آخر 10 مشاركات
نساء من هذا الزمان / للكاتبة سهر الليالي 84 ، مكتمله (الكاتـب : أناناسة - )           »          كُنّ ملاذي...! (92) للكاتبة: ميشيل ريد *كــــاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          304 - عندما يخطيء القلب - ريبيكا ونترز (الكاتـب : عنووود - )           »          شيءٌ من الرحيل و بعضٌ من الحنين (الكاتـب : ظِل السحاب - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          رواية ****أبعد من الشمس *** (الكاتـب : مريم نجمة - )           »          أحــــ ولن أنطقها ــــــبِك "متميزة" و "مكتملة" (الكاتـب : *my faith* - )           »          كل مخلص في الهوى واعزتي له...لوتروح سنين عمره ينتظرها *مكتملة* (الكاتـب : امان القلب - )           »          لماذا الجفاء - آن ميثر ** (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          حواجز الصداقة -بيني جوردان(كتابة/كاملة)** (الكاتـب : Just Faith - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

Like Tree32Likes
موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-09-16, 09:27 PM   #421

الكونتيسة نسرينا
 
الصورة الرمزية الكونتيسة نسرينا

? العضوٌ??? » 310858
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 623
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » الكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond repute
افتراضي


الفصل 19


"حبيبي -وائل رشوان- يا خُلاصة أحاسيسي وأمَّة نبضِي العظيمة ؛ اليومَ أشهدُ بأني لكَ لمِن المُغرمين ، فؤادي وأنفاسي وخفقاتي وكلَّ ما يعنيني مرتبط باسمكَ أنت فقط دُونا عن سواك .. لقد رحلتُ إليكَ بوجداني باحثة بين أذرُعكَ عن خلاصِي ، مُغامرة في فيافي عُيونكَ لأجل ذاتي ، هاربة من الماضي وتبعاتِه مُبتعدة عن الناس وشُرورها كي أنسى نفسي فيك ، تاركة الحياة وغدرها لعلَّ الطريق إليكَ يُنسيني فرطَ الحرمان ، لكن ما وجدتُ فيكَ سوى أضعافا مُضاعفة مما رجَوت ، وكأن التمسُّكَ بكَ بات مُتشبثا بحبالِ الموتِ المُحتم وهذا ما يزيدُ من حُرقة قلبي ، فأنت متكامل مثل لوحة سريالية لا تشُوبها شائبة وأنا امرأة مليئة بالأخطاء المُتكررة التي لا أنفكُ أعيدُها لأزيد من حنقِك وعصبيَّتك وكأنني أستلذ ببُروز عرقكَ الشرقي في لحظاتِ الغضب ، وكأن غيرتك عليَّ تزيدُ من شرارةِ الحماس لدي هكذا أنا وهذا هُو عشقي [غريب] وفي آن الوقت مُتحرر ويعكسُ كلَّ ما أبتغيه .. يا خليل الرُّوح ما بيدي حيلة لقد رحلتُ عنك دُون زادٍ يحمي شغفي من غرامك وأنا غير مُدركة بأنَّني سأرتمي بين أحضانِ دُنيا وائليَّة لا عودة منها ، لذا كان الحل الأمثل لي ولمشاعري التي رحمتُها من معاركَ مُنهزمة أمامك أن أطلقَ سراح جُيوش مُقاوماتي ، وأعلن انسحاب سيطرةِ جُنوني الذي بَات محصُورا بصُورةِ أطيافكَ من حولي ، فعذرا إن أصبحتُ معكَ ضعيفة لا حول لي ولا قوة وعُذرا إن اخترتُ مُجبرة طريقا غير طريقك يا رُوح رُوحي فما كذبَ من قال أن العشقَ لآ يُبكي الجبال .."

أنا ميرنا الراجي وهذا ما خطته أناملي في دفتر يومياتي في حينه وساعته ، وكما تقول ثاني قواعد الخلاص الذاتي " لندع همَّ اليوم لليوم ولنبدأ مرحلة جدِيدة بحثا عن الرَّاحة " …

اليوم يوم زفافي وأنا وكل الأهل في حالة اندهاش ..ههه زفافي يا عالم .. يعني يعني لو أذاعوها في نشرة أخبار لقاضيتهم على هذا الادعاء الكاذب ولو قرأتها في جريدتنا لقدمت استقالتي ولاتهمتهم بالتشهير كذبا في حق صحفية قديرة مثلي .. أوه مهلا مهلا لقد سرحت بخيالي كثيرا هو زواج صوري وسينتهي الأمر هيا خذي نفسا عميقا يا رئتي ويا روحي ودعينا ننزل للاحتفال الواهي الذي لا أعلم له بداية من نهاية …

إياد(اقتحم الغرفة وهو بطقم مناسب):- هل أنتِ جاهزة ؟

ميرنا(استقامت وهي تبعد لفافات فستان زفافها الكثيفة عن مسارها والتفتت إليه وهي كالبدر المنير في عتمة الليل):- أنا جاهزة .. هل أتى ؟

إياد(مط شفتيه وهو رافض لكل ما يحدث واكتفى بإيماءة رأسه):- أهاااه

ميرنا(تقدمت إليه ببسمتها الشريدة وجابهته وجها لوجهه وقد أطلقت فستانها على راحته لتمثل أمامه وهي تتنهد بعمق):- إيادي إن هذا اختياري من البداية وأنا واعية تماما لما أنا مقدمة عليه ولقيمة ما سأدفعه جراء الوصول لما أريده ،أنت تعلم أنه لا مجال للندم ولا لذرة حتى بعد الآن

إياد(أخرج يده من جيبه ومسح على خدها بحنان وقبل جبينها):- ولن أعترض ،،، فأنا بجانبكِ دوما في السراء والضراء يا ميرنتي ..

ميرنا(رفعت رأسها لعينيه مباشرة وغمزته بخفة):- إذا كان كذلك هيا اصحبني إلى عريسي

إياد(ابتلع غصة مسننة وزفر بعمق وهو يتأبط ذراعها):- رافقيني إذن..

نزل بها من هناك وهو يتطلع إليها بين الفينة والأخرى ، قد كانت فاتنة بشكل لا يتخيله عقل تحيط بها هالة ملائكية زادتها سحرا وجمالا ، خصلاتها الملفوفة خلف رقبتها في تسريحة مرتبة أعطتها لمحة ملوكية مع التاج الصغير الذي زينت به مرتفع رأسها إضافة للغرة الجانبية التي زادتها حسنا لا مثيل له ، كل هذا تضاعف بالزينة الرقيقة التي اختارتها لترافقها في يوم مميز كهذا .. صدرها كان يعلو ويهبط من شدة التوتر فضيق الفستان العلوي كان يمنعها من التنفس بشكل ارتياحي كما تشاء ، خصوصا أنه زاد من ارتعاشة جسمها ، فقط هو الذي استشعر ذلك وحاول جهده أن يمدها بالقوة اللازمة من خلال ذبذبات قربه منها مستغلا يدها التي كانت متأبطة ذراعه بينما كانت اليد الأخرى تضم بها باقة الورود التي صنعتها مرام لأجلها في ظرف وجيز، فلم تشأ أن تقتنيها من السوق بل أرادت أن تأخذ معها بركات أختها لعلها تسلم مما هي مقدمة عليه …

أخيرا ها هي ذي ماثلة مثل تحفة فنية أمام تلك الوجوه المألوفة والتي كانت صاحباتها تنتظرنها بزينتهن الخاصة والمتفردة عن الأخرى ، ها هي أمها عواطف تنتظرها أول واحدة فيهن عند درابزين الدرج لتستقبل ابنتها العروس وتراها بفستانها الأبيض الذي كتب عليها أن تلبسه بطريقة مختلفة عما كانت تأمل طوال حياتها ، بجانبها كانت تقف أختها الحديدية ذات القلب القوي نور الراجي رجل البيت التي كانت دعما وسندا لكل منهن وتحملت مسؤوليتهن وهي حديثة السن دون كلل أو ملل ، بل من المعاناة خلقت حياة هانئة تحياها كل من ساكنات ذلك البيت ، ابتسامتها كانت حزينة بالرغم من أنها هي صاحبة الزينة والتسريحة لميرنا والسرعة الجنونية التي تدبرت فيها تجهيزات هذا الزفاف المفاجئ إلا أن كل هذا قامت به على مضض لأنه دورها كأخت كبيرة ليس إلا.. بمقربة منهما كانت تجلس نبيلة تكفكف دمعها بشكل واضح وكأنها غير راضية على هذا الزواج وفي آن الوقت تقاوم رغبتها الدفينة في أن يتم على خير وبخير ، نظراتها لنور كانت كفيلة لتضبط نفسها وتستنبط صبرا بصعوبة كي يملأ كينونتها ولا تنهار أمامهن في يوم مثالي كذاك .. مرام ونهال وعفاف كن بالقرب من بعضهن على جنب تناظرن ذلك الجمال الرباني وتتأملنه بأصوات معبرة عن إعجابهن بتلك الروعة ، بجانبهن كانت تقف رنيم وهي تضم صغيرتها لحضنها وتنظر إليها بدموع لا تقوى على مقاومتها لا هي ولا هاتين اللتين ركضتا لتعانقن صديقتهما الحميمة ، وصال وكوثر من المستحيل ألا تحضرا لحفلة كهذه خصوصا وأنه زفاف صديقتهما الوحيدة .. قد نسوا أمر زينتهن وانغمسن في بكاء ثلاثي لم يوقفه سوى دخول مديحة التي فتحت ذراعيها لتستقبل ميرنا في حضنها وتمضي بها إلى عريسها الذي كان يقف بعيدا ينتظر قدوم عروسه بهدوء يخفي خلفه عاصفة هوجاء ستعصف بها طويلاااااا جدا …

مديحة(بدموع أمومية):- حبيبتي

ميرنا(ابتسمت بصبر):- خالتي الغالية لا تبكي … هذا اختياري

مديحة(همست لها):- وربي الذي لا أعبد سواه معزتكِ أغلى من الضنى

ميرنا(تأوهت عميقا من جملتها ونظرت إليها):- يحزنني أنه لا يحظى بمثل هذا الحب ، ويسعدني أن يكون من نصيبي

مديحة(ابتلعت ريقها وبصوت خافت):- أعلم أن موافقتك على هذا الزواج لم تأتي إلا بعد أن أجبركِ عليه ، لكن من أجل خالتك حاولي إسعاده إنه يستحق منكِ ذلك

ميرنا(هزت لها رأسها بغمغمة دمع صامتة):- سوف أحترق كي لا تبتئسي خالتي

مديحة(عانقتها بحب):- يا قرة عيني أناااا

إياد(تدخل للفكاك بينهما):- الله الله العريس سيغير رأيه على ما أظن ، هيا ميرنا حان الوقت

ميرنا(تنفست بعمق ونظرت إليهن الواحدة تلو الأخرى قبل أن تومئ برأسها):- هيا بنا

كان يقف بطقم مناسب ليزف به عروسه التي لطالما حلم بها في منامه وفي يقظته ، في صغره وفي شبابه وفي كل الأزمان ، حبيبته شريكة أحلامه ونبضه وروحه وأنفاسه ميرنا التي سلبت لب عقله منذ عهد بعيد ، إنها هي عصفورته الصغيرة التي ليس له غنى عنها والليلة العالم بأسره لا يسعه فبعد برهة سوف تكون زوجته وإن كان الموضوع صوريا إلا أن هذا أكثر شيء انتظره وتمناه في أغلب حياته … تنفس الصعداء وهو يطالعها متقدمة نحوه خطوة بعد خطوة وكلما اقتربت إليه شعر وكأن المسافة بينهما تتباعد أكثر لتزيد من صعوبة الانتظار لديه ، أحس بتعرق طفيف وهذا ما رافقته رجفة عميقة جعلته يجفل بعينه وهو يتأمل تلك الآية الجمالية المتوجهة نحوه .. أي حظ هذا بل أي معجزة حدثت لكي تجمع ما بينهما بهذه السرعة القياسية والغير متوقعة بالمرة … أفرج عن آه عميقة فكل ما يحدث بالنسبة له يعد ضربا من الجنون اللحظي لكنه يحدث وعليه أن يتأقلم مع الحدث كما يجب لذا بسط ذراعيه ليمسك بملاكه الصغيرة والتي بدت في أجمل أجمل حالاتها روعة ..

ميرنا(ابتسمت له):- مرحبا

حكيم(بصوت مختنق):- مرحبا

ميرنا(أمسكت بيده بحركة جريئة ووقفت بجانبه):- هل نذهب ؟

حكيم(اهتز وجدانه كاملا من لمستها وظل مشدوها بها وبحركاتها البريئة):- إن كنتِ مستعدة

ميرنا(زمت شفتيها وناظرته بعيون لامعة):- على أتم استعداد أنااا

حكيم(تنحنح بصعوبة وهو يبتلع ريقه ويهمس لنفسه):- كيف سأنفذ وعدي لها وأضبط نفسي مع هذه الكتلة المتفجرة براءة ورقة وعذووووبة ؟؟؟

إياد(تدخل لحظتها ليقطع مسار تلك النظرة الممتدة بينهما):- السيارة بالخارج جاهزة لنتوجه لمكان الحفل يا جماعة .. هيااا

مديحة(ربتت على كتف حكيم):- بني ..

حكيم(التفت إليها بنظرة عميقة):- أماه ..

عواطف(لاحظت النظرة الكسيرة بينهما):- لا بأس اسبقونا .. سنلحق بكم

نور:- طلال بالخارج ينتظركما.. حكيم تفضلا

حكيم(أمسك بيد ميرنا بقوة):- تعالي يا ميرنا

خرجت رفقته من بيتها وركبت بالسيارة المجهزة لزفافها الذي كان مفاجأة للجميع بمن فيهم نفسها ، وكأنها مسيرة نحو مصير لا تعلم نهايته بالرغم من أنها هي التي خطت بدايته وهي على يقين تام بالأعاصير والبراكين التي ستفجرها بعد انتشار خبر زواجها من ابن عمها حكيم الراجي …. ركب بجانبها في حين انتقل طلال لمحله كي يقود بهما لم يترك لها مجالا لتعود لأرض الواقع بالرغم من الهزات الأرضية التي كانت تضرب في قلبها إلا أنه أحاطها بوجوده وهيلمانه كي لا تفلت ولو همسة من دائرته التي أقحمها فيها قسرا … في حين كانت نور تحاول السيطرة على جنون خالتها الغير معهووود

نور(راقبت خروج رنيم آخر واحدة من البيت والتي استقلت سيارة زوجها واصطحبت معها جدتهم نبيلة):- ماذا الآن ماذا الآن كلنا نعلم أن هذا الزواج أتى سريعا لكنه أتى ولن يسعنا تغيير شيء ، حكيم وميرنا راشدين وقد اختارا هذا الارتباط ولن يسعنا الحؤول بينهما لذا يا إما أن تعدلي عن جنونكِ هذا يا إما سيكون لي تصرف آخر وسأجعل هذه الليلة كارثية أكثر مما هي عليه..

عواطف:- أنتِ تقسين على خالتك يا نور هي لم تقصد كل هذا

نور(مسحت على جبينها بتعب):- اسمعاني جيدا … ابنتي في الخارج مع رجل أكرهه كره العمى لا أدري حتى كي انعميت على قلبي وقمت بدعوته ربما لكي أقتص من آل رشوان قليلا ، المهم لا أنا ولا مزاجي ولا صبري قادرين على تحمل المزيد من الضغط لذا رجاااء منكِ لها امشيا أمامي بفم صامت لعل هذه الليلة تمر على خير كما نأمل جميعا

مديحة(ببكاء):- أنا لست راضية على هذا الزواج حتى لو كان العريس ابني لكن قلب ميرنا ليس له ليس له ، كيف استطعتم وضع وائل في هذا الموقف لقد كسرتم قلبا هنا ألا تشعروووون ؟؟؟؟

نور(بجنون مفرط):- عواطف أختي من فيهما ابنها وائل أم حكييييييييييييم ؟؟؟

عواطف(رمشت بعينيها بقلة حيلة):- صبرا يا أختي مثلما قالت نور هما راشدين إذن فليتحملا مصير هذا القرار

مديحة(بعيون مغرورقة بالدموع):- ليكن بعلمكما أنا لست راضية ولن أرضى بتاتا على هذه المهزلة … هممممم

نور(رمقتها وهي تخرج بعصبية):- اللهم صبرني … أمي ؟؟

عواطف(هزت كتفيها وأشارت لها بالخروج):- ها أنذا سأكون متفاعلة اعتمدي علي

نور(هزت يديها تطلب الرحمة من السماء):- جيد أنني وجدت من بين بنات نبيلة واحدة عاقلة … الحمدلله …

سماح:- هيييه انتظروني لقد أنهيت تعديل وشاحي .. أين أنتم ؟

نور(وضعت يدها على جنب الباب بتأفف):- هيا يا عمتي نحن ننتظر سعادتكِ أيعقل أن نذهب بدونكِ طبعااااا يستحيل

سماح(وهي تتحرك صوبها بجسمها المكتنز):-نبرة صوتكِ ساخرة ولولا عمرك لكنت صفعتكِ على وجهك… أستكبرين على عمتكِ يا بنت احترمي نفسكِ وبدون كلام مبطن

نور(كتفت يديها):- وهل تفوهت بشيء أنا يا عمتي الحبيبة بالعكس أرحب بكِ طوال الوقت

سماح(رفعت شفتها حين وقفت قربها):- آه لولا الظروف لما وجدتني هنا أتذلل البقاء في غرفة أناجي فيها أطياف إخوتي المرحومين

نور(مصت شفتيها وهي تتآكل غيظا):- الله يرحمهم .. تفضلي عمتي مكانكِ بقربي في السيارة هناك

سماح(حركت كتفيها بشكل مستفز):- طبعا معكِ وأين كنتِ تودين وضعي الله الله …

نور(مسحت على جبينها وهي تستمد صبرا من آبار وجدها):- فعلا إنها لبداية مميزة لهذه الليلة ..فاهدئي يا نور لا يزال موعد الصواعق بعيداااا آآآخ

لابد وأن تصاب بالجنون فكل ما يحدث حولها هي الأخرى لم يلج عقلها بأي طريقة كانت ، لا هي ولا خالتها التي ركبت في الخلف بجانب أختها بسيارة إياد وهي تسخط وتشتم تحت أسنانها ، ما أسكتها هو ركوب نهال معهم في المقدمة وإلا لكانت أنهت وابل الشتائم دون هوادة … تكفلت كوثر باصطحاب البقية رفقتها وانطلقوا جميعا صوب المكان الذي خصصه حكيم لاحتفالية كهذه والذي اختار أن يكون بالقصر الحجري المطل على البحر وقد كانت تجهيزاته على أشدها فقد زينه بالمجمل من قمته حتى أدق حديقة فيه بالورود البيضاء والزهرية والتي استعان فيها بأمهر اختصاصيين في ذلك المجال لإعطاء لفتة ملفتة جعلتهم ينبهرون بها انبهارا تاما .. فحتى الأضواء المنيرة كانت تضاء بريتم فني متناغم صاحَب عزف البيانو الذي كان يصدح من إحدى الجوانب المخصصة لفرق العزف .. في حين كانت الطاولات جاهزة بكل ما يلزم لاستقبال الزوار والمدعوين من أهله …

وصال(وهي تزفر بعمق):- اففف لولا موافقتها لكنت جررتها من شعرها وأحضرت كتائبي كي يوقفوا ذلك الشخص عند حده

كوثر:- يا إلهي إنه ابن عمها ابن عممممممممها انتبهي

وصال:- وأين كان هذا الابن عمها قبلا هااااه ؟ ثم وائل وائل المسكين ألم تفكري به يكفي أن صديقتكِ معمي على قلبها ووافقت على الزواج من غيره طيب ماذا عنه أكيد أكيد هو منهار الآن

كوثر:- حبذا لو تهتمي بحالك فقط ثم ألا تلاحظين معي أن جاسر وزياد قد تأخرا ما ربما ضاعا في الطريق ؟

وصال(بتأفف):- لن يتوها بعد قليل سترينهما وهما قادمان من هناك مثل الخطين المتوازيين هههه ..

كوثر:- لعلمك وصولك اليوم وضيق الوقت لا يعني أنني لن أستجوبكِ هاه ، أمورك لا تعجب يا بنت كلما هممت بفتح سيرة جاسر ذاك تتلونين بمئة لون ماذا هناك ؟

وصال(بتوتر):- ماذا سيكون يا بعدي رئيسي في العمل وتمت دعوته من قبل صديقتك هل تريدين منه أن يرفض ؟؟ ثم ثم هو الذي أحضرني بطيب خاطر يعني الأمور حميدة

كوثر(بعدم تصديق):- وهذا ما يحيرني هدوئك هذا يجعلني أشك

وصال(زفرت بعمق):- يجدر بي تغيير المكان سأبحث عن شيء أشربه فقد جعلتِ حلقي يجف يا لكِ من ثرثارة هففف ..

كوثر(بدهشة):- أنا ثرثارة سامحكِ الله …..

نور(زفرت بتعب):- يا دينا يا دينا لا تجلطيني الليلة والله صبري في أنفي هاه ، قلت لكِ اذهبي إلى جداتك يعني اذهبي ولا تجادليني

دينا:- ولكنني مرتاحة مع عمو فؤاد هنا دعيني بليز مامي بلييييز

نور(نظرت له بلؤم):- ما الذي تفعله بابنتي في غيابي ، غسيل دماغ مثلا ؟

فؤاد(ابتسم لها):- وحياتك مجرد حديث ناضج ليس إلا

نور(صغرت فيه عينيها وهي تنفث شررا):- لن أصدق ..

فؤاد(غمزها بخفة وهو يشرب من كأسه):- أنتِ حرة …

نور(ناظرته عميقا قبل أن تشيح ببصرها ناحية جدتها):- ابقي هنا ريثما أعود لكِ مفهوم

دينا:- لن أبرح محلي حتى هههه

فؤاد:- هاه أين كنااااا يا صغيرة ؟

دينا(بحماس):- في مغامرتك مع النمور هههه

فؤاد(ببسمة):-هههه صح اسمعي إذن …

توجهت صوب طاولة جدتها واستأذنت مكان عفاف التي نهضت لتجلس بقرب عواطف وسماح في حين أن مديحة كانت تحادث عفاف ،. كانت تعلم أن جدتها ليست بخير لكن كان عليها طمأنتها بأن كل شيء سيكون بخير ..

نور(بتأمل لكل شيء حولها):- أنا أيضا متذمرة بهذا الشأن ، لكن لا يصح إلا الصحيح جدتي

نبيلة(متكئة على عكازها بصمت مبالغ فيه):- حين نختار سبيلا لا يؤدي لنتيجة تكون المسألة مستعصية ويصعب التحكم فيها

نور(نظرت إليها بتوجس):- سنتحكم سنتحكم ، يعني أصلا الأمر تحت أيدينا وطوع أمرنا

نبيلة(باستهزاء وسخرية):- أتصدقين ترهاتكِ يا فتاة .. ميرنا وقعت في حفرة حكيم نفسه لن يستطيع سحبها منها بل سينجرف (تابعت بتمعن) سينجرف دون وعي

نور(بتخوف ابتلعت ريقها وهي تهز يديها للسماء تعبا):- يعني ليس بغريب أن تكون بناتكِ نسخة طبق الأصل منكِ تشاؤم لا شبيه له … اللهم طولك يا روح …

على جنب من القصر كان يقف طلال رفقة الرجال يوصيهم بالحذر والانتباه لأي حركة مريبة ، فقد كانت الحراسة مكثفة طبيعي فما أقدم عليه حكيم يعد تحديا للموت بعينه ..لكن أين اختفى بها آه ها هو ذا كان يمسك بيدها وهما على نفس الشرفة التي جمعت بينهما في عزومته السابقة لها ، كان يتأمل نظرتها للبحر من حولها وهي بفستان زفاف بقربه تناظر البعيد ورمشة عينها الشاردة حينا والراغبة بالبكاء حينا آخر تزيده لوعة وقلقا

حكيم(ترك يدها بهدوء وانسحب):- أرى أنكِ بحاجة لوقت مستقطع يعني وأنتِ منفردة

ميرنا(رفعت رأسها إليه):- منذ متى وأنت تهتم بما يرغب به غيرك ؟

حكيم(عاد خطوة إليها):- هذا يعتمد على ذلك الغير ، فإن كان بمثابة نفسي يعني أنه في مكانة لم يحظى بها أحد سواه

ميرنا(مطت شفتيها وهي تخلق بسمة بمرارة):- أعلم أنك لا تُهزم في معركة الكلمات ، لذا سأوافق على بقائي منفردة فأنا فعليا بحاجة لذلك ثم أرى أن الكاتب العدلي لم يحضر بعد

حكيم:- ههه وهل صدقتِ أنه سيكون هنالك كاتب عدلي رجاء ميرنا لا تزيدي من وجعي

ميرنا(برقت عيناها بتعب):- يجب على العائلة أن تصدق ذلك أسمعتني ؟

حكيم:- سيصدقون أساسا كل شيء جاهز لذا كوني أنتِ فقط ندا لوعدكِ لي

ميرنا(ابتلعت ريقها):- وأنا كذلك

حكيم(هز رأسه والتفت جانبا لحركة خلفه وقد كان خادمه يناديه):- خذي راحتك سأعود بعد قليل

اكتفت بتحريك كتفيها دون مبالاة وعادت لتناظر البحر أمامها وسكونه في ذلك الليل كان يصاحب هدوء الأجواء قبل هبوب العاصفة ، أمعنت النظر في نجوم السماء وتذكرت بدر عمرها الذي رمت به في فوهة النيران دون أن تكترث لأحزانه حتى … سحبت نفسا عميقا وتوجهت صوب حقيبة يدها لتلتقط هاتفها وتهاتفه في ليلتها تلك كانت تعلم جيدا أنه بانتظار تلك المكالمة التي ستنهي كل شيء قبل أن يبدأ لكن توقعاته ستذهب هباء منثورا فعنيدة مثل ميرنا لا تتراجع في قراراتها مهما حصل ..

وائل(بصوت مبحوح وحرقة وعصبية صرخ فيها):- أخبريييييني أنكِ عدلتِ عن ذلك الجنون ميرنااااا ، الآن أخبريني أنكِ لن تتزوجي ذلك الزواج الغير منطقي …؟؟؟؟

ميرنا(تأوهت عميقا وبغمغمة دمع):- علي أن أتزوج به يا وائل ، علي أن أنفذ وعدي وإلا لن أوقف مسيرة ذلك الشيطاااان

وائل(ضرب على صدره بنفاذ صبر):- وما ذنبي أناااا أن تحرقي قلبي هاااااااه ما ذنب قلبكِ ميرنا لتقتليني هكذااااا ؟؟

ميرنا(زمت شفتيها وهي تسحب آهات عميقة):- هذا ليس خيارا وائل إنه عهد وعلي ألا أنكثه تحت أي ظرف كان ، أعلم أعلم أنني آذيتك ويستحيل أن تسامحني لكن مصير الكثيرين تحت رحمته وعلي أن أنقذهم من بين براثنه الشريرة

وائل(بجنون مسح على رأسه):- وهل وكَّلتِ حضرتكِ بمرتبة حامي حمى الوطن كي تتكفلي بإنقاذ البشرية من قبضة ذلك المعتوه ؟

ميرنا(بتعب مسحت على جبينها):- لقد تحدثنا في هذا الموضوع سابقا يا وائل واهتدينا لاتفاق يعني لا تزد عليّ همي

وائل(بغبن وقهر):- همَّكِ هااااه !! يعني أن تتزوجي بغيري هو أمر بسيط جداااا بالنسبة لكِ ، تغييركِ لهذا وذاك في لمح البصر أمر شبيه باللعب ؟؟ يا ميرنا يا ميرناااا هذه ليست لعبة ليست لعبة

ميرنا(أطبقت جفنيها بقوة قبل أن تفتحهما على دمعاتها المتتالية):- إن كنت تعشقني ستساندني في اختياري وائل

وائل(مسح على شعره بعصبية نافذة كأنه سيقتلعه من جذوره):- ترغبين بمساندتي لكِ في اختيااااااركِ لرجل غيري هذا حقا ما تودينه مني ؟؟ ميرنا ههه بالله عليكِ لا تفقديني صوابي أكثر مما أنا عليه

ميرنا(تململت بتعب):- عموما لقد انتهى الوقت وسأنفذ كلما طلب مني

وائل(يكاد يخرج لها من الهاتف من فرط العصبية):-كان علي أن أمنعكِ حين طرحتِ الفكرة لكنكِ استغليتِ سفري يا ميرنا وقمتِ بعصيان أوامري …

ميرنا:- واجبك يناديك لذا وجودك وعدمه سيان أمام تنفيذ قراري هذا

وائل:- تعلمين أنني لن أسكت سآتي إليكِ وسأصحح كل هذه التفاهات التي تفتعلينها فقط لو أنني أصل إليكِ اللحظة ، تبا للأقداااااااار

ميرنا(تتأمل بحزن):- فكر معي مليا ، لو لم يحدث ما حدث وسافرت لما وجدت نفسي في هذا الموضع يعني كلها أقدار تتابعت لتخط هذا الطريق

وائل(بجنون ينظر حوله للمسافرين بالمطار):- اصبري فقط الليلة وغدا ستجدينني أمامكِ يا ميرنا بالله عليكِ لا تزيدي من حرقتي

ميرنا(بضعف):- لا تأتي فأنا لن أغير رأيي حتى لو كنت أنظر لعينيك الحبيبة الآن

وائل(رمى بثقله على كتفيه ونظر للأرض):- توقفي توقفي أنتِ تؤذينني هكذااااا ميرنا أنتِ حقي فلا تفرطي فيني بهذا الشكل

ميرنا(سحبت نفسا جارحا وهي تبتلع غصة فراقه):- رسالتي تستحق مني هذه التضحية

وائل:- إنها خدعة يا مجنونة هل صدقتِ أنهم سيسلمونكِ إياه بهذه السهولة ، لا تكوني بمثل هذا الغباء يا ميرنا ودعيني أراكِ قبل شروعكِ في هذا الجنون ، أنا سأخفيكِ بعيدا عنهم ولن أسمح لأيِّهم بأذيتكِ

ميرنا(خطت بإصبعها على حافة السور المطل على البحر):- وهل ستخفي أسرتي بعيدا عنهم أيضا ؟ هل ستتمكن من حمايتهم رجاء وائل هذا الحديث خضناه أنا وأنت سابقا حين أخبرتك بقراري فلا تُعد علي ما يزيد من تعبي

وائل(بجنوووون مطلق):- أرأيتِ حتى أنتِ غير موافقة على هذا الزواااااج يعني هذا ليس الحل الأخير …

ميرنا:- إهدأ يا وائل ولا تجعلني أندم على اللحظة التي أخبرتك فيها عما سأقدم عليه

وائل:- لا والله أكنتِ تريدين إخفاء الأمر عني أيضا ، طبعا هذه عادتكِ وليست بالشيء الجديد

ميرنا(بنفاذ صبر):-خلاصة القول أنا لن أتراجع مهما فعلت لتقنعني ..

وائل:- حتى وإن أخبرتكِ أنكِ تضعين علاقتنا في كفة وهذه الفعلة في كفة أخرى ؟

ميرنا(بعد صمت):- حتى لو فأنا قد سبق واخترت .. المهم ولا تترك شهاب وحده ابن عمك بحاجتك ، يكفيه خذلانا فما فعلته أختي به لا يغتفر أرجوك لا تجعله يشعر بالوحدة خصوصا في هذا الموقف

وائل:- لم نعثر بعد على الصغير ولا نريد اللجوء لجدي لذا نحن نعتمد على الحظ ،،، الحظ الذي سيحرمني منكِ حبيبتي أتقوين على الابتعاد عني طوال هذه الفترة حبا بالله فكري جيدا وانتظريني قبل أن تكسري كل شيء بجنونكِ هذاااا

ميرنا(توجست من تواجد شخص ما خلفها ولم تستدر بل أنهت المكالمة):- وداعا … تيت تيت تيت / … إنه لمن العيب أن تسترق السمع على شخص يتحدث عبر الهاتف

حكيم(راقب جمودها حتى أنها لم تلتفت إليه وتوجه كلامها مباشرة له):- إن كنتِ تحادثين رجلا غيري من حقي أن أعرف مغزى تلك المحادثة

ميرنا(رسمت بسمة جانبية واستدارت إليه):- حكيم عزيزي لا تعش في الدور كثيرا لمصلحتك أتحدث .. يعني كي لا تتأمل بأشياء لن تحدث فما سيجمعنا منذ اللحظة ما هو إلا زواج صوري لأجل غاية سننفذها وسينتهي كل شيء

حكيم(تغلغل من كلامها المسموم ولم يتحرك قيد أنملة بل استجمع رباطة جأشه وأردف وهو يقترب منها بخطوات واثقة):- ميرناااا .. أبدا لا تستفزيني في ليلة كهذه أي نعم كل هذا لأجلك ولأجل خاطرك لكن لا تتمادي فمن اللحظة أنتِ وكل ما يتعلق بكِ محسوب علي

ميرنا(تلاعبت بلسانها داخل فمها واقتربت منه خطوة دون أن تهتز منها شعرة):- يؤسفني أن أخبرك أنك لا تحرك فيني ولا ساكن … عن إذنك زوجي العزيز سأرى ضيوفي

تركته متصلبا في محله يعني لو ضربته بمدفعية أعارتها لها وصال لكان أرحم له ، زورها بطرف عين واتخذ محلها على تلك الشرفة ثم وضع يده حيث كانت تضع يدها ورمق خط الرمل الطفيف الذي رسمته عليه وأمعن النظر فيه وهو يتأوه عميقا عميقا جدا ، لأنه مدرك للعذاب الجحيمي الذي أقحم نفسه فيه ويا ليته كان عذابا خارجيا فقط بل باطنيا أيضا فميرنا ستتفنن في معاقبته وإحراقه رويدا رويدا دون تردد … هز رأسه يمنة ويسرة ووضع يديه بجيوبه ولحق بها للأسفل وجدها مستقرة بين صديقتيها لذا انسحب حيث كان يقف إياد منفردا يتأمل البحر بعقل غائب عن الوجود ..

حكيم(جاوره بعنفوان):- فرصة سعيدة

إياد(نظر إليه بخفة ثم عاد ليناظر البحر الأسود):- ميرنا تضحي كثيرا دون أن تحسب حسابا للنتائج ..

حكيم(زفر بعمق):- أعلم ذلك جيدا وأنا لن أؤذيها لأنها مني

إياد(باستهزاء):- وهل الحب وحده ينفع ؟

حكيم:- لن أدعها تتعرض لأذى وكان الخيار الأنسب هو التصرف بسرعة

إياد:- كان هنالك ألف حل غير هذا الزواج الصوري

حكيم(بدهشة طفيفة):- هل أخبرَتك ؟

إياد(بأريحية):- قد تخفي عنك ميرنا كل شيء لكن عني ت أبداااا

حكيم(مط شفتيه):- وأنا لم أستغرب ..

إياد(استدار إليه):- ما غايتك من زواج صوري لن ترجو منه أية فائدة .. يعني لما وافقت بهذه السهولة ، أكيد لديك غايات خفية ستستفيد منها لاحقا صح ؟

حكيم(استدار هو الآخر إليه وجابهه):- ليس ضروريا أن تكون لدي غاية ، طالما أنني أساعدها وأحميها من نفسها يعني هي تستحق مني ما هو أكثر من هذاااا

إياد(تعمق في نظرته له):- أنا غير مقتنع بكل ما تفوهت به ، ولازلت مصرا على أنك تخفي خلف سكونك هذا أسرارا كثيرة ، مثلا كالأسرار التي أخفيتها بعناية بعد عودتك للعائلة والتي بدورها لم تلج عقلي حتى .. وكأنه مخطط قد نفذ بشكل مدروس

حكيم(هز حاجبه):- مخطط ؟؟ تت عذرا منك أنت تسرح كثيرا بخيالك وتلك الأفلام البوليسية لا تليق هنا على فكرة

إياد:- مرض ابنة العمة سماح وتعرض حفيدها لذلك الحادث وخروج العائلة من البيت في ذات التوقيت كان أمرا مخطط له فلا تجعلني أسترسل لك بدايته من نهايته

حكيم(بلمعة خبث):- يعجبني ذكاؤك ههه !! لكن حبذا لو تستخدمه للعثور على غريمك لا أن تهدره على أبناء عمومة قرروا الارتباط بشكل اعتيادي جداااا

إياد(صغر عينيه فيه وابتعد):- سأكون كظلها فقط كي لا يسرح خيالك بعيدا وتفكر بالاستفراد بها ، ميرنا بعيوني مفهووووم …

حكيم(هز له حاجبه الأيمن وهو يبتسم):- على الرحب والسعة

تركه وانصرف مبتعدا عنه لا يقوى على التعاطي معه كي لا يزعج ميرنا بتصرفه إن هو فقد أعصابه وتمادى في غضبه ، لذا وجد أن الحل الأنسب هو الانسحاب من هناك والتوجه لطاولة البنات هكذا أحسن لكن قطع طريقه فؤاد رشوان وهذا ما جعل إياد يستغرب محادثة معه ..

فؤاد(نظر حوله واقترب منه):- إياد نجيب من حسن حظي أن ألتقيك وجها لوجه هنا مرة أخرى وفي هكذا مناسبة

إياد(باستغراب):- لا أجده حظا حسنا على فكرة ، خصوصا وأن أبناء إخوتك يعايشون ظرفا صعبا هذه الفترة … يعني أين هي الرابطة الدموية هنا ؟

فؤاد(ابتسم بطمأنينة):- لا تقلق فأنا أعلم أن أولاد أخي رجال يعتمد عليهم ، وطالما هنالك رشواني صغير في النصف سوف لن يعودا بدونه

إياد(هز رأسه إيجابا):- مفاجآت ميرا مع الأسف

فؤاد:- وجودي هنا أفضل لهما ليكن بعلمك فقط ، فمن هذا الأحمق الذي سيفلت حفلة عرس مفبركة ؟؟

إياد(برقت عيناه بشراسة فيه):- لما تقول عنها مفبركة ؟

فؤاد(اقترب منه خطوة):- أوليست كذلك ؟

إياد(نفخ صدره ونظر إليه مليا):- عليك أن تستمتع بقدر الإمكان أو لما لا تلتقط بعض الصور وترسلها لابن أخيك ، ربما سيستأنس بهذا الحدث أكثر منك … ههه

فؤاد(نظر للأسفل وعاد ليرمقه شزرا وهو ينصرف عنه):- الأخوة شيء ثمين جدا ، تمنيت لو أنني عشت مع إخوتي وحيد وأنيس كأي أشخاص طبيعيين لكن والدي سامحه الله كان لديه رأي آخر … من الجميل أن تملك إخوة أتتفق معي في ذلك ؟

إياد(توقف وانعطف جانبيا):- ما غايتك من هذا الحديث سيد فؤاد ؟

فؤاد(تقدم إليه بحذر):- مجرد فضفضة فكر معي قليلا لو كنت تملك أخا الآن لكنت قدرت مغزى كلامي وعرفت قيمته الفعلية في سيرورة هذا العالم الهائل

إياد(كتف يديه وهو مصغ له باهتمام):- والله كنت لأتفق معك في ذات الفكرة لكن مع الأسف أنا وحيد وليس لدي إخوة

فؤاد(تحرك للمغادرة وتابع بلهجة ساخرة):- ههه كل شيء جائز في هذه الحياة ، قد يظهر لك أخ من العدم لا تعلم عنه شيئا خذني لك عبرة ،،، أتمنى لك قضاء وقت ممتع

نظر إليه إياد بارتياب حديثه بالمجمل لم يرتح له ووجد نفسه وتلقائيا يبحث عن راحته وكانت في امرأة اقتحمت وتين قلبه دون سابق إنذار

إياد(بتذمر عبر الهاتف):- يعني انتظرت كثيرا أن ينكسر كعبكِ من جديد لأصلحه لكِ لكن لم يحدث ذلك

رقية(تململت في سريرها):- امممم هو عذر مناسب لفتح حديث بعد تلك الخصومة التي حدثت بيننا

إياد(مسح على جبينه):- أستسمح قد فلتت أعصابي ومعكِ كل الحق ميرنا ستجلطني بجنونها ووائل جامد لا يحرك ساكن

رقية(بتأفف زفرت):- ها نحن سنبدأ من جديد وائل ليس هنا يا إياد إنه مع شهاب يحاول حل مصيبته التي تكفلت ميرا بخلقها له من العدم ، ثم ألا تظن معي بأن ميرنا هي الملامة هناااا

إياد(حرك يده بتعب):- لا بأس لن نخوض هذا الحوار مجددا لنرى ما قد تجلبه الأيام ، أتعلمين شيئا أرغب برؤيتكِ الآن لا أعرف لكن …

رقية(بدفء وحنان):- لكن ماذا …؟؟

إياد(بتعب الشوق):- أريد أن أغمض عيناي وأفتحهما لأجدكِ أمامي يا رقية … أخبريني ما الذي تفعلينه بي ؟؟؟

رقية(احمرت وجنتاها ولها):- يا إلهي … إياد أتستطيع القدوم إلي الآن ؟؟؟

إياد(تضخم صدره بالحماس):- سأكون تحت عمارتكِ بعد نصف ساعة .. انتظريني

رقية(نهضت برجفة وهي تسرح شعرها):- حاضر حاضر سأكون بانتظارك .. لا تتأخر علي

إياد(بفرح):- سآتيكِ فوراااا

نظر حوله وجد الكل متخبط في بعضه وانسحب تجاه ميرنا خصيصا ليستأذنها بالذهاب ، لكن وجد حكيم متجها صوبها لذا تباطأت حركته وانحرف بغيظ متوجها صوب سيارته التي استقلها وغادر القصر برمته لكن قبلا

طلال:- أراك مغادرا قبل بدء الحفل يا سيد إياد ما الأمر ؟

إياد(بسيارته):- تذكرت أمورا هامة سأقضيها وأعود

طلال(باستغراب):- أوك على راحتك .. افتحوا البوابة يا رجال

أومأ له إياد بتحية وغادر صوب نبض قلبه الذي خفق فجأة لتلك الرقية الغالية التي دافعت عن صديقها بغضب حين علمت أن ميرنا قد تركته .. المسكينة لا تفقه شيئا مما يحدث وطبيعي أن تفكر بأنانية في هذا الخصوص وتعتقد أن ميرنا باعت حب وائل لأجل ابن عمها وهذا ما جعل المسألة صعبة في وجه إياد الذي لم يسكت ودافع عنها بأقصى قوته في تلك المجابهة …قدر الله ولطف ولم تنتهي الأمور بشكل مأساوي أكثر مما وصلت إليه ، مسح على جبينه كي لا يتذكر ما حدث فهو الآن في حالة اللطف وعليه أن يبقى كذلك لحين يرمق بعينيه رقيته المجنونة التي أخذت تفتش في دولابها عن ملابس مناسبة وتعدل شعرها بتسريحات مختلفة كيف لا وهي ستلتقي بالرجل الوحيد الذي انغمس بين ذرات قلبها وجعل نفسه الشغل الشاغل لها دون منازع حتى …

نعمة:- رقية بنيتي ما كل هذه الضوضاء أوووه ما هذا الحال ؟

رقية(بحماس عانقتها):- سأرى إياد الآن يا عمتي وعليه ستلملمين أنتِ هذه الفوضى ، أو أو لأقل لكِ دعي كل شيء كما هو سأراه وبعدها سآتي لأوضب كل شيء

نعمة:- ههه الله يجعل كل أيامك فرح يا حلوتي

رقية(عانقتها بفرح هي الأخرى):- آآآآآآآآآآآآمين ههههه


فرح .. من المفترض أنها ليلة فرح لكن بما أنها قد ابتدأت بشكل خاطئ وتحت نوايا خاطئة مؤكد أنها لن تنتهي كذلك .. على جنب من ذلك الزفاف المفبرك على قولة فؤاد رشوان كانت رنيم ترضع صغيرتها في إحدى الغرف وبجانبها أيهم يتناول الزبادي من قبل مربية أحضرها حكيم خصيصا لتساعدها في تدبير أمور الأولاد ليلتها ، في حين كان رأفت يحادث طلال الذي كان يريه جنبات القصر ويكلمه عن مميزاته وغيرها من الأحاديث العابرة لحين استأذنه بالمغادرة لما رمق هاتفه قد رن برقم يعرف بأنه لو أفسح له المجال سيفجر كوكب الأرض دون تراجع …

رأفت(بمودة):- خذ راحتك أخ طلال سأرى زوجتي وأولادي

طلال:- عذرا منك سيد رأفت .. بالإذن / … ماذا تريدين أخبرتكِ ألا تهاتفيني الليلة ؟

شاهيناز(ببكاء وانهيار):- لقد علمت بالأمر أيها المعتوه إن الليلة ليلة زفافه منها صحيح فلتعلم إذن أنني وضعتك في قائمتي وسأقتص منك لن أرحمك يا طلال ….. لن أرررررحمك

طلال:- يا مجنونة أين أنتِ ؟؟؟؟

شاهيناز(بسخرية):- في مكان بعيد بعيد جدا لن تعثر فيه علي أبدا ، سأنتقم منكم واحدا واحدا فلا أحد لا أحد يستغفلني ويسرق مني حب حيااااااااااااااااااااااا اتي أسسسسسسسسسمعت اهئ اهئ ..

طلال(مسح على جبينه بتعب):- شاهي شاهي لا تتهوري يا مجنونة أخبريني أين أنتِ الآن ، رجاء دعيني أحميكِ من نفسكِ يا امرأة ولا تجلطيني أرجووووووووكِ

شاهيناز(أطلقت ضحكة مجلجلة):- هاهاهاااااا لن تجدني مهما بحثت عني لأنني … تحت حماية الشيطان نفسه لذا انتظر وعيدي لك يا طلال … سلام تيت تيت

طلال(بجنون لحظي):- ألووو ألووو يا غبية أين أنتِ … ألووو شاهيناز ما الذي تقصدينه بحماية الشيطان ألوووووو ..

شاهيناز(بدموع أقفلت الخط ونظرت نحوهم):- ها يا عرندس هل ستساعدني ؟

عرندس(ببسمة ماكرة):- رافقيني إلى سيدتي كهرمانة هي التي ستتفق معكِ على ما ترغبين فيه ست شاهيناز

شاهيناز(بعلياء دلفت رفقته إلى خان كهرمانة):- تمام …

كانت تجلس في موضعها المعتاد بيدها الشيشة وتحت قدميها ترتب أماني جمرات النار وهي متوجسة من هذه الزائرة الغريبة ، مثلها مثل كهرمانة التي اعتدلت في جلستها بعد أن عرفت بهوية ضيفتها

كهرمانة(بنظرة تمعن):- غادري يا أماني لغرفتك

أماني(عقدت حاجبيها ونهضت بتلعثم):- ح حاضضر أممي

كهرمانة(راقبت أماني لحين اختفت من مجلسهم وأشارت لشاهيناز):- لنكن صريحتين حين علمت بإلحاحكِ المتكرر لرؤيتي استغربت .. خصوصا وأنكِ هربتِ مني سابقا وأوقفتِ عملكِ لدي كراقصة ومع كل هذا غفرت لكِ في سبيل العشرة ولم أقتلع جذوركِ من هذا العالم ، لكن حين طلبت منكِ العمل لدي منذ سنوات عديدة ضد حكيم رفضتِ وهذا ما جعل مكانكِ في خانتهم السوداء .. فما الذي تغير الآن حتى قررتِ الخروج من قوقعته واللجوء إلينا ؟

شاهيناز(جلست بعنفوان):- الغاية تبرر الوسيلة ، وأنا لي ثأر أريد أن أناله

كهرمانة:- أنتِ بفعلتكِ هذه ترتَدِّين عن مجموعتهم ما يعني أنكِ ستصبحين منا ، ونحن لسنا مثلهم الغدر عندنا يقابله الموت وفرصتكِ في الغفران قد نلتها يوم اخترتهم سالفا

شاهيناز(بحالة ثائرة):- اسمعيني جيدا أنا لم آتي إلى هنا لكي تجنديني كجاسوسة أو كي تحوليني لعاهرة ساقطة تسرق لكِ من جيوب الخنازير ملاليم تخرس جشعك .. أنا هنا لغاية الانتقام من تلك الفتاة حين أحصل على رقبتها ستجدين تحت يديكِ كل ما ترغبين به ،، مقاليد حكيم كلها بين يداي فأنا عشيقته منذ سنوات وأعرف مخابئه السرية وكلما يحاول إبعاده عنكم

كهرمانة(انتفضت من حديثها اللئيم):- إذا كنتِ كذلك مسيطرة وذكية لما لم تعرفي بهوية تلك الفتاة طوال هذه السنوات ، أخشى أنها جعجعة امرأة غيور ليس إلا

شاهيناز:- فخرية كان معها حق حين فكرت بالابتعاد عن محيطك ، لأنك حقود والشر لديكِ يسري دون رحمة

كهرمانة(بهزل):- تعلمين أنه بإشارة مني أستطيع أن أحبسكِ في جحر ضباعنا لألف سنة قادمة دون أن يعثر عليكِ أحد

شاهيناز(تحركت حنجرتها بثقل):- أنا شخص لم يعد التهديد يجدي معه نفعا ، خسرت كل شيء حتى حكيم … لذا أنا على استعداد لوضع يدي بيدكم فقط أعطوني رقبتها

كهرمانة(بتمعن):- مؤسف أن أخبركِ بأن مسعاكِ إلينا متأخر جدا ، لأن الفتاة عينها مطلوبة ويجب أن نحافظ على حياتها هكذا هي الأوامر

شاهيناز(عقدت حاجبيها):- لم أفهم يعني يعني أنكم لن تساعدوني ؟

كهرمانة(نهضت بخيلاء):- أكيد لا ، سنقدم لكِ كل ما ترغبين به فأنتِ من رائحة الغوالي لكن ما تتأملينه لن يحصل .. انسي الأمر

شاهيناز(استقامت بذهول):- أنسى ماذا أنسى ماذا … الليلة سيعقد قرانه عليها أليس هذا كفيلا لإشعال نار الغيرة في جوفي ؟؟؟

كهرمانة(ولتها ظهرها دون اهتمام):- تلك ليست مشكلتي يا شاهيناز

شاهيناز(زمت شفتيها بغيظ والقهر يحرقها حرقا ، نظرت حولها بقلة حيلة هل يعني أنها خسرته للأبد هل ذهبت فرصتها هباء منثورا):- لن أسمح بذلك ولو على جثتي

كهرمانة(استدارت إليها بفزع):- ماذا تقوليييين يا بلهاء ؟

شاهيناز(أمسكت بتلك الجمرات بلاقط الجمر ووجهته لوجهها):- سأحرق نفسي إن كنتِ ستديرين ظهركِ لي وتدعيني أحترق بناري وحيدة

كهرمانة(راقبت عينيها بشرود):- أنتِ مجنونة

شاهيناز(ببكاء):- مجنونة بحبه أجل أقر ذلك ، أنتِ لا تعلمين ما يكون ذلك الرجل بالنسبة لي لقد لقد هربت من زفافي على رجل آخر كي أكون معه ، سلمته نفسي لسنوااااات كنت أغريه فيها كي أنال من نبع حنانه ما يجعل روحي تتمنى وصاله العمر كله ، حكيم ليس شخصا عاديا إنه رجلي أنا وحدي ولن أدع جسم امرأة أخرى غيري يلامس جسمه لن أسمح ولو كان الثمن موتي بعد موتها

كهرمانة(زفرت بعمق وهي تتأمل هذا الجنون):- تمام فهمت الآن مدى عشقكِ له فدعي تلك الجمرات وشأنها واجلسي لنتحدث

شاهيناز(رمشت بعينيها بعدم فهم):- يعني أيعني أنكِ ستساعدينني ؟

كهرمانة(تجاوزتها وجلست موضعها بعلياء):- سيكون المقابل ثمينا جدا يا شاهيناز فهل أنتِ مستعدة لذلك ؟

شاهيناز(رمت بالجمرات محلها وجثت على ركبتيها أمام أقدام كهرمانة):- أنا كلي استعداد لو طلبتِ مني إحراق روحي أمامكِ الآن شريطة موت تلك المرأة سأفعل دون تردد

كهرمانة(رفعت حاجبها بزفرة عميقة):- لمست ذلك فلا داعي لأن تعيديه على مسمعي

شاهيناز(مسحت دمعاتها وبلمعة أمل):- هااااه ماذا ستطلبين مني ؟؟؟

كهرمانة(بتفكير ملي):- طلبي سيكون بعيدا كل البعد عن حكيم ، ما أرغب به أقوى بكثير منه فهل أنتِ جاهزة لسماعه ؟

شاهيناز:- على أتم استعداد يا ست كهرمانة فقد أنجدي قلبي الكسير

كهرمانة(ابتسمت بخبث):- فخرية … أريدها

شاهيناز(عقدت حاجبيها):- ولكن … ما الذي ترغبينه منها تحديدا ؟

كهرمانة(بمكر):- أرغب باستحضار الأرواح الدفينة هههه … لا شأن لكِ أحضري لي ما سأطلبه منكِ وسأسلمكِ رقبة غريمتك

شاهيناز:- الليلة ؟؟

كهرمانة:- تت مستحيل سيتم الزواج والأيام المقبلة فاصلة بيننا

شاهيناز(سحبت نفسا عميقا):- لا بأس سأضحي بعدة أيام لكن ليس لوقت طويل

كهرمانة(رمقتها شزرا وبتأفف):- حسن إذن اتفقنا ، سأجعلهم يجهزون لكِ مأوى جديد ولا تقلقي ستكون طلباتكِ كلها مجابة فأنتِ تخصين ابنا مرتدا عناااا

حركت شاهيناز رأسها وهي تستقيم بعيون لامعة فقريبا جدا جدا ستنال غايتها وتقتص من غريمتها التي لطالما سرقت منها حكيمها كما تسميه ، وعودة لذلك الحكيم الذي كان يجلس بمقربة من ميرنا لا يقوى على إفساح المجال لعينيه كي تسرح بعيدا عنها ، فهي وجهته التي يخشى عليها من نسمات الهواء …

ميرنا(حكت خلف عنقها بتأفف):- أشعر بالعطش

حكيم:- سأجعلهم يحضرون لكِ مشروبا منعشا

ميرنا(نظرت له بشرود):- لالا أحتاج للذهاب للحمام أريد البقاء وحدي

حكيم(بتوجس):- الكاتب العدلي على وصول هل أنتِ على ما يرام ؟

ميرنا(بتذمر وامتعاض):- أشعر وكأنني ألعب في عالم افتراضي ..

حكيم(اقترب منها):- ماذا قلتِ ؟

ميرنا(ارتاحت حين لم يسمعها جيدا من الموسيقى):- قلت أنني متوجهة صوب الحمام يعني قليلا من الحرية يا حكيم أنا لن أهرب

حكيم(عقد حاجبيه بذهول):- هل فكرتِ بالهرب حقا يا ميرنااااااا ؟

ميرنا(عضعضت شفتيها):- أ… أبدااا تتت نعم فكرت ولكنه ليس حلا ثم ما شأنك أخبرني فقط ما شأنك أقول لك أنا بحاجة للذهاب للحمام وأنت هنا تكلمني في الهرب عال والله

حكيم(رفع يديه بقلة حيلة):- يا حبيبي ….!!!

غادرته وهي ترفع مقدمة فستانها كي تسير بأريحية حتى أن نهال ركضت إليها وساعدتها بل رافقتها أيضا إلى الحمامات وهذا ما أراح وجدان حكيم الذي التقط كأس مشروب لعله يصبر نفسه فمن الواضح أنه سيعاني كثيرا كثيرا مع مجنونة رقم واحد ….

على جنب كانت تمسح هذه شاشة هاتفها مرة بعد مرة وتزفر بتعب لقد تأخر وهذه هي الحقيقة تعبت من الانتظار ، والخوف من عدم قدومه ينخر في عقلها لذاااا كان حلها الأمثل أن تجبر وصال على الاتصال بجاسر لكن هيهات هيهات أن توافق هذه على ذلك

وصال:- انسي الأمر أنا لن أتصل بمتبجج مثل ذاك كي نعرف إن كان مهبولكِ قادم أم لا

كوثر(باعتراض):- لا تقولي على زيادي مهبول

وصال:- طيب وماذا سأقول حبيب المهبولة صديقتي ، ثم تعالي هنا هل ستتزوجين رغما عن أنف عائلته ، أنا أستغرب لما لم تقطعي علاقتكِ به بعد تلك المهزلة التي جعلكِ والده تعيشينها

كوثر(بتذمر):- لأنني أحبه غفرت لعائلته كل شيء ،، أنا متمسكة به ولن أدعه لغيري مطلقا

وصال:- تبا للمناسبة التي جمعتني بكِ الليلة أنتِ لحوح لحووووح ولن تصمتي .. أنا التي أعرف طبائعكِ الخبيثة

كوثر(بتدلل):- حبي أناااا ساعديني وربي يوقفلك ولاد الحلال

وصال:- فقط ابتعدي عن طريقي وستحلو الدنيا … تت ماذا سأقول لعمود الإنارة ذاك الآن فور اتصالي ؟

كوثر:- هههه عمود الإنارة حرام عليكِ جسم رياضي وعضلات ووسامة مثل رائدكِ وتقولين عنه كذلك ههه

وصال(صغرت عينيها فيها بلؤم):- حرف آخر وسأطلب من يدي أن تعيد الهاتف للحقيبة

كوثر(بهلع):- لالا حسن موافقة اتصلي وأخبريه أنكِ قلقة مثلا .. أ.. ما إذا كانا قد تاها في العنوان أو شيء من ذا القبيل

وصال(رفعت الهاتف لأذنها وهي ترفع شفتها بامتعاض):- ستردين دين هذا الاتصال في إحدى المرات سأريكِ يا ابنة عبد المالك الهلالي ../ ألو أحم سيدي الرائد أنا وصال

جاسر(بهزل):- وكأن هنالك فتاة أخرى ستتصل غيركِ على رقمي الخاص ؟

وصال(بارتباك " هل يخبرني أنه لا توجد فتاة في حياته مثلا"):- احم …أ لقد اتصلت لأسأل عن مكانكما أنت وزياد يعني تبقيتما أنتما فقط من بين المعازيم و وكوثر طلبت مني أ..(ضربتها لكتفها) أيْ أقصد فكرت أنا وكوثر بالاطمئنان عليكما

جاسر:- آه آه الاطمئنان علينا امممم فهمت عموما لا تشغلي بالك نحن بخير

وصال(بدهشة):- وهل … ألوو ألوو الغبي قد فصل الخط بوجهي

كوثر:- ماذا قال هل هما على وصول هل هما قادمين أم ماذاااا ؟؟ قولي تكلمي ؟؟؟

وصال(عقدت حاجبيها):- لا أدري يا كوثر كما سمعتِ

كوثر:- فعلا فعلا سأشارككِ في تلك التسمية الغريبة لرائدك يااااي إنه جامد لا يرحم تت، حتى ذلك النطح الخاص بي لم يكلف نفسه ليهاتفني ويطمأن بالي عليه يعلم أنني سأقلق

زياد:- ليس من اللائق أن تتكلمي علي وعلى صديقي بهذا السوء

جاسر:- ليس هذا فقط فحتى النقيب لم تحاول الدفاع عني أو عنك

كوثر(ووصال استدارتا إليهما وهما ترتعشان):- أ.. هه أنتما هنا يا أهلا وسهلا يا أهلا وسهلا مرحبا مراحب

وصال(ابتلعت ريقها وهي تنظر إليهما):- كنت أخبرني أنكما بالجوار

جاسر(اقترب منها):- كنتِ سمعتِ الاستجواب الأمني بالبوابة يا فهيمة

وصال(حولت عينيها):- ها قد بدأنا التبجج

زياد(غمز له):- سأخطف منكم حبيبتي الآن سأحاسبها بطريقتي

جاسر:- خذ وقتك فأنا الآخر لدي حساب شبيه بحسابك

كوثر(أشارت لوصال):- عائدة لكِ ههه

زياد:- سيري أمامي أموت وأعرف ما الذي يضحككِ في المواقف الصعبة كهاته

كوثر:- هه ربما حماسة الموقف بذاته

زياد:- مجنونة وربي …

جاسر(تأملها بفستانها الأزرق السماوي وتسريحة شعرها الجانبية):- كلفتِ نفسكِ بكل هذا ما كان الداعي له ؟

وصال:- هلوو نحن في حفل زفاف يا سيدي الرائد يعني هذا شيء ضروري

جاسر(وضع يديه بجيبه وحرك شفتيه بعدم إعجاب):- لم أشعر بأنه لازم البتة فثياب المعسكر أفضل عليكِ

وصال(هزت حاجبها فيه وشعرت بقلق من نظرته وهي التي اعتقدت أنها ستلفت انتباهه لها بهيأتها الأنيقة):- هل تقصد بأن تلك الثياب العسكرية التي تزن أكثر مني تجعلني أجمل ؟؟؟

جاسر(ابتلع ريقه بخفة فلو أجابها سيدخل في طريق لا رجعة منه):- نظريتكِ خاطئة اعتبري بأني لم أقل شيئا

وصال(برقت عيناها تودد خفيف):- على العموم شكرا

جاسر(رمقها بطرف عين وهو يعقد حاجبيه بصرامة):- على ماذا ؟

وصال(مصت شفتيها بحرج):- لأنك وافقت على إحضارنا اليوم لزفاف صديقتي

جاسر(تنحنح وهو يحرك كتفيه بحركة لا مبالية):- لقد اتخذت الطريق الأسهل بموافقتي لكي أرحم نفسي من إلحاحكِ وبكائكِ من أجل الحضور لهذه المناسبة ، يعني لكي أسلم من لسانكِ أتيت

وصال(حركت رأسها ببسمة لافتة):- المهم أنك هنا أيا كانتِ الطريقة المؤدية لذلك

جاسر(نظر إليها بطرف عين وشبح بسمة يرتسم على شفتيه):- لحسن حظك

وصال(مصت شفتيها):- هل هناك أخبار حول كامل ؟

جاسر(نظر إليها عميقا وحرك رأسه):- ألا يوجد لديهم ما يؤكل هنا إني أتضور جوعاااا

وصال(أمسكت بذراعه قبل أن يوليها ظهره):- لقد أخبرتني أنه في المشفى العسكري بالمدينة يمكننا رؤيته غدا صحيح ؟

جاسر:- طبعا طبعا يوم غد سنقوم بزيارته ، أهذا ما ترغبين به ؟

وصال(برقت عيناها بفرح):- صحيح هل ستأخذني ياااااه سوف يفرح بنا كثيرا كثيرا ، تت سآخذ له ولجدته باقة ورد وعلبة شوكولا وأيضا زبادي التوت كامل يحبه

جاسر(عقد حاجبيه وهو يراقب حماستها وألم الكذب يعذبه):- إن شاء الله ..

وصال(سحبت يدها بخجل وأشارت له):- تعال معي سأطعمك على ذوقي

جاسر(وافقها وهو يسير بجانبها ويتأمل حالها الرقيق):- أوك ..

كان صعبا عليه أن يكسر فرحتها برؤية كامل كمال وفي آن الوقت كان عليه التفكير بحل مثيل لكي يرحم نفسه من هذا العذاب ، فرقتها وعذوبتها تفوق قدرته على التحمل خصوصا وأنه قد تجاوز بخطوات عديدة فكرة أن النساء كلهن متشابهات في الغدر والخيانة .. وصال محفوظ جعلت جاسر العلايلي يقر ويعترف أن العالم لا يزال بخير بفضلها استطاع أن يميز بين الصالح والطالح خصوصا وأنه قد علم مؤخرا بعدم تورطها في تعيينها ، أجل بحث في الموضوع وعلم أنها قد نالت ذلك المنصب لأنها كفؤ له وليس وجهيات ومعارف كما اعتقد سالفا حتى أنه لم يدقق في سبب خروج النقيب رفعت وسامحها على اتخاذها لمكانه هي دونا عن غيرها ، طيب ألم يتم ذلك بناء على قرارات إدارية أرجحت استحقاقها للمنصب يا جاسر بالله عليك لا تظلمها يكفي ما فعلته بها الحياة حتى الآن ….. نفض كل هذه الأفكار وهو يراقب ابتسامها وهي تلتقط له من المأكولات الشهية وتنتقي ما يناسبه في صحن موحد وإشراقة عينيها اللتين كانتا تهربان إليه بعد لحظة ولحظة تعترف بما يسري في الخفاء بين قلبيهما الجليديين …خصوصا بهيأتها الغريبة عنه فعلا كانت في قمة جمالها وزينتها أبرزت كل خفاياها التي تخفيها خلف ملابس العسكرية الخاصة ، أعجبته ولم يقوى على إبعاد نظراته عنها بل كان يسترقها في كل مرة وعليه لم يسمح لنفسه بأن يخرب تلك اللحظات بأفكاره السوداوية لذا ابتسم لها بحنان وحاول قدر مستطاعه أن يجعلها ليلة لا تنسى في عقل وصاله …

بالرغم من أن هدوءهما كان ليمتد ويصل إلى هذين إلا أن هذا كان من سابع المستحيلات ، لأن كوثر أشعلت فتيل الحرب قبل أن تبدأ

كوثر:- ماذا يا بعدي أتريد أن تتزوجني في الخفاااااء ؟

زياد(جذبها خلفه بين الأشجار لعله يسلم من الفضائح):- من قال بالخفاء الله يهديكِ قلت مبدئيا سنعلم نحن فقط بعيدا عن أهلي يعني أهلكِ سيعلمون بالأمر ، فمما أنتِ قلقة ؟

كوثر:- لالا يا روحي هذا لا يناسبني أنا لا أريد في صباح عرسي أن أجد أهلك بشقتنا يتهمونني باختطاف ابنهم من بين أيديهم

زياد(بصدمة):- أهذا حقا ما أكرمكِ عقلكِ على التفكير فيه .. مبهرة أنتِ حبيبتي

كوثر:- لا تزد من نفاذ صبري يا زياد ، إن ما تطلبه صعب جدا ثم والدي لن يوافقك ولو انطبقت السماء على الأرض أنا وحيدته وهو يرغب بأن يكون زواجي مثاليا كما ينبغي

زياد(أمسك بيدها وجذبها إليه):- وأنا هذا ما أريده لكِ أيضا حبيبتي ، لا أريد أن أحرمكِ من حقوقكِ الأولية علي لكن . ظروفي الآن صعبة جدا جدا أهلي يرفضون الفكرة ولن يطول الأمر قبل أن تعرف بقية العائلات برفضي لزواجهم التقليدي ورغبتي في الزواج منكِ

كوثر(بتأفف وخوف):- أخشى أن يؤثروا بك يا زياد وتخذلني بزواجك من تلك الفتاة

زياد(قبل يدها بخفة ورمى بها في حضنه):- يستحيل يا لؤلؤتي أن أبدلكِ بأي أنثى أخرى ، أنا أحبك منذ وقت طويل وكنتِ حلمي فكيف بالله عليكِ تفكرين بأن أفرط فيكِ بعد أن وجدتكِ

كوثر(أحاطت عنقه بذراعيها):- لن أسمح لك أصلا بالابتعاد عن مداري ، لكن يلزمنا حل سريع لفض هذا الصراع

زياد:- تت دعينا ننتهي من زواج صديقتك وبعدها سأكلم العم عبد المالك في الموضوع ، ربما تكون لديه مشورة أخرى تفيد

كوثر:- كان ليسهل الأمر لو حضر الليلة لكنه مصاب بالزكام ولم يستطع أن يبرح محله

زياد:- سلامته من المرض .. عموما دعينا نحتفل الليلة ولكل حادث حديث

كوثر(رفعت رأسها إليه):- لم تخبرني ما رأيك بفستاني ؟

زياد:- وهل تركتِ لي مجالا لأتغزل بكِ يا صاحبة اللون القرمزي .. آخخخ منكِ يا فتنة

كوثر(جذبته خلفها):- أرجح أن نعود للحفل قبل أن تختطفني هاهنا

زياد:- وكأن قلبكِ أنبأكِ ههه هيا بنا …

عواطف(بحرج تفرك يديها):- يعني لو أن الوقت يسمح لكنت أعددت لك حساء ساخنا يساعدك على التحسن

عبد المالك(عبر الهاتف):- لا تتعبي نفسكِ يا عواطف يعني افرحي بابنتكِ الليلة ، اتصلت فقط كي أبارك لكِ ولغاليتي ميرنا بهذا الزواج

عواطف:- لا أعلم لكنني لا أخفيك قلقي حياله ، أنا غير مطمئنة

عبد المالك(بقلق):- أتشن ….عذرا لكن مما أنتِ قلقة حسب علمي هو ابن أختك

عواطف:- صحيح صحيح لكن ماذا عن وائل ؟

عبد المالك:- ميرنا راشدة وأنا أثق بها وباختيارها ، لو كانت لمست سعادتها مع وائل كانت لتضحي بأي شيء لأجله لكن ظهور ابن أختك وإعلانه عن الحب الدفين بينهما أربك كل المخططات

عواطف:- هذا حكيم لم أكن سأقتنع بعودته لو لم يفجر بوجهنا هذا الخبر

عبد المالك:- عموما لا تحملي نفسكِ ما ليس في يديكِ ، دعي الأولاد يجربون اختيار مسار حياتهم فهذه هي المعادلة الحتمية

عواطف:- تمام سأثق بكلامك وأؤمن بالقدر خيره وشره .. لا تنسى تناول أدويتك

عبد المالك(بطمأنينة):- ولا تنسي أن تقبلي وجنة ميرنا وتعتذري لي منها في ليلتها المميزة

عواطف:- أنت معذور لولا ذلك لكنت أنا التي غضبت منك

عبد المالك(بدفء):- وهل يهون علي غضبكِ يا عواطفي الجياشة

عواطف(ابتسمت بحرج):- علي أن أقفل الخط الآن … تصبح على خير

عبد المالك(بحنان):- وأنتِ من أهله

مديحة(بتذمر):- تصبح على خير يا حبيب قلبي قوليها لم تتركي شيئا لبنات العشرين

عواطف(انتفضت وهي تستدير إليها):- أتسترقين السمع ؟

مديحة:- لا والله أردت سؤالكِ عن ميرنا حكيم يبحث عنها منذ لحظات ، ومر حديثكِ بمسمعي هل أقفل أذناي مثلا ؟

عواطف(بارتياب):- لا تقفلي أذنيكِ بل جملتكِ .. ولنعد سوية صوب السؤال الأول أين هي ميرنا ابنتي ؟

مديحة:- والله علمي علمك لكن إن هربَت من الزفاف سأزغرد لأول مرة الليلة ههه

عواطف:- يا الله منكِ أنتِ تعبئة هاتف لا تنتهي ..

مديحة(بحماس فركت يديها):- هيا هيا رافقيني فأخت زوجَينا رحمهما الله ستنهي كل ما وضع بقائمة الأكل دعينا نوقفها قبل أن تؤدي معدتها

عواطف(بهلع):- يا ويل ويلي أنا .. اتبعيني إذن …

تعودنا على اختفائها الداااائم لكن أين اختفت بهذا الشكل المريب ، كانت نهال ترتجف قلقا فهي بنفسها وقفت تنتظرها أمام باب الحمام وانصرفت لبرهة بسيطة كي تحضر كوب ماء لميرنا وعادت لتجدها قد خرجت منه إلى أين الله أعلم

حكيم(مسح على فكه بنرفزة من جملتها):- الله أعلم يا نهال هااااه …

نور:- حكيم لا تقسو على البنت أخبرتكَ بما حدث فلا تلمها

نهال(بخوف):- والله والله هذا ما حدث يا عمو حكيم

حكيم(رمقها بعطف وهو يزفر خشية من جنون ميرنا):- لا بأس حبيبتي يمكنكِ الانضمام للحفلة خارجا ،، اعذريني لو فلتت أعصابي لكن عمتكِ ميرنا مصيبة

نهال(نظرت لنور):- سأنسحب قبل أن يستشعر أحد ما يحدث

نور(مسحت على وجنة نهال):- طيب يا روحي اسبقينا

حكيم(بعد ذهاب نهال جذب نور إلى جانبه):- أين هي أختكِ يا نور ؟

نور(رفعت يدها بقلة حيلة):-علمي علمك ونصيحة مني دع رجالك يبحثون في الأسطح والممرات الفارغة حتى في الحديقة الخلفية فهذه هي أماكن ميرنا الداااائمة

حكيم(رفع يديه ورمى بهما على جانبيه بتعب):- سأقتلها حين أجدها صدقيني

نور:- هه افعل ما شئت حين تصبح زوجتك لكن الآن جد لي أختي وفقط

حكيم(نادى بصوت عال):- طلال .. يا طلال … تت أين ذهب هذا أيضا سأوافيكِ بعد قليل

نور:- إن وجدتها سأخبرك .. لنبدأ البحث فقد بدا لي أن ميرنا بدأت تهوى لعبة الغميضة على كِبر …

انطلق حكيم بين الممرات بحثا عنها بعد أن أعطى أوامره لرجاله ، تذمر بشدة حين علم بمغادرة طلال الذي حاول الاتصال به دون جدوى وهذا ما زاد من حنقه وعصبيته إذ كيف سمح لنفسه أن يغادر دون أن يخبره ويعطيه فكرة عما يحدث من حوله … نفض هذه الأفكار هو الآخر من باله فما يهم الآن هو الوصول لميرنا التي كانت تجلس على حافة الحجر أمام البحر بعيدا عن القصر ، تضم لكتفيها وشاحا صوفيا كي ترحم نفسها من لفحة البرد البحري وأيضا كي تضم أفكارها لداخل عقلها فقد تشتتت كليا في الساعات الأخيرة واستصعب عليها ترتيبها كما يلزم …لكن حضور ضيف آخر ليقتحم عزلتها أمام البحر هذا ما لم تكن بانتظاره فحتى لو هربت مبتعدة عن القصر كانت ستعوووود …

ميار(بهمس):- ميرناااا

ميرنا(رفعت عينيها للسماء بدموع متحجرة):- ألا يسعني الهروب منكم لحظة يا إياد ؟

ميار(فتح أزرار سترته وجلس بجانبها على الحجر):- منذ متى وأنتِ تهربين بدوني ؟

ميرنا(رمقته شزرا وعادت لتناظر البحر في جنح ذلك الظلام فحتى القمر أبى أن يشاركها احتفالها الزائف):- منذ اللحظة

ميار(زفر بنفاذ صبر):- لا قدرة لي على التعامل مع أشعار العاشقين الآن ، أعلم أنكِ تفكرين بوائل وتتمنين لو أنكِ كنتِ عروسه الليلة ولستِ عروس حكيم

ميرنا(بدموع مكومة في محاجر عينيها):- وهل تنتظر مني أن أنكر ذلك ؟ .. معك حق تمنيت لو كان عريسي هو وائل حبيبي لكنت الآن أطير فرحا بين ذراعيه

ميار(أغمض عينيه على جملتها التي آذته كثيرا في صميمه):- هممم فهمت .. طيب لما لا توقفين هذا الجنون وتذهبين إلى حيث يكون حبيبكِ وائل

ميرنا:- ربما لأنني مرتبطة بأولويات تجعلني أضع قلبي في المرتبة الثانية

ميار(أمسك بحجرة صغيرة ورمى بها في البحر):- أولويات مثل ماذا ؟

ميرنا(بكره برقت عيناها):- كالقبض على سفاح القلوب ذاك المدعو بالفهد البري

ميار(اهتزت حنجرته بثقل ولامس بريق عينيها المتمثل في ضغينتها تجاهه):- ماذا لو كنتِ تهذين يا ميرنا ولا يوجد شخصية بهذا الاسم ؟؟ ماذا لو أن كل ما تعيشينه مجرد كذبة خلقها الأشرار لكي يعذبوا الأخيار بهاااا ؟

ميرنا(برفض حركت رأسها):- هراااء .. هناك وثائق ولوائح من المفقودين تفوق إدراكك حتى يا إياد

ميار(ابتسم بغبن):- بنظرك هل يستطيع الحب إيقاف الدماء ؟

ميرنا(بعدم فهم نظرت إليه):- كيف يعني ؟

ميار(رفع عينيه مباشرة لعينيها):- سألتكِ فأجيبيني .. هل بإمكان العشق أن يوقف الشر و سيل الدماء ؟

ميرنا(حركت رأسها لحظة وعادت لتناظر البحر):- العشق بداية جديدة وصفحة بيضاء لمن يشاء ، هو شيء سامي ومقدس إن عشقت معناه أنك ولدت من جديد بشكل صحيح

ميار(بتمعن في كلماتها):- إذن أنتِ تتفقين معي

ميرنا(بتعب رمت برأسها على كتفه فجأة):- لقد تعبت دعنا نصمت قليلا ولنراقب السماء

ميار(تفاجئ بها في حضنه وطاف بعينيه مندهشا):- ميرنااا

ميرنا(تمسكت بقميصه):- أعلم أنني عروس مجنونة وحكيم الآن يقلب الدنيا علي ، لكن فقط للحظات رافق جنوني ودعني أرتاح من أفكاري ،، بليز يا إياد لو تحبني

ميار(وضع يده على كتفها وهو يتأمل فستانها الذي زادها فتنة):- الآن فقط عرفت لما هرب القمر الليلة أكيد من جمالكِ يا ميرنااا الراجي

ميرنا(أغمضت عينيها تستطيب دفئه):- أنت دافئ على غير العادة فيك شيء يدعوني للنوم بين ذراعيك بطمأنينة حتى الصباح

ميار(خفق قلبه بشدة وعقد حاجبيه بقلة حيلة):- طيب افعليها وسأكون ممتنا لهذه الفرصة

ميرنا(تنهدت بعمق):- فقط لولا الظروووووووف … أين أنت يا واااائل تتت ؟؟

ميار(حول عينيه بكره وفي سره):- وائل مجددا واااااائل مجددااا ما الحل الآن يا ميار أبَعد أن جمعتهما ستفرقهما بسهولة ، مستحيييييييييل تت على حكيم أن يتسلم زمام الأمور الآن وإلا سيجعلني أعود للصفر …

تأوه عميقا من عطرها المسكر ، إنها تقتله ببراءتها تلك لكن ما عليه سوى التعامل مع كل هذا بروية فهو غير قادر على الصبر أكثر ، إنها قطعة قُدت من القمر بدون شك لذا أبعدها عنه بهدوء واستقام

ميار(مد يده لها):- انهضي يا ميرنا

ميرنا(بتأفف):- قلت قليلا بعد وأنت تريد أن تسرقني من هذا الجو الجميل .. عيب عليك يا صاح

ميار(أغمض عينيه بنفاذ صبر وفتحهما ببريق شر):- انهضي الآن

ميرنا(بغنج):- لا

لم يشعر بنفسه إلا وقد كان يحملها بين ذراعيه بلمح البصر … كانت هي وكتل فستانها المرتمية خلفها بين يديه ، في حين كان وجهها أمام وجهه في حركة جنونية جعلته ينسى تقمصه لهوية إياد وينسى كل ما في هذه الحياة البائسة ويغرق في ملكوتها فقط هي التي يريد أن يكمل معها جنون تلك الليلة بعيدا عن الجميع ..

ميرنا(تمسكت بعنقه بيدها بينما كانت يدها الأخرى بين صدره وعنقه):- ماذا تفعل يا إياد أنزلني الآن

ميار(مسلوب بها):- ميرناااا …

ميرنا(توجست بقلق من حركته تلك):- أنزلني يا إياد والآن

ميار(اسم إياد أعاده للواقع):- كل هذا يتم رغما عني

ميرنا(وهي تنزل أرضا بفعل حركته):- ماذا تقصد ؟

ميار(مسح على خديها بيديه):- ستكونين سعيدة فقط حين تكونين بمكانكِ الصحيح ، أعدكِ بذلك يا ميرناااا أعدك

ميرنا(بغرابة حركت رأسها):- من الواضح أن لفحة البحر قد أصابتك بالهذيان ، دعنا نعود الآن حكيم سيجن جنونه لو تأخرت أكثر

ميار(أمسك بيدها وجذبها إليه):- دعيني أخبركِ بشيء أخير قبل ذهابي .. سيأتي يوم وتتذكرين فيه هذا المكان وهذه اللحظة أريدك حينها ألا تتذكري سوى شيء واحد ..

ميرنا(حركت رأسها بعدم فهم):- وما هو ؟

ميار(قوس حاجبيه واقترب من مسمعها وهمس):- إحساسكِ …

حكيم(صوته من بعيد):- ميرنااااااا يا ميرنااا أهذه أنتِ ؟؟؟

ميار(نظر بتوجس خلفه وطبع قبلة دافئة على خدها ثم ابتعد عن الأنظار):- أراكِ لاحقا

ميرنا(عقدت حاجبيها حين تلاشى بلمح البصر وسط الظلام):- إلى أين .. يا إياااد إياااد تتت

حكيم(بعصبية وصل إليها):- أخيرا وجدتكِ ، كيف تأتين لهذا المكان بدوني يا ميرنا هل فقدتِ صوابكِ ؟

ميرنا(انهمرت دموعها من هزته تلك):- لقد أردت فقط أن …

حكيم(وهو ممسك بكتفيها بغضب):- أردتِ ماذا أردتِ ماذا لما ترغبين بتعذيبي هكذاااا ، فيما أذنبت أخبريني بالله عليكِ يا ميرناااا ؟؟؟

ميرنا(انتفضت من هزته بضعف):- يكفي يا حكيم أنا هنا ولم أبرح مكاني

حكيم(تركها ومسح على جبينه قبل أن يرمي بها في حضنه من جديد ليعتصرها بين جنبات نبضه):- كيف سأشرح لكِ ماهيتكِ بالنسبة لي ، لو قلت هواء لن تقتنعي ولو قلت ماء ستكذبينني ولو قلت أنكِ لي نبض الحياة ستستبعدين الفكرة طيب ما الذي سأخبركِ به كي تقتنعي أنكِ يا ميرنا الراجي سبب خفقان قلبي حتى الآن ؟؟؟

ميرنا(أغمضت عينيها وهي في حضنه تستسيغ كلماته):- لم أقصد إفزاعك

حكيم(مسح على شعرها بحنان ووضع يده على فكها):- تمام تمام لا تقلقي أنا فقط خفت عليكِ في حلكة هذا الليل ، دعيني آخذكِ للداخل قد بردتِ هنا

ميرنا(وهي تناظره يضبط وشاحها الصوفي على كتفيها باهتمام بالغ):- حكيم ..

حكيم(لم ينظر إليها بل ظل منهمكا في تعديله):- لا تشغلي بالكِ بأي شيء ، أعلم أنكِ متعبة وترغبين بانتهاء كل شيء كي تنامي لكن أعدكِ أن هذا لن يأخذ وقتا طويلا ساعة واحدة فقط وننتهي ماشي

ميرنا(انهمرت دمعاتها المكبوتة وهي تناظر رجولته الشهمة معها):- لا تعاملني بهذه الطريقة أنا لم أعد طفلة

حكيم(فاجأته بانتفاضتها تلك):- ولكن ..

ميرنا(ابتعدت عنه في حركة هاربة):- دع هذه الليلة تنتهي وفقط … لقد تعبت نفسيتي كلكم لطيفون معي في حين أنا لا أستحق سوى الموووووووت اهئ …

حكيم(فتح انعقاد حاجبيه باستسلام وهو يرمقها مبتعدة عنه راكضة مثل طفلة صغيرة وهي ترفع فستانها بعيدا عن مسار خطواتها التي اختارتها بعناية لأجل العودة):- زيدي في إحراقي يا ميرنا تابعي تابعي فما فعلتِه حتى الآن ليس سوى البداية …

لحقها فماذا سيفعل غير ذلك لحظتها ، وجدها قد مسحت دموعها وضبطت أنفاسها وكأنها لم تنهار قبل قليل إنها حتما لممثلة بااااااارعة تجيد إخفاء آلامها بعناية ، لم يدقق بل سايرها بشكل يرحمه شخصيا من التمحيص والتفكير ، وصل بها مباشرة نحو حديقة الحفل وهو ممسك بيدها يناظر عيونهم المختلفة المغزى فبعضهم كان سعيدا والبعض الآخر مندهشا أما البعض الأخير فقد كان ممتعضا رافضا للفكرة الهزلية برمتها ، لم يشغل باله أكثر بل سمح للكاتب العدلي أن يبدأ بمراسيم الزفاف كما يجب وكان الشهود رأفت الحمداني وطلال لكن بعد غياب الأخير تقدمت نور لتقوم بهذا الدور لكن استوقفها فؤاد الذي اتخذ ذلك المكان وهذا ما أثار دهشتها ودهشة الجميع فكيف بعم وائل أن يشهد على زواج ميرنا من أحد غيره ، فعلا فعلا ما كذبوا حين قالوا أنهم و عائلة آل رشوان غريبو الأطوار ..

دينا(جذبت فستان أمها):- مامي أيمكنني الجلوس بقرب عمو فؤاد هناك ؟

نور(بتذمر):- يادي عمك فؤاد هلكتِ مسمعي باسمه

دينا(مالت بشفتيها تذمرا):- أحبه مامي

نور(رق قلبها لها ورمقته شزرا):- أجزم أنه يفتعل سحرا هنا لا يعقل أن يكون هذا كله حبا طبيعيا ، يجب أن أراقبهما عن كثب لأفهم ما الذي يجري من وراء ظهري

مديحة(ببكاء تنظر لميرنا وحكيم):- أوقفوهما يا جماعة

عفاف:- يا الله عليكِ يا خالتي مديحة .. الزواج يتم فرجاء أخفضي صوتكِ كي لا يسمعكِ أحد وتحدث جلبة ها هنا

مديحة(تمسح دموعها):- ولكن قلبي يتمزق بدلا من قلبيهما هي ليست له ولا هو لها ، فلما سنتفرج على مسرحية نهايتها معروفة ؟

عفاف(عانقتها من كتفها):- اهدئي فقط ودعي كل شيء يسير وفق ما رسمه القدر

مديحة:- أنتِ أيضا مقتنعة بما يحدث أيعقل أنني الوحيدة هنا التي تؤمن بأن هذا الزواج خاطئ

مرام(دفعت بكرسيها إليها):- لستِ وحدكِ خالتي فأنا أيضا أشعر برفض ميرنا وبغرابة ما يحدث لكن ما بيدنا حيلة

عواطف(بعصبية):- اسمعوني إن لم تطبقوا أفواهكن الآن فانسحبن لغير مكان ….

سماح(بتأفف):- آخ يا ربي يلزمني سنة كاملة كي أتأقلم مع هاته النسوة إنهن ودون شك مجنونات فئة (أ)

نور(حركت رأسها بفشل منهن جميعا):- الرحمة يا ربي الرحمة …


كانت هنالك شحنات متفشية بالمكان أجمعه بين الكل ، كان جاسر ينظر لوصال بين اللحظة والأخرى وحين يلاحظ أنها تستدير نوعيا كي ترمقه بخفة يبعد ناظره عنها وكأنه لم يكن يراقبها من الأصل ، آخ منك يا داهية هكذا قالت وهي تبتسم فبعد الذي جمعهما في تلك الليلة المهولة قرّب المسافة الفاصلة بينهما والتي طبعا حددتها عقليته وشخصيتها في بادئ الأمر ، ولم يعد هنالك سوى التطلع للمستقبل كلا على حدة فهو لم يكن بقادر على تحديد مغزى مشاعره تجاهها بالرغم من أنه كان يقر بها في قرارة نفسه ، أما هي فقد بدأت تتعرف على تلك المشاعر لتوها وهذا ما جعلها تصبح رقيقة أكثر مما ينبغي وبذلت كل ذلك الجهد الجهيد لتبدو فاتنة بنظره بلوك جديد غير الذي تعود عليه وبالفعل استطاعت أن تلفت انتباهه بالرغم من أنه لم يخسر ولا حتى حرف مديح في ما تكبدت عناءه ، لكنها اكتفت بامتعاضه فهي تعلم في باطنها أنها طريقته في الإعجاب .. لقد باتت تحفظ بعضا من طباعه وهذا ما فتح سكة للوصال بينهما وهذا ما جعلها تستشعر راحة بعد الجحيم الذي كانت تحياه في المعسكر أي نعم لا يزال صارما مثلما كان وذو نية سيئة طوال الوقت لكن هذا برمته يجعلها تتأثر به وتزيد تعلقا … أما صديقتها الشقراء زرقاء العيون فبعد صراع زياد مع أهله بدا لها مثل فارس مغوار سيضحي من أجلها بالغالي والنفيس ، أميرها الذي سيختطفها على حصانه الأبيض ويهرب بها بعيدا نحو عالم الأحلام ، لم يكن سهلا عليه أن يقف بوجه عائلته ويرفض الزواج المحتم بقريبته تلك لكن لأجل حبيبته سيقف وقفة رجال ويقوم بالمستحيل كي يكسبها ، فقد قاوم كثيرا مشاعره من طرف واحد وكم تمنى أن تشعر به وتحتوي قلبه ووصل لمبتغاه بالأخير بل حتى نال أكثر مما كان يتوقع فهي الأخرى كان مغشيا على قلبها ولم تلحظ أنها مولعة به منذ أول يوم ، وهذا ما زاد العشق بينهما وبات جليا خط مصيرهما الذي ستحكمه أقدار الأيام القادمة,, كان ممسكا بيديها ينظر معها نحو ميرنا وحكيم وينتظر اليوم الموعود الذي سيجلس محلهما هو وأميرته ويلبسها خاتم الحب الأبدي وتكون له ولأولاده قرة العين ، نفس المنى كان يتربع في قلبها فهي الأخرى تتوق لتلك اللحظة وما أحلاها من لحظة ….. على جنب كان هذا يراقبها من محله يعلم علم اليقين أن ابن أخيه سيقتله على هذا التصرف ومع ذلك وجد أن ذلك محله الأصلي من البداية ، إنه جميلته امرأته المختارة التي سيصبر لأجلها عمرا آخر لو ترتب الأمر لا يسعه الابتعاد عنها بعد أن وجدها ، لكن أمامه رحلة طويلة فقلبها المغلق لن ينفتح إلا بمفتاحه الأصلي وهذا يستلزم صبراااا جميلا ، كان يومئ لها مرة بعد مرة بمساندة كانت تشعر بها وكأنها نسمة ارتياح تجعلها تحس بالطمأنينة وكأنه حان الوقت لكي ترمي قليلا من ثقل حمولها وهمومها على شخص مسؤول يُعتمد عليه ، فحركته الشهمة تلك ووقوفه بجانب ميرنا بالرغم من حساسية علاقته بوائل هذا بمجمله يحتسب له ويجعله محط إعجاب وامتنان وتقدير أيضا ، لقد عرف كيف يكسب نقطة حسنة لصالحه بالرغم من أنه لم يخطط لهذا قد جاء فجائيا أو ربما كانت هي نفس الأقدار التي وضعته في ذلك المكان الذي كتب عليه أن يكون شاهدا فيها ،،،، هزت خصلتها بشرود وهي تحاول أن تتحاشى نظراته الثاقبة لها وتحاول أن تراقب في آن الوقت ما إذا كان أحد من أسرتها قد انتبه لتلك النظرات المتبادلة بينهما ، قد كانت تطمئن لأنهم مدلهون فيما يحدث مع ميرنا التي كانت تجلس على الجمر إن صح القول …. كانت تتنفس بعمق تارة وتارة تكتم أنفاسها وتحك على أنفها لتضبط روحها المنتفضة وكأن كلما فيها يأبى عيش تلك اللحظة ولو كذبا فهي من خصوصيات وائل وحده فكيف ستتعايش الآن مع غيره ، غيره يا ميرنا غيره !! هكذا أصبح ذلك الإنسان الذي لطالما انتظرته سنينا عجاف عند نافذة بيتكم ، غيره الذي خزنت له حقيبة أحزانكِ وهمومكِ وصنعتِ منه أملا لخلاص أيامك ،غيره الذي احتواكِ في صباكِ وكان يخاف عليكِ خوف الأب على ابنته ، هو نفسه الرجل الأول الذي أقسم قلبكِ على حبه لأبد الأبدين أم تراكِ نسيتِ وعدكِ وعهدكِ لطيفه في لحظاتِ الشوق والحرمان ..أواه يا ميرنا هل بات غريبا حقا مثلما تحاولين إيصال الفكرة له لكن صدّقي فهو لا يعير تلك الأمور اهتماما لأنه يعي تماما أنه مزروع بين نبضاتك حتى لو أنكرتِ ، حتى لو ابتعدتِ ، حتى لو هجرته سيظل ختم حكيم الراجي في قلبكِ مثل الندبة التي لا تفارق صاحبها .. كان يتحسس ذبذبات تنفسها المتسرع حينا والمتباطئ حينا آخر وكل هذا من فرط ارتباكها ورفضها لهذا الحدث برمته فأي تضحية أقدمت عليها كي تنقذ الآخرين ، والسؤال الأهم هل سيجدي هذا نفعا أم أنها ستخسر كل شيء حب حياتها رفيق دربها أرواح الناس ومصير الكثيرين من أقربائها وغيرهم …. أفكار كثيرة تلج عقلها تحاول تشويش هدوئها الذي زعمت ضبطه بجهد جهيد وهذا ما كان يزيد من حنقه ، [اضطرابها]ألهذه الدرجة تستبعد فكرة زواجهما وتمقتها ألهذه الدرجة لا تشعر به وبنبضه بغرامه وعشقه المجنون لها ، ماذا لو كان كل هذا حقيقيا أكانت ستتعامل بنفس الطريقة ، أكانت سترفضه أيضاااا هي تفعل هذا والأمر صوري ماذا لو كان صادقا أيعقل أنها ستجرحه بذات الطريقة ، لا لا ربما كانت ستزيد من أذيته أكثر فهذه ميرنا التي تعهدت بمعاقبته على كل يوم مرَّ وهو بعيد عنهاااا إذن فليتحمل ، زفر بتنهيدة عميقة حين هم بتوقيع تلك الورقة المزيفة ونظر إليها وهو يسلمها القلم

حكيم(همس لها مستغلا تصفيقات الحضور):- وقعي فهذه ليست سوى فاتورة المأكولات الجاهزة التي طلبتها لحفلتنا

ميرنا(دهشت ورفعت حاجبها له ، كيف فهم ترددها بتلك الطريقة):- غير معقول

حكيم(أومأ لها ببسمة مريرة):- بلى وقعي ..

ميرنا(حركت رأسها بقلة حيلة ووقعت):- تت هففففف …

فؤاد(راقبهما عن كثب وبامتعاض):- ليتك كنت هنا يا واااائل يا ابن أخي الحبيب

رأفت(سمعه وعقد حاجبيه هو الآخر لا يدري ما السبيل):-صدقني أشعر بأنني أؤدي دور كومبارس في مسرحية على الهواء مباشرة

فؤاد(مال برأسه إلى رأفت):- معك حق في قولك .. لا مجال للامتعاض الآن أوبس رسالة نصية عذرا منك "امم فور انتهائك من أداء ذلك الدور تعال إلى القصر فوراااا .. أبوك"/ ما الذي تريده يا ضرغام رشوان ألن تترك أي واحد فينا في حال سبييييييله ؟

رأفت(لاحظ توتره):- هل هناك ما يقلق سيد فؤاد ؟

فؤاد:- لالا مسائل عملية لا تشغل بالك

الكاتب العدلي:- تفضلا هويتكما سيد فؤاد سيد رأفت ووقعا هنا لو سمحتما

رأفت(وضع هويته بجيب سترته):- من بعدك سيد فؤاد

فؤاد(أمسك بالقلم):- تمام …

نور(أفرجت عن آه عميقة وهي ترمقه وهو يوقع كم بدا آسرا للنظر):- يااااااه

نهال(بإعجاب):- عمو فؤاد طيب جدااا

مرام(بتقدير):- أي والله ولطيف حتى

دينا(بحب):- ويحبني ههههه

سماح(حركت رأسها يمينا وشمالا):- الله يخرب بيت تفكير هذا الجيل ….

نور(ابتسمت وبعدها تنحنحت وهي تعقد حاجبيها):- احم ….

جاسر(بجانب وصال):- لما الدموع الآن ؟

كوثر(ركضت إليها وعانقتها بدموع هي الأخرى):- وصااااااال

وصال:- اهئ كوووووثر

زياد:- الله يستر صديقتهما تتزوج وهما تبكيان

وصال:- أنتما لا تفهمان شيئا فاصمتاااا

جاسر(هز حاجبيه بانسحاب):- يجدر بنا ألا نقربهما الآن ، إنهما كالقنبلة الموقوتة

كوثر:- اهئ اهئ حبيبتي يا ميرنا

وصال(تشارك كوثر نفس النظرة وهما متعانقتين جانبيا):- آآآآه ربي يسعدك رغم أنني لا زلت متأكدة أن وائل كان أنسب لها

كوثر:- وأنا أيضا هممممم …

الكاتب العدلي:- مبروك عليكما

حكيم(نهض من محله وساعدها على الوقوف وهو يرى فيها ملكته التي لامست شغاف قلبه بابتسامتها الحزينة والبرود الطاغي في تلك اللحظات):- شكرا لك … مبروك يا ميرنا

ميرنا(هزت رأسها له بابتسامة مصطنعة):- مبروك ..

تبادل الكل التهاني فيما بينهم بالرغم من امتعاض أغلبيتهم وعلى رأسهم مديحة التي أبت أن تبارك لهما وأخذت تبكي

مديحة:- اهئ اهئ دعوني وشأني لن أبرح محلي ولن أبارك لهما أبدا أبداااا

عواطف(بحرج):- يا مديحة بالله عليكِ أترغبين بتخريب هذا الزفاف ، لقد تم وانتهى الأمر

نور:- خالتي لا تتدللي الآن لقد حدث ذلك ولا يسعكِ تغييره

مديحة(بانهيار):- دعوووووني قلت لكم دعوووني

نبيلة:- دعوها وشأنها يا بنات

مديحة:- أخواته لم تحضر أيهن زفافه ،واحدة مسافرة والثانية مريضة والأخرى تدرس وأخوه الوحيد هو الآخر غائب اهئ اهئ أي زواج هذااااااااااا

عواطف:- يا الله سوف تستحضر كل أحزانها الدفينة

نبيلة:- حسبي الله ونعم الوكيل

مديحة(تدثرت في ثيابها وتوجهت صوب داخل القصر حين لمحت حكيم وميرنا قادمين نحوهم):- همممم

سماح(مالت بشفتيها):- عجايب عشنا وشفنا …

نور:- عمتي لا تبدئي ؟؟؟

سماح(رسمت خط القفل على فمها):- هاااه سكتنا

حكيم(وصل إليهم ورمق أمه وقد دلفت لداخل القصر):- ما بها أمي ؟

عواطف(بقلق):- إنها تشعر بتوعك طفيف فقط ليس إلا

نور:- أو قولي الصدق هي ترفض هذا الزواج بشكل كلي

ميرنا(تنهدت بعمق ورفعت مقدمة فستانها):- سأكلمها

حكيم(أمسك بذراع ميرنا):- لا .. دعيني أراها بنفسي

وصال(وكوثر أمسكتا بميرنا):- أنتِ تعالي إلى هنااااا .. يااااي لقد تزوجتِ يا فتاة من كان ليصدق ذلك هههه

ميرنا(بنظرة ثاقبة):- أنا أصدق

كوثر:- هههه وكأنها ليست بعروس أين الفزع الذي يلون وجه العرائس في ليلة كهذه ؟؟؟

ميرنا(ابتسمت بخفوت):- ههه أخفيته لحين ذهابكم

كوثر:- إيااااد أين ذهب البليد ليلتقط لنا صورة جماعية اففف

ميرنا(تذكرته عند البحر):- لا أدري ..لكن أرى أن السيد جاسر والسيد زياد يكاد كل منهما أن يرفع سلاحه بوجهي كوني سرقت منهما أحلى جوهرتين

وصال(توترت):- الله الله عن أي جواهر تتحدثين ربما هذه نعم ، لكن أنا والسيد الرائد تت لا يوجد شيء بيننا

كوثر(دفعتها لكتفها):- يا عين عيني صدقناااااااااااااااكِ هههه

ميرنا(غمزت كوثر):- أنظري لاحمرار وجهها هههه

كوثر:- وتقول لا يوجد شيء … على ماما يا بابا

وصال(انفعلت):- كفى كفى يا بنااااااااات


حين يتألم قلب الأم ويرفض الرضوخ لأحكام اختارها الأبناء ، يصبح الصفح شيئا مستحيلا مثلما ما حدث مع مديحة تماما ، صحيح أنها انتظرت ابنها طوال 16 سنة لكن حين عاد وجدته شخصا آخر غير الذي عرفته يوما ، بدئا بإصراره على الزواج من ميرنا وكأنه عاد لهذا السبب فقط وكأنه لم يكن مشتاقا لاحتضانها وكسب رضاها وهذا ما آذاها في الصميم ، إحساسها كان صادقا فعودته صادفت زواجه السريع من ابنة أختها التي تهواها أكثر واحدة حتى أكثر من بناتها هذه هي الحقيقة وهذا ما تقر به دون خجل .. كفكفت دمعها مرات ومرات لكن غالبها الألم فأمسكت صدرها الذي كان يعلو ويهبط قهرا وغبنا من حركة ابنها الغالي ..

حكيم(قاطع حبل أفكارها):- لا تنظري هكذا بحسرة يا أماه

مديحة(انتفضت من صوته وأخفضت رأسها أرضا):- لسانك لا أريده أن يخاطب لساني

حكيم(اقترب منها من الخلف وأخرج يديه من جيوبه ليضعهما على كتفيها):- ولماذا ؟ هل أنتِ غاضبة ؟

مديحة(بحنين له ولصوته الحنون):- لا تكلمني بلطف هكذا

حكيم(عانقها من الخلف بحرارة):- أستعاقبينني على عصياني لأوامركِ بالابتعاد عن عصفورتي ، لا تستطيعين ذلك يا أم حكيم

مديحة(برعشة سرت في أرجاء جسمها):- لن أسمح لك بأن تخدعني بكلماتك المعسولة

حكيم(وضع رأسه على كتفها ونظر إليها):- في العادة تطالبين بكلماتي المعسولة يا مدللة ما الذي حدث كي تتمنَّعي على حبيبكِ حكيم هكذا ؟

مديحة:- إسأل نفسك وأفعالك ثم قلت لا تكلمني يعني لا تكلمني

حكيم(ابتعد عنها قليلا وترك الفراغ بينهما لكنه بقي على مقربة منها):- إن كنتِ ترغبين برحيلي سأرحل بعيدا عنكِ حيث لن ترينني وحيث تكونين بخير بدوني

مديحة(أغمضت عينيها بألم وكلماته تذبح فيها ولم تستطع مقاومة مشاعرها الأمومية أكثر):- إخرس

حكيم(طأطأ رأسه وخطا خطوات للخلف):- كما تشائين أمي سآخذ عروسي وأرحل..

مديحة(سمعت خطوات حذائه التي كانت تنخر في عقلها):- … لا رد

حكيم(تابع مسيره وهو يراقبها شزرا):- اممم مؤسف يا أمي الحبيبة لم أقدر على إدخال السعادة لقلبك ، وهذا ما كان خارج إرادتي سامحيني

مديحة(اهتزت بدموع وهي تعتصر وجعها بقبضة يدها وإغماضة عينها الدامعة):- ..لارد

حكيم(نظر إليها نظرة أخيرة):- اعتني بنفسكِ لأجلي أمي

مديحة(التفتت بعد لحظة ولم تجده فخفق قلبها رعبا وهرولت خلفه وهي تصرخ):- حكيييييييييييييييييييم ولدي ….

حكيم(كان يقف بانتظارها):- قلت لكِ أنكِ لا تقوين على الابتعاد عني

مديحة(بغمغمة دمع فتحت له ذراعيها):- حبيبي يا ولدي اهئ اهئ أنا حزينة حزينة بشدة ولكنني مرتاحة لوجودك معي يا فلذة كبدي ، لن أتفوه بحرف ما تريده افعله فقط لا ترحل ولا تأتي يوما على ذكر الرحيل

حكيم(جعلها في حضنه في لمح البصر وقبل رأسها):- آه يا غالية لو تطلبين مني عين القمر لأحضرتها لكِ ، لكن ميرنااااااا يا أمي يا أمي أنتِ تعلمين بعشقي لها منذ الصغر فكيف تعارضين حقي المشروع فيهاااااا ؟

مديحة(هزت كتفيها ببكاء):- لأنها لا تحبك …

حكيم(فتح عينيه ببريق شرس وحاول إخفاء عصبيته بقناع من الهدوء والرزانة):- من أخبركِ بهذا الهراء ، ميرنا لي

مديحة(تملصت منه وهي تمسح على وجهه ولحيته الخفيفة وتتأمله بحب):- صدقني فأنا لا أتكلم من فراغ يا ولدي ، ميرنا تعشق رجلا غيرك وقد حظي بقلبها لآخر الرمق ..

حكيم(برفض لحديثها ولّى ظهره):- كلامكِ مجرد تخمينات

مديحة(أمسكت بذراعه):- ليس كذلك يا بني ، أنت مقتنع بكل حرف أتفوه به وهو موجود في بالك ولن يسعك إنكاره ، وما يحيرني أكثر هو تمسكك بهذا الزواج بالرغم من أنك تعلم حقيقة الموضوع

حكيم(استدار إليها وأمسك بيدها ثم قبلها بقبلة عميقة):- أمي الحبيبة ، لما لا تتصرفين مثل خالتي عواطف وتدعين السفينة تسير ، يستحيل أن تتدخلي في أقدار كتبت لتحدث أنا عن نفسي أعشقها ولن أحرمها من شيء في هذه الحياة سأكون لها كل ما تريده وسأجعلها أميرة على عرش قلبي وحياتي ودنياي .. دعيني أعيش مصيري معها أيا كان أنا أستحق ذلك بعد سنين العذاب التي مررت بهااااا

مديحة(رمشت بعينيها مقتنعة نوعا ما بكلامه):- حبيبي … لن أزعجك أكثر في ليلة كهذه سأبارك لكما وليحمكما الله برحمته

حكيم(آه لو تعلمين يا أمي أن كل هذا مجرد زيف ما كنتِ فاعلة يا ترى ؟):- تمام إذن ستحظين أنتِ بالقطعة الأولى من الكعكة

مديحة(تأبطت ذراعه وهي تقنع نفسها بفرحة ابنها ولما لا تكون هي الأخرى أنانية ولو لمرة واحدة لأجله):- أكيد يا عزيزي ههه هيا ..

اطمئن قليلا حين رمق البسمة على وجه أمه ، المهم أنه قد أراح قلبها حتى ولو كان ذلك على حساب وجعه .. اصطحبها معه خارجا ومباشرة عانقت ميرنا وتمنت لها كل الفرح معه فهذا ما يسعها قوله بالرغم من أنها غير مقتنعة لا هي ولا بقية المعازيم … قامت نهال بالتقاط صورة سيلفي لهم جميعا مع العرسان ووضعتها مباشرة على حسابها الخاص ولما لا ينهال عليها وابل من الرسائل والتهاني والتبريكات .. أولها كان من مازن الحمداني الذي اعتذر عن عدم حضوره نظرا لارتباطه مع كوكبة من أصدقائه لأجل الدراسة ، وثانيها كانت من عبد الجليل الذي وضع علامة تعجب مستهزئة لم تكترث له فدوما ما ينغس عليهم فرحتهم بأي شيء ، أيضا أكرم ابن خالها معتز قام بتهنئتهم بمودة وآخر شخص كان من المتوقع أن يرى تلك الصورة كان كسير القلب عليل الفؤااااد محتجزا بغرفة في ذلك المطار من قبل الأمن الخاص به لحين حضور شهاب الذي تكفل بإخراجه …

شهاب(نظر للصورة العائلية ولابتسامة ميرنا وحكيم وهز رأسه بعدم تصديق):- أجزم أن تلك العائلة لعنة علينا يا إلهي ولا واحدة فيهن مخلصة .. كلهن خااااائنات كاذباااااات والتلاعب بمشاعر الآخرين عندهن هواااااااااية

وائل(نهض محتدما):- لا تتحدث عن ميرنا بهذا الشكل رجاء يا شهاب …

شهاب(رفع يده وهو يسلمه هاتفه):- هااااه لم أقل شيئا أنا خذ هاتفك .. أوُأووون مهلا مهلا أعده لي ماااااا هذااا … وائل أخبرني بالله عليك ما الذي يفعله عمنا بحفل الزفاف ذاك ؟

وائل(عقد حاجبيه ونظر للصورة معه ووجد فؤاد واقفا بجانب نور ويمسح على شعر دينا):- حقا إنه عمناااا لطالماااا كان محبطا لنا يعني ما الجديد

شهاب:- هل ما يحدث حقيقي ؟؟؟ والله لو كانت ميرا من فعلت ذلك لما استغربت لكن ميرنا ميرنا يا وائل مستحييييل أن أصدق ، أكيد أكيد هنالك جانب آخر من الموضوع لا يزال مبهما

وائل(لو تدري يا شهاب لو تدري فقط يا ابن عمي):- أيا كان ذلك فقد اختارت بنفسها هذا المسار لذا لم يعد لي بها أدنى صلة ، ثم قد طلبت إقالتها من الشركة وعليك أن توقعها أنت أيضا يا شهاب

شهاب(جذب كرسيا وجلس مقابله):- لالالا يا حلو من قال لك ذلك بالعكس أنا سأتمسك بتواجدها أكثر من قبل ، ميرنا يستحيل أن تغادر شركتنا يا وائل من جهة هي تقوم بعمل جيد ولم تخذلنا حتى الآن وأيضا شركة هيرمكانا لا يرغبون بوسيط آخر بيننا سواها ، ومن جهة أخرى يجب أن تبقى تحت قبضتنا ونكسر عين ذلك المخبول ابن عمها

وائل(بجرح عميق في وجده):- أنا لا أريد أن أراها وهي على ذمة رجل آخر افهمني ، سأقتله لو حدث ذلك ألا تشعر بي ؟؟؟

شهاب(بتفكير ملي):- آه يا وائل أين كان مخبئا لنا هذا القدر التعيس ، أنت تعاني مع ميرنا وأنا أموت مع أختها أتصدق أنها استغفلتني ولعبت بي كالبهلوان لا والأدهى أخفت علي أمر ابني إبني يا واااااائل .. تتت

وائل(نسي همه وربت على كتفه):- مصيبتك هي مصيبتي لذا لنكمل بحثنا فأكيد أن الطفل هنا في روماااا وليس بمحل آخر

شهاب(بتفكير شارد):- ما ربما أعادوه لأرض الوطن يا وائل .. ما ظنك ؟

وائل(فكر أيضا):- لا أعتقد ذلك ففي المرة السابقة صادفت رستم بروما وقد أتى ليهددني بالابتعاد عن ميرنا وحديث تافه من ذا القبيل ، دعنا من هذا وأخبرني ما الذي قد يجعل رستم يترك جدي ليأتي إلى روما ويكلف نفسه بتهديدي ؟

شهاب:- معناه أنك لم تكن المقصود أبدا من تلك الزيارة وأنه قد أتى بسبب ابني

وائل:- طبعااا هذا هو .. لكن لما لا نقتصر علينا هذا الطريق الوعر ونسأله مباشرة عنه ؟

شهاب(احمرت عيناه شرا واستقام برفض):- مستحيل أن ألجأ إلى ذلك المجرم ، سأجد طفلي منفردااا بعيدا عنه وسأربيه بنفسي لا أعلم كيف لكن أكيد سأجد طريقة ثم تلك الساقطة لو مرَّت أقول لو مرَّت بالقرب منا سأقتلها

وائل(بتمعن):- أنت حقا تحبها

شهاب(بكره ولاّه ظهره):- كنت .. كنت قد بدأت ولكنني قتلت حبي فمشاعري لامرأة مثلها محرمة

وائل(مط شفتيه):- اففف أردت السفر بأية وسيلة الليلة لأمنع أختها من التمادي أكثر في ذلك الجنون ، لكن لم أجد ما يسعفني وجن جنوني لذا قمت بافتعال تلك المشكلة مع أمن المطار

شهاب(التفتت إليه وجذبه خلفه):- دعنا نخرج من هنا ، لا سفر يا وائل بدون ابني

وائل(لم ينصدم به):- أنااااااااني كالعادة

شهاب(يسير بجانبه):- رشواني صغير في الخط ثم ألا تشعر بالمرح قليلا كونك ستكون عمَّا لطفل رضيييييع ؟

وائل(هز شفته استغرابا منه):- والله أحس وكأنك وجدت لعبة تسليك ..

شهاب(ابتسم بحزن):- أتصدق أنني أب ؟؟

وائل(يسير بجانبه):- أصدق أصدق لكن ما يحيرني هو حماسك زائد كيفية تعاملك مع طفل

شهاب(مط شفتيه):- ههه والله ليست بمشكلة فالحمدلله ربي وهبني ابن عم لطيف ظريف أكيد سيساعدني في رعايته ، صح يا وائل صح صح صح صح ؟؟؟

وائل(تزلزل من يد شهاب التي وضعها على كتفه):- تمام تمام لنجده أولا وليكن خيرا ، اتصل بنادر لقد تأخر بالرد علينا بخصوص أصدقائه

شهاب:- اممم أتمنى أن يجدوا شيئا مهما في تلك الحضانة وإلا سأنهااااار أرضا

وائل:- اصبر يا شهاب سنجده في نهاية المطاف

شهاب:- نحن هنا منذ فترة ولا أثر للصغير حتى الآن.. وميرا تتصل كل لحظة ولا أجيبها

وائل:- كنت رد عليها ما ربما رحمتنا من البحث ودلتنا عليه

شهاب(عقد حاجبيه):- لا أريد أن يربطني بتلك المرأة أي شيء، حتى هذا الصغير سأسلبه منها لتشبع بفنها وحياتها المقيتة

وائل(توجس من حديثه وقبل أن يلجا السيارة):- ولكنها تبقى أمه

شهاب(فتح الباب وأعاد غلقه بقوة):- أممممممممه ؟؟؟ أين كانت أمه أخبرني ؟؟ بعيدة عنه هي في واد وهو في واد آخر تركته لجدك المجرم كي يربيه وأخذت تعيث فجورا هنا وهنااااك

وائل:- أنت أيضا كنت مثلها وشاركتها في ذلك فلا تلقي باللوم عليها فقط

شهاب(ابتلع غصة أليمة):- أقر أقر وأعترف لكنني لست مثلها فأنا لم أترك رضيعي كي أركض خلف الثروات والشهرة

وائل(زفر بعمق وجذب المفتاح من يد شهاب):- سأقود أنا اركب هناك

شهاب(عقد حاجبيه):- ولكن نفسيتك أيضا متأزمة دعني أقود أنا

وائل(برقت عيناه وهو يفتح باب السيارة):- اركب يا شهاب أنا سأقووود …

حرك شهاب رأسه وركب دون أن ينبس ببنت شفة ، أساسا لم يعد هنالك ما يقال فهو ممتن لوجود وائل معه في رحلة البحث عن ابنه … ابنه الذي ظهر من العدم حقا حقا إنه لأمر مثير للدهشة وسنعرف فيما بعد أين ومتى وكيف وصلتِ الأمور لما وصلت إليه .. لكن الآن لنا عودة لحفل الزفاف الذي انقلب إلى حفل توديع

سماح:- على فكرة هذا البكاء فأل سيء يا امرأة منكِ لها

مديحة(بحرقة):- دعيني أبكي فالليلة زفيت ولدي الحبيب وابنتي الغالية

ميرنا:- أوووه يا خالتي لا تحسسيني وكأنني ذاهبة للمهجر ، سأبقى معكم

حكيم(نكزها ببطء في خصرها حتى انتفضت):- تبقين معهم أين يا عمري ، احم هنا سنعيش

ميرنا(بابتسامة هزت رأسها):- قصدت أنني لن أجعلهم يحسون بغيابي مطلقا

عواطف:- يا روحي إنتي ما أجملكِ … اهئ اهئ

حكيم:-يا خالتي بالله عليكم أوقفوا هذا النوااااح أشعر وكأنني أخطفها

نهال(برقت عيناها):- امممم أعشق الخطف أنا

عفاف(بتنبيه):- بنت

كوثر:-والله لو أُختَطفُ أنا الأخرى أيضااااا يآآآآه

زياد(همس لها):- اخرسي وإلا فعلتها صدقاااا وأقول أنكِ أنتِ من طلبتِ ذلك

كوثر:- هههه مجنون

وصال(بتأمل):- يا بختك

جاسر(عقد حاجبيه وحرك شفته بتمتمة غريبة):- يا للجنون المتفشي بهذه البناااات لا أعلم ما الذي يحببنه في الارتباط يمتن ويتزوجن تتت …

نور(فركت يديها ببرودة):- يا الله

فؤاد(وقف بجانبها):- يمكنكِ أخذ إجازة هذه الفترة يعني للراحة

نور(نظرت إليه عميقا ولم تستطع إخفاء قلقها):- مشكور

فؤاد(انتبه للهجتها الساكنة):- هل لي أن أعرف ما يقلقك ؟

نور(صمتت وهي تنزل رأسها للأسفل ثم رفعته بتنهيدة خامدة):- ميرنا … ليست سعيدة أنظر لعينيها الكسيرة فيهما دموع تحاول إخفاءها بعناية كي لا تجعل أحدا يقلق بشأنها

فؤاد:- في هذه الحياة قد نرى أمورا يظهر لنا بأنها مفهومة وذلك بعد تعدادنا لعدة أسباب جعلتنا نصل لذلك الاستنتاج ، لكن صدقيني في الحقيقة دوما ما يكون هنالك أشياء خفية لا تظهر للعين المجردة هي فقط تُحَس وتُحتَوى

نور(بعدم فهم):- أتقصد بأنها مجبرة على هذا ؟

فؤاد(مط شفتيه):- حتى لو افترضنا أنها كذلك ميرنا عاقلة ولن تقدم على أي تصرف لو لم تكن قد درست كل جوانبه جيدا

نور(بتوجس):- الآن قد زدت حيرتي وخوفي ، أساسا لم يكن بمقدور ميرنا التخلي على وائل ولا هذا الأخير كان ليبقى ساكنا أمام هذا الحدث الجلل

فؤاد:- ومن قال لكِ أنه ساكن ، لقد جن جنونه وهو يحاول الوصول إلى هنا لإيقافها لكن حتى لو أتى حتى لو واجههما كان لهذا الزواج أن يتم

نور(باستغراب):- ما كل هذه الثقة ؟ أتعلم شيئا لا أعلمه أنا ؟

فؤاد(اقترب منها خطوة):- كل ما أعرفه أن الأيام القادمة صعبة .. لذا حاولي ألا تبتعدي عن أسرتك ، كوني قريبة منهم فلا أحد يضمن ما تخبؤه له الأيام

نور(رمقته وهو يترجل لأجل الرحيل وتبعته):- هيييه توقف أنت ، لقد لاحظت بأنك تتفلسف على أهلي منذ الصباح وتلتقط المواقف كي تظهر بمظهر الرجل المضحي أنا الآن أريد تفسيرا لما فعلته

فؤاد(توقف واستدار إليها):- وما الذي فعلته ؟

نور(صغرت فيه عينيها):- لما شهدت على زواج ميرنا ؟

فؤاد(صغر عينيه هو الآخر وبابتسامة ساخرة):- ومن قال أنني لأجل ميرنا فعلت ذلك…

نور(بتشويش):- مهلا ….

فؤاد(أشار لهمام الذي كان يقف بقرب الرجال):- أراكِ لاحقا يا مساعدتي الجميلة

نور(ظلت تستشيط غضبا وهمت بالرد عليه لولا ركض دينا تجاهه):- صبرا يا رب

دينا(عانقته بمودة):- عمو فؤااااد أكنت راحلا بدون أن تسلم علي ؟

فؤاد(وضع إصبعه على خدها):- أكيد لا يا حلوتي كنت سأمر لألقي عليكِ التحية ، هاه بماذا توصين العم فؤاد ؟

دينا(بتفكير مرح):- لقد وعدتني بأن تأخذني معك لحديقة الحيوانات كي تعرفني على أصدقائك النمور صح ؟

فؤاد(رفع حاجبيه):- والله إن وافقت أمكِ سأخصص لكِ يوما بطوله لأجل هذا الغرض

نور(تقدمت إليها وأمسكتها من ذراعها):- سنرى سنرى بهذا الخصوص والآن عمت مساء سيد فؤاد

فؤاد(مسح على خد دينا):- انتبهي لنفسكِ عزيزتي

دينا(وهي تلوح له):- أحبك عمو فؤاد

فؤاد(التفت إليها وطالعها بنظرة عميقة ثم انتقل بنفس النظرة تجاه نور):- وأنا أيضاااا أحبكِ

نور(تململت محلها وقد فهمت من مغزى حديثه الموجه إليها أنها رسالة مشفرة):- … لارد

انسحب مغادرا بعد أن تركها جامدة محلها في حين كانت دينا تطير فرحا وهي تلوح له باستمرار فرحا به ، وهذا ما جعل نور تقع فريسة نفسها فعلاقة ابنتها بذلك الشخص باتت وطيدة وفي كل مرة تتعلق به أكثر من السابق وهذا ما يقلقها لذا أرجحت أنها ستجد حلا مناسبا لإبعادهما فهي تخشى على صغيرتها من الوجع إن تعلقت به أكثر من اللازم وتركها … مسحت على شعرها وعادت أدراجها صوبهم للحد من ساعات التوديع التي دامت سنينا .. هنا انسحبت مرام بكرسيها على جنب مبتعدة عنهم وقد كانت تقفل الخط مرارا وتكرارا من الاتصال الذي أزعجها طوال ليلة الحفل ولكن بالأخير أجابت

مرام(بنرفزة):- نعم نعم ماذا تريد مني يا فريد ؟

فريد(تنهد بأريحية):- أخيرا أجبتني يا مرام ، ظللت الليل بطوله أحاول الوصول إليكِ لما أنتِ قاسية بهذا الشكل معي ؟

مرام(بدموع):- أنا قاسية يا فريد وماذا عنك أنت ؟؟؟ اسمعني لقد كنت واضحة معك آخر مرة دعني وشأني وانس أمري يكفينا ما جاء منكم ، ثم ثم أنا لا زلت ألوم نفسي عن سكوتي ما كان يجب أن أرضخ لتهديدات أبيك

فريد(مسح على شعره بقوة):- أمي في المستشفى الآن حالتها صعبة جدا ، وفردوس تظل تبكي بقربها وأحيانا تختفي من أمامي ولا أدري حتى إلى أين ذهبت ولا مع من تقضي وقتها ، أما أبي فقد اختفى مع ابنة عمك والله أعلم إلى أين أخذهاااا بعد أن انكشف كل شيء

مرام:- أنت تعلم لو حدث لها مكروه عائلتي لن تسكت وستلاحق أباك حتى تزج به في السجن ليتعلم كيف يؤذي مرة أخرى بنات الناس ، تتت أكاد لا أصدق أكاد لا أصدق أنك كذبت علي

فريد(بتعب):- يا مرامي يا حبيبتي …

مرام(صرخت فيه ببكاء):- لا تقل حبيبتي أنا لست حبيبتك لست كذللللللللك

فريد(تأوه عميقا وتابع حديثه):- أقسم لكِ أنني أخفيت عنكِ الأمر خوفا عليكِ، أنا أيضا حين اكتشفته صعقت وما كان بيدي حيلة

مرام(مسحت أنفها وهي تبكي بحرقة):- أنا لم أشعر ولا لحظة بعجزي طيلة معرفتي بك ، لكن أنت عاملتني كذلك حين أخفيت عني الأمر … رجاء لا أريد أن أعرف عنكم شيئا وسأنتظر منك تحقيق طلب أخير لي وهو أن تعيد لنا ابنة عمي و فققققققط .. تيت تيت

فريد(ضرب برأسه الحائط خلفه وهو يرمي بيده على جنبه بغبن):- آه يا حسام يا نهواني أرأيت إلى أين أوصلتنا نزواااااااااااتك أرأيت …. تبااااااااااااااا

هاني(مسح على فكه واقترب منه):- فريد .. لقد استيقظت أمك وتريد رؤيتك

فريد(نظر إلى الفراغ):- أشكرك أستاذ هاني على مواساتك لنا طيلة هذه الأيام ، أنت تتعب كثيرا معنا أتمنى أن نعيد لك القليل من واجبك في الأفراح

هاني(ابتلع ريقه بوجع):- فقط لتكون الأستاذة جيداء بخير وقتها سأكون بخير ، لا تقلق طمأنتني أختي بشرى عنها حالتها مستقرة الآن وبعد فترة يمكنك اصطحابها للبيت

فريد(بقلة حيلة):- ممتن لكما حقا ..

سحب رجليه سحبا نحو غرفة أمه التي كانت تنظر إلى الفراغ هي الأخرى غائبة في ملكوت لوحدها ، كيف لا وقد صدمت صدمة لم تكن تتوقعها إطلاقا في زوجها الذي منحته وجودا في حياتها لم يكن يحظى به أحد .. لقد خذلها بشتى الطرق الممكنة تجريحا وكسرا وخيبة وخذلانا لم يترك أي شيء لم يقدم عليه فخياناته السابقة لها مع عشيقاته كلها في كفة وزواجه من امرأة أخرى غيرها في كفة أخرى ، والأدهى أنها حامل منه وأن زواجه منها تم بزفاف واحتفال أمام أهلها وغيره وغيره من المصائب المتتالية … تنهدت بغبن وقد تساقطت دمعتين من عينيها يمينا وشمالا فقد كان رأسها مسمرا في السقف الأبيض في حين كانت الطبيبة بشرى تقوم بمعاينة ضغطها للاطمئنان …

بشرى:- ستصبحين بخير يا جيداء ، لا ترهقي نفسكِ بالتفكير كل ما هو مقدر من الله إلا وله حكمة من عنده كوني قوية رجاااء

جيداء(بصوت مبحوح):- أريد أولادي .. أين هما ؟؟

بشرى(مصت شفتيها ببسمة دعم):- سأدعكِ ترين ابنكِ

خرجت بشرى من الغرفة ووجدت فريد يمسح على فكه وهاني يربت على كتفه كي يدخل إلى أمه التي استصعب عليه النظر إلى عينيها المكلومة ..

هاني:- كن قويا لأجلها يا فريد .. هيا

فريد(هز رأسه بزفرة عميقة ودخل إليها ، وجدها مغمضة العينين وكم كان ممتنا لذلك على الأقل لحين يرتب أفكاره):- أمي ..

جيداء(فتحت عينيها على دموع ساخنة تجري كالنهر الهادر):- فريد ..

فريد(اقترب منها بهدوء وأطل عليها بنظرة عين لا تبتغي رؤيتها وهي بذلك الضعف):- ها يا أمي أنا معكِ هنا ولن أترككِ

جيداء(بتثاقل أليم):- أين هي أختك فردوس ؟

فريد(اصطنع بسمة خافتة):- مع رورو ربما لا أدري أ.. أقصد لقد اتصلت بي وأخبرتني أنها ببيتها لا تقلقي عليها يا أمي

جيداء(بحزن):- اعتني بأختك جيدا يا فريد وحاذر من أن تفلت منك في عز هذه الأزمة ، يجب أن نبقى صامدين ولا نسمح بتفكك أسرتنا أكثر أحضرها لي يا بني أريد رؤيتها

فريد(قبل جبينها ويدها):- سآتيك بها يا أم فريد فقط عودي إلينا بخير وعلى خير ، ما هي إلا أزمة وستمر وسنعود لسابق عهدنا … ثلاثتنا فقط هممم

جيداء(انفجرت بكاء):- اهئ اهئ لقد أحرقني أبووووك يا فريد لقد غدر بي غدر بي

فريد(اعتصر رأسها في حضنه بحرقة عليها):- إلا دموعكِ يا أمي أرجوكِ لا تبكي هو لا يستحق منكِ هذا الحزن ، كنا نعرف بأنه كذلك فأرجوكِ لا تدعي شيئا يؤثر على سير حياتنا سنعود أقوى من الأول وشركتنا ستقف على أقدامها .. الإفلاس لا يعني النهاية

جيداء(بغبن):- إرث أجدادك ضاع يا فريد بسبب أبيك أفلستِ الشركة ..

فريد:- أعداؤه ارتدّوا عليه وقاموا بذلك ، لكن لا تقلقي كل الموظفين على قدم وساق يسعون لاستردادها ودون مقابل حتى

جيداء(بلمحة أمل):- أحقا ؟؟

فريد(مسح على شعرها بحنان):- أكيد صدقيني فالسيد معاد قد استلم بنفسه زمام الأمور ، وهو الذي يقوم بجهده في إدارة الموظفين كي يحد من الأضرار الجسيمة التي أصابتنا

جيداء(أغمضت عينيها بثقل وفتحتهما):- أسعدتني بهذا الخبر بالرغم من أن قلبي مطعوووون ..

فريد:- لا تفكري هكذا أمي ، لستِ أول امرأة أو آخر امرأة تزوج زوجها عليها لذا عودي إلينا أمنا القوية التي لا يهزمها شيء … ثم أنا قد كلمت إحدى معارفي فور تحسنكِ ستقومين بإيقاف التوكيل العام لأبي وتجردينه من كل صلاحياته بالشركة وبالبنوك يجب ألا نترك له ما يعيث به فسادا في مخاليق الله

جيداء(أعجبت بابنها):- لقد كبرت يا حبيبي وأصبحت تدافع عن أمك وحقوقها ، حفظك الله لي ورعاك وأنا معك في كل ما ستقوم به … لكن قبلا آتني بأختك اشتقت إليها

فريد:- حاضر يا ست جيداء أوامركِ مجابة ..

جيداء(لمست الحزن بعينيه):- ألا زالت لا ترد عليك ؟

فريد(بتنبه):- معها حق في الغضب مني أنا كذبت عليها وأخفيت عنها أمورا ما كان يجب أن أسكت عنها

جيداء:- مرام طيبة يا فريد وتتعامل بروحها وقلبها العطوف ، امنحها بعض الوقت

فريد:- آه يا أمي وأنتِ في أزمتكِ تدعمينني لكن لا بأس ،كوني أنتِ بخير وستتعدل بقية الأمور والآن سأترككِ في عهدة الطبيبة بشرى والأستاذ هاني وأذهب لأتفقد فردوس

جيداء(بحرج):- أخبرتهما أنه لا داعي من عذابهما معنا لكنهما يأبيان فراقي ..

فريد:- جيد أنه لا يزال في هذا العالم ناس أخيار تطمئنين لهم

جيداء(تذكرت مأساتها):- فريد… لو سمحت حين تأتي بالمحامي معرفتك لأجل سحب الوكالة من أبيك دعه يحضر لي أوراقا أخرى سأطلبها منك

فريد(عقد حاجبيه وهو ينتظرها تتمم جملتها):- أوراق ماذا ماما ؟

جيداء(مسحت دموعها بجمود وبنظرة قاسية):- أوراق الطلاق …

من حقها أن تطلب ذلك وما أزيد ، لكن فريد حين سمع بتلك الكلمة شعر بأنه تلك اللحظة قد خسر أباه للأبد ويستحيل أن تسامحه جيداء على ما فعله بها وإن حاول أبد الدهر ، ما كان عليه سوى موافقتها على ما تبتغيه لعلها تحظى ببعض الراحة وتشفى جراحها بفراقه رسميا .. تركها في رعاية هاني وأخته بشرى التي كانت لطيفة معها وأشفقت عليها بعد المصاب الذي نالته من زوج لا يستحق ، وأيضا لأن أخاها أوصاها بها وهو نفسه كان حزينا لأجلها فسيدة طيبة مثل جيداء لا تستحق هذا المنال ….هنا كان فريد قد غادر المشفى في طريقه لبيت رورو صديقة أخته فردوس وفور وصوله إليها اتصل بداية كي لا يزعجها في وقت متأخر كذاك ولكن الأمر الصادم أنها أخبرته بعدم تواجد فردوس معها وأنها لم ترها ذلك اليوم نهائيا بعد أن غادرتها في ذلك الصباح ، وهذا ما جعله جنونه يجن فهو لم يرى أخته منذ ليلة أمس وحاول مرارا وتكرارا أن يتصل بها لكن هاتفها كان مغلقا طوال الوقت وهذا ما جعله يرتعب أكثر … مسح على فكه وضرب على مقوده لا يدري أين سيبحث عنها فكر أن يتوجه صوب بيتهم لربما كانت هناك وبالفعل ذهب ومع الأسف لم يجدها وهذا ما زاده رعبا على رعب …

فريد(بخوف):- أين ذهبتِ يا فردوس أين أين …؟؟؟ تتت بمن سأستنجد الآن ليساعدني بمن إياد ربما لكن لا هو بحفلة ميرنا ، طيب من حتى تيمو والجماعة في فسحة خارج حدود المدينة تت … أهااااه مازن الحمداني هذا من سيجد معي الحل / ….(أخرج هاتفه بسرعة واتصل) ألو مازن هذا أنا فريد أعتذر إن كنت أتصل بوقت متأخر هل أيقظتك ؟

مازن(نهض من سريره بارتياب):- لا عليك يا صاح .. تحدث هل هنالك مشكلة ؟

فريد(مسح على شعره):- بصراحة أجل .. نحن نمر بفترة عصيبة وفردوس مضطربة جدا لم تعد للبيت منذ ليلة أمس في البدء اعتقدت أنها لا تزال عند صديقتها لكن توضح لي العكس الآن ، ولا أدري أين سأبحث عنها

مازن(استقام مباشرة وفتح دولابه):- له له عيب عليك يا رجل ألاّ تخبرني قبل الآن ، عموما أرسل لي عنوانك سآتي إليك فورا وسنبحث عنها في كل مكان في مخافر الشرطة في المستشفيات في كل مكان

فريد(بخوف):- أيعقل أنها قد تعرضت لمكروه ؟

مازن(بعدم معرفة):- تت أرسل لي العنوان فورا فورا يا فريد .. أنا في طريقي إليك

بسرعة البرق ارتدى ثيابه بعشوائية وأمسك هاتفه ومفاتيح سيارته ونزل ركضا ، لكن استوقفه تامر الذي كان يدرس بالحديقة الخلفية وركض تجاهه بقلق

تامر:- مازن مازن ..

مازن(ركب سيارته بسرعة):- تامر لا وقت لدي الأمر طارئ

تامر:- أخبرني ما الأمر حالك لا يعجب ؟

مازن(رمش بعينيه وفكر مليا):- في الحقيقة اثنان أحسن من واحد ، أحضر السيارة والْحَق بي هنالك فتاة مفقودة .. سأفسر لك عبر الهاتف أثناء طريقنا ماشي

تامر(بلهفة وقلق):- حسن حسن سأكون خلفك اسبقني …

القلق والخوف عنوان لرحلة مازن وتامر اللذين انطلقا بسرعة خارقة صوب بيت فريد وفور وصولهما إليه ، تقاسم الثلاثة المهمات فقد تكفل تامر بالمستشفيات بينما توجه مازن صوب مخافر الشرطة أما فريد فقد انطلق صوب المقاهي التي كانت ترتادها أخته ، وبعض العناوين أخذها من رورو صديقتها التي أذاعت خبر اختفائها بين شلتهم وبالفعل لم يكذبوا خبرا بل نزل البعض ليساهم في البحث عنها ،، أمضوا وقتا لا بأس به في البحث ولكن دون أمل يرجى فلم يظهر لها أثر حتى الآن وهذا ما أضفى لمحة وجل في قلوب الكل ..

مازن(وضع يده على جانبه):- يعني ألا تملك أية صديقة أخرى يمكن أن تكون عندها ؟

فريد(كان يجلس وهو يضع يده على رأسه بهلع):- لا يوجد يا مازن ، ثم إن كل الأماكن التي ترتادها قد تفقدناها ولا شيء يذكر

تامر:- تت ربما ذهبت لإحدى المقاهي الليلة ما رأيكما ؟

مازن:- هي فكرة معقولة ما رأيك يا فريد ؟

فريد(نهض وهو يجر رجليه بثقل):- لنبحث في أي مكان المهم أن نجدها قبل مطلع الفجر

مازن(لاحظ غبنه على أخته):- تمام لنتقاسم سوف أرتاد المقاهي وسط المدينة وأنتما حاولا البحث في حدودها كلا على حدة برفقة البقية ومن يجدها يبعث بخبر للكل ، اتفقنااا ؟

تامر:- تمام هيا بنا

فريد(زفر بعمق والخوف بدا جليا على ملامحه):- تمام

مازن(ابتلع ريقه وربت على ذراعه):- سنجدها يا فريد لا تقلق ، فردوس ليست فتاة طائشة مؤكد أنها متأثرة بخبر انفصال والديكما لذلك ربما هي تستفرد بنفسها قليلا فقط

تامر:- أرجح أيضا أن الأمر كذلك

فريد:- لنبدأ البحث والكمال على الله …

تفرق الكل من جديد وتوجهوا صوب المقاهي الليلة والمراقص فهذه هي الأفكار المتبقية لهم ، والتي بمقدور فتاة بائسة ارتيادها والحظ لم يكن حليف أحد سوى مازن الذي عثر عليها بإحدى المقاهي وسط المرقص في حالة ثملة بين شلة من الشباب الطائشين وفي حالة يرثى لها لا شكلا ولا ذاتيااااا ..

مازن(بحنق تقدم إليها):- فردوووس …

فردوس(انتبهت له وصرخت بحماس):- ماااااااازن يا جماعة إنه ماااازن يا سلام ههه

مازن(مص شفتيه ونظر حوله قبل أن يتقدم لداخل المرقص ويجذبها من يدها):- سترافقينني الآن يا فردوس أخوكِ يبحث عنك في كل مكان وقد جن جنونه عليكِ

فردوس(جذبت يدها منه بقوة):- دعني وشأني أنت لست مسؤولا عني لا أحد له دخل بحياتي ، حتى بابا لم يعد له أدنى صلة فيني لقد انتهى عهد سيطرته انتهىىىىىىىى

مازن:- تت أعلم أنكِ حزينة لهذا ولكن هذه سنة الحياة ، لا يسعكِ تغييرها يا فردوس بالعكس عليكِ أن تكوني متفاعلة وليس متذمرة تزيد الأمور سوءا

فردوس(صرخت فيه بعلو صوتها نظرا للموسيقى الصادحة):- أنت ما شأنك بي قلت لك ارررررررررحل ولا تحدثني عنهم

مازن(أغمض عينيه لحظة ثم فتحهما قبل أن يمسكها بالقوة):- ستغادرين معي أخبريني أين أغراضكِ هيااااا لا وقت لي لدلال الفتيات هذاااا

فردوس(دفعته عنها ولكنه كان أقوى منها لذا بانهيار):- اهئ دعني أنسى همووووومي هنااا أنت لا تعلم ماذا فعل بابا .. لقد لقد شوه صورته بنظري أنا أكرهه أكررررررررههم جميعا أكره الناس كلهاااااااااااااااااااا اهئ

مازن(تفهم انكسارها وبحزن استقبل انتفاضتها المجنونة):- مع ذلك سترحلين معي هيا …

لم يترك لها مجالا لتعترض أكثر ، جذبها خلفه نحو الخارج وجلب أغراضها أيضا ، جعلها تركب بجانبه وانطلق صوب بيتها بعد أن اتصل بفريد وطمأنه عليها وهنا توقف البحث عنها وارتاح قلب الكل … لكن قلبها هي هل سيرتاح ظلت تبكي وتبكي وهي بسيارته تارة تضحك بصخب وتارة تصرخ لحين أجبرته على إيقاف سيارته جانبيا على الطريق كي تستفرغ …

مازن(نظر إليها بأسى ، كانت تبكي دون توقف وهي تمسح فمها بالمنديل المبلل الذي أعطاه لها فور خروجها من هناك):- الآن ماذا بعد هذا الحال ؟ تثملين وبعدها تستفرغين في الشارع مثل أولئك الفتيات اللاتي لا يملكن أدنى ذرة شعور بالمسؤولية حولهن ؟؟

فردوس(بقهر):- أنا تعيسة

مازن(أشفق على حالها وأوقف محرك السيارة):- لا أحد في هذه الحياة سعيد

فردوس(مطت شفتيها):- أنت كذلك

مازن(ضحك بغبن):- ههه وهل يظهر لكِ ذلك من خلال بسمتي وحماستي وغيره وغيره ، طيب ماذا عن شخصي الداخلي هل هو سعيد أيضا ؟؟ فردوس كل عائلة تمر بأزمات وطبيعي جدا أن تحدث مثل هذه الأمور يعني ..

فردوس(بمرارة):- هل تجرعت طعم الخيانة يومااااا ؟ .. أمي تجرعتها طوال حياتها والخائن أبي الذي طعننا بشدة بعد زواجه من امرأة أخرى عدا أمي التي وهبته عمرها وكل ما يتمناه الرجل … يعني لا أجد له مبررا على فعلته الشنيعة تلك لم يغدرها هي فقط بل غدر محبتي واحترامي له أنا وأخي …

مازن(أشفق عليها):- أنتِ تعذبين نفسكِ كثيرا يا فردوس ، خذي الجانب البسيط من الموضوع وتمسكي به هناك أمكِ المتعبة بالمشفى والتي بحاجة لمساندتكِ الآن أكثر من أي وقت ، فبماذا سيفيدها سهركِ وإنكاركِ للفاجعة بطريقتكِ الطائشة هاته ؟؟

فردوس(شعرت بتأنيب الضمير حيال أمها):- أكيد هي غاضبة مني الآن ، وفريد أيضا

مازن:- خذي كلميه هو يتحرق خوفا للاطمئنان عليكِ ، سأصطحبكِ للبيت لتستحمي وتنامي وغدا صباحا ستكون بالمشفى رفقة أمك ماشي

فردوس(استشعرت راحة من حديثه):- أنا خجلة جدا لأنك رأيتني على هذا الحال

مازن(غمزها بخفة وأدار محرك السيارة):- اعتبريه دينا عليكِ ستردينه لي يوما ما

فردوس(بإشراقة):- طبعا هذا واجبي

مازن(لامس ارتياحها وقاد بهدوء):- حين تكونين متسامحة ستصبح الأمور كلها بخير

فردوس:- صعب أن أنسى جرح بابا لنا لكن سوف لن أكون متعِبة يكفينا عذابا

مازن:- جيد أنكِ مرتاحة الآن …

استطاع بطيبوبته أن يجعلها تؤمن أن الحياة ليست دوما منصفة ففي بعض الأحيان تصدمنا بأذية أقرب الناس لنا ، وهذا شيء وارد يتوجب التأقلم معه لا التملص منه .. آه حين وصل بها إلى بيتها كيف استقبلها فريد بأحضانه الخائفة لم يقوى على إخفاء فرحته بسلامتها

فريد(مسح على شعرها وقبل جبينها بحرارة وهو يضمها إليه):- حبيبتي يا فردوسي أناااا سلامتك يا عمري ، لا تعيدي ما فعلته مرة أخرى وإلا سأغضب منكِ هاه

فردوس(ببكاء):- أعتذر منك يا أخي الحبيب لن أعيدها مرة أخرى أبدا أبدااا ..

فريد:- طيب يا روحي آآآه كم أنا فرح بعودتكِ لي سالمة غانمة ، لقد جهزت لكِ بعض الأكل فور استحمامكِ سنتناوله سوية ماشي

فردوس(ابتسمت له):- حسن يا أخي وشكرا لك يا مازن مجددا .. أنت أيضا يا تامر ممتنة لك وسامحوني على هذا القلق

تامر:- على الرحب والسعة آنسة فردوس سأنسحب أنا الآن لأعود للقصر .. مازن ؟

مازن(حك أنفه بشرود):- انتظرني سنترافق سوية في الطريق ، أنا أيضا مغادر وسأتمنى لكِ ليلة هانئة

فريد:- لا أدري كيف سأشكركما على كل ما فعلتماه لأجلي وأجل أختي ، حقاااا أنتما قمة الشهامة والنقاء

مازن:- ولو واجبناااا …

ابتسم الكل بارتياح وغادر كل من مازن وتامر تاركين الإخوة مع بعضهم في عناق أخوي يترجم كل معالم الخوف والصبر والألم ، تعاهدا على صنع مستقبلهما بعيدا عن الأوجاع فقط لتتحسن أمهما وسيبدأ الثلاثة صفحة جديدة بعيدا عن براثن أبيهم الذي سرق منهم بسمتهم ورحل إلى غير رجعة …..

ها هو ذا يجلس في ردهة بيت أرضي بإحدى المزارع التي يملكها خفية عن أسرته ، يدخن بشراهة سجائره ويستسيغ أنين دعاء من محله وكأنه يستطيب له بل يريحه أكثر ويجعله منتشيا بصوتها أكثر فأكثر … كانت هي في الداخل تتلوى على السرير من شدة الألم تشد على لحاف السرير وتطلقه حينا ، عيناها محمرتان من شدة الدموع وبهما هالات سوداء ترافق شحوب وجهها ونحافته التي تنم عن سوء التغذية وأيضا عن المرض ، فالخبيث قد أخرجها من المشفى قبل حتى أن تنهي علاجها خصوصا بعد تلك الفضيحة لم يعد يرى الطريق أمامه اختطفها دون تردد وجلبها إلى هذه المزرعة البعيدة للقصاص منها وتعذيبها رويدا رويدا كونها السبب في كل ما يحدث معه من البداية …لقد أصبح شريرا بشكل يقشعر له البدن وهذا ما كان يقتلها فقد اختفى تماما الرجل الذي عرفته السنتين الماضيتين ومنحته أكثر مما يستحق أين ذهب ذلك الحب الأفلاطوني وتلك الوعود الكاذبة ، لقد تلاعب بها واستغلها بطريقة مهينة جعلتها في مكانة العاهرات تماما ، هذا ما كانت تستشعره ويزيد من لوعة قلبها فلا هي بقادرة على الوصول لأهلها للاستنجاد بهم ولا هي قادرة على العودة إليهم بعد فضيحتها تلك كيف ستخبرهم بكل ما حدث معها أكيد سيقومون بطردها من حياتهم إلى ما لا رجعة ولن يقبل بها أحد بعد اليوم .. كل هذا كان يعذبها داخليا فهي التي استحبت هذا القدر التعيس لحياتها إذن فلتتحمل العواقب إلى آخر الخط … ازداد نحيبها في اللحظات الأخيرة وهذا ما جعله يشعر بالضجر وينهض من محله متوجها إليها

حسام:- يكفي يكفي نحيبا ماذا تريدين ؟

دعاء(بكره):- أريد موتك فلتحترق في الجحيم أيها التافه

حسام(أشار لها بنفاذ صبر):- إن لم تصمتي سأضربكِ مجددا وأعلقكِ بدعامة الحديد الحائطية حتى الصباح

دعاء(بصقت في وجهه بدون شعور):- أشعر معك بالتقزز أيها الحقير ، بئسااااا لك

حسام(مسح وجهه بيده وابتسم لها):- افعلي ما تشائين أنتِ من هنا لن تخرجي

دعاء(ببكاء ونحيب):- سوف أهرب منك يا غبي وسأجعلك تدفع الثمن ، صدقني سأحرقك بيداي هاتين ثق بي

حسام(ضحك بضحكة مجلجلة وهو يغادرها):- أرني ماذا ستفعلين يا حلوة هاهاهاااا

دعاء(ضربت بيدها جنبات السرير ونظرت ليدها المكبلة بالقيود بحافة السرير الحديدية وبقهر باك):- سأقتلك يا نهواني فقط فقط لو تفك قيدي وسترى ما سأفعله بك ،،، اهئ أين أنتِ يا نوووور أين أنتِ يا أختي ……


لم تغفل ذكراها عن عقل نور فقد كانت تنتظر هي الأخرى رد رجال حكيم الذين لم يتركوا مكانا لم يبحثوا فيه عنها ، حتى بحدوث الزفاف السريع لم يكن حكيم ليرتاح بالا بل ظل يسأل عن أي خبر يوصله إلى أخته لكن مع الأسف لا يزال البحث جاريا حتى الآن …كان يعلم أن تصرفا دنيئا مثل هذا سيأتي من شخصية حقيرة مثل حسام خصوصا وأن حكيم قد أفلس له الشركة وجعله عرضة للفضيحة أمام أعدائه ، وردة فعل حسام جاءت بسيطة بعد الذي حدث فلا هو ولا نور كانا على دراية بمعرفة مرام بالموضوع التي أخفته هي الأخرى عنهم خشية معرفتهم بالأمر وقيام القيامة على رأس دعاء ، المسكينة اعتقدت أنها ستحميها لكن هيهات حين تتشابك الأمور لا يعود هنالك حل بديل سوى الانتظار لحكمة الأقدار … استطاعت أخيرا أن تستقر على سريرها وتنفض عقلها من كل تلك الأفكار المؤذية فخوفها على دعاء كان عميقا جدا بالرغم من كل ما يجري حولهم ، هي موقنة أن حسام لن يؤذيها لكنه سيعذبها وهذا ما يؤلمها في الصميم .. نهضت من سريرها وتوجهت صوب غرفة ابنتها لتتفقدها وجدتها في سبات عميق تمسك بقلادة فؤاد بيدها الصغيرة وكأنها تحتمي بها ، وهذا ما أثار ذعر نور فهي قلقة حيال هذه العلاقة ولا يسعها شيء سوى الخنوع للأمر الواقع .. نظرت تجاه نهال التي كانت نائمة هي الأخرى بدون غطاء فدلفت وقامت برفع الغطاء عليها وتركتها لتغفو بأريحية ونزلت للأسفل قصد شرب فنجان حليب يساعدها على النوم فتفاجئت بوجود مديحة بالمطبخ

نور:- خالتي ما الذي تفعلينه بهذا الوقت المتأخر هنا ؟

مديحة(فركت يديها ورفعت رأسها لنور):- لا شيء ، لقد جافاني النوم فقط

نور(جذبت كرسيا وجلست مقابلها):- أخبريني يا مديحة ما الذي يقلق مضجعكِ الليلة ، مفروض أنها ليلة فرح هممم ؟

مديحة(تأوهت بعمق):- مصير علاقة حكيم وميرنا يشغلني كثيرا لا أدري إلى أين سيمضيان ولا ماذا سيحدث بينهما ، ثم عقلية كل منهما مختلفة كيف سيتفاهمان ؟

نور:- هههه خالتي ماذا تهذين حكيم لن يسمح لأي شيء أن يزعج خاطر ميرنا ، سيفعل أي شيء كي تكون مرتاحة معه ولا تبتعد عنه

مديحة:- هذا هو بيت القصيد ، حكيم سيشتري راحتها لكن إن لم تكن راحة نابعة من القلب أكيد ستفلس ذات يوم وتتخلى عنه

نور(عقدت حاجبيها بتأوه):- أنتِ تستبقين الأحداث كثيرا خالتي ، الليلة ليلتهما الأولى يعني حاولي أن تجعلي تفكيركِ محصورا في أشياء لطيفة يعني هكذا وهكذاااا

مديحة(صغرت عينيها فيها):- بنت تأدبي مع خالتك

نور:- هوووهوه ماذا قلنا هذه أمور اعتيادية ، أنتم فقط من يتحسس منها بشكل محير

مديحة(رفعت حاجبيها ونهضت):- سأكمل سهرتي بغرفتي فالحديث معكِ يصيبني بالصداع

نور:- اهربي اهربي سامحكِ الله ، ثم لما أنا الوحيدة التي تفكر بشكل عملي بهذا البيت هاااه ، أستغفر الله هل قلت شيئا غريبا مثلااااا يشعرونني وكأنني أشجع على الرذيلة ههه … افف

شعرت بالحنين لتلك المتمردة فنهضت من محلها وتوجهت صوب غرفتها أشعلت الضوء بها ونظرت حولها بحزن لأغراضها الشخصية لدولابها لسريرها لمكتبها ،كيف تزوجت بهذه السرعة وفارقتهم كيف ستسكن بمكان آخر غير بيتهم .. الآن فقط استشعرت غياب ميرنا في العادة تكون نائمة في سريرها والليلة هي في سرير آخر سرير مليء بالأشواااااااك …

ها هي ذي تجلس على سرير غريب عن سريرها بفستان نوم بيتي في لون الليل ذو نجوم صغيرة وشعرها كانت تلقيه خلف كتفيها بأريحية تنظر بشرود نحو النافذة مباشرة نحو السماء الغائمة ، السماء الحزينة بهذا التغيير الذي طرأ على حياتها فجأة .. أمسكت بوشاح أبيض ووضعته على كتفيها وخرجت إلى شرفة غرفتها تناظر البحر أمامها وكل ما خلق ليشمل تلك الإطلالة المصحوبة بلفحة البرد الناعمة إضافة لرائحة البحر المنعشة التي كانت تلفح وجهها بأطيب العطور … كم بدا لون السماء جميلا حتى نجومه التي كانت تلمع حينا وتختفي تحت الغيم حينا آخر كانت تشعرها بالراحة ولو قليلا ، فأي راحة قد تزور قلبها بعد أن اقتلعته من جذوره ورمت به في هاوية المجهوووول … رمت بثقل جسمها على حافة الشرفة وسمحت لدمعاتها بأن تخرج من محاجرها فيكفيها كبتا لها وتخزيناااا ، ازدادت وتيرة بكائها لحين تحولت لنحيب متواصل فها هي ترمي بأقنعتها أرضا وتكشف عن ضعفها وحرقتها الكامنة فيها ، لقد قتلوا قلبها وغصبوها على هذا الزوااااج لكن لماااذا هي الوحيدة التي كتب عليها أن تدفع هذا الثمن الباهض ؟ لما جعلوها تموت ألف مرة ومرة بعد فراقها من وائل وزواجها من حكيم كيف السبيل الآن فقد أحرقت الجميع معها في محرقة تضحيتها التي لا يظهر بعد ما إذا كانت ستوصلها لطريق يُسهل عليها قضيتها أم أن هذا سيتعبها أكثر ويجعل الأمور تتعقد …

البكاء المرير والحرقة المسيطرة على كل ذرة فيها والغبن المصحوب بخيبات الأمل المتتالية ،كلها صاحبت عقلها المتعب ، ها قد وصلت إلى مفترق طرق وحكم على علاقتها مع وائل بالموت حتى وإن كان على دراية تامة بهذه التضحية لكن مؤكد أن ندوب هذا الفراق ستؤثر سلبا على قلبيهما فهو هناك تعيس غاضب حزين ، وهي هنا بائسة تنعي حظها الذي أوقعها في شرك خليفة إبليس الذي لا يهاب شيئا .. ظلت تبكي دون توقف حتى نحيبها تلاشى من فرط الشهيق والزفير انتفخت عيناها وتطبعت باللون الوردي الداكن حتى أنفها ووجنتيها صاحبتا هذا الفراق الحزين، تريده تريد فقط أن ترتمي في حضنه وتنسى كل همومها لكنه بعيد ولم يعد بمقدورها ضمه إلى صدرها والتشبع بعطفه وحنانه ، لقد حرموها منه وحرموه منها كل هذا عبر نرجسية وسلطة الأقوى … ارتخت عضلاتها من شدة الألم وجلست أرضا منهارة القوى كسيرة الوجد محطمة القلب .. كم صعب عليه أن يراها بذلك الشكل فلم يكن يتوقع أبدا أن يلمس حزنها المرير على فراقها بمحبوب قلبها تلك اللحظة ، لقد أتى فقط ليطمئن عليها لكنه صدم بها جالسة تحت الشرفة تبكي بصمت … انطلق إليها هلعا وأمسك بها بين ذراعيه كم كانت هشة وكم بدت رقيقة بعيونها الوردية اللامعة

حكيم(قوس حاجبيه ووجهه في وجهها يبحث عن أجوبة لفؤاده):- كفاكِ تعذيبا لنفسك كفاكِ يا ميرنااااا

ميرنا(أغمضت عينيها بتعب من فرط البكاء):- أشعر بالخواء في داخلي ،،أريد وائل أرييييييده أحضر لي وائل

حكيم(بطعم الصدأ في فمه):- لو لم أكن ميتا في هواكِ ، لأعلنت الآن لحظة موتي بعد هذا الكلام

ميرنا(لم تصغي لكلماته بقدر ما ركزت في كلمة الموت):- أرغب بأن بأن أموووت …عيشي بدونه مستحيل أنا أختنق في بعاده عني كل شيء يضيق من حولي ويزيدني كآبة

حكيم(أمسك بيدها وقد تجاوز رغما ما تفوهت به من كلام جارح):- ستمرضين هنا الجو بارد

ميرنا(هزت رأسها رفضا وهي تنهض إجبارا عليها من شدة ضعفها):- ألم تسمع شيئا مما قلته لك ،أنا أريد واااائل لا أريدك أنت لا أريد أحدااااا غيره أحضره لي إن كنت تحبني

حكيم(لم يولي حديثها اهتماما وتابع محاولة إيقافها):- رافقيني

ميرنا(تشبثت بحافة الشرفة برفض):- دعني لن أخضع لسلطتك علي أسمعتني …

حكيم(تركها وهو يتنهد بنفاذ صبر):- ميرنا أنا لست حنونا جداااا في ساعات غضبي ، لذااا رافقيني للداخل وكفاكِ شقاوة هااااهنا اكبري اكبري إذا كنتِ تريدين معاملة الكبار فكوني أساسا كذلك ولا تتهربي مثل الأطفال … أنا وأنتِ في خضم هذا الأمر أتظنين بأنه سهل علي أن أمارس هذه المسرحية فقط كي أنفذ طلبات ذلك الوغد وأحميكِ منه ؟؟؟؟

ميرنا(بغمغمة حزن):- أظنك ممتنا لهذاااا

حكيم(بألم منها):- كنت لأمتن لو أننا حقا تزوجنا ولو كنتِ امرأتي حقا لما تركتكِ هنا منفردة تبكي رجلا غيري .. أتحسبين بأني بدون قلب بدون مشاعر لا تعتقدي بأن عشقي لكِ سيسمح بأن تتجاوزي حدودك ِ معي يستحيل أن أسمح وبدءا من اللحظة إن أتيتِ على ذكر وائل رشوان أقسم بأني لن أتوانى في جعلكِ تزورين قبره كل يوم وترثينه عند تربته فلا تجربيني

ميرنا(بخوف على وائل التصقت بحافة الشرفة وهي تهز رأسها بدموع):- أنتم جميعا متشابهون كلكم تريدون مني أن أرضخ لأوامركم ، كلكم تريدون إبعادي عنه لكن لمااااذا لماذا؟

حكيم(بتعب مسح على شعره ووضع يديه على جنبيه):- أدخلي للداخل الآن

ميرنا(ولته ظهرها بعناد):- لا أريد

حكيم(مال برأسه وهو يهزه بريتم خفيف وبعدها):- أنتِ إذن من رغبتِ بهذاااااا

" خوفا عليكِ أنا أرتمي في جُبِّ الموتِ دون اكتراث

خوفا عليكِ أمزق وتِين الشَّوق وأدع الألم يتفشَّى فيني

خوفا عليكِ أنسابُ بين ضُلوع الخيبة وأقتات من فتاتِ اللوعة

خوفا عليكِ أنفِي نفسي في مُزن النسيان دُون رجعة

خوفا عليكِ أتوق لذكرياتٍ غفت على مدارج الحرمان

خوفا عليكِ أغفو وأحاسيسي في قعر الظلمات

فقط خوفا عليكِ ألغي وُجودي ليحيا وُجودكِ أنتِ يا عُصارة حُسن النساء "

حملها بين ذراعيه مثل الفراشة المستسلمة لقدرها ، لم يرحمها بل احتواها بقبضتيه وجعلها تستقر في حضنه مغمضة العينين مذهولة مستغربة من أحاسيسها الجارفة التي ارتعشت لحظتها بخفقات متتالية ، لم تعرف لها استنتاجا دقيقا يعفيها من استمرارية طرح التساؤلات الغير مفيدة ، حين أحكم قبضته عليها لم يجعل عينه تتزحزح عن ملامحها الشهية فبالرغم من أنها كانت متألمة مكسورة الخاطر إلا أنها كانت مدعاة لتأملاته الباطنية كيف لا وهي بلسم جراحه عصفورته التي تغرد على أغصان قلبه لحظة بعد لحظة … بتباطئ فتحت عينيها حين وجدته متصلبا محله يحملها وكأنه يحمل ريشة غير مكترث لحجمها الضئيل بالمقارنة مع عضلاته الرجولية وقامته الآسرة ، عطره القاتل يفوح بأرجاء عقلها يعيدها قسرا لأزمان غابرة كانت تهرب فيها كل ليلة صوب غرفته تتمرغ في ثيابه وقمصانه كلما عصفت بها رياح الشوق القاتلة … رفعت بصرها إلى بصره مباشرة وكم كانت ممتنة لغلالة الدمع التي انسابت على وجنتيها لتفسح لها مجالا للتأمل ، أخفض رأسه لمستوى وجنتها ووضع شفتيه على دمعتها المنسابة تشرَّبها وهو ينظر إلى عيون ميرنا المسلوبة به حتى أن حروفها قد خطفت منها وتحشرج صوتها من هول الحالة التي أهلكتها …

حكيم(أبعد وجهه عنها قليلا بينما أنفاسه ظلت تجذب أنفاسها المختنقة دون رحمة):- أنتِ حبيبتي

ميرنا(ابتلعت ريقها بصعوبة وهي متمسكة بقميصه المفتوح):- أنزلني يا حكيم

حكيم(تنهد عميقا وهو يشبع ذاته بعطرها الآخاذ وسار بها ناحية سريرها):- لو أنكِ فقط مليكتي لما رحمتكِ من عواصفي لحظة واحدة … نامي الآن ولنا غدا لقاء

ميرنا(ظلت تناظره وهو يضعها بهدوء ورفق مثل الطفلة الرضيعة):- لن تنال مني شيئا فأنا لست ملك نفسي

حكيم(غطاها بالغطاء ورمى بوشاحها الصوفي أسفل السرير ثم رفع يده ليمسح على شعرها):- أعلم كل هذا ولا أكترث له لأنكِ ذات يوم ستصبحين ملك نفسكِ وساعتها سأطالب بكِ ولن يسعكِ التملص من عهودك

ميرنا(سرت في جسمها قشعريرة باردة وهي تتمطى مستغلة الغطاء):- أنا أقسو عليك كثيرا صحيح ، ما ذنبك لتتحمل مني كل هذا التناقض ؟

حكيم(جذب خصلة من شعرها وأخذ يلفها بإصبعه بعد أن جلس على مقربة منها):- تدللي واعبثي بي وبمشاعري مثلما تشائين يا عصفورتي الصغيرة ، أنا لا أغضب منكِ أنا فقط أتحسر على مشاعركِ التي تكذبينها وتريدين نبذها

ميرنا(بغمغمة دمع):- ولكنك هجرتني مذ أن كنت طفلة ، لا تلمني إن وهبت عمري وحياتي وقلبي لأحد يستحق مني كل هذااا ولا تنتظر مني أن أخذله

حكيم(تلاعب بلسانه داخل فمه وتابع النظر لخصلتها):- لم أطلب منكِ شيئا إن لاحظتِ ذلك ، أنا فقط أريدكِ أن تتصارحي مع نفسك وتكُفّي عن تعذيب روحك لا لأجلي ولا لأجله …آه كم يؤلمني الأمر حين أجدني قسرا في مجابهة مع شخص آخر عليكِ يا صغيرتي

ميرنا(أغمضت عينيها):- ألمك يضنيني

حكيم(بلهفة وحرقة هزها):- لا يا ميرناااا لا تحزني لأجلي ، يجب أن تكوني سعيدة سأجعلكِ كذلك حبيبتي ولو على حساب تعاستي فقط لنأمل أن ينتهي هذا الكابوس

ميرنا(رمقته بحنان ورفعت يدها لخده تلامس لحيته الخفيفة):- لا أعرف أي مسمى أعطيه لك ،لكنني لم أسامحك بعد يا حكيم اعذرني على صراحتي إنما لن أستطيع غفران الماضي بسهولة لن يسعني النظر في عينيك ونسيان هجرك لي .. لن أتمكن من بلع الخيبة التي طالتني مرارا وتكرارا في بعادك حين تكلل انتظاري لك بالخذلاااااان

حكيم(زفر بعمق بتنهيدة مريرة وعض شفتيه السفلية ثم تابع):- نامي الآن يا عصفورتي الصغيرة وغدا يوم جديد

ميرنا(كان لصوته مفعول السحر فتثاءبت):- أشعر بأني معك في مد وجزر تارة تستفزني وتارة تهدئني ولا أعلم إلى متى سأقاوم

حكيم(بتنبه رمش بعينيه وهو قريب منها):- تقاومين ماذا يا حبيبتي ؟

ميرنا(أطبقت جفنيها):- أشواقي ……

"أشواقي" أشواقكِ لي أم له أم لهم أم لمن يا ميرنا أجبيني بالله عليكِ قبل أن أفقد صوابي ، مجنونة هي فبعد كلمتها تلك نامت مباشرة وتركته في دوامة أفكاره يحارب عقله للعثور على تفسير مريح لكلمتها البريئة التي تخللت مجمل تفاصيله وأسكرتها بعذب الحروف … وجد في تأملها راحة عميقة فما كان يحلم بأن تنام في فراشه دون أن يلجأ للخطف ولا للتنويم ولا لأي شيء آخر يجبرها على البقاء رفقته ، فها هي الآن طوع أمره نائمة براحتها على سريره تطلب راحتها وتشعل فيه فتيل الجنون عمدا … وجد نفسه يسبح بعينيه في ملامحها الباكية يمسح على خدودها تارة وتارة يستنشق عطرها بسادية مطلقة تزيده رغبة في احتوائها وضمها لأحضانه أبد الدهر .. لم يقوى على استدراك ذاته فقد اتخذ من بقية السرير مخدعا له وكان مستلقيا بجنبها لكن مطلا عليها غير قادر على الابتعاد عنها أكثر ،، إنه يملك مفاتيح السعادة الآن فقط لو تدوم فقد طرق باب الحجرة عليهما وهذا ما جعل صاحبه في ورطة كبيرة فحكيم يكره كره العمى من يقطع عليه خلوته .. استقام بزفرة توعد لمن سولت نفسه بالتطاول على راحته لذا أقفل أزرار قميصه قليلا فقط وترك البقية بإهمال وهو متوجه صوب الباب ..

