آخر 10 مشاركات
442 - وضاعت الكلمات - آن ميثر ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          هفهفت دِردارة الجوى (الكاتـب : إسراء يسري - )           »          الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )           »          7- جرح السنين - شارلوت لامب - كنوز روايات أحلام قديمة (الكاتـب : Just Faith - )           »          602 - عودة الحب الى قلبي - كارول مورتيمر - ق.ع.د.ن *** (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          مواسم العشق والشوق (الكاتـب : samar hemdan - )           »          227- المبادلة العادلة - فاليري بارف - مدبولي (حصري على روايتي) (الكاتـب : Gege86 - )           »          27 - حبى المعذب - شريف شوقى (الكاتـب : * فوفو * - )           »          انتقام النمر الأسود (13) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          بحر الأسود (1) .. * متميزة ومكتملة * سلسلة سِباع آل تميم تزأر (الكاتـب : Aurora - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

Like Tree32Likes
موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-07-16, 01:40 AM   #371

الكونتيسة نسرينا
 
الصورة الرمزية الكونتيسة نسرينا

? العضوٌ??? » 310858
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 623
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » الكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond repute
افتراضي


بعض صور أبطال روايتنا















الكونتيسة نسرينا غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 04-07-16, 01:41 AM   #372

الكونتيسة نسرينا
 
الصورة الرمزية الكونتيسة نسرينا

? العضوٌ??? » 310858
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 623
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » الكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل 17


" مِن مُنطلق الفخر أستبيحُ ثناءَ الموهبةِ هُنا ، لكِن سُرعانَ ما ينقلبُ مزاجي من بهجَةٍ لشُرود يتدفقُ عبرَ أوردتي ليغمُرني بالشجَن ، ذلك الإحساسُ الذي يتفشَّى فيني والذي أنعتهُ بمُخرِّبِ اللحظاتِ السعيدة مُرتبطٌ بها وحدها ، تلكَ القصِيَّة ذاتُ النظراتِ الخاصَّة (ميرنتي) معبُودة نبضِي والكوكبَة التي يدُور حولها عالمِي بأكمله "
إياد(بتأمل في الصورة أمامه وشرود مع نفسه):- ما أجملكِ يا ميرنتي ، محظُوظ أنا لأنني حظيت بشرف هذه الصورة الأخاذة ، وغير متذمر بشأن الوقت والليالي الطوال التي قضيتها في تنسيقها لأنها تستحق فعلا أن تمجد وتكون ضمن مفضلتي ..
ميرنا(وقفت بجانبه تتأملها):- كفى غرورا يا مغرور ..
إياد(بدون أن يلتفت لها):- أظنني أستحق الإشادة !
ميرنا(كتفت يديها):- فقط سؤال يشغل قوقعة عقلي ، متى التقطت هذه الصورة لا أستطيع تذكرها بالمرة ؟
إياد(ناظرها بطرف عين وعاد ليناظر الصورة):- في اليوم الذي أخذتكِ فيه بجولة أنتِ ووصال وكوثر
ميرنا(عقدت حاجبيها لتتذكر):- آه يوم الرحلة كان ذلك بالصيف الماضي ، كيف احتفظت بها طوال هذا الوقت ؟
إياد:- هه أساسا من وقتها وأنا أعمل عليها يعني لنقل ما يقارب الخمسة أشهر
ميرنا(جحظت ببسمة):- واووو كل هذا لأجلي فعلا إنك لصديق بحق وفنان بحق
إياد:- أرأيتِ ههه .. أتعلمين أشعر برغبة في اختطافك والهرب ، صديقكِ قد تعب و يدي تؤلمني قليلا
ميرنا(اختفت بسمتها ولامست كتفه بهدوء):- أحقا هي تؤلمك ، طيب لنغادر فورا فورا للبيت كي ترتاح أساسا لحظات وينتهي الحفل ..
إياد(نظر حوله):- طيب دعيني ألقي بكلمة شكر وبعدها ننسحب كلنا ، لأنني أعرف فارسكِ لن يرضى بانسحابنا منفردين
ميرنا(أشارت له ليتحرك):- هيا لا تبالغ وائل لطيف
إياد:- وائل لطيف وأنا ابن الحية السوداء الله يصبرني عليكِ ، اقبعي هنا عائد لكِ
ميرنا:- هههه أنتظرك
ألقى إياد كلمته وشكر كل الحضور وأتمم الصحافة عملهم وكانوا أول من انسحب من المعرض ، لحقهم بعض الضيوف ثم ميرا وشهاب اللذين لوحا للكل وقاموا بدعوتهم لحفل خطوبتهما بداية الشهر المقبل ، وطبعا هذا فقط كي يتبججا بذلك أمام الحضور لأنهما سيحرصان على إرسال دعوة خاصة لكل منهم كتذكير لصنيعهما الذي لا يغفل عنه عقل أي واحد منهم ، بعدهما غادر فؤاد لكن قبل ذلك أخذ موعدا من نور ودينا بأن يلتقي بهما في مول الأطفال ظهيرة الغد وهذا ما أثلج صدره وجعله يغادر المعرض بقلب سعيد .. أما فريد فقد غادر وهو متوجس بعض الشيء فكلما كان يناظر مرام كان يوجعه قلبه لما حلَّ بها وبه من مصائب لا يدرون منها شيئا وإن هو أفصح عنها ستخرب الدنيا ، لذلك آثر الصمت والبقاء قرب حبيبته قبل أن يحرموه منها ..وبالنسبة لنادر الذي وجد رفقة نهال رعاية ودية ومودة طيبة نظرا لذكائها وفكرها النبيه ، فلم يبخل بنصائحه وإرشاداته التي قد تفيدها في دراستها وفي الحياة بشكل مجمل، هي الأخرى قد استشعرت راحة أبوية معه فصديق مثله لا يمكن أن يفرط به المرء لذلك غادرت رفقة عماتها نور ومرام نحو البيت والبسمة لم ترافق ملامحها .. تبقت رقية التي سحبت أنفاسها المنتحرة في مقصلة انتظار قلب إياد وهذه المهمة بحد ذاتها يلزمها صبر أيوب ، فلا إياد على استعداد الآن ولا الأقدار ستنصفها في تلك الفترة ، لهذا غادرت هي الأخرى رفقة نادر بسيارته التي أصبحت في متناول يده .. تبقى زياد الذي أقل كوثر رفقته لبيتها عند العم عبد المالك فلقد عسكرت ببيت ميرنا هذا الأسبوع واشتاقا لبعضهما بعضا ، وأثناء طريقهما تواعدا على أن يفتتح زياد موضوعهما رفقة أهله في الأجازة المقبلة التي سيزورونه بها … أما وائل فلقد كان له نصيب اصطحاب ميرنا وإياد للبيت بسيارته وطوال الطريق لم ينبس إياد ببنت شفة في حين كانت ميرنا تستذكر كل لحظات المعرض وتتفحص الصور بهاتفها وأهمها صورة المرأة الشمس التي لن تسكت عن مديحها حتى تصل للبيت هذا إن أحست على دمها وسكتت ….
وائل(صف عند باب بيتهم):- ها قد وصلنا ..
إياد(صافحه بمودة وأمسك باقة الورد بيده):- أشكرك جدا وائل على التوصيلة ، ليلة سعيدة
وائل:-على الرحب والسعة
إياد:- سأسبقكِ ميرنا لأعطي هذه لسيدات البيت أكيد هن بانتظارنا
ميرنا(نزلت أيضا):- تفضل أنا قادمة ..
وائل(نزل هو الآخر وراقب إياد لحين وُلوجه للبيت):- هل أنتِ سعيدة ؟
ميرنا(اقتربت منه ولاعبت ربطة عنقه):- سعادة لا تتخيلها حتى
وائل(قبل جبينها ومسح على خدها):- وأنا سعيد لسعادتكِ يا عسل غروبي ، هيا أدلفي للبيت فالجو بارد هنا سأكلمكِ غدا
ميرنا(ابتسمت له بمحبة):- طيب سأنتظر اتصالك بي حبيبي ، انتبه لنفسك
وائل(ابتسم وهو يدخل سيارته):- حسن عزيزتي وأنتِ أيضا ..
لوحت له بيديها حتى ابتعد بسيارته عن شارعهم ، مسحت على كتفيها بحرارة ودخلت للبيت مباشرة ، وجدت الكل يسلم ويهنأ إياد بالصالون
عفاف(تضع باقة الورد بزهرية مناسبة):- ما شاء الله عليك يا إياد ربي ييسر لك كل أمورك
إياد:- تسلموا يا جماعة والله فرحتي بفرحتكم لا تضاهى
مديحة:- ولو يا كبد خالتك نحن فخورات بك وبإنجازاتك الله يباركلنا فيك
إياد(قبل جبينها):- ويخليكم لي .. أنتم أساسا أسرتي التي تفرح لفرحي وتحزن لحزني لولاكم لما استطعمت شيئا في حياتي ، شكرا لكم من صميم قلبي
عواطف(دمعت عيناها وعانقته):- ولو يا ولد أنت ابننا وفرد من هذه العائلة
نور:- وأصدق رجل عرفته في حياتي ههه ، يعني يمكن أن أغير نظرتي في الجميع إلا بك
إياد:- اعتراف خطير سأحتفظ به ست نور هههه
دينا(بخجل ركضت إليه وعانقته):- وأنا أحبك
نور:- الله الله الحقوا وشوفو بنتي ههههه
نهال:- محظوظة بك يا وسييييم
إياد(تأملهن جميعا بحب):- هههههه حقا محظوظ بكنُّ أنا
ميرنا:- ماما خالتي عفاااااااف .. أتريدون رؤية صورتي الرئيسية ؟
عفاف(هرولت إليها):- أنا الأولى منذ الصباح وأنا أنتظر رؤيتها ، آه حتى رنيم اتصلت واعتذرت منك على عدم الحضور يا إياد سجى حرارتها ارتفعت قليلا واضطروا للبقاء معها ، لكنها طلبت إرسال كل الصور لها عبر هاتفها
مرام:- ههه اعتمدي علي بهذا سأوافيها بكل جديد ، وستتفاجئون بقمة الإبداع
مديحة:- والله .. طيب أروني حرام عليكم ، أهلكني الفضول..
مرام(أخرجت هاتفها):- تعالي خالتي لدي صور أيضا
إياد:- طيب يا حلوين .. إياد سينسحب تعبت اليوم وأحتاج لقسط من النوم
عواطف:- تفضل يا عزيزي تصبح على خير..
ميرنا(لوحت له):- إن أردت شيئا نادي علي
إياد(تثاءب بتعب):- لالا سأنام من فوري ، أشكركِ يا شمس
ميرنا:- ههه طيب يا مجنون ..
ابتسم لهن وللهفتهن في مشاهدة إنجازاته ، وعلى ذلك صعد لغرفته وتركهن يطالعن معرضه من خلال الصور التي التقطنها كل من نهال ومرام وميرنا ، قضى الكل تلك الدقائق في مرح وأعجبوا بما أنجز .. وبعد ذلك
نور(وضعت يديها على خصرها):- قلت إلى النوم هيا يا بنت أمامي ، تصبحون على خير
مديحة:- وأنتِ من أهله
مرام:- أيضا سأنسحب سلاموووو
نهال:- وأنا وأنا سأعانق أحلامي
عفاف:- تغطي جيدا نهال ، أنا سأرى جدتي نبيلة قليلا وبعدها أنسحب للنوم أيضا
عواطف:- طيب يا بنات ..
ميرنا(بقيت جالسة معهما):- بما أن الكل قد ذهب يجدر بي إخباركما أن ميرا وشهاب كانا بالحفل أيضا ، لا أدري كيف ولكنها قالت أن حضورهما كان من أجل الدعاية يعني كأول ظهور لهما بصفة رسمية
مديحة:- حمم لا تتذمري يا عواطف ، ما ربما كان خيرا لها
عواطف(ابتلعت غصة مسننة):- خيرا لها ؟؟ كلاهما أضرب من بعضهما فكيف سيكونان أسرة هذا إن تم ذلك وفق ما تتداوله الصحف والمجلات
مديحة:- بصراحة أنا أيضا لا أثق به
عواطف:- ولا بها ، من المفترض أن يُبقيا هذه المهزلة في نطاق ضيق للحد منها ، لا أن يعلناها بخطبة رسمية وحفلة لا أدري ما الغاية منها حتى
ميرنا:- وجهيات يا ماما ، ميرا فنانة مشهورة وهذا أقل شيء قد تفعله كي تتجنب الوقوع في بوتقة النزاهة الفنية ، ستتضرر إن تم نفي الأمر والحمدلله شهاب لم يكن بتلك النذالة ولم يتخلى عنها في هكذا ظرف ..
مديحة:- وهذا ما أستغربه حتما ، لما قد يفعل هذا ؟
ميرنا(بتمعن وشرود):- ربما وجد هو الآخر ما يناسبه
عواطف(صغرت عينيها وهزت رأسها):- كل هذا مفبرك ، أنا غير مقتنعة
ميرنا(أمسكت هاتفها وحقيبتها واستقامت):- والله يا أمي هذا ما قد جد ، آه ستبعث دعوات لحفل الخطبة مؤكد لن نفلت مناسبة مهمة كهذه
عواطف(جحظت بعينيها):- هئئئئئئئ أجننتِ ؟؟؟
ميرنا(قبلت وجنتها):- لابد وأن نمضي في هذه الكذبة يا أمي الحبيبة ، عموما لا تشغلي بالكِ لا يزال أمامنا متسع من الوقت ، هيا أراكما غدا ليلة سعيدة
مديحة(بقلة حيلة):- طيب ليلتكِ سعيدة أيضا
عواطف(تابعتها حتى صعدت الدرج):- هل سمعتها .. مديحة ما الذي يحدث لبناتي إنني أكاد أتعرف عليهن ؟
مديحة(ربتت على كتف أختها):- بيني بينكِ الموضوع شائك وحبذا لو أننا لا نتطرق له الآن يعني كما يقول المثل لا تسبق الهم بليلة ، لندع الأمور تتبلور لوحدها وحينها نرى ما قد نفعل
عواطف(نهضت وهي تضرب كفا بكف):- أقسم أنني قليلا بعد وسوف أنفي نفسي بعيدا عن هذا البيت ، هذا ما ينقص أن أحضر لخطوبة مزيفة ههه والله عال …
مديحة(لحقتها هي الأخرى):- ههه سترك يا رب ..
دخلت ميرنا لغرفتها وهي تزفر أنفاسا عميقة ، ببسمة لم تفارق محياها فالليلة كانت ذات لحظات جميلة لن تنساها أبدا .. أزالت كعبها برفق ووضعت حقيبتها بشرود على سطح مكتبها أما هاتفها فقد وضعته على منضدتها التي جلست قبالتها ، وشرعت تزيل حلقها وسوارها والخاتم الأسود الذي ارتدته كتكملة لإكسسوار الفستان ، أزالت حتى مشبك شعرها الأسود ووضعته برفق في علبته الخاصة ، ونظرت لنفسها بشرود وهي تلامس شعرها ووجهها بتأمل لحظي ..
ميرنا(بصوت ناعم):- يااااي أشعر بالبهجة تغمرني ، شعور لا مثيل له أرجو فقط ألا أستيقظ منه إنه كما غيمة وردية تحملني معها لدنيا الأمان والطمأنينة ، امممم ما أجمله !
ابتسمت مرات عديدة وهي تجهز نفسها لأخذ حمام منعش يغرقها في بحر السعادة ، جلست وسط مغطسها تضم رجليها إليها وترفع شعرها بملقط خاص كي لا يتبلل بالماء ، وبدأت تدندن وتلعب بفقاعات الصابون الملتفة حولها ، لحين فتحت عينيها بعد استكانة لم تدم سوى لحظات
ميرنا(بفزع):- يا إلهي لقد تناسيت تماما أمر غد ، كيف سأحضر السباق وقد وعدت وائل أن نخرج سوية بما أنه يوم أجازة لكلينا يا إلهي ، كيف سأدبر الأمر حتى كوثر لم أخبرها بشيء والأدهى كيف سأغادر البيت والمحقق كونان قابع بجواري في الغرفة المقابلة تتتتت.. تبا كيف لم تفكري بهذا يا ميرناااا ؟
تنهدت عميقا وبدأ التوتر يفعل فعلته بعقلها ، أصابتها الحيرة لوهلة قبل أن تجد سبيلا ينجدها من هذا المأزق وطبعا لن يكون سندها سوى زرقاء العينين ^^
ارتدت بسرعة برنس الحمام الخاص في اللون الرمادي ، وخرجت لغرفتها وطلبت رقمها وانتظرت قليلا ثم كثيرا ثم هاه أخيرا ردت
كوثر(رفعت حاجب الضوء من على عينيها وناظرت الرقم بصعوبة):- يعني حرام عليكم حرام أسبوع بأكمله وجهكِ بوجهي ، والليلة التي قررت فيها العودة لبيتي تزعجينني في هذا الوقت ماذا تريدين هل اشتقت لي ؟؟؟
ميرنا(مطت شفتيها):- كوكو ..أحتاج خدمة منكِ ؟
كوثر(فتحت عينيها باهتمام):- الله يسمعنا خير يختي هاااه بما سأساعدكِ ؟
ميرنا:- أحتاج لحجة غياب ولن ينفعني سواكِ، لا بخصوص إياد ولا بخصوص وائل
كوثر:- مهلكِ علي ، حجة غياب لأجل ماذا لم تخبريني بشيء ؟
ميرنا(تنهدت عميقا ونظرت لنفسها عبر المرآة):- غدا سأتواجد في مكان لا يجب علي أن أطأه ، لكن هناك أسباب تجعلني أغامر لذلك أيا كان من سيسألكِ عني قولي بأنني رفقتكِ واصطنعي أي كذبة… كوثر أنا أحتاج لهذا اليوم بشدة
كوثر:- طيب طيب ساعة ساعتين كم سأغطي على غيابك من باب العلم بالشيء فقط ؟
ميرنا(رمشت بعينيها بدعابة وهي تنتظر صواعق كوثرية):- طوال اليوم
كوثر(انتفضت بهلع):- الله الله وأين ستذهبين اليوم بطوله حضرتكِ هاه ؟
ميرنا:- لن يسعني إخباركِ يا كوثر ، لكن ثقي بي الأمر مهم جدا لي لولا ذلك ما لجأت لكِ فهل ستتخلين عني في شدتي ؟
كوثر:- أكيد لاء وهل أنا حقيرة لتلك الدرجة ، لكنني أريد أن أرضي فضولي فقط
ميرنا:- أكيد سنرضي سيد فضولك لكن بعد عودتي ، فهل أعتمد عليكِ ؟
كوثر:- طبعا يا مجنونة اعتبري الأمر منجزا ، لكن بشرط انتبهي ولا تعرضي نفسكِ للمخاطر ، أعرفكِ حين تشتد بكِ نزعة المغامرة
ميرنا:- ههه لا تقلقي سأكون بخير ، تسلميلي يا أروع صديقة سأرد لكِ الخدمة ذات يوم
كوثر(تثاءبت):- طيب يا ستي والآن دعيني أغفو لقد أقلقتِ مضجعي ، سلملم
ميرنا(بارتياح):- سلام …. هفف ها قد ارتحت الآن لم يتبقى لي سوى إقناع البقية بمغادرتي وهذا أسهل بكثير …
تمطت محلها ببرنس الحمام وتوجهت صوب دولابها لتخرج ثوبا للنوم ، ولكن سمعت صوت أحدهم ينزل من درج السطح وهنا فتحت عينيها على وسعهما ، إذ لا يعقل أن يكون المجنون حكيم مجددا .. عقدت رباط برنسها جيدا وفتحت باب غرفتها بهدوء وأطلت برأسها لم تجد شيئا وحين قررت العودة لمحته قادما من هناك ، وهنا فتحت فاهها باستغراب
ميرنا:- ما الذي كنت تفعله بالسطح ؟
إياد(تلعثم حين رآها ونظر خلفه بسرعة ثم ابتسم وهو يقترب منها):- أردت استنشاق بعض الهواء فقط
ميرنا(كتفت يديها):- استنشاق بعض الهواء ، اعتقدتك نائما لقد كنت مثل السكران من فرط التعب لأفاجئ بك بالسطح تستجم ، هممم أحوالك غريبة يا ولد تعال معي إلى غرفتك يجدر بي ألا أغفل عنك ولا لحظة
إياد(نظر إليها بتمعن وهي تمسك يده):- حسن لا تقلقي
ميرنا(توقفت قبل أن تفتح باب غرفته):- أنظر يدك باردة و..دعني أرى حتى وجهك بارد لا يجب أن تصعد ثم لم تغير حتى طقمك يا إلهي
إياد(لم يقوى على التفوه بكلمة فقد قوس عينيه وأخذ يراقبها):- هممم
ميرنا(أدخلته لغرفته وتوجهت للدولاب كي تخرج ما يرتديه):- إن مراقبتك من الآن فصاعدا حتمية لأنك طائش لا تبالي بصحتك ، لا والجميل أنك تريد العودة لشقتك ساعتها سأجدك مثلجا على صفيحة شرفتك من شدة التأمل الذي بات هاجسك في الآونة الأخيرة ، فهمنا فهمنا أنك فنان ولكل فنانة نزعة مجنونة في التأمل لكن ليس لدرجة أن تهمل نفسك أنت لا زلت مريضا
إياد(مال برأسه وهو يراقبها بحرص وهي تنسق بين ما سيرتديه):- لكنني كنت س..
ميرنا(وضعت قميصا بنيا وبنطلونا بيتي في اللون الأسود):- خذ ارتدي هذين ولكن قبل ذلك دعني أساعدك في نزع سترتك هيا ..
إياد(باندهاش أغمض عينيه وفتحهما على عطرها ونظراتها الدقيقة):- لا بأس يمكنني الاعتماد على نفسي
ميرنا(اقتربت منه وفتحت ربطة عنقه):- اعتقدت بأنك ستتخلص منها أول شيء لكرهك لها
إياد:- أ.. نسيت أمرها
ميرنا(رمت بها على السرير وفتحت أزرار سترته بسرعة):- أعلم يا روحي ، فأنت كنت فاقدا لرشدك منتشيا بنجاح معرضك
إياد(تنهد بعمق وهو يحاول أن يتهرب منها):- طيب ميرنا دعيني أكمل وحدي
ميرنا(بإصرار ساعدته على نزع سترته وعلقتها بعمودها المخصص وعادت إليه):- ولو لن أدعك حتى تغفو أمام عيني ، لا ثقة فيك
إياد(أمسك بيدها حين همت بفتح الزر الثالث من قميصه الأبيض وجذبها إليه):- توقفي
ميرنا(ارتبكت من حركته ونظرت إليه):- ما بك ؟
إياد(ابتلع ريقه غير قادر على مقاومتها وولاها ظهره):- يعني .. سأكمل بنفسي غادري فحسب
ميرنا(لامست كتفه وأطلت عليه):- هل تشعر بالألم ؟
إياد(ضحك من بين غبنه):- لما أنتِ بريئة بهذا الشكل ؟
ميرنا(باندهاش رفعت حاجبيها وتصلبت محلها):- ما قصدك يعني .. لم أفهم ؟
إياد(بتعب زفر عميقا وبجنون):- يعني هكذا هكذا يا ميرنا ، لما أنتِ شفافة لهذه الدرجة يعني .. أنتِ تتعبينني !..
ميرنا(صعقت من جوابه واقتربت منه خطوة واللهفة تغزو عينيها):- أتعبك هل آذيتك ، أو أزعجتك آسفة ولكنني أردت مساعدتك فقط و
إياد(مسح على رأسه بعصبية وهو مغمض عينيه ولم يستطع تمالك نفسه):- فقط توقفي وغادري غرفتي هذا كل ما أريده .. الآن ميرنااااااااااا
ميرنا(رمشت بعينيها والدموع قد غمرتهما):- تت ..لن أغادر ! يعني ما الذي بدر مني حتى جعلك تتعصب هكذا ، ثم أنت أصبحت عصبيا جدا هذه الفترة هل هل عدت للتدخين ؟
إياد(حرك رأسه بتعب وابتعد عنها ليقف مقابل النافذة):- لا شأن لكِ
ميرنا(عقدت حاجبيها واقتربت من سترته رفعتها إلى حضنها ونظرت إليه):- كنت تدخن بالسطح هذا ما كنت تفعله وكذبت علي باستجمامك الواهي
إياد(بنظرة مصغرة في الزجاج الذي كان يعكس صورتها خلفه، مال برقبته من الجانب وبرقت عيناه بشراسة):- أنتِ التي لم تشائي المغادرة إذن … اعذريني
صعقت فيه حين توجه صوب باب غرفته وأقفلها بالمفتاح واستدار إليها ،أغمض عينيه يصارع مشاعره المرة تلو المرة لكنه لم يفلح ، ما إن فتحهما حتى شاهد أمامه المرأة التي لطالما سكنت عقله وكان لها مفعول السحر عليه .. استغربت تصرفاته وعادت أدراجها للخلف بحيث كان يقترب منها بشكل مريب
ميرنا:- لما تتصرف على هذا النحو إياد .. يعني إن كنت تريد إخافتي فلقد فلحت بذلك
إياد(سحب نفسا عميقا بجهد جهيد وخطا خطوتين إليها حتى أجبرها على الجلوس خلفها بالسرير):- ميرناااا
ميرنا(بتوجس منه ومن حركاته أخفضت رأسها):- ماذا ؟
إياد(أزال ملقط شعرها ورماه خلفه بإهمال ومسح على شعرها الذي انفرج كإشراقة شمس بحنان وجذبه إليه وأخذ يشتم خصلاتها بشكل سادي):- رفقا بي …
ميرنا(نظرت إليه بطرف عين وهي تعقد حاجبيها):- لقد فهمت الآن ، أنت منزعج مني بسبب موضوع وائل صح ؟
إياد(حول عينيه بتعب):- يفضل ألا تتطرقي لذلك الموضوع الآن ، لا تستفزيني أكثر
ميرنا(استقامت متجاوزة إياه):- أستفزك هه ، أنا ذاهبة للنوم لقد نجحت في إرعابي ولكن هذا شيء لن أنساه لك حتما همممم
إياد(رمقها وهي تعبر بجانبه متوجهة صوب الباب ولحقها بسرعة):- مهلا
ميرنا(كتفت يديها واستدارت إليه بثقل لكنه فاجئها حين أحاطها بيديه ودفعها لصدره):- هئ
إياد(شعر بألم في قلبه وأغمض عينيه بشدة ونفث بلؤم):- لو أنكِ فقط تدركين ..
ميرنا(تشنجت من حركته ولم تحرك ساكنا):- إياد .. ما الذي يحدث لك انتبه أنت هكذا تؤلم يدك يا إياد اسمعني … ؟
إياد(رمش بعينيه وهو يلامس حركة يديها على خديه وخوفها البادي عليه):- ميرنااا
ميرنا(أرجحت أنه بسبب إصابته ربما يتصرف على ذلك النحو):- لا بأس سوف تأخذ قسطا من النوم وتكون بخير
إياد(اغرورقت عيناه بالأسى ولامس خدها):- اذهبي يا ميرنا
ميرنا(حركت له رأسها بالإيجاب ولكنه لم يفلتها):- طيب دعني
إياد(كان مثل الثمل بملامحها بحركاتها بعطرها بأنفاسها لم يقدر على أن يفلت هذه الفرصة ، لذلك انحنى لوجنتها وطبع قبلة حارة):- يوما ما ستعرفين بأنني فعلت لأجلكِ ما لم يفعله أحد
ميرنا(زادت حيرتها وأمسكت على قلبها):- لالالا أنت لست على سجيتك حتى أكاد أجزم أنك شخص آخر لا أعرفه ، عودتك للتدخين وحالتك الآن كله غريب ولن أحلله الآن لقد تعبت لنا حديث في ما بعد ، سلام
رآها وهي تغادره بغضب وعصبية ومسح على شعره والغيظ يفتك به ، أغلق الباب خلفها بنرفزة وأخذ يدور في الغرفة بحركة جنونية لحين مثل أمام مرآته مستندا بيديه على المنضدة
إياد:- ميرنا ميرنا ميرنااااا …… أنتِ تقتلينني دون أن تشعري لما لست أناااا ؟؟؟
برقت عيناه بشرر مختلف النظير وهو يراقب نفسه بالمرآة ، في حالة مجنونة لا صلة لها بتصرفات إياد المعهودة مطلقا .. في حين هي ولجت غرفتها وقلبها ينتفض بغضب حركاته لم تعجبها وتصرفاته بالمجمل تنم على تصرفات شخص ليس بوعيه ، تضخم الرفض في صدرها وتوجهت لترتدي فستانها فعلى الأرجح يجب عليها أن تراعي تصرفاتها هي الأخرى من الآن فصاعدا ….

