آخر 10 مشاركات
روزالــــــــــينـــــــــــــــدا ... "مكتملة" (الكاتـب : أناناسة - )           »          إنه انت * مكتملة * (الكاتـب : الكاتبة الزرقاء - )           »          300 - القفاز المخملى - ريبيكا ستراتون - روايات احلامى (الكاتـب : samahss - )           »          قلبه من رخام (37) للكاتبة الآخاذة: أميرة الحب raja tortorici(مميزة) *كاملة* (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          كوابيس قلـب وإرهاب حـب *مميزة و ومكتملة* (الكاتـب : دنيازادة - )           »          132- كيف ينتهي الحلم - ليليان بيك - ع.ق. ( نسخه اصلية بتصوير جديد) (الكاتـب : angel08 - )           »          اصديق (انت)ام عدو؟ (الكاتـب : مجهولة. القدر - )           »          56 - الندم - آن هامبسون - ع.ق (الكاتـب : pink moon - )           »          قدرها ان يحبها شيطان (1) .. سلسلة زهرة الدم. (الكاتـب : Eveline - )           »          القرار الصعب (ريما وعبد المحسن) / للكاتبة روح الشمالي ، مكتملة (الكاتـب : أمانى* - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

Like Tree32Likes
موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-12-16, 11:01 AM   #491

ساءر في ربى الزمن
 
الصورة الرمزية ساءر في ربى الزمن

? العضوٌ??? » 354980
?  التسِجيلٌ » Oct 2015
? مشَارَ?اتْي » 546
?  نُقآطِيْ » ساءر في ربى الزمن has a reputation beyond reputeساءر في ربى الزمن has a reputation beyond reputeساءر في ربى الزمن has a reputation beyond reputeساءر في ربى الزمن has a reputation beyond reputeساءر في ربى الزمن has a reputation beyond reputeساءر في ربى الزمن has a reputation beyond reputeساءر في ربى الزمن has a reputation beyond reputeساءر في ربى الزمن has a reputation beyond reputeساءر في ربى الزمن has a reputation beyond reputeساءر في ربى الزمن has a reputation beyond reputeساءر في ربى الزمن has a reputation beyond repute
افتراضي


طولتي وين الفصل



ساءر في ربى الزمن غير متواجد حالياً  
قديم 04-12-16, 08:20 PM   #492

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

كونتيسة لعل المانع خيرا طمنينا عليك

modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

قديم 09-12-16, 11:39 PM   #493

الكونتيسة نسرينا
 
الصورة الرمزية الكونتيسة نسرينا

? العضوٌ??? » 310858
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 623
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » الكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond repute
افتراضي

عذرا على الغياب احبتي كان هنالك عارض صحي ونفسي لكن الحمدلله تجاوزنا الازمة وأتمنى أن يعجبكم الفصل 25 قراءة موفقة يا غاليين


الكونتيسة نسرينا غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 09-12-16, 11:44 PM   #494

الكونتيسة نسرينا
 
الصورة الرمزية الكونتيسة نسرينا

? العضوٌ??? » 310858
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 623
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » الكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل 25


" حينَ يتمُّ اختزالُ العالمِ واستنتاج بُرهان لا يقبلُ الخطأ بعدَ مُحاولة مُضنيَّةٍ في حلِّ مُعادلةِ الحياة ، نتوصلُ إلى يقينٍ مُحتم أو إلى دالة لا مُتناهية تعني أنَّ خفقاتِ قلبهِ لا تُشاركُ شحناتها إلا بواسطةِ مقبس قلبها هي ، هكذا بالتحديد كأنهما طاقتين وهَّاجتين لا تقبلان غيرهما بديلاً ولا تتفاعلانِ مع حُضور آخر عَداهُما / هكذا هُما توأمين بنبضٍ واحد بعشق واحِد وأيضا بنفسِ الإحساس .."
كانت تنظر إليه طوال ساعات بعد أن غفي وغالبه التعب الجسدي ، فبطلنا لم يخرج من رحلة استجمام بل من مرحلة موت محتم ، حمدا لله على سلامته من تلك الحادثة الخطيرة .. قبَّلت خده مراتٍ عديدة وهي تطرد من عقلها فكرة فقدانه التي تتخللها وتجعلها تقشعر رهبة من حدوث ذلك ، لا يسعها فراقه وهذا ما دمغته على قلبها كوشم لا يمَّحي .. وجود وائل يعني وجودها وهذه هي النتيجة التي توصلت إليها يقينا بعد الذي حدث ،، رفعت يدها بهدوء تلامس خصلات شعره الخفيفة ممتدة بلمستها لفكه تداعب لحيته وجروحه المغلفة بلاصقات طبية ، ابتسمت بهدوء وهي تشكر الله الذي حفظه لها ولم يحرمها منه كم فرحت بعودته إليها وإلى حياتها بالرغم من كل التهديدات والمخاطر التي تحيط بهما من كل جانب ، إلا أنها ملزمة بإعطائه إكسير الأمل كي يتحسن ويصبح بحال أفضل ، وكي يقاوم أيضا لأجل معركتهما المقبلة فأكيد لن يرحمهم أي من أعدائهم هذه المرة ، ولذلك على وائل أن يشد عزمه ويعود لساحة الحرب من جديد كي ينسفوا أولئك الأشرار ويزيلوا كل الحواجز بينهما ، لأجل عودتهما لبعض سيحارب كل في ساحته بطريقته بعيدا عن الآخر لأجل مصلحة الآخر وحفظ حياته والالتزام بالقانون الصارم الذي ألزم فراقهما بكل الأشكال المتوقعة منها والغير متوقعة أيضا ، والتي انتهت بإعطائهما درسا قاسيا بعد تجربة الموت التي تعرض لها أحدهما .. شهقت وهي تستعيد أنفاسها وتكبت الدمع في محاجرها فحبيبها بخير نصفها الثاني الآن قد تعدى مرحلة الخطر وسيقاوم هذه الوعكة الصحية ، لا شيء سيهزمه لأجلها سيتحمل ولأجله ستصمد وتتركه بقلب باكٍ ، أجل قد حان وقت الوداع يا وائل ..
قالتها وهي تدك رأسها دكا في قبلة على خده قبل أن تنهض من سرير المشفى خاصته وتتركه وحيدا هناك .. كفكفت مشاعرها الملتاعة التي تحثها على أن تضرب كل شيء عرض الحائط وتبقى بقربه تنتظر فجر يوم غد ، وكأنها بتصرفها ذاك لن تستيقظ على مصيبة سيفتعلها حكيم بعد غيابها أو الفهد البري بعد خرقها لقوانينه ، هزأت من نفسها ومن حياتها وهي تمسك على قلبها وتنظر إلى وائل بحسرة ، هي بفعلتها تلك تنتزع روحها وتتركها في الحفظ والصون بين أحضانه ، فذلك هو المكان الآمن الذي سيحفظ نبضها المغرم به ، غير ذلك لن يسعها أن تغامر مرة أخرى .. قد عايشت الألم مرة ولن تعيد الكرة ولو كان ذلك على حساب مشاعرها حتى ، زيارتها الليلية تلك بالرغم من أنها جاءت نتاج خطة محكمة من كل الأحبة الملتفين حولهما والذين يبتغون اجتماعهما ويقدرون حجم العشق بينهما ، إلا أنها كانت عازمة قبلا على خلق زيارة خفية بنفسها لوائل كي تودعه على راحتها وتضع رزمة حبها بين أنامله وتغادر .. تماما مثلما تفعل الآن انحنت وقبلت يده وهي باكية تضمها إلى حضنها بحب لا يسعها التملص منها لكن لا يصح إلا الصحيح ، تأوهت عميقا وهي تصارع مشاعرها وأشواقها وبنظرة كسيرة ابتسمت
ميرنا(كأنها تقتلع روحها من جذورها):- يحز في نفسي وداعك يا حبيبي ، لكن لأجل مصلحتك علي أن أبتعد اعذرني لكنني ضعيفة الآن أمام حياتك المهددة بالخطر ، وأنا لست بحمقاء كي أغامر بك مرة ثانية قد كنت محقا يوم قررت الابتعاد عني لأجل مصلحتي لكنني كنت غبية ولم ألاحظ الخطر الذي كنت أدفع بك إليه ، سامحني يا عمري لكن ها أنذا أترك روحي وقلبي وذاتي بين يديك لا تغضب مني وكن بخير … لأجلي …
آخر كلمة نطقتها صادفت خروجها من غرفته وهي تتنهد بشكل متسارع ، تسحب أنفاسا عميقة من صدرها كي لا تتراجع وتعود للخلف وتضمه وتلعن أي شيء يحرمها منه ، حركت نفسها بجهد جهيد وأسرعت صوب الحمامات الخاصة هناك غسلت وجهها الممتقع وعيناها الباكية وهي تقاوم آلاما لا حصر لها ، مكتوب عليها أن تعيش بدوامة الوجع هذا ما قد قُدِّر عليها ويجب التعامل معه بشكل يحد من أذية الآخرين ، اللهم تموت ألف مرة ومرة ولا تتأذى شعرة من أحبتها فهذا الخوف عينه ما عزز فيها القوة وجعلها تشحذ طاقة إضافية لتحارب في الجولة المقبلة التي تنتظرها بحزم وعزم كل المخاطر ..
في جانب آخر من المشفى
كان نادر يحرك هاتفه بشرود وهو يحاول استدراك ما حدث مع نهال قبل فترة ، كان من الممكن أن تتأذى وهذا ما لم يكن سيستطيع تخفيف وطأة وجعه عليها ، كانت ستتألم وكثيرا لكن الله وحده عز وجل حال دون ذلك وحفظها سالمة هي وقريبتها ، تأوه عميقا بعد أن استذكر محادثته معها في ذلك المساء .. فما جعله يتذكر حادثتها هو وصول حالة اغتصاب في تلك اللحظة إلى هناك ، قام الأطباء والممرضين بإسعافها وقد كانت تبدو في حالة مريعة تأسف بل تألم لحظة رؤيتها وهذا ما جعله يقارن ما بين حالتها والوضع الذي كانت ستصل إليه نهال لو لا قدر الله تم انتهاك براءتها بذلك الشكل المؤذي … حرك رأسه يمنة ويسرة وهو يطرد أفكاره بعصبية ولحظتها انضم إليه رامز مستغربا من تحركه الغريب
رامز(قدم له قهوة):- له يا رجل هل تصارع العفاريت ؟
نادر(مسح على جبينه بصداع وهو يمسك فنجان القهوة الورقي من رامز):- قد جاء هذا في وقته تمام ..
رامز(رمق نظرة نادر التي لاحقت البقية في الرواق):- أممم هل رأيت أيضا تلك الفتاة ؟
نادر:- أهاه مروا من هنا قبل قليل ، تأسفت كثيرا لحالها وتذكرت نهال
رامز(رفع حاجبه وقد أصابه ذات الصداع لحظتها):- الله يستر معك حق في الامتعاض ، الحمدلله ربي سترها وأرجو أن تكون هذه الفتاة بخير أيضا مسكينة وقعت في أنامل وحوش لا ترحم ، أتعلم واجبي يناديني هنا حتى لو ليست اختصاصي لكن دعني أرى أحدهم يفسر لي أمر هذه الحادثة لإبلاغ القسم كي نغطي الحادثة بما يلزم
نادر(وقف معه بمساندة):- نعم نعم أؤيدك في قرارك رامز ، واجبك فعليا يناديك في هذه الحادثة وأتمنى أن تصلوا للجناة
رامز(رفع هاتفه وتحرك للرحيل):- انتبه لميرنا هممم ، وبلغ معك إياد علي أن أجمع ما يلزم من معلومات
نادر(بقلة حيلة):- تمام لا تقلق أنا بانتظار عصافير الحب ، فهذا واجبي
رامز(لحق بركب الممرضين):- هه على خيرة الله ..
وصل ركضا نحو جناح المريضة التي كانت تصرخ بشكل متتالي وتتلفظ بجمل بذيئة ، جراء ما تعرضت له حاول الأطباء تهدئتها ولم يكن ذلك بممكن إلا بعد حقنها بمهدأ ريثما يحصرون الأضرار ويعاينون وضعها الطبي ، لحظتها خرجت ممرضة من غرفتها وهي تمسح على رأسها بحزن وعيون دامعة قد أشفقت على حالها كثيرا وهالها الأمر ، أمسكت على جبينها بدوار وكادت أن تسقط لولا أنه التقطها بسرعة وساعدها على الثبات ..
رامز:- على مهلك آنستي …
ماريا(رمشت بعينيها ونظرت إليه بشكر):- اعذرني يا أخ لكن .. تت آسفة حقا قد تعاطفت بشدة مع هذه الحالة وشعرت بأنني لست على ما يرام
رامز(نظر خلفها من النافذة لتلك الفتاة وتأسف ممتعضا):- معكِ حق ، لا ألومكِ على ذلك أنا محقق وأريد متابعة القضية هل لكِ أن تخبريني بما حصل ؟
ماريا(انفرجت أساريرها):- ياااه حقا قد بعثك الله نجاة لها ، المسكينة تقول أنه قد تعرض لها شابين مخمورين وقاما باغتصابها ورميها في الغابة ، ولو لم يمر من هناك الحارس لما اكتشفها أحد ولكانت ماتت جراء النزيف الداخلي الذي تعرضت له …
رامز(أخرج مفكرته وأخذ يكتب):- أعطني كل المعلومات اللازمة رجاء ، سأبلغ الدورية فورا للالتحاق بالمشفى من الضروري وجدا أن نقوم بالقبض على هذين المجرمين
ابتسمت ماريا بارتياح وأخذت تشرح له كل ما تعرفه عن تلك الجريمة ، بينما كان هو قد سجل ما يلزمه من معلومات وقام فورا بطلب دوريات خاصة من القسم والتي أساسا كانت قد شقت طريقها نحو موقع الحادث تلبية للنجدة التي طلبها المشفى قبل بعدة دقائق .. لحظتها كانت هذه تغادر حدود المستشفى رفقة صديقها الحميم الذي يعايش معها كل لحظات البؤس والآلام مثل حالة الوهن التي تستشعرها الآن وهي تترك قلبها عند حبيبها وائل ، كان يمسك يدها بدعم ودفء ويحاول جهده أن يشعرها بالحنان وبأن كل شيء سيكون على ما يرام ، فحين تنتهي هذه الزوبعة الآثمة سوف يتحقق النصر وستعود لمحبوبها ركضا وبفرح ..
ميرنا(تأوهت):- أشعر بأن قواي قد تلاشت ، لا أدري إلى متى سأقاوم
إياد(توقف عن المسير ومسح على شعرها):- ميرنتي نحن معا في السراء والضراء ، سأحاول امتصاص هذا الحزن قدر ما أستطيع وذلك بمحاربتي معكِ بالبحث عن ذلك المجرم ، سوف لن أتوانى لحظة قبل أن أضعه بين قضبان السجن ، أعدكِ وعد شرف أنني حين سأمسكه لن أرحمه بل سأزج به بين تلك الجدران الأربعة دون أن يرف لي جفن
ميرنا(حركت رأسها بدموع):- أرجو ذلك .. دعنا نغادر أين رامز ؟
إياد:- طرأ له عمل هنا بالمشفى قد تعرضت فتاة مجهولة لاغتصاب وواجبه المهني يحتم عليه متابعة الموضوع
ميرنا:- المسكينة تت .. اففف قلبي انقبض بعد إخبارك لي تخيلتها نهال أو شيماء آه يا ربي الحمدلله الذي حفظهما ونجاهما من هذا المصير
إياد(بخوف مثلها):- الحمدلله .. أ.. هل التقيتِ نادر ؟
ميرنا(ابتلعت ريقها):- كان من الضروري أن أطلب منه البقاء قرب وائل ، فعندما سيستيقظ أكيد سيبحث عني وسيتكفل نادر بشرح الأمر له ..
إياد(ربت على يدها وتابع المسير بها نحو سيارته):- تأكدي أنكِ لا تقومين سوى بالصواب
ميرنا(رف قلبها لنبضها):- سيتألم كثيرا
إياد:- لكنه سينجو
ميرنا(ضحكت بهزل مؤلم):- يعني علي أن أطأ على قلبي كي أحفظ أنفاس وائل من الزوال
إياد(قرَّبها إليه):- أعلم أن الأمر صعب عليكِ ، لكنه الصح يا ميرناااا هذا واجبكِ تجاهه .. لو تحبينه ستمضين في طريقكِ وتتركينه بسلام لحين مؤقت
ميرنا(وكلمة حين مؤقت أراحتها قليلا):- لنفعلها إذن ! ..
إياد(ابتسم وفتح لها باب السيارة):- اركبي يا صديقتي في الحياة
ميرنا(ابتسمت بحزن وهي تضع حزام السلامة):- أخشى أن أفتح هاتفي مؤكد سأجد حكيم قد هاجر لمجرة أخرى كي يصرخ قدر ما يشاء بعد فعلتي هذه ..
إياد(ركب بجنبها):- هذا إن لم نجده أمامنا اللحظة
ميرنا(مصت شفتيها ونظرت أمامها للفراغ):- صدقني لن تفرق معي ، طالما رأيت وائل وسمعته وسمعني حتى لو احترق الكون لا يهم
إياد(حرك سيارته للإقلاع):- أيوة يا عم يا مستقوي ههه .. آه يا ميرنا ليتني أستطيع إزالة كل مخاوفكِ وآلامكِ قلبي يهتز كلما رأيت دمعة بعينيكِ
ميرنا(رمت برأسها على كتفه):- أعدنا للبيت يا إياد فلا جدوى من التمني الواهي .. حياتنا قد كتب عليها هذا الجحيم ولا يسعنا التملص منه ما لم نستأصله من جذوره
إياد(نظر إليها وأقلع مبتعدا عن المشفى ومتخذا الطريق الطويل):- سنفعلها ميرنا .. قلبي ينبئني أننا قريبون جدا من هدفنا لكن يلزمنا فقط وقت وصبر
ميرنا(تأبطت ذراعه):- ههه ألا يا ليت العمر فينا يكون بضعف الزمن الذي مضى ، لأنه لو كان أقل سنموت بحسرتنا يا إيادي
إياد:- أظنكِ ثملتِ من فرط الوجع ، لنغادر سريعا قبل أن تفقدي وعيكِ أيضا
ميرنا(ضحكت بجنون وهي تفتح النافذة مستقبلة رذاذ المطر الخفيف وبرودة الجو):- ههه أعشق واااااااااااااااائل رشواااااااااااااان حد الموت حد الموت حد الموووووووووت
إياد:- ههه يا مجنونة ستصابين بنزلة برد ، أغلقي ذلك واهمدي يا الله
أخرجت رأسها من النافذة وهي تصرخ بعلو صوتها أنها تعشق وائلا وتموت فيه غراما ، لم يكن هنالك شيء سيوقف جنونها لحظتها فقد بلغ منها الوجع ذروته حتى اتسم بالهذيان اللحظي ، والذي صعب على إياد استدراكه والذي كان يقود في تلك الطريق الخالية عائدا بها للبيت الذي كان يرتج بعد العاصفة التي وطئته قبل قليل ، ولولا سيطرة نور لثارتِ الدنيا …
نور(تفرك يديها وهي تنظر لسرير ميرنا الفارغ):- أقسم لك اعتقدت بأنها هنا نائمة ، يعني بعد أن أخبرتنا نهال أنها ستمضي مع إياد في مشوار قصير لم ندقق
حكيم(صغر عينيه وهو ينفث شررا):- قلتِ إياد هاه … فهمت الآن لا تجزعي نور أعلم جيدا أين ذهبت أختكِ المبجلة
نور(عضت شفتيها وهي تقرأ جنون أختها):- لا يوجد مكان ستذهب إليه حكيم ، إلا لوائل
حكيم(مسح على شعره بتعب وولج غرفة ميرنا وهو يجلس على كنبتها يطأطئ رأسه بوهن):- أختكِ ستفقدني صوابي
نور(أشفقت عليه ودخلت من الممر وأقفلت الباب عليهما ممتنة من نوم الجميع ساعتها):- حكيم ميرنا بحاجة لأن تريح قلبها ، يعني زيارة وائل ستجعلها ترتاح وأنت لا تبتغي لها الوجع هاه يعني هي تعرف ظروفها وتقدر الحواجز التي تقف حائلا بينهما .. لذا أجزم أننا سنجدها عائدة للبيت بين لحظة وأخرى
حكيم:- وهل هذا سيضمن لي أنها لن تعيد الكرَّة ؟
نور(ابتلعت ريقها):- لن أستطيع أن أثبت لك هذا ، لكنني موقنة أنها ليست غبية لتلك الدرجة ، حتى تنساب خلف أهوائها وتنسى واجباتها تجاهنا
حكيم(ابتسم بغبن):- يا ليتني بمثل تفاؤلكِ نور .. سامحيني لأنني ثرت بوجهكِ قبل قليل لكن حين لم أجدها أصبت بالجنون عموما دعيني أنهض لأجمع زوجتي من الطرقات فهذا هو واجبي في نهاية المطاف
نور(ربتت على كتفه بعد أن وقف):- أتفهم حزنك حكيم ، لكن صدقني هنالك بعض المشاعر التي لا يسعنا التحكم فيها بل هي التي تسحبنا خلفها بحبل خفي ,, وميرنا مثل أي إنسان لا يسعها كتمان مشاعرها تجاه وائل وموقنة أنك تتفهم ذلك بدورك
حكيم(زم شفتيه وتحرك للمغادرة):- لن أستطيع التعامل مع أحد من آل البيت الليلة ، لذلك سآخذ ميرنا للقصر البحري
نور(بقلق):- هل تفكر باحتجازها هناك ؟
حكيم(بجنون):- هه وهل مثل أختكِ يُحتجزُ أصلا ، هذا إن لم أرد أن أفقد عقلي بعد عريضة حقوق الإنسان التي ستستعرضها علي
نور(ابتسمت له):- كلمني فقط وطمأنني بعد عثورك عليها ماشي ، لن أنام قبل ذلك
حكيم(مسح على وجهها وانطلق):- تمام يا نوري .. تمام
زفر بعمق فكمية الوجع التي تغزو جوارحه بعد مواقف ميرنا المريعة ، تجعله يستشعر طعم الخذلان كل لحظة وها هي ذي تعيد الكرَّة الآن في كل مرة ، مستغلة عدم تواجده كي تهرع لوائلها عند أول فرصة ، آخ لو لم تتعطل سيارته في طريق العودة لكان قد أعادها قبل ساعات لكن بسبب القدر اللعين قد أمضت كل ذلك الوقت رفقة رجل آخر غيره ، دون أن تفكر ولا لحظة بأن تبلغه عن مكانها أو تفكر بأخذ إذنه ههه أخذ إذنه ذلك أبعد له حتى من الخيال ، فميرنا لا تفعلها ولن تفعلها ولو بخراب الكون لكن أقصى ما تمناه منها أن تطمئنه عليها فهذا ما يحتاجه أن يوقن أنها بخير ، وبقية الأمور المؤلمة سيهضمها بقلب حجري هذا إن نفع يعني .. ظل يتخبط في تلك الأفكار المسمومة وهو يقود سيارته في طريقه للمشفى ، وبعد مدة معينة وقبل وصوله بدقائق كان المستشفى عينه يعج بالشرطة لتغطية حدث الفتاة المغتصبة وهذا ما جعل فؤاد يرتعب ارتعابا والذي وصل لتوه إلى هناك ووجد الدنيا مقلوبة واعتقد المسكين أن مكروها قد أصاب وائل …
نادر:- لا تقلق يا عم فؤاد بدون طائل ، وائل بخير وقد أخبرتك بما حصل ثم رامز يغطي الموضوع نأمل خيرا بعد تلك الفاجعة
فؤاد(زم شفتيه بغضب وهو ينظر لغرفة وائل خلف نادر):- تت اللعنة على هؤلاء الشباب الطائشين كيف ينتهكون حرمة أخواتهم بهذا الشكل ، حرام والله حرام اللعنة عليهم جميعا
نادر:- شتت إهدأ سيسمعنا وائل ويستيقظ ويكتشف غياب ميرنا ونصبح في ما لا تحمد عقباه
فؤاد(مسح فكه):- كيف مضى الأمر ؟
نادر:- على خير ما يرام لحد هذا الوقت ، لكن فيما بعد لست مطمئنا للأمانة
فؤاد(امتص غضبه وحاول تهدئة روعه):- سنكون أمام انهيار متوقع فوائل سيحزن لما يستيقظ ، علما أنه يعلم علم اليقين أنها ليست حرة
نادر:- هو كالطفل الآن ، حضورها مثل حضور الأم الحنونة تماما فهي التي تخفف عنه وطأة وجعه وتمد له يد العون وتجعله يصمد لأجل النجاة من هذا الحال
فؤاد(بأسف):- ولمَّا تغادر الأم ينفطر قلب الطفل …
نادر(بحزن):- آه يا ربي على ذا الحال ، كلما حاولت إيجاد حل وجدت نفسي في دوامة تجرفني نحو هاوية لا قرار لها
فؤاد(بتذمر):- يا كبدي عليك ألم تراني أنا من يسبقك في تلك الهاوية بأشوااااااط …
نادر:- هه أرجو من الله أن يصبرنا على ذا الحال ويحفظ لنا عزيزنا من المرض ..
حكيم(بصوت جهوري):- هذا إن لم أطلع بروحه …
فؤاد(تبادل نظرة قلق مع حكيم):- حكييييم … ما الذي تفعله هنا ؟
حكيم(بغضب تقدم صوبهما):- ههه ربما لأنه لدي زوجة موجودة داخل حجرة ابن أخيك الخاصة مثلا ؟
نادر(وقف بوجهه):- لا يوجد أحد بغرفة وائل غير وائل ، رجاء لا تتمادى لأن زوجتك فعليا قد غادرتِ المشفى قبل ساعة
حكيم(ابتلع ريقه):- قبل ساعة هاه .. لكنها لم تعد للبيت لا قبل ساعة ولا الآن
فؤاد(تجاوز نادر ووقف هو بوجهه):- هه هل ستفضي لنا بمشاكلك الزوجية أيضا يا حكيم ، أظن أنه لا رغبة لي أو لنادر بسماع ذلك
نادر(بحزم):- أوافقك الرأي تماما
حكيم(تقدم منهما بخطوة وهو ينفث شررا):- لنعقد اتفاقا سلميا يكون أفضل ، لأنه سيكون من الصعب كبح غضب زوج يشعر بأن هنالك من يعترض طريقه لحجب زوجته عنه
فؤاد(بصلابة):- نادر لما لا نفتح الباب للسيد حكيم كي يتأكد بنفسه من صحة قولنا
نادر(هز كتفه بابتسامة):- والله يتم ذلك فوق خاطري حتى .. تفضل
فتح نادر الباب لحكيم الذي ولج الغرفة وهو ينظر إلى كل زاوية بجنون بحثا عن عصفورته المجنونة ، لكن لا أثر لها فوائل نائم بسكون على سرير مرضه وميرنا غير موجودة مثلما زعما الاثنين .. تراجع للخلف بعد أن ألقى بنظرة عميقة ناحية وائل فلو كان هذا الأخير مستيقظا ما كان رحم حكيم ولكان أسمعه من كثير الكلام ما يستحق ، لكن تشاء الأقدار ويقف وضعه الصحي حائلا بينهما ، تأفف عميقا فهو يرغب بنجاة وائل وشفائه السريع قد كره رؤيته بذلك الشكل فعدوه لا يليق به سوى القوة ، ههه لا تقلق عزيزي حكيم ففور استعادته لصحته ستجده أمامك بالمرصاد .. أغلق نادر الباب مجددا من بعد خروج حكيم وكتف يديه
نادر:- هل بحثت تحت السرير ؟
فؤاد:- هههه ما ربما كنا نخبئها تحته يخرب عقلك يا نادر
حكيم(ابتلع ريقه من سخريتهما وزم شفتيه):- أقسم أن هذا لن يمر مرور الكرام ، أعدكما بذلك
نادر(لوح له وهو يرمش بعينيه هازئا):- لا تقصر حبيبي في ما ستفعله
فؤاد(ضرب نادر لكتفه وهو يضحك):- يا لجنونك ولا رجل عصابات يا ولد ههه
نادر:- هحح بعدما شهدناه هذا ما ينفع مع هكذا نوعية…
حكيم(رفع هاتفه بنرفزة وهو يخط أرضية المشفى مغادرا):- ألو نور هل عادت ميرنا ؟
نور:- ليس بعد أخبرتك أنني سوف أتصل لو وصلت
حكيم:- أوك ..
نور(قطع عليها الخط):- جيد يا ميرنا جيد ، أنتِ خربي أب الدنيا وأختكِ نور تشرب المر تتت أستغفر الله …
حكيم(وضع هاتفه بجيبه وقبل مغادرته انتبه لرامز):- رامز ..
رامز(تبدلت ملامحه فور رؤيته وابتعد عن بعض من رجال الأمن):- أراك قد وصلت أخيرا ، لكن مع الأسف ميرنا حقا قد غادرت
حكيم:- يتضح لي أنك أيضا متواطئ في تلك الخطة الدنيئة ههه ، متوقع
رامز(اقترب منه وجها لوجه):- أغلبيتنا نعلم أن ارتباطكما لعبة فلا تحلم بأمور لن تحدث ، مصير تلك الفتاة بين أنامل وائل شئت أم أبيت
حكيم(حرك فكه مبتسما ونظر بعيدا قبل أن يناظره شزرا):- هذا بالنسبة لك لأنك محدود الأمل في شيء يخص المرأة التي أحببتها يا نور عيني ، لكن بالنسبة لي هذا يختلف لأن تلك المرأة مني وإلي تنتمي لا وائل ولا غيره قادرون على انتزاعها من بين أناملي ..
رامز(رمش بعينيه متحديا إياه):- تقصد مخالبك فأنت كلما ضغطت عليها .. أدميتها
حكيم(تحركت حدقتي عيونه رفضا لفكرة رامز):- مخطئ أنا لا أؤذي شعرة من رأس ميرنا
رامز:- ولكنك تفعل حكيم ، بإبعادها عن الشخص الذي تريده بالوقوف بجانب ذلك المجرم بتغطيتك لجرائمه وهويته الخفية أنت تؤلمها بتورطك في هذه القضية .. أنت تملك خيوط اللعبة وقادر على كشف المستور مع ذلك تفضل الوقوف في ضفة الفهد البري دون أن تفكر لحظة أنه حين يحين وقت القبض عليه سيكون معصمك بجوار معصمه مقيدا بالأغلال
حكيم(مرر لسانه على شفتيه وناظره بعمق وهو يهمس بخفوت):- إن كنت تظن بفقرة الضمير التي تزعج بها مسمعي الآن ، أنك ستؤثر بي وتجعلني أفضي بأمر الفهد البري بسهولة لحضرتك يؤسفني أن أخبرك أنك واااااهم يا روحي
رامز(بتفكير):- لما تتستر عليه .. أتخشاه لتلك الدرجة ؟
حكيم(تراجع للخلف ومسح فكه):- أراك تسحب لساني بشكل مستفز ، لكن لا يغرَّنك هدوئي الآن فأنا لم آخذ لقب الأسد عن طريق الصدفة .. ابتعد عن طريقي وإلا احترقت
رامز(انتبه لرنين هاتفه وكان رقم إياد):- .. أنت الخاسر ../ ألو إياد نعم.. لحظة من حضرتك هئئئئئئ ماذا تقول ألووو من أنت … تمام تمام حدد لي الموقع فوراااا فوراااااااااا
حكيم(تبدلت ملامحه قبل أن يخطو خطوة للمغادرة):- هل .. هل هناك شيء ؟؟؟
رامز(رمش بعينيه وقد سافر عقله للخطر المحدق بعد ذلك الخبر):- يفضل أن نسرع إياد وميرنا … مختفيان
حكيم(وكأنما سقطت عليه جبال شاهقة):- ..مم .. ماذا تقصد بمختفيَّين ؟
رامز(تحرك ركضا صوب سيارته):- تحرك حكيم أنا نفسي لم أفهم الأمر ، لكن مكان سيارتهما لا يبعد عن هنااااا
ركض حكيم نحو سيارته والخوف يملأ كل شبر من ملامحه ، قلبه تضخم بالرعب على ميرناااا كيف تختفي يعني هي وإياد سوية هههه أي هبل هذاااااااااا ؟؟؟؟… دعك فرامل السيارة وهو يلحق برامز الذي نفث النار خلفه منطلقا صوب الموقع المحدد بأقصى ما يمكنه ، كلها دقائق وكانا يوقفان السيارة أمام دورية الشرطة التي كانت مارة بالطريق لأجل التحقيق في قضية الاغتصاب عينها لكن انتبهوا لوجود سيارة مضاءة واقفة وسط الطريق بشكل خاطئ ولا يوجد بها أي أحد بينما كل الأغراض هناك ، ومن بينها هاتف إياد الذي استعملوه واتصلوا بآخر رقم كلمه وكان رقم رامز الذي ركض صوب سيارة صديقه لاستيعاب الأمر …
رامز(كشف لهم هويته وشارته وأعادها لجيبه):- ما الذي حدث ؟
الشرطي:- سيدي المحقق تم إيجاد سيارة المدعو إياد نجيب هنا في هذا المكان ، دون أي أثر له أو للسيدة التي كانت برفقته
حكيم(أقفل باب سيارته بعصبية وركض صوبه):- ميرنااااا ميرناااا أين هي زوجتي ؟
رامز(نظر للسيارة):- دعوني ألقي نظرة …
الشرطي:- الهاتف الخاص بصاحب السيارة موجود رفقة أوراق السيارة عينها ، وأيضا حقيبة السيدة ميرنا الراجي وهويتها موجودة بمحلها عدا عن هاتفها المختفي ، ربما كانت تحمله أثناء مغادرتها هذا إن أرجحنا أنهما غادرا السيارة طواعية …
حكيم(نظر للسيارة بطرف عين ومسح على رأسه):- ماذا تقصد ؟
الشرطي(نظر أمامه حيث تشير أضواء السيارة):- قد تركا السيارة في وضع غير سوي ،بالإضافة أنها لم تكن مطفئة أثناء وصولنا بل تعمل ، وغير ذلك أنظروا معي حيث تشير مصابيح السيارة لآثار العجلات المختلفة التي امتدت من الطريق الفرعي
رامز(تقدم للأمام ليتبين الأمر):- هه حبيبي أنت لا تقصد أنه تم اختطافهما هاه ؟
حكيم(اهتز وجدانه كاملا برعب):- رامز … رامز
رامز(اقترب منه وهو يتملص من عيون الشرطيين):- ماذاااا ماذااا أرأيت تسترك إلى أين سيوصلنا هاااه شرِّف ميرنا وإياد مختطفان
حكيم(تلاعب بعينه يمينا ويسارا وأشار له كي يرى المكتوب):- حاول ألا تثير انتباههما وانظر لما كتب على الطريق
رامز(رفع حاجبه وفعل مثلما أمره):- أين أين ؟؟؟
نظر للأرضية المبللة والتي خط عليها حروف لاتينية كبيرة تشير إلى جملة مفادها إبعاد الشرطة عن الموضوع ، هنا رامز ابتلع ريقه وتيقن تماما أنهما في قبضة مجهولين حقا .. نظر خلفه لمجموعة الشرطيين الذين كانوا يكتبون المحضر ويعاينون السيارة ومسح على جبينه متقدما صوبهم …
رامز:- أ.. لما لا تعودون لعملكم حول قضية الفتاة المغتصبة وأنا سأحاول إكمال المهمة بدلا عنكم هنا ؟
الشرطي:- أساسا انتهى عملنا قد سجلنا كل شيء بالمحضر ..
رامز:- أهاه جيد جدا ، يعني بما أنها سيارة صديقي المقرب أفكر لو أنكم لا تقطرونها حتى الصباح يعني إن لم يعد بنفسه ، إذ أعتقد أنه قد خرج ليستجم هو وصديقتنا الصحفية ميرنا الراجي يعني تعلمون شخصيات مرموقة مثلهما وارد جدا أن يمروا بلحظات جنون
الشرطي(بدا مقتنعا نوعا ما):- تمام سوف نؤخر أمر سحب السيارة إلى مركز الشرطة لأزيد من ساعة ، لكن لن نستطيع ذلك في صبيحة الغد إذ يجدر بنا اتباع القوانين
رامز:- لا تقلق أجزم لك أن هذا المحضر سيقفل بحضور صاحب السيارة قبل الغد حتى
الشرطي(سلمه المفاتيح):- تمام سيادتك سنعود لعملنا .. هيا يا رجال سنتحرك …
حكيم(مسح على وجهه وهو يمسك حقيبة ميرنا بيده):- يا الله
رامز(ركب سيارة إياد وأبعدها عن الطريق ثم أخذ أوراقه وهاتفه وضعهم بجيبه وأغلقها):- من أين سنبدأ البحث ؟
حكيم(نظر لمغادرة كل دوريات الشرطة ووضع حقيبة ميرنا بجيب سيارته وأخرج مسدسه منها):- لن نبدأ بل سأبدأ ، عليك أن تبتعد عن الموضوع وفورا يا رامز
رامز(رفع سترته ليظهر مسدسه):- أتعتقد بأنني جبان حتى أتركك لوحدك ؟
حكيم:- ليس كذلك … إنما لدواعي أمنية
رامز(اقترب منه متوجسا):- هل ستلجأ للفهد البري ؟ هههه هل ستساومه حقا كي يعيدهما ؟
حكيم(شرد في البعيد):- هذا إن افترضنا أنه فعلا هو من اختطفهما
رامز(بنبرة قلق نظر إليه):- ماذا تعني بكلامك ؟؟ أليس هو الفاعل ألم يحاول قتل وائل ؟
حكيم(فتح باب سيارته):- صدقني .. كل ما أفعله لأجل حماية ذلك الوائل وحماية امرأتي غير ذلك وددت لو أنني خارج كل هذا الهراء
رامز:- هيييه إلى أين تذهب أنا لن أفارقك لحظة ، أصدقائي هناك في المجهول
حكيم(حاول أن يتمالك أعصابه واقترب من رامز واضعا يده على كتفه في محاولة لمؤازرته والتخفيف عنه):- عذرا رامز أعلم خوفك عليهما لكنني الوحيد القادر على إعادتهما.. لن يسعك مرافقتي كي لا تعرضهما لأذية
رامز:- ولكن …؟؟
حكيم(حرك حاجبيه له وتراجع لسيارته):-عذرا منك …
قبل أن يستوعب رامز جملة حكيم كان هذا الأخير قد صوب مسدسه صوب سيارة رامز وضرب برصاصة إطارها الأمامي الذي فرغ من الهواء كليا ، ثم رفع له حاجبيه مبتسما وانطلق مسرعا بسيارته متخذا ذات الطريق الفرعي ، رفع رامز يديه متأففا مما فعله حكيم وفتش بجيبه عن مفتاح سيارة إياد ليستقلها ويلحقه لكن مع من قد أخذ منه حكيم المفاتيح حين ربت على كتفه بلحظة مساندة جدية ، يعني ضحك عليه وسرقه
رامز(مصدوم):- تبا تبا لك يا نذل تسرق شرطيا اللعنة سوف أحاسبك هممممممم …يا فضيحتك يا رامز تمت سرقتك يا خسارة سنين تدريبك البوليسي كخخ ^^
رمى حكيم مفتاح سيارة إياد بجيب السيارة ونظر لحقيبة ميرنا وزفر بغضب قبل أن يرفع هاتفه ليكلمه إذ لابد وأن يحاسبه لو كان له دخل …
حكيم(بغيظ):- أيا كان ما تحاول فعله فأنا لم أعد أستوعب شيئا ، لما تقحم ميرنا وإياد في هذااااا يا ميااااار قد تفاهمنا يا رجل لما تريد أن تفقدني صوابي ؟
ميار(نهض من فراشه وهو يتنفس محاولا فهم كلمات حكيم):- ماذا تقصد بميرنا وإياد .. ما الذي يحدث معهما يا حكيم ؟
حكيم(توقف جانبيا وعقد حاجبيه):- ألست أنت من أمر باختطافهما ؟
ميار(جحظ بعينيه بفزع):- اختطااااااافهما !!!! ما الذي تقوله يا حكيم أفصح ؟
حكيم(ضرب على المقود):- لم أحسب أن ذلك الحقير غضنفر سيضرب ضربة ثانية في ذات اليوم بعد حادث وائل ، اللعنة يا ميار إياد وميرنا مفقودين قد تم إيجاد سيارتهما فارغة بالقرب من المشفى الموجود به وائل قبل قليل
ميار(حاول أن يستوعب بنفاذ صبر وهو ينظر بذهول):- حكيم … لما اعتقدت أنني الفاعل ؟
حكيم:- من شعار الحروف اللاتينية التي كانت مكتوبة بجانب الطريق حيث وجدت سيارته
ميار(تلاعب بلسانه داخل فكه):- حدد لي موقعك فورا أنا قادم ، سآتي بالرجال لأنني أؤكد لك أنا لم أعطي أي أوامر باختطافهما وغضنفر لن يفعل ذلك يا حكيم
حكيم(رمش بعينيه بعدم فهم):- وما الذي يؤكد لك ذلك ؟
ميار(عض شفته بغيظ وهو يرتدي ثيابه):- لأن غضنفر الذي أعرفه لا يلجأ لخطط صبيانية كهذه ، اسمعني جيدا أرسل لي موقعك الموالي سنلتقي على الفور هناك كي نتحرك سوية
حكيم(بقلة حيلة):- تمام تمام لا تتأخر …
ميار(سحب نفسا عميقا بشر):- حتما لا يجب أن أتأخر في سحب روح من وضع يده على أخي وسلطانتي
حكيم(رفع يده متأففا):- وهل هذا وقت جيد لتذكرني بغرامياتك … أسرع ولا تجلطني …
انطلق ميار من عرينه فورا بعد أن أخذ خلفه مجموعة من رجاله يترأسهم رشيد الذي كان يرافقهم ، في حين كان حكيم قد ابتعد قدر المستطاع عن تلك المنطقة حتى لا يتمكن رامز من لحاقه ولو صدفة .. بعد وقت معين في مكان ما وقف ميار بسيارته مقابل سيارة حكيم وترجل كليهما منها بسرعة واقتربا من بعضهما بخوف ورهبة من بعد ما حدث ..
حكيم(بملامح لا تبشر بالخير):- على ميرنا أن تعود يا مياااااااار .. يجب أن تعود
ميار(مسح فكه بتفكير):- لم يخطر على بالي شيء سوى الحقير غضنفر ، لكنني موقن مثلما أراك صوبي الآن أنه بعيد كل البعد عن هذه الحركة أو ربما يديرها عن بعد ..
حكيم:- لا يوجد سبيل لنا غيره يا مياااااااار ، كلاهما في خطر ونحن هنا نضيع الوقت
ميار(ابتلع ريقه):- ما نحن متأكدين منه أن ولا واحد فيهما ستتأذى منه شعرة …
حكيم:- وما الذي يثبت صحة كلامك يا ميار ، غضنفر أكثر شخص يرغب بأذيتنا أنت بأخيك وأنا بميرناااااااااا
ميار:- غضنفر يعلم قرابتي بكم يا فهيم ، ولن يغامر
حكيم:- لن يغامر ؟؟؟ على أساس ماذا يا ميااااار لقد حاول قتل وائل ليلة أمس ، وقبلها حاول قتل ميرنااااا وتشاء الصدفة أن تكون مرام الضحية يعني ..وغيره وغيره الكثيررررر
ميار(استوقفه بحركة يده):- حكيم .. هل تتذكر الحروف اللاتينية التي قرأتها هناك ؟
حكيم(بعدم فهم):- أكيد
ميار(بتفكير صغر عينيه):- هه خطة دنيئة كما توقعت ، فالشخص الذي يطلب منكم عدم تبليغ الشرطة أكيد عازم على إعادتهما لكن يرغب بتخويفنا أو … بعث رسالة
حكيم:- رسالة ؟؟ … لما أشعر أنك تخفي عني ما لا أعرفه ؟
ميار(تلاعب بلسانه داخل فمه وقد توصل لنتيجة):- أقلع من هنا فورا وانتظرني عند حدود المدينة ساعة وسيكون كلاهما رفقتي
حكيم:- هل تريد أن تقتلني ببرودتك هاته .. أتعلم أين هما وتتلاعب بأعصابي ؟
ميار(فتح باب سيارته):- صدقني لا أعرف مكانهما لكن .. سأعرف فوراااا
حكيم(ضرب يديه على جنبه وانطلق معترضا طريق ميار):- لن أسمح لك بالتحرك خطوة واحدة بدوني .. ميااار أنا وأنت في خضم هذا الموضوع والشخصين المختطفين من لحمنا ودمنا فلا تجعلني أستعرض خلَفَ جدك إسماعيل هناااااا واللحظة ؟؟؟؟
ميار(بتفكير ملي):- اركب سيارتك والحق بي .. وأهم شيء أيا كان ما ستراه لا تفتح فمك ولا تنطق بحرف ستدخل على أساس أنك رجل من رجالي مفهووووم ؟
حكيم(محاولا مجاراته):- أدخل إلى أين تحديدا فخامتك ؟؟؟
ميار(ركب سيارته ونظر للبعيد):- إلى وَجارِ ثعلبة القطب
حكيم(بدهشة ضرب على سطح السيارة):- يا حبيبي هذااااا ما كان ينقصنا !!!

