .... أنت .... كيف كنت بمثل هذا الغباء و العته ... فلم تشم الرائحة القذرة في رغبتهم في التعجيل من الزواج ؟!! ... هل أنت فتى غر أم تنقصك الخبرة ؟!! ..... )
ضربت سوار وجنتيها برعب ... بينما قفزت من مكانها على صوت صرخة اخرى من ليث وهو يهدر بجنون
( قسما بالله لو لم تكن عمي , لأطبقت على عنقك بقبضتي حتى أزهقت روحك .... )
هدر عمه هو الآخر بذهول
( تأدب يا عديم النخوة ........ )
حينها بدأت جلبة و أصواتٍ ... ثم سمعت سوار صوت عمه الآخر يهتف بعنف
( اترك عمك يا ليث ...... أترك عمك ...... هل جننت ؟!! ..... )
صرخ ليث وهو في حالة عقلية غير سليمة
( يخوض في عرضي و شرفي و تريد مني أن أحترم القرابة ؟!! ...... ... )
صرخ عمه يقول بغضب
( ليس وحده يا ليث .... البلد كلها في الجانب الشرقي منها لا قصة لديهم سوى قصة ضبط زوجتك مع .... )
صمت فجأة وهو يهتف مختنقا ....
( اتركني يا ليث ..... اتركني يا ولد ستخنقني ...... )
أما عمه الآخر فصرخ هادرا
( هل أخبرتك أنها حامل ؟!! ............ طبعا و أنت كال ..... )
لم يستطع المتابعة , فقد تأوه فجأة على صوت لكمة سمعتها سوار بوضوح .... مما جعلها تشهق بصوتٍ عالٍ و هي تلطم نفسها بعنف ...
اما عمه فصرخ بجنون
( هل تضرب عمك يا مجنون .... أتركه .... أتركه ...... )
الا أن ليث هدر قائلا دون رحمه
( فليحمد الله أنني لم أقتله ....... )
هنا تكلم رجل ثالث ... هو أحد الكبار على ما يبدو .... فقال هاتفا بقوة كي يسمعه الجميع ....
( اسمعني يا ليث ..... قبل أن تزيد من جنونك أكثر , لو كانت زوجتك قد ارتكبت خطيئة أثناء زواجك منها , لكان أعمامك الزموك الآن بدمها ..... لكن و بما أنها فعلت ما فعلت قبل زواجكما , و قامت بخداعك هي و أسرتها فأكبر عقاب لهم هو أن تعود الى بيت عائلتها ليعرف الجميع بما أقدمت عليه عائلة الرافعي ..... و سيعيشون في ذلٍ الى الأبد ..... )
همست سوار و هي تكاد أن تسقط أرضا
( ياللهي !! ....... ياللهي !! ......... )
الا ن صرخة ليث المذهولة دوت في أرجاء الدار بجنون
( هل أنت مجنون ؟!! .........الا تتقون الله فيما تدعون ؟!! أين شهودكم ؟!! ... أين أدلتكم قبل أن تقومو بقصف زوجتي ..... سوار ابنة وهدة الهلالي ..... هل هي غريبة عنكم أم أنكم نسيتم من تكون ؟!! ....... )
قال عمه الآخر بعنف
( لم ننسى ..... لكن على مايبدو أن أشيائا كثيرة قد تغيرت على مدى السنوات .... )
صرخ ليث بنفس الصوت المتوحش
( اخرجوا ...... اخرجوا جميعا من داري .... و حين تعلمون أي ذنبٍ اقترفتم , تعالوا و ابكوا بندمٍ على خوضكم في عرض ابنتكم .... دون بينة أو برهان .... أقسم بالله لن أسامحكم على عدم ردكم لغيبتي ... بل و مساندة من كان السبب في نشر تلك الشائعة .... )
قال الرجل الثالث بتوتر و قد بدأوا يستشعرون تسرعهم و جريهم خلف الشائعة التي انتشرت دون دليل
( اسمع يا ليث .... الضرر قد حدث و انتهى الأمر , و أنت لن تستطيع العيش مرفوع الرأس مجددا في البلد وهي لا تزال على ذمتك .... طلقها يا ولدي و أعدها الى بيت أهلها .. )
صرخ ليث بقوة
( الى الخارج ...... جميعكم الى الخارج ..... هيا ...... )
فتح باب المضيفة فجأة و اندفعوا يخرجون متوعدين بغضب , الا أن ثلاثتهم توقفوا وهم يرون سوار تقف في مواجهتهم مرفوعة الرأس قاسية العينين ... صلبة الملامح ....
تكلم عم ليث قائلا بازدراء وهو يحك فكه
( و تملكين الجرأة على مواجهتنا دون خجل أو خزي ؟!! ....... )
علا صوت سوار و هي تتكلم بثبات رج ارجاء البهو
( بل و أملك الجرأة على مواجهة بلدين كتلك البلد ..... و ليأتي من يدعي على شرفي باطلا و يواجهني .... أنا سوار غانم الرافعي ..... ابنة وهدة الهلالي .... لا عاش و لا كان من يتجرأ على الخوض في عرضي ..... )
تبادلوا النظر فيما بينهم بغضبٍ و صمت ... الى أن قال العم الآخر بصرامة
( المصيبة حدثت و الله أعلم بالحق ..... و الأفضل لكِ هو رجوعك الى دار أهلك , لكن زوجك يرفض و أنتما من ستتحملان العواقب ..... لكن اعلمي يا بنت وهدة , لو امتلكنا الدليل أو حتى شاهدا واحدا على ما انتشر .... حينها لن يرحمك منا مخلوق ..... )
هدر ليث من خلفهم بقسوة
( اخرجوا حالا قبل أن أتهور و أرفع سلاحي عليكم .......... )



التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 30-10-16 الساعة 10:59 AM
نوف بنت ابوها غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-16, 01:30 AM   #8637

tamima nabil

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء و كاتب في الموسم الأول من فلفل حارو عضو الموسوعة الماسية بقسم قصص من وحي الاعضاء و ملهمة كلاكيت ثاني مرة

alkap ~
 
الصورة الرمزية tamima nabil

? العضوٌ??? » 102516
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 10,902
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » tamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond reputetamima nabil has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك nicklodeon
افتراضي