في صباح اليوم التالي
لم يكن ليفلت فرصة سماع صوتها منذ الصباح الباكر ، فقد قرر أن يبدأه بسيرة ميرنا وروح ميرنا وصوت ميرنا .. لذا نهض من طاولة فطوره بعد أن تجرع بضع جرعات من عصيره وأمسك هاتفه وسيلته الوحيدة كي يشحن قلبه بما يتمنى .. في تلك اللحظة تمطت هي في فراشها قليلا قبل أن تستدير ناحية منضدتها الجانبية وتمسك هاتفها بثقل ، فتحت عينيها وناظرت الرقم ثم أغلقتهما ولثانية كذبت نفسها لكن لا فالرقم نفسه ، لذا حكت عينها وردت
ميرنا(بثقل):- هممم
حكيم(بحماس ونشاط):- هيا يا كسولة يفترض بأن تكوني مستيقظة ومتحمسة للقائي
ميرنا:- والله ؟؟ .. يا ليتني في مثل حماستك سيد حكيم لكنت أرحتني من لمحة التردد التي تجعلني أفكر في أن أضرب بوعدي عرض الحائط وأنقلب للجانب الآخر كي أغفو من جديد
حكيم(بلهفة):- إياكِ .. ميرنا اليوم مهم جدا بالنسبة لي فأرجوكِ لا تخذليني
ميرنا(عقدت حاجبيها):- أنت تعلم أن حضوري من أجل معرفة صحة ما تزعمه ، وليس لمناظرة خيول وسباق يشعرني بالملل والضجر
حكيم(رفع حاجبه):- أنا متأكد من أنكِ مهتمة ، ستغيرين رأيكِ حين تجلسين على كرسي الجمهور وتراقبينني وصافيور ، ميرنا أنتِ ومذ طفولتكِ تعشقين الأحصنة والعصافير
ميرنا(مسحت خلف عنقها وهي تجلس على سريرها):- متى علي أن أحضر ؟
حكيم(نظر لساعة يده):- أمامكِ ساعتين فقط لا تتأخري ،أريد أن أراكِ قبل أن يبدأ السباق ستجدين حجزا باسمكِ كمشجعة لحصاني المنقذ
ميرنا:- طيب ما الاسم المستعار الذي اتخذته حضرتك هذه المرة ؟
حكيم(بنبرة شغوفة):- طارق ..
ميرنا(قوست عينيها بحنين لأخيها طارق وشعرت بالحب القديم نحوهما):- لن أتأخر ..
حكيم(ابتسم بمحبة):-سأكون بانتظاركِ عصفورتي ..
أقفلتِ الخط وشردت في طيف حكيم وطارق وهي صغيرة ،لكن سرعان ما نفضت تلك الأفكار كي لا تدخل في خانة التفكير التي ترغمها قسرا على البكاء ، جهزت نفسها كما يجب وارتدت بنطلونا أسودا في الثوب الجلدي وفوقه سترة في اللون الزهري الداكن وتحتها قميص شفاف بدرجة زهرية فاتحة تصلان حد الخصر ، أما شعرها فقد تركته مفرودا وعدلت ماكياجا خفيفا وتعطرت ، ثم حملت حقيبتها وأمسكت بهاتفها الذي حاولت الاتصال منه لكنها غيرت رأيها لحين تخرج من البيت ، نزلت مباشرة للأسفل وجدت مديحة وعواطف لا تزالان تحضران الفطور لآل البيت
عواطف(باستغراب):- ما الذي أيقظكِ باكرا في يوم إجازتكِ عزيزتي ؟
مديحة:- وإلى أين ذاهبة ؟
ميرنا(نظرت إليهما بتمعن وهي تجذب كرسيا):- قبل الإجابة أحتاج قهوة بالحليب لأعدل مزاجي الصباحي ، وغير ذلك أ… لدي موعد مع كوثر سنذهب لنسجل بصالة نسائية للرياضة
مديحة:- أهااااه جميل جدا ، خطوة جميلة ميرنا للحفاظ على اللياقة البدنية وددت لو ذهبت معكما أيضا لكن لا بأس البركة فيكن ههه
ميرنا(حركت حاجبيها آخخخ يا خالتي لو تعلمين إلى أين ذاهبة لنتفتِ شعري المسكين شعرة شعرة ^^):- ههه أكيد
عواطف(قدمت لها فنجان القهوة):- طيب يا حبيبتي وفقكما الله
ميرنا(شربت بضع رشفات واستقامت وهي تمسح فمها بالمنديل):- يجدر علي الذهاب الآن قبل أن أتأخر ، يعني تعرفان كوثر ومواعيدها آه سوف أقضي النهار كله معها لدينا تسوق وترتيبات أخرى يعني إياد بأمانتكم هاه لا تنسوا دواءه
عواطف:- وهل ستوصينا بابننا اذهبي أنتِ فقط واستمتعي بوقتك
ميرنا(زفرت بعمق):- والله لا أدري إن كنت سأستمتع أم … هننن باي
لوحت لهما ببسمة مصطنعة وغادرت البيت وهي تضع نظاراتها الشمسية وأول سيارة أجرة مرت بها استقلتها واتجهت صوب ميدان السباق ..
ميرنا(مصت شفتيها وهي تتنهد بعمق والهاتف بأذنها):- هل أيقظتك ؟
وائل(عقد حاجبيه وهو ينظر للساعة بجانبه):- حبي واتصالها الباكر ..ههه هل كنتِ تحلمين بي ؟
ميرنا(وهي تلف خصلة من شعرها):- وهل هذا يعني لك شيئا ؟
وائل:- أكيد يا روحي إنه يعني لي الكثير، صباح الحب
ميرنا(عضعضت شفتيها):- صباح الورد..أ.. وائل
وائل:- هاه أين أنتِ كي آتيكِ لنخرج سوية كما اتفقنا ، سآخذكِ لمكان ساحر سيعجبكِ
ميرنا(شعرت بالوجع لكذبها عليه):- لأجل هذا اتصلت بك ، بصراحة لقد طلبت مني كوثر أن أرافقها في بيتها اليوم يعني لديها عدة مشاغل تحتاجني بها ، كما أن والدها سيقوم بدعوة أصدقائه ويجدر بي مساعدتها لكي نعد لهم ما يتناولونه يعني الأنترنيت سيفيدنا أكثر ..
وائل(بتذمر خفي):- أهاااه اعتقدت بأنني سأحظى بمرافقتكِ اليوم كما تمنيت ،همم طيب يا ميرنا لا بأس أتفهم الأمر خذي جام راحتك سألقاكِ غدا بالشركة إذن
ميرنا(بأسف):-آسفة منك لكن هو ظرف طارئ وعلي الوقوف بجانبها ، سوف أعوضك أكيد
وائل(هز رأسه بتعب ورمى به على الوسادة بخيبة وخذلان):- لا مشكلة حبيبتي المهم أن تكوني بخير
ميرنا:- شكرا يا أروع حبيب ..انتبه لنفسك
وائل(بمودة):- وأنتِ أيضا … / هممم خسارة لكن لا بأس سنرى ما قد نفعله هذا اليوم
نهض هو الآخر وأخذ حماما خفيفا وغادره صوب المطبخ وجد العم نزار يعد الفطور ، بينما نادر لا يزال نائما فتوجه إليه مباشرة
وائل:- هييييه يا سيد نادر اليوم آخر يوم راحة غدا ستباشر العمل لقد أصبحت مثل البالون
نادر(وهو يعانق وسادته):- أنا بالون يا فقاعة الصابون ؟؟
وائل(رمى بنفسه بجانبه):-انهض يا رجل آخر يوم في أجازتك عليك أن تستغله كما يجب
نادر(انتفض بحماس):- ألن تلتقي بعسل غروبك اليوم ؟
وائل:-لا لديها أشغال يعني أنا متفرغ لحضرتك اليوم
نادر(قفز محله):- الله أكبر ، هذا يعني أنك سترافقني للنادي صح ؟
وائل:-إن أردت ذلك
نادر:-أوووووه ستختم أجمل نهاية أجازة بعقلي يا رجل، هيا ثواني آخذ حمامي ونذهب بعد الفطور لن أتأخر
وائل:- ههه أوك بانتظارك
نزار:-الجرائد يا وائل ؟
وائل:- أنا قادم لأطالعها عمو نزار
نادر(أمسك فوطته وزوره شزرا):- الناس تقول صباح الخير
نزار(رفع حاجبه بتأفف):- تقولها للناس الطيبين وليس للأشرار
نادر:-هاه إشهد يا وائل أنا أحاول فتح باب حوار لطيف معه لكن يأبى
وائل:-توقفا توقفا رجاء أشتهي يوما واحدا لا أراكما فيه مثل القط والفأر
نادر:- عموما غدا سأعود لشقتي فاسرح وامرح هنا سيد نزار على سجيتك
نزار(بفرح):- لو كان بإمكاني لوزعت مشروبات فرحا بالمناسبة
نادر(بحنق لم يجبه ودلف للحمام):-أستغفر الله
وائل(توجه صوب نزار وغادرا معا غرفة نادر):- يعني ألا تستطيع أن تكون لطيفا لسويعات بسيطة سيغادرنا المسكين
نزار:- والله خير وبركة لقد خلَّل هنا وما عاد له نفع
وائل(حرك رأسه بدون فائدة فيه):- يا إلهي منك يا رجل أنت لا ترحم لا ترحم ….
بعد فترة بسيطة كانا يجلسان معا على نفس الطاولة يتناولان فطورهما بهدوء
نادر:-دعني أتصل بالسائس ليحضر لنا بعض الأحصنة ،اليوم الأحد والنادي يكون ممتلئا في يوم كهذا
وائل(شرب من قهوته):- أوك تفضل
نادر(رن رقما كان بحافظة هاتفه):- هممم ألو نعم معك نادر الرَّشيدي أجل الكابتن هه ، اسمعني أريد منك حجز حصانين لي ولصديقي وائل رشوان سوف نمر بكم بعد برهة ، أهااااه حقا لا لا لم يخبرنا أحد طيب ألا تعلم أين سيكون ذلك السباق؟ جميل جميل لا طبعا نحن مهتمون هل لك أن تمدني بالعنوان سوف نحضره لا محالة شكرا شكرا لك ، حسن بانتظارك تحياتي لك
وائل(بعدم فهم):- سباق ماذا ؟
نادر(برقت عيناه):- إحزر ماذا ؟ سنحضر سباق فروسية هذا اليوم يااااااه أنا متحمس هيا هيا لنبدل هذه الثياب بما يناسب فاليوم يوم سعدنا
وائل:- مهلا عن أي سباق تتحدث أنا لا أفهم منك شيئا ؟
نادر(تأبط ذراعه):-تعال تعال وسأشرح لك كل شيء بروية ههه
لم يفهم منه وائل شيئا فقط سايره فقد كان مجبرا ، في ذلك الوقت كانت ميرنا قد وصلت أخيرا لميدان الفروسية الذي كان خارج حدود المدينة نظرا لمساحته الشاسعة ، وجدته يعج بالحضور المهتمين بهذه المنافسة ، شعرت بالضيق لأنها لا تعرف أحدا وهي تكره التواجد في مكان لوحدها دون معرفة سابقة بأي شخص منهم ، لم تزل نظاراتها بل تغلغلت وسط الحضور وهي تبحث عن عامل ما تسأله عن الوجهة التي يجب عليها اتخاذها ، بحكم أنها من مشجعي الحصان صافيور ، أخيرا وجدت ضالتها في عامل ما ولكنه ظل يتحدث ويشير لها حتى أصابها بصداع وأقفلتِ المحادثة معه مقررة الاعتماد على نفسها ..ظلت تسير وتناظر الساحة بالأسفل والتي كانت شاسعة وفيها عدة عمال يعدلون الحواجز التي سيقفز عليها الأحصنة وأيضا يرسمون المساحة البعيدة التي سوف يقطعها المتسابقون ، لوهلة شعرت بالغرابة لأنها تشهد هكذا أجواء لأول مرة ..
رشيد(ارتطم بها):-أوه عفوا عفوا آنستي
ميرنا(مطت شفتيها وهزت رأسها):- لا بأس حصل خير ..
رشيد:- هل أنتِ تائهة هنا ؟
ميرنا(رمقته بحذر ثم نظرت حولها):-نوعا ما ، أبحث عن المكان الذي يجتمع فيه المتسابقون قبل بدء الجولة ، هل لديك فكرة عن مكانه؟
رشيد(برقت عيناه ببسمة):- أنا الذي أعرف أين ، رافقيني
ميرنا(ابتسمت له ولحقت به):- من بعدك..
رشيد(في سره):- ها يا ميرنا الراجي أخيرا التقينا وجها لوجه ، أمممم فهمت الآن لما الكل مدله فيكِ يا لعينة كلكن متشابهات فاتنات ساحرات وجمالكن لا يضاهى ، ذكرتني بها آآآخ يا سمري آخ عليها .
ميرنا:- هل أنت مشجع ؟
رشيد:-أكيد والحصان الذي أرشحه للفوز هو شعلة النار
ميرنا(رفعت حاجبيها باندهاش):- وماذا يفترض أن يكون ؟
رشيد:- شعلة النار ، مثلما فهمتِ فهو حصان قوي جدا يباشر بهدوء وفيما بعد ينطلق مثل الشعلة النارية وقد شبهه صاحبه بشعلة النار ، ربما لأن حصانه قريب منه في غضبه الجامح
ميرنا:- شوقتني لرؤيته
رشيد:- طبعا فور رؤيتكِ له ستعرفينه ..طيب وأنتِ ؟
ميرنا(مسحت خلف عنقها بتوتر):- أشجع صافيور
رشيد:- المنقذ أمم مثير للإعجاب، ليكن بعلمكِ أن الاثنين عدوان لا يلتقيان
ميرنا(نظرت إليه ولحقته وهما متغلغلين وسط الحضور في اتجاه مقصدهما):- كيف يعني ؟
رشيد:- حضرت جولات كثيرة ،لم أشهد فيها سباقا واحدا لم يفز فيه أي من صافيور وشعلة النار، بصراحة المنافسة شرسة بينهما وهذه أول منازلة ستجمع بينهما بعد مضي سنوات
ميرنا:- ما قصدك هل نافسا بعضهما قبلا ؟
رشيد:- طبعا ولكن النهاية للسباق لم تكن منصفة لكليهما ،فقد توقفا معا مما خول للمتسابق الذي كان يلحق بهما أن يفوز
ميرنا(توقفت عند منعطف الممر):- يعني انسحبا ؟
رشيد:- الغرفة هناك تفضلي آنستي سعدت بمرافقتك ، وحظا موفقا لمرشَّحك
ميرنا(حاولت سؤاله لكنه انسحب):- طيب أشكرك ،هفف ما باله كان مسرعا ليكمل القصة إكراما لفضولي وبعدها يذهب في حال سبيله ، تتت أين سأجد الآخر أنا الآن …
توجهت صوب تلك الغرفة وجدت عدة أشخاص هناك يرتدون بزاتهم الخاصة للسباق ،فتراجعت بحرج إذ لم تلمح هناك حكيم بالمرة وهذا ما أثار حنقها بشدة … وأثناء عودتها خلفيا اصطدمت بشخص آخر
ميرنا(جيد ميرنا اليوم اصطدمي بالشعب كله):- عذرا منك ..آه
حكيم(ابتسم لها):- تأخرتِ علي
ميرنا(بتوتر نظرت حولها للمارة من كل جانب):- المكان بعيد ثم انطلقت من فوري بعد انتهاء الاتصال ، أ.. هذه البزة تليق بك
حكيم(بثياب الفروسية):- حقا ؟
ميرنا(ما باله هذا ،أشاحت بنظرها بعيدا عنه):- حقا حقا،، المهم متى ستتبارون وينتهي كل هذا بدأت أشعر بالملل ؟
حكيم(أمسك بيدها وسحبها خلفه):- تعالي لأعرفكِ بأحدهم أولا .. هيا
ميرنا(تسير بخطى سريعة بكعبها الذي كان يدب بصوت مؤنس في آذانه):-مهلك فقط ..
حكيم(جذبها خلفه دون هوادة ووصل بها للأسفل نحو الإصطبل مباشرة):- سأعرفكِ بصافيور شخصيا ، لعلمك لا أحد يحظى بهذا الشرف
ميرنا(حولت عينيها):- يا عيني مؤكد أنا محظوظة ، هفف أين هو ؟
حكيم(فتح بابه الصغير وأخرجه بهدوء):- صافيور أعرفك بعصفورتي التي لطالما رويت لك عنها ، همم ميرنا هذا صديقي العزيز
ميرنا(أعجبت به كثيرا وقد كان ذو سحر خلاب جعل تذمرها يتلاشى):- ما أروعه ..!
حكيم(أمسك يدها ووضعها على عنق صافيور):- تلمَّسيه هو لطيف جدا معكِ لأنه يعرفكِ عن ظهر قلب ، فلم أحكي له القليل عنكِ
ميرنا:- يا إلهي … هل يجب علي التبسم أيضا ؟
حكيم(هز حاجبه وانفجر ضاحكا):- هههه ما بالكِ تتصرفين بشكل أهوج يا ميرنا ، يعني عادي تصرفي عادي أنتِ معي هنا ولن يمسكِ مكروه
ميرنا(تضخم صدرها بغرور وناظرته بعلياء):- أعلم ذلك يا روحي لا تقلق
حكيم(لاحظ أن صافيور قد صهل بشكل مضحك):- ههه أرأيتِ حتى صافيور لا يحبكِ وأنتِ هكذا …. متمردة
ميرنا:- والله تمردي لا يغمر سوى من يستحق ، المهم المهم لن نتطرق ل هكذا حوار وأنت على وشك التباري ، سوف أكون بمحلي
السائس:- سيد طارق سآخذ الحصان كي أعدل السرج عليه
حكيم:- تفضل خذه..
ميرنا(نظرت للأسفل واسم طارق يفعل بها العجائب):- سأنسحب
حكيم(أمسكها بخفة ودفعها إليه):- شتت لا تبكي ولن تبكي خصوصا اليوم
ميرنا(أخفضت عينيها بتعب من سيرة طارق):- كلما سمعت اسمه عادت بي ذكرياته إلى ما مضى ، إنه لا يستحق ذلك المصير
حكيم(مسح على خدها بحنان):- لقد حاولت إخراجه ولكنه أبى
ميرنا(برقت عيناها):- إخراجه بطريقة غير قانونية صح ؟
حكيم(هز كتفيه):- هذا ما فكرت به ساعتها ، لكن لا تقلقي هو الآخر متشبع بالقيم والمبادئ الواهية مثلكِ وها هو ذا يكمل أعوامه بعيدا عنا
ميرنا:- جميل أنظروا من يتحدث ، وكأن حضرتك تغدقنا بطلتك البهية ليل نهار
حكيم(هز رأسه بتعب):- لدي أسبابي الخاصة
ميرنا(انسحبت مبتعدة عنه وأشارت له بحقيبتها الجلدية):- أنا بمكاني ..
حكيم(زفر خلفها وهو يتابعها من محله):- حاضر يا متعبتي ويا مهلكتي
انسحبت عائدة للمكان المخصص للجمهور وأشار لها أحد العاملين لمحلها الخاص بها ، وجلست بقرب عجوز وعلى يمينها لم يكن هنالك أحد وهذا ما أراح قلبها قليلا ، أخذت تتابع ما يحدث من ترتيبات في الأسفل ، بينما أخذ المنظمون تعليق أرقام الأحصنة انتبهت لحديث العجوز بجانبها
العجوز:- ذاك هو شعلة النار والذي بقربه صافيور المنقذ ، إنهما من أقوى الأحصنة التي شهدتها في حياتي ، لم أفلت أيا من السباقات السابقة صدقيني لم أجد العناد والإصرار والعزم الذي شاهدته قبل عدة سنوات إلا في هذين ، وهذا ما آمل أن يتكرر اليوم
ميرنا:- هه عذرا يا عم هذه أول مرة لي بهذا المكان لذا فنصف كلامك لا أستوعبه ..
العجوز(نظر إليها شزرا بطمأنينة وتابع):- مكانكِ الذي تجلسين عليه هو لمشجعي المنقذ أما مكاني فهو مخصص لمشجعي شعلة النار
ميرنا:-أهاااه يعني نحن غريمين الآن ؟
العجوز:- هه نوعا ما ..لكن فضولي يغلبني لم ألمحكِ ولا مرة في الميدان فكيف تشجعين صافيور إلا إذا كنتِ من معجبات راكبه ؟
ميرنا(يا حبيبي):- يمكنك أن تعتمد على هذا
العجوز:- صافيور يتسم بالقوة والإصرار مثل صاحبه ، أما شعلة النار فهو عنيد لا يترك مجالا لغيره يحب السلطة والسيطرة والتي لم ينافسه فيها سوى صافيور وهذا ما يزيد من حماسة النزال ..
ميرنا:- ومن هو راكب شعلة النار هل تعرف اسمه ؟
العجوز(ابتسم ونظر إليها جانبيا):- لا أحد يعرف له شكلا من إسم
ميرنا(باندهاش):- وهل هو طيف حتى لا ترونه ؟
العجوز:- أكيد لاء سنراه سوية وهو بالنزال ، إنما شخصيا لم يسبق لأحد لقاؤه فور ما ينتهي السباق يختفي وكأنه شبح
ميرنا:- عذرا منك لكن كلامك غير منطقي ، ثم لما سيتصرف على هذا النحو بالعكس يجب أن يكون سعيدا بنزاله ها هنا ؟
العجوز:- ربما لديه أسبابه التي تمنعه من ذلك ، وهذا نفسه ما جعل المنظمين يمنعون التصوير هنا يعني كله بالعين المجردة فحسب
ميرنا(الآن فهمت رغبة حكيم في نزال كهذا كي يبقى خفيا):- جيد ..
العجوز(بحماس):- سوف يبدأ النزال أنظري لجميع تلك الأحصنة المصطفة قرب بعضها ، بعد قليل سيمتطيها أصحابها أنتِ ركزي على حصانينا فقط كي لا تتعبي بالمراقبة بما أنها أول مرة لكِ هنا
ميرنا(جميل سيكون هذا العجوز المعلق الحصري لحضرتي، آخخخخ يا ربي):- حسن..
في مكان ما على جنب من ذلك الميدان
الفهد البري(بصوت جهوري):- مرَّ زمن طويل يا حكيم
حكيم(حرك رأسه بتعفف والتفت إليه):-هه حقا كذلك ، حتى أنني اشتقت لرؤية وجهك
الفهد(أزال قفازتيه وتقدم نحوه):- ها أنذا أمامك الآن ، يمكنك دحض شوقك لحضرتي
حكيم(زفر بعمق):- أمامنا نزال إن كنت ستستظرف هنا
الفهد:- حتما ما كنت سأفلت هكذا نزال ، بيني وبينك سمعت بأن فخرية تريد قلب كهرمانة ضدي ، تت ذلك لن يفلح لأن أمي تتمتع بخصال غير موجودة لا فيك ولا في فخرية ، الإخلاص
حكيم(تقدم إليه بخطوة وهو يزم شفتيه):- حاذر كلامك
الفهد(ابتسم له باستفزاز):- اممم لم يعد التأمل حكرا على العصافير ، بل بات حضورهم أيضا ملزما ..
حكيم(اقترب منه بشراسة):- إياك والاقتراب منها
الفهد(صفق له بيد واحدة):- عذرا منك ..أنت من أحضرها لي بسهولة يعني وفرت علي مشوارا طويلا ، آه غير مسموح لك بأن تتحرك أنظر معي لذلك العجوز على جانبها اليمين مسدسه مصوب تجاهها من تحت سترته ههه يعني لا تستهن بالعجائز ، ثم من ذاك الذي جلس على يسارها أوووه أكيد أنت تعرفه صح ؟
حكيم(ابتلع ريقه وهو ينظر لرشيد الذي جلس بقربها وعقد حاجبيه):- أنت لن تؤذيها فكف عن التهديد ، ودعنا نتبارى والنزال بيننا يحكم
الفهد(ارتدى قفازته بأريحيه وهمس له):- حتى لو خرجت من ميدان لعبي ستبقى موصوما بالأفعال الغير قانونية ، ما يجعلني أتساءل كيف ستكون ردة فعل عصفورتك إن أنا قدمت لها ما يوجد تحت يديَّ عنك ؟
حكيم(رمش بعينيه):- وهل تظن أن لديك فرصة معها يا هذا .. هيا لا تكن مجنونا ؟
الفهد(بجدية متمازجة بالضحك):- صدقني حين أقول لك أنني أقرب لها مما تظن لا تهزأ بحديثي ، إنها في متناول يداي وتحت إشارة مني فقط
حكيم(برقت عيناه بشرر):- ابتعد عنها وإلا ستجعلني أضطر لمواجهتك وهذا ما لا أبتغيه ، يكفي ما حدث بالماضي بيننا
الفهد:- لقد تركتك تعيش براحتي وليس لأنك قوي أو لأجل تلك الشعارات الواهية التي تقنع بها نفسك ، لا أحد في محيطي يحيا دون أن آذن له أنا بذلك كان بإمكاني سرقة روحك لكن تت خلت أنني سأكسر قلب العصفورة والخالة مديحة
حكيم(أمسكه من ياقة قميصه في حالة جنونية):- لا تتحدث عن ميرنا أو أمي لأن لا حق لك بذلك يا هذا ، أنت مجرد نكرة إن كان هذا ما ترغب بسماعه نفوذك وسلطتك لا تعني لنا شيئا مذ عرفت بأمرك ابتعدت ، وكم سعدت لذلك ليتني فعلتها منذ 16 سنة ما كنت تورطت معكم
الفهد:- صحيح ليتك فعلت ، ولم تقتل الرجل البريء كي تتنعم ابنة عمك سمر الراجي بحياة رغيدة وتدخل رشيد السجن بسببكما ، أممم فضولي يقتلني يعني لو علم رشيد بأنك من أدخله السجن كيف ستكون ردة فعله يا ترى لا سيما وأن ميرنا بجانبه الآن ؟
حكيم(تلاعب بلسانه):- أنا لم أقتل ذلك الرجل ، لكنك سلطت رجالك كي يورطوني في تلك القضية لكي أعمل تحت إمرتك وأضطر لترك أسرتي
الفهد(صغر عينيه فيه):- ما سمعته كان مختلفا ، فلقد طردك عمك من بيتكم وكنت متشردا
حكيم:- ههه متشرداااا !! يا للعجب أقله أنا موقن لنسبي منذ الخليقة لكن ماذا عنك ؟
الفهد(تشنج بكره):- يكفي حديثا هنا، هيا لنتسابق سأجعل شعلة النار يسحق حصانك
حكيم:- لا تهزأ بقدرات صافيور يا هذا ، سترى..
رشيد:- سيبدأ النزال بعد لحظات متحمس جدا
ميرنا:- عذرا لكنني لست في مثل حماستكما يعني أنا الوحيدة مشجعة صافيور بينكما
رشيد(غمزها بمرح):- لا بأس قد تفوزين وننهزم نحن هزيمة نكراء
تشنجت من شخصيته لكنها حاول إبعاد ملاحظاتها قليلا ، وظلت تبحث عن حكيم بعينيها إلى أن لمحته قد امتطى حصانه ، وآه عليه قد كان كفارس هارب من زمن الأحلام قد كان شكله مريحا لنظرها لم تستشعر نفسها حين لفظت آها كإعجاب به ، ابتلعت ريقها حين رمقت نظرته إليها مباشرة من محله شعرت وكأن الكل قد تلاشى وأن نظرته الحادة قد مسحت كل ما يدور حولهما ، كي لا يفصل بينهما أي عائق .. تحركت حنجرتها بضعف وهزت رأسها حين أشار لها برأسه بحركة ملوكية جعلتها تشعر بأن ذلك الفارس رهين بها وسيباري فقط لأجلها ، هنا تدفقتِ الحماسة التي خلقت من لا شيء بقلبها وتمنت له الفوز .. لكن امتطاء شخص آخر بجانبه حصان شعلة النار جعلها تجفل قليلا فقد استغربت حالته
ميرنا:- لما يضع قناعا ؟
رشيد:- يقولون أنه مصاب بمرض جلدي
ميرنا(رفعت حاجبها):- أهاه سلامته
رشيد(تلاعب بلسانه بمكر):- أممم …فيكِ الخير
أخيرا بدأ السباق وكم كانت بدايته تحبس الأنفاس بحيث انطلق المتسابقون مخلفين خلفهم غبارا كثيفا ، حجب الرؤية لوهلة لكن فيما بعد بات جليا انطلاقهم الناري لأجل بلوغ لب الهدف ، الإصرار على الفوز كان جليا بينهم لم يكن أيُّهم ليستسلم ..خصوصا ما بين حكيم والفهد البري الذي ظل يسابقه بشراسة وكأن به غاية قصاص وحساب طويل مع غريمه الذي كان يشابهه عزما ورغبة في الفوز ، فمن كان يظن أن عصفورته ستلبي طلبه وتحضر لتشجيعه أي نعم أتت مقابل معلومة لكن يكفي أن حضورها هناك بين مشجعيه يمثله شخصيا ، وهذا كان كافيا لكي يشعر بالغبطة وبالمتابعة لنيل حق الانتصار ..شعرت ميرنا وكأن قلبها مقبوض فجأة إذ لم يعد بوسعها متابعة الجولة فقد ابتعدوا عن المدار كثيرا ، وهذا ما جعلها تتذمر لكن رشيد قدم لها منظارا أنيقا ذو يد واحدة تحمله منها ، شكرته جزيلا ووضعته على عينيها واستطاعت تحديد مكانهم بسهولة وهذا ما جعل صدرها ينشرح ..
في تلك الأثناء وصل وائل ونادر للميدان ، ودهشا كون النزال قد بدأ لتوه
نادر:- أوووه لا قد بدأتِ الجولة أتينا متأخرين ، تت دعنا نجلس هناك هيا أسرع يا وِلوِل
وائل:- حمم هذا لأننا أتينا دون حجز وحصلنا على بطاقتين في آخر وقت
نادر:- جاريني فقط سأجعلك ترى جولة فروسية لم تشهدها في حياتك
وائل(جلس بقربه وهو يهز رأسه يمنة ويسرة):- الله يصبرني على جنونك فقط ..
نادر:- واوووو أنظر هناك حصانين متفوقين على البقية حتى أنهم يتقدمونهم بعدة أشواط ، أظن المنافسة باتت مقتصرة عليهما فقط
وائل(نظر إليه جانبيا):- ذلك ما أظنه أنا أيضا …هءء ميرناااا ..
نادر(يتابع بشغف):- ماذا الآن هل ستهذي باسمها معي أيضا ، يا وَيلي هل تتخيلني هي ؟ أم تراك تريد أن تثير غيرتي كوني فقير حب ولا حظ لي فيه .. منكِ لله يا ميرفت أنتِ ولعنة أجدادك تبا لك يا نادر لم تجد مع من تتورط سوى مع الفراعنة يقولون أن لعنتهم تلازمك ليوم الدين ، هيييه ما بالك هكذا يا صاح أنا أكلمك ؟؟
وائل(امتقع وجهه فجأة بالغيظ وهو يراها جالسة هناك مقابله متابعة للجولة):- إنها ميرنا هناك ، تلك ميرنا صحيح يعني لم أبدأ بالهذيان بعد ؟
نادر(ابتلع ريقه حين رمقها فعلا):- أأ…حقا هي لكن ؟؟ هييه مهلك إلى أين وائل السباق في أوجه تمهل ..
انطلق وسط الجماهير المتحمسة للسباق والذين تصاعد هتافهم ليشمل الميدان كله ،لكنه لم يكن يستسيغ شيئا سوى أنفاسه الهادرة ، إنها هناك وحدها يعني كذبت عليه ولم تكن مع كوثر ثم لما تحادث ذلك الغريب وكأنها تعرفه ، لما خدععععععععععععته ؟؟؟ ودَّ لو صرخ لكنه عبر عن ذلك بتجاوزه للناس دون اكتراث ، فكان كلما اقترب شعر بأنها تبعد عنه كثيرا وكأنه لا يعرفها وكأنها غريبة عنه ، ليست هي نفس المرأة التي حادثته صباحا بصوت شغوف ليست هي من أغدقته بغرامها وجعلته يهذي بها ، كيف كذبت بل كيف تجرأت على إنكار مكان تواجدها لابد وأن هنالك تفسير عليه أن يحصل على شرح ولن يحدث ذلك إلا بمواجهتها ، والآآآآآآآن …. كان سيصل كان سيمثل أمامها لو أنه لم يسمع صرخة الجماهير دفعة واحدة مشدوهين بما حدث في الميدان حين سقط أحد المتسابقين من على سرجه …
لمحها وهي تصرخ باسم لم يستطع بلوغ مسمعه لكن ملامحها كانت كفيلة لتدب الرعب في قلبه وتفتح ألف باب للتساؤل ، عمن تكون هوية هذا المتسابق وكيف يعنِي لها كل هذااااا ؟؟
ميرنا(بصدمة):- يا إلهي حكييييييييييييييم ….. حكيييييم
لمحته وهو ملقى على الأرض وركض حوله الكثيرون لإسعافه ، شعرت بأن رجليها لا تحملانها وكأن بهما ثقل جبال غير قادرة على النهوض للاطمئنان عليه ، لو حدث له مكروه كيف ستتصرف ماذا ستفعل ؟؟ .. شعرت بالخوف لحظتها وكأن روحها تسحب منها وهذا ما استغربته كيف تشعر بكل هذا في ذلك الوقت تحديدا ، حركت رأسها جانبيا وعقدت حاجبيها حتى ضاق بؤبؤ عينيها وتوسَّع بشكل فجائي لما لمحت شخصا يغادر تلك الجلبة بخيلاء ، صغرت عينيها بشدة فيه لكن صرخة من توأم نبضها جعلتها تجفل بعدم تصديق
وائل(صرخ فيها بملامح مظلمة):- ميرنااااااااااااااااااااا ااااا
ميرنا(نظرت إليه بين عشرات الرؤوس وفتحت فاهها بذعر):- هئئئئئئ وائل
العجوز(رمق رشيد قد انسحب ونهض):- إنه صاحب صافيور هو من سقط من على السرج
في تلك اللحظة استقامت من محلها بذهول نظرت للشخص في الساحة لم تجد له أثرا وعادت لتنقل نظرها ما بين وائل وحكيم ، ساعتها اختلط عليها الحابل بالنابل ، انعزلت عن الوجود لا تدري ما هي فاعلة أتركض لحكيم الذي تجمهر حوله المنظمون ومدبروا السباق لإغاثته ، أم تشرح لوائل سبب تواجدها هناك ، وجدت نفسها ضائعة حائرة فها قد كشف كذبها بطريقة لعينة وضعتها في خانة المخادعة .. حركت رأسها بجنون والدموع تغالبها وهمست له بصوت مختنق تكاد تسمعه "آسفة" … قالت كلمة آسفة وبعدها تلاشت وسط الحضور ورمقها وهي تركض لغير وجهة لالا بل لوجهة محددة بالضبط نحو ذلك الملقى على الأرض والذي لا يعرف بعد من يكون ، وجد نفسه متصلبا محله بصدر متضخم بالانكسار لا يدري ما الذي يحدث هنا ، أهو في حلم أو في علم لا الواضح أنه علم وميرنا قد أجادت كسر قلبه بامتياز.. تلقائيا لحق بها بخطوات مكلومة ، مسحوب نحوها لعله يفقه شيئا مما يحدث ..
ميرنا(تجاوزت الكثيرين بدموع فهي تكره التواجد في الأماكن الضيقة وهذا الجمع الغفير يزيدها اختناقا ، لكنها لم تبالي بل استمرت لحين وصلت إليهم):- هل هل تأذى كثيرا ؟
الأطباء المختصين:- ابتعدوا رجاء دعونا نقوم بعملنا لو سمحتم …
ميرنا:- لو سمحت يا أخ أود الاطمئنان ، هل هل هو بخير ؟
أحدهم:- على الأغلب هناك رضوض بسيطة سوف نتولى الأمر ، رجاء تراجعي للخلف يا آنسة لو سمحتِ هيا
ميرنا:-كيف حدث هذاااا كيف ؟؟ تتت …
طلال(حضر في منتصف السباق كان يصرخ مع أحدهم):- كيف كيف أخبرني لقد وُجد السرج مقطوعا ، يعني من تدبير أحدهم لكي لا يكون الفوز حليفه وأنت هنا تحاول أن تقنعني بأنه حادث لا يا أخ إنه ليس بحادث
مدير الميدان:- يا سيد طلال حضرتك تريد إحداث جلبة هنا ، سنفقد نزاهتنا إن قمت بفضحنا فرجاء دعني أسوي الأمور سوف أتكفل بكل شيء للسيد طارق أعدك
طلال:- حمدا لله أنه لم يصب بأي مكروه فقط رضوض بسيطة كما يقول الأطباء ، وإلا لكان حسابي معكم عسيرا ،ولن يكفني إحراق هذا الميدان بأكمله …
حكيم(فتح عينيه بثقل):- تتت ماذا حدث ؟
الطبيب:- سيد طارق هل أنت بخير ، على رسلك لقد سقطت من على ظهر حصانك أتذكر ذلك؟
حكيم(بهلع استقام بجهد جهيد):- صافيووور هل هو بخير ؟
الطبيب:- لا تقلق هو بخير، حاول تحريك قدميك ويديك بهدوء وإن أحسست بألم أخبرني
حكيم(حرك يده وقدمه قليلا آلمته حين وقف عليها):- ربما هناك كسر في ركبتي
الطبيب(زفر بعمق):- ليس كسرا بل التواء بسيط سيلزمك البقاء في الفراش أياما بسيطة ، لتعود لحيويتك سنقوم باصطحابك للمشفى الآن
حكيم(اهتز محله):- ميرنااااااا …
ميرنا(كانت تبكي من شدة الخوف):- حكيم …
حكيم(مص شفتيه وهو يعقد حاجبيه ومد يده لها):- لا تخافي أنا بخير
ميرنا(هزت رأسها بهلع مما شاهدته وركضت إليه):- لقد مت رعبا عليك
حكيم(بقلب يهتز ألف هزة ضغط على يدها بقوة):- لا تجزعي أنا بخير
ميرنا(حركت رأسها مرتين وأغمضت عينيها قبل أن تعانقه بحرارة):- لقد خفت لو أصابك مكروه ، لقد سقطت بشكل مرعب
حكيم(أغمض عينيه وهو يستنشق عطرها غير مصدق أنه يحتضنها):- يكفي يا عصفورتي ،لا تقلقي ها أنذا أمامكِ بعض رضوض وجراح ستشفى قريبا
ميرنا(ابتعدت عنه وهي مبتلعة ريقها):- كيف حدث ذلك ؟
حكيم(ابتسم ونظر حوله لم يجد أثرا للفهد ولا لرشيد ولا للعجوز أيضا):- مجرد حادث
طلال:- ليس حادثا لقد رأيت السرج إنه مقطوع أحدهم دبَّر هذا ..سوف أخرب بيتك يا هذا والله قد وقعت ولم يسمي عليك أحد …
حكيم(زوره بعصبية):- قلت أنه مجرد حادث يا طلال انتهينا
المدير(بهلع):- هل ستقدمون شكوى في حقنا سيد طارق ؟
حكيم:- طلال تكفل باصطحاب صافيور للقصر حالا ، واطمئن يا سيد لن يحدث شيء كما أسلفت الذكر كان مجرد حادث ، تعالي يا ميرنا سنغادر المكان ..
رافقته ميرنا وهو يتكأ على عصا مؤقتة أعطاها له الأطبة ، لم يسمح لهم بمعاينته أكثر بل توجه بها صوب الخارج كي يغادر بسيارته على الفور ولكن ..
وائل(باختناق ضئيل وضيق):- ميرنااااا
ميرنا(تشنجت من سماع صوته ونظرت لحكيم الذي دلف لسيارته دون أن ينبس ببنت شفة):- وائل أعلم ماذا ستقول وبما ستفكر لكن علي أن أذهب ، سوف أشرح لك كل شيء
وائل(تلاعب بلسانه داخل فمه):- من يكون هذا الرجل الذي سترافقينه وتتركينني من أجله
ميرنا(اقتربت منه برجاء):- بليز وائل اعذرني لا يمكنني أن أفصح عن شيء ، لكن ثق بي علي الذهاب الآن
وائل(باندهاش):- أكاد لا أصدق هل كذبتِ علي من أجل غيري ؟؟؟ ميرناااااا إنكِ تسمحين لآلاف الأفكار أن تغزو عقلي تحدثي بالله عليكِ …
ميرنا(ابتلعت ريقها بصعوبة):- وائل وائل أرجوك تفهَّمني قليلا
وائل(هدر فيها بعصبية وأمسك ذراعها بقوة):- سوف لن تذهبي لأي محل ، سترافقينني
حكيم(عدَّ حتى العشرة ولم يقوى على التحمل لذا خرج إليه):- أزح يديك عنها .. حالا
وائل(لم يحرك ساكنا وجذب ميرنا خلفه بحركة قوة):- ومن تكون حضرتك لتأمرني ؟
حكيم(نظر لميرنا التي كانت تهز رأسها برفض):- لا شأن لك فيمن أكون فقط دعها وشأنها
وائل:- هذه الفتاة بحكم خطيبتي وأنت الغريب هنا ، لذا عذرا منك سأقوم بما يلزم
حكيم(ابتلع ريقه وهو يحاول تمالك استفزاز وائل له):- تلك الفتاة التي تحادثها كنت أحملها بين ذراعي مذ أن وُلدت ، كبرت تحت أعيني وتغلغلت وسط قلبي ليومنا هذا ، رعيتها وسهرت على راحتها وأغدقتها بحبي وحناني، أعلم ما يضحكها وما يبكيها ما يحزنها وما يسعدها ، أعرف كل نقاط ضعفها حتى مكامن قوتها لي دراية بها ، أحلامها تبلورت على يداي وأمانيها نسجتها على طاولة صدري لذا سنسأل سؤالا آخر هنا .. من منا أحق بها ؟
وائل(نظر لميرنا بطرف عين):- من يكون ؟
حكيم(بتعب وإرهاق وآلام في ضلوعه من وقع السقطة يكابد عناء الموقف الذي كان بانتظاره لفترة طويلة):- ابن عمها .. حكيم الراجي !
لجم لسان وائل لحظتها وتناقل بنظرته المندهشة منه إلى ميرنا التي لو وجدت الأرض لتبلعها تلك اللحظة لكانت ممتنة …
وائل(جحظ بعينيه بعدم تصديق):- أنت إذن .. جميل يا ميرنا أراكِ تكذبين علي لأجل ابن عمك وتهذين بأن لكِ أسرار ولا تستطيعين البوح بها وووو في حين أنتِ هنا تتسكعين وتشاهدين السباقات.. فعلا شيء عظيم
حكيم(تقدم إليه بعصبية):- لن أسمح لك بأن تهينها
ميرنا(وقفت بينهما لأن الاحتدام بلغ حده):- يكفي يا وائل هذا ابن عمي وعلي أن أرافقه الآن ، لأنه ليس بخير ، فأرجوك سأشرح لك كل شيء فيما بعد صدقني
حكيم(حرك يده بإهمال وعاد لسيارته):- هل ستبررين له ؟ جيد أنني لم أتفوه بالكثير
طلال(ركض إليه):- هل يجب أن نتدخل ؟
حكيم(همس له):- لا إصعد سنذهب من هذا المكان ، هل صافيور بالشاحنة ؟
طلال:- والرجال معه لا تقلق لقد انطلقوا صوب القصر منذ برهة ..
حكيم:- جميل .. ميرنااااااااا هل أنتِ آتية ؟
ميرنا(تتوسل بعينيها لوائل الذي سحب يده من عليها برفض):- وائل …
وائل(هز رأسه بغمغمة غضب):- انسي الأمر ميرنا ، لقد شرح ابن عمكِ الكثير لكن إلى هنا ويكفي اختاري إما معي أو معه ؟
ميرنا(رمقت نادر قد وصل إليهما وباستجداء عادت للخلف وكان باديا اختيارها إلى أية كفة مال):- أنا آسفة … علي أن أذهب
وائل(شهق بخفوت وكأن أنفاسه قد سحبت منه تلك اللحظة وبهمس مطعون):- ميرناااا ..
حركت له رأسها ببكاء وهو مصدوم يقف ماثلا أمامها بغيظ ، لكنها ولته ظهرها دون أدنى اعتبار لمشاعره ولا لمكانته ولا لأي شيء آخر ، أخذ يرمقها وهي تركب بجانب ذلك المدعو بابن عمها ، يكاد لا يصدق أنها حقا تركته وذهبت معه ، ببساطة استغنت عنه لكي تكون رفقة شخص مجهول تذكرت للتو أن تعرفه عليه
نادر(ربت على كتف وائل):- صديقي ..
وائل(اهتز بقهر والحرقة تعتصر قلبه):- لقد ذهبت معه دون اكتراث لمشاعري ولا احتساب لوجودي ، هكذا ببساطة !
نادر:- لن تأزم الوضع أكثر وائل ، ميرنا مضطرة لمرافقته إنه مصاب
وائل(ضرب على صدره):- وماذا عن إصابتها الموجعة لقلبي هاه ؟ أتعلم أمرا لقد انتهى كل شيء بيننا كل شيء في الحين واللحظة …..
بمرارة طالع وائل السيارة المبتعدة بطرف عين قبل أن يغادر في حال سبيله هو الآخر ، بينما شعر نادر أن صديقه وقع في شرك الخداع ،لكن مع ذلك هو يظن أن لميرنا تفسيرات جمة لحدوث ما حدث ولاختيارها مرافقة حكيم دونا عن وائل تلك اللحظة ، وقد أعطاها عذرا نظرا لخوفها على ابن عمها وهذا ما حاول إقحامه في رأس وائل طوال ساعة القيادة حين كانا عائدين إلى البيت .. بينما كانت ميرنا تشعر بالوخز في صدرها من هول ما وقع
حكيم(اتكأ بتعب في الخلف برأسه):- لن يكرهكِ ..
ميرنا(انتفضت والتفتت إليه بجانبها):- من ؟
حكيم(فتح عينيه بثقل وأغلقهما وهو مستند على الكراسي الخلفية):- حبيبكِ
ميرنا(نظرت لطلال أمامها الذي كان يقود بهما بصمت):- إلى أين نذهب ؟
طلال:- إلى القصر
ميرنا:- الحجري ؟
حكيم(فتح عينيه وتنهد):- بل إلى قصري الذي أعيش فيه ..
ميرنا(رفعت حاجبيها):- لن يسعني التأخر أكثر أتمنى لو نطمئن على صحتك ما إن نصل ، وأرجو أيضا أن نجد طبيبك بانتظارنا لا أدري لما لم توافق على الذهاب إلى المشفى ؟
حكيم(شعر بدوار لذا لم يجبها بل فتح راحة يده لها):- ضعي يدكِ هنا
ميرنا(برفض طبعا):- لا أريد
حكيم(لم يعر جوابها اهتماما وأمسك بيدها بيده بحركة تملك):- هكذا أفضل ، المشوار إلى القصر طويل ما إن نصل أيقظني طلال
طلال:- حاضر ..
ميرنا(يا حبيبي هذا ما ينقص أن ينام وهو محتجز يدي):- بففففف
في تلك الأثناء كان هذا ممتنا لما حدث
الفهد(بعيون مبتسمة):- رائع رائع يا رشيد عمل رائع ، يعني لتكن لسعة لمتبججنا ذاك كي لا ينسى مع من يلعب وقوانين من التي يخالفها …
رشيد(يقود به تجاه عرينهم):- بصراحة اعتقدت أن الإصابة ستكون أدق مما أصيب به ،إنه حتما لمحظوظ
الفهد:- لا بأس طالما كان الفوز حليفي
رشيد:- يا ترى هل رأتك ميرنا ؟
الفهد:- لا أظن ذلك فحضور الرشواني وقف حائلا بيننا ، يلا كنت أنتوي تقديم نفسي لها لكن شاءت الأقدار أن نؤجلها لغير مرة
رشيد(بتلاعب):- إنها قاتلة ، لو لم أكن منوطا بسمري لكنت زاحمتكم فيها
الفهد(هدر فيه بعصبية):- اخرس يا رشيد ، إلا ميرنا لا أحب من يمازحني فيها ثم انتبه لقيادتك انتهى الحديث
رشيد(لآحظ توتره وآثر الصمت):- كما تشاء سيدي
الفهد(تنهد بعمق وانقلب مزاجه):- خذني للمقبرة
رشيد(فتح عينيه على وسعهما):- الآن ولكن ..
الفهد(بنظرة لا تحتمل الجدل):- ولكن ماذا ؟؟ قلت خذني وكفى
رشيد:- بأمرك …
نظر جانبيا من سيارته وغاص وسط أوجاعه ومآسيه ، يناظر المحيط الخارجي بعقل غائب مع ذاتِ العيون العسلية التي سرقت لب عقله مذ أن لمحها أول مرة قبل عدة سنوات .. كان ليتذكر لكن غضبه عماه وألجم بوتقة فكره تلك اللحظة وبات الغضب والانتقام جليا بين عينيه ، لذا أن يمجد السكوت لحظتها خير ما قد يفعله ..

في مكان آخر كانت هذه تعد الثواني والدقائق لتنتهي وصلة المتعة التي خلقها هذا الغريب بين ليلة وضحاها وجعل ابنتها أسيرة لنزعاته الصبيانية
نور(كانت تهز رجلها وهي جالسة على كرسيها في ذلك المطعم المخصص للأطفال):- هفف
فؤاد(استقام بعد أن أكمل رسمته وترك دينا تنهي رسمتها):- ها يا لجنة التحكيم مستعدة سوف نريكِ رسمتينا معًا وعليكِ أن تحكمي بالعدل
نور(ارتشفت من أنبوب عصيرها وهي ترمقه بغيظ):- طبعا سيكون الفوز لابنتي هل تتوقع مني أن أنصفك ؟
فؤاد(أمسك فنجان قهوته وارتشف منه القليل وأعاده محله):- هذا يسمى غش
نور:- وأن أسعد ابنتي هذا ما يسمى بواجب الأمومة
فؤاد(ابتسم بتمعن):- أنتِ أم رائعة
نور(رفعت حاجبها وبرقت عيناها):- لعلمك لم أكن كذلك حينما كانت لا تزال رضيعة ، أمي وخالتي هما اللتين اهتمتا بها
فؤاد(باهتمام):- لماذا أين كنتِ أنتِ ؟
نور(نظرت ل دينا وبشرود):- موجودة ولكنني لم أكن أستطيع التعامل مع الأطفال ، أو بصريح العبارة لا أجيد تربيتهم حين يكونون رُضَّع
فؤاد:- أهاه يعني أنتِ تريدين طفلة جاهزة ، طيب على أقل تقدير كم تريدين أن يكون عمرها كي تلبي حاجياتها 5 سنوات ست أو سبع ؟
نور:- وما شأنك أنت ؟؟ أراك تحشر أنفك فيما لا يعنيك تلك ابنتي يا أستاذ
فؤاد:- وصديقتي
نور(ضحكت بهزل وهي تحرك رأسها بدون فائدة):- يا رجل إن صداقتك بها غير منطقية ، لولا أنها كانت مصرة على هذه الرسمة لما أحضرتها هل ينقصني مجانين في حياتي كي أتعامل مع حضرتك أيضا ؟
فؤاد(رفع حاجبيه بدهشة):- لاحظي أنكِ تفتقرين لحس اللباقة مع حضرتي ، في حين أحاول أن أكون لطيفا على قدر الإمكان مع حضرتك
نور:- طيب سيد لطيف أنهي الحوار لتنتهي الساعة
دينا(ركضت إليهما):- مامي مامي لقد انتهيت
فؤاد:- لا للغش
دينا:- لا للغش مامي عمو فؤاد على حق
نور(أمسكت الرسمتين لتناظرهما):- همممم دعوني أرى أولا وبعدها أحكم ،، أعطني رسمتك سيد فؤاد
فؤاد(أراها الرسمة):- خذي
نور:- أعطني رسمتكِ دينا
دينا:- خذي مامي
نور(ابتسمت لها وأمسكت الرسميتين بكلتا يديها وفتحت فاهها بعدم تصديق):- أ.. كيف ؟
دينا:- ماذا مامي ؟
نور(بعتاب):- لما فعلتِ هذا كيف تنقلين من عمكِ فؤاد رسمته يا دينا ، هذا عيب
دينا(اغرورقت عيناها بالدموع وهي تهز رأسها نفيا):- ولكنني لم أفعل أقسم رسمتها وحدي
فؤاد(أمسك الورقتين منها):- مهلكِ ست نور دعيني ألقي نظرة ، ثم دينا رسمت بعيدا عني ولم يرى أحدنا رسمة الآخر
دينا(ببراءة أردفت):- صحيح
نور(ابتلعت ريقها وهي تنتظر تقييمه):- ألاحظت ؟؟
فؤاد(رمش بعينيه وعض شفته وحنجرته قد تحركت بثقل):- صدفة .. رسمنا نفس الزهرة و اعتمدنا على نفس الألوان وغيره صدفة .. يعني تخيلناها سوية فالمكان يساعد على التأمل والإبداع وصدفة حين قمنا برسم نفس الرسمة
نور(مالت برأسها):- أتفق معك لكن ليس لدرجة أن ترسما نفس الزهرة بنفس القياس وبنفس الطريقة وكأنها صورة متطابقة سيد فؤااااااد
فؤاد(تنهد عميقا ونظر ل دينا التي باشرت بالبكاء ونهض إليها):- له له يا دينا أتبكين ؟
دينا(هزت كتفيها):- مامي تظن بأنني نقلت منك
فؤاد(انحنى القرفصاء إليها):- وهل فعلتِ ؟
دينا(صرخت):- طبعا لا
فؤاد:- طيب لنقنع مامي أن ذلك لم يحدث ، طالما أنتِ مدركة أنكِ لم تنقليه
دينا:- صح ماما كانت صدفة والله
نور(باستغراب رمشت بعينيها):- أتعلمان ماذا أحتاج لفسحة هواء ، عائدة لكما
دينا(جلست مقابله على الكرسي):- هل غضبت مامي ؟
فؤاد(ربت على شعرها):- أكيد لم تغضب لكنها مستاءة ، كانت تريدني أن أخسر وبما أننا أحرزنا التعادل هذا ما أثار حنقها
دينا:- ههههههه فهمت الآن
فؤاد(أشار للنادل):- لو سمحت بعض المثلجات هنا .. دندونتي سأرى مامي قليلا وأعود لكِ
دينا(أمسكت بآيبادها الصغير):- طيب سألعب كاندي كراش ريثما تعودان
فؤاد(نفض سترته وعلقها على الكرسي ثم اتجه صوب نور التي كانت تقف قرب النوافذ المطلة على الأشجار):- هل انزعجتِ ؟
نور(تنهدت بتعب):- قليلا فقط
فؤاد(استنشق عطرها بشرود وزفره بحنين):- المعذرة منكِ ، لم أقصد أن أزعجكِ فقط فكرت لو أمنح دينا يوما مميزا تتذكره بالحسنى فيما بعد
نور(كتفت يديها والتفتت إليه):- لما تفعل كل هذا معها ؟
فؤاد(اهتزت حدقات عينيه وهو يطالع إصرارها بتلك المقل السوداء):- ربما لأنها غالية علي
نور(أشارت له بحركة ارتياب):- لا تخبرني بهذا فقد حفظته عن ظهر قلب ، ولكي أكون منصفة معك لم أقتنع به
فؤاد:- هذا شأنكِ
نور:- اسمعني جيدا كل من يعرفني يعلم بأنني لا أحب اللف والدوران ، لذا سأدخل في صلب الموضوع مباشرة .. إن كنت تظن أنك ستصل لقلبي بواسطة ابنتي فستكون واهما جدااااا ، أنا لا أقبل بأحد ولا أريد أحدا بحياتي ، ضع هذا في حسبانك وأتمم معروفك معها اليوم لأنني لن أكون أما جاحدة كي أحرمها من صداقتك ، لكنني لن أسمح بأن يتكرر هذا لاحقا أسمعتني ؟
فؤاد(مط شفتيه ببسمة مريرة وابتسم لها بغبن):- أعلم ذلك ، لكنكِ تروقين لي أو لأكلمكِ بصراحة أنا أيضا .. أنا مهتم بدينا وبكِ وأريدكما بحياتي ، أنا أحبكِ نور
نور(اهتز قلبها لحظتها وغاصت في بحر عينيه ومفعول الحنين يجذبها لكي تتذكر طيفها تحديدا تلك اللحظة):- أنت شخص لا مبالي ولا أريد رؤيتك مجددا ، دينا دينا هيا بنا سنذهب
دينا(بتلعثم):- ولكن ماما المثلجات ؟؟
نور(لملمت أغراض ابنتها بتوتر في حقيبة مخصصة وعلقتها على ظهر دينا):- لا تجادليني سوف نغادر فوراااااااا
دينا(نظرت لفؤاد الذي كتف يديه بقهر عليها):- ولكن .. عمو فؤاد
فؤاد(أشار لها برأسه):- لا بأس سنلتقي لاحقا
نور(أمسكت حقيبتها ويد دينا وأشارت له):- إياك وأن ألمحك بمحيطي وقتها لن أرحمك ..
بأسى ناظرها وهي تغادر بعد أن رفضت مشاعره الدفينة ، بصلف وسماجة جرحته نعم لكنه لم يتأثر لأنه يستحق كل الصد منها .. وجعه خاطره على دينا التي رافقتها مجبرة مكسورة الخاطر وهذا ما لم يكن يستحبه ..
همام(تركه برهة لوحده وآثر أن يمثل أمامه):- لنغادر سيدي
فؤاد(نظر إليه بغمغمة قهر):- رفضتني
همام(ربت على كتفه):- طبيعي أن تفعل ذلك ، سيادتك ظهرت فجأة بحياتها وهي تحتاج وقتا لتلملم أفكارها وأيضا كي تستوعب مشاعرك الفجائية
فؤاد(هز رأسه والتقط سترته بعشوائية):- دعنا نذهب المكان ضاق فجأة ..
همام:- سأحاسب وألحق بك سيدي .. تفضل
أمسك همام بالرسومات التي تركوها على الطاولة وقام بطيهم ووضعهم بجيب سترته بعد أن لاحظ جيدا وجه الشبه بين الرسمتين ، غاص في نظرة شريدة رافقتها بسمة تمعن ، بعدها حاسب النادل وانطلق خلف سيده الذي كان يسير على هدى متعبة من بعد الذي حدث ..
أما نور فما إن ركبت سيارتها حتى بدأت دينا بالعويل وهذا ما أزعجها لحين فرطت أعصابها وصرخت في وجهها حتى أخرستها ، أتممت قيادة سيارتها والغيظ يتآكل أكلا في روحها ، والغضب في عينيها يتأجج مرة تلو المرة
نور(في سرها):- هذه هي آخرتكِ يا نور حين تستمعين لكلام الأطفال ، إنه نذل حقير كما توقعت تماما عيونه كانت تكشف غايته لكنني واجهته بصرامة ، لم يخلق بعد من يهزأ بنور الراجي ، هه يحبني يحبني منذ متى عرفني ليحبني تبا لهم جميعا عرق خسيسسسس ..
على السب والشتم تابعت طريقها للبيت في حين كانت دينا حقا متذمرة من تصرف أمها وما إن وصلت حتى انفجرت باكية في حضن عواطف التي لم تعلم بعد ما الذي حدث ..
عواطف:- ما بالكِ دينا حبيبتي ؟
دينا(تبكي بحرقة ووجه محمر):- مامي صرخت بوجهي وأنبتني كثيرا رغم أنني أنني هئ لم أفعل شيئا اهئ اهئ
عواطف:- آه آه يا روح نانا طيب اذهبي لغرفتكِ واغسلي وجهكِ هيا ، وأنا سأعاتب أمكِ فور دخولها ، هيا روحي
دينا(ذهبت وهي لا تزال تبكي):- همممم
عواطف(كتفت يديها بانتظار دخول نور الذي كان كما توقعته زوبعة تستشيط غضبا):- ماذا هناك ،دينا دخلت تبكي كيف تصرخين بها هكذا ؟
نور(مسحت على جبينها تستجدي الصبر):- أختي عواطف الرحمة رأسي سينفجر وانتفخ قلبي من الغضب ، لذا افعلي خيرا لي ولكِ ودعيني أقبع في غرفتي وحين أستكين سأخبرك
عواطف:- أختي عواطف؟؟ طيب يا أختي نور الطريق أمامك .. والله عال بنات آخر زمن
مديحة(خرجت من المطبخ وهي تمسح يديها):- ههه ما بالكِ تحدثين نفسكِ لقد صعدت البنت
عواطف:- والله لو لدي جواب كنت أخبرتكِ هفف .. حتى عفاف ونهال تأخرتا بالسوق ومرام بغرفتها تتدرب منذ الصباح أشعر بالغرابة
مديحة:-غرابة !! مرام الله يوفقها حبيبة قلب خالتها ، وبالنسبة لعفاف ونهال إنهما لا تخرجان كثيرا دعيهما تبتاعان ما تريدان ، ثم أنا معكِ يا امرأة
عواطف:- ههه فيكِ الخير أختي حتى أمنا لا تزال نائمة يلا خليها ترتاح
مديحة:- حالها لم يعجبني يا أختي إنها ساكنة طوال الوقت ، أخشى أن تكون مريضة ولكنها لا تفصح عن ذلك
عواطف:- ولكننا أحضرنا لها الطبيب مرتين وقال أن حالتها نفسية ويلزمنا الصبر
مديحة:- طيب يا أختي أمرنا لله
عواطف(سمعت رنين الجرس):- هاه ربما كانت ميرنا قد عادت مؤكد ستنجلط حين تسمع بمغادرة إياد
مديحة:- الله يستر سوف توبخه لعدم انتظارها ، ثم لم أفهم لما غادرنا هكذا فجأة اعتدنا عليه
عواطف:- الحمدلله لقد صار بخير ، وارتأى أن يخفف زيارته يعني الولد آدمي الله يبارك فيه
مديحة:- ويعافيه ، افتحي أختي افتحي
عواطف(انطلقت صوب الباب):-أنا قادمة ، مهلا …. أووووه أم طلال زارتنا البركة تفضلي
أم طلال:- خللت أمام بابكم لما لا تفتحون ههه ، كيفكِ صديقتي ؟
عواطف(رحبت بها وأشارت لها للصالون):- تفضلي يا غالية ، أنا بخير السؤال عليكِ
أم طلال(أزالت شالها):- برؤيتكم صرت أحسن ..
مديحة:- حماتك الله يرحمها كانت تحبك القهوة على النار
أم طلال:- ههه في وقته تمام وحبذا بعض الحلوى رفقته أحببتها المرة السابقة
مديحة:- ولو على عيني حبيبتي ، ثواني
عواطف(جلست مقابلها):- ها يا أم طلال كيف الأحوال ؟
أم طلال:- والله سامحوني أنا خجلة منكم ، كوني لم أقدر على حضور زفاف ابنتكم دعاء والله كان ذلك للشديد القوي زارني ابني طلال ولم أقوى على تركه والمجيء
عواطف:- لا بأس عزيزتي وكأنكِ أتيتِ ..
أم طلال:-هل سمعتم الأخبار ؟
مديحة(جلبتِ عدة القهوة وصحنا من الحلويات):-الله يسمعنا خير ، الأخبار نسمعها منكِ أنتِ فقط يا أختي أم طلال
أم طلال(أمسكت فنجانها بفرح):- أم تحسين
عواطف:- أوووه الله يلعن سيرتها ما بها هذه ؟
أم طلال:- يا ويلي ألم تسمعوا بخبرها ، لقد دخلت للمشفى تعرضت لسكتة قلبية كادت أن تموت لولا ستر الله ، وقد خرجت البارحة وعادت لبيتها المرأة متعبة جدا
مديحة:- الله الله إن الله يمهل ولا يهمل تلك ذنوبنا
عواطف:- اللهم لا شماتة يا أختي ، لكن كيف حدث لها ذلك ؟
أم طلال(ارتشفت من قهوتها وحركت عينيها بلؤم):- يقولون أنها تعرضت للسطو في بيتها لكن لم يقم أحد بسرقتها قاموا بإفزاعها فقط وذهبوا في حال سبيلهم ، وهذا ما أدى لإصابتها بتلك السكتة التي أسعفوها بها بسرعة وأغاثوها
مديحة(ضربت على الخشب):- الله يجيرنا من جيران السوء ، ما حدث لها قليل جراء الفضيحة التي افتعلتها بالحي
عواطف:- المسكينة
أم طلال:- ما رأيكما لو نطوي صفحة الماضي ونزورها في بيتها ، ساعة زمن ونعود حرام والله كادت أن تموت وكلنا نعلم أن لا أحد لها سوى بناتها اللاتي غادرنها بعد الزواج ليس هنالك سوى تحسين وهذا عقله في يده هو الآخر
عواطف:- معكِ حق لنزرها يا مديحة ؟
مديحة:- لا والله وما رأيكِ لو أملأ علبة حلويات ونقدمها لست الحسن والدلال ، هذا ما ينقص
أم طلال:- ضعي الضغينة على جنب ، الله يحب المتسامحين ولنكن نحس السباقين للصلح ما ربما اتقيتم شرها بعد هذه الزيارة
عواطف:- أجل أم طلال تحكي الواجب
مديحة(زفرت بعمق):- طيب طيب أمري لله ، علما أنني غير مقتنعة فالبحر الأسود قد يبيض يوما ما لكن قلب تلك اللعينة مستحييييييييل ..
أم طلال:- الواضح أن قلبكِ ممتلئ ضدها بشكل رهيب ، لكن دعينا ننتوي الخير
عواطف:- دعيني أرتدي ما يلائم هيا يا مديحة وأنتِ أيضا
مديحة:- صبرني يا رب ، أختي أم طلال البيت بيتك عزيزتي
أم طلال(تابعت شرب قهوتها):- تفضلا يا روحي
ذهبن إلى بيت أم تحسين بغرض الصلح وبداية صفحة جديدة وأهم شيء زيارتها كونها كانت مريضة وقد عادت من الموت إن صح التعبير .. أخذت معها عواطف علبة حلويات من مصنوعاتهم وطرقوا باب البيت
تحسين(فتح لهم):- ماذا تريدون ؟
أم طلال(نهرته):- ابتعد يا ولد نود زيارة أمك ، هل هي مستيقظة ؟
تحسين:- تفضلي يا خالة لكن هما لا
مديحة:- الله الله أرأيتِ يا عواطف أخبرتكِ من البداية
أم طلال(أخرجت من جيبها بعد النقود):- خذ اشتري لنفسك سجائر هيا وأفسح الطريق
تحسين:- ههه ههه تفضلوا تفضلوا يا خالاتي
مديحة:- يا ربي صبرني كي لا أذهب كافرة حين أرتكب فيهم جريمة
عواطف:- هشش تعالي يا مديحة ..
دخلن إلى بيت أم تحسين ولم يكن هنالك أحد من الزوار غيرهم ، دخلت أم طلال إليها أولا وجدتها مستيقظة ومستلقية على فراشها
أم تحسين(حاولت النهوض بجهد جهيد لكن أم طلال أشارت لها كي تبقى على حالها):- أم طلال يا للمفاجأة تفضلي تفضلي .. أرأيتِ حالي لم يزرني أحد من الجيران وكأنني مقطوعة من شجرة اهئ اهئ
أم طلال:- والله سامحيني على فظاظتي لكن لسانكِ جلب هذه الحالة لكِ ، كثر الله خيرك لم تتركي أحدا في هذا الحي لم تسمعيه ديباجة طويلة عريضة فكيف تريدين منهم زيارتكِ
أم تحسين:- ولو ولو هذه تعد حالة مرضية من واجبي عليهم زيارتي
أم طلال:- طيب كي تعلمي فقط أنكِ تفعلين السوء في الناس الجيدين ، معي ضيوف يودون الاطمئنان عليكِ .. أدخلا
أم تحسين(بصدمة تراجعت للخلف في فراشها حين رأتهما):- م ممديحة وو عوااااطف أ..
مديحة(حركت فمها يمنة ويسرة):-يا حبيبي هل فقدتِ الذاكرة أيضا ؟
أم تحسين(بتلعثم نظرت إليهما):- تفضلا تفضلا
عواطف(بحاجب مرفوع وضعت العلبة جانبا):- كيف صحتكِ الآن يا أم تحسين ؟
أم تحسين(بخجل طأطأت رأسها):- الحمدلله ، يعني لا أدري ما علي قوله لقد زرتماني رغم أنني لم أفعل فيكما سوى الشر .. سامحنني
مديحة(تنهدت عميقا):- المسامح كريم المهم هي صحتكِ .. أخبرينا ماذا حدث لكِ ؟
أم تحسين(اغرورقت عيناها بالدموع ونظرت إليهن ثلاثتهن):- لا شيء أ.. لصوص أنذال قاموا بإفزاعي تلك الليلة وبسببهم ارتعبت وأصبت بتلك السكتة ، الحمدلله كان هنا ولدي تحسين هو من أسعفني للمشفى
عواطف:- وهل قدمتِ شكوى ضدهم يجب أن تبلغي عنهم ؟
أم تحسين:- طبعا لا طالما لم يسرقوا شيئا يعني الأمور محمودة .. احم أ.. وقد استشرت الأطبة وأخبروني أنه ليس هنالك داع لإحداث جلبة ، أ.. أنا خجلة منكم أود تقديم شيء لكُن لأنكن تزرنني لأول مرة
مديحة:- لا داعي لذلك شربنا القهوة قبل المجيء إليكِ ، المهم رأيناكِ بعافية لن نتعبكِ أكثر
أم طلال:- صح أردنا فقط الاطمئنان عليكِ ولعلكِ تفقهين الآن من لكِ ومن عليكِ
أم تحسين:- أنا أعتذر عن كل ما بدر مني ، لن أعيد فعلتي المشينة من جديد
عواطف:- نرجو ذلك ، إن احتجتِ لأي شيء ابعثي تحسين لبيتنا سنقوم باللازم
أم تحسين(بحسرة):- فيكم الخير نورتم شكرا لكم ..
أم طلال(وهن خارجات):- أرأيتن ها قد كسبنا ثوابا وأيضا فتحنا صفحة جديدة ؟
مديحة:- ومع ذلك لست بمقتنعة
أم طلال:- هههه أختكِ يا عواطف ما شاء الله عليها تهد بلد
عواطف:- أنا التي أعرفها هههه …
خرجن من بيت أم تحسين التي ارتجت شفتاها بخوف حين تذكرت ما حدث لها قبل أيام .. أخذت تتذكر حين كانت في الخارج ذلك الصباح متوجهة صوب مركز دفع فواتير الكهرباء ، لحين وقفت بقربها سيارة سوداء ضخمة ما إن التفتت إليها حتى خرج منها عدة رجال أشداء ، أمسكوا بها وأخذوها عنوة معهم واختفى أثرها من هناك بالمرة ، أخذت تصرخ وتصرخ لكن دون فائدة أغلقوا فمها وعينيها وكتفوا يديها لحين وصلوا بها بعد برهة زمنية لمكان مهجور ..أخرجوها من السيارة والدموع شلال من عينيها من شدة الخوف ،قاموا بجرها خلفهم لحين وضعوها بغرفة ضيقة مظلمة باردة …
أم تحسين(بعد أن أزالوا كمامة فمها):- أ أين أناااا ممم ماذا تريدون مني ؟؟؟؟
شخص ملثم(أزال غطاء عينيها):- أم تحسين بلغنا أنكِ تحبين خلق المشاكل وقلنا لما لا نلعب معكِ لعبة ، هممم أضيئوا الأنواااااااااااااااااااا اااار
أم تحسين(فتحت عينيها على وسعهما من شدة الهلع):- هئئئئئئئئئئئئئئئئئئئئئئئ
نظرت حولها للأسود الموجودة حولها وكانوا محتجزين في أقفاص
أم تحسين(تحاول الفكاك):- يا ويلي يا ويلي أنقذووووووووووني أنقذوووووني
الملثم:- إن أردتِ اصرخي حتى الصباح لن ينجدكِ أحد ، نريدكِ أن تتعرفي على أصدقائنا وتعيشي معهم يوما كاملا حرام أنتِ بارعة في تكوين الصداقات … آه ولا تحاولي الفرار وإلا بضغطة زر سنفتح باب الأقفاص لهم وساعتها سنقول الله يرحمك
أم تحسين(تولول ببكاء):- سامحوني سامحوني أعيدوني والله لن أعيدها أقسم لكم، لن أطأ عتبة بيتي فقط أعيدووووني …آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ� �
زأر أسد من بينهم وزاد الرعب فيها حتى شلت حركتها وظلت تبكي وتبكي وما زاد الطين بلة ، هو خروج الملثم وبقائها لوحدها رفقتهم بعد أن أطفئوا الضوء عليها ، ولم تعد ترى شيئا فقط تسمع صوت زئير الأسود الملتفة من حولها ، أخذت تدور يمنة ويسرة بارتياب تخشى أن يقربها أحدهم وهناك عاشت جحيما أسودا ، بل هلعا حقيقيا لن تنساه في حياتها … أرعبوها طوال ذلك اليوم لحين تعبت من الصراخ والعويل وبح صوتها ، فتحوا الباب وسحبوها مثل الحشرة وأعادوها لبيتها رموها عند العتبة ورحلوا في حال سبيلهم ، بجهد جهيد طرقت باب بيتها وفقدتِ الوعي ،وبعدها وقع ما وقع فقد أخذت درسا ألا تقرب بيت الراجي ولو بتفكير حتى فما نابها منهم لم يكن بقليل …

