شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء ) (https://www.rewity.com/forum/f118/)
-   -   طائف في رحلة أبدية *متميزه ومكتملة* (https://www.rewity.com/forum/t338280.html)

بسيل 14-11-18 07:55 AM

استقنا لكتاباتك فرجعنا لقرأه قديمك ارجو ان تكوني بخير

Smhk 14-11-18 04:47 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة tamima nabil (المشاركة 11768344)
الفصل الحادي و الثلاثون :

" بعد مرور سبعة أشهر ...... "

( كم مرةٍ أخبرتك الا تتركي الباب مفتوح بينما أنتِ في الداخل وحدك ؟!! .......... )
على الرغم من سماعات هاتفها التي تضعها في أذنيها و هي تعمل بتركيز منذ ساعات , الا أن صوته الغاضب وصلها بمنتهى الوضوح ... فاخترق الموسيقى التي تسمعها ووصل ذهنها مما جعلها تتحفز تلقايئا ....
مرت لحظة , لم تترك فيها الخط الأسود الذي ترسمه بإتقان و صعوبة الى أن انتهت منه .... ثم رفعت وجهها عن الحائط , و استدارت اليه , نازعة احدى السماعتين من اذنها ناظرة اليه بهدوء ... تتأمل هيئته العفوية ... الى أن وصلت لعينيه الثاقبتين .... ثم قالت بأناقة مبتسمة بتحفظ
( مرحبا ...... كيف حالك يا امجد ؟! ..... )
للحظات لمعت عيناه , وود لو اتجه اليه و أقحم رأسها في دلو قديم ملقى بالقرب من قدميها .... الا أنه قال متجاهلا الرد على تحيتها الرسمية ...
( هل سمعتني ؟! ........... )
ارتفع حاجبيها قليلا من حدته الظاهرة , الا أنها قالت بهدوء
( نعم سمعتك ...... لما الحدة ؟! ........ )
ازداد انعقاد حاجبيه وهو يقول بنفاذ صبر
( كيف لكِ أن تسمعيني و أنت تضعين السماعتين في أذنيكِ؟!! ...... )
تفحصته مسك بعينين ضيقتين , قبل أن ترفع السماعة الحرة و هي تقول بلامبالاة
( موسيقى هادئة ...... لا شيء صاخب .... )
لم يرد عليها أمجد على الفور , و بدا و كأنه لا يزال غاضبا ... الا أن عينيه لم تلبث ان لانتا النظرات وهو يقترب منها ببطىء .... حتى وصل اليها تماما , يكاد أن يلامسها .... فإرتبكت لا اراديا ....
الا أنه لم يفعل ....
بل أجفلها بأن أخذ السماعة الحرة من يدها , ليرفعها و يضعها في أذنه ... ليسمع ما تسمع ... و عيناه في عينيها بثقة و تراخي ...
شعرت مسك باحساس حميمي غريب وهما يتشاركان نفس السماعة ... و الموسيقى تنساب من هاتفها لتتفرق منتشرة عبر الاسلاك الى أذن كلا منهما في نفس اللحظة ... بينما أعينهما ترهفان السمع دون أن تترك أحدهما منهما الآخرى ....
مضت بضع لحظات طويلة جدا كدهر ... قبل أن يقول أمجد بخفوت أجش وهو لا يزال ناظرا الى عينيها
( جميلة .......... )
افترت شفتيها عن حركةٍ بسيطة و هي تسبل جفنيها أمام كلمته الصريحة ... و التي تثق دون غرور أنه يقصدها بها ... لا الموسيقى ....
الا أنها قررت أن تجاريه في لعبته التي يلعبها معها منذ أشهر ... فرفعت وجهها اليه و ابتسمت , نازعة السماعة عن أذنه و أذنها .... لتدسها بجوار هاتفها في جيب بنطالها الجينز قائلة بنبرة طبيعية
( نعم ...... موسيقى ضوء القمر , رائعة .... لا أملها مطلقا , مهما طال سماعي لها و تكرر .... )
لم يحرر أمجد عينيها من عينيه وهو يقول بهدوء
( ربما لأنها تشبهك .......... )
ارتفع حاجبها للحظة واحدة , قبل أن تخفضه بسرعة .... لتقول ضاحكة بأناقة
( تشبهني ؟!! ...... و كيف هذا ؟! ........ )
ضيق أمجد عينيه ليحرك نظراته عليها ببطىء متعمد .... أرسل في جسدها رعشة خفية , لأنها شعرت بأنه ينظر الى شيء ابعد من مجرد مفاتن جسدها .... كانت نظرة شاردة ... متأملة لأعماقها , قبل أن تصل الى عينيها .... فتستقر هناك ليتابع بنفس الصوت الهادىء ...
( أنيقة ..... راقية ..... مثال للرقة ممتزجة بقوة الإحساس ..... و ...... حزينة ...... . بها ترفع غريب و كأنها تتحدى كل من يسمعها أن يغادرها دون الشعور بأنه قد حظى ببعض الإكتمال ما أن وصلت الى أذنيه ...... )
انحنى حاجبيها للحظة ... و كأنها محتارة لهذا الشعور المفاجىء الذي سرى بداخلها فجأة ....
هل هو الألم .... أم ارتباك مفاجىء كشحنة كهربية .....
في كل الأحوال هو شعور موجع .... و غير مرحب به .....
لذا استدارت عنه و هي تضحك مجددا , ضحكة خافتة باردة .... لتقول بصوتٍ عادي ...
( لن تتغير مطلقا ..... شاعري أكثر من اللازم ...... )
لم يرد أمجد على الفور .... بل ظل واقفا مكانه , و هي تشعرت بنظراته تكاد أن تتخلل ظهرها , الى أن قال أخيرا بجدية
( و هل تريدين مني التغيير ؟!! ......... )
ظلت مسك صامتة و هي تلملم أقلامها السوداء و الفراشي .... مطرقة الرأس , قبل أن تجيبه بتمهل
( سيكون هذا أكثر راحة لكلينا .......... )
رد عليها امجد بهدوء قوي ... وثقة
( تكلمي عن نفسك , اذ لا يحق لكِ القرار نيابة عن الآخرين ........ )
استدارت مسك تنظر اليه , نظرة حاول جاهدا فك شفرتها .... الى أن تنازلت و قالت أخيرا , تهز كتفها دون اهتمام
( فليكن ..... سيكون أكثر راحة لي ..... هل أنت راضٍ الآن ؟! ...... )
لم يرد على الفور , بل حاربها نظرة بنظرة .... ثم كلمة بأخرى وهو يقول بتحدي
( ليس تماما ..... لكن يمكنني الصبر ....... )
أبعدت وجهها عنه مرتبكة , و هي تقول ببرود زائف
( لا أفهمك ..... أنت تتحدث بالألغاز مؤخرا ..... و هذا ما لا أحبه أيضا .... يمكنك اضافة هذا الى قائمة المكروهات عندي ... )
ابتسم أمجد وهو يقترب من خلفها ... بينما تحفز كل جسدها وهي تستمع الى وقع خطواته الثابتة ... الى أن توقف خلفها مباشرة ... تشتم رائحة عطره بقوة تزكمها , الى أن قال أخيرا
( اكتبيها في في ورقة .... كي أبللها , و اسمح لكِ بشرب مائها ..... )
استدارت مسك اليه بسرعة و قالت بعينين تلمعان شررا
( هل هذه طريقة تكلم بها خطيبتك ؟!! ...... الا تمتلك بعض أصول التعامل مع الجنس اللطيف ؟! ... )