ابتسم أمجد بحبٍ وهو يراها تجلس بجوار جهاز التسجيل الخاص بها .... تستمع الى مسلسل اذاعي في نفس الوقت من كل يوم
جهاز قديم اشتراه لها والده منذ سنوات طويلة و لا تزال تحتفظ به حتى الآن و لا تسمع الا منه ...
بل و كلما تعطل , ارسلته مع أمجد كي يتم اصلاحه .....
اشترى لها عدة اجهزة حديثة .... فتقبلتها منه منبهرة و مبتسمة , الا انه يكتشف بأنها تهديها لمهجة أخته و تظل هي محتفظة بجاهزها القديم .....
اخذ أمجد من وقته بضع دقائق وهو يراقبها مبتسما , مكتفا ذراعيه من باب غرفتها .... و هي تجلس على نفس الأريكة الصغيرة منذ سنوات كذلك ....
لكنها اليوم لم تكن مبتسمة نفس الإبتسامة البشوشة التي لم تفقدها يوما , ......
ملامحها كانت حزينة بشكلٍ أوجع قلبه , بشكلٍ لم يتخيله ..... فبهتت ابتسامته قليلا ......
فتحت أمه فمها و هي تتنهد بخفوت ... ثم اعتدلت قليلا و هي تقول بصوتها الحنون الهادىء
( هل تظل واقفا عند الباب يا أمجد ؟!! .......... )
ابتسم أمجد مجددا و استقام ليدخل الى غرفتها قائلا بمرح
( لم أضع عطري بعد ....... فيكف علمتِ بوجودي يا أم أمجد ؟!! ..... ألن تفشي لي بعضا من قواكِ الخارقة بعد ؟!! ...... )
ابتسمت أمه أخيرا كما تمنى و قالت بخفوت
( رائحتك بعد الحمام كالمسك الطيب يا حبيبي ......... )
اختلج قلبه لحظة ما أن ذكرت الإسم عرضا .... فابتسم ........
الا أنه قال ممازحا
( و مع ذلك لا أصدق أن هذا هو التفسير الوحيد ......... هيا اعترفي ... )
ربتت أمه على صدرها و هي تقول
( قلبي يا حبيب قلبي ..... يوجعني حين أعرف أنك واقفا بالقرب مني تحمل هما يؤلمك و يثقل كاهليك ... )
وصل اليها و جلس بجوارها على الأريكة الصغيرة , يمسك بكفها المرتاحة على ساقها وهو يهمس بخفوت
( سلامة قلبك يا أم أمجد ............ )
ابتسمت أمه أكثر و هي تقول بحنان
( من خلِفه ولده لم يمت ...... نفس جلسة والدك رحمه الله بجواري , و نفس حركة يده في الإمساك بيدي ..... )
ابتسم أمجد بحزن وهو يشدد على قبضتها بنعومةٍ قائلا
( من أنا كي تقارنينني بأبي و حنانه عليكِ ..... كثيرا ما أشعر بالتقصير حين أتذكر كل ما كان يفعله في سبيل اسعادك .... )
ضمت امه قبضته الى حضنها و هي تقول بخفوت
( يكفيني أن أراك سعيدا ....... لا أطلب أكثر في هذه الدنيا ..... )
تنهد أمجد دون أن يجيب فتنهدت هي الأخرى صدى لتنهيدته , ثم قالت بحزم و هي تمد يدها تتحسس جهاز التسجيل حتى أغلقته , ثم نظرت الى أمجد و كأنها تبصره
( هيا أخبرني ..... هناك ما يقلقك و يشغل بالك ....... و أنت لن تستسلم بهذه السهولة , أنت ابني و أنا أعرفك .... )
لم يرد أمجد .... بدا و كأنه يحاول ايجاد الكلمات المناسبة , فتطوعت أمه و قالت بصوتٍ مهموم مثقل
( إنها زميلتك مجددا ...... مسك , لا تزال تفكر بها ..... )
رفع أمجد وجهه ينظر الى أمه , ثم قال بهدوء خافت
( أنا غير قادر على التنازل عن رغبتي في الزواج منها يا أم أمجد ..... لا أريد سواها .... )
تاوهت أمه بألم و هي تقول بصعوبة
( هذا ما توقعته ...... أنت مصر على قرارك , و كم هو صعب يا ولدي .... أنت لا تدرك قيمة ما تتخلى عنه , و لن تعرف الا بعد فوات الأوان .... )
قال أمجد باصرار
( بل أعرف ...... أعرف و أدرك جيدا يا أم أمجد , و أتألم بداخلي لما أنا على وشك فقده ..... لكن فقدها أصعب ..... )
هتفت أمه بقوة وحاولة اقناعه بشتى الوسائل
( يا ولدي أنت تتوهم .... و ما أن تتزوجها و يزول عنك بريق الزواج في بدايته , ستندم ..... و حينها اما أن تظلمها أو تظلم نفسك ..... )
قال أمجد بمنتهى الهدوء و الثبات
( لا أظن يا أمي ......... ألم تخبريني أنكِ تعرفين ولدك جيدا ؟؟ كم مرة ترددت و ندمت على شيء تمنيته و تعبت حتى نلته ....... متى أصريت على شيء أنا لست واثقا من أهميته لي .... )
قالت أمه بأسى
( هذا أمر آخر .... الأبوة أمر آخر يا ولدي .... السكين تسرقك الآن و ستعض أصابع الندم لاحقا ..... )
تنهد أمجد مجددا , ثم شدد على قبضتها قائلا بهدوء
( ولدك أصبح رجلا يا أمي ..... وهو قادر على الحكم على الأمر ...... )
صمت للحظة ثم قال ببطىء مشددا على كل حرف
( أنا أريد هذه المرأة هناك ..... أريدها بدرجة , أنا غير قادر على تناسيها و المضي في حياتي ..... و الأكبر من هذا يا أمي وهو أنني ...... اظن بأنها هي الأخرى تريدني , و لو منحتها الفرصة فسوف تظهر تمسكها بي ...... و هذا شيء اضافي آخر .... )
هتفت أمه عاقد حاجبيها فجأة
( و من ترفضك يا حبيبي ..... هل اختلت الموازين !! ....... )
قال أمجد على مهل
( أمي ..... لا تدعي حبك لإبنك , يجعلك تنظرين لها على أنها أقل من امرأة رائعة بكل ما فيها ... )
قالت أمه بصوتٍ رافض و هي تنظر بعيدا
( أنا لا أبصر .... لذا فأنا لا اراها ..... )
قال أمجد مصرا و بقوة
( بل رأيتها .... و أدركتِ كم هي رائعة و قد تمنيتها لابنك أكثر مما تمنيتها أنا .... )
قالت أمه بغضبٍ و أسى
( كان هذا قبل أن ........... )
صمتت و هي غير قادرة على المتابعة , الا أن أمجد قال بصراحة
( قبل معرفتك بأنها لن تحقق لكِ حلمك في الحصول على حفيد ......... )
التفتت أمه اليه و هتفت بقوة
( أنا لدي أحفاد بالفعل ..... لكن ينقصني الحفيد منك , ابنك أنت يختلف .... ابنك شيء آخر ... )
قال أمجد بصبر و صلابة
( ابني لن يختلف عن ابناء مهجة يا أمي ...... لديكِ اربعة من الأحفاد , و هذا رزق وافر من الله .... )
صمتت أمه و ازداد شحوب وجهها , و هي تنظر اليه و كأنها تنفذ الى روحه بعينيها الضريرتين مدركة , ثم قالت بصوتٍ واهٍ خافت .... مرتعب
( لقد اتخذت قرارك و اتيت كي تخبرني به .... لا لتقنعني ,. اليس كذلك ؟؟ ........ )
أطرق أمجد بوجهه و هو يفكر قليلا , ثم عاد و نظر اليها قائلا بهدوء
( اليوم ...... تعرضت مسك لظلم فادح , رأيت الألم في عينيها ..... بل و عرفت أنها على وشك السفر خارج البلاد رغما عنها و بأمرٍ من والدها .... حينها لم أجد الوقت كي أضيعه , فطلبت موعدا من والدها , كي أقابله الليلة ... علي أثنيه عن قراره الغير عادل في حقها .... )
بهت لون وجهها أكثر و همست غير مصدقة
( الليلة يا أمجد ؟!! ........ بهذه البساطة , بعت قلب أمك و رضاها ... دون حتى أن تستشيرني ؟!! ... )
قال أمجد بقوة
( لا عاش و لا كان يا أمي من يبيع رضاكِ .... لكنني لم أملك سوى هذا اليوم , والدها مصر على أن ترحل و حينها ستضيع من يدي للأبد ..... )
هتفت أمه بقوة و توسل
( دعها تضيع ...... دعها تضيع يا ولدي بالله عليك , قبل فوات الأوان ..... )
قال أمجد بجدية و استعطاف كي تفهمه
( لم أستطع ....... لم أستطع يا أمي , صدقيني , ..... لم أعهدك من قبل ترضين ليه شقاء القلب ... )
همست أمه بعجز
( شقاء القلب !! ...... ألهذه الدرجة ؟! ......... )
قال أمجد بصدق لا يقبل الجدل
( و اكثر والله يا أم أمجد ............ )
هزت أمه رأسها بعدم استيعاب , و رأى أمجد الدموع تتجمع في عينيها الضريرتين بعجز , مما جعله يتأوه بصمت فاقترب منها أكثر ليضمها الى صدره , ثم طبع شفتيه على جبهتها بقوة و توسل .... مما جعل الدموع الحبيسة في عينيها تنساب على وجنتيها فهمست باختناق من بين شهقات البكاء الخافتة
