آخر 10 مشاركات
في غُمرة الوَجد و الجوى «ج١ سلسلة صولة في أتون الجوى»بقلم فاتن نبيه (الكاتـب : فاتن نبيه - )           »          بأمر الحب * مميزة & مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          ✨الصالون الأدبي لرمضان 2024 ✨ (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          هيا نجدد إيماننا 2024 (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          443 - سر الأميرة - كارا كولتر ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          كاثرين(137)للكاتبة:Lynne Graham (الجزء1من سلسلة الأخوات مارشال)كاملة+روابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          مواسم العشق والشوق (الكاتـب : samar hemdan - )           »          6 - موعد مع الغرام - روزمارى كارتر - ع.ج ( إعادة تنزيل )** (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

Like Tree32Likes
موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-10-16, 03:34 PM   #451

الكونتيسة نسرينا
 
الصورة الرمزية الكونتيسة نسرينا

? العضوٌ??? » 310858
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 623
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » الكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond repute
افتراضي


الفصل 22


" عندما تُسرَقُ منا الفَرحَة يكُون من السَّهل جدَّا علينا أن نتعايشَ مع الحدَث ، على أساسِ أنهُ كابُوس مُزعجٌ سينتهي فور استيقاظنا .. لكِن ما إن تمتدَّ سُويعاتُ الحقيقة ونكتشفَ أنهُ حقا قد سُلبنا من أيقونة الفرح ، وقتها فقط نُدرك أنَّ مصابنا جلل ويُصبحُ منَ الصَّعب جدا علينا بعدها أن نتأقلم مع مواجعنا التي تُطوقنا مثلَ قيُودٍ حارقة لا ترحم .."
ما الذي تتفوه به أو ما الجنون الذي اعتراك حتى أطلقتَ على مسمعي هذه الدعابة ، لالا الأهم من كل هذا وذاك كيف تطعن قلبي دون أن ترمش عيونك ألما علي .. ألست عصفورتك التي تخشى من أن تكسر أجنحتها فتبكيها هااااه ؟؟ لكنك قد كسرت جناحيَّ وبوجه باسم يؤكد لي أنني كنت مخطئة في حقك ، بل ويثبت لي مدى غبائي أمام دهائك يااااااه أنت مثلهم تشبههم في النذالة والانحطاط ! كيف استطعت غدري بهذا الشكل وأنا التي أمنتك على حياتي أبهذه الطريقة تجازيني ؟ ….
بعد جملته التي نطق بها نطقا يقينا أخذت ترتجف محلها وتنتقل بعينيها لعينيه مباشرة تبحث فيهما عن أي شيء يقنعها أنه يمزح ، أو أنه اختلق تلك الكذبة من فرط عشقه لها وغيرته عليها ، لكن لم تجد سوى الظلام بهما وكأنهما تكحلتا بالسواد الذي تضخم ليشمل كل زاوية فيها ويعصف برياح الوجع بداخلها .. لم تشعر بنفسها إلا وقد رفعت يدها وصفعته على خده صفعة مدوية جعلتها تلهث بلهاث باكٍ بينما هو ظل بوجه مائل ينظر للجانب الآخر ويتمعن في الجزاء الذي ناله منها ، ألهذه الدرجة تعتبر الحقيقة التي نطق بها جرما مشهودااااا وليتها تكتفي بل رمت بسم أحرفها بصفعة أخرى أشد إيلاما..
ميرنا(بروح مسحوبة):- إن كنت قد بدأت أقنع نفسي بمسامحتك على تضييع حياتي في انتظارك المزعوم فأنا أبدا أبدا لن أسامحك على هذه الكذبة ما حييت يا حكيم ، وحتى لو كان زواجنا حقيقيا أقسم أنك لن تحظى بلحظة فرح معي لأنني بقلبي وروحي وكل ما فيني ملك لشخص واحد يدعى وائل رشوان ….
أي رصاصة تلك التي اخترقت صدره ، أي فيافي غابرة رمت بوجده فيهاااااا ، بل كيف لم يحرك ساكنا أتحسب أن صدق زواجهما بشعا بدون قيمة لتلك الدرجة ، أيستحق فعلا منها تلك الصفعة وهل وقعت لأجل النتيجة المحسومة في عدم زواجها من وائل يوما ، أم لأنه أشعرها بالخذلان بعد أن نكث بوعده لها ؟؟ طيب ما كل الناس تنكث بوعودها أيجدر به أن يكون أمينا صادقا في حقه فيها فقط كي تهرع لغيره وتتغلغل في حضنه وتتركه يتجرع علقم الحسرة .. هذا ما كانت تريده وهذا ما لن تحصل عليه ، رفع وجهه ببطء إليها ورمقها بطرف عين يحسب أنفاسه المتضخمة بهدوء بينما مسح على خده بظاهر يده بحركة معوجة أخذ يهز بعدها رأسه ويحرك حاجبيه لينطق بشيء انحسر في جوفه أو بالأحرى لم يجد ماذا يقول أمامها بعد صفعتها وبعد جملتها القاتلة تلك .. أمَّا هي فقد امتقع وجهها بالحمرة وأخذت تتنفس بقوة مرة تلو مرة حركت رأسها وهي تبكي ورمقته بخزي قبل أن تطلق رجليها للريح وتتبخر من أمامه في لمح البصر … لم يلحقها ولم يُعبرها بحرف حتى بل تابع مسيره لحين توقف واستند على الحائط بيده بشكل انهزامي مؤثر ينم عن تناقض الشخص القوي الذي أغرق السفينة بمن فيها قبل لحظات ضئيلة .. أمسك على صدره بقوة وهو يحرك صدغه بقبضة ملتهبة تترجم النيران التي تتآكله ، قمة البشاعة أن يشعر بأنه غير مرغوب فيه من قبل من استشعر رفقتها حلاوة الحياة حتى وإن كان ذلك قسرا وعلى مضض .. قد هزمته ميرنا شر هزيمة وها هو ذا يتحسر بشكل مفجع يحاول بجهد أن يلتقط أنفاسه التي اختنقت وما عاد بقادر على التحكم فيها مثلما لم يعد له مقدرة في أن يحتوي حلمه البسيط المتجلي في عصفورته القاسية ..
حكيم(بصوت مختنق رفع هاتفه لأذنه):- داااغر .. اسمعني جيدا حان الوقت لتتحرك كما سمعت أحتاج لذلك صدقا هيا أنجز وعلى الفور ..
من جهة هو يعلم أنه سيؤلمها بشدة بعد إعلانه لحالة التغير الصارمة في حياتها ، لكن من جهة أخرى هي تستحق ذلك بعد كل ما أقدمت عليه في الآونة الأخيرة ..
كانت هنا تسارع خطاها دون أن تهتدي لأي طريق ، كانت مثل المجنونة تحملق بعيون مشوشة تلتفت يمينا وشمالا وسط الدروب الغريبة عنها تريد أن تصل لمكان لكنها في أعماقها لا تستطيع تحديده ، قد جعلها حكيم تعيش حالة غريبة لم تعهدها من قبل قد قاربت من الجنون الحتمي وهي غير مدركة أنها قد وقعت في جب عميق لن يلتقطها منه أحد …. لم يكن بإمكانها المضي في طريق مجهول أكثر من ذلك فلقد تعبت جسديا وخارت مجمل قواها لذا وقفت محلها ونظرت للسماء الملبدة بالغيوم وسط المارة الذين تلاشوا من حولها وكأنهم منعدمين ، رفعت رأسها للأعلى واستقبلت أولى قطرات المطر على وجهها دون أن تستشعر برودتها فالحرقة التي كانت تعتريها صعب أن تخفت بسهولة ، تسارعتِ الحركة بين الناس من حولها فقد اختلفت مهامهم هناك ما بين من يفتح مظلة ومن يضع حقيبته على رأسه ومن يركض من هنا وهناك هربا من تلك الأمطار الغزيرة التي انهمرت لتشاركها بعضا من الخيبة والغبن ، لم تحرك ساكنا فمصابها كان أكبر من أن تواكب تحركات الآخرين .. أخفضت رأسها المتعب لتختلط دموعها مع قطرات المطر الذي بللها كليا وأيضا لكي تمعن النظر في هذه الحياة الظالمة والغير منصفة ، والتي جعلتها وحيدة ضائعة مشتتة لا تدري أين تختفي بنفسها كي لا تشعر بتلك الغصة المسننة في جوفها ، لحظة لحظتين وقد اعتقدت أنها لأول مرة ستحظى بحالة طبيعية خالية من دعم المحيطين بها حالة شبه منعدمة من الفراغ الذي كسا روحها لا وائل لا حكيم ولا أي أحد …أوه لحظة ليس لتلك الدرجة ميرنا فهذا لم يقدر على أن يتابع برستيج حياته الإجرامي لأجلكِ فقد غيرتِ فيه أشياء هو نفسه لم يكن يدركها فيه ، لم يستطع أن يبقى متفرجا من بعيد لوقت طويل مثلما كان يتفرج من كاميرات المشفى عليها وهي بحضن وائل قبل فراقهما ، وعلى حكيم وهو يتأهب لينهي تلك المهزلة التي كانت مثل النصل السام ، ظل وقتها يراقب الجميع من محله لحين رحل وائل بشكل استنتج من خلاله أنهما قد تخاصما وأيضا الصفعة التي نالها حكيم بعد ذلك جعلته يستغرب فما الشيء الذي أخبرها به وجعلها تمتعض بذلك الشكل وتكون أقرب للانهيار الروحي ، كره الدنيا وهو يفكر بكتابة شكوى لمدراء المشفى مطالبا فيها بوضع مكبرات صوت كي يتسنى للأستاذ الاستماع أيضا وليس المراقبة فقط ^^ ، تنفس بعمق وهو يستذكر كل هذه النقاط حين وثب من خلفها بشكل دافئ جعلها توهم نفسها أنها تهذي فلا أحد منهما سيتجرأ على الاقتراب منها لحظتها لكن إحساسها كان فوق استيعابها خصوصا حين ربت على كتفها ربتة أب افتقدت حنانه الذي لم تحظى به بشكل سليم ، ربتة أخ فقدته هو الآخر في ظل ظروف بشعة ، ربتة صدر حنون هجرها وهو أقرب لها مما تصور ، ربتة حبيب كسر قلبها ورحل …. تأوهت عميقا قبل أن تستدير بفعل حركته المتحكمة في كتفيها لوهلة طالعت عيونه الرمادية وهي تقرأ فيهما مأمنا غريبا لها ولحالتها المتعطشة لهدنة راحة ، ستمكنها من ترك كل شيء والتمرغ في لحظية سكون تام وطبعا كانت ستجد ذلك السكون فقط في تلك العينين الدافئتين بلمعة فاقت إدراكها بالوقت وبالزمان وحتى بالمكان الذي أصبح رقعة فسيحة للأمطار الغزيرة المتراقصة على أديم محراب أنينها ..
ميار(من بين البلل وغزارة المطر كان يحاول أن يثنيها على البقاء هناك):- هياا يا ميرنا رافقيني ستمرضين هنا تحت المطر
ميرنا(هزت رأسها وأبت التحرك):- إيااااد لا تعلم ما حصل لي لقد .. اهئ لقد انكسرت ضاعت حياتي وباتت كل أحلامي أكواما من قصور الرمل المحطمة ..
ميار(جذبها إليه وهو يسير بها بعد أن وضع سترته على كتفيها):- شتت لا وقت للكلام سوف نتوجه لمكان دافئ تستعيدين فيه عافيتكِ ورشدكِ الأهم
ميرنا(تتشبث بيده التي تلفها من الجانب الآخر وهي تنظر له):- لقد أتيتني في الوقت المناسب ، كدت أصاب بنوبة هلع لو بقيت متصلبة في ذلك المكان .. أفكاري أفكاري تنخر في رأسي وتجعلني أفكر بأشياء فظييييعة اهئ .. وائل وحكيم الاثنان معا قاما بأذيتي أتصدق ذلك أتصدق بأنني ب ب تتت يا إلهي ماذا سأقول أنااااااا وكيف سأشرح …
ميار(أشار لسيارة أجرة وهو يحرك رأسه بامتعاض من حالتها المريبة):- لقد شهدت ذلك بنفسي فلا داعي لإعادة عرض المسلسل
ميرنا(لم تستوعب كلامه فقد كان نحيبها أشد):- اهئ إلى أين نذهب ؟
ميار(أشار لها بالدخول):- الآن حددي حالتكِ هل تبكين أم تستجوبين ؟
ميرنا(هزت كتفيها بتذمر):- حتى لو أخذتني إلى ذلك البشع الذي أكرهه كره العمى سوف لن أرفض ، أريد أن أراه يا إياد أريد أن أغرس أظافري بعنقه وأمتص دمه دون رحمة لقد دمر حياتي دمر حياااااااااااااااتي
ميار(نظر لسائق الأجرة الذي التفت ليناظر هذه السفاحة التي ركبت خلفه):- أ.. لا تزعج نفسك بها فهي قد فقدت قطتها للتو والمتسبب في موتها إنسان ليس بلطيف
ميرنا(زادت من وتيرة جنونها):- والله والله لو يظهر لي الآن لمزقته بيداي هاتين ، ولحشرت في فمه كعبي وجعلته عبرة لمن يعتبر أكرهه أكرهه أكررررررررررررررررررهه
ميار(أغمض عينيه وهو يهز رأسه بفشل):- أقسم أن علي لعنة ومن قام بتوريطي فيها قد مات ، هيا ميرنا كفي عن النحيب وأنت يا أخ خذنا بعيدا عن هذا المكان
ميرنا(رمت برأسها على كتفه):- لأين سنذهب ؟
ميار(حرك عينيه ، آه لو بودي كنت سرقتكِ عن هذا الوجود كله لكن لا بأس ببعض الانتظار):- سنذهب لشقتي …
ميرنا(أخذت تبكي):- اهئ اهئ … آه يا إياد آه
ميار(حاوطها بيده وهو يربت فوق سترته على ذراعها ..وفي سره):- آه حقا يا ميااااار من كان يحسب أنه سيأتي يوم وتواسي فيها غريمتك اللدود ، لا وتعشقها أيضا أنت قد خالفت كل القوانين وتجاوزت مجمل الخطوط الحمراء ولو يطَّلع أهل العشيرة عما أنت فاعله مؤكد أكيد سيعتبرونك أجن مجنون عرفته البشرية … لكن العشق لا يعرف حدودا ولا قواعد كله لأجلكِ يهون يا سلطانتي كله يهوووون …
كان ضربا من الجنون أن يصطحبها لشقة أخيه إياد لكن المغامرة كانت تحتمل المحاولة ، خصوصا أنه رن على عرندس وأمره أن يحبس إياد في الجريدة بأي وسيلة كانت كيلا يغادرها تحت أي ظرف كان لحين مغادرة ميرنا وإياه من شقته وعلى الأغلب سوف يكون الأمر سريعا فقط لتستريح وتسترد أنفاسها فهي الأهم الآن من الصالح والطالح وما يجوز وما لا يجوز ، يعني قمة العشق أن يتسم بالجنون وهنا نجد أن ميار قد فاق حدود المعقول فأن يغامر مثل هذه المغامرة في وضح النهار هذا بحد ذاته شيء تنفرج له الأفواه تعجبا… ازدادت غزارة الأمطار الغاضبة وحتى بعد ترجلهما من سيارة الأجرة ركض بها ميار وهو يرفع السترة فوق رأسها كي لا تتبلل وهنا ناظرته بامتنان وهي تنفض عن نفسها البلل بخاطر موجوع منفطر لا يقوى على لفظ أنفاسه بأريحية حتى .. وصل بها إلى شقة إياد وفتح الباب بسرعة بالمفتاح الذي يملكه وأخذ ينظر من كل الاتجاهات وارتاح لعدم تواجد أحد من الجيران وهنا هي لم تعر اهتماما لمراقبته بل دلفت للشقة وبدأتِ النحيب من جديد …يا حبيبي !!
ميرنا:- حظي يفتقر لحظ أنا يتيمة حظ منحوسة ربما … أتعتقد ذلك ؟
ميار(نفض السترة ووضعها على المشجب الخاص قرب الباب):- يا الله كم تعشقين الحط من قدرك ، كفى ما الذي حصل حتى تستشعري كل هذا الأسى ؟
ميرنا(مطت شفتيها من هديره في وجهها):- لعلمك أنت تقسو علي وجدا ، وائل قد هجرني وحكيم قد … قد خذلني
ميار(التقط فوطة من الحمام وعاد إليها):- يكفي يكفي رجااااء
ميرنا(ببكاء متواصل استسلمت لمسحه لخصلات شعرها المبللة بالفوطة):- حقا يكفي إيلاما منهما كليهماااااا
ميار(حول عينيه وشرع يمسح لها البلل ويناظرها ببؤس):- آآآخ بس لو تفتحين عينيكِ
ميرنا(بعمق مرير):- لأناظر خيبتي .. لا يا روحي أنا هكذا أتألم أساسا لا داعي للتعمق
ميار(كتف يديه وناظرها وهو يهز رأسه مبتعدا عنها):- سأحضر لكِ كوب قهوة ساخن تتجرعينه ومن فوركِ للبيت
ميرنا(عقدت حاجبيها وهي تقترب منه قبل أن يتحرك أكثر):- لقد كشفتك … أكنت تعتقد أنك ستخدعني لوقت طويل ؟
يا لهوي ياه ياه يااااااه عماذا تتحدث هذه يا إلهي …؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ميار(تسمر محله وهو يبرق بعينيه فيها وبعد لحظة صمت خاط فيها أفكاره باستنتاجاته محاولا ترجمة مسعاها نطق بصوت متقطع):- مم ميرناااا ماذا تقصدين ؟
ميرنا(صغرت عينيها فيه وقد وصلت إليه مشيرة بإصبعها):- أنت مخاااااادع كبير والله لن يسامحك على كل ما تفعله
ميار(هنا ابتلع ريقه للأمانة قد داهمته على حين غرة ماذا اكتشفت هذه يا ترى ؟):- ما بالكِ هل جننتِ ماذا يحصل لكِ ؟
ميرنا(بلؤم):- لن يسعك أن تخفي الأمر كثيرا علي ، ليس علي أنا يا إياااااد أحقا من نيتك تحاول أن تكون سطحي التفكير كي لا تؤذيني وتخادع في مسألة انهياري ، يا رجل أخبرك أن كلاهما آذاني وأنت هنا تفكر بالقهوة كي تخفف عني وتيرة العذاااااب ، رجاء لا تكون صدوقا معي الآن بالضبط الآن أنا بحاجة للعصيان للجنون للتمرد لللللل لا أدري ماذا
ميار(يعني إن سقطت من وزنه 10 أرطال من فرط الصدمة لن يكون مظلوما ، وأكيد سيجعل ميرنا تعيدها بشكل أو بآخر):- هففف يا فتاة أفزعتني اعتقدت بأنني قد أذنبت في حقكِ بشيء لا أدركه ..تت ارتاحي هنا قليلا ريثما أحضر لكِ القهوة واصمتي اصمتي
ميرنا:- هممم ما حسبت أنك قد تكون سخيا وتسمح بجلوسي مبللة على كنبتك المفضلة ، امم أرى أن هنالك طارئا يطرأ عليك كعلاقتك برقية أتحسبني لم أرك هذا الصباح وأنت تعانقها عند نهاية الممر لمَّا كانت تبكي خوفا على وائل ؟
ميار(رفع حاجبه وانسحب للمطبخ وهو يرمي بالفوطة جانبيا):- ههه أنتِ لا تتركين مجالا للصدفة كل شيء تدركينه بوقته وهذا ما يجذبني إليكِ على الدوام
ميرنا(ارتمت على تلك الكنبة وهي تشبك يديها):- محطمة أنا وأنفاسي مختنقة جدا ، يصعب علي مجاراة هذا الكم الهائل من المصائب حتى دموعي تأبى مطاوعتي
ميار(مط شفتيه أسفا عليها وهو يناظرها من محله وقد رمت برأسها على ظهر الكنبة):- كل شيء سيكون على ما يرام وستُصلح الأمور فقط اصبري
ميرنا(ببؤس أطبقت جفنيها):- لست متفائلة لذلك …
لم يجبها فهو يعلم أنها قد دخلت في مرحلة اليأس اللحظي ، لذا سارع في تحضير القهوة وهو يحادثها في كذا موضوع لعله يخرجها من بوتقة التعب التي تسبب فيها جشعه على الأغلب … جشعك يا ميار لأنك تريدها لك قمت بكسر قلبها وها أنت ذا تتفرج عليها غير قادر على تقديم شيء سوى فنجان القهوة هذاااا ، بئسا لك يا قلبي بئسااااا … سحب أنفاس صبر عميقة من ذاته وهو متجه إليها
ميار:- خذي هذا سيجعلكِ أحسن
ميرنا(التقطته بكلتا يديها):- نفسه جميل إنه مختلف عما تحضره لي عادة
ميار(مسح على شعره المبلل):- يعني جاء سريعا لا تدققي وأخبريني كل شيء بالتفصيل
ميرنا(ارتشفت جرعة وبنظرة غبن ناظرت البعيد):- بدأ كل شيء حين كنت مع وائل بالرواق
أخذت تحكي له وتروي لحين وصلت لنقطة حضور حكيم ودعمه لها ، وقبل أن تتفوه بما يثقل كاهلها عن زواجه الحقيقي منها رن جرس الباب وهناااا تشنج ميار من الزائر الغريب ، رمق هاتفه بنظرة خاطفة لم يكن هنالك أي تحذير من عرندس يعني ليس بشخص يخص إياد ترى من الطااارق ؟
ميرنا:- ألن تفتح الباب يا إياد ؟
ميار(عقد حاجبيه):- لا أريد ذلك ولا مزاج لي ، سوف يغادرون حين لن نفتح لهم
ميرنا(وضعت الفنجان على الطاولة ونهضت):- هل جننت ما ربما كان شيئا مهما ، سأرى بنفسي ابق هنا ..
قبل أن يجعلها تعدل عن خطوتها تلك كانت هي قد وصلت الباب وفتحته للصغير أسامة ^^
أسامة:- خالتي عذرا منكِ اعتقدت بأنكِ عمو إياد
ميرنا:- أهلا بك أسامة لا تقلق إياد بالداخل هل هنالك شيء ما ؟
أسامة:- آه أجل أرادت منه أمي أن يغيثنا فالمطر الغزير قد ولج غرفة المعيشة لأن باب الشرفة قد تصدع ولا يرضى أن يقفل ، وبابا لن يعود حتى المساء مع الأسف
ميرنا:- امم حسن يا صغيري سآتي وعمك إياد بعد لحظات اسبقني لأرى
أسامة(بابتسامة):- حسن يا خالة
ميرنا(تنهدت وهي تغمض عينيها على مأساتها وعادت للداخل):- لديك عمل ببيت الجيران ، عليك أن تصلح باب الشرفة قد أغرقتِ الأمطار غرفة معيشتهم ..هيا انهض يا رجل
ميار(عقد حاجبيه مستغربا لأنه لا يفقه في ذلك ولا نقطة):- هل أنتِ جادة في مطلبك ؟
ميرنا(بحلقت عينيها بحثا عن صندوق عدة الإصلاح):- كنت تضع هنا صندوق عدة الإصلاح أين أودعته يا ترى ؟
ميار(يا إلهي يا ميار على آخر الزمن عليك أن تقوم بأشغال يدوية لكن كيف يقومون بها الله أعلم):- أ.. ميرنا أجدها فكرة سيئة دعينا ننصرف لحال سبيلنا ثم قد تأخرتِ على البيت
ميرنا:- آه وجدت الصندوق ها هو ذا هيا بنا إياد عيب أن نتملص من حاجة الجيران ، هيا رافقني احم …
اندفع معها صوب شقة الجيران ويا عيني حين وقف أمام مزلاج الباب المكسور ونظرات أسامة وميرنا وأحلام كلها تتطلع إليه ، وكأنه بطل من زمن الأساطير عليه أن يصلحه بشكل يفرح قلوبهم أجمعين .. نظرات ميرنا التشجيعية كانت تحثه على المحاولة خصوصا نظرة أسامة له وكأنه يرى فيه قدوته ، أما أحلام فحكاية أخرى فقد اختلفت نظرتها وهي ترمقه بارتياب تشعر بشيء ليس صائبا ، خصوصا أنها توجست منه مذ أن دلف لبيتهم وكأن غريبا قد وطأه وليس إياد الذي تعشق التراب الذي يمشي عليه … هنا قاطعها سقوط المزلاج من يد ميار الذي لم يعرف كيف يبدأه ولا كيف ينهيه قد وضع نفسه بمأزق وهذا ما جعل ميرنا تضحك عليه لأنها تعرفه ماهرا في هذه الأشغال وأرجحت أن فشله ذاك من التوتر فحسب ..
ميار:- سأبعث المصلحين فورا للبيت رجاء تفضلي ست أحلام لشقتي أنتِ وميرنا ، ولحظات لحظات سيكون كل شيء على ما يرام ../ بففف ما هذه الورطة يا ميار كيف ستحل الأمر الآن لو فتحت هذه المرأة الموضوع أمام إياد فيما بعد ماذا ستفعل ، كيف جننت وأتيت إلى هنا في وضح النهار ؟؟ لالا ليس وقت عتب عرندس عليه أن يتصرف
بسرعة البرق كلم رجاله الذين يحرسونه وكانوا يلاحقونه في كل مكان وصعد اثنان منهما في لمح البصر ، قاما تحت أنظاره بتعديل مزلاج الباب اللعين وصرفهما ليعود لشقته وهنا نهضت أحلام لأجل شكره والانسحاب مع ابنها
أحلام:- لالا أزعجتك بما فيه الكفاية سيد إياد ، تكرم ع كل حال ومشكورة ست ميرنا نردها لكم في الأفراح إن شاء الله
ميرنا:- شكرا يا طيبة سررت بالحديث مع أسامة وأهلا بكِ في بيتنا إن شئتِ
أحلام(بتوجس):- سأسعد بذلك لا محالة ، عن إذنكما هيا يا أسامة
أسامة:- أراكما لاحقا ..
ميرنا(بعد مغادرتهما كتفت يديها له وهي تخفي بسمتها):- يا فاشل
ميار(احتقن بالتذمر):- لا تفتحي الموضوع أساسا لم .. يعني ..تتت كان مزلاجا قديما واستعصى علي تصليحه تحت أنظار الصقر التي كنتن ترمقنني بها
ميرنا(حملت حقيبتها):- لالالا هه صدقتك ، عموما علي الذهاب الآن أشعر بأنني بخير وأعتقد أن الأمطار قد توقفت قليلا ليسعني العودة لبيتنا قبل هطولها من جديد
ميار(أمسك سترته ولحقها):- طبعا رجلي على رجلك هيا أمامي
ميرنا:- كفى من دور الأب أنا بخير صدقني ، كلامي مع الجيران أراحني قليلا
ميار(وهو يغسل فنجان القهوة بسرعة ويعيده محله مستغلا تعديلها لشعرها في المرآة المعلقة بالصالون):- لالا واجبي ذاك ولن تحرميني منه
ميرنا(أطلت عليه وهي تلحظ بأنه يراقب بنظرة خاطفة كل ما يوجد حوله):- متملق
ميار(هز رأسه إيجابا لأن كل شيء عاد لمحله):- لحسن حظك هه ..
غادر رفقتها الشقة ولم يصدق نفسه حين دلف معها لسيارة أجرة أخرى من جديد وكأن همّا وانزاح عن كاهله ، مسح على جبينه وهو يطالعها قد وضعت رأسها على النافذة وأخذت تطالع الأجواء من حولها ، كم بدت ساكنة عاقلة وكم شعر بثقل كيانه كيف يؤلمها بتلك الطريقة ولا يزال يجلس قربها براحة تامة ، قمة الأنانية والبشاااااعة !
ميار:- هل جد جديد في مسألة الفهد ؟
ميرنا(نظرت للسائق الذي كان منهمكا في القيادة):- لا يجوز مثل هذا الحديث هنا إياد
ميار(حرك رأسه لها بدعم):- لا بأس تحدثي
ميرنا:- هفف كلما تطرقت لهذا الموضوع انتفخ صدري بالوجع ، اليوم صباحا وصلتني رسالة من الفهد على هاتفي السيد قد ولج بياناتي الشخصية ووصل لأعماقي مستغلا كل الظروف ليهددني بالابتعاد كليا عن مدار وائل رشوان وهذه المرة بدون تراجع
ميار:- جعجعة ولا طحين لن يتمكن من تحريك ساكن
ميرنا(حركت رأسها بفشل وعادت لموضعها):- اعتقدت ذلك مثلك في البداية ولكن فيما بعد تيقنت أنه لن يتوانى في أذيته ،، ذلك الشخص لا يلعب وهو جاد في ما يقوله أي حركة خاطئة مني سوف لن يتوانى في أذيته وأنت تعلم مدى عشقي له لو تأذت منه شعرة سيصيبني مكروه لا محالة
ميار(أعلم أعلم يا معذبتي فلا داعي لتذكيري):- قبل حضور ابن الجيران كنتِ تودين قول شيء عنكِ وعن حكيم ، يا ترى ألا زلتِ تذكرينه ؟
ميرنا:- طبعا أكيد و .. آه هاتفي لحظة إياد ربما كان من البيت
ميار(مط شفتيه ونظر جانبيا بعيدا عنها):- خذي راحتك
همَّت لتجيب لكن استوقفها اسم المتصل وهنا نظرت بارتباك للهاتف ثم نظرت لميار بنظرة غريبة تكاد تصيبها بجنون الجنون ، ابتلعت ريقها وهي تهز رأسها بعدم فهم كيف يتصل بها إياد وهو جالس بقربها هزأت داخليا لكن بدون وعي أجابت على الهاتف ..
ميرنا:- ألوو ألووو ..
لبيب:- عذرا منكِ يا ابنتي ميرنا قد نسي إياد هاتفه بالجريدة هل لكِ أن تخبريه بذلك ؟
ميرنا(ابتلعت ريقها وهي تتنهد براحة):-هه أفزعتني يا عمو لبيب حاضر سأبلغه من عيوني
لبيب:- حسن يا صغيرة ولكننا اشتقنا لكِ يا ريت ما طولي علينا بالغيبة ، حفظكِ الله
ميرنا:- تسلملي يا غالي .. هفف قد نسيت هاتفك بالجريدة يا إياد كيف حدث ذلك ؟
ميار(هنا حول عينيه من المؤكد أن ظهوري اليوم في حياة ميرنا الراجي أكبر خطأ أرتكبه في حياتي):- ميرنا لما لا تكملين مساركِ إلى البيت أنا تذكرت بضعة أعمال طارئة علي القيام بها، ونتحادث لاحقا ما رأيكِ ؟
ميرنا(حركت له رأسها بإيجاب):- طيب طيب أساسا أخرتك عن الكثير اليوم ، تفضل يا روحي ولنا لقاء
ميار(تنهد عميقا وهو يشير لسائق الأجرة أن يصف على جنب بعد أن دفع له مالا أكثر مما تستحقه المسافة):- تمام …
لم يصدق نفسه وهو يلوح لها وهي مغادرة رفقة سائق الأجرة من فوره ركب بسيارة رجاله التي كانت تلحقه وأمرهم بالتوجه صوب بيت الجبل لرؤية كهرمانة ، ما الذي ذكره بها على الأغلب هي وحدها تعلم ذلك .. أما ميرنا فقد كانت شاردة الذهن في كل ما حصل معها لكن ما أثار انتباهها رنين هاتف سائق الأجرة الذي ظل يخاصم زوجته عبر الهاتف في البدء لم تعر ذلك اهتماما لكن فجأة تذكرت أن إياد كان يحمل هاتفه معه بجيبه وأنه قد أجرى اتصالا وهو رفقتها بسيارة الأجرة وهنا ارتفعت خفقات قلبها بشدة فهنالك أمر مريب يحدث في خضم كل هذاااااا .. طلبت من فورها تغيير الوجهة والتوجه للجريدة لتفهم ما عليها فهمه ، وفي وقت وجيز وصلت إلى هناك صعدت فورا لمكتب إياد لم تجده ولم تجد حتى الهاتف بحثت عن العم لبيب وطلبت من أحد الموظفين استدعاءه لمكتبها وهنا أطلت عليها إيمان ما إن سمعت بخبر ظهورها في الجريدة ..
إيمان:- يا ناكرة المعروف تتزوجين ولا تدعينني لحفل زفافكِ حتى ، غاضبة منكِ أنا ..
ميرنا(وهذه سبب من الأسباب التي تمنعني من العودة إلى هنا حاليا^^):- حدث كل شيء بسرعة يا إيمان ، اعذريني عقلي ليس بمحله اجلسي
إيمان:- سأجلس يا روحي طبعا لتروي لي عن ابن عمك سلطان زمانه ، سمعت أنه وسيييم
ميرنا(رفعت حاجبها):- سمعتِ .. يا شيخة ..
إيمان:- أقله ضمنت أن إياد سيلتفت لي بالأخير
ميرنا(رفعت حاجبها):- ما قصدكِ ؟
إيمان:- هه ما قصدي ! اطلعي من هذا الدور يا ميرنا أنتِ تعلمين أنه يعشقكِ منذ أيام الجامعة
ميرنا(ضحكت بسخرية):- إيااااد يعشقني أنا هههه أي نكتة هذه يا بنت ؟
إيمان(ابتلعت ريقها):- لن تستطيعي إخفاء هذا عني حتى لو أنكرته بأعماقكِ ميرنا
ميرنا:- كفي عن الهبل ولا تتمادي ، أنا وإياد أصدقاء بحق ولا مجال لتلك المشاعر التي تتهمين المسكين بها … ثم من أصله تجدين فرصتكِ تجدين غايتكِ لا شأن لي صدقا في الوقت الحالي أملك من المصائب ما يكفيني
إيمان(نهضت وهي تتمطى بخيلاء"):- كعادتكِ دوما ما تمسحين كل شيء بديباجة أكل منها الدهر وشرب ، عموما ألف مبروك
ميرنا(وكأنها تتعمد قتلي بتذكيري بتلك المصيبة):- عقباااالك يختي …/ هف ما أثقلكِ في بعض الأوقات تصبحين أنتِ والحائط سواء ..
لبيب(قاطعها بدخوله):- هلا بابنتي ميرنا والله الجريدة نورت ما اعتقدت أنه بعد اتصالنا ستحضرين ، منورة يا بنتي
ميرنا(صافحته بمودة):- منورة بيك يا عم لبيب ، هاااه أخبرني كيف صحتك وكيف الأولاد ؟
لبيب:- كله ستر من عند الله نقول الحمدلله على كل حال
ميرنا:- جيد جدا ، أخبرني هل ظهر إياد ؟
لبيب:- أجل وأخذ هاتفه مباشرة بعد اتصالي بكِ ، حتى أنه بدا مستعجلا جدا
ميرنا(بارتياب):- أهااه كيف يعني ؟
لبيب:- لم ينتبه لآثار الوحل أثناء عودته علما أنه من الحريصين على إبقاء المكان نظيفا في هكذا أوقات من فصول السنة
ميرنا:- امم معك حق ربما كان ذلك سهوا منه ليس إلا
لبيب:- ههه سهوا منه لالا يا ميرنا إياد لا يسهو في هكذا أمور ، ثم لا أدري أين ذهب فالوقت الذي خرج فيه لم تكن السماء ماطرة مع ذلك بدا وكأنه كان يتمرغ وسطها مثل الأطفال هههه
ميرنا(برقت عيناها بعدم فهم):- أهاااه ؟
لبيب:- يا ابنتي أنا كبير في العمر لكن نظرتي لا تخيب ، عليكِ أن تهتمي بصديقكِ جيدا وتملئي قلبه بحبيبة تبعد عنه حالات الطيش التي تعتريه مرة بعد مرة فمثلا قبل أيام حضر للجريدة وبيده ملف المقالات التي ستطبع لكنه ضاع منه ، وحين وجدته وسلمته إياه أنكر أنه كان مفقودا ومن بعدها استذكر ذلك وهنا قد بدأ مرحلة النسيان .. نأتي لمرحلة الشرود من فترة طلب مني أن أحضر له قهوة ولم أتأخر عليه سوى للضرورة فقد كان لدى السيد فتحي ضيوف اضطررت للقيام باللازم وحين قدمت إليه وجدته شاردا في الممر أعطيته قهوته لكنه صرخ بوجهي حين تأخرت والله يا بنتي يعني لم يكن بيدي ذلك ، تأسفت منه وغادرت وأنا شبه منكسر ولكنني أعلم بأنه طيب القلب وينسى بسرعة كل ما يجرحه
ميرنا(تستمع إليه بتمعن):- كان مضغوطا الفترة الماضية وإن صرخ بوجهك مرة فقد فعلها معي مرات عديدة ، لا تحزن يا عم لبيب
لبيب:- لم أحزن فأنتما مثل أولادي ومعزتكما الله يشهد كم هي كبيرة ، ولو لم أشعر بذلك ما كنت فتحت معكِ هذا الموضوع عليكِ أن تركزي في حياة صديقكِ قليلا ولا تهمليه لأنني وكما أتوقع يعاني من مشكلة عويصة ويحاول تداركها بشكل يثقل كاهله أكثر فأكثر
ميرنا(ترى ما نوع المشكلة التي تخفيها عني يا إياد):- ههه تمام يا عمو لبيب سأرى ذلك بنفسي يمكنك الذهاب ..
لبيب:- تمام يا غالية عن إذنك
تضخم الهواء في صدرها وهي تمعن التفكير في ما قاله العم لبيب ومن فورها اتصلت بإياد الذي لم يكن يرد على هاتفه وهنا لم تجد بدا من بقائها وعليه خرجت في حال سبيلها، لكن أين المصير هل ستعود للبيت أكيد ستكون نور قد عادت بحكيم إلى هناك ، طيب إلى من ستلجأ فحتى كوثر بالعمل وحالها يصعب ع الكافر ووائل قد نبذها هذه المرة فجرحه أعمق من جرحها يعني إلى أين ستمضي وكل الأبواب قد أقفلت بوجهها لا لا ليس كل الأبواب ، برقت عيناها حين وجدت ملاذها الذي سيريحها سويعات من حالة الموت التي تعتريها واستقلت سيارة أجرة للتوجه إلى حيث تشاء …

أين ذهب إياد لحظتها يا ترى بل كيف سيحل المأزق الذي وضعه فيه عرندس الغبي كما لعنه وشتم أهل أهله ، كان يضع يده على جنبه وهو ينظر إليه بنظرة القتل فما أقدم عليه لا يتقبله عقل وسوف يجعل التساؤلات تطرح وتطرح بشكل لا يحتمل التوقف ..
ميار(مسح على فمه وهو يصطبر على نفسه):- أخبرني الآن كيف سنحل هذا المشكل يا فهييييييم زمانك ؟
عرندس(ينظر للأرض بتأسف):- فخامتك بدون سخرية والله والله قد اتبعت كل التعليمات ، والست إيمان لم تتمكن من السيطرة على الموضوع فإياد كان مصرا على المغادرة
ميار(اقترب منه بشراسة):- يدعى السيد إياد السيييييد إيااااد ، لا تنسى الألقاب مطلقا ولا تجعلني أستذكر إصابتك له المرة الفائتة كدت أخسره من طيشك وقد نبهتك آنذاك أي خطأ آخر ستصبح في خبر كااااان يا عرندس
عرندس(انحنى باحترام ولهفة):- السماح منك سيدي السماح أعدك أنني لن أكررها
ميار(زفر بعمق وأطل من خلفه):- متى سيستيقظ ؟
عرندس:- بعد ساعتين على الأغلب
ميار(بأسف نظر لإياد الذي كان بجيب سيارتهم الكبيرة نائما):- خذوه لشقته وضعوا هذا الهاتف بجيبه ، احرصوا على ألا يلمحكم مخلوق مفهووووم ؟
عرندس(تحرك ليخبر الرجال بالأوامر):- حاضر سيدي ..
ميار(فرقع إصبعه له بهدوء):- عرندس ..
عرندس(عاد خطوات للخلف ووثب حيث أشار له ميار قربه تماما):- نعم ؟
ميار(رفع رأسه إليه بحزم):- إياد نجيب خط أحمر ، لو أصيب بخدش أقول مجرد خدش ستتحمل أنت المسؤولية كاملة وصدقني لن أقتلك بل سأجعلك تتمنى الموت ولن تحصل عليه ، هيا انصرف من أمامي الآن
عرندس(ابتلع ريقه بخوف وهلع):- ح .. حسن سيادتك بأمرك ..
تقدم ميار وهو يزفر بعمق صوب إياد النائم في سكينة تامة ، وقف على رأسه وأخذ يطالعه بحرص شديد وعقد حاجبيه حين طرأت على باله ذكرى …
~ ميار يتذكر ~
قبل عدة سنوات وحين كان ميار بعمر الرابع عشرة تقريبا ، كان يعمل في مخبز العم نجمي بالزقاق الجانبي لشارعهم حين وقفت على رأسه وهي تضع يديها على جانبيها وتضحك بضحكات متوالية ، مع تمايل فستانها الممتلئ بالأزهار الرقيقة مثلها ، كانت فتاة ناعمة جدا في مثل عمره تماما ، بُنية العينين وذات بشرة بيضاء كالثلج بشعر متمازج ما بين البني والأشقر ، أما ضحكتها فقد كان يعتبرها مثل ترانيم معزوفة قادمة من بعيد ما أجملها قالها وهو ينهض من انحناءته التي كان عليها حيث كان يرتب الخبز بفترينة الفرن لأجل البيع ، مسح الدقيق بملابسه وتقدم إليها وهو يرتب شعره في حركة مرتبكة
ميار(بتأمل):- جوزيت .. كيف أتيتِ ؟
جوزيت(تتراقص كالفراشة وعيناها تتأملانه بمودة):- عبر الأحلام ههههه
ميار(ابتسم لها):- ما أعذب ضحكتكِ جوزيت ، أترغبين بأكل بعض الحلوى معي ؟
جوزيت(ضحكت أجمل ضحكاتها وهي تغمزه بلطف):- بل أريد بعض المثلجات لكن بشرط
ميار(انحنى برأسه):- وما هو سلطانتنا المبجلة ؟
جوزيت(بتدلل وضعت يديها خلف ظهرها وهي تهتز بنعومة):- نحضر إياد أيضا
ميار(رمش بعينيه):- أبي لا يسمح بخروجه من البيت سينال ضربا مبرحا وأنتِ تعلمين ذلك
جوزيت(تتمطى بفستانها الزهري بحركة طفولية):- لا شأن لي .. قد ربحني في لعبة الأمس ووعدته بالمثلجات ، أرجوك ميار حقق لي ذلك
ميار(طالع رجاءها وهز كتفيه):- لا أعلم لما تعشقين ذلك المدلل إنه مجرد طفل بائس لا ينفك يبكي على أتفه الأسباب
جوزيت:- لا تسخر من ابن عمي وإلا أخبرت عمي عما تكنه لأخيك في الخفاء
ميار(عقد حاجبيه وهو يسير بجنبها):- أنااا عائد يا عم نجمي …. وأنتِ لا تتذمري فبعض الحقيقة لا تعجبكم ، فحتى عمكِ ذاك حين أتفوه أمامه بهذا يبرحني ضربا بينما المصون إياد لا يحظى سوى بالدلال والحنان
جوزيت(شهقت وهي تسير رفقته):- هئئ يا إلهي أنت تغار من أخيك الصغير
ميار(عقد حاجبيه بغيظ):- ذلك الصغير سبب تعاستي في هذه الحياة
جوزيت(ضربته على ذراعه):- ههه ويلي لو يعلم البقية ستصبح مسخرة
ميار(بحنق):- توقفي عن السخرية هنا .. لا يعني أنكِ ابنة عمي أن تقللي من شأن غيرك أنا أكبركِ فاحترميني
جوزيت(بدلال):- ههه هل سأحترمك وأنت لا تكبرني سوى ببضعة أشهر ؟
ميار(بصرامة جادة):- مع ذلك يا بنت لا تقللي أدباااا
جوزيت:- لا يعني أنني أسمع كلامك أن تسيطر علي سأفعل بك العجائب يا ميار نجيب ههه
ميار(باحتدام):- بنت كفي عن العبط هناااا أنا لا أمزح
جوزيت(سبقته وهي تركض):- ههه سأفتن عليك وأفضحك سترى يا ميااااار
ميار(لحقها):- سأريكِ إذن .. جوزييييييت جوزيييت توقفي
جوزيت(لم تنتبه للسيارة المارة من الطريق وظلت تجري):- الحق بي يا فااااشل ، ههههه أنا جوزيت نجييييييب لا أحد يتفوق علي .. هههه سأفضحك يا ميااااااااااااااااااااار
ميار(جحظ بعينيه وهو يصرخ كي يمنعها من المضي في طريقها لكن قدرة الله كانت أقوى وأشد):- لالالالالالا جووووووووووووووووووووووزي ت توقفييييييييييييييييي
لكنها لم تتوقف ولم تستمع له ، قد اختفت بسمتها لما أيقنت أنها النهاية وطالعته بنظرة غريبة تبخرت بعدها مثلما يتبخر الحلم الجميل ، صدمتها السيارة وبالعرض البطيء تناقلت ومضات ضوئية في عينيه ما بين ارتفاعها في السماء ما بين ضحكتها المشرقة ما بين آخر ملامح ارتسمت على وجهها ، إلى الدماء المتناثرة أرضا وذلك الجمع الهائل من الناس هتافات البعض على صراخ النسوة على صدمة كل من رأى ذلك المنظر … من هول الصدمة تطلعوا إليه بنظرة لوم وعتب كيف لم ينبهها لتلك السيارة المسرعة ، كيف لم يقم بدوره تجاهها ويحميها … لالا لا يمكن أن ترحل جوزيت بتلك البساطة لا يمكن أن تسلبه من فرحتها التي يلون بها حياته ، لا يمكن أن تهجره بتلك الطريقة المؤلمة وتبتعد لغير رجعة … كان مثل الجماد فقط عينيه التي تتحرك وهو يبحث عن هفوة حقيقة تبرز له أن ما يعيشه أمام عينيه مجرد وهم يتراءى له في وضح النهار ، صراخ أبيه وضربه المبرح له من فرط لوعة الموت وحرارة الفاجعة كان بعيدا بعيدا عن متناول تركيزه ، فهو أمام فقدٍ أغلى الأحباب ، صاحبة الابتسامة المشرقة التي كانت حلمه المميز في هذا الوجود ، سبيله للصبر والمثابرة في وجه جور أبيه ، الشيء المشع كشمس الأمل في مجمل تفاصيل أيامه باختصار كانت جوزيت نجيب ، الشابة اليافعة المحبوبة من قبل الجميع والتي لأجلها انهار أبوه وشاهده في حالة هستيرية لم يرها من قبل …. كان لئيما لدرجة أن ميار استشعر حجم محبة جوزيت أكثر حتى من محبة إياد في قلبه فهو يعلم علم اليقين أنه دوما في آخر مرتبة أو أنه مُعدم من هذا الحق بشكل لا يغتفر ، سويعات وهو مشوش تائه في ركن قصي محتجز مثل الفأر المحكوم عليه بالموت البطيء ، توجهت صوبه سيدة متوسطة السن وهي الخالة صباح جارتهم منذ أن استقروا في ذلك الحي قبل سنوات وقد كانت ترعاهم بين الفينة والأخرى ، وفي غياب أبيهم كانت هي مربيتهم آنذاك ..
صباح(بوجه باكي):- لا تحزن يا ميار إن جعلك أبوك تتضور جوعا منذ الحادثة ، خذ قطعة هذا الخبر وتناوله فهو لن ينتبه لذلك
ميار(رفع كتفه وأبى أن ينظر إليها):- … لارد
صباح(بقهر):- يا ولدي إن ما حدث قضاء وقدر فلا تعاقب نفسك
ميار(هدر فيها بدموع منهمرة من عينيه):- وهل هذا رأي أبي لقد ألقى باللوم كله علي ، لقد خسرناها يا خالة صباح ماتت جوزيت مااااااااتت وقد عدتم للتو من دفنهاااا الذي حرمني منه أبي وكسر قلبي باحتجازي في هذا المكان القذر
صباح"(جلست بقربه وهي تمسح دموعه):- كانت ستموت عاجلا أم آجلا ، مرضها القلبي كان متدهورا جدا لكنها أبت أن تبقى بالمشفى بفترتها الأخيرة .. قد كانت شجاعة جدا رغم حداثة سنها إلا أنها كانت مثالا للإنسان السوي
ميار(بلوعة في خاطره):- لم أكن أعتبرها أختا لي ولا ابنة عم بل شيئا أسمى بكثير ..
صباح(تأوهت عميقا وهي تستذكر ماضيه):- آه يا صغير ما زلت صغيرا على ذلك الحمل الثقيل ، ولا يزال هنالك ما لا تعلمه لكن سيأتي وقت وتفهم كل شيء
ميار(بعدم فهم رمى برأسه على ركبتيه):- خسرت ضحكتي خسرت جووووزيت صديقتي الوحيدة ، القلب البريء الذي أحبني بصدق لا أبي ولا إياد أحبَّانني مثلها خسرتهااا خسرتهااا
صباح:- أخوك صغير إياك وأن تحقد عليه ، فهو لا يزال حديث العهد أما والدك فيكفيه خسارته بالفتاة التي كفلها منذ أن ولدت ، قد كانت بالنسبة له نور العين محبتها في قلبه لم أشهدها في حياتي حتى بينك وبين إياد لم يكن ليحصر قيمتها إزاءكماااا .. آه عليكِ يا وردة فتية قد رحلتِ إلى السماء باكراااا جدا رحمكِ الله يا حبيبتي جوزيت
إياد(بعمر صغير يمسك دبا صغيرا واقفا عند الباب بدموع):- ألن تأتي جوزيت الليلة لتحكي لي قصة ما قبل النوم ؟
ميار(بغمغمة دمع تذكر ما كانت تفعله ونهض من محله ليوليه ظهره في بكاء حارق):- لارد
صباح(لمحت قهر ميار ونهضت لأخيه):- ماذا عني أنا هل أروي لك قصة ؟
إياد(مط شفتيه بدلال):- ولتكن جميلة مثل حكايات جوزيت أختي
صباح(كفكفت دمعاتها):- لنصعد إذن عزيزي …
أمسكت بكفه الصغير وجذبته خلفها مبتعدين عن تلك الغرفة ، بينما ظل ميار يهتز ببكاء متواصل يعضعض قبضة يده المبيضة وهو يشعر بالانهيار الذاتي قد فقد كل شيء بعد رحيلها ، ولم يعد هنالك طعم للحياة … وأكييييد سيرى من والده أسوأ مما كان يراه في السابق من تظلم وضرب وتعذيب فقط لأنه يذكره بأسود أيام حياته ولأنه طفرة خبيثة نتجت عن أفظع امرأة قابلها في حياته أمه المسكينة التي لم يكن لها يد في أي شيء سوى أنها أحبت الرجل الخطأ في الزمن الخطأ … لم يكمل تحليلاته في الحقائق التي ترعرع عليها فقد كان أبوه في كل يوم يشتمه بأخبث الكلمات ويعايره بنسب أمه الذي جعله خطيئة في نظر نفسه … عامر نجيب الرجل البائس الذي حول حياته مجملها لجحيم لا يطاااااق ها قد عاد للبيت أخيرا وهو سكرااااان في حالة ثملة لا تبشر بالخير …
عامر(بمجرد دخوله بصفعة على وجه ميار):- يا حثالة البشر بسببك بسببك أنت خسرت شمعتي ، لقد قتلت حورية حياتي جوزيت جوووووزيت ماتت بسببك أنت أنت وحدك الملام على موتها ولا أحد غيرك سيتلقى انتقامي لا أحد يا مياااااااااار …
ميار(استقبل ضربات أبيه بقلب ميت):- ليس صحيحا لقد حاولت منعها لكنها كانت مسرعة ، لم أستطع تحريك ساكن يا أبي
عامر(دفعه أرضا حتى التصق مع الحائط وأشار له):- لا تقل أبي لا تقل أبي أنا لست أبااااااااك ، لا أتشرف بأبوة حيوان قذر مثلك أنا أنا لدي ابن وحيد يدعى إياد وحده ابني وحده يا غبي …
ميار(بلؤم حرك شفتيه):- دوما ما تكرهني ولا أدري ما السبب ، لقد ماتت أمي بحسرتها عليك وهذا يكون جزاء صبرها أن تقوم بتحويل حياة ابنها لجهنم الحمراااااء
عامر(أمسكه من ذراعه وجذبه إليه بقوة):- اخرس اخرس أمك تلك مجرد عاهة كسبت فيها ثوابا لما انتشلتها من الحضيض الذي كانت تحياه وسط أهلها ، أتحسب بأنني أحببتها هه مخطئ فالمرأة التي عشقتها كانت وستظل موصومة في قلبي
ميار(أغمض عينيه وانفجر بوجهه بصبر لم يحتمل الصبر):- تلك المرأة مذ أن دخلت حياتنا وقلبتها لسواد وقد ماتت بدورها ماتت ماااااااااااااااااااتت فدع عنك عيش الأطلال قد ذقنا ذرعا من حالتك الميئوس منها
عامر(عقد حاجبيه وهو يهزه بنفاذ صبر):- كيف تتجرأ على التفوه بمثل هذه الكلمات ، كيف تتكلم عن امرأتي بذا الشكل المقيت هي أشرف منك ومن أمك التعيسة
ميار:- أمي عفيفة ولولا أنك لم تدخل حياتها وتخربها مثل السوس ، لكانت وسط عائلتها معززة مكرمة
عامر:- هاهاااااها .. معززة مكرمة لقد كانت قذارتهم التي نبذوها ما إن اكتشفوا أنها بلا شرف
ميار(عقد حاجبيه برفض على أمه):- بل كانت كذلك لو لم تسلبها منه بخداعك وضحكك عليها لتنتقم من أسرتها لأنهم أخذوا منك محبوبتك الحقيرة
عامر(لوى ذراعه بين يديه):- إياك وأن تتواقح على سيرتها حتى ، لو لم تكن أمك ذات جنس سافل ما كانت خانتهم لتكون معي وتوصم أسرتكم بالعار ، كانت تعلم أنني من عشيرة المافيا ومع ذلك هربت معي ليلتها وحصل ما حصل فكيف لا تريد مني أن أستغل الفرصة ، تزوجتها نعم وليس من فرط التهديد الذي أتاني من أولئك القوم بل لأنك كنت بأحشائها ولم أرتضي أن تولد بعيدا بل جعلتك قربي لكي ترث من بعدي عرش المافيا الذي دربتك عليه ولا زلت أحاول استخراج رجل منك علما أنني أشك بأنك قادر على تحمل مسؤولية فأر حتى … هاهههه
ميار(ببؤس مسح دموعه وناظره بقهر):- كان الموت راحة لجوزيت ، قد نفذت منك ولم يعد لك سلطة عليها كي تجعلها حليفتك في عرش المافيا المزعوم
عامر(بشراسة غرس أظافره في ذراع ميار):- وهنا يأتي دورك لتتصدر فوهة الموت وتثبت أنك قادر على ذلك ، عرشي ستحمله رغما عنك وإن أبيت ستعرض أخاك إياد لخطر فادح سوف يتشرد ويصبح قطعة خردة في أنامل الحاقدين
ميار(عقد حاجبيه):- أليس ابنك المحبوب إذن تدبر الأمر معه ولا تقحمني في حروباتك الشخصية ضدهم ، هذا الأمر لا يعنيني فاليوم قد فقدت نصفي الثاني ولم يعد هنالك ما سأخسره
عامر(شعر بدوار النوم لذا دفعه عنه):- شتتت يكفي يكفي لم أعد أتحمل صوتك ، أغرب عن وجهي الآن أغررررررررب ..
ميار(لم يشعر بنفسه إلا وصرخ فيه):- يا ليتك أنت الذي مت ولم تكن جووووزيت
عامر(بصق بنصف وجه ميار وتوجه معربدا صوب غرفته):- فلتذهب للجحيييييييم ..
ميار(أخفض رأسه بحزن):- يا خسارة ..
رمقه بنظرة أخيرة قبل أن يصعد درجات السلم صوب غرفته الكئيبة فقد رحلت من كانت تزينها بدخولها كل صباح ، ومن كانت تتمنى له ليلة سعيدة وتمسح على جبينه وتخبره بصوت دافئ أن كل الأمور ستصبح رائعة ذات يوم ، رحلت وتركته قبل حتى أن يعبر لها عن مكنوناته الداخلية قد كان ينتظر لحين يشتد عوده ويكون ندا لإخبارها بما يعتمره صدره لأجلها لكنها سارعتِ الرحيل مع الأسف ، بكى بكاء صامتا أحرق وجده فبكاء الموتى يشبه ترديد تعاويذ الاحتضار عند منتصف الوجع .. رمى بوجهه بين يديه وهو جاثم على درجات السلم وبعدها تنفس بعمق ليكمل مسيره صوب غرفتها مباشرة فتح الباب وتفاجئ بنوم إياد على سريرها يضم دمية الكلب خاصتها ويهتز بشكل طفيف .. بحث بعينيه عن صباح لكن لم يجدها على الأغلب قد غادرت للنوم وهنا جذب الباب خلفه فهو في غنى عن التعامل مع طفل مدلل لكن ما استوقفه هو نحيب إياد ورجاؤه
إياد(بصوت باكي):- أنا خائف ..
ميار(مط شفتيه بغيظ):- إذهب لغرفتك ونم هناك .. هياااا تحرك
إياد(التفت إليه):- عادة ما أنام هنا مع جوزيت
ميار(اهتز بقسوة):- كاذب
إياد(جلس وهو يهز كتفيه ببكاء طفولي):- لست كاذب كل ليلة كنت آتي إلى جوزيت وتضمني إليها وأنام وهي تغني لي
ميار(عقد حاجبيه بعدم تصديق):- أحقا كانت تفعل ؟
إياد(ببراءة هز رأسه):- أهاه .. خالة صباح لا تعرف الغناء وقصتها بشعة جدا وأنا لا أستطيع النوم أريد جووووزيت أحضروا لي جوزيييت أرجوك ميار أخي
ميار(حرك عينيه بنفاذ صبر وطرد فكرة مساندة إياد من باله):- تحرك صوب غرفتك واقبع فيها حتى الصباح .. هيا هيا لا وقت لدي لدلالك يا هذاااا
إياد(انتفض من صراخ أخيه ونهض وهو يجر أذيال الخيبة وبيده الكلب الصغير الذي سقط على الأرض قبل أن يصل إلى ميار):- اهئ …
ميار(مط شفتيه بكره وهو يزفر بعمق):- توقف …
إياد(رفع رأسه إليه):- همم نعم ؟
ميار(تحركت حنجرته بتأفف ورمش بعينيه):- هل تحفظ ما كانت تغنيه جوزيت ؟
إياد(برقت عيناه بفرح):- أجل بقرتي السعيدة
ميار(هز حاجبه):- بقرتك السعيدة يا حبيبي … تت طيب اجلس هناك وغنها لي
إياد(بحماس حمل الكلب وركض للسرير وأشار لميار كي يجلس قربه ويستمع):- ههه جوزيت كانت تلاعب شعري بيديها الناعمتين وتغني لي ، بقرتي السعيدة نامي في حضن أمكِ قريرة العين ولا تخافي ، فغدا ستشربين حليب الأمل وتنسين همَّ الانتظار الجافي ، ستعيشين في كنفها الوافر وتتنعمين بحضنها الدافي ، ستملئين الدنيا ببهجتكِ وتروين عطش المارة بحليبك الصافي ، نامي ولا تخافي فبسمتكِ وحضوركِ بالنسبة لنا خير كافي … / جوزيت تؤديها أحسن مني وتفتعل حركات بيديها تجعلني أضحك هههه ههه
ميار(حرك رأسه من هذه الأغنية الطفولية المجنونة التي أطلقها على مسمعه أخوه الصغير بطريقة بريئة وصوت رقيق دافي ، نفث بقلة حيلة وأشار له كي ينام على السرير):- طيب لندع أغنية جوزيت على جنب مهما حاولتُ لن أتمكن من أدائها ، سأفكر بحل آخر يجعلك تغفو وترحمني من غنجك هذا
إياد(ضم الدب لحضنه وتغطى بالفراش وأخذ ينظر إليه):- أنا سأنتظر ههه
ميار(وجد نفسه مجبرا على مسايرة ذلك الصغير الذي يفتقر أكثر منه لحضن دافئ وحنان وافر أكثر من تلك البقرة التي أيقن تماما أنها كانت تعني جوزيت الحبيبة):- … همم لمَّا رحلتِ أغمضتِ السماء عيونها وغابتِ الشمس ، أتانا الليل في زيارة دائمة في رحلة حضور دون عودة حزنا من بعد غيابك ، رحلتِ وتركتِ كلَّ شيء معلقا بأحابيل وهنة تمزقها أنياب الحرقة ، كيف استطعتِ نكران ذاتي وغادرتِ بلا وداع.. آه يا جوزة قلبي إلى أين المصير من بعدكِ وقد بات كل ما في دنيتي يشبه ظلام العمر ؟؟؟ …..
شرد طويلا في صورتها وحين تفقد أخاه الصغير وجده قد نام من فوره ، تحرك حاجباه وهما يرسمان نظرة امتنان وقام بتدفئته جيدا بالغطاء ولم يشعر بنفسه إلا وقد تمطى محله لينام بقربه ويهدهده بلطف كما كانت تفعل جوزيت تماما ، وكأن روحها الطائفة بخلده تأمره بأن يرعاه مثلها وأكثر …
وهكذاااا نام بدوره بجانب إياد وصورة أميرته المشعة كشمس النهار تطوف بفكره ، يحاورها يشكو لها يحادثها عما يؤلمه فلا يوجد من يستمع له غيرها حتى إياد كان صغيرا جدا على أن يستوعب ما يدور حوله … مرتِ الأسابيع الأولى سوداوية لحين جاء اليوم الموعود الذي ستتغير فيه الحياة وتفترق الطرقاااااااات .. كان يوما مكفهرا بشكل تقشعر له الأبدان استيقظت صباح أول واحدة وشرعت تحضر الفطور لهم ، في حين كان عامر خارج البيت طوال تلك الليلة لم يعد ولم يعطهم خبرا ، نهض ميار بدوره ليستعد للذهاب إلى فرن العم نجمي كي ينجز عمله المعتاد في توزيع الخبز على البقالين فحتى لو كانتِ الأجرة ضئيلة لكنها كانت واجهة لأبيه كيلا يتيقن أي أحد أن خليفته سيكون بكره ميار نجيب ، بعد أن جلس على الإفطار نزل بعده إياد درجة درجة وهو يدندن بمقطع البقرة السعيدة ابتسم له ميار وأشار كي يجلس بقربه بينما كانت تصب لهما صباح الحليب
ميار:- ها نحن ذا سنشرب من حليب بقرتك السعيدة
إياد:- ههه لا هذا حليب جوزيت هي أخبرتني
ميار(تشنج من سماع اسمها الذي بات يؤلمه بشدة مؤخرا):- رحمها الله
إياد:- ههه جوزيت زارتني ليلة أمس في غرفتي وأهدتني الحلوى
ميار(عقد حاجبيه وهو ينظر لصباح التي أومأت له أن يسايره):- أحقا ؟
صباح:- أطعم أخاك يا ميار سأتوجه لبيتي قليلا وأعود
ميار:- طيب خالتي صباح … ها يا إياد أخبرني عن حلوى جوزيت ؟
إياد(أخرج من جيبه قطعة حلوى):- أنظر إنها نفس التي كانت تعطيني إياها
ميار(حملق في الحلوى وقد كانت بالفعل من جوزيت):- من أين أحضرتها ؟
إياد:- جوزيت أعطتني إياها وأخبرتني ألا أطلع أحدا على ذلك ، كان سري أنا وهي فقط
ميار:- ههه آه يا صغير جوزيت ليست هنا ولا يسعها القدوم لإعطائك قطعة حلوى ، فاكبر
إياد(بإصرار):- لا والله أنا لا أكذب جوزيت جاءت ليلة أمس وغنت لي أغنيتي المفضلة حتى، ثم طلبت مني أن أكف عن البكاء عليها لأنها بخير
ميار(مسح على شعره):- طيب طيب سأصدقك ولن أجادل
إياد(بعناد):- أنت لا تصدقني صحيح سوف أثبت لك صحة كلامي إذن هممم .. رافقني لغرفتي هيا انهض ميار إنهض
ميار:- هووه يكفي يا إياد لا رغبة لي في لهوك الطفولي
إياد(جذبه من يديه):- لالا أنت سوف ترى بنفسك كيف رتبت جوزيت أغراضي بالدولاب ليلة أمس ، وكيف عدلت رجل الدمية المكسورة وأيضا قامت بكتابة أمنياتي المسائية على الدفتر كما كانت تفعل كل ليلة
ميار(بتعب رافقه):- يا الله عليك ها أنذا سأصعد وسأقوم بقسم رأسك لشطران ، إن تبين كذبك يا إياد لأنه عيب هممم
رافقه للأعلى وبالفعل وجد أن كلام إياد صحيح ولم يكن يدَّعي بهتانا في أي نقطة ذكرها ، لكن ما هذا الذي يحصل إنه قمة الهذيان وهذا ما لم يستوعبه ميار وجعله يجلس على السرير يناظر قطعة الحلوى ، رجل الدمية السليم ، خط جوزيت على دفتر أمنيات إياد وووو كل ما قد يجعله يفقد صوابه وهو يبحث عن إجابة منطقية لكل ما يدور حوله ..
إياد:- هل صدقتني الآن ؟
ميار(رفع حاجبه ونهض إليه بصرامة):- أيها الطفل البائس قد بالغت في رعايتي لك ، ما كان يجب أن أقربك مني كيف تتلاعب بمشاعري كذبا هكذاااا ألا تشعر بمعاناتي يا غبي ؟؟؟؟؟؟
إياد(ببكاء):- أهئ لما تصرخ بوجهي أنت شرير مثل بابا …
ميار(أغمض عينيه بقوة وابتعد عنه):- كفى كفى ولا تعد ارتكاب مثل هذه الأشياء كي تجعلني أفقد صوابي ، جوزيت ماتت مااااااااتت ابنة عمنا قد مااااااااااااااااااااتت فارحمني
تركه باكيا وغادر الغرفة والبيت والشارع كله لغير وجهة ، أخذ يسير بسرعة لحين تحول سيره لركض مؤلم يترجم كل خفاياه الأليمة ، لم يكن يرى أمامه فقد سارع خطاه صوب المكان الذي دفنت فيه جوزيت وقد كان بالمقبرة الوحيدة في بلدتهم ، والتي كانت تبعد عنهم بقيمة نصف ساعة لم يستشعر فيها أدنى ألم فوجهته كانت تحثه لمتابعة المسير والوصول بأسرع ما يمكنه صوب جوزته الغالية … أثناء مصارعته لتلك الأشواق المحصورة فيها وجد نفسه يلهث بتعب أمام قبرها الحديث انحنى وهو يلتقط بعض الهواء لعله يضبط ضربات قلبه ، يديه على ركبتيه ورأسه يطالع قبرها بطرف عين كسيرة ..
ميار(رفع يده بعصبية):- ماذا تفعلين بي يا جوزيت ألن ترحلي وتكفي عن ألاعيبك ، ماذا تريدين بعد أن سرقتِ بهجتي برحيلك أترغبين بدفعي إلى الجنون .. كيف بلغ منكِ الخداع أن تستبيحي اللعب بعقل طفل صغير ، كيف وصل تأثيركِ لتلك المرحلة أنا أكبر منه وأحيانا أسمع دندناتكِ بين الفينة والأخرى فأحسبني أهذي لكن أن تزرعي نفسكِ بعقل إياد بتلك الطريقة وتجعلينه يمارس أعمالكِ ويدعي أنكِ الفاعلة هنا أرغب بإجااااابة ؟؟ لما تفعلين كل ذلك جوزيييييييييييت لما تريدين قتلي المرة تلو المرة لما تفتحييييييين الجرااااااااااااااااااااا ح ؟؟
لم يسمع شيئا سوى صدى صراخه لحظتها في تلك المقبرة المهجورة ، وهذا ما جعله ينزف دمعا حارقا أجبره بالجلوس على ركبتيه بفشل يناظر السماء بل يناجيها لعلها ترحمه مما يعانيه فقد كانت هي أمه الثانية التي فقدها دون سابق إنذار، كانت أخته التي لم يحظى بها يوما وصديقته التي يشكوها همومه وحبيبته ، حبيبته التي سيخلص لها أبد الدهر …. هكذا عزم أمره ولملم شتات أفكاره المبعثرة وعاد بخفي حنين إلى بيته ليجد الصدمة الكبرى في انتظااااااااااااااره ، كانت صباح تنوح وتبكي من داخل البيت حين دلف إليه ميار جزعا غير مدرك لما قد سقط على رؤوسهم فجأة ..وجد صباح تضرب على رجليها ببكاء غريب وعلى يسارها يجلس إياد مكتفا يديه وهو يبكي بصمت لكن عماذا يبكيان وما الذي حدث كي يزور الحزن بيتهم من جديد ، ما إن رأته صباح حتى انطلقت إليه وعانقته معتصرة إياه بحرقة لا يفسرها عقل ..
صباح:- آه يا قليل الحظ يا ميااااااار اهئ اهئ أبوك يا ميار أبوك قد قتل ليلة أمس في الوادي المجاور ، وجده رجال الشرطة غارقا هنااااك آه يا كبدي آه على النحس الذي يرافقك لم يتبقى سواكما يا ولدي أنت وأخوك اهئ اه ….
ميار(بعدم استيعاب):- ما الذي تتفوهين به خالة صباح من الذي مااااات أبي لالا مستحيل لقد لقد كان… ثم من قتله أين هو الآن ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
صباح(ابتعدت وهي تضرب فخديها):- الله أعلم يا ولدي قالوا أن الجثة مشوهة من الوجه بفعل أداة حادة ضرب بها ، ولا تزال التحقيقات قائمة لكن ما يهم الآن أن تشد نفسك وتصبر لنقوم باللازم في الجنازة
ميار(نظر لإياد الذي كان يستمع لهما):- أنت اصعد لغرفتك فورااااااا
صباح:- أهئ أهئ يا حرقتي عليكما يا حرقتي عليكمااااااا
أي مصاب ذاك ، ثم هل عليه أن يفرح أو يحزن لا يدري ماهية شعوره فقد كان مسمرا محله ينظر لإياد الذي أبى أن يصعد وظل قابعا وسطهم في غرفة المعيشة ينتظرون الفراااااغ ، لحين طرق الباب عليهم وقد كانوا رجال الشرطة قاموا بالبحث في قائمة أعداء عامر نجيب وطبعا لم يكن المخول بالرد سوى صباح التي نفت معرفتها بأي عدو له وقد كانت تلك الحقيقة التي تعلمها ، فهو قد كان كتوما جراء عمله ولم يخبرها بحرف في حين أن ميار كان مطلعا على كل شيء وشكك في أن أعداء والده هم من قاموا بتصفيته مع الأسف ..
الشرطي:- مع الأسف اتضح بعد التشريح أن والدك قد تعرض للتعذيب قبل أن يقتل بغرز خنجر في قلبه ، وجدنا ثيابه ممزقة هي الأخرى وكأنه كان في عراك محتدم في بادئ الأمر وفيما بعد تم السيطرة عليه بضربه بأداة حديدية أفقدته وعيه
ميار(بتمتمة تحت أنفه):- هل أستطيع رؤية الجثة ؟
الشرطي :- مستحيل أنت لا تزال قاصرا وهذا ممنوع ، ثم لمصلحتك ألا تراها إذ يصعب عليك التعرف على أبيك من التشوهات التي تعرض لها ، عموما انتهى عملي هنا تعازي الحارة لكم يا جماعة
صباح(تمسح دموعها بالمنديل):- سلمت يا سيدي تفضل الباب من هنا
إياد(اقترب من ميار بخوف):- هل بابا ذهب إلى جوزيت ؟
ميار(عقد حاجبيه وناظره ببؤس):- هو كذلك
إياد:- يعني سنعيش أنا وأنت فقط هنا بالبيت ؟
ميار(أغمض عينيه وفتحهما بتعب):- إياد لا تصرع رأسي بالأسئلة سوف نتحدث لاحقا أمامنا جنازة علينا التحضير لها
بالرغم من حداثة سن ميار إلا أنه وقف وقفة رجال في جنازة أبيه التي لم يذرف فيها دمعة واحدة ، ولم يبدي أي ردة فعل عن تأثره بتعازي أهالي البلدة الذين بدؤوا مهمتهم في التلسين على بيتهم بأنه منحوس وأن من يطأه يموت ، بداية بجوزيت إلى أبيهم والله أعلم من سيتبع وهذا ما جعل ميار يكفهر غيظا منهم ويسحب يد أخيه بقوة مبتعدا عن المكان بمجمله خصوصا أن رجال الشرطة اعترضوا على توقيت الدفن ذلك اليوم ، نظرا لتأخر بعض الأوراق التي لم تكتمل بعد وأيضا لأنه لم يتم اختيار المقبرة التي سيدفن فيها ، حاولت صباح التدخل في ذلك واقترحت على ميار أن يدفن بالقرب من جوزيت وهذا الأخير لم يعارض فأي مكان سيضم جثة أبيه سيكون جنة بالنسبة له ، لكن ما استوقف ذلك الأمل هو حضور رجل مقتدر في السن ذو ملامح رسمية وشاخص الأنظار بمجرد دخوله للبيت رمق ميار وإياد شزرا وتوجه للحديث رفقة ضباط الشرطة في شيء غريب عن الدفن ، وهنا لم يتمكن ميار من ضبط جماح فضوله لذا اقترب منهم ليعرف هوية الزائر وبأي حق يتدخل في دفن أبيه …
ميار:- لو سمحت من تكون حضرتك ؟
غضنفر:- أدعى غضنفر أنا صديق لوالدك ولدي وصية برغبته البحتة في أن يدفن في بلدة أخرى وفي مقبرة تم تحديدها بالاسم في هذه الرسالة …
ميار(بعدم فهم أمسك بالورقة):- ولكن لما ليس لدينا علم بمفاد هذه الوصية ؟
غضنفر:- إنها وصية وقد منحني إياها قبل وفاته بعدة أشهر ، كأنه شعر بأن موته قريب وعليه يجب أن نحقق له مطلبه بدفنه في المقبرة التي يشاء
ميار(عقد حاجبيه وهو يقرأ اسم المقبرة وفز عينيه في الرجل):- مقبرة آل الراجي ؟؟؟؟؟
غضنفر(أومأ للشرطة بأن كل شيء على ما يرام وجذب ميار على جنب):- أبوك كان مدركا لردة فعلك هذه لذا وكلني بالأمر ، ومهمتي كصديق له تحتم علي أن أسارع في الأمر بدءا من اللحظة ولذلك عليك أن تتأقلم مع الأمر بصدر رحب كي لا تصطدم بنفسك
ميار(كمش الورقة ورمى بها أرضا):- أنت لا تعلم شيئا لا تعلم شيئا …
غضنفر(من بين أسنانه):- أنا هنا لا ألعب ثم لا تقلل أدبك معي لأننا سنلتقي كثيرا ، ففي الوصية عينها هنالك أمر ستعرفه لاحقا
ميار(بقلق وريبة):- أي أمر ؟
غضنفر(زوره بحدة):- انتبه لنبرة صوتك معي
ميار(رمقه بنفس الحدة):- أ…
إياد(ركض إلى ميار وأمسك يده):- أخي أشعر بالخوف أنا
ميار(نظر للرجل وهو يرمق إياد باستعلاء وجذب أخوه خلفه):- لا تخشى شيئا أنا معك ..
غضنفر:- تمام سادتنا قد قدمت لكم الوصية ولكم الحق في التأكد من صحتها
الشرطي:- لا داعي لذلك فيظهر لنا جليا أن الأمر لا يستحق كل هذه الجلبة ، يمكنك المرور بالمشرحة لأخذ الجثة يا سيد غضنفر وتعازينا الحارة مجددا
غضنفر:- سلمتم …
أي رجل هذا الذي بكلمة قلب كينونة الشرطة وأيضا أشرع سيطرته على حنايا البيت ، فحتى صباح تقوقعت في ركن ترثي حظهم التعس ، وإياد كان بقربها ينظر للفراغ بشكل تائه غائب عن مواجع الأحداث ، أما ميار فقد كان يجلس بقرب النافذة يفكر في ذلك الرجل الغريب الذي لم يسبق له أن رآه في حياته أو سمع عنه من أبيه حتى .. لقد حضر وسوَّى كل الأمر بسرعة قياسية تحت أنظارهم وغادر ليقوم باللازم مع أبيه الذي لا يستحق في نظره أدنى اهتمام بعد الذي حصل له … كل هذه الأفكار اختلطت لتصبح إرهاقا نفسيا جعله ينام سويعات دون أن يفكر بشيء آخر يتعبه، لكن فجأة وبينما كان يغفو في تلك الليلة الغابرة سمع أصوات حركة كثيرة في بيتهم جعلته يستيقظ فزعا على صوت إياد الباكي
إياد:- أخي ميار ميار هنا رجال ملثمون سيقتلوننا ، جوزيت تطلب منا أن نهرب هيا نهرب
ميار(بدون فهم فيما يحدث):- ما الذي يجري ؟؟؟؟؟؟
إياد(بخوف):- لا وقت لدينا جوزيت أخبرتني أنهم سيأخذونك بعيدا عنااااا ، اهئ اهئ سأبكي أنا بدونك سأبكي
انتفض ميار من محله وركض صوب الدرج وأطل على مجموعة من الرجال الملثمين والمسلحين وهم في حركة غير اعتيادية ، ابتلع ريقه وعاد للغرفة أقفل الباب عليهما ووضع الكرسي تحت المقبض ونظر لأخيه الصغير طاف بعينيه وانتبه لنافذة غرفته أمسك بيد إياد وجذبه خلفه ، على هدى خافتة خرج ميار من النافذة وأمسك بأخيه بلطف وجرَّه خلفه ، تسحبا سوية على حافة الشرفة طبعا تحت وطأة هلع إياد الذي وجد في أخيه دعما كبيرا ساعده على الثبات
ميار(قفز من الشرفة بخفة ونادى على إياد):- هيا يا إياد اقفز سأمسك بك
إياد(تمسك بدبدوبه وهو يبكي):- لالا سأموت لو قفزت
ميار؛(بخفوت يأمره):- اقفز يا ولد المسافة ليست ببعيدة هيا اقفز …
إياد:- لن أقفز سأنتظر جوزيت لتأتي إلي الليلة وأرحل معها
ميار(بجنون):- عن أي جوزيت تتحدث يا مجنون ، إقفز فسيصل إليك الرجال الملثمون بين لحظة وأخرى هيا يا أخي هيااااااا
إياد(حرك رأسه رفضا وباشر بالبكاء):- اهئ اهئ أريد جوزيت أين أبي أين هماااااا ؟؟؟؟
ميار(شعر بالبؤس عليه لكن الخوف أكبر بكثير):- إيااااااااد ..
قبل أن يستوعب ما يحدث كان إياد في قبضة ملثم تبادل وإياه نظرة مديدة مفادها أنه قد وقع في قبضتهم ، وقبل أن يكمل ميار صرخته أتاه رجلين من الخلف وأمسكا به بقسوة ودلفا للبيت قاموا برميه وسط البهو تحت أقدام نفس الرجل الذي أتاهم قبل ساعات …
غضنفر:- أكنت ترغب بالهرب ؟
ميار(رمقهم وهم يجرون أخاه ليضعوه بجنبه):- ماذا تريد منا أنا لم أطمئن لك هذا المساء ، لذا أفصح عن نواياك وغادر بيتنا ؟
غضنفر:- اممم مثير للإعجاب أن يتحدث طفل في 14 عشرة من عمره بهذه الطريقة القوية ، لابد وأنك شخص مميز
ميار(صغر فيه عينيه):- لا أعلم أيا من العلاقات التي جمعتك بأبي ، لكن صدقني حين أقول لك أنه غير مرحب بكم هنا وبحياتنا أجمع
غضنفر:- عذرا يا صغير لكن لدى والدك دين عليك دفعه ، أو ستفقد أخاك الصغير في غضون لحظات ، يعني سنقوم بأخذ التدابير اللازمة ونجمع الأسرة في مقبرة واحدة لا تقلق
ميار(اهتز برعب على إياد الذي التصق به بخوف):- أنتم ترعبونه بحركات شرذمة قطاع الطرق ... فقط توقفووووا
غضنفر:- اممم مصطلح شرذمة أظنه أكبر منك عمرااا يا صغير ، لكن بما أنك ابن رجل عصابات من المؤكد أنك ستكون محتاطا كما تزعم الآن وتحاول أن تظهر لنا مدى قوتك وصمودك في هذه المحنة التي ورطكم بها أبوكم
ميار(ضم إياد بذراعه وبنظرة سقيمة):- اختصر ما ترغبونه وارحلووووا
غضنفر(نهض بعلياء وهو يسير تجاهه):- سنرحل سنرحل لا تتعجل يا صغير ، لكن لن نغادر بدون أن يتم دفع دين أبيكم
ميار:- نحن معدمون لم يترك لنا أبي أي شيء لتسلبوه منااااا
غضنفر(اقترب منه وهو يلهث):- بل ترك يا صغير تركك أنت وأخوك وعليك الاختيار
ميار(ارتعب خوفا على إياد ورمق نظرة غضنفر المرعبة):- ماذا سأختار ؟
غضنفر(أشار لهما بإصبعه):- إما أن تمضي معنا لتتسلم مهمتك في إدارة العشيرة ، وإما تنسى أمر أخيك ولتستعجل القرار يعني كي أطلب منهم على الأقل تجهيز قبر بحجم جسده
كان هذا الخبر مثل الصاعقة التي سقطت على رأس ميار ، عن أي عشيرة يتحدث هذا الغضنفر وعن أي قتل وقبر من ؟؟ ماذا يهذي هذااااااااا ؟؟ بالرغم من كل المآسي التي عايشها ميار في حياته الحديثة إلا أنها قوَّته وجعلته ناضج العقل وفطنته هي التي خولته لاتخاذ قرار سريع تجلى في حماية أخيه من أي شر يحيط به ، قرر أن يبعده عن تلك الدوامة فمصيره هو قد خطته الأقدار ولم يعد مسموحا له بأن يكون إنسانا سويا خصوصا تلك الفترة لأنه ضعيف جدا أمام القوة الهائلة التي تنتظره وعليه أن يكسب خيوط اللعبة في يده كي يستطيع العيش والإبقاء على حياة آخر فرد من أسرته المشتتة .. إياد الصغير حان وقت الوداااااع فعاجلا أم آجلا كانت الطرقات لتفترق فيما بيننا ولمصلحتك عليك أن تخرج من هذه الحياة المحكوم عليها بالموت ، خرج غضنفر ورجاله من البيت وتوجهوا مباشرة صوب بيت صباح أرعبوها بعض الشيء وأمروها أن تهتم بالصغير إياد وتعزز في نفسه شيئا واحدا أنه بات وحيدا بلا أب ولا أم ولا أخت ولا أخ بات يتيما مشردا ليس له سواها في هذا الوجود ، المرأة لم تعرف بما ابتليت وأمام تلك التهديدات كان عليها أن ترضخ للأمر الواقع ، وتتحسر في نفسها على الإخوة الذين كتب عليهما الافتراق عند ناصية طريق مجهول لا تظهر له نهاية .. كان صعبا عليه أن يقتلع روحه ويمضي إلى المصير الذي ورطه فيه أبوه ، آآآآه على لوعة قلبه حين مضى بخطى متثاقلة إلى حيث يجلس إياد يضم دمية الكلب خاصة جوزيت وهذه الأخيرة حرقة أخرى لن تمَّحي من قلبه أبداااا .. جلس على ركبتيه ليعادل مستوى إياد ونظر إليه مليا بنظرة أخوية استشعر مدى عمقها فيه تلك اللحظة أي نعم كان دوما يتذمر منه ويحسبه مدللا باكيا طوال الوقت ، أحيانا كان يبرز غيرته منه لأنه كان يحظى بكل الأشياء الجميلة بكل الحب من أبيهما وحتى اهتمام جوزيت الحبيبة وهذا كان يتم فوق طاقته ، لأنه في قرارة نفسه كان يحب أخاه وحين كان يمرض كان يسهر من بعيد على راحته ويظل سهرانا يتابع حالته ويستغل فرصة نوم جوزيت أو الخالة صباح ويقوم هو بدور إسعافه في وقت الحاجة ، العديد من المواقف الأخوية جمعتهما ومع الأسف حان وقت إيقافها لأجل سلامة حياة إياد .. هذا الأخير كان ينظر إليه بنظرات مبهمة يدري تماما أنه سيحدث شيء أسوأ بكثير مما عايشوه في الفترة الأخيرة من موت وردة البيت إلى موت أبيهم إلى اقتحام أولئك المرعبين حياتهم …
ميار(استجمع قواه لينطق):- .. جوزيت كانت تحبك كثيرا يا إياد وكانت تعتني بك جيدا ، تغني لك وتمشط شعرك تحممك وتسهر على راحتك وعلى طعامك ومشربك وتلاعبك أيضا حتى كانت تحكي لك كل يوم قصة من كتاب القصص الذي كانت تطلب مني ابتياعه لك كل بداية شهر ، يعني كنت أطلب منها ألا تخبرك بأنني أنا من اشتراه كي تعتقد أنها هي التي ساهمت بذلك لا أدري لما كنت بذلك الغباء وأبعدتك عني ، ما كان الداعي لأن أتمادى في عنادي وغيرتي منك فأنت أخي في نهاية المطاف وأنا الأكبر وعلي رعايتك لا مضايقتك .. تمنيت لو استغليت الفرصة لأعبر لك عن .. عن حبي يا أخي العزيز لطالما امتعضت من تذمرك المتواصل لأنني كنت أرغب بأن يكون أخي رجلا يعتمد على نفسه مسؤولا وليس مدللا قابلا للخدش والظلم ، كنت أريدك صامدا في وجه المصاعب بل قويا لا تضعفه رياح غدر أو خداع لكنك فاجأتني يا إياد الليلة عرفت أن مخاوفي كانت واهية فبخلدك ينمو رجل قوي ساندني في عز انكساري وحذرني من أولئك الأوغاد ليحميني ، لقد استنجدت بي وقتها فقط عرفت مدى قيمتك بالنسبة لي يا إياد سامحني لأنني كنت أنانيا لا أفقه في التعبير شيئا لكن بموت جوزيت تلاشت تلك الغشاوة من عيني واكتشفت بأنني بحاجتك أكثر مما أنت بحاجتي يا أخي الغالي ، اعذرني لأنني سأتخلى عنك الليلة وسأبتعد عن محيطك لأجل مصلحتك حبيبي سأطعن قلبي وأمضي في سبيل يخالف سبيلك ، لا تنسى أبدا أنني كنت موجودا وإن كتب الله لي عمرا سوف أعيدك إلي يا روحي يوما ما سآتيك يا إياد وسأذكرك بنفسي … وداعا يا أخي …
إياد(لم يفهم مجمل كلامه ولكنه استوعب تماما أنه سيفقد أخاه):- ألن أراك مجددا أسترحل مثلما رحل أبي ؟
ميار(بدموع تتبلور في عينيه):- لن تراني يا إياد رجاء لا تكسر قلبي ، لا تسمح لأحد بأن يهينك أو يذلك قد ولدت رجلا فلتكن كذلك
إياد(بدموع حرك رأسه هو الآخر):- جوزيت رحلت أيضا
ميار(بوجع):- جوزيت تركتنا قبلا يا إياد ألم يحن بعد الوقت لتستوعب ذلك ؟؟؟؟
إياد(رفع له دمية الكلب):- لا أنت لا تفهم جوزيت ودعتني هذه الليلة وأوصتني بالاعتناء بكلبها ، جوزيت هي من طلبت مني أن نهرب قبل أن يقبض علينا أولئك المرعبون
ميار(وضع يده على جبينه بتعب):- لن أجاريك يا صغير فأنت لن تصدق سوى ما يتراءى لك ، وكلامي فوق استيعابك حتى لذاااا حان وقت ذهابي انتبه لنفسك
إياد(عقد حاجبيه ووضع يده على قلب ميار):- خذني معك
ميار(أغمض عينيه بألم ووضع يده على يد أخيه على قلبه):- آه يا إياد لو كان بإمكاني لما جعلتك تعاني ، لكن رحيلي سيضمن لك عيشا هنيئا سامحني يا أخي
إياد(حرك رأسه وارتمى بحضنه):- حتى لو كان صوتك بشعا وأدائك لأغنية البقرة السعيدة فظيع أنا أقبل ببقائك ، حتى لو كنت تحكي لي قصصا عن الجرذان التي أكرهها لا بأس لن أشعر بالخوف إطلاقا فقط ابقى معي ولا ترحل بعيدا مثلما فعلت جوزيت وبابا أرجوووك
ميار(اقتلع أنامل إياد الصغيرة اقتلاعا من حضنه واستقام):- لا ينفع ذلك يا عزيزي ، هذا يتم فوق طاقتي فقط حين يأتي يوم لقائنا تذكر أنني فعلت كل ذلك لأجلك …. خالة صباح
صباح(دلفت إليهما بعد أن كانت تستمع لهما ببكاء):- سيبقى بعيوني لا تخشى شيئا بني ميار ، احمي نفسك جيدا ولا تثق بأحد حتى بأظافر يدك فهي أحيانا تخدشك دون أن تحسب حسابا لذلك
ميار(هز رأسه بغبن وناظر إياد ببكاء):- أرجوكِ اعتني به ودعيه ينسى أمرناااااا ..وداعا
إياد(نهض راكضا ليلحق به):- لالالالا ميااااااااااار مياااااااااار أخي ميااااار لا ترحل اهئ اه أنا أخاف وحدي لا تذهب يا ميار خذني معك … لالا أخي أخييييييييييييييي
ميار(دفع الباب خلفه وهو يمسح على عينيه ويركض صوب السيارة السوداء وعلى مسامعه صوت أخيه يمزقه لأشلاء متناثرة ، يذبح صميمه بسكاكين ذات شفرات حادة أوجعته بشكل لا يتحمله عقل):- وا أسفاه عليك يا أخي الحبيب وا أسفاه يا إياد سامحني سامحني ..آآآه
وهكذا رحل ميار رفقة غضنفر المجرم ليتتلمذ على يده ويحمل مسؤولية عشيرتهم من آل المافيا ، مع الأسف قد كان أبوه متيقظا لهذه اللحظة فقد كتب بخط يده تنازله عن العرش لفائدة ابنه اللزم ميار نجيب وهنا لم يستطع أي من كبارية العشيرة أن يتخطوا الأمر ويتذمروا لحداثة سن ابنه بل وافقوا على مضض باعتبار أن عمر ميار سوف يتسبب بأخطاء تجبرهم على المطالبة بتولي شخص أكفأ منه لتلك المهمة .. لكن غضنفر اتضح أنه كان مخلصا لأبيه ومن أتباعه يعني بعكس ما كان يعتقد ، فقد وقف معه وقفة رجال بل دعمه بالغالي والنفيس وجّهه ودربه وعلمه أسلوب عيشهم وهنا تدخل دهاء ميار الفطري ليتفوق عليهم جميعا ويضع ركائز متجذرة في عالم المافيا إلى يومنا هذاااا …. لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه فحين مرت عدة سنوات واستطاع ميار فيها أن يبني لنفسه هيبة بين الجميع عاد لبيته لأخيه الصغير بعد مرور وقت من الزمن لكي يضمه لصدره ويطمئن عليه وحتى يأخذه معه فلا أحد الآن يستطيع أن يتدخل في أوامره لكن مع الأسف ما وجده كان أسوأ بكثير مما كان ينتظره …
أوقف رجاله سياراتهم أمام ذلك البيت الذي لم يغير منه الزمن شيئا من غير الأتربة وتآكل طلاء الجدران الخارجي بشكل يبرز هجر المكان منذ زمن طويل ، لم يوقفه هذا الشعور المؤلم بل فتح قبضة الباب بيده وهو كله أمل في رؤية الخالة صباح وأخيه إياد شابا يافعا بمثل عمره حين رحل لكن خيوط العنكبوت هي التي استقبلته وكذا الفئران الهاربة من كل جانب .. استغرب رؤية ذلك المنظر لكنه ظل مبتسما يبحث بعينيه عن طيف أي أحد من أحبته ، التفت للمطبخ وللصالون ولغرفة المعيشة كان كل شيء تلفه الظلمة والغرابة ، استوحش المكان للحظة لكن خفقات قلبه ألزمته بالصعود ركضا لفوق واكتشف أن حال الغرف العلوية أشبه بما شهده بالأسفل ، نفس الأتربة نفس الرائحة نفس الإحساس دفع باب غرفة إياد وجدها على حالها لم يتغير فيها شيء مذ أن تركها آخر مرة ، انتبه للدب الملقى على الأرض والذي ظل ثابتا يكافح الزمن بدوره أمسكه بين يديه وضمه لصدره الملتاع خوفا على مآل أخيه ، هنا ارتفع الأدرينالين بخلده وظل يدخل من غرفة لغرفة لم يترك مكانا لم يفتش فيه حتى الدواليب الخاصة بكل واحد فيهم قام بتفتيشها ولم يجد فيها شيئا يذكر ، لا شيء سوى الفراااااغ هنا مسح على شعره بجنون أين ذهبوا أين أين ؟؟؟ صرخ بقهر وعاد للأسفل واضعا يديه على جنبه يطوف بعينيه في المكان وقلبه قد سقط أرضا من شدة الرعب من الفكرة التي طرأت باله أيعقل أن مكروووووها قد أصابهم ؟؟ من فوره خرج ليجد الجواب يلزمه فهم ما يحدث ، لذا ركض متجاوزا رجاله صوب مخبز العم نجمي فذاك هوووو ملاذه الأخير وجده على وضعه وكأن السنين لم تمر عليه لكنها مرَّت على العم نجمي الذي بدا متقدما في العمر فثمان سنوات ليست بالأمر السهل …
ميار(بنظرة لوعة واشتياق):- عم نجمي ؟؟؟؟
نجمي(عدل نظارته ومسح الدقيق من يديه):- نعم تفضل ، أتريد ابتياع بعض الخبز يا بني ؟
ميار(رمش بعينه والدمع قد ترقرق ليملأهما):- ألم تتذكرني يا عم نجمي ؟
نجمي(تأمله مليا ومسح يديه على مريلته وهو يقترب منه):- أعذر بصري يا ولدي فعمري لا يسمح لي بتذكر الكثير ، من أنت يا شاب ؟
ميار(تأمل المحل شبرا شبرا كان كما تركه وهذا ما جعل الحنين يتدفق إليه):- الحياة عبارة عن خبز نأكل منه كل يوم ما يطيب لنا كي يسعدنا ، فإن نحن أهملناه فسد وفسدت معه حياتنا بذات الشكل ..
نجمي(اهتزت حدقاته واتسعت نظرته المتأملة):- يا إلهي .. أهذا أنت يا مياااااااااار ؟؟؟ مياااار يا الله الحمدلله الذي كتب لي عمرا كي أراك يا ولدي تعال تعال لحضني آه يا غالي آه … آه كم اشتقت لك يا ولد
ميار(عانقه بمحبة):- عم نجمي وأنا افتقدتك وافتقدت كلماتك الحكيمة لي ، أتعلم أنني طالما ما أتذكرها وأحاول بها أن أتشبث ببصيص حياة صحيحة يعني .. هي بارقة أملي وسط الظلام
نجمي(ربت على كتفه بعمق وهو يمسح سترته):- هه سامحني ألصقت الدقيق بسترتك النظيفة لكن والله من فرحتي تعال تعال لنجلس في الردهة هنااااك ، يا غلام حضر لنا كوبي شاي بسرعة
غلامه:- حاضر معلمي
ميار:- لا عليك يا عم نجمي أنا لهذا المكان أنتمي ولن أتملص منه مهما حدث ..
نجمي(تأمله بفخر):- أصبحت شابا وسيما يا ميااار طمئني عليك أين كنت طوال هذه السنواااات قد تأخرت كثيرااا في العودة ..
ميار(بأسف جلس بمحاذاته):- مع الأسف كان ذلك رغما عني ، لكنني قد عدت .. بمعيتك عم نجمي طمئني على حال أخي والخالة صباح قد ذهبت للبيت ووجدته مهجورا ، هل انتقلا لبيت آخر مثلا ؟
نجمي(ابتلع ريقه من هول السؤال الذي طرحه ميار وقد ظهر جليا أنه ليس له علم بأي شيء):- أمعقول يا ميار أنك لم تعرف بما حدث لهمااااا ؟؟؟ لا تقلها يا بني لا تقلها …
ميار(هنا اختفت ملامحه واعتراه الخوف بل تلبسه شبح الموت واستصعب الحديث):- مم.. ما قصدك عم نجمي أين هو أخي إياااااد ؟
نجمي(بأسف هز رأسه):- يؤسفني أنني من يخبرك بمثل هذه الأخبار لكن … فف بعد رحيلك تأزمتِ الأوضاع كثيرا في البيت وأخوك …
ميار(سحب أنفاسه ليستعد لتلقي الأخبار الصادمة):- ماذا عنه هو بخير صح يا عم نجمي ، هو بحال جيدة ولم يحدث له مكرووووه تحدث بالله عليك يا عم لقد انتفخ صدري من شدة الانتظاااار لقد لقد .. تت لا لا لن أقاطعك تابع تابع ماذا حدث لأخي الحبيب
نجمي(بعذاب يتآكله):- لم يتأقلم مع رحيلك عنه بتلك الطريقة وظل ليال طويلة يبكيك ، صباح لم تتمكن من فعل شيء لذا تدهورت حالته كثيرا وكان عليها التصرف قبل أن تفقده لذا اقترح عليها البعض أن تصطحبه لمشفى خاص لكن تكاليفه كانت باهظة بعض الشيء، وأنت تعلم الحال
ميار(هز رأسه بجنون واستقام):- لكن كيف تقول أن التكاليف باهظة لقد كنت حريصا على بعث المال لهم في بداية كل شهر ، مال يكفيهم لعيش رغيد حتى أنه …..تت لحظة تابع يا عم نجمي أكاد أجن
نجمي:- يا ولدي لم يكن يصل أي مورد لخالتك صباح بل كانت تعتمد على خياطتها الضئيلة لكي تكسب لقمة عيش تعيلها هي وأخوك ، فبعد وفاة زوجها وبما أن لا أولاد لها لم تعد تملك سوى إياد وهو الآخر لم يعد له أحد غيرها ،،، المهم بعد تدهور حالته لم تستطع البقاء مكتوفة الأيدي لذا توجهت به صوب دار أيتام ليقوموا برعايته فقد كان ذلك الحل المتبقي لها بدلا من أن تتسول دون أدنى تغيير ، وقد فعلتها وصل بها الحال إلى أن باعت كل أغراض بيتها وبيتها حتى لتعيل حياتهما لكن ذلك لم يكن كافيا وعليه اهتدت لذلك القرار خصوصا بعد أن عرفت أنها مصابة بمرض في الكلي وأنها بحاجة لرعاية خاصة مكلفة على الأغلب وفي حالتها كان الأمر مستحيلا وهذا ما دعَّم فكرة إيداع إياد بملجأ خصوصا أنها حاولت الوصول إليك بدون فائدة قد اختفيت وكأن الأرض انشقت وابتلعتك …
ميار(أغمض عينيه وفتحهما وهو يرمش بعدم قدرة على التصديق):- كيف يحدث كل هذااااااا وأنا الذي اعتقدت بأنهم في حالة ميسورة وسعيدين ، أقسم أنني كنت أبعث لهم كل شهر ما يكفيهم وكنت حريصا على ألا يحتاجوا لأحد لكن ما تقوله الآن ضرب من الجنووووون ، أكانت غلطتي أنني لم أستطع متابعة أخبارهم بنفسي لكنني لكن كنت أوكل أحدهم بهذه المهمة بل وثقت به وكان يقسم أنهم بخير وعلى ما يرام .. يا إلهي اتضح أنني كنت أعيش بأكذووووبة وأخي الوحيد يعاني في غيابي … يجب أن أجده فورا فورا لن أسكت على هذااا أبداااا
نجمي:- آواه يا ولدي لا تعذب نفسك بهذا فهنالك ما هو أهم والحي أبقى من الميت ، خالتك سماح أعطتك عمرها قد توفيت منذ عدة سنوات ، ومع الأسف لم تخبر أحدا بالميتم الذي وضعت فيه أخاااااك
ميار(مسح على شعره بغيظ والصدمة تحيط به من كل جانب):- ما قصدك ؟؟؟
نجمي(نهض بجهد وجابهه وهو يحرك رأسه):- أخوك مفقود الله وحده يعلم بأي مكان هو الآن ، فوحدها صباح من يعرف وقبل موتها لم تخبر أحدا بمكانه
ميار(عقد حاجبيه بجنون ولم يشعر بنفسه إلا وقد ضرب الكرسي برجله):- لا لالالا أنا سأجد أخي أجل سأحرص على إيجاده ولن يقف أحد بطريقي ….
نجمي(ضرب كفا بكف حسرة على ذلك الشاب المكسور وأخذ يطالعه وهو يزمجر مبتعدا لغير وجهة):- لك الله يا غالي … اللهم أجرنا من الغيب
لم يستطع ترك البلدة دون أن يلقي بنظرة أخيرة على بيتهم ويتوجه صوب المقبرة ليزور ذات العيون العسلية ويشكو لها مآلهم ، جوزيت الحبيبة وصل إلى قبرها المهجور وجلس القرفصاء قبالته ينعي حظهم التعيس حظهم الذي فرق مجمعهم الجميل مع الأسف
ميار(مسح التراب على شاهدها وبحزن):- جوزيت نجيب هه ، يا عنيدة دوما ما كنتِ تعتدين بنفسكِ يا غالية وكبريائك كان الآن ليفرق معي كثيرا ، فأنا كنت سأحرص على كسره لتكوني لي حبيبة مثلما حلمت دوما ، أتعلمين حين بدأت أستوعب الحياة من حولي لم أجد سواكِ مدرسة لأحيا على قيمها ومبادئها وأحارب لأجلها الصالح والطالح وظلم أبي الداااائم ، أنتِ بسمة غمرت حياتي رغم مأساتكِ بعد فقدكِ لكلا والديكِ عمي وزوجته بتلك الحادثة والتي رغما عني أمتن لحدوثها لأنها جمعتني بكِ تحت سقف واحد ، بسببها كفلكِ أبي لتعيشي معنا بالبيت وكنا لنسعد لو بقيت أمي على قيد الحياة وتعرفت عليكِ ، لكن مع الأسف قد ماتت بحسرتها لما تزوج أبي للمرة الثانية ذلك الزواج الذي فتك بنا فتكا وجعلنا نهرب من تلك البلدة لنأتي إلى هنا إلى حيث لا يعرفنا أحد ونبني حياة جديدة ، فجيعتي بفقدان أمي صادف حضوركِ لحياتنا وصادف دخول تلك المرأة أيضا والتي بسببها جاء إياد والتي بدورها لم تحظى بغايتها فقد انتقمت منها الأقدار لما خربت حياتنا تلك الدخيلة المقيتة … أكرهها يا جوزيت وسأظل كذلك لأنها خربت حياتنا بسببها كانت أمي تعيسة فأن تعيش تحت كنف رجل يعشق غيرها هذا أشبه بالموت البطيء ، كنت أرى دموعها كل يوم على خديها إن جففتها برهة تساقطت لتشملها من جديد ، كثير ما فعله أبي بها لأجل بنت آل رشوان التي أحبها والتي تلاعبت بعقله وجعلته يخرب كل شيء ليتبعها في جنونها مع الأسف … تت حديثي الآن بلا معنى اعذريني يا جوزتي الغالية لكن هذا المكان يعيدني لذكريات بعيدة ذكريات لم أستطع تجاوزها ليومنا هذا برغم المناصب التي وصلت إليها إلا أنني لا زلت أشتاقكِ يا جوزيت وددت لو أنني عثرت على إياد كنت أحضرته معي لزيارتكِ لكن لا بأس سأبحث عنه ولن أتوانى لحظة لحين أجده وبعدها ستتعدل كل الأمور ، لن أغير شيئا في حياته الآن قد غيرت رأيي بعد ما سمعته من العم نجمي اتضح أن لي أعداء أقرب لي من أنفاسي ، وأنا أخشى عليه منهم لكنني حين أعثر عليه سأبقيه تحت أنظاري فذلك آخر ما تبقى لي من آل نجيب فحتى آل الراجي تعلمين أنني لا أعترف بهم حتى كم أكررررررههم بالقدر الذي أكره فيه والدي ، عمَّك الظااااالم ……
سقى قبرها ببعض الماء وانطلق من فوره في رحلة البحث عن أخيه ، كان شغله الشاغل أن يعثر على إياد ، لم يترك ملجأ إلا وبحث فيه لكن لم يجد له أثرا فكر بتوسيع نطاق البحث وينطلق صوب المدينة بعيدا عن تلك البلدة المشئومة وعليه أعطى أوامره بعدم ترك دار أيتام كانت كبيرة أم صغيرة ولا يبحثوا فيها عن أخيه .. أما غضنفر فقد كان حسابه معه شيء آخر …شيء سيحبس الأنفاس في جوفه
ميار:- كذبت علي في حين أنني وثقت بك حتى الصميم ؟؟
غضنفر(مربوط الأيدي والأرجل وفوهة مسدس ميار بوجهه):- لا تتهور يا ميار كل ما حدث قضاء وقدر ، لم يكن مسموحا أن يظهر مورد مالي في حياة أخيك ولا مربيته سيتساءلان من أين أتى هذا وستتبع الشرطة ذلك الخيط للإمساك بك يا ميار ، موضعك حساس ولأنني معلمك كان علي حماية مصلحتك تحت أي ظرف كااااان …
ميار(بعصبية هدر فيه):- تحميييييييييييييييه بتركه معدما بلا حول ولا قوة ، أهذه هي الأمانة التي أمنتك عليها وعدتني يا غضنفر إن أنا قمت بعمل جيد في هذا الويل الأسود سترعى أخي في غيابي ، لكنك أخلفت بوعدك وأنا من يخلف بوعده معي مصيره الموت
غضنفر(ارتعش محله):- أستقتل الرجل الذي دعمك لكي تصل إلى ما وصلت إليه اليوم ، بسببي أنا أنت في مركزك القوي هذا وكل العشائر يضربون لك ألف حساب وحسااااااااب أستنكر أنني من قدم لك يد العون وأنني السبيل لما أنت عليه الآن ؟؟؟؟؟
ميار(حرك رأسه ومن بين أسنانه):- لا أنكر ذلك لولاك لما عرفت الطريق الذي حكم علي بعيشه ، لكن لا تنسى أن هذا الأمر متوارث فأبي المبجل كان حريصا على أن يذيقني مرارة الحياة لأعرف بقيمتها وأكتسب جلدا قاسيا لا رحمة فيه ،، وهذا ما سأترجمه الآن وسيكون آخر ما ستشهده في هذه الحياااااة يا غضنفر
غضنفر:- بئسا لك ..هل ستمارس علي سلطتك وأنا الذي كرست حياتي لأبني لك هذه المكانة
ميار:- لا تتبجج كثيرا بإنجازاتك لولا ذكائي لما وصلت لما وصلت إليه ، ثم أنا قد عفيتك من كل مناصبك من اللحظة أنت لا شيء فاطلب آخر مطالبك لأجيبها لك لأنني اليوم سأقطع لك تذكرة سفر لتلحق بصديقك الحميم عامر نجيب في الآخرة
غضنفر(أغمض عينيه بقوة وفتحهما):- تمهل تمهل .. أنا أعرف أين هو أخوك ؟
ميار(ابتلع ريقه باشتياق):- إن كنت تبحث عن فرصة للعيش بضحكك المتواصل علي ، فأنت واهم فهذه المرة لن تنطلي الخدعة علي
غضنفر(رمق ميار وهو يصوب مسدسه لرأسه):- أقسم أنني أعرف ويمكنك إرسال أي من رجالك للتأكد من ذلك
ميار(تحركت حنجرته وأخفض مسدسه):- إن اتضح أنك تخادع لأجل حياتك لن أرحمك يا غضنفر .. وأنت تعلم أن وعودي كحد السيف
غضنفر(تعرق من شدة الهلع):- صدقني يا بني أنا أتحدث بصدق
ميار(هز رأسه له بقلق):- طيب أين هو أين أرااااضيه الآن ؟
غضنفر:- خارج حدود بلدتكم في المدينة يعيش بملجأ للصبيان هناك ، ولا تقلق هو يعيش حياة هانئة كنت حريصا على ألا يتعرض لأذى هناك ، عيوني عليه كل لحظة
ميااار(بخيبة):- عجباااا أن تحرص على حياة ابن صديقك وتتركه ليصل إلى تلك المواصيل ، فلو أنك لم تقطع عليهما القوت لما وصلا لما وصلا إليه
غضنفر:- لا تكن غبيا أعدائنا كانوا متربصين بهما وبه على الخصوص ، لو بقي هناك كان قد لحق بالمرحومييييين .. ما فعلته كان لمصلحته هو بعيد عن الأنظار وخارج نطاق التهديدات على الأقل سيبقى كذلك ليشتد عوده ويعتمد على نفسه فهو لا يزال بالرابعة عشرة يا ولدي فانهض من صدمتك ودعه يعيش حياة سليمة بعيدا عن جو المافيا الذي نحياه كل يوم
ميار(حرك فكه وبعد لحظة صمت):- أعطني عنوانه
غضنفر(اعتقد أنه صفح عنه):- حسن سأعطيك إياه لكن فك قيدي
ميار(وضع مسدسه بجيبه وعدل سترته ثم اقترب من غضنفر وانحنى إليه):- العنوان أولا
غضنفر(بسرعة استرسل العنوان):- هاااه هناك يسكن أخوك فك قيدي إذن
ميار(عض شفتيه وهو لا يزال منحنيا ينظر لعيون غضنفر مباشرة):- الفهد البري الذي خلقتموه لا يتراجع في كلمته ، والعنوان الذي أعطيتني إياه لا تعتبره جميلا أبدااا ،، لأن لحظة تجويعك لأخي عندي تساوي الدنيا بأكملهااااا وعليه يا غضنفر أنا قد عزلتك من جميع مناصبك وستغادر القصر لمنفى أنا أختاره لك بنفسي لكي تنهي ما تبقى لك في هذه حياة بين جدرانه التي سأحرص على أن تكون عالية جدا معتمة كي لا تبصر ضوء الشمس من جديد جزاء لخدااااااعك لي ….. يا رجال راقبوه وإن قام بأي حركة غير لائقة هه اقتلوه …
غضنفر(ظل يتحرك برفض):- ميااار ميار لا تكن مجنونا ميار أنا في مقام أبيك ، ميار أنا لم أؤذك يوما يا مياااار لا تفعل هذا بي مياااااار عد إلى هناااااااااااا …… يا مياااااااااااااااار
من يسمع فقد غادره ميار نهائيا وتركه للمصير المحتم الذي أوصى به رجاله عليه ، وانطلق من فوره صوب العنوان الذي دله عليه غضنفر كانت الساعات تشتد طولا بل تزيد من لوعة اشتياقه التي كانت تكويه من الداخل ، رغما عنه ابتعد عن ذلك الصغير المدلل لولا خوفه عليه لما كان تركه لحظة لكن لأجله قام بالتضحية وها هو ذا يمضي في طريق رؤيته يرغب بمشاهدة شبله الصغير كيف كبر وكيف أصبح … لم يتمالك نفسه من الفرحة حين وصل أخيرا لدار الأيتام المنشودة ودلف إليها من فوره وطلب منهم أن يصطحبوه إلى حيث هو كي يشاهده من بعيد ويرحل لا يستطيع أن يظهر له نفسه سوف يزيد من أذيته إن هو رحل مجددا بعد أن استقرت نفسيته على الأقل لوقت معين … كانت رؤيته أشبه بالتعرض لشحنات كهربائية ضئيلة أي نعم ليست بقاتلة لكنها كانت مؤلمة بشكل فظيع ، مشاهدته من بعيد كانت تكويه تعتصر قلبه فهو يريد أن يصرخ فيه ويضمه إلى صدره ويعيد أواصر الأخوة بينهما لكن تشاء الأقدار إلا أن يفترقا كي لا يفقد آخر ما يربطه بالإنسانية الحقة ..
مدير دار الأيتام:- ألن تكلمه يا سيدي ؟
ميار(اهتز محله وسحب أنفاسا عميقة):- لا سأشاهده من بعيد هكذا لحين تشبع عيناي وبعدها سأرحل ، لكن عليك أن تنفذ كل ما طلبته منه بعد رحيلي أريد أن ترعوه رعاية خاصة وتدرسوه دراسة خاصة وتعاملوه معاملة خاصة ، أريد له جناحا خاصا وحتى مجالا أوسع للترفيه أرغب بأن تقوموا بتنفيذ جل رغباته ولكم مني كل ما تتمنون
المدير(بجشع وطمع):- رضى سعادتكم عنا أكبر مكسب لدينا
ميار(حرك فكه وأشار لأحد رجاله):- وأنا أحب أن أعطي لكل ذي حق حقه ، هذه حقيبة مليئة بالمال الذي سيلزمك لتوفير حياة رغيدة لإياد نجيب وإن لمست جديتك وتفانيك في تحقيق ذلك سيكون لك الضعف من هذه ..
المدير(عانق الحقيبة وعيناه تلمعان بسعادة):- سيكون الشاب إياد نجيب في عيوني لا تقلق
ميار(أشار له بيده):- دعني الآن أتأمله على انفراد وباشر تنفيذ وعودك ..
المدير(هرول بفرح):- على الفور
ميار(تنهد بحزن وأخذ يطالع إياد من بعيد وهو يحادث بعض أصدقائه):- آه يا عزيزي كيف أصبحت وسيما بذلك القدر ، وكأنني أرى انعكاس صورتي في مثل عمرك ما أروعك آه كم وددت لو كانتِ الحياة منصفة معنا ومنحتنا فسحة لنعيش بأريحية لكن لا بأس طالما أنت بخير هذا ما أرجوه أنااااا …
من وقتها وإياد نجيب تحت رعاية ميار الخاصة ولو من بعيد لحين أينع وبات شابا مسئولا ، استقل في شقة خاصة بعمارة متواضعة بواسطة المال الذي حظي به من المنحة التي أهداها له أصحاب الأعمال الخيرية فقد كفلته جمعية منه نظرا لاجتهاده وتفانيه في دراسته ، وطبعا اتضح أن تلك الجمعية هي تابعة لسلطة أخيه وما هي إلا واجهة ليساعده فيها على هذا الزمن ، كل هذا تم في الخفاء فحين دخل إياد للجامعة كان قد استقل في حياته وغادر دار الأيتام تلك وهو قنوع بما كتبه الله عليه ولم ينسى يوما أنه عايش أياما عصيبة فقد فيها كل أهله في أحداث يصعب عليه تذكرها ، لأجل صغر سنه الذي خانه في استذكار التفاصيل اللازمة مع الأسف .. بعد مرور بضع من السنوات الأخرى وحين كان إياد بالعشرينات وحين كان ميار ذو سلطة لا مثيل لها في عالم المافيا إلى يومنا هذااا غالبه الشوق ذات يوم وقرر أن يظهر نفسه في طريق أخيه بطريقة لا مباشرة …
في الجامعة
كان ثلاثتهم يجلسون في إحدى المدرجات يتشارعون حول المكان الذي سيقصدونه في نهاية الأسبوع أو بالأحرى من سيتكلف بالرحلة ..
وصال(أصغر بعدة سنوات):- ههه لا والله لن يحدث ذلك أنا لن أدفع قرشا من جيبي ، أبي سيخرق القانون ويحجر علي نظرا لقواي المختلة لقد صرفت جل مصروفي في تلك الخردة التي اقتنيتهاااا تبا كلما تذكرت تلك الدراجة المهترئة أشعر بتوعك في معدتي
كوثر(مثلها):- هههه ههه وأنا كلما تذكرتها يغلبني الضحك ههاهاااا
وصال:- إياد أسكت هذه المتعجرفة وإلا قتلتها بضربة ثلاثية الأبعاد من درس التيكواندو خاصتي
إياد(رفع يديه مستسلما):- هههه والله لن أتدخل منكِ لها
كوثر:- جزيت خيرا يا صديق لُممم
إياد:- كفاكما ثرثرة وكأن ميرنا تأخرت افف علينا أن نخطط لنهاية الأسبوع من الآن
كوثر:- سأخطط رفقتكم فقط أرجو ألا تخجل ميرنا وتدعو تلك الثقيلة إيمان ، أشعر بعينيها مثل الصقر تحسدنا على علاقتنا الجميلة
وصال:- معكِ حق لا أشعر بالارتياح رفقتها ، إنها تضمر أكثر مما تبرز
إياد:- عدنا للنميمة اخرسا لأرى من ستتحمل لبضع دقائق هذا التحدي
كوثر:- ههه يا ألعباااان
إياد:- هااااه ها قد أتت ميرنا ومعها إيمان يا حلاوتك منكِ لها ، وكأن الله استجاب لكما هه
وصال(تشتم تحت أنفها):- اللعنة على ثقيلة الظل تلك بففف
ميرنا(رمت بدفترها وجلست عليه وسطهم):- هااااه يا حلوين هل قررتم أين ستكون الرحلة ؟ لعلمكم أنا لن أنفق شيئا عملي بروض الأطفال ليس معطى لاستغلالكم إياااااي .. ههه لكن لا تعبسوا في وجهي ستكون هذه الرحلة على حساب إيمان قد قامت بدعوتناااا
كوثر(غمزت وصال وبرقت عيناها):- أهااه إذا كان كذلك طبعا مرحب بها بيننا
وصال:- أجل أجل
إياد(صغر فيهما عينيه):- يا كيدكِ أنتِ وهي حممم
ميرنا(أمسكت بيده وجذبته بعيدا عنهم):- هيا هيا اتفقوا يا جماعة إلى أين ستكون الوجهة ، بينما أحصل على بعض التفسيرات الصحفية من صديقي الحميم هيا احمل حقيبتك سترافقني
إيمان(بغيظ رمقتها):- كنتما ابقيا وفيما بعد ندرس سوية أنا أيضا معكم بنفس الكلية
ميرنا:- لاحقا حبي لدينا أمور مشتركة بعيدا عن متناولكِ أمونة ، هيا بنات نراكم لاحقا
وصال:- سنخطط بدلا عنكم ونتحادث يا روحي انتبهاااا
كوثر:- سللملم ههه هاه يا بنات أين سنذهب ؟؟؟
إياد(يسير رفقة ميرنا):- قد رحمتني من بلابلا الإوزات القابعات خلفنا
ميرنا:- هههه لو يسمعنك ستصبح طعاما لتماسيح المستنقع الذي سنزوره فيما بعد
إياد:- جيد أنكِ نبهتني لأرفض هذا المقترح لا أستغني عن عمري أنا
ميرنا:- ههه مجنون آه ذكرتني أمي تدعوك على العشاء اليوم ستحضر بعض الحساء لأجلك
إياد(بمودة):- أو أنها ستحتفل بعيد ميلادي غدا بطريقتها
ميرنا(ربتت على كتفه):- ذلك حقها المشروع فيك فلا تجادل ههه
إياد:- وهل أستطيع ذلك حتى .. هيا يا مصيبتي …
عيد ميلاده الذي لا يستطيع نسيانه يوما قد أتى خصيصا للجامعة كي يهنئه به ، ما إن لمحه قادما وحده في اتجاه باب الخروج الرئيسي حتى ترجل من سيارته وهو يحمل علبة هدايا صغيرة ، أخذ يعدل ياقته وهيأته فاليوم سيرى أخاه بعد سنين فراق .. سار بمحاذاة السيارة وتقدم صوبه لكن ما استوقفه وجعله يتصلب محله هو ركض تلك الفتاة التي تربط شعرها على الجانبين بشرائط ملونة ، وكانت تتقافز مرتدية ثوبا موردا يبرز مدى رقتها ، شعرها المختلط بالبني والأشقر وبشرتها الناصعة البياض كل كل هذا كان ملفتا بالنسبة له ، وكأنه يقوم بتركيب صورتها في خياله مثل لعبة بازل ، كيف هذا قد لحقت بإياد وهي تحمل بعض المراجع التي توقفت لتجلبها من إحدى الصديقات على الأغلب ، يعني سحبت روحه من محلها وعاااادت كيف يعقل ذلك ..؟؟؟؟؟ لم يجد بدا سوى أن يلاحقهما بعينيه وكم كان ممتنا لأن إياد توقف ليحادث بعض الرفقة في حين تراجعت مبتعدة تتحدث عبر الهاتف وهنا لم يشعر بنفسه إلا وقد سار على نحو مريب صوبها وأخذ يهمس
ميار(همس بعدم تصديق وهو يرمقها بريبة):- جوزييييت ؟؟؟؟ غير معقووووول ؟ لالا هنالك أمر خاطئ أو أو أنا الذي بت أهذي …/ جوزيييت
ميرنا(ابتسمت واستدارت إليه وهي تقفل الخط):- إياااد أ..ههه عذرا اعتقدت بأنك صديقي ، أفندم يا أخ هل تحتاج شيئا ؟
ميار(بذهول ينظر لعينيها غير مصدق لما يشهده):- أهذه أنتِ جوزيت ؟؟؟
ميرنا(رمشت بعينيها بعدم فهم):- جوزييت امم اسم جميل أعجبني جدا له وقع رائع على المسامع ، لكن عفوا منك أنا لست كذلك ههه عن إذنك
ميار(رفع يده ليلامس طيفها الذي ابتعد ليلحق بإياد ويغادر ومعه عقل ميار التائه بينها وبين أخيه الغالي):- يا إلهي إياااااد و جوزييييت ؟؟ تت لالالا أكانت هي حقااااا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
سؤال يستحق إجابة على الأغلب وتطلب منه الأمر تحريا دقيقا جدا جدا ، حتى بعد أن أصبح ملفها بحوزته باسم ميرنا الراجي وكل تفصيلة صغيرة وكبيرة مدونة فيه عنها والتي حفظها من شدة إعادتها لعله يجد شيئا يستند عليه ويتبع شعوره بأن تلك الفتاة ما هي إلا جوزيت فقيدته ، إلا أنه كان من المستحيل أن يقتنع بالرغم من استحالة الموضوع فقد ماتت هذه الأخيرة وما هذا إلا شبه وفقط ….لكن إلى أي مدى يمتد فهذا الشبه بجوزيت ابنة عمه الذي هاجر لبلاد المهجر وعاد رفقة زوجته الأجنبية وفي طريقهما تعرضا لحادث لم تنجو منه سوى ابنتهم جوزيت التي تمت تسميتها بهذا الاسم تيمنا بجدتها الأجنبية أيضا ، هذا حسب ما ورد في قصة أبيه فهو لا يذكر شكل عمه ولم يرى له صورة ولا غيره بحوزة والده حتى أن الحديث عنه والاستفسار كان ممنوعا عليه ، فقد كان عامر ينهى أي أحد على فتح موضوع تبني جوزيت من قبله ورعايته التي باتت هوسا بالنسبة له لدرجة أنه قد أحبها أكثر شخص حتى ولديه ، … تضخمت كل هذه التساؤلات في عقل ميار فما هذا إلا شبه ولن يدقق أكثر وهذا نفسه ما أبعده عن محيط إياد لحظتها وتركه ليعيش حياته لكن تحت أنظاره ولم يخفى عليه أن يضع ميرنا الراجي بدورها تحت أنظاره لا يعلم لما أقحمتها الأقدار في حياته ولما أصبح مهتما بها من الوهلة الأولى .. حتى لو وضع شبهها بجوزيت إلا أن هنالك ما كان يجذبه تجاه ميرنا دون قدرة له على التحكم في تلك المشاااااعر …
~ في الوقت الحالي ~
طالت نظرته تجاه أخيه حتى وصلت لملامسة شعره بحنان ، تأوه عميقا وهو يتأمله بحزن فهو يتألم بشدة ويعاني في ظل بعاد أخيه عنه ، والذي لا يعلم كيف ستكون ردة فعله إن ظهر في حياته الآن لا والجميل أنه عدوه الذي يبحث عنه منذ سنوات ليظفر به .. هذه هي لعبة الأقدار فميار هو السبب في كل ما يحدث تدريسه ودعمه لإياد خوله بالدخول لكلية الصحافة والإعلام ومن هنالك خط طريقه لأجل القبض على خاطف الأرواح خليفة إبليس أو الفهد البري كما أطلق على نفسه ، كيف سيكشف له نفسه وهو الخطر بعينه بات من المستحيل التقدم خطوة في ظل الأحداث الراهنة سيبقى مجبرا على كل شيء كما هو عليه … حتى هوسه بميرنا وفكرة الحصول عليها باتت رمزية في حياته سينالها في الوقت المناسب في الوقت الذي سيسلم فيه زمام عرشه لمن يستحق وينسحب من كل ذلك العالم الذي حرمه من أحبته لسنوات مديدة … اهتز حين استشعر حركة رجاله خلفه ورمق إياد بنظرة أخيرة وانسحب من هناك متوجها صوب بيت الجبل للقاء كهرمانة كما كان يخطط من البداية ..