حكيم(فتحه بعنف):- نعم ..

الخادم:- سامحني على تطاولي لكن الأمر مستعجل ، لدي أخبار سيئة من السيد طلال .. تفضل معي رجاااء

حكيم(بقلق لحق به بعد أن أقفل الباب خلفه):- أين هو طلال ؟؟

الخادم(قدم له الهاتف):- على الخط …

حكيم(أمسكه وأشار للخادم بالرحيل):- أعطني عذرا مقنعا لخروجك خفية عني هذه الليلة وسأرحمك يا طلال

طلال(ضرب برجله حجرة على الطريق):- أنا لن أعطك عذرا فقط بل مصيبة .. إنها شاهيناز لقد هربت من الشقة واحزر إلى أين ذهبت ؟

حكيم(بخوف التفت خلفه):- لا تخبرني أنها قادمة إلى هنا ؟؟

طلال:- بل أسوأ من ذلك .. آه يا حكيم تلك المجنونة في عهدة كهرمانة الآن

حكيم(برقت عيناه بشراسة):- لا تقلها .. كيف تجرأتِ الغبية على فعل ذلك بنا كيف ؟؟؟ طلالالالالالالال أعدها إلى تلك الشقة بأي شكل كان وإلا سأدفنها وهي حية أسمعتني ؟؟

طلال:- طيب طيب لا تنفعل سوف أجد حلا

حكيم(بشر):- وليكن سريعاااا يا طلال ،،، إن بقاءها هناك خطر علينا لا أعلم أين ذهب عقلها لا أعلم …

طلال(بحرقة):- ذهب معك يا حكيم ، شاهيناز تحبك بجنون وهذا ما أفقدها صوابها حتى أنها فكرت باللجوء لكهرمانة من جديد أتصدق ذلك بعد كل ما تكبَّدْتَ عناءه لأجل تحريرها من قبضتها عادت إليها طوعا لتكسرنا

حكيم(شعر بوخز على صديقه):- تت حاول استعادتها وإن لم تتمكن من تحريك ساكن سأتدخل أنا ، يستحيل أن أتركها تبقى بعهدتهم لوقت طويل كهرمانة خطيرة والبقاء عندها يتم بمقابل وشروط واستعمل خيالك ما المقابل الذي قد تطلبه منها

طلال:- أكيد شيء يخصك ..

حكيم:- لو حدث مكروه لميرنا سوف لن يسلم أحد من قبضتي ،،، أعدك بذلك

طلال(بتخوف):- الله لا يجيب هكذا يوم .. عموما لن أعود للقصر لحين تطلبني سأكون بشقتي حتى يجد جديد سأحاول إيصال رسالة لها هناك لعل وعسى يهديها الله

حكيم:- أجبرها بأي وسيلة كانت لا تتهاون يا طلال

طلال:- تمام .. عذرا أزعجتك في هذا التوقيت لكن أردت وضعك بالصورة فقط تصبح على خير يا صديقي

حكيم:- وأنت من أهله ، آه ولا تنزعج ستصل لما ترجوه أنا واثق من ذلك

طلال(بتمني):- آي هوب سو …


"يا رحلة شقائي المُستمرة وحادثَة أربكت وجدِي وأجرمت في حقِّ صِدقي ، ذبيحٌ أنا على أرض المنفيين غدرًا من قبلِكِ حبيبتي ، هذا قلبي يُدمدمُ بأنكِ حاضرَة في خاصِرة النبض لكنهُ مُجرد لبس في الحقائق ، فأنا قد رُميتُ حيثُ لا أجدُ ريحكِ ولا يستطِيبُ لي عيشٌ ولا راحة .. كيف سأحتضنُ رُوحكِ بعد الآن وقد سلبتِها مني وجعلتني أخلدُ إلى الموت ، كضوء تهَادى للفُراق أو فيضِ دمعٍ اندثرَ ليشِفَّ عن سكبٍ ملعُون ،، أيا لهفتِي البكر يا مقطُوعة التصقت بحُنجُرةِ العِلل حين أطيلُ التحدِيق إلى الفراغ تُديرُ اللحظة ظهرها لتتركَني على أكنافِ الأماني الغابرة أتشدَّق بطيفكِ المحشُو في عُمق الفكرة ، أقايضُ الشَّوق بحفنةٍ من الذكريات كي أأمن معرَّة الغياب وأخرج من فُوهة الانتظار بزفرة لا يأكلها الصدأ فلم يعُد في طاقةِ الفقدِ صبرًا ولم يعُد لي بدونكِ أدنى سبيل … "

تعالت زفراته وهو يتأمل الأفق بصدر مضخم يشكُو الغياب ، لقد صفعته صفعة سيفقد فيها الكثير الكثير مما كان يمتلكه لأجلها ، والمشكل أنه لا يقوى على انتزاع تلك الفكرة التي تدور برأسه أين هي الآن وماذا تفعل ؟؟؟؟؟ ظل يتخبط في المكان تارة يجلس تارة يقف تارة يدور تارة ينحني ولا شيء يريحه من هذا العذاب الذي يغمره لأجلها ، عسل غروبه وشمس لياليه التي أفلت وتركت الدنيا سوادا من حوله كيف سيهتدي لراحة باله بعد الآن … تنفس بعمق وهو يسحب من رئتيه أنفاسا ترحمه من هذا الإرهاق الروحي الذي يستشعره منذ فترة ولم يجد شيئا يعزيه سوى صوتها لذا أمسك هاتفه وضغط على زر الاتصال وأخذ ينتظر الرد .. انتظار دام طويلا وطويلا وطويلا وفي كل نغمة تمر بمسمعه يصاب بألف طعنة تكسره أكثر لحين فرجت واستجابت له ..

وائل(تنهد عميقا حين استقبلت اتصاله):- كنت أعلم أنكِ ستكونين مستيقظة يا روح روحي كم أنا مشتاق لكِ ومتلهف لرؤيتكِ الآن .. ميرناااا لن أستطيع صبرا سآتيكِ في أول طائرة رتبت الأمور مع نادر وشهاب غدا ستجدينني بالقرب منكِ عزيزتي لن أدعكِ تكابدين لوحدك وسنجد حلا غير هذا الزواج وإن تطلب الأمر سأسلم نفسي لهذا الفهد وتعودين لي حبيبتي .. ميرنا أتسمعينني يا عمري ؟؟

حكيم(سحب نفسا عميقا وهو يبتسم):- أكيد سمعتك جيدا حتى أنا مالت للجانب الآخر لتكمل غفوتها ، أرأيت قمة العشق ياااااه لكَم تأثرت حتى دمَّعت عيناي …

وائل(انتفض بغضب وهو يشعر بالغيظ والقهر):- صدقني سوف تعود لي وستكون من نصيبي إياك وأن تعتقد أنها قد سلمت نفسها لأحكامكم القذرة رغبة منها بل إجبارا ، لقد استغليتم ضعفها وحلمها في تحقيق العدل لأجل مآربكم الشخصية .. الله أعلم ماذا وهبتهم لكي تحصل على هذا الاتفاق

حكيم(بضحكة ساخرة):- ههه أنت حالم جدا يا عزيزي لكنني لا ألومك ، صدقا أشعر بك وأقدر مشاعرك المحطمة لذا لن أكون أنا والأقدار ضدك وسأبلغها رسالتك حتما

وائل(من بين أسنانه):- إن لمست شعرة منها أو أبكيتها سأتأكد من تحطيم وجهك وجعلك عبرة لمن يعتبر .. وانتبه من تحذير رشواني فأكيد وعيده ليس طائشا البتة

حكيم(تظاهر بالتثاؤب مللا):- أوووه لا تكن دراماتيكيا يا وائل فما حدث الآن ليس سوى تعريف أولي للنهاية الحتمية بيني وبين ميرنا ..

وائل(ضرب بقبضة يده الحائط أمامه):- سنتقابل وجها لوجه يا حكيم الراجي وسآخذ منك ما يحق لي .. انتظرني فقط

حكيم:- وأنا كلي حماس … قبلاتي الحارة لك عزيزي هههه

شعر بأن شخصا ما أمسك بقلبه واعتصره بشدة دون أن يرحم أنفاسه المختنقة ، لقد آذاه حكيم بكلامه وشعر بالخوف ماذا إن كان ذلك حقا ما سيحدث ؟ ماذا إن تم هذا الزواج بشكل حقيقي وليس مثلما وعدته ميرنا فقد حاولت بشتى الطرق أن تقنعه أنه مجرد زواج مؤقت جعلها الفهد إجبارا أن تلتزم به لحين آخر … لحين سيكون فيه وائل قد فقد روحه وكتب اسمه في جريدة المنكوبين صاحب قلب مات شهيداااا في سبيل العشق …

تنهد عميقا وكلام حكيم ينخر في عقله ولم يشعر بنفسه إلا وقد بدأ يخرب كل شيء يجده أمامه في تلك الغرفة الفندقية ، المرآة السرير النوافذ والديكورات حتى الدولاب لم يسلم منه أما طاولة الجلوس فقد أصبحت ركاماااااااا .. لم يهدأ باله فقد انتقل للحمام وجذب الستارة الجلدية اقتلعها من محلها ورمى بكل الأغراض أرضا وأخذ يلهث بنفاذ صبر وأبصر نفسه من خلال مرآة الحمام وهذا ما زاده ريبة ، فليس ذلك وجهه ولا تلك كانت ملامحه جمع قبضته كاملة وضرب بها عمق المرآة حتى خارت على الأرض متناثرة تشكو المآل .. بعد كل هذه الضوضاء طبيعي أن يسمعه من خلال غرفته وفي خضم ذلك الصمت المحيط بالأرجااااء

نادر(بخوف يطرق الباب):- افتح الباب يا وااااائل افتح البااااب … يا شهاااب شهااااب

خرج شهاب من غرفته التي كانت بقربهما وهو يرتدي قميصه وهاله صراخ نادر

شهاب:- مم .. ماذا ماذا هناك لما تصرخ يا نادر ؟

نادر:- ألم تسمع شيئا لقد كسر وائل كل غرض بغرفته ثم إنه لا يجيبني

شهاب(بقلق):- يا ويلي …. افتح افتح يا وائل ولا تفزعنا عليك .. هيا افتح الآن

ويا ليته ما فتحها قد كان بائسا متعبا ، شعره متناثر بإهمال ملامحه مظلمة أنفاسه هادرة يده تنزف بشكل لم يصل لنزف روحه الكسيرة ،وكل كل شيء يزيد من أذيته .. دلف إليه نادر وشهاب بلهفة وخوف أخوي نظروا حولهم كيف أصبحت الغرفة حطاما وركاما ثم نظروا إليه وجدوه عاقدا لحاجبيه بصره في الأرض يبحث عن ثغرة تشفي سقم روحه لكن مع الأسف لا يوجد ..

شهاب(اقترب منه وعانق كتفه):- ولا يهمك فداك كل هذا يا ابن عمي

نادر:- أجل فداك المهم أن أن نعالج جرح يدك الآن ، أنت تنزف كثيراااا سوف أبحث عن طبيب الفندق وآتيكما به

شهاب:- طيب ولا تنسى أن تطلب في طريقك فريق التنظيف .. آه سيكون وائل بغرفتي لا تتأخر يا نادر

نادر(بخفة):- عائد لكما

شهاب:- رافقني يا ويل إلى غرفتي هناك سترتاح أكثر .. تعال معي

وائل(مجرور خلفه غائب العقل والروح):- لقد اتصلت بها وأجابني ذلك الخبيث المدعو بابن عمها ، قال أنها نائمة لقد نامت براحة وتركتني هنا أرثي فؤادي ومرارة حياتي ..كيف لها أن تغفو في حين أن قلبها بعيد عنها وموجوع مما يحدث لا يعقل فأحيانا أظن بأنها مرتاحة البال بما يحدث وتتمنى لو أنني لم أدخل حياتها قط كي تعيشها بأريحية معه

شهاب(أدخله معه لغرفته وأجلسه على السرير):- يا الله ها قد بدأت تهذي يا رجل ، إن ميرنا يستحيل أن تكون بهذا التفكير ثم ربما ذلك البغيض أخذ هاتفها بعيدا عنها وأجابك يعني شيء وارد صح ؟

وائل:- لا أدري لا أدري عقلي متخبط في أفكاره .. تت

نادر(دلف وخلفه الطبيب):- ها قد أتيت به وجلبته من غفوته .. تفضل يا دوك قم بعملك

طبعا من كان يشعر بما يفعله الطبيب أو ما يقوم به من تضميد فقد كان عقله شاردا في أفكاره مع وهم قلبه التي صنعت فجوة بروحه وتركته وحيداااا … بعد أن قام الطبيب بتضميد يده غادرهم ، وتركهما يناظران وائل الذي كان يجلس مقابل النافذة غائب في ملكوت لوحده

نادر(غمز شهاب):- همم كلمه أنت

شهاب(بهمس خافت):- ولما لا تكلمه أنت يا جميل المحياااا

نادر(بتأفف):- أنت أعند من الصخر .. مهلا هاتف من الذي يرن الآن ؟؟

شهاب(بأمل مع شروق الشمس):- ليس هاتفي إنه هاتفك يا وائل

وائل(انتفض بخفة):- ربما كانت ميرنا … لحظة سأرى من .. أووه عمي فؤاد

شهاب(خطف الهاتف منه):- دع لي أنا هذا العم الخااائن / ألووو يا أهلا وسهلا جميل أنك سمَّعتنا صوتك وتذكرت أن لك أولاد إخوة من أصله

فؤاد(بسيارته):- لا وقت لسماع ديباجتك الساخرة هذه يا شهاب

شهاب(حول عينيه):- ولما لا يا كبد ابن أخيك ؟؟؟

فؤادّ(تنهد بنفاذ صبر وهدر فيه):- اسمعني جيدا … اركبا أول طائرة وعودا إلى هنا لقد وجدت الطفل

شهاب(خفق قلبه بقوة وجلس من فوره):- أتتحدث بصدق ؟

فؤاد:- وهل أنا ألعب معك غدا ستأتي وستجده بين يداي ،، لا تتأخرا اتخذا أول طائرة وعودا إلى هنا بأسرع ما يمكنكما

شهاب(بعدم فهم):- ولكن كيف .. يعني هل كان ابني هناك من البداية ؟؟

فؤاد:- حكاية طويلة لا يسعني أن أحكيها لك عبر الهاتف لذااا اسمع مني وتعال أنت ووائل ، انتهت رحلتكما هناك يكفي

شهاب(بنظرة حنونة):- أين هو ؟

فؤاد(مط شفتيه بإحساس الأبوة):- سيكون معي بعد لحظات لا تقلق أنا لن أعرضه لسوء سأحافظ عليه هو في أمان

شهاب(حك جبينه بشعور متضخم لم يعرفه سالفا):- موقن من ذلك .. أ.. تمام غدا سنكون هناك سنكلمك ماشي

فؤاد(بابتسامة):- حسن إذن .. كيف حال ابن عمك المجنون ؟

شهاب:- سيء جدا غدا نتحدث الآن سأتوجه لأحجز تذكرة لي أيضا ، فقد كان المجنون عينه عائدا يوم غد منفردا لكن يتضح أن رحلتنا ستكون ثنائية

فؤاد:- جميل جدا انتبها لنفسيكما أنا بالانتظار

شهاب(بغمرة فرح):- اعتني به جيداااا ماشي

فؤاد:- ههه ها قد بدأنااااا عادات وطبائع الآباااااء …

نادر:- هل حقا ما سمعناه أوجدوه بهذه السرعة ؟

شهاب:- كما سمعتما لقد عثروا على ابني يا واااائل أتصدق ؟

وائل(بتنبه):- عثروا عليه أم قاموا بالمقايضة لأجله .. يستحيل أن يعثر عليه عمك بهذه البساطة مؤكد أن لجدي يدا في الموضوع

شهاب(تململ محله):- أتعلم لن أكترث حتى لو كان هو من دله على مكانه طوعا ، سوف أجلب ابني إلي وأبقى بعيدا عنه هو في حاله وأنا في حاله مثلما كنا

وائل(هز رأسه بموافقة):- إن غدا لناظره قريب ..

بسيارة فؤاد

همام:- قاربنا على الوصول سيد فؤاد

فؤاد(بلمعة أمل):- جيد جدا ابقوا على نفس السرعة نحن لسنا بمستعجلين

همام:- لما لم تخبره عن لقائك بالسيد ضرغام ؟

فؤاد:- ولما سأشغل بالهما وهما متعبين الآن ، ليصلا أولا وبعدها لكل حادث حديث

همام:- كما تشاء سيد فؤاد

زفر فؤاد بعمق وتذكر زيارته لأبيه تلك الليلة وقبل ساعات تحديدا حين عاد من حفل الزفاف توجه مباشرة صوب القصر ليرى ما الجديد الذي قد يطلبه أبوه لأجله في توقيت كذاك .. وصل بعد برهة زمنية إليه وترجل من السيارة بعد أن جعل همام ينتظره بالقرب منها وجد رستم بانتظاره عند البوابة وأشار له بالدخول ، خاطر فؤاد لم يكن بمرتاح فهو يمقت ذلك القصر بشدة لكن ما باليد حيلة دخل مجبورا إلى قاعة المكتب التي يجلس فيها والده عادة وجده في محله جالسا بخيلاء متكئا على عكازه وينظر نحو البعيد …

فؤاد(فتح أزرار سترته وتوجه إليه):- مرحبا

ضرغام(نظر لرستم الذي انسحب وأشار لفؤاد كي يتقدم):- تعال

فؤاد(زفر بتأفف وتقدم تجاهه):- ما الأمر المستعجل الذي طلبتني لأجله ؟

ضرغام(رفع بصره إليه):- إجلس أولا وبعدها سنتحدث

فؤاد(بكره جلس مقابله):- ها أنذا أسمعك ..

ضرغام:- هل أنت تملك ذرة عقل أم لا فقط مجرد سؤال يشغل بالي وأحتاج إجابة له ؟؟

فؤاد(كتف يديه):-أرى أنك اشتقت لتوبيخ الآخرين ، هيا أفرغ مكبوتاتك يا ضرغام

ضرغام(حرك رأسه بتعب):- أجبني كيف سمحت لنفسك بأن تشهد على زواج الراجية ؟؟؟

فؤاد(حرك كتفيه بلا مبالاة):- ولما سأمتنع عن ذلك ؟

ضرغام:- ألا تعلم بأننا على عداوة معهم هل تريد أن تضع اسمي على كبر في الحضيض

فؤاد:- أخبرتك من البداية أنك اشتقت للتوبيخ لكن لأريح بالك فأنا قد قمت بواجبي فقط ليس إلا ، لم أفكر لا بعداوة ولا بغير ذلك

ضرغام(ضرب بعصاه الأرض):- أنت الليلة قد شوهت اسم عائلتنا ، ماذا سيقول الآخرون أن رشوانيا شهد على زواج آل الراجي فضيحة

فؤاد(شبك يديه ووضع رجلا على رجل بأريحية):- أنت الوحيد الذي تفكر بذلك ، أما نحن فلا يهمنا عداوة من غيره

ضرغام(صغر عينيه فيه):- برودك هذا لأجل كسر عيني صح .. يا فؤاد عليك أن تضبط معي أولاد إخوتك عليك أن تكون قدوتهم لا أن تزيد الطين بلة .. هل لك أن تشرح لي ما غايتك من تقربك الملتصق بنور الراجي أو لتجبني عن هذاااا لما تهتم بتلك العائلة أصلا ؟

فؤاد(بلؤم):- ربما لأنها كانت لتكون عائلتي لولا تدخلك قديما وقطع طريق الحلم في وجهي

ضرغام:- كان ذلك لمصلحتك

فؤاد(بحرقة):- رجااااء لا تتكلم عن الماضي واختصر لي ما غايتك من هذه الدعوة ؟

ضرغام(تأوه بعمق فيلزمه وقت طويل كي يلين رأس أحد منهم):- عرفت أن شهاب يبحث عن ابنه بمساعدة من وائل

فؤاد:- آه ابنه الذي شاركت في إخفائه عناااا نعم نعم ماذا لديك بخصوص ذلك ؟

ضرغام:- الطفل بعهدتي

فؤاد:- ههههه مستبد كعادتك لكن كلفت نفسك فنحن سنعثر عليه عاجلا أم آجلا ، وبدون مساعدتك حتى فأرح بالك

ضرغام(ضحك بسخرية):- الطفل ليس خارج الوطن إنه هنا بالبلد وأنا الوحيد الذي يملك عنوانه ، حتى أمه نفسها لا تدري موقعه إذن ما رأيك لو نتفق أحسن من أن يمضي الباقون شهورا في البحث المضني دون نتيجة ؟؟

فؤاد(بتفكير ملي رف قلبه):- ما المقابل الذي تريده حضرتك ؟

ضرغام:- يا بني أنا لست عدوكم مثلما تعتقدون ، كل ما أفعله لأجل مصلحتكم أي نعم قمت بأخطاء جسيمة قديما ولكن كله كان للحفاظ على اسم عائلتنا ليس إلا

فؤاد(برتابة):- هل لك أن تتجاوز هذه الأسطر الشبيهة بمقدمة كُتيِّب للإرشادات الطبية

ضرغام(بفشل وتعب):- سأتجاوز سخريتك وأدخل صوب الموضوع ، ابن أخيك شهاب قطع صلته نهائيا بميرا وهذا بعد حفلة خطوبتهم كما تعلم وبعد اكتشافه لوجود طفله الذي أخفته عنه ، أما وائل فبزواج ميرنا من حكيم ابن عمها أصبحت الأمور معقدة بينهما ولعلها تطووول أما أنت فأعرف أنك لن تحاول إعادة نور لحياتك حتى لو حاولت ذلك هي لن تغفر لك .. يعني أن الأمور السيئة التي تحدث معكم تفيدني وتريحني إن صح التعبير

فؤاد:- جميل أنك تجد عزاءك في أوجاعنا ، نعم غيره ما المطلوب ؟

ضرغام:- لا أريد شيئا سوى أن تبقوني على مقربة من الطفل ، إنه حفيدي الأول وأنا قد أحببته وتعودت عليه وهذا شيء ليس بكثير

فؤاد:- هههه ليس بكثير ؟؟ أتظن أن شهاب سيسمح لك بالاقتراب من صغيره ولو خطوة واحدة ألا تقدر قيمة الوجع الذي يشعر به الآن ، لقد أخفيتم عنه وجود ابنه فلذة كبده قطعة من روحه إن كنت تعي ذلك .. لكن مع الأسف أنت متعود على رمي أولادك وهم أجنة فكيف لك أن تحس بغيرك

ضرغام(بعصبية استقام):- ولد لا أسمح لك

فؤاد(نهض مقابله بخفة):- أعطني عنوان الطفل وابتعد عن طريقنا .. من حق شهاب أن يعيش مع ابنه هو وحده المتحكم فيه وليس أنت

ضرغام:- لو لم أكن حريصا على ذات الشيء لما طلبت مجيئك ولما سلمتكم الطفل بخاطري ، حتى أمه لا تدري بذلك لكن شهاب من حقه أن يحتفظ بابنه هو قادر على حمايته ورعايته

فؤاد:- مؤكد أن لديك خطة لذلك ، أم أن ميرا خذلتك وتريد إعطاءها درسا لن تنساه بسلبها من طفلهاااا هذا هو صحيح ؟

ضرغام:- نوعا ما فأنا رجل تعودت على ألا أكرر طلبي مرتين ، ولتتحمل نتائج أخطائها

فؤاد:- هذا أمر تحلانه بينكما أنا لا يهمني الآن شيء سوى الصغير

ضرغام(تأفف بعمق):- يا رستم رستم … أعطه عنوان الطفل بسرعة واحرص على مرافقته لحين استلامه وبعدها دعه ينصرف به إلى حيث يريد

فؤاد(بعلياء):- مشكور سيد ضرغام

ضرغام(بأسى):- طريقتك معي ليست حميدة لذا راجع نفسك قبل أن تقع فريسة غضبك

فؤاد(عدل سترته وأشاح ببصره بعيدا عنه):- سأفكر في ذلك المرة المقبلة ،هيا يا رستم

أشار له بالوداع وانطلق صوب مقر الطفل وها هو ذا قريبا يصل إلى هناك ويضمه لحضنه ، من كان ليتوقع أن طفلا سيظهر فجأة في كوكبة عزاب أشطر واحد فيهم لا يزال يحلم باللعب في حديقة الحيوانات مع صغيرة ينسى الدنيا وما فيها وهو بقربهااا ؟؟


كانت ليلة طويلة جدا جدا جداااا لم يغفو أهاليها حتى بدأت أشعة الشمس باقتحام مخادعهم ، فلكل منهم همّ مختلف عن الآخر وكل يحمل مأساته في داخله ، يتخبط بين أوجاعها لعله يجد السبيل المريح من دوامة الغيظ المستمرة … لم يغمض جفن حكيم إطلاقا فقد كان يقف عند باب الشرفة الزجاجي يناظر الشروق وفكره يسبح في بحر عصفورته متعجبا من القدر الذي جمعه بها عن قرب ، كانت مغامرة تستحق المجازفة ولولا ذكاؤه لما استطاع لعب هذا الدور ووضع الفهد البري في قبضة يده نوعا ماااا … سحب نفسا عميقا وهو يستدير ليطالعها وهي نائمة ببراءة تعانق وسادتها وشعرها منسدل على نصف وجهها يحجبها عنه بشكل مؤثر لطيف جعله يبتسم فرحا بها ، حك فكه وتوجه إليها وعلى وقفته مد يده ليلاعب خصلاتها الذهبية بتأمل باذخ .. كم هي ناعمة ! قالها وهو يلامس خدها بحنان استطالت نظرته بإمعان لا يستطيع إيقافه لذا جمع قبضة يده ووضعها بجيبه ثم غادر الغرفة … نزل للأسفل وتوجه ناحية رجاله وطلب منهم تجهيز حصان عادي له فصافيور رفيقه موجود بالقصر الآخر … بسرعة استجاب رجاله لطلبه وقاموا بسرج حصان مميز لصاحبه المميز والذي أوصاهم بشدة أن يراقبوا المكان عن كثب ويحافظوا على سلامة ميرنا لحين عودته من تلك الجولة الصباحية … انطلق بسرعة البرق بالحصان متوجها صوب الشاطئ في شكل آسر يترجم عظمة راكبه كيف لا وهو فارس مغوار دون شك … أخذ يركض بين أمواج البحر الخفيفة على الشاطئ في مشهد قاتل لو شهدته ألف فتاة لماتت عشقا فيه .. لكنه لا يريد ألف فتاة ولا مئة هو يريد واحدة فقط هي التي تسكن عقله ويتمناها أن تهرع إلى روحه في وقت ما ، كان يطارد أفكاره البائسة ليقنع نفسه أنها في قصره الآن في غرفته نائمة على سريره وأن هذا ليس ضربا من الخيال ، كان يزيد سرعته كلما وصل إلى نهاية فكرة تؤلم قلبه ولم ينتبه إلا متأخرا لذلك القادم بحصانه من بعيد صوبه كان مسرعا هو الآخر جامحا يظهر الغضب جليا عليه ، ملامحه سوداوية وينوي على الغدر إن ترتب وهذا كان واضحا من سرعته التي جعلت حكيم يمسك لجااااام حصانه بأقصى قوته ويوقفه في المنتصف حتى تناثرت أمواج البحر حوله وحفرت أخاديدا في الرمال ، توقف الشخص الآخر بنفس الطريقة مقابله على بعد خطوات ضئيلة وتبادلا نظرة لئيمة ملؤها الحقد والكره والغضب ….

حكيم(تنهد عميقا وبدأ الاستفزاز):- اممم لو كنت أعلم أنني سأراك في صباح زفافي لكنت جعلتهم يجهزون لك أفضل استقبال

ميار(ترجل من حصانه وتوجه صوبه):- إنزل …

حكيم(حرك حصانه بدون مبالاة وانتظر حتى وصل ميار تجاهه وجذب اللجام بقوة مما جعل حصانه يصهل ويرفع قدميه للسماء):- ههه لا تقلق أنا لا أقتل أحدا بهذه الطريقة

ميار(بلؤم وشراسة لم يتقبل حركة حكيم تلك وكتف يديه وهو ينتظره):- حركة قذرة

حكيم(نزل من حصانه بأريحية وعدل قميصه ثم استدار إليه):- نعم .. هل اشتقت لي ؟

ميار(نظر نحو القصر):- هل تركتها وحيدة وأتيت هنا لتمرح عند أمواج البحر مثل المراهقين ؟؟؟

حكيم(كتف يديه ومط شفتيه بلا مبالاة):- لا خوف عليها فهي تحت رعايتي الآن

ميار(عض شفته من الداخل بغيظ وقال متهكما):- لا تعتقد بأنك تجاوزتني بخطوة ، أنا الفهد البري لطالما كنت المنتصر في رقع الحرب التي أحييها وأخمدها بنفسي

حكيم(بعنفوان):- وما الذي تفعله ها هنا عند الشاطئ على بعد خطوات من قصري وفي توقيت كهذااااا ؟؟ أتظن بأن أميرة آل الراجي ستطل عليك من شرفة القصر وتناجيييييك ؟؟؟ أووه هياااا هي لا تعلم بشأنك حتى .. هي تعرف بأنك إياد صديقها وفقط

ميار(حرك فكه بجمود وعيون محمرة من الأسى):- احتراقي هذااا لن أسكت عنه ، سأجعلك تدفع ثمنه بشدة لأنك جعلتني أضمن لك عدم اقترابي حتى لو كان ذلك يخدم مصالحي الشخصية لكنك آثرت استغلال الموقف لصالحك …

حكيم:- ولن تقترب لأنني سأخبر الجميع بهويتك الحقيقية وسأجعل أخاك الذي لا يعرف أساسا بوجودك يتعرف عليك بشكل مقيت يجعلك منبوذا في نظره

ميار:- أصدقني القول .. هل يظهر لك أنني أكترث لشأن كهذاااا ؟؟ بليز حكيم أنت تعرفني منذ سنوات طويلة يعني شيء سطحي مثل هذا لن يؤثر بي .. أنا قد تراجعت عن فكرتي لأنه ليس الوقت المناسب لكي أظهر فيه ولا أحد سيمنع ميرنا عن وائل سواك ما يعني أنني أستغلك لمصلحتي الشخصية فأنا واثق كل الثقة أن ميرنا لن تسمح لك بجعلها أسيرة نبضك مهما فعلت …ومهما حاولت

حكيم(تغلغل بالرفض):- مخطئ يا ميار أنت مخطئ فميرنا لي والزمن بيننا

ميار(مص شفتيه بهدوء واقترب منه حتى جابهه وجها لوجه):- ميرنااااا … لن تكون لأحد غيري أنا سيأتي يوم وأذكرك بهذا الأمر ، والآن اشبع بالنظر إليها فحين سأهدم موانعي سأعيدها لمملكتي وبالشكل الذي أريده

حكيم:- أنت تتحدث عن ثقة ونسيت بأنني المسؤول عنها حاليا ، ثم ميرنا ليست ممتلكات حتى نتنازع عليها هي إنسانة ذات قلب ومشاعر فلا تجرؤ على تجاوز هذا كي تضعها في رف مقتنياتك كشيء ثمين امتلكته

ميار:- رائع أنك تفكر على هذا النحو ولو فكرنا قليلا سنجد أن صاحبة القلب والمشاعر ستهرب في أول فرصة إلى حضن شخص غيرنا أنا وأنت ، لذا أرى أن نتفق وننهي صفحة وائل رشوان إلى الأبد وبعدها نعطي لها الحق في الاختيار إما أنا أو أنت

حكيم(بثقة أردف):- يستحيل أن تختارك خصوصا إن عرفت بأنك عدوها اللذوذ

ميار(غمزه):- ومن قال أنني كذلك ههه .. لكي تريح بالك حاول ألا تستهين بقدراتي قد لا تعرف من أين آتيك يا حكيم وأسوس عيشتك الهنية التي تحلم بها رفقتها

حكيم(بتوجس ضيق عينيه):- لن أضيف أكثر من هذا ، فعروسي بانتظاري لأهديها وردة الصباح وأحظى بأحلى بسماتها

ميار(تحركت حنجرته):- يوم لك ويوم عليك .. لا تنس ذلك

حكيم(لوح له باستفزاز):- إذن دعني أستمتع بيومي ، صباح سعيد

ميار(هز رأسه بغيظ وحركه يمنة ويسرة وهو يلمح حكيم ممتطيا حصانه):- سنتقابل

حكيم:- ارحمني من طلتك البهية ودع الاتفاق يبقى اتفاق .. سلام

حرك لجام حصانه بحركة قوية وجعله يستدير في طريقه للعودة إلى القصر تاركا الغبار خلفه يغطي طيفه تحت أنظار الفهد الذي امتقع وجهه بالحمرة وظل متصلبا محله لفترة ..

رشيد(تركه منفردا للحظات وبعدها جاء إليه):- يجدر بنا التحرك الآن بقاؤك هنا منذ الأمس لن يجدي نفعا يا سيدي

ميار(بعصبية):- لا تتحدث بدلا عني يا رشيد ولا شأن لك فيما أفعله أو ما لا أفعله

رشيد(برفض):- لقد تغيرت يا سيدي في الآونة الأخيرة ، منذ ارتباط ميرنا بوائل وعودة حكيم إلى حياتها وأنت تتصرف بدون تفكير فاعذرني على صراحتي سيدي

ميار(أخذ يستمع له بحرص):- أتظن بأنني أتصرف برعونة وطيش مثلما يفعل العشاق ؟

رشيد:- لست أظن بل أرى ذلك جليا عليك تماما .. نحن لدينا أعمال كثيرة متوقفة منذ فترة والناس لن تنتظر أكثر ، هنالك مصالح مشتركة يجب أن نديرها ثم إلى متى ستلاحق فتاة من المستحيل أن تنظر إليك

ميار(استدار إليه وأمسكه من ياقة قميصه):- وما الذي سيمنعها ؟؟

رشيد(ابتلع ريقه وهو يحاول التقاط أنفاسه):- أخوك .. إياد لن يغفر لك أبدا ما تكبدت عناءه لكي تكون قريبا منهما هذا ما قصدته

ميار(دفعه بعيدا عنه):- أشعر بالتشويش في عقلي أحتاج لأمي الآن .. دعنا نذهب إليهاااا

رشيد(عدل قميصه وهو يرتجف):- من اللازم أن نحسب خطواتنا القادمة سيدي

ميار(أغمض عينيه وتوقف عن السير حين حدق بنظرة أخيرة قصر حكيم):- في ذلك المكان شيء يخصني … وأنا أريده

رشيد(مص شفتيه وأمسك بسرج الحصان):- ستحصل عليه لكن ليس الآن يا سيدي نحن لن نغامر بكشف هويتك ، وأنت تدري إن حدث ذلك سنقع في المشاكل

ميار(بعدم اقتناع):- لا يهمني المشاكل ولا العواقب أريد ميرنا فحسب ، ووفق خطتي سيتحرك الجميع ومن يعارض سيلقى حتفه .. لنذهب

اصطحب معه غصة مسننة في حلقه فأن يترك لحكيم السلطة على ميرنا ذلك ما يشعره بالوهن الذي يمقته ، فهو الفهد البري ولا يجب أن يصل إلى تلك المرحلة من المشاعر لكن هذا ما يسمى بالعشق فهو يضعف أعتى رجال الكون ويقوي أضعفهم في آن الوقت .. انسحب مبتعدا عن ذلك المكان في حين وصل حكيم كالنار الملتهبة إلى قصره نزل بقفزة ماهرة من على الحصان وانتقل مباشرة إلى رجاله ..

حكيم(بزمجرة):- هنالك حصان مفقود أنا أعلم أنه لم يكن هنالك سوى ثلاثة أحصنة بهذا القصر وقد تم إحضارهم بناء على طلبي ، فهذا واحد وذاك الثاني هناك فأين الثالث ؟؟؟

كبير رجاله داغر(تلعثم بارتباك):- كان بالقرب من هنا يا سيدي يعني …

حكيم(قاطعه بصرامة):- لا تكذب .. أحدكم أعطى ذلك الحصان لشخص ما وأريد أن أعرف من يكون هذا الخاااااااائن

داغر:- سيدي ..

حكيم(اقترب منه بغضب وأخرج من جيبه سلاح داغر الخاص):- هذا سلاحك صحيح ؟؟ إذن دعني أجربه في مكان سيجعلك تعرف لي من سمح بخروج حصان من أحصنتي من هذا القصر

داغر(ارتبك محله وهو يرمقه بتخوف):- صدقني سأجد لك هذا الخائن فقد أمهلني بعض الوقت يا سيدي ولن يحدث إلا ما تبتغيه

حكيم:- دااااااغر يا داغر … بما أن هنالك جاسوس هنا استطاع أن يفتح بوابة قصري وإخراج حصانا أمام مرأى أعينكم أيها العميان ، فمؤكد أن نفس الشخص قادر على الوصول إلى مخدعي وهذا إن تم ستعتبر نفسك يا عزيزي من الأموات

داغر(انتفض محله بريبة):- بعد الفطور مباشرة سيكون اسمه لديك وسننفذ فيه الحكم الذي تأمر به سيادتك

حكيم(صغر عينيه بشراسة):- ليكن حديثك واقعا وإلا سأحول حياتك إلى جحيييييييم …

تركه مرتعبا محله ودخل قصره وتوجه مباشرة صوب بركته الخاصة وهو ينزع قميصه من عليه ورمى به أرضا دون اكتراث ، ليتعمق وسطها بإهمال … قد كانت بركة أنيقة تتمتع بتصميم هندسي يليق به ، كان يغوص وسط الماء ويعود للأعلى فقط ليتلقط أنفاسه وكأنه يهرب من شيء يلاحقه ويتعبه بشكل لا يحتمل .. لم يرحم نفسه بل ظل يتخبط وسط الماء ويعيد الكرة حتى توقف عن السباحة ونظر نحو السماء المشرقة من جوانب النوافذ ، نظرته شملت عمرا بأكمله فهو يخاطر بكل تلك السنين لأجل ميرنا لا يستبعد أن يقوم الفهد باستغلال ماضيه المرعب كي يشوه صورته في عقلها ، وكأن هذا ما ينقصه فهي بدون واسطة لم تتقبله بعد في حياتها ، مسح على شعره ورمى بنفسه في الماء وهو على ظهره لعله يجد راحة في ذلك .. رذاذ الماء كان يصنع طرقا ملتوية على صدره ورقبته وعيناه المغمضتين كانتا متعبتين فلم يغفو منذ ليلة أمس وقبلها أصلا لم يكن ينام كثيرا فما كان يشغله أكبر بكثير من قدرته على النوم ، ميرنا من جهة الفهد من جهة وائل من جهة أسرته من جهة وكل كل هذااا في كفة ومصير أخته المجهول من جهة أخرى .. وجد نفسه في دوامة تجرفه نحو الأسفل لذا ترك جسمه يطفو على الماء لحظة وبعدها جعل ثقله ينساب تحت البركة لحين قارب رأسه على الدخول كليا ولم يتبقى منه سوى شعيرات بسيطة وهنا صرخت هي بجنوووون …

ميرنا(ركضت إليه):- حكييييييييييييييييييييييي يييييييم ……

كذب مسمعه تحت الماء وفتح عينيه ليجد طيفا ضبابيا يقف عند رأسه على حافة البركة فابتسم وأبى أن يخرج ، فانحنت هي بخوف وأخذت تناديه بحرقة وتستنجد برجاله وقبل أن تزيد من ارتفاع صوتها مد يده وجذبها إليه في لمح البصر .. لم يترك لها حتى المجال لتستوعب أنها بحضنه تحت المااااء ، رفعها بهدوء ليستقر بها فوق سطح الماء يده ترتب خصلات شعرها المبللة بينما كانت هي تلتقط أنفاسها فقد باغتها بإيقاعها بالبركة دون سابق إنذار ، كانت متمسكة بكتفيه تتنهد بعمق وعيناها مستقرة في خصلات شعره المبللة التي كانت تتقاطر على وجهه مرورا بلحيته في مشهد دقيق جعلها تجفل متأملة ما تراه دون تردد ، لم تشعر بنفسها وهي ترمش بعينيها مرة بعد مرة كي تتابع سير تلك القطرات التي كانت تتخذ طريقا نحو كتفيه وصدره العاري المزين بقلادة المفتاح المتدلية من عنقه .. لم تستشعر حتى يديه التي كانت واحدة منهما تمسكها من خصرها والأخرى تجمع خصلاتها بعيدا عن وجهها فقد آلفتها بشكل غير اعتيادي ، لم يوقظها من سويعة التأمل الوقح سوى ابتسامته المشرقة ،،، ابتسم حتى لمعت أشعة الشمس في وجهه بشكل جنوني جعلها تشهق من شدة خفقان قلبها .. كانت تبدو مثل ملاك ذهبي بخصلاتها المبللة بشفتيها الكرزيتين ببشرتها البيضاء التي تطبعت بفستان نومها الليلي بنجومه البيضاء التي كانت تتلألأ مع كل شعاع يمر بهما في تلك البركة التي تحولت إلى لوحة جنونية تستحق التأمل … بالرغم من برودة الماء إلا أن دفء الشمس قد تسرب ليجعل من ذلك المكان مرتعا للحنان

حكيم(جذبها إليه ببطء شديد ومال برأسه وهو يناظرها بنهم):- صباحكِ شهد كبسمتكِ

ميرنا(ابتلعت ريقها وهي تتنهد بصعوبة ولا تزال متمسكة به):- ما سر هذه السباحة الباكرة؟

حكيم(غمزها):- سباحة وامتطاء الخيل عند الشاطئ كل هذا وأنتِ نائمة أيتها الكسول

ميرنا(رفعت حاجبيها دهشة):- من الواضح أن صباحك أفضل من صباحي ، فأنا التي توقعتك ستموت غرقا وكدت أجن حين رأيتك كذلك

حكيم(دفعها إلى صدره بجرأة وأحاطها بكلتا يديه داخل الماء):- هل خفتِ علي ؟

ميرنا(نظرت إلى قربهما وتوترت):- يجب أن نخرج من هنا قد يرانا أحد و.. يالي من غبية

حكيم:- عليكِ أن تتعودي من الآن فصاعدا أنكِ حرم السيد حكيم الراجي ولستِ بغريبة

ميرنا(حاولت التملص من قبضته الحديدية بلطف):- تمام مع ذلك لن تأخذ راحتك علينا أن

حكيم(ضيق عينيه في شفتيها وهو يتناقل بنظرته بينهما وبين عينيها):- خدودكِ تتورد بشكل فاتن وشفتيك ترتعشان ليس من برودة الماء بل توترا ، أنفاسكِ غير منتظمة وقلبكِ يكاد يخرج من محله فهنالك مشاعر تجمعكِ بي الآن لا تعلمين لها تفسيراااا …

ميرنا(كيف قرأني بهذا الشكل إنه يهذي ويريد أن يسرح بعقلي بعيدا جدااا لكن مستحيل):- خيالك شاسع طبيعي فجولة على الأحصنة مع إشراقة الصباح وبعدها سباحة ها هنا ، هذا يفتح العقل ويساعد على خلق أفكار مبهرة

حكيم(زاد تمسكه بها بقوة):- أنتِ الآن تتوقعين مني شيئا إن قمت به سوف لن تعترضي

ميرنا(هنا باعدت رأسها ورمشت بعينيها ودفعته عنها):- لا .. أنت تهذي حقا

حكيم(ابتسم بجاذبية وهز عينه ليناظر شفتيها فقط):- وأنا لن أحرمكِ منها …

انحنى بشفتيه إلى شفتيها حتى كادت أنفاسها تختفي من هول حركته ، فقد داهمها بأنفاسه الساخنة التي لفحتها بأطيب الأنفاس ، ارتعشت وبداخلها شيء ما ينتظر تلك القبلة لكنه لم يقبلها بل راقب إغماضة عينيها التلقائية ، وهنا تيقن تماما أنها عصفورته التي تتحول للبؤة شرسة فقط عندما يأتي ذكر وائل رشوان يعني يا ميرنا أنتِ في خضم أمر سوف لن يزيدكِ سوى ضياع على ضياع … اكتشفت أنه مقلب وكم كان مخزيا أن تكتشف ذلك شعرت بالألم وهي تفتح عينيها بثقل ، لم تقوى على مجابهة أنظاره فقد عراها تلك اللحظة وكشفها بشكل غير لائق ، نظرت إلى الأسفل وسحبت يديها بهدوء من على كتفيه وابتعدت عنه متأهبة للخروج من هناك ، تركها ولم يلحق بها فكبريائها قد جرح لتوه وقد أعطاها حكيم درسا في القناعة لن تنساه مطلقا ، اعتقدت أنه سيقبلها وكانت ذكرياتها السالفة قد تأهبت لتلك اللحظة الجنونية لكنه لم يفعلها بل جعلها تلمس بنفسها ما يريد أن يوصله لها بتلك الطريقة ، ولكنه لم يزد مع الأسف سوى الطين بلة فقد أبكاها دون أن يرغب بذلك ..

لمحها وهي تركض ببللها وتمسح على عينيها في الممر الزجاجي وهذا ما جعل عينيه تبرقان غيظا من نفسه ، لقد ندم لأنه تلاعب بها مستغلا حركته تلك فهي لا تستحق لا تستحق منه هذا التصرف ، خرج بسرعة من البركة ولحقها ركضا بصدره العاري الذي كان يتفجر رجولة تتوق إلى أحضانها …

حكيم:- ميرنااا ميرنا توقفي

ميرنا(ظلت تركض في ذلك الممر الزجاجي الفاصل بين الغرف وبركة السباحة):- .. لارد

حكيم(أسرع خطواته وأمسك بها هناك):- قلت توقفي لما تبكين الآن … لما تبكييييين ؟

ميرنا(ببكاء):- لست أبكي دعني وشأني

حكيم(زم شفتيه برفض ونظر جانبيا ثم نظر إليها بسرعة وقربها منه):- ماذا أكون بالنسبة لكِ حتى تتأثري من حركتي تلك ؟؟ ألستِ تعشقين غيري فلم ستنجرحين من تصرفي ذاك ؟

ميرنا(بخجل من نفسها الغبية التي أوقعتها في ذاك الموقف الحرج):- ليس من شأنك أن تحاسبني

حكيم(لم يترك لها مجالا كي تبتعد عن مداره):- ميرناااا أنظري إلي

ميرنا(أبت ذلك ونظرت جانبيا):- دعني الآن حكيم أنا أشعر بالضيق

حكيم(وضع إصبعه على فكها وأجبرها على رفع رأسها إليه):- دموعكِ تلك أهي تخصني ؟

ميرنا(بغمغمة دمع نظرت إليه وعقدت حاجبيها وهي تغالب بكاءها):- ليست لك ليست لك

حكيم(رمق ملامحها الطفولية وهي تحك على عينها كي تبكي وحرك رأسه بقلة حيلة):- أنتِ ستجعلينني مجنونا مهووسا في نهاية المطاف ، سترين ذلك تعالي يا غبية

ميرنا(انتفضت على صدره بغنج وهو يضمها إليه بحنان):- أنا لست غبية

حكيم(أخذ يمسح على شعرها ويده تضمها بدفء):- طيب يا بليدة

ميرنا(حكت رأسها بكتفه وبصوت باكي):- أنا لست بليدة

حكيم(ضحك بخفوت):- ههه طيب أنتِ فقط حمقاء أظن هذا منصفا لكِ

ميرنا(اهتزت ضحكا وانغمست في عناقه دون مقاومة ودون تفكير):- أكثر من جيد ههه

حكيم(قبل وجنتها بحنان وعانقها بكلتا يديه لحظتها):- ميرنا الحمقاء

ميرنا(حركت رأسها وهي تتملص منه بهدوء):- يجب أن نبدل ثيابنا قبل أن نمرض ثم أ.. أنت عار يجب أن تلبس مباشرة

حكيم:- انتبهتِ لتوكِ لذلك والله أصبحت موقنا أن الاستيعاب لديكِ متأخر بعدة دقائق

ميرنا(بخجل فقد كانت في حضنه وهو كذلك):- تتت .. يكفي ..

هربت ركضا تحت نظراته التي كانت ستحتفظ بها للنظر فقط ، آه كم يعشقها مسح على شعره المبلل وهو يشعر بالطاقة والحيوية فتلك هي عصفورته التي تجعله ينسى العالم من حوله دون احتساب لأي شخص أيا كان موقعه في حياته … ميرنا وفقط !

بعد مدة كانا يتناولان فطورهما كلا أمام الثاني والصمت شريك الجلسة وهذا ما جعل التوتر يزيد وتيرة بين نظراتها خاصة ونظراته بشكل طفيف ..فهما تارة متفاهمان وتارة يكونان مثل قطبي الشمال والجنوب ^^

حكيم(شرب من فنجانه قليلا من القهوة وغمزها):- ماذا تنوين أن تفعلي اليوم ؟

ميرنا:- يفترض أننا في شهر عسل حسب توقع أهلك وأهلي ، لذا لا أرغب بالخروج نهائيا فقد حظيت بأسبوع إجازة بصعوبة بالغة

حكيم:- أتركي تلك الجريدة وسأفتتح لكِ جريدة أحلامك التي تتمنينها أنتِ وإياد

ميرنا(تركت السكين من يدها ونظرت إليه):- أنت لست زوجي حتى تحدد لي مسار حياتي ، أنت فقط ابن عمي شخص كنت أحترمه في صغري والآن أحاول ألا أكون فظة معه قدر المستطاع

حكيم(حرك رأسه وهو يزم شفتيه بنظرة انكسار):- ولما ستعتبرينها كذلك ، مساعدتي لكِ اعتبريها أخوية فنحن أبناء عمومة صح وتُعتبرين مسؤولة مني يعني هذا المقتطف الصغير الذي أثلجتِ به مسمعي قبل قليل لا تعيديه مجددا ماشي ..

ميرنا(قطعت قطعة أخرى من الكعكة والتهمتها):- أشكرك على عرضك لكنني مرتاحة بعملي الحالي ، أنا أعرف كيف أتفاهم مع فتحي لا تشغل بالك

حكيم:- أوك افعلي ما تشائينه أنتِ حرة

ميرنا(هضمت تلك القطعة ونظرت إليه بحيرة فلم يجادلها في ذلك وهذا أمر غريب):- تت

لم يتفوه بحرف آخر بل تابع أكله بصمت جعلها تتساءل بدون فهم عن سبب صمته ، أو لنقل رضوخه لماهية حديثها دون جدال .. حاولت أن تقرأ أفكاره من خلال ملامحه المبهمة التي لم تقدر على قراءتها فقد كانت ساكنة عادية لا تساعد على التحليل أبداااا ..

ميرنا(رمت بالشوكة على الصحن وأحدثت صوتا هز أركان المكان):- تلزمني بعض الأغراض من غرفتي أحتاج لإحضارها ، خذني إلى بيتنا ..

حكيم:- طيب جهزي نفسكِ سنذهب بعد الفطور

ميرنا(هزت حاجبها تعجبا فيه):- أنت متساهل بشكل محير

حكيم(استقام بخيلاء):- أتكفيكِ نصف ساعة ؟

ميرنا(رمشت بعينها من معاملته التي تغيرت في غضون ثوان وأرجحت أن حديثها المسموم هو الذي جعله يتصرف على ذلك النحو):-لا تناسبني طبعا ساعة وأنزل إليك …

حكيم(تحرك للانصراف):- أكملي فطوركِ قبلا

ميرنا(تحركت هي الأخرى للصعود فالتقيا في حركة إكس):- لقد شبعت

حكيم(ذهب دون أن يلتفت حتى):- تمام ..

ميرنا(بعد مروره استدارت شزرا وانتفضت وهي تصعد بغيظ):- يتصرف كما يحلو له وحين أنطق بالحقيقة الجلية يغضب ، طيب مت يا حكيم مالي أنا ومال هذا الجنون آآآآه يا خليفة إبليس منك لله منك لله أنت من وضعني في هذا المأزق .. تت أشتاق رؤيتك وائل هل عدت ؟


عاد طبعا ولكنه لم يعد وحيدا بل عاد وهو يحمل معه أطنانا من المواجع والذكريات السيئة ، كان لا يزال بملامحه المظلمة يضع نظارات على عينيه في حين يجر خلفه حقيبة سفره وبجانبه شهاب هو الآخر يجر حقيبته ومعهما نادر الذي تدبر لهما رحلة الصباح وصادفت إجازته لذا فضل مرافقتهما في ظل تلك الظروف المتعبة .. وجدوا سيارتهم في مرأب المطار في انتظارهم فركب وائل بسيارته وبجانبه نادر كي يوصله في طريقه لشقته ويلحق بشهاب الذي اتخذ أيضا سيارته وانطلقوا صوب شقة فؤاد رشوان عمهم المصون الذي كان في حالة لا يحسد عليهااااا ..

فؤاد:- يا همام ابحث بالأنترنيت عن كيفية تنظيف حفاض طفل ما بالك ستجلطني يا رجل

همام:- يا سيد فؤاد أنا في حياتي لم أتعامل مع طفل ثم لا أعرف كيف أجلب لحضرتك فيديوهات خاصة بما طلبته ، أنا اختصاصي أسلحة و

فؤاد(أشار له بجنون):- من نيتك من نيتك ستستحضر لي أمجادك القديمة والطفل يبكي .. ألا ترى معي أنه منزعج من تلك ل …ل .. آه يا ربي كيف وضعت نفسي بهذا الموقف ماذا عن المربية التي طلبتها منك يا همااااااام ؟

همام:- لا يوجد أي واحدة بالمواصفات التي طلبتها ثم البحث جار

فؤاد(بجنون وعصبية):- أغرب عن وجهي الآن وإلا رميت بتلك القذارة على وجهك … وأنت وأنت ليس من أولها لنتفاهم على الصلح واللطافة .. يا الله حسن لا تبكي أنا لم أصرخ بوجهك هممم هممم دعني أجرب حظي

بالفعل وضع نفسه بمأزق لكنه تدبر أمره وأخذ ملاقط نشر الملابس وحمل بها حفاض الصغير ثم ألبسه واحدا آخر بالمقلوب ولم ينتبه لذلك فقد كان سعيدا بإنجازه ، فحتى بعد أن غير له الحفاض ظل يبكي إذن بمن ستستنجد يا فؤاااااااااااد .. يا ويلك إلا تلك …

أخذت تشتم في سرها وفي علنها فمن هذا المتصل البائس الذي دعت عليه أمه لكي يكلمها في ذلك التوقيت ، طبعا من سيكون غيره بسرعة أجابت كي تشتمه لأسفل السافلين

نور:- ألوووووووو

فؤاد(يحمل الطفل بين ذراعيه وهو يهزه كي يسكت):- قبل أن تنفجري بوجهي مثل البارود أخبريني بالله عليكِ طفل غيّرنا له حفاضه ونظفناه لما سيظل يبكي ؟

نور(داهمها بسؤاله وبتفكر):- أ.. لأنه جائع ربما

فؤاد:- آه آه الجووووع نسيت تماما أمر الحليب يخرب بيتي أنااا

نور:- طفل من هذا الذي يبكي بجانبك ألووو

فؤاد(بتنبه يجب عليه ألا يخبرها عنه في الوقت الحالي):- أ.. طفل الجيران مشكورة نور سأكلمكِ لاحقا سلام

نور(اندهشت من فصله الخط):- ما به هذا المجنون ؟؟؟ ثم من يكون ذاك الولد ؟؟

تساؤلات عدة طرأت على بالها لكنها لم توليها اهتماما ففور رؤيته ستلقى الجواب الذي تريده، هنا توجه بالطفل صوب المطبخ وفتش عن الحليب لتسخينه وضعه على النار وصب القليل منه في الإناء ثم عاد لحقيبة الصغير وبحث فيها عن رضاعته أمسكها وعاد به للمطبخ وأخذ يقرأ الإرشادات المدونة بدفتره الصغير واتبعها ، ويا ليت الطفل يصمت قليلا بل لم يتوقف ولا لحظة عن البكاء وهذا ما جعل جنون فؤاد يجن أكثر …

فؤاد:- هااا يا حبيبي ها أنذااا أسخن لك الحليب لا تبكي لا تبكي يا صغير تتت

وضع الحليب بالقنينة وأرضعه بها وهنا كانت الطامة الكبرى فقد كان ساخنا بحيث أطلق الصغير صرخة مدوية قلبت البيت ، وضع فؤاد القنينة على رخامة المطبخ وأخذ يدور به لعله يسكت ورن هاتفه لحظتها وكانت المتصلة هي

نور:- ألا يزال يبكي ؟

فؤاد:- أظن بأنني أحرقت فم الطفل أعطيته حليبا ساخنا

نور:- هئئئئ يا لك من مجرم أيوجد عاقل في الدنيا يعطي الحليب لطفل دون أن يتحسسه بيده

فؤاد:- لا والله على أساس أنني أكلم مربية الأجيال ؟؟

نور(بتعال):- أبقى أمَّا وأفهم أكثر منك

فؤاد:- والله هذا لو كنتِ أنتِ من ربيتِ دينا ، لقد عرفت بفضائحكِ السوداء ست نور فلا تجادلي

نور(تمالكت أعصابها بصعوبة):- بغض النظر عما اتهمتني به ، أرسل لي العنوان

فؤاد:- عنوان ماذا ؟

نور:- عنوان بيتك يا فهيم أتريد أن يموت الطفل بكاء يكاد يثقب طبلة أذني من هنا

فؤاد(بتوتر):- أ.. لالا لا داعي لقدومك يا نور سأتدبر أمري مشكورة مشكورة

نور(مطت شفتيها):- المسكين أشفق عليه حقا أكيد لن ينهي بقية اليوم إن بقي على ذلك الحالي الباكي .. تت منعدم الضمير

فؤاد(نظر للطفل الباكي وفكر مليا تبقى خالته يعني قريبة وتستحق المساهمة في رعايته لست المذنب الوحيد هممم):- سجلي عندكِ إذن ورجاء أسرعي الوضع لا يحمد هنا

نور:- دقائق معدودة وأكون هناك ..

كما قالت لم تكن سوى دقائق معدودة وها هي ذي ترن جرس الباب عليه ووجدته على ذات الحال لا يزال يبكي وفؤاد يحمله بشكل يبعث على السخرية ، فور دخولها أمسكت الطفل بين ذراعيها وأخذت تهدهده حتى استكان بهدوووء وضل ينتحب بشكل طفيف

فؤاد(رفع حاجبه):- هذا الطفل خبيث فور رؤيتكِ سكت وأنا الذي ضللت أناغيه الصباح بطوله لم يكلف نفسه حتى بالنظر لوجهي

نور(أمسكت بقنينة الحليب ووضعتها بفمه ثم جلست على الكنبة):- هذا لأنه يحس بالقلوب الطيبة وليس مثلك يا سيد شرير

فؤاد(كتف يديه واتكأ مقابلها على حافة الكنبة):- جميل جدا الذنب ليس ذنبكِ بل ذنبي أنا استنجدت بمدققة مثلكِ لن ترحمني بعد هذا العار

نور(ابتسمت بهزل):- ههه تماما .. والآن أخبرني من يكون هذا الصغير ما أجمله

فؤاد(ابتلع ريقه):- إنه يتناول الحليب أرأيتِ يااااه فعلا شيء مدهش

نور(رفعت عينيها إليه ولاحظت ارتباكه في الجواب وعادت لتناظر الطفل الذي تناول حليبه ونام):- يااااا روحي أنا ما ألطفك من طفل .. أوبس من وضع له الحفاضة بالمقلووووب ؟ فؤاد(استقام من فوره):- .. همام … همام أجل الغبي البليد لا يفهم في شيء أخبرته أنه مقلوب لكنه لم يصغي لي …

نور(وضعت الطفل على الكنبة ونظرت لفؤاد):- أحضر لي حقيبته بسرعة سأضع له واحدا جديدا .. هيا أسرع قبل أن يستيقظ

فؤاد:- حاضر حاضر

نور(هدرت فيه):- هشش أخفض صوتك هل جننت أتريد أن توقظه ؟

التفت إليها وجدها تمسح على شعر الصغير وتبتسم وكم أعجب بصورتها تلك قبل أن يتحرك صوب الصالون الآخر ويحضر حقيبته لها ، غيرت له الحفاضات وقامت بتنظيفه جيدا وبعدها تركته نائما على الكنبة ونهضت لترتب الأشياء بحقيبته …

نور(فاجأته):- في ماذا تحدق ؟

فؤاد(ابتلع ريقه):- أنتِ تجيدين رعاية الأطفال

نور(نظرت إليه وهي تقفل الحقيبة):- نوعا ما ليس لدي نفس لهذه الأمور ، لكن إن اضطررت فأنا لا أخذل .. ثم أخبرني هنا من يكون هذا الصغير ومن المخبول الذي ترك ابنه في عهدة شخص مهمل مثلك ؟

فؤاد(أشار لها):- لاحظي أنكِ تشتمينني هنا

نور(اقتربت منه بعلياء):- وأتعمد ذلك لأنني بانتظار إجابة

فؤاد(كتف يديه باستفزاز):- ما رأيكِ لو أخبرتكِ بأنه ابني ..

نور(اهتزت حدقات عينيها في رعشة متتالية سرت بسائر جسدها لتتحول إلى ابتسامة مزيفة رسمتها بإتقان على وجهها):- مبروك لأمه فأكيد هي محظوظة والله يحبها كونها تخلصت منك وتركت لك الطفل ههه

فؤاد(بغيظ):- هل هذه هي فكرتك اعتقدت بأنكِ سوف تنزعج… أو تتت احرقوا الباب احرقوووه أنا قاااادم

نور:- من الزائر الذي يرن الجرس هكذاااا ، هل ارتحتم ها قد استيقظ الصغير افففف منكم اففف أحضر لي هذا البغيض الذي لم يفارق رنين الجرس سأقطع له ذلك الإصبع

فؤاد(فتح الباب وهو يكلمها):- ليس قبلي طبعااااا … آآآه شهاب ووائل

تسمر شهاب محله ورمش بعينه وهو يلمح نور تحمل الصغير بين يديها وتهدهده بسكون ، إنه طفله ويا له من شعور جميل داعب أوتار قلبه لحظتها إنه إحساس الأبوة الذي لا يغني عنه أي شعور آخر .. أحس بغلالة دمع تبرق في عيونه وهو يقوس حاجبيه في انحناءة شاعرية اختلطت بتأمله لتلك الصورة فهذا الطفل سيكون مدعاة تغيره لإنسان جيد في هذه الحياة.. قد تخيل شكل طفله منذ أن عرف بأمره لكن لم يتوقع أبدا أن يكون وسيما بهذا الشكل طفلا رقيقا أبيض البشرة بني الشعر ناعم مثلهاااا ، هذه هي الصورة التي استجمعها في عقله ميرا وصغيره كم يشبهها فهل هذا من حسن حظه أم العكس ..

وائل(تنهد عميقا هو الآخر لما رآه):- أدخل يا شهاب

نور(بعدم فهم نظرت إليهما بريبة والطفل بين يديها):- ما الذي يحدث هنا ؟

فؤاد(حك أنفه وحين استقر الكل وسط الصالون هز يده بفشل):- ذلك الطفل يا نور هو ابن أختكِ ميرا وشهاب ..

شهاب(اقترب منه تلقائيا وبهمس طفيف):- شادي … أنا بابا

نور(بعدم تصديق):- شاااادي … أيعقل أنه لكن .. كيف لما لم تخبرني يا فؤاد ؟؟

فؤاد(حرك كتفيه باعتذار):- حدثت الأمور فجأة يا نور ،، الطفل برعايتي منذ اللحظة التي كلمتكِ فيها أحضرناه لتونا يعني .. سيأخذه شهاب بدءا من اليوم

نور(برفض ضمت الطفل لها):- طيب ماذا عن ميراااا هل تعلم بهذا الشأن ؟

شهاب(بشراسة):- لا شأن لنا بأختكِ يا نور هي من رمته وتريدين مني أن أستأذنها في أخذ ابني الذي حرمتني منه ؟؟

نور(بشفقة عليها):- ولكن يعني ..

فؤاد(اقترب منها أكثر):- أعطه صغيره يا نور ولا تتدخلي هذا الأمر برمته سيحله هو وميرااا ، ولا يسعنا فعل شيء

وائل(مسح على فكه بتعب):- من البداية كان من الخطأ أن تخفيه عنه

نور(بلؤم):- لأنه لم يكن أهلا لإخباره طبعا أختي خافت من أنه لن يتقبله لذلك تصرفت بالشكل الذي تحمي به طفلهاااا

شهاب(بضعف):- الآن لست في حالة تمكنني من التفكير مستقبلا ، أعطني ابني وفقط يا نور أريد أن أحمله بين ذراعاي أرجوكِ ..

نور(أشفقت عليه ونظرت للصغير بنظرة شفقة وبقهر):- خذه ..

أمسكه بلطافة بين ذراعيه وتأمله بحب قد بدا رقيقا هادئا ساكنا يلامس شغاف الروح دون أدنى جهد ، إنه خفيف الدم بسرعة ابتسم وأحبه شهاب ووائل الذي فتح انعقاد حاجبيه واقترب مبتسما حتى أنه وضع إصبعه بيد الصغير الذي انتفض مرحا وأغلق أصابع يده عليها ، ويا لها من لحظة مؤثرة جعلت نور تجلس بتعب على الكنبة وترمقهم وهم يتأملون الصغير مثل شيء أثري ثمين تم اكتشافه ..

فؤاد(دنا منها معتذرا):- لستِ غاضبة مني صحيح ؟

نور(أمسكت حقيبتها):- وعلى ماذا من حقك أن تخفي الأمر عني ، فلو حكّمت عنادي لكنت أخذته معي لبيتنا لأنه ولا واحد فيكم قادر على رعايته

وائل(هز رأسه):- كيف حال أختكِ العروس ؟

نور(تلاعبت بلسانها داخل فمها):- لا تبدأ رجاء .. أنا راحلة

فؤاد:- نور نور توقفي …

وائل(أشار له ولحق بها):- دعها يا عمي سأتحدث معها

شهاب(هز الطفل بحماس):- هيييه عمي أخبرني هو يشبهني صحيح ؟؟؟

فؤاد(حول عينيه بدعابة):- يا حبيبي !!!

وائل(أوقفها عند المصعد):- لحظة يا نور .. أخبريني فقط كيف حالها ؟

نور(توقفت على مضض):- لا أدري لم أرها منذ ليلة أمس

وائل:- متى سترينها ؟

نور:- لا أعرف

وائل:- لم أرها منذ تلك الليلة ولا أدري إن كنت قادرا على التحمل كل هذا الوقت دون أن أراها ، هل لكِ أن تبلغيها سلامي ؟

نور(حركت رأسها بعدم تصديق):- يا رجل لقد تزوجت تزوجت يعني تزوجت فانس أمرها

وائل:- ههه أنتِ لا تعلمين شيئا صحيح ؟

نور:- أعلم ماذاااا ؟

وائل(حرك رأسه وتراجع خطوات للخلف):- دعي ميرنا تحكي لكِ .. عن إذنك لدينا طفل علينا تعلم مبادئ رعايته أقله سنكون أكفأ من أمه التي تخلت عنه ولعلمك سأبدأ بإجراءات إثبات أبوة شهاب سنحصل عليه قانونيا يعني كي لا يسرح بال أختك وتفكر بالمطالبة به

نور(رمشت بعينيها):- لؤمك هذاااا لا يليق بك وائل

وائل(غمز لها بخفة وأدار ظهره):- والله لا عتب على مظلوم أجبر على الموت حيا ..

لم تفهم منه ولا حرف لكن الإجابة متأكدة من أنها ستكون لدى ميرنا ، لذا غادرت عائدة لبيتهم لعلها تجد هناك ما يخرجها من ساعة الجنون التي عاشتها في بيت فؤاد رشوان ، لكن صورة شادي لم تفارق خيالها كانت تبتسم طوال الطريق إنه يلج القلب بسرعة هائلة ولن يسعها اليوم بطوله حكايات عنه بالرغم من أنها لم تقضي معه سوى عدة دقااااائق … بعد برهة وصلت إلى البيت وفوجئت بميرنا وحكيم هناك فكيف ذلك ؟

حكيم:- والله أختكِ المجنونة طلبت القدوم إلى هنا لأخذ بعض من أغراضها وأنا وافقت

عفاف(قدمت له فنجان القهوة):- قهوتك يا حكيم

حكيم:- تسلمي يا زوجة الغالي

نهال(ركضت بخفة وجلست قربه):- عمو حكيم أرجوك احكي لي قليلا عن مغامراتك أنت وبابا

حكيم(خفق نبضه بقهر ولمس شعرها بحنان):- ليس الآن يا نهولة لكن أعدكِ سأخصص يوما لكِ حين آخذكِ لرؤية حصاني صافيور

دينا(قفزت في حجره وجلست):- وأنا أريد رؤيته بليز بليز عمو فؤاد

حكيم:- خالو يا بنت خالو

نهال:- لا تجادلها بهذا الخصوص هي لا تعترف سوى بالعمومة هههه

مديحة(أتت بصحن الحلوى):- خذ يا عزيزي مخبوزاتي أنا وخالتك

حكيم:- أوووه معكم سوف أصبح مثل الدب ههه

دينا:- عمو حكيم دب

نور(زورتها بعتب وجلست مقابلهم):- بنت تأدبي

سماح(خرجت من غرفتها وانضمت إليهم):- أين قهوتي يا عفاف ؟

عفاف(تذكرتها):- سأوزعها عليكم لحظة فقط

سماح:- والله عشنا وشفنا عرسان جدد يقضون صباحهم ببيتهم ،،

نور:- وما الضير عمتي نحن لسنا في العصر الجاهلي

نهال:- صحيح الأمور باتت أهون بكثير

سماح(حركت فمها بامتعاض):- الله الله حكم …

حكيم:- كيف حال سلوى يا عمتي ؟

سماح:- بخير بخير اتصلوا بي من المهجر وأخبروني أنها تتماثل للشفاء ، ولكن الموضوع سيطول على الأغلب آآه حسرتي عليها أين كان مخبأ لها ذلك

حكيم(بثقة):- لا تقلقي سأكلم بعض معارفي ليتكلفوا بكل شيء ، لكن ما يشغل بالي هم أولادها يعني من يرعاهم هناك ؟

سماح:- أبوهم الله يحرقه

نور:- ولما ترجين له الحرق ألا يكفي أن الرجل معهم ؟

سماح:- وهل صدقتِ إنه فقط خائف مني هو غير قادر على رعاية نملة جيد أن الأولاد كبار وقادرون على الاهتمام بأنفسهم

نور(تحت أسنانها):- هذا ليس بجديد علي

حكيم:- عموما إن أردتِ السفر إليهم فقط أخبريني وسأرتب الأمور لأجلك

مديحة(فرحت بابنها حبيبها وأحست أن مشاكلهم كلها ستحل بعودته):- أجل يا سماح ما رأيكِ يا أختي ؟

سماح(هزت حاجبها):- لا أدري لكنني سأتصل وأخبرهم إن كانوا بحاجتي سأخبرك يا بني لكي تبعثني

حكيم(استقام بهدوء):- تمام سنتحدث في الموضوع ،، أ.. بما أن قهوتكم لا تزال على نار سأرى ميرنا قليلا وأعود

سماح(غمزت لمديحة):- يا عيني على الحب!!

نور(سمعتها وحولت عينيها):- أستغفر الله …

نهال:- ههه هههه

مرام(خرجت على المشهد الأخير وابتسمت):- مسكين هو حكيم وقع في أيدي من لا ترحم

نهال:- هههه معكِ حق …

نور(بتأفف نهضت):- أين هي أمي وجدتي ؟

سماح:- أمكِ لا تكثر معي جلوسا كلما رأتني هربت وكأنني سأستحضر أمجاد الأولين لها

نور(رفعت شفتها باستهزاء):- وكأنكِ لا تفعلين ؟

سماح:- أعيب أن أتحدث عن أخي الحبيب سليم رحمك الله وطيب ثراك أنت وعبد النور

نور:- رحمهما الله يا ستي ، لكن أمي لا تطيق الحديث عن الأموات فتكلمي عن شيء آخر ولا تجعليها تهرب منكِ ، سأبدل ثيابي وأعود

انسحبت مثلما انسحب هو لأجل تفقد محبوبته ، توقع بأنه سيجدها في غرفتها تضع بعض حاجياتها بحقيبة ما أو توضب عدة أغراض لأخذها أو أي شيء من ذا القبيل ، لكن أن يجدها جالسة على مكتبها وتكتب على حاسوبها هذا ما لم يتوقعه بتاتا .. كانت تضع سماعات الأذن وتستمع لموسيقى صاخبة تضع نظارات بصرية وتكتب في شيء انعزلت عن الدنيا بمجملها لأجله ، شيء يعني لها الكثير حتى دخوله لم تستشعره ووقوفه على رأسها كذلك لم تحس به وحين رمى بعينه للحاسوب وجدها تكتب مقالة بعنوان" عن الشوق أحكي" …. أغمض عينيه لحظتها لتمالك أعصابه وتراجع خطوة للوراء وهو يهز رأسه بألم أصابه الصداع لحظتها وهذا ما جعله يضرب بقبضته مزهرية كانت على جنب أفزعتها حين تناثرت أمامها على الأرض ، وقتها فقط لاحظتِ الآنسة أن هناك رفيق معها بنفس الغرفة

ميرنا(وضعت نظاراتها وسماعتها وأقفلت الحاسوب وهي تستقيم إليه):- حكيم

حكيم(عض شفته برجفة):- عذرا لقد .. سقطت مني سهوا أردت فقط تفحصها بما أنكِ كنتِ مشغولة على الجهاز

ميرنا(بتلعثم):- أ.. كنت أتفقد بعض المقالات فقط

حكيم(ابتسم بجهد جهيد):- حقا .. طيب لن أعطلكِ سأخرج في جولة وأعود فيما بعد لأصطحبكِ معي يناسبكِ هذا صح ؟

ميرنا(بارتياح):- جدااا أ.. يعني ريثما أنهي أموري العالقة

حكيم(أو مقالتكِ الشيقة .. آآآآخ عليك يا قلبي):- تمام ..

لم يضف حرفا آخر بل انسحب وهو يجر أذيال الخيبة خلفه ، إنها تتفنن في إيلامه وهذا ما لا يعلم إلى متى سيتحمله ، بصعوبة تملص من جلسة القهوة أسفله بحجة بعض الأعمال .. وهو الهارب من حالته المريرة لا يدري ما الذي فعله بحياته كي يعيش الأسى بتلك الطريقة ، لقد كانت تكتب مقالة لوائل عن شوقه تحكي أوااااااه من ذا الوجع القاتل ، أمسك على قلبه وهو يقود بسرعة قياسية سيارته في اتجاه قصره القديم ،، فهنالك فقط سيجد راحته وعزائه بعد هذا الغيظ الذي اجتاح وتينه .. آه منكِ يا ميرنا لم تدعي أحدا في حاله كل واحد منهم يعيش ألمه بشكل مختلف فوائل بالرغم من أن ابتسامة شهاب وفرحته بابنه كانت كفيلة لكي ينسى كل شيء ويشاركهم تلك اللحظة ، لكن خاطره لم يسمح له فلقد كان يهرب بتفكيره المغبون إليكِ كل لحظة .. أما ميار فلقد انتزعت منه روحه وسيطرته على نفسه حتى أهمل كل شيء وأصبحتِ أنتِ هي شغله الشاغل وهذا ما قلقت بشأنه كهرمانة ، فإن تمادى في هذيانه بميرنا سوف يخسرون كل شيء ..

عرندس:- لا تقلق يا سيد رشيد نحن على تواصل بتلك الجمعية ستقوم بترحيل الأطفال بعد معاينتهم ، يعني لنقل أن الشحنة ستصل بعد فترة وجيزة وسنتمكن من ترحيلهم للأسماء المطلوبة

رشيد:- جيد جدااا ، وبخصوص البنات قد انتهى الأمر وأصبحن في معاهدهن صح ؟

عرندس:- كلهن يا سيدي باستثناء واحدة مقطوعة اللسان احتفظنا بها لأعمال الخان

رشيد:- هاهاااا أكيد طال لسانها على الست كهرمانة لذا أعطتها درسا تطبيقيا

عرندس:- تماما ههه ..

أماني(بتلعثم مسحت خلف شعرها وهي تعدل فستانها):- … س ..سيد رر رشيد أم أمي تطلب منك الانضمام لهم في الصاالوو ..لون

رشيد(أشار لعرندس بالذهاب واقترب منها):- أماني يا حلوة الخدين كم أنتِ جميلة

أماني(بخجل عضعضت إصبعها):- أمي لا ت تحب هذاا الككلام

رشيد(مسح على خدها وهو يشم عطرها):- ولما سنخبر الست كهرمانة ، سيبقى الأمر بيننا

أماني(نظرت إليه برعشة عاشقة ولهانة):- هههه ههاه ط طيب

رشيد(همس لها بشيء خافت وانسحب وهو يغمزها):- ههه ماشي ..

أماني(بحياء لوحت له):- تت تمام …

كهرمانة(تصرخ وهي واقفة أمامه):- أخبرني أين هو ابني أين هو الطفل الذي ربيته وكأنه قطعة مني ولم أضيع عمري لكي يأتي مثل هذا اليوم ويخبرني أنه اكتفى

ميار(واضعا رجلا على رجل ويدخن سيجارته بهدوء):- أمي .. لا تبالغي في ردة فعلك لا أحد يتدخل في قراراتي وإن قلت قد اكتفيت معناه قد اكتفيت فعليا

كهرمانة(جلست بفشل بقربه):- هل جننت من أجل امرأة لا تعرفك أصلا ستتنازل عن إمبراطورية سهرنا عمرا بأكمله كي نحافظ عليهاااااا

ميار:- من البداية لم يكن هذا قدري لكن وجدت نفسي مجبرا على الحفاظ على مصائر عشيرة بأكملها ، وكما ترين حافظت وفتحت مليون ألف بيت توسعنا وبات اسمنا معروفا كأكبر عائلة مافيا بالعالم أجمع .. لا تنكري أنني بذلت جهدا طوال سنين وحان الوقت لكي أتراجع قليلا وأتوارى خلف الأنظار أريد أن أعيش حياتي ضجرت من هذه العيشة المملة

كهرمانة(حركت رأسها جيئة وذهابا):- لالا لست أنت من يتحدث لا أكيد أصابك شيء ، أنت مريض صح … رشيد رشيد تعال تعال واسمع سيدك على ماذا ينوي إنه يفكر بالاعتزال يفكر بترك كل هذا واللحاق بتلك المشعوذة الصغيرة

ميار(حرك شفتيه):- اففف

رشيد(باندهاش جلس أمامهم):- أهذا صحيح يا سيدي ؟ ولكن ما الداعي لذلك يعني ماذا حصل كي تتخذ هذا القرار ؟

ميار(نهض بخفة):- الذي حصل هو أنني تعبت ومللت وأريد الاستقرار بحياتي

كهرمانة:- طيب ماذا عن عشيرتك التي تحدثت عنها قبل قليل ماذا عن بيوتهم التي فتحتها أنت ستغلق باب رحمتك عليهم وسيتشردون

ميار:- ههه كهرمانة منذ متى وأنتِ تهتمين بمصير الشعب همم ؟

كهرمانة:- لا تلفظ اسمي حاف هكذااا وإلا غضبت عليك ، حتى وإن لم أكن أمك التي أنجبتك لكنني المرأة التي ربتك فلا تكسر احترامي

ميار(نظر إليها شزرا ووضع يديه بجيوبه):- عذرا يا أماااااه ولكن إلى هنا واكتفيت ، سأعقد جلسة خاصة لأوكل شخصا كفؤا كي يتمم عني هذه المسيرة

رشيد(في خاطره):- هذه فرصتي لكي آخذ محله لقد كنت أحلم بهذه اللحظة طوال حياتي ..

كهرمانة(نهضت خلفه):- أنت ستقتلني بهذا الكلام أتصدق نفسك يا مياااااار … هل ستعتزل وتتنازل عن عرش الفهد البري لأجلها ؟

ميار(عقد حاجبيه واستدار إليها):- أجل … لأجلها سأفعل ذلك وبطريقتي أيضا سأجعلها تصل إلي وهذا ما أنا في خضمه الآن

كهرمانة(رمقته بعدم تصديق وهو ينسحب من أمامها وهرعت لرشيد):- قل لي أنه يمزح أو أن هنالك خدعة يحكيها ؟؟ قل أنه ليس جاداااااا يا رشيد ؟؟

رشيد:- ست كهرمانة لا يسعنا فعل شيء أمام قراراته فهي كحد السيف إن نطق بها نُفذت

كهرمانة:- يستحيل أن أوافقه على هذا الجنووووون ،، لن أكون كهرمانة إن سمحت له بأن يجعل مملكتنا تضيع هكذا وتصبح في متناول الغرباء غير ممكن …. يا عرندس عرندس

عرندس(أتاها ركضا):- بأمرك سيدتي

كهرمانة(عقدت حاجبيها):- أجلب لي شاهيناز فوراااااا حان الوقت لكي نضع تلك الحشرة في موضعها الصحيح لن أسمح لها أن تتلاعب بعقل ابني أكثر من هذاااا

رشيد:- على ما تنوين سيدتي ؟

كهرمانة:- سأعطي لشاهيناز ما تحتاجه لتخلصنا من ميرناااا نهائيا

رشيد(صعق بالخبر):- ولكن سيدتي إن السيد ميار سوف لن يغفر لكِ هذااا مطلقا

كهرمانة:- ماذا تقول يا معتوه أتنتظر مني أن أسمح لها بغسل دماغه ، أخبرني منذ متى كان يفكر بالاعتزااااال هااااه .. وأنت أيها الغبي ماذا تنتظر أحضر لي شاهيناز فورااا

عرندس:- حاضر سيدتي على الفور ..

رشيد(ابتسم داخليا):- اممم كما تشائين …

كانت فرحته عارمة فأن يفكر الفهد البري الشخص الذي جعل الشرطة تدخل في مئة حائط وحائط ولا تصل إليه بترك كل شيء ورميه وراء ظهره ، مؤكد أنها فرصة ذهبية عليه أن يغتنمها جيدا جدااااا وبناء عليه ترك الأمور على سجيتها ولم يتفوه بحرف ..


في هذا الوقت كان قد وصل حكيم إلى قصره ووجد فخرية في انتظاره عند الدرج ، واقفة بجمود وتنظر بعيون مبيضة نحو البعيد

فخرية:- هل تزوجتها ؟

حكيم(تجاوزها وصعد الدرج):- تعلمين أنه لم يحدث ذلك ، مثلما رأيتني وأنا قادم أكيد أبصرتِ ما حدث بيني وبينها

فخرية(لحقته بخطوات مرتعشة):- ولن يحدث لن يحدث

حكيم(توقف عن الصعود واستدار إليها):- أشكركِ أنتِ تساعدين كثيرا في رفع معنوياتي

فخرية(تابعت اللحاق به وهي تتدثر في عباءتها الطويلة):- يا ولدي دعك منها هي مختارة لشخص آخر هو الوحيد الذي سينالها فلما تعذب نفسك بهذا الشكل ؟

حكيم(فتح أزرار قميصه ودلف لجناحه):- ربما لأنني مجنون اعتبريني كذلك وأريحي بالكِ مني قليلا يا فخرية

فخرية(تبعته):- أنا قلقة بشأنك ، آلامك أشعر بها في قلبي أراها في عقلي ولا أحبها

حكيم(جلس بثقل على كنبته ليستريح):- صدري يضيق علي فرجاء دعيني أرتاح قليلا

فخرية:- لعلمك شاهيناز تضمر الشر لميرنا

حكيم:- أعلم ذلك إنها في عهدة كهرمانة

فخرية:- عرفت لقد أبصرتها في رؤيا بشعة نهاية تلك المرأة ليست حميدة

حكيم:- ما يمسكني عنها هو طلال فقط

فخرية:- إنه مخبول أمازال يحب امرأة هربت من زفافه لأجل رجل آخر ؟

حكيم(نظر إليها بعمق):- مثلما أنا أحب امرأة تعشق غيري ..

فخرية(رأفت عليه ومسحت على رأسه وهي تضمه لصدرها):- كل شيء تشابك مع بعضه ولا نعلم المصير

حكيم:- أخشى على ميرنا منهم يا فخرية إن تأذت سأموووت

فخرية(رف قلبها خوفا عليه وضمته بعمق):- يا بني ..

حكيم(تأوه عميقا وانسحب من بين يديها):-تت يا الله لا أطيق لحظات المواساة لذا اذهبي لغرفتكِ سأنام قليلا أنا متعب

فخرية(قبلت جبينه وانسحبت):- طيب ..

فور خروجها أغلقت الباب خلفها ونزلت لغرفتها مباشرة جلست في مكانها المعتاد وهي تدمدم بحروف مبهمة حول كأس حديدي مليء بالماء الأسود ، تحرك يديها حوله مرات ومرات وعيناها المبيضة تغلق وتفتح لحين أغلقت فجأة وفتحت بلونين مختلفين أزرق في بؤبؤ وأخضر في بؤبؤ آخر …

سلسبيل(بصوت مضخم تتحدث من خلال فخرية):- ليس من عادتكِ أن تطلبيني

فخرية:- أحتاج لترياق يحمي من الأذى ووحدكِ من ستمنحني إياه

سلسبيل(بضحكة مجلجلة):- هاهاااا أختي هل ضاقت بكِ الدنيا أخيرا وقررتِ إعادتي للوجود؟

فخرية:- مستحيل ما تظنينه أنتِ ستبقين أسيرة بوجدي ولن تخرجي لمحل ، ستموتين معي

سلسبيل(صرخت بقوة):- مخاااااااادعة خائنة أكرهكِ

فخرية(بنفاذ صبر):- ساعديني يا سلسبيل افعلي شيئا جيدا يغفر لكِ خطاياكِ

سلسبيل:- ههه هههه دعيني أكمل نومي يا ملعونة

فخرية(فكرت مليا في حكيم إن حدث مكروه لميرنا سيقتل نفسه):- حسن ماذا تريدين لأجل الترياق ؟

سلسبيل(بفحيح كالأفاعي):- حررررررررررررررررررريتي …….

نظرت فخرية مليا في المرآة مقابلها وبغبن هزت رأسها إيجابا لعلها تهتدي لحل يحمي ميرنا من براثن الشر الذي تنوي شاهيناز وكهرمانة إضماره لها … لكن في سبيل راحة حكيم ستقدم على فعل أي شيء كي يكون سعيدا حتى وإن كان هذا الشيء إطلاق سراح سلسبيل ، لم يكن ذلك بالأمر السهل إذ علي أن تبحث في تبعات الموضوع وكيفية الاهتداء له يعني أمر سيأخذ منها وقتا لتنفيذه .. بالرغم من ترددها الدفين إلا أن حكيم يستحق أن تضحي بكل ما في استطاعتها لأجله وهذا ما قررت فعله …

لندع فخرية في تعاويذها المفزعة وننتقل سوية صوب قصر ميرا التي كانت تتقيأ بحمامها وهنادي تقف على رأسها لتمد لها الفوطة ، وأيضا كي تطمئن عليها ..

هنادي:- ستكونين بخير يا ست ميراااا

ميرا(بتعب وحالة مريضة):- لست بخير يا هنادي ، شهاب لا يرد على تليفوناتي وذلك العجوز ضرغام هو الآخر لا حس ولا خبر أريد فقط الاطمئنان على شادي

هنادي(مطت شفتيها وهي تساعدها على النوم فوق السرير):- سوف أبعث أحدا لقصره كي يطلب منه الاتصال بكِ في أسرع وقت ، ثم إن السيد شهاب لا يزال منزعجا من إخفائنا للأمر طوال سنة كاملة وما أزيد يعني هو معذووور

ميرا(بقهر):- طيب وأنا أنا التي سلمت إبني لغيري كي يربونه فقط لأحميه من أعدائي ، خوفا عليه أبعدته عني متى سيفهمون أنني أحبه أكثر من روحي وحفاظا عليه تركته في عهدة جدهم

هنادي:- يا سيدتي أنا أتفهمكِ لأنني عشت معكِ تلك الأيام العصبية ، وأعلم أن الأمر لم يكن سهلا عليكِ .. تخليكِ عنه لم يكن هينا

ميرا(تمسكت بذراع هنادي):- طيب أخبري شهاب بذلك اجعليه يعرف ما تكبدت عناءه ، لأنه يلومني بشدة ولا يريد حتى سماع تبريراتي للأمر

هنادي:- امنحيه بعضا من الوقت سيدتي وسوف تهتدين لحل يقنعه

ميرا(بكره):- ذلك الحقير رشيد خرَّب حياتي بعد أن قلت أنني سأستقر قام بتخريب كل شيء ، لن أسامحه لن أسامحه

هنادي:- حسن لا تبكي ستؤذين نفسكِ وحالتكِ حساسة هذه الفترة ، ثم لا أدري لما لم تخبري السيد شهاب بحملك ؟

ميرا(ابتلعت ريقها):- هذه المرة سيقتلني إن أخبرته ألا يكفيه صدمة شادي هل تودين مني إضافة طفل آخر للقائمة

هنادي:- ولكنهم أولاده وعليه أن يتحمل مسؤوليتهم

ميرا(مسحت على رأسها):- أعلم هذا جيدا لكن لا يزال الأمر حديثا ، دعي الخبر لغير وقت

هنادي:- بالعكس هذا الوقت المناسب لكي تضعي النقاط على الحروف وتجبريه على الزواج عليكِ بإخباره بحملك هذا هو الحل إن أردت إعادته لكِ

ميرا(بتفكير):- لا أدري لا أدري …

باتريك(دخل مهرولا وبيده الآيباد خاصته):- يا حلو سلم .. أنظرا لهذا الخبر

هنادي(زورته بحدة):- باتريك

ميرا(رأت صورتها هي وشهاب وعليهما علامة إكس):- ماذا كتب ؟؟؟

باتريك:- فنانتنا المشهورة ميرا بعد حفل خطوبتها مباشرة خطيبها رجل الأعمال الشهير شهاب رشوان يسافر منفردا في رحلة استجمام إلى روما … ما الذي يحدث ؟

ميرا(بغيظ نفثت شررا من أنفها):- الأغبياااااء ألن يدعوني وشأني ..

هنادي(أشارت له بالرحيل):- أخبارك مثل وجهك

باتريك:- ما به وجهي جميل جمال ملوش مثال

هنادي(بحثت بعينيها عن شيء تضربه به):- إن لم ترحل في غضون ثوان سأقتلع عينك

باتريك:- أنتِ ظالمة دوما ما تلومينني على أشياء ضرورية هممم

ميرا(نامت على سريرها غير مكترثة لهم ووضعت يدها على بطنها):- حبيبي اشتقت لك واشتقت لأشتم عطرك أين أنت يا صغيري ؟ وأين أبووووك ؟

زفرت بعمق وهي تستعيد ذكرياتها في ليلة الخطوبة التي مضى عليها عدة أسابيع بطولها …

لذا سنعود للوراء كي نعرف ما حدث في تلك الفترة وكيف وصلت الأمور لما وصلت إليه الحقوا بي هيا هيااااا ^^


~ قبل عدة أسابيع ~

بعد الفجر استيقظت في غرفة مفروشة باللون الأبيض الناصع في كل مكان ، فتحت عينيها وهي تحاول أن تستوعب أين هي ؟ انتفضت بسرعة وهي تنظر حولها وهي بفستان نومها عينه لكن بغرفة تجهلها نهضت من السرير وهي تركض ناحية الباب خرجت منها وهي تفتش عن مخرج لها من هناك لكنها كانت تدخل من بوابات عديدة وتخرج في متاهات غريبة مغلفة نوافذها بستائر عالية بيضاء تزيد من هيبة المكان

ميرنا:- يا إلهي هل أنا في حلم أم في علم أين انا ؟؟؟

كانت تركض من محل لمحل حتى اصطدمت بكيان ضخم وجامد في محله دون حراك

ميرنا(رفعت رأسها إليه بطمأنينة):- أووووه إياد أين نحن ؟

الفهد(أمسكها في حضنه):- ميرنااا اشتقت لك

ميرنا:- ما الذي يحدث كيف وصلنا إلى هنا ؟

الفهد:- امممم سمعت بأنك تبحثين عن الفهد البري

ميرنا(بقلق نظرت حولها):- ما بك يا رجل هذا أمر واضح ..وما فعلته الليلة الماضية خير دليل

الفهد:- آه عرفت بما فعلته يا مجنونة لكنه جعجعة بلا طحين ، لأن لدي ما تحتاجينه

ميرنا(باستغراب):- ماذا ؟؟

الفهد:- سأقدم لك اسما ولاحقيه وإن وصلت إلى الفهد ستقبلين بعرضي

ميرنا؛- أي عرض يا إياد إنك تقلقني

الفهد(بإصرار):- هل توافقين ؟

ميرنا(أمسك بيدها بقوة):- على ماذا ؟

الفهد:- لن أخبرك الآن لحين تجدين ما تبتغينه

ميرنا:- سنجده معا يا رجل ما بالك ؟

الفهد(بصوت خافت):- ميار نجيب

ميرنا(عقدت حاجبيها باستغراب):- ومن يكون هذا ؟

الفهد(ابتسم بخفوت وهو يجذبها لأذنه بهمس في حركة مثيرة ):- أنا ...

استيقظت لحظتها من غفوتها وهي تلهث باستمرار ، بوجه شاحب متعرق وقلب يخفق بشدة وكأنها كانت تعيش واقعا وليس مجرد كابوس أقلق مضجعها ، مدت يدها المرتجفة وحملت كأس الماء لتشرب قليلا وتهدأ من روعها فما هذا إلا حلم مزعج لا يستحق كل هذا الفزع .. سرت بعمودها الفقري قشعريرة باردة كلما تشربت الماء لذا توقفت ووضعته بعيدا عنها ونظرت حولها لاحظت اهتزاز نظراتها وكأنها باتت ضبابية فجأة .. أغمضت عينيها وفتحتهما زاد الصداع برأسها فشعرت بالقلق رمت بالغطاء بعيدا عنها ونهضت ببطء تحاول ضبط حركة جسمها المتمايلة ، مسحت على جبينها وحكت عينيها لعلها تستفيق تحركت صوب الباب وفتحته كي تنادي على أي واحد من أهل البيت لكن صدمتها كانت باتساع الكوووون ..

ميرنا(صرخت وهي تضع يديها على فمها):- يا إلهي …… ما هذاااااااااااااا ؟؟

رفع يديه بحركة كشف اللعبة وحرك حاجبيه لها معا بطريقة مستفزة زادتها ريبة وارتجافا ، لم تعرف هل هي الآن حقا في حلم أو في علم أو هي في كبسولة زمنية لا تدري صدقا كيف السبيل لتعرف بأي حقبة هي !! .. رمقته وهو يتمايل بخيلاء متوجها صوبها بشكل مقيت .. ارتعبت محلها وعادت للوراء صوب غرفتها أو لنقل غرفة شبيهة التفاصيل بغرفتها

ميرنا(ابتلعت ريقها وهي تناظر ذلك العجب من حولها):- من تكون أنا أعرفك لقد رأيتك يوم السباق ؟؟ ماذا تريد مني ثم أين أنا ؟

رشيد(ابتسم لها بخبث):- أنتِ بمكان بعيد جدا لن تستطيعي الخروج منه إلا بإذني أنا ، وإجابة على سؤال عينيكِ الطائفة بكل مكان فهذه حقا غرفتكِ لكنها مجرد استنساخ عن الأصلية يعني نحن نحب الاحتفاظ بتذكار عما يحبه الأشخاص الذين يهموننا

ميرنا(تزايد تسارع خفقاتها وهي تحاول استيعاب ما يحدث):- ما الذي كان بكأس الماء أشعر بأني لست بخير ..؟

رشيد:- لا تقلقي ما هو إلا مهدأ ذو مفعول أقوى يعني بعد دقائق سيمتد ليشل حركتكِ كليا

ميرنا(فزعت بعنف وقد بدأ جسمها بالتخدر لذا هوت على الأرض وهي تحاول أن تتماسك):- ماذا تريدون مني ثم من تكونون أصلا ؟

رشيد(سحب نفسا عميقا):- أخبريني أنتِ ما الذي تريدينه منا .. ها أنذا أسمعكِ ؟

ميرنا(نظرت خلفه للستائر البيضاء التي لمحتها في الحلم ذاته):- أخرجني من هذه الغرفة أولا وبعدها سنتحدث

رشيد(مط شفتيه ولم يمانع):- ستتمسكين بي إذن لأنكِ بين لحظة وأخرى ستتعبين

ميرنا(دفعت يده ونهضت بجهد جهيد):- لا تقترب مني لا زلت قادرة على السير وحدي

رشيد(رفع يديه باستسلام):- تفضلي يا ست ميرنا تفضلي من بعدك ههه

أرادت أن تتيقن من حلمها لذا خرجت من تلك الغرفة وهي تجر رجليها جرا ، بالفعل كانت الستائر مثل التي شاهدتها بحلمها تماما ، لكن أيعقل أنها كانت صاحية طيب كيف تحول الأمر لحلم .. كانت لتكمل مسيرها خصوصا حين لمحت شخصا واقفا هناك في آخر الممر موليهم ظهره ولوهلة طرأ ببالها اسم الفهد البري لكنها حاولت تذكره ولم تتمكن كل ما هي تتذكره من حلمها أنها رأت إياد هناك بذلك المكان معها أيعقل أنه مختطف هو الآخر ؟؟؟؟

ميرنا(سقطت على الأرض ولم تعد بقادرة على الحراك):- لما تفعلون هذا بي ؟؟ هيييه أنت أنا أكلمك … يا هذاااا

رشيد(أمسكها من ذراعها وأشار لرجاله من خلفه أن يجلسوها على الكرسي المتحرك):- ستبقين معنا في جولة قصيرة فقط صحفيتنا المبجلة هههاهااااا ..

ميرنا(كانت واعية تماما لما يحدث لكنها غير قادرة على الحراك):- لماااااذا ؟

رشيد(دفعها بنفسه صوب ذلك الرجل):- ستعرفين بعد قليل

كانت تتطلع لظهر ذلك الغريب تشعر وكأنها تعرفه لكنه بعيد بعيد جدا عن متناول يدها ، لم يستدر إليها قط بل ظل على وقفته يدخن سيجارته ببرود تام في حين كانت هي خلفه مباشرة تجلس على الكرسي المتحرك ورشيد عند كتفها وكتلة من الرجال واقفين كالجثث مسطرين في شكل متباعد بالمكان ..

رشيد(تقدم ليكون أمامها):- أنتِ طبعا تتساءلين عن سر استضافتكِ عندنا ، اممم لن أطيل عليكِ كثيرا أنتِ هنا في ضيافة الفهد البري ومساعده شخصياااا .. فأهلا وسهلا بكِ ميرنا الراجي عندنا

ميرنا(اهتزت حدقات عينيها تتطلع حرقة لترى وجه ذلك الرجل الجاثم محله والذي لا تظهر منه أدنى حركة سوى دخان سجائره المتصاعد):- الفهد البري ؟؟؟

رشيد(هز رأسه وهو ينحني إليها):- تماما يا روحي هو بعينه لا يفصلكِ عنه سوى خطوات ، أليس هذا ما كنتِ تبحثين عنه طوال سنوات أنظري ليس بينكِ وبينه سوى عدة أقدام وفقط أرأيتِ مفارقة الحياة الغريبة ؟؟؟

ميرنا(نظرت بصرامة في عيون رشيد):- ماذا تريدون مني ؟

رشيد(حرك كتفيه بعدم مبالاة):- أخبرينا أنتِ ما الذي تريدينه منا وسنساعد بعضنا

ميرنا(حاولت تحريك يدها لكن مفعول التخدير أثقلها):- سأحاسبكم على كل ما فعلتموه من إجرام في حق النااااس أيها القتلة القذريييييييين

رشيد(انحنى أكثر وهو يتكأ على دعامات الكرسي):- لنتفق على شيء بدون شتم وإلا ستوقظين الوحش الكامن في عمقي وصدقيني هو ليس بمهذب ..

ميرنا(نظرت خلفه للفهد البري وبلهجة مريرة):- أنت هناك استدر إلي .. واجهني أيها القاتل أم تراك تهاجم فقط الضعفاء ها أنذا أمامك غير خائفة من مصيري لذااااا واجهني

رشيد:- لالا شجاعة ما شاء الله ونعم القول .. لكن يا حلوتي أنتِ لستِ في مكانة ترشح تهور ألفاظكِ الآن لذا انتبهي لنفسك قبل أن تشعلي فتيل الغضب هاهنا

ميرنا(رمقته بكره):- أنا لست خائفة …

رشيد(زفر بعمق وجذب كرسيا ليجلس مقابلها بشكل عكسي):- هيا يا ميرنا اسردي علي جور هذه السنوات ومعاناتكِ أثناء البحث عنا ،، تساؤلاتكِ حولنا غايتكِ من هذا البحث المضني يعني ما الذي كنتِ تتطلعين إليه ؟؟؟ الفرصة أمامكِ الآن فاستغليها آه ولمعلوماتك أنتِ لا تحلمين لذا استغلي كل لحظة

ميرنا(أعرف أنني لا أحلم يا غبي ولو سنحت لي الفرصة لبصقت في نصف وجهك):- أنتم مرضى نفسيين بحاجة لرعاية طبية فورية ، فما تفعلونه بالنساء والأطفال أمر ينم عن خلل في عقولكم المسكينة

رشيد(مال بشفته بتفكير):- والله تحليل مناسب لكنه لا يليق بنا حلوتي ، نحن نستثمر

ميرنا(بعصبية حاولت أن تحرك يديها لتفقع عينيه):- تستثمرون في أجساد البشر هل أنتم وحووووش لهذه الدرجة ؟؟؟؟ أليس لديكم ضمير .. كيف تستطيعون فعل ذلك وتنامون ليلا أكيد أنتم تعيشون حياة سودااااء لا بصيص رحمة فيهاااا ؟؟ هل تعتقدون أنه بالمال تستطيعون شراء كل شيء لا أنتم مخطئون راحة البال والهناء الروحي لا يمكنكم أبدا ابتياعه ولو بمال الدنيا كلهاااااا ..

رشيد:- يا ليتني أحضرت مسجلتي لكنت وضعت في الغد هذا الخطاب في إحدى قنواتنا التلفزيونية

ميرنا(حركت رأسها بغبن وخاطبت الفهد مباشرة):- أنت لست إنسانا أنت خليفة إبليس ما كذبوا حين اختاروا لك هذا الاسم ، تتصيد فرائسك مثل الفهد البري وتقتلع أرواحهم كالشيطاااان

رشيد(صفق لها بقوة):- حلوتي هيه هيه وجهي كلامكِ لي أنا ودعيكِ منه

ميرنا(ناظرته بدموع تنساب من عينيها):- أشعر بالاشمئزاز لمجرد مخاطبتكم ، مع أنني كنت أبحث عنكم كل هاته السنون لكنني ما توقعت أبدا أنكم بمثل هذا التقزز مثيرون للشفقة حقا وتبعثون على الغثيااااااان

رشيد(بدأ صبره ينفذ):- الزمي حدودكِ واحفظي ذلك اللسان وإلا سأقطعه لكِ بنفسي

ميرنا(عضت شفتيها بحرقة):- ماذا تستفيدون من حرق قلوب الأمهات على فلذات أكبادهم ، من تجارتكم لأعضاء الصغار من بيع البنات لبيوت الدعارة وأصحاب الهوى ؟؟ أتعتقدون أن هذا استثمارا يحق لكم الخوض فيه دون عقاب أنتم تتلاعبون بمشاعر الناس تقتلونهم بلا رحمة روحيا قبل البدن …

رشيد:- نبهتكِ على أن تحتفظي بمواعظكِ لمقالاتكِ الصحفية عزيزتي

ميرنا(رمشت بعينيها والدمع ينهر منهما بؤسا):- لما أحضرتموني إلى هنا ؟ هل ستصوبون فوهات مسدساتكم على جسدي مثلما فعلتم بصديقي إياد هيا تفضلوا لن أهابكم ولن أمنعكم أساسا بعد رؤيتكم أصبح كل شيء سيان ، أنتم حتى لا تستحقون شرف المقاومة

رشيد(نظر خلفه للفهد الذي رفع له يده بإشارة مفهومة):- عليكِ أن تتوقفي عن ملاحقتنا لمصلحتكِ الشخصية وللحفاظ على سلامة حياة أسرتك ..

ميرنا(بذهول لاحق وقوع قلبها أرضا خوفا عليهم):- هل تتهددني ؟؟

رشيد:- أكيد أنا أهددكِ ومع سبق الإصرار والترصد أيضا ، فمثلا ذات مرة تخيلت أنني مار بجانب مدرسة ابنة أختكِ الصغيرة ما كان اسمها آه دينا ولوهلة طرأت ببالي فكرة أن أصحبها معي لمدينة الملاهي أكيد أكيد ستستمع صح … ههه آه وفي مرة أخرى فكرت أن آخذ نهال ابنة أخيك الفاتنة إلى ملهى ليلي لأعلمها رقصة السامبا ما رأيكِ ..أو ربما سأكسب ثوابا في أختكِ المقعدة مرام وآخذها في جولة إلى حديقة عامة المسكينة حرام مؤكد أنها بائسة …

ميرنا(رمشت بعينيها وهي تتخيل فعلته الشنيعة بهم وقوست حاجبيها بعدم قدرة على التحمل):- أنت قذر أحمق حقير عليك اللعنة ،،،عليك اللعنة

رشيد(جمع فمه في حركة تأدب):- أخبرتكِ أن فيني وحشا ليس بمهذب فلا تستحضريه يا ميرناااا وكوني فتاة عاقلة .. امم جميل ها أنتِ ذي قد صمتت وبدأتِ تفهمين قوانين اللعبة

ميرنا(بغمغمة دمع كسير):- ماذا تريدون ؟

رشيد:- أن تصبحي زوجة عاقلة

ميرنا(رفعت حاجبيها بدهشة):- زوجة ماااااذا يا هذاااا ؟

رشيد(نظر خلفه للفهد الذي تحرك ليطفئ سيجارته بالصحن ويبتعد عنهما):- شخص سنختاره لكِ وعليكِ أن توافقي عليه إن أردتِ أن تبقي على قيد الحياة أنتِ وأهلكِ وأحبتكِ ومنهم وائل رشوااااان أيضا لأنني فكرت في اصطحابه في سباق سيارات ربما وضعه في مقدمة السيارة وربطه بالمقود سيكون آمنا هل تصورتِ الأمر هاهاااااهااهااا

ميرنا(بشعور بالغثيان داهمها):- لما تفعلون ذلك ؟؟ فيما يهمكم أمري ؟

رشيد:- أنتِ التي بحثتِ عنا ونحن قوم لا ننسى أحبتنا بتاتا ، لذا يا إما أن ترضخي لقانوننا أو تبدئين بإعداد جنازة إحدى أقربائك

ميرنا(بخوف عليهم جميعا):- من يكون هذا الشخص ؟

رشيد(ابتسم وهو يغمزها):- لا تقلقي هو شخص قريب منكِ تحبينه حتى

ميرنا(همست بدون شعور):- وائل …

رشيد(انتبه لارتطام شيء وانكساره وعرف بأنه الفهد):- ليس وائل انسي أمر هذا الإنسان بالمرة فلن تحظي معه ولا بأي لحظة فرح منذ الساعة … من نتحدث عنه هو قريبكِ

ميرنا(بصدمة):- حكييييييييم ؟؟؟

رشيد:- بالرغم من وجود ضغائن دفينة بيني وبين هذا الشخص فنحن لا نحب بعضنا كثيرا ، لكن أجل هو الشخص المختار لكِ

ميرنا(بعدم فهم حركت رأسها):- هل طلب منكم ذلك ؟؟ ما الذي وهبكم إيااااااااه ؟؟؟

رشيد:- أوه لا تسرحي بخيالك هو لا يعلم بعد بالأمر لكن لا تقلقي سيكون عريسكِ في غضون أسابيع من الآن فقط

ميرنا:- أنت مخبول مجنون بائس

رشيد(نهض من محله بعصبية وهم بضربها بصفعة لولا أن صوتا جهوريا أوقفه):- أنتِ تتلاعبين بعمركِ هنا قلت عليكِ السمع والطاعة وفقط ، لستِ في موضع يسمح لكِ بالاشتراط أنتِ في قبضتناااااا يا ميرناااا

ميرنا(بفشل وتعب):- حسن سأنفذ ما أمرتموني به

رشيد(صفق بيده بحرارة):- جميل جميل جداااا أن تفكري بعقلكِ وتتعاوني معنا

ميرنا(سأرضخ ولكن على طريقتي):- شريطة أن تدعوا عائلتي وشأنها

رشيد:- وعد الحر دين عليه

ميرنا:- لما تريدون تزويجي منه ما الغاية من ذلك ؟

رشيد:- لا تفكري كثيرا في الأسباب لأن هذه أمور بعيدة عنكِ ونحن فقط من سنحلها بطريقتنا، ما عليكِ سوى الرضوخ والموافقة عندما يحين الوقت مفهوووم ؟

ميرنا(سأجعلكم تدفعون الثمن غاليا صدقني لن أنسى هذا اليوم):- تمام

رشيد:- انتظري هنا لحظة عائد لكِ …

ميرنا(رفعت بصرها له):- وكأنني يا غبي قادرة على تحريك جسمي .. تبا لك

رشيد(انحنى إلى وجنتها وهمس):- أعلم ذلك لكن للاستفزاز الذاتي فقط ههه

ميرنا(بصقت جانبيا):- هكذا أنت .. مجرد قذارة الأرض

رشيد(أمسكها من شعرها وقربها من وجهه):- سنتقابل كثيرا يا ميرنا الراجي تذكري تفاصيل وجهي جيدا جيداااا هممم … عائد لكِ

ميرنا(بكره أبعدت رأسها عن قبضة يده وناظرته وهو يخبو وسط الظلام):- بئسا لكم ..

رشيد(دخل لغرفة خاصة ووجد الفهد البري جالسا على كرسي مكتبه ويحركه جيئة وذهابا وهو يسمع ويرى كل ما يحدث عبر شاشة حاسوبه):- سيدي

الفهد(أشار له بإصبعه أن يقترب منه):- اقترب يا رشيد

رشيد(ابتلع ريقه واقترب منه بهدوء):- لقد وافقت على شرطنا ولم تعترض

الفهد(ابتسم بأريحية وانتظر حتى وصل رشيد بقربه):- انحني وانظر ماذا يوجد في الشاشة

رشيد(باستغراب لم يكن هنالك شيء سوى ميرنا الجالسة على الكرسي):- ماذا يوجد ؟

الفهد(بصوت بارد):- انحني وأنت تعرف

رشيد(قرب وجهه إلى الشاشة ليتفحص مقصد الفهد):- ها أنذاااا أرى م…آه سيدي سيدي

أمسكه الفهد من رقبته ودفع وجهه للحاسوب حتى التصق به ولم يرحمه بل ظل يحك جانب وجهه على الشاشة ويتحدث من بين أسنانه

الفهد:- هناك يوجد شيء يخصني لو لمست شعرة منه مجددا سأقطع إصبعك ذاك

رشيد(بألم):- اعفو عني يا سيدي لقد كنت أحاول إخافتها فقط

الفهد(دفعه أكثر وبقوة أكبر):- حتى لو… إياك وأن تفكر بأذيتها ولو بأي شكل كان

رشيد(هز رأسه وقد امتقع وجهه بالحمرة):- بأمرك سيدي بأمرك

الفهد(تركه وهو يزفر بغضب):- أعدها لبيتها فورا واذهب إلى حكيم أريد أن يحل هذا الأمر في أسرع وقت .. يجب أن يطرحوا موضوع الزواج وتنتهي العلاقة بينها وبين وائل واتصل بسعاد أريدها أن تنصرف لحال سبيلها وتخمد في أي حفرة وإلا سأجعلها تقضم حلمة أذنها إن هي لمحت ضوء الشمس من جديد

رشيد(ابتعد عنه بارتياب):- ح حاضر حاضر أوامرك سيدي كلها ستنفذ …

زفر بعمق وهو يناظر وجهها عبر الشاشة ولم تخفى نظرة البغض التي رمق بها رشيد وهو ينصرف من مكتبه لينفذ مجمل أوامره … حقنوا ميرنا بمصل غريب وأغمي عليها من فورها وكل هذا تم وهي تصرخ وتتوعدهم بانتقام يليق بهم … كانتِ الأوامر واضحة أن يخرجوها من البيت ويعيدوها بدون مشاكل وبالفعل كما تم الاتفاق عليه أعادوها من خلال السطح الذي كان وسليتهم لسنوات للتحرك بأريحية ببيت الراجية ، ها هي ذي نائمة بسكون على سريرها الأصلي في بيتها تغوص وسط أحلام ستتحول لكوابيس بعد تلك الليلة المفاجئة …

في صبيحة ذات اليوم وبتوقيت باكر كان يقف عند باب سيارته يدخن سيجارته الواحدة تلو الأخرى ينتظر قدوم حكيم الراجي لأجل إتمام الاتفاق ، هذا الأخير في البداية تردد من قبول اللقاء لكن وجد بأن سيضيع على نفسه هذه الفرصة فهو قد حاول الاتصال بهم قبلا ولكنهم لم يستجيبوا .. ها هو الآن قد وصل بسيارته إلى حيث تم عقد الموعد

رشيد(رمى بسيجارته الأرض ودعس برجله):- تأخرت

حكيم(أغلق باب سيارته ووضع يديه بجيوب سترته الصوفية السوداء حد الركب):- ما الأمر يا رشيد ؟

رشيد(فتح يديه واقترب منه):- مصلحة مشتركة

حكيم:- من نوع ؟

رشيد(مال برأسه للسيارة السوداء وأشار له):- اصعد

حكيم(استدار لسيارتهم الكبيرة ذات النوافذ السوداء):- اممم ما كنت أحسب أنه سيكلف نفسه ويستيقظ باكرا لأجلي

رشيد(هز رأسه بتعب):- اركب فقط

صعد إلى السيارة الكبيرة وجلس مقابله وجها لوجه ينظران لبعضهما نظرة السنين الطويلة والأيام الخوالي .. نظرة تعيد إلى الأمجاد الصعبة التي مرت بهما تحدياتهما ومنافستهما وما أكثر سنين الغضب والحقد التي حملت سطورا من المآسي وقعت بينهما …

الفهد:- حكيم

حكيم:- ميار

ميار(بتمعن):- ميار.. كما تشاء !! لدي لك عرض عليك الموافقة عليه إن كنت تريد أن ينتهي هذا اليوم بدون إراقة دماء

حكيم(رفع حاجبيه واضعا قناع القوة وفي داخله تخوف رهيب على ميرنا وكأن حواسه كلها أنبأته أنها المقصودة):- أسمعك

ميار:- عليك أن تتزوج بميرنا في غضون أسابيع ، أريد أن تنتهي علاقتها بوائل نهائيا

حكيم(بصدمة مبالغ فيها):- ماذا أتزوج ميرنا ؟؟ .. هل جننت لتتدخل في أمور عائلية كهذه ؟؟

ميار:- عائلية … طيب ألستُ أيضا من ضمن تلك العائلة أم تراك ستنكر ذلك ؟

حكيم(صغر فيه عينيه):- لن أجادلك في هذا الموضوع خصوصا وأنني أمقته بشدة ، لكن ما سر طلبك هذا ثم ماذا فعل لك وائل رشوان حتى تريد قتل روحه بهذا الشكل ؟

ميار:- أنا لا أفهمك ألست تحبها ولأجلها ضحيت بكل شيء ؟؟ ها هي ذي الفرصة أمامك افعلها واضرب مئة عصفور بحجر واحد

حكيم(بعدم اقتناع):- ما غايتك من هذا ؟

ميار:- أن تبتعد عن وائل .. أن يتركها وشأنها أن ينسى فكرة الزواج منها لقد اقتنى خاتما ألماسيا لأجلها يا فهيم ويريد مفاجأتها بعرض الزواج في أقرب فرصة ليكن في علمك فقط

حكيم:- أكان يجهز لمفاجأتها يا له من ملعون التفكير ..

ميار:- لا وقت لصدماتك العاطفية فالأدهى من ذلك أنه ما زال يلاحقنا ونحن من اعتقد بأنه غض نظره عن قضيتنا ، اتضح أنه يتابعها في الخفاء

حكيم:- وكيف عرفت ؟؟ … آه فهمت بوسائلك الخاصة

ميار:- ما يهم أن يبتعد عنها وينسى فكرة الزواج منها لحد أقصى

حكيم:- فيما تفكر فأنا غير مقتنع البتة بما تتفوه به ؟؟

ميار(مسح على يده بحركة دائرية):- إن جعلت ميرنا في قبضتك سنحاصر وائل وسيقوم بخطأ ما ، وتلك ستكون فرصة سنتصيدها لأجل إبعاده بصفة نهائية عن طريقنا

حكيم:- وفرضا لم يتغير شيء ؟

ميار:- هنا سيحين دورك لأن زواجك منها سيكون صوريا يا عزيزي ، أمام الأسرة مع احتفال وصور متعددة لتفعيل الحدث وبعدها ستبقيها على مقربة منك وخطواتها ستحسبها بالدقيقة

حكيم(اهتز محله بعدم استيعاب):- مهلا مهلا أنت تتحدث عن حياتي الخاصة وحياة ميرنا وأنا لا أسمح لأحد بأن يخطط لها غيرناااا

ميار:- ههه لا تضحكني رجاء ، هل تتوقع منها أن تترك وائل لكي تتزوجك بهذه الطريقة أنت ستلين قلبها وتجعلها ترى بشاعته بطريقة أو بأخرى

حكيم:- هرااااء .. كل هذا مجرد هراء تزعجني به فقط ليس إلا

ميار(أغمض عينيه وفتحهما بنفاذ صبر):- تمام إذن .. أنا أخطبها منك لنفسي

حكيم(هنا لم يشعر بنفسه حتى أمسكه بقبضة واحدة قاربت بين وجهيهما في نظرة خطيرة):- إياك وأن تتجاوز حدودك هناااا يا ميار

ميار(نفض يد حكيم عنه وبنظرة صارمة):- إذن اختر يا إما أنت أو أناااا ..

حكيم(عاد لمحله والغضب يتآكله):- الفكرة بمجملها ليست منطقية يستحيل أن توافق ميرنا على زواج صوري لن نستفيد منه شيئا ، تقول مؤقت طيب ما الفائدة ومتى سينتهي ؟؟؟

ميار:- فكر معي .. ستأخذها من وائل بسهولة وستحدث مشكلة ثقة بينهما ، لن يغفر لها هذه المسألة وسيحاول البحث عني بأي وسيلة كانت سأمنحه الترخيص لأجل ذلك وسأفسح له المجال وحين يقع في قبضتي سأجعله يندم على الاقتراب

حكيم:- وبعد ؟

ميار:- حين نصل لمبتغانا منه ستتركها إن هي أرادت ذلك

حكيم:- ههه إن هي أرادت ذلك أو إن أردت أنت ذلك ؟

ميار:- لن أخفي عشقي لها وأنت تدري .. لولا الأوضاع ومكانتي لما سمحت لأحد بمخالطتها سواي لكن تشاء الظروف أن تحرمني منها لوقت محدد

حكيم:- أظن بأنني فهمت مسعاك من هذه الخطة الرهيبة .. أنت تريدني أن آخذها لي بشكل صوري كي تضمن ألا تكون لغيرك فمن جهة ميرنا يستحيل أن تقبل بي لأن وائل حب حياتها ومن جهة ستكون مصانة من قبلي فعشقي أكبر بكثير من أن يكون فكري محدودا في تلك المسائل الخاصة … يعني أنت ترغب ببنك بشري يحفظ لك جوهرتك من السرقة لأنها لو تزوجت بوائل ستنسى أمر ارتباطك بها بصفة نهائية لكن معي يوجد أمل .. هكذا صح ؟

ميار(تنهد بعمق):- ذكاؤك يروقني فأنت تقرؤني بامتياز .. هذا هو كله بالمختصر

حكيم:- طيب فرضا أنا وافقت كيف ستقنع ميرناااا ؟

ميار(ابتسم ابتسامة واحدة مفادها أن الأمر محلول):- ومن قال فهي موافقة أصلا ….


فتحت عينيها بثقل هذه المرة أغلقتهما بسرعة وعادت وفتحتهما لتتيقن أنها حقا في غرفتها وليست في مكان آخر مستنسخ ، حدقت جيدا في جدرانها تأكدت أنها غرفتها فذاك شق بالحائط أعلاه وتلك وردة منقوشة على جدار الدولاب حفرتها دينا في صغرها ، وتلك كسرة مزلاج الأدراج يعني هي في المكان الصحيح .. تنهدت وهي تضع يدها على صدرها هلعا فقد استطاعوا الوصول إلى بيتها إلى غرفتها وأخذها بدون أن يشعر أحد بذلك أمضت هناك نصف الليل ولا أحد استشعر غيابها ، وهذا بحد ذاته يبعث على الخوف فلو قاموا بقتلها ستتعفن جثتها لأسابيع قبل أن يعثروا عليها .. مجرد الفكرة جعلتها تنتفض بفزع وهي تدور حول نفسها وتتحسس أطراف جسدها وتحركهم بأريحية وليس مثلما كانت سابقا عاجزة … الفكرة برمتها تقشعر لها الأبدان فلم تكن تحلم في البدء يعني التقت بالفهد البري مباشرة لكن لما كان إياد هناك أيعقل أنه خطف هو الآخر وقاموا بتهديده ؟ هل تخبره بما حدث لها وإن أخبرته أكيد سيضع لها حظر تجول أو سيعرض مرافقته لها ليل نهار كي يحميها … لابد وأن تكشف له ما حدث لن تستطيع السكوت أكثر يجب أن يعرف على الأقل تبكي على كتفه وتضع نفسها أمانة لديه إن اختفت يعلم أنها بين أيديهم تحتضر … مسحت على وجهها بتعب وركضت للحمام وهي تنظر لنفسها بتشكيك تفتش عن أي شيء ليس عاديا فيها ما ربما وصلت بهم الدناءة للمساس بها لكن لم تعثر على أي خدش كله طبيعي فارتاحت قليلا.. غسلت وجهها بسرعة وهي لا تزال تبتلع ريقها مرة بعد مرة وتسبح بتفكيرها لما هو أسوأ ثم تعود وتتعوذ من وساوس الشيطان الرجيم ، بسرعة قياسية كانت ترتدي ثيابها المناسبة جمعت شعرها في ذيل حصان ووضعت نظاراتها الشمسية وهي لا تزال بالبيت وهذا ما جعلهم يعقدون حواجبهم استغرابا ..

عواطف:- ميرنا ابنتي هل دخلت عليكِ الشمس بالبيت ؟

مديحة:- إنها تستجم تحت أشعة الشمس ألم تري البحر هناك عند المطبخ هههههههه

عفاف:- هههه هل أحضر لكِ عصير فريش ؟

ميرنا(كانت ترتدي كعبها بلا مبالاة):- الحق علي التي لا أزال أسكن معكم في بيت واحد ، كان حريا بي الاستقلال عنكم ووقتها ستبحثون على ظفري لن تجدوه

نور(نزلت وهي تركض بحلتها):- هووه من أزعج لي أختي من على بكرة الصباح ؟؟

ميرنا:- حضرة المساعدة نورتِ اركضي يا خيبتي فالسيد فؤاد يكره التأخير

نور(رفعت حاجبها):- والله بدون الفطور لن أبرح محلي ولينتظر إن شاء

ميرنا(استقامت وهي توضب حقيبتها):- ما أقواااااكِ ، مؤكد لن تعمري طويلا هناك

نور(جذبت كرسيا وجلست لتناول الفطور):- فال الله ولا فالك يا شيخة …

عواطف:- همم الليلة لا أريد تأخيرا مثل ليلة أمس وإلا سأغلق الباب في وجهكما وأكملا نومكما في الشركة مفهووووم

ميرنا(حركت فمها):- يا حبيبي .. طيب يا سيد عاطف إنتا تؤمر .. هيا جميعا إلى اللقاء

نبيلة(التقت بها في طريقها):- ما بكِ ؟

ميرنا(عدلت نظاراتها وقبلت وجنة جدتها):- لا شيء فقط مستعجلة

نبيلة(عقدت حاجبيها):- أكنتِ تبكين ؟

ميرنا(توترت وهي تبتلع ريقها ونظرت خلفها إليهم وقد استكانوا عن حركتهم بانتظار الجواب أيضا):- أ… أكيد لاء يعني سهرت قليلا على الحاسوب وعيوني تؤلمني

عفاف:- دعيني أضع لكِ قطرة ستريحكِ

ميرنا:- حين عودتي الآن قد تأخرت .. سلام

نبيلة(هزت رأسها اعتراضا):- تت سبحان الله الكذب عندهم بات لعبة ..

مديحة:- أمي صباحكِ ورد تعالي الفطور جاهز ..

كانت تعلم أنها ليست بخير فكذبة مرض عيونها ليست سوى حجة لتتهرب بها من نظراتهم ، لكن ماذا بيدها تفعل لقد وقعت في آبار سوداء لا فكاك منها .. استقلت سيارة أجرة وتوجهت صوب شقة إياد تأمل أن يفتح لها بنفسه وألا يكون قد تعرض لأدنى أذى ، بعد برهة وجدت نفسها مقابل شقته ترن الجرس وتعيد فقد وصلت بها الهستيرية لأن تعتقد أنه حتما في مأزق يا ليتها خرجت بوقت أبكر من ذلك يا ليت … فجأة فتح الباب وهي تفتش في حقيبتها عن المفتاح كي تدخل وتتيقن أنه ليس بموجود لكن حين فتح لها بنفسه لم تشعر بشيء إلا وقد انفجرت باكية وعانقته بحرارة لا تدري كيف توقفها لكن هو بخير هذا كله باختصار ما أرادت الحصول على جواااابه

إياد(بعدم فهم عانقها هو الآخر):- ميرنتي ما بكِ خيرا إن شاء الله ؟

ميرنا(جذبته لداخل البيت وأقفلت الباب وعادت لتعانقه مجددا ببكاء):- الآن ارتاح قلبي كنت خائفة من أن مكروها قد أصابك

إياد(بذهول ربت على شعرها وظهرها):- طيب طيب أنا هنااا لا تخافي .. هل رأيتِ كابوسا ما أزعجكِ ؟

ميرنا(هزت رأسها الباكي له وبغبن أردفت):- لقد عشته يا إياااااد ..

إياد(أمسكها بحنان وأجلسها بقربه على الكنبة):- اجلسي وخذي اشربي بعض الماء ، اهدئي وبعدها اسردي لي ماذا يجري لأن عقلي توقف الآن قلقا عليكِ

ميرنا(شربت من كوبه وهي ترتجف):- إيااااد لقد .. اهئ .. لقد رأيت الفهد البري لقد تم اختطافي ليلة أمس وأنا نائمة واستيقظت بمقرهم لم يكن يفصلني عنه سوى خطوات أتصدق ؟

إياد(فتح عينيه على وسعهما وفغر فاهه من الدهشة):- أيعقل ذلك ميرنا هل أنتِ واثقة ؟ ربما كان مجرد حلم

ميرنا(تمالكت أنفاسها واسترسلت):- في البداية اعتقدت أنه كذلك خصوصا وأنني رأيتك في حلمي ، لكن فيما بعد اتضح أنه حقيقي لقد كنت بعهدتهم استيقظت في غرفة مستنسخة من غرفتي أدق التفاصيل موجودة بها وهذا ما حيرني لحين التقيت بمساعده .. خدروني وجعلوا جسمي يصاب بالشلل المؤقت كي لا أقوم بأي ردة فعل

إياد(أمسك بيدها وهو يتحسسها):- آه يا ميرنا هل أنتِ بخير الآن هل نذهب للطبيب ؟

ميرنا(ربتت على يده):- لا داعي أنا الآن بألف خير حين وجدتك سليماااا معافى ..

إياد(ابتلع ريقه خوفا عليها):- تابعي يا ميرنا ماذا أرادوا منكِ طبعا هددوكِ صح ؟

ميرنا:- ليس كذلك فقط بل أجبروني على القيام بشيء لن يتخيله عقلك

إياد(عقد حاجبيه بصدمة):- ماذا طلبوا ؟

ميرنا(أغمضت عينيها وهي تتأوه ألما):- أن أتزوج بابن عمي حكيم

إياد(شهق بعنف وهو يبعد برأسه للخلف من هول الصاعقة):- هئئئئ ابن عمك الغائب ؟؟ ولكن ما الذي جمع الشرق مع الغرب أو لحظة لحظة فهمت الآن هو الذي طلب منهم ذلك على الأرجح في مقابل ما لا أدري ما هو

ميرنا(مسحت عينيها من الدموع):- حتى أنا اعتقدت ذات الشيء في البدء ، لكن الأمر خرج من الفهد البري نفسه يريد أن يربطني بحكيم كي أفارق وائل بأي طريقة كانت ولكي يضمن عدم خروجي من دائرتهم كما تعلم حكيم متورط معهم من البداية

إياد:- يا لخبثهم يا لخبثهم !! … وهل وافقتِ حضرتك ؟

ميرنا(فركت يديها بغبن وهي ترمقه قد استقام بعصبية):- وماذا عساي أفعل لقد وضعوا الجمر في طريقي ، إما هكذا أو يؤدون عائلتي وهم أناس لا يلعبون

إياد:- أجننتِ أنتِ ستقتلين قلبكِ وقلب وائل بفعلتكِ تلك .. ميرنا نحن لن نرضخ لتهديداتهم أكيد هنالك حل أكيد

ميرنا(هزت رأسها بغبن):- لا يوجد حل يا إياد ، أنا لن أغامر بحياة أهلي وفي آن الوقت سأتابع القضية مثلما بدأتها لست أنا من يستسلم .. سأوافق على شروطهم سأتوارى عن الأنظار سأترك القافلة تسير لكنني سأمسك بزمام الأمور بطريقتي الخاصة .. لن أسمح في ثأري أبداااا

إياد(تحركت حنجرته):- ووائل ؟

ميرنا(مجرد الاسم زعزع مجمل أحاسيسها فانتفضت باكية في حضنه):- لا أعرف كيف سأخبره حتى لم أرى حكيم بعد لنتحدث في هذا الموضوع

إياد:- ميرنااااا عزيزتي أنا لست مقتنعا بكل هذاااا .. أرجوكِ اعدلي عن جنونكِ هذا فلن تكسبي شيئا منهم لأن غايتهم واضحة تخريب حياتكِ وتحويلها لتعاسة جحيمية

ميرنا(زفرت بعمق وهي تلتقط منديلا من حاوية المناديل خاصته):- رأسي يؤلمني لا أدري ما أنا فاعلة ضللت أفكر وأفكر ولم أصل لنتيجة .. لقد كان تهديدهم فعليا وصلوا لغرفتي وأخذوني عنوة ودون أن يشعر أحد بذلك مؤكد هم قادرون على تنفيذ تهديداتهم إن لم أرضخ لهم ولمتطلباتهم ثم .. هذا الزواج سيكون صوريا يعني لن يتم بشكل فعلي

إياد:- هه وكيف ذلك ؟

ميرنا:- ما يريدونه هو أن يربطوني بشخص منهم ولم يجدوا أفضل من ابن عمي ، لأنني لو اعترضت أو فكرت بالارتداد سيقتلونه مباشرة

إياد:- يعني حكيم الراجي نقطة ضعفك

ميرنا(رمشت بعينيها خوفا عليه):- هو ابن عمي من لحمي ودمي إن وقع له مكروه لن أسامح نفسي ، لأنني رفضت التضحية ولو قليلا لأجل سلامة الجميع

إياد(جلس بفشل بقربها وهو غير قادر على استيعاب ما يحدث):- يا الله .. لا أدري حقا ما أقول لكِ موقفكِ صعب من جهة أرفض ابتزازهم لكِ ومن جهة أخرى أتفق معكِ

ميرنا(تمسكت بذراعه ورمت برأسها على كتفه):- أشعر بالاختناق شيء ما يعتصر فؤادي

إياد(مط شفتيه بقلق وعيناه تسبحان في البعيد):- كان علينا التوقف منذ إصابتي ، هم لا يلعبون ونحن لسنا بقادرين على مواجهتهم ، نحن ضعفاء مقارنة بجيشهم الجرار

ميرنا(باستسلام هي الأخرى):- حتى لو .. نحن لن نفرط في رسالة قضيتنا إطلاقا ولو كان ذلك آخر شيء نقوم به في هذا الوجود إياد

إياد(حرك رأسه وهو يبتسم):- هل أفطرتِ ؟

ميرنا(هزت رأسها):- ت .. أتضور جوعا

إياد(قبل جبينها واستقام):- طيب يا روعتي سأحضر لكِ أجمل فطور وأنتِ ارتاحي قليلا هنا

ميرنا:- طيب

إياد:- كنت أعرف أنكِ مجنونة لكن ما فعلته بوائل ليلة أمس فاق توقعاتي ، ربما لأنكِ لحقتِ بتلك الشاحنة قام الفهد البري بجلبكِ لمقره بغية التهديد واضحة

ميرنا(انسدحت على كنبته بأريحية):- هذا تماما ، خصوصا وأن الشرطة داهمت في المكان يعني فضيحة استطاعوا لملمة بجهد جهيد

إياد:- لا أفكر بشيء سوى ردة فعل وائل حين يعرف بما ينتظره

ميرنا:- أكيد سيتفهم سأخبره بكل شيء ولن أخفي عنه الأمر .. أنا قد وافقت وانتهى الموضوع على هذا النحو

إياد:- لنرجو خيرا إذن ..

ميرنا:- متى تزيل أقطاب جرحك ؟

إياد(مط شفتيه وهو يضع القهوة في الآلة المخصصة لها):- غدا أو بعد غد ربما

ميرنا:- جيد يعني في حفلة خطوبة ميرا وشهاب ستكون بخير

إياد:- ههه هل تنوين مرافقتي بدلا عن وائل ؟

ميرنا(بنظرة في الفراغ):- بل أريد الاستنجاد بك حين يعلم وائل .. لن أخبره الآن سأنتظر أن تنتهي الحفلة وبعدها سأمهد الأمر له

إياد:- لو علي الأمر لا يحتمل التأجيل

ميرنا:- ولكنني لا أدري بعد ماذا سيحدث ولم أكلم حكيم ، يجب التريث فالقادم أصعب

إياد(نظر إليها بحزن وقلبه يعتصر ألما عليها):- أنظري إلي … هيييه ميرنااا

ميرنا(ببكاء نظرت إليه من محلها):- هممم

إياد(أشار له وهو موقن من كل حرف):- تذكري شعارنا … العمر يمضي لا وقت للندم لا وقت للانهزام لا وقت للتذمر مرحى ل اللحظة ولأيقونة الفرح ..

ميرنا(رددت معه آخر مقطع وهي تبتسم بأمل):- أيقونة الفرح …

زفرت بعمق وهي تغوص بأفكارها فيما ينتظرها بعد ما حدث ليلة أمس ، في تلك الأثناء كانت نور قد وصلت لعمارة حسام النتن ، ترجت من سيارتها بسرعة وصعدت للشقة وأخذت تطرق وتطرق الباب دون جدوى وهنا أصابها الذعر

نور:- أيعقل أن الخسيس حقا قد سافر بها ؟؟؟

حرك فكها بتفكير ونظرت حولها للاشيء ونزلت للأسفل ، توجهت مباشرة لبواب العمارة ما ربما رأى أو شهد شيئا يساعدها

نور:- لو سمحت يا عم أود سؤالك عن شقة حسام النهواني ، هل لك علم بمكانه ؟

البواب:- لا يا سيدة فمنذ الأمس لم يعد لا هو ولا زوجته من الاحتفال

نور:- احتفال ماذا ؟

البواب:- ألم تعرفي بالأخبار لقد اتضح أن السيدة حامل لذلك أخرجها من الشقة هي مغمى عليها ، وساعدته في وضعها بالسيارة حتى أنه أعطاني بقشيشا كثيرا جراء مساعدتي لهما

نور(ارتفع الأدرينالين بجسمها):- ما الذي تقوله ؟؟ هل كان مغمى على دعاء ؟؟

البواب(انتفض من هديرها الصاخب):- والله هذا ما حدث وأخبرني أنه فور استعادتها الوعي سيأخذها للاحتفال في مكان ما بعيدا عن هنا .. يعني للترفيه هذا هو

نور(حركت يديها بنفاذ صبر ووضعتهما على رأسها وهي تفكر):- طيب طيب لا بأس

البواب(رمقها وهي تتجاوزه متجهة صوب سيارتها):- هييه لم تخبريني من تكونين ؟

نور(صغرت فيه عينيها ولم تجبه):- … تتت أين ذهبت بها يا خسيس والله لو آذيتها سأكون لك من القاتلين …

لم تجد بدا سوى الاتصال بحكيم وإخباره بالمستجدات لكي تضعه بالصورة وأيضا كي يقدم لها يد العون ، فبنفوذه واتصالاته سيجدها في أسرع وقت وبالفعل لم يكذب خبرا بل من فوره أعطى الأمر لرجاله كي يبحثوا عن أخته ويحضروها ولو من سابع أرض … قلق عليها ولن يخفي قلقه البتة فتلك أخته وإن تعرضت لأذى سيكون حسام النهواني أمام خطر محدق وسيندم أشر ندم لأنه طالها بسوء .. وهذا الأخير كان حريصا جدا واستطاع إبعادها في فندق صغير ريثما يرتب أموره وتتحسن صحتها ويجبرها على الصمت لأنها وفي ذلك الوضع لو تواصلت مع نور وأخبرتها بما فعله بها من ضرب واغتصاب سيموووت بدون شك … لذا أبعدها قدر المستطاع في فندق قصي وأخذ يبحث عن حلول تساعده في حل هذه المصيبة …


بعد برهة كانت شاشة هاتفه مزينة باسمها فأي صباح جميل ذاك … أو لنقل أياما جميلة قادمة فبعد ما أخبره به الفهد البري من اتفاق سرت بجسمه قشعريرة فرح إذ ستكون ميرنا بقربه ولن يحتاج لتصنع الأعذار والحجج كي يراهاااا ، دهش حين عرف أنها قد وافقت على زواجهما لكن لأجل من ستضحي هذا ما كان بحاجة لمعرفته وهذا ما ينتظره منها كي يزيد يقينه أنه في الطريق الصحيح ….

حكيم:- لمن أدين ببسمة هذا الصباح ؟

ميرنا(بسيارة الأجرة):- أنا قادمة إليك حكيم … يجب أن نتحدث

حكيم(انتفض قلبه بخفقات متتالية وابتسم بحماس):- وأنا في الانتظار … انتظري في الكورنيش سأبعث لكِ أحدا ليحضركِ

ميرنا(بحشرجة موت في صوتها):- أوك

لم يكن يطير فوق السماء السابعة لا بل عبر المجرات طولا وعرضا من فرط فرحته ، كيف استجاب الله لدعائه بهذه البساطة وسيجعل ميرنا له في غضون فترة بسيطة .. كيف سيتمالك نفسه وهي بذاك القرب مشعة بالجمال والعذوبة عصفورة متألقة فوق غصينات روحه المتعلقة بها … انتفض بخفة وهو يرتكز على دعامته الطبية يحاول أن يزين العالم كله لأجل محبوبته القادمة إليه ، نادى بسرعة للخدم كي يقوموا بتوضيب القصر علما أنه لا يحتاج لأي شيء قد كان يبرق لكن هوسه الداخلي أراد أن يشعر بأنه يجهز لها شيئا تحببه .. نزل من المصعد وانتقل لصالون قصره يراقب عن كثب تنظيفاتهم وأيضا لكي يكلم طلال لأجل إحضارها ولكنه تذكر أن هذا الأخير بشقته مع تلك المجنونة شاهيناز ، لذا وكَّل داغر كبير رجاله بالمهمة وهنا خرجت إليه مخربة اللحظات الجميلة لتسمعه موشحا في اللعنات والأقدار السيئة

حكيم:- بليييز لو تحبينني إن كان لديكِ ما تسممين به بدني هذا الصباح ، احتفظي به عندكِ

فخرية(حركت رأسها بقلة حيلة):- والله والله لن يودي بك شيء للهاوية سوى لحاقك بتلك اللعينة المدعوة بميرنا

حكيم(برقت عيناه ولكن بسمته لم تختفي):- لست بمزاج يخول لي الرد عليكِ ، يعني لن تتمكني من استشاطة غضبي فأنا متفائل اليوم

فخرية:- سأحتفظ بآرائي عندي لكن سأنبهك ما أنت مقدم عليه هو الجنون بعينه

حكيم(أغمض عينيه واستدار إليها):- عودي لغرفتكِ الآن ودعيني أوضب أموري لاستقبال ضيفتي هممم

فخرية(بتأفف دمدمت تحت أنفها وابتعدت):- سترى يا حكيم … هممم

مسح على شعره بنفاذ صبر ولكن لم تختفي بسمته وحماسته برؤية ميرنا ذلك الصباح الجميل الذي أحضر له أجمل هدية لم يكن ليتوقعها بتاتا … بعد مدة زمنية كانت تصعد درجات قصره البسيطة وهي تخط الأرض بكعبها الذي كان يصدح بسكون الأرجاء قوة وسطوة لم تخلق إلا لمليكة مثلها ، شعرها الذي كان في تسريحة ذيل حصان يتودد لرقبتها مرة بعد مرة وثيابها الكلاسيكية المتمثلة في تنورة وردية فاتحة جدا فوق الركب بقليل ، وقميص أبيض وسترة رمادية كانت مدعاة لإعجابه إضافة لكعبها العالي هنا دمرته بعد أن سبقها عطرها واستكان بين ضلوعه … كان يقف بانتظارها وما إن رأى حتى ابتسمت أساريره بحماس ..

حكيم :- ميرنااا

ميرنا(رمقت البسمة على وجهه أكيد هو سعيد بما سيحدث لكن ليس كما تظن):- لنتحدث بسرعة فلدي من الأعمال ما يوقف شعر الرأس ..

حكيم(تقبل حركتها المستفزة ببرود أعصاب ورمقها وهي تجلس بعنفوان واضعة رجلا على رجل بانتظاره لفتح المحادثة):- أرى أنكِ لم تقوي على الابتعاد أكثر عن مداري

ميرنا(ضيقت عينيها فيه وهو يتخذ مجلسه أمامها):- مرة ثانية لا تقل الوداع ، فكلما جئت على ذكرها التقينا صبيحة اليوم التالي

حكيم:- ههه وهذا أفضل لي

ميرنا(مجنووون):- عموما لنتجاوز هذه الأحاديث التي لا طائل منها ، أكيد ومؤكد وصلتك الأخبار هذا إن لم يكن لديك علم بها أصلا

حكيم:- عرفت ..

ميرنا(ابتلعت ريقها وهي تتهرب بعينيها عن مرمى نظراته المباشرة):- وتعرف أيضا أنه زواج صوري كذبة سنخوضها لأجل غرض معين

حكيم(مص شفتيه وتابع):- أعلم ذلك

ميرنا:- تمام تبقى عليك إذن العودة للبيت كيف ومتى هذا سيكون دورك ، وما علي سوى أن أرتب أموري مع الآخرين

حكيم(مال برأسه جانبيا وبطرف عين):- كوائل مثلا ؟

ميرنا(بطعنة في قلبها):- سنتحدث بصراحة أنت تعلم مكانته بقلبي والتي لن تتغير مهما حدث ومهما جبرتنا الأيام المقبلة على الفراق ، سوف لن أفرط في نبضه إطلاقا

حكيم(شعر بتنمل في خده الأيمن بعد جملتها تلك وحرك رأسه بقلة حيلة):- محظوظ هو وائلكِ ذاك ، تمنيت لو أحظى بقدر بسيط مما تحملينه بقلبكِ له

ميرنا(بقسوة):- أنا لن أنكر مشاعري أو أراعي مشاعرك كي لا أجرحك ، أنا أقول ما هو واضح للعيان وزواجي الصوري منك لن يغير شيئا مما يكنه قلبي له ..

حكيم:- فهمت أي شيء آخر ترغبين بإضافته لتكملي امتعاضي من واقعي المرير ؟

ميرنا(عقدت حاجبيها وهي تنظر لنقطة بعيدة):- آسفة … أعلم أنني أجرحك بكلماتي لكنني خائفة من أن أخسر في معركة لا أدري حتى مآلها ..

تذكر حكيم لحظتها خصامه مع الفهد البري ذلك الصباح عينه حين علم بالطريقة التي أجبرها فيها على الموافقة وكم كانت المواجهة بينهما محتدمة ، فقد نهاه عن الاقتراب منها ولو خطوة واحدة وإلا سيفضح أمره وليذهب هو وإياه للجحيم المهم أن تبقى ميرنا بخير .. زفر بعمق وحاول أن يتمالك أعصابه فهي ليست في حالة جيدة كي يضغط عليها أكثر

حكيم:- لا تخشي شيئا ، لن يقترب منكِ أضمن لكِ ذلك

ميرنا(غالبت دموعها ولكنها لم تستطع فرعبها منذ البارحة لا يزال ملازما بقلبها):- لقد لقد كان أمرا بشعااا مخيفاااا

حكيم(رأف عليها ونهض بخفة حتى وصل إليها وهو يعرج ببطء):- هييه مهلا لا تبكي أنتِ معي الآن ، وسأحميكِ منه أيا كان الثمن سوف أبعدكِ عنه قدر المستطاع

ميرنا(نظرت إليه وهو يجلس قربها):- هذا الأمر برمته أكبر من قدرتي على التحمل ..

حكيم(أمسك بيدها بقوة):- اسمعيني .. اسمعيني سنتجاوز كل هذاااا لن أترك يدكِ مطلقا حتى وإن كنت سأضحي بصبري المقبل لأجلك فزواج صوري بالنسبة لي يعد انتحارا … لكن سأنتظر لحين تفرج

ميرنا(هزت رأسها بغبن وهي تمط شفتيها بحركة دلال تشعرها بالضآلة والحزن من هذه الحياة التي لم تنصفها بعد حتى الآن ولو للحظة):- هذا ليس اختيارا نحن مجبرون عليه ، فالفهد البري كان واضحا في إيصال رسالته بأذية أسرتنا يا حكيم أو … أو أذيتك أنت

حكيم(برقت عيناه بشعاع عشق ضربه في مقتل):- أنااا ؟؟

ميرنا(حركت رأسها وهي تتهرب بنظراتها بعيدا عنه):- أجل أنت أيضا ..

حكيم(بلهفة):- أنظري إلي … ميرنا

ميرنا(لم تستجب بل أبت تحريك رأسها):- عليك أن …

حكيم(جذب فكها بلطف بالغ وأدارها إليه):- ميرناااا يا عصفورتي الصغيرة يا شهادة موتي قبل الميلاد .. سوف لن تبتئسي هكذا مطلقا وأنتِ معي .. فقط لو تفتحين مغاليق قلبك

ميرنا(اهتزت مكانها وهي تشعر بالضعف أمام نظراته لها):- دعني حكيم .. لا وقت لهذا الكلام فما نحن في خضمه أهم بكثير من ألف شعور ، كيف سنواجه عائلتنا والأهم كيف ستعود؟

حكيم:- ذلك شأني أنا .. والأرجح كله سيكون بعد خطوبة ميرا مباشرة

ميرنا:- هذا أيضا ما أريده لم يتبقى سوى أيام معدودة إذن …

حكيم:- هل أنتِ مترددة ؟

ميرنا(فاجأها سؤاله ورمقته بحزن):- وهل يظهر لك من ملامحي أنني سعيدة ؟

حكيم(رفع حاجبه الأيسر وهو يهز رأسه إيجابا):- ملامحكِ تشبهكِ من الداخل ، أنتِ مكسورة مجروحة خائفة مستسلمة ضائعة تبحثين عن خلاص ، ثقي بي يا ميرنا حين تكونين معي لن تجدي مفرا آخر يأويكِ سوى حضني

ميرنا:- هه .. كنت أعرف أنك ستستغل الموقف فور سماعي به لكن لا تتوهم كثيرا ، أخبرتك

حكيم:- أخبرتني أجل لكنني رجل لا يستسلم بسهولة وطالما أخبرتكِ أن هنا في قلبكِ الصغير مكان لي منذ الصبا ، فأنا واثق من كلماتي

ميرنا(خفق قلبها فعقدت حاجبيها):- زيارتي انتهت الآن ، سأراك فيما بعد

حكيم(نهض معها):- سأوصلكِ بنفسي للبيت

ميرنا(مصت شفتيها):- أنا ذاهبة للشركة أخبرتك أن لدي عملا بالأطنان

حكيم(مص شفتيه):- ستوقفين العمل هناك صحيح ؟

ميرنا(اهتزت بحركة مضحكة):- بليييز لا تبدأ تعاملك كالأزواج ، فذاك عملي ولا شأن لك به ثم أنا لن أغير شيئا من روتين حياتي حتى لو كانت ستتبدل جزئيا هذا ما عليك التعود عليه .. إن كنت سأضع نصلا بقلبي كي أكمل هذه التمثيلية فعليكم أيضا أن تحترموا حياتي الخاصة

حكيم(الوقت مبكر لإطلاق الأحكام):- طيب كما ترغبين

ميرنا(أعجبها حين لم يعاندها أكثر):- رائع ..

رائع يا عمري أناااااا ، يا فرحتي بكِ التي لا أعلم كيف أقيمها هل أقيمها بسنين الانتظار أم بأيام الحرمان أم بلحظات الشوق والحنين لكِ يا طفلتي المدللة ، عصفورتي الصغيرة محبوبة قلبي الحنون .. كان يبتسم شوقا للحظة التي ستكون فيها بقربه بقصره داخل قضبان سجنه ، لم يولي اهتماما لهمهمات فخرية التي كانت تتلصص عليهما أثناء الحديث بل ظل يراقبها لحين غادرت مع داغر بناء على رغبتها ، لم يشأ أن يضغط عليها ويلح بمرافقتها إذ ترك لها مساحتها الشخصية فقد كان يعرف بأنها فور استفرادها بنفسها ستبكي … بكت أجل بكت حرقتها وأحزانها بكت غدر الأيام وجور الزمن الذي كلما قالت عنه منصفا صار ظالما مخربا للحظاتها الضئيلة سعادة … كانت تفرك يديها بين لحظة وأخرى وهي في طريقها إلى الشركة سترى وائل بعد قليل كيف ستواجه عينيه كيف ستخفي عنه الأمر ؟ كيف ستتحمل هذه الأيام وهي تخفي بصدرها صدمة عمر له ولها ؟؟ كيف ستهدم كل لحظاتهما الجميلة بخبر زواجها من رجل غيره رجل يكرهه ويغار منه ولطالما كان مدعاة للمشاكل بينهماااااا ؟؟ تساؤلات كثيرة ظلت معلقة على حبال الانتظار لا تعرف كيف ستتعامل معها فيما بعد ….

هنا كان هو يجهز لها باقة من الورود التي تحبها يرتبها على سطح مكتبها بشكل رومانسي دقيق ، عطر الجو بالعطر الذي تحبه وأخذ ينتظرها فهو يعلم بموعد قدومها الذي تأخرت عنه أزيد من نصف ساعة .. ترى أين هي ؟؟ قالها وهو يفتح أزرار قميصه العلوي ويحاول تمرير بعض من الهواء لصدره كي يخفف من وتيرة انتظاره لها ، تحسس جيبه وأخرج منه علبة صغيرة فتحها بهدوء ورمق خاتم الألماس ذو النقوش محفور على جنباته اسم ميرنا ووائل وبعمقه شمس الليالي عسل الغروب .. ابتسم لأنه إحسان صاحبة محل المجوهرات قد لبت طلبه بوقت سريع ولم تعطه شيئا بسيطا بل صنعت له ما كان يرجو وأكثر .. أغلقه بلطف وأعاده لجيبه واتكأ على مكتبها وأخذ ينتظرها لحين أتت وهي لا ترى أمامها الطريق ، منزعجة شاحبة بمزاج سيء ، تجاوزت الكثيرين تجنبا لإلقاء التحية ولم تزل نظاراتها حتى وصلت لمكتبها ودخلت وهي تتنهد براحة لكن صدمتها به كانت فوق المتوقع .. فقد انبهرت بما يحدث في مكتبها المزين بباقات الورد وبوجود وائل الذي بسط لها يديه متقدما نحوها كي يضمها لروحه وليس لحضنه ..

وائل(جذبها إليه دون أن ينتبه لجمودها):- صباح النور حبيبتي ..

ميرنا(اندهشت منه ومن حضنه وظلت مسمرة):- صباح الخير

وائل(قبل وجنتها بحنان وأمسك حقيبتها وملفاتها عنها):- ضعي هذه هنا ، أعطني النظارات أيضا وتعالي إلي ..

ميرنا(ابتلعت ريقها وهي تتجاوب مع حركاته وتنظر إلى اهتمامه بغبن):- أ..

وائل(مسح على خدودها ورأسها):- علمت بأنكِ مصابة بصداع سمعت نور تقول ذلك لرقية ، لذا ستجلسين هنا وتستمعين للموسيقى وتسترخين غير هذا ممنوع عليكِ أن تقومي بأي إرهاق ، وأيضا أنا من سيقوم بالعمل بدلا عنكِ وهنا بمكتبكِ أيضاااا

ميرنا(اهتزت حنجرتها مبتلعة غصة مسننة ذبحت شفراتها كل وريد فيها):- لو أنك لم تتكبد كل هذا العناء يعني .. هو مجرد وجع رأس عادي سأتناول دواءه وينتهي الموضوع

وائل(أمسك بيدها وجذبها خلفه لتجلس على الكنبة):- مستحيل أنا لن أسمح لكِ بأن تتجاوزي رغبتي في الاطمئنان عليكِ ، ثم إن عبدو في طريقه إلا هنا مع حبة وجع الرأس يعني ضروري أن تسمعي الكلام .. هيا تمددي هنا حبيبتي

ميرنا(تكومت دموع في عينيها):- كيف سأكسر قلبك يا حبيبي ؟ كيف سأبيع أحلامنا لأشتري سلامة أحبتي ؟ كيف ستتقبل هذا المصاب يا نبض قلبي وأنا التي اعتقدت بأنني معك أستطيع نسيان الكون اتضح أن الكون بمجمله توقف عن الدوران منتظرا مني تضحية مصيرية

وائل(تحسس حرارتها بلطف):- حرارتكِ مرتفعة بعض الشيء .. نعم أدخل

عبدو(أحضر كوب ماء وحبة وجع الرأس):- تفضل هذا ما طلبته مني سيد وائل . آنسة ميرنا سلامتك

ميرنا(رفعت رأسها):- مشكور يا عبدو

وائل(أمسكها عنه بحنان):-تسلم عبدو أتعبتك معي … هيا ميرنا اشربي هذه لحظة سأساعدكِ

ميرنا(نظرت لعمق عيون وائل ولهفته عليها وهو ممسك برقبتها بهدوء كي تشرب الدواء):- أنت حنون جدا على غير العادة

وائل(مسح فمها بمنديله الخاص وهو يعيدها لتتمدد على الكنبة):- هذا يعني أنني لست حنونا في العادة

ميرنا(رمقته وهو يضع الكأس على سطح الطاولة بخفة ليمسك بيدها بعدها):- ليس القصد

وائل(داعب شعرها وهو يميل برأسه ليتأملها):- تعجبني ربطة الحصان هذه لكنني أفضل شعركِ متحررا من كل القيوووود ..

لم تستطع هذاااا كثير عليها كثير ، بدون قدرة على التحمل سمحت لدموعها بالخروج أفرجت عن آهاتها وشرعت تبكي وتبكي دون توقف ، حتى أن منظرها قد هاله ولم يعرف ما الذي فعله وأزعجها به لتبكي بتلك الطريقة ، سحبها إلى حضنه وهو يسألها مرة بعد مرة عما يبكيها لكنها كانت تتمسك به أكثر تريد أن تتعمق في داخله لتهرب من مصيرها المنتظر ، لتخفف من وتيرة حنقها من الأقدار اللعينة التي رسمت خط حياتها بعيدا عنه .. لوعة روحها كانت حارقة تشعرها بالعجز الداخلي ولم يفدها في تلك الحالة سوى البكاء الهستيري وهذا ما جاء فوق طاقتها …. عرف أنها لن تنطق بحرف لكنه أرجح أن سبب ذلك البكاء راجع لضغوطات في البيت أو أو ماذااااا يا وائل ما به شمس لياليك آفلة …؟؟؟

وائل(وهو يضمها إليه منتظرا أن يخف دمعها قليلا):- ألن تخبريني بسبب بكائك ؟

ميرنا(حركت رأسها بعيونها المحمرة ونظرها محدد في نقطة معينة):- هممم

وائل(حاول أن يجعلها تنظر إليه لكنها أبت لذا تركها على راحتها):- هل تريدين مني أن أغادر لمكتبي وأترككِ وحدكِ ؟

ميرنا(هزت كتفيها):- … لارد

وائل:- هل أفهم من هذه الإشارة أن أذهب أو أبقى ؟

ميرنا(مالت بحاجبها بتدلل):- يكفي …

وائل(انفرجت أساريره):- ههه حمقائي أناااا … ما الذي يؤلمكِ يا روحي أخبريني ؟

ميرنا(زمت شفتيها بغبن ونظرت إليه):- لو طلبت منك أن تضمني إليك وتبقيني بحضنك للساعات المقبلة هل سأطلب الكثير ؟

وائل(تنهد عميقا واتكأ على الكنبة وجذبها إليه):- لن تطلبي إلا ما يحببه قلبي .. راحتكِ أهم وأغلى يا عمري تعالي إلي

تقوقعت في حضنه مثل طفلة صغيرة متمسكة بقميص أبيها بيد وباليد الأخرى تلاعب يده وتشبك أصابعها بأصابعه ، أي نعم بصرها كان أحيانا يغيب في البعيد لكنها كانت تغمض عينيها مجمل الوقت لكي تستكين في حضنه وتغفو متناسية العالم وما فيه … استطاع بهدهدته لها أن يمتص مخاوفها تلك اللحظة حتى أنها شعرت بالارتياح لدرجة النوم ، غفت بين ذراعيه ولم يحرك ساكنا بل ظل يداعب شعرها ويدها بريتم ناعم يساعدها على الطمأنينة والارتياح … مال ببصره لجيب بنطلونه وهو يرمق علبة الخاتم الذي كتب عليه أن ينتظر لحظة ميلاد زواجهما لأجل غير مسمى .. لم يتذمر أبدا بل كان مبتسما إذ يكفيه أنها بقربه نائمة بأريحية لا مثيل لها .. كانت بحاجة لأن تنام فما عايشته ليس بالأمر الهين ومع وائل فقط وجدت أمانها الذي أراحها من دوامة التفكير بمصيرها المجهول ….