( أنت تظلمني يا أمجد ........ لم يكن هذا عشمي بك يا ولدي .... )
هتف أمجد قائلا بألم
( أرجوكِ يا أمي وافقي .... أرجوكِ , لم أحتج يوما الى التوسل اليكِ لنيل رضاكِ الى هذا الحد ... كنتِ تفهمين رجائي قبل حتى أن أنطق به ... )
هتفت أمه و هي تكفف دموعها باختناق
( لأنك هذه المرة تتصرف ضد مصلحتك و تريد مني المشاركة في الحاق الضرر بك ... أي أم تفعل هذا ؟!! ..... لقد اتخذت قرارك , لدرجة أنك ستذهب الى خطبتها رسميا بمفردك , دون أن تأخذني معك , والله لولا معرفتي بك لظننت أنك تخجل بي أمام والدها ... )
قال أمجد بصرامة
( ياللهي ..... لو تعرفين كم هي الأمور مخالفة لظنك المجحف هذا بحقي ..... أنا ذاهب بمفردي اليوم , لأنني سأخوض معركة يا أمي .... فوالدها سيرفض و أنا أعرف هذا ..... لكنني مصر على خوض المعركة و لن أسمح لأي حرجٍ أن يمسك أو تخرجين من بيتهم مكسورة الخاطر ... )
ابتعدت أمه عن صدره و هي تهتف بعينين متسعتين ذاهلتين
( تذهب و أنت متيقن من رفضه لك ؟! .... لماذا يا ولدي .... لماذا كل هذا العناء و عدم تقديرك لنفسك و مركزك ؟!! ..... من يكون هو كي يرفضك ؟!! ..... الا يكفي أن ...... )
صمتت قليلا و هي تطرق برأسها هامسة بكبت و ألم
( استغفر الله العظيم ..... ستجعلني أتفوه بما لا أرضاه ...... )
قال أمجد بحرارة و قوة
( استحلفك بالله لا تنطقيها يا أمي .... لقد سمعتها من قبل في حقها , من عمها الذي كانت على وشك الزواج من ابنه ...... لقد تلقت الكثير من الأذى يا أمي .... و لا تزال مرفوعة الرأس بكبريائها الرائع ..... و هذا ما يجعلني متمسك بها أكثر ..... )
تنهدت أمه بصمت و هي تبعد وجهها .... تمسحه بمنديلها القماشي الأنيق و هي ترفض الكلام ....
فقال أمجد بعد فترة يسترضيها
( ألن تهاديني بدعائك و رضاكِ قبل ذهابي يا أمي ؟!! ........ هل ترضينها لولدك ؟! .... )
ظلت أمه صامتة , مشيحة بوجهها .... فتنهد أمجد بصمت مطرقا بوجهه الباهت , ....
و طال الصمت بينهما , و ما أوشك على النهوض حتى قالت أمه بجفاء
( متى يحين موعدك معهم ؟؟ ........... )
رفع أمجد وجهه و قال بخفوت و قنوط
( بعد ثلاث ساعات من الآن ........... )
أومأت دون أن تجيب .... ثم قالت بخفوت بعد لحظتين
( عسى الله أن يكتب لك الخير في مسعاك ..... فليقربه لكِ إن كان خيرا , و ليبعده عنك و يكفك شره إن لم يكن ....... )
ابتسم أمجد و رفع كفها الى فمه يشبعها تقبيلا بقوة , حتى ابتسمت رغما عنها و من بين دموع الأسى و الحزن .... لكنه قال بصوتٍ يتوهج برقة
( حفظك الله لي يا أغلى الناس ..... و أدام رضاكِ عني ...... )
ربتت أمه على شعره بحنان , بينما هو يقبل كفها برقة , قبل أن تقول بصوت هامس مختنق
( اذهب لتستعد ....... هيا حبيبي و اتركني وحدي قليلا ... )
أمعن أمجد النظر بها .... لكنه فضل أن يترك لها بعض الوقت كي تتجاوز مشاعرها , فنهض وهو يقول بهدوء
( سأفعل حبيبتي .......... )
اتجه أمجد الى الباب , الا أن أمه هتفت فجأة بلهفة
( لا تنسى أن تصل صلاة الإستخارة ...... ربما ...... )
التفت اليها أمجد مبتسما وهو يقول بهدوء
( أؤديها يوميا منذ عزمت على أمر الزواج منها .... و من يومها و هي تقترب كل يومٍ أكثر ... هل هناك أكثر من أن أحضر زفافها راضيا بنصيبي , لأجد نفسي الآن ذاهبا لخطبتها !!! ...... )
زمت أمه شفتيها و هي تشيح بوجهها عنه بصمت , بينما ابتسم أمجد ابتسامة عريضة و هو يقول
( لا تنسي الدعاء يا أم أمجد ......... )
خرج من الغرفة , الا أنه عاد و أدخل رأسه متابعا بحزم
( من قلبك ....... سأعرف إن لم يكن من قلبك ...... )
.................................................. .................................................. ................
أخذ يداعب الصغيرة كريمة بين ذراعيه و هي تقهقه ضاحكة حتى سعلت بقوة
من بين جميع أطفال شقيقته مهجة و الذين يدعوهم بجيش التتار , تظل كريمة هي الأغلى على قلبه و هي الشخص الذي يتفائل به دائما , كلما نظر الى وجهها ...
كانت محبوبة و جذابة بشكلٍ غير طبيعي , رغم أنها صهباء و شعرها أقرب للون البرتقالي بينما وجهها يعلوه النمش الكثيف ... الا أنها متعة للنظر .....
دس أمجد أنفه في عنقها الدافىء و هو يتلذذ بشم رائحتها الطفولية قائلا باستمتاع
( كم أنتِ شهية يا برتقالة ........ رائحتك تثير شهيتي كي .... )
لم يتابع كلامه على الفور بل قلبها على ظهرها و تظاهر بأكلها وهو يدغدغ بطنها بفمه حتى كادت تشهق مجددا من شدة الضحك ...
للحظات أبعد أمجد وجهه عنها وهو يعلوها , لينظر اليها بصمت ... ثم مد أصابعه يداعب تلك الخصلات اللولبية الجميلة ... ثم همس بخفوت
( أنتِ جميلة جدا ..... ربما لم يكن من الصواب أن ألعب معكِ , الآن تحديدا من بين كل الأوقات ... )
شردت عيناه قليلا ثم همس في أذنها بخفوت دون ابتسام
( أعلم ما أنا على وشك فقده ..... الموضوع الآن هو انني أختار بين أيهما سيؤلمني فقده أكثر .... و قد حصلت على الجواب , عسى أن يكون هو الجواب الصحيح , فبعض الإختبارات , الرسوب فيها يكلف الانسان حياة قلبه ...... )
صمت للحظة مجددا , ثم اقترب منها و همس بخفوتٍ أشد
( أنا خائف يا كريمة ....... و أمامي مهمة كبيرة , مهمة اسعاد تلك المرأة , و نسيان رغبتي الخاصة ..... علي أن أتحلى بقوةٍ اكبر , استعدادا لليوم الذي ستنهار فيه باكية على صدري من فرط ألمها .... حينها أحتاج لقوة الجبال , صلابة الصخر ..... )
صمت قليلا وهو يراها تبتسم و تمد أصابعها كي تقبض على أنفه , فجعده لها مما جعلها تقهقه مجددا ....
خرجت مهجة من غرفة والدتهما و هي تغلق الباب خلفها بهدوء .... ثم اتجهت الى غرفة الجلوس على صوت ضحكاتهما , لتجدهما مستلقيان فوق البساط الكثيف وهو يداعب كريمة مدغدغا و هي لا تتعب من الضحك و لا تمل صحبته مهما طال وقت لعبهما معا ....
كانت مهجة تراقبهما بملامح جامدة .... خالية التعبير , قبل ان تقول فجأة بشدة
( أنت أناني ........ بل غاية في الأنانية ...... )
توقف أمجد عن اللعب مع كريمة , ثم رفع وجهه ينظر الي مهجة بملامحها المتصلبة , قبل أن يمشط خصلات شعره بأصابعه وهو يقول بهدوء
( حسنا ..... كان هذا غير متوقعا , ...... هلا تكرمتِ و أخبرتني عن سبب أنانيتي تحديدا .....)
أشارت مهجة باصبعها الى باب غرفة والدتهما و هي تقول بحدة و حرارة
( أمك لم تتوقف عن البكاء للحظة منذ أن زففت لها الخبر المشؤوم .... بينما أنت لا تهتم , و تجلس هنا لتلاعب كريمة بكل برود أعصاب ....... )
وضع أمجد كريمة أرضا , ثم استقام جالسا ليقف على قدميه وهو ينوي الإتجاه الى غرفته , فصرخت به مهجة بغضب
( ألن تجيب ؟!! ............. هل ستغادر و تتركني أكلم نفسي هكذا بكل بساطة ؟!! .... )
قال أمجد ببساطة دون ان يتوقف أو يلتفت اليها
( هل أقلك الى بيتك في طريقي أم ستقضين ليلتك معنا ؟؟ ......... )
صرخت به مهجة بغضب
( أجبني يا أمجد ........ أنتظر منك ردا ....... )
توقف أمجد للحظة .. ثم استدار اليها مرفوع الرأس , وقال ببساطة