"وصلتُ إلى مُنعطفِ طريقين أحدهُما يؤدي للهلاك والآخر للضياع ، أعلم أنني تخليتُ عن نبضِي في لحظةٍ فارقة لكن ما أجبرني على مراوغةِ الأسد ، هي رغبَتي في شِراء معلوماتٍ تُوصلني إلى هدفي الذي لن أسمح لأحد أيا كان يكُون أن يقف في وجه تحقيقه "
أخيرا هاهم أمام قصر حكيم الرسمي ، نزل طلال هادرا في الحرس كي يفتحوا البوابة لإدخال حكيم الذي خرج من السيارة معتمدا على الدعامة الطبية ، شحوبه كان لافتا حتى أنه عيناه كانتا تنغلقان وهلة وتنفتحان ، لكنه كابر وكابد العناء لأجل صاحبة العيون العسلية التي نزلت بعلياء ، وهي تطالع كل الرفاهية التي تسري من حولها ، رمقت حكيم بطرف عين وودت لو تخرس فوهة الأسئلة التي لاحقت مخيلتها ، فلا الوقت يسمح ولا المكان مناسب
طلال:- يا رجال أفسحوا الطريق هل حضر الطبيب ؟؟ الطبييييييييب أيسمعني أحدكم هااه ؟
خادمه:- وصل وصل هو بجناح السيد ينتظر
حكيم:- لا تحدث جلبة يا طلال أنا بخير
طلال(أتى وقام بإسناده):- كلا يا رجل من الواجب فحصك بدقة ، رافقني
حكيم(وقف عند البوابة والتفت لميرنا):- تفضلي
ميرنا(رمشت بعينيها وزفرت بعمق ولحقتهما):- هممم
فخرية(أتت مهرولة إليهما):- كنت أعلم كنت أعلم أن هذا السباق لن ينتهي على خير ، لما لم تسمع كلامي حين منعتك يا ولدي أرأيت ما حدث لك ، رؤياي لم تكذب ؟؟؟؟؟
طلال:- فخرية لا تبدئي هو بخير كالحصان أمامكِ فقط التواء بسيط بقدمه
فخرية(عانقته بخوف):- اخرس أنت …. آه يا ولدي يا حبيبي خفت عل…. (بخفوت همست له)هئئئئ هل هذه هي الشمس ؟
حكيم(رفع حاجبه ونظر لطلال الذي استغرب):- احم … ميرنا تقدمي لأعرفكِ على فخرية
ميرنا(وضعت خصلة خلف شعرها وهي تزفر بتعب):- مرحبا
فخرية(عقدت حاجبيها ونظرت شزرا ليد ميرنا المعلقة ولم تشأ مصافحتها):- كيف تجرأتَ على إحضارها إلى هنااااااااااااا ؟
حكيم(سحبها خلفه بعد أن رمق امتقاع وجه ميرنا وهي تضم يدها لصدرها):- ما هذا الذي فعلته ، سوف نتحدث لاحقا الزمي غرفتكِ الآن فخرية الآن
فخرية(بكره رمقت ميرنا بنظرات كحد السيف):- إنك تلعب بالنار صدقني ، تلك الشمس ستحرررررررررقك ستحرقك
ميرنا(حركت يديها له وهي تتابع نظرات فخرية المبتعدة عنهم):- من هذه وما بالها معي ؟
حكيم(وضع يده على كتفها):- لا تكترثي ، سأفسر لكِ فيما بعد .. طلال سارع بأمر الطبيب تعلم بأنني أشعر بالملل سريعا
طلال(فهمه وتأبط ذراعه):- ولو ولو يا صديقي دعنا نصعد .. ميرنا اتبعينا
وصل به إلى جناحه بعد أن صعد بجهد جهيد فألم رجله كان قد اشتد عليه ، لكنه لم يبرز ذلك ولا للحظة حتى عندما ضمد الطبيب رجله وحقنه بدواء مساعد ، شكره فقط بإيماءة رأس غاص بعدها في نوم عميق ..
طلال(رافق الطبيب للخارج):-رجاء ميرنا لازميه لحين عودتي سأوصل الطبيب وأعود
ميرنا(حكت خلف عنقها ، وكأنه لدي خيار آخر):- همممم …
نظرت حولها للجناح الشاسع ولديكوراته المنتقاة بعناية ، كانت حتما تشبه ذوق حكيم .. مسحت على شعرها وهي تضع نظاراتها وحقيبتها على المنضدة ، وضعت يديها تحت شعرها وقامت بتحريكه لعلها تحصل على راحة ، أزالت سترتها الزهرية وبقيت بالقميص التحتي .. أخذت تنظر إليه من محلها بحيث جلست على الكرسي مقابله تراقبه وهو نائم ، من كان يقول أن صباحها سينقلب لذلك الأمر .. عقدت حاجبيها وهي تميل برأسها في تأمل لملامحه الساكنة كم بدا جنونيا تلك اللحظة وهذا ما جعلها تشعر بوخز في قلبها فاليوم خسرت حب حياتها بكذبها عليه وها هي ذي تجلس في جناح ابن عمها الذي لا يزال بالنسبة لها غريبا كما تسميه ، .. استقامت من محلها وأخذت تدور بالغرفة واضعة يديها على خصرها تطالع كل شيء وأي شيء تصادفه حتى دولابه فتحته ، وهنا لمعت ببالها فكرة جعلتها تخرج من الغرفة
ميرنا(في سرها):- هذه هي فرصتي كي أعرف عنه كل شيء ، أكيد يحتفظ في مكان ما بأسراره وقصر كهذا أكيد سوف يشمل مكتبا خاصا به ، همممم من أين سأبدأ البحث ؟؟؟
شرعت تبحث عن أي دليل قامت بدخول كل الغرف الموجودة بالأعلى إلى أن وصلت لخلوته وهناك تسمرت محلها وهي تطالع عشرات العصافير الخشبية الموضوعة في كل مكان هناك ، صعقت من ذلك المنظر فكيف يصنع منها كل هذا العدد دون كلل أو ملل ، دلفت إلى تلك الحجرة وأخذت تلامسها بيديها ولم تستطع إخفاء إعجابها بها فلطالما سحرتها إبداعات حكيم ..
ميرنا:- واوووو ما أحلاها ! تتت خسارة تقبع هنا بين هذه الجدران …
حركت رأسها مرتين ووضعت خصلات شعرها خلف أذنها وشرعت تبحث عن أي شيء ملفت ، قد يجعلها تعرف الكثير عما يخفيه عنها حكيم .. مع الأسف لم تستطع إيجاد شيء محدد هناك لا ملفات ولا أوراق ولا أي شيء يثبت تورط حكيم بالفهد البري أو يفسر العلاقة بينهما ، وضعت يدها على جنبها وأخذت تطالع زوايا الغرفة بملل ورتابة ، قد خاب أملها في إيجاد ما سيساعدها لحين قاطعها دخول فخرية
فخرية(بلؤم):- ماذا تحسبين نفسكِ لتدخلي خلوة ابني حكيم دون إذن ؟
ميرنا(طالعتها شزرا وحولت عينيها بتعب):- من تكونين أصلا لتمنعيني من دخولها ؟
فخرية(أشارت لها بغمغمة قهر):- إياكِ وأن ترفعي صوتكِ علي ، أنتِ لا تعلمين مع من تتعاملين أخرجي من هنا ومن قصرنا ومن حياة حكيم فعودتكِ شؤم شؤم
ميرنا(عادت برأسها للخلف وهي ممتعضة من حديثها):- ووو على رسلك يا امرأة أنتِ تُحملين الأمر أكثر من حاجته ..
فخرية:- حاذري لهجتكِ معي وإلا سترين مني ما لا يعجبك
ميرنا(مصت شفتيها واقتربت منها بهدوء):- وما هو الذي لن يعجبني ؟
فخرية(تحركت حنجرتها وهي تعود للخلف):- لا تقتربي مني
ميرنا(بل زادت خطوة نحوها):- لماذا هل تخشين مني أن أحرقكِ كما أحرقتم قلب أسرتي ؟
فخرية:- ماذا تقولين يا أنتِ ؟
ميرنا(ضحكت بغرابة):- هاهاهاها كيف لم تفهمي يا فخرية أنكِ لن تتخلصي من لعنة أختكِ سلسبيييييييييييييل مهما فعلتِ هاهاها أنا سألازمكِ حتى المماة
فخرية(بهلع ارتطمت خلفها بالجدار وأغمضت عينيها):- عليكِ اللعنة عليكِ اللعنة ابتعدي عني ابتعدي ابتعديييييييييييي ..
ميرنا(عقدت حاجبيها):- يا سيدة هل أنتِ بخير ؟ لما تصرخين في البهو لوحدك ؟
فخرية(نظرت حولها باستغراب):- ماذا ؟
ميرنا:- لقد كنتِ تحدثينني وبعدها انسحبتِ وأنتِ تصرخين ، هل بكِ شيء يتعبك ؟
فخرية(بخوف إنها سلسبيل هي التي جسدت ميرنا ولكن كيف كيف):- لا بأس لا بأس ..
ميرنا(وضعت يدها على كتفها لتسندها):- ولكنكِ كنتِ ..
فخرية(انتفضت وهي تلمس كتفها بفزع):- لا تلمسيني ابتعدي عني ابتعدي .. أنتِ ملعونة
ميرنا(بعدم فهم):- عماذا تتحدثين يا أنتِ ثم لما تتصرفين بهذه الغرابة ؟
فخرية(ابيضت عيناها فجأة وبصوت كفحيح الأفاعي):- لأنكِ …
طلال(أتى مهرولا نحوهما):- فخرية فخرية … الخدم جهزوا لكِ حساءكِ المخصص تفضلي لغرفتكِ الآن
فخرية(عادت عيناها للولنهما الطبيعي):- هاااااا أنتِ ذي يا شعيراتي الرمادية تشهدين المآل ، ها أنتِ ذي يا شعيراتي الرمادية تشهديييييييين المآل …
ميرنا(تنفست بفزع من نظرة فخرية التي ابتعدت عنهم):- ماذا تقصد بكلامها ثم هي لما تكرهني لذلك القدر ؟؟
طلال:- ههه ههه لا تشغلي بالكِ هي مجنونة بعض الشيء ، وحبذا لو أنكِ تتحاشينها بالمرة كي لا تتعبي نفسك ، آه ماذا كنتِ تفعلين بمكتب حكيم ؟
ميرنا(حركت عينيها):- أتفسح ، أ.. يعني كنت أستكشف المكان شعرت بالملل
طلال:- طيب عليكِ أن تتناولي شيئا سيقتلني حكيم إن علم أنني جوعت عصفورته ، لذا طلبت منهم تجهيز صينية أكل سيحضرونها لكِ لجناح حكيم كي لا تشعري بالغربة في هذا القصر
ميرنا(تنهدت عميقا ونظرت لساعتها):- متى برأيك سيستيقظ ؟
طلال(تحرك كي تلحق به):- لا أعلم لم يحدد لي الطبيب وقتا ، لكنه نبهني من أنه قد يصاب بحمى ، يعني أمر طبيعي يحدث جراء ذلك الالتواء لكنني طمأنته أننا سنقوم برعايته
ميرنا(بقلق):- طيب سأراه وأتحسس حرارته يجب علينا مراقبته فوريا
طلال(راقبي يختي آخخخخ):- تفضلي تفضلي أنا لدي بعض الأشغال خارج القصر سأقضيها وأعود، هل أستطيع الاعتماد عليكِ ست ميرنا ؟
ميرنا(وقفت بباب جناح حكيم):- أكيد سأكون هنا لكن .. يا ريت تترك لي رقم هاتفك يعني إن احتجت لشيء اتصلت بك
طلال(أخرج هاتفه):- معي رقمكِ سوف أتصل بك ليبقى رقمي لديكِ ، في أي وقت اتصلي
ميرنا:- طيب شكرا لك
طلال(نظر بطرف عين للباب وابتسم وأثناء مغادرته):- ههه هاه يا سيد حكيم أرى أن الفهد قد خدمك خدمة عمرك ودون احتساب حتى ههه
ميرنا(أقفلتِ باب الجناح واتكأت عليه وهي تناظر حكيم النائم):- جميل جدا هذا ما كان يلزمكِ يا ميرنا بالفعل ، أن تراعي صحة ابن عمك الغائب منذ 16 سنة لا والرائع في الأمر أنكِ تكذبين وتكذبين وتكذبين مذ أن ظهر بحياتك ، أوووووووف منك يا حظي يعني يا وائل ألم يخطر ببالك حضور سباقات إلا اليوم علي أن أكلمه وفورا …
أمسكت هاتفها ورنت عليه لكن لم تجد جوابا وبعثت له رسالة صوتية وهي تعضعض شفتيها ، بعدها وضعته بجيبها حين سمعت طرق الباب ودلفت خادمتين وهما تقودان عربة طعام صغيرة فيها كل ما تستطيب له النفس ، وضعاها عند قدمي ميرنا وانطلقتا مسرعتين نحو الخارج
ميرنا(نظرت لرقاقات البطاطس المقلية الموجودة ضمن الأطباق الأخرى وأمسكت بالشوكة أكلت اثنتين ودارت برأسها حولها):- كأنني لمحت حماما هنا آه … ها هو ذاااا …
توجهت إلى الحمام لكي تغسل يديها وتفاجئت بهندسته بحيث كان مرسوما على الرخام المحيط بكل زاوية منه ، عصافير ملونة بشتى الأشكال والأنواع حتى المغطس كان على شاكلة عصفور عملاق ، دهشت حتى أنها تراجعت للخلف إذ حسبت وكأنها وسط عالم إلكتروني محض ، حركت رأسها بعدم تصديق إذ كيف يبلغ الهوس به حتى يصنع حماما بأكمله من عالم العصافير بمعنى الكلمة.. زفرت تعجُّبها وهي تغسل يديها وترمق كل شيء هناك بعين استغراب لحين خرجت وهي تهز حاجبيها بدون قدرة على كتم تلك الحيرة ولو بأي طريقة ..ولكنها أثناء ذلك استذكرت شيئا لافتا جعلها تحاول لملمة أفكارها تلك اللحظة
ميرنا(رمشت بعينيها):- متأكدة أنني لمحت شخصا يشبه إياد في السباق لكن حضور وائل جعلني أنسى أمره تت علي أن أطمئن عليه ..(اتصلت) اووف هاتفه خارج التغطية لا بأس ليلا سأراه وسأسأله عما كان يفعله هناك ولكن إن كان أحدا يشبهه سوف أفضح أمري وكذبي ، آه يا ربي ماذا علي أن أفعل ربما الصمت حكمة ، سأستفسر بطريقة أخرى وأفهم منه ذلك .. هذا هو أجل
ظلت تعيد وتزيد وتفكر لوحدها .. وفي مكان آخر تحديدا في سيارة الفهد الذي وصل به رشيد إلى مقبرة قصية بعيدة عن المدينة ، كان يضع يده على فكه وينظر للمكان أمامه ، يمعن النظر للبعيد وقد استفاقت بقلبه مشاعر دفنها في أعمق سرداب كي لا يتعايش مع مواجعه الغبراء…
رشيد:- هل ستنزل ؟
الفهد(تنهد وهو يغمض عينيه):- لا تبرح محلك ، سأنزل منفردا
خرج من السيارة وعدل ياقة قميصه وهو يتوجه إلى بوابة المقبرة المهجورة ، رفع رأسه للسماء التي تلبدت بالغيوم وزفر عميقا بعد أن فتح الباب الحديدية للمقابر الساكنة هناك ،صوت صرير الصدأ المتآكل بالبوابة صم أذنيه وأمدَّه بقشعريرة مقيتة تعريه من كل الحاضر وتعيده قسرا للماضي ، غض فكره عن ذلك ومرر بصره في كل اتجاه يطالع تلك القبور المليئة بالأموات السالفين .. توغل بالمكان لحين وصل إلى قبر مزين برخام ثمين يبدو على صاحبه الرفاهية كيف لا وهو أهم شخص كان في حياة الفهد ، مسح بيده على شاهد القبر وانحنى القرفصاء وجلس مقابله ..
الفهد:- هنا ترقد يا من مات قلبي بعد فراقه ، هنا وضعوك حين أزهقوا روحك غدرا ..اشتقت لك رغم قساوة عيشنا إلا أنك كنت رؤوفا بي وصرامتك معي لم تكن إلا لكي أحمل عنك همَّ الغد ، حتى لو مضت سنوات على هذا الفقد إلا أنك لا تزال بين أكف أشواقي.. تناجيني أحيانا وأحيانا تمنحني الخلاص ، أتعلم أن نصائحك وحكمك ما زالت تعشش في عقلي وأستخدمها كلما وقعت بمضيق فكرتين ، ههه اممم لنقل أن طبعك السيء كان من نصيبي أنا ، ..لقد أردت أن تتنعم برغد الحياة ونسيت أن الحياة لا تمنح العطايا إلا بمقابل ثمين ، ليتك لم تقحمنا في تلك الدائرة وتركتنا في حال سبيلنا لربما كنت حينها حرا طليقا في السماء ، ولست فهدا بريا يقتنص الفرائس بنهم شرس … اشتقتك أبتي وبقدر اشتياقي إليك بقدر كرهي لك ولهم ، حري بك أن تفرح لأن موتك لم يكن على يدي والذي كان تأشيرة وصولي لعرش المافيا …اممم أظن أن زيارتي اليوم لك قد انتهت وانتهى معها تذمري وعصياني لنرى ما يفعله الشخص الذي يهمني أمره من بعدك فمؤكد أنني لن أتركه وشأنه مطلقا لأن لديه شيئا … أريده !
نهض من هناك وملامح الشيطنة قد اعترته وكأن مروره بقبر أبيه ليس سوى شحن بالطاقات السلبية والحقد والغضب ، فبعد مغادرته للمقبرة يصبح شخصا آخر مليئا بالشر ويا ويل الذي يعترض طريقه ساعتها .. غادر قبر أبيه وبسمة خبيثة ترتسم على ثغره لكن استوقفه شيء غريب جعله يزيل نظاراته الشمسية ويرفع حاجبه باستغراب ، تقدم بخطوات هادئة صوب ذلك القبر الذي كانت موضوعة بحضنه باقة من زهر الياسمين
الفهد(بعيون محمرة):- رشييييييييد رشيييييييد … يا غبي أين أنت ؟؟
رشيد(أتاه ركضا):- نعم تحت أمرك سيدي
الفهد(أشار بيده ناحية القبر):- أريد أن أعرف من هذا الذي دخل لمقابر آل الراجي وقام بزيارة قبر هبة رشوان ، سارع بمعرفة من المقتحم وأيا كان لا تخبرني باسمه بل قم بتصفيته على الفور ….أيا كاااااااان يكووووووووووون
رشيد(نظر بارتياب ناحية القبر وأصابته الدهشة):- م … ما ربما كان ضرغام رشوان يعني
الفهد(وضع نظارته واتجه مغادرا):- حتى لو كان هو … اقتله
رشيد(فتح عينيه بعدم تصديق):- احم ولكنه يا سيدي يعني …
الفهد(رفع يده بإشارة الصمت قبل أن يفتح باب السيارة):-أوووف تمام تمام ، اعرف لي بداية من زار قبرها ونرى بعدها مصيره الذي يستحققه على مهلنا
رشيد:- تمام لنغادر إذن وسأزرع رجالي هنا ليل نهار ، سنعرف من يكون لا تقلق
الفهد(نظر نظرة أخيرة خلفه تجاه المقابر):- أتمنى ذلك..

في المعسكر
تزايدت وتيرة الأحداث منذ آخر موقف حدث بينهما خصوصا مرض كامل كمال ، من وقتها لم يبرح جدران مكتبه حتى صبيحة ذلك اليوم حيث كان من المفترض أن يقوم بمهامه تجاه الكتائب إلا أنه أوكلها للعريف زاهر وبقي قابعا وحيدا يصارع أفكاره وزلاته .. من جهة كان يشعر بأنه قد تسرع وظلمها ومن جهة أخرى فكرة أن يكون قد ظلمها برمتها تشعل فيه نيران العالمين .. ها هو ذا يدور في مكتبه أحيانا يتكئ على سطحه أحيانا يكتف يديه مقابل النافذة أحيانا ينام على كنبته المهم كل لحظة بشكل مختلف ، لا يدري إن كان يتوجب عليه الاعتذار أم يترك الأمر كما هو عليه
جاسر(سمع طرق الباب):- اففففف أدخل
الجندي:- سيدي اللواء أيمن في طريقه لمكتبك هل تأمرني بشيء ؟
جاسر(بثقل):- لا شيء إنصرف أنت .. تتت ماذا يريد من هذه الزيارة الغير مسبقة بموعد ؟
أيمن(دخل إليه بعد لحظات):- رائد جاسر
جاسر(ألقى بدوره عليه نفس التحية العسكرية):- لواء أيمن تفضل أهلا بزيارتك
أيمن(صافحه بمحبة):- شكرا لك بالمرة سأرى كيف هي الأمور بالمعسكر
جاسر:- فيك الخير الأمور على عينك كل شيء تمام
أيمن:- واضح طبعا معسكر تحت سيطرة جاسر العلايلي من المؤكد أن يكون مثل خلية النحل ، كل شيء في محله
جاسر(رفع هاتف المكتب):- سأطلب لك قهوتك
أيمن:- أ… لا أجلها أود رؤية النقيب وصال
جاسر(برقت عيناه والتفت إليه):- وماذا تريد منها ؟
أيمن(حرك رأسه بعدم فهم):- لأنها قد طلبت رؤيتي وقد أتيت بناء على اتصالها
جاسر(استقام بغيظ):- كيف ؟؟ يعني متى اتصلت بك وماذا تريد ؟
أيمن(عاد برأسه للخلف وهو يعلو بنظره إليه):- مهلك يا جاسر ،لا علم لدي لكنها طلبت قدومي على وجه السرعة يعني لنستدعها ونستفسر سوية
جاسر(فتح باب المكتب لينادي الجندي):- طبعا طبعا يجب أن نناديها على الفور
وصال(كتفت يديها):-لا داعي لقد أتيت لوحدي
جاسر(ابتلع ريقه بنظرة استجداء خفية وعقد حاجبيه حين تجاوزته دون اكتراث):- قممم
أيمن(استقام ليرحب بها):- نقيب وصال مرحبا بك تفضلي
وصال:- أشكرك على تلبية دعوتي بهذه السرعة سيدي اللواء ،إن الموضوع الذي أحتاج مفاتحتك به خاص بعض الشيء لذا أطلب منك سيدي الرائد من بعد إذنك أن تدعني مع اللواء بمفردنا
أيمن:- أهاه طبعا أكيد .. لو سمحت جاسر من بعد إذنك ؟
جاسر(نظر إليهما وحمم نارية تتصاعد من عينيه):- عن أي موضوع ستحادثينه نقيب وصال ، بما أنكِ هنا تحت إمرتي يجب أن أعرف عنكِ كل كبيرة وصغيرة
وصال(مطت شفتيها ببسمة متعبة):- ستعرف ما إن أنهي حديثي مع اللواء أيمن
جاسر(نظر إليها بغضب):- سوف أنتظر بالخارج ريثما تكملان … خذا وقتكما
أيمن:- مشكور جاسر تفضلي وصال اجلسي لا تبقي واقفة
أغلق الباب عليهما والغضب يتطاير منه كشرارات كهربائية تنوي حرق الأخضر واليابس ، رمق باب المكتب بكره وهو يتكأ بيديه على حافة السور المطل على الساحة أسفله ، أنفاسه لم تكن أنفاسا بل كانت سلسلة من الفوهات البركانية التي ودَّ لو يطلقها في وجه اللواء أيمن ونقيبه التي تلعب بعداد عمرها تحت ذلك المعسكر … لم يلبث سوى عدة دقائق شعر وكأنها ساعات أخذ يدور في الممر جيئة وذهابا لحين فتح باب المكتب وخرجت منه وصال منفردة ومثلت أمامه وجها لوجه
جاسر(تحركت حنجرته وهو يتنفس الصعداء من نظرة عينها المختلطة بالانكسار والمتعة وهذا ما ناقض عقله):- ما الذي حدث ؟
وصال(زفرت آها وابتسمت له):- ما كان يجب أن يحدث من البداية .. اللواء بانتظارك
تركته مشدوها فيها وذهبت من أمامه ، حق الاندهاش لم يعد منوطا به بل حتى باللواء أيمن الذي فتح باب المكتب وأطل عليه ثم أشار له بالدخول وكان باديا على ملامحه الأسى ، لكن هو بائس من أجل ماذاااا ؟
أيمن:- تعال جاسر علينا أن نتحدث
جاسر(دخل مسحوبا خلفه إذ تيقن أنها أسرَّت للواء عن كل الأذى الذي سببه لها ، لقد اشتكته بالمختصر المفيد):- أي شيء أخبرتك به لدي تفسير له
أيمن:- اجلس يا جاسر وأخبرني لما تطلب النقيب وصال استقالتها ؟
جاسر(اتسع بؤبؤ عينيه بدهشة وفتح فاهه دون قدرة على الاستيعاب):- ماذا تقول ؟؟ طلبت استقالتها لكن … لماذا ؟
أيمن:- لم أفهم منها شيئا قالت أنها تعبت من المسؤولية وكلام من ذا القبيل لم يقنعني ، فما أعرفه عنها وما سمعته عن صيتها يضمن لي أنها كفؤ وإنسانة مثابرة وتتحمل مسؤولية نمل وليس جنود فقط ، لذلك أنا أوجه نفس السؤال لك ما الذي قد يضايقها حتى تبتغي الانسحاب ؟
جاسر(عاد ورمى بظهره خلفه بالكرسي بتعب وشرد بعيدا):- لا أدري .
أيمن:- اسمعني جاسر وصال صعب خروجها من المعسكر ولم يتبقى على تخرج الجنود سوى شهر ونصف ، مستحيل أن نجد نقيبا آخر في هكذا ظروف ليغطي مكانها لذا يتوجب عليك حل المشكل ، لم أعطها جوابا نافعا أخبرتها أنني رافض للفكرة لكنني سأفكر بها وعلى أمل ذلك غادرتني
جاسر(استقام وهو يضرب كفا بكف):- فهمت فهمت …
أيمن(أمسك قبعته الميري وارتداها):- علي الذهاب الآن تركت لك المهمة ، أقنعها في ظرف ثلاثة أيام يتوجب علي أن أعود بالرد كي أخلي ذمتي من الوعد الذي قطعته عليها
جاسر(التفت إليه):- تمام تمام لا تقلق لن تستقيل أستطيع أن أضمن لك ذلك
أيمن:- جميل جدا ، سأحادثك فيما بعد لأعلم المستجدات … انتبه إن وصل الأمر للإدارة أو للواء بشير سنقع في مشاكل وأكيد سمعت عن معزتها لديه لا نريد أن نخسر قيمتنا أمامه
جاسر:- وهل نحن هنا نعمل بالواسطة يا لواء أيمن ، ثم لا تهتم اعتبر الأمر منتهي أصلا
أيمن:- طيب ، إلى اللقاء الآن ..
فور خروج أيمن لف لفتين بالمكتب والتوتر اعتلى ملامحه ، عقد حاجبيه وانحنى على مكتبه يدعم صدره الذي اختنق فجأة ، يلزمه التحدث معها لكنه متردد وهذا التردد الذي خلق نفسه بنفسه الآن مؤكد نهايته لن تكون حميدة ……. أقفل باب هذه الأفكار وخرج هادرا متجها صوب غرفتها كإعصار جامح ومن حسن حظها لم تكن هناك ، حك فكه ونزل صوب المعسكر بحث عنها في كل زاوية ولم يظهر لها أثر وكل هذا أجج أكثر حالته العصبية وسمح لها بالوصول للحد العالي من الصبر …
جاسر(وضع يديه على جنبيه وتلفت من كل جانب):- أين هي أييييييييييييييين ؟؟؟
العريف زاهر(كان متوجها صوب مكتبه):- آه سيادة الرائد هل تحتاج شيئا ؟
جاسر(مسح على حاجبه وهز رأسه لزاهر):- لالا كنت فقط أتابع الأمور ، أ… احم هل لمحت النقيب وصال أحتاجها في أمر مهم
العريف زاهر:- ستجدها بغرفة التمريض لقد تعب الجندي كامل كمال ورافقته إلى هناك
جاسر(ههه مجددا الزفت كامل كمال كان علي أن أحزر):- طيب أتمم عملك ، شكرا …
انطلق من فوره نحو غرفة التمريض وما إن وصل إليها همَّ بفتح الباب فجأة ، لكنه توقف ليسمع ضحكتها والحديث الذي تلا ذلك
وصال(تجلس بالكرسي بقرب كامل النائم على سرير التمريض):- هههه أتعرف لقد شوقتني للقاء جدتك ، يا رجل أأنت بهذا العمر وتهابها ؟
كامل:- هه وأموت رعبا من زمجرتها فيني ، هي التي ربتني مذ وفاة أمي ، فتحت عيني عليها وكانت السند الحنون لي حتى وإن كانت صارمة معي لكن هذا لكي أكون رجلا فقط ، يعني لمصلحتي ومع ذلك أحبها بل أذوب في هواها عشقا ولا أصدق متى أنهي عسكريتي لأعود لها بالبذلة العسكرية متشوق لرؤية نظرتها اللامعة وفخرها بي
وصال:- الله ينولك اللي ببالك يا كامل
كامل:- آمين وأنتِ أيضا ، الله يشهد أن معزتك بمعزتها بقلبي يعني أنتما المرأتين الوحيدتين بحياتي كلها
وصال(ربتت على يده المعلقة بالمغذي الوريدي):- وأنا لي كل الشرف ، أتدري شيئا أشعر بك مثل صديقي إياد لقد حكيت لك عنه ، هكذا أصبحت بحياتي ومؤكد بعد انتهاء العمل سوف نلتقي ونوطد صداقتنا حتى أنني سوف أزوركم بالبيت كي أذوق طبخ جدتك الشهير
كامل(بلمعة فرح):- صحيح سيدتي يعني هل أنتِ تتكلمين بجدية ؟
وصال:- طبعا فقط عليك أن تكون شجاعا يا كامل ، أمامنا شوط كبير مع التحاليل ولن يعلم أحد سوانا وبقية الجنود سيسمعون أنه مغص معوي فقط
كامل(أمسك بيدها بين يديه وبدموع):- صدقيني أنا سعيد بكِ أكثر مما تتصورين .
وصال(بشعور طيب وعيون مغرورقة بالدموع):- اسمعني كامل ، أنا اليوم اتخذت قرارا عليك أن تعرفه يعني لم يعد وجودي هنا مريحا لي ، لقد تعبت طوال الفترة الماضية التي قضيتها هنا ، تعرضت للإهانة وللظلم مرارا وتكرارا حتى لم يعد فيني صبر ..
كامل(بنبرة حزينة):- بسبب الرائد جاسر صح ؟
وصال(ارتجت عيناها بألم):- لا يسعني أن أتحدث عن مديرنا يا كامل ، لكن أنا أريد أن أبحث عن راحتي ووجدتها في رحيلي من هنا
كامل(بجموح خلق لتوه):- سأواجه الرائد جاسر بظلمه ولن أسكت هذه المرة ، إن غادرتِ يا سيدتي سأتبعكِ لن يشرفني أن أبقى تحت سقف واحد مع ظالم مثله لا يعرف ما معنى الإنسانية إنه أقرب لوحش
وصال:- شتتت كامل عيب عيب أن تتكلم عنه بهذه الطريقة
كامل:- أوتدافعين عنه بعد كل ما فعله بكِ ، غريب أمركِ سيدتي ؟
وصال(مطت شفتيها):- ما ترعرعت عليه لا يسمح لي أن أشمت أو أذم أحدا حتى لو فعل بي السيئة .. لذلك الله وحده كفيل بإظهار الحقيقة له ووقتها أنا لن أكون تحت ربوع هذا المعسكر
كامل(رمش بعينيه):- ولكنني لا أطيق المعسكر بدونكِ سيدتي ، ابقي رجاء لن نجد مثلكِ لقد تعرضنا سابقا لسيطرة النقيب رفعت وتدريباته السادية ومعكِ فقط وجدنا راحتنا ، هل تتخلين عنا ونحن في نهاية المسار ؟
وصال(تنهدت بثقل):- كامل أنت تعلم كم أحبك وسأترك رقمي لديك متى ما خرجت سأنتظر زيارتك لي ، أنت وجدتك
كامل:- أتعلمين شيئا ؟ لدي إحساس ينبؤني أنكِ ستكونين أنتِ من تسلمني شارتي حين التخرج من هنا
وصال:- ههه أنا لن أبقى
كامل:- بلى ستفعلين لأنكِ مرتبطة بنا كما نحن ، صدقيني لسنا جنودا بلا قلب فقط مبرمجين على التدريبات الكثيفة وكيفية الدفاع عن الوطن وتلك الشعارات التي بتنا نحفظها عن ظهر قلب ، بالعكس نحن نملك قلوبا رحيمة سنسخرها لأجل ما تتلمذناه على أيديكم …
وصال(استقامت):- يا الله منك يا كامل أنت تتعبني معك ، انتفخ قلبي بالحنان الآن أتعلم شيئا عليك أن تنام ، وسأزورك ليلا
كامل:- سأكون بانتظارك
وصال(ابتسمت):- سآتي بهاتفي الخلوي وأجعلك تكلم جدتك
كامل(بحماس صفق):- الله الله اشتقت لها كثيرااااااا ، شكرا شكرا سيدتي سأكون ممتنا لكِ
وصال:- هه أراك لاحقا
تركتِ العصافير تزقزق في عقل كامل الذي فرح بسماع صوت جدته تلك الليلة وغادرته ، تسحب رجليها بثقل وتفرك جوانب يديها ببرودة غريبة اعترتها وكأنها ستهجر قطعة من روحها ، أخذت تسير بذلك الممر وحيدة وتناظر كل ما يدور حولها فعلا مثلما قال كامل هذا المكان مرتبط بها وهي مرتبطة به ، لكنه أذاها أذاها كثيرا ولم يعد لها صبر لتتحمل أكثر .. ابتلعت ريقها وهي تمسح عبراتها الحزينة المنحدرة من عيونها الكسيرة وحين وصلت لغرفتها زفرت بعمق وهي تدلف إليها لعلها ترمي بعضا من همومه المتضخمة بصدرها …
جاسر(كان يجلس على كرسيها ويضع رجلا على رجل):- هل أزعجكِ ؟
وصال(انتفضت بفزع):- ماذا تفعل بحجرتي دون إذني سيادة الرائد ؟
جاسر(شبك يديه وهو يجلس بأريحية):- كنت بانتظارك
وصال(جثمت محلها وهي تضم يديها إليها):- يا نعم أية خدمة ؟
جاسر(تلاعب بلسانه داخل فمه واستقام إليها وهو يتمطى وعيونه الذئبية تتأملها):- هل ودعتِ حبيبكِ كامل كمال ؟
وصال(زفرت بتعب وهي تحول عينيها):- إن كنت ستبدأ تلك الأسطوانة المريضة التي نسجتها من عقلك المصاب بانفصام شخصية ، فأعتذر منك لا وقت لدي لسماع هرجك
جاسر(استدار حولها بحركات استفزاز ومثل أمامها وجها لوجه ومال برأسه لرأسها):- حتما ستشتاقين لزوايا هذا المكان بعد رحيلك ، أي بعد شهر ونصف الشهر تقريبا
وصال(فردَت يديها بصرامة):- بل بعد ثلاثة أيام
جاسر(اقترب منها خطوة حتى بات أقرب لها من أنفاسها):- لن تغادري هذا المعسكر لحين انتهاء خدمتكِ به ، نقطة ورجوع إلى السطر
وصال(بعناد أشارت له بإصبعها)-:- لن تجبرني على ذلك سيد جاسر ، أنا قدمت استقالتي وأنتظر من الإدارة النظر فيها وأخذها بعين الاعتبار
جاسر(تنفس بعنف ونفاذ صبر):- أتعلمين أنني باتصال صغير مني قادر على إلغاء استقالتكِ التي تزعمينها ، ماذا تحسبين نفسكِ هنا أنا من له السلطة ولي كل الحق في التحكم فيك وفي كل شخص يتنفس تحت سقيفة هذا المعسكر
وصال(هزت رأسها فيه بكره):- ما كنت أحسبك أنانيا جاحدا لهذه الدرجة ، لقد خدعت فيك فالشخص الذي سافرت معه مرتين على التوالي مؤكد ليس أنت ..
جاسر(اهتز من جملتها ولمحها وهي تبتعد عنه):- وصال ..
وصال(بشراسة استدارت إليه):- نقيب وصال ولو سمحت غادر مخدعي أريد الراحة
جاسر(بلع ريقه بصعوبة ولم يدري ما هو فاعل والأهم أنه لأول مرة يعايش مثل هذا الشعور في الضعف والعجز):- لماذا تريدين المغادرة ؟
وصال(ضحكت باستهزاء وعادت إليه):- وتسألني لما أرغب في الرحيل .. أنسيت ظلمك لي وتصرفاتك الخاطئة معي واتهاماتك المشينة لمصداقيتي .. أكل هذا لا يعني لك شيئا ؟
جاسر:- إن ما وصلت إليه من تلك الاتهامات ، كنتِ السبب فيه لولا أنكِ مدلهة ليل نهار في ذلك الجندي الذي يصغركِ بكم سنة لما فكرت فيها ، لذا أنتِ من خلقها في عقلي
وصال:-قد أكون كذلك حتما ، لكن لا تنسى أن عقلك مريض بالأساس
جاسر(هنا أشعلته فمن يطفئه، أمسكها من ذراعيها وجذبها إليه بقبضة حديدية):- إياكِ وأن تنسي نفسكِ هنا يا وصال محفووووظ
وصال(قاومته وحاولت التملص منه):- دعني دعني تسلطك هذا لن يجدي نفعا معي ، أنا أكرهك وأتوق لليوم الذي سأخرج فيه من هنا كي لا أرى فيها وجهك مرة أخرى ….
جاسر(صدمته بتلك الحقيقة فتراجع وهو ينفض يديه):- أنتِ حتما تلعبين بالنار هنا ، الزمي حدودكِ أحذركِ للمرة الأخيرة
وصال(بتعب ذاتي أشارت بيدها بلا مبالاة):- غادر غرفتي لا حق لك بأن تأمرني ، طالما أنت في ضيافتي همممم
جاسر:-حسن يا وصال محفوظ سترين كيف سأجعلكِ تحترمينني رغما عنكِ
وصال(ضحكت في سرها وهمست بخفوت):- ارحمني من رؤيتك وستخدمني خدمة عمرك
جاسر(سمعها وصفق الباب الذي فتحه كي يهم بالخروج):- إنكِ تزيدين من غضبي ، كفى
وصال(التفتت إليه وتفاجئت به):- حضرتك الذي اقتحم مكاني الخاص ، ولو قمت برفع شكوى ضدك سوف تتعرض لمساءلة وغيره وغيره الكثير ، سوف لن أدعك تفلت من قبضتي هذه المرة بالعكس سأجعلك ترى ما معنى الظلم حين أتهمك بالتحرش
جاسر(أغمض عينيه وفتحهما واتجه إليها):- تحرش هاه ! طيب دعيه يكون تحرشا حقيقيا أقله لا يعذبني ضميري جراء ادعاء
قبل أن تستوعب جملته كان قد جذبها إليه بقوة لحين اصطدمت بحضنه وأمسك وجهها بين يديه بسرعة قياسية أتبعها بقبلة جامحة ترجمت كل غيظه ،….
كلمة انصهار ليست منصفة لتلك القلبة ولتلك المشاعر التي اختلطت ببعضها لتخلق فيهما سحرا عجيبا ، اختصر كل تلك الرحلة واتخذ طريقا أخرى لقلبيهما ، شعر وكأنها ملك له وكأن ما بها حقه وهذا الإحساس غريب بحد ذاته فكيف يفكر بامرأة قبلها للتو وكأنها خالدة في روحه وقلبه منذ أمد .. أما هي فقد ضعفت بانهيار وخارت قواها بفشل في تلك القبلة التي أسرتها بين قضبانها ولم ترحم صرخات قلبها الذي كان يستجدي الرحمة والفكاك ، بجهد جهيد حكمت عقلها وأخرست قلبها فقاومته لحظتها ودفعته عنها بقوة وهنة لحقتها صفعة طبعتها على خده
وصال(ببكاء تتراجع للخلف وتمسح على فمها):- ماذا فعلت أيها الحقييييير ؟؟
جاسر(شعر بالندم في الحين واللحظة):- أنا آسف لم ..
وصال(صرخت بانهيار):- أخرج من غرفتي أخرج لا أرييييييييدك هنا لا أريد أن أراك ، اهئ أخرج أخرررررررررررررج فوراااااااااااا
حرك رأسه بندم وأسف وغادر غرفتها تاركا إياها في حالة مؤلمة لم تكن في حسبانها على الإطلاق ، لم تصدق نفسها فقدرة القبلة كانت أقوى بكثير من مقاومتها ، شعرت بالخزي لأنها سمحت له بأن يتمادى معها ، لقد تعدى حدوده كلها وهذا شيء لم يعد يُسكت عليه لكن ما هي فاعلة أو ماذا عليها أن تفعل كي تتجنب جنونه وتتحمل ما تبقى لها هناك تحت ذلك الجحيم ، كما أسمته حين جلست على الأرض منهارة باكية عاجزة حزينة بعد الذي حدث وكأنه كان ينقصها ليكمل بقية أوجاعها … تقوقعت على نفسها لتعايش آلامها تلك اللحظة في حين دلف هو لمكتبه وكسر كرسيا جانبيا من فرط الغيظ والندم الذي اعتمر صدره ، لقد أخطأ وتسرع وقام بفعل شنيع بعد تقبيلها ، لقد تواقح معها وما كان عليه أن يسمح لأهوائه أن تبلغ ذلك الحد لكنها استفزته ولم تترك أمامه سوى ذلك الحل ، تبريرات تبريرات تبريرات واهية يا جاسر ! هذا ما قاله وهو يستند بيديه على حافة مكتبه ورأسه ملقى بوهن ثقله بلغ فيه مكامن التعب الروحي ، وهذا ما أعطى للاختناق طريقا لخاطره ، لقد عجز هذه المرة لم تنفعه قوته ولا سلطته بل انهزم أمام تأثير امرأة عليه وليست أي امرأة منذ البداية وهو يعتبرها عدوته ،فكيف تجرأ على تقبيلها بل كيف راودته تلك الفكرة بالمعنى الجلي ؟؟ .. وجد نفسه يعاني من شيء يؤلمه داخل قلبه فحتى تصرفاته معها باتت غير محسوبة مثلما وقع قبل قليل … اممم يا للعجب أظن أنك فعلا اقترفت زلة لن تغفرها لك وصال محفوظ مطلقا سيادة الرائد لذا رحماك فقط ^^..