في المعسكر

من بعد تلك القبلة المفاجئة التي طبعها السيد الرائد بشفتي نقيبنا المصون ، صارت الأوضاع متوترة أكثر من السابق فلا هو كان بقادر على مواجهتها والتأسف على حركته التي جاءت فجائية وفي عمقه هي لا تستحق اعتذارا لأنها نابعة من خلده ، ومن جهة كان مترددا حيال ردة فعلها فمنذ تلك اللحظة وعيناه لم تواجه عينيها ، لم يغادر مكتبه إلا ليلا ولم يعد إلا في الصباح الباكر تحاشى تماما الاحتكاك بها ليس هربا ولكن هناك أشياء داخلية فيه كانت صعبة المراس تأخذه وتجلبه من مكان لمكان في تخبط متوالي بين فكرة وفكرة … أما هي فقد كانت عبوسا طوال الوقت لم تشأ ملاقاته هي الأخرى فالنظر إليه يعني ضربه بمدفعية تقسم جبينه إلى أربعة أشطر وفي كل شطر تصنع عاهة مستديمة باسمها ، لقد جعلها تشعر بالخزي الداخلي علما أنها لم تكن متوقعة إلا أنه دنس أشياء خاصة بها هي وحدها لا يحق له اقتحامها بقبلته التي وصمتها بالعاااااار … طيب لا تبالغي لا تبالغي كانت قبلة جنونية فلا تنكري

قالتها وهي تمسح وجهه بالفوطة أمام مرآة غرفتها ، شبح ابتسامة ارتسم على ثغرها يستذكر طعم تلك اللحظة لكن فجأة رمت الفوطة جانبيا وشحنت نفسها بالغضب وهي ترتدي قبعتها لتمضي في مهنتها وتنسى كل ما يسمى بمشاعر لعينة بالمجمل … خرجت بنظرة صارمة جدية متوجهة صوب ساحة التدريبات قد كانت تسخط وتصرخ في الجنود المساكين ولم تترك أحدا بدون ملاحظات الكل في نظرها كان فاشلا ولا طائل يرجى منه

وصال:- لم يتبقى سوى شهر شهر واحد يفصلكم عن التخرج وتريدون أن تغادروا بهذه الهيأة الشبيه ببطاريق القطب الشمالي ؟؟؟؟؟؟؟؟

الجنود(ضحك بعضهم وبعضهم أجاب بهمهمات غير مفهومة):- ….

وصال(ضيقت عينيها وهي ترمقهم الواحد تلو الآخر):- تضحكون هاه .. قلت نكتة أنا صحيح طيب على هذا التطاول ستقومون بالدوران حول المعسكر سبع مرات دون توقف .. هياااااا انصراااااااااااااف

بالرغم من اعتراضهم وتذمرهم إلا أنها شخطت فيهم فانصرفوا طائعين ينفذون عقابها الذي حكمت عليهم به ، توجهت صوب طاولتها الموضوعة وسط الساحة والمستظلة بمظلة كبيرة وضعت قبعتها وفتحت قنينتها لتشرب بعضا من الماء وهي تتفرج فيهم وهم معاقبين ، ابتسمت لمنظرهم لكن هذا ما يليق برجال مجمل همهم ملئ بطونهم وأفواههم وإشباع غرائزهم الحيوانية .. زفرت بعمق وهي تستذكر طيف كامل كمال لكان معهم مهرولا في الصف الأخير وكلما مر بها طلب العفو والرحمة وهي تشير له بأن يتمم تدريبه دون كلل أو ملل .. كم استفقدته وهذا ما لا يسعها إنكاره ، ظلت تراقبهم لبرهة من الزمن قبل أن تستدير عشوائيا خلفها وتلمح العريف زاهر وهو يركض باتجاه محدد هو وعدة من العساكر .. رمشت بعينها في داخلها إحساس تفجر ببشاعة وزاد ضيقا لصدرها وكأن المقصود بتلك الحالة شخص يهمها أمره يهمها لدرجة أنها تشعر به وبمعاناته … تلقائيا نهضت من مكانها ووجدت خطواتها تتبعهم إلى حيث كانوا متوجهين قلبها يخفق بقوة وخاطرها لا يسعفها على إكمال الطريق ، أزالت نظاراتها الشمسية ووضعتهم بجيبها قبل أن تنعطف صوب الممر المؤدي لغرفة التمريض حيث كان هنالك جمهور من العساكر الجاثمين أمام الباب .. عقدت حاجبيها بحيرة وأخذت تتعمق وسطهم الواحد تلو الآخر تريد أن تصل إلى هناك تريد أن تكذب قلبها ، تريد أن تطمئن روحها أن ما جاء في فكرها ليس سوى وهم ينخر بعقلها .. لم تستفق إلا وقد كانت تمر بقوة بينهم تدفعهم بحرارة لعلها تجد سبيلا يريحها من ذلك الوجع المهيمن … وصلت أجل وقبل أن تندفع اصطدمت بجدار صدري منعها من إكمال الطريق ، رفعت رأسها لتجد جاسر بنظرة كسيرة يناظرها ، أشارت له بلغة العيون بأن يتركها تدخل لكنه هز رأسه وأغمض عينيه ليفتحهما ويأمر زاهر بالتصرف

العريف زاهر:- هيا هيا كلكم عودوا إلى مواقعكم بسرعة … انصرااااااااف

تبخر الجمع الغفير في لمح البصر بمن فيهم زاهر أيضا ولم يتبقى سوى هي وهو والباب المغلق خلفهما .. استجمعت أنفاسها بصعوبة وهي ترمش بعينيها تريد أن تطرح ذلك السؤال لكن لسانها تخدر عجز عن طرحه كي لا تشعر بالصدمة التي ستقسم وسطها …

وصال(بصوت خافت يكاد يسمع):- ك.. كامل ؟؟

جاسر(سمعها بحرقة وعقد حاجبيه):- اسمعيني يا وصال .. كامل .. أ

وصال(حركت له رأسها بدعم كي يتمم):- هاااه نائم صح أو لم يتناول دواءه أو … ماذا ؟

جاسر(زفر بتعب وربت على كتفها بخفوت):- لقد فقد وعيه حين أزال المغذي الوريدي وارتدى ثياب العسكرية كي ينزل للتدريبات ، وجده بقية الجند في الممر مغشيا عليه وهو الآن في الداخل مع الطبيب

وصال(شهقت بعنف وهي تبعد يده لأجل تجاوزه):- كامل هههئ كامل كامل دعني أراه لما تمنعني عنه قلت لك دعني أراه ، قد يكون بحاجتي الآن أرجووووك دعني أرااااه

جاسر(عض شفتيه وهو يهز رأسه لها):- سيارة الإسعاف قادمة إلى هنا لأخذه يا وصال .. يجب أن يتلقى العلاج في مشفى المدينة هنا لن يفيدوه بشيء وكامل .. بحاجة لرعاية خاصة

وصال:- رعاية خاصة من نوع ماذا الشاب يعاني من السكري لما كل هذا التخوف ؟؟؟؟

جاسر(أغمض عينيه مجددا بصبر ثم أردف):- نقيب وصال في مهنتنا نتعامل مع الموت يوميا ، المشاعر بالنسبة لنا غير مسموحة فلا شيء يقف أمام إخلاصنا وتفانينا لعملنا ولوطننا مما يعني أن مشاعر الحنان والعطف التي تشعرين بها تجاه كامل كمال أقدرها وجدا ولكن هنالك أمور لا تعرفين بها يا وصال .. عليكِ أن تبتعدي كي لا تتألمي

وصال(ونظره مسمر في الباب):- ماذا تقوووول ؟؟؟ أنا لا أفهم نصف كلامك أخبرتك أن تدعني أراه فقط أراه يعني هو مغمى عليه طيب أين الطبيب المعالج لما لا يفعل شيئا يحقنه بأي مضاد يخفض السكر بدمه أو لا أعرف أي شيء يجعله يستفيق …

جاسر(حرك رأسه وهو يمسكها بقوة):- وصااااال … لقد اتصل الطبيب بسيارة الإسعاف منذ الصباح وهي في طريقها إلينا لا أريدكِ أن تنهاري هنا سوف يكون بخير صدقيني

وصال:- هل هنالك ما لا أعرفه يا سيدي ؟؟؟ هل كامل مريض للغاية ؟

جاسر(لم يعرف ماذا يقول لها كيف سيكسر قلبها والدموع التي بعينيها تقتله):- اهدئي أولا وعديني بأنكِ ستتماسكين …

وصال(تضاعف الخوف بقلبها وقد سكنت عن الحركة):- … لارد

جاسر(رمش بعينه وهو يمص شفتيه وبعمق أردف):- كامل كمال مريض وحالته متدهورة جدا….. جداااا

جدااا حالته متدهورة جدااا … جدااااا ..جداااا ….،،، ظلت تتكرر هذه الكلمات على مسمعها كالصدى البعيد ، وكأن قطارا مسرعا قادما من بعيد قد دهسها بحيث فصل روحها عن جسدها ولم يعد للاستيعاب جدوى ،،، حركت رأسها مرارا وتكرارا وهي تنفي ما سمعته حتى قدوم زاهر وإخبارهم بوصول الإسعاف لم تركز فيه ، ابتعاد جاسر عنها قليلا ليفسح المجال للمرضين القادمين في الممر بنقالتهم الخاصة التي سيحملونه عليها .. كانوا يركضون بسرعة لم تلحظها وصال فقد كانت مسمرة عند الحائط تراقبهم وهم يضعونه بخفة على النقالة ، يحيطون به من كل حدب وصوب وهو بين أيديهم مغمى عليه لا يعلم ما يحدث له ، وجهه شاحب وشفتيه مبيضتين تفزعان قلب كل من يراه … بسرعة البرق ساروا به في الممر تجاه سيارة الإسعاف وقد لحق بهم طبيب المعسكر والعريف زاهر وهناااا صرخت هي وركضت لتوقفهم أن يعيدوووه لهاااا فهو أخوها الصغير الذي أحبته من أعماق قلبهااااا … أمسكها بغبن وهز رأسه لها بإشارة المستحيل حاول مرارا وتكرارا أن يهدئها لكنها ظلت تبكي وتصرخ وتطالبهم بإعادته ، تنعي الحظ التعيس الذي يحظى به المسكين كامل كمال … بجهد جهيد استطاع أن يضبط جموحها واصطحبها لغرفتها لعلها تستريح قليلا من بعد تلك الحالة المريرة التي عاشتها

جاسر:- ستكونين هنا بخير ..

وصال(جالسة على سريرها وعيناها المتورمة تشرح غبنها):- أريد أن أراه

جاسر(بنفاذ صبر):- يكفي يا وصال يكفي … كامل بالمشفى الآن يعني سيحظى بالرعاية اللازمة أخبريني ماذا ستفعلين إن أنتِ ذهبتِ إليه؟

وصال(بوجع):- سأكون بقربه سأطمئنه أنه سيكون بخير وأنه ليس وحيداااا ..

جاسر(تنهد عميقا بقلة حيلة):- لن يسعكِ التحرك لمحل سأسمح لكِ بالبقاء في غرفتكِ ما تبقى من اليوم وهذا استثنائي لأجل كامل وفقط ..

وصال(رمشت بعينيها ونظرت إليه بقسوة):- أنت ماذا تفعل بغرفتي ابتعد عني لا أريدك أن تخطو خطوة هنااااااا .. أسمعت ؟؟

جاسر(ها قد عادت لجنونها):- حسن أنا الملام كوني قلق على واحدة مثلك .. اشبعي لطما إن شئتِ لست بمهتم

وصال(نهضت خلفه بعصبية):- وأنا لست مكترثة لاهتمامك أصلا

جاسر(صفق الباب خلفه بجنون):- اللعنة تتحول في غضون ثوان لوحش مستنفر

وصال(ضربت الباب خلفه بيدها):- سحقا لك …

حكت رأسها بعصبية وأخذت تفكر مليا ومليا لحين اهتدت لحل سيريح قلبها ، فهي عازمة على اللحاق بكامل كمال تحت أي ظرف كان .. عدلت ثيابها وهيأتها وحملت حقيبة ظهرها والتي كانت تحمل مجمل أغراضها التي تحتاج إليها وخرجت متسللة من غرفتها ، توجهت صوب المرأب الخاص بالمعسكر ولمحت سيارات رباعية هناك لكن هذا ليس حلا لأنهم سيلاحظونها ويخبرون الرائد وتصبح في عداد القابعين هناك .. لذا وجدت الحل في دراجة نارية ضخمة هناك موضوعة على جنب وكانت أول مرة تلحظها ، لم تهتم بل توجهت صوبها وأخرجتها بهدوء من الباب الخلفي دون أن يلحظها أحد وضعت القبعة الخاصة على رأسها وفور خروجها من المعسكر مستخدمة ممر عاملي المطبخ العسكري شغلتها وانطلقت في البراري وبين عينيها هدف واحد ستصل إليه بأي طريقة كانت .. مرت ساعة تقريبا وهو يحاول أن يشغل نفسه بأي شيء سوى الذهاب إليها والاستماع لتذمرها الذي لن ينتهي ذلك اليوم … مط شفتيه بزفرة ملل ورتابة وقرر الخروج من غرفة مكتبه والتوجه صوب درس الكتائب الذي ينتظره نزل وهو يمحي من باله فكرة رؤيتها لكنه تفاجئ بحديث الجند عن درسهم الذي توقف بعد الذي حدث للجندي كامل كمال … نهاهم ونبههم أن النقيب وصال متعبة لما تبقى من اليوم وعليه طلب منهم الانضمام لصفوف المسؤولين الآخرين لعدم تضييع الوقت ، في حين أكمل طريقه للقاعة الخاصة به ولكن قاطع طريقه حديث آخر وهو خاص بعامل المرأب وجندي عابر

العامل:- طيب لو كان أخذها كان أخبرني ثم سمعت بأن الرائد لا يزال بالمعسكر إذن أين ذهبتِ الدراجة النارية ؟

جاسر(فزع عينيه وتوجه صوبهما):- عن أي دراجة نارية تتحدثان أنت وهو ؟؟؟

الجندي(بتحية الانتباه):- احتراماتي سيدي ولكن العامل يشكو لي اختفاء دراجتك النارية

جاسر(بعدم تصديق):- أين الدراجة ياااااااا عامل المرأب ؟

العامل(برجفة):- والله سيادتك يعني لا أدري أين لقد لقد … ذهبت لأجل تناول طعام الغذاء وحين عدت اكتشفت عدم وجودها أتيت لإعلامكم

جاسر(كاد أن يصرخ لكنه تمالك أعصابه حين طرأت على باله الفكرة):- أغربا عن وجهي الآن ،،، ولا أريد أن يعلم أحد بما حصل مفهوووم هيا انصرفااااا … / وأنتِ إن توضح أنكِ الفاعلة صدقيني يا وصال محفوظ سيكون حسابي معكِ عسيراااا

بتباطئ توجه صوب غرفتها وتيقن من شكوكه لم تكن هناك إذن هي التي أخذتها وقامت بتحكيم رأيها وذهبت للمدينة ، يعني إن حبسها بالأصفاد لن يلومه أحد ، وضع يده على جنبه وبنظرة لا تحتمل التفكير بأسرع ما يمكنه لملم أغراضه التي يحتاجه وانطلق بسيارته رباعية الدفع في إثرها عليه أن يلحق بها قبل أن تتهور وتصاب بأذى … يعني لما سيقلق عليها هي نقيب في النهاية وليست امرأة عادية لكن هناك في أعماقه شيء يهتم لأمرها لراحتها وما عاد بمقدوره إنكاره … كانت كالصقر الجامح تدعك عجلات الدراجة في منعرجات الطريق الجبلية متجهة صوب صديقها العزيز كامل المسكين ، غير مدركة للجنون الذي خلفته من بعدها فجاسر ظل يرن على هاتفها ولكن الشبكة كانت ضعيفة وكان ينقطع الخط ومن أساسه لم تسمعه فقد كانت تضع قبعة السائق عازمة على تحقيق مردها …. لمجرد التفكير سوف نعتقد بأن الدراجة أسرع كونها سبقته بتوقيت ساعة وما أزيد لكنه ليس رائدا عن فراغ فقد اتخذ طرقات مختصرة جعلته يلحق بها على نفس الطريق الفرعي ،، ظل يرن بزمور سيارته عليها فانتبهت له بدهشة وقبل أن تخفف من سرعتها لم تلحظ حجرة عثرة في الطريق فمرت بها وزلزت مسيرتها وبووووم وقع الاصطداااااام ….. دعك فرامل السيارة بحدة وترجل منها ملهوف عليها وما جعله يطمئنه أنها قد نزلت منها قبل أن تصطدم بالشجرة

جاسر:- وصاااال وصااال هل أنتِ بخير ؟؟؟ ردي علي أنتِ بخير صح ؟

وصال(أمسكت رأسها بصداع ومسحت على يديها):- بخير بخير لقد نزلت قبل أن يقع الاصطدام لقد أفزعتني بحضوووورك

جاسر:- أهذا ما أعانكِ الله على قوله ثم انظري معي لدراجتي المسكينة أصبحت حطاما الآن

وصال(نهضت وهي تنفض ثيابها وتحرك يدها):- هذااا لأنك لحقت بي وأفزعتني لا شأن لي

جاسر:- توقفي إلى أين تمضين الآن ؟؟؟

وصال:- سأكمل طريقي مشيا سأرى كامل كمال يعني سأرااااااه

جاسر(قارب قلبه على التوقف من هول صدماتها):- هل ستجلطينني الآن أم ماذا ؟ قلت اركبي سنعود للمعسكر ..

وصال:- لن أفعل لن أفعل قلت سأذهب إلى كامل ولا تجادلني أكثر …

جاسر(هدر فيها بعصبية):- وصاااااال ….

وصال(توقفت في منتصف الطريق جاثمة دون حراك):- أحتاج لرؤيته .. أحتاج لإقناع نفسي بأنه سيكون بخير وأنه لن يموت

جاسر(تأوه عميقا وبعد صمت):- اركبي إذن .. سآخذكِ بنفسي

وصال(لم تستوعب جملته وركضت عائدة إليه):- هل تتحدث بصدق ؟؟

جاسر:- وهل أنا أمزح بنظرك

وصال(حكت أنفها وهي تمسح دمعاتها):- ههه لالا ليس كذلك

جاسر(نظر خلفها لدراجته):- دعيني أضعها بموضع واضح ، سأكلم المعسكر ليأخذوها للتصليح آخ منكِ

وصال(ضحكت وهي تركض لتركب بجانبه):- آسفة …

لمح بسمتها وكم كان ممتنا لنفسه حين وافقها على هذه الزيارة ، بالفعل اصطحبها إلى المشفى ولكن كانت الزيارة لا تزال ممنوعة لذا تدخل وطلب وقتا قصيرا لأجلها وها هي ذي تجلس بقرب كامل المسكين وهو لا يزال نائما بأريحية هناك …

وصال(بدموع):- كامل … أنا هنا يا كامل لا تخشى شيئا سأكون رفقتك دوما فقط عد إلينا ولن أدعك تجهد نفسك ، لا مزيد من التدريبات سوف أضع لك كرسيا بجانبي ونضحك سوية على الجنود وحركاتهم البهلوانية مثلما كنا نفعل سابقا .. كامل كن بخير لأجلي يا عزيزي لا تتركني وحيدة مع الوحش جاسر سيأكلني مثلما أخبرتني ذات يوم ههه .. كامل أتسمعني ..

كامل(بجهد فتح عينيه وابتسم لها):- حضرة النقيب احترامي لكِ

وصال:- لا يا غالي نحن أصدقاء وليس بيننا تحيات ولا رسميات .. هل تشعر بأنك بخير ؟

كامل:- هناك وخز في قلبي ولكن أخبروني بأنني سأتحسن .. هل أتيتِ من أجلي ؟

وصال(هزت رأسها):- أهاه أنا والرائد جاسر حتى

كامل:- لا أصدق ههه كيف أقنعته ؟

وصال(هزت كتفيها):- هربت له واضطر لمرافقتي

كامل:- هههه شجاعة كالعادة … أنا سعيد برؤيتكِ حقااا

وصال(صافحته بامتنان والدمع يغالبها):- أعدك أن أيامنا القادمة ستكون ممتعة

كامل(مط شفتيه حزنا):- سأفتقدكِ بشدة

وصال(بأسف):- لا تتحدث بهذا الشكل نحن سنبقى دوما مع بعضنا ، سأزورك كل أسبوع وإن لم أستطع سأهرب من المعسكر لأجلك وسأكون أول نقيب تهرب من معسكرها لأجل جندي مجنون يدعى كامل كمال

كامل(بغلالة دمع):- أنا سعيد لأنني تعرفت عليكِ سيدتي وصال سوف لن أنسى صورتكِ أبدا

وصال(مصت شفتيها وهي تتنهد):- أخبروني أن جدتك على وصول ألم تشتق لها ؟

كامل(غالبه الدمع وقتها وبكى):- اشتقت فوق التصور …

جاسر(دخل عليهما):- مرحبا

كامل(ارتج محله بقلق):- عذرا يا سيدي كوني يعني أ…

جاسر:- شتت سلامتك يا كامل لا تقلق من شيء ، سوف أنهي جميع الأوراق اللازمة لبقائك هنا بالمشفى

كامل(بامتنان):- أشكرك سيدي الرائد ..

جاسر(نظر إلى وصال التي كانت مبتسمة مشرقة):- حضرة النقيب ما رأيكِ لو ترافقيني قليلا فهناك ضيفة تحتاج لرؤية حفيدهااااا

كامل(صرخ بعمق):- جدتي

ست حميدة(دخلت مهرولة):- كامل كامل كامل حبيبي حبيبي حبيبي

كامل(حاول النهوض ولم يستطع لذا بسط ذراعيه لها ببكاء):- جدتي أناااااا

حميدة:- آه يا فلذة كبدي عين عين وطرقتك بذاك المعسكر أكيد حسدوك يا حبيبي لأنك سترتدي البذلة الميري وتزين حارتنا بطلتك البهية اهئ اهئ

كامل:- جدتي حبيبتي اشتقت لكِ ؟

حميدة(عانقته هي الأخرى بحرارة):- آواه يا رائحة الغاليين وأنا اشتقتك يا نور عيني

كامل(قبل يديها وجبينها وخدودها):- جدتي أعرفكِ بصديقتي أ.. أقصد بالمسؤولة عنا بالمعسكر النقيب وصال وذاك هو مديرنا الرائد جاسر

حميدة(نهضت وعانقت وصال):- أهلا أهلا حبيبتي مشكورين والله على العذااااب نورتم ..

وصال(استقبلت حضنها بمتعة):- لم نفعل شيئا من مقامكم كامل يستحق

حميدة(صافحت جاسر بمودة):- والله زيارتكم له على رأسي من فوق سأردها لكم في الأفراح إن شاء الله

وصال(بحرج):- إن شاء الله

حميدة:- هل أنتِ متزوجة ؟

كامل(صرخ فيها):- جدتييييييييييييي …

حميدة:-سؤال عادي يا ولد لأن هذا الجمال حرام يذهب من أيدينا

جاسر(تغلغل بالغضب):- احم وصال علينا أن ننهي أوراق كامل تعالي معي

وصال(فهمته):- عن إذنكِ ست حميدة

حميدة(بفرح ركضت إلى كامل):- إن لم تكن متزوجة سأخطبها لك يا ولد ما أجملها

كامل:- يا جدتي إنها أكبر مني وهي مثل أختي الكبيرة بالله عليكِ أتريدين من الرائد أن ينفيني في بطن الحوت

حميدة(لم تسمع شيئا مما قاله ما في بالها في بالها):- هههههه

كامل(بقلة حيلة رمى بنفسه على الوسادة):- أه منكِ حين تفكرين بالمآرب يا حميدة ههه

في الممر

جاسر(مص شفتيه بقلق):- لما سألتكِ ذلك السؤال ؟

وصال:- وما يدريني أنا

جاسر(عقد حاجبيه):- أكيد هنالك ما جعلها تسأل ذلك السؤال

وصال:- وأنا لا أعرف ما السبب الذي جعلها تسأله

جاسر:-بلى تعرفين ماذا قلتِ أنتِ وكامل أثناء غيابي ؟

وصال:- يا الله هل عدنا لتلك الشكوك المريضة الشاب مريض مريييييييييض

جاسر(معها حق ثم هو أصغر منها كفاك جنونا):- هييه تعالي هنا لما تصرخين ……

واستمرت الحال بينهما كالعادة مثل القط والفأر ، وكامل كمال وجدته بينهما يحاولان الفكاك بينهما هكذا لحين انتهى وقت الزيارة الذي طال وطال بناء على تدخلات جاسر وأيضا لكي تشبع تلك المجنونة ولا تزعجه بالزيارة في وقت قريب … حان وقت العودة للمعسكر ودعا كامل وجدته التي ظلت تعانق وتقبل وجنة وصال وتتحسسها بشكل مهيب من الواضح أنها جادة في مسعاها وهذا ما اتخذه جاسر سيرة يلوك فيها طوال طريق العودة ، ظل يعيد ويزيد وهي تبرر وتنفي وتصرخ وترفض إلى أن وقع ما لم يكن بالحسبان انفجر عجلة سيارته وتوقفا في وسط الطريق الخالية

وصال:- ماذا حدث ؟

جاسر(عقد حاجبيه):- ابقي حيث أنتِ … سأتفقد العجلة

خرج ليتفقدها وجدها قد فرغت من الهواء ويلزمها تغيير ، لذلك جلب عدة تغيير العجلات وليكتمل جمال مساؤهم لم يجد القطع كاملة لنفخ العجلة وهنااااا وقعا في ما لا تحمد عقباه ..

وصال(خرجت وهي تولول):- ألا ترى معي أننا في منطقة مقطوعة أنظر حولك نحن في الخلاء لا يوجد سوى الصحاري والأشجار تتت

جاسر(صرخ فيها):- فقط لو تصمتين قليلا وتدعينني أفكر .. حتى هاتفي قد فرغ شحنه

وصال:- وهاتفي مشغل ولكن الشبكة ضعيفة جداااا هنا لا يسعني القيام حتى باتصال

جاسر(لاحظ توترها):- الأرجح أن نبعث برسالة نصية لربما أفادتنا بدل الاتصال هيا ابعثيها للعريف زاهر كي يتصرف

وصال:- ماذا لو لم يرها دعني أبعث لأصدقائي أيضا.. ما هو موقعنا .

جاسر:- نحن في منتصف الطريق خلفنا المدينة وأمامنا المعسكر ..

وصال:- يا للمصيبة …

فعلا مصيبة إذ بدأ يحل الظلام وهما على ذات الحال ، قام جاسر بدفع السيارة بعيدا عن الطريق تحديدا بين شجرتين هناك ، وقام بإشعال النار في دائرة من الحطب هناك بعدها تفقد سيارته وجد فيها بعض الماء وبعض البسكويت لذا أحضره لها وقد كانت جالسة بين الشجرتين على الكرسي الخلفي الثنائي الذي نزعه جاسر ليجلسا عليه …

وصال(كانت حقا تتضور بالجوع لكن عرفت أنه مثلها):- لنتقاسمها ..

جاسر:- لا كليها أنتِ أنا لست بجائع عطش فقط

وصال(هزت له رأسها ووافقت):- طيب …

أكلت بعضها واحتفظت بالبعض الآخر وهي تتدثر بالرداء الذي جلبه لها من السيارة نظرا لبرودة الجو التي بدأت وتيرتها كلما أظلمت …

وصال:- ماذا لو لم يجدونا بسرعة؟

جاسر:- نحن عسكر يا وصال يعني لا خوف عليناااا سلاحي معي وسلاحكِ معكِ سوو ؟

وصال:- طيب يا فهمان ماذا لو عضتني أفعى أو عقرب صغيرة ؟

جاسر(ضحك ويجلس بقربها ويحرك النار بيده):- أنتِ لوحدك كتلة من المصائب فكيف ستقترب منكِ الحيوانات ههه

وصال(بامتعاض مطت شفتيها):- أنت تظلمني كثيرا

جاسر(لاحظ نبرة صوتها الجدية):- طيب بما أننا في جلسة صامتة لنشغل بعض الموسيقى

وصال:- هل تحتفظ بها في سيارة الجيب خاصتك ؟

جاسر(بخفة):- طبعا .. انتظري

وصال:- أووووووه لالالالالا لا أرجوك لا تشغل موسيقى الروك لقد شبعت منهم ذلك اليوم

وما كادت تنهي جملتها حتى شغل نفس الأغاني وهنا ما عاد بمقدورها فعل شيء استسلمت للأمر الواقع وتخيلت نفسها في عيادة طبيب الأسنان مستحيل ستنطق بحرف وتطلب منه تغيير الموسيقى فقط لأنها تزعج حضرة أسنانها ، فكيف الحال مع هذا العنيد …. اشتدت برودة الأجواء لذا كان من الجدير الركوب بالسيارة أدفأ لهما ، ترك جاسر النار موقدة على جنب وأغلق منافذ السيارة بعد أن أعاد الكراسي لمحلهم وطلب من وصال العودة للخلف لترتاح أكثر رفضت بدءا ولكنها وافقت على مضض كي لا تخجله ، فرك يديه وشغل مدفئة السيارة وأخفض صوت الموسيقى حتى أطفأها كي تنام ..

وصال(مدت له بقية البسكويت):- هذا لأجلك

جاسر(نظر للقطعة وحدق في وصال من مرآته):- قلت أنا لكِ

وصال:- وأنا شبعة لذا هي من نصيبك .. خذها

جاسر(أمسكها وهو يزفر):- أنتِ أعند مني

وصال(تثاءبت بعمق):- وأنت تحمل حجرا في جمجمتك

جاسر(ابتسم وهو يقضم قليلا من بسكويتها العزيز):- لذيذة ما حسبت أن ذوق نسيمة رفيع هكذا

وصال(بعدم فهم):- نسيمة هههه أهي من وضعتها لك هنا ؟

جاسر:- دوما ما تضع بسكويتا مختلفا تقول أنه فأل جيد في السفر ، يعني خزعبلات العجائز

وصال:- همم أضفتها لمعلوماتي

جاسر:- ههه على أساس أننا بمعسكرنا هانئين ، أنظري للحال

وصال:- أيا كان نحن مع بعضنا .. أ.. يعني أقصد أنك لست وحدك ولا أنا وحدي في مكان ناء كهذا و .. هكذا يعني

جاسر(بأريحية من حديثها وتوترها):- لقد تناولنا للتو بسكويت الحظ على فكرة

وصال(تغطت بالرداء ولم يعد يظهر منها سوى رأسها خلفه):- إذا حظا سعيدا لنا

جاسر:- سأحرس المكان نامي أنتِ أولا

وصال:- سآخذ المناوبة الأخرى ريثما يحل الصباح

جاسر:- هنالك محطة بنزين على بعد كيلومترات من هنا غدا سنلجأ إليها كحل أخير ماشي

وصال:- طيب .. تصبح على خير

جاسر(بمودة):- وأنتِ أيضا …

يعني لا بد وأن يحدث شيء يعكر صفو الأجواء ، فقد استيقظت وصال على صوت عويل قريب من هناك ونظرت لجاسر وجدته نائما في محله والجو ساكن من حولهما لا شيء سوى ذلك الصوت ، لم تشعر بنفسها إلا وقد قفزت وجلست بقربه وأيقظته

وصال:- جاااسر أيها الرااائد .. تت يا جاااااسر

جاسر(قفزته بعنف):- همم هاه نعم نعم ..

وصال:- أتسمع ما أسمع ؟

جاسر(بنوم ثقيل):- ماذا تسمعين يا وصال ؟

وصال:- إنه صوت عويل ذئاااااب

جاسر(أغمض عينيه):- لا يوجد ذئاب في هذه المنطقة نامي يا وصال

وصال(بدهشة):- يا رجل قلت لك يوجد ذئاااااب والله لا أكذب

جاسر(فتح عينيه مجددا ونظر حوله):- النار وقد خمدت والنوافذ مغلقة كذلك الأبواب يعني حتى لو كان هنالك ذئاب لن يقتحموا السيارة

وصال:- يا لذكائك الخارق أدهشتني … هئ أسمعت الآن ؟

جاسر(عاد وأغمض عينيه واتكأ على خلفية الكرسي):- وصاااال .. نامي

وصال(عقدت حاجبيها تذمرا منه):- يا الله ما هذا المأزق سوف أموت على يد ذئب ماذا فعلت في حياتي لأعاقب بهذا الشكل

جاسر(ضحك من جملتها):- هههه لا تقلقي الذئاب لا تأكل النساء ذوات الشعر الأسود

وصال(حولت عينيها بتصديق):- أحقا ؟

جاسر(هز رأسه وهو مغمض العينين):- أهاه

وصال(اقتربت منه في جلستها وأخذت تناظر المكان حولها):- أرحت قلبي

جاسر(بنعاس شديد):- اممم جيد …

استكانت قليلا تحاول النوم بهدوء والوثوق به لكن حركة في السيارة جعلتها تقفز خوفا وتلتصق به التصاقا ..

وصال:- جاسر جاسر جاسر هنالك شيء بالسيارة تحت أسمعه أسمعه

جاسر(فتح عينيه ونظر إليها وهي متمسكة به وعيناها تطوفان بالسيارة تبحث عن مصدر الصوت بينما شعرها المفرود كان يلامس وجهه بشكل آخاذ):- لا يوجد شيء

وصال(نظرت إليه برجاء):- أرجوك لا تفزعني والله سمعت صوت شيء ها هنا … هاه أسمعت هل صدقتني ؟

جاسر(ابتسم من مشهدها المرتعب):- أجل صدقتكِ

وصال:- لما تبتسم ببلاهة هكذاااا ؟ هل أنت مستغني عن عمرك أنا لا ما زلت أريد التمتع بحياتي حرام عليك تريد لشبابي أن يضيع بسبب ذئب

جاسر(شعر وأن مغناطيسا يجذبه إليه ، رفع يده ومررها على شعرها المنسدح على كتفه):- وصاااال

وصال(لم تشعر بشيء فقد كانت خائفة بشدة):- هممم ؟؟

جاسر(أخذ يتطلع إليها عن كثب وكم بدت رقيقة في حلكة ذلك الليل ، خوفها شهي وعيناها اللامعتين تبرقان بجاذبية غريبة وهنا لم يتحمل):- … أنتِ جميلة

وصال(هزت رأسها بشرود كما لم تسمعه في البدء وتابعت بحثها لكن فجأة توقفت حين استوعبت كلمته والتفتت إليه بصدمة):- هئئ

جاسر(تابع بدون توقف وكأنه مجبول على التفوه بهذه الكلمات):- ورقيقة .. كل شيء فيكِ ذو طعم خاص

وصال(حسن لنعلن جرس الإنذار فكلامه قد حرف لطريق مغلق):- سيد جاااسر

جاسر(رمش بعينيه مستوعبا جنونه لحظتها):- أ… حاولت التخفيف من خوفكِ لكن لا ينفع معكِ شيء احم دعيني أرى

كانت تعلم تماما أنه قصد كل حرف مما قاله لكن إلى أي مدى ؟ ولما قلب حديثه ونفى كل شيء ها قد بدأ هطول الاستفسارات يا جاسر فما الحل … كانت لتكمل مسيرة تساؤلاتها لولا ارتطام شيء بالسيارة جعلها تنتفض لتجلس في حجره بفزع …

وصال(تصرخ):- ذئب ذئب ذئئئئئئئئئب

جاسر:- يا عيني على حضرة النقيب .. شجاعتكِ يضرب بها المثل

وصال(انتبهت لموضعها وهي متمسكة بعنقه وتجلس في حضنه مباشرة):- احم …أ آسفة ولكنني لم أشعر بنفسي إلا وقد …… آآآآآآآه

صرخت لما رأت ذئبا بريا بالفعل مارا يحوم حول سيارتهما ويحاول الهجوم عليهم ، هنا انتبه جاسر وتبدلت ملامحه لقلق وجعلها تجلس بهدوء بقربه هي خلفه وهو أمامها يراقبان عن كثب سير ذلك الذئب الذي كان يضمر لهما شرااا … لم تمض سوى دقائق وحاول فيها الذئب دخول السيارة بارتطامه المتكرر لزجاجها وهنا كان على جاسر التصرف قبل أن تلحق به بقية الذئاب فتح زجاج نافذته العلوية قليلا وأخرج رأسه بهدوء ،، استوقفته وصال لكنه همس لها بالصمت وارتفع وبيده مسدسه طلقتين اثنتين وها هو الذئب مدجج في دمائه وهنا من يسكت الفتيااااااااات حين يموت أمامهن حيوان ماااا ..

جاسر(يجلس بفشل):- ألم يكن سيأكلكِ لما تبكينه الآن صرعتِ رأسي ..

وصال:- لا لا لم أكن أتوقع منك قتله ثم أنظر إنه يبدو لطيفاااا

جاسر:- لطيييييييييفا هاااه .. اللعنة علي كان علي فتح بابكِ لسيادة اللطيف كي يلقي عليكِ التحية هذا ما تريدينه صح ؟

وصال(حركت كتفيها بغنج):- تتت

جاسر(حرك رأسه بتعب):- أنظري إلي ولا تركزي بصركِ إلى هناك أو .. انتظري هنا لحظة سأقوم بإبعاده عن مرآكِ كي ترتاحي

وصال(قفزت متمسكة بذراعه):- لالالا لا تخرج حسن حسن لن أتفوه بحرف فقط ابقى بجانبي

جاسر(استشعر حاجتها له وكم جعله هذا الشعور يحس بالرضى لذا زفر بعمق واتكأ بقربها):- نامي الآن … سأحميكِ

وصال(تقاسمت معه الغطاء ونظرت له):- شكرا

جاسر(بمشاعر وردية تغرد في قلبه):- على الرحب والسعة ….

كانت ليلة كارثية بالنسبة لهما أو هي بالخصوص وفي صباح اليوم التالي استيقظ جاسر أولا وأيقظها وتوجها سوية صوب محطة البنزين القريبة منهما ، بعد أن علقت هي حقيبتها على ظهرها وحمل هو أغراضه في حقيبة يدوية علقها على كتفه ، بعد وصولهما إلى هناك أجريا الاتصال بالمعسكر وتم بعث دوريات لإعادتهما بسلام … وأكيد أكيد ستبقى ذكريات تلك الليلة خالدة بعقلهما خصوصا وأنها كانت السبيل الذي قرَّب فيما بينهما دون شك …..


بعد مرور عدة أيام

ورد اتصال في بيت آل الراجي وقلب الدنيا سفيرا على عفير … ^^

مديحة:- له له يا سماح يا أختي أحقا ما تقولين ؟؟

سماح:- والله يا مديحة إنني أحترق خوفا على ابنتي سلوى ولا أدري ما العمل ؟ أنا هنا وحدي لا أعرف كيف أتصرف اهئ اهئ

مديحة:- يا كبدي عليكِ يا سلوى يا خسارة شبابك يا سلوى

نور(خطفت الهاتف لخالتها):- ألو عمتي سماح ما الذي يحدث ؟

سماح:- يا نور ابنة عمتكِ تذهب من بين يداي إنهم يطلبون مالا طائلا لأجل عمليتها ولا أدري كيف أتصرف ، ولا ماذا أفعل

نور:- تتت طيب فهميني بالهداوة أين هو زوجها ؟

سماح(تحولت لهجتها لنمردة):- تفوووه عليه من رجل أعلن وكليا أنه مفلس يعني لا مجال لأن نطمع به ، وأنا حتى لو بعت صيغتي التي أملك لن أحصل ربع المال أنتِ تعرفين البئر وغطاه يا ابنتي

نور(حركت رأسها مرتين):- اسمعيني يا عمتي أنا سآتي إليكِ وأعطيكِ ما تحتاجينه ، يعني سأتدبر المبلغ من إحدى معارفي لا تقلقي ستجري سلوى العملية وستكون بخير

سماح(بفرح):- صحيح يا قلب عمتك والله ما خانني قلبي حين فكرت بالاستنجاد بكم ، أنتم عائلتي المتبقية لي ،، أين هي عمتي نبيلة أريد أن أكلمها ؟؟

نور:- خذي ها هي ذي معكِ ..جدتي عمتي سماح

نبيلة(بلهفة):- ألووو سمااااح

عواطف(جذبت نور على جنب):- من أين ستتدبرين كل ذلك المبلغ يا نور ؟ أخشى أن تقدمي على فعل يوقعكِ في مأزق ..

نور:- لا يا أمي أتنوين فيني هكذا نية ثم لا تقلقي المصدر موثوق به إنها إحدى صديقاتي ستدينني إياه يعني الأمر محلول .. هيا جهزي نفسكِ أنتِ وخالتي مديحة وجدتي سنذهب كلنا

عواطف:- الآن يا نور لقد أظلمت يا ابنتي

نور:- مدينتهم لا تبعد سوى ساعتين يعني سنذهب الآن ونبيت هناك نطمئن على سلوى ونعود غدا بالمساء

نهال(سمعتهما):- غدا أجازتي خذوووني معكم بليز بليييييز

دينا:- وأنا وأنا أيضاااااااا بليييييييز اشتقت ل يزن أريد رؤيته

نور(رمقت نظرة البراءة فيهما):- طيب جهزا نفسيكما ستذهبان أيضا ..

بالفعل ما هي إلا دقائق حتى كانت كل من نبيلة ومديحة وعواطف ونهال ودينا بسيارة نور متوجهين صوب مدينة عمتهم لأجل إغاثتها في محنتها ، لم يتبقى في البيت سوى عفاف ومرام وميرنا التي عادت للتو من عملها …

ميرنا:- لقد عددددت

عفاف(كانت تلبس ثيابها):- ميرنا حبيبتي جيد أنكِ أتيتِ كنت في صدد المغادرة الآن

ميرنا:- ولكن إلى أين ثم أين الجميع ؟؟

عفاف:- لقد اتصلت عمتكِ سماح مستنجدة بهم ابنتها سلوى في المستشفى سيجرون لها عملية لا أدري ما نوعها لأنها لم تفدنا بأية معلومات ..

ميرنا:- أهااااه ومنذ متى كانت عمتنا تستغيث بنا ، على أساس زياراتها المتكررة لناااا لتطمئن على أولاد إخوتهااا

عفاف:- لكل عذره يا ميرنا ، ثم هي في محنة ونور ستساعدهم بدفع ثمن العملية

ميرنا(رفعت حاجبيها دهشة):- قلتِ نور لكن من أين ؟

عفاف(مطت شفتيها بدون علم):- الله أعلم لكن هكذا يا ميرنا ، عموما لقد تأخرت لدي مناوبة ليلية طارئة إحدى صديقاتي في إجازة وعلي تغطية مكانها

ميرنا:- تمام عزيزتي يعني لم يتبقى سواي ومرام بالبيت

عفاف:- أجل .. العشاء بالثلاجة سخنيه ولا تنسي إطفاء المسخن الكهربائي آخر مرة وجدت في بيضة لا أدري من وضعها فيه

ميرنا(تذكرت أنها صاحبة الفعلة):- احم الله أعلم .. وكأنكِ تأخرتِ ههه

عفاف(سمعت زمور السيارة):- إنها سيارة الأجرة التي طلبتها هيا سلاموو حلوتي ليلة سعيدة أراكِ غدا

ميرنا(قبلتها بحب):- تمام غاليتي … رافقتكِ السلامة

غادرت عفاف وتوجهت ميرنا مباشرة صوب غرفة مرام لتطمئن عليها وجدتها تتفقد صورها الخاصة بالمسابقة ، قبلتها وصعدت لتستريح قليلا من دوامها المتعب ولم تشعر حتى غفت على سريرها غفوة صغيرة لم تستيقظ إلا على رنين هاتفها

ميرنا:- أووه لقد غفوت تتت .. إنها مرام يا إلهي تركتها وحدها بالأسفل … أنا قادمة

مرام(كانت قد جهزت العشاء ووضعته على الطاولة):- لقد تعبت من مناداتكِ يا ميرنا

ميرنا(عانقتها بحرارة):- عذرا عذرا نمت من تعبي … امم لذيذ أرى أنكِ قمتِ بما يلزمني القيام به لكن ستعذرين أختكِ الفاشلة صح

مرام:- ههه معذورة يا أختي الفاشلة

تناولتا العشاء في مرح ونشاط لحين ولج مرام اتصال من فردوس هنا توجست وأجابت

فردوس:- جهزي نفسكِ أنا قادمة لبيتكِ ومعي فريد

مرام(سعلت بشدة مما قالته):- اكح … قادمون لماذا ؟ أقصد يعني ماذا هناك ؟

فردوس:- ههه ستبيتين معي ببيتنا لأن يوم غد خاص بأمي إنه عيد ميلادها وسنجهزه أنا وأنتِ وفريد

مرام:- السيدة جيداااء حقاا عيد ميلادها لم يخبرني فريد بالأمر

فريد(كلمها وهو يقود):- فريد نسي الأمر فلا تفضحيني

مرام:- آه على أساس أن الست جيداء صديقة أمك آخ منك فقط

فريد:- كانت كذبة بيضاء وشرحت لكِ في الرحلة أسبابي وأنتِ سامحتني يعني خلصنا

مرام(عضعضت شفتيها):- غلبتني

فريد(خطف الهاتف لأخته وأزال المكبر):- أحتاج وجودكِ بشدة يا مرام معنا وأمي ستفرح كثيرا بمشاركتكِ في هذا الحفل

مرام:- لا أدري أنا وأختي وحدنا بالبيت ويستحيل أن توافق على ذهابي معكما

فريد:- من أختكِ نور أو ميرنا ؟

مرام:- ههه صديقتك ميرنا

فريد:- إذن محلولة أستطيع إقناعها بنفسي ..

مرام:- لنرى …

كما توقع ميرنا لم تعارض بل شجعت الفكرة فمرام بحاجة لهذا الخروج وتغيير الجو من أجل نفسيتها وأيضا لكي تعيش حياتها بالشكل الذي كانت تتمناه ، كانت فرحتها عارمة هي وفردوس بحيث قامت هذه الأخيرة بانتقاء ما تلبسه مرام من دولابها وجمعت لها أيضا ملابس النوم حسب طلبها بالرغم من أن فردوس عرضت ثيابها كلها لكن مرام كانت متحفظة بهذا الشأن وما كان عليها إلا أن توافق .. انطلق بهما فريد صوب شقتهما ليكتمل جمال ليلتهم بهذا الجمع اللطيف إذ يكفيه أن تكون قريبة منه ليفرح بها فرحة عمره … أما فردوس فصداقتها بمرام اتخذت مسارا جميلا جدا وباتت أقرب لها من الوريد … هنا بقيت أميرتنا لوحدها بذلك البيت الطويل العريض فور إقفالها الباب بالمفاتيح شعرت ببرودة تلفح جسمها ضمت قميصها لحضنها وأطفأت بعض الأنوار

ميرنا(وهي تتمسك بفستانها البيتي):- هيا ميرناااا حبي لن تخافي صح ؟؟ هه يعني لم يصدف لبيتنا أن فرغ من الشعب منذ زمن بعييييييد … آه يا عين عيني أنا ههه تت لما لا أتصل بكوثر لتبيت معي أجل هي من ستنجدني من فيلم الأشباح الكامن بعقلي

أمسكت هاتفها واتصلت بها بسرعة ولم تكذب الأخيرة خبرا حضرت في غضون دقائق معدودة وبدأتِ السهرة على رقص وجنون وفشار وأفلام رومانسية ومتعة لا متناهية بين الصديقات ، ولكن وقت التعب تعب ماتت كوثر نعاسا لذا صعدت لغرفة البنات ونامت مغشيا عليها ، في حين بقيت ميرنا توضب البيت وتلملم الفوضى التي قامت بها هي وصديقتها وكأنهما بنات في السادسة عشرة أصيبتا بالجنون ، لكن صدقا كانتِ اللحظة تستحق لذا أطفأت الأضواء هذه المرة بطمأنينة وصعدت لغرفتها كي تنام نزعت قميصها وبقيت بفستان نومها الخفيف فردت شعرها وارتمت في حضن سريرها هي الأخرى …. مرت ساعات بسيطة قبل أن تستيقظ على صوت مداعبة طفيفة على وجهها فزعت وفتحت عينيها بقلق..

ميرنا:- يا إلهي كنت أحلم تبااا … افف ميرنا ميرنا كوثر بالغرفة المجاورة يكفي جنونا هئئ هاتفي من سيتصل بي الآن …/// ألو ..

حكيم:- كيف حال خطيبتي ؟

ميرنا(بتذمر):- لا تقل خطيبتي ثم ألم نتفق على ألا تحادثني إلا بعد حفلة ميرا

حكيم:- اممم علمت أن أهلنا مسافرين إلى العمة سماح وأن كوثر صديقتكِ بغرفة دينا ونهال في الرواق الآخر وأنكِ في غرفتكِ تنظرين من كل جانب بحثا عني …

ميرنا(ابتلعت ريقها وأزالت الغطاء وهي تنهض من سريرها):- هل أنت في البيت ؟

حكيم(بضحكة خافتة):- احزري …

ميرنا(فتحت مزلاج الباب بخفوت وهي تحادثه):- لست هنا لأنني أحكمت إغلاق الأبواب وخصوصا السطح هاهاها اكذب كذبة غيرها

حكيم:- طيب يا متلصصة غلبتني ،،،

ميرنا(بارتياح):- هممم دوما ما يكون معي حق

حكيم:- والله طيب لما خرجتِ لتتفقديني إذن يا فهيمة

ميرنا(توقفت وسط الرواق بفزع):- حكييييم …

حكيم(بصوت خافت):- يا قلب حكيم

ميرنا(وضعت هاتفها على صدرها وهي تتقدم تجاه غرفته المضاءة):- هففف …

فتحت الباب بهدوء وأطلت برأسها تبحث عنه لم يكن هنالك أثر يدل على وجود أحد ، وقبل أن تتراجع خطوة جذبتها يد قوية للداخل وأقفلت الباب عليهماااا ، حاصرها خلف الباب وأمسك بهاتفها رماه على المنضدة وهو يغلق فمها بلطافة لم يحررها ولم يرحمها بل جذبها خلفه وألقى بها على السرير وهو من فوق ..

حكيم:- عصفورتي

ميرنا(ابتلعت ريقها من فرط الرياح الهادرة التي عصفت بها):- يا مجنون ما الذي تفعله هنا

حكيم(ينظر إليها بجنون):- اشتقت لعينيكِ

ميرنا(حاولت دفعه عنها):- طيب دعني ما الذي تفعله ستأتي كوثر وترانا بهذا الشكل ستفهمنا غلط

حكيم:- ولتفهم فبعد أيام ستكونين زوجتي

ميرنا:- أرى أنك مستمتع بالفكرة

حكيم(بأريحية):- نعمة من الله

ميرنا:- أنت مستلق بثقلك كله وعضلاتك فوقي ألا تشفق علي ؟؟؟

حكيم(تلاعب بعينيه بتفكير واستدار هو وجذبها فوقه ممسك بها كاللعبة):- هكذا أحسن صح

ميرنا(حاولت التملص منه):- دعني يا حكيم هذا غير لائق

حكيم:- كنت أتوق لضمكِ في غرفتي مثل الأيام الخوالي ، كنت أضعكِ هكذا فوقي وألاعبكِ كالأرجوحة حتى تنامي وتستفيقي مجددا تطالبينني بالغناء لكِ من جديد .. كنتِ جميلة يا ميرنا ورقيقة عذبة

ميرنا(تذكرت معه تلك الأيام):- أذكر هذه الغرفة جيدا وكيف كنت أهرب إليك حين أبكي وحين أضحك ، كنت أنت أول شخص أزف له أخباري ونتائجي وعلاماتي حتى تذمري من بنات الصف كنت أنت من يسمعه

حكيم(ببسمة):- أذكر يوم ضربتِ تلك الفتاة الثخينة فقط لأنها اعترفت بإعجابها لي حين اصطحبتكِ ذات مرة للمدرسة ..

ميرنا(بلؤم):- تلك الغبية أخبرتني أمام كل بنات الصف بإعجابها بك ووقتها لم أكن أعرف ما معناها ، فقط شعرت أنها تمس شيئا من خصوصياتي لذا ضربتها وجعلتها عبرة

حكيم:- شرسة من عهدك

ميرنا(بنظرة طويلة فيه):- ليتك ما رحلت

حكيم(بنبرة حزينة):- جُبرت على ذلك حبيبتي

ميرنا(ابتلعت ريقها وانتبهت أنها في حضنه قد نسيت الآنسة نفسها):- هئئ ..

حكيم(أفلتها بهدوء ونهض بعد أن جلست على سريره):- ياااه اشتقت لغرفتي لكل شبر فيها لدولابي لأغراضي لسريري ومنضدتي هممم لم تغيروا أي شيء فيها ، وكأنني ما غادرت

ميرنا(أخذت تراقبه وهو يتحسس كل شيء بيده):- كيف حال رجلك ؟

حكيم:- لقد شفيت تماما الحمدلله

ميرنا:- جميل …

حكيم(فتح دولابه وأخذ يقلب فيه عن شيء ما):- تت أذكر أنها كانت هناااا

ميرنا(مسحت خلف رقبتها):- ما هي ؟

حكيم(يفتش ويفتش لحين عثر عليها بين الخشب مثلما تركها آخر مرة):- أهااااه تعالي وانظري ياااه ما زالت كما هي

ميرنا(بفضول):- صورة من تلك ؟؟

حكيم(أعطاها لها وهو مبتسم):- خذي

كانت الصورة تشمله هو وميرنا فقط يحملها بين ذراعيه وهي تقبله على خده بينما كان هو مبتسما ابتسامة لم ترها قبلا على محياه ، كانت بالعاشرة من عمرها في ذلك الآن لذا استذكرتها في عقلها ودمَّعت عيناها

ميرنا:- كانت طارق من التقط هذه الصورة

حكيم(أحنى رأسه):- أجل هو

ميرنا(تنهدت بعمق وشرعت تبكي):- اشتقت له كثيرا

حكيم(أمسك الصورة ووضعها في محلها ثم جذبها إليه):- هشش لا تبكي يا ميرنا ..

ميرنا(أخفضت رأسها بحرقة):- ليته معنا أيضا لكنا عدنا مثل السابق

حكيم(دفعها لحضنه لتستكين عليه):- سيأتي ذلك اليوم صدقيني لم يبقى سوى القليل

ميرنا(وضعت يديها على ظهره وهي تبكي):- آمل ذلك ….

وجوده في البيت ليلتها أعطاها أمانا أزيد بكثير مما حصلت عليه مع كوثر التي لم تستيقظ إطلاقا ، يعني لو فجروا البيت الأخت ستبقى في سبات الدببة الشتوي ^^ … أما ميرنا فقد استطاعت أن تغفو بأريحية في سريرها في حين نام هو الآخر في غرفته مرتاح البال لأول مرة منذ زمن بعيد ..

في صباح اليوم التالي استيقظت ميرنا أول شخص لذا جهزت الفطور لثلاثة أشخاص وحرصت على أن يكون كل شيء تمام ، وعلى إثر تلك الضوضاء استيقظت هذه الكسول تجر رجليها في سبيل النزول لكنها اصطدمت برجل نصف عار قادم من الرواق فصرخت صرخة مدوية لا مثيل لها جعلت ميرنا تترك كل شيء وتصعد إليها

ميرنا:- كوثر كوثر يا بنت ما بالكِ كوثر ؟؟؟؟

كوثر(كانت ترتعش خوفا وهي تشير ناحية حكيم الذي كان يحك رأسه بعدم فهم):- من من ذلك الرجل يا ميرنا ؟

ميرنا(عضت شفتيها له):- إنه ابن عمي …

كوثر:- أتدخلين رجلا للبيت وتقولين ابن عمك ؟؟ انطقي من هذاااااا ومن أين أتى يا ويلي لا تقولي من غرفتك

ميرنا:- يا سيئة الظن إنه حكيم ابن عمي

كوثر(شهقت بفزع):- هئئئئئ هذا الكيان الهارب من مجلة العضلات المميزة كله ابن عمك ؟

ميرنا(بحرج منها):- حكيييييييم لما لا ترتدي قميصك عزيزي وتوافينا للأسفل

حكيم(أشار لهما من محله ودلف لغرفته):- اوك

كوثر(تأبطت ذراعها وجذبتها خلفها للأسفل):- الآن الآن اشرحي لي ما الذي يجري ؟؟؟

ميرنا:- ههه يا إلهي ها قد بدأ التحقيق

طبيعي أن تصدم به كوثر وبعودته الغريبة في حين كانت ميرنا محرجة طوال الجلسة إضافة لبسمة غريبة كانت تزين محياها .. تناول الثلاثة فطورهم وتعرف كل منهما على بعضهما وأخذ حكيم راحته في تناول الأكل رغم أن الملح ناقص في البيض المقلي وفي السلطة ما شاء الله ربما علبة الملح كلها عانقتِ الطماطم بصدر رحب …

كوثر:- المااااء أريد ماااء يا ميرنااااا ما كل هذا الملح ؟

حكيم:- ههه تريد أن تقتلنا المجنونة

كوثر(نهضت لتصب لنفسها في المطبخ):- ما كذبت يا أخي ..

حكيم(تناول قطعة أخرى):- لكنه موت جميل على يدي أروع فتاة شاهدتها في حياتي

ميرنا(ابتلعت ريقها وهي تستمع لغزله ذاك):- يكفي ستسمعناااا كوثر …

كوثر:- إنه جرس الباب أنا سأفتح

ميرنا:- هذه عفاف على الأغلب هذا موعدها

كوثر(فتحت لها):- هلوو عفوفة

عفاف(مدت لها علبة):- أنظري أحضرت لكما مخبوزات شهية فور معرفتي بأنكِ هنا أحضرتها لأجلك

كوثر:- يا لحظي الجميل أدخلي ادخلي

عفاف(أزالت كعبها بالباب ولبست شيئا مريحا ودلفت خلفها):- أووه رائحة الفطور شهي…من هذاااا ؟؟

ميرنا(نهضت من محلها كما نهض حكيم بدوره):- عفاااف .. إنه

عفاف(بدموع):- حكيم … ابن الخالة مديحة ياااااا الله …

ميرنا(لاحظت دوارها فأمسكت بها بسرعة):- كوثر بسرعة أحضري كوب ماء

كوثر:- إن كنتِ أنتِ سيغمى عليكِ ماذا ستفعل مدحدح فيما بعد …

أكيد كان ليغمى عليها من شدة الصدمة وهذا ما حدث فور عودتهم بالمساء تحول البيت لروائح عطرة فكل واحدة منهن أغمي عليها من جهة ، نبيلة مديحة عواطف حتى سماح التي أحضروها معهم من هول الصدمة أغمي عليها وبقيت نور وميرنا وكوثر في حالة استغاثة أولية لكل منهن …. أما هو فقد ظل جالسا ينظر إليهم الواحدة تلو الأخرى بتأمل جميل

دينا:- يعني أنت أخو ماما عمو حكيم ؟؟

حكيم(يضعها على رجله):- تماما

دينا(عانقته بمحبة):- أنت قوي البنية وأنا أحب العضلات

نور:- بنت تأدبي …

نهال:- تعالي يا دينا إلى هنااا يكفي لقد أزعجتِ العم حكيم بما يكفي

حكيم(أشار لنهال بالاقتراب ونهض إليها):- ما أجملكِ .. أنتِ تملكين عيون أبيكِ

نهال(دمعت عيناها بحزن):- هل صحيح ذلك ؟؟ جدتي تقول أنني أشبه أمي تماما

حكيم:- جدتكِ مخادعة تقول ذلك لكي لا تشتاق

عواطف(نهضت إليه وعانقته ببكاء):- اهئ اهئ … حكيييييم يا حبيب خالتك

حكيم(عانقها بحنان):- خالتي الحبيبة …

عواطف:- الحمدلله على سلامتك يا ولدي … نور البيت والله نوَّر

حكيم:- منور بكم أكيد

نبيلة(أشارت له ليقترب منها):- تعال يا ولد تعال إلي …

حكيم(انحنى إليها وقبل يديها):- جدتي نبيلة …

نبيلة(ببكاء هي الأخرى اشتمت عطره):- آه يا رجل البيت عدت أخيرا إلينا يا عزيزي ..

حكيم(قبل جبينها بمحبة):- عدت يا جدتي .. عدت أخيرااا

مديحة(ولته ظهرها ونهضت لتذهب لغرفتها):- لا أريدك أن تلحق بي وكأنك لم تعد لم تعد

سماح:- له له ما بها هذه ؟؟

حكيم(استقام ولحقها حتى اعترض طريقها):- من قلبكِ يا أم حكيم …؟؟

مديحة(انفجرت بدموع):- يعني .. أنتظرك ل 16 سنة كاملة وحين تعود لا أكون في البيت

ضحك الجميع من جملتها الطفولية بالرغم من بكائهم تأثرا ، لكن هو لم يجبها بل تركها واقفة وخرج من البيت ورن الجرس وصرخ فيها الكل أن تفتح بحماس .. افتحي افتحي … عضعضت شفتيها خجلا من جنون ابنها وتقدمت نحو الباب وأزواج العيون تلاحق المشهد وفتحته لتجده واقفا مكتف اليدين ينتظرهاااا وهنا فتحت يديها وضمته لصدرها ضمة ما بعد ضمة ضمة أفرغت فيها أشواق السنين وانتظار الليالي الطوال ، ضمة أم افتقدت وليدها وأعادته الحياة لذراعيها ، ضمة اشتاقت عواطف أن تنالها مع ابنها فهي الأخرى تنتظره بشوق السنين حتى أن عفاف تأثرت بشدة وانسحبت دون حس لغرفتها لم تشعر بها سوى نهال ابنتها التي جلست على الكنبة تنظر إلى ما يجري حولها وتنتظر اليوم الذي سيدخل فيه أبوها من نفس الباب عليهم …. لحظات مؤثرة كان حكيم عنوانها الرئيسي تم زف الخبر مباشرة لإخلاص التي تحججت بالمرض وبأنها ستأتي لزيارته ذات يوم وأيضا حاولت مديحة الاتصال بدعاء لكن لم تجدها فأرجحت أنها مستمتعة مع زوجها ، لذا اتصلت بجلنار وغازي وأخبرتهما بالخبر السعيد الذي قلب أحوال أسرتهم لفرحة ما بعدها فرحة ،، كان يتبادل هو وميرنا بسمة مشتركة بالحدث فقد كان يعرف أنها سعيدة لأجله ولأجل أسرتها لانها تعلم علم اليقين ما تعنيه عودته لهم ، حتى نور أومأت له بأريحية ودعمت فكرته لكن هذااااا كله لم يدم بالشكل المراد لأن حكيم فجر خبر طلب يد ميرناااا في وجوههم وتركهم مشدوهين بدون فهم يضربون أخماسا في أسداس .. كيف ومتى ولماذا ؟؟؟ !!! …..


بعد يومين مباشرة من تلك الصدمة التي تلقوها أكبر بكثير من صدمة عودته ، استطاعت ميرنا أن تقنعهم أنها تركت وائل وأنها تريد حكيم واستطاع هو الآخر أن يقنعهم أنه يريدها له وأنها من نصيبه منذ الأزل ومختارة له دون نقاش ، طبعا كان هنالك خصومات ورفض وغضب وصراخ وبكاء لكن بما أن خطوبة ميرا كانت على الأبواب أرجح الجميع التعامل مع الحدث المعاش وفيما بعد لكل حادث حديث ….

يوم خطوبة ميرا وشهاب

كانت الترتيبات على أوجها في قصر ميرا ، متعهدو الحفلات وعمالهم منتشرون في الحديقة مثل النمل ، كل يعمل بضمير وعلى قدم وساق باتريك يشرف على بعضهم وهنادي تتكفل بالبعض الآخر ، حتى نور كانت هناك تعلم أنها مجبرة على الوقوف مع أختها في يوم كهذا رغم أن هذه الأخيرة كانت مستغنية …

نور(حركت حاجبيها بتأفف وهي مرتدية فستان سهرتها الذي ستحضر به المناسبة في اللون الكستنائي):- لعلمكِ أنا رأيي لا ينزل الأرض ، ثم إن تلك الورود ليست جذابة

ميرا(كانت تخضع لجلسة مانيكير):- والله على حسب علمي هنالك متعدون اختصاصيون في المجال هم من اختاروا تلك الزينة يعني لا جدوى من عنادك

نور:- افعلي ما تشائين ..

ميرا(مطت شفتيها):- أشعر بأنكِ قدمتِ إلى هنا مرغمة ، إن كنتِ كذلك فغادري لا ينقصني مساءلة ضمير ووجع قلب

نور:- والله إن اللباقة تقطر منكِ تقطيراااا ، أهذا ما تقولينه لأختكِ التي قدمت لتكون معكِ في يوم مميز كهذاااا ؟

ميرا:- والله إن كانت أختي تلك تضع قناع عزرائيل على وجهها طبيعي أن أعترض

نور(وضعت يدها على جنبها):- لا أريد لكِ ذلك الرجل أنا أمقته أكرهه لا يعجبني

ميرا:- هه والله أنا التي سأرتبط به لا أنتِ ، ثم هو اختياري يعني لم يجبرني أحد

نور:- إنه متلاعب خطير وأنتِ مدلهة فيه ، يبقى في النهاية رجلا خسيسا مثل كل الرجال

ميرا:- لا تخلطي الحابل بالنابل ثم أنا مستعدة للخوض في هذاااا ، فقط دعيني أحس بأنني أفعل شيئا عن قناعة شيء لست مجبرة عليه

نور(تفهمتها قليلا وظلت ممتعضة):- عموما ما يريح قلبي أنها خطوبة فقط ، يعني أمامكِ وقت للتعرف عليه وفسخ الخطوبة إن شئتِ

ميرا:- فال الله ولا فالك …أي لقد آلمتني يا أنتِ

العاملة:- عذرا سيدتي

نور(حركت رأسها بنفاذ صبر):- سأتفقد أهلكِ لم يتبقى سوى وقت ضئيل

ميرا(بتعفف):- من ستحضر منهن ؟

نور:- لا أدري تركت إياد هناك سيتصرف ..

ميرا(زمت شفتيها):- هممم أكيد لن يأتي أحد فهم لا يطيقونني وأحسن .. أنا أيضا لا أرغب برؤيتهم

نور:- والله … تت عائدة لكِ يا أخت

في قرارة نفسها هي تقول ذلك لكنها تغالب شعورا بالاحتياج ، ستكون سعيدة داخليا لو حضرت أمها خالتها أخواتها حبيبها الغالي حكيم .. حبيبها الذي فرحت بعودته كثيرا للبيت رغم من أنها استغربت عودته الغريبة وقررت سؤاله بحفل الخطوبة حيث سيظهر بشكل رسمي بينهم بدون هروب …

بعد لحظاتِ التحضير الاعتيادية كانت ميرا متألقة في فستان خطوبة في اللون البني القريب من الذهبي ، بتصميم مميز جدا حيث كان بحمالتين مطرزا من جهة الصدر برسمة وردتين كبيرتين متلألئتين بالأحجار اللامعة ،مربوط في الخصر برباط لامع وفي الأسفل كان مرتفعا حد الركب باستدارة عالية وخلف الظهر منتهي حتى الأسفل بطول بسيط يناسب أميرة الليلة ، شعرها جمعته في تسريحة ووضعت مشبكا حجريا على جانب شعرها وبدت متألقة أكثر مع الزينة التي تكفلت بها نور بناء على رغبتها طبعا وجعلتها تصبح سندريلا الليلة دون منازع .. كان قدومه يعني أنه سيرتبط بها بشكل رسمي وأنه لن يخذلها فهي تستحق ألا يفعل ذلك رؤية ابتسامتها جعلت قلبه يرف فرحا بحبيبها ، وهذا ما لمسه من عينيها التي كانتا تتلهفان إليه خصوصا حين لمحته بطقمه الرسمي الخاص بالمناسبة كم بدا وسيما وكان حقا كذلك ، قبل يديها ووضع يده خلف خصرها ليخرجا معا أمام الملأ من الحضور والصحافة الذين حضروا خصيصا لتغطية الحدث .. وكم كان الجمع غفيرا من المشاهير ومن مختلف رجال الإعلام فهم لا يحضرون كل يوم حفل خطوبة فنانتهم الغالية ميراااا … كانت مشعة بجانبه وهي تطل عليهم مثل القمر وتحت تصفيقات الحضور ألبسها شهاب خاتم خطبتها الألماسي والذي التقطته عدسات الكاميرات التقاطا إضافة لبقية الصور الخاصة بالخطيبين .. هنا كانت عواطف تجلس متأففة على جنب ومعها مديحة في ثياب مناسبة تشاهدان من خلال الشاشة التلفزية التي تربط بين الأحداث وبين كاميرات المصورين الخاصة ما يحدث … تناول الكعكة تلبيس الخواتم التقاط الصور قبلاتهم المتكررة كل هذا راقبتاه من محلهما .. لكن فيما يخص ميرنا التي كانت متألقة في فستان سهرات كلاسيكي أسود بتسريحة جانبية كانت تقف على الجمر فحكيم قال بأنه سيأتي من قصره ولم يصل بعد ووائل هو موجود لكنه يقف بجانب عمه فؤاد الذي كان في خضم حديث هام لا تدري عنه شيئا …

كوثر(اقتربت منها رفقة إياد الذي ابتسم لرقية التي توجهت صوب المنصة لالتقاط صور لميرا وشهاب):- ها يا ميرنا ما بكِ واقفة لوحدكِ هنا ؟

ميرنا:- كنت مع وائل وناداه عمه

كوثر:- هل ستخبرينه الليلة ؟

إياد(زفر بتأفف):- أرجو ألا أكون موجودا حينها …

ميرنا:- لا خيار أمامي الليلة سينكشف كل شيء

وائل(فاجأهما بحضوره وأمسكها من خصرها وهو يتناقل بنظرته تجاههم جميعا):- تخبرونني بماذاااا ؟؟

ميرنا(ابتلعت ريقها وبارتباك):- هنالك موضوع علينا التحدث فيه وائل

وائل(تحسس خاتم خطبتها في جيبه وببسمة):- أنا أيضا لدي موضوع هام أحدثكِ فيه ميرنا بعد الحفلة ..

ميرنا(بحزن مسحت خلف عنقها):- عن ماذاااا ؟؟

وائل(هم بالحديث ولمعة عيونه تحكي الكثير من الأشياء الجميلة):- ميرنااا أنااا …

حكيم(تقدم إليهم بهيأته الملوكية يخط الأرض بثقة وبصوت جهوري):- حبيبتي …

استدار الأربعة ناحيته وكم بدا فاتنا في حلته الرسمية يكاد يسرق الأضواء منهم ، لكن رفرفة القلب الحارقة لم يخفى عنها بال فميرنا كانت ترتعش تحت أنامل وائل المحيطة بخصرها والذي تسمر محله من هول ما يرى وسحب يده بهدوء منتقلا بنظراته بينها وبينه

حكيم(تقدم إليهم بعلياء وأمسكها من يدها وقبلها بقبلة لطيفة وبعيون غزلية):- هل تأخرت؟

ميرنا(ابتلعت ريقها ولم تدري كيف تتدبر أمرها):- أ…

كوثر:- سيد حكيم يا أهلا وسهلا بك في الحفلة

حكيم(رمش بعينه مبتسما):- أرى أنكِ لم تخبري وائل بعد بالأمر حبيبتي

ميرنا(يادي حبيبتي اخرس بالله عليك أنت تمزقني وتمزقه):- حكيييم

وائل(كان يتلاعب بلسانه بداخل فمه وينتظر تفسيرا):- لما يناديكِ بحبيبته ميرنااااا ؟

ميرنا(تاهت بينهما وقد بدأ الاحتدام يخط طريقه):- وائل اهدأ سأشرح لك

حكيم:- تشرحين ماذاااا يا حلوتي أخبريه وكفى

وائل(كاد أن ينقض عليه لولا وقوف إياد بينهما):- لا تكلمها هكذااااا

حكيم(بتلاعب):- لمااااذا فهذا أمر طبيعي بيني وبينها

ميرنا(بانهيار):- حكيييييم يكفي

وائل(أمسكها من يدها):- اشرحي لي ما الذي يحدث ؟؟ أحس وكأنني رجل كرسي هنااااااا

ميرنا(مصت شفتيها تستنجد بإياد أو كوثر):- يا الله

إياد(حرك رأسه لها بحركة كان متوقعا):- وائل مهلك عليها هنالك ما يجب عليك معرفته

وائل(باحتدام وعصبية):- هذا إن تحدثتِ يا ميرناااا …

حكيم(جذبها إليه بحركة تملك):- لا وقت للحديث بينكما سيد وائل … ميرنااا لما لم تخبريه بعد الآن بأمر زواجناااااا ؟؟؟

صوت الرعد والصواعق الكهربائية والأمطار الهادرة وكل ما ينم عن الانكسارات المتتاالية كانت في آذان وائل الذي انعزل كليا عن هذا الكوكب ، وغاص في نقطة سوداء جرفته نحو حفرة سحيقة دفنته في ثابوت ورمت به في قعر المحيط المنسي … لم يصدق الصدمة التي جعلته ميرنا يعيشها بشكل مؤذ مؤذي جدااااااا .. التصقت الكلمات بحنجرته ولم يعد يستوعب شيئا فنظرة حكيم المنتصرة وإمساكه بميرنا الخاضعة وتذمر إياد وإشفاق كوثر كان واضحا كل الوضوح أن هذا أمر حقيقي يحدث خفاء عنه ، هو آخر ما يعلم هو آخر من يعلم ……. حرك رأسه وهو يعود للخلف بنظرة استنكار متشبث لآخر مرة بأن الموضوع قد يكون مزحة فيستحيل أن تقوم حبيبته بطعنه هكذااااا وجرحه بنصل مسموم دون رحمة ، هذه ميرنا يا جماعة يعني بلسم روحه لا يمكن أن تقتله بهذه الطريقة

ميرنا(ببكاء):-سأشرح لك يا وائل أقسم أنني سأفعل .. اسمعني

حكيم(حرك رأسه بملل ولمح نور قريبة):- طيب يا عمري سأدعكِ تخبرينه على مهل ريثما أتصور مع الخطيبين ههه ضروري أن أتعرف بصهري المستقبلي … هييه نوور …

إياد(سحب كوثر خلفه):- تعالي يا كوثر

كوثر(بحزن على صديقتها):- ميرنا …

ميرنا(شهقت وهي تهز رأسها بدموع):- لا عليكِ …

وائل(مسح على فكه بجمود ونظر إليها):- أصحيح ما يحدث ؟

ميرنا(ابتلعت ريقها وهزت رأسها إيجابا):- صحيح ..

وائل(مص شفتيه وهو يتقبل طعنتها بغبن):- طيب …

أمسكها بقوة من يدها حتى ابيضت مفاصله وحفر على ذراعها آثارا إن امَّحت ستبقى خالدة في قلبها الجريح ، جرها خلفه مسرعا نحو الداخل لم يهمه أحد ولا أي أحد اصطدم بعامل يحمل صينية كؤوس أصبحت شتاتا على الأرض ولم يعتذر بل ظل يجذبها خلفه بعنف متجه صوب أي مكان خال يجمعه بهااااا يريحه من هذا الصراع الذي حكمت عليه به في مقصلة المعدمين ،،، صعد بها درجات السلم وهي تبكي خلفه وتترجاه أن يتوقف لم يكن ليتوقف فلم يكن يسمعها بالمرة كان معميا على قلبه مغشيا على مسمعه ميرنا تتزوج بغيره مجرد التفكير في هذا يطعنه ، لم يوقفه سوى الممر العلوي وتوقفه فجأة جعلها تصطدم به وتتراجع لتلقط أنفاسها قبل أن يكمل المسير لآخر الرواق ويصعد بها لسطح قصر ميرا ، هناك دفعها على الحائط واقترب منها وعيناه تبرقان بغدر جريح لم يكن ليتحمله …….

وائل:- الآن أريد … جواابا صريحا مختصرا لما تفضل ابن عمك وأسمعني إياه

ميرنا(ببكاء متواصل):- أرجوك وائل … اهدأ لكل شيء تفسير

وائل:- لا تبكي لا تبكي لأنني لن أعطف عليكِ إطلاقا يا ميرنا ، لقد قتلتني أتستوعبين ماذا فعلتِ ما الذي يحدث ؟؟ فيما أذنبت حتى أستحق منكِ هذااااا الجرح ؟؟؟

ميرنا(حاولت الاقتراب منه):- وااائل

وائل(أشار لها كي تقف محلها):- توقفي … لا تقتربي مني وتكلمي أنا أسمعكِ قبل أن ينفذ صبري تكلميييييييييييييييييي

ميرنا(أغمضت عينيها من صرخته تلك وارتجفت محلها حتى التصقت بالحائط مجددا):- وائل أنا .. يعني منذ ما يقارب أسبوع تم اختطافي و

وائل(فغر فاهه بعدم تصديق):- تم ماذااااااااااا ؟؟؟ اختطااااااافك ؟؟ وأين كنت أنا من هذا ؟

ميرنا:- أنت تتعبني بطريقتكِ المتهكمة اسمعني بداية فأنا مثلك مطعونة وأحاول أن أتعامل مع هذه المصيبة بأقل الطرق سلاسة …

وائل(ضحك بمرارة):-ههههه سلاسة تتعاملين مع زواجك من غيرييييييييييييييييييي بسلاسة حلو حلو تابعي تابعي يا ميرنا …

ميرنا(تقبلت تجريحه لها بغبن):- لقد هددني الفهد البري إن لم أتزوج بحكيم سيقوم بأذيتكم جميعاااا وأنا لم أجد بدا سوى الرضوخ لطلبه ، فكرت في الرفض لكنني خفت عليك وعليهم من شره زيادة على ذلك أردت أن أكون قريبة من وكره وبواسطة حكيم سأتمكن من ..

وائل:- مهلا مهلا … هل الفهد البري هو مخطط هذا الزواج ؟

ميرنا:- زواج صوري يا وائل صوري فقط لن يحدث شيء أقسم لك ، يعني مؤقت يا حبيبي وبعدها سأكون ملكك فور انتهائنا من هذه المشاكل سنكون مع بعضنا مثلما خططنا أنا وأنت

وائل(بعدم فهم):- ما الذي تقولينه ؟؟ هل جننتم ثم من يكون هذا الفهد حتى ترضخي لأوامره ثم من أساسه لما لم تخبريني باختطافك يا ميرنا ألهذه الدرجة ترينني عديم النفع ؟

ميرنا(ركضت إليه وتمسكت به):- لا تقل هذا أرجوك يا وائل أنت تعرف من تكون بالنسبة لي

وائل(نظر لعمق عينيها وبجرح):- أنا لا أعرف شيئا ميرنا .. لم أعد أعرف أي شيء خذي هذاااا كنت أجهز لطلب يدكِ الليلة لكن اتضح أن هناك من سبقني ….

ميرنا(أمسكت بالعلبة وهي تنظر إليه بذهول):- واااائل ..

وائل(فتح سترته ووضع يده على جنبيه موليا ظهره):- لقد كسرتني يا ميرناااا .. جرح تستركِ على أمور حياتك أكبر من جرح هذا الزواج الصوري الذي لم يلج عقلي من أصله

ميرنا:- إلى أين أنت ذاهب ؟؟؟

وائل:- ابقي حيث أنتِ يفضل أن تدعيني الليلة وشأني …

ميرنا(ركضت وتمسكت به):- وااائل اسمعني

وائل(تملص منها بعنف وهدر فيها مشيرا بيده):- كالعادة يا ميرنا كالعادة تخططين وتقررين لحياتكِ بنفسك بعيدا عني ، وحين تفرغين وتتخذين ما يناسبكِ تأتين لإخباري ، لقد مللت مللت وتعبت من كل شيء دعيني وشأني …. فقط دعيييييييييييييني

صرخ فيها بعنف وذهب ، لم تقوى على اللحاق به فرجليها قد خذلتاها وانحنت أرض وهي تلتقط أنفاسها المختنقة بعد ما عايشته رفقة نبضها الكسير …. لم يكن يرى الدنيا أمامه بات كل شيء سواد في سواد حتى صعود ميرا ومرورها بجانبه لم يلحظه كانت مسرعة هي الأخرى لتلج غرفتها وتتناول حبة الدواء

هنادي:- خذي يا سيدتي جهزتها لكِ

ميرا(تناولتها بخفة):- اففف بطني آلمتني قليلا وخفت أن أتأخر عليه

هنادي:- متى ستخبرينه بالطفل ؟

ميرا(ببسمة ابتلعت الحبة):- في آخر السهرة حين نكون لوحدنا

هنادي:- يا عيني طيب دعيني آخذ هذه وارتاحي قليلا وبعدها عودي للحفلة

ميرا(بحماس أومأت برأسها):- تمام

فور خروج هنادي استدارت لتطالع نفسها في المرآة بإعجاب ، أخذت تلتف يمينا وشمالا معجبة بنفسها لحين ظهر من خلفها وهو يصفق بحماس …

رشيد:- مبارك يا سمري ؟؟

كاد يغمى عليها حين رمقته متقدما نحوها كالغراب الأسود ، أخذ يقترب ويقترب وهي جامدة محلها غير قادرة على القيام بأدنى حركة …

ميرا(برعشة خوف سرت بسائر جسدها):- ر… رشيد ؟؟

رشيد:- أهاااه رشيد بعينه يا سمري … أممم أكيد اشتقتِ لي صح ؟

ميرا(برعب):- م ماذا تريد مني ؟

رشيد(مط شفتيها بزفرة):- لا شيء سوى أن أبارك لكِ حلوتي … أم تراك لم تفتقديني ؟

ميرا:- ابقى حيث أنت لا تقترب مني يا هذاااا

رشيد:- يا هذاااا أصبحت يا هذااا .. اممم أكيد أن السنين جعلتكِ تنسين أن هذا كان السبب في وصولكِ لهذا المجد كله

ميرا:- غير صحيح كل هذا من تعبي وشقائي أنا فقط

رشيد:- قوية قوية لا تزالين جامحة .. مؤكد أن شهاب لم يروضكِ بعد

ميرا:- ماذا تريد مني أجبني فورااااااا ؟؟

رشيد:- والله حسب ما تستطيعين تقديمه لي …أنا جاهز للقبول

ميرا:- اسمعني يا هذا سأطلب لك رجال الأمن أتحسبني لا أعلم بهروبك من السجن

رشيد:- ههه بلغي من يهتم لأنني ثاني يوم سأغادره وتعلمين لماذا ؟

ميرا(بتخوف تراجعت للخلف):- سأصرخ وأجمع عليك مخاليق الله

رشيد:- الموسيقى صادحة وأنا وأنتِ وحدنا هنا .. ألم تشتاقي لي ؟؟؟

ميرا(دفعته عنها):- لا تلمسني يا حقيرررررر…

شهاب(دخل للقصر):- آه هنادي أين هي ميرا ؟

هنادي:- في غرفتها سيدي ترتاح قليلا

شهاب(ابتسم لها):- تمام سأتفقدها إذن …

ميرا:- قلت لك ابتعد عني ما الذي أعادك لحياتي أيها اللعين

رشيد(كان يقترب بشراسة):- ههه إن لم تشتاقي لي أنتِ أنا اشتقت يا حلوتي .. تعالي هنا أريد أن أحظى بقبلة

ميرا(أمسكت بمزهريتها):- إن اقتربت سأفتح رأسك

رشيد(اندفع إليها ورمى بالمزهرية التي انكسرت أرضا):- أرني كيف يا سمري

هنا سمع شهاب صراخها وركض بأقصى سرعته لغرفتها ووجده يحاول الانقضاض عليها وساعتها لم يحس بنفس إلا وسحبه عنها في لمح البصر وقام بتوجيه لكمات له في مختلف جسمه

شهاب:- أيها السافل الحقييييير كيف تجررررررؤ ؟؟؟

رشيد(نهض وهو يمسح الدم من على وجهه):- شهاب رشوان أخيراااا التقينا وجها لوجه

شهاب:- هل أنتِ بخير يا ميراااا ؟

ميرا(تمسكت به وهي ممسكة على بطنها):- بخير بخير لا تقلق

رشيد:- حسنا لقد تأثرت بمشهد العشق الدرامي هذاااا ، لكن اسمحا لي لا وقت لدي

شهاب:- من يكون هذا الأخرق ؟

ميرا(أغمضت عينيها بغبن):- إنه الشاب عينه الذي أخبرتك عنه قبلا

شهاب:- ألا يفترض أن يكون في السجن

ميرا(رمقت رشيد بكره):- يفترض …

رشيد:- تتت تعريفكِ ناقص يا ميرا عيب عليكِ أن تنكري أحضاني وهمساتي

شهاب(لم يصبر لحظتها وأمسكه من جديد):- أنت تريد موتك الليلة صحيح ؟

رشيد:- افعلها لكن قبلا هل لي أن أوجه لخطيبتك المصون سؤالا حساسا بعض الشيء

شهاب(دفعه بكره):- أخرج من هنا قبل أن تمووووت

رشيد(عدل ثيابه ووقفته ونظر إليها):- ها يا سمري هل يعلم السيد شهاب بالأمير الصغير

ميرا(فزعت من كلامه وشعرت بالخواء في أقدامها حتى جلست أرضا):- هئئئ

رشيد:- هل تعلم يا حبيبها وخطيبها بأمر شادي سمر الراجي … أووو لتسمية أدق شادي شهاب رشوان

وقع الإسم كان مزلزلا لقلبه لم يستوعب جملة منه بل نظر إليها وقد أحنت رأسها أرضا ، وشكلها يوحي أن هذا الخبيث يتحدث بصفة واثقة حرك رأسه يبحث عن أجوبة لتساؤلاته ونظر لرشيد الذي أطلق ضحكات ساخرة من منظرهما باستمتاع ، أخذ يصفق ويضحك دون توقف واستفزازه زاد الطين بلة

رشيد:- صدقا صدقا لم أتصور أن يكون منظركما تراجيديا لهذه الدرجة … عيب عليكِ يا سمر أن تخفي ابن السيد شهاب ذو السنة وبضعة أشهر الغالي شادي ، آه نسيت المفاجأة الأخرى يا عزيزي من يرعى ابنك ههه إنه جدك ضرغام رشوان أجل صدق صدق كلاهما اتفقا على أن يتسلم هو رعاية الطفل في حين تتفرغ هي لحياتها ونجوميتها وفنها أرأيت أما حنونا مثلهااااا هههه …آآآآه أظن بأنني أنهيت ما قدمت لأجله الليلة أتمنى لكما السعادة من أعماق قلبي هاهاهاها .. هههه هاهاهااااااااا

شهاب(رمش بعينه حين صفق رشيد الباب خلفه):- هل هل صحيح ما قاله ، هل هناك طفل هل حملتِ مني تلك الليلة تكلمي يا ميرا بالله عليكِ ..

ميرا(ببكاء):- قبل سنتين تحديدا في الليلة التي عرفتك فيها ، طلبت من هنادي أن تضع لي حبة منع الحمل فوق المنضدة ولكنني نسيت تناولها فقد كان سحرك قويا ولم أقدر على تذكرها لذا وقع الحمل بعدها … حاولت أن أكلمك مرارا وتكرارا فقط لنفتح باب حديث ولكنك كنت ترفض مكالمتي بأي شكل من الأشكال بقيت هنا لأزيد من شهرين وحين بدأت بطني بالانتفاخ سافرت إلى روما وأوقفت كل أعمالي ، وبقيت هناك طيلة فترة حملي وكل يوم يمر علي أفكر فيك وأحاول الوصول إليك لكنك أغلقت كل أبوابك بوجهي لذلك كتمت الأمر .. أنجبت شادي ما أجمله لو تراه كان ناعما هادئا أحببته لدرجة الخوف فما حدث في طفولتي جعلني أرتعب خصوصا وأنني محاطة بكوكبة من الأعداء وبدون زوج ، يعني ظهور طفل يعني موت شهرتي قررت إبقاءه بعيدا عني لكن لم يقنعني ذلك وفي يوم زارني فيه أبوك فجأة وعرض علي الفكرة في البداية لم أتقبلها لكن بالنهاية هو حفيده ولن يؤذيه .. سلمته ابني وبت أراه بين الفترة والفترة أسافر لأجله أجلب له أغراضا كثيرة أقضي معه أوقات عطلتي حتى في لحظاتي العصيبة كنت أتصل بالمربية لتضع السماعة على أذنه وأسمع مناغاته لي بكاءه وهمهمته الطفولية لأستكين وأصمد لأجله … لم يكن هينا علي أن أخفي أمر ابنك عنك لكن كنت في صدد إخبارك بعد زواجنا

شهاب(حرك رأسه باستهزاء من هول ما سمع):- بعد زواجنااااا يا ميرااا … لدي طفل في عمر السنة وأزيد ولا أعلم به حتى الآن في حين أن ألذ أعدائي يقومون برعايته والأدهى أن عشيقكِ السابق يعلم بالأمر

ميرا(نهضت من محلها وهي تترجاه):- أتوسل إليك لا تؤذني في طفلي والله والله كنت أتعذب في بعاده ليل نهار ، لم يكن بودي أن يترعرع بعيدا عني ولكن لولا الظروف اللعينة

شهاب:- لا تتحججي بالظروف يا ميرا لا تتحججي بالظروف …. الآن خطوبتنا اعتبريها قد ألغيت طبعا لست بتلك النذالة حتى أفضح أمركِ تحت أمام الصحافة الأمر مقتصر بيني وبينكِ … وغيره أريد معرفة مكان الطفل تحديدا

ميرا(هزت رأسها بدموع وارتمت بحضنه):- إياك إياك وأن تفكر بهجري يا شهاب ، إنه ابننا أرجووووك لا تفعل هذا بي

شهاب(دفعها عنه بقسوة):- أين الطفل ؟

ميرا(هزت رأسها بدموع):- لن أخبرك عن مكانه مطلقا ما لم تعدل عن جنونك هذااا، سامحني يا شهاب سامحني الأمر كان فوق طاقتي

شهاب:- لا تتحدثي أنا سأعثر على ابني في روماااا وأعيده لي وسأحرمكِ منه ، لن تحلمي برؤية ظفره حتى سأؤلمكِ بشدة يا ميراااا صدقيني ….

صرخت بعد خروجه بصرخة استنجاد لم يوليها اهتمامه فجرحه كان بليغا بليغا بحيث لم يقدر على مواساتها ، فحجم معاناته كانت أكبر أن يعرف أن له ابنا منها وبتلك الطريقة قمة المأساة والبشاعة وما زاد من هول الصدمة معرفة جده المجرم ورعايته لطفله فأي قدر هذاااا … التقى بعمه في طريقه الذي كان يكلم نور والتي لمحت زمهرير شهاب من ملامحه فركضت إلى أختها وعرفت ما عرفت فصدمت هي الأخرى بالخبر ، أما شهاب فقد حكى لفؤاد كل شيء وهذا الأخير من صدمته أخبر وائل برسالة نصية واشتبكت الأمور في بعضها في ليلة واحدة …


~ في الوقت الحالي ~

كانت نائمة على سريرها حين وصلتها رسالة نصية مفادها أن تخرج إليه هو ينتظرها بسيارته على ناصية شارعهم ، ارتعبت حين قرأت الرسالة ونهضت ركضا تطل عليه من نافذتها وجدته فعلا بسيارته يدور هناك ، كيف ستخرج الآن لتراه بسرعة أضافت سترتها ونزلت وهي تحمل هاتفها بيدها .. استغلت انهماكهم في تحضير الغذاء وبعضهم في حديث عابر وخرجت متسللة بعد أن جذبت المفتاح من العلاقة وارتدت حذاءا رياضيا خفيفا يساعدها على الخروج دون صوت .. كان هنالك شيء بداخلها يرفرف فرحا بقدومه برؤيته بشم عطره وتأمل نظرته فحتى ابتسامته لن تراها مطلقا .. اشتاقت له لن تنكر فبعد ليلة الخطوبة اختفى مع ابن عمه في روما بحثا عن طفل ميرا ولم يكلمها سوى مرتين والآن ستراه من بعد مواجهتهما تلك الليلة بسرعة ركبت بجانبه وانطلق بها دون كلام صوب مكانهما المعتاد أجل أصبح مكانهما ولم يعد مقتصرا عليها هي فقط .. لقد شاركها فيه ولا يسعها إنكار ذلك حاولت جلب حديث معه لكنه كان صامتا جامدا ملامحه متغيرة متألمة إن صح التعبير ، بلحية نامية أكثر مما يلزم عيناه تحيط بهما هالة سوداء يظهر أنه لم ينم منذ فترة ، حمراوتين مخيفتين تقدحان شررا مثل أنفاسه التي كانت متحشرجة أحيانا وأحيانا صلبة ..نطقت هي هذه المرة وسألته عن جرح يده المضمدة وأجابها بإجابة جافة أنه جرحها عن غير قصد ، طبعا لم تقتنع فهي تعلم تماما كيف جرحها وعلى ذلك آثرت الصمت وهو ذاك ما كان يبتغيه و لم يتحدث إلا حين وصولهما بجانب البحر وأمره لها بالنزول واللحاق به … مثلما طلب فعلت وها هي ذي تقف خلفه وعيناها تبرقان بقلق لا تدري ما هو فاعل ، لا تدري كيف تعالج الأمور فلقد فلت كل شيء منها ،، إنه يقف منذ دقائق متأملا البحر في حديث صامت وهي على وقفتها خلفه تخط الأرض برجليها وتنتظر فرج السمااااء …

وائل:- هل قاربكِ ؟

ميرنا(انتفضت برفض):- لا أبداااا أخبرتك أنه لن يكون هنالك شيء كهذا

وائل(هز رأسه):- صحيح أخبرتني

ميرنا(مصت شفتيها وتقدمت خطوة إليه):- هل أنت بخير ؟

وائل(باستهزاء):- وهل يسأل الجريح ما إذا كان بخير ؟

ميرنا(تأوهت عميقا):- آسفة يا وائل

وائل:- وهل سيعيد الأسف شيئا مما انكسر

ميرنا:- لا تتحدث هكذاااا ..أنت تؤلمني

وائل(استدار إليها):- وأنتِ ماذا فعلتِ ؟؟ فقط زينتِ قلبي بمئة ألف طعنة وطعنة

ميرنا(تألمت عليه وبغلالة دمع):- لقد …

لم تكمل جملتها فقد كان يعتصرها في حضنه بضمة مهلكة ترجمت كل شيء ، حرمان قلبيهما من بعضهما معاناتهما بعادهما الفقد الذي زاد من عذاب الشوق لبعضهما بعضا ، لم يشعر بنفسه وهو يجذبها إلى حضنه كان بحاجتها بحاجة لأن يدمغ نفسه فيها ، بحاجة لأن يقتنع أنها لا تزال ملكه بكل ما فيها حتى وإن نالوها بطريقة ما لا تزال جسدا وروحا ملك وائل رشوان وهذا ما أيقنه في صميمه فقد كانت تبكي في حضنه متمسكة به كمن وجدت فقيدها بعد سنين مضنية من البحث …. مسح على شعرها بحنان وهو يهمس في أذنها بأنه هنا ..

وائل(اعتصرها بقوة وبحرارة الشوق):- الأمر مؤلم يا ميرنا مؤلم . وجودكِ مع غيري يعذبني يجعل عقلي يسبح في أفكار بشعة تقاربني من الجنون خطوات عديدة

ميرنا:- اهئ … أنا أعشقك أنت ولا أحد سيسرقني منك أعدك يا وائل

وائل(همس في أذنها بشغف وكل ما فيه يرجو تغير الظروف):- لن يحرموني منكِ حبيبتي ستعودين لي ، سأحرص على تسريع الأمر والقصاص منهم جميعااااا

ميرنا(رفعت رأسها إليه):- ماذا ستفعل ؟

وائل(مط شفتيه ومد لها الهاتف باتصال):- اسمعي هذا …

ميرنا(وضعته بإذنها):- ألو نعم

رمزي:- يا مرمر فعلتيها يا مجنونة وتزوجتِ لكنكِ أمنتِ نفسكِ جيدا ، لقد اكتشفنا هوية الجاسوس الذي يوصل لنا أخبار الشحنات ولجنا منه اتصال أخير مفاده أن الفهد ينوي الاعتزال وهذه فرصتنا للنصر عليه

ميرنا:- ما الذي تقوله كيف يعني ينوي الاعتزال ؟

رمزي:- مثلما سمعتِ ، فور وصول الخبر كلمت وائل على الفور لم تسأليني عمن يكون احزري ؟

ميرنا(برمشة عين):- من يكون ؟

رمزي(ابتسم بعمق):- أماني … الطفلة التي تبنتها كهرمانة منذ صغرها هي عينها جاسوسنا التي ستقدم لنا الفهد البري على طبق من ذهب

ميرنا(اهتزت حدقاتها فرحا):- أيعني أننا قاربنا من الانتصااااار … يعني سأصبح حرة ؟؟

رمزي:- طبعا لحظي التعيس ستصبحين كذلك آخخخ يلا الله يبارك

ميرنا(لم تحس بنفسها إلا وقد ارتمت بحضنه من جديد):- واااااااائل …

وائل:- يا مجنونة دعيني أقفل الخط أولا هههه ميرناااا …

لم تصدق نفسها فقريبا قريبا ستفرج وسيقبض على الفهد البري وسينتهي كابوس زواجها وتصبح حرة ، هذا ما تريده ارتمت في أحضان حبيبها نبض قلبها توأم روحها الذي أخيرا وجد راحته معها كم استفقدها وكم استفقدته … بعد برهة أعادها لبيتها طبعا لكي لا يستشعر أحد غيابها لأنه يجب عليها أن تلتزم بالخطة المرسومة لها ولكي لا يخرب شيئا أوقف سيارته بعيدا ونزلت هي بعد أن جلبت بعض الأغراض بحجة الخروج … فور انعطافها من زقاقهم استوقفها صوت نسائي جعلها تجفل شرودا فهي قد سمعته قبلا .. لكن ما أثار دهشتها هو نزول حكيم مقابلها من سيارته ونظرته المصدومة في ما يحدث والتي صاحبت صرخته باسمها

ميرنا(استدارت ببطء شديد لترى صاحبة الصوت الأنثوي الواقفة خلفها موجهة مسدسها إلى رأس ميرنا مباشرة):- هئئئ ..

شاهيناز:- فرصة سعيدة يا ضرتي الغالية .. أنا شاهيناز عرفتني صح ؟؟؟؟

ميرنا(سقطت منها كل الأغراض وتصلبت محلها):- شا..شاهيناز ؟؟؟

شاهيناز(بجنون حركت الزناد):- أجل هي يا حلوتي خسارة لم نتقابل كثيرا ، لكن لا بأس سنلتقي في الجحييييييييم …..

حكيم(ركض تجاههم):- توقفي يا شاهينااااااااااااز لالالالالالالا

شاهيناز(ضربت رصاصة في الجو أوقفته عن الحراك وجعلت العصافير تطير من أعشاشها):- إن تقدمت خطوة سأفرغه برأسهااااا كاملا

ميرنا(اهتزت بوهن):- يا إلهي …..

شاهيناز(بحالة هستيرية وجهته إليها من جديد):- ههه موتي يا لعييييييييييينة …..



يتبع…




الكونتيسة نسرينا غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 26-09-16, 09:34 PM   #422

الكونتيسة نسرينا
 
الصورة الرمزية الكونتيسة نسرينا

? العضوٌ??? » 310858
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 623
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » الكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل 20

"
لو كانَ الموتُ رجُلا لما قتلتُه مرَّة بل ملايِين المرَّات ، كي يعرفَ أنهُ ظالمٌ حينَ يسرقُ منا الأحبَّة قبلَ حتى تودعيهم .."
[ميرنا] يا ذاتَ النظراتِ والطباع الخاصًّة ، يا عُنوانَ الموتِ الحصري لقلبي ، مَجبول أنا على تعاطِي أنفاسكِ كمُورفين يُحيي فيني خلايَا الوعي ، مُدركٌ أن نبضاتي أغلبُها تُحتضَر في جيدِ هواكِ لكن ما الحلُّ حين تسبقُني الأحداثُ بمئة ألفِ خُطوة وتحرمُني منكِ الأقداااااار ….
كلاهما تفوَّه بمثل هذا الاعتراف بخلده ، أي نعم سنتساءل ما الصدفة التي جمعت بينهما في عشق امرأة واحدة جعلتهما يصدحان بوجودها الأزلي في قلبيهما … لكنها تبقى أمورا وُضعت حسب خطة محكمة رُسمت قبل الأزل ولا يمكن التملص منها أو تغييرها حتى .. كانا ينظران تجاهها كلُّ لوحده في جانب بعيد عن الثاني لكن مشترك في شيء واحد ملكة القلب ، الخطر محدق من حولها وعلى شفة حفرة سيسقط قلب كل واحد منهما وهو يرى حياته المتمثلة فيها مهددة بالخطر .. تسمرا كل في محله واحد خلفها يكاد قلبه ينتفض لحمايتها ، والثاني أمامها مشدوها في الصورة التي لم يتخيلها في عقله يوما ، وقد كان تحديدا متواريا عن الأنظار خلف شاهيناز التي لم تره فقد كان تركيزها شاملا في ميرنا وحدهااااا ، في المرأة التي سلبت منها رجلها الذي ستحرق لأجله الدنيا وما فيها .. حتى محبوبته عصفورته سارقة قلبه سوف تنال من حقدها ما لم تنله امرأة قبلها …
شاهيناز(بلؤم في سرها):- هذه هي إذن حبيبك التي كنت تعذبني لأجلها طوال معرفتنا ببعض ، هذه التي كنت تهرب من أجلها وتنفر مني إنها جميلة وجذابة وتليق بك يا أسدي لكن عليها أن تموووووووت فلا واحدة تسرق مني حبيبي لا واحدة …
كانت ترتعش نعم .. ففوهة المسدس كانت موجهة لرأسها تماما على بعد خطوتين مهما تحركت كانت لتصيبها الرصاصة دون شك ، وحتى لو كانت شاهيناز غير دارية بفنون التصويب مستحيل كانت ستخطئ هدفهاااا وهذا ما جعل القلوب ترتجف وجلا تلك اللحظة …
ميرنا(تنفست بعمق وعيناها تحدقان في عمق عيون شاهيناز الدامعة):- ما الذي تفعلينه يا أنتِ ؟؟؟
شاهيناز(عقدت حاجبيها بدهشة ثم أطلقت ضحكة مجلجلة):- هل ستدّعين الشجاعة الآن أم تراكِ تظنين أن حكيم سينقذكِ من مرماي ؟؟ … لا تكوني واثقة لتلك الدرجة فلو تحرك صوبكِ قدما واحدة سأقتلكِ وأحرم عيني من التطلع إلى المرأة التي سلبت رجلي عقله .. المرأة التي كان يعشق شعري لأنه يذكره بشعرها ، المرأة التي كانت أحضانه لي تتوق إليهااااا … المرأة التي كانت أنفااااااسه تلفح روحها هي لا أناااااااااااا
ميرنا(أغلقت عينيها من صرخة شاهيناز الأخيرة وكل ما فيها يؤلمها بشدة ، فلم تستوعب كل حرف مما نطقت به لأنه خامد بدواخلها وترغب في نفيه):- كفى !!... أجننتِ ؟؟
شاهيناز(ضحكت باستهزاء):- جننت ؟؟ والله ليس بعد فأنا هنا الآن لأضع الأمور في نصابها، ولن أسمح لكِ بسرقة حبيبي مني إنه لي أنااااا وحدي ، حتى لو تزوجكِ فيظهر لي جليا أنكِ لن ترضيه مثلما كنت أفعل أناااا
حكيم(هنا لم يستطع التحكم في نفسه من وقاحة حديثها لذا تقدم إليها في خطوة حريصة قلقا من جنونها):- اخرسي يا شاهي ما الذي تتفوهين به ؟؟
شاهيناز(واسم شاهي قد أعادها لما افتقدته):- أهُنتُ عليك بهذه البساطة يا حكيم ؟ كيف استطعت التزوج بامرأة لم تحلم بك إطلاقا امرأة تكاد تأكل فتات الأرض لكي تكون مع شخص غيرك ؟؟ هل جربت الآن إحساسي هل تجرعت ما مدى فظاعة أن تكون غير مرغوب من قبل الشخص الذي لطالما حلمت به ؟؟؟
حكيم(شرد في حديثها الذي كان يصب في صميم حالته ومع ذلك انتفض رفضا):- ليس من حقكِ أن تخلطي بيني وبينكِ أسمعتني ؟؟ ثم أنا قد أخرجتكِ من حياتي قبل عودة ميرنا فأنزلي مسدسكِ وبدون تهووور .. سأكلم طلال ليصطحبكِ للشقة ماشي ؟؟
شاهيناز(ضحكت بدموع وهي تتلاعب بمسدسها بإصبعها):- طلال … امم فكرة سيئة لو كنت عرضت علي نفسك وخدماتك ربما كنت لأفكر ، لكنك لن تخذل عصفورتك الصغيرة التي كنت تترك مخدعي في عز لحظاتنا الحميمية كي تنعزل في خلوتك وتكتب لها في دفترك اليتيم عن أشواقك وأحلامك العقيمة …..
حكيم(هنا طفح الكيل حين لمح دهشة ميرنا التي تحولت لاحمرار حطم قلبه):- قلت اخرسي يكفي هل أصابكِ الجنون أم ماذاااا ؟؟ أعطني ذلك المسدس ستؤذين نفسكِ ومن حولك ..
شاهيناز(صوبته تجاه ميرنا من جديد وهي عازمة على تحقيق مبتغاها):- لن أبتعد قبل أن أسرق روحهاااا يا حكييييم
حكيم(وجد أن العنف واستثارة غضبها سيزيد الأمور سوءا لذا؟؟):- طيب طيب اهدئي ما الذي ترغبين به يا شاهي مقابل عدولكِ عن هذا الأمر المهول ؟
شاهيناز(اهتز وجدانها حسرة وغبنا وبغمغمة دمع):- أستتنازل لأجلها يا حكيم ؟؟؟ أستؤذيني لأجلهااا وهي التي لم تهبك سوى الآلام والأحزان طوال حياتك … بينما أنا أنا التي ضحيت بكل شيء لأجلك والتي كنت أنتظر اليوم الذي ستتزوجني فيه وتحبني فيه وتنجب مني طفلا من أطفالك .. أنا التي أخلصت لك واخترتك دونا عن كل الرجال الذين مروا بحياتي حتى طلال قد هربت منه في ليلة عرسناااا ، ألا يعني لك هذا شيئااااا ؟ ألا تشعر بأن تضحيتي بكل هذا تستحق بعض الكرامة واليُمن ؟
حكيم(مسح على جبينه وهو ينظر إليها تارة وإلى ميرنا التي كانت تجمع قبضة يدها المهتزة بنظرة مصوبة للفراغ):- شاهيناز أوقفي هذه المهزلة وإلا عرضتِ نفسكِ للمشاكل قد تأتي الشرطة في أي لحظة وتزجين بالسجن أهذااااا ما تريدينه ؟ …
شاهيناز(أغمضت عينيها على دموعها التي انهمرت من وجنتيها ومسحتهما بكُم قميصها وعادت لتتسلم زمام الأمور):- لا وقت للعاطفة يا حكيم .. لم آتي لكي أسترعي انتباهك لدي ثأر وستخلصه زوجتك لذا ابتعد عن طريقي فلا شيء سيجعلني أعدل عن قراري اليوم
حكيم(أغمض عينيه بنفاذ صبر وتحرك ليقف قبل ميرنا ويحميها):- إذن صوبي في صدري أنا أولا ، لأنني لن أسمح بأن تتعرض صغيرتي لأذى طالما أنا موجود على هذه الحياة
شاهيناز(شعرت بالخزي والضآلة ألهذه الدرجة هي نكرة بنظره ؟):- .. هه
ميرنا(أغمضت عينيها بدموع واقتربت خلفه خطوة):- حكيم لا تستفزها أكثر ، إنها لا تمزح
حكيم(عاد خطوة إليها والتفت جنبا وناظرها بطرف عين وهو يتأكد من أنها في الحفظ):- لا تبتعدي عني خطوة يا ميرنا ، لن أسمح لشيء بأن يؤذيكِ
ميرنا(نظرت حولها وقد كان يغطيها فعلا بضخامته):- مؤسف أن لا أحد مرّ من هنا .. تتت
حكيم(حرك كتفيه بغبن وقلة حيلة):- حظووووظ !
شاهيناز(تضخم صدرها وهي ترمقهما في حالة انسجام تامة وهذا ما زاد من حنقها):- عال والله ستلعب دور البطولة الآن يا حكيم ، لكن لن أسمح لك ابتعد عنها وإلا ستندم
حكيم(بحدة):- أخفضي ذلك المسدس وبدون جنون يا شاهيناز ، لنذهب للقصر ونتحدث على مهل مؤكد سنصل لحل وسط
شاهيناز(بتلاعب):- تمام إذن طلقها وتزوجني .. بهذا سأضمن لك حياتها
اهتز جذعه كاملا وهذا ما أربك ميرنا فقد لاحظت تشنجه لكن لماذا فزواجهما صوري أيعقل أنه يعتبره حقيقيا لدرجة أن جملة شاهيناز أغاضته بتلك الطريقة ؟؟
حكيم(تعب من المماطلة):- طيب سأنفذ ما ترغبين به لكن ابتعدي .. فوراااااااا
شاهيناز(أنزلت مسدسها برفق وناظرته بابتسامة خبيثة):- هل معقول أنك ستقبل بزواجي الذي يعد بالنسبة لك كمهمة انتحارية … لأجلها ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
حكيم(بتعب):- يكفي تلاعبا هنااااا ، أنا مستعد لتنفيذ طلباتك فقط ضعي المسدس جانبا
شاهيناز(بتأوه عميق وضعت يدها على جبينها):- مؤسف مؤسف حقاااا
حكيم(استغل شرودها وهمس لميرنا):- أعطني مسدسي إنه تحت سترتي مباشرة ، هيا ميرنا
ميرنا(ذهلت ولم تعرف ما تقدم عليه وبارتعاش رفعت سترته من الخلف ، شعرت بالحرج قليلا لكن لا وقت لذلك أمسكته بيدها وكم كان ثقيل الظل إذ أن روحها أبت لمسه):- خذه
أمسكه حكيم ببطء خلف ظهره وظل ينتظر الفرصة المناسبة ، فجنون شاهيناز لا يوثق به وسيكون أغبى غبي إن سمح لها أن تستغفله وتتلاعب بعقله …
حكيم:- بما تفكرين هل ندمتِ على لجوئكِ لهذا الحل الذي تعلمين علم اليقين أنني لن أغفره لكِ مطلقا ؟
شاهيناز(ضحكت وهي ترمي بيديها على جنبها بتعب):- معك حق في أن تحبها ، هي ابنة عمك ذات نسب وحسب شريفة عفيفة لكن أنا مقارنة معها .. لست سوى لقيطة … لقيطة تعثرت بطريقك كي تنتشلها من براثن الخبث ، لا أعرف أهلي ولم أكسب عائلة في حياتي سوى سريري الذي كنت أرمي عليه جثتي كل ليلة بعد عودتي من الملهى الليلي منهمكة من الرقص ومن لمساتِ الخنازير … هه معك حق يا حكيم في أن تختارها هي دونا عني لأنني لست سوى عشيقة فراش انتهت مدة صلاحيتها واكتفيت من وجودها في حياتك لذا أسهل طريقة للتخلص منها هي إيداعها عند الرجل الوحيد الذي لم تشعر معه بربع ما شعرت به وهي بين يديك قتيلة ..
حكيم(رغم تعمقه في كلماتها لم يكن سيركز على ذلك):- شاهي شاهي ، لا تدفعيني إلى التصرف بطريقة لا تحبذينها ولا أحبذها بدوري … ألقي بمسدسكِ إلي أنتِ لم تحمليه في حياتكِ حتى عندما قررتِ رفع راية الرفض ضد الذل والمهانة
شاهيناز(غاصت في ذكرياتها المريرة):- ههه .. مؤسف أن تستذكر مثل تلك الأيام في موقف كهذاااا يا بطلي
حكيم(زفر عميقا وفتح عينيه على وسعهما حين رأى شيئا لم يخطر ع باله):- وها قد اكتملتِ الروعة ..
لاحظت ارتجاف عضلاته وتضخم أنفاسه الهادرة وذلك ليس من توجسه من شاهيناز ، فهذا قد استنفر سابقا لأجله ، لكن هنالك ما جعله يتنفس بعمق ويقترب منها خطوة ليحاصرها بيده خلف ظهره مباشرة ، وكأنه لا يخفيها من خطر شاهيناز بل من عيون شخص يمقته ويهابه أكثر من أي شيء على وجه البسيطة ..تجرأت على رفع رأسها فقد غلبها الفضول وحالة حكيم كانت تتطلب منها هذا الفعل الذي ما إن قامت به حتى خفق قلبها مئة خفقة وخفقة في الثانية ، فأبدا أبدا لم تتوقع أن يبلغ بذلك المجنون التهور حتى يعرض حياته لخطر بتلك الطريقة
شاهيناز(حركت رقبتها في حركة جنونية ونظرت إليه لعمق عينيه وهي تستعطفه للمرة الأخيرة):- مضطرة لأن أكسر قلبك حكيم مثلما كسرت قلبي آلاف المرات ، سامحني
رمش حكيم بعينه محاولا قراءة جنون شاهيناز ، لكن حركة الشخص الذي كان في الخلف جعلته يبتلع ريقه ويهز رأسه مساندة له .. لأول مرة سيضع يده في يد غريمه كي يحمي عصفورته الصغيرة من يصدق ؟؟؟
حكيم:- مهلا …. شاهيناز أنتِ لا تريدين القيام بهذا فمن الذي تلاعب بعقلكِ وأدخل هذا الجنون فيه من من من ؟؟؟؟
شاهيناز(انتفضت من صرخته وكل ما فيها يقشعر لمجرد مثوله أمامها):- لقد طفح الكيل ، لم أعد أهابك حتى لو أطلقت الأسد الذي يكمن في صدرك لن أشعر بالخوف .. يكفي يكفيني منك أذية بسبب تلك البغيضة
ميرنا(حركت حاجبيها ذهولا):- مدهش
حكيم(سمعها جيدا وركز نظره في شاهيناز هذه المرة):- سأقترب وآخذ المسدس من يدك وأنتِ لن تقدمي على أي حركة واحدة .. مفهوووووووووم ؟
شاهيناز(هذه فرصتي لكي أحميك حبيبي وأفتك بها وحدهااااا):- اهئ اهئ أنا لم أكن أريد شيئا سوى أن تحبني اهئ ..….
حكيم(رمق دموعها وحسب أنها قد عدلت عن جنونها):- تمام خطوة خطوة شاهي … خطوة خطوة عزيزتي اتفقنا
شاهيناز(أوهمته أنها تتعاطف مع كلماته وكانت تخفض مسدسها شيئا فشيئا):- اهئ أعشقك حكيم يا رجلي الوحيد …. لكن
هنا تسمر محله في مسافة فاصلة بينها وبين ميرنا التي بقيت خلفه ، لحظتها شعر بأن جبلا جليديا قد صدمه ، لأنه لمح مكر شاهيناز جليا أمام ناظريه حين استغلت الفرصة ورفعت مسدسها للمرة الأخيرة في وجه صغيرته ،، فما كان أمام هذا إلا أن يتدخل ليحد من الضرر الذي سيطال الكل …
وائل(بصوت جهوري):- توقفيييييييييييييييي
شاهيناز(انفعلت ونظرت خلفها للشخص المتكلم):- هئئئئئئئئ …
رمى حكيم بمسدسه لحظتها بمرونة خفيفة إلى ميرنا التي أمسكته وهي ترتعد خوفا وقلقا ، وانقض على شاهيناز كي يسلبها سلاحها ، وهذه الأخيرة صرخت فيه برفض تحاول التمسك بآخر شيء سيعيده إليها ، لذا قاومت لأجل خلاصها ولن تسمح له بتضييع حلمها في التخلص من عدوتها اللذوذ .. أخذ يقاومها بشدة حتى أحكم قبضته عليها وأمسك بالمسدس في يده وهنا لم تستطع شاهيناز التحمل أخذت تصرخ وتصرخ ومن كثرة القهر والعصبية والجنون اللحظي دفعت بجسدها إلى يده كاملة لتأخذه منه واشتدت المقاومة التي لم يظهر فيهما من المتحكم فيها .. لحظتها ركض وائل تجاه ميرنا والخوف يترجم ملامحه أمسك بوجهها بين يديه يحاول أن يطمئنها وهنا انفجرت هي بكاء جعله يلتفت إليها تلك اللحظة ويناظر وائل وهو يداعب خدها ويهدهدها بحنان وهي تستجيب له بشكل موجع لم يره قبلا … استغلت شاهيناز هذا التوقيت وابتسمت بخبث قبل أن تسلبه من المسدس في غفلة وتصوبه تجاهها مجددا ولكن قبل أن تطلق سبقتها رصاصة ضربت في جنبها العلوي أسقطتها أرضا مرتعشة غير مصدقة لهول ما حدث … لحظة ساكنة تسمر فيها الجميع مشدوهين فيما حدث كيف وقع ذلك ومن أطلق ؟؟ التفتوا جميعا صوب ميرنا التي كانت تنظر ليدها المصوبة تجاه شاهيناز والتي أطلقت بها رصاصة الموت إن صح القول … بصراخ رمت بالمسدس أرضا وهي تهز رأسها بجنووون في حين كان وائل يهز رأسه بعدم استيعاب استغرقه عدة ثواني قبل أن يضمها إليه بدون تفكير لعلها تستكين وتتوقف عن النواح ، هنا كان حكيم يمسك بشاهيناز بين ذراعيه أرضا والتي كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة لكنه لن يسمح لها لن يسمح
شاهيناز(ببكاء ابتلعت ريقها):- اهئ .. أشعر بالألم يا حكيم لكنني سعيدة فأن أموت بين يديك شيء لطالما تمنيته ، سامحني لأنني لم أجلب لك سوى التعاسة لكنني أحببتك بل عشقت التراب الذي تمشي عليه .. سامحني حبيبي
حكيم(هزها بجنون):- لالالا لن تمووووتي لن تموووتي سوف تعيشين وستتزوجين من طلال وستنجبين الكثير من الأطفال ، سآتي لزيارتكم أنا وتطبخين لي بنفسك وتشكي لي أيضا تذمركِ من أعباء البيت ومن شخير طلال أجل …
شاهيناز(تخيلت معه ذلك وضحكت وهي تغالب أوجاعها والدم المتدفق منها قد ملأ الأكوان):- لقد تخيلت ذلك لكن معك أنت وليس مع أحد آخر …
حكيم(توجع من كلماتها وهو يمسح على وجهها بحنان):- ماذا فعلتِ بنفسكِ وبي ؟؟ لما كل هذااا يا شاهي ؟؟ لماااااااذاااا ؟؟؟
في تلك الأثناء ركض وائل بميرنا وأدخلها في سيارته بعد أن ربط حزام السلامة لها وتركها ترتعش بكاء ، أغلق بسرعة عليها وعاد ليحمل المسدس بعد أن وضع عليه منديله الخاص وضعه بجيبه ورتب كل شيء بعدها تقدم بخفة إلى حكيم
وائل(بحزن):- علينا أخذهما من هنا هل لديك مكان ؟؟؟؟
حكيم(اهتز من صوته وبكره التفت إليه):- أين هي ميرنا ؟
وائل(بعصبية نافذة):- وهل هذا وقت ميرنا إنها مرعوبة علينا التحرك من هذا المكان بأسرع ما يمكننا ، علينا اصطحاب البنت للمشفى
حكيم(نظر لشاهيناز التي كانت أنفاسها ثقيلة):-يستحيل سوف نعرض ميرنا لخطر الشرطة
وائل:- السلاح معي يعني .. تتت اففف لا أدري لا أدري
حكيم(حمل شاهيناز بين يديه ونظر خلفه):- تدبر أنت أمر ميرنا بينما أضع شاهي بسيارتي
وائل(رمش بعينه وكأن الأستاذ يأمر):- تتت أستغفر الله …
ركض وائل مجددا لسيارته تحديدا لجيبها الخلفي وأخرج قنينة ماء كبيرة وعاد بها ليصبها في تلك البقعة المليئة بالدماء ، بصعوبة استطاع التحكم فيها وبعدها انطلق صوب سيارته دعك الفرامل وانطلق مطلقا غبارا كثيفا استقر في السماء لبرهة ، كأنه بدوره يحجب الواقعة التي حدثت هناك .. لكن أين السبيل ؟؟ ظل حكيم يزمر له ببوق سيارته ويشعل الأضواء الأمامية وهنا لم يتمكن وائل من فرض سلطته وكان عليه اللحاق به فأين سيأخذ ميرنا المرتعبة لحظتها كما أنه يخشى من تعرضها لأي أذى ، لذا كان الحل الأمثل أن يلحق به … ظل يناظرها وهي منهارة بالبكاء وتهذي بكلمات مبهمة وغير مفهومة من شدة الارتباك ، منظرها مفزوع وحالتها لا تسر وعليه أمسك بيدهاااا الباااااردة
ميرنا:- قتلتها قتلتها أنا أنا .. قتلتها ولم أعرف أنني سأطلق شياطينها أنا قتلتها …
وائل(ضغط على يدها بقوة):- ميرنااااا حبيبتي أنتِ معي الآن … لا تخشي شيئا سيكون كل شيء على ما يرام أعدكِ بذلك …
ميرنا(نظرت إليه وهي تهز رأسها من بين دموعها):- لالالا قتلتها ماتت شاهيناز أنا أنا السبب أنا التي قتلتها ههه أنا ….
وائل(مسح على وجهها بيده بينما كان يركز على القيادة بيده الأخرى):- شتتت يكفي يا روحي أنتِ لم تفعلي شيئا ، كانت ستصوب لو لم تطلقي أنتِ.. لقد حميتِنا جميعا
ميرنا(بغمغمة دمع):- اهئئئ أنا قتلتها
وائل(ببغض للموقف الذي وقعت فيه حبيبته):- تت يكفي ميرنا هي لا تزال حية سوف تتعافى صدقيني …. (في سره) آمل ذلك وإلا سوف تتألمين يا شمسي
حكيم(بلهفة وحرص):- شاهيناز لا تفقدي وعيكِ عزيزتي أنا معكِ هنا ،، ابقي محافظة على تركيزكِ مع حكيم ألستِ حبيبكِ هيا يا شاهي لا تغيبي عن الوعي ..
شاهيناز(بنظرة ضبابية تمسك على صدرها وعيونها تغلق وتفتح وقد بدأت سكرات الموت بالتملك منها):- همم … همم حكيييييم …
حكيم(أمسك بهاتفه بسرعة ويده مليئة بالدماء):- ألو … طلال مصيبة يا طلال بأسرع ما يمكنك خذ كل الأطباء الذين نعرفهم إلى قصري القديم وانتظرني هناك
طلال(ابتلع ريقه بخوف وشعر بشيء يؤلمه):- ما الذي حصل ؟
حكيم(بغبن نظر لشاهيناز من مرآته الأمامية وبرفض لما وقع ضرب على مقوده):- إنها شاهيناز ….
كان الاسم وحده كفيلا ليجعله يجلس على الكرسي طائعا لكل شعور انكسار بداخله ، إلا أن يفقدها حتى لو هجرها طوال تلك السنين مرغما من فرط وجعها له ، إلا أنها كانت قريبة منه يراها حين يشتاق يسمعها حين تداهمه الذكريات يطفئ لهيب عشقه من نظرة عينيها كل مرة ، لكن أن يفقدها هذا ما لم يضعه في حسبانه البتة .. من عمق الوجع استنبط قوته لكي يستنفر لإنقاذها جمع كل الأطباء الذين يتعاملون معهم سرا واصطحبهم نحو قصر حكيم ، حكيم الذي لم يكن يحسب حسابا لكل هذاااا ميرنا أكيد هي الآن في حالة صعبة لكن الأحمق البليد الذي لا يعرف من أين ظهر له هو الذي يقلها بسيارته ، في حين مكانها الطبيعي بجانبه هو بدلا عنه مسح على جبينه بنفاذ صبر فلا وقت للغيرة الآن ، هم في موضع خطر وعليهم التحكم فيه لأجل سلامة شاهيناز وكذا إنقاذ ميرنا من ذلك الذنب الذي سيتعبها لا محالة … بعد مدة عويصة من القيادة وصلوا أخيرا للقصر الذي فتحت أبوابه على مصراعيها فولجت سيارة حكيم لحقتها سيارة وائل الذي عقد حاجبيه كرها من موضعه ذاك ، لكن لا وقت للتأفف .. ترجل من سيارته وساعد ميرنا على الخروج والتي كانت ترتعش بشدة وتشعر بالبرد عيونها دامعة وحالتها متعبة جداااا ، في حين صرخ حكيم في رجاله كي يفسحوا له المجال لإدخال شاهيناز التي كانت شبه واعية في أحضانه تنظر إليه بين الفينة والفينة وأغلب الأحيان كانت تفقد رشدها ….
فخرية(صرخت بعنف):- يا ويلي ……
طلال(تقدم برجفة ولكنه تسمر محله وهو يناظر حكيم مسرعا بها إلى غرفة هناك):- حبيبتي شاهيناااااااااااااااااااا ااااااااااااااز
حكيم(سمعه ولم يتوقف بل مص شفتيه وتابع بها لحين وضعها على السرير ونظر لجملة الأطباء الموجودين هناك):- أريدها حية …أريدكم أن تبذلوا قصارى جهدكم وإن فقدتها ستفقدون عملكم جميعا بفضاااااااااااااائح شنيعة لم تخطر على بال أي منكم … هيا بسررررررررررررررررعة …
انتفض الأطبة مفزوعين من صرخته وحالته المرعبة التي لم تكن تبشر بالخير ، لذلك باشروا عملهم في التو واللحظة في حين أمسك هو بطلال ليخرجه رغما من هناك …
حكيم(بقوة):- تعال يا طلال
طلال(يتعارك معه):- أنت لا تفهم علي أن أكون هناك بالداخل ، شاهيناز بحاجتي
حكيم(جذبه بقوة ودفعه على الحائط):- قلت يكفي …… لن تفعل لها شيئا يا طلال الأطبة بالداخل وسننتظر …
طلال(برعشة ناظر الباب الذي أقفل في وجهه):- ماذا حدث ؟
حكيم(تأوه عميقا ونظر جانبيا لميرنا التي كانت تجلس على الكنبة وعلى رأسها يقف وائل وهو يحاول إعطاءها كوب ماء تشربه):- حاولت مهاجمة ميرنا وخرجتِ الأمور عن السيطرة فأصيبت بتلك الرصاصة …
طلال(لحقه مهرولا وقد لمحه متجها صوب ميرنا ووائل):- أ.. يعني كيف ،، أو كنت كنت أمسكها يا حكيم كنت احمها يا حكيم لما تركتها تصاب يا حكيم … ثم من من الذي أطلق الرصاصة ؟
ميرنا(رفعت عينيها المحمرة إليهما والتفتت إلى وائل الذي جلس بقربها):- هئئ
حكيم(نفث بنفاذ صبر وزم شفتيه):- أنا …
ميرنا(فغرت فاهها من جملته تلك ، كيف يعرض نفسه للخطر بتلك الطريقة دون أن يفكر حتى في التفاصيل يعني هل سيحميها حتى لو لم يكن المذنب):- يا إلهي
وائل(مسح على فمه وقد فهم نظرتها الشاخصة لحكيم بل قرأها):- اللهم طولك يا رووووح
طلال(غير مصدق لم يشعر بنفسه وقد أمسك حكيم من ياقة قميصه):- كيف طاوعك قلبك يا حكيم ؟؟ أنت أنت لماذااااااا يا حكيييييييم ألا تدري يا صاحبي أنني أهواها لما لم تحمها لأجلي على الأقل لماذااا ؟
حكيم(لم يحرك ساكنا بل ظل يهتز من قبضة طلال العصبية):- قدر الله وما شاء فعل
طلال(بهذيان لا حدود له):- لالا لن أمرر هذا الأمر على خير صدقني ….
حكيم(بقوة أبعد قبضة طلال):- توقف يا طلال ما تفعله لن يفيد
طلال(دفعه وأشار له):- إن إن فقدتها يا حكيم اعتبر أن صداقتي بك قد انتهت
ميرنا(لم تستطع تحمل الذنب أكثر فركضت ببكاء مبتعدة عنهم جميعا):- اهئئئ
حكيم(لحقها بنظراته المنكسرة ورمق وائل شزرا وهو يتبعها ركضا):- يا الله … طلال طلال بالله عليك اهدأ يا رجل
طلال(بحالة جنونية):- كيف تطلب مني الهدوء وكأن شيئا لم يقع ، تلك المرأة في الداخل تتخبط بين الموت والحياة هي لي كل الحيااااااااااااة … افهمني
حكيم(نظر خلفه لطيف ميرنا ووائل اللذين اختفيا في الممر):- أنا الذي أفهم ماهية ذلك ، صدقني ولكن عليك أن تهدأ لنستطيع التحكم في الأمور …
طلال(جلس بفشل يناظر الفراغ ورمق فخرية قد عادت إليهم لذا نهض إليها):- هل ستموووت ؟ أخبريني أكيد أنتِ تعرفين الجواب يا فخرية ، حبا بالله أعطني جوابا يخمد النار التي في جوفي ….؟؟
فخرية(دمدمت بقلة حيلة):- أمرها عند الله الآن يا طلال .. لا أدري شيئا عن مآلها
طلال(بعصبية أشار إليها):- كاذبة كاذبة …أنتِ تعرفين ولكنكِ تخفين ذلك …
حكيم(نظر لفخرية التي هزت له رأسها يمنة ويسرة وتأوه بعمق حين خرج طلال للحديقة الجانبية):- طلال يا رجل … تت دااااااغر يا داغر
داغر(دخل مهرولا إليه):- نعم سيدي
حكيم:- دعهم يحضرون قهوة لطلال ولا تجعله يغيب عن ناظريك مفهووم
داغر:- أوامرك سيدي
حكيم(استدار إلى فخرية بتعب):- طمنيني ؟؟
فخرية(حركت رأسها بمعنى النهاية):- لقد جنت على نفسها أخبرتك سالفا عن هذا ، لكنك لم تعر كلامي انتباها يا حكيم
حكيم(زم شفتيه ومسح على شعره بغيظ):- اقبعي هنا ولا تتحركي صوب محل ، سأعوووود
فخرية(جلست وهي تتمتم تحت أنفها):- وهذه ما هي إلا بشائر شر سيعم على الكل ….
كان قلبه يتمزق من الداخل فمآل شاهيناز بالرغم من أنها كما قالت فخرية هي من جنت على نفسها ، لكنها لا تستحق ذلك أيا كانت فضائحها لكن كلها كانت بدافع الحب الهستيري الذي تكنه له … أغمض عينيه مرارا وتكرارا وهو يتجاوز ممرات قصره بحثا عن طفلته الضائعة بين أنامل غريب يريد أن يقطعها له … كانت تجلس على السرير تجمع رجليها إلى حضنها بينما رأسها مدفون بين يديها وتهتز بريتم متوالي ينم عن صراع داخلي لا يسعها مقاومته .. بجانبها كان يجلس وائل وهو يداعب شعرها بحنان لعلها تستكين ويغطي كتفيها بسترته كي تهدأ برودتها الغريبة …
وائل:- ميرنا حبيبتي يكفي يكفي عذابا لنفسك
ميرنا(لم تتحرك قيد أنملة بل تحدثت ببكاء):- سأصبح قاتلة يا وائل ألا تستوعب حجم معاناتي ، أنا أنا التي كنت أناضل في سبيل إحقاق الحق وإزهاق الباطل في نهاية المطاف أصبح قاتلة وبسهوووووووووولة ..لا لا لا لا لا لا لالا لالالالالالالالالالالالال الالالا
وائل(أمسكها في حضنه بقوة كي تكف عن ضرب رأسها بيديها):- توقفي يا ميرنا أرجوكِ يا عمري أنتِ تزيدين من عذابي ، بحق الإله أنظري إلى عيناي حبيبتيكِ أنظري وصدقيني أنها ستكون بمأمن
ميرنا(نظرت إليه بين غلالة دمعها وتمسكت بحضنه بأقصى ما تملك):- آه يا واااائل جيد أنك كنت معي وإلا لكدت أجن ..
وائل:- بعد لقائنا هذا الصباح نسيتِ في سيارتي وشاحكِ لذا أردت إعطاءه لكِ ، فحدث ما حدث
ميرنا(مسحت على وجهها ونظرها شاخص في البعيد):- تخيل لو لم تعد ما الذي كان حدث ؟ كنت لتأذيت أنا أو حكيييييم يا إلهي
وائل(واسم حكيم أشعل فيه البراكين الخامدة):- اطمئني يا ستي ما كانت لتؤذيه ، هي أرادتكِ أنتِ لا هو
حكيم(أغمض عينيه لما سمع لهجته الساخرة ودلف إليهما دون إذن أيُّ إذن هذا إنه قصره والدخيل هو وائل إذن ؟؟؟):- نعم … سيد وائل أرى بأن مهمتك قد انتهت ابتعد عن زوجتي وكفى توددا لها مستغلا فرصة الأحداث المستجدة لأنه عيب
وائل(أغمض عينيه وفتحهما بشراسة وهو يستقيم في مواجهة أمامه):- ميرنا بحاجتي ، لا أنت ولا حتى أهلها قادرون على احتواء انهيارها هذا ، لذا لمصلحتها أنت لن تتدخل
حكيم(تحركت حنجرته بثقل واقترب منه خطوة حاسمة):- بهدوء أطلب منك مغادرة قصري وائل رشوان ، أنت غير مرغوب بك هنا
وائل(كتف يديه والتفت ببطء إلى ميرنا):- هذا أمر تحدده ميرنا
حكيم(نظر إليها وقد كانت تائهة مشتتة بينه وبين وائل وهذا ما كان ينقص):- أنا قادر على التعامل مع زوجتي كما يجب ، فأعفي نفسك من هذه الديباجة
وائل(هنا أيقظ فيه الوحش):- أصدقت نفسك أنها زوجتك ،، هه لا تضحكني في ظل هذه الظروف التعيسة ميرنا لم ولن تكون لك مهما فعلت لأنها ملكي وإلي ستعوووود
حكيم(حرك فمه وهو يعد حتى العشرة):- وائل رشوان ، أنا في غنى عن خصام معك الآن فالوضع لا يسمح بإرهاق أعصاب آخر لذا وبكل لطف أطلب منك المغادرة
وائل(هز له حاجبيه باستفزاز):- وأنا أرفض …
حكيم(تحركت عروق صدغه في حركة مريبة استعدادا لضربه لكن التفت إلى ميرنا التي كانت تهز رأسها غبنا ، غير قادرة حتى على مكابدة الصراع بينهما .. لذا انحنى برأسه إلى وائل وهمس له بغضب):- لأجلها سأتوانى عن عنادك هذا لكن صدقني لن أجعلك تصل لمبتغاك ، لا تحلم بها لأنها ستبقى في عصمتي إلى النهاية تأكد من ذلك ..
همَّ وائل بالرد عليه فقد جعل الدماء تفور في عروقه لكن استوقفه ضجيج صاخب قادم من بعيد ، هنا انتفض حكيم بسرعة ورمق ميرنا قد نهضت بفشل لتلحق به ..
حكيم(بلهجة آمرة ركض):- أبقها هنااااااا يا واااائل …
وائل(هرول إليها وقد قاربت على لحاقه وأمسكها من خصرها جاذبا إياها إلى حضنه):- ميرنا ميرنا لم يحدث شيء لم يحدث شيء ، ركزي على صوتي حبيبتي ميرناااااا
ميرنا(كانت تصرخ ببكاء):- مااااااااتت لقد ماااااااااااااااااااااااا اااااااااااااتت اهئ اهئئئئ ….
طلال(يضرب رأسه مع الحائط):- لم تمت لم تمت أخبرووووووووووووني لم تمت ، أنت أنت أيها الطبيب قل لي الحقيقة لم تمت صحيح أجبني بالله عليك أجبنييييييييي
الطبيب(مختنق من قبضة طلال في عنقه):- يا سيدي البقاء لله .. لقد توفيت المرأة
طلال(دفعه وأمسك طبيبا آخر بنفس الطريقة):- ابتعد ما أفهمَك أصلا يا بغل ،، أنت أنت أخبرني هي بخير ستكون بخير تحتاج لنقل دماء أو ماذا أخبرني وأنا سأحضره لك من بطن الحوت …. أخبرني تكلم يا رجل تكلم ولا تخشاااااني
الطبيب الآخر(هز رأسه باعتذار):- مع الأسف لم يعد ينفع ذلك …لقد فقدناااااها
داغر(اقترب ليمسك بطلال):- سيدي
طلال(انتفض مشيرا لهم وهو في حالة جنونية):- شاهيناز لم تمت وأنا أعلم ذلك … فخرية يا فخرررررررررررررررررية شاهيناز حية ترزق هؤلاء يكذبون علي فقط صحيح هااااه ؟
فخرية(بدموع كسيرة):- طلال يا بني توقف ، لقد …
طلال(أمسك بها ودفعها لحضنه وهو مغمض عينيه):- لم تمت لم أفقدها لا تزال حية ترزق فخرية لم أفقد حب حياتي صحيح ،،،، هي هي موجودة
حكيم(ابتلع ريقه حين مر بجوار الغرفة ولمح غطاء السرير الأبيض موضوعا على رأسها ، توقف لحظتها بحزن ورمق طلال مثل الذبيح هناك يتطاير ما بينهم):- طلال …
طلال(بمجرد أن سمع صوته أشهر سلاحه من جيبه وسدده تجاه حكيم):- أخبرتك إن مااااااتت سوف أجعلك تدفع الثمن غالياااااا ،،، أخبرتك يا حكييييييييييييييييييييييي ييييييييييم
حكيم(أشار لرجاله أن يخفضوا أسلحتهم التي أخرجوها دفاعا عنه من طلال):- طلال .. تعازي الحارة
طلال(حرك رأسه وملامح وجهه الشاحبة ترفض تصديق ذلك):- صدقني لن تهنأ بحياتك
ميرنا(ركضت تجاهه لما لمحت المنظر):- حكيييييييييييييييييم
وائل(نظر إليها بنظرة استغراب وقد فلتت من بين يديه وركضت تجاه ابن عمها):- ميرناااا
حكيم(استدار إليها مفزوعا ونظر لوائل نظرة أنني أوصيتك بها):- ابقي حيث أنتِ … لا تقتربي ميرناااااااا
طلال(بحالة فقدان للرشد أشار بسلاحه إليها):- سأجعلك تعيش نفس الألم حين تفقد محبوبتك حكيييييييم ، سأقتلها لأجل شاهيناز
فخرية(جحظت بعينيها وصرخت):- لالالالالالالالالالالالا …..
سلسبيل(صوتها في مسامع فخرية):- فخرية أعيييييييييديني كما وعدتني لقد حميتهاااا بتعويذتي كما وعدتكِ ، فأعيديني هذه هي الفرصة ، جسم شاهيناز لا يزال نابضا حتى لو رحلت روحها فأعيديني واسلمي من شر كل ماااااااااااااااااا يحدث … فخرية فخرررررررررية
فخرية(هزت رأسها بدموع):- لا لن أعيدكِ لن أعيدكِ
سلسبيل(بهسهسة):- طلال سيقتل ميرنا وسيحزن حكيم أتريدين له أن يحزززززززن ؟؟
فخرية(تراجعت للخلف في مقاومة بائسة ضد أختها):- توقفي توقفي فقط
سلسبيل:- يكفي أن تصبي كأس الماء عليها هيا يا فخرية أختي أعيديني لأغفر لكِ خطاااااياكِ ،أعيديني وسأنسى خداعكِ وغدركِ لي … هيا يا أختي
نظرت فخرية للجو المكهرب أمامها ، طلال مصوب سلاحه تجاه ميرنا التي كانت تقف خلف حكيم وقبلها يقف وائل الذي جعلها تتراجع بقوة ، بينما كان حكيم مندهشا من صديق عمره الذي أشهر سلاحه بوجهه لأول مرة في حياته … رجال حكيم أعادوا رفع أسلحتهم فالوضع الآن لم يعد يحمد وصوبوها كلها تجاه طلال ، أما الأطباء تسمروا في ركن واحد شاهدين على ما يجري هناك .. سحبت فخرية نفسا عميقا ونظرت خلفها لجثة شاهيناز وانطلقت صوب غرفتها مهرولة أحضرت ذلك الكأس المليء بالماء الأسود وقد أخفته تحت عباءتها مستغلة العراك المحتدم هناك بينهم .. اقتربت من الجثة ورفعت غطاء رأسها وجدت لون الموت الشاحب طاغيا على ملامحها وقد فارقتِ الحياة لذاااا يا إما أن تضحي لأجل حكيم وتعيد سلسبيل أو يكثر عدد الضحايا ويصبحون فيما لا تحمد عقباه .. فكرت مليا لكن وجدتِ الحل في تنفيذ أوامر سلسبيل التي لو تمادت في شرورها ستقتل فخرية نفسها لتموت أختها وينتهي الصراع ، بعد صرخة حكيم صبت الماء على وجه شاهيناز ودمدمت بكلام غير مفهوم وهي تحرك يديها فوق وجهها بعيون مبيضة ، جرح يدها قد فتح وتساقطت منه بعض الدماء استقرت على وجنة شاهيناز وبشرتها كلها وقبل أن تكمل همهماتها وبعد لحظة استكانة … فتحت عينيها بشكل مفزع واللتين كان كل بؤبؤ فيهما بلون أزرق وأخضر وبعد لحظات قليلة عادتا للونها الطبيعي …
فخرية(ابتعدت بخوف):- شاهيناز ..
شاهيناز(ابتسمت وهي تنهض برأسها لتناظر ما يدور حولها):- فخرية …..
فخرية(صرخت لتنقذ الموقف قبل أن تفلت الأمور):- إنها حية إنها حية ، ياااا حكيم يا طلال إنهااااااا حية شاهيناز حية
طلال(رمى مسدسه وركض إليها ولم يصدق عينيه):- شاهيناز شاهيناز حبي ، أخبرتهم أخبرتهم أنكِ حية لم يصدقوني آآآآآآآآآآه يا لوعة قلبي آه …
شاهيناز(بألم في رأسها وجنبها):- أنا أتألم .. ماذا حدث ؟
حكيم(نظر لفخرية التي تدثرت في نفسها وتوارت عن الأنظار):- فخرية ..
فخرية(رمقته بهلع وانسحبت من الغرفة مهرولة في الممر):- ….لارد
حكيم(ركض وجذبها إليه):- ماذا فعلتِ ؟
فخرية(ابتلعت ريقها بدموع):- لالا لا شيء … دخلت فجأة وجدتها تتحرك
حكيم:- هه مستحيل لقد أفاد الأطبة أنها ميتة ، كيف تعود للحياة بعد لحظااااات من موتها ؟
فخرية(بتلعثم تراجعت للخلف حتى اصطدمت بالجدار):- لا لا أدري أنا لا أدري شيئا
حكيم(ناظرها بريبة وهي تختفي عن المكان وشكلها الغريب يزيده شكا):- داغر تكفل بالأطبة لا أريد لمخلوق أن يذكر ما حدث هنا على الإطلاق …
داغر:- علم
حكيم(نظر لميرنا التي كانت تهتز بحركة مريبة هي الأخرى):- ميرناااا ميرناااااااااا
وائل(انتبه لملامحها الشاحبة واهتزاز جذعها):- يا إلهي …ميرناااااااا ما بالكِ ؟؟؟؟
ميرنا(نظرت إليهما بنظرة مترنحة وكل قد ركض إليها من اتجاه):- .. أ..أمي….
سقطت مغمى عليها على الفور ويا حبيبي ، أمسكها حكيم من جهة ووائل من جهة ودون وعي لذا ناظرا بعضهما بنظرة لا تحتمل الجدال ، أترك أو تمووووووت … لم يكن سيتنازل أي منهما ولم يكن هنالك من سيتدخل في فض النزاع لذاااا
حكيم(زم شفتيه وجذبها إليه أكثر):- دعني آخذها للغرفة المجاورة
وائل(تنفس بعمق وهو يناظر إغماء ميرنا ، نفث شررا من أنفه وأخذ يتمالك نفسه):- هذه المرة سأحترم حالة ميرنا فقط
حكيم(وضعها بخفة بين ذراعيه وسار بها):- جميل أنك تتنازل أحيانا
وائل(رفع يديه لا يدري من أي دولة سيستورد الصبر لأن ما لديه قد نفذ):- صبرا جميلا …
فخرية(فور ولوجها لغرفتها أخذت تدور وهي تولول):- ما الذي فعلتهِ يا فخرية ما الذي فعلتِه يا فخرية ، ويحكِ ويحكِ من امرأة كيف نقضتِ الوعد والعهد …كيف أطلقت وميض الشر من جديد ؟؟ الله أعلم إلى أي مدى سوف يمتد …..يا ويلك يا فخرية أطلقتِ الشر أطلقتِ الشرررررررررررررررررررررر رررررررررر
طلال(يمسح وجه شاهيناز برفق وهي تنظر إلى كل ما حولها بدهشة):- حبيبتي بما تشعرين؟
شاهيناز(صغرت عينيها فيه وابتسمت لما يدور حولها):- أشعر بالجوع … الجوع الشديد وكأنني لم أتناول الطعام لردح من الزمن …
طلال(عقد حاجبيه مندهشا ونظر لضمادة جرحها على جنبها):- أرجح أن جوعكِ من فقدانكِ للكثير من الدماء ، طيب روحي سأجعلهم يحضرون لكِ عدة مأكولات تشبعُ جوعكِ
شاهيناز(تنفست بعمق وهي ترمق الحياة بنظرة مختلفة):- أسرع إذن ..
طلال(كان ليسير لكنه توقف وعاد إليها):- هل أنتِ بخير .. يعني ألا تتذكرين كل ما حدث يعني الحادثة ؟
شاهيناز(رمشت بعينها وهي تهز رأسها نفيا):- تت لا أذكر شيئا ، أ.. كيف أصبت ؟
طلال(بتشكيك في حالتها الذهنية):- سأحكي لكِ بعد الأكل ، ارتاحي أنا عائد لكِ بسرعة
خرج بخفة من هناك وقام بمناداة داغر وجده خارجا مع الرجال
طلال:- داغر .. اسمعني جيدا أريدك أن تسأل لي عن شيء ما
داغر:- أسمعك
طلال(بتفكير في حالة شاهيناز):- اعرف لي ما إذا كانت الإصابة بالرصاصة في جسم الإنسان ، قد تجعله ينسى ما حدث له آنفااا مفهوم
داغر(بعدم فهم لكنه هز له رأسه):- حاضر ..
طلال(ابتسم بشرود):- لنرى يا شاهي إن كان هذا سيخدمني أم لا….