طبعا طبعا من كان يتوقع أن تقوم ثعلبة القطب باختطاف إياد وميرنا هذا شيء لم يكن في حسبان أحد ، فأصابع الاتهام إن لم تطل الفهد البري عينه كانت ستوجه صوب غضنفر لكن أن يكون كلاهما بريئا منها هذا ما يضع مُنافِسة ميار الأولى في قفص الاتهام ، لكن لماذا ولأجل ماذا أقدمت على هذا طالما اتفقا صبيحة ذلك اليوم إذن لما تريد أن تُعلِّم عليه بعد هذه الفعلة ولما اختارت هذين تحديدا هل تعلم بقيمتهما في قلب ميار هل تعلم بقرابتهما له ،، وجد أن هنالك أسئلة كثيرة يجدر بها الإجابة عليها وإلا ستعرض نفسها لمخاطر جمَّة لم تحسب لها حسابا وأولها غضب الفهد الذي سيحرق الكون بجرة إصبع .. كيف توصل بأفكاره لصاحب هذا الاختطاف كان الأمر جدا بسيطا بالنسبة له فغضنفر لو كان يريد توجيه تهديد له كان استخدم شيئا أبسط من هذا باتصال يتبجج فيه بإنجازاته ويقوم بتهديدهم فيه بكل عنجهية وصلف ، لكن خطة مبتذلة كهذه لن تأتي من شخص مثله خصوصا أنه وجه تهديدا كاملا بعد حادثة وائل ولن يجرؤ على تحريك بيادق الشطرنج بهذه السرعة ، عدا عن كل هذا هو لا يستخدم أحرف لاتينية بل ثعلبة القطب هي الوحيدة التي ستقدم على ذلك ولكن لماذا سأل نفسه هذا السؤال طوال الطريق ولم يتوصل لجواب فعلى الأغلب هي نفسها التي ستجيبه على هذاااااا …
وصلوا بعد ساعات ضئيلة صوب قصرها القصي وكان هنالك عشرات الرجال معسكرين حوله بمختلف الأشكال والألوان بكلابهم السعرانة ينتظرون أن تطأ قدم امرئ ولو بالخطأ منطقتهم لكي يقتلعوا جذوره عن آخرها .. حكيم كان مستغربا من ذلك المكان لكن طالما ميار مقتنع أن ميرنا بداخله إذن سيتابع هذا الجنون ، أطلق ميار بوق سيارته في وجه الحارس كي يفتح له البوابة وهذا الأخير لم يقم بفتحها بل تراجع للخلف وأعطى أمرا ليوصلوا الخبر إلى الرئيسة .. هنا ميار شعر وكأن الدنيا لن تسعه من غضبه إذ سيقتلع عيون تلك الرئيسة بيديه ما إن يراها بعد هذه الفعلة ..حكيم لم يستطع التحمل أكثر نزل من سيارته وتوجه صوب الباب وأخذ يطرقها بعنف ودون توقف وهذا ما اضطر ميار لأن يترجل من سيارته كي يوقف جنونه
ميار:- هل أنت معتوه أم ماذا ، هنالك كاميرات في الأرجاء تمالك نفسك ؟
حكيم(انتبه فوق رأس البوابة للكاميرات وزفر بعمق):- لو حدث مكروه لميرنا صدقني تلك الكاميرات ستكون شاهدة على اقتلاع قلب تلك المرأة أسمعت ؟
ميار(جذبه بقوة خلفه):- ماذا أخبرتك قبل مجيئنا هااااااه ؟؟؟ … اتفقنا على أن تبقى عاقلا أرأيت لما لم أشأ إحضارك معي ؟
حكيم:- ولكن كيف تطلب مني الهدوء وكل دقيقة تزيد من خطورة وضع ميرنا وإياد ؟
ميار(سحبه بقوة إليه من ياقة قميصه):- سنعيدهما ثق بي ..
حكيم(رمش بعينيه ونظر لعمق عيون ميار):- ليحدث ذلك وإلا سنصل إلى نقطة حد …
الحارس(فتح البوابة):- تفضلوا بالدخول …. سيدتي تنتظركم
دلف ميار رفقة حكيم أما رشيد فقد أمره ميار أن يتأهب للتصرف حيال أي حركة غريبة ، وبالفعل بقي بالمرصاد هو وبقية الرجال بينما دخل كل منهما مسرعين نحو القصر بعد أن أشار لهما الحارس بالدخول …
حكيم(بهيجان الغضب):- يا الله
ميار(أوقف حكيم بحركة يده):- حافظ على هدوئك ولا تدع شيئا يستفزك ، عدني بذلك ؟
حكيم(زم شفتيه بقلة حيلة):- فقط أعدها لي ..
ميار(بنظرة تشكيك):- هي لي أصلا ماذا سأعيد .. إسمع لن نتشاجر هناااا في هذا لنعدها أولا هي وإياد وبعدها نتخاصم
حكيم(مط شفتيه بغبن):- هممفف …
ناريانا(كانت تجلس واضعة رجلا على رجل في صالونها الملوكي بفستان أنيق يعتصر جسمها بشكل مثير):- هه لو علمت أنني سأراك في اليوم مرتين يا سيد ميار لكنت تجهزت أفضل من هذا .. أهلا بك
ميار(تلاعب بلسانه داخل فمه وتقدم صوبها):- سيدة ناريانا اعتقدت أننا سوينا أمورنا صبيحة هذا اليوم ، فما الداعي لحركتكِ المسائية يا ترى ؟
ناريانا(نظرت لحكيم خلفه بتفحص ، آه يا قلبي آه ما أحلى هذااااا الرجل أيضا ترى من يكون):- ألن تعرفنا بالسيد الماثل خلفك والذي لم يترك شبرا من جوانب قصري لم يتفحصه بعينيه ؟
حكيم(تقدم إليها ضاربا أوامر ميار عرض الحائط):- حكيم الراجي
ميار(جحظ بعينيه وهو ينظر إليه بدهشة ومن تحت أسنانه):- الله يلعن الجنون المتفشي في عروقكم ..
ناريانا(اقتربت منه وصافحته باندهاش هي الأخرى وهي تتفحص عقله):- حكيم الراجي اسم مهول للحقيقة ، أنا أعرفك .. أ.. يعني سمعت عنك الكثير ولم أتوقع لقاءك بهذه السرعة
حكيم(أزال يده ممتعضا وهو ينظر حوله):- سيد ميار هل ستتطرق للموضوع الرئيسي أم أننا سنكمل ركن التعارف مع السيدة ؟
ميار(مسح فكه):- نريدهما
ناريانا(تراجعت للخلف):- مع الأسف ما تبحثان عنه ليس لدي علم به
ميار:- أوك سأترجم طلبي بلغة أخرى .. إن لم تحرري كلا من إياد نجيب وميرنا الراجي في غضون دقائق معدودة اعتبري نفسكِ وعصابتكِ ووجودكِ بين أكف العدم
ناريانا(تململت مولية ظهرها لهما وهي تزفر بعمق):- ليكن ذلك ، لكن صدقا لا علم لي بمكانهما حتى أنني استغربت زيارتك المفاجئة لي بقصري لتصدمني باتهامك الجاحد هذا وأين في عقر داري ؟
حكيم(بنفاذ صبر):- أنا لن أستطيع تمالك نفسي أمام هذه التمثيلية الرخيصة ، سأبحث عنهما
ناريانا(أشارت له تجاه القصر كله):- إبحث على أقل من مهلك عزيزي ، لكنك لن تجدا شيئا هنا صدقني
ميار(اقترب منها وهو يرمش بعينيه):- ماذا تريدين الآن ؟
ناريانا(ابتسمت):- باشر أنت البحث يا روحي ، سآخذ فنجان شاي مع الفهد شخصيا
حكيم(حرك حاجبه لميار الذي استغرب جلوسها الهادئ):- لست مجنونا كي أبقى مكتوف الأيدي سأبحث عنهما فعلا بنفسي
ناريانا(لوحت له ببرودة):- موفق ..
ميار(حرك عينيه وجلس مقابلها):- لما تفعلين هذا ؟
ناريانا(نهضت وتقدمت إليه وجلست على طرف الطاولة الأرضية مقابله):- عودتهما ليست مقتصرة علي ، بل عليك يا عزيزي ميار فأنت وحدك من سيوقع على ورقة الإفراج عنهما
ميار(اهتزت حنجرته لكنه لم يبرز ذلك واقترب من وجهها بوجهه):- لما أقرأ الخبث في عينيكِ ناريانا ؟
ناريانا(ذابت في سحر عينيه وبابتسامة مغرية):- ربما لأنك تعلم رغبتي فيك
ميار(تلاعب بلسانه ونهض هازئا):- كنت أشكل فكرة جيدة عنكِ ، لكن اتضح لي أنكِ ترغبين بعداوتي وليس صداقتي ولستِ سوى جارية تسعى لأن تتربع بين أحضان فراشي ؟
ناريانا(عضت شفتيها حين قرأ لهفتها بوضوح ونهضت إليه بخيلاء):- أنا وأنت بقوتنا قادرين على سحق العالم ، لذلك لا ضير في المحاولة ؟
ميار(استدار إليها بغضب وأمسكها من كتفها جاذبا إياها خلفه حتى دفعها على الحائط محتجزا إياها فيه):- اسمعيني جيدا ، لا صبر لي لألاعيبك أيا كانت غايتكِ من هذا الاختطاف أوضحيها الآن ودعيهما وشأنهماااا
ناريانا(تململت في حضنه وهي تقاوم تيار جنونه):- أنت بحركتك هذه تسيء لثعلبة القطب
ميار(تأمل وجهها وتفحص جسمها بعينيه وابتسم):- أرى أنها ترغب بذلك ، فجسمها يستصرخ ما هو أكثر
ناريانا(وضعت يديها على ياقته وأخذت تلاعبه):- دعنا نتفق ؟
ميار:- لما اخترتِهما تحديدا ؟
ناريانا(ابتسمت له وهي تقرأ الخوف عليهما بعينيه):- هل كنت تود إخفاء أخيك وابنة خالك عنا كثيرااااااا ؟
ميار(ارتعش من جملتها وابتعد عنها):- من أين تأتين بهذا الهراء عن أي أخ وابنة خال تتحدثين أنتِ ؟
ناريانا(اقتربت منه بصوت كفحيح الأفاعي ولامست كتفه):- إياد نجيب أخوك غير الشقيق من هبة رشوان وعامر نجيب أبوك … أما ميرنا الراجي فهي ابنة خالك سليم الراجي شقيق أمك حورية الراجي هل أتابع ؟
ميار(اشتعل غضبا بعد أن ذكرت أمه المحرمة على أي أحد ذكرها):- إيااااااااكِ وأن تعيدي على مسمعي هذا الكلام ، صدقيني قد فتحتِ على نفسكِ أبواب جهنم
ناريانا(ابتعدت عنه مولية ظهرها له):- لا أدري لما تستعر من نسبك هكذا
ميار:- أنا لست مجبرا على خوض هذا الحديث ، ما يهمني الآن إعادتهما سليمين ودون خدش واحد عليهما وإلا سأكون سعيدا بتعذيبك على أقل من مهلي
ناريانا(بتلاعب):- لن تستطيع أذيتي ميار .. أنا لست خصمك الذي تنشده أصلا
ميار(بعدم فهم حرك رأسه):- ماذا تقصدين ؟
حكيم(قاطعهما):- لا يوجد شيء هنا
ناريانا(كتفت يديها):- ولن يوجد لأن كلا الضيفين موجودين بالأسفل .. هنا تحت قدمي
نظر كل من حكيم وميار حيث تشير وأصابتهما الدهشة الممتزجة بالأوجاع ، وقبل أن يتحركا كلاهما دخل العشرات من الرجال المسلحين مصوبين أسلحتهم صوب رأس حكيم وميار ، واتضح أنهم أيضا سيطروا على رشيد ورجال الفهد البري خارجا ، وهنا وقفت ناريانا بينهما مبتسمة وهي تناظر رهبتهما من وقوع مكروه لأحبتهما ..
ناريانا:- ها يا ميار هل سنتفق أم ماذا ؟
ميار(آثر مجاراتها حاليا):- على ماذا تريدين توقيعي ؟
ناريانا(فرقعت إصبعها وأحضر لها خادمها ملفا):- أنت من بدأ الخداع عزيزي ميار ، اعتقدت أن تحالفك مع ثعلبة القطب سيسهل عليك التملص من مسؤولياتك قبل الاعتزال ، كنت تريد رميي في فوهة النار أمام العشيرة وتخرج أنت منها كالشعرة من العجين .. لكنك غفلت على أنني امرأة لم ولن تهزم أمام رجل لذلك ستتنازل لي على كل أعمالك ، وليس هذا فقط ستكتب اعترافا خطيا يفيد تنازلك على عرش الفهد البري لي شخصيا في الوقت الذي سأختاره بنفسي .. امم أظن أن هذا كله ما رأيك ؟
حكيم(نظر لميار بنظرة صارمة ونظر إليها بتوجس):- ههه أخطأنا تقديركِ صدقا أيتها الثعلبة الماكرة ، لكنكِ غفلتِ عن شيء مهم فميار لن يتنازل عن عرشه ولن يعتزل يعني أنتِ مضطرة لمعايشة كابوس أنكِ لن تستطيعي الوصول إلى مجده ولو بقيتِ دهرا بأكمله تحاولين
ناريانا(عضت شفتيها وهي تتأمل عضلاته وناظرته بنظرة مغرية):- أيْ .. لو كنت محلك يا حكيم يا راجي لما تحدثت ، يكفي أنني لا أستطيع الوصول إليك فدعني ولعنتي نواسي بعضنا
حكيم(بدهشة):- ماذا تقولين أنتِ ؟
ناريانا(رمشت بعينيها وهي تستوعب ما نطقت به):- وما شأنك .. سيد ميار هل ستوقع أم ماذا ؟
ميار(رمى الملف على الطاولة وأشار لها):- أوقع على ماذا يا عمري ، ما ربما كانت خدعة منكِ ولا يوجد أي من ميرنا وإياد هنا ؟
ناريانا(مطت شفتيها بإعجاب):- ما كذبوا حين مدحوا ذكائك … يا عنبر
عنبر(تقدم صوبها):- بأمركِ سيدتي
ناريانا(ابتسمت وهي تهمس له):- … تمام ؟
عنبر:- حالا سيدتي ..
ناريانا:- هممم لنجلس يا سادة لحظات وسنزور ميرنا وإياد .. آه لو كنت محلك يا حكيم لرميت المسدس الذي خلف ظهرك لأن فوهته ستصوَّب في رأس عصفورتك الصغيرة وأنت تخشى هذا
حكيم(بذهول منها رمش بعينيه لميار):- أستغفر الله العظيم ..
ميار(جلس وهو يحرك رجله بنفاذ صبر وفي سره):- هذه الثعلبة تضعني في موضع سيء ، أنا أنا الفهد البري أقع تحت رحمتها لكنني لن أمررها بسلام أقسم أنني سأحفر قبرها بيدي هاتين إلا ميرنا وإياد إلا همااااااااا ….
ما إن أتمم جملته حتى دخل عنبر وهمس مجددا لناريانا في أذنها والتي نهضت وأشارت لهما كي يلحقا بها ، لم يكن بوسعهما فعل شيء سوى مجاراتها لأجل سلامة البقية .. وجدا أنها دخلت من خلف جدار مكتبة قام عنبر بإزاحتها ونزلت لقبو شاسع بدأت إضاءته تبرز شيئا فشيئا ، كانت تسير بخيلاء أمامهما وعنبر خلفها وبعدهما حكيم وميار يراقبان بعينيهما كل شيء حولهما ، لحظة وظهر لهما شيء عجيب فقد كانت ميرنا وإياد نائمين على سريرين متفرقين قرب بعضهما ويظهر أنهما غير واعيين أصلا لكل ما يحدث لهما ..
حكيم(ركض صوب ميرنا بدون وعي):- ميرناااا ميرنا حبيبتي ..
ميار(تقدم صوب إياد ومسح على شعره وعقد حاجبيه وهو ينظر إلى ناريانا التي كتفت يديها مبتسمة):- ماذا فعلتِ لهما ؟
ناريانا:- ما تفعله أنت كل يوم لكي تتقمص شخصية أخيك
ميار(نظر لحكيم الذي حاول حث ميرنا على النهوض):- أعطني تلك الأوراق سأوقع ونغادر المكان فورا
ناريانا(ابتسمت وهي ترمق خادمها وقد لحقهم بالملف):- وهذا هو عين العقل ..
ميار(أمسك القلم ونظر للورقة مليا ورفع بصره ليرى ميرنا وإياد ، سحب نفسا عميقا وبعدها قام بالتوقيع وأيضا كتب الاعتراف بخط يده ووقع تحته ورمى الملف بوجه خادمها):- أظننا هكذا اتفقنا
ناريانا(أشارت لخادمها كي يبتعد):- كنت قد وعدتك بزيارة لقصري لكن اعذرني لم يحالفني الحظ في التحضير ، لذلك سأنتظرك في زيارة قادمة يمكنكما أخذهما ولعلمكما هما موقنين جدا أنهما اختطفا يعني سيكون لديكما مجال واسع لتشرحا لهما ما حصل .. ههه حظا موفقا
أمسك حكيم ميرنا بين ذراعيه وهو ينظر إليها ببؤس ، هي لا تستحق أن تعيش جو العصابات هذا لكنها مضطرة لمعايشته مع الأسف ، نظر لميار الذي عقد حاجبيه ينظر إلى إياد بغبن ولا يعلم كيف سيحميه من الشرور المحدقة به ، قد انضم للعصابة في صغره فقط كي يحمي أخاه لكن يظهر أن أخاه متورط معه ولا فكاك من ذلك ، والمدهش أن الكل يعرف بهوية أخيه ولن يدعوه وشأنه بعد الآن … عقد حاجبيه وهو يحاول تمالك نفسه فقد هزم لأول مرة أمام امرأة شر هزيمة بذلك التوقيع لكن ليس الفهد البري الذي يدع هذا يمر بسلام ، سحب نفسا عميقا وانتبه لحكيم الذي كان ينظر إليه بل يقرأ معاناته ويؤازره بعينيه ، مط ميار شفتيه له والتفت يمينا لرشيد ورجاله الذين ركضوا لأخذ إياد من هناك ..
حكيم:- دعنا نغادر هذا المكان .. صوب قصري البحري يكون أفضل لهما ما رأيك ؟
ميار(بصوت مكتوم):- كما تشاء ..
حكيم(نظر لميرنا في حضنه ورمش بعينيه):- ما حصل سيتكرر من جديد يا ميار ، كيف سنحميهما بعد الآن ؟
ميار(مص شفتيه وهو يرمق رجاله يحملون إياد برفق للخروج به):- لا أدري يا حكيم ،، دعنا نرحل من هنا أشعر بالاختناق
حكيم(سحب نفسا عميقا ولحقه):- هيا بنا … يا أخي ..
ميار(استساغ الكلمة التي سقطت على قلبه مثل البلسم وابتسم له بأريحية):- شكرا لأنك معي
حكيم(ابتسم له بنفس نبرة الحزن):- أضف هذه الليلة لبقية أيامنا الصعبة
خرجا من هناك والأسى يغمرهما ، بل خوف عميق يشاركهما التنفس فكيف لهما أن يحجبا الخطر عن كل من يحبون فما حدث الليلة ما هو إلا بداية للكوارث اللاحقة .. فور صعودهما من ذلك القبو لم يلحظا ناريانا مطلقا في الجوار وكم كانا ممتنين لذلك كي لا يريا نظرة الانتصار في عينيها ، طالما أخرجوهما من هناك دون مشاكل كل شيء آخر يهون …
ميار(بعد أن وضع رجاله إياد في سيارة حكيم وكذا ميرنا):- سأنتظرك بجانب البحر
حكيم:- تمام سآتي إليك بعد أن أطمئن عليهما بالقصر .. ميار لم أعتقد أنك ستتنازل لها عن كل شيء ؟
ميار(عض شفته من داخل فمه واقترب منه):-حكيم أنت تعرفني جيدا .. لا أحد يسلبني من شيء أنا لا أرغب بمنحه إياه ، ذلك التنازل كان قائما لكن ينتظر فقط الوقت المناسب ، وتلك الثعلبة عرفت كيف تستغل الموقف وتغذت بي قبل أن أتعشى بها ، هي خطوة ذكية أقر لها بذلك لكن أخطأت المسكينة التقدير فأنا الفهد البري من لم يهزم قط أمام أحد ، ولن يسمح أيضا أن يهزم أمام امرأة آخرها يكمن في فراشي
حكيم(اهتزت حدقتيه من مقصده):- لن تفعلها ؟
ميار:- هه هي لم تترك لي مجالا لأرحمها سألاعبها بطريقتها وأدعها تعتقد أنها هزمتني ، وفي الوقت المناسب سأجعلها تدفع ثمن تجرُّئها على خطف أحبتي غاليا جدااااا
حكيم(ابتسم بمكر وبنفس النظرة):- ههه أعتقد بأنني أستشعر بعضا من المتعة من لهجتك ، ما رأيك بشريك ؟
ميار(ربت على كتف حكيم ببسمة ودية):- وهل تعتقد أنني سأمضي في ذلك وحدي ، تت لن يحدث ذلك إلا وأنت معي يا ابن الخال
حكيم(بنظرة جادة التفت لقصرها):- هي من جنت على نفسها فلا أحد يلمس شعرة من عصفورتي ويبقى سليما ..
ميار(أغمض عينيه من كلمته وضرب على سطح سيارة حكيم):- أقلع فورا … هيا بنا
تحركتِ السيارات من هناك كلها صوب قصر حكيم البحري ، وفي ذات اللحظة دخلت ناريانا غرفتها وهي ترفع الملف بين يديها وتتحدث هاتفيا
ناريانا(بقلق وخوف):- قد قمت بكل ما طلبته مني فأعد لي صديقتي فورااااااااااااا .. أيا كانت أسبابك لا أرغب بمعرفتها فقط أعد لي جوزيت .. أرجوك
غضنفر(ابتسم بخبث):- جوزيت هاااه .. عذرا يا صغيرة فجوزيت ستبقى في ضيافتي لأزيد من يوم وعليكِ تدبر أمركِ وحدك مع غضب الفهد البري ، وكما سمعتُ عنكِ فإنكِ لستِ بالند السهل ، يعني لم تخطئ جوزيت حين أوكلت لكِ هذه المهمة
ناريانا(جلست بوهن على طرف السرير):- أرجوك دعني فقط أسمع صوتها لو سمحت
غضنفر:- اممم يمكنكِ رؤيتها إن أردتِ حتى ههه لكن حين أطلق سراحها وذلك لن يتم إلا بعد أن أنفذ كل مخططاتي ..
ناريانا(بعصبية نهضت باكية):- أنت كابوس دعنا وشأننا حرام عليك ، جوزيت لا ذنب لها في كل هذااااا
غضنفر:- حتى أنا لم يكن لي ذنب ولكنني أقحِمتُ فيه ، على العموم أعتقد بأن خاصتنا تفتح عينيها يجدر بي أن أكون بالقرب سلام يا شقراء …
ناريانا(ببكاء رمت الهاتف):- أيها النذل الحقير تبا لك تبا … يا ربي ماذا سأفعل كيف سأتصرف الآن أنا من سينجدني من من ؟؟؟؟؟؟؟؟
عند غضنفر
كان يطالعها بتأمل وهي تتمطى في السرير المريح ، فتحت عينيها بهدوء وهي تحاول أن تستوعب مكانها وقبل ذلك كانت تحاول أن تصدق ما تراه عينيها ، فذلك الجالس قبالتها شخص تعرفه عز المعرفة لكن ما لا تعرفه هو موقعها الآن ؟؟
جوزيت(انتفضت والتصقت بجدار السرير):- غضنفر ؟؟؟
غضنفر:- آه كم كنت أخشى أن تنسي اسمي ، لكنني كبصمة الشمع التي لا تزول .. لا أحد يقدر على نسياني
جوزيت(بارتياب):- ما الذي أفعله هنا وكيف كيف أحضرتني ؟
غضنفر:- بسيط جدا استغليت الصدف هههه …
جوزيت(بتنبه استذكرت ما حدث ذلك اليوم):- .. هئئ ..
~ قبل ساعات ~
في قصر جوزيت التي دخلت إلى مغطسها لأجل استراق ساعات راحة واسترخاء بعدما حدث معها صبيحة ذلك اليوم حين حضر ميار لقصرها لأجل الاتفاق والتعارف الأولي بينه وبين ثعلبة القطب ، فأن ترى حبيبها وجها لوجه بعد مضي كل تلك السنوات كان شيئا جنونيا يفوق طاقتها ، زيادة على خصومتها مع ناريانا التي انتهت على خير وكم كانت ممتنة لذلك يعني كل هذه الديباجة الطويلة العريضة أرَّقت تفكيرها ، وهذا ما جعلها تسترخي في مغطسها متنعمة بذلك الجو الساكن بعيدا عن ضوضاء عقلها .. أمضت هناك ما يكفيها من الوقت وخرجت بعد برهة ملتفة برداء الحمام تلتهم تفاحة وتتأمل نفسها من خلال المرايا ، عقدت حاجبيها حين لم تقطع خلوتها ناريانا إذ دوما ما تزعجها في مثل هذه الأوقات لكنها مختفية منذ ساعات ، وهذا ما جعل جوزيت تستغرب رمت بقايا التفاحة بالقمامة وصعدت الدرج الفرعي للقصر لأجل الوصول إلى غرفة ناريانا وما إن وضعت يدها على مقبضها حتى استغربت قفلها له لكنها سمعت ضحكاتها بل همهماتها وفتحت عينيها على وسعهما وهي تحرك رأسها بقلة حيلة وصبر … بعصبية دخلت لغرفتها وولجت للحمام الذي ينفتح على حمام ناريانا الشخصي ومنه لغرفتها وها هي ذي تفتح الباب عليها لتجدها عارية في حضن رجل من رجالهم على السرير ..!!!
جوزيت(تنهدت بتأفف):- اجمعي هذه القذارة فورا والحقي بي لغرفتي ، وأنت يا روميو اعتبر نفسك مطرودا ستجد حسابك مع عنبر هياااااااا تحركااااا ..
ناريانا(رفعت غطاء السرير عليها وهي تزفر بتذمر):- أففف جاءت مخربة اللحظات .. اسمع يا ما كان اسمك لا تبرح السرير قط وإلا قتلتك ، أنا لا أمزح اعتبرني مجنونة دقائق وأعود إليك فقط سأطعم تلك الحمقاء ما تستحق لكي لا تكرر فعلتها هذه ..
بقي الشاب يناظرها باستغراب فوق السرير بينما التفت هي بالغطاء ونفضت شعرها الطويل جانبيا وتوجهت صوب غرفة جوزيت بعد أن ارتدت خفيها الخفيفين ، وجدتها تطقطق برجلها فوق أرضية الغرفة وتكتف يديها وهي تهتز عصبية ..
ناريانا(أحكمت لف الغطاء على نفسها وأغلقت الباب خلفها):- ما الذي فعلته للتو ؟
جوزيت:- أو تسألينني بعد ، أجيبيني أنتِ ما الذي تفعلينه ناريانا ؟
ناريانا(كتفت يديها):- وما الذي فعلته ؟
جوزيت(بعصبية تقدمت صوبها):- أنتِ تعلمين أنني لا أطيق تلك القذارة في قصري ، قد نبهتك ونحن بنيوزيلندا أهوائكِ ورغباتكِ خارج حدودي لكن كما أرى لم تمتثلي لأي من أوامري هنا ؟
ناريانا(بحدة):- ولن أمتثل لأن هذا شيء من حقي جوزيت ..
جوزيت(بغضب):- بل ستمتثلين طالما أنتِ تعيشين تحت سلطتي ستنفذين كل ما آمركِ به ،
ولا تحسبي أنني سأغفل عنكِ لحظة
ناريانا:- لماااااذا … هاه لأنكِ تخشين أن أغرم وأترككِ وحيدة ؟
جوزيت(فزت عينيها فيها):- ماذا تقولين هل جننتِ ، هل سأغار منكِ مثلا ؟
ناريانا:- هذا ما توصلتُ إليه مع الأسف ، ثم لا شأن لكِ في خصوصياتي فهذه حياتي أنا وليست حياتكِ كي تجبريني على شيء لا أريده
جوزيت:- لا تستفزيني يا ناريانا لأنكِ لن تصلي معي لبر أماااااان
ناريانا(بقوة وغضب هي الأخرى):- أنتِ حالمة غبية .. تمتنعين عن كل ذلك لكي تخلصي لمياركِ الذي يعبث مع النساء بمختلف الأنواع غير مدرك لوجودكِ حتى ، بل يعشق امرأة غيركِ بالمناسبة
جوزيت(صفعتها على وجهها بقوة):- لا تتجاوزي حدكِ
ناريانا(وضعت يدها على خدها):- تضربينني يا جوزيت … لأجله توبخينني اليوم للمرة الثانية وما اكتفيتِ بذلك بل تقومين بصفعي أيضاااا ؟؟؟
جوزيت(عقدت حاجبيها وهي تطالع الدمع في عيون ناريانا):- أنتِ من أجبرني على ذلك ، تعلمين رأيي في هذا الأمر فلا تضعيني أمام الأمر الواقع وتنتظرين صمتي .. والآن اجمعي ذلك الحثالة من غرفتكِ ونظفي نفسكِ سأنتظركِ بغرفة الطعام
ناريانا(تلاعبت بفكها وغمغمة الدمع تعتريها):- أنتِ إنسانة جاحدة لا أستغرب أن ينفر منكِ ميار ما إن يعرف بأمرك هممم
لم تترك لها المجال لتجيبها بل تململت بغطائها وتوجهت صوب غرفتها صرفت ذلك الشاب ورمت بنفسها داخل حوض حمامها تبكي بصمت ما فعلته بها جوزيت .. التي جلست مرتجفة على طرف كرسيها الخاص وهي تحاول لملمة شتات نفسها التي بعثرتها ناريانا بداخلها ، لم تشعر إلا والدمع ينساب من عينيها هي لم تكن راغبة في الابتعاد عنه لكن لأجله وأجل إياد قامت بذلك فهل سيعاقبها على الظروف التي اضطرتهما سوية ووضعتهما في مفترق طرق ، أيعقل أنه حقا أغرم بامرأة أخرى غيرها ، قلبه خفق لقلب غير قلبها ، عيناه تتطلع لأنثى غيرهاااااا هي جوزته الغالية .. كل هذه الأسئلة انحصرت بجوفها حتى خلقت اختناقا وضيقا وجدت نفسها تغير ثيابها سريعا لتغادر القصر مبتعدة عنه لعلها تعيد لنفسها بعضا من اليقين في أنه لن ينساها ولن ينكرها حين تعود إليه طائعة بعد كل هذه السنين ، لحظتها اكتشفت ناريانا خروج جوزيت من قبل ذراعهم اليمين عنبر الذي أخبرها أنها استقلت سيارتها وانطلقت لغير وجهة رافضة أن يلحق بها أي أحد ، هنا ناريانا لم تلقي بالا إذ عرفت أنها آذتها بكلماتها الجارحة لكن تلك هي الحقيقة .. قبعت في غرفتها متأففة طوال ساعات غياب جوزيت التي تأخرت كثيرا وهذا جعل القلق يتسرب لقلب ناريانا .. حسن لتعد وبعدها يتخاصمان كما يحلو لهما المهم أن تكون بخير ..
ناريانا(بقلق نزلت للأسفل):- عنبر يا عنبر .. تت اتصل برقم سيدتك جوزيت واعرف لي أخبارها
عنبر:- لكن لما لا تتصلين أنتِ حضرتكِ ؟
ناريانا(بنظرة صارمة):- وهل أنت هنا لتشور علي بما علي فعله ، اتصل ولا تكثر حديثا
عنبر(رفع هاتفه بسرعة):- الرقم خارج التغطية سيدتي
ناريانا(زفرت بعمق):- توقعت ذلك .. حسن اذهب وتابع عملك وإن عادت سيدتك أعطني خبرا مفهوم ؟
عنبر:- كما تريدين ..
ناريانا(عضت شفتيها):- أين أنتِ جوزيت أين ذهبتِ …؟؟
صعدت لغرفتها مجددا وهي تشعر بشيء غريب يحدث لجوزيت ، أغلقت بابها وجلست على سريرها وأخرجت قلادتها التي تحمل صورة لها ولجوزيت ونظرت إليها مليا وهي تشعر بالحنين لصديقتها حتى أنها تكاد تسامحها لو تعود الآن فقط .. لحظة وانتابها هاجس رهيب ينبئ بخطر محدق بجوزيت حركت عينيها وهي تحاول الوصول إليها وقبل أن ترى مكانها رأت رجلا كهلا ينزل من سيارته لكي يتفقد جوزيت التي كانت نائمة جوار قبرها في البلدة …
ناريانا:- هئئئئئ يا إلهي جوزيت ما الذي أخذكِ إلى هناك يا بنت ؟؟؟؟؟؟؟
في تلك اللحظة تحديدا
كان غضنفر ينظر إلى جوزيت وهي نائمة جوار قبرها بسكون تام ، فبعد أن زارت بيتهم القديم وتفقدت غرفه وذكرياته توجهت صوب بيت العم نجمي لتراه وتطمئن على صحته ، لكن أخبروها أنه قد ذهب للمستشفى رفقة زوجته شفيعة ولن يعود إلا ليلا وهنا لم تستطع المكوث أكثر ، وكان السبيل لراحتها زيارة القبر الذي دفنت فيه أحلامها وقلبها المحترق على جمر العشق والشوق …
جوزيت(تبكي وتضرب التراب بيدها):- هنا دفنتك يا مياري هنا قتلتك بيدي هاتين ، لكن رغما عني يا كبدي أقسم أنني فعلت ذلك مجبرة وأنت تعلم ما معنى أن تكون مجبولا على القيام بأمر لا تستحبه ، لأجلكما قمت بهذا فكيف كيف نسيتني بهذه السهولة ، قد وعدتني أنك ستبقى تحبني إلى الممات لكن أرى أن هنالك امرأة أخرى غزت تفكيرك وسرقتك مني ، لكن صدقني سوف أعثر عليها وأزيحها عن طريقك فلا يوجد في الدنيا من ستحبك بقدري وأنت أيضا محرم عليك العشق إلا لي أنا أنا فقط يا ميار نجيب اهئ أناااا فقط ….