لم يرتبك أمام حدتها .... بل ابتسم ابتسامة أعرض وهو يقول ببساطة مصححا
( زوجتي .......... )
عقدت مسك حاجبيها و قالت متوترة
( ماذا ؟!! ........... )
قال أمجد بمرح , دون أن يتراجع
( أنت زوجتي ..... و لستِ خطيبتي ....... )
تأففت مسك و هي تستدير عنه قائلة بنفاذ صبر
( ليس بعد ............... )
ضحك أمجد بصوتٍ خافت ... ضحكة أرسلت الرعدة الى أوصالها مجددا , و كأنها شيء مستفز و في نفس الوقت ... يلاقي منها استحسانا خائنا في زاوية خفية من خلاياها الحسية ....
ساد الصمت بينهما بضعة لحظات و تظاهرت بأنها تتأمل عمل يديها المرتسم على الحائط ... بينما أدرك أمجد الإرتباك الذي انتابها ... و أشعره هذا بالرضا ... و إن لم يكن رضا كاملا ... لكنه فضل الا يضايقها أكثر , لذا أخذ يتأمل ما رسمته حتى الآن ... ثم قال من خلفها بصوتٍ خافت صادق
( رائعة ............ )
قالت مسك دون اهتمام و دون أن تستدير اليه ... عائدة بمنتهى السرعة الي شخصيتها الفولاذية ...
( عما تتكلم هذه المرة ؟! ............. )
رد أمجد بجدية
( ما رسمتهِ على الحائط ..... لم أظن أنه سيكون بمثل هذه الروعة حين بدأتِ العمل .... )
رمشت مسك بعينيها و هي تنظر للحائط .... الا أنها قالت بهدوء
( و أنا لم أظن أنك ستلحظه ........... )
ابتسم أمجد برقة وهو يتاملها بحرية .... خاصة و أنها تساعده مولية ظهرها له ....
شعرها استطال قليلا ... فأصبح ذيل الحصان أطول قليلا .... يكاد أن يلامس كتفيها على الرغم من ربطته العالية ...
تبدو عفوية جدا و شديدة الحرية و هي ترتدي بنطالها الجينز و كنزتها البسيطة الواسعة من فوقه ... كنزة تلتهمها تماما ... و تكاد أن تصل الى ركبتيها ... و على الرغم من أنها أنيقة و جميلة , الا أنها جعلتها أشبه بطفلة ترتدي ملابس والدها ....
حين دخل من باب الشقة المفتوح لم يحتد عليها على الفور .... بل اخذ وقته كاملا في مراقبتها من بعيد ...
كانت في عالمٍ آخر و هي ترسم على الحائط الضخم بقلم أسود مخصوص ... تضع سماعتي الهاتف في أذنيها , عازلة نفسها عن كل ما يحيط بها و قد يزعجها ...
ذيل حصانها ... يهتز يمينا و يسارا بنعومة مع حركة جسدها ..... و جسدها نفسه يبدو كالقوس المشتد برشاقة ... أما اصابعها الطويلة فكانت أصابع فنانة عن جدارة ...
خاصة و هي تعمل على اتمام هذه الصورة الضخمة السوداء ذات الزخارف .... و التي مثلت زخارفها في النهاية وجه فرسٍ ضخم فوق الجدار الأبيض ....
تكلم أمجد أخيرا بخفوت وهو ينظر اليها ...
( كيف يمكنني الا ألاحظه ؟! ...... أنتِ فنانة ...... )
ابتسمت مسك رغم عنها .... والسعادة الحقيقية تسري بداخلها .... لكنها قالت بهدوء
( أشكرك ...... لم تتكلم عنه من قبل , على الرغم من أنني بدأت العمل به منذ شهرين تقريبا ..... )
قال أمجد بخفوت
( ربما لأنني لا أفضل التمتع بالشيء الا عند اكتماله ........... )
لم تفقد ابتسامتها و هي تتأمل وجه الحصان الضخم المرتسم أمامها بالزخارف الدقيقة .... ثم قالت برضا
( إنه لم يكتمل بعد .......... )
قال أمجد يرد عليها ...
( لكنه اتضح .... و ظهر جماله , تماما كقصة حب ..... مهما كان جمال بدايتها , الا أنها تظل خضراء الى أن تتضح معالمها ..... )
ضحكت مسك عاليا هذه المرة .... ففتن بضحكتها و اندفاع رأسها للخلف , قبل ان تستدير اليه , قائلة بمرح يائس
( ألم أخبرك أنك شاعري جدا ..... كان يجب أن تكون أديبا أو ما شبه ..... )
ابتسم أمجد وهو يلتهمها بنظراته , قبل أن يشير بيده الى الرسم من خلفها قائلا بهدوء
( و أنتِ رسامة على ما يبدو ......... )
ظلت الإبتسامة الأنيقة على شفتيها و هي تنظر اليه تتأمله , ثم قالت أخيرا ببساطة
( يبدو أن لكل منا شخصية لا يعلمها الآخر ......... )
قال أمجد مباشرة و دون تردد
( أنا على استعدادٍ لفتح كل شخصياتي الخفية أمامك .... فماذا عنكِ ؟! ...... )
لم تحد بنظراتها عن عينيه طويلا ..... إنه اليوم مختلف تماما .....
أو على الأصح .... عاد مثل ما كان منذ عرضه الزواج عليها .....
فبعد عقد القران .... شعرت به يتغير تماما , ...... بات أكثر تهذيبا , .... أكثر تهذيبا على نحوٍ مستفز .....
صحيح أنه لم يترك فرصة الا ليدعوها للعشاء أو الغذاء و أحيانا كليهما في نفس اليوم ... و كل مرةٍ في مكانٍ أجمل و أكثر رقيا ....
و كم أمطرها من هدايا .... ربما لم تكن مبالغ فيها , كي لا يشعرها أنها مجرد صفقة تجارية و مدعاة للتظاهر .... لكنها بالتأكيد هدايا قيمة ....
لم ينسى باقة الورد كل مرة تقابلا فيها ..... و كانت تتقبلها بهدوء شاكرة , مبتسمة .....
و كلما غادرها كان يلتقط كفها ليقبل ظاهرها برقة ......
كان مثال الخاطب المثالي .... في كلامه المنمق .....و ابتساماته و طريقته في اضحاكها ......
الا أنها لم تكن مرتاحة على الرغم من كل هذا .....
ربما .....
ربما لأنها تعرفه أفضل من هذا .... و ما يقدمه لها , ليس أمجد الحقيقي .... أو على الأقل يتعمد تقديم الجزء المهذب البارد منه .... و يستثني الجزء العاطفي الذي يستفزها و الذي تعرف جيدا أنه مختبىء بداخله ...
هل يخدعها ؟!! ..... و هل هذا هو فعلا ما يغضبها أم أنها تشعر بنوع من الإهانة ؟!! ....
تهذيبه الأكثر من اللازم يشعرها بالإهانة .... فهو لم يحاول يوما التقرب اليها عاطفيا بطريقة .... خاصة ...
في البداية كانت تعتبر قبلته على يدها تجاوزا .... لكن بمرور الأشهر الطويلة , و بعد أن اعتادتها ... بدأت تشعر بالإستفزاز منها .....
فهو لم يحاول أن يزد عنها .... لماذا لا يزيد عنها ؟! ..... لماذا لا يحاول ؟! .....
الا يراها جذابة ؟! ....
صحيح أنها ستردعه و بمنتهى القوة , لكن لماذا لا يحاول من الأساس ؟!!! .....