( بما أن أمر خطبتي ما هو الا خبرا مشؤوما بالنسبةِ لكِ , فأنا أستنتج أنه لا نية لكِ في تقديم تمنياتك الطيبة لي .... و أنا تأخرت بالفعل كي أحاول أقناعك ....هل حسمتِ امرك ؟!! أقلك أم تبيتين معنا )
هتفت مهجة بغضب
( لن أبيت ليلتي هنا .... بيتي أولى بي و بأطفالي ......... )
هز أمجد كتفيه و قال مبتسما
( كما ترتاحين ............... )
التفت يتابع طريقه الا أن مهجة جرت خلفه و هي تقول متوسلة
( أرجوك أعد التفكير يا أمجد ...... لا تفعل هذا , لا تؤلمنا و تؤلم أمك .... )
دخل أمجد غرفته , ثم استدار ينظر اليها ليقول بخفوت
( كنت أنتظر منكِ دعما أكبر من هذا يا مهجة ..... فلطالما دعمتك ... )
و دون أن ينتظر ردا , أغلق الباب بهدوء , و تركها واقفة تنظر حولها بعدم تصديق , ثم نظرت الى طفلتها التي كانت تلعب بألعابها المتناثرة بكل مكان .... فانعقد حاجبيها بألم و هي تهمس
" أهو مجنون خالك كي يتخلى عن الحصول على قطعة حلوى مثلك بمحض ارادتك !!! .... "
.................................................. .................................................. .................
رفع أمجد الهاتف الى أذنه وهو يحاول موازنة العلبة الضخمة لقالب الكعكة التي يحملها ... و باليد الأخرى باقة ورد حمراء بديعة الجمال ...
و ما أن استطاع الرد حتى قال وهو يسنده بذقنه
( لقد وصلت , أنا في مدخل البناية الآن ..... هلا توقفتِ عن الإتصال بي رجاءا , لقد اتصلتِ بي حتى الآن أربع مرات منذ أن خرجت من بيتي .... و أنا الآن أحمل قالب كعك ضخم , و اقسم بالله لو سقط من يدي بسبب امساكي بالهاتف كي أرد عليك ... فسوف أصعد به اليك و أضربه في وجهك ...... )
هتفت به وفاء باستياء
( قالب كعك !!! .... من أي عامٍ خرجت أنت !! .... لقد انتهى هذا الطراز منذ عشر سنوات تقريبا , ياللهي ... يا أمجد من يجلب قالب كعك معه أثناء التقدم لعروس , يظنه أهلها يريد الأكل منها ...... لماذا تتصرف من عقلك دون أن تستشيرني ...... )
وصل أمجد الى المصعد وضغط الزر بصعوبةٍ قائلا من بين أسنانه
( ليس هذا الوقت الأمثل كي تبثين في ابرة احباطك ..... أغلقي الخط و لا تتصلي بي الليلة .... فأنا أحتاج للتركيز ....... )
هتفت وفاء بصرامة لا تقبل الجدل
( أقسم بالله يا أمجد ....أنك لن تدخل شقة مسك قبل أن أراك .... لن أفوت هذه اللحظة ولو مقابل ملايين العالم .... )
زفر أمجد بغضب وهو يقول من بين أسنانه
( لماذا تقسمين الآن ؟!! ..... لمن أتِ أنا .... لخطبة مسك أم لخطبتك ؟!! توقفي عن هذا الفضول و الذي سيقتلك يوما ...... )
ضربت وفاء الأرض بقدمها و هي تقول
( لقد أقسمت يا أمجد ..... و لن أعيد قسمي .....أصعد الى طابقي أولا كي أعطيك اشارة الموافقة على مظهرك ...... )
زفر بقوة وهو يضرب رقم طابقها بعنف قائلا
( أنا آتٍ اليكِ ......... بصراحة أنتِ كحدبٍة على الظهر .... )
وصل المصعد الى طابق وفاء أولا و ما أن فتح بابيه , حتى رآها أمجد واقفة تنتظره و هي تفرك أصابعها ...
رفع حاجبيه وهو يراها ترتدي خف الحمام المطاطي .... بينما تلف شعرها على بكراتٍ غريبة الشكل ....
توقفت وفاء لتنظر اليه مبهورة , بينما قال أمجد بهدوء
( هل هذا شكل الزوجات في البيت ؟!! ..... لقد أملت ألا يكون هذا حقيقيا , فمهجة تجيد اخفاء تلك الكوارث حين تكون عندنا ...... )
زفرت وفاء بضيق و هي تقول
( توقف عن استفزازي و اخرج ..... أريدك في كلمة ..... )
هتف أمجد بغيظ
( الآن يا وفاء !! ....... العروس ووالدها في انتظاري بالله عليكِ ..... اذهبي و اعدي كوب شاي لزوجك أو اضربي أحد أطفالك .... هيا .... )
أشارت وفاء بإصبعها صارمة , حادة العينين لا تمزح ..... فزفر وهو يخرج بأدب و طاعة ....
نظرت اليه وفاء تتفحصه جيدا , حيث كان يرتدي حلته كحلية اللون على قميصٍ أبيض ناصع ... مفتوح العنق دون ربطة .... بينما بدى شعره مصففا للخلف بعناية ...
قالت وفاء مبتسمة بخفوت و تأثر
( بسم الله ... ما شاء الله ..... تبدو وجهيا يا أمجد ...... )
قال أمجد نافذ الصبر
( لا تبالغي في دور الأم يا وفاء بالله عليكِ ...... لقد خطبك زوجك مني شخصيا , و رحم الله يوم كان يرتشف كوب الشراب الاحمر في " صالون " بيتنا .... )
تنهدت وفاء و هي تتأمله مليا مرة اخرى ..... ثم نظرت الى عينيه لتقول برقة
( منذ أن اتصلت بي مهجة كي أحاول اثنائك عن الخطبة و علمت منها السبب الحقيقي و أنا لم أتوقف عن البكاء للحظة ..... )
أظلمت ملامح أمجد وهو يقول بصلابة خافتة
( لا يا وفاء ....... اياكِ .... الا أنتِ ...... لقد تفاءلت بموقفك ... )
أغمضت عينيها و هي تهز رأسها نفيا .... ثم فتحتهما لتهمس من قلبها برقة و حزن
( لم أكن أبكي شفقة عليك ...... بل كنت أبكي لأجلها , بكيت كما لم أبكي الا في مرض طفلتي .... و فكرت في مساعدة مسك لها قبل حتى أن نتعارف ..... لقد فعلت ما لا يفعله الأخوات , ..... ظللت أبكي على حظ تلك المخلوقة الجميلة الأنيقة ... و التي تستحق كل السعادة ..... لكن حين هدأت قليلا , تذكرت أنه ربما أرسلك القدر لها كي تسعدها و تعوضها ..... حينها فقط توقفت دموعي ..... )
ظهر في عيني أمجد تعبير عميق الا أنه لم يستطع الكلام ....
الا تدري وفاء أنه سيكابد ألما عليها طوال عمره معها ان تم زواجهما ....
الا تعرف أنه لا يظن نفسه فرصة لا تعوض بالنسبة لها لمجرد قبوله بها .... بل يظن أن طريقه طويل و صعب في محاول احتوائها و تعويضها .....
إنه لا يرى نفسه متعطفا عليها في شيء .... بل يرى أنها اكبر من هذا بكثير , هي في حد ذاتها فرصة نادرة للمحظوظ الذي سينالها .....
هي مسك الرافعي .... و أناقة الاسم تكفي .....
اقتربت وفاء منه خطوة و هي تنظر اليه بعينين تفيضان بالدموع , ثم همست مختنقة
( لا يحزنك موقف مهجة .... هي تتصرف كأخت , تريد الأفضل لأختها ..... أما أنا فأتصرف كأم , لا تنسى من قدم معروفا لطفلها المريض مطلقا ...... و سيظل دينا في عنقها العمر كله ... )
صمتت للحظة , ثم قالت بهدوء و هي تحاول السيطرة على انفعالها
( خلاصة القول ..... تلك الفتاة ذات معدن ذهبي نقي .... لا تخسرها و حاول بكل جهدك تعويضها .... كطلبٍ شخصي مني .... )
ابتسم أمجد دون أن يرد ..... ابتسامته كانت أكثر من كافية .... ابتسامة حملت الكثير من المشاعر العنيفة المختنقة في صدره .....
لكنه أومأ بصمت , فقالت وفاء بمزاح و هي تمسح دموعها
( هيا اذهب الآن فلقد تأخرت ...... و ليس هناك انطباعا أسوأ من عريس متأخر في زيارته الأولى ... )
دخل أمجد الى المصعد , ثم استدار ينظر اليها , لكن و قبل أن يغلق المصعد أبوابه تمكن أخيرا من القول بهدوء بعد أن وجد صوته
( وفاء ........ شكرا ...... )
ابتسمت له و هي تومىء برأسها ..... و لم تستطع الرد , فقد كانت غصة حادة في حلقها تمنعها من الرد ..... و شعرت فجأة بشوقٍ غامر الى طفلتها .... فدخلت شقتها تنوي احتضانها و النوم بجوارها , و لينام والدها وحيدا الليلة .....
.................................................. .................................................. ......................
وقف أمجد منتظرا أن يفتح له الباب .....