في تلك الأثناء كان وائل قد دلف لشقته مكسور الخاطر ، بملامح مظلمة لا تستطيب زيارة النور ، أوجاع صدره كانت ممتدة حتى الأعماق فقد اختلطت بمرض روحه بعد الذي حدث ، هي من أجبرته على هذا كله هي التي وضعت قلبه بين المطرقة والسنديان لا والجميل تطلب منه صبرا بعد لتتنعم أكثر برعاية ابن عمها الغالي .. لم يستطع السيطرة على نفسه فكبريائه داهمه من جهة وعزة نفسه من جهة أخرى أما فكرة مخالطتها لذلك الحكيم كاااانت حكاية أخرى لها عدة فروع تلفه من كل جانب كشرنقة تزيده ضغطا وتمنع دخول الهواء لرئتيه ، مصمص شفتيه وهو يحاول السيطرة على أنفاسه الهادرة وتوجه مباشرة صوب غرفته فتح بابها واضطجع على سريره ليريح باله المكلوم … وجد يده تلقائيا تفتح الدرج ليخرج منه علبة صغيرة فتحها بعناية وأخرج منها قفازة ميرنا التي يحتفظ بها كتذكار لأول قبلة بينهما آه على تلك اللحظة حين لامس فيها جنة الفردوس وبعد ثانية أودعَ في نيران جهنم .. كان قد ارتاح من فترة شهاب ابن عمه ليخرج له حكيم ابن عمها من جانب ويتمم سعادة الفهد البري ما تبقى بالتحكم في حياتها كما يحلو له وكل هذا بناء على تهديد حياة أحبتها التي لأجلهم ستقدم ميرنا على التضحية بكل شيء ، حتى بعشقه الذي دفنه في آبار قلبه لأنه لن يسمح أكثر بأن تزيد من عذابه في حين هي تتغنى بهمسات عشق حكيم الراجي …
وائل(اعتصر القفازة بيده):- كم أمقتك يا رجل ، سحقا لك سحقااااا !!..
نزار(دخل وبيده شوكة المطبخ الكبيرة مهددا):- استسلم أيها اللص .. هئئئ أهذا أنت وائل لم أستشعر دخولك وظننتك لصا هفف وقع قلبي في بطني
وائل(تنفس بعمق والتفت جانبيا وهو يعيد القفازة لعلبتها):- ماذا تريد يا عم نزار ؟
نزار(تقدم إليه مهرولا):- كيف صحتك الآن يا ولدي ثم لما لم يدلف معك ذلك الدلفين كنت بعثته ليحضر لك بعد الخضروات ، سأعد لك حساء لذيذا تتناوله فتسترد عافيتك
وائل(أغمض عينيه بطول بال):- أساسا تخلصت من نادر بمشقة الأنفس يا عم نزار ، فرجاء حارا مني دعني وحدي لا أريد شيئا
نزار(لمس حرقة قلبه):- روحك متعبة عدا عن ذاتك ما الذي يزعجك عزيزي ؟
وائل(مسح على شعره وهو يعدل جلسته بتأفف):- يا الله …
نزار(مط شفتيه أسفا وتراجع للخلف):- حسن حسن لا تعبس بوجهي ، سوف لن أزعجك
وائل(امتعض لأنه جرحه):- لا تنزعج مني رجاء عمو نزار ، لكنني صدقا أمر بوقت عصيب وأحتاج لفسحة تنفس
نزار(حرك رأسه بدعم):- سأكون بالقرب نادي علي فور احتياجك لي .. خذ راحتك
وأي راحة ستزوره يا عم نزار لقد اقتلع روحه من روحه وتركها هائمة في ملكوت الأرض ، تائهة وحيدة بلا مستقر .. طيب ما ذنبها لتحصل على هجره بتلك الطريقة أبعد أن جعلها تسبح في سحر حروفه وأشعاره يسلبها من دفئه وحنانه في اللحظة الموالية ، قمة الأذى والحزن لما ابتعد عنها حاسما أمره ، وكأنه كان متحضرا لتلك النهاية ليس كذلك فبدوره كان معذبا ولم يجد بدا من الخوض في دوامة لا فكاك منها ، وابتعاده كان الحل الأمثل بالرغم من أن هذا كان يعذبه إلا أنه مجبر عليه مع الأسف .. تأوه عميقا وهو يرمق صورة أمه على جنب ينظر إليها بنظرة كسيرة يشكوها همومه التي تضاعفت لتشمل كل زاوية منه ..
وائل(بصوت حزين):- آه يا أمي آه يا رانيا لو تعلمين ما يعيشه ابنكِ ، خُذلت يا أمي حبيبتي اختارت القتال في ضفة غير ضفتي ، تستبيح أمان الغير في حين أنها بادلت دعمي بالصد والمقاومة وكأنه محتم علي مسايرتها رغما عني ، لكن لا يا رانيا لن تقنعيني أنني مخطئ وأن ميرنا على حق في خوفها من الفهد البري تت الأمر بات منوطا بأشياء عميقة باتت تلج عقلي بعد الذي حدث ليلة أمس أثناء إنقاذ دعاء ، قد قرأت حبها لابن عمها في عيونها لقد استشعرت خوفها عليه والذي لم يكن شبيها بخوف نور على الإطلاق وهذا ما زاد من أوجاعي وتحملت أجل تحملت وحاولت تدارك الأمر ، فتلك حبيبتي أنا روحي أنا ملكي أنااااااا إنما حين طلبت منها ترك كل شيء ومسايرتي في قتال من جانب مختلف رفضت وأصرت على الدفاع عن فكرتها التي صدمتني للأمانة ، فأنا كنت بحاجة لتكذيب ولو ضئيل في استحالة صدق استنتاجي لكن ميرنا أثبتت لي أن هنالك ما يدور بخلدها غير مشاعرها تجاااااهي … افففف افففف اففف عذاب في عذاب يكاد رأسي ينفجر ولا أدري ما الخلاص ؟؟؟؟؟ ….
قالها وهو يغمض عينيه محاولا الابتعاد عن تلك الديباجة أقله ليأخذ قسطا من النوم ، فأن يرحل بعقله في دنيا اللاعقل هذا بحد ذاته يشبه الأماني البريئة .. هنا كانت هي تعتصر حرقتها في صدرها وتناظر جنبات المصعد وتنتظر الوصول إلى الطابق المنشود ، يدها على قلبها المتألم تحاول جهدها أن تبعد عنها هالة الاختناق والضيق قبل أن تدخل في نوبة ذعر أخرى أشد .. سمعت رنين جرس وصول المصعد لطابقها وفتح الباب أمامها مع انفتاح أنفاسها لكي تنفذ ما أتت لأجله .. توجهت صوب تلك الشقة التي لم تطأها أقدامها قط إلا مرة أو مرتين وذلك في أحيان ضرورية ، ها هي ذي تضغط جرس الباب وتنتظر
ميرنا(سحبت أنفاسا عميقة):- ميرنا ما الذي تفعلينه هنا بالله عليكِ ألم تجدي إلى أين تهرعين سوى هذاااا البيت ، تتت افف كان من الخطأ حضوري فلما سأشغل بال المسكين بي يكفيه ما فيه علي المغادرة قبل أن يفتحوا أجل هذا ما سأفعله …
قبل أن تتراجع خطوتين فتح الباب وهو في حالة فوضى عارمة وما إن رآها حتى أحس أن أبواب السماء فتحت له ، أعطاه لها وهو يمسح على رأسه والدموع تكاد تسقط من عينيه من فرط التعب الذي تسبب فيه ابنه
شهاب:- آه يا ميرنا آه والله والله كنت أدعو في سري أن يطرق الباب حتى لو كان عامل التنظيف كنت لأستقبله أحر استقبال فقط ليمسك هذا الباكي قليلا ، حتى مربيته الغبية تأخرت تت يااااه علي ادخلي ادخلي يا بنت أهلا بكِ …
ميرنا(تهدهد شادي الذي ما إن رآها حتى توقف عن البكاء وشرع يبتسم):- هه هذا الولد لعووووب
شهاب(أقفل الباب خلفها وتبعها):- والله جينات أمه بدون شك
ميرنا(وضعت حقيبتها جنبا وجلست بالصغير الذي أخذ يلعب):- عذرا لزيارتك بدون سابق إنذار يا شهاب ، يعني في هذا الجو المكفهر أ.. بصراحة لم أرغب بالعودة للبيت و
شهاب(لاحظ توترها وحالتها الغريبة):- هل كنتِ تبكين عيناكِ منتفخة ؟
ميرنا(لم تشعر بنفسها إلا وقد سقطت دمعتين حارقتين):- أنا أمر بحالة متعبة جدا يا شهاب ، لا أعرف ماذا علي أن أفعل إن لم أتحدث وأفضي لأحد بما يعتمر صدري المثقل بالهمووم
شهاب(رمش بعينيهّ):- طيب اسمعيني سأنهض لأحضر الحليب لهذا المشاكس ، سترضعينه وحين ينام ستخبرينني كل شيء حين نأخذ راحتنا ماشي
ميرنا(ابتسمت لمشاعر شهاب واهتمامه تجاه ابنه):- من الرائع اعتنائك به صدقا شهاب
شهاب(مصمص شفتيه):- وجدت أن ذلك فطري فيني ، هاه سأحسب حسابكِ في الحليب يا مدللة أظنكِ بحاجته أكثر من شادي .. هه دقائق وأعود
كانت تلك الدقائق جد مريحة لها فقد أخذت تمشط شعر شادي بيديها وتلاعبه ببسمة لم تختلف عن طعم الصدأ ، حتى لو كان جمالها مرتبط ببراءة طفل ملائكي إلا أنها كانت معذبة وستكذب لو ادَّعتِ العكس ….. ارتاحت نفسيتها قليلا ووجدت نفسها تهدهد شادي الذي غفا بين يديها وهذا ما أثر فيها ضمنيا وجعلها تغفو بدورها بجانبه دون أن تشعر بشيء ، حين عاد شهاب بالحليب وجد صورة جميلة لهيأتهما كانت تبدو رقيقة وهي تضم شادي لحضنها نائمة مثله بملائكية بريئة تلفهما معاااا ، وضع الحليب على الطاولة وأمسك بغطاء موضوع على حافة كنبته وقام بوضعه عليهما بهدوء كي لا يزعج تلك السكينة الجميلة ، ببطء تراجع ليجلس قبالتهم ويتأمل تلك الصورة بل ويتنعم ببعض الراحة من صوت ابنه الباكي على الدوااااام إلا في حضور النساء فإنه يبتسم ويلعب ولا كأنه نفس الشخص الباكي سابقا طبعا طبعا من شبه أباه فماااااا ظلم ههه ^^ … سحب أنفاسا بأريحية وهو يستقيم من جديد لينسحب بعيدا عنهما ويخرج هاتفه من جيبه قد شعر أنه يحق لهذا الشخص معرفة ما يدور بصالون بيته وطبعا هذا ما استغربه هذا الأخير وجعله ينتفض من محله بارتباك ..
وائل(بتلعثم):- أ.. يعني هل كانت تبكي هل حالها جيد هل هي بخيرررر ؟؟؟
شهاب:- هوووه رويدك يا ويلْ هي بألف عافية لكن من ملامحها يبدو الانكسار ، لا أدري ما الذي يجري معها لكن ميرنا من المستحيل أن تأتي إلى هنا لو لم يكن الأمر متشعبا من كلا الطرفين
وائل(بعدم فهم):- كيف يعني .. أتقصد أنها تعاني من مشاكل بالبيت ؟؟
شهاب:- وإلا ماذا سيكون تفسيرك بعدم لجوئها إليك ؟
وائل(بأسف أخفض رأسه):- ما كانت ستأتي إلي .. يعني لقد تخاصمت معها ونحن بالمستشفى هذا الصباح ، ورجاء لا تسألني ماذا حصل لأنني مخنوق ولا أحتمل الحديث عن الأمر حتى مع نفسي
شهاب(بامتعاض):- اممم أساسا ما كنت سأتطرق لذلك لأنك لو أردت أن تسرد لي ما يتعبك ،كنت لجأت لي كما فعلت هي
وائل(صغر عينيه بلؤم):- أظن أنها قد قدمت لأجل الصغير فميرنا في مثل حالاتِ الغضب ، تستهوي الانفراد بنفسها أو ترمي بعقلها كاملا في عهدة طفل وهذه المرة قد نال شادي ذلك الشرف فلا تؤوِّل أمورا من خيالك لا صحة لها ..
شهاب(حك حاجبه بهزل):- حسن لن تغار الآن من ابني صحيح ؟
وائل:- لن أفعل !.. فقط طمأنني هل هي على ما يرام ؟
شهاب(زفر بعمق):- لن أجزم لحين تستيقظ ، هييه ألن تأتي ؟
وائل(بتوتر):- أنا ؟؟ لالا لن آتي يعني ما الذي سيجعلني أزورك يعني ، ثم ميرنا ستنزعج إن رأتني وبصراحة أنا أيضا لا أرغب برؤيتها اليوم تحديدا
شهاب:- أيووووة … وكأن الخصومة بينكما محتدمة بعض الشيء ، اعتقدت أنه مجرد شيء عابر لكن بموقفك هذا أنت تجعلني أقلق
وائل(بتذمر):- لا تتعبني معك ، سأفصل الخط
شهاب(بتفكير):- حسن يا صاح اهتم بنفسك سأحاول فهم الأمر من جهتي
وائل(زفر بعمق):- حظا موفقا إذن …
شهاب(أقفل الخط):- همممم حسن يا ميرنا لم يتبقى لي سوااااااااكِ
وائل(بحزن رمى بالهاتف على المنضدة ومسح على وجهه وبعدها ناظر صورة أمه):- تعبت يا أمي..تعب يا رانيتي تعببببببببببببت وأيضاااا … اشتقت لكِ كثيراااااااا
بدون تفكير ولا سابق إنذار أمسك بهاتفه معطفه مفاتيحه وخرج من البيت مرة أخرى ، دون أن يعير لنداءاتِ نزار أدنى اهتمام بل قاد سيارته باتجاه مسكن أمه الحبيبة ، قبرها الذي يناديه منذ فترة والذي قصَّر معه في الآونة الأخيرة فلقد تعثرتِ الظروف ومنعته من زيارتها أسبوعيا كما كان يفعل ،، ازدادتِ اللهفة والرغبة في فؤاده وكأنه بزيارتها سيجد نفسه ذاته التائهة في كوكبة ميرنا المنفردة ، أكيد بعد رجوعه لأصله سيفكر عميقا في حل يُمكنه من ترتيب الأمور بخاطره فلقد بات متخبطا في نفسه مؤخرا وهذا ما ليس حميدااااا .. بعد هنيهة كان يتنهد وهو يسير بباقة الورد المفضلة لوالدته ما بين الممرات بعيون ذابلة وحسرة مرتسمة على قلبه وكأن العالم كله اجتمع ليزرع الحزن في قلبه آنذاك ، كل شيء ضده خصوصا الأقدار فهي المتسبب الرئيسي في حرمانه من شمس لياليه .. حرك رأسه مرتين مزمجرا أكثر من الجو المكفهر من أفكاره العقيمة ، حتى وقف عند قبرها الأليم ومسح على شاهده ووضع الورد على الأرضية الرخامية للقبر وشرع في قراءة الفاتحة على روح أمه ، بعد أن فرغ من ذلك انحنى عاكفا لينظف القبر ويزيل عنه الأعشاب الضارة وكذا لكي يبعد كل الطفيليات عن منأى رانيته الغالية ، ويرفع صوت أفكاره هذه المرة دون تردد .…
وائل(شمَّر على ساعده وانهمك في تنظيف القبر وبقلب ملتاع):- هكذا يا أمي كما أحكي لكِ ، صدمتني برأيها الذي لم أتفهمه لحد الآن أكُلُّ ذلك خوف يعني مستحيل ، فميرنا مؤكد لها غاية أخرى ولتلك الغاية تحليلين في خاطري ، أعلم أعلم أنكِ لن تقتنعي لكن من حقي أن أخبركِ ومن حقكِ أن تسمعيني فالتحليل الأول هو أنني أظنها معجبة بالسيد ابن عمها آسرها الجديد فحضوره الإجباري في حياتها قد أعادها للماضي وهذا ما ولَّد في خاطرها مشاعر لم تستطع مجاراتها ، وهذا ما جعلها متخبطة بين البينين .. أما التحليل الثاني فهو أكبر همَّا مني ومن ابن عمها حتى فهي ترغب بالوصول إلى غايتها الأزلية ألا وهي القضاء على الفهد البري وهذا ما لن يتم إلا إذا نفذت كل وعوده وطلباته لأجل ماذا في نظرك هممم ؟؟ سأخبركِ لأنها أيقنت أن البحث والتحري عنه من بعيد لن يتم إلا إذا تغلغلت في وسطه ووجدت بابا للدخول إلى مملكته وهذا الباب لن يكون سوى حكيم الراجي المرشح الوحيد الذي سيوصلها إليه ، ما يعني يا أمي الغالية أن ميرنا بغض النظر عن ديباجة المشاعر التي تعايشها بيننا إلا أن هدفها يتجاوز أحاسيسي أنا وذلك الكيان المضر بالصحة ، أقصد حكيم ابن عمها ولا تتذمري بشأن شتمي له لأنني حانق عليه جداااا فاعذريني أماااااه .. تتت آه لو كنتِ لا تزالين حية لشكوتكِ همومي أكثر ولسمعت منكِ ما قد يكون حلا يريح عقلي وبالي من التفكير في كل هذا فلقد تعبت منه ، أما قلبي المحترق في نيران ميرنا فحدثي ولا حرج آآآآآخ علي ، ما كان يجب السكوت عن هذااااا لكن ميرنا في خضم الأمر ولا يسعني التحرك ولو مترا واحدا في الوقت الحالي ، أملي في رامز وتلك الجاسوسة أماني وأيضاااا في تحرياتِ مكتب أبي رحمه الله لقد تقصيت عن الأمر مؤخرا واتضح لي أنهم يتابعون القضية من وقتها لم أكن متأكدا في البداية لكن بعد أن أرسلت لهم مئات الرسائل طوال هذه السنوات أخيرا وردني منهم جواب لم أكن أتوقعه على الإطلاق ….
~ وائل يتذكر ~
قبل عدة أيام وحين كان وائل عائدا لبيته في إحدى الليالي ورده اتصال من رقم مجهول ، ناظره مليا وحين تردد في الجواب وجد صوتا بداخله يحثه على الرد ومعرفة هوية المتصل ما ربما كانت عسل غروبه تحادثه من رقم آخر ، بحماسة أجاب واصطدم بصوت رجولي جهوري يأمره أمرا أن يمضي في نفس خط سيره الرئيسي وحين يصل إلى مفترق الطرق يتخذ الطريق الأيمن كاملا حتى الأخير وبعدها ينعطف يسارا ليتخذ ممشى فرعيا يؤدي إلى مجزرة ماعز وأبقار بالمنطقة ، في البداية استغرب وظن أن أحدا يحيك له فخا أو دعابة يراقبه يعني ويود التنكيت عليه لكن ما إن ذكر المتصل اسم أبيه حتى تصلبت كل الكلمات في جوفه ووجد نفسه طوعا يتابع المسار المحدد له … ما هي إلا سويعة من الوقت حتى كان أمام تلك المزرعة الغريبة التي تعج بقطيع من الماعز والأبقار المختلفة أنواعها وكذا عدة رجال يظهر من هيأتهم أنهم رعاة بسطاء الملامح .. ترجل من سيارته وهو يراقب كل ما يجري حوله وكأنه يحاول أن يطمئن لما هو مقدم عليه أو بالأحرى يستوعب أين هو فالمكان الذي تخيله عكس ما يراه تماماااا ، قبل أن يتمم آخر جملة وقف أمامه رجل متقدم في السن تبدو على ملامحه الطيبوبة والبشاشة
عمو بشير(أجل أجل هو نفسه هه ^^):- أهلا بك بني وائل
وائل(عقد حاجبيه ورد المصافحة):- حضرتك هل تعرفني ؟
بشير:- أدعى بشير عمك بشير وأنا معرفة سابقة لعمك نصر الدين محفوظ رحمه الله .. أبو وصال إن لم تخنني الذاكرة فقد بعثت في إحدى رسائلك تخبرنا بشأنها زيادة على ذلك أنا وعمك نصر الدين كنا صحبة مخلصة مع أبيك وحيد رشوان ولو أننا لم نتأكد من نزاهتك لما كشفنا لك أمر منظمتنا
وائل(مسح على فكه وناظر المكان باستهزاء بالغ):- منظمة ماذا في مزرعة مواشي يا عم بشير ؟
بشير(ابتسم بسخرية وأومأ له برأسه كي يلحقه):-اتبعني لتتعرف على إخوتك الخرفاان
وائل(تشنج من جملته وغالبه الضحك):- يا حبيبي آخرتها خرفان يا واااائل آخخ … !!
اصطحبه نحو الداخل حيث كان هنالك مئات من الخرفان المعلقة في المذبح ، تفوح من كل جانب رائحة الذبائح وهذا ما جعل وائل يزداد استغرابا مرفقا بكثير من الحنق
وائل(وضع يده بجيبه وأشار له حين توقف):- هل تستغفلني سيد بشير .. ما هذاااا أتحسبني ساذجا حتى تحضرني لمذبح مواشي ؟؟؟
بشير(لم يتوقف عنده بل استمر لحين وصل إلى الحائط):- عمووو بشير يا ولد ، ثم ما عاش ولا كان من يستغفل فردا عزيزا من آل رشوان ، أنظر
قبل أن ينهي وائل استغرابه كان قد ضغط العم بشير على نصف الحائط فانفتحت الأرضية بجانبه وكشفت عن درج حجري بعمقها ، هنا زادت حيرة وائل وهو يتقدم كي يتفحص ذلك المكان وكذلك لأن بشير أشار له كي يتبعه ، وجد نفسه متغلغلا في مكان ليس له صلة بأي درجة مع الحقيقة الموجودة أعلاه ، وتيقن أنها تمويه جيد لمقر المنظمة الذي كان يؤثر على عقل وائل ويرسل ذبذبات انبهار لا حدود لها .. شهق وهو يناظر تلك اللوحات الإلكترونية المعلقة في كل جانب وإلى ذلك المكان الشاسع المكون من عدة مكاتب مكشوفة على بعضها بحواسيب متعددة وبأشخاص غريبين منهمكين في أعمالهم المبهمة ، ظل يلاحق بشير الذي استمر في تخطي أرضية المقر الناصعة البياض واستقر إلى غرفة اجتماعات كبيرة بها عدة كراسي تلتقي في كرسي واحد في الوسط مختلف عنها وخلفها شاشة إلكترونية ضخمة قد تصل إلى عرض الحائط حتى ، إضافة للأدوات التكنولوجية المرفقة لكل زاوية بكاميراتها بآلاتها المتطورة وأسلحتها المسطرة في ركن جانبي ، خلفها بقليل تجمهر عدة أشخاص يرتدون بذلات بيضاء يظهر وكأنهم يجرون بعض التجارب الغربية … لحظتها قاطع العم بشير شرود وائل وقرأ محاولة اكتشافه للمكان لكنه أشار له بالدخول لغرفة الاجتماعات تلك ..
بشير:- هذه غرفة اجتماعاتنا الرئيسية ، هنا يتم التخطيط لكل شيء خاص كان أم عام وهنا أيضا يتم إصدار القرارات بدرجة جيم دال لام فاء ،، مم قبل أن تتساءل عن المعنى الفعلي للحروف فأنا أقصد (جاهز دوما للتنفيذ الفوري)
وائل:- جميل أنك تكفلت بالشرح لكن هذا لا يمنع أن الأمور كلها ما تزال مبهمة
بشير(تحرك صوب الشاشة الإلكترونية الضخمة وضغط على زر ما):- هنا تكاثفت كل جهودنا منذ سبع سنوات ، تحديدا منذ أن تم اغتيال أبيك
وائل(ابتلع ريقه وهو يرمش بعينيه):- ماذااا تقوول يعني تخميني صحيح ، أبي قد قتل ؟؟؟
بشير(حرك يديه بقلة حيلة):- مع الأسف تمت تصفيته هو وعمك نصر الدين
وائل(فتح زر قميصه العلوي ووضع يديه على جانبيه):- ألم يتم التعرف على الجناة .. بغض النظر على أن الفهد البري وراء ذلك
بشير(ضغط على زر التحكم):- بلى حين استمر البحث طويلا جدا ، وباتت الأسئلة مزعجة تم تقديم عميل ضعيف كفدية لإخراس أفواهنا وطبعا لم يفدنا بشيء بل اعترف بجريمته على أساس أنها عمل طائش .. تمت محاكمته طبعا حسب القوانين ويوم تنفيذ الحكم استيقظنا على خبر شنقه لنفسه بزنزانته يعني نفس الموال المعتاد مع الأسف
وائل(مسح على فمه بغيظ وهو يرمش بضيق):- هل لديكم إسم ؟
بشير(أخذ يستعمل أداة التحكم وأشار له ليتابع الصور):- هنا عمل مضني بدأه أبوك وأكملناه نحن ، منظمتنا لم تتوقف بعد رحيل قائدها بل استمرت حتى يومنا هذا ولا زلنا نتابع ذات الطريق لحين نصل إلى أولئك المجرمين
وائل(بأسف):- قلبي يحترق ، بينما أبي والعم نصر الدين والكثيرين يدفعون ثمن جرائمهم هم في الخارج يعيثون فسادا بكل حرية مطلقة .. أليس هذااا ظلمااا ؟
بشير:- هو كذلك يا بني ، لكن التذمر لن يفيدنا بشيء بالعكس سوف يعرقل سير مهمتنا فما يجب علينا الآن هو الصبر والتصرف بحكمة
وائل(ابتلع ريقه وهو ينظر للمخططات التي تمر بالشاشة):- إلى ما توصلتم حضرتك ، هيا أنعش ذاكرتي بخبر يبهج قلبي ويخبرني أننا صرنا على مقربة من القصاص ،لأنني وبعد أن تيقنت أنهم وراء مقتل أبي لن أرحمهم هيا أخبرني ؟؟
بشير(حرك فكه بتعب وتقدم صوبه):- إن حماسة الشباب الزائدة تلك لن تفيدنا بشيء عزيزي وائل ، أبوك كان حكيما في تصرفاته ومع الأسف لو لم يؤخذ على حين غرة لكان بيننا اليوم لكن هذه قدرة الإله ، ما يسعنا شيء سوى الاستمرار في طريقه ومتابعة قضية رسالته لآخر الرمق
وائل(بحزن):- ما الذي جعلكم تأتمنونني اليوم بعد مرور كل هذه السنوات ؟
بشير(تنهد عميقا ونظر لأداة التحكم وبعدها ضغط على رقم معين):- هذه
وائل(عقد حاجبيه حين لمح صورة عسل غروبه):-إنهاا ميرنااااااااا … ما الذي تفعله صورتها بين دلائلكم سيد بشير ؟
بشير(بعمق):- ميرنا قريبة منك وائل وفي آن الوقت هي صديقة وصال محفوظ ، وابنة عم حكيم الراجي ، وصديقة لرامز البدري ، والأهم أنها وإياد نجيب على مقربة تصل للأخوة وهنا نجدها كالشجرة المتفرعة الكل ينتمي إليها بل ويجتمع في بؤرتها وهذاااا ما يجعلنا نستنتج … أن الفهد البري يدور في فلك ميرنا الراجي ومنذ عدة سنوات قد حرَّف كل معتقداته لأجلها قد اقترب منها لدرجة أنه يتدخل في كل صغيرة وكبيرة في حياتها حتى وصل به الهوس لتحريف إشارات المرور ووضع كاميرات مراقبة خاصة به لأجلها ، ناهيك عن الأماكن العامة التي نجد بأنه يزرع فيها ألف عين وعين ميرنا الراجي هي هوس بالنسبة للفهد البري ، أعلم أن كلامي غير منطقي بالنسبة لك لكن هذه هي النتيجة التي توصلنا إليها مؤخرا خصوصا بعد أن تم تزويجها من ابن عمها الذي ظهر من العدم بثروات لا يظهر لها مصدر من أساس
وائل(كان يستمع له وهو يرمق صورتها بخوف وقلق):- عم بشير ، ما مدى الضرر المحيط بميرنا ؟
بشير(بتأثر):- في الحقيقة لا ندري ، لكن ما نحن متأكدين منه أنها إن لم تسر حسب طلباته سيتحول ذلك الهوس لجنون مطلق يضرها ويضر بكل ما يحيط بها أكثر مما نظن
وائل(باختناق ابتلع ريقه):- أنت هكذا تضع النار بجوفي يا عم بشير ، أنت هكذا تحطم أقصى آمالي في إخراجها من تلك الناااااار تحديدا
بشير:- لا يسعك فعل شيء بني وائل ، طالما هو أقوى منا ويتقدمنا بخطوة لن نستطيع المساس به لأننا لا نملك أدلة كافية تدينه فنحن أساسا لا نعرف هويته كي نصل إليه بأسرع وقت ممكن
وائل:- لكن على الأغلب أنتم تعلمون عملاءه ، مُورديه ، تحركااااته ؟
بشير:- نحن نعلم شيئا آخر سيفاجئك
وائل(رفع حاجبه بفضول):- وما يكون ذلك ؟
بشير(ضغط على الزر مجددا وظهرت صورة أخرى):- أنظر مليا للصورة
وائل:- تتت ماذا يا عم بشير أتختبر صبري .. تلك ميرنا
بشير(ابتسم جانبيا):- لاحظ جيدا الصورة يا وااائل
وائل(بتأفف):- أفف إنها ميرنا فهل سأخطئها يعني ؟؟؟ تت وأيضا ل.. لحظة لحظة أين ذهبت ندبة يد ميرنا بل متى صبغت شعرها هكذا ولما هي تبدو بوزن أكثر من وزنها الحالي وماذا عن تلك الشامة بعنقهاااا ههه لما فبركتم صورة ميرنا هل جننتم ؟؟؟؟
بشير(تنهد بعمق):- عذرا منك تلك ليست بميرنا إنما هي امرأة أخرى متخفية باسم آخر وتعيش في نيوزيلندا منذ سنوات وهي ليست امرأة عادية كما ترى ، بل إنها رئيسة مافيا القطب ..وقد تم التوصل لهويتها منذ أسبوع تقريبا بفضل تكاثف مجهودات مكتب المخابرات الخاص بنا وذلك بسبب اتصال صغير وردها من هنا
وائل(بعدم استيعاب):- اتصال من ؟
بشير:- لم نستطع تحديد هويته أبدا ، فقد كان الاتصال وجيزا وبصوت إلكتروني بشيفرة مفخخة أيضا تحثها على العودة لأرض الوطن لدمج عصابتها بعصابة الفهد البري الذي ينوي الاعتزال كما تتداول الأخبار مؤخرا
وائل(رفع حاجبه):- مهلا مهلا ، من تكون تلك الفتاة وما علاقتها بميرناااااا ولما هي تشبهها لتلك الدرجة حتى كدت أتوه بينهمااااا ؟
بشير:- إلى هنا ولن يسعني مساعدتك نحن أيضا لا نعلم ما السبب ، ثم الغاية الآن أهم بكثير نحن بحاجة للعثور على تلك الفتاة ومراقبتها فور دخولها لأرض الوطن ، فبواسطتها سنصل إلى مقر الفهد البري أو أي شيء يمكننا من حصره في جحر الخطر ..
وائل(مسح فمه بنفاذ صبر):- لما أدرجتموني في هذا وتنتظرون مني أن أبقى متفرجا .. ألا ترى معي أنكم تفسحون لهم المجال أكثر للعبث ؟؟؟
بشير(مط شفتيه):- أتعلم أنك هنا تحت مسؤوليتي الشخصية ، لقد وضعت سنواتِ عمرها وعملي المضني في كفة وحضرتك في كفة أخرى وليس لأنك ابن قائد مهمتنا وحيد رشوان ، بل لأنك في آخر رسائلك التي كنت ترسلها للإيميل الذي وجدته بملفات أبيك أدرجت اسم وصال محفوظ وأيضا أماني عميلة الفهد البري والتي لم نستطع لحد الآن أن نتواصل معها فهي ترسل معلوماتها عشوائيا وبطريقة مختلفة كل مرة
وائل(زفر بعمق):- مع ذلك لم تجبني على سؤالي ، ما المطلوب مني ؟
بشير(مط شفتيه):- إذا ما عادتِ الفتاة لمقر الأعداء سوف يكون من اللازم التدخل واللعب بالورقة الموجودة تحت أيدينا
وائل(بتخوف رهيب):- لماذا أشعر وكأن هذه الورقة تبتدأ بحرف الميم ؟؟؟
بشير(حرك له حاجبيه بانكشاف الغاية):- ميرناااااا …^^
هنا وجد وائل صدره يتضخم بأنفاس مختنقة وهو يرمق شزرا تلك الشاشة المدرجة بصورة ثنائية إحداهما ميرنا والأخرى لفتاة تشبه ميرنا قليلا ، من تكون و ما مدى علاقتها بها شيء لا يمكن لأحد كشفه في الوقت الحالي ، يعني لا يزال أمامنا وقت لاكتشاف ذلك ، وهذا ما جعل وائل يشعر بأن الخطر محدق بميرنا من كل الجوانب وهذا أيضا ما عزز في نفسه فكرة هروبه بها بعيدا عن كل هذه المتاهات لكن الآنسة المحترمة ترفض التخلي عن ابن عمها عن مخاوفها عن تهديدات الفهد البري لها وترضخ للأمر الواقع وهذا ما يجعل وائل محصورا في الزاوية ، ينتظر بدوره ما قد تجود به الحياة من عطاء ..
عاد من تلك الذكرى وهو يستذكر اتفاقه مع بشير على أن يبقى الأمر سرا بينهما ، وألا يدرج فيه لا إياد ولا رامز الذي يتابع معهم القضية من بعيد ولا يعلم شيئا عن منظمة جيم دال لام فاء .. حين فكر بأخذ ميرنا بعيدا لم يركز كثيرا في انتقام أبيه الذي يؤجج في داخله بل ويحثه دوما على اتخاذ مجريات أخرى مكشوفة أكثر توصله لذلك المجرم ، لكنه يعود ويفكر في أنه لو فعل ذلك سوف يعرض حياة أحبته لخطر الانتقام وأنه لن يحذو حذو أبيه ولن يحقق شيئا عوارض كثيرة تعيق تنفيذه لذلك الجنون ، وأهمها سلامة وهم قلبه الحبيبة ..
وائل(ناظر قبر أمه مجددا وقد بدأت قطرات المطر تتلاعب فوق رأسه):- أرأيتِ يا أمي لست بقادر على التعامل مع أي شيء آخر يخص ميرنا ، باختصار يشل تفكيري حين يأتي قلبي على ذكرها وهذا ما يتم بشكل كثير لن يسعني مداراته .. لا أعلم كيف السبيل لكن ربما لو اتبعت خطة المنظمة سوف أستطيع حمايتها كما يجب من شرور أولئك القتلة السفاحين .. هف سامحيني يا أم وائل أقلقت مضجعكِ بأخباري التعيسة لكن القلب ممتلئ حد التعب ولا أحد سيسمعني غيركِ ، أساسا لا يوجد غيركِ لأفضي له بأدق أسراري حتى ميرنا لن يسعها معرفة ذلك ، هه من أصله أين هي ميرنا يا أمي مني أين هي ؟؟؟ …
طرح هذا السؤال وهو ينتفض متجهزا للرحيل بعد أن ازدادت غزارة الأمطار وزينت كل ما يجري حوله بقطراتها المنهمرة ، قبّل شاهد أمه ودعا لها بالرحمة وانطلق لحال سبيل إلى أين الله وحده من يعلم …

هنا في تلك الأثناء كان قد وصل ميار إلى البيت الجبلي الذي أودع فيه كهرمانة والتي كانت مضطجعة أمام المدفئة تضع يدها بين أنامل أماني التي كانت تدلكها لها بأريحية .. لحين دلف إليها الخدم وأخبروها بهوية زائرها المفاجئ لحظتها نفضت يد أماني ونهضت وهي مرتبكة تدور من كل جانب والفرحة لا تسعها من زيارته أبدااا
كهرمانة(فتحت يديها له):- ولدي حبيبي كنت موقنة أنك لن تستغني عن حضني أبداااا
ميار(تقدم لحين وصل إليها ورمق الكل من حوله):- انصرفوااا…
تبخر الجميع من حوله وجمعت كهرمانة يديها وهي تحاول أن تتودد إليه من جديد، بطريقة مغايرة ستستغل فيها حس الأمومة
كهرمانة:- اجلس يا عزيزي ولا تغضب نفسك ، أهلا بك عزيزي ميار
ميار(رمقها شزرا وجلس بجمود):- زيارتي لكِ ليست ودية على الإطلاق يا كهرمانة ، لكن أحتاج لأن أصفي بالي قليلا
كهرمانة(جلست قربه وأخذت تمسح على كتفه):- ولو يا روحي لك ذلك طبعااا ، سأطلب لك عصيرا لتريح به بالك بعض الشيء
ميار(رمقها بطرف عين وهو يقطب عينيه):- كفي عن التدلل لن أصفح عنكِ مهما فعلتِ ، قد غدرتِ بي وكدت أفقد نفسي لو حدث مكروه لميرنا
كهرمانة(حركت فمها كرها لسيرتها)- الآن نحن لا نخوض حديثا حولها ، لقد اشتقت لك وهذا يكفيني
ميار(أغمض عينيه وفتحهما):- إياكِ وأن تقللي شأنا لها يا كهرمانة ، ميرنا مني وهذا ما عليكِ إقحامه في ذلك العقل وإلا لن نصل أنا وأنتِ لبر تفاهم وقد سمعتِ ما حدث لرشيد هو لا يزال راقدا في الفراش بفعل إصاباته
كهرمانة(حركت فكها بقلة حيلة):- سامحني والله غلطة ولن تتكرر
ميار(بصداع):- اسمعيني يا كهرمانة
كهرمانة(ببكاء):- لا تقل كهرمانة والله إنك تحرقني في صميمي بتلك الكلمة …
ميار(رمش بعينيه وهو يطالعها بتعفف):- لفظ أمي لن تحظي به مطلقا ، قد خسرتِه ولن تستطيعي إعادته مهما فعلتِ لذا لا تجبريني على القسوة معكِ أكثر من هذا ولا تجعليني أندم لأنني زرتكِ بعد افتعالكِ لتلك الحادثة قبل فترة حديثة
كهرمانة(كففت دمعها وهي تعقد حاجبيها):- بأمرك بني لن أزعجك أكثر لكنني بحاجة لأن أطلب منك شيئا خاصا
ميار:- ماذا تريدين ؟
كهرمانة:- أريد زيارة بلدتي فسنوية أمك غدا وأنت تعلم بأنني مرتبطة بتوزيع الخيرات على الأهالي في مثل ذلك اليوم ، ترحما عليها هممم
ميار(بأسف استقام ليطالع الفراغ):- أساسا هذا أشد ما أحضرني إليكِ ، سأكون معكِ في هذه الزيارة أنا بحاجة للعودة إلى هناك كهرمانة أنا بحاجة لذلك
لم تستوعبه ولم تفهم مغزى كلماته الموشحة بالألم ، بل ظلت تناظره وهو جاثم أمامها لأزيد من دقائق يناظر فيها الفراغ وكأنه يصارع أفكاره أو شيئا ما برز من الماضي ، لم تتمكن من ولوج عقله أو حثه على استذكار ما يؤلمه لكنها اكتفت بوجوده بقربها فرؤيته تشرح صدرها وتجعلها تطمئن …
ميار(بنظرة عميقة وفي سره):- أعتقد بأن استذكار الماضي جعلني أحن إلى بلدتي وإليكِ جوزيت آه لو تدرين ما أكابده يا جوزتي ، فميرنا تأخذ عقلي وأخي يؤلمني حاله بيني وبين عملي الذي يحتم علي تعذيبه بطرق لا تخطر على بالك ، وكل هذا كي لا أصدمه بالواقع المرير وبالأحرى كي لا أعرضه لخطر عشيرتنا ، وحتى أعدائنا من عصابة القطب وغيرها من المرتزقة الجشعين .. افف لن أطيل أكثر سأزور المكان لوهلة وبعدها أرحل ..
كان يحادث نفسه ويومئ بحركات غريبة استغربتها كهرمانة التي جلست على جنب وأخذت تطالعه بعدم فهم فهي الأخرى في حالة اندهاش من حاله المحير ، هنا تنفس بعمق وصورة ميرنا تقتحم مخيلته في رقتها وجنونها الشبيه تماما بجنون فتاة متمردة كان يعرفها في صباااااه تدعى "جوزيت " …
بعد مرور بعض من الوقت كان رشيد في شقته يعايش آلامه المتعددة بخبث معهود ، زمجر مرارا وتكرارا وهو ينادي على عاملاته كي يسهروا على راحته وطبعا طبعا لم يعتقد بأنه سينال مثل تلك الزيارة النادرة
خادمته:- لديك ضيفة سيد رشيد
رشيد(حرك يده المضمدة بالجبس):- من تكون يا فتاة ؟
خادمته:- لا أعلم فتاة متخبطة في نفسها ويدوب تفهم منها بضعة أحرف
رشيد(برقت عيناه بشراسة):- أمااااااني واووو كيف وصلت إلى هنا هذه ، دعيها دعيها تدخل يا بنت
الخادمة:- على الفور ،
رشيد(بمكر):- والله وجيتي برجليكِ يا أمنيتي ههههاهااا
أماني(بتوتر فركت يديها وهي تدلف إليه):- سس..سيد ررشيد أأعتذر أنني ججئئت بوقت غير مح.. محدد ووو
رشيد(تململ وهو يشير إليها):- أمااااني رؤيتكِ ردت لي الروح يا غالية ، شتت لا تقولي شيئا تعالي اقتربي واجلسي بمحاذاتي كي أتيقن أنكِ فعلا هنا بقربي
أماني(احمرت وجنتاها خجلا واقتربت منه):- لالا بأس لا أرريد أن أضضايقك سيد ررشيد
رشيد(غمزها وهو يشير لها بمجلس قربه على السرير):- رشيد وبس تعالي
أماني(بحرج جلست قربه وناظرت ضماداته):- هه .. هل تتألللمم ؟
رشيد(يسبل لها في عينيه):- ليس كآلام بعادكِ وعدم رؤيتكِ يا أماني
أماني(غرد قلبها لحظتها):- أي.. كلاممكك ججمييل ججدااا
رشيد:- بل أنتِ الجمال والبلسم أتصدقين قد زالت كل آلامي مذ أن أتيتِ
أماني:- لقددد هرربت لأجلك ممن أمي ههه
رشيد(رفع حاجبه بمكر ومد يده السليمة قليلا ليمسح على خدها):- تسلميلي يا هاربة أنا سعيد لأجل ذلك ، وأرجو ألا تكون المرة الأخيرة
أماني:- تت للن تكووون الأخخيررة هه
رشيد(جذبها إليه وطبع قبلة على خدها كلها مكر وخداع):- ولوو أنا الذي يعلم ذلك
هيييه يا أماني والله وفعلتيها ههه لو تعلم كهرمانة بهروبكِ ستشويكِ على نار هادئة وتطعمكِ للسحليات ههه ^^
طبعا حين يكون هنالك شخص مثل عرندس خاطف الأرواح في محيط كهرمانة مستحيل أن يمر عليه هروب أماني مرور الكرام ، ما إن وصله خبر بموقعها حتى بلغ كهرمانة التي استشاطت غضبا ولم تشأ أن تزعج أحدا بذلك خصوصا ميار الذي كان نائما في الأعلى .. أطلقت كهرمانة أوامرها بإحضار أماني من شعرها ما إن تخرج من عنده ، وكان كذلك ما إن خرجت من شقة رشيد والفراشات الملونة تغرد فوق رأسها ببسمة غبية ترسمها على ثغرها حتى أمسك بها متلبسة
عرندس(وثب أمامها كالذئب):- هااا يا ست أماني هل تأخرت يا ترى ؟
أماني(ارتجفت محلها من الفزع):- هئئئ عرع .. عرندسس كييف ع عرفت مككاااني ؟
عرندس(أمسكها من ذراعها بقوة):- والله إجابة هذا السؤال عند أمك ،، امشي لنرى ما ستحظين به من عقاب يا غبية …
مات فيها النصف فعقاب كهرمانة أكيد أكيد سيكون شديدا عليها ، لذا ظلت طوال الطريق تبكي وتتوسل لكن دون جدوى فقد كان عرندس مصرا على حمايتها حتى من نفسها ،لأنه وكهرمانة يعلمان جيدا مدى خبث ذلك الرشيد .. ما إن وصل بها حتى دفعها لداخل البيت ووجد كهرمانة في انتظارها وهي جالسة في محلها كالمعتاد
كهرمانة:- يمكنك الانصراف عرندس
عرندس:- أي أوامر سيدتي أنا بالخدمة
كهرمانة(تطالع ملامح أماني):- فيك الخير الذي يطمر فيك حتى ، وهذا ما نفتقر إليه هذه الأيام يا خساااارة
أماني(باحتدام):- لمم أفف أفعل شيئا ققمت بزياررته وو و فققط
كهرمانة(اقتربت منها وشرعت تمسح على شعر أماني بحنان خافت):- أماني الحبيبة لطالما اعتبرتكِ مثل ابنتي ، ولكنكِ تنسين دوما أن خداع الأم أمر مشين
أماني(ببكاء):- ولكنني لم لمم أذنب
كهرمانة:- بلى فعلتِ حتى أنكِ أسأتِ لاسم أمكِ ، وتربيتها أيضا أيرضيكِ فتح باب الغوغاء وتهافت الآخرين عليكِ بالسوء ؟
أماني(بحزن مطت شفتيها):- هممم
كهرمانة:- إياكِ أن تعيدي مثل هذا التصرف ، لأنني في المرة القادمة لن أرحمكِ وسأجعلكِ تخرجين من هنا جثة هامدة
أماني:-ششعرت بالملل وو زررت رشيد
كهرمانة(رأفت عليها):- طيب بنيتي لن أنزعج أكثر فأنا أمر بحالات سعيدة جدا
أماني:- أهاااه ماا الججدييد ؟
كهرمانة(بحماس):- ميار نائم فوق وسيتوجه معي صوب البلدة غدااا ، أتصدقين سيرافقني
أماني:- همم خخذينيي أأنا أأيضضا ألا يكففي أننكِ تححرمينني ممنها مننننذ س سسنوات ، ها هو مميار ذاهبب معكِ وأنا سسأبقى ههنا ممثل الييتيمة
كهرمانة:- أوه يا صغيرة كبرتِ وصرتِ تطالبين بحقوقك ، لكنكِ نسيتِ أن لا أحد يزور تلك البلدة في مثل هذه السنة غيري وغير عرندس ممنوع عليكِ وعلى أي أحد مرافقتنا ، لذا لن نغير روتين كل سنة وأطلب منه أن يسمح لكِ بالمجيء رفقتنا أيضا لأنه لن يوافق
أماني(بتوسل):- وللماذذا ل لماذا ألا يححق لي أن أن أراففقكم وأعرف ما تفعلونه هناك كل سنة في مثل هذا الوقت … ألا تثثثقون ب بي ؟
كهرمانة(ضمتها بحب):- لا يا عزيزتي أنتِ تعلمين مدى غلاوتكِ لدي ، حسن لا تتذمري سأصطحبكِ معنا شريطة أن تقفلي باب قلبكِ الأبله وتخرجي منه شبح رشيد مفهوووم ؟
أماني(آسفة لكن هذا ما لن يسعني القيام به ، اصطنعت بسمة وأومأت لها بالموافقة):- ح حاضر أممي
هنا برقت عيون أماني بمكر باذخ وأخذت تستعد لتلك السفرية المخطط لها منذ فترة ، وأيضا سيكون فيها تغييرات جمة منها مرافقة الفهد البري شخصيا لهم وهذه سابقة لم تحدث منذ عدة سنوات وطبعا هنا ستستغل أماني هذا الخبر الحصري وتذيعه ، وبالفعل أرسلت الخبر لدائرة المخابرات ولحظتها استنفر الجميع استعدادا للتعرف على الفهد البري شخصيا ومتابعته فهل ستكون تلك نهايته أم أنه سيفلت منها كما كل مرة ؟؟؟

في شقة إياد
حين استيقظ ووجد نفسه نائما على سريره بصداع نصفي في رأسه وحالة عدم استيعاب لكل ما يحدث ، استغرب ما يحصل له وطبعا من حقه ذلك وأكثر .. نهض وهو يفرك شعره بيده بعشوائية وينظر إلى غرفته بحيرة وغرابة جعلته يمط شفتيه بعدم تركيز ويحاول الوصول إلى التوقيت الذي عاد فيه لبيته ونام ، جرَّ رجليه بثقل صوب صالونه وبالضبط توجه صوب المطبخ ليعد لنفسه كوب قهوة لعله يستعيد بعضا من رشده .. وبينما هو يعدها ويستذكر ما فاته لكي يجد أجوبة لاستفساراته عقد حاجبيه حين رمق بعض الوحل على أرضيته الخشبية فتح فاهه وترك القهوة على جنب وتقدم ليرى كيف وصلت نقطة الوحل لتلك الجهة وهو الذي يحرص دوما على نظافة بيته ولا يفتعل ذلك الخطأ حتى لو كان فاقدا لرشده ..
إياد(بغضب أحضر مكنسة التنظيف المبللة وشرع يمسح):- لا أدري هل أصبحت أعاني من الزهايمر على صغر ، يا ويلي ضاع أملي في الزواج من رقية زواااج يا إياد من أين خرجت بهذه الفكرة لا أجزم في حالة انفصامك تلك ستتزوجها اليوم وتنسى وجودها غدااا أجل أجل هذا ما سيحدث … أستغفر الله قد كنت في الجريدة هذا آخر ما أذكره وبعدها لا شيء سوى البياض .. تتت يا ربي هل سأفقد صوابي لا زلت شابا وأرغب في الحياة همممم .. مهلا من وضع عدة التصليح خاصتي هناااا قد كانت بالخزانة داخل المطبخ لالا من الواضح أن حالتي صعبة حتى بت أنسى أين أضع أغراضي هففف هففف هففففف …
أتمم تنظيف الأرضية بتفاني وجهد لحين فرغ منها وأمسك بفنجان قهوته وجلس يتأمل ما يدور حوله بعقل متفتح وبمنطق أكبر هذه المرة ، أخذ يستنتج ويدقق ويمحص لوحده في مخيلته وطبعا كل الطرق تؤدي إلى اللاشيء وهذا ما أتعبه ، ظل هكذا لدقائق معدودة لحين رن جرس بابه فاستقام ليفتح وقلبه متثاقل ثقل الجبال ..
إياد(وبيده الفنجان):- نعم أنا قادم ..آه سيد تيسير مرحبا بك ؟
تيسير(مزمجرا وتبدو على ملامحه آثار القلق والامتعاض):- سيد إياد نحن جيران منذ عدة سنوات ، هل سبق وبدر مني أي خطأ في حقك ؟
إياد(بغرابة رفع حاجبه ووضع الفنجان على منضدة المفاتيح جانبه):- تفضل بالدخول سيد تيسير أولا واشرح لي لما تتساءل هكذا سؤال ؟
تيسير(بصوت مرتفع):- لا أريد أن أدخل لمحل ، أجبني فقط عن سؤالي لو سمحت ؟
إياد(لاحظ نبرة صوته المرتفعة وعقد حاجبيه):- لم يحدث ذلك أبدا
تيسير:- طيب جيد جدا ، طالما أنا لم أؤذيك قط فأنت أيضا لا تؤذيني في أهل بيتي
إياد(هنا ارتفعت خفقات قلبه بقلق أيعقل أن الأمر متعلق بأحلام هل كشفت الأمر؟):- أ.. بصراحة أنا لا أفهمك رجاء أفصح عن مقصدك ؟
تيسير(امتقع وجهه بالغضب):- لا تنتظر مني تفسيرا فما وصلك هو ذاك مقصدي ، وأتوسل إليك ابتعد عن أهل بيتي قدر الإمكان ، حتى لو صادفتهم صدفة تحاشاهم لأنه لو تم عكس مطلبي سأنسى هذه المرة معنى الجيرة وسأتخذ معك تصرفا لا يليق ، عن إذنك يا سيادة الصحفي المثقف
تركه مشدوها في محله لا يدري أي الأوبئة التي أصابت عقله للتو ، ما كان قصد تيسير وهل الأمر منوط بمشاعر أحلام تجاه إياد هذا ما لم يفهمه بل اكتفى بصفق الباب والعودة لشقته إذ يكفيه جنون ذاته المتحكمة فيه ليزيد جنون جيرانه وخزعبلاتهم أيضا .. هنا كان تيسير قد وصل بيته وتوجه إلى غرفته حيث كانت تجلس هي على سريرها تضم ركبتيها لحضنها وتبكي بعد المشكلة التي افتعلها أسامة دون قصد ..
تيسير(بجنون صرخ فيها):- إياكِ وأن أراكِ تحومين حول بيت ذلك الشاب ، وإلا قسما عظما سأرمي عليكِ يمين الطلاق وأحرمكِ من ابنك أسمعتني ؟؟؟
أحلام(بدون حياة):- لعلك تظلمني يا تيسير الشاب لم يفعل شيئا سوى أنه أصلح مزلاج باب الشرفة ، وبحضور صديقته وابنك فما الذي أزعجك لتلك الدرجة ؟
تيسير(أغمض عينيه لعله يخرس صراعه الداخلي وفي سره):- وتسألين بعد يا أحلام ، أتحسبينني بغلا لا يفهم .. أنا أشعر بكلماتك وهي تتطاير مديحا في ذلك الشاب وعيناكِ التي تبرقان كلما أتينا على ذكره بل وأنفاسكِ التي تتنهد لأجله ، أنا لست أعمى كي لا أرى الرغبة تتأجج في داخلكِ والتي لا تحتوي سوى صورة إياد الشاب الذي تحلم به مجمل الفتيات بجسده الرياضي بثقافته وبشاشته ولطافته ورجولته التي تفيض وتعمي كل عين ، أواااه يا أحلام لقد أحببتكِ وقدمت لكِ كل شيء لما أغلقتِ قلبكِ وفتحته لأحد غيري وتطلبين مني أن أتفهم تواجده ببيتي لا والله هذا ما سيفقدني رشدي …كرامتي لا تسمح لي بكشف هذااا يا أحلام لذا سأحاول معالجته بطريقتي وسأنتزعه انتزاعا من عقلك لنعود أسرة سعيدة كما كنا
أحلام(رمقته وهو شارد الذهن):- تيسير أسمعت أي شيء مما قلته ؟
تيسير(زمجر من جديد):- كما أخبرتكِ إياد نجيب محرم عليه دخول بيتي ، تحت أي ظرف كان حتى لو كنتِ تحتضرين لا أريده ، وأيضا حاولي قصارى جهدك أن تبتعدي عنه قدر المستطاع في العمارة في الشارع في أي مكان ، وإلا ستحصدين مني تصرفا لم تعهديه قط فهذه آخر مرة سأتقبل فيها هذا التصرف مفهوووووم ، أجيبيييييييي ؟
أحلام(انتفضت من صرخته وانفجرت بكاء):- اهئ اهئئ مفهووووم كما تريد …
فور خروجه ركض إليها ابنها أسامة وارتمى بحضنها وضمته بكل حب تعتصره بين ذراعيها وتزيد من وطأة نحيبها الذي لم تستطع التحكم فيه
أسامة:- ماما هل غضب أبي لأن العم إياد زارنا ؟
أحلام(مسحت دموعها بصعوبة):- كان يريد أن يصلحه بنفسه لذلك لا تشغل بالك ، أبوك على حق كان علينا التريث
أسامة:- لقد منعني عن الذهاب لبيت العم إياد وأخذ دروس في الرياضيات يقول أنه سيأخذني إلى مدرسة ليلية للدروس الخصوصية
أحلام(مسحت على شعره):- اسمع كلام أبيك يا عزيزي ..
أسامة:- لكنني أحب عمو إيااااد كيف سأستطيع التفريط به ؟
أحلام(بوجع أغمضت عينيها وفي سرها):- وأنا مثلك أحبه يا أسامة ، ولا أدري كيف سأكسر كلمة أبيك وأتوقف عن ملاحقته فقط لكي يرتاح نبضي ويكف عن الاشتيااااااق …
زفرت بعمق وهي تحاول استنباط بعض الراحة من قرب ابنها لعلها تنسى فجيعتها التي تؤلمها في الصميم مذ أن عرفت إياد نجيب ودلف إلى قلبها من دون قصد .. هنا كان هو يحاول التنفيس عن الغضب الذي خلقه فيه جاره تيسير وبالأحرى غضب منوط بأحلام أكثر فهي التي وضعته في هكذا موضع أمام زوجها ، جعلته يشعر وكأنه مذنب في شيء ليس له به أدنى علاقة فزوجته المصون هي التي اختارت أن تعشق شخصا غيره ، إذن لما يأتي ويرمي عليه الكلام كان بوده لو كشف له الصواب لكن هذا سيخرب بيت المخلوقة وأيضا هنالك طفل صغير ما ذنبه في أن تتشتت أسرته التي يحظى بها على غفلة منه ، هو يعلم ما معنى أن يعيش المرء بدون أبوين يعلم ذلك جيدا وهذا ما يحزنه ويجعله يتحمل كل الإهانات المنسوبة إليه لأجل أسامة فقط لا غير …. وجد نفسه يرمي بثقل همومه على فتاته التي يحس معها وكأنه مقصر وجدااا جراء الأحداث الأخيرة قد أهملها كثيرا لذا يجدر به تعويضها .
رقية:- هههه لالا سينما وعشاء رومانسي مرة واحدة أكيد أنا أحلم
إياد(يخطط بإصبعه على الطاولة):- لا يا رقيتي أنا بحاجة لهكذا موعد معكِ ، يعني سنعتبره موعدنا الأول كوننا يعني . أحم يعني
رقية(بخجل عضعضت شفتيها):- يعني ماذا ؟؟
إياد:- أوك لن تبالغي بما أنني لم أفصح فهذا لا يعني أنه لا يوجد شيء
رقية:- هو فعلا لا يوجد طالما لم يسمعه قلبي
إياد:- أهاااه أصبح لقلبكِ أذنين أيضا ، وماذا بعد يا ترى ؟
رقية:- ههه ليلا ستعرف متى ستمر بي ؟
إياد(ببسمة):- على الساعة 8 كوني مستعدة
رقية:- الثامنة إلا ثانية سأكون بانتظاااارك إياد
أقفلا الخط وكل منهما متحمس للقاء نصفه الثاني ، أي نعم لم يتم الإفصاح عن مشاعرها بصوت مسموع لكن أحيانا الحب لا يحتاج لكلمات كي يترجم على الأرض الواقع ، فقط هو يُحس به من كلا الطرفين .. لحظتها تحمست رقية كثيرا وترجلت من سيارة الأجرة ودلفت لعمارتهم فقد كانت عائدة لتوها للبيت حين هاتفها إياد ..
رقية(تدندن وهي متجهة صوب المصعد):- شو بحبك لما بتحكي ترسم ع شفافك ضحكة همم همم آلآلآ حبيبي إنت الأحلى عمري بقربك عم يحلى هممم همم .. تن
فتح المصعد وحين دلفت إليه وقبل أن يقفل امتدت أيدي خشنة لتمنعه وترافقها ، وهذا ما جعلها ترفع حاجبها تأففا من ذلك اللقاء الغير منتظر
رقية(دون أن تلتفت إليه):- نعم أفندم ! أتحتاج دفعة تحت الحساب لأجل ابنتك الوسطى ، آه قد دخلت للجامعة مؤخرا وهي تحتاج لأغراض كثيرة اممم طيب ربما لم تكن هي ربما كان ابنك البكر المسكين بصعوبة يدير أمور مكتب كراء الدراجات النارية أهو يحتاج لسلفة أيضا علما أنه قد تم افتتاح ذلك المكتب على ظهر جيبي أنااااا ،،، اممم أجبني يا ترى أم أنك المستفيد هذه المرة ؟
حامد:- أنا والدكِ وعليكِ احترامي وعدم التقليل بشأني ، كوني ألجأ إليكِ في أزماتي هذا لا يعطيكِ الحق كي تتجرئي علي
رقية(بعصبية ضغطت على زر إيقاف صعود المصعد):- ماذا تريد مني بعد ، أخبرني بالرقم أنت أيضا فطليقتك لم تكتفي بصرف معاشي الحالي والقادم لعدة أشهر كي تغطي تكلفة عملية ابنها الأصغر
حامد:- تلك الخبيثة رجوى لن تتوانى عن تخريب حياتي ، كيف تجرأ على طلب المال منكِ أين ذهب زوجها المصون هااااه ؟
رقية(ضحكت بهزل مرير):- والله أهذا ما يهمك فعلا ؟؟
حامد:- المهم لا تضيعي وقتي علي أن أغيث أخاك فهو مهدد بالدخول إلى السجن إن لم يتم دفع قسط البنك غداااا
رقية(بعدم تصديق ناظرته):- أيعقل هذا يا أبي .. ألا تفكر بشيء آخر غير مصلحة أولادك أنا ابنتك لما لا أستشعر محبتك لي مثلهم
حامد(رفع حاجبه بتأفف):- الله الله هذا ما ينقص أن تشعري بالغيرة منهم ، طبعا هذا الطبع خلفته فيك جينات أمك الغيورة الله يحرقها في نار جهنم قضيت معها أسود أيام حياتي الله لا يردها قد خربت عقلكِ وأثرت فيكِ وأنتِ مثل الغبية تؤيدينها في كل ما تقوله ، أكيد هي من تسوس عقلكِ وتطلب منكِ ألا تعطيني المال الذي أحتاجه طبعا هي ترغب بأن تعيش على عاتقكِ وتعيل بيتها وتصرف على زوجها وأولادها من عرق جبينك أليس هذا عيبا يا ابنتي ، لا يجب عليكِ أن تتركيها تمتص تعبكِ بتلك السادية هذا غير مقبوووول
رقية(ابتسمت بغلالة دمع وأخرجت دفتر شيكاتها فماذا ستجيب بعد أن اختصر أبوها كل شيء عن حياتها الكئيبة في سطرين ، وكأنه لا يفعل نفس ما تفعله أمها إيييه هم يبكي وهم يضحك):- كم تريد ؟
حامد(لعق فمه بحماسة وفرك يديه):- يعني هذه المرة الكلفة عالية وكله لمصلحة أخيكِ المسكين طبعا لا ترغبين بأن يزجوا به في السجن ، ويضيع مستقبله همم أكتبي أكتبي ههه هه
قمة الجشع قمة الدناءة قمة الوجع ، أهذا أب يعتمد عليه أتلك أم تشكو عليها همومها ؟؟ كلاهما شبه بعضهما البعض الاثنان يمصان دمها ببرودة تامة ، لا يفقهان شيئا عن حياتها أو مشاعرها لا يكلفان نفسيهما حتى بالسؤال عن أحوالها الشخصية .. كل اتصالاتهما مقتصرة على طلب المال وإن اشتد الأمر وترددت في الرد على مكالماتهم زاروها بدون سابق إنذار لأجل الحصول على غايتهما ، والتي يأخذونها إما بالبكاء أو التوسل أو التذمر أو التبجج بعيوب الآخر أمامها واستذكار الماضي المرير الذي جمعهما في بيت واحد وهذا ما يتعب نفسية رقية ويجعلها تمدهم بما يرغبون به بأسرع وقت ممكن ، فقط كي تريح بالها من صراعهم الأزلي الذي لن ينتهي أبداااااا … بسرعة كتبت لأبيها الشيك الذي ما إن أمسك به حتى نزل من المصعد وهو يرفرف من الفرح ولا يوجد على لسانه سوى جمل تمجد ابنه الفاشل ، وكيف سيفرح بهذا المال طبعا لا توجد كلمة شكرا أو حتى كثر الله خيركِ يا ابنتي وهذا ما زاد من طعن فؤاد رقية المسكينة التي ما إن دلفت للبيت حتى انفجرت باكية ..
العمة نعمة(بفزع أتممت تسبيحها ونهضت مهرولة إليها):- اسم الله عليكِ يا ابنتي يا رقية ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ما بكِ يا رقية تكلمي ؟
رقية(ارتمت في حضنها):- ضميني إليكِ يا عمتي نعمة أنا أشعر بالبؤس الشديد اهئ …
نعمة:- الله أكبر عليكِ يا فلذة كبدي ، لا تبكي يا صغيرتي لا تبكي وتعالي معي وأخبريني ما الذي يتعب روحكِ بهذا الشكل
رقية(تمالكت نفسها بصعوبة ونظرت إليها):- لما لا أملك حظا في هذه الحياة مثل كل الناس ، لما حكم علي أن أحظى بأبوين جل همهما أن ينالا مني ما يسير حياتهما ، لولا نقودي لكانوا قط قطعوا صلتهم بي منذ عدة سنواااااات أتشعرين بقمة وجعي يا عمتي ؟؟؟
نعمة(ضمتها من جديد لصدرها وقد دمعت عيناها بألم):- يا ابنتي قد طوينا صفحتهم منذ أمد وقررنا أن نعيش لبعضنا وفقط ، فلماذا تتألمين هكذاااا ؟
رقية:- اهئ كيف لا تريدين مني أن أتألم يا عمتي إنهما يذكرانني كل مرة ببشاعة حياتي ، لو أنهما فقط يرحمانني من تلك الزيارات المسطرة على بنود المصلحة لتقبلت قدري ، لكنهما يتفننان في إيلامي في كل مرة
نعمة:- من رأيتِ منهما أجيبيني وأنا سأسمعه ما يليق عبر الهاتف ؟
رقية(تنهدت بأسف وهي تمسح دموعها وتملصت من حضن نعمة كي تجلس):- وهل سيفيد الكلام معهما يا ترى ، هه كلاهما مدله في حياته وأنا بنك متنقل يأتيانه في بداية كل شهر أو في أوقات الأزمات الضرورية كما حدث اليوم
نعمة(جلست قربها وهي تمسح دموعها هي الأخرى بأسى):- هل عادت رجوى واتصلت بكِ .. ألم تقومي بإعطائها المال الذي تريده لأجل عملية أخيكِ الصغير ؟
رقية(بمرارة وغبن):- ليست هي هذه المرة بل السيد حامد الفارسي هو من أتاني قبل قليل ، يقول أنه ابنه في أزمة وسيزجون به في السجن إن لم يدفع قسط البنك غدا ، يعني كل تعبي سيروح هدرا إن أغلقوا مكتب الكراء الخاص بهم ، وما زاد وجعي تخيلي يا عمة نعمة أخذ الشيك ولم يكلف نفسه حتى بالسؤال عن أحوالي رحل مبتسما وهو يمجد ابنه ومستقبل ابنه دون أن يرمي بكلمة تطيب خاطر ابنته التي أنقذته للمرة الألف ...
نعمة:- الله لا يردهم يا ليتهم يمددونكِ بنصيبكِ في الأرباح على الأقل ، ذلك مالكِ وتعبكِ وشقاؤك لكن مع من تتحدثين حتى الله يبارك ويجازيكِ كل خير لن تسمعيها منهما
رقية(زفرت بعمق وهي ترمي برأسها على سطح الكنبة):- كنت في مود سعيد هذا اليوم لكن حضور أبي قلب مزاجي للأسوأ ، لا أدري كيف سأعتذر من إياد
نعمة:- ممم إياد وما دخله في مزاجك ؟
رقية(تبسمت بأريحية فهو بلسم روحها):- اتفقنا على أن نمضي الأمسية سوية يعني ، ما ربما توضحت كل الأمور بيننا وحدث ما ننتظره
نعمة(بفرح ضمتها):- ياااا الله يا ربي أنا أدعو لكِ من صميمي أن يتحقق لكِ مبتغاكِ ،فإياد شاب راق ومؤدب وأرغب به عريسا لكِ من المؤكد ستعيشين معه في كنف السعادة
رقية(برقت عيناها من بين غلالة القهر تلك):- أظن بأن شفاء روحي سيكون على يده
نعمة:- إذن طالما كذلك عليكِ أن تتحضري لتكوني في أبهى حللك ، وأنا سأجهز لكِ بعض الأكل بينما تأخذين حمامكِ صغيرتي
رقية(نظرت إليها مليا):- تخيلي لو لم تكوني في حياتي يا عمتي كيف كان مصيري أكيد في مشفى المجانين أو متشردة في الشوارع
نعمة(بهلع أمسكت بيديها):- أنتِ نعمتي التي وهبني الله إياها غاليتي رقية ، أبدا لا تقنطي من رحمة الله فهو إن أغلق بابا فتح أبواااااااااابا هممم
رقية:- ونعم بالله يا ست نعمة يا سكرة انتي ههه
نعمة:- ههه هكذا اضحكي يا حلوتي فلا شيء يستحق تكشيرة هذا الوجه الجميل …
رقية(قبلتها ونهضت لغرفتها لكن رنين هاتفها أوقفها):- خيرا إن شاء الله ..ههه طبعا فاليوم يوم المصائب فمن أين سيأتي الخير إنها أمي
نعمة(عقدت حاجبيها):- لا يزال على بداية الشهر الكثير ما الذي تريده ؟
رقية(بتأفف):- لا مزاج لي بالرد عليها لذا دعيها ترن حتى تشبع وبعدها تريح بالي
نعمة(فركت يديها):- له يا ابنتي له هذا غير لائق يعني ما ربما كان شيئا ضروريا
رقية:- ما الضروري يا عمة نعمة إنها مثل أبي تماما تريد أن تمتص آخر ما تبقى من صبري وتصرفه على غيري
نعمة(مطت شفتيها وهي ترى الاتصال المتواصل):- أجيبي فلا مناص لكِ ، هذه تبقى أمكِ
رقية:- آه يا ربي على قلبكِ المرهف آه ، حسن على حسابك ../ ألو نعم أمي
رجوى(ببكاء):- رقية رقية أغيثيني يا ابنتي أخوكِ الصغير في المستشفى ويطلبون مني بعض الأوراق ، أنا لم أفقه شيئا مما يريدون الله يخليكِ تعالي إلي يا ابنتي
رقية(بعصبية):- ماذا ماذاااا أتحسبين أنه لا عمل لدي سوى حضرتكِ وحضرة أولادكِم أنتِ وأبي ، دعوني وشأني لا تكلمووووني يكفي يكفيييييييييييييي
رجوى(بأسف):- رقية أنا بحاجتكِ ابني بين الحياة والموت الآن ويرفضون إنجاز العملية بدون إنجاز هذه الأوراق ، هل ستتركينه ليموت ؟
رقية(تأففت بعد صمت وتنهدت بعمق وهي تنظر لعيون نعمة الكسيرة):- بأي مشفى أنتِ ؟
مرت سويعات ضغط كبيرة عليها وعلى أمها وهي تنتظر في ردهة المشفى النتيجة التي ستظهر بعد تلك العملية التي ينجزها الأطباء في غرفة العمليات ، بعد أن قامت بتسوية كل الأوراق اللازمة وتكلفت أيضا بإقامة أخيها على حسابها الشخصي وهذا ما جعل رجوى تحاول التودد إليها شاكرة للمرة الأولى نعمة ابنتها عليها ..
رجوى:- يعني لا أدري بما سأجازيكِ يا ابنتي لولاكِ لفقدت أخاكِ
رقية(بتعفف ناظرتها شزرا):- يكفي أن يقوم بسلامة كي أبرح هذا المكان ..
رجوى(رمشت بعينيها الدامعتين):- لا تلوميني على قسوتي معكِ يا رقية ، أبوكِ لم يترك رحمة في قلبي قد سلبني كل وجداني في ذلك الزواج التعيس وكان من حقي أن أبحث عن سعادتي بعيدا عنه
رقية(بألم حركت حنجرتها المتثاقلة):- وبعيدا عني أيضا
رجوى:- أنتِ التي رفضتِ البقاء معي يا رقية
رقية:- البقاء معكِ ؟؟؟… ههه بليز أمي لا يجوز الضحك في ظل هذه الظروف لذا لا تطلقي على مسمعي تلك الديباجة قد فات وحفظتها عن ظهر قلب
رجوى(رفعت يدها ووضعتها على كتف رقية):- رقية ..
رقية(اهتزت من لمستها وابتعدت):- دعينا ننتظر خروج أحدهم ليطمئنوننا على الصغير
رجوى(عرفت أن ابنتها لن ترضخ لها بسهولة):- آسفة منكِ يا ابنتي
زوج أمها:- ما الأخبار رجوى ؟
رجوى:- لا يزال الأمر كما هو عليه نحن ننتظر
رقية(تنهدت بدموع وانسحبت من هناك مبتعدة قدر الإمكان عن مواجع قلبها خصوصا بعد رؤية ذلك النطح الغريب عنها والقريب من أمها):- آه يا قلبي آه … أينك يا إياد لما لم تصل بعد لماااااذا تأخرت تتت ؟؟
طبعا ما إن وردها ذلك الاتصال كان من الصعب عليها أن تمضي فيه وحيدة ، لذا كان ملجأها في السراء والضراء نصفها الثاني الذي هرول إليها مسرعا بين الممرات لحين وجدها أمامه منكسرة باكية حالها يرثي له العدو
إياد(بأسف):- رقية ؟؟
رقية(ما إن رأته حتى ركضت إليه دون وعي ووقفت أمامه وقلبها سيخرج من محله):- إياااااد الحمدلله أنك أتيت بأسرع ما يمكنك ، اعذرني قلبت موازينك بهذا الاتصال لكن لم أجد من سيدعمني في هذه اللحظة غيرك و
إياد(أمسك يدها بلهفة):- شتتت لا تتوتري أنا بجانبكِ الآن
رقية(بدموع):- صدقني هذا يعني لي الكثير
إياد(مسح دمعتها وأخفض يده):- يكفي بكاء أنا هنا ..
رقية(مطت شفتيها بارتياح):- ممتنة لذلك ..
إياد:- تعالي لنطمئن على والدتك تلك هي صحيح ؟
رقية(رأت أمها قد غيرت مكانها لتراقبها):- هممم هي بنفسها أمي رجوى
إياد(تحرك رفقة رقية صوبها):- مرحبا يا ست رجوى
رقية(أشارت لكليهما في تعارف):- أ.. أمي .. إياد نجيب
رجوى(رمقت الكيمياء بينه وبين رقية فابتلعت ريقها):- أهاه أنت محامي أيضا ؟
رقية(مسحت جبينها فهي تعلم أن أمها لا يحكمها شيء سوى الطمع):- تتت أستغفر الله
إياد(أومأ لرقية برأسه وابتسم):- بل صحفي يا سيدتي ، وأرجو أن تتم عملية ابنكِ على خير
رجوى(ببكاء):- إنه صغيري الحبيب لو وقع له مكروه أكيد سوف يحدث لي شيء ، لا أتصور البيت بدونه ولا بدون شغبه ومشاكساته حتى مصائبه التي تبلغني من مدرسته أقبل بها فقط ليعد ابني لحضني
رقية(شعرت بالضيق وهي تستمع إليه وبنظرة كسيرة تمتمت):- يا ريتني أحظى بعشر ذلك الحب الذي تكنونه لأولادكم ، الحمدلله لم أكبر معقدة وإلا لكنت الآن في خبر كان
إياد(لامس وجع رقية وعقد حاجبيه):- إن شاء الله .. رقية هل نحضر بعض القهوة ؟
رقية(وجدتها فرصة للابتعاد كي لا تبرز اختناقها تلك اللحظة أمام أمها وزوجها البغيض القابع في ركن كالولايا بدون فائدة):- أجل هيا يا إياد
إياد(يسير بجانبها في الرواق):- هل أنتِ بخير ؟
رقية:- ما كنت أريدك أن تشهد ذلك في هذا الوقت تحديدا ، مؤكد ستكون عني فكرة سيئة
إياد:- هه ماذا تحسبينني إبن السيناتور مثلا ، أنا إنسان عادي جدا صحيح لا أعلم شيئا عن والديّ ولا أذكر تفاصيلهم حتى ، لكن يبقى الأمر في قلبي عميقا جدا يعني وددت لو أنهما فارقاني في سن متقدمة على الأقل كي أتذكر شكلهما .. إنما هي الأقدار بينما أنتِ تحظين بتلك الفرصة حتى لو كانا يشكلان مشكلة عويصة بحياتكِ يا رقية ولا يغدقانكِ بالحنان والعطف الذي تنتظرينه منهما إلا أنهما لا يزالان بحياتكِ ، هنا موجودين وتستطيعين إخبار أحفادكِ عنهما حتى وأنتِ راضية بعكسي ..
رقية(لامست حزنه وأوقفته عن المسير بعد أن أمسكت بذراعه):- آسفة منك إياد
إياد(ربت على يدها):- ولو قد أتيت إلى هنا للتخفيف عنكِ يا رقية وليس لكي أزيدكِ وجعا على وجع ، هيا لنحضر قهوة لنا ولأمكِ وزوجها فأكيد هذا موقف إنساني يحتم علينا وضع كل مآسينا خلف ظهرنا لأجل اللحظة
رقية(اقتربت منه بلمعة عشق):- لم ألم قلبي قط على أي لحظة وجع عشتها ، لأنني تيقنت أنه كان يخفي لأجلي فرحا تجلى فيك يا إياد ..
إياد(تضخم صدره حبا من كلماتها الصادقة وابتسم لها):- دوما وأبدا ، إيادكِ سيكون بالقرب
على تلك البسمة الصادقة المتبادلة بينهما انقضت سويعات الانتظار ، وتمت العملية بنجاح جزئي يعني لحين تظهر نتائج الفحوصات والتحاليل ، لحظتها عانقت رجوى ابنتها بدون أن تشعر وحين استيقظ في خلد رقية العديد من المشاعر سلبتها منها رجوى لما عانقت أولادها الذين حضروا لأجل أخيهم وبرهنت عن مدى محبتهم في قلبها بكل السبل الممكنة ، وهذا ما انحشر في جوف رقية التي انسحبت رفقة إياد مبتعدة عن المكان تاركة تلك الأسرة التي لا مكان لها فيها تعيش لحظاتها الفرحة .. هنا إياد كان دوره مهما في إخراجها من تلك الحالة السقيمة وكان ذهابهما للسينما كما اتفقا خير مخرج ….

في تلك الآونة كان هنالك حريق قلبيٌ روحيٌ عقليٌ في بيت آل الراجي فمن يا ترى صاحبه ؟
الكل كان مسطرا أمامه لا يدرون كيف السبيل لإراحة باله فابنتهم المصونة هذه طبائعها ولا جديد ، إنما الأمر بالنسبة لهم وأمامه تحديدا لا يزال حديث العهد كما يعتقدون.. لم تجد عواطف بما تجيبه ولا كيف تطيب خاطره أو تجد سبيلا لتغطية الأمر فميرنا تمادت كثيرا وتصرفاتها ما عادت في نصابها وهذا ما جعل حالته أصعب بكثير مما عانى منه طوال تلك الساعات بعد ما حدث مع ميرنا في المستشفى ، وطبعا كان هائما طوال ذلك الوقت رفقة طلال في الشوارع يبحث عن ملاذ لذاته بعد أن كسرته زوجته العزيزة للمرة الألف …
حكيم(كان يجلس بنفاذ صبر يحرك رجله بريتم عصبي يزيد الأمور حدة):- لما تقفل هاتفها ولا تجيب عنه ، لقد مضت أزيد من ست ساعات والسيدة غائبة لا ندري عنها شيئاااااا
نور:- وهل هذا خطئنا يا ترى سيد حكيم ، نحن بدورنا لا نعي مكانها فكفى بالله عليك ، أعصابنا تلفت من التشنج ليلة أمس فلا تزدها علينا اليوم
حكيم(برقت عيناه بشراسة):- أنتِ لم يأذن لكِ أحد بالحديث
هنا تسمر الكل ورمقوها بحذر فأكيد ستشتعل كالبارود بعد لحظات ، لكن نظرتها امتدت لتبادله نظرة غريبة مفادها أن ما تكابده أعمق بكثير من أن تمثل علي شخصيا يا حكيم
نور(كتفت يديها وجلست):- حسن لن أتحدث ما لم توجه لي فخامتك الكلام
حكيم(مسح على شعره بعصبية):- خالتي أين هي ابنتكِ لقد أظلمت ولم تعد بعد ؟
عواطف(فركت يديها):- والله يا حكيم قد اتصلت بكوثر وإياد كلاهما لا يعلم أين هي ، اقترحا حتى العدول علينا لكنني أبيت فهما الآخرين متعبان بعد الذي حدث ويحق لهما فسحة راحة
حكيم:- يحق لهما ولنا عيب وحراااام
سماح:- أستغفر الله يا ولدي مهلك علينا ، أكيد الغائب حجته معه
حكيم(أغمض عينيه وفتحهما):- لو اتضح أنها في مكان أنا لا أقبله سوف لن يحدث طيب
عفاف(تحاول تلطيف الجو):- الأكل جاهز يا جماعة
إخلاص:- هيا يا أخي لتأكل وتروي عظمك ، ولما تعود ميرنا ستحاسبها بطريقتك
حكيم(ناظرهم بحنق):- سوف لن آكل أو أشرب لحين تحضر ميرنااااا
نور(بتأفف):- يا بنااااات هيا للأكل انزلن هيا ، عفاف هل أخذتِ الطعام لرنيم أم آخذه بنفسي؟
عفاف:- أخذته مرام لها لا تقلقي
حكيم(نهض من محله وتوجه صوب غرفة نبيلة):- سأكون بغرفة جدتي إن صادف وعادت ابنتكم أعطوني خبراااا
عواطف(بعد ذهابه):- يا إلهي إنه يجعلني أشعر بالخوف ، منظره وحديثه ونبرة صوته كلها تربكني يا ربي سترك
سماح:- بيني وبينكِ حتى ابنتكِ لها فصول مشينة أهذه فعلة تفعلها وزوجها لا يزال مصابا جراء تلك الحادثة ، يعني لتنتظر حتى يعود لصحته وبعدها تغطس هذه الغطسة السوداء
عواطف:- ما أرجوه أن تكون بخير وبعدها لكل حادث حديث …
كان متعبا سينكر لو ادعى عكس ذلك وأساسا لا يسعه الإنكار ، لأن ذلك باد على ملامحه بشكل لافت وهذا ما استغربه الجميع وأرجحوا العتب على ميرنا التي تصرفت بشكل لاذع جدا في حقه وظهرت بمظهر المذنبة كما أراد وأكثر …
نبيلة(تمطت لتعدل جلستها مستقبلة إياه):- أدخل يا حكيم
حكيم(بتعب استند إلى كرسيها الجانبي ورمى بجثته عليها بكل غضب):- ميرنا ستفقدني صوابي يا جدتي
نبيلة(مطت شفتيها):- بنت من بنات الراجي وإن لم تفعل ذلك ، مؤكد أن هنالك خللا في جيناتها الوراثية
حكيم(ضحك بهزل):- بالله عليكِ لا تزيدي علي همي بكلامكِ المبطن جدتي
نبيلة(بنظرة بليغة):- ما الذي يتعبك يا ولد ، غير البلبلة التي أقمتها بالصالون أمام تنك الدجاجات يعني أسرَّ لي ما الذي يرهق كاهلك ؟
حكيم:- لطالما قرأتني دون عناء ، الأمر هذه المرة بعيد كل البعد عما تتوقعينه جدتي ولا قدرة لي على الإفصاح عنه لذلك دعيني أكابد ما قسمه الله لي ، فمؤكد لن نصل إلى الجنة دون تعب
نبيلة:- آه يا عزيزي ، حين أراك بائسا هكذا تعتريني قشعريرة غبن لأجلك فأنت قد عانيت كثيرا ولا تستحق ذرة ألم بعد
حكيم(زفر بحنق):- والله لو تقولين هذا الكلام لحفيدتكِ ، ستريحين بالي ساعتها
نبيلة(تأففت بعمق):- بني حكيم إصبر فإن الله مع الصابرين ..
حكيم(اهتز جذعه بهزل):- وكأن لي حلا آخر غير هذاااا …
زمجر عميقا ولملم وجعه في خاطره فأكيد ليس له غير الصبر الآن على تلك المجنونة التي استيقظت في مكان غير مكانها ، بيت غير بيتها وحضن صغير دافئ يلاعب خصلات شعرها بكل براءة
ميرنا(ما إن لمحته بحضنها حتى قبلته بحب وابتسمت):- يااا حبيبي أنااا ما أجملك هه هل نمنا سوية يا شقي ؟ اممم أحسب أن لك تأثيرا قويا علي قد أزلت كل سقمي بلمسة يدك هه
شهاب(أتى بصينية الأكل ووضعها على الطاولة بقربها):- أخيرااااا تلطفت سموكِ واستيقظتِ حتى المشاغب الذي يقبع في حضنك أبى أن يبكي كي لا يوقظكِ ، وظل يلاعبكِ لأزيد من نصف ساعة وهذا بحد ذاته إنجاز عظيم وفارقة لم تحدث قبلا
ميرنا(أمسكت بشادي في حضنها وجلست به):- أظن بأنه جوعاااان
شهاب:- لا تقلقي قد شرب حليبه وهو بجانبكِ ، يعني حرصت على ألا يزعجكِ إن بكى
ميرنا(بامتنان):- يا الله دورك كأب بات فعالا ومثيرا للإعجاب
شهاب(غمزها وهو يضع صحن الطعام بقربها):- يعني للضرورة أحكام ، هيا تناولي القليل مؤكد أنكِ جائعة ودعيني أغير حفاضة هذا الكسول وأعود إليكِ
ميرنا(ابتسمت له بأريحية):- طيب …
كانت بحاجة لتلك الأجواء المحفوفة بالسكينة فجو كذاك استطاع شهاب أن يزرعها بداخله وينسيها كل همومها ، وغفوتها تلك مؤكد أكيد ستجلب لها المتاعب لكنها لم توليها بالا لأنها تعلم يقينا أن ذلك سيحدث عاجلا أم آجلا لذا لتتمتع بما تملكه الآن بين يديها ، نهضت من محلها وتوجهت صوب الحمام غسلت وجهها وناظرت ملامحها التعيسة بحسرة وانسحبت لتتناول بضع لقيمات انحسرت في جوفها كما انحسرت آنفا كل همومها في حنجرة قلبها المطعوووون بنصل زرعه فيها آخر شخص كانت تتوقع أنه سيؤذيها بتلك الطريقة المهينة ، سحبت نفسا عميقا كيلا تتمادى في ذلك الأمر وتتداعى نفسيتها أكثر لأنها في مكان لا يسمح لها بالانهيار حتى ..
شهاب:- ها قد عدنا خالتي ميرنا هل اشتقتِ لي ؟
ميرنا:- ومن لا يشتاق لهذه الحلوى الكريمية أخبرني ههه
شهاب(قدمه لها من جديد وجلس مقابلها):- لم تتناولي شيئا
ميرنا(تنهدت بعمق):- يعني ..
شهاب(مصمص شفتيه):- هل ستتحدثين أم أنكِ ستكتفين بشادي ؟
ميرنا(ابتلعت ريقها ونظرت إليه عميقا):- لم أجد مرتعا لأحزاني سوى بيتك شهاب
شهاب:- والله علي أن أسجل هذا اليوم في التاريخ ههه ، حسن أنا أمزح طبعا تعلمين أن بيتي مفتوح لكِ على الدوام يعني بغض النظر عما حدث بيننا سالفا والذي ما يزال بقلبي فأنتِ غالية علي وأحمل لكِ مشاعر مختلفة عما أكنه لشخص عادي ، ربما أنتِ بمكانة وائل في حياتي
ميرنا:- ههه هيا يا شهاب مؤكد أن تلك المشاعر لا تصل لإحساسك بميرا أختي
شهاب(زفر بعمق):- من المؤسف أنني اكتشفت ذلك متأخرا ، قد أغرمت بها ولم أعرف لا متى ولا كيف ..أختكِ وباء فتك بحياتي لقد كسرتني بل أوجعت قلبي بإخفائها لابني شادي ، لا أستطيع تصور أنها كانت تستغلني بذلك الشكل
ميرنا:- رجاء لا تظلمها ، ميرا ليست باستغلالية هي فقط كانت بحاجة لرجل تستند عليه رجل يزيل غشاوة القسوة ويكشف عن معدنها الحقيقي .. يكفي أنها تعشقك وتريد إعادتك إليها بأي شكل من الأشكال ولأجلها أكثر من ابنكماااا يا شهاب
شهاب(رفع يده بتعب"):- كل هذا لن يغير شيئا من الحقيقة المحضة ، ميرا خدعتني وأخفت عني طفلي يعني لم تخفي سرا أو قضية خفية بل طفل تحملينه بين أحضانكِ الآن ، والله أعلم لو لم يكشف أمره ذلك الحقير عشيقها الأول لما علمت بشأنه قط
ميرنا(اشتمت رائحة شادي اللذيذة وتنهدت):- على العموم لن أجادل في هذا الموضوع أكثر ، أنت من يعيش الوضع ولك كل الحق في اختيار اللازم
شهاب(رمش بعينه وهو يطالع وجه ابنه):- وددت لو تتغير الأمور ونكون أسرة معها ، لكنها لا ترحم نفسها بل تقع دوما في المتاعب وهذا ما يجعلني أقلق حيال مصير ابني معها لذلك أنا أنتظر الأوراق الرسمية التي ستعطيه نسبه وبعدها سأطالب به في قضية وصاية
ميرنا(فتحت عيناها على وسعهما):- لا يمكنك فعل ذلك شهاب ، هكذا ستدمرها
شهاب(هز حاجبه):- كانت لتفكر بذلك قبل أن تخفيه ، عموما أنتِ مرهقة لا داعي للخوض في حديث لن يتغير منه أي شيء .. دعيني أكلم وائل لكي يصطحبكِ للبيت قد تأخرتِ كثيرا وهذا قد يسبب لكِ المشاكل على الأغلب مع السيد زوجك
ميرنا(اهتز كيانها من ذكر اسمه وكأنه لا يكفيها وجوده في دمها):- لا … سأذهب وحدي يعني كم الساعة الآن .. هئئ يا إلهي هل قضيت كل هذا الوقت هنا ؟؟
شهاب:- ههه صباح الخير
ميرنا(قبلت وجنة شادي ونهضت):- تت يا ويلي أنااا مؤكد أن الدنيا مقلوبة علي ، عذرا منك شهاب صدقا
شهاب(أمسك بين أحضانه طفله):- ولوو قد ساعدتني في ترتيب البيت قليلا أثناء نوم هذا الشقي ، ثم لما لا …أووه ميرنا هل أنتِ بخير ؟
ميرنا(شعرت بدوار وجلست):- أظنني لست كذلك تت ،، شهاب هل لك أن تكلم أختي نور لأجلي وتطلب منها المجيء لأخذي هاتفي نفذ شحنه
شهاب(حرك شفتيه بدعم ووضع شادي بكرسيه الخاص):- طيب طيب على الفور ..
نور(انسحبت من طاولة الأكل وأجابت بتأفف):- يعني هل أذاعوا أن نهاية العالم ستكون الليلة كي تتواقح وتتصل بي يا هذاااا ؟
شهاب(بكره):- والله الكره موصول بيننا عزيزتي نور ، ولولا الضرورة لما استمتعت بسماع صوتكِ الرخيم حتى
نور(هزت حاجبها):- مؤسف أن هذا ناتج صوت شبيه بجرار الحقول
شهاب(برقت عيناه شرا):- هئ أنا صوتي كصوت جرار الحقول
نور(بجدية):- أضف له المحراث إن لم يكفيك يا روحي
شهاب(أغمض عينيه وهو يعد حتى الثلاثة كي لا يفقد أعصابه):- عموما لن أتعاطى معكِ على الهاتف مباشرة سيكون الأمر مجديا ، عليكِ المجيء لبيتي ميرنا هنا وليست بخير
نور(بجدية):- أصحيح ذلك ؟؟ أ.. ما بها يا ترى هل هي بحالة جيدة ؟
شهاب:- بخير يعني صحيا تبدو كذلك ، لكن داخليا هي تعيش في صراع متواصل
نور:- تمام تمام لن تشرح لي ديناميكية كينونتها حتى ، مسافة الطريق وأكون هناك
شهاب(باشمئزاز نظر لهاتفه):- ما أثقلكِ يا امرأة اففف ههه لكن مهلا أنا أعرف دواءكِ ست نور تقبلي مفاجأتي إذن ههه … ياي عليك يا شهاب وعلى أفكارك
لم تمضي سوى برهة من الوقت وكانت ترن جرس بابه رنة بعد رنة لحين فتح لها جميل المحيا أجل أجل هو بنفسه وعينه وكيانه ^^
نور(اصطدمت به):-اللهم طولك يا روح لا أستبعد أن أجدك في علبة الصابون المرة القادمة
فؤاد:- يا مرحب بنور القلب
نور(فغرت فيه فاهها وهي تصطنع بسمة):- ابتعد رجاء لدي ما هو أهم اللحظة ..
فؤاد(أشار لها بالدخول):- أجمل ما فعله ذلك الولد المشاكس في حياته ، أنه أخبرني بمجيئكِ لبيته الآن كي تأخذي ميرنا
نور:- والله هو إذن صاحب هذا العطاء السخي ، لا بأس لا بأس سأجد طريقة وأقتص منه
فؤاد(ابتسم لها):- الانتقام يولد الضغائن تخلصي من عقدكِ وستعيشين براحة
نور(ضربت الأرض بكعبها والتفتت إليه):- فقط لو تبعد عني سحنتك لأزيد من متر سأكون فوق النجوم صدقااااا
فؤاد(غمزها بتلاعب):- ماذا ستفعلين هناك ؟
نور(رفعت يديها بوجهه بغضب):- سأفكر في طريقة لقتلك سريعااااااا
فؤاد(وضع يده على قلبه متألما):- أوبس قد احترق فؤادي للتو
شهاب(انضم إليهما):- هل انتهيتما من سويعة المجادلة … ههه مفاجأتي سارة صحيح يا نور هانم ؟
نور(ابتسمت له):- سأردها لك يا عزيزي ، نور الراجي لا تنسى ديونها أين أختي ؟
ميرنا(تحركت صوبها بثقل):- نور
نور(ناظرتها بارتياب فحالها أبدا لم يكن بجيد):- ميرنا حبيبتي ماذا هناك لما أنتِ ببيت هذا الشخص ؟
شهاب:- لا تخطئي رجاااء
ميرنا:- أردت رؤية شادي
نور:- يا حلاوتك كنتِ أخبريني وسأجبر هذا على إحضاره إليكِ أينما كنتِ
فؤاد(رمق تأجج شهاب):- الله الله ماذا أسمع طبعا شهاب مستحيل أن يترك ابنه ولو لحظة
نور(استدارت إليه من جديد):- من طلب مشورتك ؟
فؤاد:- ومن سيدعمكِ في مطلبكِ إن لم أتدخل أنا لإقناع ابن أخي فلا تحلمي بتلك الفرصة؟
نور:- فؤاد رشوان أنت تجبرني على التفكير فعليا بتلك الطريقة
شهاب : - أية طريقة ؟
ميرنا(بعدم فهم):- عماذا تتحدثان ؟
فؤاد(ابتلع ريقه):- أختكما في الله ترغب بقتلي يا إلهي لم أكتب حتى وصيتي
نور(بلغت حد الغضب):- ميرناااا تحركي معي خارج حدود هذه الشقة ، وإلا لن أضمن لكِ حدوث انفجااااااار متعدد الجوانب
شهاب(أمسك صغيره في حضنه):- له له هذه جادة ؟
فؤاد:- هيه اسألني أنااااا
نور(ابتسمت لشادي وبعدها أعادت قناع الصلابة):- هيا ميرنا ومرة أخرى حين تفكرين برؤية شادي بلغيني ، لأنني لا أثق بديناصورات هذه الألفية ؟
فؤاد:- طبعا طبعا الله يخليلك ولول
نور(هزت حاجبها فيه وغادرت):- وبس !!...
ميرنا:- شكرا شهاب على استقبالك لي كانت أمسية جد رائعة بحق
شهاب:- أنا من يشكركِ على هذا الوقت الممتع .. انتبهي لنفسكِ
ميرنا(حركت رأسها له بوداع ولفؤاد الذي كان يلاحق نور بعينيه):- ما الذي يحدث بينكما ؟
نور(تسير بجنبها مغادرتين الشقة):- وتسألينني .. إن أولئك الرجال أوبئة تسير على قدمين اثنين يعني لو أفسحنا لهما المجال سيصيباننا بالعجز الروحي لذا يجب نبذهما واستئصالهما قبل أن يتفاقما في المحيط
ميرنا(هزت حاجبيها وهي تدلف رفقتها إلى المصعد):- من هه فؤاد وشهاب سامحكِ الله أختي ، صدقا تملكين روح دعابة ملفتة للنظر
نور(ضغطت زر النزول وكتفت يديها):- إذن استمتعي لأن ما ينتظركِ بالبيت فوق تخيلك
ميرنا(ابتلعت ريقها حين تذكرت حكيم):- ما الذي يحدث هناك ؟
نور(هزت يديها بولولة دعابية):- هووووهوه ولا متفجرات عيد العرش^^ …
ميرنا(اهتزت حدقات عينيها وهي تحاول استجماع أفكارها وبصوت داخلي):- مؤكد أنه كالإعصار الآن وهذا تماما ما سيعزيني … هممم
هنا سوف لن أتحمس مثلها بالعكس فما هو بانتظارها أعظم بكثير مما تتوقعه ، فور وصولها ولولت عواطف هي الأولى ولحقتها سماح وهما تتهافتان بصوت غير مسموع ويؤنبنها عن الخطأ الذي أقدمت عليه في مثل ذلك اليوم ، لم توليهم اهتماما بل دلفت للبيت رفقة نور وناظرت أزواج العيون المترقبة لوصولها أكثر مما كانت تظن
ميرنا:-أرى أنكم مجتمعون جميعا هنا بانتظاري حسبما أعتقد
عواطف:- ألا زلتِ تطلقين الدعابات هنا ، ميرنااا إن ما فعلته غير صائب
ميرنا(استدارت إليها بغبن):- وما الذي فعلته يا أمي ؟
عواطف:- أتسألينني صدقا ، كيف تتركيننا في يوم كهذا كيف تتخلين عن دوركِ تجاه زوجكِ وهو في عز حاجته لكِ ؟
ميرنا(بتأفف):- أولا أنا لم أتركه في الشارع هو وسط عائلته ، ثانيا أنا كنت في عمل يعني لم أكن ألعب وثالثا وهذا الأهم لا أحد يتدخل في خصوصياتي أين ذهبت من أين أتيت هذا أمر خاص بي أنا ولا أسمح لغيري بتجاوزه …
عواطف(اهتزت عيناها):- أتوجهين كلامكِ هذا لي يا ميرنااااا ؟؟؟
نور(رمقت احتدام الموقف):- يا الله يكفي هل ستتخاصمان الآن ، لم يحدث شيء لهذا
عواطف(عقدت حاجبيها):- بل حدث وعلى أختكِ الاعتذااااار
ميرنا(صغرت عينيها بشراسة ولؤم):- وأنا لن أعتذر لأنني لم أذنب ، ومن آلمه خاطره له كل الحرية في التأقلم مع ذلك .. عن إذنكم أنا بغرفتي سأرتاح ولا أريد إزعااااجا
سماح(ضربت كفا بكف):- من هذه ؟
عفاف:- وكأنها شخص آخر غير ميرناااا
إخلاص:- معكِ حق حتى كلامها لئيم جدااااا
رنيم(شعرت بالصداع ما كان عليها مرافقتهم لحظتها لو بقيت بغرفتها أرحم):- هففف
حكيم(ضرب بالمزهرية أرضا واستوقف أنفاس الجميع):- توقفي عندكِ يا ميرناااااااا
صرخته الهادرة كانت كفيلة لتخلق الرعب في أفئدتهن ، خصوصا حين تراجعت ميرنا عن الصعود وعادت أدراجها حتى وقفت مجابهة له على بعد خطوات حيث كان يلفهم الجميع بطريقة متباعدة بعض الشيء .. رفعت بصرها ورمقته بغلالة جمود تصاحب بسمتها المرتسمة على خدها والمُعنونة تحت سطر الكبرياء المنكووووب ..
حكيم:- إياكِ وأن تتطاولي على مقام أمك مرة أخرى
ميرنا(حركت لسانها بداخل فمها):- وهل لك دخل في ذلك يا ترى .. تلك أمي وليست أمك ؟
عواطف(فغرت ثغرها بصدمة):- ميرناااا ؟؟؟
سماح:- عيب أن تحدثي زوجكِ بهذا الشكل يا ابنتي ميرنا عيب …
ميرنا(كتفت يديها وناظرته شزرا):- ههه أنا أتحدث كما يحلو لي ولا أحد له صلاحية بتغيير ذلك ، شئتم أم أبيتم هذه أنااااااا
نور(مسحت على رأسها):- أوووف يكفي إن كنتِ ستفرغين فينا جنون غضبك اصعدي لفوق وقومي بذلك
حكيم:- لن تتحركي خطوة واحدة ما لم آذن لكِ ميرنا الراجي ، والآن عليكِ أن تسمعيني جيدا وتضعي كلامي حلقا في أذنك كما أريد من الجميع أن يشهده
عواطف(بقلق على ابنتها):- حكيم بني يعني لو تصعدان لغرفتكما و
حكيم(بحدة):- لا يا خالتي أنا أرغب بأن يسمع الجميع حديثي هذا لأنني لن أعيده على مسمع ابنتكِ مجددا
ميرنا(كتفت يديها وهي تتحرك بتلاعب كما أنها تتلاعب بأعصابه):- وأنا كلي آذان صاغية يا زوجي العزيز
حكيم(لن تنجحي في إخراجي عن طوري يا ميرنااااا):- لحظة فقط ..
غاب لحظة بالفعل وعاد وخلفه يسير رجله الأمين داغر والذي انحنى بتحية للجميع
حكيم:- هذا داغر أكفأ رجالي ثقة وهو اليد المساعدة من بعد طلال ، داغر سيكون مرافقكِ وسائقكِ الخاص بدءا من اللحظة أينما تحركتِ سيرافقكِ ليل نهار ، لن تغيبي عن ناظريه ولا لحظة ستبقين تحت أنظاره ورعايته طوال الوقت .. لذا وداعا للحرية فمن الآن وصاعدا سيكون داغر مثل ظلك لن تخطي خطوة واحدة دون علمه ووجوده …
ميرنا(حركت رأسها بعدم استيعاب):- ههه ما الذي تقوله يا هذاااا كيف تسمح لنفسك باحتجاز حريتي بهذاااا الشكل ، أتعتقد بأنني ملكك حتى تستعبدني بهذا الشكل ؟
حكيم(رفع يده مشيرا إليهم):- والله زواجي منكِ يعطيني كل الحق ، صح عمتي ؟
سماح(هزت رأسها):- صح صح يا بني
حكيم(انحنى برأسه لداغر الذي انسحب من فوره مستأذنا وعاد ليناظر ردة فعل ميرنا):- كان هذا أولا يا روحي ، نأتي على ذكر ثانياااا يا ميرنااا منذ الآن ستكتبين لي كل ما ترغبين باقتنائه وسيصل إليكِ بأشكال متنوعة تنتقين منها ما يلزمكِ ، يعني لن تتسوقي من جديد ولن تتنزهي حتى ولن تعتبي شبرا واحدا من غير الجريدة ، فحتى الشركة بَحْ يا حبي انتهى زمنها وسترسلين استقالتكِ إليهم يوم غد وإلا ستجدين نفسكِ ملزمة بالتخلي عن مهنة الصحافة لأجلها
ميرنا(ارتعشت ارتباكا وهنا فاض صبرها):- أتقصد بأنني لو تمسكت بعملي بالشركة ستوقف عملي بالجريدة .. أهذا نفسه ما فهمته ؟
حكيم(حرك رأسه بصرامة):- تماما يا ميرنا تماما ، ها أنتِ ذي تسيرين معي في خط الفهم هو كذلك يا إما مهنتكِ الأساسية أو الشركة اختاري ؟
نور(رمقت اهتزاز ميرنا وأجلستها بصعوبة قربها على الكنبة وناظرت حكيم باستغراب وآثرت التدخل):- ألا ترى بأنك تحدد خياراتها الشخصية يا حكيم ؟
حكيم(هدر فيها):- لا أحد يتدخل بيني وبينها منذ الآن سيسير هذا البيت وفق قوانيني أناااا ، ولّى زمن الحرية والعربدة جيئة وذهابا بدون رقيب .. من اللحظة سأعرف كل كبيرة وصغيرة دارجة وواردة من هذاااا البيت ، رنيم ستزيلين عباءة الانهزامية التي تعيشينها لستِ أول ولا آخر واحدة يحدث لها هذاااا كفاكِ تذللا أنتِ تشعرينني بالتقزز بحالتكِ المثيرة للشفقة تلك
رنيم(فتحت فمها بصدمة من جملته):- هئ حكيييم
حكيم(بلؤم صارم):- مثلما أقول لكِ من الغد ستخرجين مع أمكِ وخالتكِ لمحل الحلويات ، وتجدين ما تتسلين به هناك ، ريثما تحددين ما ستنجزينه بمستقبلكِ وطبعا سأكون دعمكِ في هذا بكل ما تحتاجينه ، أنا لا أريد أن أراكِ منهزمة هكذاااااا مفهوووووم ؟
رنيم(حركت رأسها بدموع وانسحبت):- تت .. ما هذا ياااا …
حكيم(تابع وهو يناظر إخلاص):- وأنتِ يا ست إخلاص بقاؤكِ هنا يعني أنكِ ستبقين تحت وصايتي ورعايتي الشخصية ، لذا إن اتخذتُ قرارات حيال حياتكِ لن تتذمري
إخلاص(بارتباك):- كيف يعني ؟
حكيم:- هه كيف يعني ، زوجكِ تزوج عليكِ وأنتِ ساكتة هكذا بدون أي ردة فعل
إخلاص:- ولكن بما تشور علي أخي ؟
حكيم(سحب نفسا عميقا):- سنقرر فيما بعد بشأنه ، لكن الآن عليكِ أن ترافقيهم أيضا للمحل وتبدئين في المساعدة لأنني طلبت معدات جديدة وإلكترونيات ستصل غدا ولن ترتب نفسها بنفسها أكيد
إخلاص(بعدم فهم):- أ طيب طيب مثلما تأمر أخي ..
حكيم(حرك فمه):- الحقي برنيم واجعليها تعرف أن كلامي ليس له ثان ، وإن لم تخرج غدااا وترافقكم للمحل ستجدني لها بالمرصاد .. آه ابعثي لي مرام بطريقك
إخلاص(بعدم فهم):- طيب أخي ..
عواطف(ابتلعت ريقها):- ح . حكيم بني ما الذي تفعله ؟
حكيم(نظر شزرا إليها):- ما كان يجب فعله منذ عودتي ، فالتساهل مع بعض العينات لا يليق آه وعلى ذكر العينات هنالك الأخت المصونة نور أظن بأن استمراركِ كمساعدة بشركة دابليو إر دائم صح ؟
نور(وضعت رجلا على رجل):- يمكنك تغيير xxxxب الساعة لكن أن تفرض سلطتك علي ، ههه لا تحلم يا روحي
حكيم(مط شفتيه):- لا بأس سيأتي يوم وتفرغين بنفسكِ من ذلك المكان
نور(حولت عينيها بتأفف واستقامت وهي تشير بأصابع يدها بحركة الأرنب):- سأرى ابنتي أفضل من حضور مسلسل العراب بنسخة أكشنها يا بعدي …
حكيم(أشار لها بالانسحاب):- لو كنت محلكِ لبقيت حتى أفرغ مما لدي
نور(كتفت يديها واتكأت على جنب الكنبة):- هاااا نحن ذاااا
حكيم:- خالتي عواطف عمتي سماح من اليوم سوف سننظم سيرورة هذا البيت كما يجب ، فالرعونة باتت متفشية فيه بشكل لا يليق وعلينا الحد منه
سماح:- والله اللي تشوفو يا بني
مرام(دفعت كرسيها إليهم):- هل طلبتني حكيم ؟
حكيم(هز حاجبه وناظرها بمودة):- جهزي نفسكِ يا مرام ستنجزين العملية بالصيفية أي بعد انتهاء الدوام الدراسي الذي لم يبقى له سوى بضعة أشهر قليلة ، حاولت تقريب الموعد لكن هذا ما استطعت تقديمه
مرام(ارتعشت محلها):- عملية ماذا .. ما قصدك … أمي ؟؟؟؟
عواطف(بلهفة):- حكيم عن أي عملية تتحدث يا ولدي ؟
حكيم:- ما بالكم تهولون الأمر هكذا أقصد عملية مرااااام ، سوف تنجزها وقد تحدد الموعد لذا لا مجال من التهرب
مرام(صرخت فيه دون شعور):- ومن أخبرك أنني أرغب بإجرااااائها حتى ؟؟
حكيم(وضع رجلا على رجل):- لم يخبرني أحد ، لكن هذا ما قررته وهذا ما سيتم .. عمليتكِ ناجحة فقط عليكِ شحن عاملكِ النفسي لأنه أهم من التطبيقي بكثير ، المال جاهز الموعد تمام إذن لا مفر لكِ
مرام:- ولكنني لا أريد لا أرييييييييييد
ميرنا(فتحت انعقاد حاجبيها وهي تستمع له أكثر منهم):- ما الذي تحاول فعله لم يتبقى لك سوى عفاف لتتدخل فيها أيضا ؟
عفاف(توترت ونظرت إليه):- احم …
حكيم:- هه لا تشغلي بالكِ عزيزتي ميرنا، عفاف قادرة على تدبير أمورها وهي صادقة شفافة أقرأها مثلما أقرأ غيركِ بصدق ..
ميرنا(تضخم صدرها وتابعت الإصغاء):- هه
عواطف:- حكيم بني أرجح أن نؤجل الحديث عن عملية مرام ، يعني لقد حاولنا سالفا أن نجمع لأجلها بعض المال خفية وكذلك أتانا إياد بمبلغ كبير جراء بيعه لإحدى لوحاته المميزة لا أذكر كان اسمها اللبؤة الباكية أو شيء من ذا القبيل ، وذلك ما غطى كل التكلفة مؤخرا ولكن حين فاتحنا مرام بالأمر رفضت وقد كان ذلك قبل مسابقتها حتى
حكيم(في سره):- هه هذا إذن ما دفعه لبيع لوحة اللبؤة الباكية إيييه يا ميار أنت داهية يا صاح ، لكن ها هو ذا يخذلك أخوك للمرة الألف فالمال كان لغاية نبيلة وليس مثلك خبيثااااا ، تتت // خالتي عواطف أنا هنا لا أستشير ما أقوله ينفذ
مرام(رمقته بطرف عين):- وأنا لن أنجزها فاسحبوني إليها لأرى كيف ستفعلون ذلك همم
انسحبت من أمامهم ولحقتها عواطف الملتاعة على قلب ابنتها ..
حكيم:- خالتي سماح جهزي نفسكِ ستسافرين غدا إلى ابنتكِ سلوى وأحفادك ، أوراقكِ جاهزة نتمنى لكِ رحلة موفقة ولتعودي إلينا سالمة غانمة ، أظن أنه عليكِ تحضير الحقيبة من اللحظة صح ؟
سماح(لا تدري هل تفرح أم تحزن):- آه لقد فاجأتني بني حكيم لم أتوقع أن الإجراءات ستكون سريعة بذا الشكل ، كما أنني أشعر بالحرج لأنني سأترككم في هكذا موقف
حكيم(ناظر ميرنا بعمق):- لا تقلقي نحن قادرون على تدبير أنفسنا
سماح(نهضت بتوتر):- طيب لأجمع حقيبتي من الآن ، عن إذنكم عفاف هل لكِ أن تساعديني قليلا يا ابنتي ؟
عفاف(وجدته مفرا جميلا لها):- حسن خالتي سماح .. معكِ …
نور(اعتدلت في وقفتها):- أظن أنك وصلت لمسك الختام
حكيم(ابتسم لها):- تفضلي يا نور فلم يتبقى شيء مهم لكِ
نور(حركت رأسها بجنون):- صبرا يا رب
صعدت إلى غرفتها وتركتهما وحيدين بالصالون مقابل بعضهما ، هو يناظرها بتحدي وهي تبحث بين عيونه عن حكيم ابن عمها فالماثل أمامها الآن نسخة شبيهة عن سليم الراجي الذي تمقته بكره .. ما إن تذكرته حتى شعرت بالاختناق يلفها لذلك استقامت
حكيم(استقام رفقتها ولحقها إلى الغرفة):- لا تنهضي من مجلسي لحين أفرغ من كلامي
ميرنا(تصعد وهي تحك على صدرها):- وهل أبقيت نقطة لم تذكرها ياااا حكيم ؟
حكيم:- على الأقل أنا واضح معكِ
ميرنا(تشير بيديها):- وضوح الشمس حتى ههه كفاك هذيااااانا
حكيم(قبل أن يتمم صعود الدرج شعر بألم في صدره المصاب):- لن تفلتي من أحكامي ميرنا ستسيرين عليها كالمسطرة ، ولو أخليتِ بها صدقيني ستقعين بمشكلة
ميرنا(دلفت غرفتها ودفعت الباب خلفها):- بئسا لك
حكيم(اقتحم غرفتها وأقفل الباب خلفه):- اسمعيني جيدا قد تساهلت معكِ كثيرا ، انسي حكيم الذي مضى انسي كل شيء عشته معي لأنكِ ستصطدمين بشخص آخر وصدقيني لن يعجبكِ البتة وتذكري أنكِ من أجبرني على ذلك
ميرنا(ابتلعت ريقها وهي ترتج بجذعها مولية ظهرها له):- بلا بلا بلا مجرد حديث لا أساس له من صحة
حكيم(جعلته يتعصب لذا جذبها من يدها ولفها إليه):- ميرناااا لا تختبري صبري ولا تقحمي نفسكِ في دائرة غير محمودة .. تمردكِ لن ينفع معي
ميرنا(أزالت يدها من يده ودفعته عنها):- لا تلمسني ولا تقترب مني ، دع بيننا مسافة خطواااات لأنني تعبت منك بل مللت ولا أرغب بأن يجمعني بك مكان حتى
حكيم(بألم من جملتها):- عذرا منكِ يا ميرنا لكنكِ زوجتي وستظلين كذلك لحين اقتناعكِ بي ، وقتها فقط سيكون لنا حديث مطول أما أثناء ذلك سترضخين لي ستكونين خانعة خاضعة لا تتحرك قيد أنملة ولا تتنفس إلا بإذني
ميرنا(كتفت يديها):- تابع تابع ماذا بعد فقد تحولت لنسخة حديثة من عمك سليم الراجي فتابع تظلما ها هنااااا؟؟
حكيم(أشار لها بإصبعه):- لو دققتِ جيدا ستجدين أن كل ما أمرت به يسير وفق مصلحة الكل ، لكن لمن سأبرر لا تستحقين ذلك حتى يا ابنة عمي ، ولكن لو عصيتِ أمرا منها ستحاسبين وإن سمعت أنكِ تلاعبتِ بذيلكِ والتقيت بوائل رشوان من وراء ظهري ، أقسم لكِ أن أجعلكِ تدفعين ثمن ذلك غاليااااا جداا يا ميرنا
ميرنا(توجعت من حدته معها لتلك الدرجة):- أين حكييييم ؟
حكيم(اقترب منها حتى أجبرها على التراجع للخلف):- اندثر وأنتِ من قام بذلك ، جهزي نفسكِ لليلة سنتعشى جميعنا مع بعضنا بعضا مفهووووم ؟
ميرنا:- لا نفس لي ولست مستعدة لسماع أوامرك وتنفيذها ..
حكيم(مسح على فكه):- بل ستفعلين ذلك تجنبا للمشاكل ، إلا ستتحول غرفة الطعام إلى غرفتكِ حتى قبل أن تعي ذلك
ميرنا:- لما تفعل كل هذااا ؟ أناا لا أريدك لا أرغب بك أنا أحب غييييييييرك ألا تفهم ؟؟؟
حكيم(بوجع حاول إخفاءه بعناية):- ههه أنا لم أنتظر 16 سنة كي أعود وأستمع لهذه الخزعبلات ، طالت أم قصرت أنتِ لي وانتهى النقاش
ميرنا(اقتربت منه وهي تخفف من وطأة تعبها وكبريائها المنكسر على شفة حفرة ويكشفها أمامه بشكل مخزي):- إياك وأن تعتقد أن تلك الورقة ستربطني بك مثلما تحلم ، ههه عزيزي تلك الورقة لا تعني لي أي شيء ولن تعني .. لأن روحي الباطنية ونبضات قلبي ومشاعري رهينة بشخص آخر غيرك ، حتى لو حبستني في جبل ستبقى روحي ملكا له
هنا حطمت مجمل قلاعه بجملة واحدة فقط ، هزمت كل قوته وجبروته وجعلت كل دعائمه الروحية تتداعى للحظة ، وبعدها تماسك بصلابة وهو يدفعها إليه من ذراعها ويحادث أذنها جانبيا رأسه عكس اتجاه رأسها ..
حكيم(تنهد بعمق وهو يستطيب عطرها المسكر ، لكن لا أبدا لن يسمح لسيطرتها أن تهزمه):- ميرنا .. أنا شخص سيء جدا ولمصلحتكِ لا تستنزفي صبري لأنني سأؤلمكِ أكثر من هذا إن تطلب
ميرنا":- تفنن في إيلامي يا ابني عمي ، فهذا سيزيد كرهي لك وسأتمنى لو أنك لم تعد لحياتي فلو بقيت منفيا في ذلك الجحر كان أرحم لي ، لكن لا بأس حتى الأوقات العصيبة تستحق بعض الوقت كي تمضي لغير رجعة .. بعد إذنك سأدلف للحمام إن كنت لا تمانع هههه
طبعا هو واهم إن أراد بسلطته أن يكسر عينها ، فهي راجية عنيدة ومن المستحيل أن ترضخ له بسهولة ، تنفس بعمق وهو يطالع طيفها الذي تلاشى وسط الحمام وسحب نفسه سحبا ليضطجع على سريره بغرفته فقد تعب تعبا شديدا وجنون ميرنا يفقده صوابه .. لم تكلف نفسها حتى بالاعتذار عن التأخر خارج البيت لذلك الوقت حتى لم تشرح أين كانت غائبة طوال تلك الساعات بالرغم من أنه كان يعلم أنها ليست مع وائل وهذا ما ضمنه رجاله ، الذين رأوه أثناء مراقبته وحيدا إلا أن عقله كان يحوم في مليون ألف فكرة فقط نور هي التي أزالت غشاوة تلك التساؤلات وأخبرته أنها كانت بعهدة شهاب رشوان ، هنا للأمانة استغرب لكن وجد نفسه يمتن لشهاب المهم أنه لا وجود لابن عمه في النصف … لحظتها كانت هي تغوص وسط الماء الساخن تبحث عن راحتها بين أحضانه لعلها تنسى بعضا من همومها التي كثرت عليها ذلك اليوم بدءا بفراقها من وائل إلى زواجها الحقيقي من حكيم الذي أصبح حكيما آخر لا يتحمل حرفا واحدا احتجاجا على أوامره .. قد ولد ضغطا لا تعي متى سيخف عليهم مع الأسف .. لن تتراجع في ما فعلته بل هي ترى أنه يحق لها بعض التمرد والعصيان جراء ما أقدم عليه حكيم في حقها قد استغفلها وخدعها مستغلا تلك الفرصة التي خلقها لأجله الفهد البري ، والتي مكنته من احتجازها بعهدته لوقت لا تعلم تماما إلى أين سيمتد ، وطبعا لا تزال الصدمة جديدة عليها لأن الأمر حديث وهي لم تستجمع بعد مجمل أفكارها ، أكيد ستجيبه في اللحظة اللازمة بكل ما يعتمر صدرها وستؤذيه في الصميم عقابا عما أقحمها فيه بزواجهما الحقيقي الذي عرقل سير كل أحلامها الدفينة ، خرجت من الحوض فهي لم تجد راحة هناك بل ازداد ضيقها وتدثرت في فوطة حمامها وقبل خروجها أطلت برأسها في الغرفة لم يكن هنالك أحد لذا سارعت خطاها وارتدت منامة مناسبة وجففت شعرها ونزلت وجدت الكل جالسا على الطاولة بانتظار التحاقها باشروا كلهم تناول الأكل في صمت مبالغ فيه ، لم يتمتم أحد بحرف غير البنات نهال شيماء ودينا أما الباقون فكانوا يكتمون فجيعتهم بقلب بارد .. ساعة جامدة لم يكن يسمع فيها سوى أصوات الملاعق والشوك والصحون لم يصدقوا متى تنتهي تلك الحلقة الدرامية الدائرة حول من يصمت أكثر ، تفرق الكل صوب غرفه وأيضا طارت ميرنا لتهرب إلى ونيستها الوحيدة قليلا لتنام فهي بحاجة لأن تغمض عينيها وتخرس أفكارها وترحم عينيها من الدموع الجافة التي تنساب من خديها بصمت بالغ ..
ميرنا(تضرب على وسادتها بتعب وانهزام):- هيا ميرنا افقدي وعيكِ وكفاكِ تفكيرااااااا … هيا هيا هيا اهئ …
عواطف(طرقت الباب طرقة خفيفة):- ميرنا ابنتي ألا زلتِ مستيقظة ؟
ميرنا(مسحت دموعها بسرعة وأذنت لها بالدخول):- أدخلي ماما
عواطف(دخلت وردت الباب خلفها وتقدمت إليها):- هل أنتِ بخير ؟
ميرنا(حاولت امتصاص قهرها كي لا تلاحظ):- يعني .. طمئنيني على مرام هل هي حزينة ؟
عواطف- تبكي مذ أن سمعت بقرار حكيم
ميرنا:- ربما كان ذلك لمصلحتها
عواطف(جلست قربها):- لا ندري بعد ، فأختكِ على حق في تلك المخاوف لنضع أنفسنا محلها إن لم تنجح العملية سنفقد الأمل وننهار
ميرنا:- إن شاء الله خيرا
عواطف(مسحت على وجه ميرنا المحمر):- أسألكِ أنتِ هل كل شيء على ما يرام ؟
ميرناك- سيكون كذلك أمي لا تقلقي
عواطف:- لا تنزعجي من تصرف حكيم ، هو ينم عن كبرياء رجل مجروح تجاهلكِ له جعله يخلط الصحيح بالخطأ وقام بما قام به
ميرنا(آخ يا أمي أنتِ لا تعلمين شيئا لهذا تحللين تلك الطريقة):- أحقااا هه عموما لا تشغلي بالكِ ، هي أيام سوداء وستمضي لحال سبيلها
عواطف(وضعت يدها على فك ميرنا):- أشعر بأن الدمعة عند باب عينيكِ وستتساقط بجملة أخرى مني ..
ميرنا(أخفضت رأسها لحظتها بدموع انسابت على خديها فعلا):- أنا أتألم يا أمي ، كل شيء فيني يحرقني ويعذبني
عواطف:- ولكن لماذا ألم تكوني أنتِ المصرة على هذا الزواج ؟ ألستِ سعيدة مع حكيم ؟
ميرنا(عن أي سعادة تتحدثين بالله عليكِ يا عواطف):- آمي أريد أن أنام
عواطف:- أمازلتِ تحبين وائل ؟
ميرنا(بغلالة دمع وطأت أمها على جرحها العميق):- وهل توقفت عن حبه كي تسألينني هذا السؤال ؟
عواطف(رمشت بعينيها):- طيب طالما كذلك لما هذا العذاب ، لما تزوجتِ من حكيم ما دمتِ مغرمة بواااائل يا ميرنا ؟
ميرنا(وضعت يديها على رأسها بصداع):- آه يا أمي هنالك ما لا تعرفينه لذااا دعيني الآن وحدي ، لأنني قد تعبت صدقااا روحي تحترق
عواطف(مسحت على شعر ابنتها):- حسن لن أجبركِ على الحديث ، لكن سأنتظر منكِ جوابا لسؤالي ذات مرة
ميرنا(استقبلت قبلة أمها على جبينها وطالعتها بألم):- سامحيني يا أمي ، ذلك فوق طاقتي
عواطف:- جربي أن تصلي ركعتين لله ما ربما وجدتِ ملاذكِ من حالة الضياع هاته
ميرنا(عقدت حاجبيها بحزن):- أنا مقصرة جدا في حق ربي ولا أدري ما أ..
عواطف:- إن رب العالمين رحيم بعباده فقط ارمي حمولكِ عليه وستجدين منه راحة عظمى لم يتصورها عقلكِ الصغير حتى
وهكذا كان توجهت ميرنا صوب حمامها وتوضأت ثم ارتدت إسدال الصلاة وباشرت في أداء فريضتها التي أهملتها منذ فترة بشكل متقطع ، وجدت راحة لا مثيل لها في ذلك وهناك وعلى سجادتها لجأت إلى الله سبحانه وتعالى وتهجدت له بكل الابتهالات التي تعرفها كي ينير دربها ويزيح عنها غيمة الهموم ، وجدت راحة في بكائها بين يدي الخالق فوحده القادر على قلب الحال والأحوال في رمشة عين وهذا ما تمنته ميرنا أثناء دعائها الصامت والتي استشعرت دخوله عليها وتسمره في مكانه حين وجدها تصلي حتى بقاءه هناك اقتلع معه جذور روحها الكسيرة …
ميرنا(بعد أن فرغت من الصلاة وقفت):- كنت احترم خلوتي على الأقل
حكيم(يجلس على سريرها وينتظرها حتى تنتهي):- منظركِ كان مؤثرا بحق
ميرنا(طوت السجادة ووضعتها جانبا ثم أزالت إسدال الصلاة):- وأنا لست فرجة لعينيك يا حكيم كي تتفرج علي
حكيم(بمرارة):- ولن تكوني كذلك
ميرنا(وضعت الإسدال بجانب السجادة واستدارت إليه):- ماذا تريد ؟
حكيم:- هذه غرفتي أيضا إن نسيتِ
ميرنا(توجهت صوب دولابها وأخرجت له غطاء ولحافا ووسادة):- أوك هذه أغراضك
حكيم(أمسكها منها وفرشها على الأرض):- شكرا
ميرنا(بجفاف):- قبل أن تنام ، علي أن أشير لنقطة مهمة في خضم كل ما يحدث
حكيم(يفرش الأرض بصعوبة جراء إصابته ومع ذلك لم يطلب منها مساعدة):- تفضلي
ميرنا:- سأحصل على طلاقي منك ما إن تنتهي قضية الفهد البري ، ومن هنا حتى وقتها سوف لن تجد إشكالا معي بعد اليوم لأنني بدوري قد سئمت وسأوجه كل غضبي في إنجاز هدفي لا أنت ولا أحد غيرك سيوقف طريقي هذا لذا كن على استعداد يا حكيم أنت ومن معك
حكيم(زفر بعمق وتابع عمله):- طيب .. سنرى ذلك
طبعا قد شعرت هي ببعض الغبطة المريحة ، فقد أسمعته أكثر مما يلزم وذبحته مرة واثنتين وثلاث ومع ذلك لا يزال فيه نفس لمقاومتها ، لكن إلى متى ستبقى هذه المقاومة الله وحده أعلم بذلك فمن منهما سيستسلم جراء كل هذه المعاناة لا يتضح بعد .. نظر إليها نظرة أخيرة قبل أن يوليها ظهره هي تعلم أنه متألم لكن ألمه لم يكن جارحا بقدر جملها القاتلة له طوال ذلك اليوم وتحديدا مذ أن عرفت بخبر زواجهما الحقيقي ، كم كانت لئيمة مؤذية جرحته ولم تكتفي بذلك بل ظلت تطعنه في نفس الجرح دون ملل ، وهذا ما أتعبه أنها تتعمد تجريحه عمدااا أطبق جفنيه بهزيمة داخلية نكرااااء ، لكن لا يسعه سوى اتخاذ موقف منها لأنها لا تستحق بعد الذي افتعلته في المستشفى لأجل عيون السيد وائل . ضرب بقبضة يده على الوسادة ولم يشعر بنفسه حتى تنهد بصوت مرتفع وكأنه يصارع كابوسا مؤلما .. هنا هي لم تستطع كتم فضولها بل قلقها عليه إذ كان مستديرا للجانب الآخر ولم تعي تماما إن كان صاحيا أم نائما لذا نهضت من سريرها ووصلت لنصف المسافة ثم طردت قلقها عليه وعادت أدراجها لتنام ، لحظتها شعر بالفرح يغمره لكن سرعان ما تبدد بعد تراجعها إذ علم أنها بدورها لن تعود ميرنا التي عهدها في الفترة الأخيرة ..