في الغرفة المجاورة
كان وائل يجلس بقربها ينظر إليها بغضب جامح يتحكم فيه بصعوبة ، فلا ذلك مكانها ولا يجب من أساسه أن تعيش كل تلك الأحداث الأليمة ، وهذا ما جعله يحتدم دون تفكير ويصرخ في وجه حكيم الذي كان يأخذ استشارة من الطبيب الخاص ليقوم باللازم
حكيم:- طيب سأكلمك فيما بعد .. إن لم تتحسن سأطلب عودتكم إلى هنا .. سلام
وائل(مرر لسانه بين شفتيه ونهض إليه):- أريد أخذ ميرنا من هنا
حكيم(ضحك هازئا وهو يعيد هاتفه لجيبه):- أفندم ! هل أنت في وعيك أم أصابك الهبل ؟
وائل(لم تهتز منه شعرة من استهزائه بل تقدم نحوه على بعد خطوات بسيطة):- كما سمعت ..هذا المناخ لا يلائمها وكما أرى من بعد أيام بسيطة على زواجكما حدث ما حدث والله أعلم ما الذي يتبقى
حكيم(عض شفتيه وهو ينظر جانبيا مسيطرا على رباطة جأشه):- اسمعني يا وائل رشوان ، ميرنا زوجتي أنا ولن تخطو خطوة خارج أسوار هذا القصر ما لم أشأ أنا ذلك ، ضع هذا في حسبانك كي لا تشطح بخيالك كثيرااا فهو أمر مؤذي وأنا أخشى عليك
وائل(أشار له بعصبية مبتلعا سخريته):- لا تتلاعب معي ، لأنني لست ندا سهلا كي تكسب عداوتي أكثر .. ولولا القلق على ردة فعل أهل ميرنا لكنت تصرفت معك بشكل غير لائق ، والآن بغض النظر عن كل هذا وذاك لمصلحة ميرنا أن تبتعد قدر الإمكان عن هذااا المكان
حكيم(عقد حاجبيه في كلام وائل بعض المنطق):- طيب .. لكن ليس كما تتخيل فور استيقاظها سأصطحبها لبيتنا لأن المكان ليس آمن ..
وائل(مص شفتيه بهزل وهو يصبر نفسه من الوضع المعاش):- مجبر أخاك لا بطل .. يعني كل هذا سيتغير صدقني
تبادل هو وحكيم نظرة عميقة مفادها أن الأيام بيننا ، وتراجع للخلف حيث كانت ميرنا وتحت ناظريه مسح على شعرها وقبل جبينها وعيناه قلقتان عليها من جهة لا يريد تركها لكن إن لم ينسحب الآن سيقدم على عمل يجعله يخسر مكانته في نظرها ..
وائل:- سأطمئن عليكِ حبيبتي .. انتبهي لنفسك دعواتي معكِ
حكيم(صفق بنفاذ صبر):- حسنا حسنا فهمنا لكنها غير صاحية الآن حتى تطلق على مسامعها أشعارك الواهية هنا سيد وائل ، تفضل الباب بانتظارك
وائل(لأجل ميرنا سأكتم ذلك في أعماقي وإلا لكنت هشمت عظامك):- همممم …
فور مغادرة وائل القصر أحس بأن ثقلا عميقا انزاح عن كاهله ، لذا رمى بعذابه عبر حركة كتفيه المتعبة وتقدم نحوها باحتياج لها أكثر منها قد كانت لا تزال نائمة .. مسح على جبينها برفق وعقد حاجبيه من قبلة وائل لذا أعاد مسح الجبين بحركة طفولية ترفض أي شخص آخر المساس بأغراضه الشخصية والمحرمة على الكل إلا هو …
حكيم:- طفلتي أنا … يا أهزوجة عمري وتراتيل أمسياتي ، استيقظي وأحيي قلبي ببريق عينيكِ العسلية
لم تتململ بل كانت غائبة في ملكوت لوحدها ، ظل يرافقها لعدة ساعات حتى اقتحم طلال الغرفة عليهما وهو مطأطأ رأسه
حكيم(زوره شزرا وأشار له بالخروج):- اتبعني …
طلال(فور خروجهما مثل أمامه):- أنا آسف لم أكن بوعيي حينها ، اعتقدت بأنني خسرت شاهيناز ولم أستطع التفكير بشيء آخر سوى الانتقام .. اعذرني يا صديقي
حكيم(هز رأسه ووضع يده على كتف طلال):- حين تشفى شاهيناز .. أريدك أنت وهي خارج حياتي للأبد …
طلال(انتفض بحزن والصدمة تأخذ من ملامحه الشيء الكثير):- ولكن …
حكيم(تجاوزه بنظرة لا تحتمل الجدل):- ما سمعتهُ مني يُنفذ … سأطمئن عليها
توجه صوب الغرفة التي كانت شاهيناز بها ، وجد أن الخادمات قد قمن بتبديل ثيابها وتنظيفها جيدا لكن ما استغربه بحق هو نهمها الشديد على صينية الأكل ، كانت تأكل بشراهة وكأن أحدهم جوَّعها لأزيد من أسبوع .. وهذا ما جعله يعقد حاجبيه ويجلس مقابلها على الكرسي دون أن تلحظه حتى
طلال(لحقه ووقف بجانبها من الجهة الأخرى):- هي هكذا مذ أن استعادت وعيها ، شهيتها مفتوحة أظن ذلك بسبب الحادثة
حكيم(بتشكيك في وضعها):- هل نخبر الطبيب ؟
طلال:- لا أعلم لكن إن استمرت مؤكد سنخبره
شاهيناز(نظرت إليهما وتابعت أكلها بضحك):- هههه إنه ذو طعم لذيذ ، لا يشبه الدجاج المقدد هذا محشو بشكل شهي
حكيم(رفع حاجبيه):-دجاج مقدد ؟؟؟؟ شاهيناز … هل أنتِ على ما يرام ؟
شاهيناز:- حكيم أنا بألف عافية … وأنت طلال لو سمحت عزيزي هل لك أن تطلب منهم إحضار بعض الفواكه لي أحتاج لتحلية
طلال(اندهش منها وبادل نفس النظرة مع حكيم):- أ.. أكيد
حكيم(حرك رأسه بتساؤل لطلال الذي مط شفتيه بعدم معرفة هو الآخر):- شاهي … ألا تتذكرين ما حصل اليوم ؟
شاهيناز(منهمكة في الأكل):- لست أذكر شيئا طلال وعدني أن يحكي لي بعد الأكل
طلال(ارتبك وسلم المهمة لحكيم بإشارة من حاجبيه):- أنا سأعود فوراااا
حكيم(مسح على رأسه ونهض من محله متوجها إليها):- شاهيناز إصابتكِ ليست مجرد حادثة ، لقد أصبتِ بطلق ناري
شاهيناز(رفعت حاجبيها كأنها تصغي لنكتة):- طيب أنا حية الآن لما سندقق في أمور تافهة
حكيم(بعقل سيخرج من محله):- أمور تافهة … هه لا لا من الواضح أنكِ لستِ بوعيك
شاهيناز(التقطت قطعة من الأكل ونظرت إليه):- حكيم .. رجاء استعجل الفاكهة وخصوصا الموز أنا أريد طبقا بأكمله خاصا بي
حكيم(ضرب كفا بكف):- يا حبيبي عدا عن الجنون كان ينقصنها ارتجاج في المخ …
فور خروجه هضمتِ الأكل ورفعت رأسها بنظرة خطيرة يليها ألف سؤال وسؤال ؟؟؟ ….
لحق بطلال للمطبخ وقبل ذلك اطمئن لوجود داغر وإحدى رجاله واقفين عند باب غرفة ميرنا تحسبا لأي جنون جديد ، وهو توجه إلى طلال وجده واقفا أمام الخادمات وهن يحضرن طبق الفاكهة لست الحسن والدلال ، لذا يتوجب عليه أن يفهم وهذا ما جعله يجذبه بعيدا عنهم
حكيم:- حبا بالله أخبرني أن المرأة الموجودة فوق لم تفقد ذاكرتها ؟
طلال:-علمي علمك يا حكيم ، أخبرتك مذ أن استيقظت وهي ليست على طبيعتها
حكيم:- حتى أنها لم توجه لي أي حرف مما كان في السابق ، والأدهى أنها لم تعتذر إطلاقا عما جعلتنا نكابده هذا اليوم
طلال:- والله أمر محير لذا أرجح أن نعرضها على طبيب ، مؤكد سيطلب صورا إشعاعية وهذا ما نحن في خضمه لذا يا حكيم سيصعب علي التحكم فيها هذه الفترة لن يمكنني أخذها والرحيل كما رأيت بنفسك حالها غريب
حكيم:- وأنا ما كنت سأسمح لك بالذهاب أصلا في ظل هذه الأحداث ، يعني لنتركها للظروف
طلال(لمح صداقة حكيم الطيبة في عيونه وكم شعر بالأسف لذلك الموقف):- مهما اعتذرت لن أوفيك حقك حكيم .. شكرا
الخادمة:- الطبق جاهز سيد طلال
حكيم:- خذه إليها وابقى جانبها ، سأرى فخرية قليلا
طلال(أخذ الصحن وانطلق به):- تمام
الخادمة(استوقفت حكيم):- سيد حكيم الست فخرية ليست بخير مذ أن دخلت غرفتها وهي تصرخ بأشياء غير مفهومة كالعادة ..
حكيم(زورها بحنق):- ولما لم يخبرني أحد منكم ؟
الخادمة:- لأنها هي من أمرنا بذلك …
حكيم(حرك رأسه بخيبة من الكل):- طيب طيب … آه يا فخرية ماذا تخفين ؟؟؟
فخرية(كانت تجلس أرضا وتضع على رأسها وشاحا أسود وتحرك يديها في حركات شعوذة):- أيتها الأرواح القديرة ضمدي جراح روحي واملئيها بالخنوع ، أقفلي أبواب رياحكِ الهادرة وغيري قفل الأسرار ، لا تشرعي نوافذكِ للظلمات دعيني أحميكِ من آل الشيطان دعيني أحميكِ من آل الشيطاااااان دعيني أحم…. آآآآآآآآآه صداع صداع صداااااااااع يفتك بعقلي صدااااااااااع
شاهيناز(دخلت إليها وهي ترفع يدها بشكل غريب):- ها يا أختي .. هل اشتقتِ لي ؟؟؟؟؟
حكيم(وصل تلك اللحظة وحاول فتح الباب لكنه لم يستطع):- فخرية لما تقفلين الباب على نفسك افتحي أريد الدخول إليكِ .. فخرية …
شاهيناز(سمعت صوته وحولت عينيه بملل):- أففف كم أمقت هذا الكائن بالرغم من أنه وسيم لكنه يبقى راجيا خسيسا ذو عيون زائغة ،،، ههه سوف أتلاعب به يوما ما لكن حين أستقر بنفسي في عالمكم آآآآه أحتاج لتعلم الكثير عزيزتي ولن أجد أفضل من أختي الحبيبة
فخرية(هزت رأسها بدموع وهي لا تزال على جلستها):- احترقي في الجحيم أيتها اللعينة
شاهيناز:- امممممم … ما كنت أتوقع هكذا استقبالا لكن لا بأس أعذر صدمتكِ
فخرية(تقاوم الصداع):- فقط أوقفي ما تفعلينه يكاد رأسي ينفجر …
شاهيناز(أنزلت يدها سمعا وطاعة وعادت ورفعتها بشدة حتى صرخت فخرية بقوة تلك اللحظة وبعدها تركتها):- لا يزال سحري ثقيلا ، أردت فقط تجربته كما يقال الأقربون أولى
فخرية(حاولت النهوض لكن فشل ذاتها كان أكبر منها):- سأعيدكِ من حيث أتيتِ صدقيني لن يمضي وقت طويل .. لأنكِ لا تنتمين سوى لذلك القبر يا سلسبييييييل
شاهيناز(انحنت وأمسكت عنق فخرية وجعلتها تنظر إلى عيونها مباشرة):- ما لا تعرفينه يا أختي الغالية أن سنوات سجني لم تضع هباء منثورا ، قد شحذت قوتي وصقلتها لتقاوم دفاعاتك تحسبا ليوم كهذا يعني … لا تتعبي نفسكِ صحيح استطعتِ حبسي بمساعدة هداية والآخرين لكنكِ لن تستطيعي إعادتي لنفس المكان هذه المرة تعلمين لماذا ،،، هممم لا تعلمين حسن لأخبركِ ، أنا يا أختي العزيزة لم أعد لوحدي من ذلك المنفى
فخرية(بعدم فهم انتفضت من بين يديها):- م… ما قصدك ؟
شاهيناز(تمطت بأريحية وتحركت صوب الباب):- ستعرفين في الوقت المناسب شقيقتي
حكيم(انفتح الباب وتنهد بارتياح لكنه تفاجئ بشاهيناز خارجة من هناك):- ما الذي تفعلينه هنا أنتِ هل جننتِ ؟؟ كيف تغادرين سريركِ لا زلتِ متعبة ثم .. ثم كيف خرجتِ دون أن يلحظكِ الرجال ؟؟
شاهيناز(بتودد اقتربت منه وهي تهمس بصوت خافت):- أردت شكر فخرية على وصفتها لي فأنا أشعر بتحسن
حكيم:- إلى غرفتكِ هيا هياااا وإلا سترين مني ما لا يسرك شاهي
شاهيناز(تململت بتلاعب ولامست صدره بيدها):- حاضر حبي …
حكيم(رفع يديه بعدم فهم في كل ما يحدث):- الله الله …. فخرية
فخرية(نهضت بسرعة وجلست على سريرها):- أدخل أدخل يا ولدي أنا هنا
حكيم:- عن أي وصفة تحدثت شاهيناز ؟
فخرية:- أ..بلسم بلسم صنعته بنفسي لها ودهنت جرحها به يعني شيء للعجائز فقط
حكيم(اقترب منها وهو يزفر بعمق):- صارحيني يا فخرية ليس هنالك ما تخفيه عني صحيح؟
فخرية(تلعثمت وهي تشيح ببصرها عنه):- لا يا عزيزي لا يوجد بالمرة
حكيم(تلاعب بلسانه داخل فمه وهو غير مقتنع):- عموما سأكون بالغرفة أعلاه بجانب ميرنا يعني ،، إن احتجتِ لشيء بلغيني فورا سأطلب منهم تحضير أكل لكِ ماشي
فخرية(مسحت على خده بغمغمة حزن):- حكيم ،، لم أتفوه بمثل هذه الكلمات قبلا على مسمعك لكن .. أنا سعيدة لأنني اخترتك وكنت لي ابنا طوال هذه السنوات أحبك بالرغم من أنك لست قطعة مني لكنني أعتبرك ابني الروحي فأبدا لا تسأم مني واعلم أن كل ما أفعله لأجلك
حكيم(استغرب حديثها وابتسم):- ههه فخريتي أتدللين يا فتاة ؟
فخرية(ضحكت بمرارة):- حفظك الله ورعاك وحمى حبيبتك أيضا من كل شر
حكيم(تضخم صدره من دعوتها لذا انسحب):- سأطمئن عليها الآن ، وأنتِ لا تتعبي نفسكِ ستأكلين وتنامين بعدها مباشرة
اكتفت بهز رأسها له وهي التي تعلم أنها قد أعادت روح الشيطانة لحياتهم ، فأكيد لن يمر ذلك على خير .. صعد إلى فوق ومرَّ بجانب غرفة شاهيناز وجدها تضحك وهي تأكل الموز رفقة طلال الذي كانت ترتسم بهجة غريبة على ملامحه وكأنه افتقد كل تلك الأجواء ، وهذا ما طمأن خاطر حكيم أي نعم لم يفهموا شيئا البتة من تصرفات شاهيناز لكن سيشرح لهم الطبيب كل شيء بعد أخذ الصور الإشعاعية … نفض كل هذا بقوة قبل أن يشير لرجاله بالانسحاب من نهاية الرواق حيث كانت تنام عصفورته الصغيرة …لم يدلف مباشرة بل انتظر قليلا قدوم خادمته بصينية أكل مختلفة الأنواع أمسكها منها ودخل بعدها لتصيبه الحيرة والقلق ….
حكيم(بسرعة وضع الصينية على جنب وأقفل الباب بيده وتقدم إليها):- ميرنااااا ؟؟؟
كانت تنام على الأرض موسدة ذراعها وترتجف بشكل متوالي جعله ينتفض قلقا ، انحنى بسرعة إليها واللهفة تتطاير خوفا عليها
حكيم:-ميرناااا هل أنتِ بخير ؟
ميرنا(نظرت إليه ومن بين رجفتها اهتزت):- ل.. لست كذلك حكيم لست كذلك
عقد حاجبيه من شدة الرعب عليها وحملها بين ذراعيه وضعها على السرير بلطف ولمس خديها وجبينها وجد الحرارة فيهما بلغت حدها ، كانت مرتفعة بشكل مقلق جعله يقفز في محله ويدلف للحمام أحضر من صيدليته خافض حرارة وعاد مسرعا إليها، أعطاها حبة برفق بعد أن رفع رأسها قليلا وشربها بعض الماء وتركها ترتاح بعدها انتظر قليلا لعل حرارتها تهدأ …
حكيم(أمسك بيدها وقبلها):- ميرنا ميرنا حبيبتي ستكونين بخير ..
ميرنا(وهي ترتجف):- أمي .. أ أريد أمي حكيم أمي ….
حكيم(نظر حوله في ظل تلك الظروف لن يسعه التحرك):- اسمعيني جيدا سوف تنزل حرارتكِ وتنامين قليلا ، وفور استيقاظك سآخذكِ إليها اتفقنااااا
ميرنا(أغمضت عينيها بثقل):-أريد أمي ….
ظل يناظر حرارتها كل دقيقة بلهفة هل يُعلم الطبيب لكن لن يفعل هذا الأخير شيئا سوى إعطائها خافض حرارة ، وقد سبقه حكيم لذلك طرأت على باله فكرة …
حكيم:- ميرناااا سأعذبكِ معي قليلا لكن هذا لمصلحتكِ ولكي أضمن شفائكِ أسرع
لم تكن في تركيزها التام معه كانت تحرك رأسها تارة إيجابا وتارة نفيا ، وهذا ما جعله يسارع في خطوته أزال سترتها بسرعة وحملها بين يديه وتوجه بها صوب الحمام ، وضعها في الحوض الكبير وقد كان الماء مملتئا للنصف لذا استغل برودته وتركها في داخله ترتعش لكن كان يضمها إليه ضمة أب لطفلته المريضة ، يمسح على شعرها المبلل ويهدهدها بلطف ويخبرها بأنه معها ، مهما حدث سيظل ممسكا بيدهاااا … كانت تفتح عينيها كل حين وتقرأ لهفته في عينيه أحيانا تشرد فيه وأحيانا تغمض عينيها وتنسى كل شيء … حتى حين لفها بفوط الحمام وأعادها لسريرها لم تشعر بشيء لأنها قد دخلت في نوم عميق …
حكيم:- والآن كيف ستحل مشكلة الملابس يا فهييييييييييييييييم هاااه أكان يجب إدخالها بثيابها ت ت ت ، ثم ثم أليست زوجتك يعني يعني … لا يعني ولا غيرو البنت ستمرض أكثر لو ظلت بهذه الملابس المبللة ، تصرف يا حكييييييم والآن …
أسرع لدولابه يبحث فيه عما سيساعد لذا التقط تيشيرت وبنطلون قصير وتوجه صوبها ، لحظتها ارتبك وشعر بأنه يقتحم حصون مماليكها بفعلته تلك ، يعلم أنها ستقتله ما إن تشفى لكن لتشفى أولا ولكل مقام مقال .. ألبسها بهدوء تام وعيناه محجوبة عن جسمها بأمانة يعني خشي أن تنزعج منه فهذه حرمتها وهو لن ينتهكها يعني لولا الضرورة .. حسن حسن يكفي تبريرات يا حكيم فهمنا يا رجل !! قالها وهو يجفف خصلات شعرها بابتسامة خصوصا حين لاحظ انخفاض حرارتها البسيط
حكيم(وهو يمسح بحنان):- الآن ستتحسنين صغيرتي … مؤكد آثار الحادثة قد عاد عليكِ سلبا لكنكِ سوف تكونين بخير ، أعدكِ بذلك ثم شاهيناز بخير بخير يعني صحيح لا نزال في خضم الارتباك خصوصا أنها عادت بشكل مختلف تماما وكأنها شخصية أخرى غير التي عهدناها لكن أكيد لهذا تفسير طبي .. أنتِ لا تقلقي طالما حضرتكِ في حمايتي يعني ليس هنالك مخلوق يستطيع أذيتكِ ولو بموتي ….. هممم
أخذ جام وقته في تأمل جوهرته الرقيقة النائمة لحين قاطعه رنين هاتفها وهنا تشنجت عضلاته كلها إذ حسب أن المتصل وائل رشوان وسيكون من حظه إن صادفه هو شخصيا مرة أخرى ، ليصب فيه جام حنقه ويلقنه درسا عن مراقبته لميرنا بعد زوااااجها ، وإلا ماذا كان يفعل بالجوار وقتهااااا ؟ سأل نفسه هذا السؤال وهو في خضم تلك المعمعة وأجله لحين مناسب …
حكيم:- مهلا … هذه نور يا إلهي نسيت أن أتصل هاتفي نفذ شحنه تت / ألو نور
نور:- هااااه أخيرا أحدكما تكرم وردَّ على هاتفه ، يا لسعادتي … أخبرني يا رجل أين أنت وأين زوجتك التي اختفت منذ ساعات من البيت أحسِبَت أننا لن ننتبه لتسللها بتلك الطريقة
حكيم(أغمض عينيه بمرارة):- قلتِ تسلل ؟؟
نور:- أجل يا بعدي لقد قررت من نفسها أن تخرج للاستجمام دون أن تستشير أي واحدة من أهل البيت ، لكن الحمدلله هي معك صح ؟
حكيم(حك خلف رأسه وهو ينظر إلى ميرنا بعتب):- نعم نعم معي نحن في قصرنا يعني ، سنبقى هنا لبعض الوقت وبعدها نعود في زيارة إليكم أنتم لا تقلقوا
نور:- والله لو علي أنا أعرف رعونتكم لكن ماذا أقول لثلاثي القلق القابع فوق رأسي
حكيم:- هه تدبري الأمر نوري
نور:- تمام يا ابن العم أراك لاحقا …/ هاااه هل ارتحتن الآن أخبرتكم أن المرأة مع زوجها وزوجها مع امرأته وهما في شهر عسل يعني متوقع منهما أكثر من هذا الجنون ، فمتى ستكفون عن هذا القلق الهستيري ؟؟
مديحة:- يا ابنتي طبيعي .. يعني نحن أردنا الاطمئنان فقط
سماح:- أكيد خصوصا أنها خرجت دون أن يلمحها أحد
عواطف:- طالما هي بخير إذن خير وعافية ، لنتناول طعامنا
نور:- هاه الآن تتناولون طعامكم بعد أن جوعتم أهل بطني ، لن آكل لن أكل يعني لن آكل
سماح:- يا لدلال هذه البنت كم عمرها بالله عليكم …
ضحكوا جميعا من تصرفات نور وتنهدوا بارتياح كون ميرنا بخير لكن لو علموا بالمصيبة التي وقعت في ناصية حيهم لكانوا الآن في المشفى الآن مغمى عليهن من شدة الصدمة ، لكن قدر الله وشاء فعل الحمدلله لم يتأذى أحد أو لنقل جاءت سليمة لحد سنستبعد فيه قسرا عودة الست سلسبيل إلى عصرنا الحديث .. الله يستر ^^

يعني لو قرر هدم عرينه فلن يلومه أحد ، ولو قرر تكسير خانها شبرا شبرا أيضا لن يلومه أحد ، كان جريح الفؤاد كسير العين ينظر بشكل خانق ، يتنفس بعمق ويمسك بمسدسه ذو العشرين طلقة إف إن- 57 ، لم يكن ليرحم مترا هناك دمر كل شيء الحيطان الأرضية الأثاث حتى الصور فتك بها صورة صورة ولم يكن ليهدأ لولا خروج كهرمانة منحنية الرأس إليه …
كهرمانة:- توقف يا بني ستؤذي نفسك هكذاااااا
ميار(صوب مسدسه تجاهها):- حقااااا يا أمي ، وهل تخشين علي كثيرا ؟
كهرمانة(بارتياب من حالته تقدمت إليه خطوات تتداخل في بعضها):- أنا لم أرك في مثل هذه الحالة قبلا يا ميار ، أنظر أنظر حولك لقد دمرت كل شيء لكن لا بأس يا بني كله فداك
ميار(ابتسم بنفاذ صبر وهدر فيها):- أجيبيييييي على سؤالي ، هل تخشين علي من الأذى ؟
كهرمانة(انتفضت من صرخته حتى أغلقت عينيها وفتحتهما بارتباك):- أكيد يا مياااار
ميار(وضع مسدسه على كتفه وهو ممسك به بإهمال):- طيب ..طالما هكذاااا إذن لما سمحتِ لهم بأذيتي ؟
كهرمانة(لم تستوعبه لذا وصلت إليه بشكل متعثر):- ما الذي تهذي به يا حبيبي ، ثم من أوحى لك بأنني أفرط فيك ؟؟
ميار(مال برأسه وهو يطالعها بنظرة عميقة):- لقد أصبتني في الصميم يا أمي ، لأول مرة تقدمين على فعل يجعلني أتخذ هذا القرار
كهرمانة(أمسكت بيده الأخرى وهي تتودده):-والله لا أفهمك يا حبيبي عن أي قرار تتحدث ، ثم ما الداعي لكل هذاااا أنت تخيفني
ميار(سحب نفسا عميقا ورمى بمسدسه جانبا على حطام الأثاث):- أنتِ اليوم آذيتني في قلبي حاولتِ انتزاع روحي منه بتواطئكِ فيما حدث لميرنااااا .. ميرناااا المرأة التي أحب أنتِ من أعطى أمر قتلها اليوم وقد وصلني ذلك بالصوت والصورة أمي
كهرمانة(ارتعشت محلها وحدقات عيونها اهتزت بشكل متوجس):- ميار ميار ، بني أنا
ميار(دفع يديها وابتعد عنها):- لا تقولي بني لا تقولي بني ، أنتِ لستِ أمي لستِ كذلك فلا تحلمي بأشياء لن تغفر لكِ عندي
كهرمانة(بدموع):- سأتجاوز تجريحك لي ، لكنني غير نادمة لقد فعلت ذلك أجل أقر به ، لكن لكن هل تعلم لما وضعت يدي في يد تلك الراقصة ؟ كان ذلك لأجلك لأجل مجدك وهيلمانك خوفا من أن يضيع بين أيدي الحاقدين من عشيرتنا الذين يحاولون سلبك من منصبك منذ سنوات عديدة ولم يفلحوا ، وأنت الآن تهديهم فرصة لنيل مطلبهم بكل سهوووولة أكنت تريد مني البقاء متفرجة يستحييييييييييل ؟؟؟
ميار(أشار لها كي تبتعد وخطا خطوتين تجاه الفراغ):- قررت عزلكِ من مناصبكِ كلها أماه بدئا من اللحظة أنتِ ليس لكِ دخل في أي شيء ، سوف نخصص لكِ بيتا أعلى الجبل تسكنين فيه رفقة الخدم والحشم وكل من ترغبين بضمهم لا يهمني … أسمعتِ ؟؟
كهرمانة(ارتجفت بعدم تصديق):- أكاد لا أصدق … ميار هل تسمع نفسك أنت تعزلني من مناصبي لأجل فتاة وضيعة دخلت حياتنا مثل السوس
ميار:- تلك الفتاة تعني أناااا ، نبهتكِ مرارا وتكرارا ألا تقربيها لكنكِ تجاوزتِ أوامري وقمتِ بما قمتِ به ضاربة بكل رغباتي عرض الحائط
كهرمانة(هزته بعنف):- عن أي رغبات تتحدث … أتصدق أن تلك الحمقاء ستلتفت إليك أصلا … لا تكن أبلها رجاء وائل وحكيم لن يدعا لك حتى فرصة الحلم
ميار(هنا نفر منها وهو يضع يديه خلف ظهره بوقفة تحكم تليق بشخص مثله):- ساعة واحدة وستكونين بمنفاكِ كهرمانة ، ولا أرغب برؤيتكِ مجددا لحين تستعيدي وعيكِ وتتقبلي وجود تلك الفتاة في حياتي بشكل غير لاذع مثلما تفضلتِ
كهرمانة(ببكاء لا يعقل أن تسمح له بطردهاااا):- يستحيل أن أوافقك على هذا الجنون بني ، أنت لن تتركني أبتعد عنك اسمعني أنا أنا لن أقترب من تلك البنت مرة أخرى وافعل ما تشاء لن أتدخل فقط فقط لا تبعدني عنك ، أأنت بحاجتي والخان كذلك من سيدبر أموره بعدي لذا فكر مليا قبل أن تتخذ قرارا مثل هذاااا ..
ميار(أمسك بوجهها بين يديه وقبل جبينها حتى حسبت أنه صفح عنها):- أمااااه .. اجمعي ما تحتاجينه فقد تتأخرين الوقت يمضي ..
جحظت ناظريها في برودته ورمقته وهو ينحني ليمسك بمسدسه ويخرج من هناك تاركا إياها في تساؤل عقيم ، أيعقل أنه طردها لأجل راجية وضيعة وهو يعلم يقينا أنها تمقتهم بشكل تقشعر له الأبدان … التفتت للخلف وجدت أماني تبكي وتنوح على جنب بينما كان عرندس يرثي تلك الحال بقلة حيلة … استجمعت شظايا نفسها وتوجهت صوبهما
كهرمانة:- اجمعوا الرجال سوف يحملون متاعي للبيت الذي أمر به ابني ميار ..
عرندس:- ولكن … هل ستوافقينه على قراره سيدتي ؟
كهرمانة(ابتسمت بمكر):- مستحيل ، لكن لن أستفيد شيئا إن عصيت أوامره الآن لأنه عاجلا أم آجلا سيرسل لأجل عودتي ، ابني وأنا أعرفه
أماني:- هل .. ه هل س.. سنبتعد كثيراااا أم..أمي ؟
كهرمانة(توجهت إليها ومسحت على شعرها):- فترة بسيطة حبيبتي وسنعود إلى هنا ، أساسا لدينا ما هو أهم هذه الأيام
عرندس:-وما هو سيدتي ؟
كهرمانة(بفرحة داخلية):- استقبال الأحبة ههههه
لم يفهمانها طبعا لكنهما طاوعاها وأخذا يلملمان ما سلم من الأغراض الخاصة بها لأخذها للبيت الآخر ، وهذا عقاب بسيط نظرا لما كان سيعاني منه الفهد إن تعرضت ميرنا لأذى .. وجد نفسه تلقائيا في سيارته لغرض معين يتمثل في رشيد الذي أقله سائقه في الطريق
ميار:- أين كنت ؟
رشيد:- كنت أتدبر أمر سعاد أخبرتك بذلك
ميار:- هل تأكدت أنها قد سافرت ؟؟
رشيد:- بنفسي أوصلتها للطائرة
ميار(نظر إليه شزرا وتحديدا لبقعة أحمر الشفاه المرتسمة على ياقته):- واضح ..
رشيد(تلعثم حين فهم ذلك):- المهم هل هناك أية أوامر ؟
ميار(هز رأسه):- يوجد يوجد لكن لنصل بداية وبعدها ستعرف
رشيد:- حسن …
أومأ ميار لسائقه الذي استوعب إشارته وانعطف يسارا صوب طريق فرعية أوصلتهم لمزرعة صغيرة دلفوا بسيارتهم إليها بعد مسيرة من القيادة .
رشيد:- ماذا نفعل هنا سيدي ؟
ميار(لم ينبس ببنت شفة اكتفى بالابتسام فقط):- همممم ..
خرج الفهد ولحقه السائق واضطر رشيد للحقاهما هو الآخر ، غير عالم بما ينتظره ويا عيني على ما ينتظره كان يقف عشرات الرجال هناك بالمرأب الخاص بتلك المزرعة موزعين بشكل متباعد بجثتهم الضخمة ينتظرون الأوامر .. لكن أوامر ماذا ؟
رشيد(بثقة):- هل نعذب أحدا اليوم ؟
ميار(تنهد بعمق ونظر إليه):- حين تطعن الفهد البري شخصيا في ظهره ، عليك أن تتوقع الأسوأ … هيا ياااااااا رجال
رشيد(صرخ بقوة حين أمسكوا به):- لالا لست تفهم يا سيدي كله من تخطيط الست كهرمانة أنا أنا لا دخل لي صدقني ، يا سيدي ماذا ستفعلون بي … هيييه دعوني وشأني دعوووني
ميار(خطف نظرة أخيرة قبل مغادرته):- حين تتعلم الدرس جيدا سيكون بابي مفتوحا لك ، لقنوه درسا لا ينساه يا رجااااااااال إياكم والرحمة .. ههه
غادر وتركه في قبضة رجاله كل من جانب الله وحده يعلم ماذا سيفعلون به ، لكن الأرجح أنها أشياء سيئة ستعلم رشيد درسا مُهما في عدم التطاول على أسياده بعد اليوم …. لم يهدأ باله حتى بعد أن حكم على كهرمانة ورشيد بعقاب يعلمهم الأدب إلا أنه ظل متخبطا في حيرته وغبنه ، يحتاج لرؤيتها بشدة وإن تهور سيكون ذلك من حقه ..
ميار:- ألووو عرندس .. أخبروني أين هو موقع إياد نجيب الآن ؟
عرندس:- دقيقة واحدة سيدي…. سيف يا سيف اعرف لي أين هو السيد إياد نجيب ؟
سيف(بحث عبر شبكة النت بهاتفه قليلا ثم أجابه):- بالجريدة سيدي
عرندس:- إنه يعمل الآن بالجريدة سيدي الفهد ..أية أوامر ؟
ميار(بعد تفكير):- لا يوجد ، أبقي الهاتف بقربك قد أحتاجك بأي وقت هذه الفترة
عرندس:- سمعا وطاعة …
ميار(تنفس بعمق وهو يعيد هاتفه لجيبه):- خذني إلى قصر حكيم
السائق(استغرب):- حاضر سيدي
ميار(عض شفتيه وهو يناظر البعيد):- إن كان قرار اعتزالي مستنبطا من حديث صغير معكِ يا سلطانتي ، فمؤكد أنكِ تستحقين مغامرة كهذه …

"جريح ، قتيل ، ميت ، كل هذه كلمات لا تصفُ عمق الوجع المُسيطر على مكامنِ رُوحي ، مُجبر على التخلي عن وهمِ قلبي ليس ضُعفا أو هربا بل خوفا من الأقدار عليها ، وُضعتُ أنا ونبضي بين السنديان والمطرقة ، يا إما أختار السلام أو أعلن جرس الطوارئ .. ما يعزيني أنها لي في كل الأحوال حتى لو كانت بعيدَة عني ، ومع الأسف بُعدها هذا يَزيدُ من عذابي .. فأي قدر هذا الذي سيجعلني أصبرُ على فراقها"
وصل إلى الشركة بعد حين لم يكلم أي أحد حتى رقية تجاوزها بإشارة صمت تعرف تماما أنه يخفي خلفها بعض المصائب ، لذا كان يستحيل أن تبقى متفرجة وعليه اقتحمت المكتب خلفه لتفهم منه ما الذي يزعجه لتلك الدرجة الكبيرة ..
رقية(طرقت بإصبعها على اللوح في حركة إصرار):- أنا لن أبرح محلي قبل أن أعرف ما الذي يضايقك لهذا الحد
وائل(ابتلع ريقه وناظرها بغبن قبل أن يستقيم أمام نافذته):- يعني ما الذي سيضايقني رقية ، أموري تمام أوضاع قلبي في انسجام فمثلا ليلة أمس تزوجت حبيبتي واختارت قلبا غيره ، يعني ما الشيء الذي سيجعلني غير متضايق ست رقية ؟؟؟؟
رقية(رمشت بعينيها حين لامست انفعاله):- عذرا وائل ولكن … سامحني أنت قد وافقت على هذا الأمر من البداية
وائل(التفت إليها بحدة):- وافقت وافقت ؟؟؟ أتصدقين ما تتفوهين به أما كنتِ تعلمين أنني حُوصرت من كل جانب ، مشكلة شهاب سفري عناد ميرنا خوفي عليها يعني …
رقية(عقدت حاجبيها بعدم فهم):- خوفك عليها مماذا ؟
وائل(بنظرة عميقة):- مسألة حياة أو موت أنا بين نارين إن تقدمت احترق أحبتي ، وإن ابتعدت احترق فؤادي يعني … مقيد من كل الجوانب ومكتوب على قلبي الأسى
رقية(بعدم فهم):- أصدقني القول يا وائل لما أنت خاضع لهذا الزواج يعني لو لم أكن أعرفك لحسبت بأنك لا تهتم … من المفروض أن تحرق الدنيا من بعدها لكنك هادئ بشكل يجعلني أتساءل هل حقا أنت لا تبالي بالأمر ؟
وائل(رفع يده برفض لكنه هز رأسه فبما سيجيبها البنت معها حق فيما لاحظته):- اسمعيني جيدا هنالك أمور لا تدرين عنها شيئا رقيتي ، أمور تحرق قلبي ولا يسعني الخوض فيها خوفا على ميرنا لذلك … اقفلي الموضوع هنا ولا تتطرقي إليه مجددا
رقية(لمحته وهو يحمل سترته):- إلى أين تذهب ؟؟؟
وائل:- سأشرب قهوة بالكافيتيريا ثم أعود .. لا تقلقي
رقية(هزت كتفيها بقلة حيلة):- لك ذلك ..سأراجع بعض الأوراق هنا
صعب أن تنحسر الحروف في جوفه ، فلم يجد بما يجيب تساؤلات روحه عدا عن تساؤلات الآخرين ، يشعر بأنه مقصر في هذا الأمر لكن ماذا بيده يفعل … ميرنا إن تأذت لن يسامح نفسه ويتوجب عليه في ظل هذه الظروف أن يبقى بعيدا لأجل سلامتها ، وهي الأخرى تضحي لأجل أرواح كثيرة لا تدري أن روحها وروحه الكسيرة لن يجبرها مليون ألف شيء …أفكار أفكار أفكار تزيد من ضغطه لذا مسح على جبينه وهو يسير بالممر قاصدا مسعاه لكنه فوجئ بما وجده أمامه … ويا عين عيني أنا ^^
شهاب(يحمل شادي وحقيبة شادي وكلَّ شادي):- هاااااا هو عمو وااااائل يا الله حقا حقا دعواتي مستجابة ، خذه عني قليلا يا رجل ما بكم ألست فردا من أسرتكم يعني على الأقل خاطبوا جيناتكم وراعوا حساسية مشاعري ….
وائل(أمسك شادي بخفة):- مهلك يا رجل عماذا تتحدث ؟
شهاب(أعطى الحقيبة لوائل أيضا):- ليلة كاملة ليلة كاملة لم أذق فيها طعم النوم ، يظل يبكي يبكي يبكي والمربية الغبية التي أحضرها المذكور عمك لا تفيد بشيء فور بكائه تعطيني إياااااااه لأسكته وكأنني أعرف كيف …. وِيلي حبي اهتم بابني إنه أمانة لديك أنا سأعود لبيتي أغفو ساعات قليلة وآتي لأخذه .. هيا هيا حبيب بابا لا تتعب عمك ويل وكن لطيفا باي باااااي ، آه في حقيبته كل ما تحتاجه لا تنسى أنني أحبك هههه سلاموووو
وُضع أمام الأمر الواقع هو والطفل في الشركة التي يا حسرة كانوا يمنعون فيها دخول الأطفال ، والله يرحم أيام زمان ، نظر وائل حوله وعلق الحقيبة جيدا ثم نظر لشادي الذي كان يبادله نظرات طفولية مبهمة
وائل(لمح ضحكة شادي فأطلق أساريره الطفولية دون وعي):- مرحبا يا صغير ، من الواضح أنك ستقضي يومك رفقتي هيا لأعرفك بخالتك رقية ستحبها جدا حتى لو كانت ثرثارة لكنها ذات قلب لطيف هه …
حضور شادي للشركة أضفى بهجة لامست شغاف القلوب ، فمذ أن رآه موظفو الشركة وهم يقبلون ويهللون ويلاعبون حتى منذر الجامد أطلق ضحكة زلزلتِ الأكوان لأجله ، أما رقية فما إن رأته لم تترك فيه مكانا لم تهلكه قبلات ، كان لذيذا ناعما جميلا جدا جدا جداااااا وهذا ما جعل الجنون يدب في قلب خالته الأصلية
نور(كانت ترضعه):- والله لا أدري هل كتب علي أن أرعاه أينما حللت ؟؟؟
فؤاد(أخرج يده من جيبه وهو يبتسم):- وائل لديه اجتماع رقية معه ، منذر لن يسعه رعاية حتى نفسه لذا لم يتبقى سوى أنا وأنتِ
نور(صغرت فيه عينيها):- يا حلاوتك …
فؤاد(لاحظ نومه):- هيا هيا استغلي الوقت وأعطني إياه ، حضري لي جدولة هذا المساء هناك عدة أعمال لن تخدم نفسها بنفسها صح ؟
نور(برفق استقامت):-همهمهم شيء مبهج … أمسكه بحنان
فؤاد(غمزها):- أساسا أنا نبع الحنان
نور:- واضح وااااضح .. عذرا هاتفي يرن أستأذنك
فؤاد(أمسك الصغير وظل يراقبها وهي تجيب):- همم
نور:- ألو نعم .. آه أسمعكِ جيدا نعم تتت لا يسعني الآن فعل شيء لأن ..(وضعت يدها على الهاتف) عذرااا سأعود بعد لحظات
فؤاد(فهم أنه اتصال غريب لكن من المتصلة التي تخشى نور الإفصاح عنها أمامه):- غريب
نور(خرجت برفق وبصوت خافت):- سمر كفاكِ جنونا أصلا الطفل ليس بحوزة شهاب الآن ، إنه معنا يعني في الشركة
ميرا:- هئئئئئئ طفلي أنااااااااا أنااا يقومون برعايته في الشركة ؟؟؟ أين أبوووووووه ؟
نور:- لما تصرخين بأذني يا بنت ، ثم تعالي هنا أنا آخر شخص لكِ الحق في الصراخ بوجهه ألا يكفيكِ أنكِ أخفيتِ طفلكِ عني حتى أنا أقرب الأقربون إليكِ ؟
ميرا(بحالة سيئة):- يا نور يا نور أنا لست بخير أحتاج لرؤية ابني ساعديني بالله عليكِ
نور:- أعتذر منكِ قد خرج الأمر من قبضتي ، لن أستطيع تقديم أي شيء لكِ
ميرا(باستجداء):- من أجل أختك ألا تشفقين على حالتي ، أشتاق لشم عطره فقط دقيقتين لا أكثر لأجلي بلييييز يا نور
نور(تأففت بعمق وبعد تفكير):- تتت لا أدري
ميرا:- اسمعيني أبوه لن يسمح لي برؤيته لذا أنتِ فرصتي الوحيدة ، سآتي إليكِ وأقف بعيدا بالسيارة عن الشركة أنتِ أحضريه لي كي أراه وبعدها أعيديه حيث كان
نور(مسحت على شعرها بتفكير والتفتت لترى فؤاد جالسا بالطفل وينظر إليها):- حسن إذن ساعة وكلميني ، أنتظرك
ميرا(انتفضت بخفة):- يااااه أشكركِ نور .. هنااااااادي باتريك جهزوا السيارة سنذهب لإحضار شادي هياااااا …
هنادي:- هئئئئ إحضار شادي يا إلهي هل جُنت ؟
باتريك:- لا لا أظن بأنها تريد إسقاط روح كريمة هنا الليلة
هنادي(بتقزز):- يا لطيف من كلماتك السامة ، تشبهك حتماااااا
باتريك:- حسن ماذا قلت أنا سوى الحقيقة ، امممم اشتقت لأرجل ذلك الصغير يامي يااااام
انطلقت وفرحة الأم تغزوها من كل حدب وصوب غير آبهة لا بشهاب ولا بأي أحد غيره ، حتى نور لم تهتم لما ستفعله كي تستطيع إخراج الصغير لوهلة من الشركة .. كان يراقبها فمنذ أن قطعتِ الاتصال وبدأت بالعمل وعيناه عليها ينتظرها أن تشرح له ماهية الاتصال لكن مع من ؟
فؤاد(استقام وأطل على الصغير النائم فوق كنبته الخاصة):- إنه هادئ جدا أظن المكان راقه أكثر من البيت
نور(حكت حاجبها):- آه نعم .. أ يعني لو تأخذ استراحة بالمطعم سيكون ذلك مفيدا لك
فؤاد(نهض من محله بتفكير):- أتصدقين ؟ معكِ حق سآخذ استراحة قصيرة ثم أعود
نور(نهضت بتوتر):- قصيرة لما قصيرة يعني الأمور تمام أنا هنا الطفل نائم ، يعني خذ راحتك ولووو
فؤاد(نظر إليها بتوجس لكن ابتسامته لم تختفي):- حسن إذن أراكِ بعد قليل
نور(أشارت له بتوديع):- أكيد أكيد .. ههه
فؤاد(في سره وهو مغادر):- ما بهاا تتصرف على هذا النحو ، يا ترى ماذا تخفي وراء سكوتكِ يا نور الراجي ؟؟؟
من فورها أمسكت الصغير بين يديها ولفته بغطاء خفيف نظرت حولها وانطلقت به صوب ممر العاملين كي لا تلتقي بأحد ، وصلت للمرأب ومن هناك خرجت من الشركة .. ضمت الصغير لصدرها بحنان وبحثت عن سيارة ميرا وجدتها مصفوفة على الطرف الآخر لذا اتجهت صوبهم بخفة وها هي ذي معهم …وآه حين رأته ميراااا فقدت كل صلاتها بالأرض وظلت هي وصغيرها فقط تنظر إليه بعين أم مجبرة على هذا الحال المرير …. لم تشعر بنفسها حتى طارت وخطفته من أيدي نور تشمه وتقبله وتنظر إليه بعيون مشتاقة ..
ميرا(ببكاء تضمه):- آه يا روحي آه كم اشتقت لعطرك حبيبي أنااا يا عمري ، هل تذكرت ماما اممم اشتقتك يا قطعة مني وأنت اشتقتني صح ههه …
نور(تفرك يديها بقلق):- أسرعي يا سمر لن يسعني البقاء به هنا كثيرا
ميرا(بغبن):- دعيه معي قليلا أرجوكِ نور
نور:- لقد وعدتني أن الأمر سيكون سريعا ، إن لم أعده الآن ستحدث مشكلة
ميرا(ناظرتها بشراسة):- طيب ما رأيكِ أنني لن أعيده وسأصطحبه معي للقصر ؟
نور(جحظت بعينيها):- لا والله أتريدين ذلك حقا ؟؟ سمر لا تفقدي صوابكِ أختي شهاب سيخرب الدنيا إن لم يعد ويجد الطفل في مأمن
ميرا(تضمه بخوف):- مأمن ؟؟ أتقصدين أنه معي في خطر يا نوووور ؟
نور(مسحت على جبينها بتعب):- لست أنا من يظن بل والده ، وأعتقد أنه من حقه على الأقل رعايته لفترة معينة بعدها يمكنكِ المطالبة به
ميرا(بقهر):- ولكنني اشتقت له ، قلبي يتمزق وهو بعيد
نور(بعلياء):- لالالالا أثرت فيني للحقيقة .. طيب ماذا عن تلك السنة والعدة شهور التي كان فيها بعيدااا عنكِ ، أتحسبينها إجازة مثلا ؟
ميرا:- ذلك وضع آخر ، الآن بعد أن كشف كل شيء أشعر بحاجتي له أكثر من أي وقت مضى
نور:- أعطني الطفل يا سمر وأعدكِ أنني سأجلبه لكي تريه كل يوم
ميرا(بتفكير عميق فلا يصح إلا الصحيح حتى لو أخذته سيأتي شهاب لأخذه ولن تستطيع منعه عن ذلك):- أهذا وعد ؟
نور:- يعني سأحاول وتعلمين أن وعودي كحد السيف
ميرا(بانتحاب):- اهئ أعلم لكنني سأشتاق لعطره أنظري كم هو لطيف متمسك بي يلاعب شعري أرأيتِ ، إنه يعرفني ويحبني
نور(بنظرة حنونة لهما):- لقد استيقظ لأجلك يا سمر
ميرا(ضمته لحضنها أكثر):- هفف كنت أخطط لاختطافه اليوم لكن سأصبر ، مؤكد أن شهاب سيعذرني ويتفهمني أيضا
نور(أمسكته عنها):- إلى ذلك الحين سوف لن يحرمكِ منه أحد ، أنا معكِ يا مجنونة
ميرا(بنظرة امتنان):- شكرا نور
نور(قبلت وجنته):- اشكري الصغير الذي شفع لكِ بقلبي .. هيا انتبهي لنفسك
ميرا(تلوح لها وله بدموع):- اعتني به جيدا أرجوووكِ …
هنادي(وضعت يدها على كتف ميرا):- حسن يا سيدتي ها قد اطمأننتِ عليه لنعد لعملنا
ميرا(تتابع سير نور بعينها إلى أن اختفت عن أنظارها):- لقد كبر قليلا ألاحظتما ذلك ؟
باتريك:- ههه وطال شعره يااااه سيصبح كتلة رجولية متفجرة
ميرا(بعشق):- من شبه أباه فما ظلم
هنادي:- إي والله ….
كانت تعلم أن ما فعلته قد يجعل الأرض تهتز ، لكن من حق أختها أن ترى ابنها مهما كان … عادت به بخفة وخطى مسرعة لحين وصلت لدرج العاملين بغية العودة للمكتب
نور:- ها يا روحي رأيت ماما هل فرحت .. هاااه أخبر خالتك و هئئئئ .. فؤاد
فؤاد(كان يجلس على الدرج بانتظارها وفور رؤيتها استقام):- أجل فؤاد يا نور .. تستغفلينني صحيح هل تعتقدين بأنكِ ذكية حتى تأخذي الصغير إلى ميرا دون علمي ؟
نور(حملت شادي بشكل جيد):- لا أبدا لم أقصد أن … ثم لما أبرر لحضرتك أجل أخذته لأمه كي تراه من حقها أن ترى طفلها وليس من حقك أو حق أي أحد حتى أبوه أن يمنعه عنهاااا
فؤاد(شهق بعينيه وهو يراها تتجاوزه صعودا):- عال والله ، اكذبي علي وتمردي وأكمليها بالعصيااااااان يا نور ،،،، ما شاء الله عليكِ
نور(صعدت عدة درجات وتوقفت):- اسمعني جيدا هذا الولد سوف لن تحرموه من أمه طالما أنا موجودة بالطرف ، وكل يوم أسمعت كل يوم سأجد حجة لآخذه إليها سرقة وذلك في حالة ما إذا لم تساعدني كي نجمع شتات تلك الأسرة رغم كرهي لابن أخيك الذي لا أجد فيه خيراااا لكن… لمصلحة الطفل سأضع ثلجا على قلبي وأمضي في هذااا الهدف
فؤاد(بتفكير صعد إليها):- مستحيل أن يغفر شهاب لأختكِ ما فعلته ، لقد أخفت طفلا طفلاااااا روحا يعني .. يا ليتها أخفت خاتما أو مفتاح شقة لكان الأمر أهون ، لكن هذا طفله يا نور أتقدرين حجم ذلك ؟ ابنه من لحمه ودمه لا يمكنكِ فهم علاقة الأب بأطفاله يا نور إنها شيء مختلف مختلف تماما عن الأمومة التي تعرفينها ..
نور(بتعجب فيه):- على أساس أن لديك دزينة أطفال لهذا تغدق مسمعي بمديحهم ؟؟؟
فؤاد(تعثر في حروفه):- يعني … من منطلق العامة أحكي
نور:- اسمعني يا فؤاد ، هذا الطفل إن لم يعد لحضن أمه رغبة من أبيه شخصيا ، لن أعدل عن جنوني هذا وكما أسلفت بالذكر سأسرقه سرقة لأجلها
فؤاد:- تمام تمام فهمت أنكِ أعند من الحجر ، أرأيت يا شادي أن عمك ألطف من خالتك العنيدة هاته … تت سوف نتفق على فتح مجال للصلح بينهما لكن أخشى أن خطتي لن تنجح
نور(برقت عيناها):- ألديك خطة أيضاااااااااا ؟
فؤاد(ابتسم وهو يلاعب الطفل):- اتضح أنكِ لستِ وحدكِ من تحيكين الخطط في الخفاء
نور:- هه سمِّعني إذن ..
ابتسم برقة وبينهما الطفل الجميل ضاحكا ، غير عالم بما يدبره عمه وخالته لأجل الجمع ما بين أمه وأبيه المجنونين … هنا في هذه الأثناء خرجت رقية من المكتب لكي تحاصر شادي ببعض القبل الإضافية لكنها فوجئت بقدوم إياد الغير متوقع
إياد(يحمل بيده باقة ورد):- هذه لكِ .. جيد أنني استطعت اللحاق بك
رقية(اشتمتها بحب وابتسمت له):- كنت ذاهبة لأخطف بعض القبل ولكن حضورك سيعرقل أمنيتي
إياد(اختفت بسمته):- ماذا ماذا قبلات ؟؟ ما الذي تهذين به يا روحي ؟؟؟؟
رقية(ضحكت من استشاطة غضبه):- ههه شادي هنا بالشركة ، قبلات بريئة هذا ما قصدته
إياد(ارتاح قلبه):- آه .. شادي ههه أحم يعني اعتقدت شيئا آخر
رقية(تأبطت ذراعه):- لما لا أعرفك به يا إياد ستحبه كثيرا كثيراااا .. رافقني
وما كذبت فور رؤيته صار هو يأخذ قبلة وهي قبلة إلى أن شبع الطفل من الضحك والمرح وفعلا استطاع أن يدخل البهجة إلى قلبيهما ، خصوصا وأنهما تكفلا برعايته بناء على طلب فؤاد ونور اللذين باشرا بعملهما المتبقي ذلك اليوم … أما السيد وائل فقد كان وحيدا فوق السطح يناجي طيف حبيبته عبر صورتها الموجودة على هاتفه يفكر فيها وفي أوضاعهما .. ما هكذا كان يتمنى لحياتهما كيف تحول كل شيء إلى جحيم في الليلة التي قرر فيها دخول الجنة بطلب يدها وموافقتها ، كان سيقيم لها زفافا تاريخيا ويصطحبها في أشهر عسل وليس واحدا فقط المهم أن تكون بين يديه ، لكن ما الذي حدث كيف انقلبتِ الأمور وتزوجت من غيره .؟؟ حتى لو كان زواجا صوريا وهو موقن مليون بالمئة أنه لن يتعدى ذلك الحد بالنسبة لميرنا لكن يبقى زواجا من شخص آخر غيره وهذا ما يزيد من عذابه وغضبه المستنفر كل لحظة …
وائل(عض شفتيه بغيظ):- آه يا ميرنا آه يا وهم قلبي ماذا فعلتِ بي ؟؟؟؟؟؟؟ لالا أنا يستحيل أن أبقى هنا مكتوف الأيدي وهي بعيدة عني مريضة حتى تتت ..سأذهب للاطمئنان عليها أساسا قد شهدت على كل ما حدث إذن من حقي أن أراهاااااااا ولن يمنعني ذلك النطح أبدااا …
أي جنون هذا يا وائل ، نعم نعم إنه جنون العشق حين يتدفق في الأوردة ويشحن العقل بذبذبات الجنون اللامتناهي ، لم يحسب الدقائق ولا المسافة التي كان يقودها في اتجاه عسل غروبه شمس لياليه الآفلة ، بل دعك فرامله بغية الوصول إليها رؤيتها استنشاق عطرها سماع صوتها بكائها حتى ، المهم أن يرافقها ذلك اليوم حتى وإن دفع ثمن ذلك غاليا فميرنا تستحق …..

لنقل أن الجنون ثلاثي الأبعاد فحتى الفهد كان قد وصل للقصر منذ ساعات طوال وكان جالسا في شرود أمام البحر حيث التقى بها ليلة الزفاف ، لم يجرؤ على الاقتراب في عز النهار لذا انتظر حلكة الليل التي زينها القمر وكأنه يخبرهم أنه شاهد على لوعة كل قلب فيهم … لكن أي قلب ظفر برعايتها تلك اللحظة ؟؟؟؟
ميرنا(تمص شفتيها بغيظ مختلط بابتسامة خفية):- أجب على سؤالي يا حكيم كيف انتهيت بهذه الملابس يعني حتى المقاس يعيب مقامي بشاكلته المضحكة
حكيم(ينظر لبنطلونه القصير وتيشيرته الذي زينتهما ميرنا أكيد في نظره)"- يعني تصرفت يا ميرنا ثم حرارتكِ كانت مرتفعة وكان علي تخفيضها ولم أجد سوى الحمام ك حيلة
ميرنا(فزعت عينيها):- يا ويلي أنا لا أتذكر شيئا .. قلت حماااااااااام ؟
حكيم(ابتسم وهو يضحك من ملامحها وقرر اللعب بأعصابها قليلا):- يعني لم أجد حلا سوى إزالة ثيابكِ ووضعكِ بحوض الحمام كي تنخفض حرارتك، وتدرين ما المشكلة التي واجهتني؟
ميرنا(ابتلعت ريقها بحرج وهي تنتظر ماذا سيتمم):-هممم ؟؟
حكيم(عض شفتيه بحركة مثيرة):- يعني…كان علي أن…
ميرنا(اشتدت خفقات قلبها وهي تنتظر رده):- أن ماذاااا ؟
حكيم(مال برأسه بحركة مستفزة):- يعني يا ميرنا افهميني
ميرنا(هزت رأسها):- يا حكيم قد جففت قلبي فتكلم بالله عليك …
حكيم(لاحظ توترها وضحك):- ههه مجنونة أنتِ أيعقل أن أفعل شيئا كهذا يعني أدخلتكِ بثيابك وحين بدلتها كنت حريصا فلا تقلقي .. هممم مع أنني وددت لو ..
ميرنا(ضربته ليده وهي تعضعض شفتيها):- يكفي يكفي لا أريد سماع شيء ، احم
حكيم(ضحك بعمق):- ههه .. ستغيرين هذه الثياب ما إن يجف ثوبك الخادمات يهتممن به
ميرنا(زفرت وهي مطمئنة الآن):- هل أخفتك بمرضي ؟
حكيم(ابتسم وهو يمسح على جبينها):- أكيييد يا روحي سُعدت أنكِ صرتِ الآن بخير ، قد انخفضت حرارتكِ وستتحسنين بعد النوم
ميرنا(نظرت جنبها لضمادات الماء التي كان يضعها على جبينها وتنهدت):- هل اعتنيت بي؟
حكيم(منحني برأسه إليها وهو يجلس قربها):- أجل
ميرنا(ابتسمت بامتنان):- هل شاهيناز بخير ؟
حكيم:- يعني .. هي لا تتذكر شيئا مما وقع
ميرنا(برقت عيناها بشدة):- كيف يعني .. ألا تذكر أنني أطلقت النار عليها ؟
حكيم(أمسك بيدها وأعادها لمكانها):- لا تذكر شيئا مما حصل ، ثم لا تذكري لأحد أنكِ أنتِ من أصبتها الكل يعلم أنه أناااا
ميرنا(بحشرجة في صوتها):- كدت تفقد صديق عمرك بسبب هذه الكذبة .. لما فعلت ذلك ؟
حكيم(قبل يدها بحنان وعيناه تصدح بالعشق):- لأجلكِ أفعل أي شيء عصفورتي
ميرنا(مصت شفتيها ببطء):- أمتأكد أنها بخير ، يعني ستشفى صح ؟
حكيم:- متأكد يا ابنتي فلا تقلقي من شيء .. كل الأمور ستكون على ما يرام
ميرنا(تنهدت لحظتها بارتياح):- أشعر بأن همّا وانزاح عن قلبي
حكيم:- حبيبتي …
ميرنا(نظرت حولها):- متى نغادر هذا المكان ؟
حكيم(بتوجس):- ألم يعجبكِ ؟ هنا كنت أعيش أنا …
ميرنا(رمشت بعينها):- ليس أنه لم يعجبني بل هو مبهر ، ولكن لم أرتح له يعني إن أخبرتك بالسبب لن تضحك علي صحيح ؟
حكيم(ضحك قبل أن تتكلم):- هه وعد لن أضحك
ميرنا(بشرود في المكان):- أحس بأن هنالك طاقة سيئة تحيط بالمكان تجعل صدري يضيق وتشعرني بالاختناق
حكيم(تحركت حنجرته من جملتها وكي لا يخيفها ضحك):- هههه بليز ميرنا هل تصدقين نفسكِ تتكلمين مثل أولئك الروحانيات
ميرنا(نظرت إليه عميقا وهي تعقد حاجبيها):- هذا شعوري .. لذا أتمنى أن نغادره في أسرع وقت من أجلي حكيم
حكيم:- طيب حلوتي غدا سنذهب لكن الليلة صعب .. أنتِ لا تزالين مرهقة وعلينا الاطمئنان على شاهيناز همم
ميرنا:- تمام أقنعتني سننتظر …(تابعت في سرها) إنه يعاملني بلطف بلطف بالغ ملفت لعقلي يذكرني بالأيام الخوالي حين كنت أركض إليه باكية و … تتت مهلكِ ميرنا هل ستنجرفين مع عاطفتكِ الآن ثم لقد تخلى عنكِ ل16 سنة تقريبا أما زلتِ تنتظرين الوهم ؟ يكفي يكفي آثار الحمى لا تزال مسيطرة على عقلكِ لذا اخرسي يكون أحسن ..
حكيم(بنظرة عميقة):- ميرنا … أ.. هناك سؤال محصور في جوفي منذ الصباح وأحتاج إجابة صادقة له رجاء
ميرنا(تحركت حنجرتها وهي تبتلع ريقها وناظرته بعدم فهم):- عن ماذا ؟
حكيم(حك جبينه وناظرها بعمق وقد مرر لسانه بين شفتيه):- وائل رشوان .. ما الذي كان يفعله بجوار بيتنا صباحا ؟
ميرنا(هنا ارتفعت دقات قلبها وهي تطالع عينيه الملهوفتين لسماع جواب):- كان يود رؤيتي
حكيم(مص شفتيه وهو يتمالك أعصابه):- وهل رأيته ؟
ميرنا(تلعثمت ثم تابعت):- وهل يهمك أن تعرف ، ثم أنا كنت سأراه في مطلق الأحوال لا تنسى بأنني ما زلت أعمل بشركتهم
حكيم(أغمض عينيه وفتحهما بشراسة):- هل …. رأيته ؟
ميرنا(لاحظت تشنج عضلاته وحالته العصبية):- أجل رأيته …
حكيم(عض شفتيه السفلى وهو يهز رأسه غير مصدق):- أنتِ … هل طلبتِ الذهاب للبيت لأجل رؤية وائل ؟
ميرنا(حركت رأسها نفيا):- لالا أقسم يعني كنت بحاجة لأغراضي الشخصية فهاتفني و يعني رأيته قليلا ثم عدت للبيت ، وحدث ما حدث بعدها ..
حكيم(بشرود حرك رأسه):- ….لارد
ميرنا(بملامح متوجسة):- هل غضبت ؟
حكيم(أغمض عينه لمدة طويلة وفتحها ليتنفس بعمق):- أساسا لا جدوى من غضبي ، فلولاه لما استطعنا النجاة سالمين يعني .. سأقر أنه كان خيرا علينا
ميرنا(تنهدت بعمق وهي تبتسم):- الحمدلله ….(في سرها) آه يا ربي كاد قلبي يقع بين قدماي غضبه يصيبني بالضعف لا أدري لما أشعر بكل هذا الارتباك حين أراه غاضبا ، تتت يا ميرنا يجب أن تنتبهي ستكون عيونه عليكِ مثل الصقر ، هاااه جاءت من عند الله طرق الباب
حكيم(سمع طرق الباب وتنهد):- أصبح لديهم عادة سيئة جدا جدااا ،، بف من من أنا قادم ؟
ميرنا(حركت رأسها من جنونه وتمطت بأريحية في الفراش):- يا الله …
حكيم(فتح الباب):- نعم يا داغر أسمعك
داغر:- الموضوع طارئ لديك ضيف بالأسفل سيدي
حكيم(باستغراب):- ومن يكون ؟
داغر(نظر خلفه لميرنا وأشار له بالابتعاد):- نفس الشخص الذي رافقكم قبلا .. وائل رشوان
حكيم(امتقع وجهه بالرفض):- ما الذي أعاد هذا إلى هنا بففففف ، كنت أعلم أنه سيستغل الموقف لا عليك تعال معي لأرى كيف سأطرده هذه المرة …
أشار لميرنا بعودته بعد لحظات أغلق عليها الباب واتجه للأسفل كي يعرف ما سبب عودة ذلك الأخ الذي بات اسمه يشكل خطر تجول في حياة حكيم الراجي .. هنا في تلك اللحظة غفت ميرنا قليلا ولم تشعر بدخول زائرها الغريب من الشرفة …
ميار:- هيا يا ميار أفلحت يا رجل ، أنت بكل نفوذك وقوتك أصبحت تقفز بين الشرفات لأجل امرأة .. امرأة تعشقها من بعيد !
نفض الغبار عن ملابسه وأبعد الستائر عن طريقه ليرى بدره وهي نائمة فوق السرير ، تغوص في فلك لوحدها بعيدا عن كل الشرور ..أحنى حاجبيه برفق واقترب منها الهوينا انتبه لخفقات قلبه التي ازدادت باقترابه ، ورسم ابتسامة على ثغره فشخص في مثل سلطته تحكمه أنثى رقيقة بريئة شفافة عفوية لا تعرف للخداع طريق .. طيب طيب هي مخادعة صغيرة وكل خدعها بحسن نية يعني لن يسود ملفها عندك يا مياااار … قالها وهو ينحني القرفصاء ليتطلع إليها من محله بشكل هادئ تملؤه الغرابة
ميار:- ها يا ميرنا ، من بين كل الخطوط الممنوعة ما اهتممت وعبرتُ الفواصل وضربت بكل الحدود كي آتي إليكِ ، أنتِ بخير وستكونين أفضل أعلم ذلك ، حكيم لن يتوانى عن رعايتك لكن ما لا أفهمه ما الذي جعلكِ تلتقين بوائل رشوان اليوم وكأن صفحته انطوت يا أميرتي أم تراكِ تستغنين عن روحه ؟؟ لا تستغنين طيب ابقي عاقلة يا سلطانتي حتى لا يتأذى أحد …آه كيف سأفهمكِ هذااا أنا ابتعدت عن التعنيف وسأصفي كل حساباتي أعدكِ سأكون إنسانا سويا فقط … حين تصبحين لي
ميرنا(تململت قليلا وهذا ما أربكه وجعله يختفي في الشرفة):- م … من أنت من هناااااك ؟
لاحظت وجود شخص في الشرفة شخص يوليها ظهره ، ظهره المألوف رمشت بعينيها وهي تحاول إيجاد جواب ، أبعدت الغطاء عنها وتحركت صوبه في خطوات متثاقلة وقلبها يخفق بقوة كأنها عرفته وهذا ما جعل روحها تصاب بالفشل والضعف وقبل أن تصل إليه ، فُتح الباب بقوة وفاجأها دخول وائل وبعده حكيم قبل أن تستدركهما نظرت نحو الشرفة لم تجد شيئا وهنا لم تستطع إخفاء رعبها فجلست بوهن لا تدري ما هي فاعلة
وائل:- ميرناااا أنتِ بخير ؟
ميرنا(هزت رأسها له بتشوش):- لا تقلق صرت أحسن
حكيم:- أخبرناك أنها بخير لما لم تصدق يا هذاااااا ؟
وائل(بمماطلة):- لا أصدق ما لم أرى بأم عيني
حكيم(كتف يديه بنفاذ صبر):- طيب وماذا أخبرتك الخالة أم عينك ؟
ميرنا(جحظت عينيها وهي ترمق الكهرباء بينهما تتطاير شررا):- هيييه يكفي لقد تعبت ثم ثم لقد لمحت شخصا غريبا في غرفتي ، هل لذا أحدكما تبرير ؟؟؟
وائل وحكيم(في آن واحد وبفزع):- ماااااااذا قلتِ شخص غريب ؟؟؟؟؟؟
حكيم:- من هذا الذي يجرؤ على اقتحام حرمة جنااااحي ،، سأتحرى الأمر بسرعة ميرنا لا تقلقي وأنت …. ابق بقربها حتى أعود
وائل(حرك له حاجبيه):- والله سأنتظر منك السماح بذلك مثلا .. أستغفر الله
حكيم(هز يديه بعصبية وناظرهما بغبن ثم خرج):- سأقتل الغبي ابن الغبي الذي فكر مجرد التفكير أن يفزع عصفورتي … داااااااااااااااااااغر طلالالالالالالالالالالال …..
حالة استنفار تامة حوَّلت القصر لنمل متحرك في بدلات سوداء ، رجاله كانوا منتشرين في كل مكان يفتشون في كل شبر ، وهو بدوره كان يبحث معهم عن هذا الغريب الذي تجرأ على تلك الفعلة ..
داغر:- عفوا سيدي ولكنني لم نعثر على شيء ، ربما تهيأ ذلك للآنسة فقط ؟
حكيم:- ربما لكن واصلوا البحث ، لن يهدأ بالي حتى أطمئن بشكل جيد … لحظة ألووو
ميار(بصوت خافت من بين أسنانه):- أبعد بعيرك عن الإصطبل أحتاج للخروج من هنا ، أوقف البحث بالمعنى المجمل لأنني أنا الغريب
حكيم(فغر فاهه بعدم تصديق وحرك رأسه يمنة ويسرة):- الرحمة يا ربي ….
ماذا عساه يفعل جعل كل رجاله يبحثون جهة البحر وانطلق صوب اصطبله أخرجه من هناك وتوجه معه خارجا تحديدا حيث كان يقف سائق ميار متواريا عن الأنظار
ميار:- أعلم أنك تتساءل
حكيم(يسير بجانبه بحزم):- وأنتظر جوابا
ميار:- أول شيء تلك اللقيطة ما الذي يبقيها على قيد الحياة ، كان يجب التخلص منها حكيم لقد حاوَلت قتل ميرنااااا وإن لم تتصرف أنت فدعها لي
حكيم(توقف عن المسير وناظره):- شاهيناز لن تبرح لمحل ولن يصيبها أي أذى ، هي تحت حمايتي ورعايتي الآن أي نعم ارتكبت خطأ جسيما مع ميرنا لكنها ستتخطى هذه الأزمة ، يعني أساسا نحن نشك بشيء مريب في عقلها مذ أن استيقظت وهي غريبة
ميار(بلؤم):- كل هذا لا أكترث له فأناااا لا أطعم الكلاب حتى تعضني ، وهذه المسعورة قامت بالتمرد وحاولت قتل ميرنا وهذا يكفيني لأجعلها من قائمة المرحومين
حكيم(بعدم تصديق):- ألا تستمع لي ألا يوجد في عُرفك شيء يدعى فرص ثانية تسامح رحمة ، ألا تفهم في شيء سوى لغة الدم .؟؟؟
ميار(رمش بعينه وهو يعقد حاجبيه):- أمري ليس له ثان يا حكيم ، أنا لا أستشيرك هنا أنا أبلغك بما يجب عليك فعله ، أو لتتنحى جانبا رجالي سيتكلفون
حكيم:- اسمع يا ميار ، تلك المرأة تهمني ولن أسمح لك بالمساس بها أفهمت ؟
ميار(ابتسم له):- لا … أريدها ميتة في غضون 24 ساعة وإلا سترى مني ما لا يعجبك
حكيم(أشار له بإصبعه وهو يحاول تمالك أعصابه):- لعلمك .. أنت لست في موضع يخولك بالتهديد حاليا
ميار(هدر فيه):- حكييييييييم …لا تنس مع من تتكلم
حكيم(بنرفزة):- يكفي يا ميار ،،، أنت تجبرني على قول هذا ثم تحاول منعي من التدخل وحماية من يهمني أمرهم
ميار(حرك فمه بغيظ):- لن أكرر كلامي … تخلص منها
حكيم:- حقاااا ؟؟ أنسيت بأنني تركت طريق الدم منذ زمن بعيد حتى أن هذا ما جعل طرقاتنا تفترق يا أخ ، عموما عموما لست جاهزا للجدال فالمرأة التي تعنينا أعلاه مع غريمنا السيد وائل رشوان يعني إن كنت تريد ضمان سلامتها دعني أغادر بسلام
ميار(ابتلع ريقه):- سأعطيك فرصة أخيرة فقط لأنني بحاجة لهدنة خلال هذه الفترة ، لكن صدقني إن سمعت بأن راقصتك الفاجرة تلك قد اشتبكت مع ميرنا وسأعرف بطريقتي لعلمك يعني وقتها لن يقف بيني وبين القصاص منها حتى عزرااااائيل نفسه
حكيم(توجس من حديثه وزفر بعمق):- فهمنا
ميار(تراجع للخلف بغضب):- اعتني بميرنا جيدا وأطرد ذلك الوقح فورااا قبل أن أبدأ بتصفيته هو أول شخص في القائمة
حكيم(هز يده بتعب وهو يتحرك عائدا لقصره):- اففف ياااا … أوامر أوامر أوامر من يعتقد نفسه هذا سلطان الكون وأنا لا أعلم ،،(بعد دخوله القصر) تتت وائل
وائل(كان يقف في بوابة القصر الداخلية يكتف يديه بشرود):- لما لم تسمح لإياد بزيارة ميرنا لا أصدق أن الأنانية قد بلغت منك هذا الحد ؟؟
حكيم(رمش بعينه مرتين وتجاوزه للداخل):- كيف تركت ميرنا لوحدها ؟
وائل(مط شفتيه):- لم أتركها لكن تلك المرأة طلبت رؤيتها على انفراد وأنا أفسحت لهما المجال
حكيم(بقلق):- عن أي امرأة تتحدث ؟؟
وائل(عقد حاجبيه حين لمح قلق حكيم):- … تلك المرأة أ.. فخرية أجل هذه
حكيم(فتح عينيه على وسعهما):- الله لا يوفقك يا رجل كيف تترك النار قرب البنزين فقط خبرني بالله عليك … يا ربي …..
وائل(لم يفهم شيئا البتة لذا لحق به وهو يصعد الدرج كل درجتين بخطوة):- تتت …
في الغرفة
فخرية(كانت تتفوه بكلمات مبهمة على رأس ميرنا):- هذه رقيا لحفظكِ من الشرور بنيتي
ميرنا(رفعت حاجبيها بدون فهم"بنيتي" منذ متى تحبني هذه ؟):- عذرا يا ست فخرية ولكن يعني أنتِ …
فخرية:- لا أحبكِ .. هذا ما تودين سؤالي عنه ، اسمعيني إذن ليس بيني وبينكِ شيء خاص لكن وجودكِ كله يشعرني بعدم الارتياح
ميرنا(رمشت بعينيها):- أتكرهينني ؟
فخرية(ابتلعت ريقها وهي تتمم قراءة تراتيلها):- شتتت … صمتا
ميرنا(وجدت نفسها تحت رحمتها تلك اللحظة):- لطفا .. متى ينتهي هذا ؟
فخرية(زفرت بعمق وسحبت يدها التي كانت فوق رأس ميرنا في الفراغ دون ملامسة):- يا لطيف كم أنتِ فضولية … كدت أنتهي
ميرنا(أمسكت يد فخرية بامتنان لتشكرها):- ممتنة لما تفعلينه معي
فخرية(انتفضت بقوة حين شعرت باحتراق في يدها):- دعيني لا تلمسيني
ميرنا(توجست بعدم فهم):- ولكن …
فخرية(غطت رأسها من جديد):- ما كان يجب الدخول إلى هنا ، سأغادر
حكيم(فتح الباب بقوة):- فخرية .. ما الذي تفعلينه هنا ؟
فخرية(ناظرته بصرامة ورمقت وائل شزرا):- كنت أصنع لها تعويذة تقيها من الشرور
وائل(لم يشعر بنفسه إلا وابتسم وهو يقترب من ميرنا):- جميل جدا
فخرية:- لعلمك أنا أرى كل ما أرغب برؤيته ، ولا أحتاج لإعطائك دليلا يقنعك بهذا يا هذا
وائل(رفع رأسه بإباء):- واووو .. طيب لما لم تستطيعي رؤية حدث اليوم يا ترى وترحمينا من دور البطولة في مسلسل لا يعرض إلا مرة واحدة في هذه الحياة ؟
فخرية(لامست سخريته وبهزل):- ربما سمحت للأقدار أن تأخذ منحاها الصحيح
حكيم(لمح وائل قد أراد الرد عليها لذا تدخل):- عودي لغرفتكِ فخرية ومشكورة على ما قدمته ، صدقا هذا لطف باذخ منكِ
فخرية(ربتت على كتفه والتفتت لترمق وائل شزرا):- طبعا ذاك واجبي …
ميرنا(همست لوائل بعد خروجها):- أكان يجب أن تحرجها ؟
وائل(انحنى إليها وبهمس):- إحراج ماذا ، لقد كادت تأكلني واقفاااا بعينيها
ميرنا(ضحكت):- ههه تخيلت المشهد
حكيم(وضع يده على جنبه وتنحنح):- احم … يعني قليلا من الاحترام هنا سيدة ميرنا
وائل(تلاعب بلسانه وهو يعدل وقفته):- حين أردت التحدث مع ميرنا جاءت تلك السيدة ، لذا دعنا على انفراد قليلا لطفا منك
حكيم(صدم من مطلب وائل الوقح واقترب منه بحدة):- نعم نعم .. انفراد ومع زوجتي ؟ هل أنت في وعيك ؟؟؟
ميرنا(تململت في الفراش وهي تجلس برفق):- مهلكما ياااا ، ليس في كل دقيقة سأفض النزاع بينكما
حكيم:- أخبريني ما الذي أعاده إلى هنا مجددا كنا مرتاحين قبل حضوره
وائل(كز أسنانه وبصوت شرس):- أنا لي الحق في العودة متى أردت ولن تمنعني
حكيم(اقترب منه مجددا):- أنت تمتحن صبري كثيرا وهذا شيء لن يخدمك
وائل(بعناد):- والله … حتى أنا ذات الشيء
ميرنا(رمت برأسها بثقل على الوسادة):- أنتما لن تهمدا لذا أخرجا بعيدا عني وتخاصما ..
حكيم(نظر إليه بحدة):- اطمأننت عليها إذن أفسح المجال للأوكسجين المسكين كي يلج جنبات هذه الغرفة لأن التوتر الزائد قد تشرَّب مجمله ..
وائل:- هذا لأن حضرتك تقف في مكان يزيد من ضيق المكان أكثر
ميرنا(مسحت على رأسها بفشل ونظرت إليهما ، وفي سرها):- ماذا يا ميرنا كلاهما يدافع عن مساحته هنا ، كلاهما يريد أن يرافقكِ لكن كيف ستستطيعين الجمع بين كلاهما وكلاهما أجن من الآخر …..آخ
حولت عينيها وهي تغالب بسمتها والتفتت للنافذة لذا ودون وعي استوقفت مشاحنتهم بسؤالها
ميرنا:- صحيح هل وجدتم اللص ؟
حكيم:- ليس لصا يا ميرنا
وائل:- قد كان ..
حكيم(قاطعه بسرعة):- رجلا من رجالي أراد الاحتياط وضمان أن لا أحد يستطيع الدخول إلى هنا ، لكن مع الأسف يجدر بنا قفل الشرفة كلما أراد أحد فينا النوم هكذا أضمن
وائل(عقد حاجبيه باستغراب من بعد كذبة حكيم):- هممم …
حكيم(صفق بيده وأشار لوائل):- طيب وائل كنت مغادرا صح ، يعني سنكرر نفس مشهد المساء على الأقل انتظر لتغيير الموقع ..
وائل(أشار لها بهدوء ولم يوليه اهتماما):- سأكلمكِ عبر الهاتف .. لا تنامي
ميرنا(بصوت غير مسموع):- سأنتظرك
حكيم(فتح الباب ونظر إليه ثم إليها):- وها قد اكتملت ….
وائل:- لا تنسي أن تغيري هذه الثياب إنها لا تليق بكِ بتاتا ،وانت لا تستغل الفرص مثل المراهقيييييين عيب في حق رجل مثلك
ميرنا(نظرت لردة فعل حكيم الممتقعة وقد غالبها الضحك):- هه احم …
حكيم(بين أسنانه):- يا رحمان يا رحيم يا ستار يا كريم
وائل(غمزها لأنه استفزه وانطلق رفقته):- هيا ياااا أفندي…
حكيم(حرك رأسه كيف يسعه الوقوف بينهما كيف كيف):- الصبر ….
وائل(أثناء نزولهما):- تعلم أنني أترك روحي هنا ، لو علي لما برحت مكاني لكن مع الأسف وجودها تحت رحمتك يجعلني عاجزاااا
حكيم:- حسن لا تبالغ كثيرا ، ميرنا تعتبر أنا ولن أسمح لأحد بالاقتراب منها
وائل(قبل خروجه استدار إليه باحتدام):- لما كذبت عليها بشأن إياد ؟
حكيم(تبا لك يا ميار تبا لجنونك أكان يجب أن تغامر مغامرة كهذه وفي حضور هذا الحشري آخخخ بس آخ):- أخبرتك ذاك لم يكن إياد ، إنه رجل من رجالي
وائل(كتف يديه):- دعني أراه إذن
حكيم(برقت عيناه لكنه حافظ على هدوئه):- لا شأن لك به ، ثم أنا قد بعثته في مهمة خارج القصر ولن يعود حتى الغد يعني … آنست وشرفت مستر وائل
وائل(مط شفتيه بلا مبالاة):- سحقاا للأقدار الغبية …
حكيم(يناظره وهو مغادر):- أسمعك جيدا على فكرة يا روحي …
طلال(خرج من المطبخ):- هيييه حكيم ألن تتناول العشاء متنا جوعا اليوم ؟
حكيم(صغر عينيه وعاد إليه):- دعهم يجهزون أكلا لي ولميرنا سنتناوله بغرفتها
طلال:- أوك …
حتى عندما صعد لم يدلف لغرفتها بل توجه صوب مكتبه الخاص ، خلوته التي ينسى فيها العالم أجمع كان بحاجة لوقت مستقطع له وحده فقد عايش ذلك اليوم توترا كثيرااااا أرهق فرقده ، أمسك بمفتاح قلادته وفتح درج مكتبه وأخرج منه كتابه العتيق وقلمه المفضل وأخذ يخط بضع كلمات تفرغ مكنونات قلبه تلك اللحظة … لكن ما كان يجب عليه السماح لميرنا بالانفراد أكثر فها هي ذي قد استغلت هذه الفرصة وقامت بزيارة ، كان ترغب بالاطمئنان عليها حتى لو من بعيد رؤية ما إذا كانت حقا بخير أم أنهم يدَّعون ذلك لكي لا يتسرب القلق بداخلها ، أومأت برأسها للرجال وتوجهت صوب غرفة شاهيناز وجدتها نائمة فارتاحت لذلك ودلفت إليها تخط الأرض بخطوات خفيفة صوبها لحين وقفت على رأسها تتأملها بصمت ..
ميرنا:- أصبحتِ بخير وستشفين يا شاهيناز ، سامحيني على فعلتي ولكنني كنت مضطرة لذلك .. خفت كثيرا أن يصيبكِ مكروه لكن الحمدلله سوف تكونين بخير
شاهيناز(فتحت عينيها بشراسة وأمسكت بيد ميرنا التي صرخت فزعا):- ههههه جبانة
ميرنا(حاولت سحب يدها لكنها كانت قوية):- دعيني وشأني .. هيه أتركي يدي ألا تسمعين
شاهيناز(وهي تبتسم بعيون شاخصة في ملامح ميرنا):- أكرهكِ وسأجعلكِ تذوقين عذاب الأولين والآخرين ، لن تحظي بلحظة سعيدة سأحول حياتكِ لتعاسة دائمة لجحيييييم أسووود هاهاهاااااااا
ميرنا(ارتعبت من ملامحها الشيطانية ونظراتها المريبة ووضعت يدها على يد شاهيناز لتبعدها):- يووووه قلت لكِ دعييييييييييييييني
شاهيناز(خطفت يدها بسرعة حين شعرت بشيء يشبه النار منبعث من يدها):- هئئ
ميرنا(أخذت تدعك محل قبضة شاهيناز المحمر):- كان من الخطأ رؤيتكِ أنتِ لن تتغيري
شاهيناز(استقامت جالسة ونظرت ليدها كان هنالك احمرار داكن يشبه الاحتراق):- هل ما حدث حقيقي ؟؟؟ هذه الحمقاااااء لا لللل لالالالالالالاالا يمكن أن تفعلها فخرية لا يمكن …
من فورها بعد مغادرة ميرنا انطلقت بسرعة صوب الدرج الجانبي ونزلت مهرولة حتى دخلت على فخرية المنسدحة على سريرها ، بطريقة مريبة جعلتها تقفز من محلها
فخرية:- هل ستدخلين علي كل حين هكذااااااااا ماذا تريدين مني ؟؟؟
شاهيناز(بتوتر):- فخرية أخبريني أن ما على يدي ليس آثار حرق ؟
فخرية(جحظت عينيها واستقامت):- هئئئئ لامستِ ميرنا ؟؟
شاهيناز(عقدت حاجبيها دون فهم):- أجل ولكن … كيف عرفتِ ؟
فخرية(رفعت كم يدها وأرتها نفس الحرق):-لأن ميرناااااا يا سلسبيل… هي وليدة الشمس
شاهيناز(بعدم تصديق أطلقت ضحكة مزلزلة):- هههه هاهاااا بالله عليكِ يا فخرية أتصدقين أن تلك العشيرة لا يزالون على قيد الحياة ؟؟؟ هااهاا أنتِ نكتة صدقا ثم آخرهم قد توفي على يدي يعني تفكيركِ خاطئ
فخرية(بجمود):- طيب فسري لي أنتِ ما هذا الذي يصيبنا حين ملامستها ؟
شاهيناز(توقفت عن الضحك وبجدية):- فخرية مستحيييييل مستحيل .. لالا هنالك خطب ما مستحيل أن تكون وليدة الشمس مستحيل أن يصنعوا قوة تفوق قدرتي
فخرية(جلست بوهن):- ليس ترياقا يا سلسبيل ، بل … حصن الشمس المنيع
شاهيناز:- ولكن كيف …. من سيصنع لها مثل هذا الحصن الذي لا يُقدم إلا بتضحية ؟
فخرية:- احزري أنتِ من سيفعل شيئا كهذااا لأجل حمايتها ؟
شاهيناز(بغمغمة شر):- سليم الراجي … هه وأنا التي اعتقدت أنه تاب بعد فعلته الشنيعة بي وتواطئه القذر معكِ ومع ابن الرشوانية .. لا بأس لا بأس الحساب يجمع
فخرية:- ميرنا مختارة يا سلسبيل بكرُ بناته عاقبها القدر بشيء عذبها مع أبيها لسنوات مديدة ، وثانيهن ذات قلب منشطر لم تصلح لأن تكون حاملة أسرار فك اللعنة ، لكن ميرنا ثالثهن كانتِ الخيار الأوفر من بينهن وللصدفة عثر سليم أثناء حمل زوجته بها بعد بحث مضني على عشيرة الشمس ليتكفلوا بها ويجعلوها المختارة ، يعني الأقدار اختارتها لتحمل حصن الشمس بين خلدها وتحارب به أمثالنا يا أختي .. لهذا كان سليم يحميها لسنوات مديدة فقد كانت خلاصه وراحته من عودتكِ أو تمردي أنا أو إخوة العشيرة اللعينة ، فلم تكن تضحيته صادقة بما يكفي تلاعب بهم أيضا آنذاك وعاقبوه بحرمانه من خلف الأولاد
شاهيناز(بعدم تصديق جلست على الكرسي مقابلها):- مستحيل .. أبلغ الهوس بسليم حتى جعل ابنته حصنا منيعا وأداة للعشيرة ليستخدموها ضدنا ؟؟؟ ثم كيف يتلاعب بهم ألم يخشى على حياته منهم ؟؟
فخرية:- لم يخشى لأنه يضمن تقاليد العشيرة هم لا يقتلون لكن يعاقبون
شاهيناز(رمشت بعينيها):- لكن ما أدراكِ أنتِ بكل هذاااا ؟ حتى أنا استصعب علي مجاراة كل هذا رغم مراقبتي له طوال سجني
فخرية:- هذا ما اكتشفته يا سلسبيل بطرقي الخاصة ، لقد جن جنون الرجل في تلك الآونة لذا كان الحل الأمثل التضحية بإحدى بناته لأجل حماية جماعية تقيه شرور كوابيسه ، وأرجح أن لكِ دخلا في تلك الكوابيس سلسبيل ؟
شاهيناز(ابتسمت بانتصار):- كنت وحيدة هناك فماذا تنتظرين مني ، يعني حاولت أن أتسلى بما في يدي وكنت أعذبه بها فقط ليس إلا
فخرية:- طيب تعذيبكِ ذاك هو ما جعلنا أسيرات عاجزات أمام ميرنا وإن اقتربتِ منها ستحترقين
شاهيناز:- هههههه هاهاااا لا زلتِ لا تعرفين أختكِ أنا لن أسمح بأن تقيد قوتي طفلة ، سأجد العشيرة وأفتك بهم جميعا وقتها سيفك الحصن وتصبح طوع يدي
فخرية:- لتطمئني قليلا لم يتبقى من تلك العشيرة سوى شخص واحد إن عثرنا عليه انتهت مشكلتناااا
شاهيناز:- سأعثر سأعثر لكي أتفرغ لهاااا
فخرية(بقلق على ميرنا):- ماذا تريدين منها ؟
شاهيناز(بخبث):- لم أكن أريد لكن أباها أراد بها شرا ، لذا سقط الذنب عني ههههههه
طلال(دخل عليهما بفزع):- أنتِ هنا شاهي بحثت عنكِ ولم أجدكِ .. هيا معي لغرفتك نبهتكِ عن عدم الخروج منهااااا أم لا ؟؟ فخرية لا تشاركي في جنون هذه رجاء
فخرية(نظرت لسلسبيل التي تحولت عيناها لحمم بركانية):- انهضي يا شاهيناز سنكمل حديثنا فيما بعد هياااا ..
شاهيناز(استعادت نفسها):- تمام … أراكِ لاحقا فخرية
طلال(يسير بجنبها):- منذ متى وأنتما صديقتان ؟
شاهيناز(تأبطت ذراعه):- منذ اليوم هههه …
طلال(استوقفها وعيناه تبرقان بالحب):- لحظة شاهي .. أريد أن أخبرك بأمر يعني ، أنا سعيد جدا بتغييركِ المفاجئ لأنني أشعر بأنكِ عدت شاهيناز القديمة وهذا أمر يؤنسني وممتن لأجله بشدة
شاهيناز(اصطنعت بسمة وفي سرها):- ها يا سلسبيل هل عليكِ أن تعبثي الآن كي تصلحي ما أفسدته تلك اللعينة التي سكنتِ جسدها ، تت لا بأس هذا سيفيدني في أخذ حريتي يجب أن أتحرر وأستعيد ثقتهم الكاملة بي وأنا أعرف كيف … هههه / شكرا عزيزي طلال هذا أمر يسعدني
قبَّل ظاهر يدها وسحبها معه نحو غرفتها لترتاح ، وهنا كانت ميرنا غائبة أو بالأحرى منشغلة في أمر سيحدث جلبة في قلبه إن استشعره حتى ..
ميرنا(تلف خصلة شعرها):- صدقني أنا الآن بحالة جيدة خصوصا بعد أن رأيتك وائل
وائل(عبر الهاتف):- ماذا تفعلين اللحظة يا ترى ؟
ميرنا(تبتسم بإشراق):- أتأمل صورتك
وائل(بدفء):- غشاشة
ميرنا:- أشتاق إليك وائل ولا أدري مصير طريقنا
وائل(بقلق):- هييْ لا تبتئسي أبدا ، أنا لن أتخلى عنكِ حياتي هي فترة وستمر لحال سبيلها وسيعود كل شيء لسابق عهده ، رامز أكد لنا خبر اعتزال الفهد وهذا لن يتم إلا بارتكاب أخطاء سنستغلها ونلقي القبض على الكل وتنتهي الحكاية
ميرنا(بتوجس):- أتظن الأمر بهذه السهولة ؟
وائل(قلق في داخله لكن لا يسعه سوى طمأنتها):- واثق من ذلك ، لنصبر قليلا محبوبتي
ميرنا(مصت شفتيها):- طيب حبيبي سأعود لغرفتي الآن كي أنام
وائل:- لماذااا أين أنتِ الآن ؟
ميرنا(نظرت حولها وهي بممر مظلم قليلا وعقدت حاجبيها):- في في الشرفة يعني أين سأكون عموما غدا أكلمك ، ليلة سعيدة
وائل(غير قادر على فصل الخط لكن تأفف بصيغة لا بأس):- وأنتِ الأسعد حبيبتي ..
أقفلت الخط وهي تتنهد وتستغرب كيف أوصلتها قدماها لذلك المكان ، وضعت هاتفها بجيبها وسارت بثقل يرافق تعبها الجسدي والذاتي ، أخذت تتطلع لبوابات الغرف المتعددة ولفت انتباهها غرفة جانبية ذات باب لونه مختلف عن البقية يعني شيء غير عادي … انتابها الفضول وتوجهت صوبها بهدوء وضعت يدها على مقبض الباب لتفتحه لكنه لم يفتح وهذا ما أثار أعصابها وزاد من تمدد ملكة الفضول في ذاتها .. فكرت مليا قبل أن تعود أدراجها صوب ديكور حديدي بقبضة اليد يضعونه على الجوانب ووجدت أنه سيفي بالمهمة لذا جلبته وكسرت به مقبض الباب ، لكن هل يا ترى ما يوجد بالداخل يستحق هذا التخريب ؟؟ سألت نفسها بتردد لكن لا ينفع التردد الآن قد فعلتها لتجمع الدلائل ضد الفهد البري إن وجدتها في تلك الغرفة وإلا لما سيغلقها حكيم ويجعلها قصية عن الأنظار …. اشتمت رائحة الغبار قبل أن تبحث عن إضاءة الغرفة واستغلت ضوء هاتفها كي تجد الزر الذي ما إن ضغطت عليه حتى عادت خطوات للوراء بعد أن هالها ما رأته ….. لم تصدق نفسها وهي تتطلع لما اكتشفته ابتلعت ريقها لحظة ولحظتين قبل أن تتقدم لتتفحص عن قرب كل تلك الصور المتراكمة بشكل فوضوي ، شاملة كل شبر من الغرفة والسؤال الأهم صور ماذا ؟ … كانت مجملها صور ميرنا خلال مراحل حياتها منذ 16 سنة تقريبا في كل ذكرى ميلاد لها في بداية ونهاية سنتها الدراسية ، في احتفالاتها مع الأصدقاء في تخرجها في دراستها في رحلاتها في كل مكان لم يخطر على بال أحد ، وجدت بأنها خبر حصري دام لستة عشرة سنة لشخص مهووس أجل وصل به جنون العشق حد الهوس .. لم تشعر إلا بدموعها وقد انهمرت وهي تمسح على فمها بعدم تصديق كيف يراقبها كل هذه السنين ولا يفكر بالاطمئنان عليها حتى وجها لوجه ولو مرة واحدة ، كيف كان بذلك القرب ولم يضمها إلى صدره أو يظهر نفسه لها لكانت تغيرت ملايين الأشياء في داخلها ،،، كيف فعل بها ذلك كيف كيف ..؟؟؟؟ لم تشعر بنفسها إلا وقد انهارت على الأرض تبكي جور الأعوام الغابرة والانتظار المضني والحرمان القاتل والفقد المزمن ، كيف ستستوعب الآن أنه كان أقرب لها من الوريد ولكنه لم يقترب لم يحتويها في عز حاجتها ، لم يطمئنها أن الغد الجميل بانتظارهم ، لم يمسك بيدها ويعطيها طاقة إيجابية وشحنة صبر تتغلب فيها على صراع الأياااااام … كم كان ظالما كم كان ظااااااالما ؟؟؟
ميرنا(ببكاء تنظر للصور وتصرخ):- كيف فعلت بي هذاااا يا حكييييييييييييييييييييييي يم كيف فعلت بي هذااااااا اهئ ؟؟؟ كيف استطعت الابتعاد وأنت بذلك القرررررررب كيف كيف يا حكيم كيييييييييف سمحت لك نفسك أن تتفرج علي وأنا أحترق شوقااااااااا إليك كيييييييييف؟؟؟
حكيم(وصل إليها ركضا وتوقف وهو يسمع آخر جملها ويرى ما قد حل على رأسه):- ميرنا
ميرنا(تشنجت من سماع صوته واستقامت بصعوبة لتلتفت إليه بعيون دامعة وتشير لكل تلك الصور):- هل كنت تجمع ذكريات حياتي هناااا ؟
حكيم(تضخم صدره بالأسى عليها):- ميرنا اسمعي لكل شيء تبرير ، ثم كيف فكرتِ باقتحام الغرفة هذا عيب ؟؟؟؟
ميرنا(بغبن مسحت دموعها بيديها وأكملت بشرر):- عذرااا قد اقتحمت غرفتك دون إذنك يا ابن عمي عذرااااا بحق لم أعلم أنك كنت لي أقرب من أنفاسي … فقط أجبني كيف طاوعك قلبك ؟
حكيم(تقدم إليها وهو ينظر للصور):- كنت مجبرا يا ميرنا
ميرنا(انتفضت من لمسة يده على خديها):- ابتعد عني … ابتعد يا حكيم أنا أمقتك بشدة الآن بعد الذي اكتشفته هنااااا ما عدت أطيقك
حكيم(ابيضت مفاصل يده حتى برزت عروقه من شدة الغضب):- ميرنااااااااااا
ميرنا(حركت رأسها بدموع وهي تناظر كل شيء وضربته على صدره):- ماذاااااااا ماذاااااا هل ستكذب كذبة جديدة علي ؟ هل ستخترع حجة الآن يا حكييييييييييم لقد لقد اعتقدت طوال تلك السنوات أنك بعيد عني ولكن أكتشف أنك كنت أقرب لي من أهلي حتى ، هذا ما لا أقبله حكيم لا أقبله لالالالالا أقبله
حكيم(استقبل ضرباتها على صدره وجرها إليه):- ميرناا حبيبتي أقسم بأنني كنت أحترق في كل صورة من هذه الصور ، حين أشاهدكِ وأنتِ بعيدة عني غير قادر حتى على لمسك كنت أكره الدنيا وما فيها ، أسخط على كل شيء لأنني مجبر على الابتعاااااد مجبر يا ميرناااا
ميرنا(هزت رأسها بدموع وهي تبحث في عينيه القريبة من عينيها عن جواب يطفئ لهيب الغضب في جوفها):- ولكنك عدت في الأخير
حكيم:- عودتي جاءت بأسباب عديدة تعرفين بعضها والآخر في طي الكتمان … يا ميرنا أنتِ كنتِ صوب عيني ليل نهار أعشقكِ ليل نهار أشتاق إليكِ ليل نهار ، ليس ذنبي أني وضعت في خانة عمل يجبرني على عدم العودة لأهلي بعار يكسر ظهرهم …
ميرنا(عقدت حاجبيها):- عار ؟؟؟ عماذا تتحدث أنت ؟
حكيم(رمش بعينيه في رفض وأمسك بفكها الصغير ليلامس حزنها):- أنا لست جيدا لتلك الدرجة التي تعتقدينها ميرنا ، لقد اقترفت العديد من الأخطاء هي التي حكمت علي بالابتعاد القسري ..
ميرنا(بعدم اقتناع):- طيب لما أظهرت لي نفسك مؤخرااااا ولم تستطع ذلك قبلا .. ما الذي تغير ؟
حكيم(مص شفتيه بحزن وانحنى برأسه إليها):- دخول شخص بيننا كان يحتم العودة
ميرنا(رفعت حاجبيها بحركة غبن وهي تستسلم للأمر الواقع):- وائل … ههه أرى أنه يشكل خطرا على الجميع علما أنك أنت من سمح بأن يتواجد في حياتي لا أناااا .. فلا تحاسبني الآن لأنني لن أتخلى عن حبيبي مطلقاااااااا
حكيم(بغيظ أمسك بذراعيها وجذبها إليه أكثر):- بحق كل تلك السنين التي احترقت فيها بغيابكِ ميرنا ، إن لم تعدلي عن جنونكِ ذاك وهوسك به سترين ما لا يسرك
ميرنا(توجست من جملته التهديدية):- هل تعني أنك ستؤذيه ؟
حكيم(أفلتها وولاها ظهره):- قد أفعلها وأعود للطريق التي هربت منها ، لأنني لا أستحق منكِ هذا التصرف بعد كل هذا الفراق بيننا ميرنااااا
ميرنا(أمسكت بكتفه وأجبرته على الالتفات إليها):- أتصدق نفسك ؟ أتقتلني وتأتي لتحاسبني على موتي الآن … حبا بالله لا تجعلني أضحك في توقيت غير لائق
حكيم(لاحظ إغماضة عينها المتكررة من التعب):- هذا ليس وقت الحساب والعتاب ، عليكِ أن ترتاحي يا ميرنا هيا لغرفتك
ميرنا(رمشت بعينيها):- لن أبقى هنا لحظة وااااااحدة خذني إلى بيتنا
حكيم(لحقها وهو ينفض يديه بنفاذ صبر):- يا ميرناااا توقفي اسمعيني
ميرنا(لم تتوقف بل تابعت):- لا تكلمني ولا تقترب مني فقط اصطحبني لبيتنا وعد من حيث أتيت ، ابقى سنة سنتين حسب مشيئتك عزيزي حكيم لن أبالي
حكيم(سارع خطواته حتى أمسكها من ذراعها وأوقفها بقوة):- لا تبدئي الآن تذمركِ ، أخبرتكِ بأعذاري فتفهمي الموقف قليلا لا تكوني أنتِ والزمن ظالميييييييين ، يكفي يكفي
ميرنا(رمشت بعينيها حين لمست قهره لذا كتفت يديها):- خذني لبيتنا
حكيم(أغمض عينيه ليعد تحت العشرة قبل أن يتهور):- ميرنااااااا
ميرنا(اهتزت بجدعها بحركة استفزاز):- الآآآآن …
حكيم(احمر وجهه غيظا وزفر بعمق آهات عديدة):- لن تذهبي
ميرنا(بعناد الحجر):- بل سأذهب وأنت من ستقلني حتى
حكيم(اقترب بوجهه بحركة عناد):- قلت لا يعني لا لا لا لالالالالالالالالاااااااا اااااا
امممم كانت لا واحدة تكفي يا حكيم الراجي لما كل تلك اللالات وفي الأخير كنت سترضخ للأمر الواقع ،، ها هو ذا ينزل من سيارته ويتقدم ليفتح لها لكن الأخت خرجت قبله مسرعة هاربة منه بالمعنى الفعلي …
حكيم(أقفل السيارة ولحقها وهو يزفر بتعب):- الرحمة يا الله ….
ميرنا(فتحت الباب ودلفت بسرعة دون أن تنتظره):- مساء الخير جميعا أنا في غرفتي
عواطف(نهضت بعدم فهم):- ما بها هذه المجنونة مرَّت كالرعد ؟؟
نور:- السؤال الأهم لما ترتدي ثياب رجالية ؟؟؟؟
مديحة(استقامت هي الأخرى بقلق وتوجهت صوب الباب وجدت ابنها قادما):- حكيم بني ما الذي يجري ؟
حكيم(هذا ما ينقصني فضيحة عائلية):- أ.. لا شيء أمي ميرنا منزعجة مني قليلا يعني ..لا شيء مهم
سماح:- الله الله نحن حتى لم نحضر لكما غرفة يا بني يعني … مديحة قولي شيئا ؟
مديحة(بارتباك):- أجل ..
حكيم(عن أي غرفة تتحدثن ياااا ما هذا الجنون):- اسمعنني رجاء الموضوع محلول أصلا يعني أنا وميرنا نحله بطريقتنا ، فلا داعي للقلق تصبحون على خير
عواطف(بدون فهم):- وأنتم من أهله
مديحة:- استخدما غرفة أحدكما يعني ريثما أ.. نجهز واحدة من اختياركما يعني احمم
حكيم(هز رأسه وهو يصعد الدرج):- رااائع جداا هذا ما كان ينقص
سماح(بعد صعوده):- أكيد هذه عين حاسدة وضربتهم لذا تخاصما بعد يوم واحد زواج ،،
مديحة(بتخوف):- الله لا يجيب خصام ..
عواطف:- هيا لا تكبرا الموضوع هما راشدين سيحلان مشاكلهما لوحدهما ، لنخلد نحن أيضا للنوم هيا …
نور:- هذا ما كنت بصدد قوله الكل نائم لنلحق نحن أيضا بركب الأحلام ...
مديحة:- عسى في الصباح تكون الأمور محلولة
عواطف:- سترين العسل غدااا أنا واثقة
سماح(تحرك شفتيها بهزل):- عسل هااااه والله إن هذا الأمر برمته به شيء مريب وسألاحقه حتى أعرف ماذا يخفيان ، حدسي ابن الكلب وأعرفه همممم
بعد أن أطفئت كل الأضواء بالأسفل كان هو يدور بغرفته يريد الذهاب إليها لكنه متردد، أكيد سوف لن تسمح له بالنطق بحرف واحد حتى ، فماذا سيقول ماذا أساسا لا يملك الأعذار الكافية … مسح على جبينه فقد تعب من كثرة التفكير ذلك اليوم لذا جلس على طرف السرير وهو يشبك يديه بقلة حيلة ، فجأة طرأت على باله فكرة فلا ينفع في مثل هذه الحالات سوى الادعاءات الكاذبة لعلها تفلح …توجه إليها وقد رسم على وجهه ابتسامة
ميرنا(كانت خرجت من حمامها وتفاجئت بدخوله وكانت لا تزال غير مرتدية لسترة ثياب نومها ،اكتفت بالقميص الداخلي بدون أكمام وبنطلونها المورد):- هيييه إلى أين يا عمي إلى أين ؟ كأن هذه غرفة وليست حظيرة ماعز ؟؟
حكيم(أقفل الباب وأدار المفتاح):- حظيرة ماعز ؟؟ لعلمك تشبيهاتكِ تصبيني بالفشل الفكري اجلسي اجلسي لدينا مشكلة
ميرنا(بتوتر جلست على كنبتها):- خيرااااا ما الذي تبقى لم يحدث اليوم ؟
حكيم(جلس بقربها وتمعن في جملتها):- احم بداية جميلة لما سأقوله اسمعيني ميرنا نحن الآن نعتبر ماذا ؟
ميرنا(رمشت بعينها بدون فهم):- ماذا ؟
حكيم(امتعض من عدم معرفتها وتابع بنفس البسمة):- متزوجين …
ميرنا(تراجعت للخلف متوجسة):- يعني ؟؟
حكيم(وهو يشير بيده ليشرح لها أكثر):- يعني أنه من الغير اللائق أمام أهلنا أن ننام في غرفتين منفردتين
ميرنا(استقامت برفض):- لا والله ؟؟؟؟ أهذا ما تدبره حكيم ما حسبت أن لك تفكيرا منحرفا بهذا الشكل على الإطلاق ..
حكيم(نهض خلفها):- إنحراف ماذا يا عمتي !! أقول هذا لأجل صورتنا أمام العائلة هل تريدين أن يشككوا بزواجنا ونقع بمشكلة أمامهم ؟
ميرنا(ولته ظهرها بتفكير):- أكيد لاء يعني .. أكيد لن يشكوا ثم ماذا في الأمر لو نام كل منا بغرفة منفردة أساسا أنا غاضبة منك لا تكلمني
حكيم(أمسكها بخفة):- ميرنا ميرنا حبي إن ما تفعلينه الآن سيضعنا في مأزق
ميرنا(برقت عيناها بشرر):- أخرج من غرفتي حالا لا أريدك
حكيم(بصوت خافت):- هششش ستفضحيننا يا بنت … أخفضي صوتكِ واسمعيني
ميرنا(دفعت يده وارتدت سترتها):- سأنزل لأتناول شيئا بطني تزقزق إن عدت ووجدتك هنا سأجعل أهل البيت يشهدون على تمرد زوجة لم يحدث في التاريخ
حكيم(فز عينيه):- أتفعلينها ؟
ميرنا(جمعت شعرها جانبيا وهزت حاجبها بتعفف):- أجل … ونصيحة لا تجربني
حكيم(بلؤم صغر فيها عينيه وهو يضع يده جانبا):- طيب يا ميرنا سنرى ….
نزلت بخطى خفيفة نحو المطبخ ، بحثت في الثلاجة وأخرجت بعض الجبن وسلطة الطماطم وزيتون أسود وعلبة عصير وجلست تتناوله بشرود ، صبت كأس العصير لنفسها وأخذت تركز بنهم فيما يوجد أمامها .. أساسا أحداث ذلك اليوم من بدايته لنهايته مربكة لم يطرأ ببالها لحظتها سوى بركة حكيم المائية وذلك الصباح الجميل الذي جمعها به ، شعرت بالدفء بمجرد تذكرها ونفضت أفكارها حين ولجتِ الحادثة عقلها قد كادت تموت لولا ستر الله .. ماذا لو كانت لوحدها ولم يأتي لا حكيم ولا وائل كانت لتقتلها تلك المجنونة
ميرنا(بفزع انحبستِ اللقمة في جوفها وأخذت تسعل):- أكح … هئئئ ….
حكيم(بسرعة قدم لها كوب ماء):- يعني لو لم أتبعكِ كنتِ متِّ اختناقا وبماذا بملعقة جبن
ميرنا(بوجه محمر تسترد أنفاسها):- ألا تترك الواحد يختنق على راحته حتى ، ما هذا ما هذااا ؟؟
حكيم(أمسك عنها الكأس وأشار لها):- أخفضي صوتكِ يا ميرنا ولا تدعيني أعلمكِ أصول الحديث هنا وفي هذا المكان
ميرنا(وضعت يدها على جنبها):- لا والله هذا ما تبقى لحضرتك
حكيم(رفع يديه وهو يهدأ من روعه):- سأعد قهوة أتشربين ؟
ميرنا(بعصبية):- لن أشرب أو آكل من يدك أي شيء
حكيم(فتح الثلاجة):- هنالك حلوى كريمية هنا ياااامي يظهر لي أنها لذيذة وصنع اليوم
ميرنا(رفعت حاجبها باشتهاء):- لم ألحظها حين فتشت عما آكله ؟
حكيم(أخرجها وغمزها):- هل أعد القهوة ؟
ميرنا(تلاعبت بلسانها وهي تحول عينيها وتمسك الصحن منه):- طيب …
حكيم:- حمقاء أنتِ على فكرة ..
ميرنا(تناولت القليل منها):- لكنني لست بكاذبة
حكيم:- لا صدقتكِ وأنتِ الكذب عندكِ أصبح مثل لعبة الورق
ميرنا(رفعت حاجبها):- ذلك يتم حسب الظروف لا شيء مخطط
حكيم(وضع القهوة على النار):- مدهشة أنتِ حبيبتي في قمة النزاهة
ميرنا(تمضغ وترمقه بنفاذ صبر):- لا بأس لن تسمحي له باستفزازك ستكونين أطول بالا
حكيم(يحضر الفناجين):- ماذا تتمتمين هناك تحت فمكِ هاه .. تشتمين صح ؟
ميرنا(من بين أسنانها):- تقريبااااا
حكيم(بعد غليان القهوة صبَّها ووضع الكوبين كلا على حدة وجلس):- على فكرة أنتِ جاحدة والتظلم عندكِ بات جارحا
ميرنا(شربت من فنجانها القليل):- قهوة بدون سكر ؟
حكيم:- أجل ؟
ميرنا(بامتعاض):- أنا أشربها بثلاث ملاعق سكر .. ما هذاااا ؟
حكيم:- أعلم ذلك لكنكِ ستشربينها مثلما هي
ميرنا(برفض):- والله ؟؟ وما الذي سيجبرني ؟
حكيم(شرب من قهوته ببرود تام):- لأنني أنا أردت ذلك
ميرنا(فغرت فاهها وأغلقته محاولة استيعاب جملته):- حكيم .. حكيم … صبري وصل أنفي يعني قليلا بعد سأحول سكون هذا البيت لحلبة مصارعة
حكيم(ابتسم باستفزاز وأخذ يتلذذ بقهوته):- كم تروقينني وأنتِ شرسة لئيمة واوووو
ميرنا(لم تتحمل وهمَّت بالصراخ لكنه وضع يده على فمها):- همممامماممم
حكيم:- هشش هشش فضحتِ أمنا ياااا الله منكِ .. أآآن عمتي سمااااح
سماح(دخلت عليهما وهي ترمقهما كلا على حدة):- ما الذي تفعلانه يا أولاد ؟
ميرنا(ابتلعت ريقها):- أ.. كنا نتناول شيئا يعني.. احم
سماح(جلست أمامهما وأخذت تراقبهما):- هل تشربون قهوة أنا أيضا أريد ، فالنوم قد غالبني قليلا
ميرنا(ضربت برجلها رجل حكيم بجانبها):- انهض وصُب لعمتنا كوب قهوة يا حكيم
حكيم(تقبل ضربتها بامتعاض):- ستدفعين ثمن هذه الحركة أعدكِ بذلك ../ همم تكرمي عمتي قهوتكِ جاهزة
سماح:- ها يا ميرنا يا ابنتي هذا شيء لا يجوز ، يعني أنتِ عروس جديدة لا يصح أن تلبسي مثل هذه البيجامات الطفولية ..
حكيم(رفع يده بمناصرة):- والله هذا ما أقوله لها عمتي لكنها لا تستمع لي
ميرنا(شهقت بفزع منه):- هئئئئ
سماح:- أووه لالالا عيب يا ابنتي الزوج يحب أن يرى زوجته في فساتين نوم جميلة يعني أنتِ راشدة هل سأخبركِ أنا بما يصح وما لا يصح
ميرنا(بخجل):- أحم .. عمتي لا يجوز هذا الكلام في وجوده
سماح:- وما الذي لا يجوز يا بنت هذا زوجكِ وأنا بمقام أمكما ، يعني العتب على الأختين لا يهتمان بهذه الأمور لكن أنا من اللحظة سأبني معكما أعمدة هذا الزواج وسنبدأ من الليلة حتى أ.. أين تنامان الآن ؟
حكيم وميرنا في آن الوقت(قدم لها القهوة وأشار لميرنا التي أشارت له):- في غرفته … في غرفتها …أ..!!
سماح(بدون فهم):- ماذاا ؟
حكيم:- في غرفتها يعني … هكذا هي تفضل
سماح(هزت رأسها ببسمة):- أمم جميل إذن يوم غد سننزل للسوق لنشتري لكِ بعض الفساتين الفاتنة ، ستسلبين بها عقل حكيم أكيد
حكيم(سبل لها بعينيه):- والله يا ريت
ميرنا(ضربته برجلها مجددا وهي تبتسم رغما عنها):- سأحاسبك فيما بعد ..
سماح(تنهدت عميقا وهي تشرب من قهوتها):- أوووه سلمت الأنامل عزيزي ، لكن إن شربت أكثر من رشفة سوف لن يزور النوم عيني لذا سأنسحب الآن ليلتكما سعيدة
حكيم:- وأنتِ الأسعد عمتي
سماح(أشارت له برأسها ليتبعها في الرواق):- ولد ..
حكيم:- نعم عمتي ؟
سماح(تهمس له وهي تنظر لميرنا التي كانت تراقبهما عن كثب):- يا ولدي البنات تحببن الدلال والغنج يعني صالحها بكلمة كلمتين وداعبها لاعبها حتى ، لا تكن مثل الحائط بدون فائدة
حكيم(حك خلف رأسه):- ههه هههه مشكورة ع النصائح أكيد سأعمل بها
سماح(قبلته بمحبة):- تمام هيا عد لزوجتك أراكما غدا تصبحان على خير …
حكيم(لوح لها بوداع وعاد مسرعا إلى ميرنا):- هيا هيا إن أنهيتِ دعينا نصعد فورا
ميرنا:- لماذا يا بعدي ؟
حكيم(همس لها):- عمتي التي أعرفها حشرية أكثر من اللازم يعني يا روحي سننام بغرفتكِ وهذا أمر طارئ ..
ميرنا(قبل أن تفتح فمها كان يقفله بيده ويجرها خلفه):- اممم ممم …
ما هي إلا لحظات وكانت تشير له بيدها على أرضية غرفتها وتمده بوسادة ولحاف وشكلها كان غير غير غير مبشر بالخير ، فنصيحة لا تلعب ألاعيبك حكيم تلك اللحظة ^^
ميرنا:- كما سمعت هنا ستنااااااااام
حكيم(نظر لسريرها الواسع):- يعني أقول أن سريركِ كفيل بحمل جثتين هااااه
ميرنا(بنفاذ صبر):- جُثتيْ ماذا ألم تكتفي من سيرة الجثث اليوم ، والله أنا لقرن مقبل لن ألفظ هذه الكلمة قط
حكيم(بمكر):- طيب دعيني أنام هناك لن أزعجكِ أثناء النوم ، وعد
ميرنا(أشارت بإصبعها):- هنااااا ستنام يكفي أنني سمحت لك بالمبيت في غرفتي فلا تتشرط
حكيم(أمسك بخفة بالوسادة واللحاف الذين ألقتهما على وجهه):- يا لطيف حين تصبحين شريرة تختفي ملامح الطيبة من وجهك
ميرنا(أخذت تطرق بحذائها القطني الأرضية وهي تنتظره):- أسرع كي أنااااام ليس لدي الليل بطوله
حكيم(زورها بلؤم وعدل الفراش على الكنبة ورمى بالوسادة بعنف):- أنتِ ظالمة
ميرنا(أخرجت له لسانها في حركة انتصار):- لُممممْ .. تستحق ذلك
بعد صراع استطاعت أن تتمطى في فراشها الحبيب ، آه كم اشتاقت لدفئه ولحنان وسادتها وكأنها لم تنم عليهما دهرا كاملا ، أما هو فأخذ يتقلب يتقلب على تلك الكنبة لحين استقام جالسا والسخط باد من ملامحه .. نظر جانبيا وجد الآنسة في سبات عميق طبعا ولا على بالها مستريحة في سريرها والكنبة له هو صاحب الحظ الفقيييير ، مسح على شعره ونهض ليرى ما قد يليق التفت يمينا التفتت شمالا رمى بذلك اللحاف أرضا وبالوسادة وانسدح بعد أن رفع الغطاء له … لكن ما جعله ينسى مكانه وزمانه ومعاناته هو رؤيتها وهي نائمة قد كان يبعدها بخطوات بسيطة ينام في نفس اتجاهها ويتطلع إلى وجهها الملائكي المبتسم ، كم بدت مرتاحة وشفافة في نومها ..
حكيم(تنهد عميقا وهو يطالعها بعشق):- ليتكِ تهربين لأجلي عصفورتي الصغيرة ، ليتكِ تلجئين لضلوعي سأجمعها لأجلكِ وأغلق عليكِ بعيدا عن كل المحيطين … فقط كي تستمري في نبضي مثل النهر الذي لا يجف ماؤه …
لاحظ تململها وابتسم من ارتياحها البادي على ملامحها ، إنها في مأمن تشعر بأنها في عالمها الخاص عالمها الذي تحبه وتلجأ إليه وقت ضيقها وفرحها ، غرفتها الحبيبة التي بين جنباتها تنسى كل ما يحزنها ويكسر قلبها .. تنهد عميقا قبل أن يغلق عينيه بهدوء ويغوص في دنيا وردية دنيا عنوانها ميرنا الحبيبة …. نعم نعم كانت لتبقى دنيا وردية لولا أن صباحها جاء سريعا ومربكا وغير مرتقب ..
حكيم(انتفض من شدة الطرق):- يا إلهي مداهمة هذه أم ماذااا ، مهلالالالا من يطرق الباب هكذا لو كنتِ أنتِ نور سأقتلكِ هاه
سماح(تطرق بقوة):- هيييه يا عرسااااان استيقظا الآن الآن لدي لكما مفاجأة ..
حكيم(فزع وقفز قفزة واحدة إلى ميرنا):- له له عمتي سننفضح .. ميرنا ميرنا استيقظي
ميرنا(لا تزال الأخت تتمطى وتحك عينيها):- يوووه دعني أنام ما بك حكيم ؟
حكيم:- انهضي يا فتاة عمتنا عند الباب وتطلب الإذن بالدخول ،، عدلي المكان بجانبكِ
ميرنا(بعدم استيعاب):- أعدل ماذااااا ؟
حكيم:- الصبر يا ربي ، يا بنتي عدلي السرير يعني وكأننا كنا نائمين معا افهمي … وأنا سأجمع هذه ماشي … افف حاضر حاضر قادمان ما بالها أرأتنا في أحلامها هذه أم ماذاااا ؟؟
ميرناّ(نهضت بارتباك هي الأخرى):- اففف ألا تعلم تصرفات عمتك يعني
حكيم:- والله حسب ما أعرفه أنها لن تترك ذلك الباب قبل خروجنا …
ميرنا(بسرعة جعلت السرير فوضويا وهو وضع مفروشاته بالدولاب وتنحنحت):- هيا سأفتح
حكيم(أمسكها من يدها وأعادها إليه):- تعالي تعالي أستخرجين بهذاااا ؟؟؟ إن رأتكِ بهذه الثياب أكيد ستضعنا في صفحة الحوادث أزيلي السترة بسرعة ..
ميرنا(تمسكت بسترتها وهي تهمس):- يستحيل يستحيل
حكيم(تنفس عميقا وحرك رأسه):- أنتِ التي أردتِ إذن
بصعوبة أزالها بنفسه حتى جعلها تكمل المتبقي في حين أطل على عمته قليلا فقط حين فتح الباب ، وسبحان الله كانت لا تزال على وقفتها ..
سماح(دفعته ودخلت):- الله الله ما هذا يا أولاد كله نوم يعني .. أآن ميرنا حبيبتي صباح الخير هيا هيا خذا حمامكما الصباحي وانزلا بسرعة لتريا مفاجأتكما
حكيم(أمسك ميرنا من خصرها وجذبها إليه):- امم مفاجأة من نوع ؟؟
سماح:- لن تبقى مفاجأة إن أفشيت لك يا ولد ، هيا حبايبي أسرعا أسرعاااا
ميرنا:- حاضر عمتي دقائق وسنكون خلفكِ احم ..
سماح(رمت عينها للفراش ونظرت إليهما بحميمية وابتسمت):- تمام يا أولاد …
فور خروجها أزالت ميرنا يده وهي تشتم وأمسكت بفوطتها متوجهة للحمام لكنه استوقفها مجددا وهذه المرة لأجل حق مشرووووع
حكيم:- أنا الأول ولا تجادلي لأنني أسرع منكِ يا سلحفاة
ميرنا(شهقت بعينيها):- أنا سلحفاة طيب سيد سنوبي أفرحني بسرعتك
حكيم(أزال قميصه بخفة ورماه أرضا وهو يغمزها):- سترين بنفسك
ميرنا(أشاحت وجهها خجلا ونظرت للقميص أرضا وهي تلتقطه):- يا الله أينما وجد هذا الرجل مكانا يرمي فيه قميصه ،، تتت حرام يعني حرام هذاااا التبذير العضلي افف ياااا
لم تمضي سوى عدة دقائق وخرج وهو يلف فوطة على خصره ويمسح بالأخرى شعره ..
حكيم:- الحمام جاهز لن أنزل قبل خروجكِ لنكون معا
ميرنا(بتأثر دعابي):- يا حبيبي كم أنت تراعي الحالة الزوجية أمام أهلنا ، حتى أنني كدت أصدق فعلا أننا زوجين
حكيم(عض شفتيه لها واقترب ببلله الخفيف منها):- على أساس أن هذا لا يعجبكِ ؟
ميرنا(ابتلعت ريقها من قربه وركضت):- الأجدر أن أدلف للحمام الآن …
حكيم(وهو يضحك):- اهربي اهربي أصلا هذه حِرفتكِ مؤخرااااا ..
سمعته جيدا وهذا ما جعلها تمتعض بابتسامة غريبة ، تحاول أن تقاوم ما يجول بداخلها بشكل لائق لكن رغما عنها هنالك أمور تخرج عن السيطرة لا يسعها التحكم فيها مهما حاولت ، لذا أدركت مجاراتها لحين آخر … كانت في أمان لوقت مؤقت فحين قاربت من الانتهاااااء هووووب وجدت شريكا آخر معها هنااااك
ميرنا(اختبأت خلف الباب):- ما الذي تفعله يا أبله كيف تقتحم الحمام بهذه الطريقة ؟
حكيم(يشير لها وإن لم تكن تراه):- هششش ميرنا اصمتي قليلا دعيني أشرح لكِ
ميرنا(وهي تلف على نفسها الفوطة جيدا):- اخرس ماذا ستشرح يا منحرف يا سافل التفكيررررر سأريك يا حكيم صدقني لن أمرر هذا على خير
حكيم(أطل برأسه ليطمئن بشكل عفوي فناظر وشم الفراشة على كتفها وابتسم بتلقائية من فرط جماله الأخاذ):- ميرنا حبي هل ترتدين فوطتكِ جيدا ؟
ميرنا(كادت تصرخ ولكنه داهمها بسؤاله):- ن .. نعم لماذا ؟
حكيم(تنفس بعمق وجذبها من خلف الباب إليه):- اصمتي وجاريني عمتكِ تتلصص عند باب الغرفة خارجا ..
ميرنا(حاولت التملص من قبضته):- أتركني لا تلمسني يااااا ..
حكيم(انحبس الهواء في جوفه لما رآه بذلك الشكل ولم يقدر على إبعاد عينيه عن خصلاتها المبللة وأعلى كتفيها الندي):- واوووو
ميرنا(ضربته لكتفه كي يستفيق وهي محرجة من نظراته):- أنت أنت لما لم ترتدي قميصك أهو جزء لا يحسب من جسمك أم ماذاااا ؟
حكيم(غمزها بإغراء):- ألا يعجبكِ ؟
ميرنا(نظرت لعضلاته وهي تمصمص شفتيها):- إخرس !!…
حكيم(زاد من إمساكها وهو يحاول تثبيتها):- يا متوحشة أقول عمتي بالباب اسكتي قليلا
ميرنا(صمتت وأطلت معه من عين المفتاح الخاص بالباب):- آه والله إنها بالغرفة تسير ببطء تجاه الحمام ، يا إلهي ما حسبت أن عمتنا منحرفة التفكير هي الأخرى ، أتاري الموضوع وراثي
حكيم(التفت إليها بصدمة):- وهل هذا وقته يا نور عيني ؟؟؟؟
ميرنا(تهمس مثله بخفوت):- هل وجعك كلامي يا روح نانااااا … ما العمل الآن ؟
حكيم:- عمتي التي أعرفها تريد أن تتأكد من شيء ماااا لذاااا جاريني يا ميرنا
ميرنا(بعدم فهم):- أجاريك بمااااذااااا ؟؟؟
حكيم(جذبها وسط الحمام إليه وهو ينظر إلى عمق عينيها وفي غفلة اندهاشها):- في هذااا الذي كنتِ تنتظريه صبيحة يوم أمس ….
أمسكها من وجهها بكلتا يديه اللتين غرسهما خلف أذنيها بين شعرها المبلل وجذبها إليه في حركة تملك ، ثم داهمها بقبلة عنيفة كلها جوع وشوق وحنين ووجع ، قبلة نسي فيها عمته الفضولية ورفض ميرنا والصح والخطأ ، لم يعد ينظر سوى لشيء واحد أن عصفورته بين يديه يتذوق من ريق شفتيها ما يذيب كل حصون وجده .. أما هي فقد تلاشت معه من شدة الصدمة التي لم تخطر على بالها لقد كان هنالك شيء يرفض ابتعادها بينما كانت هنالك أشياء تحاول التملص من قيود شفتيه اللعينة ، ظلت هكذا في تخبط أسيرة قبلته التي أجبرتهما على إغماض أعينهما تلك اللحظة ليس ليكملا التمثيلية بل لأن هنالك قوى خفية تجعل ذلك الجمع مباح بشكل لم يخطط له … صوت صرير باب الغرفة وحده الذي جعله يرحمها من إعصار قبلته الهادرة ابتعد عنها شيئا فشيئا في حين كانت ترتجف وهي تثبت الفوطة الغبية التي ظلت تنزلق بطريقة محرجة … ابتلعت ريقها ولم ترفع عينيها إليه خصوصا أنها أحست بارتعاشة برد سرت بكل أطرافها ، التصقت بالحائط كدعامة ترحمها من تلك الحالة الغريبة التي اعترتها في حين ظل يناظرها بتوجس قلق من ردة فعلها
حكيم:- أنظري أنا لم أخطط لذلك ، لكي تتركنا عمتنا وشأننا كان يجب أن نعطيها دليلا وقد أخذته على ما أعتقد لذا … اعذريني إن أزعجتكِ بهذااا
ميرنا(سحبت أنفاسا عميقة ونظرت إليه):- دعني وحدي
حكيم(ابتلع ريقه من منظرها المؤسف لقلبه وأحنى رأسه مغادرا):- سأنتظركِ بغرفتي
ميرنا(لم تحرك ساكنا بل ظلت ماثلة أمام المرآة):- ميرناااا …. ميرناااا للمرة التي لا أدري حتى كم حكيم يدنس محرمات وائل ، هل ستصمتين له ؟ لكن … منكِ لله يا عمتي سماح أنتِ السبب أنتِ لو تشبعين فضولكِ بما يفيد لكنتِ أفضل حال الآن …
غسلت وجهها مرارا وتكرارا ونظرت لعمق عينيها قبل أن تسحب نفسا وتعيده لرئتيها ، من بعدها رسمت على وجهها بسمة قوة تعفيها من تلك الحالة المربكة ، استعادت بصعوبة رباطة جأشها بعد أن أقنعت نفسها أنها ستكون الأخيرة وأن حكيم لن يتجرأ عليها مرة ثانية .. لكن ما الذي يزعجها إلى هذا الحد ، فهي بين البينين الآن تعاني وكلا الطرفين لا يستسلم .. نفضت أفكارها مجددا وخرجت لغرفتها لترتدي ثيابها فلن يفيدها التذمر بشيء ، وقع اختيارها على فستان قصير في البني الفاتح ينسق جسمها بشكل ممشوق ، حملت سترته القصيرة في لون أحمر داكن ووضعتها على يدها وأمسكت بحقيبتها الجلدية وخرجت من غرفتها بثبات أنيق ، عطرها يسبقها آلاف الكيلومترات شعرها الذي سرحته وتركته مفرودا يهتز فوق كتفيها بشكل رقيق ، أما زينتها فقد وضعتها بشكل دقيق لتضفي بصمة لنفسها كما تعودت دووووما .. صوت كعبها فقط هو الذي جعل أساريره تنفرج وأجبرته على الانتظار الصعب …
ميرنا(وقفت أمام باب غرفته وقبل أن تطرقها شعرت بالتردد فكيف ستناظر عينيه بعد الذي حدث):- … حكيم
حكيم(كيف لن يسمع ندائها الخافت الذي كان متأكدا أنها هي بنفسها لم تسمعه):- قادم ..
خرج إليها بثياب مناسبة وتوقف محله حين رمقها بتلك الروعة ، فقد كانت مشعة مثل الشمس بأطرافها اللامعة تحت ضوء النهار ، بياضها كان ورديا شهيا فكيف سيقاوووم وهي التي دفنته في مقبرة جمالها منذ زمن غابر ..
ميرنا(استدركت نفسها بعد أن طالت نظرته):- ألن ننزل ؟
حكيم(وضع سترته على يده وهاتفه ومفاتحه بجيبه وأشار لها):- بلى …
كانت هادئة بدت مسترخية بشكل أثار انتباهه ، لم يبعد عينيه من عليها فقد كانت مليكته راقية في كل شيء ، حتى مشيتها كانت تذهب عقله وهو يتأملها دون أن يرحمها من نظراته التي أتعبتها لكنها تقاوم وستقاوم وتصطنع الهدوء فهذا ليس وقت الانهياااااار …
سماح:- آه يا ربي .. أخيرا نزل العرسااااان
ميرنا:- صباحكم سعيد
دينا(ركضت إليها):- ميرنا ميرنا عمتي ..
ميرنا(استقبلت حضن دينا بحب):- يا روح عمتك صباحك ورد
حكيم(وضع سترته جانبا):- طيب ماذا عن عمكِ يا شريرة ؟؟
دينا(ركضت إليه):- نحن بيننا أحاديث كبار يعني لا يجب أن أعاملك مثل ميرناااا
ميرنا(وضعت سترتها وحقيبتها أيضا على جنب):- لا والله هذا لأنني بنت الخامسة عشر مثلا
نور:- بنت ..تأدبي ودعي عمكِ وعمتكِ يجلسان للفطور
دينا(سحبتهما من أيديهما):- ليس قبل أن يريا الضيووووف صحيح …
حكيم(ابتسم لمديحة حين أتت تقبله):- أمي ..
مديحة(قبلته وعانقته):- يا روح أمك صباحك ورد وفل وياسمين
نبيلة(مطت شفتيها):- أتممي أقحوان ونرجس وغيره وغيره ،،، آآآخ بس
حكيم(انحنى ليقبل يد جدته):- جدتي الحبيبة ..
نبيلة(مسحت على رأسه):- الله يرضى عليك يا ابني صباحكما خير وبركات
ميرنا(قبل وجنتيها):- هاااه أين الضيوف ؟
عفاف(تضع الأكل على الطاولة):- يا نور هل سنخفيهما مثلا ؟ هيااااا
نور(وضعت يدها على خصرها):- نهالوو يا نهالو تعالوا …
مرام(خرجت أول واحدة وابتعدت بكرسيها):- يا عيني وكأننا سنرى بداية مسلسل مااا
عواطف:- ههه انتظري قليلا حين يتحول الصالون لساحة بكاء ههه …
إخلاص(ببكاء صرخت):- حكييييييييييم ….
استدار إليها وقد بلغ منه الحنين والشوق مبلغه ، عصفت بعقله ذكريات عديدة جمعته هو وأخته الكبيرة أخته التي لطالما حمته ورعته وكانت له أما ثانية ، أخته التي غصبوها في صغرها وزوجوها وهي طفلة أخته التي لم يستطع الدفاع عنها في زمن كان فيه فقير حظ ،، قوس حاجبيه بحنين لها لم يستطع التحرر من تلك الهالة التي جمعتهما هما وفقط ، حالة قد تسربت لتترجم على شاكلة دموع في عيون الكل
حكيم(بحنان ودفء فتح يديه لها):- أختي الغالية …
إخلاص(هرولت إليه ببكاء هستيري وحضنته وأخذت تبكي تبكي تبكي):- اهئ اهئ أنا اليوم عيدي .. اليوم فرحتي لن أعطيها لأحد حبيبي يا أخي … اهئ …
حكيم(قبل جبينها وناظر عينيها ثم عاد وعانقها):- اشتقت لكِ يا دبة
إخلاص:- ههه لا زلت تذكر نعتك لي يا سبعي …
حكيم(مال برأسه وهو يتأملها):- ما زلت يا أخت الأسد ، آآآآه كم كان شوقي إليكِ عارمااا يا أختي الحمدلله استطعت أن أراكِ الآن .. أين أولادك ؟
إخلاص(نادت على شيماء وهي تمسح دموعها):- عبد الجليل في الكلية لكن هنا شيمااااء يا بنت تعالي وسلمي على خالك ، أين هي … هااااه شيماااء هذا خالكِ حكيم
حكيم(رفع حاجبيه وهو يتأملها بحب):- واوو كبرتِ يا عفريتة وأصبحتِ فتاة جميلة
شيماء(عانقته بمحبة):- خالي الحبيب .. سعيدة برؤيتك
حكيم(أمسك بفكها وهو يطالع عينيها):- ما أجملكِ .. فخور بكِ أنا بل بكن جميعا سعادتي اللحظة اكتملت .. فقط لو تأتي دعاء ورنيم سنعود لسابق عهدنا لا محالة
ميرنا(ابتلعت ريقها وهي تناظر حنانه الباذخ ولم تستطع التحمل فجلست):- هففف …
نور:- أعلم أن لحظاتِ الدفء الأسري تصيبكِ بالرتابة .. تحملي لا يزال هنالك قسم غائب
ميرنا(رفعت حاجبيها وهي ترمق نور قد جذبت كرسيا بجانبها):- لم تخبريني ما الجديد بالشركة أمس ؟
نور:- هيييه خليني ساكتة ولا تذكريني ، شادي ظل اليوم بطوله معنا حتى أنني أرضعته ونيمته على كنبة فؤاد رشوان تخيلي ؟
ميرنا(ابتلعت ريقها):- أريد رؤيته وفي نفس الوقت خائفة ..
نور:- ولماذا ؟
ميرنا(رمشت بعينيها وهي تنظر لحكيم):- أخاف التعلق به فيرحل ويتركني أعاني من الأشواق
نور(هزت حاجبها بعدم فهم):- من هذا ؟؟ شادي هههه لا تضحكيني يا بنت
ميرنا(استنفرت وهي تعيد بداخلها الجملة التي قالتها دون وعي وكأنها لحكيم فعلا):- تت صبي لي قهوتي سنتأخر على دوامنا وأنا تغيبت أمس
نور(غمزتها وهي تصب لها):- على أساس إجازة أسبوع عسل
ميرنا(حركت كتفيها):- غيرنا البرنامج …
حكيم(أشار للكل كي يجلسوا على مائدتهم الطويلة كلا في محله وحكيم على رأسهم):- لا تفطري لوحدكِ عيب ..
ميرنا(استقامت لتستقبل حضن إخلاص):- ولكنني جعت أسأنتظر يعني …
إخلاص(عانقتها بمحبة):- مبروووك يا عروس والله فرحت عندما سمعت بالخبر ، فعلا أخي لا يستحق سواكِ عروسا أنا التي أعرف
ميرنا(أمسكت بخدود إخلاص):- آه منكِ يا أنتِ اجلسي يا ذات اللسان الحلو بجانبي لأرى
شيماء(عانقتها هي الأخرى وقبلتها):- خالتي العروس كنت أتمنى الحضور لحفل الزفاف لكن أبي وعبد الجليل رفضا ذلك ..
إخلاص(بحدة):- شيمااااء …
شيماء(رمقتها بتوتر وجلست):- سكتنااا
نهال:- هيا يا بنتي لا تزال لدينا ثانوية سنتأخر …
حكيم(رمق الجميع قد استقروا أمكنتهم وانهمكوا في إفطارهم وانحنى لجهة ميرنا):- ناوليني طبق العسل يا عسلي ..
ميرنا(انسحب الهواء في جوفها حتى أخذت تسعل):- اكح اوووف لا ليس نفس المشهد
حكيم(يزيدها جنونها):- سلامتك حبي ...
سماح:- اسم الله عليكِ يا غالية الماء الماء يا بنات
عفاف(قدمته لها):- خذي ميرنا حبيبي سلامتك …
عواطف:- هذه الحالة لن تفارقكِ لذا انتبهي لنفسكِ بنيتي
ميرنا(بوجه محمر تمسح وجهها بالمنديل):- احم أنا بخير .. أكملوا فطوركم يا جماعة
حكيم(أمسك بيدها ورفعها لفمه وقبلها تحت مرأى منهم):- أنا اليوم .. أريد أن أعبر عن مدى سعادتي بوجودي بينكم ، بجانبي حبيبتي ميرنا زوجتي الغالية …
هتف الجميع بحماس ومحبة لحظتها والبنات تصفيقات على صفير هوهوووه جنون في جنون
حكيم(تابع بابتسامة):- أمي وابتسامتها التي تعيد لي فرحة السنين الغابرة
مديحة(بدموع):- حبيبي …
حكيم(تابع كلامه):- خالتي عواطف صديقة روحي هكذا أعتبركِ على فكرة ..
عواطف:- وأنت أقرب لي يا عزيزي
حكيم(ببسمة):- جدتي نبيلة سيدة قلبي الأولى …
نبيلة(ببكاء):- هيييه اكذب اكذب على قلبي المتيم بحضرتك
حكيم:- ههه تسلميلي يا أنا … عمتي سماح جيد أنكِ هنا معنا
سماح(سحبت نفسا بارتياح):- هذا بيت إخوتي ولن أكون ممتنة إلا فيه ،، ربي ما يحرمني منكم أحبتي
حكيم:- مشكورة عمتي … نوري أختي وأخي التي أعتمد عليها في السراء والضراء
نور(أشارت له بتحية):- تحت أمرك يا ابن العم …
حكيم:- إخلاصي التي اشتقت لها بحجم الكون ، سعيد بحضورك وجدا
إخلاص(بدموع هي الأخرى):- سلمت من كل شر يا عزيزي والله يجعل كل أيامك فرح انتا وميرنا
حكيم:- آمين … عفاف زوجة الغالي طارق ربي يعده لها ولنا بسلام
عفاف(بحرج وتمني):- اللهم آمين
حكيم:- مرام قلبي .. وردتي التي سأجعلها تتفتح من جديد
مرام(فهمت مغزى إشارته وهزت رأسها بغبن):- هممم ..
حكيم:- نهال .. ابنة أخي ورفيق دربي لا أملٌّ من النظر لعينيك يا شقية ماذا تفعلين بي ؟
نهال:- هههه الحمدلله أنه تأثير إيجابي
حكيم:- هه عفريتة … شيمااااء سعيد بالتعرف عليكِ متأكد أنكِ من أوائل الصف
شيماء(بحرج):- يعني … نحمد الله
حكيم:- حماكِ الله صغيرتي … هااااه ونصل لمدللتنا المبتهجة طوال الوقت دندوووونة
دينا(قفزت بحماس):- هنا هنا هناااا
نور:- شوفو البنت ههه
حكيم(قبلها في الهواء):- أنتِ لكِ قبلة لطيفة من خالو حبيبك
دينا(بتذمر):- بل عمو حكيم عمو
حكيم(ضحك مع الجميع):- آه عذرا حلوتي عمو حكيم ههه … امم أطلت عليكن لكن أحببت أن أعبر عن امتناني لتواجدي بينكن ، لا ينقصنا سوى رنيم وأولادها ، دعاء أختي ، غازي وجلنار ، سمر …. وطارق متأكد أنه سيأتي يوم ونكون كلنا مع بعضنا تحت سقف هذا البيت الذي شملنا سنينا طوال … سنينا لن تمحيها أعوام أخرى …
ميرنا(ربتت على يده بدعم لا تدري متى خلق بجوفها):- أنت بخير ؟
حكيم(بتأثر في جنبات البيت):- أصبحت بخير بينكم … صحة وعوافي الفطور
الكل(انهمك في الأكل والبسمة لا تفارقهم):- على قلبك …
سماح(مصت شفتيها وإذ بها تفجر كلماتها):- فكرة يا حكيم ، بما أنك ابتعدت عنا ل16 سنة وما زلنا بحاجتك ومشتاقين لك وبما أن ميرنا لن تستطيع التعود بسهولة على مستقر آخر لها لما لا تستقران هنا معنا بالبيت ، يعني الغرف موجودة تفرشان غرفتك أو غرفتها وها أنتما ذا معنا تحت سقف واحد
نبيلة(تحمست):- والله فكرة
مديحة(بأمل في موافقتهما):- ياااااه سأكون أسعد واحدة لو وافقتماااا
عواطف:- حتى أناااا
البقية(بحماس):- ونحن ونحن أيضااااا …
ميرنا(ضربته بكعبها لرجله وحركت له رأسها وهي تبتسم بصعوبة):- ارفض ارفض مستحيل أن أتحمل ما حدث هذا الصباح مجددا مستحيل
حكيم(ابتسم لها وهو يهمس):- ههه حبيبتي العيون كلها مصوبة علينا اهمدي قليلا … أ.. هي يعني والله فكرة مثلما قلتم ولكن يعني …
مديحة:- هذا البيت بحاجة لرجل لقد تعبنا من الوحدة يا ولدي ، يكفينا غيابا لم أصدق متى عدت لي أتريد أن تحرمني منك بعد الزواج ثم ابنتي ميرنا مستحيل ترفض صح ؟
ميرنا(ابتلعت ريقها تود البكاء تود الصراخ):- يا جماعة أنتم تضغطون علينا بهذا الشكل ، أنا وحكيم خططنا لحياتنا بالشكل الذي يريحنا يعني … ما اقترحتموه بعيد عن تفكيرنا
نور:- طيب ها قد أولجناه تفكيركم ثم القصر البحري بعيد عن المدينة كيف ستستطيعين مجاراة عملكِ اليومي دون تأخر دائم ، يعني فكري قليلا هنا أريح
إخلاص:- أكيد يعني توضبان إحدى الغرف وتستقران..
حكيم(أمسك بيد ميرنا وقد أعجبته الفكرة بل كانت برأسه حتى لكنه خشي من جنونها):- ها حبيبتي ما رأيكِ ؟
شيماء:- ياااه كم هو رومانسي
نهال(همست لها أيضا):- شاعري بشكل يخطف الأنفاس يا شيموو
مرام(تتأمله):- اممم يا حظ أختي به إنه مجال مفتوح للتأمل
شيماء:- أي والله ما كذبتِ …
عفاف:- على الأقل أخفضن أصواتكن نحن في حديث مهم هممم …
سكتن بعد أن رمقتهن بحدة وأخذن يراقبن جواب ميرنا المنتظر بلهفة وشغف
ميرنا:- لا أدري أحس بأنكم تضغطون على أعصابي
عواطف:- ميرنا حبيبتي خذي راحتكِ بالتفكير ، معكِ حق في الاستقرار مع زوجكِ بعيدا عن بيت العائلة لكن نحن لمحبتنا لكما نريد بقاءكما معنا
حكيم:- لقد حُرمت منكم وحرمتم مني لسنين طويلة ، لا أدري كيف أعوضكم عنها لكنني كنت مجبورا والضرورة وحدها منعتني عن وصالكم لذااا … من جهتي أنا موافق ومرحب بالفكرة آي … قدم من هاته ؟
ميرنا(رمقته شزرا وانتفخ فمها بالهواء):- أهذا ما قدرك الله على قوله ، يعني ترمي لي أنا الكرة طيب يا حكيم طيب ، وأنا موافقة على البقاء هنا
صرخ الجميع وصفقوا وتبادلوا التهاني فرحا بهذا الخبر لكن ميرنا كانت ترمقه بحدة ستقتله ما إن ينفرداااا مع بعضهما … ولما سننتظر أساسا هما شعلة في أي وقت قد يفتحا صنبور المشاكل ويا بسم الله
ميرنا(باحتدام):- لالالالالالالا والله.. إلا غرفتي لن أسمح لك
حكيم:- والله كان العشم استغلال غرفتي لكن يا حبي أنتِ تملكين حماما ونحن يعني ..
ميرنا(سعلت وهي تنظر للبنات):- هششت معنا مراهقاااات يا حكيم …
حكيم:- يا عيون حكيم ستوافقين وستتحول غرفتكِ لغرفة مشتركة لن أكون فظا وأغير بها ديكوراتها أو هيأتها لكن سأضيف عليها مستلزماتي وعليكِ الرضوخ
سماح:- ولا تنسى تبديل السرير ، فسرير ميرنا لا يصلح إلا لطفلة ههه عدم المؤاخذة
حكيم(صغر عينيه في ميرنا التي احمر وجهها تكاد تنفجر):- أظن أنكِ بالغتِ يا عمتي
سماح:-لتأخذا راحتكما يا ولد
حكيم(راقب ردة فعل ميرنا وقتها):- تم تسجيل تسلل لكِ في أرض الخصم ، انتبهي
ميرنا(استقامت من محلها):- أنبهك إن لمست غرضا بغرفتي سأقتلك حكيم الراجي
حكيم:- هاااااااه اشهدن إنها تهددني
مديحة:- من محبتها يا بني هههه
ميرنا(أخذت نفسا عميقا وغيرت الموضوع):- نور هل ستنهضين الآن أم مثل كل يوم ؟
نور(التهمت بسكويتها):-لالا قادمة أساسا تأخرت هيا سنذهب معا ..
حكيم(مسح فمه بالمنديل):- سأودعكِ إذن لأنه يجب علي العودة للقصر تعلمين
ميرنا(هزت رأسها ونظرت إليهم):- بالصحة والعافية أراكن لاحقا … شيماء حبيبتي الحقيبة والسترة بجانبك
شيماء(أحضرتها لها بحب):- تفضلي خالتي ميرنا
ميرنا:- تسلمي حبي .. هيا نور
حكيم(غمز لنور وجذب ميرنا خارجا):- تعالي يا مشاغبة لقد كسرتِ رجلي بكعبك سأحاسبكِ
ميرنا(جذبت يدها بعنف):- تحاسبني هاه ، أنا التي سأقتلع عينيك حكيم أهذا موقف تضعني فيه كيف ستنتقل لغرفتي هل جننت ؟
حكيم:- أخفضي صوتكِ سوف أدبر الأمر أنتِ لا تهتمي
ميرنا(أشارت بإصبعها):- حكيم .. أحذرك إياك ثم إياك وتسول لك نفسك أن تلمس غرضا من أغراضي ..
حكيم(عقد حاجبيه):- يا الله .. نور نور خذيها لن تسكت اليوم من التنبيهات
نور(تجاوزته وفتحت السيارة):- هههه عنيدة من يومها
ميرنا:- وأنتِ صخرة
حكيم(قبلها من وجنتها على غفلة وعاد للوراء قبل أن تقدم على ردة فعل هوجاء):- سلامو روحي سنتحادث عبر الهاتف .. انتبهي لنفسك
ميرنا(بنفاذ صبر ركبت):- اللهم طولك يا رووووووووح ….
نور(لوحت له وأدارت المحرك):- ما بالكِ يا بنت . ألستِ سعيدة معه ؟
ميرنا(أغمضت عينيها على جراحها):- وكأنه لا يظهر على أساريري البهجة والسرور
نور:- يظهر يظهر كان سؤالا للطمأنينة فقط لا غير
ميرنا:- سؤالا مفخخا كبقية أسئلتكِ يا شقيقة .. اهتمي بالقيادة ودعيني أستمع لنفسي قليلا
نور(باستغراب أدارت المحرك):- لا حول الله يا ربي ….
ميرنا(في سرها):-طيب يا حكيم تريد استغلال الظروف وتضعني تحت رحمة الأمر الواقع ، لكن أنا سأجعلك تعضعض يديك ندماااا لن أكون ميرنا الراجي إن لم أجلطك وأجعلك تتحسر على شبابك همممم …

بعد مدة وفي سيارة الأجرة
كانت عفاف تقل البنات في طريقها للمشفى وبما أنهما كانتا متأخرتين بسبب الفطور والأحداث ، اصطحبتهما معها في التاكسي وها هن قد نزلن مسرعاااات
عفاف(من محلها):- لا تركضن انتبهن لأنفسكن حبيباتي …
نهال(تركض وتقبلها في الهواء):- باي ماما باااااي
شيماء:- شكرا خالة عفاف ..
عفاف:- حماكما الله ..هه هيا يا أخي إلى المشفى أوووبس يا الله نسيت نهال دفترها مؤكد ستحتاجه يا ربي على إهمال هذه البنت اسمعني أخي سأدفع لك حسابك والله ييسر لك يجب أن آخذ هذا لابنتي
سائق الأجرة:- لا عليكِ أختي موفقين
ترجلت من السيارة وأمسكت بالكتاب في حضنها ودلفت للثانوية ، لم تكن تعلم أي قسم ستستقر به ابنتها لذا سألتِ الإدارة عنه وإذ بها في حصة الأستاذ نديم شخصياااا ، لا تدري لما شعرت بالضيق بمجرد أن سمعت باسمه كأن هنالك ما يوترها بشأنه لذا توجهت بخطوات واثقة صوب قاعته .. كان قد وصل في حينه وأخذ ينتظر التحاق الطلاب قبل بدء الدرس وحين استدار برأسه جانبيا لمحها وأواااه على مشاعره كيف انقلبت لحظتها ، وكأنه رمق شيئا لامعا متوجها إليه هو دونا عن غيره .، ابتسم بلا شعور وهو يتوجه صوب الباب لاستقبالها بلطافته المعهودة
نديم:- ست عفاف
عفاف(عدلت وشاحها بحرج):- أستاذ نديم عساك بخير
نديم(ابتلع ريقه بتوتر):- بخير بخير .. السؤال عليكِ ؟
عفاف:- يعني لنقل الحمدلله
نديم:- خيرا إن شاء الله ما سر زيارتكِ لنا نهال في الداخل
عفاف:- لالا الحمدلله كله بخير فقط نهال نسيت كتابها معي بسيارة الأجرة واعتقدت أنها ستكون بحاجته لذا أحضرته لها ، يعني هل لك أن تعطيه لها من بعد إذنك
نديم(ما أرقكِ يا امرأة أيعقل أن هنالك حلاوة تسير على الأرض ؟):- طيب لا تقلقي الموضوع عندي ست عفاف
عفاف(بتوتر):- تمام مشكور على المساعدة أنا سأنسحب الآن لأنني متأخرة على المشفى ويدوب أجد سيارة أجرة بهذا التوقيت فالكل يركض نحو لقمة عيشه
نديم(ابتلع ريقه بتفكير ملي):- اممم معكِ حق طيب اهتمي بنفسك وفرصة سعيدة
عفاف:- عذرا إن أخرتك فرصة سعيدة أستاذ نديم
نديم(لن تصدقي إن أخبرتكِ أنني الأسعد ..أومأ لها برأسه وظل ثابتا محله حتى بعد ذهابها):- اهدأ يا نديم ما هذا الجنون المرأة متزوجة وبنتها تدرس عندك ، عيب عيب في حقك يا رجل اففف … تت من الواضح أنني متعب وربما سأرضخ لطريقة أختي التقليدية في الزواج علي أن أبتعد عن هذا الصخب قبل أن أقع في ما لا تحمد عقباه …
جيهان(رأت كل شيء ومرَّت بجانبه بتلاعب متجهة لقسمها):- صباح الخير أستاذ نديم
نديم(انتفض منها واستدرك نفسه):- صباح الخير هيا أسرعي لقسمك قد تأخرتِ
جيهان(بابتسامة خبث):- حاضر يا أستااااذ نديييييييييم
طبعا لم تكن ستمرر ما رأته على خير لذا احتفظت به للحاجة مقررة اللحاق بالأمور حتى تمسك بخيط رفيع يمكنها من مآربها ، توجهت مسرعة لحصتها وجلست بالقرب من شيماء التي تأففت من حضورها وصارت تنفخ بنفاذ صبر
جيهان(همست بهدوء):- قبل قليل رأيت أم نهال بالثانوية كانت تقف رفقة الأستاذ نديم ويتحادثان في موضوع ما
شيماء(بغرابة):- وما شأنكِ أنتِ فقط أخبريني ، كم تعشقين النميمة وغيبة الناس أستغفر الله العظيم
جيهان(حركت شفتيها بحركة ملل):- بدأنا حصة التعوذ من الشيطان ، هاه سكتنا ريحي نفسك يختي …
انتبه كل لدرسه لحظتها لكن عقل جيهان كان في أمر ستبحث فيه لتجد ما تستغله في تحقيق ما تريده ، في الفسحة كان أول ما فعلته هو التوجه لنهال لجس النبض
نهال:- نسيت كتابي وأحضرته أمي لي ما الذي يصعب عليكِ فهمه ؟
جيهان:- يووه كلما سألت إحداكما سؤالا تدخلني في حوائط لا جدوى منها
نهال:- لأنكِ لا تسألين عن أي شيء لوجه الله ، ضروري أن يكون لكِ خلفه مصلحة
جيهان:- ت ت سامحكِ الله يا نهال
نهال:- اللهم صبرني ، جوجو روحي ابحثي عمن تقضي معه فسحتكِ أنا وشيماء سنجلس بعيدا لنريح بالنا من صوتكِ كنقيق الضفادع
جيهان(فزعت):- هئئ أنا صوتي كنقيق الضفادع يا بوووومة ..
نهال(بعصبية):- أووووف يكفي ..
شيماء:- توقفاااا كلاكما ما هذا الجنون ، تت نهال هاتفكِ هذا الذي يرن ؟
نهال(أخرجته بخفة وهي ترمق جيهان شزرا):- لحظة سأرى من آه إنه ماااااازن الحمداني
جيهان(كانت ذاهبة لكنها توقفت لتستمع للاتصال):- هممم
شيماء(احمرت من شدة الغبن وفي سرها):- يتصل بهاااا يتصل بها لكن لماااااذا ؟
نهال(بميوعة لتفرس جيهان):- هلا مازن كيف الحال ؟
مازن:- بخير يا نهال ، أ.. أنا قريب من ثانويتك هل لي باستشارتكِ بموضوع بعد الدوام ؟
نهال:- اممم لك طبعا وهل أرفض لك طلبا ، أمامي حصة واحدة وأخرج
مازن:- تمام ستجدينني أنتظركِ أمام الثانوية لا تتأخري علي
نهال:- وهل أستطيع التأخر عليك مزوون ، لنلتقي إذن همم
جيهان(تلاعبت بفمها بخبث):- هل سيأتي للثانوية ؟
نهال:- أجل وسيصطحبني رفقته
شيماء(بغيظ دون أن تشعر):- إلى أين ؟
نهال:- لا أعلم لم يفسر لي شيئا لكنه قال أنه بحاجتي على وجه الخصوص يعني …
جيهان(أخرجت الهواء من أنفها بعصبية):- ولما يريد أن يلتقي بكِ ، هل أنتما معا ؟
نهال(فزت عينيها):- هئئ كيف تجرئيييين ؟؟ مازن نسيبنا ويستحيل أن يحدث شيء كهذا
جيهان:- والله هذا ما لمسته من اهتمامه بكِ على الدوام ، متفقة معي شيماء صح ؟
شيماء(كانت تتحرك بغضب وانتفضت فجأة):-سأذهب لقسمي وأنتظر نهاية الفسحة سلام
نهال:- يا بنت تعالي إلى أين … وأنتِ ابتعدي عن خلقتي الآن قبل أن أخرج فيكِ جام غضبي
جيهان(صغرت عينيها بلؤم بعد ذهاب نهال):- أنا سأريكِ يا بليدة كيف تسرقين مني حبيبي
مرت الساعة بسرعة وخرجت نهال بشكل اعتيادي لتقابل مازن خارجا وقد كان بانتظارها بسيارته قرب الثانوية ، ركبت بجانبه وانطلقت معه إلى غير وجهة هنا كانت تتآكل شيماء بحرقة فقد رأتهما بذلك الشكل وفهمت ما يجب عليها فهمه ، لذا انهمرت الدمعات من عينيها دون أن تستطيع كبتها فهي عديمة حظ من صغرها وهذا ليس سوى شيء جانبي على الهامش
جيهان(وضعت يدها على كتف شيماء):- لا تبكي أنا سأعيد لكِ حقكِ لن أسمع لابنة خالكِ أن تستغفلنا وهي تنكر أنها على علاقة بمازن الحمداني
شيماء(مسحت دموعها):- وأنتِ ما شأنكِ هذا أمر بيننا نحن أقرباء ،أنتِ ابقي بعيدا عنا ولا تتدخلي فيما لا يعنيكِ
جيهان(هزت كتفها وهي تتأبط حقيبتها بأريحية):- والله يا روحي العتب علي أفكر بكِ ،، موتي الله لا يردك هففف …ما العمل الآن قد ذهبت معه البنت والله أعلم لأين ماذا عليكِ أن تفعلي يا جيهان فكري فكري فكري ….
هشام ربيع(مر بجانبها):- لا يا رجل كانت سهرة صباحية بامتياز لكن ضيعها صاحبك حين خرج يصيح بحب خادمتهم عند باب العمارة
صديقه شامل:- والله كانت ليلة وفوتها على نفسي لكن لوزتي كانت تستحق أن أغوص في ملذاتها حتى الصباح
هشام:- يا لك من محظوظ لوزاتك لا تنتهي يا حبيب ، أغدقني بواحدة آكلها أكلا
شامل(غمزه):- على عيني يا كبدي ..
جيهان(سمعت حديثهما وابتسمت بخبث):- لدي ما تبحثان عنه لكن بمقابل ..
شامل(توقف وطالع جسمها بجرأة):- جيهاااان
هشام(صغر فيها عينيه):- رائحتكِ فاحت حلوتي بالثانوية أنتِ لا تنفعيننا
جيهان(تقبلت إهانته بصدر رحب فغايتها أكبر):- هشاااام ما رأيك بالفتاة التي قامت بضربك سأقدمها لك على طبق من ذهب ، وأنت يا شامل لدي قريبتها أي نعم هي معقدة منغلقة بحصن الأخوات وحجابي عفتي لكن اممم هي تفي بالغرض إن أحسنت ترويضها
شامل(مرر لسانه على فمه بنهم):- أشعرتني بالفضول
هشام:- ستظلمين الشاب بتلك المعقدة جوجووو
جيهان(ابتسمت بخبث):- لكنها تستحق المغامرة
هشام(فرك يديه بجوع وشغف):- جسم تلك المتوحشة يثيرني من البداية لذاااا سأسعد برد الصاع صاعين على ضربها وتشهيرها لي ذلك اليوم في الثانوية
شامل:- طالما قريبتها على ضمانتكما سأكون سعيدا بولوج حصونهااااا والفتك بقلاعها أجمعين هاهاااا
جيهان(بلؤم):- أرني الآن ما ستفعلينه ست نهاااال أنتِ وحقيرتكِ الأخرى ههههه
في سيارة مازن
نهال(تمسك بباقة الورد في يدها):- المسكينة والله ما عرفت إلا منك الآن ، حتى مرام لم تخبرني بشيء
مازن:- أردت حجة أستطيع بها زيارتها بالبيت ولم أجد سواكِ نهال ، عذرا لأنني أقحمتكِ في هذا الأمر لكن فردوس يعني …
نهال(ابتسمت وهي تشعر بقبضة في روحها):- هي تعجبك صح ؟
مازن(ابتسم بأريحية):- لن أنكر ذلك عنكِ ، لكنه إعجاب وأشعر أنه سيتطور لما أكثر
نهال(ضمت الباقة لها ونظرت جانبيا):- أتمنى ….(في سرها) اللحظة سأترك جنون مراهقتي بك يا مازن سأفرح إن رأيتك سعيدا وسأبحث أنا أيضا عن سعادتي الله يفرحك
كاان سعيدا جدا كونه سيرى فردوسا بعد لحظات ولديه حجة رفيعة كانت الحل المتبقي أمامه لذا ما إن ولجا الشقة حتى ارتبك
نهال:- ما بالك يا رجل ألن نرن الجرس ؟
مازن:- ما ربما عادت أمها من المشفى أو كان هنا أخوها فريد ؟
نهال:- هه حتى لو كانا نحن أصدقاؤها ومن حقنا الاطمئنان عليها
مازن(بتفكير):- أكيد معكِ حق ، هيا رني الجرس نهالوو
نهال(حركت رأسها من جنونه):- حاضر يا سيدي ها نحن ذا .. تن تن
فردوس(بعد لحظات فتحت):- نعم من .. آآآآآه نهال ومازن يا مرحبا يا مرحبا تفضلا
نهال(رحبت بعناقها وقدمت لها الورود):- هذه لكِ من مازن طبعاااا
مازن(بحرج):- كيف حالكِ الآن ؟
فردوس(بتوتر وحرج هي الأخرى):- صرت أحسن ، مشكور ع الورد والزيارة
نهال:- تستحقين ذلك يا فردوس، طمنينا عنك يعني صحتك نفسيتك ؟
فردوس(وضعت الورد بالمزهرية):- ماذا تشربان أولا ؟
نهال:- ليموناضة إن وجد
مازن:- وأنا مثلها
بعد لحظات كان الثلاثة يشربن الليموناضة في صمت مربك جعل الكؤوس وحدها التي تتحدث
نهال(قطعت الصمت):- إيييه خبرينا كيف هي الست جيداء الآن ؟
فردوس:- في تحسن الليلة ستعود للبيت
مازن:- خبر مفرح إن احتجتم لشيء بلغيني فقط ، سألبي فورا
فردوس(بحرج):- احم تمام
نهال(انحنت لرأسه):- خفف قليلا يا بطل الخوارق ستطفش البنت ، هيا حبي سنترككِ الآن اطمأننا عليكِ وعلى صحتك لن نكون متطفلين زيادة ع اللزوم ثم لا يزال يتبعكِ تنظيف وتحضير لاستقبال أمك
فردوس:- امم هو كذلك فعلا
مازن(نهض هو الآخر):- طيب لندعكِ تكملين عملك نلتقي لاحقا فردوس
فردوس:- لو بقيتما قليلا بعد
نهال(سلمت عليها):- والله كان بودي لكن علي العودة للبيت الآن ، لكن يا مازن إن لم يكن لديك دوام ابق أنت وساعدها في أعمال البيت
فردوس:- يااااي أستفعل ذلك حقا لأجلي يا مازن ؟
مازن(وجد نفسه تحت الأمر الواقع):- إن لم يضايقكِ وجودي طبعا
فرودس(بمحبة):- يضايقني يستحيل هذا أمر أحبذه كثيرا كثيراااا ، شكرا نهال للفكرة وجود مازن سيرحمني من هذا العبء الثقيل
مازن:- امم أكيد
نهال:- هههه إذن سأترككما الآن .. سلامووو
خرجت وتركتهما يناظران بعضهما في نظرة صامتة قبل أن يستدركا نفسيهما ويبدآ بالتنظيف والتحضيرات اللازمة ، كان يقدم لها يد العون بصدر رحب يحمل الأثاث ويرتبه ويجهز معها طبق الحلوى الذي سيطبخانه معا هكذا استقرا على الفكرة .. لنتركهما إذن في اجتماعهما ذاك وننطلق صوب نهال التي فاجأها اتصال جيهان الطارئ بهاااا
نهال:- يا بنتي تكلمي ما الذي يحصل معكِ ؟
جيهان(ببكاء):- اهئ اهئ نهال أنا منهارة جدا لا يسعني التحدث عبر الهاتف لنلتقي في مطعم مااا
نهال(باستغراب):- أوك تعالي لنلتقي بالمطعم العام شرق المدينة سأكون هناك في غضون ربع ساعة
جيهان(بمكر):- حسن نصف ساعة وألحق بكِ حبيبتي ، شكرااا نهال عرفت بأنكِ ستستمعين لمشاكلي رغم كل شيء
أغلقت الهاتف بخبث ونظرت صوب هشام وشامل اللذين كانت رفقتهما بالسيارة
جيهان:- أظنني سأجهز لكما الأمر وأنتما عليكم البقية
شامل:- طيب ماذا عن الفتاة الأخرى أنا متطلب وسرعان ما أشعر بالجوووع ؟
جيهان:- ههه لا تقلق سأتصل بها هي الأخرى وأقدمهما كهدية
هشام(شغل محرك سيارته):- تمام إذن استعنا على الشقاء بالله ههههه
ما هي إلا دقائق معهودة وكانت تجلس بالمطعم وحيدة تنتظر قدوم جيهان ، مرت الدقائق بشكل ثقيل طلبت عصيرا وظلت تنتظر لا ظهور لجيهان مرت النصف ساعة ولا شيء يذكر ، أصابها الملل من تلك الحالة ورفعت الهاتف لتتصل لكن وجدت خط جيهان خارج التغطية إذن ربما كانت على الطريق .. المفاجئ في الأمر أن القادمة لم تكن جيهان بل شيماء وهذا ما أثار استغراب كلتيهماااااا
شيماء:- نهااال ماذا تفعلين هنا ؟
نهال:- أنا التي أسألكِ يا شيماء ماذا تفعلين بهذا المطعم ؟
شيماء:- لقد طلبت مني جيهان القدوم إلى هنا ، تقول أن لديها مشاكل وكانت تبكي بغرابة
نهال(عقدت حاجبيها):- نفس الشيء حصل معي .. تت جيد أن معنا حصة من المال الذي قدمه لنا العم حكيم صباحا وإلا لكنا في مأزق في ما يخص سيارات الأجرة وهذا المطعم
شيماء:- ما الذي تريده منا جيهان لتفعل هذاااا ؟
نهال:- ربما تريد الاعتذار بطريقتها يعني كأنكِ لا تعرفينها
شيماء:- تعتذر تلك هههه لو أخي عبد الجليل كنت سأصدق لكن جيهان مستحيل ، إنها مصلحجية لا يوثق بها
نهال:- والله ما عهدت مثل هذا الكلام يخرج منكِ شيماااء
شيماء:- ولا أنا عهدته في نفسي ربي يسامحني لكنني مضغوطة بعض الشيء
نهال:- حبيبتي شيماء يمكنكِ إخباري بأي شيء صح ، لأنني أستغرب مبيتكم في بيتنا الليلة فوالدكِ لم يسمح لكما بذلك قبلا
شيماء(دمعت عيناها بتوتر):- لا يا روحي يعني أمي أخبرت بابا عن خالي حكيم وأنها مشتاقة له ، فتفهم الأمر وسمح لنا بالبقاء معكم هذه الأيام
نهال(رفعت حاجبها بعدم تصديق):- أياااام ؟؟
شيماء(انحسر الكلام في جوفها بعد أن احمر وجهها):- لا شيء يا نهال لا تضغطي علي أنتِ الأخرى أخبرتكِ …
نهال:- تت حسن يكفي سأطلب لكِ عصيرا إذن لتهدئي .. يا أخ لو سمحت واحد عصير هنا
النادل:- طيب يا آنسة
شيماء(نظرت إلى اهتمامها وقلبها يؤلمها):- ما الذي أراده منكِ مازن الحمداني ؟
نهال(رفعت حاجبها):- صرتِ مثل جيهان ع فكرة ، لكن لأريحكِ كان يريدني حجة
شيماء(بعدم فهم):- حجة لماذا ؟
نهال:- يا ستي كان يريد زيارة فردوس لأنها كانت متعبة ولم يكن بقادر على الذهاب منفردا ، لذا طلب مساعدتي وذهبنا معا تركتهما وأتيت
شيماء(بارتياح داخلي):- أهاه يعني ..
نهال:- ههه يعني ارتاحي ليس بيني وبينه شيء ، لكن على الأغلب سيكون ذلك الشيء بينه وبين فردوس هناك إشارات تدل على ذلك يااااي كم أعشق ثنائيات الحب
شيماء(انكسر قلبها مثل الزجاج):- أحقا ؟؟
نهال(هزت رأسها بإيجاب):- حقا حقاااا حتى أنني أجزم بذلك بعد فترة
شيماء(ابتلعت ريقها وهي تغالب دمعاتها البائسة):- جيد …
نهال(حركت رأسها صوب النادل):- يا أخ أنا طلبت العصير قبل أولئك السادة يعني لا يجب أن تسبق بهم وتتركنا نحن في انتظاااااار
النادل(باعتذار):- آسف آسف منكِ آنسة ولكن …
شاب(يكبرها بقليل):- عذرا آنسة ولكن قد أخذتِ طلبكِ قبلنا يعني هذا الذي أضفته سيأتي من بعدنا إن كان هذا لا يعجبكِ
نهال(هزت حاجبها):- ماذااااا تقووول يا أنت إنه من حقي أنا ؟
شيماء(نظرت حولها الكل كان يناظرهما):- نهال كفى يا أختي ما الذي جرى لكِ فجأة
نهال(بنمردة):- أرى ذلك الأخ وكلماته المقيتة
الشاب(باحتدام):- احترمي نفسكِ يا آنسة وإلا لن يعجبكِ جوابي بعدهااااا
نهال(لم تشعر بنفسها حتى استقامت بعصبية):- ماذا ماذا هل ألمس هنا تهديدا مثلا ؟
الشاب(استقام بدوره ليواجهها):- أجل وإن لم تطبقي فمكِ بعد دقيقة ستحاسبين
نهال(بعدم تصديق):- ههه شيماء أتسمعين هذا ماذا يقول ؟
شيماء(نهضت بحرج):- عذرا منك يا أخ حصل خير
نهال:- وتعتذرين منه لماذا هو المخطئ هو من يجب عليه الاعتذار
شيماء(بنرفزة لا تحتمل الضغط):- كفى يا نهال كفى أنا ذاهبة لا أريد عصيرا ولا غيره
نهال(نادتها):- شيماء شيماء توقفي يا بنت
الشاب:- الظاهر أنكِ غير مؤدبة حتى صديقتكِ تود الهرب منكِ لكن العيب ليس عليكِ العيب على أهلكِ لم يعرفوا كيف يربونكِ
نهال(هنا أعلنت جرس الإنذار وتقدمت نحوه):- أنا يا أبله متربية أحسن من تربيتك البلهاااااء خذ هذاااااا
أمسكت بكأس عصيره وصبته على وجهه كاملا أمام الكل ، هنا نهال كانت تلهث بانتصار ولم تحسب حسابا لتلك اليد التي ارتفعت للسماء كي تنزل على وجهها لكن فجأة أوقفتها يد غريبة بقوة نافذة جعلت الكل يتسمر محله …
نهال(التفتت لترى من هذا الذي أنقذها):- هئئئئ …
نادر(بملامح مظلمة):- أنزل يدك يا سيد عيب عيب أن تقوم بضرب فتاة
الشاب(بعصبية):- ألم ترى ما أقدمت عليه تلك البغيضة ؟؟
نادر(حرك فمه بغيظ ونظر إليها):- اعتذري منه الآن … فورا يا نهااااااال
نهال(بغمغمة دموع):- نادر ؟؟
نادر(أغمض عينيه بنفاذ صبر وغرس أصابعه بيدها حين جذبها قربه وأشار للشاب الذي كان يمسح وجهه بالمنديل):- قلت .. اعتذري منه الآآآآآآآآآآآآآآن
نهال(ارتبكت ونظرت للشاب الذي كان ينتظر ذلك منها):- متأسفة
الشاب(جمع أشيائه وزورها بحنق):- شفاكِ الله هذا ما يسعني قوله
نادر(نظر حوله للجميع):- ليهتم كل بشأنه انتهت المسرحية … وأنت أخي سأدفع ثمن كل ما حصل فقط لملم الموضوع ونعتذر بشدة على ما حصل
النادل(بتذمر):- طيب سيدي لا بأس …
نادر(لم يفلت يدها بل جذبها خلفه نحو طاولتهما):- أهلا شيماء سأجعلكِ تأخذين سيارة أجرة للبيت لكن الآنسة نهال ستبقى رفقتي بعض الوقت
شيماء(نظرت إلى ملامح نهال التي لم تكن مفهومة):- أأنت متأكد ؟؟ نهال ؟؟
نهال(بذهول غير مصدقة):- … أ
نادر(كان مصرا):- تفضلي يا شيماء ستكون برعايتي لا تقلقي
شيماء(خرجت مطأطأة رأسها):- لن أخبرهم بالبيت عن شيء لحين عودتك
نهال(هزت رأسها فقط):- حسن …
فور ذهاب شيماء زفر بعمق وهو يرى أن الكل ما زال يراقب الفتاة المجنونة التي قامت بذلك العمل الأهوج ، حمل حقيبة نهال وهاتفها وأمسك بيدها يجرها خلفه
نادر:- سنغادر
نهال(كانت تسير خلفه على نحو مسرع وحين خرجا توقفت قبل أن يفتح سيارته):- ماذا تريد مني لقد أحرجتني بما فيه الكفاية بالدااااااخل
نادر(فتح باب السيارة وأعاد غلقه بعصبية):- اركبي يا نهاااال ولا تستفزيني أكثر
نهال:- ما شأنك أصلا بي ، إن كنت صديق عمو وائل هذا لا يعطيك الحق بأن تتدخل في تفاصيلي اليومية لقد تجاوزت كل المعقول معي ؟؟
نادر(حرك رأسه بنفاذ صبر وتوجه إليها):- شأني هااااه .. اركبي نهال اركبيييييييي
نهال(انتفضت من صراخه وأطاعته باكية):- هذا تظلم أنت تجبرني على فعل شيء لا أريده
نادر(أغلق الباب عليها بغضب ورفع يديه للسماء):- أستغفر الله على هذه البنت
ركب بسرعة جانبها وأمرها أن تضعها حزام السلامة وأدار محركه متوجها لغير وجهة ، ظل الصمت مخيما على الجو لحين استقر أمام البحر بسيارته ، هناك فقط توقف
نادر(أسكت محرك السيارة والتفت إليها):- ما كان الداعي لذلك التصرف ؟
نهال(انفجرت بصوت باكي):- أنت لست مخولا بالتدخل في حياتي وتصرفاتي ، لقد أحرجتني وهذا ما لم يجرؤ أحد على فعلهااااا
نادر(أزال حزام السلامة وخرج متأففا من السيارة):- هففف
نهال(عقدت حاجبيها):- هفف هل هذا ملبوس أم ماذاااا ؟؟ أنا أكلمك
أزالت هي الأخرى حزام سلامتها وخرجت إليه ، حتى حين لفح البرد وجهها هذا لم يزدها سوى حنق على حنق
نهال:- كيف تحرجني بتلك الطريقة كيف كيف ؟؟؟
نادر:- ماذا كنتِ تنتظرين أن أسمح لذلك الغبي بصفعكِ أو جركِ من شعركِ وضربك أو تقديم شكوى ضدكِ ، هل أنتِ معتوهة لتلك الدرجة ؟؟
نهال(مسحت دموعها وصرخت فيه):- لا أسمح لك بإهانتي لقد فعلت ما فيه الكفاية حتى الآن لا شأن لك بأي شيء يخصني
نادر(أشار لها بغضب):- بل شأني شأني ، تصرف اليوم ينم عن فتاة طائشة لا تحسن التصرف أنتِ بالمرة لستِ بمسؤولة لا تزالين طفلة هوجاااااء
نهال(تضخم صدرها بالغضب):- للمرة الألف لا أسمح لك أبدا أبدا أن تتدخل بخصوصياتي
نادر(بحدة):- بل أتدخل وسأتدخل إن لزم الأمر لأنكِ بفظاظتكِ تلك أهنتِ أسرتكِ
نهال(ابتلعت ريقها حينها وصمتت):- … ولكن
نادر(تقدم إليها باحتدام):- لقد أسااااااء إليهم وإلى تربيتهم ألا تعين ذلك ؟؟ كيف تسمحين لأحد بأن يقلل من احترامهم بتصرفكِ الأرعن ذااااك .. بالفعل أثبتِ أن هنالك خللا في تربيتك
نهال(فتحت عينيها على وسعهما مصدومة من كلامه):- هئئ …
نادر(كان يعلم أنه يضغط عليها أكثر من اللازم لكن عليها أن تنضج):- يكفي من طيش الصغار يا نهال ، أنتِ ما عدتِ طفلة كي تسمحي لأحد بأن يتجاوز حدوده معكِ وتصرفاتكِ بدءا من اللحظة ستتغير لا يمكنكِ ضرب أحدهم في الشارع ولا شتمه ولا صب العصير عليه هذا كله مرفوض وممنوع ، لو سمع أهلكِ ذلك ستعاقبين لا محالة فهذا شيء غير مقبووول بالمرة
نهال(أخفضت رأسها وهي تتخيل تذمر أمها من تصرفها وازداد بكاؤها لحظتها):- هو استفزني
نادر(أشفق عليها وبطيبة):- ما فعلته خاطئ ..
نهال(رفعت عينيها إليه):- هل شكلي سيء لهذه الدرجة؟
نادر(بخيبة):- جداااا …
نهال(عضعضت شفتيها وهي تبكي):- أنا آسفة
نادر(زفر بعمق):- وأنا آسف على إحراجك ، لكن كنت لأوسعه ضربا إذا ما قام بصفعكِ لحظتها
نهال:- لا أنت معك كل الحق في ما فعلت ، أستحق ما نلته
نادر(حرك رأسه وهو يناظر ما حوله):- لما لا تطردين هذه الملامح البائسة وأجعلكِ تبتسمين .. سأدفع رشوة فورية جراء ابتسامة على فكرة
نهال(رفعت حاجبها بعدم فهم):- ابتسامة .. ما الرشوة التي ستقدمها لأرى ؟
نادر(ابتسم):- اممم مثلجات مثلا
نهال(عضت طرف شفتها بحماس وهي تمسح عينيها):- موافقة لكن اثنين أريد اثنين واحدة للصلح وواحدة للابتسامة
نادر:- ههه طيب يا صغيرة أمري لله
نهال:- ماذا كنت تفعل بالمطعم ؟
نادر:- يوم عطلة
نهال:- لا أدري هل سأمتن لهذا اللقاء أم سيذكرني بسوء نفسي
نادر:- تتت لا تقولي مثل هذا الكلام ثم عمو نادر تصرف بالشكل اللازم
نهال:- لا تقل عمو نادر أنت نادر وبس
نادر:- آه آه نادر الوجود ههه .. اركبي اركبي يا نهال كي لا أؤخركِ أكثر على البيت
نهال(بمودة):- طيب
اصطحبها مباشرة لصاحب المثلجات وجلب لها اثنين مثلما طلبت وأخذ يناظرها وهي تتناول أحدهما ببراءة ، وتنظر إليه بشكر وامتنان
نادر:- هل أنتِ راضية الآن ؟
نهال:- أجل
نادر(بامتعاض):- ما كان علي التصرف بتلك الطريقة ، لكن ذلك الشاب كان على وشك فعل ذلك ولم أكن سأتحمل إن لم أرميه أرضا مغشيا عليه وأعرضكِ لمشاكل
نهال(ابتلعت ريقها ، كيف يفكر بكل هذا في ظرف تلك الثانية أي شخص هذا ؟):- سنشكر الصدفة التي جمعتنا إذن ؟
نادر(ناظرها بتمعن):- صح …
ابتسمت له وقدمت له واحدة مما لديها رفض بداية لكنها أصرت ، على أساس أول بوظة يتناولانها سوية وكم كانت لذيذة انغمسا بها على ضحك ونكت واستعادا شريط الحدث وغاصا في شيء مشترك انتهى بزيارة للأسرة بعد أن أوصلها للبيت .. استقبلوه بمحبة وتحجج بأنه قد التقاها صدفة لذا أقلها بشهامة للبيت ، طبعا صديق لوائل سيسلمونه زمام الأمور حتى أمانا فيه لذا هذا ما جعل عفاف تكون مطمئنة لكن شيماااء على العكس تمامااااا …
شيماء(أغلقت الغرفة عليهما):- ما الذي حدث أين ذهبتما ؟
نهال(لا تزال تحت تأثير الجو الجميل الذي عادت منه):- اعتذر مني بطريقة مهذبة جدا جدا وأنا تقبلت اعتذاره بصدر رحب
شيماء:- اعتذر منكِ ؟؟ كان ليفعل ذلك أمامي يعني ما الداعي لإرسالي وبقائكِ وحيدة معه ؟
نهال:- شيمو حبي أرى أن كلامكِ ينحرف لطريق لا يعجبني ، إنه في مقام عمو وائل بالضبط شخص ناضج ذو فكر راق ومهذب يعني لا بأس مما حصل
شيماء(بعدم ارتياح):- تت لا أدري ، ثم تلك البنت لما دعتنا للمطعم طالما لم تكن تنوي مقابلتنا هناك أتلعب بنا أم ماذا ؟
نهال:- صدقتِ، قد نسيت أمرها تماما لما طلبت منا هذا اللقاء إن كانت ستتغيب
شيماء:- حتى هاتفها لا يزال مغلقا لكن أحسن أخبرتكِ لا طائل منها ، لتبتعد أريح لنا
نهال(رمت بنفسها على السرير):- هممممم بيصير
شيماء:- ماذا ماذا أين سافرتِ ؟
نهال:- لدنيا الأحلالالالالالالالالالال ام ……
حركت شيماء رأسها بقلة حيلة ، وتركتها تغوص وحدها في عالمها الخاص وأخذت تفكر في سبب دعوة جيهان التي كانت تعتذر من شامل وهشام وخلقت لهما موعدا آخر ، فحين وصلوا للمطعم شاهدوا خروج نهال مع نادر وهذا ما أربك المخطط وأجلوه لغير وقت ، فالله يستر ..