طرق الجرس منذ ما يقرب من الدقيقة , و ها هو ينتظر ... كان يعلم أن الأمر لن يكون سهلا مطلقا ....
لذا أخذ نفسا عميقا , و رفع رأسه وهو يعد الى العشر بداخله بصبر , ....
فتح الباب أخيرا .... ليجد سالم الرافعي واقفا أمامه , ينظر اليه بصمت , نظرة شملته كله من قمة رأسه و حتى حذائه اللامع الأنيق ....
مارا بعينيه على قالب الكعك .... و باقة الورد الحمراء الكبيرة ,..... فتوقفت عيناه عندهما طويلا و عن قصد قبل أن ينظر الى امجد قائلا برسمية مهذبة
( مرحبا يا أمجد ...... تفضل .... )
أزاح الباب و سمح له بالدخول فأخذ أمجد نفسا طويلا آخر وهو يرى الجواب ظاهرا من عنوانه ....
كان سالم الرافعي رغم تهذيبه , باردا .... متباعدا .... واضعا حدا بينهما , لم يضعه في العمل مسبقا ...
الا أن أمجد لم يستسلم للسلبية فابتسم قائلا بتهذيب أكبر
( مساء الخير سيد سالم , أرجو الا أكون قد تأخرت في موعدي ...... )
ابتسم سالم ابتسامة باهتة وهو يقول بنفس الرسمية و باختصار
( اطلاقا .......... تفضل .... )
دخل امجد الى الشقة بحرج وهو يدرك بأن سالم لم يبادر بأخذ قالب الحلوى منه على الأقل لذا ظل واقفا ممسكا به و بالباقة لا يعلم أين يضعهما ,
فاتجه الى احد المقاعد المذهبة الأنيقة , فوضع القالب و الباقة على الطاولة الوسطية ثم وقف منتظرا سالم الذي أقترب ووقف يقول مشيرا المقعد خلف امجد
( تفضل ...... اجلس يا أمجد ...... )
وقف امجد ينتظر جلوسه , ثم جلس هو الآخر وهو ينظر الى المكان بروحٍ مزهوة ....
كانت الشقة هادئة تماما , لا أثر للخدم بها ..... و لا صوت , ....
لولا عطرها لكان انتابه الشك في أنها ليست هنا .... لكن عطرها كان واضحا جدا داخل جدران الشقة ....
عطر لن يخطئه مطلقا .....
ترى هل كانت تدور هنا في نفس المكان انتظارا له ؟!! ......
تلك الفكرة أسعدته بشكلٍ أكبر مما توقعه ... و أشعره برضا غريب , حتى أنه لو تركوه في عالمٍ موازٍ لدخل الى غرفتها مقتحما و غمرها بالأحضان مهنئا نفسه على الخطبة .....
حين استمر الصمت لعدة لحظات , و سالم يراقب أمجد المبتسم بنشوى ناظرا حوله , مختلسا النظرات .....
تكلم ليقول بجمود
( كيف حالك يا أمجد .......... و حال العمل معك , ربما كنت تود مناقشة المتبقي من ... )
رفع أمجد وجهه البشوش قائلا ببساطة
( الحمد لله ...... دون مقاطعة حديثك , فأموري كلها بخير الحمد لله , رجاء خاص دعنا لا نتحدث في العمل الآن ....... )
أظلمت عينا سالم و صمت تماما .... دون حتى أن يبادر بالموافقة , بينما تجمد الجو بينهما و توتر تماما ....
أخذ أمجد نفسا عميقا كي يبدأ الكلام .... الا أن صوت خطوات هادئة جعلت الكلمات تتوقف على شفتيه وهو يدير وجهه تجاه مصدر الخطوات ....
و حينها فقط .... علت ملامحه ابتسامة زادته روحا حلوة من حلاوتها ....
فوقف ببطىء دون أن يبعد عينيه عنها .....
كانت مسك تقترب منهما بهدوء و بساطة .... ترتدي فستانا رقيقا , في منتهى البساطة يتحرك حول ساقيها برقة ..... بينما تركت شعرها حرا تماما دون أي تقييد .....
تحركت عينا أمجد على وجهها المبتسم ابتسامة هادئة رزينة ..... لكنه لا يحمل أي أثرا للزينة .....
لكن شعرها مصفف .... رغم جهله بهذه الأمور لكنه يستطيع تمييز أنه أصبح أملسا متطايرا أكثر من اللازم ....
ربما لم تهتم بوضع أي زينة , الا أنها اهتمت بتصفيف شعرها ....
رباه ... سيصاب بالجنون وهو يحاول تحليل كل ما يحيط بها , كي يتأكد من سعادتها بخطبته لها كسعادته ....
لذا أبعد كل هذا عن تفكيره وهو يبتسم ابتسامة عريضة , قبل أن يقول يسبقها
( مرحبا يا مسك ......... )
اتسعت ابتسامتها قليلا , بدرجةٍ غير ملحوظة , الا أن عيناه رأتها .... فردت بهدوء جميل
( أهلا يا أمجد ........... )
ان شاء الله أهلا .... و اكثر من أهل .....
مد يده يلتقط الباقة التي لم يأخذها سالم منه , فقدمها لها على مرأى منه وهو يقول مبتسما برقة
( تفضلي , هذه لكِ .......... )
ارتبكت قليلا في ظاهرة كونية نادرة .......... لكنها التقطت الباقة منه , تنظر اليها بصمت , قبل أن تقول بخفوت دون أن ترفع وجهها اليه و هي تلامس أورقها الحمراء القانية
( شكرا لك ....... هذا لطف كبير منك ......... )
تركته و ابتعدت بأناقة لتضع الباقة كما هي في اناء كريستالي رائع موضوع على احدى الطاولات الجانبية , قبل أن تتتحرك بخفة و هي تدخل الى المطبخ .... و سرعان ما خرجت منه حاملة أبريق ماء , فصبته في الإناء الكريستالي ....
كل هذا و أمجد واقفا مكانه يراقبها مشدوها من مدى بساطتها ..... و هدوء تصرفاتها ...
لا يعلم ان كان هذا عاديا أم ....... لا مبالاة .....
تكلم سالم وهو جالسا في مكانه واضعا ساقا فوق أخرى بصلف
( اجلس يا أمجد ..... لقد أطلت الوقوف ..... )
تنحنح أمجد بحرج , قبل أن يجلس , محاولا السيطرة على جو البعثرة الداخلية التي أثارته فور دخولها المدروس
...
بدأ أمجد كلامه و عيناه عليها و هي تجلس بهدوء على كرسي يقابلهما .....
( دون مقدمات ....... سيد سالم , لقد أتيت الليلة , متشرفا بطلب يد الآنسة مسك للزواج ..... )
ابتسمت .... الآن ابتسمت بدبلوماسية تثير الإستفزاز ., لكم يتمنى أن تصبح حلاله ....
حينها فقط , سيكون قادرا على بث بعضا من دفىء مشاعره اليها , ليذيب تلك الرسمية المحيطة بها .....
سيريها أن المشاعر ليست ضعفا .... و الحب ما هو بخدعة ......
أفاق أمجد من أفكاره المجنونة الجياشة على صوت سالم وهو يقول بنبرة قاطعة جليدية
( ليتك أخبرتني في العمل عن سبب الزيارة , لكنت وفرت عليك عناء الطريق .... آسف يا أمجد , طلبك مرفوض , ....... )
.................................................. .................................................. ...................
( انتظري هنا يا مسك و كلميني ........ )
صرخ بها سالم يوقفها و هي تندفع بعنف تجاه غرفتها
( توقفي حالا ......... )
توقفت مسك بالفعل , قبل ان تدور حول نفسها فدار فستانها الرقيق حولها , الا انها لم تكن التفاتة رقصة ناعمة , بل التفاتة رفض و جموح .... قبل ان تواجه قائلة من بين أسنانها
( أنا لا أفهمك ..... لا أفهمك , لماذا تتصرف معي على هذا النحو ؟! ...... لماذا ؟!! .... )
بدت مسك في تلك اللحظة كفرسٍ غير مروضة , عكس برودها الذي عرفه عنها لسنوات قليلة ....
بدت و كأن شرارة الحياة قد عادت اليها فبرقت عيناها بلمعانٍ متحدي
تراجع سالم لخطوة , قبل أن يقول بجفاء
( حاولت افهامك أن هذا شيء مرفوض ..... الا أنكِ تعمدتِ لعب دور البلادة , لذا لم يكن هناك بدا من الصراحة ...... لا يمكنك الزواج من رجلٍ غريب .... )
قالت مسك بعنف مفاجىء
( و أين هو القريب ؟!! ......... أين هو القريب و ماذا ربحت من خلفه سوى الإهانة و النبذ و الألم ..... اثنان من أولاد أشقائك عاملوني كبضاعةٍ مستهلكة ...... و لم أحاول حتى الإعتراض , بل مضيت في طريقي مرفوعة الرأس ..... الا أنك أنت من تصر على خفضها على ما يبدو .... )
اتسعت سالم وهو يقول باستنكار
( أنا يا مسك ؟!! ...... أنا ؟!! ....... بعد كل ما قدمته لكِ , ........ )
أغمضت مسك عينيها و هي تحاول السيطرة على نفسها , ثم فتحتهما و نظرت اليه مباشرة و قالت بجمود