أفاقت مسك من شرودها الطويل على صوت أمجد وهو يقول لها بجدية
( أين شردتِ ؟!! ........ أخبرتك بأنني مستعد لفتح كل شخصياتي أمامك .... الا جواب لديكِ ؟!! ..... )
أخذت مسك نفسا عميقا قبل أن تقول بصوتٍ متزن متحدٍ
( في الواقع أنا لا أفضل الشخص الذي يمتلك أكثر من شخصية ..... أفضل الشخص الصريح , ذو الطبع الواحد ....... )
مط أمجد شفتيه بسخرية لم تعجبها .... ثم قال ببرود
( عجبا !! ....... كم تناقضين نفسك !! ....... )
عقدت مسك حاجبيها و هي تقول بحدة
( ماذا تقصد ؟!! .......... )
رد أمجد هازئا بامتعاض وهو يقترب منها ,
( أقصد أنكِ تتشدقين رفضا بطبيعتي العاطفية المفرطة ..... و تطلبين مني تمثيل دور آخر تماما , أكثر ارضاءا لتعليمات الأمان الخاصة عندك .... دور بارد , مهذب ..... يسهل التخلص منه إن تطلب الأمر .... )
توترت مسك و تراجعت خطوة و هي تقول بعصبية
( أنا لا أفهم ما تقوله !! ........ أنا لم أطلب منك أي مما ذكرت مطلقا ........ )
ارتفع حاجبي أمجد وهو يقترب منها الخطوة التي ابتعدتها , فابتعدت أخرى ... الا أنه لاحقها خطوة بخطوة قائلا بتحدي
( حقا ؟!! ............ )
قالت مسك بصوتٍ عالٍ قوي
( بالتأكيد ............. )
لم تفهم سر تلك النظرة التي ظهرت في عينيه , الا أنها لم ترتاح لها مطلقا .... لكنها لم تمتلك الوقت كي تسأل .... فقد اندفع أمجد اليها قائلا بسرعة و حدة
( جيد ...... لأنني في هذه اللحظة , لا أستطيع أن أمنع نفسي من تقبيلك كما يجب ...... )
اتسعت عينا مسك بذهول و فتحت فمها كي تصرخ به رافضة ... الا أنه لم يمنحها الفرصة وهو يضع كفيه على خصرها يمنع تراجعها أكثر , ثم جذبها اليه حتى سقطت على صدره فجأة , قبل أن يغلق فمه كل اعتراضاتها .....
ظلت عينا مسك متسعتان و هي تشعر بهذا الثقل الذي أطبق على صدرها و شفتيها ,....
بينما كادت رائحة عطره أن تمنعها من التنفس ... لكن و قبل أن تختنق بالكامل , بدأت الرائحة تتسلل الى رئتيها مع نفسها المرتجف بهدوء .... شاعرة بشفتيه الدافئتين .... حنونتين بشكلٍ مرعب على الرغم من تسلطهما .... و يداه على خصرها جحيم بارد .... قبل ان ترتفع احداهما بسرعة ليتخلل شعرها بأصابعه , فأسقط الرباط المطاطي أرضا .... و معه تساقط شعرها ملامسا كتفيها و أصابعه المتملكة تمشطه بسرعةٍ و اندفاع ......
كانت ترتجف فعليا ... غير قادرة حتى على دفعه , ....
فأغمضت عينيها , كي تحاول استعادة قوتها كي تدفعه و تضربه و ......
أو ...... تركز على تلك المشاعر التي بعثها في كيانها كله , .... و بمنتهى الرقة .........
بعد لحظاتٍ طويلة , شعرت به يرفع رأسه أخيرا , مما جعلها تفتح عينيها الزائغتين .... لتنظر الى عينيه البراقتين بإعجابٍ صارخ .... و مشاعر لا يمكن إنكارها , .....
لكنه حين تكلم .... جاء سؤاله فجا , صريحا ..... متسلط .... به رنة غضب غير منطقية ....
( هل سبق و قبلك ؟!! ............. )
فغرت مسك شفتيها المرتجفتين و هي تقول بعدم فهم
( من ؟! .............. )
ضاقت عينا أمجد قليلا وهو ينظر الى حدقتيها الواسعتين ..... ثم قال بصوتٍ خافت مشتد
( خطيبك السابق ............. )
لقد اعتبر أشرف خطيبها .... على الرغم من أنه سبق و تم عقد قرانهما .....
بينما يقر بأنها زوجته حاليا .....
يمنح لنفسه الحق في تقبيلها .... بينما يستنكره لغيره .........
هزت مسك رأسها نفيا ببطء و عدم تركيز .... بينما كان هو ينظر اليها طويلا و بدقة و كأنه يريد قراءة ما هو مسطور في أعمق أعماق روحها .....
ثم ..... سرعان ما ظهرت ابتسامة بطيئة مستاءة على شفتيه , قبل أن يهمس بصوتٍ خافت
( جيد ......... شخصي الحقيقي راضٍ عن هذا جدا , حتى و إن إعتبرتهِ تسلط ذكوري بحت .... لكن لا يمكنني الإنكار ......شخصي الحقيقي كاد أن يصاب بالجنون من تخيل ملامسته لكِ , بينما أنا مجبر على الإنتظار إصلاحا لما أفسده هو .... . )
كانت مسك تتنفس بعدم ثبات و هي لا تزال تنظر اليه بعينين واسعتين ... لا تصدق بعد ما حدث للتو ....
الى أن رفع أمجد يده و أبعد غرتها الطويلة التي انسابت على جانب وجهها .... الى خلف أذنها , هامسا بصوتٍ سري أكثر خفوتا .... قريبا جدا من أذنها
( لديكِ أكثر وجه معبر رأيته في حياتي ....... في بروده و اشتعاله ..... ملامحك تنطق دون الحاجة للكلمات ....... )