وعودة لبيت جيداء الذي كان يبرق ، استطاع مازن طبعا أن يقدم يد العون لفردوس حتى أنهيا كل شيء في وقت وجيز ، كم كانت ممتنة لتلك المساعدة التي غيرت مزاجها للأحسن وتمكَّن من إخراج فكرة حزنها على مأساتهم قليلا من عقلها .. لكن اتصال وجدان الطارئ به جعله يغادر صوب البيت ليرى ما جديد أمه والأميرة الحسنااااء ..
نورهان(بتأفف):- ألا يكفي أنني سأتحمل صورة العائلة السعيدة هذه الليلة
وجدان:- تحملي يا نورهان ، لقد أجبرنا حاتم على تحضير كل شيء لعشاء الليلة وسنكون متحضرين على أكمل وجه ، اذهبي واختاري أحسن فساتينك وأكثرهم فتنة وتجهزي لتفتني عقل رأفت وتكسري عين تلك الغبية ..
نورهان:- ما كان الداعي لدعوة العشاء العائلية هذه ؟؟؟
وجدان:- علمي علمك هل ترين أنه يستشيرني فيما يريده مؤخراااا ؟ بسببها بات يتصرف معي مثل الغرباء لكن لا بأس الحساب بيننا .. آه لا تنسي تنبيه ذلك الأحمق رجب أريده أن يتصل بها في عز جلستنا ويستفزها قدر المستطاع ونحن بطريقتنا سندخل الشك في عقل رأفت
نورهان:- اممم يعني هذه الزيارة في صالحنا
وجدان(بخبث):- طبعا سنستغلها بالشكل اللازم …
مازن(دخل على آخر جملة):- تستغلان ماذا أمي ؟
وجدان(فركت يديها بارتباك وتابعت بحرص):- نستغل حضور أخيك رأفت الليلة على دعوة العشاء لأجل المصالحة يعني إلى متى سنبقى غاضبين من بعضنا
مازن(ناظر نورهان بتأفف):- اممم صح اجتماع عائلي يعني .. خسارة لن نكسب حضوركِ معنا نورهااااان
نورهان(ابتلعت إهانته واستقامت بخفة):- سأكون موجودة مازن الخالة وجدان أصرت على حضوري ..سأذهب لأحضر نفسي أراكِ خالتي
وجدان:- طيب طيب حبيبتي نلتقي … وأنت عيب ما ذكرته كأنك تهينها أمامي ؟
مازن:- أهينها ؟؟ بليز ماما هي موجودة معنا ليل نهار حتى حسبت أنها هي أختي لا هدى التي لا ألتقي بها إلا نادرا جدا
وجدان:- وهذا خطأ من في نظرك ؟
مازن:- حسن لا تبدئي أنا متعب سأنام لحين المساء لا تزعجوني
وجدان:- خذ راحتك أساسا لدي مليون شيء لأفكر به …. همممم
هدى(نزلت متأففة):- من الأخرق الذي كوى فستاني بالمقلوووووب لقد تجعد كاملا وما عاد يصلح لشيء ؟
مازن(التقاها بالدرج):- سلام يا أخت
هدى(لم توليه اهتماما ونزلت بصراخ):- أمي أمي لقد خربوا فستاني أريد أن أعرف من المتسبب بذلك الآآآن ؟
وجدان:- أكيد نجية … نجية يا نجية
نجية(أتت مهرولة):- نعم ست وجدان
وجدان(أمسكت الفستان ورفعته لها):- ما هذااااا ؟ هل أنتِ عمياء أم أنكِ خرفتِ يا امرأة كيف تقدمين على هذه الفعلة ؟
هدى:- أتعلمين ما قيمة هذا الفستان الذي أفسدته يا نجية ؟؟؟
نجية(ابتلعت ريقها بخوف):- ولكن لست المذنبة سيدتي بل بعثتها للمحل وأظن بأنهم …
وجدان(قاطعتها بصراخ):- إن لم تنتبهي لعملكِ جيدا يا ست نجية لن نعرف إلى أين سنصل بهذا التهاون ، انصرفي الآن
نجية(طأطأت رأسها بغبن وتوجهت بأسف صوب المطبخ):- آسفة …
شعرت بالغبن بعد ما حصل ، لم تكن مذنبة ولم يكن هنالك داع لأن تقوم كلا منهما بتجريحها بتلك الطريقة ، وهذا ما جعلها تحس بالظلم وعليه لم تغالب دمعاتها قط ..
تامر:- أمي ها قد عدت من الكلية أشعر بجوع شديد .. هئئ أمااااه أتبكين ؟
نجية:- لالا يا حبيبي أنا فقط أشعر بالتعب والإرهاق
تامر(عقد حاجبيه):- إذن لنأخذكِ للطبيب فورا
نجية:- بني لا تبالي إرهاق وسيذهب لحاله ، ثم اليوم لدينا وليمة عشاء يجب التحضير لها
تامر:- أمي لا تجادليني أكثر … ما جدوى عنادك سنطمئن على صحتكِ ثم نعود
نجية(بتأفف):- يووه أخبرتك أن الأمر لا علاقة له بالمرض لما لا تصدقني
تامر:- طيب ما الأمر أصدقيني القول ؟
نجية(مسحت دموعها وناظرته بعمق):- حدثت مشكلة مع الآنسة الصغيرة هذا كل ما في الأمر
تامر:- هدى … ماذا حدث ؟
نجية:- ياااه يا ولدي لما تغلب قلبي هكذا مشكلة وانتهت
تامر(بعناد):- أجيبي يا أمييييييي …
لاحظت عصبيته وحكت له كل شيء وهذا ما جعله يستنفر بشكل جنوني ، استطاع أن يضع قناع اللامبالاة على وجهه أمام أمه ويصبرها على ما حدث بابتسامة مريرة كي تستجمع شتات نفسها ولا تولي الأمر اهتماما ، وبالفعل لوجه مازن ورأفت والسيد حاتم تمالكت نجية وجعها وعادت لعملها كالمعتاد .. أما هو فقد رن رنة واحدة على هدى جعلها تنزل إليه في لمح البصر بالحديقة الخلفية
هدى(بمرح إذ اعتقدت أنه ناداها اشتياقا):- حبيبي تااااامر
تامر(استدار إليها بوجه ممتقع):- حبيبكِ هااااه ؟؟ ما قلة الاحترام التي تتسمين بها يا هدى عيب أن تصرخي بوجه امرأة في عمر أمك بسبب فستان
هدى(انتفضت وبرفض):- لكنه ثمين وكنت أحبه وهي التي خربته
تامر(أشار لها بنفاذ صبر):- سأشتريه لكِ ولكن إياكِ وأن تضعي أمي مرة ثانية في موقف محرج ، لا أسمح لكِ أو لأمك أن تحولانها لدمية تصرخان بوجهها طوال الوقت … ما يبقيني ببيتكم هو تعلقها بكم وإلا لكنت أخذتها ورحلت بها بعيداااااا وأظن أن ذلك اليوم بات قريباااا إذ يكفيني منكم تجبرا لا طائل منه
هدى(بفزع اقتربت منه متمسكة بذراعه):- له له عن أي رحيل تتحدث يا تامر ، سامحني حبيبي ستكون آخر مرة أتذمر فيها بشأن الخالة نجية
تامر(جذب يده متقززا منها):- لا تقربيني هذه الفترة لأنني لا أطيق نفسي ..
هدى(أخذت تطقطق بإصبعها):- يوووه جهز السيارة ستأخذني للجامعة
تامر(تلاعب بلسانه داخل فمه):- أمركِ آنسة هدى
هدى(لاحظت مغادرته بغضب وتأففت):- لما يتخذ مواقف كهذه علما أنني لم أقصد شيئا الخطأ كله خطأ أمه ففف … نكرة
انقضت تلك اللحظة عند هذا الحد فما ينتظرهم بالمساء أكبر بكثير مما حدث … فحتى رنيم استغربت هذه الدعوة الغريبة من قبل حماها حاتم
رنيم:- أتساءل فقط يا رأفت يعني ما المناسبة ؟
رأفت(يرج الحليب في القنينة بينما كانت هي تبدل ثياب سجى):- لا أدري يا رنيم مثلي مثلكِ ، طلب منا الذهاب للقصر ليلا إذن سنلبي دعوة بابا
رنيم(مطت شفتيها وهي تفكر):- طيب ماذا عن أمك وتلك الحرباء ؟
رأفت:- حبي أنتِ في حالك وهم في حالهم وستمر الليلة على خير وبخير
رنيم:- أكيد يا روحي وهل سأتعمد الاحتكاك بهم ،،
رأفت(فرقع إصبعه لسجى التي ضحكت):- عمري أنا عمري ما أحلاها من ضحكة
رنيم(حملتها بعد أن انتهت):- وقد حان وقت الحليب صغيرتي هيا هياااا
رأفت:- أنا سأجهز الغذاء لنا حبي يجب أن أمر بالشركة هذا المساء وبعدها أعود لأقلكم جميعا نحو القصر
رنيم:- طيب حبيبي جهز لنا أحلى وجبة
رأفت(قبلها في الهواء):- أوامرك سيدة رنيم ههه ….
سنترك هذه الأسرة المشعة على حالها ونتوجه صوب أخت أخرى لا تزال تعاني الأمرين في معتقل صنعته بنفسها ، وكان السجان عقلها الغبي وتفكيرها البااااائس …
في تلك المزرعة المهجورة
كانت تتقيأ باستمرار حتى أن جسمها أصبح هزيلا فاقدا لنضارته ، شحوبها دائم طبيعي فقد كانت لا تأكل ولا تشرب بل تقتات على أشياء بسيطة فما تعانيه أكبر من أي طعم أو مشرب …
دعاء:- لما تحتجزني هنا أعدني لبيتنا وتنتهي كل مشاكلك
حسام(يلعب بجسمه فوق الكرسي جيئة وذهابا):- حقااا لم أفكر بذلك دعائي ، أتودين الهرب مني أنتِ أيضا يستحييييييل فلا تنسي أنك من اخترت هذا المسار إذن تحملي
دعاء(بصوت متعب):- أنا أحتضر معك هناااا لما لا ترحمني وتطلق سراحي
حسام:- بسببك خسرت عائلتي وشركتي وكل ما يحق لي ، ماذا تنتظرين مني أن أعيدك لبيتكم حتى أصف وحدي مثل الأجدب لا والله ما حزرتِ دعاء هانم
دعاء(ببكاء متلاشي):- عائلتك خسرتها منذ زمن بعيد حين خنتهم أول مرة وتتالت الخيانات فلا تلقي باللوم علي ، قد كانت مسألة وقت حتى ينكشف كل شيء لهم وهذا صنع يديك لا دخل لي به … أما البقية فجشعك هو الذي جعلك تفلس وتخسر كل شيء
حسام(أوقف الكرسي ونظر إليها بغضب):- يفضل أن تصمتي وإلا سآتي لأخرسكِ بطريقتي التي أمارسها عليكِ ليلا هممم ؟؟
دعاء(ابتلعت ريقها وتقوقعت حول نفسها نفورا منه):- أكره اليوم الذي أحببتك فيه يا حسام النهواني الله ينتقم منك ، حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا رجل
حسام(نهض ضاحكا):- هههههه عاهرتي أنتِ …
خرج وتركها تضرب يدها المقيدة مع السرير وتبكي بحرقة مآلها ، كيف ستخرج من ذلك السجن كيف سيفرج عنها ؟؟ أين أهلها أين أييييييين ليغيثوها ويغيثوا طفلها الذي لا يزال متشبثا بالحياة وكأنه يخبرها أنه معها في كل اللحظات في السراء والضراء فقط لتتحمل وكل شيء سيكون على ما يرام … صوته الداخلي كان هو سلم نجاتها من شرور حسام الذي كان يحك رأسه خارجا ويفكر في طريقة لزيادة تعذيبها ولإيصال هذه الفكرة لأهلها فقد كشف كل شيء إذن ليفضحها هي الأخرى و بهذا سيزيد من انتقامه …
حسام(رفع هاتفه واتصل):- سنرى يا دعااااء كيف ستتحملين هذا بعد ههه ../ ألو ناجي صديقي الحبيب
ناجي(بتأفف):- وجهك وجه مصائب اختصر ماذا تريد ؟
حسام:- عيب عليك يا صاح نحن عشرة عمر ، اسمعني هي خدمة بسيطة سأكلفك بها وبعدها لن ترى أو تسمع شيئا عني ولعلمك سيكون لك نصيب منها
ناجي:- أسمعك
حسام:- ستذهب إلى نجلاء وتأخذ ملف حمل دعاء بالتاريخ والساعة يعني ليتم معرفة أن الحمل تم قبل الزواج ، وترسله مع باقة ورد لبيتها مع رسالة مكتوب عليها أنها بصحبتي وأنني أريد 50 مليون دولار لكي أطلق سراحها ، وإن لم تصلني في غضون 48 ساعة سيموت جنين ابنتهم .. هل فهمتني ؟
ناجي(بقلق):- هل جننت يا رجل ؟ أتريد مني أنا المحقق ناجي أن أقوم بعمل المجرمين هذااااا صدقا قد فقدت عقلك
حسام:- فقدته أجل لن أنكر وسأفقده لأجل سلامتي أريد المال لأهرب به خارج هذا الوطن وأبني حياتي من جديد …
ناجي(بتفكير خبيث):- طيب لي حصة منه صح ؟
حسام(بكره):- أكيد 5 بالمئة لك والباقي لي
ناجي(بتفكير):- رغم أنه قليل لكن أحسن من بلاش … تمام اعتبر الأمر منجزااااا سأفضحها لك ومنها أقتص من ابنة عمها الغدارة ..
حسام:- لك ذلك صديقي العزيز أعلمني بالمستجدات ماشي
ناجي:- ههه أول بأول سلملم …
حسام(بخبث أقفل الخط):- حسن يا دعاااء أظن أنني سأستفيد منكِ قليلا قبل رحيلي يلا كنتِ حبا وانتهى مثلما تنتهي كل الأشياء الجميلة ومصلحتي الآن أهم من تلك المشاعر … سأحرقها حرقاااا ولا يجمعني بكِ شيء بعد اليوم ….
لم تسمع شيئا فقد كانت غارقة في أحزانها كيف لا وقد ألقت بروحها بين أنامل شيطان لا يرحم ، بل الأدهى يفكر باستغلالها أكيد هو يبحث عن جلاده إذن ليستلق وعده بالخيراااااات ….
وعودة لزوجته التي حصلت على الأوراق اللازمة لبدء دعوى الطلاق ، حضر لها المحامي كل ما يلزم ولم يعد هنالك أي داع من انتظار توقيع حسام النهواني فقد رفعت جيداء دعوى قضائية تتنازل فيها عن كل حقوقها لكي تحصل على حريتها وهذا ما سرع العملية ، ووعدها المحامي ببذل مجهود كي تصبح طليقته في غضون أيام بسيطة … عاد بها ابنها فريد إلى البيت ذلك المساء وفرحت كثيرا بما رأته فقد ظهر جليا جهد فردوس في تحضيراتها فرحا بعودة أمها أما فريد فلم يجد ما يقوله لأن ما رآه فوق قدرة تخيله
فريد:- متأكدة يعني أنكِ أنتِ التي صنعتِ هذا الكيك ذو المذاق الجميل ؟
فردوس:- أجل أنا قمت بتحضيره طبعا استعنت بوصفة عبر النت وها هو ذا بين أيديكم
جيداء(تتناوله):- أممم إنه لذيذ يا فريد أختك ستبدع في المطبخ أكثر من القانون هههه
فريد:- ههه هذا ما فكرت به أنا أيضا أمي
فردوس:- هاها اسخرا مني آخر مرة سأطبخ لكما هممم
جيداء:- يا حبيبتي أنا فخورة بكِ عزيزتي .. تعالي لحضني
فردوس(قفزت وجاءت بجانبها):- اشتقتكِ ماما البيت نوَّر بعودتك
فريد(ابتسم لهما):- فعلا البيت بدونكما مظلم .. سوف نعود أحسن من الأول دواء علتنا في حبنا لبعضنا بعضا لن ندع أي شيء يقف في وجه سعادتنا من اللحظة
جيداء(دمعت عيناها بحزن):- إن شاء الله يا عزيزي .. ستأذنان لي افأن بالدخول لغرفتي أريد النوم مرهقة بشدة
فريد:- أدويتكِ سأعطيها لكِ بعد ساعات لذا خذي راحتكِ ماما
جيداء(قبلت وجنة فردوس ونهضت مع فريد الذي أسندها):- رَجلي أنت
فريد(ابتسم وقبلها في وجنتها):- وأنتِ ست البيت الله لا يحرمنا منك يا غالية
جيداء:- ولا منكما أحبتي …
دخلت إلى غرفتها وأخذت راحتها فوق سريرها الذي ما إن استلقت عليه حتى هاجمتها ذكريات عديدة جمعتها بحسام .. ذكريات جعلت صورا كثيرة تراود عقلها في ضحكاته مع نساء أخريات غيرها مثل سهرات معهن ووضعيات مختلفة تجعل جسمها يقشعر وترفض تذكر كل لمسة منه حتى لو كانت قديمة ، قد كانت تشعر بالتقزز والاشمئزاز منه وطالما هي لا تزال زوجته فهذا أمر يثقل كاهلها ويجعلها عرضة لعدم الشفاء من هذا المصاب بشكل أسرع … كيف استطاع خداعها بتلك الطريقة بل كيف لم تواجهه فشخص خائن منه لا يستحق الغفران لا يستحق أن تسامحه مرارا وتكرارا وتعطيه فرصا بالمئات ، شخص مثله كان يجب مواجهته منذ أول يوم اكتشفت فيه خيانته لها لكنها سكتت وخضعت للأمر الواقع ، وللجملة الشهيرة أن الرجل مصيره عائد لبيته طيب كان بالفعل يعود لبيته كل ليلة ينام ببيته لكن بروح شخص آخر بجسد يهبه للعشرات من ساقطاته ، فأي عودة سينتظرها المرء من خبيث مثله … تنهدت بعمق وهي تستشعر ضعفها فخوفها من أن تبقى وحيدة تربي طفلين هو الذي أخرسها يعني لأجل أولادها تحملته وتحملت ظلمه لها وإهانته لأنوثتها التي جفت بسببه ، تأوهت من بين شهقات الدموع وحركت رأسها يمنة ويسرة فكل مآسيها وآلامها في كفة وحمل امرأة أخرى منه في كفة أخرى … هذا ما كسر قشة البعير وهذا ما وضع الأمور في نصابها كما يجب …
~ جيداء تتذكر ~
قبل عدة أسابيع
كانت ترقص فرحا وارتباكا في آن الوقت أو لنقل روحها هي التي كانت ترقص بدلا عن جسمها الذي خذلها ، فستانها الأبيض القصير قد كان يزيدها رقة وعذوبة تليق بعازفة الكمان الرقيقة ، وضعت لها نور شريطة بيضاء على شعرها المنسدل على كتفيها وبدت في هالة ملائكية زادتها روعة .. مع زينة خفيفة اكتملت صورتها في عيون أهلها الذين اصطفوا جميعا بالصالون منتظرين إياها بفرحة .. فاليوم سيكونون دعمها في يوم مسابقتها المنتظر منذ فترة طويلة ، كانت متوترة ترتجف في محلها فالليلة ستقدم عرضها الذي تعبت لأجله أياما وشهورا وبسبب عجزها هنالك ما يتعب روحها أكثر مما تستحق .. لذا قاطعت تفكيرها بربتة يدها وانحنت القرفصاء أمامها …
ميرنا(بابتسامة):- هنالك في هذه الحياة تضحيات عديدة يا أختي قد تضطرنا الظروف لتقديمها حتى وإن كنا رافضين لها ، في قرارة أنفسنا ننفر من ذلك المسار المختار لأجلنا لكن لمصلحة الجميع نقدم على ذلك بصدر رحب ، حتى أننا نخلق ابتسامة كي يمر كل ذلك سريعا وتمَّحي آثار الشقاء من ملامحنا الداخلية .. فمثلا أنتِ الآن غير قادرة على مواجهة عشرات الناس الذين سيتواجدون بالمسابقة ، لكن فكري بأنكِ ستساعدين بعرضكِ مؤسستك التي سهرت وتعبت لأجل تدريباتك وآمنوا بكِ قبل أن يؤمن أحد بموهبتك لهم الفضل في إخراجكِ من قوقعتكِ التي … تسببتُ لكِ ب..
مرام(أمسكت بيدها بلهفة):- ميرنا ميرنا … ما حدث ليس ذنبكِ انتهينا من مرحلة الاكتئاب تلك أختي انتهييييييينا
ميرنا(بعيون دامعة ابتلعت ريقها):- حسن إذن أظن أن دوري في رفع معنوياتك قد فشل تماما عذرا منكِ
مرام(بابتسامة حب):- يكفي أنكِ معي أنتِ وأمي وخالتي وجدتي ، عمتي ونور وزوجة أخي وابنة أخي وصغيرتنا ديناااا وكوثر العزيزة هممم ؟؟
الجميع(التفوا حولها بمحبة):- نحن معكِ يا حبيبتنااااا ..
نور:- هيا هيا يا كوثر ساعديني في توصيل هؤلاء النسوة لمقر المسابقة فالليلة ليلة فرح
انطلقتِ البنات كلهن بزينتهن الخاصة نحو المسرح الذي ستقام فيه مسابقتهم ، كان هنالك العديد من الحضور يعني جمهور مُشرِّف ، كان موجودا على المنصة بيانو أنيق وعلى جنبه عدة آلات موسيقية وعلى مقربة منهم ميكروفون على الأغلب خاص بالمنشط الذي سيتكفل بإحياء تفاصيل تلك الليلة .. جلسن كلهن في سطرين مختلفين نبيلة مديحة عواطف سماح عفاف في جانب وفي الجانب الآخر نهال دينا نور كوثر وميرنا .. أما مرام فقد توجهت مباشرة لغرفة التجهيز الخاصة بالمتسابقين وهناك كانت جيداء والأستاذ هاني بانتظارهم
جيداء(عانقتها بمودة):- مرام أخيرا أتيتِ ، ما أجملكِ الليلة
مرام(بارتباك):- احم يعني يا معلمتي بعض مما تستحقه مسابقتنا
جيداء(ربتت على كتفها):- اسمعيني حبيبتي سوف تقومين بما تدربتِ عليه أمام الكثيرين ، ما أريده منكِ ألا ترتبكي وأن تبقي عينيكِ مغلقة حتى ينتهي العرض هكذا سوف تتجنبين التوتر والارتباك
مرام:- هي فكرة وأصلا معزوفتي الليلة تتطلب مني التلاحم معها بشكل كلي
جيداء:- عفارم عليكِ يا بنت ، أنا متأكدة ستكتسحين المسرح الليلة فعزفكِ لا يعلى عليه
مرام(عانقت كمانها بمحبة):- أرجو ذلك …
جيداء:- طيب سأخبركِ بدوركِ متى يحين لتتحضري الآن خذي استراحة وابقي بالجوار ، خذي نفسا عميقا وانسي كل شيء فالليلة أنتِ ستشاركين موهبتكِ مع آلاف المشاهدين همم
مرام:- لن أنسى كلماتكِ معلمتي أنتِ تدعمينني بشكل مميز
هاني:- موفقة يا مرام دعواتنا معكِ
مرام:- مشكور أستاذ هاني
المنشط:- ست جيداء المتباري الأول دقيقتين ويكون على المسرح
جيداء:- هيا روحي انتبهي لنفسك ، طيب يا أخ سأحضره بنفسي …
سحبت أنفاسا عميقة وجرت كرسيها لترى زينتها بالغرفة المخصصة للفتيات ، وصلت إلى مرآة فارغة هناك ونظرت لنفسها كانت تبدو جميلة فاتنة بخدود موردة وهذا ما جعلها تبتسم ، لكن استدارتها لتلك الواقفات بجنبها واللاتي كن يقمن بتزيين أنفسهن الواحدة تلو الأخرى بمرح وحماس وحيوية تطبع ختم التميز على أنوثتهن ، هذا كان كفيلا ليجذب انتباهها لوهلة بسيطة وبعدها تضخم بصدرها شعور الرضى فهي لن تسمح لشيء أن يكسر روحها قبل المسابقة مهما يكن .. إنما صوت سخرية اثنتين من تلك البنات جعلها ترتعش في محلها وتحني كتفيها بتعب ذاتي استوطن فؤادها ..
مرام(في سرها وغلالة الدمع تتسابق إلى محاجرها):- هااا يا مرام معهما كل الحق فما الذي تنتظره عاجزة مثلكِ من مسابقة ضخمة كهذه ، أو ماذا ستنجز حتى ؟ معهما حق أنتِ مجرد نكرة عالة على هذا الوسط ما كان يجب ألا تنجرفي خلف أحلامكِ يا مرام ما كان يجب ذلك ..
سحبت كرسيها مجددا وغادرت تلك الغرفة بعد أن رمقت سخرية أولئك البنات عليها وضحكاتهن المباشرة لها ، نظرت إليهن بغبن وهمَّت بالخروج وهي لا تزال تنظر إليهن اصطدمت بجدار الباب وهذا ما جعل سخريتهن ترتفع لتصبح مكشوفة وتنتقل الضحكات لتشمل كل فاه في تلك الغرفة .. هنا اسودت الحياة بنظرها حركت كرسيها بثقل وابتعدت ابتعدت ابتعدت لأقصى مكان تختفي فيه عن الأنظار وتخفي فيه خيبتها ومأساتها الفظيعة … ظلت تبكي في ذلك الركن دون توقف فها هي ذي الحياة تصفعها صفعة أخرى هي عاجزة وهذا ما لا يستطيع كمانها أو عزفها أن يغيره ، هي في نظر الناس عاجزة مقعدة ليس بيدها حيلة فكيف ستزيد ازدحام المنصة بتواجدهاااا لتبقى بعيدا أريح … كل هذا القهر عسكر في قلبها لدقائق معدودة وتركت العالم هناك ليخرب ..
جيداء:- ما الذي تقوله أستاذ هاني لم يبقى سوى دورين على دور مرام أين اختفت ؟
هاني:- والله لا أدري بحثت عنها في غرفة الزينة في الحمامات لا أثر لها
جيداء(بفزع):- ربما تكون مع أسرتها
هاني:- ليست هناك أيضا
جيداء(بخوف):- يا ويلي أين ذهبت هذه الفتاة ؟؟؟؟؟
فريد(جاء بباقة ورد متأنق ومبتسم):- مرحبا … هل مرام هنا مررت بغرفة التحضيرات ولم أجدها ؟
جيداء(نظرت إليه بنظرة صامتة قبل أن تفجر بوجهه الخبر):- مرام مختفية يا فريد
أسقط باقة الورد لحظتها مثلما سقط قلبه من شدة الخوف عليها ، أكيد هي تمر الآن بنوبة خوف من صعود المنصة أكيد هي تفكر بتلك الأمور التي تُعَجز روحها قبل جسدها ، أكيد هي بحاجته الآن … نظر بغبن لأمه وانطلق من فوره في رحلة البحث عنها ظل يبحث في كل مكان تطؤه قدمه يريد أن يراها أن يضمها أن يمسك بيدها ويخبرها أنه موجود معها ، أن سندها بقربها إذن لتتشجع وتقدم أفضل عرض سمعته أذن .. لكن ليجدها أولا وبعدها سيغدق على مسمعها كل ما يؤمن به لأجلها ، لم يكن يبحث منفردا فقد بعث بخبر لتيمو والشلة الذين قدموا لأجل دعمها وقد كانوا متواجدين وسط الجماهير ، استنفروا بدورهم وتفرقوا في كل مكان للبحث عنها لكن دون جدوى كأنها تبخرت ..
جيداء:- مستحيل أن يسمع أهلها بخبر اختفائها سوف نزعجهم فقط يا فريد
فريد(بحالة جنونية):- لكن يا أمي يا أمي ربما يعرفون أين تكوووون ؟
جيداء:- فرييييد لحد الآن أنا أطيل بالي عليك ، كذبك وتغطيتك لأمر معرفتك بها تجاوزته لأجل المسابقة فقط لكن إلى هنا وتوقف
فريد(ضحك بغبن):- تلك الفتاة تهمني أمي ..
جيداء(تلعثمت بجمود ونظرت خلفه لتيمو الذي أحنى رأسه بمساندة):- كيف … هل جننت يا فريد حتى تتلاعب بمشاعر طفلة بريئة ؟؟؟؟؟؟ ما هكذا ربيتك
فريد(أخفض عينيه):- ولكنني لا أتلاعب بها أنا أحبها أحبها أحبببببببببببببها
جيداء(اقتربت منه بحذر وهي تسمع اعتراف ابنها لأول مرة):- حديثنا هذا سيكتمل حين نجد مرام وتقدم عرضها وتنتهي هذه المسابقة … لن أسمح لك بأذيتها يا فريد حتى لو كنت ابني
فريد(أرخى كتفيه بتعب):- وأين هي أيييين ؟
تيمو(وصلته رسالة وقفز):- فريدوووو عليك أن تأتي معي
جيداء:- هل وجدتموها ؟
تيمو(بتلعثم):- أ… يفضل أن ندع فريدا يحضرها لوحده فهو الوحيد القادر على إقناعها
جيداء(بجنون):- طب طمني انتفخ قلبي من القلق
تيمو(أومأ لفريد برأسه):- اذهب للمدرجات الخلفية للمبنى هي هناك ، وأنتِ ست جيداء ؟
جيداء(من فوق خاطرها):- إذهب يا فريد … إذهب
ركض ركض بأقصى ما يمكنه فهو متوجه صوب حياته التي صدح بحبها للمرة الأولى ، أقر علنا بمشاعره الدفينة هو يحبها ويعشقها أكثر شيء في هذه الحياة وسيجدها ليعترف لها بذلك دون تردد أو تخوف من رفضها ، لأنه يعلم تماما أنه في قرارة نفسها تشعر بذات المشاعر .. كان يخط الممرات بسرعة بالغة كي يصل لمرامه الباكية كانت في ركن قصي متوارية عن الأنظار لكن حين تم إيجادها لم يظهر لها أحدهم نفسه بل مباشرة بعثوا برسالة نصية لتيمو كي يتصرف … أشار فريد للشلة بالعودة للمسرح في حين رمقها من بعيد في صورة مؤلمة أحزنت قلبه ، استمر في التوجه إليها وإذ بصورتها تقترب وصوت نحيبها يُسمع وشهقاتها تحفر أخاديد قهر في خاطره .. لا يا مرامي لا تبكي قالها وهو ينحني ليجلس قبالتها من فوره
مرام(تفاجئت به وبغبن زادت وتيرته):- ابتعد عني يا فريد لا أريد أن أكلم أحدا
فريد(بدفء):- مراااامي
مرام(أغلقت عينيها من حساسية صوته الذي يصيبها بالوهن):- توقف رجااااء دعني وحدي
فريد(ناظر دموعها ومد إصبعه ليمسحها بخفة):- أنظري لعيناي
مرام(لم تفتح عينيها بل ظلت معاندة):- دعني فرييييد
فريد(أمسك بيدها بين يديه):- لما هربتِ أهذه هي وعودكِ لي يا مراااااام ، ما حسبت يوما أن تخذليني بهذا الشكل يا لكِ من جبانة
مرام(فتحت عينيها وانفجرت بكاء):- أنا عاجزة ولن يطلع بيدي شيء ، هذا أمر غير منوط بي أنا مجرد عبء
فريد(تألم من جملتها واهتزت نظرته لها واستقام تاركا يدها بعنف):- عبء ؟؟ أنتِ تقولين على نفسكِ عبئا يا مرااااام كيف تجرأتِ على قول ذلك أو حتى تخيله
مرام(بصوت متقطع):- هذه الحقيقة الجلية فلا تدعي غير ذلك لكي تشحن عزيمتي
فريد:- أنتِ مجنونة على فكرة ، لو لديكِ ذرة عقل لما فكرتِ بهذا العبط … أمكِ وأهلكِ خارجا ينتظرونكِ تيمو والشلة يدعمونكِ أم.. معلمتكِ وأساتذتكِ ينتظرونكِ بفارغ الصبر لكي تجعلي النصر حليفهم ، يضعون مجمل ثقتهم بكِ أنتِ يا مرام
مرام(هزت رأسها بنفي):- ليس كذلك فأنا لن أكون سوى عبء على الفريق ، سترى كيف سأخذل مؤسستنا بعد كل ذاك التعب
فريد(انحنى مجددا إليها):- لا بأس اخذلي يا مرامي المهم أن تجربي ذلك الإحساس ، ثقي بي أنا متأكد بأنكِ ستكتشفين ذاتكِ من خلال هذه التجربة ، مرام لم يتبقى سوى دور واحد وبعدها أنتِ هل ستتخلين عن تعبنا وتدريباتنا بهذه السهولة ؟ ماذا عن أحلامنا بالبطولة أستقتلينها في مهدها حتى ؟؟؟
مرام(شعرت بالذنب ونظرت إليه):- ولكنني فاشلة
فريد:- من قال ذلك ؟
مرام(عقدت حاجبيها حين تذكرت كلام البنات):- كلهن قلن لك
فريد:- من هن ؟
مرام(بهمس خافت):- المتسابقات
فريد(رفع حاجبه إذ فهم الفيلم الآن):- متسابقات هاه ؟؟ يا لكِ من غبية فبدلا من أن تثبتي لهن جدارتكِ تهربين إلى هنا مثل الأطفال … أتعلمين عار عليكِ أن تحملي الكمان أو أن تكسبي فرصة العزف عليه ،، ابقي هنا أو الأفضل عودي لبيتكم واحزمي رزمة فشلكِ حتى قبل المحاولة هذا ما يليق بك
اندهشت من كلمات فريد السامة لها وشعرت بالبؤس يملأ روحها ، أحنت رأسها لترى كمانها المعلق على جانب كرسيها ورمقت فريد وهو يسير بغضب مبتعدا عنها ، حركت رأسها يمينا وشمالا ببكاء وصرخت
مرام:- ولكنك لن تمسك بيدي …
فريد(توقف محله ولم يلتفت أبدا):- …لارد
مرام(تابعت ببكاء):- لن تساعدني على تحمل نظراتهم لي وهمسهم الخفي عني ، لن تمنعهم يا فريد ولن تستطيع
فريد:- ولن أقدم على ذلك حتى لأنني واثق فيكِ مثلما أثق بنفسي
مرام(تسربت الجرأة لخاطرها):- أتؤمن بي لتلك الدرجة ؟
فريد(عاد إليها بهدوء):- لو لم أكن كذلك لما أمضيت هنا ساعة في محاولة إقناعك
مرام:- لما تفعل ذلك ؟
فريد(سمع المنشط ينادي باسمها ونظر إليها):- هيا حان الوقت لنتوجه صوب المنصة يا مرامي أرهِم ما أنتِ قادرة على فعله ، طبقي فقط تدريباتنا وفي كل نوتة ستجدين روحي تحوم حولكِ عيناي عليكِ وقلبي معكِ
مرام(أومأت له رأسها إيجابا):- فريييد
فريد(يقودها مسرعا تجاه المنصة):- نعم
مرام(ببريق عينيها المشع أملا):- شكرا لأنك وقفت بجانبي في حلكة أوقاتي
فريد(تابع ركضه):- فقط تذكري لي هذا في وقت ما
مرام:- ههه طيب .. لكنك لم تجبني بعد على سؤالي لما تفعل كل هذا معي يا فريد ؟
جيداء(أشارت لهم بفرح ليتابعوا الطريق خلف الكواليس):- هيا هياااا
تيمو والشباب:- نحن معكِ مرام هيا احرقي رؤوووسهم ههه
مرام(باندهاش):- الكل متحمس لأجلي
فريد:- وأكثر أنا واثق بأنكِ ستشعلين فتيل الحماس في الأرجاء ، فقط صلي إحساسكِ بكمانك وستطلقين معزوفة روحية لم يحظى بها أي شخص
مرام(نظرت للستارة المغلقة وقد أوقفها فريد بالوسط حيث يجب أن ترتفع):- فريد
فريد(لامس ارتجافها وساعدها على حمل كمانها كما يجب):- أنا معكِ
مرام(ابتلعت ريقها وهي ترمش بعينيها):- أنا خائفة
فريد(أحنى رأسه خلفها وهمس في أذنها بخفوت):- مرامي التي أعشقها لا تخاف … أحبكِ
على كلمة أحبكِ رفع الستار وانسحب فريد مبتعدا عن المسرح تاركا إياها في عدة صدمات متتالية ، ما بين مشاعرها المتخبطة ما بين رهبة المسرح والجمهور الحاضر ، عيون أهلها هناك كانت متحمسة أكثر منها للحدث ينتظرون منها أن تصعد سلما نحو النجاح ، لعلها تخرج من قوقعتها بشكل أبدي … جيداء رافقتهم أيضا هي والأستاذ هاني وأومأت لها بأن تتميز ولم تستطع أن تجاري تصفيقات الحضور إلا بعد أن نظرت جانبيا ولمحت فريدا يقف هنااك يكتف يديه وينتظرها لتبدأ … هزت رأسها بعدم تصديق فقد كان فؤادها كله يغرد فرحا بما قاله فريد وعليه أشارت للمنشط بأن يعلن على البدء ونظرت خلفها لعازفة البيانو التي سترافقها في المعزوفة وأيضا للآخرين كي يسترسلوا معها المتبقي … عادت ونظرت تجاه فريد وابتسمت له بحنان وعشق وأغمضت عينيها لتغوص في شيء يشبهها فتنة ويضاهيها رقة غاصت في معزوفتها المتناغمة مع روحها ، والمتراقصة على أوتار قلبها قد تدفقت لحظتها كل مشاعرها لتعزف بإحساس متجانس مع كل نوتة وكأنها تجيب فريد على اعترافه ، كأنها تعزف له وحده أحلى معزوفاتها لعله يستبيح معها الهرب من هذا العالم والغوص في عالم آخر بعيدا عن مآرب الناس …. الكل كان متسمرا في محله يشهدون ولادة عازفة سيعترف بها التاريخ وسيكتب اسمها لا محالة في قصص العازفين لأنها لامست شغاف القلوب وجعلت الأفئدة تقشعر حتى الدموع قد نزلت وطبعا عرفتم صاحباتها ^^ ، حتى جيداء بكت وهي تناظر ذلك اللحن الأسطوري الذي أبدعت فيه مرام بشكل لا يمكن تخيله ، تيمو نفسه بقي فاغرا فاهه يشاهدها بعدم تصديق ويمسح دمعاته المنهمرة رغما عنه بشكل مضحك… قد تجلت مع اللحن وعرفت كيف تمسك بزمامه دون عرقلة تعيقها فقد عرف فريد كيف يشحن طاقتها في المسار الصحيح ويجعل كل فاه فتح عنها بسوء يرى هذا النجاح والإبداع، وحقا أولئك الفتيات ظللن يتهامسن عليها وعلى عزفها المتقن فحتى اللجنة قد كانت منبهرة فيها وبعزفها الذي لم يسبق لهم سماعه في أي مكان … باعتبارها معزوفة حلم وردية تتطاير في سماء المسرح الذي لم يكن ضوئه منيرا إلا عليها وهي مغمضة العينين شعرها يتطاير معها في كل نوتة وقلبها يهفو لأن يسمعها الملايين ويسمعوا اعترافها لفريد بالعشق المبين ……
ربحت أو لم تربح ففي نظر أهلها وأصدقائها وأساتذتها هي مبدعة مميزة قد بلغتِ المجد ولامستِ الأفق بعد تلك المعزوفة التي انتهت بصمت ، صمت تحول لعاصفة هوجاء من التصفيقات والتصفير وحماسة الجمهور الذي نهضوا جميعا لأجلها في وقفة جماعية ترجمت لها ما معنى أن تكون إنسانة ، عادت ثقتها بنفسها ونظرت لأولئك الفتيات اللاتي طأطأن رؤوسهن مثل النعام خجلا منها ، وهنا زاد الامتنان لروحها فكيف جن جنونها وكانت ستفقد روعة هذا الشعور الذي لن تحسه في حياتها مطلقا … صفقت بدورها معهم والدموع تغالبها وكم أثنى المنشط على عرضها وخشي أنها قد تؤثر على بقية العروض فمن ذا الذي يريد أن يزعج مسمعه بشيء آخر غير ما أغدقتهم به … لم يقصد التحجيم حين نطق بمديحه على الهواء مباشرة لكن مرام تستحق وعن جدااااارة … تقدم فريد بمودة صوبها وساعدها على النزول من هناك لتستقبل أحضان وهتاف الكل حولها ، ظلوا يقبلونها ويشجعونها دون توقف الكل سعيد بهاااا وهذا ما أثمر في قلبها الذي كان يهتف للحظة انفراد مع فريدها لتجيبه عن كلامه وتصرح بمشاعرها له هي الأخرى علنا ودون تردد هذه المرة …. سويعات بسيطة وانتهت المسابقة وحان وقت عرض المتسابق الرابح باسم مؤسسته واحزروا من كانت طبعا مرامنا الغالية التي أبدعت دون شك في المسرح قد بذلت مجهودا وتفوقت بسبب اجتهادها ومثابرتها على العمل ، لم تكن لتستسلم يوما برغم كل شيء فلا يسعها إنكار ما قدمه لها فريد فمساعدته تعتبر السلم الذي استطاعت به الوصول لهذا النجاح ، قامت اللجنة بشكرها وقدموا لها وسام النصر وكأس النجاح نالته أستاذتها جيداء باسم مؤسستهم وتقرر وضعه بنافذة الإبداع الخاصة بهم يوم غد في المؤسسة قبل الذهاب للرحلة.. لكن الآن الفرحة فرحااااات
ميرنا:- حبيبتي مبرووووك عليكِ والله فرحت لأجلك
عواطف(ببكاء):- ابتعدوا ابتعدوا أريد أن أعانق ابنتي اهئ اهئ
نور:- يا حبيبي ها قد بدأت وصلة الدموع
مديحة:- اسكتي يا حجرة أساسا أنتِ تفتقرين لمادة فرز الدمع فاخرسي
نور:- هوهوووه أنظروا من يتكلم هههه
سماح(عانقتها أيضا):- والله فرحتني بهذا العزف بنيتي ، يجب أن تعزفي لي كل مرة في البيت هههه
مرام:- شكرا يا جماعة فرحت لأنكم سعداء لأجلي
عفاف:- كيف يا بنتي لا نسعد لقد جعلتنا فخورين بكِ جميعنا
نهال:- حتى أنني صورت كل شيء من بدايته إلى نهايته لما نصل سأريكِ التحف يا عمتي الصغيرة
دينا:- ههههه أنا بكيت
مرام(انهمرت دموعها):- يا روحي أنا
نبيلة:- الله يسعدك مثلما أسعدتنا اليوم بنيتي
مرام:- تسلمي جدتي الحبيبة
كوثر:- ياااااي كنتِ مذهلة يا بنت احتفظت أيضا بنسخة لأجل وصال فحتى إياد سيراها غدا وهو يعتذر منكِ بشدة عن عدم حضوره قد كان متعبا بعض الشيء
مرام:- لقد هاتفني وطلب النصر لي سلامته إن شاء الله ..
جيداء(تقدمت إليهم وهي تنظر إلى نور نظرة صامتة):- نور …
نور(رفعت عينيها إليها وتنهدت عميقا):- أهلا جيداء تشرفت بمعرفة أنكِ أستاذة أختي الصغيرة
جيداء:- أنا التي استغربت هذه الصدفة ولكن لا ألمس ذلك الاستغراب لديكِ ، وأنكِ كنتِ على دراية بالأمر من البداية
نور(حاولت مراوغتها):- ليس لتلك الدرجة
فريد(وتيمو والشلة خلفه قاطعهما):- مرااام نحن نريد تقديم هدية لكِ إن سمح أهلكِ بذلك طبعا
مرام(بتلعثم):- نعم ؟
فريد:- أرجو أن تقبلوا دعوتنا لها بإحدى المطاعم أعدكم لن نؤخرها خارج البيت كثيرا ، ساعات بسيطة فقط لا غير
عواطف(نظرت لحماسة مرام ورغبتها في الذهاب معهم):- أ.. كنا نجهز احتفالا لها بالبيت
جيداء:- لا بأس مرة ثانية يا فريد دعها تذهب مع عائلتها فأنت أيضا لديك أهل يقلقون عليك
فريد(ناظر أمه بقلق كي لا تتفوه بحرف خاطئ يكشفه):- .. تت
مرام(لمحت تذمره الخفي):- وأنا أريد الذهاب مع أصحابي ماما ، وحين عودتي نحتفل
نور(نظرت لفريد مليا قبل أن تنطق):- حسن إذن نحن موافقون لكن تحت وعد عدم التأخر
تيمو:- لا تقلقوا من الباب إلى الباب ههههه
ميرنا:- طيب روحي افرحي قليلا ونلتقي ..
تحت نظرات الريبة المتبادلة بين نور وجيداء تفرق الجمع الغفير وتوجه الكل إلى السيارات للرحيل وقد كانت ميرنا آخرهم فقد مرت بالحمامات أولا وغافلها هناك بظهوره المفاجئ كما دوماااااا ..
ميرنا:- أووووف ألا يكفيك ما فعلته حتى الآن يا حكيم ؟
حكيم(حاصرها بدفء):- أشتاق إليكِ ماذا تنتظرين مني مثلا ؟
ميرنا(ابتلعت ريقها من قربه وحاولت الفكاك):- طيب دع لي مجالا للتنفس قد اختنقت
حكيم:- ميرنااا ..
ميرنا(نظرت إليه بتوجس):- كلما ناديتني باسمي بهذه الطريقة فجرت برأسي مصيبة
حكيم(ضحك بخفوت):- ههههه .. ليس لتلك الدرجة عصفورتي لكن أريد أن أخبرك بأمر ما قبل أن ترفعي صوتكِ وتصرخي لنخرج من هنا أولا فالسيارة أأمن مكان
ميرنا(رفعت حاجبيها):- قلت لك قلت لك كان قلبي دليلي أكيد وراء ذلك مصيبة تنتظرني
حكيم(جذبها من ذراعها خلفه ليغادروا الركن):- دعينا نرحل أولا وسأخبركِ في الطريق
ميرنا:- طيب أسرع فأهلنا بانتظارنا خارجا
حكيم:- ومن قال !! قد بعثتهن جميعا للبيت وأخبرتهن أنكِ معي هههه
ميرنا(أطلت معه من الحائط القصير للمبنى ووجدت الشارع فارغا):- والله إنهم لخائنون في لمح البصر باعوني ، كيف تتلاعب بهم مثل الدمى ؟
حكيم(غمزها وتابع مسيره):- مركزي بذلك البيت رفيع جدااا لا تستهيني بقدرات ابن عمك
ميرنا(قلدته بحركة مضحكة):- قدرات ابن عمك يا فرحتي بك يا بعدي هففف …
تجاوز سخريتها بضحكات مرتفعة لم يستطع كبتها وهذا ما أثار حنقها ، لكن فور ولوجها للسيارة وبعد أن سمعت ما عنده هنا ارتفعت نسبة الجنون في عقلها ولم تتمكن من استيعاب هذيانه لحين أجبرته من فرط صراخها أن يتوقف على جنب …
ميرنا(خرجت من السيارة وهي تناظر الليل الحالك وتحاول تنشق الهواء وإيلاجه رئتيها فما سمعته كفيل بأن يجعلها تنفجر):- زفااااااف … زفاف يا حكيم زفاااااف من أين خرجت لي بهذااااااااا ؟ ثم ما صدقنا أهلك وافقوا على مضض ولعلمك بعضهم لا يزال رافضا للفكرة وتأتي لتكمل جمال الوضع بحفل زفااااااااااااااف وأين بقصرك يا حبيبي ؟ ألم تتساءل عن أهلك إن طرحوا سؤال بريئا من أربع كلمات "من أين لك هذاااااا ؟ " بما ستجيبهم حينها أنه من عند الفهد البري ومن عملياتكم القذرة ولما لا توضح لهم وتفسر تلك العمليات بصوت مرتفع
حكيم(كان يكتف يديه ويوليها ظهره مستمتعا بمراقبة القمر فوقهما):- هل أنهيتِ ؟
ميرنا:- أتريد أن تغيظني يا هذاااااا ؟؟؟؟
حكيم(سحب نفسا عميقا واستدار إليها):- أولا هذا لديه اسم حكيم حكيم حكيم رغما عنكِ سأكون بحياتكِ هذاااااا شيء ثانوي سندعه على جنب ، أما الشيء المهم وهو أن حفل الزفاف هذا لن أتنازل عنه نحن بحاجة إليه ولنقل هو شيء يأتي مرة بالعمر ومن حقي الاحتفال كأي عريس جديد
ميرنا(مسحت على وجهها بغيظ):- هل تريد جلطي يعني يعني هل تكرهني لتلك الدرجة التي ترغب فيها بالتخلص مني ، لأنني لحظات وأنهار لك أرضا هنا مغمى علي
حكيم(بهزل):- هه اعتقدت بأنكِ ستكونين متحمسة أكثر مني لفستان الزفاف الذي أحضره لكِ منذ فترة
ميرنا(فتحت عينيها على وسعهما):- فستان زفاااااااااف ... أنت أنت تحضره لي ؟
حكيم:- اممم أخذت مقاساتكِ أثناء نومك وأعطيتها لأمهر مصمم كي يخيط لكِ فستانا خصيصا بأميرة قلبي
ميرنا(تنهدت عميقا وهي ترفع يدها لعلها تمسك أعصابها):- حكيم روحي …
حكيم(اقترب منها):- عيون روحك
ميرنا(بدلت ضحكتها الساخرة بنظرة جدية):- لن أقدم على ارتداء ذلك الشيء ولن يكون هنالك حفل زفاف ولن يحصل ما تنتظره ، لأن هذا الزواج صوري وفقط ، يعني سنكتفي بإحضار الكاتب العدلي ونقوم بالتوقيع وتنتهي المسألة .. وصل ؟؟؟
حكيم(وضع يده على فمه بتفكر):- وصل تمام كما تشائين لنعد للبيت
ميرنا(استغربت موافقته بتلك البساطة ولحقته للسيارة):- هل حقا وافقت يا حكيم يعني هل فعلا ستفعل كما طلبت منك ؟
حكيم(ركب وبملامح جدية):- حسن لا بأس قلت كما تشائين دعينا نذهب..
ميرنا(بفرح عارم):- يااااه أرحت قلبي بموافقتك كم كنت قلقة
حكيم(نظر إليها بطرف عين وبرقت حدقاته بلمعان خبيث):- امممم طبعا طبعا رأيكِ هو السديد حبيبتي
ميرنا(انتفضت محلها بمرح ونظرت إليه):- أشكرك حكيم
حكيم(انطلق مسرعا بسيارته):- دعي شكركِ لحين نصل للبيت ميرنااااا هناك فقط سأستقبل شكرااااا لا نهاية له …
على تلك الابتسامة المرتسمة على ثغرها انطلق صوب البيت وما إن ولجاه حتى وجدا الكل لا يزال محتفلا بالصالون وهنا أمسك حكيم بيد ميرنا وأوقفها أمامهم ..
حكيم:- لدينا ما نخبركم به أنا وميرنا ؟
ميرنا(بحماس لأنه لن يكون هنالك حفل زفاف ولا فستان زفاف ولا أي شيء):- أجل
حكيم(نظر إليها):- ميرنا غاليتي كما تعلمون طلباتها مجابة وأنا لا أقوى على الوقوف أمام رغباتها لذاااا …
سماح:- تابع يا ولدي قد متنا حماسا هنا
حكيم(قوس حاجبه لميرنا وهمس لها):- إياكِ وأن تضربي بمؤخرة كعبك ساعتها لن أسامحكِ
ميرنا(بعدم فهم طالعته):- م … ماذا تقووول ؟
حكيم(رفع يده الأخرى بحماس):- يا جماعة سأزف لكم خبرا حصرياااا … ميرنا حبي تريد حفل زفاف أصلي من بدايته لنهايته وخلال أسابيع بسيطة ستكون حبيبتي أحلى عروووووس
تهليلات تبريكات صراخ ضحكات امتعاضات رفض غضب كله كله إلا كتلة الجليد التي تحولت لماء يطفو فوق الناااااار ، كأنه رمى بدلو ماء جامد عليها قد داهمها بلعبته تلك ووضعها أمام الأمر الواقع قبالتهم ، وهم الذين صرخوا فرحا ونهضوا ليهنئوا ويباركوا ويخططوا لحفل الزفاف ذاك وما الذي يترتب وما الذي يتوجب وما الذي عليهم تحضيره ، ففي ذات اللحظة بدأت المخططات وكل هذا تم وأختنا في الله لا تزال مصدومة منه وهو الذي اندمج في حديث مع نور ونسي تماما وجودها …شعرت بشعور بشع جدا في فؤادها حتى صوتها لم تستطع إخراجه لذا سحبت نفسها من بينهم أساسا لم يستشعر أحد غيابها وصعدت لغرفتها كي تهرب من جنون أسرتها الذي لا حدود له …
ميرنا(بحالة عصبية تزيل ثيابها وإكسسواراتها):- الغبي الحقير خبيث التفكير تلاعب بي تلاعب بي ووضعني أمامهم مثل الحمارة .. لقد تلاعب بييييييييييي لكنني لن أسمح له سوف أجلطه قسما بالله سأجعله يتجرع ذلك ندمااا أنا أنا أتحول لأضحوكة أمامه كيف تلاعب بي بي كيف كيييييييييييف …؟؟؟؟؟؟؟
رمت بكعبها أرضا وبفستانها جانبا ، إكسسواراتها تركتهم على المنضدة وفتحت تسريحة شعرها الخلفية ونفثت شعرها بحركة جنونية جعلته يصعد للسماء ، توجهت للدولاب التقطت فستان للولو كاتي بدون يدين وارتدته وهي تسخط وتشتم ملتقطة أغراضها في تنظيف سطحي فقط لتنفس عن أعصابها قليلا …
ميرنا(جمعت شعرها في عمود الشعر):- أنااااا يتلاعب بي ويسخر مني بذلك الشكل والله يا حكيم لن أمررها لك إطلاقا ، ثم لما لم يلحق بي حتى الآن أكيد سيهرب هممم إن لم يأتي سأذهب أنا وأفضح أمه لحظة يا حكيم مهلك علي
خرجت من غرفتها تخط الأرض بخطوات متباعدة كي تصل بشكل أسرع ولا تفقد أعصابها أكثر ، نزلت الدرج وما إن انعطفت لتنزل استوقفها حديث جعلها تجلس على الدرجة لتصغي وهي متوارية عن الأنظار
حكيم:- ميرنا من حقها أن تفرح قليلا أعلم أنه زفاف سريع ولن يسعنا التحضير له كما تستحق ، لكن على الأقل سأحاول إدخال البسمة لها ولو قليلا ثم أنا أيضا قاسيت سنينا طويلة وكنت بانتظار هذا الوقت بفارغ الصبر .. بصراحة لم أشرح لكم أسباب سفري الطويل ولم أخبركم عن عملي ولا عن ثروتي الحالية
سماح(بمجرد أن سمعت ثروة برقت عيناها):- ثروة ؟؟ ما شاء الله تبارك الله
حكيم(رفع بصره لعمته واسترسل حين لمح الوجل مرتسما على وجوههن):- أريدكم أن تعرفوا أن رحيلي قد كان اضطراريا ، عمي سليم لم يترك لي مجالا للبقاء قد طردني من البيت يومها وآخر ما استطعت جعله دافعي للوصول إلى مستوى رفيع يساعدني على تقديم يد العون ،، هما اثنتين سمر وميرنا .. سمر التي عانت منه الأمرين ولم يكن ليرحمها وقد عرضت الزواج بها يومها ولكنه سخر مني وقد كان في نيتي أن أبعدها من براثنه طالما ستكون في عصمتي لن يستطيع أذيتها لكنه كان أذكى مني وأدخل السوس رماح بيننا ووقع ما وقع ..
عواطف(ببكاء):- الله لا يسامحه
سماح(برفض):- لا يجوز ما تقولينه عواطف أخي في عداد الأموات ولا تجوز سوى الرحمة عليهم … عيب يا امرأة
عواطف:- عيب هاااه بالله عليكِ اصمتي أنتِ لا تعرفين شيئا
سماح(استقامت بعصبية):- كيف تتجرئين على حرمة أخي هااااه ؟
حكيم:- توقفاااااا واجلسي يا عمتي أنا لا أحكي هذا لأفتح الجراح بل لأغلق علامات الاستفهام وأنهي هذا الليلة … رجاء عمتي ؟
سماح(زورتها بحدة):- هممممم
مديحة:- جيد أن نهال ودينا نامتا وإلا كانتا قد شاهدتا احتداما فريدا من نوعه
نور(بتنبيه):- خالتي تت …
حكيم:- في ذلك الوقت كانت الأمور خارجا عن السيطرة ، تحكم عمي طال كل فرد من فرد هذه الأسرة ولن نخفي أنه دمرنا جميعا بتصرفاته تلك ، حتى مرض من مرض وانهار من انهار وجُن من جن … هذا أمر مفروووووغ منه ولن نستعيده لأجل الأحزان بل لنمضي قدماااا بأنفسنا ونفتح صفحات أخرى من أيام سعيدة في هذا البيت … سمر كانت ضحيته الأولى والأخيرة وكلنا علمنا لماذااااا لأنها تشبه هبة رشوان
نبيلة(هنا انتفضت وبرقت عيناها بحزن وشردت في البعيد):- رحمها الله
حكيم(نظر لجدته التي همست تحت أنفها وتابع):- ليس ذنبها أن الأقدار جعلتها شبيهة لها لكن الذنب على عمي الذي استغل ذلك لينتقم منها على مر السنين ، أذيته لها كانت مرفوضة وكان يستغل غيابي أنا وطارق لكي لا نقف بوجهه ونمنعه يعني فلتت الأمور بشكل مزر في نهاية المطاف وهذا ما جعل سمر تتمرد بذلك الشكل وتقدم على ما أقدمت عليه ، الآن موضوعنا ليس منوطا بها فلو تحدثنا عنها لما أنصفناها بحرف هي تستحق فرصة ثانية وصفحا منكم جميعا
عواطف(استقامت بغيظ):- أهذا ما تحاول فعله أكاد لا أصدق ؟
حكيم(أشار لها بهدوء):- اجلسي يا خالتي لم أكمل كلامي بعد
عواطف:- إن كنت ستنهيه على هذا المنوال فأنا غير مستعدة لسماع حرف ..
حكيم:- لماذا ؟ لأنها اختارت طريقا دون رغبتكم لأنها أرادت أن تحقق حلمها وتتبع الشيء الوحيد الجميل في حياتها ؟ أو لأن جور السنين وظلم عمي لم يكفيكم وأردتموها أن تبقى بين جدران هذا البيت لتتأزم أكثر فأكثر بعد هروبها من المصح العقلي … أهذا ما أردتموووه ؟
نور(نهضت إليهما):- حكيم .. أنت تضغط علينا كثيرا بردة فعلك المحتدمة
حكيم:- أضغط عليكم ؟؟؟ ههه طيب ماذا عن سمر هل فكر فيها أحدكم كيف عاشت بعد مغادرتها البيت ، أين كانت رفقة من ماذاااا حصل لها ؟؟ … لا أحد فيكم يعرف ولم تكلفوا خاطركم حتى بسؤالها عن ذلك … كما توقعت
عواطف:- هل عدت لكي تحاسبنا على ما اقترفته سمر بيدها ، هي من جنت على نفسها إذن لا لوم علينا
حكيم:- بل كل اللوم عليكم خالتي كل اللوم عليكم … مع الأسف لا يسعني الإفصاح عن شيء ما لم يخرج منها هي شخصيا لكن ثقوا بي أن الظلم الذي تجرعته منكم كان أكبر من الظلم الذي جعلها عمي تعانيه …
نور:- لا تظلمنا يا حكيم نحن أيضا تجرعنا الأحزان آنذاك
حكيم:- لكن أجزم أن ما كابدتم معاناته ليس أكبر مما عايشته هي
مديحة:- طيب خبرنا ما الذي عايشته هي لأنه على حد علمنا لم تمضي سوى القليل حتى ظهرت في أول إعلان لألبومها بلوك جديد باسم جديد بحياة جديدة ولم تكلف خاطرها حتى بالسؤال عنا
حكيم(ضحك وعاد ليجلس قبالتهم):- ههه تسأل عنكم على أساس ماذا ، على أساس سؤالكم عن فتاة فقدت طفلها وأخاها وعقلها وطفولتها وكانت وحيدة مشردة في الشوارع التقطتها أنامل الشر لتجعل منها إنسانة ؟؟؟؟ بالله عليكم لا تجعلوني أدخل في حديث أبغضه
عواطف(اهتزت حدقات عينيها وهي تكابد قلقها):- هل … هل كانت حالتها سيئة لهذا الحد؟
حكيم(نظر إليها بعمق):- جدااا حتى لا يسعكِ تخيل ما عاشته في تلك الفترة ، وما ارتأيتموه بعدها من تمرد وعصيان وآلام كان من قهرها منكم ولا تزال ، أتعتقدين أنها لا تحن لحضن أمها لضحكة جدتها لنكت خالتها لبهجة إخوتها وأولاد عمومتها ياااااه ، كلكم فكرتم بالشيء البشع ولا واحدة فيكم فكرت في روحها هي كبشر ولا واحدة وضعت نفسها محلها ولا واحدة رأت فيها الجانب الجيد كلكم هاجمتموها لفظتموها من هذا البيت بشكل جاحد وكأنكم تقتصون منها على ما جعلتكم تعيشونه طوال سنوااااات ، علما أنها كانت المظلومة قبل أن تصبح الظالمة …
نبيلة(عضت شفتيها وبشفقة عليها):- كان جيدا لها أن تغادر هذا البيت البائس الذي لم يجلب لها سوى التعاسة ، ها هي ذي الآن قد سطع نجمها وحققت ذاتها ونفذت بروحها يعني هنالك جانب جيد في مغادرتها لنا
حكيم:- وهذا ما يجعلنا نصل لهذا الاستنتاج ، سمر تستحق منكم بعض الدعم وأظن أن حفل خطوبتها أفضل مناسبة لتفتحوا باب الوصل من جديد بينكم وبينها
مديحة:- الله الله
عواطف:- لا تهذي بني حكيم حتى لو فتحنا نحن ذلك الباب ما كانت ابنة عمك لتطأه إلا لأجل تخريب آخر بين جنبات هذا البيت ، لقد اكتفينا منها ومن فضائحها فدع الجمل يسير بما حمل ولا تُعدنا للماضي لأنها نبذته ونبذتنا نحن أيضا معه
حكيم:- لأنكم لم تقوموا باحتوائها ، لقد فعلت كل ذلك لأنها لم تجد يد العون قد كانت وحيدة متخبطة يمينا وشمالا تحاول أن تعيش وتتعايش مع الذئاااااب ، سمر لم تكن حياتها بالسهل الذي تتوقعونه ولحد الآن ليست بسوية … أعلم أنها تحاول أن تصحح حياتها بزواجها من ذلك الرشواني وأنا أدعمها تماما فإن نجحت في هذا الارتباط هذا سيجعلها تفتح قلبها من جديد أما إن فشلت فيه ستكون بحاجة لأسرة تمسح على جبينها وتكفكف دمعات الانكسار … لذا فكروا مليا قبل اتخاذ هذه الخطوة وأعتقد أنكم لستم بتلك اللامبالاة حتى تدعونها في يوم كهذاااا وحيدة ؟؟؟؟؟
عواطف(بتفكير عميق):- صعب يا حكيم صعب … صعب أن نصفح عن أخطائها التي لا تغتفر لكن .. لا أدري دعنا نفكر بالموضوع فحين نفتح قضية سمر تتوتر الأنفس ولا نجد مفرا لأحزاننا التي تستيقظ كل ما ذكرتِ المآسي …
حكيم(مسح على جبينه بتعب):- عموما هذه نقطة من بحر ليس إلا … لا يسعني الخوض أكثر في شؤون خاصة بسمر وحدها لأنني سأركز اللحظة على ميرنا ميرنا وفقط … قد كانت بالنسبة لي شيئا آخر فما حدث لي معها آخر مرة حين ودعتها كان كفيلا ليزيد من عزيمتي في التحرر من قيود هذا البيت ، والنهوض بذاتي بعيدا عن جنباته لكي أعود وأستطيع إحقاق الحق بمالي … في آخر مشهد جمع بيننا أخبرتني وهي باكية بأنها لا تريدني أن أرحل تشبثت بي وبكت من أعماقها في حضني، تلك الدموع أثرت بي كثيرا ولم أجد في اليد حيلة وكان رحيلي محتما لذا أخذت وعدا منها أتى تلقائيا حين أيقنت أن رحيلي محتم وعدتني أنها ستنتظر عودتي إلى ما لا نهاية … كانت طفلة حينها ووعد كهذا لا يقطعه سوى الراشدون ولكنني اعتبرته نابعا من قلب فتاة تلاعبت بأوتار قلبي وجعلتني أسيرها منذ الصغر ، فتاة عشقتها وأعشقها إلى حد الساعة .. فتاة سأعشقها حتى الفناء لأن قلبي وصم باسمها منذ أزل ولن تأتي امرأة أخرى لتزيله ولو من كانت لتكووون …
عفاف(بتأثر):- فعلا قد انتظرتك ليال طويلة يا حكيم ، حتى أنها في فترات كانت تمرض من عدم الأكل ومن فرط البقاء جالسة عند نافذتك تطل على الشارع بحثا عنك ، في مرات عديدة كانت تصاب بالحمى وتهذي باسمك وحدك فقط ، تستيقظ وهي تبكي وتصرخ باحثة عنك لم تكن تتأقلم مع أحد غيرك وكأنها كانت مجبرة على مسايرتنا فقط لكي نتركها مع طيفك ونبتعد عن الهالة التي تجمعكما ، أياما طويلة جفت دموعها وكانت شاحبة طوال الوقت دون حياة دون نفس دون هدف يرجى بعد انتظار عقيم لا يظهر له نهاية .. سنة تجر سنة إلى أن ملَّ قلبها من ترقب عودتك وأخمدت فتيل لهفة روحها في رؤيتك وأصبح الأمر لديها سيان مع الوقت ، فمن كثرة الوجع تعودت على الوجع وما عادت تستشعر شيئا بعدها فالفقد قد خرب مجمل تفاصيل صبرها وباتت إنسانة عادية مع مرور الزمن.. هكذا اعتقدنا جميعا لكن بعد عودتك أرى أن ابتسامتها اختلفت وهذا ما لا زلنا قيد دراسته
نور:- أجدتِ القول عفاف ولخصتِ حالة ميرنا عبر هذه السنوات لكنكِ غفلتِ عن شيء ، فليومنا هذا لا تزال تحتفظ بقميص حكيم في دولابها وتشم عطره كلما فاض بها الاشتياق كم من مرة أمسكت بها يعني .. لم تتناساه بل تناست الوجع الذي يؤلم قلبها حين تصاب بخيبة عدم عودته الباكرة ..
حكيم(عقد حاجبيه تأثرا بحديثهما):- رغما عني أوجعت قلب صغيرتي ، رغما عني ابتعدت ل16 سنة عمر بأكمله فقدته بسبب الظروف والضغوطات التي أجبرتني على عدم العودة ، كنت حزينا وحيدا أطالع صوركم الواحدة تلو الأخرى وأتساءل كل حين عما تفعلونه بدوني حتى مكالماتي الضئيلة التي لم أكن أطفئ بها لهيب شوقي بل أزيده ، تلك فقط التي كانت تزيدني أملا وصبرا لغد أفضل ، وعليه أظنني أنا وهي نستحق بعض الفرح …
نور(بتمعن):- تستحقان بالفعل …
مديحة:- أين كنت مسافرا يا بني ؟
حكيم(اهتزت عيناه ونظر لنور التي أخفضت رأسها):- بالجوار أمي .. كنت بالجوار عملت بجد وتكبدت عناء الوحدة لأبني نفسي وأفتح استثمارا خارج الوطن أدر عليها الخيرات ، اقتنيت مكانا جيدا سنقيم فيه حفل الزفاف ويمكننا العيش فيه .. جميعنا ..
مديحة:- ههه بني حبيبي نحن لن نبرح عتبة هذا البيت
عواطف:- أجل هنا سنكمل حياتنا ولن نذهب لمحل ، ذلك المكان سيكون عش زواجكما أنت وميرنا
سماح(تحت أنفها من اتفاق عواطف ومديحة):- وُشُوش الفقر الله يستر … !!
مديحة(بامتعاض من هذا الزواج):- بالرغم من أنني لست متفائلة
حكيم:- لا تبدئي أمي الآن لقد شرحت لكِ ماهية الوضع … ميرنا حبيبتي أقولها دون حرج لأن هذا الأمر مفروغ منه هي تخصني ولا أحد يسعه إنكار ذلك أو نفيه
عواطف:- حكيم .. لحد الآن لم تخبرنا ما سبب عودتك الآن ؟
حكيم(نظر لعمق عيني عواطف التي تقرأه بصمت):- أخبرتكم أصبح مواتيا أن أعود وعدت لكن إن كنتم مرتاحين بدوني فما يسعني سوى الرحيل
مديحة(طارت عليه وكان قد استقام):- له له يا ولدي ما هذا الذي تقوله بعد اليوم ليس هنالك غياب ، ألا يكفي أنني حرمت من حضنك كل تلك الأعواااام آه يا عطركِ الذي أستبيحه مِسكا لقبري
حكيم(بلهفة عليها):- بعيد الشر عنكِ يا أمااااه
مديحة(عانقته بمحبة):- وحفظك الله لي يا ولدي
حكيم(أمسك بوجهها بين يديه):- في غيابي كنتِ أنتِ جسري للوصول ، حين كان يصيبني الضجر والاكتئاب كانت صورة ابتسامتكِ تتجلى في خاطري لتصنع لي طريقا للصبر ، فأثابر وأعمل بجهد لأصل إلى ما سيجعلنا مرتاحين ، بدئا من اليوم كل مشاكلكم ستحل لن يبقى هنالك ما يعرقل سير أحلامكم .. سوف أقوم بتجديد محل الحلويات خاصتكم وأحضر لكم آلات جديدة تريحكم في العمل ، أيضا سأدهن البيت كاملا وأقوم بتغيير بعض الأثاث يعني كل كل شيء تحتاجونه سألبيه لكم …
عواطف:- يااااه يا حبيب قلبي ربي ما يحرمنا منك يا غالي
نبيلة:- سلمت يا بني
حكيم(بحزن):- بخصوص مرام ….
ميرنا(هنا تشنجت بتوتر وهي تستمع له خفية):- … هممم
حكيم:- سوف تنجز العملية وأنا الذي سيقنعها بذلك …
مديحة:- لن توافق
نور:- حاولنا معها مرارا وتكرارا وكان ردها الرفض ، حتى أننا كنا نجمع لها بعض المال لأجل ذلك ولكن لا جدوى
عفاف:- علما أن الطبيب طمئننا وأخبرنا أن هناك فرصة ، مؤخرا حضر أحد الأطبة من بلاد الغرب هو معرفة لإياد وقام بالاطلاع على ملفها طبعا سرااا دون علمها وأكد لنا أن لديها فرصة للتحسن لكن في حالتها العامل النفسي أهم بكثير من البدني …
حكيم:- طيب ها قد حلت يعني لا يسعنا سوى إقناعها
عواطف(بتأسف عليها"):-أتوق للحظة التي أراها تمشي فيها ولكنها خائفة مترددة ، تخشى ألا تنجح العملية فتتأزم نفسيتها أكثر فأكثر
حكيم:- أنا لن أغامر بهذه الفرصة سأحضر لها أطبة مختصين في هذا النوع من العمليات حتى لو اضطررت لجمعهم من جميع أنحاء العالم ، المهم أن تنال تلك الفرصة وتتحسن
سماح:- نرجو ذلك …
حكيم:- حتى أنتِ يا عمتي سماح لا تقلقي أوراقكِ ستجهز بعد الزفاف وستتمكنين من السفر إلى سلوى والأولاد لرعايتهم ..
سماح:- آه يا بني كم اشتقت لأحفادي يزن وليان مشتاقة لهما بشدة ، يزن بخير هنالك التواء بسيط في يده يعني حادثته مرت على خير
حكيم:- الحمدلله لا تقلقي ستحضنين كل واحد فيهم لكن لتمر المناسبة أولا وسيكون كل شيء كما نريد … المهم الآن سأصعد إلى غرفتي لأرتاح قليلا وغدا لنا حديث مطول عن ترتيبات الزفاف جهزن لي أنفسكن ستكونون أحلى وأبهى في هذا الحفل
نهضن جميعا وعانقنه بمحبة وشعر بالغبطة لحظتها ، سرعان ما تملص منهم وتوجه صوب غرفته أولا ليبدل ملابسه وبعدها يرى حلا مع تلك المجنونة التي رفضت إقامة حفل زفاف …فتح أزرار قميصه وأخذ يدلك عنقه من التعب الذي سقط على كاهله بعد الخوض في جب الذكريات المريرة ، أنفاس مختنقة كانت مستوطنة بقلبه وحاول مديدا أن يفرج عنها وأرجح أن حماما ساخنا سيتكفل بذلك ، رمى بسترته بثقل على ظهره وأمسكها بإصبعه مهملا إياها ، كما أراد أن يهمل 16 سنة ويمحيها من ذاكرته لعله يفلح في احتواء محبوبته داخل نبضات قلبه … وصل إلى غرفته ونظر لغرفتها بنظرة شاردة طأطأ رأسه ودلف لغرفته والحزن قد خيب مجمل آلامه إذ استسخرت فيه حتى حفل زفاف مزيف لأجل عيون السيد وائل ، طبعا هذا تفسيرها لم يشأ الدخول في هذه الموجة التي لا تنتهي لكن رغما عنه أفكاره توصله لذات الاستنتاج فابنة عمه المصونة تريد أن تبقي كل ذلك لعيون وائل وفقط …
حكيم(بغيظ):- طبعا لأجل المحروس وااااائل سترفض أيا مما أطلبه منها ، وكأنه لا يكفيني أن قلبي قلبي تطعنه باستمرار وتمزقه كما تمزق الأشلاء ..آآآخ رأسي يؤلمني يؤل…ميرنا
ميرنا(نهضت من سريره وهي تفرك يديها):- عذرا اقتحمت غرفتك دون إذنك
حكيم(عقد حاجبيه باستغراب):- لا مشكلة لكن هل هناك شيء ،اعتقدت بأنكِ …
ميرنا(قاطعته وهي تتجه صوبه):- أنني سأكون غاضبة في غرفتي ولن أحادثك بعدها حتى لو أتيتني ما كنت سأفتح لك ، فكرت في هذا كله لكن وجدت أن معك حق فنحن بحاجة لإثبات قوي يؤرخ هذا الزواج في عقول أسرتنا والآخرين أيضا .. يعني لنبعد الشبهات عن أنه زواج صوري فقط
حكيم(اندهش من ردة فعلها الغريبة):- هل أنتِ بخير ؟
ميرنا(مثلت أمامه على بعد خطوتين وناظرته بعمق):- بخير .. لا تقلق حكيم ولا تنزعج مني إن بالغت في ردة فعلي ، أحيانا تفلت أعصابي مني فأحرق الأخضر واليابس أمامي
حكيم(مسح عنقه ببسمة):- لمست ذلك صدقاااا
ميرنا(نظرت لبسمته وتطلعت لملامحه وقوست عينيها):- حكيم
حكيم(لم تختفي بسمته بل اتسعت):- نعم ؟
ميرنا(بعيون مغرورقة بالدموع استطاعت كبتها لترسم بسمة آسرة على ثغرها):- سأنتظر الفستان بفارغ الصبر لأرى ذوقك واختيارك
حكيم(ابتلع ريقه لحظتها وتدفق العشق في قلبه):- مؤكد سيعجبكِ
ميرنا(هزت رأسها ببسمة ووقفت على أصابع قدميها لتصل إلى طوله وطبعت قبلة هادئة على خده وقبل عودتها همست في أذنه وهي متمسكة بكتفه لتختمها بعناق خفيف وتضيف على مسمعه بخفوت):- … عودة ميمونة
صعق من تصرفها ذاك فبعد قبلتها تبخرت من أمامه واختفت في غرفتها وتركته يتأمل ما حدث ، قد قبلته وعانقته وهمست له بعودة ميمونة ، فأي حظ له تلك الليلة .. ضحك كثيرا بفرح وناظر طيفها الذي غادره بمحبة وشعر بأن كل تعبه وصداعه قد امتصته عصفورته بحنانها الذي جعلته يتجرع منه تلك اللحظة ما يرضيه … سحب نفسا عميقا بحماس وأخذ فوطه وتوجه صوب الحمام الموجود بجانب السطح لكي يغرق في تلك القبلة الحنونة ويتذكر تفاصيلها بشوق عاشق يلتهب قلبه حبا في جوهرته المكنونة ….

"يا أنشُودة قلبي ريثما أنهِي ساعة تأملكِ ، سأبدأ ساعة التجلي بهمسَاتكِ الواعدة .. فخفقاتِي تتربَّصُ بعيُون مُخندقة على ناصِيَّة الشوق لعلَّ مُقلتيكِ تُهديني من البسمات ما يروِي ضنيني ،، فالحب يا حبيبتي ينتظرُنا على أبواب الليل .. فدعيني أفتعلُ ألف سُلوكٍ للحُضور ودعيني أيضا أرفعُ كأس نبيذِ الفرح ولا تترددي لأننا سنسمعَ سوية قرعَ بداية الحكاية .."
كانت تعيش أحلى لحظات حياتها أنسا ومرحا وسعادة ، لم تكن تتوقع أن فريد رومانسي إلى ذلك الحد فقد جعل تلك الليلة احتفالية خاصة لها وفقط ، حيث قام منسق الموسيقى برفع تحية بالفوز لفائدة مرام الراجي وتعالتِ بذلك التصفيقات والحماسة في الأجواء ، حتى تيمو رقص رقصته الخاصة (الراب) هو ومجموعته وقدموها كهدية لها وحدها ، كانت أميرة وسطهم فلم يتركها فريد ولا لحظة بعد الغناء والرقص والحماس لم يدعوها متفرجة بل سحبوها بكرسيها نحو الوسط وكانت متربعة على عرشها كملكة تتفرج في إحدى وصلات الترفيه ، خصوصا بعد أن صنع لها البعض تاجا من الورد .. تكفلت جيجي بنزع وشاحها ووضعه قرب حقيبتها وقامت بتنسيق التاج على رأس مرام التي أصبحت بكل معنى الكلمة أميرة متوجة … وهذا ما راق فريد فقد لمس لمعة عيونها المتأثرة بفرح لا يوصف ..
فريد(أمسك بيدها):- هل أنتِ سعيدة ؟
مرام(تنظر للأجواء الخرافية حولها والأضواء الملونة تتناقل بينهما):- جدااا لا تتصور مدى فرحتي بهذا الاحتفال ، إنه أحسن شيء قمت به في حياتي
فريد(بصوت مرتفع كي تسمعه من الموسيقى):- هذا ما يليق بملكة شلتنا مرامي أنا ..
مرام(ارتعشت من جملته ونظرت لعمق عينيه):- ههه شكرا لأنك جعلتني أعيش هذه الليلة
فريد:- لا تشكريني فأنا سعيد أكثر منكِ … لكن سنختم هذه الاحتفالية بطريقتي كي أعيدكِ للبيت فأكيد أهلكِ سيقلقون إن تمادينا ولن يسمحوا لي باختطافكِ مرة ثانية
مرام:- أتعلم وددت لو بقيت هنا حتى الصباح .. رفقتك
فريد(ابتسم لها بحماس وربت على يدها):- عائد لكِ بعد لحظات
مرام(بعدم فهم):- هييه إلى أين تذهب ؟
توجه صوب منسق الموسيقى وهمس له بشيء ما جعلها تستغربه أكثر ، ثم لاحظت سكوت الموسيقى وانخفاض الأضواء وكذا ابتعاد الجميع عن وسط المكان ليتجمهروا في دائرة كل بجانب بعضه ، هنا فريد توجه إليها وجذبها من طاولتهم إلى الوسط أيضا وهي لا تستوعب أيا مما يحدث …
مرام(بحرج):-ماذا تفعل يا فريد ؟
فريد:- ثقي بي
لم تفهم ما الذي سيفعله ولكنها تثق به حد اللاحد ، قد تسلمه زمام حياتها دون تفكير حتى لذا اصطبرت لحين فاجأها تيمو بظهوره من خلفها ..إشارته لفريد باللحظة الحاسمة كانت كفيلة لتزرع الدموع في عيون مرام بعد ما فهمته ، ففريد خصص لها مفاجأة بفوزها لم تكن تحلم بها قط .. قام فريد وتيمو رفقة العاملين هناك بتثبيت خيوط متينة من جانبي المرقص متدلية من السقف وتصل حد خصر الإنسان العادي مربوطة بقفلين اثنين مثل بذلة الإنقاذ تماما وهي بلون أسود ..
فريد:- هل أنتِ جاهزة لأن ترقصي رقصتكِ الثانية معي ؟
مرام(هزت رأسها بعدم تصديق):- لالا أنت تمزح أكيد يا فريد …
فريد(ابتسم لها):- لا يا مرامي بل أنا جاد فيما سنفعله اللحظة
تيمو:- مرااااام تشجعي يا بنت وأتممي ليلتنا بفرحة رقصتكما .. هيا يا شباب شجعوها ،، مراااام هي هي مرام هِي هي مرام هي هي ….
مرام(ببكاء وضعت يديها على فمها وهي تغالب ضحكتها):- لن أستطيع ذلك يا فريد
فريد(أمسك بيديها):- ألستِ تثقين بي إذن دعي لي نفسكِ وسترين أنكِ ستبدعين
مرام(ابتلعت ريقها ونظرت لفرحته وحماسة الحضور وأومأت له بالموافقة):- على ضمانتك
حملها بين يديه مثل الحمامة البيضاء ، برقة بدقة بدفء وحنان تبادلا نظرة عميقة بينهما لحظتها وتقدم بها نحو وسط المرقص ، قام تيمو بالمساعدة في تلبسيها السترة وإغلاقها بالمفتاحين وبعدها قام فريد بتنزيلها شيئا فشيئا فشيئا …. كان شعورا لا مثيل له فقد كانت مغمضة العينين تنتظر فشل خطة فريد لكن نجاحها أصابها بالخرس وهذا ما جعلها تصرخ بفرح مما يحدث لهاااا
مرام:- فرييييد فريد أنا أنا أقف .. أنظر ههه ههه
فريد(أمسكها من خصرها وقد فرح لفرحها وجذبها إليه بتحكم):- وسترقصين أيضااااا
على أنغام موسيقى كلاسيكية هادئة راقصها فريد وهو متحكم بها ، بمساعدة من تلك الحبال المتينة التي سمحت لهما أن يعيشا تلك اللحظة التاريخية التي لن تعاد على الأغلب ، كم كانت تتوق لرؤية الناس مجددا من ذلك المرتفع لم تشعر بنفسها إلا وقد عانقت فريد وبقيت متشبثة به كمن يتشبث بطوق النجاة .. لقد أسعدها بشكل لا يتخيله عقل فأقصى ما كانت تتمناه أن تسير على قدميها لكن فريد حقق لها بعضا من حلمها وجعلها ترقص رقصة الأحلام ، وكأنهما فوق غيمة تلفهما من كل جانب منعزلين عن الجميع ، وحدهما في دوامة عشق خطت أولى حروف هذا الثنائي الفريد من نوعه …. على أنغام الأحلام انتهت ليلتهما وها هما ذا عند عتبة بيتها في لحظة توديع يظهر أنها ستطول وتطووول لحين تطل عليهما نور بدلو ماء بالصابون كي توقف تلك الوضعية المجنونة ^^ …
فريد:- واووو تخيلت ملامحها وهي ترمي بدلو الماء عليناااا ههه
مرام:- قد تفعلها يعني لا مجال للدعابة معها في هكذا أشياء ، ثم هاتفي لم يكف عن الرنين في كل دقيقة تريد أن تطمئن علي
فريد:- هي تخشى عليكِ ولكنها نسيت أن فريدا موجود وسيحمي مرامه من أي شيء
مرام(بإعجاب لجملته):- وأنا أيضا ..
فريد(هز رأسه بعدم استيعاب أو ادعى أنه لا يستوعب):- أنتِ ماذا ؟
مرام(فركت يديها بتوتر):- أقصد يعني …أنني …
نور(فتحت الباب):- هااااااااااه أخيرا شرفت ست الحسن والجماااااال أكل هذا سهر يا سيد فريد وعدتنا أن تعيدها باكرا لكن أرى أن باكرا في قاموس الشباب تعني ما بعد منتصف الليل
فريد(ترجل من السيارة):- عذرا سيدة نور لكن السهرة كانت مميزة ولم نشأ إلغاء أي وصلة من وصلات الحفلة
نور(كتفت يديها باهتمام):- وصلات الحفلة هاااه .. طيب يا روحي لندخل الجو بارد
فريد(أخرج كرسيها من جيب السيارة):- لحظة سأساعدكِ
نور(دخلت لتحضر الدعامة الحديدية):- عائدة ..
مرام(تشبثت بعنقه وهو يحملها بكلتا يديه وهمست في أذنه وهو يضعها على الكرسي):- وأنا أيضا ..أحبك يا فريد …
صوت العصافير المزقزقة في فصل الربيع ، وشكل تفتح الورود ، وحركة النجوم المتلألئة اجتمعت كلها لترسم ابتسامة جميلة على ثغره على الأرجح لن ترى مثيلا لها قط .. لم يستشعر شيئا بعد جملتها تلك لا توديعها ولا تلويح نور بوداعه ولا وقوفه مثل الحائط هناك عند عتبهم والذي امتد لأزيد من 10 دقائق بالتمام والكمال .. استغرقها كلها وهو يتأمل همسها العذب على مسمعه ياااااه لقد طارت به نحو السماء السابعة وجعلته يسكن فسيح مشاعرها الغَنَّااااء …كانت ليلة شاعرية غاصا فيها معنا في مزن بعيدة جدااااا عن كل ما سوف يقلب حياتهم لبشاعة لا تطاااااق …
في اليوم التالي كان التحضير شاملا لرحلتها رفقة المؤسسة والتي لم يكن أي أحد من أهل البيت موافقين عليها لكن خوفا على زعلها قاموا بالموافقة بعد أن أوصوا بها جيداء خيرا والتي لم تبخل بإعطائهم جرعة الدعم اللازمة ، كم كانت فرحة مرام واسعة بهذه الرحلة التي ستقضيها رفقة الطلاب لكن فرحتها كانت ناقصة فلن يحضر فريد .. قد بلغته بإمكانية حضوره لكنه جزم لها بعدم حصول ذلك لأسباب مختلفة وما لا تعرفه أنه كان بسيارة أمه خلف الباص الراقص مباشرة … يعني مفاجأة من نوع آخر ^^…
بعد مدة زمنية وصل الجميع إلى منطقة طبيعية تجمهر فيها الطلاب حاملين حقائبهم لينصبوا الخيام الخاصة بمخيمهم الذي سيقضي هناك ليلة كاملة فأي حظ هذااا ؟؟ …
مرام:- سوف أستطلع المكان قليلا معلمتي لن أبتعد فقط أريد رؤية ذلك المرج عن قرب
جيداء:- طيب يا مرام
توجهت بكرسيها ببطء شديد نحو ذلك المرج لتناظر تلك المناظر الطبيعية الفواحة بأريج الورد العطر في كل مكان ، كانت تدندن رفقة الفراشات الصغيرة قبل أن يقفز أمامها ويفزعهاااا
مرام:- هئئئ فريد ؟؟؟ ما الذي تفعله هنا يعني كيف جئئئئئئت ؟
فريد:- هههه أتيت بسيارتي وأمي سمحت لي بالانضمام إليكم
مرام(بفرحة بحضوره عضعضت شفتيها):- صدقا أنا سعيدة بحضورك والله كنت أفكر بك ،، أ يعني …. لحظة لحظة قلت أمك سمحت لك لكن ؟؟
فريد(قدم لها وردة من تلك الورود وانحنى أرضا ليمسك بيدها):- أعتذر منكِ مرامي كذبت عليكِ بهذا الشأن ، أنتِ تعرفينها جيدا وهي أيضا تعرفكِ جيداااا ، هي تعلم بمشاعري نحوكِ يوم أمس كان علي الاعتراف لها كي تسمح لي بالاقتراب منكِ ، لقد هددتني لأجلكِ واختارت صفكِ دون تفكير أتصدقين ذلك ؟
مرام(بدون قدرة على الاستعياب):- من تكون ؟
فريد(راقب ردة فعلها عن كثب):- الأستاذة جيداء
مرام(جحظت بعينيها بعدم تصديق):-يستحيل يستحيل أن تكون هي أمك يستحييييل
فريد:- مرامي أنا أخفيت عنكِ الأمر خشية من عدم تقبلها لصدق مشاعري نحوكِ ، لم أكن قادرا على المجازفة وكانت المسابقة على المشارف وكنا في غنى عن خلق مشكلة تربك موازين التحضيراااات ، لذا اضطررت لإخفاء الأمر مؤقتا
مرام(أبعدت يده وانسحبت للخلف بكرسيها):- كيف كيف سمحت لنفسك أن تخفي عني شيئا كهذا ، ماذا عن منظري قربها هي الآن تفكر بي وكأنني …
فريد:- شتت لا تهذي أمي متفهمة لهكذا أمور ثم هي تحبكِ كثيرا كثيراااا ، هيا مرامي لا تنزعي فرحتنا بهذه الرحلة بامتعاضكِ الآن لو كنتِ محلي لفعلتِ المثل
مرام(هزت كتفيها بغضب):- لا لا لا ابتعد عني الآن أريد العودة لبيتنا
فريد(نهض برفض):- العودة لبيتكم يا حبيبي .. أمي الحقيني !!!
لم تعرف ماذا تفعل حينها أن تكتشف الحقيقة ببساطة هكذاااا ، هذا أمر لم تستطع تقبله سحبت نفسها وتراجعت للخلف مبتعدة عنه لكن استوقفتها بحضورها ورزانتها المعهودة
جيداء:- أعلم أنكِ منزعجة من ابني فريد ، لو كنت محلكِ لصفعته على وجهه على هذه الكذبة البلهاء لكن أعطه فرصة يا مرام أنتِ طيبة وهو حنون مؤكد سينشأ شيء جميل بينكما
فريد(آه لو تعلمين يا أمي أنتِ ومرامي لدفنتما أهلي هنا في البرية دون رحمة):- أخبريها يا أمي أخبريها
مرام:- ولكنه …
جيداء(لامست فك مرام بحب):- أنتِ في مقام ابنتي فردوس ومعزتكِ غالية جدا وأنتِ تعين ذلك تماما ، وقد كنت سأصارحكِ يوم عيد ميلادي حين كنتِ معنا ببيتنا ، لكنني لم أشأ كسر تلك الأجواء المميزة بينكِ وبينه وبين ابنتي ، لذا أجلت الموضوع كي يتسلم زمامه صاحب الكذبة شخصيا … فلولا أنني أعرف أن قلب هذا الولد متيم بكِ لما تدخلت في هذا الصلح إذ يستحق كل العتب والغضب
فريد(من تحت أسنانه):- أشركتكِ في هذا كي تكوني محضر خير لا أن تزيدي الطين بلة
جيداء:- ولد !!
مرام(ضحكت من منظره وقد أطاع أمه بطيبوبة):- هه حسن لأجلكِ معلمتي سأتجاوز كذبه لكن إن أعادها مرة أخرى
جيداء:- سوف يرى مني ومنكِ ما لا يستحق
فريد(كتف يديه وناظرهما معا):- الله الله كأن حزبا نسويا خلق هنا للتو ؟؟؟
مرام(رفعت له حاجبيها بمرح):- بالضبط كذلك
فريد:- يا ويلي أنا راحت عليك يا فريد …. ههههه
ضحك الكل لحظتها والحمدلله انتهى الأمر على خير ، قضوا وقتا ممتعا جدا هناك بين شواء بين وصلات شعرية ألقاها العديد من الطلاب ، وبين الموسيقى التي لم تختفي من مراسيم ذلك المخيم حتى مرام أعادت لهم عزف مقطوعة يوم أمس وتمايلوا معها بمحبة ورقة … أما فريد فقد كان يستمع لها وكأنه يستمع لمعزوفتهما الخاصة هو وهي وفقط …. مرت الليلة بسلام وانتهت الرحلة أيضا بسلام وتمت العودة للبيت …
مرام(بصوت عال):- لقد عدددددددددت ….
نهال(حملت الدعامة الحديدية ووضعتها بمحلها وأغلقت الباب):- مرام هنا يا أهل البيييييت
الكل تجمهر حولها في استقبال لم يخصص حتى لوزير فقد اشتاقوا لها كثيرا وعبروا عن ذلك بأحضانهم المتوالية لها … أشركوها في خبر الزفاف المرتقب وعلى الفور بلغت فريد الذي فرح لميرنا قليلا فقط فقد خف بريق بسمته تذمرا بشأن وائل الذي مؤكد سيكون حزينا بعد ذلك الخبر الصاعق …

في تلك الأثناء كانت صديقتنا كوثر تعيش أتعس لحظات حياتها فلقد عاد إليها زياد محملا بالأخبار التعيسة والغير مبشرة بالخير …
كوثر(نهضت من كرسيها ونظرت إليه):- كنت أعرف كنت أعرف أننا نحلم يا زياد ها قد حصل ما خشيناه ورفض أهلك فض اتفاق الزواج بينكم وبين تلك العائلة ، يعني أي حظ عثر هذا الذي أملكه يا ربي ؟؟؟
زياد(نهض من محله ونظر حوله للناس في المطعم وأمسك بذراعها):- كوثر لا تفقدي أعصابكِ الآن عزيزتي ، سوف تحل أنا متأكد
كوثر(استدارت إليه بجنون):- تُحل هل أنت تصدق ما يتفوه به فمك ؟؟؟ كيف ستحل بالله عليك وأهلك قد خيروك ما بينهم وبين هذا الزواااااااج ؟
زياد(جذبها لتعود وتجلس من جديد وبصعوبة استطاع ذلك):- اسمعيني جيدا ، هذه لا تزال بداية الطريق يعني لا يزال هنالك جولات أخرى سنخوضها حبيبتي فأهم شيء أننا لن نفترق حتى لو طال الأمر سنجد حلا يناسبنا ويضعهم أمام الأمر الواقع
كوثر(ببكاء وضعت يديها على رأسها):- عن أي أمر واقع تتحدث .. أمك الخالة عائشة أوضحت تماما رفضها حتى عندما رأتني وعرفت بأمري يوم زيارتي لك بالبيت ودَّت لو قذفتني بمدفعية فأنا المرأة التي ستخرب العلاقات بينكم …
زياد:- لعلمكِ أنتِ تضخمين الأمور فقط ، تخوفكِ هذا لا جدوى منه لأنني سأحكم رأيي وأنا قد عدت لأجل العمل وإلا لكنت بقيت فترة أطول لإقناعهم بوجهة نظري .. أنا يستحيل أن أتزوج بذلك الشكل البدائي مطلقا أنا لدي حبيبتي التي أود إنجاب كتاكيت شقر ذوو عيون زرقاء يشبهونها في كل شيء حتى في جنونها وبكائها الطفولي
كوثر(نهضت من محلها وجلست جنبه على الكرسي وارتمت بحضنه):- لا أطيق فكرة أن يحرمني منك أحد حبيبي ، أرجوك أنهي هذا الأمر ودعنا ننسى كل شيء ونلتفت لحياتنا معا
زياد(مسح على خدها بحنان):- ستكونين لي يا عمري وسأكون لكِ فقط بعضا من الوقت وكل شيء سيكون على ما يرام …
قصي(أخوه):- أخي زياااااد
تقدم رجل فارع الطول ويظهر جليا من أين ورث ابنه ذلك ، يظهر من ملامحه الوقار اللافت متدثر في عباءة حريرية تحت طقم رجالي يناسب عمره الخمسيني ، كان ممسكا بعصا خشبية زادته هيبة وملوكية ، أما شكله فقد كان يوحي بوسامته في صباه والتي لا تزال حروفها مطبوعة على وجهه مع شيبة رأسه الذي أضفى عليه لمحة حكمة وتعقل .. لكن اقترابه بذلك الشكل وبعيونه المحمرة غيظا لم يكن مبشرا بالخير أبدااااا
الحاج راضي:- إذن هنا تقضي وقت متعتك مع هذه البنت ، والله لم أصدق حين طلبت من رجالي إفادتي بمكانك لكنك صعقتني
كوثر(ابتعدت عنه ببطء شديد تناظر ذلك الرجل بملامح غريبة):- من هذااا يا زياد ؟
زياد(نهض وهو يزفر بعمق):- أهلا بك يا والدي
كوثر(بفزع):- هههئ أبوووك يا إلهي ،، أ مرحبا يا عم راضي تفضل بالجلوس
قصي(نظر لزياد الذي عرف أنها في مأزق لا يخولها بفتح فاهها مطلقا):- احم
زياد(تقدم ليجعلها خلفه):- ما هذه الزيارة المفاجئة ؟
راضي:- كان لا بد أن آتي منذ زمن لأرى أين وصل ولدي المهندس ، لكن مع الأسف ما رأيته مخجل بحق أنت لست تربيتي على الإطلاق
كوثر(شعرت بكلماته المسمومة وكأنه يقصدها بسوء):- عم راضي رجاء لا تسيء فهم زياد يعني..
راضي(أشار لها بعصاه باستعلاء):- من سمح لكِ بالحديث يا أنتِ ؟؟؟ هل أعرفكِ حتى تشطحي بالكلمات هنا وهنااااك الزمي حدودكِ واعرفي مقامك
زياد(ابتلع ريقه برفض):- بابا …
راضي:- لا بابا ولا غيره ستسير بجانبي الآن نحو البلدة لكي تكتب كتابك الليلة على ابنة خالك يكفينا تأجيلا ، عيب أمام رجال العائلة أن تحطني في هذاااا الموقف المضحك ..
زيادّ(اقترب منهم ليبعد كوثر عن مسمعهم):- أبي .. أنت هنا تقلل من شأن زميلتي التي س..
راضي(رفع يده وأشار له كي يصمت):- قصي أجلب المفتاح منه ودعنا نذهب للبيت كي نستريح ريثما يلملم قذارته تلك ويلحق بنااااا
زياد(أغمض عينيه بغيظ):- صدقني أن التي أسأت إليها الآن ستكون كنتك المستقبلية وقد أهنتها للتو
راضي(استدار إليها بعنفوان متعالي ورمقها من أعلى لأسفل):- ليست سوى نزوة ليلة ستتركها عند مطلع الفجر
قصي(لاحظ احمرار وجه زياد بالرفض وخشي أن تحدث مصيبة هناك):- والدي لنذهب على الفور إلى الشقة سيلحق بنا زياد بعد وقت
راضي(بسخرية رمقهما):- احرص على أن تطوي صفحاتك يا ولد … ننتظرك
مسح زياد على جبينه ولم يقوى على الالتفات إليها فقد كانت مغمضة عينيها على دموع منهمرة زادت من وجعه ، تنحنح بصوت خافت ليجلس قبالتها من جديد ..
زياد:- آسف على كل ما تفوه به أبي يا كوثر
كوثر(تهتز ببكاء):- أنا مجرد نزوة ليلة صحيح، وقذارة الأرض ، أناااا لا أصلح لأكون كنة لذلك البيت ..أنا …
زياد(أمسك بيديها والوجع يقتله قتلا عليها):- كوثري يا حبيبتي أرجوكِ لا تكترثي لما حدث الآن ، أبي صارم للغاية ولسانه سليط يعني …. لا يسعني الرد عليه بقلة أدب لأنه والدي وعلي احترامه في مطلق الأحوال ، لكن مهما قال أو مهما سمعتِ لن يتغير شيء مما نخطط له يا روحي هممم
كوثر:- أبوك كان واضحا في نظرته لي لقد رمقني وكأنني فتاة شوااااارع ، لقد اهئ كان شعورا بشعا بشعاااا جدااا
زياد(عانقها بخوف):- لن أخسركِ يا كوثر لن أخسركِ ، سأواجههم جميعا لأجلك ستكونين لي صدقيني سوف لن أسمح لأحد بأن يفرقناااا
كوثر(ابتعدت عنه متملصة وسحبت حقيبتها):- لن تستطيع ذلك يا زياد لن تستطيع
زياد(رمقها بغبن واستقام بسرعة خلفها بعد أن وضع بعض المال على الطاولة لدفع الحساب ثم ركض خلفها):- كوثر توقفييييي …
خرج مسرعا لكنه وجدها قد غادرت بسيارتها وهنا تيقن تماما أنه أمام مواجهة ضارية ستجعله يخسر أحد الطرفين … ركب سيارته بدوره وانطلق من فوره لشقته وجد أباه جالسا بخيلاء في صالون بيته بينما كان قصي يعد الشاي …
راضي:- أراك عدت مسرعا ألم تنتظر حتى نزول الليل حتى ؟
زياد:- لا أسمح لك بإهانة كوثر حتى لو كنت والدي
راضي(ضرب بعصاه الأرض):- ولد … انتبه لنبرة صوتك معي أنا لست في موضع يخولك بالتطاول علي أنا أبوووك وما أقوله يسمع ، نزوتك تلك مع تلك الأجنبية ستنتهي اللحظة وفي آخر الأسبوع ستنزل للبلدة كي نتمم مراسيم الزواج
زياد(ضحك جانبيا وجلس مقابله):- هل أنت واثق من نفسك لتلك الدرجة بابا ؟
راضي:- ماذا تقصد ؟
زياد:- قد كنت واضحا معك في زيارتي السابقة وأخبرتكم بالمعنى الواضح أن زواجي التقليدي الذي خططتم له حتى دون مشورتي ، لن يتم … لا يهمني إن نشأ عن ذلك صراع بين العائلة لأنني لم أجبر أحدا على ذلك الاتفاق
راضي(بعدم تصديق):- هل تنوي وضعي في ذلك المكان الوضيع يا زيااااد ؟ هل تريد لأهل البلدة وكبار العائلة أن يسخروا من راضي وهبي ويتفوهون بأسفه الكلمااااات عنه ؟
زياد:- والله ذلك شانك فأنت من وضعت نفسك في هذا المكان
راضي(نظر إلى ابنه الذي بداااا متشبثا برأيه تماما):- عموما حين تنزل في زيارتك المقبلة لنا حديث مطول أما الآن فسأرحل من هنا ، لا يشرفني البقاء في شقة ابن عاق بأبيه .. قصي أترك ما بيدك والحق بي
زياد(زفر بعمق):- أنت تجعلنا في وضع لا تحمد عقباه بابا
راضي(وقف بجانبه بشكل عكسي):- أنتَ الذي اخترت هذه النتيجة االتي سوف لن تصل الأمور لخير يرجى
زياد(ابتلع ريقه لا يدري ما يفعل فهو بين نارين):- أبي …
راضي(أشار له بصمت):- الحديث لن ينتهي هنا بل هناك حيث تنتمي يا زياد وهبي …قصي
قصي(ركض خلفه):- معك بابا .. زياد سنكلمك حين نصل سلام
وُضع تحت رحمة الأقدار اللعينة والده من جهة خاطر كوثر من جهة أخرى كيف سيتصرف بعد ، خصوصا أن المجنونة ستمرض بعد تلك الكلمات لأزيد من يوم وزفاف صديقتها قريب وخطوبة أخت صديقتها أقرب يعني حالة جنونية سيعيشها زياد بشكل مضغوط .. حاول مصالحتها بشتى الطرق لكنها رفضت ليس لأنها لا تريد ذلك بل لأنها خائفة من أن تفقده لكن لم يكن سيسمح لها بأن تتمادى أكثر ، سحب نفسه سحبا وتوجه صوب بيتها
عبد المالك(فتح له الباب ومط شفتيه بتذمر):- أدخل يا زياد …
زياد(بشكل متألم حزين كسير):- أعلم أن كوثر هنا يا عم عبد المالك أحتاج فقط لرؤيتها ، خمس دقائق وأرحل هي لا ترد على اتصالاتي ولم تأتي للشركة منذ أيام إنها تتهرب مني و
عبد المالك(أشار له كي يجلس):- وأنا لن أخفيها عنك يا زياد هي نائمة بغرفتها الآن
زياد(تنهد بارتياح):- هل لك أن توقظها لأجلي ؟ أعلم أن مطلبي جاحد بعض الشيء لكن والله إنني لم أذق طعم الراحة من يومها
عبد المالك:- زياد لقد استقبلتك ببيتي ورحبت بك في قلبي لأنني رأيت فيك مثالا للشاب الصادق والطيب ، رضاي عن علاقتك أنت وكوثر جاء نتيجة لتفكير طويل خلف موافقتي المبدئية على ما يجمعكما وهذا ما جعلني أدعمكما للنهاية .. لكن أن يتم تقليل شأن صغيرتي ولو بحرف هذا ما لا أسمح به والسيد والدك قام بجرحها جرحا بالغا لن تمحيه السنين
زياد(برجاء):- سأحل كل الأمور أعدك بذلك عمي ، لن أفرط فيها ولو قامت القيامة حتى كوثر لي وسوف أحرص على استعادة قدرها الذي يُعد قدْري أنا أيضااا
عبد المالك(لم يجد ما يضيفه لذا أشار له بهدوء ناحية غرفة كوثر):- حاول دحض هذا المشكل كي لا تتفاقم الأوضاع لما هو أسوأ …
هز له رأسه إيجابا وتقدم صوب غرفتها بخطوات متثاقلة ، كما توقع وجدها متوقعة في فراشها مثل الطفلة التي سرقوا منها لعبتها ، تهتز محلها بحزن يكوي قلبه بشكل مريع ، لم يحدث صوتا بل تقدم إليها لحين جلس على طرف سريرها يناظر خصلاتها الشقراء وبعمقه رغبة لتلمسها ومسح غبار الغبن من عليها …
زياد(بصوت خافت):- كوثر ..
كوثر(انتفضت بفزع والتفت إليه بعيون متورمة):- هئئ زيااااد كيف أتيت ؟
زياد:- أدخلني والدك
كوثر(عقدت حاجبيها وعادت لوضعيتها):- لا أريد أن أراك
زياد:- ألم تشتاقي لي ؟
كوثر(زادت من انعقاد حاجبيها):- لا شأن لك
زياد(بصوت دافئ):- أتعاقبينني ؟؟
كوثر:- ليس كذلك
زياد:- يعني تستغنين عني ؟
كوثر:- ولا هذااا
زياد:-أفترض بأنكِ تتدللين
كوثر(بصوت باكي):- لست أتدلل أنا أتألم
زياد:- وأنا أموووت ألماااا عليكِ حبيبتي
كوثر(أغمضت عينيها بقوة قبل أن تفتحها وتنهض بجدعها لترتمي بحضنه):- اهئئئ زياااااد اشتقت لك كثيرا أحبك أنا وخائفة من أن يحرموني منك ، سوف أجن أكيد أكيد سيحصل لي شيء إذا ما تم ذلك اهئ
زياد(عانقها بحرارة فقد اشتاق لها بدوره):- يا روحي يا روحي لا تبكي أنتِ معي الآن ، سوف لن أسمح لأي من مخاوفكِ بالحدوث ، كلمت أبي وأخليت مسؤوليتي مما سيحدث أثناء زيارتي القادمة إليهم
كوثر:- ومتى ستكون تلك الزيارة يا ترى ؟
زياد:- على الأرجح بعد بأيام
كوثر(فكرت مليا):- همممم
زياد(ساعدها على الجلوس أمامه):- مدللة وباكية مثل الأطفال
كوثر(ضربته بوسادتها):- بليد
زياد(لامس فكها بخفة وجذب يده بسرعة):- البليد يدعوكِ لمشاهدة فيلم بالسينما
كوثر(برقت عيناها بقوة):- هااااااه سينما طيب أي فيلم ؟
زياد(غمزها):- احزري أي فيييييلم ؟
كوثر:- غير معقول هل هو فيلمي المفضل ؟؟؟
زياد:- رابونزل ويوجين بشحمهما ولحمهما
كوثر(صرخت وهي تقفز فوق السرير):- صاحبة الشعر الطوييييييييل يااااااااااا عين عيني أناااااااا ههههه
زياد:- مجنونة وربي هيا تجهزي ليس هنالك وقت سيروح علينا الفيلم
كوثر(قبلته بخفة وأخذت تفتش بين أغراضها):- هئئ ماذا تفعل هنا أخرج أخرج لبابا سأبدل ثيابي وآتيك فورا فورا
زياد:- يا الله صبرني على طفلة حمقاء وقع قلبي في حبهاااا
كوثر(سمعته وابتسمت):- هنيئا لك بي يااااا ..هههه يس سوف أرى الحصان مكسيموس اشتقت له كثيررررررررا ههه …
يا حلاوة على طفلتنا الكبيرة ستشاهد فيلما خاصا بالناشئين لكن لما الكذب الفيلم للكبار أيضا يستحق التفرج نصيحة يعني هههه ^^

لابد لأي سر أن يكشَف مهما طال به الزمن ، كيف ومتى وحده رب العالمين القادر على تحديد ذلك ، فمثلا هذا لم يتوقع أبدا أن يتم كشف لعبته القذرة بعد إفلاس شركته الذي تم بناء على اتفاق فعلي بين أولاد العمومة …
نور:- لنفعلها يا حكيم لم يعد هنالك ما نخسره ، دعاء في قبضة ذلك الخسيس وعلينا تحريرها من براثنه بأقل الأضرار
حكيم:- ولكننا لا ندري أين أودعها ، لقد قلبوا رجالي الدنيا عليها بدون فائدة .. أتعلمين لو آذاها سوف أجعله عرضة لتشوه لا أخلاقي
نور(رفعت حاجبها):- لم أستطع مجاراة تخيلك لكن ،، هو يستحق ما سيحدث له كما أن أسرته قد حان الوقت لتعرف مع من يعيشون
حكيم:- أرى أن لديكِ ما تفيديننا به يا ابنة العم ؟
نور:- كما أخبرتك سالفا معاد الخالدي قادر على تحطيم تلك الشركة في غضون ساعة واحدة
حكيم:- ماذا عن الجنين ؟
نور:- إن أجهضته خير وبركة وإن تشبث بالحياة فهو ابننا في نهاية المطاف لا يسعنا إنكاره
حكيم:- دعاء أختي لا تستحق هذا المآل ، كيف غفلت عنها حين كانت مع ذلك القذر
نور:- ولا أنا استشعرت شيئا كان حذرا متلاعبا بها كالدمية
حكيم:- وسيدفع ثمن كل ذلك … اتصلي بمعاد الخالدي وحددي معه موعدا وتصرفي أريد أن يتم ذلك بشكل سريع ، وأيضا يذاع في كل المجلات والصحف ليصل إليه بالبند العريض
نور(فركت يديها بحركة حماسية):- حان وقت اللعب يااااي أموت وأرى وجهه الآن ، تفووه عليه وعلى أمثاله النتنة … مُد لي هاتفي وليبقى الأمر هناااا هممم
حكيم:- ولووو …
ميرنا(دخلت عليهما للغرفة):- على ماذا تتهامسان هنا ؟
نور(أغلقت الهاتف بيدها وانسحبت لغرفتها):- تحضيرات الزفاف يا بعدي
ميرنا(حولت عينيها بتعب):- يادي تحضيرات الزفاف بففف جعلتموني أضجر قبل أن يأتي حتى …
نور(أشارت لهما بوداع وغادرت):- ألووو نعم …
ميرنا(حولت عينيها ونظرت إليه بطرف عين وهمَّت بالانصراف):- هممم
حكيم(أمسكها من يدها):- تعالي هنا يا هاربة ما قصدكِ حين قلتِ أنكِ لن تقيسي ثوب الزفاف حتى يوم الزفاف ما ربما احتجتِ لتعديلات أو لا أدري …؟؟
ميرنا:- أووه هيا حكيم أكيد قد حرصت على أخذ مقاساتي بشكل يريحك صح ؟
حكيم(برقت عيناه بضحك):- يعني ..
ميرنا(ربتت على صدره وتملصت منه):- يعني لا داعي للتعب ههه..
حكيم(ضرب كفا بكف)- اللهم صبرني عليهاااا ….
بعد اتصال نور بمعاد استنفر استنفارا كليا وباشر بالقيام بالاتفاق من فوره ، فدعاء تستحق أن يحميها من قبضة ذلك المتوحش عليه أن يحررها ولو عرض نفسه للخطر لأجلها لا يهم ، فما يهم هو أن تكون بخير وتصبح حرة طليقة … في غمضة عين انقلبت الدنيا رأسا على عقب وانتشر خبر سحب عقود العملاء المتعاملين مع الشركة وهذا ما جعلهم ومع الأسف يعلنون الإفلاس … اتصل معاد بجيداء التي فزعت من بعد هذا الخبر وتوجهت للشركة صوب ابنها فريد وفردوس أيضا وقد كان فريد متوجسا غير مدرك أن كله مدبر … لكن السؤال الذي كان يشغل باله أكثر هو كيف سيجيب حين تسأل أمه عن موقع أبيه الذي ادعى أنه في سفرة عمل طويلة ، هناااا تمزق حبل الكذب فتهاني ومعاد أكدا لها أنه لا يوجد هنالك أية سفرة من ذلك النوع للسيد حسام إذن أين هو ؟؟؟
تهاني(أحضرت كوب ماء بلهفة):- خذي خذي ست جيداء سلامتك
جيداء(في حالة سيئة جدا):- يا الله …
فردوس:- ماما لا تخافي أكيد سنستأنف … لو سمحت سيد معاد دع محامي الشركة يوافينا أريد مناقشته في أمر ما
معاد:- تهاني تفضلي مع الآنسة لمكتبي لأخذ راحتها أكثر …
فريد(أشار لمعاد بالانسحاب قليلا بعيدا عن جيداء):- ما الأوضاع ؟
معاد:- سيئة جدااا .. إفلاسنا علني ولا يسعنا لملمة شيء يعني فقدنا كل شيء في لمح البصر
فريد(عقد حاجبيه بعدم اقتناع):- أيعقل أن هذا من تدبير أعدائه ؟
معاد:- وارد وجدا خصوصا وأن الكل يطمع في مكانة شركتنا المرموقة
فريد(زفر بعمق):- فهمت
جيداء(نهضت بجنون):- أين هو مديرك أخبرني أين يكوووون أريده أن يحضر الآن ؟
معاد(لو تعلمين أين هو فقط آآخ):- ليس لدينا معلومات عن مكانه ست جيداء مع الأسف اختفى بحجة أجازة عرضية لم يحدد فيها مدة عودته
جيداء(ابتلعت ريقها بصعوبة):- فرييييد جد لي أباك المهمل الآن الآآآآآآن …
فريد(سحب نفسا عميقا):- لا تقلقي فحسام النهواني الذي أعرفه سيخرج من جحره بعد هذه الفضيحة … بالفعل كما توقع تماما ما هي إلا سويعاااااات ضئيلة وكان يخط أرضية الشركة بغضب الموظفون يتهافتون عليه قلقون من مصير عملهم ، بينما كان تفكيره في المال الذي سيفقده جراء ذلك المسكين لا يعلم أن هنالك مصيبة بانتظاره …
حسام(دخل مباشرة دون أن ينتبه):- معاد كيف وقع هذااا ؟؟ جيداااء فريد ؟؟
جيداء(ضربت على سطح الطاولة وتقدمت إليه):- أين كنت يا مدير الشركة ؟ أين كنت ودعامات هذا المكان تنهار أكييييييد في نزوة جديدة من نزواتك فأنت شخص لا يتوووب
حسام(نظر بحرج لتهافت الموظفين خلفه):- جيداء اخرسي أنا بدوري لا أعلم ماذا يحدث قد كنت في مهمة عمل و …
جيداء(أشارت له):- اخرس إياك وأن تكذب علي ، علمت أنه لا يوجد هنالك لا سفرة عمل ولا غيره كما قلت لك هي إحدى حفلاتك الماجنة ليس إلا
حسام:- كفي عن هذا الحديث السافل نحن بالشركة
جيداء(بجنون):- شركة عن أي شركة تتحدث لقد أفلسنا أفلسنننننننننننا
حسام(نظر لفريد الذي كان مبتسما):- ما الذي يبهجك أنت ؟
فريد:- لا شيء فقط مشتاق لرؤيتك بابا
حسام(عرف أنه يتلاعب به لذا التفت لمعاد):- إلى أي مدى تضررنا ؟
معاد(أجابه بكره):- إلى حد يجعلنا نفقد الشركة لأجل تسديد الديون المترتبة علينا
جيداء(بفشل):- يا ويلي يا ويلي ماذا فعلت بإرث عائلتي ؟ كيف سلمته لمتهاون مثلك ياااا حسام كيف كيف ؟؟؟
حسام:- اخرسي يا جيداء ودعي هذا الكلام للبيت …
جيداء:- بيت عن أي بيت تتحدث هااااااه ؟؟؟
معاد(مسح جبينه):- يجدر بكم التوجه للبيت فعلا الأوضاع هنا ستتأزم أكثر بحضور الصحافة ، سيتم الضغط عليكم بشكل سيء وأعصابكم مشحونة أصلا لذاااا يتوجب رحيلكم فورا
فريد:- معاد معه حق لنذهب للبيت وأي جديد سيبلغنا به على الفور
معاد:- أكيد
جيداء(بكره رمقت حسام وحملت حقيبتها):- ما حدث لشركتي مسؤوليتك يا حسام النهواااااااني مسؤوليتك وحدك ….
انقلبتِ الدنيا رأسا على عقب ساعتها قد حضر الصحافيون لأجل التقاط سبق صحفي للخبر الطازج الذي انفجر كالقنبلة في الوسط الإعلامي أجمع ، ولم يمتد ضرره لتلك الدرجة بل طال حتى جذوره العميقة … وصلوا إلى شقتهم أربعتهم وما إن ولجوها حتى تسلمت جيداء الكلمة أو لنقل الصراخ فلم تسكت من البكاء والغضب ، أما حسام فلم يكن لديه ما يدافع عنه أمامها فكيف سيشرح سبب غيابه حتى فريد كان جامدا يتصرف مع الأحداث ببرودة وكأنه توقع ذلك ، كرهت فردوس ذلك الخصام الطويل المدى لذا حملت حقيبتها وخرجت في اتجاه صديقتها رورو أرحم لها أما فريد فبقي متواجدا يستحيل أن يتركهما لوحدهما مطلقا … لمح شاشة هاتفه تضاء برقم جعله ينسى مأساتهم ليجيب بانكسار ..
مرام:- سمعت بالخبر توا .. هل أنت بخير وفردوس ومعلمتي ؟؟؟
فريد:- لسنا كذلك يا مرام الوضع سيء جداااا هنا
مرام(حزنت لأجله):- لا أعرف ما يسعني تقديمه لأجلك فريد في مثل هذه الظروف
فريد:- يكفي أنكِ بالقرب يا مرامي كي أنسى كل المآسي
مرام:- أنا رفقتك دوماااا ، أين فردوس أهي بجانبك ؟
فريد:- غادرت لا أدري إلى أين الأرجح أنها هربت من الضجيج الصادح هنا
مرام:- هل الوضع سيء لتلك الدرجة ؟
فريد:- وأكثر أمي خسرت إرث أسرتها وأبي …آه على أبي لا تسأليني أكثر رجاااء
مرام(شعرت بحزنه):- ليتني معك الآن
فريد:- حقا ليتكِ معي لخففتِ عني قليلا مصابي
مرام(فكرت بالفكرة):- تحمل يا فريد المحنة للأشداء ، أكيد ستتجاوزونها فقط بالصبر
فريد:- ونعم بالله … عموما مرامي علي أن أفصل الخط الآن أكلمكِ لاحقا
مرام:- طيب طيب …
فكرت مليا مع نفسها يجب أن تراه كي تستطيع امتصاص حزنه ذاك بطريقتها الصادقة ،كما أن فردوس وجيداء بحاجتها الآن لذا كان الحل الأمثل أن تكلم فردوس مباشرة والتي كانت بسيارة أجرة تدور لا تدري إلى أي وجهة ، فحتى رورو صديقتها لم تكن متوفرة لحظتها لذا اتفقت فردوس على زيارة مرام في بيتها والذهاب بعدها إلى فريد للاطمئنان عليه … لم تكن مرام لتتحمل تأخيرا آخر لذا طالبتها بالتوجه على الفور إلى بيتهم وهنا تسارعت خفقات الخطر فالقدر على وشك رفع الستارة على حسام النهواني وقذارته الخسيسة … صدمة صدمة كبيرة لم تستطع مرام تحملها ولا حتى حسام إخفاءها أما فريد فقد وضع في خانة غير مستحبة ، الوحيدتين اللتين لم تفهما شيئا هما جيداء وفردوس
جيداء:- ما الذي تقولينه يا مرام زوج ابنة عمكِ ههه بالله عليكِ هل ستزيدين همي يا ابنتي ؟
حسام:- لقد شبهتني الآنسة على الأغلب
مرام(بانهيار أعصاب غير مصدقة):- أيعقل أن أشبه عليك يا سيد حساااام ، أنا مرام ابنة عم دعاء الراجي ألا يعني لك هذا الاسم شيئااا ؟؟
فريد(أغمض عينيه):- مراااام توقفي
مرام(بغلالة دمع):- كنت تعلم بالأمر منذ ليلة زفافهما صح ؟؟؟ كنت تعرف أن والدك هو العريس ولكنك لم تحرك ساكنا وتركت ابنة عمي تقع فريسة غدره أكيد لا تعرف شيئا عنكم وإلا لما كانت وافقت على زواج كهذااااا
جيداء(جلست بانهيار):- بالله عليكم اشرحوا لي ماذا تقول هذه البنت يا مراااام أرجوكِ ؟؟
فردوس(ببكاء):- مرام أنتِ أكيد تخلطين الأمور و …
مرام(ابتلعت ريقها وفتحت هاتفها فتشت قليلا بين الصور ومدت لهم صورة زفاف حسام ودعاء):- أظن هذه الصورة كفيلة بالجواب ….
صوت حطاااااام انتقل من مسمع فردوس لجيداء التي ظلت تناظر الصورة لحظة وتناظر حسام لحظة أخرى ؟؟ أيعقل ذلك لالالا هنالك خطب ما
فريد(جذب الهاتف بعصبية وقدمه لمرام):- يكفي مهزلة هنااااااا
فردوس:- مهزلة ؟؟؟؟ مرااااام أكاد لا أصدق أن هذا التلاعب يخرج منكِ أنتِ
مرام:- هه يا فردوس ألا تذكرين هذه الليلة ؟؟؟ قد كنتِ موجودة أنتِ وفريد لقد دعوتكما لحفل زفاف ابنة عمي وأتيتما لكنكما غادرتما قبل حضور العريس والذي صدف أن يكون أباكمااااا
جيداء(صرخت بقوة):- حسسسسسسسسسسسسسسسسسساااااا اااااام
حسام(تناقل بنظره الثعلبي بين أعينهم وأحس بأنه وقع في شر نفسه):- لدي تفسير لكل شيء يا جيدااااء …
مرام:- خسارة أن ابنة عمي حامل منك الآن وإلا لكانت قد نبذتك من حياتها وهذا ما سيحدث ما إن أخبرها بنفسي عن هذاااا التلاعب
حسام(بنفاذ صبر):- كانت تعلم بكل شيء بكل شيء ووافقت على هذا الزواج لذا لا تدعي أن الشرف من شيمها فهي بعيدة كل البعد عنه
فريد:- كفى ألازلت تتحدث على أعراض الناس بهذه الطريقة ، ألا تعي حجم المصيبة التي سقطت على رأسك ؟؟؟
فردوس(جلست باكية):- لا بابا بابا مستحيل يا بابا مستحييييييل
مرام(سحبت كرسيها هاربة من هناك):- مع الأسف … لقد حطمت قلبي يا فريد لا أريد أن أعرفك بعد الآن أبدااااااا …
فريد(أراد اللحاق بها بعد خروجها من بيتهم لكن فقدان جيداء للوعي أفزعه):- هئئئ امي فردوس(ركضت إليها):- مامااااااااااا
حسام(نظر إليهم متجمهرين حول جيداء وصغر عينيه بعمق):- توقفيييييي
مرام(كانت بجانب المصعد تضغط وتضغط ببكاء):- ماذا تريد مني أيها الوقح البشع تبا لك ولكل ما يحيط بك
حسام:- اسمعي اسمعي لا تزيدي من همي وخذي كلامي هذا حلقة في أذنك لكي يكون الجميع بخير ، إن تفوهت بحرف لأهلك عما حدث لابنة عمك معي سوف لن ترينها مجددا ليس ذلك وفقط بل سأجعلها تجهض الطفل وأعذبها بكل السبل الممكنة والغير ممكنة ..
مرام(بهلع):- لالالا حرام عليك لما ستفعل ذلك بدعاااء لما هي اختارتك هي أم طفلك ؟
حسام:- سمعتِ كلامي الواضح ، إن أفشيتِ سري لأسرتك ستندمين وستدفع ابنة عمكِ الثمن غاليااااا جداااا
مرام(عقدت حاجبيها بخوف):- إلى متى ستخفي سيأتي يوم ويعرف الجميع بفظاعة شخصك الخادع
حسام:- لا تقلقي حين يأتي ذلك اليوم سيكون كل شيء وفق ما خططت له ، لذا اغربي من أمامي ولا ترني وجهكِ مرة أخرى
مرام(بصقت جانبيا):- اللعنة على رجولتك يا حقارة الرجاااااااااااال ….
لم يكن بيدها فعل شيء خوفها على دعاء كان أكبر من أي أمر آخر ، إن عادت وأخبرت أسرتها ستشغلهم عليها وإن تكتمت على الأمر سوف تعرض دعاء لخطر شر حسام طيب ما العمل لم تجد حلا سوى إخبار نور التي شاركتها بسرهم ووعدتها أن تكون دعاء بخير فقط بتكتمها على أمر معرفتهم بكل شيء هي وحكيم ، لضمان سلامة دعاء ولكي لا يمنحوا فرصة لحسام كي يستفيد منها وهذا ما أراح قلبها وأخرسها حتى فريد الذي حاول الوصول إليها من بعد تلك الفاجعة قررت ألا تشركه في هذا ، فدعاء بحاجتها ولن تخذلها قط … وهنا كانت فضيحة حسام النهواني وشركته المفلسة فضيحة السوق الإعلامي تلك الآونة ، في حين تم وضع جيداء في المشفى ومراقبتها في العناية المشددة كانت تتطلب كل الحرص ، أما فردوس فقد كاد يجن جنونها لم تكن لتصدق ذلك وعليه ظلت على أمل إيقاظها من قبل أي أحد لتكتشف أن كل هذا محض كابوس بشع ليس إلا ، لكن حزن فريد كان له رأي آخر …
فردوس(بالمشفى خارج غرفة أمهما):- لما لم تخبرني ؟
فريد:- عماذا أخبركِ عن احتراقي بعد اكتشافي للأمر ؟؟ لقد حذرته من الاقتراب منا بعد ذلك الزواج ولبى الأمر أتعلمين لماذا كي لا يخسر ثروته وعمله لكن الله يمهل ولا يهمل أنظري كيف انتقم منه شر انتقام
فردوس(باحتدام):- ذلك بابا الذي تتكلم عنه بهذا الشكل
فريد(أشار ناحية الغرفة):- وتلك أمكِ التي خانها أبوك مرارا وتكرارا ودنس قيمتها واحترامها بين أحضان العاهراااات ، وانتهى به الأمر ليضحك على ابنة ناس باسم العشق المباح دعاااء لقد وقعت ضحية أكاذيبه وسلمت له نفسها بعد أن وعدها بالزواج لكن متى حصل ذلك حتى حملت منه يا أختي أرأيتِ بشاعة مثل هذه ؟
فردوس:- ما تقوله ليس صحيحا ليس صحيحا
فريد(هزها بعنف):- بل صحيح وهذااااا ما حدث ، صدقي يا فردوس صدقي يا أختي
ارتمت في حضنه باكية تحارب وتحارب أفكارها ، لا تريد أن تصدق لكن كل شيء يحثها على أن تطوي صفحة أبيها الذي جرح جرحا في صميم صميمها لن تسامحه عليه مطلقااااا ..هنا كان حسام النهواني في قبضة رجال حكيم عثروا عليه وأوسعوه ضربا وحين هموا بأخذه استطاع أن يهرب من قبضتهم مثل الثعلب غافلهم واستقل أول سيارة أجرة توجه صوب الفندق البسيط الذي يحتجز فيه دعاء أخذها وانطلق بها صوب مزرعة بعيدة لكي يستجمع أفكاره وأيضا كي يذيقها من العذاب ما تستحق …

~ في الوقت الحالي ~
مسحت جيداء دموعها بعد استرجاع كل هذه المأساة ، وقررت لملمة أحزانها لكن ليس قبل أن تعقد هذا اللقاء الإجباري ، رفعت سماعة هاتفها واتصلت وكم كانت ممتنة لأن هذه الأخيرة لم تكسر بخاطرها وحددت معها موعدا بعد ساعة … نهضت من محلها تجمع شتات روحها الكسيرة بصعوبة فقد كانت أشبه بالعائد من رحلة الموت ، حسام لم يترك فيها ما يصلح كانت فارغة من الداخل شعورها بالخواء جعلها ترى كل شيء سيان ربما سيكون ذلك لمصلحتها لكن الآن ما يهمها هو أن تفهم … كان الموعد في المقهى المجاور لعمارتهم طبعا فريد وفردوس لم يوافقا إنما إصرار أمهما كان أقوى من أن يمنعه شيء ولا حتى خوفهما وقد وجدا أنه من مصلحتها أن تحصل على أجوبة كي ترتاح وتجد سبيلا للفظ حسام من حياتهم للأبد ..
نور(وضعت حقيبتها على جنب وجلست قبالتها في المطعم):- قلبي معكِ
جيداء:- كنتِ تعلمين بهويتي من البداية
نور(رمشت بعينيها بثقل ورمقتها بحدة):- أجل
جيداء:- مع ذلك استغفلتني ؟
نور:- لم يكن لدي حل آخر
جيداء:- منذ متى وهو يخونني معها ؟
نور(هنا تشنجت وعدلت جلستها):- بل السؤال الأصح منذ متى وهو يستغلهااااا
جيداء(بسخرية):- وهل ستفرق ؟ مثلها مثل أي ساقطة مرت بفراشه ؟
نور(ضربت على سطح الطاولة بغيظ):- سأحترم حالتكِ المتعبة وأطول بالي لكن كلمة أخرى تسيء لابنة عمي سأنسى أنه كان بيننا عشرة
جيداء(انفجرت بعدم صبر):- لقد حولت ابنة عمكِ حياتي إلى جحيييييم ، ما ذنبي أن أعيش هذه المأسااااة ما ذنب أولادي ؟
نور:- هههه جيداء أنتِ أذكى من مستوى النساء الجاهلات اللاتي يبكين حين يكتشفن خيانة أزواجهن أو إحضار ضرة لهن
جيداء:- أنتِ لم تجربي هذا الإحساس لتحكمي
نور(بحدة):- ولكنني عاينت منه الكثير ولا يسعني سوى أن أصفق لكِ فرحا ، لقد تحررتِ منه يا امرأة ولا يكفي سوى الطلاق الآن لكي تحصلي على حق حريتكِ بسلام
جيداء(بامتعاض رمقتها)- وثقت بكِ كثيرا لكنكِ خذلت ثقتي
نور(بألم):- وأنا فعلت المستحيل لأجل ابنة عمي ، كي أسترها من الفضيحة كان على زوجكِ أن يصحح خطأه ثم هنالك جنين في الطريق يعني المسألة كانت حتمية ، ولو علي كنت لأزوجها لأحمق يسير عاريا في الطريق ولا أعطيها لزوجكِ النذل
جيداء(مصت شفتيها بغيظ):- خدعتني
نور:- يا الله هل ستعيشين في دور الضحية كثيرا ، انهضي بنفسكِ يا امرأة واستعيدي قوتكِ وحاربي لأجل استرداد شركة أهلك ، اسحبي منه رمق الحياة ودعيه يتجرع الخذلان
جيداء:- قد تشتتت عائلتي لعلكِ راضية أنتِ وابنة عمكِ الآن …
نور(نظرت بعيدا بحزن):- لا أدري أين هي زوجكِ اختطفها
جيداء(رفعت حاجبها باستهزاء):- ههه نكتة جديدة هذه ؟
نور(شبكت يديها بكره):- مع الأسف هذا الذي حصل لم نستطع العثور عليها ، منذ أسابيع ونحن نبحث ونخشى أن يكون قد أصابها ذلك الخسيس بمكروه
جيداء(ابتلعت ريقها حين لمست تذمر نور بذلك الشكل):- لا يسعني تقديم مواساة لكِ فأنتِ قد فقدتِ كل خير كنت أكنه لكِ
نور(حملت حقيبتها بإباء):- وأنا أتيت وكلي يقين أنكِ لن تغفري لكن كان من واجبي أن أرضي قلبكِ بهذا اللقاء .. وصلت الرسالة لن تري وجهي مجددا لكن لا أعدكِ بذلك طالما لم تعد ابنة عمي للبيت مستحيل ان يهدأ لنا بال … سأقول هذا لأول مرة يا جيداء تمنيت لو التقيتكِ في ظروف أحسن ..آسفة منكِ
تركتها وغادرت وهي تحمل بين طيات روحها فظاعة الواقع الذي تعايشه دعاء المسكينة ، أما جيداء فلم تتحرك من محلها ظلت ترفع شفتيها بغبن والدموع كالشلال تنزل من عينيها بدون شعور ، أيعقل أنه فعلا يختطفهااااا ؟؟؟ هذا ما تردد في فكرها وجعلها تتعب أكثر …
في ذلك المساء وبعد مرور ساعات وتحديدا في شركة دابليو إر كانت ميرنا تنهي توقيع بعض الأوراق اللازمة للاجتماع المقبل ..
نور(أطلت عليها):- ألا يزال لديكِ عمل ؟
ميرنا:- آه والله لدي الكثير أمامي ساعتين على الأقل وأنتِ ؟
نور:- انتهيت لتوي وذاهبة للبيت دينا لديها امتحان كتابي غدا وعلي أن أدرسها
ميرنا(بعثت لها بقبلة في الهواء):- دعواتي الحارة لكِ حبي
نور:- يلا يا روحي أراكِ بالبيت
غادرت نور في اتجاه المرأب لتأخذ سيارتها وحين همَّت بالخروج كادت أن تصطدم بسيارة النطح نفسه ، دعكتِ الفرامل بسرعة وأوقفتها وهي تناظره بنظرة قاتلة تعني موته الحتمي بعد لحظات ضئيلة
نور(فتحت نافذتها على وسعها):- أتحسب نفسك جيسون ستاثام حتى تقدم على هذا العرض؟
فؤاد(بتفكُّر):- لم يمر هذا الإسم على مسمعي قبلا ترى من يكوووون ؟
نور(تشتم تحت شفتيها):- بالمختصر أخبرني لما تعترض طريقي ؟
فؤاد(نزل بأدب والابتسامة لم ترافق محياه وهذا ما جعل ترفع حاجبها الأيمن حائرة):- احم لدي موضوع ستهتمين لمعرفته لنقل أنها خطة أخرى فكرت فيها قبل قليل
نور(بتأفف أسكتت محرك سيارتها وأطلت عليه):- يا نعم خيراااااا أي ريح عذبة جعلتك تُفكر بنا سيد فؤااااد ؟
فؤاد(ضرب على سطح بابها وغمز بخفة):- الحديث هنا لا ينفع لذا أنا أدعوكِ على العشاء
نور(ضحكت بخفة أجمل ضحكاتها ونظرت إليه):- عزيزي…. لدي مليون ألف مصيبة برأسي أفكر بهذه وتلك وذاااااك والمشاكل أكوام مكومة بعقلي ،لذا طرائفك المضحكة دعها عندك لأنها تصيبني بالاشمئزااااز
فؤاد(مط شفتيه وهو يرتفع بعنق مشرئبة للسماء):- توقعت ذلك ، تمام إذن انسي أمر دعمي لكِ في خطة أخرى غير التي اعتمدناها سابقا عبر تدحلي لترطيب الأجواء معه ، لدي شيء أقوى سيفيد في إعادة المياه لمجاريها بين شهاب وميرا
نور(هنا برقت عيناها باهتمام ولاحظته وهو متجه صوب سيارته لذا ترجلت بسرعة):- هييه هييه إلى أين إلى أين ذاهب يعني لنتكلم يا رجل وأنت مثل الطفل كلمة كلمتين تتبخر ؟؟؟
فؤاد(فتح باب سيارته ببرودة):- لا بأس نور لقد أوضحتِ نواياكِ السيئة ناحيتي ، فلا داعي لأن تزخرفي الوضعية قد وصل وانتهينا
نور(وضعت يدها على جنبها وهي تراه قد ركب محله):-مهلا ..قلت أن لديك خطة فهل هي مضمونة أم أنها مجرد تفاهة مثل السابقة ؟
فؤاد:- لعلمكِ أنتِ تهينين مقام مديركِ هنا وأنا لا أسمح لكِ بالتطاول قط
نور(هزت شفتها بامتعاض):- طيب طيب لن تفتح لي ديباجة هنا وتستعرض عضلاتك ، إن كنا سنتساعد ونضع يدنا في أيدي بعضنا يعني ب.. بالمعنى المجازي يعني … إن كنا سنوحد قواتنا فذلك لأجل شادي فقط فرأيي سيبقى هو هو ناقصا متذمرا مشمئزا من ابن أخيك الخسيس
فؤاد(فتح فاهه بعدم تصديق فيها وحرك رأسه):- أنتِ قاموس للشتائم والله ستدخلين لمسابقة الأعجوبة التاسعة دون مناااااازع
نور(ضربت الأرض بكعبها وهي تزفر بعمق):- مااااااااااذا قررت ؟
فؤاد(تأملها بمرح):- ضعي سيارتكِ على جنب واركبي
نور(أشارت له):- ساعة تبتلع فيها كوب عصير وتعيدني إلى هنا كي أغادر للبيت
فؤاد:- أنتِ تغادرين كل يوم للبيت يعني لا بأس في ليلة اختطاف يا نور ؟
نور:- ماذا ماذااا اختطاف فال الله ولا فالك ، ثم ابنتي دينا لديها امتحان غدا وعلي أن أراجع معها الدروس الليلة يعني ما تحلم به مستحيل
فؤاد:- اممم قلتِ امتحان هاااااه … طيب ساعة زمن وأعيدك وعد شرف
نور:- طيب سأجلب أغراضي … لكن لا لما سأفعل ذلك اذهب أنت بسيارتك وأنا بسيارتي ، الله الله يريدني أن أركب معه في سيارته مسكييييييييييييييييين تحلم وأنت يقظ
فؤاد:- أستغفر الله يا بنت ما بكِ قبل قليل كنتِ حلوة مطيعة جميلة
نور(ركبت بسيارتها وتحركت صوب الخروج):- اسبقني كي أعرف المحل وإلا انسى كل هذيانك الذي مضى مفهووووووووم ..
فؤاد(ضرب كفا بكف وما كان عليه سوى مجاراتها):- أمري لله مع هذه المُوَسْوَسة …
انطلق قبلها ليريها المحل الذي سوف يتناولان فيه بعض المأكولات الخفيفة كي لا يؤخر السيدة على واجباتها الأمومية الطارئة ، هنا كانت ميرنا لا تزال تفرك رأسها كي تنهي ما بيدها إلى أن دخل عليها بفنجاني قهوة معتدلة
وائل:- تستحق رشفة منكِ
ميرنا:- أووووه جاءت بوقتها وائل قريبا كنت سأنجلط من فرط هذا السجل الذي يأبى أن يفرغ ويريحني
وائل(قدم لها القهوة ووقف بقربها وهو يطالع معها الملف):- دعني ألقي نظرة أوووه يا روحي عليكِ أن تكرري هذه المعاملة فنحن قد ألغيناها وجددناها بترتيبات أخرى ، ألم يمدكِ بها منذر ؟
ميرنا(بنظرة موت فتحت عينيها على وسعهما):- لم يمددني بها لم يفعل ، وائل هل أنت جاد لقد أمضيت في هذه المعاملة أزيد من سااااااااااعتين
وائل(مسح على فكه وهو يساندها):- عيب على منذر فعل هذا بكِ ميرنا لكن هذا الذي حصل عليكِ إعادتها مع الأسف
ميرنا(بعدم تصديق):- مع الأسف… و أعيدهاااا هذا إن كنت تريدني أن أفقد وعيي هنا
وائل(انحنى برأسه لرأسها وهو متكأ على كرسيها):- صحيح تفقدين وعيكِ ؟؟؟
ميرنا(حركت رأسها بإيجاب):- قد أفعل
وائل(ببسمة):- وأحملكِ بين ذراعاي
ميرنا(حركت عينيها بجنون):- وتحاول إيقاظي ..
وائل:- وأهمس لكِ أنني بحاجتكِ يا حبيبتي ، أن قلب نصفكِ الآخر مرعوب لأجلكِ
ميرنا(تتخيل مع المنظر بتفكير):- لأستفيق وأنا أصرخ ، المعاملة يا وائل المعاااااااملة
وائل:- أخرجتنا من المووود يا بنت كدت أصل للقطة التنفس الاصطناعي
ميرنا(ضربت بكوعها لصدره):- احترم .. يا الله عليك …
وائل:- حسن حسن كنت أمزح لا توجد تعديلات في المعاملة كله جيد ، أردت فقط جس نبضك
ميرنا(بارتياح تنهدت):- خبيث التفكير كدت تقتلني رعبا ههه …
وائل(لاعب خصلة شعرها بشرود):- ميرناااا
ميرنا(تململت وهي تلتفت إليه):- نعم ؟
وائل(ناظر عيونها بعشق):- اشتقت لكِ.. طوال اليوم عمل عمل يعني في حالتنا يجب أن نهرب فقط لأننا محرومان من بعضنا ألا توافقينني الرأي ؟
ميرنا(تنهدت بأسف):- صباحا كنتَ بالمحكمة لمرافعة ما ونسيت أن أخبرك بأنني أخذت إجازة من الجريدة يعني عملي هذا الأسبوع سيكون محصورا هنا بالشركة وفقط
وائل(جذب الخصلة وصاحبتها إليه وبقيا على بعد شبر واحد):- وخطأ من هذاااا ؟
ميرنا(ذائبة في عينيه وقربه):- خطئي أناااا يا نديمي ..
وائل(برفق مدَّ يده ليلامس خدها):- هذا غير جائز ، أنتِ الآن في حكم زوجته ولو صوريا
ميرنا(ابتلعت ريقها إذ رمى بها من أعلى سفح الجبل لحظتها):- وائل لا تهذي
وائل(جذب يده واستقام):- هذه هي الحقيقة وكلما فكرت بأنني عاجز ضعيف غير قادر على تحريركِ أصاب بالجنوووووون
ميرنا(لاحظت عصبيته ونهضت مهرولة إليه):- وائل وائل أنت حبيبي وهذا ما لن يتغير وأنت تعرف أنه زواج صوري
وائل:- أعلم هذاااا أعلم ولكنكِ تسمين عليه يا ميرنا تحسبين على شخص مثله ، أمام أسرتك أمام أصدقائك في العمل في كل مكان أنتِ زوجته ..
ميرنا(لفته إليها وهي متمسكة بكتفه):- وهل هذا سيغير حقيقة مشاعرنا يا ترى ؟
وائل(ناظرها بغبن):- وهل هذا سيمضي بهذه السهولة ؟ ميرنا أنا عاااااجز الفهد الحقير من جهة ابن عمكِ السمج من جهة أخرى وبعدكِ الذي يحرقني حكاية أخرى …
ميرنا(لامست فكه لينظر إليها مباشرة):- ولكن قلبي وعقلي وروحي معك أنت
وائل:- إنما وأنتِ موجودة بجانبه هو تستيقظين كل يوم ويكون هو أول شخص يراكِ ومؤكد آخر شخص أيضااااا ، أليس هذا صحيحا ؟
ميرنا(كتفت يديها بتعب):- أهذا حقاااا ما يشغل بالك يا واااائل ؟؟ ثم تعال هنا حتى لو كان كلامك صحيحا أتعتقد بأن هذا أمر يسرني
وائل:- الله أعلم يبقى ذاك ابن عمكِ وأنتِ متعودة عليه
ميرنا(ابتعدت خطوة للوراء):- أتسمع نفسك أتوجه لي أنا هذا الكلام ؟
وائل(بعصبية مسح على رأسه):- ميرناااا أنتِ لا يسعكِ تخيل ما يطرأ ببالي حين أفكر أنكِ معه في مكان واحد يجمعكما سوية على انفرااااااد ، عقلي يكاد يخرج من محله ولا أحد يشعر بمعاناتي
ميرنا:- ولكنني لست في حالة حميدة حتى تحاسبني على الرغد الذي أحياااااااه ، أتعلم ما معنى أن تسلم روحك لألذ أعدائك أن تنفذ مطالبه لأنك غير قادر على الاعتراض خوفا على أحبتك …. هذا ما أعجزني يا وائل أما لكنت عاندت وتابعت قضيتي على الملأ ورفضت تنفيذ أي شيء من ذلك الاتفاق لكن … أرواحكم أهم بكثير من قضية سأفشل حتى في تسليط الضوء عليها إن أنا تابعت المسير بهذه الطريقة علنااا
وائل(حرك فمه بغيظ):- كل هذاااا ينخر في دماغي ليل نهاااار ، أعلم أن تضحيتكِ روحية أكثر منها إنسانية لكن يا ميرنا يا ميرنا أنا أحترق في محرقة الضعف غير قادر على تحريك ساكن إن أنا طالبت بكِ علانية سأصيبكِ بالأذى ، وإن صرخت برفض سأفضح كل شيء أمام الجميع وإن سكتت ….. انتهيت
ميرنا(بلهفة وضعت إصبعها على فمه):- لا لا تقل هذا يا وائل أرجوووك …
وائل(غاص في بحر عينيها العسلية):- آه يا ميرنا قلبي يتمزق ولا أدري كيف الخلاص ..
ميرنا(برفق أنزلت يدها لكتفه وناظرته بنظرة ضبابية ملؤها الدموع):- سيأتي يوم وتشرق فيه شمس الأمل ..
وائل(ابتسم بمرارة وهو يلامس خدها بحنان):- إلى أن تشرق سأموت فيكِ عشقااا
ميرنا(لم تقدر على التحمل أكثر لذا ارتمت في حضنه):- اهئ …. واااائل
وائل(تأوه بعمق وهو يحضنها بحرارة تترجم كل مأساتهما معا):- حبيبتي ميرنااااا …
في ظل ذلك العناق الذي جاء شافيا لروحهما ولو مؤقتا ، فهو يعتبر كبلسم سوف يداوي جراحهما التي خلقتها الظروف .. الظروف التي فرقت بينهما وكسرت قلبيهما بعيدا عن بعضهما البعض ، كانت مغمضة العينين تتنعم بطمأنينته وفي آن الوقت شيء ما ينبؤها أن ما تفعله خاطئ شيء ما لم تدري ماهيته كان ينكز قلبها بوخزات متتالية جعلتها تتململ مبتعدة ، في حين كانت تسلب منه حياته التي عادت إليه بعد معاناة طويييييييلة ….
في تلك الأثناء كان هذا يخط أرضية الشركة بيده باقة ورد من النوع المفضل لعصفورته الصغيرة التي قرر أن يفاجئها بحضوره تلك اللحظة ، بعد أن سأل الموظفين أشاروا له بمكتبها وتوجه صوبه بقلب يرقص فرحا برؤية محبوبته التي اشتاق رؤيتها طوال ذلك اليوم ، وضع يده على مقبض الباب وأداره ليفتحه على شيء عزله من روحه برهة وأعاده في اللحظة الموالية .. اختفت بسمته وهو يطالع وائل ماثلا أمام نافذتها بينما كانت هي تلملم أغراضها من على المكتب وتمسح أنفها لحظة لحظة …. كانت تبكي
حكيم(بملامح مظلمة):- ميرنا ؟؟
يعني إن طلبت أن تنشق الأرض وتبلعها تلك اللحظة من رب العالمين ، كان ذلك ليرحمها من نظرة الشرارات الكهربائية التي انطلقت من عيون حكيم تجاه عيون وائل مباشرة ، والجميل أنهما اقتربا لبعضهما ووقفا متجابهين وسط المكتب وهي وسطهما من محلها تندب الحظ العثر الذي جعلها تبقى هناك ولا تغادر مع نووووور ..
ميرنا(بسرعة جمعت أغراضها وأمسكت بحقيبتها وهي ترتجف):- كنت بصدد المغادرة
وائل(أضاف وهو ينظر لحكيم دون تردد):= وكنت سأقوم بتوصيلك
حكيم(نظر لباقة الورد وابتسم):- توصيلها على أساس ماذا ؟ قريبها زوجها من تكون بالنسبة لها سيد وائل رشوان ؟
وائل(استفزه وهدر فيه):- الشخص الذي سيسلبها منك حين يأتي الوقت المناسب ، استعد للحظة الوداع لأنني لن أسمح لك برؤيتها ولو حلمااااا حتى
حكيم(ببرودة ابتسم له ونظر لميرنا التي وقفت بينهما):- إلى ذلك الوقت يا روحي سأستفيد من كل لحظة تعيشها بقربي ..زوجتي الغالية ، هه هذه لكِ حبيبتي
ميرنا(ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تقرأ ملامح وائل المكفهرة):- ش.. شكرا حكيم يعني لم تخبرني أنك ستأتي
حكيم(وهو ينظر لوائل باستفزاز أكثر):- أردت افتعال مفاجأة لأجلك وأخذكِ لتناول العشاء خارجا ، وجدتها فرصة مناسبة بما أننا لا نزال عرسان جدد يعني ..
وائل(رمق طاعتها له وهي تخفض رأسها بحذر):- ميرنا ؟؟
ميرنا(طالعته بأسف):- يجب أن أذهب وائل …
حكيم(أخذ الباقة من بين يديها وأعطاها له):- استنشق بعض الورد سيعفيك من الإغماء هه
وضع يده على خصرها وجذبها إليه وسحبها معه للخارج تحت ضحكاته الصاخبة التي كانت تعتصر قلب وائل بشكل لا يحتمل ، كانت قبضة يده تشتد قوة ولم يشعر بنفسه إلا وقد شتت كل ذلك الورد أرضا وحوله لشتات … زفر بعمق وهو يلهث ليسترد أنفاسه مما حدث أمام مرآه ولم يستطع منعه … أغمض عينيه مرارا وتكرارا محاولا إبعاد تلك الصورة عن باله وحين فتح الباب مرة أخرى اعتقدها قد عادت إليه لكنه فوجئ بنادر …
نادر:- مرحبا وِلول أوووبس ماذا تفعل هنا أتحضر مفاجأة لميرنا لعلمك رأيتها مغادرة مع ذلك الرجل في المرأب
وائل(بنظرة لئيمة):- هل تشعر بالجوع يا نادر ؟
نادر(مسح على بطنه برقة):- جدا جدا وأتيت لأسرقك بعضا من الوقت لأجل ذلك ، لكن لن تأخذني إلى عمك نزااااار بت أشك أنه يضع في صحني بهارا يقلق راحة بطني
وائل(بتمعن أشار له):- سنذهب للعشاء يا نادر … هيا بنا
نادر:- آه هيا بناااا لكن إلى أي مطعم هل في بالك شيء محدد ؟
وائل(تحرك صوب الباب وبابتسامة فارغة):- حيث تذهب ميرنااااا
نادر(حرك رأسه بمساندة):- أهاه تمام … هئئئئئئئ حيث تذهب ميرنا يا إلهي على ماذا ينوي هذا المجنووون .. هيييه ولول انتظرني يا صاح أنا قادم … الله يستر
الجنون متألف من عدة أنواع هنالك نوع لحظي وهذا قد يزور الشخص بشكل فجائي ، لكن أن يكون هنالك نوع يستدعيه صاحبه باقتناع وعلى طريقة تقليدية ما عادت تنفع هذا بحد ذاته يجب وضعه في خانة التحليل والتمحيص …. كان يقود سيارته على بعد مسافة قصيرة بينه وبين سيارة حكيم ، ودَّ لو يزيد من سرعته ويضرب مؤخرة سيارته لكن لن يقدم على ذلك فعسل غروبه موجودة في تلك السيارة ، موجودة مع رجل غريب وليست معه هو مع الأسف ، ضرب على مقوده حتى أفزع نادر الذي رفع حاجبه متوجسا مما سيحدث تلك الليلة البائسة التي تظهر بشائرها جلية أمام ناظريه كما توقع …. بعد برهة بسيطة كان يوقف حكيم سيارته في مطعم فاخر استقبله عاملوه بمحبة وقام بسحب يد ميرنا لمساعدتها بالنزول من السيارة في حركة ملوكية ، أمسكها بيده وقادها للداخل جنبا إلى جنب ونظراته تتطلع إليها فرحا بها … أما هذا فقد كانت رائحة الاحتراق تخرج من أذنيه لم يتحمل ولن يتحمل
نادر:- برأيي أنها فكرة سيئة يا وائل أرى أن نبتعد عن هذا المكان
وائل(بحالة فكرية غائبة عن الوعي):- هنا سوف نكون يا ناااادر إن أردت غادر أنت
نادر(أزال حزام سلامته بسرعة):- لالا وعلى إيه عشاء عشاء هيا يا كبد نادر هيا …
نزل رفقة صديقه فما يسعه سوى أن يسانده مهما كانتِ النتائج ، دلفا لذلك المطعم بعدما أخذ العاملون سيارتهم أيضا لموقف السيارات الخاص بهم ، وهذا ما لم يشغل عقل وائل بتاتا بل ظل يبحث بعينيه عنهما هااااه وجدهما جالسين في ركن قصي أمام بعضهما وينظران في كُتيب الطلبات ، على الأغلب سيقترح لها ما تتناوله دون استشارة هكذا خمَّن وهكذا لم يصدف
ميرنا:- لا يعجبني ذلك
حكيم:- طيب فواكه السمك مع بعض من الصلصة الهندية ؟
ميرنا(أغلقت الكتيب بعصبية):- أنا لا أتناول هذا الطعام العجيب يا حكيم ، أحضر لي شيئا تعودت عليه
حكيم(وضع يده على خده ورمى بالكتيب أمامها):- ماذا يا عمري رقائق البطاطس المقلية مع بعض المشويات اللحمية وصلصة طماطم يدوية وليست صناعية هممم ؟
ميرنا(مصت شفتيها بدون وعي):- نسيت الكولا أنا لا آكل بدونها هذا النوع من الطعام
حكيم:- على أساس أنكِ تملكين نوعا آخر ، آخ منكِ أنتِ طيب يا روحي سأطلب لكِ ما تحبين وإن لم نجد مطلبنا لديهم سأجبرهم على طهيه لأجلك فقط كوني مرتاحة
ميرنا(حركت حاجبيها بنفاذ صبر أمام لطافته الزاااائدة على اللزوم):- من أين واتتك فكرة هذا العشاء ؟
حكيم(مط شفتيه وهو يفرقع إصبعه للنادل):- اشتقتكِ …
ميرنا(مسحت على جبينها وهي تزفر):- هل رأيت شاهيناز اليوم ؟
حكيم:- رأيتها رأيت هي بخير والصور الإشعاعية لم تفد بشيء قال الطبيب أن ذاكرتها تعرضت لضغوطات نفسية على الأرجح ستعود تدريجيا
ميرنا:- لنأمل ألا تعود مرافقة لذات الجنون
حكيم(ابتسم للنادل وقدم له الكتيبات):- سنطلب شيئا غير موجود في قائمة طلبات الليلة يا أخ فهل هذا وارد ؟
النادل:- طبعا لكن تفضل معي للمطبخ شخصيا كي يقوموا بتسجيل ما تريده
حكيم:- جيد .. عائد لكِ عزيزتي
ميرنا(أشارت له وهي تحول عينيها):- تمااااام …
فور ذهابه واختفائه من المكان نهض هذا دون احتساب لأي شيء آخر ، حتى نداء نادر له لم يكن ليسمعه فقد كانت آذانه صماااااء إذ يكفيه ما عايشه لتلك الدقيقة ..
وائل(مر بها وضرب على سطح طاولتها):- دقيقتين وتوافيني للخارج .. الآن ميرناااا
ميرنا(انتفضت بفزع):- ما الذي تفعله هنا وائل هل جننت كي تتبعني من محل لمحل ، إن رآك حكيم ستحدث مشكلة ؟ ثم كيف لحقت بنا إلى هنااااا يا وائل بالله عليك ما الذي تفعله ؟
وائل(بغيظ نظر حوله وضرب مجددا على طاولته وهو يشير بإصبعه):- دقيقة ونصف وتكونين خارجا معي ميرناااااااا .. الوقت ينفذ
ميرنا(بتلعثم ارتبكت محلها ورمقته وهو يختفي من أمامها):- هل أصاب بالمس هذا أم ماااااذا يا ربي ماذا سأفعل تتتت ؟؟
حملت حقيبتها بخفة ونظرت خلفها لم يكن حكيم بالمكان لذا ركضت بخفة حتى خرجت للفناء الخلفي ووجدته في تلك الحلكة واقفا موليا ظهره وكأنه يحمل هموم الدنيا على عاتقيه ..
ميرنا(كتفت يديها وتقدمت إليه بغضب):- أخبرني ما الذي تحاول إثباته هنا واااائل ، أخبرني ماذا تحاول أن تفعل لأنني ما عدت أفهم منك أي شيء تصرفاتك هذه لا تلييييييق إنني مراقبة مراقبة وسيكتشف الفهد البري أنني لم أهجرك مثلما هو متوقع مني يعني ستحدث مشكلة يا وائل وستعرض نفسك للخطر…..
وائل(أمسكها بقبلة هادرة أخرستها لوهلة قبل أن يفلتها من يديه):- إذا غبتِ عني فكل شيء يكون ناقصا يا ميرنا ،، سامحيني لكنني غير قادر على التأقلم عن بعادك ، أنتِ تسرين بين عروقي بين شراييني في كل جزء من ضلوعي أنتِ موجودة بكينونتي بخلايا تفكيري ، حتى بين أنفاسي ونبضاتي هناك أنتِ يا ميرنااا بالله عليكِ كيف ترغبين بأن أبقى ساكنا مكتف اليدين في حين أنتِ …ميرناااا افهميني رجاء
ميرنا(مسحت على رأسها من هول ما يحدث لها قبلة صباحا قبلة مساء وكلا القبلتين مدمر لا لا يجب عليها أن تعلق ممنوع الاقتراب من الشفتين على جبينها أجل هذا ما يلزم ، فكرت في هذا وسخرت من نفسها لحظتها فلا زمانه ولا مكانه يسمح بمثل هذا المزاح الثقيل):- وائل أنت تضرب بكل تعبنا وتضحيتنا عرض الحائط ….
وائل(أحنى رأسه ببراءة طفولية):- أنتِ كل ما أملكه في هذه الحياة ، أنتِ الأمل الذي يحييني ويجعلني متمسكا بالجانب الجميل لهذا العالم الظالم ، افهميني يا ميرنا واشعري بي فأنا متأكد أنكِ تعانين مثلي في بعدي وأكثر
ميرنا(ابتلعت ريقها):- آه يا وائل ، ارحمني ارحمني أعصابي تالفة ولست بقادرة على التفكير بشكل سوي ، عليك أن تساعدني لا أن تفقد رزانتك في هذا التوقيت تحديدا إن أنت لم تصبر ولم تساندني على الابتعاد كيف تريدنا أن ننهي أمر هذه القضية لنعيد المياه لمجاريها ، لعلمك ما تفعله يعيدنا خطوات للوراء وهذا غير لائق ..
وائل(فكر منطقيا فكلامها صحيح):- ولكن أنا لم أفكر بكل هذاااا أنا أردت أن أكون بقربكِ فقط لا غير ..
ميرنا(تأوهت عميقا بتعب فهي تتحمل أكثر من طاقتها ومن كل حدب وصوب):- ماذا سيحدث الآن إن بحث عني حكيم ووجدني معك هنا ، هذا سيزيده تشبثا بي وسيحاول منعي من مزاولة عملي بشركتكم أتريد هذا حقا ؟
وائل(بتخوف وقلق):- لالا إلا هذا أموت لو لم أركِ يوميا ولو حتى في العمل المهم أن تلتقي عيناي بعينيكِ الحبيبة
ميرنا(مطت شفتيها حزنا على روحه الكسيرة أكثر من روحها):- يا الله …
وائل(لاحظ تذمرها):- حسن أعرف أنني خذلتكِ كثيرا ولكن لكن أنا أحترق يا حبيبتي وهذا أقصى ما علي فعله
ميرنا:- غادر المطعم يا وائل غااااادر وفقط
تركته مشدوها محله في الفراغ ، عقله وتفكيره متصلب بجمود في طيفها الذي اختفى من أمامه هو الآخر ، لم يبقى سوى عطرها الغالي يفوح بتقاسيم روحه ويعيده لأحلام اليقظة التي جمعته بها في عدة سيناريوهات لعله يطفئ لهيب شوقه ولو قليلا … استجمع رباطة جأشه حينها ودلف للمطعم بثقة وصلابة وجدها قد همست لحكيم مستأذنة بالذهاب للحمام واستغل الفرصة ليجلس مقابله بجرأة
حكيم(تنحنح وهو يتكأ بثقة على كرسيه):- يا إما أنك جريء زيادة ع اللزوم أو أنك مجنون مستغني عن روحك ؟
وائل(شبك يديه وناظره بعيون محمرة متعبة):- سأظهر لك أينما حللت لن تعرف في أي زمان ولا أي مكان قد تجدني أمامك ، فقط لأذكرك بالواقع كي لا تعيش بالأحلام كثيرا وترهق عقلك بالتفكير والتخطيط لحياة رغيدة رفقة محبوبتي … تلك المرأة تخصني أنا وتحبني أنا وستكون لي أناااا … لذا أنت أو فهدك البري أو أي رجل آخر على وجه هذه البسيطة لن يستطيع سلبها مني
حكيم(جمع قبضة يده وضرب على سطح الطاولة):- أجننت كي تتحدث عنها بهذا الشكل ، هل تهددني أأنت واع لنفسك يا هذااااا ؟
نادر(تقدم إليهما وقد لاحظ مراقبة البعض لهما):- وائل دعنا نغادر يا رجل مكاننا هنا غير مناسب
حكيم:- فكرة سديدة أن تأخذ صاحبك وتبعده عن مرآي لأنني لن أضمن لكما تصرفي بعد لحظة أخرى
وائل(زم شفتيه وأمسكه من ياقة قميصه):- أنت من تحسب نفسك حتى تكلمني بهذه الطريقة الوقحة هااااه ؟
حكيم(بقوة أزال يده وأبعده عنه):- الزم حدودك ولا تجعل يديك تلمس شعرة مني …
وائل(أشار له):- وماذا ستفعل إن كررتها هاااه أرني ما عندك يا رجل ،، واجهني لأرى
نادر(أغمض عينيه باستسلام):- وائل الكل ينظر تجاهنا بالله عليك دعنا نغادر الآن وفوراااا
ميرنا(داخل الحمام):- الآن سأخرج وأجد وائل قد غادر أنهي ذلك العشاء التعيس وأعود لغرفتي هذا هو …
إحدى السيدات:- يااااي لو ترين شكلهما إنهما مثل الممثلين الأتراك كل واحد منهما ذو بنية عضلية تبهر الناظرين
صديقتها:- يااا بخت المرأة التي يتخاصمان عليها ؟
الأخرى:- سمعت أن أحدهما زوجها والثاني يحبها لم أفهم شيئا
صديقتها:- يا ستي دعينا نغسل يدينا ونخرج لنكمل المسرحية هههه أموت في عراك الشباب
الأخرى:- وأي شباب يا ويلي على وسامتهما هههه
ميرنا(مسحت يديها وهي تبتلع ريقها وتنظر للمرآة):- لما أشعر وكأن هذين هماااا .. هئئئئئ يا إلهي ….
خرجت ركضا إليهم ووجدت جمعا غفيرا حولهما وقد كان كل منهما يمسك بياقة الثاني ونادر يحاول فض النزاع لكن دون جدوى ..
ميرنا:- يا إلهي يا إلهي ما الذي تفعلانه أنت وهو هل جننتما ؟
حكيم(دفعه وهدر فيها):- أكنتِ تعلمين أنه قادم إلى هنا ؟
ميرنا(عقدت حاجبيها وهي ترتجف بفزع عليهما):- لم أكن أدري و
وائل(مسح فمه بعصبية):- أستبررين له يا ميرنا ، من يكون أصلا حتى تشرحي له مدى عشقكِ لي وإيمانكِ بأمل علاقتناااا المحتمة
ميرنا:- وااااااائل ..
حكيم:- تلك زوجتي زوجتي أنااااااااا فأي هذيان هذا الذي تتفوه به ؟
وائل:- هاهاها زوجتك وهل صدقت كذبتك التي كذبتها أنت وزعيم الشر الذي يخطط لك مثل الطفل ما تفعله وما لا تفعله
حكيم:- الزم أدبك وإلا قسما بالله سأجعلك تنام بقبرك الليلة
وائل(باستفزاز):- جبااااان …
حكيم(أغمض عينيه بغضب وانقض عليه):- أنت الذي حكمت على نفسك وائل رشوان
وائل(انقض عليه هو الآخر):- لن أكون لقمة سهلة لك يا حكيم الراجي ، هي لي فاقتنع ولا تعش في الأوهاااااااااااااام
ميرنا(صرخت فيه):- افعل شيئا يا نادر أرجووووك
نادر(يحاول الفكاك بينهما):- ألا ترين أنني مشغول يا ميرنااا ، كيف تحولا لوحشين مفترسين لا أقدر على تحريك شعرة منهما حتى
ميرنا(لم تجد بدا من فعل شيء فقد انفضحت أمام الشعب وانتهى الأمر):- يا الله … يكفي يكفي يكفيييييييييييييييييييييي ييييييييي ….. أنا راحلة ولا أريد لا أريد أي واحد فيكما أن يلحق بي..
حكيم(رمقه بقسوة وهمَّ لملاحقتها):- ميرنااااا توقفييييي
وائل(أراد لحاقها أيضا):- إلى أين ؟؟؟
ميرنا(حملت حقيبتها وأشارت إليهما بدموع):- أكرهكما معاااا والليلة فعلتما ما يكفي / نادر رجاء خذني للبيت
نادر(رمقهما شزرا وأشار لها):- أحسن شيء تفضلي ميرنااااا
كان الحل الأمثل لفض النزاع هو رحيلها وبالفعل رمق كل منهما الآخر بغضب وتوجه كل في طريق ، وائل حاول الاتصال بها طوال رحلة عودتها للبيت في سيارة الأجرة التي استقلها نادر وجلس بجانبها ليدعمها قليلا إن استطاع طبعا
نادر:- صعب أن تتحكمي في عشق الرجل لامرأته ، إنه شيء خيالي مزيج بين الجنون والغريزة الإنسانية المتمثلة في الأنانية ، كل واحد منهما يحارب لأجلك
ميرنا:- ولكنني تعبت تعبت من هذا الصراع ، حتى ليس وقته لم يمضي سوى يومين على زواجي وانظر ماذا حدث بينهما ، في نظرك هل سنتمم مع هذين قضيتنا التي نحارب لأجلها كلنا نادر ؟؟؟
نادر:- حين علمت بكل هذه الديباجة شعرت بالغرابة ، كيف لهذا أن ينتهي وبالشكل الذي نتطلع إليه أكيد سيكون هنالك خلل في الموازين
ميرنا(مسحت دموعها وناظرته بعمق):- هل تعني أننا نغوص في الوحل ليس إلا ؟
نادر:- أقول أنكم في طريق مجهول عليكم بالحرص الشديد في كل خطوة ، ما حدث الليلة إن وصل لأعدائكم سيقع الكل في مشكلة بدئا منكِ لوائل لابن عمكِ أيضا
ميرنا(بقلق عليهما):- وهذا ما يرعبني .. تت وائل لم ينفك يتصل
نادر:- أكيد قلبه ملتاع لأجلك ردي عليه ميرنا وأوقفي جنونه بحكمتك
ميرنا(سحبت نفسا عميقا وأجابت):- نعم ؟؟
وائل:- الحمدلله أنكِ أجبتِ ميرنا ميرنا أريد أن أعتذر منكِ عما حدث أنا آسف ، أنتِ الآن غاضبة مني ولكِ كل الحق لقد تماديت في ردة فعلي لكن لكن لم أتحكم في نفسي اعذريني
ميرنا:- أين أنت الآن ؟
وائل:- في طريقي لبيتكم
ميرنا(صرخت فيه):- أتريد أن تكمل جولة المصارعة في صالون بيتنا أم ماذااااا ؟ يا وائل بالله عليك عد لرشدك ويكفيك غيرة لن تزيد شيئا بل ستهدم أشيااااااء
وائل(بقلة حيلة):- ولكن…
ميرنا(تنفست بعمق واسترسلت):- عد لبيتك يا وائل والآن ، لن تراني ولا أريد أن أراك حتى لو أتيت لن تجني شيئا لأنني اكتفيت منك ومنه لهذه الليلة ، لقد أرهقتماني بما فيه الكفاية وعليه سأقفل خطي ولا تحاول الوصول إلي ، دعني وشأني الليلة على الأقل وغدا نتحدث
وائل(بعصبية نافذة):- تبااا تبا تباااااااا اللعنة …
رمى بهاتفه على الكرسي جانبه وهو يسمع لنغمة قطع الاتصال ، الغضب يتآكله من الداخل لكن ليس بمقدوره تحريك ساكن لذا غير الاتجاه وانطلق صوب شقته ، هنا كان هذا يخط الطرقات كي يصل معها أو قبلها لبيتهم لا يهم المهم أن تصل بأمااااان … بعد مدة معينة وصل إلى البيت وكم سُعد حين وجد أن الكل في غرفهم نائمين أم مستريحين المهم أن المكان خال لكي يصعد درجات السلم بخفة ويطرق باب غرفتها
حكيم:- ميرنا ميرنا أعلم أنكِ هناااا ميرنا افتحي
ميرنا(تدور في محلها جيئة وذهابا وهي تعض طرف إصبعها):- ماذا تريد يا حكيم أن تنهي تمثيليتك هنا بغرفتي ؟؟
حكيم(بغضب حول عينيه):- افتحي الباب يااااااا ميرنااا
ميرنا(فتحتها ودلف بسرعة إليها):- ماذا تريد يا حكيم ماذا تريد مني أنا متعبة بما يكفي لذا رجاء مني دعني وشأني ..
حكيم:- ما حدث كان بسبب ذلك التافه لا شأن لي ولا …
ميرنا(رفعت له يدها باعتراض وهي مغمضة عينيها):- أشعر بصداع رهيب رجاء يا حكيم إن كنت تعزني دعني وحدي ، لآ أريد أن أراك لا هنا ولا بغرفتك ولا بهذا البيت كله هذه الليلة اذهب لقصرك واتركنييييييييي
حكيم(انتفض قلبه من جملتها):- أتطردينني من هنا يا ميرنا ؟
ميرنا(بجنون توسلت إليه):- لقد أتعبتما نفسيتي بما فعلتماه هل هذه تصرفات رجلين عاقلين مثلكما ، لقد أثبتما بأنني مجرد أداة تتصارعان لأجلها وكأنه ليس لي حق في الاختيار ، أنت تحتكرني منذ الصغر ميرنا العصفورة لحكيم الراجي وهذا ما لن تغيره الأقدار والثاني … تتت
حكيم:- تابعي تابعي
ميرنا:- لا جدوى من الحديث الآن صدقا تألمت بما فيه الكفاية
حكيم:- إن كان في مغادرتي خير لكِ الليلة سأذهب لكنني عائد عااااائد ولن أذهب لمحل ، دعي في حسبانكِ أنكِ مرتبطة بي أنااااااا فكوني يقظة سلام …
ميرنا(صفقت الباب خلفه وانفجرت ببكاء):- يا ربي ماذا فعلت بحياتي كي أعيش هذه المعاناة المزدوجة مع كل واحد منهما … اهئئئ
استمع قليلا لبكائها وهذا ما أحزنه في الصميم ، كيف تورط مع وائل رشوان وسمح له باستفزازه كيف أعطاه الفرصة ليضعه في هذا الموضع ، زفر بتعب وسحب خطواته خارج بيتهم متجها لقصره فتلك الليلة الأمور لا تحمد .. أما وائل فكان قد وصل لبيته وما إن دلف إليه دون حديث مع نزار الذي لم يعد يفقه فيه شيئا ،،انطلق صوب حمامه مباشرة لينسى كل ما عايشه تلك الليلة المأساوية وفراشة قبلته لميرنا وحدها التي كانت تتراقص حول رفات قلبه المحتضر … أما ميرنا فقد جرت رجليها جرا لكي ترمي بنفسها على سريرها وتنسى كل ما حدث في تلك الليلة البائسة فقد تعب عقلها من كثرة الأحداث ذلك اليوم مذ أن استيقظت إلى تلك اللحظة ، كثير عليها أن تتحمل كل هذه المآسي لذا كان الارتماء في حضن سريرها هو الحل الأمثل لانتزاع النوم انتزاعا من أعماقهاااا كي تنسى وتستريح لكن طرق الباب جعلها تنتفض بصراخ ولكن لم تكن سوى عواطف التي ما إن فتحت لها ميرنا الباب حتى هالها حالها الباكي ولم تترك لها مجالا للتعجب بل ارتمت في حضنها فوق السرير وسمحت لدموعها أن تنزل دون حرج من أمها فأي حرج سيزورها الآن بعد الذي عايشته قبل ساعات ، عواطف لم تفقه شيئا في ابنتها المنهارة لكنها لم تتركها بل ظلت تحضنها وتمسح على شعرها لتطمئنها أن كل شيء سيكون على ما يرام حتما ..… كل هذا بسبب العشق المجنون فأي أحداث غريبة تنتظرنا بعد ^^