هنا كان للحزن شكل آخر فمنذ أن وصل شقته وهو يحتجز نفسه بغرفته ، رافضا الحديث مع أحد لا نادر ولا نزار اللذين ولأول مرة في حياتهما يتفقان على شيء
نزار(بنظرة قلقة):- أخشى أن يقترف شيئا في حق نفسه
نادر:- هئئ فال الله ولا فالك يا عجوز ، وائل ليس بذلك الضعف ثم إنها أزمة عاطفية مؤكد سوف يتخطاها ، يا إلهي ربما لعنة ميرفت طالته يا ليتني ما ذكرتها ولا جئت بسيرتها
نزار(بعدم فهم):- من هي ميرفت ؟
نادر(بغيظ):- سليلة كليوباترا ، لالالا لا تسأل ليست بأحد .. دعنا نركز في وائل الآن
نزار:- بصراحة هو لم يفعل بنفسه هكذا منذ زمن طويل ، يعني أنت تعرف
نادر(بحزن):- منذ وفاة الخالة رانيا
نزار:- تقريبا ومن ساعده كان ابن عمه شهاب الذي لم يستسلم وظل يحتجز نفسه هو الآخر أمام غرفة وائل ، لحين شفع هذا الأخير وأشفق على عذاب شهاب وفتح بابه للحياة مجددا
نادر:- لا يسعنا الآن أن نطلب مساعدة شهاب ، تعلم الأمر وما فيه لذلك سنعسكر نحن بدلا عنه يا إما يفتح يا إما نلجأ للخطة باء
نزار:- والتي هي ؟
نادر(بنباهة):- نقتحم الغرفة
نزار(فتح عينيه فيه بصدمة):- شغل عصابات لذلك أنا لا أحبك
نادر:- اسمعني الآن نحن في خضم أمر جلل فدعنا نتعاون لأن مصلحة وائل أهم
نزار(فكر مليا ونظر صوب الباب):- طيب أطرقه من جديد ..
نادر:- على عيني … ولول افتحلي يا رجل افتح وكف عن تصرفات الصبية العاجزين ، دعنا نتناقش يا عزيزي .. يا ولول أتسمعني ؟؟؟؟
نزار:- ما به لا يرد ؟
نادر(جحظ بعينيه):- ربما يغرق نفسه .. هئئئئئئئئ وااااااااااااااائل …
كان يستمع لهما ولا يستسيغ ما يدور حوله ، ليس بيده أن يقلقهم تلك اللحظة .. لكنه لم يكن بقادر على التزحزح من محله أو التفوه بحرف ، إنه يشعر بالضياع بالموت بالتلاشي في اللاشيء ، موقف ميرنا جعل قلاعه الباطنية تنهار من شدة العاصفة الهوجاء التي فتكت بكل مشاعره ساعتها دون رحمة ، فكر وفكر مليا فيما أخطأ معها حتى عاملته بذلك الشكل لقد فتح مصراعيه لها وآواها هي وقلبها ، وعدها أن يحل معها كل صعب فقط لو وثقت به لكنها كذبت وخدعت وزادتِ الطين بلة حين أعقبت بتصرفها الشنيع جملة المصائب على رأس وائل .. ببساطة ذهبت مع ابن عمها وكان اختيارها الأول والأخير فمنذ أن سألها وائل وأصر على معرفة الجواب كان يقرأ التردد في عينيها ، لكنه أبى أن يصدقه فتلك ميرنا وهم قلبه وشمس لياليه وعسل غروبه التي لا تحيك الحيل وتلعب على الحبال …حقا لقد كسرت قلبه بكل معنى الكلمة ينظر للفراغ ويمعن التفكير فيما تفعله الآن مع ابن عمها وكيف لم ينتبه لوجود شخص كهذا في حياتها ، بل كيف سمح لها أن تخدعه عنوة حين سألها عنه بعد شكوك ميرا التي زرعتها في عقله ، أنكرتها واستعانت بألف شعار وشعار وجعلته يثق فيها بسهولة ، خدعته للمرة الثانية وصدقها من شدة هوسه بها
وائل(استقام من محله برفض):- يكفي يكفي إلى هنا ولن أسمح بهذه المهزلة …لن أسمح
نادر(لا يزال يطرق):- هاه هل سمعته يا عجوز إنه يتكلم يعني لا يزال حيا ؟
نزار(بفرح):- الحمدلله يا رب حفظته لي ، وائل بني
خرج هادرا من غرفته متجاوزا كليهما يجر سترته خلف ظهره ، لم يستمع لهما أو حتى يكلمهما بحرف بل توجه بملامح مظلمة خارج الشقة وهنا لحق به نادر الذي لن يتركه لوحده ولو على حساب رفضه
وائل(صعد بسرعة لسيارته وقبل أن يدير المفتاح ركب نادر بجانبه):- إنزل
نادر:- مشواري هو مشوارك ، لن أدعك تمضي وحيدا وأنت على هذه الشاكلة
وائل(بغيظ زم شفتيه وأدار المحرك):- قد لا يعجبك ما سيحدث لذا ، اربط الأحزمة
نادر(رفع حاجبه بفزع دعابي وهو يضع حزام السلامة):- الله الله هل تنتوي الدخول في حائط بالسيارة طب أمانة عليك خليها شجرة لأنها أأمن لنا وقد يبقى أحدنا على قيد الحياة ..
وائل(دعك الفرامل بعنف وانطلق وهو ينفث الغبار خلفه):- همممم …
كان يدري أن غايته لن يجدها إلا عند ميرنا ، لكنها تخلت عنه عمدا وهذا ما يجب أن يفسره ولكن باستعانة شخص مدرك ويعلم كل خبايا هذه الديباجة … حاول نادر معرفة مقصد وائل الذي كان يحك الطرقات بسيارته التي ترجمت بالمعنى المبين مدى غضبه ، لكن الصمت كان جوابه لذا آثر أن يرافقه بفم ساكت لحين يصل به إلى الوجهة التي يقصد ، وبالفعل ما هي إلا برهة زمنية حتى مثلا كليهما أمام بوابة قصر ميرا ، زمر وائل ببوق السيارة وفتحت له الأبواب بعد لحظات بسيطة ، ترجل منها وهو يعدل سترته ودخل بغيظ للقصر ونادر يلحق به دون هوادة ..
وائل(رمق هنادي بوجهه):- أين ميرا ؟
هنادي(حركت رأسها بعدم فهم):- هي على وصول سيد وائل ، حين علمت بزيارتك سمحت لك بانتظارها تفضلا أرجوكما
نادر(يتمعن بالقصر وديكوراته):- يا حبيبي والله ما كنت أحلم أن أزور قصر فنانتي المفضلة ، هششش خليها بيناتنا وائل أنا من فانز ميرا بحساب شخصي مزيف ههه
وائل(زوره بحدة):- كفى … شكرا آنسة هنادي سننتظرها هناك لكن هل ستتأخر ؟
هنادي(ابتلعت ريقها):- لالا هي على وصول أؤكد ذلك
نادر:- لننتظر ما بالك مستعجل أقله لأقوم بجولة حول القصر ههه
هنادي:- ماذا تشربان ؟
نادر:- عصير ليمون وصديقي قهوة وتكون بملعقة سكر واحدة ليعدل مزاجه
هنادي:- خذا راحتكما ، عائدة بعد قليل …
وائل(فتح أزرار سترته بكره وضيق):- اففف يا ليتني وجدتها لكنت ارتحت
نادر(وهو يلتقط له صورة أمام تمثال هناك بالصالون):- كنت أخبرني أنا لربما وجدت راحتك معي ولول
وائل:- نادر نادر كف عن هذه التصرفات وتعال اجلس هنا ، لا تجعلني أندم أنني سمحت لك بمرافقتي هيا تعال
نادر(بامتعاض):- حسن طيب لا تعش دور الملك علي الآن …همم
لم تمضي سوى مدة معينة لم يقرب فيها وائل قهوته في حين كان نادر قد أنهى عصيره ، وقتها وصلت ميرا للقصر
شهاب(أوقف سيارته خلف سيارة وائل):- وائل هنا
ميرا(تجلس بجانبه):- وماذا تراه يريد ؟
شهاب(وقد ارتسم القلق على وجهه):- دعينا ننزل ونرى ، لعله خير
ميرا:- أو ربما تهنئة مبكرة ، هيا لنرى حبيبي
شهاب(ترجل من السيارة وفتح لها الباب ودلفا وهما ممسكين بأيدي بعضهما):- ويلي هنا يا مرحبا يا مرحبا
ميرا:- والله لو علمنا بزيارتك يا نسيبي المستقبلي لقمنا باللازم ولكنا أتينا أبكر
وائل(بعيون محمرة نظر لشهاب):- عذرا لقدومنا دون إذن
نادر:- أ .. لدينا موضوع مهم
شهاب(ترك يد ميرا وتوجه صوب وائل وهو يعقد حاجبيه):- ما بك ؟ حالك لم يعجبني ؟
وائل(أبعد نظره عنه وهو يتنكر له كي لا يرى الانهزامية بعينيه):- أريد التحدث مع ميرا فقط ولا أحتاج لقلقك هذا ، فدعني وشأني
شهاب(تفاجئ بتمرد وائل ووقتها فقط أيقن أن هنالك خطب):- نادر رافقني للحديقة فوراا
نادر(حرك رأسه لوائل):- سأتدبر الأمر ..
ميرا(رمت بحقيبتها على المنضدة وتقدمت إليه):- ها وائل ما سر زيارتك المفاجئة ؟
وائل(تقدم إليها وهو يطبق فمه بأسى):- حكيم الراجي .. أين مسكنه ؟
ميرا(رفعت حاجبها بتفاجئ وجلجلت الأركان بضحكتها):- ههههه وائل رشوان ما الذي تريده من ابن عمي ؟
وائل(بجدية وغبن):- أحتاج لذلك ميرا ، ساعديني ودليني على طريقه
ميرا(باستغراب):- ماذا تريد منه ؟ ماذا يحدث ؟
وائل(مسح على فكه بتعب):- اليوم كذبت ميرنا بشأن مكانها واتضح أنها ذهبت لتشاهد سباق فروسية كان مشتركا به ابن عمك ، ذهبت أنا أيضا إلى هنالك صدفة ورأيتها لكن وقع حادث عارض تسبب بتشتيت كل الأشياء ، سقط ابن عمكِ من على حصانه ولكن حالته حميدة وإصابته بسيطة جدا
ميرا(شهقت بعنف وخوف):- يا إلهي حكييييم
وائل:- لا تقلقي إنه بخير أحسن مني فلقد اختارت ميرنا مرافقته بدل الاعتذار على كذبها والمغادرة معي ، يعني بسهولة تخلت عني
ميرا(تشنجت من ذلك وتحركت بخيلاء):- أظن أنني الشخص الخطأ الذي يمكنك البحث عن نصيحة فيما يخصك وميرنا ، لقد نبهتك من البداية بوجوده بينكما ولكنك لم تعر كلامي اهتماما أو تركت سحرها ينطلي عليك .. ميرنا وحكيم مثل الشمس والقمر صحيح لا يلتقيان لكنهما مكملان لبعضهما بعضا ولا يستغني أيهما عن الآخر ..
وائل:- ميرا يفترض أن تساعديني وليس العكس ، أنتِ هنا تزيدين مواجعي
ميرا(كتفت يديها وتقدمت إليه):- حتى لو وصلت إليها في بيت حكيم لن ترافقك ، ميرنا إنسانية زيادة ع اللزوم فما بالك بإصابة أحدهم مؤكد لن تبرح محلها لحين تطمئن عليه كما يجب ويكون اطمئنانا شاملا حتى لا يزعجها تأنيب ضميرها في إهمالها له لاحقا…
وائل:- أعطيني العنوان وسأتدبر أمري رجاء ميرا أنا لم أطلب منكِ شيئا عدا هذا
ميرا:- وائل ، أعيد وأكرر حضرتك قد لجأت للشخص الخطأ عذرا منك لا أملك عنوانا له
وائل(رمى بثقل يديه على جانبيه):- كنت أطمع بمساعدتكِ حتى أنني ما حسبتكِ ستبخلين علي بها ، لكن عذرا إن أزعجتكِ سأتصرف بطريقتي
ميرا(زفرت بحنق):- لا تتعب نفسك وائل إن كانت لك ستعود وإن لم تكن فهي ستبقى مع حكيم ، دعها وسترى
وائل(عقد حاجبيه من حديثها الإيجابي تجاه ميرنا):- أراكِ هنا تساندين عجيب أمركِ
ميرا(ابتسمت بإشراق):- ربما لأنني أعلم خفايا ميرنا أكثر منك هممم
وائل:- ما الذي يجري بينها وبين ابن عمكما ؟
ميرا(ابتسمت بخبث):- كل خير ..
شهاب(دخل بعصبية):- أصحيح ما سمعته هل تركتك ميرنا وذهبت مع الغريب ؟
وائل(نظر لنادر وهو يهز رأسه):- ألم تستطع الصمت قليلا ؟
نادر(هز له كتفيه):- كان سيعرف
شهاب(توجه إليه):- كيفك الآن ؟
وائل(هز عينيه ونظر له بسخرية):- لا تقلق نفسك علي حضرة ابن عمي ، أنا ناضج لكي أتحمل آلامي فتعامل أنت مع حياتك التي تبرع فيها الآن ، و دع لي حياتي
شهاب(تعصب من حديثه لكن ما بيده حيلة):- أريد أن أحادثك منفردين أرجوك وائل
وائل(هز رأسه ولحقه إلى الحديقة):- طيب
نادر(بعدم تصديق أنه أمام ميرا للمرة الثانية):- أنا من معجبيكِ المخلصين ست ميرا
ميرا(ابتسمت له وأشارت بيدها كي يجلسا بالصالون):- أهلا بك في قصري إذن …
شهاب(وضع يده على خصره واستدار إليه):- هنا جيد ، هيا أخبرني ما الذي سمعته من نادر ثم من ابن عمها هذا نحن لم نسمع به قبلا ولا أخبرتني عن أمره حين كانت لا تزال خطيبتي
وائل(رفع عينيه بغضب متأجج):- هل لك ألا تذكرني بهذه النقطة تحديدا في هذه اللحظة ؟ أنت تراني ثائرا فلا تزد الفحم على قلبي …. لا أدري من أين خرج لي لقد سمعت بأمره قبلا لكنني وثقت بميرنا التي خذلتني اليوم خذلانا بشعا
شهاب(رأف لحاله):- هون عليك ، أكيد لدى ميرنا تفسير أنت حتى لم تسمع منها
وائل(بحنق):- أسمع منها ماذا لقد خيرتها بيني وبينه واختارته
شهاب:- ما كان عليك أن تلجأ لسياسة القمع لحظتها ، فالطبيعي أن ترافقه هو لا أنت
وائل(مسح على شعره بنرفزة وعيناه الكسيرة ذابلة):- لقد حطمتني ..حطمت كل جميل بقلبي أشعر بالخواء في جوفي وصدري مثقل بالهموم
شهاب(ربت على كتف وائل):- لكل مشكلة حل ، اسمعني جيدا أمهلها بعض الوقت وستحاول الوصول إليك أنا أعرف طبع ميرنا صحيح تتمم جنونها للأخير لكن فور انتهائها منه تصحح الأمور على طريقتها
وائل(مط شفتيه بغبن):- كان هذا لينفع مع شخص آخر وليس معي ، لقد انتهى أمرنا طالما وضعتنا في هذا الموقف واعتمَدت على عشقي لها كي تجرحني فمؤكد لن تلقى مني سوى الصد والهجراااااااان
شهاب(غير مصدق لما يتفوه به ابن عمه):- غير معقول يا وائل أنت من يتحدث هكذا أكاد لا أصدق ، منذ متى وأنت بهذا الجحود ؟
وائل(بقهر وحرقة):- منذ اللحظة التي طعنت فيها ، أنت لم تجرب ذلك الشعور يا شهاب حين تتم مقارنتك بغيرك وتجد التردد في عيون محبوبتك في أن ترافقك أو تبقى ، لقد عايشته منذ ساعات وميرنا أوضحت لي بطريقة مؤلمة أنني خيارها الثاني وهذا ما لا أقبله ..
شهاب:- لا أدري ما أقوله لك يا ابن عمي ،، لكن أي قرار ستتخذه سأدعمك فيه صدقني لقد فكرت مليا في الأمر صحيح لا يزال هناك ضلع فيني منزعج منك إنما أنت تبقى أخي حبيبي الذي أخاف عليه من نسمة الهواء ، لآ يسعني تركك وحيدا في هذه الحال
وائل(عقد حاجبيه بانكسار وعض شفتيه):- أشكرك شهاب
شهاب(ضمه لحضنه):- اشتقتك يا ولد حسن سأجعلك الليلة تنسى ميرنا وما تلا ميرنا السهرة اليوم على حسابي ، سنأخذ نادر أيضا ما رأيك ؟
وائل:- لا جدوى من ذلك ، قلبي مكسور
شهاب(عانقه من كتفه وسحبه معه):- وهذا هو مربط الفرس ، يلزمنا احتفال !!
حرك رأسه بدون فائدة فابن عمه مؤكد أنه ينتوي قلب هذه السهرة لهرج ومرج ، وهذا ما لا يطيقه وائل الذي نظر بغبن لميرا حين وقفت لتودعهم
ميرا:- آسفة منك لكنني حقا لا أدري أين يكون ، وبصراحة لن ينفعك اللحاق بها فحتى لو أحضرتها من هناك سوف تعود إليه
وائل(بامتعاض):- شكرا ميرا شكرا حقا أثلجتِ صدري بكلامك
ميرا:- أعلم أن كلامي جارح لكنه حقيقي ، تكيف معه إن أردت البقاء بحياة أختي وإن كان العكس فأنت ستكون قد وفرت عليه رحلة شاقة وستفتح المجال أمامه كي ينال ما يريده
وائل(هز يديه بتعب):- أخبرتني أنها أيضا على دراية به وبمشاعره وأنها تلعب على الحبلين ، والآن كلامك يناقض نفسه بالله عليكِ أنا في حالة صعبة غير قادر على التعامل مع أكثر من مصيبة حلت على رأسي
ميرا:- لا بأس أتفهم حزنك ، سأدع لميرنا الكلام هذه المرة أهلا بزيارتكم
نادر:- أهلا بكِ أنتِ أيضا ، آه كما أخبرتكِ إن احتجت لأي شيء فيما يخص الرحلات وما يلزم الطيران اتصلي بي بطاقة أرقامي صارت معكِ
ميرا(بود):- تمام نادر سأحرص على ذلك ، عمتما مساء
وائل:- إلى اللقاء .. هيا نادر
شهاب(ناظرهما حتى خرجا وأمسك بيد ميرا):- علي أن أكون بجانبه الليلة سأكلمكِ
ميرا(ابتسمت له):- سأنتظرك حبيبي
شهاب(تضخم صدره وابتسم لها هو أيضا):- سنتحدث بخصوص ما أخبرتِ به وائل وليس لدي به علم ، أريدكِ أن تشرحي لي كل شيء فور عودتي
ميرا:- ماشي ماشي سأخبرك لكن حاول أن تبعده عن تفكيره ، فابن عمي ليس بالشخص الذي قد تهنأ في جعله عدوا لك
شهاب:- ونحن آل رشوان يا بنتي لا تستهوني بقوتنا هممم ،،، أسمع صوت بوق السيارة وداعا الآن
رمقته هي الأخرى وهو يدلف لسيارته ويلحق بسيارة وائل مغادرين القصر ، وهنا ظهر استغرابها جليا بنظراتها ، فأي لعبة يلعبها حكيم وكيف تطورت الأمور لذلك الحد , أمسكت هاتفها وحاولت الاتصال به لكن وجدت هاتفه خارج التغطية
ميرا:- الوضع بات صعبا كيف سأصبر أنا الآن دون معرفة ما يحدث مع حكيم وميرنا اففف
وعلى سيرتهما كانت ميرنا متكئة على الكنبة تحرك هاتفها بين يديها بإهمال ، وعقلها شارد في التخمين، لقد توالت عليها معظم الأفكار وكان ذلك الصباح كتلة من التشنجات التي وجدت مستقرها في صدر ميرنا .. نهضت من محلها وحركت عنقها بملل وقررت الخروج من الغرفة فقد تذكرت شيئا نسيت الاستفسار عنه ، نزلت إلى الأسفل ونظرت حولها وهي تستكشف المكان بعد وانتبهت للمطبخ القصي هناك فتوجهت إليه ..
الخادمة 1:- ههه صدقيني إن شاهيناز لو علمت بوجود هذه المرأة هنا لأحرقتنا نحن هذه المرة لا القصر
الخادمة 2:- ربما الله سمع دعاءنا وأراحنا من تلك الشمطاء ، أفف أنسيتم عقابها المتواصل لنا وكأنها تقتص مما يحدث لها منا نحن
الخادمة 3 :- لكن بيني بينكما أود معرفة من تكون هذه المرأة فوق ، أجمل منها ما رأت عيناي ولذلك كنت أسمع سيدتي شاهيناز دوما تتنكر بشأن امرأة في حياة سيدنا ربما كانت هي هاته ، آخخخ كيف استغنى عن شاهيناز التي ظلت معه لسنوات وأتى بهذه في غضون وقت وجيز بين الاثنتين
الخادمة 1:- حاذري كلامكِ لا شأن لنا بهم نحن خادمات فقط ، ثم لنحمد الله ألا تسمعنا فخرية وإلا قطعت ألسنتنا دون تردد
الخادمة 3:- الله يستر الله يستر … هاه صامتات نحن يعني وكأنه شيء جديد علينااا
ميرنا(سمعتهم بوضوح ودخلت إليهن):- أحتاج عصير ليمون من منكن تساعدني بتحضيره؟
الخادمة 2:- لالا سيدتي نحن سنعده ونحضره لكِ ، لآ تتعبي نفسكِ أنتِ
الخادمة 1:- أجل أجل خذي راحتكِ سوف نقوم باللازم
ميرنا(رمقت الثلاثة بنظرة ساكنة):- أين ذهبت شاهيناز ؟
الخادمة 3:- لقد طردها السيد حكيم من القصر
الخادمة 2:- أ… يعني هذه أمور خاصة نحن لا نتدخل فيها لكن شاهيناز في الآونة الأخيرة لم تكن في وعيها ، أتصدقين لقد حاولت إحراق الاصطبل بأكلمه لولا تدخل الرجال
الخادمة 1:- قاموا باحتجازها في القبو وظلت تصرخ لساعات لحين عاد السيد حكيم
الخادمة 3:- نحن لم نرى شيئا لكننا سمعنا ضرب رصاص بعد دخوله إليها ، كلنا اعتقدنا أنه قام بقتلها فقد عاد مزمجرا ، وفخرية لم تنفك تصرخ هي الأخرى وتولول لقد ثار الأسد لقد ثار الأسد
ميرنا(باهتمام):- وبعد ؟
الخادمة 2:- رأينا السيد طلال وهو يأخذها من هنا وهي مغمى عليها ومن وقتها لم نسمع عنها أي شيء
ميرنا(نظرت للخادمة وهي تصنع العصير):- تمام ، أحضري لي العصير إلى غرفة حكيم
الخادمة 1:- طيب سيدتي تفضلي
الخادمة 2(بعد ذهاب ميرنا):- إنها لطيفة
الخادمة 3:- وظريفة وعاملتنا بشكل جيد وليس بتعالي كما تعودنا
الخادمة 2:- هيا كل إلى عملها ثرثرنا كثيرا ، يتوجب علينا إتمام ما وراءنا أسرعن ..
ميرنا(في سرها وهي تصعد الدرج):- حاول قتلها وأتى مزمجرا وكل هذا منذ أسبوع تقريبا أي عندما كنت في قصره الحجري وحدثت تلك المشكلة معها، لكن ما الذي جعله يتصرف على هذا النحو أكل هذا غضب من بعد رفضي له هه هراء ، ماذا يريد إنه واهم إن حاول استمالة انتباهي بهذه التصرفات ثم أنا أعشق وائل وائل .. آه يا وائل يا كبدي أنت الآن مكسور لكنك ستتفهمني ما إن أشرح لك كل شيء … تت
غزا البؤس مجددا ملامحها وهي تدلف لغرفة حكيم ، برتابة اقتربت منه وجلست بقربه تسترق النظر لملامحه التي تحفر آبار أشواق بقلبها كانت قد اعتقدت أن الزمن ردمها ولم يعد لها وجود ، بشعور من الحنين استطال لنظرها لامست خده ولحيته النامية وعيناها تهفو للتطلع لكل تفصيلة منه في سكون تام ، مستغلة فرصة نومه وغيابه عن الدنيا
ميرنا(اغرورقت عيناها بالدموع):- يا ترى لو عدت قبل سنوات هل كنت أحببتك ؟
حكيم(ابتسم وفتح عينيه ووضع يده على يدها التي كانت على خده):- أنتِ تحبينني أساسا
ميرنا(انتفضت بفزع وحاولت إزالة يدها):- إنك تهذي .. أووه حرارتك مرتفعة
حكيم(بثقل نظر إليها وهي تتلمس وجهه وجبينه):- كنت سأضيع نصف عمري لو لم أحظى بهذه اللمسات وتلك النظرة القلقة بشأني
ميرنا(استقامت وجذبت يدها بلطف):- لا وقت لحديثك المجنون هذا ، دعني أضع لك ضمادات باردة لقد أوصاني الطبيب عليها .. أ.. ماذا علي أن أفعل لحظة
الخادمة(طرقت الباب):- سيدتي أتيتكِ بالعصير
ميرنا(سارعت وفتحت لها الباب وأمسكت الصينية):- بسرعة آتيني بصحن مليء بالماء الفاتر وضعي فيه مكعبات ثلج ، وأحضري معكِ ضمادات لا تتأخري
الخادمة:- حاضر حاضر على الفور
حكيم(حاول النهوض لكن كل شيء فيه كان يؤلمه لذا ألقى برأسه على الوسادة وزفر بتعب):- أكره المرض ،،، تت أين الطبيب ؟
ميرنا(عادت له ووضعت العصير على جنب):- الطبيب سيعود غدا لمعاينة رجلك إنه مجرد التواء بسيط ، لكن أعراض الحمى كانت واردة لا تقلق أنا هنا
"أنا هنا" كلمة جعلته يعايش مشاعر جميلة كان قد نسي تواجدها تماما ، طبعا إنها عصفورته التي تبرع في إعادته لأجمل سنين حياته ، أخذ يتأملها وهي تفرك يديها بتوتر وتنتظر عودة الخادمة بما طلبته منها ، حتى حركتها حين جمعت شعرها وجذبته من جهة واحدة أسرته بها ، ظل يتأملها وعيناه تبرق بلمعة معهودة لمعة العشق المباح … وجد أن النظر إليها مسل جدا بل مريح لعينيه وخاطره ونبضه ، ها هي ذي قد حصلت على ما تريد وضعت الصحن بقرب منضدته وجلست قربه على السرير ، نزعت سترتها التي ارتدتها قبل نزولها للمطبخ وألقت بها على الكرسي ، وشرعت تضع له ضمادات على رأسه وعيناها منهمكة في عملها باهتمام كله عطف وحنان ..
حكيم(رمش بعينه ودهش فيها ومن لطفها):- لما تفعلين ذلك ؟
ميرنا(عصرت الضمادة في الصحن ووضعتها من جديد على جبينه وهي تتحسس خده مرة بعد مرة):- أيمكنك أن تخرس فقط أنا نفسي لا أعرف السبب ..
حكيم(ابتسم لها بمكر):- ولكنني أعرف
ميرنا(فتحت عيناها فيه بشراسة):- إذن أطبق فمك وكف عن سؤالي ودعني أنجز عملي
حكيم(رفع يده بجهد ولامس خصلات شعره المتدلية على صدره):- أحبكِ ميرنا
ميرنا(توقفت بذهول عما تفعله ونظرت إليه بعمق قبل أن تحك خلف عنقها وتحرك رأسها بمحاولة لطرد ذلك الصوت من عقلها):- أنت لا تساعد هنا بل تصعب الأمر علي
حكيم(بنظرة عشق لم تختفي):- أنا جاهز لانتظاركِ حتى تستيقظي من هذا الوهم وتعلمي أن حبكِ لي هو الأصدق ..
ميرنا(عصرت من جديد الضمادة ووضعتها مرة أخرى):- أنا هنا لكي أسهر على راحتك ، لذا لا تتحدث رجاء ودعني أقوم بما علي فعله ..
حكيم(أمسك بيدها وجذبها لفمه وقبلها بحركة آسرة بينما عيناه كانتا تخاطبان عينيها):- في حنانكِ شفائي
ابتلعت ريقها وآثرت أن تتمم واجبها على أكمل وجه كي يشفى ويصبح بخير ، ويسعها التملص من قصره كما دخلت إليه وتعود لحياتها بشكل طبيعي فمنذ أن عرفته والمصائب تتوالى على رأسها ، أو هذا ما حاولت إقناع نفسها به كي تجعله في خانة الملام دوما .. أما هو فقد أخذ أكثر مما كان ينتظر فها هي ذي محبوبته تداويه بيديها من كان يعتقد أن يوما كهذا سوف يكون قريبا ويحقق له أقصى ما تمنى .. الغوص في بحر عينيها العسلية قاتل بشكل جعله أضعف مما كان يعتقد ولبرهة لم يستطع مقاومة رغبته أكثر حين أمسك بخصلات شعرها وأخذ يتلاعب بها بين يديه من جديد ..
حكيم(بدفء):- ميرنا
ميرنا(نظرت إليه):- هممم
حكيم:- ذلك المتغطرس لن يكون مسرورا بعد ما أقدمتِ عليه ، ماذا تنوين أن تفعلي ؟
ميرنا:- ذلك المتغطرس هو حبيبي ولا تقلق ستكون أمورنا بخير ، هو يثق بي
حكيم(بعدم صبر رمى بالضمادة بعيدا عن متناول يدها وجذبها فوقه بقوة):- نبهتكِ ألا تتبججي بحبه في حضرتي صح ؟
ميرنا(فاجأها بجموحه وأخذت تتنفس بقوة في وجهه الذي كان يجذبها بشكل غريب كالمغناطيس):- حكيم أتركني ما هذا الذي تفعله ؟
حكيم(بعيون شرسة ضغط عليها أكثر ولم يفلتها بل زاد إحكاما وهو يستنشق عطرها وهي في حضنه):- لقد نبهتكِ ميرنا صحيييييييييح ؟
ميرنا(ابتلعت ريقها وأنفاسهما تلك اللحظة قد اختلطت وهذا كان أكبر من تحملها):- قلت ذلك حسن يكفي
حكيم(فتح شفتيه وهو يطالع شفتيها بجوع):- ميرناااا ستسامحينني يوما ما أليس كذلك ؟
ميرنا(بعدم فهم حركت رأسها وقد ضعفت بفشل):- أسامحك على ماذا بالضبط ؟
حكيم(نظر لعينيها مباشرة وعاد ونظر لشفتيها):- على هذا
بخفة وسرعة نارية قلبها على السرير وأتى من فوقها في وضعية التحكم ، محتجزا يديها بيديه الحديديتين على يمين رأسها ويساره ، بينما كان وجهه في وجهها يطالع صدرها الذي كان يعلو ويهبط بشدة ، وحركات عينيها المستجدية كانت تزيد من جنونه تلك اللحظة ،لقد بدت رقيقة وردية اللون تحت إضاءة الغرفة المخملية وكل ما فيها يجذبه ، حيرتها المرتسمة بعينيها شعرها الملقى على وسادته بأريحية شفتيها الكرزيتين المنفرجتين بتمتمات مبهمة صعبت عليها الحديث ، كل ما فيها كان يناديه و لم يقدر على الصبر أكثر فنزل بشفتيه إلى شفتيها رغم رفضها الذي عبرت عنه بإغلاق عينيها بقوة تلك اللحظة … لم يكن سيبالي فهذا أبعد من تفكيره وقتها ، كان يتلذذ بشفتيها بمذاق الجنون حين يتجلى ليشمله بعصفورته الصغيرة التي كبرت وأصبحت فاتنة بنظره بل ساحرة تسلبه عقله وروحه ، لم يشعر بمثل هذا الشعور من قبل فحتى لو لم تتعدى تلك القبلة سوى ثوان معدودة إلا أنها كانت بالنسبة له شفاء يستطيب له سقمه ، تعويض على سنين الحرمان والبعاد ، فرحة مغلفة بالإصرار على محاربة كل صعب لأجلها ….. أما هي فقد كانت مشتتة بمعنى الكلمة فحتى حين دفعته عنها بثقل سرى في كل أطراف جسمها ، إلا أنها تصلبت بشكل غريب لم تمنعه وفي آن الوقت ودت لو تصرخ فيه أن يتركها لأنه يدنس محرمات لا تحق سوى لشخص واحد يسكن أعماق قلبها .. أغمضت عينيها على دمعتين حارقتين ولم تفتحهما إلا حين شعرت به قد ابتعد عنها وقد باتت بأمان الآن …
حكيم(رفض تلك النظرة كل شيء فيه رفض حرقتها منه ، لما تشعر بحرقة لما حسستني برفضهاااااااا لي ولقبلتي):- عذرا منكِ .. أ.. سأوصي طلال أن يعيدكِ للبيت ما عاد وجودكِ هنا يليق
ميرنا(حركت رأسها ببؤس ونهضت من سريره والدموع شلال من عينيها):- … لارد
ارتدت سترتها بأيدي متعبة وخاطر مشبع بأحاسيس الإهانة والوجع ، ضعفها لم يكن منطقيا كان يلزمها أن تصرخ فيه أن تمنعه لكن شيء فيها أخرسها بل منعها من بلوغ تلك الغاية .. جرت حقيبتها بيدها ومرت بجانبه دون كلام لحين استوقفها من جديد لما أمسك بذراعها ،نظرت إليه وهو يغالب المرض لكي يبقى واجما أمامها
حكيم(باستجداء وترجي):- ما فعلته لست بنادم عليه لكنه كان مؤلما صدقيني بقدر حاجتي إليه بقدر صدمتي فيه وفيكِ
ميرنا(رمقته بغلالة دمع وجذبت يدها منه):- أنت تريد أن تستعبدني
حكيم(برفض تقدم إليها وهو يهز رأسه):- أبدا ميرنا أنا أعشقكِ وأريدكِ لي
ميرنا(ببكاء):- و ولكنني لست من كنت تنتظرها طوال هذه السنوات لتشعر بك ، لقد تغيرت يا حكيم ومشاعري تجاهك قتلها الانتظار
حكيم(مسح على خديها بيديه وبات أقرب لها من الوريد):- أنتِ تصغين جيدا لرجفتكِ حين تكونين بقربي ، لم تمنعي قبلتي لأنكِ كنتِ بحاجة ليقين يقنعكِ أن ما أتفوه به صادق
ميرنا(حركت رأسها بنفي):- ليس كذلك ، أنت فاجئتني ووترتني حتى تشوش تفكيري
حكيم(تغلغلت أنامله في شعرها خلف رأسها وجذبها له):- ميرناااا ميرناااا لا تتعبيني معكِ
ميرنا(بأسى وشعور بالوجع):- لقد كان من الخطأ مرافقتك حكيم .. أشعر بالندم الآن
حكيم(صعقته بجوابها فسحب يديه بعيدا عنها وولاها ظهره):- يمكنكِ المغادرة كما أخبرتكِ سأتصل بطلال ليقلكِ ولن أزعجكِ بعد اليوم
ميرنا(سحبت نفسا عميقا وهي تمسح عينيها من الدموع):- انتظارك لم يكن هينا علي ، في كل سنة جديدة تمر بي كنت أستقبل بدايتها على أمل التغيير وعلى أمل أن تزورنا فيها ، على أمل عودتك وعودة كل شيء جميل عايشته معك ، لكنك لم تأتي
حكيم(التفت إليها هادرا):- أستعاقبينني بهذا طوال حياااااااااااتك ، أخبرتكِ أن ظروفي كانت صعبة بل مستحيلة أنتِ لا تعلمين شيئا مما حدث فلا تحكمي علي من خلف الشباك
ميرنا:- لا شيء سيشفع لك ، بالنسبة لي أنت مجرد قريب من أسرتي علي أن أتعامل معه حسب الأصول رغم أنه قام بقتل أحلامي برحيله عني
حكيم(حرك رأسه بدون فائدة):- عقلكِ مقفل ولن تدعي تبريراتي تلجه ، لذا لن أتعب نفسي أكثر معكِ اذهبي للرشواني عيثي معه عشقا تزوجيه حتى لم يعد يهمني
ميرنا(رفعت حاجبها له وتوجهت صوب الباب):- هذه المرة لا تقترب مني ولو خطوة ، ما عدت راغبة لا بمعرفتك ولا رؤيتك ولا يهمني في حياتك أي شيء لقد اخترتَ الابتعاد إذن تحمل مسؤوليته كاملة وابتعد عني …
حكيم(تضخم صدره وابيضت مفاصل يده حين جمعها بقبضة غيظ):- توقفي عندكِ ..أنتِ جارحة مؤذية متعالية جدا عن مشاعر الآخرين ، وهذا لا يجوز لا يجووووز
ميرنا(بعلياء):- يجوز أو لا يجوز لا يهمني البتة
حكيم(توجه إليها وأقفل الباب بالمفتاح عليهما وسحبه):- أمامنا اليوم بطوله إذن لنرى مدى فاعليته من غيرها
ميرنا(بصدمة رمقته):- ماذا تفعل افتح هذا الباب فورااااااا ؟
حكيم(عاد لسريره والتعب قد فتك به فتكا ووضع المفتاح بجيبه):- تعالي وخذيه إن استطعتِ
ميرنا(نفخت برفض وضربت بكعبها الأرض):- افتح الباب لا أريد البقاء هنا معك
حكيم(باستفزاز):-يمكنكِ التحدث هكذا واصلي فإن صوتكِ يؤنسني لأجل النوم
ميرنا(بجنون صرخت ورمت بحقيبتها على الكنبة):- أنت مجنون مجنووووووون
حكيم(رفع رأسه لها قبل أن يعود للنوم):- تعالي نامي بجنبي إن أردتِ ، السرير يتسع لكلينا
ميرنا(بتقزز):- مستحيل أنام على تلك القذارة التي تشارَكتها مع تلك المريضة
حكيم(رفع حاجبيه وهو يضحك):- لعلمكِ أنتِ أول امرأة تدخل جناحي أو بمعنى أصح أسمح لها بأن تبقى فيه طوال هذه الفترة ، وسريري لم تقربه غيرك يعني مرحب بكِ فيه كممرضتي وليس كما فكر عقلكِ المنحرف
ميرنا(أشاحت ببصرها عنه فحقا عقلها المنحرف أخذها للطريق الشمالية هه):- هراء ما تتفوه به ، سأجلس هنا لحين تغفو وأسرق المفتاح وأذهب هممم
حكيم(حرك لها حاجبيه بعناد):- حظا موفقا إذن ..
ميرنا(صرخت بغيظ وكتفت يديها):- آآآآآآآهممممم إنه يستفزنننننننني هفففف
حكيم(ضحك بخفوت وبأريحية لم يستشعرها قبلا):- ههه عصفورتي الصغيرة
حدجته بعصبية وهي تتخد مكانها بالكنبة ووجهها ممتقع لونه بالغضب ، حتى فكها الحاد كان يناظره بوضعية ملوكية إنها حتما لآسرة لقلبه دون منازع ، وحلال عليه أن يناظرها بعشق مثلما كان حلالا عليه أن يحلم بها طوال 16 سنة ….

في بيت الراجي
كانت لا تزال في غرفتها تحاول إكمال دروسها الموسيقية المترتبة عليها حين رن جرس هاتفها ، طالعت الرقم واستغربت من اتصال فردوس أخت فريد بها في ذلك الوقت
فردوس:- مرامووو حبيبتي كيف حالك ؟
مرام:- بخير عزيزتي وأنتِ ؟
فردوس:- أشعر بالملل والضيق والكآبة والحزن
مرام:- أووف كل هذا ما بالكِ يا بنت ؟
فردوس:- لا أدري أحتاج لبعض الفضفضة هل لي أن أزوركم ببيتكم ، يعني إن كنتِ متفرغة طبعا ؟
مرام(وضعت خصلة خلف شعرها):- طبعا يا روحي تفضلي البيت بيتك
فردوس:-ياااااي أشكركِ ميمي طيب ساعة زمن وأكون عندك .. سلام
مرام:- بانتظارك إلى اللقاء ./ عجيب ماذا تريد فردوس لعله خير سأخبر أمي …
خرجت من غرفتها وهي تنادي يا ماما ماماااا
عواطف(جالسة بالصالون رفقة مديحة):- نحن بالصالون يا مرام تعالي
مرام(توجهت بكرسيها المدولب إليهما):- ماما صديقتي فردوس قادمة بعد قليل ، يعني إن أمكن هل لكِ أن تضيفيها من حلوياتكِ أمي ؟
عواطف:- طبعا يا روحي فردوس غالية على قلبي
مديحة:- وهي مثل فريد تماما قمة الأدب والأخلاق ..
عواطف:- طيب سنبدأ الآن مديحة اذهبي واطمئني على أمنا وبعدها وافيني في المطبخ لنرى ما يسعنا فعله قبل مجيء الضيفة
مديحة:- طيب على عيني صديقة حبيبتي مرام
مرام(بامتنان):- أوك سأجهز نفسي أنا إذن لاستقبالها ، آه ألم تعد بعد عفاف ونهال ؟
مديحة:- ليس بعد ، لقد قررتا تناول الغذاء خارجا
مرام:- تمام
عادت مرام لغرفتها لتجهز نفسها وترتدي ما يليق ، في حين دلفت مديحة لغرفة نبيلة التي كانت مستلقية على سريرها وتسبح بمسبحتها هائمة في ملكوت لوحدها ..
مديحة:- نبيلة يا ست نبيلة
نبيلة(فتحت عينيها بثقل):- لا أريد إزعاجا يا بنت انصرفي من هنا
مديحة:- يا الله هل كبرتِ وخرفت أصبحتُ جدة ولا زلتِ تعاملينني كالأطفال
نبيلة:- لأنكِ مثلهم تزعجينني قلت لكم أنا بخير بخير ما بكم لا تفهمون ؟
مديحة:- طيب لا تصرخي يوووه … أتحتاجين شيئا ؟
نبيلة:- بعض الهدوء لو أمكن
مديحة(نفضت يديها وغادرت):- أمركِ يختي … أستغفر الله
نبيلة(ارتسمت على ملامحها الآلام وبشرود):- فقط دعوني وشأني فما عدت بقادرة على التعامل مع كمية المصائب التي نحياها …آآآآه رحماك بي يا رب ..
عواطف:- ههه هل طردتكِ ؟
مديحة(جذبت كرسيا وجلست):- يعني تعرفين أمكِ حين تتحول للمقدم نبيل
عواطف:- هل لكِ أن تجهزي بعض الشاي سأرتب الحلويات بصحن ملائم
مديحة:- نور لم تنزل منذ عودتها هي ودينا حتى على الغذاء ، وهذه ليست عادتها
عواطف:- هي متعبة قليلا حتى دينا نامت بعد عودتها مباشرة ، فور استيقاظها أكيد ستعلمين من خلال الفوضى التي ستقيمها
مديحة:- حبيبة قلبي ههه طيب لا بأس بعد ذهاب الضيفة سأصعد لأوقظ نور
عواطف:- حسن إذن …
لقد سمعت كلمات غزلية بعدد شعر رأسها منذ أن وعت على هذه الحياة ، ورمت بها الأقدار كي تبحث على لقمة عيش تشبع بها جوع أسرتها ، لكن هذه المرة ذبحتها تلك الكلمة تلك المشاعر تلك الحقيقة الطاهرة الواضحة بعينيه اللتان تجذباها عمدا لزمن مات في قلبها ، لقد أيقظ مواجعها بعفوية تصريحه لمشاعره .. لكنها لم تتقبلها ولن تتقبلها ، فكل هذا يتم فوق طاقتها هي منزعجة منذ عودتها من المطعم ، وآخر شيء قد تفكر فيه هو أن تلفظ الألم المستوطن على روحها منذ تلك اللحظة .. "أحبكِ نور"كلمتين أفقدنها تركيزها سلبنها قوتها سرق منها عزمها ونبضها، لا تدري لم تألمت بذلك الشكل وكأن ذلك الشخص محرم عليه أن ينطق بها وكأنه اقترب من محصناتها المقدسة التي أغلقتها منذ ما يقارب 12 سنة ، كيف تجرأ كيف تجرأ .. هذا ما تكرر في فاهها وهي مستلقية على سريرها تعصر بين يديها وسادتها وعيناها دامعتين لكنهما لا تذرفان الدموع ، فقط مصوبتان كرصاصتين فتاكتين صوب الفراغ ، بل صوب صوته الذي ينخر في جل أطرافها بشكل خطير
نور(وضعت يديها على أذنيها):- آه يا ربي ما هذه الحال ، ذلك البغيض أهلك قلبي مالي أنا ومال الحب ثم لما يحبني لما إنه كاااااااااذب كلهم كاذبون أجل موقنة من ذلك ، لا يوجد حب في هذه الحياة لا يوووووووووووووووجد …… ففف إن كان هو المتصل الآن سوف أشتم جدة جدته التي فكرت في إنجاب سلالتهم ذات يوم ، ألوووووووووو
فؤاد(بصوت مختنق):- أعتذر منكِ نور ..
نور(مصت شفتيها وأخذت تفتح فمها وتغلقه كي تنطق ولكنها خرست):- أ…
فؤاد(بلهفة استرسل):- أعلم ما ستقولينه لكن لكن عليكِ أن تستوعبي كلماتي ، نور أنا لم أحبكِ من خلال هذه الفترة البسيطة بل من قبل في حياة أخرى ، حديثي هذا قد يكون غريبا عليكِ أو غير قابل للتصديق لكنه نابع من قلبي ، أمهليني بعض الوقت وسأثبت لكِ أنني لست كما تظنينني ، أحترم مبادئك في تخوفك حول الرجال والعلاقات وأنا قادر على الصبر فقط لو تعطيني فرصة أرجوكِ لا تبخلي علي بها ، اعتبريني صديقا وافتحي لي قلبكِ لن أزعجكِ البتة إن كان هذا ضد رغبتك لكن أظن بأنكِ في أعماقك متعطشة لهذه التجربة بل مؤمنة أنني لن أخذلكِ مهما حصل …
نور(استمعت له بتمعن وزفرت آهاتها على مسمع من آذانه):- إن انتهيت وداعا ..
فؤاد(بوجع هز رأسه يمنة ويسرة):- لن أفارقكِ نور الراجي سأثبت لكِ أنني صادق في كلامي وقريبا جدا ..
نور(عضعضت شفتيها بتعب):- طيب حظا موفقا إذن .. تيت تيت تيت ههه خسيس
فؤاد(نظر لهاتفه بعد أن أقفلت الخط بوجهه):- سأعيدك لي حبيبتي ، سترين ..
رمت بهاتفها بإهمال وتقوقعت حول نفسها متدثرة بالغطاء غاصت في نوم عميق والغريب أنها كانت تبتسم بانتصار لكن انتصار من أي نوع ؟ أكيد لدى نور وحدها الإجابة ..
، في الأسفل كانت قد وصلت فردوس واستقبلنها مديحة وعواطف بالمحبة وبعد ضيافتها بكل ما لذ وطاب دخلت مع مرام لغرفتها وأخذت تدور وتتأمل فيها والإعجاب يترجم نفسه من خلال عينيها ..
فردوس:- ياااااي تصميم مدهش أكيد هو من اختيارك ؟
مرام(بمودة):- نعم هو كذلك
فردوس:- جميل بل رائع
مرام:- هذا من لطفك ، تعالي واجلسي هنا بقربي
فردوس:- أعلم أن زيارتي غريبة ، حتى أنني أتيت دون علم فريد ولا أريده أن يعلم
مرام(عقدت حاجبيها):- ولكن لما لا تريدينه أن يعلم ، هل يمنعكِ من رؤيتي مثلا ؟
فردوس:- لالالا أبدا يا إلهي سأورط أخي في شيء ليس له وجود ههه ، بصراحة أحتاج منكِ خدمة ولا أعلم كيف أطلبها منكِ أو كيف ستتقبلينها
مرام:- قولي يا روحي إن كان بإمكاني سأخدمكِ بعيوني
فردوس:- كلك ذوق يا عمري ، شوفي مرام أنا وفريد توأم ودوما التوائم تشعر ببعضها أكثر من أي اثنين على وجه هذه البسيطة ، كي لا أطيل عليكِ أنا أحس بأخي هذه الفترة بشكل أعمق فهو يتعذب من شيء لا أدري ماهيته إنه كتوم بشكل رهيب ، حتى عني أنا لا يسر لي سوى ما يرغب به أما ما يخزنه في قلبه فهو بهول الجبال
مرام(بتوتر خشيت أن يكون مقصدها مشاعره):- أ.. طيب ما نوع ما يخفيه عنكِ ؟
فردوس(مصت شفتيها بقلق):- بشأن بابا … سمعته ذات مرة يحادث نفسه بالغرفة ويسخط على أبي ويلومه عبر الهاتف لم أرهف السمع فحين وصلت كان قد قطع الخط ، إذ شعر بقدومي وحين دخلت عليه كذب بشأن المتصل وأدخلني في مليون موضوع كي أنسى الأمر
مرام(ارتاحت أن الموضوع لا يخصهما):- أهاه فهمت الآن لكن أليس هذا موضوعا شخصيا يعني أسريا وعليكم حله مع بعضكم ، أخشى ألا يتقبل تدخلي في الأمر ؟
فردوس(أمسكت بيد مرام):- أعلم أن ما بينكما ليس عاديا أي مجرد صداقة فقط ، إنه متجل في أعينكما وهذا يعطيكِ صلاحية للتقرب منه أكثر مني أنا توأمته ، ساعديني مرام لقد لجأت إليكِ كوني أعرف بأنكِ خدومة ولن تبخلي علي بمساعدتك
مرام(ابتلعت ريقها وربتت على يدها):- بصراحة لا فكرة لدي عما باستطاعتي فعله حيال هذا الأمر ، لكن إن كان لديكِ خطة يسرني أن أسمعها
فردوس(بحماس عانقتها وعادت لتجلس):- ههه اسمعيني إذن ….