ظلت مسك على صمتها و هي تحاول جاهدة استعادة سيطرتها على نفسها , بينما تابع أمجد بنفس الخفوت الأجش
( تلك القبلة ...... كانت أجمل من مئات القبلات التي حلمت بها خلال الأشهر الماضية ...... لقد اتضح لي أنني فاشل في التخيل , أمام روعة الواقع و مدى نعومته ..... )
ضاقت عيناه قليلا , قبل أن يخفض وجهه مجددا , ليلامس الحد القوي لفكها بشفتيه .....بينما رمشت مسك بعينيها و هي تقول بارتجاف
( ما ..... مالذي فعلته للتو ؟! .......... )
لم يرد أمجد عليها على الفور , وهو يتابع قبلاته على ذقنها الى أن وصل الى شفتيها هامسا بصوتٍ مبحوح
( سبق و أخبرتك ....... لن أقبلك على باب بيتك , ...... فحين أريد تقبيلك , سأنتظر حتى يكون لنا مكانا أكثر خصوصية ..... و لا أفضل من شقة المستقبل ....... )
لم يكد أن ينهي آخر أحرف كلماته , حتى ابتعد عنها بسرعة وهو يسحب نفسا قويا بصوتٍ عالٍ .....
بينما ظلت مسك تنظر الى ظهره و استعادته الى هدوء أعصابه بصعوبة ....
ثم قال بهدوء آمر شديد التحفظ , كي يسيطر على أعصابه المتبعثرة وهو يتجه الى باب الشقة فجأة ....
( أمي تنتظرك على الغذاء اليوم ......... احكمي غلق الشقة بعد انتهائك , و إياكِ و تركه مفتوحا مجددا , بينما أنتِ داخلها بمفردك ....... )
كانت مسك تنظر الي ابتعاده بذهول , قبل أن تصرخ فجأة بقوة
( كيف تجرأت على فعل ما فعلته ؟!!! ........ كيف تجرأت ؟!........ )
وقف أمجد مكانه للحظة .... ثم استدار اليها , ثابت الملامح و الأعصاب .... فقال أخيرا دون مرح
( تجرأ شخصي الحقيقي على فعل ما يتمناه منذ أشهر ...... ظننتك , تطلبين الصراحة و الشخصية الحقيقية !! ..... )
لمعت عينا مسك بغضب و هي تهتف رافضة بجنون
( لكنني أخبرتك بأنني أرفض ...... حذرتك من الإقدام على هذا ....... )
ارتفع حاجب أمجد وهو يقول ببرود
( لم ألحظ أقل قدر من المقاومة !!! ........... )
ارتبكت مسك و هي تهتف متلعثمة بحدة
( هذا لأنك ...... لأنني ....... لأنك كنت ........ )
ارتفع حاجبي أمجد أكثر وهو يميل رأسه مستفهما .... قائلا
( نعم !! ........ تابعي ....... لماذا لم ترفضي أو تقاومي ؟!! ........ )
تشنج الصوت في حلقها و هي تنظر اليها بنيرانٍ مشتعلة بعينيها المضطربتين , قبل أن تهتف بعنف
( أنت ........ أنت ........... )
صمتت و هي تبتلع الكلمة البذيئة التي كادت أن تتفوه بها .... فعلى الرغم من كل الجنون و الإضطراب الذي تشعر به في تلك اللحظة , الا أن تربيتها تحكمت بها في النهاية و منعتها من التفوه بها ل ...... زوجها ....
كان أمجد يراقبها بصمت .... و هو يرى الإنفعالات الواضحة المتعاقبة على وجهها , ثم قال أخيرا بهدوء
( الغذاء سيكون جاهزا خلال ساعة ...... لا تتأخري ......... )
كان أن يستدير ليبتعد , الا أن مسك هتفت بقوة
( لن اذهب .......... )
نظر اليها أمجد و قال بجدية و ثقة
( بلى ستأتين .... منذ اشهر و أنتِ تأتين الى هنا كي تتابعين تشطيب الشقة بنفسك .... و على الرغم من ذلك لا تتنازلين مرة في الصعود و زيارة أمي .... بينما هي تقطن الشقة التي تعلونا مباشرة ..... )
قالت مسك من بين أسنانها
( هذا غير صحيح ..... لقد قمت بزيارتها معك , بضعة مرات ..... لكن ليس مفروضا علي أن أفعل هذا كل مرةٍ تواجدت بها في شقتي ..... )
قال أمجد بفتور مستفهما
( مفروضا !! ................... )
رمشت مسك بعينيها و هي تبعد وجهها قائلة , بتوتر
( لم أقصد الكلمة كما فهمتها ..... لكن , شخصيتي مختلفة .... طبيعتي تميل للوحدة أكثر .... و عليكم تفهم هذا .... )
وضع أمجد كفيه في خصره وهو يقول بلهجة جادة حازمة
( تفهمنا ..... و رضخنا بأن تكون لكِ شقتك المستقلة , و لم يطلب منكِ أحد التنازل عن وحدتك الغالية .... لكن الا يمكنك التنازل قليلا و إحساسها بأنكِ تواقة لرؤيتها ؟! ..... بضعة دقائق من وقتك , لن تضر بوحدتك مطلقا ....... )
زمت مسك شفتيها و هي تستدير عنه قليلا .... مكتفة ذراعيها , تدلكهما بتوتر .....
بينما أمجد ينظر اليها , مدققا بكل حركةٍ تصدر عنها , الى أن قال أخيرا بهدوء
( سننتظرك ........... )
و دون أن ينتظر ردها , كان قد خرج , مغلقا الباب خلفه ....
أما مسك , فقد ظلت واقفة مكانها , تنظر الى أنحاء شقتها الى شارفت على الإنتهاء بعد أن أشرفت بنفسها على تصميم كل جزء منها .... ووقفت للعمال , خطوة بخطوة ... حتى بدأت تظهر معالمها بشكلٍ راقٍ يخطف الأنظار .....