في مكان آخر وفي ذلك التوقيت بالضبط في فيلا الحمداني حيث كانت المأدبة قائمة على قدم وساق ، العائلة كلها جالسة مع بعضها وحاتم يترأسها بينما كانت وجدان على جانبه تحاول أن تتودد له بشكل مقيت كي لا يضعها في خانة الإحراج أمامهم ، لكن من يكترث فهي كانت مصرة على وضع نفسها في تلك المكانة … على جنبها نورهان في أبهى أبهى حللها كلفت نفسها وجدا لكي تحصر جسمها في فستان أضيق منه لم يوجد وكان لونه رمادي بحيث يبرز كل شبر فيها بشكل يزعزع الخواطر ، لكنها تهذي فيستحيل أن ينظر إليها رأفت .. يستحيل كررت الجملة في داخلها مرتين وهي ترمقها شزرااا كم تكرهها وزادت كرها لها لكن شيء ما يجعلها تشعر بالغيرة منها فأين هي من نورهان وقوامها الفاتن واهتمامها بأنوثتها وحالتها الجمالية ، آخر مرة وضعت فيها مرام مرطبا لوجهها كانت منذ زمن لا تتذكره ، في حين أنها تظهر قرب نورهان مثل مربيتها فستيل رنيم لم يتغير حتى بعد الزواج بل ظلت على نفس النمط لكن ألم يعشقها رأفت على ذات النحو إذن لتطمئن … ناظرته بهدوء والتفت إليها وأمسك بيدها من تحت الطاولة فحبيبته قربه وهذا يكفيه لكي يكون كل شيء جميل … على جنب كانت هدى تطقطق في هاتفها رسائل اعتذار لتامر الذي لم يرد عليها أبدا وهذا ما جعل مودها عصبي لا يُفهم في حين كان مازن هو الآخر يبعث برسائل نصية لفردوس لكن البسمة لم تكن تفارقه إذ أنه استشعر تلك الكيمياء الجميلة التي تجمعه بها ، إذن سيتمم ذلك الطريق لعله يظفر بها ..
حاتم:- ولكن مع ذلك نعتذر لعدم حضورنا لزفاف أختكِ وابن عمكِ يا رنيم كان لكل منا ظروف
رنيم:- لا بأس يا عم حااااتم وكأنكم أتيتم بالفعل
وجدان(لوت شفتيها بملل):- هذا ما كان ينقص
حاتم(تجاوز حركتها وتنحنح ببسمة):- لقد جمعتكم الليلة في هذه المأدبة لكي نعيد أواصر هذه الأسرة التي لاحظت في الآونة الأخيرة أنها بعدت عن بعضها بعضاااا بشكل مثير للانتباه
وجدان(رمقت رنيم بكره):- طبعااا ألم يغادر ابننا هذا البيت ؟
حاتم(حول عينيه بنفاذ صبر):- أتحدث عن التباعد الروحي فحتى لو بقي هنا كنا لنبقى بعيدين يا وجدان ، دعيني أتمم كلامي ولا تقاطعيني بأجوبتكِ المفخخة
وجدان(ناظرت تجريحه لها وبكره خرست):- هممم
حاتم:- ما أود قوله أن الأخوة لا يجب أن تضرر ، رأفت عليك أن تحتوي إخوتك وهم بدورهم يقومون بما يلزم كي تبقى العلاقة بينكم ثابتة ، ومتأكد أن رنيم ستقدم أقصى ما بوسعها ليتحقق مبتغاي هذااا
رنيم:- طبعا عمي بيتنا مفتوح للكل
وجدان:- لا والله أتريدين سرقة أولادي الآخرين مني أيضا ؟
رأفت(بعصبية):- أمي
رنيم:- العفو ما فكرت هكذاااا ..
نورهان:- ههه وكيف فكرتِ يا روحي ؟
رنيم(طالعتها بكره):-ل.
رأفت:- بابا ما طلبته سينفذ وانتهى النقاش ..
حاتم:-تت صحة وعوافي أتمموا طعامكم
نجية(أحضرت هاتف رنيم):- ست رنيم هاتفكِ كان يرن بالصالون دون توقف تفضلي
رنيم(باستغراب أمسكته):- مشكورة خالة نجية
نورهان(غمزت وجدان بحماس):- حمممم
رنيم:- ألو نعم من معي ؟
رجب:- رنيمي الحلوة كيف حالكِ يا روحي ؟
رنيم(طالعت الرقم وأعادته لأذنها):- أحسب أنك مخطئ في الرقم يا سيد ، عفوا منك سأفصل الخط
رجب:- ولو يا أم أيهم هل نسيتِ صوتي ؟
رنيم(تدفق الدم ليحتقن وجنتيها بحنق وكل النظرات مصوبة إليها):- عفوا منك ما هذا الذي تقوله يا سيد أنت مخطئ ..
رجب:- امممم هكذا ستغضبينني منكِ رنيمي ؟؟
رأفت(تشنج محله ونظر لحالتها المرتبكة):- من يهاتفكِ يا رنيم ؟
وجدان:- يظهر أنه هاتف مهم وإلا لما كانت ارتعشت لتلك الدرجة
نورهان:- حتى خدودها قد توردت هههه
حاتم:- يكفي …
رأفت(لم يستطع التحمل من فرط الغرابة وأمسك الهاتف عنها):- …هاتِ
رجب(تابع بصوت خفيف):- والله أعلم أنكِ ببيت أهل زوجكِ الذي تتحملينه بصعوبة لكن والله الشوق ذبحني ليك يا رنيمي الغالية ، آآآآآه لم يطفئ لهيبه سوى صورتكِ التي بعثتها لي أتعلمين الأخضر الغامق يليق بكِ يا حلوتي لكنني أعشقه عليكِ بدون حجاب وههه تعلمين مقصدي آآآآه يا كبدي كيف سأنتظر لحين موعدنا القادم .. لا أريد أعذار سآتي لبيتكِ غدا تدبري أمركِ ونيمي أولادك أريد أن أستغل غياب رأفت وذهابه للشركة كي أمضي معكِ ساعة مرحة أذيقكِ فيها من عذب كلامي ولمساتي التي تعشقينها حبيبتي هههه ، رنيمي أنتِ معي ألووو ألوو …
اسودت الدنيا في عينيه فما الذي يسمعه يا إلهي ، يكاد لا يصدق يكاد ينفجر من محله نظرة واحدة رمقها بها جعلتها تحسب دقائقها الأخيرة ، قلب تلك الطاولة رأسا على عقب فبات كل شيء صريع الأرض وتحت ذهول أسرته الذين دهشوا من تصرفه ذاك أو بالأحرى الكل باستثناء الحرباء والعقرب ..كانتا تراقبان عن كثب النهاية التي خططنها لأجل رأفت ورنيم
رنيم(ببكاء):- ماذا تقصد هل هل أنت مجنون لتصدق أنني أخوووونك ؟
حاتم:- بالله عليكِ يا بني أكيد في الأمر لبس
رأفت(كسر الكرسي):- لقد سمعتتتتتتتتتتتتتت حديثه يا أبي هذه المرأة لا أريد أن أراها مجددا وأولادكِ سأطالب بحضانتهم وسأرمي بكِ خارج حياتي لتشبعي بعشيقكِ السري وتموتي في أحضانه التي تعشقينها …..أنا أنا يا رنيم تفعلين بي هذاااااااا أنا تخدعينني
رنيم(مصدومة فيه حتى صوتها قد سحب منها لحظتها من هول الصدمة):- يا رأفت أقسم لك أن هنالك خطأ أنا يستحيل أن أخ…
رأفت(هدر فيها وقد أمسكها من يدها):- اصمتي واخرسي لا أريد أن أسمع منكِ شيئا يكفي يكفي ما سمعته ، هذا يعرف حتى مداخل ومخارج بيتي يعرف لون فراااااشنا لقد سمعته وهو يهمس لكِ بذلك
رنيم(مشتبثة به):- رأفت اهئ رأفت اسمعني
مازن:- بالله عليك يا أخي لا تظلمها مؤكد أن هنالك ما يدور في الخفاااااء
وجدان(رمقت نظرته لها وتوجست):- تتت
هدى:- يا الله ها قد قلبت السهرة لدراما بففف
حاتم:- هدى إلى غرفتكِ حالا …
هدى(حولت عينيها وانصرفت):- أووووكي
وجدان:- هذا ما كنتِ تنامين عليه يا أفعى والله ما عرفتكِ سامة لتلسعي ابني وتبثي فيه سمكِ
نورهان:- يا الله يا خالتي على شعارات العفة والشرف أرأيتِ النتيجة
رنيم(أغمضت عينيها بدموع حين سمعتهما بوضوح ولكن الوهن الذي كان بقلبها كان أكبر بكثير مما تقولانه ، النظرة المرتسمة على وجه رأفت هي التي كسرت روحها):- ألا تصدقني يا رأفت أقسم لك أن هذا لم يحدث أنا عفيفة وابنة أصل لم أخنك يوما ولن أفكر في ذلك مطلقا رجاء لا تستمع لهذا الهرااااء ، لأنه ل..
رأفت(أوقفها وهو يوليها ظهره):- لا أريد أن أراكِ بعد الآن
رنيم(ببكاء تمسكت به):- رأفت اسمعني
رأفت(دفعها بكره):- أنا أشمئز منكِ يا رنيم أشمئز بشكل يثير الغثيااااااان
رنيم(آذاها كثيرا ومع ذلك لم تستسلم):- عمي حاتم مازن رجاااء قولا شيئا والله لم أفعل شيئا والله العظيم لم أفعل شيئا ، هذا كله كذب وافتراء
حاتم:- أنا أثق بكِ يا ابنتي يستحيل أن يكون هذا الطبع منكِ أنتِ …
مازن:- رأفت لا تستعجل الحكم قبل أن تتيقن أنت ترتكب خطأ جسيما هناااااا ؟؟؟
رأفت(صرخ فيهم):- يكفي يكفي اخرسووووووووا جميعاااااا هذا الأمر منوط بي وبها
وجدان:- اييه جيد أن الله كشفها لك لكي تعرف على من كانت أمك تصيح ليل نهااااار
رأفت:- اتضح أن معكِ حق يا أمي سأصحح كل هذا والآن ….
رنيم(هزت رأسها بعدم فهم):- ر…رأفت ..
رأفت(التفت إليها بنظرة قاتلة):- رنييييييييييييييييم ….. أنتِ طالق
هنا قرعت أجراس تشييع جنازة روحها الفقيدة ، رن على مسمعها صوته المتكرر بتلك الكلمة كيف طاوعه قلبه على قولها حتى قبل أن يتأكد ، كانت مصدومة مشدوهة في ما حدث ، تنظر حولها بعدم فهم حتى وجودها بسيارة مازن وتشبث أيهم بذراعها ووجود سجى بالكرسي الخاص بجانبها لم تستشعره …فقط جملة واحدة كانت ترجها رجا من الداخل أنتِ طالق … رأفت أيعقل ؟؟؟
مازن:- مؤكد أن هناك لبس في الموضوع أو تلاعب رنيم رنيم أرجوكِ اصبري سأجلب لكِ حقكِ من لب عيونهم ، سأجعل أخي يندم على ما فعله بك لقد ظلمكِ بشدة لن أسمح له مطلقااا أنتِ فقط اصبري وكوني بخير ..
لم تكن تسمعه أو لم تكن تستسيغ أي حرف مما يقوله ، كانت مصدومة تنظر حولها بدون فهم لكن بفجوة عميقة في روحها هذا هو الشيء الوحيد الذي كان يمنع أنفاسها أن تبقى على انتظام ، وصل بها إلى شقتها التي ما إن ولجتها حتى استغربت كيف غادرتها بحب وضحك ومرح مع زوجها وأولادها وكيف عادت وهي منكسرة منهزمة مظلومة ومطلقة من فوق ..لم تستطع تمالك نفسها فهذا شيء لا يتقبله عقل ظلت تدور في الغرف بدون قدرة على التحكم بنفسها وهذا ما جعله يلبي رغبتها في الذهاب لبيت أسرتها ، أمسك بحقيبتي سجى وأيهم وجمع فيهما أغراضهما وثيابهما الخاصة وهز رأسه لها استعدادا بالرحيل .. الرحيل من بيت عشقها الذي اندثر ليصبح مجرد ذكرى تلفح الوجد بجمرات من النار ….حمل الحقيبتين بيد وباليد الأخرى كرسي سجى أما هي فقد كانت تحمل أيهم بروح هاربة من الواقع روح تأبى أن تستوعب ما حدث معها … فلما وصل بها إلى بيتهم اعتقد بأنها ستتعقل قليلا لكن لا بقيت على حالها فاغرة فاهها في الفراغ …
مازن:- يا رنيم ركزي معي نحن أمام بيت أهلك بالله عليكِ كوني أقوى من هذا ، القادم صعب صعب وجداااا
رنيم(رمشت بعينيها واستعدت للنزول):- أحضر الأولاد يا مازن
مازن(خرج مسرعا وطرق الباب مرااااات عديدة لحين خرجت إليه نور مرتعبة):- مازن هئئ أختي رنيم ماذا حدث ؟
رنيم(نظرت إليها بعيون تائهة وابتسمت وهي تدلف للبيت):- ههه
مازن(أعطى سجى لنور التي أمسكتها جيدا مستعملة يد الكرسي الخاص بها في حين حمل هو أيهم والحقائب):- أدخلي يا نور وسأروي لكِ ما حدث ….
انقلب البيت من فوره ما بين صراخ وبكاء فرنيم استيقظت من حالة الدهشة وأخذت تبكي وتصرخ دون توقف ، طلقها رأفت ظلما ظلما ظلمااااا ظلت تردد هذه الكلمات لحين فقدت وعيها واضطر أهلها لوضعها في غرفة لتنااااام …
عفاف:- نام الأولاد أيضااا
مازن(فرك يديه بألم وهو يطأطأ رأسه أرضا):- تت
ميرنا:- احكي لنا ما الذي حدث يا مازن قلوبنا سقطت من الرعب ، عن أي طلاق تحدثت رنيم؟
عواطف(قلبها يكاد يسكت):- أخبرني حبا بالله يا بني هل هذا صحيح ؟
إخلاص:- تكلم حبا بالله
مازن:- مع الأسف ما حدث صحيح .. رأفت قام بتطليق رنيم علنا
سماح:- يا الله ما هذاااا يا ويلي
مديحة(ببكاء):- يا قلبي عليكِ يا حبيبتي رنيم
نبيلة(بغضب):- كيف حدث ذلك ما السبب ؟؟؟
مازن(مسح على فكه):- في الحقيقة
نور:- تكلم يا ماااااازن أخبرنا بكل شيء كل شيء …
روى لهم كل ما حدث تلك الليلة وهذا ما جعله يشعرون بالحرقة على رنيم ، فلا واحدة فيهم شكت ولا لحظة في صدق تلك الألعوبة فخسارة ألا يثق بها زوجها الذي تحبه ويصدق مثل تلك الأكذوبة ، من جهة معه حق كأي رجل عصبي غيور على زوجته حين يسمع مثل ذلك الكلام سيقتلها لا أن يكتفي بتطليقها لكن ليتأكد أولا فكما يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم(يا أيها الذين آمَنوا إن جَاءكُم فاسقٌ بنبَإ فتبَيَّنُوا أن تُصيبُوا قومًا بجهَالةٍ فتُصبِحُوا على مَا فعَلتُم نادِمين )… مع الأسف هذا ما كتب عليهما فهو بدوره خرج من فوره من قصرهم وترك الأعاصير خلفه فقد هدر حاتم في وجدان ونورهان بعد أن لمس فرحتهما بما حدث ، لكن من يهتم فقد تعانقتا مباشرة بعد صعوده لغرفته وتحمستا للقادم فأكيد أكيد بااتت الساحة متاحة لهما الآن ..أما رأفت فمن فوره انطلق ليضيع وسط الطرقات لقد فقد تلك الليلة قطعا من روحه لن يجبر كسرهااااا ولا شيء …. غادر مازن بيت الراجية الذي انقلب لمأساة وحزن على رنيم المسكينة التي نامت بمهدأ وضعته لها عفاف بالماء الذي شربته على مضض حين استفاقت وهي تصرخ وتبحث عن أولادها وعن رأفت أجل عن حبيبها زوجها الذي تخلى عنها بسهولة وبسبب شك ظلمها ظلما شديدااااا …
نور(تضع يدها على جنبها):- غداااا لتشرق الشمس وسأذهب لذلك القصر وأخرب أسفله على أعلاه فليست ابنة الراجية التي تطرد في نص الليل وتُطلق بذنب لم ترتكبه ، هذه فضيحة فضيحة لا يمكننا السكوت عنها فقط لتشرق الشمس آآآآآآآآآآآآآآآآآآآخ
مديحة:- عفاف سكتي هذه الأسطوانة لقد أفقدتنا صوابنا أكثر مما نعاني منه
ميرنا(مسحت على جبينها بحزن):- ما كنت أحسب أن تفكيره رجعي لتلك الدرجة ، أين الثقة هناااا ياااا … تبااا كلهم شبه بعض
نور:- أخبرتكم أخبرتكم مرارا وتكرارا أن الرجال خسيسسسسسسسسسسوا التفكير لم تصدقوني …(تذكرت حين دعاها فؤاد قبل ساعات واتضح أنه يضمر فكرة وهمية لكي يختلي بها فقط وهذا ما جعلها تهرب منه بعد أن سمَّعته كلاما طويلا عريضا عن العهود والوعود والأمانة بين الموظفة ومديرها وشعارات لا داعي لها ، لكن المسكين فؤاد كان محتما عليه أن يسمعها ويتقبلها بصدر رحب ليكسب بقاءها في عملها وإلا سيسخر كل شيء..)والله إنهم خسيسون صدقووووووني …
عواطف(تضع وشاحا على جبينها من الصداع):-آه يا ابنتي الصغيرة ناركِ تكوي قلبي يا رنيم ناركِ تكوي قلبي اهئ اهئ …
كانت تبكي بدون توقف والكل يحاول تهدئتها بغض النظر عن أرواحهم المحترقة بعد هذا الحدث الكئيب ، مرت ساعات وساعات وبجهد جهيد انصرفوا لغرفهم كي يرتاحوا قليلا فغدا يوم صعب ورنيم أكيد لن تكون بخير ، نامت بقربها عواطف خوفا عليها في حين نام كل من الأولاد مع عفاف التي كانت تمسح على رأسيهما وتبكي بدورها مآل رنيم المسكينة .. ميرنا ظلت سهرانة رفقة نور بغرفتها والتي لم تستطع النوم إطلاقا فهول ما حدث يجعلها تصاب بالجنون ويجعلها تتذكر كل المآسي التي مرت على رأسهااا ، بصعوبة استطاعت ميرنا أن تهدأ من روعها وتجبرها على الارتياح قليلا فغدا لناظره قريب … بدورها جرت رجليها بتعب وتوجهت صوب غرفتها لعلها تغفو قليلا هي الأخرى وكأنه ما كان يكفيها مآسيها زادت مأساة أختها لتضعها في خانة الصدمة لفترة …. مع الأسف حين يتجلى الظلم ليرسم خطة جهنمية بحبر الشيطنة أكيد سوف ينتصر العدو في جولته المدروسة ، وبالفعل انتصرت وجدان ونورهان على رنيم بضربة واحدة وجعلتا رأفت يطلقها بأسهل ما يمكن ، في البدء اعتقد أبوه أنه ما إن يلوح صباح اليوم التالي سيركض ليصحح خطأه لكن أن يتصل بمحاميهم ليسرع إجراءات الطلاق هذا ما استصعب عليه فهمه وخاصمه لأجلها بشكل كبير لكن من يسمع قد كان رأفت جادا فيما يفعل … لم يترك مجالا ليتدخل أي أحد فيهم بل سحب نفسه وتوجه لشقته بعد أن علم من مازن أنها ليست هناك بل في بيت أهلها ، ارتاح ضميره قليلا فهي معهم ستكون بخير وهذا ما آلمه أنه يفكر بطفلته الكبيرة قبل نفسه …
رأفت(يطالع شقته الفارغة بعيون كسيرة):- لما فعلتِ بنا هذا يا رنيم لمااااا ؟؟؟
لم ينم لليلة كاملة ظل يدور بالغرف لحين هلكه التعب وتلك اللحظة شعر بالإرهاق الشديد ، توجه صوب غرفته ونظر للسرير للجنبات وشعر بالتقزز والكره والغضب ،، أزال الأفرشة والأغطية وقلب الدنيا على عقب وضرب الباب برجله حتى كسره وتوجه لغرفة أولاده على أريكتهم ارتمى والدموع تتلألأ في عينيه ، ضاعت أسرتهم الجميلة وانتهى الأمر ….

طبعاااا جملتنا الشهيرة هي المصائب لا تأتي فرادى .. وصل عامل البريد بعد برهة لبيت الراجي وطلب رؤية مديحة الراجي شخصيا ليسلمها البريد طبعا مديحة توجهت إليه باستغراب واستلمت منه ذلك الطرد ، شكرته ورحل وبعدها فتحته تحت نظرات عواطف المبهمة وعفاف التي كانت بجانبهما تهدهد سجى ..
عفاف:- افتحيها يا خالة مديحة يتضح أنها بريد يمكن من الأولاد غازي أو جلنار
مديحة:- آه والله دعيني أرتدي نظاراتي لحظة ، هاه سأفتحه الآن
باشرت بفتحه وياااااليتها ما فعلت ذلك ، وجدت به فضيحة أخرى بل مصيبة ستحطم ما تبقى في ذلك البيت انهارت مديحة من فورها بعد أن اكتشفت أن ابنتها مخطوفة والأدهى أنها كانت حاملا قبل الزواج ، عواطف سقطت على الكنبة وسماح تشممها العطر لعلها تستفيق في حين كانت عفاف تقرأ بصوت مسموع على مسامع إخلاص نبيلة وميرنا التي ضربت كفا بكف من هول ما سمعته كيف تفعل دعاااااء ذلك كيف كيف …
نور:- هل ستتركون خطفها وتركزون في نقطة الحمل قبل الزواج بالله عليكم … ارتقوا بفكركم قليلاااااا ولننسى ولنهتم بالأهم
مديحة(استفاقت قبل لحظات وظلت تبكي):- ابنتي ابنتي فضحتني فضحتني اهئ اهئ ابنة الكلب فضحتني سأقتلها ما إن أراها الله لا يردها الله لا يردهااااااااااااااااا
سماح:- أختي مديحة ما هذا الذي تقولينه ؟؟
عواطف(بغبن وفشل):- من أين أتتنا هذه المصااااااائب من أين ؟ واحدة نكتشف أن لها ابنا ذو سنة وبدون زواج حتى ، وهذه لحقتها بنفس المركب حمل قبل الزواج الحمدلله أنه تزوجها وإلا كنا فضيحة الحي … هئئئئئئ يا شماتتك يا أم تحسين فينااااااااا ….
مديحة:- آه يا ربي آه نار نااااااااار تحرق في جوفي أريد أن أراااااها لأقتلها فقد جلبت لنا العااااار آآآآه يا عواطف يا أختي آه ، هذه المصائب أكثر مما عايشناه سالفا هذه مسألة شرررررررررررررررف ، يعني يعني ادعاءات أم تحسين حول بيتنا صحيحة يعني لم تكذب بناتنااااااااا طعنوا شرف آل الراجي الذي كان يضرب به المثل ؟؟؟؟ عوااااااااااااااااااااااا ااطف
عواطف(عانقتها ببكاء لما صرخت بالأخير):- يكفي أختي الله يخليك يكفي حرقة يكفي اهئ
إخلاص(تنتحب هي الأخرى):- كلو كوووووم وشماتة عمر فينا كوم تاني ، سيصبحني على هذا الكلام وينزلني به
شيماء(بكره):- وكأنه يهتم أساسا بكِ هذه الفترة ليتذكر التقليل من شأنك
نور:- ما قصدكِ شيمااااء ؟
إخلاص(بحدة ناظرت شيماء):- اخرسي يا بنت اخرسي ودعيني في مصاااااابي
نبيلة؛:- أستغفر الله العظيم
نهال:- مااااما ماذا سيحل بعمتي دعااااء ؟
شيماء:- هل هي مختطفة حقا ؟
مرام:- ثم أين هي الآن ؟؟
عواطف:- نهال شيماااء إلى ثانويتكما فوراااا وأنتِ مرام ساعدي عفاف في إسكات الولدين
إخلاص(بانهيار):- اهئ اهئ يا فضيحتنا يا شماتة عمر فينا أكيد سيجعلني علكة في فمه بعد هذه الفضيحة حرام عليك يا دعاء حرام عليكِ ستخربين علي بيتي اهئ اهئ ….
نبيلة:- يكفي يكفي .. البنت لا ندري أين ممكن أن تكون وأنتن هنا تندبن ، نور كلمي ابن عمكِ فورا أخوها يجب أن يعرف
مديحة(بهلع):- سيقتلها سيقتلها ويشرب من دمهاااا بعد هذااااا العار ، يا فضيحتك يا مديحة يا فضيحتك
ميرنا(أمسكت بالهاتف):- على حكيم أن يأتي الموضوع فيه فدية ومهلة محددة ..
نور:- اتصلي فورااااا
عفاف(ترش العطر على أيديهن لعلهم يعدن لرشدهن):- الطف بنا يا رب
ميرنا:- ألو حكيم
حكيم:- كنت أعلم أن أول ما ستفعلينه هو اتصالكِ بي لكن ليس باكرا هكذااا
ميرنا(بتوتر وتلعثم):- حكيم … تعال للبيت فورا نحن في مأزق
لم يعرف بما أصيب لحظتها تشنج كل شبر فيه من الخوف فصوت ميرنا كان مهتزا وهذا ما زاده قلقا ، أمسك بسيارته وانطلق صوب بيتهم من فوره لم يصل إلى هناك إلا بمشقة الأنفس فقد سبح بفكره ألف سيناريو وسيناريو ؟ بعد هنينة زمنية وصل إليهم وهنا تسمرت القلوب وجلا فبما سيبتدئون الأخبار وكيف ..
ميرنا(ابتلعت ريقها وجعلته يجلس أولا):- حكيم هنالك ما يجب عليك معرفته
حكيم(تناقل بعينه إليهن جميعا كلهن باكيات يشهقن):- ماذا حدث غير طلاق رنيم الذي أخبرتموني به للتو؟
ميرنا(قدمت له الأوراق):- عن دعاااء
حكيم(مباشرة نظر لنور التي هزت رأسها بخوف):- دعاااااء أختي …؟؟؟
طالع ما كتب بالأوراق وقرأ الرسالة التي طالبوه فيها بالفدية وتنهد عميقا قبل أن ينهض من محله ويناظرهم جميعا بصمت ، طوى تلك الأوراق بهدوء ووضعها بجيبه وأغمض عينيه وبعدها فتحها ليناظرهم بعد سكوون
حكيم(بجمود):- سأعيدها للبيت وبعدها لكل حادث حديث
ناظره الكل بعدم تصديق من المفترض أن تكون ردة فعله غير التي أبداها الآن ..
مديحة:- تعيدها تعيدها هل جننت إن خطت تلك البنت هذاااا البيت سأقتلهااااااا أناااا
إخلاص:- لقد فضحتنا الفاااااجرة
حكيم(هدر فيهم وناظرهم الواحدة تلو الأخرى):- يكفي .. أختنا في ظرف صعب مع رجل قذر التفكير مؤكد ليست تعيش أجمل لحظات حياتها ، إنها تعاني معه وعلى الأرجح قد عذبهااااا تعذيبا لا يسعنا تخيله ، لن أسمح له بأن يفلت من عقابي سأجعله يدفع الثمن غاليااااااا غاليا جداااا
ميرنا(بارتياب):- ماذا تنوي ؟
حكيم(سحب نفسا عميقا وربت على كتفها):- سأقوم بدوري ك رب هذه العائلة ، سأعدل كل شيء اهتموا بأنفسكن لحين عودتي .. نور تعالي
نور(أمسكت حقيبتها وركضت خلفه):- أي شيء جديد بلغوني فورااا
مديحة(بذهول):- أيعقل أنه تقبل الأمر بهذه البساااااطة ؟؟لالالا هذا ليس ابني حكيم الذي أعرفه فالذي سبق كان ليشرب من دمهااااااا أما هذاااا وكأنه ..
ميرنا(فتحت عيناها بصدمة وبخفوت رددت):- كان يعلم بكل شيء من البداية ……
هذا هو الاستنتاج الذي وصلت إليه ميرنا والذي صدق ، فكيف سيشرح لها فيما بعد ما فعله من أجل أن يتم زواج أخته الفااااااااشل ؟؟
حكيم(بعصبية ركب بسيارته وهي جنبه):- ما هذا الذي وصَلناااا يا نور لقد فضح أمرها اللعين ابن اللعينة
نور:- آه يا حكيم أسكت أنت لم ترى ما حدث حين عرفوا بالأمر ، لقد حرص الكلب على إيصال الأخبار لخالتي مديحة والتي طبعا لم تكذب خبرااااا
حكيم:- أنا قلق الآن قلق على دعاااء ..
نور:- ماذا سنفعل ؟
حكيم:- سأجهز له المال الذي يريده ، وطبعاااا على طريقتي … اليوم يوم القصاص منه
اليوم سيدفع ثمن كل ما فعله بأختي …
كلم طلال مباشرة وجمع رجاله في غمضة عين التقى بهم في منقطع الطريق وكانوا بالعشرات ينتظرون فقط الأوامر …
طلال:- المال بجيب سيارتي لا تقلق كله تمام
حكيم:- سننتظر اتصالهم إذن …
انتظروا وانتظروا وانتظروا لكن لا حس ولا خبر مرت ساعات والوضع كما هو بالبيت، الكل حائر الكل خائف الكل حزين الكل مصدوم الكل مريض .. عفاف ومرام تعاونتا قليلا لتحضير بعض المأكولات الخفيفة علما أنه لا يوجد خاطر ،أما سماح فقد اهتمت هي ونبيلة بالصغيرين فأمهما حتى بعد أن علمت بمآل دعاء لم تبرح غرفتها وظلت تبكي دون توقف ، للصراحة لم يجدوا ما يطيبون به خاطرها فالكل مستنفر على أعصابه…
ميرنا(سمعت رنين الباب):- أنا سأفتح أكيد إياااد…
إياد(عانقها بقوة لما فتحت له الباب):- ميرنااااا ما هذا الذي سمعته منكِ ؟
ميرنا(ببكاء):- أدخل يا إيااااد لترى مصابنا
دلف للبيت وعانقهن جميعا وكل واحدة بكت في حضنه لدقااااائق تشكي حرقتها وحزنها على مآل صغيراتهن ، احتار هو الآخر وكأنه نزل على رأسه سهم ناري شتت مجمل تفكيره
إياد:- رأفت عليه أن يعرف أن رنيم ضحية مؤامرة والمستفيد منها واضح حماتها وتلك الحية
ميرنا:- هذا نفسه ما توصلت إليه لكنها تأبى الحديث ، كما رأيت من شق الباب هي نائمة طوال الوقت أو تدعي ذلك لتتجنب الحديث معنا
إياد(زفر بعمق):- معها حق أنا نفسي حين علمت تركت كل شيء وهرعت لأفهم ما حدث لدعاء أيضاااااا ، أيعقل أن زوجها قد اختطفها ؟
ميرنا:-ويطلب فدية الحقير والأدهى أنه قد نبهنا على عدم إخبار الشرطة وحكيم الآن سيحاول إعادتها بأقل الأضرار الممكنة
إياد:- سيدفع له هذا المبلغ لا والله هو الذي زغردت عليه أمه ، الخسيس اللعين ليتنا نعلم طريقة لإعادتها بها دون لجوء للشرطة فقد يؤذيها الخبيث
مديحة:- لما تقلقون لأجل تلك العاهرة إنها تستحق كلما يحدث لهااااا
إياد(برفض):- خالة مديحة ما تقولينه عيب عيب … أي نعم دعاء أخطأت لكنها تبقى مجرد ضحية للعديد من الضغوطات التي مرت بحياتها ، هي ليست معصومة من الخطأ ودورنا اليوم كأسرة يحتم علينا وضع كل الضغائن على جنب والاهتمام بسلامتها وسلامة ابننا
نبيلة:- هااااه يسلم فمك يا ولدي أنت فقط من قال كلمة جيدة منذ الصباح
مديحة(ضربت في صدرها):- لقد كررت ما فعلته بنا سمر منذ ستة عشر سنة ، لقد غدرت بناااااا ووضعتنا في فوهة النار ألا تفهمووووووون ؟
عواطف(تذكرت مأساتها السابقة):- آه على ذلك يا أختي …
إياد:- موقفكم هذا لن يغير شيئا من الحقيقة الجلية ، دعاء الآن في أشد اختبار بحياتها إما ستنجو منه أو ستلقى حتفها
مديحة(وجعها قلبها تلك اللحظة وبخوف):- أيمكن أن يؤذيها ؟
إخلاص(صرخت بجنون):- أميييييييييييي هل ستتعاطفين معهاااااااا لقد وضعت رأسنا بالطين
مديحة(قوست عينيها بغبن فما باليد حيلة):- ولكنني أم …. سأعاقبها لن أسامحها على ما فعلت فقط ل… لتبقى حية ترزق …
ميرنا(مسحت على جبينها وهي تسمع رنين الجرس):- تت من يا ترى ؟
سماح:- افتحي افتحي ما ربما عاد الأولاد …
كوثر(دخلت ببكاء):- اهئ اهئ ميرنااااا آه لو تعلمين ما الذي جرى لي ؟
ميرنا(بفزع):- يا ويلي مصيبة أخرى ؟؟
كوثر(باستغراب دلفت معها وهي توقف بكاءها):- لماذا هل هنالك من سبقني فيها يعني حرام آخذ أنا البطولة ولو مرة واحدة تتتت …ماذا هناااااك ؟؟؟
انصدمت مما تحدق فيه الكل في حالة مزاجية كئيبة تعبر عنه دون حديث ، نظرت إلى ميرنا التي جذبتها إلى الصالون الآخر وشرحت لها كل ما جرى ، في حين إياد كان ينجز اتصالا
إياد(على جنب وبهمس خافت):- والله لو كنت أعلم أنك جحش ذو رأس محشو بالصوف لما اتصلت وتذللت لواحد مثلك
رامز:- الآن لاحظ أنك تهينني وأنا ساكت عن حقي وحين أفتح فاهي ألْقِي علي المواعظ
إياد:- أستغفر الله يعني حرام أتصل بك يوما في حاجة وتجيبني دون أن تنفخ روحي بالعصبية والهبل ؟؟
رامز(حرك فمه وهو يفكر):- ليس بحرام لكنه شيء مسل
إياد(رفع يده يحك شعره بغضب):- ركز معي نحن في خضم أمر جلل تلفه المخاطر ، ابنة عم ميرنا مخطوفة
رامز(استقام من محله):- هئئ قل هذا يا رجل من الصباح بدلا من أن تعرض علي نشرة الأخبار …أين أنت ؟
إياد:- في بيت ميرنا وعليك أن تسمعني … لا يسعك الظهور الآن يا رامز أنا لولا خوفي من أن تقع دعاء في مطب يهلكها لما أعلمتك ، عليك أن تحرص على سلامتها فذلك المختطف اللعين حذرنا من عدم إبلاغ الشرطة
رامز(حمل سلاحه واستقام):- كل الخاطفين يفعلون ذلك فما الجديد ، لا تقلق أنا سأكون بالقرب أخبرني أخوها ماذا فعل ؟
إياد:- ذهب ليساوم في حق إعادتها
رامز:- يعني سيقدم الفدية ؟
إياد:- على الأرجح
رامز:- هذا لا يجوز قد يكون فخااااا إياد إن عاد للبيت لا تدعه يغادره لحين آتيك سوف أضعهم صوب الأمر الواقع وأتدخل في الأمر
إياد(بعدم فهم):- ولكن … هيييه ألوو تبا للفكرة التي جعلتني أقحمك في هذاااا بففف …
كوثر(بحزن):- طلقهااااا ؟؟ يا إلهي ما حسبت أن حبهما سيتوقف يوما كنت أعتقد أنهما لن يفترقا حتى الموت لكن اتضح أن كل معتقداتي فاشلة
ميرنا:- منذ أن وصلتِ وأنتِ لستِ على ما يرام ثم استهليتِ دخولكِ بمصيبة ماذا حدث ؟
كوثر(فركت يديها وتساقطت دمعتين حارقتين على وجنتيها):- سأغضب ببيتكم لفترة لقد لقد تخاصمت مع بابا مخاصمة كبيرة وكله لأنني …. اهئ رفضت عرض زياد بالزواج وأحرجته أمام كل موظفي الشركة
ميرنا(فتحت عيناها على وسعهما):- أعيدي على مسمعي ماذا فعلتِ ؟؟
كوثر(بغبن):- آه يا ميرنااااا كان كل شيء جميل …..
عادت بذاكرتها للوراء تحديدا ذلك الصباح أي قبل ساعات حين دخلت للشركة وهي متفائلة بالخير فأكيد مؤكد أن زياد وهبي يتحضر الآن لأجل السفر لبلدتهم وهناك سيتم حصر فكرة زواجهم في أن يتم أو لا يتم …
كوثر:- سآخذ قهوة بطريقي لزياد حبيبي ههه …
حملت كوب القهوة الكرتوني وتوجهت بمرح صوب مكتبه لم تجده متوفرا فاستغربت ، لأنه بالعادة يكون في ذلك الوقت يخطط إحدى التصاميم أو يراجع بعض البيانات ، أرجحت أنه في مكتبها ربما أو مكتب أحد الموظفين لذا قررت الذهاب لوضع أغراضها وبعدها تبدأ رحلة البحث عن مفقودها الغالي .. وهي تبحث زادت حيرتها حين لم تلمح أيا من الموظفين بمكتبه وكأن الشركة كلها مهجورة المكاتب فارغة الممرات أيضا الكل مختفي وهذا ما زادها قلقا وريبة وأخذت تنادي باسمه وهي تتطلع يمينا وشمالا
كوثر:- زيااااد … هلووو مرحبا أين الجميييييع … زيااااد يا إلهي هل تفشى فيروس الزومبي هنا واختفى الكل هئئئئئئئ هل سيجعلونني وليمتهم ويأكلونني ؟؟؟ يا ويلك يا كوثر ما فرحتِ بشبابك حتى … تتت زياااااااااااااد …
زياد(صوته صدح بالمكبر الآلي):- كوثر كوثر اركضي إلى غرفة الاجتماعات العامة بسرعة يا كوثر بسرعة
كوثر(بفزع):- هئئ صدقت مخاوفي هنالك شيء ما يحدث اهئ بابااااااااااا ….
ركضت المسكينة وهي تنظر من كل جانب في حالة مضحكة تخفي تماما رزانة تلك البنت وتعقلها ، دلفت لغرفة الاجتماعات العامة وهي تركض لتتفاجئ بما يحدث ، ارتفعت تصفيقات الموظفين الذين كانوا يقفون في دائرة عريضة وانفجرت بوالين الورود من السقف لتملأ المساحة كلها وردا جوريا بشكل مبهج للنظر …
زياد(أمسكها من يدها تحت تصفير وتهليل الموظفين من زملائهم):- عزيزتي
كوثر(بعدم فهم فيما يحدث):- زياد ماذا يجري ل..
زياد(قاطعها بصوت دافئ):- هنا وبين كل الموظفين منهم أصدقاؤنا ومنهم زملاؤنا أود اليوم أن أتقدم بفاخر التمنيات أن تقبلي عرضي
كوثر(رمقته وهو ينحني أرضا):- زيااااد ؟؟؟
زياد(أخرج علبة من جيبه وفتحها على خاتم أنيق ورفعه إليها وهو منحني برومانسية يناظر عيونها مباشرة والبسمة لم تبرح فاهه):- كوثر الهلالي هل تقبلين الزواج بي ؟؟؟؟؟؟
تعالتِ الصيحات والهتافات بجدوى موافقتها ، في حين كان البقية يتهامسون خفية عليهما كعادتهم أما زياد فقد ظل مبتسما ينتظر ردها بكل سرور ، لكن هي كانت مندهشة مصدومة منه ومما أقدم عليه … نظرت لكل شيء رومانسي حولها وجدت بأنه حلم كل فتاة أن يتقدم إليها حبيب عمرها بزواج رسمي كذااااك لكن ليس هذا ما كانت تريده …
كوثر(سحبت نفسا عميقا):- مؤكد أن هذا من وراء ظهر عائلتك
زياد(أغمض عينيه وفتحهما بأسى وقد اختفت بسمته):- لا جدوى من مشاورتهم لن يغيروا رأيهم إطلاقا ما لم أضعهم أمام الأمر الواقع
كوثر(حركت رأسها وهي ترمقه بخذلان):=- توقعت ذلك ..آسفة منك أنا لا أقبل الزواج بهذه الطريقة يا زياد وهبي … لا أقبل
ترددت كلمة لا أقبل على مسامع الحضور الذين استغربوا ما حدث فأي مجنونة سترفض عرضا كذااااااك إلا واحدة ، حملت نفسها الكسيرة وجمعت أغراضها وغادرت الشركة بمجملها تاركة إياه مصدوما لا يزال منحنيا وبيده الخاتم اليتيم وأحاديث الموظفين استمرت ما بين مواساة وما بين اتهامات لكوثر التي أظهرت جانبا بائسا وتركت لهم بما يتحدثون …. ظلت تبكي طوال الطريق لحين وصلت لبيتهم وجدت أباها قد وصل لتوه أيضا من الخارج وارتمت بحضنه تبكي وتبكي لحين حاول بجهد ألا يضغط عليها فحالتها كانت كفيلة بإعلان وتيرة القلق
عبد المالك:- أخبريني ماذا حدث يا ابنتي بالله عليكِ لا تفزعيني ؟
كوثر:- اهئ لما أنا قليلة حظ يعني لما الرجل الذي أحبه يكون له عائلة رجعية بذلك الشكل ، اليوم اليوم تقدم زياد بطلب الزواج مني أمام كل الموظفين حضر لي مفاجأة وخاتما رقيقا ما أجمله وورودها ملأت كل الجوانب ولكن لكن قلبي لم يكن مطمئنا ورفضت عرضه لأنني لست سارقة مثلما اتهمني أبووووه
عبد المالك(فتح عينيه بصدمة):- هل قال عنكِ سارقة أيضا ؟
كوثر(كيف فلت منها ذلك قفزت محلها في محاولة لمداراة ما أفلته لسانها):- ل.. لا لا لا تفهم خطأ يا بابا ليس كذلك أبدااا
عبد المالك(بعصبية):- تكلمي يا كوثر وإلا لن تلومي إلا نفسك
كوثر(بانهزام أمام والدها):- اتهمني بأنني خطفت ابنه منهم ومن خطيبته التي كانت مكتوبة له منذ عدة سنوات ، قال بأنني دخلت بينهم مثل الحشرة الطفيلية التي خربت بيتهم وزرعت الضغينة بين أهله
عبد المالك(استقام برفض):- أنااااا أنا ابنتي يقال عنها هذاااا ، ثم ثم لما لم تخبريني يومها بما قاله كاملا أم تراكِ خفتِ من ردة فعلي وأنا الذي كنت أساندكِ وأطيب خاطركِ لترضي على زياد لااااااا هذا شيء لا ينسكت عليه .. كوثر قسما بالله الذي لا أعبد سواه إن فتحتِ حديث هذا الزواج في بيتي سأغضب عليكِ
كوثر(بذهول استقامت وهي تصرخ):- ماذا تقول بابا أنا أحبه ولن أتزوج أحداااا غيره مستحييييييييييل لا أريد سوى زيااااد
عبد المالك:- بنت اخرسي أتجيبينني بكلام مضاد لكلمتي ؟؟؟ قلت أنكِ ستنسين أمره بتاتا هذا الرجل لا خير لكِ في عائلته أي نعم هو لا حديث عنه من أخلاقه الطيبة وتعامله اللطيف معكِ لكن يا ابنتي إن تم هذا الزواج سوف تعيشين في بؤس ، أبوه وأهله لن يدعو الأمر يمر بسلام
كوثر(وفكرة التخلي عن زياد تقتلها):- لقد تركته راكعا أمامي بخاتم زوااااااجي ، لقد ظلمته اليوم وكسرت قلبه وتقول لي أنه علي أن أتخلى عنه هه ، إلا هو إلا هو يا أبي
عبد المالك(بحدة):- إذن لسانكِ لن يخاطب لساني بعد اليوم
كوثر(بجنون):- أنا أصلا لن أبقى ببيتك حتى سأذهب من هنا ولا تبحث عني لأنني لن أعود لن أعود لن أعووووووووووووود ….
عبد المالك:- إلى أين تذهبييييييين ؟
كوثر(بصراخ):- إلى بيت الخالة عوااااااطف ولا تكلمنيييييييييييييييييي … همممم
عادت من الذكرى وهي تبكي في حضن ميرنا بأسى شديد ، مسحت أنفها بالمنديل الورقي ونظرت إليها بملامح مغبونة عليلة …
كوثر:- هل بالغت في ردة فعلي ؟
ميرنا:- كثيرا يا كوثر ما كان عليكِ أن تدعي الأمور تصل لهذه المواصيل …
كوثر(انتفضت):- لقد طلب مني التخلي عن زيااااد أتودين مني تقبل ذلك ؟
ميرنا:- يبقى أبوكِ وأفهمُ منكِ في هكذا أمور ، ثم والد زياد أوضح تماما رفضه لكِ وبطريقة مهينة فكيف ترضين بهكذا زواج
كوثر:- عن أي زواج تتحدثين أصلا ، لقد هجرت الشاب وتركت له فضيحة
ميرنا(مسحت على يد كوثر):- مؤكد سوف يتخطى الأمر زياد يحبكِ ويريدكِ
كوثر(انفجرت ببكاء مجددا):- وأنا أحبه والله أحبه لكن الدنيا تعذبنا ولا أدري إلى متى ..
مرام(دخلت عليهما):- ميرنا لقد عادت نور وحكيم
ميرنا(حركت لها رأسها بالإيجاب):- امسحي دموعكِ يا كوثر وتعالي فدعاء بحاجة لدعواتنا أكثر
كوثر:- أكيد أكيد هياااا لعلهما أحضرا أخبارا مفرحة …
ميرنا(بقلق سألت):- هااا يا حكيم ما الجديد ؟
رمقت الخيبة مرتسمة على وجه كل واحد منهم مع الأسف ، لذا بخيبة عضت شفتيها وهي تنظر لحال أسرتها كل يتأسف على ما حدث ويحدث ، وزعت عفاف قهوة ع الجميع وأين الخاطر الذي سيشربها قبلها البعض والبعض الآخر رفضوا فلم يعد هنالك نفس لشيء …
إياد(مص شفتيه بغبن):- يعني يطلب فدية وبعدها يصمت أكيد هنالك شيء غريب
كوثر:- صح يعني من المفترض أن يبلغنا عن مكان وزمان التسليم
ميرنا:- هو ليس بذلك الغباء أكيد سينتظر حتى يحل الظلام
نور:- خسئ الخسيس تصرفات عصابات بالمعنى الواضح
حكيم(تنهد بعمق وانسحب من أمامهم):- تتت
ميرنا(لاحظت تأففه وملامحه الممتقعة حنقا):- ما به ؟
تركتهم في حيرة ولحقت به لغرفة الضيوف هناك حيث كان جالسا يشبك يديه ورأسه للأسفل في نظرة عميقة ملؤها الفراغ … كانت تعلم أنه سيحزن على أخته لكن ليس لتلك الدرجة قد بدا متأثرا جدا وكأنه مصاب بالخذلان أو بالندم ..
ميرنا:- كنت تعلم من البداية بكل ذلك
حكيم(لم يرفع رأسه بل ظل على وضعه):- كان علي أن أحمي أختي
ميرنا(أغلقت الباب خلفها وتقدمت إليه بغضب):- تحميها بوضع يدك في يد مدمر حياااااتها ، عن أي حماية تتحدث ثم ألا ترى معي أنه كان زواجا فاشلا منذ الوهلة الأولى ؟
حكيم(استقام بعصبية):- ماذا كنتِ تنتظرين مني كان هنالك طفل وسط الموضوع ، لم يكن باستطاعتي فعل شيء سوى الرضوخ لحكم الأقوى
ميرنا(حركت رأسها بعدم اقتناع):- كيف بقيت ساكنا طوال هذا الوقت ؟
حكيم:- كنت بالجوار تلك الليلة لأحرص على أن يأخذ ابنها نسبه من بؤبؤ أبيه ،،، لم أكن لأسمح بأن يترعرع دون نسب يا ميرناااااا مستحيل
ميرنا:- ولكن بفعلتك قد فرطت بأختك في سبيل ذلك
حكيم(جمع قبضة يده وضربها مع الحائط):- وهذااااا ما يحرقني أنا أنا من سلمتها له بيداي هاتين أنا من سمح له بأذيتهاااااااااا .. أنا المذنب الوحيد فيما يحدث لو عدت لو عدت بسنتين قبل لكانت أختي بخير ولما عاثت في الفساد معه …
ميرنا(أشفقت عليه فقد بدا كمن رُمي من أعلى القمة لذا اقتربت منه بهدوء):- حكيم لا تلم نفسك هذا أمر مُحتم ، يعني دعاء فعلت ذلك خفية عن الكل حتى لو كنت هنا كانت لتتصرف بذات الشكل الله يسامحها بس ..
حكيم(حرك رأسه برفض):- لا تتفوهي بكلام مُزين فقط كي تجبري بخاطري
ميرنا(أمسكت بذراعه ومالت برأسها كي تصل لرأسه المنحني إليها):- حكيم الذي أعرفه سيعيد أخته لأحضانه وسيصحح كل ما كسرته الأقدار
حكيم(ابتسم بمرارة وهو يطالع دعمها المعنوي له وقبل جبينها بدفء):- أنتِ تخففين عني آلامي
ميرنا(ابتسمت بإشراقة):- مهما اسودت الحياة سيأتي بريق من السماء لينير الكون ..
حكيم(بتمعن في جملتها):- لن أنسى جملتكِ هذه سأحفظها للطوارئ
ميرنا(بأمل وتمني):- دعنا ننضم للعائلة …
خرجا من الغرفة واتجها للانضمام للأسرة لكن رنين الجرس أوقفهما وكان قد تجاوزهما إياد لفتح الباب ويااااااا عين عيني ….
إياد(بصدمة):- على أساس كنت قادما لوحدك ؟؟؟
رامز(أشار لرفيقه):- وجدته في طريقي وكان لزاما علي إشراكه في الحدث ، يعني تعلم صديقك ذو فم مفتوح على طووول … آه ذاك هو العريس إذن تتت أنا أفضل منه ما الذي أعجبها فيه
وائل(بغيظ دفعه بكتفه ودخل):- عذرا لدينا واجب علينا تأديته
رامز(لحقه أيضا):- مرحبااااا جميعاااا أنا رامز البدري صديق ميرنا وإياد
إياد(بتأفف لحقه):- عن أي صداقة تتحدث ،أوجز ولا تدعني أخلط الحابل بالنابل هنا
رامز(صغر فيه عينيه بامتعاض):- متعفف بالإكراه همممم
وائل(حياها برأسه ودخل للصالون وهو يرمق حكيم شزرااا):- السلام عليكم
ميرنا(بذهول فغرت فمها):- يا حبيبي ها قد اكتملت
حكيم(أغمض عينيه وهو يعد للعشرة كي يصطبر على روح ذلك العطش لروحه):- كيف يقحم نفسه في ما لا يعنيه أجيبيني ميرنااااا ؟
ميرنا:- وأنا ما يدريني أصلا بسبب مجيئه يا حكييييييم
حكيم:- ومن بلغ ذلك الشرطي ؟
ميرنا:- إنه صديق مقرب لا تقلق حياله سيساعدنا أكيد
وائل:- لقد علمت من قبل نادر بما حصل وكان يستحيل أن أبقى مكتوف الأيدي يعني ، عرفت أنكم بحاجة لدعمي لا محالة
حكيم:- فيك الخير والله لكن لا تقلق كما ترى نحن بخير ، وأيضا ليرحل الشرطي
مديحة:- له له يا حكيم ما عهدتك هكذا عيب ألا تكرم ضيفنا ، أهلا بني وائل
وائل(عانقها بدفء):- خالة مديحة لا تبكي كل شيء سيكون بخير
مديحة:- اهئ اهئ الواضح أن هذه أيامي السودااااء
نور:- ليشرح لي أحدكم كيف علم نادر بهذااااا ؟
ميرنا:- صحيح من أخبره ؟
وائل(ربت على كتف مديحة وأجلسها محلها):- نهال هي التي أطلعته على المستجدات
عفاف(جمدت):- أيوة … وماذا يفعل رقم صديق وائل بحوزة ابنتي ؟؟؟؟؟؟
مرام(سمعتها وهمست):- شتتت السيد نادر محترم
عفاف(بتوجس):- لم أقل غير ذلك لكن هي تعلم أن الوضع حساس يعني لا داعي لأن يعرف العالم لحين تعود دعااااء …
رامز:- يا جماعة هذا ليس وقت من بلغ من ، بل لدينا شيء أهم ابنتكم في قبضة رجل بالرغم من أنه مبتدأ إلا أنه حريص ، الورقة التي تم بعث التهديد فيها مكتوبة إلكترونيا والمبلغ مطالب به بالدولار يعني ليس بالعملة الوطنية أي أنه ينوي مغادرة البلاد فور استلامه المال
إياد(تحت أسنانه):- أول مرة تحلل تحليلا منطقيا في حياتك
رامز:-تشكرات عزيزي إياد ….هممم الآن ما نحن في خضمه اتصال منه سيحدد مسار المحطة التالية
وائل:- لا يسعنا التجسس على هذه المكالمة فنحن أصلا لا نعلم بمن سيتصل
نور:- بي على الأغلب
رامز:- جيد وأنتِ من ستردين عليه
حكيم:- مستحييييل أنا الذي سيجيبه وأجفف دمه ريثما أمسكه بقبضتي
ميرنا(نظرت لوائل ثم نظرت لحكيم وهي تقترب منه بهدوء):- إهدأ يا حكيم لقد وعدتني أن تتمالك أعصابك يكفي ما كسَّرته بعد عودتك وأهلنا ليسوا في خانة تسمح بأي انهيار
حكيم(زفر بعمق وهو ينظر إلى عينيها كي يهدأ):- لكن ما يقوله هذا غير منطقي أنا أخوها وعلى ذلك الحقير أن يعرف أن لها كبيرررررا هنا ..
رامز:- معك كل الحق فيما تطالب به سيد حكيم لكن ركز معي قليلا ، إن أنت أجبته الآن سيعلم أن هنالك رجلا سيفعل المستحيل كي يحرر أخته وسيفترض أنك قد تدفع فدية طائلة أكثر مما طلبه لاستعادتها وهذا ما سيجعله يبالغ في مطالبه ، ومن جهة أخرى ستعطيه مجالا أوسع للتفكير في خطط أخرى تجعله أكثر حرصا من أين يقع فريستنا
وائل:- تفكيرك منطقي جداااا أوافقك تماما خصوصا إن كان لحسام شريك ينفذ أوامره من بعيد يعني ستتعقد الأمور
حكيم(حرك رأسه صوب وائل وبحنق):- من طلب مشورتك أصلا سيد وائل رجاء أمتعنا بسكوتك ألا يكفي أننا نتحملك هنا بيننا
وائل(بغضب تحرك لكن كوثر وقفت قبله):- الصبر يا الله
ميرنا:- حكيييييم يكفي رجااااء
حكيم(زفر بعمق وهو يحرك رأسه بنفاذ صبر وهمس بصوت خافت لنفسه):- أشعر بأنني تائه
ميرنا(تألمت لأجله ورمقته بطمأنينة):- أنا معك …
عزلته كلمة وأنا معك في منطقة بعيدة عن كل الضغوطات التي يعايشونها ،ارتسمت شبح بسمة على ثغره وهو يومئ لها بارتياح كونها بقربه لكن سكون تلك اللحظة تبدد حين صرخت نور
نور:- يا إلهي كيف نسيت أمر ذلك الخسيس الثاني ،،، وائل جيد أنك ذكرت أمر الشريك بالفعل حسام لديه شريك يماثله خبثا إنه ناجي المحقق نااااجي صهيب
رامز(رفع حاجبيه):- المحقق ناجي صهيب هذا الاسم ليس بغريب عني …
حكيم:- نااااجي صهيب هذا الرجل سيكتب شهادة وفاته الليلة
رامز:- هيييه تمهل نحن لن نغامر طالما دعاء بحوزتهم ، أعطني عنوان المخفر وفي غضون دقائق سأضع حراسة مشددة عليه أكيد سيوصلنا لخيط ما
حكيم(مسح على فكه وهو يهز رأسه):- أنا لن أستطيع البقااااااء هكذااااا لن أستطيع
مديحة(رمقته وهو يبتعد عنهم):- ميرنا هدئي من روع زوجكِ يا ابنتي يكفيه أعصابا
وائل(نظر لميرنا بشيء يشبه طعم الصدأ في فمه):- يا الله
ميرنا(تحركت وهي ترمقه باعتذار):- آسفة …
إياد(لاحظ ذلك بينهما وتقدم إليه):- لا تتذمر يا وائل جيد أنك موجود معنا في ظرف كهذا
وائل(بقلة حيلة):- وماذا بيدي أمري لله …
إياد(حرك رأسه وهو يهمس بخفوت):- أرجو أن تنتهي الأمور بشكل جيد أنا خائف من أن تتعرض دعاء لخطر ما ، أكيد ستنهار قلاع هذه العائلة وأنا أخشى عليهم أكثر من أي شيء آخر بحياتي هم عائلتي التي لم أحظى بها يوماااا
وائل(بدعم ربت على كتفه):- لعله خيرا يا إياد .. أ.. كنت أود أن أسألك بهذا الخصوص قبل يومين هل كنت خارج حدود المدينة ؟
إياد(مط شفتيه بتذكر):- لا لا أعتقد ذلك ،، قبل يومين قبل يومين آآآه ههه كنت ببيت العمة نعمة معزوما على العشاء رفقتها ورفقة رقية كانت أمسية جميلة جدا لكن .. لم السؤال ؟
وائل(هز رأسه بتفكير):- لا شيء مجرد تشبيه ليس إلا ..أوووه ما هذاااا مراااام ؟
مرام(تصرخ على الهاتف من غرفتها):- لا تكلمني ولا تعرفني مجددا أنت وأبوك دمرتم حياتنا إنه يختطف ابنة عمي ويساومنا لأجلهااااااااااا ، لقد طلب فدية وإن لم نسلمها له سوف يقوم بقتلها أو لا أدري ولذاااا لا أريد أن أعرفك بعد الآن يا فريد ابتعد عني يكفيني مواجع يكفيني موااااااااااجع اهئ اهئ …….
عواطف(هرعت إليها بخوف):- بنيتي مرااااام مرااااام
عفاف:- هل أنتِ بخير يا مرااااام ؟
إخلاص(ركضت إليها بزجاجة العطر التي ما شاء الله سقت شعبا اليوم):- خذي شمي هذا يا صغيرتي وهدئي من روعك
مرام(تبكي بانهيار وتصرخ):- ابتعدوا عني ابتعدووووا عني كلكم كلكم اهئ ….
سماح:- ما دخل فريد بهذا بالموضوع كانت تصرخ أبوك أبوك ثم أصلا من يكون فريد ؟؟؟؟
هنا فتح الجميع فاهه ونظروا كلهم صوب مرام وها قد انكشف سر آخر ….
نور(وقفت بجانبها وأشارت إليهم):- عليكم أن تجلسوا لا يزال هنالك قسم آخر لم يعرف من القصة بعد …. فريد وفردوس لا علاقة لهما بما حدث وهما أيضا لم يكونا على علم بما يفعله أبوهما من وراء ظهرهما وظهر أمهما ،، لقد حضرا للزفاف معنا بغية الاحتفال ولحكمة الصدف غادرا قبل حضور العريس الذي صدف أن كان… والدهماااا
مديحة(وضعت يدها على فمها):- يا إلهي متزوج وله أولاد ؟؟؟؟؟؟
عواطف:- اللهم أجرنا من الظالمين اللهم أجرنا من الظاااالمين
نور:- مع الأسف هذا ما حدث … أنا علمت قبلا طبعا لكن مرام علمت قبل فترة بسيطة
ميرنا(هزت رأسها بعدم تصديق):- كل هذا عانيتِ منه يا دعاء وأنتِ ساكتة
إخلاص:- تلك الغبية يجب أن تدفع ثمن تلاعبها بحياة تلك الأسرة ما ربما الله ينتقم منها على تفرقتهم
مديحة:- إخلاص اخرسي
حكيم:- إن كنتِ ستتحدثين عن أختكِ بهذا السوء فاجمعي أغراضكِ وإلى بيتكِ فوراااااا
إخلاص(انفجرت ببكاء):- ليبقى لي بيت أصلا كي أعود إليه ، عمر تزوج علي وأحضر زوجته للبيت وطردني لكي يتمتع معها هذه الفترة لا يريدني أن أنغس عليه فرحته بعروسه لا أنا ولا ابنته اهئ اهئ
مديحة(بصدمة):- آآآآآآآآآآآآآآآآآآه يا ويلي ………..
حقا حقا يقولون من كثرة المصائب تنسى الهموم ، مديحة فقدت وعيها مباشرة أما عواطف فدخلت في حالة ضحك وبكاء في آن الوقت ، سماح كانت تضرب كفا بكف وتنظر للمآسي المسطرة في كل واحدة منهن ، أما نور فقد شهقت وهي تشتم جنس الرجال ولم تترك فيهم أحدا وكلما شتمت نظرت لوائل وحكيم وإياد ورامز واعتذرت لتتابع المزيد من الشتائم في سلالة الخسيسين كما تردد دوما ، ميرنا لم تصدق ما يحدث كيف يخرج هذا من الشيخ عمر كيف يتزوج على إخلاص بسهولة وكيف سكتت لهذا الوقت ، كوثر كانت تجابهها حيرة أما مرام فقد غاصت في أحزانها بغرفتها إذ يكفيها ما فيها مثلها مثل رنيم التي لم تولي اهتماما لأي شيء مما يحدث في الخارج أو أصلا لم تكن تسمع شيئا لأنها كانت في عالم آخر … حكيم جلس بفشل فما يحدث مع أخواته أمر سيء جدااااا وعليه ضبط زمام الأمور أما وائل فنظره كان مركزا في ميرنا فقط وتعابير وجهها المختنقة كانت تدل على ارتباك داخلي تحاول التحكم فيه كي تظهر بمركز القوة فليس ذلك وقت مناسب لانهيار مفاجئ جديد ، إياد كان يحسبن ويشرح لرامز العلاقات الأسرية هناك وماذا حدث لكل مننم أحيانا يشرح وأحيانا أخرى يتعصب عليه والثاني لا يكذب خبرا يرد عليه بعشر جملاااااات …أما نبيلة فقد كانت متكئة على عصاها تناظر الكل من محلها وتتألم روحيا فأكيد أن ذلك اليوم اليوم العالمي للأحزان الراجية دون شك
في ذلك التوقيت كان حسام يحضر نفسه لكن قبلا …
حسام:- هههه هيا يا دعائي فأنتِ هذا ما كنتِ تنتظرينه سنرى إن كان أهلكِ يملكون ذلك المبلغ لأنني حتما حتما لا أريد أن أرميكِ في الغابة وحيدة شريدة تواجهين مصيرا مجهولا
دعاء(بخوف):- لما تفعل ذلك يا حسام أعدك أنك ستحصل على كل المال الذي ترغب به فقط أعدني لبيتنا رجااااء
حسام:- طلبكِ مرفوض ما إن لم أملأ جيوبي وحسابي سوف لن تفلتي من قبضتي وسأجعل أصدقائي يلعبون بكِ كما يريدون آه وليكون ببالك أنا لست خسيسا لتلك الدرجة
دعاء(بعدم فهم وهي تغالب مرضها وتعبها):- ماذا تقصد ؟
حسام(أقفل أزرار قميصه وتقدم إليها):- حلوتي الشهية بالرغم من أن أيامنا الأخيرة كانت بائسة قذرة ، لكنني لن أنكر أنكِ أسعدتني ليال طويلة كنتِ لذيذة لكن انتهت مدة صلاحيتكِ بالنسبة لي وهذا الطفل منكِ له أقل ما يمكنني تقديمه هو اعترافي به وقد تم ذلك يعني …أنتِ طالق يا حبيبتي طااااالق طالق بالثلاث وورقتكِ ستصلكِ مع ناجي قد وكلته بالأمر ههههه هل فرحتِ الآن ؟؟؟؟
دعاء(بكره وغبن وقهر وحزن من كل شيء بصقت في وجهه):- سينتقم منك الله شر انتقااااام لقد تحررت منك تحررررت تحررررررررررت تفوووه عليك
حسام(مسح وجهه بمنديله وهو يبتسم إلى أن رفع يده وصفعها):- لم يبقى سوى القليل ونتصل لنسمع فشل أسرتك وبعدها ستلقين حتفكِ دعائي ، سألقنكِ درسا يجعلكِ تعرفين كيف تتعاملين مع من هم أرفع منكِ شأنا يا وضيعة يا عاااااااهرة فراشي هاهاااااااهاااا …..
أي ذل ذاك وصلت إليه دعاء لقد وصلت لمهانة كبيرة كبيرة جدا لم تكن تستحقها منه بعد تضحيتها بعد حبها وعشقها له ، بعد خيانتها لأسرتها لمبادئها لتربيتها واتباعه أهذا هو الحب هااااه لترى الآن إلى أين أوصلتها مشاعرها الواهية …. دموعها للعلم قد جفت ولم يعد سوى الاستسلام القهري مسيطرا على ردات فعلها تنتظر الفرج لحين يلوح …
حسام(خارجا يتكلم عبر الهاتف):- سأتصل بهم الآن لأرى إن كان هنالك مال من أصله ، وإن جهزوه سأكلفك بإحضاره سأعطيك عنوان المزرعة
ناجي:- سأطالب بمضاعفة النسبة لأنني أضحي بكل شيء معك يا حسام
حسام(بكره ورفض):- ها قد بدأنا الاستغلال والابتزاز يا ناجي
ناجي:- حقي يا حسام ، أنا من سيحضره لك لذا أستحقه
حسام:- تمام تمام هنا سنتحاسب سلام الآن …
ناجي:- بلغني بالمستجدات .. سلام
أمسك بهاتفه وهو يناظر البعيد تلك اللحظة ورسم على فمه أبشع ابتساماته خبثا وركب رقمها كان يتوق لسماع صوتها ولرد الصاع صاعين لهاااااا ، إذ حان وقت الحساب
حسام:- أظنكِ قد اشتقتِ لصوتي يا نور الراجي
نور(تمالكت أعصابها وهي تشير للكل بإشارة الصمت):- حسام النهواني ومن ينسى صوتك الشبيه بنهيق الحمير
حسام(اختفت بسمته لكنه ضحك باستفزاز):- هههاهاهاا قولي عني ما تشائين يا امرأة لا بأس فالكرة بيدي أنا الآن وأنتِ ستخضعين لشروووووطي حلوتي
نور:- أين دعاااااء ؟
حسام:- في الحفظ والصون وإن شئتِ أعطيتكِ العنوان لتأتي كي تطمئني عليها وأيضا كي نقضي أنا وأنتِ وقتا ممتعا يعني ستؤدين هذا الواجب ابنة عمكِ حامل يعني فهمكِ كفاية ههههه
نور(أمسكت أعصابها بقوة قاهرة):- أوجز ماذا تريد ؟
حسام(بنبرة جادة):- هل جهزتم المال ؟
نور:- جاهز
حسام(برقت عيناه بشجع):- عال والله ما حسبت أنكم ترقدون على مبلغ طائل كهذا لكن هذا أمر لا يهمني ، على الساعة العاشرة ستحضرين المال بنفسكِ إلى حدود المدينة وتتخذين الطريق الفرعي ستجدين هنالك سيارة فارغة تضعين بها المال وتعودين أدراجكِ ، تبلغون الشرطة تأتي ومعكِ أحد ستموت دعاء وأنا لا أمزح قد خسرت كل شيء وليس هنالك ضرر إن خسرتم أنتم ابنتكم ههههههه
نور:- سأنفذ كل ما تطلبه فقط لا تؤذهااااا
حسام:- أموت وأرى هذه النظرة الانهزامية بعينيكِ ، صدقيني أنا الآن أرقص فرحا لأنني هزمتكِ يا وغدة ولا أزال سأجعلكِ تتجرعين المرار الطافح
نور(أغمضت عينيها بنفاذ صبر):- سأكون في الموعد
حسام(بتحذير):- يجدر بكِ ذلك وإلا سلام يا ابنة العم هههههه … وداعااااا حبي
بصقت فور قطعها الاتصال في وجهه الوهمي وجلست وهي تشعر بأن قلبها يخفق بقوة وخوف
رامز:- جميل جدا قد أعطى لنا الموقع بسهولة سنكون هناك
حكيم:- سنذهب الآن
رامز:- إلى أين الوقت لا يزال مبكرااااا رويدك يا رجل ستخرب علينا كل شيء
إياد:- رامز على حقه هذه فرصتنا الوحيدة وعلينا أن نستخدمها بدقة
حكيم:- رجالي سيكونون هناك ولن أقبل بالابتعاد هذه أختي وأنا المسؤول عنهاااااا
وائل(نظر لوجوه النساء الشاحبة):- لما لا نجلس بغرفة الضيوف ونترك النساء هنا لترتاح الوقت لا يزال باكرا على الاتفاق
حكيم(نظر إليه وقد أشار له بعينيه كي يلمح تعبهن):- أ… تفضلوا تفضلوا
ميرنا:- سنحضر لكم القهوة من جديد
رامز:- وأكل أيضا أنا ميت من الجوع
إياد(ضربه لكتفه):- ألا تقدر الظروف وأنت تأكل تأكل مثل المحراث
رامز:- الأكل هو الشيء الوحيد الذي يفتح عقلي
إياد:- يا لنصاحة عقلك المتفتح تتتت …
وائل(رمق ميرنا وهي تدلف للمطبخ قبل أن يلج غرفة الضيوف ولمح حكيم قد صعد إلى فوق لذا استغل الفرصة):- ميرنااا أنتِ بخير ؟
ميرنا(ابتعدت قليلا عن عفاف التي كانت تحضر الأكل هي وكوثر):- أ.. لست كذلك يا وائل
وائل:- نظراتكِ ضائعة لا تقلقي يا ميرنا ستكون ابنة عمك بخير
ميرنا(بدموع):- أخشى أن تتأذى بسبب ذلك الرجل
وائل:- لن يقدم على أذيتها لأنه يرغب بالمال أكثر شيء
ميرنا:- لكن ماذا لو أخذه وآذاها ، أنا أمقت الاختطاف يرعبني لأنني جربته يومااا تشعر بأن كل شيء قد انتهى وأن لحظاتك الأخيرة معدودة أنك وحيد لا حول لك ولا قوة ، ضعيف وسط عالم مليء بالشر ، كل أحبتك بعيدون عنك وأنامل الرحمة لا تطالك صعب صعب هو ذلك الإحساس وأكيد دعاء حزينة بشدة الآن
وائل:- كل ذلك الحزن سينتهي حين تعود لربوع هذا البيت صدقيني
ميرنا(تذكرت جملته حين طلب منها تصديقه لما أصيبت شاهيناز):- حسن سأثق بك
وائل(ابتسم لها ورمق نظرة كوثر خلفهما):- يجدر أن أنسحب الآن كي لا يلاحظ أحد شيئا
ميرنا(نظرت حولها):- من سيلاحظ كله مدله في مصابه الله يستر لعنة وأصابت هذا البيت
وائل(بأسف روحي عميق):- وقد ابتدأت بكِ وبزواجك الذي أهلكني ، بطفل ميرا وشهاب إلى ما وصلنا إليه الآن …
ميرنا(زفرت بعمق وهي تناظره بقلة حيلة):- ربك يعدلها ، جيد أنك هنا لا تدري كم أسعدتني وأرحت قلبي
وائل:- أنا معكِ دوماااا في السراء والضراء ..
كوثرّّ(قاطعتهما):- ا احم الأكل جاهز تفضل وائل
وائل(ابتسم لها وأمسك الصينية عليها):- تمام شكرا كوثر …
كوثر:- اهمدي يا بنت قليلا بعد وسترتمين بين أحضانه أنتِ متزوجة وعيب إن رآكِ أحدهم
ميرنا:- آه يا كوثر حتى أنتِ تتت .. اهتمي بشغلك اهتمي
كوثر(رمقت ميرنا وهي تصعد لفوق ونظرت لهاتفها):- أحتاج لوصالي الآن أين هي …

في المعسكر
كانت تقوم ب كيِّ ثياب العسكرية الخاصة بكامل كمال بعد أن نظفتها جيدا ها هي ذي تقوم ب كيِّها رويدا رويدا ، تضع على أذنها سماعات الهاتف وتحادثه طبعااا
كامل:- هههه خذي خذي هذه ما هو الشيء الذي يكسو الناس وهو عارٍ ؟؟؟ هيا احزري
حميدة:- لا تقل لها الجواب يا ولد دعها تفكر
وصال:- يااااه أنتما تصعبان علي المسألة هكذا يا كامل همممم … تتت يكسو الناس وهو عار يكسو الناس وهو عاااااار أهااااااااه الإبرة
حميدة(مطت شفتيها):- هل تغششها يا ولد ؟
كامل(بعدم تصديق):- كيف كيف عبر البلوتوث مثلا يا جدتي أستغفر الله …
وصال:- يس يس ربحت
حميدة:- خذ أعطها هذه سمعتها بأحد البرامج الإذاعية .. ما هي الكلمة التي ما إذا نطقنا بها بطل معناها ؟؟
كامل:- أسمعتِها يا وصال ؟
وصال:- سمعت سمعت على فكرة بدأت أشك في جدتك ولا جورج قرديحي ما شاء الله همم ، ما هي الكلمة التي ما إذا نطقنا بها بطل معناها أعتقد أنها الاسم الخاص بنا أو لا ؟؟
حميدة(نهضت ترقص):- خطأ خطأ خطأ ههههههه
كامل:- جدتي ترقص من الربح ، ووسط غرفتي بالمشفى الله يصبرني بس
وصال:- فشلت ما الجواب ؟
حميدة:- الصمت هههههههه
وصال:- إي والله ما كذبتِ أتاريكِ داهية ونحن لا نعلم ههه
كامل:- متشوق لرؤيتكما الأسبوع المقبل سأخرج من هنا حينها وأعود معكما للمعسكر يااااه فرحتي لا تقدر بثمن
وصال:- أنا أجهز لك بذلتك الآن وسأعلقها بدولابي الخاص لحين تعود وأقدمها لك بنفسي
كامل:-سلمتِ لي يا أحلى رقيب
وصال(سمعت طرق الباب):- أدخل … هيا كامل سأكلمك لاحقا انتبه لنفسك وتناول أدويتك
جاسر(دخل إليها):- هل أنتِ متفرغة الآن ؟
وصال(تقاوم بسمتها):- نعم أ.. هل تحتاج شيئا ؟
جاسر(احتجت لرؤيتكِ ولا أدري لماذا فلا تسأليني):- أ.. لنصلح معا الدراجة النارية التي خربتِها حضرتكِ ، أريد أن أعلمكِ طريقة تعديلها
وصال:- امم للطوارئ يعني
جاسر:- شيء من ذا القبيل
وصال(طوت بذلة كامل كمال ووضعتها بدولابها):- حسن إذن سندفع بعضا من الضرائب التي علينا
جاسر(يسير بجنبها بابتسامة):- أكان ذلك كامل ؟
وصال:- هلكتني جدته بالألغاز إنها موسوووووعة بحد ذاتها لن تصدق مدى دهائها
جاسر:- ههه سبحان الله لا أدري من ورث حفيدها ذلك الغباء
وصال:- لا تصف كامل بالغبي هو ذكي جميل
جاسر(أتمم عنها):- وعالم الأطفال عالم جميل أتممي بابار فيل ذكي جميل ، هه سمعتكِ ذلك اليوم ترددينها وأنتِ تمارسين الرياضة
وصال(صغرت عينيها):- هذا يسمى تجسس ثم ثم أنا وضعتها بسماعة أذني كيف تتنصت ؟
جاسر:- ربما لأن صوتكِ كان يصدح بالأرجاء ..؟
وصال(حولت عينيها وهي تسبقه):- همممم … أوأوون هاتفتني كوثر ولكنني لم أسمعه سأكلمها ربما كان شيئا ضروريا
جاسر(توقف ونظر لساعته):- خمس دقائق وتوافيني بعدها للمرأب وإلا أتيت وجذبتكِ من شعرك أمام الكل
وصال(رفعت حاجبها لتلمس جديته وقد كان فعلا جديا):- أوك عشر دقائق ولن أتأخر
جاسر(فتح عينيه على وسعهما وهو يحسبن):- كيف تعُد هذه البنت قلنا خمسة وراحت لعشرة أكيد ستعود لي بعد الثلاثين أو ما أزيد …
وصال(انعطفت جانبيا تهاتفها):- ألو حبي اشتقت اشتقت لكِ بششششدة ما الأخبار ؟
كوثر:- بل قولي ما المصاااااائب ؟؟
توجست وصال قلقا واستمتعت لكل تلك العناوين العريضة والتي كان كل واحد فيها يكفي لفتح نقاش طويل لا ينتهي ، فكل بمصيبته الله يستر بس …..

في تلك الأثناء وفي مكان بعيييييييييييد جداااا مكان قصي لم تطأه أقدام العائلة من قبل سوى اثنين منهما نور وحكيم فتلك قد زارته قبل عدة سنوات ومنعها من تكرار ذلك رافضا أي زيارة من أي أحد ومهددا بوعيد صادم جعلها تقبل طلبه على مضض ، والثاني زاره قبل مدة ليست بالبسيطة وبدوره قام بطرده من أمامه كي لا يجد الشفقة بأعينهم لأنه تأقلم مع سنين سجنه وسيكتفي بما قسمه الله له ، سينهي محكوميته وبعدها لكل حادث حديث …
كان يجلس في سريره الخاص متقوقعا حول نفسه يقرأ في إحدى كتبه التي يدفن نفسه بها كي لا يعيش بواقع مرير يلفه الحقد والضغائن ، بقربه عدة كتب أخرى بل مجلدات كثيرة مؤكد هي التي يقضي بها جل وقته وهو في ذلك السجن القاتم … "طارق الراجي" لأول مرة نتعرف عليه شخصيا وأظنها لن تكون المرة الأخيرة …
مهدي(رفيقه بالزنزانة منذ سنوات):- ريس طارق يا ريس طارق …
طارق(أزال نظارته ونظر إليه بصمت):- …لارد
مهدي(ابتلع ريقه):- أحضرت لك الشاي
طارق(أشار له كي يضعه على الطاولة وأومأ له بشكر محركا رأسه):- …لارد
مهدي(جلس على السرير مقابله وأمسك بكوبه ليشرب منه):- سنشربه سوية يعني أغلق كتابك قليلا وبعدها تتممه
طارق(ناظره بشكل طويل طويل حتى تنفس بعمق وأغلق الكتاب):- ….لارد
مهدي(رمقه شزرا وهو يشرب من شايه):- صنعته خصيصا لي ولك ، حتى الرفاق طالبوني بكأس آخر لهم لكنني عارضت جعلتهم يحضرون لأنفسهم ههه
طارق(اكتفى بالصمت):- …لارد
مهدي:- نحن هنا منذ سنوات يعني عشرة عمر كلامك معي ضئيل جدا ومع الآخرين شبه منعدم يعني للضرورة وفقط ، وأنا والله قلبي أحبَّك أنت دونا عن الكل ، أشعر بصدقك و …
طارق(رفع يده ليوقفه عن الحديث وتابع شرب الشاي بصمت):- ….لارد
مهدي(مط شفتيه بزفرة عميقة):-أريد أن أسمع منك ما يريح قلبي أعلم أن حكمك لا يزال قائما لعدة سنوات ضئيلة وأنا مثلك لذا أفكر أن نقضيها سوية كأصحاب
طارق(قدم له الكأس):- شكرا على الشاي …
لم ينتظر حتى رده قدمه له وارتدى نظارته فتح كتابه وغاص من جديد بين سطور الحكاية ، هنا استقام مهدي وهو متذمر لكن ماذا يسعه أن يفعل ويخرج طارق من تلك القوقعة التي دفن نفسه فيهااااا …
حسَّان:- هههه أطردك من جديد ؟
مهدي:- لا شأن لك يا حسان لا تتدخل بيني وبين صديقي
حسان:- هههه والله أنت الذي تعتبره كذلك هو لا يعيرك أدنى اهتمام
مهدي(وضع الكؤوس بعصبية):- لا تتدخل فيما لا يعنيك دعك في حالك ونحن في حالنا
حسان(أشار له برتابة):- هههه فلتحترقا وأنا مالي ….أوووه ها قد قدم مفيد الزيارات عمنا رااافع ههههه
مهدي(بتأفف):- تتت مقيت
الشرطي رافع(رجل متقدم بالسن وطيب جدا معهم):- طارق الراجي … طارق الراجي
مهدي(ركض لطارق):- طارق طارق إنهم ينادونك
طارق(رفع بصره تجاه الشرطي):- …لارد
رافع:- انهض لديك زيارة
طارق(لم يوليه اهتماما وعاد لقراءته):- ….لارد
رافع(بنفاذ صبر):- الأمر طارئ يخص أسرتك إنهض ولا تضيع وقتي يا بني
مهدي:- ما ربما كان أمرا يخص أهلك انهض ولا تتكاسل
طارق:- لقد أشرت بأنني لا أريد رؤية أحد لذا عد للزائر واطلب منه الرحيل ، انتهى
رافع(كتف يديه):- إن لم تنهض معي الآن سوف يصعد الأمر للإدارة وتقع بمشكلة
طارق(بعصبية وضع الكتاب على جنب واستقام):- همممم …
سار معه نحو غرفة الزيارات وفي كل خطوة صرير مفاتيح الأقفال يضرب في صدره ، كلما عبرا من بوابة حديدية يعتصر قلبه بالألم والحزن على مآله ، نفض غبار هذا الحديث النفسي وقرر أن يتفوه بأبشع الكلمات لزائره أيا كان كي ينسوا أمره لحين تنتهي سنوات حكمه ..
رافع:- أدخل إلى هنا سأكون بالقرب
طارق(حرك رأسه ودلف للغرفة وعلى ملامحه يرتسم الغضب):- أخبرتكم أنني لا أريد رؤية أحد متى ستكفون عن ملاحقتي ؟؟؟؟ م .. من أنتِ ؟؟
شاهيناز(استدارت إليه وهي تنزع قبعة السلهام الذي كانت ترتديه وبابتسامة ماكرة):- طارق الراجي أخيرا التقينا
طارق(بعدم فهم رمقها ولم يستطع التعرف عليها):- أظنكِ مخطئة أنا لا أعرفكِ يا سيدة
شاهيناز(اقتربت منه بخبث وهي تتلوى أمامه بقوامها الفاتن):- ولكنني أعرفك
طارق(عقد حاجبيه وهو يرمقها بارتياب):- ماذا تريدين ؟
شاهيناز(تنفست بعمق وهي تقف على بعد خطوة منه وعطرها يلفح وجهه):- كل خير
طارق(ابتعد عنها وهو يناظرها باستغراب):- ابقي حيث أنتِ وأوجزي مسعاكِ ثم انصرفي
شاهيناز(رجل بحق مثل أبييييك تماما .. يا للهالة الخشنة التي بعثرتها بقلبي ياااه أظنني عشقتك ياااا ويلكِ يا سلسبيل ستنتقمين من ابنه شر انتقام ههه يلا ليرحم الله أباك يا عزيزي طارق):- أدعى شاهيناز وما سأطلبه منك قد تعتبره ضربا من الجنون لكنه حتما سيكون مفرَّك من هذا المكان الوضيع …
طارق:- فهمت الآن هه بعثكِ حكيم لي أيضا كي تقنعيني بالهرب من هنا ، عذرا ضيعتِ وقتكِ وأتعبتِ نفسكِ بقطع كل تلك المسافة من أجل لا شيء .. عن إذنك يا سيدة
شاهيناز(سحبت نفسا عميقا وأوقفته بجملتها قبل أن يغادر الغرفة):- نهال …. أجمل منها ما رأيت شابة في عمر الزهور حيوية متفائلة وتحب فعل الخير ، ستبلغ 19 قريبا وأنت لا تزال هنا قابع بين جدران سجنك وأمامك شوط آخر لتقضيه بعيدا عن ابنتك … يعني قد تتعرض لأذية وهي في سن المراهقة فلا حسيب ولا رقيب في غياب الأب وأنت أدرى بما يحدث للفتيات بمثل هذا العمر ..
طارق(تشنجت عضلاته من هذا الحديث فقلبه يموت من الفكرة التي يعيشها منذ أن دخل إلى هناك ويكفيه ما فيه):- من أنتِ وما شأنك ؟؟؟؟؟؟؟؟
شاهيناز(تقدمت إليه بخيلاء وهمست بقربه بخبث انطلق من فاهها كفحيح الأفاعي):- أنا المرأة التي ستغير مجرى حياتك ….


يتبع …


الكونتيسة نسرينا غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 26-09-16, 09:39 PM   #423

الكونتيسة نسرينا
 
الصورة الرمزية الكونتيسة نسرينا

? العضوٌ??? » 310858
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 623
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » الكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل 21

"عِندمَا تحزنين مرَّة أنا أحزنُ ألفَ ألفَ مرَّة ، وعندما تبكِين تنشطرُ رُوحي لآلافِ القطع أتناثرُ كما يتناثرُ رذاذُ المطر على الأرضِ بفوضَويَّة تنمُّ عن الرَّفضِ والغضبِ والآلام …"
سنجد حلا كلُ شيء سوف يكون على ما يرام حتى لو اتَّحدت كل الغيوم السوداء لتحجب عنا شمس الأمل ، سوف لن يستمر ذلك لأنه حتما ستأتي رياح الإنقاذ لتبعد عنا هذا البؤس المخيم فوق رؤوسنا .. أي نعم يومنا هذا سنحفظه في أجندة المصائب المتعلقة بآل الراجي لكن لعله خيرا لقادم أجمل وأفضل ..
أي خير هذا الذي سيأتي .. جملة شاردة نطقتها وهي تكفف دمعاتها وتنظر للفضاء المظلم عبر نافذته ، أحسَّت بالبرد الموجع يسري بين أطرافها لذا مسحت على ذراعيها وهي تهتز وتعقد حاجبيها إذ أن خيالها قد سرح بها إلى حيث تكمن ابنة عمها التي لا يزال مصيرها قيد المجهول … نهض إليها متعبا مدمرا فاقدا للذات بدوره وجثم خلفها بضخامته التي استشعرتها مغمضة العينين لا تقوى على امتلاك أنفاسها لأنها منهارة في حالة يرثى لها تبحث عن منفذ أو خلاص يجعلها تستمد بعض القوة لكي تصمد وتصمد أمام هالة الأحزان التي طالت زوايا بيتهم … وضع يديه على ذراعيها وجذبها إليه في عناق خلفي على وضعها ووضعه ، أحنى رأسه ليضعه على كتفها ويناظر معها الأفق الدامس أمامهما وبصوت مبحوح متألم يشبه أنين الموتى السابحين في أرض الهذيان همس لها ..
حكيم(بغصة مسننة):- أعلم أنكِ تفكرين فيها الآن ، تتساءلين عن موقعها حالتها جائعة أم شبعانة عطشانة أم متألمة ، باكية أم منهارة أم ماذا وماذا وماذااااا … مخاوف عديدة تسبح بمخيلتي يا ميرنا لأول مرة أشعر بأنني مكتف اليدين مقيد بسلاسل ممتدة حتى عباب السماء
ميرنا(بسرعة استدارت إليه وناظرته من بين دموعها):- حكيم حكيم … دعاء ستعووود
حكيم(رمى بثقل يديه على جانبيه وبنظرة كسيرة حرك رأسه لميرنا):- ربما قد فات الأوان
ميرنا(أمسكت قميصه وهزته):- إياك وأن تستسلم الآن إياك وأن ترضخ لفكرة الفشل ، نحن بحاجتك ، دعاء بحاجتك .. أنظر إلي إرفع رأسك ولا تحنيه أبداااا أنا يا حكيم بحاجتك لأصدق أنني سأرى ابنة عمي مجددا وسوف أعاتبها بطريقتي لكن فقط لتكن بخير وتعود إلينا سالمة
حكيم(تنهد بعمق وهو يلمس القوة في عينيها):- كيف تستطيعين أن تكوني قوية هكذا في عز لحظات ضعفك ؟
ميرنا(حركت رأسها ووضعته على صدره):- ربما لأنني بحاجتك أكثر مما تعتقد يا حكيم
حكيم(ضم رأسها إليه باحتياج وهو يغمض عينيه):- اعذريني عن التفكير بصوت عال ما كان يجب أن أجعلكِ تجزعين خوفا هكذا ، سوف لن أستسلم لحظة لأجل دعاء
ميرنا(أومأت له بإيجاب وابتسمت):- على قولة نور سننتظر خطوة من ذلك الخسيس وبعدها سنتحرك
حكيم(هز حاجبه بترفع):- نَـ إييييه يختي ؟؟؟ نتحرك هههه ههاا أضحك الله سنكِ يا ميرنا في عز أوقاتنا أزمة تطلقين الدعابات
ميرنا(اختفت بسمتها وهي تلاحقه وهو مغادر الغرفة):- ماذا تقصد لما تضحك ؟ حكيم توقف توقف أنا أكلمك
حكيم(دخل في حالة هذيان مطلقة):- قالت نتحرك يا روحي أناااا ، صنديدة الحالات الطارئة حبيبتي ههه نتحرك آه يا ربي متى ينتهي هذا اليوم أشعر بأنه أطول من عمررررررري ..
ميرنا(توقفت ووضعت يديها على جنبها):- قلت نتحرك هل فيها عيب أكيد سأنضم إليكم
حكيم(أثناء نزوله):- لا لا إنها تتمادى في مزاحها يعني عيب يا ميرنا الوقت لا يسمح ..
إياد(عقد حاجبيه):- ما الأمر ؟
حكيم(صفق بيده وأشار لها):- صديقتك العزيزة تريد أن تنضم إلينا عندما نتوجه لإحضار دعاء ، يعني الأخت تود الدخول في مغامرة أشك بأنها اشتاقت لألعاب الملاهي لذلك هي تبحث عن منفذ تنفس به عن مكبوتاتها القديمة
ميرنا(بغيظ ضربت برجلها الأرض):- حكييييم يكفي سخرية …
رامز:- له له يا ميرنا هل أنتِ واعية لما تقولينه عن أي مجيء تتحدثين ؟؟ لن يبرح أحد محله غيري وغير حكيم ووائل حتى إياد سيبقى
إياد(رفع حاجبه إليه غير مصدق):- ومن قال أن إياد سيبقى ؟
رامز(بعناد):- أنا قلت وستستمع لكلامي يجب لرجل ما أن يبقى بالبيت ،، ولن يكون هذا الرجل سواااااك يا حلو
إياد(صغر فيه عينيه):- نتحاسب فيما بعد على لهجة التأمر تلك .. الآن يا ميرنا لا تتهوري الموضوع ليس بتلك السهولة التي تعتقدينها ، هنالك مخاطر مجهولة لا ندري عنها شيئا
ميرنا(كتفت يديها):- وأنا مالي أريد الذهاب دعاء ستكون بحاجة لي
نور(خرجت من المطبخ وهي تشرب كوب قهوة):- سأذهب أنا ولن تجادلي بحرف ..
ميرنا(نظرت إليهم جميعا نظرة غضب وبرقت عيناها ببسمة حين لم تلمح وائل هناك إذن ^^):- حسن لن أبرح مكاني
حكيم(حرك رأسه بدون فائدة وهمَّ بالاتصال بطلال):- إياد رجاء أبقي عينيك مفتوحتين عليها إذ أنها ليست كفؤا للثقة ، وأنتِ نور تحضَّري سنتحرك بعد لحظات
رامز(أمسك هاتفه هو الآخر):- سأبلغ الدعم بالتيقظ ريثما نصل إلى المكان المذكور
حكيم:- لا دخل لي في أي ضرر سيحدث لأنني بلغتك من البداية ، أنا قادر على حل هذا بنفسي ولا داعي لتدخل الشرطة لكنك ومن معك أعند من فناء بيتنا لذاااا .. لنتحرك
رامز(رمقه شزرا وقد أبعد هاتفه عن أذنه وانحنى لإياد):- هل شتمني هذا للتو ؟
إياد(أخفى ضحكته المريرة):- تقريبا … هه يا الله عليك ..
رامز:- لا حول الله يا ربي كلهم أنذال خسيسووون ، هئئ ويلي ويلاه ما بي أصبحت أتكلم مثل أختهم المجنونة تلك أظنني قد تأثرت بها كخهه ؟
عفاف(خرجت من غرفة مديحة التي كان الكل تقريبا فيها):- ما الأخبار ؟
نور(حملت حقيبتها):- البيت بأمانتك عفاف نحن ذاهبون الآن
عفاف:- لا تقلقي أمي وخالتي ستكونان بخير فور استيقاظهما من إبرة المهدأ التي حقنتهما بها سأحاول تهدئتهما ، أما إخلاص فهي في غرفة جدتي نبيلة مع كوثر يعني لضبط جماحها هي الأخرى ، مرام مع أولاد رنيم ونهال ودينا وشيماء يساعدون أيضا.. المهم كلهم تحت السيطرة حاليا لكن إن صعب علي ذلك عليهن رفقة ميرنا وإياد سأفقد عقلي
نور(ربتت على كتفها):- لا تقلقي سوف نعيدها وسوف تنقشع هذه الزوبعة عن بيتنا
عفاف(بتمني):- أتمنى ذلك
رامز:- هيا يا ست نور حان الوقت ، ناجي صهيب يتحرك متوجها خارج حدود المدينة
نور:- اللعين ابن اللعينة اليوم سأفقع مرارته بكعبي صبره علي فقط
رامز(بشعور بالاشمئزاز):- سبحان الله عائلة سفاحة بالفطرة …
نور(التفتت للخلف لإياد تحديدا):- عينك على ميرنا يا إيااااد
إياد(التفت خلفه لم يجدها):- لا تقلقي أين ستذهب سأحبسها فوق بغرفتها … على الأغلب صعدت لتبكي أعرفهاااا
نور:- تمام دعواتكم لناااا …
حكيم(أغلق الهاتف وهو يركب سيارته ويرمق وائل من محله بكره):- أظن بأنني أرى وجهه هذه الأيام أكثر من وجهي بالمرآة ، سحقاااا للاستغلالية التي يتمتع بها لو أنا محله ما كنت اقتربت خطوة من هذا البيت يعني احم .. سآتي لأطمئن على ميرنا وأرحل وليس ما تفضَّل به الأخ و..
نور(ركبت بجانبه):- هل تكلم نفسك ؟
حكيم(ناظره ببغض):- نوعا ما
نور(نظرت إلى حيث ينظر):- وائل رشوان لن يخطو خطوة واحدة بعيدة عن مدارنا ما إن لم نجد دعاء ، فتأقلم مع الوضع وانس أمر طرده لأنه لن يحصل
حكيم(استدار إليها):- هل تَجدن هواية في استفزازي بجملكن المفيدة هاته ؟
نور(وضعت حزام السلامة باختلاف):- لنُعِد دعاء للبيت فهذا أهم بكثير من ألف شيء
حكيم(وقد استرجع مواجعه وبنظرة حاسمة):- لنفعلهاااا …
حسام النهواني وقَّع بطيشه على عريضة خروجه من كوكب الأرض وانتقاله لكوكب الجحيم الأسود الذي سيعيشه على يد حكيم الذي كان يتوعده بشراسة السنوات الماضية ، وكأنه يضبط بصعوبة طقوس إطلاق أسده الخفي كي لا يؤذي أي أحد ، لكن حسام يستحق هذا النصيب من المصائب التي ستسقط على رأسه ما إن يقع في قبضتهم … أما وائل فقد كان يلحق بركب السيارات المتقدمة يعي تماما أن موقعه مهتز لحظتها وكأن الكل يتساءل ما موقعه من الإعراب حاليا بناء على زواج محبوبته وانتهائها مع رجل غيره ، إذن عليه أن يبقى بعيدا لكنه لم يفعلها بل ظل بالقرب حتى اقترب أكثر من اللازم ، لم يتوانى لحظة في تقديم يد المساعدة لآل ذلك البيت لأجل شمسه ولأجل النسوة اللاتي قدمن له ذات يوم محبتهن دون مقابل ولا يزلن رغم كل ما تغير .. مسح خلف رأسه وهو يدعك فرامل السيارة في تلك الظلمات وعيناه مسمرة على سيارة حكيم التي كانت تفصل ما بينه وبينها سيارة رامز ، هو عازم على فعل اللازم لأجل إعادة المياه لمجاريها بذلك البيت وسيقدم كل ما بوسعه كي يلمح البسمة مرتسمة على ثغر عسل غروبه من جديد … بعد سويعات ضئيلة كانتِ السيارات الثلاث تقف عند مفترق طرق بينما أمامهم كانتِ العشرات منها ما بين سيارات شرطة وسيارات رجال حكيم الذين خرجوا جميعا مثل النمل العسكري في انتظار الأوامر ..
رامز(يكلم قائد الدورية):- أبقي اتصالك مفتوحا مع الدورية التي تراقب سيارة ناجي صهيب ، سأرى مع رجال حكيم ما يجب .. لا أدري كيف أتعامل مع عقل ذلك الرجل المركب من بعض الطين والماء !!
توجه صوب حكيم لكي يضبط الأمور معه حول رجاله يعني كي لا يعرقلوا سير الشرطة بتدخل غير متوقع ، لكن قاطعه اتصال الخاطفين بنور التي امتقع وجهها باللون الأحمر غيظااااااا
نور(فتحت هاتفها بعد لحظة صمت منهم):- أسمعك
ناجي:- هاي حلوتي هل تتذكرينني ؟
نور(فتحت عينيها على وسعهما وأشارت لهم لكي يستمعوا):- ناجي صهيب كما توقعت يا أنذل الرجال ، مثلكما لا يصلحان سوى سجاد لكعبي لكن لا بأس يوم لي ويوم لكم
ناجي:- هههه إييه لو كنتِ خطيبتي الآن لما حدث كل هذا يلا لا نصيب ههه
نور(بصقت بنفاذ صبر):- تفوووه عليييك أنت وصاحبك الخسيس صدقني لن تمضي فعلتكم على خير ، أقسم ب…
ناجي:- هييه هييه لا وقت لدي لسماع توعداتك الفارغة نصف ساعة وتضعين الحقيبة في السيارة وبعدها تتبخرين ، وإن جربتِ اللعب معنا يا نور سوف تجدين أحلامي في نيلكِ قد تحققت باختطاف ثنائي لبنات الراجي هممم
نور(أغمضت عينيها تريد انتزاع رئتيه بيديها):- نصف ساعة ويكون المال هناك
ناجي(ضحك بسماجة):- هاهاااا ههه منظركِ الآن أكيد سيحفر في ذاكرتي .. يلا روحي نلتقي
نور(بغيظ قفلتِ الخط):- كما توقعنا هما شريكين
رامز(حرك رأسه بإيجاب):- هذا يعني أننا في الطريق الصحيح … يا رجااال
حكيم(جذبها بعيدا قليلا حين رمق وائل قد تراجع لسيارته لأجل غرض معين):- اسمعيني جيدا ستبقين تحت الأنظار لن أغامر بكِ أنتِ أيضا ..
نور:- حكيم واجبي سأؤديه كما يجب لذا لا تقلق سأكون معكم للأخير
حكيم(يكتف يديه ويستمع إليها):-غير مقبول طبعا إحضاركِ رفقتي لأجل دعاء يا نور فلا تجعليني أندم على ذلك ، ستضعين حقيبة المال بتلك السيارة اللعينة وتعودين إلى سيارتي تقبعين فيها لحين نعيد نحن دعاااء ، لن ترافقينا لمحل وهذا قرار نهائي
نور(حركت رأسها له بموافقة):- طيب كما تشاء لن أتعبك أكثر معي ..
حكيم(تنهد بأريحية):- هاه أخيرا وجدت صدى لطلباتي البسيطة .. تت
نور(لمحته يراقب وائل طوال الوقت):- دعك من الضغائن حكيم أختنا في خطر الآن وهي الأهم من أي شيء
حكيم(صغر عينيه):- وجوده يجعل قلبي معتصرااااا
نور(هزت رأسها بقلة حيلة):- هههه يا حبيبي …
رامز(توجه صوب وائل الذي كان يتحدث عبر هاتفه وأقفل الاتصال):- مع من تتحدث ؟
وائل(رمش بعينيه بقلق):- جربت الاتصال بميرنا ولكنها لا تجيب
رامز:- أكيد لن تجيب فهي على الأغلب رفقة أسرتها
وائل(قوس عينيه بشكل متوتر):- لا .. أشعر بشيء غريب يحدث لميرنا هي ليست بخير
رامز(عقد حاجبيه):- يا الله بدأنا التوتر الروحي الآن ، لا تجبرني على طرح موضوع فلسفي هنا عن التخاطر وغيره من علم الخوارق الطبيعية
وائل(مط شفتيه وزفر بعمق):- حسن حسن لا بأس ، يجب أن أستغل هذه الفرصة كي أساعد ميرنا يجب على دعاء أن تكون بخير ..
رامز(رمش بعينه وهو يشير بيده):- آه يا ربي يعني ولا واحد فيكم عاقل مئة بالمئة ، لم أطلب الكثير يا ربي واحد بس في هذه المجموعة غريبي الأطوار … وائل إلى هنا وستتوقف يعني ما قصدك حين قلت أنها فرصتك ، روحي هذه مسألة حساسة جدا ونحن لا نلعب هنا
وائل:- إن هؤلاء لا يفقهون في التفاوض حرفا دع لي هذا الموضوع
رامز:- أعلم لما أنت مصر على ذلك كي تكون في نظر ميرنا الشخص المنقذ الذي أعاد لها ابنة عمها ، لكن لا وألف يا كبدي لن أخاطر بسلامتك لأجل تبجج خاوي الوفاااااض البنت صارت لذلك السمج فانس الأمر و ضع جمرة على قلبك مثلي وامضي في حال سبيلك
وائل(رمقه شزرا):- وكأن تلك الفتاة تخصني لذا لا أسمح لك بالتحدث عنها وعن مشاعرك كي لا أخطئ في حقك وأنسى أننا بنينا مع بعضنا بعض رابطة عمل مشتركة
رامز(هز رأسه برتابة):- أجل أجل عمليااااات إنقاذ ميرنا المشتركة .. لا تذكرني حبا بالله
شرطي(تقدم من رامز):- سيدي وصلت سيارة ناجي إلى الموقع لكنه لم يتوقف بل تابع مسيره لبقعة نائية بالجوار .
رامز(بتفكير):- متوقع سينتظر نور لتضع المال هناك وحين رحيلها سيأخذه
وائل:- طيب ماذا عن دعاء ؟
رامز(صغر عينيه ونظر للبعيد):- أعتقد بأن حسام لا ينوي إعادتها أو أنه ….
وائل(بفزع برقت عيناه):- سيؤذيييييهااااا ؟
رامز(ابتلع ريقه وأمسك هاتف الشرطة خاصته):- إلى جميع الوحدات أكرر إلى جميع الوحدات استعدوا سنحاصر الموقع المحدد ، تأهبوا للقبض على ناجي صهيب في اللحظة المناسبة …حول …
نور(توجست حين رمقت الحركة قد ازدادت من حولها):- ما الذي يحدث ؟
حكيم(بقلق أشار لها لينضموا إليهم):- طلال طلال إلى هنا … ماذا يجري يا جماعة ؟
وائل(مص شفتيه حين رمق رامز وقد تراجع ليكلم فريقه):- ناجي صهيب أوقف سيارته بعيدا عن الموقع المحدد وهو في انتظاركِ نور
حكيم(تحركت حنجرته):- وأختي ؟
وائل(نظر إليه بأسف):- رامز يعتقد بأنه … لا ينوي المضي في هذا الاتفاق
نور(بعدم فهم):- ما يعني ؟
وائل(شحذ أنفاسه بغبن):- ربما علينا أن نسارع العملية فمؤكد أن الاثنين لا يضمران خيرا لدعاء
نور(شهقت بفزع):- يا إلهي .. أيعقل أنه سيأخذ المال ويؤذيها ؟
حكيم(مرر لسانه على شفتيه وقد وضع يده على جنبه):- لن يحلم بذلك حتى …
نور(جحظت عيناها حين رأته قد أخرج سلاحه من تحت سترته):- هئئ إلى أين ؟
حكيم:- طلال … سوف نكمل هذا الأمر بطريقتنا اسحب الرجال بعيدا عن هنا
طلال:- ولكن الشرطة سوف ت ؟؟
حكيم(قاطعه بعصبية وهو يتوجه لسيارته):- ومنذ متى نحن نأبه للشرطة اركب ولا تزعجني أكثر ، أختي في قبضة مجرم وأنا لن أفوت فرصة إنقاذها وأدع له المجال للعب
طلال(حرك كتفيه بقلة حيلة):- كما تشاء …
وائل(لاحظ كل ذلك والتفت إلى نور):- على ماذا ينوي هذا سوف يخرب كل المخططات
نور(بتعب نفثت شررا):- ما كان اسم ذلك الشرطي ..آه رامز ياااا أخ رامز لحظة لو سمحت لدينا مشكلة هنااااا
انقلبت الأوضاع فحكيم كان مصرا على عدم السماح لأي من رامز أو غيره بالتدخل في قراراته ، لذا غادر رفقة رجاله المكان برمته تحت مرأى من نور ووائل اللذين حاولا الحؤول بينه وبين هذا الجنون باللحاق به لكنه كان مسرعا لدرجة تحثهم على التوقف خصوصا حين وجدوا بأنه لا جدوى من إيقافه فهو محروق القلب على أخته وسيكون ضربا من الجنون إن حاولوا منعه مما يفكر فيه … رامز لم يجد بدا في إيقافه لأن الخطة ستسير حسبما اتفقوا عليها وإن حدث جديد مؤكد رجال حكيم لن يكونوا أغبياء وأيضا الشرطة سيكونون لهم بالمرصاد .. على أساس ذلك ركبت نور مع وائل الذي انطلق رفقتها خلف رامز والبقية ، وصلوا إلى بقعة زراعية منخفضة وطلب منهم رامز أن يطفئوا جميعا أضواء سياراتهم ويستندوا على ضوء الإنارات العمودية .. من بعيد لمحوا هنالك سيارة فارغة وقد كانت هي السيارة المعلومة التي ستضع فيها نور حقيبة المال المطلوب للفدية ، هنا زفرت بعمق وهي تستمد قوى باطنية من ذاتها فهي ستخطو خطوة نحو رحلة إنقاذ دعاء الغالية ..
وائل(رمق توترها):- لا تقلقي أنا ورامز والباقون بالجوار وأكيد حكيم متواجد أيضا
نور(مصت شفتيها ونظرت إليه بقهر):- بصراحة ما يخيفني أكثر هو أن تفشل خطتنا ، ماذا سيحدث بأهلنا لو عدنا إليهم بدون نتيجة أكيد ستدخل خالتي المشفى الليلة وأمي لن تسلم منها والبقية سينفطر قلبهم .. يعني سوف نعاني الأمرَّين إن لم ينجح كل هذاااا
وائل:- نور ..أنتِ من قام حسام باختيارها لتسلم الفدية يعني هو يثق بأنكِ لن تغامري بروح ابنة عمك إن أنتِ خذلتِ الاتفاق بإبلاغكِ الشرطة أو أي أحد غريب ، لذلك عليكِ استغلال هذه النقطة لتكوني أقوى مما يظن فهذا وقت صمودك
نور(تمعنت في كلماته وأخذت نفسا عميقا):- أنت مساند جيد وائل من الرائع وجودك هنا
وائل(بمودة):- سأكون بجانبكِ دوما ، هيا نور
هزت رأسها إيجابا وخرجت من السيارة وجدت رامز بانتظارها وحقيبة المال في يده ، قدمها لها وأشار برأسه لموقع السيارة البعيد هناك ركبت سيارته الخاصة التي سمح لها باستخدامها وانطلقت بأسرع ما يمكنها إلى هناك … بعد لحظات بسيطة توقفت حين لم يعد يفصلها عن تلك السيارة سوى خطوات وعليه ترجلت منها وأمسكت الحقيبة بين يديها في حلكة ذلك الليل مستعينة بأضواء سيارتها وأعمدة الإنارة المتباعدة على ذلك الطريق الفرعي ..
نور(بصوت عال):- ناجي صهيب أو حسام النهواني أيا كان منكما في الجوار ليسمعني جيدا ، دعاء الراجي ستعود إلينا سالمة غانمة وإن مسستم منها شعرة واحدة سألاحقكم بنفسي حتى وإن هربتم خلف الدنيا سأجدكم وأقض مضاجعكم ،،، سأكون مثل السوسة في حياتكم لذا كما طلبتم قد أحضرت المال لكم فسلموووني ابنة عمي وليمضي كل في حال سبيله دون مشاكل ..أيسمعني أحدكم ،، هييييييه يا قذريييييييين ؟؟؟؟؟ (بعد لحظتين) ههه رنين هاتفي أكييييد كلب منهما / ألووو يا حشرة ..
ناجي:- ههه خُطبة طويلة عريضة يا نور جعلتني بعد سماعها أشعر بالنعاس ، هه لعلمك لديكِ موهبة في قيادة مخيمات العجائز فكري بالأمر
نور(بغضب):- أين هي دعاء ؟
ناجي:- لن تستلموها حتى نأخذ المال بعدها سنحضرها لكم في الحفظ والصون عند مفترق الطرق ربما …
نور(لم تجد حيلة):- حسن سأنتظر …
ناجي:- ما أجملكِ وأنتِ عاقلة .. آآخ على اللون الكريمي كيف يطبع قوامكِ بشكل يثيرني
نور(ابتلعت ريقها وهي تعد حتى العشرة ومن بين أسنانها):- إن لم تجمع مستنقع فمك الآن ستجدني أطبع حافة كعبي على جبهتك
ناجي:- ههههههه متوحشة ..تيت تيت
نور(نظرت لهاتفها):- فقط لأراك يا ناجي صهيب وقتها لن يمسكني عنك أحد …
عادت أدراجها للسيارة وابتعدت عن تلك البقعة متوجهة صوب المكان الذي يختفي فيه الجميع ، وصلت إليهم وأطفأت أضواء السيارة وهمس لها رامز أن تبقى بجواره وتراقب عن كثب ما سيحدث … كما توقعوا بعد دقائق وبعد أن تأكد ناجي أنها قد جاءت لوحدها ترجل من السيارة وانطلق ليأخذ الغنيمة فتح الحقيبة ووجدها مليئة بالنقود وهنا برقت عيناه بجشع وأغلقها برفق بعد أن حضنها والفرح يغمره ، حملها بين ذراعيه وركض عائدا لسيارته في اتجاه مخالف لما اتفق عليه هو وحسام إذن ؟؟؟
ناجي:- ههه سأكون أغبى الأغبياء إن تقاسمت معك فلسا يا حسام ، ههه شكرا يا صديقي على هذه الهدية لقد جعلتني ثريا في لمح البصر بهذا المال سأتخلى عن وظيفتي الشؤم وأسافر لمدينة لا يعرفني فيها أحد وأبني حياتي مثلما أريد .. آآآه لتحترق يا صديقي في نار شرورك هذا دين وكان عليك دفعه هيا ناجي هيا لنهررررررب وننفذ بجلدنا هههه …
حكيم(تثاءب بملل وهو متكأ بوقفة مريحة على جذع الشجرة ويستمع إليه):- ليس بعد يا صديقي .. أظن أن بيننا حسابا علينا قفله ؟؟
ناجي(تصلب محله بهلع حين رمق طيف شخص جاثم هناك في جنح الظلام):- من أنت ؟
حكيم(خرج إليه من وسط الظلام وأخذ يظهر له شيئا فشيئا بفعل إضاءة الطريق البعيدة):- أنا الشخص الذي سيعلمك حسن الأدب فالغدر بين الأصدقاء يعاقب عليه قانوني الشخصي ،آه نسيت أن أعرفك بنفسي
ناجي(ابتلع ريقه بقلق وهو يحضن الحقيبة وينظر حوله لكتلة الرجال المسلحين الذين التفوا حوله مثل النمل بشكل مهيب):- قممم ..من من أنتم من أنت ؟
حكيم(وصل إليه وعلى بعد خطوتين منه ابتسم):- حكيم الراجي .. أخو المرأة التي يحتجزها صديقك يا مخادع
ناجي(فز عينيه بهلع):- و … ولكن أنا أنا لا دخل لي فيما حصل حسام ححسام هو الذي فكر وخطط أنا فقط سأساعده بالمال حتى لو شئتم خذوه ودعوني وشأني
طلال:- ما أجبنك ألم تكن قبل قليل تقلل أدبك على نور ، وكنت تتوعد بغدر صديقك صحيح يا حكيم ماذا كان يقول ؟
حكيم(ابتسم بخبث):- كان يقول أنه سيدلنا على مكان حسام النهواني بهدوء وبدون مشاكل
ناجي(ارتعش وسقطت منه الحقيبة فقد وصل حد النهاية):- صدقوني لا أعرف أين هو لم يبلغني قد قد أخبرني الخطة لأمسك زمامها من موقعي هذا وبعدها سيأتي إلي بنفسه ليتسلم المال ، والله لم يبلغني بموقع المزرعة كما اتفق معي لحين وصولي هنا بعدها سيتكلف هو
حكيم(سحب نفسا عميقا وأشار لرجاله):- يا رجااال ..
بعضهم أمسك ناجي وسحبوا منه سلاحه بعد التفتيش ، وبعضهم حملوا الحقيبة وهنا تقدم إليه حكيم ليمسكه من ياقة قميصه برفق يترجم إعصارا هادرا سيلفه بعد قليل
حكيم(بصوت خافت):- لمصلحة شبابك الذي سيضيع في حادثة شنيعة ، دلني على مكانه لكي أضع في حسباني أنك ساعدتني ، لأنني لو وضعتك في نفس مكانة حسام فاعتبر نفسك منذ اللحظة في عداد الأمواااات
ناجي(يرتعش تحت قبضته مثل الدجاجة):- أنا محقق وسوف تعرض نفسك للمخاطر إن أنت آذيتني بحركاتك الشبيهة بحركات العصابات ..
حكيم(جذبه بقوة وبنفاذ صبر لكمه على وجهه):- لا تفقدني صوابي أين هو حسااااام النهواااااااني ؟
ناجي(سمع صوت زناد المسدسات حوله وقد حضروهم للإطلاق وهو يدعك فكه من الضربة):- لقد لقد أقسمت والله والله لا أدري أين موقعه تحديدا لم يخبرني بذلك … لماااا لا تصدقوووونني .. ؟؟
رامز(ظهر من الخلف وبعده أتى الجميع):- نصدقك ولوو ، طيب على هذا الحال سننتظر معك لتحضر لنا حسام النهواني حتى هنا اتفقنا ؟
ناجي(رمش بعينيه بعدم تصديق):- لقد غدرتِ بنا ؟
نور(ظهرت من خلف رامز وتقدمت إليه مباشرة):- ههه عذرا بصدق وكأنني غدرتُ بقديس الصدق والأمانة هنا مثلا ؟؟
صفعته على خده بقوة وبصقت في نصف وجهه ومن بعدها ابتعدت عنه بنفور وهي تقترب من حكيم وترمقه بازدراء فحثالة مثل ناجي يستحق تلك الإهانة …
رامز:- اعتبر نفسك مفصولا عن العمل فمحقق نذل مثلك لا يستحق هذا الشرف ، إضافة للسجن الذي ستشرف به رفقة صديقك ما أن نمسك به
ناجي(بفشل ركع على الأرض فلقد ضاع كل شيء منه في غمضة عين):- سأفعل كل ما تريدونه لكن لا أريد أن أزج بالسجن ، حسام هو المذنب الوحيد
رامز:- وتتشرط يا حلاوتك … أخرج هاتفك وكلم حسام مباشرة دعه يأتي فورااااااا
كما أمروه فعل ، ضبط أنفاسه وأخبر حسام بأن كل شيء على ما يرام لا ينقص سوى حضوره لاستلام حقيبة النقود وإعطائه نصيبه منها ، المفاجئ أن حسام رفض حضور ناجي للمزرعة لحظتها وأمره أن ينتظره في ذلك الموقع لاستلام المعلوم وهنا استغرب الجميع ما يحدث
حكيم:- ماذا يخطط هذاااا .. هل أخبرته بشيء يا غبي ؟؟؟
رامز(وقف حائلا بين حكيم وناجي):- توقف يا حكيم ما تفعله غير صائب
طلال:- تمهل يا حكيم ودعنا نفكر بروية
نور:- تكلم أيها البغل لماذا رفض حسام ذهابك إليه ؟
ناجي:- لا أدري لا أدري
حكيم(التقطته بخفة):- أين هو حساااااااااااااااام الآآآآآآآآآآآآآآآآآآن تكللللللللللللللللللم ؟؟؟
سقط فيه ضربا ولكمًا وركلا لم يتمالك أعصابه فبصعوبة بالغة استطاع رامز وطلال إبعاده من قبضته مدججا في دمائه النازفة من وجهه ، أمسكه رجال الشرطة بينهم في حين نفض حكيم يديه من رامز وطلال وابتعد قليلا ليسترجع أنفاسه ويصطبر لكي لا يقع في خطأ يندم عليه فيما بعد .. هنا كانت نور تمسك على قلبها المتألم لقد وصل حالهم لمرحلة يرثى لها فما هكذا تستحق دعاء ما هكذا تستحق … ما الحل الآن حسام قادم إذن عليهم لملمة تلك الفوضى ، بأسرع ما يمكنهم اختفوا من تلك البقعة محتجزين ناجي معهم وبجهد جهيد أقنعوا حكيم بالابتعاد عن ذلك المكان لكي لا يشك حسام بأي شيء لكن الغريب الذي دفعه كي يتراجع أن وائل رشوان مختفي وسيارته مفتوحة الأبواب إذن أين هو ؟؟؟
نور:- آخر مرة رأيته فيها حين وصلنا إلى هنا بعدها لم ألحظه
رامز:- بصراحة ولا أنااااا … إلى أين ذهب هذاااا ؟
حكيم(تضخم صدره):- إلى جهنم الحمراء إن شاء الله ما لنا به لم نجبره على القدوم إذن لا دخل لنا به ، لنركز في حضور ذلك النذل هل أعاد رجالك حقيبة المال في موضعها الأساسي ؟
رامز(زوره بحدة):- هناك يا بعدي لا تقلق
نور(وضعت يديها على رأسها):- متى ينتهي هذا الصرااااااع أشعر بالتعب
حكيم(بصوت خافت):- ترى بماذا تشعر أختي دعاء الآن ؟
سؤال في محله يا حكيم آه لو تعلم بما تشعر لانكسر قلبك ، كان حسام يجمع في حقيبة ذراعه ملابسه وأغراضه ويضحك بصلف ضحكات استفزتها وجعلتها تصرخ بانهيار وبصوت مبحوح يكاد يُسمع ..
دعاء(تجذب يدها التي أدمتها بفعل القيود المكبلة بدعامة السرير الحديدية):- فك أسري يا أحمق لقد وصلت لما تريده ، أحضر لك أهلي الفدية إذن حرررررررني
حسام:- هاهاااا أحرركِ يا حلوتي والله فكرت في ذلك يعني إكراما للعشرة والليالي الملاح ، صدقا قد فكرت لكن تمعنت مع نفسي وقلت لما سأحررها طالما قد وضعتني تحت رحمة الأمر الواقع وتزوجتني قسرا مهددة بوعيد طالني ودمر كل ما بنيته خلال سنوات .. يعني فكري معي يا دعائي هذا ظلم ظلم ألا أقتص منكِ ولو قليلا مقابل ما فعلته بي هممممم
دعاء(بانهيار):- اهئ إن ما حصل لك صنع يديك يا حقيييير ، حررني بالله عليك اشفع لابنك الموجود بأحشائي أليس لديك رحمة أنا متعبة منهارة لن أؤذيك فقط أطلق سرااااحي
حسام(علق الحقيبة على ذراعه واقترب منها):- أوووه حبيبتي أدائكِ جيد يصلح لفوازير رمضان لكن ههه لن ينفع ذلك معي ، لن أحرركِ أنا آسف
دعاء(صرخت فيه بجنون):- تباااااا لك أيها الحقير تبا لك تبا لك يا حثالة يا ناقص الرجولة
حسام(رفع حاجبه ومط شفتيه بملل):- خسارة خسارة يا حبي أن أحرم نفسي من كلماتك التي تطرب مسمعي ، لكن النقود تناديني والحياة الرغيدة تفتح ذراعيها لتستقبلني الآن لذا موووووتي هنا ودعي ابنة عمكِ تنفعك … هههه سلامووووو
دعاء(ناظرته وهو يخرج):- حسااااااام حسااااااااااااااام اهئ لا تتركني هنا وحدي حساااااااام أرجوووك حساااااااااااااااام .. اهئ اهئ يا حسااااااااام النجدة أنقذوووووووووووووووووني
ترك الباب مفتوحا وخرج وهو يبتسم فلقد انتصر الآن ولن يقف أي أحد بينه وبين الثراء ، سينسى كل شيء ويبدأ حياة بعيدة عن تلك الدوامة بمجملها .. مضى في طريقه تاركا إياها تصرخ وتبكي لم يكترث ولم يستشعر أدنى ألم في خلده بالعكس لم تفارقه البسمة في حين لم تفارقها الآه خصوصا حين لمحت عقربا سوداء تسير على جنب الحائط على الأغلب دخلت من الباب ، هنا مات في دعاء كل شيء ظلت تبكي بدون صوت وتصرخ ببحة مؤلمة تمزق أحشاء القلوب بتلك الحالة … في تلك اللحظة قررت أن تنقذ نفسها بنفسها فلا أحد سيعثر عليها إلا وستكون ميتة لذا ظلت تتخبط في محلها وتمد يدها لعلها تصل لديكور حديدي موضوع بجانب السرير فوحده القادر على فك هذه المصيبة ، المشكلة أنها لم تفقه شيئا في كيفية فتح الأغلال فلا ذلك الديكور نفعها ولا هي أفلحت لذلك انهارت من جديد تصرخ وتبكي بحالة جنونية فقد اقتربت العقرب من ذلك الجانب ، لحظتها لم تفكر بشيء دعاء سوى قتلها ولذلك بغبن صوبت تجاه تلك العقرب ورمت بالديكور الحديدي عليها لكن مع الأسف لم تقربها بخدش إنما افتعلت مصيبة أخرى ستحل على رأسها لأن الديكور ارتطم بالأرض بقوة وارتفع ليضرب الكرسي الخشبي الذي مال وسقط في فوهة المدفئة واشتعل بالنار التي التصقت بثوبه المخملي وأضرمت حريقا على الأغلب سيشمل كل شبر من ذلك البيت الخشبي … حينما اكتشفت ذلك أيقنت أنها قد وصلت للنهاية وأن لا مفر لها من هذا النصيب وهذه النهاية المأساوية مع الأسف ستموت محترقة …
دعاء(تنظر بجزع للنيران التي اشتعلت أمامها واستكانت بقلة حيلة):- لا تبكي يا حبيبي سوف نموت سوية أنا وأنت ، كنت أرغب باحتضانك يا صغيري ورؤية عينيك ، كنت أحلم بوضع إصبعي الصغير في قبضة يدك الحبيبة لأرى بسمتك وأستمد قوتي من نظراتك البريئة يا غالي على قلبي ، كنت سأسميك عبد النور على اسم أبي الذي لم أشبع من حنانه حين سرقه منا الموت ، سنذهب أنا وأنت إلى جدك وسنعيش سويا بعيدا عن هذا العالم الحقير ، اهئ سوف نموووووت آه يا أمي سامحيني على لوعة قلبك سامحيني على قتل روحك سامحيني على خيانتي لكِ باسم الحب أي حب هذااااا أين هو الحب هل نفعني الطيش الآن ؟؟ هل وجدت ما بحثت عنه .. أحضان حسام انتهت لحظاتي الجنونية معه اندثرت ذكرياتي رفقته احترقت ولم يعد هنالك سوى السواد ضيعت حياتي وأنا ألهث خلف وهم أعمى قلبي وضميري ، حتى بت أخدعكم وأنا آكل معكم على نفس الطاولة أنظر في عيونكم وأغادر ببسمة لأرمي بجسدي في فراش حساااااام ليدنسه بقذارته ، ويرمي بشرف وأخلاق أهلي في القمامة السافلة طبعا ذلك مقامي عاهرة ستموت محترقة هي وابنها الضنين الذي لم يكتب له أن يرى في هذه الحياة نورااا …
بانهزام تفوهت بآخر الكلمات صدقا على الأغلب ، وفي تلك الآونة وصل الحقير حسام إلى ذلك المكان بسيارته وحين نزل بحث عن ناجي لم يجد له أثرا ، لذا تقدم ليمسك بالحقيبة لكن صوت المسدسات أوقفه عن الحركة وجعله يرفع يديه خلف رأسه حسب الأوامر ويلتفت للخلف
رامز:- أي حركة سنٌرديك قتيلا ، يديك فوق رأسك وعد للخلف بهدووووء
حسام(فعلتها الحقيرة نور فعلتها ابنة الكلب):- سحقاااااااااا …
ناجي(ظهر مكبلا بحوزة الشرطة):- سامحني حسام لكنهم نصبوا لنا كمينااااا
نور(ابتسمت وهي تتقدم إليه):- كيف حالك يا صهري العزيز ؟؟؟؟
حسام(تلاعب بلسانه وهو ينظر إليها بكره):- يا قذرة
نور(توقفت أمامه على بعد خطوات):- أخبرتك أننا سنتقابل وسأجعلك تدفع ثمن كل ما اقترفته في حق ابنة عمي
حسام(مص شفتيه وأخرج سلاحه بخفة):- ليس بتلك السهولة
هنا تشنج الكل حين رفع حسام مسدسه وصوبه برأس نور مباشرة وجعلهم يطيعونه بحركة آمرة ، لحظتها تصلب الكل بعد أن أخفضوا كامل أسلحتهم خوفا عليها بمن فيهم رجال حكيم وطلال الذي أخذ يبحث بعينيه عنه لكن لم يظهر له أثرا تلك اللحظة …
حسام(أمسكها من شعرها وثبتها بحضنه وهي تنظر معه صوب رامز والبقية):- الآن بكل هدوء سأركب بسيارتي بعد أن يضع كلب فيكم حقيبة المال فيها ، سأسحب نور رفقتي وبعدها سأطلقها فقط حين أضمن أن أحدا لن يلحق بي ، هل كلامي واضح ؟
رامز:- أنت تعرض نفسك لمصير مهول سيد حسام ، لذا أرجح أن تترك السيدة وتسلم نفسك فتهمك فيها الكثير مما سنتناقش فيه وعليه أتمنى ألا تزيد الطين بلة بأفعالك الخاطئة تلك
حسام:- بلا بلا بلا هل يظهر لك أنني مستعد لسماع هذا الكلام مثلااااا ، يا إما ستنفذون أوامري وإلا سوف أفجر مسدسي هذا برأسها ولن يهمني بعدها ما يحصل
رامز(بحذر تراجع للخلف):- تنحوا جانباااا جميعكم
حسام(ابتسم وهو يرمقهم مبتعدين):- والآن ستطلقون سراح ناجي
رامز:- هذا ما لم نتفق عليه يا هذاااااااا ؟
حسام:- وسنتفق الآن يا روحي هيا أطلقوا سراااااااحه فوراااااا
ناجي(برقت عيناه):- كنت أعلم أنك لن تتخلي على صديقك
حسام:- بسرعة يا ناجي استقل السيارة ستقود بنا بعيدا عن هنا … هيااا يا رجل
ناجي(تذكر أمر حكيم):- هناك أخوهاااا أين هو هنالك شخص سو … هئئئئئئ
حسام(لم يشعر بنفسه إلا وقد ضرب شيء على رأسه):- هئئءءءءء …
حكيم(رمى بمسدسه جانبا وضرب برجله يد حسام حتى أسقط بها سلاحه كذلك وجذبه إليه):- نسيت أن تتعرف على صهرك أخو زوجتك شخصيا .. خذ هذااااااااا
أعطاه ضربة ثلاثية الأبعاد برأسه جعلته صريع الأرض مغمى عليه ، هنا ركضت إليه نور وعانقته بطمأنينة وفرح ، وأسرع الشرطة لتطويقه وتطويق ناجي الذي لم يفرح بالحرية سوى هنينة جعلوه يندم عليها ندما شديدا … لكن ما أوقفهم هو شيء كان فوق قدرتهم على الاستيعاب الدخان الكثيف الذي تصاعد في السماء …
رامز:- ما كل ذلك الدخان هناك ؟
نور:- إنه بعيد جداااا عن موقعنا وبالرغم من ذلك تبرز كثافته ، الله يستر ربما يحرقون غابة بالجوار أو ما شابه
حكيم(ابتلع ريقه):- غابة ؟؟؟ يا إلهي ما ربما كانت دعااااء أيقظوا هذا النذل بسرررررعة ليدلنا على المكااااااااان …
حاولوا إيقاظه بشتى الطرق لكن وجدوا أنهم يضيعون الوقت فقط ، فضربة حكيم قد أفقدته الوعي تماما حاولوا معرفة مكان المزرعة من ناجي الذي لم يجد ما يخبرهم به بدوره لم يكن يعرفها لذا كان الحل هو التوجه صوبها من كل الاتجاهات لعلهم يهتدون لطريقها … بلغ رامز سيارات الإطفاء ليقدموا لذلك المكان لأجل إطفاء الحريق وكذلك قام بالاتصال بإياد الذي ارتعب على دعاء ووجد كل الأنظار مصوبة إليه يتلهفون لسماع خبر خير عنها …
إياد:- الأمور تزداد سوءا يا جماعة لقد أمسكوا بحسام وشريكه ، لكن دعاء لا تزال مفقودة
مديحة(ضربت على صدرها):- يا الله على ابنتي يا الله على ابنتي اهئ ائهئئئئئئ
نبيلة:- استهدي بالله يا امرأة لقد نفختِ قلوبنا بهذا البكاااااء ، ستكون البنت بخير وستعود أخوها لن يرجع بدونها أنا واثقة
عواطف:- اهئ أمي أمي ماذا إن لم يحدث ذلك ماذا لو فقدنا ابنتنا ماذا ماذاااااااااا ؟؟؟؟؟
سماح:- يا رب ألطف بنا يا رب ألطف بنا
إخلاص(تبكي هي الأخرى):- أحسن لها من الفضيحة التي ستوصمنا بها ، لقد انتقم منها الله دعوها تحصد جزاءها
عفاف:- يكفي يا إخلاص أنتِ تزيدين المواجع هنااااا
إخلاص(بأسى وحزن):- اهئ اهئئئئ آه يا ربي آه ..…
كوثر(تتحدث على جنب عبر الهاتف):- سامحني بابا لقد تكلمت بشكل بشع معك ، والله لم أقصد كنت منفعلة ، هل لا زلت غاضبا مني ؟
عبد المالك:- وهل هناك من يغضب من ابنته يا حمقاء ؟؟ أنتِ روحي لكن سيبقى نقاشنا مفتوحا لحين نجد حلا له والآن أخبريني ما الأوضاع ؟
كوثر(نظرت بحزن تجاه عواطف المتعبة):- ربما عليك الحضور إلى هنا بابا ، الأمور ليست بجيدة والخالة عواطف منهارة جدا هي والجميع
عبد المالك_(انتفض قلبه بوجع):- حسن حسن مسافة الطريق سأكون هناك بينكم ، لا تدعيها لوحدها أنا قادم يا كوثر
كوثر:- أوك بابا بانتظارك
إياد(سحبها على جنب):- أين هي صديقتكِ الحمقااااااء لو علم الباقون أنها ليست في البيت سنزيدهم هما فوق همومهم ؟
كوثر(همست بخفوت):- أخبرتك أن نعلمهم بذلك لكنك أبيت والآن كيف سنحل هذا الأمر ؟
إياد(مسح على جبينه بانهزام):- صدقيني تلك الفتاة يوما ما ستفقع مرارتي بأفعالها الطائشة ، الآن ما أفكر فيه صدقا هو عصبة الاتحاد الذكورية حين يعلمون باختفائها سيلقون باللوم علي ثلاثتهم وائل حكيم رامزززززز أيضا وهذا الأخير تعرفين لسانه يااااااه …
كوثر(كتفت يديها بتفكير):- والله تعبت من التفكير إلى أين يمكن أن تكون قد ذهبت ؟
إياد(هز حاجبيه بدون جواب):- علمي علمك لنأمل أن تكون فقط بخيرررر وأن يمضي هذا الليل على خير
كوثر(نظرت لحال الكل حولها):- وكأنني بجنازة أستغفر الله ، ربي ما يجيب مصايب تعال لننضم إليهم لعلنا نصبرهم قليلا فقط …
إياد:- سترك يا الله …
إلى أين ذهبت مجنونتنا التي اتضح أنها اختفت واختفى بعدها وااااائل اممم أشم في الأمر رائحة غريبة لذلك تلصصت قليلا وعرفت مكاااانها أو بالأحرى مكانهما …^^
ميرنا(من خلف الأشجار):- حسن لا تنزعج كل هذا الانزعاج تعرف بأنني عنيدة كان عليك التفكير بهذا حين رفضت حضوري معكم
وائل(يمسك بيدها ويسير معها):- ميرنا ميرنا لا تجعليني أقلب موضوع الاختطاف وأغير اسم المُختطفة ، كوني عاقلة إذ يكفي أنني أسحبكِ معي في طريق محفوفة بالمخاطر
ميرنا(حركت رأسها وهي تتأبط ذراعه):- ههه من كان يصدق أن نكون في هذا الليل سوية بين هذا الحقل المليء بالأشجار الفارعة وتحت سقف السماء البرَّاقة وتحت هدأة هذا السكون البليل ؟؟؟
وائل(توقف وهو مندهش منها):- أضيفي يا روحي بيتا شعريا للمتنبي قد يفي ذلك بالغرض ويكمل صورة تأملاتكِ حبيبتي
ميرنا(جذبته وتابعت المسير):- أوووه هيا كان جميلا أن آتي خلسة ، أنظر قد رافقتك في نزهة ونحن في طريقنا إلى تلك المزرعة
وائل:- لا أدري كيف نسيت الاتصال بفريد أكيد هم على علم بمثل هذه الأمكنة
ميرنا(غمزته):- أشكر ذكائي الفطن ، نحن مقتربان جدا من تلك المزرعة وفي ظل ما حصل هناك مع الباقون أرجح أننا نسبقهم بخطوة وسننقذ دعاء بأنفسنا
وائل:- مع الأسف وضع الله في طريقي فتاة أعند منها ما رأيت ، لذا كان حريا بي اصطحابكِ معي في خطتي الإنقاذية
ميرنا:- عذرا عذرا وكأنك نسيت فضلي في إيجاد المزرعة بسهولة
وائل:- بل نسيت أنكِ اختبأتِ بجيب سيارتي وكدتِ تموتين اختناقا
ميرنا(حكت رأسها في كتفه وهي تنظر معه للأمام):- مغامرتنا الأولى هذه هي يا واااائل
وائل(ضحك هازئا ورفع رأسه):- ويا لها من مغامرة ستجعلينني أندم عليها طوال عمري وسوف أ…ميرناااا ميرناا أليس ذلك الدخان قادم من ل…..
ميرنا(جحظت عينيها وهي ترى النيران أمامها مندلعة هناك في مشهد لا يصدق من هوله):- يا إلهيييييييييي دعااااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااااااااااا اااااااءءءءءءءءءءءء ….
صرخة واحدة استساغتها الدنيا من حولها لترفع سقف الأحزان في قلبها وقلبه ، ركضا بأقصى ما يمكنهما صوب البيت المحترق من كل الجوانب لم يتبقى فيه مكان سليم سوى بعض الدعامات التي كانت تتداعى من النيران الممتدة فيها ، حاول وائل إمساك ميرنا التي انهارت بجنوووون تبكي وتصرخ وتريد الدخول بدون تفكير ، المهم أن تنقذ دعاء التي كانت تنادي بصوت ضئيل يكاد يسمع فحين أيقنت أنها لا تهذي وأنه كان ذلك الصوت صوت ميرنا استعادت وعيها ، وأخذت تسعل باختناق فكل ما كان حولها نيران في نيران أما خارجا بجهد جهيد استطاع وائل أن يحكم قبضته على ميرنا التي أمسكها في حضنه لحظة وائل(هدر فيها وهو ممسك بوجهها بين يديه):- ميرناااااااااا اهدئي سوف أنقذها فقط اهدئي وابقى هناااا لا تتحركي لا تتحركي أسمعتني …. ميرنا أجيييييييييييييبيني ؟؟؟
ميرنا(تنظر بفاه مفتوح إليه مصدومة):-دعاء تحترق يا وااائل د…دعاء
وائل(تنهد بفشل ونظر حوله كيف سيتركها لوحدها لكن لا مجال للتفكير الآن):- ابقي هنا ولا تتحركي لحين عودتي ميرناااااااااااااااا …
لم تسمعه طبعا ولم تركز حتى حين رمقته بنظرات مشدوهة وهو ينزع سترته ويلقي بها أرضا شعرت بالخواء في قدميها فسقطت على ركبتيها وهي تنظر للبيت المحترق أمامها وأمل سلامة دعاء ضئيل بضآلة الفرحة في حياتهم التعيسة … كان هو يبحث عن مدخل للبيت فالباب الأمامي كان مدمرا بشكل يمنعه من المرور ، نظر حوله وجد كرسيا خشبيا في الفناء ركض إليه وانتزعه من الأرض بقوة ، رفعه بجهد وتوجه صوب الباب فليس هنالك مدخل سيمكنه من الدخول سواه ، ألقى به وسط تلك النيران وصنع ممرا يحول بينه وبينها نظر خلفه نظرة خاطفة لميرنا وانطلق صوب مهمته التي تنتظره لم يتردد لحظة حين رمق دعاء يعني قد وصلوا إليها وهذا بالفعل إنجاز كبير لهم عليهم أن يتصرفوا إزاءه بحكمة ، خصوصا وأنه اكتشف مشكلة يدها المصفدة بالأغلال
وائل(بلهفة يوقظها):- دعااااء نحن هنا لقد قدمنا لأجل إنقاذك ، لا تفقدي وعيكِ عزيزتي ستكونين بخير
دعاء(باختناق تفتح عينيها وتغلقهما):- طفلي .. وائل ..طف…طفلي…
وائل(سعل وهو يضع المنديل على فمه من الأدخنةّ):- عليكِ أن تساعديني الآن أنا بحاجتك دعاء ، ركزي معي سأبحث عن أي أداة حادة لفتح الأصفااااد انتبهي
دعاء(أشارت له بإصبعها ناحية المنضدة الأمامية):- تح … تحته المفتاح يا وائل رماه حسام هناك اكح …
وائل(التفت خلفه حيث تشير ونظر للنيران التي أكلت المنضدة بما فيها يعني فات الأوان):- حسن سأعود لفكرة البحث عن أداة حادة ….
في تلك الأثناء سقطت خشبة من السقف بجانبهم مما زاد من وتيرة التوتر ولهفة وائل الذي حاول جهده البحث عن أي شيء يفي بالغرض ، خارجا كانت ميرنا لا تزال على وضعها ثقل روحها أخرسها حتى باتت شهقاتها تسبح في فلك الأنات دون هوادة .. فقط صوت صرير السيارات أمامها هو الذي انتشلها من قعر الضباب …
حكيم(بصدمة ركض إليها):- ميرناااااااااااااااا ما الذي تفعلينه هنااااا ؟
نور(شهقت في ميرنا وفي البيت المحترق):- هئئئ دعاااااااء يا ويلي
رامز:- يا رجال تجهزوا سنقتحم البيت فوراااا لإنقاذها
ميرنا(نهضت بمساعدة حكيم وأشارت للبيت):- و… وائل في الداخل و و دعاء نادت باسمي لقد لقد سمعتها نادتني يا نور حكيم والله نادتني و … اهئ
حكيم(هزها بعنف):- ما الذي أحضركِ إلى هناااااا ذلك الخبيث صحيح ؟ هو الذي غامر بحياتكِ وأتى بكِ إلى هذاااااا المكان ؟
نور:- توقف ألا ترى حالتها يا حكيم .. ثم دعنا من هذا الآن نحن أمام مصيبة ما الذي يحدث بالداخل يا ربي ألطف بهماااااا
رامز(صرخ في أحدهم):- ماذا تقصد بأنه يستحيل الدخول يا غبي ؟؟
الشرطي:- البيت متداعي تماما ولو دخلنا سوف نتسبب بسقوطه وسيحترق الموجودون فيه
ميرنا(بخوف):- لالالا وااااااائل بالداخل ودعااااااء حكيم حكيم افعل شيئا أرجوووك أنقذهما يا حكيم بالله عليك افعل شيئا اهئ ..
نور(أمسكتها في حضنها بقوة):- تعالي هنا يا غبية ما كان عليكِ المجيء، يكفي حبيبتي يكفي سيكون كل شيء على ما يرام
نظر حكيم حوله ورمق طلال بنظرة واحدة بعدها كان ينزع سترته ويركض صوب البيت تحت صرخاتهم التي حاولت منعه ، لكنه كان عازما على اقتحام المكان مهما كانت النتائج … دقائق مديدة مرت هناك على كل المنتظرين ، نور كانت تضم إليها ميرنا وتناظران سوية المشاهد المرعبة أمامهما في حين كان خيالهما يسبح في مصير ثلاثتهم إن أصاب أيهم مكروها فأكيد لن يحدث خير …
وائل(حول عينيه بتعب):- كما ترى أنا أحاول نزع هذه الأصفاد اللعينة بدون فائدة
حكيم(نظر لأخته بغبن):-آه يا أختي يا حسرتي عليكِ، اصبري يا غالية ستكونين بخير
وائل(رمق أخوة حكيم وزفر بعمق حين لاحظ أنها قد فقدت وعيها):- أرى أن نحطم هذا السرير البائس ونخرجها بالدعامة الحديدية هذا الحل المتبقي
حكيم(هز رأسه بمساندة وحاله كان يقطع القلب):-طيب طيب لنفعل ذلك …
وائل(تمعن في لهفته على دعاء وتذكر هديل ماذا لو كانت أخته في ذات الموقف أكيد سيموت رعبا ،أحنى حاجبيه ونظر لحكيم ولم يدري كيف تفوه بهذه الكلمات):-ستكون بخير لا تقلق
حكيم(رمش بعينيه وتوقف عما كان يفعله وطالعه باستغراب):- ..أ…أتمنى ذلك
وائل(عقد حاجبيه ثانية تلك اللحظة وهم بتنفيذ ما اتفقا عليه):-تمهل برفق يدها دامية فقد حاولت نزع تلك الأصفاد بطرق مختلفة جعلتها تؤذي نفسها ..
حكيم(نظر لحالها المريض):- الله أعلم ما الذي جعلها ذلك الحقير تكابده .. اللعنة علي اللعنة
بدون فائدة حاولا جاهدا نزع تلك الدعامة الحديدية ولكنها كانت مثبتة في الحائط ، ومستحيل أن تنزع منه لذا نظر كل منهما حولهما لا يوجد حل بديل والمكان يشتد حرارة وخطرا عليهم جميعا ، حرك حكيم رأسه بجنون
حكيم:- كيف سنخرجها كيف كييييييف حتى رجال الإطفاء تأخروا ؟؟
وائل:- رامز يحاول مع البقية التحكم في النيران وإطفائها
حكيم(بصراخ):- وهل دلو أو دلوين من الماء المجمد في الحقل المجاور سيفي بالغرض ، بالله عليك لا تزد علي همي
وائل(برقت عيناه بفكرة):-حكيم .. رامز أكيد يملك مفاتيح الأصفاد من هذا النوع يا الله كيف نسيت أمره إنه شرطي والشرطة تعج بالخارج أسرع وأحضر مفتاحا هيااااا …
حكيم(رمش بعينيه):- لما تفعل كل هذاااا ؟
وائل(هدر فيه):- وهل هذاااااااا وقت سؤالك أستاذ حكيم ؟
حكيم(اشتدت ضربات قلبه وهو يتراجع للخلف):- سأعود بسرعة
هز له وائل رأسه وأمسك بالغطاء ليلفه على دعاء بشكل جيد كي لا تتأذى ، أما حكيم فقد خرج بقفزة رياضية مستعملا الكرسي الطويل الذي وضعه وائل كممر …
ميرنا(بدون وعي ركضت إليه):- حكييييم حكيم ماذا حصل ؟
حكيم:- أين رامز أحتاج لمفتاح قفل الأصفاااااد بسرعة ؟؟ أين هو رااااااامز ؟
نور:- هناك هناك خلف البيت يحضر الماء مع الرجال
حكيم(بنفاذ صبر):- آه طلالالالال أسرع إلى رامز أحتاج للمفتاح الخاص بأصفادهم بسرعة
طلال:- طياااااارة …
نور:- فيما ستستخدمه حكيم ماذا يحدث لما لم تخرجوا حتى الآن المكان يزداد خطورة ؟
حكيم(حك رأسه بغيظ):- لا نستطيع ذلك نور فالحقير قد ربط يدها مع السرير
نور(وضعت يديها على فمها):- المنحط الخسيسسسسسس سيموت على يدي أقسم…
ميرنا(ببكاء هزت رأسها):- هل هي بخير هل هي صاحية ؟؟
حكيم(رمى بها في حضنه تلك اللحظة وتأوه):- ستكون كذلك حبيبتي لا تخافي …
طلال(عاد ورفقته رامز):-أحضرته كله لك
حكيم(مط شفتيه واقترب من رامز):- رامز أمددني بمفتاحكم الخاص بالشرطة فدعاء مكبلة بدعامة السرير ، حاولنا إ…هئئئئ يا إلهي
مع الأسف سقطت الدعامة الخشبية على الباب الأمامي فحالت بينهم وبين الداخل ، بسرعة جذب حكيم ميرنا تحت ذراعيه بينما أبعد طلال نور وبجانبه رامز ، على بعد خطوات من البيت تسمروا إلا حكيم الذي ركض يبحث عن منفذ إذ لا يمكن أن يكون كل شيء ضدهم
وائل:- حكييييم ارمي المفتاح ارمه يا حكييييم
حكيم(صرخ فيه):- لا تكن مجنونا سأدخل
وائل(اقترب من الباب ولم يكن هنالك سوى فسحة بسيطة بحجم اليد أما الباقي كله نيران):- اكح لا وقت لعنادك المكان يزداد سوءا ودعاء تتنفس ببطء ، أعطني المفتااااااااااااح
حكيم(مص شفتيه ورمى به إليه):- افتحه وسأجد طريقة لأخرجكماااااا
ميرنا(تبكي وتصرخ):- اهئ ما هذا الذي يحصل يا نوووور … اهئئ
نور(بقلب مفزوع مما يحصل):- يا رب ألطف بنااااا يا رب
أخيرا فتح وائل أصفادها وحملها بين ذراعيه وهنا كانت المشكلة الكبرى ، كيف سيخرجان من هناك وكل ما حولهما دائرة من النيران الممتدة حتى السقف أيعقل أنها النهاية ؟؟؟ صرخ حكيم بكلمة مستحيييييييييل وتراجع للخلف نحو سيارته مباشرة ركبها تحت دهشة الجميع ودفعهم رامز ليفسحوا المجال فذلك المجنون أكيد سيقدم على فعلة شنيعة
طلال:- تمهل يا مجنون قد وصلت سيارات الإسعاف أنظر خلفك هناااااااك يا حكييييييييم
نور:- حكييييييييييم ما الذي تفعله ؟؟؟؟؟؟؟
ميرنا(حركت رأسها بعدم استيعاب):- هل يريد أن يموووووووت ؟؟؟؟؟؟؟
رامز:- ابتعدوا ابتعدوووووا …. واااائل حاذر يا واااائل حكيم سيقتحم البيت بالسيااااارة
وائل(فتح عينيه على وسعهما وعاد بدعاء للخلف):- المجنوووووون سيفعلهااااا
لم يكن ليتردد فنظرة الإصرار كانت مرتسمة بين عينيه ، ولن يتوانى في تحقيقها أخته على بعد خطوات منه أمانته التي يجب عليه الحفاظ عليها ، تضخمت المشاعر بخاطره خصوصا حين رمق ميرنا جانبا وهي تهز رأسها بحالة هستيرية متعبة ، ابتلع ريقه وصوَّب بصره نحو البيت وأدار محركه وبأقصى ما يمكنه انطلق ،،، لأجل أخته يفعل هذاااا لأجلهاااا …
اقتحم البيت مباشرة ولم يتوقف بل مر وسطه حتى صنع فجوة تمكن وائل من الخروج
وائل(أحكم إمساك دعاء بين ذراعيه وأشار له):- هيا عد للخلف دعنا نخرج من هناااا
حكيم(هز له رأسه):- أخرجها أولا لأضمن سلامتها وبعدها سأخرج
وائل(ناظره بارتباك ولكن صراخ رامز بأن يخرج زاده توترا):-حسن هياااا
أخرجها من هناك ووضعها في النقالة الخاصة بسيارة الإسعاف المرفقة لسيارات الإطفاء الذين بدأوا عملهم في إخماد النار ، هنا ركضت ميرنا ونور نحو دعاء مباشرة وعانقنها ببكااااء وحسرة وتحديدا ميرنا هي التي بكت أما نور فقد كانت تنظر إليها وتمسح على شعرها بخوف،
، جعل ميرنا تغمرها بفرحة خصوصا حين تكلف المسعفون بدعاء ووضعوا لها جهاز التنفس الاصطناعي وأومئوا لهم أنها تحت السيطرة …
نور:- عادت يا ميرنا عادت هههه سأتصل بأهلنا الآن لأطمئنهم
ميرنا(حركت رأسها وهي تمسح دموعها الطفولية وركضت إلى وائل):- اهئ واااائل
وائل(استقبلها في حضنه بحرارة):- لا تبكي ها نحن ذااا
ميرنا(بادلته نفس الحرقة بحضن احتياجي مليء بالمخاوف):- خفت عليكم أناااااا
وائل(ضمها بقوة وتنفس بعمق):- لا تقلقي حبيبتي أنا هناااا ..
نور(رفعت رأسها ونظرت إليهما وقبل أن تكمل جملتها وقع ما لم يكن في الحسبان):- أين حكيم لما لم يخرج بعد …. لالالالالالا لالالا
تداعت أعمدة البيت العلوية وسقطت كلها أرضاااااااااا ، حكيم كان لا يزال بسيارته في الداخل وما أخره هو توقف محرك السيارة وهذا ما جعل الأفئدة تقف وجلا باندهاش في ذلك المنظر ، توقفت الحركة لحظتها في المكان كله ، ولم تتحرك سوى الأعين المتهافتة لمعرفة مصير الشخص الكامن بالداخل وسط ركام النيران المندلعة التي اشتد أجيجهااااا … صرخة ميرنا وحدها هي التي أيقظتهم من تلك الحالة المتصلبة أما طلال فقد هدر بعدها في رجالهم ليرموا بأنفسهم فداء لسيدهم القابع في الداخل والذي كان بين خطر محدق ، فأثناء اقتحامه انكسر خرطوم البنزين وتسرب الكثير منه دون علمه ، ولو اقتربت النار منه أكثر سيهلك … نظر حوله بصعوبة فقد كان الخشب المحترق يلفه من كل جانب وضغط قوة ثقله على السيارة تسبب بحشره فيها بشكل صعّب عليه المغادرة ، هناااا دخل رجاله وسط تلك الحمم محاولين نزع الخشب المحترق والذي ما زال بعضه يحترق ، لكن الأمر كان شبه مستحيل لذا طلب رامز من رجال الإطفاء أن يسارعوا في عملية إخماد النار إنما وكأن كل شيء وقف حائلا بين نجاته فحركة رجل الإطفاء وهو يبلغ طلال ورامز بعدم إمكانية إنقاذه كانت كفيلة لتشعل فتيل الجنون فيها ، ماذا يقول هذااااا هل فقد صواااابه ؟
وائل(لاحظ اهتزازها وهي تغمض عينيها بإحكام ترفض تصديق ما يقولونه بشكل عفوي جعلها تبدو في هالة مربكة):- ميرنااااااااااااااااااااا ا ….
ميرنا(لم تفكر مطلقا فيما ستعانيه لكن حكيم عليه أن يعيششش):- لالالا حكيييم
وائل(أمسكها بخفة قبل أن تبتعد في اتجاه البيت المحترق ، تريد أن ترمي بنفسها بداخله كي تنقذه فأي جنووووون هذا):- توقفي توقفي
ميرنا:- لالالا أنت لا تفهم حكيم بالداخل يجب أن أنقذه يا وااائل اهئ لا يجب أن يمووووت
وائل(اهتزت حدقات عينيه ألما من جملها العميقة وعيونها المتلهفة لإنقاذه وهنا تضخم صدره بالكثير الكثير من التساؤلات ، لكن لا وقت لذلك):- … رامز رامز رجاء أمسكهااااا
رامز(أمسكها بقوة بين يديه وهتف في سره : يا ويلي أنا أعانقها يعني حلم حياتي قد تحقق يا حلاوة ، هشش اخرس يا رامز ما أنذل تفكيرك هل هذا وقته):- احم .. توقفي يا مجنونة إلى أين ؟؟؟
ميرنا(كانت تتمطى بحالة جنونية تخطتِ الهذيان):- دعوووووني أمر حكيم يموت دعوووووني أخرجه من هناااك اهئ دعووووووووووني لا يمكن أن أسمح له بهجري مجدداا لن أدعه يتركني مرة أخرى ، دعووووووووووووووووووني
هنا عقد حاجبيه متأملا في كلامها الغير منطقي ، عن أي هجر تتحدث ولما تبدو بهذا التأثر ، أحقا سيؤلمها الأمر إن فقدت حكيم طيب ماذا عنه هو كيف كانت ستشعر ؟؟؟؟ …
مسح أفكاره تلك اللحظة ونظر أمامه لكتل الرجال الذين كانوا يبذلون جهدا في محاولة إنقاذه ، هز رأسه من جديد قبل أن يناظرها بنظرة أخيرة وبعدها سمح لجنونه بأن يترجم على أرض الواقع ، أمسك بدلو ماء وصبه على نفسه من الأعلى حتى الأسفل وبخفة تغلغل وسط الرجال ودخل وسط الخطر لينقذ شخصا أي أحد مكانه كان ليتركه كي يحترق ويرتاح منه نهائيا يعني أقله سيضمن ابتعاده عن محبوبته ، لكن أن يحاول إنقاذه مغامرا بحياته هذا ما جعل الكل يشهق فزعا عليهما هذه المرة معاااااا …
وائل(زفر بعمق):- تبا لجنونك وائل تبااااا …
حكيم(كان يدفع الباب بقوة لكن بدون فائدة):- تتت أنت ؟؟ ما الذي أعااادك هل جننت ؟
وائل(سعل من قوة الأدخنة وحاول فتح الباب معه):- لا وقت لصدمتك الآن ساعدني
حكيم(لم يجد بما يجيبه لحظتها فقد كانت محاولة إنقاذ وائل له تفوق إدراكه):- ..لارد
كان الحل الأمثل كسر النافذة لإخراجه من هناك والصدمة الكبرى حين مدَّ وائل يده لحكيم وقوبل بالرفض .. هنا تشنج هذا الأخير وناظره باستغراب ، حاول الخروج لوحده دون مساعدة لكن كان لابد من تدخل أحد وسحبه من هناك .. الأجواء ضدهم والنيران المندلعة تزيد من وتيرة الخطر والقلوب المرتجفة خارجا ونحيبها يصعب الأمور أكثر ، ..
وائل(بعصبية):- أعطني يدك وكفاك غرووووورا
حكيم(برفض):- سأخرج لوحدي ..ابتعد
وائل(أغمض عينيه بنفاذ صبر):- الوضع لا يحتمل عنادا اللحظة يا حكيم رجااااء هاتِ يدك
حكيم:- ابتعد عني.. أترغب بلعب دور البطل هناااا أمام ميرنا ما أخبثك !!
وائل(بهزل):- أحقا هذا ما أعانك الله على قوله بعد كل ما حدث بيننا ، لعلمك لأجلها فقط سأخرجك من هنا لو علي كنت تركتك كي تتحول لكفتة مشوية
حكيم(حرك فمه بغيظ ومد يده له):- لن أجعلك تفرح بهذااااا
وائل(أمسكه بإحكام):- ويتأمَّر الأخ لا والله أنت من دلَّلتك أمك .. أستغفر الله
قد يكون الأمل بسيطا جداا ويخلق ألف ابتسامة وابتسامة فحين لاح طيفهما نحو باب الخروج انفرجت الأفئدة بالارتياح لحظتها ،لكن كان للقدر رأي آخر حين انفجرتِ السيارة ورمت بهما وسط الأنقاض .. دقيقة أو دقيقتين وانبعثت الأدخنة الرمادية الكثيفة من كل حدب وصوب رامز وطلال أبعدا ميرنا ونور بصعوبة من هناك بينما ابتعد الكل رفقتهم وأخذوا ينتظرون ما قد يأتي من خلف ذلك الضباب الدخاني المهول ، ميرنا استصعب عليها الاستيعاب وضعت يديها على قلبها وأخذت تنظر بحرص لعلها تلمح أحدهما ، لكن أيهما تريده أن يظهر وائل أم حكيم أيهما ترغب بأن يكون الناجي من ذلك المصاب وائل أم حكيم…أيهما ستتألم إن تأذى وائل أم حكييييم ؟ السؤال الأهم لما تضع هذه المقارنة بداخلها فالجواب واضح كلاهما ترغب بأن يكون بخير الاثنين معا وإلا ستموووووووت من فورها إن هي فقدت أيهمااااا وهذا ما لا يمكن أن يحدث ، فهي سوف تجن لو أصاب أي أحد فيهما مكرووووه … أخذت تراقب بترقب لعلهما يرحمانها من اختبار الضغط الذي أرهق عقلها وقلبها تلك اللحظة فأن تفكر بفكرة فقدانهما هذا برمته شيء أشبه بابتلاع السم على جرعات … أنفاسها لم تكن تسمع لكن خفقاتها كانت متسارعة ترافق اختناق وجدها المتأمل خيرااا .. طلال كان يصرخ في رجالهم كي يتصرفوا رامز كذلك لكن لم يتوضح أي شيء بعد ، نور نظرت لميرنا بقلق واقتربت منها وهي تطالع شزرا كتل الضباب تخشى أن تسمح للخوف أن يتسلل لقلبها فإن تعرضا للأذى مؤكد لن تكوووون بخير …
نور(بصوت مختنق):- افعلوووووووووا شيئاااا رجاء ……
قبل أن تتمم جملتها وفي لحظة انتظار مريرة تحولت فيها الدقائق لساعات ، آنذاك ظهر شبح شخصين متمايلين خلف الأدخنة بدأ جسمهما بالبروز لتتوضح الصورة فقد كان كلاهما يسند الثاني من الإصابات التي تعرضااااا لهااا …أمعقول أن الحالات الطارئة تؤلف بين القلوب وتوحد الأعدااااااء ؟؟؟ هذا السؤال الذي سينتظر جوابا منهما شخصيا لكن لا وقت فقد صرخت ميرنا بفرح وبكاء وركضت صوبهما لا تدري لمن تهدي فرحتها تلك اللحظة ، لكن فور وصولها إليهما توقفت فنظرتهما لها كانت متشابهة متلألئة عميقة متراقصة بفرحة لرؤيتها من جديد ، حركت حاجبيها بغبن وهي تتمالك دموعها ولم تجد بدا سوى الارتماء بحضنهما معااااا ، وضعت يدها على عنق وائل وعلى عنق حكيم وضمتهما إليها بشكل طفولي أمومي بريء بشكل رسخ تلك الصورة في عقليهما وعقل الجميع ، خصوصا حين وضع كل منهما يده على ظهرها ونظرا إلى بعضهما بنظرة لا تحمل ضغائن نظرة سلامة وأمان لا يسعهما تغييرها بجنونهم المعتااااد …. الحمدلله انتهى الكابوس لحظتها واصطحبوا دعاء للمشفى وأيضا حكيم ووائل اللذين أصيبا بحروق متعددة وأيضا بعض الرضوض المختلفة ، أما رجال الإطفاء اهتموا بالبقية في حين كان لرامز عمل آخر فقد عاد رفقة الدوريات إلى المخفر لفتح تحقيق في حق حسام النهواني وناجي صهيب واللذين سوف يقبعان في ضيافته لأجل غير مسمى على الأغلب ^^.. أما في البيت فقد كانت الفرحة متعددة الأنواع مديحة لم تشعر بنفسها وقد بدأت تزغرد نهضت من فورها لتذهب للمشفى الذي سيستقبلونهم فيه رافقتها عواطف وسماح واصطحبتهم كوثر وعبد المالك أيضا ، أما إياد فقد تكفل بأخذ نبيلة و إخلاص التي أبت أن تبقى فهي تريد رؤية أختها لتبصق بوجهها وكأن المسكينة لا يكفيها ما حدث لها ولا ما عايشته من آلام سوداء تلك الليلة …