في المطعم بجانب السوق التجاري الذي انتقت منه عفاف ونهال ما تحتاجانه من ثياب وأغراض ، كانتا تجلسان وتلتهمان البوظة بعد أن تناولتا طعام الغذاء سوية
عفاف:- اممم تأخرنا يا بنت كثيرا منذ الصباح ونحن خارج البيت ، تركنا جداتك لوحدهن ؟
نهال(تلتهم البوظة بنهم):- دعيني ماما أستمتع بوقتي يعني نحن لا نخرج كثيرا ، لذا سنستغل يوم عطلتنا أنا وأنتِ جيدا جيدا
عفاف(بمحبة):- طيب يا روحي سنبقى قليلا بعد وبعدها نرحل ..
نهال:- جمييييييييييل يس
عفاف :- طيب أكملي مثلجاتك سأذهب للحمام وأعود بسرعة ، لا تبرحي مقعدك
نهال(رفعت لها يدها باستماع):- حاضر سيدتي هههه
حملت عفاف حقيبتها وتوجهت للحمام عدلت حجابها وهيأتها وغسلت يديها وبعد برهة عادت لابنتها ، لكنها فوجئت بشخص غريب يجلس بقربها عقدت حاجبيها واقتربت منهما باستغراب
عفاف:- نهااال ..؟؟
نهال(استقامت):- آه ها قد أتت ماما إنه الأستاذ نديم .. أستاذي بالثانوية التقيت به سابقا حين حدثت تلك المشكلة تذكرينه ماما صح ؟
عفاف(تذكرته أخيرا):- آه آه أكيد تذكرته أهلا وسهلا
نديم(نهض ليسلم عليها):- سيدة عفاف عمتِ مساء ، لقد لمحت نهال هنا صدفة فقررت إلقاء التحية هل كل شيء بخير ؟
عفاف(بارتباك):- طبعا طبعا ..أ
نديم(كسر الارتباك):- طيب دعاني أطلب لكما عصيرا أو ما شابه
نهال:- آه هذا الذي أنا بحاجته الآن
عفاف(زورتها بغضب ثم ابتسمت له بحرج):- بنت …. أ عذرا منك سيد نديم لكننا كنا على وشك المغادرة
نديم(استصعب عليه غض بصره عنها ، ارتباكها غريب):- مؤسف حقا ، كنت أود التطرق لعلامات نهال وأنصحها بالمواد التي تحتاج دعما فيها
عفاف(نظرت لساعتها):- لن يسعنا ذلك الآن ، فرصة ثانية إن شاء الله هيا نهال
نهال(بتردد وثقل):- أوووه طيب يا ماما ، إلى اللقاء يا أستاذ نديم
نديم(تنهد بعمق):- أراكِ بالثانوية نهال .. وداعا سيدة عفاف سعيد برؤيتكِ من جديد
عفاف(هزت رأسها له بثقل):- أشكرك .. وداعا
نهال(تسير بجانب أمها):- يعني حرام حرام لو بقينا قليلا مع أستاذي ألا تعلمين أن كل بنات الثانوية يذبن في هواه لأنه وسيم وذكي وجميل الطباع
عفاف:- حرف آخر سأضربكِ في نصف جبهتكِ أمام الكل ، اخرسي وسيري معي لنستقل سيارة أجرة لقد تماديتِ وما عدتِ تخجلين من حالك …
نهال(حولت عينيها بدون فائدة في أمها):- هفف مدمرة للحظات الجميلة لا جديد …
وقفتا بجانب بعضهما في الشارع وأخذتا تنتظران سيارة أجرة لحين وقفت عند قدميهما سيارة ونزل منها شاب ليس بغريب
أكرم:- عمتي عفاف … نهال يا لها من صدفة جميلة ؟
عفاف:- يااااه أكرم حبيبي حقا إنها صدفة جميلة ، ما أحلاك يا غالي كيف حالك ؟
أكرم:-بخير .. كيف حالكِ نهال ؟
نهال(ببسمة عادية):- رائعة
أكرم(حمل عنهما الأغراض):- إلى البيت صح .. دعوني أقلكما
عفاف:- طيب ولكن إن كان هذا لا يعطلك على عملك
أكرم:- لا اليوم أخذت أجازة واشتريت هذه السيارة أنتما أول من تركبانها
نهال:- كخخخخ أكيد الخالة خلود سوف تتذمر من هذا
عفاف(فتحت عينيها بابنتها كي تخرس):- اركبي بالخلف والتزمي الصمت
نهال:- يا حلاوة ..
أكرم(فتح لهما الباب بعد أن أودع أغراضهم بجيب السيارة):- تفضلا …
عفاف(بعد أن ركبوا جميعا وانطلقوا صوب البيت):- كيف حال أبوك وأمك وأختك زينب ؟
أكرم:- كلنا بخير عمتي ، لم تزورينا منذ ذلك اليوم ؟
عفاف:- البركة في والديك لم يتركا لي مجالا آخر للزيارة ، الله يهديهم
أكرم:- أظنني خارج اللعبة صحيح لذا من حقي أن أطلب اصطحاب نهال لمكان ما إن أمكن ؟
عفاف(التفتت لنهال التي حركت عينيها برفض):- لديها امتحانات هذه الفترة فيما بعد
أكرم(بخيبة أمل):- تمام سأنتظر إذن ..
نهال(في سرها):- ماذا يريد مني هذا البغيض تبا الحق علي لو سمعت كلام ماما وقمت من المطعم حين طلبت مني ذلك ، لما كنت التقيت بسعيد الحظ هذا آخخخخ …
عفاف(في سرها):- لم طلب الخروج مع نهال هل يرمي بكلامه لشيء ، لكن معتز وخلود لم يفصحا لي عن أي أمر تت ربما يود فقط الترفيه عنها هذا كل ما في الأمر ..
أكرم(في سره):- أحتاج لفسحة معكِ يا نهال لعلكِ تبصرينني وتفهمين ما أكنه لكِ يا ابنة عمتي الغالية …
وعلى كلام القلوب وصلوا أخيرا للبيت وحاولت معه عفاف بشتى الطرق أن يدخل ويتناول شيئا ، لكنه أبى فتركته على سجيته ودلفتا للبيت
نهال:- لقد عدناااااااااااااااااااا
عواطف:- أهلا أهلا بالحبايب كيف قضيتم يومكم ؟
نهال:- أكثر من رائع اشتريت الكثير من الأغراض ، ههه هلكت ميزانية ماما
عفاف(تزيل حذاءها عند الباب وتعلقه بمكانه):- كله يهون في سبيل حبيبة قلب أمها
مديحة:- الله الله ع الحب وسنينو ، ادخلا ادخلا لتسمعا الأخبار الجديدة ههه
عواطف:- يا مديحة دعيهما ترتاحان أولا ههه .. تفضلا
عفاف:- خير اللهم اجعلوا خير ؟
نهال:- أعلم لا نخرج لا نخرج وحين نخرج تفيدكم قناة الجزيرة بكل جديد.. هاه يلا سمعونا ماذا هناك ؟
مديحة(فركت يديها بحماس):- نبدأها بأم تحسين يا بنات لقد تعرضت لسكتة قلبية منذ أيام
عفاف:- هئئئئ هل ماتت ؟؟
عواطف:- كلا لقد اصطحبها ابنها للمشفى في الوقت المناسب ، قالت أنها تعرضت للاقتحام من بعض عدة سارقين لكن تواجد تحسين منعهم من سرقة أي شيء وهذا ما جعلهم يفرون
عفاف:- قالت ؟؟ هل رأيتموها ؟
مديحة:- ههه زارتنا أم طلال هذا الصباح وجعلتنا نقوم بزيارة لها لنكسر عينها وشرها ، وبالفعل ذهبت أنا وحماتك ووضعنا العار في حجر أم تحسين فلن تقربنا بعد اليوم ولو بكلمة
نهال:- رائع يا جدتاي خيرا فعلتما ، طيب ماذا بعد ؟
مديحة:- ههه اتصلت حبيبتي دعاء وبلغتني بخبر سعيد … إنها حااااااااااااااااامل
عفاف(نهضت بفرح وعانقتها):- ألف ألف مبروووك لها
نهال:- واو بهذه السرعة ؟
عواطف:- احم أقدار يا بنت ثم ألن تريني ما اشتريتِ ؟
نهال:- دعيني أبارك أولا لجدتي مديحة يلا سترين حفيدا آخر لابنتكِ دعاء
مديحة(عانقتها بحب):- عقبال ما أراكِ ببيت زوجك أنتِ أيضا يا عفريتة
نهال:- لاَ لُو لِي … أنا لن أتزوج إلا بعد أن أحصل على وظيفة يعني من هنا لعشر سنوات
نور:- عفارم هذه هي ابنة أخي التي تشبهني … أراكم تباركون وتهنئون على ماذا يا ترى؟
عواطف:- تعال يا نوري واسمع الأخبار ، لقد اتصلت دعاء قبل قليل وزفت لنا خبر حملها
نور(باستهزاء):- والله ؟… مبروك
عفاف(نظرت إليهم):- ما بها ؟
مديحة:- هي على ذا الحال منذ عودتها
نور(دلفت المطبخ لتشرب بعض الماء):- أنا بخير بخير لا تأخذوني سيرة وحديثا لا ينتهي ، نهال تعالي يا بنت أرني ماذا أحضرتِ
نهال(قفزت بأغراضها إليها):- أنظري عمتي …
نور:- يا عيني ملابس حلوة تلبسيها بالهنا … أمي أين إياد مررت بغرفته لم أجده ؟
مديحة وعواطف تبادلتا نظرة حسرة وهزتا رأسيهما بقلة حيلة
عواطف:- غادر لشقته
عفاف:- ولكن كيف تدعونه يغادر إنه ..
مديحة:- حاولنا بشتى الطرق واستعملنا كلمة إنه هذه ولكنه لم يرضى ، خرج مسرعا وكأنه كان على موعد مع أحدهم حتى بعض أغراضه نسيها هنا
عواطف:- سأجعل ميرنا تأخذها إليه وتطمئن عليه بعد عودتها
نور:- وأين ذهبت هي الأخرى منذ الصباح ؟
مديحة:- عند كوثر ربما تبيت عندها
نور:- عند كوثر اممم غريب ..
عواطف:- ما الغريب هي دوما ما تبيت معها ؟
نور:- الغريب هو أن كوثر كانت هنا منذ فترة بسيطة ، فما الداعي لمبيت ميرنا عموما سأتصل بها ، آه هل لديكم أكل أنا جائعة ؟
عفاف(حركت رأسها بدون فائدة فيها):- يا عين عيني أنا ههه …
دينا(قامت من نومها هي الأخرى ونزلت تدعك يديها):- وأنا جائعة
نهال:- دندونة تعالي وانظري ماذا أحضرنا لكِ
دينا(استيقظت فجأة):- يووووووووووووووووبي ههههه
نور(أشارت لهم جميعا):- جهزوا لي أكلا سأرى نبيلة قليلا وأعود
دخلت إلى غرفتها ووجدتها على نفس جلستها ، أطلت برأسها عليها وصفقت بيديها
نور:- هيييه يا سيدة نبيلة ما بالكِ منذ أسبوع وأنتِ على ذا الحال ، لا تتناولين معنا الطعام لا تحادثيننا منعزلة هنا لوحدك يعني ما الذي يجري هل أنتِ عاشقة يا بنت ؟
نبيلة(ضحكت بعمق وأشارت لها لتجلس جوارها):- أضحك الله سنكِ يا لعينة ، تعالي واجلسي بقربي نور
نور(أقفلت الباب وجلست بحميمية قربها):- هاه ها أنذا ، هيا أخبريني ما الذي يؤلمكِ ؟
نبيلة(بنظرة عميقة لنور):- الماضي وتبعاته
نور(بمكر):- أسرار يعني
نبيلة:- بل مصائب دفنها الزمن في أعمق سرداب ، وإن فتحناها من جديد فُتحت معها البلايا
نور(عقدت حاجبيها):- يا إلهي ما كل هذه السوداوية جدتي ، لقد أقلقتني ماذا يجري ؟
نبيلة:- لا تشغلي بالكِ يا ابنتي ، اهتمي بنفسكِ فقط دعيني أرتاح
نور:- مستحيل يجب أن أفهم منكِ ما يتعبكِ يا جدتي ، يمكنكِ الوثوق بي لطالما كنا أصدقاء ولا تنسي أنني شاركتكِ بسر دعاء بالمناسبة اتصلت بهن وأخبرتهن بحملها
نبيلة:- أو تظنين أن خالتكِ لم تزف لي الخبر أول واحدة ، آلمني قلبي أكثر ولم أعد أعرف على من أحزن فيهن ..
نور:- طيب باشري واحكي لي عما يثقل كاهلكِ ، لربما وجدت راحتكِ معي أنا
نبيلة(مطت شفتيها بقهر):- أيا كان ما سأحكيه لن يجدي ذلك نفعا ، لكن سأخبركِ بما يتعبني زواج أختكِ ميرا بابن رشوان غير لائق ، وارتباط أختكِ ميرنا بابن رشوان الثاني هو الآخر غير لائق ، وأي علاقة تربطنا بهم غير لائقة لذلك أنا منزعجة وأريد أن أحول بين هذه العلاقات وأفصل بينها .. ستسألينني السبب هو سبب مؤلم وأنا بحاجة لمساعدتكِ في هذا
نور:- ههه جدتي حبيبتي وكأن الزهايمر بدأ عمله بطريقة أخرى ، بت أحس وكأنني مع سيدة من البلاط الملكي تأمر وتنهر وتهدد
نبيلة(رمشت عيناها بدموع):- علاقتهم غير جائزة يا ابنتي غير جائزة … إذا ما تم الوصال بينهم تولد الخطيئة
نور(فتحت عينيها بدهشة):-هئئئئ خطيئة ؟؟؟ ماذا تقصدين جدتي ؟
نبيلة(تنهدت عميقا):- قد تستغربين حديثي لكنني سأروي لك مقتطفا صغيرا سيُمَكِّنكِ من اتخاذ قرار لحمل عبء هذا السر من عدمه … في الماضي البعيد كانتِ المعرفة بيننا وبين آل رشوان قديمة جدا ، قديمة بقدم الدهر وجُبرتُ حينها على الزواج من رشواني ..
نور(بصدمة):- كيف هذا يعني أننا نعرفهم منذ زمن ؟
نبيلة(تأوهت بعمق):- لا نعرفهم فحسب ، لقد اختلط دمنا بدمهم حتى
نور(باهتمام):- فسري لي أكثر جدتي .. كلي آذان صاغية
نبيلة(بمرارة الذكرى):- تزوجت برشواني مجبرة على ذلك ، لنفض نزاع العائلتين بالمصاهرة ونفتح صفحة السلام بيننا ، والدي أعطى كلمته لجد آل رشوان الكبير وتمت الخطبة وقراءة الفاتحة وحدد موعد الزفاف ..
نور:- وماذا بعد ؟
نبيلة(نظرت إليها بغمغمة وغصة في صدرها):- تزوجته ، لقد أحبني كثيرا وكاد أن يفعل المستحيل كي أكون من نصيبه حتى قبل الزواج صارحني ألف مرة بذلك وهو الذي زرع فكرة المصاهرة بعقل شيخ القبيلة ، لكن أنا ما كنت قادرة على الحب حينها كنت صغيرة جدا بل طفلة لا تعي أي شيء سوى أنهم قدموها قربانا لإنهاء المشاكل ..
نور:- طيب كيف انتهى بكِ الأمر مع جدي درويش ؟
نبيلة:- عشت في بيت ذلك الرشواني سنة كاملة ، وأنجبت منه طفلة
نور(حركت رأسها في محاولة للاستيعاب):- هئئئئئ طفلة يا جدتي وأين هي الآن ؟
نبيلة(بحسرة):- ماتت ..
نور(بأسف):- متى يعني قبل أو بعد اشرحي لي بالله عليكِ جدتي
نبيلة:- ولدت طفلتي حية ترزق لكن حماتي كانت طاغية تكره الراجية كره العمى ، ولذلك لم تكن تحبني كثيرا فقامت بإبعادها عن حضني ، بحجة أنني مرضعة سيئة وفعلا قد كنت كذلك لأنني وقتها كنت صغيرة جدا على تحمل هكذا مسؤولية ، لم أكن أفقه شيئا بالمرة وتضاعفت المشاكل بيننا حتى بلغت حدها المنيع .. ولأنني كنت أبية لا ترضى بالذل والمهانة كوني من عائلة ذات صيت عال وأستحق معاملة الملوك وليس ما كنت أعانيه ، استغليت غلاوتي عند والدي وطالبته بشراء حريتي على أن أقتل نفسي ويبقى دمي مغدورا برقبة الكل … سمع مني وطالب الرشواني بالطلاق وهذا ما كان مستحيلا في عرفه فكيف يتخلى عن حبه
نور:- ماذا فعلتِ حينها ؟
نبيلة:- في إحدى الليالي التي عذبتني فيها أمه وجوعتني وقامت بضربي ، نفذ مني الصبر وعلا كبريائي واجهتها وأبرزت لي بشكل واضح إما أن أرحل أو تصيب ابنتي بسوء ، كانت جبارة وقادرة على القيام بأي شيء ، لذلك من شدة خوفي على صغيرتي قبلتها وتركتها في مهدها ورحلت هاربة لبيت أهلي .. طبعا كان هروبي بداية للمصائب لكنني لجأت لأهلي الذين وقفوا وقفة رجال وطالبوه بالطلاق تاركين البنت في عهدتهم بعد تنازل شفوي وكتابي أمام شيخ القبيلة
نور(بعدم تصديق):- كيف طاوعكِ قلبكِ على ترك فلذة كبدك ؟
نبيلة(ببكاء):- أخبرتكِ أنني حينها ما كنت مدركة لشيء ، عقلي الصغير هذا ما حكمه علي لكنني ندمت بعدما كبرت سنينا أخرى بسيطة وحاول فيها الرشواني أن يعيدني لعصمته ، لكنني رفضت الزواج منه مرة أخرى وطويت صفحته للأبد ولذلك تزوجت بابن عمي درويش لأنهي هذا الصراع
نور:- طيب والبنت كيف ماتت ؟
نبيلة:- قالوا أنها مرضت بالحمى وهي لا تزال صغيرة ووافتها المنية ، لكنني لم أصدقهم لقد كنت أراها من بعيد وهي تترعرع يوما بعد يوم في حضن امرأة أخرى تزوج بها كي ترعى ابنتنا وأنجب منها ولدين ، لم تفارق صغيرتي عيني ولا روحي حتى حينما تزوجت وأنجبت خالتكِ وأمك كانت أختهم بقلبي وروحي لا تزال تعيش …
نور:- هل تعلمان بالقصة ؟
نبيلة:- أكيد تعرفان بأمر أختهما لكن ليستا على علم بأي شيء آخر عدا أنني تزوجت شخصا غريبا وطلقت منه ..
نور:- جدتي أنا لا أفهم شيئا طالما قلتِ بأنها كانت لا تزال حية وزيفوا موتها ، لما قلتِ لي أنها ماتت لقد بدتِ الحسرة بعينيكِ ؟
نبيلة(بحزن):- كبرت وردتي سنة بعد سنة وحين صارت شابة يافعة تَعشقُ وتُعشق قتلوها وهي في ريعان شبابها ، والقاتل من دمي سلبها مني وجعل قلبي ينفطر عليها
نور(بغيظ):- يا إلهي إنه مجرم ؟
نبيلة(نظرت لعيون نور المحترقة):- حقا هو مجرم لكنني ما كنت قادرة على تحريك ساكن ، لو تفوهت بحرف لاندلعتِ الحرب من جديد وتأذت ابنتاي وأناس آخرون ، لذا كتمت السر بقلبي ليومنا هذااااااا
نور(شعرت بدوار من هول ما تسمعه):- وكأنكِ تسردين سلسلة مسلسل غريب ، ما فهمته من كلامكِ أن اللعنة بدأت معكما أنتِ وذلك الرشواني صح ؟
نبيلة:- قد نسمي لعنتنا لعنة الأقدار فالعائلتين كان بينهما ثأر ودم وغدر وكره ، فكيف لعلاقة شرعية بينهما أن تعيش بسلام ، غير ذلك عليكِ أن تعرفي أن دم آل رشوان وآل الراجي دم ملعون ، إذا ما تم الوصال بين كليهما تولد لعنة تفتك بعلاقتهما وتحولها لنفور وغضب وكره
نور:- جدتي كلامك غير منطقي نحن بعصر العولمة الآن ، ذلك العهد قد ولى وانتهى
نبيلة:- لم ينتهي يا نور فمنذ ما يقارب 40 سنة أو أقل كان هنالك سحرة ومشعوذين ، ومع الأسف أولادنا اقتربوا من محظوراتهم وقاموا بلعنتهم بهذا الأمر ، لذلك لا يجب أن نسمح بهذه العلاقات المستجدة أن تتم
نور(نهضت من محلها وأخذت تدور):- عفوا منكِ جدتي فنصف كلامكِ لا يصدق ، فكيف بالله عليكِ تريدين مني مساعدتكِ بشيء أنا أستصعب فهمه ؟
نبيلة:- لأجل أخواتكِ ستفعلين ذلك يا نور ، لابد وأن تحرصي على إنهاء تلك العلاقات بأي ثمن كان لم يعد فيني حيل وقدرة على الحؤول بينهم ، لكن أنتِ بلى تستطيعين أن تحمي أختيكِ منهما
نور(ولتها ظهرها وفي سرها):- آه لو تعرفين أن عمهم أيضا يحاول الدخول للخط ، لكن جيد أنني قمت بصده وكأن قلبي أنبأني ، وبخصوص ميرا وشهاب أكيد العلاقة بينهما فاشلة من بدايتها لذا يتوجب الحرص على أن أكون قريبة منهما ، وحتى ميرنا يجب مراقبتها فوائل وإن كان شهما طيبا لكن الخبث متفش فيهم والحذر واجب ..
نبيلة(سعلت بتعب):- ها يا نور هل ستساعدينني ؟
نور(أعطتها الماء بسرعة):- طبعا جدتي طبعا ، اعتمدي علي لكن اتركي لي فرصة لأفكر بخطة محكمة تقربني منهم جميعا وتجعلني أصل لغايتي في زمن وجيز
نبيلة(تنفست الصعداء):- اعلمي يا نور أنكِ ستريحين قلبي بعد هذا الكتمان الطويل ..
نور:- لا تقلقي جدتي أنا معكِ في كل ما تريدين ، سأستأذن منكِ الآن أحتاج لمعرفة أمر قبل الشروع بخطتي
نبيلة:- طيب يا ابنتي لقد شعرت بالراحة صدقا ، أنتِ شفاء لجدتكِ يا نور
نور(قبلت جبينها):- الله لا يحرمنا منك يا أعظم راجية بالدنيا ..
خرجت من غرفة جدتها وهي تمسك على قلبها بعد الذي سمعته ، حركت عينيها بتيه وصعدت مسرعة لغرفتها متجاوزة هرج أسرتها وسط الصالون .. ما إن دلفت حتى اتصلت بميرنا وجدته يرن ولكنها لا تجيب ولذلك اتصلت بكوثر على الفور والتي بدورها لم تجبها وهنا كان عبد المالك خيارها الأخير ..
نور:- عمو عبد المالك كيف حالك هذه أنا نور ؟
عبد المالك:- يا أهلا بنور ، هاتفي نوَّر بعد اتصالك حقا ما هذه المفاجأة ؟
نور:- هذا من لطفك عمو ، لكنني كنت بحاجة لمحادثة أي من البنات كوثر أو ميرنا .. هل أنت بالبيت ؟
عبد المالك:- طبعا أنا هنا لكن كوثر غادرت البيت لتلتقي بزياد هكذا أخبرتني
نور(جمدت محلها):- طيب وميرنا يعني لقد بلغتنا أنها ستمر بها فهل أتت وغادرت ؟
عبد المالك:- لالا لم تحضر أبدا أنا لم أبرح محلي ، ثم كوثر لم تخبرني أن لديها موعدا معها لكانت انتظرتها
نور(هزت رأسها بغبن):- لا بأس أنت تعرف أنهما تنسيان كثيرا ، المهم لن أزعجك أكثر عمو عبد المالك أتمنى لك إجازة موفقة
عبد المالك:- ابقي زوريني يا ابنتي البيت بيتك ، بلغي سلامي الحار لكل العائلة
نور:- سيتم أكيد سيتم ، شكرا لك وداعا …….. تيت هااااه يا ست ميرنا أتكذبين من أولها لكن إلى أين ذهبتِ حتى تضطري لحبكِ كل هذه المسرحية ؟؟؟؟؟
ظلت تفكر في المكان الذي ستزوره أختها وستكذب بشأنه وطبعا كان الشك الأول والأخير متجها صوب وائل رشوان ، حركت فمها بلؤم وصغرت عينيها وهي تفكر في طريقة تجعلها أقرب لهم من أنفاسهم وفي نفس الوقت تعرف كل المعلومات التي تلزمها كي تفرق ما بينهم ،ونفس التفكير كان بعقل عبد المالك ولكن بشكل آخر إذ قلق بشأن نسيان ابنته لموعدها مع ميرنا لذلك كان الحل أمامه أن يتصل بزياد
زياد(في أحد المطاعم رفقة كوثر):- إنه أبوكِ
كوثر(بارتباك):- رد ردَّ عليه
زياد:- أهلا عمي عبد المالك أي خدمة ؟
عبد المالك:- أهلا بك زياد ، أود التحدث مع كوثر هل هي بجانبك ؟
زياد:- أجل تفضل … يريد محادثتكِ كوثر
كوثر(بقلق عضعضت شفتيها):- ألو بابا
عبد المالك:- حبيبتي هل ضربتِ موعدا مع ميرنا اليوم ؟ لقد اتصلت أختها نور تسأل عن مكانها وأرجحت أنكِ أجلت الموعد
كوثر(ضربت على جبهتها):- يا ويلي وماذا أخبرتها بابا ؟
عبد المالك:- أخبرتها أنكِ مع زياد .. كوثر ما الذي يحدث أين هي ميرنا ؟
كوثر:- هه ههه أين ستكون بابا طبعا في مركز التسوق لقد اتصلت بي وأجلت موعدي معها للمساء يعني ، قليلا بعد وستعود لبيتهم هذا كل ما في الأمر
عبد المالك:- أهاه طيب إذا كان هكذا دعيني أطمئن أهلها عليها
كوثر(بتلعثم):- لالالالالا لا بابا لا تقلق أنا سأكلم ميرنا لتحادثهم بنفسها ههه أنهي أنت قصيدتك ولا تشغل بالك بأحد ، باي يا حلو
عبد المالك:- طيب يا حلوتي لا تتأخري بالعودة ، أمضي وقتا ممتعا
كوثر:- حسن بابا ..
زياد:- ما الذي يحدث؟
كوثر(أعادت له هاتفه وشرعت تأكل):- يعني ما الذي يحدث ، أمر بسيط وتمت معالجته
زياد:- طيب يا معالجة ألن تعالجي قضيتي أنا الآخر ؟
كوثر(ابتسمت له بحب):- زياد تحدثنا بالأمر عليك مفاتحة أهلك بأسرع وقت كي يتسنى لنا الخروج سوية ، اليوم أخذته بعد أن قرأت على أبي قواعد الأولين
زياد:- وأنا لا أرضى بالخروج معكِ دون ارتباط رسمي ، لا تنسي أنني ابن بلد وعلي أن أحرص على سمعتكِ حبيبتي
كوثر(تنهدت بعشق):- كيف كنت عمياء لتلك الدرجة ، لم ألحظ كم أنا متعلقة بك لهذا الحد فعلا قد كنت غبية
زياد(أمسك بيدها بلطف):- لا تقولي هذا عن حبيبتي كوثري وجنة الهناء
كوثر(تركت يدها بيده واتكأت بيدها الأخرى على خدها وأخذت تتمعن فيه):- يا روحي أنا
زياد:- اسمعيني لن أنتظر قدوم عائلتي الأجازة القادمة الأمر سيطول ، لذا قررت أن أسافر إليهم آخر الأسبوع كي أضع موضوعنا صوب أعينهم ويكونون تحت الأمر الواقع
كوثر:- أنا قلقة وخائفة
زياد:- لا تقلقي يا عمري المواجهة لابد منها إن أردنا أن نعيش حياتنا كما نريد ، ثم أنا بدأت أتخيل شكل أطفالنا مؤكد سيأخذون من ملامحكِ الكثير شعر أشقر عيون زرقااااء طبع مجنون
كوثر:- هههه يااااه إنهم قطع جميلة شهية لا تصلح سوى للأكل
زياد(غمزها برقة):- وماذا عن أبيهم ؟
كوثر(بخجل احمرت وجنتاها):- إنه الوجبة الرئيسية
زياد(رفع يده بيدها):- يحيا العدل ، ها قد أنصفتُ أخيرا يا جماعة
كوثر:- ههه ما أروعك أحبك بجنوووون
زياد(قبل يدها بلطف):- وأنا أهواكِ يا زرقاء العينين ، هه كلي هيا قبل أن يبرد
كوثر:- هيا ههه …
في ذلك الحين ظلت نور بغرفتها تفكر بطريقة مجدية لاقتحام حياة أربعتهم والسيطرة عليها ، وفي خضم تفكيرها تذكرت دعاء وقامت بالاتصال بها على أمل ألا يكون ذلك الخسيس موجودا بالبيت وفرحت حين سمعت صوتها
نور:- دعائي ؟
دعاء(مسحت دموعها):- نووووور اشتقت لكِ كثيرا ولأمي وخالتي ولكل أهل البيت
نور:- ونحن استفقدناكِ أيضا ، طمئنيني على صحتك وصحة البيبي ؟
دعاء:- نحن بخير حتى الآن ، لكن فيما بعد لا أحد يعرف ما قد يحدث
نور:- كل خير يا ابنة عمي فقد اصبري وصابري سيأتي الفرج
دعاء:-إلى متى سأنتظر يا نور حتى لا أعرف ما غايتنا من الانتظار
نور:- هو لن يطلقكِ الآن يا دعاء ، ثم الأمر حديث وأنتِ حضرتكِ زفيت خبر حملكِ بهذه السرعة لمجنونات البيت
دعاء:- أنتِ من أخبرتني ألا أتأخر بإعلامهم بذلك بعد الزواج
نور:- كنتِ استشريني من باب العلم بالشيء حتى ، على العموم لا بأس جيد أنهم عرفوا بالأمر وعليه عليكِ أن تصبري يا حلوتي فالأمر بات حساسا الآن
دعاء:- أنا مستعدة لكي أصبر وأتحمل أكثر لكن لا أدري إلى متى ، أخاف من أن أنهار وأقترف فعلا شنيعا أنتِ لا ترين الجحيم الذي أحياه معه
نور(بنفاذ صبر):- جحييييييييييم هاه ، طيب لما تحول لجحيم ألم يكن جنة وعسلا وشيئا خياليا من قبل حين اقترفتِ تلك الخطيئة هاه ؟
دعاء(انهمرت دمعات حارقة من عينيها):- كنت مخدوعة فيه بل عمياء، عماني الحب وما عدت أرى سوى تحت قدمي لم أفكر للأمام ولا في النتائج والعواقب التي قد تنجم بعد لحظات الأنس تلك ، ما كنت أحسب أنني سأدفع ثمن كل لحظة قمت فيها بالخيانة
نور:- حسن لا تبكي الآن ، لقد قطعنا شوطا مهما أنتِ الآن امرأة متزوجة فلا تفكري بالماضي نهائيا ، فكري براحتكِ وراحة ابنك وذلك الخسيس ، إن قربكِ أدخلي إصبعكِ الصغير في بؤبؤ عينيه كي لا يتطاول عليكِ مرة أخرى ، كوني شرسة يا بنت مفهووووم ؟
دعاء:- طيب حسن هو على وصول الآن يجب أن أفصل الخط ..
نور:- انتبهي لنفسكِ وصحتك وكلي جيدا لا تهتمي بمعقوف الجبهة ذاك ، كوني أنتِ سيدته
دعاء:- هه معقوف الجبهة يا لألفاظك يا نور ، طيب حبيبتي أكلمكِ لاحقا سلام
نور(تأوهت وجعا عليها لكن ما باليد حيلة):- سلام حبيبتي … تت ها قد اطمأننا على واحدة تبقى لنا الأخرى ترى أين يمكن أن تكوووووووون الآن ؟