في اليوم التالي
وتحديدا في اليوم الذي حددته هي بنفسها حسب أهوائها وحسب ما يليق بحضرتها ، و الذي ما إن أشرقت فيه شمس الصباح ، حتى استيقظت بحماس ونشاط ، أخذت تتأمل ببريق لامع يشبه روحها البريئة سابقا ما كان يعلقه مساعدها على يديه وتختار من بينهم ما قد يناسب زيارتها الخاصة ذلك اليوم ، اختارت من بين التشكيلة ملابس شبابية مريحة لها فبطنها لم تكبر بعد كي تتخذ الإجراءات اللازمة في إخفائها ، لذا بعد أن ارتدت ما تم اختياره سمحت لباتريك بتسريح شعرها بشكل عادي بينما كانت هنادي تخبرها بمواعيد الغد الضرورية لأجل تصوير الفيديو كليب الجديد الخاص بها .. طبعا ميرا كانت فوق الغيوم لم تستسغ شيئا لأن صورة ابنها وصوته هما الوحيدين اللذن كانا يعتمران قلبها ، استعجلت كلا منهما كي تهرع لضناها وها هي ذي بعد مدة ترن جرس شقته وقلبها يتراقص من الفرح من الشوق لكليهما فشهاب تفتقده بشدة أما شادي فهو عصارة الشوق كلها … ما إن فتح لها باب الشقة وهو ما يزال يفرك عينيه من آثار النعاس ، حتى هز حاجبه مستغربا منها ومن حضورها بذلك الوقت المبكر وأيضا من كل تلك الأغراض التي تحملها بين يديها
ميرا(ابتسمت له):- مرحبا
شهاب(رمش بعينيه لكي يستوعب وجودها بشقته واستطالت نظرته وهو يلاحقها حين كانت تضع الأغراض في كل مكان):- مااااذا تفعلين هنا ؟
ميرا(وضعت كل شيء وفركت يديها وهي تبحث بعينيها عن ابنها):- إنه يوم زيارتي ، لقد اتفقنا عليه بالمشفى ذلك اليوم ألا تذكر ؟
شهاب(صفق الباب بيده وتقدم إليها):- لما تم اختراع الهاتف كي تتصلي وتحجزي موعدا ، فرضا لم أكن بالبيت أو كنت مشغولا هل ستهجمين هكذا فجأة وكأنكِ في مداهمة ؟
ميرا(اختفت بسمتها ومطت شفتيها):- أوك أنا سبق وأخبرتك ولست مخولة بالاتصال ، فأنت من يجب عليه أن ينتظر قدومي ويتوقعه
شهاب(كتف يديه):- لا والله هذا ما ينقص
ميرا(سمعت صوت شادي من الداخل فبرقت عيناها بلمعة حنين):- شااااادي حبيبي .. هه
رمقها وهي تركض مباشرة صوب غرفته دون أن تنتظر منه أن يدلها حتى ، بل بسرعة البرق هرعت إليه وماااا إن رأته حتى انهمرت دموعها بدون أن تحس وأمسكته برفق في حضنها معانقة إياه باشتياق عذبها طوال أيام
ميرا:- صغيري الغالي اشتقت إليك كثيرا أناااا ، هل اشتقت لي مثلي هاااه هه أراك تضحك أكيد اشتقت إلي حبيبي … همم هل تأكل جيدا وهل تنام بخير وهل أبوك يهتم بك حقا أم أنه يتركك تبكي جوعا وبعدم اهتماااام ؟
شهاب(كمش عينيه وهو يكتف يديه متكئا على جدار الباب ويتمنظر الأخ فيهما على راحته):- والله أتنتظرين منه إجابة فعليا ، ثم أنتِ تخلقين حزازات بيني وبين ابني بكلامكِ المبطن هذا أتحسبينه لا يفهم هكذا ستجعلينني أواجه مشكلة في رعايته لاحقا
ميرا(رفعت حاجبها إليه وهي تخفي دمعاتها بيدها):- شادي أخبر أباك أن اليوم خاص بنا فقط ، وأن وجوده بيننا اليوم تحديدا سيقتصر على وجبات الطعام وفقط
شهاب(نفض يده بعصبية وغادر):- وكأنني متلهف لرؤيتكِ والحديث معكِ حتى …
ميرا(ابتسمت بخفوت وهي ترمقه مغادرا):- ههه سنبدأ لعبتنا يا صغيري أأنت جااااهز ؟؟
طبعا مجنونة من درجة ارتجاج في المخ من المستحيل أن تبقى عاقلة ، بدلت لشادي ثيابه وغادرت به تجاه المطبخ لتحضر له الحليب الخاص به وكل هذا تحت مرأى من هذا الأخير الذي كان جالسا على طاولة فطوره يشرب قهوته المرة .. منظرها وهي تحمل شادي بيد وتحضر الحليب بيد أخرى كان مثيرا للاهتمام فهي مختلفة تماما عن تلك الفنانة التي لا تحرك ساكنا فقط تشغل حنجرتها بالغناء ، لكن شفافيتها الآن والتي تعمدت فيها أن تجعله يستشعر تجاهلها ويتساءل عما إذا كانت نادمة على ما فعلته به أم أنها توقفت عن طلب المغفرة واكتفت بالأمر الواقع … مسح على شعره بعصبية واستقام من محله فهو إن بقي في مكان واحد يجمعهما سيفتعل مشكلة
ميرا:- وها قد جهز الحليب يا روحي تعال لنشربه بالصالون
شهاب(رمقها شزرا وهو يخرج من المطبخ):- تتت دعيني أمر أنا أولا
ميرا(صدف وأن أرادت الخروج أيضا):- أ.. كنت انتظر ألا تراني أحمل ابنك
شهاب(وكلمة ابنك تفعل به العجائب):- حسن تفضلي بالمرور ..
ميرا(حين مرَّت تساقط بعض الماء الموضوع بالإناء لتبريد رضاعة حليب شادي على ثيابها):- أوووه أمسكه لحظة رجاء سوف آخذ هذه لوحدها
شهاب(أخذته على حين غرة وأمسك صغيره):- ولكن مهلا و….
قبل أن يتمم جملته كانت تصفع وجهه بشعرها المعطر بأطيب العطور وأقربها لقلبه ، وجد نفسه بانسيابية يغلق عينيه ويشتهي ضمها في لحظة غادرة لمشاعره التي انتفضت ساعتها ، من المؤكد أنه قد أخطأ حين اتفق معهم على زيارة ميرا له في شقته فإن تكررت مثل هذه المواقف من المحتمل أن يفشل في إمساك نفسه لأطول وقت ممكن …
ميرا(في سرها نظرت إليه نظرة خاطفة وعادت لتنجز عملها):-هاااه يا سيد شهاب أرني كيف ستقاومني وتقاوم حضوري بقلبك وعقلك ؟؟؟؟!!! ..
حاول مرارا وتكرارا أن ينسحب من البيت ويتجه صوب الشركة مثلا أو يذهب لأي مكان آخر ، المهم أن يكون بعيدا عن تلك الكتلة المتفجرة رقة وعذوبة بغض النظر عن أفعالها الشيطانية التي لا تغتفر ، لكنه لم يتمكن من ترك شادي معها فلربما خطفته أجل تفعلها تلك المجنونة إذ لا ثقة بها .. قالها وهو يمسح فكه بتعب وينظر إليها وقد كانت ترضع صغيرها برضاعته والذي كان يمسك بيدها الأخرى مستمتعا بحضورها بشكل ظاهر لامس شغاف قلبه
شهاب(في سره):- آه يا ميرا لو صارحتني فقط بوجوده ، لكانتِ الأمور مختلفة الآن لما فعلتِ ذلك يا حبيبتي ما ذنب صغيرنا كي يعيش معذبا بيننا
ميرا(رمشت بعينها ورفعت رأسها إليه برهة):- ها حبيبي ألا زلت غاضبا مني ، محال أن تسامحني وتحتويني كما أرجو وأتمنى ..
زفرت بعمق فمؤكد أنه عليها مكابدة عواقب أفكارها النيرة ، غفا الصغير بين يديها وحملته لسريره واضعة إياه برفق فذاك هو شمعة حياتها الذي لأجله سوف تغير مجرى الكون إن تطلب منها ذلك ، عادت بعدها للصالون وهي تفرك يديها ووجدته ماثلا أمام نافذته
ميرا(كتفت يديها وأخذت تهتز بجدعها متأففة):- هذاااا لا يليق أنا لا أقبل بأن يعيش ابني في كنف غرفتك ، إن كنت سترعاه يجب أن توفر له غرفة خاصة به مثلا تلك التي بجانب غرفتك أنت أظنها أقرب لك والأنسب في هذه الشقة الصغيرة
شهاب(تغلغل وتقدم إليها):- عذراااا منكِ ميرا هانم ما حسبت أن عينيكِ متعودة على القصور والفيلات الشاسعة المسااااااااحة
ميرا(رمشت بعينها وهي تبعد رأسها للخلف):- هل كلمة الحق لديك تعتبر وقاحة كي ترد علي بمثل هذه الكلمات السامة ؟
شهاب(بانبهار):- يا سلام أرى أن لسانكِ بات بطولك
ميرا(بتعفف وإباء):- لمصلحة طفلي أنا أتحدث ، عليك أن تدبر أمر غرفته الخاصة واليوم في حضووووري حتى
شهاب(مال برأسه إليها):- أتشترطين ميراااا هللووو صباح النور .. لا يحق لكِ التدخل في أي شأن من شؤون شادي طالما سمحت لكِ برؤيته ومرافقته ليومين في الأسبوع هذا لا يعطيكِ الحق في أي شيء يخصه
ميرا(صغرت فيه عينيها):- بل لدي كل الحق إنه طفلي وأحرص على راحته
شهاب(عض شفتيه):- بأمارة حرصكِ على إبقائه بجانبك فور مولده ، بأمارة أنكِ أخبرتني بأمره يا سيدة قد جعلتني أبدو أضحوكة أمام الجميع ،،، تخيلي معي لو عكسنا الموقف وأنا الذي أخفيت عنكِ حقيقة وجود ابنكِ من لحمكِ ودمك كيف كنتِ ستشعرين ؟
ميرا(تكومت بعينيها الدموع):- أقسم أنني لم أقصد أن أجعلك تتألم ، لكن مخاوفي هي التي منعتني من إفشاء ذلك السر والسيد ضرغام قد …
شهاب(أشار لها بإشارة الصمت):- توقفي لن أغفر لكِ تواطئكِ معه ، لقد آذيتني في صميمي بسببه كيف تتواطئين مع الرجل الذي دمر أجمل شيء في حياااااااااتي ؟
ميرا(باحتدام):- لا أدري ما يوجد بينكما ، لكن كان الوحيد القادر على حماية ابنك
شهاب:- بل الحفاظ عليه ورعايته كي يتسنى لكِ الهرج والمرج في فنكِ السافل ذاااااااك
ميرا(بعصبية):- لا أسمح لك بأن تهين عملي ، أنا أحب ما أقوم به فلن تأتي اليوم لكي تبرز لي حنقك منه أو رفضك له لأنني لن أتنازل عنه لأجل أي أحد أيا كان يكوووون
شهاب(عقد حاجبيه وتقدم إليها خطوة):- وكأنني سأكترث لعملكِ ذااااك ست ميراااا ، أنا ما يهمني من كل هذا هو ابني وأريد أن أخلصه من تحت رحمتكِ لكي لا يطاله سوء من تصرفاتكِ الطائشة
ميرا(اهتزت حدقاتها وتقدمت بوجهها إليه دون انهزام):- على الأقل لن يكبر ويجد أمه الوحيدة التي تتسم بالجنون ، فهنالك أبوه الذي يشاركها ذات الأمر
شهاب:- لا تدعيني أذكركِ بخطتكِ الدنيئة التي جعلتكِ تحملين به
ميرا(بنفاذ صبر):- حتى لو كانت خطة ، مصيرنا كان مشتركا في هذه الحياة وكان كل شيء مقدرا له أن يحدث ، حضور شادي ليس سوى ضمان لتلك العلاقة التي تحاول أنت دحضها
شهاب(أشار لها بإصبعه وقد كانت أنفاسه تلفح أنفاسها):- ميرااااا ميرااا لا تسمعيني حرفاااا من فمكِ المكور هذاااا ، أنتِ هنا لأجل شادي فابقي كذلك
ميرا(شعرت بالضعف من قربه ، أرغب باحتضانك يا حبيبي كفاك جفاء لي):- أنت تعذبني
شهاب(ناظر شفتيها القريبتين منه بضعف وحرك حاجبيه):- توقفي ميرااا
ميرا(وضعت يدها على صدره وبنظرة تائهة تستصرخ بها مشاعره):- اشتقت إليك
شهاب(أغمض عينيه وهو ينساب معها في لحظة الضعف تلك):- ميرااا
ميرا(زادت تمسكا به وأحاطت عنقه بيديها وخدها إلى خده):- كف عن المراوغة أنا أشعر بأشواقك لي أيضا يا روحي ، أنت مشتاق لي وأكثر
شهاب(لن أكذب يا ميرااا لكنكِ آلمتني بشدة):- توقفي …..
أزال يديها بسرعة وأبعدها عنه وهو يمسح على وجهه وجبينه بتلعثم موليا ظهره لها في حالة ارتباك شملت كل جزيئة منه ، أما هي فقد ارتعشت محلها وشعرت بالخواء بعد أن كان يغمرها بكل ذرة حنان فيه سلبها منها في اللحظة الموالية ، وهذا ما جعلها تستشعر البؤس الشديد في خاطرها وتسمح لدمعها بالانهمار
شهاب(استدار ورمق وجهها الممتقع بالحمرة الوردية):- كفى كفى لما ستبكين الآن ، لقد نبهتكِ قبل هذا الاتفاق لا أريدكِ أن تحتكي بي تحت أي ظرف كان .. فلما تجبريني على تجريحكِ بهذا الشكل يا ميرااااا ؟؟ تت يا الله اسمعي سنفعل هذا سنأخذ شادي ما إن يستيقظ للسوق ونقتني له أغراضا لغرفته أيرضيكِ هذا ؟
ميرا(إنه يطيب خاطري يعني هو أيضا يشعر بآلامي يعني هو يحبني):- اممم
شهاب(تنهد براحة لما أجابته بالإيجاب ووضع يديه بجيبهّ):- أ.. ذلك سيتم لكي لا تصرعي رأسي بهذه الديباجة ، وبخصوص الدهان سوف أتدبر الأمر لاحقاااا وأرى ما قد أفعله أ.. يعني ما إن يستيقظ الصغير حتى ننطلق تمام ؟
ميرا(رمشت بعينيها وهي تجلس على الكنبة):- حاضر
شهاب(ما أعقلكِ وأخبثكِ في آن الوقت.. اففف يا وقعتك السودة يا شهاب):- على بركة الله
طبعا كانت تتراقص على أنامل قدميها من الفرح ، حاولت كثيرا ضبط ابتسامتها لكنها لم تقوى على ذلك حتى حين قدم لها بعضا من الكعك المحلى والعصير كانت تغرد إذ ظنت أنه يتودد لها في حين كان يقوم بواجبه لا أقل ولا أكثر ، أي نعم من داخله يريدها بصحة جيدة لكن هنالك دوما ما يقف حائلا بين غفرانه وأفعالها الشنيعة ..
ميرا(مسحت فمها بعد الأكل):- شكرا على حسن استقبالك
شهاب(حرك حاجبيه بلؤم):- هذا بعض مما كان في الثلاجة يعني لا شيء خاص بكِ
ميرا:- يعني مع ذلك فكرت فيني
شهاب(تنهد بنفاذ صبر):- وكأنه صوت شادي
ميرا(ابتسمت بغبن):- تمام تفقده إذن بينما سأدلف أنا للحمام
شهاب(حرك رأسه بلا مبالاة):- أوك …
طالعته بعشق وبعدها تنهدت عميقا بعد أن ضربت على قدميها وتوجهت صوب الحمام ، مباشرة استفرغت كل ما أكلته فقد تناولته مجاملة فقط لأنها لا تستطيع إبقاء الطعام في جوفها من على بكرة الصباح ولم تستطع إخباره بذلك بل تناولته على مضض ، ففرحتها باهتمامه أكبر بكثير من حالتها الطبيعية بعد الحمل … ما إن فرغت من الغثيان وغسلت وجهها حتى فتحت حقيبتها وأخرجت هاتفها لتكلم هنادي
هنادي:- يا سيدتي إنه في العلبة الرمادية الصغيرة لقد وضعته بيدي أنا متأكدة
ميرا:- يا غبية لا يوجد أي علبة رمادية هنا ، أين الدواء يا هناااااادي ؟
هنادي(بتوتر):- أقسم أنني وضعته بنفسي بجيب حقيبتكِ يا ست ميرا ، مستحيل أن أنسى دواءكِ اليومي
ميرا(حكت رأسها بغبن):- له يا هنادي أهذه فعلة تقدمين عليها وخصوصا اليوم خصوصا اليوم كيف سأتصرف أنا الآن ؟؟؟
هنادي:- دعينا نحضر لكِ حبة أخرى سيدتي
ميرا:- إياااااكِ أنتِ أو باتريك أن تظهرا بالمحيط ، يكفي أن شهاب يعاملني بآدمية بعد كل ما افتعلته وإن ظهرتما الآن سيكفهر لا محالة
هنادي:- طيب ودوائكِ سيدتي عليكِ تناوله وإلا أصبتِ بالدوار ولا سمح الله يغمى عليكِ
ميرا(رمشت بعينيها بعدم قدرة على التفكير):- حسن لا تصرعي رأسي هذا كله خطئكِ أنتِ ، دعيني هكذا ما ربما صرت بخير ولم يحدث شيء
هنادي:- افف كما تشائين أعتذر منكِ بشدة
ميرا:- لا تعتذري يا هنادي حصل خير
تأففت بعمق وأعادت النظر مرة أخرى لحقيبتها ما ربما وجدت حبة الدواء خاصتها ، لكن لم تكن كذلك رمت بهاتفها بجيب الحقيبة أقفلتها وعدلت شعرها ومن ثم خرجت بعد أن ناظرت نفسها نظرة تمني لعل الأمور تتعدل بينها وبين معذبها الذي كان يقف بابنه في الردهة بقرب الحمام وأكيد استمع جيدا لحديثها مع هنادي ولكنه لم يدقق
ميرا(اصطدمت به وارتبكت):- هل سنذهب الآن ؟
شهاب(حاول قراءة ملامحها لكنها كانت متوترة وهذا ما استوعبه):- أجل هيا بنا …
خرجت رفقته والدنيا لم تسعها قط ، هي مع ابنها وحبيبها الذي تتمنى لو يصبح طوع يديها كي ترتمي بين أحضانه وتنهل من حنانه ما يطفئ لهيب أشواقها ، لكن لتحمد الله الآن إذ يكفي أنه يتعامل معها جيدا بالرغم من مصائبها الفظيعة .. وصلا إلى مول الأطفال بعد برهة وترجل شهاب من السيارة بينما خرجت هي بنفسها لأنه كان يحمل شادي في كرسيه الخاص بعد أن جلبه من الخلف
ميرا:- إنه سعيد بهذه النزهة
شهاب(أقفل السيارة عن بعد ووضع نظارته وهو يحمله بحرص):- هو لا ينطق حتى تعرفي أنه سعيد أو غير سعيد
ميرا(حكت يدها وسارت بجنبه):- يكفي أنه مبتسم لأستشعر ذلك
شهاب(ناظرها شزرا):- رائع .. دعينا نبدأ من جانب الأسِرَّة الخاصة بالصغار
ميرا(بحماس ابتسمت):- أوووه أنظر لذااااك السرير كم هو جميل حتى إن به عدة ألعاب معلقة في أعلاه وتطلق موسيقى ههه ياااااي …
ركضت بحماس وهي تتفقد ذلك السرير الذي ودَّت لو أنها تستطيع هي النوم فيه وليس ابنها ، لامس طفولتها المنكوبة بكل ما من معنى للكلمة ، وقد تجلى ذلك في نظرت عينيها البريئتين واللتين تعاكسان تماما لؤم وخبث المرأة التي عهدها قبلا .. وهذا ما أتعب روحه فكيف سيتعامل معها وهي كالقنبلة الموقوتة لا تعرف متى ستفجر كل آمالك وتجعلها حطاما أمامك ، كانت تتنقل كالفراشة ما بين تلك الأسِرَّة الجميلة ولكن عشقها كان للأول منهم ولم يكن أمام شهاب سوى اقتنائه .. بعدها توجها صوب العربة المتنقلة للأطفال وهنا كان الاختيار أيضا لميرا التي أصرت على أن تأخذ عربة مزدوجة ولكن شهابنا أبى واستنفر
شهاب:- يكفي يا ميراااا قلت لن نأخذ هذه يعني لن نأخذهااا ..
ميرا(مطت شفتيها دلالا):- أنظر ما أجملها إنها تحتوي على طابقين اثنين
شهاب:- وهل ستركبين مع ابنكِ فيهااااااا وأقود بكما في الردهااااات مثلا ؟
ميرا(رمشت بعينيها من جملة ابنكِ):-تخيلت المنظر
شهاب(أغمض عينيه وفتحهما بنفاذ صبر):- فتشي عن غير هذه لأنها لم ترق لي
ميرا(وضعت يديها على ظهرها وسبقته وهي تتمايل بطفولية ناعمة):- حسن هذه
شهاب(نظر لعربة ذات يد عكسية وملائمة):- اممم نوعا ما هذه أفضل
ميرا:- تمام لنأخذها إذن …
شهاب(رمق شادي وهو يصفق بيديه في لحظة عابرة):- أشك بأن هذا الولد يفهم أكثر مني
ميرا(انحنت وقبلت وجنة صغيرها):- هذا طفلي أنا ههه … آآآآه ..هئئ
شهاب(بفزع رمقها وقد صعدت بدوار):- ما بكِ يا ميراااا ميرااااااا
ميرا(أغمضت عينيها وأخذت تتنفس):- لا لا تقلق حين انحنيت وصعدت بسرعة أصابني الدوار ، لا تخف أنا بخير
شهاب(بحث بعينيه عن مساعدة):- تت ألا يوجد أحد هنا ، تعالي اجلسي على هذا السرير هيااا اجلسي يا ميرااا
ميرا(جلست على سرير الأطفال ذاك ومسحت على رأسها وهي مغمضة العينين):- لا تقلق رجاااء أنااا بخير … لا تفزع شادي يا شهاب
شهاب(وضع شادي بكرسيه بجانبها ومسح على شعرها بخوف):- سأحضر لكِ بعض الماء هل تستطيعين الاعتناء بشادي ريثما أعووود ؟
ميرا(فتحت عينيها بدموع مكومة وناظرت اهتمامه الأليم بها):- هممم …
شهاب(ربت على خدها والقلق باد على ملامحه ونظر لابنه قربها وركض):- عائد لكما
بأقصى ما يمكنه أحضر قنينة ماء لها ووجدها جالسة محلها تحادث صغيرها الذي كان يمسك إصبعها بيده ويحركها بلعب طفولي مبهم .. كانتِ اللقطة فريدة من نوعها ولكن قلقه عليها لم يسمح له بالتأمل أكثر
شهاب:- ميرااا
ميرا(عدلت جلستها):- صرت أحسن يا شهاب
شهاب:- خذي اشربي هذااا وهيا إلى البيت ، لقد شحب وجهكِ كثيراا
ميرا(تشرب الماء وتحدق بعينيه الحبيبتين):- ….لارد
شهاب(أمسك كرسي شادي ونهض ليكلم صاحب المكان):- لو سمحت يا أخ سنأخذ ذلك السرير وهذه العربة وتلك الأغراض الخاصة بالأطفال هناك ، رجاء سارع بعملية النقل للعنوان الذي كتبته لكم قبل قليل
صاحب المحل:- لا تقلق سيد شهاب سنأتي بالموعد
شهاب(أومأ له بشكر وانحنى إليها):- هل تستطيعين التحرك إلى السيارة ؟
ميرا(زفرت بعمق .. لالالا هذا كثير علي يا شهاب كثير كثيرررر):- شهاب أ… أنا أشعر بالوهن في قدماي
صاحب المحل:- إن أردت أمسك أنا بالصغير ريثما تأخذ زوجتك للسيارة يا سيدي
"زوجتك" يااااااه ما أحلى ذي الكلمة .. ما إن قالها الرجل المسكين حتى تبادل شهاب وميرا نظرة عميقة جدا عميقة بعمق الجراح التي جمعتهما والتي آلفت بين قلبيهما وأيضا وضعت بينهما طبقات من الحواجز المرتفعة التي يضعها شهاب رغما عنه .. يخشى أن يثق بها مجددا فتخذله إذ يستحيل أن يغفر لها فعلتها بأي ثمن كان ، زفر بعمق وأعطى شادي له واقترب منها
شهاب:- سأحملكِ لا تقلقي ، ستكونين بخير ما إن نصل للبيت
ميرا(غالبها البكاء لحظتها وسمحت لعينيها بحرية التصرف):- ماشي ..
أمسكها بين ذراعيه بلطف ورفعها إليه وهي تتشبث بعنقه مثل طفلة صغيرة ترى في حاملها آمال دنياها كلها ، كانت بين ذراعيه مستكينة ترمقه بمحبة وعشق لا مثيل لهما وقلبها يهفو إليه بين اللحظة والأخرى ، لم تشعر بنفسها حتى وضعت رأسها على كتفه وانسابت كما ورق الخريف مع مشاعره الهادرة وأنفاسه الساخنة التي كانت تلفح وجدها بكل ما تستطيب ..
ميرا(بدون شعور همست):- أعشقك يا رجلي
تشنجت كل عضلة فيه ولم ينظر إليها بل تابع مسيره كي لا يظهر لها نقطة ضعفه ، لكنها استشعرت تضخم صدره وتسارع خفقات قلبه فقد كانت بقرب يسمح لها بقراءة باطنه كسطح الماء ، ابتسم لعامل صاحب المحل الذي فتح له باب السيارة الخلفي ووضعها هناك برفق ..
شهاب:- سأحضر الصغير وأعود إليكِ بسرعة
ميرا(عدلت شعرها):- تمام ..
صورة مثالية لثلاثتهم فقط لو تترتب باقي الأمور ، ستصبح أسعد إنسانة على وجه الأرض .. كانت ترمقه من الخلف وهو يقود متجها صوب البيت بينما ابنها قد نام من فوره ما إن ولج إلى السيارة ووضعه بقربها ، لم تشعر بنفسها هي الأخرى وأثناء مراقبتها لشهاب غفت أيضا يعني أشك أن هذا الصغير يحمل أداة تحكم لم يترك أي واحدة لم ينيمها بجانبه ههه ^^ ..
في تلك اللحظة تحديدا خرج هذا الصحفي من خلف المبنى المجاور لمول الأطفال وتطلع إلى الصور التي التقطها من عدسة كاميرته
الصحفي:- ههه فنانتنا ميرا بحضن خطيبها شهاب رشوان في مول للأطفال هل هنالك طفل على الأبواب أم أنهما يتجهزان لحفل زواااج مفاجئ … يااااه عنوان مؤثر يلا غدا سنرى هه
ما إن وصل إلى الشقة حتى استدار خلفه ليجد الأم وابنها نائمين في ملكوت الله يا حبيبي ، كيف سيوقظهما الآن لم يفرط فيهما طبعا لذلك أخذ صغيره وطلب من البواب أن يأخذه للشقة أعلاه ويفتح له الباب بينما يحضر هو ميرا التي كانت نائمة في سكون تام .. حملها بين ذراعيه مجددا وأقفل الباب برجله وناظرها عميقا
شهاب:- آه يا معذبتي ماذا تفعلين بي فقط ؟؟؟ تتت
لم يجد ما يعزي به نفسه اصطحبها لشقته ووضعها على سريره بعد أن أزال حذائها ووضع حقيبتها على جنب ، كما أنه أخذ شادي معه للصالون فقد استيقظ الأفندي وأراد أن يلعب وهذا ما حاول شهاب السيطرة عليه .. كانتِ الأجواء مختلفة بالنسبة له حميمية دافئة ميرا نائمة بغرفته بكل دفء وطفله ها هنا يلاعبه بفرح ، قد تعود عليه كثيرا خلال هذه الفترة القصيرة وهو الآخر لم يعد يستطيع الابتعاد عنه لحظة واحدة ، فكيف ستأخذ الأمور منحاها اللازم لا يدري وتركها للأيام … بعد مدة بسيطة فتحت عينيها وجدت نفسها بسريره وغرفته تمطت هناك وجذبت وسادته إليها وأخذت تستنشق عطره مغمضة العينين لحين أفزعها
شهاب:- إن أعجبتكِ نعومتها خذيها .. هه صح النوم ست ميرا ؟
ميرا(بارتباك نهضت وعدلت جلستها):- أ.. هل نمت كثيرا ؟
شهاب(أزال الستائر):- نصف يوم تقريبا
ميرا(رفعت حاجبها):- أهاااه كنت متعبة على الأرجح
شهاب(حرك حاجبيه وجلس قربها):- ميرا .. هل لديكِ ما تخبرينني به ؟
ميرا(برقت عيناها بخوف وضمت الغطاء لحضنها):- عن ماذا ؟
شهاب(تلاعب بلسانه بين فمه وأخرج لها شريحة الدواء الرمادية خاصتها):- ما هذه ؟
ميرا(فزت عينيها في شريحتها):- أين وجدتها ؟
شهاب(أبعدها عن متناول يدها حين حاولت التقاطها):- أجيبيني ؟
ميرا(بتلعثم تسحبت للخلف):- إنها إنها فيتامينات خاصتي
شهاب(رمى بالشريحة إلى صدرها):- حين تستعيدين وعيكِ غادري بيتي ، لا أرغب برؤيتكِ مجددا وحين تشتاقين لطفلكِ سأبعثه لكِ مع ميرنا تشبعين منه وتعيدينه لي بعد ساعتين انتهى
ميرا(بهلع نهضت لتلحقه):- هئئئ لماذا لماذا ستفعل هذااااا ، ماذا فعلت لك أناااا ؟
شهاب(استدار إليها في الردهة بعد أن لحقته):- وتسألين يا ميرا حقا عجيب أمركِ
ميرا(تمسكت بيده):- شهااااب بليييز
شهاب(نفض يده منها):- ستبقين مخادعة وكاذبة لذا من الأفضل أن ينصرف كل إلى حال سبيله من البداية …
ميرا(شعرت بالاختناق في صدرها):- ولكن ولكن لا يسعك أن تفعل بي هذاا ، يعني
شهاب:- لقد خدعتني وأنتِ تنظرين لعيوني هذه المرة جربتكِ وحاولت أن أثق بكِ لكن ماذا فعلتِ كذبتِ من جديد ، ولا يوجد تبرير لذلك حتى
ميرا(عقدت حاجبيها بأسف):- بل يوجد
شهاب(أشار بيده بلا مبالاة وتوجه صوب مطبخه):- انتهينا يا ميرااا لا تزعجي نفسكِ بالبحث عن كذبة أخرى تغدقين بها مسمعي
ميرا(رمقته وهو مبتعد عنها يفتح ثلاجته على الأغلب ، وبصوت باكي):- أنا حامل
شهاب(أخرج زجاجة العصير وهو يتحدث دون توقف):- الكذب لديكِ يشبه شرب الماء ، لا تستطيعين العيش دون كذب يعني ألا يحق لي بعض المصداقية هنا وكأنني غريب عنكِ و ..ماذا قلتِ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ميرا(التصقت بالحائط خوفا منه وفركت يديها):- ما سمعته ؟
شهاب(وضع زجاجة العصير جانبا وتوجه صوبها بجنون):- ماذااااااا قلتِ ؟؟؟؟؟؟؟
ميرا(انتفضت من صراخه وسمعت صوت بكاء شادي):- لقد أفزعت شادي يا شهاب و
شهاب(أمسك بفكها وألصقها بالحائط وهو ينفث شررا):- سؤالي وااااااااضح … ماذا قلتِ يا ميرااااااا قبل قليل ؟
ميرا(بدموع وانهيار):- أنا حامل في الشهر الثاني تقريبا حسن أهذا ما تود معرفته ، إذن اسمعه أنا حااااااامل حامل بطفل آخر يا شهاااااااااااب حامل بابنك الثاني
يعني لو خرجت عيناه من محلهما فالمسكين على حق ، أبعد يده عنها وابتعد كله عنها يناظرها شزرا بعدم اتزان ، ماذا تقول هذه طفل آخر صغير آخر مثل شادي يعني .. وجد نفسه يدور محله والجنون يلفه يمسح على شعره تارة ويشير بيده تارة أخرى محاولا بجهد جهيد أن يستوعب ما ذكرته له حضرتها المبجلة ..
شهاب:- متى كنتِ تنوين إخباري وإلا مهلا مهلا حتى يمضي سنتين ربما ، ستخفينه عني كما فعلتِ بأخيه هذا هو تخطيطكِ صح ؟؟؟ لو لم أكشف شريحة الدواء ما كنتِ ستتفوهين بحرف يا ميراااااااا مجددا تغدرين بي وتخدعيييييييييييينني
ميرا(ركضت بوهن صوب ابنها وحملته بين ذراعيها وأخذت تهدهده):- لقد كنت بصدد إخبارك ، لكنني كنت بانتظار الفرصة المناسبة
شهاب(بعصبية مسح على فكه):- متى متى ستأتي هذه الفرصة المناسبة ، حتى تصل بطنكِ لفمكِ مثلا ؟؟؟؟؟؟؟؟
ميرا(ابتلعت ريقها ببكاء وجلست متعبة):- لا تقسو علي يا شهاب ، رجااااء
شهاب(لاحظ تعبها وزفر بعمق وضرب على حافة الكنبة أمامها):- ستفقدني صوابي هذه المرأة ، طفلين يا ميراااااا وبدون زواج حتى لالا أكيد هذه لعنة وقد سقطت على رأسي
ميرا(ببؤس رمقته):- أنا أحببتك
شهاب(مسح على فمه وجلس مقابلها على الكنبة وشبك يديه):- سأهدأ الآن ولن نأخذ الأمر بجنون نظرا لحالتكِ المتعبة ، سأتمالك أبو أعصابي وأسمعكِ كيف حدث هذاااااااا ؟
ميرا(مطت شفتيها خجلا):- بروما
شهاب(حرك حاجبه بهزل):- رومااا روما أجل … ومجددا نسيتِ حبة منع الحمل صح ؟
ميرا(صغرت فيه عينيها):- لأذكرك أنت من أتاني ليلتها ثملا ورغبت بي وأنا لم أمنعك ، يعني لم أخطط لشيء ..ما يدل على أن هذا الطفل أنت المتسبب فيه
شهاب(جذب شعره بقوة):- لا تفقديني صوابي وتكلمي بأدب ، بيدكِ طفل عيب أن تتفوهي بسفالة هكذااااا
ميرا(رفعت حاجبها فيه وهزت كتفيها):- أنت من أراد أن يفهم
شهاب:- بغض النظر عن جملتكِ السوقية وتبريركِ الشبيه بسوق الخضار ، متى آخر مرة عاينتِ فيها الطبيب ؟
ميرا:- منذ أسبوع تقريبا ولعلمك الصغير بألف صحة وعافية
شهاب(زفر بعمق):- يعني بدلا من أن نكتب طفلا على اسمي سنكتب طفلين ، هه شادي سيأتي صغير آخر يشاركك اللعب أتصدق ؟؟
ميرا(رأت ضحكته):- هل تلك ضحكة ؟
شهاب(حرك رأسه بجنون):- يعني ماذا تنتظرين مني أن أفقد صوابي ،أصرخ فيكِ ، أضربكِ ، أبكي على حظي هما طفلاي أنا وسأحبهما لا محالة
ميرا(بدلال):- وماذا عن أمهما ؟
شهاب(سحب نفسا عميقا):- إن استجابت لطلباتي سأرى بشأنها
ميرا:- ماذا تريد ؟
شهاب(تنهد بعمق):- سنفعل كالآتي ….
تسونامي على زلزال على بركان على زوابع رملية على دوامات بحرية وهووووه من يوقف جماح جنونها بعد أن أخبرها بطلبه ، كانت مثل الحمامة الذبيحة تنتفض برفض وتصرخ بعدم موافقة على كل ما طلبه منها ، فكيف سيضبطها وهي التي أسرت كل جزيئة منه
شهاب(بنبرة عالية):- هذاااااااا شرطي إن أردتِ أن تصبحي زوجتي رسميا عليكِ طاعتي
ميرا(رمته بوسادة صغيرة):- مستحيل مستحيل ولو على جثتي لن أنفذ مطلبك هذاااااااااا
شهاب:- حسن إذن سأسلبكِ من أولادي حتى هذا الذي يقبع ببطنكِ سآخذه منكِ ميرااااا
ميرا(ابتلعت ريقها ببكاء"):- أتكرهني لتلك الدرجة حتى تطلب مني هكذاااا مطلب
شهاب:- شرطي ولن أغيره
ميرا(رمشت بعينيها وجلست بتعب):- كيف سأخبرهم سوف يجعلونني أضحوكتهم ، بل سيحولونني لعلكة بطعم البطيخ الأخضر الذي أكرهه ويتغامزون علي
شهاب:- لن يفعلوا ذلك سأكون معكِ
ميرا(نظرت لشادي الذي كان قد سكت ليتابع مجريات الأحداث فأكيد السيرك المجاني القائم بين أمه وأبيه يستحق المشاهدة^^):- لما تفعل هذااا وماذا ستستفيد من إحراجي أمامهم ؟
شهاب(اقترب منها بهدوء حتى جعلها ترمي بالوسادة أرضا):- علينا أن نفتح صفحة صحيحة إن كنا نرغب ببناء أسرة سليمة لأولادنا يا ميراااا ، يعني أنا لن أستطيع نسيان ما فعلته بي ولن أسامحكِ بسهولة لكن .. أريد لأولادي الاستقرار
ميرا(حدقت فيه مليا قبل أن تتأوه بعمق):- لو تطلب مني أي شيء آخر سأنفذه لك يا شهاب ، لكن تلك العائلة أنا لا أريد لأي شيء أن يربطني بهم
شهاب:- أنتِ تنتمين لذلك المكان ومنه سأطلبكِ حسب الأصول يا ميراااا ، وليس مثلما قمنا نحن بعد تلك الخطوبة فهذه المرة تختلف
ميرا:- أنت تريد الزواج مني لأجل الأولاد صح ؟
شهاب(قرأ لوعة عينيها واقترب منها خطوة):- أتعتقدين أنه كذلك وفقط ؟
ميرا(مطت شفتيها ببكاء):- لا أدري
شهاب(ابتلع ريقه وأمسك بيدها):- أنا لست لطيفا جدا في هذه الأمور ، لكن لن أكون والزمن عليكِ أي نعم لا زلت غاضبا منكِ لدرجة لا يتصورها عقلكِ وما زال قلبي جريحا مما فعلته ، لكن ما نحن في خضمه الآن أهم ولأجل صغارنا سنضع كل نقاشاتنا جانبا ونجعل أفكارنا الموالية تتمحور حول اللازم
ميرا(ارتجفت من لمسة يده وقربه وبضعف):- أنا لن أستطيع التحمل يا شهااااب ، قربك يحرقني لكن جفاك يقتلني
شهاب(أزال يده):- أنتِ التي ابتغيتِ ذلك ميرا ، فلا تلوميني على ما اقترفته يداكِ
ميرا(لا بأس هذه بداية عودته يا ميرا وافقي واستغلي الفرصة):- شهااااب
شهاب(ابتلع ريقه وهو يطل على شادي من محله):- هممم ؟؟
أخذت تنتقل بعينيها في ملامح وجهه وبجاذبية لم تتمكن من مقاومتها ، اقتربت منه خطوة وغاصت في بحر عشقه حيث أمسكت وجهه بيدها وقبلته دون تردد بل وجذبته بحركة آسرة نحوها وجعلته يبادلها نفس القبلة الهادرة بعطش حاول جهده أن يتحكم فيه مذ أن حدث ما حدث بينهما … كان يعتصرها في حضنه ويبادلها قبلتها المجنونة التي روت عطشهما وشغفهما وشوقهما للآخر ، ولو أن شادي لم يطلق صوتا عاليا من لعبه المنفرد لما توقفااا عن ذلك الشعور الممغنط الذي يجذبهما نحو الهاوية دون تردد …. تبادلا نظرة غريبة مفادها أنه حتى لو امتد الغضب بيننا ومهما كانتِ الجراح عميقة تملأ طرقاتنا سيبقى العشق أقوى بكثير من كل الصعااااب ..

في مكان آخر وتحديدا في بلدة بعيدة بعض الشيء عن المدينة ، كان هذا يسير وسط فدادين الأرض خاصتهم وبيده قصب السكر .. يسير بينها وعقله شارد مع صاحبة العيون الزرقاوتين والشعر الأشقر ، تنهد بعمق وأخرج هاتفه من جيبه ليطالع صورتها الضاحكة .. بلغ البؤس منه مبلغه وأعاده لمحله فخيبته منها لن يشفيها أحد قط .. سحب أنفاسا عميقة وهو يستدل بذكرياته معها لعله يطيب خاطر جراحه مع الأسف ..
زياد:- آه يا كوثر هل أنتِ سعيدة الآن بعد أن كسرتِ قلبينا معاااااا ؟؟
حياة(خرجت من إحدى الحقول بفستان أرجواني طويل وشعر بني غامق تلفه بوشاح متطاير حول وجنتيها):- مرحبا يا زيااااد
زياد(زفر بعمق وحاول اصطناع ابتسامة):- أهلا حياة
حياة:- هل يمكنني السير معك قليلا ؟
زياد(نظر حوله للفراغ):- تفضلي
حياة(أخذت منه قصب السكر وعضت منه القليل):- اممم هذه لا تؤكل هكذااا ، لكن لا بأس سنقضي بها الطريق ههه
زياد(ناظرها بتمعن ومط شفتيه):- همم
حياة(رمقت صمته وأجفلت عينيها):- هل هي جميلة ؟
زياد(توقف عن المشي وباستغراب):- من هي ؟
حياة(تابعت المسير):- حبيبتك
زياد(رفع حاجبه ولحقها):- وكيف تعرفين عنها ؟
حياة(رفعت يدها بلا مبالاة):- سمعت خالتي عائشة وهي تحادث أباك في شأنها
زياد:- أتسترقين السمع يا حياة ؟
حياة(توقفت واستدارت إليه):- هههه في حالة واحدة ما لم يكن صراخ العم راضي يصل لآذن سابع جار
زياد(عقد حاجبيه):- ماذا سمعتِ ؟
حياة(رمشت بعينيها المبتسمتين وتابعت المشي قربه):- سمعت ما يكفيني لأعرف أنك لا ترغب بالزواج مني ، يعني مثلما خطط أهالينا
زياد(بحيرة):- ألا يشكل لكِ ذلك أي مشكلة ؟
حياة:- ماذا أكنت تنتظر مني أن أدخل في أزمة مشاعر ، كون خطيبي مغرم بامرأة غيري ؟
زياد(على الأغلب كذلك):- يعني …
حياة:- بصراحة انزعجت في البداية لكن فيما بعد تداركت الأمر ، ففي نهاية المطاف أنا بدوري لست أحبك
زياد(صدم من جوابها):- يا لصراحتكِ المطلقة يا حياة ، فاجأتني !
حياة(ضحكت وهي تقف مقابله):- ههه هذا ما يتعب أهل بيتنا صراحتي .. لكن أليس جميلا أن تعرف ماهية مشاعري نحوك يعني كي لا تحس بعقدة الذنب وتفكر بشكل تقليدي أنك قد تركت قلب فتاة تعيش على أطيافك ليحترق من أجل امرأة غيرها
زياد(صفق بيديه باندهاش):- للأمانة لم تتركي مجالا لأن أستغرب حتى
حياة:- ليس كل من يعيش هنا بذات التفكير الرجعي ، أنا نفسي لم أوافق على هذا الزواج لكن كلمة الكبار كانت كحد السيف ولا تزال وعليه كي ننجو سوية من هذا علينا أن نتفق
زياد(بعدم فهم رفع حاجبه):- نتفق على ماذاااا ؟
حياة(برقت عيناها بحماس):- أهالينا لن يقبلوا بإلغاء هذا الزواج لذلك .. سنتممه حسب الأصول وتأخذني معك للمدينة وهناك لن يتدخل فينا أحد أنت ستطلقني وتساعدني على دخول الجامعة كما كنت أرغب ولكن أهلي مانعوا كوني فتاة لا يحق لها متابعة تعليمها في المهجر كم يسمنوه وتلك الديباجة الرجعية أنت تعرفها .. المهم أننا سنتعاون أنت ستتخلص من صراع أهلك و زنهم على رأسك بزواجك مني وأنا سأحقق حلمي بمتابعة الدراسة
زياد:- أتعين ما تتفوهين به يا فتاة هل جننتِ ؟؟؟؟؟؟
حياة(لحقته وقد رمقت غضبه):- لمااااذا ترفض إنها فرصة ثمينة ستخدمنا نحن الاثنين كما نريد ، بعد الطلاق لن يتدخل أهلك في خصوصياتك وستقدر على الزواج من امرأتك بدون أن يفتح أحد فاهه .. وأنا سأحصل على ما أريده من الفرصة التي ستخلقها لي هناك
زياد:- أنتِ دااااااهية كيف فكرتِ بكل هذا خلال يومين ؟
حياة:- أنا أفكر فيه منذ زمن طويل ولا أحد سيساعدني غيرك ، لذلك لكي لا تخرج خاسرا اسمع مني ودعنا نتفق لأن زواجنا سيتم سيتم شئت أم أبيت لذا لنجعله يتم حسب مخططنا نحن وليس حسبما يريدون هم
زياد(عقد حاجبيه وتركها):- لا أدري لا أدري ما أطلقته بوجهي مربك دعيني أفكر فيه وأرى ما قد أصل إليه
حياة:- حسن إذن سأنتظر منك خبرا عشية غد في نفس هذا المكان ، تمام علي الذهاب الآن
زياد(رمش بعينه واستوقفها):- حياة .. شكرااا
حياة(بلمعة فرح غمزته وهي ترحل):- على الرحب والسعة ..
ما إن ابتعدت عنه حتى تنهدت بعمق والدموع تملأ وجنتيها ، اعتصرتِ الحزن في قلبها وتابعت مسيرها وهي تركض نحو بيتها فأخيرا سيتحقق حلمها بزيارة المدينة والدراسة فيها أما هو فقد ظل يعيد ويزيد في فكرتها الجهنمية .. أي نعم هي مخاطرة كبيرة ولكن ربما سيلجأ إليها إن خاب مقصده تلك اللحظة .. مباشرة عاد أدراجه صوب بيتهم وجد أمه عائشة في المطبخ مع النسوة المكلفات بتحضير الأكل لهم ، بينما كان أخوه قصي يدرس على جنب في الصالون أما أخته نجوى فقد كانت تجهز سفرة الغذاء بينما أبوه كان يسبح في غرفته ، مسح على جبينه ودلف إليه في محاولة أخرى لعله يعدل عن رأيه ..
زياد:- أبي ..
راضي(رمقه شزرا وبتأفف):- إن كنت ستفتح معي ذات الموضوع فعد من حيث أتيت ، لا أرغب بسماع ضوضاء مراهق لا يفقه مصلحته أين
زياد(استقبل إهانة أبيه وتمالك أعصابه):- أنا مستعد لرفض هذا الزواج علانية أمام الجميع ، فقط كي لا تحرج نفسك إن كان هذا ما يتعبك والدي
راضي:- هه أتحسب أن الأمر بذي البساطة ، جملة ستطلقها على مسامع كبارية البلدة وتمضي في حال سبيلك .. إن هذا يا زياد عاااار ستوصمنا به ستؤذي به أختك نجوى التي ستتزوج من أخو خطيبتك وإذا ما تم فسخ خطوبتك عليها أكيد سيقومون بالمثل ، وبهذا ستقف أمام سعادة أختك وستصبح عانسا في بيتنا إذ لن يتجرأ أحد من خطبتها لأنها قد رفضت من دار غيرناااا .. هذه أعرافنا ولابد أنك لا تزال تذكرها أما أخوك فستجعله يعجز عن إيجاد عروس فلا أحد سيثق بنا ويعطيه ابنته ستصبح سيرتنا في الحضيض بعد أن أصبحت مقاليد البلدة كلها في قبضتنا ، أترضى لي هذا الذل بعد هذا العمر يا ولدي ؟
زياد(أغمض عينيه بتأسف وجلس مقابله):- يعني لا جدوى من محاولتي
راضي:- إن كنت ترغب بقتل أمك من بعد الفضيحة وتدمير حياة كل منا ، فأقدم على فعلتك التي تنتويها يا زياد
زياد(مط شفتيه بأسى وتراجع للخلف):- مع الأسف لا أدري متى ستنفتحون على العالم ، نحن لم نعد صغارا حتى تتحكموا في مصائرنا بهذا الشكل .. يكفي من هذه الرجعية يكفي
خرج من مجلس أبيه ولم يستمع لنداءات إخوته وأمه لكي يبقى على الغذاء، بل مضى هائما نحو حظيرتهم الخاصة أخرج منها حصانا وامتطاه محاولا الهرب من كل شيء فالاختناق الكامن ببيتهم يسبب له الأذى … توقف بحصانه ما إن لاحظ أنه قد ابتعد بقدر الإمكان عن مجال احتراق الأوكسجين في بيتهم الخانق ..
زياد:- يعني وكأنني برفضي لهذا الزواج سأخرب منظومية العالم ، تبااا للقدر تبااا تت كوثرتي الحلوة اشتقتكِ ..
رفع هاتفه ووضعه على أذنه وأخذ ينتظر جوابها الذي سيفرق معه كثيرا لحظتها ، ظل يرن يرن يرن وحين همَّ بقطع الاتصال أجابته
كوثر(برجفة في قلبها):- زياد
زياد(بلهفة):- كوثر
كوثر(ببكاء):- أفتقدك أنااا
زياد(أغمض عينيه):=- وددت لو أنكِ قربي الآن لوضعت رأسكِ على صدري ومضيت بكِ لأبعد مدى
كوثر:- عد إلي
زياد(بتعب وفشل روحي):- سأعود يا كوثري ما إن تتعدل بعض الأمور ، سأكون بقربك
كوثر(بعشق):- سامحني على ما قمت به في الشركة
زياد:- ستحاسبين عليه لاحقا أما الآن دعيني أشبع من صوتكِ حبيبتي ، صدقا اشتقت إليكِ
ظل يحادثها لأزيد من ساعة لغاية أن شبع قليلا منها ، ولأن الأصول تحتم عليه ألا يتمادى أكثر استوقف مشاعره لحظتها وعاد ليحدد مصير حياته مع حياة المستقبلية …
على إثر البلدات في جانب آخر من بلدة مجاورة كان هذا يقف مكتفا يديه يتأمل بيتهم المهترئ الذي أكل منه الزمن وشرب ، أغمض عينيه ليستنشق عطر بلدته وبيته بعض مضي ما يقارب تقريبا 13 سنة يعني ع حسب ما عايشه آونتها .. دفع باب بيتهم ودلف إليه وجده على حاله مغبرا معتما لا حياة فيه وهذا ما جعله يتنهد متراجعا دون أن يمعن النظر لتفاصيلهم الماضية
عرندس:- لم نجد السيد نجمي يا سيد ميار ، يقول ابنه أنه راقد في الفراش
ميار:- ألم يقم الأطبة باللازم ؟
عرندس:- يا سيدي هو عجوز ومؤكد لم يعد له في هذه الحياة أكثر مما مضى
ميار(زفر بعمق):- لو كنت توفر فلسفتك الواهية هذه لشيء مفيد ، لكنت حافظت على عينك التي طارت هباء منثورا .. انصرف من أمامي قبل أن أصرفك بطريقتي
عرندس:- الست كهرمانة ستبقى قليلا في سوق البلدة هل تأمر بشيء سيادتك ؟
ميار:- لا شيء فقط أغرب عن وجهي …
كان يريد البقاء منفردا وحيدا مع ذكرياته هائما في ملكوت ذاته وأوجاعه ، وجد خطاه تسير بتلقائية صوب بيت العم نجمي يريد رؤية وجه ذلك العجوز كيف هو وهل لا يزال يذكره أم نسيه وصل بعد هنيهة وطرق الباب بتردد ..
شفيعة زوجة نجمي(متقدمة مثله في السن):- نعم يا ولدي السلام عليكم
ميار:- وعليكم السلام يا سيدتي أرغب برؤية العم نجمي لو أمكن ؟
الزوجة:- آه أنت الطبيب الذي بعثوك لأجله من المدينة أدخل أدخل يا ولدي ،،، يا نجمي يا نجمي ألم أخبرك سيبعثون لك الطبيب خاصا بك وحدك ، تفضل يا دكتور
ميار(لم يجد ما يجيبها فقد أخذته على حين غرة):- ولكن يا ست أنا .
شفيعة:- أدخل إلى تلك الغرفة ريثما آتيكما بالشاي ههه هيا هيا لا تخجل يا شاب
زفر عميقا فزوجته مؤكد أنها شعلة لا يسعه مجاراتها ، لذا دمدم تحت أنفه وتقدم صوب الغرفة وجد العم نجمي منسدحا على سريره وبيده التسبيح وعيناه شاخصة في الفراغ .. شعر بالحنين إليه لحظتها لذا توجه نحوه وعيناه تبرقان بالشغف القديم
ميار:- عم نجمي ؟
نجمي(عجوز طاعن في السن ينتظر موته في أيامه المعدودة):- من ؟؟؟
ميار(اقترب منه ولامس يده الممدودة إليه):- أنا يا عم نجمي أنسيت صوتي ؟
نجمي(يحاول التعرف عليه ويده المرتجفة تمر على وجه ميار):- ميااااااااار أهذا أنت ؟
ميار:- هه ها قد بت تعرفني لكن ما شاء الله ذاكرتك ما تزال شغالة
نجمي(يرتجف كليا):- اهئ بني مياااار عانقني يا عزيزي ، فأشواقي لك بلغت حدهاااا
ميار(تفاجئ بعناق نجمي له لكنه شعر بالراحة تغمره):- كم أنا سعيد برؤيتك بعد مضي كل هذه السنوات يا عم نجمي
نجمي:- ههه أنا أذكرك مذ أن كنت صغيرا تعمل بمخبزتي وتصنع حلوى الفراولة لأجل ابنة عمك
ميار(ابتلع ريقه من سيرتها التي لازمته منذ أن وطأت قدماه تلك البلدة):- إييه أيام
نجمي(بحماس ربت على يد ميار):- هاااه أخبرني هل تزوجتما أم ليس بعد ؟
ميار(عقد حاجبيه بعدم فهم):- أنا ومن ؟
نجمي(ناظرته بتعب):- أنت وابنة عمك
ميار(بدهشة):- هل بدأت تقرأ الطالع يا عم نجمي ، ليس بعد ما زلت أحاول الوصول إليها فالظروف الآن لا تسمح
نجمي:- إييه أخبرتها بأن تبادر هي بطلب الزواج لأنكما مكتوبان لبعضكما منذ الصغر ، لكنها كانت تضحك ساخرة مني وتخبرني أنني طماع لا أريد سوى حضور زفاف كي أرقص فيه على شيبتي ههه
ميار:- عماذا تتحدث يا عم نجمي ؟؟
نجمي:- عن فتاتك أحكي أنااا ، يااا امرأة تعالي واحكي له عن تلك الجوزة الفريدة من نوعها
ميار(ارتفعت خفقات قلبه بعدم فهم):- يا خالة ما الذي يقوله زوجكِ ؟
شفيعة :- هه لا تشغل بالك إنه من فعل الكبر ، أحيانا يتهيأ له أمورا ليست واقعية أنا شخصيا في بعض المرات ينسى هويتي ويطلب مني أن أبعث له بزوجته يعني هو شخص هرم فتوقع منه أي شيء
ميار(باستغراب):- ولكنه تعرف علي جيدا وحتى أنه يذكر تفاصيل دقيقة ؟
شفيعة:- طبيعي يا ولدي ، فعقله يعيده للماضي على الدوام
ميار(اهتز قلبه واستقام):- على العموم علي الذهاب الآن
نجمي:- بلغ سلامي لجوزتك وأخبرها أنني سأربحها في طرح الشطرنج إن كتب الله لي عمرا آخر لحين زيارتها القادمة
ميار(نظر لشفيعة التي حركت له يدها بحركة جنون):- أ. طيب يا عم نجمي عمت مساء
شفيعة:- لا تؤاخذنا يا بني فالمرض قد اشتد به وبعقله في الآونة الأخيرة
ميار:- ولكن حديثه بالغ الأهمية ، لا أدري لما أشعر وكأنه لا يهذي كما تزعمين
شفيعة(بتلعثم):- وهل سأخفي عنك أمرا كهذا يا بني ؟
ميار(خرج من بيتهم):- لا بأس لا تشغلي بالكِ ، المهم إن احتجتم لشيء بلغوا الرجل الذي يحضر لكم مصروفكم كل بداية شهر هو سيتكلف
شفيعة:- هو لا يقصر يا عزيزي كثر الله من أمثالك
ميار(تملص منها بسرعة):- الوداع يا خالة .. (في سره) والآن ما هذا الهذيان الذي أعدته لعقلي يا عم نجمي هاااااه ، تت علي أن أجد كهرمانة فقد باتت هذه البلدة لا تطااااق .. لحظتها كانت كهرمانة في مقدمة طابور طويل من النسوة اللاتي قدمن لاستلام مئونتهن السنوية من الخيرات التي تغدقهن بها والتي كانت تمد لهم نصيبهن بيديها ، بجانبها أماني تساعد أيضا ..
كهرمانة:- بالدور يا نسوة بالدور كله سيأخذ نصيبه ولا واحدة ستعود خاوية الوفاااااض ، على مهلكن يا نسااااء على مهلكن ..
ظلت النساء تمر الواحدة تلو الأخرى لحين وقفت أمامها امرأة ملثمة جميلة العينين وناظرتها طولا وعرضا ولم تمسك منها مئونتها بل ظلت تتأملها لوقت طويل
كهرمانة:- خذي يا امرأة ما بالكِ ؟
أماني:- أممي هل هل أتابع عنكِ ؟؟
كهرمانة(رمقت تلك المرأة شزرا):- خذي يا ابنتي … وأنتِ لما ترمقينني بتلك النظرات ؟
شاهيناز(أطلقت وشاحها وغمزتها):- ربما لأنني أرغب بخصومة معكِ ؟؟
كهرمانة(فتحت عينيها على وسعهما وجذبتها معها للخلف حيث لا أحد):- هئئئ ماذا تفعلين هنا يا أنتِ هل جننتِ ؟
شاهيناز:- ههه اشتقت ألا يحق لي بعض الشغب
كهرمانة(بصرامة):- آخخخ عليكِ
شاهيناز:- كفى وتعالي لحضني ألم تشتاقي لأختكِ حبيبتكِ سلسبيل ههه
كهرمانة(بدموع عانقتها):- آه يا أختي آه ، اشتقت لكِ بحجم الكون
شاهيناز(لامست وجنيتها):- وأنا يا غزالي اشتقتكِ وعدت أخيرا ، لا تقلقي من شيء طالما أختكِ هنا لا شيء سيصعب عليكِ عزيزتي
كهرمانة:- بهذا الوجه الذي كنت أمقته يصعب علي التأقلم ، لكن لأجلكِ أختي الحبيبة سأتقبل أي شيء المهم أنكِ عدتِ بيننا ..
شاهيناز:- آه يا كهرمانة عدت ووجدت كل شيء مختلفا ، لا أدري ما علي فعله حتى الآن لكنني لا زلت أخطط
كهرمانة:- طبعا يحق لكِ فقد قبعتِ دهورا في ذلك الجحر
شاهيناز:- لا تذكريني فذلك حبس كنت أعيش فيه ، البركة في أختك
كهرمانة:- فخرية لا تقدم على شيء إلا لتخرب علينا
شاهيناز:- دعينا منها الآن فقد هربت منها هريبة كي أراكِ يا أختي ، لم يكفيني الهاتف حين اتصلت بكِ منذ أيام وددت لقاءكِ بأسرع وقت ممكن
كهرمانة(عانقتها):- خيرا فعلتِ يا غالية ، ها قد اكتملت قوانا ولن يستطيع أحد أن يقف بوجهنا لحظة
شاهيناز:- طبعاااااا
كهرمانة:- كيف أتيتِ إلى هنا دون أن يستشعروا غيابكِ ؟
شاهيناز:- بعض من الخدع القديمة ، لا تشغلي بالكِ أنتِ وأخبريني عن المهم كيف حال فهدك
كهرمانة:- بصحة وعافية لا تطيلي البقاء هنا أكثر ، فهو بين لحظة وأخرى سيعود
شاهيناز:- حسن سأنسحب أنا الآن إذ يكفيني رؤيتكِ على خير
كهرمانة:- سنلتقي يا أختي كثيراااا حتى ، فقط احذري ولا تثقي بفخرية أبدااا
شاهيناز:- ولوو هل يقع الشاطر في نفس الخطأ مرتين ؟
كهرمانة(بخبث):- هههه صح .
إيييه من كان يقول أن هذا اللقاء سيتم هناك بتلك البلدة ، طبعا كله من تخطيط سلسبيل التي أرادت رؤية أختها في مكان بعيد حيث لا يتعرف عليها أحد ، وهكذا كان انسحبت من هناك من حيث أتت ولحظتها وصل ميار وجعل كهرمانة تلحقه مهرولة هي وأماني لأجل الرحيل ، أثناء الطريق لم ينبس ببنت شفة بل ظل صامتا فما يدور بعقله أكبر بكثير من رغبته في الحديث ، خصوصا بعد مروره بالمقبرة وزيارة قبر جوزيت الذي وجده نظيفا وكأن يدا حريصة تتابعه وتنظفه بين الفينة والأخرى ، وهذا ما استغربه بشدة لحين قاطعه صوت عرندس
عرندس(للسائق):- سنتابع المسير إن لاحظنا لخبطة بالأجواء مفهوووم ، اتصل من فورك بالرجال لكي يتصرفوا علينا أن نمر من خلال هذه الدورية بأماااان
ميار(أطل برأسه ولاحظ دوريات الشرطة التي تقطع طريقهم):- ماذا يحدث ؟
عرندس:- كل شيء سيكون على ما يرام سيادتك ، فقط جارني …
وصلوا إلى الدورية الذين أشاروا لهم بوجوب الوقوف وطبعا توقف السائق بهدوء وقدم لهم الأوراق تفحصوها وأعادوها له ..
الشرطي:- أريد هوياتكم جميعا
عرندس:- لما سيادتك هل هنالك مشكلة ؟
الشرطي(صغر عينيه):- روتين اعتيادي ، الهوياااات ؟؟
عرندس(أومأ للسائق وابتسم للشرطي):- عذرا منك لا أحد يطلب منا هويتنا ، انطلللللق يااااااا هذاااااااا
في لمح البصر ارتفع الغبار ليشمل تلك البقعة وقبل أن ينطلق رجال الشرطة خلف تلك السيارة ، ظهر رجال ميار برصاصهم المطاطي مخلفين زوبعة أكثر من التي مضت هناك واستطاعوا أن يوقفوا لحاقهم بالسيارة واحتجزوهم في تلك البقعة بسرعة بديهتهم … هنا كان ميار يصرخ عاليا مما حدث
ميار:-أناااا سيارتي توقفها دوريات وفي بلدتي ما الذي يحدث يا كهرمانة ؟
كهرمانة(تضم إليها أماني المرتعبة):- لا أدري بني ميار ، لكن ربما هم دورية جديدة لا يفقهون في ترتيبنا شيء
ميار:- عرندس اعرف لي من صاحب هذه الدورية ، أريد اسما فوق طاولتي الليلة مفهوووم
كهرمانة:- الحمدلله مرت على خير
أي نعم مرت على خير لكنها ستتكرر خصوصا وأنكِ تعانقين الأفعى بعينها ، أما ميار فقد انزعج بعد ذلك الوقف كيف يتجرؤون ويضعون دوريات بمنطقته الخاصة ، ظل غاضبا طوال الطريق وكأن ذلك ما ينقصه ، في حين أن أصحاب الدورية قاموا بإعطاء مواصفات السيارة لدورية أخرى لكن ليس مع جماعة الفهد البري لعب .. وصلوا إلى بقعة نائية وترجلوا من تلك السيارة وركبوا واحدة أخرى كان يجهزها رجالهم قبلا ، أما السيارة المشبوهة فقد أضرموا فيها النيران وتركوها في ذلك المكان وبهذا لم تصل إلى الدورية ولم يتوصلوا لشيء حتى حينها ، وهذا ما أراح قلب ميار قليلا لكن إن تكرر ذات الشيء مؤكد لن يفلت منها ..

آنذاك في بيت الراجي
كان كل شيء مستقرا هادئا يعني نوعا ما بعد ذلك الصباح المزين بكذا خصومة ما بين حكيم وميرنا ، مابين نور وحكيم ، ما بين مرام وعواطف ، ما بين رنيم وإخلاص وهكذااا دواليك وتحديدا للخصومات سنبدأ بأحلاهاااااا … حين خرج حكيم قاصدا قصره لكن ميرنا طلعت له بموال جديد ألا يعتب البيت شبرا واحدا طالما هو مريض وسلطت عليه السلطات العليا عواطف وسماح ، أما نور فقد خاصمته لأنه طلب منها أخذ استقالة ميرنا لكنها أبت ذلك فاتهمهها بالتواطئ مع الخصم وكأنهم في حلبة مصارعة وهذا ما رفضته هي ، أما مرام فقد نهضت محتدمة بعد ذلك الخبر الصاعق وهنا لم ت كن سوى عواطف بوجهها كي تفرغ فيها جام غضبها لعلها توصل لها فكرة رفضها لإنجاز تلك العملية تحت أي ظرف كان ، أما رنيم وإخلاص فهاتين جرحهما لا يزال حديثا وطبيعي أن تصطدما ببعضهما بعض فحين رفضت رنيم مرافقتهن لمحل الحلويات قامت إخلاص بإخبار حكيم الذي جعلها قسرا ترافقهم وتساعدهم بالتحضيرات ، هكذا مضى الصبح وهكذا انتهى حيث تفرق الجميع وعادوا ليجتمعوا على طعام الغذاء ..
حكيم:- طيب سآخذها بنفسي إذ يسرني رؤية وجه وائل بعد قراءة مفادِ الاستقالة
ميرنا(بوجع مالت بشفتها):- لا تحسب أنك منتصر
حكيم(هز رأسه له):- لكنني كذلك ههه ..
ميرنا(من بين أسنانها):- من يضحك أخيرا يضحك كثيراااا
حكيم(بتعجب دعابي):- سنرى ..
ميرنا(بتأفف استقامت):- هفف هفف هفف
حكيم(أمسك بيدها قبل أن تمر بجانبه وجذبها نحوه):- حضري لي قهوة زوجتي الغالية
ميرنا:- وهل تحتجزني هنا لأجل قهوتك وأكلك ؟؟
حكيم:- والله دوامكِ الصباحي انتهت فترته لذا سأستغله لصالحي ، خصوصا أنكِ من رفض ابتعادي عنكِ حلوتي هممم
ميرنا(ذهبت وهي تشتم):- الله يلعن لساني وقتها لا أدري ما الذي دهاني وعاندتك
حكيم:- قهوتي بدون سكر عصفورتي هااااه
مديحة(جلست بتعب قربه):- أخبرني ما الذي سمعته من خالاتك ؟ أهذه حال أعود لأجدها يا بني ؟
حكيم(رفع يده لها):- ما بكِ أماه لم أفعل شيئا يستحق امتعاضكِ هكذا ؟
مديحة:- اسمعني جيدا ما قمت به جارح للكثيرين ، أخواتك لا زالت جراحهن خصبة فلا تكن أنت والزمن عليهن
حكيم:- إيييه ماذا أقول لعفاف التي اقترحت أن تمسك مناوبة المساء عنكِ وترافق دعااااء
مديحة:- أكنت ترغب ببقائي هناك وتقولها بوجهي يا حيف عليك هه
حكيم:- هه أمزح يا ست الكل
ميرنا(عادت بوجه مقلوب):- خذ قهوتك
حكيم(نظر لمديحة):- أرأيتِ ابتسامة أجمل من ابتسامة زوجتي يا أمي ؟
ميرنا(حولت عينيها):- اللهم طولك يا رووووووح
حكيم(شرب رشفة وأجابها):- آمييييين
مديحة(تمالكت ضحكتها):- الله عليكماااا كالقط والفأر …
نهال:- ألا يسمع أحد رنين الباب مثلا أحرام لو فتحتم بدلا عني يعنييييييي
شيماء(ترتدي حجابها جيدا):- ههه سأرى أنا عنكِ
نهال:- هاااه مناضلة مثلي مع الأسف تفضلي يا روحي
شيماء(ركضت للباب وفتحت):- نعم أية خدمة ؟
تامر(بود واحترام):- عفوا منكِ آنستي آه شيماء كيف حالكِ ؟
شيماء:- تاااامر يا أهلا بك وسهلا تفضل تفضل بالدخول
تامر:- معي الوالدة وقد أتينا لزيارة رنيم إن أمكن
شيماء:- ولو تفضلا مرحبا بكما ..ياااا نهااال نهاال أخبريهم لدينا ضيوووف
طبعا العشرة الطيبة والأصول كانت تحتم على نجية وابنها أن يقوما بزيارة للشابة التي عاشا معها مدة من الزمن ، وعرفا معدنها الحقيقي وأيضا كانا موقنين باستحالة خيانتها لرأفت الذي كانت تعشقه عشقا لا حدود له ..
عواطف(وضعت القهوة بالصحن):- والله نصيب يا ست نجية
مديحة:- الله ينتقم من اللي كان السبب هذه مكيدة يا أختي وليست نصيباااا
نجية:- ربنا ع الظالم ، والله لولا معزة ابنتنا رنيم لما أزعجناكم
رنيم:- ولو يا خالتي نجية مرحب بكما في بيتنا متى شئتم أنتِ وتامر ، والله أسعدتماني بهذه الزيارة.. احم كيف هي الأحوال هناك ؟
نجية:- إييه يا ابنتي حين تنكسر دعائم الثقة تكبر فجوة الثعابين ، نورهان ووجدان لا تزالان تخططان للإيقاع برأفت المسكين ولا أدري إلى متى سيقاوم
رنيم(بحزن من سيرته):- همممم
تامر(يلاعب أيهم بحجره):- اشتقت لهذا الدبدوب لا أدري كيف سأقاوم بعاده عني
نهال:- ههه والله حتى مازن يعاني بدوره قد زارنا قبل يومين وكم تمنى لو يأخذه معه أينما رحل وارتحل
تامر:-يفعلها ذلك المجنون
شيماء(نفضت الهواء على وجهها من سيرة مازن):- يا الله
إخلاص:- يا بنات ما أمركن أليس لديكن دراسة .. هيا استعدا للذهااااب لم يبقى شيء على موعد دوامكم
نهال:- هيا يختي طرد علني من أمكِ المصون
شيماء:- هه .. عن إذنكم يا جماعة
عواطف:- أهلا بكما وسهلا …
في غرفة حكيم كان يحادث طلال الذي كاد أن يجن جنوووونه من أفعال شاهيناز فيه
طلال:- لقد تركتها مع فخرية ذهبت وعدت وجدتها تبخرت ، يعني إن فقدت صوابي اعلم أن امرأة وراء ذلك
حكيم:- ما ربما خرجت لابتياع شيء يا طلال ، لا تستعجل الجلبة
طلال:- إنها لا تزال مريضة يعني كيف لم تطلب مني مساعدتها ، أتعلم فور عودتها سأحبس أمها في القصر يكفي حرية هي غير واعية لتصرفاتها حتى
حكيم:- والله هذا ما يليق في هذه الأيام ، السجن والحظر
طلال:- أيوة يا معلم ههه منكم نتعلم
حكيم(حرك رأسه بأسف):- يلا لن أعطلك سلملي ع فخرية أراكما لاحقا
طلال:- ماشي يا غالي ..
أقفل الخط ونهض ليتناول حبة دوائه التي ما إن ابتلعها حتى ناظر نفسه بالمرآة وعقد حاجبيه ، تلك الفتاة مستكينة مذ أن صعدا قبل دخول الضيوف يعني ما الذي تدبره ،خرج بهدوء من غرفته ووقف عند باب غرفتها ليرى ما الذي تفعله وقد كانت منسدحة على سريرها تلاعب خصلات شعرها بعيون مليئة بالدموع
حكيم(دخل عليها وهاله منظرها فور رؤيتها بذاك الشكل):- ميرناااا
ميرنا(بسرعة كففت دمعها وأبعدت وجهها عنه):- ألا تعرف آداب الدخول يا هذااا ، كنت اطرق الباب أولا
حكيم(لم يولي كلامها أهمية بل توجه إليها مباشرة وجلس قربها ووضع يده على جبينها):- أتشعرين بأعراض المرض ؟
ميرنا(رمشت بعينيها من حركته الغريبة تلك وأبعدت رأسها عن متناول يده):- مم ماذا ؟
حكيم(تحسسه مرة أخرى):- حرارتكِ معتدلة لكن لما تبكين ؟
ميرنا:- وهل البكاء مقتصر على المرض الجسدي فقط ؟
حكيم:- أممم يعني روحكِ تؤلمكِ ؟
ميرنا(بغبن نظرت للأسفل):- تماما
حكيم:- وهل لي أن أعرف ما الذي يؤلمكِ ؟
ميرنا(شخصت أنظارها فيه):- وهل لك إلا أن تعرف ذلك …أنسيت ما فعلته ليلة أمس
حكيم(أغمض عينيه ووضع إصبعه على فمها في حركة أخرستها):- هششش استمعي معي
ميرنا(رفعت حاجبها بعدم فهم):- أ…
حكيم:- استمعي لزقزقة العصافير يا ميرنااااا ، إنها في كل مكان تغرد غير مبالية بما سيحدث غداااا ، تغني وتمرح ولا تحمل هما لأي شيء سوى تلك اللحظة التي يعيشونها .. لذا دعيكِ من المواجع وفكري بما بين يديكِ
ميرنا(مؤكد أن خياله سافر بعيدا):- هه حين أفكر بذاك البعيد قلبي ينبض بقوة وأخشى عليه من الوجع ، لذا أنا أفرغ أفكاري البائسة عبر البكاء
حكيم(مال برقبته جانبيا وشعر بالألم):- أآآآه يا ميرنا أعلم أن ما يتعبكِ هو استقالتكِ من شركة دابليو إر ، وتحديدا ترغبين بمعرفة ردة فعل وائلكِ صحيح ؟
ميرنا(شهقت بهلع):- هئئ يعني كيف ت ..
حكيم:- لا بأس فأنتِ لن تعودي إلى هناك لذلك قولي ما شئتِ
ميرنا(بغضب):- لا أرغب بقول شيء فقط دعني وشأني
حكيم(تحسس ضمادة صدره التي كانت تضغط عليه وحاول نزعها):- تت
ميرنا(بلهفة وضعت يدها على مكان الضمادة):- هيييه ما الذي تفعله أجننت ؟
حكيم:- إنها تحكني دعيني أزيلها
ميرنا(وضعت يدها على يده):- لا تكن مجنونا دعهاااا لو سمحت
حكيم(استشعر لمسة يدها الدافئة ونظر إليها شزرا وانتزع يده):- ممرضة نجيبة قد أفكر بتسجيلكِ مع عفاف ، لربما أفدتِ الشعب بدلا من إحراقه في مقصلة لا مبالاتك
ميرنا(استشاطت غضبا):- أنت تستفزني وت ..
دينا:- عمو حكيم عمتي ميرنا انزلا للأسفل بسرعة ضروري ضروري ضروووري
حكيم(بقلق استقام):- ما الذي يحدث ؟
دينا:- لقد أتى صاحب الشعر الملتوي هههه
ميرنا(باندهاااش):- من ؟؟؟ باااااااااااتريك
أجل أجل بااااتريك بشحمه ولحمه وجد نفسه جالسا أمام عشرات النساء ، كلهن شاخصات أبصارهن فيه وهو جالس كعريس الغفلة وسط البهو في كرسي يتيم وحوله كانت عواطف ومديحة تنظرن إليه بغرابة ، بينما نور تقف على رأسه وهي تهز رجلها بعدم فهم وإخلاص كذلك تحيط من جانب معين أما نهال وشيماء فقد كانتا بعيدتين بجانب مرام ورنيم
ميرنا:- ماذاااا هناك ؟
عواطف(جلست وهي تنتظر أن ينطق بما لديه):- والله لا ندري لكن من ملامحه يبدو أنها كارثة جديدة
حكيم(تجاوزهم):- ليجلس الجميييييع وأنت يا باتريك أخبرنا ما غايتك ؟
مرام(انحنت إلى رنيم):- جيد أن ضيوفكِ غادروا قبل وصوله وإلا لكانوا شهدوا مسرحية من السبعينات لا تتكرر
رنيم:- ههه اخرسي ودعينا نتابع
باتريك:-بصراحة قد بعثتني إليكم سيدتي ميراااا
عواطف(بلهفة وقلق):- هل هي بخير ؟
باتريك:- .. بصراحة
حكيم:- تكلم ؟؟؟
نور:- قتلتنا بصراحة بصراحة يا رجل انطق بصراحة مااااااااذا ؟؟
باتريك(ابتلع ريقه وتنهد):- بصراحة سيدتي ميرا تطلب منكم تجهيز أنفسكم لأنها ستزوركم هذه الليلة وسوف …
عواطف:- أما زال هنالك سوف بعد هذا الخبر ؟؟
مديحة:- عجيييب
ميرنا:- تابع سوف ماذا ؟
باتريك:- سوف يأتي أهل شهاب وشهاب ليتقدموا لخطبتها منكم رسميا
هههه يعني نكتة ولا ألف ليلة وليلة ، أول من أمسك بقنينة العطر وأخذت تشمها هي عواطف لربما تمالكت الصدمة أما الباقون فكل منهم أخذ يضحك من هول الصدمة غير مدركين لحجم المواجع التي ولدها مثل هذا الخبر أو مدركين لكنهم يتعمدون إبعاده عن مجال تفكيرهم ، فهول الصدمة كان أكبر بكثير من أن يدققوا في المواجع … أخذوا جام وقتهم في استيعاب جمل باتريك التي ظل يعيد ويزيد فيها لحين أقحمها في عقولهم وأيقنوا صدقا أن ميرا لم تكن تمزح وأنهم الليلة على موعد خطوبتها رسميا فكيف سيتم ذلك هذاااا ما سنعرفه ؟؟
فؤاد:- هئئئئئ خطوووووووبة أترغب بخطبة خطيبتك هل جننت ؟
شهاب:- يحق لها أن تشعر بأنها مرغوبة ومنتمية لأسرة يجب أن نسايرهم حسب الأصول
فؤاد:- وائل يا كبد عمك هل هذا الشهاب قد سقط للتو من كوكب الجنون أم يتهيأ لي ؟
وائل(باستكانة):- افعلوا ما شئتم ليس لدي رغبة بأي شيء
شهاب:- ولو يا حبي ولو أنا لم أستدعيكم لشقتي كي أرى جمال طليعتكم ، بل لكي تنجدوني فيما يلزم لمثل هذه الزيارات ؟
فؤاد:- والله لم يسبق لي أن خطبت قبلا منك سنتعلم صح يا وائل ؟
وائل(بوجع مرير كيف سيواجه عيون عسل غروبه الليلة):- يا جماعة صدقا أنا متعب خذوا معكم العم نزار وقوموا باللازم وارحموني من هذا كله
شهاب:- هل يجوز ذلك ابن عمك الوحيد ترفض رجاءه بمرافقته في يوم خطوبته ، يعني عيب حتى في حق العشرة
فؤاد:- طبعا سيحضر هذا من دلاله فقط ، المهم أنت اهتم فقط بنفسك وأنا وابن عمك سنتكفل بما يلزم من أغراض لأجل هذه الخطوبة المفاجئة
وائل:- ت يا الله
شهاب:- أرأيت كيف يثقل نفسه علي يا عمي ذكرني يوم خطوبته أن أفعل المثل
فؤاد:- حسن سجل عندك يا وائل ههه
إيييييه من قال أن شهاب رشوان سيتقدم لخطبة سمر الراجي من بيتها شخصيا ، نفس البيت الذي دلفه سابقا لأجل أختها ها هو ذا سيدخله لأجل حبيبة قلبه ساكنة روحه ووجدانه وأم أولاده التي على الأغلب ستخرجه عن طوره في القريب العاجل أو تجعله يلقى حتفه جراء الصدمات التي تنثرها عليه كإكليل الزهر … في بيت الراجي الذين بالرغم من أنهم كانوا يعيشون أياما صعبة إلا أن هذا الخبر نزل عليهم كالصاعقة وغير مجرى تفكيرهم قليلا ذلك اليوم وهذا ما جعلهم يضعون كل غضبهم على جنب ويتأقلمون مع الأمر الذي وضعتهم أمامه ، على الأقل هم وجدوا سبيلا لكي يقدموا لسمر شيئا سيعني لها الكثير بالرغم من أنها مزمجرة رافضة لكل ما يحدث …
في قصرها
كانت هنادي تحاول جهدها أن تبقي مزاجها جيدا ، لكن لم تستطع ذلك فقد كانت عصبية لأقصى درجة وهذا ما جعل باتريك يتعرض لاعتداءات قهرية
باتريك(محصور في الحائط وميرا تخنقه بربطة عنقه):- هنادي أنقذيني منهاااا
هنادي:- يا سيدتي أتركيه أنتِ تعلمين أنه بلا عقل ويقول ما لا يفهم
باتريك(بفزع):- أهذااا أناااا ؟
هنادي(تحاول فكه من قبضة ميرا):- إخرس أنت ما يفهمك
ميرا:- خبيث إنه يستفزني أطلب منه وضع هذه التسريحة لكنه يتفلسف على أهلي ..
باتريك(بصوت باكي):- أصلا ما الذي يفهمني أناااااا يلعنني أنا يحرقني أنااااااا
هنادي(أمسكت ميرا من كتفيها وجذبتها):- لما لا تجلسين قليلا لأنني أخشى على هذا الطفل أن يشبه هذا النطح هنااا
ميرا(تنهدت وهي تمسح على عنقها):- أشعر بالاختناق يا هنادي ، آتني بكوب ماء
باتريك(التقط أنفاسه وركض):- سأحضره أناااا لعلي أستنشق بعض الهواء
هنادي(مسحت على شعر ميرا التي استكانت للمستها الطيبة):- ما الذي يتعبكِ يا سيدتي ؟
ميرا(بدموع نظرت إليها):- لا أرغب بالذهاب لذلك البيت ، حتى لو كان حكيم هناك وسيدعمني نفسيا لكن كل زواياه تذكرني بأيامي السوداء
هنادي:- لما ستختنقين من أولها ، يعني فكري في الشيء الجميل سيكون شادي ابنكِ معكِ وستخطبين للرجل الذي تعشقينه إذن لا تفكري في أي شيء آخر غير هذه الغاية التي ستتحقق
ميرا(تستمع لها بتمعن):- أمقت وجهوهن ولا أريد رؤيتهن ، أفهمتني ؟
هنادي:- مثلما سيضع شهاب على صدره كومة ثلج ويطأ ذلك البيت مجددا لأجلكِ أنتِ ، عليكِ فعل المثل لأجل صغارنا شادي وهذا الذي يتربى في أحشائك
ميرا:- مؤكد حين يعلمون بشأنه سيسمعونني كلاما لا طائل منه ، وقتها لن أضبط لساني وسأسمعهم ما يليق وما لا يليق
هنادي(ربتت على كتفها):- ههه وقتها افعلي ما شئتِ قد سقط الذنب عنكِ
ميرا(مطت شفتيها بأريحية):- هممم …
كانت تتحرك بثقل مبالغ فيه تقدم رجلا وتؤخر أخرى ، ذهابها لذلك البيت من جديد يؤلمها في الصميم قد وضعها شهاب أمام أمر جلل لم تتخيله قط ، كانت تعيش حياتها كما يحلو لها لما سيعيدها لبيت ليس مرغوبا بها فيه ؟؟ … مسحت على عنقها مجددا وهي تترك المجال لهنادي كي تلبسها طقم إكسسوارتها الزمردي الملائم لفستانها الزمردي الداكن الذي كان بطول جسمها منحني بشكل متناسق عليها ، به حمالتين اثنتين شفافتي اللون وتلتقيان في قوس صدري متلألئ ، شعرها سرحته على شكل انحناءات متتالية تفنن فيها باتريك بعد أن أخرجت عقله من محله ، أما المايكاب فقد وضعت ما يناسب طلتها التي بدت فيها آسرة للعين، مختلفة نوعا ما عن ميرا السابقة بها هالة عجيبة جعلتها تبدو أكثر براءة وصفاء من ذي قبل .. مسحت على بطنها وتأبطت حقيبتها وقام باتريك بوضع الفرو على كتفيها بأناقة ،
هنادي(تضع لها العطر):- تذكري أن الليلة ستنتهي وسيصبح فجر جديد ، تأقلمي مع الوضع وكأنكِ في برنامج حواري تمقتين مذيعه
ميرا (بتأفف):- يكفي يكفي أنتِ تزكمين أنفي بهذا العطر ، ثم جميل هو تشبيهكِ أقنعني سأحاول التأقلم أجل هي ليلة وستمضي لحال سبيلها وأحظى بالغنيمة في النهاية
باتريك:- يا ليل الليل ما أجملكِ يا سيدتي ، آآآآه ستسلبين لب قلب السيد شهاب
ميرا(تنهدت بارتباك):- هذه الجملة المفيدة التي نطقتها بها
هنادي:- رافقكِ الله سيدتي سندعو لكِ في غيابك وسننتظر عودتكِ بفارغ الصبر
ميرا:- طيب طيب لا تكثروا علي الضجيج ، هل السائق جاهز ؟
باتريك:- وبانتظاركِ منذ مدة
تنهدت بعمق وهي ترمق نفسها بمرآتها الأرضية الطويلة ، وبنظرة إعجاب لروحها انطلقت صوب بيتهم الذي كان يقف أهله على قدم وساق فمؤكد أنهم لا يريدون أي خطأ ..
عواطف(بتوتر):- يا الله عليكِ يا نهال يا ابنتي أخبرتكِ بأن تضعي الطقم الفضي وليس هذا
شيماء:- لا بأس يا نانا سنقوم بتوضيب الأمر هيا نهولة
نهال:- أمرنا لله سنعيد الترتيب ..
عواطف:- ها يا مديحة أين وصلتِ الحلويات ؟
مديحة:- مع زوج البط اللتين تساعدانني هنا أكيد سوف نكمل على العشاء إن شاء الله
إخلاص:- ما هذا التذمر على الأقل أقرِّي بأننا نساعد هنا يا أمي
مديحة:- والله على مساعدة البيض هذه احتفظي بها يا بعدي …
رنيم(زفرت بعمق):- متى أستطيع الانفراد في غرفتي أشعر بالتعب
مديحة:- أنتِ لن تبرحي محلكِ على الأقل اليوم ، ما إن ننتهي من هذا العرض المسرحي اقبعي في غرفتكِ قدر ما تشائين
عواطف(تابعت عنها):- لكن الليلة غير مسموووح آه بعد إنهائك لما بيدكِ ، أدخلي وبدلي ثياب الصغيرين وجهزيهما سيتعرفان على ابن خالتهما تمام ؟
رنيم:- والله أرى أنكِ أنتِ المتلهفة للتعرف عليه وليس هماااا
عواطف(ابتلعت ريقها بغبن):- يبقى حفيدي …
نور(نزلت بفستان قصير مناسب للسهرة):- هيييه ما رأيكم فيني ؟
إخلاص:- له يا ابنة عمي له هل أنتِ العروس أم أختكِ ميرا ، أكيد ستسرقين الأضواء من العروس
نور(بعنفوان تتمايل بفستانها):- يعني لتغيير المزاج فقط ليس إلا ..
رنيم(حركت رأسها بدون فائدة):- تت يا الله
نور:- وأنتِ هل ستقبعين بفستان البيت ذاك هيا معي لغرفتكِ ستحضر لكِ دينا الفستان الذي انتقيته لكِ من دولابي شخصيا
رنيم:- أنعم وأكرم
نور:- أنظرووا لها إنها تتجمَّل علي حتى ، والله حلال من يترك أمكم هكذاااا همممم
عواطف:- يكفي يا نور دعيها وشأنها ، تفقدي جدتكِ أولا ريثما ننهي نحن ما بين أيدينا
نور(مصمصت شفتيها):- أممم أرى أنكِ أيضا متحضرة أول واحدة خير هل سيحضر العم عبد المالك ؟
عواطف(بتوتر):- أستغفر الله وهل يجب أن يحضر كي أتزين ، ثم احذري قد يسمعكِ حكيم وتضعينني في موقف محرج
نور:- إيييه يا حلوة نتي حرِّصي يختي ..
توجهت نور صوب غرفة جدتها نبيلة وجدتها جالسة على الكرسي وبيدها عصاها تنتظر بدورها قدوم الزوار ، في قلبها رغبة شديدة لرؤية سمر وابنها الصغير هجين آل الراجي وآل رشوان ، إنه حتما لفارقة لم تحدث قبلا وهذا ما جعلها تنهض من سريرها وتتجهز بسكون تام كي تحضر بنفسها مراسيم هذه الخطبة ..
نور:- بلبلتي
نبيلة:- أدخلي يا نور
نور:- أوووه أنتِ أيضا على أهبة الاستعداد ، عفارم عفارم
نبيلة(بتوتر):- نور … متى ستأتي سمر ؟
نور:- ولم الجميل مستعجل .. أوك لا تزمجري على الأغلب ستصل بعد قليل
نبيلة(ابتلعت ريقها):- على خيرة الله
نور(اقتربت منها وانحنت القرفصاء أمامها):- لما أنتِ منزعجة جدتي ؟
نبيلة:- تعلمين تماما ما يزعجني ، لا أريد لابنتنا هذا الزواج من ابن رشوان يعني اللعنة وغيره وغيره لذااا الله يستر وبس
نور:- آه يا نبيلة لو لم يكن ذاك الصغير بالنصف لفكرنا بحل لإبعادهما ، إنما لا يصح إلا الصحيح على هذا الزواج أن يتم فالوضع يزداد خطورة
نبيلة(بتخوف باطني):- آمل أن يمضي كل شيء على خير …
نفس التخوف كانت تحمله نور في جعبتها فخطبة كهذه أكيد وراءها مصيبة ، استمرتِ التحضيرات بينهن وفي الأعلى كانت هذه تضع أقراطها السوداء بروح مسحوبة منها هل سيحضر وائل هل سيكون رفقتهم بالخطبة هل ستصمد حين رؤيته ؟؟ … تساؤلات وتساؤلات وتساؤلات جمة سيطرت على عقلها مذ أن سمعت بأمر الخطوبة … كانت ترتدي فستانا أسود اللون قصيرا حد الركب بحمالتين عاديتين تركت شعرها مفرودا ووضع زينة خفيفة ، فقلبها لا يطاوعها على التزين حتى لكن الأمر يلزمها بذلك.. أنهت وضع أقراطها وعيونها شاردة في البعيد ، كيف ستتحمل رؤيته في مكان واحد وكيف ستتعامل مع حكيم الذي أحرقها حية دون رحمة والذي كان يجلس خلفها على كنبتها واضعا رجلا على رجل ويشاهدها كلوحة استعراضية تتحرك بثقل لتنجز ما يترتب ، كان بدوره في طقم مناسب يحاول أن يصارع أوجاعه لكي لا يخذل سمر فهي تستحق مثل هذا النصيب ، وإن كان اعتراضه على الزوج فلا يسعه تحريك ساكن نظرا لوجود شادي … تأفف عميقا وهو يقرأ شرودها ذاك والذي يعلم علم اليقين أنه موجود فيه لكن من جهة غير محمودة ، مؤكد هي تفكر في ماهية قدوم وائل تلك الليلة وهذا ما تترجمه حركة يدها التي كانت تمسح خلف عنقها كل مرة ..نهض من محله بعد صبر طويل طويل جدا حين انحنت بهدوء لترتدي كعبها الأسود
حكيم(وقف على رأسها بطوله):- هل فرغتِ من التجهيزات ؟
ميرنا(بدون حياة لم تنظر إليه حتى):- ….لارد
حكيم(رمقها وهي تستقيم لتقف مجددا عند مرآتها وتضع العطر):- كأنني أكلمكِ هنا ؟
ميرنا(بعيون ذابلة):- سمعتك يا حكيم ، ها قد انتهيت
حكيم(تلاعب بلسانه بداخل فمه):- كان بودي أن أبقيكِ هنا فغيابكِ عن تلك الجلسة سيكون أفضل ، يعني بحكم أن الخاطب عينه كان خطيبكِ سالفااااا
ميرنا(بوهن روحي):- انتهت مرحلة شهاب منذ أمد يا حكيم ، فلا تختلق أمورا كي تمنعني من أداء واجبي تجاه سمر
حكيم(بغيظ):- ستكون عيوني عليكِ يعني إن حضر مستغل الفرص ذاك وقام بتحريك ساكن لا يروق لي ، تأكدي أن الليلة ستنتهي بجوار دعااااء
ميرنا(لم يتحرك فيها ساكن من تهديده بل أومأت له برأسها بكل استسلام):- طيب
حكيم(استغرب من تعقلها وناظرها شزرا وهي تفتح الباب قصد الخروج):- دعينا ننزل أساسا أنا لو كلمت الحائط كان رد علي … هممم
تململت بعد خروجه وسحبت أنفاسا عميقة تغالب فيها دمعها المتحجر في مقلتيها ، رمشت بعيونها مرتين قبل أن تقفل الباب خلفها وتنزل للقاء أختها التي دخلت لتوها إلى البيت وأخذت تطالعه بتعفف وإبااااء طبعا بلقيس زمانها
ميرا(سحبت نفسا عميقا حين قبلتها دينا):- كبرتِ يا دينا
دينا:- علما أن ماما تظل تقول لي أنني ما زلت صغيرة ههه
ميرا(مسحت على وجنتها):- ربما لأنكِ صغيرة حقا
نور(هي الوحيدة التي توجهت لتسلم عليها):- أهلا بكِ يا سمر
ميرا(استقبلت قبلتها بضيق منهم):- شكرا
عواطف(دفعتها مديحة لترحب بها):- أحم .. لنجلس ريثما يلتحق الباقون
ميراّ(طالعتها شزرا وجلست بكل أكابرية):- همم
نهال:- ما أجملكِ يا عمتي فقط لو أحظى بصورة سيدفع فيها الصحافيون الكثير من المال
شيماء:- أي والله سيتصارعون حولها حتى ههه
ميرا(ابتسمت لهما):- أعينكما الجميلة حبيبتاي ، ما أحلاكما مع بعض
إخلاص(بامتعاض):- تسلمي يا ابنة عمي
ميرا(رمقت إخلاص بطرف عين والتي بدا عليها الامتعاض):- ما بكِ يا إخلاص وكأن حضوري ضايقكِ ؟
إخلاص:- لا وعلى إيه هذا بيتكِ أيضا في الأخير
ميرا(نظرت لعواطف التي كانت تفرك يديها بتوتر):- امم مع ذلك من الواضح أن زيارتي كانت ثقيلة على أغلبكم
مديحة:- يا الله لما تقولين هذا يا سمر
ميرا(محافظة على ابتسامتها):- لولا إصرار شهاب لما أتيت
حكيم(نزل على هذه الجملة):- نعلم ذلك جيدا يا سمر ،،، لكن هذه هي الأصول
ميرا(ابتسمت له واستقامت لتستقبل حضنه):- حكييييم …
نور(هزت حاجبها):- الحب كل الحب لحكيم
حكيم(حضنها بعمق وقبل جبينها):- ما أعذبكِ يا شقية .. سوف نقتص لكِ من ذلك الشهاب يعني لن نعطيه ابنتنا حتى يقول أن الله حق
ميرا(عانقته بمحبة):- ههه وقليل في حقه حتى
مرام(اندفعت بكرسيها لتشاهد معهم ما يحدث):- أهلا أختي
ميرا(نظرت إليها وتوجهت صوبها):- مرااام ..
مرام(استغربت عناق ميرا لها والذي كان وحده الفريد من نوعه):- كيف حالكِ ؟
ميرا:- بخير تعالي وانضمي إلينا
ميرنا(كتفت يديها وجلست بدون أن تلقي حتى التحية):- هففف …
ميرا(سمعتها ورمقتها بحدة حين عادت لتجلس بإباء على كرسيها):- ميرنا
ميرنا(أشارت لها من محلها بحركة تحية وبقنوط):- هاي
حكيم(رمق شرارات الكهرباء المتطايرة بينهما ساعتها وجلس بمحاذاة ميرنا):- ها يا ميرا هل أخبركِ خطيبكِ متى سيحضرون ؟
ميرا(نظرت لساعتها):- بعد برهة سيكونون هنا
حكيم(عدل قميصه الأنيق):- تمام ريثما يحضرون اسقونا شيئا باردا أشعر بالاختناق
إخلاص:- على عيني يا أخي هوى .. شيماء نهال تعاليا وساعدنني بالمطبخ
عواطف(مصمصت شفتيها):- سأتفقد أمي ..
ميرا(نظرت للأسفل حين مرت أمها بجنبها وباختناق زفرت):- تبا لك يا شهاب أهذه حالة تجعلني أكابدها وكأنني في مسرحية دوري فيها يقتصر على مجاراة الابتسامات المزيفة ، تبااا
حكيم(انحنى لرأس ميرنا):- فكي عقدة جبينكِ هذه ليست سوى أختك
ميرنا(من بين أسنانها):- لا تكلمني لو سمحت ، أنا قادرة على التأقلم مع ما يحيط بي
حكيم(التفت إليها باستفهام):- أعيدي ما قلتِ ؟؟
ميرنا(مسحت على جبينها وبصوت عال):- يكفي حكيييييم …
نور(رمقتها وهي تنهض متأففة):- ما بها هذه ؟
حكيم(لاحظ أنها انضمت لإخلاص والبنات في المطبخ):- أظن أن الفستان يضايقها
ميرا(نظرت لساعتها):- لقد تأخروا كثيراااا أفف
دينا(جلست بمحاذاتها):- هل لي أن ألتقط صورة بالآيباد خاصتي ، أريد وضعها بحسابي الشخصي على الفايسبوك لأريها لكل صديقاتي
ميرا(ضحكت):- ههه طيب يا صغيرة أنا جاهزة
نور:- دعي خالتكِ وشأنها يا دينا
دينا(بدلال):- يووه لماذا أنا أحبها
ميرا(استشعرت صدق دينا وابتسمت):- وأنا أيضا
مديحة(حركت رأسها بحسرة عليهم):- يا حسرتي عليكِ يا ابنتي …
رنيم(سمعتها وتأسفت لحال دعاء):- ستمضي هذه المحنة يا خالتي ، لا تقلقي كلها أيام وستكون دعاء بيننا
مديحة:- أرجو ذلك يا ابنتي ..
نبيلة(خرجت بهدوء رفقة عواطف ووقفت وسطهم وهي ترمش بعينيها الثقيلتين):- سمر
ميرا(استقامت محلها وناظرت جدتها بنظرة عميقة):- جدتي
نبيلة(ابتلعت ريقها وهي تطالعها بحنين لا يعد ولا يحصى):- اقتربي
ميرا(استغربت مطلب جدتها مثلما استغربه الآخرون):- ..أ …
نبيلة(أومأت لها بحركة أنه لا بأس يمكنكِ الاطمئنان):- أريد أن أراكِ عن قرب
ميرا(وثبت أمامها):- أحم … ليكن ذلك سريعا إذن
نبيلة(حركت فمها جانبيا):- تمردكِ لا يزال كما هو برغم مضي كل تلك السنين
ميرا(رفعت يدها):- رجاء قدومي إلى هنا لا يعني أن شيئا مما كان سيتغير ، يعني سننهي هذه الليلة وننصرف لحال سبيلنا فلا تتوقعوا شيئا لن يحدث
عواطف:- وكأننا نتلهف لذلك ، كفاكِ تلسينا هنا واحترمي مقام جدتك
ميرا(بغضب كانت تكتمه):- أنتِ بالذات لا توجهي لي أية أوامر يا سيدة عواطف ، ولو تدعين هذه الأمسية تمر على خير سيكون طيباااا
حكيم(نهض إليها):- مهلكِ علينا يا سمر ، لم يحدث شيء لعصبيتكِ هذه
مديحة(نهضت وجرت أختها لتجلس بقربها):- اهدئي يا عواطف
عواطف(بعصبية):- ألم تسمعيها ؟؟؟
مديحة:- وأنتِ أيضا كالشعلة أكثر منها ، هوني عليكِ ليمضي كل شيء ونرتاح
نبيلة(جلست على الكرسي):- اجلسي بقربي يا بنت
ميرا(نظرت لحكيم الذي ترجاها بعينيه):- تت أستغفر الله
حكيم(زفر بعمق فأكيد مؤكد لن يسعه التحكم فيهن لوقت طويل):- نور احرصي على ألا تحتك أيهن مع الأخرى يكفينا حراااائق
نور:- ههه والله إن هذا لممتع فلا تحرمني ياااا …
ناظرها بقلة حيلة وتوجه صوب المطبخ وجد البنات عائدات بصينية العصائر المختلفة ، وأشار لهم كي يتابعن طريقهن بينما دلف ليشاهد عصفورته التي كانت تكتف يديها وتنظر للفراغ
حكيم(يده في جيبه والأخرى يضعها على صدره):- على الأغلب قد انتهى عملكِ بالمطبخ
ميرنا(انتفضت فقد أفزعها):- أصدر صوتاااا على الأقل وأنت تتلصص هكذاااا ..
حكيم(عقد حاجبيه):- ألا تلاحظين معي أنكِ تواقحتِ كثيرا معي ، هذا شيء لا يعجبني
ميرنا(سمعت صوت جرس الباب ومرَّت من جانبه):- وأنا لم يعجبني خداعك لي أيضااااا
حكيم(استوقفها حين جذبها من ذراعها نحوه):- عيناي عليكِ الليلة فاحذري غضبي ميرنا
ميرنا(نفضت يدها منه بغضب):- دعني وشأني … حمم …
تركها لتغادر ومسح على فكه لحظة لحظتين ولحقها ، ما إن خرجت حتى أبصرت دخول شادي الذي كان بين ذراعي شهاب ، وخلفه عمه يحمل باقات ورد وعلب شوكلاطة متنوعة ، ولكن لم يكن بعدهما أي أحد فقط هما لا غير وهذا ما جعل الهواء يحتبس في رئتيها ، حتى تجاوز حكيم لها لاستقبالهم على مضض مراعاة للأصول ولخاطر ميرا ، كان كفيلا بأن يضاعف الاختناق بجوفها لذا ظلت جاثمة محلها بقرب المطبخ تنظر لتلك الضوضاء بضياع وتشتت ..
فؤاد(قدم الورد والعلب لنور):- مرحبا نور كيف حالكِ يا مساعدتي ؟
نور(بتأفف):- مساعدتك هناك بالمكتب هنا أنت ببيتنا .. تفضل بالجلوس
فؤاد(طالع جمالها وتنهد):- العقبة لكِ
نور(نظرت إليه وهي ترفع رأسها بعد أن وضعت الأشياء على الطاولة):- هه أنا لن أتزوج
فؤاد(همس لها قبل أن يجلس):- من يدري .. هههه
نور(بارتباك استقامت):- أمي هل رأيتِ شادي ؟
عواطف(بدموع لم تستطع مقاومتها ما إن رأته بطقم صغير بحجمه):- إنه حلو راااائع
مديحة:- أي والله ما أحلاه هاته يا ابنتي أنا لا أستطيع مقاومة الأطفال
دينا(تقفز بحماس):- شادي شادي هذه أنا دينااااا قل دينااا يا شادي ما أروعه مامي
نور:- أهاااه جميل جدا ما شاء الله عليه ،، خذي يا خالتي
نبيلة(عضت شفتها السفلى وناظرت أولاد رشوان بهيلمانهم داخل بيتها):- أين كبيركم ؟
هنا تصلب فؤاد وشهاب غير مدركين للإجابة التي سيجيبان بها ، تنحنح فؤاد وفتح ربطة عنقه قليلا وأشار لها بيده
فؤاد:- لديه ظروف تمنعه من الحضور يا ست نبيلة
نبيلة(ابتسمت بحيطة):- الله يعينه ع تلك الظروف إذن ..
عواطف(رمشت بعينيها لتناظر مديحة):- ما بها أمكِ ؟؟
مديحة(قدمت لها الصغير):- الله أعلم دعيني أنسحب بالبنات لنختصر مجريات هذه الليلة
عواطف(أمسكته بين ذراعيها وشعرت بالحب نحوه):- شادي …
طالعتها ميرا بغيظ وودت لو أبعدته عنها لكن يجب أن تبقى عاقلة أمام شهاب الذي لم يزح عينيه من عليها ، قد كانت جميلة فاتنة ساحرته باختصار لذلك حرك له فؤاد حاجبه كي يكف عن البحلقة بتلك الطريقة
حكيم(وضع رجلا على رجل):- أرى أنه ينقصكم فرد مهم من أسرتكم عدا جدكم ذااااك
شهاب(بكره رمقه):- أتقصد وائل ؟
ميرنا(عضت طرف شفتها ووضعت يدها على عنقها مستندة بيدها الأخرى على خصرها في محاولة ثبات):- تت
حكيم:- تمامااا
فؤاد:- لا تقلق هو … آه جرس الباب على الأغلب قد جاء
جماهير من الإرتعاشات المختلفة تصاعدت لتملأ كينونة ميرنا ، وأمم من المشاعر المختلفة غمرت قلبها ، وكتل كثيفة من الخفقات توالت لتشمل كل جزيئة منها فحضوره الآسر هو ما تبقى ليكسر قلبها لألف قطعة وقطعة ، ومن غيره حبيبها الغالي .. ها هو ذا يدخل بملوكية آسرة معهودة من قبل فخامته بطقم رمادي مناسب وفي يده يحمل سلة هدايا متشكلة في علب صغيرة مغلفة بشكل جميل ، كان ساحرا بأناقته التي ما إن أطل بها حتى هبت رياح عاصفة بوجه ميرنا لفحت وجدانها بعطره القاتل الذي يسرقها من نفسها ، لم تستطع إلا أن تتراجع للخلف في حين استقامت نور لاستقباله بكل لطف ..
وائل(لم ينظر صوب ميرنا حتى بل وجه بصره لنور التي قدم لها السلة):- عذرا تأخرت بفعل ضغط حركة المرور ، تفضلي نور
نور:- مشكور يا وائل طمئني كيف صحتك اليوم ؟
وائل(فتح سترته ليجلس):- بخير .. شكرا لسؤالك
عواطف:- أهلا بك بني وائل بيننا نورت البيت
وائل:- منورة بوجودكم خالة عواطف ، أرجو ألا أكون قد تأخرت
حكيم(طالعه بكره وغيظ وغضب وبلهجة مستفزة):- لا أبدا في موعدك تمام
وائل(ابتسم له بسطحية):- تسلم
حكيم(نظر لميرنا التي بقيت متصلبة محلها تحاول قراءة ردود أفعال وائل الغريبة):- حبيبتي ميرنا لما لا تأتين للجلوس بقربي ..
ميرنا(نظرت لحكيم بنظرة سقيمة وتوجهت إليه):- هفف احم ..
حكيم:- ها يا ميرنا بما أن مدراءكِ كلهم حاضرون هنا لما لا تخبرينهم بشأن الاستقالة
فؤاد(نظر لوائل مباشرة والذي اهتز جذعه برفض):- استقالة ماذا ؟
حكيم:- استقالة ميرناااا فحبيبتي قد شعرت بأن العبء ثقيل عليها ، لذلك عليكم قبولها
شهاب(ابتلع ريقه):- هل هذا قرار ميرنا أم قرارك أنت ؟
حكيم(بلؤم):- وما الذي يفرق هنا ، هي زوجتي وأنا أنوب عنهااااا
وائل(عض شفته ورمقها بخذلان):- لك الحق في أن تنوب عنها حتما ، لكننا نعمل مع ميرنا شخصيا وليس معك
حكيم:- اممم يعني أفهم أنك تريد أن تسمعها منها تمام ، ميرنا حبي
ميرنا(هزت رأسها المرتعش ونظرت بعمق لوائل):- آسفة منكم ولكن أنا أريد الاستقالة
عواطف:- ولكنكِ لم تخبرينا بالأمر يا ميرنا ؟
ميرنا(تقاوم دموعها):- هذا ما حدث يا أمي
وائل(تلاعب بلسانه بداخل فمه وتمالك أعصابه بجهد):- على العموم الليلة مقتصرة على ميرا وشهاب ، سنرى بأمر استقالتكِ في الشركة
حكيم(أمسك بيدها ووضعها بين يديه):- طيب سنمر أنا وحبيبتي بكم في أقرب وقت لإنهاء الإجراءات اللازمة
وائل(ضرب على رجله بعصبية واستدار إلى ميرا لكي يضبط غضبه قليلا):- هااا ميراا كيف الأحوال ؟
ميرا(تحرك الهواء بفعل ريشتها اليدوية الأنيقة):- يعني بعض من التوتر البسيط والاختناق
وائل(همس لها بخفوت):- لا تقلقي شهاب عندي ..
ميرا:- ههه سنرى ذلك
ميرنا(جذبت يدها من يده ومن تحت أسنانها):- ما الذي تفعله ؟
حكيم:- ما يجب فعله زوجتي العزيزة
ميرنا(زفرت بعمق):- افف يا الله …
نور:- طيب يا سمر أرى أن تعدي الشاي أو القهوة حسب الأصول لأهل خطيبك
ميرا(هزت حاجبيها):- هه قومي بذلك بدلا عني رجاء
إخلاص:- ابقي يا نور سأعده أنا
رنيم(انسحبت رفقتها):- أنا سأرى أولادي قليلا ، يا بناااات
انسحبت رنيم وتأففت براحة فذلك الجو الموتر يزيدها اختناقا على اختناق ، وانسحبت معها مرام ونهال وشيماء أما دينا فقد بقيت بحجر فؤاد تحادثه بهمسات ويضحكان عليها معاااا
نور(تحركت وجلست قربهما):- على ماذا تتهامزان ؟
فؤاد:- نحن نتفق على زيارة حديقة النمور التي لا زلت أنتظر فيها ردكِ ست نور
نور:- في العطلة ستذهبين في العطلة
دينا:- هئئئ عطلة ماذا لا يزال هنالك عدة أشهر عليها ، حرام ماما دعينا نذهب في نهاية الأسبوع
نور:- هل تحرضها ضدي يا ترى ؟
فؤاد:- لا والله فقط أحاول أن أبني جسور تواصل مع صديقتي الصغيرة
نور:- جسور تواصل هاه لتمضي هذه الليلة وبعدها لكل مقام مقال ..
فؤاد(غمزها):- الأبيض يليق بكِ
نور:- هذا لون كريمي صحح نظرك يا هذاااا .. هففف
شهاب(انحنى لميرا):- تبدين جميلة
ميرا(رفعت حاجبها):- أبدووو ؟؟؟
شهاب:- يا للغرور حسن لا مجال للمديح هنا ، أردت قول شيء لتلطيف الجو لأنني أشعر بالاختناق
ميرا:- ولما يا بعدي ألم تكن أنت من أصر على هذه الديباجة ؟
شهاب:- ولا زلت لكن التطبيق غير الخيال
ميرا:- ماذااا الآن ؟
شهاب:- ستدفعين ثمن كل ما اقترفته في حقي وحق أهلكِ يا ميرااا ، وهذا اللقاء هنا ليس سوى البداية بالرغم من أنني أعرف أن أكثر مكان يؤلمكِ في هذه الدنيا هو بيتكم إلا أنني أصريت عليه ، لكي تعرفي أنكِ قد أخطأتِ كثيرااا كثيرا في حق الجميع
ميرا(اهتزت حدقاتها بغضب):- هل أحضرتني إلى هنا لتذلني ؟
شهاب:- ابقي محلكِ ولا ترفعي صوتكِ ، أنا أعرف ماذا أصنع … عمي عمي
فؤاد(ابتسم لدينا وانتبه له):- عيون عمك ؟
شهاب(أشار له ليبدأ الحديث):- همم
فؤاد:- آه آه .. حسن يا ولد لا تقلق سأبدأ الحديث الذي حفظتني إياه عن ظهر قلب
وائل:- يا دي الفضيحة
شهاب(أشار له بحركة سأقتلك ما إن نخرج):- صبرااا يا رب
حكيم(انحنى لأذن ميرنا مستغلا الفرصة):- لما لا يسمع لكِ صوت أم تراكِ متوترة من حضور وائلك
ميرنا(جحظت عينيها فيه):- لو تتكرم وتدعني في حال سبيلي سترحمني كثيرااا
حكيم(ابتسم ورمق بسرعة عيون وائل التي كانت تراقبهما بل تكاد تحرقهما):=- ها يا وائل ألن نخطب لك أنت أيضاااااا ؟
ميرنا(فتحت ثغرها بصدمة من جملته ونظرت لردة فعل وائل الذي وضع رجلا على رجل ببرودة تامة):- يا إلهي
وائل:- ههه حين أفكر أن أخطب أظن بأن لدي أهلا أتشرف بمرافقتهم لي ، لذا لا تشغل نفسك
فؤاد:- أ.. أحم يا جماعة لنبدأ بما قدمنا لأجله ، لقد أتيناكم في مقصد لأجل ابننا شهاب نطلب منكم على سنة الله ورسوله يد ابنتكم المصون ميراا
عواطف(أعطت شادي لمديحة التي أخذته لتلاعبه):- أهلا بكم سيد فؤاد ..
ميرا(مسحت ظاهر يدها):- ماذا سيحدث الآن ؟
وائل:- بهدوء ستنهض والدتكِ لتسألكِ على جنب ما إذا كنتِ موافقة على هذا الزواج أم لا ..
ميرا:- كيف تعرف هذا ؟
وائل(رمق عواطف قد نهضت):- مجرد تخمين
عواطف:- سمر تعالي معي قليلا
ميرا(برقت عيناها وناظرت وائل):- إنك داهية
فؤاد:- هه والله لا أضمن لك موافقتهم يا ابن أخي الحبيب
شهاب:- أخرس عمك يا وائل وإلا قتلته
نبيلة(ابتسمت بغبن وهي تراقب نظرات وائل وميرنا المحترقة ونظرات فؤاد ونور المرتبكة ونظرات شهاب الذي لاحق طيف ميرا رغما عنه ونظرات حكيم الذي يرغب بقتل كل واحد منهم .. ):- أخبرني يا شهاب هل أنت مستعد لهذ الزواج جديا ؟
شهاب(استغرب سؤالها مثلهم):- لو لم أكن كذلك لما أتيت إلى هنا الليلة
نبيلة:- سبق ودخلت بيتنا لأجل أختها ومع ذلك حدث أمر سيء جدا نتيجته كان ذلك الصغير
شهاب(بتوتر):- هذه المرة لن يحدث شيء ، لأجل ذلك الصغير نفسه سأحاول ترميم هذه الأسرة المستحيلة
حكيم:- أممم لنتمنى لك التوفيق إذن ، سمر غالية علينا وهي ابنة هذا البيت يعني لو صدف وعذبتها أو أزعجتها سوف لن نكون على وفاق
شهاب(بهزل):- أسعدني تدخلك وتنبيهك ذاك ، لكن لا تقلق فميرا قادرة على الدفاع عن نفسها جيدا أمام أي أحد كان
حكيم(بعلياء):- أقول ذلك للتذكير فقط يا روحي ..
ميرنا(استقامت بتأفف):- عائدة لكم ..
حكيم(أمسكها من ذراعها وأجبرها على الجلوس):- إلى أين ذاهبة ؟
ميرنا(بحرج أمامهم رمشت بعينيها في وجهه):- لأستنشق بعض الهواء أممكن ذلك ؟
حكيم(ناظر عيونها مليا وبغضب):- دقائق وتعودين مفهوووم ؟
ميرنا(نفضت يدها وانسحبت):- تت يا الله …
هنا لفحت بعطرها وجه ذلك المراقب بحذر القابع هناك في حدود مدينة الألم ، كم شهد من معارك في قلبه لكن بهذا القرب ما تألم قبلا ، تبادل هو وحكيم نظرة تحدي خفية كسرتها نبيلة بحديثها الروتيني عندما يتقدم كل خاطب ومديحة تحاول على جنب تلطيف الجو بالصغير ، أما شهاب فقد كان يحاول جهده الاستماع لحديث ميرا وأمها الذي طال قليلا بالنسبة له ..
ميرا:- ماذا هل ستلعبين دور الأم من نيتكِ يا عواطف ، كل هذا بريستيج سينتهي بانتهاء الليل فلا تأملي الكثير
عواطف(بصرامة):- أيا كان ما تسمينه ، فأنتِ ستخرجين من هذا البيت بموافقتنا
ميرا:- إياكِ وأن تعتقدي أن رضوخي لشهاب وقبول شرطه في طلب يدي من عندكم ، سيعطيكم الحق في التدخل في شؤوني عزيزتي كل هذا لأجل ابني غير ذلك لست بمهتمة
عواطف:- ولأجل ابنتي أنا أيضا أقول هذا الكلام
ميرا(بلؤم):- لن تنطلي علي مشاعر الأمومة التي تحاولين إقناعي بها أمي ، فأنا وأنتِ نعلم جيدا أن العلاقة بيننا قد اندثرت منذ أمد بعيد ولن تعود لسابق عهدها مهما فعلتِ
عواطف(بألم في صدرها):- وأنا لست أحاول حتى تصحيح ذلك ، فقط كوني بخير بعيدة كنتِ أو قريبة لا يهم ساعتها
ميرا(حركت فكها):- جيد إذن لنتمم هذا الأمر وليرتح بالكِ فلديكِ ما هي أهم مني بكثير كي تغدقيها بحنانكِ كما كنتِ تفعلين دوماااا
عواطف(استوقفتها):- أما آن الأوان لأن تتخطي تلك المرحلة ، لقد كبرتِ وصرتِ أما ولا تزالين تغارين من أختك
ميرا:- ربما لأنها سبب من الأسباب التي جعلتني أكره فيها حياتي
عواطف:- حياتكِ السابقة كانت لظروف قهرية طالت الجميع ، لكن ما تلا فيما بعد كان من اختياركِ أنتِ وبكامل قواكِ العقلية
ميرا:- أتذكرينني بدخولي لذلك المصح يا عواطف ، لا بأس أنا لم أكن مجنونة ساعتها بل معذبة جراء فقداني لابني
عواطف(أغمضت عينيها بوجع عليها):- لن نتحدث في الماضي لأن الليلة لا تحتمل ذلك ..
ميرا(بكبرياء):- جيد لننهه إذن
عواطف(حركت رأسها وهي ترمق ابنتها مبتعدة عنها):- أواه عليكِ يا سمر متى ستصفحين وتجعلين قلبي يصفح ، متى يا ابنتي ؟؟؟
إيييه والله نفسنا أيضا أن تصفح لتنتهي كل المشاكل والضغائن والأوجاااااع ، مضت عدة دقائق بعد إعلان موافقة ميرا وتبادل التهاني بينهم والتي كانت سعيدة للبعض وللبعض الآخر أشبه بتمزيق الخواطر …
شهاب(لاحظ ارتباكها):- هل كل شيء بخير ؟
ميرا(نظرت له باحتياج):- وأكثر مما تصور ..
شهاب(أعلم أنكِ سعيدة الآن يا ميرا لكنني لست كذلك فوجعكِ لا يزال محصورا في جوفي كحد السكين):- جيد جدا الآن صار ممكنا أن نحدد موعد للزواج ويكون في أقرب وقت
ميرا(بطاعة):- كما تشااااء ..
كان كل شيء على ما يرام يعني مقبول إلى حد ما ، لكن رنين هاتف وائل الذي جعله يرتعش محله ونظرته لحكيم الذي ابتلع ريقه بصعوبة إذ توقع مثلما توقع وائل أن المتصلة هي ميرناااا .. هنا حكيم لم يستطع السيطرة على نفسه وفي خضم تلك الضوضاء ناظره بتحدي أن يجيب وهذا الأخير أجاب بكل أريحية واستفزاز لا والجميل أنه نهض وهو يتمطى بخفوت يحاول الاستماع إلى متصلته الحسنااااء …
وائل(بصوت مسموع مر بجانبه):- لحظة حبيبتي أنا لا أسمعكِ جيدا
حبيبتي إنه يقول حبيبتي ، هل ميرنا تتصل به هل تخدعه هل ضربت بكل أوامره عرض الحائط ، هل تتحداه ، هل تريد أن تفقده صوابه ، هل تتفنن في إيلامه ، هل تتعمد الانتقام منه هل وهل وهل لم يجد أجوبة لأسئلته فقط انحصار بالجوف وتوقف في ضخ أيقونات الصبر هي التي جعلته يستقيم ويناظر كل ما حوله ، قد كان كل يسبح في ملكوت لوحده في أحاديث عابرة نبيلة مع مديحة والصغير شادي ، عواطف مع نور دينا مع فؤاد شهاب مع ميرا وإخلاص توزع العصائر والحلويات عليهم … لم يجد بدا سوى النهوض واللحاق بوائل الذي توقف عند مدخل البيت يحادث محبوبته على راحة راحته …
وائل(استشعر قدومه وتابع):- آه يا حبيبتي وأنا اشتقت إليكِ كثيرا ، ولست بقادر على بعادكِ أكثر يااااه كم أتوق لضمكِ بين ذراعي ، ههه أعلم أعلم أنكِ تحترقين شوقا إلي لكن ما باليد حيلة نحن أمام واقع صعب علينا أن نصبر وننتظر لحين تتعدل الأمور ، اصبري يا روحي ستنتهي هذه الصعاب لا محالة وستعودين لحضني لأمسح على شعركِ وأقبلكِ وأخبركِ أنكِ معي الآن فلا مجال للامتعاض والتذمر .. أحبكِ يا روحي
هنا لم يستطع حكيم أن يتحكم بنفسه ، شعر بأن كل شبر فيه يتضخم بالغضب ، عروق صدغه برزت من خلال يده ونظرته السقيمة كانت كفيلة بإحراق الأخضر واليابس أمامه ، أما أنفاسه الهادرة فقط كان يزفرها بصعوبة من بين أسنانه المصطكة غضباااااا ، حاول أن يتمالك نفسه لكن وائل قد تمااااادى في أذيته لحظتها ، وعصفورته هي السبب كيف تخذله كيف تطعنه بذلك الشكل كيف تؤذييييييييييييييييه في الصميم ؟؟؟؟
حكيم(انقض عليه ما إن وضع الهاتف بجيبه):- أيها الوقح القذر تبااااااااااا لك تباااااااااا
وائل(أمسكه هو الآخر من ياقته):- ما الذي تفعله يا مجنووووووون ؟؟؟؟
حكيم:- أنا سأريك كيف تحادث زوجتي بتلك الطريقة يا خبيث النواياااااااا
وائل(دفعه):- بماذا تهذي يااااا أنت هل فقدت صوااااااابك ؟
حكيم(لكمه في خده على غفلة):- خذ هذه يا تاااافه
وائل(لامس فكه بعصبية ورد له الضربة):- سحقاااااااا لك يا مستبد
احتدم الصراع بينهما والذي تطلب تدخل شهاب وفؤاد اللذين حالا بينهما لحظتها تحت وطأة صراخ النسوة وولوتهن ، خرجت ميرنا من غرفة البنات رفقتهن وهي تركض لترى ما الذي حدث فوجدت أن كلا منهما مضروب أحد على جبينه والثاني على فكه والله أعلم ماذا بعد
ميرنا:- ما الذي يحدث هنااااااااااااا ؟
حكيم(هدر فيها بعصبية):- ولا زلتِ تسألين يا سيدة يا محترمة كيف تحادثينه في حضوووري بدووووون خجل ؟؟
وائل(أغمض عينيه وفتحهما ليقف حائلا بينه وبينها):- رويدك ولا تخطئ في حقها يا هذااا ، أنت موبوووء لوحدك تفكر بأمور لا أساس لها من الصحة
حكيم(تجاوزه وجذبها من يدها لتقف خلفه):- إخرس وابتعد عنهاااا لأزيد من متر
شهاب:- كفى كلاكما لقد تماديتما كثيرا ونحن لم نفهم حتى ما الذي حدث ؟
وائل:- اسأله هو الذي تهجم علي بدون سابق إنذار
حكيم(باحتدام):- لأنك تستحق
ميرنا(بنفاذ صبر):- توقفا واشرحا لي ما الذي جرى ؟
حكيم(اقترب منها بعصبية ومن بين أسنانه):- أنتِ أنتِ قاتلة يا ميرنا قاتلة ولست أدري لما تتعمدين فعل ذلك بي
ميرنا(ارتجت محلها):- عماذا تتحدث يا حكيم أ.. أنا لا أفهمك ؟
عواطف:- مهلك يا بني ماذا جرى لكل هذاااا ؟
ميرا(مسحت على جبينها وأمسكت طفلها بين ذراعيها):- كما دوما سرعان ما يتحول كل حدث إلى ميرنا الراجي
نور(سمعتها):- لنطمئن أولا وبعدها تذمري
ميرا(تركتها في حالها وعادت للصالون):- خذي وقتكِ
رنيم:- هيا يا بنات انتهتِ الفرجة عودوا للغرفة فورااااا .. هياااا
شيماء:- يووه دعينا نتفرج يا خالتي رنيم
رنيم:- إلى الغرفة فورااااا
قادتهن أربعتهن صوب الغرفة وتركت الجو محتدما هناك عند مدخل الباب بينهم وميرنا في الوسط لا تدري كيف تصارع نظرات وائل لها ولا اتهامات حكيم
فؤاد:- لو يتكرم أحدكما بالشرح ؟
شهاب:- وائل أنت بخير ؟
وائل(أبعد وجهه عن متناول يد شهاب):- لا تقلق لا شيء يستحق
إخلاص(أتت بضمادات الثلج):- خذا هذه
وائل:- لا أريد شكرا لكِ .. أنا راحل
ميرنا(لم تشعر بنفسها حين نطقت):- لا تذهب ….قمم أقصد يعني
فؤاد:- أجل ميرنا معها حق
وائل:- لا أريد أن أبقى في مكان واحد يجمعني بهذاااا
حكيم(بتغلغل):- احترم نفسك ألا زلت تتحدث بعد كل ما سمعتك تقوله لزوجتي
وائل(بجنون ضرب الحائط):- ويقول زوجتي
حكيم:- أتنكر أنها كذلك ؟
وائل:- ميرناااااا أمامك لم ترني أنقض عليها كالأبله الذي تدور حياته حول امرأة لا توليه أدنى اعتبار كما يجب ..
ميرنا(شهقت من جملته الموجهة إليها تحديدا):- هئئ
حكيم:- كاذب بارع أتدعي أنك لم تكن تتغزل بها قبل قليل عبر الهاتف ؟؟ وأنتِ كيف تكلمينه دون خجل وأمامي تستسيغين جمل غزله أبلغت بكِ الوقاحة وعدم الاعتبار لتلك الدرجة ؟؟؟
ميرنا(بانهيااااار):- عن أي وقاحة تتحدث يا حكيم أنت تظلمني ؟؟
حكيم(جذبها بعصبية من يدها):- لا تستفزيني ميرنااااا
نور:- هيييه دعها يا حكيم أنت تؤذيها
مديحة:- حكيم ولدي بالله عليك تمهل
وائل(عد نحو الثلاثة واستدار موليا ظهره لهم لأنه إن بقي لحظة هناك سيجذبها من يدها ويأخذها قسرا معه):- أنا ذاهب
حكيم:- أهرب أهرب يااااا خائن
وائل(تلاعب بلسانه وعاد إليه باستفزاز):- هه تلك التي كنت أكلمها كانت أختي هديل لذا إشرب يا عزيزي
حكيم(اهتز محله ونظر لميرنا التي حركت رأسها له بخيبة):- كيف … وأنتِ ؟؟
إخلاص:- كانت ميرنا بغرفة البنات يا حكيم ولم تكلم أحداااا
عواطف(رفعت حاجبيها بوجع واستندت على مديحة):- أستغفر الله العظيم
مديحة:- لنجلس يا عواطف تعالي أختي
شهاب:- ها قد توضح سوء الفهم الذي وقع يا ريتك انتظرت قليلا يا سيد حكيم ولا تخرب علينا ليلتنا .. عموما حصل خير
فؤاد:- لنذهب يا شهاب
نور(ابتلعت ريقها وناظرته بقلق):- عدم المؤاخذة …
فؤاد(حرك حاجبيه لها):- لا بأس حصل خير مثل ما قال شهاب … هيا بنا
شهاب(انسحب إلى الصالون):- ميرا نحن راحلون
عواطف:- نأسف منكم يا شهاب على ما حدث
شهاب(أمسك بطفله من بين يدي ميرا):- لا تشغلي بالكِ ..
ميرا(بغضب):- لا تستطيعون أن تبقوا عاقلين أساسا لساعة من الزمن ، خذني من هنا يا شهاب أظن أن المطلوب مني قد نفذته إلى هنا وكفى
شهاب(هز رأسه لها):- تعالي سأوصلكِ بطريقي …
ميرا(انتفضت وهي تسير بعلياء ودون كلمة وداع خرجت):- هفف …
وائل(نظر إلى ميرنا بانكسار وهز رأسه مغادرا):- يا خسارة …
ميرنا(وكأن روحها تسحب منها):- وائل ..
حكيم(برقت عيناه في بشراسة):- إلى غرفتكِ فورا يا ميرنااااا فوراااااااااااا …
نور(مسحت على رأسها ووضعت يدها على جبينها):- وها قد اكتمل جمال هذه الليلة ، ما شاء الله يوم ولا في التاريخ ….
بالفعل قد تمادتِ الأمور للأسوأ ، حكيم وجد نفسه مذنبا في حق ميرنا كثيرا والتي أحرجها أمام أسرتها وأمام الباقون وجرحها في فؤادها إذ اتهمها بتلك المحادثة التي كانت في غير محلها ، وهذا ما أشعر وائل بالذنب فإن كان يقصد أن يستفزه ما حسب أنه سيجن جنونه ويفقد صوابه علانية هكذاااا ، لقد بحث عن أي شيء ينفس به عن غضبه واتصال هديل كان في محله لكن لم يتوقع أبدا أن تؤول الأمور لما آلت إليه … تفرق ذلك الجمع في غمضة عين نبيلة عادت لغرفتها وهي تتحسر على حال أحفادها والعشق الذي يضعهم في مواقف يحسدون عليها ، وعواطف التي لم تستشعر ذرة شعور من ابنتها سمر وهذا بحد ذاته يجعلها تشعر بالضيق فجفاء ميرا لها مستمر في الأذية ، أما مديحة فلم تدري ما هي فاعلة قد كانت تقرأ الحب قراءة من عيون ميرنا ووائل في حين أن ابنها يتصرف بشكل أهوج مؤخرا لا يدري كيف يتحكم بعصبيته التي باتت ملحوظة للعيان ، أما نور فقد كانت تتنهد عميقا لا تدري كيف تجبر خواطر أسرتها مثلها مثل إخلاص التي أخذت تلملم الأغراض برفقة البنات ، عدا عن رنيم التي كانت تتوقع حدثا مثل هذا مثلها مثل مرام التي كانت تناظر ما حدث من عين أخرى … في ظل كل هذا كانت ميرنا تدور في غرفتها جيئة وذهابا والغضب يتأجج في داخلها لقد وضعها حكيم في موقف بشع جداااااا ليلتها أحرجها بكل ما في المعنى للكلمة وهذا ما استصعب عليه تقبله ، حتى عندما دخل عليها لم يجد الكلمات الكافية ليواجهها حتى
ميرنا:- لقد بالغت في جنووووونك أتحسبني دمية لديك لكي تعاملني بتلك الطريقة ؟؟؟؟
حكيم:- ميرنا أناااا
ميرنا(بعصبية تقدمت نحوه والدموع تنهمر من عينيها):- أنت ماذا أنت ماذاااااا ، لقد كسرت تلك الصورة الجميلة لك في عيني ، لم تعد سوى تشبيه مستنسخ من عمك الذي أكرهه وأحقد عليه ابتعد عني رجاء يا حكيييييم الليلة اعفني من الاحتكاك بك لأنني لا أطيق نفسي …
حكيم(بأسف نظر للأسفل):- لم أحسب أن الموضوع بهذا الشكل ، ظننت بأنكِ أنتِ من اتصلتِ به فجن جنوني اعتقدت بأنكِ تحادثينه ميرنااااا
ميرنا:- أحادثه بشأن ماذا لقد هجرني فارقني تركني ألا تصدق ذلك ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
حكيم(ابتلع ريقه):=- ألمكِ هذا يتعبني
ميرنا:- هه يتعبك ؟؟ بلييييز ياااا لا تجعلني أنفجر هنا من غيظي لقد تعمدت إحراجي أمامهم وتفننت في ذلك حتى ماذا فعلت لك كي تؤذيني وتخدعني هااااااه ؟
حكيم:- أنا لم أخدعكِ حدث كل شيء رغما عني
ميرنا:- وزواجك مني حدث أيضا رغما عنك ؟
حكيم:-احمدي الله أنني لا أطالب في حقوقي منكِ كأي زوج حقيقي
ميرنا_(جحظت بعينيها):- أكنت تود أن تطلب هههههههه ههههه أتعرف ماذاااا أطلب لأرى كيف ستجد اسمك مسطرا في جريدة الكوارث صبيحة غد
حكيم(أرخى كتفيه بتعب):- ما حسبت أنكِ تكرهينني لتلك الدرجة ؟
ميرنا(بلؤم اقتربت منه):- وأنا ماااااا حسبت أنني سأكره يومااااااا سنوات انتظاري لك
هناااا بانت بوادر الخطر بينهما ، نظرة قاسية بادلته إياها بنظرة خذلان ترقرقت في عينيه الكسيرتين ، بجهد جهيد لملم شظايا كرامته وابتعد عنها وعن البيت وعن المحيط أجمع وتوجه صوب قصره القديم ليجد ضالته هناك بين دفاتره وأوراقه وخشبه الذي ينسيه همومه ، أما هي فجلست على الأرض باكية تنظر بدون حياة لكي ما يحيط بها قد جعلها حكيم تكابد جراحا عميقة أكثر مما خلفها الفهد البري حتى … وعلى ذكر هذا الأخير يستحيل أن يكون هنالك مثل هذا الحدث ولا يقترب من الحدث عينه …
بعد مدة أتى إياد لبيتها بعد اتصال نور وحاول أن يخفف عنها قليلا من وطأة ما حدث لكنها كانت بنفسية مدمرة ولم يجد ما يقدمه لها سوى الصبر والمواساة ، بقي هناك لأزيد من ساعة يخفف عن كل واحدة منهن وفور خروجه ومغادرته ، ظهر هذا بحجة أنه نسي شيئا ما بالبيت وطبعا الأسرة لم يدققوا فمثلما خرج إياد عاد إليهم بذات الملابس بذات الهيأة ، أما هو فقد كان مركزا مع سلطانته مستغلا غياب حكيم الوحيد الذي يستطيع التفرقة بينهما حتى لو كانا نسخة طبق الأصل .. تأفف عميقا وطرق الباب عليها لم تجب لذلك اقتحمها ووجدها في تلك الحالة المريبة .. وجعه خاطره إذ عرف من إخلاص التي فتحت له الباب بالأسفل كل ما جرى وأسف لذلك الحال وهذا ما جعله يواسيها رغما عنه في فجيعتها ..
ميار:- ميرناااا
ميرنا:- إياااد جميل أنك لم ترحل
ميار(بأسف):- أخبريني كيف تشعرين الآن ؟
ميرنا(بانهزامية):- بما سأشعر كل شيء ملخبط في عقلي لن أعيد أو أزيد كما أخبرتك سابقا لقد خطبت ميرا لشهاب وسيتم الزواج أواخر الشهر المقبل هكذا اتفقا ، أمي أحبت شادي لا أدري ربما سوف يكون سببا في فض النزاع الأزلي بينها وبين سمر ، آه على ذكر سمر لقد بدت عاقلة جدا من الواضح أن شهاب يحكمها جيدا ويمسكها من قبضتها فبعد إخفائها أمر ابنهما باتت كالعجينة طوع أمره ، عمهم فؤاد حضر أيضا وكذلك وائل لكن … خصامه مع حكيم كان مسك الختام
ميار(مسح على شعرها ورفعها بقوة لتجلس على السرير):- أسألكِ عن حالكِ أنتِ ميرنا
ميرنا(انفجرت ببكاء):- اهئ لقد جرحني حكييييم أتصدق أنه فضحني أمامهم بأنني أغازل وائل عبر الهاتف وفي حضوره ، لقد أهانني قتلني بتصرفه ذاك أوتعلم ما الذي آذاني أكثر وائل الذي حاول الدفاع عني حتى لو كنت مذنبة في حقه … كلاهما يتألم في جانب وأنا بينهما أشعر بالضغط من طرفهما فالاثنين معا يحاربان في ضفتين متقاربتين تشملني في الوسط وهذا ما يزيد من تعبي
ميار:- يمكنكِ الحد من هذا الصراع ميرنا ، وائل قد حدد موقفه وابتعد عن محيطك بالرغم من أن الأقدار تأبى ذلك وتجعلكما تلتقيان رغما عنكما ..يعني تعودي على هذاااا كي لا تتألمي أكثر
ميرنا:- وهل علي أن أمتنع عن التنفس ، وائل هو حياتي يا إيااااااد حياتي التي أريد وددت هذا المساء لو أرتمي بحضنه وأنسى كل شيء ، لكن الحواجز والعوائق تمنعني حكيم من جهة الفهد من جهة عائلتي من جهة وموقف وائل الجديد نحوي من جهة أخرى ، يعني ما لم أجن فأنا لا زلت بوعيي
ميار:- لا يحق لي التدخل ولكن ، أنتِ قادرة على الحؤول بين كل هذه المتاعب يعني حكيم يستحق بعض المجال هو يفكر فيكِ ويعشقكِ منذ سنوات وإن تصرف بجنون هذا لأنه يحبكِ
ميرنا:- أستدافع عنه أمامي أيضا يا إياد ؟
ميار:- لست أدافع بل أشرح لكِ ماهية ما حدث ، تخيلي معي أن وائل يحادث أحدا بكل حب ويصادف أن يتم هذا في غيابكِ وحكيم يسمع هذا الحديث أكيد سوف يجن جنوووونه ، يعني اعذريني أنا ألتمس له ألف عذر وعذر
ميرنا(بعدم اقتناع):- مع ذلك هذا لا يعطيه الحق لكي يحرجني ، لقد تعاركا بالأيدي أي عقل الذي سيستوعب هذااا يا إياااد
ميار:- لأجلكِ قد تسقط الأرواح حتى لذا لا تدققي كي لا يؤلمكِ رأسكِ أكثر
ميرنا(مصت شفتيها ورمت بوجهها بين يديها):- أتعلم بما أفكر أفكر بالهرب من كل هذا العالم ، والله علي أن أغطس في يوم ما حتى لا يجدني أي واحد فيهم لعلني أريح بالي من كليهما يكفيني جنوناااا هنا
ميار:- خذيني معكِ
ميرنا(ضحكت بتعب):- ههه يا الله عليك
ميار(ابتسم لها بعشق وفي سره):=- آه لو تأخذيني معكِ يا ميرنا سأنسى كل الهموم غاليتي ، فقط لو تستشعري وجودي لربما وجدت فيني ما ليس بهمااااا …