الا أنها كانت تنظر اليها بعينين صامتتين .... لا تريان هذا الجمال الظاهر بها .....
كان كيانها كله منقلبا رأسا على عقب ....
كيف فعل ما فعله للتو ؟!! .... و الأدهى كيف قلب الوضع بحيث انتهى به يعاتبها على عدم زيارة والدته , عوضا عن أن تكون هي من تصرخ به و تنهش وجهه بأظافرها عقابا على ما فعل !! .....
و الأسوأ ...... أنها لم تعترض للحظة !!! .......
.................................................. .................................................. ..................
مرت وجبة الغذاء بصمتٍ أكثر من المعتاد .....
لقد تنازلت و أتت بالفعل .... و كان هو من فتح لها الباب .....
الا أن أي منهما لم يتكلم .... كانت غاضبة , صامتة ....و الاحمرار لا يزال غازيا وجنتيها ...
بينما لم يتنازل هو ليطيب خاطرها ....
كل ما فعله هو أن مد كفه , يشير اليها بالدخول ....
و بدأت أعراض الزيارة الجامدة ككل مرة ....
زيارة ثقيلة على القلب بشكل يشعرها بالإختناق .... حتى أنها ما أن تخرج أخيرا , تشعر و كأنها كانت محتجزة في صندوق مغلق , ثم خرجت للهواء و التنفس من جديد ...
حتى الآن لم تجف عينا والدة أمجد .....
صحيح أنها لطيفة معها و مبتسمة دائما , الا أن عينيها دامعتين باستمرار و كأنها تكبت بكاءا , ستنفرد به ما أن تخرج مسك من بيتها ....
أما أخته فكان لها وضع آخر .... وضع أكثر سوءا .....
كانت جامدة جمود مهين .... مهذبة بالفعل , الا أنها تنظر اليها دائما بنظراتٍ تحمل الكثير مما لا تود مسك سماعه ...
و اليوم لم تتغير الزيارة .... كل ما زاد عليها , هو أنها لا تزال متوترة مما ..... مما حدث بينهما في شقتهما ...
فكلما رفعت وجهها اليه , اصطدمت بنظراته المثبتة على شفتيها .... فشتمته في سرها مرة بعد مرة ...
كانت غاضبة عليه بدرجة تكاد تجعلها راغبة في فسخ هذا العقد من الأساس .....
لكنها كانت غاضبة من نفسها أكثر ... لذا آثرت أن تمر تلك الزيارة الثقيلة بصبرٍ قد استطاعتها .... كي لا تفضح طاقات الغضب بداخلها ....
انتفضت مسك فجأة حين شعرت بكفٍ تمسك بيدها المرتاحة فوق مائدة , الطعام , فالتفتت تنظر الى وجه والدة أمجد التي تحسست طريقها الى أن أمسكت بكف مسك , ثم قالت ببشاشة
( أنرتِ البيت يا مسك .......... سعدت بقبولك دعوتي حبيبتي .... )
ظلت مسك صامتة بضع لحظات , بينما حانت منها نظرة الى أمجد الذي كان يراقبها بجدية و تدقيق ....
فأخذت نفسا حادا قبل أن تجيب برسمية مهذبة
( السعادة لي أنا ...... أشكرك على الطعام , كان رائعا ...... )
ابتسمت والدة أمجد و هي تربت على كفها قائلة
( لقد أورثت كل مهارتي الى ابنتي مهجة .... و هي من قامت بكل شيء , حين علمت بقدومك .... )
نظرت مسك الى مهجة .... التي كانت جالسة في الجهة المقابلة , تنظر اليها كذلك دون أدنى قدر من الترحيب .... ظلت النظرات الصامتة بينهما طويلا الى ان قالت مسك دون أي تعبير
( سلمت يداكِ ..... الطعام كان رائعا ...... )
ابتسمت مهجة دون مودة , ثم قالت
( بالطبع .... بما أنكِ تأتين لزيارتنا في المناسبات فقط ... لذا لا يليق بكِ سوى اعداد وليمة احتفالا .... )
زمت مسك شفتيها و هي تتعمد عدم الرد ... بينما تناولت كأس الماء لترتشف منه بغطرسة .... متجاهلة تلميح مهجة تماما ....
ساد التوتر المكان و هذا ما كانت مسك تعرف أنه سيحدث و تحاول تجنبه كل مرة ....
و كان أن يستمر .... لولا أن دخلت كريمة الى غرفة الطعام جريا متعثرة حتى وصلت الى ساقي أمها , .... و هنا فقدت مهجة كل برودها و جمود كلماتها ... فارتسمت ابتسامة عريضة أمومية على وجهها و هي تقول ضاحكة بسعادة
( متى استيقظتِ يا آنسة ؟!! ...... تمنيت أن تنامي حتى المساء ..... )
ضحك أمجد هو الآخر وهو يداعب شعر كريمة , التي حملتها مهجة على ركبيته بجواره ...ثم قال عاتبا
( أنت تتمنين أن تتخلصين منها طوال ساعات اليوم ...... نحن نريدها مستيقظة ... )
قالت مهجة و هي تضم كريمة بشدة ...
( بصراحة لا يمكنني انكار فضلها اليوم .... أنا جدا ممتنة الى الساعات التي غفت خلالها , فمنحتني الفرصة كي أنهي اعداد الطعام .... )
قال أمجد بنبرة مستفزة وهو يأخذ كريمة من بين ذراعي أمها , كي يجلسها على ركبتيه
( لا دخل لكِ أنتِ ..... نحن نريدها ...... )
ثم أخذ بعض الطعام من طبقه ووضعه في فم كريمة التي تلقته بنهم , بعد ساعاتٍ من النوم ...