أخذت تمسح التراب بيدها وهي تنتحب بصوت مرتفع ومن فرط بكائها لم تشعر بنفسها إلا وقد غفت على قبرها الوهمي ، غير متوقعة لزيارة ذلك الغريب الذي حقنها رجاله بمنوم جعلها تغيب أكثر في عالم آخر .. اصطحبها لبيته واختفى أثرها من هناك حتى سيارتها أخذوها معهم ، وإلى هنا ولم تستطع ناريانا رؤية أي شيء آخر ، وهذا ما جعلها تتآكل نفسها وتتأهب رفقة رجالها للتوجه للبلدة للبحث عن جوزيت لكن ما منعها عن ذلك هو اتصال الغريب نفسه بها شخصيا…
ناريانا:- من أنت ؟
غضنفر:- شخص لا تعرفينه لكن يملك شيئا تريدينه
ناريانا:- جوزيت معك .. أريد أن أعرف الآن لماذا وما الذي ترغبه منها ؟
غضنفر:- للحقيقة لا أرغب منها شيئا بل منكِ عزيزتي ناريانا .. أنا شخص يعرف عنكِ الكثير والكثير ولكن ربما سمعتِ عني أيضا من جوزيت ، لا يهم سنؤجل تعارفنا للوقت المناسب ، لذلك عليكِ أن تطيعيني إن أردتِ عودة رئيستكِ لأحضانك
ناريانا(امتصت شفتيها بغبن):- ماذا تريد ؟
غضنفر:- معروف صغير حلوتي ستقدمينه لي وتضمنين سلامة جوزيت ..
ناريانا:- سأفعل كل ما تريده فقط دعني أحادثها أرجوك ؟
غضنفر:- سيحدث ذلك لكن بعد أن تتممي مهمتكِ ، ليس لدينا وقت وعليكِ بالتحرك
ناريانا(مصت شفتيها فهي لأجل جوزيت ستقوم بأي شيء وكل شيء):- وأنا رهن إشارتك
غضنفر:- اممم أرى أن جوزيت محظوظة برفيقة درب مخلصة مثلكِ .. اسمعي إذن
بالفعل أعطاها الأوامر اللازمة لاختطاف إياد وميرنا تلك الليلة ، أخبرها بالمخطط الذي ستمشي عليه وأرسل لها الملف لكي تأخذ توقيع ميار على كل ما هو منصوص فيه ، وأيضا ستبقي الضيفين محتجزين بقصرها لحين تؤمن لميار ذهابه دون شوشرة
ناريانا:- ما الذي تطلبه يا هذااا … ألا تعلم أن هذا التصرف سيشعل فتيل الحرب بيننا ؟
غضنفر:- لا تقلقي ميار لن يؤذيكِ لن يستطيع وحتى لو حاول ، ساعتها ستكون جوزيت ورقة نجاتكِ من مخالب الموت
ناريانا:- هئ يستحيل أن أخون صديقتي أسمعت ؟
غضنفر:- كفي عن التبجج وقومي بالمطلوب منكِ ، هذا إن أردتِ انتهاء هذه الليلة على خير
ناريانا(مسحت على رأسها بغبن):- حسن حسن سأقوم بكل ما طلبته لكن عليك إعادتها بعد ذلك وإلا ..
غضنفر:- عزيزتي ناريانا لستِ في موضع يخولكِ بالتهديد ، تيت تيت …
أقفل الخط معها وتركها تتخبط في ما طلبه منها تفكر كيف ستنفذه وهي تعي تماما أن ميار لن يسكت عن هذه المهزلة ، لكن هذه جوزيت جوزيت التي ستفعل لأجلها المستحيل .. لم تفكر كثيرا بسرعة جمعت رجالهم وأعطتهم المطلوب ولم يكذبوا خبرا من فورهم انطلقوا صوب المشفى ، وانتظروا هناك بعد أن أفادتهم ناريانا بموقع الهدف حيث كانا سوية في زيارة لوائل كما سلف .. ما هي إلى سويعات حتى غادرت ميرنا رفقة إياد بسيارته في طريق العودة وأثناء ذلك ..
ميرنا:- اأعشششششششششقه بجنون يا إيااااااااااد أتسمع
إياد:- ههههه أسمع أسمع وحياتك أسمع فقط أدلفي من هناك عزيزتي ، الجو بارد عليكِ
ميرنا(رفعت يدها خارج النافذة وأخذت تلوح للفراغ):- ياااااااي إنه شعور مذهل هههه ، هل تعتقد أن وائل يسمعني ؟
إياد(يركز في الطريق قليلا):- بل أعتقد أنه يعتبركِ أجن مجنونة في هذا الكون
ميرنا:- ههههه أشعر بالجنون صدقا كأن الألم كله راح بعد هذا الصراخ الأهوج
إياد:- يا عيني سأجعل عفاف تضع الصراخ في وصفة الأطبة بالمستشفيات طالما هي نافعة لهذه الدرجة
ميرنا(ابتسمت له لكن لمعت في وجهها عدة أضواء جعلتها تستدير للأمام وتدلف لمحلها):- ما الذي يحدث إياااااااااااااااد انتبه ؟؟؟ !!!!
إياد(جحظ بعينيه وهو يوقف السيارة بقوة):- من هؤلاء ؟؟؟؟؟؟؟؟
قبل أن يستوعب كلاهما نزول ذلك العدد الهائل من الرجال المسلحين من تلك السيارات التي أحاطتهم من كل جانب ، كان إياد ممسكا بيد ميرنا بل يدفعها في حضنه خشية عليها منهم صرخ فيهم وحاول حثهم على الابتعاد لكن الأوامر هي الأوامر ، قاموا بوضع قطعة قماش مغمسة بالمنوم وما هي إلى لحظات مقاومة حتى غابا كلاهما في نوم عميق … أخذوهما من هناك وتركوا كل شيء كما هو عليه دون اكتراث وأخذوهما للقصر حيث كانت ناريانا تفرك يديها ، لم تنزل حتى وضعوا ميرنا وإياد على سريرهما في القبو بشكل مريح
عنبر:- هما بالداخل نائمان ولن يستيقظا إلا بعد ساعات
ناريانا(فركت يديها):- جيد يا عنبر أبقي عينيك حريصتين ، آه لم تنسوا وضع الشعار بالحروف اللاتينية كما طلبت منكم صح ؟
عنبر:- لم ننسه بل قمت بخطه بنفسي على جانب الطريق
ناريانا(حركت رأسها له كي يذهب):- جيد جيد إذهب ../ والآن لنرى من هذين …
ما إن وصلت إليهما حتى شهقت غير مصدقة لما تراه أمامها ، وقفت وسطهما وهي تتأملهما مندهشة بل مصعوقة مما تراه ، نسخة طبق الأصل من جوزيت ونسخة طبق الأصل من ميار يعني نوعيا لو افترضنا أنهم أقرباء درجة أولى .. شعرت بالسخرية لحظتها من القدر فكيف بهذين أن يكونا طوع يديها وفي قبضتها الآن ، رمشت بعينيها حين لمست يد ميرنا وضحكت بشكل هستيري إذ أنه كان من المستبعد جدا أن تلتقي بوليدة الشمس في الوقت الراهن ، لكن أن تأتي إليها في هذا الظرف الوجيز قمة الجنون ، لامست كف ميرنا وخدودها وهي تتفحصها عن قرب وعقدت حاجبيها تبحث في جسمها عن شيء ما .. أزالت سترة ميرنا بعصبية وأخذت تتفحص ذراعيها وجانبي يديها لا شيء
ناريانا:- ما هذا الهرااااء أين الوشم ؟؟؟؟؟؟ تتت يجب أن يكون هنالك وشم أنا واثقة أنها تحمل وشما لكن أين أييييين ؟؟
أخذت تبحث وتبحث لحين وجدته خلف كتفها وقتها فقط ارتاح قلبها ووضعت يدها عليه تتحسسه بشكل غريب ، لحظة وإذ به يشع بشكل خافت باهت يشبه الإنارة الضعيفة وتحول من وشم فراشة لشمس هنا فقط انفرجت أسارير ناريانا وأعادت لمسه لتعيده فراشة كما كان ، ألبستها مجددا سترتها ومسحت على وجهها بحنان وهي تتطلع إليها كما كانت تتطلع لجوزيت
ناريانا:- الآن عرفت فقط لما أغرم بكِ ميار ، واتضح لي أنه لسبب واحد أنكِ قرينة لجوزيت بل كأنكِ هي مع اختلافات بسيطة ، آه لو تعلمين ما يدور حولكِ أجزم لكِ أنكِ ستفقدين عقلكِ ميرنا الراجي … وأنت يا إياد نجيب ما الأقدار التعيسة التي رمتك بقبضتي هل لأنك أخوه أم لأن الزمن يعاقبك على قرابتك بآل الراجي وآل رشوان .. فحتى آل نجيب أبوك لم يترك أحدا يخلفه غيرك وغير أخيك تت ، متى سيصل إلي لكي تنتهي هذه المهزلة أريد لجوزيت أن تعود إلي فأنا وهي بعيدين عن كل هذه الكوارث .. أوووف
عمو نزار(انسحب لغرفته):- تصبحين على خير ابنتي هديل
هديل:- وأنت كذلك عمو نزار ..
نزار(بمجرد دخوله استشعر طاقة غريبة ونظر لهاتفه الذي رن بعد دقيقتين):- شقيقتي
ناريانا:- احزر من يتواجد بجانبي الآن يا أخي الغالي
نزار(بعدم فهم):- ما الذي أشعر به يا ناريانا ؟
ناريانا:- وليدة الشمس أمام مرأى عيوني أكاد لا أصدق يا أخي نزار ..
نزار(جلس مرتبكا):- وما الذي تفعلينه في مكان هي فيه يا أختي ؟
ناريانا:- لن يسعني أن أشرح لك ، لأنني ضمن خطة دنيئة تستلزم مني مجاراة الأحداث فميرنا وإياد رهينتين لدي لحين مؤقت
نزار:- أوووه رهينتين يا الله ، طيب احذري ولا توقعي نفسكِ بالمشاكل
ناريانا:- لا تقلق أخي ستحل الأمور ببساطة بعد برهة ، هي مسألة وقت ليس إلا ما أردت سؤالك عنه شيء آخر
نزار:- أسمعكِ ..
ناريانا(رمشت بعينيها وهي تلتقط خصلة من شعر ميرنا):- ألا تعتقد معي أنه حان الوقت لننقل قوة ميرنا لشخص آخر ؟
نزار(صغر عينيه ونهض منتفضا):- إياكِ والتلاعب بالأقدار ناريانا ، ميرنا هي وليدة الشمس ولا أحد آخر قادر على تحمل عبء ذلك سواها ، إن تدخلتِ ستقلبين الموازين وتربكين مخطوطة القلادة المفقودة
ناريانا(أخذتِ الشعرة ولفتها على إصبعها وهي تحادثه بشرود):- علي أن أفصل الخط أخي أحادثك فيما بعد
نزار:- احذري يا ناريانا إياك واللعب بالنار … دعي الخلق للخالق أسمعتني ؟
ناريانا(ابتسمت بخبث):- سمعا وطاعة شقيقي الحبيب ..
نزار(أغمض عينيه بعد أن فصلت الخط):- أرجو ألا تفقدي صوابكِ وتقدمي على فعل يقحمنا جميعا في السيئااااات …
ناريانا(أمسكت شعرة من خصلاتها الطويلة ولفتها حول إصبعها فوق شعرة ميرنا):- لن نغامر فالاحتياط واجب ، سأجعلها فقط رهينة بي ما يعني أنها بدوني لن تستطيع تفعيل أي شيء من قواها ههه .. همم كم أنا ممتنة لكِ جدتي وُديقة قد منحتني قوى أستمتع بها على مدار الساعة هها …
عنبر:- سيدة ناريانا قد وصلوا ؟
ناريانا(فرقعت إصبعها وهي تضع الشعيرات بصدرها):- تمام سنستقبلهم أحلى استقبال إذن
~ في الوقت الحالي ~
جوزيت(مندهشة من غضنفر):- أيعني هذا أنني مختطفة ؟
غضنفر(نهض بخيلاء وهو يدخن سيجارته):- ت ت ت غير مقبولة هذه الكلمة حين تكونين بحضرة عرابكِ شخصيا بُنيتي
جوزيت(نفضت الغطاء ونهضت إليه):- لكنك لست أبي ولن تكون
غضنفر(طالعها شزرا وهو ينفخ دخان سيجارته):- ولن أتشرف أصلا يعني نسبكِ ليس لائقا بي ، إذ يكفيني ما عايشته من مصائب بسبب أبيكِ النذل
جوزيت(رمشت بعينيها):- أبي ..
غضنفر(بغيظ السنين):- أجل أبوكِ .. أبوكِ الخائن والقاتل والجشع والمجرم
جوزيت(شعرت بالخزي وهي تطأطئ رأسها أرضا):- لولا الظروف التي أجبرته على ذلك ما كان .. ما كان أصبح بذلك الشكل ثم ثم بسببكم أنتم أبي أصبح مجرما
غضنفر:- والله بسببنا ؟؟ طيب هل سوف تنكرين حتى بأنه قاتل أمك ؟
جوزيت:- أيا كان ما حدث بينهما أكيد لأبي عذر وأنا …أ
غضنفر:- لن تدافعي عنه أمامي يا جوزيت ، لولاي لما كنتِ أساسا على قيد الحياة .. أتعتقدين أن عامر نجيب كان سيؤويكِ ويحتويكِ كفلذة كبده لو لم تتدخل هبة رشوان في الموضوع ، قد تبنى تربيتكِ فقط لأنها أوهمته أنكِ ابنتها بينما أنتِ ابنة أخته الشقيقة زهرة نجيب
جوزيت(مصت شفتيها وجلست على طرف السرير بوهن):- أنت لم تفصح لي سبب تلك الصراعات بين العائلات ، كل ما أعرفه أن عمي عامر لم يكن يطيق أيا من آل الراجي ولكن برغم ذلك قد عاملني بالحسنى حتى لو كان يعلم أنني ابنة رجل راجي ..
غضنفر:- لأجل هبة ... أكرر لأجل حبيبته قام بذلك فخاطرها كان في كفة وفي الكفة الأخرى عمتكِ حورية الراجي وابنها ميار
جوزيت(بخبث):- بما أنك تحتجزني لديك وبما أنني باقية بين جدرانك بدون داع .. لما لا تقص علي هذه الحكاية ألا ترى أنه من حقي معرفة الحقائق بعد كل هذا العمر ؟
غضنفر(مط شفتيه وأطفأ سيجارته بالصحن وجلس قبالتها على الكرسي الفخم):- معكِ حق ليس لدينا شيء أهم من رواية الحكايات الدفينة .. وسنبدؤها بحكاية مختار الراجي والد حضرتكِ آنسة جوزيت …
جوزيت(رمشت بحنق وهي تتطلع لمعرفة أسرار عائلتها):- تكلم يا غضنفر ..أنا جاهزة
غضنفر(شرد بعيدا وبعد لحظة صمت أردف):- قبل عدة سنوات كان أبوكِ أخطر رجل يمكنكِ التورط معه ، من يقف في طريقه يجهز قبره فورا إذ أنه يعتبر بالنسبة له ميتا بدون شك .. كان الكل يهابه حتى أبناء عمومته وأبوه عدا عن أخيه سليم الراجي فهذا كان يضاهيه خبثا غير أنه لم يكن له غاية في الدم أو غيره ، فقط كان يساند أخاه قدر ما يستطيع فكلما طرده جدكِ إسماعيل من البيت يخفيه سليم عنه ويسهر على راحته .. يعني إن كنتِ سمعتِ أن سليم الراجي أفظع رجل في الوجود فأبوكِ كان الأسوأ ، جدكِ إسماعيل لم يستطع التملص من مشاكله التي يقحمهم فيها ليل نهار بسبب وبدون ، وأكثرها كانت مع آل نجيب وآل رشوان لم يقوى كبارية البلدة على الحد من خطورته ، فقد دخل للسجن مرات عديدة وكلما خرج منه افتعل مصيبة جديدة وعليه اجتمع الأهالي ورفعوا شكوى ضده عند الشيخ عمران وهبي ، وهذا الأخير صعَّد الموضوع وقام بعقد مجلس فوري ودعا فيه كبير آل الراجي جدكِ إسماعيل رفقة أولاده وأيضا كبير آل رشوان حلمي رفقة ابنه ضرغام وأيضا كبير آل نجيب وقتها كان فقط عامر من يترأس زمام أفراد عشيرته ، وحضوره كان لازما لأن جل المشاكل في الفترة الأخيرة انحصرت ما بينه وبين مختار الراجي وتلك الصراعات امتدت لخصومات بين الرجال في سوق البلدة في محلاتها في المقاهي وهذا ما نتج عنه تدمير وتشويه سمعة ، وهذا أيضا ما دفع الأهالي للبحث عن حلول تحد من هذا كله … وقتها كنت جوار عامر نجيب ذراعه اليمين يعني ودار بيني وبينه هذا الحديث قبل ولوجنا لمجلس كبارية البلدة ..
~ غضنفر يتذكر ~
غضنفر:- عامر عامر هدئ من روعك يا رجل لن تجعل مختار يستفزك أمامهم ليحط من قدرك ويلومك الجميع ، إسمع مني أيا كانت القرارات التي سيتخذها المجلس ستطيعهم لكي تبعد عنا القيل والقال نحن في خضم عملية تهريب كبيرة ولا نرغب بالشوشرة أكثر بسبب ذلك الخسيس
عامر:- آه يا غضنفر فقط لو سحبت روحه المرة السابقة حين كان في قبضتي ، اللعنة علي لا أدري لما فكرت في أختي زهرة أين كان عقلي أين ؟؟؟
غضنفر(لمح مختار قادما بخيلاء رفقة سليم):- اهمد غريمنا قد وصل ..
مختار(بملامح خبيثة وصوت مسموع):- عامر وكلبه هههههه
سليم(بنفس المكر):- ههه يلزمهما عظمة يا أخي ما رأيك ؟
غضنفر(بعصبية تقدم خطوة لكن أوقفه عامر ومن بين أسنانه):- أسحب كل كلامي السابق لو وجدت الفرصة لاقتلعت حنجرتهما معا بيدي هاتين
عامر:- تمهل سيأتي وقت الحساب
مختار(تقدم بخيلاء وهو يرمي بسيجارته أرضا وسحقها برجله):- سليم أخي وكأن الجو أظلم فجأة هنا بالمنطقة
سليم(أشار له بالصعود):- يفضل أن نبحث عن هواء نقي ، فهذه الكلاب تفوح منها رائحة العفن والنفايات
غضنفر(ضرب بقبضته باطن يده ونظر لعامر):- هل سنسكت على هذه الإهانة ؟
عامر:- على رسلنا يا غضنفر .. سنتمهل تعال لنلحق بهم
صعد عامر وغضنفر وانضموا للمجلس الذي كان يضم كبارية البلدة كلهم ، جلس مختار وسليم جوار أبيهما إسماعيل وأخيهما عبد النور الذي كان هادئا لا يبحث إلا عن السلم والسلام ، بينما أمامهما كان يجلس حلمي رشوان وابنه ضرغام يرمق آل الراجي شزرا وبكره ، أما عامر نجيب فقد اتخذ مجلسه هو وغضنفر بالقرب من الشيخ عمران الذي ابتدأ جلسة الصلح على خيرة الله …
عمران:- بما أنني المخول بافتتاح مجلس الصلح هذا ، فإنني سأضع كل النقاط والشروط للحد من رعونة الشباب في البلدة ..
مختار(عقد حاجبيه وهمس لسليم):- بْست … عن أي صلح يتحدث هذا الهرم ؟
سليم(فتح عينيه بإشارة له كي يصمت):- شتت
عبد النور(دنا من مختار بجانبه):- يا أخي بالله عليك أما تعبت من الرعونة والطيش ، دعنا نعيش بسلام يكفينا من ظلمك وجورك.. الناس بشر وليسوا عبيدا لديك
مختار(بامتعاض دعابي):- بْسْت سليم بادلني المكان يرحم والديك ، أنا وهذا لا نتفاهم
إسماعيل(سمعهم وزورهم بحنق حين بدلوا الأماكن):- أستغفر الله العظيم …
عمران(رمقهم بطرف عين وتابع):- كما سمعتم الأهالي مستنفرة ويرفضون حال البلدة المتدهور في الفترة الأخيرة ، بالمعنى الصريح تعبوا من تعديل دكاكينهم وأبواب رزقهم المرة تلو المرة بعد تحطيمكم لها في كل خصومة تجري بينكم ، حتى الناس بدأت تنفر منهم خشية من مشاكلكم
مختار(هزأ بهزل ونطق):- هم يأخذون مالا جراء التخريب وأظنه مالا أكثر مما يستحق الضرر حتى هههه .. عالم جشعة
إسماعيل:- مختاااااااار .. احترم المجلس ولا تتفوه بحرف ما لم يسند إليك الكلام
ضرغام(حول عينيه بملل):- هل علينا أن نشهد على هذه الجلسة الكئيبة أبي ؟
حلمي:- ضرغام .. لا تبدأ الآن أنت أيضا
سليم(صغر عينيه فيه):- ما بنا يا سيد ضرغام هل باتت مجالس آل الراجي الآن مزعجة لك ، حسبما أعرف كانت قديما مرتعا لأحلامك ؟
إسماعيل(حدق في ابنه بذهول وضرب بعصاه الأرض):- حرف آخر يا سليم وستغادر المجلس أسمعت ؟
مختار(أطل على أخيه وغمزه):- سنهدأ يا سلوم دعنا نتمم هذه الجمعة المبهجة ههكخ ..
عمران(زفر بعمق):- لقد توصلت مع كبارية البلدة لحل وسط يرضي جميع الأطراف … الحل هو المصاهرة بين العائلتين بما أن أساس المشكلة هو النساء سوف نقوم بحل وسط وهو هذاااا
عامر(صغر عينيه وهو يحرك فكه بامتعاض):- عن أي مصاهرة اتفقتم ؟؟ هل سأزوج أختي لسفاح مجرم مثل هذاااااا ثم عن أي عروس تتحدثون عن تلك العاهرة المجنونة التي هربت من بيتهم خوفا من العفاريت ههه ؟
سليم(هنا نهض):- لا أسمح لك بأن تهين أختي أيها الوقح ، التزم حدك
عامر:- لن ألزمه يا سليييييييييييم لأنني غير مستعد لأن أرمي أختي بين قبضتي مجرم مثل ذلك الجالس جوارك
مختار(عدل جلسته وأخذ يتأمله):- آخ بس لو أحشرك في كوخ وحدنا فقط رجلا لرجل سأستمتع جدا بتلقينك حسن الكلام والآداب … أبتي أرى أن السيد عامر لا ينوي عقد الصلح علما أنني جاهز لكل شروطكم
غضنفر(جذب يد عامر وأخرجه من المجلس بقوة كي يكلمه):-عن إذنكم لحظة ..(بعد خروجهما همس له) عامر لا تتهور الكل يعلم أن أختك تعشقه قد مزقت نفسها برسائل الهيام والغرام لا نريد أن نزيد من الفضائح ، لذلك سنستغل الفرصة ونزوجهمااااا
عامر:- هل أنت أيضا تتفق معهم على هذا الهراء ، أختي زهرة سترى معه الجحيم أنا أعلم لما يرغب بالزواج منها لكي يضعني تحت قبضة يده ويقهرني بها
غضنفر:- وأنت أيضا خذ أخته واقهره بها هممم ما بك معادلة منطقية؟؟
عامر:- هل تريد مني أن أتزوج بمجنونة هذااااااااا ما ينقص … ثم ثم هبة سوف ..
غضنفر:- لا هبة ولا إحسان ، هذه فرصتنا أساسا هبة مغرمة بسليم الراجي والذي طلبها مرارا وتكرارا من ضرغام الذي رفض رفضا قاطعا تزويجها إياه، وعاجلا أم آجلا سيجد سليم حيلة لأخذها وإن لم يحدث ذلك سوف لن يسمح لأحد بالاقتراب منها ولو بقيت عانسا طوال عمرها
عامر(مسح على فكه بتعب):- أنا أعشقها
غضنفر:- يا ربي سيحدثني عن العشق ، ثم من أصله هي تعشق سليم فدعك من الأحلام ولنرى ما نحن في خضمه .. زواجك من حورية الراجي وزواج مختار من أختك زهرة سيحد من المشاكل
عامر(مسح على فكه برفض):- يستحيل يستحيل أن أسلمه أختي ليعذبهاااااا ، ثم يستحيل أيضا أن يكون زواجي من مجنونة أهلها طردوها بعد هربها السابق وهم يضعونها الآن في الزريبة مستنكرين لها
غضنفر(بعصبية):- عامر .. لا تنسى أنها حين هربت لجأت إليك وأنت استغليتها في ليلة حمراء كي تنتقم من مختار ، لقد دفناه سوية فلا تدَّعي الشرف والأمانة الآن … يجب عليك أن تسترها فلن تأخذ غايتك منها لكي تنتقم من مختار وتتنكر لمصيرها الآن ..
عامر:- وهل ضربتها على يدها هي من سلمت لي نفسها بكل طيب خاطر
غضنفر:- لأنها تحبك
عامر:- لأنها مجنونة بلا عقل ، وأنا لن أتزوج من عاهة آل الراجي وهذا آخر كلام عندي
قبل أن يهم عامر بالعودة للمجلس كي يخبرهم بقراره وجد إسماعيل بوجهه وكان قد سمع كل شيء من الحديث ، رمش بعينيه حين سمع بفضيحة ابنته والعار الذي وصمتهم به ، وقبل أن يسمح للغضب أن يتسلل لقلبه رمى بكلماته في وجه عامر وهو عازم على قتله لو رفض
إسماعيل:- ما دامت ابنتي الخسيسة قد باعت شرف أهلها لأجلك يا نذل ، فستتحمل مسؤوليتك والليلة ستأخذها لدارك وإلا أقسم لك بشيبي وهيبتي هذه أنك ستستقبل صباح الغد داخل قبرك .. هذا أنا إسماعيل الراجي وكلمتي كحد السيف إن لم توافق على قرار المجلس وتنقذ ابنتي من الفضيحة اعتبر نفسك في قبضة مختار وسليم فأنا لن أسكت عن هذااا ولن أتدخل في المصير الذي سيقررانه لأجلك … ما قولك ؟
غضنفر(رأى امتقاع وجه عامر ودفعه لكتفه كي ينطق):- عامر ؟؟
عامر(وجد أنه قد حوصر في الزاوية وأومأ برأسه بالموافقة):- تمام ..
إسماعيل(بغمغمة دمع دلف للمجلس):- أظن أن الأمور قد حُلت .. الليلة سنأخذ عروسا من بيت نجيب وسنعطيهم عروسا من بيتنا ، جهز نفسك يا عمران لعقد القران …
عمران(نهض ورفع يديه بقراءة الفاتحة):- إذن لنقرأ الفاتحة على هذا الصلح ولمباركة هذا الزواج ..
وقف الجميع مقابل بعضهم وبينهم نظرات كره وبغض وغضب ، ما بين سليم وضرغام .. ما بين عامر ومختار .. ما بين غضنفر وكل الجالسين هناك ، تقدم عمران منهم ليقوم باللازم لأي زواج وهنا كان إسماعيل قد انسحب لداره كي يحاسب ابنته ويعطيها لعامر الذي كان مقررا أن يلحقه بعد أن يعطي أخته لمختار الراجي …. فور وصول إسماعيل توجه صوب تلك الزريبة ووجد نبيلة فيها بجوار ابنته حورية التي كانت تمشط شعرها أمام مرآة وهمية وتدندن على نغمات ساكنة
إسماعيل:- غادري الزريبة يا نبيلة ، أرغب بمحادثة ابنتي
نبيلة(رمقت الغضب في عيون أخيها):- أخي إسماعيل .. ما الذي يحدث هل تم الأمر ؟
إسماعيل:- تم يا نبيلة هذه الفتاة أصبحت زوجة لعامر نجيب ، سيأتي لأخذها بعد قليل لذا اجمعي لها ما يلزم وتحضروا
نبيلة(رمشت بعينيها وهي ترمق الفرحة متلألئة بعيون حورية):- أمم طيب .. حورية أبوكِ يرغب بالتحدث معكِ هاه ؟
حورية(هزت رأسها وهي تتهرب بعينيها):- حاضر عمتي ..
إسماعيل(أغلق الباب بعد خروج نبيلة ووقف بالوسط):- تعالي إلي يا حورية
حورية(وقفت وهي تفرك يديها وتشيح بنظرها بعيدا عنه):- أبي …
إسماعيل(هز رأسه وصفعها صفعة مدوية أسقطتها على الأرض):- أبوكِ … أبوكِ الذي سوَّدتِ سمعته ووضعتِ اسمه وشرفه تحت الأرض ، أبوكِ الذي لم تحترمي وجوده وسلمتِ نفسكِ لرجل غريب لا تربطكِ به أدنى علاقة ، هل ربيت ساقطة بين جوانب بيتي لقد خذلتني يا حورية ومن الآن فصاعدا ستنسي أن لكِ أبا مثلما نسيت وأنا في طريقي إلى هنا أن لي ابنة
حورية(ببكاء تمسكت بيده وهي تبكي):- سامحني يا أبي سامحني ، ولكنني أحببته وكانتِ الطريقة الوحيدة لأثبت له حسن مشاعري و
إسماعيل(دفعها عنه ورمى بها أرضا):-توقفي من تكونين أصلا .. أنا ابنتي ماتت ودفنتها قبل أن ألج بيتي فهيا هيا اجمعي فضيحتكِ ولا تريني وجهكِ أبدا …
أخذت تبكي وهي تضحك في آن الوقت ،غير مصدقة قد تزوجت من عامر نجيب حلمها الشخص الذي هربت لأجله بعد أن لعب بعقلها المجنون ، بينما كانت قد فرَّت من قسوة إخوتها وظلمهما والذي امتد لتحويل حياتها لجهنم فقط لأنها صدحت بعشق عامر نجيب الضوء الأحمر بالنسبة لهم .. ليتهم اكتفوا بهذا فقد كانت تنهض على ضرب وتنام على آخر لحين ارتج عقلها ولم تعد تفرق ما بين الصالح والطالح ويا ليت الأمور تنتهي عند هذا الحدث ففور دخول سليم للبيت عرف من أبيه ما فعلته أخته وتوجه إلى الزريبة بغية قتلها لولا تدخل نبيلة وعبد النور لما كانت بقيت على قيد الحياة ..
سليم:- حتى لو قطعكِ عامر نجيب قطعة قطعة إياكِ إياكِ وأن تفكري بالعودة إلى هذا البيت أيتها الفاجرة ، أسمعتني تفووووه عليكِ يا ساقطة هكذا أنتِ وهكذا ستموتيييييييييييين ..
حورية(تهز رأسها ببكاء متواصل):- لالالالالا لالا أنتم تظلمونني تظلمونني أنا هو هو يحبني قالها لي قالها لي مرارا وتكرارا اعترف لي وتزوجني أرأيتم ؟؟؟
عبد النور(هم بضربها لكن عبد النور وقف مقابله):- حبا بالله يا أخي دعها وشأنها قد قتلتها أنت وأخوك أصلا ، فدع المتبقي منها يعيش دعني دعني آخذها لزوجها وتنتهي هذه الليلة على خير
سليم:- احمدي الله أن مختار لم يكن هنا ويسمع هذه الفضيحة ..وشيء آخر قد غيرت رأيي أنتِ لن تبرحي هذه الزريبة هنا ستموتين لا زواج ولا غيره …
نبيلة(تبكي عليها وتعانقها):- اهدئي يا صغيرتي كل شيء سيكون بخير … يا سليم ما تفعله إجرام في حقها قد تزوجت إذن أمرها في يد زوجهاااا
سليم:- لا تتدخلي يا عمتي لا تتدخلي ، أتعلمين ما الذي سيحصل لو سلمتها لعامر نجيب سوف يشهر صبيحة يوم غد أنها عاااااار ليست بعذراااااء ، سوف يشوه سمعتنا ولن يرأف لحالنا بل على العكس سيستغل ذلك ويفضحنا ، آه يا ربي على هذه البلوة قد سودت وجهنا أمام عدونا اللدود .. عبد النور ماذا تنتظر أركض ونادي على أخيك مختار فلا زواج له الليلة ليأتي ويرى مصيبة أخته
عبد النور:- ما هذا الذي تقوله يا سليم ، لقد دخل مختار لداره مع زوجته زهرة وانتهى الأمر
سليم:- ابتعد عن طريقي ما أجبنك يا عبد النور … سأبعث صبيا ليناديه كي ترى الرجولة على حقها
نبيلة:- يا سليم بالله عليك يا ولدي ما تفعله خاطئ خاطئ ...
حورية(وضعت يدها على بطنها تتحسسه):- أنا أحمل طفله …
جملة واحدة كانت كفيلة لتجعلها تنال من الضرب وشد الشعر والخنق ما يكفيها أبد الدهر ، سليم جن جنونه لحظتها تعبت نبيلة من محاولة إنقاذها من بين يديه حتى عبد النور لم يستطع شيئا فقط حضور عامر وغضنفر هو الذي حال دون موتها …
عامر:- إياك وأن تتجاوزني يا هذا ، أصبحت هذه الحثالة زوجتي يعني ملزمة مني لذا سألتقطها وأفعل بها ما يحلو لي ولا واحد فيكم قادر على تجاوز ذلك أسمعت ؟؟؟
سليم(يمسح فمه بكمه):- خذها إلى جهنم حتى قد ماتت أختنا أصلا منذ زمن ، لكن لا تنسى مطلقا أن في دارنا أختك وكما تدين تدان
عامر(اهتز خوفا على زهرة لكن غضنفر ربت على كتفه):- اللعنة على اليوم الذي عرفتكم فيه .. فلتحترقوا في الجحيم غضنفر أحضر تلك الغبية فقط لأنها تحمل ابني بين أحشائها سأرحمها وإلا لكنت قد جعلتها تأكل فتات الأرض ندما
نبيلة(جعلتها تقف بالقوة ومسحت على شعرها وعلى الدماء في وجهها):- حورية حورية حبيبتي حان وقت ذهابك
حورية(ببكاء مختلط بالمرارة):- سامحيني يا عمتي ..
نبيلة(قبلت جبينها وأزالت عقدها ذو الحجاب القرآني):- ارتدي هذا سيحفظكِ ويحفظ صغيركِ