في قصر ميرا
ما إن أوصلها شهاب حتى طلبت منه الدخول قليلا بعد ، أولا لأن شادي جائع وعليه أن يشرب حليبه وثانيا لأن بينهما حديثا عليهما أن ينهياه
ميرا:- هنادي باتريك .. سارعا وحضرا الحليب لشادي
باتريك(حمله بذراعه وأخذ يقبله):- يوبي يوب ها قد حضر الجمال كله هلا بالغالي هلا
شهاب(بامتعاض):- أتؤمنين على ابننا مع ذلك الرجل ؟
ميرا(أزالت فروها ورمته جانبا):- هه باتريك ثقة
شهاب(رمى بسترته أيضا جانبا وجلس):- والله لا أملك تلك الثقة في خلدي ، أخشى أن يؤثر في ابني ويفسد أخلاقه
ميرا:- أووه هيااا إنه طفل رضيع رويدك
شهاب(بتأفف):- مع ذلك لننجز هذا ودعيني أعود إلى شقتي
ميرا(بتودد مصت شفتيها):- أرأيت إلى أين آلت خطبتنا ؟
شهاب:- أكيد ستجدين عذرا تغطين به غايتكِ من البداية في عدم الذهاب إلى هناك
ميرا:- تماما
شهاب:- وأنا كنت سأصر على ذلك
ميرا:- لماذا تفعل هذا ؟
شهاب:- إن كنتِ ستصبحين زوجتي يستحيل أن أتقبلكِ بنفس أخطائكِ السابقة ميرا ، عليكِ أن تتغيري إن كنتِ ترغبين بأن تسير سفينتنا على خير
ميرا(رمشت بعينيها):- هل تنوي برمجتي حسبما تشاء يا سيد شهاب ؟
شهاب(أشار لها):- تطاولكِ غير مسموح به يا ميراااا
ميرا(انتفضت برفض):- لا والله هذا ما تريده ، اسمعني إن كنت أحبك هذا لا يعني أن تتحكم فيني وتجعلني أنفذ مطالبك الغبية
شهاب(حرك فكه واستقام إليها وجها لوجه):- الآن تقولين على مطالبي غبية ؟؟؟
ميرا(كتفت يديها بإصرار):- والله هذا نفسه ما أراه
شهاب(بحدة أغمض عينيه وفتحهما):- إياكِ وأن تعتقدي لوهلة أنكِ قد تؤثرين بي ، وتجبرينني على فعل شيء أنا لا أريده من الآن فصاعدا ستطيعينني في كل ما أطلبه منكِ غبيا كان أم تافها وسأحرص على أن أدقق لعلكِ تعودين لرشدك
ميرا(بعصبية هدرت فيه):- لا تحلم كثيراا فهذه أنا ميرا التي لا يستطيع أي رجل التحكم في مقاليدهااااااااااا
شهاب(جذبها إليه بحركة آسرة وطوقها في حضنه):- أمقتنعة أنتِ بما تتفوهين به ؟
ميرا(ابتلعت ريقها وشفتها قريبة من شفتيه أنفاسها في أنفاسها عيناها أمام عينيه وبضعف جعل الحروف تهرب من لسانها):- أ.. شهاب أ..
شهاب(بضعف من قربها):- لما تعاندين ؟
ميرا(تنهدت بفشل):- أنت تسرقني من ذاااااتي
شهاب(حرك فمه واقترب من شفتيها بانجذاب):- ميرااا
ميرا(بتلاشي بين أحضانه):- هاا حبيبي
شهاب(ابتسم بمكر من ضعفها ذاك وهمس لها متحديا إياها):- لأجل هذا تماما ستكونين طوع أمري …. ههه أحضري طفلي الآن سأرحل
تلاعب بها بشكل مخز جدا جدا جداااا ، وهي التي صدقته لوهلة قد تفنن في إعطائها درسا في الرضوخ وبالفعل رضخت بكل ما في الكلمة من معنى ، وهذا ما جعلها تهتز محلها وتصرخ باسم باتريك الذي أتاها مهرولا وخلفه هنادي تحمل شادي الصغير …
ميرا:- أعطه شادي يا هنادي والحقي بي إلى غرفتي
هنادي(همت لتعطيه له):- خذ يا سيد شهاب …
شهاب(أمسكه وغمز ميرا باستفزاز):- أرأيتِ ؟؟؟
ميرا(شعرت بدوار ساعتها وباختناق يلف صدرها لذا ما إن صعدت درجتين حتى هوت أرضا مغمى عليها):- .. هئئئ …
شهاب(بفزع):- ميراااااا ميرااااااااااااا أمسك الصغير يا باتريك بسرعة
باتريك: يا ويلي سيدتي سيدتي
بعد مدة
الطبيب(خرج من غرفتها):- هل تكررت كثيرا حالات الإغماء هذه ؟
هنادي:- أجل تقريبا مرتين في اليوم إلى ثلاث
الطبيب:- ماذا عن الدواء الذي وصفته لها هل تأخذه بانتظام ؟
هنادي:- أكيد يا سيدي الطبيب وأنا أحرص على ذلك
الطبيب(كتب بعض الملاحظات):- غدا صباحا رافقيها إلى عيادتي لإجراء هذه التحاليل
شهاب(بقلق):- تحاليل ماذاااا ؟
الطبيب(بأسف حرك كتفيه):- أشك بوجود خطب في صحة السيدة ميرااا
شهاب(هنا سحب روحه منه):- خطب مااااذا مم ما قصدك هي حاااامل وهذا أمر عرضي ؟
الطبيب:- ليس للحمل علاقة ، عموما لن أستبق الأمور ، غدا صباحا سأحصل على التحاليل وبعدها لكل حادث حديث .. اجعلوها ترتاح جيدا ولا تدعوها تنزعج
شهاب(بعدم فهم رمق الطبيب وهو يغادر ونظر لهنادي):- ماذا يقصد طبيبكم الفاشل هذاااا ؟ عن أي أعراض يتحدث ثم ما بها ميرا هي ستستيقظ بعد قليل صح ؟
هنادي(بخوف):- لا أدري لكن منذ أن حملت سيدتي بهذا الطفل وحالتها الصحية متدهورة
شهاب(مسح على شعره بعصبية):- لما لم تخبريني إذن يا هنادي لماذا لماذاااا تركتها تعايش الألم وحيدة بعيدة عني ، وأنا أنا كم آذيتهاااا تبا لي تباااااا
هنادي:- لا بأس أنت قادر على التعويض فسيدتي تعشقك بجنون وستسامحك لو بقيت جوارها
شهاب:- كيف يعني ؟
هنادي:- هي تحبك وتحب ابنها أرى أن تبقى هنا الليلة أنت وشادي
شهاب:- ولكن يعني .. تت
هنادي:- لا تقلق سوف نرعى شادي بأعيننا ولقد حضرنا له غرفة خاصة بقرب غرفتها ، لذلك خذ راحتك سيدي
هز كتفيه فشلا ودلف إلى غرفة ميرا وجدها نائمة في سريرها وهالة المرض تحيط بها ، قد شحب وجهها وخفت لونه وهذا ما أثار الرعب في قلبه ، هو يكره المرض يكره أن يمرض أحد أحبته ولو قليلا ، فكيف بمحبوبة قلبه أجل محبوبته التي يعشقها وقد اعترف بذلك مرة وثلاثا وأربع .. اضطجع بقربها وأخذ يمسح على شعرها بحنان وانحنى بشفتيه طبع قبلة على خدها وحضنها بين ذراعيه ونام بجانبها ليشعرها ويشعر نفسه بأن كل شيء سيكون بخير …
ليت كل شيء يصبح بخير فعلا ،، قالها وهو يسير برواق قصره يلفه السواد من كل جانب ولا يوجد غير صوت طلال المرتفع بخصام مع شاهيناز على الأغلب وهذا ما استوقفه
حكيم(دخل عليهما):- ما الأمر ؟
طلال:- هاه أحضرك الله لي من السماء يا حكيم ، تعال وتفاهم مع هذه ستجلطني وتخرجني عن طوري
شاهيناز(بتودد اقتربت منه):- حكييييم هلا يا روحي ، هل أتيت وحدك ؟
حكيم:- أجل وحدي لكن ماذا يحدث بينكما ؟
طلال:- إنها تخرج دون علمي ولا أدري حتى أين تختفي ، وحين أسألها لأطمئن تهلل بشعارات الحرية وحقوق المرأة ولا أدري ماذا غير
شاهيناز:- لأنك تعاملني كطفلة أنا راشدة ويمكنني الاعتماد على نفسي
طلال:- وأنا لم أقل غير ذلك لكن تفهمي قلقي عليكِ يا امرأة
شاهيناز:- لقد شفيت أنا ثم أطالب بحريتي الشخصية ، لا يجب عليك معرفة أي شيء
حكيم(بصداع في رأسه):- كفا عن الشجار .. أين فخرية ؟
شاهيناز:- بغرفتها
حكيم:- طيب اعتبراني لست بموجود وتابعاااا جنونكما
طلال(تجاوزها ولحقه):- هييه مهلك يا صاح ما بالك ثم ما تلك الكدمة على وجهك ؟
حكيم(سار مغادرا صوب جناحه):- قصة طويلة
طلال:- وهل يظهر لك أنني أحل قضية انهيار العالم الاقتصادي ، هيا رافقني لجناحك وأخبرني ما سر عودتك في هذا الوقت المتأخر …
زفر بعمق وسرد لصديقه كل ما يثقل كاهله من الألف حتى الياء ، وهنا كانت شاهيناز تتلصص عليهما وحين جمعت حصيلة معلومة ركضت ركضا صوب غرفة أختها ودلفت إليها بدون سابق إنذااااار
فخرية(انتفضت فزعا):- الله عليكِ ستقتلينني بهذه التصرفات يوما يا امرأة
شاهيناز:- أسكتي أسكتي ألم تشتعل النيران اليوم في بيت آل الراجي ههه اسمعي
فخرية:- ستموتين وتبيدين تلك الأسرتين معاااااا
شاهيناز:- والله هذا ما أنتويه لكن على مهل هههه
فخرية:- لا تنهبلي لن أسمح لكِ طبعا
شاهيناز:- ولا ؟؟ ألا ترغبين بمعرفة ما حصل
فخرية(زفرت بعمق فمصيبتها قد عادت لتعشش على رأسها وتحرمها طعم الراحة):- قولي أنا أسمعكِ يختي…
ما إن عرفت بما حدث حتى دفعت شاهيناز وهرولت صوب غرفة حكيم التي ما إن ولجتها حتى أخذت تعانق وتحضن وتبكي وتواسي في آن الوقت أيضا ههه .
فخرية:- له يا كبدي يا ولدي له ، أكل هذا حدث لك وأنا لا خبر معي والله والله كنت أتحرق لرؤيتك بعد تلك الحادثة ولكن ما حدث اليوم زاد الطين بلة .. طمأنني عليك ؟
حكيم(نظر لشاهيناز):=- متى ستكفين عن التلصص يا شاهي ؟
شاهيناز:- والله صدفة
طلال(استقام):_رافقيني لغرفتكِ كي نرى الصدفة يا ست شاهيناز هيا هيا تحركي ..
شاهيناز(والله وددت لو أحولك لذبابة أفعصها بقدمي لكن مع الأسف ذلك مستحيل):- من بعدك يا طلال
فخرية(بعد ذهابهما مسحت على وجهه):- هل أنت بخير ؟
حكيم(بتأسف):- منذ عودتي وأموري ليست كذلك ، كم كنت أعتقد أنني سأفرح ما إن أعود لحضن بيتنا ولأهلي لكن لم أجد سوى المواجع بانتظاري وكأنه لا يحق لي فسحة فرح
فخرية:- لا تحزن يا ولدي ، كل شيء جميل يأتينا بعد الصبر
حكيم:- وأنا لم أتذمر لكن هذا يتم فوق طاقتي
فخرية:- ما الذي أربك الأمور بينك أنت وميرنا يا حكيم ؟
حكيم(تضخم صدره بأسف):- قد فعلت شيئا كسر جسور الأمل بيننا ، مستحيل أن تغفر لي ميرنا ما حييت ولكنني غير نادم على ما قمت به لأجلها فعلت ذلك ، لكن مع الأسف لن تستوعب تضحيتي لحين يفوت الأوان
فخرية(بعدم فهم):- ما قصدك يا حكيم ؟
حكيم(زفر بعمق):- أحتاج للنوم يا فخرية رجاااء لنكمل حديثنا لاحقا
فخرية(مسحت على شعره واستقامت):- حاضر عزيزي خذ راحتك …
ما إن خرجت فخرية حتى خرج خلفها وتوجه صوب خلوته مكتبه ملاذه من هموم الحياة ، أخرج كتابه وشرع يكتب فيه كل ما يثقل كاهله من مواجع خلفتها ميرنا ومن غيرها عصفورته الصغيرة القادرة على انتزاع قلبه من محله … في ذات الوقت كان هذا يلامس ندبة يده بشرود ويحاول استجماع أفكاره فبعد ما حدث ذلك اليوم وجد بأنه يلف ويدور ويعود لبؤرته الرئيسية شمس لياليه ميرنااااا ، تأفف عميقا وهو ينهض من سريره ووقف مقابل السماء يناجي طيف محبوبته التي أحرقته بفقدها هي التي أجبرته على قرار الفراق وأيضا لأجل مصلحتها يجب أن يبتعد فهو يخشى عليها من نسمة الهواء وما فعله حكيم الليلة أمامه جعله يوقن تماما أن ابتعاده عنها هو الحل السليم ، بالرغم من أنه موجع إلا أنه سبيل لإبقائها آمنة بعيدة عن أنامل الشر بحد ذاتها .. اتصال هديل فاجأه واستغله بشكل أناني ندم لأجل ذلك فهذه ليست تصرفاته لكن حكيم هو الذي ابتدأ الأمر بتدليله لميرنا ولفظ كلمة زوجتي وحبيبتي مرارا وتكرارا وهذا ما لم يتقبله وائل وكان يحرقه في الصميم ومع ذلك لأجل ابن عمه صبر وتحمل لكن في الأخير أتته الفرصة واستغلها ، ويا ليته لم يفعل فقد آذى عسل غروبه بشكل لم يستطع تحمله لذا رفع هاتفه لكي يعتذر منها لكنه أعاده لمحله فلا يجوز الآن أن يقربها بنظرة حتى ..
وعلى المواجع والآلام انقضت تلك الليلة البائسة والتي استيقظ فيها شهاب متلهفا للاطمئنان على ميرا والتي وجدها نائمة بجانبه لا تزال على حالها ، نهض من سريره وتوجه بهدوء ليطمئن على صغيره وجده يلعب في سريره وبجانبه كل من باتريك وهنادي اللذين أمرهما بتحضير فطور خاص لميرا … وبعد عدة دقائق كان يجر طاولة الأكل حتى غرفتها وأمسك بوردة طلبها من الحديقة وأخذ يداعب بها وجهها ، في البداية ظنت أنها تحلم لكنه تابع فعله وجعلها تفتح عينيها لتشاهده أمامها
ميرا:- شهااااب أنت هنا حقا أم أنني أحلم ؟
شهاب(قدم لها الوردة):- هنا يا ميراااا ، أنظري أحضرت لكِ الفطور
ميرا(مصت شفتيها وهي تتململ لتعدل جلستها):- ما كل هذااا ؟
شهاب:- كل هذا لتكوني بخير
ميرا:- فرحت لأنك لم تغادر ، أريد رؤية شادي أين هو ؟
شهاب:- أفطري في الأول وخذي حماما دافئا وبعدها سترينه ، فاليوم سنجلس جميعنا عند مسبحكِ إنه يبدو شهيا للسباحة والتأمل
ميرا(بدهشة):- هل أنا أحلم أرجوك قم بنكزي ؟؟
شهاب(لامس خدها بحنان):- كلما أسرعتِ كلما انضممتِ لنا فنحن قوم لا نعرف الانتظاااار
بفرح ابتسمت وشرعت تتناول فطورها ببسمة من وجوده ، فذاك أقصى ما كانت تتمنى وذاك ما حققه لها شهاب ببقائه قربها ، قضت معه ومع شادي جلسة ممتعة بجانب المسبح تحت أشعة الشمس وظلت تتأملهما معا كم يبدوان جميلين جدا لكن من يتركهما ليعيشا بأريحية فقد أحضرت هنادي الصحف لهما والتي تناولت أخبارهما بالبند العريض ..
ميرا(بعصبية):- من هؤلاء الأوغاد ألن يتركوننا بحالنا ، ما هذا زواج وطفل ووووو
شهاب:- تمهلي يا ميراااا كل هذا من صنع الصحافة ، لا تنزعجي
ميرا:- هذه صورتنا يا شهاب حين كنا بمول الأطفال ، أكيد أحد الأنذال التقطها
شهاب:- وإن كان ألن يحدث هذااااا .. فنحن سنتزوج لنجعلها دعاية لذلك ولن نكذب الخبر ، طبعا بل سنفعله بالتاريخ الذي حددناه ولنجعل العالم كل يشهد بذلك ، من الجيد أننا أبقينا سر حملكِ بيننا حتى بعيدا عن مسمع عائلتنااا ..
ميرا(ابتلعت ريقها إعجابا بكلامه):- أيعني هذا أنك لم تغضب ؟
شهاب:- تت لم أغضب
ميرا:- هل أستطيع القيام بشيء ؟
شهاب:- وما هو ؟
ميرا(أمسكت شادي ووضعته بعربته وقبلته بعشر قبلات ثم استدارت إلى شهاب):- هذاا
ارتمت بحضنه وعانقته عميقا عميقا جدااااا وكأنها تعيد روحها لمكانها ، وهنا لم يبخل عليها بدوره بل عانقها بكل ما أوتي من حب وعشق وجعلها تطمئن بسكينة له ، وهنا كان شادي يتابعهما بحرص ويصفق وكأن الشقي يفهم ما يدور حوله لذا يطلق ضحكات مشجعة على الدوااااام ههه ^^ .. بعد مدة دخلوا جميعا للقصر وهنا كان دور هنادي في إخبارها بموعد الطبيب ومع الأسف نظرت ميرا لشهاب نظرة حيرة
ميرا:- أكان كل ما أهديتني إياه صباحا لأنني مريضة ؟
شهاب:- لا تهذي ميراااا أنتِ تعلمين أن لا قوة تجبرني على فعل شيء لا أبتغيه
ميرا(بحزن):- لا أعلم
شهاب(أمسك بيدها وجذبها إليه):- بلى تعلمين وتشعرين ، اسمعيني جيدا لن أسمح لأي شيء بأن يزعجكِ لذلك جهزي نفسكِ سنذهب سوية للطبيب
ميرا:- لالا لا أريد طبعا إلى هنا ويكفي ، سأذهب وحدي
شهاب(قربها منه):- لا داعي للخوف أيا كان ما يوجد بتلك التحاليل ، سنكابده معا
ميرا(بدموع لم تستطع مقاومتها):=- أتتكلم بصدق .؟
شهاب(رفع يده لها بإشارة الحق):- وأقسم عليه
ميرا(ضحكت بحماس وهي تحك جبهتها على كتفه):- أنا أشعر معك بالاطمئنان والأمان ، لذلك أنا جاهزة للذهاب
ولندعهما إذن كي يتجها صوب عيادة الطبيب لننتقل من هناك إلى المستشفى ، حيث كانت عفاف تجالس دعاء التي شعرت بالملل والقنوط
دعاء:- أفف أريد العودة للبيت المكان هنا قميء جدا جدا
عفاف:- هه سامحكِ الله ماذا أقول أنا التي أظل فيه بين الفينة والأخرى
دعاء:- لأجل عملكِ تصبرين لذلك ، تت حتى أمي تأخرت بالمجيء
عفاف:- ستكون هنا بعد قليل ريحي بالكِ غاليتي ..
شكري:- هاااه وجدتكِ يا عفاف تعالي معي يا ابنتي قليلا لمكتب الموردات ، إنهم يطلبونكِ
عفاف:- سأغيب عنكِ بضع دقائق أنتِ بخير صح ؟
دعاء:= بخير يا غالية يكفي أنكِ سهرتِ جنبي الليل بطوله ..
عفاف:- ولو على عيني يا روحي .. عائدة لكِ
فور خروجها تمطت دعاء بفراشها قليلا ووضعت يدها على بطنها تلامس ابنها الحبيب ، حتى دخل عليها وبيده باقة ورد
معاد:- دعاااء مرحباااا
دعاء(شهقت حين رؤيته وشعرت بالخجل الشديد والخزي يلفها):- لما أتيت ؟؟ كي تشمت بي صحيح ؟
معاد(وضع الورد جانبا وجلس مقابلها على الكرسي):- ولما سأفعل ذلك ؟
دعاء(ببكاء):- لأنني لم أسمع كلامك ونلت ما أستحق
معاد(بتعب ذاتي):- والله الحمدلله ربي لم يجعل فيني نقمة الشماتة هذا أولا ، وثانيا أنتِ زميلتي وتستحقين مني الاطمئنان عليكِ
دعاء(مصت شفتيها"زميلة")-:= مشكور قد وصلت زيارتك يمكنك الذهااااب
معاد(استقام بأسف):- لو تتخلصين من تعنتكِ الذي لا يعني سوى شيء واحد بالنسبة لي ، ألا وهو الضعف يا دعااااء وقتها ستكونين بخير .. عذرا لو أزعجتكِ بحضوري
دعاء(عقدت حاجبيها وأدارت رأسها جانبا):- زيارتك انتهت
كانت قاسية عليه قاسية بشكل جارح تعلم جيدا أنها آذته في الصميم ، لكن كبريائها المتبقي من حقبة حسام أشعل فيها فتيل الرفض كي لا ترى في عينيه الشماتة أو الشفقة فذلك سيقتلها خصوووووصا منه هو .. لذا غادر مطأطأ رأسه هو يعلم أنه متألمة ويلزمها الكثير الكثير حتى تتعايش مع جراحها .. في ذات اللحظة دخلت إليها أمها مديحة وخالتها عواطف وكذلك مرام التي أرادت رؤيتها
دعاء(تعانق يد مرام):- سلمتِ يا صغيرتي ما كنتِ عذبتِ نفسكِ بهذه الزيارة
مرام:- لا ولو أنتِ تستحقين ذلك
مديحة:- أكان الشاب الذي غادر غرفتكِ هو زميلكِ معاد ؟
دعاء(ابتلعت ريقها بتوتر):- هو بعينه
عواطف:- والله وفيه الخير جاء لزيارتكِ في حين أن واحدا منهم لم يكلف نفسه بذلك
دعاء:- تهاني أيضا جاءت البارحة .. يعني واجبهم من أتى مرحبا به ومن لم يستطع هو حر في شأنه
مديحة:- هيييه لا بأس ، قبل أن أنسى قد وصلت عمتكِ بخير وهي تبعث لكِ سلامها وسلام سلوى أيضا
دعاء:- فيها الخير
مديحة:- المهم دعوني آخذ الفطور لعفاف المسكينة أكيد هي جائعة الآن
دعاء:- سارعي بذلك أمي قد سهرت بجانبي الليل كله ..
مديحة:- على الفور ..
مرام:- ها يا دعاء كيف حال الصغير ؟
دعاء(ابتسمت لها بدموع):- بخير الحمدلله …
عواطف(سحبت نفسا عميقا بتعب وانسحبت حين رن هاتفها):- عن إذنكما …
كان السيد عبد المالك احم احم يريد الاطمئنان على الأحوال ومعرفة الجديد في أسرتها ، وهي لم تكذب خبرا سردت له كل شيء حتى لم تشعر بنفسها قد ابتعدت عن الغرفة وانسابت في الحديث لحظتها دخلت هذه بكعبها تدك الأرض دكا والشعور بالانتصار يلفها من كل جانب ، أخيرا سترى المرأة التي دمرت حياتها منهزمة منكسرة تنال مصيرها الذي تستحقه ..
جيداء:- دعاء الراجي ؟
دعاء(بانتباه رفعت رأسها):- نعم تفضلي .. أ.. أنتِ ؟؟؟
جيداء:- لم أستغرب حين استدركت أنكِ تعرفينني … مرام ؟؟
مرام(بتوتر ناظرتها):- معلمتي .. أقصد ست جيداااء ماذا تفعلين هنا ؟
فريد(دخل خلفها وزفر بعمق):- أرادت محادثة دعاء على انفراد لو أمكن يا مرام
مرام(باحتدام رمقته):- غير ممكن ذلك ،، دعاء
دعاء(اهتز وجدانها وناظرت عمق عيون جيداء):- لا بأس يا مرام دعينا للحظات
فريد(زفر بعمق وهو يخرج من الغرفة):- دوما ما تخلقين من اللاشيء أشياء مستعصية
مرام(تدفع كرسيها خلفه):- لما أحضرت الست جيداء إلى هنا ، ماذا تخططان ؟
فريد:- أتسمعين بما تتفوهين ، أتتهمينني بالتواطئ مع أبي في ما حصل لابنة عمك ؟
مرام:- والله ما فعله يجعل العقل يقف من شدة التفكير ..
فريد:- مرام هذا أناااا فريد وأنتِ تعرفينني جيدا ، أزيلي تلك العداوة ولا تدعي ما حدث يؤثر علينااااا رجاء
مرام(بغلالة دمع):- أساسا لا يوجد شيء يسمى نحن ، فلا تكن واهمااااا
فريد(رفع يديه بقلة حيلة وناظرها وهي تبتعد لتقف بعيدا عنه):- حرام عليكِ يا مرام …
جيداء(رمقتها شزرا وطالعتها كلها من أخمص قدميها حتى رأسها):- ما الذي جنيته من خيانتكِ لرجل متزوج وبأولاد ؟؟
دعاءّ(حدقت فيها بامتعاض):- أولا أنا لم أخنكِ حتى توجهي لي هذا الاتهام ، من خنتهم هم عائلتي ونفسي ، أما ما حصل فقد كان نابعا من زوجك حاسبيه هو لا أناااا
جيداء(جلست بالكرسي وأخذت تناظرها بعلياء):- أنتِ مجرد امراة عابرة في سريره ، نزوة قام بتعذيبها لما خسرني وخسر أولاده
دعاء(بعصارة ألم):- وإن كان كذلك ، لست من كنت زوجته التي تنتظره كل يوم في البيت كي يعود إليها بعد ليلة حافلة بين أحضان الأخريااااات
جيداء(اهتزت برفضّ):- على الأقل كنت زوجته ماذا عنكِ ؟
دعاء(بلؤم):- أصبحت في الأخير وحظيت باسم لطفلي
جيداء:- ههه حالمة أنتِ ، أتفخرين بذلك الاسم وددت لو أسلبه من أولادي فرجل مثل ذلك النهواني لا يستحق سوى السجن
دعاء:- وهو قابع فيه الآن ليتعفن ، لذا أجيبيني لما أتيتِني ؟
جيداء:- أردت رؤيتكِ وأنتِ منهزمة قد ظننت أن هذا سيعزيني قليلا ، لكن مع الأسف حالكِ أفظع من حالي أي نعم أنتِ قد وصلتِ لعذاب جسدي ونفسي لكن أنا قد عايشت ل23 سنة ذات العذاب وعلى جرعاااات متواصلة
دعاء:- مع الأسف هذا نصيبنا
جيداء:- بل نصيبي أنا وحدي ، أنتِ التي أقحمتِ نفسكِ في حياة رجل خائن مثله اتبعت مشاعركِ ونسيتِ بأن الدنيا لا ترحم والدليل أمامكِ أصبحتِ بهذا الضعف مهتزة مستسلمة ، قد امتص منكِ الحياة مثلما امتصها مني لكنني لن أسمح له قد رفعت دعوى طلاقي منه أيام وسأحصل عليه وقد سلبته من كل شيء وسأتابع قضيته إن شاء الله يسجن مؤبد بعد كل ما قام به من أفعال شنيعة ، وأنتِ … أتمنى لكِ النسيان
دعاء(بدموع حارقة استوقفتها قبل أن تخرج):- سامحيني
جيداء(زفرت بعمق وبدموع هي الأخرى وبدون أن تستدير):- سامحي نفسكِ أولا
دعاء:- شكرا ..
جيداء(بوجع):- لا شكر على واجب …
أي نصيب هذاااا قد كانت حانقة عليها تريد زيارتها لتحط من قدرها ، لكن رؤيتها بذلك الضعف والتعب جعل إنسانيتها تشفق عليه لذا وجدت نفسها تلقائيا تدعمها بشكل مبطن وهذا ما استشعرته دعاء وجعل ضميرها يرتاح قليلا .. أما خارجا فقد ناظر فريد مرام وهي مولية ظهرها له وحين ربتت أمه على كتفه وأشارت عليه بأن يصبر عليها وجد نفسه مرغما على الابتعاد ساعتها فأمه على حق وجرح مرام لا يزال حديثا … أما حين علمت الست مديحة بزيارة جيداء وابنها فريد قامت القيامة وما قعدت ، أخذت تصرخ وتندد بضرورة محاسبتهم والاتصال بهم وتنبيههم عن عدم الاقتراب من محيط ابنتها لأزيد من مبنى طبعا نقلت لكم الحديث بمجمله ، وهنا كانت عواطف تصبرها فلا مجال لإخماد حرقة أختها سوى بالهداوة ..

هنا كانت ميرنا تعايش احتراق روحها للمرة المليون ، فقد سلمت استقالتها كما أمرها السيد حكيم وكم كانت ممتنة لأن فؤاد هو الذي استقبلها ، وقد أتت باكرا لأنها تعلم أن وائل سيكون بمكتب المحاماة هو ورقية ، وشهاب لن يحضر في ذلك الوقت لذا فؤاد رشوان هو الوحيد الذي استقبلها ..
ميرنا(بعيون محمرة):- رجاء بلغ باقي المدراء أنني أشكرهم جزيلا على كل شيء ، هذه استقالتي وأتمنى قبولها
فؤاد:- تعلمين أنني أرفض الأمر لكن طالما هذه رغبتكِ فلا بأس
ميرنا(بحزن):- كان بودي البقاء معكم لكن هنالك ما يجبرني على ذلك ، شكرا للطفك سيد فؤاد وأراك على خير
فؤاد(استرسل بسرعة):- مهلا ميري …
ميرنا(عقدت حاجبيها بعد سماع ذلك الاسم):- ميري ؟؟
فؤاد(نطقها بدون شعور):- أ.. أقصد ميرنا احم يعني إن احتجتِ لأي شيء فاتصلي بي على الفور معزتكِ لدي غالية جدااا
ميرنا:- أعلم ذلك يا سيد فؤاد
فؤاد:- يا بنتي أقول معزتكِ لدي غالية وأنتِ تقولين سيد فؤاد له له كيف تفهمين ؟؟
ميرنا:- ههه حسن يا عم فؤاد
فؤاد:- عم فؤاد مثلما يناديني وائل..
ميرنا(وائل آه على وائل):- اهتم به جيدا يعني ..
فؤاد(استقام ووقف بجانبها وأمسك بيدها):- صدقيني سيأتي يوم وتصبحين فيه حرما لابن رشوان وقتها سأرقص لأربع ساعات متتالية دون توقف
ميرنا(ضحكت بغبن):- عم فؤاد أشعر بك قريبا جدا وأرتاح لك ، لذا عسانا نلتقي ذات مرة في إحدى المطاعم لتناول الغذاء أو ما شابه
فؤاد:- ههه وعمو فؤاد رهن الإشارة عزيزتي ..
ودعته بحزن وتوجهت صوب مكتبها جمعت أغراضها في علبة خشبية وغادرت الشركة التي قضت فيها وقتا مهما استجمعت فيه حصيلة من الذكريااااات ، غادرت رفقة داغر سائقها الجديد نحو الجريدة فالعمل هناك أرحم لها من البقاء في البيت وحين وصلت التقت بإياد بالردهة والذي جذبها بسرعة لتدلف معه لمكتبه
إياد:- تعالي تعالي
ميرنا:- ماذا يحدث ؟
إياد(ينظر حوله من كل اتجاه):- خبئيني خلفكِ لأنني قمت بفعل شنيع فظيع مرريييييع
ميرنا(بدهشة):- ماذااااااا فعلت ؟؟؟؟
رامز(دخل مهددا بمسدسه):- أين هو أين هو ذلك الخسيس سأحرقه على نار خافتة ، سأمزق لحمه لأشلاء ، سآكسر عظاااااااامه لقطع صغيرة ، أييييين هو ميرنا لا تخبئيه ابتعدي عن مرماي فأنا أكن لكِ محبة خاصة ولا داعي لأن أدخل في سيمفونية مشاعري ،،،، قلت ابتعدي
ميرنا(جحظت عينيها):=- يا لهوي ماذا فعلت له يا إيااااد ؟
إياد:- قسما بالله ما قصدت فعل ذلك يعني جاءت هكذا
رامز:- هكذا يا روحي هكذااااااا هاااه ، أنا أناااا رامز البدري تضعني في ذلك الموقف أمام النسااااااء أنا من تتهافت عليه قلوب العذارى تجعلني أضحوكة
إياد(من خلف ميرنا):- يا رجل لقد أعجبك الحال حتى أنك حصلت على رقم إحداهن خفية
رامز:- كان رقما خاطئا يا بعدي ، أستشرح قلت أخرج لي هنا كرجل وعايش نهايتك
ميرنا(وضعت يدها على رأسها وهي تتحرك بينهما بدون فهم):- توقفااااا منك له ، وأخبراني ما الذي حدث ؟
رامز(أعاد سلاحه لجيبه):- السيد صديقكِ جميل الطليعة ، حاولت أن أكسبه كصديق يعني ودعوت أهله للمقهى وأتاااااااني بكل رجولة
ميرنا:- أهااااه وبعد
إياد(دفع صدره إليه بحركة مضحكة):- هيا أخبرهااااا
رامز:- وبينما نحن نتناول الفطور إذا بحسناوات أجنبيات يدخلن علينا ، إشي شعر أشقر إشي شعر أحمر إشي عيون خضراء إشي عيون زرقاء
إياد(حرك حاجبيه بدلع):- إشي ضحكات على همزات على غمزاااااااااااااااات
رامز:- طبعا بكل رجولة يا ميرنا قررت أنا وهذا النطح أن نحصل على أرقامهن وهذا لكي لا أبقى أعزبا أعيش على أطلالك صراحة يعني …
ميرنا(ضحكت):- ههه فهمت فهمت تابع
إياد:- فكرت أن أساعده يعني اعتبرته كعمل خيري ، إياكِ وأن تخبري رقية ستقتلع مقلتاي من محاجرهما أمانة عليكِ يا ميرنااااا
رامز:- هههه هااااااااااه يقولون لا يجب عليك أن تفضي بأسرارك لأعدائك ، خلاص وجدت ما سأنتقم به منك سأكلم رقيتك هيهينيهنياهااا
إياد(بلهفة):- ميرناااا يا ويحي راحت علي
ميرنا:-قبل ذلك أكملا لي القصة
رامز(رد الهاتف الذي أخرجه ليكلم رقية):- أجل أجل لقد انجرفت مع انتقامي ، المهم هذا النطح البعل الذي يقف بجانبكِ اقترح علي أن أتوجه صوبهن وأطلب الرقم بكل وضوح يعني كرجل جاد ، أنا وثقت به على أساس أنه سينتظرني ما إن أعود بالرقم حتى نغادر ، وإذا بي ما إن وصلتهن حتى صرخن بوجهي قال ما قال طلعن من ذواتِ قانون "لَلْفَحْ"
ميرنا:- وما يكون هذااااا ؟؟؟
رامز(والشرر يتطاير من أنفه):- لا للرجل في حياتهن
ميرنا(انفجرت ضحكا والتفتت لإياد الذي كان مثلها):- للفح ههههههه الله لا يسامحك يا رامز
إياد:- وأخوكِ في الله ما إن رأيت صراخهن ورغبتهن في ضربه حتى جمعت أغراضي وهربت
رامز(انقض عليه):- لأنك لست صديقا صدوقا ترتكتني في عز أزمتي ، سأقتلك لن أنسى هذاااا لك أبدا أبداااا
ميرنا:- ههه يا الله عليكما أخرجتماني من حالة الضيم التي كانت تطالني
إياد:- آه يا حبيبتي لم أتصل بكِ صباحا لأعرف كيف قضيتِ الأمر ؟
رامز:- أي أمر ؟
ميرنا:- استقلت من شركة دابليو إر اليوم
رامز:-ماذااااااا ولم ؟؟
إياد:- السيد زوجها أمر بذلك
رامز:- أكيد الأمر له علاقة بوائل
ميرنا(جلست على الكرسي):- نوعا ماااا
رامز:- أحسن ارتحتِ من مشكلة لقائه يوميا ، هكذا لن تتعذبي بشكل دائم … المهم قد ضيعت الكثير من الوقت اليوم وعلي أن أتوجه للمكتب كي أرى متى سيتم توجيه حسام النهواني وناجي صهيب للمحكمة
ميرنا:- الله لا يردهم
رامز:- آمين .. آه بالمناسبة نسيت أن أخبركن عما حدث آنفا ألم يكن الفهد البري في قبضتناااااااااااا
ميرنا(نهضت برجفة):- كيف ؟؟؟
رامز:- وصلتنا إخبارية قبل يومين تفيد زيارته لبلدة قريبة من هنا ، ووضعنا دوريات في الطريق لكن مع الأسف كان حريصا وهرب منا
إياد:- اللعنة وكيف تم ذلك يعني كيف عرفتم بأنه مقصدكم ؟
رامز:- من الإخبارية وأيضا حين قاموا بالهرب وتبخروا في الهوااااء ، لم يتم إيجادهم في السيارة التي عثروا عليها محترقة كليا
إياد:- الخسيس ما أدهاااااه دوما ما يسبقنا بخطوة
رامز(غمزهم):- ليس هذه المرة .. فلقد صورنا بالرادار خاصتنا صورة للسيارة وبمن فيها وقد تم تبيان صورة ليست بمحددة لمن كان يركب في المقدمة ، أكيد مكتب التمحيص سيتعرف عليه وبه سنصل إلى الفهد البري أشعر بأننا قريبون جداااا منه
ميرنا(بأمل وقفت):- يا الله أتمنى ذلك …
رامز:- المهم إن توصلنا لجديد سأخبركم سلسلم الآن
إياد:- عذرا يا صاح ههه
رامز:- سأردها لك لا تنسى ذلك … باي ميرنااا
ميرنا:- مع السلامة يا رامز
إياد(بعد ذهاب رامز):- هممم هااا يا ميرنتي كيف حالكِ الآن ؟
ميرنا(تحركت صوب الخروج):- يعني منكسرة بعض الشيء لكن لا تقلق سأكون بخير
إياد:- آسف منكِ
ميرنا(أشارت له باستسلام):- لا بأس لعله خيرا من عند الله …
توجهت صوب مكتبها ووجدت إيمان بالقرب من الرواق تتنصت عليهما وهذا ما أزعجها ، ولأنها في حالة عصبية منهارة كان لابد من أن تسمعها هذه الكلمات
ميرنا:- عيب أن تتنصتي على غيركِ يا إيمان ما هذا التصرف ؟
ّإيمان(بفزع):- له يا ميرنا لم أكن أتنصت يعني أردت الدخول وكنت أنتظر انتهاء حديثكما
ميرنا(تجاوزتها بدون مبالاة):- يكفي من هذه التصرفات الطائشة ، واحدة بعمرك لا يليق بها هذاااا أبدا
إيمان:- هفف الآن ما بها هاته تت .. لكن لا يهم علي أن أحذر السيد فتحي مما سمعته
من فورها انتقلت لمكتب فتحي أخبرته بما سمعته في مكتب إياد وهو بدوره لم يكذب خبرا ، قام ببعث خبر للفهد البري مفاده ما أوجزته الست إيمان .. في تلك الأثناء جلست ميرنا تزاول عملها كالمعتاد وشعرت بأنها اشتاقت لشقرائها ولصبي القهوة خاصتهما
ميرنا:- هه والله لو سمعتنا نناديها بذا الاسم ستأتي من معسكرها وتقتلع عينينا
كوثر:- والله صبي القهوة يعني لا أفرزها عنه
ميرنا:- دعينا نقوم باتصال ثلاثي لها ونمرح معها ، أشعر بالاشتياق لبعضنا بعضا
كوثر(أقفلت باب مكتبها وفعلت الاتصال):- دقيقة بس هههه …
وصال(كانت متجهة صوب التدريب حين رن هاتفها بالغرفة وعادت إليه):- جيد أنني كنت بالقرب … آه البناااات هللووو يا حلوين
ميرنا(لم تمسك نفسها):- أهلا يا صبي القهوة
وصال(اختفت بسمتها):- صبي القهوة في عينك يا شيخة ما هذا يا هذاااا
كوثر:- ههه اشتقناكِ يا شقية متى ستعودين إلى المدينة لنطب عليكِ مثل القدر المستعجل ؟
وصال:- لم يبقى سوى أسابيع بسيطة يختي وبعدها طبي مثلما تشائين
ميرنا:- بكل صراحة أفتقدكما معا وأفتقد روحنا قبلا ، حين كنا سعيدات بما نعيشه بلا حب بلا وجع قلب
كوثر(تنهدت بشوق لزياد):- هيييه ومن الحب ما بهدل ..
وصال(عضعضت شفتيها وشبح جاسر يلعب في خيالها):- الله الله عن أي حب تتحدثان ، لا يوجد أسمى من حب الوطن
ميرنا:- ها قد قلبتها للعم بشير قال حب الوطن قال
كوثر:- يا بنت لا تجلطي أمنا نحن محروقات القلب ، أشعري بنا على الأقل
وصال:- افعلا مثلي وعيشا بدون حب
ميرنا:- لا والله ع أساس أن ذلك الرائد يرافقكِ في زيارتكِ خوفا عليكِ من أن تتوهي في الطرقات
كوثر(تابعت معها):- أو يسقط الليل على رأسكِ فلا تعرفين دربا من شارع
ميرنا:- ألم تتساءلي مثلا لما هذا الرائد يترك عمله وجنوده ومعسكره ويلحق بكِ من هناك إلى هناااااا ..
كوثر:- صح يا ميرنا يسلم فمك ، أنا نفسي أسأل ذات السؤال لما يا ترى ؟
وصال(تاهت بينهما):- لما يا ترى هل عندكما إجابة ؟
ميرنا:- أكيد إما أنه معجب
كوثر:- أو أنه يجوع نفسه كالثعبان وينتظر الفرصة التي سينقض عليكِ فيهااااااا
ميرنا:- كوثرررررررر
وصال:- يا إلهي أفزعتماني يااااا …
ميرنا:- ههه نمزح معكِ يا روحي لا تشغلي بالكِ أردنا فقط أن نمرح
كوثر:- لالا أنا أتكلم بجدية فنوعية جاسركِ تشبه مصاصي الدمااااء
وصال:- ميرنا أمسكي عني صديقتكِ إنها تخيفني
كوثر:- هههه يا كبدي ع حضرة النقيب وصاااال محفووووظ
ميرنا:- كفى يا هلالية لقد أفزعتها صدقا ههه علما أنني أقاسمكِ نفس المخاوف
وصال:- ميرناااا حتى أنتِ ، تبا لكمااااا
وهكذا ظلتا تزيدان وتنقصان وترعبان فيها وهي التي كانت تنتفض مرة بمزاح ومرة بجدية ، حتى انقطع الاتصال وتوجهت لتزاول عملها وجدته وسط الساحة يقوم بإعطاء الجند درسا في الدفاع عن النفس ، رمقها وهي تنزل من الدرج متوجهة صوب كتائبها الذين كانوا يتدربون على التصويب ، فانسحب بعد أن أفضى أوامره للعريف زاهر …
جاسر:- نقيب وصال لحظة لو سمحتِ
وصال:- نعم سيادة الرائد
جاسر:- أ.. كنت أرغب بإخباركِ أن ورقة تمييز الجنود قد وصلت وعليكِ دراستها
وصال:- لا يزال الوقت مبكرا بقي أسابيع على انتهاء هذه الدورة ، لنقوم باختيار المميزين
جاسر:- والله اللواء أيمن اتصل وأخبرنا أنه سيأتي في زيارة قريبا ليطلع على الأسماء المختارة من بين الجنود
وصال:- طيب سآخذ النسخة منك لأدرسها وأقوم بالاختيار
جاسر:- أ.. كنت أفكر لو نقوم بحصر الأسماء سوية يعني تعلمين رأيين أفضل من رأي
وصال:- أوك تمام لنفعلها الآن إذن
جاسر(تلاعب بلسانه داخل فمه):- أوك تفضلي يعني أقله أضمن وجودكِ الآن ، فحين تعيدين السيد كامل كمال للمعسكر لن يتبقى لكِ وقت فراغ
وصال:- هه لن تبدأ الآن المسكين مريض
جاسر:- وهذا نفسه ما أقوله
وصال:- طيب لا تبدأ يا سيادة الرائد
جاسر:- ألا زلتِ لن تخبريني بما طلبته منكِ جدته ذلك اليوم ؟
وصال(سبقته بخطوات):- تت ذاك أمر خاص لن يعرفه سواي أنا وهي ، وحتى أنت لكن في الوقت المناسب
جاسر(بامتعاض داخلي):- متى يعني ؟
وصال(وضعت يديها خلف ظهرها وركضت صوب مكتبه):- في زيارتنا المقبلة
جاسر:- جيد أنه لم يتبقى سوى ساعات وإلا كنت فقدت رشدي
وصال(بدهشة):- ساعات ماذاااا ؟
جاسر:- لقد قمت باتصال وسارعوا أمر خروجه سنحضره معنا صبيحة غد وقد أخذنا إذنا بالغياب هذه الليلة فجهزي نفسكِ للسفر
وصال(بفرح قفزت):- يااااااه سأرى كامل كمال أخيراااا ؟
جاسر:- يا ويلي لو قارنت ترقيتكِ بهذه الفرحة لوجدت أن هنالك فرقا شاسعا بينهما ، لكن مع ذلك أخبريني قبل بما بينكِ وبين جدة كامل ؟
وصال(توقفت عن المسير):- لما أنت مهتم لهذه الدرجة بمطلب الست حميدة ؟
جاسر(بتوتر عقد حاجبيه وزمجر):- يعني أنا المسؤول عنكِ وعلي أن أعرف كل كبيرة وصغيرة ، ثم المرأة تكلمت في حضوري يعني فضول مجرد فضول إن لم تشائي إخباري لن أجبركِ يعني … ثم هيا أزيلي نظرة البلاهة التي على وجهك وإلى العمل .. انتباااااااااه
وصال(قامت بتحية العسكرية وأشارت له كي يتقدمها):- هه من بعدك سيدي الرائد
طبعا مجنون ومجنونة والتقيا في مكان واحد جلسا في المكتب هو على كرسيه الخاص وهي أمامه تدقق معه في الأسامي المقترحة ، وطبعا عرق العناد فيهما معا هو يقول لا لجندي والأخرى تعاند وتصر عليه فيتركانه وينتقلا لغيره وهكذاااا دواليك … المهم سافرت معه نحو المدينة وعلى أغاني الروك التي يصرع رأسها بها وجدت المسكينة نفسها متأقلمة معها حتى أنها حفظت كل أغاني القرص ، وكلما طلبت منه إطفاءها يزيد من ارتفاع الموسيقى لحين وصل بها إلى شقتها
وصال:- احم .. أشكرك على التوصيلة وأراك يوم غد
جاسر(بخاطر يطالبه بالبقاء):- أ.. تمام سأمر بكِ على الثامنة صباحا كوني جاهزة
وصال:- حسن إذن تصبح على خير
جاسر:- إن احتجتِ لشيء .. اتصلي رقمي معكِ
وصال(ابتسمت له وانسحبت):- تسلم سيدي الرائد
جاسر(مص شفتيه):- هنا نحن بعيدا عن العمل ، جاسر تكفي
وصال:- ههه على أساس أنني أحترم ذلك .. تماما يا جاسر في رعاية الله
جاسر:- أشار لها كي تدخل):- تفضلي …
فتحت بابهم وأشارت له بوداع ودخلت ، بعدها تنهد هو عميقا وعاد لسيارته وانطلق صوب شقته وطبعا يستحيل عليها أن تأتي للمدينة ولا ترى العم بشير الذي افتقدته منذ فترة .. رتبت ما يستحق الترتيب في شقتها بدلت ثيابها وانطلقت صوب بيته فاجأته طبعا وكم فرح بزيارتها وتبادلا سوية الأحاديث والنكات لحين سلم أمره للنوم وهنا انسحبت هي لكن بعد أن حضر هذا العزيز الحبيب الغالي
إياد(عانقها بمحبة حين ركبت بجانبه في السيارة):- والله البنات ستفرح بهذه المفاجأة
وصال:- أعلم ذلك ولهذا خططت لكل شيء ، أنت خذني لشقتك وبعدها اتصل بهما حين تحضران سأفاجئهما
إياد:- هههه تعجبني خططكِ يا بليدة
على هذا الاتفاق قام إياد بالاتصال بكوثر أول شيء والتي لم تكذب خبرا بأسرع ما يمكنها ركبت سيارتها وتوجهت صوب بيته لأجل سهرة رفقته ورفقة ميرنا ، أخذت معها بعض المشروبات والأطعمة وانطلقت .. أما ميرنا فقد فركت يديها وهي تضرب جنبيها يجب عليها أن تطلب إذن ذلك النطح لعله يرضى …
كان يجلس في غرفته يراجع بعض الملفات الغريبة التي لم تفهم فيها شيئا ، فمنذ عودته للبيت لم يكلمها أو يسأل عن شيء بل صعد مباشرة لغرفته وطلب عدم الإزعاج من أي أحد ، لكن مزعجتنا عليها الاستئذان
ميرنا(ظلت تدور في الممر الذي يفصل بينهما وفجأة ضربت بكعبها الأرض):-والله لن أستأذن هذا ما تبقى أن يطعمني في فمي حتى همممم …
تأبطت حقيبتها ونزلت وجدت الكل جالس بالصالون يلاعبون الصغار ، وبعضهم يراجع الدروس والبعض يخيط بعض الوسائد وهكذا ، أخبرتهم بوجهتها وخرجت وجدت داغر جالسا بسيارته وركبت بدون سابق إنذار
ميرنا:- خذني لشقة إياد ولا تسأل عن شيء
داغر:- أمركِ سيدتي ..
حكيم(سمع صوت تحرك السيارة وأزال نظارته البصرية واستقام ليطل من النافذة):- أين ذهب هذاااا ؟؟؟
خرج من غرفته ولمح باب غرفتها مفتوحا أطل عليه ولم يجدها هناك ، زمجر وغضب ونزل ليسألهم وجد بأنهم لم يعرفوا وجهتها وهنا اتصل بداغر مباشرة ..
داغر:- نحو بيت السيد إياد
حكيم(أغمض عينيه):- أعطها الهاتف
داغر:- السيد يريد محادثتكِ ست ميرنا
ميرنا(بتأفف):- ماذا تريد ، داغر معي وأنا ذاهبة لبيت إياد ستأتي كوثر أيضا أية أوامر أخرى ؟
حكيم:- كيف تخرجين بدون إذني ؟
ميرنا:- ولما سأستأذن يا بعدي ؟
حكيم:- من باب العلم بالشيء مثلا ؟
ميرنا:- لا شأن لك ثم سائقك سيكون بالقرب يعني لا خوف من شيء
حكيم:- طبعا لن أخاف لأنكِ لو تحركتِ قيد أنملة ستوقعين نفسكِ بالمشاكل
ميرنا(أعادت الهاتف لداغر):- ههه ماشي ياااا سي السيد ، خذ
داغر:- بما تأمر سيدي ؟
حكيم:- أعدها للبيت فورااااااا
داغر:- هل أعيدها يا سيدي ؟
ميرنا_(صرخت فيه):- تعيدني لأين هل جننت منك له ؟؟؟؟
حكيم(سمعها وابتسم):- حسن يكفيها فزعا وعصبية ، خذها لبيت إياد واقبع هناك وانتبه ميرنا ذكية وقادرة على الخروج بدون أن تلحظها
داغر:- أوامرك سيدي
ميرنا(اطمأنت أنه لم يستدير وتابع طريقه):- اففف أكان يلزم هذا الفزع تباااا لك يا حكيم …
لم تصدق نفسها ما إن وصلت لشقة إياد في آن الوقت مع كوثر كما شاءتِ الأقدار ..
كوثر(تحمل المشروبات بيد وسلة الأطعمة بجهة أخرى):- والله سهرة رفقتكم ستنسيني كل همومي لا محالة
ميرنا(تحمل علبة حلويات طلبت من داغر إحضارها):- صح والله اشتقنا لهااااا …
كوثر:- هه رني رني الجرس يا بنت أنا مثقلة
ميرنا(رنت):- على عيني يا حبة عيني ..
وصال(فتحت لهما):- تاتااااااااا مفاجأة !!!!!!!!!!!!!
صرختااااا بجنون ودخلتا لم تدريان حتى كيف وضعتا الأكل والأغراض سليمة معافاة ، فقد انقضا عليها في عناق ثلاثي جعل إياد المسكين يتكفل بحمل الأغراض عنهن .. تبادلن الأحضان والدموع فلقائهن هذه المرة يحمل من المواجع الكثير ورؤية بعضهن تعني الفرح والراحة والأمااااان
إياد(يرتب العشاء على الطاولة):- حظي يختي حظي التعيس يعني هل حظيت بحضن منكن، حتى كيف حالك لم أسمعها
ميرنا:- ههه من فرحتنا بهذه المفاجأة … كيف جئتِ يا لعينة ولم تخبرينا في الاتصال ؟
وصال:- وأنا لم أعرف بعدها أخبرني الرائد بسفرنا للمدينة لأجل صديقي الجندي كامل كمال تعرفانه صح ؟
كوثر:- آه آه رويتِ لنا عنه كيف حاله الآن ؟
وصال:- بخير سوف نعيده معنا للمعسكر كي يتمم الأسابيع المتبقية ولا يحرم من الدورة
ميرنا:- جيد لكن … أين هو سيادة الرااااائد ؟
وصال:- احم في شقته يا عيني أين سيكوووون
كوثر:- ههه يا حبيبي …
إياد(وضع الكؤوس):- ما سر هذا الراااااائد أرى أن جاسر لطيف لما أشعر في كلامكن بشيء مبطن ؟؟؟
كوثر:- لا والله فقط نمزح مع أخونا صبي القهوة
وصال(ضربتها بوسادة):- تعالي أيتها الحية الصفراء سأريكِ صبي القهوة ماذا يعني …
إياد:- هييه توقفا يخرب بيوتكم لا وتريدان العشق أتاري العشق قد تبرأ منكم
ضحكوا كلهم وقضوا وقتا جميلا جدا ، حين استذكروا ذكرياتهم السابقة ومقالبهم ومصائبهم ولم ينسوا استذكار مواجعهم ، التي نفسوا عنها بالأكل التهموا كل شيء حتى لم يجدوا أين يضعوا أي شيء آخر … نهضت ميرنا لتنظف الصحون بينما رتبت وصال الصالون أما كوثر فقد كانت تبحث عن قرص الموسيقى الذي ما إن وضعته حتى أمسكها إياد وهاتك يا رقص هو وهي وشاركتهم ميرنا من محلها ووصال صعدت على الطاولة وتحزمت لترقص رقصا شرقيا جعلهم يضحكون عليها ويتمنون حضور السيد الرائد ليشاهد نقيبهم المصوووون … على هذا جلسوا منهكين إياد مضطجع على كنبته والبنات جالسات على الأرضية مقابله وكل واحدة تستذكر آلامها الدفينة
كوثر(في حالة هذيان):- يعني يرغب بالزواج مني وبعدها يأخذني من يدي ويصطحبني معه ليضعني ويضع أهله أمام الأمر الواقع …
وصال:- لكنكِ تركته راكعا بخاتم الزواج حرام عليكِ أنتِ بلا قلب
كوثر:- يا وصال قدري موقفي لا أستطيع سرقته منهم ، هكذا سأجعل أباه صادقا في قوله وأكون خاطفة لابنه
إياد:- وهل ستخطفين كرة للعب مثلا إنه راشد ؟؟
ميرنا:- مع ذلك أبوه ذو عقلية رجعية لن يتفهم ذلك
كوثر:- وهذا ما كسر قلبي ، من يومها وأنا أبحث عن حل لربما أرحت قلبي
وصال:-قضيتكِ مستعصية يا بنتي ، أما أناااا فأحيانا أشعر به قريبا مني وأحيانا أخرى أبعد من خيالي حتى .. صارم وفي آن الوقت حنون لا يعرف كلمة شكر ولا اعتذار قانونه الرضوخ لأوامره كانت صائبة أم العكس ، لا مجال للعناد معه وهذا ما يجعلنا في صراع دائم نظرا لأن أخوكم صبي القهوة برأس كالحجر
ميرنا:- ههه أشفق عليه من هذا المنبر ، نأتي إلي يا حبايبي أنا بقصة مشعبكة اخترت هذا المصطلح لأن لا شيء يترجم حالتي سواها ، تارة أتخبط على شاطئ وائل وتارة على شاطئ حكيم وبين البينين يغمرني بحر القدر بأمواجه الهادرة فيفتك بكل ذرة صبر متبقية في خلدي ، أي نعم ولاء قلبي لوائل لكن حكيم تمادى كثيرا في إيلامه لي وعقابه الذي لا يمكنكم تصوره لقد رهنني به بشكل مؤذ جدااا يحتكرني وهذا ما يؤلمني بشدة ، أنا أكره القيود والتقيد بقانون أحدهم لدي حريتي الشخصية ومساحتي التي لا أسمح لأحد بتخطيها ، إنما ابن عمي الكريم تعداها كالثور ولا يزال أتصدقون قد خصص رجلا لمراقبتي وليس لكي يكون سائقي الخاص وصل به الهوس لأن يراقب تحركاتي
إياد:- والله ابن عمكِ ذاك يتصرف كما يتصرف المافيا عذرا منكِ لكن يبقى زوجك
كوثر:- أجل لما عاندتِ وقبلتِ به وأنتِ تذوبين في عشق وائل؟
وصال:- نفس السؤال الذي أسأله لنفسي مرارا وتكرارا بدون جواااااب ، كيف حصل هذا هل أجبركِ على الزواج منه ؟
ميرنا:- هنالك ما لا تعرفانه يا صديقتاي العزيزتين وسيأتي يوم وأشرح لكما أما الآن دعوني أشتم أب وجد كل منهمااااااااا …
إياد:- هيييييه ها قد بدأت النشوة فأخوكم في الله متفرج ليس لدي مشاكل ، رقيتي آدمية تحبني وأحبها بهدوء ولا ينقصنا شيء الحمدلله
وصال:- إذن قبل يدك وجها وظهر فنادرا ما تجد عملة مثلهاااا
إياد(رفع يديه للسماء):- حمدتك وشكرتك يا ربي ، يعني تعرف أن عبدك الضعيف ليس حمل مشاكل لذلك أهديتني إياها
كوثر:- شوفو الولد قليلا ويقول لنا أخطبوها لي
إياد:- ههه والله أنوي ذلك يلا لكي ألحق بركب ميرنا عزيزتي
كوثر(غمزتهم):- أتعرفون بما أفكر يا جماعة بما أننا متاعيس هكذاااا لما لا نجعل السهرة صباحية ونشرب بعضا من المنشطاااااااات الدماغية ؟
وصال:- منشطات إيه يختي أنا نقيب يا حضرة المهندسة وذاك صحفي فنان وما إلخ وتلك القابعة بجانبكِ صحفية هي الأخرى ، وتريدين وضعنا في موقف حرج
ميرنا:- ترغب بفضحنا هذه اللعينة
كوثر(بمكر حركت حاجبيها وأخرجت قنينة مشروب):- أي نعم هو منشط حيوي لكنه غير مؤثر بالمرة ، فقط يزيد من حماسة الأجواء هاااه من يشاركني ؟
وصال:- نشارككِ بماذا أصلا إنه بحجم الكف
كوثر:- لا تحتقريه فجرعة منه تأخذكِ إلى جاسرك
وصال(تنهدت حين تذكرته):- يخرب بيتك سآتي بالكؤوس ههههه
إياد:- التي بالخزانة على اليمين أصغر حجما وستفي بالغرض
ميرنا(نهضت وصفقت بيديها):- والله هذا ما أنا بحاجته ، ليس حرام صحيح ؟
كوثر:- تت توقفت عن السكر منذ ليلة عيد الحب زياد نهاني عنها لأنها حرام ، وأنا أسمع كلام زيادي ..
إياد:- لا مخلصة وكأنكِ لم تعرفي أنها حراااام قبلا ،، وينك يا وصال اعتقيني قبل أن أفقد رشدي مع هؤلاء المجنوووونات …
تقاسم الأربعة المشروب وجاء بالتساوي قرعوا كؤوسهم ببعضها وشربوها دفعة واحدة ، ولحظة لحظتين ثلاث لم يتغير شيء وهنا امتعضوا واعتبروا كوثر كاذبة والتي ظلت تشتم في البائع الذي أعطاها شيئا غير فعاااال ، لكن يا حبايبي اصبروا لنصف ساعة وسترون النتيجة المذهلة ما شاء الله اللهم لا حسد ^^
بعد نصف ساعة
كانت ميرنا تحرك شعرها بحركة ثائرة وهي مرتدية لمنامة إياد الرجالية السوداء وتتلاعب بالقميص بيدها الأخرى وتغني ، أما على جنب كانت وصال تمسك قيثارة إياد وتعزف بموسيقى لا علاقة لها بالفن وترتدي منامته أيضا في اللون الأخضر الداكن ، أما كوثر فقد كانت ترتدي منامته ذات اللون الأحمر الفاقع وتفرد شعرها لنصفين وتضع على وجهها قناع الهاكرز خاصته وتحمل صحنا وملعقة وتطبل بهما ، أما السيد إياد فقد كان جالسا على رف المنضدة مربعا رجليه ويضع عمامة على رأسه ويرتدي عباءة وبيده عصا تقليب الطعام يعزف بها بشكل وهمي ويحول عينيه معها ، يعني حالة جنونية لا مثيل لها ميرنا تغني وصال تعزف بالقيثارة كوثر تطبل وإياد يفتعل صوت الناي .. مشهدهم كان جد مضحك لكنهم عاشوا حالة الجنون تلك بشكل مبالغ فيه وكأنها مهرب لهم من كل المآسي والآفات التي يكابدونها ، فمثلا ميرنا نسيت أمر حكيم وزواجهما تماما لحظتها نسيت حتى هجر وائل واشتياقها له ، أما كوثر فقد نسيت بدورها مشكلتها الأزلية مع زياد وأهله ، ووصال تناست بدورها سلطة جاسر عليها وكل ما تعانيه هناك بالمعسكر ، أما إياد فقد نسي أمر شكه بانفصام الشخصية الذي يعاني منه أو الزهايمر فالأمور المختلفة بحياته باتت تتزايد كل يوم وهذا ما يزعجه .. يعني وجدوها متنفسا لهم والبركة في مشروب كوثر للأمانة سأسألها عن اسمه إذ يتضح لي أن النتيجة مبهرة .. مضت ساعات على ذلك الحال لحين تعبوا تعبا لا مثيل له فقد اسنتزفوا كل جهدهم أشار لهم إياد بدوار وانسدح على سريره في غرفته ، بينما وصال توجهت لغرفة الضيوف وارتمت على السرير أما كوثر فقد بقيت على أرضية الصالون في حين أن ميرنا توجهت صوب الشرفة ووقفت هناك ولحظتها أمسك الأربعة بهواتفهم كل في محله وسنبدؤها بأول اتصال ونقول ألوووووووووو ^^
رقية:- ما الذي شربته يا مجنون ثم أين أنت ؟
إياد:- بشقتي بشقتي يا رقيتي هههه أعجبتني هذه شقتي يا رقيتي آآآآه كم أحبكِ يا بنت ماذا فعلتِ بي أشك بأن كعبكِ السبب
رقية(بخجل):- لا تدوخني بكلامك وأجبني ماذا شربت هل أنت ثمل ؟
إياد:- لا يا روحي لست ثملا أنا واع تماما لما أقوله
رقية:- لا واع ما شاء الله عليك ، إياد انهض وخذ حماما هيا ونم بعدها سنتحدث ما إن تعود لرشدك
إياد:- حاضر يا أمي
رقية(بشعور جميل خالجها لحظتها):- ههه رائع أنك تسمع الكلمة أحبك هكذا مطيعا
إياد:- وأنا أحبكِ لأنكِ أنتِ ……
على العشق والهوى والغرام والذي منو سنترك الحبِّيب إياد ومحبوبته رقية في حالهما وننتقل للغرفة الثانية لنرى الست وصال ومع الاتصال الثاني ونقووول ألوووووو ^^
جاسر(انتفض من محله):- يا وقعة مربربة ؟؟؟؟ ثملتِ يا سيادة النقيبة يا فضيحتك يا وصال حسابي معكِ سيكون عسيييييييييييرا جدا ولن تتصوريه قط
وصال:- هششش أصمت قليلا يا جاسر ودعني أخبرك
جاسر:- تخبرينني بماذا والله والله إن لم أحرق جلدتكِ في ساحة المعسكر لن تسميني جاسر العلايلي ، يا إلهي ستجلطني هذه الفتاة تثملين يا وصال أأحضرتكِ إلى المدينة لتقومي بهكذا أفعال أيليق بمقامكِ ذلك ؟؟؟؟؟؟؟ أجيبيييييييييي
وصال(بهدوء تحرك يديها وتمط شفتيها):- جااااااسر … إخرس قليلا لقد صرعت رأسي
جاسر(جحظ بعينيه):- هئئئئئئئ سأسجل عندي كل حرف والله ستحاسبين
وصال:- يووووه ألن تصمت ياااا دعني أتحدث أنا أرغب بالحديث معك وسماع صوتك لأنه يعجبني حتى ضحكتك تروق لي ههههه لكن ما أحبه فيك أكثر شيء
جاسر(ابتلع ريقه وهو يشعر بالكثير الكثير من المشاعر):- هممم ؟
وصال:- عصبيتك أعشق نفسي حين أخرجك عن طورك ههه أحس بالنعنشة في فؤادي ههههههههههه ههههه لا تغضب هاااه
جاسر(زفر بعمق وهو يمص شفتيه بكل حنق):- أعطني موقعكِ الحالي سآتيكِ فورا
وصال(تمطت في السرير):- أنا بعيييييدة عنك بعيدة بعد الخيال لن تتمكن من أسري إلا لو بادلتني نفس المشاعر يا جاااااسر
جاسر(رفع حاجبه بعدم فهم):- أتعلمين بما تتفوهين يا بنت والله لو أجدكِ أمامي الآن لصفعتكِ على وجهكِ صفعتين علكِ تستيقظين
وصال:- ولكنني أحادثك بصدق ، ليتك تشعر بي يا جاااااسر
جاسر(لم يستطع مقاومة مشاعره وزفر بعمق):- وليتكِ بجانبي الآن لأفضيت لكِ بما يعتمره صدري
على تلك الجملة أغمضت عينيها ونامت الأخت ومؤكد أكيد يوم غد ستنتحر بعد الذي قالته لذا ترقبوا معي صفحة الحوادث ههههه ، لندع جاسر يتعامل مع نقيبه المجنونة وننتقل لتلك النائمة على أرضية الصالون وهي تحرك هاتفها وتنتظر الرد ، ونقول ألوووووو ^^
زياد:- ما الذي تفعلينه يا كوثر أهذه فعلة تقدمين عليها .. ألم أنهكِ عن عدم تناول المشروب مجددا ووعدتني ؟؟؟
كوثر(تعاني من الفواق (الشوهاكة يعني هههه)):- ليس مشروبا هئئ والله ليس مشروبا إنه دواء .. هئ أحضرته لهم كي نسهر هذا كله هئ …
زياد(مسح على رأسه):- مجنونة وربي وستجلطينني لا محالة معكِ ، هيا اغسلي وجهكِ وحين أعود للمدينة لنا حساب
كوثر:- اشتقت لك هئ
زياد:- تشتاقين لي بعد فعلتكِ يا كوثر لا والله لستِ بوعيكِ حتما
كوثر:- وأحبك هئ
زياد(عض شفتيه بعد القرار الذي اتخذه وباشر في التفكير في ردة فعلها حين تعرفه):- عموما حين سأعود لنا كلام مطول
كوثر:- هل تحبني هئ قل أنك تحبني وأنك ستفعل لأجلي المستحيل هئ قل هياااا ؟
زياد:- لو لم أكن أحبكِ أكنت سأصبر على جنونك .. هيا نامي ولا تفكري بشيء فأنا معكِ ولا يسعني الابتعاد عنكِ، لقد ربطتني بكِ وانتهى الأمر
كوثر:- ههه هئ هههه أحبك أحبك أحببببببببببببببببببببببك يا زياد وهبي …
زياد(يناظر الطبيعة المظلمة حوله):- إيييه إشهد يا زمن ههه .. حمقاااائي
يا عيني كله حب في حب أخاف أن أحسدهم فأصاب بلعنتهم لذاااا دعونا ننتقل للمجنونة رقم 4 والتي كانت تحرك هاتفها بين يديها والذي رفعته برقم طقطقته بسرعة وأخذت تنتظر الجواب وعيونها مليئة بالدمووووع ….
ميرنا(تنهدت بعمق وحين سمعت صوته بعد رنين دام طويلا أحرقها من شدة الانتظار):- أول شيء عليك أن تفهم أنني مرتبطة بك متعلقة بروحك كينونتي تشهد بوجودك فيني وفقط ، وثاني شيء أيامي لا تمر بلا أنت حياتي تعتبر أنت وجودي باختصار هو أنت ، ثالث شيء لست ثملة ولا واعية لكن قلبي ووجداني وكياني كله يصرخ فيك منك لله الذي تركتني وحيدة أتخبط في أوجاعي ، أنا أحبك يا رجل كيف تتخلى عني بذلك الشكل ولا تدافع عن حبك أهذا ما تسميه بالعشق المستحيل لم أرى منك شيئا سوى الوعود التي لم تنفذ منها شيئا ، وعدتني أن نتزوج ونسمي ابننا أوس حتى لو كنت أكره الإسم لكن لنسميه أوس موافقة ففي نهاية المسلسل الذي لعب دور بطولته شخص بذاتِ الاسم أظنني تعاطفت مع قراره يعني لن ندقق في الاسم وإنما أنت وعدتني يا وائل .. كيف تهجرني بتلك البساطة بعد أن أسمعتني من شعرك الذي أحب فذاك هو جسر تواصلي مع هذا الواقع المرير بواسطته أتمكن من مكابدة حياتي البائسة أتعتقد بأنني سعيدة هناك ، لا وألف لا أنا أشتاقك كل لحظة وأفكر فيك طوال الوقت وأشتهي وصلك كل دقيقة ، وأتمنى لو أنني صادفتك بعمر آخر بزمن آخر بعيدا عنهم وعن شرورهم … واااائل أريد أن أراك الآن الآآآآآآآن أرجوك لو تحبني تعال إلي …
وائل(كان يستمع لها بتمعن وقلبه يهفو إليها بدون شعور):- ميرناااا … أنا أحببتكِ وما زلت أحبكِ والله يشهد كم أتعذب بدونكِ وكيف حياتي بلاكِ لكن .. علينا أن نفترق طرقاتنا لا تلتقي يا حبيبتي
ميرنا(مسحت شعرها بجنون وهدرت فيه):- أنت تقول حبيبتي أنت تحبني فلما تعذبناااا يا وائل ، أرجوك تعال إلي أريد أن أراك الآن الآن قلبي يحتاجك روحي تختنق بدونك تعال إلي لو تحبني لو تحبني ستتخطى كل شيء وتأتيني أرجووووك
وائل(تحركت حنجرته بتعب):- آه يا وهم قلبي ، فات الأوان على ذلك لن يسعني تنفيذ رغبتكِ يا ميرناااا سامحيني
ميرنا(ببكاء):- أنت لا تحبني لو كنت كذلك لتركت كل شيء وأتيت إلي … لا تحبني يا وائل أنت لا تحبني ..
وائل(بجنون أغمض عينيه وفتحهما وصوتها يفعل به العجائب):- أين أنتِ ؟؟؟
ميرنا:- لا تأتي لا تأتي لا تأتي لقد خذلتني وتذكر ذلك اهئ ….
وائل(هدر فيها بعصبية):- ردي علي أين أنتِ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ميرنا(مطت شفتيها بدلال):- ببيت إياد
وائل(مص شفتيه):- هففف … أنا قادم وأعلم علم اليقين أن قراري هذا خاطئ لكن … ماذا عساني أفعل يا معذبتي … ابقي معي على الخط لحين أصل إليكِ
ميرنا(بعشق اتكأت على النافذة):- وأنا وكل ما فيني بانتظارك يا روحي هههه ..
كان يعلم أن قراره ذاك غير صائب ، لكن مغناطيسها يجذبه إليها ولا يسعه سوى الرضوخ مع الأسف لذا انطلق من فوره في عز ذلك الليل ، إلى حبيبته شمس لياليه وعسل غروبه ، وهم قلبه التي تعذبه بجنونها اللحظي كتلك الحالة التي كلمته فيها ، كان يعلم أنها غير واعية أو ثملة أو ما شابه وهذا ما عزز رغبته في الاطمئنان عليها ، لذا دعك فرامل سيارته في تلك الطرقات الفارغة لحين وصل إلى عمارة إياد ترجل من سيارته وصعد مسرعا إلى الشقة ، هنا كان داغر في سابع نومة بسيارته ولم يرى دخول وائل بالمرة ، يلا أحسن ههه …
ميرنا(كانت تجلس عند الدرج العلوي ورأته حين هم برن الجرس):- وائل ..
وائل(رفع رأسه وجدها بالدرج العلوي جالسة وصعد إليها بلهفة):- ميرنااا أأنتِ بخير ؟
ميرنا(هزت كتفيها بتعب وحركت رأسها له بالنفي):- تُئ
وائل(جلس بمحاذاتها ورمقها بتلك البيجامة الرجالية وتنهد عميقا):- ماذا شربتِ ؟
ميرنا(رفعت يدها):- لست أنا فقط كوثر ووصال وإياد شربنا جميعا ههه
وائل:- يا عيني شرب جماعي يعني
ميرنا:- هه ليس خمرا وإنما دواء هكذا قالت كوثر
وائل:- اممم حركاتها طبعا وماذا عساه يكون …
ميرنا(رمشت بعينها ونظرت إليه):- لقد أتيت حقا
وائل(زفر بعمق):- طبعا .. ما كنت سأخذلكِ ميرنا وأنتِ بحاجتي
ميرنا(بدموع تكومت في عينيها):- روحي تحترق بدونك ، أتألم وأنا أراك قريب بعيد مني مثل البارحة
وائل(رمش بعينيه):- علاقتنا صعبة جدا يا ميرنا
ميرنا(أمسكت بيده ولامست بيدها جرح فكه بعد لكمة حكيم له):- ولكنني أحتاجك
وائل(ربت على يدها):- وأنا أحتاجكِ وفوق ما تتصورين يا ميرنا ، ولكن طريقنا محفوف بالمخاطر لا تسمي فراقي عنكِ تخليا إنما خوفا عليكِ يا عمري ، لو حدث لكِ مكروه سوف لن أكون بخير سينقضي كل شيء جميل آمنت به في هذه الحياة ، أنتِ يا ميرنا لستِ مجرد شخص عابر في حياتي بل أنتِ ماهية الوجود بالنسبة لي فلا تظلميني وتتهميني بأنني لست متمسكا بكِ أو أنني أتخلى عنكِ عند أول فرصة .. صدقيني كله لصالحكِ أنتِ وأنا أضع في حسباني راحتكِ قبل راحتي
ميرنا(انسابت دمعات من عينيها وهي تناظره بتأمل):- أتعشقني لتلك الدرجة ؟
وائل(مص شفتيه وهو يسحب أنفاسا عقيمة من داخله):- بل لتلك الدرجة سأمووت لو عرضتكِ لأي خطر لا سمح الله
ميرنا(وضعت يدها على خده وداعبت لحيته النامية قليلا):- أتعلم أنني أعشق لحيتك هاته تدغدغني من الداخل وأحب ملامستها دوما
وائل(عقد حاجبيه وزفر بعمق وهو يضع يديه على ركبتيه):- كيف سأتعامل معكِ أنا الآن ، قد أعجزتني وجعلتِني حائرا ، بل ضربتِ بكل قراراتي عرض الحائط لما أنتِ لطيفة إلى هذا الحد ؟
ميرنا(عضت طرف شفتها):- ومتى لم أكن لطيفة ؟
وائل(عض شفتيه بغبن ومسح دمعها):- هذا لا يليق ميرنا لا يليق ….
سحب نفسه من بين يديها وصعد للأعلى وصولا للأسطح ، فذلك الهواء الليلي هو بحد ذاته ما كان يحتاجه ليقاوم مشاعره صوبها … وضع يديه على جنبيه وأخذ يراقب السماء وعقله يتخبط في بعضه ، هنا لحقت به وهي تفرك يديها ووقفت خلفه وفجأة عانقته بدون شعوووور ووضعت رأسها على ظهره مغمضة العينين
ميرنا:- أشتهي نوما هناااا
وائل(تلاعب بلسانه بين شفتيه واستدار إليها ممسكا إياها بجنون):- ميرنا ميرنا استيقظي أنتِ لستِ بوعيك ، ما تفعلينه الآن غير لائق يا ميرنا بالله عليكِ لا تعذبيني
ميرنا(ما إن استدار إليها حتى رفعت قدميها باستطالة كي تصل لطوله وأحاطت عنقه بيديها وهي في حالة هذيان):- أعشقك وااائل رشواااان ..
وائل(تضخم صدره من جنونها):- وأنا كذلك ، لكن لا يصح سوى الصحيح توقفي
ميرنا(وضعت إصبعها على شفتيه):- راقصني على وقع النجوم حبيبي …هيا أرجوووك
وائل:- لا من الواضح أن الجنون تخطى مرحلة جنونه
ميرنا(بدلال):- بليز بليز راقصني أريد أن أنساب معك تحت ضوء القمر ههه هيااااا
وائل(زفر بتأفف وأمسكها من خصرها):- حسن لنرى إلى أين سيصل بكِ الجنون …
استكانت برفق وهي تضع رأسها على صدره وترقص معه على نغمات وهمية ، لا تعزف إلا لهما ولا يسمعها سواهما ، تدفقت بعدها أغنية على مسمعهما [أحضُني - كارول سماحة] كم كان مرتاحا جدااااا وهو يحضنها فهي دنياه التي لأجلها يبتعد رغما عنه فقط لتبقى هي بمأمن ويكفيه أنه يعرف أن القادم أصعب بكثير مما تتوقعه ، نفض قسرا تلك الأفكار وحاول أن يستمتع معها في تلك اللحظة التي اشتاق لها بكثرة ، حتى أكثر منها ربما فهي امرأته التي لأجلها سيقدم على خوض غمار الجنون حتى ، كما يحدث على ذلك السطح الغريب عنهما والذي جمعهما بدون سابق إنذار فقط لأن الأقدار خططت ونفذت ..ظلا هكذا لبعض من الوقت حتى تعبت ميرنا وشعرت بالعياء وقتها حملها وائل بين يديه وهي ترتدي سترته التي غطاها بها أثناء رقصهما فلفحات البرد كانت قوية وهي لم تكن ترتدي سوى منامة إياد لذا حاول تدفئتها قليلا من بعد ارتجافها بين يديه الذي أثار فيه مشاعر جمة من بينها اعترافه بمدى أهميتها في حياته ، فهي النبض الذي يجعله متعلقا بفروع هذا الكون .. كان يحملها بين ذراعيه غافية مستكينة تهذي باسمه وبحبه لم يتمكن من كبت جماع رغبته في تقبيلها لذا قربها منه وناظر وجهها المشع تحت ضوء القمر وشفتيها الكرزيتين وطبع قبلة نقل فيها مجمل مشاعره وأنزلها من هناك ، فتح باب الشقة ووجد كوثر فاغرة فاهها على تلك الأرضية نائمة في ملكوت الله ، ووصال نائمة بغرفة الضيوف وصاحب البيت أول من سافر في قطار النوم لذا وضعها على الكنبة وغطاها جيدا بسترته ومسح على شعرها ثم غادر وترك روحه أسيرة بين يديها ….
كان يشعر بالراحة فوجوده هناك كان أحكم قرار اتخذه في حياته ، وجيد أنه لم يتردد كثيرا ولبى رغبتها في نص الليل ورافقها حتى بدأ الفجر بالبزوغ وقتها فقط رحل بعد أن نامت بين يديه واحتمت به حبيبته عسل غروبه .. غادر مثلما جاء وداغر في نوم عميق لم يلحظ قدومه ولا ذهابه وأشرقت شمس الصباح وكان أول من استيقظ بصداع هو إياااااد ، اصطدم فور خروجه من غرفته بالقيثارة المرمية أرضا وناظر الحالة المريعة التي تحولت إليها شقتها المسكينة وصرخ بعلو صوته..
إياد:- يااااااااااا إلهي …
وصال(قامت بالتحية العسكرية من شدة الفزع):- أفندم سيدي الرااااائد
كوثر(من الفزع حسبت أنها في الشركة):- التصميم أين هو التصميييييييم ؟؟؟
ميرنا:- أين أمييييييييييي ؟؟؟
نهضن ثلاثتهن مرتبكات مفزوعات لا تدرين بما ابتلين ، خرجت وصال راكضة من الغرفة واستقامت كوثر بارتياب وجلست ميرنا تفرك عينيها
إياد(ضحك عليهن):- هههههه صباح الخير هيا يا حلواتي مثلما قمتن بتخريب بيتي رتبنه ، الله يخرب بيتك يا كوثر ماذا سقيتنا ليلة أمس لا أذكر شيئا أناااااااااااا
وصال(ضربته لكتفه):- تبا لك حسبتني قد استيقظت في المعسكر
كوثر(تتثاءب):- وأنا حسبتني بالمكتب أآآآه ..
ميرنا(أغمضت عينيها وفتحتها لتشم عطرا تعرفه جيداااا):- واااائل …
وصال:- ما بها هذه ألا زالت تحلم ؟
ميرنا(بارتباك خاطف نهضت ونظرت لسترة وائل):- هذه لوائل وائل كان هنا أقسم كان هناااااا هذه لوائل يا جماعة
إياد(بعدم فهم):- كيف وصلت إلى هنا يا ترى ؟؟
ميرنا:- لا أدري ولكن … هئئئئئئ لقد أتى ليلة أمس وأنا التي اتصلت به يا ويلي ماذا قلت له لا أذكر شيئا
وصال(صرخت):- يا ويلي الساعة التاسعة سيقتلني جاسر لا محالة قد اتفقنا على اللقاء على الثامنة علي أن أذهب فورا فوراااااااا ..
ميرنا:- وأنا علي أن أعيد هذه لوائل من الضروري أن أعرف ماذا حدث ليلة أمس
كوثر:- هئئ عملي عملي يا ويلي اليوم علي تقديم التصميم المبدئي لدار الأيتاااااام
إياد:- راحت عليك يا إياد مؤكد ستنظف كل هذا لوحدك
غسلن وجوههن وأسنانهن وارتدين ملابسهن بسرعة ، وبارتباك غادرن بعد أن اعتذرن من إياد وقبلنه بحب وامتنان على كل ما قدمه لأجلهن ، وبدوره لم يمتعض بل باشر العمل إذ يكفيه بسمة صادقة من صديقاته ليكون بخير ، هنا كانتِ المرحلة صعبة فقد كان على ميرنا مغادرة الشقة بدون أن يراها داغر واستعانت بقدرات وصال على التخطيط والتي افتعلت مشكلة مع كوثر بالشارع شتتت انتباهه وجعلت ميرنا تفلت من أنظاره وتستقل سيارة أجرة …
أخذت كوثر وصال في طريقها نحو شقتها ووجدت جاسر متكئا على سيارته وينتظر قدومها ، هنا لم تتجرأ كوثر على الترجل أشارت له من بعيد وطارت بسيارتها أما الست وصال هييييه لنرى أين سيختفي صوتها ^^
جاسر:- هااااه هل أكل القط لسانكِ يا ترى .. متحمس لسماعكِ أناااا
وصال(تحركت صوبه باعتذار):- والله والله مهما شرحت لك لن تصدقني
جاسر:- كم الساعة لديكِ الآن ؟
وصال(بعيونها تتودد):- لقد أخليت بموعدي معك أعلم ذلك .. آسفة
جاسر:- جعلتني أنتظركِ لساعة هنا ، وقمتِ بشيء مشين ليلة أمس لا يليق بنقيب محترمة بتااااااااتا وغير هذا وذاااااك تحادثينني بعد منتصف الليل كمجنونة لو أمسكتها بين يداي لخنقتهاااا
وصال(عضت فمها):- ماذا قلت لك ؟
جاسر(ما يجعل عقلي يتخبط في مداركِ يا وصاااااال):- وما شأنكِ بما قلته لي ، هل أسرَّيتِ لي بما قالته الست حميدة لكِ طبعا لا لذاااا لا يسعكِ المطالبة بشيء
وصال(اقتربت منه):- كيف ذلك لالالا يجب أن أعرف حرام عليك والله لم أكن بوعيي
جاسر:- هه أعلم ذلك ولن تسمعي مني شيئا ، والآن أدخلي لشقتكِ وارتدي ثيابكِ سنغادر على الفور صوب المشفى العسكري هياااااااا ليس لدينا اليوم بطوله تحركي
وصال(أشارت له بتعب وتوجهت صوب شقتها):- صراخ صراخ صراخ أساسا هذا ما تجيده
جاسر:- والله إن لم تصمتي وتحافظي على لسانكِ داخل فمكِ سليما ، سأقطعه لكِ
وصال(رمقته شزرا وهي تتوجه لشقتها):- مجرم
جاسر(برقت عيناه بشراسة):- تعالي هنا تعالي ، أنا مجرم من الواضح أنني تركت لكِ الجمل بما حمل حتى تتمادي بهذا الشكل لكن لا ولى ذلك الزمن من الآن ستسيرين كالمسطرة ، أقول توقفي يا بنت اسمعي …
دخل خلفها لشقتها تاركا الباب مفتوحا خلفه واستوقفته صورتها مع أبيها والعم بشير ، أخذ يتأمل ديكورات شقتها الجميلة ونسي أساسا ما كان يقوله ، أما هي فقد ركضت صوب غرفتها وأخذت تبدل ثيابها بسرعة ما هي إلا لحظات حتى كانت ترتدي قبعتها الميري وتعقد خيط حذائها أيضاااا
وصال:- أنا جاهزة
جاسر(تنهد بعمق فهي ليست وصال إن لم تقم بفعل طائش):- عقدتكِ ليست صحيحة
وصال(ناظرت بتعب انعقاد حذائها):- افف أكره عقد الحذاء كثيراااا لقد رسبت فيها في صغري أثناء امتحان افتعله معلم الفيزياء الغبي
جاسر(انحنى فجأة وأخذ يعدل لها العقدة):- ستتعلمين أنتِ نقيب نقيييييييب افهميها
وصال(كانت تناظره بحنان هو يعقدها لها بدون أدنى اعتراض):- ياااه
جاسر(بعد أن فرغ استقام):- هيا بنا
وصال:- شكرا لك
جاسر(ابتسم لها بقنوط وزمجر بعدها):- تحركي …..
وصال:- انتبااااااااه ههه
حرك رأسه بدون فائدة فتلك هي وصال محفوظ ولا يسعه سوى التأقلم مع هذااا .. في تلك الأثناء كانت ميرنا قد وصلت إلى شقة وائل وهي تضم سترته إلى حضنها وبسرعة طرقت الباب وفتح لها العم نزاااار
نزار(تفاجئ بها):- ميرنا ابنتي أهلا أهلا تفضلي بالدخول
ميرنا:- وائل هنا صح ؟
نزار:- لا يزال نائما أدخلي
ميرنا(تنهدت براحة ودخلت):- لدي شيء سأعطيه له وبعدها سأغادر
نزار:- على الأقل أفطري معنا كل شيء جاهز ، وجدتني بصدد إيقاظه لكن لو أردتِ القيام بذلك تفضلي
ميرنا(مصت شفتيها فأحب ما لديها أن تراه نائما وتوقظه بنفسها):- شكرا لك
نزار(ابتسم لها بحنان):- سأتفقد القهوة ..
سحبت أنفاسا عميقة وتوجهت صوب غرفته فتحتها برفق ووجدته نائما فوق سريره متدثرا بغطائه الأسود مثل طفل صغير ، كم بدا جميلا آسرا للعين اقتربت بهدوء ووضعت حقيبتها وسترته المطوية على الكنبة وجلست قربه على السرير ، مدت يدها ولامست خده وانحنت بشفتيها وطبعت قبلة على جبينه وهنا تململ بحركة ضئيلة
وائل(فتح عينيه):- ميرناااا ماذا تفعلين هنا ؟
ميرنا(عادت للخلف وفركت يديها حين اكتشفت أنه نائم بدون قميص وكم بداااااا قاتلا لها من هول ما رأت احم احم ^^):- أ.. أحضرت لك سترتك ، نسيتها معي ليلة أمس
وائل(التقط قميصه بقربه وارتداه):- كنتِ أبقيتها معكِ يعني للحظاتِ سكرك المستقبلية مثلا
ميرنا:- لم يكن شرابا بل دوااااء
وائل:- أجل أجل صدقتكِ
ميرنا(مصت شفتيها):- ماذا حدث ليلة أمس ؟
وائل(حرك حاجبه واستقام):- ماذا حدث ؟
ميرنا:- أخبرني أنت
وائل(ابتسم ورمى بالفوطة على كتفه):- أممم لا شيء مهم
ميرنا(وقفت خلفه):- كيف يعني لقد لقد .. أ.. أذكر بأننا كنا نرقص بسطح شقة إياااد
وائل:- نرقص ؟؟ أكنتِ تحلمين
ميرنا:- لالالا والله أذكر أن هذا ما حدث لما تنكره
وائل(تجاوزها وفتح دولابه ليلتقط ما سيرتديه):- لنعقد اتفاقا إنسي ليلة أمس كي يكون كل شيء كما عهدناه من قبل ، يعني لن يتغير أي شيء بأحداث البارحة
ميرنا(تلاحقه بلهفة):- يعني حدث شيء صح ؟
وائل(توقف والتفت إليها):- حتى لو حدث بما سيفيدكِ معرفته ؟
ميرنا:- أرغب بذلك أنا بحاجته
وائل(عاد برأسه للخلف وأشار لها):- لكي لا تتألمي حاولي نسيان ليلة أمس ، ووجودكِ هنا خطأ قد أحضرتِ السترة لذا يمكنكِ الذهاب
ميرنا(بوجع):- هل تطردني ؟
وائل(رمى بالفوطة وبثيابه على السرير وبعصبية هدر فيها):- أجل أطردكِ ورجاء ميرنا لا تعيدي الاتصال بي في لحظات جنونك ، لم ولن يتغير أي شيء قررته انتهينااااااااا
ميرنا(رمشت بدموع وبوجع مرير):- هئئ
وائل(تابع وطعم الصدأ يملأ روحه):- كفي عن ملاحقتي لأنني لن أكون لكِ من جديد ، أنتِ الآن امرأة متزوجة فتأقلمي مع الأمر الواقع الذي خطه لكِ القدر
ميرنا:- ولكن ولكن أنت تعلم أنني أحبك أنت
وائل(زيديني قتلا):- وإن يكن .. الحب لا يعني الخلاص
ميرنا:- لما تفعل هذاااا ؟
وائل(لأنني مجبر يا حبيبتي):- يووووه كفى هل ستصيبينني بالصداع الآن ؟؟؟
ميرنا(ببكاء تراجعت للخلف):- أنت شخص آخر أنت لست وائل لست وااااائل اهئ اهئ …
لست وائل بالفعل أنا شخص يعشقكِ بجنون سيضحي بسعادته معكِ فقط لتكوني بخير يا حبيبتي ، أخفض رأسه حين سمع صوت صفق الباب مؤكد أنه جرحها في الصميم ، لكن لا يجب أن يتمادى معها كي لا تتأذى هكذا أحسن ستغضب منه وتأخذ موقفا وتبقى بعيدا عاقلة .. أي نعم متألمة لكن أحسن من أن يتألم هو عليها لو تعرضت لأذى …
دخل لحمامه وارتمى وسط الدش لينفض عنه كل تلك الأشياء الموجعة ، ما إن فرغ منه ارتدى ما يناسب عمله وخرج لتناول الفطور وصدم بما يراه أمااااامه قد كان العم نزار مكتف الأيدي والأرجل على كرسي طاولة الطعام وعلى فمه شريط لاصق ، هرع إليه وائل وفك قيده وبحث في الشقة عمن فعل ذلك
وائل(بجزع عليه):- ما الذي حدثثثثثثثثثثثث ؟
نزار(بحزن):- لقد رن الجرس فاعتقدتها ميرنا عادت من جديد لكن دخل شخصين طويلين عريضين هما من قاما بهذا وجعلانني أحفظ رسالتهما لك
وائل:- ماذاااا ؟؟
نزار:- يأمرونك بالابتعاد عن ميرنا الراجي وإلا ستجدني مفصلا أمامك في المرة المقبلة …
وائل(أغمض عينيه بتعب):- السفلة الوقحين كيف يتجرؤون عليك يا عم نزااار ، سامحني أرجوووك أنت بخير صح ؟
نزار:- لا تقلق لم يحدث لي شيء أنا بخير ، لكن أنا خائف عليك يا ولدي من هؤلاء ؟
وائل:- لا تشغل بالك إنهم أنذال سيلقون العقاب الذي يستحقونه ، رجاء امسحها فيني وطمأنني عليك ؟
نزار:- والله يا بني أنا بخير لا تخف ، لم يؤذوني بل كتفوني فقط
وائل:- ما أطيبك يا عم نزار ، يا الله لما وضعنا العين السحرية بالباب كي تتفقد من القادم إلينا رجاء حافظ على نفسك ولا تفتح لمخلوق ما لم تتبين هويته
نزار:- آه يا بني العمر لم يتبقى فيه بقدر ما مضى ، لو كتب الله لنا شيئا سنصله لا محالة
وائل(عانقه بخوف):- الله يحفظك لي يا غالي
نزار(ابتسم من محبة وائل):- حماك الله لي أيضا يا حبيبي …
كانت صدمة غير متوقعة أن يقوموا باقتحام شقته وتقييد العم نزار المسكين ، لم يرضى وائل بذلك الفعل لكنه عزم أمره على الرضوخ ريثما يجد خيطا يمسك فيه هؤلاء الخونة ، هنا غادر شقته بدون فطور أصلا أين النفس، بعد أن اطمئن على نزار توجه صوب عمله لكن ما إن فتح باب شقته حتى وجدها أمامه مبتسمة
شاهيناز:- عذرا على حضوري الغير متوقع لكن للضرورة أحكام
وائل(باندهاش منها):- ست شاهيناز ؟
شاهيناز(كم أمقت هذا الاسم ما به سلسبيل ما به هممم لكن لا بأس):- امم كما تشاااء
وائل(رمقها وهي تدخل إلى بيته):- خيرا إن شاء الله
شاهيناز(وقفت وسط صالونه وأشارت له):- لدي عرض لك سيمكنك من كسب نقطة حسنة في قلوب آل الراجي أجمعين
وائل:- ههه عرض ؟
شاهيناز:- لا تستهن أبدا فالعرض جيد ويعتبر فرصة لربح نقاط التميز
وائل:- أهاااه تفضلي كلي آذان صاغية
شاهيناز:- أنت تعلم أن لميرنا أخ مسجون صحيح ؟
وائل(عقد حاجبيه):- أجل ولكن لا تفاصيل آخرى لدي
شاهيناز:- أنا لدي كل ما تحتاجه ، ما عليك أنت سوى أن تفتح قضيته من جديد وترافع عنه في جلسة أو جلستين وتحضر له البراءة
وائل:- كيف تطلبين مني هذا وأنتِ لستِ فردا من تلك العائلة ، والسؤال الأهم كيف تعرفين بكل هذااا ؟.
شاهيناز:- لا شأن لك بكيفية معرفتي ، ما أقدمه لك عرض سيجعلك بطلا منقذا بالنسبة لهم والشاب مظلوم وأظن بأنك تكره الظلم وتدافع عن الحق ألا يكفيه حكم 25 سنة ظلماااا
وائل(برفض):- أحقاااا ؟
شاهيناز(بتلاعب أضافت):- طبعااا أنت لن يرضيك بقاء شقيق حبيبتك في السجن ؟
وائل:- أكيد فقط أعطني كل التفاصيل وأنا سأتصرف
شاهيناز:- هممم كنت متأكدة أنك لن تتخلى عنه هذه فرصتك وائل
وائل:- ماذا ستستفيدين أنتِ من هذا ؟
شاهيناز: فعل خير ربما ودين سترده لي في الوقت المناسب ما رأيك ؟
وائل(في سره):- رسالتي في هذه الحياة إحقاق الحق وإزهاق الباطل ولو كان هذا الشاب بريئا سأقوم بأي شيء لأجل براءته ..لأجل ميرنا أيضااا والخالة عواطف ونهال همم/ موافق
شاهيناز(بحماس):- رائع جدااا إذن اسمع جيدا ما سأسرده لك … في الماضي وقبل عدة سنوات تقريبا ………
هنا كان العم نزار يدمدم تحت أنفه بالمطبخ يحاول جهده أن يتمالك نفسه ، فبعد أن استشعر وجود طاقة سلبية بالشقة وأطل برأسه ليكتشف هوية الزائرة شعر وكأن الدنيا لفت به وأن وائل بخطر محدق من تلك الساحرة المجهولة ، لذلك وصل لحالة جنون تامة فأي خطر يقرب وائل عليه أن يتحمل نتائجه لأنه الحارس الشخصي له لذااااا لم يشعر بنفسه حتى أمسك بسكين المطبخ الكبير بين يديه وخرج به إليهما عازما على قتلها فهي تهدد شخصا يحرم عليها الاقتراب منه أو دق ناقوس الخطر حوله …
نزار(بعيون محمرة متوجه صوبها):-وتأتين لعقر بيتي كي تهددي حياة ابني الغالي وائل حامي حمى الشمس هاااااه ، اليوم إما أنا أو أنتِ يا سااااااحرة …..!


يتبع ..
الفصل 23 سيكون بعد أسبوعين إن شاء الله تعليقاتكم تهمني




الكونتيسة نسرينا غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 19-10-16, 08:30 PM   #452

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
Elk

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اولا الف حمد لله علي سلامتك وابعد الله عنك الانفلوانزا وشرها
ثانيا اسبوعين لنراك ثانية بعد القفلة دي
عمو نزار يحمي وائل هو اخر افراد الشمس وهو قدر ميرنا تشابكت الخيوط وسلسبيل حتعرف ام لن تقابله
الفصل ده وضح اشياء ولكن زاد غموض اشياء اخري
جويزدة حية ترزق وما علاقتها بميرنا
الفصل روعة كتير وبه خفة دم كتيير هههه اللقاء الرباعي والمجانين الاربعة
ميرا مريضة
حكيم اه ياعيني عليك لقد ذبحتك عصفورتك
ميار تعاطفت معه
القصل فعلا جبار شكراا لتعبك وبانتظارك


modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

قديم 19-10-16, 08:33 PM   #453

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

الحياة عبارة عن خبز نأكل منه كل يوم ما يطيب لنا كي يسعدنا ، فإن نحن أهملناه فسد وفسدت معه حياتنا بذات الشكل ..

modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

قديم 24-10-16, 01:50 AM   #454

حياه حلم
 
الصورة الرمزية حياه حلم

? العضوٌ??? » 361970
?  التسِجيلٌ » Jan 2016
? مشَارَ?اتْي » 142
?  نُقآطِيْ » حياه حلم is on a distinguished road
افتراضي

الفصل تحفه كالعادة ،،،روعه
كل مره تثير فضولنا للقادم
والقادم منك افضل من المتوقع


حياه حلم غير متواجد حالياً  
قديم 30-10-16, 04:12 AM   #455

الكونتيسة نسرينا
 
الصورة الرمزية الكونتيسة نسرينا

? العضوٌ??? » 310858
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 623
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » الكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة modyblue مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اولا الف حمد لله علي سلامتك وابعد الله عنك الانفلوانزا وشرها
ثانيا اسبوعين لنراك ثانية بعد القفلة دي
عمو نزار يحمي وائل هو اخر افراد الشمس وهو قدر ميرنا تشابكت الخيوط وسلسبيل حتعرف ام لن تقابله
الفصل ده وضح اشياء ولكن زاد غموض اشياء اخري
جويزدة حية ترزق وما علاقتها بميرنا
الفصل روعة كتير وبه خفة دم كتيير هههه اللقاء الرباعي والمجانين الاربعة
ميرا مريضة
حكيم اه ياعيني عليك لقد ذبحتك عصفورتك
ميار تعاطفت معه
القصل فعلا جبار شكراا لتعبك وبانتظارك
ربنا ما يحرمني منك مودي ولا من ردودك الشيقة تحليلك يروقني جدا حفظك الله لي يا رب فعلا الفصل كان خفيف ومشوق وامل ان يعجبك هذا ايضا وتجدينه في المستوى كذلك في انتظارك غاليتي العزيزة


الكونتيسة نسرينا غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 30-10-16, 04:14 AM   #456

الكونتيسة نسرينا
 
الصورة الرمزية الكونتيسة نسرينا

? العضوٌ??? » 310858
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 623
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » الكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة modyblue مشاهدة المشاركة
الحياة عبارة عن خبز نأكل منه كل يوم ما يطيب لنا كي يسعدنا ، فإن نحن أهملناه فسد وفسدت معه حياتنا بذات الشكل ..
بالفعل عزيزتي


الكونتيسة نسرينا غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 30-10-16, 04:15 AM   #457

الكونتيسة نسرينا
 
الصورة الرمزية الكونتيسة نسرينا

? العضوٌ??? » 310858
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 623
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » الكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حياه حلم مشاهدة المشاركة
الفصل تحفه كالعادة ،،،روعه
كل مره تثير فضولنا للقادم
والقادم منك افضل من المتوقع
تسلمي حبيبتي حلم حياة فرحت بمروررك واعجابك بالفصل ربي يخليك لي يا رب وعسى القادم ينال اعجابك ايضا


الكونتيسة نسرينا غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 30-10-16, 04:19 AM   #458

الكونتيسة نسرينا
 
الصورة الرمزية الكونتيسة نسرينا

? العضوٌ??? » 310858
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 623
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » الكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل 23

~ في الماضي ~
في أقاصي بلدة بعيدة كان هنالك عشيرة تقطن خلف الجبال ، قوم بعد أن كان صيتهم شائعا في كل الأكوان اندثروا شيئا فشيئا بسبب انتشار السحرة وإبادتهم التي لم ترحم تلك العشيرة ، العداوة بين السحرة والعشيرة كانت أزلية لحين تم الاتفاق على الاختباء خلف تلك الجبال بعيدا عن الجميع خشية من العثور عليهم من قبل السحرة وعدم الإبقاء على أي أحد منهم في هذا الوجود .. وهذا سيتسبب باختفاء عشيرة الشمس إلى الأبد ولن يتمكنوا من دحض شرورهم مستقبلا ، وعلى هذا الأساس لحماية ما تبقى منهم قرروا التواري عن الأنظار هناك ، أصبحوا متقوقعين حول أنفسهم لا يختلطون بالناس كثيرا إلا للضرورة خشية أن يتم اكتشاف أمرهم ، كانوا قلة قليلة حوالي الثلاثين نفسا تندرج بين ثلاث عائلات بين أولاد عمومة وغيرهم من نفس النسب .. وقد كان لتلك العشيرة كبيرة تأمر وتنهى بما يتوجب تدعى الفاضلة "وُدَيْقَة" وسُمِّيت بهذا الاسم تيمنا بالشمس الحارقة ، وقد كانت هي الأم الراعية لهم جميعا نظرا لكبرها في السن وأيضا لحكمتها التي كان أصغرهم يسير على إثرها دون جدال .. وُديقة هذه كانت تمتلك قدرة عجيبة في قراءة الطالع والتنبؤ بالمستقبل وأيضا حدس الأخطار الذي كان يتطلب منها اتخاذ قرار مصيري بشأن عشيرتها ، وذلك كي لا يتوقف نسلها عند ذلك الحد إذا ما تعرضوا لأي ضرر … كانت وُديقة نبيهة في لكل شيء وكان يستشيرها رجال العشيرة في كل تفصيلة كيفما كانت.. وهكذا دواليك ففي أحد الليالي الغابرة أذيع صيت بعربدة ساحرة جديدة في البلدة تحولت مؤخرا وليست بمتزنة قط ، وهنا بات الخطر وشيكا وبالرغم من ذلك إلا أنها رفضت الرحيل من موطنهم الأصلي حتى بعد كل التهديدات التي طالت عشيرتهم بالفتاك .. فقد كانت عازمة على الموت في مسقط رأسها ، وهذا ما خلق الشوشرة بمحيطهم لحين أتاها بكر أبنائها متذمرا مما يسمعه في البلدة
نعمان:- أمَّاه .. كبيرتنا وعقلنا المدبر إن ما يحدث بالبلدة أمر مخل بإنسانيتنا ، دورنا مهم في إخماد النار المشتعلة فيهااا كيف أمرتِ في المجلس أن نبقى مكتوفي الأيدي متفرجين من بعيد ، في حين أننا معرضين لخيانة عظمى ؟
وُديقة:- تسرعك مثل اسمك شديد اللسع وغير قابل للخمود والذي غيَّرته وفقا للحضارة التي نحياها الآن أيها المَعْمعان ، أنت مثل تلك النار لو بقيت على هذا الطيش غير مدرك لنهايتنا الوشيكة ستفنى .. قد سمعتَ أوامري في المجلس وأنت موقن أنني لا أعود في قراراتي ، فلماذا اقتحمت خيمتي وتطلب مني إذنا في التدخل ؟؟؟
نعمان(برفض انحنى عند ركبتها):- تعلمين أن اسم معمعان لا يروقني كثيرا أماه الغالية ، نعمان ذو هيبة أمام رجال القبيلة وأنا ابنكِ البكر أترفضين لي طلبااااا ؟
وُديقة(ابتسمت جانبيا وطالعته بدقة):- انصرف لخيمتك يا بكري قبل أن أتخذ فيك قرار هجر لسنة كاملة ، وأنت تعلم بأنني لا أعرف للمزاح طريق
نعمان(فرك يديه):- سنحترق جميعنا يا أماه ، أتحسبين بأنني لم أسمع حديثكِ عن تلك الساحرة هداية هي السبب في إطلاق الساحرة الأخرى شقيقة فخرية ؟
وُديقة(زفرت عميقا وبعد صمت):- فخرية على سلم معنا ولن تؤذينا بشيء لأنها تضمن أننا لن نؤذيها لا هي ولا شقيقاتها ، إنما تحويل سلسبيل هذا ما كان بعيدا عن إدراكي ولكن بالرغم من ذلك لن نقترب من هناك قيد أنملة
نعمان:- ولكنها تتوعد بوعيد إبادتنا وأيضا آل الراجي وآل رشوان يعيشون المرار بسببها ، فهل سنبقى مكتوفي الأيدي لحين تداهمنا بشرورها وأنتِ تعلمين أن فردا منا لن يبقى على قيد الحياة إذا ما وطئت قدم ساحرة دائرتنا
وُديقة(ابتلعت ريقها):- أرسل لي ابنك البكر نزار على الفور
نعمان:- ولماذا تريدينه ؟
وُديقة(صغرت فيه عينيها):- أيها المعمعااااان لا تجادلني جملة بجملة ، أرسل لي حفيدي على الفور وستعلم بعدها ما أريده منه هيااا تحرك ..
نعمان(حرك يديه بأسف وتراجع خارج خيمتها ووجد زوجته بالقرب بقلب ملتاع):- ماذا تفعلين هنا يا شمسية ؟
شمسيَّة:- أرجوك يا ابن عمي أخبرني أنها لن تفرط بابننا البكر .. قلبي يحترق يحترق خوفا عليه من قراراتِ عمتي
نعمان(جذبها معه للخلف):- رافقيني لخيمتنا ولا تحدثي جلبة أمام الأهالي …
شمسية(بقلق رافقته لحين دلفوا إليها):- أجبني بالله عليك ما الذي يحدث .. وما الذي ترغبه الكبيرة من ابننا ؟
نعمان:- لا أدري يا شمسية لم تعطني أية دلالات على غايتها ، لكن سنطيعها بكل قراراتها وعلى هذا توجهي لخيمة ابننا نزار واطلبي منه موافاتي سأكون بانتظاره لندلف إليهااا
شمسية(تشبثت به باكية وحملت ابنتها الصغيرة وحضنتها):- لا يا نعمان أرجوك لأجل ابنتنا الصغيرة لا تبعث أخاها إلى التهلكة
.نعمان:- زوجتي الغالية ، إن ما ستطلبه أمَّاه سيمشي كحد السيف قد حان الوقت على الأغلب
حاولت أن تصرخ كي تمنع التضحية بابنها لكن لم تجد صدى لصوتها ، فحكم وُديقة لا رجعة فيه ، لذلك كان نعمان جاثما خارج خيمتها موليا ظهره للفراغ وقلبه يحترق حرقة على ما سيحدث بعد قليل وما هي إلا دقائق حتى جاء ابنه الشاب الشجاع الذي يعتد به شباب ونساء العشيرة أجمعين
نزار:- أبتي
نعمان(كفكف دمع قلبه واستدار إليه):- بني نزار .. قد نضجت وأصبحت شابا يعتمد عليه ، كبيرتنا قد طلبتك بالاسم وعليك تلبية أمرها ولو على رقبتك يا ولدي ، حياتنا على المحك وربما قد وجدت بك الخلاص لنا فهل يمكننا أن نرى فيك مستقبلا لعشيرتنا ؟
نزار(ابتلع ريقه وربت بيده على كتف أبيه):- أبي الغالي ، قد ترعرعت على تحدي الصعاب وعلى تحمل مسؤولية عشيرتنا ورسالتها في هذه الحياة سوف لن أخذلك مطلقا
نعمان(عانق ابنه بمحبة وأشار له):- إذن لندلف ونستعد للقرار …
كان المثول أمام وُديقة أشبه بالامتحان ، لذا وثب أمامها نعمان وابنه باحترام يحتوي بعض الريبة وهذا ما جعل القلق يتسرب لفؤاد الأب بينما نزار كان ينظر مباشرة لعيون جدته في مواجهة صامتة كلها تحدي وإصرار على حماية عشيرتهم بالغالي والنفيس ..
وُديقة:- اقترب يا نزار إلي فما سأقوله مهم جدا ، وعليه ستُقرر مصائر قبيلتنا
نزار:- وأنا كلي فداها يا جدتي
وُديقة(هزت رأسها بإعجاب ببسالته وأردفت):- كان اختياري لك صائبا يا نزار ، نحن يا بني آخر شعب من عشيرة الشمس ، إننا على مشارف ألفية حديثة لا يقبل فيها أناس غير طبيعيين مثلنا ، وذلك العالم هو ما ستنفتح عليه وستعيشه ، وبالرغم من كل هذا وذاك ستحافظ على مسعاك الدفين لحين يأتي الوقت المناسب … أظن بأنك قد سمعت بما يحدث في البلدة ودورنا يحتم علينا أن نحاربهم بكل قوانا ، لكن مع الأسف لو شحذنا تلك القوى الضئيلة ستتبخر عشيرتنا ، فمنذ أن فقدنا قوة الشمس أصبحنا حراسا وليس في إمكاننا سوى حماية سلالتنا من الاندثار
نزار:- أخبرتكم أنني مستعد لإعادة تلك القوى ولكنكم أبيتم يا جدتي ولو كانت بقبضة من
وُديقة:- عزيزي .. نحن لسنا متأكدين من موقع القلادة الحالي ، وما نعرفه أن القوى غاضبة علينا لأننا فرطنا فيها سهوا وقد كانتِ النتيجة أننا سلبنا من كل شيء وأصبحنا حراسا عليها فقط لا غير
نزار:- تلك القوى ستعود بعودة القلادة جدتي وأنا من سيجدها
وُديقة:- لقد رأيت رؤيا يا بني ، لا داعي لأن تحاول فحتى لو أعدت القلادة لن يعود ما يوجد فيها ..
نزار(بعدم فهم):- كيف ذلك ؟
وُديقة:- لم يعد دورنا مقتصرا على إخفاء القلادة المتوارثة من جيل إلى جيل ، بل أصبح علينا حمايتها وفقط
نعمان(بدون فهم):- ما يعني يا أماه ؟
وُديقة:- نحن هالكون لا محالة .. لكن على أحدنا الوصول لتلك القلادة وحماية حاملها من شرور لعنات تنك الساحرات …
نعمان:- لكن لما لا نعيد قوانااااا بإعادة ما كان لنا من البداية ؟
وُديقة:- لن نستطيع ذلك يا معمعان ، فقد كُتب على تلك القلادة أن تُسرق لتصل إلى قبضة من حرصنا دهورا في انتظاره للخلاص
نعمان(زفر بعمق):- لم تجيبيني ما الذي رأيته في رؤياكِ أماه ؟
وُديقة(رمشت بعينيها ونظرت لنزار):- القلادة اختارت مالكها الأصلي ،، يعني هي بحوزة المختار الذي سيحمي وليدة الشمس
نزار(جحظ بعينيه):- من يكون هذاااااا ؟ ثم الأسطورة تقول أن وليدة الشمس لن يعطيها أحد ميزتها سواناااا ؟؟
وُديقة؛:- خفف من تسرعك يا نزار ، وليدة الشمس لا أحد سوى عشيرتنا قادر على منحها تلك الهبة .. ولكن على خادمنا الذي سيمنحها ذلك أن يعرف متى وكيف ، لأن حاميها المختار سيأتي قبلها بعدة سنوات ضئيلة حسب دوران الشمس …
نعمان:- هل تقصدين أنه لم يُولد بعد ، لكن كيف ولما تخبريننا الآن أن القلادة بحوزة المختار حامي حمى وليدة الشمس ؟
وُديقة(بشرود بعيد):- سيأتي يوم وتصل القلادة إليه وسوف لن يفقه شيئا فيما يملكه ، فقواه ليس لها قيمة ما لم تكن وليدة الشمس بقربه فقوته وقوتها حين يتوحدان ستجعل شرور السحرة تندثر من العالم أجمع
نزار:- بغض النظر عن كل هذا وذاك ما دوري في كل هذا جدتي ؟
وُديقة:- عليك أن تتوارى عن الأنظار يا نزار ، ستهاجر القبيلة وتحرس المختار من بعيد إلى أن يشتد عوده وقتها ستكون قد ظهرت في حياته وبنيت معه صلة خواطر ، لأنه حين يأتي الوقت اللازم للنهاية عليك أن تخاطره باطنيا ليتصرف حسبما تأمره ، أنت تعلم أن التخاطر عندنا لا يتم إلا بهذه الطريقة وحامي وليدة الشمس سيحتاج لذلك ذات يوم ..
نزار:- طيب متى سيولد ومن يكون وأين علي أن أتجه ؟
وُديقة(ابتلعت ريقها ونظرت لنعمان):- لم يعد هنالك داع لبقائك يا معمعان دعني مع حفيدي وحدنا رجاء
نعمان(برفض عقد حاجبيه):- ولكن … تت أمركِ يا كبيرة …
وُديقة(بعد ذهابه جذبت يد نزار وقربته لها):- الآن ستفتح آذانك جيدا وتسمع كل حرف أنطق به وتضعه صوب عينك ، فمهمتك في السنوات المقبلة مقتصرة على حمايتهما معا وإلا لن نستطيع هزم هداية ولا سلسبيل ولا غيرهما من الشريرات اللاتي يعِثن في الأرض فسادااااا
نزار:- اعتمدي علي جدتي ، طالما هذه هي مهمتي في الحياة سأكرس عمري لأجل تحقيق ذلك.. فاطمئني
وُديقة:- وأنا لأنني أثق بك وبقدراتك وكَّلتك لأجل هذه المهمة … والآن سأخبرك بما حدث قبل مدة طويلة أتذكُر حين اقتحم سليم الراجي بقاعنا بحجة أنه ضائع بين الهضاب ، قد استأمنه رجالنا واستقبلوه بطيب خاطر ليحل ضيفا علينا ولكنه كان هنا لأجل غاية في نفس يعقوب ، ومَثل تلك التمثيلية لأجل الحصول على إرثنا الثمين الذي أغراه نتيجة ما سمعه بين الأهالي في البلدة ربما ..
نزار(اشتد غيظه):- مااااذا أكنتِ تعلمين طوال الوقت بسارق القلادة يا جدتي ولم تتفوهي بحرف، كيف أمكنكِ ذلك لو نطقتِ لكنا قد أحضرناه إلى هنا مكبلا واستعدنا ميراثنا
وُديقة:- تمهل يا عزيزي ، فنبوءتي ما كانت ترضى بعودة ما سُلبَ منا لأنه قد شق الطريق بنفسه للعثور على مالكيه المختارين
نزار(امتص شفتيه بغيظ):- تابعي يا جدتي
وُديقة:- سليم الراجي سرق القلادة ليهديها لهبة ابنة آل رشوان ليلة زواجهما
نزار:- ولكن .. هما لم يتزوجا بعد ؟
وُديقة:- بالرغم مما تفعله سلسبيل حاليا للحؤول بين زواجهما إلا أن ذلك سيتم رغما عنها ، لأنه مخطط من قبل الأقدار إنما لن يطول ذلك الزواج فلعنتها التي ستصيبهم بها ستكون أقوى من أن يثبت زواج سيتحول عاجلا وليس آجلا لحرب شعوااااء
نزار:- يا إلهي .. طيب لما لا نوقف كل شيء من بدايته ولا نسمح بلعنة سلسبيل أن تطالهم فهذا في الأخير من مهام شعبنا يا جدتي ؟
وُديقة:- وماذا سيحصل فيما بعد لو وقفنا حائلا بينها وبينهم ، أستبطل اللعنة في نظرك هل ستعود سلسبيل إلى رشدها بالعكس سوف تبيد كل شيء في لمح البصر لأننا ضعفااااء ، وما يوجد بأيدينا من قوة لن يجابهها في نقطة حتى … لذلك مصير سلالتنا بين يديك يا نزار فنحن هالكون ووحدك من ستحمل إرثنا بين يديك وتختفي بعيدا عن الأنظار لحين يأتي الوقت المناسب
نزار(مسح على رأسه بجنون):- كيف تطلبين مني ذلك ، أنا بذهابي سأترككم للموت من بعدي فأي مصير هذاااااا ؟
وُديقة:- قد كتب علينا الموت في أرضنا يا عزيزي وسنحارب لآخر الرمق ، لكن أنت لا تلتفت للوراء أيا كان ما سيحدث عليك انتظار المختار الذي سيحمي وليدة الشمس فوحدها القادرة على الإطاحة بسلسبيل والفتك بها
نزار:- كيف سأعرفه ؟
وُديقة(ابتسمت بتأمل):- سيخاطبك بنفسه وقتها ستكرس أنت حياتك لأجل حراسته
نزار:- وهي من ستكون ؟
وُديقة(بتمعن):- ستأتيك بنفسها وهي في بطن أمها وأنت من سيزيل الغشاوة عليها لتصبح وليد الشمس دون جداااال ..
لم يتمكن من استيعاب كمية الأخبار التي فاجأته بها ، فهي تتحدث عن مستقبل لا يزال في علم الغيب لكن قدرتها أقرت بما سيحدث وما سيغير مجرى الأحداث إن تم اتخاذها كما يجب منذ البداية ، وهنا اكتفى نزار بهز رأسه لأن مهمته القادمة تقتصر عليه والتي بواسطتها سيحرف منحى المستقبل بناء على رغبة جدته وأيضا لحماية آخر أمل لهم في عشيرة الشمس التي باتت عبئا عليه تحمل مسؤوليتها مذ تلك اللحظة …
خرج من خيمتها بعد أن تسلم مهمته رسميا وتوجه صوب خيمته جهز نفسه بما يلزم وتوجه لتوديع والديه اللذين كانا يحترقان خوفا من فراقه ..
شمسية:- آه يا فلذة كبدي آه ..
نزار(عانقها بمحبة):- يا شمس حياتي قد حان الفراق
شمسية(ببكاء):- آه يا نزااار يا بكري الحبيب ، لطالما كنت شابا تجذب العين لفطنتك وبسالتك وشجاعتك أكثر من أي شخص في القبيلة ، لذلك لن أخشى عليك شيئا أعلم أنك ستقوم بالمهمة على أكمل وجه لأجلنا جميعاااا
نزار:- كان بودي حمايتكم والمحاربة معكم لكن مهمتي مختلفة وطريقي أصبح غير طريقكم ، أماه الغالية اعتني بنفسكِ وبأبي وبأختي ناريانا ، أرجوكم كُونوا بخير
شمسية(بقلب منفطر):- ليرعك الله يا حبيب قلبي يا شعلة العشيرة
وعلى ذلك الوداع انطلق نزار فوق حصانه والدمع المكبوت متحجر في عيونه ، قد يراهم مرة أخرى وقد لا يراهم فهم سيدخلون في حرب مع سلسبيل وهداية على الأغلب ، ولن يكون بالقرب كي يمد لهم يد العون لأن عليه حماية القلادة كي لا تفقد وتضيع وسط الدروب ، بل عليه الحرص لأن تصل للشخص المختار الذي سيولد بعد عدة سنوااااات … على إثر ذلك وآنذاك تحديدا في البلدة قد كانتِ الأمور محتدمة ، فسلسبيل جن جنونها وهي ترغب بالانتقام من سليم الراجي الذي أحرق قلبها حرقة عمر لن تمَّحي لذلك باتت متخبطة في جنبات روحها غير مدركة لقوة الشياطين الهائلة التي تنخر عقلها ، وأيضا الغضب الجامح الذي كان يتأجج بداخلها قد أفقدها صوابها وهذا ما جعلها تهيم في الجبال وحيدة تلك الليلة المنحوسة لحين التقت به وكأن الأقدار جمعتهما ..
سلسبيل(رمشت بعينيها ورمقت شابا على حصانه قادما من بعيد والغبار يلحقه في حلكة ذلك الليل المقمر قليلا):- من يكون هذا الضحية الجديد ههه ….لالا لن أقتله يكفي قتلا قد وعدتموني ووفيت بوعدي فأشيروا علي أشيرووووا علي لأتخلص منهاااااا …آه كفوا عن الصراخ رأسي رأسي يكاااااااد ينفجر ….آآآه
نزار(انتبه لامرأة متدثرة في السواد تصارع شيئا في بقعة هناك لذا جذب لجام حصانه وأجبره على الوقوف لكن لم ينزل منه بل اقترب إليها بحرص):- هيييه يا سيدة هل أنتِ بخير؟
سلسبيل(لم تنظر له بل ظلت تمسك برأسها وتصرخ فيه):- إرحل من هنا إرحل بسررررررعة إرحل ألا تسمممممممعني …؟؟؟؟
نزار(بتوجس منها ومن حالها):- هل كل الأمور جيدة .. يا سيدتي ؟؟
سلسبيل:- لا تتصرف بنبل أيها الغريب وانصرف كي لا أقتلك
نزار(برقت عيناه حين لمح وجهها جانبيا وأغمض عينيه ليتبين أنها ساحرة):- عذرا منكِ
ما إن هم بتحريك لجام حصانه لأجل المضي في حال سبيله ، حتى طارت في لمح البصر ووثبت أمامه قاطعة الطريق عليه بحركة مريبة ، أفزعت الحصان عدا عن راكبه الذي هدأ من روعه وأخذ يراقبها لأجل مواجهة مصيرية لابد منها
نزار:- ماذا تريدين ؟
سلسبيل(طالعته بتمعن وصغرت فيه عينيها):- أتحسب بأن المرور بسلسبيل هين هكذااا ، لقد اخترت طريقا موحشا جدا وفي الليلة الخطأ يا جميل هه هاهااااااا
نزار(أحكم الإمساك بحصانه):- أحقاااا ذلك .. إذن دعيني أخبركِ أنني لست بلقمة سهلة هيا تحررررررررك تحرررررررك …
سلسبيل(ارتجت محلها من فرط الغبار الذي حجب رؤيته عنها):- تبا لك يا أبله ، أهرب يا جبان أهرررررررب
نزار(بغضب):- آه ثم آه لولا مهمتي لنزلت وأوسعتكِ ضربا يا ساحرة لكن لا بأس لنا يوم ونلتقي فيه يا سلسبيييييييييييييييل ….
على ذلك العزم انطلق قاصدا طريقه الذي رسمته له الأقدار ، ولحظتها من فرط غضب سلسبيل قادتها الشياطين إلى العشيرة وما إن لاحت لها من بعيد وأبصرتها حتى أطلقت ضحكة مجلجلة زلزلت الأرجاء كلها ، وسمعها بعض من الأهالي فقامتِ الدنيا ما قعدت خرج الرجال حاملين أسلحتهم بين أيديهم لمحاربتها في حين بقيت النسوة في خيامهن تحتضن أولادهن وتصرخن من الخوف والبكاااااء … لم تتوانى لحظة في تنفيذ شرورها لكن قبل أن تخطو خطوة في دائرتهم ظهرت وُديقة من بين الرجال متقدمة إليها بعصا خشبية طويلة تشق معها الطريق
وُديقة(بصوت جهوري):- وجودكِ هنا ممنوع
سلسبيل(بضحكة صاخبة):- هاااااها هل اعتقدتم أنكم ستفلتون من قبضتي طويلا ؟؟ .. إيجادكم كان أسهل شيء قمت به في حياتي هههه وأظن أن الليلة ستكون ختامية بالنسبة لكم قد انتهى زمنكم ياااا أحبائي …
وُديقة:- لقد عقدنا هدنة مع أختكِ فخرية لا تستطيعين كسرها الآن يا سلسبيل ؟
سلسبيل:- أختي فخرية هاه .. طيب لعلمك هي لن تعترض على تواجدي ها هنا يعني أنتم هالكون ولم يتبقى لكم أمل في الحياة ، هي غبية حين فكرت بعقد هدنة مع أعدائنا لكن أنا هنا موجودة وقد حصلت على قوة تفوق قدرتكم على مجابهتي لذا سأستمتع بقتلكم الواحد تلو الآخر وهذا خبر سأزفه لأختي بنفسي فلا تقلقي وتشغلي بالا
وُديقة:- هل تظنين أنكِ ستخيفيننا ؟
سلسبيل(بصوت كفحيح الأفاعي):- أجل يا روحي فأنتم ضعفااااء أستطيع شم الخوف في أجسادكم التي ستصبح رمادااااا بعد قليل
وُديقة(ضربت بعصاها الأرض):- واهمة يا أنتِ .. يا رجاااااال
في غمضة عين كانوا يقفون في سطر موحد أمامها مضحيين بأرواحهم لحين تراجعت وُديقة للخلف ، مباشرة نحو النسوة اللاتي اجتمعن في خيمتها بعد أمرهااا أمسكت حفيدتها الصغيرة بين يديها
وُديقة(ابتلعت ريقها بعد أن مسحت على جبين ناريانا ودمدمت بكلمات غير مفهومة على مسمعها مما جعل عيون الصغيرة تنفتح وتنغلق تلقائيا في نوم عميق):- شمسية خذي ناريانا الآن قد وصمتها ببركتي واهربي من هذا المكان ، وأنتن افعلن المثل من نجت بحياتها فقد وُلدت من جديد ولتحافظ على سر عشيرتنا في الخفااااااء ، هياااا تسلحن وخذن ما تحتجن من بيت الخزين وانطلقن بأطفالكن علينا أن ننجوووو
شمسية(بلهفة):- هيا معنا يا عمتي وأنتِ أيضا ستذهبين
وُديقة(بثبات):- لا يا ابنتي أنا لدي حسااااااب مع سلسبيل ولن أبرح محلي ، ثم لم يبقى في العمر أكثر مما سرق مني لذلك دعيني أموت في أرضي أدافع عنها حتى الفنااااء .. اذهبي وحافظي على حياة ابنتكِ غاليااااا
شمسية(بدموع):- الوداع يا عمتي … هيا يا نساااااء
بالفعل حملتِ النسوة الخمسة كلا من أولادهن الصغار بين أحضانهن وانطلقن صوب المجهول ، لم يكن هنالك سوى صبيين يلحقان ركضا بأمهما والباقي رُضع صغار ، أمسكتِ الأمهات بأولادهن بحرص خشية من أن تطالهم أنامل الشر المهددة خلفهم .. وهنا كانتِ قد احتدمت النيران في القبيلة وقامت حرب ما بين قواهم وقوى سلسبيل التي طبعا كانت تفوقهم بكثير كانت تبيدهم الواحد تلو الآخر ، دون رحمة دون شفقة تحرقهم حرقا وتشحذ قواهم بل وتمتصها لتتغلغل فيها وتزيد من قواهاااا ، واحدا بعد واحد لحين وصلت لخيمة وُديقة التي كانت جالسة برزانة وثبات على كرسي الحكمة كما تسميه ، ممسكة عصاها ويدها الأخرى تضعها على قلبها وتنتظر
سلسبيل(تنهدت وهي تدلف إليها):- أمممم مخدع كبيرة عشيرة الشمس شخصياااااا ، حسن كنت أتوقع أنني سأجده زجاجة كبيرة تعكس أشعة الشمس يعني تعبيرا مجازيا لما تزعمونه لكن خيمة مهترئة كهذه يلا لا فرق طالما أنها تليق بموتك سيدة وُديقة
وُديقة(بابتسامة عريضة):- مُشكلتكِ يا سلسبيل أنكِ حديثة العهد وتستهزئين بعجوز عاشت أكثر منكِ ، ورأت من عجائب الأرض ما لم يطرأ على دماغك .. فافعلي ما تريدينه سريعا فلا داعي لأن تستمتعي أكثر بمسرحية لن تجدي فيها ما يثلج صدركِ ، كوني سأموت مثلما وُلدت قوية لا تهزم
سلسبيل(تثاءبت بملل)":- أوووه مؤثر مؤثر جدا يا امرأة ، لكن لا تروقني اللحظات الأخيرة ولذلك أعطني قلادة الشمس ودعيني أنهي ما بدأته
وُديقة:- قلادة الشمس هل طمعتِ أيضا بهاااا ، مؤسف يا سلسبيل فأختكِ فخرية قد حرصت على تدميرها وقت انعقاد الهدنة يعني كي لا نشكل تهديدا عليكن
سلسبيل(بعدم اقتناع):- كاذبة ، لا يمكن لفخرية أن تدمر شيئا سيدعم قوانااااا… أين القلادة تحدثي وإلا ستحترقين بنيراني ؟
وُديقة:- هه أنا ميتة بدون شك ولذلك سارعي في الأمر ، لأن هذه هي الحقيقة
سلسبيل(اقتربت منها بشرر وقد عاد صداع رأسها):- يووووه يكفي يكفييييييي
وُديقة(بتخمين):- أرى أنكِ لم تتعودي بعد على الأصوات التي تنخر في رأسكِ ، لقد أغضبتِ السماء والطبيعة فتلك الأفواه الجائعة برأسكِ لن تهدأ حتى تودي بكِ للهلاك
سلسبيل(بغضب رافقه شرر تطاير من عينيها المحمرتين):- لقد هربت لسنوات مديدة ، هذا لأننا نبذنا من أهالي القرية أعلى الجبل في كوخ نتن جُبلنا على العيش فيه .. كل هذا لأن أمثال أولئك البشر منعدمي الضمير وأمثالكم من أعداء الحياة لم يتقبلوا وجودنا بينهم ، وحكموا علينا بالنبذ بعيدا عن أنظارهم وهذا ما جعل حبيبي ينفر مني ، يعني أنتِ و هم وأولئكِ والبشر أجمعين سبب في تفرقتي عن سليييييم ولهذااااا ستموتين يا وُديقة آسفة منكِ لكنكِ ستلحقين بأحفادكِ وأولادك حرام حرام أن أبقي كبيرتهم حية وحيدة هنااااا .. هههه هاهاااا
قتلتها بدم بارد وخرجت من الخيمة وهي سعيدة ، ومرت بعينيها نحو النيران المندلعة في الأجسام حولها ونظرت بشيء أشبه بالقصاص قبل أن تخط قدميها لحاقا بالنسوة اللاتي تفرقن وقطعن أشواطا لا بأس بها ،لكن نظرا لقوة سلسبيل قد استطاعت تحديد مواقعهن بسهولة فتكت بهن أجمعهن ولم تشفع براءة الصغار بداخلها بل قتلتهم في غمضة عين ، وآخرهم كانت شمسية التي كتمت أنفاسها خلف حجرة وابنتها بحضنها … كانت تنظر إلى سلسبيل وهي تقضي على نساء عائلتها الواحدة تلو الأخرى وكيف أمسكت بأعناق الصغار وخنقتهن هذا لوحده كان يجلب الغثيان من هول ما رأته عيناهاااااا ، كم خافت على ابنتها المسكينة لذلك توارت عن الأنظار بها وتمنت لو أن الله يبعث لها من ينقذها من تلك الشريرة العمياء التي لم تشفع لأولئك الصغار حتى فكيف تشفع بها هي وابنتها ناريانااااا ، ظلت مختبئة وهي تراقب تحركات سلسبيل التي تراجعت وهي تصرخ من فرط الصداع متوجهة بعيدا عن ذلك المكان وعلى الأغلب مغادرة بعد أن دمرت كل العشيرة مع الأسف .. للحظة توقعت شمسية أنها قد نالت الحرية لذلك وضعت ابنتها بين الأحجار خلف الركن وأخرجت خنجرها الصغير من خصرها وحين أرادت أن تتأكد من رحيل سلسبيل ما إن أطلت برأسها بهدوء خلف الحجر الكبير حتى خرجت في وجهها صارخة بشر لم تشهده في حياتها ، بدون تردد جذبتها من عنقها بقبضة تلتها عدة ضحكاااااات لا ترحم
سلسبيل:- ههاهاه هل اعتقدتِ بأنكِ ستفلتين من قبضتي أيتها البلهااااء
شمسية:- حرام عليك لما تفعلين بنا هذاااااا ماذا فعلنا لكِ دعيني وشأني ؟؟ النجدددددددة
سلسبيل:- ههه وهل تعتقدين بأنكِ ستجدين من يغيثكِ مني يا امرأة ، هههه ستموتين مثلما مات ذووكِ أجمعهم وعلى يداي هااااتين ، سأجعل منكم عبرة لمن يعتبر ستكونون أول من أنتقم منهم والدور على ابنة رشوااااااااااااااان الدور على ابنة رشواااااااااان نيهااهاااا … موتي يااااااا امرأة موووووووووووووووووووووووو تي
وهاهي ذي جثة هامدة على الأرض لحقت بأخواتها السابقات ، لحظتها اختفت سلسبيل وسط الظلام وهي مستمتعة بما أنجزته ، لم تستشعر ذرة شفقة ولا رحمة وكأنها جُردت من إنسانيتها التي كانت ذات يوم تعبر عن جمال طبعها وطيبه ، لكن هيهات الآن قد تحولت لآلة فتك بالأرواح لا تعرف للرحمة طريق …. لقدرة الإله وحكمته لم تستشعر وجود شيء حي لا يزال قلبه ينبض بالحياة خلف تلك الأحجار المكومة ، ناريانا التي بقيت هناك وحيدة بلا حول ولا قوة تنتظر الأقدار التي ستبقيها على قيد الحياة ، وما هي إلا سويعات حتى عاد والهم يملأ صدره والدمع يرافق عينيه ، أمسكها بين يديه وأخذها في حضنه يهدهدها بأن الحياة ستكتب لهما معا عمرا جديدااا …
وبعد هذا مرت الأحداث سريعة دخلت فيها سلسبيل إلى سجن الجبل ، وتزوجت هبة من سليم وقامت قيامة المشاكل بينهما بعد تلك اللعنة وخصوصا حين أنجبت طفلا ميتا ، طالبت بطلاقها وهربت منه بعيدا مع الرجل الذي كان يعشقها عشقا لا حدود له وسنعرف قصتهما في الوقت المناسب ، أما الآن وعلى تعاقب السنوات وُلد وائل رشوان ووصلت إليه القلادة كهدية من جده ضرغام الذي كان يحتفظ بذكريات ابنته وحاجياتها في صندوق ثمين ، أخرج منه تلك القلادة لأنه وجدها هدية مفرحة لقلب ابنه وحيد وتليق ببكره وائل رشوان ولم يكن يعلم هو الآخر أن جاذبية القلادة كانت ستستقر ضد أي شيء في الكون بأنامله .. هنا ظهر نزار بالمحيط كسائس خيل بقصرهم حاول فيها التقرب من وائل الصغير والبقاء رفقته لحين شبَّ وأصبح في عمر العاشرة وتعود على رعاية نزار وهذا الأخير أيضا تعود عليه ونشأت بينهما علاقة حميدة لا تزال ليومنا هذااااا ، فمن وقتها أقسم نزار على أن لا يترك شرا يمس وائل الذي تغلغل في أعماق روحه ليس فقط لأجل الرسالة المقلدة في عنقه حول مهمة آل الشمس بل لأنه استطاع زرع نفسه بين ثنايا روحه ..