( أحيانا أتسائل لماذا ضحيت لأجلي كل هذه التضحية ؟! .... لماذا لم تسارع بالزواج من أخرى قبل فوات الأوان كي تحصل على الإبن الذي يرث أرضك و أملاكك .... خاصة أنك لست متقدما في السن الى تلك الدرجة ... لقد تزوجت من أمي صغيرا في الأساس .....
كنت أسيرة تلك التضحية لسنوات طويلة يا أبي .... لكن مؤخرا بت أشعر بالضغط أكثر مما أستطيع تحمله .... و في النهاية بدأت أتسائل , لماذا لم تحررني من هذا الدين و تتزوج و تنجب ابنا , فور معرفتك بحالتي !! .......... )
ساد صمت طويل و كل منهما ينظر للآخر بصمت ......
هي تنتظر جوابا شافيا .... بينما هو صامت , بملامح غريبة ......
عقدت مسك حاجبيها قليلا و هي تضيق عينيها محاولة فهم معنى تلك النظرة و الملامح الرمادية الغريبة .....
و مضت اللحظات قبل أن تفغر فمها ببطىء و هي ترفع حاجبيها محاولة الكلام ..... بينما اتسعت عيناها تدريجيا و هي تقول بخفوت متردد
( لقد سبق و تزوجت ..... اليس كذلك ؟!! ..... بعد وفاة والدتي , تزوجت من ثانية ... أقصد ثالثة ..... هل استنتاجي صحيح ؟!! .......... )
أطرق سالم بوجهه بصمت كان أبلغ من أي ردٍ آخر .....
فتراجعت مسك للخلف خطوة و هي تنظر اليه بذهول , لكنها مالت برأسها و همست تتأكد ببطىء
( هل أنت متزوج ؟!! .............. )
تنهد سالم قبل أن يستدير يوليها ظهره .... بينما هي تنظر اليه فاغرة فمها , ...
هزت رأسها قليلا و هي تقول بخفوت
( ياللغبائي !! .......... كيف لم أستنتج هذا من قبل ؟! .... )
أخذت نفسا عميقا , ثم أعادت النظر اليه بعينين جامدتين .... و ملامح ثابتة , باتت أكثر صلابة من ذي قبل ... ثم قالت ببرود خافت
( اذن ..... أتشوق لسماع المزيد , لماذا لم تنجب الطفل الذي تتمنى ؟!! ........ )
ظل سالم صامتا لا يجيب ..... لم يلتفت اليها حتى , بل ظل مكانه و كأنه تحول الى صنم لا يسمع ... لا يرى .... لا يتحرك .....
عقدت مسك حاجبيها و هي تقترب منه خطوة , .... ثم قالت بخفوت
( أبي ....... ما الذي حدث ؟! أنا ليس لدي أخ ..... أم أنه حدث ؟! لم أعد أتعجب لشيء أبدا ..... )
رأته يخفض وجهه قليلا , ثم قال بصوت خافت
( حاولت عدة مرات و لم يفلح الأمر ..... و كأن الله يعاقبني على شيء لا أعرفه بعد ..... )
أغمضت مسك عينيها و هي تحاول أن تتغلب على صدمتها , ثم فتحتهما و اقتربت منه خطوة أخرى و هي تقول بثبات خافت الصوت
( مهلا علي يا أبي ..... أريد أن أفهم , تزوجت و حاولت الحصول على طفل الا أن زوجتك لم ..... )
قاطعها سالم بصوتٍ أكثر خفوتا دون أن يستدير اليها
( ليست امرأة واحدة ............ )
سقط فكها بذهولٍ حتى بدت كالمجانين , منتظرة منه أن يضحك .... لا بد و أنه يمزح كي يخرجها من الغضب الذي شعرت به ازاء تصرفه تجاه أمجد .....
لكن صمته كان مريعا فقالت بصوت أكثر خفوتا ....
( تزوجت اكثر من مرة بعد ..... ثريا ؟!! ..... أو الأصح بعد مرضي ؟!! ...... )
رد سالم بخفوت
( ثلاث مرات ....... ثلاث زيجات سرية قصيرة , لم تسفر عن شيء ...... )
ظل فمها مفتوح طويلا , الى أن تمكنت من اغلاقه و هي تقول بهدوء
( أنت تمزح يا أبي ........ انت تمزح اليس كذلك ؟!!! ........ لا يمكن , لقد ظللت تدفع ثمن زيجتك سرا من ثريا لأمي لفترة طويلة .... تبكي فيها بدلا من الدموع دم , و الآن .... الآن .... )
صمتت للحظة و هي تهز رأسها , ثم صرخت فجأة بجنون و غضب
( الآن تخبرني أن كل هذا ما كان الا تمثيلا زائفا و أنك تزوجت ثلاث زيجات بخلاف ثريا !!!!!! .... )
استدار اليها سالم بسرعة وهو يهتف بصوتٍ أجش متعب
( بل كان بعد وفاتها رحمها الله .... لقد أقسمت يوم علمت بزواجي من ثريا الا ألمس امرأة غيرها مجددا ... و أوفيت بقسمي ..... لكن بعد وفاتها ...... )
صمت قليلا وهو يتنهد ...... مطرقا برأسه , فمدت مسك رأسها منتظرة , الا أنه ظل صامتا فحثته قائلة بحدة
( ماذا ..... ماذا حدث بعد وفاتها ؟؟! .... أتفهم أنك قد تتزوج مرة , لن أحاكمك لهذا , فهو حقك .... , لكن ثلاث .... ثلاث يا أبي !!! ..... و ما الذي يجبرك على زيجاتٍ سرية ؟!! ما الذي تخاف منه ؟!! ..... )
بدا قاتم الوجه وهو ينظر حوله بارتباك , قبل أن يقول بصوتٍ مختنق
( لم يفلح الأمر ..... حاولت معهن , لكن ....... )
تراجع رأسها للخلف و هي ترمش بعينيها , قبل أن تخفض رأسها قائلة
( لا بأس يا ابي .... لا أريد معرفة التفاصيل ....... لم أعد أهتم لشيء مطلقا ..... )
رفع سالم وجهه ينظر اليها بصمت , قد بدا في عينيه تخاذل غريب , أشعرها بطعم الصدأ في حلقها و هي تبصره ....
فارتجفت شفتاها قليلا و هي تهمس
( لماذا أخبرتني بهذا الآن ؟!! ....... لماذا تسمعني مثل هذه التفاصيل ؟! ....لم أكن في حاجة لسماعها ... )
قال سالم بصوتٍ ميت ,
( أنتِ من طلبتِ سماعها ..... و لم تتركي الامر الا بعد أن عرفتِ التفاصيل ...... )
كتفت مسك ذراعيها و هي تدلكهما ببطىء قائلةٍ بصوتٍ باهت
( هل النساء الثلاث .... لا تزلن ........ )
رفع سالم كفه وهو يقول قاطعا بخفوت
( لقد ذهبت كل منهن الى حال سبيلها حين لم تفي بالغرض من الزواج منها .... )
همست مسك بنفور لم تستطع السيطرة عليه
( و ما المطلوب مني الآن ............ )
قال سالم بصوتٍ أجش خافت
( تسافرين لتسلم عملك السابق في الخارج ..... أنا أبحث لتيماء حاليا في الجامعة بنفس البلد و حينها ستسافران معا ...... ما رأيك ؟!! ..... )
ارتفع حاجبي مسك بدهشة , قبل أن تطلق ضحكة عالية صافية , الا انها باترة كلوح زجاج قاسٍ شفرته قاطعة ... قاسية ....... ثم لم تلبث أن نظرت اليه عاقدة حاجبيها بعنف على الرغم من الإبتسامة التي لا تزال مرتسمة على شفتيها و قالت بخفوت
( لا أصدق مدى سرعتك في حل الأمور ........... )
انعقد حاجبي سالم بغضب و اسود وجهه وهو يرى سخريتها و نفورها منه للمرة الاولى , فقال بصوتٍ مكتوم
( زواجك من رجلٍ غريب , انسهِ يا مسك ....... خاصة بعد ما قمتِ به تجاه ابن عمك زاهر .... ان تزوجت أمجد ستكون القطيعة بيني و بين العائلة ... للأبد...... )
وقفت مسك مكانها و هي تنظر اليه بصمت .... ثم لم تلبث ان قالت بهدوء ثابت
( سأتزوجه ............ )
تسمر سالم مكانه وهو يقول بصدمة
( ضد رغبتي ؟!!............. )
ظلت مسك تنظر اليه بلا رد , ثم قالت ببساطة
( هذا يرجع لك يا أبي ..... كل منكم سلك طريقه ..... أنت .... أشرف .... زاهر كان ناويا قبل حتى أن نبدأ ..... كل منكم يبحث عن ضالته دون تفكير فيما أشعر به , لذا نعم .... أنا سأتزوجه في كل الأحوال و لك حرية القبول و الوقوف معي ضد غضب اخوتك و فقد الأرض ..... أو الرفض و حينها كل ما سأفعله هو أنني سأبحث عن وليً آخر يزوجني لأمجد ...... )
استدارت عنه و هي تتجه الى غرفتها بخطواتٍ ثابتة , الا أن سالم اندفع اليها وهو يمسك بذراعها بكل قوةٍ ليديرها اليه وهو يهدر غاضبا
( كنت لأقتلك لو أقدمتِ عليها يا مسك ...... هل تسمعين ؟؟ .... )
نزعت مسك ذراعها من كفه و هي تقول بحدة