حورية(طاوعت عمتها التي ألبستها العقد):- لن أراكِ مجددا لكنني سأحبكِ دوما ، فأنتِ أمي الثانية التي احتضنتني أنتِ النور وسط كل الظلام الذي أحاط بي .. لن أنساكِ عمتي
نبيلة(بحزن):- اذهبي لا جدوى من هذا الكلام ، فأنا لن أتخلى عنكِ ولو فعلها إخوتكِ وأبوكِ ستبقين ابنة أخي ولن أنكركِ .. لست أنا من يفعل ذلك
عبد النور(بغبن اقترب من أخته):- حورية .. اعتني بنفسك
حورية(رمشت له بقهر فهو الوحيد الذي كان حنونا معها):- وأنت أيضا أخي ..
سليم(ضرب برجله الباب وخرج):- تبا لكم جميعااااااا … تبا
أخرج غضنفر حورية من تلك الزريبة وأخذها بجواره كي يلحقا بعامر الذي كان يخط الأرض أمامهما بثقل وعصبية تجاه بيته ، كم كان تعيسا فما كان هذا ما يريده خصوصا أن في قلبه امرأة لن يستطيع تجاوزها مطلقا ولو كانت تعشق غريمه سليم الراجي ، العداوة بينه وبين الأخوين سليم ومختار كانت نوعية فخصومته مع سليم كانت على هبة أغلب الأوقات وإن كان لم يتطرق للموضوع مباشرة إلا أن هذا الأخير كان يعرف عز المعرفة برغبته بسرقة محبوبته منه ، وكم كان ممتنا أن ضرغام لم يعطها لأحد فهي لن تكون لأحد إلا له ولو كان ذلك على حساب جثته ، وهذا ما كان يزيد من كره عامر تجاهه … أما كرهه لمختار فقد كان لأجل أخته الغبية زهرة التي تعشقه منذ الصبا برغم إجرامه برغم شقاوته وخطورته إلا أنها كانت مدلهة به وقد استطاع مختار أن يزرع نفسه فيها فقط لكي يكسر عين عامر ويأخذها لكي يسجنها بين جدران بيته الأربعة …
مختار:- ها يا زهرة هل أنتِ سعيدة ؟
زهرة(بفستانها خجلة منه):- أ.. أجل يا مختار فقد تزوجنا أخيرا ، يعني حلم حياتي قد تحقق وسمع الله دعواتي
مختار(بخبث):- ههه فعلا الله يحبكِ جدا كي يحقق لكِ هذه الأمنية ..
زهرة(تقدمت إليه وهو جالس على كنبته مقابلها يدخن سيجارته بهدوء):- أوَ لست سعيدا أيضا مثلي يعني ؟
مختار(أشار لها بإصبعه كي تتقدم أكثر):- سعيد سعيد ههه وهل يليق ألا أكون كذلك ، تعالي يا زهرة وانحني أرضا قبالتي كي أراكِ عن قرب
زهرة(تقدمت بخجل صوبه وجلست القرفصاء أمامه):- نعم يا عزيزي مختار
مختار(نفث في وجهها دخان سيجارته وهو يعدل جلسته كي يكون وجهه في وجهها):- أتعلمين لما تزوجت بكِ يا زهرة ؟
زهرة(ضحكت ببراءة):- لأنك تحبني
مختار(أطلق ضحكة مجلجلة هزت وجدانها):- هاها هههههه أحبكِ .. نن إنها كلمة كبيرة على مفهومكِ أيتها الحمقاء ، لنقل أنني أردت أن ألقن أخاكِ درسا مثلا ، لنقل أنني أبتغي تعذيبكِ على أقل من مهلي ، لنقل أنني أرغب برؤية الضعف في عينيكِ وسماع صرااااااخكِ ودموعكِ التي أريدها ألا تفارق تلك المقل الغبية طالما أنتِ بين جدران هذا البيت
زهرة(اهتزت رعبا من كلامه):- ممم .. ماذا تقول أنت يعني أنت …
مختار(أمسكها من شعرها وقرب وجهها إليه وأمسك بطرف سيجارته وقرَّبه من خدها):- أنا ماذا يا زهرتي تابعي ؟
زهرة(انهمرت دمعاتها خشية من جنونه):- ما الذي تفعله يا مختار أنت ترعبني …
مختار(ابتسم بخبث وأطفأ السيجارة في يدها حتى صرخت بعلو صوتها ألما):- ههه هذه ليست سوى البداية …
جذبها من شعرها ورمى بها على السرير ولم يشفع له صراخها ولا تألمها بل أزال حزام بنطاله الجلدي ونزل ضربا فيها حتى فقدت وعيها من شدة الضرب ، لم يكتفي بل مزق فستانها شر تمزيق وهو يكز على أسنانه والتهم جسمها التهاما واغتصابا .. ضعفها واستسلامها ذاك كان بالنسبة له لذة وشهوة تزيده سادية و ظلما وقوة ، جردها من كل شيء وكم تمتع برؤية آثار ضربه على جسمها بحزامه الجلدي ، لم يحررها بل اغتصب أنوثتها بشكل وحشي لساعات وساعات حتى نام بجوارها من فرط التعب … فتحت عينيها بثقل وحاولت أن تنهض من السرير لكن تنمل أطرافها والألم الشديد الذي لفَّ كل منحنياتها جعلها تشعر بالانهزامية والقهر ، نظرت بطرف عينها لمختار وهو نائم جوارها كأنه لم يفعل شيئا كأنه لم يذنب في حقها ولم يؤذيها بشكل لم تكن تستحقه ، فقط لأنها أحبته ها هي ذي تجني ظلمه وقسوته لفت نفسها بجهد جهيد بخرقة فستانها الذي تحول لقطع ممزقة لا تستر من عري ، مع ذلك تسحبت بخطوات مرتجفة بل ثقيلة غير قادرة حتى على الاتزان في خطوة منها … قد عذبها مختار بشكل فظيع أثر على كل شبر فيها وهذا ما زادها غبنا فما هكذا تخيلت الحياة معه ، بتعب سقطت على جانب الحمام وفتحت صنبور الماء عليها وهي تبكي وتبكي دون هوادة فقد ابتدأ للتو جحيمها مع مختار الراجي الذي كان نائما ولا على باله حتى لو احترقت تلك المرأة لن يهتم على الإطلاق ..
لم تكن الوحيدة التي عانت ليلتها فهنالك امرأة أخرى أخذت نصيبها من عامر نجيب وكأن المرأتين كانتا كبش فداء لغضب الرجلين كانتا ضحيتين لجهلهما وعداوتهما التي لن تنتهي على خير ، نامت حورية بدورها باكية في سريرها فبعد أن أسمعها عامر فظيع الكلام وصفعها على وجهها لمَّا ثارت مطالبة بحبه لها وصارحها أن قلبه ممتلئ بعشق امرأة غيرها وسيظل يعشقها حتى الموت ، وأن زواجه منها وإبقاءها على ذمته فقط لأجل الجنين الذي في بطنها والذي كان يريده خلفا له ولسلالته بشكل جنوني وقد كان ميار …
مرت الأشهر متوالية وهدأتِ الأوضاع قليلا في البلدة بحيث لم يحتك أي من عامر بمختار ولا هذا بذاك ، وتيقن أهالي البلدة أنهم قاموا بالصواب بعد المصاهرة بين العائلتين ، ولم يعلموا أن هنالك ضحيتين تدفعان ثمن ذلك في غرف النوم وكانت زهرة وحورية مع الأسف .. وهذه الأخيرة كانت قد ارتاحت قليلا من عامر فترتها والذي كان يسافر بكثرة بسبب أعمال المافيا خاصته ، وهذا ما جعلها تتنعم ببعض الراحة لكن ليس لوقت طويل فحين ذاع صيت زواج سليم بهبة رشوان تدهورت حياتها من سيء لأسوأ فقد عاد عامر على هذا الخبر الشنيع …
عامر(صفعها بعد أن وضعت له الطعام على الطاولة):- اغربي عن خلقتي أيتها المرأة الشؤم ، بسببكِ بسببكِ رفضتني حبيبتي هبة بسببببببببببببببببببببببب بك
حورية(جثت أرضا من فرط الضربة):- ألا تشفع لي أبدا ولا بطفلك الذي أحمله بين أحشائي
عامر(قلب الطاولة رأسا على عقب بما فيها من طعام وتوجه إليها وأمسكها من شعرها):- ألا تفهمين شيئا مما أقوله ، حبيبتي ستتزوج سيحدون من النزاعات ويزوجوهمااااااااا سيطبقون قانون المصاهرة الذي بسببه تزوجتكِ يا ابتلاء الله ..
حورية؛- اهئ اهئ أنا أحبك
عامر:- اخرسي أيتها المجنونة الحمقاء أنسيتِ أنني سحبتكِ المرة السابقة من البئر في محاولتك للانتحاااار هه ، هل اعتقدتِ أنني سأترككِ تموتين بسلام ولا في أحلامك ستبقين في خلقتي حتى أجعلكِ تتمنين الموت كل لحظة أعدكِ أنني سأحول حياتكِ لجحيييييييييييييييييم لا يطااااااق … تفووو
بصق بوجهها وخرج وهو ثائر وجد غضنفر بانتظاره جوار الدار وهذا الأخير تبدو على ملامحه العصبية والخذلان ..
غضنفر:- التقيت بسلسبيل قبل قليل
عامر:- وماذا تريد منا هذه أيضا ؟
غضنفر:- تكلمت عن السحر الأسود تقول بأنها ستلجأ لهداية كي تكتسب تلك القدرات ، لا أعلم شيئا عن هذا الجنون لكنها بدت مصرة عليه تريد أن تنتقم من سليم
عامر(برقت عيناه بلمعة):- كيف يعني تنتقم منه ؟
غضنفر:- تعرف بأنها كانت تريده لها لكنه ضحك عليها وقرر الزواج بهبة ، وهذا ما عزز فكرة الانتقام في عقلها وستقدم على ذلك لقد رأيت العزم في عينيها
عامر:- وأختها فخرية هل وافقت ؟
غضنفر:- أشك بذلك .. ثم لما سنهتم نحن بالعكس سنقف على جانب وننتظر الجمل بما حمل
عامر(عض شفتيه):- امممم أعجبتني الفكرة يلا يا سليم لتستلق وعدك ، فالنسوة تقسمن على الثأر منك … غضنفر أنا بحاجة لرؤية هبة على وجه السرعة راقبها وأخبرني بالوقت المناسب
غضنفر(بتردد):- أخشى أنك ستوقع نفسك بمشاكل ، يفضل أن تدع لي أنا المهمة وسأبلغها برسالتك
عامر:- ممم تمام سأكتب مكتوبا وسلمه لها باليد ..
وكان كذلك كتب عامر مكتوبا سريعا وسلمه لغضنفر الذي وضعه بجيبه وشق طريقه نحو مسكن آل رشوان ، دبر فرصة للدخول إلى هناك خفية عن الجميع حتى دخل غرفتها وأفزعها بوجوده فيها ..
هبة:- هئئ غضنفر ما الذي تفعله بغرفتي هل جننت أترغب من أبي أن يقتلك ؟
غضنفر:- هبة .. عذرا منكِ لكن كان من الضروري رؤيتكِ قبل أن تقحمي نفسكِ في هذا الجنون ، إنكِ لا تستحقين سليم هو مجرد تافه لا يستحق ظفركِ أرجوكِ اعدلي عن فكرة الزواج به صدقيني لن تجني سوى التعاسة
هبة(بقلق ركضت لباب غرفتها وأقفلتها بالمفتاح):- لا تجعلني أندم على اليوم الذي عاملتك فيه بإنسانية وصدق يا غضنفر ، اسمعني جيدا أنا أحب سليم وسنتزوج بعد أيام قد قرر الجميع ذلك ولن يسعك أو يسع عامر التدخل في شؤوننا الخاصة … لذا عد إلى صديقك وأخبره عن قراري الذي لن يتغير مهما فعل
غضنفر(بعيون دامعة):- ولكن هذه رغبتي أنا أيضا
هبة(جحظت عينيها بعدم تصديق فيه):- كيف تجرؤ ؟
غضنفر(مص شفتيه واقترب منها):- أنا أحبكِ يا هبة وقبلهما حتى .. لكن أنتِ لم تلحظيني ولا مرة كنت دوما مخفيا بالنسبة لكِ مجرد تابع لسيده فقط ، أعلم أنني لن أصل لقيمتهما لكنني أحببتك بكل جوارحي ومستعد لفعل المستحيل لأجلك .. المستحيل يا هبة
هبة(ابتلعت ريقها):- تمام إذن دعني أتزوج بمن أحب ولا تقحمني في المشاكل ، لطفا يا غضنفر احترم مشاعري
غضنفر(بأسف عض شفتيه وهز رأسه لها):- لن تكوني سعيدة مطلقا .. صدقيني أنتِ تقترفين خطأ فادحا ستعلمين تبعاته عند فوات الأوان
هبة:- مع ذلك سيكون ذلك اختياري وقراري ولا أحد مخول بأن يتألم بدلا عني .. أتمنى لك السعادة يا غضنفر .. الوداع
غضنفر(رمقها قد استدارت بإباء عنه وخرج من حيث أتى):- الوداع يا هبتي
قفز من شرفتها وركض وسط الأشجار حتى ابتعد عن هناك بمسافة طويلة ، أخرج من جيبه رسالة عامر ومزقها لأشلاء وأخذ يصرخ بغبن مصير قلبه الذي دفن فيه عشق هبة بصمت .. ومرتِ الأيام وتزوج سليم بهبة وحدث ما حدث آنذاك مع سلسبيل ولعنتها وباقي القصة نعرفه ، المهم بعد ذلك بعدة أسابيع شق عامر طريقه لينسى همومه في الخمارة الجنوبية فبعد زواج هبته لم يعد متزنا ، وليلتها تحديدا وصل خبر لنبيلة بولادة حورية ابنة أخيها لم تبلغ أحدا ولا حتى ابنتها مديحة بل أبقت الأمر خفية عن الجميع ، وخرجت كي تنجدها وهي مسرعة من دارهم متدثرة بما يستر ملامحها وللصدفة البحتة التقت بمختار في الطريق وكآن هذا ما كان ينقصها..
مختار(ثمل بعض الشيء ويختال بغرابة):- لو لم يبدأ مفعول الخمر يسري بعروقي لما قلت بأنكِ عمتي نبيلة كخخخخ …
نبيلة(توقفت أمامه وهي تزفر بعمق):- اخرس واجمع نفسك من هذه الطرقات أيها الغبي ، اذهب لبيتك وانظر لزوجتك المسكينة التي فقدت جنينها الثاني من فرط الضرب الذي تأخذه منك يا أحمق
مختار(بملامح مظلمة):- هل اشتكت لكِ تلك الشوكة الحقيرة ؟
نبيلة(أشارت له بتعب):- اللهم طولك يا روح ، لا يجب أن تشتكي المسكينة فقد قتلت أولادك وهم لا يزالون ببطنها اللعنة عليك ، يفضل أن تتزحزح من طريقي قبل أن أصفعك على وجهك أنا لست أباك إسماعيل أنا عمتك نبيلة التي في استطاعتها تربيتك من أول وجديد هذا إن كنت تحسب نفسك قد كبرت لترفع صوتك علي … تنحى جانبا واغرب عن وجهي …
مختار(انحنى لها بملوكية وهو يشير لها):- امشي يا أغلى بناتِ الراجية .. الأرض كلها بانتظار خطواتكِ عمتي الجميلة ..
نبيلة(بصقت جانبيا وهي تمقته وتلفظه بأبشع الألفاظ):- سحقا لك ولوجهك النحس أنت وأخوك سليم في يوم واحد ..
مختار(أغمض عينيه وفتحهما وهو يلوح لها باستفزاز):- ههههه ههه …
لم توليه اهتماما بل شقت طريقها صوب بيت ابنة أخيها التي كانت تتلوى وجعا وخوفا على جنينها الذي كان في وضع مقلوب ، فور وصول نبيلة وجدت هناك الداية الخاصة ببلدتهم وهي تحاول مساعدة حورية على الولادة لكن مع الأسف غلبت وبدا الوضع خطيرا ، بسرعة شمَّرت نبيلة على ذراعيها ونظرت للمرأة
نبيلة:- بسرعة أحضري ماء ساخنا غير هذاااا ، سأحاول جعلها تقف بينما تحاولين أنتِ جذب الصغير من الأسفل أفهمتِ يا خالة ؟
السيدة:- له يا نبيلة أترغبين بقتل الطفل ؟
نبيلة:- تلك هي الطريقة الوحيدة حسب ظني ، لم تفلح طريقتكِ كما أرى لذلك سنغامر إما الطفل أو حورية
حورية(ببكاء):- أنقذوا طفلي رجاء سيقتلني عامر لو حدث له مكرووووه
نبيلة(كرهت جملتها):- الله يلعن اليوم الذي التقيت به فيه .. هيا يا خالة أسرعي لا وقت لدينا
كانت ولادة عسيرة بذلت فيها نبيلة قصارى جهدها ، وحتى حورية تعذبت فيها كثيرا وكل هذا لأجل خاطر عيون السيد ميار ، والذي كان أبوه يتحرق له بشكل مريع لعدة أسباب منها امتداد سلالة آل نجيب ، وأيضا خلق وريث يتمم عنه مسيرته في عالم المافيا .. لكن أين هو فحتى يوم ميلاده لم يكن موجودا بل كان في الخمارة الجنوبية يحتسي الخمر رفقة عدة أصحاب شركاء كأس ومزاج ..
عامر:- هاهاااا أرى تلك الراقصة الغبية وكأنني أرى بطة تنفخ ريشها علينا .. ههه هي غيروها غيروها هووووهوووهووووْ ….
بدرية(صاحبة الخمارة):- ما الذي أراه هنا عامر نجيب ، آخ وأنا التي استغربت من الذي يتجرأ على رفع صوته بخمارتي
عامر(ضرب كأس الخمر على الطاولة):- بدرية غيري لنا تلك الدجاجة هناك ، نحن نرغب بجسم ولحم يا امرأة يعني رقة وعذوبة وجواهر ثمينة .. وفهمك كفاية
بدرية(هزت له صدرها برقصة مثيرة وأشارت لعينيها):- من عيوني يا نور العين طالما الجيب مليان أكيد أوامرك مجابة
عامر(أخرج من جيبه رزمة مال ووضعها على سطح الطاولة):- الليلة خمارتكِ ستكسب من عامر نجيب ضعف ما تناله كل ليلة
بدرية(أمسكت بعضا من تلك الرزمة ووضعته بصدرها وهي تغمز له):- لحظة بس وسترى ما يبهجك …
عامر(تجرع ذلك الكأس كله):- صبوا لي هنااااا هياااا يا بعير .. تحركواااا هاااه غضنفر أخيرا ظهرت يا رجل تعال تعال بدرية ستحضر لنا قطعة ثمينة لنمتع أعيننا ، هييه اثنين هنا يا حلوة
غضنفر(جلس بغبن جواره وأمسك بالكأس عنه):- في صحتك
عامر:- هوووه ما به غضنفور زعلان من الوقح ابن الوقحة الذي أزعج صديقي ؟
غضنفر(عقد حاجبيه):- هل ستثمل على أهلي الآن ، لا يوجد شيء دعني وشأني
عامر:- لالا والله وعلى ذمة صداقتي بك سوف تدشن أنت الراقصة الليلة وحياة ابني الذي لم يولد بعد ههههههه .. أرأيت محبتك في قلبي يا غضنفور كم تسوى ؟
غضنفر(هز رأسه بقلة حيلة منه فهو هكذا حين يثمل غليظ لا يطاق):- تمام تمام … وها قد اكتملت ما الذي أحضر ذاك إلى هنا قد ارتحنا من خلقته خلال الأسابيع الماضية حين كان مسافرا لغير مدينة ؟
عامر(صغر عينيه وهو يرمق مختار وقد دلف مختالا للخمارة رفقة صحبته واتخذوا طاولة):- الخسيس فكرك بسفره ارتحت من خلقته أنا أراه حتى في أحلامي .. بئسا له ..
غضنفر:- دعه وشأنه لست بحالة تتحمل خناقا الليلة ..
بدرية(رمقت مختار وارتبكت فهي تخشاه كثيرا):- يا ويلي الليلة خمارتي ستخرب مع وجود هذين ، اسمعوا يا بنات لا أريد مشاكل مفهووم أرقصن ولا تركزن أنظاركن على أيهما .. هيا هيا تحركن وتمايعن أريد رؤية شيء مذهل الليلة …
ساقتهن الواحدة تلو الأخرى للمرقص وكن قرابة الخمسة يلبسن ملابس رقص ، بدأت الموسيقى الشرقية بالعزف على أنغام التوتر فقد انتبه مختار لعامر ولكن لم يخالطه بل طلب قنينة مشروب لطاولته حتى واستقبلها عامر بتحدي ، وهاتك كأس هنا وكأس هناك من طاولة كليهما والراقصات بينهما يحاولن تشتيت انتباههن .. وبدرية على جنب تطلب اللطيف ..
بدرية:- هااااه يا عرندس كل شيء تمام صح ؟
عرندس(ههه نفسه رجلنا المصون^^):- معلوم ست بدرية عيناي مفتوحة على وسعهما .. لا تقلقي لن يحدث شيء
بدرية(ابتلعت ريقها وهي تمسك على صدرها):- الغبية كهرمانة لم تتمم لبسها حتى الآن ، يجب أن تظهر في الوصلة المقبلة
عرندس(رمش بعينيه وقلبه خفق بمجرد سماع اسمها):- سأتفقدها ..
بدرية(صغرت عينيها وهي تتابع الأحداث وجذبت يد عرندس):- إن وجدت ذلك العازف الحقير يرمقها بنفس النظرات كما كل ليلة ، ستثقب عينه يا عرندس أسمعت ؟
عرندس(التفت إلى عازف العود يعقوب والذي كان يتطلع بعينيه بغية رؤية كهرمانة):- لا تقلقي ست بدرية سأكون له بالمرصاد ، وسأحرص على تشديد التنبيه له إن وجدت منه تقصيرا
بدرية(ربتت على كتفه):- تمام تمام انطلق واستعجلها فوراااا …
صعد الدرج متجه لغرفة كهرمانة التي كانت تحضر نفسها أمام المرآة بخاطر مكسور ، تضع زينتها وهي تتمايل ببذلة رقصها البنفسجية الداكنة ، تسرح شعرها الطويل وتناظر مقامها الذي وصلت إليه بسبب غباء أختيها ، فقد تم بيعها من بيت لبيت وفي الأخير تنكرت واختبأت في مصنع ضرغام وسط العاملات لكنه اكتشف أمرها ولم يرحمها ، حتى باعها لتلك الحانة وأصبحت راقصة ببيت البغاء هي وعرندس في آن الوقت ....
كهرمانة:- آه على مصيركِ يا كهرمانة أنتِ لا تستحقين أيا من هذاااااا النصيب ..
عرندس(قاطعها بابتسامة):- صدقا لا تستحقين سوى القصور والفيلات كهرمانة ..
كهرمانة(ما إن رأته مطت شفتيها وتابعت زينتها):- إضحك علي يا عرندس ، من أين لي بالقصور وبالفيلات وأنا مدفونة بين هذه الجدران لو فكرت بالهرب قتلني بدرية
عرندس:- تهربين مع العازف صح ؟
كهرمانة(توردت خدودها من الخجل):- ألا يحق لمثلي أن تَعشقَ وتُعشق ؟
عرندس(وتسألين عاشقكِ عن ذلك):- تستحقين يا كهرمانة .. لكن دعينا لا نتأخر على بدرية نحن في غنى عن غضبها الليلة خصوصا بوجود قاطع الطريق مختار الراجي ورجل المافيا عامر نجيب
كهرمانة(فزت عينيها بهلع):- كلاهما هنا يا إلهي …
عرندس:- أسرعي فقط لننجو ..
ما هي إلا لحظات حتى دخلت كهرمانة لتقدم وصلتها منفردة وسط المرقص ، وهنا كانت محط إعجاب لعامر ومختار وهذا ما خلق إشكالا يعني لابد لهما وأن يتعاركا ولو حتى على اختلاف مسار الكون …
مختار:- أدفع أربعة آلاف مقابل الفتاة
عامر(بعناد):- خمسة آلاف يا بدرية
بدرية(ضحكت بقلة حيلة):- ههه يا جماعة يا جماعة البنت راقصة وليست احم يعني ..
عامر:- لا يهمني الأمر أريد الفتاة لي الليلة ..
مختار(ضرب على سطح الطاولة):- يفضل أن تخرجي الناس من هنا يا بدرية إن أردتِ تجنب إزهاق روح بخمارتك ؟
بدرية(بفزع ولولت وتوجهت صوب عرندس):- عرندس إصرف جميع الناس فورا فوراااا
عرندس(بقلق):- حاضر معلمتي …
كهرمانة(تراجعت للخلف وقلبها يخفق رعبا بينما نظراتها توجهت صوب يعقوب الذي أشار له كي تلحقه في الرواق):- قممم ..
يعقوب(أخذ يطقطق رجله بعصبية):- كهرمانة .. إياكِ وأن تستسلمي لكليهما إبقي على عهدكِ لي ، لن يلمسكِ رجل غيري يا كهرمانة
كهرمانة(لامست صدره بجنون):- دعنا نهرب يا يعقوب معنا ما يكفي من المال لندبر أمورنا في البداية ، وبعدها نجد حلا
يعقوب(مسح على خدودها):- حبيبتي يا ليتني قادر على ذلك ، لكن لا مفر لنا من هذا القبر بدون مال وفير فما لدينا لا يكفي حتى لقضاء أسبوع واحد بفندق رخيص
كهرمانة(بخوف):- ألم تسمع كم دفع أولئك في حق ليلة معي ، ما رأيك لو أوافق ونأخذ المال ونهرب يا حبيبي ؟
يعقوب(بجزع):- إياكِ وأن تستسلمي للمغريات يا كهرمانة العشق لا يقدر بالمال
كهرمانة:- والمال هو الذي ينقذ العشق ، إسمع مني رجاء عزيزي
عرندس(أغمض عينيه حين سمعهما ونحنح):- كهرمانة سيدتي تريدكِ
يعقوب:- لا تفعلي يا كهرمانة …
كهرمانة(ببكاء ولوعة):- اهئ أنا مجبورة يا يعقوب سامحني …
يعقوب(ضرب على الحائط بقوة وبكى من قهره):- سامحيني حبيبتي أنا عاجز على إنقاذك
بدرية(فركت يديها بخوف):- هاااه ها قد جاءت كهرمانة وهي التي ستختار ..
مختار(مسح فكه بتعطش يتأملها ووضع رجله على كرسي بينما انحنى ليغمزها):- ها يا كهرمانتي اختاريني ولن تندمي
عامر(فرقع إصبعه لها):- أنصحكِ يا حلوتي أن تفكري جيدا ، فأنا عامر نجيب وكلمتي لا تسقط الأرض أبداااا
كهرمانة(همست لمعلمتها):- من الذي دفع أكثر ؟
بدرية(حولت عينيها):- صدقيني كلاهما ولو طلبتِ ضعف ما دفعاه ستحصلين عليه ، هيا استغلي الفرصة يا بنت واختاري ولا تقحميني في مشاكل
كهرمانة(رمقت مختار بكره):- طبعا لن أختار قاطع طريق مثلك .. أريد عامر
عامر(صفق بقوة بانتصار):- هع حمامتي يا أنتِ تعالي إلي
كهرمانة(تقدمت إليه وهو يعتصرها من خصرها وشعرت بالتقزز):- تت ..
مختار(تقدم صوبها وهو يتلاعب بلسانه داخل فمه):- كنت سأغدقكِ بما تشائين ، لكن طالما اخترتِ عدوي فأنتِ من اللحظة عدوتي انتظريني حلوتي …. في كوابيسك هههاهاهااا … حلال عليك يا عامر وبلغ سلامي لأختي العزيزة لأن أختك أكيد لن تستطيع التحدث إليك بعد هذه الليلة … سلام
بتوجس من جملته عرف عامر أن زهرة لن تسلم من ضربه الليلة ومع ذلك لم يهتم فلديه بالبيت من تدفع ثمن ذلك ، أمسك بذراع كهرمانة وسحبها خلفه لأعلى بالضبط لغرفتها .. ما إن دلف إليها حتى طلب منها أن تزيل لباس الرقص أمامه بينما انسدح على السرير يتفرج فيها وقنينة الخمر بين يديه ، قد حاولت أن تتمالك نفسها ولا تبكي لكن موقف كذاك كان صعبا ويجب أن تحدث معجزة كي تنجو من مصيرها الليلة ، فالمال الذي دفعه عامر لقاء ليلة معها أكيد ستخرجه بدرية من عيونها فلسا فلساااا خصوصا وأنها ما تزال عذراء ..
عامر:- هيا يا حمامتي أرقصي لي ..
كهرمانة(أزالت قطعة الرقص العلوية وبقيت بالملابس الداخلية المزينة بإكسسوارات رنانة تزيد من إثارة الأجواء):- يا رب أنقذني يا رب يا رب أنقذني … اهئ …
لم تستطع تمالك نفسها وتوقفت عن الرقص وهي تبكي ، وكأنها اعتقدت بأنها ستؤثر بعامر الذي لم يهتم حتى لدموع زوجته أم ابنه القادم ، نهض إليها بعدما رمى القنينة أرضا وجذبها إليه يقبلها من كل مكان في وجهها شفتيها عيونها عنقها بنهم وشغف وجوع وحشي ، جعلها تشعر بالتقزز والغثيان لم يفلتها بل رمى بها على السرير وما إن هم بتجريدها من ثيابها حتى طرق الباب عليهما وكم لعن الطاااااارق وصوت الطارق …
عرندس(ابتلع ريقه حين فتح له عامر الباب):- آسف للإزعاج سيد عامر
عامر(أمسكه من ياقته وجذبه بلكمة):- يجدر لك أن تدعو الله أن أقتنع بالسبب الغبي الذي ستخبرني به والذي جعلك تقتحم علي ساعة خلوتي …
عرندس(رمق بطرف عينه كهرمانة فوق السرير وهي تغطي نفسها ببكاء):- لقد لقد وصلنا خبر من صبي يعمل تحت إمرتك ، يخبرنا أن أن زوجتك قد وضعت مولودها
عامر(جحظ عينيه بفرح ونظر خلفه لكهرمانة وعاد إليها بقبلة على خدها):- يا وش السعد يا وش السعد هههه أخيرا حضر ولي عهدي … لنا يوم يا كهرمانة لن أنسى إكراميتكِ مطلقاااا وكل ذلك المال الذي وضعته في سبيلكِ الليلة لن يأتي شيئا أمام عطاياي لكِ .. هه
خرج مهرولا من هناك بينما دلف عرندس مسرعا إليها بعد أن أغلق الباب عليهما ، التقط رداء حريريا بحواف الصوف ووضعه عليها وساعدها على ارتدائه بينما جلس القرفصاء أمامها يمسح دموعها بيده ويناظرها بغبن …
كهرمانة:- أريد أن أهرب من هذا الجحيم يا عرندس ، لا أرغب بأحد أن يلمسني سوى يعقوب وهو خائف من خطوة الهرب بدرية أرعبته
عرندس:- تت إن كنتِ حقا تجدين راحتكِ في الهرب ، سأساعدكِ يا كهرمانة فقط لا تبكي
كهرمانة(شهقت بسعادة وهي تمسك يده):- أقسِم على ذلك يا عرندس ..؟
عرندس(ابتسم لبسمتها):- أقسم
كهرمانة:- ويعقوب ؟
عرندس(ابتلع غصة):- ويعقوب أيضا ، دعيني أدبر الأمر وسأبلغكِ بالوقت المناسب
كهرمانة(أمسكت يده وابتسمت له):- دوما ما تحميني يا عرندس ، لا أدري بدونك ما كنت فاعلة
عرندس(قبل يدها ومسح دمعها):- حافظي على ابتسامتكِ فهي الوحيدة التي تحييني ..
غادر عرندس غرفتها وتركها تلملم شتات نفسها وتحمد الله الذي نجاها مما كانت في خضمه مع عامر ، الذي انطلق مسرعا لبيته كي يتعرف على ابنه الغالي فلذة كبده حامل إرثه وعرشه دخل إلى الدار وجد نبيلة بجوار حورية التي كانت ترضع الصغير ..
عامر:- ما شاء الله هذا هو ابني ؟
نبيلة(بكره نهضت):- مبروك على الله يطمر هذا الطفل فيك قليلا لتشفع لأمه
عامر(مسح على شعر حورية التي ارتعبت إذ حسبته سيضربها):- أ.. حوريتي
حورية(ابتلعت ريقها غير مصدقة لجملته):- عامر .. اهئ ..
نبيلة:- بما أنك حضرت سأغادر أراكِ غدا يا حورية ..
حورية(بتعب ما بعد الولادة):- شكرا عمتي
عامر(أخذ الطفل من ذراعها):- أهلا أهلا بك يا صغيري .. سنسميك ميار ميار نجيب همم
حورية(أعجبت بالاسم):- ميار نجيب .. ما أجمله من اسم .. هه
عامر(مسح على شعرها مجددا):- شكرا لأنكِ أحضرتِ لي طفلا صبيا يحمل عني الهموم ، شكرا يا حورية ..
حورية(بفرح):- أنا سعيدة لأنني أسعدتك ههه