~ في الوقت الحالي ~
ما أعاده من ذكرياته واستوقف حبلها عند تلك اللحظة ولم يكملها لنا ، هو رنين هاتف غريب أوقفه عن الحركة وأخرسه لكي لا يتفوه بتلك الكلمات التي قرر مهاجمة سلسبيل بها .. أما وائل فلم يستسغ شيئا وأخذ ينظر إلى شاهيناز التي بادلته نظرة غبية غريبة
وائل:- الهاتف يرن
شاهيناز(طافت بعينها بالمكان):- طيب خذ راحتك
وائل(تلاعب بلسانه داخل فمه):- هذا هاتفكِ أنتِ ؟
شاهيناز(بتنبه برقت عيناها ، ت الله يلعن أبو التكلونوجيا على اللي اخترعها بفف):- أ.. آه شردت قليلا عذرا علي أن أجيب .. تت أين وضعت هذا الشيء المستطيل كم كرهته وكرهت صانعه / ألو ألو نعم ماذا تريدييييين ؟
فخرية(بلهفة):- أخرجي من حيث أنتِ فوراااا يا سلسبيل فوراااا ..
شاهيناز(بتوجس ابتعدت عن وائل):- ما الذي حدث ؟
فخرية(بارتجاف):- أنصتي إلي جيدا ، موقعكِ الآن خطر على حياتك فغادري بالله عليكِ لو علم حكيم بمكانكِ سيخنقكِ بيديه
شاهيناز:- يخنق من يا هذه ثم هذه أنا أنا ولست تلك البلهاء الخاضعة
فخرية: لا تستفزيني أكثر اسمعي الكلام وغادري من فوووووورك
شاهيناز:- تعالي هنا هل تراقبينني كيف عرفتِ بمكاني ؟
فخرية(أغمضت عينيها وفتحتها):- لقد رأيت رؤياااا بشعة لذلك اسمعي من أختكِ وغادري
شاهيناز:- هههه أنا أساسا لا أثق بأختي تلك بعد فعلتها بي طوال هذه السنوات ، على العموم انتهت زيارتي حقا وسأتحرك الآن ..
فخرية:- الله يلعنني أنا التي أعدتكِ لحياتي أيتها الأفعى ، بئسا لعقلي بئسااااااااااااا …
استدارت شاهيناز نحو وائل الذي كان ينتظرها بجنتلمانية أن تكمل حديثها الغريب ، والذي سمعه منها لأول مرة بدلا عن أصحاب الحق حتى
شاهيناز:- أظن بأن مهمتي انتهت والباقي عليك
وائل:- سأدرس الموضوع وسأنفذه برغبتي وذلك لأن نهال ابنته تستحق عودة أبيها بعد حرمان دام طوال هذه السنين ، كذلك عفاف والخالة عواطف لكن لو اتضح لي أنكِ قد أتيت بدافع من حكيم نفسه لن أمررها بسهولة لكِ
شاهيناز(اقتربت منه وهي تتمايل بإغراء):- صدقني لولا المصلحة المشتركة ما كنت لجأت إليك ، فأنت الوحيد المخول بهذا أولا لذكائك وليقيني بأنك ستنجح في ذلك وثانيا لأنك مقرب وهذا الإنجاز سيعتبر بالنسبة لآل الراجي ورقة رابحة لك وقاتلة بالنسبة لغريمك حكيم
وائل(فكر مليا معها حق ولكن ما يهمني هو نهال الآن):- تمام انتهت زيارتكِ على الأغلب
شاهيناز(صافحته وغمزت له بإثارة):- صدقني التعامل بيننا لن ينتهي عند هذا الحد ، وداعا وشكرا لوقتك
وائل(جذب يده وحرك رأسه لها):- مع السلامة
طالعته شزرا وهي تبتسم بخبث وغادرت شقته ، لحظتها أمسك هاتفه واتصل مباشرة برقيته التي كانت تخط أرضية المشفى
رقية:- يا صباح المشاغل قلت أسرق ساعة أقضي فيها شيئا مهما ولكنك ضبطتني
وائل:- أتركي أي قضية من يدك ، لدينا شيء أهم لقد اكتشفت شيئا سيغير بعض المجريات في حياة أحبتنا لذلك ركزي معي
رقية:- يا ويلي هل تنوي كتابة نصف أملاكك لي صدقاااا أثرت فيني وائلي الحبيب ، يا أهلا بالمشاكل خبرني ما القضية التي تريد منا إعادة فتحها يا سوبرمان زمانك ؟
وائل(بتمعن):- سنفتح ملف قضية مهمة على المحك
رقية:- أهاه يا مرحبا قضية ماذاااا ؟
وائل:- قضية حكم لـ 25 سنة نافذة
رقية(فتحت فاهها وشهقت بفزع):- هئئئئئئئئئئ ومن هذاااااااا ؟؟؟
وائل(بشرود عميق):- طارق الراجي ….
رقية(توقفت محلها متسمرة وبذهول):- أخو ميرناااااا .. يا حبيبي !!
ضحك على جنونها وأقفل خطه ليستدير خلفه ويجد نزارا مسمرا مثل التمثال وبيده السكين الكبير خاصة المطبخ ، رفع حاجبه بذهول ورمى بهاتفه جانبا متوجها إليه
وائل:- له يا عم نزار هل تنوي ذبح أحد ؟
نزار(بعيون مسمرة في الباب):- كنت أنوي
وائل(رفع حاجبيه وطالع الباب المغلق وعاد لينظر لنزار):- لالا مؤكد أن دخول أولئك الأوباش أثر في عقلك ، حسن لا تقلق قد انتهى كل ذلك أعطني هذا واجلس هنا هيا أعطني
نزار(رمش بعينيه وطاوعه بحرص):- أشعر بالضآلة
وائل(وضع السكين على سطح طاولة الأكل وعاد إليه):- وماذا يفترض أن يعني هذا ؟
نزار(أغمض عينيه بقوة):- وائل ابتعد عن تلك المرأة قدر المستطاع ، إنها لا تضمر لك خيراااا صدقني لقد رأيت وجهها ونظرتها إليك كانت كلها تلاعب وخبث وشر
وائل(أشار للباب):- قصدك شاهيناز ؟
نزار(حرك رأسه بغضب ونظر للأسفل):- تلك المرأة ليست طيبة مثلما تعتقد ، إنها ..أ..
وائل(ربت على كتفه بحنان):- شتت عم نزار يكفي من هذه الفوبيا حيال معارفي الذين يزورونني في بيتي ، لم نرى من الست شاهيناز ما يضر لذلك هي تنتوي خيرا وعلى أساسه طرقت بابي
نزار(بنفي):- مخطئ يا وااائل مخطئ يا بني
وائل(قبل جبين نزار):- آه على قلبك الحنون يا عم نزار ، لو تعلم بما يعتمره صدري لما زدتني همَّك أيضا لذلك سأتركك الآن وأتوجه لعملي وأنت لن تفتح لأحد غريب في غيابي مفهوووم ؟
نزار(تأوه بضعف):- طيب كما تريد لن أضغط عليك أكثر ، المهم عندي أن تكون بخير
وائل(ابتسم له وابتعد ليحمل حقيبته وهاتفه):- وأنت كن بخير همم لا تنتظرني على العشاء فلدي موعد مع شادي الصغير .. أراك لاحقاااا
نزار(بخوف باطني):- حماك الله ورعاك لي يا ولدي …
ابتلع ريقه وهو يناظر طيف وائل وقد غادر الشقة أمام مرأى من عينيه ، لقد دخلت ساحرة بيتهم ساحرة شمطاء لم يستطع تبيان هويتها لكنه استطاع معرفة أنها لا تضمر خيرا لهم ، وعلى هذا الأساس رفع بدوره هاتفه واتصل
نزار:- على الأغلب حان الوقت للتحرك ، هنالك ساحرة بالجوااااار
ناريانا(بحرارة ودفء):- أخي الحبيب نزار ، أنا عائدة لأرض الوطن بعد مدة بسيطة هكذا أخبرتني الرئيسة لذلك لا تشغل بالا ، سنجتمع مع بعضنا بعد كل هذه السنون وسنحارب لأجل قضية شعبنااا وتلك الساحرة ستختفي أعدك بذلك ..
نزار(بحنين وشوق لأخته):- ناريانا … مشتاق لكِ يا صغيرة ، لكن حذار وأن تكشفي أمركِ لأحد سأكون بانتظاركِ أختاه
ناريانا(ابتسمت):- وأنا يا أخي كلي أشوااااق وترقب..
ما إن أقفلت الخط حتى التفتت للخلف حين سمعت صوت صرير الباب الذي فتح عليها ، تنهدت عميقا بقلق خفي فهي تعلم هوية زائرتها بحدسها الذي لا يخطئ وقد كانتِ الخادمة التي دلفت إليها معتذرة
الخادمة:- آسفة منكِ لكن الرئيسة تطلبكِ سيدتي ناريانا
ناريانا(حركت رأسها بارتياح وأعادت الهاتف لمحله بعد أن مسحت المكالمة):- حسن أنا قادمة ، اذهبي أنتِ
عدلت فستانها الطويل وناظرت نفسها بتمعن في المرآة قبل أن تجدل خصلات شعرها الطويلة جدا والتي كانت تفوق الخصر في اللون الذهبي البراق ، جمالها كان مريحا للنظر وهذا ما كان يعطي للرئيسة أريحية بال في كل حين … نزلت من جناحها وتوجهت صوب المكتب الفخم لرئيستها التي كانت تفرك يديها بتوتر وتدور بالمكتب جيئة وذهاااابا
ناريانا:- أجزم أن هنالك ما يقلقكِ ؟ ..
هنا ستظهر رئيستنا المخفية عن الأنظار والتي لأجلها احترقتِ القلوب والأفئدة لوعة واشتياقا ، لكنها لم تهتم بل باشرت حياتها من جديد وبقلب بااااارد … استدارت إلى ناريانا في نظرة عميقة جدا يلفها السواد والغضب وتحركت صوبها بحدة لحين وثبت أمامها مزمجرة برياح هادرة لا تعرف للتراجع طريق …
ناريانا(كتفت يديها وطالعتها بتحدي):- هممم هل ستعترفين الآن ؟؟؟؟
جوزيت(ابتسمت بخبث):- لم أولد لكي أستسلم عزيزتي ناريانا ثم كونكِ صديقتي هذا لا يعطيكِ حقا في قراءة ما بداخلي هممم ..
ناريانا(لاحقتها حتى جلست على كرسي مكتبها):- يا مدللة يا روح لماما هل آتيكِ بكوب شاي حتى لتعديل المزاج ؟
جوزيت(بحدة وعصبية):- انتبهي لنبرة حديثكِ يا ناريانا سأنسى بأنكِ صديقتي وسأخلطكِ مع أولئك المدفونين في القبو
ناريانا(بتوجس خفي جلست على سطح المكتب):- له له أنا حبيبتكِ أتفرطين بي حبيبتي
جوزيت(أغمضت عينيها وفتحتهما):- عزيزتي هل تستخفين بروحكِ هكذااا طلقة مني وستلحقين بهم
ناريانا(ضربتها لكتفها وهي تتراقص بقدميها أمامها):- لن تستطيعي فلا يوجد لكِ أحد غيري
جوزيت(تلاعبت بلسانها داخل فكها وزفرت بعمق):- أنا في ورطة مشاااااعر …
ناريانا(بتمعن):- أنتِ تخشين العودة لأجله صحيح ؟
جوزيت:- وهل تظنين بأن رؤيته بعد كل هذه السنين هينة ، ثم هو يعتبرني ميتة هل أظهر في حياته وألقي عليه التحية قائلة آه عذرا حبيبي ميار قد كنت في إجازة داخل القبر لعدة سنوات لأجل تحنيط بشرتي يا ترى هل نفع الأمر ؟؟؟؟
ناريانا(انفجرت ضاحكة):- ههههه حسكِ الفكاهي مناقض تماما لعملكِ يا رئيستناااا
جوزيت(بكره):- مجبرة مجبرة
ناريانا(بجدية وقفت وربتت على كتفها):- حسن لا تحزني ، تعلمين أن هذا يؤثر فيني ويجعل بطني تشعر بالجوووع
جوزيت(رمقتها شزرا بنظرة قتل):- يا الله على هذا الابتلاء …
ناريانا:- ما هو مقدر لنا سنصله يا جوزيت ، ما ربما قد كتب الله لكِ العودة لأهلكِ وناسك يعني وليس لأجل العمل فقط
جوزيت:- سمعتِ الأوامر بأذنيكِ ذلك المجنون يريد الاعتزال الله أعلم ما الذي أجبره على ذلك، ويريدون مني الإمساك بزمام الأمور إما جعله يعدل عن هذا الجنون أو تولي منصبه وكل هذا يؤدي لذات النتيجة ظهوري في حياته من جديد فهل سيتقبل ذلك أم أنه سيعيدني هذه المرة للقبر وفعليا برصاصة بين عيوني ..
ناريانا(بتفكير):- هه كل هذا محلول دعيه لي ولا تهتمي
جوزيت:- وكيف سنحله يا نابغة ؟
ناريانا(لقد رأيت رؤيا لكِ يا جوزيت وستجدين راحة قلبكِ ذات يوم لكن ليس بعد الصعاااب):- سنقوم بالآتي ، أنا لا أكبركِ سوى بقليل وعمري مثل عمرك سوف نتلاعب بالتطور الفني الذي نحياه في عالمنا الحالي ، وعلى أساس ذلك سآخذ أنا هويتكِ وأنتِ ستأخذين هويتي كونكِ وصيفتي أو صديقتي أو أي شيء من ذا القبيل ، وهنا لن يراكِ لا ميار ولا أبو يحزنون
جوزيت(بتفكير):- اممم مقنع بعض الشيء ، لكن أخشى أن أعرضكِ لخطر يا ناريانا فإن فقدتكِ سأحزن
ناريانا:- ههه كاذبة وبعين وقحة قولي ستحتفلين لأنكِ لن تجدي من تقف كالشوكة في حلقكِ طوال الوقت مثلي
جوزيت(ضربتها لخصرها واستقامت):- لا .. أنتِ حقا غاليتي …
ناريانا(عانقتها بمحبة):=- ولو على الموت سنبقى سوية ..
جوزيت(ابتسمت لها وبجدية):- حسن إذن لنجهز أنفسنا فالأسبوع القادم سنكون بالوطن ، ولكن الآن هيا لنودع نيوزيلندا على طريقتنااااااا
ناريانا:- ههه لنرتدي ما يليق ولنلهب قلوب الشباب فالليلة احتفاليتنا الأخيرة ها هناااا
ما جمع بين جوزيت وناريانا هو قطار الوجع الذي جعل منهما أقرب صديقتين ، فكل منهما تسند الأخرى وقت ضعفها وخصوصا ناريانا التي اعتبرت أن دورها جد مهم في حياة جوزيت التي لطالما كانت تضعف وتشتاق وتشعر بالكره لكل المصير الذي تعايشه ، قد كانتِ السبيل كي تزيد جوزيت من نجاحها في عالم المافيا وتأخذ رئاسة عصابة القطب عن جدارة واستحقاق وهي في سن حديثة جدااا .. بالرغم من رفضها لذلك القرار الذي جعلها تفارق أحبتها إلا أنها وجدت نفسها مجبرة على خوضه كي لا يعيش في خطر من تركتهم خلفها متخبطين في بحر الأوجاع .. وعلى الأرجح تم التلاعب بها مثلما تم ذلك مع ميار نفسه فمنذ عدة سنوات وفي اليوم الذي يسبق يوم الحادث كانت جوزيت قد غادرتِ البيت صوب المرج لتجمع بعض الأزهار التي تحب ترتيبها في البهو كل يوم …
~ جوزيت تتذكر ~
صباح:- جوووزيت لا تتأخري على الغذاء يا ابنتي ، وحين عودتكِ أحضري ميار ومعه بعض الخبز ماشي …
جوزيت(تتحدث وهي تركض):- حاضر خالتي صبااااح ، اعتني بإيااااااد ماشي
صباح:- ماشي ماشي …
ركضت بعيدا عن البلدة لحين وصلت إلى مرجها المعتاد الذي تعشق أزهاره بجنون ، أخذت تلتقطها بعناية الواحدة تلو الأخرى لحين جمعت باقة لا بأس بها بين يديها ولمَّا همَّت بالعودة استوقفها رجل غريب ضخم البنية وعلى ملامحه ارتسمت آثار الريبة..
جوزيت(ابتلعت ريقها خوفا وتراجعت للخلف):- من أنت ؟
غضنفر:- أنا غضنفر صديقٌ أمين ، قد أتيتكِ ومعي رسالة
جوزيت(بتوتر تراجعت للخلف):- أنا لا أعرفك ابتعد عن طريقي
غضنفر(قدم لها الرسالة ورفع يده):- اقرئيها
جوزيت(تجاوزته هربا):- لا أريد وابتعد عني …
غضنفر(بصوت عال):- جوزيت الراجي … هذا هو اسمكِ الحقيقي عزيزتي ولستِ جوزيت نجيب والرجل الذي تعيشين في كنفه ليس عمكِ
جوزيت(عقدت حاجبيها وهي تهتز في محلها ثم استدارت إليه):- ماذا تقووول ؟
غضنفر(اقترب منها ونظر للرسالة التي رمتها):- هذه الرسالة ستبين لكِ كل شيء
جوزيت:- ولما سأصدقك ما ربما كنت كاذبا تريد بي سوءا ؟
غضنفر:- ههه قراءتها لن تضركِ بشيء .. تفضلي
جوزيت(أمسكتها منه بحرص ووضعت باقة أزهارها جانبا وشرعت تقرأ بتوجس منه تنتقل بنظراتها بين عينيه وبين الرسالة):- طيب
(عزيزتي هبة : أتقدم بخالص الأشواق لكِ غاليتي ، أنا أقوم برعاية صغيرتكِ فلا تقلقي هي بأيدي أمينة لم يتبقى سوى هروبكِ الليلة ليحضركِ رجالي إلي ، سنبتعد قدر الإمكان عن الأنظار كي لا يجدكِ الحقير سليم ، لقد سميت ابنتكِ باسم غريب أعلم أنكِ لن تتقبليه لكنه سيبعد الشبهات عنا ، إنها جوزيت تشبهكِ كثيرا يا هبة لا يسعني إبعاد عيني عنها ولا أسمح لأحد برعايتها غيري أنا فلا تقلقي من شيء ، حتى ميار إبني لن أسمح له بالاقتراب فتلك الصغيرة قد سرقت لب قلبي مثل أمها وهي تحت وصايتي الشخصية كابنة أخي الذي مات إثر حادث هو وزوجته الأجنبية ، قد كتبتها باسمنا جوزيت نجيب مع العلم أنني وددت لو كانت صدقا من لدني لكن طالما هي قد خرجت من أحشائكِ فهي تعني لي الدنيا وما فيها ، المحب دوما لكِ عامر… أنتظركِ)
جوزيت(بعيون تكومت بالدمع الحارق ضربت وجه غضنفر بالرسالة):- ما هذا الهراااااء ؟ كيف استطعت تلفيق هذه الكذبة من تكون هذه هبة أهي أهي نفسها أم إيااااد .. لكن كيف كيف يكونان والديّ هي وسليم ذاااااك ؟؟
غضنفر:- أعلم أن الصدمة قوية جدا عليكِ يا ابنتي لكن هذا ما حدث ، أنتِ ابنة هبة رشوان وسليم الراجي .. قد ولدتِ في ظروف صعبة جدا وتم إنقاذكِ أنتِ و … أ.. يعني لا داعي لأن أخوض في هذه التفاصيل فليست مهمة بقدر ما يهمني معرفة موقفكِ الجديد حيال الرجل الذي كذب عليكِ طوال هذه السنوات على أساس أنكِ ابنة أخيه
جوزيت(بدموع):- سوف أحااااسبه لا يستطيع أن يكذب علي هكذااا ، يعني يعني ميار ليس ابن عمي وو إيااااااااد من يكون إياااد هئئئئ إياد يكون ابن الخالة هبة أيعني ذلك أنه … أخي
غضنفر(سامحيني على هذه الكذبة يا جوزيت لكن كبارية المافيا يريدون منكِ تصديق ذلك):- تماما إياد يكون أخاكِ من نفس الأم
جوزيت(بصدمة):- ومياااار ؟
غضنفر:- أخشى أن العلاقة ستكون بينكما مضطربة بعض الشيء ، فما يجمعكِ بأخيه يجمعه أيضا لذلك عليكِ الابتعاد عن هذا المكان بأقصى سرعة كل شيء مرتب
جوزيت(بعدم فهم):- أرحل .. أرحل لأين ؟
غضنفر:- جوزيت قد تم تحديد مسار حياتكِ يا ابنتي ، عامر نجيب لم يقم بزرع عرق المافيا فيكِ عبثاااا بل قام بذلك لأجل هذا اليوم وعليكِ أن تثبتي جدارتكِ فيه ، تم اختياركِ لأجل هذه المهمة ولابد وأن تجهزي نفسكِ
جوزيت(تضحك ببكاء):- هههه هههه هل أنت مخبول أو ضربتك شمس الظهيرة على رأسك ، هل سأثق بك بهذه السهولة أيها الخبيث ابتعد عني أنا لا أصدقك لا أصدقك …
غضنفر(تأفف بعمق):- انتظري … لدي شيء سيثبت لكِ صحة كلامي أكثر من الرسالة
جوزيت(مسحت دموعها وحملت باقة الورد):- وما الذي سيجبرني على سماعك ؟
غضنفر:- لأنكِ موقنة في قرارة نفسكِ أن كلامي صائب .. عودي إلى البيت وفتشي بين أغراض عمك تحديدا في درجه الحديدي الذي يحمل مفتاحه دوما في جيبه مؤكد ستستطيعين سرقته لبرهة كي تتيقني من حديثي ، هناك ستجدين الدليل يا جوزيت وإن تم ذلك سنتفق سوية على تمثيلية يجب عليكِ إتقانها إن كنتِ تودين النفاذ بعمرك وأيضا إعطاء حياة أخرى لغيرك
جوزيت:- لماذا ما الذي يهدد حياتي بهذا الشكل حتى تحذرني ؟
غضنفر:- هنالك عصابة تسعى خلف مقتل عامر نجيب ، وهذا لن يطول طويلا لذلك عليكِ أن تتحركي قبل ميار فهو الآخر سيتخذ منحى مشابها لمنحاكِ والجدارة للأقوى
جوزيت:- يا إلهي هل سأدخل في منافسة معه لو أنا وافقت ؟
غضنفر:- ليس تحديدا لكن قد يحدث ذلك يوما ما
جوزيت:- وماذا عن إياد … أخي ؟
غضنفر:- سيكون في الحفظ والصون فقط دعينا نبعثكِ أولا وبعدها نهتم بالباقي …
جوزيت:- مستحيل أن يوافق عمي على ذهابي معك ثم ميار ميار سيرفض ذلك أنت لا تعرفه
غضنفر:- ولأنني لا أعرفه قد فكرت بطريقة سهلة تجعلكِ ترحلين عن هنا بأريحية
جوزيت:- وكيف ذلك ؟
غضنفر(رفع حاجبيه وغمزها):- ستموتين !!!
تحت دهشتها سرد لها تمثيلية موتها التي ستؤديها يوم غد لإقناع ميار بأنها قد ماتت فعلا ، وهذا ما سيسهل عملها المستقبلي الذي لا يزال بين أحضان المجهول .. شعرت بأنها في دوامة تجرفها نحو اللاوعي فقد كان كل ما عرفته صادما ولفطنتها استدركته سريعا خصوصا بعد أن علمت أن عمها عامر مستهدف من قبل أحد العصابات ، في البداية شعرت بالتوجس حيال كلام غضنفر ولذلك ودت التأكد من كل ما قاله وانتظرت بحرص عودة عمها للبيت تلك الليلة واستغلت تدخينه في الفناء الخارجي وسرقت من جيب سترته مفتاح الدرج الحديدي خاصته ، صعدت بهدوء خفية عن ميار الذي كان يساعد صباح في لملمة أغراض الطعام في حين كان إياد يتفرج في التلفاز .. خطوات بسيطة كانت تفصلها عن حياتها التي ما إن لاحت لها في تلك الرسائل المخفية بعناية وسط كتاب قديم مهترئ على الأغلب كان من حقبة ليس لها تاريخ ، المهم أن الحقيقة تجلت أمامها في ما كتب بين عامر و هبة في آخر فترة خصوصا أثناء حملها وحين اقتراب ولادتها ، كانت تحكي له الجحيم الذي تعيشه والخوف الذي يحيط بها من سليم فقد تحول كل ذلك الحب لكره شيطاني يجعلها تفكر بقتله حتى ، أخبرته أنها صارحت أباها بتلك المشاعر والذي أبقاها بقصره متحديا جنون سليم ، لكن هذا الأخير أعادها لبيت الطاعة رغما عنها وأثناء ذلك تمت الولادة التي انتهت بمأساة بالنسبة لها وكانت سببا كافيا لترحل عنه وتطالب بطلاقها منه .. كل هذا كان عامر مطلعا عليه آنذاك وبين السطور سألته هبة عن زوجته أم ميار كيف ستتقبل حضورها وهنا عامر لم يولي أدنى اهتمام لهذه الأخيرة فلطالما اعتبرها عبئا سيأتي يوم ويتخلص منه ، خصوصا أنه أبقاها على ذمته لأجل ميار فقط وأيضا ليكسر عين سليم بتلك الفاجرة التي جلبت لهم العار .. كل هذا جمعته صفحات الرسائل العديدة والتي شملت مشاعر عامر تجاه هبة خلافا عن هذه الأخيرة التي لم تكن ترى فيه سوى خلاصها من ذلك الجحيم .،،، وصلت إلى رسالة بآخر تاريخ وكانت من هبة رشوان
(عامر .. لقد فكرت جيدا لا أريد لأحد أن يعرف بأمر جوزيت أرجوك حافظ عليها جيدا هي ابنتي الحبيبة بالرغم من أن فراقها صعب علي لكن لولا الضرورة لما فرطت في صغيرتي ، أرجوك عامر ضعها في عينيك فهي ما تبقى لي في هذه الحياة ولو عرفوا بأمرها سيسلبونني منها أيضا وأنا ما عدت بقادرة على فقد آخر .. رجاء يا عامر حافظ عليها ريثما آتي إليكم قد عزمت أمري وسأهرب الليلة من قصر أبي ومن شر سليم) …
تنهدت جوزيت عميقا وهي تمسح دموعها بقوة غير راضية بالحقيقة البحتة التي تقرأها بأم عينيها ، كيف تكون أختا لإياد الذي لطالما شعرت بأنه قريب منها لدرجة لم تتصورها ، ثم كيف لأن يكون أبوها على قيد الحياة ولها أهل آخرون غير الذين ترعرعت عليهم …أغمضت عينيها بغضب وهي تعيد كل الرسائل لمحلها مثلما كانت في البداية ،، ولفت انتباهها وجود صورة أخرجتها وكانت فيها هبة تحمل طفلا رضيعا وبجانبها عامر يحمل طفلة ويقف بمحاذاتهما طفل آخر بملامح حادة وكأنه غير راض على ذلك الجمع ، اكتشفت وجود صورة أخرى خلفها كان فيها ذات الطفل يحمل الطفلة بين يديه ويقفان بقرب مهد الطفل الرضيع ، دمعت عيناها لحظتها بشدة فذلك ما كان إلا ميار يحملها بين ذراعيه وهما يقفان بقرب مهد إياد .. طالعت الصورتين مليا وناٍظرت أمها بالخصوص فهي التي شعرت بحنين إليها وفي آن الوقت تحول ذلك الحنين لغضب متأجج وعتب وحرقة ، لما حرمتها من حنانها وادعت أنها ليست ابنتها كيف عاملتها بذلك الشكل المؤذي ، وعامر كيف احتواها كما لو كانت من صلبه حتى أنه فضلها أكثر من أولاده الذين كانا من لحمه ودمه ، لطالما حظيت جوزيت بمكانة في قلبه أوسع منهما وهذا ما لا يمكن لأحد نفيه أو المساس به .. لكنهما في إثر حمايتها من المجهول قاموا بأذيتها فما هكذا كانت تريد حياتها وإلى هنا وكفى .. وجدت بأنها مجبرة على تنفيذ ما أتى به غضنفر من جهة هي ترغب بأن تحافظ على حياة أخيها إياد أجل أخيها آه وكم زاد حبها له مذ أن عرفت بالأمر ، ولأجله سترحل رفقة غضنفر بالرغم من أنها ستتألم لفراقه وفراق ميار لكن ذلك أهون من أن يعيش وسط جو المافيا والدماء التي لن تجف ، أما عامر وما إن قررت بشأنه أمرا دخل عليها الغرفة ..
عامر(بهدوء):- جوزيت صغيرتي هل رأيتِ مفاتيحي الخاصة ؟
جوزيت(لملمت شتات روحها واستدارت إليه وأخفت المفتاح بين يديها خلف ظهرها):- لا يا عمي لكنني سأبحث عنها بغرفة المعيشة ربما سقطت منك سهوا
عامر:- خيرا تفعلين بنيتي أنا بانتظارك
جوزيت(طالعته بألم وتسحبت لتخرج بهدوء كي لا ينتبه للمفتاح خلف ظهرها):- تمام …
ركضت بروح مفزوعة بعد أن اكتشفت كل ذلك وبعثت بالمفتاح مع إياد ، على أساس أنه سقط منه في إحدى الأركان .. لم تستطع تناول العشاء ليلتها فقد ظلت شاردة الذهن في حين كانت صباح تحثها على الأكل هي وعامر بينما ميار كان يرمقها شزرا وبتوجس لأنه قد استشعر شيئا غريبا بها وهذا ما عزم على معرفته بعد الأكل …
ميار(وهو يرتب معها كراسي الطاولة):- هل أنتِ بخير .. جوزيت ؟
جوزيت(رمشت بعينيها والغبن يملأهما وفي سرها):- كيف سأتمكن من كسر قلبك عزيزي ميار ، لو تعلم ما سأعايشه غدا وأنت تبكيني سينفطر قلبك لكن رغما عني يا غالي ، مجبورة على اتخاذ مسار حياتي الذي خطط من أجلي .. كما أنك أيضا ستمضي فيه بعد فترة يعني طرقاتنا ستفترق هنا لأجل إياد الصغير فوحده الذي سنحاول جهدنا أن نبقيه في مأمن
ميار(أمسك ذراعها وهزها برفق):- جوزيت أكلمكِ أنا ، أين شردتِ ؟؟
جوزيت(اهتزت حنجرتها بثقل والهم يزيدها وجعا):- لا شيء فيني فقط تعب ، سأصعد للنوم رجاء أكمل هذا عني
ميار:- طيب وإياد ألن تمري به ؟
جوزيت(مطت شفتيها بقلة حيلة):- أكيد سأجعله ينام وبعدها أذهب لغرفتي ، تصبح على خير
ميار(بقلق من تصرفاتها):- وأنتِ من أهل الخير … تتت عجيب أمر هذه البنت متأكد أن بها شيء لكن ربما كانت أمور للفتيات يلا غدا سأتبين الأمر …
كان من الصعب عليها تأدية تلك التمثيلية التي حضر لها غضنفر بالدقيقة واللحظة ، وعلى أساس ذلك استيقظت باكرا وخرجت للمرج التقت به هنالك حيث أمدها بكيس دماء صغير تضعه في خصرها وآخر أصغر منه تمسكه بيدها ما إن تصدمها السيارة حتى تخرجه وتصبه على جانب رأسها سريعا ودون أن يلحظها أحد حتى ميار ، وبعد هذا الاتفاق حان وقت التنفيذ ومضت السويعات جد ثقيلة على غير عادتها كما أن الأجواء توشمت بالهدوء الذي يسبق العاصفة وحانت اللحظة التي ستؤلم فيها قلبها ميار وتفارق فيها أخوها إياد وتوجع فيها عامر الذي بالرغم من أن لا ذنب له في الأقدار التي أجبرتهم على ذلك ، إلا أنه الوحيد الذي أمامها والذي سينال انتقامه بتلك الطريقة لعل الأقدار تجمع بينهما في لاحق الأيام ، لكن الآن عليه أن يتجرع بعضا من الوجع الذي أحرق روحها لما علمت بالحقيقة ….
كانت تقدم رجلا وتؤخر أخرى تجاه محل العم نجمي لحين أطلت عليه برأسها وجدته منهمكا في عمله يرتب الخبز بالفترينة الخاصة به بجهد وإتقان ، كيف ستفرط فيه وكيف ستقتلع روحها بالابتعاد عنه أغمضت عينيها على شهقات روحها المنسحبة وتوجهت صوبه لتنفذ الأمر … بقدر ما كانت تشتهي معرفة الحقيقة حول والديها بقدر ما كرهت تلك الحقيقة المرة وها هي ذي ستخط تفاصيلها بنفسها ، تم الأمر ويا له من اختبار صعب مرت به حين ابتلعت الحبة المنومة التي أعطاها لها غضنفر كي تفقد وعيها ويُصدقوا فعليا أنها قد ماتت ، حمدت الله في خاطرها كثيرا لأنها لم تشهد دموع ميار عليها ولا فجيعته بعد موتها .. تم نقل الجثة للمشفى ومن بعد الترتيبات أخرجوها من هناك وبالرغم من هذا وذاك لم يفصحوا بحرف لعامر الذي اعتقد فعليا أنه قد فقدها ، تركوه على عماه ذلك اليوم وبعده وبعده ، وتوالتِ الأيام حتى لم يستطيعوا كبت جماح جوزيت وإصرارها على رؤية إياد مرة بعد مرة كانوا يرافقونها صوب البيت ويساعدونها لدخوله خفية من بيت الجيران ، وفي آخر ليلة قبل حادثة عامر جاءت إليه ولما رآها ابتسم وارتمى في حضنها
إياد:- كنت أعلم أنكِ ستأتين جوزيت ، ميار يغني لي البقرة السعيدة لكنه لا يجيدها مثلكِ
جوزيت(بدموع مسحت على رأسه):- أخي الحبيب سآتي لزيارتك كلما سنحت لي الفرصة ، وعليك أن تتوقف على البكاء فها أنذا معك أليس كذلك ؟
إياد:- ولكن ميار يظل يبكي أراه خلسة حين يذهب للحمام كي لا يراه بابا يبكي
جوزيت(بألم عليه):- أحضرت لك حلوى هل تريدها ؟
إياد(ارتمى بحضنها بفرح):- أجل …
كم كانت تلك اللحظات مهمة بالنسبة لها فهي بها تستطيب العيش المرير الذي سيصادف سفرها الطويل ، كانت تراقب ميار كل يوم وهو يتوجه لقبرها ويبكيها ببؤس كانت تتمزق غير قادرة على تحريك ساكن وغضنفر بقربها يجعلها تثبت على الواقع الذي كتب عليهم ، فتلك الطريق التي سيتخذانها محتمة عليهم ولا فكاك منها ..
غضنفر(ربت على كتفها):- أعلم أن الأمر صعب عليكِ لكن هذه هي الأقدار جوزيت
جوزيت:- هل عمي عامر قادم في الطريق ؟
غضنفر:- اتصلت به لنلتقي عند الوادي أظنه على وصول
جوزيت:- بنظرك كيف ستكون ردة فعله بعد رؤيتي ؟
غضنفر:- هه سيتفاجئ لكنه سيفرح حين يعلم أنكِ عرفتِ الحقيقة وستباشرين مهمتك برضى
جوزيت(باستهزاء):- برضى هااااه ؟؟
غضنفر(سمع حركة وأشار لها):- ابتعدي هناك فوراااا ..
ركضت بسرعة خلف الأشجار ، وقتها وصل عامر وشعرت بالحنين له بالرغم من كل شيء إلا أنه فعلا قد أحبها ومنحها من الرعاية أكثر من ولديه شخصيا ، تأوهت عميقا وأخذت تنتظر ما سيحدث
عامر(بلحية نامية وحالة بائسة تعيسة):- لما اتصلت بي يا غضنفر ؟
غضنفر:- قد حان الوقت يا عامر أم تراك نسيت ؟
عامر(زفر بعمق):- إبني لا يزال يافعا على ما يزعمه كبارية العشيرة لذلك انسوا الموضوع
غضنفر:- هل تريدني أن أذكرك متى دخلت أنت لهذا المجال ؟
عامر:- ذلك زمن وهذا آخر ، لا مجال للمقارنة يا غضنفر ثم أنا بائس تعيس حياتي سوداء من بعد فقدان شمسها جوزيت غاليتي آخر ما تبقى لي من حبيبتي هبة
غضنفر(بحزن عليه):- هذه هي الحياة يا صديقي ..
عامر:- وأي حياة هذه بعد فقدان فرحتي يا عامر ، جوزيييييت آه يا لوعتي عليكِ يا ابنتي قد أحببتها أكثر من ميار وإياد نفسه يكفي أنها قطعة من امرأتي يا عاااامر امرأتي التي قتلها ذلك الخسيس الله لا يرده ..
غضنفر(رمش بعينيه مبتلعا ريقه كي لا تسمع جوزيت ما تبقى من الحديث):- أ.. دعنا لا نخوض الحديث عن الأموات الآن عامر
عامر:- ولماذاااا لماذا ألم يكن سليم سببا في موتها ولم يعاقب هذااااا ما يزيد من عذابي
غضنفر:- يا الله عليك انس الموضوع ..
عامر:- أنسى ماذا ثأري سآخذه منه لا محالة ، ولكن على مهل سأجعله يعيش في جحيم فالموت رحمة لشخص مثله صدقني سأجعله يحيا حياة لا نور فيهااااا لا هو ولا نسله النتن
غضنفر:- تمام تمام فهمنا لكن لا تنسى أن جوزيت ابنته أيضاااا
عامر(باحتدام):- بل ابنتي أناااا ، أنا الذي ربيتها ورعيتها مذ أول يوم قد كانت بحضني وليست بحضنه أما كفاه أنه حرق قلب هبة على طفلها الآخر المتوفى ؟؟
غضنفر:- افف طيب طيب لن أجادلك
عامر(بحزن وأسف):- لقد تعمدوا حرق قلبها لما ولد الولد متوفى واستمتع سليم بتبليغها الأمر ، لكن تشاء الأقدار وتقول كلمتها فقد كانت حاملا بتوأم إحداهما جوزيت
غضنفر(وجعه خاطره على صديقه وفي سره):- كذبة يا عامر اختلقتها هبة لتقنعك أنها ابنتها وتعيش الصغيرة حياة سليمة معك ، هذه الصغيرة ليست ابنة هبة ولا ابنة سليم ..إنها راجية نعم ولكن لو علمت من يكون والدها الحقيقي لنفرت منها ورميتها في الشارع …
عامر(ضرب على صدره):- أسمعتني يا غضنفر ؟؟؟؟
غضنفر(بتأسف لأنه يكذب عليه مجبر على الاحتفاظ بذلك السر):- اممم اممم .. فهمنا يا عامر هل ستروي لي قصة عشتها معك لحظة بلحظة ؟
عامر:- من بؤسي أنا أشرح لك فقط قيمة جوزيت بالنسبة لي .. آه لا أحد عايش حزن هبة على فقيدها سوى أنا لكن أحمد الله أنني استطعت التصرف في ولادتها الثانية أثناء رحيل آل الراجي من المستشفى بغية دفن الرضيع ، لا أذكر جيدا اسم الممرضة التي ساهمت في توليد هبة ، فهي التي اكتشفت أن هنالك طفلا آخر لا يزال بأحشائها واضطررت آنذاك لإخراسها بحقيبتين مليئتين بالمال وأظن أنها قد ماتت الآن ولم تتفوه بحرف بشأن جوزيت
غضنفر:- لقد تأكدنا أنها ماتت قبل سنوات أم تراك فقدت ذاكرتك أيضا ؟
عامر:- لا أذكر فما عاد ذلك يهمني طالما جوزيت بين يداي ، لكن أين هي الآن قد رحلت وسرقت مني بسمتي
غضنفر(ضحك)- ههه ما ربما لم ترحل لمحل وأنت واهم فقط ؟
عامر:- وكيف ذلك .. هل جننت حتى تتلاعب بذكرى صغيرتي بذا الشكل ؟
غضنفر:- حسن لنقل أنك استحققت هذه الصدمة طيلة أسابيع لكن حان الوقت ليعود كل شيء لسابق عهده ..يا جوووزيت جوزيت ؟؟
عامر(بدهشة أخذ قلبه يخفق):- ماذا تفعل يا غضنفر لما تؤذيني بهذا الشكل يا رجل ل..
جوزيت:- عمي …
عامر(تسمر محله وابتلع ريقه على مهل حين دمعت عيناه):- ..لالا قل أن ما أسمعه ليس حقيقيا هذا ليس صوتهااااا ؟
جوزيت:- هذه أنا يا عمي ، لم أمت قد كان كل ذلك تمثيلا
عامر(استدار إليها بلهفة وهز رأسه بدون شعور):- غير ممكن جووووزيت أهذه أنتِ حقا يا ابنتي أجيبيني بالله عليكِ ؟
جوزيت(مسحت دموعها وتحركت صوبه):- أنا هي يا عمي عامر لا تبكي ، هذا لا يجوز الآن لأنني أردتك أن تحس بمعنى فقدي بعد الحقيقة التي اكتشفتها قد آلمني الأمر كثيرا وشعرت بأن عذابك سيريحني من عتبي العميق تجاه أمي تجاهك تجاه عائلتي الحقيقية ووو… يعني كان كل ذلك رغما عني
عامر(أمسكها ورمى بها في حضنه وجثا على الأرض وهو يضمها):- آه يا حرقتي عليكِ أنتِ حية ياا جوزيت غضنفر غضنفر أيها الحقير قد قتلتني بفعلتك هذه لكن الحمدلله يا غاليتي أنتِ بخير ….
جوزيت(ابتلعت ريقها مستكينة بحضنه الذي لطالما حماها من كل شيء وبعد برهة تملصت منه وهي تناظر عمق عينيه):- عرفت بكل شيء ومهمتي تستدعي مني التحرك اليوم
عامر(عقد حاجبه ونظر لغضنفر):- أية مهمة ؟
غضنفر(ربت على يد عامر وأشار له لينهض):- مهمتها يا عامر ، عليها شق طريقها في عالمنا فنحن لا نربي أولادا بدون فائدة ، يلزمنا عروق تمتد لتلامس عباب السماء بفطنتها وذكائها وعلى ميار اللحاق بركبها أيضا وهذا عاجلا وليس آجلا ،، هيا يا رجل لا تتفاجئ أنت تعلم القوانين في عشيرتنا لا أحد يبقى بيننا بعد 14 سنة
عامر(رمش بعينيه ونظر إليها):- ولكنها فتاة
غضنفر:- هههه ههه سامحك الله يا عامر ، إذن طالما هي فتاة لما كنت تدربها على أساسيات عملنا مذ نعومة أظافرها هي ومياااار أم ذاك كان لتبقيهما مثل الولايا بعقر دارك ؟
عامر(مسح على شعرها ونهض):- حسن إذن أنا أحترم القوانين لكن دعني أشبع من صغيرتي قليلا ، اسمعيني ما إن تستقري هناك سآتيكِ بزيارة حبيبتي
جوزيت: لا أدري ما ستكون الظروف لكن .. سأنتظرك طبعا عمي عامر
عامر(عانقها مجددا بحرارة ونظر لغضنفر):- اعتني بها جيدا ستكون بأمانتك
غضنفر(حرك رأسه):- أحم يعني ستكون بحمايتي لا محالة لكن جماعتنا لن يقصروا ..
عامر:- ما قصدك ؟
غضنفر:- عامر علي أن أبقى لأجل ميار أيضا مهمتي تقتصر على ذلك ، لا تنسى الأوامر
عامر(زفر عميقا):- هل سأأتمن على صغيرتي بيدي الغرباء يا غضنفر ؟
غضنفر:- هيا جماعتنا ليسوا سيئين لتلك الدرجة
جوزيت:- وأنا قادرة على حماية نفسي عمي عامر ، بعد الذي عرفته شعرت بالقوة تتدفق بأوصالي أي نعم مجملها غضب لكن هذا سيفيدني ويعزي فيني الرغبة في الاستمرار ، ثم أخي يستحق مني ذلك
عامر:- إياااد شمعتي الأخرى
جوزيت:- وميار أيضااا رجاء لا تبخس من قدره أكثر من ذلك ، لقد عانى منك ما لا يستحق طوال هذه السنوات بسببي وبسبب إياد … أحِبَّه فهو الآخر له حق عليك
عامر:- ششتت أنتِ لا تعرفين شيئا يا جوزيت فلا تتدخلي فيما لا يعنيكِ
جوزيت:- أعلم أن أمه لم تكن مثالية لكن ليس ذنبها أنها …
عامر(وضع يده على فمها):- غضنفر .. سأودع صغيرتي الآن وأتمنى لكما طريقا سعيدة
غضنفر:- تمام سأتصل بالجماعة لأصطحبها بنفسي إليهم
عامر:- جوزيت حبيبتي أنتِ في قلبي جوهرة ، كم سعدت حين وجدتكِ على قيد الحياة قد رحمتني من جور هذه الأسابيع المظلمة حفظكِ الله اهتمي بنفسك
جوزيت:- وأنت اهتم بهما ورجاء أبعد أخي إياد عن هذه الديباجة هو صغير ..
عامر:- لا تقلقي سوف لن نقحمه في هذاااا أعدكِ بذلك
غضنفر:- ثم ميار لن يسمح بالأمر سيضحي هو الآخر بنفسه لأجله
جوزيت(زفرت بعمق وعانقت عامر مجددا):- الودااااع
عامر(اشتم عطر محبوبته فيها ولوح لها):- الوداع يا هبتي …
ظل هناك يشير لهما وهما مبتعدين بالسيارة ،لم يرحل ساعتها بل بقي يحملق في الفراغ وبقلبه سعادة ما بعدها سعادة لكن ما فاجأه هو حضور رجلين أشداء من خلفه خلسة ، وقاموا بضربه غدرا على رأسه بأداة حديدية أفقدته وعيه من فوره ، سقط بعدها مغشيا عليه وعلى ما أظن في عالم الموتى …
وصلها بعد فترة خبر موته حزنت للأمر كثيرا وهذا ما عزز عزمها على المضي في الطريق الذي كتب عليها ، خصوصا أنها علمت نفس الأمر حدث مع ميار وهذا ما سيجعل إياد يعيش حياة رغيدة وهذا أيضا ما يجعلنا نصل لنتيجة واحدة ، أن إياد كان السبب الرئيسي لقبولهما بهذا العمل المخالف للقوانين مرغمين مع الأسف .. فهل ستقول الأقدار كلمتها مجددا حين يلتقيان هذا ما فكرت فيه وهذا ما يشغل بالها منذ أن وصلها اتصال من الوطن يفيد ضرورة عودتها لتسلم زمام الأمور ، ولم يغفل عنها أن تتابع الأخبار من بعيد كأخبار إياد الذي علمت أنه قد دخل لدار أيتام وأن ميار يرعاه بنفسه وهذا الأخير كانت تتابع أخبار تطوره في العالم الإجرامي شيئا فشيئا وهذا ما كان يخلق فيها العزم والإصرار لحين أصبحت قريبة منه بعدة مراتب خولتها لرئاسة عصابة القطب منذ عدة سنوااااات ..…

وعودة لوقتنا الحالي
سننتقل إلى بطلتنا التي تعاني بصمت فبعد أن كسرها بأجوبته الجارحة من على بكرة الصباح ، توجهت صوب البيت لتريح بالها قليلا وتبدل ثيابها لكي تذهب للجريدة وكم كانت ترجو لو أنها لا تلتقي بحكيم هناك بل كانت موقنة أنه لن يتواجد ، فهو منذ الصباح يكون خارجا لكن لم يكن كذلك بل ظل بانتظارها في غرفته ساعة بعد ساعة حتى فاض منه الصبر وكلْ ..
ميرنا(دخلت البيت ووضعت حذائها على جنب):- مرحباااا .. أقوول مرحبا ألا يوجد أحد هيييه ياااا جماعة .. عجيب ألا يتواجد أحد في هذا الوقت يلا خير وبركة …
توجهت صوب المطبخ شربت بعض الماء والتفتت للصالون لم تجد أحدا ، أطلت بالغرف لا أحد استغربت ومطت شفتيها تعجبا فتلك فارقة لم تحدث قبلا ، لكن أحسن لا ينقصها الآن سوى فتح تحقيق ..قد كانت إخلاص مع جدتهم نبيلة في المستوصف لأجل فحوصاتها الروتينية ، بينما توجهت رنيم مع عواطف والصغار نحو المستشفى لأجل تلقيح سجى وفحص أيهم ، أما نور فقد كانت بصالونها التجميلي والبنات في الثانوية ومرام في مؤسستها وعفاف في المشفى حيث كانت مديحة ترافق دعاء ، وهكذا فرغ البيت فجأة في ذات الوقت وهذا ما أثلج صدرها للحقيقة لذا صعدت الدرجات بتعب استوطن وجدانها تلك الأيام وكم كانت تحاول دفعه عنها لكنه أبى فجراح وائل كانت تكفي لأن تتوجع لأزيد من يوم ..
ميرنا(ببؤس دفعت باب غرفتها):- كل شيء ضدي اليوم كل شيء اففف
حكيم(مص طرف شفته ودفع الباب بإصبعه ونطق وهو يكتف يديه إلى صدره في وقفة أخاذة تنم على استشاطة غضب صاحبها):- أممم مؤسف حقا ..
ميرنا(انتفضت بفزع حين رأته بغرفتها بجوار الباب تماما):- ما الذي تفعله هناااا .. يعني حين يصادف أن أشعر بالارتياح والفرح لأنني وحدي بالبيت تظهر لي كالعفريت
حكيم(عقد حاجبيه):- عفريت ؟؟
ميرنا(رمت حقيبتها على الكنبة):- أجل عفريت ذاك الذي يظهر في الظلام أتعرفه ؟
حكيم:- كفى سخرية هنا لأنكِ لن تستظرفي علي أبدا ، فما أقدمتِ عليه حضرتكِ غير لائق عيب عيب أن تنام امرأة متزوجة في بيت رجل أعزب
ميرنا(مصت شفتيها وهي تفتح أزرار قميصها العلوية):- أولا ذلك الأعزب صديق روحي ولم أكن وحدي بشقته بل مع وصال وكوثر ، ثاني شيء لا شأن لك
حكيم(بغضب متأجج أمسكها من يدها حين قررت المرور به دون مبالاة):- تعالي هنا ، هل تعتقدين بأنكِ حرة لتفعلي ما يحلو لكِ ..استيقظي ياااا ست ميرنا فأنتِ على ذمتي ولي كل الحق عليكِ وما آمركِ به ينفذ
ميرنا(نفضت يدها منه):- أحقا وكيف ستجبرني على ذلك ؟
حكيم:- بطريقتي التي لا تعرفينها ،،
ميرنا:- ارحمني من تهديداتك التي لن تهز من مشاعري ولا شعرة
حكيم:- لأنكِ لست أهلا للثقة عزيزتي ، هل لكِ أن تخبريني كيف خرجتِ من بيت صديقكِ بينما لا يزال داغر هناك بانتظاركِ كالأبله ؟
ميرنا(كتفت يديها):- والله ذلك عيب عاملك ، فأنا قد خرجت أمامه وركبت بسيارة كوثر والتي أحضرتني إلى هنا إذن ربما عليك التعجيل بفحص دقيق لبصره
حكيم(تلاعب بلسانه داخل فمه وناظرها بتمعن):- كيف قضيتِ الأمسية ؟
ميرنا:- بألف خير مشكور ع السؤال ، والآن لو سمحت أريد تبديل ثيابي علي التوجه للجريدة
حكيم(حرك حاجبيه بتأفف وهو يمط شفتيه):- ميرنا …
ميرنا(بغيظ ولته ظهرها وانشغلت بأشيائها):- هممم ؟
حكيم(كاد أن يضعف وينطق بما يثقل صدره لكنها في تلك اللحظة لم تكن تستحق):- ههه لا شيء أنا سأنتظركِ بالأسفل لأوصلكِ بطريقي وبعدها أذهب للقصر
ميرنا:- جيد جيد أن تجد ما يشغلك بدل دورانك طوال اليوم بدون فائدة ، ماذا ألم يتصل بك شريكك الفهد يا كبدي أليس هنالك سرقة أو اختطاف أو بيع نسوة في سوق الدعااااارة ؟؟؟
حكيم(ابتلع ريقه وقد رمت بكلماتها المسمومة في وجهه كمنجنيق لا يرحم):- أواعية أنتِ لكلامك القاتل هذاااا ، أم أنكِ تقتصين لنفسكِ مني بعد الذي حصل ؟
ميرنا(بعصبية توجهت صوب وجهه):- أجل أنا مدركة لكل حرف ، ففي النهاية أنت مجرم مثله يا حكيم ولا تفرق عنه بشيء
حكيم(هنا حرك رأسه بعدم تصديق ولم يشعر بنفسه حين رفع يده ليصفعها):- اخرسييييييييييييييييي ….
ميرنا(فزت عينيها بصدمة من يده التي رفعها بوجهها):- هئئئئئ ؟؟؟؟؟؟؟
بهيجان لم يستطع التحكم فيه بعد نظرتها تلك وجملتها المؤلمة تجاوزها صارخا وضرب الكرسي خاصتها أرضا تحت أنظارها المفزوعة فيه فقد حوله لهيكل مفصل من معنى كرسي ، أخذت تنتقل بينه وبين تلك الحالة الرهيبة بعيون مثقلة بالدمع ، فقد كان يلهث ويلهث لحين حاول الاستكانة قدر المستطاع لأنه أرعبها وهو يعلم يقينا ذلك لكن لم يكن يسعه التفكير أو التحكم بشيء، فمع الأسف قد قتلته ميرناااا للمرة الألف …
حكيم(جمع قبضة يده ورمى بها جنبه وتقدم إليها وهو ينفث شررا ، ومن بين أسنانه نطق والأسف الممتزج بغبن الوجع الذي سيطر عليه يكاد يترجم ملامحه):- أنتِ لا تعرفين شيئا مما كابدته طوال هذه السنوات ، كيف استطعتِ غرز سكينكِ الجارح في صدري هكذاااااا ؟؟؟؟؟؟؟؟ أتعلمين شيئا لقد أصبحتِ لا تُطاقين لا تطاااااقيييييييين …تبا اللعنة
خرج تاركا إياها مشدوهة في محلها بعيون جاحظة ، لقد كاد يصفعها رفع يده بوجهها يعني لو لم يتحكم في نفسه كان ليضربها لكن ما الذي قالته حتى يغضب لتلك الدرجة ، فهذه هي الحقيقة الجلية ولن يسعه تغييرهااااا … أمسكت على قلبها الذي كاد يخرج من محله وتراجعت للخلف حتى جلست على الكنبة وهي تلهث بدموع غير مستوعبة لكل ذلك .. أما هو فصفق الباب خلفه بحركة عصبية جعلت آلام صدره تعاوده فهو لم يشفى بعد ورغم ذلك يجهد نفسه لكن أي ألم الآن سيكون أرحم له من آلام كلمات ميرنا ، كيف استهانت بمعاناته وتضحيته لأجلها في المرتبة الأولى ، أبهذه السهولة تقزم من شأن ما كان يمنعه عنها ، 16 سنة وهو يحترق دون حنان يطمئنه أن الغد أفضل ، 16 سنة أجبرته الأقدار على دفع ثمن شيء لم يقترفه ، أرغمته على الدخول في معمعة ليست من ضمن مبادئه ولا قيمه التي تصدح فيه .. كان مثله مثل غيره موضوعا في مكان محتم عليه ألا يغيره مهما آلتِ الظروف ، مراقبته لعائلته من بعيد كانت أشبه بالإدمان على المخدرات يعلم علم اليقين أنها ستخرب عقله وتؤلمه حين يستيقظ من نشوته لكنه كان يحرص على أن يبقى صلة عينيه بهم وبها على الخصوص .. أبعد كل هذا وذاك تأتي الآن وتنعته بالمجرم وتُشبهه بمياااار هذا ما ينقص هذا ما ينقص ، ارتدى نظاراته الشمسية بعصبية وانطلق بسيارته بعد أن ألقى نظرة حسرة على البيت كيف ستشعر به وهي بقلب مغلق وعيون لا ترى سوى عيوبه وأخطائه ؟؟ قالها وهو يتأوه في صميم صميمه مغادرا الأرجاء كلهاااا .. وهنا ظلت تتساءل لوحدها بعصبية عما قالته وجعله يتحول لوحش كاسر بتلك الطريقة
ميرنا(مسحت دموعها وهي تحاول فشلا إعادة الكرسي لطبيعته لكنه كسر وكسرت معه أناتها):- الأبله ماذا قلت له حتى يرفع يده بوجهي ويكسر الكرسي خاصتي ، أنا أنا ميرنا عصفورته التي يبجل فيها ليل نهار كاد أن يضربهااااا .. أي حب هذا بل أي وهم الذي يعيشه ويحاول إقحامه في حياتي ..؟؟ هكذا يا حكيم هكذاااا تكسرني وترحل طبعا عادتكِ هي هذه الهجر لديك بات عادة ، لكن أريح لي على الأقل أستوعب ما فيني من همووووم اففف يكفي ميرنا لقد استنزفتِ كل أعصابكِ مذ أن كنت ببيت وائل …آه على وائل آه كيف طاوعك قلبك وكسرت قلبي
رغما عنه يا شمس لياليه مجبر على حمايتكِ ولو على حساب عشقه لكِ ، فهو الآخر يعاني من ذاتِ الشيء مع الأسف .. وصل إلى مكتب المحاماة خاصته ووجد رقية هنالك بانتظاره ، أشار لها برأسه بعد أن قام بتحية الموظفين ودلف مباشرة لمكتبه وضع حقيبته في الركن وحاول أن يزيل سترته بهدوء
رقية(أغلقت الباب خلفها وناظرت ألمه):- لا تزال مريضا وتأتي للعمل صراحة لم أجد أعند ولا أهبل منك في حياتي
وائل(أغمض عينه بألم طفيف وعلق سترته جانبيا):- البقاء في السرير لن يفيد بشيء
رقية:- بلى يا روحي سيوفر لك راحة بال مثلا ؟؟
وائل(جلس على مكتبه وناظرها بعد زفرة عميقة):- ألم تكوني بالمشفى قبل قليل كيف حال أخيكِ الصغير ؟
رقية:- لا بأس به هو بخير يعني هذا ما قاله الطبيب
وائل:- لماذا ألم ترينه ؟
رقية(هزت كتفيها):- تت لاء قد كان هنالك إخوته وأبوه وأمي بينهم ولم أشأ أن أبدو مثل المتطفلة بينهم
وائل:- هه متطفلة .. رقية ذلك أخوكِ في نهاية المطاف ولو شعرتِ أنكِ بحاجة لرؤيته افعليها بدون تردد
رقية:- عموما عموما لا أرغب بالحديث عنهم الآن تحديدا يكفيني ما جاء من سيرتهم ، المهم أخبرني بالتفصيل عما سنفعله في قضية طارق الراجي لقد اطلعت أثناء الطريق بشكل طفيف على الأخبار المتداولة ووجدت بأنه تم الحكم عليه نتيجة ادعاءات من عدة شهود
وائل:- من بينهم رجل يدعى رماح ، مع الأسف ورطوه في هذه القضية علما أنها كانت حادثة قضاء وقدر ولا ذنب لطارق فيها
رقية:- والله هذا ما علينا إثباته في المحكمة ، لو أردنا إعادة قضية مر عليها قرابة 19 سنة حسب الزمن الإجمالي علينا إذن أن نكون أقوياء وما بحوزتنا لا تزحزحه ريح
وائل(حرك حاجبيه وهز رأسه لها):- علينا أن ندرس جوانب القضية كلها جيدا ، لن نخطئ في شيء لأن هذه المسألة جد مهمة والخطأ فيها بحساب
رقية(عقدت حاجبيها):- ما الذي يدعوك لفتح قضية كهذه يا وائل ؟
وائل:- ربما كان الرجل مظلوما حقا وعلينا الدفاع عنه واسترداد بعض من حقه في حريته
رقية:- هل ستخبر ميرنا ؟
وائل(ميرنااا عذابي الأول والأخير …آآآآه):- لن أفعل ولن تخبري أنتِ أيضا إياد ولا أي أحد بهذا ، لأنه سيبقى بيني وبينكِ داخل جدران هذا المكتب مفهوووم ؟
رقية:- أوك كما تشاء دعني الآن أتوجه لإيجاد ما يتوجب من ملفاتنا بهذه القضية ، آه ولا تذهب للشركة بدوني
وائل(فتح ملفا أمامه):- حسن اتفقناااا
حاول أن يركز على عمله قليلا ، لكنه عجز عن لملمة فكرة واحدة فقد كانت تغزو أفكاره بأشعتها التي تلهب صدره بأعذب المشاعر والأحاسيس ، وضع قلمه على شفته وأخذ يتحرك بكرسيه بتفكير عميق بعيون شريدة في تفاصيلها حتى ارتسمت على ثغره بسمة تعني ميرنااااا باختصار ، قمة العشق حين يصل إلى مرحلة الهذيان بها لكن ليس بعد الآن إذ يصعب عليه مجاراة تلك المشاعر دون أن يقدم على فعل أرعن تعبيرا عنه ، هو مجبر على التريث والابتعاد لّأجلها يعلم أنه جرحها في عمقها كلامه السقيم معها صباحا ، والذي خرج منه كغصات مسننة انحصرت في حلقه … تأفف بعمق لحظتها وناظر هاتفه مليا ربما الاطمئنان عليها بعد أن سقاها من كأس المر سيكون فكرة صائبة أجل هذا ما سيفعله ، لكنه تردد ووضعه على الطاولة إذ لا يصح سوى الصحيح وإن حاول التقرب منها الآن سيضعها في خانة الضياع ما بين تصرفاته المتناقضة بالنسبة له .. وهو في خضم تفكيره ذاك رن هاتفه وإذ به اسم مقيت ليس وقته أساسا ..
وائل(زفر بعمق وأجاب):- ألو مرحبا ..
مروة:- سيد وائل مرحبتين فيك لو سمحت نحن بحاجتك بشركتنا لبعض الوقت اليوم إن أمكن
وائل:- أ.. كان عليكم الاتصال أبكر يا ست مروة لدي مواعيد لا يسعني تأجيلها اليوم ثم يمكنكِ الاتصال بمنذر بالشركة قد يغطي أحد من المدراء مكاني
مروة(عضعضت شفتيها ، أنا أرغب برؤيتك أنت ماذا سأريد من أولئك):- مؤسف يا سيد وائل فقد اتصلت فعلا ولم أجد السيد شهاب أو السيد فؤاد متوفرين ، ثم اعتبرت بأن لي خاطرا عندك..
وائل(زفر بعمق):- هل لكِ أن تخبريني بشكل وجيز عن سبب هذا الاجتماع ؟
مروة:- الموضوع يخص وسيطتنا التي استقالت دون علم حتى ، لقد وضعتنا في موقف محرج معكم ونحن بحاجة لتسوية الأمر وديا
وائل(بقلق):- وما شأن ميرنا هي استقالت وذلك من حقها ؟
مروة:- والله كان هذا بالنسبة لكم ، لكن نحن نعتبر مثل رؤساء لها نفوقكم بدرجة بحكم أنه قد تم تعيينها كواجهة لشركتنا وقد استقالت من عندكم دون وضعنا في الصورة يعني ..
وائل(مصمص شفتيه بعنف):- طيب سأخصص لكم وقتا هذا المساء وأتصل بكم
مروة(حركت فمها):- يعني ألا يمكن بعد ساعتين ؟
وائل(رمى بالقلم على طاولته):- سأرى ما بيدي وأكلمكِ ست مروة عمتِ مساء
مروة(بتلاعب):- طيب ولك بالمثل .. / هه بانتظارك يا وائل رشواااان
وائل(وضع هاتفه بعصبية على المكتب ومسح على جبينه):- حسن يا ميرنا أنتِ اقلبي الدنيا ووائل يصحح مخلفاتك أوووف من اشتياقكِ الذي يحرقني يا وهم قلبي أوووف …
بقي وائل غارقا في خضم أعماله التي حسبما أرى لن تكتمل من فرط شروده وعدم اتزان عقله السابح في بحر ميرنته ، وأيضا بسبب اتصال شركة هيرمكانا المقيت يجدر به لملمة الموضوع كي لا تتعرض ميرنا لأي ضرر طبعا فهي تخرب ووائل يصحح من ورااااائها

… وطبعا تصحيح الأخطاء ليس بالأمر السهل لكن الرفق بها واحتوائها وكذلك حصرها في بوتقة محددة قد يخفف من وطأتها شيئا فشيئا ، وربما قد يجعلها تتقلص مع الوقت هكذا اعتقد شهاب بداية لكن عناد ميرا وشيطنتها لن تنتهي ما لم تفقده صوابه …
شهاب:- أتتوقعين مني أن أقبل بهذا ميرا .. رجااااء أملك برج عقل سليم واحد بداخل دماغي، فلا تسلبيني منه وأصفو أحمقا في الطرقات
ميرا(ضحكت من جملته):- هههه شهاب بعض كلماتك تجعلني أفرط من الضحك ، يا حبيبي يا عمري أخبرتك أن هذاااا عمل وأنا ملتزمة به ولا يسعك إجباري على شيء لا أريده
شهاب(صغر عينيه فيها ونفث شررا من بين أسنانه وهو مقترب منه):- أولا لم أسامحكِ بعد كي تأخذي راحتكِ في الغزل يا روحي ، ثاني شيء حين أقول أمرا لا أسمح بمجادلته ولو منكِ أنتِ شخصيا ست ميرا والآن انزعي عنكِ هذه الثياب وعودي لفراشكِ فوراااا
ميرا:- شهاب عزيزي أنا لست مريضة فلما ستجبرني على البقاء في السرير هكذاااا ؟
شهاب(مص شفتيه بغضب وأشار لها بإصبعه):- لا تجادليني نتائج تحليلكِ لم تظهر بعد ، ثم الطبيب نبهنا مرارا وتكرارا بأن تأخذي جام راحتكِ ولا ترهقي نفسكِ … إذن ؟؟
ميرا(اقتربت منه أكثر وبحركة مباغتة وضعت يديها على صدره):- لقد حملت طفلا في أحشائي من قبل ، وأنجبته وأنا وحيدة بدون رعاية أحد لذلك لا داعي لقلقك هذا شهاب
شهاب(أغمض عينيه على لمستها التي سحبته قسرا نحو جرف جنيته الحمراء):- توقفي عما تفعلينه لأنكِ لن تقنعيني بطريقتكِ المغرية هذه
ميرا(بدلال):- اعترف أنها تؤثر بك وتؤدي لنتيجة
شهاب(وضع يديه على يديها وسحبهما ولم يفلتهما بل ظل ممسكا بهما بقوة):- ميرااا أنتِ لن تبرحي القصر وهذا آخر كلام عندي
ميرا(تلاعبت بفمها بغيظ وجذبت يديها حين رمقته موليا ظهره قصد الخروج):- ولكنني مجبولة على ذلك
شهاب(توقف محله):- ههه وما الذي يجبركِ يا بعدي هل تشتاقين للإرهاق مثلا ؟
ميرا(كتفت يديها وأخذت تهتز بجدعها بحركة نرفزة):- لقد وقعت على عقد إن أخليت به سأقع في متاعب فعلا مع المسؤولين ومع جمهوري خاصة ، ثم أنا علي الذهاب لأغطي قليلا من الإشاعات التي طالتني الفترة السابقة بسببك أم تراك نسيت سفرك لروما ماذا أنزل علي من وابل أخبار لا حصر لها … ماذا ماذا رجل الأعمال شهاب رشوان هجر الفنانة ميرا أقصر خطوبة في العالم الفني ، هل تأثير جوهرة الحب قصير المدى لهذه الدرجة وووووو … أظنك استذكرت العناوين خفية
شهاب(عاد إليها بعصبية):- جميل جميل لكن دعينا نتذكر سوية لأي سبب أنا سافرت لروماااااا ؟؟ ..
ميرا(صرخت بعلو صوتها):- يووووه نفس الموال نفس الموال
شهاب(أشار لها بسبابته غيظا):- لو كنتِ واضحة معي يا ميرا لما حدث كل هذاااا ، ثم لا تأتي الآن وترمي علي أخطائكِ ..
ميرا(تجاوزته بعصبية وخرجت من الغرفة):- صراخ صراخ صراخ ما هذااا يااااا ؟
شهاب:- تعالي إلى هنا كيف تخرجين دون أن أنهي كلامي … ميرا ميراااااااا
ميرا(نزلت بغضب ولم تنتظره لكنه تجاوزها وأمسكها من يدها بعنف):- ماذا تريييد أن تتحكم في حياتي مثلما تشاء ، مستحيل لن أعطيك هذه الفرصة يا شهاب ولو على حساب مشاعري ماذا تظن أنني سأهرع إليك في أول مشكل صحي وأرتمي بحضنك لتحتويني يعني أنت مخطئ مخطئ لقد قضيت عمري بأكمله وأنا أعتني بنفسي ولست بحاجة لشفقتك
شهاب(رفع حاجبه بذهول منها):- الآن تعتبرين مساندتي لكِ شفقة … خوفي عليكِ وعلى صحتكِ شفقة ؟
ميرا(مسحت شعرها بعنف وهي تتأفف):- لأنك تخنقني يا شهاب تحصرني في زاوية أنا لا قدرة لي على المكوث فيهااااا ، أنا غير قابلة على التأقلم مع القيووود التي تحاول فرضها علي قد عشت متحررة وسأبقى كذلك
شهاب:- حتى بعد زواجنا يا ميرا ؟
ميرا(أغمضت عينيها وفتحتهما بإصرار):- حتى بعد ذلك
شهاب(لاحظ اهتزازها وآثر إنهاء هذه المهزلة وبعد صمت وتفكير نطق):- تمام .. تمام كما تريدين لنذهب
ميرا(بدهشة):- نذهب لأين ؟
شهاب:- ألم تقولي أن لديكِ بروفا تصوير الكليب ولا تستطيعين الاعتذار عنها ، تمام تحركي أمامي إذن
ميرا(ضحكت بصدمة):- ههه مهلا مهلا أنت لست جادا بمرافقتي كالمربية ؟؟؟
شهاب(مط شفتيه وتقدم إليها بابتسامة):- اعتبريني قلقا عليكِ سيكون ذلك أقرب للمنطق ، تحركي الآن
ميرا:- وماذا عن شادي من سيرعاه ؟
شهاب(حرك حاجبيه بمرح):- ولووو إن كنتِ تملكين أختا ذات لسان يلتف حول عنق شجرة بعلوها ألن تتمكن من رعاية طفل صغير هممم ؟
ميرا(اهتزت محلها واقتربت منه):- أتخاف علي لتلك الدرجة ؟
شهاب(حرك فكه وهو يتنهد عميقا):- مؤقتا سأجاريكِ في هذا الجنون ، لكن ما إن تظهر التحاليل بعد أسبوع ستصبحين في قبضتي وقتها سنرى من فينا المتحكم في زمام هذه الأسرة
ميرا(برقت عيناها بلمعة حب وقبلت وجنته فجأة):- أعشقك وأنت وحش هكذا ههه سأحضر حقيبتي … يا هنادي هنااااادي جهزي شادي سنأخذه بطريقنا إلى نور ..
شهاب(وضع يده على خده بحنان وراقبها وهي تطير من حوله):- ما أعمق ورطتي فيكِ يا ميراااا أظن أنني قد متُّ في هواكِ لدرجة أنني بت أتراجع عن قراراتي فقط كي لا تتأذي .. هيييه يا شهاب من كان يقول
نفض يديه على جنبيه ولحق بها وها هما ذا بسيارته وطفلهما نائم بالخلف في كرسيه الخاص ، بينما تلحق بهما هنادي وباتريك في سيارة منفردة ...قد كان عليهما تبليغ نور بمرورهما وبضرورة إبقاء شادي معها لكن حدث هذاااا …^^
ميرا:- كلمها أنت طالما أنها فكرتك
شهاب:- لا لا تعلمين أنني لا أتفاهم معها مطلقا لكن لا بأس إن اعتنت بطفلنا أعلم أنها لن تأكله بالأخير
ميرا(تأففت عميقا ورنت الرقم):- إيييه يكفي يكفي سنرى …ألو نور
نور:- بمن ندين بجمالية هذا الاتصال ؟
ميرا:- يا عيني من بعد تلك الليلة الحافلة مع أسرتكِ الكريمة توقعي أي شيء
نور:- أممم هل أحسب أنكِ اتصلتِ لمعرفة الأخبار ؟
ميرا:- وعلى إيه .. لا يهمني أي شيء هناك تت يعني أريد منكِ معروفا لدي تصوير طوال اليوم ولا يسعني إبقاء شادي بقربي ، لذا لو تفضلتِ وقمتِ برعايته سيكون ذلك جميلا من الخالة لابن أختها ما رأيكِ ؟
نور:- أهاااه طيب أين أبوه وسيم الطلعة هل يوافق على اقتراحكِ هذا يا ترى ؟
ميرا(نظرت لشهاب وقد غالبها الضحك):- وسيم الطلعة ههه من أين تأتين بهذه الألقاب ؟
شهاب(يشتم تحت أسنانه):- سأحاسبها على ذلك انتظري
نور:- أهو جالس بقربكِ الآن ؟
ميرا:- نعم هو سيرافقني للتصوير وعلى أساس ذلك لا يسعنا رعاية شادي ، فماذا قررتِ ؟
نور:- يعني ماذا سأقرر طبعا أهلا وسهلا بحبيب خالته ،أنا بالصالون التجميلي ولم أذهب للشركة بعد أحضريه إلى هنا وسأعود به للبيت
ميرا(تشنجت):- للبيت ؟؟؟ اعتقدت بأنكِ سترافقينه بالشركة أو ..
نور(حولت عينيها مقاطعة إياها):- حسن ليس سندويتشا كي تخشيْ عليه من الأكل
ميرا(حركت شفتيها):- نفس أفكاركَ تمام … أوك أوك لن أجادل أساسا أنا متأخرة دقائق ونصل إليكِ
نور:- وأنا بالانتظار ..
ميرا:- توجه إلى صالون نور التجميلي هي هناك
شهاب:- جميل جميل أنا متحمس لرؤية أخلاق هذا الطفل حين يكبر من بعد تأثيرات باتريك المضطرب إلى صالون تجميلي يعج بالنساء ، قلبي عليك يا ولدي
ميرا:- هههه لا تبالغ
شهاب(مط شفتيه بقلة حيلة):- صبرني يااااااارب …
دقائق بسيطة وكان شادي في حضن نور بينما ميرا وشهاب يودعانه وهذا الأخير يحاول ضبط أعصابه ، فشحناته المتغلغلة تستشيط برؤية نور ما شاء الله
شهاب:- من الضروري توصيتكِ يعني هذا شيء طبيعي
نور:- حسن لا تأخذ وقتا أطول مما يلزم ، هذا ابن أختي في نهاية المطاف ولن أفرط به
ميرا:- أنا واثقة منكِ عزيزتي حسن في نهاية اليوم سنأتي لأخذه من البيت ، وحبذا لو تخرجينه لي بعد اتصالي لا أطيق رؤية أحد منهم بعد يعني لو كنتِ تقطنين لوحدكِ لكان الأمر أفضل لكن طالما أنتِ هناك بينهم سأتحمل
شهاب(بتنبيه):- ميراااا
ميرا(زفرت بعمق):- أوك يكفي إلى هذا الحد .. حبيبي روحي أنا ذاهبة سأراك لاحقا لا تتعب خالتك وكن حنونااااا
شهاب:- هيا يا بطلي نلتقي ..
نور(تلوح لهما بيد شادي الذي كان يضحك):- باي باي مع السلامة …
شهاب(خرج رفقة ميرا):- هل أنتِ راضية الآن ؟
ميرا(بارتياح):- مئة بالمئة هو في أيدي أمينة
شهاب(حول عينيه وهو يركب السيارة):- لن أصدق لحين أراه سليما معافى بجميع الأطراف
نور(ناظرتهما وهما ينطلقان من النافذة ودلفت به):- هااا يا كبدي أنااا سأعرفك على ريمة يا ريمة خالة ريمة
ريمة(حضرت وهي مزمجرة وما إن رأته حتى انفتحت أساريرها):- ست نوووور متى أنجبتِ هئ متى حملتِ بل متى تزوجتِ دون علمي ؟؟؟؟؟؟
نور(بتأفف وعدم تصديق):- الله يخرب بيتك في دقيقة تجاوزت مليون ألف مرحلة في حياة المرأة ..
ريمة(رفعت حاجبيها):- يا دي الحلاوة يا دي النور يا دي الضحكة ي…
نور(قاطعتها بحزم):- يادي لسانكِ الذي يستحق القص ، اهمدي يا ولية أنتِ ترعبين الصغير
ريمة:- من يكون هذا القمر هاااه ابن زبونة ماااا مثلا ؟
نور(لا يسعني قول ابن ميرا وبدون زواج ستفضحني هذه الثرثارة وأعلم بدون قصدها حتى لأنها لا تمتلك مكابح في فمها مع الأسف):- يعني ..اعتبريه ابن زبونة ثم لا تدققي انقشعي من أمامي واهتمي بالزبائن أنا سأدلف مع هذا الجميل لمكتبي مفهوووم
ريمة(داعبت خدوده وقبلته):- خدود الخوخ يختي ربي يحرسك يا حلو انتاااا مواااااح
نور(عادت برأسها للخلف وهي تهربه عنها):-كلي فضول لرؤية صحة عقول أولادك فبقبلتك الثلاثية الأبعاد هذه قد يصابون بارتجاج في المخ على صغر تتت مساكين …
ريمة:- ههه هههه يا ويلي ماذا تقولين يا ست نور هههه …
حركت رأسها بقلة حيلة ودخلت بشادي للمكتب وأخذت تمازحه بطيب الكلام وعذبه لما وضعته بحجرها وجلست على الكنبة تحرك رأسها بعدم تصديق
نور:- إيه يا نور من قال أنكِ ستجددين فصولكِ الناقصة في تربية الأطفال مع شادي ، ههه واضح أنك ستغير فيني الكثير يا سيد القلوب … اممم ماذا ستكون ردة فعل آل البيت يا ترى بعد رؤيتك متحمسة لذلك يا بطل …
ظلت تلاعبه وانضمت إليها ريمة التي لم تستطع مقاومة تلك الحلوى الكريمية وطبعا نور لم تستطع منعها فهي بالأخير محقة ، فمن الأبله الذي سيقاوم ذلك الوسيم الصغير وهما هكذا قاطعهما دخول عاملة معهم هناك والتي أفادت بحضور ضيفة تنتظر الست نور خارجا
نور:- عيونك على شادي يا ريمة لا تغفلي عنه
ريمة:- وهل ربيت أولادي عبثا يا الله لا تقلقي …
نور:- طيب ، لنرى من هذه إذن ..
ريمة(تدغدغ شادي):- يامي يامي ع الحلاوة التي تقطر شهداااا هناااا هههه
نور(خرجت من مكتبها وهي تضحك على جنون ريمة فاصطدمت بنظراتها ناحية صاحبة النظرات الهادئة الجامحة في آن الوقت):- آآن هه ما كنت أتوقع رؤيتكِ بهذه السرعة ، خيرا يا جيدااااء ما الريح التي أتت بكِ ناحيتنا اليوم ؟
جيداء(تقدمت صوبها بثقة):- كنت سأمر قبلا ولكنني حين لا أجد سيارتكِ بالمكان أذهب ، لكن اليوم حين رأيتها قرب المحل قررت رؤيتكِ قليلا فهل وقتكِ يسمح ؟
نور(زفرت بعمق وأشارت لها نحو ركن فارغ هناك):- تفضلي معي
جيداء(جلست مقابلها ومصمصت شفتيها بتعب):- أشعر أن بدايتنا كان يلفها الغموض والخداع ، أتفهم أسبابكِ صدقا لو كنت محلكِ لفعلت المثل
نور:- جميل جيد أنكِ تتفهمينني قليلا وتعطينني أعذارا لما أقدمت عليه
جيداء:- طبعا أقر بما فعلته لكن لا يمكنني تجاوز استغفالكِ لي ، لقد اعتبرتكِ صديقة لي في حين كنتِ تتقربين مني لأجل غاية في نفس يعقوب
نور(مسحت حاجبها وتطلعت لوجه جيداء مليا):- لا تنكري أنكِ وجدتِ فيني ثقتكِ الضائعة بنفسك ، كنتِ بحاجتي كل مرة كنتِ تترددين فيها على محلي لم تكن عبثا بل لكي تشحذي من هنا ما يقويكِ ويجعلكِ قادرة على الثبات من بعد كل ما فعله بكِ حسام
جيداء:- بغض النظر عن الغاية والكيفية ، هنالك مبادئ لا يسعنا تجاوزها يا نور من بينها عدم خداع أحد بنية استغلاله لأجل أحد آخر
نور:- قد كانت دعاء بحاجة لذلك ، قد كانتِ الطرف الأضعف في تلك القصة
جيداء:- وهل أنا من أجبرتها على وضع نفسها في قبضة زوجي ؟
نور:- وهل تصدقين كلامكِ هذا ، كلانا نعلم أن الثعبان زوجكِ ما كان سيفلتها ولو باهتزاز الكون لأنه بغيض جشع خسيس حقير سافل يستحيل أن يترك بنات الناس وشأنهن ، وطالما ولجت دعاء عقله كان لابد عليه أن يرسم ويخطط مسارا يمكنه من الإطاحة بها في هواه وبالفعل ذلك ما تم عرف كيف يستغل ضعف ابنة عمي وأغراها لتكون طوع أمره
جيداء(ابتلعت ريقها بغيظ):- مع الأسف مجبورة على إجراء هذا الحديث مع ابنة عمها ، كان من الممكن أن أترك الأمر وأمضي في غضبي لكن أجد أن ابنة عمكِ صاحبة حق بالنهاية .. لقد أتيتكِ خصيصا لكي تعطيها هذا الشيك فيه جميع مستحقاتها من شركتنا ما لها علينا كله محفوظ ، وإن أرادت العودة للعمل لا مانع لدي يعني ليكن حديثها مع مدير الشركة الحالي معاد الخالدي
نور:- هااااه هل أصبح معاد مديرا لشركتكم والله عال ونعم الاختيار ، الرجل المناسب في المكان المناسب
جيداء:- هه لا أستغرب بتاتا معرفتكِ به هو الآخر
نور(وضعت رجلا على رجل):- طبعا أنا امرأة عملية ويستحيل أن تفوتني مثل هذه الأمور
جيداء(قدمت لها الشيك):- أرجو ألا أكون قد أثقلت عليكِ تفضلي هذا من حق دعاااء
نور(أمسكت الشيك وأمعنت النظر فيه):- كان بإمكانكِ بعثه مع أي موظف من الشركة ، يعني لما تكبدتِ عناء المجيء إلى هنا لرؤيتي ؟
جيداء(اهتزت حدقاتها واستقامت مقابلها):- ربما لأنني تعبت من التخبط في الجدران ، أريد بعد السلام لروحي قد تعبت من مداراة ألمي وجدته لا يجدي نفعا بقدر مواجهته البحتة
نور(استقامت ووقفت أمامها):- تعلمين أن بابي مفتوح لك دائما
جيداء(ابتسمت وهي تتأبط حقيبتها):- دعي ذلك للأيام ، فوحدها القادرة على تحديد مسار المشاعر يا نور
نور(حركت فمها وصافحتها بود):- سلمتِ ع الزيارة ..
جيداء(ابتلعت ريقها وتحركت صوب الخروج):- لنلتقي فيما بعد
نور(ابتسمت لتلك الصداقة الغير متوقعة والتي خطت أولى صفحات الصفح لحظتها):- أكيد
كان شعورا غريبا خامر كلا من نور وجيداء التي كانت بحاجة لتلك الزيارة أكثر من نور ، وذلك لأجل التصالح مع نفسها لعلها تجد خلاصها من بعد تلك الدوامة التي ما تزال تؤثر على حياتها وأكثر فقد انعكس ذلك على أولادها اللذين يعيش كل منهما في واد مخالف للآخر ، خصوصا فريد الذي انكسر بانكسار نصفه الثاني مرام قد حاول مرارا وتكرارا أن يؤثر بها ويجعلها تعدل عن موقفها ذاك لكنه فشل وهنا كانتِ الاستعانة بصديق خير نصيحة تم تقديمها في برنامج من سيربح المليون صراحة ^^ …
تيمو:- يا جماعة نحن نبحث عن حل وليس توريطا جديدا كيف تقترحون اختطافها هل نحن نمثل فيلم أكشن هناااا ؟
جيجي:- يعني فكرنا بالمساعدة يا تيمو
تيمو:- احفظي أفكاركِ هذه لكِ منكِ لهم .. قال اختطاف قال
فريد:- أشكركم يا جماعة لتفكيركم هذا ومحاولة دعمكم ، لكنها مشكلتي يكفي يا تيمو لا تثقل كاهلهم بأمور كهذه
تيمو:- ولو ولو ميمي منا وفينا وعيب في حق شلتنا أن نبقى متفرجين من بعيد ..
فريد:- يا أصحاب لقد أتيت لأخفف من همي قليلا ، لا داعي لأن تنشغلوا صدقا
تيمو:- فريد نحن أصدقاء في السراء والضراء إن لم نساندك الآن فما نفعنا يا فهيييم ؟
فريد(زفر عميقا):- عموما مشكورين قد تأخرت على دوامي الجامعي ، أراكم
لاحظوا تعب ملامح صديقهم وأسفه البادي جدا من حديثه التعيس ولذلك ما إن غادر حتى التفوا في دائرة تسمى بدائرة الاتفاقيات المهمة حسب مسماهم ..
تيمو:- سوف نأخذ على عهدتنا صلح مرام وفريد لذلك أريد اقتراحات معقوووولة هيا حكوا البصلة السيسائية لعقولكم وإيتوني بالمفيييييييييد ..
جيجي(بتنبه):- باقة ورد ؟؟
تيمو:- مبتذل
سوسو:- أوركيسترا يعزف لها لا ترحلين خاصة لا أذكر اسم صاحبها جورج شيء ما المهم ما رأيكم في الفكرة ؟
تيمو:- وهل سنخطبها نحن نريد الصلح يا فتاة ركزووووا ؟؟
ميدو:- أرى أن يكتب لها رسالة خطية بريشة نعام ذلك سيفيد هههه
تيمو(رمقه شزرا):- وريشة الديك الرومي بما ستنفعنا حضرتك ؟؟ أستغفر الله
جيجي:- طيب بما أن أفكارنا لم تعجبك اقترح علينا أنت يا أبو المفاهيم
تيمو(رمش بعينيه وبتفكير عميق):- الآن على حد علمي بمرام فهي فتاة شاعرية جدا ، مرهفة الإحساس وأدنى شيء يخص الطبيعة يؤثر فيها لذلك ….. سنرتب لقاء لها مع فريد في مكان طبيعي لا يقاوم
سوسو:- وهل يوجد مثله هنا مؤكد ستكون قد زارت كل الأماكن يا تيموو
تيمو(رفع حاجبه):- أجزم أنها قد فعلت والعكس مباح، لذلك سنخلق نحن ذلك المنظر الطبيعي وهنا في مرأبنااااا
ميدو(بحماس):- هل تشمون نفس الرائحة التي أشمها يا جمااااااااعة ؟
سوسو:- رائحة العشق
تيمو:- الله الله
ميدو:- بل رائحة العمل والإبدااااااع ياااااااه نحن جاهزون من اللحظة تيمو
تيمو(بحماس رفع يده وانحنى وجعلهم ينحنون في مستواه):- اسمعوا إذن …

في تلك الأثناء
وفي ثانوية البنات حيث التقين بنهاية الحصة مع جيهان التي توجهت صوبهما بكل عزم وميوعة
جيهان:- يااااي أسعدتماني بقبولكما الدعوة حقااا سنمضي وقتا ممتعا
شيماء:- وهل بعد إصراركِ الرهيب وجدنا حلا في التملص
جيهان:- ولو يا حبي هذا لأنكما تريدان ذلك ، يعني من مصلحتكما حضورها ستكون حفلة مذهلة لأخي الصغييير
نهال:- طيب يا روحي سنأتي سنأتي
جيهان(عضت طرف شفتها بحماس):- ههه طالما كذلك سأنتظركما غدااا لا تتأخرا يا بنات والعنوان معكما هممم
شيماء:- على خيرة الله …
نهال(طالعت ذهاب جيهان):- ههه أستطيع أن أجزم أنها فتاة مزاجية لا يؤتمن لها ولا دقيقة
شيماء:- هل اقتنعتِ الآن حين أخبرتكِ أنها متناقضة مع نفسها ، من يراها الآن لا يراها قبل أيام غاضبة مزمجرة
نهال:- يلا ربما هذا الاحتفال يأتي بنتائج جيدة لنا جميعا ، فالمتاعب لا تطاق
شيماء:- يكفينا ما نعيشه بالبيت أشعر بأنه أصبح يضيق شيئا فشيئا
نهال(رفعت يدها بشهادة):-أي والله معكِ حق قد أصبح بيتنا مرتعا للأحزان الكسيرة بامتياز
شيماء:- نتمنى أن تنتهي على خير ، عموما سأتوجه للمكتبة قد طلب مني الأستاذ نديم الالتحاق به إلى هناك
نهال:- أحقا حتى أنا طلب مني ذلك في حصته قبل قليل الالتحاق بهذا التوقيت ، ترى ماذا تريد الإدارة مني ومنكِ ؟
شيماء(مطت شفتيها بعدم فهم):- حسن لست الوحيدة في قسمنا فقد اختار معي عدة طالبات أيضا ، ربما شيء يخص الدراسة
نهال:- طيب لن نبقى هنا نثرثر لنذهب ونكتشف بأنفسناااا
توجهتِ البنات نحو المكتبة الخاصة بالثانوية وجدن الأستاذ نديم هناك وحوله عدة طلبة وطالبات في جمع خفيف ، يشرح لهم شيئا على الأغلب وما إن لمحهما أشار لهما للانضمام سريعا وتابع كلامه
نديم:- جيد أنكما قد التحقتما نهال وشيماء ، قد تم اختياركما أيضا للمساهمة في جمع التبرعات التي ستكون على القطاع الدراسي أجمع ، طبعا هي فكرة تبنتها ثانويتها وإن تم التفاعل معها بشكل مرضي سنقوم بتوسيعها لكي نتبرع بما نحصده لفائدة المرضي المحتاجين لعمليات باهظة الثمن ، يعني أعمال خيرية
نهال:- جميل يا أستاذ نديم طبعا نحن معك فبما أننا في ختام السنة الدراسية هذا سيفيدنا
نديم:- طبعا لن أنسى أن الامتحانات الأخيرة على الأبواب ، لكن زيارتين أو ثلاث للجامعة سيفيد لتوسيع الفكرة وزرعها في عقول الشباب
شيماء:- الجامعة ؟؟ اعتقدت أن النطاق سيكون محصورا على الثانويات فقط
نديم:- بلى هو كذلك ، وعليه تم اختيار هذه المجموعة بالاسم كي تتفرقوا بشكل ثنائي وتقوموا بالمهمة على أكمل وجه
نهال:- طيب أستاذ نديم كما ترى ، أ..متى نبدأ العمل ؟
نديم:- الآن إن لم يكن لديكما مانع ، ستهتمان بالفئة الجامعية أنتم وزملائكم ، على بركة الله
شيماء(حملت الصندوق الصغير للتبرعات حيث كتب اسم الكلية المختارة):- ههه كلية العلوم من نصيبي
نهال(حملت صندوقا آخر):- وأنا كلية الحقوق
شيماء:- ههه حسن إذن هيا بنا لدينا ساعتين سنستغلهما جيدااا
ما إن خرجتا من هناك حتى ظهرت هذه جالسة في سيارة كل من شامل وهشام اللذين ظلا يرمقان الفتاتين وهما مغادرتين بشكل جاااائع قذر
جيهان:- هييه أظن أن مهمتي ستكتمل غدا ولأنبهكما أنا لا أريد مشاكل
شامل(يتأمل شيماء من بعيد):- لا ولو اعتمدي علينا ، صح يا رفيق ؟
هشام(صغر عينيه هو الآخر في قوام نهال):- يعني .. سنجعل ذلك يستحق …
جيهان(بنظرة خبيثة طالعتهما):- وأنا كلي شوق لمتابعة الأحداث … هههه
الغدر شيمة سيئة قد تعود على صاحبها بالسوء وبتأنيب الضمير لا محالة ، لكن في حالة جيهان وصحبتها فهنا الشر قد اتخذ مسارا نرجو الله أن يلطف بصغيرتينا نهال وشيماء ، اللتين وصلتا بعد مدة نحو الجامعة وتوجهت كل منهما صوب عملها المخصص لها فبالنسبة لنهال قد انتقلت لكلية الحقوق وباشرت ما طلب منها ، وكذلك شيماء التي ما إن انتهت حتى أخذت تتأمل زوايا الجامعة وحركات الطلاب فيها وترجو الله أن يوفقها هذه السنة لتلتحق هي الأخرى بالكلية التي ترغب بها … وهي تتأمل فاجأها هذا بحضوره
تامر:- شيمااااء أهذه أنتِ معقول موجودة بحرم الجامعة ؟؟
شيماء(بخجل صافحته مترددة):- آه أخي تامر مرحبا بك ، كيف حالك وحال الخالة نجية ؟
تامر:- بخير بخير ، ماذا عن رنيم والطفلين كيف هما ؟
شيماء:- رائعين آه اليوم كان موعد لقاح سجى حسبما أعتقد
تامر(بأسف):- ومن رافقها ؟
شيماء(تنهدت بأسف أيضا):- جدتي عواطف طبعا
تامر:- ممم جيد .. طيب أخبريني ما سبب وجودكِ هنا أأنتِ بحاجة مرجع ما أو بحث ؟
شيماء(ابتسمت بمودة):- لالا لقد أتينا في خطة تبرعية تقيمها ثانويتنا ، ونحن قد اختِرنا للقيام بهذه المهمة
تامر:- أهاه من الرائع رؤية ذلك ، طيب لن أعطلكِ أكثر وإن احتجتِ لشيء اتصلي
شيماء(رمشت بعينيها خجلا):- أ.. شكرا يا تامر بارك الله فيك
نهال(أتتها بعد لحظة):- هاااا التقيتِ بتامر أيضا أرأيت يا مازن اليوم تاريخي في الجامعة
مازن(سلم على شيماء):- حقا من كان ليظن أننا سنجتمع هنا يا رفاق
تامر(بابتسامة):- كانت فرصة سعيدة نهال وشيماء وأنا أقول لما الحرم نوٍّر
نهال(بدعابة):- أكيد بنا ولو ههههه
شيماء(بوجع روح طالعت مازن شزرا):- كيف حال الدراسة معك مازن ؟
مازن؛:- أموري تمام ، ماذا عنكِ أنتِ ونهال أمامكما امتحان مصيري فهل هنالك دراسة ؟
نهال(أشارت للأعلى):- طبعا بوجود عسكري يقبع فوق رأسنا ليل نهار ويعلفنا كالبهائم بالدراسة أكيد سنحصد المراكز الأولى
مازن(ضحك بعمق):- هههه العمة نوووور
شيماء(ما أجمل ضحكته ياااااه أشعر وكأن قلبي انفتح):- هههه
تامر(رمق نظرتها تجاه مازن ورمش بعينيه):- اممم جميل جدااا
هدى(أتت بميوعة تتمايل صوبهم لحين وصلت وهي تطالع شيماء من أعلاها لأسفلها وكذلك نهال):- هلا بالنسايب بحرم الجامعة خاصتنا ، هل أقاطع شيئا هنااا ؟
شيماء(بود خفي):- كيف حالكِ هدى ؟
هدى(بتعالي وتكبر):- أنا بخير ولما لا أكون كذلك .. هل يا ترى أخي الذي قام بفعلته والتوى حول نفسه مثل الثعباااااان ؟
مازن(هدر فيها قبل أن تتمادى):- هدى ؟؟؟؟
هدى(بتمايل):- ماذا يا أخي أليست هذه الحقيقة ، ألم تكن خالتهما هي القشة التي كسرت ظهر البعير وخرجت بفضيحة ماذا فعل لها أخي كي تطعنه بخيانتها السافلة ؟؟؟؟؟
نهال(ابتلعت ريقها ونظرت لشيماء التي اغرورقت عيناها بالدموع):- لا أسمح لكِ بالتطاول على عمتي يا أنتِ ، احترمي نفسكِ لأنكِ تخطئين في حقها وحقنا كثيراااا
هدى(أخذت تهتز بغرور وهي مكتفة يديها):- آه حقا وهل أتيت بهذا الأمر من خيالي ، لقد سمعناه بآذاننا هذه يعني لن تخفوا عيوبكم خلف الغربال لأنكم قد انكشفتم وظهر معدنكم المنحط جليا جدااا أمامنااا
مازن:- يكفي يا هدى أخبرتكِ أن هذا الموضوع مقفل بالنسبة لنااااا
هدى:- لا تسكتني علي أن أتحدث بل على الجميع أن يعرف فضيحة رنيم الخاااائنة …
نهال(لم تتحمل وتقدمت صوبها بعصبية):- اخرسي عمتي أشرف منكِ ومن غيرك
شيماء(رمشت بعينيها وهي تمسح دموعها وأمسكت بنهال):- إن بعد الظن إثم ، وتأكدوا أن الحق سيظهر وساعتها لن ينفعكم الندم مطلقاااا
هدى(لمحت أن الناس تتجمع حولهم ولم تهتم بل رفعت صوتها أكثر):- اشهدوووا يا أهل المعرفة فمن يضرب الناس بالحجر وبيته من زجاج مؤكد شخص مجنووون ، ورنيم خااااااائنة خااااااائنة خااااااااااااااااائنة …
مازن(أمسكها من يدها بعصبية لكنها انتفضت برفض جامح):- يا الله على هذه هدى اخرسي أحسن لك
تامر:- توقفي يا هدى ما الذي دهااااكِ .. عذرا يا بنااات
شيماء:- اهئ هذااا ظلم
نهال(أمسكت نفسها بصعوبة وأخذت تشير لها):- والله لو عليَّ لكنست لسانكِ القذر ذااااك بيدي ، ما أتفهكِ !!!
هدى:- هئ أتوجهين لي هذا الكلام نهااااال ؟
نهال(بصراخ محتدم):- أجل لكِ لكِ لكِ
مازن(تقدم إليها وجذبها من يدها):- تعالي معي اللعنة عليكِ وعلى جنونكِ هذا
هدى(نفضت يدها من يده مجددا):- دعني ولا تتدخل في شؤووووني
تامر(نظر للطلبة المتجمهرين حولهم):- الكل ينظر إلينا هذا لا يجوز يا هدى ، ثم هذا الموضوع خاص برأفت ورنيم لا يجب أن يتدخل فيه أحد
هدى(استرسلت بعصبية):- وأنت ما دخلك فينا أساااااسا أنت مجرد عامل لدينا ولست مخولا في التدخل بحديث عائلي كهذاااا …
تامر(تصلب جسمه من جملتها الجارحة تلك ونظر لهم ثلاثتهم وقد استكانوا مثله بصدمة ،وعاد ونظر إليها وهو يهز رأسه بأسف):- معكِ حق
هدى(انتبهت لما قالته وجحظت عينيها بهلع):- تامر تامر لم أقصد أن أجرحك يعني …
تامر(رفع يده مشيرا لها بالصمت):- يكفي … نلتقي يا بنات في ظروف أفضل ، مازن ؟
مازن(نفض يديه بقلة حيلة):- سأتولى الأمر من هنااا ..
نهال(جذبت يد شيماء):- ونحن نذهب أيضا لا يشرفنا البقاء مع هذه .. وداعا مازن
مازن(ابتلع ريقه وهز رأسه في أخته):- ما الداعي من هذا الاستعرااااض… هل أنتِ مخبولة ؟؟؟.. انتظرا يا بنات سأوصلكما بطريقي ومنها أطمئن على عزيزتي رنيم والأولاد …
هدى(ضربت برجلها الأرض ورمقت نظرة الطلاب لها):- سحقاااا لكم جمييييعااا .. حممم
شيماء(وضعت يديها على رأسها بصداع):- يكفي يكفي
نهال(تشير بيديها بعصبية مطلقة):- لو تركتني لكنت مزقت شعرها الذي تتباهى به بين يداي ، لكنكِ أمسكتني عنها مرتين
شيماء:- أكنتِ ترغبين بإعادة نفس التمثيلية التي افتعلتها بالمطعم ، يا الله يكفينا ما سمعناه من كلام يسم البدن مسكينة خالتي رنيم
نهال(توقفت وانفجرت بوجهها):- لما مسكينة لما لما لما تقولين مسكينة ؟؟؟؟ هل خانته فعلا هل أقدمت على ذلك الفعل الشنيع أكيد لا ونحن نعرف ذلك ولمن لا يعرف فليشرب من البحر
مازن:- يا صبايا انتظراااا
نهال(التفتت إليه):- رجاء مازن نرغب بالذهاب لوحدنا يكفينا ما جاءنا من أختك
مازن(حرك يديه بأسف):- عذرا منكما دعوني أوصلكما
نهال:- لا نريد مشكور يا مازن … هيا شيماء
شيماء(مصت شفتيها حرجا منه والتفتت إليه):- عذرا منك
مازن(مط شفتيه وقدم لها منديلا):- لا تبكي مجددا من كلام أختي هدى ، أحيانا يصيبها جنون أمي وتأثير نورهان فتصبح نسخة منهما مع الأسف
شيماء(عضت طرف شفتها وأمسكت بالمنديل):- مشكور على حسن تعاملك مازن ، صراحة أبرزت على حسن موقفك وهذا شيء يريحنا
نهال(صرخت فيها وهي تدك الأرض دكا بقدميها):- هيا يااااا شيماااااااء …
مازن(أشار لنهال واستدار إلى شيماء):- ولو .. طيب لن أزعجكم أكثر نلتقي في حين آخر
شيماء(لوحت له وانطلقت):- مع السلامة ..
نهال(بعد أن وصلتها شيماء):- كنتِ ابقي برفقة السيد مازن ما هذااااا يا بنت ؟
شيماء(بتلعثم):- ما هو ما هو الشاب آثر إيصالنا لما عاندتِ ؟
نهال:- لأتجاوز هذه المشكلة فنحن لن نروي شيئا لهم في البيت ، لا ينقصهم وجع قلب ما حدث سيبقى هنا وفقط
شيماء:- طيب طيب يكفي نقيقا هنا دعينا نستقل الحافلة
نهال:- هفف الحيزبووون الصفراااء الله لا يوفقها غلغلتني وتركتني مثل الشعلة ، الله ينتقم منها الغبية الله ينتقم منها شبيهة الضفدعة هففف
شيماء:- لا تشتمي الناس يا نهال أنتِ تزيدين من ذنوبك
نهال(صغرت فيها عينيها حين توقفت):- إن لم تخرسي سأذبحكِ في أرضك إمشي معي
شيماء(ضحكت وهزت رأسها من جنون نهال):- هه أمركِ يا ست نهال …
انطلقت مزمجرة مثل الإعصار لا ترى الطريق أمامها ، وأظن أن هذا المشهد مكرر وكأنه مرَّ بنا في وقت ما آه آه شهدناه مع عمتها الغالية نور هههه ما شاء الله هنا نتيقن فعليا يا جماعة أنها جينات متوارثة بحق ^^… وفي تلك اللحظة عاد مازن وهو يضرب كفا بكف فبعد الفضيحة التي افتعلتها أخته بات الكل يناظره ويتحدث في الخفاء ، لم يولي ذلك اهتماما لكن استوقفه هذا ليطرح سؤال فحين رأى الجلبة القائمة لم يولي الأمر اهتماما لكن لما رمق تلك الشعلة النارية ابتسم موقنا أنها أينما ولت وارتحلت ستتسبب بمشكلة ..
أسعد:- مازن
مازن(بتعب):- أوك يا أسعد ستسألني بدورك عما حدث ، مشكلة عائلية لا تأخذ في بالك
أسعد(بنظرة ذئبية):- همم كان لدي فضول بشأن الموضوع ؟
مازن:- تت أختي تخاصمت مع بنات عائلة زوجة أخي ، هذا كله
أسعد(حرك حاجبيه بتمعن وهز رأسه):- أهاااه شكرا للتفسير ولا تشغل بالك هي أمور تحدث
مازن:- ذلك حقا ما أقوله ، شكرا لقلقك عن إذنك
أسعد(بتمعن شرد في البعيد):- على الرحب والسعة … هممم ما اسمكِ إذن يا شعلة المشاكل أظن أنكِ بدأتِ تخرجين لي في كل مكان ؟؟؟
هنا كانت هدى تلحق بتامر بالسيارة وهو بدراجته النارية ذات الحجم الكبير ، لم تلبث تطير في الطرقات لحين قطعتها عليه وأجبرته على الوقوف حين تجاوزته وأوقفت سيارتها بالنصف
هدى(نزلت وهي غاضبة):- كيف تجعلني ألحق بك لأزيد من ربع ساعة يا تامر ، طلبت منك الوقوف فما الداعي لهذه الحركات ؟
تامر:- أتأمرين هنا أيضا بعد ما فعلته ؟
هدى:- أخبرني ماذا فعلت طلبت منك بلطف أن …
تامر:- لست جاهزا لسماعكِ هدى .. توقفي رجاء ودعي كل شيء لحاله
هدى:- ما قصدك ؟
تامر(زفر بعمق واقترب منها):- أنتِ لا تناسبين تفكيري ومن الآن فصاعدا ستكونين ابنة صاحب البيت وفقط ، لن تجدي شيئا من مشاعري فلقد طويت صفحتها بعد أن عرفت مقامي لديكِ جيدااااا وحفظته
هدى(فتحت فاهها وهي تحرك رأسها بفشل):- لالالا أنت لن تفعلها لن تهجرني تاااامر
تامر(عاد لدراجته التي ترجل منها لأجلها):- والله أنا أفعلها الآن .. وداعا ياااا .. حبيبة
تركها تتخبط في أعصابها فلتشرب الآن من البحر ، عادت من فورها للبيت وصعدت مباشرة لغرفتها تبكي حظها وفراق تامر لها والذي لم يعد ساعتها للبيت بل توجه للبحر لعله يجد خلاصه هناك ، ظل هنالك لساعات طوال يحاول نسيان همومه وأوجاعه وحين عودته من هناك وعلى جانب فرعي من الطريق الرئيسي اصطدم في طريقه بمنظر لم يتوقع بتاتا أن يرمقه قط وهو نفسه ما جعله يتصلب محله ليتااابع …
نورهان:- أيها الحقير السافل أخبرتك أن نصف المال ستأخذه بعد طلاقهما وها أنذا أتيتك بالظرف فما الذي تريده أكثر ؟؟؟؟؟
رجب(يطالعها من أخمص قديمها حتى شعرها بنظرات شهوة):- والله لو كان هنالك حساب آخر تحت الحساب ، سأرضى بذلك ؟
نورهان(صفعته على وجهه وابتعدت عنه):- كان من الخطأ التعامل معك وجها لوجه أيها الخبيث ، هل صدقت نفسك أنت مجرد فلاح لا تصلح لشيء ..
رجب:- ولو يا ست نورهان ولو أنا خادمكِ رجب أعيب أن تلقي بعملي كله عرض الحائط هكذا ، ثم يعني نحن متورطان في هذاااا وعليكِ الانصياع لطلباتي أليس كذلك معلمتي ؟
نورهان(تلاعبت بلسانها داخل فمها وضربته بالنقود في صدره):- خذ مالك ولا ترني خلقتك أبدا مهمتك انتهت ..
رجب(رمش بعينيه وابتسم باستفزاز):- صدقا تؤسفينني فأنا من يحدد إن انتهى عملكِ معي أو لا ، لأنني حسبما أرى لم تضعي بعد خاتم السيد رأفت بيدك إذن لا زلتِ بحاجتي
نورهان(كتفت يديها):- أحقاااا .. وبما سأحتاجك يا تافه ؟
رجب(وضع المال بجيبه ولامس صدره البارز من شق القميص المفتوح نصفه):- مثلا أخطط معكِ للإيقاع بالسيد رأفت في حضنك
نورهان(مصت شفتيها فذاك ما تتمناه):- وكيف سيحصل ذلك يا حيواااان ؟
رجب(مرر إصبعه على خصلة شعرها ولامس ذراعها العارية بحرارة):- أآن أراكِ تخطئين هنا ، فرجب الفارسي ليس بشخص يؤتمن له لكن في آن الوقت إن أرضيته سيجعل الدنيا كلها ترضى عنكِ
نورهان(تحركت بلوعة وهي تفكر برأفت):- أسمعني ما لديك لأرى ؟؟؟
رجب(اقترب منها ووضع يده على خصرها وجذبها إليه بقوة):- أولا عليكِ إرضائي حلوتي وإلا لن يحصل ما تتمنينه
نورهان(تملصت منه متأففة):- ابتعد عني ابتعد لا تلمسني يا هذاااا ، أتتوقع مني أن أنظر إليك يا مجنووون أنت مجرد مخبوول حشرة
رجب(التف حول نفسه بدورة واحدة):- والله أنا شاب لا ترفضني فتاة محتاجة للحنان ، للدفء للمسة أمااااان بين أحضاني
نورهان(التصقت بسيارتها وهو يقترب منها لحين أسرها في قبضته):- ت .. توقف يا رجب
رجب(عض شفتيه وهو يهديها نظرات لوعة ويكاد يلامس جسمه جسمها):- أنتِ تحتاجينني يا نورهان ، جسمكِ يستصرخ لمسة رجل يقدر قيمته فرأفت قد جفف روحكِ وجعلكِ محرومة من التمتع بأنوثتكِ ، لكن معي …
نورهان(كانت أسيرة أنفاسه ونظراته أغمضت عينيها وحاولت التملص منه):- اسمك يجلب لي الغثيان أكثر من جسمك ورائحتك ابتعد عني ابتعد ابتعد
رجب(أهداها قبلة في الهواء وابتعد منحنيا):- جميلتي .. وإن كنت أصغركِ بكم سنة إلا أنني متكامل النضوج وأفهم لغة المرأة جيدا جداااا كما أنني أستطيع أخذكِ لعالم من الكماااال الذي تحتاجه كل أنثى ، أنا من يفهم احتياجكِ نورهان أنا من يقرأ حرمانكِ نورهان أنا من سيشبع جوعكِ وشهوتكِ و…
نورهان(لم تعد تتحمل مقاومته لذا فتحت باب سيارتها وركبت):- يكفي يكفي أنت لن تضعفني بكلامك ، انتهى عملك لا تكلمني وأنا لن أتصل بك
رجب(أمسك الباب بيده وأطل عليها):- بلى ستتصلين حبيبتي حين يصدكِ رأفت وتفتقدين حضن رجل بشدة ، ستجدين حضن رجب في الانتظااااار .. وداعا حبي هههه هاهاهااااا
صفق باب السيارة وضرب على سطحها وهنا انطلقت هي نافثة الغبار خلفها ، هاربة منه ومن صوته المقزز أما هو فتلاعب بلسانه بإثارة وهو يطالع الفراغ ويعد نفسه بغنيمة ستهرع لحضنه عند أول مشكلة … شق طريقه مبتعدا عن هناك بدراجته النارية ولحظتها أنزل تامر هاتفه وشغل الفيديو الذي صوره لهما للتو
تامر(يسجل الفيديو بحافظته الخاصة على الهاتف):- هييه أظن أن الأقدار رمت بكِ في طريقي يا ست نورهاااان هههه .. لنرى الآن من يكون هذا الشخص ومن سيكون المستفيد بالتعرف عليه أكثر مني ..
هنا وفي قصر آل الحمداني كان حاتم يكلم نجية في شأن خاص لحين وقفت عليه وجدان مثل الصاعقة تتصنت بعين وقحة ، أجبرته على إتمام حديثه بسرعة حتى صرف نجية لعملها وناظر وجدان شزرا ثم تحرك للعودة لمكتبه ، لحظتها استشاطت غضبا ولم تلحق به بل تبعت نجية لمعرفة ما الأمر الخاص الذي كان يحادثها به حاتم وليس لها علم
وجدان:- أنتِ أخبريني ماذا كان يريد منكِ السيد حاتم ؟
نجية(بارتباك):- ل ..لا شيء يعني مجرد تغيير في قائمة الطعام
وجدان(صغرت فيها عينيها وهي تشير بحنق):- اسمعيني جيدا لو اتضح أنكِ متواطئة معه في شيء ، سأطردكِ من هنا أفهمتِ ؟
نجية(زفرت بتعب):- أمركِ ست وجدان ، لكن لا يوجد شيء مهم
وجدان(اهتزت محلها وغادرت المطبخ):- عالم رعاع هذا ما ينقص أن يستشيرها هي ويعطيها وقت وأنا لا ، لكن لن أسكت لن أسكت ..
بعصبية فتحت باب المكتب دون إذن ودلفت إليه ، أغلقته خلفها وتوجهت صوبه وهو غارق وسط ملفاته غير آبه بها حتى ..
وجدان(شبكت يديها ووقفت وهي ترتجف محلها):- عن أي شيء اتفقت مع نجية ؟
حاتم(أنزل نظارته البصرية وطالعها بطرف عين):- وهل أنا مجبر على الإجابة ؟
وجدان(مصت شفتيها):- طبعا يعني لا يعقل أن تستشير الخادمة وتترك سيدة البيت ؟
حاتم:- تلك ليست خادمة هي مدبرة المكان وتستحق معاملة خاصة ، زيادة على أنها هي من قامت بتربية أولادك الواحد تلو الآخر أثناء اهتمامكِ بالندوات والنوادي وجمعيات صديقاتك ، ثالثا تلك المرأة أصدق منكِ في مليون شيء وعليه أنا حر في تعاملي وإن أنهيتِ تحقيقكِ أخرجي وأغلقي الباب خلفكِ وقتكِ انتهى
وجدان(اغرورقت عيناها بالدموع ونفثت شررا):- أتطردني يا حاتم لأجل خادمة ، طيب إذن تابع ما تفعله لحين يأتي يوم ستجدها فيه خارج أبواب هذا القصر هي وابنها اللعين
حاتم(مص شفتيه ووضع نظاراته على المكتب واستقام إليها):- لو قربتِ نجية أو تامر بتصرف جارح حتى ، أنتِ أو قريبتكِ أو ابنتكِ المدللة سوف تحاسبين يا وجدان وسوف تضطرينني لفتح الدفاتر القديمة وأحدثها لا زلت أحقق فيه لو اتضح لي أنكِ أنتِ وراء طلاق ابننا رأفت فربما ستكونين أنتِ من سيخرج من هذا القصر
وجدان(بتلعثم وخوف):- ووو وأنا ما دخلي ما دخلي ، تلك الخبيثة قد كُشفت على حقيقتها أستعاقبني بذنوووبها عال والله ههه هههه
رمقها وهي تخرج هاربة من جملته وأمعن النظر لبرهة في طيفها وجلس على مكتبه بأريحية خافتة ، فلقد اشتاق لحفيديه وعليه رفع الهاتف واتصل
حاتم:- ألو بني أكرم معك حاتم الحمداني ، عزيزي أين وصلتِ التحقيقات التي طلبتها منك ؟
أكرم:- سيد حاتم أهلا بك بصراحة لازلنا نبحث على صاحب الرقم ، قد اقتناه من كشك عشوائي وهو غير مسجل في بيانات شركة الاتصالات يعني علينا مضاعفة المجهود وهذا يتطلب وقتا بصراحة
حاتم:- أهاااه تمام لا بأس خذ وقتك وبلغني إن وصلتم لشيء ..
أكرم:- تمام سيد حاتم (أقفل الخط وقام بمناداة صديقه) يا عزوز هل حصرت لي ملف الأرقام العشوائية الذي طلبته منك ..
عزوز:- يا الله يا أكرم أنت تعلم أن العمل فوق رأسي ، السيد العميد لا يسمح بأي إهمال هنا بالقسم لذلك ستعذرني
أكرم:- هكذا يا عزوز اعتقدت بأنك صديقي
عزوز(ضربه لكتفه):- حرام عليك هذه البذلة ههه لقد بحثت ولكننا لم نتوصل إليه بعد ، لأننا قمنا بإحصاء لكل الأرقام الجديدة التي فُعلت بالفترة الأخيرة وهي بالمئاااات
أكرم(تابع عنه):- وحصرها يتطلب وقتا تمام تمام أعطني نسخة منه سأقوم بذلك في البيت
عزوز:- تمام سآتي الليلة لمساعدتك بعد إنهاء دوامي
أكرم:- ههه طيب يا صاح ابعث لي بنسخة إلى مكتبي قبل أن أغادر الآن ..
عزوز:- أوك …
أكرم(بعد خروجه من مكتبه رن هاتفه):- ألو بابا هل كل شيء على ما يرام ؟
معتز:- بخير بخير لكن أمك تطلب منك الحضور باكرا ، سنقرر متى ستخطب ابنة عمتك وهذا أمر لا يحتمل التأجيل
أكرم(زفر بعمق):- بابا هذا موضوع أخبرتكم أنه خاص بي ، علي أولا أن أتقرب من نهال وأعرف إن كانت موافقة من غيره وليس هكذا مثل الصدمة
معتز:- إخرس ما الذي يفهمك أصلا في هكذا أمور خاصة بالكبار ، سوف نحدد موعدا ونذهب وعلى الأغلب سيكون خلال هذه الأيام لا وقت للتأجيل
أكرم(حرك رأسه بفشل):- هففف طيب طيب حين أعود سنتحدث لدي عمل الآن وداعا
معتز:- سلام … ابنكِ هذا سيخرج عقلي من محله أقول له لنخطبها ويقول لي ليتقرب منها ، عال والله هذا ما ينقص أن يرافقها ويصاحبها وبعدها يقرر أن يخطبها أو لاء ، جيل ناقص
خلود:- لا تتحامل على الولد هو يفكر بقلبه أنت تعلم كم يحبها ومنذ الصغر
معتز:- والله لا أفكر بحب من غيره أريد أن أضمن البيت وألا تطالبني به عفاف يوما ، لأنني حين أمسك ابنتها في بيتي سيسعني فتح المحل الذي أريده وأبيع فيه ما أشاء
خلود:- ستوافق على هذا الزواج أساسا من الذي يرضى بتزويج ابنه لواحدة أبوها قاتل
معتز(ابتسم بخبث):- معكِ حق والله يا زوجتي العزيزة يلا نحن نستر عيوب بناتنا بالأخير هي من لحمي ودمي صح ؟
خلود(بغلغلة كره لعفاف):- ولو خيرنا لا يأخذه غيرنا …. هههههه (ضحكة شريرة)
اتفق كل منهما على الخبث بالرغم من أن نية أكرم صافية وليست مثلهما ، لأنه فعلا يحبها ويريدها لو زوجة لكن مخططات والديه كانت فوق المتوقع مع الأسف ، حين يتجلى الجشع ليسمو فوق المشاعر نقول على الأحوال لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ..