بينما قالت مهجة ضاحكة
( هذا كلام الرجال دائما .... ماهرون أنتم في اللعب مع الأطفال , لكن ما أن يبدأوا في البكاء حتى تلقون بهم بعيدا ..... )
ارتفع حاجبي أمجد وهو يقول مستفزا
( هل تنكرين المرات التي أسكتها عن البكاء ؟!! ...... إنها حتى ترتاح في النوم بجواري , أكثر مما تفعل معكِ .... )
رفعت مهجة كفيها و هي تقول مستسلمة
( لا أنكر ....... لن أضيع فرصة مساعدي الخاص مطلقا .... )
في هذه الأثناء كانت مسك تراقبهما من فوق حافة كأسها بصمت ... بعينين جامدتين .... جليديتين , ....
الى أن وضعت الكأس و نهضت من مكانها قائلة بتهذيب
( الحمد لله .... ...... )
رفعت والدة أمجد وجهها و هي تقول
( انهي طعامك حبيبتي ......... )
ردت مسك بأدب
( لو بقيت أكثر لأكلت أكثر مما أحتمل .... شكرا لكِ ...... )
حينها نهضت والدة أمجد و نهضت مهجة التي قالت ببرود دون أن تحاول أن تستبقيها أكثر
( اذهبي لغسل يديكِ اذن .......... )
سارع أمجد لينزل كريمة عن ركبتيه وهو يقول
( انتظري يا أمي .... سأساعدك ......... )
أما مسك فقد تناولت طبقيها و اتجهت بهما الى المطبخ , الا أن مهجة قالت ببرود ....
( لا داعي لهذا ...... أنت ضيفتنا ...... )
ابتسمت مسك ببرودٍ أكبر وهي تقول
( أنا لست ضيفة يا مهجة .....لقد أصبحت واحدة من هذه العائلة ..... )
لم تدري و هي تنطق تلك الكلمة أن أمجد قد التقطها باذنيه و عقله و كل استيعابه .... فرفع وجهه ينظر اليها و في عينيه .... شعور من الرضا ..... يماثل جمال الشعور بقبلتها ....
.................................................. .................................................. .....................
حين دخلت مسك الى المطبخ تتبعها مهجة , .... كانت مسك قد وضعت ما بيديها لتستدير الى مهجة التي كانت ترمقها بطرفِ عينيها فأجفلت حين ضبتها مسك ....
و توقعت منها أن تخرج من المطبخ سريعا .... الا أنها فوجئت بها تستند الى الرف من خلفها و هي ترمقها بترفع ثم قالت أخيرا ببرود
( مهجة ...... أنت لا ترحبين بقدومي الى هنا , فلماذا تضايقينني كل مرة بنفس التعليقات عن ندرة زياراتي ؟! ..... )
تسمرت مهجة مكانها و هي ترفع حاجبيها .... ثم قالت تنكر
( أنا أرحب بوجودك طبعا ....... كيف لكِ أن تشكي بذلك ؟! .... لقد وقفت اليوم ساعات طويلة , تحضيرا لقدومك .... )
لم تهتز عضلة في جسد مسك و هي تقول بهدوء
( و مع ذلك ...... لا ترحبين بوجودي , و لا ترحبين بزواجي بأمجد ...... لقد مرت أشهر و توقعت أن تتأقلمي مع الوضع , لكن الأمر تزايد أكثر و بات واضحا بشكلٍ مهين .... )
تراجعت مهجة لتستند الى الرف المقابل مفكرة , قبل أن ترفع وجها متصلبا , تنظر الى مسك ثم قالت بهدوء مماثل
( هل تقبلين بالصراحة ؟!! ...... أم سأخذين ما تسمعين مني و تخرجين به جريا باكية الى أمجد , تشكين له ؟!! ..... )
ارتفع حاجب مسك بسخرية , قبل أن تقول بثقة
( أنا لا أبكي .... و لا أجري الى أحد كي يساعدني في المواجهة , أنا خير قادرة على الرد بنفسي ..... )
ظلت مهجة صامتة قليلا تتحدى مسك بالنظرات قبل أن تجيب أخيرا دون مقدمات
( كما تشائين .... في الواقع يا مسك , و اعذريني لهذا ..... أنا أظنك غاية في الأنانية .... )
لم تتحرك مسك من مكانها ... و لم تتغير ملامحها و هي تسمع الكلمة التي ضربتها رأسا ... ثم قالت أخيرا ببساطة أقرب الى اللامبالاة
( تابعي ..... من المؤكد لديكِ سبب مقنع لرمي هذا الإتهام بوجهي .... )
رفعت مهجة وجهها و بدأت في الكلام بثبات
( حين أصر أمجد على الزواج بكِ .... لم يستطع أي منا ردعه , و في الواقع لم نبذل الجهد الكافي لنفعل ..... أتعرفين لماذا ؟! ... لأنه في النهاية رجل , و نحن مهما حاولنا لن نتمكن من تحديد مسار حياته , مهما كان مخطئا في اختياره .... لذا تركناه يختار الإنسانة التي يشعر معها بالسعادة و يتمناها ... و اعذريني لو أخبرتك أننا كنا نموت قهرا كل لحظة .... أنا لا أقصد أن أجرحك , لكنك تعرفين أننا نفعل .... لا نريد أن نخدع أنفسنا .... )
ساد صمت بارد جليدي بينهما .... و كل منهما تنظر الى الآخر , بينما تحولت مسك الى تمثالٍ بارد أنيق .... هادىء القسمات دون أي تعبير أو شعور .... ثم قالت أخيرا
( تابعي ..... أنا أسمعك ......... )
أخذت مهجة نفسا أعمق , ثم تابعت بصوتٍ مرتجف من الغضب و الحزن معا ...