ابتسم لها عامر وفي خلده كان يضمر لها الكثير والكثير من البغض ، لكن طالما ابنه بين أحضانه سيتحدى أي شيء لأجله ، أي شيء ولو كان الموت عينه .. مرت الأيام وتحضر الجميع لعقيقة ميار التي كانت حدثا مهما في البلدة بحيث حرص عامر على أن يكون حفل سبوع لم يشهده أي أحد هناك ، حرص على أن يحكي الجميع عن مولد ابنه البكر ويعرفوا أنه بات لعامر نجيب ظهر يستند عليه في أيامه المقبلة .. ذبحوا الذبائح ووزعوا الخيرات على المحتاجين وأيضا تحضروا للمأدبة العامة تلك الليلة وسط البلدة حيث ترأس الشيخ عمران هذه المناسبة وقام باللازم في مثل هذه الأجواء ، بينما كانتِ النسوة كلهن في بيت حورية يلتفون حولها ويباركون لها ما أعطاها قيمة ووجودا في نظر زوجها يعني مثلما يحتم تفكيرهم الرجعي … رفضت هبة الحضور لمثل هذه المناسبة رغم أنه تمت دعوتها شخصيا من عامر لكن سليم كان يستحيل أن يفلت ذلك أقله ليفقع قلب عامر ولم يأتي لوحده بل صحب معه أخوه مختار الذي بدوره أتى بزوجته كي تبارك لأخيها وزوجة أخيها بنفسها ..
زهرة(ابتلعت ريقها وهي تبكي دما في خاطرها على أجنتها الذين توفوا قبل أن يكبروا في أحشائها حتى):- مبارك يا زوجة أخي ..
حورية(نظرت إليها بحرقة رغم هبلها الذي يراودها مرات عديدة إلا أنها دوما ما تحس بألم غيرها):- زهرة اجلسي جواري وأمسكي ابن أخيكِ بين يديكِ
زهرة(ببكاء وضعته بحضنها وهي ترمقه بجميل النظرات):- ما أحلاه
حورية(همست لها):- هو يشبه عامر أرأيتِ ؟
زهرة(ببؤس أعادته لأمه):- مبروك ..
نبيلة(تقدمت إليها وهي تربت على كتفها):- إن شاء الله نرى لكِ أيضا طفلا يا زهرة ، عما قريب لا تقنطي من رحمة الله لقد كلمت مختار وبدا لي متغيرا يعني ..
زهرة:- لا داعي عمتي نبيلة فمختار لن يتغير .. عموما نحن في حفلة لا نريد حزنا الليلة هيا يا نسوة لنطبل ونرقص ونزغرد فهذا ابننا ميار نجيب من سيحمل اسمنا ويزين حياتنا إن شاء الله … هيااااا …
نهضت المسكينة لترقص وسطهن وقلبها يبكي ألما ، لم تستطع كبت دمعها مع ذلك تابعت رقصتها وهي تدعي القوة وعازمة على تحمل كل الأذى من مختار فهو في الأخير الرجل الذي عشقته وضحت لأجله بالكثير … كان هو خارجا وسط أهالي البلدة يحمل سلاحه عاليا في السماء بينما قلوب الحاضرين انخطفت وجلا من جنونه ..
مختار:- الليلة أختي حورية الراجي تحتفل بابنها البكر .. ميار الذي يسري فيه دمنا دم آل الراجي آل الرااااااجي يا جماعة ، بحضور كبير الراجية الحاج إسماعيل وحضور شيخنا عمران وبحضور أخي الغالي سليم أرفع سلاحي لأضرب رصاصا كي يعيش ابن أختي راجيا مخلصا حتى الموت ….
أطلق ثلاث رصاصات وهو ينظر في عيون عامر ويتحداه أن ينطق وطبعا لم يكن هذا الأخير من البخيلين ، نظر لغضنفر الذي أمده بسلاحه ورفعه للسماء بدوره وهو يبتسم في وجه مختار ويستعرض معه أمام كل الحضور ..
عامر:- الليلة أحتفل بخليفتي وابني البكر ميار الغالي ، الليلة دخل ابني إلى سلالة آل نجيب وحده من سيحمل راية اسمي وإرثي وجاهي .. ميار نجيب سيبقى ويفنى من آل نجيب حتى الموت …
أطلق هو الآخر ثلاث رصاصات وقبل أن يرد مختار عليه نهض الحاج إسماعيل وسحب ابنه خلفه وهو يبتسم للحضور ، بينما جذب غضنفر عامر على جنب كي يجلس ويستقبل التهاني والتبريكات من أهالي البلدة .. كل هذا وسليم يتأفف بقنوط وعيونه مركزة على عامر يود لو يقتلعها ولا يعيش لحظة هناء مع بكره الذي يفخر به .. سبح بفكره عند هبته يرغب بطفل منها أيضا ويرجو الله أن يمنحه ما يفرحه في القريب العاجل … انقضت الحفلة وانسحب كل إلى داره وفي بيت مختار الذي عاد مبكرا من هناك وهو يفكر فيما يلهيه وكان قد وجد زهرة قد عادت وهي تنتحب فوق سريرها كالعادة بمجرد أن رآها كره الحديث معها حتى …
مختار:- اغسلي لي رجلي بالماء الساخن والملح .. هيا انهضي أنا متعب
زهرة(نهضت بصمت ووضعت قدر الماء على النار):- كيف مضت الاحتفالات بالبلدة ؟
مختار(بكره):- كيف ستمضي أخوكِ لم يترك كبيرا ولا صغيرا ولم يبلغه بزيادة ابنه ميار ، حتى الأطفال باتوا يركضون في الشوارع وينادون باسم ميار هذاااا ..
زهرة:- إنه ابن أختك
مختار:- ونصف دمه من دمكِ أنتِ وأخوكِ ، وتعلمين أنني لا أكره شيئا في الوجود بقدركما
زهرة(ابتلعت إهانته وصبت الماء في وعاء حديدي كبير ووضعت الفوطة على كتفها وتوجهت إليه):- بعد هذا سترتاح أعصابك ..
مختار(اتكأ على الكرسي وهو يدخن سيجارته بينما أزالت حذائه ووضعت رجليه برفق في الوعاء):- أوووف إنه ساخن يا غبية أبرديه قليلا ، أتريدين حرقي ؟
زهرة(نهضت مهرولة):- عفوا عفوا منك حالا سأبرده … سامحني
ظل يدخن ببرودة وهو يرمقها تدعك رجليه بهدوء ، لوهلة ودفعها برجله حتى سقطت أرضا ونهض للسرير انسدح عليه مثل الحيوان وأشار لها بإصبعه كي تأتي إليه ، مسحت دمعها وتقدمت إليه مرتجفة وهي تنظر للماء المنسكب من الوعاء الحديدي ..
زهرة:- نعم ..ن نعم يا مختار
مختار(أشار لها للسرير وهو يبتسم بخبث):- تعالي … جواري
زهرة(ابتلعت ريقها فهي تفضل أن تموت كل يوم ولا يعاشرها بتلك الطريقة المؤذية):- أ.. أنا الليلة متعبة قليلا من من حفلة سبوع ابن أخي و ..
مختار(أغمض عينيه وهو يفرقع رقبته):- اصعدي هنا جواااااااااري يا زهرة ..
زهرة(صعدت وهي مبتلعة ريقها وقد كانت كالمساقة لحبل المشنقة):- أمرك
مختار(مص شفتيه وهو ينظر إليها):- أنتِ عديمة الشفقة تافهة ، مجرد جسد فارغ لا قيمة له بعقلكِ الغبي تعلمين أنني أشمئز منكِ لكنكِ لعبتي التي أفرغ فيها شهواتي زوجتي يعني امممم ، أنت وعاء الإنجاب خاصتي لذلك أرغب أيضا بطفل كي أجابه أخاكِ به ، لن أدعه يفرح بولده فسأحضر ولدا يفوق ابنه قوة وقدرة سأزرع فيه الكره والحقد ..سأجعله يحول حياة ذلك الميار لجحيم أسود فالبقاء لآل الراجي ولا أحد غير …
زهرة(بدموع انهمرت على خديها):- لكن .. برفق لو سمحت ..
مختار(دفعها على السرير وهو يعض شفتيه):- ولو يا زوجتي العزيزة سأكون رحيما معكِ هههه هاهااااا …
ضحكة شريرة صاحبت أنفاسا وحشية لآدمي لا يعرف الرحمة ، لم يرحم استجداءها ولا دموعها بل عاقبها على كل أمنية تمنت فيها لو تكون زوجته ، عاقبها على أحلامها الشريدة الجلية فيه ، عاقبها على سذاجتها فلم تكسب رجل أحلامها بل معذب روحها وجسدها الذي لا يعرف للرحمة ولا الشفقة طريق .. وحش في صفة إنسان وكلما أجبرها كانت تكرهه أكثر فأكثر إذ تحول كل ذلك الحب لكراهية مطلقة غير قابلة للتغيير مهما فعل لن تشفع له ظلمه وجوره .. ليلة بعد ليلة وظلمه يمتد وحملها لم يحدث وتعب من الانتظار قد امتد ذلك لسنوات بسيطة ولا شيء يذكر ، في كل مرة ينتظر والنتيجة سلبية وهذا لم يزده سوى غضبا على غضب وهذا كذلك ما أجبره أخيرا على البحث في الأمر واضطر لطلب داية البلدة أي المرأة التي تكشف الحمل وقابلة النساء الحوامل وغيره ، بعث في إثرها كي تجد له حلا وتحمل زهرة وترحمه من ألسنة عامر وكلامه القذر في أنه عديم النفع
مختار(أعطاها بعض المال):- أدخلي واكشفي عليها وإن كان هنالك خلل سأعرضها على أخصائي بالمشفى
الداية(وضعت المال بجيبها وبفرح ضربت على صدرها):- دواها عندي دعني ألقي نظرة …
دخلت الداية وكشفت على زهرة وكان الأمر بسيطا ، بما أنها أجهضت مرتين كان لابد من أن تعطيها بعض الأدوية والأعشاب الساخنة كي تعيد النشاط لهرموناتها وبويضاتها وشيء من ذا القبيل ، المهم طمئنت مختار بهذه الأخبار وعزمت على حمل زهرة في غضون أشهر بسيطة وهذا ما حصل لم تسعه الدنيا حين اكتشف حملها ، وقرر ألا يقربها ولو حتى خطأ كي تلد بسلام وتنجب له طفله المنتظر وهنا كان لتعامله معها تغيير طارئ جعلها ترى مختارا آخر طوال فترة حملها …
زهرة(تمسح على بطنها المنتفخ):- مختار هل اخترت اسما لطفلنا ؟
مختار(يمسح على بطنها):- فكرت قليلا باسم علي
زهرة:- علي .. أحببت الاسم لكن ماذا لو كانت فتاة ؟
هنا اكفهر وجهه واستقام بجلسة لا تنبؤ بخير وأمسك ذراعها بقوة جعل عيونها تدمع ، قرب وجهه من وجهها وهمس في أذنها بنبرة توشي بخطورة الوضع
مختار:- لو كانت فتاة اعتبريها ميتة وأنتِ معها… أنا أرغب بصبي
زهرة(ارتعبت وحاولت جس نبضه):- لكن لكن هذه قدرة الله ، فربي وحده من يتحكم بجنس الطفل يعني ليس في استطاعتي
مختار(نهض بعصبية):- ولو حتى صدفة لا تحلمي بأن أبقيها حية لحظة واحدة ، سأقتلها في مهدها وأعيد الكرة لحين تحضري لي الصبي أسمعتِ … أريد الصبي أريد الصبي … تبا لكِ وجه شؤم ..
تركها مرعوبة فوق سريرها تمسح على بطنها وهي تخشى أن تكون بنتا ، قبعت تدعو الله أن يكون صبيا فهي لن تتحمل فراق وليدتها مع هذا المجرم لو اتضح وكانت فتاة ، فور خروجه من بيته التقى بسليم قادما نحوه في لقاء خاص
سليم:- أرغب بالتحدث معك .. ما بك منزعج ؟
مختار:- لا شيء لا تهتم أفصح لي ما تريده يا أخي ؟
سليم:- لنجلس في المقهى أولا
مختار:- أحسن من هذه الخنقة هنا .. هيا بنا
جلسا سوية على طاولة بالمقهى وأحضروا لهما مطلبهما وبعد ذهاب النادل وارتشافهما للقليل ، تبادلا السجائر وأخذا يتبادلان أطراف الحديث ..
سليم:- بما أن نساءنا على مشارف الولادة أفكر لو نجد حلا جذريا في مسألة العمل ، أبونا لن يتنازل عن متابعتي للأرض أنا وعبد النور ، كما تعلم أنت ممنوع عليها
مختار:- ذلك العجوز قد حرمني من كل حقوقي فيكم حتى وجهي لا يرغب برؤيته
سليم:- هو غاضب عليك وطبيعي أنت لم تترك إنسا في المحيط لم تؤذه بتصرفاتك ..
مختار:- حسن لن تزيدها علي أنت أيضا
سليم:- قد فكرت في كل هذا ووجدت الحل أن نتشارك ونفكر في مشروع يخصني أنا وأنت فقط ، يعني نفتتحه سوية ويكون من رأسمالنا الشخصي
مختار(لمعت بباله الفكرة):- وارد جدا طيب هل وجدت حلا ؟
سليم:- ليس بعد ما زلت أفكر بعدة أشياء ، لكنني رغبت بأخذ موافقتك أولا ؟
مختار(صافحه):- ولو موافقتي لديك يا شقيقي أنت أنا
سليم(ابتسم بخبث له):- دمت لي يا رفيق دربي الغالي …دعني إذن أنهض وآخذ بسبوسة لزوجتي فقد قاربت ولادتها ، خذ أنت أيضا لزهرة شيئا حلوا لتصالحها به وتطيب خاطرها شكلك خاصمتها قبل خروجك
مختار:- هذا ما ينقص أن آخذ لمن يمرر علي عيشتي حلاوة بالسكر … إذهب إذهب أنا سأعربد قليلا في الطرقات
سليم:- لكن لا تبتعد يجدر بك البقاء قرب امرأتك ، قد اقترب موعد ولادتها هي الأخرى ولا نريد مشاكل مع عامر الزفت
مختار:-ليقترب فقط ليقترب وسأجعله يحترق
سليم: أحرقه لكن ابتعد فقط عن ابن أختنا ، مهما كان يبقى راجيا وإلينا ينتمي
مختار(بمكر):-ههه لست مجرما لتلك الدرجة ..
تركه سليم جالسا في ذلك المقهى وعقله يأخذ من ناحية ويحضر من الناحية الأخرى ، وبينما هو جالس لمعت في باله فكرة فمنذ مدة لم يتردد على خمارة بدرية سنوات مرت لم يطأ بقدمه ذلك المكان بعد خسارته أمام عامر نجيب بعد اختيار كهرمانة له ، كيف نسي ثأره منها ربما هوسه بالإنجاب جعله يغفل عن حساباته القديمة … انتفض من فوره ولم يدفع حتى ثمن القهوة ترك صاحبها يهز رأسه يمينا وشمالا فقط ليفلت من شرور مختار .. توجه مباشرة صوب الخمارة ودلف إليها بعد مدة معينة وجد الأجواء مبهرجة كالعادة ، اتخذ طاولة وطلب مشروبا خاصا له وأخذ يبحث بعينيه عن بدرية التي ما إن رأته حتى التصقت ركبتيها مع بعضهما من شدة الخوف
بدرية:- ههه سي مختار يا أهلا وسهلا الخمارة نورت بحضورك يا ملك ، ما هذه الغيبة ألم تشتق لنا يا رجل قد مضت سنوات يعني ههه
مختار(صغر عينيه فيها وجذبها من رقبتها إليه بقوة):- أين كلبتكِ كهرمانة ؟
بدرية(ابتلعت ريقها بخوف):- لتنقطع سيرتها الكلبة ابنة الكلب إنها خائنة للعشرة ، هربت هي والعازف الحقير بمساعدة من عرندس السافل ..آخ وحياتك خسرت ثلاثة من أساسيات المكان وبقيت وحيدة
مختار(أشار لها لتجلس قربه):- متى هربوا ؟
بدرية:- منذ عدة أيام .. وقد حاولوا الهرب قبل سنين وفي كل مرة كنت أمسك بهم ورجالي يعيدونهم، لكن هذه المرة فلتوا مني ثلاثتهم ولا أدري إلى أين فروا ومعهم بعض من مال خزنة المحل سرقوني الله يحرقهم ..
مختار:- امممم من كانتِ الأقرب لكهرمانة من بين البنات ؟
بدرية(رمشت بعينيها):- أ… سهى سهى هي التي كانت أقربهن ..
مختار(شرب الكأس كله وغمزها):- إذن أحضري لنا سهى لتشاركنا بعض الأسرار
بدرية(نادت على خادمها الذي أتاهم بسهى سريعا):- اجلسي يا بنت وأجيبي السيد مختار على كل ما تعرفينه مفهووووم ؟
مختار:- كيف هربت كهرمانة ؟
سهى(برعب من معلمتها ومن ضيفها المخيف):- أ… لا أعرف
مختار(ضرب على سطح الطاولة):- بدرية يظهر لي أن راقصتكِ لا تعرفني جيدااااا
بدرية(صفعتها):- تحدثي للسيد مختار جيداااا يا وقحة …
سهى:- عرندس .. هو الذي نظم الهروب وسمعتهم يتفقون على زواج وو .. أظن أنهم خططوا للهرب من البلدة في اتجاه بلدة أخرى للاستقرار
مختار:- امممم يعني ما أفهمه منكِ يا بدرية أن كهرمانة هربت مع عشيقها
بدرية:- يعقوب الوقح وعرندس البغل كلاهما خانني وأنا التي آويتهم من الشارع ، واحتضنتهم في خمارتي بعد أن رماهم ضرغام من مصنعه بعد أن تخفوا هناك لأجل قوت اليوم ، وأنا العتب علي أعطيتهم مأوى وعمل لو آويت كلابا لكان خيري قد طمر فيهم اهئ
مختار:- كفى نحيبا ، أريد تلك الفتاة بيني وبينها حساب يجب دفعه
بدرية:-لعلمك يعني ليلتها لم يحصل بينها وبين عامر شيء ، يعني البنت ما تزال مطلوبة فلم أشأ تسليمها لأي كان إذ شعر قلبي هذا أن أحدكما سيعود ليطلبها مني ..
مختار:- وعامر ألم يعد مذ ليلتها إلى هنا ؟
بدرية:- لم يعد ولا أدري السبب.. مختار والله والله أحسن أنك قد نزلت علي من السماء كنت أبحث عمن ينتقم لي منهم وجئتني بالوقت المناسب ، أرجوك انتقم لي ولا تدعهم يفلتون من العقاب
مختار(بعد إحضار عامر للصبي نسي كل شيء):- لا تهتمي أريد إيجاد هؤلاء الخونة وأجعلهم يدفعون الثمن غاليا .. وأنتِ سهى ستساعدينني
سهى:- كيف يعني ماذا سأفعل ؟
مختار(مط شفتيه):- شيء بسيط ستكونين البوصلة ههههه …
مختار(وضع مالا وفيرا على طاولة بدرية وأمسك يد سهى):- البسي شيئا مستورا والحقي بي إلى الخارج … فورااااااااا
لم يكن لديها خيار لحقته تحت تشجيع من بدرية التي لم تهتم لها أصلا ، بل جلست تحسب المال الوفير الذي أتاها من مختار الذي ركب سيارة خاصة بالخمارة ، وأخذ ينتظر سهى التي أتت مرتدية جلبابا طويلا وركبت جواره
سهى:- كيف سنجدهم ونحن لا نعلم إلى أين ذهبوا ؟
مختار:- هل تعلمين من أكون … أنا أكبر قاطع طريق في الجوار يعني أعرف مستقر النملة لو فكرت بالاستجمام في بقعة ماء ليست من حقها …
سهى(ابتلعت ريقها رعبا منه والتصقت بالكرسي):-أنا تحت أمرك
مختار:- قلتِ يرغبون بالزواج والزواج يستلزم شهودا وأوراقا وأهم شيء فستانا يليق بالعروس ، وحسب رؤيتي لكهرمانة فهي فتاة حالمة يستحيل أن تقيم زفافا بدون فستان وسنبدأ البحث بأقرب محل كراء للوازم الأفراح …
بالفعل وصلوا لمحل البلدة واتضح أن كهرمانة أخذت فستانا من عندهم قبل يومين ، إذن لابد لهم من المبيت بالقرب من البلدة حتى يتسنى لهم جمع الأوراق اللازمة للزواج وهنا جاء دور البيوت المخصصة للسياح والغرباء ، بحثوا كل البيوت ولم يجدوا أثرا ونصحوهم بالبحث في الفندق الكامن خارج حدود البلدة وتكون الصدفة أن يجدهم هناك .. ما إن رآهم حتى ابتسم بخبث وأعطى لسهى مالا كي تعود لخمارة بدرية وتنساه تماما بينما بقي يراقب المكان من بعيد وظهر له يعقوب قد خرج هو وعرندس بسيارتهما الخاصة ولم يغيبا سوى برهة ورفقته شيخ يرتدي عباءة ويحمل كتابا كبيرا بين يديه ويتضح أنه الرجل الذي سيزوجهما .. هنا اتسعت ابتسامة مختار فإن لم يكن مختار الراجي بشحمه ولحمه لن يلقن تلك الراقصة درسا ، نزل من سيارته وهو يقترب بهدوء من الفندق دخل من الباب الخلفي وأخذ يتلصص وجد كهرمانة مرتدية فستان زفافها بجوارها عرندس وعلى يمينها يعقوب والكاتب العدلي وصاحب الفندق كشاهد على الزواج ، مرت الأمور بسلام وتم كل شيء على سنة الله ورسوله
عرندس:- أنا سعيد لأجلكما
كهرمانة(ببكاء):- أخيرا تزوجنا يا يعقوب ههه
يعقوب(عانقها بمحبة):- أخيرا يا حبيبتي
عرندس(بغصة):- دعوني أرافقكما لغرفتكما هيا هيا تحركا يا عرسان
كهرمانة(نظرت للدمع المنحصر في عيون عرندس وتأوهت بعمق وهي تمسك يده):- لن أنسى معروفك معي ما حييت
عرندس:- أتمنى لكِ كل السعادة …
صعدت هي ويعقوب لغرفتهما بينما دخل عرندس لغرفته المجاورة لهما وهو يبكي بغبن ، فها هو ذا يزوج حبيبته الغالية كهرمانته بيده وغير قادر على الصراخ فيها حتى كي تتوقف عن تعذيبه بحبها ليعقوب .. ظل يبكي والعالم بأسره قد اجتمع على حزنه لحظتها بينما كانت كهرمانة في غرفتها تنتظر خروج عريسها من الحمام والذي خرج إليها بعد مدة وهو يمسح على شعره المبلل
يعقوب(قبلها في شفاهها):- الحمام جاهز يا كهرمانتي ..
كهرمانة:- ههه شكرا حبيبي عائدة لك ..
أزالت فستانها وهي تنظر لنفسها بالمرآة وتتلهف شوقا لحبيبها فستخرج إليه الآن وتبهره بفستان النوم الأبيض الذي اشترته لأجله ، ستجعله أسير روحها وتفتنه بجمالها ستمنحه ما هو من حقه وما حفظته طوال مدة لأجله ، فهي حرمت نفسها على كل الرجال وحللت جسمها ليعقوب نبض قلبها وفقط ، كأي عروس تزينت في الحمام وتعطرت وهي تتأمل شكلها الرائع وخرجت لزوجها رجلها وحلم حياتها وهي مبتسمة بابتسامة عريضة ملؤها الفرح والارتياح والسرور بعد كل المعاناة التي مرت عليهما ها هما الآن زوجين حبيبين .. لكن ……… حين تنحصر الأحلام في جوف الواقع المرير ، حين تنكسر كل أعمدة التمني لتبعثر تلك الرغبات اليتيمة يمنة ويسرة ، حين تتلاشى أعمدة النور واحدة تلو الأخرى وتصبح الدنيا ظلاما دامسا .. يصبح لطعم المرارة لذة لا يستطعمها سوى من ماتت روحه للتو ، احتبس الهواء في جوفها حتى نبضاتها لم تكن تخفق بل تئن ، صوتها سرق منها وعيونها أبت أن تنغلق فقط كي تصدق أن ما تراه حقيقي … وجدت يعقوبها مدججا في سريرهما الأبيض وسط دمائه وعنقه منحور من الوريد إلى الوريد ،،، لحظة انعزال تامة عن الواقع وعن الوعي والمنطق قد قتل حلمها ومن قتله كان جالسا ببرودة على الكرسي بيده سكين مليء بالدماء وبيده الأخرى سيجارته يدخنها بسكون تام وبقلب بارد … شعرت بالخواء في قدميها فقد كانت تتناقل بعينيها من مختار إلى يعقوب المقتول جثت أرضا بدون حياة وعيونها مسمرة في ذلك الحبيب المغدور على سرير حلمهما المسكين .. هزت رأسها وهي تبحث في ملامح مختار عن إجابة تجعلها تستكين وتجد غاية لفعلته الشنعاء تلك ، لكن ما وجدت سوى الكره والسخرية في ملامحه وكأنه لم يقتل للتو روحااااا ولم يسرق منها قلبها الحبيب … نهضت بجنون وتقدمت إليه وحاولت ضربه بأيدي مخدرة ودموع متحجرة فلا حياة لمن تنادي قد أمسكها مختار بكلتا يديه بعد أن وضع السكين المليء بدماء يعقوب على عنقها ..
كهرمانة:- ل.. لماذا قتلته حرام عليك لقد كان بريئاااا اهئ لما فعلت ذلك ؟
مختار(يضغط بسكينه على عنقها):- ربما لأنكِ السبب .. آه أم تراكِ نسيتِ ما حدث بيننا قبل سنوات قد توعدتكِ بالانتقام وها أنذا أفي بوعدي همم هل رأيتِ كم أنا رجل شهم ؟
كهرمانة(دفعته وحاولت التملص منه بجهد جهيد):- أنت مجرم قاتل الله سيحرقك في نار جهنم ، سوف لن تفلت من العقاب
مختار(قبل عنقها بشهوة وهو يبتسم):- إذن فليكن عقابي يستحق ..
قبل أن تدرك شيئا من جملته كان قد رمى السكين جانبا وأمسك قطعة قماش من فستانها الذي مزقه وربطه على فمها ، وأسقطها أرضا وجردها من ثيابها وهي تئن وتبكي بأن يرحمها لكن وكأنها كانت تطلب الرحمة من حائط فقد كان مختار كالوحش الشرس بعيونه المحمرة وحالته الغير متزنة ،بدا كالمجنون المهووس ولم يفلتها بل اغتصبها بوحشية جعلتها تستسلم لنهايتها المريرة وحتفها على يديه .. بينما كان يزهق روح جسدها كانت عيونها الدامعة تنظر ليد يعقوب المائلة على الأرض وقد بدأ الدم يتخثر في بقعة دمغتها على قلبها ، فتلك البقعة هي التي ستجعلها تنتقم من مختار وتجعله يموت شر ميتة … فقدت وعيها من فرط الصدمة فموت حبيبها من جهة واغتصابها من جهة أخرى كان كثيرا عليها لتستوعبه وتتجاوزه دفعة واحدة ، ولم يوقظها من ذلك الحال سوى عرندس الذي كان يصرخ ويحاول إغاثتها معتقدا بدوره أنها قد ماتت … ما إن استعادت وعيها نظرت للسرير ولم تجد جثة يعقوب بل فقط بقعة دماء على السرير رفعت رأسها بثقل تبحث عن إجابة لما رأته ليلة أمس وامتثل الرد في عيون عرندس ..
عرندس:- قد دفنت الجثة ولم يلحظ أي أحد هذه الجريمة ، هيا علينا أن نرحل من هذا الفندق فورا يا كهرمانة بالله عليكِ ركزي معي ..
كهرمانة:- قد قد مات يعقوب يعني يعني لم أكن أحلم ؟؟؟
عرندس(مسح على خدها وهو يلف جسمها بغطاء يسترها):- من الذي فعل بكِ هذا ؟
كهرمانة(تذكرت أنفاس مختار ولمساته المقززة):- مختار الراجي … مختار الراجي أريد أن أقتله يا عرندس أريده ميتا يا عرندس لقد قتلني قتل روحي اهئئئئئئئئئ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه …
على تلك الصرخة والآه والأوجاع أخذها عرندس من هناك كي لا ينتبه أحد لما حدث ، جمع كل آثار تلك الجريمة الفظيعة بما فيها أغطية السرير وآثار الدماء نظف المكان تحت مسمع أنين كهرمانة التي ظلت تستحم في الحمام لأزيد من ساعة ولم تكن تريد استحماما بل انسلاخا عن جلدها بعد أن دنسه مختار الراجي بوسخه … ساعات جحيمية مرت عليها وهي تبكي زوجها الذي لم تفرح به حتى أمسكت بقميصه الذي كان يرتديه قبل دخوله للحمام وعانقته وهي تمسح وجهها فيه وتشم عطره ، لم يعرف عرندس كيف يخفف عنها فقد كانت طيرا ذبيحا سلبوه حياته .. أخذها من ذلك الفندق بعد أن نظر نظرة شاحبة خلفه وانطلق بها لوجهة محددة فذلك المكان الوحيد الذي سيحميها من مختار وسيمنحها السلام ..
كهرمانة:- إلى أين تأخذنا يا عرندس ؟
عرندس(توقف بسيارته مقابل غابة يبرز من خلفها بيت قصي):- بذلك البيت ستجدين سبيلكِ للانتقام يا كهرمانة ، عليكِ أن تقفي على رجليكِ وتستمدي قوتكِ من نفسك فقد ولى زمن الضعف سنشق طريقنا أنا وأنتِ سوية في عالم لن يكون رحيما بنا لكنه سيكون سبيلنا للنجاة، ، لن أتخلى عنكِ وسأكون ذراعكِ وعينكِ وسندكِ في هذه الدنيا ولا أحد سيتمكن من تجاوزي لأذيتك مفهوم ؟
كهرمانة(بدموع):- لا حرمت منك يا عرندس ..
عرندس:- لننزل إذن ونتعرف على سيدنا الجديد ..
كهرمانة(عقدت حاجبيها بدون فهم):- سيدنا الجديد ؟؟؟؟ …
لم يزد حرفا على ما قاله بل أمسك بيدها وهو يمسح دمعها بكم قميصه وجذبها خلفه صوب البيت الخشبي ، وقف قبالة الباب وفتحه وأومأ لها بالدخول بعدم فهم جارته ودخلت لكي تصطدم بالجالسين مقابلها والذين كانا أبعد بكثير من فكرها وخيالها ..
كهرمانة:- ما الذي يفعلانه هنا ؟
عامر:- السؤال الأهم كيف ستنتقمين من مختار الراجي ؟
عرندس:- حين اكتشفت أمر الجريمة لم أجد أحدا يمكنه مساعدتنا فيها سوى عامر وغضنفر ، ، لذلك لجأت لهما ولم يبخلا علي بالمساعدة بل قاما بتغطية الموضوع من فوره وكل ذلك تم بشرط ..
كهرمانة(بخوف وقفت خلف عرندس):- لو اقترب أحدكم مني سأقتل نفسي ..
غضنفر:- اهدئي يا كهرمانة نحن لسنا أعداءكِ ..
عامر:- عدوكِ الوحيد هو مختار الراجي
كهرمانة(عضت شفتيها بانهيار):- كل جنس الراجية أعدائي أريد أن أقتلهم واحدااااا تلو الآخر ، لكن لكن مختار أرغب بامتصاص الحياة منه جراء ما فعله بي …
عامر(نهض إليها واقترب منها):- وأنا سأساعدكِ للحصول على ذلك
كهرمانة:- كيف يعني أنا ليس لدي مقابل أعطيك إياه ولا تحلم بجسمي ..
عامر(تأملها وابتسم):- صدقيني بعد مرور هذه السنوات على آخر لقاء لي بكِ قد وصلت لمرحلة أغض فيها بصري عن تلك الأمور ، ولائكِ وإخلاصكِ لي سيكون تأشيرة دخولكِ لعالمي دون خروج .. إن وافقتِ على شرطي منحتكِ رقبة مختار كإكرامية بدئنا العمل سوية ؟
كهرمانة(نظرت لعرندس الذي هز رأسه):- بشرط …
عامر:- هههه غضنفر وكأن مدللتنا تتشرط هنا ؟
غضنفر:- لا بأس حمامتنا جريحة لنعطها ما يضمد جناحها المكسور ..
عامر:- اطلبي ؟
كهرمانة:- لا يمسني سوء لا أنا ولا عرندس .. يعني أريد حصانة لي وله على مدار عملنا معكم يا عامر أقصد سيد عامر ..
عامر:- موافق .. ستبقين في هذا البيت لحين تستجمعين شتات نفسكِ الجريحة ، عرندس سيقوم على خدمتك معه نصيب من المال لكي تطلبي وتتمني كل ما أنتِ بحاجته
كهرمانة(بكره):- لست بحاجة لشيء سوى سكين .. أريد سكينا خاصا بقطاع الطرق يكون شبيها بسكين مختار والليلة أريده أن يكون بحوزتي
عرندس:- كهرمانة أنا من سيقتله أنتِ لن تقتربي منه قيد أنملة ..
كهرمانة:- لست أن من انتهكت براءتك ولا سرقت منك روحك ، ثأري مع مختار الراجي وسآخذه في القريب العاجل .. العاجل جداااا
عامر(ابتسم من غيظها ورغبتها في الانتقام):- حقا لطالما تساءلت مفكرا مع نفسي عن كيفية موت مختارنا الراجي ، لكن أن تكون على يد امرأة ههههه هذا عذر أقبح من ذنب …
كهرمانة(ولتهم ظهرها وهي تمسك بشعرها):- وحياة شعري هذااا ، وحياة عروق السحر التي تسري فيني ، وحياة أخواتي اللاتي حرمت منهن ، وحياة الذل والظلم الذي تعرضت له سأجعل مختار الراجي وكل راجي في هذا الوجود عدواااااا لي حتى الموت ….