ونأتي إلى جنودنا المحببين آه أرى أن صحة كامل كمال أصبحت بومبة أو هذا ما تقوله جدته الست حميدة ^^
كامل(يلبس السترة فوق ثيابه):- بومبة يا جدتي بومبة ؟؟ ألا ترين معي أنني شبعان من القنابل والرصاص ، على الأقل اختاري كلمة تعبر أكثر وتغني مشاعري الفقيرة
حميدة(تزرر له السترة):- إخرس ما أفهمك يا بغل في معاني كلماتي ، الله الله هل ستعلمني كيف ألفظ الجمل بعد الآن عشنا وشفناااا
كامل:- خلاص يا ست حميدة خيَّطنا فم كامل بخيط أسود
حميدة(وضعت يدها على جنبها):- ولما أسود فال الله ولا فالك ، ما به اللون الأصفر شهي للنظر ملفت يجعلك تتحمس وتسترعي الإثارة منفتحا على الدنيا
كامل(رفع شفته مشمئزا من ذوق جدته):- الأصفر ؟؟؟ .. أرجوك يا ربي إحفظ لي المتبقي من عقلي مع هذه المرأة
حميدة(أنهت التزرير وأخذت تطوي حاجياته بالحقيبة):- ألا ترى معي أن مديريْك قد تأخرا على الموعد المخصص ، مضت ساعات على ذلك أم تراهما لن يأتيا هئئئئ يا ويلي يا فضيحتك يا حميدة هل أخلت النقيبة بوعدهااااا لي … له له يا شماتة نساء الحي فيكِ يا حميدة لقد أصْبحتِ مادة دسمة لنساء الحي سيتحدثون عني لأزيد من شهر وهوهوووه على ما إن يخرج شيء جديد يشغلهن عني
كامل(أمسك على قلبه وأخذ يلهث بقوة):- هئئ هوووف شهيق زفير والله والله لن يقتلني أحد في هذه الحياة غيركِ يا جدتي ، ما هذا ما هذا إذااااعة متنقلة لالا خطيبة في برلمان النساء المترملات على صغر …
حميدة:- ههه ههه يا فتى أحيانا تجعل قلبي يصدأ من الضحك
كامل(وقف أمامها وهو يساعدها مجبرا):- يصدأ هل هناك من يقول على قلبه يصدأ ومن الضحك ، أمركِ عجيب لا أدري كيف تحملَّكِ جدي المسكين كما أنه من الرائع موته وإلا لكان الآن في مشفى المجانين يعلق رجلا ويضع الأخرى على عنق الممرضات ..
الطبيب(قاطعهما):- المعذرة أنت جاهز للمغادرة يا كامل ، قد تم التوقيع على ذلك ألف سلامة عليك ونتمنى منك ألا تجهد نفسك وتتبع التعليمات المدونة بورقة الأدوية
كامل:- أ.. حاضر دكتو…
حميدة(دفعت كامل وتجاوزته لتقف أمام الدكتور الوسيم):- حاضر يا دكتور أ.. يعني هل لي أن أمر بك ذات يوم أحيانا يصيبني دوار لا أدري كيف أصفه لكن احم كلما دخنت الشيشة تفاقم وبدأت أرى الشيء شيئين
الطبيب(انحرج منها):- أقمقمم تدخنين الشيشة . ؟؟؟
حميدة(بحماس كمن ربحت شيئا):- وبطعم التفاح حتى ههه
كامل(ضرب على وجهه):- يا فضيحتك يا كامل ؟
جاسر(دخل على الجملة):- هه بالفعل أرى أن الخلف صالح ما شاء الله ، الآن فقط عرفت من أين ينبع جنونك
وصال(تجاوزته ودخلت):- لا تجرح كاملا أيها الرائد ، ألف سلامة عليك
حميدة(عانقتها بمحبة حتى كادت تبكي):- آآآآآآآه نقيب وصال الحمدلله الحمدلله قد حضرتِ أخيرا ، خشيت أن تخلي بوعدكِ لي ؟
وصال(معتصرة في حضنها):- هه ولو وهل كان يجوز ذلك
الطبيب(اقترب من جاسر):- يمكنكم المغادرة سيد جاسر كل شيء تمام ..
جاسر(أشار له ليخرجا):- لحظة .. هل أنت متأكد من أن أحدا لن يستشعر شيئا مما اتفقنا عليه ؟
الطبيب(مط شفتيه بأسف وناظره بعمق):- لن أخفيك الأمر يا سيادة الرائد ، ما نفعله مخالف للقانون لكن بما أنك تدخلت بصفتك مسؤولا عن صحته سمحت له بإكمال هذه الأسابيع المتبقية من التدريب
جاسر:- أعدك أنه لن يقدم على أي تدريب ، هذا تحت ضمانتي الشخصية ..أنا لا أريد أن أحرمه من حقه فبعد تعب أشهر طويلة لا يجوز أن نحزنه
الطبيب:- أرى أن السيد كامل غالي عليك جدا ، ولولا معزته في قلبك لما غامرت بكل شيء لأجل مخالفة القوانين وتزوير تقاريره الصحية ؟
جاسر(أغمض عينيه وفتحهما بوهن):- ليس تزويرا هي شهادة تفيد بها أنه قادر على مواكبة زملائه بالمعسكر ، هذا ما سيكون ظاهريا أما في العمق لن يحدث وأضمنه بنفسي
الطبيب:- عموما نحن معرفة طويلة أيها الرائد جاسر ، لذلك أنا أثق بك
جاسر:- ما أرغب بالتأكد منه شيء واحد .. إن انتظم على الأدوية سيكون على ما يرام ؟
الطبيب(حرك حاجبيه):- لن أجزم لك بشيء الآن ، سأنتظر التحاليل التي بعثناها للخارج وهذه تأخذ وقتا طويلا لكي يتم الرد عليها
جاسر:- أمم أمم أخبرتني بهذا أساسا وقتها سنكون قد أنهينا الدورة العسكرية
الطبيب:- أكيد وهناك سيصح لنا متابعته عن كثب ولكن من المهم جدا أن تحرص على سلامته ، إن شعرت بمرضه أحضره إلى هنا فورا وبدون تردد
جاسر(بقلق دفين):- طبعا طبعا لن أتوانى في ذلك لحظة …شكرا جزيلا لك
الطبيب(تنحنح للمغادرة):- عندما تتعلق الأمور بالمشاعر نغامر بكل شيء لأجلها ، لذا أنا أساندك وأدعمك في خطوتك … موفقين
جاسر(تنهد عميقا وناظر الطبيب وهو مغادر):- هااا يا وصال محفوظ بما سنتورط لكي لا يُكسر قلبكِ وقلب السيد كامل كمااااال ؟
وصال(عقدت حاجبيها وهي تسمعه بوضوح):- ولما ستكسر قلبينا ؟؟؟
بثقل اهتز محله واستدار إليها رويدا رويدا مجابها عيونها بتردد وخشية من أن تكون سمعت كل الحديث مع الطبيب من البداية ، رمش بعينيه وعقد حاجبيه وهو يحاول لملمة الأمر
جاسر:- لأجل العودة … أ.. العودة للمعسكر يعني فكرت أن نبقى لبضع ساعات وفي المساء نشق طريقنا نحو المعسكر .. هذا كله
وصال(صفقت بفرح):- آه جميل جدا هذا سيسعد كامل وجدته
جاسر(مط شفتيه تذمرا):- كامل و جدته يسعدان وأنا أحترق هنااااا من الفضول
وصال(سمعته قبل أن تدخل لغرفة كامل وابتسمت):- هل أنتما جاهزين ؟
حميدة(تأبطت ذراعها):- تعالي أنتِ هنا سنسير أنا وإياكِ جنبا إلى جنب كي أشرح لكِ عاداتنا وتقاليدنا في هكذا أمور مصيرية هههه
جاسر(استساغ ما تقوله ورمقهما وهما خارجتين):- عماذااا تتفقان ؟
حميدة:- الله الله ولا يزال يسأل أحضر الحقيبة رجاء سيد رائد وأنت كامل الحق بنا ليس لدينا اليوم بطوله الناس تنتظر ..
وصال(شاهدت امتقاع وجه جاسر من فرط الغضب):- أ.. ست حميدة هه سنذهب بسيارة الرائد جاسر
حميدة(طالعته شزرا):- أمممم وما عليه لنسرع فقط ..
جاسر(فتح فاهه بصدمة ونظر لكامل الذي كان يشبك يديه بحركة اعتذار):- لو لم تكن جدتك فقط آآآآآآآخ …. إلحق بيييييييييييييييييييي
كامل(رفع حاجبه بامتعاض من صرخة جاسر):- هي تفتعل المصائب وتأتي فوق رأس كامل كمال المسكين ، أعلم أعلم أن حظي قد تبرأ مني ومذ ولادتي اهئ اهئ
غادر الجميع في سيارة جاسر الذي ما إن ركب فيها وهو يزفر ويتنهد فحميدة لم تترك شعرة في وصال لم تمدحها ، خدود على عيون على شفاه على شعر على قوام على بشرة لم يتبقى لها سوى تفاصيل التفاصيل استوقفتها فيها وصال فتلك المرأة قد تتمادى حقا وتحرجها أمامه ، فحتى كامل المسكين كان منسدحا على الكرسي الأمامي يلتقط أنفاسه لأنه يعلم ما تحضره جدته من مفاجآت غير متوقعة … أما جاسرنا فقد ظل يراقبها من مرآته بل يزورها بنظراتٍ حادة مفادها أنكِ في ورطة كبيرة بدءا بسكركِ ليلة أمس لسركِ مع الست حميدة إلى ما يحدث في السيارة ومشاركتها بشكل غير ودي في حرق أعصابه على نار هادئة ..وكلما همَّ كامل بوصف طريق بيتهم لهم قاطعته جدته وأخذت تشير لهم الطريق وتحكي أمجادها في كل ركن مع جد كامل ومغامرتهما التي لا تنتهي …
حميدة:- أي والله الزواج شيء جميل أليس كذلك حبيبتي وصال ؟
وصال(ابتلعت ريقها ونظرت لجاسر الذي برقت عيناه بحدة منتظرا الرد):- ههه هه سامحكِ الله يا خالة حميدة يعني من أين لي أن أعرف إن كان جيدا أم سيئا ، يعني لا زلت عزباء
حميدة(تمسح على كتف وصال):- له يا روحي له ستتزوجين قريبا ووقتها ستشعرين بقيمة كلامي ، حين تجدين في زوجكِ الراحة الأبدية
وصال(لم تتجرأ على رفع عينيها لترى ردة فعل جاسر بل أحنت رأسها بضحك):- هه لا لا لا يزال أمامي شوط كبير على الزواج ، يعني عملي يقف حائلا أمام ذلك في الوقت الحالي
حميدة:- هئئ لا بأس لا بأس نحن في زمن متطور يعني نتفهم عمل المرأة وضرورياتها في الحياة ، لا بأس بخطوبة أولية وخذي راحة راحتك سنة سنتين ثلاث المهم أن تكوني سعيدة
جاسر(دعك فرامل السيارة إذ لم يستطع التحمل أكثر):- … تتت
حميدة:- تمهل يا سيد جاسر نحن لا نزال بحاجة لحياتنا كي نفرح ههههه
كامل(انكمش حول نفسه مرتعبا من جاسر):- أنا أعرف تلك النظرة جيدا .. سترك يا رب
وصال(مسحت شفتيها وحركت حاجبيها له كي يمضي):- أيها الراااائد
جاسر(عد حتى الثلاثة وزفر بعمق ثم أدار المحرك من جديد):- لا تقلقوا مجرد مطب في الطريق سأتعامل معه على مهل مهلي …
أتمم بجهد جهيد ذلك المسار لحين وصلوا لمسكن كامل وهنا كانتِ المفاجأة ، ما إن ظهرت السيارة من رأس الحي حتى بدأت جماهير متجمهرة بالرقص والزغاريد على وقع الطبول الخاصة بالفرقة التي استدعتها حميدة من على بكرة الصباح لاستقبال حفيدها بالأهازيج والأفراح ، طلبت من جاسر الوقوف هناك وخرجت وهي تجر يد وصال خلفها وأدخلتها وسط النسوة وأخذوا يرقصوووون هيييه … هنا ضرب كامل على وجهه ضربتين وفتح أصابع يده ليرى من خلالها الإعصار الهادر الذي كان يجلس بجنبه
كامل:- والله والله لم يكن لدي علم بكل هذا سيدي والله لا تعاقبني بخطأ جدتي ، هي هي ههئئ جدتي ماذا تفعلين ؟؟
حميدة(أخرجته من هناك):- تعال يا ولد سنرقص على فرحتي بخروجك يا جندي الحي كله هييييه أيوة الله الله أرقص يا ولد هكذا هكذااااا
جاسر(ضرب على المقود بعصبية ولكنه دُوهم من حيث لم يحتسب):- هييه أنت ماذا تفعل ؟
دخل عليه رجال الحي وأخرجوه من هناك بغية النشاط طبعا من المؤكد أنه حي متقارب أخوي ، تسود بينهم المحبة الأخوية وهذا ما جعل الجميع يخرجون بدون استثناء لمساندة حميدة في فرحها ، وأجزم أنهم لو لم يخرجوا طوعا لكانت فجرت رؤوسهم الواحد تلو الآخر … هه كان منظر جاسر محرجا جدااا حين أخرجه الرجال قسرا وأخذوا يتراقصون حوله ، أغمض عينيه من المواقف التي تضعه فيها تلك الفتاة التي كانت بدورها محاصرة من النسوة كل تراقصها على هواها وأختنا في الله نسيت الرقص الشرقي الذي رقصته على طاولة إياد وبان خجلها لحظتها جليا أمامه ههه .. كان يحرك رأسه لها مرة بعد مرة لتهرب وتهربه من هناك لأنه قد وقع في قبضة من لا يرحم ، ألف مدفعية ولا ما يحصل له وصل به الحال حد البكاء وبصعوبة استطاعت وصال أن تتملص منهم بابتسامة لحين وقفت أمامه هي تبتسم على جنب للنسوة وهو يزمجر على جنب آخر لأولئك الرجال
جاسر:- ما الذي يحصل ما الذي يحصل أرأيتِ آخر مشووووراتك حضرة النقيب ؟
وصال:- ماذا هل ستلقي اللوم علي أنا الآن ؟؟؟
جاسر(يصرخ كي تسمعه):- أنتِ المسؤولة أنتِ أنتِ
حميدة(جذبت وصال إليها ورفعت يدها لهم):- هوووووووووس .. اسمعوني يا أهل الحي يا غاليييين أشكركم أولا على فرحتكم معي بخروج ابني حفيدي الحبيب كامل كمال
سكان الحي(صرخوا):- بتهليلات وزغاريد….
حميدة:- تعال بجنبي يا ولد يا كامل …
جاسر(أخذ قلبه ينتفض بقوة):- ماذا تريد منك ؟
كامل:- جنون جدتي ومن لا يعرفه اهممم أعلم أنني اليوم سأجاوركِ في الغرفة إن لم أطرد من المعسكر بعد قليل
وصال(نظرت لجاسر من بين الجمع وهي تعتذر منه بعدم معرفة):- أ.. يا خالة حميدة ؟
حميدة:- ههه بما أن فرحتي اليوم لا أعطيها لأحد ، وبما أن لي حفيدا واحدا هو حبيبي كامل كمال قررت اليوووووم …
الجميع(بحماس):- ماذااااااااااااا ؟؟؟
حميدة(نظرت لكامل نظرة تأملية واستدارت على اليسار وتأملت وصال بذات النظرة):- ههههه ستعرفون ستعرفون
في تلك اللحظة كان جاسر متربصا بحرص هناك ينتظر ما ستتفوه جدة كامل ، ولا يدري لما يخامره شك أن الموضوع يخص وصاله .. أجل أصبحت وصاله والاقتراب منها ممنوع لحظتها فقط استشعر ذلك وأقرَّ به أخذ يتنهد بعمق وكأن الدقائق تمر بالعرض البطيء أمامه ، وكأن الزمن لا يمر من حوله فقط عيونه وعيون وصال الوحيدتين في خضم ذلك الجمع إشارات صامتة تتصل ببعضها في حديث ساكن يدعم المعاناة الخفية التي ستحدث إن أكملت الست حميدة جملتها …
حميدة:- قررت يا جماعة أن أخطب لحفيدي اليوم أحلى فتاة شاهدتها عيووووني ، ولعلمكم هي موافقة على طلبي هههه
كامل(بتوتر):- جدتي ما الذي تفعليينه ؟؟؟
حميدة:- إخرس يخرب بيتك قلت لك أنني سأخطب البنت لك يعني سأخطبهاااااا
وصال(وضعت يدها على جبينها بفشل):- يا إلهي …
هنا انكسر قلب جاسر لمئة ألف قطعة وقطعة ، تحركت عيناه بعدم تصديق وهو يناظر وصال ويبحث في ملامحها عن شيء يدل على خلاف ذلك ، لكنها تهربت بشكل يثير الريبة ولم تستطع رفع عينيها لمجابهة نظرة الصقر التي رمقها بها ،، أنفاسه كانت تتصاعد بكثرة يريد أن يفتك بكل أولئك الناس فقلبه لم يعد يتحمل صدمة أخرى وهذا ما فعله …
جاسر(بجنون تقدم وأمسك بيد وصال وجذبها خلفه):- تعالي معي
حميدة:- له يا ولدي ماذا تفعل دعها لم أكمل كلامي حتى ؟
جاسر:- كامل كمال أخبر جدتك أن وصال محفوظ ليست ل…
وصال(جذبت يده مقاطعة):- جاسر ما الذي تفعله هل جننت ؟
جاسر(توقف عن المسير حتى اصطدمت بحضنه فجأة وتوقف كل شيء حولهم):- أجل اعتبرينني مجنونا لكن سأوقف هذه المهزلة هناااااا ، الآن فقط عرفت ما كان بينكِ وبين حميدة ووافقتِ يا وصال وافقتِ
وصال(بعدم فهم نظرت إليه):- وافقت على ماذاااا ؟
كامل:- سيد جااااسر ..أ..
حميدة(ركضت خلفهم):- له يا أولاد أتركتموني وحدي أعلن على خطبة كامل على ..
جاسر(هدر فيها بعدم صبر):- لا يوجد خطبة ولا غيره لا تهذي يا ست حميدة ، مع احترامي لكِ ما فعلتهِ غير جائز بالمرة كان عليكِ استشارتي أولا
حميدة(عضعضت شفتيها):- أي والله العتب علي فمقامك الكبير وكان لابد من أن أضعك في الصورة ، حتى كان علي أن أترجاك لكي ترافقنا لأجل خطبة الفتاة
جاسر(ابتلع ريقه بقوة):- لا تزال تقول خطبة وأرافقكم هل جننتِ ؟
وصال(نظرت ليده التي كانت تعتصر كفها بقبضة قاسية):- جاااااسر جاسر إهدأ لما أنت منفعل بهذا الشكل ؟
جاسر(رمقها شزرا):- أنتِ اخرسي حسابي معكِ فيما بعد … وأنت يا سيد كامل تريد أن تخطب هااااه ؟
كامل(بصوت باكي):- والله والله لست أنا ها هي جدتي تفاهم معها
حميدة:- أوووه هل ستغضبني منك يا بني جاسر ثم ألن تفرح معنا في هذا اليوم ، عيب الناس تنتظر هذه الفرحة وأنا قد خلقتها لكي يسمعوا ويفرحوا معنا بها
جاسر(اقترب من حميدة):- انسي الأمر ليس هنالك خطبة من غيرها انتهى …
حميدة(مطت شفتيها وهي تطالعه):- أعصابك يا بني أعصابك ستموت بجلطة دماغية وتجعلنا نتحسر على شبابك ، يا الله يجب أن أقرأ عليك آيات من القرآن الحكيم لربما أبعدت عنك العين والحسد
وصال(ضحكت هي وكامل):- كخممم ههههه
كامل:- سيدي الرااائد يحتاج لرقيا ههه هههكهخخخ
جاسر:- اخرساااا منك لهاااا .. انتبااااه وأنتِ ست حميدة عذرا منكِ لكن ما فكرتِ به لا يتعلق بنا انتهى يومنا هنا
حميدة(بعتب):- ما هكذا وعدتني يا وصال ؟
وصال(جذبت يدها منه بقوة):- والله لو تركني السيد جاسر لكنت شرحت له ، لكن لم أتمكن إلى الآن من إخباره بطلبك
حميدة(بحزن نظرت لجيرانها):- يا جيراني أهلي وناسي الليلة سوف تكونون رفقتي ، الفرح عندي بخطوبة ابني كامل وعروسه وأنتم تعرفونها عز المعرفة ..
كامل(نظر لجاسر ووصال وانسحب رفقة جدته):- ربما لدي سيدتي النقيب ما تخبرك به
وصال(حكت جبينها):- لقد وضعتني في موقف محرج جدااا أمامهم ..
جاسر(صغر فيها عينيه):- لا تتحدثي بما يزعجني وانطقي بما طلبته منكِ جدة كامل
وصال:- أنا لا أفهم سبب عصبيتك اعتقدت بأنك لا تهتم لأحد …
جاسر(من بين أسنانه اقترب منها وهو يشير بعصبية):- ولكنني أهتم أهتم يا وصال … لذلك انطقي ولا تختبري صبري أكثر
وصال(تأوهت من عطره الذي هدر فيها ونظرت لحالته الجنونية التي تراه فيها على غير العادة):- أنت تخلط الأمور ببعضها وهذااا لا يجوز
جاسر(غرس أصابعه في صدغها وجذبها إليه):- كفي عن مراوغتي كفي … أكنتِ تنتظرين مني الصمت لحين الحضور إلى زفافكما لا والله هذا ما كان ينقص ؟
وصال(نظرت لعمق عينيه):- لماذا ما الذي كان سيتغير ما بين الأمس واليوم ؟
جاسر(تلاعب بلسانه بخفة واسترسل):- بل ربما تغير وأنتِ لا تعين ذلك
حميدة(بصوت عال):- ابنتي وصال تعالي حان الوقت ..
جاسر(نظر إلى وصال بلهفة لم يسبق له معايشتها وبموت نطق):- لا تذهبي
وصال(نزعت يدها من يده):- لست أداة لديك تتحكم فيها كيفما تشاء ، أنا إنسانة ولغتي هي المشاعر لتجد جسرا كي توصل لي حالتك هذه لربما وجدت جوابا لدي
جاسر(ابتلع ريقه وانتبه لهم ولنظراتهم التي كانت تفترسهما):- وصااال …
وصال(مصت شفتيها وابتعدت عنه):- .. آسفة
كامل(نظر لجاسر وحرك رأسه يمينا وشمالا):- سيدي لقد … تتت
لا يمكن أن تنتهي القصة قبل أن تبدأ ، لا يمكن أن تخطبها الست حميدة لحفيدها كامل هي تكبره بعدة سنوات وتعتبره مثل أخيها يعني يعني لماااا حدث كل هذاااا ، ثم لما أخفت عنه وصال ذلك كان يمكنها أن تخبره بطلب حميدة منها منذ ذلك اليوم ، لكنها تكتمت عليه لحين صدمته بالفاجعة ووضعته أمام الأمر الواقع مثل الأطرش في الزفة … شعر بالضآلة والغبن وولى ظهره فيستحيل أن يسمع ذلك الهراء نفض يديه في الهواء وتحرك صوب سيارته ببطء بينما كان يتجاوز ذلك الجمع الغفير المتلهف لفسحة فرح تغمر أفئدتهم .. كان صوت حميدة ينخر في أذنه وهي تمدح في عروس حفيدها وأخلاقها وجمالها يعني نفس الجمل التي أغدقت مسمعه بها في السيارة لكن ما استوقفه عن المسير هو حديثها الذي انحرف ليشمل ابنة النجار عن أي ابنة نجار تتحدث هذه ؟؟؟؟؟؟
حميدة:- والله والله فخري اليوم بابنتي النقيبة وولدي الرائد لا يسعه فخر ، فبحضورهما سنحتفل بخطوبة ابني كامل على سلمى ابنة العم حسني نجار حينا القدير ، هههههه
ارتفعت الأصوات من حوله أيعقل ما سمعه أحقااااا حدث ذلك ؟؟؟؟ مع الأسف وقع في شر ظنونه من جديد ولكن وصال هذه المرة من تتحمل المسؤولية ، التفت إليها ووجد عيونها مغرورقة بالدموع طيب أستبكي الآن وهي التي تسببت في كل هذا ، مسح على جبينه وحرك لها رأسه بقلة حيلة هنا لم تستطع كبت دموعها وعانقتها حميدة التي اعتقدت أنها تبكي فرحا لكامل الذي كان يغرد من الفرح لأنه سيتزوج بحبيبته سلمى التي أتت أيضا لتشاركهم الفرحة فرحتين وعانقتها حميدة وقبلتها من كل جانب فخورة بعروس حفيدها الخجول .. هيييه والله وما طلعت سهل يا سيد كاااامل كمال ^^… بعد تلك الحفلة المفتعلة أخيرا هدأتِ الأوضاع للتحضير لحفلة ليلية على الأغلب سيتكفل بها سكان الحي أما رائدنا هيهييييييه حدث ولا حرج
وصال:- من أين لي أن أعرف أنها ستقيم حفلة ثم هل ستكسر فرحتهاااا يا جاسر ، يعني ماذا سيحدث لو أجلنا سفرنا لوقت متأخر من الليل نحضر معهم المناسبة ونغادر
جاسر:- لما تتحدثين بتكبر هكذاااااا أتلومينني على ما فهمته ، طبعا أنتِ لا تنتظرين مني اعتذارا صحيح ؟
وصال(بغبن):- حتى لو انتظرته فلن أحظى به منك ، لذا اطمئن تجاوزت بكثير مرحلة الانتظار سيد جاسر
جاسر(رمش بعينيه من جملتها المباغتة وعقد حاجبيه):- طيب طيب ،، سأغمض عيني هذه المرة على هذا التجاوز لأن الأمر خرج من يدي وبات بقبضة أهالي الحي وعلى رأسهم جدة كامل وكامل ، وأنا لست دنيئا كي أتخلى عليهم في يوم كهذا وأحرجهم أمام الجميع وعليه ستأتين معي الآن لأوصلكِ لبيتك وبالمساء أمر بكِ كي نحضر إلى هنا سوية
وصال(نفثت شررا من أنفها):- هل هذه أوامر أم أنه مقترح أتاني على شكر سلطة مهيمنة ؟
جاسر(حرك مفتاحه بيده):- اعتبريها كما تشائين لكن لن أبرح محلي بدونك
وصال(هزت رأسها بعدم اقتناع من تصرفاته):- لعلمك أنت تجاوزت فترة التناقض بأميال ، تخبطت في نفسك خلال الساعة الماضية لأزيد من مرة ولا أعي حتى سبب ذلك
جاسر(تحرك للمغادرة):- ربما كذبكِ علي وإخفاؤكِ الحقيقة
وصال(لحقته بعصبية):- عن أي حقيقة تتحدث هل انخطبت أنا وكذبت عليك ؟
جاسر(هذا ما اعتقدته يا آنسة إن كنتِ تستخفين به فلقد أوجعني):- وهل يجب أن يكون هذا شيء يعني لي أمرا ما مثلا ؟
وصال(اهتزت محلها من جملته الجارحة ورمشت بعينيها):- أوك .. سنفعل الآتي أنت سترحل من هنا بسيارتك ولا دخل لك فيني ، أوامرك ضعها في كأس واشربها نحن هنا بعيدين عن المعسكر لذلك لن أنفذها إلا بعد منتصف الليل ومن هنا لوقتها أنا حرة .. سلام
جاسر(أشار بيده متأففا):- يوووه اذهبي إن أردتِ وهل أنا مجنون حتى ألحق بكِ في الطرقات … سلالالالالام
رمقته وصال شزرا وتوقفت على جنب في حين ركب رباعيته وانطلق نافثا الغبار خلفه ، صغرت فيه عينيها وحركت شعرها من كل جانب وابتعدت من حي كامل كمال في اتجاه بيتها .. للراحة وأيضا لتحضر نفسها لتلك الأمسية فبعدها ستشق الطريق رفقة كامل وذلك السمج عودة للمعسكر وللعمل الذي لا ينتهي …

وعلى ذكر العمل سننتقل لشركة هيرمكانا التي وصل إليها وائل بعد مدة بسيطة ، كان يقف بالمصعد ويمسح على عنقه بضيق واختناق لم يكن يشعر بالراحة هناك ، لذلك فتح ربطة عنقه وأزالها ليشعر نفسه بالراحة ، وضعها بجيبه وفتح زر قميصه العلوي وزفر عميقااا وهو يتذكر أول مرة ركب فيها ذلك المصعد كانت برفقته شمس لياليه ، حيث علق كعبها بحافة المصعد وقام بإنقاذها كما تزعم .. لحظة مؤثرة جمعتهما استذكرها بحنين بالغ أدمى فؤاد قلبه ، وجعله يشرد في البعيد لحين فتح المصعد أمامه وقتها فقط تنهد بعمق وابتسم بمرارة فلا هي معه الآن ولا هو بقادر على مجابهتها مجددا عدة مرات في 24 ساعة لم تكتمل حتى .. قبل أن يستمر في اتجاهه نحو مكتب السيد هاشم الرفاعي وجد مروة بانتظاره لاستقباله والتي لم تبخل ولا دقيقة لمحاولة تملقه والتأثير به
مروة:- أوووه وائل رشوان الشركة نورت بحضورك
وائل(صافحها بمودة):- تسلمي ، هل السيد هاشم موجود بمكتبه ؟
مروة:- أجل وقد كنا في انتظارك لتسوية الأمور تفضل تفضل
وائل(مشى بجانبها صوب المكتب):- مشكورة ست مروة
مروة:- للحقيقة ما حدث جعلنا في موقف محرج أمامكم ، لكن توضيح الأمر كان له فاعليته أيضا من قبل المدام ميرنا
أثناء حديثها أغمض عينيه وهلة وفتحهما وهو يكذب أنفه وقلبه وإحساسه ، لا يمكن أن يكون ذلك عطرها ولا يعقل أن يخفق قلبه بمجرد إحساس قد يكون كاذباااا ، حرك رأسه وهو يعقد حاجبيه من حديث مروة الذي لم يصغي له على الإطلاق ، لحين انفتحت أبواب المكتب وانطلقت معزوفة بيانو مؤثرة في خاطره ..لا لا ليس لهذه الدرجة ؟؟؟؟؟
شعر بالضعف بالوهن لحظتها أحس وكأن ثباته وعزمه يتسربان من بين يديه ، كيف سيقاومها الآن كيف سينظر إليها حتى لما تعذبه بظهورها في كل مكان لماذا لماذااااا ؟؟
هاشم(استقام لمصافحته):- وها قد أتى السيد وائل يا ست ميرنا أظنكِ راضية الآن ؟
وائل(نظر إليها بنظرة التعب وفي سره):- ولكن لما علي أن أقابلكِ في اليوم الذي قررت فيه الابتعاد عنكِ ميرنا ؟؟؟
ميرنا_(فهمت نظرته وشعرت بلومه):- أ.. يعني أنتم من استدعيتموه شقاء لقد آثرت المرور بكم اليوم للتوضيح ، يعني لم يكن لي دخل في دعوتك أقصد يعني ..
وائل(صافح هاشم بسرعة واسترسل):- لا بأس حضور أحد ممثلي شركة دابليو إر كان واجبا ، ثم حبذا لو وقعنا على فض الوثائق التي تجمعنا بالسيدة ميرنا فوقتي جدا ضيق
هاشم:- آه آه طبعا …أ مروة أحضري الأوراق اللازمة من عند المحامي
مروة:- حسن سيد هاشم .. عن إذنكم
هاشم:- هاه ماذا تشرب سيد وائل ؟
وائل(نظر إليها وهي جالسة أمامه بارتباك):- لا شيء ..
هاشم:- أوه هيا حتى السيدة ميرنا أبت شرب شيء ، هل يشاع أن قهوتنا مسمومة مثلا ههه عن إذنكما قليلا سأرد على الهاتف ..
وائل(وضع رجلا على رجل وأشار له بالإذن):- تفضل خذ راحتك ..
هاشم(حمل هاتفه وخرج من المكتب):- دقيقة لن أتأخر …
ميرنا(بعد خروج هاشم رفعت عينيها بغبن وناظرته):- لم أعرف أنهم قاموا بدعوتك وإلا لما أتيت بنفس الوقت .. يعني فوجئتُ بخبر دعوتك بعد قدومي إلى هنا
وائل(ابتلع ريقه وأخذ يبعد نظره في أي شيء حوله إلا هي):- لا بأس هذا عمل بالنهاية وقد انتهينا منه
ميرنا(تأوهت عميقا وهي تحرك رأسها بقهر):- وكأنك ارتحت لخبر استقالتي أكثر مما توقعت
وائل(مرر لسانه بخفة بين شفته ونظر إليها بطرف عين):- محتمل
ميرنا(حركت فكها بغيظ واستقامت وهي تمسح على عنقها إذ لم تتحمل):- جميل جدا هكذا سترتاح من رؤيتي سيد وائل ، يعني سيصبح لقاؤنا محصورا على الصدف أو منعدما حتى
وائل(أعاد رجله للأرض ورمقها وهي تتجول حانقة بالمكتب):- حسن لا تبدئي الآن ، أعلم أنكِ لم تخططي لهذا اللقاء لذلك مرريه مثلي ولينتهي كل شيء
ميرنا(ضحكت بغبن وزفرت بعمق وهي تتحرك بدون هوادة هناك):- طبعا ستدَّعي أنك لست بمهتم ، أكيد هذه خصالك سيد وائل عند أول مطب تهرب
وائل(استقام إليها بعصبية):- ميرنا انتبهي لحديثكِ معي
ميرنا(هدرت فيه من محلها):- ولما علي أن أنتبه يا ترى … هل انتبهت أنت لجرحي ؟
وائل(أشار بيده والحزن ينفجر منه):- ذلك موضوع آخر وانسي ما حدث ليلة أمس في سطح عمارة صديقك أخرجيه من ذاكرتكِ ، لأنه لن يعني أكثر من مجرد مواساااااة
ميرنا(ولته ظهرها وهي تشير بلا مبالاة):- أكيد أكيد ستجد حجة ترمي عليها تصرفاتك معي لكن أرح بالك لن أزعجك بعد اليوم ، سأبقى في حالي بعيدة عنك ولن أتصيد الفرص للقائك حتى إذ يكفيني ما نالني من أوجاع حتى الآن
وائل(تقدم من خلفها بخطوة وأطل برأسه عليها غير مصدق):- هل أسبب لكِ الحزن الآن ميرنا ؟
ميرنا(أغمضت عينيها وهي تغالب دمعها المكبوت ، أمازلت تسأل ؟):- كثيراااا حتى
وائل(بفشل رفع يده ليلامس كتفها بمساندة ولكنه جمع قبضته وألقى بها جنبه):- أنتِ تعصرين قلبي دون رحمة
ميرنا(استدارت إليه بفشل):- وأنت تسحب روحي مني
وائل(بتعب هز كتفيه لها):- فقط توقفي عما تفعلينه ، لأنه لا ينفع ميرنا بل يدمينا أكثر مما تتوقعين
ميرنا(اهتزت عيناها بدمع لم تستطع إخفاءه):- ولكن ذلك شيء ليس بيدي
وائل(مسح على رأسه واستدار وهو يجمع فمه بغيظ):- عليكِ التأقلم ميرنا ، وضعنا هكذا أمر بات خاطئا وأنا ما عدت بقادر على مواكبة أي شيء يخصكِ
ميرنا(عقدت حاجبيها وتصبب الأسى في حركة فكها الأيسر قد زعزع كيانها):- تابع تابع ما تفعله فتجريحك لي يجدي نفعا …
وائل(لمحها وقد اهتزت بغبن أمامه يقرأها كما يقرأ وجع روحه):- اعذريني ميرنا .. أنا ..
هاشم:- هه آه عذرا منكما تأخرت قليلا كان هاتفا مهما
وائل(رمقها قد انعطفت لتمسح دموعها وتوجه هو صوب هاشم كي لا ينتبه):- لا بأس سيد هاشم حبذا لو نوقع على الأوراق ونغادر كي لا نشغلكم أكثر ..
هاشم:- دقيقة فقط مروة تنهي نسخ العقود وما إن نعين وسيطا جديدا لشركتنا سنخبركم بذلك لنضعكم بالصورة ..
وائل(نظر جانبيا بتوتر ينتظر ميرنا واستطرد لإنهاء ذلك الاجتماع):- تمام تمام نتحدث لاحقا بخصوص هذااا ..
مروة:- تفضلوا الأوراق هي جاهزة للتوقيع سيادتكم .. أين هي السيدة ميرنا ؟
هاشم(أطل برأسه للجهة الأخرى من مكتبه):- هناك على الأغلب
مروة(توجهت صوبها بابتسامة):- أ.. ست ميرنا الملف جاهز .. ست ميرنااا
ميرنا(كان مسمرة أمام الحائط تنظر بدون فهم):- كانت هنالك صورة للبؤة الباكية معلقة على هذا الحائط ، أين ذهبت هل أزلتموها ؟
مروة:- أ.. على الأغلب حصل ذلك أثناء تنظيف المكتب
ميرنا(صغرت عينيها بعدم فهم):- كيف ذلك … هي صورة ثمينة أتستغنون عنها ببساطة ، لو سمحت سيد هاشم هل لي أن أعرف أين أخذتم صورة اللبؤة الباكية التي كانت هناك في الزاوية ؟
هاشم(رمش بعينيه ونظر لوائل الذي استقام وتوجه إليها):- عذرا منكِ ست ميرنا ولكن الصورة تخصنا وقد تم إزالتها لتغيير الديكورات فقط ..
ميرنا(بعصبية):- ماذا قلت ولكنها صورة للفنان إياد نجيب أيجوز معاملتها بهذا الشكل السطحي ؟؟؟
مروة:- ست ميرنا ..
ميرنا(تجاوزتها بعصبية وأمسكت الملف من يد وائل):- سأوقع على استقالتي بسرور ، لأنني لا أفخر بالعمل مع شركة مهملة بهذا الشكل وسأتوجه فورا لمكتب التنظيف هنا أو ما شابه أريد تلك الصورة والآن …
هاشم(نظر لوائل وهز كتفيه بقلة حيلة):- الصورة لم تعد بحوزتنا
وائل:- ما قصدك سيد هاشم قد سمعت السيدة ميرنا هي تريد الصورة إذن دلنا عليها لو سمحت وبدون تفاقم للأوضاع
هاشم(نظر لمروة بقلة حيلة):- ولكن فعلا الصورة خرجت من الشركة ، قد أعجب بها أحد معارفي وأخذها
ميرنا:- ولكن للتو سكرتيرتك قالت أنكم غيرتم الديكور ، رجاء اتفقا على جواب واحد
مروة(ابتلعت ريقها):- وكأننا باستجواب هههه
وائل(أغمض عينيه وفتحهما لميرنا بإشارة التوقف):- تمام لن ننشغل بالصورة الآن ، وقعي ميرنا هنا رجاء لننهي هذا سريعا
ميرنا(بغيظ وقعت وأمسكت حقيبتها وخرجت):- … تتت
وائل(وقع بسرعة وصافحهما باعتذار):- متأسف باسم السيدة ميرنا الصورة تخص صديقها المقرب ، لذلك تأثرت حقيقة عموما لنا كلام فيما بعد عمتم مساء
مروة(بعد ذهاب وائل نظرت لهاشم):- وقعنا بمشكلة لم نتوقعها
هاشم:- وهل كان بودي حصول ذلك .. قد أمر السيد باسترجاع الصورة وتم ذلك إذن لا شأن لنا في شيء بعد
مروة(مالت بشفتيها):- معك حق ..
وائل(ركض حتى لحق بها في المصعد وأوقفه في اللحظة الأخيرة):- ميرنااا ميرنااا
ميرنا(نفثت بعمق ورمقته وقد دلف بجانبها للمصعد):- نعم ماذا تريد ؟
وائل(وضع لسانه بطرف فمه وهو يبحث على جملة وزم شفتيه وهو يضغط على زر النزول):- علينا أن نتحدث قليلا
ميرنا(التفتت إليه بانفجار غير متوقع):- ولما سنتحدث حضرتك قد وضحت كل شيء لحضرتي ، ولم يتبقى أي لبس فيما تشاؤه لذلك دعنا ننهي هذا بسرعة فلست قادرة على التعامل مع تجريح آخر
وائل(بتفكير):- لماذا هل أقدم أحدهم على تجريحكِ قبلي ؟
ميرنا(رمشت بعينيها وقد تذكرت حكيم وحركت فكها بلؤم):- حتى لو كان .. أنت قد سحبت نفسك من شؤوني لذلك سؤالك ليس بمحله
وائل(لاحظ انفتاح باب المصعد وأشار لها):- تفضلي ..
ميرنا(بخطوات حادة تسير صوب باب الخروج"):- لما تلحق بي ؟
وائل:- أستغفر الله أظن أنه باب مشترك للجميع لأجل الخروج أليس كذلك ؟
ميرنا(حركت صدغها ببرود وخرجت):- هاها إذن ليذهب كل في طريقه .. سلام
وائل(المجنونة هي ليست بخير ورغم ذلك تعاند):- تت ميرنا ميرنا توقفي قليلا
ميرنا(توقفت واستدارت إليه):- ماذا أنسيت بندا من بنود عدم الاقتراب منك ؟
وائل(أوك لقد بدأتِ التجريح على عجالة):- لنبتعد عن هذا المكان ونتحدث بهدوء ، وضعكِ غير مطمئن ووجهكِ شاحب يعني ..
ميرنا:- ولما تهتم لأمري هل أعنيك بشيء ….لاء إذن ليهتم بي زوجي يكون أفضل
وائل(هنا ضغطت على الجرح بقلب جامد):- هكذا إذن ؟
ميرنا(رمشت بعينيها ولم تتزحزح عن جملتها):- أكيد فهو بالأخير من يحق له ذلك ، وليس أنت وعليه ستدعني أنصرف لأن حضرة زوجي يرفض لقائي بك بأي شكل من الأشكال ، وكان هذا آخر شكل منها والسائق هناك بانتظاري مؤكد سيبلغه بذلك .. لذا فرصة سعيدة
وائل((حاول النطق بشيء لكنه عجز):- أوك ميرنا أنتِ الأدرى
ميرنا(بغيظ توجهت صوب داغر وركبت وهي مزمجرة ثم التفتت للخلف نحو وائل مباشرة وقبل أن تسمح للحنين أن يتسرب لداخلها دلفت للسيارة):- إلى الجريدة فورا
داغر(نظر لوائل وركب):- أمركِ سيدتي ..
ميرنا(مسحت خلف عنقها وانطلقوا):- أ.. كان السيد وائل يوقع اتفاقية خروجي من شركة هيرمكانا يعني لا داعي أن يعرف السيد حكيم ، الأمر لا يستدعي الاهتمام
داغر(مط شفتيه بأسف):- عذرا ولكنني وعدت السيد حكيم بإخباره عن كل شيء ، وهو يحدد إن كان يستحق أو لا
ميرنا(تحت أسنانها):- سبحان الله لا عجب أن يتمتع رجاله أيضا بالفظاظة .. تت تمام تابع طريقك أنت … آه يا وجعي آه !! ..
دلف بدوره لسيارته وانطلق صوب الشركة لعله يتناسى القليل من أوجاع وهم قلبه ، وفي الشركة تحديدا بذلك الوقت كان هذا الماكث فيها يعاني من اضطراب عقلي ما بين أن يذهب أو لا يذهب ، وحتى منذر المسكين لم يعرف سببا لحالته المرتبكة تلك
فؤاد:- يعني … تتت
منذر:- والله يا سيد فؤاد لو تخبرني بوضوح على غايتك سأساعدك لا محالة
فؤاد(عقد فيه حاجبيه):- وما الذي يحشرك أصلا يا منذر ، إذهب وكلم لي همام بسرعة بسرعة
منذر(خرج وهو يضرب كفا بكف):- والله لا أستغرب حال هؤلاء الرشوانيين ، كلهم مجانين هااااه رقية لحظة
رقية:- ما بك تكلم نفسك يا منذر هل أصبت أيضا بالعدوى ؟
منذر(بقلق وتوجس):= عدوى ماذا لا سمح الله ؟
رقية:- هههه عدوى التحدث مع نفسك في ممرات هذه الشركة
منذر:- آه آه وحياتك ، لقد كنت محصورا بداخل مكتب السيد يقول لي حرفا ويسكت دهرا وحين أسأله يصرخ بوجهي ، المهم كي لا أتأخر علي البحث عن همام ليدلف لمكتب السيد فؤاد وسآتي لمكتبكِ على الفور لدينا أخبار غير موثقة عن افتتاح شركة جديدة منافسة لنا
رقية(جحظت عينيها بفزع):- له على الخبر له منذر أأنت واثق ؟
منذر:- والله هذا ما درج بالأرجاء عموما سآتي وأخبركِ بكل شيء
رقية(بقلق):- طيب لنتحدث …
توجهت هي لمكتبها في حين قام منذر بمناداة همام الذي فهم رغبة سيده بمجرد رؤيته ، وهنا ابتسم ابتسامة عريضة وأشار عليه بما يفعله
فؤاد(عانق همام بفرح):- والله فكرة يعني لما لم أفكر بذلك ، معك حق يا هماااام كنت واثقا أنني سأجد الحل لديك هيا هيا لنقم بذلك على الفور
همام:- أ… لكن هنالك مشكلة سيد فؤاد علينا الاهتمام بها ، السيدة نور لن توافق على أخذ الصغيرة دينا دون موافقتها
فؤاد:- أ.. سنأخذ موافقتها ولو ولكن حين تكون دينا معنا .. هيا لا تؤخرنا فهذا موعد خروجها
وهذا ما تم انطلق همام رفقة فؤاد الذي كان متحمسا وجدا لرؤية نور ، فقد اعتذرت عن القدوم ذلك اليوم للشركة بسبب شادي وهذا ما أشعل فيه فتيل الشوق وحكَّم رأسه أن يراها يعني يراها واتخذ دينا سبيلا لذلك ، ههه طبعا مع أم مثل نور مستحيل أن يوافق مدير المؤسسة على تسليمها لشخص غيرها وعليه اتصل بها لتأتي على الفور وتلملم تلك الفوضى .. بعد إصرار فؤاد وبما أن دينا تعرفت عليه وأخبرته بصلة القرابة بينهما لم يكن لديه حل سوى أن يستقبله بالمؤسسة ، وبالفعل دخل فؤاد معها ورافقها في حصة الرسم .. وأخذا جل وقتهما في الاستمتاع
فؤاد(نزع سترته ووضعها جانبا وجلس على الكرسي ليرسم رفقة دينا):- اسمعي لا يمكن لهذين اللونين أن يتمازجا لماذااا ؟
دينا:- أمم لأن الصورة ستكون حنطية زيادة على اللزوم وهذا سيعطي تأثيرا تعيسا لها
فؤاد:- جميل جدا ، ماذا عن هذين كيف نقوم بخلطهما لنحصل على اللون الفحمي ؟
دينا:- بسيطة نقوم بمزج القليل من الأسود مع الأبيض وهنا سنحصل على اللون الفحمي
فؤاد:- خطأ .. يجب أن يتم العكس كمية بسيطة من الأبيض نضيفها للأسود وهكذا سنحصل على اللون الفحمي ، ولو قمنا بما اقترحته سنحصل على لون الرماد ..
دينا(أشارت له بإصبعها):- برافو أنت تفهم كثيرا في أمور الرسم مثلي تماما ، ههه أمي لا تفقه شيئا في ذلك حاولت كثيرا أن أجعلها ترسم لكنها كانت تكتفي برسم شجرة عوجاء
فؤاد:- ههه أتخيل ذلك .. هل نبدأ ؟
دينا(نظرت للوحة الرسم البيضاء المعلقة أمامهما):- لنبدأ .. أنت الوجه وأنا الشعر
فؤاد(أغمض عينيه):- فقد تخيلي وكأن أمكِ جالسة أمامكِ وقومي بالرسم على أساس ذلك
دينا:- هذا سيسهل علي لأنني لا أنسى وجه ماما أبدا أبدا ، لكن ماذا عنك ؟
فؤاد(سؤال مباغت يا شقية):- هههه سأستعين بكِ إن استعصى الأمر علي
وهكذا بدأ كل منهما برسم الصورة التي تخيلاها في عقلهما وطبعا كانت لأقرب إنسانة لقلبهما ، نور التي كانت تتحرك بنفاذ صبر وهي تنتظر عند الباب قدوم إخلاص …
نور:- ساعة يا إخلاص ساعة يا شيخة حرام عليكِ علي التوجه لمؤسسة دينا فوراااا ، وأنتِ هنا تسيرين على البيض
إخلاص:- والله لولا جدتكِ لكنت وصلت أنا الأولى ، تعلمين فحوصاتها الروتينية تأخذ وقتا هيا جدتي أدخلي على مهل
نبيلة(تتنهد بتعب):- ما بكِ تستعجليننا يا نور خيرا ؟
نور(أشارت لها للصالون):- خيرا خيرا يا جدتي أدخلي وستعرفين
نبيلة(عقدت حاجبيها ودخلت مستندة على عصاها وحين رأته انفرجت أساريرها):- شادي هنا
إخلاص(تجاوزت نور):- يا الله على الحلو الكتكوت من الذي أحضره ؟
نور(وضعت حقيبتها على كتفها):- أحضرته أنا المهم أمه وأبوه مشغولين سيبقى معنا اليوم بطوله ، أنا سأحضر دينا وأعود أطعميه من زبادي أيهم يا إخلاص ريثما آتيكِ ،، وانتبهي له تعلمين ابنة عمك ستعلقنا عند الباب إن حدث له مكروه
إخلاص:- يا ربي هل ربيت الحيوانات قبلا ،ههه هيا هيا اذهبي ولا تقلقي
نبيلة(جلست بقربه وقد كان بكرسيه الخاص موضوعا على الكنبة):- شادي .. أنا جدتك الكبيرة نبيلة هل تعرفني ؟
إخلاص(هزت حاجبها ونظرت لنور التي تحركت للرحيل):- ههه أشك أن جدتكِ ستستحضر له أمجادها في خلال هذه الساعة الله يستر
نور(تنهدت بعمق):- الله يستر فعلا ….. يا ويلك مني يا فؤاد رشواااااااااان …
توجهت من فورها صوب مؤسسة ابنتها دينا ، وخطت الطرقات خطا بسرعتها لحين وصلت إليها، دخلتها وهي تركض بين الممرات وتبحث عنهما لحين استقرت في غرفة الرسم الخاصة وتراجعت عن سرعتها مذهولة مما ترااااه .. كان فؤاد يحدد عيون الشخصية المرسومة بينما كانت دينا تعدل خصلات الشعر السوداء بحرفية مطلقة ، عقدت حاجبيها وهي تتبين الملامح بدقة وفتحت فاهها حين وجدت أنها تشبهها تماما بشكل غير معقول .. صغرت عينيها وهي تنظر لفؤاد الذي كان يرفع أكمام قميصه ومنهمكا في الرسم ويمازح دينا مرة بعد مرة والتي كانت تبتسم أحلى بسماتها اطمئنانا بما حصلت عليه من متعة … كتفت نور يديها وتنهدت ولم تشأ كسر تلك الهالة الجميلة التي جمعتهما في قرارة نفسها هذا يجعلها مرتاحة لراحة ابنتها ولكن في آن الوقت يرعبها ، بالرغم من كل هذا آثرت الاكتفاء بالتفرج لحظتها لحين يفرغان مما ينجزانه ، مضت نصف ساعة تقريبا حين انتهى من آخر لمسة ونظر لدينا التي صرخت بحماس وصفقت بيديه وعانقته
دينا:- ياااااااه وكأنها أمي أكيد ستفرح بهذه المفاجأة
فؤاد(مسح على رأسها وقبل جبينها بفرح):- هل أنتِ سعيدة ؟
دينا:- جدا يا عمو فؤاد أنت تجعلني أعايش أشياء ممتعة لم أحظى بها قط
فؤاد(بنظرة حنونة):- وهذا ما أسعى إليه عزيزتي … هيا لنسأل ماما عن رأيها ؟
دينا:- ههه اتصل بها إذن
فؤاد(ابتسم بطمأنينة ورفع رأسه ليرى نور مكتفة يديها):- لا داعي فهي موجودة هنا أصلا
هنا نور فتحت فاهها بدهشة كيف اكتشف أنها موجودة قد توارت عن الأنظار وأخذت تراقب من بعيد ، يعني حتى لو كان يملك ذبذبات حسية ليس لتلك الدرجة .. المهم لم تدقق ومسحت على شعرها ودخلت إليهما وهي تبتلع ريقها بصرامة
نور:- أحم مرحبا
دينا:- مامي أنظري ماذا رسمت أنا والعم فؤاد ؟
نور(اقتربت منهما وهي تطالع الصورة بشكل حميمي دافئ):- أنتما من رسم هذه ؟
فؤاد(تقدم إليها وهو يضع يديه بجيبه):- إلا إذا كان لديكِ مانع
نور(ابتلعت ريقها وهي تتأمل اللوحة عاقدة حاجبيها):- كيف استطعتما رسمها بهذه الدقة ، أكيد استعنتما بصورة لي والتي أرغب بمعرفة مصدرهااا الآن ؟؟؟
فؤاد(رفع يده مستسلما):- اسألي دينا هل اقتربنا من الهاتف ؟
دينا:- ولا لحظة كانت رسمة من خيالنا
نور:- هااااه خيال عجيب للحقيقة ما شاء الله عليكمااااا .. تتت
فؤاد:- لما تستغربين هذه لوحة مشتركة بيني وبين دينا ، ثم صدف أننا نملك نفس الهواية وهذه هي النتيجة التي وصلنا إليها ما رأيكِ ؟
نور(مصت شفتيها وهي تناظر الرسم):- عجيب
دينا:- عمو فؤاد قام بتحديد المنحنيات وأنا قمت بمساعدته في التلوين والمشورة ههه
فؤاد(ضرب بكفه كف دينا):- نلتقي إذن في رسم آخر ، اتفقنا دينا ؟
دينا(عانقته بحب):- ههه ماشي يا عمو فؤاد طبعا بعد موافقة مامي .. توافقين صح ؟
نور(شعرت بالاختناق لحظتها وداعبت عنقها بتوتر):- لما لا ترتبان الوضع هنا وتلحقي بي للخارج ، سأنتظركِ دينا لنغادر
دينا:- طيب ماما ..
فؤاد(أشار لهمام الذي كان خارجا):- ستأخذ الست نور اللوحة نظمها يا همام
نور(رمقته شزرا وخرجت من الغرفة):- هفف ما هذااا رسام أيضا كيف ذلك ووجهه وجه مشاكل وعصابات بس تتت ، حسن حسن لن أبالغ لكن الرسم وفؤااااد ههه لا علاقة … أنا متأكدة أن هنالك شيئا ما غير صحيح
لاحظ حديثها مع نفسها وهي مغادرة لذا تلاعب بلسانه ببسمة ولحقها ، في حين ظلت دينا مع همام يغلفان اللوحة باهتمام ..
فؤاد(سارع خطاه لحين تجاوزها واضطرها للوقوف):- وكأنكِ انزعجتِ ؟
نور:- أكيد سأنزعج من هذا التصرف ، كيف تقتحم مؤسسة ابنتي لأجل أمر تافه كهذااا ؟
فؤاد(رمش بعينيه واقترب منها):- لم يكن تافها ، قد رأيتِ كيف فرحت به دينا
نور:- رأيت رأيت ذلك حتى أنني استغربته ، أتدرك ما الذي تفعله أنت بعقل طفلة صغيرة ؟
فؤاد(عقد حاجبيه من لهجتها التي انقلبت للؤم):- ماذا فعلت ؟
نور(اقتربت منه مشيرة بإصبعها له):- أنت تجعلها تتعود عليك ، تألفك وتحبك وبالتالي لا تستغني عنك ولكن ماذا ستفعل أنت بالمقابل سيأتي يوم وتبتعد عنها وقتها ستنهار ابنتي وتحزن حين تكسر قلبها بغيابك
فؤاد(أظلمت ملامحه بعدم تصديق):- ولكن كيف تجزمين أن هذا ما سيحدث ، بل كيف تتخيلين أنني قد أفعل شيئا كهذا بدينا ؟؟
نور(مالت بشفتها جانبيا وزفرت بعمق):- أيا كان ما تفعله يا فؤاد توقف رجاء ، لا أريد أن تعاني ابنتي من فقدانك لبشاعته أخشى عليها فأنت لا تعرف ما معنى أن تفقد أحدا .. أنا لا أريدها أن تحس بذلك إطلاقا
فؤاد:- تخشين عليها أم على نفسك ، هي مجرد طفلة سأتفهم خوفكِ عليها كونكِ أمها .. لكن ماذا عنكِ أنتِ لما تخافين الاقتراب أم أنكِ لا ترغبين بأن تستشعري ذلك الشعور ثانية وبهذا تنفرين من الجميع وتُبقين على نفسكِ في قوقعة مغلقة لا يطؤها غريب ..
نور(اهتزت عيناها من جملته التي قرأتها بصدق):- لا يحق لك أن تحلل وتدقق فيني ، تلك ابنتي وأنا الوحيدة المخولة بالتحكم في حياتها .. لو سمحت لا تقحمها في هذاااا
فؤاد:- اعذريني إذن لا يسعكِ إبعادي عنها لأنني وعدتها أن لا أترك يدها نهائيا ، ولعلمك قد دعتني لأرافقها بحفل الآباء الختامي آخر الشهر وسأحضر إليه .
نور(باندهاش):- كيف .. هل جننت بأي حق ستأتي يا هذااااا ؟
فؤاد(لم يتحمل أكثر):- بالحق الذي وهبني إياه القدر ..
نور(وضعت يدها على رأسها لتستجمع أفكارها):- أنظر دينا طفلة مرهفة القلب ، سريعة الاندماج وسرعان ما تتعود على الغير لذلك طبيعي جدا أن تبني معك علاقة صداقة لكن ..
فؤاد(قاطعها فجأة حين أمسك يدها):- إن كنتِ لا تثقين بأنني سأبقى رفقتها مدى الحياة ، اضمني ذلك نور
نور(نظرت إليه بعدم فهم):- أضمنه بماذااااا ؟
فؤاد(بكل يقين):- تزوجي بي …
لحظة ساكنة مرت بها كالهواء ، لفحت وجهها بأحاسيس نبضت بداخلها أكثر من المرات السابقات حيث باتت تستفيق في الآونة الأخيرة بشكل متعب لكينونتها ، فتحت فمها مصدومة من جملته وأغلقته بهدوء وهي تنظر لعمق عينيه الجادتين واللتين كان ينبع منها الصدق والأمل ، كانتِ الرغبة جلية في عينيه وصفاؤها هو الذي أربكها حتى تلعثمت وهزت رأسها نفياااااا .. لكن صرخة دينا التي ما إن سمعت بهذا حتى ركضت إليهمااااا حصرتها في الزاوية
دينا(صرخت بحماس):- هئئئئئئئ ماما تتزوجين عمو فؤااااااااااد ياااااااااااااااه خبر ولا أحلى خبر ههههههههه ،،،، عمو فؤاد أكاد لا أصدق ستصبح بابا ؟؟
فؤاد(زور همام بحدة والذي كان ممسكا باللوحة ورفع له كتفيه بقلة حيلة):- دينا
نور(أمسكت على رأسها مستوعبة كمية المشاعر المتضاربة في خاطرها ووجدت مهربها في حالتها الطبيعية ^^):- هااااه استلم الآن وجع الرأس لن أنتهي من هذا أبدا أبداااااا ، دينا امشي أمامي وانسي كل ما سمعته لا يوجد زواج ولا شيء من ذا القبيل بلا هبل تحركي …
فؤاد(أخفض رأسه بأسى وابتسم لدينا التي شعرت بالخيبة وهي ترمق أمها مغادرة باحتدام ورفض):- عزيزتي
دينا(مطت شفتيها):- مزاج أمي معكر لا تنزعج منها عمو فؤاد
فؤاد(انحنى القرفصاء لمستواها ولامس خدها):- عمو فؤاد لا ينزعج من أمكِ يا حبيبتي ، عموما قضينا وقتا ممتعا احتفظي باللوحة جيدا تمام ؟
دينا(بحزن):- تمام ..
ركضت دينا ولحقت بنور التي كانت تنتظرها بالسيارة وهي تحرك إصبعها فوق المقود بعصبية، ركبت بجانبها وقام همام بوضع اللوحة في الخلف وما إن أغلق الباب حتى شغلت المحرك وانطلقت بأقصى ما يمكنها دون أن تلتفت حتى لمكسور القلب الذي كان جاثما يناظرها بخذلان
همام:- لا تقلق يا سيدي نهايتها معك
فؤاد(حرك فمه بغبن وربت على كتف همام):- لنغادر يا هماااام لقد شعرت بالضيق فجأة
بحسرة على سيده لم يجد ما يقدمه له غير المواساة والصمت ، أما هي فقد طارت بسيارتها والغضب يمزقها من الداخل ولم تجد سوى دينا تصب فيها جزءا منه
نور:- لآخر مرة سآراكِ تقهقهين مع ذلك الرجل ، اكبري ياااا ما هذا الدلال كله أنتِ لم تعودي صغيرة حتى تصدقي بأنه يحبكِ
دينا(ببكاء):- ولكنه يحبني عمو فؤاد يحبني وأنا أحبه وقمت بدعوته لأنه ليس لدي أبي
نور(أوقفتِ السيارة بعنف ونظرت إليها):- وهل كل الناس يملكون آبااااء ؟؟؟
دينا(حركت كتفيها بقهر داخلي):- جنان صديقتي تملك أبا رائعا وتظل تروي عنه الحكايا وتقول أنه حنون وعطوف معها ومع أختها ، لكن أنا حين أضطر بالحديث عنه لا أجد ما أقوله حتى أنني لا أعرف بما أجيب ، فأستذكر عمو فؤاد وأروي عنه فلماذا ترفضين ذلك ؟
نور(ضربت على المقود بعصبية):- يكفيييييييييي .. دينا أنتِ لن تريه مجددا وقفل الموضوع كفى
دينا(ناظرتها بقسوة ومطت شفتيها):- أنتِ قاسية جدا ماما ، لو كان لدي أبي لما غضبتِ مني بهذا الشكل وأنا لا أرغب بأحد سوى عمو فؤاد وقد وعدني أنه سيحضر معي حفلة الآباء آخر الشهر ..أنتِ لن تمنعيه صحيح ؟
نور- تقولين عني قاسية وتسألين إن كنت سأمنعه أم لا … سأمنعه ولن تلتقي به مرة أخرى
دينا(صرخت ببكاء):- لا يمكنكِ فعل هذا بي ، لقد أخبرت كل صديقاتي أنني سآتي رفقته هل تريدين أن أصبح سخرية لهن … كلهن سيحضرن مع آبائهن وماذا عني هل فكرتِ فيني ؟
نور:- يااااااادي المصيبة … يا بنت من كان يحضر معكِ السنوات الماضية ألم أكن أناااااا فمن أين خرجتِ لي بعمك فؤاد زفت هذاااا ؟
دينا:- عيب أن ننعت الآخرين بألفاظ بذيئة .. أنتِ قلتِ هذا
نور(ضحكت بنفاذ صبر ونظرت للطريق):- ههه حقا أنا قلت ذلك … تمام سأصوغها لكِ بالعربي عمك فؤاد انتهت سيرته هنا ولن أراكِ أو أسمعكِ تتكلمين عنه بأي شكل من الأشكال هل وصلكِ الآن حبي ؟
ديناّ(انتفضت محلها ورمت برأسها على الكرسي):- سأشكوكِ لنانا فهذا ظلم ظلم ظلم .
ظللللللللللللم … أجل ظلم يا ابنتي ظلم أن تعتادي على شخص غريب ويرحل عنكِ ، أنتِ لا تعلمين شعور الفقد وسأكون غبية لو تركتكِ لتعيشي ما عشته أنا قبلكِ حتى لو كان فؤاد ذو نية حسنة لكن أنا لن أتقبل أن يتجاوز أحد مخاوفي وسأحميكِ يا ديناااااا . سوف تتألمين الآن لكن فيما بعد ستفهمين غاية أمك … طبعا ما إن وصلت دينا حتى أشعلت أم البيت ببكائها المتواصل لحين استطاعت مرام تهدئتها قليلا بعقد اتفاق
مرام:- حسن لم أعدكِ بشيء لكن دعينا نفتح الموضوع مع أمكِ مجددا ونرى ما قد يجد
دينا:- همم أنتِ لم تسمعيها لقد رفضت رفضا قطعيا أن تسمح لي برؤية العم فؤاد ، وكأنه مجرم خطير أنظري للوحتنا أليست شيئا جميلا ؟
مرام(بذهول):- أي والله وكأنها نور إبدااااع بل قمة الإبداع حتى ، أنظري يا أمي
عواطف(رمشت بعينيها بقلق):- دينا .. أمكِ لو حددت لكِ ما هو مرفوض عليكِ بطاعتها ، لن أرضى بأن تكسري كلامها وأبقى متفرجة
دينا:- ولكن يا ناناااا..
عواطف(نهضت ومسحت على رأسها):- ستسمعين كلام نانا وماما معااا ، هيا اذهبي وخذي اللوحة لغرفتها وصالحيها هيا فورا
دينا(أمسكت باللوحة بين يديها ومطت شفتيها بدلال أليم):- حاضر نانا …
مرام(ابتسمت من حالتها تلك):- أنظري إليها إنها تكبر وتطالب بحقوقها حتى
عواطف:- هه بالفعل من كان يقول أن تلك الطائشة الصغيرة ستدافع على مطالبها هكذااا
مرام:- إييه الدنيا تتغير يا أمي .
عواطف(نظرت لمرام وجلست مقابلها):- أما زلتِ غاضبة من ابن عمك ؟
مرام(مطت شفتيها بتهرب):- لقد نسيت الموضوع ، سأدخل لغرفتي وأحضر نفسي سيارة المؤسسة على وصول
عواطف:- طيب حبيبتي كنتِ تناولي شيئا على الأقل معنا
مرام:- لا يسعني ذلك ستحضر لي عفاف شيئا خفيفا آكله بالطريق .. لولا موضوع دينا لكنت تجهزت أبكر
عواطف:- طيب حبيبتي
رنيم(قدمت من الرواق وخربشت شعر مرام ثم دلفت للصالون وهي تمسح على رأسها بألم):- أخيرا نامت هوووف
عواطف(استقبلتها في حضنها وجلست جانبها):- طبعا هي غير متعودة على الحقن ، وهذا التلقيح يؤلمهم قليلا هذا ضروري كما أنه من الجيد أننا اصطحبنا معنا أيهم وعايناه أيضا
رنيم:- بكاءه نتج عن أضراسه التي تنمو ههه حبيبي يكبر
عواطف:- لتونا كنا نتحدث أنا ومرام على ذلك ، الصغار في لمح البصر يكبرون لكن نحن من نلمس ذلك بعين متأملة .. أما هم فلا يستشعرون شيئا غير أن الحياة متعة
رنيم(بأسف):- كنت قد حددت هذا الموعد رفقة رأفت ، يعني اتفقنا على اصطحاب سجى سوية للتلقيح ولكن .. تشاء الأقدار ألا يحدث ذلك
عواطف(بحنان):- أتفكرين به كثيرا ؟
رنيم(بدموع حركت فكها):- هو روحي يا أمي ، حتى لو كسرني إلا أنه يعيش بداخلي هنا ولن يغادر هذا المكان على الأغلب
عواطف(زفرت عميقا وهزت رأسها لتمسح دموع ابنتها):- من الجيد خروجنا اليوم ، أفكر أن نخرج بين الفترة والأخرى ونصطحب الصغار للحديقة
رنيم(لاحظت أن أمها تحاول التخفيف عنها):- هه حسن على هذا الشكل سأقبل عرض نور بمرافقتها للصالون التجميلي ..
عواطف:- أممم ريمة هناك ستجعلكِ تفقدين صوابك لكنها طيوبة جدااا
رنيم:- لا أعرف أمي أنا بحاجة لفترة نقاهة قلبي مليء بالهموم ، حين أشعر بأنني بخير سأخبركم بقراري فبنهاية المطاف لن أبقى هكذا
عواطف:- طيب عزيزتي ..آه صوت بكاء شادي هذا على الأغلب قد استيقظ
رنيم:- أ.. لما لا تتفقدينه يا أمي ؟
عواطف(بارتباك فركت يديها):- هذا لا يسعد أختكِ
رنيم:- لكن أمه ليست موجودة معنا الآن ، لذلك اذهبي إليه إن كنتِ تريدين
عواطف(انفرجت أساريرها):- لا أعلم لكن ذلك الصغير به شيء يجعلني أحبه كثيرا
رنيم:- ههه طبعا لن أقول أن ذلك بركة في والدته فهو حفيدكِ في نهاية المطاف يا أمي
عواطف(نهضت بحماس):- تمام يعني .. أنتِ ارتاحي لتوكِ نيَّمتِ صغاركِ سأتفقده أنا
رنيم(فهمت أمها وابتسمت):- تفضلي يا ست الكل …
كان ذلك الصغير شيئا لطيفا أدركته عواطف بعد صراع طويل في داخلها حول ميرا ومشاعرها نحوها ، اكتشفت أن قطعة الحلوى الكريمية الذي يبتسم بعفوية أمامها قد شفع لأمه كل أفعالها الشنيعة منذ البداية إلى يومنا هذا ، وجدت أنها تحن لتلك الفتاة المتمردة ولسانها السليط الذي لم تكن تخشى به أحدا ولا حتى ظلم سليم وعنفه ، بل كانت أقوى منه وأقسى منه في كل مرة تجابهه بأفعالها دون خشية وحين كان يضربها كانت تستنجد أجل لكن بمن يبعدوا عنها وحشية أبيها وليس لكي تستسلم وتطلب الغفران … سمر طفلتها التي لم تكن تخضع لأي سلطة والتي عجز سليم على ترويضها كما كان يريد فقد كانت غايته الأساسية الانتقام من هبة رشوان فيها لأنها شبيهتها وهذا ما حكمت به الأقدار عليها ، لم تخطط عواطف للأمر ولا حتى سليم فكر أن تكون ابنته نسخة طبق الأصل منها وكأن الله عاقبه بعد قتله لهبة بفتاة تشبهها تخبره أنه حتى لو تخلص منها سيجدها أمام عينيه يوما بعد يوم كعقاب لا ينتهي … نبيلة حالتها كانت مختلفة فقد أتت بعكازها لغرفة عواطف لأجل الصغير أيضا وجدت فيه بلسما طفيفا لتلك الجراح العميقة بعمق الوجع الكامن فيها ، جلست بقرب عواطف وهو بينهما يلعب ويبتسم ببراءة تدفقت لتشمل تفكيرهما ، وهنا نجد أن تفكير نبيلة كان يستذكر صورة سمر حين ولدت لم تصدق نفسها لما رأتها بل أمسكتها في حضنها بعناق طويل طويل جدا جعلها تشم عطرها وترى فيها طفلتها التي حرمت منها ، كانت تعي أنها تشبهها بل وكأنما هي ولو بقيت على قيد الحياة لعاشت في كنفها كما عاشت سمر وترعرعت فلطالما حملتها نبيلة بين يديها وهدهدتها لتسكت ، لطالما ولجت غرفتها ووجدتها باكية ومسحت دمعها وهي نائمة ، لم تكن تريد لتلك العلاقة أن تتعمق بالرغم من أنها تحب سمر لكن هذه الأخيرة كانت عنيفة مع الجميع بقدر ما احتاجت لهم بقدر ما وجدت نفورا منهم بقدر ما جعلها هذا تصنع جدارا سميكا بينها وبينهم ، لا يتعداه أحد ولا حتى أقرب الأقربون فقط اثنين وثالث معهما كان لهم الأحقية بذلك نور وطارق وحكيم … أما عن الأولى فلقد عانت معها الأمرين في صباهما كم كانت تتستر عليها وتشاركها في مخططاتها وفي مغامراتها المجنونة وتتلقى أيضا الضرب على ذلك ، أما الثاني فقد كان أخوها الغالي الذي أحبها بصدق وكم كان يدافع عنها بكل ما أوتي من قوة حتى أنه دفاعا عنها دمر حياته بعد خناقه مع أبيه الذي أدى لسجنه ، وهذا ما انحسر في جوف ميرا دهرا لأنها تعي تماما أنها السبب في كل ما حصل مع طارق .. أما الثالث آخرهم كان حكيم قد تسميه أول شخص شعرت معه بمشاعر مختلفة كانت تتوق لأن يبادلها إياها لكن شبح ميرنا كان يمنع ذلك وهذا ما كان يعزز فيها الكره ناحيتها فبسببها حرمت منه ، لكنها اكتشفت على مر الزمان أنها كانت واهمة وما حب حكيم إلا حب حماية ودفء وحنان استشعرتهم معه ولا تزال … إييييه كل هذا وذلك ولا زالت عواطف تنتظر ذلك اليوم الذي ستأتي فيه سمر وتعتذر على كل أخطائها لربما سامحتها على كل شيء وبدأت معها بشكل سليم لكن عناد هذه الأخيرة وموقفها الصارم يستحيل أن يسمح بذلك، ويستحيل أيضا على عواطف أن تقدم خطوة إن لم تخطيها ابنتها تجاه أختها ميرنا أولا وبعدها يحل كل شيء …
نبيلة:- إنه ناعم مثل أمه في صغرها
عواطف(كفكفت دمعها ومسحت على وجنته بحنان):- أحببته
نبيلة(نظرت لعواطف وأمسكت بيدها):- إنه ابنها ومحبة الحفيد من أمه وأبيه
عواطف(عقدت حاجبيها بغمغمة حزن):- لكن أمه لا ترى هذا حتى أنها أودعته ببيتنا نظرا لانشغالها بفنها الذي لا ينتهي .. لم تكلف خاطرا للمرور حتى
نبيلة:- وهل أنتِ عاتبة من أنها لم تلق التحية أم لأنها متعففة عن تلك المشاعر ؟
عواطف:- لا أدري يا أمي لكن تلك الفتاة غريبة عني ، بقدر ما هي قريبة بقدر بعدها
نبيلة:- وهل غفرتِ لها حتى تعود لحضنك .. لا .. طيب لا تنتظري شيئا لن يحدث
عواطف(بنظرة عميقة نظرتها لشادي):- هل سيأتي ذلك اليوم يا ترى ؟
نبيلة(زفرت بعمق واستقامت بجهد):- إلى أن يأتي استمتعي بهذه الفرص واستغليها جيدا
عواطف(تابعت بعد أمها):- لأنها لا تعوووود … مع الأسف ..
طبعا قد تعود وقد لا تعود هذا كله في علم الغيب ، وقد سمعت عواطف نصيحة أمها وأخذت لا شعوريا تدلل شادي وتلاعبه واتضح أن الجني الصغير يفهم جيدا من يحبه ومن لا يحبه فقد كان بدوره سعيدا مبتسما لا ينقصه شيء من الشقااااوة

ومن بيت آل الراجي سننتقل لابن الراجي الذي فتك بقلوب بناتها فتكا بقوانينه الصارمة وقراراته التي فاجأتهم ، وجعلته عرضة للتذمر والامتعاض حتى من أقربهن لقلبه ، ميرنا كيف لا وقد جرحها في الصميم وخذلها لكن بالرغم من ذلك هذا لا يعطيها الحق لكي تقلل من شأنه وتشبهه بالمجرم ميااااار ..
طلال:- أوك يكفي فهمنا فهمنا فكف عن ضرب تلك الكرة ضلعك لم يشفى بعد
حكيم:- هه لقد أخذت أقصر مرحلة علاج في الدنيا بسبب ميرنا وكلامها الجارح لي ، أظنني قد كبرت دهرا فوق عمري
طلال(أمسك الكرة عنه ورمى بها جانبا):- طيب اجلس قليلا واهمد منذ عودتك وأنت على ذا الحال ، لم تترك شيئا لم تتحرش به
حكيم(جلس على الكنبة بثقل ونظر للسماء):- أنا أحترق يا طلال .. في صدري نيراان نيران تقتلني يا رجل ولا أدري ما الخلاص
طلال:- ممم ربما هذه عوارض آلام المرض فلا تزال مصابا يا حبيب صديقك
حكيم:- عن أي مرض تتحدث .. مرضي الوحيد يدعى ميرنا هي وحدها التي تقتلني على مهل
طلال:- حسن أخبرني ما الذي أزعجك كثيرا في حديثها ، يعني بصراحة أرى أن الفتاة على حق هي لم تأتي بشيء غريب ثم هي لا تعلم بما حدث معك حتى تنظر إليك بنظرة أخرى ، نظرة تهفو إليها منذ سنوات يا حكيم
حكيم:- كيف سأخبرها بل كيف سأفضي لها أنني تسترت على جريمة سمر
طلال:- هنا ستضع سمر في خانة غير مستحبة ، ولا تنسى أنها تبني حياتها مع شهاب للتو يعني لو عرف أنها هي من لفقت الجريمة لرشيد وتسببت بسجنه ظلما أكيد سيتخلى عنها ويحرمها من صغيرها وحتى الجنين الجديد قد يقتله في رحمها أو يسلبه منها …
حكيم(بخوف عليها):- معك حق ، سمر تستحق بعض السعادة وعلي أن أصبر لأجلها وأجل ميرنا فلو عرفت بهذا وبكل المصائب التي انهالت علي ومنعتني من العودة لقدرت ظروفي ، وتفهمتني وكفَّت عن مضايقتي بجملها المسمومة
طلال:- ههه لكن اعترف هي تأخذ عقلك برغم كل ما تفعله بك
حكيم(بنظرة عشق):- آآآآه على ما تفعله بي عصفورتي الصغيرة ، حتى لو خربت الدنيا أجدني بها مدلها كالعاشق اليتيم …
طلال:-0 وهذا نفسه ما أحسه مع شاهيناز ، رغم برودتها إلا أنها دوما قريبة مني
حكيم:- كيف أموركما ؟
طلال:- مستغرب يعني من بعد الحادثة لم تذكرك ولا مرة مثلما كانت تفعل قبلا ، وكأن الرصاصة أصابت قلبها وجعلتها تراني من جديد
حكيم:- حكمة من عند الله أكيد هههه
شاهيناز(أتت وخلفها الخادمة بصينية الأكل):- جو مشمس أليس كذلك .. فكرت لو نتناول شيئا مع بعضنا في هذه الحديقة الجميلة ما رأيكم شباب ؟
حكيم(رن هاتفه):- فكرة مميزة يا شاهي رجاء نادي على فخرية لتشاركنا ، سآخذ هذا الاتصال وأعود لكم
طلال:- من أين واتتكِ الفكرة يا حلوتي ههه دعيني أساعدك
شاهيناز(تأملت حكيم بطرف عين وابتسمت لطلال):- تمام يا روحي …
حكيم(عقد حاجبيه):- وأين هي الآن ؟
داغر:- أوصلتها للجريدة يا سيدي
حكيم(حرك رأسه وبتمعن):- أهاااه وماذا عن وائل ؟
داغر:- غادر للشركة قبل وقت
حكيم:- طيب يا داغر أبقي عينيك مفتوحة وانتظر ميرنا لحين خروجها وأعدها للبيت
داغر:- بأمرك سيدي ..
حكيم(تأفف وهو يقفل الخط وعاد إليهم):- أين فخرية ؟
شاهيناز:- بعثنا بخبر لها .. هاااه قد عادتِ الخادمة أين سيدتكِ فخرية ؟
الخادمة:- هي تعتذر منكم لكنها غير قادرة على مبارحة الفراش
حكيم:- هل هي متعبة .. سأتفقدها وأعود
شاهيناز(اعترضت طريقه):- لما لا تدعني أفعل ذلك وتوضب مع طلال المكان للشواء ؟
حكيم(حرك رأسه إيجابا):- أوك لكن لا تعودي بدونها .. هيا طلال قم بما يلزم
طلال:- أصلا طلال أبو المشاوي هههه ..
توجهت شاهيناز صوب غرفة فخرية وقد كانت ترمق جوانب القصر من كل جانب بحذر تام ، فور وصولها إلى غرفتها حاولت فتحها لكن وجدتها مغلقة وهنا جن جنونها أكثر
شاهيناز:- حسن لن تختبئي مني كثيرا يا فخرية ، ولن تتجاوزي غضبي أيتها المخادعة
فخرية:- ارحلي عن جناحي يا سلسبيل لأنني حانقة عليكِ بشدة
شاهيناز:- ما أخبثكِ أما زلتِ تلومينني ..فعلا لا يؤتمن لكِ وقد صدقت أختي كهرمانة بذلك
فخرية(بغيظ فتحت الباب):- أساسا تلك المرأة أس الشر مثلكِ ، ولا عجب أن تتفقا
شاهيناز(دفعتها ودخلت):- فخرية لا تستفزي شياطيني لأنكِ تعرفين جيدا أنني قادرة على حرقكِ وأنتِ واقفة ، أي نعم لن تموتي لكنكِ ستتألمين وهذا سيعزيني كعقاب عما فعلته بي خلال عقووووود كاملة
فخرية:- طبعا لأرحم الناس من شركِ أيتها القاتلة التي لا تملك حس الرحمة ، قد قتلتِ إنسانيتكِ فكيف سأستغرب إن عذبتني شقيقتي
شاهيناز:-أوااااه منكِ يا حرباااااء كيف تتذمرين هنا أكنتِ تضعينني في حجز خمس نجوم وأنا لا أدري ، ما ربما كنت أتكبر على النعمة حتى أنني كدت أظلم صداقة الثعبان الوحيد الذي كان يسكن جواري لسنين ومات المسكين في الأخير جوعااااا
فخرية(اقتربت منها محذرة):- إياكِ وأن تلوميني على شيء ، أنتِ أذنبتِ وتحملتِ العقوبة التي تستحقينها لقد فتكتِ من بعد تحويلكِ بعشرات الأبرياء ، حتى عشيرة الشمس لم ترحمي منهم فردا واحدا كبيرا كان أم صغيراااا
شاهيناز:- وفلت مني واحد وعلي أن أعثر عليه وأنتِ ستساعدينني على ذلك
فخرية(بصراخ هدرت فيها):- قلت لكِ لا أدري من هو لا أدري لا أدري
شاهيناز(صرخت فيها أيضا):- بل تعرفيييين ، طالما وصلكِ خبر أنه لا يزال هنالك حارس يدور بالأرجاء ستعثرين لي على موقعه وإلا …
فخرية(من بين أسنانها):- هل ستعودين للتهديد ؟
شاهيناز:- والله هذا ما ينفع معكِ أختي الغالية
فخرية:- افعلي ما تشائين لن أتحرك قيد أنملة لأساعدكِ في هذا الجرم مجدداااا
شاهيناز:- ولكنكِ مضطرة فخريتي ..
فخرية:- وما الذي سيجعلني كذلك يا سلسبيل ؟
شاهيناز(بصوت كالفحيح):- حكيم الراجي أو ميرنا الراجي أو وائل رشوان أو حتى شادي شهاب رشوان يعني قائمة الأعداء طويلة ههههه .. فاختاري الأخيَر لكِ يا شقيقتي لأن صبري محدود .. إما أن تكوني في صفي وإماااا ستجعلينني أحبسكِ بنفس السجن وأرتاح من نقيقك
فخرية(رمشت بعينيها وجلست بتعب):- كان من الخطأ إعادتكِ إلى حياتنا من جديد ، سأندم على ذلك ما تبقى من عمري لأنك وبال وابتليت به
شاهيناز(بضحكة مجلجلة):- هاهااااا لا وقت لتذمركِ أختاه فلقد غلبت من هن أقوى منكِ وأشد ، وُديقة صديقتكِ كانت أولهن والقائمة تطووووول .. لذا حددي موقفكِ الآن وأخبريني بما تعلمينه عن حارس الشمس
فخرية(اهتزت عيناها وهي تحاول لملمة أفكارها):- طالما حصرتني في الزاوية سأخبركِ بالمعلومات التي أملكها ، ليس خشية منكِ بل على أحبتي
شاهيناز(صغرت عينيها وهي تقترب منها بحذر):- هنا سنتفاهم شقيقتي العزيزة وسنتناول سوية شواء من صنع الحمقى القابعين خارجا … هيا من يكون وأين هو وكيف أجده ؟
فخرية(نظرت بعمق لأختها وفي سرها):- إن أنا أخبرتها بشكوكي حول ذلك الرجل ستقتله في لمح البصر ، وإن أنا سكتت سوف تؤذي أحبتي كيف السبيل لمراوغة هذه المرأة اللعينة كيف كيف ….
شاهيناز:- ما زلت أنتظر؟
فخرية(امتصت شفتيها بريبة ونظرت إليها بنظرة ضبابية):- إنه يقطن ببلدتنا في أقاصي الجبال .. هذا ما أخبروني به وليس لدي معلومات أخرى
شاهيناز(اقتربت منها محذرة):- إن كنتِ تكذبين علي يا فخرية ، أقسم لكِ بالسجن الذي حبستني فيه أنكِ ستبكي دما على أحبتك …
فخرية(اهتزت حنجرتها بقلق وحاولت مداراة ذلك):- أعوذ بالله من شياطينك أعوذ بالله
شاهيناز:- تعوذي جيدا أختي لأنني هذه المرة إما قاتلة أو مقتولة … هيا أخرجي لنتناول الغذاء ولا تدعي حكيم أو طلال يشعران بشيء …
فخرية:- اسبقيني وسآتي من بعدك
شاهيناز(نفضت نفسها وخرجت ولكنها وقفت عند الباب وتطلعت إليها):- هذه فرصتكِ الأخيرة يا فخرية وإن خسرتها لن أرحمكِ ..
على هذا التهديد المفتعل خرجت شاهيناز ضاحكة من غرفة فخرية التي جلست على ركبتيها بفشل ، قد حوصرت في بوتقة مظلمة لن ينتشلها منها أحد وكل هذا بسبب سلسبيل التي لن تتوانى ولا لحظة في البحث عن ذلك الحارس ، الذي تنتوي قتله ما إن تعثر عليه فهل ستجده فخرية وتخبرها عنه في نهاية المطاف حين يصبح التهديد وشيكا من الواقع أم أنها ستكتفي بالصمت وستجعل أحبتها يتألمون في سبيل إحقاق الحق وانكسار اللعنة التي تنتظرها منذ سنين عجااااف … تأوهت بعد أن أخرست أفكرها ورفعت يديها للسماء وأخذت تحركها يمنة ويسرة حتى ابيضت عيناها واتخذتا لونا مرعباااااا
فخرية:- يا أيتها الأرواااااح انهضي من سباتكِ واحجبي نور الشمس عن عيونها ، أبعدي حارسكِ عن مسعاها دعي اللعنة تستفيق من سباتها قد آن الأوان قد آن الأوااااااان .. يا أيتها الأرواااااح يا حراس الشمس انهضوا من قبوركم وحاربوا لأجل حماية آخر ما تبقى من عشيرتكم فشبح الموت قريب منه .. شبح الموت قريب منه .. شبح الموت قريييييب منه ……….آآآه يا رأسي آآآآآآآآآآآآآآه …
آخر صرخاتها صدحت بجدران القصر حيث هرع إليها حكيم وطلال ليغيثانها بينما التقطت شاهيناز ببرودة تفاحة وقضمت بعضا منها وهي تضحك …
شاهيناز:- ههه هذا كان فقط عربون اتفاق يا شقيقتي هاهاهاهاااااااااا هاههااا ….

في عرين الفهد البري
كان في قاعة الرياضة الخاصة به يصارع كومة الرمل المسكينة والمكومة في بلاستيك جلدي انحرف من فرط الضرب ، كان العرق يتقاطر من جسمه وصدره العاري ولكنه لم يتوقف بل ظل يضرب فيها مستعملا قفازات مناسبة وشعره يتساقط مرة بعد مرة حول عينيه ، تارة يبعده وتارة يزيده ذلك إصرارا على الفتك بجراثيم أفكاره اللقيطة .. هنالك ما يضايقه في صدره يحرقه حرقا ويجعله أكثر عرضة للأعصاب التي لن يتخلص منها إلا بهذه الطريقة ، ظل هكذاا لسويعات حتى دخل عليه هذا وهو مربوط من معصم اليد يتحرك بدعامة طبية ويلبس في رجله حذاء حديدي يجعله يتحرك بصعوبة ، أما عيونه فقد كانت كدماتها تختفي بشكل بطيء منظره كان مهيبا ولكنه استحقه
رشيد:- سيدي ..
ميار(توقف عن الضرب واستعاد توازنه بعد لحظات ومن محله):- اعتقدت بأنني سأفتقد صوتك لوقت أطول من هذااا
رشيد(بتغلغل دفين):- سامحني سيد ميار أطلب منك العفو ، والولاء كل الولاء لأوامرك
ميار(استدار إليه وهو يلتقط فوطته الخاصة التي مسح بها وجهه وألقى بها على كتفيه):- أسامحك .. ههه وهل علي أن أثق بكلامك أنت لم تفعل شيئا مُهما حتى لتجعلني أسامحك رشيد
رشيد(تمتم بشفتيه بارتباك واقترب منه بانعراج):- سأفعل سأنفذ كل ما تأمرني به دون جدال ، لطالما كنت خادمك المخلص وليس من أول مطب ستفقد ثقتك فيني صحيح ؟
ميار(تقدم إليه وجابهه وجها لوجه):- أنا من يحدد ذلك يا رشيد وليس أنت .. قد تماديت في أخطائك بالفترة الأخيرة كثيراااا وكأنما أخذت الحصانة لتفعل ما يحلو لك
رشيد:- حاشا يا سيدي لو تطاولت على قراراتك
ميار:- ليكن بعلمك يا رشيد أن كل ما تفعله من وراء ظهري ، يصلني وأنا متكأ على الكرسي خاصتي أتطلع بعيوني إلى صولي شبلي الصغير وبكل هدوء أجد في عينيه شيئا يدعى بالوفااااء ، الوفاء الذي لا تفقه فيه شيئا يا رشيد ابتداء من استغلالك للصلاحيات التي أمنحها إليك
رشيد:- لا يا سيدي أرجوك لا تفقد مني الأمل .. لم أقدم على شيء يجعلك تمتعض مني ؟
ميار(ضحك هازئا وتوجه صوب المسبح ورمى بالفوطة جانبا):- هل نبدأ باستغلالك السخيف لأجساد جاسوساتنا اللاتي نجندهن في المحيط لأجل حمايتنا ونومك معهن
رشيد(بارتعاب):- ه.. هذا لم يحدث س…
ميار(دون أن يلتفت إليه رفع يده مقاطعا):- إيمان … سعاد .. وغيرهن الكثير ، هذا في كفة وفي كفة أخرى ظهورك في حياة ميرا ومحاولة تخريبها من سمح لك بكشف عن سر شادي لشهاب رشوان طبعا لم أكن أنا ، قد تجاوزت كل قوانيني يومها وقمت بإفشاء ذلك انتقاما منهاااا ، غير ذلك أخذت من حسابي الخاص مبلغا ضخما اكتشفت مؤخرا أنك بعثته لأسرتك لأجل تجديد البيت فهل أنا مخطئ ؟؟
رشيد(عضعض شفتيه جانبيا وطأطأ رأسه):- بصراحة .
ميار(قاطعه مجددا):- كل هذا غفرته لأنني نظرت لسنوات خدمتك لي وقلت لأعطي رشيد فرصة ، ما ربما تراجع عن افتعال تلك الأمور خفية عني لكن بفعلتك الأخيرة وحين مسست بالمحرمات وساهمت في ذلك الأمر الشنيع فاض صبرُ كأسك وتركتك لمصيرك ، فلا أحد أقول لا أحد يقرب امرأتي ولا يجدني له بالمرصاااااد
رشيد:-أظنني قد تعلمت الدرس جيدا سيد ميار .. أطلب منك العفو والسماح
ضحك ميار بهزل ودخل للمسبح ببرودة تامة ، أخذ جام وقته في السباحة في حين كان رشيد يتصبب عرقا وخوفا من قرار ميار الذي سيغير مجرى حياته للأبد ، دقات قلبه ارتفعت فقد يرغب السيد في تأديبه مجددا من بعد الضرب المبرح الذي ناله وجعله يصاب بتلك الإصابات ، ربما لن يعفو عنه طالما غامر بكل شيء واتخذ مساحة تخوله اللعب من خلفه كيفما يريد أين كان عقله ، قالها معاتبا نفسه لكن لا ينفع الندم الآن أمام غضب ميار إذن ليستلق وعده ..
ميار(خرج من مسبحه بعد برهة وأمسك الفوطة من عند رشيد الذي سارع لإعطائه إياها بابتسامة بلهاء):- ما الذي تفعله هذا ليس من اختصاصك ؟
رشيد:- ولكنني لم أجد أحدا من الخدم بالقرب سيدي فقررت إعطاءك إياها
ميار(لف حول خصره تلك الفوطة وأشار بإصبعه لرشيد):- تمامااا مكانتك ضئيلة بالنسبة لي ، أنت لن تتغير ستتصيد الفرص لأجل مصلحتك وهذا خير دليل
رشيد(وقع في شر نفسه):- أنت تقسو علي جدا يا سيدي أرى أن عقاب الست كهرمانة قد انتهى وإلا لما أعدتها لخانها بعد فترة قصيرة من العقاب ..
ميار(ابتسم بعمق ونظر لرشيد):- أتعرف ما الذي يجعلني أصطبر على رعونتك يا رشيد .. غبائك الذي يجعلني أرى فيك صورة من الماضي السحيق .. عموما لا شأن لك بقراراتي بعد اليوم ستعود لبيتك وتستعيد عافيتك وبعدها لكل حادث حديث .. انصرف الآن
رشيد(حرك فكه بقلة حيلة):- أنت تحتاجني .. دعني أبقى بقربك أخطط معك وأرى ما يليق فقد وصلتني بعض الأخبار وليست بمطمئنة البتة
ميار(تجاوزه في اتجاه الخروج):- أخبار ماذا ؟
رشيد(هذه فرصتي وسأستغلها):- تم تصوير سيارتكم بالرادار أثناء عودتكم من البلدة ، واحزر صورة من .. عرندس
ميار(صغر عينيه وعاد إليه):- ما الذي تهذي به من هذا الذي تجرأ على فعل هذا في طريق الفهد البري ؟؟؟
رشيد:- أظن أن بيننا جاسوسا يا سيدي وعلينا التدقيق في شأن الجميع ، وهذا يتطلب بقائي بالقرب لمعرفة من الذي سرب معلومة تواجدك بالبلدة فظهور دورية شاملة بتلك الطريق التي نادرا ما يحدث فيها ذلك ليس بأمر عشوائي ..
ميار(بتفكير عميق خرج من غرفة الرياضة وتوجه لجناحه وهو عاقد حاجبيه):- تأكد لي من هذه المعلومة يا رشيد ، وامسح صورة عرندس من ملفات الشرطة الليلة قبل الغد
رشيد:- لكن سيكون هذا مكلفا يا سيدي أنت تعلم أن أيدينا داخل الشرطة ذات بطون شرهة ..
ميار:- تمام تمام قم باللازم وإن نجحت في هذا ، ربما قد أفكر بإعادتك لمقامك السابق غير ذلك لا ترني وجهك مفهوووم ؟
رشيد(بفرح داخلي):- لا تقلق سأعود إليك بالأخبار السعيدة ..
ميار(أشار له وأغلق الباب بوجهه):- طيب لنرى من هذا الجاسوس الذي يعيش تحت جناحي ، ربما لدى كهرمانة فكرة …
بسرعة ارتدى ثيابه وانطلق صوب رجاله تجاه خان كهرمانة الذي كان يعج بالفتيات الراقصات حيث كانت تحتفل بعودتها على طريقتها الخاصة ، أماني جالسة بقربها وعرندس يقف خلفها على جنب بينما كانت هنالك خادمة تحرك لها حجر الشيشة بعيون لئيمة دامية جعلت قلبها ينتفض بدخول رجل من الرجال وإيقاف كل شيء
سيف:- سيدتي .. السيد هنا ويأمرك بفض هذا المجمع حالا
كهرمانة(انتفضت بقلق):- تمام عرندس اصرف جميع الفتيات هيا هيا أخلووو المكان سريعا
أماني:-حح حتى أنا أممي ؟؟
كهرمانة(رمشت بعينيها):- ابقي إن أردتِ فأكيد قد أتى السيد لأجل الاحتفال معنا .. هييه أنتِ ما كان اسمكِ أممم نسيت نسيت لا تملكين لسانا لتجيبيني مع الأسف تحركي انصرفي من هنا أنتِ أيضا ..أماني ستنهي ذلك ..
انصرفتِ الفتاة في حين انحنت أماني أرضا وتابعت ما كانت تفعله ، وهنا دخل ميار بسرعة لحين وثب أمام كهرمانة وناظرها بعمق قبل أن يصرف أماني وعرندس بدورهما ..
كهرمانة:- بما أنك جعلت الجميع يغادر إذن هنالك شيء ضروري ، خيرا يا بني ؟
ميار:- هنالك جاسوس بيننا
كهرمانة(بفزع):- هئئئ من يكووون هذاااا الحقير سأحرقه الليلة بيديَّ هاتين ؟
ميار:- لم نعرفه بعد لكن رشيد لديه مصادر موثوقة أثبتت أن هنالك صورة التقطت لنا بالرادار أثناء زيارتنا للبلدة ، ومع الأسف وجه عرندس مكشوف بها
كهرمانة(بعدم تصديق وبرعب):- يا إلهي طيب ما العمل كيف سنتصرف ؟
ميار:- اهدئي اهدئي عرندس ليس له ملف بدائرة الشرطة أصلا ، يعني رجلنا حتى الموت والصورة سيتخلص منها رشيد الليلة يعني اطمئني .. إنما سيبقى أمامنا عمل طويل لحين نكتشف من هذا الجاسوس الذي قام بتسريب الخبر لهم
كهرمانة:- هذا شيء خطير ، هذا الجاسوس قد يودي بنا للتهلكة طيب ماذا تقترح ؟
ميار:- سننصب فخا له وإن وقع فيه سيُحاسب
كهرمانة:- يا الله على هذا الخبر أوجعت قلبي ..
ميار(عقد حاجبيه حين رمقها قد أمسكت على صدرها):- أمي .. هل أنتِ بخير هل نستدعي الطبيب ؟
كهرمانة(ربتت على يده):- لا يا حبيبي لا تشغل بالك ، فقط شعرت بالأسى والخوف عليك
ميار(حرك فكه بغيظ وشبك يديه):- احرصي أن يتم الأمر في سرية تامة ، حتى في خفية عن عرندس وأماني وهذا أمر
كهرمانة:- طيب طيب فهمت .. أ.. بما أنك هنا يا عزيزي أردت أن أخبرك بشأن خاص
ميار:- هممم ماذا ؟
كهرمانة(فركت يديها واستقامت بتلعثم):- أرغب باستضافة بعض المعارف هنا في الخان لأجل تفحص البنات يعني ، وكذلك لتسوية الاتفاقية فكما تعلم صعب أن نغطي كل الطلبات خاصة في الآونة الأخيرة فما لدينا قد تم توزيعه حسب الاتفاق
ميار:- أهاه وبما تستأذنينني يا ترى ؟
كهرمانة(حركت فكها):- أ.. فخرية امم يعني كيف سأصوغها لك الفئة التي خططت للتعامل معها فئة مهتمة بالشعوذة والسحر والتبصير وأرغب باستضافة فخرية هنا لتفعيل ذلك
ميار(استقام إليها بعدم تصديق):- فخرية ؟؟ متأكدة من ذلك أنتِ .. هي لن تعتب المكان ولا خطوة واحدة حكيم سيقف لها في الطريق ناهيك عن رفضها
كهرمانة(بخبث):- كان ذلك سابقا
ميار(بحدة):- وما الذي تغير ؟
كهرمانة(تداركت نفسها):- أ.. لا شيء يعني فقط سأحاول إجبارها على ذلك بأسلوبي وهذا لأجل مصلحتنا ، ألست تطبق اتفاقيات مع حكيم وتضغط عليه لكي يعود لدربنا إذن سأحاول ضمان فخرية بدوري وبطريقتي
ميار:- أنا غير مقتنع أمي .. لما تحاولين الاختلاط بفخرية بعد خصام دام بينكما سنوات عديدة ؟
كهرمانة:- تت يا الله يعني ألا تتفهم رغبتي قليلا ثم غاية زبائننا أهم بكثير من أي خصومات ، أنا مستعدة لتجاوز ذلك مقابل راحتهم ألا يكفي أنه ربما سيكون ذلك آخر تعامل لنا معهم
ميار(برقت عيناه وتطلع إليها شزرا):- أمممم
كهرمانة:- يعني بشأن اعتزالك وما تزعمه في الآونة الأخيرة ..
ميار:- اعتزالي قرار لا رجعة فيه ، أنا أنتظر فقط الوقت المناسب ولعلمك هو قريب جدا فاستمتعي قدر المستطاع بهذه السلطة لأنها زائلة .. عمتِ مساء
كهرمانة(ابتسمت بخبث وهي تودعه):- وأنت أيضا … / هييه يا عزيزي كان بودي أن أشاركك الفرحة لكن صدقني أنت لن تعتزل ولو على جثتي ههه لن أسمح لك أن تسلبني من هذا الهيلمان الذي أحياه إما أنا أو لا أحد …. هههه
خرج مسرعا من الخان وهنا ظهرت أماني من خلف الباب وقد تنصتت على الحديث كله ، سجلته في عقلها وتوارت عن الأنظار ولحظتها قامت كهرمانة بتفعيل اتصال إذ من المؤكد أن تستعين ببعض المساعدة لإجبار فخرية على ما تريده ..
شاهيناز:- شقيقتي الصغرى ما أحلى يومي بسماع صوتك
كهرمانة:- سلسبيل أنا بحاجتك ولا أحد سيقوم بتحقيق رغبتي سواكِ
شاهيناز:- أطلبي وتمني يا حبيبتي
كهرمانة(بتلاعب):- أريد فخرية ليوم واحد
شاهيناز:- أهااااه والغاية ؟
كهرمانة:- تبصير على خلق جو لطيف لضيوفي أظن هذا سيكون شيئا بسيطا قد تعوضنا به
شاهيناز:- اعتبريه مقضيا أخبريني فقط بالزمان والمكان وستكون طوع يديكِ
كهرمانة:- آآآآآه يا عصاي السحرية أين كنتِ منذ سنواااات عني ههه
شاهيناز(بغيظ دعابي):- محبوسة بين جدران الكهف ، لكن انتهى ذلك الزمن من الآن فصاعدا كل ما ترغبينه سيحدث ولو بانشقاق الأرض ..
كهرمانة(ضحكت بخبث):- أختي سلسبيل أهلا بكِ في عالمنا الجديد هههههه
ضحكت الأختين بخبث على ما اتفقتا عليه وأكيد حين يجتمع الشر بالشر سيولد تيار لا يرحم ،وسيفتك بالجميع … هنا كان ميار يستجمع بعضا من أفكاره حول الجاسوس الخائن الذي يقبع تحت رحمته وظل يتخبط في حصر الأسماء أثناء عودته من هناك ولفت انتباهه أنه قد يكون لدى المحقق صديق إياد إجابة يعني سيضطر لارتداء قناع إياد مجددا ..
ميار:- خذني للورشة فورا سأغير ثيابي..
السائق:- تمام سيدي …
في تلك الأثناء بالجريدة تحديدا كانت ميرنا تكتب بعض المقالات الخاصة حول مواضيع هامة أجلتها لحين عودتها ، سارعت في إتمامها بنهم وكأنها تبعد تفكيرها عن أي شيء خاص بالمحيط وكأن مهربها في الورقة والقلم ، منفذ ستنسى فيه كل مآسيها زيادة على أنه قد حان موعد مقالتها الأسبوعية التي لم تجد لها فكرة حتى ..
إياد(فتح باب المكتب عليها ودخل):- للتو انتهيت لن تصدقي مدى تعبي ، بصراحة أشفق عليكن أنتن النساء أتعلمين أفكر بكتابة مقالة أمجد فيها ربات البيوووت ، ماهذا يا بنت ظهري انقسم نصفين وأنا أجمع بعدكن تلك الفوضى بشقتي المسكينة
ميرنا(أتممت آخر سطر وضحكت):- هههه والله كان على عيني مساعدتك لكن اضطررت للذهاب عزيزي إياد ، المعذرة منك باسمي وباسم صديقتيك المهبولتين مثلي
إياد(استلقى على الكرسي بأريحية):- عقابا لكِ ستكتبين عني مقالتي الرياضية
ميرنا:- لالا إلا الرياضة وحياتك لا أطيق فيها شيئا ، تصرف وسأدعوك على الغذاء مرتين على التوالي
إياد(وضع رجلا على رجل):- أممم ممكن سأفكر هههه
ميرنا:- إيااااد أنا محتارة لا أجد مادة دسمة لأكتب عنها مقالتي الأسبوعية وقد مر بي السيد فتحي قبل قليل يستعجلني فيها ، لم يتبقى سوى مقالتي لأجل الطبع وعلي وضعها غدا صباحا على سطح مكتبه
إياد:- ولوو أنا موجود ولا تجدين عماذا تكتبين ، عيب حتى في حقي ههه أكتبي مثلا عن فني وأشعاري عن حبي ونبضاتي عن إسمي وهمساتي
ميرنا(رفعت شفتها بامتعاض):- وهل أنا أفتعل روبورتاج حولك يا بعدي هههه ، أستغفر الله مقالتي أدبية يا عديم المفهومية
إياد:- طيب اللعنة علي الذي يحاول تقديم يد العون لكِ هممم
ميرنا:- ههه حسن سأجد ما يفيدني فقط إن أخرجتني من هنا وجعلتني أشم بعض الهواء النقي ، لن تصدق مدى رغبتي في الهروب لأبعد مكان لا أجد فيه فهدا بريا ولا وائلا جافيا ولا حكيما متسلطا هههه أظنني قليلا بعد سأكتب مقالة عنهم
إياد(وضع يده على فكه وهو يتأملها بدقة):- عيونكِ حزينة وكلكِ منكسرة ، هل أزعجكِ وائل هذا الصباح ؟
ميرنا(ابتلعت ريقها وهي تتفحص أوراقها بتشتت):- صدقا إياد أنا بحاجة لأمسية خارج نطاقهم ، أمسية لا أفكر فيها بشيء أنسى فيها كل شيء هل يا ترى صديقي الحميم سيساندني بذلك إن أنا رجوته ؟
إياد(جمع يديه في حركة تودد):- قليلا بعد ستقبلين يدي لكي أوافق هههه .. ميرنتي أنا فداكِ أقدم على أي شيء يا روحي تمام لنتمم ما بين أيدينا الآن وسنخرج سوية لننفتح على العالم بعيدا عن وائل بعيدا عن حكيم بعيدا عن الفهد البري ما رأيكِ ؟
ميرنا(أعجبتها الفكرة وابتسمت):- وهذا عز الطلب ههه واعلم أنك تخدم القراء فمقالتي ستكتب جراء ذلك
إياد(نهض وانحنى لها بملوكية):- وأنا تحت أمر سمو ملكة القلم والإبدااااع ..
ميرنا:- دوق إياد ؟
إياد(أمسك يدها وقبلها):- كونتيسة ميرنا جهزي نفسكِ لأمسية لم تشهديها في حياتك
ميرنا(بتمني):- يااااا ليل الليل ههههه …
على تلك الابتسامة الصادقة بينهما انتبه كل إلى عمله على موعد للقاء في ذلك المساء لأجل الترفيه ونسيان المواجع ، طبعا غاية جميلة تجلت لتفتح باب الراحة في قلب ميرنا لعلها تتخلص ولو لليلة واحدة من شبح قاتليها … أما بالنسبة للسيد ميار فقد غير مساره متجها صوب عرينه لأنه علم من مصادره بتواجد إياد بالجريدة ولا يسعه الاقتراب الآن وأرجح أن يعرج فيما بعد لاستجماع المعلومات اللازمة ..

وننتقل لمرأب السيد تيمو الذي أصبح شيئا يفوووق الخيال بكثير ، قد حولوه لجنة في غضون ساعات من العمل المضني وتحديدا في القاعة المخصصة للرسم قاموا بتغطية كل جدرانها بلون السماء المتلألئة بمصابيح صغيرة على شاكلة نجوم تلمع أوتوماتيكيا لتفرض حقيقة أنها سماء ليل حقيقية ، كل الجدران تمت تغطيتها إلا جدار واحد حيث كانت رسومات فريد ومرام متربعة وسطها رسم القطار والساعة ، حصروهما في شكل ملفت للنظر وجاء مبهجا للغاية ليدركا أن بينهما أشياء لا يمكن تجاوزها مهما حصل ، أما الأرضية فقد فرشوا عليها بساطا أسودا بالكامل وألصقوا به غيوم بيضاء ورمادية كبيرة الحجم ومتوسطة لإضفاء جو حميمي للأجواء ، أما في الأعلى فقد تكفلت بالونات الهواء المتشكلة بأشكال هندسية جميلة كانت تشع بفعل الشموع التي تفنن فيها الشلة ووضعوها لتشمل كل بالون منها .. وفي زاوية من الزوايا وعلى حجمها الواسع وضعت صورة لمرام وفريد وهو يمسكها في حضنه تحديدا وقت رقصتهما الأولى التي شهدها الجميع ليلة نجاحها بالمسابقة .. كانت صورة معبرة ويستحيل ألا تؤثر بقلبهما ولم يغفل تيمو على وضع معزوفات كلاسيكية تشتغل تلقائيا ما إن يتم الدخول إلى هناك .. تعب الأصدقاء في ذلك أشد تعب لكنهم لم يهتموا بقدر فرحتهم باجتماع قلبين وتجاوزهما لكل العوائق بعد ذلك ..
تيمو:- أرى أننا أنجزنا قسما جيدا من مهمتنا شباب ؟
سوسو:- قسما جيدا يا رجل لقد استهلكنا في التعديل
جيجي:- أجل هفف لقد شعرت وكأنني في اختبار تحت الضغط
ميدو:- جيد أننا كنا نملك هذه الأغراض في المستودع ، فقط صورة مرام وفريد هي التي أخرتنا قليلا على ما جهزها المصور خاصتنا
تيمو:- طيب يا رفاق سنؤجل هذا التحليل بعد خروجنا من هنا ، الآن علينا الانتقال للخطة باء
جيجي(قفزت بحماس):- إحضار مرام وفريد
تيمو:- هذاااا هو ، البنات ستتحركن حسب الخطة ونحن شباب علينا بفريد
ميدو:- علم يا ريس …
صفق الشلة بأيدي بعضهم بعضا بحماس صادق وانطلقوا صوب تنفيذ خطتهم المميزة لإحضار كل من فريد ومرام ، المهم توجه الشباب صوب كلية الطب وقاموا بوضع إعلان على سطح سيارة فريد وانتظروا لحين خروجه ..
فريد(أمسك بالإعلان بين يديه ومط شفتيه استغرابا):- احتفالية على شرف الموسيقية مرام الراجي متى حصل هذاااا أهي دعوة منها يا ترى ؟
لم يكذب خبرا من فوره انطلق صوب المكان الذي ستقام فيه وتم استدراجه لعنوان قريب من مؤسسة مرام ، وقريب من المرأب لتشتيت انتباهه إن تبينت خطتهم .. أما هي فقد كانت في قاعة التدريبات تشدو مع أنغامها لفائدة الطلاب الصاعدين حين سمعت همهماتهم وتوقفت عن العزف ونظرت حيث ينظرون ، ارتفع في السماء بالونين ورديين تتوسطهما لافتة مكتوب عليها دعوة لمرام الراجي إلى حضور احتفال بسيط بنجاحها من قبل مطعم مهتم بذلك .. لم تفهم شيئا لكن حماسة الطلاب وتشديدهم بضرورة ذهابها دفعتها لتترك الحصة التي كانت على مشارف الانتهاء والخروج لاكتشاف من الذي يتبنى هذا الجنون .. دفعت بكرسيها المدولب خارج المؤسسة ورمقت اللافتة وهي تبتعد منعطفة للجانب الآخر من الحي ، وقبل أن تتقدم للأمام شعرت بالغرابة والتردد مهيمن عليها وهذا ما جعلها تعود أدراجها رافضة الفكرة ..
سوسو:- ياااااه مرام أهذه أنتِ ؟
مرام(انتبهت لهما وارتبكت):- سوسو جيجي أهلا بكما
سوسو:- كنا متوجهتين صوب المطعم لأجل تناول بعض الأكل ولمحنا تلك اللافتة ، يا بختك ستتناولين طعاما لذيذا اليوم على شرفك
مرام:- هه لم أكن ذاهبة
جيجي:- ولماذااااا هل تهابين الاختلاط بالناس يعني سنكون معكِ صح سوسو ؟
سوسو(جاءت خلف كرسي مرام وأمسكت دعامته):- ولو ولو هيا هيا دعونا لا نؤجل الأمر، سنقضي وقتا ممتعا
مرام(برفض):- يا بنات أنا لا أرغب بذلك و …
جيجي:- شتت أنتِ ذاهبة يعني ذاهبة ههه يااااي …
مسحت على رأسها وهي تضم حقيبتها لحضنها فكلتاهما لم تكن تستمع لها ، أخذتاها نحو ذلك المطعم فعلا ووقفوا أمامه وهنا نظرت مرام لهما وقد بدا عليهما الذهول
سوسو:- لالا أنا متأكدة أخبرني تيمو أنه لن يكون هناك اليوم فمن الذي فتح الباب ؟
جيجي:- أشعر وكأن خطبا ما يحدث لما لا تتصلين بتيمو لتتأكدي ؟
سوسو:- طيب سأتصل
مرام:- ماذا يحدث ؟
جيجي:- أنظري هناك باب مرأب تيمو مفتوح وعلى حد علمنا لا أحد هناك في مثل هذا الوقت
مرام:- أهاااه طيب من عساه يكون يا إلهي ما ربما سارق ؟؟
سوسو:- ألو تيمو امم أين أنت ؟
تيمو:- هو في الطريق سارعوا بإدخال مرام الآن قبل وصوله ..
سوسو:- أهاه يعني ليس أنت
تيمو:- دقيقتين ويكون هناك سوسو تصرفاااااا …
سوسو:- طيب طيب سلام سنكتشف الأمر ونتصل ..
جيجي:- هاااه ؟
سوسو:- تيمو بعيد عن هنا لكن على الأرجح هو ميدو دعونا ندخل يا بنات ، نتفقده ونعود للمطعم هيا أسرعن
جيجي(دفعت بمرام التي لم تجد حيلة):- أوووه لنسرع
مرام:- يا الله لو تدعوني هنا لا أرغب لا بالمطعم ولا بالمرأب
جيجي:- ماذا تقول هذه ههه
سوسو:- طنشيها هي تتدلل ههههه …
وقعت في أيديهن طبعا لن يفلتن هذه الفرصة بتاتا ، دخلن بمرام إلى المرأب وأبقوها بالبوابة وأمروها ألا تتحرك لحين يدخلون للداخل ويكتشفون ما الذي يحصل ، هنا فركت يديها بتعب فهي لا ترغب بأن تبقى هناك لحظة واحدة فالمكان لا يذكرها سوى بفريد .. أغمضت عينيها بوجع وفتحتهما بفزع حين سمعت صوت إقفال الباب الخلفي للمرأب غير الذي دخلت منه شعرت بتوجس ونادت على البنات لكن لم تجبها ولا واحدة ، ارتفعت نبضات قلبها قلقا ودفعت بكرسيها قليلا وهي تنادي عليهن بدون جوااااب استمرت في التقدم بحذر وحين حاولت فتح الباب لولوج القاعة المحضرة للمفاجأة اصطدمت بقفلها العالي الذي يستحيل عليها الوصول إليه مهما فعلت ، شعرت بشعور بشع ساعتها وأخذت تتراجع بخوف بعد أن ضاق صدرها وشارفت على البكاء ..
مرام:- يا بنات أين أنتما لما تختبئان .. هذه ليست لعبة أنا أشعر بالخوف .. سوسو جيجي أين ذهبتما يكفي اظهرا أنا خائفة … هيييي تتت يا الله
التقطت أنفاسها بصعوبة فجأة حين فتح باب المرأب الأمامي ، جحظت بعينيها لتتبين هوية الداخل لكن الرعب جعلها تتراجع للخلف وتتوارى خلف بعض الحاجيات ، أبحرت بعينيها ونظرت لعمود موضوع بإهمال بجانبها أمسكته وأخذت تنتظر حتفها أو هذا ما صوره خياله لها ، صوت خطوات أقدام تتقدم في اتجاهها يماثل تماما صوت الكرنفال المقام بقلبها رعبا وهلعاااااا ، لحظة لحظتين ثلاث وإذا بها تدفع بالعمود للأمام حتى تعثر به وسقط بخفة …
فريد:- هئئئ مرام ما الذي تفعلينه ؟
مرام(بذهووول):- فرييييييد أهذا أنت ؟
فريد(نهض من الأرض وأخذ ينظر من كل جانب):- لقد رمقت الباب مفتوحا وطلب مني تيمو إغلاقه قبل ذهابي للاحتفال الخاص بك بالمطعم ، وبالمناسبة أشكركِ على الدعوة كانت لفتة جميلة منكِ مرام
مرام:- عن أي دعوة تتحدث أنا لم أبعث لك شيئا ولم أكن سأبعث هل أنا مجنونة ؟
فريد:- هييه لما احتدمتِ علي فجأة … لحظة ما هذا الصوت
سمعا صوت إقفال البوابة الأمامية وركض فريد ليفتحها ولكن لم يتمكن من ذلك ، فعاد ليتبين لباب الخلفية ونفسه الشيء وهنا ضحك وهو ينظر إليها
فريد:- أخشى أنها مكيدة من الشباب ونحن محتجزين هنا
مرام(بفزع):- ماذاااا تقول اتصل بهم فورا فوراااا ليعدلوا عن هذا الجنون ، يستحيل أن أبقى لحظة واحدة معك في مكان واحد
فريد(هز حاجبيه):- امممم ربما كان الأمر يستحق عموما المكان هنا شديد البرودة دعينا ندخل وبعدها نجري الاتصال ..
مرام:- لن أبرح محلي قيد أنملة ، اتصل الآن فريد ولا تزعجني أكثر
فريد:- وهل أنا من خطط ودبر هذا من تدبير الشباب لا ذنب لي
مرام:- وما الذي يثبت لي صحة كلامك ، ما ربما كنت متواطئا معهم في ذلك ؟
فريد:- هوووه الآن ستتهمني بهذااا ، لعلمك قد أتيت لتوي من الكلية يعني لا فكرة لدي عن كل هذا دعيت مثلي مثلكِ
مرام(بغيظ أخرجت هاتفها):- إن لم تكن ستتصل أنت سأقوم أنا بذلك …
أخذت ترن ترن ترن على كل واحد فيهم وكما هو متوقع لم تجد جوابا ، وهنا فريد استعجب من تصرفهم لكن في قرارة نفسه شعر بالراحة فقد تكون تلك فرصة لتصفح عنه.. بدون أن يزيد ويعيد في الحديث رفع يده وفتح باب القاعة من الأعلى الذي ما إن انفتح حتى انفتح فم فريد معها وهذا ما أثار الدهشة في قلب مرام التي اقتربت منه فقد اعتقدت أنه قد شاهد جريمة ما لكن أن تجد نفسها في عالم الأحلام هذا بحد ذاته ما لم يكن متوقع … ما إن خطا فريد خطوة للداخل حتى صدحت الموسيقى بالأرجاء وأخذ يتأمل تلك الروعة ولحقته مرام بدون إدراك وهي تتفحص بعينيها كلما وجد هناك ، لحين توقفا سوية أمام صورتهما يوم الاحتفال كم بدت دافئة حميمية تبعث البهجة للقلب ..
مرام(مصدومة مما تراه):- يا إلهي ما الذي يحدث ؟
فريد(بتمعن وابتسامة من مدى روعة أصحابه):- أظن أننا نملك أصدقاء بحق يا مرام ، لقد فكروا في التأثير بنا عبر هذا الصنع الرهيب لقد بدا مجهودا جبارا لي بصراحة اندهشت
مرام(هزت رأسها متأملة كلما يدور حولها):- وأنا مثلك ، يعني أنت لم تتفق معهم صحيح ؟
فريد:- تت ولم تكن لدي فكرة حتى أنظري هذا الإعلان الذي وجدته ، يعني الشلة قد جمعونا في هذا المكان لأجلنا
مرام:- بل احتجزونا .. برغم جمالية ما صنعوا لكن احتجازهم أمر غير لائق وأنا لا أرغب بالحديث معك فريد
فريد(توجع من جملتها لكنه ابتسم):- وأنا لست مستعجلا هاااه أنظري لقد جهزوا لنا طاولة أكل بصراحة أنا ميت من الجوع تعالي ..
مرام:- لست جائعة ولا توجه لي الكلام واعتبرني غير موجودة أصلا هنااااا
فريد(هز لها كتفيه بلا مبالاة مصطنعة):- والله مهما قلتِ لن أقاوم فالجوع لا يرحم ههه
بغيظ نفضت كتفيها وابتعدت عنه وهي تتأمل روعة ذلك المكان الخيالي ، السماء مشعة ببوالين الشمع والحيطان مزينة بالنجوم المتلألئة والأرض لامعة بالغيوم وفي كل مكان تفوح رائحة الورود ، والموسيقى الناعمة يعني .. لمحة سرقت من الزمن هذا إن صح التعبير ..
هنا فريد باشر أكله متنغما بكل لحظة يعيشها هناك ، وهذا ما جعلها تشعر بالحنق كيف يكون مرتاح البال لتلك الدرجة بعد كل الذي حصل معهما استشاطت غيظا وضربت على دعامتها بعصبية وهي تتقدم إليه بكرسيها ..
مرام:- كيف تستطيع أن تكون بمثل هذا البرود وكأنه لم يحدث شيء ؟
فريد(مسح فمه بالمنديل وأشار لها):- يظهر على وجهكِ ملامح التعب والجوع ، لذلك لا تعاندي فالأكل ليس له علاقة بما يحدث بيننا
مرام(بلؤم):- وأنا لا أرغب بتناول شيء رفقتك
فريد:- أنتِ مضطرة فقد يطول الاحتجاز لأزيد من ساعة وقتها لا تلومي شيئا سوى عنادك
مرام(حركت فمها وهي تطالع الطعام):- لن تتلاعب بعقلي أساسا لا توجه لي أي كلام ، ما بيننا انتهى
فريد:- أنتِ أنهيته أما أنا .. فلا زلتِ تعيشين بداخلي
مرام(اهتزت لا شعوريا من داخلها):- مع احترامي لتعب الشباب لكن أجد أنهم ضيعوا وقتهم في شيء لن يتحقق ، أنت بالنسبة لي شخص محظور والده تسبب بقتل قلب ابنة عمي وزعزع ثقة أسرتنا وكاد يتسبب بمقتل أختي وابن عمي لذاااا علاقتنا غير جائزة فريد ، أمك لن تنسى وجعها ولا نحن سنتأقلم معه فالكل يعتبركم أعداء فلماذا تجبرنا على هذا الوجع طالما في أيدينا فرصة لبتره
فريد:- أتصغين لما تقولينه يا مرام ، هه أبهذه السهولة تقيمين المشاعر هذا لو لم تكوني سيدة المشاعر لقلت عنكِ تهذين أمامي الآن … لو كان النسيان بتلك البساطة لكان العالم بخير
مرام:- أنت من يريد تصعيبها علينا في لقاءاتنا هذه ، لو أننا لا نلتقي سوف نتأقلم مع ..
فريد(نهض بعصبية وانحنى القرفصاء أمامها):- أنتِ تتأقلمين ربما ، لكن أنا يستحيل أن أتعامل مع فقدكِ بعدما وجدتكِ مرامي
مرام(زفرت بوهن وناظرته باحتياج)- هذا لا يليق .. أنت لن تؤثر بي لأنني أغلقت قلبي لأجل أسرتي
فريد(أمسك بيدها):- ولكنكِ هكذا تفرطين بكل جميل جمعنا يا مرام ، أنظري لرسمتينا هناك على الجدار أتذكرين ذلك الوقت كم كان جميلا وبه ذكريات لا تنسى ، أنظري لصورتنا التي جمعتنا بحفلتنا بعد المسابقة هذه بحد ذاتها تثبت لكِ أننا مكتوبين لبعضنا بعضا وأنا أحبكِ
مرام(جذبت يدها من يده والدموع قد انهمرت من عينيها):- وهل ستحب عاجزة ؟؟؟
فريد:- يا إلهي عدنا لنفس الديباجة ، أخبرتكِ أنني غير مهتم بذلك ثم .. أنا من سيدعمكِ مرامي لإجراء العملية
مرام:- هءءء أنت أيضا سمعت بهذاااا ؟
فريد:- سمعت سمعت وقبل فترة من إياد لا تلقي باللوم عليه ، لأنه مهتم بكِ كأخ وأوصل لي الفكرة بشيء شبيه بالتحذير ما إن كنت أتلاعب بكِ أو أنني فعلا أحبكِ
مرام(حركت رأسها بنفي):- لن أجري أية جراحة أخرى ، لأن ضمان نجاحها 50 بالمئة ولن أغامر أتسمعني ؟
فريد:- أساس عجزكِ يا مرام نفسي لو فقط تدعمين الفكرة جديا قد نفلح
مرام:-أرأيت وأنت ستبذل قصارى جهدك لتعيدني لسابق عهدي ، يعني أنت لا تحبني وأنا عاجزة بل ستحارب لكي تعيدني شخصا مكتملا يليق بحضرتك
فريد(بصدمة من جملتها استقام والدهشة قد ارتسمت على ملامحه):- ما الذي تتفوهين به أجننتِ لتتهمينني أنا أنا بكل هذاااا … مرام أنا أحببتكِ روحا وقلبا وجسدااا لا يهمني عجزكِ بقدر ما يهمني داخلكِ الذي أريد ترميم جراحه ، أنتِ تتألمين ومع ذلك تحبسين الوجع بعمقكِ كي لا يستشعره أحد ولكنني أشعر به لأنكِ مني يا مرام فمتى ستفهمينني ؟
مرام(ببكاء صرخت فيه):- لا تضغط علي كلامك يزيد من آهاتي
فريد(عاد وأمسك بوجهها بين يديه وهو يمسح دمعاتها بأصابعها):- يا رقيقة المشاعر اسمحي لي بدخول حصونكِ ، كفي عن المقاومة أنا معكِ ولن أتخلى عنكِ مهما كانتِ الظروف والنتائج دعيني أضمد جراحكِ ولا تحصري نفسكِ في زاوية لن تزيد سوى من بلورة الأمور بيننا يا مرامي
مرام:- كفى كفى …
فريد(تمسك بها أكثر):- أنتِ تخشين من النتيجة لكنكِ تغفلين أمرا ، مهما كانت فريد سيبقى يحبكِ أنتِ بروحكِ أنتِ بكينونتكِ أنتِ ولن يهتم بأي شيء آخر .. ضعي يدكِ في يدي ودعينا نبدأ سوية من جديد وهذه المرة بعيدا عن الجراح بعيدا عن أهالينا بعيدا عن كل شيء
مرام(كادت أن تسقط في بحر عشقه لكنها ناظرته بدموع):- ولكنني لا أستطيع ذلك ، كلما رأيتك فريد سأتذكر قذارة أبيك
فريد(أخفض رأسه بانهزام وجذب يديه):- معكِ حق .. معكِ حق
نهض بعصبية بلغت منه حده وضرب يده بالحائط حين صرخ بقوة جعلت عروقه تبرز من بين يديه وفي رقبته ، وجهه امتقع بالغيظ وأنفاسه الغاضبة كانت بعيدا عن منأى تطلعها المتوجس منه ، فهي لأول مرة تشهد عصبيته التي أربكتها أكثر فأكثر
مرام:- لما فعلت ذلك الآن آذيت يدك
فريد(أخرج هاتفه وأخذ يتصل ويتصل بتيمو لكن بدون فائدة):- كان معكِ حق من البداية نحن لا نليق لبعضنا أنتِ لن تنسي ما فعله أبي بدعاء ، وأنا لن أستطيع إجباركِ على ترك كل ذلك والثقة بي طبعا من حقكِ أن تختاري الآخرين دون عني لكن دعيني أخبركِ أنني خذلت وجدا من قبلك فما هكذا يكون العشق مرام عند أول مشكلة تختبئين كالمذنبة …
مرام(رجفت شفتها بقلة حيلة):- فريد ..
فريد(أشار لها بصمت ورمى بنفسه على الأرض جالسا في إحدى الأركان):- لنصمت ما تبقى من الوقت أكيد تيمو يعرف موعد عودتكِ للبيت ، ساعة وينتهي كل هذااااااا الهرااااء كما سميتهِ قبلا آنسة مرام ..
لاحظت نبرة صوته القاسية معها وشعرت بأن الدنيا تركت يدها ورمت بها من سابع سماء لسابع أرض ، قد كان وجع شللها كبيرا بحجم الكون لكن وجعها تلك اللحظة كان يفوق ذلك بعشرات المرات ، هي تريد أن تنسى كل شيء في ذلك المكان ولكنها مجبرة على الابتعاد فأهلها لن يوافقوا إطلاقا على هذه العلاقة وعجزها يضعفها ويجعلها تبدو ناقصة بنظره حتى لو كان الحب عميقا لكن ستبقى تلك الفجوة بينهما .. ناظرت ألمه الذي اعتصر قلبها بعدم رحمة وفتحت فمها لتنطق بشيء لكنه ظل قيد التردد ولم تستطع التفوه بحرف لحين انقضت الساعة في صمت قاتل لا يكسره سوى صوت الموسيقى التي حاول فريد عبثا أن يطفئها فقد ضبطها تيمو عن بعد ولم يسعه التحكم فيها .. لاحظت أنه قد فرط من عصبيته لكن لم يسعها التفوه بشيء قد جرحته وانقضى الأمر .. أما هو فلم يعد بيده فعل شيء طالما هي بتلك المنطقية تتحدث إذن لن يستمر في مضايقتها ما إن يخرجا من هناك سوف يمنحها حريتها التي تريد ولن يحاصرها قط ،، ليجعل الأيام تمضي وليكن خيرا إن كتبه الله لهما فما فعله أبوه لا يغتفر والفتاة على حق لو كان محلها لما نسي بسهولة …
كلنا نفكر أن المشكلة ستنتهي بخروجهما من هناك لكن هل هذا سيؤدي لنتيجة ماذا عن خروج الروح من محلها ورحيلها مع كل واحد منهما ، ماذا عن فراق أنفاسهما التي تتوق للقاء بعضها بعضا ، ماذا عن تلك النبضات التي افترقت قسرا وجبلت على الفقد كل هذا كان يعتصر فؤادهما ، حتى مجيء تيمو والشلة بحماسة مبالغ فيهما ليفرحوا معهم قوبل بالخيبة فقد علم الشباب أن الخطة لم تنجح وأن الحال بقي كما هو عليه ،خصوصا بعد اعتذار مرام منهم ورحيلها هنا تقدم تيمو والرفاق نحو فريد وربتوا على كتفه بدعم في حين ناظرتهم مرام بنظرة ضبابية تشكلها الدموع في عينيها وبعدها ابتعدت عنهم كما يتبدد الحلم الجميل بعد الاستيقاظ …
تيمو(ربت على كتف فريد):- دعها للأيام يا صاح مرام تحبك وهذا ما نحن متأكدين منه
فريد(سحب نفسا عميقا باختناق):- أشكركم على ما أقدمتم عليه شباب لأجلنا ، لكن لا داعي لذلك مجددا مرام اتخذت قرارها ولا يمكنني تغييره لأنني لن أقدم على شيء سأدع لها الكرة هذه المرة
تيمو:- إن عادت إليك فأكيد ستكون ملكك للأبد
فريد(ابتسم لهم بمرارة):- مشكورين يا أصدقاء على كل شيء .. أنا ذاهب
جيجي:- افف قلبي يوجعني عليهما يااا ما أعندهماااا ..
تيمو(بتأمل في كليهما هي من جانب وفريد من جانب):- هذا هو العشق يا غبية … هههه
ضحكوا جميعا عليها لكن سرعان ما تبخرت الضحكة فهناك قلبين يهتمان لأمرهما يكسران بعضهما باستمرار ، ولن يسعهم تقديم شيء أكثر من الذي فعلوه وسيتركون بدورهم الأمر للأقدار التي ستقول كلمتها في الوقت المناسب …