كانت ليلة مرعبة بحق لكنها انتهت على خير الحمدلله والكل عاد سالما يعني ليس بشكل كلي فقد أصيب كل منهم بإصابات مختلفة ، فدعاء تعرضت لنزيف حاد وكادت تفقد الجنين أكيد ما تعرضت له كفيل بأن يموت في رحمها المسكين ، لكن قدرة الإله كانت أكبر بكثير فقد أسعفه الأطباء وحافظوا على سلامته بصعوبة ووضعوها تحت العناية المركزة نظرا لحالتها المتعبة فيزيولوجيا ونفسيا ورغم كل ما حدث لا تزال غائبة عن الوعي فقد استنزفت كل طاقاتها في التحمل وهي ترى موتها المرتقب في تلك المزرعة بشتى الأنواع … أما حكيم فقد أصيب بحروق طفيفة في يده وكسر في ضلعه الأيسر تحت الكتف مباشرة ، في حين أن وائل أصيب بنفس الحروق لكن بالتواء واحد في يده والثاني تشقق عظم بأحد ضلوعه .. كل منهما كان في غرفة مستقلة يخضع للإسعافات اللازمة وعلى رأسهما تقف نور وطلال فحتى النسوة كُنَّ جميعا خارج غرفة دعاء يناظرنها من الزجاج الخارجي ويبكين على حالتها الموجعة وبقربهم عبد المالك يحادث الطبيب للاطمئنان على حالتها ، حتى إخلاص حين رأتها بكت بالرغم من أنها لن تغفر لها تلك الفعلة أما ميرنا فقد كانت بالرواق جالسة تسترد أنفاسها وعلى جانبيها إياد وكوثر …
إياد(فجأة أمسكها ورمى بها في حضنه وهو يقبل رأسها):- كدت أموت رعبا عليكِ يا ميرنا حرام والله ما تفعلينه بنا ، كيف تعرضين نفسكِ لمثل ذلك الخطر ؟؟؟؟؟
كوثر(رمقته بتنبيه):- ألم تستطع إمساك لسانك أكثر من هذا إياد ؟؟
إياد(فتح عينيه فيها):- هذا كثير علي فصديقتكِ عليها أن تعرف أن مشاعر الناس ليست لعبة فرضا تأذت هناك أو أو أصابها ذلك الانفجار بمكروووووووه ؟؟؟؟
كوثر(بخوف أمسكت بذراع ميرنا):- الحمدلله على سلامتك يا حبيبتي
ميرنا(كانت ساكنة لم تتفوه بحرف):- ….لارد
على جنب أومأ عبد المالك للطبيب الذي انسحب وتقدم صوب عواطف التي كانت تعانق أختها وتبكي وهي تناظر دعاء المريضة أمامهما على السرير ..
نبيلة(تمشت بعكازها لحين ابتعدت عنهم وجلست فوق الكرسي بعيدا):- آه يا دعاء وعلى مصابكِ يا ابنتي والله حرام ما يحدث حراااام .. أستغفرك ربي وأتوب إليك …
عبد المالك:- احم.. ست عواطف لحظة لو سمحتِ
سماح(أمسكت مديحة وأسندتها):- تفضلي عواطف أنا هنا …
عواطف(ابتعدت رفقته على جانب الرواق):- اهئ آسفة لم أستطع تمالك نفسي ، كدنا نفقدها لولا ستر الله
عبد المالك(ابتلع ريقه):- له يا عواطف قولي الحمدلله قدر الله وما شاء فعل .. البنات بخير والشباب كثر خيرهم بألف عافية
عواطف(مسحت أنفها المحمر بالمنديل):- خشيت أن نعيش في مأساة نحن غير قادرين على مكابدتها ،كما تعلم انقلبت كل الموازين ببيتنا وكأن هذا موسم المصائب التي حلت علينا من كل جانب تحطمت قلوب البنات مع الأسف
عبد المالك(بمساندة ودعم):- كل ما يأتي من عند الله فيخ خير وبركة ، كل هذه المشاكل ستنتهي وسنحلها شيئا فشيئا مع الوقت لكن الآن ما يهم أن نريح أنفسنا بعض الشيء فهذا اليوم بطوله لم تتناولي شيئا يا عواطف وهذا لا يجوز
عواطف(مصمصت شفتيها خجلا منه):- وأين الخاطر يا عبد المالك ؟
عبد المالك:- اسمعي سوف أصطحبكِ أنتِ والسيدات لمطعم المشفى لتناول شيء ومهمتكِ هي إقناع أختك لأنني أعلم بأنها لن تبرح محلها قط
عواطف(فرحت بوجوده ودعمه لها):- طيب سأفعل …
بجهد جهيد استطاعت أن تقنع مديحة بضرورة الاهتمام بصحتهن لكي يستطيعوا الصمود أمام القادم ، انطلق بهن خمستهن نحو المطعم وأفسح المجال لشخص كان ينتظر فرصته ليطل عليها من نافذتها بعيون دامعة وقلب مكسور …
عبد المالك(التفت جانبيا وأومأ له بإشارة الإيجاب):- … هممم
معاد(رد عليه التحية وتقدم إليها وهو يعض طرف شفتيه):- ها يا دعاء هل اكتفيتِ أم لا زلتِ ترغبين به ؟؟؟
لملم شتات روحه المنفطرة بعد أن أشبع رغبته بالاطمئنان عليها وابتعد عن المكان وكله أسف على حالها الذي يكسر الخاطر ، قرر العودة لزيارتها لكن لتعد لأرض الواقع أولا ولكل مقام مقال .. هنا كانت هي قد خرجت من غرفة حكيم وابتعدت عن هناك لتتحكم في ضيق صدرها ، وقفت عند نافذة الحديقة لتتمعن فيما حدث لهم ليلتها ، أعصابها المتشنجة تطلبت شرب قرص دواء أحضرته لها الممرضة وهذا ما ساعدها على تحمل ما تبقى … كيف نجا الجميع هذا ما جعل قلبها يعتصرها بخوف فصورة ابنتها دينا كانت ترتسم في مخيلتها طوال الوقت ماذا لو كانت قد تأذت وتركتها بدون أم ألا يكفي بأنها قد ترعرعت بلا أب .. هل ستؤلمها أكثر بغيابها ؟؟ تساءلت في كل هذا وهي تمسح على صدرها المختنق وبرقت عيناها بصورة فؤاد رشوان وهذا ما جعلها تعقد حاجبيها كيف لم تخبره حتى الآن بما حدث لابن أخيه ولهم يعني … بسرعة أمسكت هاتفها وطقطقت رقمه لكنه لم يرد لذا فصلت الخط وقد ارتسمت على ملامحها بعض خيبة وبعض انكسار ولكن انكسار من نوع ماذاااا هذا ما استغربته وقبل أن تجيب على سؤالها سمعت صوته ينادي باسمها فتعجبت ونظرت للهاتف لم يكن عبره إذن هو موجووووود بالفعل ، هنا لم تدري بما شعرت لأنها استدارت بشغف خلفها ووجدته يركض من مقدمة الرواق تجاهها فؤاااااد رشوااااااان بشحمه ولحمه … انفجرت في صدرها أسارير بهجة لم تستطع التحكم فيها فقد أحنت يديها والدهشة تملؤها في ثغرها المفتوح وعينيها المتلألئتين ببريق غريب بعث الطمأنينة لقلبها ، وكأن وجوده هو ما افتقدته تلك الليلة وهو الذي سيجعلها تنسى مصائبهم …. لم يفسح لها المجال لتتمم جملة تحليلها الباطنية فما إن وصل إليها لاهثا وحين لم يعد يفصل بينهما سوى بضع خطوات لم يشعر بنفسه حتى أطلق زفرة عميقة ورمى بها في حضنه معتصرا إيااااااها بشكل احتياجي لم تتصوره قط … عناقه ذاك فاجأها بحيث لم تستدرك نفسها بل ظلت مشدوهة فيه تبحلق بعينيها وهي في حضن فؤاد رشوااااان ابتلعت ريقها توترا وقد تزايدت نسبة خفقات قلبها وهي تبتعد بهدوء عنه مذهولة تنظر إليه باستغراااااب .. أكُل هذا خوف ؟
فؤاد(أخذ يتطلع إليها بعيون دامعة كلها صدق ولوعة):- يااااه يا نور خفت عليكِ كثيرا ما إن وصلني ما حدث ركضت إليكِ فورااا ، يعني كيف تقدمين على هذا الفعل لما لم تخبرينني حتى لما ليس لدي علم ؟؟؟؟؟
نور(أوك حسن تغاضيت عن العناق الغريب لكن الآن لقد تمادى كثيرا في ردة فعله):- أ… سيد فؤاد يعني من أين عرفت بما حدث معنا ؟
فؤاد(وضع يده على جنبه):- من وائل صحيح أين هو ؟
نور(مسحت على عنقها وهي تغالب هدير جنونه):- بالغرفة دعني أصطحبك إليه ، أكيد أنت قلق عليه اطمئن حالته بخير قد طمأننا الأطباء
فؤاد(لم يتبعها حين كانت تسير لتريه الغرفة بل ظل جاثما محله):- نور ..
نور(توقفت والتفتت إليه وصعب عليها أن تدرك نظراته التي كانت تنطق بما ليس لها عليه طاقة الآن):- نعم ؟؟
فؤاد(تقدم إليها وأمسك بيدها وبصوت حنون):- الحمدلله على سلامتك
نور(رفعت حاجبيها وسحبت يدها وهي تبتلع ريقها):- وائل من هنا .. اتبعني
كانت فرحته بسلامتها لا تضاهى فرح أشد فرح ولم يجد بما يعبر عن ذلك سوى بعناقها الذي جاء فجائيا لعله يتيقن أنها فعلا بخير ، جيد يا فؤاد أنها لم تخرج أحشاء بطنك لقد أتيت في وقت كانت فيه هادئة مستكينة من حظك يعني ههه ، كان يسير بجنبها وعيونه لم تتزحزح من عليها يكذب نفسه تارة وتارة يقنعها أنها بجانبه ولا داعي للمبالغة في القلق .. قاطعه توقفها حين وصلت لباب غرفة معين وفتحته
نور:- تفضل سأرى ابن عمي قليلا هناك ..
فؤاد(تابعها بعينه حتى ذهبت ودخل لوائل وهنا استعاد كينونته بصرامة):- ما اعتقدت أبدا أنك تملك نفس العرق النذل المتفشي في عائلتناااااااا
وائل(كان جالسا بينما كانت الممرضة تجمع أغراضها بعض تضميد حرق يده وإمداده بالدواء اللازم):- احم عمي ..
فؤاد(انتظر حتى ذهابها وضرب وائل على جبهته بحركة مضحكة):- العمى اللي يعميك قال عمي قال … الآن عرفتَ أن لك عما يا حيوان أين كان عمك حين كنت تقدم على هذه المغامرة لما لم تتصل بي هل تريد أن تجلطني وتحرمني من الشاب الوحيد الذي أبني عليه آمالا في عائلتنا المبجلة ؟؟
وائل(ابتعد برأسه للخلف وهو يستقبل عتاب عمه):- وُووه على رسلك هل تحسبني زوجتك لتنفخ برأسي كل هذا اللوم والعتب ،، رويدا أنا بخير الآن
فؤاد(يدور في نفس مكانه بتوتر):- بخير بخير الله يلعن طيشك بس هفففف …
وائل(استقبل عناق عمه له وهو متفاجئ):- عمي … لقد خنقتني آي أنت تؤلمني هنالك رضوض انتبه
فؤاد(تململ وهو يرمش بعينيه وجلس بجانبه):- عذرا يا كبد عمك هل تتألم ؟
وائل(حك بيده خلف رأسه):- قليلا فقط لكن ما اعتقدت أنك ستأتي بهذه السرعة بعد اتصالي
فؤاد(مط شفتيه):- ولووو ولووو هوى أتيتك هوى يا قلب عمك لكن هي بصراحة يعني احم .. حين اتصالك بي لم أعرف ما علي فعله لذا قمت أيضا باتصال
وائل:- بلغت شهااااب لما يا عمي لو أردت كنت اتصلت به شخصيا ، أنت تعلم أنه مع ابنه ولولا أنهم طلبوا مني بعض الأوراق لما استعنت بك
فؤاد:- سويتها سويتها لا تقلق لكن لم يكن شهاب من اتصلت به بل …
وائل(وهو ينتظر متوجسا الشخص الذي اتصل):- من يا عمي ؟؟؟؟
فؤاد(وهو يراقب ردة فعله عن كثب):- كنت بحاجة للتنفيس عن غضبي لحظتها ولم أجد سواه كي أرعبه عليك قليلا ولعلمك هو قادم في الطريق
وائل(جحظ بعينيه):- له يا عمي له لما فعلت ذلكككك كيف تبلغه أنا لا أريد رؤيته إطلاقا
فؤاد(رفع شفته):- أ.. وكأن عاملة الاستعلامات طلبت مني العودة وأنا نسيت الأمر كليا يااااه علي ، سأرى بقية الأوراق وأعود لك يا كبدي ابقى هنا ههه احم …
هز رأسه بدون فائدة فأكيد جنون رجال آل رشوان يستحق وقفة تأمل ، زفر بعمق وأحنى رأسه ليتمطى جانبيا على سريره أمسك هاتفه ونظر إليه بغبن فحبيبته لغاية الآن لم تزره في حين أن الكل قام برؤيته إلا هي ، أيعقل أنها مع ابن عمهاااا ت ت ليست كذلك فها هي نور تعدل له الوسادة خلف ظهره وتنظر للضمادات على يده وكتفه
نور:- ت يا الله جيد أنك صرت بخير الآن يا حكيم ؟
حكيم:- أحتاج لألتقط أنفاسي قليلا أود رؤية دعااااء
نور:- لن تتحرك لمحل الحركة ممنوعة عليك ثم دعاء ستكون بخير ، ناهيك عن كل هذا هي نائمة على الأقل دعها حتى الغد لتستيقظ وترى أخاها بعد مضي كل هذه السنون
حكيم(مط شفتيه حزنا):- حبيبتي يا أختي … أمي بخير صحيح ؟
نور:- لا تقلق كلهن مع العم عبد المالك في المطعم بالأسفل يسترجعن بعضا من الدم الذي استنزفنه من شدة الهلع والخوف ..
حكيم:- طب وميرنا لا تزال مع إياد وكوثر ؟
نور(رمشت بعينيها):- أ.. أكيد وأين ستكون ، أممم برأيي سأدعك ترتاح وأتفقدها هي الأخرى ، مؤكد لا تزال ساكنة فهي في مثل هذه الحالات تبقى صامتة لوقت طويل
حكيم(وكأنني لا أعرف):- ماشي لكن… أخبريها أنني أرغب برؤيتها منذ عودتنا قبل ساعات لم ألمحها بالجوار قط
نور(ابتسمت):- حاضر يا روحي .. ارتح قليلا
خرجت من هناك وهي تسحب أنفاسا عميقة فهذا هو الحب حين يتجلى ، هزت رأسها هي تغالب بسمتها وأمسكت بهاتفها لتكلم صغيرتها فهي بحاجة لسماع صوتها تلك اللحظة
دينا:- مامي أنا بخير لكنني اشتقت لكِ وخائفة عليكِ أنا
نور:- حبيبتي لا تخافي أنا بخير ، اسمعيني جيدا لن يسعني العودة للبيت الليلة لذا عليكِ بأن لا تعذبي الخالة عفاف ، ارتدي منامتكِ واغسلي أسنانكِ وإلى النوم ستهتم بكِ نهال وشيماء ماشي صغيرتي ؟
دينا:- طيب مامي لا تقلقي هل ستعود نانا وجداتي أم لا ؟
نور:- سيرجعن للبيت لكن حينها ستكونين قد سافرتِ إلى بلاد الأحلام
دينا:- همم يعني بوقت متأخر ، طيب لا بأس سأراهن غدا لا تقلقي ماما سأفعل كل ما طلبتِ
نور:- شطورة ابنتي أنا وتسمع الكلام ، هيا قبلاتي لكِ أعطي الهاتف لعفاف
دينا:- مواح موااااح … هه خذي يا خالتي عفاف
عفاف:- نعم يا نور معكِ …
نور:-عفوفة كيف حال رنيم ومرام الآن ؟
عفاف(بأسف):- لولا نهال وشيماء لما وجدت من يساعدني بالصغار ، رنيم على حالها أدخلت لها صينية الأكل أكلت القليل لترضع سجى وبعدها نامت ، أما مرام لم يهدأ هاتفها عن الرنين وحين كلَّ وملَّ المسكين فريد اتصل بنهال وسألها عن الأحوال على الأغلب سيأتيكم في زيارة للاطمئنان عليكم
نور:- أين سيأتي هذاااا لو رأته أمي ستقتله لما فعله أبوه في أختي دعاء وفيناااا
عفاف:- هذا ما حصل عموما علي قطع الاتصال حان وقت نوم الأولاد الآن
نور:- طيب حبيبتي أي جديد بلغيني .. سلام
أقفلت الخط وشردت في زيارة فريد لذا اتصلت به وطلبت منه تأجيل تلك الزيارة لحين آخر ، فالأوضاع الآن لن تسمح ، رفض طبعا لكن لم يبرز لها شيئا وبخيبة أمل وافقها فالمرأة معها حق بعد كل الذي جعلهم والده يعيشونه سيذهب إليهم ، أكيد قد حطم حسام كل صلة ممكنة له معهم بدءا من تلك الليلة اللعينة ..وجعها قلبها على حال فريد ومرام فالعلاقة مؤكد ستتأثر بعد انكشاف كل شيء لكن ما باليد حيلة وعلى أساس ذلك توجهت صوب غرفة دعاء لتراها قليلا وهناك انتبهت لوجوده لكن ما الذي أعااااده يا ترى ؟
نور:- معاااااد ما الذي تفعله هنا ؟
معاد(ابتلع ريقه واستدار إليها):- عذرا أتيت بدون وجه حق يعني .. لم أستطع الابتعاد بعد أن رأيتها وهي على ذلك النحو جربت الذهاب لكن قدماي أعادتني إلى هنا رغما عني
نور(مسحت على شعرها وهي تزفر بعمق):- مصابها عميق يا معاد ، أرجح أن تدع جراحها لتلتئم وبعدها يمكنك رؤيتها
معاد(أخفض رأسه بتعب):- مؤسف ما حصل لها يا ليتني كنت معكم أثناء ذهابكم لإنقاذها ، لم يكن لدي علم بأي اختطاف ولا غيره فلو كان كذلك مؤكد لم أكن سأترك ذلك النهواني يحيا بسلام بعد
نور(أومأت له بقلة حيلة):- لا بأس لقد كفَّت الشرطة ووفت وهو الآن في قبضتهم ، لا تقلق سيأخذ جزاءه الذي يستحقه
معاد(مصمص شفتيه ونظر نظرة أخيرة لدعائه):- سأغادر الآن اعتني بها جيدا
نور(مطت شفتيها بابتسامة بسيطة):- فيك الخير ع الزيارة مشكور يا معاد وعذرا منك قام العم عبد المالك بإفزاعك في هذا الليل ؟
معاد:- ولوو كان عليه إخباري هو يعلم بماهية مشاعري لذا ارتأى تبليغي بذلك ..
نور:- جيد ..آه يا ريت تحاول جهدك كي تعيد الأمور بالشركة جيداء والأولاد يحتاجون لعودتها هذه الفترة أكثر من أي وقت مضى
معاد:- باشرت بذلك بالفعل سأعيد كل شيء بطريقتي ست نور .. لا تقلقي
نور(لوحت له):- نلتقي على خير إن شاء الله …
كانت تعرف أنه سيُبقي روحه بالجوار فمنظر دعاء إن لم يؤثر فيه فبمن سيؤثر ، تأوهت عميقا وأملت خيرا لدعاء فهي تستحق كل الفرح بعد ما عايشته من مآسي بسبب ذلك الخسيس الذي شتمت أجداد أجداده دون وعي منها في حالة الغضب ، تأججت مجددا بالعصبية وغادرت المكان بغبن وهي تخط أرضية المكان متجهة لآلة القهوة فكوب منها سيفي الآن بالغرض ، بعدها سترى ميرنا والباقون هكذا قررت لكن استوقفها وجوده ووقوفه على تلك الشاكلة كالشارد الضائع في الطريق دون شغل شاغل وهذا ما أثار حيرتها …
نور(بسخرية):- هل تنتظر إشارة المرور يا بعدي ؟؟
فؤاد(استدار بخفة، له قد أمسكتني يا إلهي):- أ… لا أبدا فقط كنت أفكر
نور(كتفت يديها وحركت رأسها بدون فائدة ووضعت بعض النقود في آلة القهوة):- رائع ها قد اكتملت ما بها هذه الآلة الآن تأبى إخراج قهوتي تتت
أخذت تضربها جانبيا بعصبية تسخط وتتذمر وهو مكتف يديه ينظر إليها بتأمل استطال ليرسم شبح بسمة على شفتيه ، فتلك هي مجنونته ومن عساها تكون
فؤاد:- احم على الأغلب لم تضغطي على زر التشغيل
نور(اختفت ملامحها ونظرت للزر):- أهاه صحيح نسيت ضغطه احم .. يعني توتر في توتر لابد وأن أفقد عقلي …
ضحك وهو يراها تمسك بكوب القهوة الورقي وتتذمر تحت أنفها طبعها ولن يتغير … في تلك الأثناء كانت هذه بحاجة لسماع صوت نصفها الآخر فاحتياجها له ذلك اليوم كان قويا يعني وكأنها لم تجد يوما آخر لتخاصمه وتتركه في محراب طلب يدها وحيدا كاليتيم ، جربت الاتصال به لكنها أعادت الهاتف لجيبها فمؤكد أنه منفطر القلب وستزيده ضيقا على ضيق ، لذا فكرت قليلا ووجدت أن صديقتها هي الوحيدة التي ستشكو عليها همها بسرعة كلمت وصال وبلغتها بالجديد فهي الأخرى كانت بانتظار خبر للاطمئنان عليهم والتي فزعت بعد أن سمعت كل ذلك وطبعا طبعااااا واجبها في الوقوف بجانبهم يناديييييييها ^^ ، على أساس ذلك بأسرع ما يمكنها ارتدت قميصها القطني ذو القلنسوة وخرجت من غرفتها راكضة صوب غرفة رائدها الهمام والذي كان قد خرج لتوه من حمامه الشخصي يمسح بلله بفوطته ويدندن على أنغام موسيقى الروك التي تجعلها تصاب بصداع نصفي ، لم تفكر ولم تستأذن فلهفتها كانت أكبر منها لذا فتحت الباب بسرعة ودلفت إليه وهنا صعقته وصعقت بدورها حتى التفتت للخلف
وصال(يا إلهي صدر وعضلات صدر وعضلات وما تلك السداسية ببطنه أكانت سداسية أم خماسية له له اخرسي يا وصال أهذا لائق):- آسفة آسفة لم أقصد …
جاسر(عقد حاجبيه وبسرعة التقط قميصه وارتداه وتوجه خلف الباب ليلبس بنطلونه الرياضي):- هل أنتِ بلهاء أم حمقاء أم مااااااااذا لتقتحمي مخدعي بهذا الشكل ؟
وصال(عضت شفتيها وهي تفرك يديها):- سامحني احم ..أ لكن الأمر ضروري لا يتحمل التأجيل ولذا دخلت كالصاعقة بدون إذن
جاسر(رمى بالفوطة جانبا وتقدم إليها):- جيد أنكِ تقدرين أن دخولكِ شبيه بالصواعق ، هيا أخبريني ما الأمر الضروري الذي جعلكِ تتصرفين على ذا الشكل الأهوج ؟
وصال(عقدت حاجبيها بامتعاض):- وكأنك تماديت في توبيخي لا تجعلني أذكرك كم مرة اقتحمت فيها غرفتي دون إذن مني هااااه ؟؟؟
جاسر(صغر عينيه فيها ومثل أمامها بضخامته كم بدا هائلا وكم بدت قصيرة):- صوتكِ لا يرتفع في حضرتي يا وصااااااال
وصال(كتفت يديها وهي ترفع عنقها لتطالعه وتجابهه قوة):- أنت مستفز بحق
جاسر(مد إصبعه وفتح انعقاد حاجبيها):- حين تمثلين أمامي احرصي على أن تتركي حاجبيكِ المعقوفين عند الباب
وصال(احتقن وجهها بالغيظ وزفرت بعمق):- هئئئ
جاسر(أشار لها بيده):- يفضل أن تتركي كل وجهكِ الممتعض هذا خارجا وتدلفي إلي ، هاااه ما زلت أنتظر إخباري بغايتكِ اللحوح ؟؟
وصال(أكلت شفتيها أكلا وهي تبحث عن بداية لحديثها):- لقد وقعت كاااااااارثة بالمدينة أتصدق لقد …………………
جذبته من يده وأجلسته طوعا على كنبته وجلست بجانبه وهي تشير بيدها وتحكي له عن الأخبار الصاعقة ، تارة كان ينفعل معها وتارة يتعجب والأدهى أنه احتار في حالتها الغريبة وهي تحكي له وكلها حماسة وكأن لها غاية تريد الوصول إليها ويا سلام حين كتف يديه مبتسما وهو ينتظر أن تنهي سلسلة المعلومات التي تتدفق من ثغرها ما شاء الله ولا أكفأ مذيعة ، قالها وهو يومئ لها برأسه إيجابا وينتظر معها بحرص وصولها للنقطة المهمة
وصال(ابتلعت ريقها):- وهذا ما يجعلنا نصل لنقطتنا المهمة
جاسر(أشار لها لتتابع وهو يغالب ضحكته بجهد جهيد):- تابعي يا وصال أسمعكِ
وصال(مصت شفتيها ونظرت إليه ثم نظرت جانبيا وبعدها تابعت):- أريد الذهاب للمدينة لن يهدأ لي بال حتى أراهم بأم عيني ، ميرنا بحاجتي ودعائي المسكينة يلزمها مساندة مني إنها صديقتي
جاسر:- ما شاء الله وكأن كلهن صديقاتك بصراحة أبهرتني ، طيب وبالكِ الغير مطمئن على الدوام هل سنتابع العمل معه على هذه الشاكلة ؟ … حين يمرض إياد يرتعب بالكِ وتطلبين الذهاب لزيارته وحين يمرض كامل كمال نفس الشيء تخربين أب الدنيا لتزورينه وخير دليل ما أقدمتِ عليه قبل فترة والجميل الجميل الآن هو هذاااا ونفس الشيء تريدين الذهاب ليرتاح بالكِ يعني هل أنا أعمل مع حضرتكِ أم مع حضرةِ بالك ؟؟؟؟؟؟؟
وصال(مطت شفتيها من البداية وهي تستمع له وترمش بعينيها الدامعة):- أقول لك كادوا يموتون وأنا لم أرهم حتى ، ألا يعني لك ذلك شيئا ؟
جاسر(حرك رأسه وهو يستقبل أنفاسا ليرحم نفسه من براءتها تلك):- وإن كان يعني يا وصال هل يجب علينا الركض في كل فترة للمدينة ، لعلمك الجنود ليسوا بعميان وكذا الإدارة لن تبقى مكتوفة الأيدي جراء هذه الغيابات المتكررة فلكل شيء آذان وخُدام الرذيلة لم يتركوا مكان لذااااا ..
وصال(أخفضت رأسها أرضا وهي تشبك يديها بأسف فلن يسمح):- …لارد
جاسر(لمح تذمرها وأحنى رأسه ليطل عليها):- بما أننا كنا بصدد زيارة لكامل كمال بغية توقيع الأوراق لأجل خروجه ، سنستغل الفرصة ونزور أصدقاءكِ أيضا
وصال(فتحت عينيها بفرح ونظرت إليه):- هل يعني أنك ستصطحبني غدااااااا لرؤيتهم ... ياااااه شكرا شكرا والله إنك أروع رائد في الدنيا وكامل مخطئ حين قال بأنك رخيم التصرفات هههه ياااي سأرى ميرنا وكوثر وإياد غدا وأطمئن على البقية هههه سأجهز نفسي من الآن …. شكراااا
جاسر(بدهشة وعدم تصديق أمام بابه الذي كانت يتمايل بغية الإغلاق بعد خروجها الثائر):- هل قلتُ غدااااا ؟؟ وهل قال عني كامل كمال أنني رخيم التصرفااااااااااااات ؟؟؟؟ هئئ يا عين عيني حسابي معك يا كامل حسابي معك ، وأنتِ يا مجنوني الله يصبرني عليكِ ……
ضرب كفا بكف فهذه هي حضرة النقيب المجنونة ، حرك رأسه بضحك وهو يستذكر منظرها وهي تضخم الأمور وترويها بشكل حماسي قد يقنع أعند عنيد على وجه الكرة الأرضية ، لذا ارتأى أن يلبي رغبتها في الذهاب غدا فماذا بوسعه أن يفعل فهو يجد نفسه أمامها في بعض الأحيان طائعا وأحيانا أخرى صارما لا يعرف للحنية طريق وكل هذا تتحكم فيه وصال محفوظ بلا شك …

في عرين الفهد البري
استقام من مكتبه وهو يضرب على سطحه بعصبية غير مصدق للأحداث المهولة التي يسمعها من عرندس ، تحجرت الكلمات في خاطره حين علم بخطورة الوضع الذي عايشه كل واحد منهم ، أين كان ولما لم يصله خبر بما أقدم عليه زوج دعاء يا للمصيبة يا للمصيبة قالها وهو يمسك بعنق عرندس بين يديه يريد أن يخنقه لكن ذلك لن يخفف من وتيرة غضبه
ميار:- أغرب عن وجهي يا عرندس ولا ترني خلقتك المشؤوووووومة أبدااااا ، ابعثلي رشيد فورا فوراااااااا
عرندس:- السيد رشيد غير قادر على الحراك كما تعلم قد ..
ميار(حرك فكه وهو يشير له بالصمت):- أعلم ما جعلته يعاني منه وسألحِقك به إن لم تكف عن جلب الأخبار السيئة لي …
عرندس:- بما تأمر سيادتك ؟
ميار(فكر قليلا وهو يلتقط أنفاسه):- إياد نجيب ما موقعه الحالي ؟
عرندس:- بالمشفى عينه
ميار(حرك رأسه):- رتب الأمر سأذهب إلى هناك
عرندس(ابتلع ريقه):- أرجح أن تؤجل ذلك لحين مغادرة السيد إياد و
ميار(اقترب منه بشراسة حتى لم تعد تفصلهما سوى خطوة):- أنا لا ألقي بالأوامر عشوائيا يا هذا ما أطلبه ينفذ دون نقااااااش .. هيا انصرف وجهز المطلوووب
عرندس(بقلة حيلة):- كما تأمر سيدي …
ميار(سحب نفسا عميقا بعد رحيل عرندس وناظر الفراغ وهو يرفع حاجبه هازئا):- كنت سأفقدهم بسهوولة هه ، حسام النهواني إن أنت بقيت على وجه الأرض سليما معافى سألعن اللحظة التي ولدت فيها
توعده بشر وطوال الطريق وهو شارد الذهن يتلهف لإراحة ذاته برؤيتها ورؤيته سليمين وبخير وعافية ، وهذا القلق الذي يعتمر صدره الآن لن تطفئه سوى نظرة بسيطة من عينيها العسليتين ، لابد وأنها حزينة الآن أو تبكي أو ربما هي الآن تنعي الحظ على كتف وائل رشوان لالالا غير معقول حكيم هناك ولن يسمح لها ، استند إلى هذه الفكرة ليرحم نفسه قليلا من جملة الأفكار التي هاجمت عقله وهو يطالع الطبيعة المظلمة من حوله في طريقه إلى المشفى الذي كان لا يزال يعج حركة وطبعا عناد بنات الراجي ما شاء الله وراثي فحتى سيداته لهن حقهن في الرد والعطااااء ^^…
مديحة:- لن تجبرني قوة على مبارحة هذا المكان ما لم آخذهم معي .. لن أرحل
عواطف:- يا مديحة بالله عليكِ أنحن في سباق الألف ميل هنااااا، اهمدي قليلا وأمامي للبيت غدا صباحا سنعود لرؤيتهم والاطمئنان عليهم
مديحة(بلهفة أم):- مستحيل قد تستيقظ دعاء وتبحث عني ، يجدر بي البقاء بالقرب كي أخبرها أنني لست غاضبة منها يعني أنني سأسامحها فقط لتعود إلي ابنتي التي ربيت
عواطف(ربتت على كتف أختها التي باشرت بكاء):- حسن لنعقد اتفاقية سنبقى هنا لساعة أخرى وبعدها سنتوجه للبيت ننام قليلا ومن بكرة الضوء سنعود قبل حتى أن تستيقظ دعاء همم ما رأيكِ أظن أن كلامي معقول ؟؟
سماح:- أكيد صائب يا روحي أنظري لحالها ذابلة وعلى مشارف فقدان الوعي ، يلزمها راحة وستتوجه معنا للبيت دون جدال
مديحة(مطت شفتيها بقلة حيلة):- أمري لله ، إخلاص ؟؟
إخلاص(بتذمر وكره):- لن أصدق متى أبرح هذا المكان إنه يخنق يخننننق وأنتم بالمثل
عواطف(رمقتها وهي تجلس على كرسي الانتظار):- لا أحد يرد عليها هي مجروحة دعوها وشأنها اللحظة
سماح:- هذه البنت بمصيبة مختلفة فالمسكينة تعايش زواج زوجها عليها وهذا بذاته يهلك
مديحة(بحسرة عليها هي الأخرى):- لابد وأن لعنة قد أصابت بيتنا دووووون شك
عواطف(زفرت بعمق وجلست بقربهن):- دعونا نرتاح قليلا هنا قبل الرحيل ..
نور(انضمت إليهن):- هاه يا ستات أنتن جاهزات سيصطحبكن العم عبد المالك وكوثر
عواطف:- قليلا بعد يا نور نود توديع الأولاد وبعدها سنذهب
نور:- أوك سأرى ميرنا قليلا بحثت عنها في كل أنحاء المشفى لم أجدها على الأغلب بالأسطح مع كوثر
عواطف(بتوجس):- كوثر مع عبد المالك يا نور
نور(بقلق خفي):- هه إذن هي مع إياد يلا حبايبي عائدة لكُن
انطلقت من فورها مسرعة صوب الأسطح لكن المفاجأة لم تجدها هناك ، عادت أدراجها واتصلت بإياد الذي كان بالحمامات وأوجز أنه لم يرها هو الآخر ، وهنا كان عليها المرور بغرفتيْ حكيم ووائل من جديد ما ربما كانت هناك ، مرَّت بحكيم بداية وجدته يحادث الطبيب الذي أتى ليعاين حالته لذا تجاوزته وتوجهت صوب غرفة وائل التي كانت على مقربة منه والذي كان مغمض العينين ساكنا في ملكوت لوحده طيب أين هي محرمة اللحظات الساكنة …
نور(رمقت فؤاد قادما من الرواق وركضت إليه):- هااااه ربي بعثك لي من السمااااء
فؤاد(أعجبه الأمر وتنحنح):- والله أحقا وفيما تطلبينني يا غالية ؟
نور(رفعت شفتيها بامتعاض وقد خفتت حماستها):- طيب لا تتمادى كي لا أسحب طلبي يا الله عليكم مستغلون لأدق التفاصيل هفففف
فؤاد(كتف يديه):- الشتيمة لديكِ وبااااء متفشي الله يستر بس ، يلا خبريني
نور:- ميرنا لم أجدها بالمستشفى بحثت في كل مكان هي مختفية
فؤاد(رفع حاجبه):- وهذا ما ليس مبشراااا بالخير هه لكن لا تقلقي أنا أعرف مكانها ، همام يراقبها يعني هي تحت أنظاري
نور(بإعجاب مطت شفتيها):- يا عيني وأين هي يا جميل المحياااااا ؟؟؟؟
فؤاد(أشار لها بيده كي تتبعه):- من هناااا
اصطحبها خارج المشفى تحديدا إلى الحديقة الفرعية القريبة منه حيث كانت تجلس وحيدة تلف على ذراعيها سترتها ونظرها شاخص في البعيد ، عقدت نور حاجبيها وهي تطالع منظرها المربك ذاك .. فلما تكابد أختها كل ذلك البؤس هم بخير إذن لترح بالها وترمي بثقل همومها أرضا بل لتطرحه دون رجعة… أفسح لها المجال ساعتها بانسحابه وعودته للداخل في حين جمعت نور سترتها لحضنها وتقدمت إليها وهي تكتف يديها بحيرة في حال تلك الفتاة ذات القلب المرهف
نور(جلست بقربها بهدوء وأخذت تنظر معها للفراغ):- إن كنتِ قلقة عليهما فهما بخير ، وإن كنتِ تخشين على دعاء فهي أيضا في وضع مستقر ، أما إذا كنتِ لا تزالين تحت وطأة الجزع فذلك موضوع آخر .. ميرنا أنا أكلمكِ يا بنت أجيبي ؟؟
ميرنا(حركت رمشها بثقل وعادت لسكونها):- …لارد
نور:- لما هذا الصمت يا ابنتي كل شيء على ما يرام ، فلماذا هذه الكآبة ؟
ميرنا(أخذت نفسا عميقا واتكأت على خلفية الكرسي بأريحية):- دعيني وحدي نور
نور:- لماذا هل ضايقكِ شيء ما ؟ هل تشعرين بالألم أم قلقة من رد فعل الجميع بعد ذهابكِ الغير منتظر بتلك الطريقة الخبيثة واللحاق بنا ؟
ميرنا(بتثاقل ناظرتها):- هذا تذمركِ أنتِ
نور:- طبعا فأن تغامري بحياتكِ بتلك الطريقة هذا شيء غير مقبول ، انتظري ليشفى حكيم وسترين منه ما لا يعجبكِ عما اقترفته
ميرنا(بعصبية نافذة صرخت فقد أشعلتها نور دون أن تعي حتى ذلك):- يووووه توقفي توقفي لا قدرة لي على استيعاب حكيم أو وائل الآن .. دعيني وشأني نور بالله عليكِ ارحميني من ضغوطاتكِ التي لا تنتهي
نور(هزت حاجبها والله هذه البنت بها شيء):- طيب لا تصرخي لكنني لن أبرح محلي إلى أن تدلفي معي للداخل ، وهذا قرار
ميرنا(حولت عينيها وهي تتنهد بتعب واستقامت):- أوك أوك لندخل فقط لأرحم نفسي من عنادكِ الدينصوري ذااااك …
نور:- هئئئ أنا ديناصورة سامحكِ الله … هممم
دلفت معها على مضض وهذا ما أثلج صدر نور بارتياح، فمستحيل كانت ستتركها لوحدها وتواجدها هناك معهم مطمئن لكن لما لم تزر حتى الآن أيا منهما سؤال يستحق التمعن ولم يكن غيره بقادر على إيجاد جواب …
إياد(يجلس بقربها في الرواق):- أنتِ تخشين من أمر عرضي يا ميرنا ، يعني تحملين نفسكِ فوق طاقتك ماذا سيحدث لو دخلتِ لأحدهما فمؤكد لن يغضب الثاني
ميرنا:- إياد أنت تعلم عقلية كل منهما مستحيل سيمرران الأمر على خير ، خصوصا أنه وبعد عودتنا لم أطمئن عليهما إذن فكلاهما ينتظرني بلهفة
إياد(ضحك بهزل):-آخخ عليكِ يا معذبة الرجال يا أنتِ
ميرنا(تغالب حرقة وجدها وبعمق):-إياد .. أعتقد بأنني ضائعة ، أنا في أزمة مشاعر !!!
إياد(هنا ارتفع انتباهه واقترب منها):- ماذا تقصدين ؟
ميرنا(حركت رأسها بغبن وهي تنظر إليه):- أظن بأنني قد.. قد وقعت في الحب
هنا لم يفهم منها شيئا للأمانة يعني ، رفع يده وتحسس حرارة جبينها وأخذ يحسبن بقلة حيلة متوقعا أن ما حصل معهم قد عاد عليها بالاضطراب والجنون ، أما هي فتركته بعد برهة شرود هناك ليجيب على هاتفه وقد كانتِ المتصلة رقية التي رغبت في الحضور للمساندة لكنه منعها حتى صباح الغد ، لم تبالي بما يقوله فقد كانت تسير في الرواق المؤدي لغرفتيهما وحين وصلت توقفت مليا بين كلا الغرفتين وأخذت تنتظر والله أعلم ما الذي كانت تنتظررررررره ، ربما إشارة تدلها على ما يجب عليها أن تتبعه ، المعلوم أن وائل هو ساكن قلبها لكن الغريب أن حكيم الراجي أصابها بالعجز الروحي بما سلف بينهما مؤخرا ، وهذا ما وضعها في حيرة ازدادت بعض تعرض كليهما للخطر ووقوفها عند عتبة سؤال محدد كيف ستتابع حياتها إن هي فقدت واحدا منهمااااااااا ؟؟؟ قبل أن تتعمق في هذا التساؤل سمعت صوتا حنونا دافئا قادما من آخر الرواق واللهفة الأبوية تغمر وجدااااانه وهيأته ….
العم نزار(ونادر يركض خلفه):- ميرنا ابنتي
ميرنا(التفتت إليه):- عمو نزار .. آه نادر أيضاااا
نادر(يلهث بقوة):- ونادر أيضا لعلمك لا تتوهمي بهذا العجوز إنه أقوى مني بآلاف الدرجات ، قد سبقني إلى هنا وأنا الذي أردت فيه خيرا بإيصاله
نزار:- تبا لإيصالك هل تسمي تلك قيادة أصلا … ولا مراهق بالسادسة عشرة
نادر(بعدم صبر):- سأحترم وجود ميرنا وحرمة المشفى
نزار:- دعني منك قد كرهتك .. وأنتِ يا ابنتي رجاء طمئنيني كيف هو حال واااائل بني هل تأذى كثيرا ؟
ميرنا(حركت رأسها بنفي):- ت يعني هو بخير لا تقلق أبدا سيُشفى ، تعاليا معي من هنااااا
بسهولة تمت الإجابة على استفسارها الداخلي ووجدت بأن الأقدار قد وضعت لها خيارا لقلبها المتسائل ، تنهدت بأريحية بعد ذلك الاختيار ودلفت قبلهما إلى غرفته وجدته منسدحا على سريره منتظرا هو الآخر بزوغ شمسه التي ما إن لاحت حتى انفرجت أساريره بالبهجة والسرور ..
وائل(همس بعشق):- ميرناااا …
ميرنا(محرجة):- …. أتيت ومعي ضيووووف
نزار(تجاوزها مهرولا):-ولدي وائل آه يا حبيب قلبي ما الذي أقحمت نفسك فيه يا بني ، ماذا لو كنت تأذيت كيف كنت سأعيش حياتي من بعدك أنااا ، ألا تفكر بي وبشيبتي التي وعدتني أن تحافظ عليها ما إن أتقدم أكثر في السن ، يعني هل ستجعلني أقلق بعد التقاعد أقصد التقاعد الجسدي فلحد الآن صحتي بومبة الحمدلله في عين كل من رآني ولم يصلي ع النبي احم… والله أفزعني صديقك الفاسد بالأخبار ولا أدري كيف صرخت بوجهه مجبرا إياه أن يحضرني إليك طبعا ما كان قلبي سيرتاح ما لم أراك الليلة خبرني يا عزيزي كيف تشعر كيف هي إصاباتك هل يؤلمك شيء هل هنا كسر آه أنظر لصدرك الرياضي الذي كنت تعتني به ليل نهار قد تزين بتلك الضمادة لكن لا عليك يقال أنها تزيد من محبة الفتيات يعني شيء يثيرهن هههه هاهاييهيه ….
نادر(مثله مثل ميرنا مثل وائل كان فاغرا فاهه فيه):- أمعقول أنه توقف عن الحديث ؟ يا إلهي حسبته أنه صنع صيني ممتد لساعات إضافية
نزار(زوره شزرا بقنوط):- لو ترحمنا من صوتك الرخيم ستقدم خيرا للبشرية ..
وائل:- هه حسن لا تبدآ أنا بخير وبصحة جيدة فقط بعض الحروق السطحية وإصابة بأحد أضلعي يعني راحة لعدة أيام وسيكون كل شيء على ما يرام
نادر:- سلامتك يا غالي
نزار(رفع شفته بامتعاض):- الله يعلم من رآك ولم يسمي اسم الله ، تف تف اللهم لا حسد
وائل(نظر لميرنا التي ابتسمت بثقل):- عمو نزار بلاها خزعبلات العجائز هنا ، تعال اجلس جواري صدقا اشتقت لك يا رجل
نزار(مسح على شعر وائل بحنان):- وأنا يا كبدي لم أعد أراك هذه الأيام كثيرا ، دوما مشغول أو تلاحق تلك الفتاة المتزوجة بغيييييرك الذي يرقد في الغرفة المجاورة للعلم هممم
ميرنا(مصت شفتيها وهي تنظر للأرض):- سأدعكم قليلا لوحدكم علي الذهاب
وائل(همَّ ليتحدث لكن سبقته بالمغادرة):- ولكن لم أشبع من … تت
ميرنا(أومأت له وانسحبت):- لا بأس سأعود بعد قليل …
وائل(فور ذهابها رمقه شزرا):- أكان ضروريا أن تفتح ذلك الموضوع يا عم نزار في حضورها ؟
نادر:- قلت لك أنه خرَّف ويجدر بك الاستغناء عن خدماته لكنك لا تسمع مني ، هه استلم إذن
نزار:- والله إن لم تسكت سأتصل بميرفت صاحبة اللعنة الفرعونية لأطلب منها أن تلعنك وتحولك لقرد راقص في السيرك .. هاااه اتقي شري لأنني لا أمزح
نادر(بفزع نظر لوائل):- هل معه رقمها بحق ؟
وائل(بدعابة):- لا تستهن أبدا بقدراته قد تكون معه حقا
نادر(تنحنح وجلس مقابلهما):- حسن لنعقد هدنة لن أتفوه بحرف لحين خروجك
نزار(غمز وائل وضحكا):- سأفكر هه ….
خارج الغرفة كانت ميرنا لا تزال بالرواق تتقدم خطوة وتعود خطوة للخلف حيث يقبع نبضها لكن أمامها شخص أعاد لها مشاعرها الدفينة ، أجل أعادها وهذا ما لا يسعها إخفاؤه بعد ذلك اليوم حين لمحت الخطر محدقا بهما تفتحت أبوابها الداخلية لتضع وائل في نصاب ، وحكيم في نصاب آخر وهذا ما جعلها مرتبكة منذ العودة فما يجري بعمقها أكبر من مجال استيعابها حتى .. مسحت على جبينها هذه المرة وهي تلف خصلات شعرها خلف أذنها بعد ذلك زضهن يدها على مقبض بابه ، كان الأمر صعبا رغم سهولته وهذا ما زاد من حيرتها التي استطالت لتصبح حالة شاردة معظم الوقت … لحظة لحظتين وسحبت يدها كي تبتعد لكن أثناء ذلك اندفع الباب لم تشعر بنفسها قد فتحته بلا إدراك وهنا التفت مباشرة ناحية الباب بابتسامة وكأنه يعلم هوية زائرته ..
حكيم(بلوعة قلب):- أخيرااا
ميرنا(ابتلعت ريقها وزينت وجهها ببسمة وهي تدلف بعد أن أغلقت الباب خلفها):- كيف حالك الآن ؟
حكيم(حاول التحرك في محله لأجل استقبالها):- صرت أحسن حال الآن
ميرنا(أشارت له بلهفة وهي تسارع خطاها نحوه):- لالا لا تتحرك الطبيب طلب عدم تحركك كثيرا لأجل سلامتك
حكيم(يمعن نظره فيها باشتياق):- اقتربي يا ميرنا
ميرنا(اهتزت حنجرتها وهي تجلس بقربه على سرير المشفى):- هممم
حكيم(أمسك بيدها وهو يبتسم بإشراق):- اشتقت مشاكستكِ يا طفلتي
ميرنا(مصت شفتيها وأشاحت ببصرها بعيدا لتعود وتناظر عمق عينيه):- لم تغضب مني بعد فعلتي تلك صحيح ؟
حكيم(بملامح جدية صارمة):- لا تذكريني
ميرنا(رمشت بعينيها وبلهفة تمسكت بيده):- أقسم أنني ما كنت بقادرة على البقاء ، استغليت شرودكم وركبت بجيب سيارة وائل إذ كان هذا الحل الأمثل لي لمرافقتكم
حكيم(عقد حاجبيه ونظر جانبيا):- ….لارد
ميرنا(أطلت عليه وتابعت):- وجودي سهل قليلا الأمر يعني عرفت مكان المزرعة
حكيم:- يا روعتك وهل تراكِ اتصلتِ لتخبرينا بذلك ، لولا اتباعنا لاتجاه النيران المندلعة لما وصلنا أبكر ، ثم تواطئكِ أنتِ ووائل للمرة التي أدري كم أمر مشيييييين وأوجع قلبي
ميرنا(أغمضت عينيها وهي تزفر بعمق):- لم يكن أمامه حل سوى مرافقتي ، قد كنت حريصة على الذهاب واستغلال الوقت خصوصا حين لمحنا أن المفاوضة بينكم وبين حسام كانت تميل لكفة سيئة
حكيم:- لست مقتنعا بما تتفوهين به يا ميرنا ، ما أعرفه أنكِ عصيتِ أوامري وتآمرتِ مع ألذ أعدائي لتنقذي أختي أختي أنا وليست أختتتتتتته
ميرنا(حركت رأسها بدون فائدة):- ما يحرقك هو أن شريكي في عملية الإنقاذ كان وائل رشوان ، لو كان حتى عابر سبيل لما اهتممت لكن حين كان هو طبيعي أن تمتعض بذا الشكل
حكيم(صغر فيها عينيه):- هل ستدافعين أيضا عن فعلتك ، هيا ميرنا لا تجعلي غضبي ينزل عليكِ الآن ونحن في هذا الوضع
ميرنا(سحبت يدها من يده ورفعتها بتعب):- يكفي لن أطيل في هذا الحوار ، الأمور الآن بخير دعاء معنا وذاك المجرم في السجن .. إذن كله تمام
حكيم(صرخ فيها):- ليس كذلك ميرناااااا ليس كذلك هذه آخر مرة ستخرجين فيها عن طوع أوامري ، مجددا لو عصيتها قسما بالله سأحبسكِ في القصر البحري لستة أعوام مقبلة وقولي أن ابن عمكِ لن يفعلها
ميرنا(رفعت حاجبها فيه):- طيب يا ابن عمها هدئ من روعك كي لا تؤلمك ضلوعك المتأذية
حكيم(ألقى برأسه على الوسادة بتعب):- لأن اسمكِ مؤخرا بات جلطة وليس ميرنا يا ست ميرنااااااا العاقلة
ميرنا:- هه عاقلة رغما عنك يااااا …
حكيم(عض شفتيه وضرب يدها بتلاعب):- اخرسي يا حمقااااء ..
ميرنا(ضربت يده):- لا تضرب
حكيم(أعاد لها الضربة بعناد):- بل أضرب اجمعي يديكِ عيب أنا مريض
ميرنا:- يا عيني من قال أنه عيب قلت لك لا تضرب
حكيم(أعاد ضربها):- ميرناااااا
ميرنا(بعناد أمسكت بيده قبل أن يضربها):- توقف
حكيم(سحبها بقوة حتى ارتمت بحضنه كلها كل ميرنا يا حلو كل ميرناااا):- هئ آآآه
ميرنا(ارتمت على صدره وجهها إلى وجهه وشعرها المنساب قد غطى كتفه العاري وغمرهما في جمع غريب):- ..أ .. عذراااا
حكيم(تنهد بألم ليس ألم ضلوعه التي نسيت آلامها بعد ذلك الحضن ، بل ألم من نوع روحي ألم يجعله أضعف مخلوق أمامها إن صح القول):- عصفورتي الصغيرة
ميرنا(تاهت في نظراته التي كانت تسبح في ملامحها بتعطش رهيب):- ح.. حكيم
حكيم(رمش بعينيه تعبا من هول دمار عطرها الذي تخلل ألبابه):- يا نبض حكيم
ميرنا(الأرجح أن أجمع شتات نفسي الآن الوضع لا يحمد):- هل آذيتك ؟؟ آه علي كان يجب الحذر سامحني لو آلمتك حكيم
حكيم(لاحظ ابتعادها وامتعض بتذمر وكأنها سحبت منه روحه):- لم تؤلميني يا ميرنا بل ..سحبتِ مني روحي بابتعادك
آخر جملة قالها في سره بكتمان إذ يصعب عليه مكابدة التردد في عينيها ، هي تريد ولا تريد متخبطة في صراع ضد عاصفة بحرية هوجاء لا تعرف للخنوع طريق ، غير ممكن التحكم فيها ولا في أمواجها العاتية لا يسعه سوى الانتظار عند شاطئ التمهل فطفلته التي كبرت تستحق أن يفسح لها مجالا أكبر لتأخذ حيزها من التفكير والتذكر ، أجل التذكر هو الحل الأمثل لاستثارة مشاعرها المكتومة تجاهه وهذا ما سيستغله لأنها هنا معه وليست مع وائل لا يعلم أنها غير قادرة على مواجهة عيونه هو الآخر لأن الضياع الذي تحياه جعلها عاجزة مرتبكة غير قادرة على اتخاذ أقل قراراتها بساطة …
حكيم(لاحظ تخبطها وهي تفرك يديها بشرود):- ناوليني كوب ماء
ميرنا(ارتبكت وأومأت له بطاعة وأمسكت بالكوب ويداها ترتجف):- تفضل
حكيم(لم يمسكه بيده بل أمسك بيدها الممسكة بالكوب وجذبها إليه ليشرب):- هكذا سأرتوي
فتحت عينيها بذهول فتلك اللحظة تحديدا لم تستطع مجاراته ، هو يعاملها بلطف باذخ بحنان يثقل كاهلها بجبال شاهقة لا تحتمل وزنها ، فهي ضعيفة وغير قادرة على العطاء حتى ، تنهدت بعمق وهي تجذب يدها وتضع الكوب محله بعد أن ارتوى كما ذكر وهنا استطاعت أن تستجمع أنفاسها لتنطق ببضع همسات ضئيلة وتنسحب من أمامه كما ينسحب الحلم الجميل … قوس حاجبيه وهو يناظر طيفها الغائب من أمامه فكيف سيمسك بقلب طفلة ينازعه شريك آخر عليه ، فور تفوهه بهذه الكلمات التي طعنت وجده أكثر مما هو مطعون فتح الباب لتدلف أمه والباقون لأجل توديعه …
مديحة(عانقته للمرة العاشرة):- ما إن تفتح عيونك غدا صباحا ستجدني أمامك يا حبيبي
حكيم(تأقلم سريعا معهن كي يختلي بنفسه بعد رحيلهن):-كان الود ودي لو غادرت معكن لكن الطبيب رفض ذلك ..
سماح:- له يا ولدي عليك أن ترتاح كما تتطلب حالتك ، ثم زوجتك ستبيت معك هي ونور إذن اطمئن لا شيء لتقلق عليه
حكيم(لو كنت أعلم أنها ستبيت من أجلي كنت فرحت يا عمتي لكنكِ لا تعلمين ما أعلمه):- تمام يا عمتي ..
عواطف:- حسن يا بني أردنا فقط توديعك ، سنمر بوائل قليلا وبعدها نرحل فالسيد عبد المالك وابنته بالخارج ينتظروننا
حكيم(وائل رشوان لا أستغرب أن يخرج لي اسمه في اليانصيب أيضا هذه الأيام):- هممم
مديحة:- أأوه هيا لن نرهقك أكثر يا روحي انتبه لنفسك
نور(انضمت إليهن):- هيا يا جماعة جدتي نبيلة تنتظركم بغرفة وائل أسرعن ..
حكيم(كملي جميلك حبيبتي نور كملي على المتبقي من قلبي):- هففف
إخلاص(ركضت إليه):- هل تتعبك الوسادة يا حكيم هل أعدلها لك ؟
حكيم:- لالا يا غاليتي فقط شعرت بالضيق قليلا يعني لست متعودا على جو المستشفيات
مديحة:- آه الآن ستجعلني أغادر وقلبي غير مطمئن عليك ، هكذا لن أرتاح
عواطف(حولت عينيها):- يا الله لا تبدئي أرجوكِ أختي
حكيم(أغمض عينيه):- أمي اذهبي لترتاحي معي ميرنا معي نور إذن لا مجال للقلق، سأغفو قليلا أكيد سأرتاح بعد ذلك
نور(تشير لهن بحركة مضحكة كأنها تسوق قافلة ماعز):- يسلم فمك يا أعقلهم هيا يا سيدات هيا هيااااا تحركن …
خرجن من عنده بعد أن قبلنه جميعا وتوجهن صوب غرفة وائل رشوان يعني هذا إن لم يشعره بالغيرة ، فما الذي سيشعره بذلك خصوصا حين لمح ميرنا بالرواق مع إياد الذي جذبها من ذراعها لينضموا إلى مسيرة النساء وهنا رفع رأسه بغضب .. كيف يزورونه جميعهم يعني حتى الواجب لا يستحق كل ذلك رمش بعينيه مرتين وهو يفكر بالفكرة التي طرأت باله ويلفها من جميع الاتجاهات أتناسب أم لا تناااااسب ؟؟؟ ….
في تلك الأثناء غرفة وائل كانت تعج بالبشر ، المضحك في الأمر أن نزار وقف بوجهه محاولا إخفاءه بحركاته المضحكة لكن على مين ، جذبه نادر بصعوبة على جنب كي يكف عن تصرفاته الجنونية تلك ويترك للناس مجالا للاطمئنان عليه ..
نبيلة(كانت تجلس على الكرسي متكئة على عصاها وتنظر إليه):- كنت بطلا وأنقذت أحفادي بشجاعتك بني وائل ..
وائل:- لم أفعل شيئا يعني كان ذلك واجبي ، ثم لم أكن المنقذ الوحيد حكيم وميرنا بذلا مجهودا جبارا أيضا ونور كذلك
نور:- هاااه حسبت أنك نسيتني
فؤاد(نطق بجانبها):- حتى لو نسيكِ كنت سأمجد بطولاتكِ يا مساعدتي اللطيفة
نور(ضربت بكعبها الأرض بخفوت):- اللهم طولك يا روووح
مديحة:- مع ذلك يا وائل رميت بنفسك وسط النار لأجلهما وهذا بحد ذاته يعني لنا الكثير
عواطف:- أجل يا وائل
وائل(ابتسم لهم وهو يطالع ميرنا التي انضمت إليهم رفقة إياد):- كان الأمر يستحق مني كل التضحية الممكنة، والحمدلله انتهى كل شيء على خير
سماح:- الحمدلله
إياد(حرك رأسه):- يعني لولا هرب هذه المجنونة لما وجدت دليلا يرشدك للطريق وائل
وائل:-هه لا تذكرني حين اكتشفت وجودها بجيب سيارتي جزعت كدت أصرخ فيها ، لكن الظروف لم تسمح
نور:- طفلة كبيرة تلك الميرنا ويوما ما لن تنجو من طيشها الشقي ذااااك
ميرنا:- سأنجو سأنجوووو هه
حكيم(دخل عليهم وبصوت خافت):-طالما نحن بحياتها ستنجو .. وائل
وائل(طالع نظرته وتنحنح):- أهلا
كان عليه أن يأتي حتى لو زحفا ، لن يسعه البقاء بعيدا في حين أن الكل رفقة غريمه اللذوذ وأولهم عصفورته الصغيرة التي كانت تمسح خلف عنقها بتوتر وتنظر بوهن لما يحدث حولها فهدير الجنون قد باشر عصفه بوجده تلك اللحظة …خصوصا أن وائل تنهد بحنق يعني ألا يسعه حتى الحظي بدقيقة مع ميرنته وأهلهاااااا ؟؟؟
مديحة:- يا إلهي يا إلهي ما الذي جعلك تنهض من سريرك يا حكيييم ، تعال تعال اجلس هنا الوقوف غير جيد بالنسبة لك
حكيم(انجذب معها وهو يطالع عيونهم جميعا):-كان علي شكر وائل بنفسي على ما فعله مع أختي ، يعني يستحق مني كل الامتنان
ميرنا(رفعت حاجبها ونظرت لإياد المستغرب مثلها):- أهااااه
وائل(بنفس النظرة الحائرة طالعه):-أ.. لا بأس كان ذلك واجبي
حكيم(سحب نفسا عميقا وهو يغالب آلامه فنهوضه لم يكن صائبا للحقيقة لكن ذلك الوضع كان يستحق أن يضرب الصالح والطالح عرض الحائط):- هه واجب عن أي واجب تتحدث لا أجد شخصا مجنونا قد يرمي بنفسه للتهلكة من أجل شخص آخر …
فؤاد(هنا نطق وهو يرمق سخرية حكيم المبطنة):- وها قد التقيت به شخصيا وحتى لمست شهامته بنفسك
نادر:- أكييييد وائل من يومه بطل أتذكر يوم أنقذنا ميرنا من جرف الجبل ياااااه على تلك الذكرى ، كلما تذكرتها دمعت عيناي هه
نزار(رمقه شزرا ومن بين أسنانه):- ابلع لسانك وإلا قصصته لك
ميرنا(سحبت نفسا عميقا وهي تقرأ نظرات وائل وحكيم المتبادلة وطبعا ليس بخير):- على الأرجح علينا أن نتركهما ليرتاحا ما عايشناه صعب ومؤلم .. صح نور ؟
نور(فهمتها):- آه آه أؤيدكِ تماما أختي ..
نبيلة(رمقت نظرة حكيم تجاه ميرنا وفي آن الوقت نظرت لوائل وبعدها تنهدت):- يا الله
نزار(التقط تلك التنهيدة وبخفوت همس):- لابد وأن تجد القلوب طريقها صوب الحق
نبيلة(بعدم فهم استدارت إليه):- م…
رامز(قاطعهم بهجومه عليهم بحركاته المرحة):- أنااااا جييييت من افتقدني ؟
إياد(ضرب على وجهه):- إن أجابه أحد سأسقط لكم هنا أرضااااا
رامز(بابتسامة عريضة):- آه كم افتقدتكم كيف الحال لتوي أنهيت عملي وأتيت لأطمئن عليكم ، ميرنااا وائل حكيم نور ما أخباركم وأخبار دعاء ؟
مديحة(وقفت وتوجهت إليه):- أشكرك يا ولدي على ما فعلته الليلة لأجل أولادي ، من اللحظة بيتنا مفتوح أمامك في أي وقت لا تتردد أبدا لأنك صرت منا وفينا
رامز(بدهشة لم يصدق نفسه):- أحقااا يعني.. هل أستطيع تناول الفطور معكم مثلا ؟
إياد:- كنت أعلم أنه سيستغل الهبة التي أعطيتها له يا خالة مديحة
رامز:- هههه ولو هذا أقل ما سأفعله ، لكن دعوني أروي لكم ما حدث عن أبطال ليلتنا فحكيم قد اقتحم البيت المحترق بحركة ولا حركة الممثلين بسيارته أما وائل فقد رمى بنفسه للنار بعد أن صب على نفسه دلو ماء تقولون رجل إنقاذ متمرس لسنواااااات ههههه اسمعوا اسمعوا ..
ضحك الجميع حينها بالرغم من مآسيهم المحزنة لكن رغما عنهم تفاعلوا فمرح رامز الذي أضفى لمسة هادئة على الأجواء المشحونة كان له لمسة سحرية في تغيير مزاجهم وقتها ، خصوصا حين بدأ بسرد مغامرات تلك الليلة ما بين حركات وائل في إنقاذ دعاء وتدخل حكيم إلى آخر ما حدث حين دخل وائل لينقذ حكيم فخرج حكيم مسندا وائل ، يعني لقطة فريدة من نوعها فكلاهما أنقذ الثاني بشكل يثير الريبة والحيرة وهذا ما لمسه الباقون ، فكيف للأعداء أن ينقذوا بعضهم بعضا بعيدا عن الضغائن والعدااااوات .. هنا نبيلة تمعنت في الأمر إذ فهمت ما يجب عليها فهمه مثلها مثل نزار الذي جلس بالقرب وأخذ يتطلع بهدوء ويقرأ الأفئدة وما يجول فيها بحنكته ، أما البقية فما بين نور وفؤاد كانت هنالك نظرات خاصة ما بين مراوغة وهروب فهو سيلاحقها حتى تمل وتكل وتعترف أن وجوده إلزامي في حياتها ، وهي لن تتوانى في جعله يبوس التراب ولا تكون له لقمة سهلة مثلما ينتظر ، وهذا ما يجعلهما دوما في مد وجزر فكلما اقترب هي ابتعدت ..أما ما بين عواطف وسماح ومديحة فقد ضحكن بدموع من تلك المغامرات دموع اختلطت بالحزن كلما تفكروا في إمكانية فقدهم لأحدهم لحظتها تقشعر أبدانهن ويبدأن في ترديد تراتيل الشكر والامتنان لرب العالمين .. أما إخلاص فقد كانت جالسة في ركن قصي ممتعضة من كل ما يحصل تريد الذهاب للبيت أقلها تدفن نفسها في الغرفة لحين تغفو من فرط البكاء فمأساتها قد وضعتها على جنب ريثما تجد متنفسا خاصا لها لتنعي حظها التعس وتطلق سراح أناتها الدفينة بعدما فعله عمر بها .. في حين كان إياد يجاري نادر ورامز فقد اجتمعا الاثنين عليه ليطلقا الدعابات على ما حدث والتعليقات حول عملية الإنقاذ لم يتركا نقطة لم يناقشوها بدءا بهرب ميرنا وركوبها في سيارة وائل وهذا ما تذكره رامز الذي بدأ في محاسبتها أمامهم ينهر ويصرخ بتذمر زاد ضحكاتهن صخباااا مما يحدث … أما هي فقد كانت تتفاعل معه قليلا لأن روحها كانت مقسومة نصين نص تناظر به وائل الذي كان مبتسما على سريره يراقبها عن كثب ويراقب إيماءاتها أجوبتها وردود فعلها وحديث الحضور ، ونص آخر لحكيم الذي كان يتنهد بعمق مجبر أن يبقى هناك طالما هي هناك ولن يغادر لحين تغادر معه وإن بقيت سيبقى ولو على حساب آلامه وأوجاعه الجسدية والباطنية … في ظل تلك الأجواء المرتبكة ما بين كلهم وبينما هم منغمسون في كذا شيء في ذلك الاجتماع الفريد من نوعه وبين أحاديث الدعابة وكلام العيون الصامتة ارتفعت خفقات قلب ظنت لسنوات عديدة أنه قد ماااااات لينهض تلك اللحظة ويجعلها تستذكر مشاعر قد دفنتها في مقبرة النسيان منذ عقود ، مما يعني أن ما تشعر به الآن ما هو إلا ارتفاع في الضغط على الأغلب لكن ما نفى استنتاجها ذاك هو الباب الذي فتح عليهم كي يطل ذراعه اليمين ويشير له بالدخول للغرفة المقصووودة ….
طنننن طرنررنطنطنننن
صوت قرع طبول إغريقية من العصر المنسي ارتفعت بكل أرجااااء الغرفة التي كبرت بشكل مسح كل شخص موجود فيها ، حذفهم من قائمة الوجود لتبقى هي وكل كل ذكرياتها المنسية في حالة ذهول وصدمة لم تتوقعها مطلقا ..شعرت وكأن الزمن توقف لسنوات مديدة ليكمل مسيره الروتيني في اللحظة الموالية فقد رمشت بعينيها لتصدق ما تراه أمام عينيها نفس النظرات نفس الخشونة نفس الحضور الصارم بنسخة كهل خط الزمن على ملامحه تجاعيد الهم والغم التي لن تفارقه حتى الموت …. تحركت حنجرته وقد انعزل هو الآخر عن الوجود يناظرها بغضب جامح بكره السنوات الماضية كره من نوع الحب الذي من شدة اللوم على فراقه وهجره تحول إلى كره لأجل تخليها عنه في عز حاجته لها ، قلبه الذي لم يتوقف عن النبض اعتصره بصعوبة وهو يرمقها بنظرات غير مفهومة إلا لها ، نظرات عتب أهلكت فرقده لكذا سنة لم يحاول فيها ولا مرة أن يعترض طريقها بل هجرها مثلما هجرته والهجر بالهجر والبادي أظلم ….. نظرة عميقة استطالت لعدة دقائق لتعيدهم للماضي وتسحبهم منه بعد أن نطق وائل بكلمة واحدة جعلت تركيز الجميع يصب في الغرابة التي تملكتِ الأجواء بعد مرحها
وائل(بصدمة متوقعة):- جدي ؟؟؟؟
فؤاد(نظر بتأسف لوائل وهمس):- آم سُوري …
ضرغام(حرك عصاه وتقدم صوبه بفخامته متجاوزا الواقفين كلهم ليمثل أمامه بإباء):- أأنت بخير ؟
وائل(نظر لهم وهم يراقبون عن كثب ما يحدث):- أتعبت نفسك بالحضور
ضرغام(صغر عينيه في نبيلة التي كانت قد استقامت مستندة على عصاها):- أجبني ؟
وائل(تأجج داخليا لكنه أمامهم لذلك لن يفقد أعصابه الآن):- بخير لا تقلق
ميرنا(استغربت ما يحدث لذلك نظرت إليه باستفهام):- لم تعرفني على جدك بعد يا وائل ، مرحبا يا عم أنا ميرنا الراجي
ضرغام(رمق يدها المعلقة ونظر لوائل شزرا قبل أن يبتسم بخبث في وجه نبيلة):- ههه
نور(برفض تقدمت إليه):- سيد ضرغام آنست وشرفت
ضرغام(فاجأهم بمصافحته لميرنا التي لم تكن متوقعة بعد ذلك التأخير):- أكيد هذه فرصة ذهبية أن رأيتكم جميعا هنا في موقع واحد ، صح يا فؤاد ؟
فؤاد(بتوتر ابتلع ريقه):- هو كذلك
نبيلة(بصوت متحشرج رمقته بطرف عين تحمل دمعا متحجرااااا كتحجر قلبها):- الزيارة انتهت بالنسبة لنا ، هيا يا بنات حكيم إلى غرفتك أنت أيضا
حكيم(استقام وجذب يد ميرنا إليه):- لما تعرفينه على نفسك ما شأننا بهم أصلا ، تعالي معي
وائل(سمعه جيدا واستوقفه بغيظ):- كانت عاجلا أم آجلا ستتعرف على جدي يا حكيم
حكيم(رمقه بنظرة هذا ما كان ينقص):- والله ؟؟؟
ميرنا(برجاء نظرت لحكيم كي لا يفتعل فضيحة هناك):- بليييز لا تدقق
وائل(زفر بعمق وتعب لما تهمس له وهي في حضرتي أتريد أن أنهض لها من مكاني وأجعلها قربي رغما عن أنف الجميع):- صبراااا يا رب …
ضرغام(حرك رأسه وهو يراقب نبيلة):- نبيلة … ما أخباركِ يا راجية ؟
هنا تشنج الجميع ونسوا تماما ما يشغل أفئدتهم إذ تسمروا محلهم وتبادلوا كلهم نظرات حيرة ، الكل ينتظر الرد بعد ذلك السؤال الذي كان جد جد طبيعي لكن الغريب فيه أن كلا منه لم يرتح له خصوصا حين اهتزت نبيلة لتغادر الغرفة متجاهلة سؤاله هنا تيقن الكل أن ما بين هذا العجوزين أكبر بكثيرررر مما يتوقعون ، عواطف مديحة سماح إخلاص خرجن من الغرفة وتبعنها مباشرة وهن يتمتمن باستفسار عما حدث ، أما رامز وإياد فقد غادرا بدورهما كذلك نادر ونزار انسحبا لأجل زيارة يوم غد إن شاء الله .. أما حكيم فقد جذب بقوة ميرنا خلفه وتوجه بها لغرفته ليقاصصها على راحته ، في حين أن نور خرجت آخر واحدة وهي ترمق فؤاد شزرا وأبوه بعدم ارتياااااااح …
وائل:- ما كان ذلك ؟
ضرغام(جلس بأريحية):- ما كان ، أليس من حقي أن أطمئن على حفيدي ؟
وائل(بغيظ نظر لفؤاد):- أقصد إحراج ميرنا وتحدثك بغرابة مع جدتها هل تعرفها أصلا ؟
فؤاد:- وائل أنت متعب لاحظ ذلك ولا تنسه ، لا تفقد أعصابك فلا شيء يستحق
وائل(بعصبية):- لا شيء يستحق طيب لنتذكر معا من قام بإخبااااااره
فؤاد(مط شفتيه بتأسف):- لم أحسب أنه سيصل في هذا التوقيت يعني ، لا ذنب لي
ضرغام:- توقفااااا فقط لأنني أرغب بفهم شيء أهم بكثير من هذا الهراء … ما الذي دهاك حتى رميت بنفسك في تلك الحلقة المؤذية ؟
وائل(أشار لفؤاد وهو يلقي برأسه على الوسادة بعدم صبر):- أجبه يا عمي فهذا دورك كمراسل لم يتوانى لحظة في بث أخباااااره
ضرغام:- لا أفهم .. هل أنا جدك أم شخص غريب عليك ؟
وائل:- ههه بالله عليك لا تضحكني فحتى السؤال يجعل جراحي تتفتق لتظهر جلية أمام ناظريك وتجيبك بدلا عني
ضرغام(ضرب بعصاه الأرض):- لا إهانة وإلا سأسحبك من سريرك وآخذك قسرا لقصري كي تتعافى بين جدرانه ، وهذا أنت تعلم علم اليقين أنه في يدي
فؤاد(رمق دهشة وائل وتدخل):- الآن اطمأننت عليه غادر فحسب
ضرغام(نهض بتعب):- لنا حديث فيما بعد سأراعي الحالة التوترية وسأنسحب ، لكن سأكون بالجوار وسأراك بعد خروجك من هنا ولا تنسى منك له أنني رب عائلتكم ومن حقي عليكم أن أكون في حياتكم شئتم أم أبيتم همممم ..
خرج من هناك وهو يضرب الأرض بعصاه غضبا في حين رفع فؤاد يديه بتأسف لوائل الذي ضرب بيده السرير وجذبها لفمه في قبضة شديدة تترجم حالته العصبية تلك اللحظة ، في ذلك التوقيت وحين خرج ضرغام من غرفة وائل رمق رستم وهو بانتظاره في الرواق ولمح ميرنا بغرفة حكيم تشارع بيدها وعلى الأغلب كانا في احتدام ، ابتسم بمكر وهو يتحرك صوب المغادرة لكن توقفه الجانبي بعد رؤيتها جعله يستغرب …
نور:- ليس بيننا معرفة سابقة لكنني .. أعلم القليل عنك وعن أسرتك الملعونة
ضرغام(أومأ لرستم بالابتعاد واقترب منها):- وأسرتكِ أنتِ ماذاااا يا صغيرة ؟
نور(صغرت فيه عينيها):- أنا لست صغيرة هذا أولا ، وثانيا أسرتي لولا تدميركم لحياتها لما آلت لما آلت إليه مع الأسف
ضرغام:- هه من الواضح أن جدتكِ لم تكن منصفة معكِ بشكل كبير ، إذ لم تروي لكِ ما قام به أبوكِ الذي أتمنى له الحرق في جهنم الحمرااااء للنار التي أشعلها في قلبي بعد قتله ابنتي
نور(ابتلعت ريقها أسفا):- ذلك أمر لا شأن لنا به .. كله ثأر و رد دين بينكم لا يعنينا ولا يخصنا نحن
ضرغام(اقترب منها بتسلط):- بل يعنيكم حين تقحمون أنفسكم في حياة أحفادي وأولادي من حقي التدخل للحؤول بينكن وبينهم ، لا يسعكم الاقتراب لا أنتِ ولا أختكِ الفنانة ولا حتى الصحفية لأنني سأقف لكم جميعا بالمرصاد إن لم أستطع كبح جماح آل رشوان مؤكد أنني ذو سلطة متمكنة على بنات الراجي والدليل يقف أمامي ، لولا أن جدتكِ قد وكلتكِ لتقفي حائلا بينهم جميعااا لما تجرأتِ على قطع طريقي
نور(لم تجد بما تجيبه لكنها على الأغلب لن تكون خانعة):- ههه لا يشرفنا على الإطلاق أصلا أن نقترب من نسل نذل مثلكم خسيسون لا يعرفون للإنسانية معنى ..
ضرغام:-ههه مخادعة صغيرة كجدتك ..ألم تكوني للتو بغرفة رشواني تطمئنين على صحته وتشكرينه على ما فعله مع ابنة عمك وأيضا ألستِ تعملين بشركة آل رشوان تحت إدارة ابني شخصيا ، أو لستِ أنتِ من تحاولين رفقته الجمع بين شهاب وميرا أم أنني أهذي هنا ؟
نور(برقت عيناها بشراسة إلى أي مدى يقرؤها هذا العجوز ثم لما تشعر بأنها لا تهابه وبأنه مألوف وقريب منها لدرجة غريبة):- تت لن تدخلني في دوامة استنتاجاتك الواهية لأنني متأكدة بأن لك نفس الغاية
ضرغام:- أنتِ تشبهينني في سرعة البديهة ، يعني فهمتِ تماما ما يلزمكِ لكي تضعي النقاط في نصابها أنا وأنتِ نتفاهم على ذات الفكرة أننا وإياكم لا يجب أن نجتمع في مكان واحد وعلى أساس ذلك عليكِ التصرف
نور:- ههه أتصدق نفسك بعد قليل ستأمرني بالرضوخ ، أهكذا كنت تجبر أختي ميرا ههه صحيح من لا يعرفك يجهلك أنا يا سيد ضرغااام لست امرأة سهلة كما تتوقع ، إن ما أفعله فقط لأن جدتي طلبت مني ذلك وغيره لست مهتمة بما تجلبه الأيام فميرنا لحكيم الآن وميرا ستكون لشهاب لأن شادي بالنصف ولا يسعني أو يسعك التدخل لأنه من حقها ألا نخرب حياتها أكثر مما هي عليه ،وأعتقد أنه بالرغم من نذالة حفيدك شهاب إلا أنه قادر على تحمل المسؤولية كاملة بعد الجديد الذي طرأ على حياتهم باتفاق منك معهااااا ..
ضرغام(تلاعب بلسانه داخل فمه وهو يرمقها بقوة):- طيب وماذا عنكِ أنتِ وابني ؟
نور(هنا تلعثمت إذ باغتها بسؤاله الذي زلزلها):- ما قصدك ليس هنالك شيء بيني وبين ابنك فلا تتوهم أمورا غير موجودة ؟
ضرغام(ابتسم وهو يتحرك صوب المغادرة):- هل أنتِ واثقة من كلامك ؟ امم أنا أخالفكِ الرأي فشخص دقيق مثل ابني فؤاد لا يخلص لامرأة بسهولة إلا لو كان يعرفها معرفة وطيدة وفي نظرك منذ متى هو يعرفكِ همم ؟
نور(ماذا به هذا العجوز ماذا يقصد):- هيييه لحظة يا سيد ..هيييه
فؤاد(وصل ركضا ورمقه وهو يدلف للمصعد الذي أغلق عليه وعلى رستم):- دعيه يذهب
نور(استدارت إليه بخفة):- هل كنت تعرفني من قبل ؟
سؤال من عدة كلمات تحول لخناجر طعنت قلبه ورفعت راية الهلع في قلبه ،هل أخبرها العجوز عن شيء لو فعل ذلك سوف يحرق الدنيا وما فيها ، أخفض بصره إليها وقد كانت ترتقب رده بفارغ الصبر بنظراتها المحتارة والآسرة في آن الوقت
فؤاد:- عيناكِ تتفوهان بكلام غريب يا نور ، لو كنت أعرفكِ هل كنت لأفرط فيكِ مثلا ؟
نور(بعدم استيعاب عادت للخلف):- كيف تفرط فيني هل أنت مجنون أنا أمقتك مثلما أمقت جدك الذي نزل من هناك للتو ، حتى شهاب أمقته هممم
فؤاد(تحدث وهي تخط الأرض مبتعدة عنه):- الحظ كل الحظ لواااائل
نور(صرخت من مكانها وهي تسير بغضب):- وحده وفقطططططططط ….
فؤاد(رفع يديه بتعب وهو يرمق شزرا خلفه):- طيب يا ضرغام ستلعب معي هكذااااا طيب طيب لا بأس ، الحساب يجممممممع يا أبي ….

في تلك الأثناء كانت ميرنا تتعرض لمتطلبات حكيم في رد اعتبارها بدءا بمقاطعة وائل رشوان وآل رشوان كلهم ، إلى تقديم استقالة من شركته إلى سحب كل علاقتها معهم وقطعها لكي يمرح السيد ويسرح في خياله معها بأخذ راحته كلياااااا وهذا ما كان بالنسبة لها يعد جنون مراهق صغير يغار من زميله في الصف الذي يلفت انتباه جميلة الفصل الفاتنة
ميرنا(تجلس وهي تضع رجلا على رجل):- حسن لا تجبرني على اتخاذ قرار في مقاطعتكما معا ، لقد تماديت ألا تلاحظ معي ؟
حكيم:- تماديت هااااه أنتِ امرأتي ولا شأن لكِ بأولئك القوووووم
ميرنا(هنا لم تستطع السيطرة على نفسها):- امرأتك على أي أساس ، هل اجتمعنا في عقد زواج سليم لقد كانت قائمة مأكولات فانهض من سباتك يا عزيزي
حكيم(عاد برأسه للخلف وقد أصابته بضربة مباغتة لم يتوقعها قط):- أهكذااا تفكرين ميرنا؟
ميرنا(شعرت بامتعاضه لكنه استفزها):- أ.. ليس كذلك و
حكيم(عقد حاجبيه بغضب):- دعيني وحدي الآن يا ميرنا ، رجاء لست بخير غادري قبل أن أفعل شيئا سأندم عليه غاااااااااااادري
ميرنا(انتفضت من صرخته وهي تتراجع للخلف بعد أن استقامت):- آسفة …
آسفة … هه تذبحينني وبعدها تقولين آسفة طيب على ماذا تتأسفين يا حلوتي على تجريحكِ الدائم لي ، أم على عدم انصياعكِ لأوامري ومجابهتها بالعكس ،عماذاااا تعتذرين هل على الرعب الذي تجعلينني أعيشه كلما تخيلت أنني أفقدكِ أم على البؤس الذي أحياه رفقتكِ كلما لمحت شبح وائلكِ في نظراتكِ وهمساتكِ وتنهيدااااااتك ؟؟؟ علام تتأسفين يا قاتلتي على مااااذا ؟ سحب أنفاسا عميقة عميقة جدا وهو يرمي برأسه على الوسادة متعبا مرهقا منكسرااااا يريد أن يصرخ لعله ينفس عن غضبه لحظة لكن من سعد هذاااا أن يأتي تلك الآونة الحساسة ..
ميار(دلف إليه وأغلق الباب خلفه):- حكيييم ..
حكيم(رمش بعينيه وهو غير مصدق):- لا تخبرني أنك مياااار لأنني سأنهار الآن فلم يعد لدي صبر ولا تحمل ولا نفس لمكابدة أوجاع أخرى ..
ميار(أزال قلنسوة رأسه وتوجه إليه):- كان علي المجيء
حكيم(حرك رأسه بنفاذ صبر):- هل أنت معتووووه أخوك لا يزال بالمشفى ؟؟؟
ميار(مصمص شفتيه وهو يجذب كرسيا ليجلس مقابله بعلياء):- بل غادر ، أنا لست بمغامر فقد درست الوضع جيدا وانتظرت لحين مغادرة ميرنا على فكرة كانت تبكي حين خروجها من غرفتك بما أزعجتها يا ترى ؟
حكيم(أشار له بلا مبالاة):- أدخل أدخل في تجاويف روحي حتى ، ألا ينقص أنك تعلم صغائر أخباري ماذا تريد بعد ؟
ميار:- أنا أود معرفة كل كبيرة وصغيرة تدور حولها ، فلا تتمنى انتهاء الأمر لأنني لن أتركها تحيا بسلام ولا أنت أيضا
حكيم(بصداع في رأسه):- لن أناقشك ..
ميار(وضع رجلا على رجل):- منذ متى وأنت تتصرف دون علمي ؟
حكيم(رفع حاجبيه بهزل):- يا حبيبي منذ أن افترقت طرقاتنا ، هلووو نحن منفصلين منذ سنوات عديدة فبما تهذي حضرتك الآن ؟
ميار(شبك يديه بجدية):- أي نعم هذا صحيح ، لكن مؤخرا بات العديد يجمعنا ومن حقي عليك أن تخبرني بكل شاردة وواردة في حياتك مثلا دعاء الراجي أختك تهمني مثلما تهمك لذا من واجبي أيضا تقديم المساعدة
حكيم:- هههههه هههه أكاد لا أصدق الفهد البري بشحمه ولحمه يملك ضميرا وقلبا عاطفيا ، صدقا لو قرأتها في حظك اليوم لما صدقت
ميار(بلؤم):- حتى لو أنكرت تلك العلاقة نحن أقرباااء شئت أم أبيت
حكيم(عض جانب فمه من الداخل حتى تحرك فكه الأيسر):- ذلك ما تحلم به أنت لكنك لن تحظى به ، فشخص مثلك لا نفخر به قريبااااا حتى
ميار(هز حاجبه وانتفض من محله):- أظن بأنك صرت بخير بعد هذه الديباجة الدرامية، عموما إن احتجت لشيء ستتصل بي لألبي وشيء آخر ذلك النهواني أمره صار عندي قريبا ستسمع أخباره
حكيم(برفض):- إيااااك وأن تتدخل في الموضوع يا مياااار ، لا شأن لك قد تسلمتِ الشرطة زمام الأمور فابتعد أنت
ميار(بتلاعب مقتربا منه):- هل هذا قلق على شؤون أختك أم خوف علي ؟
حكيم(هز حاجبه وبتعجب):- أخاف عليك ههه هل أنت ابني وأنا لا أعرف ؟
ميار(مط شفتيه بجدية):- ربما شخص يحمل نفس جيناتك الوراثية مثلا ؟؟
حكيم(حول عينيه بتعب):- غادر يا ميار قد تعود ميرنا في أي وقت وتراك هنا
ميار(بنظرة لا تحتمل الجدال):- سوف أعود ..
حكيم(بنظرة غريبة):- أعلم ذلك يا مجنووون .
وضع القلنسوة على رأسه وخرج مسرعا من هناك تحت نظرات حكيم المستغربة، فجنون ميار معهود وهذا أمر ليس بجديد ، لكنه يخشى عليه من أن يراه أحد ويشبهه بإياد وقتها ستحدث مشكلة لكن لما سيشبهونه وهو يحمل الآن ذات الملامح .. قبل أن يستدير صوب الدرج الفرعي للمشفى سمع نحيبا غريبا جعله يفتح باب الدرج ويطل برأسه ليرفع حاجبه مستغربا من وجودها هناك وكأنها كانت تنتظره وكأنه كان يبحث عنها هو الآخر … بسرعة تقدم ناحيتها وهي جالسة على الدرج تدفن وجهها بين يديها في بكاء هستيري موجع للقلب ..
ميار(لمس شعرها):- ميرنا
ميرنا(رفعت رأسها إليه وانفجرت باكية وهي ترمي بنفسها في حضنه):- تعبت يا إياد تعبت
ميار(جلس جنبها على الدرج وهو يمسكها بحرص بين يديه):- شتت لا تبكي
ميرنا(تتشبث بيده وهي تشعر بالحزن والأسى يغمرها في خاطرها):- أشعر بأنني أدمر كل شيء بتصرفاتي يا إياد ، وائل لا ذنب له في ضياعي وحكيم لا يستحق مني ذلك الجفاء
ميار(رفع حاجبه ، آه جميل لا وجود لي على الأغلب بينهما):- طيب اهجريهما واشتري راحتكِ يا ميرنا ، ما الصعب في ذلك ؟
ميرنا(ضحكت وهي ترفع وجهها إليه):- ههه بليز إياد لا تزد علي همي
ميار(أمسك بيدها بين يده ومسح عليها بحنان):- أتكلم بجدية ميرنا ؟
ميرنا(تحرك فكها باشمئزاز):- أنسيت أمر الفهد اللعين الله يحرقه كم أكررررررهه
ميار(حسن ستجبرينني على وضع جهاز تجسس في حقيبتكِ ميرنا لأرى ما إذا كنتِ تشتمينني أيضا في غيابي ، أم أنكِ تستشعرين وجودي لتطلقي على مسمعي ما يؤذيييييني):- طيب طيب لا تنفعلي ، دعينا نحل الأمور رويداااا وبهدوء
ميرنا(رمت برأسها على كتفه):- دعني هنا أستريح لا أدري كلما أتيتني في أوقات ضعفي ، وجدت راحتي على كتفك
ميار(مسح عيونها بأصابع يده وهو يحرك رأسه بخفوت):- أظن ذلك من حظي الجميل
ميرنا:- ألم تكن مغادرا رفقة رامز ؟
ميار(اهتزت حنجرته وبرقت عيناه):- أردت الاطمئنان عليكِ أكثر وبعدها أرحل .. همم ميرنا جديا لو فكرت بمساعدتكِ في الهرب منهما أستأتين ؟
ميرنا(ابتسمت بخفوت):- سآتي ودون تفكير حتى هه … إياد حبا بالله لا تجعلني أبكي من جديد وغبنا على حال قلبي التعيس ، أنا ممزقة ما بينهماااااا أجل بينهما فما حدث الليلة أدخل حكيم لخانة الاهتمام لذلك أخبرتك بجملتي المجنونة تلك ،، أنني وقعت في الحب هذا ما لم أكذب فيه فقد وقعت في حب وائل وحب حكيم وهذه هي الحقيقة الجلية حتى لو كان زواجي به صوريا لكن لكن هنالك ما يجذبني نحووووه طوال الوقت .. اكتشفت أمرا عارضا هو ما جعلني أتوه أكثر فأكثر أثناء تواجدنا بتلك المزرعة وحين خرج كلاهما من الموت ركضت في اتجاههما وكان علي أن أعبر على فرحتي ودون تفكير بعناق أحدهما لكنني وجدت نفسي في متاهة فمن الذي فرحت لأجل سلامته أكثر واحد .. من فيهما الذي جعل قلبي ينبض ساعتها سعادة بعودته لحياتي ؟؟ أتعلم بما شعرت حينها بالتلاشي في الثقب الأسود وكأنني سحبت للماضي وسافرت للمستقبل وأنا في محلي وكل هذا خلال ثانية واحدة أغمضت عيناي حينها وعانقتهما معا فهذه هي الحقيقة التي استنتجتها أنني لا أقوى على العيش بدونهمااااا ، معا معا يا إياد أتفهمني ؟
ميار(زيديني قتلا زيدي يا سلطانتي):- فهمت فهمت لكن باستنتاجكِ هذا أنتِ تعشقين رجلين اثنين وهذا غير ممكن وتحليلكِ لمشاعركِ خاطئ ، فحكيم حب طفولتك ومراهقتك وبداية شبابك ، هو الشاب الذي حلمتِ به لسنوات وانتظرت عودته شهورا وأياما بلا عدد يحصى ، هو شخص تعودتِ على وجوده وغيابه في آن الوقت يعني كنتِ تنتظرينه كحبيب لأعوام مرت بجميع فصولها على قلبكِ الوحيد والمشتاق له ، ما أقصده أنكِ كونتِ فكرة عشقه في مخيلتكِ الصغيرة حتى لو لم يكن موجودا وهذااا ما تولَّد بعد عودته ، قد شعرتِ أن كل ما كنتِ تكنينه له خلال تلك السنوات وما دفنته من فرط الوجع والفقد لأجله أيضا قد عاد معه واستفاق وهذا ما جعلكِ تتخبطين في نفسك وتعتقدين أنكِ تحبينه .. أما وائل …(ابتلع غصة وتابع) هذا شيء آخر تحملين مشاعر تجاهه نعم لكنكِ لم تصلي رفقته لذروة التوحد ، علاقتكما تارة تكون نارية وتارة أخرى فاترة باردة أي نعم تكملانها بالحب المتبادل والذي تترجمانه بشكل نوعي لكن لا أشعر أن ما بينكما قوي كفاية ليتحدى ما يدور حولكما …أي أن أي ريح قد تهز تلك العلاقة والدليل هو زواجكِ من حكيم فأي حركة أقدم عليها وائل رشوان لتغيير ذلك ؟
ميرنا(تستمع إليه بتمعن):- هه أنت تنسى كثيرا وائل قد خاصم حكيم لأجلي مرات عديدة ، أثناء حادثة شاهيناز وليلة المطعم يعني في كل مكااااان ..
ميار:- خاصمه أجل لكنه لم يقاتل لأجلك ، العشق يا ميرنا لا يعني أن ترفرفي فرحا في حضنه أو بعد قبلة تجعلكِ كالفراشة المتراقصة من بعد حصولها على قبلة الشاب الوسيم بالصف ، لا يا ميرنا لا العشق أقوى من ذلك هو متشبع بالغضب بالتدمير بالانتزاع القسري إن لم تفرضي سيطرتكِ على من تعشقين وتستحوذين على خيوط حياته ستهلكين ..
ميرنا(هزت حاجبها وابتعدت عنه قليلا لتناظره باستغراب):- أتستمع لحديثك أنت إياد نجيب الراعي الرسمي للمشاعر الإنسانية ، تقول بأن العشق يعني التملك ههه قل نكتة غير يا رجل؟
ميار(شرد في الفراغ):- قد يأتيكِ كلامي محض دعابة لكن لو أمعنتِ النظر فيه ستجدين أن هنالك بعض الحقيقة الجلية في تلك المقارنة .. فكري لن تخسري شيئا وبعدها قرري ما أنتِ فاعلة
ميرنا(بتعب مسحت على وجهها):- ما سأفعل آه وهل ترك لي ذلك الوحش ما أفعله ، قد وضعني في هذا المكان وهو يتفرج علي من بعيد كالبهلوانة الخرساء يحركني مثلما يشااااء ولا يسعني الاعتراض ، لماذا لأنني قيد المراقبة الجبرية إن رفضت سيحرق قلبي ويكفيني ما عايشته اليوم أظن بأنني سأسمع كلامه لآخر الرمق ، فقط ليبقى أحبتي بألف خير
ميار(بأسف):- آسف منكِ يا ميرنا
ميرنا:- لا تتأسف يا إياد أنت لا دخل لك ، ربما هي الأقدار اللعينة التي وضعته في طريقي لكن لن أستسلم أبدا إما أنا أو هو وسيأتي يوم أضعه خلف القضبان وقتها فقط سيرتاح قلبي
ميار(آآآآآه يا وجعي آه):- ما علي سوى الدعااااء لكِ و لي
هذا ما يسعه قوله في ظل تلك الحالة ، هي تدعو عليه في حضوره فأي لعنة تلك التي جعلته أسير فتاة سيحارب لأجلها كي يتنازل عن عرش المافيا الذي يتوق إليه الكثيرون من الأعداااااء … تنهد عميقا وهو يمنحها من راحتها فيه ما يسعدها فقد أخذ يمسح على شعرها بينما كانت هي تشكو عليه متاعبها وهو يستمع بكل أمانة ، هكذا لحين رن هاتفها وقد كانت نور تبحث عنها بناء على طلب حكيم الذي افتقدها بشوق يرغب بالاعتذار على الأغلب بعد صراخه عليها ، ودعت إياد في ذلك المكان وتوجهت صوب غرفة حكيم وقبل دخولها سحبت رجليها ودخلت لوائل يجدر بها محادثته والاطمئنان عليه أولا بعد رحيل جده كيف لا وهو نصفها الثاني …
ميرنا:- هل نمت ؟
فؤاد(خرج من حمام غرفة وائل):- آه ميرنا هو ليس بنائم تفضلي ، كنت بصدد الذهاب لإحضار قهوة هل آتيك بواحدة أيضا ؟
ميرنا(تفاجئت ببقائه):- نن لا شكرا
فؤاد:- عائد يا ويل
وائل(هز رأسه بقلة حيلة):- تقدمي يا ميرنا ولا تسأليني أنا نفسي لا أعلم ما يبقيه بجواري
ميرنا(اقتربت وهي تبتسم):- هه ربما الرابطة الدموية تحثه على فعل ذلك
وائل(مال برأسه وهو يطالعها):- طيب ماذا عن الرابطة الروحية هل ستعذبني معها لوقت طويل يا ترى ؟
ميرنا(اهتزت من جملته وهي تقف عند رأسه):- عليك أن ترتاح صحتك أهم الآن
وائل(أمسك بيدها وقبل باطنها بحب):- أنتِ أهم ما في حياتي ميرنا ، حين كنت وسط تلك النيران جل ما كنت أفكر به هو أنتِ وهديل أختي كنت أتلهف لإنهاء تلك المعركة منتصرا كي أعود إليكما أنتما وفقط … يعني شهاب كان بالنصف وعمي فؤاد طرأ على مخيلتي لحظتها لا أدري كيف أو لماذا لكن جل ما استطعت استجماعه هو صورة أحبتي حتى العم نزار ونادر كانا بالصورة وشادي …أتصدقين أنه زرع نفسه بقلبي وبت أتلهف لرؤيته في كل وقت ؟
ميرنا(تصغي له بحرقة قلب ، رفعت يدها ومررتها على شعره):- لما لا تنام قليلا لقد عايشت اليوم حالات موت ليست بطبيعية ، نجوت ليس مرة أو مرتين وهذا بحد ذاته يتطلب راحة
وائل(عرف أنها ستماطل ولم يكن بقادر على كسر الأجواء):- ابقي معي لحين أغفو وبعدها اذهبي ، أعلم أنه لن يسمح لكِ بالبقاء قربي لكن وجودكِ في الغرفة المقابلة يريحني فرجاء افعلي ذلك لأجلي حبيبتي
ميرنا(ببسمة ارتياح جذبت الكرسي وجلست قربه):- نم قرير العين فهنا شمسك ستبقى مشرقة لتضفي على حياتك النور ..
وائل(تنهد بعد سماعها بأريحية وعدل رأسه على الوسادة):- لقد غزاني التعب للتو ، وكأنني كنت بانتظار نطقكِ للكلمات المناسبة كي أفقد وعيي
ميرنا(همست برفق):- أنا هنااا فقد استرح ..
لم يمضي الكثير من الوقت فقد غاب في نوم ملائكي عميق من فرط التعب الذي كان يسيطر عليه ، والذي استطاعت ميرنا امتصاصه بحضورها ووجودها قربه وهذا ما كان بحاجته وكانت هي أيضا تريده لعلها تعوضه قليلا عن الاحتياج الذي تتسبب بحرمانه منه ،، مسحت على وجهه وهي تطالع نومه الجميل كم بدا رقيق المشاعر خفيف الظل لم تستطع مقاومة النظر إليه أكثر دون فعل شيء طائش ، انحنت بشفتيها وطبعت قبلة على خده وهمست
ميرنا(بدفء):- سأكون بأحلامك ..
قالتها وهي تعدل غطاءه برفق ، وعلى نظرتها المشتاقة له غادرت وهي تراقبه لحين خرجت وأغلقت الباب عليه التفتت يمينا وشمالا لم تجد فؤاد كي تطلب منه ألا يزعجه بضجيجه المعهود ، انتظرت برهة لم يظهر له أثر لذا جرت رجليها ودخلت صوب المكان الصحيح الذي يجب عليها أن تتواجد فيه بناء على معتقدات المحيطين بها ، وجدته نائما بدوره ملتفتا صوب الباب وبيده يمسك هاتفه الذي كان يسقط نصفه على السرير ومؤخرته بطرف أصابعه وكأنه كان بصدد القيام باتصال وأثناء ذلك فقد تركيزه حتى غفا دون انتظار ، كانت أنفاسه متعبة حتى أنها وصلت لمسامعها بشكل يقطع القلب هي تريده أن يكون سعيدا لكن كيف سيحصل ذلك إن لم تقدم على بتر قلبها المرتبط بوائل ، هذه هي الحقيقة وعليها أن تسطرها في بنود عريضة لتجد حلا يعفيها من ذلك التشتت فهي لغاية الآن لم تسامح حكيم ولم تغفر له غيابه الغير مبرر ومقنع بالنسبة لها ، أيا كانت أسبابه لا شيء سوف يجعلها تشفع له لولا الظروف الإجبارية لما تفاعلت معه بحرف .. لكن تذهب وتعود وتجد أنه يجبرها على التعاطي معه حتى دون إدراك منها وكأنه يملك أداة تحكم تشكلها كيفما يشاء عجينة يديه كما يندد دوماااا، حركت رأسها بتعب لذا تمطت فوق ذلك الكرسي في جلسة مريحة وأطبقت جفنيها فهي بحاجة لتخرس الصراع الكامن في خلدها قليلا وتغلق صنبور التساؤلات المتعبة بعد مرور ليلة مشحونة كتلك ..
هناااا كانت هذه تقف قبالة نافذة ابنة عمها تطل عليها بحسرة وغبن فمهما ابتعدت تعود لتلك النقطة الجارحة التي قسمت وسط أسرتهم الحزينة في الوقت الراهن لعدة مصائب سقطت على رأسهم مثل القدر المستعجل … لاحظت تحرك دعاء وهنا انتفضت وهي تضع كوب قهوتها على جنب وتركض صوب الممرضة التي رافقتها كي تطمئن على حال المريضة وصحتها ، لهفة نور كانت أكبر لذلك طلبت منها زيارتها لمدة قصيرة والتحدث معها إن سمحت وهذا ما حصلت عليه وها هي ذي بعد هنيهة تقف عند رأسها وتبادلها نظرات عميقة ..
دعاء(ببكاء رفعت رأسها إليها):- اعتقدت بأنني لن أراكِ مجددا نور
نور(أغمضت عينيها):- أنتِ بأمان الآن
دعاء(تذكرت كل مواجعها وانفجرت ببكاء):- اهئ اهئ لقد عذبني يا نور لقد عشت أيااما سودااااء رفقته ، اهئ لقد آذاااااني بشدة
نور(جعلتها في حضنها واعتصرتها بقوة):- لا تبكي أنتِ في مأمن لن يمسَّك سوء بعد الآن
دعاء:- أين هي أمي ؟
نور:- ذهبت لتستريح في البيت هي والجميع لقد تشنجت أعصابها اليوم كثيرا بعد ما حصل معكِ ، غدا ستأتي لزيارتك
دعاء(بغبن):- هل هل هي غاضبة مني ؟
نور(قبلت جبين دعاء ومسحت على شعرها):- اهتمي بصغيركِ وصحتكِ وانسي كل شيء ، الكل متعاطف معكِ لكن ليس الكل أكيد توقعي تلسينهم وأي شيء لأن ما أقدمتِ عليه طبيعي أن يحظى ببعض التذمر والكثير الكثير من العتااااب
دعاء:- آه يا نور ربما الله يعاقبني على ما اقترفته يداي أثناء نشوة ذلك الوهم اللعين ؟
نور:- ربي سيسامحكِ إن تبتِ إليه توبة نصوح فالله غفور رحيم ، ولقد رعاكِ وأعادكِ لنا وبطفلكِ أيضا فلنقل الحمدلله على كل حال
أومأت لها دعاء بمساندة وتابعت بكاءها لحين غفت دون وعي وعادت للنوم ، هنا تركتها نور وغادرت الغرفة وقلبها يعتصر ألف آه وآه ، نظرت جانبيا للممرضة وهي تغطي دعاء وتعتني بها وجرت رجليها لتجد لها مكانا بين نجوم السماء .. تحركت صوب الممر وجلست على الكرسي المقابل للنوافذ المطلة على الخارج هناك فقط وجدت راحتها وغاصت في بحر أفكارها لحين جلس فؤاد بجانبها وهو يناظر معها البعيد ، لم تلتفت له ولم تقدر حتى على طرده أو الصراخ بوجهه قد كانت بحاجة لهدوئه الذي حباها به وكأنه يرسل لها ذبذبات لا شعورية بأن كل شيء سيكون بخير ، عدلت جلستها وتمطت بأريحية لتراقب سير النجوم في حين كان يحمل هو الآخر هموما شتى وفعل مثلها بتلقائية فالنجوم وحدها هي القادرة على فهم حالته والإصغاء لقلبه الملتاع … يكفيه أنها بقربه ويكفيه أنها سمحت له بالبقاء ولم تبدي أدنى ردة فعل وهذا بحد ذاته إشارة جيدة تحسب له ….

في صباح اليوم التالي
كان البدء بنظرة ملائكية لتلك النائمة على الكرسي مقابله أشبه بالحلم ، فتح عينيه بثقل وهو يرمقها بحنان كم بدت جميلة تحت أشعة الشمس الساطعة من نوافذ الغرفة ، أنيقة حتى في نومها طفولية بشكل بريء وفي آن الوقت أنثوية بطريقة مهلكة لفؤاده ، تحرك برفق وهو يغالب ألم ضلوعه لكن لا شيء لا شيء سينغص عليه ابتسامته التي أشرقت على ملامحه بعد رؤيتها المفرحة لقلبه ..أخذ يتأملها لساعات طويلة ويرسم رفقتها سيناريوهات متنوعة تجمعهما سوية فهو يستحق احتكار حقوقه فيها بمخيلته لحين تململت محلها وفتحت عينيها حبيبتيه العسليتين ، نظرت إليه بدورها وابتسمت بهدوء
ميرنا(تحركت بتعب في مفاصلها):- أممم صباح الخير
حكيم(بعشق):- صباح الخير .. هل تألمتِ كان عليكِ النوم على ذلك السرير لقد حجزناه لحضرتكِ وليس للهواء ؟
ميرنا(ضحكت وهي تنهض):- لم أشعر بنفسي حين غفوت محلي ، لا بأس سأكون بخير طمئني عنك بما تشعر ؟
حكيم(سحب نفسا عميقا وهو يرفع رأسه إليها بتمعن):- بأن كل حياتي جميلة بعد هذا الصباح
ميرنا(رفعت حاجبيها بإعجاب):- ههه صباحك شاعري كما أرى أن جو المستشفيات يليق بقريحتك الأدبية
حكيم(عقد حاجبيه ممتعضا):- ننن ربما أنتِ سبب ذلك
ميرنا(أعلم أنني كذلك يا حكيم فلا تزد من عذابي من على بكرة الصباح):- تمام سأغسل وجهي بالحمام وأبحث عن الطبيب لأجل معاينتك
حكيم(اهتزت حنجرته وهو يرمقها متوجهة صوب حمام غرفته):- هل ستزورينه أيضا ؟
ميرنا(توقفت عند الباب ولم تلتفت):- قد أفعل ذلك
طبعا ستفعل يا حكيم فبالله عليك أستربطها مثل الفرسة جوارك مثلا ، أنسيت أن الإنسانية فيها متدفقة لأبعد مدى فما بالك بحبيب قلبها أيعقل أن تستقبل الصباح دون أن تطمئن عليه ؟! هراء لن تكون ميرنا إن لم تفعلها .. قالها وهو يجدد بسمته الصباحية فلن يسمح لأفكاره المسمومة بأن تعشش في مخيلته لوقت طويل ..قاطعته بخروجها بعد لحظات لم تلتفت له بل انسحبت بكل هدوء من غرفته وتوجهت مباشرة صوب الطبيب لتخبره باستيقاظه والذي لم يكذب خبرا قدم رفقة ممرضته لمعاينته ، تركته ينتظرها وقد كان كذلك كأنه طفل في العاشرة ينتظر عودة أمه ، هنا توجهت هي صوب غرفة وائل طرقت الباب برفق ودلفت إليه وجدته جالسا على السرير مزمجرا برفض مما يفعله فؤاد الذي كان يزرر له قميصه
وائل:- أستطيع تزريره لا داعي في أن تعاملني مثل الطفل يا عمي
فؤاد:- لتخرس أحسن ، عليك أن ترتدي هذه الثياب فتلك قد تبللت بالعرق أثناء نوبة حرارتك ليلة أمس سأبعثها للتنظيف مع همام
وائل:- ياااا دي المسؤولية الغريبة التي تناولتها لتضايقني ، آه ميرنا أتيتِ تعالي صباحكِ إشراقة بهجة
ميرنا(تقدمت إليهما وهي مبتسمة):- كيف حالك وائل ؟
وائل(نظر لعمه الذي تابع مهمته ورمقها بحب):- مشتاق
فؤاد(رفع رأسه له):- ولد ..
وائل:- احم مشتاق للاستيقاظ في بيتي يعني هنا الجو خانق
فؤاد:- آه إذا كان كذلك جميل ، عموما يا روحي سآخذ هذه لهمام وسأطلب الطبيب لأجل رؤيتك حرارتك ليلة أمس لم تكن مبشرة بالخير عائد لك .. مرحبتين ميرنا
ميرنا:- مرحبا سيد فؤاد (بعد ذهابه وبقلق) هل ارتفعت حرارتك ليلة أمس لما لم يخبرني أحد بذلك كنت أتيت إليك وائل ؟
وائل(أخذ بلهفة يناظرها على راحته):- لم أرد أن أشغل بالكِ يا شمس الليالي ، بصراحة قد افتقدتكِ
ميرنا(سحبت نفسا عميقا واقتربت منه):- جميل أن أراك مبتسما بعد ليلة أمس ، جعلتني أندم لأنني أقحمتك في ذلك
وائل:- شتت لا تندمي أبدا لولاكِ لما استطعنا مساعدة دعاء يعني نوعا ما
ميرنا:- ههه جيد أنك مخلص حتى في تقييماتك
وائل(بنظرة حنونة):- يا عسل غروبي ما أجمل رؤية ابتسامتك لكن مع ذلك أشعر بأنكِ غريبة عني ، لما أنتِ بائسة ميرنا ؟
ميرنا(برقت عيناها حين كشف روحها المريضة):- لست كذلك يعني أحوالي بخير ، فقط ارتياب مما حدث لم أتأقلم مع فكرته بعد
وائل:- همم لا بأس ، هل رأيتِ دعاء هذا الصباح ؟
ميرنا:- لاء أردت رؤيتك والتوجه إليها على الأغلب نور معها الآن ..
وائل:- آمل أن يكون هذا فقط ما يشغلكِ عني
ميرنا(تنحنحت وهي تقاوم تخبطها):- ل..
قاطعها دخول الطبيب عليهما والذي كان يتأهب لمعاينة وائل ، هنا انسحبت بعد أن اعتذرت منه بالعودة لاحقا وللحقيقة وجدتها فسحة جيدة لتهرب من عينيه اللتين تقرئانها بسهولة ، أخذت تتنفس بقوة وهي عائدة لغرفة حكيم والجميل أنها لم تجده هناك بغرفته بحثت عنه بالحمام لم يكن كذلك إذن أين ذهب ، تذكرت دعاء واهتزت حدقاتها وركضت مباشرة صوب العناية المركزة لعلها تنقذ ما تنقذ ، كانت تعتقد أنه سيحاسبها على ما فعلته إن وجدها مستيقظة ، سيعاتبها دون توقف وسيبدي تذمره واشمئزازه منها لكن أن تجده جاثما عند نافذتها متواريا عن الأنظار بينما نور والممرضة رفقتها بالداخل يجهزانها لاصطحابها لغرفة مستقلة لتستقبل الزيارات على راحتها وكذا كي تأخذ ما يلزمها من استشفاء ، هذا برمته فاجأها وجعلها تتوقف لتناظر نظراته المتراقصة والمتابعة لحركات دعاء وتفاعلها الضئيل معهم ، حتى حين اصطحبوها لتلك الغرفة عبر النقالة الطبية وانسدحت أخيرا على سريرها والوريد الغذائي معلق بيدها لم يحرك ساكنا فقد كان مشهدها يوجعه في الصميم ، كيف سمح لأخته الصغيرة أن تعيش تلك المآسي مع منعدم الضمير حسام النهواني .. ارتفع الغضب فيه وبغيظ تحرك صوب المغادرة ليصطدم بنظراتها أمامه
ميرنا:- ألن تريها نفسك لغاية الآن لم ترك أختك ؟
حكيم(ابتلع ريقه وتجاوزها):- لا أريد ذلك
ميرنا(لمحته وهو يتجاوزها):- إن كنت تعتقد أنها ستلومك أو تحاسبك مثلي فانس ذلك ، دعاء الآن مترفعة عن شعور العتب لأنها في موضع لا يسمح لها بأن تحاسب شخصا آخر سوى نفسها على ما اقترفته يداها في حقها وفي حق الجميع
حكيم(توقف متشنجا):- يصعب علي رؤيتها وهي بذلك الضعف ، أختي لا تستحق ذلك المآل
ميرنا(لحقت به وجثمت خلفه):- ولا أحد يستحق ، لكن هذه قدرة الإله وليس علينا سوى التعايش معها لشفاء أبكر
حكيم(عقد حاجبيه وهز كتفه):- لست بقادر على التعامل مع عينيها الكسيرة ، دعيها لوقت لاحق ميرنا رجاء
ميرنا(ركضت ووقفت مقابله):- حكيم الذي أعرفه لا يتهرب من مسؤولياته ، الآن أو انس الأمر كلياااااا
حكيم(هدر فيها بعصبية):- ميرناااااا توقفي عن محاولة إجباري ، قلت لكِ لا أريد
ميرنا(تأبطت ذراعه السليمة):- بلى تستطيع رافقني فقط هيا هيا بدون تردد
حكيم:- يوووه يا ميرنا لست بقادر ألا تتفهمينني قليلا يعني ؟
ميرنا(بعناد):- تت لاء الآن حكيم
وجد نفسه منساقا معها إنها تصطحبه رغما عنه حتى ، حسن ليس رغما عنه فذاك ما كان يريده منذ أن استيقظ لكن شيء ما كان يعجزه داخليا ويربكه ، لقاؤه بدعاء كان أشد وقعا على لقائه بأمه وأسرته حتى ميرنا لم يكن بمثل هذا الاهتزاز حين رآها لذا ما إن دلفت لغرفة دعاء حتى توقف عند الباب وهو يشاهدها قد انفجرت باكية تعانقها وتقبلها وتعبر لها عن فرحتها بعودتها إليهم سالمة غانمة ، هنا تأثرت دعاء أساسا كانت دموعها على أهبة الاستعداد لسقوط متتابع ، نور كتفت يديها تتفرج عليهما اثنتيهما أجن من الأخرى وما أوقفها عن التمعن هو دخوله عليهم بعيون مقوسة ونظرة محنية غير قادرة على مجاراة هذا اللقاء المؤلم بعد غياب ..
نور(فتحت ثغرها وتنفست بعمق):- دعاء هل أنتِ جاهزة ؟
دعاء(بعدم فهم استقبلت مسح ميرنا لدموعها):- ميرنا غاليتي سعدت برؤيتكِ صدقا
ميرنا(مسحت على وجنتها بمحبة):- ستلتقين الآن بشخص لطالما انتظرته مثلي يا دعائي ، إنه أخوكِ
دعاء(بعدم فهم حركت رأسها لتستوعب الحديث الذي تود كلتاهما إيصاله لها):- أخي من ؟
حكيم(عضعض شفتيه وأطل عليها من خلفهما):- أنا …
حركت رأسها لتراه ولتتوضح لها الصورة أكثر بعد ابتعاد نور وميرنا وتوجههما للجانب الآخر ، تاركين إياها وإياه في لحظة تواصل أخوية تترجمها نظرات العيون بينهما ، بعدم تصديق أخذت تبكي وهي تتمتم بصعوبة وترفع يديها المضمدتين إليه في لحظة مؤثرة لاسعة للقلوب
دعاء(بارتجاف هستيري تصرخ وتبكي وهي تنظر إليه لتضمه):- ح حكيم حكيييييييييم أخي حكيييييم حكيييييم اهئ اهئ أخيييييييي حكييييييم
حكيم(بعيون دامعة اقترب منها لحين جلس بقربها):- حكيم أخوكِ يا شقية …
دعاء(بعدم استيعاب لحالتها أو وضعها ارتمت في حضنه وهي تدك رأسها دكا في صدره):-آآآآآه يا أخي آه عدت بفضيحتي عدت لتشهد ما فعلته أختك الحمقااااء ، اهئ اهئ سامحني يا أخي سامحوني جميعكم آآآآآآه يا حكييييييييييم لقد كُسرت يا أخي كسرت وضاعت حياتي
حكيم(أخذ يمسح على شعرها وهي في حضنه بتأثر موجع):- لا يا أختي أنا معكِ ولست بغاضب منكِ ، ما حدث من مشيئة الخالق علينا أن نستمر انسي كل المشاكل فأخوكِ هنا لترمي عليه حمول همومك وترتاحين
دعاء(تتمسك به وهي غير مصدقة أنه هنا):- اشتقت لعطرك أكاد لا أصدق أنك أمامي ، اهئ كان فراقك قاتلا يا أخي يا حبيبي متى عدت ؟
حكيم(نظر لنور التي سحبت نفسا عميقا وانسحبت من الغرفة):- قبل مدة
ميرنا(مسحت دموعها واقتربت منهما):- دعاء نامي على السرير كي لا تتأذي
دعاء(أطاعتها وهي تتمسك بيد حكيم وانتبهت للضمادة من تحت قميصه الغير مزرر):- عذرااا هل آلمتك والله لم أشعر من فرحتي ، كيف أصبت ؟
ميرنا:- دعاء ألا تذكرين شيئا لقد كنا جميعا البارحة بالمزرعة
دعاء(رمشت بعينيها بتذكر):- أذكر وائل وصوتكِ لكن لا شيء بعد .. اهئ هل هل قبضتم على ذلك المجرم أين هو أريد أن أقتله بيدي ؟
حكيم:- شتت لن تفكري به مرة أخرى ، سنطوي صفحته للأبد ما إن تحصلي على طلاقكِ منه
دعاء(ببكاء موجع):- لقد طلقني ليلة أمس ارتحت منه ابن القذرة
حكيم(سحب نفسا عميقا بوجع واستقام):- سنتفق على شيء يا دعاء ، لن نذكر اسم ذلك النهواني مرة أخرى وستنالين ورقة طلاقكِ في أقرب وقت متنازلة عن كل حقوقكِ فيه
دعاء(عقدت حاجبيها برفض):- لا أريد ذلك أنا أطالب بكل فلس تعويضا على ما فعله بي ، أريد نصيبه في الشركة ونصيبه في شقته ونصيبه في البنوك لا يهمني أي أحد فأنا أريد استرجاع كرامتي وعليك أن تعيدها لي يا حكيم ، أختك قد تعرضت للأذى والمهانة أترضى بذلك لي يا أخي ؟
حكيم(مط شفتيه ونظر لميرنا):- لا تدعيها وحدها سأكلم طبيبها قليلا ..
دعاء(بعدم فهم نظرت لميرنا):- لما يتصرف على ذلك النحو هل هل قلت شيئا خاطئا ؟ أنا أطالب بحقي يا ميرنا أم أن هناك ما لا أعرفه ؟
ميرنا(جلست بقربها وزفرت بأسف قبل أن تستهل حكايتها):- حدث الكثير في غيابكِ يا دعاء وعليكِ أن تستمعي لي جيدااااا …
روت ميرنا كل شيء لدعاء التي كانت تارة تبكي وتارة تصمت بصدمة ، تارة تشرد وتارة تمعن النظر فيما أقحمت نفسها فيه مالها ومال هذه الديباجة يلعن أبو الحب الذي أوصلها لتلك المواصيل التعيسة … بصعوبة استطاعت ميرنا التحكم في توتر دعاء الواضح وتم ذلك بعد دعم نور ومساهمتها أيضا في التهدئة من روعها ، هنا عاد هو في اتجاه غرفته مطأطأ الرأس يسير الهوينا على خطوات بائسة تحمل بؤس أخته ولهفتها بعد رؤيته ، طلبها لمساعدته جاء لأنها شعرت بأن كبيرها قد عاد إذن لن تحمل بعد اليوم هما لما ستؤول إليه الأمور ، لكن مهلا يا دعاء فما زال هنالك حسابات عديدة لم تقفل بعد كي نقول فعليا أن تلك العاصفة قد انتهت تماما .. فهناك أسرة غيركِ منشطرة الفؤاد قد تم كسر دعائمها الأساسية وهي الآن في فترة نقاهة لعلها تسترد أنفاسها بعد تلك الضربة الصادمة ..
في بيت جيداء التي كانت ترتدي ثيابها الرسمية ، تقف بثبات عند مرآتها تنظر إلى نفسها وهي عازمة على القيام بذلك وجها لوجه تريد أن ترى تلك النظرة الكسيرة بتلك العيون التي لطالما عذبتها وجعلتها تتجرع علقم الآهات لوقت طويل من الزمن ، أقفلت آخر زر وهي تتطلع لنفسها بشموخ وكبرياء عيونها لم تعرف الدمع منذ ليلة أمس وعلى الأرجح لن تعرف بعد أن استعادت رباطة جأشها بانهزامه بعد تلك الفضيحة ..حملت حقيبتها ووضعت وشاحا على رأسها بأريحية وأمسكت بنظاراتها الشمسية وخرجت إليهما ، كان كل منهما يقوم بشيء مختلف فردوس كانت تعد القهوة بينما كان فريد يوزع أطباق الفطور على الطاولة لكن منظرها وهي مستعدة للخروج هذا ما استوقفهما وجعلهما يأتيانها باستغراب
فريد(باستفسار):- إلى أين يا أمي ؟
جيداء(أمسكت بمفتاح السيارة):- لدي عمل
فريد(بحيرة):- لا زلتِ متعبة عن أي عمل تتحدثين ، قد أخذ لك الأستاذ هاني إجازة أسبوعين منذ أن دخلتِ المشفى
جيداء(سحبت نفسا عميقا):-ليس كل عمل يعني مهنتي ، لدي غرض علي قضاؤه وستتنحى جانبا كي لا تؤخرني أكثر على موعدي
فردوس(نظرت بقلق صوب فريد):- موعد مع من ؟
جيداء(هدرت فيهما):- يووووه ألا أستطيع أخذ حيز من الحرية في حياتي ، يكفي تدخلا أنا بخير وبصحة جيدة انتهى موسم القلق والتذمر والبؤس فقط كفااااا عن هذا الاستجواب
فريد(ترك ما بيده وتقدم إليها):- أتسمين قلقنا عليكِ استجواب ؟؟ منذ الأمس وأنتِ لستِ على ما يرام بالضبط بعد أن علمتِ بما فعله أبي بدعاء وكأنكِ تشعرين بالشماتة هنااااا
جيداء(برقت عيناها برفض):- شمااااتة ؟ ما فعله بها أبوك قليل مما تستحقه فهي في النهاية خطافة رجال كانت تعلم أنه متزوج من البداية لذا كان عليها وضع هذا حيز عينها قبل أن تقع في هذا الخطأ ، أما ما أقدم عليه البطل أبيك صح يشعرني بنشوة غريبة سعيدة لأجله وموعدي الآن يخصه
فردوس(تغلغلت بالغضب):- كيف تستطيعين أن تكوني بمثل هذا البرود ،أبي في السجن الآن
جيداء(رفعت حاجبها بسخرية):- وأين كنتِ تتخيلينه يا حبيبتي في لاس فيغاس يلعب القمار بمال الفدية رفقة فتيات يافعات من عمرك مثلا ؟
فردوس(انهمرت دمعات أسى على وجنتيها وركضت لغرفتها):- اهئ اهئ …
فريد:- كفى يا أمي كفى ، لما تتعمدين جرحها طوال الوقت ؟
جيداء(هدرت فيه بألم):- لكي تتعايش مع الوضع الحالي ، لكي تنهض من خيال الفتاة المتعلقة بأبيها الخاااااائن حسام النهواني انتهى بالنسبة لنا وسينتهي بشكل كلي بعد هذه الزيارة لذا ابتعد عن طريقي واهتم بأختك فأيامنا الصعبة هذه لن تمضي لوحدها دون دافع
فريد:- وأنا أخمن صدقا عما سيكون دافعكِ بعد هذه الزيارة؟
جيداء(ارتدت نظارتها بتعفف):- ربما سأعيد لك أمك ههه … آه يا عزيزي الشكر كل الشكر للأقدااار
كان يعلم أنها تعبر عن مأساتها الدفينة بتلك التصرفات الغريبة ، هي مجروحة في الصميم لكن أن تجرح من حولها هذا ليس بشيء جيد ،حرك رأسه بقلة حيلة لا يسعه إيقافها لكن يسعه أن يخفف من وطأة غضب أخته التي كانت تبكي بحرقة مآلهم ، في حين كانت أمهم تخط أولى خطواتها نحو الخلاص الذاتي وذلك باقتلاع جذور النهواني من حياتها للأبد …. بعد مدة زمنية وصلت إلى المخفر الذي يحتجزونه فيه على ذمة التحقيق قدمت هويتها وللصدفة كان قد دلف رامز البدري للمكتب قدموا له هويتها وعقد حاجبيه استغرابا من زيارتها لذا طلب رؤيتها على الوجه السريع
جيداء:- جيداء الحصبي
رامز(صافحها):- رامز البدري تفضلي يا سيدة أترغبين بشرب شيء معين ؟
جيداء(وهي تستلم منه هويتها):- لا اعفني من الرسميات أريد أن أرى سجينكم لبرهة من الوقت وبعدها أغادر إلى ما لا رجعة
رامز(أمعن نظره فيها):- أجزم أنكِ حانقة عليه وإلا لما تكبدتِ عناء الحضور
جيداء:- لنقل أنني آتية لأضع النقاط فوق الحروف
رامز(بقلق):- سنقوم بتفتيشك
جيداء(قدمت له حقيبتها بعد أن أخرجت منها ورقة):- احتفظ بالكل ودع لي هذه الورقة
رامز(بفضول):- وما المهم الموجود فيها ؟
جيداء:- إنها أوراق المحامي أنا أطلِّق حسام النهواني وأريد رؤية تعابير وجهه حين أبلغه بذلك
رامز(مسح على فكه بهزل):- أهاااه يعني اقتصاص معنوي ، ممكن وجدا يا بني اصطحبها لغرفة الانتظار وأخرج لها حسام النهواني من الزنزانة
جيداء(ابتسمت وهي تستقيم):- جميلك لن أنساه ممتنة لك وبشدة
رامز(غمزها بخفة):- يعني أنا أيضا متشوق لمعرفة ردة فعله بعد كسركِ لآخر ضلع صبر موجود فيه
جيداء(فهمته تماما وتضخمت الحماسة بصدرها):- على الفور …
اصطحبها الشرطي صوب غرفة الانتظار ولم تكن متوترة إطلاقا ، بل على العكس كل شيء فيها كان هادئا مرتاحا لا تشوبه ذرة تألم حتى ، وكأن ما ستقدم عليه سيجعلها تستعيد قوتها وقيمتها التي هدرها حسام بتصرفاته الطائشة .. ها هو ذا منكسر الحال والأحوال قادم من أعلى الرواق مكبل اليدين محني الرأس بملامح مظلمة تشبه المجرمين هكذا رأته وهكذا نفرت منه باشمئزاز حين دلف وركض إليها بلهفة لتوقفه بإشارة يدها وتجعله يتصلب في محله
حسام:- جيدااااء حبيبتي كنت أعلم أنكِ لن تتخلي عني
جيداء(قوست حاجبيها وهي ترمقه من أخمص قدميه لأعلى رأسه باستخفاف):- منظرك يشبه المشردين وهكذا كنت أصلا يا نهواني ، مجرد متشرد نظفته وعلمته أسس الحياة وجعلته إنسانا قديرا مسؤولا عن مالي وجاهي .. مؤسف أنك طعنتني واستغليتني لتحقق مآربك المريضة وتخرج مكبوتاتك المقززة في مغامراتك مع العاهرااااات ، كيف لا وأنت تشبههن قذارة ودناءة وانحطااااااط
حسام(بغضب):-اخرسي هل أتيتِ لتشمتي بي ؟
جيداء(كتفت يديها وهي تبتسم):- أجل ههه هذا بالفعل ما قدمت لأفعله يا زوجي العزيز ، آه خسارة لن تبقى كذلك قد رفعت دعوى الطلاق وسيُحكم فيها لصالحي وهذا هي ورقة خلعي منك يا عزيزي يعني .. انتهى أمرك قد سلبتك من كل شيء رصيدك بالبنك مجمد وقد قمت بتحويله لحسابي أما ممتلكاتك صارت لأولادك آه فلتت مني تلك الشقة التي اقتنيتها لزوجتك الثانية لكن لا بأس سأسمح لها بأخذها كتعويض بسيط عما نالته منك ههه .. أصبحت متشردا من جديد يا حسام يا نهواني وأنا أتساءل الآن ما أنت فاعل بعد خروجك من هنا هذاااا إن خرجت هههه ، عذرا يا غالي علي الذهاب فمقامي لا يسمح بأن يطأ مثل هذا الموقع المنحط مثلك ….. سلام
تركته مشدوها في محله مهزوما ضائعا غريبا حتى ، جلس محلها وطالع نسخة ورقة الخلع وكمشها بقبضة يده وألقى بها بعيدا عنه وكأنه بذلك قد أراح قلبه ، لكن لا قد وقع في شر أعماله ولن يرحمه أحد ، عاد به الشرطي إلى الزنزانة وإذا به ناجي ينقض عليه من ياقته وينزل فيه ضربا وتعاركا عما فعله به وجعله يخسر كل شيء في لحظة جشع عابرة …أما هي فقد خرجت من هناك منتصرة رافعة رأسها للسماء مستقبلة نسيم الهواء بأريحية بالضبط كان له وقع مريح لقلبها فقد باتت هي والتحرر على موعد وقتها فقط ستنتصر وتصرخ بعلو صوتها أنها قد أعادت كرامتها التي كان يلزمها الدفاع عنها منذ أن اكتشفت خيانة حسام النهواني لها أول مرة ….

في تلك الأثناء وفي بيت الراجي
كانت الأجواء متنوعة ما بين حزن ما بين تأسف ما بين صمت ما بين أوجاع ما بين مرض ، نبيلة هي التي مرضت ومنذ أن عادت للبيت يوم أمس وهي متعبة حتى حين سألنها عن ضرغام رشوان ومعرفتها السابقة به أبت أن تجيب بحرف ، وقامت بطردهن من غرفتها لم تقبل سوى بدخول عفاف التي كانت تمدها بالدواء والأكل بين الفينة والأخرى وها هي ذي تخرج صينية الفطور من غرفتها ..
عواطف":- هاه هل قالت شيئا ؟
عفاف(نظرت للصينية بأسف):- حتى أكلها لم تأكله كاملا أنظري
عواطف:- يا الله هل ستكون بخير أم ماذا ؟
عفاف:- لا تقلقي هي بخير قمت بقياس ضغطها كله تمام ، لكن أعتقد أن ما حدث مع الأولاد أثر فيها سلبا وعاد عليها بالتعب النفسي
عواطف:- آمل أنه كذلك بالرغم من أن قلبي ليس بمطمئن
عفاف(توجهت معها صوب المطبخ):- عموما لا تقلقي كله سيكون على ما يرام ، سأحضر نفسي للذهاب للمشفى وسأقوم بأخذ بعض الثياب لحكيم ونور وميرنا كذلك مؤكد أنهم ليسوا مرتاحين
عواطف:- خيرا تفعلين يا ابنتي ، أنا لن يسعني مبارحة البيت لأجل الصغار
سماح:- سأبقى معكِ يا عواطف لأجل رعايتهم بدوري قلقة على عمتي نبيلة وعلى رنيم التي أشعر بأنها غائبة عن هذا الوجود ، حتى لم تسألنا عما حدث مع دعاء
عفاف:- بلى سألت وأخبرتها ليلة أمس لكنها لم تقدم على أدنى ردة فعل ..
عواطف:- يوجعني قلبي عليها وعلى إخلاص فالأخرى تهضم مأساتها بصمت ، يعني لم تجد أيهما فسحتها في الألم كما يجب في ظل ما حدث مع دعاء
مديحة(خرجت متلهفة من غرفتها):- هيا يا عفاف ألا زلتِ تتحدثين لأولئك لقد تأخرنا على الأولاد ، أحضري الحقيبة والحقي بي خارجا
عفاف:- طيب يا خالة مديحة دقيقة بس
مديحة(ترتدي حذائها عند الباب):- هاه يا عواطف لا تنسي الاطمئنان على إخلاص ،أمانة عليك طيبي خاطرها ولو قليلا سنجد حلا لا محالة
عواطف(لحقتها للباب):- لا تقلقي لعله خيرا إن شاء الله ..
عفاف:- أمي سجى تبكي ربما عليكِ أن تأخذيها لرنيم لأجل الرضاعة ، ولا تنسي إطعام الزبادي لأيهم بعد ساعتين
عواطف:- حفظكِ الله لي يا أغلى كنة ..
غادرت عفاف ومديحة البيت في حين دخلت سماح إلى نبيلة لتطمئن عليها مستغلة نوم أيهم ، أما عواطف فدخلت لغرفة رنيم وبيدها سجى
عواطف:- رنيم صغيرتي سجى تحتاجكِ
رنيم(تدثرت في الفراش برهة وبعدها نهضت وجلست على السرير):- أعطني إياها
عواطف(راقبتها عن كثب وهي ترضعها وعيناها الباكيتين متورمتين بشكل يوجع القلب ،شعرها منساب على كتفها بإهمال في ربطة شاردة مثل حالتها التعيسة):- إلى متى ستحبسين نفسكِ بين جدران غرفتك ، ألن تتحدثي ؟
رنيم(انسابت دمعتين على وجنتيها):- وماذا عساي أقول يا ترى ؟ عن فجيعتي التي تسبب بها الرجل الوحيد الذي عرفته في حياتي أم عن هزيمتي النكراء أمام مكر حماتي وقريبتها ؟
عواطف(بغيظ):- الله لا يوفقهم بمسعاهم ، يا ابنتي عليكِ أن تقفي بثبات هذا ليس وقت انهيار عليكِ استرداد حقكِ طالما أنتِ مظلومة إذن اكشفي ألعوبتهن
رنيم(هزت رأسها بسخرية):- وهل ستفرق مع رأفت ؟ أتعين أن عمي حاتم وأخوه مازن قد صدقاني بينما زوجي حبيبي أبو أولادي الرجل الذي أأتمن على حياتي معه ويعرفني أكثر منهم قد كذبني ؟؟؟؟؟ هههه هذه لوحدها فارقة تقسم وجدي …
عواطف(تضخم صدرها بتنهيدة خانقة):- لا أعلم ما أقوله لكِ ، لكن في ظل ما يحدث معنا أهملناكِ قليلا إنما فور اطمئنان على إخوتك سأقوم بمحادثة رأفت بنفسي
رنيم(برقت عيناها بشراسة):- إياااااااااااكِ …إياكِ أن تقدمي على ذلك أمي طالما لم يصدقني منذ اللحظة الأولى فأنا لست مستعدة لمتابعة حياتي مع شخص مثله ، وجيد أنه طلقني وإلا لكنت طالبت بطلاقي بنفسي
عواطف:- هل جننتِ هل ستخربين بيتكِ بنفسك ، ثم رأفت لا يفرط فيكِ ولا في أولاده سترين اليوم أو غدا سيأتي معتذرا إليكِ وسيصطحبكِ للبيت وتنتهي المشكلة ، هو يحبكِ يا هبلة ومن يحب يسامح وعليكِ أن تغفري له فأي رجل كان ليصدق ذلك المقلب
سماح(دلفت إليهم):- عذرا للمقاطعة لكن هنالك رجل غريب في الخارج يود مقابلتكِ يا رنيم
رنيم(رفعت حاجبيها):- من يكون ؟
سماح:- يظهر لي أنه مندوب حكومي على الأغلب ويطلبكِ بالاسم
رنيم(اهتز وجدانها لحظتها وأيقنت أن ما استنتجته هو الذي حدث):- أنا قادمة خذي سجى يا أمي ..
عواطف(أمسكتها وتبعتها للخارج وقد كانت تضع حجابها):- الله يستر
رنيم(تعدل وشاحها على رأسها):- أنا هي رنيم الراجي ماذا هناك ؟
المندوب:- عليكِ أن توقعي لي هنا يا سيدتي هذه ورقة طلاقك من السيد رأفت الحمداني
عواطف(صرخت):- يا إلهي …
رنيم(اهتزت محلها بدوار ضاحكة فأسندها المندوب):- ههه
سماح(ركضت إليها وهي تنادي على إخلاص):- إخلالالالالالالالاص … إخلاص أنجديني يا بنتي يا أخلاص ، يا مراااااااااااام ….
المندوب:- هل أنتِ بخير يا سيدة ؟
إخلاص(ركضت إليهم):- يا ويلي رنيم رنيم ما بهااااا ؟
مرام(خرجت بكرسيها):- ماذاااا يحدث ؟
عواطف(جلست بفشل على الكنبة):- طلقها رأفت فعلها وقام بتطليقها وهناك ورقتها ، آه يا لوعتي عليك يا بنتي يا حرقتي عليك يا بنتي اهئ اهئئ
بدون حياة وقعت على ورقة طلاقها واستلمتها بنفسها وهي تنظر بعيون شاخصة في الفراغ ، كل هذا تم تحت منأى من أهلها عواطف تندب من جانب وسماح ترد عليها النحيب من جانب آخر ، أما إخلاص فقد كانت تعطي لرنيم كوب ماء في حين أن مرام كانت تهدهد سجى الباكية بين ذراعيها وتحاول استيعاب ما يحدث ..
إخلاص:- الله لا يوفقه على هذه الفعلة ، الظالم الجاحد حتى لم يبحث عن براءتكِ من تلك التهمة القذرة كيف يعقل ذلك ؟
مرام:- يا إخلاص هل ستزيدين عليها همها ما حدث قد حدث …
رنيم(رمشت بعينيها بدون دموع فأين هي الدموع قد جفت مثلما جف في قلبها الأمل):- سأنام قليلا
عواطف(ضربت على فخدها):- يا ويلي عليكِ يا ابنتي يا ضياع شبابك يا ابنتي اهئ اهئ
سماح:- لا حول الله يا ربي البنت جُنت تماما إنها تتصرف بغرابة، قال تنام قال
مرام:- تت هي متعبة مصدومة قدروا ذلك رجاء ولا تزيدوا من حرقتها رجاااااء ، أمي عليكِ أن تضبطي نفسكِ قليلا هي تحتاج لدعمك وليس لانهياركِ هذاااا وأنتِ عمتي سماح كوني مساندة مثلكِ مثل إخلاص التي أرى جليا أنها تحاول مداراة جراحها بفتق جراح الآخرين
إخلاص(اهتزت من جملتها):- غير صحيح … ا أناا
مرام:- حتى لو كنت عاجزة هذا لا يعني أنني بلا أعين ، انهضوا من حالة الوجع والأحزان بيتنا فيه ما يكفيه
جرت كرسيها مبتعدة عنهم ، هي تعلم أنها جرحتهم في الصميم وأنها قللت أدبا هناك لكن هذا تم فوق طاقتها ، لأنهم لم يحاولوا حتى احتواء الجرح بل تمادوا في تضخيمه وهذا ما لا يجوز ، رنيم بحاجة لدعم معنوي وليس لتذكير أولي بمأساتها … دخلت عليها وجدتها متقوقعة في سريرها تهتز ببكاء أختها الحبيبة جريحة الفؤااااد ، تأوهت بعمق وجذبت كرسيها المدولب حتى وصلت لمستوى رأسها من الجانب الذي تنسدح عليه …
مرام(برفق):- أختي .. أتبكين ؟
رنيم(كانت نشيجها الباكي يسمع من الصالون فكيف بها تسأل مثل هذا السؤال):- …اهئ
مرام(بحزن اقتربت ومسحت على شعر رنيم بعد أن سقط وشاحها على الوسادة):- خسارة أن رأفت لم يعرف معدنكِ الحقيقي أختي ، هو الخاسر يا رنيم ولستِ أنتِ أعلم تماما أنكِ ستتألمين ستفتقدين ستتحسرين بخيبة بعد الخذلان الذي جعلكِ تتجرعينه ، لكن فكري معي إلى متى ستريحكِ الدموع بل بما ستنفعكِ العزلة هنا والابتعاد عن محيطك ، نحن بحاجتكِ كلنا نتألم لكننا نمضي في شؤون حياتنا فلا شيء يتوقف ، على الأغلب سيعود كل لسابق عهده وعمله لكن الدور عليكِ أنتِ هل فكرتِ كيف ستعيشين ؟
رنيم(هزت رأسها بنفي وهي تستمع لأختها الصغيرة بتمعن):- كيف سأعيش من بعد رأفت ؟
مرام:- لا وجود لرأفت بعد الآن قد طلقكِ حتى دون أن يسمع منكِ حقكِ في الدفاع عن نفسك ، فماذا تنتظرين منه أن يرمي ملاليمه لكي تعيلي أطفاله هذا حقهما عليه وأيضا نفقتكِ ستصلكِ بالسنتيم لكن السؤال المهم هل سترضين العيش عالة على رأفت الحمداني حتى لو كان حقكِ مجرد الشعور بأنكِ بحاجة لصدقته يكسر الخاطر ، وأختي رنيم التي أعرفها ذات كبرياء شامخ يستحيل أن ترضى بذلك
رنيم(تململت بغبن وجلست على السرير):- وماذا في يدي أفعل أنا مجروحة ضائعة لا شواهد جامعية تخولني للعمل ، ولا ديبلوم دراسي قد يساهم في فتح مجال أمامي لا شيء أنا مجرد نكرة بطفلين رضيعين ، يا إلهي لقد طلقني رأفت بالفعل لقد لقد كان يعدني دوما أنه لن يسمح بشيء أن يفرق بيننا فكيف صدق بهذه السهولة ذلك الباطل الذي وصمني بالعاااااار ،أنا حبيبته صغيرته كيف استطاع أذيتي بهذا الشكل الشنيييييع ؟؟؟
مرام(أمسكت بيد أختها وضمتها لها وهي تستذكر جراحها مع فريد):-عزيزتي في هذه الحياة قد نصطدم بواقع غير الذي تخيلناه أو غير الذي توقعنا أننا سنصله في يوم من الأيام ، من المؤسف أن الخيال شيء والواقع شيء آخر قد كنتِ تعتقدين أن علاقتكِ برأفت لن تطالها أنامل شر مهما حدث لكن ها قد ظهر جليا أن العلاقة بينكما كانت هشة متأرجحة لدرجة أنه لم يستطع حتى منحكِ حقكِ المشروع في إثبات العكس ..
رنيم(بغبن حركت رأسها):- لقد طعنني في شرفي وأصالتي أحسست وكأنني فتاة شوارع بعد ذلك الكلام المؤذي الذي كان يتوفه به ،لا تتصورين مدى القذارة التي أسمعني إياها لقد عاملني وكأنني عاهرة أجل هذااااا ما فعله بي رأفت حولني إلى عاهرة في ظرف ثوان معدودة وقلب حياتي رأسا على عقب .. أكنت أستحق هذا المآل يا أختي مرام بالله عليكِ خبريني بما أخطأت وأين الخلل الذي خرب كل شيء ؟
مرام:- الخلل في عقل زوجك من حقه أن يغضب من حقه أن يصرخ لأنكِ حبيبته يا رنيم ، لكن ليس من حقه أن يقوم بهدم كل شيء حتى بدون أن يتأكد ، ماذا بعد الكلام الذي قاله ذاك الرجل أين الدليل حتى لو وصفكِ بدقة ووصف بيتكِ وفراشكِ شبرا شبرا ما الحجة ؟
رنيم(بصداع):- أتسألينني يا مرام أتسألينني أنا نفسي لا أصدق كل ما جرى ، لحد الآن لا زلت أعتقد بأنني أعيش في كابوس مرعب أنتظر متى أستيقظ منه لعلني أرى بسمة رأفت وحنانه علي وعلى أولاده ، اهئ اهئ لقد حرمت منه انتهى كل شيء كل شيء كل شيءءءءء
مرام:- حبا بالله توقفي عن هذا النعي الذي لن يجدي نفعا ، ابحثي عن شيء تستفيدين منه وتفيدين به أطفالكِ ، فكري بما تشغلين وقتكِ اعملي يا رنيم لكي تنسي آلامكِ بسرعة ، عليكِ ببناء شخصيتكِ بدلا من الخردة الضعيفة التي تحتضيننها بداخلك وعلى حافتها مكتوب اسم رأفت الحمداني المعيل الوحيد لكِ في الحياة ، بل أصلا الشخص الوحيد الذي يجعلكِ تبقين على قيد الحياة …
رنيم:- هل تعذبينني ياااا .. يكفي يكفي أنا متألمة يكفيني ما فيني دعيني وحدي ..
مرام:- تت اقبعي هنا وضعي ورقة طلاقكِ في برواز أمامكِ وظلي تبكينها لربما نطقتِ الورقة وطلبتِ الرحمة من جنونك ..
غادرت وهي تستمع لنحيبها المنقطع ، تعلم أنها هزتها داخليا لكن هذا سيفيدها فيما بعد إلى متى ستبقى في حجرتها تبكي مآلها ومآل صغارها المساكين لا يفقهون أي شيء مما حدث ، هنا قبل أن تنضم مرام للأسرة خارجا لعلها تساعد في تهدئة الصغار رن جرس الباب وكان الزائر حماها السيد حاتم الحمداني وهنا لم تعرف عواطف هل تستقبله أم تطرده ؟
سماح(بحرج منه):- تفضل تفضل يا سيد حاتم
حاتم:- أعتذر عن هذه الزيارة التي أتت بدون موعد ،أو لنقل أنها غير لائقة البتة لكن رنيم ابنتي غالية علي وكان يتوجب مني الحضور للاطمئنان عليها شخصيا
عواطف(ببكاء لم تستطع تمالك نفسها):- أهذه هي الأمانة التي أمنتك عليها يا سيد حاتم ، أهذه فعلة يقدم عليها ابنك المحترم ؟؟؟؟
سماح(من تحت أسنانها):- عواطف اهمدي قليلا
إخلاص(أسندتها لتجلس من جديد):- اجلسي يا خالتي عيب السيد في بيتنا
عواطف(بقلة حيلة جلست):- عيب يا سيد حاتم عيب ما فعله رأفت بابنتي رنيم ، لقد أساء إليها كثيرا تلك عجينة يدي التي لا يمكن أن تخطئ بذلك الشكل الله أعلم من لفق لها هذه التهمة النكرااااء
حاتم(جلس مقابلهن):- مع كل أسف لم أجد طريقة للحد من تفاقم الأوضاع بينهما ،لقد اعترضت على الطلاق لكن رأفت فعل المستحيل ليتم الأمر سريعا وأعتقد أن الورقة قد وصلتكم اليوم لهذا أردت الاطمئنان على ابنتي رنيم
رنيم(دخلت عليهم):- عمي حاتم
حاتم(استقام وعانقها بحرارة أبوية):- سامحيني يا ابنتي ..
رنيم(تبكي في حضنه):- لا عليك يا عمي حاتم أنت لا ذنب لك ، حسبي الله ونعم الوكيل فيمن كان السبب بحالتنا هذه
حاتم(زفر بعمق):- صدقيني لو اتضح أن لوجدان ونورهان دخل فيما حصل ، لن أسكت أبدا سوف أحاسبهما وأصحح موقف رأفت لتعودي لبيتك
رنيم(ابتسمت وهي تتملص من حضنه):- عن أي بيت تتحدث يا عمي حاتم ، قد انتهى كل شيء وابنك كان حريصا على توطيد ذلك بورقة طلاقي يعني إلى هنا وكفى … طبعا أحفادك في أي وقت تريد رؤيتهم مرحبا بك وسهلا غير ذلك لا يسعني تقديم شيء فرأفت كسر قلبي ويستحيل أن أغفر له مهما حصل
حاتم(بحزن رمقها وهو يتحرك للرحيل):- عموما الجرح لا يزال جديدا ، سأعود لزيارتكِ فيما بعد وان احتجتِ لأي شيء اتصلي بي فورا ولا تترددي أنا ومازن دوما سنكون بخدمتكِ أنتِ والأولاد ..
رنيم:- فيك الخير يا عمي .. آنست وشرفت
حاتم(أومأ لها لترافقه):- ابني الغبي قد خسر جوهرة لا يسعه تعويضها بمال الدنيا ، لكنني متأكد أن المياه ستعود لمجاريها فحبكما أكبر بكثير من هذه الهفوة
رنيم(بحزن ابتلعت غصتها):- اللهم لا اعتراض عن بلائه ، لعله خيراا لي أن أكتشف هوية الشخص الذي كنت أعيش معه تحت سقف واحد .. قد اتضح أن علاقتنا معلقة بحبل رقيق فور هبوب نسائم الريح انقطع ..
حاتم(أخرج من جيبه مغلفا به بعض المال):- هذا للأولاد يا رنيم دعيه معكِ ، وإن احتجتِ أكثر فقط اطلبي سألبي على الفور
رنيم(مسحت دموعها وعقدت حاجبيها):- ما الذي تفعله يا عمي حاتم ؟ يستحيل أن أمسك منك قرشا واحدا الحمدلله أهلي ليسوا بمقصرين وإن شاء الله سأجد عملا أعيل به نفسي وأولادي ، أعد مغلفك لجيبك أنا لن أقبل بذلك
حاتم:- رنيم أنتِ لستِ زوجة ابني وفقط أنتِ ابنتي ، لطالما اعتبرتكِ كذلك فلا تجعليني الآن أشعر بالخذلان كونكِ لا تحسبينني كأب لكِ
رنيم(بأسف):- أنت أبي بالفعل أبي الذي لا أذكر حتى تقاسيم وجهه ولا حنانه أو عطفه، منذ اليوم الأول الذي عرفتك فيه وأنا أحسبك والدي الذي لم أحظى به ولذلك عليك أن تعرف أن لابنتك كبرياء لن تتنازل عنه مهما كانتِ الظروف ، دع هذا لوقت الشدة فساعتها سأطالبك بمساعدتي طوعاااا
حاتم(تعجب من كبريائها وهز رأسه بحسرة وغبن):- آه على حالكِ يا صغيرتي وددت لو كان بيدي فعل شيء ، لكن اعلمي أنني بصفكِ مهما حصل
رنيم(عانقته بمحبة وودعته):- ربي معنا يا عمي .. ربي معنا
حاتم(قبل جبينها وغادر):- آمين …
عادت بخفي حنين بكسرة خاطر بعد توديعه وحين دلفت للصالون ، وجدت عواطف تبسط لها ذراعيها لترتمي بحضنها وتبكي بحرقة كي تفرغ كل مواجعها التي سيطرت على مكمنها بعد خيبتها من رأفت الذي كان بمكتبه يدور ويدور بالكرسي على غير هوادة ، في قلبه نار تشتعل حرقة لن يطفئها بحر ، موجوووع الخاطر فقد ترك الشقة منذ الصباح الباكر ولم يستطع البقاء فيها بدون محبوبته أم وروده الغاليين .. آه يا رنيم قالها وهو يضرب بيده سطح المكتب والغيظ يتآكله التفت يسارا ليناظر برواز صورتها وهي تحمل سجى بين ذراعيها بينما هو يحمل أيهم كم بدتِ الصورة عائلية سعيدة ، وكيف تحولت بين ليلة وضحاها لرفات عائلة تشتت بفعل الشياطين اللعينة ، مسح على شعره بغضب وجمع الصورة وضعها بدرجه وحاول الترويح نفسه بالقيام بأي شيء … وطبعاااا في مثل هذه الظروف على الأفعى والعقرب أن تتحدااا لنيله وذلك بشكل سريع دخلت عليه مكتبه دون إذن وهي تتراقص في فستان قصير يبرز مفاتنها بل ويعرضها مثل عارضة الأزياء ، صوت كعبها الرخيم أصابه بالصداع لذا رفع رأسه ليرمقها قد رمت بحقيبتها جنبا وتقدمت لحين مكتبه واتكأت وهي تضع رجلا على رجل أو بالأحرى تضع عدة أرطال من اللحم الشهي فوق سطح مكتبه … ناظر جسمها بتعفف تصاعد ليشمل وجهها المبتسم بابتسامة خرقاء تشبهها تمااااما
نورهان:- أريد أن أسرقك قليلا من روتين العمل ، دعنا نشرب شيئا سوية في مكان ما
رأفت(تنهد بتعب):- ليس لدي وقت يا نورهان كما أنه لا يحق لكِ الدخول لمكتبي دون إذن مني ، لا أدري كيف سمحت لكِ السكرتيرة بذلك
نورهان:- ولو يا عمري أنا نورهان السعيد لا أحد يمنعني من القيام بما أبتغيه ، ثم أنا أريدك معي لأفرج عنك همومك صدقني معي ستنسى كل شيء
رأفت(أحقا هل سأنسى ضحكة ترنيمتي الغالية معكِ أنتِ؟؟؟؟):- غادري يا نورهان
نورهان(بتأفف طولت بالها واستقامت):- تمام سأجلس هناك إذن أراقبك لحين تنهي عملك وبعدها نذهب لأجل الغذاء في مطعم خاص
رأفت(ضرب بالقلم على سطح الطاولة):- وجودكِ يضايقني
نورهان(اهتزت من جملته وناظرته بلؤم):- حرام عليك يا رأفت كله في غرض الترفيه عنك ، لكن إن كنت تراني ثقلا عليك سأرحل …
رأفت(ناظرها وهي تمسك حقيبتها متأهبة للرحيل):- عذرا منكِ يا نورهان لكن مصابي وتعلمينه ، نلتقي لاحقا
نورهان(مطت شفتيها ببسمة):- وأنا في الانتظار ….
فور مغادرتها اتصلت بوجدان وأخبرتها بالجديد وهذه الأخيرة طلبت منها أن تطول بالها فهما لا تزالان في بداية الطريق وإن لم يرضخ الآن مصيره سيرضخ لهما في وقت لاحق ، أما هو فقد فك ربطة عنقه ليتنشق بعض الهواء ، فوجودها بالكامل قربه يشعره بالاختناااااق ها قد بدأت ألاعيب المراوغة اللعينة فهل سيقاوم أم سينهزم أمام دفاعاتها الأنثوية التي لن تتوانى لحظة في عرض سلعها بالمجااااااان ؟؟ ….