( لن تقتلني يا أبي ..... لن تقتلني , .... لم تعد سوى كلمة تهددون بها دون الإقدام عليها فعليا , .... لم يعد هناك نساء تقتل لأنها تجرأت على الزواج ضد رغبة العائلة ..... إن كانت تيماء أختي الصغرى قد سبقتني , ضاربة بالعادات عرض الحائط ..... فهل أخضع أنا ؟!! ..... مسك الرافعي ؟!! ......أفق يا أبي أرجوك و انظر الى الحياة من حولك ..... )
صمتت للحظات و هي تتنفس بسرعة و انفعال , ثم لم تلبث أن تنهدت و هي تنظر الى صدمته قائلة بخفوت
( أبي .... ربما لو كان هناك فرصة ملائمة للزواج من أحد أبناء أعمامي , لانتهزتها , محافظة على الأرض داخل نطاق العائلة ..... و أنت تعرف أنني أوشكت على الزواج من زاهر بالفعل , .... لكن الآن , لا فرص و لا زواج .... لذا ما الذي يمنعني من اختيار الزوج الذي يناسبني , طالما أنه لا أمل آخر ؟!! .... )
كان سالم يهز رأسه مذهولا , ثم قال بعدم تصديق
( لماذا .... اخبريني لماذا ترفضين العمل في الخارج و الذي هو كل طموحك , كي تبقي هنا دون عمل و تتزوجين من رجلٍ اقل منكِ في المستوي ..... من الواضح أن أسلوب حياة عائلته يختلف كليا عن اسلوب حياتك .... )
رفعت مسك كفيها و هي تهتف فجأة بقوة و صلابة
( لأنني أريد الزواج ..... لأنني انسانة ... بشر ..... أخشى الوحدة مثل الجميع .... ربما حرمت من الإنجاب , الا أنني لا أزال اتنفس .... أحيا ..... قادرة على الزواج ..... لماذا ينظر الي الجميع على أنني آالة ؟!!! ..... قوتي لا تعني مطلقا أنني مصنوعةٍ من معدن .... )
كان سالم ينظر اليها مذهولا .... و كأنه ينظر الى انسانة غريبة لا يعرفها , ثم قال أخيرا بخفوت
( ماذا تفرقين عن أختك الغبية الآن و في تلك اللحظة ؟!! .......... )
رفعت مسك وجهها و هي تقول بعد فترة صمت ,
( أفرق عنها بأنني لن أسمح لشيءٍ ان يحط من قدري ..... سواءٍ كان زوج أو فردا من عائلة ... قانون ... ....أو حتى ما يسمى الحب و الذي لم أعد أعترف به من الأساس و هذا فارق ضخم جدا ..... ما أريده هو أن أفعل ما أريد .... دون قيدٍ من مخلوق لأنني لم أخلق لأقيد ...... )
ظل سالم مصدوما , بينما رمت هي كلماتها الأخيرة و استدارت عائدة الى غرفتها , مغلقة بابها بهدوء ......
.................................................. .................................................. ......................
ظل أمجد يقود سيارته وهو لم يتخلص بعد من هول احراج المقابلة الكارثية مع سالم الرافعي ....
زفر بقوة وهو يضرب المقود بقبضته , بينما كلمات سالم الباردة لا تزال ترن في أذنيه
" لعائلتنا وضع آخر يا أمجد .... بناتنا لا يتزوجن الا من العائلة , الأمر أكبر مني .... أعتذر و اتمنى لك التوفيق مع أخرى ...... شرفت ... "
كان يعلم مسبقا أنه سيسمع شيئا من هذا القبيل , .... و كان مستعدا له , معدا ما سيقوله و يدافع به .... بدئا من الإقناع الهادىء بالعقل و المنطق ... نهاية بجملة باترة بأنه لن يقبل بالرفض كجواب ....
لكن كل ما أعده من كلام , تبخر أمام ردة فعل مسك ....
حيث ظلت من بداية الجلسة و حتى نهايتها , صامتة و على شفتيها شبه ابتسامة رزينة ... لعينة ...
لم تفقد ثباتها ولو للحظة .... تبا أنها حتى لم تفقد ابتسامتها و كأنهما استدعياه الى بيتهما كي يسخرا منه ....
ضرب أمجد المقود مجددا وهو يشعر بالغباء ....
أين تلك الحرب التي وعدته أن تخوضها معه !! .........
لا يزال يقود لساعةٍ كاملة , لا يقوى حتى على الذهاب الى بيته .... معرضا نفسه الى تعاطف أمه و أخته ... بنظرة مفادها ...
" أخبرناك أنها ليست الزوجة المناسبة ..... "
زم أمجد شفتيه وهو يشدد قبضتيه على المقود , مركزا عينيه على الطريق بصلابة , قبل أن يسمع صوته وهو يهمس بخفوت
" لن أقبل الرفض كجواب ...... "
و دون انتظار مد يده ليخرج هاتفه , ناظرا اليه نظرة عابرة , وهو يخرج اسمها , ثم اتصل بها وهو يغلي غضبا ...
.................................................. .................................................. ..................
كانت مستلقية على سريرها تحدق في سقف الغرفة بملامح باهتة و عينين واسعتين و هي تهمس بخفوت
" ثلاث مرات !!! ..... كل التضحية التي كانت , ما كانت الا مجرد فشلا في حمل زوجاته !!! .... "
شردت مسك و هي تتذكر والدتها , بكل تفاصيلها و التي عمدت الى نسيانها بعد وفاتها كي تقي نفسها من ألمٍ كاد أن يفتك بها ...
لكن الليلة بدأت تستخرج هذه الذكريات , كاملة ....
كانت امرأة جامحة .... فاتنة الشخصية و جذابة الملامح ....
يقول الجميع أنها نسخة من أمها ..... لكنها لا تظن هذا , فهي تظن أنها أشبه بسوار أكثر ... في جموحها و عاطفتها و قوتها ....
أما هي ... مسك فهي قوية أيضا .... لكن قوتها تتلخص في كبرياءٍ لا يقهر ... يجعلها تؤخر المشاعر درجة دائما ... أما الآن فقد نبذت قسم المشاعر بأكمله ....
لكن أمها لم تكن كذلك , بل كانت عاشقة و ذات عنفوان آسر ... لقد عشقت والدها بكل قلبها و أختارته بكل ثقة أمام الجميع ..... لكنه خذل هذه الثقة ..... و طعن حبهما , فتزوج ثريا في نزوة عابرة ...
و من يومها .... لم تعد أمها بنفس اشراقتها و عنفوانها القديم .... لقد كسر بها شيء لم يستطع مداوته بعدها مطلقا رغم أنه حاول كثيرا ....
و بدأت أمها تذوي شيء فشيء .... ما بين موجات الجنون و الغضب و الصراخ .... الى انحسارها في صمت مطبق قد يستمر لايام ....
أما مسك فقد كانت تراقبها بصمت , الى أن تمكن منها المرض ...
ولولا أن مسك انسانة واعية مثقفة لكانت أقسمت على أن المرض تمكن منها بسبب غدر والدها بحبهما ...
لكنها أقسمت على شيء آخر ....
مع كل يوم كانت أمها تذوي فيه أكثر و تذبل من شدة المرض و الإكتئاب .... كانت مسك تقسم على الا تسمح يوما بشيء يتمكن منها بهذه الدرجة ..... حتى لو كان حبها لأشرف ....
فمضت يوما بعد يوم تبني قشرة صلبة ., استخدتها حين غدر بها اشرف أيضا .....
لكن مسك ليست كوالدتها ..... شتان بينهما , لن تسمح لحب أو مشاعر بأن تذلها مطلقا .........
رفعت أصابعها تمسح دمعة ماسية , متعلقة بطرفِ أهدابها و هي تسمع صوت رنين هاتفها , فرفعته الى أذنها , تجيب بهدوء أنيق
( نعم ................ )
الا أن صيحة رجولية اندلعت فخرقت طبلة أذنها فأبعدت الهاتف عن أذنها , و هي ترمش بعينيها
( أنا لن أقبل بالرفض كجواب ......... )
أخذت نفسا هادئا , ثم أعادت الهاتف الى أذنها و هي تقول
( لقد غادرت قبل أن أقطع لك جزءا من قالب الحلوى الذي أتيت به ....... هذا لا يصح أبدا ... )
صمتت للحظات و هي تسمع سيلا من الشتائم , فارتفع حاجبيها و هي تقول بحذر
( هل أغلق الخط قليلا لأمنحك بعض الخصوصية ؟!! ....... )
هتف بها بغضب و استياء
( أقسم يا مسك الرافعي ان أغلقتِ الخط الآن , أن أغلق باب مكتب على أنفك المتعالي في الغد .... فأنا أعرف أنك ستأتين الى العمل رغم ما حدث .... )
ابتسمت مسك رغم عنها و هي ترمش بعينيها كي تقتل المزيد من الدموع في مهدها ....
دموع ذكرى والدتها التي انتصر المرض و الغدر عليها .... فرحلت سريعا , دون أن تترك ذكرى أو أثر لدى أحد
قالت مسك تقاطعه بهدوء
( لقد زرتنا كما طلبت ...... الآن حان دوري , أحجز لي موعدا لزيارة والدتك و أخوتك كما طلبت منك )