في ذلك المساء
إيييه أحيانا المعاناة تختلف فصبر الأحبة قد يُشبه بحمل الجبال فوق الصدور ، وقدرة التحمل هنا تفرق ما بين النساء والرجال وحسب ما أراه أمامي فالغيرة هي وَقيدُ العشق.. وهنا العشق قد ترجم معنى الغيرة بشكل هزلي ممتزج ببعض الجدية المفرطة …
شهاب:- أهناك داع أن يمسك خصرها ويلمس رقبتها ، يعني عذرا منكم قبلت بأن يقف الممثل أمامها عاري الصدر لكن أن يكون بهذا القرب يعني …
باتريك(يلف حول رأسه قطعة قماش):- الصبر يا ربي الصبر ، هنادي يا بنت آتني بكوب ماء تعبت وأنا أشرح له منذ الصباح ..
المخرج(توقف عن التصوير):- يا ست ميرا هكذا لا ينفع لا ينفع
هنادي:- سيدي عفوا منك هل لنا أن نأخذ وقتا مستقطعا
المخرج:- آنسة هنادي لقد أخذنا اليوم بطوله وقتا مستقطعا ، اليوم بطوله ولم نصور شيئا سوى 10 دقائق لأن السيد شهاب في كل مشهد يخرج لنا بمليون عيب عجيب
شهاب:- هل توجه كلامك لي يا أخ ؟؟
الممثل:- أنا اعذروني سأكتفي بهذا القدر وقتي ليس موفرا لكم كي تقوموا بتضييعه هكذا
ميرا(مسحت على رأسها):- توقف عندك ياااا عزيزي فأنت محتاج لهذه الفرصة ، الظهور أمامي في هذا الكليب سيفتح لك أبواب الشهرة لذا لا يغرنك الكم مسلسل الذي مثلت فيه حتى تشعرني وكأنني أجبرك على شيء هنا ..
هنادي(رأت احتدامها وولولت):- له يا ست ميرا له السيد إيهاب لم يقصد ذلك
إيهاب(تأمل ميرنا شزرا وابتلع ريقه):- هل هناك خطأ فيما قلته ؟
شهاب(تقدم إليه):- لما لا توجه كلامك لي
المخرج:- وها قد أصبح موقع التصوير حلبة مصارعة
هنادي:- لهذا نطلب وقتا مستقطعا سيدي المخرج فقط لبضع دقائق .. وعد
المخرج:- أوك شباب سنرتاح ل 10 دقائق وبعدها نتابع
ميرا(نزلت من المنصة وتوجهت صوب عربتها ولحقها شهاب):- تت متى ينتهي هذا اليوم تعبت تعبت وأنت تدقق في كل شيء كل شيء ..
شهاب(أغلق الباب خلفهما):- أتريدين مني تركه يلمسكِ ميرااا ، يكفي أنني سمحت بعريه ذاك وبسباحته في المسبح وأنتِ جالسة على جنب تدهنين مرهم السمرة في شكل .. شكل
ميرا(اقتربت منه وهمست):- مثير مثلا ؟؟
شهاب(مسح على عنقه بتعب روحي):- أجل مثير يا ميرا وأنا لا أستطيع التحمل
ميرا(جلست تشرب من العصير):- ولماذا هل تغار أم أنك تشتاق إلي ؟
شهاب:- أستغفر الله لما تحرفين كلامي على ما تشتهين
ميرا(مطت شفتيها وعضت طرفها بإغراء):- ربما لأنه يبعث بداخلي شعورا بالانتعاش
شهاب:- عال والله أصبحتِ تنتعشين من غيرتي عليكِ صح ؟
ميرا:- ويعجبني الاعتراف بذلك أيضا ههه
شهاب:- يكفي يكفي لا تجلطيني قلت لن يلمس خصركِ يعني لن يلمسه
ميرا(رمشت بعينيها وضحكت):- ههه سيلمس يا روحي وسننتهي من هذا المشهد وتدعني أعود لبيتي كي أرتاح ، اشتقت لابني أيضا لذا سترحمني من هذه الغيرة فأنا قد مثلت مليون ألف مشهد مثل هذا سابقا لذا لا تأتي وتغار علي الآن
شهاب(أشار لها بجنون):- كان ذلك سابقا سابقا ميرا سااااااااابقا …
ميرا(أتممت شرب عصيرها ووضعتِ الكأس جانبا ونهضت وهي تتمايل في ذلك الفستان المكشوف):- إسمع يا روحي سأخرج من هذه العربة وأكمل مشاهدي وأنت لن تقدم على فعل شيء ، لأنني صدقا مللت وتعبت وسئئئئئئئئئمت
شهاب:- أجننتِ ميرا أجننتِ هل هل تشعرين بما أشعره حين يضع عليكِ أحد غيري يده ؟؟؟
ميرا(توقفت حين جذبها من يدها إليه):- شهاب لا الزمان ولا المكان مناسبان لغيرتك الآن
شهاب(اعتصرها في حضنه بقوة):- ولكنكِ لي ملكي زوجتي بعد وقت وجيز ، لذلك كل ما فيكِ يخصني فيا إما تخرجين وتتدبرين الأمر مع ذلك المخرج الأحمق وإلا سننهي ليلتنا في المستشفى نزور الممثل المصاب بكسور مختلفة والمصدر مجهووول
ميرا(شهقت وهي تلمس حنكه بحرية):- أحقا تفعلها لأجلي ؟
شهاب(تاه في عينيها وشفتيها وانقض عليهما بقبلات متقطعة ومن بينها همس):- أنتِ ملكي لأجلكِ أحرق كلما من يجرؤ على لمسك ، أنتِ لي
وضعت يدها على عنقه وبادلته نفس القبلات الجائعة فإن صح القول جنون هذين يختلف عن أي جنون ، فتارة هما في مد وجزر وتارة نجدهما كالإعصار الهادر يعصفان ببعضهما بعضا بشوق ونهم وشغف لا يكتمل .. دقائق حتى انقطعت أنفاسها وقطع باتريك عليهما الخلوة
باتريك(دخل مع القبلة):- أي أيييييي يا ويلي آسف آسف
شهاب(مصمص شفتيه وغمزها):- تصرفي سأكون بالخارج
ميرا(مسحت على صدرها بعشق):- حاضر بيبي
باتريك(وضع يده على فمه واقترب منها):- يا إلهي يا إلهي هئئئئ ؟؟؟
ميرا(بصراخ):- ماذا بك يا أبله ؟
باتريك:- يلزمني وضع ملمع الشفاه من جديد اهئ اهئ لقد دمرتما زينتي تدميييييييرا
ميرا(ضحكت بانتعاش):- ههه وقد كانت تستحق …
أي جنون ذلك حين يتجلى كبرياء ميرا وتتحرر سلطة شهاب ليرسما أحلى صورة لهما ، ما تبقى من التصوير مر بسلام ونعيم حتى أن الكل كان مندهشا لحديث العيون المسترسل ما بينهما فهي كانت تتعاطف مع الأوامر بصمت وابتسامة وعيونها ترسل ومضات لوعة إليه ، بينما هو ظل على رأيه واضطر المخرج للتعامل بالفوتوشوب حيث سيضع الممثل يده لكنه لن يلامس جسمها وهذا كان حلا مرضيا لشهاب الذي ظل بدوره يرمقها بنظرات عشق متواصلة تحكي عما يعتمره صدره بالرغم من كل ما فعلته به ، إلا أنه يجد نفسه عند عتبة قلبها جالسا كالطفل اليتيم المنتظر لحضن أمه الحنونة ، انقضت سويعة التصوير الأخيرة وهنا تنهد باتريك بأريحية وهو يزيل ربطة رأسه ويشكو على رأس هنادي التي تصدع رأسها بما فيه لكفاية وكانت تجاريه بتحريك شفاهها دون حديث .. والمفاجئ كان لا يزال بالانتظار حيث هجمت الصحافة عليهم عند باب موقع التصوير وانهالت عليهم بالأسئلة
الصحفيون:- ما هي آرائكِ ست ميرا حول الكليب الجديد ، سيد شهاب ألا تشعر بالغيرة على خطيبتك كونها تتعامل مع شبان موديلز وممثلين في نفس الميدان ، متى قررتم الزواج وما سر صورة مول الأطفال هل هناك تعليقات أو مداخلات ؟؟
هنادي(تقدمتهم):- لو سمحتم لو سمحتم بهدوء يا جماعة
شهاب(وضع الفرو جيدا على كتفي ميرا وجذبها إليه):- لا بأس نحن جاهزون لأي استفسار
ميرا(جحظت بعينيها وهي تبتسم بنفاذ صبر):- ماذا ستفسر لا تعطهم أي معلومات يا شهاب
شهاب(من بين ابتسامته):- ألم تقولي أنني المتسبب وراء تلك الإشاعات ، إذن حان دوري لإزالتها راقبي فقط
ميرا(اعتصرت يده وهي تبتسم للصور التي يتم التقاطها):- ياااا مجنوون
شهاب(أمسك يدها وقبلها أمامهم):- بصراحة لو لم تكونوا هنا لكنا استدعيناكم في أقرب فرصة كي نعلن على موعد الزفاف خاصتنا ، وبما أن اليوم أول يوم في تصوير الفيديو كليب خاصة ميرا قررنا الاحتفال بخبرين الأول وهو أن حبيبتي جوهرة الحب الحمراااء ستكتسح السوق بصوتها الرنان ،والثاني لأنني سأجتمع بها في نهاية هذا الشهر لذا نتمنى أن يكون الجميع رفقتنا في هكذاا يوم مميز في حياتنا حيث يجتمع قلبي العاشق بنصفه الثاني
أعجب الجميع بجمله المنتقاة بعناية حتى أنهم صفقوا لهم بحماس ، وأخذوا راحتهم في التقاط الصور التي ستكون قنبلة صبيحة غد بخبر الزفاف ولكن كل هذا كان في كفة ونظرة ميرا له في كفة أخرى قد كانت دامعة من فرط العشق ، أنه فارسها الذي يحميها في كل مرة وهنا قد قام برجولة بوضع النقاط على الحروف ولم يترك مجالا لألسنة الصحافة بل أخرسهم بإدلائه بذلك القرار .. لحظتها باتريك أرجح أن شرب علبة حبوب وجع رأس سيكون رحمة له وشاركته هنادي نفس الأمنية فما يحدث أمامهما كثير كثير كثيررررررررررررررر ….
في سيارة شهاب
ميرا(شبكت يديها):- من أين خرجت بفكرة عشاء الاحتفال هذه ؟
شهاب(يقود السيارة صوب مطعم معين):- جاءت لوحدها ، هكذا بدون تخطيط
ميرا(تململت وهي تضم الفرو لصدرها بحماس):- أشفق على نفسي كثيرا ، فصدماتك غير متوقعة بالمرة
شهاب(ابتلع ريقه وشرد في البعيد):- أحيانا أشعر وكأنني سامحتكِ وأحيانا أخرى أجدني حانقا عليكِ متعصبا من سيرتكِ حتى .. لكن بمجرد النظر لعيونك التي تتلف برمجة عقلي أجدني ضائعا في شيء عميق يشبه غموضكِ الذي أستمتع مرة بعد مرة بفك شفرته
ميرا(شعرت باحتقان في خدودها ونظرت إليه عميقا):- أنا الآن أشعر بالارتياح
شهاب(عض شفتيه وضحك):- طيب يا سيدة ارتياح قومي بتفعيل اتصال للبيت واطمئني على شادي ، أخبريهم أيضا أننا قد نتأخر في العودة
ميرا(ابتسمت وأخرجت هاتفها):- طيب لنرى ماذا يفعل الصغير .. / ألوو نور كيف حال شادي ؟
نور:- سعيد مستمتع يلعب مع أيهم في الصالون وكلنا حوله
ميرا:- يلعب مع أيهم كيف يلعب ما ربما خدشه أو ضربه أو لا أدري ، رجاء احمليه نور ولا تتركيه ثانية واحدة
نور:- أوك بدأنا رهاب الأمهات الآن حسبما أعتقد ، يا بنتي هو في مأمن يعني لن نفرط به فأنهي عملكِ أنتِ وستجدين كل شيء على ما يرام
ميرا:- أ..سأتأخر أكثر هذه الليلة يا نور قد طرأت لي عدة أمور ، يعني أن شادي سيبقى برفقتكم لوقت متأخر من الليل أفي هذا ضرر ؟
نور(بتفكير):- هل شهاب بجانبكِ الآن ؟
ميرا(نظرت إليه):- نعم
نور:- وهل أنتما متصالحان ؟
ميرا(حولت عينيها بتفكير):- يجوز
نور:- وهل تنويان الذهاب لمطعم لأجل العشاء ؟
ميرا(حركت حاجبها):- وكيف عرفتِ ؟
نور:- ولوو أنا التي أفهم بهذه الأمور ، عموما أرجح أن تدعي ابنكِ الليلة هنا وغدا يمكنكِ المرور لأخذه وذلك لعدة أسباب أولها أنكِ غير قادرة على التملص من هذا العشاء لأنكِ متورطة مع أبيه وتتوقين لهذه الأمسية أكثر منه ، وثانيها لأن الوقت سيكون متأخرا حين تعودين وسنضطر لإيقاظ شادي ونكسر نومته في عز البرد وقد يمرض ، وثالثها أنني منهمكة من التعب ولن أجزم لكِ استيقاظي لأجل تسليمه وهذا سيتطلب منكِ الاحتكاك مع من يحن قلبه ويفتح لكِ الباب
ميرا:-أوك أوك قد وصلتِ بي لطريق مغلق ، طيب ليبقى شادي عندكم الليلة لكن فقط هذه المرة أسمعتِ
شهاب:- مهلا مهلا هل استشرتني بداية في هذا يا ميرا ؟
ميرا(وضعت يدها على الهاتف):- قد سمعت على الأغلب لذلك أنت موافق ، تمام نور قبلي صغيري عدة قبلات غدا سآتي لأخذه سلاموو ..باي
شهاب:- ما هذا الآن ؟
ميرا(مطت شفتيها):- وقت مستقطع لأجلك وأجلي
شهاب(وضع يده على بطنها وتحسسها بهدوء):- هنا طفل آخر أكيد سيقوم بتحريض شادي ضدنا
ميرا(وضعت يدها على يده بحب):- هههه طبعا أولادك وبمن سيتشبهووون …
الشعور بالرضا شيء عجيب قد يمسح كل الأحزان في غمضة عين ، نتيجة قلب أبيض وروح تتعطش لفتح صفحة جديدة هنا كان شهاب مقبلا على ذلك بصدر رحب قد وجد أن خوفه على ميرا من المرض المجهول الذي ستظهر تحاليله في نهاية الأسبوع ، اتخذ حيزا في خاطره وتفكيره أكبر من كذبها وخداعها بخصوص شادي وأرجح أن يؤجل كل شيء من معاناته الصامتة لحين يطمئن عليها فهي ملزمة منه الآن ، وراحتها أهم بكثير من فتح دفتر الحسابات الشخصية ..
وطبعا اللوم سيكون له وقته إنما هل ينفع بدون داااااع على الأرجح هنا سنجد أمرا بديلا
عواطف:- هل كانتِ المتصلة سمر ؟
نور:- أهاه هي نفسها وقد أخبرتني أنها غير قادرة على العودة باكرا لأجل شادي ، لذا اقترحت عليها مبيته هنا
عواطف:- غريب وكيف وافقت ؟
نور:- يا عواطف هذا أمر عارض وقد مر.. لما تدققين فيه هكذا ؟
عواطف:- لأنني متوجسة حيالها أشعر بالقلق الرهيب والسبب مجهول
نور:- ربما لأنكِ تقلقين بسبب أو بدون يا أمي الحبيبة
عواطف(نظرت لشادي الذي كان يلعب بمربعات الحروف رفقة أيهم):- أرجو ذلك
عفاف:- ليفتح أحدكم الباب يا جماعة ..يا بناااات أين اختفيتما يا الله ؟
إخلاص(تجهز معها العشاء):- البنات يدرسن في غرفتهن يا عفاف
نور:- سأفتح أنا لنرى من …. آآآآه هذا أنت خيرااا ؟
عبد الجليل:- أهكذا تستقبلين ابن ابنة عمكِ يا خالتي ؟
نور:- والله جيد أنك تقر بأنك ابن تلك المرأة التي وقفت بصف أبيك ضدا فيهاااا
عبد الجليل(حاول تجاوزها لأجل الدخول):- خالتي نور رجاااء
نور(أغلقت الباب في وجهه وقبل ذلك)- رجاء أنت .. عد من حيث أتيت فلا مكان لك بيننااااا
عواطف(بقلق):- من يا نور ؟
نور(جلست ببرودة واضعة رجلا على رجل):- ابن تلك المرأة
إخلاص(بصوت عال):- هئئئ إبني عبد الجليل ولكن لما لم تدخليه نور .. حرام عليكِ أقفلتِ الباب بوجهه طردته …يا عبد الجليل يا ولدي انتظر
عواطف(نظرت لعفاف وحركت رأسها بدون فائدة):- فصولكِ الناقصة لن تنتهي يا بنت
نور:- والله من يبيع بنات الراجي بالنسبة لي ابنا كان أم غير ذلك هو شخص محظور
إخلاص(بلهفة ركضت صوب الباب ووجدت عبد الجليل يركب السيارة لأجل المغادرة):- عبد الجليل حبيبي تعال تعال ولا تؤاخذ خالتك نور هي تمزح دوما بهذا الشكل
عبد الجليل(نزل مجددا وتوجه صوبها):- لقد كنت مغادرا
إخلاص(عانقته بدون شعور):- اشتقت إليك يا حبيبي
عبد الجليل(نظر حوله للشارع):- جيد أنها قد أظلمت وإلا فضحتنا في الشارع أمي ، لندخل
إخلاص(رمشت بعينيها من جوابه ومع ذلك ابتسمت وهي تربت على كتفه وتحثه على الدخول):- يا أهلا بك يا عزيزي يا أهل البيت لقد جاء ولدي حبيبي
عبد الجليل(دلف وهو يشير لها):- كفي عن هذا المهرجان يا أمي ، أنا لست بضيف
نبيلة(مالت برأسها حين سمعت سخريته الفظة وأخذت تتفحصه ولم توليه اهتماما بل سارت بعكازها لغاية الصالون وجلست بدون رد ، أما عواطف فاستقامت لترحب بحفيد أختها):- هلا بعبد الجليل منور عزيزي
عبد الجليل:- أهلا جدتي عواطف ، جدتي نبيلة ؟
نبيلة(استقبلت قبلته على يدها باشمئزاز وطالعت نور بنظرة مشتركة):- هممم ..
إخلاص:- إجلس إجلس يا غالي والله قلبي يرقص من الفرح ماذا تشرب أو تأكل هاااه ستتعشى معنا صحيح ؟
عفاف:- هل أحضر القهوة ؟
عبد الجليل:- لا داعي خالتي عفاف قد جئت سريعا وسأغادر سريعا كذلك ، اجلسي يا أمي
إخلاص:- يا شيماااء يا بنت اركضي أخوكِ في البيت …
عبد الجليل(مسح على رأسه بتأفف ونظر لنور التي كانت تراقبه):- تت أمي دعيني أقول هاتين الكلمتين وأنتهي لقد بعثني أبي ..
إخلاص(بغمغمة دموع):- أكيد قد ندم على ما فعلته وطلق تلك الغبية ، كنت أعلم أنه لا يستغني عني
شيماء(نزلت وهي تكتف يديها):- دعينا نعرف أولا ما الغاية التي جعلت السيد عبد الجليل يتنازل ويأتينا في هذا الوقت
عبد الجليل(طالعها بقنوط):- قد ارتاح البيت من نعيقك للحقيقة ، نحن نعيش في نعيم
نهال(لحقتها):- تتت أستغفر الله يعني أيعقل أن تجلس دقيقة دون تجريح هنا يا عبدو ؟
عبد الجليل(رمقها شزرا وهي بفستان البيت وتأوه داخليا):- أبي يريد شيماء
إخلاص:- يريد ماذاااا ؟
شيماء(بفزع صرخت):- يريدني في ماذا ماذا يريد مني أنا لم أفعل شيئاااا لم أفعل شيئا ؟؟
نبيلة:- صمتاااااااااا … لنفهم أولا ماذا يريد السيد عمر تابع يا ولد
عبد الجليل:-هذه هي الأوامر يأمركِ بالعودة للبيت فورا معي يا شيماء
إخلاص(نزلت دموعها المغبونة وحركت شفتيها بوهن):- وماذا عني ؟
عبد الجليل(حرك كتفيه بلا مبالاة وببرودة تامة):- لا شيء حالكِ سيبقى كما هو عليه
نور(صفقت بيدها بغيظ حين رمقت انفجار إخلاص بالدموع):- هههههه ألن تبعثي له أيضا بدعوة استعطاف يا أخت إخلاص ؟
عواطف(بتحذير):- نووور
نور:- نور ماذا يا أمي ألا ترين قلة الأدب التي يتمتع بها هذااااا الولد ، كيف تكلم أمك بهذه الطريقة وفي حضورنا جميعا من حظك أن جدتك مديحة في المستشفى مع خالتك دعاء وإلا لكانت أسمعتك ما تستحقه
عبد الجليل:- الخالة دعاء بالمشفى و لماذاااااا ؟
شيماء(بحزن على أمها):- لو كنت تسأل عنا يا أخ لكنت عرفت ما حصل
عبد الجليل:- ليخبرني أحدكم ماذا يجري
نور(نهضت وأمسكت بشادي في حضنها):- نهال أحضري أيهم معكِ لندخله مع شادي إلى رنيم ، لأنني لو بقيت هنا لحظة سأفزع الأطفال بصراخي هيا تحركي
عفاف(أحضرت كوب ماء لإخلاص):- خذي اشربي ولا تبكي يا إخلاص
عواطف:- خالتك تعرضت لموقف بشع مع حسام ، تطلقت منه وهي حامل الآن يعني حكاية طويلة لا يسعني شرحها لك في وقت وجيز
عبد الجليل(بعدم فهم):- هل تطلقت خالتي دعاء أيضااااا هه ما الذي يحدث هنا ؟
شيماء(غلغلها وفقدت السيطرة على نفسها):- ورنيم أيضا وأمي إن لم يقم بابا بتصحيح خطئه أسمعت يا عبد الجليل
عبد الجليل:- أتريدين الطلاق يا إخلاص ؟؟؟؟؟
نور(أتت من خلفه وأمسكته من ياقة قميصه من الخلف ورفعته بكل قوة):- أدخل لسانك لداخل فمك وانهض معي خارج هذا البيت ، حين تتعلم الأدب وتعرف كيف تكلم أمك ومن هم أكبر منك وقتها فقط سنفتح لك بابه على مصراعيه …
عبد الجليل(انتفض من قبضتها):- كيف تعاملينني بهذا الشكل خالتي نووور أنا لم أعد طفلا
إخلاص(نهضت بينهما):- بالله عليكما توقفاااا
نور:- أتوقف عن ماذا يا إخلاص ابنكِ عديم التربية ، كيف تسكتين على هذا لا أفهم
عواطف:- نووور يكفي لا تزيدي من وجع ابنة عمك
رنيم(أتت ركضا بدورها):- ما الذي يجري هناااا ؟
عفاف(بقلة حيلة):- تت لا تسألي يا أختي الله يستر ..
عبد الجليل:- حديثي ليس معكم من أصله بل مع شيماء ، ستأتين معي شئتِ أم أبيتِ
شيماء:- لن آتي لأخدم على زوجة أبيك المبجلة لن آتي أسمعت
عبد الجليل:- هكذااا إذن ..
شيماء(ركضت إلى إخلاص):- ابتعدوا عنا أنت وأبوك دعونا وشأننا ، أترغبون بامتصاص الحياة منا أكثر من ذلك ، كفى حرام عليكم حراااام
عبد الجليل(بنبرة وقحة):- كما أرى أن هذا البيت قد فتح لسانكِ على آخره آنسة شيماء ، أبي كان على حق دخولكِ هنا يشبه دخولك لوكر فاسق
صفعة مدوية لم يعرف من أين أتته لتتطبع على وجهه كالختم الفاسد ، كبصمة عار جعلته يدور محله ويستدير بعيون جاحظة كي يرى من الذي تجرأ على ضربه وإذ به يصطدم بذلك الكيان الذي يقابله لأول مرة ويا لها من مقابلة
حكيم:- كان من المؤسف التعرف على ابن أختي في هكذا موقف .. كيف وصلت بك الوقاحة لتدنس بيت عائلة أمك بلسانك القذر هذاااااا ؟؟ لا عيب أن تكون ابن أبيك فالخلف الطالح هذا ما ينتجه مع الأسف
عبد الجليل(عض شفتيه وفهم من يكون تلقائيا):- هذا هو خالي الذي أشبعتنا عنه حكايات إذن يا أمي ، أنظري في أول فرصة قام بصفعي على وجهي
إخلاص(جلست بوهن وهي تبكي):- اهئئ اهئ … ما الذي فعلته في حياتي ليحدث لي كل هذااااا ماذا فعلت ماذا ماذاااا ؟؟
عواطف:- بحق الإله توقفي عن هذا إخلاص …
نور:- هذا الولد عاق بأمه ولا يستحق أن يكون من ضمن أسرتنا حتى
عبد الجليل(انتفض بغضب):- وأنا لست بسعيد للتواجد بينكم من أصله ، وهذه الصفعة لن أنساها ما حيييت يا خالي
حكيم(اقترب منه بتحذير):- إن لم تنزل وتقبل يد أمك الآن اعتبر نفسك في ورطة كبيرة أمامي ، هياااااااااا نفذ ما قلته ولا تدع هذا الأمر يطول أكثر من ذلك
شيماء(شعرت بالانتصار ورمقته بحدة):- هه
عبد الجليل(أحس بالحرج إذ كان الكل يتطلع إليه ويرمقونه بنظرة كسيرة وانهزامية):- ..لارد
حكيم(ضرب يده على جنبه):- ليس عجيبا أن أقرأ التردد في عينيك ، تلك أمك لو كنت تحبها لنزلت بسرعة لتطلب منها السماح لكن كما أرى أنت قد أتيت لإثارة المشاكل فقط ليس إلا ، وليكن بعلمك لا أمك ولا أختك ستغادران هذا البيت إن لم يأتي عمر بنفسه لنتحدث مفهوم
إخلاص:- يكفي يا أخي يكفي ..
حكيم:- لا … سكوتكِ وخنوعكِ وضعفكِ هو الذي جعل ابنكِ هذا يتطاول على مقامك ، لكنني جاهز لتربيتك من البداية إن وجدت فيك ما يعالج يا خسارة الدم الذي تحمله ، غادر فورا ولا ترني خلقتك هنا من جديد ،… انصرف
عبد الجليل:- ستندمين يا شيمااااء وسترين ما سيفعله بكِ أبي لما يسمع كل هذاااا
حكيم(شهق بصدمة منه):- ولا يزال يعد ويتوعد فعلا إن سماجة أبيك مترجمة فيك بشكل أوضح من الشمس …
أمسك عبد الجليل على وجهه وخرج من هناك ورمق نهال التي رأت كل شيء بنظرة تقليل شأن وغادر ، هنا جلس الجميع وهم يمسكون على قلبهم من تلك الأحداث الموترة لهم
حكيم(عانق إخلاص بحنان):- لا تنزعجي يا إخلاص لن يسعهم إجباركِ على شيء طالما أنا هنا معكِ أختي
إخلاص:- اهئئ ..أشعر بالغبن يغمرني يا أخي لقد طعنت ولا أحد يشعر بوجعي لا أحد
عواطف(استقامت لتلحقها):- ابق يا حكيم سأتفقدها بنفسي ..
حكيم(هز لها رأسه موافقا ونظر لشيماء):- تعالي واجلسي جنبي يا شيماء ، لا تبكي صغيرتي أنتِ في مأمن هنا بيننا هذا بيتكِ
شيماء:- أبي لن يتردد في فتح هذا الحديث مجددا لحين يأخذني لبيته كي يجعلني خادمة لزوجته ، أنا أعرف هذا عز المعرفة
نهال:- أين نعيش نحن هل هذا زمن العبودية وأنا لا أدري ؟؟؟؟
عفاف:- نهاااال إن لم يكن لديكِ حديث نافع اذهبي ورافقي الصغار هيااا
نهال:- أساسا أي شيء تقوله نهال يكون غير صائب
حكيم:- نهاااال ؟
نهال(بتذمر):- حاضر عمو حكيم أنا ذاهبة
رنيم:- تت يا الله على عمر يعني ليتركها تستجمع جراحها بالأول
نور(كانت تطقطق الأرض برجلها):- والله لو لم تصفعه يا حكيم ما كنت سمحت له بمغادرة هذا البيت دون واجب من ذلك النوع
حكيم:- جملته استفزتني بدوري لم أشأ حدوث ذلك ، لكن .. تت
شيماء:- لقد استحق ذلك وما فعله الآن ليس سوى نقطة من بحر مشاكله ومصائبه ، إنه لا يحترم أمي بتاتا يهزأ بها ويعتبرها ذات عقلية قديمة تقليدية رجعية وهو وأبي أصحاب العقول النيرة ،وأنا من نفس نهج أمي يعني أنا وهي ملطشتهم المعتادة في ذلك البيت
نور:- ولما كنتم تصمتون على ذلك يا شيماء ، يعني كلنا نعرف تفكير عمر المتشدد وما يفعله بعيد كل البعد عن تعاليم ديننا الحنيف فما هكذا تعامل الزوجة والابنة
حكيم:- أظن أنه قد آن الأوان لرؤيته وجها لوجه
نور:- شيماء اذهبي لغرفتكِ عزيزتي ولا تقلقي من شيء
شيماء:- حاضر خالتي ..
نور:- عن أي رؤية تبحث أنت دعك منه هو ذو لسان خبيث ، سيستفزك وتضربه ونقع في مشكلة
رنيم:- نور على حق ذلك الرجل لا يؤتمن له مسكينة إخلاص كيف عاشت معه كل هذه السنين
حكيم:- حسن لن أقدم على شيء ما لم ترد هي ذلك ، لكن ما حصل اليوم لا أريده أن يتكرر ببيتنا تحت أي ظرف كان
نور:- اعتبره مقضيا ، هل مررت اليوم بدعاء وخالتي مديحة ؟
حكيم:- أمم لقد أتيت من عندهما قبل قليل غدا صباحا سنخرج دعاء إن شاء الله
عفاف:- جيد أنك أخبرتنا لنجهز لها الغرفة
حكيم:- على الأرجح ستبقى بغرفة أمي هكذا أخبرتني
عفاف:- طيب سيكون أفضل لها من صعود الدرج ونزوله قد تتأذى
حكيم:- وهذا نفسه ما ارتأيناه ..
نور:- ألم ترى ميرنا ؟
حكيم(اهتزت عيناه هربا من السؤال الذي فرَّ منه طوال اليوم):- لا .. أنا بغرفتي
رنيم(بعد ذهابه):- هل هما متخاصمين ؟
نور(حركت يديها بهبل):- من بعد الذي حصل اعتبري كل شيء وارد
صعد الدرجات بخطى ثقيلة ، صدره يمتلأ بأطنان من الصدمات والمشاكل المهيمنة على رأسه في آخر فترة .. مشاكل أخواته من جهة بنات عمه أيضا وفخرية التي باتت صحتها متدهورة في الآونة الأخيرة وكأنها تصارع أشباح الأرض كلهم من صراخها المتواصل ، لقد اطمئن قليلا حين أتى الطبيب وعاينها وأخبرهم أنها تصرخ من الأعصاب فقط ليسوا مدركين أن هنالك أفعى سامة تجعلها تصرخ ليل نهار ما لم تطعها وتنفذ مطالبها بفم ساكت ،، كل هذا يستطيع أن يهضمه لكن أن يرى محبوبته تجافيه عصفورته ترفضه وردته تشمئز منه هذا كله يحرقه في الصميم ، هو مدرك أنه بالغ بطريقة ما في تجريح آل بيته كل واحدة على حدة لكنه أقدم على ذلك ليفتح أعينهن فكفى انهزامية وضعف قد ولى ذلك الزمن وعليهم التغيير … وقف متأملا ذلك الرواق الذي جمعه مع عصفورته مرات عديدة وجد نفسه تلقائيا يتوجه صوب غرفتها ما إن فتحها حتى عصفت به عطورها الزاهية ، التي تغلغلت في أقصى أقاصي خياشيمه كيف لا وهي سارقة لبه وكيانه .. مرر بصره حول أشيائها وحاجياتها بحنان لقد اشتاق لها بشدة لم يرها اليوم بطوله وهي تتحاشاه على الأغلب وقد علم من داغر أنها قد غادرت الجريدة رفقة إياد وهو يلحق بهما بسيارته ليرى أين سيستقران .. طالما هي مع إياد هذا مفيد بعض الشيء غير ذلك كان ليستنفر ويحضرها إجبارا للبيت ، أجل إجبارا فهي منه وعليها أن تبقى كذلك مهما كلفه الثمن ولو كان نفورها منه حتى … وقف عند منضدتها يناظر أغراضها الشخصية ولامس علبتها التي تحتفظ بإكسسواراتها المميزة فيها وانتبه بداخلها لعلبة مستطيلة فتحها برفق ووجد بها قلادة الشمس ، عقد حاجبيه وهو يلتقطها بين يديه وصغر عينيه وهو يستذكر من أين حصلت عليها
حكيم:- هذه لم تكن تملكها قبل عيد ميلادها إذن سيكون الوقح هو من أهداها إياااااها ، تتت ولا زالت تحتفظ بها يعني حرقة دم أي والله … همم أنا سأريكِ ما سأفعله بقلادته يا ميرنا سأجعلكِ تبكينها صدقيني قال قلادة شمس قال هذااااا ما ينقص …
ويلك يا حكيم إلا قلادة الشمس حنروح فيها كلنا هههه ^^
وضعها بجيبه بإهمال وخرج من هناك مزمجرا لا يرى الطريق أمامه ، تجاوز الحاضرين وانطلق للمجهول لعله يستطيب بعض الهواء ويلتقط أنفاسه .. قاد سيارته بسرعة جنونية وفي يده قلادة الشمس ووصل إلى البحر ووقف عند ذلك المرتفع يطل عليه من الأعلى ، ترجل من سيارته ولفح البرد وجهه لكنه لم يجعله يعدل عن تلك الفكرة المجنونة وقف عند الجرف ورفع يده بالقلادة مغمضا عينيه يستقبل رياح الوجع بمقاومة فاشلة ، لا تزال تحتفظ بهدية وائل بينما فستاني الذي أهديتها إياه ليلتها مزقت أمه لمليون ألف قطعة كل هذا لأنها هديتي ولم تكن هدية المحبوب الغالي ، آلمته ضلوعه فلم يرتح قط طبعا لم تسمح ميرنا بذلك وقفت حائلا بينه وبين التعافي كيف يصح ذلك وهي تحرقه في كل حين .. وجد أنه ينظر بعيون دامعة من لفحة البرد حوله أخفض يده وطالع القلادة بعمق وهز رأسه قبل أن يلقي بها في عمق ذلك البحر العميييييق …
حكيم:- ألو داغر أين هي ميرنا الآن ؟؟
داغر:- في مطعم وسط المدينة مع السيد إياد
حكيم:- لوحدهما ؟
داغر:- أجل وحدهما يا سيدي
حكيم:- طيب دقيقة وأعيد الاتصال بك ….تييييت تييييييت تيييت ردي يا ميرنا ردي … ألو أين أنتِ ؟
ميرنا:- هل تستغبيني هنا أكيد خادمك أخبرك بمكاني أراه في الخارج جاثما مثل عمود الإنارة
حكيم(ابتلع ريقه):- إلى أي حد تهتمين بي ميرنا ؟
ميرنا(داهمها بسؤاله واستغربته):- هل اندرجنا في برنامج الصراحة الآن حكيم ؟
حكيم:- أعلم أنكِ مع إياد في المطعم ولا أفكر بكسر راحتكِ الآن ، لكن أجيبي على سؤالي لأي مدى حكيم مهم في حياتك ؟
ميرنا(مسحت خلف عنقها ورمشت بعينيها وهي ترفع إصبعها مستأذنة من إياد):- الآن ستخبرني ما الذي تعاطيته حتى تتلف أعصابي باتصالك الآن ؟؟؟
حكيم:- لم أتعاطى شيئا فوجعكِ يكفي لكي أفكر بالانتشاء مجازيا عزيزتي
ميرنا:- فهمت أنت حانق منذ نقاشنا في الصباح معك حق أنا قد تماديت قليلا ولكنني لن أتراجع على فكرتي ، قد كان ذلك الكلام محصورا في جوفي وأنت استحققته بعد ربطي بك كالبهيمة بطريقة بداااائية لن أغفرها لك
حكيم(عض شفتيه ونظر للقلادة الملتفة بيده):- أجيبي ميرنااااااا
ميرنا:-لا تصرخ بوجهي فلقد استهلكت كل الصبر لدي ، والليلة رجاء رجاء أريد أن أنفرد مع ذاتي قليلا فدعني وشأني لو سمحت لو سمحت ..
حكيم:- ولكن ..تيت تيت
أقفلت بوجهه وظل يناظر الشاشة وكأنما أقفلت باب الرحمة على قلبه ، سحب أنفاسه بجهد جهيد قبل أن يقرر بحسم ما سيفعله بتلك القلادة أكيد احتضان البحر لها وحرق قلبهم عليها سيشفع له القليل من المواجع التي يتسببون بها له … لم يتردد لحظة بعد أن اتصل بداغر وأمره بأن ينسحب من هناك ويتجه للقصر فلديهم عمل هناك على الأغلب .. لاحظت ميرنا ذهاب داغر وتعجبت إذ سمع حكيم كلامها في الحين واللحظة وهذا ما أثار الاستغراب لديها
إياد:- والله لم أفهمكِ بقي هنا غضبتِ ذهب استغربتِ ؟؟؟
ميرنا(مطت شفتيها):- فقط احترت في ذهابه ، لكن خير وبركة هكذا سأقضي وقتا ممتعا معك دون حراسة سأشعر بالارتياح أكيد
إياد:- ستشعرين ههه والله أحتاج لجرعة من مشروب كوثر أسقيكِ به كلما لمحت في عيونك تلك النظرة التائهة ..
ميرنا(أخفضت رأسها بألم):- أعشقه يا إياد بكل جواااارحي ولا يسعني إنكار ذلك
إياد(أمسك بيدها من محله ومط شفتيه):- آه يا صديقتي العزيزة لو كان بودي لجمعتكِ بوائل وقضيت على هذا الفهد البري ، قد خرج لنا من قاع الذئاب ليخرب علينا حياتنا أحيانا أشعر بالندم لأننا أقحمنا أنفسنا في دوامة لا نهاية لها
ميرنا(تمسكت بيده بقوة):- إياك يا إياد إياك وأن تشعر بذلك مجددا ، نحن لم نخطو هذه الخطوة إلا وقد قررنا خوضها للأخير هذه حربنا وذاك الفهد البري قريبا جدااا سيقع في قبضتنا أعدك بذلك
إياد:- تعدينني يا ميرنا ، أنظري معي كم سنة مضت ونحن ندور في نفس المكان لا جديد يذكر كل شيء نصل إليه ينعكس علينا بالفراغ وكأنه لا ينقصنا يعني ..
ميرنا:- يا الله هل خرجنا الليلة لنستذكر فظاعة ذلك الإنسان ، دعنا ننسى كل الهموم الليلة أرجوك إياد نحن نستحق ذلك
إياد:- طيب طيب سأتناسى معكِ الليلة كل شيء ، هي ليلة خاصة بالأصدقاء وفقط
ميرنا(ربتت على يده وتنهدت بعمق):- هكذا يا عمري أنا ، هيا اطلب لنا العشاء وشرابا صحيا سأدلف للحمام وأعود
إياد:- هههه تمام ميرنتي ، هييه يا أستاذ …
سحبت نفسها وتوجهت صوب الحمام ، وفي تلك اللحظة دخل هذا كالإعصار دون إحم ولا دستووووور ومعه مصائب من مصائبه يعني حرام الواحد يهرب منه سيبقى لعنة تلاحقهم إلى ما لا نهاية ^^
رامز:- أطلب لي قهوة بدون سكر وقتي جدا ضيق … أنا مكتئب أنا ممحي من الوجود ، أنا ميت ميت ميييييييييييييييييييييييت
إياد(صرخ فيه):- أستغفر الله .. اشرح لي أولا من أخبرك بمكاننا ، ثانيا لما أنت هكذا ما الذي حصل لك يا رجل ؟
رامز(أمسك قلبه وتأوه):- آه على ما حصل لقلبي يا إياد ، قد فقدت رشدي ووعيي وكياني منذ أن رأيتها
إياد:- أيوووة يعني حضرتك معجب
رامز(حول عينيه بعشق):- لا لا لست معجبا أنا مغررررررررررررم
إياد:- يادي الغرام الذي ينتهي عندك في يوم ويبتدأ في اليوم الذي بعده
رامز:- إنها قطعة منحوتة على كيف كيفك والله ، شيء يجعل بصرك لا يتزحزح إنها آية في الجمال لا بل بل تمثال الحسن والدلال إنها …
إياد:- يكفي هل ستمدح لي معجبتك أخبرني من هي ؟
رامز:- آآآآآه على من هي يا إياد بصراحة هنا تكمن المشكلة ، لا أعرف لها سبيلا قد لمحتها خارجا في طريقي إليكم
إياد:- إلينا هااااه هل تراقبنا يا سيد رامز ؟
رامز(تلعثم وتنحنح):- ولو يا كبدي ولو هل يجوز ألا أراقبكم ، طبعا الفهد البري يحوم حولكم وعلي أن أسيطر
إياد:- تسيطر ؟؟؟ يا دي الجنون رامز لا تجلطني لو عرفت ميرنا أنك تراقبنا ستخلي عش أبوك لذا سنتفق على هذا ، سأخبرها أنني أنا من أعطيتك العنوان
رامز:- حاضر .. لكن هل ستساعدني حقا في معرفة هويتها ؟
إياد:- لأعرفها أولا وبعدها يحلها ربك .. اوصفها لي
رامز(بعشق):- إنها قطعة سودااااء ذات عيون عريضة مسحوبة للطرفين ، رأسها شامخ كشموخ العلم الوطني في عرض السماء ، صوتها آوااااه على صوتها ولا معزوفة بيتهوفن أما مشيتها وكأنها لا تسير بل تطير بين الغيوم لا تسمع لها حسا من قرقعة .. يااااه يا إياد أخوك مغرم وأريد أن أكلل غرامي بشراااائها ولكنني لم أعرف اسمها بعد ؟
إياد(فتح فاهه مع كل حرف):- لحظة لما أشعر أن الحديث انحرف هنا على من تتحدث أنت ؟
رامز:- على السيارة السوداء التي وقفت خارج المطعم
إياد(بعدم صبر نهض وضربه على رأسه):- الله يلعن الحمار الذي يضع فيك رأسه ، اعتقدتك تحكي عن امرأة يا تاااااافه أحسن لك أن تنهي غرامك على الحديد تبا لك تبا
رامز(يدلك رأسه من الضربة):- يوووه ما بالك يا رجل من ذكر حس المرأة هنا ، أنت فقط من يحمل تفكيرا سافلا مثلك
إياد:- كفى لقد هربت بميرنا إلى هنا لننسى همومكم ، مشاكلكم ، وإزعاااااااجكم
رامز:- ولماذاااا كل هذااااا ؟
إياد:- ميرنا متعبة يا رامز رجاء لا تفتح أي موضوع عن الفهد البري أمامها ، لو سمحت
رامز(وضع حركة القفل على فمه):- تمام تمام هااه لن أفتح لكن دعني أرافقكم
إياد:- تمام لكن تلزم حدك مفهووووم …
رامز(أشار للنادل):- دهيشش يا نص متر واحد قهوة لو سمحت
إياد(ضرب على وجهه):- نص متر اللي يخنقك يا ورطة هففف …
في تلك الأثناء كانت ميرنا بداخل الحمام وحين مثلت تغسل يديها عند المغسل انتبهت لورقة معلقة على المرآة أمامها ، مسحت يديها بالفوطة وأمسكتها بين يديها فتحتها بفضول وقرأت "أنا في كل مكان فلا تلعبي بالنيران" ف …
ميرنا(أغمضت عينيها وبتعب واتكأت على المغسل وهي تتنهد بعمق):- يعني لن أهنأ بليلة دون أن يلحقني شبحك أيها الفهد القذر … الله يحرقك …
كمشت الورقة ورمت بها في حقيبتها وخرجت متأففة لتصطدم بهذه دون قصد …
ميرنا:- آسفة منكِ أختي ..هئئ رقية ما الذي تفعلينه هنا ؟
رقية:- كدت سأسألكِ ذات السؤال يا بنت ههه
ميرنا(رمشت بعينيها):- أنا هنا مع إياد قد أخبركِ للالتحاق بنا صحيح ؟
رقية(فتحت فاهها):- هاااا بصراحة لم يكن لدي فكرة حتى بهذا حسابي معه .. عموما اسبقيني سأغسل يدي وآتي للسلام
ميرنا(تحركت):- تمام .. أ هل أنتِ وحد… لا عليكِ نحن بانتظارك هناك عند الزاوية
رقية:- اممم طيب ..
ميرنا(رمقت رامز وهو مغادر بخفة واستغربت):- هل كان ذلك رامز ؟
إياد:- أهاه ولجه اتصال مهم من المكتب وغادر ، يعتذر منكِ بشدة على عدم البقاء
ميرنا:- لكن ما الذي عرفه بمكاننا هل جاء صدفة أيضا ؟
إياد:- أيضا لماذا من يوجد هنا غيره ؟
رقية:- أنا يا روحي … هاااه أمسكتك متلبسا
إياد(انفرجت أساريره برؤيتها ونهض من محله وسلم عليها بحرارة):- رقية واووو يا لها من مفاجأة جميلة حبيبتي اجلسي اجلسي
رقية(وضعت يدها على خصرها وهي تتحرك بخيلاء):- حبيبتك هاه ، بأمارة أنكِ أعطيتني خبرا بخروجك للعشاء مع ميرنا
إياد:- يعني حدث ذلك فجأة ميرنا كانت بحاجة لذلك ، ثم تعالي هنا ما الذي جاء بكِ للمطعم في هذا الوقت مع من أنتِ يا هاااانم ؟
رقية(همست لميرنا):- هههه سيبدأ التحقيق
إياد(أمسكها من ذراعها وأجلسها جنبه جبرا):- تكلمي يا بنت من واعدتِ في هذا المطعم ، مع من ستلتقين ؟
رقية:- حسن أنت هنا تنحرف بحديثك إلى نحو سيء .. عموما ستعرف ضيفي بعد قليل
ميرنا(بتوجس استشعرت ريحا غريبة جعلتها تدير رأسها تلقائيا صوب المدخل الرئيسي وخفقات قلبها ترتفع):- من هو ضيفكِ يا رقية ؟
رقية(ابتسمت باتساع):- مثلما أنتما قررتما تناول عشاء أصدقاء ، نحن أيضا قررنا ذلك مثلكم هههه وانظروا للصدفة
ميرنا(انحصر الهواء في جوفها حين رأته قادما من الباب ويسأل عن طاولتهم المحجوزة ، ههه ومن غيره):- يا إلهي
إياد(همس لها مستغلا فرصة نداء رقية له):- هههه يظهر لي يا عزيزتي ميرنا وكأنه لا مهرب لكِ من دائرة الثالوث الرهيب خاصتكِ وهذا واحد منهم هههه
ميرنا(بأسف وضعت يديها على قلبها بتعب):- أجزم أنني لو هربت للمريخ لصادفته بالطريق
إياد:- كخممم مبهرة أنتِ في تعاليقكِ وقت الجد …
رقية:- هنا يا وائل هناااا نحن هناااا
إياد:- اهمدي يا بنت هل تنادي على بائع الخضرة قد أفزعتِ الرجل
خرجت آه من صدره حين رمقها وشعر وكأن سنينا من الدقائق مرت بهما ، وحدهما في تلك المسافة الفاصلة بينهما وكأن كل من يتواجد هناك قد تلاشى في ومضة زمنية غابرة ولم يعد غيرهما متواجدا هناك ، أنفاسها المرتبكة يدها التي تمسح خلف عنقها بتوتر صدرها الذي يعلو ويهبط يدها الأخرى التي تطقطق على سطح ركبتها بتوتر كل هذا يشعره بارتجافها ورعشتها التي تذهب عقله .. ابتلع ريقه وأغلق عينيه ملتقطا أنفاسه العاشقة وعقد حاجبيه بصرامة مقتربا منهم …
وائل(ميرناااااا يا وهم قلبي وكأن لا مهرب لي إلا إليكِ):- مرحبا
رقية:- هلا ويلي بما أننا التقينا صدفة سنتناول العشاء سوية ما رأيكم يا جماعة ؟
إياد(دفعها بيده ولاعب خصلة شعرها):- تعلمين أنني لا أجرؤ على الاعتراض
رقية(بلوعة غمزته):- كنت قتلتك … ههه
وائل(لم يجلس بل ظل ينظر إليها):- لا نستطيع ذلك ، ربما كنا سنضايقكم أو كان لديكم تخطيطا آخر لن نخربه عليكما صحيح رقية ؟
رقية(بتلعثم نظرت لإياد ثم إلى ميرنا ثم إلى وائل):- ولكن يعني ما المضر في جلوسنا سوية ، حتى أننا سنستمتع ههه
إياد(لمس غمغمة ميرنا وامتقاع وجهها الخفي):- ميرناااا لن تمانع أكيد ، تفضل بالجلوس يا وائل
ميرنا(رفعت عينيها إليه ونظرت من كل جانب حولها):- يمكنك الجلوس في مكاني
تجاوزت كرسيها وجلست بالذي بجواره وسمحت له بأن يجلس محلها ، أزال سترته وعلقها على الكرسي وبقي بالقميص الأسود القطني ذو الكمين عصفت بها ريحه حين جلس ، وشعرت أن انتظام حركة المرور في أنفاسها قد أصيبت بخلل حتى انحصر الهواء في جوفها وأخذت تسعل ، أغاثها بسرعة بكوب ماء وقدم لها إياد منديلا من الطاولة وهو يخفي ضحكته رفقة رقية التي كانت تجلس قربه .. هنا انحنى وائل إليها وهمس برفق آسر
وائل(بعيون قلقة):- هل أنتِ بخير ؟
ميرنا(ابتلعت ريقها بهدوء وفي سرها):- كنت بخير والله كنت سأكون بخير يعني .. لكن حضورك أربك مخططاتي يا رجل ما أوسمك كم أنت قاتل بهذا القميص الأسود يليق بك سامحيني أحلام لكن هذا هو المعنى الحقيقي الذي أعترف به للعنوان ، آآآآه يا ناري يا وائل
إياد(ضربها لرجلها كي تستفيق فقد فتحت عينيها في الرجل):- ميرناااا حلوتي
ميرنا(انتبهت وجحظت عينيها بتلعثم):- ا.. بخير بخير أناااا
رقية(صفقت لإزالة التوتر بعد أن رمقت حركة رأس وائل الذي مال به جانبيا):- أ.. لما لا نطلب العشاء يا جماااااعة يا أخ ..
إياد:- أشفق على هذا النادل المسكين اليوم سنناديه لسبعين ألف مرة … ههه

سنترك هؤلاء في حلقة الارتباك والضغط لأن لدينا حفل خطوبة علينا حضووووره … هييه يا كامل كمال من كان يظن أنك ستخطب حبيبتك التي أخفيتها عنا لولا حميدة لما عرفنا أو فهمنا شيئا ، أي نعم ارتاح من كابوس كامل كمال الذي كان يقف حائلا بينه وبين وصال التي كانت تمجد فيه ليل نهار وكأنه تمثال إغريقي يشكل آية في العشق .. لكنه اتضح أنه من حبها له كأخ صادق لها كانت تعامله وتفضله بذلك الشكل .. ها هو ذا يقف بسيارته الجيب على رأس الحي نظر حوله للأضواء الملونة المنبعثة من أمام بيت كامل حيث جهزوا الاحتفال هناك وفرشوا الأرضيات وغطوا الجوانب بزينة مناسبة يعني خلقوا جوا ممتعا يستحقه ابنهم كامل على الأغلب ، لم يترجل من سيارته بل ظل فيها يحاول تحرير روحه من الغيظ الذي تآكله من بعد فعلتها لأنه مر على بيتها ليصطحبها للحفل لكنه لم يجدها وأرجح أنها لم تنتظره بل سبقته حتى ، وهذا ما أغاظه يعني بالرغم من خصامهما في النهار كان من اللازم حضورهما معا لا أن يأتي كل واحد لوحده .. ثم حتى لو كانت غاضبة منه أو العكس لا يجدر بها التحرك بدوووونه !! تمام تمام يا جاسر البنت عاشت سنينا ومنينا لوحدها أستأتي الآن أنت لتعاملها كالطفلة وتخشى عليها توقف فقط عن الاهتمام لأن الاهتمام الزائد لا يجلب سوى الهموم .. قالها وهو ينتفض على طرق النافذة جنبه استدار بقنوط ووجده كامل كمال بنفسه
كامل(أطل من النافذة التي فتحها جاسر ليتحادثا):- هههه سيد جاسر ما الذي يبقيك هنا ، حين أخبرني صبيان الحي اعتقدت بأنك متردد في الدخول لذا جئتك بنفسي لأصطحبك معي هيا يا رجل لا تخجل هنا كلنا أحباب في بعضينا
جاسر(هز شفتيه ولم يشأ كسر فرحة كامل):- لمست ذلك صدقني ، أمم الطقم يناسبك
كامل(يتحرك بخيلاء في الشارع ويريه جماله):- ألست عريسا ههه
جاسر(نزل من سيارته وهو يعدل سترته وتوجه صوبه):- فلتكن السعادة من نصيبك
كامل(بذهول):- يا للهناء الذي أحظى به الآن، هل تدعو لي سيدي بالسعادة أقسم أنني ظلمتك حين ظننتك ..
جاسر(أتمم عنه):- رخيم التصرفات أو شيء من ذا القبيل ، لا تشغل تفكيرك أنا أيضا أملك قلبا في الأخير
كامل(بإعجاب بهيأته):- اللوك يناسبك ويشعرني بأنك صديق لكن الثياب الرسمية تربكني وتجعلني أحتاط مليون ألف احتياط قبل أن أكلمك ههههه
جاسر(ربت على كتفه مودة):- طبعا سنتحاسب في المعسكر على قضية خطيبتك التي لم تخبرنا عنها شيئا ، تعلم أنني أتساهل معك هنا
كامل(أمسك يده وبعيون اغرورقت فجأة بتسبيلة طفولية):- ستكسب ثوابا عظييييما في هذا الشأن ، وجودك معنا سيبهج قلب جدتي يااااه علي جلست أحاكيك هنا ونسيت إدخالك تفضل تفضل سيدي من هناااا
جاسر(نظر إليه وهو يحرك رأسه بدون فائدة):- هل وصلتِ النق…ماذا يجري هناك ؟
كامل:- ههههه تعال لترى ستتفاجئ بالنقيب وصال
جاسر:- ههه لم أستغرب أن تلك الجلبة منها وأنا الذي قلقت عليها ، ها هي ذي هنا و …
ما أجمل عطر الحب حين ينساب بين الجنبات ليتخلل القلوب ، ما أروع إحساسه حين يتجلى كفراشات ملونة تتراقص لتعذب الخواطر بتلك المشاعر ، ما أعمقه حين يترجمه بريق العيون لما تلتقي وتخرس الكلام ولا يبقى سوى حديث الأرواح شاملا الخلايا والأرجاء .. شعر وكأنه انعزل عن الوجود لما رآها بفستانها الأحمر الطويل المنشق من جانب رجلها اليمنى والمرتفع بكم واحد مائل على جنب عاكسا بياض يدها ، بشعرها الأسود الذي وضعته مفرودا في تسريحة جانبية مدرجة إضافة لزينة مناسبة وملمع شفاه أحمر قاتم جعلها تبدو عروسا في أبهى الحلل ، حاول كامل جره لكنه جثم محله بدون شعور كيف سيقاوم هدير أنفاسه المنبهرة بها الآن .. تجاوزه كامل ليفض ذلك المجمع من النسوة اللاتي كن يحادثنها في كذا موضوع هذه تملك أخا وتلك ابنا وتلك ابن أخت وتلك جارا يعني خطااااب لا حصر لهم وليلة وصال كانت حافلة بهم ولم تستطع التملص منهم خجلا من غضب حميدة التي كانت بزينتها تمدح في جمالها وتقرب لها المؤهلين من العرسان في جو ضاحك مرح ، لحين نكزها كامل بإصبعه وجعلها تنتبه له
وصال(أمسكت طرف فستانها واستدارت إليه):- الرحمة يا كامل جدتك وجاراتك يرغبون بمضاعفة عدد الخطوبات هذه الليلة ههه
كامل:- ههه يليق بكِ نقيبتي الجميلة فأنتِ الليلة ملكة الأضوااااء
وصال:- حسن لا تبالغ كامل كانت زينة خفيفة وفستاني هذا قديم حتى هههه
كامل:- والله هذا الرأي يشاركني فيه حتى الرائد
وصال(اختفت بسمتها):- جاسر .. هل جاء أين هو ؟
كامل(أشار لها في محله):- هناك .. أه كان هناك والله أين اختفى ؟؟؟
وصال(بحثت عنه بعينيها ولم تجده):- اممم لا أدري ..
حميدة:- ولد ولد هل سأبحث عنك مثل الأطفال تعال رفقتي سنخرج خطيبتك من بيتها ، هيا وصال بنيتي
وصال:- أ.. اسبقوني أنتم يا خالة سآتي فورا
حميدة(جرت كامل):- طيب يا روحي ،،، هيييه يا نسوة الحي أين الزغاريد زغردن زغردن الليلة ليلة فرحنا جميعاااا …روروروروروري
فصول الخالة حميدة ومن لا يعرفها ، ارتفعت الموسيقى والطبل والزمر والرقص والجيران مسطرين في الكراسي والأطفال يلعبون على جنب والشباب يرقصون مع الإيقاعات ، وكل هذا وأختنا في الله تبحث عن جاسرها الذي اختفى وكأنما الأرض انشقت وبلعته .. رفعت طرف فستانها وخرجت خارج دائرة الحفل رمقت هنالك شبابا طوال جاثمين عند الحوائط ومنظرهم لم يكن مبشرا بالخير يعني أولاد الحي وشاكلتهم المعروفة ، لم تولهم اهتماما بل أخذت تبحث بعينيها عنه لعله يظهر ويرحمها من ذلك الإحراج فقد كانت تعلم أن نظراتهم تتفحصها بوقاحة مطلقة ، مصمصت شفتيها وتوقفت عن المسير حين سمعتهم
أحد الشباب:- يا ويلي على الأحمر إنه يضرب أمي في مقتل
صديقه:- ولا القوام حورية بحر ولا أجمل
واحد آخر:- أريد أن أتذوق من شفتيها اللذيذتين أراهنكم ولا طعم الكرز
صديقهم:- أشعر بأن الدنيا تضحك لنا شباب فمن يرى مثل هذه الأنوثة كل يوم ..
وصال(ابتسمت بنفاذ صبر والتفتت إليهم):- هل تتكلمون عني ؟
تقدم ناحيتها أربعتهم وهم يمسحون على صدورهم بجوع وقح وأحاطوها من كل جانب ، لم تتحرك قيد أنملة بل طالعتهم شزرا وتفحصت ضلوعهم الملتوية كضلوع البعير ، ولا واحد فيهم يعمر العين ههه ضحكت بهزل وبسخرية من ثقتهم العمياء
أحدهم:- طبعا نتكلم عنكِ يا وردة حمرااااء
صديقه:- أخبرتكم يا أصدقاء أننا سنجد ضالتنا في هذا الحي ، هاااه حتى أننا وجدنا حفل خطوبة يحتوي هكذا قطع شهية
واحد آخر:- أي والله معك حق كنت سأحرم نفسي من مشاهدة النعومة والبياض
حاول أحدهم لمس يدها وهنا برقت عيناها بشراسة وأمسكت يده ولفتها في حركة خفيفة آلمته بها حتى أخذ يصرخ…
وصال:- والآن سأعد حتى الخمسة وستتبخرون من أمامي وإلا وقعتم في مشاكل يا أغبياء ، أنا النقيب وصال محفووووظ وقعتكم سودااااء معي إن أتممت العد ووجدتكم أمامي ، هيا انصرفوا الله يحرقكم يا كلاب …
أخذ يدلك ذلك الشاب يده وهرب رفقتهم من أمامها وهنا أخرجت منديلا لتمسح قرفهم من حقيبتها التي لم تتزحزح من يدها بل ظلت ممسكة بها بشموخ ، حتى حينما لوت يد الشاب حافظت على وقفتها الثابتة بشكل ملفت .. ولا حركات جيمس بووووند قالها وهو يقترب منها من جنح الظلام
وصال(ارتعشت من اقترابه واستدارت إليه):- هذا لا يعتبر شيئا كان موقفا عابرا فقط لن نخلق مشكلة في خطوبة كامل ..
جاسر(ظهر وهو يضع يديه بجيوبه):- جيد أنكِ تعلمين أنه كانت ستحدث مشكلة لو تدخلت
وصال(رمت بالمنديل في حقيبتها وأقفلتها وهي تتقدم إليه وتطالع ثيابه الأنيقة):- أممم لا أستغرب ظهورك في الحالات الطارئة
جاسر(وقف على بعد خطوة واحدة منها وهو غير قادر على مقاومة أسرها):- تعلمين أن ظهوري موجع
وصال(وغيابك أيضا):- آه آه لدي فكرة .. تعال لنرافق كامل عيب أن نبقى بعيدين عنه في ليلة كهذه ثم أين كنت ؟
جاسر:- عدت للسيارة لأحضر شيئا وما كان عليكِ اللحاق بي في هذا الظلام
وصال(تسير رفقته):- ههه أنا نقيب ولست فتاة عادية حتى أخشى على نفسي من مراهقين طائشين
جاسر(نظر إليها بحزم):- مع ذلك مرة ثانية لا تقدمي على هذاااا كي لا تجدينني لائما أمامكِ
وصال(عقدت حاجبيها من جملته):- تلومني عال والله
جاسر(تنهد بنفاذ صبر):- دعي الليلة تمضي ولا تستفزيني وصال محفوووظ
وصال نفضت يدها ولامست كتفه وهي تتجاوزه بتعفف تجاه كامل الذي كان يتأبط ذراع خطيبته سلمى ، وخلفهما جدته وأمها والجارات والحبايب يصفقون ويزغردون ويهنئون ، كان منظرها بينهم مبهجا لناظره ابتسامتها وفرحتها الصافية معهم كانت تتخلل قلبه ، تلامس شغاف روحه بشيء جميل كالسحر جعله يعترف أن تلك الفتاة تفعل به أكثر مما يقاوم إنكاره .. جذبه كامل من يده وعرفه على خطيبته وحكى لها عن صرامته وجديته أحرجه العفريت ولكن جاسر أجابها بثبات وثقة وجعلها تأتمن عليه معهما ..
سلمى(بخجل):- أعلم أن كامل طيب وما في قلبه على لسانه ..
جاسر:- ههه طبعا طبعا
وصال(رمقته شزرا):- وضوح كامل يضرب به المثل ، كان منزعجا أو سعيدا تجدينه يعترف بكل ما يخالج صدره دون تردد لكن هنالك أشخاص يكتمون في قلوبهم لحين يموتون
جاسر(مال برأسه قد بدأت تستفزه):- ما ربما لم يجدوا الوقت المناسب أو الرد الذي يجعلهم يتنازلون عن عرش الكبرياء لينطقوا بذلك ..
وصال:- والله يا روحي حتى لو وجد ذلك أراهن أنهم لن يتفوهوا بجملة حتى
جاسر(نظر لهم ونظر إليها):- قد يكون الشخص الآخر مستفز سليط اللسان لا يستحق ذلك
وصال:- أو ربما استفزازه كان جراء انتظار مرهق له ، وبالتالي تكون تعبيرا بسيطا عن حنقهم وامتعاضهم من صمت أبو الهول ذااااك
جاسر:- أبو الهول من هذا الذي تقصدينه بذلك ؟؟
وصال:- ليس أحدا محددا
سلمى(نظرت لكامل الذي غمزها):- هل هما هكذا في المعسكر ؟
كامل(همس لها):- وأكثر لو ترين ما أراه لما بقيتِ على قيد الحياة
سلمى:- ههه مدهش هذا العشق الذي يجمعهماااا
كامل:- وأنا أيضا أقول عنه عشق فما يبتدأ بالكره والغضب ينتهي بالحب والهرب
سلمى(ابتسمت له):- أراك تتغزل هناااا سيد كامل
كامل:- يا روح كامل انتي .. ههه
حميدة:- هووووووس … والآن مع فقرة رقصتنا التقليدية من تراث قبيلتنا سيبدأها كامل وخطيبته ليكملها الثنائياااات هيا هيا تشكلوا سوية مع بعض .. جاسر وصال إلى المرقص ودووووون جداااااااال ..
وصال(جحظت بعينيها):- لن أراقصك أبدا
جاسر(بنفس الحالة):- وأنا غير متحمس بالمرة هممم
حاولا التوجه كلا في طريق لكن وجدا حميدة أمامهما كجندي المراقبة ، تطرق برجلها أرضا وتشير بإصبعها لوسط المرقص وعلى نظرتها ترتسم نظرة القتل إن رفضتم طلبي ، ابتلعت وصال ريقها ونظرت لجاسر الذي هز لها كتفيه بقلة حيلة ، اقترب منها بهدوء وأمسك يدها ووقفت بجنبه في سطر مستو مع البقية وهنا انطلقت الإيقاعات التي صدحت في الأكوان وافتتحتها حميدة التي دخلت للوسط وأخذت تشير بمنديلها في السماء والبقية يضحكون ويمرحون وهنا كانت نظرة عميقة بين جاسر ووصال لم تستطع مقاومة تلك الابتسامة التي ارتسمت على شفاههما برغم الغضب إلا أن مزيج المتعة كان فارقا تلك اللحظة .. كامل كان يراقص خطيبته بقربهم أيضا والدنيا لم تسعه من الفرح قضوا وقتا ممتعا للحقيقة وتناولوا العشاء وأتمموا احتفاليتهم بتلبيس الخواتم للخطيبين ولحظتها حان وقت الوداع رغم أن الوقت كان لا يزال متاحا لكن ارتأوا الذهاب أبكر حسب الطريق من المدينة للمعسكر .. دخلت وصال لبيت كامل وبدلت ثيابها وارتدت ملابس العسكرية وتركت الباقي في بيت حميدة يعني لتأخذهم من هناك في الزيارة القادمة ، أيضا دخل كامل ليبدل ثيابه ويحادث عروسه على جنب ويغدقها من أشواقه الكثير .. وجاسر ذات الشيء وكان هو أول من أتمم ذلك وخرج لينتظرهما في الشارع..
حميدة(تقبل وجه وصال):- فقط فكري واحد ضابط شرطة والثاني معلم والثالث صاحب محلات الحلوى في المدينة كلها هممم
وصال:- ههه يا خالة حميدة أنا فين والزواج فين .. لكن لن أنسى محاولتكِ هذه قط
حميدة:- والله فرحت بمروركما شرفتماني أمام أهل الحي ..
وصال:- تسلمي خالة حميدة .. كامل
كامل(قبل جبين سلمى وهرع إليها وهو يعلق محفظته خلف ظهره):- أي ماذا وضعتِ في محفظتي يا جدتي وكأنني أحمل أطنانا من الحجر
حميدة:- فقط بعض الغذاء الذي يرم العظم وأدويتك يا عزيزي
كامل:- أشك أن الرائد لن يقبل بركوبي معه بهذااا
وصال:- ومن سيخبره ههه … سلمى اعتني بنفسك وتشرفت بمعرفتك حبيبتي
سلمى:- الشرف لي أختي وصال
كامل:- أختي وصال إنها النقيب يا بنت
وصال:- له يا كامل هي تعد أختي لا بأس … هيا بنا
لوحت لهم حميدة وصبت خلفهم كوب ماء وعانقت سلمى بجانبها بينما انطلق كامل ووصال صوب سيارة جاسر حيث كان يجلس بانتظارهما ..
جاسر(تأمل هيأتها وقد عادت لطبيعتها):- ها قد عدتِ لطبيعتكِ أخيرا كدت أشك أنكِ لن ترغبي بتغيير الفستان
وصال(جلست قربه ووضعت حزام السلامة):- ولو يا بعدي انتهى الحفل كما أرى
كامل:- هححح إلى المعسكر إذن اشتقت له زاوية زاوية
جاسر(ضحك عليه):- إذن جهز نفسك انتبااااااااه
كامل(انتفض محله وقام بالتحية العسكرية):- يا ويلي أرعبتني ههه
وصال:- هههه يا عيني ع الجنون ، كامل ما رأيك ببعض الموسيقى ستفرط من الضحك حين سماعها
كامل:- أجل أجل سيدتي أريد ذلك
وصال(نظرت لجاسر الذي زورها بحنق فهي تضحك على موسيقاه المفضلة):- خذ إذن
طوال الطريق وهو يضع يده على أذنيه كره الأغنية وكره الروك وما جاء منه ، وضع منديلا ورقيا في أذن وفي الأذن الأخرى ذات الشيء واستلقى على الكرسي الخلفي ونام أرحم له من سماع ذلك ، أما هي فقد اتكأت محلها وأخذت تتأمل الطبيعة حولهما
جاسر(لمح نوم كامل العميق وشخيره وأخفض صوت الموسيقى قليلا):- علينا أن نتحدث قبل عودتنا للمعسكر وصال
وصال(نتحدث ماذا سيقوووول لي ؟):- أ.. حول ماذا ؟
جاسر(أوقف السيارة على جنب الطريق الفارغ تماما من أي أحد غيرهم):- لننزل قليلا
وصال(ما به ماذا يريد):- أوك ..
نزلت رفقته من السيارة ولحقته وهو يسير بضع خطوات مبتعدا بقليل ، كان التوتر يتغلغل فيها فقد استغربت طلبه ذاك لذا مر ألف سيناريو وسيناريو على رأسها في الغاية التي سيريدها منها جااااسر ، وما أوقفها هو توقفه فجأة واستدارته المربكة أكثر حيث صاحبت نظرة عيونه الجادة على غير العادة
وصال:- أوك بدأت أتوتر رجاء أخبرني ما الأمر ؟
جاسر(حرك فكه وانبهر بحركة شعرها المتمايل بفعل الرياح):- أ.. كنت أود مشاركتكِ بأمر مهم يعني مصيري و ..
وصال:- هممم و ماذا ؟
جاسر(ابتلع ريقه منزعجا من خصلة التصقت بوجهها وحاولت إبعادها لكنه مد يده وأزالها برفق):- يعني …
وصال(حولت عينيها مع يده التي أزالت الخصلة يا إلهي يا إلهي):- أهاااه ؟
جاسر(جمع يده بانتباه ورمش بعينيه):- عن .. كامل أجل عن كامل كمال
وصال(فتحت عينيها وأغلقتهما بزفرة خيبة):- كامل كمال ، كنت لأستغرب لو كان الموضوع عن شيء آخر
جاسر:- لا يجب أن ترهقيه في التدريبات لا يجب أساسا أن يخضع لها ، كامل لا يزال مريضا يعني راعي حالته الصحية سيتمم الأسابيع المتبقية بدون أن يقوم بمجهودات متعبة ، قد نعرضه لانتكاسة لا سمح الله إن لم نهتم بصحته جيداااا
وصال(بخذلان نظرت للأرض وأخذت تلاعب صخرة صغيرة برجلها):- أمم أمم
جاسر(انتفخ صدره بالتعب):- يعني أقول هذا لمصلحة كامل ، وقد زاد على نفسه مسؤولية خطيبته ووصية جدته يعني يجب أن نكون على قدر من التحمل لإبقائه في راحة تامة
وصال(انهمرت دمعيتين من عينيها بدون أن تستطيع مقاومتها):- تمام
جاسر(لاحظ اختناق صوتها ومال برأسه ليطالع وجهها الذي اختفى من كتل شعرها السوداء):- فكرت في أنكِ ستهتمين بصحة كامل أكثر مني
وصال(هزت رأسها وهي ذات الوضع محنية):- أفكر أفكر ..
جاسر(عض شفته حين لمح بريقا لامعا من خديها):- ارفعي رأسكِ وانظري إلي ..
هنا زادت وتيرة بكائها وأخذت تهتز بدون قدرة على التحمل ، كيف تخيلت انه سيتعرف لها بشيء أساسا تشك بوجوده في كيانه ، القلب الذي يستحيل أن يكون ضمن جسم جاسر فهو يتمتع بالبرودة والجلادة وقلة الشعووور غير ممكن أن يقدر حجم احتياجها ولوعتها ونظراتها التي تترجم رغما عنها ما يعسكر في جوفها من محبة له .. كيف له أن يكون بذلك الجمود ولا يستشعر نبضها قد اعترفت له يوم أمس بفرط المشروب خاصة كوثر فأي إشارة ينتظرها بعد .. كان يعلم أنه السبب في بكائها وأنه يخذلها كثيرا لكن لا يسعه تقديم شيء … في جوفه حفرة عميقة لا يمكنه تجاوزها
جاسر(مد يده ليرفع رأسها إليه):- وصال ..
وصال(أبعدت رأسها عن مرمى يده وولته ظهرها لتمسح دمعها):- لقد تأثرت قليلا بسبب ما مر به كامل ، وفرحة الليلة لا تزال مؤثرة علي تمام إن أنهيت طلباتك لنرحل
جاسر(لاحظ تهربها وأمسكها من يدها بقوة):- لحظة ..
وصال(بوجع في روحي ابتلعت غصة):- …لارد
جاسر(جعلها تدور مجددا صوبه وناظر عيونها المحمرة وأنفها الذي اتخذ لو الطماطم):- لما بكيتِ ؟
وصال(بتلعثم وضعت خصلات شعرها خلف أذنها):- أخبرتك ..بسبب كامل
جاسر:- ولكنني غير مقتنع
وصال(رفعت عينيها إليه بأسى بالغ):- هذه مشكلتك
جاسر(سحب نفسا عميقا وقبل ذهابها أغمض عينيه قبل أن يفتحهما بآه تعتصر قلبه)- يجدر بنا التحرك لنصل في وقت أبكر
وصال(أزالت يدها من قبضته):- وهذا نفسه ما أقوله …
على الكبرياء والعنفوان انطلق كل منهما صوب السيارة ، لا هو سيتنازل ولا هي ستترجاه ليبوح لها بمشاعره كبريائها لم يسمح وعنفوانه وقف بين رغبته في التحدث بصراحة ، وبين إبقاء الأمور كما هي عليه .. اعتصر ذلك الإحساس في جوفه كجمرة نارية تحرقه حرقا وهي ظلت تغالب دموعها متدثرة جانبيا تبعد عينيها عن بصره وتغوص وسط الظلمات التي تحيط بهما من كل جانب في تلك الطريق ، ظلمات تشبه ضياع روحها وتشتتها بسبب عناد رائدها الهمام جاسر العلايلي …
شعور نوعا مماثل كان يعيشه صديقه الذي وضع في موقف يحسد عليه ، قد كان يتفق مع أهل خاله على موعد الزواج بعد يومين وأخبرهم أنه سيصطحب معه حياة للمدينة فورا ولن ينتظر أكثر ، طبعا وافقوا نظرا لضغط عمله المهم أنه قبل بالزواج ولا شيء آخر ، وأكيد كل هذا تم بحضور أهله الذين فرحوا بهذا الخبر وبموافقته لكن هو كان قلبه يعتصر الكثير من الأوجاع ،لذا ما إن تملص قليلا من هناك حتى اتصل بزرقاء العيون خاصته لعل صوتها يشفع له فعلته
كوثر:- آه يا روحي اشتقت لك لم تكلمني طوال اليوم أنت بخير يا زياد ؟ هل غضبت مني على البارحة والله لم يكن شرابا بل دواء وحين تعود سآخذك لصاحب ذلك المحل الذي كذب علي يعني أردت أخذ شيء ينشطني أنا والشلة ولم أحسب أنني سأثمل ، لم تغضب مني صحيح حبيبي آخر مرة والله لن أعيدها … زياد قل شيئا ..
زياد(نظر خلفه لفرحة الأسرتين بخبر الزواج وبوجع قاتل):- سامحيني حبيبتي كوثر قسوت عليكِ كثيرا، أنا متفهم للأمر جدا يعني لا بأس
كوثر:- تقولها من خلف خاطرك أعرفك حين تتذمر مني ، لقد أقسمت لك لن أعيدها وأنا جاهزة لأي عقاب منك حين تعود
زياد(أغمض عينيه بأسف):- كوثر يكفي أنتِ تؤلمينني ببراءتكِ هذه
كوثر(انتفضت من صراخه لكن ابتسمت):- حسن حبيبي كما تشاء .. متى تعود إلي اشتقت لحضنك أنا ؟
زياد:- بعد ثلاثة أيام سأكون هناك ..
كوثر:- ستجدني بانتظارك
زياد:-كوثري … لو أخبرتكِ أنني سأفعل أي شيء لنكون سوية ستصدقينني صحيح ؟
كوثر:- أكيد يا حبيبي أنا معك ولو على الموت
زياد(ابتسم بغبن):- علي أن أقفل الخط الآن .. انتبهي لنفسكِ حبيبتي نتكلم لاحقا
كوثر:- حاضر حبي مواااح ..
حياة(وقفت خلفه وهي تتمطى بحركة مربكة):- أكلمت حبيبتك ؟
زياد:- أهاه
حياة:- هل هي جميلة ؟
زياد:- أترغبين برؤية صورتها ؟
حياة(ابتلعت ريقها بوجع):- أكيد يعين متشوقة حتى ههه
زياد:- طيب ..سأريكِ أجمل وجه رأيته في حياتي وأجمل ضحكة كوثرتي الشقية أنظري إليها رائعة صحيح
حياة(ما إن رأتها حتى وضعت يديها على شعرها بارتباك):- أهاه جميلة جدا جدا حتى
زياد(أعاد الهاتف لجيبه):- سأفعل كل شيء يمكنني من التخلص من هذا الكابوس لأكون معها ، سأساعدكِ أنتِ أيضا كما اتفقنا
حياة(بغلالة دمع):- طبعا يا رجل كله تمثيل في تمثيل ، والمصالح بتتصالح هه هيا لنعد للداخل قبل أن يتفقدوننا
زياد:- هيا بنا
أحيانا يكون من الغريب خلط الأمور والبدء بسوئها لأجل جيدها ، ففي بعض المرات لا ينجح الأمر وأخشى هنا أن يقع زياد في شر قراراته الخاطئة إذا ما تم ما يفكر به رفقة حياة التي كانت تضمر أكثر مما تبرز …

في تلك الأثناء
يعني سنقول أن العشاء انقضى على خير ولم يحتوي سوى صوتين استمرا في تحريك دفة الحديث على تلك الطاولة ، رقية وإياد أما هما فقد ظل الصمت رفيقهما طوال الجلسة يعني أحيانا يتمتمان ببعض إجابات وجيزة كرد على حديث الثنائي السعيد الغير مبالي بأي شيء ، بالرغم من أن إياد كان يستشعر تعب ميرنا داخليا وهي قرب وائل إلا أنه تركها تعايش ألمها عمدا فبعض الآلام تستحق أن تتجذر فينا لكي يتم استئصالها من عمقها بشكل نهائي .. وهذا ما فعلته رقية كانت تشعر بضغط وائل الذي بدا عصبيا جدا طوال الجلسة لكن لا مفر له من ميرنا ولا مفر لهذه الأخيرة عنه ..
إياد:- بما أننا أنهينا العشاء بسلام وبدون كوارث ما رأيكم بلعب لعبة الصراحة
وائل(مسح فمه):- يبدو ذلك ممتعا لكن عذرا منكم سأستأذن الآن .. فرصة ثانية
رقية:- وائل يهرب يا جماعة ربما خاف من أسئلتك إيااااد ههه
إياد:- هههه أسئلتي ليست خطيرة لتلك الدرجة
وائل(نظر بطرف عين لميرنا):- ليس كذلك لكنني متضايق وسأشعركم بالتعاسة إن بقيت
ميرنا(هنا انفجرت ولم تستطع التحمل):- سأغادر بدوري لا أريد البقاء معك في طاولة واحدة إن كنت تظن بأنني السبب في قنوطك هذا سيد وائل ، نتأسف منك أنا وصديقي لأننا خربنا سهرتك مع صديقتك من البداية كان علينا الرحيل إياد وعذرا منكِ رقية الكلام ليس موجها لكِ …
رقية(رمشت بعينيها ونظرت لإياد ثم لوائل بعتب):- لم يحصل شيء لكل هذا ميرنا ، اهدئي
ميرنا(بدموع):- لما سأهدأ أنا هاااادئة تمااااما ، طوال تناولنا الطعام وأنا هادئة هل ضايقتكم بحرف ثم هل تعمدت أن نلتقي هنااااااا ، كانت صدفة فهل ستلومني على الصدفة أيضا ؟
إياد(لاحظ ارتجافها وبقلق نظر حوله):- ميرنا اهمدي لم يحدث شيء
ميرنا(ضربت على سطح الطاولة وهي ترفع رأسها كي تناظره وهو يرتدي سترته):- غادر رجااااء هيا كي لا تبقى أكثر وترى مشهدا تراجيديا سيمتعك وسيشعرني بالخزي
وائل(مص شفتيه ونظر حوله للناس وأمسك ذراعها):- انهضي ..
ميرنا(حاولت جذب يدها):- ماذا تريد مني دع يدي لا أريد أن أحادثك لن أحادثك وائل لا أرييييييييييييد …
وائل(بعصبية أمسك بحقيبتها وبسترتها القطنية وجذبها بقوة):- قلت انهضي ستأتين معي الآن تحركي ..
إياد(وقف واقترب منه):- أرجح أن تدعها يا وائل هي متعبة طوال اليوم ,وأحضرتها هنا لكي تنسى قليلا ما حسبت حسابا لهذا رجاء منك
رقية:- أجل أنظر إلى ملامحها تبدو منهارة وتعيسة
وائل(نظر إليهما وجذب ميرنا خلفه):- أتمما سهرتكما على راحتكما ولا تقلقا ، سلام ..ميرنااا امشي معي لأرى
ميرنا(بغضب تحاول أن تجذب يدها منه):- قلت لك دعني ما الذي تفعله هل جننت ؟
وائل(نظر إليها بطرف عين وبحدة):- سأكون مجنونا لو تركتكِ كالعربيدة تنفجرين بوجهي كل دقيقة …
وقف بباب المطعم وأعطاها سترتها لتلبسها وهذا ما فعلته بعدها جذبت منه حقيبتها واتخذت طريقا آخر ، مستغلة توجهه صوب سيارته ولكنه لم يفلتها بل لحقها وجذبها إلى السيارة وجعلها تركب بالقوة ووضع بعدها حزام السلامة بصرامة حولها وصفق الباب .. ركب بعصبية بدوره محله عقد حزام السلامة وانطلق نافثا النار خلفه نار ستحرق كل العيون المحيطة بالمحل وعيون هذا الذي كان يجلس في ركن قصي يتابع الأحداث والذي نهض من محله وطوى الجريدة وتوجه صوب رجاله ..
شخص ما :- سنغادر
خادمه(فتح له باب السيارة السوداء التي أغرم بها رامز):- تفضل سيدي ..
الشخص:- طيب يا وائل أرى أنك لن تدعها وشأنها وهنا لم يعد بإمكاني مساعدتك بشيء ..
كانت تتخبط في السيارة تحاول أن تفتح الباب التي أقفلها وائل من ناحيته ولم يسعها فعل شيء، بالرغم من استحالة مرادها إلا أنها ظلت تتذمر وتشكو وتبكي وتصرخ لحين وصل بها إلى مكانهما المعتاد عند التلة قرب البحر ،،، دعك فرامل السيارة وأوقفها بقوة في ذلك المكان ونزل متوجها إليها بصمت قاتل مثلما كان أثناء حضورهما ، فتح بابها وجذبها من ذراعها بعنف إليه ، عنف يترجم عدم قدرته على إنهاء هذا الحكم الذي حكم عليهما به ، عنف يحكي قصة معاناة رجل عاشق حرموه من حبيبته وسلبوها من حضنه ، عنف يبرز صراعه الدفين بين مشاعره وبين الصحيح والخطأ .. كل هذا لم تتبيَّنه فلقد كان يصعب عليها أن تعايش عنفا من قبل بلسم روحها لذلك صرخت فيه مرات عدة لكنه لم يفلتها إلا لما وصل إلى ذلك المكان وقتها فقط ترك يدها التي أخذت تدلكها بوجع ..
ميرنا:- لما فعلت هذاااا هل سترعبني بقوتك ؟
وائل(مص شفتيه):- ها أنذا أمامكِ عاتبي عاقبي افعلي ما يحلو لكِ ، هيا أرني ما الذي يزعجكِ لما افتعلتِ كل تلك المشكلة وصرختِ وضربت وهزئتِ وبكيتِ ووووو هيا أجيبي ميرناااااااااااا ؟؟؟
ميرنا(انتفضت من صرخته وتراجعت للخلف):- أنت تخيفني
وائل(توقف عن جرها وابتعد عنها لحظة ثم جابهها وصدره متضخم بالغضب):- ميرنااا ميرنااا إنكِ تجبرينني على فعل أشيااااء لا أطيقها
ميرنا(بضياع في عينيه):- ولكنني متعبة متعبة …
وائل(مص شفتيه بتعب ووضع يده جنبا وبالأخرى أشار لها):- ميرنا بأي لغة تريدين مني أن أشرح لكِ أن لقائنا محظوووور ، كيف سأخبركِ أن هذا الأمر يؤلمني أكثر منكِ وأنه ليس بيدي تنفيذه خوفا عليكِ .. ميرنا مثلما أنتِ تتعذبين أنا أموت ألف مرة أكثر منكِ ولا يسعني تغيير شيء مثلما تتلقين تهديدات أنا أعايشها على أرض الواقع لن أغامر لن أغامر بفقدكِ ولو على حساب وجعكِ وألمكِ ميرنااااااااا لأنني بدوري أحترق
ميرنا(ببكاء):- لقد تعبت سئمت لم يعد فيني صبر لم أعد أتحمل هذاااا العقاااااب ..
وائل(هزها بعنف من كتفيها):- وهل أنا راض بهذا الوضع ، أترينني سعيدااااااا ؟
ميرنا(بضعف أمامه وانهيار):- لم أعد قادرة يا وائل أنا أموت وأنت بقربي ، اهئ هذه الليلة كانت محض سيف انغرس في صدري بقرب الجراح المتفتقة بداخلي ، أنت لا تشعر بي لا أحد يفهم وجعي كلكم تلومونني ووحدي المذنبة
وائل(ترك كتفيها وأمسك بفكها بيده):- ميرناااا يا روحي لا تبكي ، أنتِ تعرفين جيدا أن دموعكِ تسقط كالجمر على قلبي ، آسف حبيبتي آسف إن أوجعتكِ ..
ميرنا(بغمغمة دموع وفشل):- أنا أشعر بأني روحي تسحب مني ، وكأن الهواء يتوقف فجأة ويخنقني كلما ابتعدت عني يا وائل اهئ أنا لا أستطيع أن أتنفس بدوووونك هل هل تفهمني ؟
وائل(رفع رأسه للسماء بوجع أحدثته مجنونته للتو ورمى بها في حضنه):- يكفي بكاااء يكفي يكفي حبيبتي ،، أنا معكِ الآن فحتى لو حاولت التفريط بك خلايا دماغي ترفض وتعلن على كل حواسي العصيان
ميرنا(تشبثت بقميصه وهي تبكي وتبكي وتبكي بدون توقف):- أريد أن أموووت ولا أبتعد عنك لحظة واحدة ، واااائل لا تهجرني مجددا لا تترك يدي أرجووووك
وائل(خاف عليها كثيرا واعتصرها في حضنه بدون قدرة على المقاومة):- يا ميرنا لم تمر حتى 48 ساعة على ذلك كيف سنوقف هذيانكِ هذا ؟
ميرنا:- وفي هذا الوقت شعرت بمليون ألف وجع ووجع ، وائل إن كنت تحبني لا ترحل
وائل(رفع رأسه بتعب وأبعدها عنه قليلا ليطل على عينيها حبيبتيه):- يا عمري لا يصح إلا الصحيح ، لقد تورطنا وانقضى الأمر أنتِ ملزمة من ابن عمكِ الآن وأنا مجبر على الابتعاد عنكِ وعليكِ أن تساعديني في ذلك ولا تحرقي كل مجهوداتنا بسبب قلبك ..
ميرنا(تملصت منه وبلؤم):- هل تعتبرني مخبولة مثلا أو أنني أدعي عدم تحمل الحياة بدونك، هل تشعر بمعاناتي ولو قليلا أنا لا أمزح ولا أقول كلاما جميلا لأقنعك .. أنا صدقا أتلاشى حين تبتعد عني أشعر بأن الكون يضيق علي وأكابر نعم أكابر وأحاول المضي مبتعدة عن التفكير بك ، لكن أجد أن كل شيء في حياتي يتعلق بك حتى أنفاسي تختنق بعيدا عن مدارك ..
وائل(مسح على رأسه بقلة حيلة وولاها ظهره):- لقد واجهت ألف معركة لأترككِ وما استطعت ، لأن عالمي كله يرتكز عليكِ أنتِ فقط ميرنا
ميرنا(أمسكت يده بقوة وباحتياج):- إذن لا تبعدني عنك هذا ليس حلا بل هو شيء يقتلني يؤذيني يعذبني ، أترغب بأن تكون عذابي وائل ؟
وائل:- مهما حاولتِ يا ميرنا ، لن تغيري شيئا من قراري ولن تمنعيني عنه
ميرنا(حركت رأسها بقهر):- هذا ظلم والله ظلم ….
وائل(وضع إصبعه على شفتها بجنون):- شتت ميرنااا لنهدأ قليلا تعالي نجلس هناك
ميرنا(حركت له رأسها بطاعة وجلست قربه على الكرسي الخشبي):-هممم
وائل(نظر للبحر الأسود أمامهما وللسماء الداكنة):- أنظري للسماء ميرنا هناك بعض النجوم التي تلمع بوضوح ، وهناك أخرى خافتة صحيح ؟
ميرنا(مسحت دموعها ووضعت رأسها على كتفه تضم ذراعه إليها):- أهاااه أنا أرى ذلك
وائل:- نحن نشبه تلك النجوم ميرنا ، أحيانا نخفي آلامنا ولا نظهرها لأن هنالك ما يقلقنا ولا نستطيع محوه من حياتنا لنستمر كما نريد ، نحن لا نضمن ظروفا مقننة تخضع لعرف محدد لا يؤذينا أو يحرمنا النوم أو يجعلنا نشعر بالفقد .. فحين تزداد حدة الأوجاع تتوهج في محيطنا عبر تصرفات غير محسوبة طائشة تستحوذ على جراحنا العميقة التي تذكرنا بحجم عشقنا الذي يقطع أنفاس الطريق بيننا ، يزيد من المسافات ويرمي بنا في إلياذة التعاسة .. وكأنما حُكم علينا ألا نسمو بمشاعرنا علنا فيزداد الغموض وعدم الاكتراث اتساعا في قلوبنا … أتذكر أول مرة قابلتكِ فيها يا ميرنا كنتِ هاربة من الحفلة وارتطمتِ بحضني أتعلمين بما شعرت لحظتها وكأن روحكِ التصقت بروحي وكأنها توحدت بداخلي مثل قطعتين التحمتا بعد غياااااب ، وكأن أنفاسكِ اللاهثة اندمجت بأنفاسي المتثاقلة لتعيد فيني خلايا الحس والشعور ، من وقتها لم تتزحزحي عن محلك لأنكِ أعدتِني إلى الحياة صقلتِ كياني بحضوركِ فيه وجعلتني أحيا وكأنما تعرضت لتفعيل برمجة كانت معطلة مستكينة لوقت طويل بي .. لا أعلم إن كلامي هذا يخفف عنكِ لكنه يشعرني بالارتياح الآن وأرجو أن تتفهمي فراقنا عزيزتي إنه يعز علي وأقصى ما أتمنى أن تغفلي عن عيني ، لكننا محاصرون بالمخاطر ولهذا أنا لن أتراجع عن قرار الفراق وسأترك هذه الليلة استثنائية مثل ليلة أمس ، لن أغامر بكِ ولا لحظة حبيبتي تفهمينني صح .. ميرناااا ميرناا …
يا إلهي قد نااااااامت بالفعل ههه ، حرك رأسه بقلة حيلة وأزال سترته غطاها بها وجعلها تنام في حضنه باستكانة تامة في ذلك المكان ، وجد نفسه مجبرا على التعامل مع طفلته الكبيرة فلا غنى له عنها برغم كل ما يحدث ،.. أغمض عينيه يستطيب بعطر شعرها وهدوئها الآسر فقد سيطرت عليهما لحظتها هالة من العشق المحرم مهما حاولا الفكاك منه ما استطاعا .. أبقاها هكذا لوقت وجيز وأمسك بهاتفه واتصل بإياد
إياد:- بعد رسالتك ما زلت أنتظر وائل
وائل:- هل أخذت رقية للبيت ؟
إياد:- لا هي معي ، قد قلقت عليكما وتنتظرك بدورها هل نأتي الآن ؟
وائل(نظر لميرنا وبصوت حزين):- تعلم مكانها المفضل صحيح ؟
إياد(بأسف عليهما):- أهاااه .. أنا قادم
دقائق بسيطة ، دقائق تنعم فيها بحضنها وقربها عسل غروبه جوهرته الثمينة التي لا يسعه إبعادها عنه لولا الضرورة ، يصعب عليه استئصال روحه منها فهي نصفه الثاني لكنه مجبول على تركها مجبول على إيذائها تحت قيد هيمنة الظروف القهرية .. شعر بأن فجوة فراقها تتسع بداخله بحجم يستطيع أن يشعر أنه يهوي في داخله دون قدرة له على التحكم في سرعة السقوط ،،، لما أتيت سريعا قالها وهو يناظر سيارة إياد التي وصلت سوف يسرق منه حلمه الجميل ودفئه الذي يجعله يتناسى مقصلة الموت التي أجبر عليها …
أمسكها إياد برفق وجعلها تتكئ على كتفه بينما انسحب وائل وقد أعطاه إياد سترته
وائل:- لالا توقظها إلا بعد ذهابي سوف تبكي ودع سترتي لديك لا بأس
إياد(طالع الدمع المتحجر في عيونه وعمق الألم الذي يتحدث به):- ستتعدل يا وائل
وائل(بهمس ممتزج بالحرقة):- آمل ذلك ، وإلا سأتعب كثيرا معها
إياد(ربت على كتفها بحنان وهز رأسه):- سأبعث لك بخبر ما إن آخذها للبيت
وائل(نظر إليها وتحرك):- اعتني بها جيداا إياد …
كان الهرب بتلك الطريقة أفضل حل فلو استيقظت ستقلب الدنيا ، انسحب رفقة رقية التي كانت تنتظره بقرب سيارته وربتت على كتفه بخفة وهي تعلم أن لا شيء سيطيب جراحه ، ركبا سوية ونظرا صوب إياد وميرنا التي استيقظت على صوت محرك السيارة .
ميرنا(رفعت رأسها بعدم اتزان):- وائل .. أ..أهذا أنت إيااااد أين هو وائل إياااد
إياد:- مهلا يا ميرنا وائل … قد رحل ..
ميرنا(بجنون حركت رأسها والتفتت للخلف ورمقته مغادرا بسيارته):- وااااائل وااائل لا تذهب وااائل أرجوك عد إلي ، وائل لا تتركني واااائل …
مشهد موجع ومؤثر حين تشعر أن روحك تسحب منك وأنت مكتوف الأيدي غير قادر على القيام بشيء، لتصرخ في العالمين أن تلك الروح منك وإليك تنتمي ، مؤلم أنك لا تستطيع التخفيف عن أحبتك وتقف معهم عند مفترق طرق كلاهما يؤدي للهلاك … حرك رأسه وهو يصم أذنيه بجهد جهيد كي لا يسمع ندائها واستصراخها له لكنه لم يقوى على ذلك لم يقدر أن يبعدهااااا كيف ذلك وهي تسكنه …
إياد(لحق بها وأمسكها وهي تتلوى بصراخ ووجع):- ميرنا ميرنا توقفي عن ذلك
ميرنا(دفعته وركضت بتعب بغية اللحاق به):- أنت لا تفهم ذاك وائل ،، لا يمكن أن يذهب لا يمكن … يا واااائل يا حبيبي لا تذهب اهئ اهئ … واااااااااااااائل
آخر صرخة سقطت بعدها أرضا جاثية تستنجد بحبيبها الذي طالعها بحزن وابتعد بسيارته ، دون قدرة له على البقاء أكثر فلو طاوعها لن تنتهي تلك الليلة ولن يستطيع حسم الأمور وحمايتها لذلك انطلق بسرعة نارية جعلت رقية تتوتر وتحاول تهدئته قدر المستطاع ..أما إياد فقد أسند ميرنا وأخذها لسيارته وهي بروح ميتة بعيون دامية وحالة يرثى لها ، لم تزل سترته بل ظلت تعانقها دون قدرة لها على إزالتها فلو فعلت ستكون قد وافقت على جنونه بالابتعااااد ، تعب إياد في محاولة إقناعها أن كل ما يحدث لصالحهما لكن من يسمع …
رقية:- يعني سوف سوف تعود إليك وائل ، يعني ما إن تتعدل الأمور وتطلب الطلاق من زوجها ذاك ثم لا أفهم طالما تحبان بعضكما بهذا الشكل لما تطاوعان الألم أوقفا هذاااا ..
وائل(عض شفتيه وضرب رأسه بخلفية الكرسي وهو يستشيط غضبا):- رقية رقية أنا للتو قد تخليت عن حبيبتي أتفهمين ما معنى تخليت عنهاااااااااااااااا ؟؟؟؟
رقية(ابتلعت ريقها من حالته المرعبة):- مهلك يا وائل ستؤذي نفسك وأنت لا تزال مريضا وضلوووعك ت..
وائل(ضرب على صدره وعلى المقود فيما بعد):- لقد كسرتهاااا كسرت ميرنا كسرتهاااا يا لي من حقيييير ، ماذا سأفعل كيف سأضمد كل هذه الجراح كيف سأتعامل مع وجعها الذي مزق رووووحي كيف كيف كيف …
رقية(أمسكت يده التي ظل يضرب بها على صدره):- توقف بالله عليك توقف وأوقف السيارة جانبا ، ستؤذي نفسك اسمع مني إن كنت تحبها توووووقف …أنا خائفة عليك
وائل(حرك رأسه بطاعة وأوقف السيارة على جنب ورمش بعينيه):- تخليت عنها
رقية(ببكاء مسحت على كتف صديقها):- وائل .. عزيزي …
وائل(استسلم ليدها الحنونة واتكأ بضياع على كتفها وأخذت تمسح على رأسه):- رقية لقد كسرت ميرنا ، هي لن تسامحني بعد الآن
رقية(عضت شفتيها بكاء على صديقها الحبيب):- يا الله ..فقط لو أعرف سبب كل هذا لارتحت ولساعدتك في الصبر يا وائل
وائل(أمسك بيدها وأغمض عينيه على دمع قلبه الحارق):- آذيتها أكثر منهم ، قد قسوت عليها وهي ضعيفة هشة لا تستحق ذلك لا تستحق …
لم تجد بما تريحه هي نفسها لم تفهم شيئا ، ظلت تمسح على رأسه وقد هزمه استسلامه لحظتها ، بالرغم من أنه حسم الأمر لمصلحتها ولأمانها كذلك .. إلا أن ذلك كان فوق حياة قلبه الكسير … هنا كانت هي متكئة برأسها على النافذة تخط بإصبعها المتعب على الزجاج الضبابي في حركة شاردة وقد جفت أدمعها من كثرة البكاء
إياد:- ميرنا أنتِ بخير أجيبيني عزيزتي ؟
ميرنا(مطت شفتيها ألما ومن بين غمغمة قهرها نطقت):- لن أسامحه .. لن أسامح وائل كي لا يهجرني مرة أخرى ويجعلني أتألم ..
إياد(أغمض عينيه ومسح على رأسها بيده):- تعالي إلي هنااا ..
ميرنا(رمشت بعينيها ونظرت إليه بغبن وبدأتِ البكاء من جديد):- انتهى كل شيءءء ..
اعتصرها بحزن هو الآخر منكسر لأجلها ولا يدري كيف يخفف عنها وتيرة الأحزان التي أكلت روحها ، فهي تحارب من كل حدب وصوب وحيدة بين الذئاب والمؤامراااااات ، حكيم من جهة بسلطته وتحكمه الذي يفقدها ثباتها والفهد البري الذي يهدد حياة أحبتها بالخطر ، ووائل الذي سحب روحها منها خوفا عليها كلهم حاصروها في زاوية البؤس الطويل المدى ،.. ربت على ذراعها بمساندة صدقا كانت تحتاجها فحضن صديقها هو المكان الوحيد الذي ستستعيد فيه وعيها وثباتها .. وصل بها إلى البيت وأزالت سترة وائل عنها وقبلتها بعمق وهي تضمها لصدرها ووضعتها بالخلف قبل أن يفتح لها إياد الباب لتنزل ..
إياد:- إن شعرتِ بسوء فقط كلميني سآتي لأبقى هنا بقرب بيتكِ ونتحدث همم ؟
ميرنا(هزت رأسها له والتعب قد أحاطها من كل جانب):- شكرا لأنك معي يا إياد
إياد(عانقها بعمق):- لو كان بودي لأحرقت العالم وما رأيت دمعة انكسار منكِ ، لكن هانت يا ميرنا سينتهي كل هذا ذات يوم
ميرنا(حكت رأسها في حضنه وناظرته):- أرجو أن يكون ذلك اليوم قريبا قبل أن تستهلك ميرنا صديقتك
إياد(قبل جبينها):- لا تقلقي أنتِ وارتاحي الآن ، انسي كل شيء سأهاتفكِ ما إن أصل لبيتي اتفقنا سوف لن أنام قبل أن أطمئن عليكِ وبالنسبة للمقالة لا تكتبيها سأغطي عنكِ ذلك يعني أسلوبي ليس شبيها بأسلوبكِ ولا قدرة لي على العطاء مثلكِ لكنني سأحاول وفتحي لن يعترض
ميرنا(حركت رأسها بعمق):- لقد عرفت ماذا سأكتب ، لا تشغل بالك نلتقي غدا بالجريدة فأنا سأكون بخير أعتقد ذلك ..
لم يكن بوده شيء سوى الانسحاب بعد دخولها للبيت ، وما إن وضعت رجلها ببيتهم حتى أفرجت عن آه عميقة وهي تدخل بسكون تام فقد كان البيت كذلك ساكنا هادئا لا حس فيه ،وكأنه مهجور من سكانه وهذا ما كانت بحاجته فعلا .. صعدت بهدوء لغرفتها وانتبهت لباب غرفته المفتوح فما أثقل لقاءه الآن لو ظهر أمامها لكن لا قد كان منسدحا على سريره ونائما في سكون تام ، كيف نام دون أن ينتظرها عجيب أمره لم تهتم بل ارتاحت لأنها لن تجادله في ذلك الوقت المتأخر ، دخلت لغرفتها وأقفلتِ الباب خلفها وهنا فتح عينيه ونهض ووقف عند بابها يستمع لنشيج بكائها وبدون الحاجة لمعرفة ما يبكيها فأكيد أمر متعلق بوائل رشوان ، انسحب من هناك وترك لها مساحتها التي تحتاج إليها وحيدة .. رغما عنه تحرك من هناك فهو يريد أن يدلف ويطمئن على صغيرته لكنها ستأبى ذلك وسيضايقها وهذا ما لا يرغب به في ذلك الليل ، عاد لغرفته وأقفل الباب خلفه ورمى بنفسه على سريره يناظر السقف ويستشعر بعدها عنه بحجم بُعد السماء عن الأرض …
" [الصَّديق] … هو ذلك الشَّخصُ الذي ترمي عَليه كُتلَ هُمُومِك دُون أن تَكترثَ لإزعَاجه ،هُو الذي يَمسحُ دَمعك ويُخبرك ولو اعتِباطا أن كل تلك الصِّعاب ستنتهِي ، هو الذي يرسُم البسمة على شفتَيك في عزِّ حاجتكَ وضيمك ، هو الذي تلجأ إليه ما إن تجدَ نفسكَ في مأزق لا تستطِيعُ مجاراته ، وحده الذي تأتمنُه على أسرارِك ،..أحلامِك .. هفواتكَ وأخطائك ، وهو من ينصَحُك ويشُور عليكَ لتصِل للسبيل الصَّحيح ، هُو من يُعطيكَ من وقتهِ ويُصغي بجديَّة لمشاكلك ومُعاناتك ، وهُو نفسهُ الذي تُمضي معه أجمل لحظاتِ حياتك وتشاركهُ بأتعسها كذلك .. الصَّديق هُو رُوحكَ الثانية الذي تُقاسمهُ سُويعاتِ الجنون سُويعاتِ الحُزن سُويعاتِ التمني والانتظار ، هُو الذي ترفعُ سماعة هاتفكَ وتُكلمه بدون تفكِير في كل الأوقات المُمكنة والغيرِ مُمكنة صباحا أو مساء فجرًا أو ليلا ، هُو الذي يأتيك في كل الأوقات إذ يكفي أن تستنجد به ليحضُر بأفكارهِ كالمنقذ بالنسبة لك في أوقاتكَ الحَرجة ، هُو ذلك الإنسان الوحيدُ الذي يؤمنُ بك وبقدراتكَ ومواهبكَ البارزة منها والخفية حين يتخلى عنك الجميع ، هُو الذي يُشجِّعُكَ بكل ما يملكُ من قوة فقط كي تستعيد ذاتك وتبني جسرَ تواصلٍ جديد مع روحك وتتصَالح مع الحياة ، هُو من يخططُ معكَ الصحيحَ والخطأ يقف معكَ في السراء والضَرَّاء يتذوق معكَ الحُلو والمر ، هُو الذي تعتمدُ عليه في مُخططاتك الصالحة منها والطالحة ويغامرُ معك دون أن يفكرَ بالعواقف التي قد تتورَّطان بها ، هو من يُقاسمكَ رغيفَ الصبر ويشحنُكَ بالمزيد المزيد مِن الآمال لأجل غدٍ أفضل ، هُو اليدُ الأمينة والحُضن الدافي الذي تجدُ فيه مُستشفى لقلبكَ العليل فهُو الذي يحتويك إلى أن تتعافى وبمقابلٍ زهيدٍ جدا أن يراكَ مُبتسما سعيدا فتلك هي أقصى أمنياته ،هو الذي يزرعُ الدُنيا ورودا حين يمسَح الدمع من محاجركَ ويهبكَ كُلَّ ما بوسعهِ لأجل راحتك .. ذاكَ هُو الصديق الذي يرقص معكَ جنونا ويبكي معكَ غُبنا ، يكفي أن تنظر إلى عينيه كي تجدَ نفسكَ وطمُوحك وسلامكَ في هذه الحياة وتُقبل عليها واثقا أن هُنالكَ شخصا يربتُ على كتفيك ، سواء أخطأت أو نجَحت ستجدُه جواركَ و في انتظارك طوااااالَ الوقت .."
ملاحظة شخصية : (متأكدة أن كل من قرأ هذا النص طرأ على باله شخص بهذه المواصفات دعُونا لا نتردد لنخبر أصدقائنا فورا أننا وجدنا بهم هذه المواصفات ، وأننا فخورون بوجودهم بجانبنا في كُل الأوقات ..)
أنهت مقالتها ونسختها على الورق وضعتها بملفها وأقفلتِ الحاسوب ، بعدها بدلت ثيابها بثقل رهيب واضطجعت على سريرها لأجل النوم ، لكن قبلا أخذت المقالة بين يديها وبدأت تستذكر ما كتبته وخيالها يسرح في صورة أصدقائها وصال كوثر وإياد أكثر فقد ساندها تلك الليلة بكل معنى للكلمة ، ولم يتوانى لحظة في عرض مساعدته اتصل بها مرتين بعد وصوله للبيت وفي كل مرة تطمئنه أنها بخير وقتها فقط هدأ واستكان ، فهو لن يسمح لصديقته أن تعيش في حزن طالما هو موجود .. نفس الصداقة تجلت في رقية التي ما إن أوصلها وائل لبيتها حتى ظل بالها عنده وأخذت تفكر في راحته كيف ستساعده وكيف ستخفف عنه انتظرت بعض الوقت لحين ضمنت وصوله لشقته وهو مجرور منهزم مكسور وبعدها كلمته ، أجابها بكلمات وجيزة وارتمى في حضن سريره كي ينسى كل مآسيه .. حبذا لو نحافظ على أصدقائنا ونشعر بهم فالصامتون منهم هم من يتألمون بشدة …

في صباح اليوم التالي
في شقة شهاب
كان أول من فتح عينيه ، تمطى قليلا وإذ به يسارع في إغلاقهما بتوجس ، فتحهما من جديد ثم أغلقهما ،مط يده و تحسس اليد الناعمة الموضوعة بأريحية على صدره لحين وصل لظهرها العاري وشعرها إذن من ينام جنبه إنسانة ذات شعر طويل وليست جنيته الحمرااااااء فقط .. استدار بفزع إليها كيف وصلت إلى سريره ، كيف نامت بحضنه …. نظر لنفسه والغطاء يشملهما سوية ورمى برأسه على الوسادة بغضب كيف سمحت لها أن تؤثر فيك يا شهاب بمجرد كأس مشروووب وااااحد ، مجددا تقع في فخها مجددااااا .. استذكر بومضات ضوئية حالتهما الجنونية حين وصلا للعمارة قبلهما الساخنة في المصعد في الممر أمام الباب ، دخولهما وجنونهما المتأوه في حضن بعضهما وووو … حرك حاجبيه وهو يمسح على وجهه بخجل مبتذل وسحب نفسه بهدوء من السرير ونظر إلى تلك الفوضى العارمة أغراضهما متناثرة في كل مكان بنطلونه قميصه حزامه كعبها المتباعد عن بعضه حقيبتها فستانها و … طيب طيب يا شهاب لا داعي لأن تكمل من الواضح أنك غرقت في بحر عشقها للمرة الرابعة ..أغمض عينيه وهو يرتدي قميصه وانحنى أرضا ليلملم تلك الفوضى بهدوء حانق رغم كل ذلك ، فما كان يجدر به أن ينجرف معها قبل الزوااااج هكذاااا حسم أمره خصوصا أنه لم يسامحها بعد ، طيب يا روحي أرى أنك سامحتها وتعديت تلك المرحلة بأشواط فتجاوز العقبة واستسلم للأمر الواقع ..
ميرا(فتحت عينيها على أنينه حين ارتطم برجل الكرسي):- شهاااب ..
شهاب(بغيظ رمى بتلك الأغراض على السرير ورمش بعينيه):- نامي نامي لقد أ.. سأحضر الفطور نامي لا تقلقي سأخرج قليلا وأعود
ميرا(رفعت حاجبها فيه واستوعبت للتو مكانها):- هئئ ماذا حدث ؟
شهاب:- هئئ ماذا حدث آه يا بعدي كل خير .. تتت سأنسحب قبل أن يفلت لساني مني
عقدت حاجبيها وهي تنظر للموصل الذي وصلا إليه ، تدثرت بغطاء السرير وهي تستشعر ثقلا في أطرافها يمنعها من النهوض ، وجدت عينيها تغلقان من جديد لذا عادت للسرير وعانقت وسادته ونامت وكأن الأخت لم تخرب قوانين السيد شهاب ، من دخل لحمامه واستحم سريعا سريعا وخرج بدون أن يلتفت ناحيتها بل غادر الشقة ليحضر مستلزمات الفطور أو هذه كانت حجته في الهرب ، فلا شيء كان ينقص بثلاجته لكن عقله كان ناقصااااا إذ استفقده حين سمح لرغبتهما بأن تسيطر على عقلهما لحظتها … مرت ساعة تقريبا حين اكتفى غيظا من فرط التردد في ممر شقته ما إن يصل للباب ويهم بفتحه حتى يعود أدراجه لحين المصعد وهكذا إلى غاية ما استجمع قواه ودخل ، فهي المتسببة بهذا التردد قد جعلته يضرب بكل رفضه عرض الحائط ويأتيها طائعا تحت وطأة العشق المباح ..لما لم يوصلها لبيتها يعني ويلتقي بوائل الذي اتصل به لأجل زيارته ولكن أي زيارة فقد خربت ميرا كل مخططاته .. أطل برأسه في الشقة لم يجد حسا ولا خبر لذلك اطمئن أنها ربما قد عادت للنوم وهذا ما جعله يرمي بسترته جانبا ويدخل رويدا رويدا للمطبخ ليصطدم بها ترتدي قميصه الخاص ذو اللون الأسود والذي يصل لنصف فخديها بقليل ، تلف شعرها على جنب وتحرك الحليب فوق النار وقدميها المغرية تحك بهما عضلة إحدى رجليها في حركة مثيرة جعلت ريح الجنون تضرب وجهه ، حرك رأسه مرتين ليستيقظ ووضع الخبز على الطاولة وأيضا بقية الأغراض
ميرا:- آه أتيت يا شهاب لقد حضرت الفطور إنه بالشرفة سنتناوله هناك فالجو جميل جدااا ، آه خذ بمعيتك تلك الصحون ريثما ينضج الحليب ..
شهاب(ابتلع ريقه وناظرها وقد عادت لتكمل ما كانت تفعله وهي تدندن بصوتها الناعم الحنون):- طيب
بصمت أطاعها لا يسعه فعل شيء ولا تغيير شيء قد حصل ما حصل وانتهى الأمر ، وضع ما طلبته منه وجلس بالشرفة ينظر للأجواء الصافية من حولهما وقد غالبه الارتياح .. شيء ما فيها يجعله صافي الذهن مستكينا مطمئنا أن الأمور كلها ستكون بخير ، نظر حوله للعب شادي المركونة في علبة على جنب استفقده وقبل أن يقر بذلك جاءت وهي تحمل صينية بالأغراض استقام بسرعة وأمسكها عنها وعيناه لا تستقران في عينيها أبدا .. استشعرت هي ذلك وفركت يديها لتجلس أمامه على الكرسي …
ميرا(نهضت لتصب):- سأصب أنا ..
شهاب(أمسك عنها ونهض بدوره):- لا اجلسي ، سأقوم أنا بذلك
ميرا(أمسكت بالخبز وأخذت تدهنه بالعسل):- تمام ..
شهاب:- حليب فقط صح ؟
ميرا:- أهاااه ..
شهاب:- ولكنكِ لا تتناولين الفطور الآن ؟
ميرا(نظرت إليه بخجل ووضعت خصلة شعرها خلف أذنها):- معك تنفتح شهيتي
شهاب(نظر إليها بخفة وأتمم عمله):- خذي إذن صحة وهنا هل أخذتِ دواءكِ ؟
ميرا(هزت رأسها وشربت القليل):- نعم
شهاب(تنهد وجلس محله ليشرب قهوته):- شكرا على القهوة إنها كما أحب
ميرا:- طبعا حضرتها حسب ما تحب
شهاب(ناظر بسمتها وتهرب بعينيه مجددا):- جيد جدا ، سلمتِ
ميرا(شربت من حليبها قليلا وهي تتطلع إليه):- نحضر شادي ونعود للقصر صح ؟
شهاب(رمقها بطرف عين):- أمم ممكن
ميرا:- يعني ريثما ينهي العمال تحضير غرفة شادي ، كما لمحت لم يجهزوا السرير بعد ولا الجدران ولا الأضواء التي طلبتها ..
شهاب:- أنا أوقفتهم يعني بسبب التصوير يوم أمس ، لكن سيأتي بعضهم اليوم ليتمموا كل شيء هكذا اتفقت معهم
ميرا(بمرارة طالعته):- لما لا تنظر لعيوني مباشرة شهاب ؟
شهاب(نظر وسرعان ما غير وجهتهما):- لماذا نحن نفطر ميرااا
ميرا(ابتلعت ريقها بحزن):- أنت نادم على ما حصل بيننا صح ؟
شهاب(وضع فنجان قهوته وزفر بعمق):- ما كان يجب أن ننجرف يعني .. زواجنا سيكون
ميرا(حركت رأسها بغبن وهي تناظر الفراغ حولها):- أنت لم تسامحني بعد
شهاب:- لم أسامحكِ ميرا هذه الحقيقة ، كلما هممت بذلك وجدت كذبتكِ الشنيعة حائلا بيننا أنتِ أخفيتِ عني ابني ومضيتِ في حياتكِ وكأن شيئا لم يكن ، في حين هو يترعرع وسط الغرباء حتى جدي لا أأتمنه عليه كيف استطعتِ ذلك ميرااااا ؟
ميرا(ضربت الطاولة بمنديلها واستقامت):- حين تفقد طفلك وأنت تنظر إليه غير قادر على احتضانه حتى ، وقتها ستفهم شعوري وخوفي الكبير عليه
شهاب:- لا تهربي بهذه الحجة ميراااا … وفاة طفلكِ الأول جاء نتيجة طيشك وجراء الظروف القسرية التي عشتها فلا تعلقي كل ما يحدث على تلك الحقبة ، ما عدتِ صغيرة ميرا أنتِ ناضجة لتتحملي المسؤولية كان عليكِ إخباري ومشاركتي بهذا الأمر أنا أبوه أنا من يعرف كيفية رعايته وليس الآخرون
ميرا(استدارت إليه بعصبية):- حاولت إخبارك أثناء حملي ، سنة كاملة وأنا أأحاول لكن ماذا فعلت أنت صديتني بكل الطرق الممكن وقبعت حزينا على أطلال ميرنا التي هجرتك
شهاب(نهض بدوره إليها والغضب قد برز من حالته)- ربما لأنكِ لم تتطرقي في أي محاولة من محاولتك لموضوع الحمل ، اعتقدت أنكِ فقط ترغبين بكسر قلب ميرنا والتلاعب بي بعد كل ما فعلته بنا ما كان يليق أن أحتك بكِ مهما حدث
ميرا:- هاااه هذا هو بيت القصيد شهااااب ، فكيف تريدني أن أخبرك بحملي وقتها مؤكد كنت ستسلبني من طفلي
شهاب:- متى كنتِ تنوين إخباري إذن حتى يصير بعمر العاشرة ويأتيني متسكعا هاي بابا أنا شادي ابنك ، بالمناسبة أنا أشجع أيضا نفس الفريق الذي تحب
ميرا(ضحكت بجنون):- ههه مؤكد أن اليوم ابتدأ بشكل خااااطئ
شهاب:- ميرااااا سنتوقف عند هذه النقطة حاليا أنتِ حامل وهذا ما يجعلني أكف عن محاسبتك ، تعالي أتممي فطوركِ لنحضر ابننا من بيتكم
ميرا(حركت فكها واقتربت منه):- لم أرغب بدوري أن ننجرف خلف مشاعرنا ، لكن ذلك شيء لا بيدي ولا بيدك إيقافه
شهاب(أغمض عينيه بتعب):- فهمت فهمت لا داعي لأن تبرري أنا أيضا مشترك معكِ في الأمر ، حسن لتناساه فهذه آخر مرة على الأغلب سأسمح لنفسي بأذيتك
ميرا(عقدت حاجبيها بدون فهم):- أذيتي ؟؟؟
شهاب:- طبعا أنتِ حامل ميرنا أم تراكِ نسيتِ أن هنالك طفلا يعيش بأحشائك ، وعلينا مراعاته
ميرا(لم تستطع إخفاء ضحكتها):- أتتحدث بجدية يا إلهي .. لأول مرة أصادف رجلا يخشى معاشرة امرأته لأجل طفله
شهاب(أغمض عينيه):- عدنا للحديث السافل ، أخبرتكِ أن تنظفي لسانكِ ميراااااا عيب أن تتحدثي بهذه الطريقة
ميرا(انفجرت ضاحكة بدون قدرة على التوقف):- هههه ولكنها فارقة لم تحدث لي سابقا ، يعني هههه طيب طيب سأصمت
شهاب:- يكون أحسن .. هممم ..
ميرا(أمسكت يده ورفعتها لفمها بقبلة دافئة):- أعلم أنك وددتَ لو بقيت بعيدة عنك كي تبقى حرا طليقا ، لكنك ظفرت بقلبي وفات الأوان على الرجوع لنقطة البداية
شهاب(مسح على خدها رغم ذلك هي شهية):- طيب مرة ثانية لا ترتدي قمصاني أنتِ تؤثرين بي هكذاااا
ميرا(استدارت وأمسكت يديها وجعلته يحضنها من الخلف يديه على بطنها):- ههه لا أعدك بذلك لكن ابنك قد يذكرني بهذا الوعد
شهاب(قبل عنقها واستطاب عطرها):- أريدها فتاة ..
ميرا(رمشت بعينيها وابتسمت وهيي تستشعر دفء أنفاسه في عنقها):- تشبهني وتحمل نفس عيوني وشعري وجنوني ، أأأممم بأي فيلم سمعت هذه الجملة ؟
شهاب:- اخرسي يا وقحة هذه جملة من صمصوم قلبي ، صدقا أريدها فتاة نسميها ماجدة على اسم أمي
ميرا(بتأثر):- مع احترامي لوالدتك رحمها الله لكن ابنتي ستكون ذات اسم مختلف يحمل الفرح في جعبته ،حتى حماتي ستوافقني به لحياة أفضل لها لكي لا تستذكر المواجع كلما ناديتها يا حبيبي
شهاب:- لما لا تختصرين الطريق وتقولين أن اسم ماجدة طراز قديم ؟؟؟
ميرا(ضحكت والتفتت إليه وهي بحضنه):- ههههه أموت فيك حين تفهمني
شهاب:- ههه مجنونتي أنا .. طيب سنختار لها اسما خاصا ما رأيكِ بزهور ؟
ميرا(رفعت حاجبها برفض):- وااااع أمقت هذا الاسم أفكر ب شيري
شهاب:- شيري ؟؟؟ ما هذه الإمبراطورية التي تبتدأ بحرف الشين هناااا فكري بغيره
ميرا(وضعت يدها على فكها):- طيب شكراااااان ؟
شهاب(أغمض عينيه وحملها بين ذراعيه):- أقترح أن نجلس هناك ونكتب على الورق ونضع إحصاء برفض كل الأسماء التي تبتدأ بحرف الشين ، يكفي أنا وشادي
ميرا(قبلته بخفة في خده وأخذت تتراقص بقدميها):- حاضر حبيبي ..
شهاب(ابتسم لها):- مهما قاومت تأثيركِ الأقوى ، آخ منكِ يا هيرويني آخ ….
كانت أجمل ابتسامة مرتسمة بوجههما وعلى تلك الابتسامة سنتركهما يخططان ويفكران بالاسم الجديد لضيفهم أو ضيفتهم المقبلة … ^^
من هنالك سننتقل لبيت الظلم والطغيااااان أي والله هل كذبت ؟
كانت تدندن في المطبخ ترتدي فستانا بيتيا ممشوقا على قامتها بشكل ملفت ، شعرها منسدل خلفها وتربطه بمشبك صغير في الخلف تضع مكياجا خفيفا وتحضر الفطور ، سمعت صوت رنين جرس الباب وركضت وهي تتمايل بخصرها وفتحتها واصطدمت بشاب طويل عريض وسيم ذو سحنة لطيفة محببة للخاطر ، تنهدت عميقا وهي تتأمله بدون حرج حتى أجبرته على التراجع للخلف وطأطأ رأسه
ماهر:- عفوا من أنتِ ؟
لمياء:- أنا زوجة عمر الجديدة من أنت وماذا تريد ؟
ماهر(رفع حاجبه تزوج عمر على الخالة إخلاص يالأسف):- أنا ماهر جاركم عذرا منكِ سأعود لاحقا أريد عبد الجليل
لمياء:- طيب سأوقظه لأجلك دقيقة
ماهر:- أ.. سأكون في بيتنا هذا أمامكم دعيه يمر بي ماشي وشكرا لك
لمياء(طالعته بميوعة):- لا ولو على عيني ..
ابتسمت له ودخلت وهي تتأوه داخليا وتوجهت صوب غرفة عبد الجليل ، فتحتها بدون استئذان وجدته على السرير نائما بدون قميص وفتحت الستائر لتجبره على النهوض
لمياء:- عبد الجليل إنهض قد جاء الصباح
في البداية كذب آذانه لكن حين استوعب فعلا أن صوتها لا يشبه نعيق الضفادع تأكد أنها ليست شيماء أخته ، وأيضا ليست أمه إذن هئئ فتح عينيه بفزع وانتفض في سريره حين رآها أمامه تنظر إليه بوقاحة
عبد الجليل:- كيف دخلتِ غرفتي هكذاااا يا أخت لمياء ، غادري فورا قبل استيقاظ أبي
لمياء(هزت حاجبيها بعدم فهم):- ولكن أردت إيقاظك لأن صديقك ينتظرك في بيتهم
عبد الجليل(التقط قميصه ولبسه بخفة):- صديقي من ؟؟ ثم ألا زلتِ هنا تجرين معي حديثا رجاء غادري غرفتي
لمياء(مطت شفتيها وخرجت وهي تتمايل):- هفف طيب …
عبد الجليل(ابتلع ريقه من عطرها وقوامها الذي يتبختر أمامه واستعاذ من الشيطان الرجيم):- هذه الفتاة مجنونة على الأغلب .. تتت
نهض بسرعة وخرج بملابس مناسبة ليجد والده يطالع الجرائد وينظر لأخبار ميرا وشهاب ويحسبن بكره ، جلس قربه وتقدمت صوبهما لمياء لتصب القهوة طالعها شزرا وتأفف
عمر:- بئس التربية بئس .. أنظر لخالتك المصونة إنها تعيش حبا مع رجل لا يزال يفكر بالزواج منهااا في نهاية الشهر ، ما هذه الصور وما هذا الفجووووور ؟؟
عبد الجليل:- ذلك البيت برمته هكذا ، حتى خالتي دعاء لم تسلم من شر الشيطان قد حملت قبل الزواج أتصدق يا أبي ؟
عمر:- قد نالت نصيبها حين فعل بها زوجها ما فعله ههه تستحق بالفعل
لمياء:- عماذا تتحدثان .؟
عمر:- عن أخواتِ إخلاص العاهراااات ههههه
عبد الجليل:- علينا إحضار أختي من هناك لو بقيت وقتا طويلا ستصبح مثلهم
عمر:- لي حديث مع خالك المجهول ذاك ، أنا من يعرف دواءهم حين آخذ ابنتي لن يستطيع أحد فتح فمه بحرف عال والله يريدونني أن أتركها لتعيش في بيت فساد وفسق
عبد الجليل:- الصفعة التي أخذتها على وجهي عليك أن تردها لهم ، شيماء ستعود إلى هنا لا أحد يتحكم فيها سواناااا
عمر:- أمك هي التي كبرت عقل البنت لو كانت عاقلة لما وقفت متفرجة
عبد الجليل:- طبعا خجلة مما يحدث أختها تطلقت بفضيحة وابنة عمها أيضا لقد قام رأفت بتطليقها لأنها تخونه مع شخص آخر ، والبقية تعرفهن نار من تحت تبن
عمر:- من أين عرفت كل هذا يا ولد على أساس خرجت من هنالك مسرعا ؟
عبد الجليل:- ههه ولو يا بابا أنا أيضا لي طرقي في معرفة كل ما أريده ، ثم هنالك نسايب معنا بنفس الجامعة يعني جمعت معلومات منهم ليلة أمس عبر النت
عمر:- عفارم عليك عرفت كل شيء حاولت أمك إخفاءه عنااا
عبد الجليل(الشكر لهدى أخت مازن لم تبخل بحرف):- ههه إي صح ..
لمياء؛:-خذ يا عبد الجليل هذا السندويتش حضرته لأجلك ؟
عبد الجليل(رمق دلالها):- لا داعي أنا مغادر
عمر:- اجلس يا ولد لا تكسر قلب زوجة أبيك ، تسلمي حبيبتي أنكِ تفكرين بابني وحدكِ الحنونة عليه ليحفظكِ الله لي
لمياء(بخجل رمقت عبد الجليل وهو ينظر لأبيه حين قبل يدها):- تسلم يا رجلي الغالي ..
عبد الجليل(أغمض عينيه ونهض):= صدقا شبعت ولا تنتظروني على الغذاء ، سأتناوله رفقة أصحابي سلام ..
عمر:- مع السلامة يا ولدي الغالي … ها يا زوجتي الغالية ماذا سنفعل ؟
لمياء(طالعت عبد الجليل بطرف عين وابتسمت لعمر):- ستنهض لعملك يا روحي وأنا أحضر لك أحلى غذااااء …
خرج عمر بعد مدة من البيت صوب عمله وهنا أطلقت لمياء أغنية شرقية وأخذت ترقص عليها وهي تحضر طعام الغذاء ، أو لنقل تركته وانشغلت برقصها وهي تطل مرة بعد مرة من النافذة صوب غرفة ماهر التي كان فيها هو وعبد الجليل يدرسان على الأغلب ومعهما فتاة صغيرة السن اتضح أنها ابنة خالة ماهر وكان عبد الجليل يساعدها بدروسها ، كانت تأمل عودته للبيت وهذا ما حصل ما إن سمعت صوت صرير الباب حتى تابعت رقصها بشيطنة تتمايل بحركات مغرية لم يستطع إلا أن يفتح فمه من ذلك حتى أسقط الكتاب من يده سهوااا
لمياء(ادعت الفزع وركضت لتوقف الموسيقى):- أووه عبد الجليل ما حسبت أنك ستعود
عبد الجليل(رمش بعينه وحاول التركيز):- جئت لآخذ بعض كتبي وأغادر ثم ما هذا الذي تفعلينه يا أخت لمياء ، أخفضي صوت الموسيقى سيسمعنا الجيران ونحن لم نضعها يوماااا
لمياء(وضعت يدها على خصرها):- وهل نموت يعني هي ساعة فرفشة فقط لا غير
عبد الجليل(لاحظ اهتزازها وأغمض عينيه):- الأجدر أن أخرج من هنا بسرعة قبل أن أفقد أعصابي
لمياء(بابتسامة):- ستقع في أحضاني يا عبد الجليل أنت وصديقك ماهر ههههه ..
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم أشعرتني بالتقزز ربي يهديكِ يا بنت لا نريد مشاكل دعي القافلة تسير بخير .. طبعا الشيطان حين يتربع على عقل امرأة شمطاء لن يوقفه أحد وها قد بدأت مخططاتها لتنال ما تريده فالله يستر ..