هنا في قصر حكيم كانت الأوضاع غير حميدة نوعا ما ففخرية كانت ممتعضة بسبب سلسبيل وتصرفاتها الأخيرة الغير محسوبة ، وهذا ما جعل هذه الأخيرة تتمادى في تنفيذ غاياتها فقد حُبست لردح من الزمن ويحق لها أن تفتعل المشاكل وتنتقم بالطريقة التي تجعلها تستمع ، وطبعا على فخرية الرضوخ بشكل غير مرتقب طالما هي لا تقرب ميرنا أو حكيم إذن الأمور جيدة حتى الآن أيا كان ما تخطط له أختها …
فخرية:- كيف استطعتِ المغادرة دون أن يلمحكِ أحد هل تريدين أن تفقديني صوااااابي اسمعيني جيدا الخروج لوحدكِ مرة أخرى ممنوع ، التصرف بدون علمي ممنوع طالما أنا قد أعدتكِ إذن أنا المسؤولة عنكِ وستبقين تحت رحمتي وإلا قتلت نفسي وقتلتكِ معي وصدقيني لن أتردد في فعلها
شاهيناز(تعدل نفسها أمام المرآة ببرودة شديدة غير مكترثة لصراخ فخرية عليها منذ الصباح):- أوووه كفى يا فخرية لا تكوني مملة بهذا الشكل ، أنا أستحق بعض الترفيه قليلا فأنا أختكِ التي حبستها لسنوات مديدة ألا أجد لديكِ بعض المساندة ؟؟ أووف هذه الضمادة تحكني سأزيلها طالما قد شفي جرحي بفعل التعويذة
فخرية(هرعت إليها بجنون):- هل فقدتِ صوابكِ لو لمح أيهما أن جرحكِ الحديث جدا جدا قد التأم سوف نقع في خانة التساؤلات التي لا تنتهي ، لذا خبئيها جيدا ولا تجلطيييييني
شاهيناز(ضحكت عليها):- أصبحتِ عجووووزا متذمرة لا تطااااقين بحق …
فخرية:- صارحيني يا سلسبيل أين ذهبتِ ليلة أمس دون علمي ؟
شاهيناز(رفعت حاجبها وهي تحاول ضبط الكحل):- كيف تقومون بوضع هذا الشيء .. اففف كحل أيام زمان أفضل وأريح لكن هذا معقد تتت
فخرية(بغيظ):- أنا أكلمكِ في الشرق وأنتِ تجيبين في الغرب ، ثم لم أنتِ تحضرين نفسكِ هل تنوين المغادرة من جديد ؟
شاهيناز:- أكيد طلال وعدني بزيارة حكيم في المشفى وهذا أقل واجب يمكننا تقديمه
فخرية(ودت لو ذهبت معهم لكن لن يسعها ذلك):- لا أدري كيف تتلاعبين بعقل ذلك المسكين ، لكن يفضل ألا تؤذيه
شاهيناز(غمزتها بخفة):- طالما هو يخدمني إذن سيبقى في الحفظ والصون
فخرية(كتفت يديها وهي تدمدم تحت فمها):- اللعنة على الأقداااار … لم تجيبيني بعد على سؤالي أين ذهبتِ ؟
شاهيناز:- هاااه أخيرا ضبطت كحلي أنظري هكذا أحلى صحيح ؟
فخرية(بشر):- أجيبييييييي
شاهيناز(حولت عينيها بتعب):- أوك لا تنفعلي وتتذمري كالعجائز ، لقد ذهبت في زيارة لشاب يا فخرية آه لو ترينه ستقعين في غرامه منذ النظرة الأولى ، عشقته وأرغب فيه خليلا لي كتعويض لشبابي الذي راح هباء منثورا
فخرية(بتوجس):- عمن تتحدثين يا مجنوووونة من يكون هذااااا ؟
شاهيناز(تقدمت إليها بتلاعب):- شخص سيقلب الموازين بين العائلتين الراجيين و الرشوانيين ، شخص سوف يشعل النار بينهم ويجعلني أستمتع بحق بحروب أيام زماااااان ياااااه ههه
فخرية(عقدت حاجبيها بقلق):- عن أي حروب تتحدثين أفصحي ؟؟؟؟
شاهيناز:- أكلمكِ على ابن سليم الراجي .. طاااااارق
فخرية(صرخت بصدمة):- المسجوووون له يا شيخة له ، كيف تمكنتِ من الوصول إليه حتى حكيم لا يفصح بمكانه لي أنااااا حتى ؟
شاهيناز:- تلك قدرات يا بعدي ثم بعض كلمات حلوة على بعض حركات إغراء ويسترسل حبيبي طلال كل المعلومات التي أحتاجها
فخرية:- وهل يعلم طلالكِ ذاك أنكِ خرجتِ البارحة دون علمه ؟
شاهيناز:- لم يعلم ولن يعلم أحد بذلك هممم
فخرية:- ماذا تريدين من ابن سليم ؟
شاهيناز(وضعت وشاحا على عنقها بحركة أنيقة):- بعض المتعة وبعض القصاص ليس بشيء كثير
فخرية:- خطئي الفادح هو إعادتكِ لهذا العالم يا شريرة ، أنتِ لن ترتاحي قبل أن تحرقي الكل لكنكِ في قبضتي لو اقتربتِ من قرة عيني اعتبري نفسكِ في عداد الموتى
شاهيناز:- ههه صدقيني يا أختي فخرية لا أحد أكرر لا أحد على وجه هذه الأرض قادر على الوقوف بوجهي ، حتى لو كنتِ أنتِ يا أختي
فخرية:- ههه أنسيتِ حارس الشمس ووليدته ؟
شاهيناز:- هو شخص واحد فقط سأعثر عليه بطريقتي وأقتله وبعدها ستخفت قوى ميرنا التي تمتلكها دون علمها حتى ، وقتها سأنتقم بالشكل الذي أرغبه ولن يمنعني أحد ولا حتى أنتِ
طلال(دخل عليهما):- دو دو دو ماذا تقولان منذ الصباح أخشى أنكما تتآمران علي
شاهيناز:- ههه وكأن قرأت بالفعل ما ننتويه ، هيا يا طلال قد تأخرنا على حكيم
طلال:- ذهابكِ جاء نظرا لإلحاحكِ فأنتِ لا تزالين مريضة
شاهيناز(تأبطت ذراعه وقبلت وجنته):- لا تحرمني من فرصة الاطمئنان عليه رجاء ، ثم مللت من هذا القصر الخروج منه بات متعتي
طلال(ببسمة):- وأنا أعشق راحتكِ لأنها تعني لي الكثير ..هيا بناااا
لوحت لفخرية باستفزاز وهي تغمزها بمكر بالغ وهنا لم تقوى فخرية على تحريك ساكن ، هي من جلبتها إذن لتتأقلم مع الوضع وكفاها اصطداما بهفوات سلسبيل التي لا تنتهي ..
في ذلك الوقت كان من الغريب ألا تحضر فور سماعها بالأخبار من نور التي حاولت بواسطتها أن ترى ابنها شادي لكن حين صدمتها أختها بما حصل ليلة أمس مع كل منهم استنفرت من فورها وانطلقت رفقة مساعديها صوب المشفى دون تردد ، كانت تتحرق لهفة للاطمئنان عليه وعلى دعاء لكن على ميرنا لا ستكذب إن قالت أنها قلقت بشأنها حتى ، في ظل تلك الديباجة القديمة أحست بصداع يطال رأسها لذا فتحت نافذتها وأخذت تستنشق بعض الهواء لعلها تنظم تنفسها من جديد وتهدأ من روعها من فرط القلق الذي تستشعره .. لم تصدق متى وصلت إلى هناك وهي تخط أرضية المستشفى بكعبها وخلفها يركض مساعديها باتريك بباقات الورد وهنادي تتحدث كالعادة بشأن العمل وتعتذر عن مواعيد ميرا التي تم تأجيلها ذلك اليوم بناء على طلبها لأنها قد خصصته لعائلتها وفقط …
كان هو يخاصم ميرنا بشقاوة حين أمرتها خالتها بأن تساعده على تبديل ملابسه وطبعا لأنها زوجته ستقدم على ذلك ، لكن ما لا تعرفها خالتها العزيزة أنها ستمووووت لو أقدمت على ذلك كان شكلها ممتقعا بالحمرة رافضة للفكرة التي عششت في عقل حكيم وأعجبتِ السيد
حكيم:- لعلمكِ أمي بالخارج مع نور بغرفتي ينتظرونني كي نتوجه كلنا صوب دعاء ، لذا ساعديني وكفي عن التذمر
ميرنا(همست بغيظ):- حكييييم لا تجلطني نحن لسنا بالبيت حتى تتأمر علي ، البس وأنا سأشيح بصري بعيدااااا
حكيم:- ألا تشفقين على حالي يدي مريضة وضلعي يؤلمني ولا أحد يساعدني هناااا ، حتى طلال تأخر وإلا لما كنت تذللت لكِ همم يا بخت وائل بعمه أكيد لم يتركه لوحده لحظة
ميرنا(زفرت بعمق وهي ترمق تذمره واقتربت منه):- حسن لا تمتعض سأساعدك
حكيم(ابتسم بخبث دعابي):- هكذااا يا زوجتي العزيزة كوني مطيعة
زمت شفتيها بغضب واقتربت منه لحين وصلت إليه تماما ، تنهدت عميقا ورفعت قميصه من الخصر صعودا لأعلى ، ابتلعت ريقها وهي تقتحم حصون جسده الرياضي المهلك رمشت بعينيها وهي تعقد حاجبيها محاولة بجهد أن تركز في نقطة معينة كي لا تصطدم بما يصيبها بشلل روحي على الأغلب ، أزالت يده برفق وتابعت اليد الأخرى وهنا سمعت تأوهه حين همت بإخراجه من رأسه حتى ألقت به على الأرض وهي تنظر إليه بقلق وتتلمس ضمادات صدره متوجسة تبحث بحرص عن مصدر الألم …
ميرنا(بلهفة):- أين أين آلمتك أخبرني ؟
حكيم(ممعن نظره فيها):- آلمتني في روحي يا عصفورتي
ميرنا(رفعت بصرها إليه وقد احمر وجهها خجلا):- أ.. حسبت أنني قد آذيتك عليك أن ترتدي هذا الآن ..
حكيم(هز رأسه لها بطاعة):- تفضلي
ألبسته القميص بسلاسة بالغة نظراته المتمعنة فيها لم ترحمها ولا لحظة ، كان يدرس تفاصيل حركاتها حتى أنفاسها المرتعشة كان يجد لذة فيها وهي تتلمس جسمه بين الحين والحين وهذا ما كان يفقده صوابه ليزيد تأملا في محبوبته الصغيرة التي لم تنهي تلبسيه ذلك القميص حتى غفر الله الذنوب جميعاااا ..
ميرنا(تنهدت بأريحية):- ها قد انتهينا
حكيم(دفعها إليه بحركة تملك وجعلها تعود برأسها للخلف مندهشة):- من قال ذلك ..
ميرنا(بعدم فهم حركت رأسها):- حكيييم كفى جنووونا
حكيم(يتلاعب بعينيه المتراقصتين في عينيها):- أساسا حكيم لم يعد يعرف سوى الجنون معكِ أنتِ يا ميرناااا
نور(طرقت الباب عليهما):- هييه حكيم ميرنا سننتظركما في غرفة دعاء ، خالتي لم تعد قادرة على التحمل والانتظار أكثر الحقا بنا ماشي
حكيم:- تمام يا نور ..أساسا لدينا حديث مطول أنا وزوجتي
ميرنا(سمعت صوت خروج نور ومديحة وتملصت من قبضته):- ولا كأنك مصاب في أحد ضلوعك ما شاء الله كماشة حجم كبير
حكيم(ضحك أجمل ضحكاته):- هههههه أنا كماشة ؟
ميرنا(تنفست بعمق وهي تمسح على شعرها مبتعدة عنه):- أجل …
حكيم(راقبها وهي تجمع قميصه وتطويه):- ارمي هذا هنا ودعيني أهمس لكِ بشيء ما
ميرنا(برقت عيناها إذ فهمت مسعاه):- حكيم توقف لا تكن مجنووووناااا أوووف .. قلت توقف توقققققققف
دفعها على الباب وهو يضحك لحين انفتح خلفها وتراجعت للخلف حتى كادت تسقط لولا أنه التقطها في لمح البصر وجذبها إليه بقوة جعلتها تخضع لحكم عينيه الآسرتين ، تحركت حنجرتها بثقل وانعزلت رفقته عن تلك الغرفة تماما وكأنهما تلاشيا في نقطة معينة لم توقظهما منها سوى صاعقة دخولها المزمجر دون إذن حتى …
ميرا:- حكيييييييييم هئئ ..أ .. ميرنا مم ماذا يحدث هنا ؟
ميرنا(ابتعدت عنه وهي ترمقها بتوتر):- أهلا سمر
ميرا(حركت فمها وهي تكتف يديها وتنظر إليه مرتقبة جوابه):- حكييييم ؟
حكيم(جذب يد ميرنا وأمسكها):- ماذا أصعب عليكِ أن تشاهدي زوجين مع بعضهما بعضا ؟
ميرا:- هههه زوجين حكيييم لا توهمني بهذه التمثيلية ، فأنا آخر واحدة قد تنطلي عليها وأنتِ غادري هذه الغرفة أريد الاطمئنان على ابن عمي على انفراد
حكيم(لاحظ تشنج عضلات ميرنا لذا هدر في ميرا):- سمر … ميرنا لن تبرح غرفتي
ميرنا:- لا بأس حكيم سألحق بخالتي ونور وأنت خذ راحتك معها
ميرا(كتفت يديها وأخذت تهتز في انتظارها لتخرج):- قمة العطاء
حكيم(همس لميرنا بحنان)- هل أنتِ واثقة يعني من قلبك ؟
ميرنا(خبأت دموعها بامتياز وحركت رأسها له):- أكيد هي أيضا تستحق بعض الوقت رفقتك ، سأنتظرك بغرفة دعاء ماشي
حكيم(ابتسم لها برفق):- طيب يا روحي ..
ميرنا(تحركت وهي تخفي وجعها وحين وصلت لميرا ناظرتها بخيبة):- هممم
ميرا(فور خروج ميرنا رمت بحقيبتها جانبا وعانقته بسرعة):- حكيييم الحمدلله على سلامتك عزيزي ، متى تكف المشاكل عن اللحاق بك من مصيبة لمصيبة أخرى
حكيم(مسح على شعرها بدفء):- لا بأس يا سمر عمر الشقي باقي
ميرا(مسحت على خده برفق):- ليس دوما يا حكيم ليس دوما ، عليك أن تنتبه لنفسك أكثر نحن بحاجتك يا غالي
حكيم"(مسح على فكها):- طمئنيني عنكِ هل ترين طفلكِ ؟
ميرا(ذكرها بوجعها):- نور تسرقه لأجلي بين الفينة والأخرى يعني هكذا اتفقنا مؤخرا ، لكنه ليس حلا فأنا أريد أن أستقر مع ابني دوما وأبوه يأبى ذلك
حكيم:- إن كنتِ تودين مني التدخل خبريني فقط ، لا أقوى على رؤيتكِ تتألمين وأبقى بعيدا
ميرا:- لا يا روحي أنا قادرة على معايشة مصائبي ثم قد قررت إخبار شهاب بحملي ، يعني ما ربما شفع لي هذا عنده ولو قليلا
حكيم(زفر بعمق):- آمل ذلك ..وإلا سأكون له بالمرصاااد
ميرا(عانقته بحنان):- تسلملي يا أسدي
حكيم:- سمر .. أنا لم يعجبني الوضع بينكِ وبين ميرنا وما حدث قبل قليل أوجعني ، خاطر عصفورتي عندي بالدنيا وأنتِ كذلك لذا لا تجرحيها مجددا يا سمر كي لا أضطر للومك وهذا ما لا أبتغيه
ميرا(اهتزت حدقاتها):- ستختارها هي عني يا حكييييم أليس كذلك ؟
حكيم:- هييه لم أقل ذلك بل قلت أنني أتألم فور تألمها ، وأنتِ لا ترغبين في إيلامي صح ؟
ميرا:- عذرا حكيم لكن أنا وميرنا لا نلتقي لا في السعيد ولا في التعيس ، لذا دعني أسوقك معي صوب غرفة دعاء ألقي عليها التحية وأغادر لحال سبيلي
حكيم(حرك رأسه بنفاذ صبر فيها فهي لن تتغير):- متى ستكبرين فقط لديكِ ولدين ولا تزالين امرأة بقلب طفلة
ميرا:- هممم كله ولا غضب الأسد يا ويلي أناااا ههه
رمق ضحكتها وغادر معها صوب غرفة دعاء التي كانت تشهق في حضن مديحة التي ما إن رأتها حتى انفجرت بدمووووع لا أول لها من آخر
مديحة:- سامحتكِ يا ابنتي سامحتكِ فقط عودي لي ولحضني وزيني حياتي ، وجودكِ يكفيني لأفرح يا فلذة كبدي
دعاء:- ااهئ أمي يا شمعة دربي قد أطفأت فرحتكِ بي صح ؟
مديحة:- اآه يا دعاء كنت أحلم باليوم الذي سأرى فيه أولادكِ لكن ليس بهذه الطريقة ، لكن قدر الله وما شاء فعل مرحبا بهذا الطفل بيننا وبأمه التي ستعيد البهجة لقلوبنا بعد عودتها
دعاء:- أخشى أنكم ستكرهونني بعد فعلتي ؟
مديحة:- له يا ابنتي هل هنالك أم تكره أولادها ، يعني عتبت عليكِ قليلا وحزنت لكن هذه قدرة الخالق وما علي سوى التأقلم مع الوضع لأجل سلامتكِ حبيبتي
دعاء:- لا أعلم كيف أكفر عن غلطتي يا أمي ، أشعر بثقل في خاطري يعذبني من الداخل
نور:- لا تفكري بتلك الطريقة يا دعاء ، لأنكِ ستتأذين أكثر فقط دعي كل شيء لوقته
مديحة:- مع نور كل الحق ، انسي كل المآسي واهتمي بصحتكِ وبالطفل فقط
دعاء(هزت رأسها لهما وعادت لترتمي بحضن مديحة):- أشعر بأنني ولدت من جديد بعد رؤيتكِ أمااااااه
مديحة(ببكاء):- لا تعلمين كيف هي فرحتي بعودتكِ لي يا أحلى البنات ، لن يكون ما حدث سوى مطب مررتِ به في حياتك الحمدلله أنه انتهى على خير وسلم أخوك وبنات عمك الذين بدونهم كنتِ لتعانين الأمرين الآن …
دعاء:- أكيد لولاهم لما نجوت ، حتى وائل دافع عني بقوة لن أنسى معروفه معي ما حييت
نور:- هييه رجل بحق
ميرا(أطلت عليها وهنا تدفقت كل المشاعر الطيبة بروحها):- دعاااء ..
مديحة(بصدمة ناظرتها):- سمر ؟؟؟
نور(رفعت حاجبها وهي ترمق حكيم بجانبها):- أهاااه ..وصلتِ إذن
حكيم(هز رأسه لها لتتبعه"):-تعالي يا سمر ..
ميرا(باستعلاء رمقتهما):- أردت الاطمئنان على دعاء أنتِ بخير صحيح ؟
دعاء(ببكاء صامت):- الحمدلله على كل حال
ميرا:- وكيف حال الجنين ؟
دعاء:- مستقرة يعني مع بعض التعب الذاتي
ميرا(سحبت نفسا عميقا وهي تنظر إليهن الواحدة تلو الأخرى):- ما بكن وكأنكن رأيتن شبحا ، يعني الموضوع عادي دعاء تستحق مني هذه الزيارة هي وحكيم وبما أنهما بخير سأغادر الآن
مديحة(بهدوء):- مشكورة يا سمر
ميرا(هزت رأسها لخالتها وتحركت صوب الباب):- لا بأس واجبي
نور:- منذ متى تعترف هذه بالواجب ؟؟ حكييييييم ؟
حكيم:- تعالي يا نور أين هي أختكِ ميرنا ؟
نور:- لم تأتي ظننت أنها رفقتك
حكيم:- ليست كذلك لنعد إلى غرفتي ما ربما كانت هناك ، هيا يا سمر
ميرا:- سأبقى قليلا معك بعد ومع نور وإن وجدنا ميرنا اطردها لا أريد غيرنا
حكيم(نظر لنور التي كانت تسير بقربه):- هل أشعر هنا بنبرة آمرة ؟
نور:- والله ذات الشيء وصلني
حكيم(رمق معها ميرا وهي تتمتع بجدية تامة في ملامحها مما يعني أنها لم تكن تمزح):- حلوووو ها قد اكتمل جمال صباحي …
نور(استغربت وقوف فؤاد بالرواق من جديد):- أجزم أنه يتحول لشبح أروقة لم يصدف إلا وأن رأيته جاثما مثل عمود الإنارة هفف لكن لحظة أليس ذلك هو هئئئئئ ..
ميرا(تبتسم بإشراق):- من الجميل أنني وجدتك بألف خير ، كنت خائفة من أن تكون إصابتك بالغة ساعتها كنت لأحزن و و … شااااادي شااااااااااادي ابني
ركضت ما تبقى من الرواق ناسية أمر حكيم ونور وأمر ميرنا التي كانت تحمله بين ذراعيها وتلاعبه ببسمة مشرقة حين لمحها بها تدفقت بقلبه مشاعر عديدة في أمومتها التي ستكون يوما ما أروع شيء في الكون ، تقدم خلف سمر التي التقطته منها بل اختطفته منتزعة إياه بقوة من أنامل ميرنا التي كانت تلاعبه بالقرب من فؤاد خارج غرفة وائل
ميرا:- إياكِ وأن تلمسي ابني مجددا أسمعتني ؟
فؤاد:- مهلا سيدة ميرا هذه خالته وليست بغريبة كي تتأمري هنا
ميرا(تضم طفلها بخوف):- أنت أساسا لا يحق لك التدخل في خصوصياتنا
نور(بغضب وصلت إليهم):- سمر لا تقللي أدبا مع السيد فؤااااد
ميرا(هزت حاجبها فيها):- وهل ستعشقين مديركِ الجديد الآن وتدافعين عنه أمامي ؟؟؟
نور(احتقنت وجنتاها بالغيظ):- بما تتفوهين هل جننتِ ؟
ميرنا:- توقفي يا نور …الطفل لديكِ الآن يا حبذا لو تغدقينه قليلا من حنانكِ الذي حرمته منه لأجل غاية في نفس يعقوب
ميرا:- هااااه يا حكيم أسمعت إنها تهزأ بي
حكيم(كان نظره مصوبا في شادي المبتسم لوحده في ملكوت آخر):- يا الله …
ميرا(بجنون لحظي):- هذا ابني ابني أنا ولا يحق لكِ أن تتدخلي في شؤوني يا أنتِ …
ميرنا:- بل يحق لي كل الحق ، ما ذنب هذا الطفل كي تجعليه يتيم الأبوين في حين أن والديه أحياء يرزقون ؟
ميرا:- ما دخلكِ أصلا هااااه هل وكلكِ أبوه سفيرة للمطالبة بحقوقي الأمومية فيييييييه ، هراء أنا أحب صغيري كثيرا ولا أحد يستطيع قياس ذلك أساسا لا تحتاجين للتبرير
شهاب(خرج تلك اللحظة):- ميراااا …
هنا انعزلت عن روحها حين رأته ، شعرت بالضعف والانهزااااام وكأن قواها قد خارت ولم تعد بقادرة على حمل حتى طفلها ، طفلهما هي وشهاااب الذي اشتاقته بشدة تود لو ترتمي بحضنه وتنهل منه قبلات لا تحصى فهي تحتاجه بشدة قريبا حبيبا كل كل شيء في حياتها …
شهاب(تقدم إليها متجاوزا إياهم):- هاتِ الطفل
حكيم(حرك فمه ووقف حائلا بين شهاب وميرا):- دعه لها قليلا وسنعيده لكم
شهاب(هز حاجبه فيه وطالعه بطرف عين):- أنا لا أنتظر الأوامر من أحد … ميرااا أعيدي شادي لميرنا فوراااا
ميرا(فتحت عينيها على وسعهما بعدم تصديق):- ما الذي تقوله هل جننت لأعطي ابني لهااااا لتلك الفتااااااااة يستحيل
شهاب:- بلى ليس بمستحيل ستسلمينها الطفل وتختفي من أمامي لأنني صدقا لا أريد تجريحكِ الآن، خصوصا وأنني في حالة عصبية لا تحتمل الضغط
حكيم(فرقع رقبته بعصبية وتقدم إليه):- وجه كلامك لي أنا ، ودع حديث النساء للنساء الطفل سيبقى بعهدة سمر لبرهة من الوقت وميرنا ستعيده إليكم هل وصل ؟
شهاب(كتف يديه):- وهل ستجبرني ؟
فؤاد(تدخل لفض النزاع):- يا جماعة نحن بمستشفى والوضع ليس بحميد ، وقفتنا هنا وخصامنا حول الطفل شيء مشين دعونا نهدأ من روعنا قليلا
نور:- ثم يا سيد شهااااب نحن لن نأكله وميرنا معنا لتزيد ثقة إن شئت
شهاب(بادل نظرة ميرا المشتاقة بنظرة غضب حارقة):- أرفض ذلك ، أعطوني الطفل
وائل(خرج إليهم):- شهااااب … دعهم يأخذونه يا رجل الغرفة أمام الغرفة كفى عنااادا
شهاب(أطل برأسه على ميرا ومن بين أسنانه):- سأحترم رغبة ابن عمي فقط ، لكن يا ميراااا اعتبري أن هذه آخر مرة سترينه فيها لأنني رفعت دعوى النسب وبعدها ستأتي مرحلة المطالبة به وبعدها أرني كيف سترينه هه … عذرااااا منكِ ميرنا أحتاج لصغيري بعض نصف ساعة من الآن تعال ويل …
وائل(أشار لفؤاد كي يتبع شهاب لداخل الغرفة بينما ظل يناظرهم):- خذيه يا ميرا ولا تحزني شهاب لا يزال مجروحا من بعد الذي حصل ، قدري مشاعره أيضا لكي لا تتألمي
ميرا(تغالب دموعها وهي تحضن طفلها):- شكرا وائل على دعمك لكن هذه معركتي أنا وشهاب ووحدنا القادران على فك طلاسم هذا الصرااااع ..
حكيم(حول عينيه بتعب ودلف لغرفته):- تعالي ميرنااااا
ميرنا(اهتز جدعها وهي ترمق نظرة وائل المتأففة):- سأعيده بعد قليل لا تقلقوا ..
اكتفى بهز رأسه لها في حين تبادل هو وحكيم نظرة كره عادت لأصلها بينهما ، أما ميرا فقد نسيت الوجود بمجمله بعد أن دلفت لغرفة حكيم وأخذت تقبل وتغمر في ابنها الحبيب شادي
ميرا(تحولت لامرأة أخرى تماما):- يعني لا يسعهم إحضاره لمستشفى يا نور ، إن لم يجدوا له مكانا ليبقى أحدهم رفقته خارجا وليس مثلما فعلوا لا أدري أين المسؤووولون ؟
نور:- لا أدري ربما تصرف شهاب بطريقته ليسمحوا له بإدخاله ،المهم أن هذا الجانب ليس حقلا للميكروبات والجراثيم
حكيم(جلس على سريره):- ميرناااا هل كنتِ رفقتهم لوقت طويل ؟
ميرنا(عدنا للغيرة الغريبة):- كنت بالحمامات وحين قدمت تجاهكم التقيت بشهاب في طريقي وتم ما رأيتموه …
حكيم(ابتسم للصغير):-إنه يشبهها كثيرااا
ميرنا(تتأمل نظرته الطفولية):-أترغب بحمله ؟
حكيم(عقد حاجبيه):- تت لالا لا داعي لذلك
نور(سمعتهما):-سمر لما لا تعطين شادي لخاله كي يتعرف عليه ؟؟؟
ميرا(رمقت بسمة حكيم وأعطته لنور):- خذيه له يا نووور
حكيم:- يا جماعة أنا لا أعرف كيفية حمل طفل يعني …
نور(وصلت به إليه ووضعته في حضنه):- الأمر بسيط
ميرنا(أومأت له بتشجيع):- احمله برفق وستجده ينساب بين يديك مثل الأمنيات الغابرة
بالفعل كان حمل شادي أروع شيء قام بفعله حكيم، فقد وجد معه متعة مختلفة جعلته ينسى نفسه معه ويضحكه بحركات مرحة جعلت شادي يضحك بمرح بالغ غير الأجواء المشحونة ببراءته الرقيقة ، كيف لا وهو قطعة شهية لا تصلح سوى للأكل والهضم بشعره الناعم وخدوده الموردة وشفتيه المبللة بندى الصغاااار الشهي ياااااه ^^
نور:- ههه شادي أنظر لحركة الأرنب هاااااه
حكيم:- هل سيعرفها يا نور بالله عليكِ دعي الطفل ينمو بشكل سليم كي لا نعقده من البداية
نور:- ما أفهمك أصلا بتربية الأطفال كنت أفتعل هذه الحركة لابنتي دينا وكانت تروقها بشدة
حكيم:- أتاررري وأنا الذي أقول ما بال تلك الفتاة مجنونة ، همم العرق دساس ههه
ميرنا:- ستقتلك الآن بضربة مباغتة يا حكيم
نور(صغرت فيه عينيها وحملت الطفل منه):- وجود صغير بيننا أجبرني على الصمت هه
ميرا(ابتلعت ريقها وهي تبتسم حزنا لصغيرها):- سامحني يا حبيبي أعذبك معي لكن لولا الضرورة لما أبعدتك عني لحظة ..
ميرنا(تأثرت بجملتها ودموعها التي انسابت حتى):- تت
ركضت نور لتجلس بقرب ميرا وتمسح دموعها بينما حكيم نهض من محله وجلس أيضا بقرب ميرا وأخذ يربت على كتفها كي تصبر ، كانت بحاجة لمواساة لكن ما احتاجته أكثر هو حل جذري يعفيها من هذا العذاب هنا ميرنا لم تتمالك نفسها شعرت وكأن واجبها يناديها لذا خرجت من الغرفة بهدوء متحججة بشيء غير منطقي ومستغلة حالتهم المتعاطفة مع ميرا ،وتحديدا حكيم استغفلته وتوجهت صوب غرفة وائل الذي كان يشير بيده لشهاب الجالس في موقع يجعله بين وائل من جانب وبين عمه من جانب آخر
ميرنا:-شهاااب هل لي ببعض التدخل ؟
شهاب:- لو كان موضوعا يخص شادي انسي الأمر، بصعوبة أمسك نفسي كي لا آخذه رغما منها لا زلت مقدرا للمهلة التي لم يتبقى منها سوى دقائق
ميرنا(نظرت لوائل الذي حرك لها كتفيه بعدم استطاعة على إقناعه فقد حاول قبلها على الأغلب ولم يفلح لا هو ولا عمه فؤاد):- اسمعني رجاء ، الطفل هذه الفترة يحتاج لحنان أمه ولدفء أبيه وأنت بعنادك هذا تعرضه لعقد نفسية قد تؤذيه في نشأته وتجعله غير سوي
شهاب:- ههه ميرنا عزيزتي إنه طفل لم يتجاوز السنتين عن أي عقد نفسية تتحدثين ؟
وائل:- أجل أجل قرأت هذا ذات مرة في إحدى الكتب الطبية ، الطفل الرضيع يتأثر بحالة الأبوين صح يا عمي ؟
فؤاد(فهمهما واسترسل):- أكيييييد هذه معلومة صحيحة الكل يعرفها
شهاب(عقد حاجبيه):- لكن لما ليس لي علم بها ؟
فؤاد:- وما سيفهمك أنت هل كنت تربي ثلة أطفال من قبل يا ترى ؟؟
ميرنا:- لمصلحة شادي أن يرى أمه ويتنعم بحنانها بين الفترة والأخرى
وائل:- ويجدر أن يكون اللقاء في المكان الذي يرتاح فيه ، يعيش فيه ، ينااااام فيه
ميرنا(تابعت بحرص):- كبيته مثلا يعني في المنشأ الذي يعيش فيه
فؤاد(بصوت دعابي جدي في آن الوقت):- هكذا سنضمن له نموا سليما يعني في ظل الظروف الراهنة ، مجبرون يا شهاب هذا ابننا وعلينا حمايته ورعايته بما يلزم
شهاب(بحزن على ابنه):- لا أريده أبدا أن يعاني طفلي مثلما عانيت أنا في صغري ، سأفعل كل ما بطاقتي لأجعله بخير حتى لو كلفني ذلك تخصيص يومين بالأسبوع لميرا كي تزوره ببيتي ، يعني أظن أن ساعات قليلة ستبهج قلب صغيري
وائل(برقت عيناه بحماسة):-ولووو ولوو هذا سيجعله في أحسن الأحوال
ميرنا:- وميرا سوف تطيعك يعني هي الآن طوع أمرك بعد فعلتها تلك
شهاب(بتعنت):- طبعااا رقبتها في يدي
فؤاد:-ستتمكننان من رعاية ابنكما كما يجب في تلك الفترة وسيتعود شادي عليها أكثر، وهذا سيجعله يؤلف بين قلبيكما ويتعلق بكما أكثر فأكثر كأسرة سليمة
شهاب(فرح لأجل صغيره):- أرى أن هذا جيد بلغها بالأمر يا عمي بنفسك ، وأخبرها أنني لن أتوانى في فض الاتفاق لو شهدت منها ما يزعجني وأخبرها أن الاحتكاك بي ممنوع وأن الحديث معي سيكون بخصوص شادي وفقط مفهوووم ؟
فؤاد(حرك رأسه بدون فائدة):- مفهوم مفهوم أية أوامر ثانية حضرتك ؟
وائل:-هذا فقط حسبما أعتقد صح يا شهاب ؟
شهاب(تحرك محله):- هذا فقط
ميرنا(أخفت ضحكتها بصعوبة):- على بركة الله …. سآتي معك
بعد أن أخبرها فؤاد بقرار شهاب نظرت لميرنا مباشرة وبدا جليا أنها هي من تدخل في هذا الحل المؤقت ، لحظتها أعطت شادي لنور التي أخذت تداعبه رفقة حكيم في حين كان فؤاد يرمقها بمحبة يعشق تأملها وهي تلاعب الصغير وهنا كانت ميرا تقف مقابل ميرنا مباشرة
ميرا:- أنتِ من أقنعته بهذا الحل صح ؟
ميرنا(هزت رأسها نفيا):- لا يهم من فعل ذلك طالما شادي في النصف ، إذن ستتكاثف كل المجهودات لأجل عيش سليم له
ميرا(ابتلعت ريقها):- يعني أنتِ الفاعلة
ميرنا:- وفيما سيهمكِ من أقنعه فينا هل ستفرق لديكِ.. ألستِ مستعدة لفعل أي شيء لقضاء ساعة واحدة مع ابنك ها قد حظيتِ بيومين في الأسبوع وقد تمتد حسب شطارتكِ
ميرا(تمعنت في تصرفها وبصوت خافت همست):- ألاعيبكِ لن تنطلي علي ، سأعتبر ما فعلته شيئا عابرا لكي لا أزعج حكيم لكن إن تدخلتِ مجددا في أي أمر يخصني ستندمين
ميرنا(ارتجت داخليا بأسف):- مؤسف أنكِ ما تزالين تحملين ضغينة في قلبك لحد الآن ،، علما أنني أنا من يجب عليها احتقاركِ لا العكس
ميرا(اشتعلت بغيظ):- اخرسي …
حكيم(سمعها واستقام):- هل هناك مشكلة ؟
ميرا(بغضب حملت إبنها وحقيبتها وغادرت):- لم تعد كذلك ..
نور:- ما بالها يا ترى... ميرنااااا ؟
ميرنا(بحزن مطت شفتيها):- … تت
دلفت به إلى غرفة وائل دون استئذان وضعته بين ذراعي شهاب ونظرت إليه مليا قبل أن تهم بالمغادرة ، استدارت إليه
ميرا:- يوم الثلاثاء يناسبني سآتي لبيتك عند التاسعة … اعتني به
شهاب(بعدم فهم ناظر وائل):- هل أعطتني موعدا حسب شروطها يا وااائل ؟
وائل:- أهاه الأجدر أنها فعلت
شهاب:- وعلي أن أرضخ لذلك أيضاااا ؟
وائل:- أهاااه على الأغلب كذلك
شهاب(حرك رأسه ونظر لابنه):- إذن ما علي سوى الحفاظ على عقلي سليما ، فعار أن يترعرع ابني ويجد أباه سفاحااااا
وائل:- ههه يليق بك الإجرام على فكرة …أوووأوون ها قد اكتملت
نزار(دخل عليهما وهو يحمل حقائب أكل معلبة):- عمو نزاااار قد أتى وأحضر معه معلبات أكل لابنه حبيبه وائل ..آه هذا النطح موجود هنا تبا لو تأخرت قليلا بعد لما استمتعت بمناظرة وجهه الجميل آهاااه شادي هذا هو الطفل المخفي إذن كوتي كوتي كوووت ما أحلالالالاه أعطني إياه يا ولد
شهاب:- هل أنت مجنون تشتمني وتطلب مني أخذ ابني ؟
نزار:- ولد أنا متعب من حمل تلك المعلبات من البيت إلى هنا ، هيا قم وصنفها ليأكل ابن عمك ما يرد الدم في عظمه ، قلت قم وأعطني الصغير هياااااا
شهاب:-آه يا ربي هل كتب على أهلي التعايش مع ثلة عاهات عقلية لا فكاك منهاااااا

تكاثرتِ الزيارات بعد برهة قد أتت رقية والعمة نعمة لأجل تقديم الواجب اللازم ورافقهم إياد بناء على اتفاق مع رقية التي انبسطت حين لمحته بالجوار ، وأيضا قدمت كوثر وهي تحمل في قلبها طعنة مؤلمة فقد علمت من موظفي الشركة أن زياد وهبي قد سافر للبلد وأخذ إجازة لأسبوع كامل هكذا بدون خبر هجرها طيب أكنتِ تودين منه كتب ملاحظة أيضا لكِ يا روحي لقد تركتِ الشاب أمام العشرات جاثما على الأرض وخاتم الخطوبة بيده، من حقه الابتعاد لذا أرجحت أن تكتم خيبتها لحين تفرج من عند الله ،هي الأخرى انضمت لهم وكذلك جاء رامز ليخبرهم بالجديد حول طلاق جيداء من حسام وهذا ما إن سمعته دعاء حتى شعرت ببعض البهجة تلفها ، فأقل ما يستحقه حسام النهواني هجره وتجاهله ونبذه مثل الجرثومة … في تلك الأثناء وصلت شاهيناز وطلال اللذين من فورهما دلفا لغرفة حكيم
طلال:- مرحباااا
حكيم:- آه طلال هلا يا صاح تعال .. شاهي هنا أيضا
نور(رفعت حاجبها لميرنا):- من تكون هذه ؟
ميرنا:- يعني تعلمين كل شيء وهذه استصعب عليكِ معرفتها ، هفف حبيبة طلال على الأغلب
نور:- ألم تكن هي المرأة نفسها التي كانت تعاشر حكيم ؟
ميرنا(صعدت الحرارة لرأسها ونظرت لنور):- يا حبيبتي وكأنكِ تكتشفين سؤال المليووون؟
نور(بتلاعب):- هه غيووورة
كوثر(اقتربت منهما):- من هذه الجميلة ؟
ميرنا(بتأفف):- فف أخبريها يا نووور أنا قد تعبت
شاهيناز(طافت بعينيها حولهم جميعا ورمقت ميرنا بابتسامة):- كيف حالكِ ميرنا ؟
ميرنا(تقدمت لتقف بقرب حكيم):- بخير برؤيتك ، طمئنيني أنتِ كيف حال جرحك؟
شاهيناز:- في تعافي وشفاء
ميرنا:- جيد
طلال:- أ.. أصرت شاهي على زيارتكم رغم تعبها ههه عنيدة ولم أجد حلا سوى اصطحابها
حكيم:- خيرا فعلت من الجيد رؤيتكما بأتم صح وعافية ، كيف هي فخرية ؟
شاهيناز(بهدوء يسبق العاصفة):- تبعث لكما السلام
ميرنا:- فيها الخير ..
شاهيناز:- ذاك هو الحمام صح ؟
حكيم:- أجل تفضلي
طلال:- هل تحتاجين لشيء ؟
شاهيناز(اقتربت منه بحميمية):- تت لا فقط ابق بالقرب
طلال(بعشق):- أنا هنا يا نبضي ..
حكيم(رمق الحب بينهما واستغرب وهو يناظر ميرنا):- غريب هو الوضع بينهما ؟
ميرنا(كتفت يديها):- وما الغريب تحبه ويحبها إذن ما الغريب فيهما ، تت أستغفر الله
حكيم(تفاجئ):- ما بالكِ اشتعلتِ مثل النيزك رويداااا ..
إياد(دخل عليهم):- ميرنا تعالي لحظة رامز بصدد المغادرة وأنا أيضا ، كوثر هل ستبقين ؟
كوثر:- أجل قليلا بعد يا روحي بالرغم من أن لدي عملا بالأطنان ؟
إياد(غمزها وخرج):- حسن يا كسووول
كوثر:-هه سأنتظر قدوم وصال وأقضي معها بعض الوقت ونلتقي مساء ، ستغادرون صح ؟
ميرنا:- أجل ستبقى فقط دعاء
كوثر:- تمام تعالي يا ميرنا سأخرج لأحادث وصال وأرى أين وصلوا …
نور:- خذوني معكم أريد رؤية مدحدح أخشى أنها أكلت دعاء بلا عظم من شدة القبل والأحضان هههه
خرج الكل وبقي فقط طلال وحكيم الذي أشار له على جنب ليحادثه بخفوت
حكيم:- كيف تحضرها إلى هنا أجننت هي لا تزال متعبة ؟
طلال:- وهل كانت لترضخ لي تعلم عنادهاااا ، ثم لمست أنها تتحسن ولم أشأ كسر خاطرها
حكيم:- يا حنوووون
طلال(رمق ضمادات حكيم المتنوعة):- ولا كأنك ممثل عالمي مضمد بإتقان ، يليق بك ع فكرة وهذه فرصتك لتستغل اهتمام ميرنا بالشكل الذي تريده
حكيم(حرك فكه ببغض):- وائل رشوان مثلي يعني حتى أثناء تعبي أجده يزاحمني مثل ظلي
طلال:- يا شيخ هي بقربك أنت لا هو ، وهذه تفرق
حكيم(اطمئن لحديث صديقه):- كيف حال الخالة أم طلال ؟
طلال:- عاتبة طلبت مني جلبها من عند أختي وسفر ثلاث ساعات بالنسبة لي هذه الفترة مستحيل ، لذا طلبت من داغر أن يتصرف ويحضرها لبيتها في أقرب وقت
حكيم(انتبه أن شاهيناز تأخرت قليلا):- تمام … أ وكأن شاهي تأخرت بالحمام اسألها ماذا إذا كانت بخير وأنا سأكلم رامز قبل رحيله وأسأله عن ذلك الحثالة القابع في السجن
طلال:- أوك وصل يا عيني
كانت تقف عند المرآة تطوف بعينيها بابتسامة خبيثة باتت ترافقها هذه الأيام بشكل يثير الريبة ، كيف لا وهي أس الشر .. عدلت ثيابها وخرجت لتجد طلال بوجهها تأففت بحنق ضئيل وسألته عن البقية وأخبرها أنهم بالرواق لذا أشارت عليه بالانضمام إليهم وبرؤية وائل رشوان بمعيتهم يعني يستحق أيضا الزيارة .. وافقها على مضض فهو لا يطيق ذلك الشخص والود متلاشي بينهما لكن هي كان لديها غاية أخرى … تمايلت برفق وهي تغادر معه الغرفة نظرت جانبيا لإياد وميرنا ورامز وحكيم والتفتت يمينا صوب باب غرفة وائل وجدته محاطا بعدة رجال واحد فيهم كبير في السن يحاول إطعامه بقوة وقد انسحب للحمام كي يجمع الأغراض ، بينما البقية ضاحكون هنا سحبت نفسها بدون شعور وهي تعقد حاجبيها باحثة عن عينيه الغريبتين والقريبتين في آن الوقت ، شيء ما يشدها إلى ابن رشوان شيء مختلف عن ابن عمه وعن عمه اللذين لمحت أعينهما ولم تلمس شيئا مما لمسته في وائل الذي استقام في موضعه لاستقبالهما
شاهيناز:- كيف الحال يا وائل ؟
وائل:- بخير بالرغم من أنني مستغرب لزيارتكما
طلال(بكره):- شاهيناز أرادت المرور بك بما أننا لا زلنا بالمشفى ، وأنا أرغب بشكرك لإنقاذك لحكيم ليلة أمس
وائل:- لا عليك كان سيفعل المثل
شاهيناز:- ههه المثل اممم ربمااا
شهاب(يطالعها شزرا وهو يهز شادي بين يديه):- منذ متى ابننا يعرف هكذا فتيات جميلات هاااااه ، أخشى أنه بعد زواج ميرنا بات يضرب الصالح بالطالح
فؤاد(يهمس بخفوت):- والله لا تجعلني أتقدم بسؤاله اللحظة أمامهما ، اجمع فمك لحين ذهابهما وسنستجوبه بطريقتنا
شهاب:- ههه أعجبتني كلمة استجوااااب .. تت دو دووو يجدر بي الذهاب الآن هذا وقت نوم شادي
فؤاد(تأمله بطرف عينه):-والله واتضح أنك أب مسؤول ما حسبت أنك ستحسن الدور لهذه الدرجة ، عفارم عليك
شهاب:- يعني يا حبيبي للضرورة أحكام ، ثم سأسحب نفسي قبل أن يفكر أبوك العزيز بزيارة أخرى وألتقي به ، لا أريد أن أراه كي لا أفقد أعصابي بعد تواطئه هو وميرااا
فؤاد:- لأجل ابنك سامح يا شهاب
شهاب(حمل حقيبة شادي وتحرك):- عذرا فأيقونة السماح لدي خارج التغطية الآن ، هيا ويلي أنا ذاهب ألقاك فيما بعد
وائل:- طيب بيننا اتصال ، اعتني بشادي جيدا
شهاب:- تمام ، تشرفت بمعرفتك سيدة شاهيناز سيد طلال
طلال(بتأفف هذا ما ينقص):- مشكور
شاهيناز(تقدمت إليه تحت مرأى منهم):- هل لي أن أحمل الصغير قليلا ؟
وائل(باستغراب ورفض داخلي):- أ..
شهاب(ابتسم وقدمه لها):- هذا هو طفلي آسر قلوب الفتيات
فؤاد:- يا سعدك به ههه
طلال:- شاهي؟؟
شاهيناز(أومأت له بإشارة أن كل شيء على ما يرام):- أحب الأطفال الصغار
شهاب:- خذيه إذن …
ببطء شديد ناظرت الصغير وهي تتأمله بشر ،ابتسامة الخبث تزين ثغرها وعيناها تبرقان بوميض شرس يكاد يفتك بغنيمة وطئت يديها تلك اللحظة ، أمسكته بإحكام وهي تناظر عينيه الصغيرتين بعينيها الغادرتين، حضنته إلى صدرها ودمدمت بخفوت بعدة كلمات مبهمة جعلته يتحرك برفض ويبدأ البكاااااء دون توقف
شهاب(بسرعة أخذه منها):- على الأغلب لم يتأقلم معكِ بسرعة
ميرنا(دخلت بعد سماع بكاء شادي):- هل كل شيء بخير آه أنتما هنا ؟؟
شاهيناز(تراجعت للخلف):- آسفة أظن الصغير لم يحبني
طلال:- أووه لا تحزني كل الصغار هكذاااا لا يفترقون عن أهاليهم البتة
وائل:-طلال معه حق
شهاب(يطبطب على الصغير):- صحيح لا تنزعجي
تلك اللحظة أسبلت جفنيها بتأثر مصطنع كي تكسب مودتهم وبالفعل كسبتها ، فحتى شهاب ظل يعتذر وهذه فارقة لم تحدث من قبل ، أما فؤاد فكتف يديه وابتعد وهو يتفرج فيما يحدث في حين أن ميرنا اقتربت من شادي الذي كان بين ذراعي شهاب وأخذت تلاعبه وفجأة حرك يديه الصغيرتين باتجاهها بحركة تترجم أنه يريدها ، تعجب الجميع خصوصا هي ففتحت ذراعيها وحملته بين ذراعيها بكل حب ، هنا تأملها وائل بمودة وكان شهاب ممتنا لإسكاته تلك اللحظة بينما طلال أشار لشاهيناز بالرحيل لكنها أبت إلا أن تبقى لوقت بسيط ،شعر هو بالاختناق وخرج لينضم لحكيم رفيقه والبقية وهذا ما أفسح مجالا لشاهيناز في أن تتأمل ميرنا التي اقتربت من وائل وأخذت تلاعبه هي وهو والصغير معا في صورة جمَّلت الأجواء .. فؤاد انسحب بعد برهة أما شهاب فقد تقدم ليشرح لشاهيناز أن الطفل تعود على ميرنا ووائل لذا هو لا يبكي بحضنهما المسكين لا زال يعتذر ولا يدري أن أم الأربع والأربعين بشحمها ولحمها تقف قربه وهي التي تسببت بذلك البكاء لغاية في نفسها ، في ذات الوقت خرج نزار من حمام وائل بعد أن رتب علب الأكل
نزار:- ها قد انتهيت ورتبت كل العلب ووضعت بعضها لأجل الباقين يا وائل ، انتبه و و قمم
وائل(لاحظ سعاله فجأة):- عمو نزاااار
شهاب(ركض إليه بخفة):- ما بك يا رجل أستموت اللحظة هه ، هيييه أنت جاد يا إلهي كوب ماء كوب ماء
ميرنا(أشارت له بسرعة):- خذه يا شهاب ها هو ذاااا
وائل(نهض بتعب إليه):- أنت بخير عمو نزاااار ؟
نزار(شرب الماء وهو يلتقط أنفاسه بعد أن احمر وجهه كالطماطم):- بخير بخير لا تقلقا
شاهيناز(مالت برأسها وهي تطالعه بغرابة):- هل سبق والتقينا ؟
نزار(ابتلع ريقه):- هه من تكون هذه المرأة ؟
وائل:- معرفة لحكيم الراجي يا عمو نزار ، أنت بخير الآن صح ؟
نزار(جلس على سرير وائل وهو يرمقها بحيرة):- أنا بخير ..
ميرنا(نظرت لحركات شاهيناز المريبة وهي تميل برأسها كل لحظة وتتأمل نزار دون إدراك):- شاهيناز ؟؟
شاهيناز(رمشت بعينيها وهي تهز رأسها محاولة تذكر شيء ما):-تت أشعر بالصداااع
شهاب:- ست شاهي ما بك ؟ تعالي اجلسي هنااا
شاهيناز(نفضت يده وبرقت عيناها بشر لم تستطع كبته):- ابتعد سأرحل سأرحل من هنااااا
ميرنا(باستغراب نظرت لوائل):- ما بالها ؟
شهاب:- أظن أن تأثير شادي قد كسر قلب المسكينة
وائل(نظر لنزار):- عمو نزار ؟
نزار(استقام بصعوبة):- ههه لا تقلقوا كانت مجرد حالة عابرة ،علما أن هنالك مستفيدون تمنوا لو أنني رحت فيها
شهاب(ضحك وهو يمسح خلف رأسه):- هههه وكأنك علمت بالخفايا
ميرنا:- هه مجنون …
هنا خرجت شاهيناز مترنحة بمشيتها ، استغلت انشغال البقية في حديثهم بالرواق وانسحبت لممر آخر أخذت تدور وتدور وهي تتمسك بالحائط حينا وحينا تمسك على قلبها في حالة غريبة لم تستطع تحديدها بعد … ركضت بخفة لحين وصلت لغرفة فارغة ودلفت إليها أقفلت الباب خلفها وأخرجت من الحقيبة الهاتف
شاهيناز:- أوووه كيف سأستعمل هذا الآن لا أدري كيف يتصلون به ، تبا تبا ما كل هذه التكلونوجيا الواهية ، لو أستطيع ممارسة سحري هنا لوصلت مرسالي لفخرية اللعنة هذه الأشياء لا ينفع معها أية تعاوييييذ هفف ..
خرجت من هناك وللصدفة وجدت ممرضة مارة من هناك طلبت منها البحث عن رقم قصر حكيم والاتصال به ، وبالفعل أرتها تلك الممرضة كيف وفعَّلت الاتصال لأجلها
شاهيناز:- ألووو أعطي الهاتف لسيدتكِ فخرية بسرعة
الخادمة(استقبلت صراخ شاهي باستغراب):- حاضر سيدتي ….
فخرية(بعد برهة على الجانب الآخر):- ألو نعم هل من مصيبة جديدة ؟
شاهيناز(تمالكت أنفاسها):- فخرية أختي …لا أدري ماذا يحدث لي أنا لست بخير أشعر بالاختناق وصداع رأسي لا ينفك يتوقف أنفاسي ليست منتظمة وحالتي غريبة جدا
فخرية(بقلق):- ما بكِ يا سلسبيل هل هل تعاطيتِ شيئا ما ثم أين أنتِ ؟
شاهيناز:- لا زلنا بالمشفى لكن حدث شيء غريب ، يعني أردت اللعب قليلا بسحري وجعلت طفل الرشوانيين يبكي بعدها ظهر رجل عجوز ما إن رآني حتى أخذ يسعل بقوة .
فخرية:- أهاه وبعد ما الغريب في كل هذا ؟
شاهيناز:- الغريب أنني أعرف ذلك الرجل أقسم أنني رأيته سابقا لكن لا أتذكر ، هل من زمني أم من زمنكم لا أدري بصدق كل ما أنا متيقنة منه أنني أعرفه
فخرية:- لا أعلم بما أجيبكِ الوضع مريب
شاهيناز:- فخرية هل الرجل المتبقي من عشيرة الشمس بمثل عمرنا ؟
فخرية(هنا برقت عيناها لا يعقل أن تجده سلسبيل وإلا قضت عليه):- مستحيل يا سلسبيل أن يكون بالجوار ، هل هو أحمق حتى يظهر نفسه بمحيط ساحرة ثم قد يكون بمثل عمرنا وقد يكون أكبر أو أقل ليس لدي معلومات حيال هذا كل ما أعرفه أن واحدا منهم هو الذي يحرس وليدة الشمس من بعيد
شاهيناز(مسحت على رأسها المتألم):- آه لا قدرة لي على التركيييييز كل شيء يمر بوميض مشع في عيوني تتت ..
فخرية(باستغراب):- سلسبيل … أنظري لحرق ميرنا على يدك هل هو متوهج ؟
شاهيناز(رفعت كم قميصها وانصدمت):- أجل هو متوهج كيف عرفتِ ؟
فخرية(ابتلعت ريقها):- أ.. ليس الأمر بمهم ميرنا دافعت على الطفل دون إدراك منها وتسبَّبت بتلك الجلبة ، وذلك الرجل على الأغلب رأيته بمحيط الأولاد يعني أين سترينه وأنتِ من عهد سابق
شاهيناز(باقتناع):- ربما معكِ حق ما كان علي ممارسة أية تعويذة على الملأ ، لن أعيدها كي لا يحدث ما حدث هفف ربما معكِ حق سأطلب من طلال إحضاري لقد تعبت
فخرية(هزت رأسها بشرود):- طيب طيب يا مصيبة
لحظتها توجست فخرية من حالة سلسبيل المريبة وأرجحت أن ما حصل لها ، له علاقة بحصن الشمس المنيع وأكيد ميرنا تستخدم قدراتها بلا وعي ، وذلك الرجل ما هو إلا شخص عادي هكذا أرجحت وأقنعت نفسها وهي تتأفف بعمق وتحرك رأسها بقلة حيلة فأكيد أختها لن تهمد لحين تجلب على رأسهم مليون ألف مصيبة ومصيبة ….
بعد رحيل شاهيناز وطلال الذي كان قلقا عليها واعتقد بأنها قد تعبت جراء إصابتها ، خرج نزار وهو يرتجف ممسكا بالعلب بشكل غريب جعلها تلحق به لحين الدرج كي تطمئن عليه
ميرنا:- عمووو نزار هل أنت بخير ؟
نزار(ابتلع ريقه وناظرها بعمق):- بخير بخير لا تقلقي
ميرنا:- أ دعني أضغط لك زر المصعد
نزار(بسرعة سبقها وضغط على الزر):- لا تفعلي أنا سأتصرف لوحدي ، شكرا شكرا لكِ
ميرنا(ابتعدت وهي ترمقه في حالة غريبة وحين هم بضغط زر النزول مد يده فارتفع كمها على وشم مستقر في صدغه على شكل شمس):- …هئ أكاااان ذلك وشم شمس ؟؟؟؟؟ ههه والله والعم نزار طلع مش سهل ، حتى هو لديه وشم مثلي يا عيني سأخبر وائل لنعلق عليه بتعليقات ساخرة طبعا يستحق ههه …
ما إن أغلق باب المصعد على وجهه حتى رمى بالعلب أرضا وأخذ يرتجف بخوف ، يمسح تعرقه المتصبب من جبينه بارتجاف ، وبين عينيه نظرات شاهيناز تتناقل خصوصا حين سمع دمدمتها في أذن الصغير من محله ، اعتقد بداية أن الأمر يتهيأ له لكن لم يكن كذلك فحين خروجه اصطدم بها هناك ، لكن من تكون وما علاقتها بالسحر وكيف تمالك نفسه أمامها كي لا ينكشف … لحظتها تيقن أنه بصدد إحياء قدرات الماضي للتخلص من ساحرة تلف بمحيط ميرنا الراجي وهذا ما لا يجب أن يسمح به أيا كانتِ العواااااقب …
والله يا عمو نزار ما طلعت سهل أنت إذن حارس عشيرة الشمس من كان ليظن ذلك ^^…

يعني الروعة كل الروعة حين يتجلى الحنان في شخصية صارمة جادة لا تعرف للهزل طريق ، هكذا كانت تراه رخيم التصرفات مثلما سماه كامل كمال الذي سينال منه ما لا يعجبه فقط ليراه وبعدها سيتحاسب معه على كل ما تفوه به في حقه ، لن يرحمه مرض ولا حتى حماية جدته حميدة القوية .. كان يزفر بعمق وهو يقودها في ممرات المشفى متوجهين صوب غرفة دعاء الراجي التي نالت من الزيارات ذلك اليوم ما يكفيها لزمن آخر …
وصال(تتحدث دون توقف):- سترى بأنك قدمت خيرا كبيرا حين أفرحت قلبي وقلب أصدقائي ، والله تكاثفنا وتآزرنا في المحن شيء جميل يشعرنا بالارتياح الروحي ، ستجربه لا محالة ، ثم أنا أحرص دوما على أن أفلت مثل هذه الزيارات لأنها من واجباتي تجاههم فهمتني صح؟
جاسر(حول عينيه):- فهمتكِ والله فهمت يكفي لقد صرعتِ رأسي منذ الصباح أنتِ لُكلُكلُك ألا تتعبييييييين ؟
وصال(رفعت حاجبها متأففة):- دوما ما تحبطني في مثل هذه الأوقات ، سبحان الله تحسدني على سويعة البهجة التي تعتريني حين أرى أحبتي
جاسر:- الله يخليلك أحبتك فقط حلي عن راسي ياااا …
وصال(صغرت فيه عينيها وقد تجاوزها):- لعلمك أنا حتى لم أشرح لك بقية العلاقات بتلك الأسرة .. إسمع…
على إثر هذا وذاك لم يصدق جاسر نفسه لحين وصلوا لغرفة دعاء ، وما إن رأتها كوثر حتى طارت عليها بعناق بكائي وكأنهما لم تريا بعضهما لسنة كاملة وهما قد التقيا مؤخرا جدا ، لكن مع من يحكي لم يعلق بل تقدم وألقى التحية على مديحة التي استقبلت مصافحته بصدر رحب ، في حين أمسكت هي الأخرى وصال بحضنها وشرعت تبكي هنا قام بتحية نور بود وكذا دعاء التي أشارت له بأدب بينما ارتمت عليها وصال باكية كالطفلة وطبعا هذه الأخيرة ستبادلها الكثير الكثير من تلك الدموع جراء ما عايشته ولا تزال متألمة منه ..
وصال:-آه يا روحي حين علمت أشفقت على حالكِ كثيرا ، لكن لا تحزني كله لمصلحتك ها قد تخلصتِ من ذلك العاهة وأصبحتِ حرة نفسك
دعاء:- آه يا وصال لو تعلمين ما جرى لي
وصال:-والله لو كنت بالمدينة لما ترددت لحظة في الانضمام إليهم لأجل إحضاركِ من بؤبؤ عينيه الزائغة ، هففف حقير مثله يستحق الحبس المؤبد
مديحة:-الله لا يوفقه إن شاء الله ينال ما يستحقه من عقاااااب
جاسر:- كيف صحتكِ الآن ؟
دعاء:- مستقرة شكرا لسؤالك سيد جاسر
جاسر(حرك رأسه وأشار لوصال):- سأكلم زياد قليلا إن وجدته بالجوار
كوثر(سمعته وأحنت رأسها بأسف):- ليس هنا قد سافر للبلد
جاسر(باستغراب):- معقول اممم لم يخبرني بذلك حين كلمني قبل يومين ، قد بدا بحالة جيدة ولا شيء يستدعي سفره
كوثر(فركت يديها بدموع):- يعني قد جد جديد أجبره على ذلك.. حين تكلمه ستعرف
وصال(جذبتها على جنب):- ماذا جرى ؟
كوثر:- سأحكي لكِ فيما بعد
غادر جاسر والحيرة تتملكه ومن فوره رفع هاتفه واتصل بزياد الذي أخبره باختصار شديد ما الذي استدعاه للسفر ، أخبره عن جرح كوثر له وحركتها المؤلمة معه وهنا تشنج جاسر برفض لتصرفها وظل بالرواق متعصبا ينتظر خروج وصال للرحيل إذ كان كافيا سماع صوت صديقه المتذمر كي ينقلب مزااااااجه .. أما بالغرفة فقد حكت كوثر بشكل وجيز لوصال ما حدث وشرحت لها أسبابها كاملة في رفض هذا الزواج طبعا وصال ساندتها ومسحت على كتفها بدعم مطمئنة إياها أن الأمور ستمضي على خير لا محالة …
للحظااااات بقيت الأجواء روتينية هناك فقد نامت دعاء وغادرت نور لترتاح في البيت قليلا وتعود بالمساء لاصطحاب حكيم وميرنا ،أما مديحة فقد رفضت المغادرة وظلت بجوار ابنتها ، وبالنسبة لفؤاد كذلك غادر رفقة شهاب وشادي الصغير وكذلك إياد الذي اضطر لتأخير عمله نظرا لأن الحلو رامز يشاء ذلك ..
إياد(يسير بجنبه في الرواق):- يعني ما الداعي لأن تحتجزني رفقتك ، هل تخشاه ؟
رامز:- هئئئئ أخشى ماذا يا هذا ذلك الطويل العريض بضربة من رأسي أرديه قتيلا
إياد(كمش عينيه في مقارنة ما بين رامز وحكيم):- ههه مناصفة ليست في محلها يا حبيب
رامز(زفر بحنق):- أتفق معك قليلا ههه ..هيه أنظر ميرنا ميرنا تعالي يا بنت إلى أين أنتِ ذاهبة ؟
ميرنا:- كنت متوجهة صوب غرفة دعاء قد وصلت صديقتي وصال
رامز:- آه رفيقتي في المجال والله من الجميل رؤيتها وهي نقيييب إذن خذينا معكِ نحن أيضا
إياد:- أساسا تلك صديقتنا أنا وميرنا أنت وِشْ حَشر أنفك بيننا لما تتحدث بصيغة النون وكأنك وريث شرعي لكل ما يحيط بنااااااا ؟
رامز(قفز وأتى من جانب ميرنا):- ألاحظتِ كيف يقلل من شأن صديقكِ يا ميرنا ، عيب عيب حتى لو كنت أحبكِ وأردتكِ لي زوجة بحسن نية وتسبب هذا البوكيمون بعدم ذلك ، إلا أنكِ ذو مكانة غالية في قلبي ولأجلكِ قد أفعل الكثير
ميرنا(انحرجت منه ورمقت إياد شزرا):- أ.. رامز وأنت غالي ربي ما يحرمنا منك
إياد:- لا يختي ربي ما يحرمنا منووو ، أتمنى فقط أن يسمعه حكيم أو وائل يتفوه بنفس السطر الذي سلف ووقتها تعالي لنتفرج كيف سيحفظه الله لنا غاليتي
ميرنا:- هههه يخرب هبلك
رامز(حرك حاجبيه باستفزاز له):- هي تقدرني وليس مثلك يا عديم الشعووور
إياد:- بوكيمون وعديم الشعور أنا أعد لك رامز تابع فقط ما تفعله …
رامز(انعطف رفقتهم صوب الرواق):- ههه سأتابع فانتحر إن شئت
ميرنا(ضحكت ولكن ضحكتها خفتت حين رمقت وصال تشارع بيدها):- ماذا يجري ؟
وصال:- لن أغادر يعني لن أغادر هل أنت مجنون لتعاملني حسب أهوائك ، تارة تعدني وتارة تخلف بوعدك ما الذي حدث لك ؟
جاسر:- لن أبقى في مكان صديقتكِ فيه لم تحترم مشاعر صديقي ، أي تصرف ذاك الذي أقدمت عليه عيب عيب والله
وصال:- وما شأننا نحن الأمر منوط بهما لذا دعهما يحلان مشاكلهما كما يريدان
جاسر:- صحيح صحيح وكأن الباكية بالداخل على كتفكِ لم تكن هي من كسرت قلب صديقي
وصال:- اسمعني يا جاسر يا رائد يا أي شيء ، أنا هنا ولن أبرح محلي في هذا الوقت فقرر
جاسر(نفث شررا وهو يشير لها):- وصااااال لا تجعليني أندم على تعاطفي معكِ
وصال(وضعت يديها على جنبها):- والله أستذلني الآن ؟؟؟؟
رامز(رمش بعينيه حين وصل إليهما وقد تدفقت في قلبه كل المشاااعر الطيبة والحنونة أيضا):- جاااااسر ! ما الذي تفعله هنا ؟
جاسر(التفت إليه بصدمة):- رامز البدري لالالالالا غير معقوووول ؟
وصال(عانقتهما):- ميرناااا إياد …يا حبايبي أنااااا
جاسر(رمق عناقها لإياد بتأفف):- يكفي هل أنتِ في موسم أحضاااااان ؟
إياد:- عزيزتي كيفكِ يا غالية اشتقنا لكِ كثيرا ؟
وصال:- وأنا يا روحي اشتقت لكما .. ميرنا قلبي معكِ في مصائبكم غاليتي
ميرنا(بحب):- تسلميلي يا حلوتي الله يسهل
رامز(كتف يديه وهو ينظر لجاسر والضحكة تغلب عليه):- هاااه يا حلو لم تجبني بعد ما الذي جعلك تترك معسكرك وتأتي للمدينة في هذا التوقيت ؟
جاسر(من تحت أسنانه):- اللهم طولك يا روح ، هل عينك أحدهم وصيا علي أنا أتصرف كما يحلو لي لا شأن لك ؟
رامز:- ولد انتبه لكلامك
جاسر:- لا تكلمني بتلك الطريقة عمري من عمرك فلا تتمادى
رامز(صغر فيه عينيه):- جندب
جاسر(بتحدي):- خنفساااااء
ميرنا(رمشت بعينيها وهي تتفرج مثل الكل):- الله الله ماذا يحدث هنا ؟
وصال(باستغراب هزت حاجبها الأيمن متعجبة من حال جاسر الذي انقلب لطفل كبير عنيد):- من أين تعرفان بعضكما ؟
رامز(كتف يديه ونظر له بطرف عين):- أجبها سيادة الرائد يا جننننندب
جاسر(بعصبية أشار له):- لا تقل جندب يا خنفساااااء أنا أصلا لا أعترف بك
رامز:- ناكر للجميل
جاسر:- متعجرف
إياد(بنفاذ صبر):- يكفي يا سادة بالله عليكما ما هذا الذي يحدث .. رامز قل شيئا ؟
رامز(بغيظ نفخ وجهه متأففا):- أنا وهذا قريبين يعني ….
جاسر:- يكون خالي
وصال وميرنا وإياد(في آن واحد وبصدمة):- خاااااااااااااالك ؟؟؟؟؟؟
جاسر(حرك رأسه بإيجاب مستسلم):- مع الأسف
رامز(شتمه تحت أسنانه):- الله يلعن الصلة اللي جمعتني بك يوما ما ، منذ أن عرف بأنني خاله وهو يعاملني بصلف وسماجة قلة الأدب وقلة الاحترام عنده هواية
جاسر(نظر لوصال وبغضب):- يكفي أستفضحني هنا أيضا أمامهم
رامز:- والله قد أفعل لذا اقبع لطيفا ولا تجنن أهلي
إياد:- مهلا مهلا كيف يكون جاسر ابن أختك عماذا تتحدثااااان ؟
جاسر(زفر بعمق):- لقد ظهر في حياتي قبل سنوات مصرحا أنه خالي من أين أتى لا أدري ، بعدها قدم لي الأوراق الثبوتية وتيقنت أنه فعلا كذلك وعدم معرفتي به كان لأجل …
رامز(تابع عنه):- أمي وأبي كانا منفصلين أنا ذهبت معها في حين بقيت أختي رفقة والدي رحمهم الله ، وقبل وفاة أمي قبل سنوات أخبرتني بأن لي ابن أخت وعلي أن أبحث عنه ولكن الأستاذ أنكرني من يومها وهو يتجنبني يقول أنه لا يريد عائلة وقد عاش وحيدا وسيموت وحيدا مع العم صلاح والست نسيمة
ميرنا:- الله أكبر ومن يكوناااان ؟
وصال(تابعت بأسف):- ناس طيبين ، المهم الآن هو لماذا لم تتقبل ذلك يا جاسر ؟
جاسر(جحظ بعينيه):- أستحاسبينني أيضا على علاقاتي الشخصية ، ذلك شأني حضرة النقيب أنهي ما أتيتِ لأجله وسأمر بكِ مساء الوداااااااع
رامز(حرك فكه بملامح متأسفة):- إنه ينبذني كلما حاولت التواصل معه ، دوما ما أبعث له أخباري عبر الموقع الاجتماعي يقرأ ولا يجيب بينما أنا أتابع كل أخباره أولا بأول دون إغفال نقطة واحدة إنه قريبي الوحيد المتبقي لي من العائلة
وصال(بحزن):- ما ربما كان متألما لأنكم تخليتم عنه حتى بعد وفاة أمه ، لم يحاول أحدكم احتوائه ، يعني بصراحة أين كنتم يا رامز في وقت حاجته ؟
رامز:- أنا كنت يافعا جدا ولم يكن لدي علم بوجوده أصلا ، يعني لحين وفاة الوالدة سامحها الله حرمتنا من بعضنا بعضا وهو الآن غاضب مني وكأنني السبب في ما حصل ، وأنا والله يشهد أنني فعلت كل ما بوسعي لأصحح خطأ والدتي لكن كما رأيتم هو يمقتني لدرجة موجعة
ميرنا:- همم لا بأس أعطه فرصة ما ربما تراجع عن فكرته الخاطئة يا رامز
وصال(رمشت بعينيها وأمعنت النظر):- علي أن ألحق به الآن ، أراكم لاحقا
إياد:- طيب اذهبي ولا تفكري بشيء … وأنت رامز لا تحزن يعني
رامز(تفاجئ بدعم إياد له لكن الصداقة الحقة هي هذه):- أشتاق لضمه لصدري وأعبر له عن محبتي فأنا خاله وهو ابن أختي ، يعني لحمي ودمي لكن لا بأس ربي يفرجها علينا
ميرنا(حزنت عليه ومسحت على ذراعه):- لا تقلق جاسر شخص طيب مؤكد سيسامحك ذات يوم وتبدآن صفحة جديدة
رامز(بتمني دفين):- أتمنى … (تابع في سره ونظره شارد في البعيد) سامحني يا ابن أختي الحبيب لمصلحتك أخفت جدتك أمرك عني ستعذرني يوما ما حين تعرف الحقيقة …
هنا ركضت هي في الدرج كل درجتين بقفزة تتخطى كل المارة في طريقها ، بعضهم تتأسف له وبعضهم تتجاوزه ونظرها متلهف للوصول إلى موقف السيارات لتلحق بجاسر تخشى أن يرحل وهو غاضب مجروح بتلك الطريقة ، هناك شيء يحثها على اللحاق به والاطمئنان عليه وهو نفسه ما جعلها تقفز فرحا حين رأته يقود سيارته مغادرا الموقف ..ركضت وهي تشير وتنادي عليه لكنه لم يسمعها لم تتوقف بل ظلت تركض وتركض وحين لاحظت أنه قد أخذ يبتعد نظرت حولها بقلة حيلة وجدت دراجة عادية مصفوفة على جنب أمسكتها وطارت بها وهي تلحق به وصاحب الدراجة يلحق بها والذي كان يشتري بعض الفواكه من عند أحد البقالين المتجولين والذي بدوره لحقه لأنه حمل كيس الفواكه ولم يدفع له ، وهنا رب العربة ركبها ولحق بشغيله الذي لحق بصاحب الدراجة الذي لحق بوصال التي كانت تسارع ضاربة كل شيء عرض الحائط ، المهم أن تلفت انتباه جاسر لها بجهد جهيد استطاعت أن توقفه وهو محتار فيما يحدث خلفه لما استدار وجد الدنيا مقلوبة والأخت المصونة نزلت بكل علياء من الدراجة كأنها لم تفعل شيئا
وصال:- هفف جيد أنني استطعت اللحاق بك قد قطعت أنفاسي ياااا …
صاحب الدراجة:- هييه أيتها اللصة أيتها اللصة
عامل البقالة:- هييه أنت لم تدفع ثمن الفواكه تعال هنااااا
رب العمل:- يا ولد إلى أين هربت سألقنك اليوم درسا لن تنسااااااه …
هنا التفتت أختنا في الله واكتشفت ما أقدمت عليه واضطر جاسر للنزول بأسف متواصل للجميع ، أعاد الدراجة لصاحبها والذي أخذها وهو يسخط بينما دفع له ثمن الفواكه معتذرا من البقال وعامِله على تلك الجلبة التي تسببت بها ست الحسن والدلال .. بعد أن صفى كل هذه المشاكل أشار لها برأسه كي تركب أطاعته بأدب وبصمت فمصائبها تخرسها لألف سنة مقبلة …
جاسر(ضرب كفا بكف وفتح باب سيارته وركب محله):- ما هذا الذي فعلته أهذه تصرفات نقيب بالله عليكِ ؟؟؟
وصال(رفعت حاجبها):- والله لم أقصد يعني أنا استعرتها وطلبت إذنه لكنه لم يسمعني
جاسر:- حقااااا يا بعدي لم يسمعكِ ؟؟؟؟؟ أستغفر الله يا ربي والآن ماذا تريدين لما قمتِ بكل هذاااااا لما لحقتِ بي على أساس شعارات وهتافات وتنديد بالبقاء وحقي الشرعي وأصدقائي وأهلي وغيره وغيره همم أين ذهب كل هذا ؟
وصال(حركت فمها باعوجاج):- موجود موجود ، ولكن يعني أنا ارتأيت أن أرافقك قليلا يعني لأنه لأن ..ل..
جاسر(تلاعب بلسانه داخل فمه وزفر بعمق وهو يدير محرك السيارة):- لأن رامز ظهر وعرفتِ بأمره ، طيب ها أنتِ ذي عرفت أن لي قريبا لا أعترف به انتهى الموضوع
وصال(فركت يديها):- ولكن …
جاسر(أوقف السيارة):- انزلي وعودي لأصدقائك لأنني لست مستعدا لسماع حرف عن ذلك الشخص ، إن كنتِ ستتابعين معي التزمي الصمت أو انزلي وأعود لكِ مساء هاه ماذا قررتِ ؟
وصال(رمشت بعينيها مرتين واستدارت ناحية الباب وهي تمط شفتيها أسفا):- تتت
جاسر(رمقها شزرا وفي سره):- كنت أعلم أنكِ سترحلين هاهي ذي ستفتح باب السيارة …
وصال(تنهدت وجذبت حزام السلامة لتربطه محله):- أين سنذهب ؟
هناااااا فتح فاهه بصدمة فلم يتوقعها نهائيا بتاتا مطلقا أن تترك أصدقائها الذين صرعت رأسه بهم وترافقه وهو في تلك الحالة العصبية ، هل هي مجنونة قالها وهو يطالعها بعدم فهم لحين أشارت له بيدها كي يتحرك من هناك ، بدون شعور أدار محركه وهو يرمش بتفكير ما الذي جعلها تبقى في حين أن الفرصة متاحة أمامها لتشبع من شوق أحبابها يعني هي معه على مدار اليوم ما الذي جد ؟؟؟ لم يجد أية أجوبة لأسئلته لذا زفر بعمق وهو ساكن تماما متوجه صوب شقته فهي المكان الذي يرغب بالمكوث فيه قليلا لينسى همومه ومواجعه … أما هي فطوال الطريق كانت ساكنة تراقبه عن كثب وبحذر شديد وحين يستدير إليها تبعد عينها وكأنها تراقب الطريق أو أي شيء عابر حولهما هكذااا لحين وصلا إلى العمارة وطبعا العم صلاح لم يصدق نفسه ما إن رآهما حتى قلب الدنيا هو ونسيمة ترحيبا وتهليلا وفرحا بقدومهما .. استقبلوهما بحفاوة هو وزوجته التي رافقتهما للشقة لكي ترتب ما يلزم ..
نسيمة:- والله ما كنا نعرف أنك قادمان يعني لو أعطيتمونا خبرا لحضرنا لكم كل شيء
وصال:- لا بأس خالة نسيمة لن نمكث كثيرا بضع ساعات ونرحل لحال سبيلنا
نسيمة:- والله كان بودي أن أطبخ لكم وجبة الغذاء لكن موعد فحوصات عمك صلاح الروتينية اليوم ، وعلينا التحرك لكي لا يروح علينا الدور ..
وصال:- تمام لا تتعبي نفسكِ سأعد أنا شيئا خفيفا بما يوجد في البيت
نسيمة:- أكيد يا روحي هناك كل ما تحتاجينه هي ساعات بسيطة ونعود لكي أساعدكِ
وصال:- أرجوكِ اهتمي فقط بالعم صلاح وأنا سأتكفل بكل شيء اتفقنا
نسيمة:- فيكِ الخير يا بنتي أصيلة ، يلا تركت لكما السلامة على الأرجح جاسر بغرفته الآن سلميلي عليه إلى اللقاء
وصال(أغلقت خلفها الباب):- مشكورة خالتي …
تأوهت بعمق وهي تطالع الشقة شبرا شبرا ، حركت يديها بحركة قوة وتوجهت صوب البراد فتحته وجدت به بعض المعلبات مطت شفتيها وهي تنظر إليها وتتفحصها علبة علبة رتبتها على رخامة المطبخ وارتدت المريلة وباشرت بإعداد وجبة .. أما هو فما إن دلف لغرفته وصفق بابها بعصبية تحت مسمع وصال ونسيمة قبل قليل ، مسح على شعره بعصبية حتى كاد يقتلعه من جذوره وكل هذا من فرط الحرقة التي تعتمر صدره كلما لاح طيف رامز في حياته وكأنه يذكره بذلك اليوم المشؤوووم يوم وفاة أمه … مسح على وجهه المحتقن ودلف لحمامه فأقل ما سيساعد الآن هو برودة الماء التي ما إن رمى بجسده بين أحضانها حتى شرد في البعيد حيث تكمن ذكرياته المأساوية …

في بيت الراجي بعد مدة
كانت لا تزال عليلة الروح تنام على سريرها بعيون جاحظة في الفراغ ، كل المآسي هطلت على رأسها موت ابنتها الغالية وحرقة قلبها بعد ما حدث لها في الماضي كله جعل روحها تمرض وتتعب بعد رؤيته صدفة عشية أمس … كيف استطاعت تمالك نفسها ولم تهجم عليه بعصاها كانت لتفعلها لأن مجرما مثله يستحق كل الغضب والسخط منها ، كفكفت دمعاتها المنهمرة وعقدت حاجبيها وهي تبكي بغبن جور السنين الماضية .. ظلت تتخبط وسط أحزانها لحين دخلت عليها شيماء معتذرة من مقاطعة خلوتها دون إذن
شيماء(وهي تحمل هاتف البيت):- جدتي هنالك هاتف لأجلك ..أنتِ مستيقظة ؟
نبيلة(أغمضت عينيها وفتحتهما وهي تمسحهما بخفة كي لا تلحظ شيماء شيئا):- هاتِ الهاتف واخرجي
شيماء(حركت رأسها وقدمته لها):- لا أعرف من لكنه يطلبكِ بالاسم ، تفضلي
نبيلة(استقامت محلها وأمسكته لم تجب حتى خرجت شيماء):- نعم
ضرغام(بصوت جهوري):- نبيلة !!
نبيلة(أغمضت عينيها على صوته الذي بعثها لسنين سحيقة وأعادها من جديد ، شهقت وهي تلتقط أنفاسها بغضب):- ما هذه الوقاحة كيف تتصل بي يا ضرغااااام ؟
ضرغام(رمش بعينه وهو يسحب أنفاسا عميقة):- الضرورات تبيح المحظورات ، لم أكن سعيدا أيضا بهذا الاتصال لأنني قد ..
نبيلة:- لست مستعدة لسماع بهرجتك الواهية ، اختصر ولا تعد اتصالك بي أيا كانت أسبابك لا أريد أن أراك من جديد ولو حتى صدفة
ضرغام(جرحته في الصميم لذا شدد قبضته على عصاه بينما يحادثها):- لمصلحة أولادنا علينا أن نتحد ، لقد رأيتِ ما حدث في الماضي وكيف آلت الأوضاع في الأخير إذن من واجبنا الوقوف بوجههم لضمان سلامتهم
نبيلة(بغضب جامح):- أتنتظر مني أن أضع يدي بيدك لأجل غرض كتبه الله من فوقنا ، لا أنا ولا أنت بقادرين على الحؤول بينهم ثم لا تقحم نفسك فيما لا يخصك حفيدتي تتصرف
ضرغام:- حفيدتكِ التي تمجدينها واقعة في غرام ابني فؤاد ، وإن لم تكن تقر بذلك سوف يأتي يوم وتعترف
نبيلة(جحظت عينيها):- غير معقووول نور لالا مستحيل أن تقدم على ذلك
ضرغام:- أنا أعرف أكثر مما تعرفين يا نبيلة ، أجزم لكِ أنه بعد فترة وجيزة ستصبح أسيرة قلب ابني المدله بها هذه أقدار حاولت تغييرها منذ 13 سنة لكنني لم أفلح
نبيلة(بعدم فهم):- ما قصدك ؟
ضرغام:- دعي الأيام تشرح لكِ مقصدي ، والآن أطلب منكِ العذر فلم أشأ كسر قلبكِ يا نبيلة أنتِ التي غدرتِ بي وهجرتِ قلبي
نبيلة(ببؤس):- لقد أحرقت قلبي على ابنتي ابنتي يا ضرغااااام ولن أسامحك ما حيييت ، لقد جعلتني أبكيها طوال حياتي حرمتني منها طوال تلك السنين لتنتقم مني لكن الله حرمنا منها معا وعلى يد من على يد ابن أخي
ضرغام:- ذلك المجرم لا يستحق الرحمة إنه السبب في سرقتها منا يا نبيلة
نبيلة(صرخت فيه):- لا تقل مناااااا لا تقل منا أنت أخفيتها عني أنكرتها وتركتني أفتقدها منذ ولادتها ، كيف طاوعك قلبك كيف … لالالا لا تجبني لأنني أملك الجواب اليقين فشخص بلا قلب مثلك طبيعي أن يكون مثل هذا التصرف منه ، وأنا هنا لا أحاسبك ولن أحاسبك لم أصمت طوال هذه السنوات كي أعطيك فرصة التلذذ بمعاناتي ستبقى هكذا معلقا يا ضرغاااام ما بين تأنيب ضميرك وما بين جرحي لك الذي سيرافقك لقبرك …. تيت تيييت تييييييييت
قطعت الخط ورمت بالهاتف أرضا حتى أصبح شتاتا وأمسكت رأسها وهي تبكي وتبكي بحرقة ، تشهق بصورة مؤلمة لم يرحم حتى التجاعيد المكومة بوجهها ولا شيبتها بل أراد أذيتها وتذكيرها بفجيعتها الدفينة ، وضعت يدها على قلبها المعتصر بشكل موجع وأخذت تتنفس بعمق كي تستعيد بعضا من الهواء وتصبر نفسها بمواساة فاشلة … فتحت الدرج بجانبها وأخرجت منه كتابا قديما فتشت بعمقه وأخرجت صورة فتاة يافعة مبتسمة شبيهة بميرااا تماما وكأنها نسخة طبق الأصل فقط هنالك فرق في لون الشعر وتسريحته غير ذلك وكأنها هي ، مسحت نبيلة على الصورة وضمتها لصدرها بمحبة وحرقة
نبيلة(بصوت باكي):- حبيبتي يا هبة رحمكِ الله يا زهرتي الندية ..
على هذه الدموع بقيت نبيلة تعاني في غرفتها لوحدها ، ومثلها كانت هنالك حفيدتها إخلاص التي انسحبت من ذلك المجمع وعادت لقوقعتها منعزلة ترثي حظها
إخلاص(ببكاء):- الله لا يسامحك يا عمر الله لا يسامحك …
~ إخلاص تتذكر ~
منذ أن بلغها بزواجه الثاني وهي تبكي وتتوسل إليه ألا يقدم على ذلك لكنه كان دوما يسمعها كلاما عن الشرع أعطى أربعة ،وأنه من حقه أن يجدد حياته مع واحدة تصغرها وتمتعه كرجل وليس كواحدة مثلها ما عادت تنفع لشيء ، طيب من حطمها من تسبب في قتل روح المرأة بداخلها ، من أخمد فتيل أنوثتها ألم تكن أنت يا عمر ؟؟؟ … قالتها وهي تمسح دموعها وتنتظر عند النافذة عودة ابنها عبد الجليل
شيماء(خرجت من غرفتها ووجدتها في الصالون تنتظر):- أما زلتِ تنتظرين ابنكِ الأبله ؟
إخلاص:- عيب أن تقولي على أخيكِ كذلك
شيماء:- والله ! طيب أليس عيبا على أخي أن يبقى متحيزا لأبي طوال الوقت ويسانده حتى في هذا الزواج المقيييييت ؟
إخلاص:- شيماء شيماء اخلدي للنوم ولا تزعجيني بالله عليكِ فيني ما يكفيني بحق
شيماء(أشفقت على حال أمها واقتربت منها):- يا أمي أبي لن يتراجع عن قراره ، سيفعلها وسيضعنا تحت الأمر الواقع وحتى لو أقنعتِ عبد الجليل مؤكد لن يقدر على فعل شيء
إخلاص:-بلى بلى ابني سيفعل لأجلي الكثير
شيماء(بحسرة على عشم أمها):- نأمل ذلك …
عبد الجليل(فتح الباب بالمفتاح ودخل):- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخلاص(بلهفة مسحت دمعها):- بني عبد الجليل أخيرا أتيت ، كنت بانتظارك لمفاتحتك بذلك الموضوع
عبد الجليل(بتأفف):- يوووه مجددا يا أمي ستفتحين موضوع الزواج ، من حقه أن يتزوج ولن تمنعيه عما حلله الله له
إخلاص:- ولكنه حرام في حقي أنا زوجته وليس بي علة حتى يقدم على اختيار امرأة غيري
عبد الجليل(تجاهلها ودلف للصالون جلس واضعا رجلا على رجل وبكل سماجة):- أنتِ أيتها الهوجاء أحضري لي العشاء أنا جائع
شيماء(رمقته بكره):- لتطفح فيه السم أنت وأبيك
عبد الجليل:- دمدمي تحت فمكِ لحين أنهض وأكسره لكِ يا تافهة ، بئسا لكِ من فتاة تجلبين الاكتئاب للمرء
إخلاص(جلست مقابله):- ولدي حبيبي بالله عليك تدخل افعل شيئا ، والدك لا يسمع في هذا البيت لأي كلمة سوى كلمتك فافعل شيئا لأجل أمك
عبد الجليل:- أمي الغالية انسي أمر إلغاء هذا الزواج ، تمت قراءة الفاتحة وكتب الكتاب الليلة وهو قادم بعروسه بعد قليل لذا أعطوني لأتناول عشائي ولنجهز له غرفة الضيوف كما أمر
إخلاص(شعرت بطعم الصدأ في فمها وهزت رأسها تلتفت لشيماء التي أسقطت الصحن من يدها بعد الذي سمعنه):- أنت تكذب صح .. أبوك لم يفعلها ويتزووووج ؟؟؟ عبد الجليل أجبني يا ولدي إن كنت تمزح بالله عليك يا بني أخبرني أخبرني …
عبد الجليل:- ههه هيا يا أمي كفي عن هذه الدراماتيكية الغريبة إنها لن تجدي نفعا ، أبي قادم بعروسه ويطلب منكِ أنتِ وتلك البومة تجهيز الغرفة له وعلى الفور وإلا ستنالان من غضبه ما لا تبغيان
شيماء(باحتدام لم تتحمل):- ألا تشعر بنفسك يا هذا ؟ ّأليس لديك قلب كيف تجرح أمك بهذا الشكل تفووو عليك من ولد عاق يستحق السخط
عبد الجليل(هنا نهض من محله وانقض عليها):- اسكتي يا غبية اسكتي
قام بضربها دون رحمة لحين سقطت على الأرض مرتجفة وهنا إخلاص لم تستطع القيام بشيء ، فجرحها عميق عميق يشبه الموت .. استقامت من محلها تحت مسامعها صراخ شيماء وعبد الجليل وسارت نحو غرفتها بشرود لحين وقفت أمام مرآتها تناظرها بشكل غريب تحاول أن تتعرف على المرأة الماثلة أمامها ، المرأة التي ضحت بشبابها وحياتها وحريتها في التمتع بأقل حقوقها بساطة لأجل إرضاء زوجها .. زوجها الذي عند أول فرصة قرر تجديد شبابه مع امرأة تصغرها سنا أي حظ عثر هذا بل أي ظلم وطغيااااااان يتمتع به ذاك الرجل المستبد … يا خسارة دينك وقرآنك وصلاتك التي تحرص عليهم فكسر قلب امرأة مخلصة يضرب كل شيء في صفر ، كففت دمعها أجل وتنهدت بعمق وهي تبحث عن عذر لعمر ربما هي التي قصرت معه في حقوقه عليها ، ربما هي التي ضايقته ، ربما بها خلل ما جعله ينفر منها ويحاول البحث عما يبهجه مع غيرها ، ربما وربما وربمااااااا تساؤلات عديدة طالت عقلها وهي تتوجه بدموع منسابة لا تشعر بها أساسا ، كانت تتوجه صوب غرفة الضيوف على ذراعها ملاءات نظيفة من صنع يديها أخذت تفردها على السرير بعيون شاخصة في الفراغ بوعي غير موجود ، وكأنها منومة مغناطيسيا حتى حين صرخت فيها شيماء بأن تتوقف لم تسمعها بل تابعت عملها لحين هزتها شيماء مرة ومرتين وثلاث
شيماء(ببكاء):- توقفي توقفي عما تفعلينه ، توقفي عن هذا الذل وهذه المهانة لما تقتلين نفسكِ يا أمي أتجهزين له غرفة حقاااا من نيتك تفرشين لضرتكِ مفرشا من صنع يديكِ لتنام عليه مع زوجكِ أنتِ ؟؟؟؟ أمي أين عقلكِ لما كل هذا الرضوووووخ لماذا تسمحين له بإذلالك لما ترضخين لهذا الحال لما تصمتييييييييييييييييييين ؟؟؟
إخلاص(حركت رأسها بغبن):- لأنني عاجزة يا شيمااااء يا ابنتي ، أنا امرأة عاجزة لا حول لي ولا قوة رضيت بهذا الحال وسأبقى عليه لحين أمووووت
شيماء(بانهيار بكائي):- لما تفعلين بنا هذا يا أمي ، لما ترتعبين منه إنه إنه ظالم وقاتل لقد قتل روحكِ وروحي مرارا وتكرارا هو وابنه الذي يشبهه في سواد قلبه وجحوده ، يتفوهون بأحاديث دينية لكن هل يطبقونها هل يراعون شرع الله فيناااااا ؟ لا يا أمي ليس كذلك إنهما منافقين كلاهما أفظع من الآخر
إخلاص(مسحت دمعها حين سمعت صوت الباب الخارجي):- أمسكي أمسكي معي ولنفرش هذا السرير بسرعة ، هيا يا شيمااااء يا بنتي لا توجعيني أكثر مما أنا موجوعة
شيماء(حركت رأسها بدون فائدة في أمها):- تذكري أنكِ أنتِ من ارتضيتِ العيش بهذا الحال ، لم يجبرك عليه أحد ..
إخلاص(همست وهي تناديها):- شيماء يا بنت يا بنت تعالي شيمااااء …
تركتها وخرجت للصالون وجدت أباها بجلبابه الأبيض مبتسما وفي يده عروس بفستان زفاف متدثرة في حجابها وتنظر حولها للبيت ههه أي قدر مضحك ذااااك
شيماء(دفعت الكرسي بقوة أمامها):- أهلا بالعرسااااااان
عمر(رفع حاجبه):- يا وش الشؤم عبد الجليل ألم آمرك أن تخفي وجه هذه من خلقتي ، إنها نحس علي في بداية ليلتي مع لميائي
عبد الجليل(تبسم بخبث وهو يقترب منه):- أهلا بالأخت لمياء معنا ببيتنا منورة
لمياء(هزت رأسها بحياء ونظرت إليه):- أهلا بك يا أخ عبد الجليل
عمر(رفع الغطاء على وجه لمياء):- لا بأس يا زوجتي العزيزة هذا ابني ولا تستحي منه ، إنه في غيابي رجل البيت لذا أي شيء تريدينه اطلبيه منه ، أما تلك فهي شيماء لا تحتكي بها لأنها ستصدع رأسكِ بترهاتها الغبية آه وتلك أمهاااا إخلاص تعالي وتعرفي على لمياء
إخلاص(بحزن رمقته والعتب يتآكل قلبها):- الله لا يوفق
عمر(اختفت بسمته):- ههه من غيرتها تتفوه بمثل هذا الكلام ، هيا لميائي إلى غرفتنا لتستريحي عبد الجليل أحضر حقيبتها من الباب سارع يا ولد
عبد الجليل(مال برأسه وهو يتأملهما):- سمعا وطاعة يا والد
شيماء(لاحظت تصلب أمها بالرغم من مرور عمر ولمياء بقربها):- أمي ..
إخلاص(لمحت الحقيبة الزهرية بيد عبد الجليل الذي مر بجانبها وهو يلوح باستفزاز):- اسنديني يا ابنتي خذيني لغرفتي
شيماء(بخوف أسندتها):- أخبرتكِ يا أمي أخبرتك أنكِ لن تتحملي هذا التجريح ، لما تسكتين عن حقكِ بالله عليكِ أسعيدة الآن ها قد أتى بها وهي بغرفته الآن ستصبح زوجته ضرتكِ يا إخلاص ضرتكِ
إخلاص(بوجع وضعت يدها على رأسها وهي تتسحب معها صوب غرفتها):- يكفي يكفي لا أريد سماع شيء يكفييييييي …
ما إن دخلت غرفتها حتى ضربت بالكرسي عرض الحائط وجلست تبكي وهي تعض يديها بحرقة وتحك على صدرها كأنها تقاوم الجمرة التي سقطت عليه بعد رؤية تلك الشابة اليافعة ذات وجه مليح والتي ستقاسمها في زوجها هي ، زوجها الذي باعها وباع مشاعرها واشترى نفسه بكل أنانية وصفاقة …. لم يشعر بمعاناتها حتى لم يتأسف أو يعتذر من باب العيب والعار بل قدم به بوجهه أحمر وكأنه يقدم على فعل عابر يحدث كل يوم ، اهتزازات جسدها وقربها من الانهيار أعجز شيماء التي خافت عليها كثيرا ولم تجد ما تفعله أكثر من إحضار كوب ماء به ملعقة سكر وهذا ما ساعد إخلاص على تحمل فجيعتها قليلا والنوم ، فقط النوم هو ما سيرحمها من معايشة ذلك الوجع … غطتها شيماء وظلت بجنبها طوال تلك الليلة مع الأسف آهات إخلاص امتدت لتتحول لحمى باردة اعترتها وتطلبت من شيماء رعايتها بكل ما يلزم حضرت لها مشروبا ساخنا وقدمته لها وكذلك قامت بوضع أغطية بكثرة عليها وهي تمسح تعرق أمها الكسيرة ، تحسرت على حالهم كيف يقبعون تحت رحمة رجل متسلط ظالم مثل أبيها كيف يسكتون عن الحق في حين هو الآن يتمتع في غرفته مع زوجته الثانية ، تحت أنظارهم تحت مسامعهم وأفكارهم فأي حالة هذه سيعيشونها تحت سقف واحد …. بصعوبة مرت الليلة وانتهت بنهوض لمياء بفستان نوم أرجواني ممتد حتى الأسفل وخروجها بدون حجاب من غرفتها بل تركت شعرها الطويل مفرودا خلف ظهرها بلونه الأسود الداكن ، تجولها بالبيت بذلك الشكل كان مخالفا بالنسبة لها ما إن رأتها حتى تلونت بمئة لون
شيماء:- هل جننتِ يا أنتِ كيف تخرجين من غرفتكِ بهذا الشكل أخي عبد الجليل بالبيت ولو رآكِ أبي هكذا سيغضب ؟
لمياء(تمطت محلها وهي تطالعها من فوق لتحت):- عذرا ما كان اسمكِ يا أنتِ أسماااء خذي يا روحي كي نعيش سوية بدون مشاكل تحت سقف هذا البيت ليبقى كل في حاله ولا تتدخلي في ما لا يعنيكِ أنا زوجة أبيكِ وعليكِ احترامي
شيماء:- أدعى شيماء فلا تخطئي في اسمي هذا أولا ، وثانيا هذا البيت له حرمته ولن تدنسيها أنتِ بتصرفاتكِ الوقحة تلك عيب أن تخرجي بهذا وتأخذي راحتكِ وكأنكِ وحدكِ هنا
لمياء(صغرت عينيها فيها واقتربت منها وهي ترمي بشعرها جانبا حتى ضرب وجه شيماء):- أولا لي في هذا البيت ما هو لكِ ، ثانيا أبوكِ رآني وأنا خارجة من الغرفة وبهذا الشكل ولم يعترض ، ثالثا وهو الأهم صح أنني لا أكبركِ سوى بسنوات قليلة لكن هذا لا يغير حقيقة أنني أرفع منكِ شأنا يا هاااااته والآن تنحي جانبا لكي أعد الفطور لزوجي
تجاوزتها بشكل مهين وباشرت في إعداد الفطور وهي تدندن بحرية مطلقة ، متى كان الغناء مجازا هنا متى كانتِ الألوان مباحة متى كان هذا الفجر مسموحااااا داخل ذلك البيت ، شيماء أخت عبد الجليل أخته ولم تكن تتواقح في ثيابها حتى في غيابه فكيف بحضوره وهذه التي تتراقص داخل المطبخ لا تكترث بشيء … ضربت شيماء كفا بكف وهي تتحسر على أمها المريضة في الغرفة توجهت صوبها وجدتها نائمة بشكل يوجع القلب وهذا ما أثار حنقها وعادت من حيث جاءت وهنا ارتفعتِ الأصوات في مشاحنة بينها وبين لمياء اضطرت عمر أن يخرج من غرفته ليفض النزاع بينهما
عمر:- ما الذي يحدث هنااااا ؟
لمياء(تبكي بوداعة وتمسح على كتفه وهي تشكو شيماء):- ابنتك يا عمر ترفض أن أقترب من أغراض مطبخك كي أعد لك الفطووور ، إنها تحسبني ضيفة هنا أوليس هذا بيتي ولي حرية مطلقة في فعل أي شيء بداخله ؟
عمر(هدر في شيماء):- كيف تتصرفين بهذا الشكل الوقح مع زوجة أبيكِ يا شيمااااء ؟ ألا تخجلين من نفسك
شيماء:- أخجل من نفسي أنظر إليها إنها تظهر أكثر مما تخفي، ما هكذا ربيتنا يا أبي ؟؟؟
عمر(صفعها على وجهها بقوة):- لا تتدخلي فيما لا يعنيكِ لمياء حرة في فعل ما تشاااااؤه أنتِ لا تتدخلي أسمعتِ ؟
شيماء(ببكاء):- أتضربني يا أبي لأنني أذكرك بقواعد هذا البيت الذي نصصت قوانينه بنفسك ، ألأنني أخشى على حرمة منزلنا أصبحت الآن ابنة عاقة ثم ألا تخجل زوجتك من أخي ، كيف تسمح لها أن تخرج بدون حجاب ؟
عمر:- لا شأن لكِ يا شيمااااء اغربي عن وجهي
شيماء(بقهر طالعت النصر على وجه لمياء وتحركت):- حسبي الله ونعم الوكيل
عمر:-بئسا لكِ من فتاة تحسبنين بوجهي لكن لا بأس ستنالين جزاتكِ مني .. وأنتِ حبيبتي هل انزعجتِ ؟
لمياء(تمطت لتلامس لحيته وهي تتنحنح بدلال):- لا أغضب من أولادك يا زوجي هم مثل إخوتي وأنت حبيبي
عمر(مرر لسانه على فمه):- سأدخل لأستحم وأنتِ حضري الفطور بسرعة والحقي بي للغرفة
لمياء(تنحنحت بتمايل وهي تدندن):- بأمرك يا عمري … همم لالا
عبد الجليل(التقى به في الرواق):- صباح الخير ما هذه الأصوات ما توقعت صباح عريس بهذا الشكل أبتي ؟
عمر:- البركة في أختك يا بني ههه أنت متوجه لكليتك صحيح ؟
عبد الجليل:- أجل أبتي سأفطر وبعدها أتوجه للكلية وأنت يا عريس ماذا عنك ؟
عمر(غمزه):- عروسي تحضر لي الفطور لا زلت جديدا هااااه
عبد الجليل:- يحق لك يا غالي استمتع هه …سأنتظرك على طاولة الفطور إذن
عمر:-لالا فطوري لوحده بغرفتي هو خاص بي أنا وفقط ، يعني لتمر فترة العسل ولكل حادث حديث
عبد الجليل؛:- يا بختك يا سيدي ….
انسحب عمر وهو يحك لحيته بينما خرج عبد الجليل للصالون وضع حقيبته على جنبه ولفحه عطر نسائي قادم من المطبخ ،رفع رأسه بتلقائية وجدها تتمايل بالمطبخ على دندنات خافتة تلاعب شعرها تارة وتارة تحرك يديها وهي تعد الفطور ، كانت ملفتة للنظر وهذا ما استباحه لنفسه دون إدراك ..
لمياء(التفتت بتلقائية خلفها):- آه صباح الخير يا عبد الجليل ، أنا أعد الفطور هل أعد لك أيضا بعض القهوة ؟
عبد الجليل(مسح فكه وهو يتأملها بدون قدرة على إبعاد عينيه):- أ.. هاااه ماذا قلتِ ؟
لمياء(اقتربت منه):- قلت إن كنت تريد بعض القهوة سأحسب حسابك
عبد الجليل(يامَّا ع الصوت وع العيون وع الشفااااه يا بختك يا أبي حقا):-أ.. أكيد سأكون سعيدا بها لأنها من يديكِ الحلوتين
لمياء(برقت عيناها بخجل وتنحنحت مولية ظهرها له كي تحضرها):- على عيني
عبد الجليل(زفر بعمق وهو يحرك رأسه وبهمس لنفسه):- تسلملي عينك يا عيني ، شتت اخرس يا عبد الجليل ما تقوله حرام وعيب سحقا لك .. تت لكنها ملفتة جذابة و عطرها وآه على عطرها ما أعذبه مثله مثل قوامها الغض هممم …
بالفعل استباح استراق النظر لها بوقاحة لم يستطع كبتها لحين سمعت صفق الباب الخارجي ، حين استدارت وجدته قد غادر وهذا ما استغربته لا تدري أنها قد ولجت عقله مع الأسف … هنا كانت شيماء في خصام مع أمها التي أرادت النهوض من فرشتها كي تحضر للسيد عمر وعروسه الفطور وشيماء تخبرها أنها هي بنفسها بالمطبخ لكن من يسمع دفعتها عنها ونهضت من تعبها ودخلت للمطبخ وشاهدتها بذلك المنظر ورمقت شيماء بعدم تصديق كيف يسمح عمر بهذا في حين كان يمنعه عنهمااااااا ؟؟
إخلاص:- أنتِ ؟
لمياء(استدارت ووضعت يدا على جنبها):- يا صباح الهنا ماذا يا خالة إخلاص ؟
إخلاص(احمرت بحنق ونظرت لشيماء التي رفعت كميها):- خالة بعينك ألا تخجلين من نفسك ما قلة الحياء هذه ؟
لمياء:- أوووه لا نفس أسطوانة البنت ستتكرر مع الأم ، خبري أمكِ بالأوامر التي ألقاها والدكِ لا أحد في هذا البيت يتحكم في شؤوني الخاصة أيا كان يكوووووون
إخلاص(اهتزت محلها):- أنتِ وقحة ويلزمكِ تربية وأنا من سيربيكِ
لم تشعر إخلاص بنفسها إلا وقد جذبت الفتاة إليها وهاتك يا ضرب ونتف لم ينقذها من يديها سوى خروج عمر السريع وتدخله للحؤول بينهما ، دفع إخلاص عنها وعانقها وهي تبكي في حضنه بشكل يحرق الفؤاد ، رمقته شيماء شزرا وقد سقط من نظرها لأسفل سافلين بينما إخلاص كانت مندهشة من فعله قد دفعها حتى سقطت بينما غمر تلك اللمياء بدون خجل
عمر:- احملي ابنتكِ وأغراضكِ وإلى بيت أهلكِ بسرعة ، أريد أن أبقى مع زوجتي لوحدنا لا تعودي لحين أطلبكِ أنا لذلك اغربي عن وجهي أنتِ والبومة ابنتك والآن ……
إخلاص:- أتطردنا من بيتنا لأجل هذه ؟
عمر(بعصبية):- هذه زوجتي ولها في هذا البيت ما ليس لكِ أسمعتِ ؟
إخلاص:- ماذا يوجد فيها وليس بي ؟؟؟؟
عمر(ضحك بهزل وهو يقارن بينهما):- سؤال ليس بمحله ، أنظري للأنوثة وللشبوبية وللشعر وللجمال وللضحكة ههه أنتِ ماذا تملكين يا ترى عابسة مثل جدتي والباقي أخجل بالحديث عنه أمام ابنتكِ وضرتك هممم ؟
إخلاص(بجرح دفين):- الله لا يسامحك يا عمر الله لا يسامحك ربي ينتقم منك ربي ينتقم منك
عمر:- ههههه هههه عجووووز عاجزة انصرفي الله يحرقك وأنتِ حبيبتي لنتابع ما كنا بصدده ههه هيا هياااا ودعيكِ من هاتين البومتين ههه ….
هكذا طردهما من بيتهما ونظرة الانتصار والفوز في عيون لمياء بقي كوصمة خزي في خاطر كل منهما … عادت من ذكراها ذلك اليوم حين طرقت نور الباب عليها لتطمئن على حالها وكيف سيكون وجدتها تبكي بحرقة وهنا انضمت إليها ومسحت على رأسها بحنان
نور:- جنس الرجال نتن تعرفين رأيي بهم فلا تبكي ..
إخلاص:- لقد جرحني يا ابنة عمي ، جرح كياني كامرأة وأهانني أمامها يا نووور ، أحسست بأنني امرأة ناقصة فاشلة بلا قيمة أمامها
نور(بغضب):- سبحان الله حين لا أرتاح لشخص إلا ويتضح أن وراءه مصيبة ، من كان يقول أن هذا يطلع من الشيخ عمر ويتزوج عليكِ اسمعيني فور عودة حكيم سأطلب منه أن يزلزل كينونته زلزلة مرتبة ويعرف أن لكِ بيتا وأهل يخافون عليكِ ويرعونكِ
إخلاص:- لالا إياكِ أنا لا أرغب بالطلاق يا نور ، ماذا أسنصف كلنا مطلقات بهذا البيت أمي لن تتحمل مصيبة بعد يعني سأتأقلم مع مصابي لأجل أولادي سأصبر
نور:- عن أي صبر تتحدثين لذلك البيت لن تعودي ، لم يهنكِ عمر وفقط بل أهان اسم عائلتنا أيضا وعليه أن يحاسب
إخلاص:- لا يا أختي دعيه منه لخالقه ، مصيري عائدة لبيتي لست أنا أول واحدة أو آخر واحدة يتزوج عليها زوجها ويسكن زوجته بذات البيت ، هذا ما قدره الله علي وسأتحمله
نور:- يا الله عليكِ لا أدري كيف تفكرين عقليتكِ قديمة جدا يا إخلاص ، وهذا لا يليق في هذا الزمن
إخلاص:- خليها على الله ، لدينا ما أهم بكثير من حالي أرأيتِ رنيم ؟
نور:- ليس بعد أردت المرور بكِ أولا وسأراها ، هي الأخرى بمصاب تعيس
إخلاص:- طيب أنا سأغسل وجهي وأنضم لهم بالصالون أكيد هم بحاجتي …
نور:- الله يصبرك يا أختي لا تستحقين هذا الحال لكن الله يمهل ولا يهمل تذكري ذلك
إخلاص:- والنعم بالله …
طيبت خاطر ابنة عمها بكلمات بسيطة فلا يسعها التدخل طالما هي تأبى ذلك ، من عندها انتقلت لغرفة رنيم التي كانت على وضعها نصف نائمة باكية منهارة ضائعة لا تعلم ماذا ستفعل ولا أين المسير ..
نور(دخلت إليها وجلست بقربها):- رنيمي الحبيبة كفي عن البكاء لقد أهلكتِ عيونكِ
رنيم(اهتزت بدون جواب):- …لآرد
نور:- هه أذكر يوم طلاقي جيدا كنت نشيطة جدا مرحة أشعر بالحماسة تسري في أرجاء كياني ، رسمت خط حياتي بيدي ونلت حريتي من ذلك الجحش حفيظ الله يحرقه وين ما كان .. حين عدت للبيت كنت مرفرفة ورقة طلاقي بيدي والدنيا لم تسعني من الفرح كأنني أبسط ذراعي لأحضنها وكأنها بدورها تطبطب على ظهري وتحن علي ، وجدت أهلي بانتظاري كنتِ أنتِ صغيرة حينها أمي نظرت لي ولبطني المنتفخ وحركت رأسها تتساءل كيف استكنت إلى هذا القرار ، أخبرتها وأنا لا زلت على حالتي لقد اشتريت نفسي فلا رجل على وجه هذه الأرض بقادر على تعويضي عنها أنا ثم أنا ثم أناااااا … لم يفهموا مني شيئا وفتاة شابة مطلقة بالنسبة لهم في تلك الآونة عار وعيب لم أهتم ولم أبالي بل عملت وثابرت لحين وقفت على قدمي وأسندت هذا البيت برعايتي وأول ما تراءى لي أنه أمل ودافع كان دينا حين ولدتها ورأيتها أول مرة أيقنت أنني قمت بالصواب ، فهي تستحق حياة هانئة سأقدمها لها ولو على حساب سعادتي ومن وقتها وأنا أعيش لأجلها ولأجل حياة مرتاحة أحاول جهدي أن أوفرها لها .. يعني يا أختي يا عزيزتي الرجل ليس كل شيء في هذه الحياة لا يعني طلاقكِ منه شيئا سوى أنكما قد انفصلتما وأنه ما عاد يفرض سلطته عليكِ والآن صار بوسعكِ شراء نفسكِ مثلي اخرجي اعملي امرحي مع أطفالك فهذه أقدار وإن كتب الله لكِ أن تعودي له ستعودين وإن كان العكس فلن تبقي باكية في هذا الجحر طوال عمرك …
رنيم(أصغت لها بتمعن):- الكلام سهل وأنا لست قوية مثلكِ نور
نور:- هه بلى أنتِ كذلك من تنجب طفلين وترعاهما بمحبة مثلكِ أكيد هي أم قوية ، وستفعل أي شيء لأجلهما
رنيم:- ماذا بوسعي أن أفعل لا شيء بيدي ؟
نور:- ههه وهل رأيتني خريجة جامعات حاصلة على الماجستير في دراسة جنس الرجال النتن مثلا .. يعني هذا ليس بعذر كي تشعري بالعجز ثم أنتِ كنتِ متفوقة في دراستكِ وفي جامعتك لما لا تعودين للدراسة وتتابعين من حيث توقفتِ ؟
رنيم:- ههه أنا أعود للجامعة أتسخرين مني نور ؟
نور:- لا أفعل ذلك بل أتكلم بجدية ، فكري بالموضوع وريثما تتخذين قرار لما لا تعملين معي بالصالون النسائي أكيد ستجدين ما يؤنسكِ هناك ومؤكد أن ريمة لن تجعلكِ تستشعرين مأساتكِ بهزلها المتواصل
رنيم:- أنا غير قادرة على التعاطي مع أحد ، جرحي حديث وأنا متعبة متعبة
نور:- وستظلين كذلك ما لم تنهضي بنفسك يلعن أبو الرجال الذين يكسرونكن هكذاااااا ، افعلوا مثلي احرقوا أهلهم وافرحوا بحياتكم تتت يا الله ، أتعلمين ما يليق بكِ محل الحلويات أقله تساعدين الولية أمينة في العمل المتراكم عليها مذ أن قبعت أمك وخالتكِ في البيت همم
رنيم(غالبت ضحكتها المريرة من جملة نور بعد أن تخيلت نفسها هناك):- آه يا جرح قلبي …آآآآآه ..
نور:- سآتي بأختكِ وابن عمكِ هذا المساء احرصي على أن تكوني موجودة ، عيب عيب ألا تطمئني عليهما يا جحشة
رنيم(أشارت لها بلا مبالاة):- …لارد
تأوهت عميقا وهي تتقوقع حول نفسها من جديد ، أما نور فحين خروجها كانت عواطف بالانتظار للاطمئنان على الأحوال لكنها هزت رأسها لها بقلة حيلة وهذا ما جعل عواطف تزفر وتدعو الله أن يحفظها لها بعد هذا المصاب الجلل ، استطاعت نور بعودتها أن تضبط بعض الأمور كحالة دينا القلقة هي وشيماء ونهال اللتين كانتا حريصتين على متابعة الأخبار وأيضا التقييمات التي تلف موضوع ثانويتهما …
شيماء:- لم أفهم لما أصرت جيهان على دعوتنا لبيتها قلبي ليس مطمئنا ، دعينا نرفض
نهال:- إنها حفلة عيد ميلاد أخيها الصغير يا بنت وستكون نهارية ولا أحد سيعرف أصلا ، سيبقى الأمر بيننا شيمو
شيماْء:-لالا أنا لست مستعدة للكذب على أمي لن أذهب ولن تذهبي أنتِ أيضا
نهال:- هففف ما أجبنكِ لعلمك أنا حريصة على اتخاذ تدابيري كلها ساعة وسنعود
شيماء:- متى عيد الميلاد قد نسيت ؟
نهال:- بعد أيام يعني لدينا متسع من الوقت لترتيب أمورنا ، هيا يا بنتي غامري مع ابنة خالك ولو مرة ستجدين متعة لا محالة
شيماء(فكرت في كلامها الذي عشش في عقلها):- تعرفين أنني خوافة لكن لا أدري من هنا لوقتها سنرى ما يحدث ، أساسا بيتنا يعج مشاكل لتنحل وبعدها نرى ما قد يجد …
على ذلك اتفقتا فنهال مصرة على الذهاب لعيد ميلاد أخو جيهان وشيماء رفضت ، لا تدريان أن تلك الحرباء تخطط لإغراقهما في بحر شامل وهشام ربيع مع الأسف الله يستر من مصيبة جديدة يكفينا يا صبايا ما يحصل لنا والله هههه ^^

في بيت جاسر العلايلي
كانت تضع آخر شيء على الطاولة المليئة بأنواع من الأطعمة المختلفة ، خفيفة ولطيفة وسريعة التحضير نظمتها وتوجهت صوب غرفته لاستدعائه ، طرقت الباب عليه طرقتين لكنه لم يجبها لم تتجرأ على فتحها لذا تراجعت للخلف قليلا وشهقت حين ظنت أن مكروها قد أصابه لم تدرك نفسها إلا وقد فتحته لتصطدم بجداره الصدري وترفع رأسها لتضرب فكه بضربة ثلاثية الأبعاد جعلته يتراجع للخلف متألما بشكل يبعث على الضحك
جاسر(ممسك فمه):- ألا ترين أمامكِ … حافلة بقر متقدمة من الباب ؟؟؟؟؟؟
وصال(بلهفة وقلق):- آسفة آسفة اعتقدت أن مكروها أصابك حين لم تجبني
جاسر(أغمض عينيه بألم):- يكفي مصائب اليوم بالله عليكِ قد صرعتِ رأسي
وصال:- هممم هل تأذيت ؟
جاسر(حرك فكه بعد أن أزال يده):- جيد أنه لا يزال صالحا للاستعمال
وصال(ضحكت بخفوت):- جهزت لك الغذاء لنا ل. يعني نسيمة ليست بموجودة فتصرفت
جاسر(زفر بحنق وهو يرمق الصالون من غرفته):- لا تضعين سما به صحيح ؟
وصال:- تت لا
جاسر(مص شفتيه وخرج معها):- دعينا نرى حضرة النقيب ونَفَسها في الأكل ، أكيد مفرقعات على متفجرات يعني الله يستر
وصال(وضعت يديها خلف ظهرها وهي تتحرك بمرح):- سترى بنفسك
أعجب بتلك الطاولة المزينة بشكل لافت للنظر وجلس محله ليتذوق من طيب يدها ويقيم السيد أكيد سيطلق ملاحظات ،وهذا ما توجست لأجله أخذت تقرأ تعابير وجهه وهو يتناول الحساء لم يدقق وهمَّ لتذوق طعام آخر أيضا لم يدقق ، تلاعب بأعصابها المتشنجة كما يحلو له ، لم تحرك هي ساكنا بل ظلت تراقبه عن كثب لحين مط شفتيه بامتعاض
جاسر(همَّ بقول شيء لكنه تابع مضغه):- اممم يعني … امم لا بأس به
وصال(تنهدت بأريحية):- هفف كاد يسقط قلبي
جاسر(رفع عينيه إذ سمعها بوضوح):- سلامة قلبك ، يعني لا تغترِّي كثيرا هو ليس بلذيذ لكنه يؤكل مقبول …
وصال(رفعت شفتيها):- حتى في مديحك جارح ،
جاسر:- هل ترغبين بالكذب عليكِ .. طيب هو لذيذ شهي خارق للعادة ما أجمله ما أروعة تسلم يداكِ ربي يهنيكِ همم أرضيتِ الآن ؟
وصال(بغيظ استقامت من الطاولة):- العتب علي التي حاولت القيام بشيء لأجلك ، الأحسن لك أن تتابع تناول مأكولات العم حسين كبير الكرش بالمعسكر فقد تعودت عليهااا
جاسر(هز حاجبه):- ههه ماذا أسمع وكأنكِ لا تتناولين من نفس الأكل .. ثم تعالي هنا من أمركِ بالنهوض أصلا من طاولتي ؟
وصال(جلست بتأفف على كنبته وهي غاضبة):- لا تكلمني لقد بذلت مجهودا جبارا وطهوت لأجلك وفي الأخير حتى كلمة امتنان لا توجد
جاسر(رمى بالملعقة جانبا واستقام):- عودي للطاولة ولا تجبريني على القدوم وإحضاركِ بالقوة
وصال:- أساسا كان من الخطأ البقاء معك في ظل غياب الخالة نسيمة والعم صلاح
جاسر(كتف يديه):- والله الآن فقد انتبهتِ لذلك عزيزتي ؟
وصال:- تتت كفى لقد قلبت مزاجي أريد الذهاب من هنا ورؤية كامل
جاسر(رفع يديه للأعلى بنفاذ صبر):- انهضي يا وصال وكفاكِ ولدنة
وصال(بعناد):- لن أنهض ولن آكل ولن أبقى
جاسر(حرك رأسه وهو يفكر):- تمام لكِ ذلك ذنبكِ على جنبك …
اعتقدت لوهلة أنه سيحل عن رأسها لكن أن يحضر كل ذلك الطعام ويصفه على طاولة الصالون ويجلس محاديا لها يتناوله بكل عنجهية ، ذاك للأمانة ما لم تتوقعه أخذت تتطلع إليه وهو يتلذذ به يعني تلك هي طريقته في التعبير عن إعجابه بشيء ما ، يقوم بإهانته بطريقة موجعة وكأنه يخشى التحدث بشيء لطيف فتنقلب الأمور لشيء لا تحمد عقباه ، ابتسمت خفية وهي تنظر لهذا الطفل الكبير القابع بجانبها والذي حرك حاجبيه لها كي تأخذ حصتها من الأكل من يده وبالفعل أمسكت منه الصحن وشرعت تتناوله وقد خلقت للتو ابتسامة بينهما الله يعلم كيف ومتى ولأجل ماذا خلقت حتى …. بعد مدة وجيزة قامت بتنظيم المطبخ وتنظيفه في حين تكلف هو بترتيب الأواني بمحلها جمعا كل ما يلزم ورتبا كل الأمور وبعدها غادرا الشقة صوب المشفى العسكري لزيارة كامل كمال من حظه طبعا .. ما إن دخلا عليه حتى هلل ورحب وعانق وقبل طبعا جاسر فلو فعلها مع وصال لكان نسفه
كامل:- أنظري يا جدتي أخبرتكِ أن مدرائي سيعودون لأجلي
وصال:- لم يعد هنالك داع للعودة كمُّول سوف تعود للمعسكر خلال أيام ، أتينا للتو من عند طبيبك وطمأننا على صحتك أي نعم لن نكلفك بنفس ما كنت تفعله سابقا لكنك ستنهي معنا هذه الدورة إن شاء الله
كامل(بمحبة):- ياااا لسعدي أناااا …
حميدة:- يا حبيب جدتك سأراك أخيرا بالبذلة الميري في حينا أتعلم سأكلم كل صديقاتي وآتيك بالطبل والزمر لاستقبالك ، طبعااااا حفيدي الجندي الرجل الشديد في الحي كله
جاسر(وضع يده على فكه):- يا حبيبي !!!
وصال(سمعته وأخفت ضحكتها):- بخصوص ثيابك هي جاهزة ، سآتيك بها في الزيارة القادمة لأخذك ستكون لديك ..
كامل:- لا أدري كيف أشكركما بحق على كل ما تفعلانه
حميدة(نهضت وجذبت وصال من يدها):- أ.. كنت أريد مفاتحتكِ بموضوع فور عودتكِ يا بنتي تعالي تعالي خارجا كي لا يسمعنا الرجال
جاسر(توجس من حركتها):- عن أي موضوع ستتحدثااااان ؟
وصال:- وما يدريني ؟
حميدة :-0 وما شأنه الله الله مواضيع نسائية يا عيني على الحشرية
جاسر(انحنى إلى كامل وهو يرمقهما خارجتين):- ما الذي تريده جدتك تلك من النقيب وصال يا كامل ؟
كامل:- لا أدري سيادة الرائد
جاسر(كمش عينيه في طيفهما المختفي):- همممم ،،، رخيم التصرفات هااااه ؟
كامل:- هئئئئ يا ويلي من أخبرك بهذا ؟
جاسر:- يعني تعترف صح ؟
كامل(زحف في سريره):- والله والله كان ذلك قبل أن أعرفك عن قرب سيدي وألمس شهامتك كانت زلة لسان … آي منكِ لله سيدتي النقيب
جاسر(همَّ بخنقه والغيظ يتآكله):- ماذا سأفعل بك الآن هااااااااه ؟؟؟؟
كامل:-لا شيء أنا ظريف والله وابن حلال
جاسر:- لا وااااااضح ترحم على روووحك سأقتلك الآن بيداي هاتين وجد في الآخرة من تتحدث في ظهره هه …
كامل(بخوف وهلع):-لالالا أرجوك أرجووووك
وصال:- يا إلهي ماذا تفعل يا جاسر ؟
جاسر(عانق كامل بيده حتى خنقه):- أعانق عزيزي كامل يعني كان يعبر لي عن مدى فرحه بنا ، لذا تأثرت قليلا وعانقته أ.. هيا يكفي عناقا ويكفي زيارة لنذهب
وصال(ابتسمت):- تمام كامل أراك يا شقي وأنتِ خالتي حميدة سأرد عليكِ بخبر في أقرب فرصة إن شاء الله
حميدة(عانقتها بفرحّ):- ياه يا بنتي لو توافقين سأكون أسعد امرأة في الدنيا ، سأنتظركِ بفارغ الصبر
جاسر_(حك جينه يحاول فهم ما يدور حوله):- سلام سلام … تعالي هنااا عن أي رد تحدثتِ أنتِ وتلك المرأة ؟
وصال(تسير بجانبه في الرواق):- وما شأنك أنت هي أمور خصوصية تهمني أناااا
جاسر:- وصاااااال أجيبي ولا تجلطيني ؟
وصال(ضحكت بخفة):- لن أجيب ولن تحصل على ما تريده ههه
جاسر(توقف عن المسير ونفث شررا):- لا يهمني أصلا افعلي ما تشائين همممم
وصال:- والله صدقتك يا روحي … ههه مجنوووون …
على تلك النظرات المرتبكة بينهما مضيا في حال سبيلهما عائدين للمستشفى لأجل توديع أصدقائها والتوجه للمعسكر .. وفي تلك الأثناء أيضا وبعد خروجها من البيت وتوجهها للمستشفى بغية إحضار حكيم وميرنا وكذا الاطمئنان على دعاء ، كانت تقود سيارتها في اتجاه شركته إذ يستحيل عليها أن تمرر الأمر على خير … ها هي ذي تخط بكعبها أرضية شركته متجهة صوب مكتبه لحين وقفت على رأس سكرتيرته مثل البرق المفاجئ …
نور:- مرحبا أدخلي لمديركِ وأخبريه أن نور الراجي تود لقاءه على الفور
السكرتيرة(بتوجس منها):- سأعطيه خبرا
ما هي إلا لحظات وكانت تدلف لمكتبه وقد استقام ليستقبلها وهو يقفل أزرار سترته باحترام
نور(رأته وقد هم يشير لها بالجلوس في حين أشارت له هي بإشارة نفي):- لم آتي لضيافة أريد أن أضع بعض الجمل في عقلك رأفت الحمداني وأرحل من هنا
رأفت(جلس وهو يزفر بحنق):- ما حدث بيني وبين رنيم لا أرغب في خوضه بالمرة
نور(تقدمت نحوه ومثلت أمامه):- بلى ستسمعه لأنه يخص أختي الصغيرة .. هو سؤال بسيط ولن أعطل سيادتك عن عملك هل أنت حقا مقتنع بما فعلته ؟
رأفت:- …لآرد
نور:- يعني هل في داخلك تصدق أن رنيم خانتك ؟
رأفت:- وماذا تسمين ما سمعته بأذناي هاتين الاتصال كان فجائيا ، ولم يتم التخطيط له يعني لم يكن أي شيء مفبركا بل حقيقيا وانكشف كل شيء
نور:- مممم غريب علما أن أباك وأخاك سمعا نفس الذي سمعته ولم يصدقا ما تم قوله في حق أختي ، صدقا غريب بينما كان يجب على زوجها الذي يعرفها عز المعرفة أن يكذب الكون لأجلها تم العكس صدقها الكون وكذبها هوو ههه ، عزيزي رأفت ابحث في الموضوع جيدا لأنه حقا مجرد لعبة قذرة قامت بحياكتها الست أمك وجدان هانم وقريبتك الحرباء نورهان سلام يااااا بطل …آه للتذكير فقط بنات الراجي لسن ضعيفات ولن تكسر رنيم بطلاقك منها بالعكس ستلتقي برنيم أخرى بعد برهة فقط لتتعافى وسترى بنفسك ما كنت تملكه وفقدته …
غادرت مستريحة الخاطر فهي قد ضربت ضربتها اليوم وأراحت بالها ، والكرة لديه الآن والمسكين قد تركته مشدوها في الفراغ بعصبية ضرب كل ما على مكتبه والوجع يتآكله من كل جانب ، لم يدري كيف حمل نفسه بصعوبة وغادر الشركة لغير وجهة المهم أن يهيم في ملكوت بعيد عن رنيمه وأيهمه وسجاه المنيرة

وعودة للمشفى كان نادر يحضر صديقه لأجل اصطحابه لشقته ولكن هذا الأخير رفض مبارحة المكان لحين رؤية دعاء وميرنا .. توجه صوب غرفتها وجد مديحة بجانبها وميرنا بقربها وحكيم جالسا على الكنبة رفقتهم ، ما إن رآه حتى تبدلت ملامحه من هادئة لمزمجرة لكنه تحكم فيها بصعوبة فلا وقت لديه للتأفف الآن …
ميرنا(بلا شعور استقامت):- أهلا وائل تفضل ..
حكيم(زورها بحدة وفي سره):- أهلا وائل أهلا ياخويا أهلالالالالالا …
وائل:- خالة مديحة كيف صحتكِ الآن ؟
مديحة:- بخير يا غالي نشكر الله على كل حال
وائل:- وأنتِ دعاء؟
دعاء(بجهد تتحدث):- مهما شكرتك لن أفيك حقك ممتنة لك وائل على كل شيء
وائل:- ولو هذا ..
حكيم(تابع معه):- واجبي ….
نظر الكل صوب حكيم الذي نطق بلا شعور مقلدا نبرة صوت وائل ، هنا ميرنا لم تتمالك نفسها من شدة الضحك لذا حاولت بعدم نفع أن تحرف الوضع …
ميرنا:- احم فيك الخير يا وائل ، هل نادر رفقتك ؟
وائل:- آهاه هو يسوي الأمور بمكتب الاستقبالات لأجل المغادرة ..
ميرنا(بقلب يخفق بشدة):- أسترحل الآن ؟
وائل(بعيون حزينة رمقها):- نعم …
مديحة(لمست اللوعة بينهما ووجعها قلبها عليهما وعلى ابنها الذي كان يصبر نفسه بحركة متتالية يتأهب فيها لانفجار سيهز المشفى هزا):- أ.. تسلم يا ولدي وحماك الله من كل شر ، ميرنا لما لا ترافقين وائل قليلا بينما يكلم حكيم نور لنرى أين وصلت
ميرنا(لم تفهم غاية خالتها لكنها استدارت للبركان الكامن خلفها والذي كان يرمق أمه بغضب):- حسن يا خالتي …
وائل(ابتسمت عيناه لمديحة وخرج رفقة ميرنا):- كنت بحاجة لهذه اللحظة رفقتكِ وحدنا دون وجود أحد
ميرنا(تسير بجانبه في الممر):- سأطمئن عليك ليلا عبر الهاتف
وائل(جذبها من يدها وانعطف بها في الرواق الآخر تحديدا بعيدا عن أعين الناس):- تعالي
تلك اللحظة حين كان يجذبها من يدها ويبتعد بها كان هذا يلحق بها لحين توقف مهتزا مما رآه ، شعر بطعنة مريرة تطعن قلبه ، وكأنه لا يكفيه مواجعه حتى تؤلمه ميرنا ووائل بذلك المشهد المرير… حرك رجليه بصعوبة ووقف ليتابع بمرارة ما يحدث أمام ناظريه فقد جذب وائل ميرنا لحضنه في ضمة قوية كان بحاجتها منذ الويلات التي حدثت ليلة أمس معهم ، وكأنه كان يريد أن يجد في حضنها راحته وأمانه كي يتيقن تماما أنها صوب عينه ملك يديه قرب قلبه ، وليست بعيدة كما يشعرها مؤخرا خصوصا ذلك اليوم قد هجرته بطريقة مؤذية جعلته يتلهف لتلك اللحظة فحتى لو لم تطلب منها مديحة مرافقته كان ليبعث لها برسالة كي تأتيه فيستحيل أن يبرح المشفى دون أن ينظر لعينيها العسليتين ويرى انعكاس روحه فيهما .. أما هي فبضمته تلك قد أحيا فيها كل المشاعر الساكنة طوال اليوم كانت تبحث عن فسحة لتطل عليه وتبتسم له وهي تدعمه معنويا وروحيا بأن كل ما يحصل معهما سيأتي يوم وينتهي وستصبح له ويصبح لها ، بعيدا عن كل العوائق التي تلفهما من كل جانب ، بعيدا عن تحكم الفهد البري وعن سلطة حكيم وعن لعنة سلسبيل وعن كل الشرور التي تحيط بهما يوما بعد يوم ..كانت مستكينة بأحضانه مغمضة العينين تستسيغ نغمات قلبه الخافق بحبها ، تصغي لأنفاسه الهادرة على مسمعها وكأنها أنفاس خارجة من آبار الشوق الدفينة حيث لا شيء سوى أوجاعه الحارقة بعد آخر ما استجد في حياتهما ، محبوبته البعيدة القريبة منه أي أقدار ظالمة تلك التي وضعتهما بهذا الشكل أي نعم هي معه الآن في حضنه بين يديه لكنه يحس بأن جدرانا شاهقة بنيت بينهما لتفصل ما بين قلبه وقلبها قسرااااا … تنهدت بتعب وهي تبذل قصارى جهدها كي لا تنهار بكاء على صدره يكفيهما ما عانياه حتى الآن وأيضا لا يحق لها ذلك فهي تشعر أن حكيم سيغضب لو رأى مثل ذلك المشهد بالرغم من أنه حقها الشرعي فهي مع حبيبها الذي يهواه قلبها ، لكن بات اسم حكيم قابعا في النصف ما بينها وبينه وهذا ما لن تنزعه قوة .. تملصت بجهد جهيد وهي تطالع وجهه تلاعب لحيته النامية وتمسح بحنان على جرح جبينه المضمد ..
ميرنا(بتؤثر):-كنت خائفة عليك .. لا تغامر مجددا بنفسك بتلك الطريقة لأنني لا أفرط فيك
وائل(مسح على خدها بظاهر يده وبنبرة تأمل):- آه يا وهم قلبي ..
يا عَسل غروبي يا شَمس لياليَّ الآفلة
أنتِ يا أنتِ نِسمة الشِتاء ،
يا من تُلقينَ بي في فيافي الاغتِراب
حيثُ يتعَملقُ الوجعُ في ذاتِي ..
ويضيقُ الأفق من حولِي
بعيدًا عنكِ في صورة لا تعكِسُ سوى ثنايا الألم بصدري ..
عبثا أحَاول دمغكِ فيني كسطرٍ لا تتبرَّأ منهُ الصَّفحات ،
أراوغُ لأجلكِ قُمقُم الصَّمت
لعلَّني أنجُو من جُرم التفريطِ بكومَةٍ من الأعوامِ المتدليَّةِ
من قلب مُوغلٍ في الثبات ،
أمانيَّ مُتعلقة بأحَابيلِ الأنين المُتكوِّر في مهدِ الغصَّة ،
وكأنَّني أفاوضُ جراحِي المُتفتقةِ
لأجل التعافِي من كُفر الصَّرخة التي أبت إلا أن تستلَّ صرخة
من عُمق الوصَب المُزدانِ بأصفادٍ رُوحية صنعَها غيابكِ ليأسرني وحيدًا
بلا أملِ يمنحُني من الحُلم ما يمنحُ النُّور مُقلة الضريرِ بالشفاء ..
شهقت باختناق وهي تستمع لكلماته الآسرة بتركيز تام ، استطاع أن يغيبها معه في دنياه وحده ، أمسك بيدها وقبلها بهدوء ومرر يده على خصلات شعرها الغالية على قلبه وعيناه تصدحان بعشقها الأزلي ، هنا لم تتمالك نفسها فقد ضاعت في سحر نظراته والتمست لنفسها ألف عذر وعذر فقط لكي تحظى بهذه اللحظة الفارقة في حياتها ، والتي أسعدتها بشكل لا يسعها تصوره لحظتها كان احتراق روحه يشمل كل زاوية منه لم يشعر بنفسه وعيناه قد تبللتا بدمع متحجر تكوم ليترجم غصة ما يحدث أمامه .. لم يستطع أن يقاوم أكثر لذا حين همَّ باقتحام تلك الهالة حين قرر أن يكسر دائرتهما حين تحرك ليحطم قلبيهما استوقفه شيء واحد جعله يتسمر محله وهو ابتعادها عنه وتفوهها باسم حكيم … هذا الاسم الذي نطقت به جعل كل عضلة تتشنج في عضلات وائل فحتى آلامه الجسدية لم تكن بموجعة كاسم غريمه .. ناظرها بدون فهم وقد بدأت بالبكاء غير قادرة على مجاراة ما يحدث فقلبها يؤلمها ما بينهما وضياعها يعني أنها تقوم بشيء خاطئ وعليها أن تصل لبر أمان بحياتها .. يا إما أن تنهي ما أمرها به الفهد البري أو توقفه لتمضي مع حبيبها لكن هنا ستطعن حكيم لأجل وائل وإن هي قررت المضي في هذا الأمر المحتم عليها ستطعن وائل بسبب حكيم والصعب في كل هذاااا أنها تحطم هذا الذي كان يراقبهم من بعيد وقد حطمته بسبب كليهما …
وائل:- ماذا عن حكيم ماذا عن حكيم لما تذكرينه وأنتِ معي .. ما الذي يحصل معكِ ميرنا كيف تبلدت مشاعركِ بهذا الشكل هل توقفتِ عن حبي ؟؟؟؟
ميرنا(وضعت يدها بلهفة على فمه):- لا تتفوه بمثل هذا الكلام وائل ، أنا أبدا لم أتوقف عن حبك ولكن الظروف الآن مستعصية لقد لقد وصلني تهديد جديد من الفهد البري هذا الصباح وأمرني أن أبتعد عنك بشكل كلي وأن ما سلف سيتغاضى عنه لأجل غير مسمى ، وإن أنا عارضت أوامره سيحدث شيء سيء لك وأنا لن أقدر على فقدانك يا وااائل …
وائل(بعدم تصديق):- عن أي تهديد تتحدثين وكيف استطعتِ البقاء هادئة طوال هذا الوقت ، تكلمي ميرنا بالله عليكِ ؟
ميرنا(ببكاء):- اهئ اهئ لم أشأ إزعاجكم يكفيكم ما تعانون منه ، ثم تلك مشكلتي أنا ويجب علي مواجهتها بنفسي لا أنت ولا حكيم بقادرين على حلها سواي …
وائل:- لا تفقديني صوابي ميرنا
ميرنا(بترجي):- وااائل أرجوك دع علاقتنا تبقى هاتفية أو عبر مواقع التواصل هكذا أضمن ، لن أستطيع أن أراك بعد الآن حتى في الشركة لن تحتك بي وسيكون تعاملي مع عمك أو مع شهاب لقد بلغني الفهد بأنه يراقبني حتى داخل بيتنا وإن عصيت أوامره لن يحصل طيب
وائل(بجنون ضرب بيده المصابة الحائط):- تبا تباااااااا
ميرنا:- هئئ يدك يا مجنون ما الذي تفعله ؟
وائل:- الآن فقط تذكرتِ أن تتحدثي ميرنا الآن فقط ، اسمعيني أنا تعبت من كل هذه الديباجة ستأتين معي الآن لبيتكم لنكشف كل شيء وترحلين معي دون نقاااااااش ، لقد اكتفيييييييت
ميرنا(جذبته بصعوبة):- يا الله توقف يا وائل الأمر ليس سهلا كما تتوقعه إنه أكبر مني ومنك حتى
وائل:- بما يهددونكِ يا ميرناااااا ؟؟؟؟
ميرنا(مصت شفتيها بأسف ورمقته بغبن):- ألا يكفيك أنك في خطر أنت وحكيم وأهلي ؟؟
وائل(زفر بعمق):- أنتِ تحبذين هذا الوضع يا ميرنا ، أنتِ مرتاحة بما تعايشينه مع ابن عمك وضعية الزواج تروقكِ حسبما أرى يا خسارة يا ميرنا يا خسارة
ميرنا(صدمها بكلامه الجارح):- كيف تقول هذا لي ؟؟؟؟ وائل تووووقف
وائل(هز رأسه وانسحب مبتعدا):- حتى تلك الهواتف والإيميلات لن تنفع الآن ، اشبعي بابن عمكِ حتى ترضين…. وداعا ميرنا
أيعقل أنه هجرها للتو ؟؟؟؟؟؟؟؟ …. بقيت مصدومة من تصرفه ذاك ترمش بعينيها بعدم تصديق وهي تلمح طيفه مبتعدا عنهاااا رغبت في الركض واللحاق به لكن ثقل رجليها منعها عن ذلك .. حركت رأسها والدمع المتساقط من عينيها قد حفر أخاديد حسرة على خديها لقد خذلها مجددا حتى قبل أن يستوعب أنها تحت رحمة الفهد البري الآن ، والمصيبة أنه لن يرحمها إن هي أخلت بالوعد … هنا تحرك صوبها وهو يزفر بعمق يدري أن مواساتها الآن جنون مطلق فقد انتزعت نفسها للتو من حضن غريمه لكن وجد نفسه تلقائيا يضع يده على كتفها ويلفها إليه باحتواء دافئ ، يواسيها في هجر حبيبها فأي حالة مريرة يحياها ..
ميرنا(رفعت رأسها إليه وهي في حضنه):- لقد .. لقد انتهى كل شيء بيننا و و فارقني ..
حكيم(وكأنه لحسن حظي أن يحدث ذلك عصفورتي):- لا تشغلي بالكِ ، المهم هو سلامته
ميرنا(حكت جبينها على كتفه):- كيف سنتخلص من هذا الظاااااالم لقد تعبت تعبببببت ؟؟ أرجوك حكيم خلصني منه أبعده عني دعني أحيا حياتي كما أريد حرررررررني
حكيم(هنا فجرت فيه مكامن الصبر وأمسكها من ذراعيها وهو يهزها لعلها تستعيد صوابها):- حقبة وائل رشوان انتهت أنتِ على ذمتي الآن ميرناااااا فانسي أمره ولا تدعيني أترك يدكِ وحيدة متخبطة في شرور الفهد
ميرنا(عقدت حاجبيها من جملته القاسية):- حكييييم … أنت من يكلمني بهذه الطريقة ؟
حكيم:- أجل أنا ولن أتغاضى عما قلته بل سأمضي به لعلكِ ترحميننا من لعنة هذا الرشواني وتكفي عن جرح الآخرين بسببه ، أكان سهلا علي رؤيتكِ وأنتِ في حضنه تستمعين لأشعاره وتتعايشين معه بكل جواااااارحك … لعلمك أن ذلك كان قاتلا لي قاااااااااااااتلا بشكل مهين لقد دستِ علي وكأن ليس لكِ شخصا وهبكِ روحه للتو ؟؟
ميرنا(تملصت منه بغضب):- لا يحق لك أن تحاااااااسبني ثم أنا لست سوى ابنة عمك ، حبيبتك هذا لا يهمني لأنني لا أعتبرك بالمثل
حكيم(تضخم الغضب في صدره وهز رأسه لها مرتين):- إذن دعيني أخبركِ بهذا الكلام الغير مبهرج كما يفعل حبيب القلب ، أنا رجل لا يحتاج لصنع المعجزات كي أحظى بكِ لأنكِ ملكي من البداية وأملاكي لا أفرط فيها ولو بموتي ومطالبتي بكِ في هذا الوقت حق مشروع لأنني ضحيت بسنين عمري لأجل حمايتكِ من غدر الأيااااام ، لكن أن تأتي الآن وتطلبي مني بكل وقاحة أن أحرركِ كي تهرعي لحضن وائلك هنا اسمحي لي بأن أكون قاسيا جارحا لأول مرة معكِ ميرنااااا ، لن يتحقق ما تحلمين به لن تبني حياتكِ معه على حساب وجعي لن أسمح لكِ بأن تغادري مداري مطلقااااااا
ميرنا(تبكي وتهتز بجذعها متملصة باعتراض):- أنت مجنون مجنووون أصبحت مهووسا لا ترحم وهذا ما لم تعدني بك ، لقد خدعتني وخذلتني مجدداا لم يكفيك رحيلك عني الآن بت تجرحني أكثر بكلماتك اللاذعة
حكيم(بجرح منها):- ربما لأنكِ تستحقين ذلك
ميرنا:- عذرا منك أنا لن أنتظر أكثر سوف ألحق بوائل وسوف ينتهي كل هذا الآن وبطريقتي الخاصة وتلك الورقة التافهة التي جمعتنا مزقها وانثرها فوقك كإكليل ورد تهنئة مني …
حكيم(بطعم الصدأ في فمه وبخذلان حياته وسنواته الماضية وأيام انتظاره ابتسم بخيبة وهو يتمالك انكسار قلبه):- ضربة مباغتة منكِ يا ميرنا لم أتوقعها للأمانة
ميرنا(تابعت بلؤم وقسوة):- لن تحتكرني يا حكيم الراجي حتى لو كنت ابن عمي لكنك هجرتني وتخليت عني ، ولا يسعك الآن المطالبة بشيء لم يعد من حقك
حكيم(هز حاجبيه بوجع وهو يطالع رحيلها):- هل أنتِ جادة فيما تفعلين ؟
ميرنا(جادة أجل سأختار وائل ولن أعذبك معي أكثر يا حكيم سامحني):- أجل والآن عذرا منك علي اللحاق بحبيبي …
حكيم(زم شفتيه وهو يهز رأسه ويتابعها بنفس البسمة الجريحة):- موفقة إذن لكن حين أستدعيكِ لبيت القضاء وقتها إياكِ وأن لا تأتي بنفس هذه الثقة عصفورتي
ميرنا(توقفت على بعد خطوات منه):- ماذا تقصد ؟
حكيم(وقد عاد لمركز القوة من جديد كما في البداية):- أقصد أنه من اللحظة لن تجدي مني شيئا من الاهتمام ولا من العشق الذي أكنه لكِ ، من اللحظة توقف كل شيء واندثر بالنسبة لي سأعاملكِ مثل ابنة عمي الصغيرة التي سأحميها بالغالي والنفيس لكنني لن أهبها من روحي أي شيء … بلا حب بلا نبض حتى وهذه كلمة أخيرة
ميرنا(حركت رأسها وهي تعود إليه بما يتفوه هذااا):- لا تتلاعب معي … لا يصح إلا الصحيح مكاني معه وليس معك …
حكيم(تابعي طعنكِ لا يزال هنالك متسع .. وا أسفاه يا ميرنا):- … اذهبي ولنا في دار القضاء لقااااء
ميرنا(بهستيرية غير قادرة على تمالك نفسها من شدة الارتجاف والجنون ضربته لصدره وهي تبحث عن جواب):- عن أي دار قضاء تتحدث يا حكيم لا تجنني ؟؟؟
حكيم(اقترب منها خطوة وبنبرة جادة):- يؤسفني اللحظة أن أخبركِ بهذا بالرغم من أنني خزنته لوقت الشدة يا زوجتي العزيزة ..
ميرنا(بجنون هدرت فيه):- لا تقل زوجتي لا تقل زوووووووجتي أنا لست كذلك
حكيم(برقت عيناه بشراسة ومن بين أسنانه):- ههه بلى يا ميرنا أنتِ كذلك بالفعل .. فالميثاق الذي وقعتِ عليه لم يكن بفاتورة مأكولات كما أوهمتكِ … بل كان عقد زواج حقيقي حقيقي يا ميرنااااا .. وطالما أنا على قيد هذه الحياة لا تحلمي أن تصبحي زوجة وائل رشوان نهاااائيا لأنكِ لي وعلى ذمتي أنااااا ستبقين .. هه استعدي لجحيمي يا ميرناااا فالآن فقط ستعرفين وجه ابن عمكِ الحقيقي حكيم الراااااجي ……..


يتبع …


الكونتيسة نسرينا غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 27-09-16, 10:04 PM   #424

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

امرأة حائرة بقلم الشاعرة مها زودة
خواطر امرأة حائرة
لا أستطيع الاقتراب ...ولا أستطيع الابتعاد
شعور غريب ظاهره رحمة ...وباطنه عذاب
وصراع يجعلها تسرح بعينين دامعتين ......
وكأنها في غيبوبة...... غيبوبة سرمدية .لا أحلام فيها ...لا يحق لها أن تحلم ....لقد سرقت منها ....أو هي من حرّمت الأحلام على نفسها
تحدث نفسها كل يوم بهذا الحديث ....وكأن الزمن يريد أن يسرق فرحتها التي طالما بحثت عن قدسيتها....ليجعلها وحيدة ..تجترع المرارة والأسى
لايبالي كم تزرف من دموع ....تريد أن تحيا ....لا تريد الموت في الحياة......وتبقى حائرة.......
بين درب الموت ....ودروب الحياة.....إلى أي طريق ستؤدي بها الحيرة.....والألم
وهي التي حلمت به .....منذ صغرها .....وكبر معها الأمل وهي على انتظار ......الحبيب
حلمت بحب يسري في شرايين قلبها .....
بفرحة تغسل عنها ما تمزق في قلبها من آهات الزمن.....
صراع بين الحياة أو لا حياة .....
مزق روحها ....
وزاد الألم ألماً .......لا تستطيع الصراخ
تكتب رسالتها الأخيرة .....
ودموعها تهدي للياسمين حبات الندى كاللؤلؤ الممزوج برحيق الحياة ...
وطائر الحب يغني بشجون....مرحباً بموت الحب ......
اعذرني أيها الحبيب .....لا أستطيع الاقتراب ...فثماري أينعت ...وأكاد أقطفها ....فلا أريد لها الذبول ..............


modyblue غير متواجد حالياً  
قديم 27-09-16, 11:00 PM   #425

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته رووووووووووووووووعة الفصل اشعر اني اشاهدهم ولست اقرئ قدرتك علي التصوير بالكلمات رائعة الرواية تزداد اثارة ربنا يوفقك

modyblue غير متواجد حالياً  
قديم 28-09-16, 09:30 PM   #426

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

عمو نزار هو حامي ميرنا والاهم اخر واحد ف طائفة الشمس القادر عل لعن سلسبيل والقضاء عليها
تصويرك لاحداث الاختطاف والانقاذ روعة كان كنت معهم رهيييييييب
الاحداث رهيبة وتتصاعد ميرنا اخدت صدمة عمرها هي زوجة حكيم اه
نور العسل رهيبة وفؤاد
نبيلة وضرغام وماضي اليم
جاسر ووصال ههههه رهيبين والجدة عايزة ايه ياتري منها
كوثر وزياد وجع القلب والكسرة الييمة ليه عملتي كده
رنيم فوقي لنفسك وانهضي وعلميه قيمتك الحقيقية
عمر بجد نذل منك لله
حسام اخيرا ال جهنم
شيماء ونهال ياخوفي عليكم
كونتيسة الرائعة فصولك دسمة وشهية الرواية تحفة فنية
هل لك روايات اخري نفسي اقرؤها شكراااااااااااااااااااا لك تنزيلك الفصل وفي انتظارك لاتغيبي علينا


modyblue غير متواجد حالياً  
قديم 28-09-16, 11:44 PM   #427

حياه حلم
 
الصورة الرمزية حياه حلم

? العضوٌ??? » 361970
?  التسِجيلٌ » Jan 2016
? مشَارَ?اتْي » 142
?  نُقآطِيْ » حياه حلم is on a distinguished road
افتراضي

مسا الورد والفصول الرائعة
جاااااارى قراءة ال 21
اتأخرت الاسبوع ده
الدراسة بقى كل سنه وانتى طيبه ودايما مبدعه


حياه حلم غير متواجد حالياً  
قديم 02-10-16, 06:10 PM   #428

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

في انتظااااااارك كونتيسة تسجيل حضور

modyblue غير متواجد حالياً  
قديم 02-10-16, 11:51 PM   #429

قول يا رب

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية قول يا رب

? العضوٌ??? » 305230
?  التسِجيلٌ » Oct 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,935
?  نُقآطِيْ » قول يا رب has a reputation beyond reputeقول يا رب has a reputation beyond reputeقول يا رب has a reputation beyond reputeقول يا رب has a reputation beyond reputeقول يا رب has a reputation beyond reputeقول يا رب has a reputation beyond reputeقول يا رب has a reputation beyond reputeقول يا رب has a reputation beyond reputeقول يا رب has a reputation beyond reputeقول يا رب has a reputation beyond reputeقول يا رب has a reputation beyond repute
افتراضي



قول يا رب غير متواجد حالياً  
التوقيع


[imgl]https://upload.rewity.com/uploads/1489515661488.gif[/imgl]
قديم 06-10-16, 03:08 PM   #430

انجوانا

مشرفة منتدى الصور وتسالي مصوره وعضو مميز في القسم الطبي والنفسي ونبض متألق في القسم الأدبي وفراشة الروايات المنقولةوبطلة اتقابلنا فين ؟ومشاركة بمسابقة الرد الأول ومشارك في puzzle star ومحررة بالجر

 
الصورة الرمزية انجوانا

? العضوٌ??? » 359808
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 11,533
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
?  نُقآطِيْ » انجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond reputeانجوانا has a reputation beyond repute
افتراضي

لفصل مشوق جدااا ...خطتهم وتعاونهم لانقاذ دعاء وتضحيه وائل وحكيم بارواحهم ومستعده نور وتسلل ميرنا والخوف والترقب ونجاحهم صورتيه بصوره جميله مقنعه ...واخيرااا تخلصت دعاء من حسام وهذا درس لها لتتعظ من ما حدث ...نور هي شمعه الروايه بعليقتها وتقاتلها مع فؤاد وكرهها للرجال ...ميرنا متزوجه حقيقي بحكيم ...واائل وغيرته الشديده ...
حسام نال جزاءه وجيداء انتقمت منه ...جاسر ورامز اقرباء واو ...رافت سيندم لطلاقه رنيم دون ان يثق بها ويصدقها ..بينما ابوه واخوه صدقاها ...عمر تزوج لمياء وفعل اشياء لا تجوز ابدا وابنه معجب بها ستحصل مصيبه من وراءه ...شيماء وابتهال هل سيذهبان لحفل جيهان في تخطط لتدميرهم ....ميرا متى ستخبر شهاب بحملها وابنها محرومه منه ..العم نزار اذن هو حامي ميرنا ....طارق هل سيخرج بعد تهديد سلسبيل وهي هل ستكشف العم نزار ...كوثر وزياد ماذا سيحدث معهما....وصال وجاسر
مثل القط والفار ...انا اريد ان تكون ميرنا لحكيم .اشفق عليه ...
شكرا لك على الفصل الجميييييل
فصل مليئ


انجوانا غير متواجد حالياً  
التوقيع





مع الله تضيقُ فجوات الوجع، ويخفت صوت الألم ويعلو الأمل، مع الله تُنار لك الدروب، وينجلي الظٌّلم والظلام الحياة مع الله سعاده وأمان .
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:07 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.