أن نخلق عدوا بفضل عنادنا وغرورنا الذي يكتسح الأماكن جورا ، هذا يعني أننا وقَّعنا على عريضة اغتيالنا بطريقة تصفنا في قبر يجمع كبتنا وسيئاتنا ، ويضع عريضة الآثام في بداية سلم الحساب فنحن من أذنب في حق أنفسنا منذ الوهلة الأولى .. أحيانا يغلب الطبع التطبع فالسيئ يبقى سيئا والجيد يبقى جيدا مهما آلت الظروف واشتدت الصعاب ، إلا أن تلك العادة لا تتغير فما يتغير شيء آخر ألا وهو الفكر .. لطالما يعتقد الأشرار أنهم على هذه الأرض خالدون بفعل قوتهم وثقتهم بما يملكون من نفوذ ومال وجاه وقوة وينسون أن أفقر فقير قادر على تجاوزهم بشيء واحد فقط وهو الإيمان بالخير .. هنا سنشهد نهاية مختار الراجي ذو الجبروت والطغيان من كان يعتقد أن أعتد رجل غير قادر على مواجهته ، لطالما تفاخر بنفسه وبهيلمانه ووجوده لكنه نسي أن الله أكبر وأيا كانت الطريقة التي سيموت بها فهو الذي جنا على نفسه في نهاية المطاف …….
مرت عدة شهور واستعادت كهرمانة رباطة جأشها وأخذت تنتظر اللحظة المناسبة لتنتقم لروحها وحبيبها المغدور يعقوب وفي البلدة كانت هنالك أحداث مغايرة شملت بعض الأسر … وبداية مع هبة وسليم فبالرغم من كل المعوقات ولعنة سلسبيل الشريرة التي بقيت حريصة كي لا يتنعما بلحظة فرح ، فمنذ ليلة عقد القران بينهما انقلبت الأمور إلى كره وشتم وبغض واحتقااااااار … بالرغم من مرور تلك السنوات الأولى دون أولاد والتي حاولت فيها هبة الهرب مرات عديدة لقصر أبيها إلا أن سليم لم يتخلى عنها ، لا يعلم أنها لن تحبه من جديد مهما فعل فقد كان تأثير اللعنة أكبر عليها ، و التي أصبحت تكرهه ولم تعد تطيق لمسه لها ولا حتى رؤيته وهذا ما زاد الجنون في عرقه وجعله يجبرها على ذلك دون أن يرأف لحالها حتى .. إلى حين حملت في ذات الوقت الذي حملت فيه زهرة زوجة مختار … قد حاول سليم جهده في إعادة المياه لمجاريها لكن ما نفع ذلك فهي كانت تشعر وكأنها تعيش في جحيم أسود وهذا ما جعلها تكره حياتها وتصل إلى حد اليأس والاستسلام وتفكر في الموت الذي منعته عنها ذات مرة نبيلة …
نبيلة(طرقت الباب مرتين ولا رد):- سليم .. سليم هل أنت هناااا … يا هبة افتحوا لي الباب تت أين ذهبتِ المرأة طالما زوجها غير موجود ، يا هبة افتحي هذه أنا عمتكِ نبيلة
أثناء مناداتها سمعت صوت انكسار شيء داخل البيت وفزعت ، عادت للخارج وطلبت من أحد الصبية أن يكسر الباب لأجلها وقام بذلك بالفعل، ودخلت هرعا نحو الداخل وجدت هبة قد قطعت وريدها بزجاج المرآة ، لحظتها كان شعور نبيلة متضخما مليئا بالحسرة والحنان صرخت بعلو صوتها طالبة النجدة
نبيلة(أمسكتها في حجرها وهي تلامس بطنها المنتفخ):- هشش اصبري يا عزيزتي ستكونين بخير … ياااااااااا جماعة أطلبوا النجدة بسرعة …
حضر سليم بعد أن ناداه أحد الصبية من المقهى الذي كان يجلس فيه ، وما إن رأى هبة مدججة في دمائها هاله الأمر وبسرعة وضعها بسيارتهم وركبت بجوارها نبيلة وهي تشعر أن الله بعثها لهبة كي تنقذها من الموت المحتم … أخذ سليم يلوم ويعاتب هبة التي حاولت هجره وتركه بأكثر طريقة تؤذيه ، وصل بها إلى المشفى وأدخلوها لغرفة العمليات وأخذوا ينتظرون الفرج ..
سليم:- ما الذي أتى بكِ إلى بيتي يا عمتي في ذلك الوقت ؟
نبيلة(ببكاء):- أردت الاطمئنان على زوجتك يا سليم ، هي مشارف الولادة ورغبت بمساندتها يعني لم أحسب أنني سأصل على هذه الفاجعة
سليم:- طيب اهدئي يا عمتي حصل خير ، ستنجو هبة منها أنا واثق هي لن تتخلى عني لن تتخلى أعلم ذلك …
ضرغام(حضر وهو ينفث شررا):- سليييييم الراجي قد حذرتك من أذية ابنتي وانظر ما حدث الآن أيها الوغد …
نبيلة(تنهدت عميقا وهي تراه أمامها):- توقف يا ضرغام … لقد كنت موجودة وهبة هي التي حاولت أذية نفسها حتى أنا من قمت بطلب النجدة وناديت على سليم
ضرغام(رمش بعينيه غضبا متجاوزا إياها):- ابن أخيكِ النذل أجبرها على القيام بذلك من فرط تصرفاته الظالمة معها ، لقد أعطيته ابنة لكي يحافظ عليها وليس لكي يؤذيها
نبيلة(وقفت بوجهه حائلا بينه وبين سليم):- قلت كفى يا ضرغام ، إن تجاوزت هذا الحد فسندخل في أمور مستعصية لا قدرة لنا على تجاوزها
سليم:- دعيه يا عمتي أنا لست أخشاه ، أساسا أنا أفكر بزوجتي وابني لا وقت لدي لشخص مثله
ضرغام(بكره تقدم صوبه):- إن حدث مكروه لابنتي ستجد نفسك في السجن
نبيلة(بعصبية):- هيييه كفى كفى من التهديد هنااااا ، فهمنا أنها ابنتك وأنك تخشى عليها ونحن أيضا خائفون عليها فكفى تجاوزا هنا وكأن الأمر لا يهمنا
ضرغام:- هل تدافعين عنه يا نبيلة ، هذا الدنيء دمر حياة ابنتي وأخطأت يوم تركتها تتزوجه
سليم(أشار بيده بلا مبالاة):- هووووووه …
الطبيب:-أين هو زوج المريضة ؟
سليم(رفع حاجبه):- أنا أنا … هل هناك شيء ؟
الطبيب(مص شفتيه وأشار له كي يلحق به):- تعال معي
ضرغام:- تلك المريضة ابنتي أريد أيضا معرفة ما يحدث
الطبيب(حرك رأسه له بالرفض):- عذرا منك نحتاج لحضور الزوج فقط
نبيلة(ابتلعت ريقها ووقفت أمامه):- دعه يمضي يا ضرغام ..
ضرغام(اهتز قلبه وولها ظهره):- تتت …
سليم(يسير رفقة الطبيب للداخل):- ما الذي يحدث لزوجتي ، أنت ترعبني يا دكتور ؟
الطبيب(أوقفه على جنب):- بصراحة ما سأقوله لك صعب ، لكن مع الاضطرابات التي تعرضت لها الأم وضع الجنين ليس سليما ومحتمل وجدا أن تلد قبل الموعد وربما نفقده
سليم(برقت عيناه بشراسة وأمسك الطبيب من ياقته):- إلا ابني أسمعت إلا أن أفقده ، أبذل قصارى جهدك وأنقذ إبني وأمه
الطبيب(حاول أن يتملص منه بصعوبة):- حسن حسن سنبذل أساسا قصارى جهدنا أردتك أن تكون في الصورة فقط … حاليا قد تحكمنا في وضعها الصحي لكنها لن تغادر المشفى هذه الأيام ستخضع لرعاية دقيقة لنرى ما قد يجد في هذا الحال..
سليم(بلهفة):- أفعل أي شيء فقط يبقى طفلي سليما وأمه كذلك …
كانت فكرة أن يفقد الطفل أشبه بشيء يطعنه في صميمه بسكين مسموم ، شعر بالبغض والحنق على كل شيء إلا أن يختبر بطفله فهو الوحيد الذي ينتظره بشغف ويأمل أن يحنن قلب هبة عليه ويزيح تلك الظلمة بينهما .. وربما سمعت منه الأقدار فقد استقرت حالة هبة وعاد كل شيء لطبيعته ودخل سليم لزيارتها اعتذر منها بشدة وهو يقبل يدها الغير مصابة ومسح على شعرها وهو يتأملها بحزن وينعي حظ قلبه الذي أوقعهم في شر لعنة بانت آثارها على حياتهم مهما حاول أن يخفي … تذكر أن السبب الرئيسي في تعاستهم هي سلسبيل ومن فرط غيظه خرج من غرفة هبة تاركا إياها في عهدة نبيلة وضرغام وانطلق صوب الجبل حاملا بيده قنينة كبيرة من البنزين صبها على تلك الأحجار وأشعل فتيل النار …
سليم(بصراخ وعصبية):- مووووووتي يا لعينة موتي أيتها الشمطاااااء ..ابتعدي عن حياتنا ابتعدي عن رأسي وكوابيسي ماذا تريدين مني أنا لا أحبكِ لا أحبكِ ولن أحبكِ مطلقااااااا ، دعيني أعيش حياة هانئة مع زوجتي كفي عن تسويد أيامي أكرهكِ يا سلسبيل أكرهكِ أكرررررررررررررررررررررهك ِ ….. أتمنى أن تحترقي في نار جهنم أيتها اللعينة …
أخذ يلهث ويلهث وما بردت ناره لكن ما باليد حيلة الآن ، فلا سلسبيل حرة ولا أحد سيمسح على جبينه ذلك الألم الحارق ، عاد بخفي حنين صوب المشفى وقد كانت نبيلة تجلس جوار هبة وضرغام جالس مقابلها ينظر إلى نبيلة بأسف وحزن ..
ضرغام(في سره):- لو أخبركِ الآن يا نبيلة أن هذه الفتاة ابنتكِ ماذا ستفعلين … هل ستسامحينني يا حبيبتي ؟
نبيلة(رمقت نظرته وعقدت حاجبيها):- لا تجعل تفكيرك يسافر بعيدا يا رجل ، كرهي لك لن يتغير وددت لو رأيتك أنت على هذا الفراش لا ابنتك
ضرغام:- لا تستطيعين كرهي يا نبيلة ..
نبيلة(ضحكت شزرا):- هراااء أساسا لم أحبك حتى أكرهك ، وشعوري تجاهك يساوي العدم يعني صفر مشاعر
ضرغام(اهتز بحنق وهو يناظر عينيها بعمق):- لكن عينيكِ تقولان شيئا آخر
نبيلة(برباطة جأش):- أجل فيهما احتقار لسموك ..
ضرغام:- لو كانت ابنتنا على قيد الحياة لكانت بعمر هبة .. ألا تشعرين بالحنين لها ؟
نبيلة(هنا اهتزت عيناها بدموع لكنها أخفتهما ببراعة):- لقد توقفت عن البكاء منذ سنوات عدة ، حتى عند قتلك لدرويش لم أذرف دمعة
ضرغام:- لم تحبيه أصلا ؟
نبيلة:- لكنه يبقى زوجي أبو بناتي
ضرغام:- وأنا لم أقتل زوجك أبو بناتكِ
نبيلة:- لا أحد له مصلحة في ذلك غيرك
ضرغام(بعناد):- لا تتوقعي أنني قد أقدم على ذلك لأجلكِ يا نبيلة ، فقد رميتكِ من قلبي يوم هربتِ مني وهجرتني
نبيلة:- لم أهرب إلا حين كدت ألفظ أنفاسي بين جنبات قصرك ، أمك لم تترك لي مجالا آخر وقد كانت سعيدة لاتخاذي هذا القرار
ضرغام:- لكنكِ دفعتِ ثمنه بموت ابنتنا
نبيلة(نظرت للأرض بتذمر):- أينما ذهبَت أرحم لها من أن تعيش معك
ضرغام(نظر لهبة التي اهتزت وكأنها تستيقظ):- هبة هبة حبيبتي ابنتي أنا هناااا ..
هبة:- أبي .. سليم أين سليم ؟
ضرغام(عقد حاجبيه):- في الخارج … لا تهتمي بأحد فور خروجنا من هنا ستعودين معي لقصري أسمعتِ
هبة(مالت برأسها لتنظر لنبيلة بشكل ضبابي غير متزن):- أمي …
نبيلة(اختفت ملامحها وقد جحظت بعينيها وهي تستمع لهبة وتنظر لضرغام):- هئئ
ضرغام:- أ.. مؤكد اعتقدتكِ أمها لوهلة يعني .. احم ركزي يا هبة هذه عمة سليم وأمكِ قد توفيت منذ سنوات ..
هبة(هزت رأسها وهي ترمش بعينيها وتحاول مناظرة ملامح نبيلة):- أنتِ أنقذتني
نبيلة(نهضت وأمسكت يدها ومسحت على شعرها):- إياكِ وأن تقدمي على إحراق روحكِ من أجل أحد ، هذه آخر مرة ترخصين نفسكِ وتضعينها على المحك لا أحد في هذه الحياة يستحق أن تموتي لأجله أياااااا كان يكون …
هبة(ابتسمت بثقل):- حتى لو كان ابن أخيكِ ؟
نبيلة(هزت رأسها لها):- حتى لو هو …
ضرغام(نظر إليهما وهما يتبادلان نظرات صامتة حنونة شغوفة وكأنهما شعرتا بالرابطة الدموية بينهما ، بحبل الأمومة الذي يجمعهما وآثر قطع ذلك):- جنينكِ بخير أيضا
هبة(وضعت يدها على بطنها):- الحمدلله …
ضرغام:- كما سمعتِ سوف تعودين لقصري ولو تدخل ذلك البغل بحرف سيرى مني ما لا يستحب …
سليم:- لا تدعني أذكرك أن تلك المرأة زوجتي ، يعني أنا الوحيد المخول بالتدخل في حياتها
نبيلة(لمحت زمجرة ضرغام وتوتر هبة):- يا جماعة الفتاة مريضة الآن لما لا نؤجل حديثنا لوقت آخر ؟
سليم(توجه صوب هبة ومسح على شعرها):- حبيبتي
هبة(شعرت بتقزز ولكن نظرة أبيها ونبيلة أجبرتها على التعاطي معه):- أنا بخير دعنا نعود لبيتنا ..
ضرغام:- ولكن ؟؟؟
هبة:- أريد العودة لبيتي بابا أرجوك لا تجبرني على شيء لا أريده ..
ضرغام(بغضب):- إن أزعجكِ اعلمي أن بيت أبيكِ مفتوح بوجهكِ بكل الأوقات همم
هبة(بدموع):- سلمت يا أبي ..
سليم(مص شفتيه):- أ.. كان يعز علي أن أعود بكِ لبيتنا لكن الطبيب يفضل بقائكِ هنا لبعض الوقت ، أيام بسيطة
هبة(بقلق):- لماذا هل طفلي بحالة سيئة ؟
ضرغام(بخوف):- لما يطلب منك الطبيب بقاءها ، ألم يطمئننا على حالها قبل قليل ؟
نبيلة:- تكلم يا سليم
سليم:- إجراءات روتينية يعني سيطمئن أكثر ببقائها ، هذا ما يعتقده الطبيب ونحن لن نعترض سننفذ الأمر وسنبقى ..
ضرغام:- تمام أنا أيضا سأبقى
سليم(نظر لعمته التي زفرت بعمق):- يا إلهي …
نبيلة:- لن نبقى يا ضرغام دعهما بمفردهما الليلة وغدا نعود لزيارة هبة …
ضرغام(رمق إيماءة ابنته وبكره تحرك):- ستكون عيناي عليك كالصقر ، فانتبه ..
نبيلة(رأته وهو يغادر وهزت كتفيها بقلة حيلة وهي تنسحب):- سأدع الصبي يعيدني للدار ، اهتم بزوجتك يا سليم ولا تهملها
سليم(جلس قرب هبة):- لن تغفل عيني عنها ولا لحظة ، شكرا عمتي ..
نبيلة:- لم أقم بشيء لأجلك ، بل لأجلهااااا …
سليم(يعلم أن عمته لا تغفر له بسهولة):- مع ذلك ممتنين لكِ
هبة:- سلمتِ .. عمتي
نبيلة(عقدت حاجبيها وهي توليهم ظهرها وكلمة عمتي تنخر فيها بشكل غريب):- هممم ..
غادرت المشفى وأفكارها القديمة تستحوذ على فكرها ، فحقا لو بقيت ابنتها على قيد الحياة لكانت بعمر هبة مثل هبة حتى ، لكن هذه هي حكمة الأقدار مضت في حال سبيلها والجرح في خاطرها يشاركها تلك الطريق .. أما ضرغام فقد رمق البؤس بعيونها ولم يقدر على البوح بالسر فساعتها ستخرب عدة أساسيات في حياتهم ولن يهنأ بابنته مطلقا .. استطاع سليم أن يطمئن قلبه على هبة التي نامت من تعبها وكان ينظر إليها وإلى بطنها المنتفخ خائف عليها وعلى جنينهما الذي سيشرف حياتهم بعد وقت وجيز … ولنختصر ذلك الوقت الوجيز سننتقل لبيت سليم حيث كان يجمع حقيبة صغيرة بها ثياب للأطفال أراد أن يأخذها كهدية لهبة ويفاجئها بها يعني استعدادا لاستقبال المولود وأثناء جمعه لتلك الثياب الخاصة بطفلهما من دولابها الخاص ، انتبه لعلبة صغيرة محشورة في آخر الرف بل مخفية بعناية هناك عقد حاجبيه وهو يمسكها بين يديه وفتحها بسرعة ليجد بها رسالة مفادها
"أنا جاهز في أي وقت لمساعدتكِ يا هبة ، تعلمين مدى حبي وإخلاصي سوف لن أتوانى لحظة في البحث عن السعادة التي تليق بكِ ، وسيكون ابنكِ هو ابني لن أحسبه ابن ذلك الحقير إذ يكفي أنه من لدنكِ كي أحبه ، سأراقبكِ من بعيد لحين يأتي الوقت ونهرب سوية وابنكِ في حضنكِ يا هبتي … بتوقيع محبكِ الدائم" ….
جلس سليم وهو يقرأ تلك الرسالة مرات ومرات دون تصديق ، هبة تفكر فعليا بالهرب منه وتجهز لذلك لكنه لن يكون سليم الراجي إن لم يمنع الأمر … في تلك الليلة السوداء التي تغيرت فيها حياة الكثيرين من الأشخاص توجه سليم نحو المشفى بحقيبة طفله المرتقب وقبل تجهيز هبة للولادة القيصرية التي أجبرها عليها الأطباء لإنقاذ الطفل بنسبة 50 بالمئة غامرت المسكينة ووافقت خشية فقدانه وحتى سليم لم يرفض بل وقع على موافقته الحتمية وقبل إدخالها لغرفة الولادة دار بينه وبينها هذا الحوار ..
سليم:- تعلمين أنني أحببتكِ أكثر شيء في هذا الكون
هبة(رمقته شزرا):- وتعلم أنني كرهتك أكثر شيء في هذا الكون ، هه ولا تعلق خيبتك خلف لعنة سلسبيل فذلك شيء غير ملموس بل رؤيتي لحقيقتك الجاحدة ومعدنك النتن عن قرب هو الذي جعلني ألعن نفسي ألف مرة حين وقعت بغرامك بغبائي ..
سليم(ابتلع إهانتها وأردف):- ولكننا سنحظى بطفل الآن ، أما حان الوقت لنضع خلافاتنا جانبا ونفتح صفحة جديدة ؟
هبة:- صفحة جديدة … أفضل الموت على أن أمضي معك يوما واحدا يا سليم
سليم:- ولكنكِ مجبرة على ذلك هبة … أنا زوجكِ والد طفلكِ القادم الذي سيشاركنا حياتنا
هبة:- سأحفظ ابني بعيدا عنك سأجعله يعيش عيشة سليمة ، ولن تحلم برؤيته ولا حتى بأحلامك فقط لألد بسلام ووقتها لن تراني مجددا
سليم(اقترب منها ومسح على شعرها بعد أن طبع قبلة على جبينها):- تذكري يا هبة رشوان أن كل ما سيحصل لاحقا ، كان بسبب اختياراتك
هبة(بعدم فهم اقشعر جسمها من جملته):- ما قصدك .. ماذا تنوي أن تفعل .؟؟ هييييه كلمني يا سليم توقفوا لا تأخذوني أريد أن أسمعك يا سليم ، ماذا ستتتتتتتفعل ؟؟؟؟؟
صرخت وهي تعترض على إدخالها لغرفة الولادة من قبل الممرضات اللاتي ولجن غرفتها وسحبوها بالنقالة معهم ، كانت تنظر إلى سليم بعيون ملتاعة تحاول قراءة ملامحه الشريرة وفهم غايته التي قصدها من جملته المخيفة .. لكن لم يسعها وقت لذلك فقد دخلت إلى غرفة الولادة وأقفلت الباب على صورة سليم وأبيها الذي كان يركض في الرواق وخلفه نبيلة تتدثر في سيرها بغية الوصول إليهم … لحظات مختلفة مرت بهم وهم في قاعة الانتظار وكل يسبح بفكره في البعيد فمثلا نبيلة كانت قلقة على صحة هبة وعلى طفلها وبداخلها خوف ورعب على أن تتأذى أو يصيبها مكروه فتحزن ، بينما ضرغام كان يرمق لهفتها الخفية ويشعر بشيء أشبه بالندم الممتزج بالخوف على ابنته التي هي الآن في وضع لا يحتمل الصدمة ، ومن جهة يفكر في الورطة التي تورط فيها فها هي ذي ستنجب لسليم يعني احتمال افتراقها عنه أصبح منعدما الآن … بينما سليم كان يفكر في العاشق السري لزوجته زوجته هو والتي تحاول الهرب بابنه مع عشيقها الغريب وطبعا لم يخطر بباله سوى عامر نجيب وهذا سيطلع بروحه إذا ما أيقن أنه هو الذي يتفق مع زوجته من وراء ظهره ، لكن لن يسمح لها لن يسمح ابتسم بخبث للممرضة التي انضمت لغرفة الولادة والتي أومأت له برأسها أن كل شيء سيكون مثلما خطط له ، وبما أن خبثه ممتد لمرحلة الشيطنة جاءنا البيان التالي ….
نبيلة(ببكاء):- أنجبت طفلا ميييييييييييييييييتا ؟؟؟ ولكن كيف وهبة هل هل هي بخير ؟
ضرغامّ(جلس بغبن على الكرسي وعيناه دامعة):- يا إلهي على هذا النصيب .. صغيرتي
سليم(وضع يده على رأسه بعيون جاحظة وهو يضرب على الحائط):- لا يا ربي لا لا لا لا لا لا تختبرني بطفلي للالالالالالالا حرااااام إنه طفل بريئ آآآآآآآآآآآه يا هبة آه …
تأسف الطبيب منهم وطمأنهم على صحة هبة التي كانت نائمة بعد عمليتها وليس لها علم حتى الآن بموت صغيرها ، اصطحبوها لغرفة النساء اللاتي أنجبن معها في نفس الوقت ، وكن جميعا يتحسرن عليها إذ ذاع خبر موت جنينها الذي لم يرى الحياة قط … انسحبت نبيلة من هناك عودة للبيت كي تجهز لجنازة الصغير ، بينما ضرغام ظل مرابضا لابنته وحتى لو أنهم منعوه من رؤيتها لحين تستيقظ إلا أنه ظل قابعا بالمشفى ، أما سليم فغادر لأجل دفن الطفل وكان بجانبه أخوه عبد النور الذي كان متحسرا على حظ أخيه العثر وابن أخيه الذي لم ينجو من قدر الله سبحانه وتعالى ، بكى سليم وافتعل جوا جنائزيا لا يمكن تخيله وقام بدفن طفله أمام جميع الأهالي والسكان الذين تعاطفوا معه وحزنوا لموت طفل صغير فحتى لو أبوه غير مرغوب فيه لكن يبقى الرضيع ملاكا طاهرااااا .. حضر مختار رفقة أخيه والخوف يرتج فيه خشية على مصير ابنه هو الآخر لذلك من فوره عاد لبيته ووجد زهرة جالسة على سريرها تبكي مآل ابن هبة وقد استذكرت أجنتها السابقين ولم تخفي خوفها على طفلها المقبل … وهنا مختار مر به شريط حياته كاملا ما الذي فعله طوالها قد بدا وكأنه لم يقدم على شيء قط سوى زرع الشر في كل خطوة يخطوها ، كم من بيت رمَّل نسائه ويتَّم أطفاله ، كم من عائلة شردها كم من أسرة دمرها ، كل هذا جراء جشعه وظلمه وطغيانه واعتقاده أن الدنيا خالدة .. لأول مرة في حياته يشعر بهذا الثقل في صدره وكأن عبء الدنيا والآخرة مثقل على قلبه ، كل الذنوب التي اقترفها ظهرت جلية أمام ناظريه وترددت على مسمعه جملة عجوز قتل ابنها سابقا وسجن بسببه لعدة سنوات لكنه خرج منها ليتمم جرائمه وشروره ، كانت الجملة تتردد على آذانه الآن كما لو أنه لم يستسغها في ذلك الوقت بل كتب الله لها أن تبلغ عقله لحظتها : [الحياة رد وعطاء مثلما أخذت مني ابني سيأتي يوم ويأخذون منك ابنك ، لكن ساعتها لن تكون موجودا لتشيع جنازته مثلما أفعل أنا الآن كم ولدي محظوظ بأمه ، فهل سيكون ولدك محظوظا بك يوم يدفن تحت التراب ، كما تدين تداااان وتذكر أن الله فوق العباد ومثلما سرقت مني فرحتي سوف يسرق الله منك فرحتك ، وقبل أن تبعث لدار الحساب ستدفع ثمن أخطائك هناااااا أيها المجرم هنااااااااا …..] ….. كانت جملة مأساوية تعبر على حرقة أم فقدت ضناها وهذا ما استشعره مختار لحظتها ولم يشعر إلا والدمع يتساقط من عينيه وهذا ما هال زهرة وجعلها تمسح دمعها وتنهض إليه بارتياب …
زهرة:- مختاااار هل أنت بخير ؟
مختار(رمش بعينيه وانهار بكاء):- أنا شخص سيء …
زهرة(شهقت لبكائه ووجدت نفسها تبكي وتمسح على كتفه بخوف من أن ينزعج ويضربها):- اسم الله عليك يا مختار .. أتبكي ؟
مختار:- ربما كان موت ابن سليم إشارة لي كي أتوب وأصبح إنسانا سويا ، ربما يعني لا أدري صداع صداع يفتك برأسي يا زهرة
زهرة(بقلق عليه):- ما بالك يا مختار أنت تخيفني ؟
مختار:- اليوم اليوم مات طفل صغير لم يرى في الحياة ولا يوم واحد … لقد جعلني موت ابن أخي أشعر بالخوف من أن ينتقم الله مني ويعاقبني على أخطائي بابننا .. لو حدث له مكروه سوف لن يسلم أحد من قبضتي ..
زهرة(بخوف):- لما لا تخلد للنوم قليلا يا مختار ، قد تعبت اليوم كثيرا في الجنازة
مختار(هز رأسه ونهض معها):- أنام نعم علي أن أنام لأسلم من هذا الصداع الذي ينخر برأسي ، زهرة …
زهرة(كانت تغطيه بينما اضطجع على السرير):- هااه ؟
مختار(نظر إليها عميقا):- لقد تحملتني في أقصى حالاتي بشاعة يا زهرة ، سامحيني على كل الأذى الذي سببته لكِ .. سامحيني يا زهرة أنتِ لم يكن لكِ ذنب في كل ذلك العقاب
زهرة(بعدم تصديق من جملته ظلت متصلبة لا تدري ما تفعل):- نم يا مختار .. نم ..
مختار(انكمش على نفسه وهو يهتز ببرودة):- سامحيني يا زهرة ..
زهرة(رمشت بعينيها):- هل تأذن لي أن أذهب مع عمتي نبيلة إلى هبة غدا ، حرام المسكينة تستحق مواساة ؟
مختار:- اذهبي يا زهرة .. اذهبي ، لكن الآن تعالي ونامي بجواري خذيني في حضنك
زهرة(شهقت وهي تهز رأسها فكل هذا كثير عليها):- ح ..حاضر ..
استلقت على السرير جواره ومسح على بطنها ثم رفع يده ومسح على خدها ودفع برأسه لحضنها تحت دهشتها ، وجدت نفسها تعانقه بدفء بينما بكى هو بشكل عميق مؤلم ارتفع ليتحول لشهقات غريبة لم يعرف لها سبيلا للتوقف ، بل كانت تزداد شيئا فشيئا بينما زهرة كانت تمسح على كتفه وشعره بيديها الناعمتين تحاول أن تهدأ من روعه وحالته الغير مستقرة ، لم تفهم منه شيئا ولم تكن بحاجة لذلك إذ يكفيها أنه لأول مرة ينام باستكانة في حضنها ويكون حنونا معها ، قد كان مثل مختار الذي عرفته في صباها ذلك الشاب الذي تعشقه المرأة منذ أول نظرة …..
وهكذا مرت عليهما تلك الليلة وكانت أول مرة ينام فيها مختار قرير العين ، حتى أنه غط في نوم عميق أشبه بالسلام الداخلي فقد بكى ليلة أمس في حضن زهرة حتى نام من فرط التعب ، استيقظت هي قبله وهي تشعر بحركة كثيرة في بطنها مع مغص متكرر رافقها مذ أن وعت لكنها لم تطل تفكيرا جهزت الفطور ووضعته على طاولة الأكل وتسحبت لتلبس جلبابها ولكن قبلا نظرت لمختار بشكل غريب ، وعادت حتى لتتطلع إليه كم بدا لطيفا وهادئا مسحت على وجهه وقبلت يده وخرجت وهي ترتدي حجابا في اتجاه بيت نبيلة لكي تذهب رفقتها إلى المشفى ، ومثلما توقعت كانت هبة في حالة يرثى لها .. فما إن استيقظت وعلمت بموت ابنها جنت وأخذت تضرب كل شيء يأتي في طريقها لحين اضطروا لتهدئتها عن طريق الإبر طوال اليوم ، ومع ذلك كلما استيقظت انهارت بكاء فهذا ابنها الذي ترعرع في أحشائها تسعة أشهر وفقدته في غفلة لم تدركها ، قد كانت تحلم به وتجهز أغراضه بنفسها بل كانت تستنجد به وتشكو له همومها فأن يموت هكذا حتى قبل أن ينفتح على الدنيا قمة الوجع والوهن … ولم يكن سيشعر بها أحد ولا بلوعتها سوى نبيلة التي شعرت بالأسف عليها واستذكرت يوم بلغوها أن ابنتها توفيت
نبيلة:- يكفي يا هبة يا ابنتي لا تفعلي بنفسكِ هكذا ، العمر أمامكِ وستنجبين ما ينسيكِ خلفكِ فليرحمه الله
هبة(بصوت مبحوح وعيون منتفخة وشعر مجعد):- داخلي يحترق .. هناك لهيب لهيب وحرقة لا أستطيع التعامل معها وكأن وكأن أنفاسي تسحب مني يا عمتي … لقد مات حلمي طفلي الذي لم أراه حتى .. مات حتى قبل أن أشم رائحته وأمسكه بين ذراعي ، تخلى عني هو الآخر تخلى عني اهئ حراااااااااام اهئ …
نبيلة(عانقتها بحنان وجلست قربها تمسح على شعرها وتبكي عليها):- ولن يفهم أحد حرقة قلبكِ على فلذة كبدكِ غيري .. آآآآه يا ربي …
زهرة(لم تستطع تحمل مشهد هبة وظلت تقاوم وجعها لحين فاض صبرها ودخلت إليهما):- عمتي نبيلة رجاء لحظة ..
نبيلة(مسحت على وجنة هبة ونهضت):- ها يا زهرة خيرا يا ابنتي ؟
زهرة(جحظت عينيها وهي تنظر أسفلها):- عمتي …. الحقيني قد سقط ماء المشيمة أنا ألد يا عمتي أنا ألللللللللللللللللللللد …
وكانت فعلا تلد بسرعة أخذوها لغرفة التوليد وما هي إلا ساعتين حتى هلَّت جوزيت على كوكب الأرض ، فهل ستجد الترحيب اللازم أم أنها ستكون تعيسة حظ مثل الذي سبقها ؟؟؟
زهرة(صرخت بصوت مبحوح وبلوعة قلب):- فتاااااااااااااااااااة …. يا إلهي يا إلهي … اهئ كيف يا ربي فتاة فتااااة يا إلهي سيقتلني مختار سيقتلني مختار ؟
نبيلة(تحمل الفتاة بين يديها):- أستغفر الله العظيم ما بالكِ يا امرأة ، ألن تأخذي ابنتكِ في حضنك إنها نعمة من عند الله
زهرة(بخوف):- لالا أنتِ لا تفهمين مختار نبهني من هذاااا ، إن لم ألد له الذكر سيطلقني أو يقتلني أنا وابنتي … لقد كان جديا في ذلك اهئ اهئ
نبيلة(نظرت للطفلة الباكية بين يديها):- صبرني يا رب على مصائب هؤلاء القوم الملتفين حولي ، خذي على الأقل أرضعيها أولا سأذهب لأتفقد هبة وأطمئنها عليكِ قد سألت المسكينة عنكِ برغم مأساتها
زهرة(ابتلعت ريقها وهي تمسك ابنتها بين ذراعيها):- إنها ابنتي ، آه أي حظ عثر لكِ يا ابنتي أنتِ مثل أمكِ لا حظ لكِ لا حظ
نبيلة(مسحت على يد الصغيرة وانتبهت لوحمتها الوردية):- يااااا سبحان الله إنها راجية أبا عن جد كل بناتنا يحملن ذات الوحمة الوردية ..أنظري
زهرة(رأت الوحمة في ذراع نبيلة وتفحصتها بيد الطفلة):- لكن هل سيقبل أبوها بها ..اهئ
نبيلة(حولت عينيها بتعب):- أرضعيها وسأعود لكِ فورااااا ..
خرجت نبيلة وتركت زهرة وهي تتحسر على حظها وحظ ابنتها الكسير ، أخبرت هبة عن الأمر وعن خوف زهرة من مختار وطلبت هذه الأخيرة أن تساعدها نبيلة على زيارة زهرة في غرفتها رغم اعتراض نبيلة لكن رأت هبة أنه من واجبها ذلك ، فلحكمة الأقدار قد خسرت طفلها للتو بينما هنالك من طفلهم على قيد الحياة وما زالوا يتبترون على نعم الله …
نبيلة:- أدخلي أنتِ سأرى أحد الصبية ليذهبوا لبيت مختار كي يحضر إلى هنا فورااا
هبة(بجهد تسحبت على الحائط ممسكة ببطنها):- ماشي يا عمة ..
زهرة(تبكي وتنوح):- اهئ سيقتلكِ أبوك يا ابنتي سيقتلكِ أبوكِ .. سامحيني …
هبة(جحظت عينيها حين رأت زهرة وهي تضع يدها على فم الصغيرة):- يا إلهي زهرة ما الذي تفعلينه هل جننتِ ؟؟
زهرة(بانهيار):- سيقتلها أبوها سيقتلها سيقتلهااااا
هبة(سارعت وأمسكت الطفلة بين يديها):- شتت لا تبكي يا صغيرة … أكاد لا أصدق لو لم آتي لكنتِ قتلتِ ابنتكِ فأي أم أنتِ ؟
زهرة:- هئ ..أليست القطة تأكل أطفالها حين تحس بالخطر يحوم حولهم ، وأنا أيضا لا أريد لابنتي أن تموت لذلك يفضل أن أموت أنا وهي اهئ اهئ ..
هبة:- شتتت لا أحد سيموت يا زهرة ..
زهرة:- أنتِ لا تفهمين مختار كان يريد الصبي وقد أقسم لي لو أنجبت فتاة لن أكحل عيني بشوفتها .. صدقيني هو لم يكن يمزح سيحرمني من طفلتي …
هبة(عقدت حاجبيها وهي تنظر للطفلة بحنين وخوف):- هل أنتِ جادة ؟
زهرة:- أقسم لكِ يا هبة هذا ما سيحصل ، أتوسل إليكِ ساعديني يا هبة أرجوكِ خذيها خذي طفلتي بعيداااا وأنقذيها أتوسل إليكِ أتوسل
هبة(ابتلعت ريقها):- لكن .. يا زهرة هذا جنون سيسأل أبوها عنها ماذا ستقولين له ، ثم سليم كيف سأهرب من هذا الأمر أكيد .. سنقع في مشكلة
زهرة(تمسح دمعها وتتشبث بذراع هبة):- أنتِ ابنة أكابر وأكيد لديكِ فكرة تساعدينني بها ، أرجوكِ يا هبة أنقذي ابنتي من براثن أبيها ونواياه
هبة(تذكرت غضنفر فجأة والذي دخل إليها قبل برهة مستغلا غياب سليم في الجنازة وصدمة ضرغام):- انتظريني دقيقة واحدة
زهرة(هزت رأسها ببكاء):- خذيها معكِ يا هبة خذييييها أرجوووكِ …
هبة(وضعت الطفلة في حجر زهرة):- سآخذها لكن ليس الآن … دعيني أرتب الأمر
زهرة:- هل هذا وعد ؟
هبة(وجدت نفسها في موقف صعب):- أعدكِ بذلك
وكما توقعت زهرة ما إن علم مختار بولادتها وبأنها فتاة قلب الدنيا رأسا على عقب ، ونسي اعتذاراته ليلة أمس وهاجم زهرة التي لم يكن لديها حول ولا قوة لولا تدخل نبيلة والأطبة للحد من جنونه لكان أسقط الفتاة أرضا من حضن أمها ، وهنا هبة تيقنت تماما أن زهرة لم تكن تمزح بخصوصه وعليه انتظرت حتى منتصف الليل وجاءها غضنفر مثلما وعدها ..
هبة(تهمس له من جانب رواق آخر):- خذ الطفلة يا غضنفر وسلمها لعامر ، أخبره أنها ابنتي وهي توأم لابني الذي توفي ماشي ، لا تجعله يشك ولو لثانية أنها ابنة مختار أرجوك يا غضنفر لو تحبني ستنفذ طلبي هذاااا
غضنفر(بعشق ابتلع ريقه):- أنا أفديكِ بعمري يا هبة ، اعتبري الطفلة في الحفظ والصون
هبة:- عليك أن تساعدني في الهرب من هنا ، لكن ليس قبل أن أحصل على طلاقي من سليم وذلك لن يحدث إلا بعد فترة طويلة ، لا أعلم إلى متى ستطول ومن هنا لوقتها هذه البنت أمانة لديكم يا غضنفر ..
غضنفر(ضم الطفلة لحضنه والتي فتحت يدها تحركها ببراءة):- هه إنها تحمل وحمة وردية أنظري ؟
هبة(رمشت بعينها وهي تعقد حاجبيها من تلك الوحمة الغريبة):- عجيب …
غضنفر(يبتسم للصغيرة بين حضنه):- وما العجيب ؟
هبة(أنا أحمل مثلها أيضا … لكن كيف ؟؟؟):- لا تشغل بالا ارحل الآن يا غضنفر قبل حضور سليم ، هيا هيا سأتدبر أمر الممرضة التي ستدّعي موت الطفلة بسبب مجهول ماشي ..
غضنفر:- هل ستكونين بخير ؟
هبة(تنفست بعمق):- لم أكن بخير بهذا القدر ، بحق ابني الذي توفي قبل أن أراه لن أبقى تحت رحمة سليم لوقت طويل ..سأتحرر والله سندي …
غطى غضنفر وجه الطفلة وخرج من هناك بينما رجعت هبة إلى زهرة لتبلغها بالخبر المفرح ، لتصطدم بفاجعة لم تكن على بال ولا خاطر فقد وجدت نزيف دم يظهر من غطاء زهرة وصرخت طلبا للنجدة ولكن لحظة وصول الأطباء أعلنوا وفاتها جراء نزيف حاد ما بعد الولادة .. مأساة حقيقة لم تنتهي عند ذلك الحد ..
مختار(نائم في سريره وسمع صوت دخول أحدهم لبيته):- هل هذا أنت يا سليم .. اسمع إن أتيت لبيتي كي تقنعني بتلك الطفلة فأنا قد أقسمت على قتلها إن لم تبعدوها عني سوف لن يسلم أحد مني … آه يا ربي قد أصبحت مسخرة لعامر أكيد سيسخر مني بعد إنجاب الأنثى بينما هو له الذكر الذي كبر واتخذ مكانه وسط الصبية الصغار وبات مفخرة له وسط كل المجالس … سليم .. أووه كفى لن تحاول أنا جاد أعلم أعلم أنها قدرة الله لكن .. فتاة يا سليم فتاة آخ لو كانت ذكرا لفرحت ولأصبحت مختارا آخر .. مختار جديد مثلما يأمل الكل لكن تتت أففف أتعلم بدأت أشعر برغبة غريبة في رؤية ملامح تلك الصغيرة وجدتها هكذا لطيفة تدخل للخاطر ههه .. ستحسب أخاك مجنونا لكن ربما سأتقبلها في النهاية لا يوجد أب يقتل أولاده وإن لم يأتني الذكر الآن سأنتظره المرة المقبلة حسن هل أنت راض عني الآن يا سليم .. سليييييييم …
كهرمانة(ابتسمت وهي تظهر له بعد أن رفعت غطاء رأسها الأسود):- عذرا لأنني سأخيب ظنك ، خذ أيها الأحمق …..
طعنته في ظهره بطعنة جعلته يسقط أرضا وهو يتلوى ، نظر إليها بذهول وهو يستوعب ما يحدث وبسرعة لملم نفسه والتقط سكينه من جيبه وهاجمها كان أقوى منها طبعا لذا أسقط سكينها وكاد أن يطعنها بخاصته لكن ضربة على الرأس أتته من الخلف باغتته ليهوي من طوله ، نظرت كهرمانة بفزع لعرندس الذي جحظ بعينيه فيها
عرندس:- ألم أنبهكِ أن تنتظريني يا كهرمانة ماذا لو أصبتِ بمكروه
كهرمانة:- تأخرت وأنت تصف السيارة بعيدا ولم يكن بمقدوري الانتظار .. اهئ عليه أن يموووووت يجب أن يموت
ما إن التفت عرندس للوراء حتى هم بطعن مختار الذي نهض بخفة رغم ألمه ، وراوغ طعنات عرندس المتكررة في جسمه وهنا نظرت كهرمانة حولها وأمسكت سكينها وتقدمت إليه لتطعنه لكنه مرر سكينته على كتفها حتى أدماه ، وهنا فزع عرندس وصرخ فيه وقبل أن يسدد ضربته رفع مختار سكينه ومرره على وجه عرندس حتى فقع عينه … لحظتها صرخت كهرمانة وهي تطعنه من ظهره طعنة تلي طعنة دون توقف وبجنون لحين سقط جثة هامدة ولفظ آخر أنفاسه ، بسرعة أمسكها عرندس من يدها وجذبها خلفه ليهربا ..
كهرمانة:- هل ماااااااااات ؟
عرندس(تحسس رقبة مختار وهز رأسه):- مات ..
كهرمانة:- عينك يا عرندس اهئ عينك …
عرندس(يضع قبعته على عينه ليوقف النزيف):- طالما أخذتِ ثأركِ يا كهرمانة كل شيء فداكِ ..دعينا نهرب ..
ومن وقتها وهما تحت حماية عامر وعالم المافيا خاصته ، أما مختار فوجدوه مقتولا وطبعا فجع عليه جميع الأهالي وعلى قصته المأساوية ففي ذات الليلة توفيت زوجته جراء النزيف وكذلك ابنته الرضيعة التي ماتت لسبب مجهول هكذا وصلهم … كانت تلك الأيام أصعب أيام مرت على آل الراجي وكأن لعنة سلسبيل أقسمت أن تجعلهم يتجرعون أسود ظروف ، فقدوا فيها ابنهم مختار الذي لم يجدوا قاتله بعد برغم تحقيقات الشرطة إلا أن ملفه أقفل ضد مجهول، كذلك مات أحفادهم الصغار ابنته وابن سليم ، ماتت حتى زهرة التي فجع أخوها عامر عليها وحزن كثيرا لفقدها وأثناء حزنه استقبل طفلتها وهو لا يدري أنها ابنة أخته بل ابنة حبيبته هبة التي بعثتها له مع مكتوبها ذاك تطلب منه حمايتها ورعايتها ريثما تنضم إليهم بعد حصولها على الطلاق …. بعد مرور تلك الأيام الصعبة لم تعد هبة إلى بيت سليم بل غادرت مع أبيها الذي رفع قضيتها ليحصل لها على الطلاق الذي أبى سليم أن يمنحها إياه ، صرخ فيها مرات عديدة حاول أن يحكم سلطته عليها أعادها لبيت الطاعة ولكن مع ذلك طعنت فيه ونجح ضرغام في الحصول على حريتها بعد تيقن سليم أن المرأة التي أحبها لم تعد له وأنها ستهرب لأجل رجل غيره ، وجد نفسه محاصرا من المحامين وحاول جهده أن يحافظ عليها لكنها أبت العودة وطلقها بعد فترة طويلة مرت من المحاكم والمشاكل .. اسودت الحياة بعدها برغم من أنها هدأت قليلا وتغير الكثير الكثير من الأمور ، في بيت الراجية كان الهدوء مخيما فبعد موت مختار وسفر حورية مع زوجها عامر وابنها ميار لغير بلدة لأجل الاستقرار ، وبعد طلاق سليم وهبة أصبحت الأوضاع روتينية متقهقرة حتى أن إسماعيل تدهورت حالته الصحية وبات شريك الفراش .. وهنا خرجت نبيلة لكي تحضر له بعض الأعشاب من عند العطار كما العادة لعلها تفيده بشيء فقد وضح لهم الأطباء أن أيامه باتت معدودة مع الأسف …
نبيلة(جمعت تلك الرزمة التي أعطاها لها العطار وتحركت صوب المغادرة):- تت فف ما هذا الشعور الخانق الآن ؟؟؟
طأطأت رأسها وهي تخفض بصرها وسمعت صوت ابنتها وهي تركض صوبها
عواطف:- أمي أمي …
نبيلة:- ماذا أخبرتكِ يا بنت ، لقد نهيتكِ على الخروج بفستان الدار أنتِ لم تعودي طفلة قد أصبحتِ امرأة الآن وعليكِ أن تتستري
عواطف(بخجل):- حسن لم أكبر كثيرا يعني صحيح حصل ذلك الشيء الذي يحصل لكل امرأة ، لكنني ما زلت أشتهي اللعب وأكل الحلوى
نبيلة:- آه يا ليتكِ عاقلة مثل أختكِ مديحة .. رزينة وفهيمة
عواطف(تأبطت ذراعها):- ههه أنا عواطف يا ماما ..
نبيلة(ابتسمت وأشاحت ببصرها جانبيا لتفتح عينيها بدهشة):- عواطف .. خذي هذه الرزمة للبيت ودعي الدادة تحضر حساء لجدك أنا قادمة فورا
عواطف:- طيب أمي …
تيقنت أن عواطف ذهبت لذلك نظرت حولها وتوجهت صوب تلك الواقفة خلف الأشجار هناك تنتظرها بسكون ، استغربت لوهلة زيارتها لكن وجدت نفسها مسحوبة إليها ..
نبيلة:- ماذا تريدين بعد .. قد حصلتِ على حريتكِ إذن عيشي حياتكِ كما تريدين ؟
هبة:- سأهرب الليلة من قصرنا ..
نبيلة(ارتبكت):- تهربين لكن .. إلى أين ومع من ؟
هبة(مصت شفتيها):- لا أستطيع أن أخبركِ لكن .. سأطلب منكِ معروفا صغيرا يا عمتي نبيلة وأرجوكِ لا تبخلي علي به
نبيلة(نظرت حولها):- لو رآني سليم معكِ ستحدث مشكلة
هبة(برجاء):- لو تعزينني قليلا وافقي …
نبيلة(هزت رأسها لها بموافقة):- ماذا تريدين ؟
هبة:- أن أزور قبر ابني .. لمرة أخيرة قبل مغادرتي للبلدة
نبيلة(بحزن عليها مطت شفتيها):- ابنكِ .. طيب لنذهب
توجهت كلاهما لمقابر آل الراجي الكامنة خارج حدود البلدة ، وما إن دخلاها حتى بدأت هبة البكاء وهي تعتصر قلبها على فلذة كبدها الذي فارقها قبل أن تراه حتى ، حزنت عليها نبيلة لأنها مشاركة في كذبة كبيرة وقد جعلها سليم تقسم على كتمان السر وإلا سيقدم على فعل شنيع يؤذي فيه كل أحبتهم ..
هبة(وصلت القبر الصغير جدا وجلست تبكي قربه وهي تمسح على تربته):- ذهبت وأنت صغير جدا يا حبيبي ، اهئ .. عزيزي يا طفلي البريء سأشتاق لك لكن تيقن أن ماما ستكون بخير حين تهرب من هنا ، أبوك لن يدعني أعيش بسلام لو بقيت في هذه البلدة لذا علي أن أشق طريقي مثلما خططت له … سأتذكرك دوما وسأحملك في قلبي هنا لن أنساك مطلقااااا
نبيلة(ربتت على كتف هبة):- استهدي بالله يا ابنتي، ما تفعلينه لن يجدي نفعاااا
هبة(تمسح بغبن على تربة القبر):- أنظري معي لحجم القبر إنه صغير بحجم اليد ، طفلي كان بريئا أيعقل أننا نحن السبب في موته ؟
نبيلة:- أستغفر الله يا هبة هل ستتدخلين في أقدار الله وقضائه .. استغفري ربكِ وتعوذي من الشيطان فما حدث قضاء وقدر ..
هبة(بأسف رمقت القبر الصغير الآخر بجانبه):- وتلك الطفلة كانت بريئة وأمها هناك ماتت خوفا على ابنتها من مختار ، لم تعرف أنه بدوره قد قتل في تلك الليلة يااااه ما أبشع حظ هذه الأسرة قد تبخروا كأنه لم يكن لهم وجود
نبيلة:- أينما ذهبوا ليغفر الله لهم أخطائهم .. وليسترها على الباقين
هبة(نهضت إليها):- لا أعلم إن كنت سأراكِ مجددا أم أن هذه ستكون آخر مرة نلتقي فيها ، لكن أريدكِ أن تعرفي أنني أثق بكِ كثيرا وأحبكِ ولو كتب الله لي عمرا سآتي لزيارتكِ يوما ما
نبيلة(بدموع مسحت على وجنة هبة وهي تشعر بالفراغ يلف قلبها):- بدأت أشعر بفقدانكِ منذ اللحظة ، لكن صدقيني رحيلكِ سيريحكِ من دوامة المآسي في هذه البلدة الكئيبة
هبة(عانقت نبيلة بعمق):- شكرا عمتي نبيلة ، على كل شيء
نبيلة(رمشت بعينها وهي تغمر هبة بدفء وحنان):- رافقتكِ السلامة وليحفظكِ الله أينما كنتِ
لحظة … لا أملك شيئا ثمينا معي الآن لكي أعطيكِ إياه لكن يمكنني إعطاؤكِ بركتي عبر هذا الوشاح
هبة(رمقتها وهي تزيل وشاح عنقها وابتسمت):- إنها هبة عظيمة من كبيرة آل الراجي ، لن أنساها ولن أفرط فيها مطلقا
نبيلة(عقدت الوشاح على عنق هبة وهي تمسح على وجنتها فيما بعد):- كلما شعرتِ بضيق أمسكي هذا الوشاح بين يديكِ ، سترينني صوبكِ أمسح عنكِ الألم هممم
هبة(قبلتها وضمت الوشاح لصدرها وتحركت):- الوداع …
نبيلة(بقلب باك لوحت لها):- الوداع يا صغيرة …
بحزن ودعت هبة التي ركضت مسرعة من ذلك المكان ، بينما جلست نبيلة قرب قبور من فقدوهم مؤخرا تمسح على شواهدهم بحسرة وتفكر في مآل المتبقي من أسرتهم كيف سيكون .. فور انعطاف هبة وجدت غضنفر ينتظرها بسيارته وركبت قربه وهي ترمق حقائبها بالخلف وانطلقت معه صوب البلدة التي يقطن فيها عامر ، لم يكن هنالك حل لحمايتها سوى ذاك وهذا الأخير كان ينتظرها بلهفة وفرح غير مكترث لحورية التي بكته وتوسلته أن يغض نظره عن فكرة إحضار امرأة أخرى لبيتهم ومن حبيبته التي يعشق ، ليالي كثيرة أخرس حورية فيها بالضرب تحت مرأى من عيون ميار الذي كان يسجل في عقله كل تلك الصور السيئة ويشعر بالكره لمعاملة أبيه لأمه وهذا كله لأجل امرأة غريبة ، كان يتسحب ليدخل غرفة الصغيرة جوزيت يراقبها لوقت طويل وطويل وهي تكبر يوما بعد يوم تحت عيونه ، كان يغضب من اهتمام أبيه الدائم بها وكأنها جوهرة يجب أن يتم حفظها بعيدا عن متناول البشر ، خصوصا ابنه من دمه ولحمه الذي فضل عليه هذه الفتاة التي توضح فيما بعد أنها ابنة أخو عامر يعني الكذبة المتداولة من وقتها إلى يومنا هذا …