في بيت الراجي
كان هو أول من استيقظ وأطل عليها في غرفتها وجدها لا تزال نائمة ، لم يوقظها بل نزل للأسفل ووجد الكل مستيقظ ويحضرون غرفة مديحة لأجل استقبال دعاء ، وبعضهم كانوا يحضرون الفطور على الطاولة الكبيرة استغل انشغالهم وصبَّح عليهم بمودة ثم توجه صوب غرفة مرام فوحدها التي كانت قابعة فيها .. طرق الباب بهدوء ودخل بعد سماحها وجدها تسرح شعرها وتتجهز لأجل الذهاب للمؤسسة
حكيم:- هل لي أن أتطفل على خلوتكِ قليلا مرامي ؟
مرام(مرامي لما كل شيء يذكرني بك فريد لماااا آه يا ألمي):- تفضل أخي حكيم طبعا
حكيم(أقفل الباب خلفه وتقدم صوبها وجلس على الكرسي جوارها):- أردت أن أعتذر منكِ
مرام(فتحت عينيها على وسعهما من جملته):- مم ماذا تقول تعتذر مني حاشا يعني يا ابن عمي أنت مثل أخي الكبير ، ولا داعي لاعتذارك أحرجتني هكذااا
حكيم(أمسك يدها بين يديه وابتسم لها):- بلى تستحقين مني اعتذارا ما كان علي التدخل برغباتكِ ، يعني بخصوص العملية كان حديثي قاسيا عليكِ ذلك اليوم
مرام(ابتلعت ريقها وزفرت عميقا):- أعلم حرصكم الشديد على راحتي ، ولكن لا أحد يستوعب خوفي يعني إن لم تنجح العملية أنت تتوقع معي كيف ستكون ردة فعلي صح ؟
حكيم:- لهذا أنا أسحب كلامي وطلبي الإجباري ذاك ، سنجريها حين تكونين مستعدة وتطلبين ذلك مني بنفسك
مرام(رمشت بعينيها):- ولكنني فكرت جديا بعد حديثك ذاك ، أنا مطالبة بإجرائها من قبل الجميع أرى ذلك في عيون الكل حتى لو حاولوا مداراة ذلك إلا أنني أستشعره بداخلي ، حين تساعدني أمي بدخول الحمام كل صباح هي ونور ، حين تأخذ ملابسي للتنظيف ، حين يحملونني لأجلس على الكرسي الذي كرهت بقائي فيه أكثر من سنتين تعبت حكيم وأرغب أيضا بتغيير هذا
حكيم(أشرق وجهه بجملتها):- ما يعني ؟
مرام(فركت يديها ورمقته بعمق):- أنا مستعدة ..
حكيم(بدهشة ربت على كتفها):- هل أنتِ متأكدة ؟
مرام(في سرها):- بعدما حدث لي أمس أظنني مستعدة لخوض هذه التجربة لآخر مرة ، ربما استعدت عافيتي ومشيت واستطعت أن أشعر بالفعل بسارق أفكاري لكن الآن لا يسعني شيء سوى الابتعاد ريثما أجمع شتات روحي … / أظن يا حكيم أن لا وجع سيصيبني أكثر من وجع الانتظار الفاشل ، لذلك أوافق على إجرائها بالصيفية إن شاء الله
حكيم(نهض بحماس وعانق وقبل رأسها):- لا تعلمين مدى سعادتي بهذا الخبر مرام ، أكيد سيفرح الجميع به صدقيني
مرام(ضحكت ببراءة):- شكرا لك حكيم لقد عنى لي الكثير هذا الحديث ..
حكيم(زفر بعمق):- وأنا ارتحت لأنني خشيت أنني سأجبركِ على شيء لا تريدينه ، لكن الآن فرحتي لا أعطيها لأحد لا تقلقي سوف أحرص على إحضار أمهر الأطبة لأجلكِ مرامي الصغيرة ستمشين من جديد وهذا وعد شرف يقطعه ابن عمكِ
مرام(رمشت بدموع وحضنته بحنان):- أشعر الآن أنني لست وحيدة في هذا المسار ..
على تلك الراحة الداخلية التي استشعرها رفقة مرام بعد الخبر السعيد الذي ما إن سمعه بقية أهل البيت حتى انفجروا بكاء وفرحا ، بانتظار ذلك اليوم الموعود ..وعلى تلك الفرحة والضوضاء استيقظت ميرنا وهي تتمطى في فراشها وانتبهت لرنين هاتفها أمسكته بثقل وناظرت المتصل وأجابت ..
ميرنا:- لا زلت حية
إياد:- ههه يا روحي صباحكِ فل
ميرنا:- صباحك سعيد إيادي كيف حالك ؟
إياد:- نشيط مستمتع وسبقتكِ للجريدة بساعة ، ألن تأتي ؟
ميرنا(انتفضت):- هئئ نسيت أمر المقالة هل مر بك فتحي ؟
إياد:- ليس بعد لا يزال أمامنا ساعتين على ذلك خذي وقتكِ
ميرنا(نهضت بخفة):- طيب طيب ساعة وأكون هناك
إياد:- عمن كتبتِ المقالة كلي فضوووول أخبري معجبكِ الأول حرام عليكِ ؟
ميرنا:- لا لحين تقرأها مع الجميع وقتها ستعرف عمن كتبت
إياد:- إييييه سننتظر إذن .. ميرنتي أنتِ خير صحيح ؟
ميرنا(بغصة دلفت للحمام وزفرت بعمق وهي تنظر لحالتها المريعة):- أظن أن الحياة تستمر لذلك لا جدوى من الحزن
إياد:- طيب تعالي ونتحدث بعدها غاليتي ، بانتظاركِ أنا
ميرنا:- طيب …
قطعتِ الاتصال معه ولامست وجهها الشاحب وعيونها المنتفخة وابتلعت ريقها ، أكيد سيفتحون لها تحقيقا بالأسفل عن تلك الحال رمشت بعينيها ودخلت لتستحم فربما نفعها ذلك واستعادت بعضا من نشاطها .. وفي الأسفل
عواطف:- ألم تستيقظ ميرنا بعد يا حكيم ؟
حكيم(آه يا خالتي عذبيني أنتِ أيضا):- نن ليس بعد
عواطف:- طيب أيقظها يا ولدي هكذا ستتأخر على عملها
حكيم(يلاعب شادي بيديه):- أوك سأبعث البنات لإيقاظها .. نهال شيماااء تت أين تختفيان هاتين العصفورتين أحدكم يخبرني ؟؟
إخلاص:- والله يا أخي لو كانتا ستكتشفان مجرة أخرى سأشجع اختفاءهما
عفاف:- هههه معكِ حق
دينا(تحركت بثقل):- سأناديها أنا ..
حكيم(عقد حاجبيه من حالتها ونظر لنور):- لحظة لحظة اقتربي مني لأرى
دينا(اقتربت بحزن):- نعم عمو حكيم ؟
رنيم(غمزت لنور):- ما بها ؟
نور(حركت شفتيها بعدم معرفة):- يعني تعرفينها حين تتدلل
حكيم:- ما به الحلو زعلان ؟
دينا: ليس كذلك فقط متعبة
حكيم:- أهاااه مع أنني لست بمقتنع لا أنا ولا شادي
دينا(داعبت خدود شادي وابتسمت):- لا تقل ذلك عمو حكيم حقا لا يوجد شيء
نور:- احم حسن حبيبتي أحضري حقيبتكِ ستأتي سيارة المؤسسة بعد قليل
دينا(نظرت إليها بعمق وصعدت راكضة):- حاضر
حكيم:- ما القصة ؟
نور:-ل ..لا قصة ولا غيرو هي متخاصمة معي يعني إشكال بسيط وسيحل لا تشغلوا بالكم
ميرنا:- صباح الخير ..
نور:-صب… صباح الخير ما بكِ ميرنا هل أنتِ مريضة ؟
ميرنا(تضع نظارات شمسية في البيت):- لالا فقط عيوني تؤلمني
عفاف:- عيونكِ باتت تؤلمكِ كثيرا في الفترة الأخيرة ، أتذكرين وقت وضعت لكِ القطرة ؟
ميرنا:- لا تبدئي عفوفة ليس فيني شيء ..
عواطف(نظرت لحكيم الذي لم يحرك ساكنا بل ظل يلاعب شادي):- هل هنالك مشكلة بينكما يا ترى ؟
حكيم(نظر لميرنا التي نظرت إليه في آن الوقت):- لا
ميرنا(في آن الوقت):- أبدا
رنيم(حركت فكها بعدم فهم وهزت سجى في عربتها الصغيرة):- متى ستحضرون دعاء ؟
حكيم(نهض وأعطى شادي لعواطف):- الآن أنا ذاهب .. نور ؟
نور:- معك معك
عواطف(نظرت لميرنا التي جلست بهدوء ترتشف من قهوتها):- لكنتِ رافقته يا ميرنا ؟
ميرنا(ضحكت باستهزاء ولم ترفع رأسها إليه):- أمي أنا ذاهبة للعمل
عواطف:- ألا يتأجل هذا العمل قليلا يعني ؟
ميرنا(حركت فكها وناظرتها ثم رمقته بطرف عين من تحت نظارتها):- لا يتأجل ..
حكيم(تحرك صوب باب الخروج):- داغر بانتظاركِ خارجا أنهي فطوركِ وسيوصلكِ للجريدة
ميرنا:- لندخله ليفطر معنا على الأرجح قد جاع في سبيل التضحية بوقته لأجلي
حكيم(عاد إليها بخطوة):- لا تقلقي هو شبع وقد يجاريكِ اليوم بطوله دون أن يشتكي ، نور أحضري حقيبتكِ والحقي بي خارجا
نور(رمقت الشرارات بينهما هي وعواطف ورنيم):- امممم أظن أن هنالك خطب ما حقا ..
ميرنا(أمسكت حقيبتها وقبلت وجنة شادي وأيهم وسجى):- أراكم مساء
عواطف(أوقفتها):- لم نركِ البارحة متى عدتِ ؟
ميرنا:- عدت وقتما عدت زوجي يعلم ذلك أمي
عواطف:- عدتما سوية يعني ؟
ميرنا(ما هذه الورطة):- ماذا تريدين من عند الصباح أمي ؟
عواطف:- لا شيء فقط استغربت من حالكما ، فالبارحة حين تفقدت غرفتكما لم أجد أحدا وما إن ولجت غرفتي حتى دخلتما متتالين كل واحد لوحده
ميرنا(يعني عاد قبلي بقليل اممم غريب):- أنتِ تؤخرينني على عملي صدقا ماما .. فيما بعد نكمل هذا التحقيق سلام
رنيم:- دعيها ماما يتضح أنهما يواجهان مشكلة ، لندعهما على راحتهما
عواطف:- قلقت فقط .. الله يبعد عنهما كل مشكل
نور(صعدت لفوق):- دينا هل أحضرتِ حقيبتكِ يا بنت ؟؟؟ تتت أين هذه أين ؟؟
دخلت لغرفة البنات وجدتهما في حالة ارتباك قد وضعتا كل الدولاب على السرير ..
نور:- يا ويلي ماذا تفعلان أنتما ؟
شيماء:- لالالا لا شيء فقط نبحث عن بعض الثياب
نهال(أغمضت عينيها وزورت شيماء بأن تصمت):- لا شيء عمتي فقط ضاعت منا إحدى القطع ونبحث عنها
نور:- هكذا ستتأخران على الحافلة يا بنات وستضطران لإحضار ورقة غياب هممم
نهال:- ههه لا تقلقي عمتي سنخرج حالا ..
نور:- أين دينا ؟
شيماء:- أخذت الحقيبة وخرجت
نور(باستغراب):- طيب حبيباتي ..
نهال(بعد ذهاب نور):- يا بنت كاد تلعثمكِ يفضحنا مرة ثانية دعي لي أنا هذه الأجوبة
شيماء:- كاد قلبي يسقط محله لو اكتشفت أننا سنتجهز للذهاب لحفلة عيد ميلاد أخو جيهان
نهال:- افضحينا أحسن ، دعينا نأخذ هذين الفستانين في حقيبتينا ونرتديهما في بيتها قبل حضور الناس
شيماء:- لا أخفي عليكِ يا نهال قلبي يرتجف خوفاااا ، أرى أن نلغي الفكرة
نهال(ضربتها لكتفها):- ما أجبنكِ من فتاة قلت لكِ ساعة زمان وسنعود يكفي ترددا هنا
شيماء(هزت كتفيها بقلة حيلة):- طيب طيب لا تنزعجي من ستحمل الهدية فينا حقيبتي امتلأت بهذين المصيبتين ؟
نهال:- ههه سأحملها أنا بحقيبتي فقط اجمعي أغراضكِ كي لا ننسى شيئا
شيماء(بتوجس خفي):- الله يستر بس …
هنا كانت نور قد توجهت صوب غرفتها ووجدت دينا واقفة أمام اللوحة التي رسمتها مع فؤاد يوم أمس ، والتي وضعتها نور فوق منضدتها الخاصة .. لكن ما لفت انتباهها هو نظرة دينا الغريبة ويدها التي تضم القلادة في قبضتها ..
نور:- دينا
دينا(بسرعة أعادت قلادة فؤاد لداخل ثيابها والتفتت إليها):- نعم مامي
نور:- ما بكِ ؟
دينا:- لا شيء فقط شردت باللوحة ، أعطني قبلة ماما سأنزل الآن وأنتظر حافلتي الخاصة
نور(أمسكتها واحتضنتها بعمق):- تعلمين أنني أقسو عليكِ لأجل مصلحتك
دينا:- وأظن أن مصلحتي تلك لا تعني أن تبعديني عن العم فؤاد
نور:- عدنا لنفس الموضوع
دينا:- أساسا هذا هو الموضوع ماما ..تت أنتِ تريدين إبعادنا بدون سبب هل فعل عمو فؤاد شيئا ضايقكِ أو ضايقني لا بالعكس هو دوما متساهل عكسكِ أنتِ
نور:- هكذاااا إذن ؟
دينا:- طيب ماما لن نتجادل الآن سوف تؤخرينني ، باي باي
نور:- سنتحدث حين عودتكِ لن أنسى هذا الكلام يا دينااااا.. تتت أرأيت يا فؤاد ما تفعله بي وبابنتي لكن سآكلك اليوم بالشركة لن أرحمك هممم ….
خارج البيت كانت هذه تكتف يديها محاصرة عند باب السيارة وتنتظر الإذن بالذهاب ، لم يقل شيئا فقط أبقاها جاثمة أمامه بينما داغر يقف بعيدا عنهما
ميرنا:- هل تريد أيضا صورتي لتحتفظ بها كتذكار يعني ؟
حكيم(رمش بعينيه وأزال نظارتها على غفلة):- لما بكيتِ ليلة أمس قد سمعتكِ ؟
ميرنا(بارتباك خطفت منه النظارات ووضعتها على عيونها):- لا تلمس شيئا من أغراضي مجددا يا حكيم
حكيم:- كيف قضيتِ الأمسية ليلة أمس أظنكِ ارتحتِ بعد ذهاب داغر ؟
ميرنا(ابتسمت بمرارة حين استذكرت مواجعها ليلة أمس وبصوت مبحوح):- يفضل أن تهتم بشؤونك وتترك لي شؤوني ، نحن متزوجين نعم لكن على ورق فقط لذا لا تأمل شيئا لن يحدث حديثك معي سيكون وجيزا ومبيتك في غرفتي ممنوع عمتك التي كانت تمثل دور المحقق كرومبو ليست موجودة لذا سأتنعم بحريتي بدءا من اليوم ، آه شيء آخر اتصالاتك المتكررة حاول التقليل منها فحياتي ليست مقتصرة عليك يا ابن عمي هممم لدي مليون ألف شيء لأفكر في حله فهمتني صح ؟
حكيم(أمسك يدها وأوقفها قبل أن تدلف للسيارة):- هل رأيتِ وائل ؟
ميرنا(ارتعشت بين يديه وابتلعت ريقها):- وفيما يهمك الأمر ؟
حكيم(برقت عيناه بشرر):- يعني رأيته ميرناااا ؟؟
ميرنا(جذبت يدها منه بعصبية):- رأيته رأيته ولا يسعك منعي عن رؤيته أسمعت ؟؟؟
حكيم(بغيظ جمع قبضة يده ونظر حوله بقلة حيلة):- أنتِ تجبرينني على فعل أشياء لا أطيقها ميرنااااا انتبهي لذلك
ميرنا(صغرت عينيها فيه واقتربت منه وجها لوجه):- احترق بالنار حتى لا أهتم ..
حكيم(عاد برأسه للخلف من جملتها وبدهشة):- من أنتِ .. أكاد أتعرف عليكِ صدقااااا كيف أصبحتِ بهذه القسوة ؟؟؟
ميرنا(بلؤم ومن بين أسنانها):- أنت من جعلتني هكذااا حكيم ، أنا امرأة لا يحكمها قانون وأنت حاولت نص قوانينك وإجباري عليها فهذا ما سوف تجده مني الصد والجفااااااااااء فقط
حكيم(عض طرف شفته وهو يرى عمق ألمها):- أيعقل أن جرحكِ عميق لهذه الدرجة ؟
ميرنا(بغضب دفعته عنها):- من المؤسف أنني سمحت لخيالي بأن يعيدك لذاكرتي فأنت لا تستحق أي ذرة من ماضيَّ يا مخادع ..
حكيم(أمسك يدها التي كانت تشير له بحدة):- أخفضي يدكِ حين تحادثينني ، لا تتجاوزي حدكِ معي حتى وإن كنت مخطئا في حقكِ هذا لا يعطيك الصلاحية للتجريح هنا عصفورتي الصغيرة
ميرنا(بكره):- أمقت هذا اللقب وأمقتك أنت أيضا أصبحت في مكانة الفهد البري تماما ، وصدقني لن أراعي قرابتك لي بعد الآن لأنك حولتني لشيء قاس لن يرحم أيا منكما بعد اليوم
حكيم(بقهر من حالتها):- ههه مدهش يا ميرنا ستستقوين علي الآن ؟
ميرنا(فتحت باب السيارة):- نادي على جاسوسك ودعني أنصرف وإلا صرخت وجعلتك مسخرة الحي كله ..
حكيم(أوقف إغلاقها للباب ووضع يده على جنبه وهو ينظر حوله):- حكيم الراجي هذا أنااا تذكري هذا الاسم جيدا ميرنا .. لن تعرفي أبدا من أين يظهر لكِ همم
ميرنا:- سئمت من تسلطك صدقا سئمت .. دعني وشأني فأبدا لن أكون لك وأنت هكذا لا تعرف شيئا سوى العنف والصراخ والتهديد .. أخبرني فيما تفرق عن الفهد أعطني دليلا واحدا يجعلني أصدق بأنك تختلف عنه ؟
حكيم(رمش بعينيه بتوتر من سؤالها وفرقع إصبعه لداغر):- على الأرجح سيجمع العمل بعضا من لسانكِ فيظهر لي أنكِ لم تأخذي قسطا مناسبا من النوم .. أراكِ مساء يا زوجتي
ميرنا(بغيظ أقفلت الباب):- آه يا ربي ارحمني ارحمني من هؤلاء قد تعبت تعبت …
أشار لداغر كي ينطلق بها ونظر لطيف السيارة التي ابتعدت عنه ، وطالع الفراغ بتركيز تام عصفورته مجروحة وباتت تجرح دون أن تراعي أحد إذن لابد وأن هنالك خطبا جللا جعلها تتصرف على ذلك النحو ، عقد حاجبيه مستغرقا في التفكير لحين جاءته نور وجعلته يستيقظ من تلك الهالة وينطلق رفقتها صوب المشفى لإحضار دعاء وأمه مديحة ..
نور:- هل أصبحت الآن تذر الرماد على العيون كي لا نسألك على مشكلتك معها ؟
حكيم:- صدقا ليس هنالك شيء محدد سوى مشكلة وائل
نور:- آآآآه وهذا نفسه ما اعتقدته يلعن الحب وأبو الحب
حكيم:- ولما تشتمين يا بنت
نور:- لا شيء فقط تذكرت شيئا
حكيم:- ماذا زوجكِ السابق حفيظ بيك ؟؟؟
نور:- الله يلعنو ويلعن سيرته الخسيس الحقير النذل ابن الشارع اللقيط ل…
حكيم(توقف عند إشارة المرور):- ههه مهلكِ مهلكِ لقد هلكتِ الرجل شتيمة .. أخبريني أساس المشكلة بينكِ وبين ابنتك ولما أشم رائحة فؤاد رشوان بالموضوع ؟
نور(توترت قليلا وعدلت شعرها بثبات):- يوم أمس كان مع دينا في مرسم المؤسسة وقاما برسم صورتي ..
حكيم:- أهاه طلع فنان ، والله استغربت أن يكون هنالك شعور في تلك العائلة .. تابعي
نور:- المهم أنا تضايقت قليلا وطلبت منه أن يبتعد عن ابنتي ، دينا تتعلق به وأخشى أن يرحل ويتركها تتألم بعد فقده
حكيم:- يرحل .. نور هل أنتِ تخشين عليها أم على نفسكِ ؟
نور:- نفس جملته سبحان الله ، يا روحي لا لا أنا أفكر بمصلحة ابنتي فقط
حكيم:- إذن دعيها تتجرع الألم من على صغر لأنكِ مهما فعلتِ لن تستطيعي حمايتها منه حين تكبر ، الوجع نصف الحياة لأن هذه الأخيرة ليست عسلا في كل الأوقات ..
نور:- ما يعني ؟
حكيم:- دعيها على سجيتها لا تقيديها بمخاوفكِ أنتِ نور … يعني إن قدر عليها أن تعيش الوجع بعد فقد فؤاد هذا لمصلحتها سيجعلها ذلك تخلق حصنا لنفسها من الخذلان مجددا أما إن بقي في حياتها فذلك سيدعمها جدا .. بالرغم من أنني أمقت تلك العائلة لكن لا يسعنا إنكار أنها تفرح بقربه !
نور(شبكت يديها ونظرت من النافذة):- كأن السماء ستمطر ؟؟
حكيم(حرك رأسه):- بنات الراجي الهاربات من مقصلة الأسئلة … طبعكن وهل هو شيء جديد لن تمطر يا ستي أنظري لجمال السماء الزرقاء يخرب عيونك بس
نور:- ههه مجنوني أنت .. اشتقت لدعاء متشوقة لرؤيتها
حكيم:- الله يستر من اصطدام إخلاص بها هي متوترة بما فيه الكفاية ولا يسعها حرقة أخرى
نور:- كلاهما مجروحتين مع الأسف لا يسعنا سوى تحضير عدة إطفاء الحريق ،تحسبا لأي طارئ
حكيم:- وهذه مهمتكِ لأنني بالفترة المقبلة سأكون مشغولا جدا
نور:- نعم نعم وبما ستنشغل يا بعدي ؟
حكيم(غمزها وهو ينعطف في إحدى الطرقات):- تفحصي جيب السيارة أمامكِ
نور(فتحت بحماس):- أيوة ماذا هناك ؟
حكيم:- تفحصيه أولا وبعدين اسألي هه
نور(أخرجت ملفا غريبا):- ماذا يوجد هنا ؟
حكيم:- يا الله ع الفضول
طالعته وهي تضحك وتفحصت فحواه وأخذت تقرأ الموجود فيها ، لحظة لحظتين وصرخت فيه بجنون غير مصدقة لما تقرأه عيناهاااا
نور:-لا لالالالالا غير معقول أنت حقا لن تفعلها ؟
حكيم:- فعلتها وانقضى الأمر
نور:- ومتى الافتتاح ؟
حكيم(غمزها):- في القريب العاجل سيكون قنبلة الموسم
نور:- أي والله ما أقواك يا ابن عمي وبمعيتي سأفكر باستقالتي أيضا من شركة دابليو إر
حكيم:- ههه طبعا سأحتاجكِ بالفترة القادمة قربي يا عزيزتي
نور(صرخت بحماس):-يااااي خبر بمليون جنيه
حكيم:- وستتكتمين عليه لحين يأتي الوقت المناسب
نور(رسمت حركة القفل على فمها وأعادت الملف لمحله):- لن يعلم أحد ههه ..
حكيم:- كلمت رنيم أيضا وطلبت منها أن تختار مجالا لتدرسه لن أسمح لها أن تبقى هكذا بدون هدف ، وهي ساندتني في الفكرة التي لم أشرحها بشكل دقيق فقط أعطيتها فكرة مبسطة
نور:- طبعا رنيم ستكون معنا ولو وهي ذات عقل خفيف يعني … تتت أكاد لا أصدق متحمسة لدرجة الجنون هههه
حكيم:- مجنونة وربي .. ههه هيا لنضرب ضربتنا فنحن آل الراجي في النهاية وسنعيد أمجادنا السحيقة وحدنا من يستطيع ذلك يا نور
نور(بحماس واستمتاع):- ولوو معك يا ابن عمي على السراء والضراء …
وعلى هذا الاتفاق المبهم انطلق حكيم ونور صوب المشفى لإحضار دعاء ومديحة ، في تلك الأثناء كانت ميرا وشهاب في سيارته قادمين صوب بيتهم لكن استوقفتهم عدة سيارات في الطريق الفرعي فجأة ..
ميرا(بجزع):- ما الذي يحدث شهاب من هؤلاء ؟
شهاب(أقفل الأبواب بزر التحكم قربه):- شتت اهدئي حبيبتي لن يؤذيكِ أحد
ميرا(بقلق نظرت للرجال الأشداء الذين نزلوا من هناك):- شهاااااب …
شهاب(بقلق عليها أمسك يدها وزمر بيده الأخرى لهم كي يبتعدوا):- اللعنة من هؤلاء ..
لحظات رعب عاشوها تلك اللحظة بعد أن عاينوا أمامهم كل أولئك الرجال المسلحين لحين فتح أحدهم الباب الخلفي لسيارة منهم ، وخرج منها هذا بعصا الأسد خاصته يطرق الأرض بخيلاء وابتسامة النصر مرتسمة على وجهه فقد أرعبهم وهذا بحد ذاته يعد متعة بالنسبة له
ضرغام:- توقف يا رستم وانسحب بالرجال سآخذ جولة مع حفيدي وأعود إليك
شهاب(خرج إليه بعصبية):- ما هذا بحق السماااااء ؟ هل جننت لتقطع علي طريقي ؟؟
ضرغام(تجاوزه وفتح باب السيارة الخلفي ودلف إليها):- إصعد لدينا مشوار مهم
شهاب(بدهشة نظر إليه ولميرا التي كانت تشرب الماء من الفزع):- إنزل من سيارتي فورااا لا حديث بيننا ولا شيء سيجمعنا
ضرغام(أقفل الباب عليه بحزم وأشار له):- إصعد ولا تضيع الوقت ..
ميرا(نظرت لضرغام):- شهاب إصعد ودعنا ننهي هذااا الآن ..
شهاب(ركب بعصبية وصفق الباب خلفه):- ماذا تريد مناااا يا هذا ؟
ضرغام(ضربه بعصاه لذراعه):- احترم نفسك أنا جد لك ولأولادك مفهووووم ، فلا تقلل أدبا مهما حدث بيننا أولادك يضطروننا لوضع الخصام جانبا والاهتمام بما هو أهم
شهاب:- أحفااااادك ؟؟؟ ميراااااااااااااااا
ميرا(هزت له كتفيها بقلة حيلة):- اضطررت لإخباره كي يبتعد عنا يعني ، حين أتى وهددني بالابتعاد عنك أخبرته بالأمر وقد نجح
شهاب(ضرب على المقود):- في كل مرة تصدمينني يا ميرا في كل مرة في كل مرة
ضرغام:- لا تكن دراماتيكيا لهذه الدرجة ولا تلمها ، قد كنت سأعرف عاجلا أم آجلا
ميرا:- ما الذي تريده منا بعد ؟؟
ضرغام:- لو تحرك زوجكِ المستقبلي بسيارته وانطلق من هنا ستعرفان ما الذي أريده منكما
شهاب:- لن أتوجه لمحل معك يا سيد ضرغام لذلك غادر سيارتي وانصرف مع كلابك إلى مقبرتك القصية
ضرغام(زفر بعمق وضربه مجددا لكتفه بعصاه):- إلزم حدك
شهاب:- توقف عن ضربي ..
ميرا(غالبها الضحك من منظره):- ههه
شهاب:- وأنتِ لا تضحكي …
ضرغام(تنهد عميقا):- طالما مصران على الزواج لهذه الدرجة فأنا لن أسمح لأن تدخل كنة إلى عائلتي بدون أن تخضع لطقوس آل رشوان
شهاب(رفع حاجبه وأمسك قنينة الماء من عند ميرا ليشرب):- إن فقدت وعيي لا توقظيني
ضرغام(هز كتفيه):- هذه هي شروطي إن أردتما إتمام هذا الزواج على خير مع بركاتي ودعواتي بدوام الخير والعافية
ميرا(ابتلعت ريقها):- سيد ضرغام أنت لا تفعل شيئا لوجه الله ما الذي يحدث ؟
ضرغام(ناظر فيها وجه ابنته الغالية):- سأقدم لكِ أغلى شيء لدي
شهاب(ناظر نبرة صوته المهتزة):- عماذا تتحدث بالله عليك من فينا الذي يتصرف بدرماتيكية الآن أنا أو أنت ؟؟
ضرغام:- يوووه أنت عنيد جدا لو وددت التخلص مني جارني وخلصنااااا
ميرا:- طاوعه يا حبيبي لنرى ماذا يريد ؟
شهاب:- أنا أمقته أكرهه لا أريد أي صلة تجمعني به
ضرغام(أطل عليهما):- صحيح أنا عجوز لكنني أسمع جيدا .. توجه خارج المدينة
شهاب(بغيظ):- ويأمر يأمر … ميرااااا أخبري الرجل الجالس خلفنا أنني لا أطيع أوامر أحد
ضرغام:- ميراااا أخبري خطيبكِ أنه عليه طاعتي وإلا سأقف له كالشوكة في الحلق وأمنع هذا الزواج ، وهو يعلم علم اليقين أنني أستطيع فعل ذلك وأنني لأجل شادي وأخيه سأضع على قلبي حجرة وأمضي في هذاااا
ميرا(بصوت متحشرج):- ولما ستفعل ذلك ألا تجدني أهلا لهذا الزواج ؟
شهاب(لاحظ ارتجافها وابتلع ريقهّ):- حبي نحن به أو بدونه سنتزوج لا تشغلي بالكِ
ضرغام(في سره):- وتسألني لماااا سأقبل بهذا الزواج على عهركِ ولا على جنس أهلكِ الملعونين ، آه يا ربي صبرني كيف سأقاوم هذا الجنون لولا أحفادي لما كنت قبلت تتت مضطر للقبول مضطر أن أضع يدي بيد الراجية فهذا النطح شهاب لو ضبط نفسه قليلا لما تورطنا
شهاب:- هااا يا سيد ضرغام إلى أين ؟
ضرغام:- إلى قصري ..
شهاب(دعك الفرامل فجأة وأوقف السيارة):- هل جننت أتريدني أنا أنا أن أعود لقصرك ذااااااااك ؟
ضرغام(برودة):- أجل أنت ستعيدنا إلى هناك ولا أريد جداااالا الآن ، تحرك أنت تضيع الوقت
ميرا:- هيا شهاب لا بأس
شهاب:- أنتِ لا تفهمين ذلك القصر إنه مقبرة حية صدقيني ما إن تطئيه حتى تفكري بالهرب
ميرا:- شوقتموني لرؤيته
شهاب:- في المنام يا ميرا ستريينه في المنام .. سيد ضرغام ضيعنا لك وقتك سامحنا لكن رجاء كلم رجلك رستم وانسحب من هنا أو لأقل لك أعيدك إليه لا بأس لا زلت أملك قليلا من الأصول في خلدي ..
ضرغام(تثاءب بملل):- أوووه حالك هو حالك …
ميرا:- هيا شهااااب بليييز أرغب برؤيته طفلك يريد ذلك
شهاب:- أدرجي هذا في الوحام أيضا ألا يكفي أنكِ جعلتني أمسح طاولة الأكل 4 مرات بشامبو الأطفال خاصة شادي ؟
ضرغام:- أحقا فعلتِ هه برافو عليك يا بنت
ميرا(عضت شفتيها خجلا):- شهاااب .. يعني هذه أمور لا أتحكم فيها مثل رغبتي الآن برؤية ذلك القصر
شهاب:- إنه قاتم شبيه بقصور مصاصي الدمااااءء ..
ضرغام:- لن أؤخركما سأنهي كل شيء بسرعة ، وبعدها لكما السلام
شهاب:- بجدية يعني لما علي أن أطيعك هل أقدمت على شيء يشفع لك بخاطري جدي ؟
ضرغام(جدي كم اشتقتها منك يا حفيدي العنيد):- أنا وأنت لا نتفق أوافقك على هذا ولا أرغب في تغييره ، لكن هنالك شادي يستحق فرصة تفاهم مؤقتة بيننا لذا ستسايرني أمام الناس وبعدها لك الحرية التامة في الابتعاد قدرما تريد ..
ميرا:- شهاب لا تكسر خاطرنا
شهاب(زفر بعمق وانطلق مجددا):- 10 دقائق لن أبقى هنالك سوى 10 دقائق
ميرا(التفتت لضرغام وابتسمت):- وهذا يناسبنا
يعني أحيانا تجبرنا بعض الأمور على نسيان المواجع ، في حالة شهاب الآن نظرة ميرا وحماستها لاستكشاف ذلك القصر كانت بادية على ملامحها وهذا ما خلق راحة في عمقه ، خلافا عن إحساسه بالكره تجاه جده وتجاه ذلك القصر الذي لن يعيد له سوى ذكرياته السيئة لكن نظرة ميرا ودعمها له كانت كفيلة لكي يتشجع ويخطو خطوة نحو الغفران الذي لن يحصل بسهولة ، فبنظره جده مذنب ومهما فعل لن يسامحه وانصياعه الآن لأجل ميرا فقط وأولاده وليس لشيء آخر ..طوال الطريق وهو يعيد ويزيد في هذه الجملة وضرغام صامت يناظر الدنيا من حوله في حين كانت ميرا ترسم ملامح ذلك القصر في خيالها وتبتسم فرحا لأن شهاب يفعل ذلك لأجلها ،، بعد مدة وصلوا إلى القصر وهنا فتحت ميرا فاهها دون قدرة على تحمل جماليته وروعته من الخارج
ميرا:- يا إلهي ما أجمله ، أنظر هناك شهاب الأزهار الراقصة كم كانت تعجبني في صغري اممم هندسته راااائعة رائعة أهنئك عليه سيد ضرغام
شهاب(وضع يده بجيبه ونظر لزوايا الحديقة):- لا تبالغي ميراا
ميرا(تأبطت ذراعه وجعلت ضرغام يسبقهما للداخل):- يا روحي هذا ولا في الخيال لو رأته هنادي وباتريك ، سيفكران بتحويل موقع التصوير إلى هنا إنه أثري بامتياااااز
شهاب:- يوووه ميرا ماذا قلنا ؟؟؟
ميرا:- أوك لا تصرخ سوف أتمالك نفسي ،، هئئئ نافورة الأسود أنظر أنظر ما أحلاهااا
شهاب(حول عينيه منها):- ها قد بدأنا ..
انبهرت بجمالية القصر وهندسته ولم تنتبه قط لشعور شهاب بثقل في روحه ، ما إن وطأت قدمه بداخله كان قد أقسم ألا يزوره في حياته فكيف نكث بوعده لأمه وأعادته حبيبته طوعاااا ، اختفى ضرغام من أمامهما برهة وعاد وهو يحمل صندوقا بيديه ووجد ميرا تطالع زوايا القاعة الكبرى المزينة بلوحات شاهقة تترجم فن الزمن الجميل ، في حين كان شهاب جاثما عن النافذة المطلة على الحديقة ويستذكر أيامهم السابقة هو ووائل وهديل وتحديدا آخر جمع لهم في ذلك المكان
ضرغام(قاطعهم بنحنحة):- اقتربا يا أولاد …
ميرا(اقتربت بحماس ووجدت أن شهاب يأبى ذلك):- شهااااب
شهاب(بحزم خرج):- سأنتظركِ بالسيارة
ميرا:- ولكن …
ضرغام:- لا بأس دعيه يا ميرا هو لن يغفر بسهولة وغايتي كانت منكِ بالدرجة الأولى ، خذي هذا الصندوق لكِ
ميرا(بفضول):- ماذا يوجد به ؟
ضرغام(بحنين داخلي):- افتحيه لتعرفي ..
فتحته لتجد فيه عدة مجوهرات أصيلة ، وخاتما على شكل زهرة ضخمة الهيأة مرصعا بعدة أحجار زمردية اللون ، وبجانبها تاج متوسط الحجم بنفس الديكور يرافقه قلادة وسوار على ذاتِ الشاكلة .. لم يكن هنا الاستغراب متكاملا فما وجد تحتها هو الذي جعل ميرا تفتح عينيها على وسعهما بعدم تصديق
ميرا:- ما هذه الورقة ؟
ضرغام(رمش بعينيه):- لدينا عادة قديمة حين تدخل كنة لبيتنا نكتب لها جزءا من أملاكنا ، قطعة أرضية أو بيتا أو أي شيء مما نملك .. وهنا ستجدين عقدا باسمكِ سمر الراجي
ميرا:- عقد ماذا ؟
ضرغام(ابتلع ريقه):- البيت الخاص بوالدي شهاب .. أصبح ملككِ يا ميرا
ميرا(بعدم تصديق):- ولكن هذا من حق شهااااب
ضرغام:- ليس البيت الذي تعرفينه ميرا ، بل البيت الذي وضبته لأجلهما ولم يسكناه قط إنه مطل على البحر وقريب من المدينة أصبح لكِ
ميرا:- وهل شهاب يعرف بأمره ؟
ضرغام:- أهاه ولكنه رفضه سابقا والآن لا يسعه قول شيء لأنه من حق أولاده وزوجته
ميرا:- بصراحة لا أعلم ماذا أقول لك ، يعني شهاب سينزعج مني إن أنا قبلت
ضرغام:- أساسا هو سينزعج من تعاملكِ معي لكن هذه هي العادات وعليكِ قبولها
ميرا:- لما تفعل هذا يعني كان من الممكن أن تغمض عينيك عما يحدث كما زعمت سابقا
ضرغام(أشار لبطنها):- ربما أحفادي يملكون الجواب ببساطة يا ميرا ..
ميرا(رمشت بعينها وأقفلت الصندوق):- لا أدري لكن إن استعصى على شهاب تقبل هذا ستعذرني أنا أيضا لن أقبله ..
ضرغام:- أتحبينه لهذه الدرجة ميرا ؟
ميرا(ابتسمت تلقائيا ونظرت من النافذة صوبه وهو في الخارج واقف أمام النافورة):- أعشقه بجنون فهو بسمتي
ضرغام(أغمض عينيه على جملة مألوفة بالنسبة له):- بسمتي .. طيب لتحافظي على بسمتي اقبلي هذا وأقنعيه به وسأبارك لكما بطيب خاطر هذا الزواج
ميرا:- شكرا سيد ضرغام .. صدقا فرحت أننا استطعنا التخلص من العداوة والغضب
ضرغام:- أنا استغربت فقد كان الحديث معكِ أشبه بمبارزة بالسيوف ، لكن أرى أن الحمل والأمومة جعلانكِ ترضخين قليلا
ميرا:- وجود شهاب بجنبي هو صاحب هذا التأثير ، ربي يقدرني وأستطيع إسعاده
ضرغام(آه على هذا القدر اللعين آه كيف سأستطيع مجاراة طيبتكِ يا ميرا ، لولا اللعنة يا ابنتي لرضخت للأمر الواقع لكن لنرى ما قد تجلبه الأيام):- اذهبي إليه الآن ..
انسحبت ميرا مستأذنة منه وتوجهت صوب شهاب وربتت على كتفه وحينها انتفض وهو ينظر للحديقة بتمعن ..
شهاب:- هناك كنت أزرع مع أمي شتلات الورد
ميرا(نظرت حيث يشير بغمغمة حزن عليه):- أهااااه
شهاب:- ومن هنا كنت أسقي تلك الشتلات كنت أسكب الماء من هذه النافورة ..
ميرا(بمحبة ناظرت معه تلك الذكريات):- لما لا تعلمني كيف أزرع وردة أنا أيضا
شهاب:- أحقا ترغبين بذلك ؟؟
ميرا:- أهاه حديقتي كبيرة وأنا أفكر بعد أن تكبر بطني بتعلم شيء ، أظن أن الزراعة ستفيدني ما رأيك ؟
شهاب(ابتسم لها بفرح):- أمي علمتني كل أصول الزراعة ، سأجعلكِ بستانية محترفة في غضون أيام بسيطة
ميرا(تأبطت ذراعه وتحركت معه):- جميل جدا ..
شهاب:- لحظة ماذا أراد منكِ جدي ؟
ميرا(عانقت الصندوق وسبقته):- سأخبرك سأخبرك
طبعا لم يكن سيوافق على كل ذلك لكن ميرا استطاعت أن تهدئه وتقنعه بطريقتها ، بوجوب قبول هدية جده حسب التقاليد والأصول التي ذكرها قبلا وهنا شهاب لم يجد بدا سوى الخضوع لرغبتها أكيد فهي بؤبؤ العين ومن يقربها يحترق ….
رستم:- سيدي هل سلمتها الأمانة ؟
ضرغام:- أعطيتها العقد يا رستم
رستم(ابتلع ريقه):- أنت بهذا ستوقعها بمشاكل فخامتك هل أنت واثق ؟
ضرغام(رمش بعينيه):- واثق واثق في الوقت المناسب سنتصرف
رستم(بقلة حيلة هز يديه):- بأمرك ..
نظر من النافذة للفراغ هو يعلم أنه سيقدم على فعل شنيع لكن لأجل أولاده وأحفاده ، سيتحرك ليمنع دخول نساء الراجي لعائلتهم أو بقائهن على ذمتهن لوقت طويل .. فلأي شيء تخطط يا سيد ضرغام وحياتك مش ناقصين وجع قلب ^^ …

وحين نستذكر وجع القلب سيرتسم اسم اثنين في عقلنا "ميرنا ووائل" ..
وصلت للجريدة وما سلمت من فضول إياد الذي أعطته بعد جهد جهيد مقالتها ليقرأ نسخة منها والتي أرسلتها للمطبعة ، جلست تنتظر ردة فعله وكان هذا هو الطبيعي ما إن أنهاها حتى عانقها مرة ومرتين وقبلها مرة ومرتين وضحك لها مرة ومرتين لحين أوقفته قسرا عن جنونه
ميرنا:- هههه لو رأتك كوثر أو وصال سيحسبونني قد كتبتها لك حصريا
إياد(بغرور لطيف):- أوَ لم تكتبيها لي يا بنت ، طبعا أنا ثم أنا ثم أنااااا يس
ميرنا:- مخبول يا أنت .. لكن صدقا كل حرف كان لأجلك فالبارحة ساندتني بصدق
إياد(خربش شعرها):- ولو يا لوزتي ولو أنتِ تستحقين مني ذلك وأكثر ، المهم طمئنيني على أخبارك أنتِ بخير اليوم ؟
ميرنا(تنهدت بأسى وابتسمت):- سأكون بخير تعلم ذلك .. يعني الحياة مستمرة كما أخبرتك ولا يسعنا أن نبكي طوال الوقت لابد وأن نتأقلم
إياد(جذب خصلة من شعرها):- نتأقلم يا روحي لما لا .. هحح أرجح أنكِ متعبة سأطلب لكِ فنجان كابوتشينو من العم لبيب سيجعلكِ تصحيحين ماشي
ميرنا:- طيب يا روحي سأكون ممتنة لذلك …
رامز(دخل عليهما كالإعصار وحاله لا يعجب):- أنتما هنا جيد أنني وجدتكما سوية
إياد(نظر لحاله الغريب):- هل نجهز لك مكتبا لتجاورنا سيد رامز يعني لعلك تجد راحتك معنا
رامز(نظر من نافذة مكتب ميرنا وأغلق الستارة الحديدية حين جذب ضغط على الزر وأقفل الباب كذلك بإحكام):- ما سأقوله مهم جدا يا شباب .. اسمعاني جيدااا
ميرنا(بتوجس):- ماذا يحدث ؟
رامز:- مصيبة مصيبة .. مع الأسف لقد مُسحت صورة الرادار التي تحمل وجه رجل الفهد البري من سجلاتنا
إياد:- ماذاااااااا وكيف مُسحت ؟؟
رامز:- كان واضحا أن هذا ما سيتم وأكيد أحد كلاب الفهد البري علموا بأمر الصورة فقاموا بحذفها من أساسه ، يعني لم يعد لدينا خيط لنتتبعه
ميرنا(جلست على كرسي مكتبها بفشل):- يا إلهي كلما نتأمل بالوصول إليه نبتعد عشرين ألف خطوة للوراء
رامز:- ليت هذه المشكلة وفقط .. أماني تلك الجاسوسة التي تبعث لنا بالأخبار أثبتت لنا أنهم قد اكتشفوا وجود جاسوس بداخلهم لذلك ستتوارى عن الأنظار قليلا وتسحب يدها
إياد:- عال عال هذا ما كان ينقصناااا مع الأسف ، شبح هذا الرجل لن يتركنا في حالنا
رامز:- آسف لأنني أتيتكم بهذه الأخبار البشعة لكن أردت وضعكم بالصورة
ميرنا(هزت رأسها بغلالة قهر):- مع الأسف فعلا هذا حالنا نحن لن نستطيع الإمساك به ، سنبقى ندور في حلقة مفرغة إلى ما لا نهاية
رامز:- لا يا ميرنا بل سنمسكه إنما علينا بالصبر
إياد:- ماذا عن اعتزاله أكان ذلك إشاعة ؟
رامز:- لا يزال على قراره لكن لا جديد يذكر
إياد(رمش بعينيه):- رامز … إلى أي مدى تثق برجال التحقيق خاصة مكتبكم ؟
رامز:- إلى مدى رهيب كلهم دفعتي
إياد:- ما يعني أن الخبر لم يتسرب من هناك بل من هنا ؟
رامز(جحظ بعينيه):- بالفعل كيف لم أفكر بذلك ، لم يعرف أحد سوى أنا وأنت وميرنا بخبر الصورة صح ؟
إياد(بتفكير):- ميرناااا ؟؟؟
ميرنا(ابتلعت ريقها وهي تتهرب بعد الفكرة التي طرأت على بالها):- بصراحة .. حين أخبرنا رامز عن هذا صبيحة ذلك اليوم يعني .. حين غادرتُ مكتبك ..
إياد:- هااااا ؟؟
رامز:- ماذا حدث ؟
ميرنا:- أخشى أن أظلمها ولكن .. وجدت إيمان تتنصت على حديثنا
إياد(أغمض عينيه وفتحهما):- إيمااااااااان … غير معقول أن تكون متورطة معهم ؟
رامز:- إيمان بركات نفسها صح ؟ لطالما كانت ثقيلة على القلب تمام سنراقبها
ميرنا:- تراقبها بناء على ماذااا يا رامز ما ربما كنا نظلم البنت ؟
رامز:- علينا التحرك ميرنا الوقت ضيق جدا وأي خيط يؤدي لنتيجة سنلحق به
إياد:- مع أنني لم أتقبل الفكرة ، لكن رامز على حق سنراقبها إن اتضح تورطها ستحاسب
ميرنا:- يا إلهي ما عدت بقادرة على التركيز ، كل شيء حولي بات مشكوكا في أمره
رامز:- الوقت يمضي وهنالك معلومات من منظمة ج-د-ل-ف لم نستطع الحصول عليها خوفا من تسريبها أيضا
ميرنا(عقدت حاجبيها):- أي منظمة هذه يا رامز لأول مرة نسمع بها
رامز:- ولآخر مرة لأنهم مكتب التحقيقات درجة حساسة ، ومعلوماتهم لا تخرج من نطاقهم
إياد:- حتى لو كانوا يملكون رؤوس خيوط مهمة في القضية ؟
رامز:- حتى لو ذلك لأنهم يعدون بمثابة الخطة باء ، حين تفشل تحقيقاتنا يتدخلون من فوق
ميرنا:- عجيب .. عموما نتمنى أن تصلوا أو يصلوا أو نصل أو يصل أي أحد لخيط مهم ، أرغب بالإمساك به في أسرع وقت قد مللت حياتنا باتت توترا لا ينتهي بسببه
رامز(غمز لإياد عنها):- ما بها ؟
إياد(همس له):- متعبة قليلا من هذا وذاك كل شيء تراكم عليها مع الأسف
رامز:- مرمر حبي أعطني ورقة وقلم
ميرنا(بعدم فهم قدمتها له حين جلس مقابلها):- لماذا ؟
رامز(بدأ يكتب):- ههه لكي أسجل من أزعجكِ فقط أعطني إسما الآن هيا هيا ، من هو هل ذاك الدلفين أم رأس اليقطين ؟؟؟؟
ميرنا(فتحت فاهها بصدمة دعابية منه):- ههه صدقا لا أريد أن أعرف من منهما حظي بهذين الإسمين ..
إياد:- يا لجنوووونك نحن أين وأنت أين
رامز:- إخرس أنت يا معدن ظهر الثلاجة ، كل شيء يلين إلا لسانك دبَّابة سبحان الله
إياد:-هئئئ أنا معدن ظهر الثلاجة ، والله سأخبر كلا من حكيم ووائل عن نعتك لهما وسيعصران أهلك في ركن الحائط وتستنجد بي هكذا كالدجاجة (افتعل حركة مضحكة بأصابعه ورقق صوته)،،، إييياد ساعدني إيياد أنجدني إيياد النجدة هووووووو
رامز(بغضب):- لا لن أستنجد بك يكفي أن تصرخ فيهما ميرنا ليتوقفا هععععع مت من سمك يا ثعلب ههههنهن
إياد(بغيظ منه):- ميرنا ذكريني إن لم أفشي أمره لجماعة لَلفَحْ ، سأبعث به لمجرة أندروميدا لأرتاح منه الخمسين سنة المقبلة …
رامز:- ههه لا تستطيع ذلك قد أصبحت صديقك الحميم حتى
إياد(صفق له بتبرأ):- منذ متى يا بعدي يا لهوي سيرث قلبي وأنا حي …
رامز(نهض مقابله ونطح رأسه بتلاعب):- ميرنا اشهدي في يومه وساعته ، اعترف لي إياد بحبه ههههه
إياد(نطحه أيضا وأمسكا رأسي بعضهما في احتكاك مضحك):- أنا لم أفعل لا تقل شيئا لم أفعله يا أهبل يا عديم النفع يا ثخييييييين
رامز(باستفزاز مضحك):- بلى فعلت فعلت فعلت ..
ميرنا(وضعت يديها على وجهها تطالعهما بقلة حيلة):- يا عيني ما شاء الله على المحقق والصحفي اللذين أعتمد عليهما … فعلا فعلا أمسكنا بالفهد البري باكرا معكماااااا !!
انقضت سويعة المزاح بطرد صارم من ميرنا التي حدجتما بحدة وقامت بصرف كل واحد منهما لعمله ، ولو لم تفعل ذلك لبقيا هناك اليوم بطوله ولا يتنازل منهما أحد .. ما إن أغلقت مكتبها خلفهما حتى جلست تدلك عنقها بتعب رهيب ، ضايقها الكرسي فنهضت وجلست على كنبتها المريحة وأغمضت عينيها برهة وفتحتهما لتجد نفسها نائمة عليها بشكل مريح ، استوعبت نفسها ونظرت إليه وهو جالس بهدوء أمامها كيف دخل وكيف لم تسمع صوت الباب هذا شيء محير أجل ، لكن كيف نامت ساعتين في محلها دون أن تعي ذلك هذا ما يستحق التفكير ..
ميرنا(بتوتر نظرت حولها لملفاتها ولساعتها ولكوب الكابوتشينو الموضوع على سطح المكتب وله أيضا):- كيف نمت ساعتين لما لم توقظني يا إيااااد تتت ..
ميار(وضع يده على فكه يطالعها بجنون):- كيف لي أن أقطع نومكِ الجميل يا ميرنا ..
ميرنا(عدلت جلستها ورتبت شعرها بسرعة):- أ.. لقد تعبت ليلة أمس ولم آخذ قسطا مريحا من النوم ، لذلك غفوت هنا
ميار(يتأملها بجنون ، شعرها المتحرر ذقنها الأبي عيناها الدامعة انتفاخهما المغري شفتيها الدافئتين صوتها المبحوح ملامحها الرقيقة .. كل كل هذا كان يجعله مجنونا بها):- ما رأيكِ لو نهرب ساعة من المكتب سآخذكِ لمكان جميل
ميرنا(نهضت وهي تتمايل كالسكرانة):- لا يا روحي عرضك بالرغم من أنه يبدو لي راحة ، لكن لدي عمل كثير وتعلم ذلك يا إياد ..ألم آمرك ألا تضايقني بعد المسرحية التي أقدمت عليها أنت وصديقك
ميار(نهض بخيلاء واقترب منها ومنعها من الجلوس على مكتبها):- حين لا أراكِ وجها لوجه أشعر بفقدان شيء مهم في حياتي ، لذلك أتحدى كل الصعاب والمستحيلات وآتي إليكِ ولو كنتِ وسط حشد من البشر
ميرنا(عقدت حاجبيها من جملته):- أوك ..أثرت بي لو لم أعلم أنك صديقي لقلت أنه أحد اعترافاتك بالعشق ههه آه يا إياد كم غدوت أكره هذا الاسم العشق ..إنه هلاك أكثر منه حياة
ميار(لامس خصلتها بطرف إصبعه وطالع عينيها مباشرة):- بل هو إكسير النجاة
ميرنا:- حسن قد بدأت أقلق من أجوبتك يا هذاااا ، صحصح معي ولن تجعلني بكلامك المعسول أنسى جنونك مع رامز
ميار(تنهد عميقا):- مؤسف أن قلوبنا لا تنطق ،وإلا لكنتِ نظرتِ بعينها أنني موجود لأزيح عنكِ غلالة الوجع
ميرنا(ميرنا مالت برأسها تتأمله):- صدقا يا إياد أحيانا أراك بعين أخرى .. مثلا لأنك صديقي وأراك يوميا فإنني لا أجد اختلافا فيك إلا بخصلات شعرك هذه ، فتارة أجدها قد قصرت وتارة أخرى طولت وهذا ما يحيرني هههه
ميار(اهتزت حنجرته ولم يبعد عينيه عنها):- عدليها إذن
ميرنا(لامست شعره بدون تردد ومسحت على رأسه):- أنت حنون جدا يا إياد ..وطيبتك هذه هي التي تجعلني أتناسى غضبي وسخطي على الدنيا
ميار(يستسيغ ملمس يدها على شعره):- أووف ولما يا ترى أنتِ ساخطة على الدنيا ؟
ميرنا(توقفت لحظة وتابعت):- وتسأل بعد التراجيديا التي وقعت ليلة أمس جنب البحر ، لن أنسى لوائل تلك النظرة قد لمحني وأنا أتمزق أرضا ولم يحاول حتى النزول للاطمئنان علي
ميار(هنا ابتلع ريقه):- ماذااا ؟ أ.. يعني يا ميرنا قدري ظروفه هو بدوره كان يتألم
ميرنا:- يتألم يتألم لكن ليس بقدري لقد رجوته بكل ما فيني ألا يهجرني ، ويجعل هذا الفراق شكليا فقط أمام الجميع ، أخبرته أنني لا أتنفس إلا به وأن حياتي بدونه تعد خرابا ولكنه لم يولي كلامي اهتماما بل ظل يعيد ويزيد في تهديدات الفهد وفي ظروفنا الصعبة وفي استحالة اجتماعنا سوية ووو كل ما دمر نفسي وحطم روحي
ميار(أخفض عينيه بثقل وفي سره):- يعني مجددا يا وائل تخل بالاتفاق ، طيب
ميرنا(أحنت رأسها وضمت يديها لصدرها وقد بدأت تبكي بدون شعور):- في داخلي حريق لا يخمد يا إياد ، يعصر ذاتي ويجعلني أكفر بذلك العشق
ميار(وضع يده على فكها ومال برأسه):- صدقيني كل هذا زائل ، سوف تجدين ما يريحكِ فقط اصبري قليلا يا سلطانتي ..
ميرنا(ضحكت من بين دموعها):- لأول مرة تناديني بهذا اللقب
ميار(أنتِ فعلا سلطانتي):- هل أعجبكِ ؟
ميرنا(هزت رأسها برقة):- أهاااه أجزم أن رقية لم تحظى به بعد
ميار:- رقية ماذا .. أنا في حياتي ليس هنالك سوى سلطانة واحدة هي أنتِ ..حتى تلك البعيدة كانت سلطانة لكنها تنازلت عن عرشها ورحلت عني ..
ميرنا(لم تسمح همسته من بعد رنين هاتفها):- آه الحكومة تتصل علي أن أمسح دموعي أولا
ميار(بتوجس):- من ؟؟
ميرنا:- الزفت حكيم …
ميار(عقد حاجبيه وأخذ يطالعها وتحت أسنانه):- الزفت حكيم ؟؟ متى تدهورت الأمور بينهما لهذه الدرجة ؟
ميرنا:- أظن بأنني كنت واضحة معك هذا الصباح أليس كذلك ؟
حكيم:- ميرناااا … لقد اتصلت لأجل شيء آخر
ميرنا:- نعم أسمعك ورجاء استعجل ليس لدي وقت
حكيم(بوجع في روحه من أجوبتها السقيمة):- لن ينتظركِ داغر اليوم لقد طلبت منه العودة للقصر ، اتصلت لأخبركِ أنني سأمر لآخذكِ بنفسي
ميرنا:- تمر أنت .. ههه لا أريد شكرا سأعود لوحدي لست طفلة
حكيم:- طفلة عنيدة أيضا ، أخبرتكِ بما سيحصل فلا تجادلي بطائل أو بدون سلام
ميرنا:- باي .. هففف
ميار:- ما الذي يحصل بينكما ؟
ميرنا:- وتسألني بعد لقد دمر كل أحلامي ولا يزال يتحكم فيني بأوامره التي لا تنتهي ، تت متى يكتمل هذا الكابوووس تعبت وكل شيء يرهقني
ميار(أجلسها في كرسيها ومط شفتيه):- طيب طيب اهدئي قليلا ، أعصابكِ تالفة ولا أحد يستحق منكِ هذا الغضب ميرناااا كوني نفسكِ ولا تسمحي لهم أن يضعوكِ تحت أقدامهم ، باسم الحب أو باسم أي شيء آخر لا تسمحي لأحد أن يبخس من قدركِ ويهزمكِ مفهوووم ؟
ميرنا(رمشت بعينها من جملته وهزت رأسها):- هممم
ميار(رن هاتفه):-لحظة … ألو نعم
عرندس:- أمامك دقيقتين لتخرج من المكتب لقد خرج السيد إياد من عند فتحي
ميار(بتوتر):- تمام ../ ميرنا سأغادر الآن لأدعكِ تنهين عملكِ ..
ميرنا:- سأحاول علما من أنني مشتتة لا أستطيع التركيز بشيء
ميار(فتح النافذة خاصتها وأطل بترقب):- حاولي حاولي يعني أكيد ستجدين ما يريحك
ميرنا:- طيب عزيزي نلتقي
ميار(فتح الباب بهدوء وخرج وهو يراقب الممرات):- أوك ..
أقفل الباب وتحرك صوب الخروج لكنه اصطدم بالعم لبيب الذي عقد حاجبيه لما رآه
لبيب:- هه ما بال هذا الشاب مسرعا ماذا عن قهوته التي طلبها لمكتبه تت وأنا مالي سأذهب لإحضارها وأضعها على سطح مكتبه أجل ..
توجه لبيب لغرفة تحضير القهوة والشاي وحضر فنجانا لإياد حمله في صينية بجنب كأس ماء وتوجه صوب مكتبه بهدوء، فتح الباب واندهش منه جالسا يكتب في إحدى المقالات
لبيب(حك جبهته ووضع القهوة):- قهوتك بني إياد
إياد:- تسلم عمو لبيب في وقته تمام
لبيب(ابتلع ريقه):- ألم تكن مغادرا قبل قليل ؟
إياد(أمسك فنجان القهوة وتذوق القليل منه):- أنا … تت لا زال هنالك وقت على موعد خروجي لماذا هل أنت بحاجة شيء ؟
لبيب:- لا لا يا عزيزي فقط اعتقدت أنك قد غادرت حين رأيتك قبل قليل
إياد(بتوجس):- رأيتني أين ؟
لبيب:- هناك قرب باب الخروج
رمش إياد بعينيه وبومضة ضوئية تذكر حديث رقية ليلة أمس…
رقية:- ههه سأصدقك الآن فبعد ذلك الاعتراف الثمل ما عدت أستغرب شيئا
إياد(قبل يدها):- فعليا يا رقية أنا أفكر في الارتباط والاستقرار يعني إلى متى سننتظر ؟
رقية:- يا حبيبي نحن بحاجة لوقت كي نألف بعضنا ونعتاد على طباع بعضنا ، ثم أنا لا يزال لدي تخوف منك ألم تقر لي في اعترافك الثمل أنك تعاني من انفصام في الشخصية ههههه تخيل معي تنام معي بشخصية وتصبح بشخصية أخرى شرسة ؟؟؟
إياد(اختفت بسمته):- هل حقا ذكرت لكِ ذلك ؟
رقية:- هووهوه حين تثمل تنسى كل ما تقوله
إياد(ادعى الضحك):- ههه ههه هل لكِ أن تخبريني بماذا أفضيت لكِ يا ترى ههه ؟
رقية:- امم لم أفهم دوري ذكرت انفصاما في الشخصية وأنك تقدم على أشياء تنساها ،أو تذهب لأماكن لا تذكر أنك زرتها ، أو أقاويل لم تتفوه بها يعني هكذااا
إياد:- وأنتِ صدقتِ يا لكِ من مجنونة ههه ، لقد تلاعبت بكِ ومزحت فقط حبيبتي
رقية:- ههه وأنا هذا ما قلته فستكون مشكلة لو كنت حقا تعاني من ذلك
إياد(بوجع داخلي وخوف):- لالا عن أي انفصام تتحدثين مجرد هرااااء …
عاد من تلك المحادثة لينظر للبيب الذي كان ما يزال جاثما ينتظر أوامره ، ضحك إياد في وجهه أيضا وأخبره أنه خرج ليكلم إحدى معارفه وعاد فورا وصدقه لبيب طبعا وغادر مكتبه ، وهنا شعر إياد أن الدنيا تدور به قد زاد الأمر عن حده وهذا شيء لم يعد يقبل السكوت .. قفل الملف الذي كان بين يديه أمسك مفتاحه وهاتفه وسترته وخرج من الجريدة في اتجاه واحد لا رجعة فيه (طبيب نفسي) … مع الأسف هذا ما وجده حلا لحالته التي تفاقمت في الآونة الأخيرة وبات ظهورها جليا للآخرين .. مسكين يا إياد ليتك تعلم أن ذلك ما هو إلا أخوك لكن ليكن كل شيء بوقته أفضل …

في شقة وائل
كان مضطجعا على سريره نائما غير آبه بما يحدث حوله ، تعب نزار من محاولة حثه على النهوض لكن لم يجد صدى لنداءاته ، فكر مليا في حل يسند ابنه وائل ويجعله ينهض من حالة الحزن التي يعيشها ، إذ لابد وأنه قد تعرض لانتكاسة قلب فهذا حاله حين يكسر ويغزوه الوجع ولا يعود في نفسه قدرة على التحمل أو مكابدة آلام الدنيا كلها التي سقطت على قلبه مثل نيازك نارية تصدمه بواقع مرير .. طرق الباب عليه لمرات عديدة بدون جواب ودخل عليه وجده في تلك الحالة مرة يفتح عينيه ويناظر الفراغ وتارة يغمضهما ويضع الوسادة على رأسه متهربا من كل شيء فيصمت نزار ويتراجع للخلف، شعر نزار بأن قواه ضعيفة جدا لذلك جلس على الكنبة في الصالون وأخذ يتحسر على حال وائل يعلم أنه يعيش في معاناة وصراع لكن لا فكرة لديه عن حجم تلك المأساة كل ما يعرفه أنه شيء يتعلق بقلبه .. ميرناااا طرأ على باله أن يتصل بها لكن سوف يقتله وائل إن أقدم على ذلك ثم ما ربما المشكلة كبيرة بينهما وهو سيزيد من تفاقم الأمر خصوصا أنها متزوجة الآن ، فكر برقية فقد كانت الحل الأنسب فحتى شهاب ملهي مع ابنه ولن يفيده بقدر ما سيفسده ونادر في رحلة عمل غير متواجد ، إذن رقية هي الحل الأمثل … اتصل بها وإذ بها تترك كل شيء بين أيديها وتنطلق مسرعة نحو شقة صديقها لتطمئن عليه ..
رقية(فتح لها نزار الباب):- ها يا عم نزار هل تكلم ؟
نزار(بحزن):- تتت ولا كلمة حتى فطوره لم يتناوله ، ما به وائل يا رقية طمئنيني ؟
رقية:- تت حالك لا يعجب يا عم نزار هل أنت مريض ؟
نزار:- لالا لكن روحي محترقة أشعر بمعاناته في صدري لكنني غير قادر على تحريك ساكن
رقية(ربتت على ذراعه):- آه يا عم نزار أتشعر بآلامه أيضا ، تت لا تقلق أزمة وستمر
نزار:- يعني هنالك شيء لما لا تريحين قلبي وتخبريني بما حدث ؟
رقية(مطت شفتيها ودخلت معه للصالون):- حدثت مشكلة بينه وبين ميرنا ليلة أمس ، مشكلة كبيرة
نزار:- كنت أعلم أن تلك الفتاة ستكون سبب تعاسة له ، طيب لما هو على ذا الحال منكسر ؟
رقية:- لقد كسر قلبه يا عم نزار وكسر القلوب يتطلب وقت لمعايشته ، دعه يعايش ألمه سيجد مفرا له من حالة الظلام التي دفن نفسه فيها
نزار(عض شفته ودمعت عيناه):- ماذا سأفعل أنا ؟
رقية(جحظت عيناها بقلق عليه وأجلسته):- له يا عم نزاااار ما بك أنت تفزعني عليك الآن ؟
نزار(رمش بعينيه):- وائل يتعذب وكل ما يضغط عليه يمر على قلبي مثل القطار السريع
رقية(لم تفهم فيه شيئا طبعا):- عمو نزار سأحضر لك كوب ماء .. مهلا
رمت حقيبتها وسترتها جانبا وركضت للمطبخ أحضرت له كوب ماء وجعلته يشربه ، بعدها هدأ قليلا وطلب منها الارتياح بغرفته وساعدته على ذلك وتركته وحيدا .. هنا توجهت صوب غرفة وائل وجدته منكمشا في غطائه مثل الطفل الحزين الذي حصل على علامات سيئة في اختبار نهائة السنة ، تقدمت صوب النافذة وأبعدتِ الستائر ليلج الضوء غرفته
رقية(كتفت يديها مقابله):- هوهوووه هل سننام اليوم بطوله أم ماذا يا سيد وائل ؟
وائل(لم يحرك ساكنا):- …لارد
رقية(جلست بقربه وأبعدت الوسادة على رأسه):- أعلم أنك لست نائما فانهض وكلمني
وائل:- …لارد
رقية(لمست خده بحنان):- وائلي يا صديقي العزيز لا تجبرني على البكاء من جديد ، أقسم أن قلبي انتفخ من الحزن عليك
وائل(فتح عينيه بثقل وجذب الوسادة إليه):- دعيني ..
رقية(جذبت الوسادة بعنف منه):- لن أدعك وستنهض الآن لتأخذ حمامك وبعدها نفطر سوية ونفكر أين سنقضي بقية اليوم ، بعيدا عن المكتب عن الشركة عن كل الناس
وائل(نظر إليها بنظرة ضبابية وجذب الغطاء إليه):- عرض جميل .. لكنه لا ينفع غادري يا رقية ودعيني أكمل نومي
رقية:- أنت تتهرب ولست ترغب بالنوم ، يعني لما كل هذاااااا يا وائل ؟
وائل(ضحك باستهزاء والتف للجانب الآخر):- أنا محبط لذا أغلقي تلك الستائر وغادري
رقية(وضعت يدها على كتفه ومطت شفتيها):- ولكنني أشعر بالقنوط من هذا الحال ، يعني واجبي كصديقة يستحب مني أن أخرجك من هذا الحال، وائل أنا متضايقة بسببك لطالما كنا سعيدين قبل سنة ما الذي حدث من عيد الحب إلى هنا حالنا قد انقلب لأمواج هادرة لا تعرف مستقر .. أنت من جهة وأنا من جهة أيضا فعشق إياد صحيح متأكدة منه ويروقني لكن هنالك شيء يعتصر فؤادي حياله لست مرتاحة وكأن شخصا ما يتلبسه فتارة يكون لطيفا معي وتارة حين أداهمه على حين غفلة ينهرني ويشعرني بالسوء ، أي نعم يعتذر لكن هذه التقلبات تربكني خصوصا وأنت تعلم أن تاريخي حافل مع أبي وأمي الذين أفقداني الثقة في نفسي ..تت أنت لا تسمع شكواي وهذا ليس من شيم الأصحاب بفف هيا واااائل لا تثقل كاهلي أكثر بهمومك أعلم أنك منزعج بسبب ميرنا فقد وددت لو نزلت واحتضنتها كي تخفف من حالتها تلك ، لكن لم يكن ينفع ذلك لو نزلت معناه وكأنك تسمح بأن تكون هنالك علاقة غير شرعية بينكما ، وهذا لا يجوووز يا وائل لا يجوز
وائل(هز رأسه بنفاذ صبر):- رقية هل في نظركِ أنا بحاجة لتحليل معطيات ليلة الأمس ، أنا أعلم جيدا ما مررت به فلا تعيديه على مسمعي رجاء
رقية(اهتزت من هديره):- العيب علي أنا التي أحاول حثك على الصبر .. عموما اعلم أنك أزعجتني وأزعجت العم نزار الرجل أصفر اللون ويظهر لي أنه مريض وكل هذا بسببك
وائل(انتفض بقوة):- ما الذي تقولينه عمو نزار مريض .. ابتعدي يا شيخة كنتِ ابتدئي بهذه الجملة بدل المقالة التي استعرضتها علي ..
رقية:- ههههئ شووفو الرجل هذا لأنني ثرثارة أليس كذلك ؟؟؟
ركض بسرعة صوب غرفة العم نزار وجده مضطجعا على سريره يمسك على قلبه بشكل مريب ، فزع وائل عليه وهرع إليه في محاولة لمعرفة ما الذي يؤلمه
وائل:- عمو نزار عمو نزار ما الذي يؤلمك أخبرني ؟؟؟
نزار:- واااائل حبيبي أخيرا استجبت ونهضت من سريرك كدت أجن ، شكرا رقية لأنكِ جعلته يستجيب
رقية:- والله لم أفعل شيئا حين أخبرته أنك مريض ، رأيت النتيجة
نزار:- له يا عزيزي أنا فقط مضطجع يعني .. لا أحب أن أراك منزعجا يا ولدي
وائل(ربت على يد نزار):- اممم طيب أنا بخير الآن وأشعر بالجوع فهل هنالك فرصة أن ينهض عمو نزار ويحضر لي الفطور ؟
نزار:- يا لك من شجع يعني ألا تقدر مرضي ، يعني حرام أن يرتاح هذا العجوز قليلا من مطالبك الله الله
وائل:- هه هذا هو عمو نزار هو بخير إذن …لالا هه ماذا تفعل كنت أمزح معك أنت ستبقى نائما هنا بينما رقية تقوم بإعادة تجهيز الفطور وأنا آخذ حمامي لنلتقي ثلاثتنا في الصالون ما رأيكم ؟
رقية:- هذا يناسبني
نزار:- وأنا أيضا يناسبني يا غالي …
على ذلك الاتفاق توجهت رقية للمطبخ ووائل لغرفته جمع بعض الثياب بعشوائية ودلف لحمامه ، وهناك سمح لأناته بأن تصدح بدون كتمان .. يعلم أن أحبته يحزنون لحزنه ولذلك كابر نفسه كي يظهر بأنه بخير لأجل ألا يكسر قلوبهم رقية ونزار لا ينقصهما مواجع .. لكن ها هو ذا منفردا تحت صنبور الماء ينظر بانكسار لكل المواصيل التي وصل إلي مع ميرنا ، من البداية كان عشقهما مستحيلا من أول قبلة …آه على أول قبلة تذكر الحفلة التنكرية كم كان لقائهما الأول ملفتا ، رقصتهما الأولى كانت جذابة ، وقبلتهما الأولى كانت تحطيما لقلاعهما المنيعة والتوحد في مملكة واحد تضم قلبيهما فقط .. لكن مع الرغم من أن كل شيء كان جميلا لو استمر بتلك الطريقة إلا أن الظروف والعقبات أبت إلا أن تفرقهما ، بدئا بمعاناته مع ابن عمه شهاب الذي لو لم تظهر ميرا في حياته وتأسره في شباكها لكان لا يزال يصارع معه الويل .. بعدها ظهر ابن عمها من العدم ليخبره أن تلك المرأة له منذ الصغر ويعشقها مذ أن كانت طفلة فأي جنون هذا ، ليكملها الفهد البري بتحكمه في حياتها وكأنها الوحيدة على وجه الأرض التي تحاربه يعني لما كل هذا الاهتمام بميرنا دونا عن غيرها … لحظة لحظة لما لم أسأل نفسي هذا السؤال لما يهتم الفهد البري حتى العم بشير دقق في هذه النقطة لما بلغني عن المنظمة ما يعني أن هنالك شيء يربط ما بين ميرنا والفهد البري لكن ما الذي سيكون غير حكيم ابن عمها فأكيد هذا الذي اقترح فكرة الزواج ليربطها جواره ويبعدها عني .. تتت آآآآآآه أحتاج لمعلومات أدق فهذاااا لا ينفع …
أتمم حمامه وفكرة تذهب من هنا وأخرى تأتي من هناك ، هكذا إلى أن خرج وهو يرتدي ثيابا غير المنزلية وهنا استغربت رقية منه حين رمقته يتجهز للخروج
رقية:- إلى أين يا وائل ؟
وائل:- لدي عمل مهم تذكرته للتو أنتِ أفطري مع العم نزار ، أكلمكِ لاحقا سلام
رقية:- هئ ما هذا الذي حصل هنا الآن آه يا ربي آه سأشعر بأنني أكره الأمومة قبل أن أجربها ، أي والله طفل كبير مدلل هممم ..
ظلت تحادث نفسها وأفطرت بالفعل مع العم نزار الذي أهلكها من الضحك لحين غادرت صوب العمل ، فهذا ما يسعها فعله طالما مريضنا قد غادر دون تردد .. تلك اللحظة بقي نزار يجمع الأغراض بهدوء لحين سمع صوت همهمة غريبة تدب في الأرجاااء ، رفع رأسه بحذر يطالع يمينا وشمالا لكن لا وجود لشيء غريب ، توجه صوب غرفة وائل رويدا رويدا ونظر لستائره التي كانت تتطاير بفعل الرياح امتعض من جنون هذا الولد واقترب ليقفل النافذة بإحكام ، ما إن أقفلها حتى استشعر ريحا غريبة تأتي من خلفه ولما استدار متوجسا لم يجد شيئا ملفتا للنظر ، طيب من أين تأتي تلك الهمهمات لم يدقق وخرج ليتابع عمله حتى رن هاتفه ..
نزار:- ألو …
فخرية(بنبرة خافتة):- أعرف أنك الحارس الأخير المتبقي من عشيرة الشمس ،، اسمعني ولا تقفل الخط أنا فخرية أظن بأنك سمعت سالفا عني ، وبأنك أيضا ستسمع بي من خلال وائل رشوان شخصيا ، فهو يعرفني عز المعرفة وقد التقينا سابقا
نزار(جلس بوهن على طرف الكرسي):- ماذا تقولين أنتِ مخطئة في الرقم ..
فخرية:- ههه محاولة جيدة لكي تهرب مني يا حفيد وُديقة ، لكن لا تقلق أنا لا أرغب بأذيتك أو أذية وائل ، أنا أريد لهدنة السلام التي عقدتها مع جدتك قبل سنوات أن تستمر لكن سيحدث ذلك إن سمعت مني وأطعتني
نزار:- أنتِ تهذين
فخرية:- المرأة التي زارتكم يوم أمس أتعرف من تكون ؟
نزار(تذكر شاهيناز):- شيء ما .. تدعى شاهيناز وأعتقد أنها …
فخرية(تابعت عنه):- ساحرة .. أجل هي كذلك وأنا السبب في إعادتها لهذه الحياة اضطررت لفتح سجنها الذي أسرتها فيه لسنوات عديدة لكن هذا ليس موضوعنا الآن ..
نزار:- المرأة التي أتت يوم أمس يافعة وليست بعجوز ، يعني لما أشعر أن الحديث يخص ساحرة قديمة من جيلنا ؟؟
فخرية:- وذكي أيضا هذا مفيد للمستقبل .. تلك المرأة ليست بشاهيناز بل جسد شاهيناز فقط أم روحها .. فهي أختي سلسبيل
نزار(فتح فاهه بعدم تصديق وقد سقط على رأسه أكوام من الحجارة):- ماذاااااا تقولين سلسبيل يا إلهي يا إلهي …
فخرية:- أعلم أنني ارتكبت خطئا فادحا ، لكن لو كنت محلي لفعلت المثل لأجل الحفاظ على حياة ابنك وائل أنا أيضا أحافظ على حياة ابني حكيم وبأي ثمن كان
نزار(بجزع):- الله لا يسامحك يا فخرية أهذه فعلة تقدمين عليهاااااا ، لقد فتحتِ أبواب الشر وشتان ما بين إغلاقها من جديد ثم …ثم ماذا تريد من وااااائل لما جاءت هل هل تريد أذيته ؟
فخرية:- اطمئن حاليا يعني فاهتمامها في هذه الآونة يركز في الإطاحة بك شخصيا ..
نزار:- هي تعرف بأمري أيضا
فخرية:- ليس على وجه الخصوص لقد اضطررت للكذب عليها وأخبرتها أن آخر فرد من عشيرتكم ، لا يزال في البلدة خلف الجبل وقد شقت الطريق للبحث عنه
نزار(عقد حاجبيه):- لما تساعدينني ؟
فخرية:- لأنك الأمل الوحيد المتبقي لنا من عشيرة الشمس لفض اللعنة ، علينا أن نتحد فأنا بدوري أملك أحبابا أخشى عليهم من الأذى وهذا ما يجعلني أنا وأنت في نفس الصف
نزار:- كيف سأخفي نفسي عنها لقد استشعرت طاقتي حين ولجت هذا البيت على الأغلب
فخرية:- هذا أمره سهل بعض التعاويذ البسيطة ويحل الموضوع ، لكن ما يشغل بالي أكثر هو قلادة الشمس يا نزار لو عثرت سلسبيل عليها سنهلك أجمعين
نزار(حرك عينيه):- قلادة الشمس … ولكن ..
فخرية:- لقد كذبت وُديقة على سلسبيل قديما وأخبرتها أنني حصلت على القلادة ودمرتها ، لأجل تفعيل الهدنة ولكن أختي سلسبيل ذكية جدا وهي تعلم أن القلادة لا تزال موجودة فهل لك علم بمكانها يا ترى ؟
نزار(ابتلع ريقه):- فرضا لدي علم ماذا تريدين ؟
فخرية(بارتياح):- آه الآن فقط شعرت بالراحة لأننا سنصل لغايتنا في تدمير أختي ، حين تنكسر اللعنة
نزار:- من المفترض ألا أثق بأحد وأنتِ يصعب علي مجاراتكِ في كل هذاااا .. عذرا منكِ لكن أتمنى أن تبقي أمري سرا حتى بينكِ وبين نفسكِ لا تذكريه أريد حماية أحبتي وتواطئي معك سيجلب علينا البلايا
فخرية:- لا تخشى شيئا غايتي هي غايتك ، علينا أن نلتقي أنت بحاجة لتعويذة ساحرة كي تحفظ نفسك من شرور أختها هذا لسلامة ميرنا فأنا أعرف أنها وليدة الشمس
نزار(برقت عيناه بخوف):- كيف عرفتِ ؟
فخرية:- حين لمستني احترق جلدي .. أرأيت أنا أفضي لك بكل أسراري ولا شيء لأخفيه كي تقتنع أن نيتي هي حمايتها في الأول والأخير
نزار(رمش بعينيه):- أين تريدين أن نلتقي؟
فخرية:- بما أن سلسبيل في البلدة الآن ولن تعود إلا ليلا سيسعني الوقت لأغادر القصر وأعود قبل عودتها .. بعد ساعتين في المقابر الجنوبية
نزار:- لا عجب أن تختاري ذلك المكان يا فخرية … سأكون هناك
فخرية:- صدقني غايتي هي السلم والسلام وستتيقن من ذلك مع الوقت ..
نزار:- سأضع ثقتي بكِ يا فخرية إن خذلتني تأكدي أنكِ ستقعين في المتاعب ..
فخرية(بحزم):- موعدنا بعد ساعتين …
كان هذا اللقاء جنونيا صعب التصديق ، فخرية ونزار ساحرة وحارس قوى الشمس .. من المؤكد أن ذلك يوم تاريخي وطبعا كان على نزار أخذ مجمل احتياطاته فالثقة بساحرة أشبه بوضع يدك في النار …
نزار:- آسف لاتصالي بكِ بعيدا عن موعدنا الدائم ولكن الأمر ضروري شقيقتي
ناريانا:- نزار أخي الحبيب أسمعك بكل جوارحي ، أفصح لي عما يتعبك
نزار:- سلسبيل .. عادت يا أختي وقد بات وقت انتقامنا جليا أمام ناظرينا ، قريبا سنقتص منها على قتلها لعشيرتنا لأبوينا وجدتنا ..
ناريانا:- أحقا يا نزااار ، ياااه إنه أفضل خبر مرَّ بمسمعي منذ سنين .. لكن كيف عرفت بأمرها أوجز لي جديدك ؟
سرد لها نزار كل ما أخبرته به فخرية واتفق معها على أن تبقى على صلة معه ، في تخاطر لتتابع كل ما سيدور بينه وبين فخرية وتعرف ما إذا تعرض لخطر أو لا .. وهي تحادثه استشعرت دخول جوزيت لذا أقفلتِ الخط وقد حرفت الحديث لحجز في منتجع خاص ..
جوزيت:- هووب مع من كنتِ تتحدثين خلسة ؟
ناريانا(ابتسمت لها):- حجزت لنا في منتجع خاص ، يعني سنحظى بتدليل اليوم جلسة تدليك على حمام ساونا على حفنة ذكور إنما إيييه هلالالالاك ..
جوزيت:- يا لكِ من سافلة … ههه تعلمين أن لا أحد يملأ عيوني سوى حبيبي
ناريانا:- ميار نجيب كابوووووووسي الأزلي .. بات لدي شغف للقائه فقط لأرميكِ في حضنه وأرتاح من سيرته
جوزيت:- ههه مجنونة لكن صدقا اشتقته بجنوووون
ناريانا:- أعلم ذلك عزيزتي لكن .. لا تتأملي كثيرا لقائكما مستحيل
جوزيت(ابتلعت ريقها):- طيب طيب لن تبدئي الآن في إحباطي ، هل جهزتِ كل الأغراض الرجال بانتظارنا غدا سنبدأ رحلة عودتنا للوطن
ناريانا:- كل شيء جاهز .. سأهتم ببقية الأمور فقط ارتاحي
جوزيت:- لقد سبقنا عدد كبير إلى هناك وتفرعوا حسب طلبي ، ما إن نصل للقصر الذي تم تخصيصه لنا سنتصل بهم لنجمعهم في مأدبة عشاء نخبرهم فيها عن مخطط العودة والغاية منها مفهووم ؟
ناريانا:- علم يا ستي الرئيسة .. هل أفعّل الاتصال الآن ؟
جوزيت(كتفت يديها):- اتصال ماذا يا بنت الإيه ؟
ناريانا(غمزتها):- جولة المنتجع وتوديع القطع الشهبااااء والعضلات والذي منو ؟؟
جوزيت(ضربت على وجهها):- صدقيني أنتِ نذلة ، لكن … أجدها فكرة لا بأس بها لنودع يختي لنودع ..
ناريانا(أخرجت لها لسانها بدعابة وأمسكت هاتفها):- هذا هو الكلام الذي أحب سماعه ههه .. يلا
اطمأنت ناريانا كون جوزيت لم تستشعر شيئا من اتصالها بأخيها ، وظلت تخفي توجسها بداخلها وآثرت تشتيت انتباه جوزيت بعد ساعتين في المنتجع كي تستطيع مواكبة ما يحدث مع نزار عن بعد عبر التخاطر الذي سيتم داخليا بينهما .. وفي تلك الأثناء كان وائل يزور إخوته الخرفان على قولة عمو بشير وصل إلى هناك وهو يعلم أنه قد يتعرض لمتاعب معه لكن كان لابد له من الحضور لمعرفة التطورات ، وأيضا ليجد أجوبة لأسئلته .. وجد الخدم منهمكون في الذبائح والماشية ودخل إلى الداخل ولاحظ أن كلا مهتما بعمله يعني تغطية مقنعة لمنظمة دقيقة كتلك وفي ذلك المكان ، حتى أذكى ذكي لن يتخيل أنها موجودة تحت مجزرة مواشي ..لكن لا يتم كل شيء بدون إثباتات فقد اعترض طريق وائل رجلين شديدين يحملان سكاكين وسواطير كبيرة مليئة بالدم وأمراه أن يتراجع للخلف
وائل:- أنا هنا لرؤية السيد بشير ولن أبرح محلي ما لم يحضر ..
أحدهما:- ستعرض نفسك لخطر سواطيرنا فغادر من حيث أتيت الآن
وائل:- وهل علي أن أهابك مثلا ؟؟ ..أخبرتك بغايتي فتصرف ودعني أمر لأنني بلغت السيد بشير بقدومي وهو على وصول
الآخر:- لن تدخل لمحل ما لم يحضر فابتعد أحسن لك
وائل(زفر بعمق ورمى بسترته جانبا ورفع كمي قميصه):- إذن سنحل هذا الموضوع بشكل آخر غير ودي .. شكل تفهمانه جيداااااا
قبل أن يتقدم صوبهما دون خوف نظرا لبعضهما بعضا بنظرة مرتبكة وأنزلا أسلحتهما ، وأمراه بالانتظار قليلا هناك ريثما يعطيان خبرا لأحد من الرؤساء وإن سمح بدخوله سيتم الأمر ، وجد أن هذا حلا يرضيه وأعاد لبس سترته وهو ينظر شزرا لما يدور حوله .. دقيقة دقيقتين وها هو ينزل درج المنظمة وينظر حوله للمكان والذي لم يختلف عن المرة السابقة فلا يزال الكل مندمجا في أعماله المتراكمة يركضون من كل اتجاه ، ويتحادثون قليلا لكن يعملون كثيرا في ريتم متسارع ، ابتلع ريقه ودلف للأمام وانتبه لغرفة طويلة معلق فيها جدار عال من صور الفتيات والأطفال .. وجد نفسها تلقائيا يدخل إلى الغرفة ويرمق كل ذلك العدد الهائل أمامه لم يصدق عينيه أيعقل أن كل أولئك وقعوا ضحايا للفهد البري ..
بشير:- أجل … هذه الإجابة على سؤالك
وائل:- عمو بشير .. عذرا دخلت بدون أن أنتظرك
بشير:- لا عليك .. سأخصص لك بطاقة تخولك الدخول إلى هنا وقت غيابي
وائل(نظر للحائط):- أأحقا كلهم ضحاياه ؟
بشير:- كلهم مفقودين ولم يتم العثور على أي واحد منهم منذ سنوات
وائل:- هه يستحيل ذلك أين يذهب بكل هذا العدد من النااااس ؟
بشير:- ليس لدينا معلومات يا وائل ، لكن كل ما أستطيع تبليغك به أنه شخص لا يملك قلبا شخصا بدون رحمة شخصا يفتقر لحس الإنسانية شخصا يطأ على الآخرين بقدمه كبعوضة طائشة لا تأخذ معه سوى ثانية واحدة
وائل(بأسف):- نحن مذنبون أيضا ، سكوتنا هذااا يعطيه مجالا أوسع لأذية الناس
بشير:- نحن نبحث عنه منذ وقت طويل ، وكل مرة نجد الباب مقفلا أمامنا آخر فرصة تم محو دلائلها وأظنك على علم بذلك ..
وائل:- ليس كذلك ما الذي حصل ؟
بشير:- صورة سيارة الفهد البري مُسحت من ملفاتنا ليلة أمس
وائل:- غير معقول ألم تعثروا على فاعلها ؟
بشير:- تت لم يظهر في كاميرات المراقبة أي شيء غريب ، إذ يظهر أن الشخص الذي مسحها يتمتع بصلاحيات كبيرة تخوله من الدخول والخروج بأريحية من مركز الشرطة
وائل(بغيظ):- مؤكد سيكون شرطيا فاسدا تابعا له
بشير:- نحن نجري تحقيقات حيال ذلك ، ما إن نمسك به سيحاسب
وائل:- آمل ذلك
بشير:- رافقني للغرفة الرئيسية وأخبرني ما سر زيارتك الطارئة ؟
وائل(ابتلع ريقه):- أخشى أن ما يربط الفهد البري بميرنا شيء أقوى بكثير مما نعتقد
بشير(فتح له الباب ببطاقته الخاصة ودخلا):- ما قصدك يعني وضح ؟
وائل:- رجاء هل لك أن تعيد وضع صورة الفتاة شبيهة ميرنا لدقائق فقط
بشير(باستغراب):- أهاااه طيب .. لحظة فقط
ضغط بشير على أداة التحكم وأخذ يفتش عن الصورة لحين وجدها وأظهرها على الحائط بحجم كبير ، هنا اقترب وائل منها متأملا وعقد حاجبيه صحيح أنها تشبه ميرنا قليلا لكن الشبه متباعد بينهما هذه تبدو أكبر وبملامح مختلفة قليلا عن ميرنا ، رمش بعينيه ونظر لكتف الفتاة وانتبه لوحمة وردية رأى مثلها قبلا في مكان ماااااا ..
بشير:- هاهي الصورة أخبرني عن شكوكك ؟
وائل:- المعلومات التي تم جمعها عن شخصية الفهد بناء على دراسات المنظمة وتحليلاتهم ، قد تم تقدير عمره في نفس عمر هذه الفتاة التي بالصورة تقريبا صح ؟
بشير:- أهاااه نوعا ما ..
وائل:- ومن في الصورة هي رئيسة عصابة القطب .. يعني هي منتمية في الأصل إلى مافيا الفهد البري وستعود لتستحوذ على قوته بعد اعتزاله
بشير:- هذا هو التحليل المنطقي الذي وصلنا إليه لحد الآن
وائل:- ماذا لو كانت هذه الفتاة مهمة للفهد البري وهو يعتبر ميرنا طعما ليس إلا
بشير(تعب من استدراكه):- مهلك علي يا وائل أنا لم أفهم شيئا البتة
وائل(أخرج هاتفه وبحث عن صورة لميرنا وما إن رآها وجعه قلبه لكن لا وقت للعشق الآن فحمايتها بالغالي والنفيس أهم):- أنظر معي لو وضعنا صورة ميرنا وصورة الفتاة سنجد أن الاختلافات بينهما محصورة بعدد الأصابع يعني بعض التغييرات على ميرنا ستصبح نفسها نفسها تلك التي هناااااك ، أتفهم غايتكم من وضع ميرنا بدلا عنها في وكر الفهد البري لكن نحن أصلا لم نعرف بعد من يكون ولا حتى ندرك موقعا له فكيف سنرمي بها في هاوية ليس لها قرار ؟
بشير:- بواسطة البنت عينها فرئيسة القطب هي التي ستوصلنا إليه ، نحن نراقبها عن بعد قد تم ترحيل كل رجالها إلى هنا وهم متفرقون في فروع مشتتة كي لا يلفتوا الانتباه ، تم تخصيص قصر لها بالمنطقة أيضا وهي على وصول يوم أو يومين وتكون هنا
وائل:- سنعتبر أن هذه المرأة هي سبيلنا للوصول للفهد البري ، لكن ماذا لو كان الفهد البري أساسا لا يعلم بهويتها
بشير:- مستحيل مستحيل ذلك …عصابة القطب هي أقرب منافس له ، بينهما درجات بسيطة وتأتي الآن لتقول أنه لا يعرف هوية أعداااائه
وائل:- فكر معي .. ما سر لحاقه بميرنا ومحاولة إبعادها عني بالدرجة الأولى
بشير:- العشق ؟
وائل:- ههه ليس كذلك فقط هنالك حكيم الراجي الذي يحمل مقاليد السر كله لو راقبناه أكيد سنصل لشيء معين
بشير:- وهل تعتقد أننا لم نحاول مراقبته يا واااائل ، لكنهم حذرين جدا ولقاءاتهم تتم بسرية لا يمكنك تخيلها
وائل:- إلا ما سيخطئ ذات يوم أي واحد فيهما يعني .. ربما سنجد زلة هنا أو هناك نستطيع تتبعها لحماية ميرنااا منهم
بشير:- أتفهم علاقتك بميرنا لكن يا وائل لا تترك قضية شاملة لتهتم بها فقط ، هذه مصائر شعب أطفال وبنات ليس لهم ذنب فيما أقحموا فيه هذه هي قضيتنا هذه غايتنا تحريرهم ووضع حد لهذا التمرد والجحود
وائل(عقد حاجبيه):- هل ستضع حراسة لحكيم الراجي ؟
بشير(مص شفتيه):- سأطرح الفكرة ولكنني لا أعدك فمراقبة أحد تستلزم عدة خطوات وأهم شيء الغاية من ذلك
وائل:- عدني أنك ستفعل قصارى جهدك لتحقيق ذلك ، أنا أشعر بأن الحل يدور حولنا لو دققنا فيه سنجده
بشير:- سوف تتعبني معك يا ابن وحيد .. أنت تشبهه في حماسته كثيرااا رحمه الله
وائل(نظر للصورة وشرد):- رحمه الله ..
بشير:- أخبرني مجددا عن نظرتك للموضوع كي أسجل المعلومات الضرورية هنا
وائل(ابتسم بمرارة لصورة ميرنا على هاتفه وأعاده لمحله):- تمام …

بعد مرور ساعتين
كان بيت الراجي يحتفي بعودة دعاء التي ما إن خطت خطواتها به حتى شعرت بالانهيار ، فقد اعتقدت أنها لن تعود إليه بعد الجحيم الذي جعلها حسام تعيشه ، قبلت جدران البيت وهي تبكي في حالة هستيرية بصعوبة استطاعوا السيطرة عليها ، حكيم لم يتحمل ذلك المنظر فانسحب مغادرا خصوصا بعد أن ولجه اتصال غريب جعله يبتعد عن البيت ، أما البقية فظلوا يواسونها ويسهرون على راحتها عدا إخلاص التي ظلت بالمطبخ ولم تقربها بحرف حتى ، دعاء استشعرت ذلك من أختها لكن استطاعت هضمه فجدتها وخالتها وبنات عمها وأمها على رأسهم بقربها يحاولون مواساتها في مصابها .. اهتمت عفاف بتعليق المغذي الوريدي في يدها وعدلت لها سرير مديحة كما تم الاتفاق عليه ، تركوها لترتاح قليلا واجتمعوا في الصالون يستذكرون كل ما حدث خلال الأربع وعشرون ساعة الماضية … هنا تركتهم نور في أحاديثهم التي لن تكتمل وانطلقت صوب الشركة ففي جوفها محصورة عدة جمل عليها أن ترمي بها في وجه فؤاد رشوان وتغادر وهكذا كان استقلت سيارتها وتوجهت صوب شركة دابليو إر ومن حسن حظه كان هو الوحيد المتواجد فيها بما أن شهاب مع ميرا وابنهما الذي أخذاه قبل وقت وجيز وطبعا سلمته إخلاص لشهاب فقد ظلت ميرا بالسيارة وأبت النزول ، حتى عواطف لم تكلف نفسها للخروج بل ظلت تراقبها من النافذة وتنظر إليها بحسرة ، فهذا الحال سيأتي يوم ويتغير حسبما تتمنى …
نور(وصلت للشركة ودخلت لمكتبه دون استئذان):- … فؤاد رشوان
فؤاد(رمش بعينه ولم ينهض إليها):- أصبحت أشك أنني مساعدكِ وأنتِ مديرتي ، تأتين وقتما تشائين تغادرين أيضا وقتما تريدين يعني ولا رئيسة مجلس الإدارة
نور(دفعت الباب خلفها وتوجهت صوبه):- أعلم جيدا ما تحاول فعله كي تكسب قلبي تحاول غسل دماغ ابنتي وتحريضها ضدي .. لقد كشفتك ولن أسمح لك بذلك
فؤاد(نهض من محله بعصبية):- عن أي تحريض تتحدثين نور لا تهذي
نور:- أتحدث عن محاولتك الفاشلة في جعل دينا تكرهني وتمجدك أنت ، لقد لقد ..
فؤاد:- مهلا مهلا هل ستبكي ؟؟؟
نور(جحظت عينيها):- أبكي على ماذا يا اللي ينبكى عليك … إسمع لا تجبرني على تخطي حدود حمراء كنت قد وضعتها منذ زمن على جنب أقسم لك ستتفاجئ بنور الراجي شخصا آخر وسأجعلك ت..
فؤاد(أمسك إصبعها وضمه ليدها وجذبها إليه):- اخرسي قليلا لأرى …
نور(ابتلعت ريقها من حركته المباغتة تلك):- ترى ماذا يا أبله ثم ثم ابتعد عني لثلاثة أمتار
فؤاد(ظل يقترب منها وهي تعود للخلف):- قلت لكِ اصمتي قليلا ودعيني أرى ..
نور(كانت تعود للخلف):- إن تقدمت خطوة سأضربك على رأسك
فؤاد(نظر خلفها لم يعد هنالك مكان تهرب عليه):- ههه لقد حوصرتِ فاهمدي
نور(التصقت بالحائط خلفها وهي تحاول التهرب منه):- ابتعد عني وإلا قسمت جبهتك لنصفين وجعلتك عبرة لمن يعتبر بشركتك
فؤاد:- مشكلة بالفعل اعتقدت بأنني سأرى شيئا عجيبا لكن مع الأسف ..
نور:- بما تهذي أنت ؟
فؤاد(بجدية):- اعتقدت أنكِ قادرة على الصمت لخمس ثوان لكن مصيبة أنتِ محرك طائرة ، دواسة أرض ، ساعة مجانية متواصلة
نور(دفعته لصدره وآثرت الابتعاد):- أنت أنت تستحق أن تعلق في مقصلة عند باب الشركة
فؤاد(أمسكها بيد ذراعيه بقوة):- ألا تستطيعي أن تبقي لسانكِ نظيفا دون شتيمة ، ساعة أطلب فقط ساعة واحدة أسمع منكِ كلاما يخلو من طرق التعذيب التي تتمتعين بها
نور(نظرت لقرب وجهه من وجهها وليديه التي تمسكانها ولموقعها تحديدا):- هل لك أن تشرح لي ماذا أفعل في حضنك ؟
فؤاد(ابتسم لها وأزال خصلة شعرها الثائرة من على عينيها):- أحاول أن أعثر فيكِ على المرأة التي قتلتِها ليظهر بدلها نسخة عن عم نوري بدون شوارب
نور(صعقت من جملته ودفعته عنها بقوتها):- إياك وأن تلمسني مجددا أيها الغبي الخبيث ، كان قراري بالاستقالة حكيمااااا دعني ياااا …
فؤاد(تركها ليس رغبة بل صدمة):- استقالة استقالة ماذا ياا نور ؟؟
نور(أخرجت من حقيبتها ورقة استقالتها):- هذه يا روحي فمهمتي لم يعد لها نفع طالما غادرت ميرنا ، كما أن ميرا ستتزوج من ابن أخيك يعني لا جدوى من بقائي
فؤاد:- هل هذا يعني أنكِ وضعتني طريقا فقط لتصلي لغايتكِ في مراقبتهم ؟
نور:- أوبس يتضح أنني فكرت بصوت مرتفع ، لكن لا يهم يمكنك التفكير بما تشااااء …
فؤاد:- سأرفض استقالتكِ نور ، ثم بناء على القوانين أنتِ لن تستطيعي مغادرة الشركة إلا بعد ثلاثة أشهر يعني أنتِ ستبقين معنا يا روحي لبعد ثلاثة أشهر وتضعين استقالتكِ على مكتبي مفهوووم ؟
نور(سقط قلبها أرضا):- لا يعقل ذلك أنت يجب أن توافق عليها يعني ..
فؤاد:- القانون قانون
نور(بجنون ضربت الأرض بكعبها وأمسكت الورقة):- سترى كيف سأستقيل هممم
فؤاد:- أنتِ مساعدتي أنا ولا أحد من المدراء مخول بالتدخل في شؤونكِ غيري ، هذا من جهة ومن جهة أخرى مهلة 3 أشهر هي أقصى حد لطلب الاستقالة وعليه أحضري لي قهوتي يا مساعدتي العزيزة طالما أنتِ لستِ بأجازة إذن ستخدمينني بما أريد … تحركي
هزة أرضية وبركان متفجر اجتمعا في حلبة مصارعة الثيران ، حيث كانت تنفث شررا من أذنيها وأنفها ، كان مثالا لتنين سلبوه من أقصى حقوقه ألا ينفث النار في منطقة محظورة ، شعرت بأنه يسبلها من أبسط حقوقها كيف لا يمكنها الاستقالة بقانون الثلاثة أشهر الذي خرج من الجانب .. رمقته بنظرة خطيرة للحقيقة جعلته يهتز وهو يطالعها بتحدي فلا يمكنها أن تهدده مهما فعلت صوت صفق الباب وحده الذي جعله يطلق العنان لضحكاته فمنظرها المهزوم أمامه أحلى ما قد يحظى به .. ساعة تقريبا قضت ساعة في الحمام وهي تخط أرضيته جيئة وذهابا ومنعت حتى الموظفات من ولوجه كل من تأتي تخبرها أن هنالك مشكلة في الصيانة فتعود أدراجها وهي تكمل تحليلها ومعايشة هزيمتها تلك .. ها هي ذي تطرق باب مكتبه بأدب وتضع فنجان القهوة على سطح مكتبه وتعانق الصينية منتظرة الأوامر
فؤاد(شرب رشفة ونظر إليها):- اممم إنها باردة
نور(تمالكت نفسها بصعوبة):- أحم … بل ساخنة
فؤاد:- ولكن أنا أعتبرها باردة غيريها بسرعة ، وتعالي لنرى ماذا يوجد من عمل ليس لدينا اليوم بطوله ست نوووور
بتكزز تحركت من أمامه وهي تضع فنجان القهوة في الصينية وتغادر ، لم يستطع إخفاء بسمة انتصاره فتلك هي نوره المجنونة امرأته المختارة التي لا تستسلم أبدااااا ، بعد برهة عادت له بفنجان القهوة الذي سقط في قلبه مثل العسل وباشر العمل بجدية رفقتها … ولم يغفل عن الاتصال بمنذر الذي توجه صوب رقية مباشرة
منذر:- والله هكذا أمرني أنتِ أضيفيه في بنود ملفها لو سمحتِ
رقية:- آآآه على آل رشوان ولا واحد فيهم عاقل ، حسن سأضيف هذا القانون الذي لا أدري من أين خرج لنا السيد فؤاد به
منذر(فتح باب المكتب):- أهم شيء الرقم ثلاثة شهووور يا رقية
رقية(ضربت كفا بكف):- ثلاثة شهور حاضر يا خويا على عيني .. السيد فؤاد يؤمر أمر
طبعا اتضح أنها خطة لكي يبقيها بشركتهم ثلاثة أشهر صدقا هذا الفؤاد خطير … سنتركه مع مساعدته المجنونة إن لم تقتله قبل أن يجلطها باستفزازه البارد ونتجه للمقبرة الجنوبية ومع لقاء فانتازي مختلف مع فخرية ونزار ..
فخرية(تقدمت صوبه ولمحته وهو يتحرك قلقا متوترا وينظر حوله):- إطمئن لا يوجد هنالك أحد غيرنا وغير الموتى النائمين تحت الأرض
نزار:- بداية حوار مشرفة يا فخرية
فخرية(رفعت يدها مباشرة له وأغمضت عينيها تدمدم بكلام مبهم):- هشششش ..
نزار(ابتلع ريقه وناظرها باستغراب):- ماذا تفعلين ؟
فخرية(لم تجبه بل تابعت ما كانت تفعله وما إن فرغت حتى نظرت إليه بعيون مبيضة سرعان ما تحول لونهما لطبيعتهما):- انتهى الأمر سلسبيل لن تستطيع العثور عليك هكذا
نزار:- طيب لو انتهى الأمر دعينا نفترق لا أريد أن يراني أحد معكِ
فخرية:- هه أتنتظر من الموتى أن ينطقوا جهرا مثلا … أخبرتك أنني أعرف المكان جيدا فأرح نفسك عن التفكير
نزار:- لن أريح نفسي ما لم أقضي على سلسبيل وأحد من شرها
فخرية:- سنقضي .. بجمع النون
نزار:- أتعلمين لما بقيت في أمان طوال هذه السنين ؟
فخرية:- لماذا ؟
نزار:- لأنني لم أثق بأحد قط .. ولن أثق بكِ أيضا يا فخرية
فخرية:- أنت مضطر لذلك
نزار(توقف عن مسيره ووضع يديه بجيوبه):- لنرى الظروف إذن .. أنتِ مدينة لي بهذه التعويذة أو اعتبريها تكفيرا للذنب من جدتي وُديقة
فخرية(تذكرتها وتأوهت):- لم أكن أعلم ليلتها أنها ستفتك بهم .. ، لو كنت أعرف ذلك لمنعتها بأي طريقة
نزار(تذكر مقتل أهله كلهم والمنظر البشع الذي رآهم به):- لا شيء سيغفر لها بالنسبة لي ، وحين اعتقدت أنها قد عادت للحياة من جديد لتكمل ما بدأته قديما فهي مخطئة لأن جحيمها قد بدأ للتو ….
قرأت الكره متغلغلا في عينيه ولم تعرف هل تفرح لدعمه أم تخشى من غضبه ، على تلك الجملة تفرق مجمع السحرة والحراس وانصرف كل في حال سبيله .. وهنا عند جرف البحر كان هنالك لقاء من نوع مختلف …
حكيم(ترجل من سيارته ووقف بجانبه):- آه أعلم أن صوري لديك لكن لما تشتاق رؤيتي وجها لوجه ، هذا ما لا أعلمه ؟
ميار:- أعلم أنك وميرنا لستما على وفاق
حكيم(تشنج من جملته ونظر للبحر أمامه):- وبعد ؟
ميار:- هذا لا يهمني كثيرا عاجلا أم آجلا ستدخلان في معركة جادة ، لكن ما يجعلني في حيرة الآن ما هي الطريقة المثلى لكي أقتل فيها ابن خال أخي الصغير ..
حكيم(هنا رفع حاجبه وابتسم):- وائل رشوان
ميار(ضحك أيضا):- أجل يا روحي وائل رشوان .. أتعلم أن ميرنا كانت رفقته ليلة أمس ههه كما توقعت يظهر لي جليا من صدمتك أنه لا فكرة لديك عما يحدث مع زوجتك .
حكيم(شعر بالغيظ لحظتها):- ماذا تريد ؟
ميار:- لست أنا من يريد بل الظروف هي التي تريد … تخلص من وائل رشوان يا حكيم فصبري قد نفذ وتنبيهاتي لم تعد تجدي نفعا أظن أن الغالي بحاجة لعلامة يقين
حكيم:- هل استدعيتني إلى هنا لكي تطلب مني ذلك ؟
ميار(مط شفتيه بأريحية):- لا أجد موضوعا آخر قد يجمعنا سوى هذا ، تصرف أو دعني أتصرف بطريقتي لديك حتى المساء آه ولعلمك زوجتك قد نامت في حضنه ليلة أمس وما إن استيقظت حتى افتعلت مسرحية درامية إثر تخليه عنهااااا .. يعني أردتك أن تعلم فقط سلام يا قريب
كلام ميار نخر في عقل حكيم مثل السوس ، كيف تفعل به ميرنا ذلك وهو الذي اعتقد بأنه سبب مأساتها وحالتها الفظيعة اتضح فعلا أن وائل رشوان خلف تلك المعاناة ، مسح على رأسه بغبن ونظر خلفه للغبار الذي خلفه ذهاب ميار وشعر بالتعب كيف سيجد السبيل كل شيء يسير ضده ، لا ميرنا راضية عنه ولا هو قادر على شرح الأمور لها ببساطة .. كيف سيحمي الجميع من الشر الذي يحيط بهم كيف سيلعب دور البطل والجرم يتلبسه من كل حدب وصوب ، حالته وصلت للانهيار الذاتي شعر بألم حاد في صدره جعله ينحني أرضا ليتحكم فيه .. أخرج هاتفه بسرعة وكلم طلال ليحضر فورا لأجله …. وبالفعل دقائق معدودة حتى دعك داغر فرامل السيارة، وترجل طلال منها وهو يركض صوب حكيم الذي كان يتكأ على سطح سيارته ويده على صدره
حكيم:- لا تسأل دع داغر يأخذ سيارتي وخذني أنت للقصر
طلال:- هيا داغر ساعدني يا رجل لا تبقى متفرجا هكذااا ، على رسلك يا حكيم ستكون بخير يا عزيزي لا تقلق
لن أكووون بخير لن أكون طالما عصفورتي تكرهني .. قالها وهو يجلس في السيارة بالخلف يعتصر صدره الذي انفجر ألما فيه دون رحمة ، ألم شمل كل أنواعه المختلفة فقد اختلط الحابل بالنابل ولم يعد بقادر على تحمل المزيد .. قد تيقن أن عودته كسرت ما كان بينهما ولن تعود ميرنا لسابق عهدها معه أبدا مهما حاول .. لكن لا بأس لا بأس لتكرهه كما تشاء لترفضه كما تريد لتختر غيره كما ترغب مقابل أن تكون بخير أن يراها أمامه كل يوم هذا ثمن مريح بالنسبة له على الأقل هي معه وإن كانت تكرهه … وإن كانت تكرهني سأحبها !! …
أحيانا يجعلنا العشق نختار الموت بين يدي المحبوب ، أحبنا أم لم يحبنا لا تركيز لدينا في تلك اللحظة فما يهم أن يكون صوب أعيننا نراه ونسمعه ونشعره وهذا لوحده كفيل بأن يجعلنا نحس بالراحة والاطمئنان ….

في ذلك المساء
وفي بيت جيهان هنا حكاية أخرى .. وصلت الفتاتان إلى الفيلا خاصتهم وبدلا ثيابهما بالفستانين اللذين أحضراهما معهما ، وكانا بلونين مختلفين نهال لبست فستانا أخضر داكنا يصل حد الركب وبزينة مزركشة في الأعلى ، وشيماء فستان طويل بلون رمادي خافت ويغطي كل جسمها إضافة لحجاب مناسب ، رفضت وضع أية زينة عكس نهال التي تفننت فيها وتجملت وهي ترقص فرحا بتلك الأمسية … أما جيهان فقد ارتدت فستانا أبيضا ممزوجا بمربعات سوداء حد الركب وبحمالتين حديديتين وحزام في الخصر وشعرها وضعته في تسريحة منتفخة خلف رأسها عكس نهال التي تركته مفرودا في لفافات مناسبة .. بدأ الضيوف بالحضور وتكفل والد جيهان وأمها باستقبالهم في حين خصصوا ركنا للأطفال لأجل أخيها الصغير وركنا للكبار بجانب المسبح
شيماء:- هفف أشعر بالضيق ؟
نهال(وضعت حقيبتيهما في خزانة جيهان):- يا الله عليكِ هل بدأتِ التذمر الآن ، الحفلة لم تبدأ حتى يا شيماء
شيماء(فركت يديها):- أشعر وكأنني أقوم باقتراف جريمة وأن عقابها سيكون شديدا شديدا
نهال:- أستغفر الله يا بنتي نحن سنحضر الحفلة قليلا وبعدها للهم والنكد في بيتنا ، يعني إن اشتقت لذلك فمن عيوني يا روحي سأعيدكِ إليه لكن ليس بعد أن أنسى نفسي هنا
شيماء:- جرأتكِ هذه ستودي بنا للهلاك
نهال:- وتقوقعكِ هذا سيجعلكِ تموتين باكراااا .. هيا لننزل
سرعان ما امتلأتِ الفيلا بالناس وحضر حتى هشام ربيع وشامل اللذين اتخذا ركنا قصيا وأخذا ينتظران الوقت المناسب ، أتت إليهما جيهان بكوبي مشروب وغمزتهما
شامل:- أين اللوز يا بنت ؟
جيهان:- هنا موجودتين ستنزلان بعد لحظات
هشام:- آه يا جيهان لو أحظى بهاااا سأجعلكِ ملكة الحفلات بامتياز
جيهان:- ولو ذلك أقصى ما أتمنى
شامل:- إلعب … هشام يا ولد أنظر أنظر هناك
جيهان(استدارت معهما ورمقت شيماء ونهال):- واووو أظن أن الحفلة قد بدأت الآن ، سأنسحب يا شباب كي لا يروني معكما استمتعا ههه
شامل(مصمص شفتيه وهو يتفحص شيماء):- يا رجل إنها قطعة لو تزيل عنها تلك الستارة فقط آآآآآي أشعر بالدم متدفق في جسمي كله
هشام(يطالع نهال بلوعة):- إصبر على رزقك فالليلة ليلتنا يا صديق هههه …
على رقص وطبل وزمر وطقوس عيد ميلاد بدأ الحفل ، البنات والشباب يرقصون في كل جانب بعضهم يتحادثون بعدهم يتسامرون بعضهم يضحكون إلخ … أما نهال فقد ابتعدت عن شيماء في حديث شيق مع مجموعة من الرفقة بينما شيماء انسحبت لجانب قصي تتأمل لوحدها حديقتهم المزينة وقلبها مسافر في بحر مازن الحمداني ..
شامل:- هل أضايقكِ لو جلست بجانبكِ آنستي الجميلة ؟
شيماء(نظرت إليه شزرا):- من أنت ؟
شامل:- أدعى شامل أنتِ شيماء صحيح ؟
شيماء:- وكيف عرفت اسمي ؟
شامل:- من جيهان ..
شيماء(بعدم فهم):- يعني .. ماذا تريد ؟
شامل:- رويدكِ قد سألتها عن اسمكِ وهي أخبرتني يعني لا شيء محدد ، فقط أثرتِ انتباهي لأنكِ تشبهينني أنا أيضا هربت من الصخب والضوضاء إلى هنا
شيماء(نهضت من مكانها محرجة):- لقد أخذت كفايتي من الراحة سأعود للداخل
شامل(أمسك يدها قبل أن تبتعد):- ولكنني أتيت للتو فابقي جواري قليلا لو سمحتِ
شيماء(جذبت يديها بعنف):- الله الله ما هذاااا يا أخ أترك يدي …
شامل(نهض مقابلها):- تركت هاااه لا مشكلة لا تنفعلي .. أردت فقط أن أفتح باب حديث معكِ لكنكِ عنيفة جدا
شيماء:- لا شأن لك بي ،،، ما هذا يا الله عالم غريب
شامل:- أنا معجب بكِ ..
شيماء(توقفت عن المسير وهي مذهولة من جملته):- …لارد
شامل(يا غبية):- معجب بكِ منذ أول مرة رأيتكِ ، أخذت أراقبكِ لشهور عدة ولم أجرؤ على البوح بذلك إلا اليوم أنتِ تبدين فاتنة ما شاء الله عليكِ ، ولهذا لم أستطع تمالك نفسي رجاء اسمعي ما سأقوله وبعدها يمكنكِ الذهاب حيث أردتِ
شيماء(ابتلعت ريقها):- لا وقت لدي لترهاتك ، عن إذنك …
شامل(بصوت عال):- ستبقى عيوني عليكِ أنا أحبكِ شيمااااائي ..
لم تشعر بمثل هذا الشعور قبلا أن تكون إنسانا مرغوبا فيه من قبل أحدهم غريب عنك ، أن يعترف لك بحبه فجأة دون سابق إنذار ، أن تحس أنها أنثى تُحَب وليس تُحِبُّ فقط … هذا ما جعلها الوغد شامل تشعره فتلك كانت أول مرة يعترف لها شاب ما بأحاسيسه احمرَّت خجلا وتوترت وعادت للحفلة تبحث عن نهال لتخبرها بما جرى ، لكن ترددت فنهال دوما ما تعايش مثل تلك الأمور وستعتبر شيماء ساذجة وغبية لأنها تحسب أن ذلك أمر مهم تشاركه مع الآخرين ، لذلك آثرتِ السكوت وظلت تتهرب بعينيها من عيون شامل الذي أخذ يسبل لها ويراقبها عن بعد ، طبعا شعورها لم يختلف عن أي فتاة تعايش مراقبة أحد الحريصة عليها .. أخذت تتهرب بخجل وكل ما فيها يتمنى لو كان ما سمعته قد جاء على لسان مازن وقبل أن تتمم فكرتها ظهر فرد من آل الحمداني لكن ليس الشخص الذي كانت تنتظره
هدى(اقتربت منها ودفعت كتفها بإصبعها):- ههه شيماء هنا بحفل راق كهذااا ، واووو بصراحة أشعر بالفضول هل يا ترى أخوكِ يعلم بأنكِ موجودة هناااااا ؟
شيماء(هنا وقعت في ما لا تحمد عقباه):- ل.لما ستخبرينه لما لما يعني يعني قممم أنا هنا مع نهال يا نهاااال
هدى:- ههه أجزم أن خبرا كهذااا سوف يكون له عواقب جمَّة منها ما سيقتص لي من خالتكِ الحقيرة … هههه يعني لو رفعت هاتفي الآن وفعَّلت الاتصال أكيد سأشعر بالانتصار
شيماء:- ما الذي تفعلينه هل جننتِ ؟؟
هدى(ابتعدت عنها وهي ترفع الهاتف ضاحكة):- لنبحث عن رقم عبد الجليل عبد الجليل امممم أين هو عبد الجليل
شيماء(ببكاء ارتجفت خوفا لو علم أنها هناك سيقتلها في أرضها):- أرجوكِ لا تفعلي .. أرجوكِ هدى من أجل مازن يعني تت ماذا أقول أنا
هدى:- لن أفلت فرصة الانتقام منكم أنتم السبب في ما وقع لي ، سأجعلكِ أنتِ وابنة خالكِ تدفعين الثمن
شيماء(نظرت حولها قد بدأ الجميع بالنظر صوبهما):- أرجوكِ هدى أنا أتوسل إليكِ أرجوكِ
هدى(وجدت الرقم):- هااااه عبد الجليل هذا هو
شيماء(صرخت مستنجدة):- يا نهاااااال نهااااال أنجديني ستتصل بعبد الجليل يا نهااال
هدى:- هههه منظركِ جدا جدا مضحك ..ألو عبد الجليل إسمع ما سأقوله لك أتعر…
قبل أن تتمم جملتها كانت قد دفعت نهال يدها ليسقط الهاتف في المسبح وتلحقه هدى في لقطة فريدة من نوعها ، صرخ الجميع ضاحكين عليها في حين أن شيماء شعرت بالدوار وعادت للخلف حيث التقطها شامل الذي كان يراقب كل شيء بحرص شديد وينتظر الفرصة اللازمة ، في حين أن أصدقاء هدى أخرجوها من هناك وبقيت نهال مكتفة يديها تستمع لتوبيخ جيهان على افتعال تلك المشكلة
نهال:- ألم تري ما فعلته لقد استفزت ابنة عمتي ويستحيل أن أسكت لها
هدى:- سأجعلكِ تدفعين الثمن غاليا صدقيني يا نهال
جيهان:- تت آسفة منكِ هدهد
هدى(لوحت لها بكره):- عندما تقومين بدعوة هكذا عينات لحفلتك لا تطلبي منا الحضور ، هيا يا رفااااااق …
تحركت مجموعة منهم خلفها وهنا جيهان وضعت بموقف محرج ونظرت لنهال التي لم تتنازل عن موقفها إطلاقاااا ، تركتها وذهبت وهنا رمقت نهال نظرة البقية حولها وكأنها متوحشة آتية من غابة الأدغال وطبعا هذا لم يحرك فيها شعرة واحدة ..
هشام:- هه ولا ساندرا بولوك حتى
نهال(استدارت لترمق سخريته):- هشام ربيع أراك قد اشتقت لضربي ؟
هشام(بغيظ يتآكله):- ربما تستطيعين قول ذلك .. لكنني أخذت كفايتي بعد هذا العرض المجاني بوووم دفعتِ بالفتاة للمسبح ولم تشعري بفظاعة ذلك حتى
نهال:- ولماذا سأشعر هل أنا التي أجبرتها على استفزاز ابنة عمتي ، لقد استحقت ذلك
هشام:- ألآ تلاحظين معي أن كل مشاكلكِ تنتجها ابنة عمتكِ تلك …
نهال:- أساسا من سمح لك بمحادثتي يا هذااااااا ، ابتعد عن طريقي قبل أن أفرغ فيك حنقي
هشام(انحنى لها باستفزاز):- الطريق لكِ مليكتي
كان هنا شامل يدعم شيماء بحنان صوته والتي لم تستطع مكابرة دموعها ، وحاولت طرده لكنه التصق بالمكان التصاقا لحظتها حضرت نهال وزورته بحدة وجذبت يد شيماء لكي تبتعدا عن ذلك المكان..
شيماء:- لقد لقد كادت تخبره يا نهال ..
نهال:- أووه يكفي لقد حللنا الموضوع دعينا نذهب ..
شيماء:- حتى لو حللناه فهدى ستخبره اليوم أو غدا وسأقع في مشكلة ، أخبرتكِ يا نهال أخبرتكِ ولكنكِ أصريتِ على الحضور أرأيتِ النتيجة
نهال:- يا إلهي لا تبدئي دعينا نغير ثيابنا ونغادر الحفلة …
صعدتا للأعلى لغرفة جيهان وما إن همَّتا بجمع الفستانين وإعادتهما للحقائب ، بعد أن ارتديتا ثيابهما العادية حتى سمعتا صوت فتح الباب عليهما ..
شيماء:- ما هذا ألم تقفلي الباب بالمفتاح ؟
نهال:- بلى فعلت ،، ربما هي جيهان ..
شيماء(نظرت للجانب الآخر من جناح جيهان الذي كان يحتوي حماما جانبيا بقرب الباب حيث لا يظهر من دخل إليها):- عجيب أين هي ؟
نهال:- يا الله على وساوسكِ يا شيماء تابعي جمع الأغراض سأرى جيهان قليلا لأعتذر منها عما حصل ..
شيماء:- طيب …
خرجت نهال من الغرفة التي صدف أنها خالية وليس فيها أحد سواهما ، ولكن ما إن غادرتها حتى أقفل الباب مجددا وهنا شيماء وضعت الأغراض على السرير والتفتت للخلف لتجده متقدما صوبها كالثعبان ..
شيماء:- مم …ماذا تريد يا أنت كيف دخلت إلى هنا ؟
شامل:- شتتتتت ستصمتين ليمضي كل شيء سريعا وتستمتعين حلوتي .. قبلة فقط وأذهب
شيماء(بجنون هزت رأسها):- ماماذا تقول ماذا تريد أنت يعني يا نهاااااااااااااااااااااال …
صرخت بعلو صوتها لكنه انقض عليها وجذب حجابها وانفلت شعرها الطويل خلف ظهرها ، حاولت مقاومته والهرب منه لكنه أمسكها بإحكام وألقى بها فوق السرير .. شعرت بالفشل لحظتها حتى مقاومتها كانت مستحيلة تعبت من نداااء نهال التي كانت محتجزة في الغرفة المجاورة فما إن خرجت من غرفة جيهان حتى أمسكها هشام وجرها إلى هناك في مداهمة غير متوقعة وأقفل عليها الباب لكن نهال تختلف عن شيماء فقد قاومته وضربته لنصف جبهته بكعبها ومع ذلك لم يفلتها بل ربط يديها بالحبل وهو يضغط عليها أرضا مباغتا إياااااها بمساعدة إحدى رفاقه الذي دخل لمساندته فيها وخرج …
هشام:- والآن حلوتي بما سنبدأ ..
نهال:- أيها الخسيس الحقير سأخرب بيت أمك سأقتلك ، يااااااا جيهان شيمااااء النجدة
هشام(أزال قميصه واقترب منها):- شيماء محتجزة بالغرفة المجاورة وصديقي شامل يقوم باللازم يعني حرام ندعها محرومة أليس كذلك … وجيهان امممم ليس لديها علم بمحلكما فهي في الحفلة تعايش عيد ميلاد أخيها والموسيقى مرتفعة يعني لا أحد سينجدكما مناااااا ههه
نهال(حركت رأسها بفشل):- ماذا تقوووول ؟؟
هشام:- قد وقعتِ في مصيدتي يا نهااال فاعترفي بالهزيمة
هل يعقل أنهما فعلا وقعتا في مصيدة هشام وشامل وجيهان ؟؟؟ لالالا لابد وأن الأمر لن يكتمل هكذا وجائز للأحداث أن تتغير .. كانت جيهان بالأسفل تهمس لموزع الموسيقى الذي زاد من مستواها ورفع صوت المكبر ، أخذت تتجول بخيلاء بين ضيوفها وتنظر مرة بعد مرة للأعلى بنظرة استفزازية ، وهذا ما لاحظه فانتصارها كان جليا جداااا وأشعره بالقلق على شعلة المشاكل التي كان يراقبها تلقائيا من محله خلال الحفل وطبيعي أن يلاحظ اختفائها إذ أن الأمور هادئة ولا توجد مشاكل..، لذلك نظر حوله نظرتين وصعد للأعلى ليتبين صراخا قادما من أعلى الرواق هناك ، في البداية استنكره لكن لا هناك صرااااخ ..ركض بخفة صوب الغرفة واكتشف أن المصدر قادم منها لذلك فعَّل اتصالا سريعا جعل أربعة من أصحابه يلحقون به ويكسرون الباب الأول كسراااا
كانت شيماء منهارة بين يديه وهو يقبل في عنقها ويمزق ثوبها بدون رحمة عاري الصدر يمتص منها أنوثتها ليطفئ لهيب شهوته الحقيرة .. وحين استسلمت وتعبت من الصراخ انقضت أذرع شديدة عليه وجذبوه عنها وانهمكوا في ضربه حتى أفقدوه وعيه ..
أسعد:- أين هي البنت الأخرى ؟
شيماء(ببكاء استقبلت يده):- هئ أ.. لأأ.أن …أ..نه.. االل نهال …
أسعد:- شتتت اهدئي أنتِ في مأمن الآن لكن ركزي معي أين هي صديقتكِ ؟
شيماء(جحظت عينيها ببكاء):- لا أدري ..لقد لقد حاول هذا اغتصابي وو و و.. و ..
أسعد:- يا تامر .. تامر رجاء تعال وساعد الفتاة ..
تامر(بدون استدراك فتح فاهه):- شيمااااااااااااااء …..
شيماء(ما إن تبينت أنه تامر حتى بكت بكاء لم تعرفه):- تااااامر اهئ اهئ تامر
تامر(بدون استيعاب أزال سترته وغطاها بها وعدل حجابها دون إدراك):- يا إلهي يا أسعد ….شيماااء أين هي نهاااال ؟؟؟
أسعد:- لا يزال هنالك صراخ يا شباااب …
توجهوا معه صوب الغرفة الأخرى وقاموا بكسرها أيضا وهناااا كان المنظر رهيبا ففي اللحظة التي كادت تخسر فيها أغلى ما تملكه ، دخل أسعد ودفع عنها هشام الذي فزع منهم وشبعوا فيه ضربا ولحظتها هرع أسعد إليها وغطاها بالغطاء ولفها به وجعلها تجلس بهدوء
أسعد:- أنتِ في مأمن الآن نهال صحيح ..
نهال(هزت رأسها بدموع):- أنت ..أنت شاب المطعم .
أسعد:- إذن أنتِ بخير طالما تذكرتنِي .. طاوعيني كي نخرج من هنا براحة سترتدين ثيابكِ بهدوء ونخرج من هنا تمام ؟
نهال(بفشل حركت رأسها):- هئئ شيماء أين شيمااااء أختي أين هي اهئئ هل هل وقع لها مكروووووه شيماااااااااااااااء ….
صرخت بعلو صوتها وهنا جلس بقربها وفك قيد يدها وساعدها وهو يمد لها ثيابها التي لم يعرف لها بداية من نهاية لحين دخلت عليهما شيماء وتامر … ما إن رأتِ الفتاتان بعضهما حتى انهمرت أدمع الحيطان بكاء على صراخ على تأثر على انهيار وطبعااااااا شيء كهذااااا لن يفلته تامر ولا أسعد …. انقلبتِ الحفلة لمخفر شرطة وتحقيقات وطبعااااا من الضروري حضور الأهالي ويا فضيحتك يا نهال ويا شيمااااااء …
حين علمت العائلة اعتقدوا أن الأمر مجرد مزحة لكن تامر أكد لرنيم ضرورة حضورهم إلى عين المكان لأجلهما ، توجهت على الفور عواطف ومديحة وعفاف وإخلاص بسيارة نور التي حلفت أن تقتلهما على ذهابهما دون علم أحد ، والنتيجة خسيس ما حاول اغتصابهما يا إلهي … ظلت تبكي عفاف وإخلاص تضرب في فخذيها وتلطم خوفا من عمر لو عرف شيئا كهذااا ، أما في فيلا جيهان قد تبخر الضيوف وانتهت الحفلة ولم يعد هنالك سوى العائلة وأسرة جيهان وكذلك الشرطة التي كانت تحتجز شامل وهشام في ركن متلبسين بالجرم المشهود ، بينما نهال تعانق شيماء على جنب يقف قربهما أسعد وتامر … وعائلة جيهان يصرخون محتجين على ما حدث منتظرين حضور الأهالي الخاصة بكل واحد فيهم ..أول الواصلين كان زكريا ربيع ومحامي العائلة وحاول أن يصل لحل ودي لكن الشرطة أبعدته قسرا لحين حضور أهل البنات وما إن وصلت إخلاص أول ما فعلته صفعت شيماء صفعة مدوية جعلتها تسقط أرضا ..
عواطف:- اهدئي يا إخلاص ليس هكذاااا
إخلاص:- أردتِ أن تفضحيني يا بنت الله لا يسامحك ماذا سأخبر أاباكِ أنا هاااااه … من الآن فصاعدا انسي أمر الثانوية والدراسة بح ستقبعين جواري يا كلبة ….
عفاف(عانقت نهال بقوة):- حبيبتي هل أنتِ بخير ؟؟؟
نهال:- اهئ ماما سامحيني لقد لقد أردت فقط أن نستمتع ولكن هؤلاء دمروا فرحتنا
عفاف:- شتتت يكفي يكفي سوف نهتم بالموضوع ، قد كلمت ابن خالكِ هو في الطريق
نهال:- سامحيني ماما
عفاف(قبلت جبينها وضمتها بحرقة وأخذت تبكي):- شتت أنتِ بخير هذا ما يهم حبيبتي …
مدت يدها وضمت إليها شيماء أيضا التي انهارت في حضنها ببكاء يقطع القلب
نور(اقتربت من تامر ومن رئيس الشرطة):- أين الكلبين الذين حاولا اغتصاب بناتنا ؟
الشرطي:- أرجوكِ يا سيدة نحن نتحكم في الموضوع نحتاج فقط توقيعكم لأخذهما للمخفر لاستكمال التحقيق
زكريا ربيع:- تأخذان من أتعلمان ابن من ذاااك ..
نور(أطلت حيث يشير وتوجهت صوب الصالون الآخر):- شكرا يا عم لأنك دليتني على مكانهما
لحقها تامر ورئيس الشرطة ولكنها كانت أسرع منهم أزالت كعبها وهاتك يا ضرب في رأس كل منهما دون توقف ، بصعوبة أمسكها تامر وأسعد الذي ما إن جذبها حتى نظرت إليه
نور:- ومن تكون أنت ؟
أسعد:- أنا ..
تامر:- هو الذي أنقذهما لولاه لما سلمتا من شرور هذين القذرين
نور(عادت لتضربهما):- وتمسكانني عنهما أيضا
رئيس الشرطة:- لو سمحتِ يا سيدة أنتِ هكذا ستجعلينني أفتح محضرا في حقك
زكريا:- أنا أشتكي عليها ما هذا العنف ؟؟؟
نور(تقدمت صوبه):- يفضل أن تصون لسانك لأن حسابي معك لم يبدأ بعد
مديحة:- آه يا بنات لما فعلتما هذا لمااااااذا لماذاااا ؟
إخلاص(جذبت يد شيماء بعنف):- الغبية الحقيرة تريد تسويد وجهي أمام زوجة أبيها ، سيقولون أنني لم أعرف أربيهااااااا آه يا ربي ماذا فعلت بحياتي ليحصل لي هذااا لو علم أخوكِ ستموتين يا حقيرة ستموتييييييييييييين
عادت لتضربها وبصعوبة أبعدتها عواطف التي عانقتها وأخذت تبكي المسكينة في حضن جدتها ، خائفة من المصير الذي كادت تصل إليه لولا ستر الله .. أما جيهان فقد كانت صامتة في ركن قصي تنتظر أن يكشف شامل أو هشام سرها لكنهما ظلا صامتين ينظران إليها شزرا فقط وهي الأخرى لم تسلم من توبيخ والديها بعد تلك المصيبة ….
كتب المحضر في حين وساعته واصطحبوا هشام وشامل للمخفر ورافقهم زكريا ومحاميه ، في حين وصل أكرم لحظتها وهرع صوب عمته ونهاااال التي كانت لا تزال تبكي حاول دعمها وطبعا استقبلت دعمه بقلق لأنه سيحاسبها بدوره عن فعلتها تلك …
أكرم :- لو علم بابا بهذاااا سوف يوبخكِ يا نهال أهذه فعلة تقدمين عليها ؟؟؟
نهال:- يوووه تعبت من توبيخكم لم نخطط لذلك نحن أيضا اهئ …
أسعد:- دعوها ولا تضغطوا على أعصابها فما حدث لهما شيء صعب ..
أكرم(نهض إليه وطالعه بنظرة جانبية):- ومن حضرتك ؟
نور:- إنه الشاب الذي أنقذهما
أكرم:- آه مشكور على ما فعلته لأجلهما ..
أسعد(نظر لنهال نظرة طويلة ورمش):- هذا واجبي وأنا معكم حتى نهاية التحقيق
مديحة:- لنذهب من هنا إن انتهى كل شيء ، وأولئك الكلاب سيحاسبون
عواطف:-ويأخذون جزاءهم أكيد …
رئيس الشرطة:- عليكم التوجه للمستشفى لأجل الفحوصات اللازمة للبنات
عفاف:- هذا عندي لا تقلق سيدي الشرطي ..
رئيس الشرطة:- تمام شرطي أكرم ستهتم بالموضوع من هذا المنبر ؟
أكرم(قام بتحيته):- بكل تأكيد ..
ضمت عفاف ابنتها لحضنها ونهضت بها لأجل الخروج ، وأمسكت مديحة بحقيبتيهما وخرجت وهي تجر إخلاص جرا بينما كانت عواطف تمسك شيماء بيدها ، لحقهما تامر وأسعد وأكرم في حين توقفت نور عند جانب جيهان التي كانت ساكنة ترتعش محلها ..
نور:- أراكِ هادئة بعد الذي وقع لصديقتيكِ؟
جيهان(ابتلعت ريقها):- يعني .. مسكينتين.. أقصد حرام الذي وقع لهما
نور:- سمعت في حديث شيماء ونهال أن أحدهما أعطى المفتاح لشامل كي يقتحم غرفتكِ أولا ويضطر نهال للخروج ، ترى من سيكون المستفيد من ذلك ؟
جيهان(بارتجاف قاتل):- أنا ننن أنا ليس لدي علم بشيء لا أعرف لا أعرف
نور(اقتربت منها وهمست بصوت خافت):- إن اتضح أنكِ متواطئة مع الخسيس هشام وصديقه شامل صدقيني سترين أياما سوداء بسواد الليل …
عفاف:- نووور هيااا بنا ..
غمزتها وتركتها تموت رعبا في أرضها وتوجهوا جميعا صوب السيارات لأجل الرحيل ، واقترح أسعد المساعدة بسيارته فقد كانوا كثر وطبعا لم يوافقوا فقد كان هنالك أكرم الذي اصطحبهم في سيارته ، ركبت نور في سيارتها وبجانبها مديحة وفي الخلف عواطف وشيماء ، بينما ركبت في سيارة أكرم إخلاص بجانبه وفي الخلف عفاف ونهال… صدمة ومصيبة وقعت على رؤوسهم فمن ينجدهم الآن …..

في تلك الأثناء
وعلى طريق فرعي مظلم توقف هذا بسيارته وبقي فيها لأزيد من دقيقة وهو يناظره أمامه في سيارته أيضا ، مجابها إياه في نظرة صارمة لا تحتمل التراجع … بعد اتصاله به وجد بأنه من الغرابة أن يطلب لقائه في ذلك المكان لكن لكل حجته وعليه نزل وائل من سيارته ونظر حوله لظلام الأجواء حوله ولم يتردد لحظة بل تقدم إليه حتى وقف في النصف .. هنا خرج بدوره من سيارته واقترب منه ووقف وجها لوجه معه ..اشتدت برودة المكان فجأة وتساقطت قطرات من المطر ازدادت وتيرتها فجأة ، لتشمل كل زاوية من ذلك المكان وطبعا هما أيضا شملتهما ولم يتزحزحا من محلهما فقد كانت أضواء سيارتهما التي التقت في الوسط بشكل متضارب ، تعكس وقفتهما الرجولية الحادة فنظرتهما الطويلة لبعضهما بعضا كان مفادها إن كنت لن تستسلم فأنا أيضا أعند منك ولن أستسلم …. تنهد حكيم بثقل ونظر للأمطار الهادرة حولهما واستدار إليه …
حكيم:- تعلم أن حضورك إلى هنا يغذي فيني الرغبة في قتلك ورميك أرضا
وائل(والمطر يحجب الصورة بينهما):- أحقاااا …طيب افعلها هل تستشيرني أم تنتظر مني إذنا بذلك ؟
حكيم(تلاعب بلسانه داخل فمه وهو يناظر صدر وائل أمامه):- لن تخدعني بحركتك البطولية هذه ، مثلما أنا أتألم فأنا واثق أنك تتألم بنفس القدر
وائل(حاول مداراة وجع صدره بنظرة صامتة):- والحل ؟
حكيم(ابتلع ريقه حين تذكر حديث الطبيب بعدم الانزعاج والابتعاد عن العصبية لكن يظهر أن العصبية هي التي تبحث عنه):- إسمعني جيدا حضوري إلى هنا ليس وديا ، أنا لا أسمح لك بأي شكل كان أن تختلط بزوجتي وهذا آخر إنذار لك يا وائل
وائل:- ههه من المضحك أن تنبه رجلا آخر أن يبتعد عن زوجتك علما أن زوجتك تلك هي التي تبحث عني وتريدني ..
حكيم(اقترب منه بحدة):- إلزم حدك
وائل(نظر لسبابة حكيم التي تشير إليه):- أتعلم ما الشيء الذي يمنعني عنك يا حكيم ؟
حكيم:- أنجز ؟؟؟
وائل(اقترب منه وصرخ فيه):- قلب ميرنا … إن أنا آذيتك سأكسر قلب ميرنا وهذا أبعد شيء يمكن لي أن أقدم عليه
حكيم(رمش بعينيه الماطرة بماء السماء):- مؤثر حقا يجدر بنا صنع تمثال في الأمانة لشخص مثلك وائل ، صدقا يعني
وائل(اهتز للخلف وآثر الابتعاد):- إن انتهت هذه المهزلة سأغادر لا وقت لأضيعه معك
حكيم(استوقفه):- أعلم أنك كنت مع ميرنا ليلة أمس ..
وائل:- هل أخبرتكَ بنفسها جيد أنها أصبحت تثق بك لتسرَّ لك عن تحركاتها
حكيم(بغيظ):- طبعا ميرنا لن تنكر ذلك حين أواجهها ، فبدورها ستحتاج لتنبيه أخير مني
وائل(طالما داغر سائقها قد غادر أمس وبينما ميرنا لم تخبره ورقية بعيدة عنه وإياد يستحيل أن يلتقي به إذن من أخبره):- أرى أنك تزرع رجالك في كل محل ، ألهذه الدرجة لا تثق بزوجتك ؟
حكيم:- أثق بميرنا لكن لا أثق بك أنت ، وريح بالك أنا لا أقدم على شيء يزعجها
وائل:- مع العلم أنك أول شخص يحطمها .. عجيب ..
حكيم:- قد أتيت لأجل تنبيهك فاحرص على حياتك وحياة أحبتك ، لأنني لن أتعامل بالحديث معك في المرة المقبلة
وائل:- هههه تسلم تسلم على صدق خوفك على حياتنا حكيم باشا
حكيم(عاد لسيارته هادرا وصرخ فيه):- سنتقابل يا وائل المواجهة بيننا ستشمل كل ما يدور حولك ، صدقني سأسلبك كل شيء وأولهم قلب ميرناااااا …
وائل(بغضب نفثه من أنفه):- إحلم إذن …
توجه بدوره لسيارته وركبها وهو يرمقه بحدة وكره ، نظرة متبادلة للحقيقة انعطف كل منهما في طريق مختلف بشكل معاكس وقبل أن ينطلقا رمقا بعضهما بنظرة أخيرة ودعكا فرامل السيارة مبتعدين عن المكان ، يخطان أرضية الماء بقلب محترق لعل تلك البرودة تطفئ لهيبه فواحد منهما مكسور لأنه كسر محبوبته وتخلى عنها قسرا ، والثاني مجروح لأن محبوبته تريد غيره وتبادله غضبا وكرهااااا .. فأي الأقدار هذه التي سوف تتغير لتصبح أقدار شر لن تنتهي أضراره حتى تطال كل شيء….
بعد مرور ساعات من ذلك اللقاء اتصلت رقية بميرنا التي كانت تجلس وسط أسرتها يعايشون المصيبة الخاصة بالبنات .. وحين دخل حكيم من الباب نهضت ميرنا لتجيب على هاتفها بغرفة الضيوف هناك …
حكيم:- إلى أين أنتِ ذاهبة ؟
ميرنا:- سأجيب على هاتفي ما بك
حكيم:- من المتصل ؟
ميرنا:- هل هذا تحقيق أدخل لترى ما نحن في خضمه وانس أمري قليلا …
حكيم(لمح اسم رقية واستغرب):- .. تت
ميرنا(نظرت للاتصال وشعرت بشيء غريب لحظتها ورمشت بعينيها حين أحست بارتفاع خفقات قلبها حتى أنها أجابت دون الحاجة لذهاب حكيم من قلقها):- رقية …
رقية(بصوت باكي):- ميرنااااا … هئئ ميرنا الحقيني يا ميرنااا وائل وائل كان يكلمني أثناء عودته للبيت بعد لقائه مع حكيم هكذا وو كان يحكي لي حتى حتى سمعت صوت ارتطام سيارته بشيء …
إياد(أمسك الهاتف عن رقية):- يا الله عليكِ يا رقية أخبرتكِ أنني سأخبرها بنفسي ما إن أعبئ البنزين لنتحرك من هنا.. ألو ميرنااا نحن متوجهون صوب المشفى لقد أصيب وائل بحادث وانقلبت سيارته من الجرف ميرنا لا تقلقي هو سيكون بخير أسمعتني ..ألووو ميرناااا
رقية(بجنوووون صرخت وهي تفكر احتمالا في فقدان وااائل):- لا أعرف ماذا حصل له لقد كان يكلمني ماذا لو مات … ميرنااااااااااا هل وائل سيمووووت يا ميرنا اهئ اهئ
انعزال كلي عن العالم للحظات وعودة من أبعد مجرة لكوكب الأرض ، لقلب ميرنا تحديدا قد كانت ترتجف وهي تستمع لهما ماذا يقولان هل هي لعبة جديدة يعني مزحة ، للا لا يجوز أن يفعلا ذلك بهااا لا يجوز لوائل أن يموت يعني يتخلى عنها ماشي لكن يموت ههه ..ضحكت باستهزاء والدموع شلال من عينيها ونظرت لحكيم وهنا بدأ الجنووووون .. صرخت بعلو صوتها باسمه وركضت للشارع دون أن تنظر خلفها حتى للعائلة التي أفزعتها ليروا ماذا ينتظرهم بعد …
حكيم(ابتلع ريقه جزعا ولحقها للخارج):- توقفي إلى أين تحسبين نفسكِ ذاهبة
ميرنا(بانهيار):- دعني دعني وائل وائل يموووت وائل لا يجب أن يموووت دعنيييييييييييييييييييييي ييييييييي …
حكيم(هزها بعنف تحت تلك الأمطار الهادرة):- ميرنااااااا ….
ميرنا:- ما الذي حصل هل قتلته وعدت للبيت هل ارتحت الآن هل ارتاح قلبك هل قتلته هل قتلته اهئ اهئ لماذا يا حكيم لماااااااااااذا قتلته وقتلتني وائل واااااااااائل ااااه وااااااااااااائل يا واااااااااااااائل اهئ .. لا يمكن واااااااااااااااااااااااا ااااااااائل …
نور:- ميرنا ميرنا أختي اهدئي بالله عليكِ سنأخذكِ حيث تشائين … ميرنااااااا
ميرنا(نظرت لاستكانة حكيم ومن بين دموعها وبصوت يمزق القلب وحالة مؤسفة):- أنت فعلتها صحيح ..أجبني فقط ؟؟؟
حكيم(تأوه من ضرباتها على صدره وصغر عينيه وهو ينظر من كل جانب لعيون أسرته وهم يطالعونه باستفسار):- توقفي .. توقفي
ميرنا(تضربه بقوتها الوهنة):- آذيته يا حكيم أجبني أجبنييييييييييييي …
حكيم(بعدم استيعاب):- لم أفعل ذلك لم أفعل ……
ميرنا(نظرت لنور):- خذيني إليه يا نور أرجوووووك ليأخذني أحدكم
نور:- حسن تعالي معي
حكيم(نظر بضياع وبلهجة صارمة):- توقفي محلكِ لن تذهبي لأي مكااااااان
نور:- ما الذي تقوله حكيم يعني ألا ترى حالتها سنطمئن عليه ونعود ؟
حكيم(رمق نور شزرا وأمسك بيد ميرنا وجذبها خلفه):- وأنا قلت أنها لن تبرح محلها ..إلى البيت هياااااا …
كيف تعتقدون أن روحي سوف تكون مرتاحة بدون الاطمئنان على وائلي ، رجل قلبي الوحيد أنا امرأة لرجل واحد قلبي له روحي ملكه كياني يعشقه، أنفاسي تحيا بأنفاسه لو استكانت فقدت حياتي ، أختنق الآن بعيدا عنه بينما هو يتلوى وجعا بدوني إذن مكاني بقربه ، فلا تحسبوا أن حياتي مستمرة بلا هو لا تحسبوا أن هنالك حياة لميرنا بدون واااائل … حتى حين كان يجذبها حكيم خلفه للبيت حاولت استجداءه بعينيها التائهة كي يسمح لها برؤيته من بعيد حتى المهم أن يكون بخير وتقنع روحها أنه لا يزال قربها موجودااا ولن يحدث له مكروه … لكن حكيم لم يتفهمها عاند وفضل أن يكون أنانيا على أن يسمح لها بذلك لكنه لم يحسب حسابا لأمر آخر … أنه حين تتوقف أنفاس وائل ستلحقها ميرنا بدون شك /
في ذاتِ اللحظة لم تستطع التحمل بل زاد الاختناق والضيق بداخلها …وقتها سقطت أرضا من بين ذراعيه وعانقت أديم الأرض تحت وقع المطر الباكي الذي شاركهما هذه المأساة القاسية ، مشهد مهول حين صرخوا خوفا عليها جعله ينعزل عن الوجود لحظة ليدرك أنه كان مخطئا لما فكر بإبعاد ميرنا عن وائل فها هي قد تسربت من بين يديه فداء لوائل وغابت في عالم آخر .. عالم ليس فيه سواها وحبيبها الغالي وائل رشوان …

يتبع …


الكونتيسة نسرينا غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 30-10-16, 10:33 PM   #459

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
Elk

[imgl]https://i2.tagstat.com/p1/0/pwI9Cge-fGUP84pdRkuUTdk1YAXTgd6K5va_ns-406ZwkE5P8dCn0g==.jpg[/imgl]

modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

قديم 31-10-16, 04:07 PM   #460

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي



" [الصَّديق] … هو ذلك الشَّخصُ الذي ترمي عَليه كُتلَ هُمُومِك دُون أن تَكترثَ لإزعَاجه ،هُو الذي يَمسحُ دَمعك ويُخبرك ولو اعتِباطا أن كل تلك الصِّعاب ستنتهِي ، هو الذي يرسُم البسمة على شفتَيك في عزِّ حاجتكَ وضيمك ، هو الذي تلجأ إليه ما إن تجدَ نفسكَ في مأزق لا تستطِيعُ مجاراته ، وحده الذي تأتمنُه على أسرارِك ،..أحلامِك .. هفواتكَ وأخطائك ، وهو من ينصَحُك ويشُور عليكَ لتصِل للسبيل الصَّحيح ، هُو من يُعطيكَ من وقتهِ ويُصغي بجديَّة لمشاكلك ومُعاناتك ، وهُو نفسهُ الذي تُمضي معه أجمل لحظاتِ حياتك وتشاركهُ بأتعسها كذلك .. الصَّديق هُو رُوحكَ الثانية الذي تُقاسمهُ سُويعاتِ الجنون سُويعاتِ الحُزن سُويعاتِ التمني والانتظار ، هُو الذي ترفعُ سماعة هاتفكَ وتُكلمه بدون تفكِير في كل الأوقات المُمكنة والغيرِ مُمكنة صباحا أو مساء فجرًا أو ليلا ، هُو الذي يأتيك في كل الأوقات إذ يكفي أن تستنجد به ليحضُر بأفكارهِ كالمنقذ بالنسبة لك في أوقاتكَ الحَرجة ، هُو ذلك الإنسان الوحيدُ الذي يؤمنُ بك وبقدراتكَ ومواهبكَ البارزة منها والخفية حين يتخلى عنك الجميع ، هُو الذي يُشجِّعُكَ بكل ما يملكُ من قوة فقط كي تستعيد ذاتك وتبني جسرَ تواصلٍ جديد مع روحك وتتصَالح مع الحياة ، هُو من يخططُ معكَ الصحيحَ والخطأ يقف معكَ في السراء والضَرَّاء يتذوق معكَ الحُلو والمر ، هُو الذي تعتمدُ عليه في مُخططاتك الصالحة منها والطالحة ويغامرُ معك دون أن يفكرَ بالعواقف التي قد تتورَّطان بها ، هو من يُقاسمكَ رغيفَ الصبر ويشحنُكَ بالمزيد المزيد مِن الآمال لأجل غدٍ أفضل ، هُو اليدُ الأمينة والحُضن الدافي الذي تجدُ فيه مُستشفى لقلبكَ العليل فهُو الذي يحتويك إلى أن تتعافى وبمقابلٍ زهيدٍ جدا أن يراكَ مُبتسما سعيدا فتلك هي أقصى أمنياته ،هو الذي يزرعُ الدُنيا ورودا حين يمسَح الدمع من محاجركَ ويهبكَ كُلَّ ما بوسعهِ لأجل راحتك .. ذاكَ هُو الصديق الذي يرقص معكَ جنونا ويبكي معكَ غُبنا ، يكفي أن تنظر إلى عينيه كي تجدَ نفسكَ وطمُوحك وسلامكَ في هذه الحياة وتُقبل عليها واثقا أن هُنالكَ شخصا يربتُ على كتفيك ، سواء أخطأت أو نجَحت ستجدُه جواركَ و في انتظارك طوااااالَ الوقت .."
ملاحظة شخصية : (متأكدة أن كل من قرأ هذا النص طرأ على باله شخص بهذه المواصفات دعُونا لا نتردد لنخبر أصدقائنا فورا أننا وجدنا بهم هذه المواصفات ، وأننا فخورون بوجودهم بجانبنا في كُل الأوقات


modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:30 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.