انتهى الفصل 27 ... قراءة سعيدة















tamima nabil غير متواجد حالياً  
التوقيع






رد مع اقتباس
قديم 30-10-16, 01:49 AM   #8638

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

قاصي الي تيماء
شئ سيبقي بيننا
لـ فاروق جويده
_______________
أريحيني على صدرك
لأني متعب مثلك
دعي اسمي وعنواني وماذا كنت
سنين العمر تخنقها دروب الصمت
وجئت إليك لا أدري لماذا جئت
فخلف الباب أمطار تطاردني
شتاء قاتم الأنفاس يخنقني
وأقدام بلون الليل تسحقني
وليس لدي أحباب
ولا بيت ليؤويني من الطوفان
وجئت إليك تحملني
رياح الشك.. للإيمان
فهل أرتاح بعض الوقت في عينيك
أم أمضي مع الأحزان
وهل في الناس من يعطي
بلا ثمن.. بلا دين.. بلا ميزان؟
* * *
أريحيني على صدرك
لأني متعب مثلك
غدا نمضي كما جئنا..
وقد ننسى بريق الضوء والألوان
وقد ننسى امتهان السجن والسجان..
وقد نهفو إلى زمن بلا عنوان
وقد ننسى وقد ننسى
فلا يبقى لنا شيء لنذكره مع النسيان
ويكفي أننا يوما.. تلاقينا بلا استئذان
زمان القهر علمنا
بأن الحب سلطان بلا أوطان..
وأن ممالك العشاق أطلال
وأضرحة من الحرمان
وأن بحارنا صارت بلا شطآن..
وليس الآن يعنينا..
إذا ما طالت الأيام
أم جنحت مع الطوفان..
فيكفي أننا يوما تمردنا على الأحزان
وعشنا العمر ساعات
فلم نقبض لها ثمنا
ولم ندفع لها دينا..
ولم نحسب مشاعرنا
ككل الناس.. في الميزان

سهى منصور likes this.

modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

رد مع اقتباس
قديم 30-10-16, 01:58 AM   #8639

samar salah

? العضوٌ??? » 381765
?  التسِجيلٌ » Sep 2016
? مشَارَ?اتْي » 9
?  نُقآطِيْ » samar salah is on a distinguished road
افتراضي

تيمو ياتيمو مستنياك م بدري
ربنا يجعل الفصل خفيف علينا


samar salah غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-16, 01:58 AM   #8640

جنة الفردوووس

? العضوٌ??? » 382292
?  التسِجيلٌ » Oct 2016
? مشَارَ?اتْي » 216
?  نُقآطِيْ » جنة الفردوووس is on a distinguished road
افتراضي

تسجيييييييييل حضوووووووور حد موجووووووووووود مستنيييييييييين

جنة الفردوووس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:54 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.