~ في الوقت الحالي ~
كانت تستمع إليه بعيون دامعة وخدود ارتسمت عليها خطوط دقيقة من الدمع الحارق ، أكل هذه كانت قصتها المريعة وقصة أسرتهاااااا ، ما ذلك الزمن المأساوي الذي عاشوا فيه .. صحيح أنها تخيلت قصة عادية لعائلتها لكن أن تكون بهذا الشكل العميق جدا والذي يجرح صميم القلب هذا كان كله فوق طاقتها .. لم يضف حرفا آخر بل تركها تستوعب الصدمة وجدت نفسها تقف بذهول وهي تلتفت بشرود نواحي الغرفة وصلت إلى الشرفة وهي ترمق ذلك البحر الأسود أمامها قد كان أسود بسواد الحياة التي عاشتها أمها وأبوها ونسبها الذي كان لعنة بحق … سارت بخطى وهنة وهي تغادر الغرفة والحديقة والفيلا بأكملها تدك رجليها بتعب على شاطئ الرمل متجهة صوب البحر الذي ما إن لامس قدميها ببرودته حتى صرخت صرخة حارقة جعلتها تنحني أرضا وأمواج البحر تلطم فيها من كل حدب وصوب … كانت تلك الأمواج تعبيرا بسيطا عن الحرقة والأعاصير الكامنة في خلدها كم تمنت لو أنها لم تعرف شيئا عن حقيقة ماضيها فكل ما سمعته بشع بشع بششششششششششششششششششششع …
جوزيت:- اهئ … لماذااااا كتب علينا أن نعيش كل هذا الظلم في هذه الحياة التعيسة ؟؟؟؟ لماااااااااذا يا ربي ….. أمي زهرة أبي مختار حتى لو عرفت عنكما مؤخرا إلا أنكما من أحضرني لهذا الوجود ، لا أعلم هل علي أن أغضب منكما أم أحزن عليكما لكنني مشوشة الآن آسفة على انعدام مشاعري تجاهكما الآن ، فأنا لا أحس إلا بالحزن ناحيتكما ، فقط الحزن والشفقة ……
أتممت جملتها وهي ترمي نفسها في حضن البحر تسبح في ذلك البرد وتقاوم غضبها وحزنها بعد كل ما عرفته ، ففعلا أي شخص عاقل يستمع لتلك القصص المأساوية سيفقد صوابه دون شك ، بل ينسى ما معنى المنطق والتعقل بعد تلك الفواجع المتكررة آنذااااااك …
نفس المشهد كان في مكان آخر لكن بشكل مغاير تماما فهذه كانت تقف أمام البحر وتتطلع إلى الظلام الداكن ، وكأنها تنظر لعيون أخرى تحدق فيها من الجانب الآخر لذلك البحر الأسود الذي جمعهما في آن الوقت كل من طرف ، لعلها صدفة ولعلها أقدار أن تقف كلاهما أمام مرآة البحر التي كانت تعكس صورتهما المؤسفة ، فهذه بدورها تعيش حزنا لا مثيل له ، توجه صوبها ووضع غطاء على كتفها وهو يتطلع إليها ليعرف ما بال كينونتها قد اتسمت بالسكون الغريب ، فمنذ استيقاظها وهي جامدة مستكينة حتى عندما سمعت قصة اختطافها هي وإياد من قبل الفهد البري الذي أراد إرعابهما فقط والذي أطلق سراحهما بناء على طلب حكيم ، لم تدقق في الأمر كأنها كانت مستسلمة خانعة للأمر ..
حكيم(وضع الرداء الصوفي على كتفها):- هل أنتِ بخير ؟
ميرنا(انتفضت بخفة من حضوره واستكانت من جديد):- نوعا ما
حكيم(وضع يديه بجيبه وأخذ يطالع معها البحر الأسود):- ما حدث الليلة ، أريدكِ أن تنسيه يعني لا تدققي في الأمر
ميرنا(بهزل):- ههه أتخشى علي من الصدمة ؟
حكيم(رمقها شزرا بتوجس):- في الواقع أجد أن الصدمة بلغت منكِ حد الصمت ..
ميرنا(مطت شفتيه بهدوء ونظرت إليه):- وهل ستفرق ؟؟ .. أعرف ما يدور برأسك أنت تستغرب استكانتي وعدم ثورتي بعد هذا الاختطاف من الفهد البري والذي لا أدري ما سببه ، أو ما الرسالة التي أراد إيصالها لنا لكن برغم ذلك .. ميرنا قد اكتفت ولم يعد هنالك ما يصدمها قد وصل الأمر معي حد اللامبالاة أفهمت حالتي الآن ؟
حكيم(بقلق عقد حاجبه وهو يقترب منها):- هل تشعرين بالألم ؟
ميرنا(مطت شفتيها بعدم اكتراث وهزت كتفيها تنظر حولها للعدم):- أظنني قد وصلت مرحلة فقدان الشعور ، بحيث لم يعد يؤثر فيني شيء والدليل أمامك
حكيم(جمع فمه وهو يمسح على شعرها):- أنا آسف
ميرنا(طأطأت رأسها ورفعته بنظرة هازئة):- الندم والأسف شيئان غير مثمرين ، بل هما نتاج للأخطاء فكلنا مذنبون بل كلنا محملون بالذنوب والآثام .. وأنا لي أخطائي وزلاتي التي لم أحسب يوما أنها ستقف أمامي في تجسيد للحزن الدائم ، يعني كما لو أنني دخلت لعبة الوجع التي تمر مرحلة بمرحلة ولا أدري كم علي أن أتخطى من مراحل حتى أجد الخلاص ..
حكيم:- كلامكِ موشوم بالشجن ، أنتِ تؤذينني هكذا ..
ميرنا(أشارت لصدرها):- حين ينكسر هنا لا شيء يجبر ذلك الانكسار ، غالبا ما تشعر كأن هنالك سكاكين تمزق في ضلوعك لكن ذلك لا يصل إلى صوت التمزق وألمه الذي ينخر في قلبك ويعتصر روحك .. صعب أن أشرح لك مدى فظاعة شعوري كأنني انغمست في قدر كبير من الألم وما عدت قادرة على الخروج منه
حكيم(اقترب منها بلهفة):- ميرنا التي أعرف ليست بهذا الضعف أين قوتكِ أين عزيمتكِ وتحديكِ لي ، أين ميرنا التي لم تكن تستسلم بسهووولة .. ماذا حدث لكِ ؟
ميرنا(أبعدت رأسها عن ملمس يده وقد تنهدت عميقا وسمرت نظرها في نقطة بعيدة):- صدقني حين أقول لك أنني أستحب ضعفي هذا ، لا تستغرب حالتي فكما أخبرتك من شدة الصدمات والآلام والجراح التي تعرضت لها خلال الفترة الأخيرة ، أصبحت حصنا منيعا ضد أي مصيبة جديدة ههه يعني استسلام مع سبق الإصرار والترصد ..سأستقبل الوهن بصدر رحب سأضعف أكثر وسأغوص في وجعي حد الثمالة ، ليأتي الفهد ويظهر أمامي الآن أجزم لك أنني لن أبدي أية ردة فعل حسبما أظن ، لأن لهفتي وحماستي قد انطفأت وما عاد فيني سوى جسد فارغ روحه عالقة في وطن بعيد …
حكيم(زفر بعمق):- وطن وائل رشوان ..
ميرنا(ابتسمت من شكل وجهه وهي تقرأ غيرته):- أتعلم أن عشقك لي غير منطقي يا حكيم ، غيرتك وامتعاضك أحيانا أجدهما بدون داع لأنك كما ذلك الشخص الذي يحارب الفراغ وسط حلبة طويلة عريضة وأمام جمهور من الحطب ..
حكيم(خفق قلبه بشدة لحظتها):- هه هراء .. أظنني أحاربه ؟
ميرنا(بنبرة متهكمة):- ولكن حربك خاسرة ، سواء كنتُ معه أو بعيدة عنه سأبقى له
حكيم(هنا برقت عيناه بشراسة):- مؤقتا فقط ..
ميرنا(بشعور البرد):- دعني وحدي .. من حقي أن آخذ كفايتي من الوحدة لأنني متعبة وأشعر وكأن العالم كله ظلام من حولي ، لا أستطيع رؤيتك ولا رؤية أي بصيص ضوء ينير دربي فعجزي عميق وربما كنت مريضة
حكيم(بقلق اقترب منها وهو ممسك بذراعها):- سأستدعي الطبيب لكِ فورا ميرناااا
ميرنا(أمسكت يده لتوقفه قبل ذهابه):- لكنه لن يعرف تشخيصا لمرض روحي الكسيرة ، فتلك علتي ودوائي مفقود …
أوقفته بجملتها تلك وأيقن أن روحها عليلة والدواء لم يتمثل حتى في وائل ، إذن الموضوع جدي وقد يصل لمرحلة غير مستحبة عقد حاجبيه بعد أن وفر لها غايتها في الانفراد ، وعاد أدراجه بعد أن أمر داغر أن يراقبها عن كثب ولا تغفل عينه عنها .. دخل إلى القصر ووجد إياد متأهبا للرحيل وعقله شارد ..
حكيم:- هل تذهب ؟
إياد(يعقد حاجبيه وملامحه لم تكن مفهومة):- نعم
حكيم(بتوجس حاول جس نبضه):- ما بك ؟
إياد:- كيف عرفت أننا مخطوفين ؟
حكيم(متوقع فعرق الفضول فيكم بلاء):- كانت خطة من الفهد البري ، يعني لم أعرف غايته من ذلك لكن فور سماعي باختطافكما أجبرته على إطلاق سراحكما
إياد(مص شفتيه وهو يقترب منه بتفكير):-أجبرته مع أنني أشك في عمق هذه الكلمة ، لكن هل تعلم أن ميرنا فزعت مما حدث ، يعني هذا قد يؤثر عليها سلبا في المستقبل وكما أعرف فإنك تخرب الدنيا ولا تتأذى شعرة منها .. لذلك ألا ترى معي أنه حان الوقت لتلعب دورا هاما في حياتك وتطلب الغفران منها ؟
حكيم(تمطى بخيلاء وتقدم صوبه بخطوة مجابها إياه):- غفراان .. من ميرنا وما المناسبة ؟
إياد:- أنك تؤذيها دون أن تشعر ، لا أحد يعلم بقدري كم ترغب ميرنا بالإطاحة بذلك الخسيس الفهد .. لقد فاقت حتى رغبتي في ذلك علما أنني مستعد لفعل أي شيء كي أساعد صديقتي وأريح قلبها ولكن كلما استصعب الأمر كلما ارتفع جدار جديد في وجهنا وأغلق الطريق علينا .. ونجد أن نفس الدوامة تجرفنا مرة أخرى وتعيدنا لنقطة البداية هكذا بأيدٍ فارغة ودون نتائج
حكيم(رسم بسمة ساخرة على شفتيه):- والمفروض أن أعطيكما بصيص أمل أو خيطا لكي تمسكوا به ؟
إياد:- هذا المفروض .. إلا إذا كنت تستحب تورطك معه
حكيم:- لنفترض ذلك .. ما الذي سيتغير ؟
إياد(مص شفتيه بعدم تصديق فيه وتقدم خطوة وهو يشير):- إذن اسمح لي أن أبلغك أنك شخص مجرم مثله ، قد أخطأنا تقديرك من البداية أو سمحنا لأنفسنا أن نصدق ترهاتك لكنك منه وإليه تنتمي ولن تتملص من عالمه حتى لو كان يؤذيك في الصميم ، فلن تبالي
حكيم:- عزيزي إياد .. صدقني سيأتي يوم وسنقف مثل هذه الوقفة سوية وسأكون ممتنا لك وجدااااااا إن أجبتني بمثل هذا الجواب حين أطلب منك استعراض هذا الدفاع المدني في حق الفهد البري ..
إياد(بغيظ):- الشرطة ليست غافلة عنك أكيد ستقع وسيقع ذلك البغيض ، وقتها أنا من سيكون مسرورا بزجكما سوية في السجن لعلكما تأخذان عقابكما الذي تستحقانه ..
حكيم(تلاعب بلسانه داخل فمه واستوقفه قبل رحيله):- محتمل أنك لا ترغب بإيجاده يا إياد ، فأنت آخر شخص سيتمنى ذلك
إياد(توقف برهة بعدم فهم):- ماذا تعني ؟
حكيم(غمزه وولى ظهره متوجها صوب مشربه ليصب لنفسه كأسا):- مجرد كلام ..
إياد(عاد إليه بعصبية):- لالا أنت قصدت شيئا أريد أن أعرفه الآن ؟
حكيم(رفع كأسه في وجه إياد وشرب منه جرعة):- ولكنني نسيت ما قلته ..
إياد(عرف أنه لن يأخذ منه لا حق ولا باطل):- منذ اللحظة اعتبر نفسك في خانة سيئة بالنسبة لي ، سوف لن أجعل من الفهد البري هدفا لي فقط بل ستكون أنت أيضا من سأسعى لوضعه في مكانه الصحيح الذي يستحقه
حكيم(شرب المتبقي من الكأس وأعاده محله وهو يرفع يده ملوحا لإياد):- إنجوووي .. إلى ذلك الوقت خذ كامل أمنياتي لك بمتعة رفيعة هه ..
نفض إياد يديه بقلة صبر وغادر المكان ، لكن قبلا التفت للخارج ووجد ميرنا واقفة عند البحر ويظهر من حالتها أنها ليست بخير لكن كيف ستكون كذلك فهي مثله لا تعرف ما الذي حدث لهما سوى أنهما اختطفا من كذا ساعة واستيقظا في قصر حكيم … انسحب إياد والغضب يملأ قلبه وعقله وطبعا لأن المسافة بعيدة ما بين القصر البحري والمدينة سمح لرجال حكيم أن يوصلوه ويعيده إلى حيث كانت سيارته وبالمناسبة كان المفتاح بحوزته فقد استلمه فور استيقاظه … أما هذا بعد أن تأكد أنه غادر ظهر والحزن يملأ وجهه
ميار:- الحق بي للمكتب ..
حكيم(حول عينيه من جنونه):- لعلمك ميرنا في الخارج يا روحي ..
ميار(أطل من النافذة):- ويظهر لي أنها فاقدة لوعيها وهي واقفة ، لذا لا تهتم
حكيم(أشار له ليتوجها للمكتب):- هممم هل سمعت حديث أخيك الحبيب ؟
ميار(بغيظ دلف للمكتب ورمى بنفسه على الكرسي):- سمعت ..
حكيم:- اختطاف الثعلبة لم يكن في صالحنا ، إياد سيزيد إصرارا وعزيمة في اللحاق بهذا الخيط ثم ميرنا لا أدري ما بالها مذ أن استيقظت وهي تتفوه بكلام غير مفهوم
ميار:- أغلبه أحزان وانكسار قلب لا تدقق ، يومين وسأعطيها شحنة تجعلها تستعيد كرهها لي وتباشر عملها بابتسامة عريضة
حكيم(بتثاقل غمزه):- على ما تنوي ؟
ميار:- أن أحقنها بشيء يشحن عزيمتها ، وطبعا وترها الحساس وائل رشوان
حكيم:- لن تعيدنا لنقطة الصفر ؟
ميار:- أساسا لم نتقدم خطوة يا حكيم ، الليلة خسرنا أمام الثعلبة الحقيرة لكن لوقت مؤقت فسأستعيد ما هو ملك لي بطريقتي الخاصة ولن أسمح لذات الخطأ أن يتكرر ، وعليه سنستغل الوضع وسنعطي لميرنا معلومة بسيطة توصلها إلى الفهد البري
حكيم(عدل جلسته بقلق):- ميار لا تتهور ..
ميار:- لن أخاطر بنفسي لا تقلق ، لكن تعلم أنني أعشق قلب السحر على الساحر وسيكون من دواع سروري أن أسلط الضوء على عدونا اللدود
حكيم(لمعت بباله فكرة ميار):- أهااااه وأنا الذي يصارع أشواقه لغضنفور ، ها هو ذا سيعود لحياتي وبالأحضان ؟
ميار:- هههه تمااااما يا روحي ، ليستلم هديتنا بكل سرور
ميرنا(قاطعت حديثهما وهي تدخل):- من هو هذا الذي تودان تقديم هدية له ؟
حكيم(فتح عينيه على وسعهما ونهض بسرعة ليقف بوجهها ويسحبها خلفه):- لا شأن لكِ ميرنا رافقيني لحجرتك ، قد قاموا بتجهيزها لكِ عليكِ أن تنامي
ميرنا(نظرت خلفه لميار الذي استقام وولاها ظهره):- ولكن دعني أطمئن على إياد ، حكيم ماذا يجري هنا هل ستمنعني عن صديقي ؟
حكيم(مسح فكه وجذبها خلفه خارج الغرفة وهو يشير لميار بإشارة مغادرته السريعة):- صديقكِ سترينه غدا يكفي الآن إلى النوم ..
ميرنا(نفضت يدها وهي تسير بعيدا عنه):- هل عدنا للسلطة والتحكم ما هذا ياااا ؟؟؟ أف
حكيم(مسح على جبينه وهو يغمض عينيه الحمدلله نفذوا منها):- إن لم أمت يا أمي من كثرة الصدمات ، اعلمي أن حليبكِ ذو تأثير منيع …صبرا يا الله !!
لحظتها خرج ميار دون أن يبقى هنالك دقيقة واحدة فلن يغامروا مجددا أكيد ، وهنا اطمئن حكيم قليلا وتوجه صوب الحجرة ليراها كم بدت له تلك الليلة طويييييلة بطول أحداثها التي تأبى أن تنتهي ، لكنها تنتهي في نهاية المطاف حين يرى عصفورته نائمة باستكانة على السرير هكذا ، أكيد سينسى كل الآلام وسيعيش في هالتها المطمئنة ما يستطيب راحة لقلبه … جلس قربها على السرير وهو يتأملها بعمق يرى فيها مجمل أحلامه لكن يستصعب الإطالة في الحلم ففي ظل كل المساوئ التي تحيط بهم أكيد لن ترحمه الأقدار …
لمسة يده على شعرها تمده بذبذبات حنونة لا يجد لها ترجمة لما تفعله به ، فهنالك رعشة جنون تسري بكل جسمه تستلذ طعم الدفء الذي يراوده جوارها ، كأنها مغناطيس تجذبه نحوها بدون استطاعة في التحكم عن ملكة الانجذاب التي تتفجر طاقاتها بقرب ميرنا فقط ، هز رأسه ممتعضا من الكأس الذي شربه فها هو ذا سيهذي الآن ويقترف ما يجعله في خانة المستغل ، فهو لا يريد استغلالها ولو كانت نائمة بل يرغب فيها واعية مقتنعة مطيعة لأهوائه وشغفه .. إنما لن يصل لهذا كما يرى فطيف وائل إن لم يكن بمحيطه سيكون بينه وبينها في كل نظرة في كل كلمة في كل نبضة ،، أجل أجل فهذا المساء كان النقطة التي أفاضت الكأس بعد أن تواطأت الأخت مع عصابة الرفاق وذهبت خلسة إلى وائل لتطمئن عليه ، يعني قمة الولاء صراحة .. امتعض وهو ينهض من جانبها بعد أن تلفظ بآخر جملة آلمت قلبه وضع يديه على جنبه وهو ينظر من النافذة وينفث أنفاسا عميقة طبعا هذا هو قدره أن يعايش عشقا ليس ملكا له ، لكن ليجعله ملكا له طالما هي أساسا في متناوله .. هزأ من الفكرة وهو يهز رأسه برفض
حكيم:- هيا حكيم لن تعيد أمجاد أعمامك وتطرح ملفاتهم القذرة في هذا الزمن .. أفضل شيء للتخلص من الأرق وهذه الأفكار المجنونة هو السباحة أجل هيا يا حكيم تحرك ..والآن
أجبر نفسه إجبارا على التحرك من هناك ولم يستدر حتى استدارة ليرى تلك الشعلة الثائرة خلفه والتي كانت تناديه في أضعف حالاتها وأرقها حتى .. رمى قميصه في الرواق عادته يعني وفتح باب بركته التي اشتاق لها لكن ها هو ما إن رمى بنفسه وسطها حتى استذكر يوم سبحت ميرنا معه أو لنقل أجبرها على ذلك ، مسح على شعره المبلل وهو يلتقط أنفاسه بعد ذلك الغوص العميق لعله يصل لنقطة يخرس فيها أفكاره ورغباته وجنونه بعصفورته ، الغير عالمة بكل تلك المعاناة التي يعيشها المسكين … على وقع أنغام التوتر العشقي أخرج رأسه مجددا بعد لحظة انسياب مطلق واتحاد مع أفكاره ، كان البلل يتساقط من صدره الذي بدأ يبرق بعدة أضواء معكوسة حولة ذكرته بميرنته التي بدت شهية لناظره يوم كانت بحضنه في بركته ذلك الصباح وللصدفة كانت تشرق ساعتها بعد ليلة طويلة من الأحداث المربكة …قد أشرقت رغم تلك الظلمة أشرقت شمس الصباح فكيف سيستقبل أبطالنا صباحهم طبعا لن نبتعد كثيرا سنرى بعد ساعتين ما سيجد في قصر حكيم أولا …
فتح عينيه بثقل وهو يستوعب تلك الضوضاء خارجا ، انتفض من سريره وهو يفرك عينيه مثل طفل صغير.. مسح على شعره ورفع يديه للسماء وهو يتمطى لعله يجبر أطرافه على التيقظ كما يتوجب حل النزاع خارجا حسبما يبدو ، فرك عينه مجددا ودخل حمامه غسل وجهه ومسحه بالفوطة وهو يعقد حاجبيه محاولا جمع أفكاره حول مصدر الضوضاء الذي تثاقل في استيعابه على قدر ما يستطيع كي لا يكتشف مصيبة أخرى ، فهو يعرف ميرنا يعني لن تتوانى في قلب الدنيا رأسا على عقب ..
ميرنا:- يا داغر يا داغر لو سمحت أخبرك أنه معي أمر من حكيم شخصيا وإن لم تنفذه ستحدث مشكلة ، يعني لا شأن لي لو قام بطردك لأنك ترفض طاعتي
داغر:- عذرا مع ذلك ما لم أسمع الأمر منه شخصيا لن تغادري القصر ست ميرنا .. آسف
ميرنا(ضربت برجلها الأرض):- تذكر أنك من تسبب في طردك لا أنا ، هاه قد أعذر من أنذر
حكيم(أطل من الشرفة عليهم وهو عار الصدر وابتسم بعذوبة):- بسسْ ..صباح الحلوين ؟
ميرنا(نظرت إليه وأشاحت بصرها بلا مبالاة ثم عادت لتتيقن مما رأته وهي تشهق من هيأته الجريئة):- هئئ مجددا يتحرك بدون قميص ، لا عجب أن أجد كل رجاله يتمتعون بقلة التهذيب مثله
داغر:- هل كلمتني يا مدام ؟
ميرنا(صغرت عينيها فيه بحمم بركانية وعادت أدراجها للداخل):- على حرقة الدم التي تسببت لي بها من على بكرة الصباح إن شاء الله تكلمك أفعى برأسين في منامك ، ولا تعرف طعم الراحة أبدااا يا داغر
ابتسم حكيم من جنونها الصباحي وهي تدلف للقصر تدك الأرض دكا بأقدامها ، متوقع أن تكون صباحاته مجنونة مثل سيدة قلبه الثائرة التي توجهت إليه وهي تنفث شررا غير قادرة على تحمل ذلك الحصار أكثر …
حكيم(تقدم صوب طاولة الفطور وصب كأس عصير له وأخذ يشرب ببرودة):- ههه الناس تتصبح على الخير وليس على الشر يا ابنة عمي ..
ميرنا(مصت شفتيها وهي ترمش بعينيها بعد أن توقفت عن المسير وهي تطالع وقفته المهلكة ، ببنطلونه الجينز ونصفه العلوي العاري الذي لم تستطع وصفه ولا التدقيق فيه):- يفضل أن ترتدي قميصك أولا وبعدها نتحدث ..
حكيم(شرب نصف الكأس ووضعه وهو يستدير إليها بتلاعب):- لماذا هل تتوترين بسبب ذلك يا ترى ؟
ميرنا(مسحت خلف عنقها وهو يتقدم صوبها كالذئب):- أتوتر .. ههه لا تجعلني أضحك عزيزي حكيم فأنت لا تؤثر حتى بضفدعة ..
حكيم(مرر لسانه بخفة بين شفتيه واقترب منها حتى التصقت بدعامة الحائط خلفها):- أحقا ؟
ميرنا(أخذت تهتز وهي تحاول إبعاد بصرها عن صدره الذي كان في وجهها تمام):- الله يلعن قصر قامتي يعني ، أمام هذا الجدار مستحيل أن أتمتع بنسبة طولي مثل باقي البنات
حكيم(وضع يده على جنبه والأخرى خلفها على الحائط وتقدم بوجهه نحو وجهها):- هاه لم أسمعكِ هل خاطبتني ؟
ميرنا(أغمضت عينيها وهي تجد أن عطره يغزو كل نواحيها):- اسمع جيدا أنت لن تؤثر بي بتصرفات المراهقين هذه ، ثم يعني لنعد لموضوعنا الرئيسي لقد أردت الذهاب للبيت ولكن خادمك الأبله منعني فهل أنا محتجزة هنا ؟
حكيم(يتأمل شفتيها المتذمرتين وكم بدتا مبهجتين لناظريه):- هاه ؟
ميرنا(بتوتر نظرت لعينيه وهو يعقد حاجبيه بشكل مثير يتأملها بمعنى الكلمة):- قد سألتك يا حكيم .. هل سمعتني ؟
حكيم(عض طرف شفته وصغر عينيه فيها):- كيف تستطيعين أن تكوني جميلة هكذا في الصباح ؟
ميرنا(فتحت عينيها على وسعهما مندهشة من جملته)- م.. ماذااا أ..ماذا تقول ركز معي رجاء ولا تحرف الكلام لخانة لا أحبذهااا ، ثم أنا امرأة عاملة ورائي مسؤوليات في الجريدة وكذلك أسرتي حسبما أذكر هم يمرون بأزمة متعددة الجوانب متشعبة الأحدااااث لأذكرك يعني فقط ، و .. كذلك ا علي أن أن … هففف ابتعد عني رجااااااء ..
حكيم(رفع يديه وهو يبتعد مستسلما):- تفضلي ..
ركضت بخفة صوب الشرفة المطلة على البحر وأخذت تزفر بعمق وهي تضع يدا على حافة الشرفة ويدا على قلبها في محاولة لالتقاط أنفاسها المكتومة ، كانت تحرك رأسها يمنة ويسرة ، تحارب أشياءها الغريبة التي تخمد تارة وتستيقظ من جديد
ميرنا:- هيا ميرنا هيا ركزي هذا الغبي الحقير المدعو ابن عمكِ قد آذاكِ كثيرا ، لن تغفري له لن تغفري ولو طوع هذا البحر لأجلك … افف لما يفعل بي هذا كلما جئت هنا فقدت إدراكي أظن أن هذه القلعة مشؤومة ت ت ت .. حري بي الهرب من هنا بأقصى سرعة قبل أن أجدني بطفلين ههه … طفلين آه يا حبيباتي كيف سيكون شكلكما هل ستشبهانني أم ستشبهان بابا وائل ، يا ترى كيف كان صباحه بدوني ؟
وكيف سيكون صباحه بدونكِ يا ميرنا مذ أن وعى وهو متذمر ، عجز فؤاد عن تغيير موده وحتى منذر لم يقدر على لفت انتباهه ، ولا حتى العم نزار الذي أطلق نكتا عديدة فقط ليبهج قلب وائل العليل ، لكن لا شيء سيأتيه الآن بقدر شمسه التي أفلت وتركتِ الظلام يحيط به من كل جانب .. امتعض من ربطته على السرير فكسر يده ورجله واضطراب عنقه المطوق بالدرع البلاستيكي كل هذا كان يخنقه ويجعله مزمجرا متأففا طوال الوقت …
منذر(أشار لفؤاد كي يخرجوا):- ت ماذا سنفعل له الآن إنه يرفض التحدث ؟
فؤاد:- والله هل تسأل خائب الرجاء مثلي يعني ..لو كنت فالحا لوجدتني في بيتي مع أولادي
منذر:- هئئئ هل لديك أولاد من وراء ظهرنااااا ؟
فؤاد(صغر فيه عينيه بعصبية):- الصبر يا ربي ، لنتجاوز سيرة الأولاد الآن ماذا سنفعل مع صديقك العنيد ؟
منذر:- والله ثلاثة عقول مفكرة أفضل من عقلين ، لنتصل بابن عمه فهو الذي يجبره إجبارا على التحدث ولو حتى عن طريق التهديد
فؤاد:- لالا حرام الشاب عريس يعني احم لندعه اليوم وشأنه ، ليأتي على راحته ولا نزعجه
شهاب(أتى مختالا وبين يديه شادي):- له يا عمو فؤاد له ، أما اشتقت لنا ؟
فؤاد(برقت عيناه بفرح):- يااااااااه شادي الغالي هنا يا مرحبا يا مرحبا ..
شهاب(أعطاه لفؤاد):- على فكرة قد دفعت رشاوي عدة وخرقت القانون فقط ليزور طفلي عمه وِيلي … كيف هو ؟
فؤاد(أشار له لينظر لوائل من النافذة):- مكتئب ..متذمر بعد ذهاب ميرنا ليلة أمس
شهاب(أخذ شادي من عمه فؤاد):- إذن دعونا نحاول ..
نادر(داعب خدود شادي):- هيا هيا أكيد عمو ولول سيفرح برؤية هذا العسل…
شهاب(أطل برأسه ورمق عمو نزار يتحدث بدون توقف):- الله أكبر ، يا رجل اهمد قد زدت ضعف الاكتئاب في عقل مريضنا
عمو نزار(باشمئزاز نهض):- لولا هذا الملاك الذي تحمله بين ذراعيك لكنت ضغطت على أيقونة الشتم في عقلي وأسمعتك ما تستحق …
وائل(رمش بابتسامة):- شادي …
شهاب(اختفت بسمته وهو يحاول طمأنة وائل):- اشتاق لعمه ويطلب منه أن يشفى سريعا ، لأن أبوه ينوي أن يأخذ أمه في إجازة أسبوع عسل ويتركه في رعايتك
وائل(لاعب يد شادي حين جلس شهاب جواره على الكرسي):- أسبوع عسل ماذا تعني ؟
شهاب(نظر لنزار شزرا):- تزوجت ميرا ليلة أمس ..
وائل(فز عينيه):- معقووول هه .. إنه أجمل خبر سمعته صدقا مبروك يا شهاااب
شهاب:- الله يبارك فيك ، يعني ارتأيت ألا أتأخر يعني عيب في حق هذا الشحط ههه
وائل(ابتسم لشادي):-لا تقل عن ابن أخي شحط ، هذا حبيب عمه وائل
نادر:- هيييه راحت علينا أرأيت يا عم فؤاد الغدر كيف يتجلى ، غلبنا نحدث فيه منذ الصباح جاء شهاب في ظرف ثوان ابتسم حتى
وائل:- حسن لا تدعني أقلب مزاجي الآن
فؤاد:- لالا وحياتك ما صدقنا تنفتح على الدنيا
شهاب:- ههه دنيا امَّا تاخذك …
هديل(قاطعتهم):- بعيد الشر عن عمي حبيبي ، أووووه أخيرا تشرفت بلقاء الرشواني الصغير مرحبا شادي أنا هديل .. أخي كيف حالك اليوم ؟
وائل:- أحسن عزيزتي …
هديل(قبلت وجنة وائل وانحنت للصغير):- جيد لأنني أحمل بشرى لكم ..
شهاب:- امممم من وجهكِ تتجلى البشرى صراحة
هديل(حملت شادي بين ذراعيها تقبله بجميل القبل):- ألم يتساءل الجميع عن الشخص الذي حاول اغتيال أخي ؟
تبدلت ملامح الكل من ابتسامة لتوتر وهم يناظرون بعضهم ، وأولهم وائل الذي عقد حاجبيه من أخته وكيف تعرف أمرا لم يصل إليه حتى هو .. رمش بعينيه وتساءل
وائل:- من يا هديل ؟
هديل(عضت طرف شفتها):- حسن … سأستعمل بعضا من التشويق ومساء ستصلكم الأخبار اللحظة ستسمحون لي لدي موعد مع جدي حبيبي ..
شهاب(أمسك ابنه منها وهو عاقد حواجبه):- له له ما بها هذه الفتاة رمت بوجهنا قنبلة ورحلت ، الحق بها يا عمي واعرف لنا مصدر الموضوع
فؤاد:- خادم جدك أنا ، انهض أنت هاتِ الولد عنك ولا تتحجج
وائل:- أيكما المهم اعرفا ما الذي يحدث ، لا أريدها أن تتورط في شيء خطر رجاء ..
فؤاد(جلس محل شهاب وشادي بحضنه):- والله اندماجها مع جدك ليس بمطمئن البتة ..
نادر:- طيب ماذا عساه يكون ، ربما اكتشفوا بمركز الشرطة شيئا في نظري لو نكلم رامز
وائل:- ممكن جدا .. أ.. عمو نزار أراك تحركت إلى أين ؟
نزار:- إلى البيت يا عزيزي ، لدي بعض الترتيبات أحضرها قبل عودتك
وائل:- تمام يا غالي ، رافقتك السلامة
نادر(يتحدث عبر الهاتف):- هاه رامز أين أنت بالمركز طيب ألا يمكنك المجيء إلى هنا ، امم حسن لا بأس سأمر بك لا مشكلة تمام مسافة الطريق …/ لحظة عم نزار سأوصلك بطريقي
نزار:- هههع وهل تعتبرني كهلا حتى أتوه في الطريق
نادر:- أستغفر الله يعني حرام الواحد يعمل خيرا معك ..
وائل:- هيا لا تطيلا الخصام وما إن تعلم شيئا يا نادر بلغنا ..
نادر(أومأ له وتحرك هو والعم نزار):- ماشي يا زوز .. باي شادي حبيبي …
نزار(تحت أسنانه):- حبَّتك بقرة إن شاء الله
نادر:- الدعوة تلف تلف وتعود لصاحبها هاه ..
نزار(نفث شررا من أنفه ولحقه):- اللهم طولك يا رووووووووح …
خارج المشفى
هديل:- هه ما بك ألا تثق بابنة عمك يا شهاب ؟
شهاب:- ليست مسألة ثقة يا هديل ، لكنني أخشى عليكِ مثل وائل فرجاء أخبريني ما الجديد الذي توصلتِ إليه ؟
هديل(مطت شفتيها):- لن يسعني البوح بشيء مساء ستعرف .. والآن دعني أمضي لأن جدي ينتظر سلاموو ..
شهاب:- فقط انتبهي لنفسكِ ولا تتورطي بالمشاكل ، وائل ليس مستعدا لمصيبة أخرى
هديل(ركبت بسيارة السائق خاصة جدها):- ههه ستغيرون جميعكم نظرتكم حولي .. ما إن أزج بالمذنب في السجن ستعترفون بقيمتي … هممم
صفق بيديه بقلة حيلة وهي تبتعد في سيارة جدها ، لم يعرف مقصدها ولم يتوصل لشيء مفيد لذلك عاد بخفي حنين إلى وائل الذي ارتسمت على وجهه ملامح الحيرة والقلق ، والشوق أيضااااا فمذ أن فتح عينيه وبحث عن عسل غروبه ولم يجدها قربه عرف أنه قد عايش حلما ليلة أمس وانتهى .. مجرد حلم دام لسويعات فلا يسعه أن يخطفها لوقت طويل ، يخطفهاااا فجأة لمعت الفكرة بعقله وابتسم تحت ناظرهم ولكن سرعان ما جمع بسمته كي لا يتوجسوا منه ونظر لإصاباته التي مؤكد أكيد ستأخذ أسابيع حتى تشفى ، لكن لا بأس طالما وضع هدفا في عقله فسينفذه في الأخير …