في بيت إخلاص
كانت شيماء بغرفتها تنهي دروسها التحضيرية للامتحانات المترتبة عليها ، لحين سمعت صراخ أمها قادم من غرفتها وكانت تخاصم أباها ، تسللت بهدوء لتسترق السمع وتعرف ما يدور بينهما ويا ليتها ما سمعت
عمر(ممسك بفك إخلاص):- اخرسي يا لعينة وجودك كعدمه في حياتي ، لقد أصبحتِ كالبيت الخرب لا تنفعين بشيء أصبحتِ زوجة مع وقف التنفيذ فقط على الورق
إخلاص(تبكي بحرقة):- أبَعد كل هذه السنين يا عمر تريد أن تتزوج علي وتحضر لي ضرة في عقر داااااااااري ؟؟
عمر:- أنا رجل وقد أعطاني الشرع حقا في أربع زوجات ، وأجل سأتزوج أرني ما أنتِ فاعلة
إخلاص(برفض استقامت له):- لن أسمح لك بذلك ولا حتى أولادك ، أنت تريد أن تثير فضيحة بالعائلة وفضيحة لي أمام أولادي كيف سأقابل أعينهم بعد فعلتك التي تنتويها
عمر:- وهل هذا يهمني ؟ لا شأن لي المهم أن أتزوج وأجدد حياتي مع امرأة صغيرة ممتعة وليست كأنتِ غراب شؤم وحط على رأسي
إخلاص(بوجع):- بعد كل الصبر الذي صبرته معك ، وكل العذاب الذي لقيته على يدك تريد أن تهجرني لتكون مع غيري هاااه ؟
عمر:- ههه لا تضحكيني بالله عليكِ ، فمنذ متى قربتكِ فيها هاه ؟ أتتذكرين متى كان ذلك قبل سنوات وأنا رجل ولي متطلباتي لن أنتظركِ لتتعطفي ثم أريد التجديد فالقديم بات غير مدرك لما أبتغيه ..
إخلاص(تبكي بحرقة):- أنت ظالم ، الشرع لم يمنحك حقا في هجر واحدة لأجل أخرى ، بل أمرك بأن تعدل بينهما وما أراه الآن عكس ذلك
عمر:- سأعدل طبعا أنتِ أم أولادي وهي عروسي الجديدة ، أنتِ بغرفتكِ وهي بغرفتها ولا أظنكِ ستطالبين بحقوقكِ فيني بعد هذا الهجر كله همممم ؟
إخلاص:- من هي التي تريدها ضرة لي ثم منذ أن ذهبت لمجلس المشايخ قبل أسبوع وحالك لا يعجب ؟؟
عمر:- تماما لأنني وقتها قررت أن أعيش حياتي بهناء ، ولا أبقى محروما من شيء وهناك تعرفت على شيخ مقتدر طلبت منه يد ابنته ووافق
إخلاص(جلست بوهن):- طلبتها ووافق ؟؟؟ أنت جدِّي يا عمر هل هل تمزح معي ؟
عمر(عدل ياقة عبايته):- قسما بالله إن لم تنهضي وتجهزي لي الغرفة الجديدة لي ولعروسي التي سآتي بها بعد أيام ، سوف ترين مني ما لا يعجبكِ أسمعتني ؟
إخلاص:- اهئ منك لله الله يحرقك الله يحرقك يا ملعوووون
عمر:- ههه قولي ما شئتِ فبعد أيام سأزفها للبيت هيا سأدعكِ لتتحملي الصدمة ، لدي صلاة الآن بانتظاري السلام عليكم …
خرج من الغرفة وارتطم بشيماء التي كانت تبكي هي الأخرى بعد الذي سمعته ، دفعها عنه بأقصى قوته حتى سقطت أرضا وغادر البيت بعنجهية ، هنا استقامت بهدوء ودلفت لغرفة أمها وجدتها مستلقية على سريرها تبكي بحرقة مآلها مع هذا الزوج الظالم ..
شيماء(ببكاء):- أمي لا تبكي ، دعينا نهجره ونذهب لبيت جدتي لن نبقى تحت رحمته
إخلاص:- شتت ماذا تقولين أنتِ ، أتريدين منه أن يقتلنا ثم لما كنتِ تسترقين السمع هذا عيب
شيماء:- لقد كان صراخكم عاليا ، ولم أتمكن من البقاء في غرفتي .. أمي أصحيح أن بابا ينوي الزواج من امرأة أخرى ؟
إخلاص(بغبن مسحت عينيها):- كما سمعتِ ثم أنا أريد عبد الجليل هو الذي سيمنع أباه عن هذا الجنون ، أين هو ؟
شيماء:- لم يعد بعد يا أمي
إخلاص:- طيب عودي لمذاكرتكِ ودعيني وحدي
شيماء:- دعيني معكِ ماما أنتِ متعبة
إخلاص(بصراخ):- دعييييييييييييني وحدييييييييييييييي الآن
انتفضت من انهيار أمها التي استلقت على السرير تضرب عليه بيدها بضربات موجعة ، تفسر مدى معاناتها وحزنها بعد الخبر الذي فجره عمر بوجهها .. كيف يريد الزواج عليها وهي التي ضحت معه لسنوات مديدة أبعد كل هذه المعاناة يفرط فيها ، ويجازيها بضرة ستقلب حياتها رأسا على عقب ، ما العمل الآن ما العمل وكيف ستواجه أسرتها والمجتمع والجيران وغيرهم بهذا الفعلة الشنيعة ؟، سيظنون بها شيئا سيئا وهذا ما لن تتحمله ، ظلت تضرب وجهها ووركيها بغبن وتعصر ثوبها من شدة الأسى والخذلان .. لقد جرحها عمر مرارا وتكرارا ولكنها تحملت فقط لأجل أولادها لكن أن يفكر بالزواج عليها هذا ما لن تقبله .. كانت تعايش جرحه الذي سببه حين سمعت صوت باب المنزل قد فتح وعلمت أن عبد الجليل قد عاد ، هنا اعتلت أسارير الفرحة وجهها وخرجت إليه مهرولة وفاجأته بمنظرها حتى جحظ بعينيه
عبد الجليل:- ما الذي جرى لكِ يا أمي ،لما أنتِ على ذا الحال ؟
إخلاص(اقتربت منه باستجداء وأمسكت يده):- عبد الجليل بني حبيبي ، أنت من سيساندني في أزمتي أبوك أبوك ينوي الزواج بامرأة أخرى ويحضرها لتعيش بيننا أتصدق ذلك ؟
عبد الجليل(ابتسم وترك يدها):- آه هذا هو الموضوع إذن ، أخبركِ أخيرا
إخلاص(بذهول تتابعه):- أخبرني ؟؟ لما هل كنت على دراية بالموضوع ؟
عبد الجليل(جلس على الكرسي بأريحية):- طبعا فلقد كنت أول من استشاره وحظي بموافقته
إخلاص(جثت على ركبتيها بفشل وعدم تصديق في ابنها):- ولماذا ألست أمك ؟
عبد الجليل(شبك يديه بتلاعب):- وهو أبي ويستحق أن يتذكر أياما حلوة في حياته
إخلاص(حركت رأسها بنفي):- أنت لست ابني أنت شيطان مثل أبيك ، لو كان في قلبك ذرة رحمة لرفضت الأمر ووقفت بوجهه وقفة رجل أعتمد عليه وأستند عليه وقته ضيقتي ، لقد خذلتني وخذلانك أكثر بشاعة مما فعله أبوك بي
عبد الجليل(نهض بملل):- أوووه لا تكوني درامية كثيرا يا أمي ، الشرع حلل له الزواج بأربعة يعني ستتعودين هيا هيا كفي عن النواح وحضري لي الغذاء أنا جائع ، أو لأقل لكِ أنتِ لا تزالين مصدومة سوف أستعين بتلك البومة لتحضر لي ما أطفحه .. يا شيمااااااااء يا غبية تعالي وحضري الطعام …..
ناظرته إخلاص بخيبة وهو يتحرك بلا مبالاة صوب غرفته ، وبغمغمة دموع انفجرت وهي ترمي بوجهها بين كفيها لعلها ترحم نفسها من هذه الإهانة التي أهانها به عمر وابنها فلذة كبدها ومن هذا العذاب الذي حل على رأسها دون سابق إنذار …
كلمة عذاب قد تكون عسيرة في بعض الأحيان ولكن أحيانا أخرى قد تكون سببا كافيا لتفتح أبواب جهنم مصراعيها كي تحرق العالم بما فيه ، وتحديدا على إثر هذا سننتقل إلى شقة طلال الذي كان عرضة لخطر ما حسب يوما أن يوقع نفسه فيه .. كانت شاهيناز ممسكة بسكين حاد توجهه له وهي تصرخ بحالة هستيرية مجنونة غير متزنة ..
طلال:- أتركي السكين يا شاهيناز نحن لا نلعب هنا
شاهيناز:- لن أتركه يا طلال لن أتركه قلت لك أعدني لقصر حبيبي ، لما لا تفهمون أنا مكاني معه معه هو وفقط لا أريدك لا أريد غيره هو فقط حكيم ، أسمعتني سمعتني هه ؟
طلال(مسح على جبينه بتعب):- لن ينفعكِ هذا الجنون بشيء أنتِ لن تريه على الإطلاق ، حكيم رمى بكِ خارج أسوار مملكته فاقتنعي بهذا وارحمي حالنا .. منذ أسبوع وأنتِ تهذين به وتسمعين مني نفس الجواب ، ألم تتعبي ؟
شاهيناز:-أريد حكيم خذني إليه أريد حكيم خذني لحكيييييييم أرجوووك
طلال(غافلها وأمسك بالسكين من يدها لكنها راوغته حتى جرحت يده جرحا سطحيا واستكانت بعدها بهلع):- أرأيتِ ما فعلتِ هل ارتحت الآن ؟؟ استيقظي يا شاهيناز بالله عليكِ
تركها مشدوهة بالدم المتناثر من يده وتوجه صوب صيدلية الحمام ليضمد جرحه ، سحبت رجليها سحبا وأطلت عليه من باب الحمام وجدته جالسا والأسى مرتسم على وجهه ، بينما كان يحاول تضميد يده بفوضوية …
شاهيناز(بتعب جلست عند حافة الباب تنظر إليه):- أنا أحبه بكل جوارحي ، فهل يعد العاشق مجنونا ؟
طلال(زفر بتعب وأتمم ما ينجزه):- إنكِ ذاهبة في طريق لا رجعة منه ، تريدين الانتحار بطريقة بدائية ستفتكِ بحياتكِ لا محالة
شاهيناز(تسحبت إليه زاحفة ونظرت لجرحه):- هل ستسامحني ؟
طلال(نظر لعينيها الدامعتين وهز رأسه بغبن):- ما تفعلينه بي يؤلمني ، متى ستكفين عن اللحاق بالسراب حكيم ليس لكِ ولم يكن لكِ من أساسه
شاهيناز(بشراسة):- بلى بلى كان لي ، أنا المرأة التي كانت تأخذه في حضنها ليلا ليستكين من أوجاع روحه ، أنا من طبطبت على ظهره حتى تخطى أزماته يستحيل ألا أكون ذات قيمة لديه يعني ولو قليلا حتى هممم ؟
طلال(بغبن):- أنتِ حالة ميؤوس منها وأنا تعبت من إقحام هذه الحقيقة بعقلك ، لكنكِ ترفضين تصديقها لا تستمعين وهذا يزيد الأمور تعقيدا
شاهيناز(برجاء):- أنت لا تفهمني .. إن رأيت حكيم سأصبح بخير صدقني ..
طلال(جمع علبة التمريض ووضعها جانبا ونظر إليها):- لن تريه يا شاهيناز ، حقبة حكيم انتهت وانتهى عصر ملوكيتكِ معه ، فتوقفي رجاء عن تعذيب نفسكِ وتعذيبي معكِ
شاهيناز(بنظرة ضياع):- لكنه يحبني لا يستغني عني
طلال(أمسك بفكها برفق):- آه عليكِ يا شاهيناز أنتِ ستقتلينني في الأخير بجنونكِ هذا … يا رجال أبقوها صوب أعينكم علي أن أغادر الآن ، لا تغفل عينكم عنها ولا ثانية مفهوووم ؟ هيا شاهيناز أراكِ لاحقا على أمل أن تعودي المرأة التي عرفتها قديما وليست هذه المستجدة التي غسل الجنون دماغها بشكل كارثي …
ودعها بقلب مهموم ، يعلم أن حالها لا يسر لكنه أرحم من موتها وإن تعذب معها إلا أنها مسؤوليته التي لأجلها سيصبر إلى ما لا نهاية ، أقفل عليها الباب بالمفتاح وترك رجلين آخرين عند البوابة يحرسون البيت والآخرون بالداخل تحسبا لأي حركة جنونية منها ، وغادر صوب القصر الذي كانت فيه الحركة مستكينة جدا باستكانة الطفولة البريئة والعذبة ، هكذا كان يتطلع إليها وهي نائمة على الكنبة متقوقعة حول نفسها كما كانت تفعل وهي صغيرة ، نظر للنافذة وانتبه للغروب الذي بدأ يحيك خطوطه في السماء يعني قاربت أن تظلم وهي معه منذ الصباح فأي حظ لذيذ هذا ، وضع دعامته على جنب واستند عليها ثم ثابر لحين وصل إلى ميرنا وأمسك بالغطاء وضعه عليها بحنان ولامس بعض خصلات من شعرها ثم خرج من الغرفة … وصل إلى الدرج بجهد وتعب ونادى على الخدم وأمرهم بتحضير عشاء جميل وأطباق متنوعة فميرنا ستتناوله معه وهذه فرصة لن يفلتها ..
الخادمة:- حسن سيدي ستكون باقة الورد على سطح المائدة كما طلبتها ..
حكيم:- أين فخرية ؟
الخادمة:- لم تبرح غرفتها منذ الصباح حتى أنها لم تتناول طعامها ..
حكيم(باستغراب زفر بعمق):- طيب سأتولى الأمر …
توجه صوب المصعد واستقله إذ استصعب عليه النزول عبر الدرج وقتها ، نزل إلى الطابق السفلي وتوجه لغرفتها وجدها نائمة
حكيم:- فخرية .. هل نمتِ ؟
فخرية(فتحت عينيها):- أحاول ذلك
حكيم(رد الباب خلفه وتقدم إليها):- هل أنتِ بخير ؟
فخرية:- كيف حال رجلك ؟
حكيم:- ستتعافى
فخرية:- وضيفتك ؟
حكيم :- بجناحي
فخرية(ضحكت باستهزاء واستقامت قليلا في فرشتها تناظره وقد جلس بقربها):- ماذا تنوي أن تفعل .. أن تختطفها وتبقيها هنا عنوة أو تخبرها بكل شيء وتدعها لضميرها ؟
حكيم(زفر بعمق):- لا هذا ولا ذاك ، ستتناول العشاء وبعدها تذهب في حال سبيلها
فخرية:- حلو رائع ، يعني أرى أنك استغليت سقطتك لصالح نزعتك تجاهها
حكيم:- أليس ذلك من حقي ؟؟؟ ثم لما أنتِ حانقة عليها لهذا الحد ماذا فعلت لكِ كي تكرهيها ؟
فخرية(باحتدام):- أنا لا أكرهها لكنني .. ل لكنني خائفة عليك
سلسبيل(في أذن فخرية):- أخبريه أنها خطر علينا يا أختي سوف تحرقنا تلك الفتاة إنها تذيب جسمكِ بلمسة منها يا فخررررررية هل تريدين لنا أن نمووووووووووت …
فخرية(حركت رأسها):- اخرسي اخرسي كفىىىىىىى …أ..
حكيم(باندهاش):- فخرية ما بالك ؟
فخرية:- صداع صداع يفتك برأسي ، أ.. اذهب لضيفتك أريد أن أنام
حكيم:- تمام فيما بعد سأطمئن عليكِ ، ارتاحي وإن شعرتِ بالتعب دعيهم يطلبونني ماشي
فخرية:- حاذر يا ولدي ، فتلك المرأة ليست مسالمة كما تظنها
حكيم:- ههه بالله عليكِ ، إنها عصفورتي الصغيرة وهي غير قادرة على أذية نملة
فخرية(نظرت له بنظرة عميقة):- هذا في نظرك أنت فقط …
حكيم(ابتلع ريقه بقلق):- إلى ما يرمي كلامك ؟
فخرية(استلقت بأريحية وغطت نفسها):- أطفئ الضوء بعد خروجك
الخادمة:- سيدي وصل طلال بيك
حكيم(رمق فخرية بعدم فهم وخرج):- راقبوا فخرية جيدا ربما تعبت أو شيء من هذا القبيل
الخادمة:- بأمرك سيدي … كن مطمئنا
طلال(كان بالصالون):- حكيم كيف حالك ثم لما نهضت من سريرك ؟
حكيم:- أصبحت بخير لا تقلق ، لكن رجلي تؤلمني بعض الشيء حين أمشي عليها يلزمها الراحة
طلال:- يا عيني طالما تعلم ذلك رافقني لغرفتك فورا
حكيم:- مهلك تعال لنجلس قليلا هنا ، إن ميرنا نائمة هناك
طلال(رفع حاجبه بخبث):- آه ميرنااااا العصفورة طيب لنجلس .. هل زرت فخرية ؟
حكيم:- أجل تبدو بحالة سيئة لكنها لا تفصح
طلال:- أووه وكأنك لا تعلم بأمرها حين تشتد بها نزعات الهوووو السحر ههههه
حكيم:- لا تمزح بهذا الشأن طلال ، فخرية ستغضب من هذا التصرف إن سمعتك
طلال(حرك يديه):- حسن ها أنذا قد صمتت
حكيم(انتبه لجرحه):- ما بها يدك ؟
طلال(أخفاها بارتباك):- جرحت نفسي حين كنت أقطع الطعام
حكيم(رفع حاجبه بدون تصديق):- وهل كنت تقاتل نفسك الجرح بمرفقك .. هل شاهيناز هي التي تسببت بهذا ؟
طلال:- لما ستشغل بالك بها الآن ، هي بعهدتي إذن انسى أمرها
حكيم:- أنسى أمرها لو نسيت هي أمري وتركتني وشأني ، عموما لا أريد التحدث عنها سيرتها تصيبني بالصداع سأعود للغرفة ، آه لقد أمرتهم بتحضير العشاء وبعده ستقل ميرنا للبيت ماشي ؟
طلال(بتلاعب):- اعتقدت أنها ستبيت ب ج نا حك ؟؟؟؟ ههههه
حكيم(عض شفته وضربه بيده):- إخرس بدلا من أن أخرسك ، ستوصلها بعد العشاء
طلال:- طيب سأترككما لوحدكما وأطمئن وقتها على صافيور وبعض الأعمال
حكيم:- لك ذلك …
عاد لغرفته وصدم حين لم يجدها بمكانها ، أين ذهبت ؟؟ دخل للحمام لم تكن هناك وعاد أدراجه خارج الجناح وأخذ يبحث عنها بهلع وخوف لحين لمح ضوءا قادما من خلوته الخاصة ، تنفس الصعداء وتوجه إليها وجدها تقف عند النافذة وتناظر البعيد في سكون غريب ..
حكيم(تنهد بعمق والتحق بها):- هذه العصافير تمثل كل سنة من سنوات ميلادك ، كنت أصنع لكِ واحدا واثنين وثلاث لحين تتعب يدي من شدة الإرهاق وأنام كي لا أتذكر أنكِ بعيدة عني
ميرنا(وهي تكتف يديها وعلى نفس الوقفة):- جيد
حكيم(تقدم إليها بهدوء ووقف خلفها وأخذ يطالع معها ظلمة الليل الممتزجة بآخر خيوط النهار):- هل لا زلتِ غاضبة ؟
ميرنا(استدارت إليه):- شيء خاص بي ، لا يهمك
حكيم(رمى بالدعامة الطبية أرضا وأحاطها بذراعيه من الخلف):- ميرنا ميرنا ميرنااااا يا ذات الطباع الخاصة ، مشتاق لكِ
ميرنا(ارتخت ضلوعها بوهن):- أظن بأنك صرت بحال أفضل الآن ، لذا حررني ودعون أعود لأهلي
حكيم(دفن وجهه في شعرها وأغمض عينيه):- تناولي العشاء رفقتي وستذهبين بعدها
ميرنا(تشنجت أطرافها):- وبعد ذهابي هل ستتركني وشأني ؟
حكيم(فتح عينيه وابتعد عنها):- لماذا سأبتعد إن كنت أقرب لكِ من أنفاسك ، ولو مرت كل هذه السنين لا تزالين بقلبي قابعة
ميرنا(حدجته بطرف عينها):- قلبك .. وليس قلبي
حكيم(بغضب هزها بيده):- لا تجبريني على التعامل معكِ بطريقة لا أحبذها ميرنا ، كفي عن تجريحي ولومي عما فات أنتِ غير دارية بما تكبدت عناءه حتى الآن
ميرنا(نفضت يديها منه):- ولست بحاجة لكي أعرف ، أتعلم لماذا لأنه لا يعني لي شيئا على الإطلالالالالاق ، أيا كان ما عشته أو عانيت منه فهو خارج اهتماماتي
حكيم(اهتزت حدقاته بوهن وحرك رأسه):- طيب بما أنكِ غير مهتمة .. لما دخلتِ مكتبي هنا لتفتشي بين أغراضي ، عماذا كنتِ تبحثين أخبريني ربما سهلت عليكِ الأمر ؟
ميرنا(بغيظ واجهته):- كنت أبحث عن أجوبة تفيدني وتدين الفهد ، لكنك حريص طبيعي أن تخفي كل شيء وتبعده عن متناول يدي
حكيم(ببسمة شريدة):- أنا لا أحتفظ بشيء هنا ، كل ما تحتاجينه مدون بعقلي فهل ستلجينه كي تعرفي ما أنتِ بحاجة إليه ؟
ميرنا(بأعصاب نافذة):- أنا أبحث عن هذا الفهد لأزيد من عدة سنوات ألا يعني لك تعبي شيئا بالمرة ؟ .. إنك الشخص الوحيد الذي باستطاعته أن يخرجني من هذه الدوامة لكنك تأبى مساعدتي ولا أدري لماذا
حكيم(ولاها ظهره وبتعب رمى نفسه على كرسيه الخاص):-أنا أفي بوعودي ، وبما أنكِ قدمت للسباق الذي انتهى بشكل مأساوي هذا لا يعني أن اتفاقنا ملغى ، أظن أن بيننا حديثا لم يكتمل وقد بدأناه بالسطح صحيح ؟
ميرنا(جلست مقابله بلهفة):- عن إياد وصورة اللبؤة الباكية ؟
حكيم(بتنهيدة مريرة):- لا أريد أن أضعكِ وصديقكِ في خانة مغلقة ، لكن الحقيقة ليست كما رواها لكِ إياد .. هناك حلقة ناقصة وناقصة جداااا في القصة
ميرنا(ابتلعت ريقها):- أنا متأكدة من شيء واحد ، إياد لا يكذب علي
حكيم(وضع يده بفكه):- لا تكوني واثقة بهذا الشكل … أو انتظري لحين تسمعين القصة
ميرنا(بخوف وقلق):- أخبرني …
حكيم(نظر للبعيد):- قبل سنتين سافر صديقكِ إلى روما من أجل تغطية قضية للتهريب هناك ، أنتِ وقتها رفضتِ الذهاب معه أو لم يكن باستطاعتكِ ذلك ، لأنكِ وقتها تحديدا كنتِ تعانين من مشكلتكِ مع شهاب ، وهذا ما أعطى لإياد فرصة للسفر وحده وبالفعل سافر واتخذ فندقا لم يلبث فيه سوى ليلة واحدة فقط ..
ميرنا(رفعت حاجبها):- كيف .. التغطية شملت ثلاثة أيام تقريبا بلياليها أين كان ؟
حكيم:- هنا بيت القصيد ، أين اختفى ؟
ميرنا(أمسكت على قلبها باختناق):- رجاء تابع أنت تزيد من توتري
حكيم(مط شفتيه وتابع):- لقد تم اختطافه في سيارة سوداء من قبل رجال متدثرين بالسواد ملثمين ولا يظهر من ملامحهم شيء ، اصطحبوه رفقتهم نحو قصر فارع وفخم
~ حكيم يتذكر ~
إياد(يحاول التملص منهم):- دعوني وشأني ماذا تريدون مني ؟؟؟
رشيد(خرج من البوابة الرئيسية):- دعوه يا رجال ، أحضروه وأحضروا حقيبته أيضا
إياد:- فكوا قيدي وعيناي هل أنا مخطوف هنا ؟ لعلمكم أنا صحفي ولدي صداقات شاملة مع الشرطة سأزج بكم جميعا في السجن
رشيد:- مهلك علينا يا رجل ، فكوا قيده وأزيلوا غطاء عينيه بسرعة
إياد(بعد أن فكوا قيده وأزالوا الغطاء نظر حوله والتفت مباشرة لرشيد):- من تكون وماذا تريد مني ؟
رشيد:- سمعت أنك مصور ، لذا أحتاج منك التقاط صورة
إياد(عدل ثيابه وسحب حقيبته من أيديهم وعلقها على كتفه):- كنت أطلب ذلك مني بلباقة ولا تحضرني بطريقة العصابات هذه ، ثم ليس بالغصب أسمعت يا هذا ؟
رشيد(تثاءب بعمق):- أوووه سبحان الله ، يخلق في عباده ما يشاء
إياد(دلف رفقته لداخل القصر):- أريدكم أن تعيدوني من حيث أتيت
رشيد:- ذلك صعب ، إن لم تلتقط الصورة لن تحصل على ما تريد ثم إنك سوف تحظى بأتعابك كلها بعد انتهائك
إياد:- يمكنكم اللجوء لمصور آخر غيري ، أنا لا أصور إلا ما يلفت انتباهي
رشيد(أشار له تجاه الحديقة):- وأجزم لك أن لدي ما يلفت ذلك الانتباه ، صدقني سيد إياد بدون ضغائن تفضل معي
رافقه دون رغبة وما إن وصل الحديقة حتى تسمر من التشكيلة التي يراها أمامه من أسود وفهود ولبؤات وأشبال صغار كلهم محتجزون في قفص واحد كبير وضخم تملؤه الأشجار والأغصان وكل ما يلزم حياتهم ..
إياد(بدهشة إعجابية):- ما هذا ؟
رشيد:- عائلة صغيرة نحتاج منك تصوير لبؤة باكية هناك لأن إصبعها قد قطع جراء حادث هذا الصباح
إياد(بهلع):- قطع ؟؟؟ ولكن كيف ؟
رشيد(هز رأسه):- لا ندري تفضل لترى بنفسك
إياد(رافقه للجهة الأخرى حيث كانت لبؤة منفردة لوحدة بدمعات مكومة في عيونها):- يا الله إنها حتما تبكي
رشيد:- أرأيت أخبرتك أن لدي ما يلفت انتباهك ، خذ وقتك
إياد(أخرج مصورته):- بصراحة هو منظر لا يفوت ..
رشيد:- خذ راحتك كما أخبرتك وإن أردت شيئا أخبر الرجال فقط وسآتيك ، عن إذنك ..
تركه وتوجه لداخل القصر بالضبط لغرفة المكتب المظلمة حيث كان يقف هذا يراقب كل شيء
رشيد:- سيدي لقد أحضرناه كما طلبت
الفهد(تنفس بعمق واستدار إليه ثم عاد ليناظر إياد):- دعه يلتقط ما يشاء من الصور ، وحين يفرغ من ذلك أعطوه العصير المنوم ودع الطبيب يقوم باللازم بعدها
رشيد:- بأمرك سيدي
الفهد(بحنين لإياد):- أريد رؤيته عن قرب وليس هكذا خلف الزجاج ، إنه قطعة مني
رشيد(يناظر معه إياد):- إنه يشبهك
الفهد:- هه مع بعض الفوارق الطبيعية وهذا ما أحتاج لتغييره
رشيد:- سيكون كل شيء على ما يرام وستنفذ خطتك كما تريد
الفهد:- سارع فقط لا أريد أن يشعر بشيء …
بالفعل كما كانت الخطة تم الأمر ، التقط إياد عشرات الصور لتلك اللبؤة الباكية وتأثر بها كثيرا ، فذلك مشهد لا يراه كل يوم ، فور انتهائه قدموا له عصيرا وشيكا بمبلغ نقدي شريطة الحصول على الصورة في الوقت المناسب .. إياد كان سعيدا بها فقد فكر أن تكون هي عنوان معرضه المقبل وهي صورته الرئيسية فشيء كهذا نادر في الوجود ، وافق بفرح على أساس أن يأخذوا صورة مصغرة ولا شأن لهم بصورتها في المعرض ، استأذنهم بالذهاب ولكن مفعول المنوم حال دون إرادته ، لذا غاب عن الوعي وفور وقوعه على الأرض ركض إليه الرجال وحملوه بين أذرعهم لغرفة من بين غرف القصر ..
الفهد(دخل بهدوء عليه ونظر إليه عن قرب):- مرحبا إياد … آسف لأنني أحضرتك بطريقة غير حميدة ، لكنني أردت رؤيتك عن قرب لكي ألامس وجهك وأشبع عيني برؤيتك وجها لوجه فقد مللت من صور الإنترنيت وملاحقتك يوما بعد يوما في مشاوير حياتك .. آه أعلم أعلم أنت تتساءل عمن أكون ولو يا إياد ولو ، ألم تستطع التعرف علي أم أن ذاكرتك الصغيرة نسيت ملامحي وصوتي وشخصي ؟؟؟
رشيد(قاطعه بدخوله):- وصل الطبيب
الفهد(سحب نفسا عميقا وهز رأسه بإيجاب):- دعه يفحصه ويأخذ اللازم منه وأنا جاهز ما إن ينتهي ..
رشيد:- هل ستبقى هنا ؟
الفهد:- سأجلس لأراقب فأنا لا أرى هذا المشهد كل يوم همممم !!
رشيد:- كما تشاء سيادتك .
التحق بهم الطبيب الذي باشر بفحوصاته على إياد، سحب منه بعض الدم وحلق القليل من شعره وأيضا حقنه بمصل غريب وفور انتهائه لملم حقيبته وتوجه صوب الفهد ، أزال منه بعض الدم هو الآخر وقام بتقطيع بعض من خصلات شعره وأخرج بعدها أداة لقياس الوجه ومررها على وجه الفهد ..
رشيد:- أسرع يا دوك لقد تعب السيد
الطبيب:- هكذا نكون قد انتهينا ستحصلون على الماسك المؤقت قريبا
الفهد:- لا أرغب بذلك الماسك ك حل يا طبيب ، أحتاج لأمر أكثر فعالية وحقيقي
الطبيب:- إذا كنت هذا ما تريده فأنت بحاجة لعملية جراحية
الفهد(شرد في ملامح إياد):- نحن نشبه بعضنا ألا تلاحظ ذلك ؟
الطبيب:- ولكن هناك اختلاف يا سيدي ، بعض الفوارق بالملامح بارزة وحضرتك لا تحتمل المغامرة بشأن أمر حساس كهذا
الفهد(بتفكير):- طيب ما العملية التي تتحدث عنها ؟
الطبيب:- هيكل الشعر والفك والقليل من تشكيلة الحواجب أما المتبقي فهو يسمح لنا بتقمص شخصيته دون أن يشك فيك أحد
الفهد:- اممم موضوع الحواجب ألا ينفع حاجب لاصق مثلا ؟
الطبيب:- أكيد ينفع يمكننا أن نستغني عن هذه النقطة ، لكن الشعر والفك مستحيل
رشيد:- أراك هنا تحيل علينا ولا تمدنا بأي حل يساعد ، قم بما تراه مناسبا وكفاك فلسفة
الطبيب:-سيادتكم لقد أخبرتكم بما يلزم ولكم القرار
الفهد:- هل هذه العملية قابلة للتغيير أم أنها ستبقى ثابتة ؟
الطبيب:- بصراحة هي غير قابلة للتغيير ، إن قمت بها وبالإضافة للتغييرات التي سنخضعك لها سوف تصبح نسخة أخرى شبيهة بذاك الشخص
الفهد:- طيب إن أردت العودة لطبيعتي ما الحل ؟
الطبيب:- الحل بسيط سعادتك ستترك نمو شعرك يستمر بشكل طبيعي وستستغني عن الحواجب الاصطناعية ، وبالنسبة للفك سيبقى كما هو بعد العملية ولن يتغير ثم هذا لن يؤثر عليك لأنكما متشابهان
الفهد:- لا بأس لذلك فنحن نتشابه كما قلت ، وبعض التغيير صالح لكي أخوض التجربة التي أطمح لها عما قريب ..
الطبيب:- ستتمكن من الحصول على ما تبتغيه والعملية لن تتطلب منا سوى بضعة أشهر
الفهد:- جميل جدا هذا يناسبني ،
الطبيب(مص شفتيه):- لكن علي أن أنوه لأجل شيء ضروري حضرتك غفلت عنه ؟
رشيد(بغضب):- ويحك يا غبي أتنعت السيد بالنسيان ؟
الفهد:- مهلك عليه يا رشيد دعنا نسمعه أولا ، أكمل يا دكتور
الطبيب(بتوجس من رشيد):- لدينا مشكلة مهمة نسينا أمرها ، أنت ستتقمص شخصية أخيك وسنعمل على الشكل طبعا ، لكن ماذا عن الصوت ؟؟؟
الفهد(بانتباه للفكرة):- هذا الطبيب ذكي يا رشيد زد في راتبه ، هيا حل لنا الأمر ماذا تقترح؟
الطبيب:- لدي أبحاث مهمة حول دواء يغير نبرة الأصوات لكنه نادر وباهظ الثمن
الفهد(فرقع إصبعه لرشيد):- أعطه ما يريد أرغب بالحصول على ذلك الدواء
رشيد:- لن تجربه سيدي قبل أن يجربه أحد الرجال مرة ومرتين وثلاث ، بعدها سنضمن أنه لن يؤذيك
الطبيب:- هو مضمون لكن يجب ألا يكون بجرعات كثيرة ، يلزمكم الحذر ثم أحتاج لاصطحاب المريض لعيادتي الشخصية لإجراء البحوث على حباله الصوتية وغيره
الفهد(فكر قليلا):- أمامك يوم واحد فقط لا يسعنا احتجازه أكثر من ذلك ، لديه حياته أيضا
الطبيب:- لا تقلق سيدي سأحضر فريقا طبيا لمساندتي كي نقوم بكل شيء في أسرع وقت
الفهد(حرك يده بمعنى انتهت الزيارة):-رشيد رافقه وأعطه أتعابه واتفق معه على ما يلزم
رشيد:- بأمرك ..
الفهد(نهض من جديد ووقف أمام إياد ولامس جبينه):- ستسامحني على ما أفعله ،، لكنني مضطر لأن أغوص بينكما كي أبعد شركما عني … ستبقى نائما لحين أشبع عيني برؤيتك ويقوم الأطبة بما يلزم … همم إياد نجيب يا لوقع اسمك على آذاني يا غالي
~ في الوقت الحالي ~
ميرنا(ابتلعت ريقها):- ما هذا الذي تقوله ؟؟؟ حكيم هل أنت جاد في هذا الادعاء إياد يستحيل أن يبيع لوحته لمختطفيه
حكيم:- هذا ما حدث ميرنا وهذا ما أعلمه ..
ميرنا(نهضت وهي تفكر وتحرك يديها بعدم تصديق):- لكن لما كذب علي بشأن مختطفيه إن كان قد استيقظ بعد يومين بشقته وبجيبه الشيك ؟
حكيم:- ربما لأنه قلق بشأن أن تخافي بدون داع ، أو أنهم قاموا بتهديده ألا يفصح بأمرهم لأحد مهما كان
ميرنا:- هذا يفسر الكثير ، أنا أعلم هوية مختطفيه إنهم عصابة الفهد البري …
حكيم(ابتسم بهدوء):- هذا أمر وارد
ميرنا:- كيف علمت بهذا الأمر إن لم يكن استنتاجي صحيحاااااا ؟؟
حكيم:- اسمعيني جيدا كي لا أطيل عليكِ ، صديقكِ ما هو إلا محطة للوصول إليكِ
ميرنا:- الوصول إلي من أجل ماذا ؟؟؟
حكيم(تلاعب بلسانه داخل فمه):- ربما أنتِ تعلمين شيئا لا يجب أن تعرفيه
ميرنا(تذكرت اللوحة الموجودة بشركة هيرمكانا):- طبعا أعرف .. وسألاحق هذا الخيط بدءا من الغد شركة هيرمكانا هي من سيوصلني للفهد البري
حكيم(نفث شررا ونهض إليها):- هل أخبرتكِ بكل هذا كي تتمادي في جنونك ، قلت توقفي توقفي فقط عند هذا الحد لأنكِ لا أنتِ ولا غيركِ سيمسكون به مهما حاولتم ذلك
ميرنا:- لن نمسك به أعرف لأننا بعيدون عنه ، لكن أنت قريب منه أكثر منا لما لا تساعدنا ؟
حكيم:- لا أستطيع ذلك ببساطة إن تدخلت قام بأذيتك
ميرنا(تقدمت خطوة إليه ووضعت يدها على كتفه لتجعله يستدير إليها):- هل هددك بي ؟
حكيم(نظر إليه شزرا وبغبن):- بكِ وبأمي وبكلكم منذ 16 سنة وأنا مهدد بكم ، بقيت تحت رحمته لعشر سنوات عشر سنوات يا ميرنا كانت كافية لتجردني من مشاعر الإنسانية ، لقد كنتِ أنتِ بصيص الأمل الذي أتشبث به والذي يربطني بكلمة حياة ..
ميرنا(رأفت على حاله ولامست خده):- لما لم تخبرني من قبل عن هذا ؟
حكيم(تنهد بعنف):- وبما سيفيدني إخباركِ ، سعادتكِ قد اخترتِ ألا تصدقي سوى معتقادتك غافلة عن أعذار الآخرين
ميرنا(بدموع تكومت بعينيها):- ما كنت أعلم أنني غالية عندك لهذه الدرجة .. لدرجة أن تضحي بسنين عمرك كي تحميني
حكيم(ربت على يدها التي كانت على خده وبنظرة ملتاعة):- أنتِ نبضي وعلي أن أحميكِ وأفديكِ بروحي ، ميرنا أنتِ شيء يساوي وجودي على وجه هذه الأرض .. بسببكِ تحملت كل الوهن والغضب والمصائب فقط كي تعيشي بخير وهناء ، لكن أنتِ الآن تحاولين هدم كل ما ضحيت به ، متابعتكِ للقضية وعدم استسلامك يجعل تعبي يصبح هباء منثورا
ميرنا(أشفقت عليه وتساقطت دمعتين حارقتين من عينيها):- هل كابدت كل هذا العناء لأجل سلامتنا وتريد مني الانسحاب ؟
حكيم(أمسك وجهها بين يديه):- أنتِ لا تعلمين يا ميرنااااا لا تعلمين الرجل الذي تقاتلينه ، إنه بلا قلب الرحمة مبتورة من فؤاده ، لا يتحدث سوى بالدم والانتقام لغته الشجع كلامه الظلم منطقه القوة .. إنه شخص لا يملك ضميرا
ميرنا(ارتعشت عيناها برفض):- لكن مؤكد لديه شيء يخاف عليه وإلا لما منعني عنه طوال هذه السنوات ، لقد لقد كنا نصل إليه وفي لمح البصر تختفي كل الدلائل ونعود من الصفر
حكيم:- هذا لأنه يعلم عنكم كل شيء ، هو محيط بكِ دون أن تشعري به فرجاء ميرنا رجاء طاوعيني ولو مرة في حياتك كي لا تنصدمي بهول ما يبقع خلف المجهول ، اسمعي مني أنا خائف على حياتك هؤلاء القوم لا يلعبون
ميرنا(هزت رأسها وضربت في صدره بتعب):- لا تطلب مني أن أستسلم والمئات يموتون بسبب ذلك الشخص ، عشرات الأطفال يباعون ليل نهار والنساء النساء يستخدمونهن لتحقيق مآربهم المقيتة … لا تطلب مني أن أصمت عن الحق مهنتي تحتم علي فضحهم وكشفهم وسأعمل على ذلك لآخر الرمق
حكيم(هزها بتعب ورمى بها في حضنه ليعتصرها به لعله يخفيها عن العالمين):- مجنونة وعنيدة … عنييييييييدة
ميرنا(استكانت بانهيار في حضنه):- اهئ حكييييم ساعدني أنا أرجوووك … دعني أسامحك
حكيم(فتح عينيه على وسعهما من بعد إغلاقهم تمعنا في حاجته لعصفورته):- .. ماذا تقصدين ميرنا ؟
ميرنا(أبعدت رأسها ونظرت إليه):- إن أردت مني أن أسامحك عليك أن تقف بجانبي ، وتعطيني دليلا يوصلني للفهد بأسرع وقت
حكيم(رمش بعينيه وابتعد عنها):- هذه مخاطرة كبيرة
ميرنا(لحقته ومثلت أمامه من جديد):- ونحن بمساعدتك سنكون أقوى ، لأنك تعلم مداخل ومخارج إمبراطورية الفهد البري
حكيم(نظر إليها شزرا وتحركت حنجرته):- لا ميرنا لا .. لا تتلاعبي بعقلي لأنني أحبك
ميرنا(تشبثت بيده):- حكيييم ألا يعني لك رجائي أي شيء ؟
حكيم(بضعف أمام عينيها تنهد):- كفي عن هذا الاستجداء أنتِ تحركين قلبي وعواطفي
ميرنا(مالت برأسها كالأطفال):- بليز حكيم ، ساندني في قضيتي لطالما كنت صاحب حق فهل ستصمت عنه الآن ؟
حكيم(هز يده وحك جبينه بحيرة):- أنتِ تطلبين مني أن أغامر بكِ ، بحياتكِ ، بروحك يا مجنونة ألا تشعرين بمدى خطورة الوضع ؟
ميرنا(زادت تمسكا به):- أشعر أشعر .. ولكنني أشعر أكثر برعشة الخوف التي تسري بقلوب الأطفال، أشعر بالحيرة والرعب التي تتفشى بأجساد الفتيات ، وتلك النظرة الوجلة من المجهول تترسخ في عقلي .. أجل أجل أشعر بهم من حولي أتخليهم مثل دينا دينا الصغيرة ابنة نور ، مثل نهال .. نهال التي أصبحت شابة الآن ابنة رفيق دربك طارق … تخيل لو كانتا مكان أولئك المساكين ؟؟ أنا أشعر بمدى فظاعة الوضع الذي تحاول إبعادي عنه أنت وذلك الخبيث الفهد البري ، لكن وعزة جلال الله لن يخمد فيني عرق إلا بعد أن أزج به في السجن ….
كان مندهشا منها ومن قوتها ، عقد حاجبيه وتأمل عصفورته الجامحة أو كما صح القول تلك اللحظة اللبؤة الجامحة ، مال بشفتيه في ابتسامة شريدة وسحب نفسا عميقا حين أومأ لها بحركة رأسه بالموافقة … لم تشعر بنفسها إلا وقد اقتربت منه بامتنان والدموع تغالب فرحتها لكن ليس بقدر فرحته بها ، قبل جبينها بمودة وأشار لها برأسه كي ينزلا لتناول الأكل فالوقت يمضي بسرعة وعليها أن تعود للبيت … كانت السعادة عارمة في قلبها فقد قاربت على أن تطير في الجو فرحا بذلك ، وأن يساندها شخص عالم بكل تفاصيل حياة الفهد البري هذا أمر ما كانت تحلم به لكنه تحقق فحكيم قرر بعد عناء أن يساعدها لكن هل هو جاد فيما يفعله ، أمعقول أن القلب يتفوق على العقل في لحظة عشق ؟؟؟؟؟؟
وائل(في حالة ثملة):- لالا القلب لا يحكم العقل بل العشق هو الذي يحكمهما معا
نادر:- كف عن الشرب هذه القنينة الثانية ، شهاب افعل شيئا يا رجل ؟
شهاب(يضع يده على فكه ويتفرج عليه):- ماذا أفعل حاولت منعه لكنه أبى الاستماع لي
وائل(شرب المزيد):- دعاااااااني وشأني ، أنا محروووق قلبي يشتعل بالنيران يعني مثل فوهة النار كلما زدنا الفحم فيها كلما زاد الألم …هنا هنا يسار الصدر هناااااااااا
نادر(أمسك يده):- توقف عن ضرب نفسك لما تحمل قلبك كل هذا العذاب ، الموضوع لا يستحق كل هذا وائل
وائل(جذب يده بصرامة وبنظرة انكسار):- لا يستحق هااااه لا يستحق أنت لم تجرب ذلك الإحساس لقد لقد كنت موجودا معي ، حين ذهبت معه وتركتني جاثما محلي حتى لم تفكر بالاعتذار أمضت كذا ساعة معه ولم تفكر بالاتصال والاطمئنان ولو كذبااااااااااااااا
نادر:- كيف ستتصل يا أخي وهاتفك مقفل ، افتحه لربما وجدت فيه ما يرضيك
وائل(بتلاشي وتيه):- لالالا لن أفتحه سأضعف سأضعف إن سمعت صوتها ، وأنا محروووق لا أريد لا أريد أن أن أسمع صوتها سوف أضعف وأخبرها عن مدى حبي وعشقي لها ، وعن حرقة قلبي التي خلفتها في قلبي بعد ذهابها مع ذلك الغريب …
شهاب(مسح فكه وسحب الكأس من يد وائل):- يكفي شربا يا رجل ، لا تدعني أندم لأنني أحضرتك إلى هذه الحانة اعتقدت بأنك ستفضفض لا أن تغرق في هذااااااا
وائل(بصداع أغلق عينيه):- هششش ، شتتت ضجيج في عقلي كف عن الضوضااااء
نادر:- ما العمل آتينا باستشارة من استشاراتك الرائعة سيد شهاب ؟
شهاب(حول عينيه بتعب):- سنصطحبه لشقته ، ساعدني
نادر(أمسكه من يده):- هيا وائل سنذهب الآن
وائل:- لالالا أنتما لا تفهمان لا تفهمان أنا أحتاج لأن أنسى ، ولن أنسى إلا بهذاااا ههه ههه دعاني ياااااااااا اههههه … ميرنااااااا آه منكِ يا وهم قلبي
بصوت مبحوح تفوه بآخر الكلمات ، قبل أن يصطحبه شهاب ونادر إلى شقته .. كانت حالته سيئة جدا سيئة لحد أنه لم يعد يشعر بشيء من الألم الذي فاق حدوده بصدره ، ميرنا قتلته بشكل فظيع ما حسب يوما أن يتعايش معه ، لذا كان من الصعب عليه أن يتحمل تلك الصدمة التي برعت فيها شمسه بكل ما تستطيعه من وجع .. ألقت به في جب الأحزان حطمته بمعنى الكلمة حتى لم يعد يستشعر أي شيء من بعد ذلك …. اصطحبه شهاب ونادر لشقته واستقبلهما نزار بزفاف مالو أول من آخر ^^
نزار(بهلع):- ماذا فعلتمااااااا به يا مجنونان … كنت موقنا أن صداقته لكما لن تخرج بسلام وائل وائل حبيبي ، وائل رد على قلبك عمك نزار ماذا فعلا بك صارحني ؟؟
وائل(بحالة يرثى لها):- نزااااار ههههه نزار هه عمو نزار ما بالك تتراقص قف مكانك واثبت هههه ،
شهاب:- عم نزار أفسح المجال ودعنا نأخذه لسريره
نزار(دفعهما وأسند وائل):- يا كبد قلب عمك نزار ، أخبرتك ألا تعاشر هذين البغيضين إنهما سلعة فاسدة وسيجرانك نحو الهاوية
نادر:- صبرا يا رب صبراااااا … إنه حتما الظلم بعينه
شهاب(بشرود في ابن عمه):- وائل ..
نزار(ساعده على النوم في سريره):- سأحضر لك عصير ليمون لتصحصح بعد ما فعله بك هذين الفاسدين ، وأنتما غادرا البيت قبل أن أحرقكما بقداحتي الشخصية
شهاب:- نزار يا رجل علينا أن نطمئن عليه
نادر:- شهاب ساعدني علينا أن نكتف هذا العجوز ، ونضع على فمه لاصقا متينا كي نسلم من لسانه الذي يستلزم حشه
نزار(يخاصمه):- أنا لساني يستحق الحش
نادر:- أجل أنت
نزار:- يا بليد كل هذا حدث بسببكما و
……… إلخ
شهاب(نظر بقهر خلفهما لوائل الذي تقوقع حول نفسه فوق سريره):- يا لوعتي عليك يا ابن عمي يا حبيب …
أغلق الباب عليه وانسحب مع نادر ونزار ليكملا خصامهما بعيدا عن مسمعه ، إذ يكفيه ما يعاني منه ، نظر حوله لجنبات غرفته كيف غادرها هذا الصباح وكيف عاد إليه ، فرق شاسع بين البينين فمن استيقظ صباحا كان مدلها بالعشق ومن هو فيها الآن شخص مكلوم بالأذى ، وما عاد يفرق بين الصح والخطأ … تأوه عميقا وسحب هاتفه من جيبه وقام بتشغيله فور ذلك وصلته رسائل جمة من رقية واتصالات أيضا ، وبعدها تلتها محاولات اتصال من ميرنا ورسالة صوتية واحدة .. بلهفة عدل جلسته وضغط على زر الاستماع …
ميرنا(بصوت باكي):- أعلم أنك غاضب مني الآن ، وربما لدرجة كبيرة لكنني عند وعدي فأرجو أن لا تخون ثقتي بك وتخسر نظرتك إلي بعد الذي حدث ، أحيانا تتطلب منا بعد الأمور الالتزام بالصمت كي لا نؤذي أحبتنا ، عليك أن تتفهم بأنك أغلى شخص في حياتي وأخاف عليك بشدة وأخشى أن أعرضك للخطر ، جل كلامي لن تستوعبه لأنني أتكلم بشكل مبهم لكن ثق بي أشعُر بنبض قلبي ستعلم أنه لم يكن ولن يكون مخلصا إلا لقلبك .. فور استماعك لرسالتي اتصل بي حبيبي سأنتظرك ….
أعاد الاستماع لها مرة ومرتين وثلاث بنفس الشوق لصوتها بنفس الحنين لعطرها بنفس الشغف لرؤيتها بنفس العشق لضمها .. كل هذا أتاه فجأة ولم يستطع كبت مشاعره والسيطرة على مكامن الوجع التي كانت هي نفسها من خلقها بقلبه … جاهد كثيرا وأجرى ذلك الاتصال بعيون ذابلة بملامح مظلمة بصوت مبحوح مختنق من شدة الألم ….
ميرنا(انتفضت حين رمقت اتصاله على هاتفها ونظرت لحكيم الذي كان يجلس مقابلها وهما يتناولان الطعام):- …
حكيم(قطع بعض الأكل ووضعه بفمه):- يمكنكِ أن تجيبي على الهاتف
ميرنا(ابتلعت ريقها):- إنه هاتف ضروري سأعود بعد لحظة ..
ركضت تحت نظراته الكسيرة ، بخطوات سريعة نحو الحديقة وتغلغلت وسط الأشجار المظلمة حتى اتكأت على جذع شجرة هناك وهي تمسح على صدرها وردت بقلب يخفق ألف خفقة في اللحظة …
ميرنا(بصوت عاشق):- وائل
وائل(بأسى):- لقد كسرتني ميرنا
ميرنا(انفجرت بدموع):- اسمعني وائل والله الموضوع ليس كما تظن ، أنا
وائل(بعيون مكسورة هو الآخر):- أنتِ لا تزالين عنده صحيح ؟
ميرنا:- أ.. ما فائدة ذلك يا وائل الآن أرجوك ..
وائل(هدر فيها بعصبية):- أجيييييييبينيييييي … أنتِ معه الآآآآآآآن ؟؟؟
ميرنا(أغمضت عينيها بشدة بعد صرخته تلك):- أجل .. لا زلت معه ولكنني سأغادر بعد قليل لقد اطمأنيت عليه و… تت سأشرح لك كل شيء مساء غد في الشركة
وائل(مسح على رأسه من شدة الصداع):- لالا لا تشرحي ميرنا لا تشرحي ، موقفكِ شرح نفسه وبت واثقا أنكِ اخترته بدلا عني وأنه خياركِ الأول قبلي وأن هناك أسرار أخرى وجمة لا تزالين تخفينها عني ، ههه الجميل أنني وثقت بكِ وأخبرتكِ بذلك لكن ماذا فعلتِ أنتِ ؟؟ كذبتِ علي وخدعتني
ميرنا(ببكاء حارق):- والله رغما عني يا وائل .. حدث كل ذلك وأنا مجبرة
وائل:- ههه أنتِ دائما مظلومة يا ميرنا ، دائما الأقدار لا تنصفكِ وتسبب لكِ الحرج لكن أنتِ ما شاء الله عليكِ لا تخطئين أو معصومة من الزلات ربما ؟؟
ميرنا(بتشكيك):- هل تعاطيت شيئا صوتك وحديثك لئيم جدا معي
وائل(ضرب صدره):- وأنتِ أيضا كنت لئيمة وجرحتني في الصميم … اسمعيني ميرنا أنا لا أحب الأسرار أكرهها كرهاااااااا جمّا لذلك …… نحن يجب أن نتوقف عند هذا الحد
ميرنا(صعقت بذهول وفتحت فمها):- هئئ ماذا تقول ؟
وائل(استقام من سريره وناظر السماء من غرفته بعيون جريحة وقلب منفطر):- لقد وقفنا أمام اختبار صعب اليوم ، وبات جليا لي أنني أصبحت خياركِ الثاني في لمح البصر وهذا ما لا أقبله …
ميرنا:- ما الذي تهذي به هل أنت ثمل يا وائل .. بالله عليك دعني أشرح لك مساء غد ولا تتسرع فتندم
وائل(ابتسم بوجع):- أخبرتكِ سابقا .. أنا رجل لا أقبل بالأنصاف إما أنا أو لا أحد ..
ميرنا(شعرت بالخواء في قدميها وأمسكت صدرها الذي ضاق وقتها):- وائل حبيبي أ..
وائل(حرك يده برفض):- لست حبيبكِ لا تلفظي هذه الكلمة أنتِ أنتِ من اللحظة التي غادرتني فيها لم تعودي حبيبتي ،،،،، لقد انتهينا يا ميرناااااااا انتهينااااااااااااا … تيت تيت تيت تيت تيييييييت
أقفل الخط بوجهها كما أقفل باب الرحمة والأمل في صدرها ، "انتهيناااا" صرخته الأخيرة دوت في قلبها فاسترسلت كل المشاعر لتنحني لتشييع جنازة موت الروح تلك اللحظة ، كيف يتخلى عن حبهما بتلك الطريقة بل كيف طاوعه قلبه أن يهجرها دون أن يستمع لها حتى ، هذا ما لم تستوعبه ظلت جامدة محلها دون حراك ، مصدومة غير مصدقة لما قالته عظمة لسانه كيف استطاع أن يسلخ روحه من روحها بل كيف تمكن من إبعادها بسهولة عن مداره ، أخذت تحرك رأسها يمنة ويسرة بشكل هستيري غير واعية غير مدركة لحين وضع يده على كتفها ففزعت وصرخت بهلع …
حكيم:- ميرنااااا
ميرنا(بخوف استدارت إليه واقتربت منه دون أن تعي):- لقد كان وائل و و .. إنه لقد هجرني يا حكيم هجرني ببساطة
حكيم(لمعت عيناه ببريق خفي وعقد حاجبيه كي لا تلاحظ وأمسكها في حضنه):- لا تبكي، لن أتمنى أن تتعدل الأمور لكن ربما بعد أن تشرحي له سيتفهم
ميرنا(تبكي بحرقة):- لقد هجرني وتخلى عني هكذا باتصال فقط ، يعني حتى لم يسمع مني تبريراتي ، اهئ كيف طاوعه قلبه كيف كيف ؟؟؟
حكيم(قبل رأسها الذي كان مدفونا بحضنه):- يكفي لا تبكي هكذا سوف يعرف بقيمتكِ ، أمهليه بعض الوقت
ميرنا:- هئ اهئ خذني لأمي أريد أمي الآن الآآآآآآآآن أريد ماماااااااا
حكيم(سحب نفسا عميقا وعطفه على حالتها الرقيقه يزيده هلاكا):- حسن سأصطحبكِ بنفسي إليها لكن عديني ألا تبكي ، لا أحد يستحق دموعكِ سوى أنتِ …
ميرنا(بدون فهم ولا وعي ولا حياة):- خذني من هنا يا حكيم لم أعد أتحمل أريد أمي وغرفتي أنا بحاجة لسريري الآن … اهئ
حكيم(قبل رأسها مرة أخرى وجذب يدها):- تعالي …
بعد لحظات كانت تجلس في الخلف وصوتها الباكي يزيد من شهقاتها الحرقة والأسى ، طلال يقود بهما بينما حكيم يجلس بجانبه ، عقله شارد في البعيد كيف يعقل أن تبكي بهذه الحرقة على ذلك الرشواني بينما أنا لم تذرف دمعة واحدة لأجلي ،، حتى دمعات الصباح كانت ضئيلة لكن الآن ها هي ذي تسقي جنائن الأرض وما عليها بكاء على ذلك البغيض ، آه يا ربي صبرني كي لا أقتله وأكسر قلبها بجدية عليه ، تبا لحظك التعيس يا حكيم تبا تباااااااااا ….
ليس هنالك ما هو أوجع من الفراق بين الأحبة ، هي لم تستطع هضم ذلك الكلام فعند بالها الفراق ليس مدرجا بعلاقتهما هي ووائل ، يعني أمر غير وارد فحين تسمعه شفهيا منه أكيد سوف تصدم بشكل لا واقعي … التنفس كان أشبه بسحب الأوكسجين من بئر عميق ليس له قرار ، حاولت مرارا وتكرارا أن تتنفس بقوة بعد أن فتحت النافذة قربها لكن لا ، فحتى الهواء أبى أن يلج رئتيها ويساعدها على التحمل لحين تصل لبيتهم ، بفشل ضربت بيديها على الكراسي خوفا من أن تصاب مجددا بنوبة هلع وبحالتها تلك أجبرت طلال على إيقاف السيارة جانبيا ، نزل إليها حكيم بخوف وجلس قربها وأخذ يهدهدها حتى استكانت .. آه من كان يظن أن هنالك زمن سيجعله يواسي عصفورته الصغيرة في فراق حبيبها الرشواني ، مسح تلك الفكرة من عقله وحاول التركيز على ميرنا التي هدأت بعد صعوبة ، رأسها على حجره وهو يمسح على شعرها بهدوء ونظره في الفراغ فأكيد أكيد هو يعيش أصعب أيام حياته ……. أخيرا وصل بهما طلال للحي القديم وهنا كان يتوجب على حكيم أن يكلمها بجدية ..
حكيم:- أصغي إلي جيدا أهلكِ لا يعرفون شيئا عما حصل ، اخترعي أي شيء كي لا تقعي في مشكلة الكذب بسببي هممم ؟
ميرنا(هزت له رأسها بوجع وعيناها المحمرة من فرط البكاء ناعستين):- لا تقلق
حكيم:- سأتصل بكِ أبقي هاتفك بقربك لن أدعكِ حتى تنامي ماشي ؟
ميرنا(حركت رأسها بثقل وسحبت حقيبتها خلفها):- هممم
حكيم(لم يقوى على فراقها فجذب يدها إليه وهما لا يزالان داخل السيارة):- عديني أنكِ ستكونين بخير ؟
ميرنا(بغمغمة بكاء):- اهئ .. لآ أعلم لا أعلم دعني الآن أرجوك
حكيم(مسح على يدها):- طيب طيب غادري .. تصبحين على خير
لم تجبه بل صفقت الباب خلفها وركضت صوب بيتها وما إن فتحت الباب بالمفتاح حتى اختفت سيارة طلال من خلفها ، ولكنها ارتطمت بجسد نور وهي تضع يدا على جنبها وتنتظرها
نور:- أهلا أهلا ست ميرنا ما شاء الله اليوم بطوله خارج البيت ، تطورنا هاه ؟
ميرنا(حاولت أن تتحاشى النظر بعينيها):- أنا متعبة أجِّلي تذمركِ لغير وقت
نور(أمسكتها من ذراعها):- تعالي هنا أين كنتِ ومن أوصلكِ ؟
ميرنا(جذبت يدها بقوة منها):- كوثر ..ثم ما بالكِ تصرخين فيني هكذا ؟
نور:- كوثر هاه ومتى تبدل لون سيارة كوثر حسب علمي هو أبيض وليس رمادي ، من الذي قام بتوصيلك حتى وائل سيارته سوداء ؟؟
ميرنا(بعدم سيطرة على نفسها):- لا شأن لكِ ، لستِ ولية أمري حتى أبرر لكِ أسباب دخولي وخروجي من البيت أسمعتِ ؟؟؟
نور(كتفت يديها):- لا والله ستكبرين علي أنا الآن صح ؟
ميرنا(أشارت لنفسها):- أنا راشدة رغما عنكِ أصبحت ب 28 سنة فكفي عن لعب دور الأخت الكبيرة ، ما عدت بقادرة على تحمل ذلك الدور
مديحة:- يا ويل ويلي أنا إنهما تتخاصمان
عواطف(بقلق ربطت خيط ردائها):- سترك يا الله
نور:- هكذا إذن يا ميرناااا ،أصحبت أمارس عليكِ دور الأخت الكبيرة هذا لقلقي عليكِ
ميرنا(بعدم صبر):- من قال لكِ اقلقي بشأني ، اهتمي بنفسكِ واتركيني عنكِ
عواطف:- يكفي ما بالكِ يا ميرنا ؟
نور(بغضب):- دعيها تنفس فيني غضبها مؤكد أن السيد وائل أزعجها بشيء ما ، وجاءت لترميه بوجهي أنا
مديحة:- نور بالله عليكِ تعوذي من الشيطان
عفاف:- ما بكما يا بنات أصواتكما شملت كل البيت
ميرنا(صرخت بقوة):- دعوني وشأني لا أريد أن أررررررررررى أحداااااا مفهووووم …
نور(بصدمة فيها):- أرأيتم ما فعلت ، كل هذا لأنني سألتها أين كانت وقلقت عليها ؟
عفاف(ربتت على كتف نور):- لا تنزعجي يا نور ، ربما أعصابها تالفة قليلا
عواطف:- عيونها كانت متورمة إنها باكية حتى قبل أن تلج البيت
مديحة:- طيب اذهبي إليها يا أختي ، سوف أضبط الوضع هنا
عواطف(بخوف):- حسن سأرى ما بها …
صعدت عواطف لابنتها وجدتها ملتفة حول نفسها على السرير وتهتز في بكاء متواصل، أغلقت الباب عليهما وتوجهت إليها ونامت بجانبها حتى أنها عانقتها بحب وحنان
عواطف(بعذوبة ورقة):- ما بها ابنتي ؟
ميرنا(انفجرت دون صبر ببكاء في حضنها):- أنا متعبة يا أمي متعبة
عواطف(برفق):- يا روحي ، ما الذي حدث لكِ لا تفزعيني عليكِ ؟
ميرنا(بانهيار):- فقط ضميني لحضنكِ يا أمي ، لا أريد الحديث بشيء رجااااء
عواطف(قبلت جبينها ومسحت على شعرها):- حسن يا صغيرتي ، ارتاحي بحضني ارتاحي
تمسكت جيدا بحضن أمها وعيناها تنغلقان حينا وحينا تنفتحان بقهر وغلالة حزن غمرهما وائل بهجرانه لها ، والذي لم يكن هو الآخر في حال أيسر بل دلف لحمامه وجلس تحت الماء يناظر الفراغ ويبحث عن جواب لأسئلته ، بما أخطأ حتى تعامله على ذلك النحو .. في حين كان حكيم يضع يده على فكه ويناظر الطبيعة حوله وعقله تركه معها هي وحدها التي جبلت قلبه على عشقها المستحيل …..
أما عواطف فقد كانت محترقة على بكاء ابنتها وكم ارتاحت حين شاهدتها قد غفت وذهبت في نوم عميق ، قبلت جبين ابنتها ونزلت إليهم
نور:- هل نامت ؟
عواطف:- أول مرة أراها على ذا الحال ، أختكِ ليست بخير ؟
نور(وضعت يدها على خصرها):- وهذا تحديدا ما حاولت فهمه لكنها انفجرت بوجهي مثل قنينة الغاز
مديحة:- تلك الأمور تأتي على مهل ، وما شاء الله على طريقتكِ يا نور
عفاف(بدعابة):- من زمن باب الحارة وغيره ^^
نور(جلست وفتحت رجليها بعصبية):- أقسم بالله إن تلك الفتاة بها شيء كبير ، وسترون
مديحة:- اجلسي يا عواطف.. لعله خيرا قد يكون خصاما مع وائل أو كوثر
نور(يقولون كوثر وكأنهما صدقا كانتا مع بعضهما):- سأصعد لأنام عقلي انتفخ من كثرة التفكير
عفاف:- طيب والعشاء
نور(برفض):- صحة وهنا لكم …
عواطف:- دعيها هي الأخرى بالها ليس معها ، الله يستر مع هذه البنات ويصبرني عليهم
مديحة:- اللهم آمين …
فتحت عينيها بثقل بعد سماعها لرنين هاتفها ، انتفضت بخفة إذ اعتقدته وائلا وقد عاد ليعتذر منها لكنها فوجئت برقم كوثر وعلمت أنها لن تصمت ما لم ترد عليها …
كوثر:- أين أنتِ يا بنت هلكت وأنا أتصل بكِ ، اسمعي دبري كذبة أخرى فنور قد اتصلت بأبي وعلمت أننا لسنا مع بعضنا لقد خرجتُ مع زياد وما حسبت هذا الحساب ، هييهه ألوووو ميرناااا ميرنا هل تبكين ميرنااااااا ؟
ميرنا(بدموع وحسرة):- لقد افترقنا .. أنا ووائل
كوثر(بفزع قفزت محلها):- لا تقوليها ، ماذا حدث ؟؟
سردت ميرنا كل شيء لكوثر التي وضعت يدها على فمها من هول ما سمعته ، وحدث لميرنا منذ الساعة التي غادرت فيها البيت صباحا ، لم تجد ما تساعد به صديقتها سوى أن تواسيها بأمل في الغد وبأن حب وائل أكبر بكثير من الشكوك ، وسوف يعود لها أي نعم خلقت بعض البهجة في قلب ميرنا في أن يكون تخمين كوثر صحيحا ، وأن وائل سيعود إليها لكن تخوف عميق مثل الفراغ كامن في صدرها وهذا ما جعلها تنهي الاتصال بسرعة وتنام … طبعا لم يتركها لتنام قبل أن يسمع صوتها اتصل بها مجددا ووعدته ألا تلقي بالا لأي شيء وتنام وعلى ذلك ارتاح قلبه ولو قليلا عليها ، رغم أنه يعلم أن عصفورته كاذبة بالفطرة ولن تكون بخير كما وعدته …