( لكن ...... ليلة عقد القران , حين أمليتِ شرطك ....... )
صمتت و أطرقت بوجهها و قد اختنقت الكلمات في حلقها ...... بينما رفعت مسك وجهها أعلى ...أكثر ترفعا و إباءا .... منتظرة , الى ان تابعت مهجة بصوتٍ أكثر اختناقا و هي تنظر اليها بعينين يائستين
( لقد حرمتهِ من الفرصة الوحيدة المتبقية في الحصول على طفل !! ...... لقد قدم اليكِ كل ما يستطيع , و كان عليك تقديم المثل .... لكنك بكل أنانية رفضتِ حتى زواجه بأخرى !! ... كيف يمكنك أن تكوني قاسية القلب الى هذه الدرجة ؟! ....... أتعلمين أنه قد فقد بالفعل فرصا كبيرة بعد الزواج منكِ , من تلك التي ستقبل بالزواج من رجلٍ متزوج لا ينوي تطليق زوجته ... و لا يريد الزواج منها الا للحصول على طفل .... قليلات هن من ستوافقن على هذا الوضع .... أي أن فرصه قد تضائلت بالفعل .... ثم قضيت حتى على تلك الفرص المتضائلة ........ بأي حق تتصرفين بهذا التملك المؤلم ؟! ..... )
كانت مسك تستمع اليها بصمت هادىء و بنفس الملامح الحجرية دون أن تقاطعها بكلمة ... بينما كانت روحها تتلقى الكلمات الطائشة , ضربة بعد ضربة ..... صفعة تلي صفعة ....
و ما أن انتهت مهجة من كلامها .... حتى انتظرت مسك بضعة لحظات , ثم قالت بهدوء
( اذن تعترفين أنكِ كنت تتمنين أن يتزوج أمجد من أخرى بعد فترة من زواجه بي !! ......... )
ردت مهجة دون تردد مشددة على كل حرف
( بالطبع ........ هل تشكين في ذلك ؟! ..... كان هذا هو الأمل الوحيد المتبقي لنا , الى أن نسفتيه أنتِ .... )
أظلمت عينا مسك قليلا , دون أن تهتز عضلة في وجهها , الا أنها تمكنت بمهارة من الإبتسام بقسوة و هي تقول
( و على الرغم من ذلك تنكرين حقي في وضع الشرط ؟! ....... )
أسبلت مهجة جفنيها للحظة , قبل أن تعاود النظر الى مسك و هي تقول بهدوء خافت
( اسمعيني يا مسك ...... بكل صدق و أمانة , لو كانت مشيئة الله هي أن أحرم من الأطفال ... كنت لأخطب لزوجي بنفسي ... و يعلم الله أنني صادقة فيما أقول .... هذا ما يطلق عليه ايثار الغير على النفس .. )
ساد الصمت بينهما مجددا ثم قالت مسك بهدوء جامد
( يسهل على المرء أن يظن في نفسه حب التضحية .... فهذا يرضي النزعة الخيرة بداخله .... طالما لم يمر بالتجربة حقا ...... لكن الإختبار الحقيقي له حكم آخر ...... )
صمتت مسك لحظة , ثم تابعت مرفوعة الوجه بصلابة
( المثال الذي ضربتهِ مختلفا كل الإختلاف ..... يمكنك التضحية من أجل زوجك , لأن بينكما عشرة عمر تسمح بذلك ...... لكن أن تتزوجي و أنت تدركين أن هذا الزوج و عائلته ينظرون اليكِ كبضاعة معطوبة .... و بعد فترة , يزوجون ابنهم من الزوجة الحقيقية التي ستأتيهم بالطفل !! .... هذا تنازل أنا غير مجبرة تقديمه .... انا مسك الرافعي ..... انجابي من عدمه لا يقلل من قيمة هذا الإسم , فمن يريدني , يريد اسمي فقط .... أما الأطفال فهم مجرد هدية اضافية .... قد يقسم الله بها أو لا ..... أنا لست بضاعة منقوصة يا مهجة .... و لا أقبل أن يعتبرني الغير كذلك ..... )
انعقد حاجبي مهجة بشدة أمام هذا العنفوان الصلب الذي تشهده من مسك ... و تسائلت كيف لإمرأة أن تكون بمثل هذه القوة ؟!! ...
كانت تتوقع منها أن تبكي ... و كانت تحمل هم انفجار مسك بالبكاء جراء كلامها القاسي و هي لا تريد جرحها مطلقا .....
لكن على ما يبدو أن مسك الرافعي لا تعرف الجرح مطلقا .....
كيف لأمجد بكل طاقات العاطفة بداخله أن يتعامل مع تلك المرأة الحجرية ؟!! ......
تكلمت مسك أخيرا تتابع بصوتٍ أنيق و هي تهز كتفيها مبتسمة
( و عامة ..... هذه ليست نهاية العالم يا مهجة , الشرط ينص على الا يتزوج من أخرى و أنا على ذمته .... لذا لو أراد أمجد الحصول على طفل يمكنه أن يطلقني بمنتهى البساطة و أنا لن أقف في طريقه ... حتى أنني لم أضف مؤخر صداق كما لاحظتِ ....... أعتقد أنني بهذا الشكل عادلة جدا معه .... )
ابتسمت مهجة بسخرية مريرة و هي تقول يائسة
( أمجد لن يطلقك أبدا ....... من الواضح أنكِ لا تعرفينه حق المعرفة , أمجد رجل ... تربى على أن يكون رجلا لا يعرف الهرب أو الخيانة .... لن يخذلك مطلقا ...... و فوق هذا , من الواضح للأعمى أنه يحبك بصدق .... مما زاد من استحالة تركه لكِ , أنت لا تعرفين أمجد حين يكون عاشقا ..... )
كلام مهجة اليائس أربك مسك بشدة ...