في صباح اليوم التالي
الخيبة والخذلان والوهن والضعف والحسرة … عناوين سطرت لتزين ذلك الصباح الحزين ، كيف لا وقد شطر قلبين إلى نصفين بعدما كانا قلبا واحدا نابضا بالحب ، بعض الظروف قد تقف بوجه العلاقة تحول بينها وبين الاستمرار ، بعضهم قد يكون مجبرا على التظلم وبعضهم قد يكون مرغما على عيش دور المظلوم .. إنها معادلة غير منطقية حين يصبح المرء على فرحة وينام على حزن ، حتى القدر كان لئيما هنا وأجبرهما على عيش ساعات مؤلمة كتلك ، فهو قد ظل الليل كله يتخبط في أوجاعه لم يغمض له جفن حتى لاح ضوء الصباح واستسلم أخيرا لملكته الطبيعية ، أما هي فقد نامت من شدة البكاء واستيقظت على زفرة ألم جعلتها تفتح حاسوبها الشخصي من على بكرة الضوء وتكتب عنوانا واحدا "سرقوا مني بسمتي" .. تأملت مقالتها التي كتبت حروفها بحبر من عصارة قلبها المجروح ، وأغلقت حاسوبها لتباشر الحياة وتستقبل أول يوم لها بعد فراق وائل …. هذه الجملة تحديدا أعادتها مرارا وتكرارا وهي تمارس طقوس صباحها ، حتما أوجعتها في خاطرها فكل ما فيها لم يتقبلها ولم يقتنع بها ، كل جزء منه يصرخ باسم وائل ..فأينك يا وائل هل ستحرق قلب حبيبتك هكذا ….؟؟؟
قالتها وهي تلف حول نفسها رداء الحمام وخرجت منه كي تجفف شعرها المبلل ،بوجه شاحب ذابل وعيون موردة من فرط بكائها الصباحي أيضا ،روحها مسحوبة منها وتقضي روتينها اليومي بدون عقل وبطريقة أشبه بالهذيان اللحظي…استقرت في طقم مناسب وجففت شعرها بشكل عشوائي لم تضع ولا ذرة مايكاب بل عطرت نفسها وخرجت دون نفس … تنهدت عميقا إذ تذكرت أنها ليلة أمس لم تطمئن على إياد لذا مرت بغرفته ولكنها فوجئت بعدم تواجده فيها فنزلت وهي تبحث عن استفسار إذ ما ربما كان بالأسفل معهم ..
ميرنا(بصوت مبحوح وخافت):- صباح الخير
أجابوها جميعا عدا نور التي لم تنظر من جهتها أبدا ، بل ظلت تضع العسل في خبز دينا
عواطف(بلهفة عانقتها):- كيف صباحكِ عزيزتي ؟
ميرنا(هزت رأسها بتعب):- بخير بخير ..مررت بغرفة إياد لم أجده أين هو ؟
مديحة(فركت يديها ونظرت لهم وجدت كل واحدة منهن قد اهتمت بصحنها):- ليس هنا
ميرنا(فتحت عينيها على وسعهما):- كيف .. أين ذهب ؟
عواطف:- غادر لشقته يوم أمس ، حاولنا إجباره على البقاء لكنه أبى وانطلق مسرعا
ميرنا(تنهدت بسرعة):- طيب لما لم تخبروني بالأمر يا أمي ما ربما تعب ليلا أو لا أدري ؟
نور:- وهل تركتِ لنا مجالا لنكلم حضرتكِ ليلة أمس لقد انفجرتِ فينا كالبالون ؟
ميرنا(رمقتها شزرا):- أنا لا أكلمكِ
نور(بلؤم نهضت):- هيا دينا دعيني أوصلكِ لمدرستك في طريقي ، أقله نتنعم بصباح كما يجب أما هذا فإنه مقزز يجلب الغثيان
عواطف:- نووور كفى ..
نور(جرت حقيبتها ويد ابنتها وغادرت بعلياء وصفقت الباب خلفها):- ..لارد
ميرنا:- دعيها أمي تقول ما تشاء لن أهتم بها … ما يهمني هو إياد الآن
عفاف:- لقد نسي بعض أغراضه بغرفته
ميرنا:- رجاء عفاف هل لكِ أن تجلبيها لي سوف أذهب لشقته مباشرة قبل الذهاب للجريدة
عفاف:- ولو على عيني ثواني فقط وأعود ..
مديحة:- ما بكِ يا ميرنا عيب أن تجرحي أختكِ الكبيرة هكذا ؟
عواطف:- مديحة ليس وقته أختي
مديحة:- بل وقته ألم تري كيف خرجت نور من البيت ؟
ميرنا(مسحت على جبينها):- خالتي رجاء فلتفعل ما تشاء تعبت من هذا التحكم الذي بدون معنى ، أنا أعلم ما أفعله فلن أدعها تتحكم فيني كما تريد هذه حريتي الشخصية وحياتي
عواطف(كتفت يديها):- حتى كلامكِ يناقض نفسه يا ابنتي ، أنتِ أبدا لم تكوني هكذا ما الذي أثر عليكِ وغيركِ بهذا الشكل ؟
ميرنا:- أوووه هل سنعيد نفس ديباجة ليلة أمس أين كنتِ مع من كنتِ أين ذهبت ؟؟ أنا هذه الأمور سطحية بالنسبة لي لأنني واعية ولست ألعب فرجاء لا تحملوني ما ليس لي طاقة به ، شكرا عفاف على الحقيبة أراكم بالمساء … سلام
عفاف:- سلام حبيبتي انتبهي لنفسك
مديحة(تابعتها حتى صفقت باب البيت):- لا حول ولا قوة إلا بالله حالهن لم يعد يعجب أختي
عواطف:- ألم أخبركِ ؟ الله يعيني وأفهم ما بالهن لربما استطعت مساعدتهن
عفاف:- لا تقلقي يا أمي فور عودة ميرنا سأكلمها بنفسي ، هي لا تخفي عني شيئا
عواطف(عادت لمحلها على الطاولة هي ومديحة):- ما أريده هو أن تجدن السعادة وراحة البال لا شيء غير
نهال(نزلت وهي تركض وتحمل حقيبتها):- وأنا أرييييييييد نفس الشيء ، لكن عماذا تتحدثون ؟
عفاف:- اجلسي يا أم لسان طويل لتفطري قبل أن يحين موعد ثانويتكِ
نهال(غمزتهن):- جلسنااااا …
كانت نور لا تزال بشارعهم حين خرجت ميرنا التي لم تبالي بها واستقلت سيارة أجرة متجاهلة أختها ، وهنا زاد الغيظ في قلب نور لأن ميرنا تبالغ وهي بنظرها لم تفعل لها شيئا يستدعي كل هذا الغضب .. دعكت فرامل السيارة وتوجهت مباشرة لمدرسة دينا انتظرتها حتى دخلت وانطلقت صوب مكان سيمكنها من معرفة ما بال أختها التي توجهت صوب شقة إياد .. إياد الذي كان لا يزال نائما حين اتصلت به
إياد:- أهلا رقية كيف حالك ؟
رقية:- بخير لقد اتصلت بك البارحة أكثر من مرة ، ولكنك لم تجبني هل أنت بخير ؟
إياد:- آه البارحة ، كنت مشغولا ولم أستطع أن أواكبكِ .. أين أنتِ الآن ؟
رقية:- في طريقي للمكتب لدينا قضية مهمة اليوم وسأترافع بالمحكمة عنها
إياد(لمعت عيناه بحماس):- اممم شوقتني لرؤيتكِ وأنتِ بذلك الزي تترافعين عن موكليكِ
رقية:- ههه لا تنخدع بشكلي ولطافتي ، فداخل جدران قاعة المحكمة أصبح امرأة أخرى ، ربما الظلم هو ما يشحن طاقتي ويجعلني أبذل قصارى جهدي كي أحقق الحق وأزهق الباطل
إياد:- رقية يوما ما ستدعينني أدلف معكِ لإحدى مرافعاتك ،سيضيع مني نصف عمري إن لم أشاهدكِ وأنتِ على هذا النحو
رقية(بخجل):- تمام تمام ، حينما تشفى سأجعلك تحضر معي في إحدى القضايا ولن أسمح لك أن تذهب قبل أن تلتقط لي صورة بزي المحاماة للمعرض القادم ههه
إياد:- والله قرأتِ أفكاري يا بنت ههه ، طيب بما أنكِ أيقظتني سأنهض لتناول دوائي وأعد بعض الفطور لي
رقية(بانتباه):- تعد بعض الفطور ، لماذا ألست ببيت ميرنا ؟
إياد(حك شعره):- لقد عدت لشقتي يوم أمس وهذا ما جعلني غير متوفر ، على العموم لن أطيل عليكِ وإن أردتِ زيارتي مرحب بكِ لكن لا تأتيني خاوية الوفاض هاتِ معكِ العمة نعمة ومأكولاتها الشهية ماشي ؟
رقية:- هه على عيني هذا المساء سأكون أنا وهي بشقتك إن لم يكن هنالك إزعاج
إياد:- تت أبدا سأكون مسرورا إن رأيتكِ ..
رقية(عقدت حاجبيها بشكل غريب):- أحقا ؟
إياد(رمى الغطاء من عليه وكمش عينيه بألم في كتفه):- أكيد يلا لا تتأخري علي ،، سأنتظركما هااااه
رقية(عضعضت شفتيها بمرح):- تمام على موعدنا … باي
أقفل الخط معها ونهض بحماس ينظر حوله لشقته فقد اشتاق لها بشكل كبير ، بجهد أخذ حماما صباحيا منعشا ، بعده خرج ليحضر لنفسه فطورا فتذكر أن براده فارغ لذا ارتدى ما يناسب وخرج من شقته ليبتاع ما يلزمه .. وأثناء عودته بالأغراض التقى بأسامة
أسامة(ركض إليه وأمسك منه الأغراض):- دعني عمو إياد أحملها عنك ، أنت مريض
إياد(بمحبة مسح على شعره):- كيف حالك يا مجتهد ؟
أسامة:- علاماتي جيدة جدا ومعلماتي ممتنات مني كثيرا ، حتى أنني قد أنال الرتبة الأولى في فصلنا أتصدق ؟
إياد:- أهاه أصدق فأنت ذكي وتستحق كل التشجيع
أسامة:- اشتقت لك واستفقدت مزاحك معي وكلامك لي ، شقتك كانت موحشة جدا واعتقدت قبل يومين أنك عدت رسميا لكنك خرجت بسرعة البرق من الشقة ولم تنتبه لتحيتي لك حتى
إياد(توقف عن المشي وابتلع ريقه):- ماذا قلت ؟؟ أ.. أنا لم أنتبه لك ؟
أسامة(نظر إليه وتابع المسير):- أجل بالأمارة ناديت على أمي كي تطمئن عليك ، ولكنك لم تسمع نداءنا ونزلت مسرعا وغادرت العمارة
إياد(تشنج مما يسمعه وخفق قلبه بقوة):- أ.. حتما كان بالي مشغولا لذلك لم أنتبه ، اعتذر لي من الست أحلام كثيرا
أسامة(دلف معه للعمارة):- ههه لقد نبهتني بشدة إن رأيتك أبلغها ، لحظة يا ماما ماما
إياد(رمقه وهو يركض بالأغراض ويصعد الدرج):- مهلك يا أسامة ستسقط ، يا ولد
أحلام(خرجت مهرولة بهلع):- ما بك يا أسامة خيرا يا حبيبي ؟؟؟
أسامة:- إنه الأستاذ إياد لقد عاد أخيرا لشقته
أحلام(لم تنتبه أنها خرجت دون شالها ونسيت كل الوجود حين رأته):- إيااااد ..أ..أستاذ إياد الحمدلله على سلامتك كيف أصبحت الآن ؟
إياد:- بخير الحمدلله تسلمي ست أحلام ، و عدم المؤاخذة منكم ذلك اليوم كنت مسرعا فلم أنتبه لندائكما أرجوكما اعذراني
أحلام(مولعة ومشتاقة لعينيه وكل تفاصيله):- لا ولو عادي يعني ، المهم هي راحتك
أسامة(قدم له أغراضه):- سررت حقا بعودتك هكذا لا أحس بالوحشة في هذه العمارة
إياد(بابتسامة):- ههه يا شقي ، طيب أستأذن منكما أراكما على خير
أحلام(لوحت له بشرود):- آه كل مرة يغيب فيها عن عيني يزيد وسامة هفف
أسامة:- هيا لندخل ماما …
أحلام(جرها ابنها بصعوبة):- هاااه ..أ.. هيا لندخل يا حبيبي أ.. أسامة بما أنك لن تداوم بمدرستك حتى المساء بحكم غياب معلمتك ، ما رأيك لو نعد كعكة أنا وأنت ونهديها هذا المساء للسيد إياد بمناسبة عودته سالما ؟
أسامة(قفز فرحا من الفكرة):- يس ييس موافق أميييييييييييي
أحلام(عانقته بفرح فقد عادت بسمتها):- هيا إذن هههه ..
في تلك الأثناء جلس إياد في صالونه بعد أن وضع الأغراض على الطاولة ولم ينظمهم بالثلاجة ، بل ظل شاردا يفكر فيما قاله أسامة عن مجيئه للشقة والذي لم يحدث فتلك الليلة كان بالمعرض فمتى أتى وعاد ؟؟ ، أمر يصعب فهمه انتفض من محله وتوجه لغرفته فتح أدراجه ودولابه وأخذ يفتش عن أي شيء قد يساعده في فهم هذه الحالة التي يعيشها منذ فترة ، إنه يقوم بأشياء وينسى القيام بها وهي أمور ملموسة وبشهود يعني ليس مجرد هذيان .. لم يجد أي شيء مريب كل حاجة في محلها وقف أمام نفسه بالمرآة ينظر لملامحه والاستغراب باد على مجمل تفاصيله ، حك حاجبه وخرج من غرفته وجلس مباشرة على حاسوبه وفتح صفحة غوغل يبحث عن تفسير منطقي لحالته في الآونة الأخيرة ، استصعب عليه إيجاد تحليل يشفي غليله لذلك كتب جملة يعلم علم اليقين أنها ستدخله في متاهة غامضة لا مناص منها لكن يجب أن يفهم … أخذ يتصفح المواضيع بخصوصها وشعر بالضياع أكثر فأكثر ولم يوقظه منه سوى رنين جرس الباب ..
إياد(سمع صوتها لذلك ابتسم وترك الحاسوب على حاله وتوجه ليفتح لها الباب):- كنت أعلم أنكِ ستشتاقينني وتأتينني ركضا لكن ليس بعد مضي ليلة كاملة ؟
ميرنا(دلفت بحنق ووضعت حقيبته على الكنبة):- اخرس .. حسابك معي عسير يا شرير هكذا هكذا تستغفلني وتترك البيت
إياد(أغلق الباب وتوجه إليها):- لقد أصبحت بحال جيدة ميرنتي يعني ما الداعي لبقائي ، بالرغم من أنني أحببت الرفاهية المتاحة بين جنبات بيتكم أفكر جديا بجعلها أجازة شهرية لي ما رأيكِ ؟؟؟
ميرنا(رمت بحقيبتها على الكنبة وجلست):- أنا لم أتناول فطوري بعد ، ماذا عنك ؟
إياد(أشار لها ناحية المطبخ):- حتى الأغراض لم أرتبها بالبراد
ميرنا(أزالت سترتها وبقيت بقميص في اللون الكريمي وتحته تنورة سوداء):- دعني أساعدك وأنت حضر لي الشاي بلييييز
إياد(قبل أن تتجاوزه أمسك بيدها وأوقفها):- ما بكِ ؟
ميرنا(حاولت أن تتحاشى نظراته):- عدا عن تلك الليلة التي أرعبتني فيها هناك أمور أخرى حدثت لي هي التي تؤلمني
إياد(بتنبه):- أرعبتك ؟؟ أنااااااااا ؟؟
ميرنا(بنظرة صارمة):- أجل أنت ، ليلة المعرض لم تكن على سجيتك حاولت مساعدتك لكنك أبيت وبعد إصراري أفزعتني بحركاتك الغريبة ..
إياد(بوهن في ركبتيه):- أي حركات ؟
ميرنا:- صدقا ألا تذكر .. عموما لقد أرجحت الموضوع على أنه تعب لولا ذلك لما غفرت لك
إياد(رمقها وهي تصف الأغراض في الثلاجة وبذهول):- هل آذيتك ؟
ميرنا(نظرت له وتابعت عملها):- لا فقط حبست الهواء برئتي ، همم لا تعدها مرة أخرى
إياد(مسح على جبينه واتكأ على حافة المطبخ):- آسف منكِ لن أكرر ذلك ، طيب ما الأمر الثاني الذي يؤلمك عيناكِ المتورمتان وانتفاخ خدودكِ يشرح كل شيء
ميرنا(لامست خديها بشرود):- آخ مفضوحة أنا معك
إياد(كتف يديه ببطء):- طيب تحدثي
ميرنا(أغلقت الثلاجة واتكأت عليها):- لقد تخاصمت مع وائل
إياد(رفع حاجبه):- أهاااه وهذا حديث يستحق شايا بالفعل ، خذي هذا الكعك سأقوم بتحميص الخبز وأحضره
ميرنا:- لالا أنت متعب ويدك لا تزال ثقيلة الحركة دعني أنجزها بدلا عنك
إياد(مد لها صحن الكعك المحلى):- خذي هذا وكفاكِ عنادا .. لحظات وأنا معكِ
ميرنا:- طيب ها أنذا .. على فكرة لقد جهزت مقالتي وأيضا ما كان يترتب عليك لا تقلق أجازتك لن تضر بشيء تقاسمت عملك مع زملائنا بالجريدة عبر الهاتف ..
إياد(منهمك في العمل):- يسلم لي الحلو أنا
ميرنا(وضعت الصحن على الطاولة وأخذت تدور بالمكان):- يعني ستتطوع لاحقا كي تعوضني هاه ، يوم لك ويوم عليك
إياد:- أعلم يا بختي وهل ستتركينني أمرض بسلام ؟!
ميرنا:- أكيد لاء ههه .. أ .. أخبرني ماذا فعلت يوم أمس منذ أن غادرت بيتنا ؟
إياد(مطت شفته):- لا شيء معين ، نظفت البيت قليلا ونمت
ميرنا(نظرت له وتوجهت صوب حاسوبه):- نمت اليوم بطوله ؟
إياد:- أكيد لا شاهدت بعض البرامج وجلست على حاسوبي يعني أمور سطحية
ميرنا(اقتنعت أن الذي رأته ما هو إلا شبيه له):- جميل … هل كنت جالسا هنا دعني أرى ما جديدك على صفحة الفايسبوك أعلم معجباتك بالهبل ..
إياد(وضع ما بيده ونظرها إليها بفزع إذ ترك الصفحة كما هي):- ميرنا لا …
ميرنا(اتسعت حدقات عينيها ونظرت إليه ثم نظرت للصفحة):- انفصام شخصية ؟؟؟ ههه إياد لما تبحث في هكذا موضوع ؟
إياد(حرك رأسه بشكل عادي):- فضول .. و فكرت أن نتطرق للفكرة في إحدى المقالات
ميرنا(مطت شفتيها وهي تقرأ فقرة كان يضع عليها إياد الماوس):- امممم .. انفصام الشخصية هو أحد الأمراض الذهانية التي تصيب عقل الإنسان ، وأعراضها تنقسم إلى شطرين شطر تظهر عليه الأعراض بشكل متباين في الدوائر الصغيرة المحيطة به من الناس ، أما الشطر الثاني فأعراضه قد تكون لا مرئية ومتمركزة على تغيرات بسيطة في ترتيب روتين حياته قد…
إياد(أغلق الحاسوب بيده ونظر إليها):- يكفي ميرنا لن نهتم بموضوع تافه كهذا ، وأنتِ بحال سيء اجلسي على طاولة الطعام هيا سألحقكِ بعد قليل
ميرنا(استقامت وهي تمط شفتيها وبهمس):- أشعر بالسوء .. يا ترى كيف استيقظ معذبي ؟
كيف سيستيقظ هو الآخر كان مبهم الملامح منذ أن صحا من النوم وجلس على طاولة الفطور وهو صامت لا يتكلم ، تعب معه شهاب ونادر اللذين كانا على نفس المائدة في محاولة للترفيه عنه ومحادثته لكنه أبى أن يرد إلا بكلمات قصيرة
نزار:- هاك العصير يا وائل أنت تحبه
وائل(هز رأسه له):- شكرا عمو نزار
نزار:- إحزر ماذا شقتي صارت جاهزة الآن وسأستقر بها ، لما لا ترافقني إليها وتؤنسني هذه الأيام ونقوم بكل ما تريده
نزار(بشرر متطاير):- مستحيل وائل لا يترك بيته
شهاب:- هل لك أن تدعنا نحاول إخراجه مما هو فيه ، يا رجل أنت كلاسيكي حتى في أفكارك
نزار(حمل إبريق العصير بيده):- على هذه الجملة لا عصير لكما، اشربا القهوة هممم
وائل(زفر بتعب ووضع يده على جبينه):- شكرا نادر لكنني لن أبرح شقتي
شهاب:- طيب تعال عندي أنا
وائل:- يا جماعة حقا أقدر لكما ما تحاولان فعله ، لكنه لا يجدي نفعا سأتحسن لوحدي
نادر(استقام):- والله كان بودي البقاء يا وائل ، لكن اليوم أول أيام عملي هنا لن أتمكن من أخذ إجازة من أولها
وائل:- لا بأس نادر ، شهاب معي اطمئن
نادر:- فور وصول رحلتي المقبلة سوف أتصل بك ، انتبه لنفسه وأنت شهاب لا تتركه وحيدا
شهاب:- أوامرك سيد نادر تؤمر أمر
نادر(وضع قبعة الزي الخاص بالطيار):- أنت جلطة والنقاش معك عقيم ، سلامووو
شهاب(بعد ذهاب نادر نظر إليه):- ماذا تنوي أن تفعل ؟
وائل(شرب من عصيره القليل وشعر بطعم الصدأ في فمه):- سأذهب للعمل طبعا ، هل ستتوقف الحياة بنظرك ؟
شهاب(زفر واسترسل):- يعني فكرت لو تأخذ إجازة اليوم و
وائل(نهض من محله):- أعلم أن ميرنا قادمة للعمل هذا المساء ، طيب لتأتي مصيرنا سنتواجه إذا لم يكن اليوم غدا أو بعده .. لا مجال للهرب
شهاب:- أنت أدرى بما تراه مناسبا ، عموما إن كنت ستكون على ما يرام سأذهب لشقتي أستحم وألحق بك إلى الشركة
وائل:- تمام نلتقي ، سوف أمر بالمكتب أولا لدي عمل مهم هناك
شهاب(ربت على كتفه وعانقه):- غريب أن أواسيك بصراحة ، لكن أنت لا تستحق ما حدث معك لذلك أتمنى لو لا تتسرع قد يكون للقصة ألف وجه
وائل(ربت على ذراعه):- وأنا شخص يهتم بالوجه الرئيسي لذلك .. لا تشغل بالك سأتدبر أموري لوحدي
شهاب(مط شفتيه بقلة حيلة):- يلا سلام ..
وائل(بإهمال):- سلام ..
حضر نفسه بثقل غير معهود ، كل حركة يقوم بها كانت تخرج من قلبه كزفرات رتابة ، تعنون الاختناق برئتيه حتى ما عاد باستطاعته أن يساير مهامه الروتينية ،، قد كان مثل المسحوب قسرا نحو شيء يكرهه ، لكن كان لابد عليه أن يتناسى مصائبه وعلى أساس ذلك انطلق بسيارته صوب مكتب المحاماة الخاص به .. في تلك الأثناء كانت قد وصلت هذه تطرق الأرض بكعبها وكأنها لم تصنع إلا لكي تمر بها تلك الأبية العصية ، وصلت لمكتب الاستقبالات وسألت عنه أخبروها أنه على وصول وعلى أساس ذلك طلبت انتظاره بمكتبه وبالفعل سمحوا لها بذلك على ضمانة منذر الذي طلب لها قهوة وأشار لها لكي تنتظر بأريحية …
نور(زفرت بعمق وهي تناظر جوانب المكتب شزرا):- ما هذا الذوق بففف يليق بقتال قتلة مثله صراحة .,, اففف تأخر تأخر كان علي أن أخبره باتصال، لكن لا ليأتي فجأة أحسن ، طيب ماذا لو لم يحضر اليوم ؟ لالا سيحضر ذلك الغبي منذر ضمن لي ذلك .. سأنتظر بعد
أخذت ترتشف من فنجان قهوتها الذي انتهى منذ فترة وهذا ما جعلها تقف لتستكشف المكتب، أخذت تلامس أغراضه أدراجه حاسوبه الشخصي ، مكتبة ملفاته كل شيء لحين وقف خلفها بذهول مصدوم من زيارتها الغير عادية ..
فؤاد:- نور الراجي بمكتبي امممم إنه ليومي حظي على الأغلب
نور(وضعت المجلة من يدها واستقامت إليه وقد سرت رجفة مربكة في سائر جسدها):- فؤاد رشوان اجلس لو سمحت أريدك بموضوع مهم بعض الشيء
فؤاد(بفرحة عارمة بعد رؤيتها):- طبعا تفضلي ست نور ، هل أطلب لكِ فنجان قهوة ؟
نور(أشاحت ببصرها عن نظرة عينيه الموترة):- لا لقد شربت واحدا يكفي ، بصراحة لا أعلم كيف أتطرق للموضوع لكن وحدك من بيده مساعدتي ، ثم قبل ذلك ما أخبرتني به البارحة بالمطعم نسيته تماما لذا أتمنى من الآن فصاعدا ألا يشكل لك فارقا إن نحن التقينا مستقبلا
فؤاد(اهتزت حنجرته وباهتمام):- لا تقلقي سأحاول ألا أضايقكِ بشيء فيما بعد ، تفضلي أخبريني بما تحتاجينه كيف بإمكاني خدمتكِ ؟
نور(وضعت رجلا على رجل وزفرت بعمق):- أنا إنسانة عملية أدير صالون تجميلي بشهادة نلتها من مركز التعليم للفتيات ، يعني مجالي بعيد كل البعد عن مجال عملكم وأنتم يلزمكم للعمل هنا شهادات عالية وماجستير وتعليمي أنا لم أكمله مع الأسف ، لذا أت ..
فؤاد(قاطعها بحماس):- هل تريدين العمل هنا بشركتنا ؟
نور:- طبعا ليس منظرة فأنا سأعمل ، وأفهم جيدا أمور المحاسبة والحواسيب ، يعني سأستطيع بذل مجهود
فؤاد(بفرح داخلي):- أكيد وسيكون لكِ أجركِ الذي تستحقينه
نور:- المال ليس مهما ، بقدر ما هو مهم أن تتم الموافقة على عملي هنا بينكم
فؤاد(ابتلع ريقه وقرر استغلال الموقف لصالحه وإن رفضا أولاد إخوته سيقتلهما ^^):- بصراحة لا يسعني إيجاد وظيفة مناسبة لكِ سوى كمساعدة لي في هذه الفترة الحالية
نور(استقامت برفض):- ماذا يا هذا مساعدة لك ؟؟؟
فؤاد(نهض أمامها هو الآخر):- أراكِ تتأمّرين هنا ست نور .. ثم هذا ما يسعني إيجاده لكِ هذه الآونة وفيما بعد ستتغير الأمور أكيد ثقي بي
نور(إنها فرصتي ولن أضيعها):- طيب أواثق أنه لا يوجد شيء سوى أنت يعني ؟
فؤاد(ضحك بخفوت من ردة فعلها المتوقعة):- هه لا يوجد شيء سوى أنا ، إن وافقتِ كلمتِ الأولاد بعد قدومهم للشركة ولن يمانعوا
نور(بقلة حيلة لابد عليها وأن تسايره):- إن كان وضعا مؤقتا طيب موافقة
فؤاد(مد يده لها كي يصافحها):- جميل جدا اتفقنا ، والآن أخبريني لما تريدين العمل معنا ما الذي يدور بعقلك ؟
نور(اهتزت عيناها وسحبت يدها من يده):- روتين …أريد كسر الروتين
فؤاد:- ههه أوه هيا أنتِ مستعدة لكسر رأسي على ألا تعملي عندي ، فكيف وافقتِ بهذه السهولة ؟
نور(أمسكت حقيبتها):- ربما لأنه لا يوجد أي خيار أمامي ..
فؤاد(فهم تلسينها المبطن):- مقبولة منكِ
نور:- لحظة .. هل تعلم إن كانت هنالك مشكلة بين وائل وميرنا ؟
فؤاد(هز حاجبه بدون معرفة):- وهل يفترض بها أن تكون ؟
نور(مطت شفتيها إذ فهمت أن لا فكرة لديه):- انسى الأمر .. متى يمكنني البدء بالعمل ؟
فؤاد:- يمكنكِ البدء من الغد ستجدينني بانتظارك لشرح سيرورة العمل لكِ
نور(تهربت من نظراته مجددا):- تمام سأكون في الموعد
فؤاد(تابعها بنظرة عشق):- يجعلها شراكة حلوة نور
نور(هزت له رأسها قبل خروجها وهربت):- كم أرجو ذلك ….
فؤاد(ابتسم براحة بعد ذهابها):- يااااه قد بعث الله لك فرصة يا فؤاد حتى دون أن تسعى إليها، الآن علي أن أخطط جيدا سأنتظر قدوم وائل وشهاب لإبلاغهما أولا ياااااااه …
إنها حقا لفكرة عبقرية فكرت فيها نور لأجل أن تكون قريبة من الكل طلبت أن تعمل بنفس الشركة شركة دابليو إر ، كي تمسك زمام الأمور من الوسط ولا تغفل عن شيء ، وهذا ما جعل فؤادا يزف الخبر زفا فهل سيتقبله هذين ؟؟
بعد ساعات كانا ماثلين أمامه في مكتبه ينتظرانه ليدلي بالاعتراف الذي التصق بحنجرته التصاقا، وأبى أن ينطق به لسانه وهنا نفذ الصبر منهما
شهاب:- هيا عمي هل سنبقى هنا اليوم بطوله ما الخبر العاجل الذي تود إخبارنا به ؟
فؤاد:- بصراحة لقد قررت أن أداوم معكم بشكل يومي ، وأيضا سأستعين بمساعدة لي
وائل:- جيد فكرة رائعة الله يوفق منها تعفينا من الأخطاء الكارثية التي تقوم بها حضرتك أثناء لحظة طيشك ، ومنها تمسك معنا زمام الأمور .. يعني حتى المساعدة الشخصية سوف تكون على دراية بسيرورة الأمور وتدعمك
فؤاد(رمش بعينيه):- لقد أكثرت علي الحديث يا ولد ، أ.. مساعدتي يعني هي كفؤ كفؤ ستكون كفؤ لهذه الوظيفة ، يعني ما يلزمها هو بعض التدريب الضئيل ونصائح متعددة ثم أنتما تعرفانها مثابرة ذكية .. عبقرية
شهاب(اشتم رائحة غريبة في حديثه):- من هييييياا ؟؟؟
فؤاد(رمقهما شزرا وأبعد ناظريه عنهما):- نور …. نور الراجي
وائل وشهاب(شهقا في مرة):- هئئئئئئئئئئئئ من قلت … نوووووور الراجي !!!!!!!!
إنها هي بالفعل وكيف لا تكون وقد قررت أن تعسكر على رأس أختها ميرنا وتراقب أفعالها ، وأيضا تراقب تحركات شهاب وتصرفاته زيادة على وائل ، وكل هذا سيضطرها للتعامل مع السيد فؤاد رشوان الشخص الذي ودت لو تثقب مقلتيه بمشبك شعرها لكنها لا تستطيع .. كانت في صالونها تجميلها ترتب مع ريمة بعض الأمور لحين دخلت عليها جيداء فجأة ..
نور(تشنجت لكنها ابتسمت كي لا تظهر شيئا):- أهلا أهلا ست جيداء الصالون نوَّر
جيداء(صافحتها بمودة):- منور بأهله ست نور ، بصراحة لدي لقاء ترفيهي هذا المساء مع مجموعة من الأساتذة زملائي في المؤسسة ،، وأحتاج لتعديل شعري ولأنني لمست جودة صالونكم لم يعد لي عنه استغناء
نور(هزت رأسها):- آه آه أهلا بكِ عندنا ، ريمة حبيبتي أكملي أنتِ العمل هنا تفضلي معي ست جيداء
جيداء:- أرجو ألا أكون قد أزعجتكِ بحضوري فجأة ، بصراحة ضاعت مني بطاقة المحل ورقمكِ ليس معي
نور:- ذكريني حينما أنهي أن أمدكِ به ، كي نكون على وصال
جيداء(أخرجت هاتفها):- أنا كثيرة نسيان حبذا لو تعطيني إياه الآن
نور:- ههه حسن سجلي عندكِ
جيداء(سجلته بمحبة وأعادته لحقيبتها):- في الحقيقة عندما أتيت هنا أول مرة ، ارتحت في الحديث معكِ كثيرا حتى أنني شعرت بأنكِ قريبة مني وجدا وأحببت لو نكون صداقة أكيد ستكون شيئا جميلا بيننا ما رأيكِ ؟
نور(ابتلعت ريقها وهي تحضر بعض الأغراض لبدء العمل):- لي كل الشرف ، وأنا ذات الشعور أكيد ستكون صداقة جميلة ..
جيداء:- أتمنى ذلك ..
نور:- ما هو موديل التسريحة الذي تريدين ؟
جيداء(بلمعة فرح):- نفس الذي حصلت عليه المرة السابقة ، على فكرة كل صديقاتي أعجبن به وقمت بإعطائهن عنوانكِ كلهن تنوين تغيير تسريحتهن على أيدي مبدعة مثلكِ ..
نور:- ولو هذا من لطفك مرحبا بالجميع ..
جيداء:- أنا لا أجاملكِ ما شاء الله عليكِ ، استطعتِ إحداث تغيير حتى زوجي المهمل لم يقاومه وظل ينظر إلي ، كشفته وهو يراقبني
نور(سحبت نفسا عميقا وهي تتمالك أعصابها):- شيء مميز ، ها أنا قد خدمتكِ ولو قليلا
جيداء:- تسلمي يا رب
نور(في سرها):- ما هذه الورطة يا نور ؟ كيف ستكذبين على هذه المرأة بعد الآن طيب وأنا مالي ما زوجها يخدعها ليل نهار تتت ، اخرسي يا أفكاري بل تأدبي عيب عيب المرأة في أزمة وجميل أن تكون هنا بقربي تحت عيني وأعرف منها أخبار ذلك الحقير مرة بعد مرة ، هيييه يلا يا حسام يظهر لي وجيدا أن الله يحبك هههه …
شرعت تعمل على تسريحتها بمودة في حين كانت جيداء مسرورة وجدا ما تفعله بها نور ، إذ حقا تشعر بأنها مرتاحة ونفسيتها جيدة جدا ، خصوصا حينما تبدأ نور تلقائيا بشتم كل رجال الأرض وهذا يعزي جيداء ويجعلها تشعر بالراحة .. على جنب كانت إحدى عاملات نور يقمن بتسريحات لسيدتين يظهر من هيأتهما أنهما راقيات لكن هل المظهر يكفي .. لأن نور ومن شدة ضحكهما الماسخ وصوتهما المرتفع سمعت حديثهما التافه الذي يدل على ضآلة عقلهما ، وكان حديثا مما قد يشعل فتيل غضبها ولا يخمده ..
السيدة 1:- لا يا روحي لولا زبالة المطلقات لما وجد شيء اسمه خيانة ..
السيدة 2:- معكِ حق ، حين تطلق المرأة تبحث عن فريسة لها كي تسلم من القيل والقال ، ولا يكون هذا الفريسة إلا رجلا متزوجا يعيش في سعادة مع أسرته ، تسرقه من زوجته وأولاده وتخرب بيته
السيدة 1:- يجب أن تزج الدولة بهن في السجن ، فكيف سنحافظ على أزواجنا بوجودهن ؟
نور(ربتت على كتف جيداء):- عائدة لكِ حبي .. أحم المعذرة منكن أنتِ وهي هل هذا صالون تجميل أم ندوة صحفية مع نساء من الطبقة المخملية ذوات العقول المليئة بدلال بابي ومامي وربع كيلو من الغرور
السيدة 2(رفعت حاجبها وشهقت):- هئئ ما بكِ ست نور نحن نتحادث ؟
نور(تشير بالمشط الذي كان بيدها ويدها الأخرى على جنبها):- أعلم يا روحي سمعتكِ ، وسمعكِ كل شخص بهذا الصالون الطويل العريض عدم المؤاخذة نعيقكِ الذي تتمتعين به أنتِ وصديقتكِ كفيل بأن يلفت انتباه نملة
السيدة 1:- لما هذا الكلام يا سيدة أتهيننا بصالونك كنا نتحدث ولا شأن لكِ ..
نور(بعصبية مفرطة):- بل شأني ، حين تدنسين صالوني بتفاهات عقلكِ وهراء العجائز ذاك أتدخل على الفور ، لعلمكما نسبة الخيانة في العالم مرتفعة بسبب النساء المتزوجات يعني يا روحي منكِ لها قد تكونان بدوركما خائنات وتخدعن أزواجكن ، ما يعني أيضا أنني لو أمسكت هاتفي الصغير وبحثت في ذاكرته عن أرقام زوجكِ منكِ لها وقمت بفضح هذا الأمر تخيلا معي كيف ستكون ردة فعلهما هااااه ؟ آآآآه ولن يكذباني لأنني صاحبة صالون وسمعت بالصدفة عن مواعيدكما الغرامية مع غيرهما يعني فاعلة خير ليس إلا …
السيدة 2(نهضت بفزع):- يا إلهي يا إلهي هل تريدين خرب بيوتنا ؟
نور:- بل أريدكِ أن تستيقظي من فكرة المطلقة التي استعمرت عقولكن ، أين رأيتِ هذه المطلقة التي سرقت منكِ زوجك حالة أو عشرة حالات في حين قد تكون بمكانها مومس أو عذراء صغيرة أو حتى صديقتكِ تلك التي تسُرين لها وتعلنين عن ترهاتك ، ولكي أكون دقيقة الرجال هم المتسببون في ارتفاع نسب الخيانة بهذا الوجود ، لو يصونون بيوتهم ولا ينساقون خلف نزواتهم لكان الجميع بخير
السيدة 1(شعرت بتأنيب ضمير):- لقد كان حديثا وذهب لحال سبيله لا تنزعجي
السيدة 2:- عذرا منكِ
نور:- لا تعتذرا حلوتاي ، فأنا صحيح مطلقة لكنني معتدة بنفسي ولا أفرق شيئا عن بنات الناس الدور عليكما أنتما ،؟؟ .. إن انتهيتما غادرا صالوني ولا أريد رؤيتكما هنا مرة أخرى ولا تدفعا الحساب هدية مني لأنها آخر مرة لكما هنا .. تفضلا
أمسكتا حقيبتيهما وخرجتا مندفعتين بإباء ، في حين تنهدت نور بعمق وعادت لجيداء التي فتحت فاهها مما قالته نور وشعرت بأشياء غريبة
نور:- عذرا لو تأخرت عليكِ
جيداء:- لالا لا يزال معي متسع من الوقت ، هل أنتِ بخير ؟
نور(باشرت عملها):- في أحلى حالاتي ..
جيداء:- كلامكِ كان في الصميم ..
نور:- إنهما سطحيتان مثلهما مثل العديد من النساء ، أخذن فكرة عن المطلقات من جداتهن وبقي الجهل متفشي فيهن .. يلا الله يغفر لهم هو من يتحكم بالأقدار وليس عباده
جيداء:- ربي يجعل قدركِ أحلى من قدري
نور(بحزن رمقت عيون جيداء):- أتمنى لكِ السعادة أيضا أختي جيداء ..
جيداء(تأوهت بعمق وهزت رأسها):- شكرا
تأوهت على حالها لكن ليس بيدها أن تفعل شيئا الآن ، طالما ابنة عمها في قبضته يلزمها أن تصبر وحين تخلصها منه ، ستخرب بيته طولا وعرضا فتلك الأسرة لا تستحق أن تعيش مع أب خائن مثله ..

" آه يا شمس لياليَّ الكئيبة أحدثتِ بي ثقوبا عميقة في الوجد ، لا تملأ ثغراتها ألف عبرة ، قتلتِ الشَّوق فيني بغصَّة كبرياء ولم تتوقفِي عن فتق جراحِي بل جعلتِ مشاعري تئنُّ عند عتباتِ اليأس ،حاصرتني بذكرياتكِ فكلُّ ما في حياتي يعني أنتِ .. كيف سأتقبلُ حرمانكِ يا كومة أحاسيسي الهشَّة ، لقد هزَّني غيابُك عن مداري ووجدتُ نفسِي مُتلبسًا بوهمِ الانتظار ، انتظارِ تبريرات واهيَّة ستجعلُني أبصر الحقيقة بعَين أخرى ، ولكن صعب صعبٌ حين يموتُ الجوى أن تنطق الكلمات يا خيبتِي المُوجعة ، يا حماقتِي التي لا تتكرَّرُ …" ..
"يا من عصفتَ بوجدانِي وحرَّكتَ نسماتِ الرَّحيل بأكفِّ الوداعِ وغبتَ عني ، عندما رَحلت رحَلت معكَ كُل أشيائي ، ونسيتَ أن تأخذ معكَ صوتكَ وصُورتكَ وعطركَ العالق بذهني ، لم تسحب منِّي رُوحك التي كانت تحيا برُوحي ، لقد أعلنتَ الفراق بدون أن ترضخَ لقوانينه حتى .. فلا النبضُ سيرضَى بالفقد ولا القلب سيعتلي منصَّة الحرمان من جديد ، أما العقل فمؤكَّد سيهتفُ صارخا بالعودَة ويُعلن جُنونه منذ للحظة ..كفى هجرًا فلقد انتحبت حُروفي على موائدِ التمني ، يا من اكتملت بهِ فصول ضياعِي عُد إلي .."
ها قد حانت ساعة اللقاء فكيف سينظر بعينيها ولا يضعف ، كيف لن يمسكها من بين يديها ويرميها بحضنه ، كما كان يفعل حين تشتد به وطأة الشوق ؟ … كيف سيتحمل قربها وبعدها في آن الوقت وهي التي تشبهت بالهواء الذي يتنفسه دون حاجة للتعريف .. كيف سيتقبل وجودها أنوثتها جاذبيتها جمالها عينيها بسمتها نظرتها عطرها همسها حديثها نبضهاااااا ، كل مسببات الاحتضار بالنسبة له ستكون مثل القنبلة الموقوتة بقربه فكيف سيغمض عينيه عن مشاعره ، ويأخذ موقفا منها بل أخذه ألا وهو الفراااااااااق ..
الفراق الذي لم تجد هي له وجودا في قلبها ، فهي لا تزال تنبض بحب وائل وروح وائل وعشق وائل الشيء الذي جعل مسألة الابتعاد تكون أصعب من أن تصدق ، كيف ستبتعد عنه وهي تعيش به يعني غريب هذا الأمر ، حتى تفسيره غير منطقي بالنسبة لها وقد جعلها عرضة للتشوش والضياع ، تهذي بأي شيء باتت عصبية لدرجة أنها تركت فطورها صباحا مع إياد كما هو وغادرته بعد أن روت له بعضا من المشكلة وطبعا غفلت أمر حكيم ووجود حكيم وحكاية حكيم ، المسكين فبركت له قصة وذلك كي لا تدخل معه في سين وجيم / فهذا هو إياد حين يتشبث بشيء وأرجحت أن تهرب منه بحجة العمل كي لا تقع في فخ الكذب من جديد ..
ها هي ذي تخط خطواتها صوب مكتبها وقلبها يرتعش بمئة خفقة ، تحاول تحريك ناظريها في كل اتجاه لربما رأته أو لمحته لكن لم تصادفه في طريقها ، وعلى أساس ذلك دخلت لمكتبها لتقوم بعملها المترتب عليها فقد كان يلزمها وضع تقييم أولي بنصف الشهر بعد الشراكة التي تمت مع هيرمكانا والتي ما إن تذكرتها حتى صغرت عينيها ، تفكر في ذلك الفهد الذي حرمها الراحة وجوده ووجودها بات سيان وجهان للخير والشر وعلى أحدهما أن يختفي من حياة الآخر ، هي لا تعرف أن ذلك الفهد نفسه مدله بها وقد قام بأشياء لا تخطر ببال عاقل فقط كي يكون بقربها ، فهل سيأتي يوم ويخبرها عن ذلك .. لا ندري بعد في تلك اللحظة دخل منذر على ميرنا وأعطاها ملفا بالتقييمات الشهرية كي تقوم بالإحصاء ..
ميرنا(مسحت خلف عنقها وهي تمصمص شفتيها):- هل السيد وائل بمكتبه ؟
منذر:- أجل لم يبرحه منذ أن أتى بعد الظهيرة
ميرنا(ابتلعت ريقها):- طيب والسيد شهاب ؟
منذر :- لا السيد شهاب والسيد فؤاد غادرا ، حتى الآنسة رقية خرجت منذ قليل قبل حضوركِ آنستي
ميرنا:- جميل جميل سأتمم علمي إذن ، يعطيك العافية
منذر:- الله يعافيك ..
ميرنا(بعد ذهابه رمت الأوراق ووضعت يديها على رأسها):- كيف سأراه أنا الآن كيف ؟؟ تتتت اففف ، علي أن أعمل لهذا العمل لن ينهي نفسه بنفسه ولما يحين موعد الخروج سأنتظره قرب المصعد يعني هذا هو الحل … أجل هيا يا ميرنا
كان يدور بمكتبه يده بجيوبه وقلبه يخفق بشدة لا يدري ما يفعل ، فهذا أمر جلل لم يعايشه ولا مرة في حياته ، مسح فكه والتفت لمنذر الذي كان ينتظر أوامره منذ عدة دقائق
وائل:- يعني .. هي بمكتبها الآن تعمل
منذر(بعدم فهم):- أجل تركتها تنهي معاملة التقييم الخاصة بشركة هيرمكانا
وائل:- اممم يعني هل سألتك عن شيء آخر ؟
منذر:- طبعا سألت عن موعد التسليم وأخبرتها يوم غد على أقل تقدير
وائل(صغر عينيه):- التقييم لن ينهي نفسه بنفسه في يوم يا منذر ، إنه كم هائل
منذر:- والله اتصلت الآنسة مروة سكرتيرة السيد هاشم تطلب التقييم بأسرع وقت ، وهذا ما قد حدث على الآنسة ميرنا إنهاؤه اليوم
وائل(مص شفتيه):- احم .. طيب طيب فهمت لكنني فكرت أنها ستكون بحاجة لمساعدة إنه عمل صعب انتهائه في هذا الوقت الضئيل
منذر:- ماذا تقترح سيدي ؟
وائل:- ساعدها يا منذر
منذر:- كيف ذلك لن يسعني الوقت لدي ترتيبات أخرى تستلزم مني جهدا ، ثم سأنقل عملي معي للبيت موعد خروجي سيحين بعد ربع ساعة
وائل(مال بشفتيه بغضب وولاه ظهره):- ألا يوجد من يساعدها يعني إنها لا تزال حديثة العهد ، الموضوع صعب
منذر(رفع كتفيه بعدم فهم):- إن كنت ترغب في تأجيله فهذا مشين ، إذ ستعتبرنا شركة هيرمكانا غير أوفياء بكلمتنا
وائل(مسح على رأسه وهو يزفر بتعب):- طيب يا منذر فهمت فهمت .. إذهب الآن
منذر:- عن إذنك
بغضب وضع يديه على طرف الكرسي مستندا بوهن عليه ، ويفكر فيها يفكررررررر فيهااا هذا ما جعله يفقد صوابه تلك اللحظة ، يريد أن يراها لكن تتتت ، فتح ربطة عنقه المتدلية على قميصه التحتي الذي فتح زريه العلوين كي ينفذ الهواء له ، ورفع كميه لعله يحظى بما يطفئ لهيب شوقه ، غادر مكتبه وتوجه صوب الكافيتيريا الثابتة بطابقهم وقام بصنع قهوة له ، كان يلامس عنقه بتعب فكل ما يحدث خارج أسوار طاقته .. وضع قهوته بصحن وبقربها منديل صغير وعاد لمكتبه ليشربها لكن أثناء ذهابه عينه خانته وأعلنت العصيان فهي تريد رؤية محبوبتها وما كان عليه سوى أن يطاوعها ، سار بهدوء ناحية مكتبها وعطرها قد هلَّ ليزيد الطين بلة رمقها من خلال النافذة وهي تضع قلما على رأسها تجمع به شعرها ، مركزة في التقييمات ما بين الورق ما بين الحاسوب ما بين الملفات ، تارة تضع قلمها بفمها وتارة تتمطى بتعب وتارة تلف يمينا ناحية النافذة الخارجية وتشرد في البعيد وحين تفرغ تتنهد تنهيدة عميقة وتعود لعملها وهي تفرك عينيها من الدموع .. وجعه خاطره عليها رغب في الدخول إليها ومسح كل ذلك التعب من عليها لكنه مجروح بدوره ، لذا طأطأ رأسه وعاد لمكتبه جلس على كرسيه وأخذ يرتشف قهوته ويتحرك به بعقل غائب مع وهم قلبه ….
ميرنا(رمت بالقلم وفركت يديها):- هذا متعب متعب هل علي أن أنهي كل هذا اليوم ، مستحيل إنه لن ينتهي ولو بقيت معه الليل بطوله .. اففف
زفرت بعمق وظلت تتابع عملها لساعات وساعات حتى أظلمت ولم تنهه بعد ، غادر الجميع طبعا ومنذر كان أولهم ولم يتبقى سواها وسواه ، نظرت فجأة لساعتها وانتبهت أنها تأخرت في العمل وحتى لم تنهيه بعد ولذلك كان البكاء سيد الحلول ، جلست تنتحب وتنظر للورق المكوم أمامها ولا يزال ينتظر يدا حنونة لتقوم بجرده .. تراكم عليها كل شيء وائل حتى لم يفكر برؤيتها وهي عجزت على الذهاب إليه ، هي خجلة ومترددة وخائفة من أن يصدها وهذا ما لن تتحمله لحظتها ، ومن جهة إرهاقها الشديد زيادة على هذا التقييم الذي لم تحسب حسابه بالمرة ..قاطع تذمرها فجأة دخول عبدو العامل بالكافيتيريا الخاصة بالشركة والذي دخل وهو يحمل صينية بها أكلا سريعا وعلبتي عصير وقنينة ماء
ميرنا(باندهاش):- ما هذا ؟
عبدو(يضع ذلك على طاولة جانبية لها):- لقد طُلب هذا لأجلكِ آنسة ميرنا ، صحة وعوافي
ميرنا(شعرت لتوها بالجوع ووضعت يدها على بطنها):- من طلبه ؟
عبدو(ابتلع ريقه):- لا أعلم .. أ.. تفضلي كلي قبل أن يبرد عن إذنك
ميرنا(ابتسمت بتعب وزاد بكائها بعد ذهاب عبدو ونهضت وهي تتأمل ذلك الأكل):- آه يا وائل حتى ونحن متخاصمين تفكر فيني بهذا الشكل ، لن أفرط بك يا روحي ستعود لي .. هممم
تناولت القليل بالفعل وشربت العصير وهذا ما شحن طاقتها يعني لنقل لنصف ساعة أخرى ، فسرعان ما قلب مزاجها مجددا وشرعت بالبكاء مرة أخرى فذلك كثير كثيييييييييير .. كما توقع وجدها تضع يديها على وجهها وتبكي كالأطفال ، مط شفتيه وزفر بعمق..
وائل(ابتلع ريقه ودخل إليها وأمسك بالورق المتبقي):- سأساعدكِ به ..
ميرنا(رفعت رأسها إليه وبعيون مكومة بالدموع زادت من وتيرة انتحابها):- اهئ اهئ .. وائل لقد لقد ..
وائل(ابتلع ريقه وأمسك بقلم من قارورة أقلامها الملونة وجلس على طرف المكتب وأخذ يدون):- أتممي ما بيدكِ سأنهي هذه وأباشر بغيرها ..
ميرنا(نظرت إليه بغبن تريد فتح حديث لكنه يأبى):- لما تساعدني لا أريد مساعدة منك
وائل(رفع حاجبه ونظر إليها بطرف عين وعاد ليركز بالورق):- لا تجادلي هنا أنتِ في موقف صعب .. أنهي ما بين يديكِ
ميرنا(استشعرت كز أسنانه على آخر جملة ونظرت لورقها بدلال):- لقد تعبت
وائل(تنهد عميقا):- اذهبي واغسلي وجهكِ وأحضري بطريقكِ فنجانيْ قهوة ، هيا أسرعي
ميرنا(استقامت بهدوء):- شكرا للأكل ..
وائل(حرك رأسه بدون أن ينظر إليها):- لا شكر على واجب
ميرنا(حاولت أن تتحدث من جديد لكنها أخرست لسانها واتجهت للحمامات):- سأعود بعد قليل لن أتأخر
لم يجبها بل انهمك في العمل وهو يضع نظارته البصرية التي أخرجها من جيب قميصه ÷، وباشر العمل بجدية جعلتها تشعر بالحزن لأنه يؤذيها ويؤذي نفسه بذلك الصد الغريب الذي لا يليق بأيهما ، سارعت خطاها للحمام وغسلت يديها ووجهها لتنتعش من جديد ، ثم توجهت وأحضرت قهوتين وعادت إليه بلمح البصر ، عطرها أسكره فقد وصله قبل أن تصل هي وهنا تسارعت نبضات قلبه ولم يحرك ساكنا بل ظل في موضعه ينهي ما بيده ..
ميرنا(في سرها):- يعني هل يتمنى مثلي لو أنني أعانقه لننسى كل همووومنا ؟؟ كفى يا ميرنا هراء إنه يعمل يلعنك يا عقلي السافل .. تبا لك
وائل(في سره):- كيف سأتحمل ؟؟ بي رغبة جامحة في التخلص من هذا الدور المقيت إنه متعب حبيبتي بقربي وأستطيع أن أحبها قمة الظلم والحرمان والله همم …
ميرنا(تتابع حركاته وكأنها تتعرف عليه):- خذ قهوتك
وائل(بامتنان جدي):- ضعيها على جنب سأشربها حين أفرغ من هذا ..
ميرنا(ابتلعت ريقها وأخذت قهوتها بجانب مكتبها ووضعتها وهي تسترق نظرات له):- أ..
وائل(قاطعها):- هل أصبحتِ بخير الآن ؟
ميرنا(بتلعثم):- أجل
وائل:- جيد تابعي عملكِ إذن ، لننهيه لم يتبقى سوى القليل لقد بذلتِ مجهودا مهما
ميرنا(لم تجد بما تجيبه):- شكرا ..
كان مصرا على أن يصدها في كل لحظة حتى سكتت ولم تنطق بحرف آخر ، كان يسترق هو الآخر نظرات لها حين تمسح على عنقها بتوتر حين تلعب بخصلات شعرها المجموع بقلم أكيد نسيت أمره تماما ، حين تتنهد عميقا وتتابع من جديد حين تسهو وتعود لوعيها حين تتذكر أنه بجانبها ، كل هذا كان ينظر إليه بعين قلبه المكسور أما هي فقد غالبها الشوق تعبت من الجفاء الذي تناله منه مذ أن أتى لمساعدتها ، لكنها لم تقدر على البوح بشيء لأنه حقا انغمس في العمل وبدأ في إنهاء التقييمات بسرعة وهي عقدت حاجبيها وشرعت تقوم بالمثل لحين أنهوا الكثير ولم يتبقى سوى ورقة واحدة أمسكها وائل وأمسكتها ميرنا في آن الوقت ونظرا لبعضهما بنظرة سرعان ما تلونت لتصبح شيئا ورديا يتطاير في ملكوت الله ، لكن ليس لوقت طويل كما ظننا
وائل:- دعيها لي واجمعي أغراضكِ لتذهبي للبيت
ميرنا(انتفخ صدرها بالغضب لكنها استقامت تنفذ ما طلبه):- حسن ..
وائل(في سره):- جيد جيد أصبحتِ مطيعة فجأة ، الله يصبرني عليكِ بس ..
ميرنا(في سرها ترمقه شزرا):- كل هذا صد يا وائل ، ألم تشتق لي مثلما اشتاق لك قلبي ؟
بجمود أزال نظارته البصرية ووضعها بقميصه وهو لا يزال يكتب في الورقة التي أنهاها في ظرف ثوان معدودة ووضعها بالملف مع أخواتها ، وقتها استقام وهو يتنهد بعمق
وائل:- حضري نفسكِ سأجلب حاجياتي ونغادر
ميرنا(برقت عيناها وهي تلاحقه خارجا من مكتبها بخيلاء آسرة):- نغادر نغادر نون نون قال نغادرررررررر ياااااااه هههه … سأسرع إذن
اعتقدت أنه سيصفح عنها لكن أيعقل أن ينسى كل شيء في خضم العمل ، لم يرتدي سترته بل رمى بها على كتفه وعاد إليها وجدها تنظر لهاتفها الذي كان يضيء برقم غريب ، تشنج محله وزفر بعمق حين انتبه بأنها قد لمحته وأطفأت الهاتف ووضعته بحقيبتها ، حاول ألا يواري اهتمامه للأمر ولم يدلف لمكتبها فقط من الباب أشار لها كي تلحق به ، وهذا ما فعلته ركضت بخطوات متسارعة تحمل ملف العمل الذي ساعدها فيه وائل وحقيبتها علقتها على ذراعها
ميرنا(نظرت إليه وجدته جامدا بملامح جليدية):- وائل ..
وائل(تجاوزها بسرعة وضغط على زر المصعد):- أدخلي ..
ميرنا(زفرت بعمق هو أعند من الصخر):- هممم
وائل(ضغط على طابق المرأب):- … لارد
كانت تتطلع إليه طوال نزول المصعد ، مشتاقة له بشكل جنوني تريد أن ترتمي بحضنه لكن كبريائها لم يسمح لها ، أغمضت عينيها بشدة كي لا تراودها تلك الأفكار المجنونة إذ يكفيها أنه باشر بالتعامل معها وهي التي اعتقدت بأنه سيصدها بشكل غير لطيف .. انتبهت أنهم وصلوا للطابق وأنه سبقها بالخروج ولحقته مسرعة ورمقته وقد ضغط على أداة التحكم عن بعد وفتح سيارته وصعد دون أن يوليها اهتماما وهذا ما جعلها تشعر بالألم ..
ميرنا(تجاوزت سيارته بعنفوان):- سآخذ تاكسي ..
وائل(حرك رأسه بتعب وهو يرمقها من خلال مرآته وهي تسير بخيلاء مبتعدة ، حرك السيارة وجاورها):- اركبي ميرنا وكفي عن هذا الجنون
ميرنا(حقا عرق الجنون استفاق تلك اللحظة):- لن أركب مع شخص يتصرف وكأنه لا يعرفني ولا يي… سأكتفي بالمعرفة الآن
وائل(يقود ببطء ليكون بنفس مستواها):- قلت اركبي دون جدال والآآآآآآآن
ميرنا(نظرت إليه مليا وزفرت بعمق ودلفت بجانبه):- ها أنذا ماذا تريد ؟
وائل:- سآخذكِ لبيتك الوقت متأخر
ميرنا:- وهل شكوت لك ؟
وائل(مرر لسانه بسرعة بين شفتيه وهو يغادر بهما مرأب الشركة):- يفضل أن نكمل مسيرنا بصمت أحسن من التجريح
ميرنا(صدمها برده وشعرت بوخز كالإبر في قلبها وأبعدت ناظرها جانبيا):- هل صدقت كذبتك ؟
وائل:- عن أي كذبة تتحدثين ، رجاء لا أريد الخوض في أي موضوع .. أرغب بالوصول لبيتكم ومن بعدها الذهاب لشقتي من أجل النوم هل يمكن ذلك ؟
لم تجبه بل كتفت يديها إنه لا ينفك يهينها بل الأدهى يزيد الضغط عليها ، طيب ما الذي فعلته ليعاملها هكذا .. مهلا مهلا ميرنا لقد تخليتِ عنه وذهبتِ مع حكيم ولكن قد كان بحاجتي وقتها ألا توجد رحمة … أخذت تناقض نفسها وتحلل وتناقش وهو استمر بقيادته المسرعة في الطرقات ، قربها بذلك الشكل يفتك بذرات صبره لكنه غير قادر على التعامل معها إلا على ذلك النحو خشية من أن يشعر بالضعف ويتناسى كل شيء في لمح البصر .. تنهيداتها وأنفاسها كادت تفقده عقله ولم ينتبه لإشارة مرورية تجاوزها وللصدفة كانت هنالك دورية شرطة صادفتِ المشهد لذا أوقفوه
ميرنا(بقلق أخذت ترتجف وتغمض عينيها كي لا ترى تلك الأضواء المقتربة منهما):- ماذا يريدون وائل ماذا يريدووووون ؟
وائل(انتبه لحالتها واستغرب لذا حاول تهدئتها):- شتت ميرنا اهدئي لا يوجد شيء ، أمر عادي ابقي هنا ولا تبرحي محلكِ ..
الشرطي:- لقد تجاوزت إشارة المرور يا سيد
وائل(زفر بثقل):- عذرا لم أنتبه
الشرطي(نظر له بتمعن ولميرنا أيضا):- الأوراق لو سمحت
وائل(أعطاه الأوراق اللازمة)- تفضل
الشرطي(تفحصها وعقد حاجبيه):- محامي اممم هذه المخالفة لا تليق بمنصبك كرجل دولة
وائل(صغر عينيه):- كنت مسرعا خطيبتي تشعر بتوعك وأريد اصطحابها للمشفى بأقصى سرعة لو أمكن
الشرطي(أعاد له الأوراق):- طيب سلامتها اذهب لحال سبيلك لكن إن أمسكتك مرة أخرى مسرعا ، سأسجل المخالفة عندي
وائل(بمودة):- أشكرك على سعة صدرك وفقكم الله في هذا الليل .. بالإذن
الشرطي:- تفضلوا ..
ظلت ميرنا تدفن وجهها بين يديها وقليلا تضع يديها على أذنيها وكأنها تهرب من شيء ما يلف حول عقلها الصغير ، عاد وائل محله ولاحظ ذلك فاستغرب أكثر ..
وائل(بتوجس):- ميرنا ما بكِ ؟
ميرنا(تحرك رأسها جيئة وذهابا ودون أن تفتح عينيها):- هل غادروووا هل هل ذهبوووا ؟
وائل(لامس كتفها بقلق):- لما تفعلين ذلك ؟ لا تخافي لقد انتهى الأمر ورحلوا
ميرنا(انفرجت تنهيداتها بارتياح وأزالت يديها فظهر جليا بكائها):- شعرت بالخوف أكره الشرطة ليلا .. منظرهم بشع حتى سيارتهم وألوانها يربكني يرعبني
وائل(استشعر حنقها من ذلك فكل حرف كانت تنطق به كان مليئا بالألم):- طيب لا تجزعي ها نحن ذا بأمان .. سنكمل طريقنا همم
ميرنا(مسحت دموعها):- لا تسرع
وائل(حرك رأسه بحالته معها):- حاضر
ميرنا(بتوتر نظرت حولها):- و و .. غيّر الطريق لنذهب من جهة البحر أرجوك
وائل(زفر بتعب ، تشرطي يا حبيبتي تشرَّطي):- طيب
ميرنا(رمت برأسها بالكرسي خلفها وأخذت تستنشق الهواء من النافذة التي فتحتها):- تمام
بطرف عين رمقها قد بدت غريبة قبل قليل ، لما كل ذلك الخوف من هيأة الشرطة تعجب لكنه لم يدقق كثيرا ، فمؤكد أن لديها أسرار بالأكوام وأهمها ما عايشه يوم أمس ولا يزال يعذبه حتى تلك اللحظة ، أخذت أنفاسا عميقا فكل ما حدث قبل قليل كفيل كي يعيدها لحقب زمنية مريرة مرت بحياتها سابقا .. أمانها كان في نظرة وائل لها برغم حزنه وغضبه عليها إلا أنه في لحظة حاجتها ساندها برزانة عقله وهذا حقا ما كانت بحاجته لتستكين ، مرَّ بها بجانب البحر كما طلبت وطبعا عاشقتنا لن تمر مرور الكرام ..
ميرنا:- أرجوك لحظات فقط أنا بحاجة لذلك أشعر بالاختناق
وائل(مص شفتيه بقلة صبر):- دقاااااائق يا ميرنا ، هيا انزلي لنرى أين ستنتهي بنا هذه الليلة مع جنونكِ الليلي هذا
نزلت بسرعة من السيارة وركضت بخفة نحو مكانها وكأنها تريد الارتماء بأحضانه ، وصلت إلى كرسيها الخاص وضعت الحقيبة هناك بإهمال وفتحت ذراعيها تستنشق هواء البحر العليل وتناظر سحره الليلي وتلألأ النجوم في السماء … إن قال عنها شعلة قاتلة فلم يكذب إنها تقتله ببراءتها تلك ، ينظر إليها كأنها الشمس في حلكة الليلة باسطة ذراعيها في الفراغ تستقبل نسائم الرياح ، وكأنها لم تخرب الدنيا يوم أمس وكأنها خلقت لكي تتأمل وتتمادى في الجنون ويتحملها الباقون .. وضع يديه بجيوبه وتوجه إليها بخطوات متعبة لا يقدر على بعدها حتى وهو غاضب عليها إلا أنه مسلوب بها هي مغناطيسه التي لا تنفك تجذبه دون قدرة له على التحرر ،، وصل إليها وتوقف خلفها مباشرة وأخذ يناظر تلاطم أمواج البحر أمامهم وسحر السماء الصافية وتأثير وهم قلبه التي لا تزال غائبة في ملكوت لوحدها ، تسبح فوق غيمة صغيرة لا تشمل سواها في أرضها التي أنشأتها بعقلها ، طيب أين هو من كل هذا ؟؟؟
وائل(زفر آه وتكلم):- الجو بارد عليكِ
ميرنا(أنزلت يديها بهدوء والتفتت إليه بعيون لامعة):- لا أشعر به
وائل(رفع حاجبه بانتباه):- آه جديدة علي هذه
ميرنا(اقتربت منه وهي تبتسم):- أنا لا أشعر بشيء سوى نبضك
وائل(تفاجئ ورمش بعينيه وأخفض رأسه بعدها):- إن انتهيتِ من وصلة تأملك دعينا نذهب
ميرنا(زادت اقترابا منه حتى باتت مقابله وتمسكت بذراعه):- هل تستطيع هجري حقا ؟ هل تستطيع عيش دور اللامبالي لوقت طويل ؟؟ عيناك تفضحك قلبك يفضحك حروفك تفضحك كل شيء فيك ينبض بي أناااا
وائل(أغمض عينيه حين ضربت على صدره بخفة ولم يتحرك قيد أنملة ، ثم فتح عينيه وهو يطالع عينيها بنظرة متعالية):- صحيح .. كلامكِ كله حقيقي ولن أنكره ، لكن
ميرنا(تشنجت من تلك اللاكن ولاحقت بنظراتها الملتاعة):- لكن ماذا ؟
وائل(نظر حولها وترك لسانه على شفته من الداخل بثقل كمن يفكر بشيء):- لم يعد يجدي ذلك نفعا ميرنا ، صدقا أنتِ تزيدين من حدة الموقف الذي حسمته معكِ ليلة أمس وكنت واثقا من كل حرف
ميرنا(امتلأت محاجرها بالدموع وزادت تمسكا به):- ولكنني أحبك وأنت تحبني ، لما تريد هذا الفراق أنا لدي أسبابي التي جعلتني لا أرافقك وما إن تعرفها حتى تتفهمني يا وائل
وائل(أمسك بيديها وأبعدهما عنه وهو يزفر بعمق):- أنتِ لديكِ أسبابكِ ، وأنا لدي أولوياتي من بينها الوفاء بالعهد وعدم الكذب ، وبالنسبة للاختيار كان أمامكِ خيارين إما أنا أو هو وأنتِ اخترتِ طيب لما أنتِ منزعجة الآن هل منعتكِ عنه أكيد لاء تركت لكِ مطلق الحرية ، ما يعني أن فراقنا قد تمت مصادرته من قبلكِ أنتِ يا ميرنا
ميرنا(برفض):- لكن هذا تظلم كبير لعلاقتنا لا أقبله ، أنت هكذا لا تفرق شيئا عن ابن عمك شهاب الذي كان يشك في تسريحة شعري حتى
وائل(بغضب حرك يده):- مجددا ستقول لي شهاب
ميرنا(مصت شفتيها بخفة وهي تمسح عيونها):- اسمعني فقط لن تخسر شيئا إن فهمت مني
وائل(وضع يده بجيبه والأخرى أشار لها بها):- اسمعيني أنتِ ميرنا .. موقف يوم أمس قد حدد لي لأي درجة تمسككِ بي كائن ، وقد أوضحتِ لي أيضا بشكل جارح أنكِ قادرة على تركي وهجري في أية لحظة ، ضاربة بمشاعري وأحاسيسي عرض الحائط
ميرنا:- والله يا وائل والله كنت مجبر
وائل(ابتسم لها):- طيب فهمت إذن تعالي لنقلب الأمور ، تخيلي معي لو كنت أنا محلكِ وكنتِ أنتِ محلي ، ووقفتِ بجانب وبالجانب الآخر مثلا امم مروة التي سقطت وكسرت رجلها أو يدها أو المهم كانت مصابة وبحاجة لمساعدة .. كلانا نعرف أنكِ لا تطيقينها وأنا أعي ذلك تماما ومع ذلك تركتكِ واقفة مثل فزاعة الحقول وذهبت معها .. بالله عليكِ قولي إحساسكِ بصدق
ميرنا:- كنت لأموت ألف مرة في محلي ، كنت لأغضب منك أثور بوجهك أقتلها بيدي حتى
وائل(مط شفتيه بألم):- اقتربتِ قليلا مما أريدكِ أن تصلي إليه
ميرنا(زادت خطوة إليه وجربت أن تلمس يده لكنها أبت خشية منه):- أعلم أنني جرحتك وأن موقف يوم أمس أزعجك كثيرا ، لكن أقسم لك أنني لا أحب غيرك ولا يوجد غيرك بقلبي أنت تعلم بهذا لا تجعلني أدخل في ديباجة القسم لأننا لسنا بحاجة لها على الإطلاق ، فنبضك نبضي ونبضي نبضك
وائل(أبعد نظره عنها ببرودة):- كان يا ميرنا كاااااان
ميرنا(هنا جن جنونها وارتمت بحضنه متمسكة به تحيط عنقه بيديها وبانهيار باكية):- اهئ إياك إياك وأن تتنكر لمشاعرنا وائل ،لن أسمح لك مهما حصل أن تدنس علاقتنا لن أسمح
وائل(أغمض عينيه وهو يموت في عطرها الذي أسكره ولم يجد بدا سوى أن يضع يده على ظهرها بطبطبة باردة جامدة خالية من المشاعر):- كفى ميرنا ..
ميرنا(شعرت ببرودة يده وعقدت حاجبيها وهي تتملص منه):- هل بتَّ تكرهني ؟ هل هل توقفت عن حبي ؟ أنت بارد جامد لو لو أأنا كنت محلك لما نظرت إليك بتلك النظرة ولما عاملتك بذا البرود ولما لما جرحتك
وائل(بوجع رمقها):- لو كنتِ محلي لما سمحتِ لي بالحديث إليكِ حتى .. أرى أن النقاش إلى هنا وقد انتهى ، لن يجدينا نفعا أن نتمادى فيه أكثر فموقفي قد حددته وتبقى عليكِ أن تتقبليه كما هو … جرحكِ غائر ميرنا وإن لم أتخذ هذا الموقف سأؤلمكِ وهذا ما لا أطيقه
ميرنا(عقدت حاجيبها):- ألهذه الدرجة ؟؟
وائل(ولاها ظهره بغبن أكثر منها):- لهذه الدرجة ميرنا لهذه الدرجة ، هذا ما سعيتِ إليه وهذا ما ستحصلين عليه … لنغادر انتهى الحديث سأنتظركِ بالسيارة
تحرك من فوره وهو يزيل ربطة عنقه بالكامل فالاختناق قد بلغ أشده معه ، رمى بها في السيارة والتفت إليها وجدها جامدة محلها ، وحركت نفسها بصعوبة حتى جلست على الكرسي ، ضرب على سطح السيارة ودخل إليها وجلس محله ممسكا بالمقود وعيونه المحمرة تتطاير شررا ، كان أدائه مقنعا جدا ها قد وضعها في المكان الذي يلزمها أن تشعر بأنها قد خسرت وائلا للأبد ، رغما عنه رغما عنه يؤلمها لكنه مجروح بدوره ولا يسعه تقديم شيء ، فمتى كان للميت سلطة على الحي ؟؟ …
كانت تحرك رأسها بحركة روتينية وتبكي بجمود ، عيناها جاحظتين في الأرض وقلبها يخفق بشدة بينما صدرها كان يعلو ويهبط في حركة رتيبة ، لا يعقل أن يعاملها بتلك الطريقة أن تخسره بذلك الشكل المهين أن تدمر سعادتها من خلال موقف كان محتما عليها معايشته ، كيف خسرت كل شيء في لمح البصر ، إنها تشعر بالبؤس بالحزن بالضيم يحتل كل جزء من جسمها .. برودة الجو لم تزدها سوى رجفة ليس بردا بل خوفا في أن تكون صدقا قد خسرته وقد أعلن الفراق بشكل جدي .. لقد أملت أن تغير موقفه منها وتمتص غضبه وتشرح له ولو القليل من أسبابها لكنه أبى أن يستمع لها حتى، وهذا ما جعلها تنظر للخلف إليه حيث كان جالسا بسيارته ، يده على فكه والأخرى على المقود ينتظرها .. حاولت ملاحظة نظرة عينيه ووجدته شاردا ساكنا يهز رأسه بتعب تارة يمسح على جبينه وتارة على شعره .. رأفت لحاله أكثر منها لذلك استقامت من محلها وتمشت على أديم الأرض صوب البحر لحين وقفت عند حافته ، أطلت على الأمواج المتلاطمة بالأحجار أسفلها ، والتفتت لوائل الذي جحظ بعينيه فجأة وخرج من سيارته بركض مسرعا إليها ..
وائل(بهلع عليها):- يكفي يكفي سهرا إلى هنا دعينا نغادر ميرنا ..
ميرنا(ببسمة مريرة وغمغمة دمع):- لن أعيش لحظة أخرى بدون حضنك ، أكرهك وأنت لئيم معي ،،، هذا أمر لا أستحققه منك وائل وهو فوق طاقتي ..
وائل(حرك يده بنفاذ صبر):- ابتعدي عن تلك الحافة وكلميني ، تعالي إلي ميرنا
ميرنا(زادت خطوة للأمام ونظرة بائسة تعني أن النهاية قد اقتربت):- لست ضعيفة لذلك الحد الذي يجعلني أنتحر فيه ، لكنني أريد أن أعاقب نفسي لأنني جرحتك وآذيتك
وائل(بفزع زاد خطوة إليها):- هل جننتِ ؟؟ تعاقبين نفسكِ بهذا الموت المحتم .. ميرنا ميرنا أنا لا أمزح معكِ تعالي وإلا سأغضب عليكِ ليوم الدين
ميرنا(مطت شفتيها بحزن):- أنت تكرهني لا تكذب
وائل(بجنون الجنون):- أمسكي بيدي ميرنا ودعيكِ من هذا الجنون ، بحق الإله تعالي ولا تجبريني على القيام بما قد لا يعجبكِ
ميرنا(هزت كتفيها ونظرت للبحر):- أنا أستحق العقاب
وائل(حول عينيه):- فعلا فعلا أنتِ تستحقين العقاب ، لكن هللو ألا يحق لي اختيار ذلك العقاب كوني الشخص الذي آذيته ميرنا ، يحق لي هاه لذلك تعالي إلي … تعالي يا حبيبتي ولا تقتليني
ميرنا(أشرقت أساريرها):- حبيبتك .. أما زلت كذلك ؟
وائل:- طبعا يا حمقاء لا زلتِ كذلك ، وإن لم تمتثلي لأوامري سأعاقبكِ بشكل لن تتحمليه
ميرنا(ضحكت بفرح):- كنت أعلم أن حبنا عظيم ولن تشوبه شائبة
تنهد بأريحية لعدولها عن ذلك الجنون ، في حين همت بالركض إليه لكن بسبب كعبها الذي انزلق بفعل الندى ، سقطت على الأرض وبالضبط من على الحافة وتماسكت بصعوبة
ميرنا(لم تستطع أن تتماسك أكثر بفعل ندى الحافة وكانت يدها تنزلق):- اهئ وااائل واااائل
وائل(حبست أنفاسه لحظتها وصرخ باسمها وهو يركض إليها):- ميرناااااااااااااااا
استلقى على الأرض بخفة ومد لها يده وأمسك بيدها بسرعة البرق
وائل(بلهفة ورعب):- أنا هنا أنا هنا حبيبتي أنا هنا لا تخافي لا تخشي شيئا أنا هنا
ميرناّ(ببكاء):- لا تترك يدي وائل .. اهئ لا تتركها أنا خاااائفة
وائل(زفر بعمق وجذبها إليه بكل قوته لحين تمكن من السيطرة عليها):- تماسكي ميرنا وساعديني ، ادفعي بجسمكِ إلي هيا حبيبتي هيا تماسكي وتحملي القليل فقط … ميرنااااااا ركزي على صوتي ولا تذعري مثلما فعلتِ سابقا أتذكرين هااااه ؟ ركزي على صوتي وانظري لعيناي هذا أنا حبيبكِ الذي لن يترككِ
ميرنا(هزت له رأسها والدموع شلال من عينيها):- اهئ … هممم
بجهد جهيد جذبها من هناك بكل ما يملك من قوة لحين تحكم فيها تماما ، وجذبها إليه حتى وصلت بأمان ، وبفعل الدفعة الأخيرة ارتجت محلها وسقطت فوقه مباشرة
وائل(على وضعها ضمها إليه دون أن يهتم بأي شيء آخر):- ميرنا عمري أنتِ بين يداي الآن لا تخافي أنتِ بأمان
ميرنا(عانقته وقبلت وجنته بقبلات متتالية):- اهئ اهئ أنا آسفة آسفة
وائل(مسح على شعرها وأمسك وجهها بين يديه وقبل جبينها):- لا تبكي يا روحي أنا معكِ الآن ، انسي كل شيء ولا تفكري إلا بأنكِ معي هممم
ميرنا(بارتجاف وخوف):- واااائل
وائل(نظر عميقا لعينيها المذعورتين وحتى هو كان ميتا من الرعب عليها وأضمن طريقة لدحض هذا الخوف هي هاته):- أعشقكِ يا مجنونتي
ميرنا(عادت لتركز معه رغما عنها ضحكت بعشق):- وأنا أيضا حبيبي
عضعض شفته بخفة وجذبها إليها وقبلها قبلة جامحة مسحت كل الخوف والغبن والحزن والرعب الذي مر قبل قليل ، ترجمت كل الشوق والحب والعشق الذي استوطن قلبيهما بعد حرمان دام يوما كاملا ، كانت مغمضة العينين بينما يده تثبت شفتيها بين شفتيه ويده الأخرى تضمها إليه بقوة ، وكأنه يضمن عدم هربها أو ابتعادها عنه لحين انحبست أنفاسهما وفتحا أعينهما على نظرة عشقية لا غنى عنها ..
وائل(سحب نفسا عميقا واستقام بصعوبة كيلا يزعجها وجعلها تقف ونظر إليها وهو يهز رأسه لو كان خسرها لكان قد فقد عقله ، بدون شعور ضمها إليه بقوة):- إياكِ وأن تعيدي مثل هذا الجنون ، وقتها أقسم لكِ سترين وائلا غير
ميرنا(تمسكت بأمانها وحماها وروحها ودفنت نفسها بحضنه):- لا تتركني مجددا كي لا أصاب بمثل هذا الجنون ، أنت عقلي وقلبي وبدونك لا أستطيع أن أتمالك نفسي
وائل(عض شفتيه وزاد من ضمها لقلبه وحالة العشق المسيطرة عليهما قد بلغت نشوتها القصوى):- اشتقت لكِ يا مجنونة ، أتتوقعين أن صدَّكِ كان حميدا علي لقد تألمت بشدة لأجل ذلك وحاولت أن أعدل عنه لكنكِ كنتِ قاسية معي ..
ميرنا(دفنت رأسها بصدره):- لقد استحققت ذلك
وائل(ضمها بذراعه وسار بها لسيارته):- حتما استحققتِه يا مجنونة ، أرعبتني حتما
ميرنا(تعمقت فيه كطفلة تأبى مفارقة أبيها):- لولاك لكنت مت صحيح ؟
وائل(حمل حقيبتها وسارا إلى السيارة):- أنا أنقذكِ للمرة الثانية ، سجلي عندكِ
ميرنا(نظرت لقميصه الذي ابتل قليلا):- لقد تبللت مثلي بالندى ؟
وائل(بحميمية):- فداكِ ، كل شيء يهون
ميرنا:- ههه وائل .. هل ستسامحني ؟
وائل(لم يتوقف بل فتح لها باب السيارة):- الجو بارد اصعدي بسرعة سأشغل مدفئة السيارة
ميرنا(تقوقعت فوق الكرسي حول نفسها والتفتت إليه جالسة محلها):- وائل
وائل(صعد بسرعة محله ووضع أحزمة السلامة لكليهما وشغل المدفئة والمحرك في آن الوقت ونظر إليها بابتسامة):- لا تفكري بشيء سوى أنكِ معي ولن أترككِ مهما حدث
ميرنا(بدموع تقدمت إليه وعانقته من جديد فاضطر لإيقاف المحرك):- أنت بسمتي
وائل(قبل جبينها):- وأنتِ الروح التي تسكنني ..
ميرنا(نظرت إليه بعمق):- سأحكي لك عن كل شيء شريطة أن تعدني ألا تتخذ موقفا مني
وائل(مص شفتيه ونظر جانبيا):- ربما علينا أن نؤجل هذا الحديث
ميرنا(زادت قربا منه وقبلت عنقه وهي تهمس بأذنه):- الآن وائل
وائل(بضعف أمامها):- أسمعكِ ميرنا …
أخذت نفسا عميقا وهي مستلقية بحضنه تلامس قميصه وعيناها سابحة في مكامنها الدفينة ، سردت له كل شيء حدث لها منذ أن دخلت عالم الصحافة ، وكيف أصبحت قضية الفهد البري قضيتها هي وإياد ، روت له عن كل المخاطر العصيبة التي واجهوها وكيف كانوا يتقدمون خطوة ويعودون عشرة للوراء ، الدلائل تختفي الشهود تقتل وكأنهم يضعون كاميرات مراقبة في عقل كل من ميرنا وإياد يعرفون بما يفكرون ، ويسبقونهم بالاحتياط وبالتخلص من كل الدلائل التي تدينهم .. كان يستمع لها وهو يعقد حاجبيه حبيبته تكابد المخاطر وهو قد ظن بها السوء لام نفسه كثيرا لأنه تسرع بالحكم عليها فهي لا تستحق ذلك الموقف بالمرة ، لكنها من أجبره عليه ولذلك دقق في مسألة حكيم للمرة الثانية ولكنها حاولت تشتيت انتباهه عن تلك النقطة تحديدا ، فلقد وعدت حكيم ألا يعرف مخلوق بمساعدته لها ولو حتى نبضها
ميرنا:- لا أدري لما تود معرفة علاقة حكيم به ، هو الآخر يبحث عنه منذ عدة سنوات لكن لا أدري لماذا أو لأجل أي غاية طبعا سألته ولكنه رفض أن يفصح لي وأراد أن يخرجني من هذه القضية بشكل نهائي خوفا علي
وائل(تشنج من آخر كلمة"خوفا علي"):- أهاه يخاف عليكِ إذن
ميرنا(ابتلعت ريقها):- طبيعي أنا ابنة عمه ك…كأخته يعني
وائل:- لا يوجد شيء آخر تخفينه عني ، عدا على أن ابن عمكِ نهاكِ عن الاقتراب من القضية التي تلاحقينها وإياد منذ عدة سنوات بلا فائدة صحيح ؟
ميرنا(بتردد(:- هذا هو .. كله
وائل(صغر عينيه فيها وقبل رأسها الذي كان بقربه):- إذا كنتِ تخفين أي شيء آخر أفصحي عنه يا ميرنا ، هذا هو الوقت الأنسب لذلك
ميرنا(شبكت يديها بيديه):- حبيبي ، كله أخبرتك به
وائل(أمسك فكها بيده الأخرى ونظر إليها عميقا):- حسن حبيبتي ، سنتفق على التالي حتى لو نهيتكِ على عدم إكمال تلك القضية فمن سابع المستحيلات أن توافقيني وتسمعي كلامي ، لذلك يا حلوتي عليكِ أن تقحميني في هذه القضية وأعرف بجديدها أولا بأول
ميرنا(تشنجت وانتفضت من حضنه):- نو مستحيل …
وائل(حرك رأسه بإيجاب):- بلى هذا ما ستفعلينه ميرنا ، إلا إذا أبيتِ أن أقدم لكِ يد العون
ميرنا(وضعت خصلة خلف شعرها):- ليس الأمر كذلك بالعكس سأكون سعيدة ، وسأشعر بالأمان أكثر لكن لا أريد أن أعرضك للمخاطر بسببي
وائل(مط شفتيه ببسمة شريدة ونظر جانبيا):- لا تقلقي فالمخاطر محيطة بي منذ أمد ، وهذا الموضوع تحديدا شغل بالي وأريد مساعدتكِ به
ميرنا(حركت شفتيها بقلق كيف ستوفق الآن بين ثلاثتهم إياد حكيم ووائل ):- طيب كما تشاء حبيبي
وائل:- لا تعديني وتأخذيني على قدر عقلي مسايرة يعني ، سأتابع لدي معارف قد يساعدوننا بهذا الأمر
ميرنا:- تمام .. كم الساعة الآن هئئئ إنها 12 يا حبيبي أمي ستضعني في لائحة حظر التجول لا محالة
وائل(غمزها وقبل يدها ثم أدار المحرك)):- تأشيرة دخولكِ هاهنا رفقتكِ ، لا تقلقي
ميرنا:- سعيدة لأن سوء التفاهم بيننا قد انزاح
وائل(بحب):- كنت مشتاقا لكِ ، لعلمكِ البعاد جميل مرة بعد مرة لنجربها كل حين
ميرنا(بصراخ):- إيااااااك لن أتحمل والله ، أنا مسكينة
وائل(رفع حاجبه هازئا بدعابة):- آخ عليكِ يا مسكينة ، تخربين بلد ههه
ابتسمت له بمحبة وانطلق بها صوب بيتها الذي كانت فيه عواطف ونور بانتظارها
نور:- اذهبي للنوم يا أمي سأبقى بانتظارها
عواطف:- بصراحة لم أقلق عليها هكذا سابقا ، لكن تدقيقكِ وغضبها وبكاؤها البارحة جعلوا قلبي يتوتر لأجلها
نور:- ستكون بخير ربما هي بالعمل يعني كالعادة ، أحيانا تتأخر وأحيانا لا على حسب
عواطف(زفرت بعمق):- طيب سأستلقي على سريري لأرتاح وأنتظر عودتها
نور:- نامي يا أمي ستكون بخير ما بنا الآن هااااه ؟
عواطف(بقلة حيلة):- طيب
نور(هزت رأسها بوهن وهي تنظر للبعيد وتحاول إيجاد مبررات لأختها):- أينكِ ميرناااا
بعد مدة وجيزة كانت تودعه عند ناصية شارعهم ، لكنه رفض أن يذهب قبل توجهها لبيتهم ودخولها ، ولكنها أصرت على أن يرحل بدلا من أن تراه نور وتصبح في ديباجة أخرى كيف تشرح وكيف تبرر ، الغريب أنها بدأت تبحث عن تبريرات ولكن مع وائل هذا ما هو غير منطقي ، حرك سيارته ولوح لها بوداع ثم انطلق بسيارته مغادرا شارعهم بالمجمل ، هنا عانقت حقيبتها وملفها وتوجهت مسرعة صوب بيتهم وقبل أن تقطع الطريق الفاصلة جذبتها يد قوية خلف الزقاق ودفعتها على الحائط بقوة
ميرنا(شهقت بفزع):- هئئئئ ما الذي تفعله هنا هل جننت ؟
حكيم(ضرب على الحائط وزعابيب أبشير تتطاير أمامه):- هل كنتِ تتجاهلين اتصالاتي وأقفلتِ الخط بوجهي لأنكِ كنتِ مع حضرة العاشق الولهان ؟؟؟؟؟؟؟؟
ميرنا(تنهدت بعمق وهي تتمالك أنفاسها من وجهه الغاضب تحت حلكة ذلك الزقاق):- حكيم رجاء لا تنفعل هكذا ، ثم ما الذي أحضرك إلى هنا ؟
حكيم(بغضب جامح):- تصرفاتكِ ولا مبالاتكِ واستهتاركِ هو الذي جلبني إلى هنا ، كي أطمئن عليكِ بأنكِ بخير .. أين كنتِ ؟
ميرنا(ابتلعت ريقها):- بالعمل كنت أعمل أنظر حتى لقد جلبته معي للبيت
حكيم:-أهناك عمل حتى بعد منتصف الليل لا تجننييييييييني ميرناااااااااااا ، أيييين كنننتِ ؟
ميرنا(بعصبية):- هييييه مهلك مهلك علي ، نبرتك التشكيكية لا تعجبني ثم أنا ووائل قد تصالحنا لم تعد هنالك مشكلة بيننا
حكيم:- والله ؟؟ كنتِ بلغيني لما أتيتُكِ خاوي الوفاض عيب أقله باقة ورد وبطاقة تهنئة
ميرنا(بنفاذ صبر):- الآن ماذا تريد الوقت متأخر وعلي أن أدلف للبيت
حكيم(كتف يديه ونظر بعمق لها):- صار الوقت متأخرا معي أنا يا ميرنا /، لكن معه لا
ميرنا(مطت شفتيها لم ترد أن تجرحه بذلك الشكل):- لم أقصد
حكيم(بغمغمة حزن ولاها ظهره):- قلقت عليكِ فقط .. جيد أنكِ بخير
ميرنا(اقتربت منه وهي تعض شفتيها ندما):- كيف هي رجلك ؟
حكيم(حرك رأسه):- ستكون بخير ، انتبهي لنفسك تصبحين على خير
ميرنا(زفرت بعمق ووضعت يدها على كتفه):- غضبت مني ؟
حكيم(أغمض عينيه من لمستها المهلكة وبغيظ أمسكها وجذبها إليه عيناه بعينها):- مرة أخرى لا تقفلي خطكِ بوجهي ولو كنتِ مع من تكونين ، وشيء آخر إياكِ وأن تتأخري مجددا خارج البيت لهذا الوقت إلا للضرورة مفهووووم ؟
ميرنا(جذبت يديها وصغرت عينيها فيه):- هل هذا تحكم ؟؟
حكيم(رفع يديه بلا مبالاة):- اعتبريييييييه ما شئتِ لكن أنا ما لدي قلته ، وإن لم تمتثلي له يا ميرنا أقسم لكِ أنني سآخذكِ عنوة وأحبسكِ بجبل قصي لا يصله بشر
ميرنا(بهلع اتسعت حدقات عيونها):- يا إلهي ..
حكيم(أصابه الضحك من هلعها ولم يقدر على كبته):- حسن اذهبي اذهبي قبل أن تفقديني صوابي هنا ..
ميرنا(تحركت للمغادرة وعادت أدراجها تنظر إليه):- لقد بدأت أتعود على ظهورك فجأة حولي في كل مكان
حكيم(جذب خصلة من شعرها بقوة):- أنا هكذا دوما ، محيط بكِ في كل مكان
ميرنا(ابتسمت لذلك الشعور الطيب الذي جمعها به تلك اللحظة):- أتعلم .. ربما عليك أن تفكر جديا بزيارة العائلة ولو مرة قد ينفع ذلك
حكيم(بحزن تحركت عيناه لكن بسمته لم تختفي):- يعجبني هذا الإحساس ولا أريد التفريط فيه ، لذلك لا تهتمي بشيء … فقط كوني بخير لأجلي
ميرنا(لوحت له وانسحبت):- وداعا
حكيم(لوح لها بثقل وبسمته على ثغره):- إلى اللقاء
إنها تسيطر عليه تحوله من عاقل لمجنون ، فلقد عارض كل نصائح الطبيب وأتاها ليبحث عنها حيث أن رجاله قد بلغوه بمغادرتها مع وائل رشوان في سيارته ، وقتها جن جنونه وحاول الوصول إليها لكن هاتفها كان خارج التغطية وما كان عليه سوى المثول أمام بيتهم لحين تظهر، المشكلة أنه فور رؤيته لها غفر تأخرها لكنه انفجر في وجهها غير قادر على كبت غيظه وفكرة أن تكون منفردة بوائل رشوان تصيبه في مقتل … بعد أن اطمئن عليها غادر الشارع واتجه صوب سيارته حيث كان هناك طلال بانتظاره
طلال:- هل اطمأننت على العصفورة ؟
حكيم(ببسمة جلس بجانبه):- هي بخير
طلال:- والله الذي يراك الآن مدلها بتلك البسمة ويراك حين وصولنا كالبركان المتفجر يستغرب
حكيم(نظر بعين شريدة جانبيا):- إنه العشق …
طلال(بتمعن في الكلمة أدار محرك سيارته وانطلقا من هناك):- … العشق ….
نور(كتفت يديها وجذبتها خلفها لغرفة الضيوف):- تقولين العشق هكذا دون خجل مني
ميرنا(جلست على الكنبة):- أساسا لا أعلم ما الذي تريدين سماعه ، أنا لم أكذب عليكِ وأخبرتكِ بكل ما حدث علما أن لا حق لكِ في سؤالي
نور(جلست مقابلها):- لما اتخذتِ مني موقفا هكذا ميرنا ، أنا دوما ما أسألكِ وأسأل أي شخص في هذا البيت عن دخوله وخروجه ، فما الذي لم يعجبكِ ؟
ميرنا:- تدخلكِ المتواصل في شؤون حياتي يتعبني ، وكأنني أقوم بفعل خاطئ
نور:- ربما قلقي عليكِ كان مضاعفا لكن لا يمكنكِ منعي من القلق لأجلكِ ميرنا ، أنتِ أختي
ميرنا(مطت شفتيها):- طيب يا نور حصل خير ، أعصابي كانت تالفة لهذا لم أحسن التصرف
نور:- لا تعيديها أنتِ تعطين انطباعات غير حميدة لمرام ونهال ودينا هممم
ميرنا:- طيب لن أعيدها لكن لا تقيديني أنتِ الأخرى ، يعني اقلقي وليس أن تسيطري
نور:- فهمنا هل ستعيشين في الدور كثيرا ، أنا لي الحق في كل شيء وفي معرفة ما سر تغيركِ بين ليلة وضحاها البارحة منهارة واليوم مبتسمة هممم خيراااا
ميرنا:- كنت على خصام مع وائل لكن حللنا المشكلة اليوم وأصبح كل شيء على ما يرام
نور(مالت بشفتيها):- والله جميل جدا ، طيب إذن انهضي لتنامي
ميرنا:- ألا تريدين أن أسلم لكِ عليه
نور(استقبلت قبلة ميرنا على خدها):- لا داعي سأسلم عليه بنفسي
ميرنا(توقفت محلها باستغراب):- كيف ذلك هه ؟
نور(رفعت حاجبها وتركتها):- مفاجأة سترينها يوم غد .. بون نوي
ميرنا(لوحت لها بشرود):- بون نوي يختي .. مفاجأة ؟ على ماذا تنوي هذه النوري ؟؟؟
على تلك المزحة صعدت لغرفتها وآه كم بدا سريرها لطيفا حنونا دافئا ، بسرعة بسرعة غيرت ثيابها بفستان بيتي وارتمت وسط أحضانه دون أن تفكر في أكل ولا شرب ، قد كانت شبعة من فرط الحب .. حظيت ذلك اليوم بقبلتين إحداهما من حكيم والأخرى من وائل وشتان ما بين البينين ، استدارت على جنب وهي تبرق بعينيها ولمعة العشق تتراقص أمامها ، تعضعض إصبعها وهي تلامس بباقي أصابعها شفتيها بشكل مسكر بل يفوق السحر … أصوات النجوم تتشكل وتتبعثر على مسمعها وكأنها جاءت من العدم لتؤنس ليلتها بل نبضها الذي تعالى وتعالى ليسمو فوق الغيوم …، عقدت حاجبيها وهي تقارن بينهما فالأولى قد سحبتها قسرا نحو عمر مضى نحو أحلام نسجتها في مخيلتها لها ولبطل أحلامها ، نحو شخص وعدها ولكنه نكث بوعده ولم يعد ، نحو انتظار سنوات عليلة نسيت فيها تلك المشاعر بل أحرقتها دون رجعة ، لن تنكر أنها شعرت بارتعاشة مختلفة لكن ليست كالرعدة التي سرت بعمودها الفقري ، والتي أصابت بطنها بتوعك ضئيل والتي ملأتها بالشغف والحنين وحبست الهواء برئتيها ، قبلة وائل كانت سحرا خياليا سيطر على كل ذرة فيها وجعلها ترتجف بين يديه تطالب بالمزيد بل ترغب بالغوص بين ذراعيه والتلاشي حد الموت .. إنه العشق حين يرتسم بريشة الوفاء والصدق لقد أنقذها للمرة الثانية كيف جُنت ساعتها ووقفت عند حافة الأرضية المطلة على البحر ، لو كانت سقطت لراحت فيها لكن لا بأس فبطلنا الهمام موجود للطوارئ ، لقد احتواها بكل معنى للكلمة وأسكنها فسيح نبضه لعلها تستكين وتعود لهدوئها ، وبالفعل لولاه لما عادت لرشدها ونالت قبلة جنونية رافقتِ الموقف ، سحبت أنفاسا عميقة بحماس وعانقت وسادتها وغاصت في نوم عميق … هنا كان هو قد وصل لشقته وطبعا نزار كان قد غفى المسكين على كنبة الصالون في انتظاره ، أيقظه وائل بهدوء واصطحبه لغرفته وعاد لكي يعيش حلمه الذي جمعه بميرنا تلك الليلة لكن من يتركه ، فقد اتصل به نادر تلك اللحظة من أجل دعم نفسيته فاتضح أن وائل قد حل مشكلته كما يجب وطبعا نادر يريد التفاصيل ، روى له وائل القليل وبسرعة تملص منه كي يغوص وسط أحلامه مع عسل غروبه شمس الليالي وحيدا منفردا معها في دنيا اللاوجود …...

في شقة إياد
كان يجلس على حاسوبه الشخصي ويتثاءب بثقل بين الفينة والأخرى ، مسح على عينيه ونهض من محله متوجها صوب المطبخ أخرج قنينة عصير وانتبه لبقايا الكعكة التي صنعتها أحلام له والتي حظي أناس آخرون بشرف تناولها ..
~ قبل ساعات ~
إياد(عدل ياقة قميصه أمام المرآة التي بجانب الباب):- أنا قاااادم لحظة …
رقية(رفعت يديها بعلبة مأكولات متنوعة):- هذا هو ما أفقه فيه أناااا
العمة نعمة:- دعيني يا بنت أمر .. إياد حبيبي الحمدلله على سلامتك لقد أعددت لك طعاما شهيا سيكفيك ليومين وما إن يكفيك بلغ رقية لأعد لك غيره
إياد(أشار لهما بالدخول):- تفضلا تفضلا ، والله اليوم يوم سعدي منورين يا جماعة
رقية(دخلت مباشرة للمطبخ المطل على الصالون ووضعت الأغراض):- شقتك جميلة
نعمة:- ضعي هذا بالبراد رقية ..
رقية(ابتسمت بلطف):- هاتِ عمتي
نعمة:- وكيف صحتك اليوم هل تتعافى ؟
إياد:- طبعا بعد مداومتي على الأدوية ومراجعة الطبيب ، إني أتماثل للشفاء قليلا بعد وينتهي هذا الكابوس
رقية(رمقته بنظرة راحة مليئة بالحب):- الحمدلله
إياد(رفع حاجبيه بمرح):- هااااه ماذا ستطعمانني ؟؟
نعمة(تزيل ورق الألمنيوم عن العلب):- كل لذيذ يا عزيزي ، رقية وضبي هذه على طاولة الأكل وخذي بعض الصحون
إياد(أشار لها على مكانها):- ستجدين هنا بالخزانة ما تريدين
رقية(تتأمله بحب وتبتسم):- طيب يا طويل تعال وأعطني تلك الصحون هناك ، لا أصل إليها
إياد:- ههه قصيرة
رقية(وضعت يديها على خصرها):- بعينك ، أنت كبرج إيفل مهما استطلت لن أصلك
إياد(نظر خلفه كانت نعمة بالصالون تصب الحساء، وهنا همس لرقية بأذنها):- جميل هو طولكِ هكذا ، يناسبني وجدا
رقية(يا ربي ياربي ماذا يفعل بي هذا المجنون ،، أيْ أشعر بالضعف):-احم .. هننن
إياد(قدم لها الصحون وبسمته لم تفارقه):- تفضلي …
رقية(حضنتهم بارتباك حتى كادت تسقطهم وصرخت بسرعة وهي تعيدهم لحضنها):- لم يحدث شيء .. لم يحدث شيء هه هههه
زفر بعمق وهو ينظر إليها بحماس وبالفعل كانت مائدة اشتاق لها بشدة ، فهي شبيهة بطاولة أهل ميرنا كم افتقد وجوده بينهم إنه يشعر وكأنه فرد منهم ، وليس مجرد صديق للعائلة زفر بحنين وهو يجلس محله على الطاولة وعلى يمينه رقية أما يساره فكانت نعمة التي تملأ في صحنه وتعيد وتزيد ..
إياد:- لالا لن أستطيع أن أضيف شيئا آخر ،،، سأموووت
رقية(بلهفة):- بعيد الشر عنك
نعمة(نهضت):- طيب ما رأيكما بفنجان شاي بعد هذا الأكل ، ساعديني رقية في أخذ هذه الأطباق للمطبخ
إياد:- لا تزعجا نفسيكما بالغسل ، لدي آلة غسيل هناك شغليها يا رقية أحسن
نعمة:- رائع يا عزيزي ..
بعد برهة كان الثلاثة يجلسون بالصالون ويحتسون الشاي ، يتبادلون الأحاديث والطرائف والكثير من القصص لحين قدوم الزائر المتوقع شيئا ما ^^
رقية:- سأفتح أنا … مرحبا
أحلام(انتفضت ، يا إلهي فتاة أخرى بشقته سيقتلني هذاااااااا):- مرحبا أنا أحلام جارة إياد ، لقد التقينا بالمشفى حينما كان لا يزال الأستاذ هناك أتذكرين ؟
رقية:- آه آه تذكرتكِ تفضلي عزيزتي ..
أسامة(دخل قبلها وبيده صحن فيه الكعكة):- عمو إياد أعددنا من أجلك كعكة بالشوكولا تفضل إنها لذيذة وشهية للعين ومذاقها أكيد سيكون مذهلا
إياد(أمسكها منه بيده):- أؤكد لك أنك من تريد تذوقها ههه ، تفضلا كنا نحتسي الشاي
رقية(أخذت منه الصحن):- تفضلوا سأحضر الصحون لنقطع الكعكة
إياد:- وأنا سآتي لكما بفناجين شاي
نعمة:- تعالي يا ابنتي كيف حالكِ وكيف هي جارتكم سوسن ؟
أحلام(بارتباك جلست ونظرت خلفها لإياد ورقية بالمطبخ وهما يتمازحان):- إنها بخير ، تعلمين مشاغل الحياة لا ترحم
نعمة:- والله معكِ حق يا ابنتي الوقت يجري ، الله يباركلك في أسامة ما شاء الله عليه
أحلام(بمودة):- تكرمي خالة نعمة
وزعوا أطباق الكعك ، وبالفعل أغرمت بها رقية فلقد تناولت قطعتين وكانت عينها في الثالثة ونافسها في ذلك أسامة الذي فتحت شهيته على وسعها ، أما إياد فقد اكتفى بواحدة وشكر أحلام على واجبها الجميل ذلك ،والتي كانت تناظره وتناظر رقية في آن الوقت بقلب مكلوم ، زفرت بعمق تحاول إخفاء توترها وحزنها كي لا تنحرج أمامهم .. بعد إتمام تلك الجلسة تكلفت أحلام بحمل الأطباق هي ورقية
أحلام(بالمطبخ عدلت شالها):- فيكم الخير لأنكم زرتم الأستاذ إياد
رقية(تغطي الكعكة بصحن زجاجي ضخم):- أكيد سنزوره ما صدقنا تخطى تلك الوعكة
أحلام(ناظرت بريق عيني رقية وتشنجت أكثر حتى ضاق صدرها):- ممم صح
رقية:- ألم يعد بعد زوجك السيد تيسير ؟
أحلام(هل تقصد بأنه علي أن أذهب لبيتي ؟؟؟):- موعد عودته لم يحن بعد
رقية(رفعت حاجبيها ونظرت لإياد وهو يمازح أسامة بالصالون):- إياد يعشق الأطفال ، أكيد هو على صحبة مع أسامة ابنك
أحلام(بنفس النظرة):- طبعا فإياد يساعده بدروسه ، وعلامات أسامة الجيدة كلها بفضل الأستاذ لم يبخل عليه بمعرفته ، حفظه الله لشبابه ورعاه
رقية(لمحت إياد قد انسحب من جانب الخالة نعمة وأسامة ودخل لغرفته):- تسلمي أنتِ جارة مميزة ربي يحفظلك أسامة ، عن إذنك لحظات غاليتي
تركتها تنهي ما بين يديها وطرقت باب غرفته ودلفت إليه وجدته يفتح علبة الدواء الخاصة به
رقية:- هل أحضر لك ماء ؟
إياد:- اقتربي .. لدي هنا بعض الماء لا تقلقي
رقية(تابعته حتى تناول حبة الدواء وشرب بعدها الماء وأخذت تتحرك محلها ويديها خلف ظهرها):- أحسن الآن ؟
إياد(غمزها):- يعني ..
رقية(اقتربت منه خطوة):- حلو
إياد(ابتسم بإشراق):- ما سر تلك النظرة آنسة رقية الفارسي ؟
رقية(تنهدت بعمق ولم تكبت مشاعرها تلك اللحظة وكأن شيئا ما حثها على البوح):- لقد .أ.. يعني لقد اشتقت لمغامراتنا ألست بطلي ؟
إياد(اقترب منها خطوة بخيلاء):- أفهم من هذا أنكِ تنوين خوض مغامرة جديدة
رقية:- حتى تتعافى وبعدها سأفكر
إياد(بنبرة دافئة همس لها):- تفكرين بماذا ؟
رقية(ارتعشت حين اقترب وأزال خصلة من أعلى كتفها):- أ… أفكر بشيء ..أ.. ممتع يعني من هذا القبيل ..
إياد(سحب نفسا عميقا):- نظرتكِ تخطف الأنفاس ، هل لديكِ علم بذلك ؟
رقية(هنا فتحت فاهها بذهول):- هااااه ؟؟
إياد(سحب يدها وجذبها إليه):- شتت لا ترتبكي رقية كلانا ناضج ويعرف أن ماهية هذه المشاعر ليست محض شيء عابر
رقية(تراجعت للخلف حتى التصقت بدولابه الخاص ويدها على قلبها الخافق بشدة):- اممم يعني دعني أستوعبك قليلا بعد قليلا بعد ، كي أجاريك يعني و
إياد(حاصرها بيده ونظر إليها عميقا):- حسب علمي لا يجب أن يكون هنالك قول في هذه المواقف
رقية(بخدود محمرة تطالعه بضعف ودون توقف):- مم ما قصدك يعني ما الذي يلزم في هذه المواقف ، أ.. يعني حسب نظرتك الشخصية ؟
إياد(ابتسم وأزال خصلاتها كي لا يخفى شيء من وجهها المنير عليه):- شتت اهدئي فقط
رقية(تحركت حنجرتها بثقل ، يا رجل يا رجل أنا أرتجف أشعر بي):- إيااااد
إياد(نظر لشفتيها بعمق وانتقل لعينيها):- أنتِ تصيبينني بالتوتر كلما رأيتكِ يا رقية ..
رقية(لهلهلهلهله قلبي الصغير لا يتحمل):- هههنن .. أنااا
إياد(وضع إصبعه على شفتيها وأخرسها):- يفضل أن تخرسي والآن ….
انحنى بشفتيه لشفتيها وهمَّ بخطف قبلة شريدة منهما ، أغلقت عينيها بضعف ولم يقاوم جاذبيتها هو الآخر بل باشر بتقبيلها لحين أوقفهما صوت أسامة وهو قادم نحوهما للغرفة
أسامة:- عمو إياد عمو إياد …
إياد(ابتلع ريقه وابتعد عنها وهو يمسح على جبينه):- أدخل يا أسامة
رقية(ولتهما ظهرها وهي تضع يدها على بطنها وصدرها لا تزال تحت تأثير الموقف ، لقد كاد أن يقبلهااا لالا بل قبلها قليلا فقط يااااااااااا ويلي على مذاق شفتيه يعني ألم تجد الوقت المناسب يا أسامة كي تأتي هففف لكنت حظيت بقبلتي الأولى اهئ اهئ ):- همممم
غمزها إياد بخفة وأشار لها كي يلتحقا بأهل الصالون ، وجد أحلام على وشك المغادرة والتي لم تنظر إليه فقد لفت انتباهها وجه رقية الغريب وبسمتها البلهاء ، هنا عقدت حاجبيها وأمسكت يد ابنها وغادرت .. وهنا أيضا استقامت نعمة لأجل المغادرة وقام إياد بتوديعهم جميعا لكن عادت له رقية منفردة بعد لحظات من إغلاقه للباب
إياد(عرف بأنها هي):- هههه ماذا نسيتِ ؟؟
رقية(عضعضت شفتيها حين فتح لها الباب وارتمت بحضنه بحرارة):- نسيت أن آخذ عناقا منك
إياد(عانقها بحرارة ودفء ومسح على شعرها حين ابتعدت لتنظر إليه):- ربما علينا أن نلتقي مرة أخرى فهذه المشاعر التي تعتريني غريبة جدا وأريد فهمها ، كما أجزم أنها مرابضة في خلدكِ أيضا
رقية(هزت له رأسها بعشق وحب):- أتوق لذلك
إياد(مسح على خدها وقبله بقبلة حارة):- اذهبي الآن كي لا تتأخري على العمة نعمة
رقية(بسحر ذائبة فيه لامست خدها وأشارت له):- سأراك هاااه ؟
إياد:- طبعاااا سأكون بانتظار مكالمتك
رقية(لوحت له غير قادرة على الابتعاد عنه لأنها حتما حتما تحلم):- باي …
أخذت حلمها في قلبها ورحلت فأخيرا قد شعر بها هو الآخر ، ظلت تلوح له لحين اختفت عن أنظاره وهنا دخل لبيته وأغلق الباب وهو يبتسم ويتنهد بدفء وحرارة مؤكد أن مشاعره تجاهها غريبة وتستحق التدقيق ، فربما قد وقع بغرامها دون أن يعي ذلك حتى ….. كلاهما غفلا عن تلك الجاثمة خلف العين السحرية لبيتها ورأت كل شيء من مكانها ، ٍرأتها وهي تعانقه وهو يلعب بشعرها وهو يقبلها وهي تعشقه ..رأت كل ذلك ويا ليتها ما أرت شيئا منه أحست بطعنة في قلبها ، فرقية إذن هي حبيبته التي يحبها يا لحظها التعيس .. بكت ولم تبكي القليل ونعت حظها البائس وابنها يرمقها بنظرات مبهمة لا يفقه في حال أمه المستجد شيئا ..

في الوقت الحالي
بعد أن أغلق ثلاجته انتقل لغرفته وأخذ يعدل فراشه لأجل النوم فقد أصبح الوقت ما بعد منتصف الليل ، وتعب ذلك اليوم كثيرا حتى يده تؤلمه بعض الشيء الآن لذا عليه أن يرتاح كي يخف الوجع ، لكن فاجئه رنين الجرس وهنا عقد حاجبيه لاعنا زائر الليل الغريب هذا الذي لا يعلم بعد من يكون ، رمى الغطاء وتوجه صوبه ليفتح ..
إياد(بتذمر):- والله علي أن أوظف أحدا ليتكلف بفتح الباب للزائرين ، فاليوم لم يهجع الباب حتى الخالة سوسن زارتني صدقا اليوم يوم الزيارات العالمية .. يكفي يكفي أنا قااادم لحظة
فتح الباب وهو حانق على الشخص الزائر أيا كانت هويته ، لكن حنقه تبدد حين لمح زائره الغير متوقع بالمرة ، وبادله نفس النظراتِ الغريبة بمعنى ما الذي أتى بك ….؟؟؟


يتبع..


الكونتيسة نسرينا غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 04-07-16, 07:11 AM   #373

dodo1990

? العضوٌ??? » 326370
?  التسِجيلٌ » Sep 2014
? مشَارَ?اتْي » 709
?  نُقآطِيْ » dodo1990 has a reputation beyond reputedodo1990 has a reputation beyond reputedodo1990 has a reputation beyond reputedodo1990 has a reputation beyond reputedodo1990 has a reputation beyond reputedodo1990 has a reputation beyond reputedodo1990 has a reputation beyond reputedodo1990 has a reputation beyond reputedodo1990 has a reputation beyond reputedodo1990 has a reputation beyond reputedodo1990 has a reputation beyond repute
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

dodo1990 غير متواجد حالياً  
قديم 04-07-16, 05:57 PM   #374

sanity

نجم روايتي وكاتبة وقاصة ومصممة مساعدة في منتدى قلوب أحلام وعضو في فريق الترجمة ومتابع مميز في القسم الطبي والنفسي

alkap ~
 
الصورة الرمزية sanity

? العضوٌ??? » 326029
?  التسِجيلٌ » Sep 2014
? مشَارَ?اتْي » 5,962
?  مُ?إني » vancouver
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » sanity has a reputation beyond reputesanity has a reputation beyond reputesanity has a reputation beyond reputesanity has a reputation beyond reputesanity has a reputation beyond reputesanity has a reputation beyond reputesanity has a reputation beyond reputesanity has a reputation beyond reputesanity has a reputation beyond reputesanity has a reputation beyond reputesanity has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   laban
¬» قناتك carton
?? ??? ~
in my own fairytale, only you playStay more here, my passion hiddenand even to Hell I would follow youHold me just yetfire in the bodyand dizziness in my mind
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



sanity غير متواجد حالياً  
التوقيع
saray

قد أكُون سيئاً ، لكني لا أخون قلباً هرّب مُرتجفاً من صُدور الناس لِـ صدري ...
قديم 05-07-16, 10:48 AM   #375

انجوانا

مشرفة منتدى الصور وتسالي مصوره وعضو مميز في القسم الطبي والنفسي ونبض متألق في القسم الأدبي وفراشة الروايات المنقولةوبطلة اتقابلنا فين ؟ومشاركة بمسابقة الرد الأول ومشارك في puzzle star ومحررة بالجر

 
الصورة الرمزية انجوانا

? العضوٌ??? » 359808
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 11,533
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
?  نُقآطِيْ » انجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond repute
افتراضي

فصل جمييييييييييييييل نسرينا حبيبتي ....شامل وصادم ببعض الحقاىق وخاصه اياد انا صدمت يعني الفهد اخوه لاياد وغير شكله نفس شكل اياد واحيانا يحل محله وتلك الليله التي قبل بها مييرنا كان هو الفهد ولكن لما غير شكله ولما لايعرف اياد بشاانه ...اياد يشك بنفسه بانفصام وفي تقدم بعلاقته مع رقيه ..دعاء الى متى ستتحمل ..كوثر وزياد بانتظار اختبار صعب لحبهما ...وصال تعبت وسوف تستقيل ولكن كيف سيمنعها جاسر الذي لا يعترف بخطائه ولم يعتذر حتى عن جنونه بتقبيلها الذي صدمها وصدمه ...كامل مسكييين يحبها كاخته وهي ايضا ...
تور داهيه ستعمل بالشركه لمراقبه الجمييع واعتراف فؤاد بحبها جعلها تفكر بذلك وبالمشاعر ..فردوس بطلبها من مرام معرفه سر اخوها ستعقد الانور ...زوج وصال عمرظالم لها وابنه المحنون الاخر نسخه عن ابيه الى متى ستبقى متضهده ومظلومه ...وائل تالم لاختيار ميرنا حكيم ولكن حبهما وعشقهما اقوى خاصه بمحاولتها الانتحار وعادت المياه لمجاريها بينهما ..حكيم يخزنني احيانا اتمنى ان تكون ميرنا له خاصه بعد السنوات التضحيه ..شاهي لاتزال لديها امل بالعوده لحكيم ....فخريه لما تكره ميرنا وهل سلسليل لا تزال حيه ...الفهد غامض جدا ويحب ميرنا ولكن ما علاقته بالراجي يزور قبر والده هناك وغضب لما علم بان احد زار قبر هبه ال رشوان ...علاقته مع الجميع معقده ..نبيله الان اخبرت نور بالماضي لتفرق بين ميرا وشهاب وميرنا ووائل ولكن لااظن ذلك ...ان شالله ما اكون نسيت احد ...بجد رووعه فصولك كلها طويله ومشبعه جدا ...اشكرك ..قبلاتي لك


انجوانا غير متواجد حالياً  
التوقيع





مع الله تضيقُ فجوات الوجع، ويخفت صوت الألم ويعلو الأمل، مع الله تُنار لك الدروب، وينجلي الظٌّلم والظلام الحياة مع الله سعاده وأمان .
قديم 05-07-16, 10:50 AM   #376

انجوانا

مشرفة منتدى الصور وتسالي مصوره وعضو مميز في القسم الطبي والنفسي ونبض متألق في القسم الأدبي وفراشة الروايات المنقولةوبطلة اتقابلنا فين ؟ومشاركة بمسابقة الرد الأول ومشارك في puzzle star ومحررة بالجر

 
الصورة الرمزية انجوانا

? العضوٌ??? » 359808
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 11,533
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
?  نُقآطِيْ » انجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الكونتيسة نسرينا مشاهدة المشاركة
بعض صور أبطال روايتنا




[img]https://store2.up-00.com/2016-07/1467583874562.jpg[ /img]






الصور روعه واختيار موووفق ....جمييييييله فعلا


انجوانا غير متواجد حالياً  
التوقيع





مع الله تضيقُ فجوات الوجع، ويخفت صوت الألم ويعلو الأمل، مع الله تُنار لك الدروب، وينجلي الظٌّلم والظلام الحياة مع الله سعاده وأمان .
قديم 05-07-16, 12:30 PM   #377

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كل سنة وانت طيبة وعيد سعيد ماذا اقول بعد ماكنت مقتنعة ان اياد هو الفهد طلع اخوه كيف يوجد اختلاف شنيع اخلاقيا بينهم وهل يدري اياد باخوه وابوه بتوع المافيا الفهد ووائل وحكيم يعشقوا ميرنا بس من سيظفر بها وببرائتها فعلا الفهد قريب منها جدا فهو ف صورة اياد ال شك ف نفسه وافتكر عنده فصام فصل مربك كل لمي نقول وضحت الرؤية يزداد الغموض وتتشابك الاحداث والسر لدي نبيلة وفخرية وضرغام بس ال ميبشرش بالخير النبوءة مين حينفطر قلبه فصل دسم جدا ويتركنا جوعي لاحداث جديدة تسلم اناملك يامبدعة موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

modyblue غير متواجد حالياً  
قديم 09-07-16, 10:49 PM   #378

زهراء5
 
الصورة الرمزية زهراء5

? العضوٌ??? » 373104
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 12
?  نُقآطِيْ » زهراء5 is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم
هل اهنيكم بالعيد ام اعزي قلبي بجرح وطني
فوطني يؤلمني لكن اتمنى لكم الأمن والامان
وان يبعث الله للجميع السعاده ...
غاليتي نسرينا انت رائعه كما عهدناك
وكل part اجمل من الاخر فانت تتفردي
بدقه السرد وجمال الحبكه القصصيه لديك
تارتا تجعلينا نحب حكيم وتاره نعطف ع اياد
وثم نهيم بوائل اما ميرنا فهي ايقونه الحب
وطهر العشق وجمال الروايه فيها
احببنا الاحداث وعشناها وتجسدت امامنا
بصورة جليه وكأنها واقع دمت مبدعه حبيبتي
لكم كل الود����


زهراء5 غير متواجد حالياً  
قديم 10-07-16, 07:12 PM   #379

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ف انتظااااااااااااااااااااا اااااااااااارك بشوق كبييييييييييير

modyblue غير متواجد حالياً  
قديم 12-07-16, 01:47 PM   #380

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تسجيل حضور موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

modyblue غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:52 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.