عاشق !! ..... لا يقدم رجل على هذه التضحية , الا أن يكون عاشقا !! .....
عاشق لا يخذل .... لا يخون ..... لا يغادر ......
هل عادت من جديد الى تلك الأسطورة ؟!! ..... لا ... هي لا تريده عاشقا أبدا .....
أخذت مسك نفسا ثابتا قبل أن تجيب بصوتٍ لا يحمل مشاعر ...
( اذن ...... لن أستطيع مساعدتك في شيء يا مهجة , ربما كان عليكِ اقناع أخيك قبلا .... فهو من طلب الزواج مني , بل و ألح .... الحاحا كاد في بعض الأحيان أن يخنقني ...... وهو من عرض علي وضع الشرط .... و لا أظن أخيك من النوع الذي يستعرض البطولة كذبا ..... )
زمت مهجة شفتيها و قد فقدت القدرة على الرد ....
مسك الرافعي .... تمتلك من الغرور و الخيلاء , ما يجعل المرء عاجزا عن الكلام أمامها .....
تبا لها و لغرورها .......
و قبل أن تتكلم أي منهما , دخل أمجد الى المطبخ وهو يقول بمرح
( ما سر غيبابكما كل هذا الوقت ؟!! ..... افتقدتكما ...... )
و بكل وقاحة اقترب من مسك ليضم خصرها بذراعه قبل أن يحني وجهه و يقبل جبهتها برقة .... مما جعل جسدها يتسمر و يتلون و هي تتذكر ما حدث في شقتهما السفلية منذ ساعة .....
و فكرت في دفعه , الا أن مهجة تكلمت و قالت بمودة كاذبة
( من الواضح أنك افتقدت مسك ..... فماذا تريد من اختك المسكينة .؟! ...... )
نقل أمجد عينيه بينهما , الا أن مسك سارعت بالرد ضاحكة بعذوبة و هي تستند الى جسد أمجد بصورة لم يعهدها منها من قبل .... ثم قالت بدلال راقي
( أمجد يلاحقني من مكانٍ لآخر ..... من شقتنا الى شقتكم و حتى مطبخكم ..... هكذا هو دائما و أنا لا أمانع حقا ... )
لمعت عينا أمجد بعدم تصديق وهو يراها تتصرف بتلك الطريقة ..... فقال مبهورا
( سألزمك بكلامك هذا لاحقا ..... فاحذري ..... )
ارتبك كيانها أكثر , الا أنها استطاعت الحفاظ على ابتسامتها بأعجوبة ....
فتكلمت مهجة قائلة بصوتٍ خافت حزين .... لم تستطع اخفاء مشاعرها به , على العكس من مسك
( لا مكان لي هنا ..... سأترك لكما بعض الخصوصية ...... )
و دون كلمة اضافية , خرجت من المطبخ , و ما أن فعلت دفعته مسك بقوة و هي تقول من بين أسنانها
( ابتعد عني .......... )
الا أنها أجفلت بشدة و هي تسمع ضحكته العالية , وهو يكبل خصرها بكفيه رافضا تحريرها , ليقول بمرح
( والله كنت أعلم أنكِ تدعين ...... للحظة شككت أنكِ صادقة , فأوشكت على الإصابة بنوبة قلبية .... )
مطت مسك شفتيها بطريقة سمجة و هي تقول
( سخيف ..... سخيف جدا ..... ارفع يديك عني حالا ...... )
برقت عينا أمجد وهو ينظر اليها , غير مباليا بأمرها المتسلط .... ثم قال بصوتٍ خافت أجش
( و إن لم أفعل ؟! ............ )
لم تفكر مسك مرتين وهي تلتقط أول ما طالته يدها .... و كانت يد مقلاة , الا أنها لم تتوقف بل رفعتها عاليا و هي على أتم استعداد لضربه ..... الا أن مهجة عادت في تلك اللحظة حاملة عدة أكواب في كفيها ...
فوقفت مكانها و هي تنظر اليهما رافعة حاجبيها بذهول .... حيث كانت مسك بين ذراعي أمجد , الا أنها تمسك بمقلاة ترفعها عاليا ......
نظر كل من أمجد و مسك الى مهجة التي قالت بإضطراب دون أن تفقد ذهولها بعد
( عفوا ..... كنت أتابع رفع الأطباق عن المائدة , هل تحتاجان الى المزيد من الوقت ؟!! ..... )
لم يفقد أمجد هدوؤه وهو ينزع المقلاة عن يد مسك ليضعها مكانها قائلا بإبتسامة
( لا عليكِ , تصرفي في المطبخ كما تشائين ..... مسك , تحب اللعب دائما ....... نحن من سيخرج ... )
ثم أمسك بكف مسك ليجرها خلفه خارجا من المطبخ , بينما ظلت مهجة تراقب انصرافهما , قبل أن تنظر الى المقلاة الموضوعة على المائدة , ثم همست بخفوت
( تحب اللعب !! ......... )





يتبع

احلى روايه تجنننننن تيما وقاصي 😍😍😍😍

Moon roro 14-11-18 08:00 PM

باررررك الله فيك على الرووووواية الرائعة

Blackflower 15-11-18 11:21 PM

سلااام عليكم ورحمة الله وبركاته✨💛💛💛💛

Nada.ahmed 16-11-18 01:08 PM

جازررررري القراءة

Blackflower 16-11-18 03:25 PM

سلااااام عليكم✨💛💛💛💛💛💛

Blackflower 16-11-18 03:27 PM

سلااااام عليكم ورحمة الله وبركاته✨💛💛💛💛

Diacono 16-11-18 04:02 PM

😘👍😁💕😁😁👍😘👍👍😁💕💕😁👍👍😘😘👍😁💕💕😁👍😘👍😁💕📰🎁💕👍😘👍😁

Blackflower 16-11-18 04:10 PM

سلااااام عليكم✨💛💛💛💛💛💛

Sajedas 17-11-18 02:16 AM

رواية رائعة جدا


الساعة الآن 09:34 AM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.