وفي ذات الصباح
بالفيلا الخاصة بغضنفر الذي كان يدخن سيجارته في صالونه يتفحص الجرائد وفنجان القهوة بجانبه ، تارة كان يبتسم وتارة كان يعقد حاجبيه من تلك الأخبار المتداولة في الجريدة ، مط شفتيه ونظر لساعته حين سمع صوت نزولها من الدرج ..
غضنفر:- في وقته تمام ..
جوزيت(بحالة ثائرة متعبة لا تبدو بوضع جيد):- أريد العودة لقصري .. لحياتي أنت لا تفكر باحتجازي هنا لوقت طويل
غضنفر(طوى الجريدة وأزال سيجارته من فمه ووضعها على طرف الصحن):- صدقا كنت أفكر لو نجدد أنا وأنتِ عهودنا بالإخلاص ، مثلما نطقناها أول مرة في صباكِ أتذكرين ؟
جوزيت(جلست مقابله بتأفف):- وهل علي أن أنسى ملامح وجهك السعيدة ؟
غضنفر:- هههه هاهاهاااا … آه يا جوزيت تتمتعين بخفة دم راجية بحق .. لكن فيكم عرق فاسد وطبع خبيث ألا وهو تصديقكم لذاتكم وكأنكم الوحيدين على هذا الكوكب ، استيقظي صغيرتي هنالك دوما من هم أقوى وأعتد منكم
جوزيت(وضعت رجلا على رجل وهي تضم يديها):- تمام فهمت أنك تملك عقدة دفينة كبرت معك طوال هذه السنين ، وجعلت الحقد يبلغ مكمنه فيك لحين وصلت لما أنت فيه طيب ماذا تريد بعد يعني ؟
غضنفر(مط شفتيه):- لا شيء .. غير الإطاحة بالنذلين المتبقيين لي من آل الراجي وآل نجيب فحتى إياد ليس خصما مهما علما أنه ورقة ضغط هامة بالنسبة لكم ؟
جوزيت(رمشت بعينها):- هل تفكر حقا بأذيته ؟
غضنفر:- تقنيا لا ..لكن ربما سيتأذى بطريقة ما في الأخير هو محاط بالكثير من الأسرار
جوزيت(توجست من حديثه):- أنت لست جادا يا غضنفر ، إسمع إن علم إياد بأي شيء من الماضي ستجد نفسك بمشكلة أمامي أنا وليس ميار ..
غضنفر:- أنتِ مجرد طفلة منبوذة .. أم تراكِ نسيتِ قصتكِ البارحة ؟
جوزيت(اهتزت عيناها بحزن):- لن تعايرني بنسبي ، لأنك مجرد حثالة تلتقط الفرص من هنا وهناك .. أكيد قمت بملعوب لعمي عامر وقمت بقتله لكي تفتح أمامك أبواب الخير من جهتين وتضمن صمتي وأيضا تبتز ميار وتكون أنت الرابح من كل هذه الديباجة ..
غضنفر:- ممكن جدا لكنكِ غفلتِ عن شيء ، كل هذا من حقي .. أنا من واجه الصعاب أنا من كان الخرقة التي يمسح فيها عامر رجليه ، قد أخلصت وقدمت كل ما في وسعي تقديمه وماذا فعل بالأخير هااااه بما نفعني ذلك .. هل اكتسبت احتراما سأجيبكِ بلا فقط خطتي هي التي جعلتني أصل لهذه المكانة ..
جوزيت:- ميار وحكيم سيقتلانك مرة أخرى لا تحسب نفسك قد نفذت
غضنفر:- عجبا للأقدار جوزيت واحد فيهما ابن عمك والآخر ابن خالك ، فمن ستختارين من بينهما يا ترى .. آه ستحكمين قلبكِ مؤسف إذن فواحد منهما سيتأذى لو فكرتِ مجرد تفكير أن تخونيني يا جوزيت .. فأنا قد تركتهما يعربدان لسنوات عديدة ماذا حصل وقتها افترقا وتقوقع حكيم في قصره مبتعدا عن كل النشاطات وهنا ماذا فعل فهدكِ تركه على راحته ، وفكركِ ماذا حصل بعدها أي نعم لم يتقهقر العمل لكن تضعضعت الصلة بينهما وحين تتزعزع العلاقة هذا يسمح للأعداء بأن يدخلوا بينهما ، وهذا شيء لا أحبذه فأنا لم أخسر عمري لأجل تجنديكم كلا على حدة لكي تجازونني بالانقلاب …
جوزيت(مسحت عينيها وبكره):- صدقني لن تفلت من قبضتهما وسيعرفان أنك لم تمت
غضنفر:- ههههه لكنهما يعلمان بأمري وأنا من أعطيتهم الإشارة ، ليعرفا أنني هنا موجود وسأنغص عليهما حياتهما مثلما نغصها علي أهلهما ، لن أسمح لأيكم بلحظة سعادة طالما حرموني مما أستحقه إذن سأحرم الجميع مما يحب …
جوزيت(نهضت بامتعاض):- أنا غير مستعدة لسماع ترهاتك يا غضنفر العجوز .. قد كنت مرتاحة من وجهك الشؤم وأنا هناك بنيوزلندا ، أتعلم لن أبقى هنا لحظة واحدة أنا مغادرة لقصري ورجاء لا تجعلني أراك قريبا لأنني بحق غير مستعدة لتلويث عيوني ..
غضنفر(نهض خلفها وأمسكها من يدها بقوة):- لما تفعلين هذاااااا .. هل ستقفين بصف ميار الآن أتحسبين أنه ينتظركِ بالأحضان بعد قصة موتك مثلالالالا ، بليييز لا تدعيني أسجل صوتي وأحكي له براعتكِ في تمثيل دور الميتة ؟
جوزيت(بدموع):- كان هذا لأجله وأجل إياد ..
غضنفر:- جميل جدا وأنا أقر بذلك ، لكنكِ مجبرة على التحالف معي يا جوزيت وإلا سأقلب حياة إياد رأسا على عقب أكثر مما هي عليه ، وأيضا سأجعل ميار يعرف بأمركِ وساعتها سيقع في مسألة اختيار
جوزيت(بعدم فهم):- اختيار ماذا ؟
غضنفر(ابتسم بخبث وأخرج هاتفه من جيبه بحث قليلا بين الصور وتنهد حين وجد صورته المنشودة وأراها لها):- أنظري هنا وستعرفين ..
أمسكت جوزيت الهاتف وهي ترمش بعينيها غير مصدقة لما تراه ، إنها فتاة شبيهة بها ومكتوب تحتها الصحفية المرموقة ميرنا … الراجي هئئ…
جوزيت(بفشل جلست وهي تفتح فاهها):- م … من هذه ؟
غضنفر(اتكأ على حافة الكنبة بجانبها وهو يناظر معها صورة ميرنا):- لقد اخترتِ الابتعاد عن هنا وهذا حرمكِ من الجديد الممتع في حياتنا ، لذلك اعلمي أن هذه ابنة سليم الراجي … ميرنا التي سرقت عقل ميار والتي لأجلها رغب بالاعتزال ولأجلها أيضا يلعب دور الممثل الكومبرس ، أتعلمين إلى أي مدى إلى حد ينوم فيه أخاه كي يتقمص شخصيته ويكون قربهاااا
جوزيت(حركت رأسها ببكاء):- لا … هذا ملعوب منك كي تجعلني أكرهه .. حرام عليك يا غضنفر ماذا تريد مني لما ترغب بقهري ؟
غضنفر(تنهد عميقا):- أوووه من الدراما النسائية التي لا تتغير .. جوزيت أقول لكِ هذه هي الفتاة التي يحبها ميار لذلك انسي أمر عودتكِ لحياته وتلك الأحلام الشبابية فنحن في خضم أمر مهم .. لقد حصلت على توقيعه وقد تنازل لي على كل شيء يخص أعماله ولم يبقى سوى اختيار الوقت المناسب لإعلان اعتزاله عن عرش مافيا الفهد البري لكِ وقتها فقط ستصبحين أقوى رئيسة عرفها عالمنا حتى .. صدقيني جوزيت بقوتي أنا وأنتِ سنحيا في رخااااء وسنحكم قبضتنا على رقبة الجميع …
جوزيت(عقدت حاجبيها بكره):- هل هل .. هو يحبها حقا ؟
غضنفر(أخذ الهاتف من يدها):- آه يا ربي أنا أتحدث شرقا وهي غربا
جوزيت(نهضت خلفه بلهفة):- أرجوك أخبرني .. الفتاة تشبهني لدرجة كبيرة هل أحبها لأنها تشبهني فقط أم ماذاااا ؟
غضنفر:- لعلمك ميار توقف عن زيارة قبرك منذ سنوااااات عديدة ، وأظن زيارتكِ للعم نجمي تفيد ذلك يعني نسي أمركِ يا جوزيت دفنكِ ورماكِ خلف ظهره والتفت لحياته فالتفتي أنتِ أيضا للمفيد وكوني في صفي ستكونين الأقوى بمحالفتي ، لأنكِ لو وقفتِ في صف ميار وحكيم سأعتبركِ عدوتي وأدمر كل شيء حولكِ …
جوزيت(نظرت إليه وهي تتمالك نفسها):- كيف أجبرته على التوقيع ؟
غضنفر:- الشكر لناريانا هي التي قامت بكل شيء ، تحت تهديد بسيط يعني ..
جوزيت:- ماذا فعلتم ؟
غضنفر(ضحك بهزل وهو يهز كتفيه):- استمتعت بحقن الشابين بحقنة الأدرينالين قلقا على ميرنا وإياد اللذين استقبلتهما ناريانا بقبو قصركِ أثناء نومكِ ليلة أمس …
جوزيت(جمعت فمها باشمئزاز منه):- قمة القذارة ..
غضنفر(اقترب منها بريبة):- كل شيء جائز في الحب والحرب .. لنرى إلى أي مدى ستتحملين عشق مياركِ لامرأة أخرى آه تعتبر بديلة لكِ ههه …وبالمناسبة بعد أن أنهيت كل الأخبار يمكنكِ المغادرة والعودة لقصرك حين أطلبكِ أريدكِ أن تحضري إلى هنا في لمح البصر ، وللتذكير إن أفضيتِ بأمري ومكاني لأي أحد اعتبري كل اتفاقنا ملغى وقتها حضري نفسكِ لدوامة الغضب التي ستجرفكِ للحضيض ..
جوزيت(وجدت نفسها متورطة مع هذا الوحش ورمشت بعينيها):- اعتبر طلباتك مجابة
غضنفر(حمل الجريدة ببرودة):- جميل جدا ، أحبكِ حين نتفق هيا اجمعي أغراضكِ وارحلي
جوزيت(هزت رجليها لتصعد وتحضر حاجياتها الخاصة ولكن توقفت عند الدرج):- كيف نجوت من الموت قبل سنتين ؟
غضنفر(صغر عينيه باستهزاءّ):- هه أملك غربانا محلقة فوق رأس ميار هي التي تمدني بكل الأخبار ، يعني لو فكر باللعب ضدي يصلني الخبر في ذات اللحظة لذا لا تشغلي بالكِ واهتمي بتنفيذ أوامري فقط
جوزيت(ابتلعت ريقها وصعدت وفي سرها):- أعدك يا غضنفر أنك ستنام بقبرك على يدي ، لن أسمح لك بأذية ميار أبداااا أبداااا ..آه يا ميار هل أحببت حقا شبيهة لي ألهذه الدرجة اشتقت لي تت ؟؟ …
زفرت بعمق وهي تلعن حظها الذي جعلها في ذلك الموضع ، بينما كل شيء فيها مشتاق له دخلت للغرفة التي قضت فيها ليلتها وارتدت سترتها ولبست كعبها وحملت حقيبتها ونظرت لنفسها بالمرآة وهي تشعر بوخز ببطنها جراء كل ما عايشته ، مسحت على جبينها وتحركت صوب الخروج وهي تنزل انتبهت للجانب الآخر من الدرج لغرفة مفتوحة هناك تقدمت نحوها بفضول ودلفت إليها وهي تحاول إرضاء رغبتها بإيجاد شيء ضد غضنفر ، لكن ما وجدته كان مختلفا تماما عما توقعت فالغرفة كانت تخص سيدة ما إذ كان موضوعا على منضدتها عدة مستحضرات التجميل وعلبة إكسسوارات وعطور مختلفة ، بينما على جنب مشجب أرضي عليه عدة أطقم نسائية أنيقة ، تعمقت بداخل الغرفة التي بدت مستهلكة من جديد وليست مهجورة ، عقدت حاجبيها أكثر وهي تلتف لجانب مخصص للثياب والأحذية وقد كان مثل فترينة عرض لقطع نفيسة ، فيها كل ما تستحبه المرأة لأجل جمالها حتى الحقائب كانت منسقة حسب الطقم وحسب الحذاء .. أدهشها الترتيب الغريب وهذا ما جعلها تبحث عن صورة هنالك تتعرف فيها عن المرأة التي تعيش في كنف غضنفر ولا يعلم عنها أحد ، معقول تكون كهرمانة لكن يستحيل هذه تعيش تحت ظل ميار طيب من هذه المرأة ؟؟
غضنفر:- من العيب اقتحام غرف الناس دون إذن
جوزيت(ارتبكت لكن سرعان ما استعادت ثقتها):- غرفة من هذه ؟
غضنفر(أشار لها ناحية الباب):- أمامكِ خمس ثوان لتتبخري من أمامي ، وإلا سأجعلكِ حبيسة هنا لسنة وتعلمين أنني أفعلها ..
جوزيت(ابتلعت ريقها وهي تتنهد عميقا):- سنلتقي يا غضنفر …
زمجر وهو يرمقها تغادر الغرفة المحصنة التي يقدسها بشكل عميق ، تنحى جانبا وهو يتأمل كل زوايا الغرفة ويتحسر بأسف للحياة التي لم تنصفه حتى اليوم .. بالرغم من أنه سرق منها المال والقوة ولكنه لم يستطع سرقة قلبه الذي لأجله ضحى بالغالي والنفيس .. تقدم ناحية المنضدة وأمسك زجاجة العطر بين يديه وقربها من أنفه ليلتصق أريجها بين خياشيم وجده
غضنفر(فتح عينيه بتأمل):- يوما ما ستحبينني … يوما ما …
ترك زجاجة العطر وانسحب إلى ركن ذكرياته لينعزل مثل العادة ، أما جوزيت فما إن ركبت بسيارة رجل من رجال غضنفر وهي ترج برجلها رجا توترا وقلقا ، أفكارها تلعب الكرة في عقلها فلم تستطيع الوصول لهدف يشفق عليها ويصل بها لفكرة واضحة لكل ما رأته ، وجدت أنها ترهق نفسها كثيرا فمنذ الأمس وهي تعايش حقبا زمنية من الآلام والأحزان يكفي يكفي .. قالتها ولم تدرك أنها تفوهت بها بصوت مرتفع حتى أفزعت السائق وسألها إن كان كل شيء على ما يرام ، لم تطل الحديث بل طلبت منه أن يدعك فرامل السيارة ويوصلها بلمح البصر إلى قصرها الذي ما إن لاح لها بعد مدة ، كأن أساريرها كلها انفرجت خرجت من سيارته دون أن تغلق الباب حتى بل ركضت ركضا للداخل وهي تبحث عن مستقرها في عيون شقرائها التي نزلت من فوق بقميص نومها الذي كانت لا تزال تربط رباطه على جنب ، لم تهتم لا بقدميها الحافيتين ولا بحالتها بمجرد أن فتحت عينيها استشعرت وجود جوزيت وسمعت صوت السيارة بعدها ثم ركضت وها هي ذي تبكي ما إن دخلت نبضها إليها
ناريانا:- اهئ جوووووووزيت
جوزيت(رمت الحقيبة جانبا وركضت إليها):- ناريانااااا حبيبتي …
ناريانا(عانقتها بمحبة وهي تضمها ضما حارا إلى صدرها):- آه يا روحي آه ، كم كانت ليلة سيئة بدونكِ لأول مرة أشعر بكمية الحزن من فراقك
جوزيت(مسحت شعر ناريانا ووجهها):- أنا لم أنم جيدا ليلة أمس ..
ناريانا(قبلت شفتي جوزيت وخدودها وعينيها وجبهتها):- ولا أنا .. دعينا ننام الآن همم وبعدها نتكلم في مليون ألف شيء
جوزيت:- صدقيني حضنكِ الآن يعتبر بالنسبة لي مفرا من دنيا الآثام …
ناريانا(لامست الحزن في عينيها وسحبتها معها):- خذي حقيبتكِ .. واسبقيني سأنبه على عنبر ألا يزعجنا هاه وكذلك سأطلب فطور لكلينا
جوزيت(ابتسمت وهي تشعر بالأمان):- ماشي ..
كما أرادت ناريانا تم ، بسرعة جهزوا الفطور وأدخلوه لغرفة جوزيت التي بدلت ثيابها واستقرت بفستان بيتي بينما جلست ناريانا على الكنبة تصب الحليب وتدهن الشوكولا على الخبز المحمص ..
ناريانا(ابتهجت لحظة خروج جوزيت من الحمام):- نعيما ..
جوزيت:- حمام سريع أردت أن أزيل فيه بعضا من غبني ، أتعلمين أتضور جوعا لم آكل شيئا من البارحة
ناريانا(أشارت لها لتجلس قبالتها):- هيا تعالي عزيزتي بجانبي سأجعلكِ تفطرين من يدي ..
جوزيت(جلست بأدب قبالتها):- ما كل هذا التهذيب والحنان ست ناريانا مع العلم أنكِ في غيابي على الأغلب أسقطتِ نصف رجالنا بفراشك …
ناريانا(تقدم لها الخبز المحمص):- هوووه أنظروا لسفالة الصباح ، لعلمك قبعت في غرفتي أبكيكِ حزنا وخوفا لم أعرف كيف أتصرف لوهلة فكرت لو أتصل بميار وأخبره بكل شيء كي ينقذكِ من ذلك الرجل الغريب ..
جوزيت(تبلدت بسمتها وقضمت قضمة):- لنأكل أولا وأحكي لكِ كل شيء …
مباشرة بعد الفطور الذي مضى في جو هادئ استقرت الصديقتين على السرير نائمتين بجانب بعضهما وناريانا تحضن جوزيت وتمسح على شعرها وتبكي معها ..
ناريانا:- حسن لم أحسب أن القصة مؤلمة لهذه الدرجة .. لقد جعلتني أستذكر موت أهلي
جوزيت(رفعت رأسها ومسحت دمع ناريانا):- تمام أنا وأنتِ قليلات حظ ، لم نتعرف على أهلنا ولم نعش معهم لم نناديهم حتى بما أحقه الله لأجلنا ، لا ماما ولا بابا هفف لكن لقد كسبتكِ وكسبتني ,, أختين في السراء والضراء ..
ناريانا(شبكت يدها في يد جوزيت وهي تبتسم):- حتى الموت
جوزيت(بابتسامة يقين):- حتى الموت …
ناريانا:- تت جوزيت علي أن أصارحكِ بشيء مهم حصل هنا ليلة أمس ..
جوزيت(لاعبت خصلة شعر ناريانا التي مسحت دموعها):- ميرنا الراجي .. أعلم بأمرها
ناريانا(ارتفعت بقلق وهي تحاول قراءة ملامح جوزيت):- وماذا تنوين ؟
جوزيت(لمعت عيناها واقتربت من أذن ناريانا):- ناري .. ما سأخبركِ به الآن لازم ، بما أنه ظهر لي شبيهة وبما أنني قادرة على تغيير شكلي لأصبح مثلها هذا سيمكنني من انتحال شخصيتها لوقت مؤقت .. وقت بسيط فقط أرى فيه ميار عن قرب وأحادثه وألمس وجهه وأسمع نبضه ، فقط هذا أرجوكِ ناريانا ساعديني
ناريانا(انتفضت برفض):- هئئئئئ هل جننتِ يا ويلي ويلاه ، ماذا تهذين أنتِ جوزيت أتحسبين أنه لن يعرف الفرق بينكما ، ثم هي ليست شبيهتكِ لتلك الدرجة وكأنكما توأم بالعكس الفرق بينكما شاسع هي تتمتع بأشياء لا تملكينها يا جوزيت وأنتِ كذلك فيكِ مميزاتك الشخصية
جوزيت(جلست محلها وهي تفرك يديها):- أعلم ذلك قد رأيت صورتها وسنبحث في الأنترنيت عن كل المعلومات الخاصة بها ، أريد أن أعرف كل شيء عنها حتى عدد أنفاسها في اليوم ..
ناريانا(لمست جبين جوزيتّ):- من الواضح أنكِ تعانين من اضطراب صباحي ..كبدي عليكِ يا صديقتي العزيزة راح شبابكِ هباء منثورا
جوزيت:- كفي عن السخرية هنا ،أنا أتكلم بجدية يا ناريانا أحتاج للقيام بذلك ولو مرة واحدة فهل ستساعدينني أم أرمي نفسي في النار ؟
ناريانا(بعد تفكير طويل في عناد صديقتها):- فرضا ساعدتكِ وقمنا بصبغ خصلات شعرك وتعديل حواجبكِ لتشبه حاجبي ميرنا تلك ، وقمنا بتعديلات المايكاب التي تجعلكِ هي وبدون شك وأيضا عرفنا شكل لبسها نوع عطرها طريقة حديثها وابتسامتها ، نصل بعد كل هذا يا فهيمة للخطوة الصعبة كيف ستعرفين التوقيت المناسب لظهور ميار في حياة ميرنا ؟
جوزيت(بقلة حيلة):- لا أعرف لكن .. أحتاج لرؤية إياد أولا وبعدها سوف أجد فرصة وأجمع فيها بعض المعلومات التي سنستنتج منها ظهور ميار
ناريانا(مصت شفتيها):- هذا غير كاف .. تت إنه حقا موضوع شائك لكنه وارد يعني وليس بالشيء المستحيل
جوزيت:- هاه هل فهمتِ هل وصلكِ شعوري ، أشعر بلهفة هنااااا في قلبي مذ أن سمعت بأمر تلك الغبية لعلمك سوف أنسفها إن لم تبتعد عنه أقسم ..
ناريانا:- له له هي ابنة عمكِ في الأخير
جوزيت(رفعت حاجبها):- أنا ابن عمي شخص واحد فقط وهو ميار .. أما إياد فيعتبر أخي
ناريانا(ضربتها لجبهتها):- أزيلي هذه الأفكار الحمقاء من عقلك ، أنتِ لن تقومي بهذا الهبل لأنكِ ببساطة لا تستطيعين ضبط لسانكِ وتصرفاتكِ أمام مياااااااار ومن بعيد ، فما بالكِ بالتقرب منه لدرجة التحام الأنفاس ؟
جوزيت(عقدت حاجبيها):- هئئ ألا تثقين أنتِ أيضا بي ، اعتقدت أن المشكلة فيني أنا فقط
ناريانا(ابتلعت ريقها وهي ترى حزن جوزيت):- طيب سنقوم بتجربة صغيرة
جوزيت:- هااااه ما هي ؟
ناريانا(أمسكت هاتفها):- سأعطيكِ رقم ميار وتُفعلين اتصالا من هاتفكِ برقم مجهول وتسمعين صوته ، إن تحملتِ لمدة دقيقتين سوف تجدين دعمي الكامل في هذه المهمة
جوزيت(لوت شفتيها باستغراب):- أنتِ تلوين ذراعي هنا …
ناريانا:- هذا شرط التأمين خاصتي ، هاه ما قولك ؟؟؟؟؟؟
جوزيت(والهاتف في أذنها بعد لحظات):- … إنه يرن هه تييييييت تيييييييت … تييييييييت تيييييييت تيتيتيتيت تت لا يجيب طبعا لن يجيب فهو حضرة الفهد البري ..
ناريانا:- أعيدي الاتصال مرة أخرى سيرد ..لأن رقمه لا يوجد إلا مع المقربين فقط ونحن من ضمنهم يا بنت
جوزيت(اعترتها خيبة أمل ولكنها ابتسمت مجددا بحماس):- تيييت تييييت تيي ..
ميار:- ألو .. ألو نعم من معي …
جوزيت(بدموع تساقطت من عينيها تنفست بعمق وهي تحاول ضبط نفسها):- ..لارد
ميار(باستغراب مال بشفتيه):- ألو … نعم ؟؟؟
جوزيت(أغمضت عينيها وهي تستسيغ صوته العذب عبر الهاتف):- اشتقت لك …
ناريانا(خطفت الهاتف منها وأقفلت الخط بسرعة):- الله يخرب بيتك يا شيخة مثل ما خربتِ كل شيء ، أرأيتِ أرأيتِ أنكِ لم تتحملي حتى 30 ثانية …
ميار(بعد أن أعطى الهاتف لرشيد توجه لمكتبه):- من كان على الهاتف يا رشيد ؟
رشيد(عقد حاجبيه لما سمع كلمة "اشتقت لك" واستغرب لكنه لم يتفوه بحرف):- على الأغلب رقم خاطئ ..
ميار:- تمام لا تطل التدقيق واذهب لأمي كهرمانة كي تساعد في ترتيبات حفلتها ليوم غد
رشيد:- تحت أمرك …
ميار(أخذ هاتفه وأعاده لجيبه وعاد لمراجعة بعض الأوراق):- تمام .. انصرف
جوزيت:- ما ربما لم يسمعها يعني أنا همست بها بشكل متقطع والله بدون شعور
ناريانا:- يكفي لن تتحركي من هنا قيد أنملة ، انتهى النقاش ..
جوزيت:- ناري … يا ناري
ناريانا(وضعت رجلها على ركبتها وهي مولية ظهرها لها):- لا ناري ولا نارك قلت كلمتي الأخيرة ، لا يعني لا يعني لا ..
جوزيت(بتودد حكت رأسها في كتف ناريانا):- ناريانتي ؟؟
ناريانا(بطرف عين):- لا تحُكي وجنتكِ فيني كالقطة فلن تستعطفيني بذلك الشكل
جوزيت(سبلت بعيونها لناريانا مرتين):- همممم ؟
ناريانا:- أستغفر الله .. تمام يا ابتلائي تمام لنفعلها واليوم فقط كي أراكِ تخطئين وتعدلين عن هذا الجنون ولا تفتحيه أمامي مجددا
جوزيت(طارت عليها بعناق وقبل):- أحبكِ أحبكِ أحبكِ …
ضحكت ناريانا على صديقتها المجنونة ومن فورهما اتصلا بفريق التزيين خاصتهما ليحضروا فهنالك أمر طارئ ومستعجل ، كانت جوزيت جالسة أمام المرآة بينما كان المزين يصبغ خصلات شعرها السفلية باللون الأشقر بعد أن فتح لونه للبني الفاتح مثل شعر ميرنا تماما ، بينما كانت مزينة تعدل حاجبيها وأخرى تقلم أظافرها ، في حين كانت ناريانا تتصفح صور ميرنا بينما جوزيت كانت تقرأ مقالاتها وسيرتها الذاتية من شاشة الآيباد التي كان يرفعها عنبر لأجلها كي تستطيع القراءة .. سويعات بسيطة وها قد خلقت ميرنا 2 فيا ويل ويل ويل أمي ^^..
ناريانا(شهقت وهي تراها):- هئ أكاد أقسم أنكِ نفس الفتاة التي كانت هنا أمس
جوزيت(عضت شفتيها):- لم يعجبني نفسي لكن .. للضرورة أحكام
ناريانا:- أعرفكِ يا غيورة ، تحبين الاستفراد بنفسك لكنكِ مميزة كما أنتِ وما قمتِ به لأجل عيون فهدنا البري ..
جوزيت:- كل شيء تمام صح ؟
ناريانا(حركت رأسها بلا):- عدا عن الصوت الذي يجب عليكِ ضبطه قليلا ، فلو انتبه لكِ أحدهم ادعي إصابتكِ بالزكام ماشي .. إينيوي بقي شيء واحد فقط .. نعم أدخل يا عنبر
عنبر(قدم لناريانا كتابا صوريا):- تفضلي آنستي
ناريانا(أمسكته بلهفة وصرفت عنبر):- الآن سنلتقط معا وشم الفراشة وحرف الإم بالأجنبي ونلصقه على كتفك ..
جوزيت:- هل تضع الأخت وشما كهذا .. لا والله ما عرفت أن جدي إسماعيل يوافق على هذه الخزعبلات ؟
ناريانا(عقدت حاجبيها من جملة جوزيت):- كأنكِ عايشتِ تلك الحقبة أكثر من اللزوم . جوزي نحن هناااا حاذري ما تقولينه وما تفعلينه ..
جوزيت(أنزلت كم فستانها):- ضعي الوشم وخلصيني ..
ناريانا:- عنبر يقول أن الفتاة لم تظهر بالجريدة ..
جوزيت(بتوجس):- طيب ماذا عن بيتنا .. أ..أقصد بيتها بيتهم العائلي ؟
ناريانا(أشفقت عليها ولكن لم تبرز لها شيئا):- وضعنا رجلا هناك سيفيدنا بمكانها بعد قليل
جوزيت(نظرت بكره للمرأة):- إن كان هذا الشكل هو الذي سرق قلب ميار ، سأستعمله لكي أعيده لي … وحدي ..
بتوعد أخذت تتطلع لنفسها وهي تميل يمينا وشمالا مختالة بنفسها تحت دهشة ناريانا التي لم تعرف ما ستفعله مع هذه المجنونة ، لننتقل مباشرة للمجنونة الأخرى التي كانت تعايش ضغطا من نوع آخر … كانت تطقطق برجلها عند درج السلم الحجري وهي تنتظر سيادة الباشا ليتكرم وينزل إليها ويأخذها للبيت ..
حكيم(يعدل ياقة قميصه وهو يضع نظارته الشمسية وينزل الدرج):- هه هل تأخرنا على الحلوين ؟
ميرنا(هزت شفتها بامتعاض):- كلمة حلوين لا تناسب قاموس حروفك المقزز
حكيم(فتح فمه وأنزل نظارته ليصدق ما تفوهت به):- عجيب أمركِ .. مودكِ في الصباح ولا مود العم أبو فواز ..
ميرنا:- فقط ارحمني أنت تستفزني منذ الصباح ، رجاء خذني لبيتنا تعبت أريد الذهاب لعملي
حكيم:- أليس غريبا أن تذهبي للعمل ووائل لا يزال بالمستشفى ؟
ميرنا(اختفت ملامحها باستغراب):- وماذا في ذلك ؟
حكيم(مط شفتيه وغمزها):- عيب يا ميرنا .. تتت بما أننا ثنائي سعيد يجدر بنا زيارة المريض هاااه .. اركبي
ميرنا(بقلق):- ماذا تعني بكلامك يا حكيم أنت توترني ؟
حكيم(عدل نظارته وزمر للحراس كي يفتحوا الباب):- لا تستعجلي ستعرفين كل شيء بوقته
لم يبرز لها أي شيء من تحركاته بل تركها صريعة الحيرة والاستغراب ، إلى أن وصل بها للبيت ووجد الأمور فيه هادئة بعد أن خف التوتر داخلها قليلا …
عواطف:- ميرناااا صغيرتي ..
ميرنا(عانقت أمها):- مهلا ماما لا تجزعي بدون داع أنا بخير ..
عواطف:- أعلم يا روحي ، لكن حين استيقظت وأخبرتني نور أنكما بالقصر البحري قلقت
حكيم(قبل جبين عواطف ودلف للصالون):- حسن أعدتها لكِ سالمة غانمة ليس بها طرف ناقص …
عواطف:- هئ ههه دعابة جيدة من على بكرة الصباح .. تعالي حبيبتي ..
حكيم:-أووه جدتنا نبيلة الجليلة صباح الخيرات
نبيلة(رفعت رأسها إليه وإلى ميرنا وزفرت بعمق):- ها قد عادا الآن ، هل نستطيع الذهاب ؟
نور(نزلت وهي تتأبط حقيبتها):- اليوم الدور على جدتك تقف لي كالشوكة في الحلق ، قال ما قال تريد أن تزور وائل …
ميرنا(ابتلعت ريقها ونظرت لحكيم الذي حرك رأسه بابتسامة):- هفف..
حكيم:- لما لا .. لتذهب جدتي وتزور من تشاء ..
مديحة(خرجت من المطبخ وهي تعدل وشاحها):- له ماذا يقول ، منذ متى يا ولد ؟
حكيم(ابتسم لميرنا وعانق مديحة):- بدون مناسبة .. هكذا
نور:- أوك هنالك شيء غريب بكما .. ماذا حصل ؟
ميرنا(مسحت خلف عنقها بتوتر):- ماذا سيحصل يا روحي .. هه لا تبدؤوا أنا بغرفتي ..
حكيم(هز لها رأسه وتابع باستفزاز):- قادم حبيبتي ..
ميرنا(رفعت شفتها ممتعضة):- هذا ما ينقصني ..
نبيلة:- هل رأيت أختك إخلاص يا ترى ، أم أن شغلتك الأخيرة جمع زوجتك من الشوارع ؟
حكيم(نظر لنور التي رفعت له كتفيها بعدم فهم لأنها لم تنطق بحرف):- ماذا تقولين جدتي؟
نبيلة:- أتحسب أن هذا الشيب وهذه التجاعيد اكتسبتها عشوائيا يا ولد، أنا أعجنك وأخبزك وآكلك أنت وكل شخص في هذه الدار كبيرا كان أم صغيرا .. لذا لا تستغبيني وأجب عن سؤالي ؟
حكيم(مط شفتيه وجلس قبالتها):- لم أرها لكنني لم أسكت عن موضوع شيماء ..
نبيلة(حركت رأسها):- توقعت ذلك ، أنت لم تسكت عليه يعني لم تقدم على شيء في حق أختك وزوجها الخسيس ، ولم تتحرك لتعيد ابنتها بينما بعثت ابنة عمك لترفع شكوى ضده ، في حين أن رجل البيت ودعامته الذي عليه نعتمد تائه في الطرقات يبحث عن زوجته ؟
حكيم(عقد حاجبيه من كلام جدته):- كان لدي عمل ضروري لا يحتمل التأجيل
نبيلة:- طيب لما عدت للبيت طالما لن تنفعنا بشيء ، هل تفرح فقط باستعراض عضلاتك وإطلاق الأوامر والأحكام وكذا التصرف بسلطة في حياة زوجتك .. ليس هذا ما انتظرناه منك يا حكيم ليس هذااااا ، اسمعني جيدا إن لم تعد حق أختك إخلاص اليوم اعتبر أنني غاضبة عليك ليوم الدين … نور خذيني من هنا وأنتن ولا واحدة تلحقنا أريد أن أكون وحدي … امشي يا بنت
نور(هزت كتفيها بقلة حيلة لأمها وخالتها ولحكيم أيضا):- سلام قولا من رب رحيم ..
حكيم(بعد ذهابهما نظر لأمه وعواطف):- إخلاص .. هل هي حزينة لدرجة كبيرة ؟
مديحة(جلست قربه):- لا تتصور إلى أي حد ، لم تنم طوال الليل وهي تبكي
حكيم:- تت .. انشغلت حقا بعدة أمور لكنني لم أنسى الموضوع … حتى موضوع البنات لن أمرره على خير ..
مديحة:- وماذا ستفعل ؟
حكيم:- سأفعل ما أجيده يا أمي .. القوة تجابه القوة طالما أخذها إجبارا سأعيدها إجبارا
عواطف:- ابتعد فقط عن المشاكل ، لا نريد مصائب أخرى يا بني ..
حكيم:- امم تمام سأطمئن على إخلاص وأتحرك فورا .. ارتاحا
دخل إلى غرفة إخلاص وجدها نائمة على سريرها وقد بدا كأنها نامت منذ فترة بسيطة ، هالات عينيها كانت محمرة وهذا دليل على بكائها العميق ، شعر بالحزن على أخته ورفع هاتفه مباشرة بعد خروجه من غرفتها ..
حكيم:- طلال اجمع كل الرجال ووافيني وسط المدينة بعد نصف ساعة ..
طلال:- خيرا يا رجل الناس تقول صباح الخير ..
حكيم:- لا وقت لدينا يا طلال ، افعل ما أمرتك به نصف ساعة ونلتقي أسرع …
طلال:- تمام تمام سنكون هناك …
أغلق هاتفه وأعاده لجيبه وصعد لفوق تحديدا لغرفة عصفورته ، إن لم يزعجها لن يستطيع إتمام يومه على خير ههه ..
حكيم:- أردت فقط رؤيتكِ ..
ميرنا(كانت قد بدلت ثيابها بفستان أنيق باللون الرمادي وخطوط على شكل عروق بالأسود شاملة كل الفستان):- كما ترى أضع مكياجي وسأتوجه لعملي .. هل حضر سائقك يا ترى ؟
حكيم:- سأوصلكِ بنفسي ..
ميرنا:- خدمة مرفهة لم أحسب أنها ستأتي منك ..
حكيم(اتكأ على الحائط وهو يتأملها تضع ملمع شفاهها المعتاد):- تت أليس هنالك أمل أن يخرب ذلك الملمع ؟
ميرنا(صعدت معها حرارة غير متوقعة ونظرت إليه):- أخرج فورا من غرفتي ولا ترني وجهك أسمعت ؟؟
حكيم:- ههه مجنونة ..
ميرنا(رمت الملمع على المنضدة ونفثت بعصبية ثم حملته من جديد ولكنه سقط بين الأغراض ، أخذت تفتش عنه وانفتحت علبة إكسسواراتها فجأة):- تمام ميرنا لتعدلي شيئا خربي أشياء .. مهلا ..
تذكرت ليلة أمس حين كانت بحضن وائل وسألها عن قلادة الشمس هديته لها ، أخبرته أنها في الحفظ والصون وتذكرتها للتو .. لذلك ابتسمت وفتحت العلبة كي ترتديها لأجله من جديد وتشعر أنه منها قريب ، لكن الصدمة كانت كالتالي ….
ميرنا(بصراخ):- من الذي عبث بأغرااااااااااااااااااااا ااااااااااااااضي ؟؟؟؟؟؟؟
كان يكتف يديه متكأ على جنب الباب بينما مديحة وعواطف ينظران إلى ميرنا بقلة حيرة ، ويتبادلان بينهما نظرة ريبة من ردة فعلها فهما تعرفان جيدا أنها تقوم الدنيا وما تقعدها إن عبث أحدهم بأغراضها ولو خطأ ، لذلك الكل يعرف أن الدخول لغرفتها والمساس بأغراضها الشخصية ممنوع بل محرم ولو حدث يعتبرون أن أسبوع التعذيب النفسي قد بدأ …
مديحة:- والله يا بنتي حتى التنظيف يكون مقتصرا على الجوانب ، يعني بقية الأشياء أنتِ تقومين بها بنفسكِ كما دوما
عواطف:- أجل أجل يعني لم يعبث أحد بأشيائك..
مديحة:- أهاه .. لكن لو تخبريننا بالشيء الذي فقدته سنبحث معكِ لا محالة ونجده سوية ؟
عواطف(ابتسمت بتوتر):- أهاه فكرة جيدة
ميرنا(تحرك رجلا بريتم عصبي ويدها على خصرها وعيناها مسمرة على الأرض تستمع لهما):- أحدهم دخل غرفة وأخذ قلادتي … أريد لتلك القلادة أن تعود لمحلها في غضون وقت وجيز كيف سيتم ذلك وكيف ستتدبرون الأمر لا يهمني ..
حكيم:- هاااه .. قمة التهكم ست ميرنا .. عمتو أنتِ تقفين أمام أمكِ وخالتكِ احترميهن على الأقل ولا تجعليني ملطشة أمامهما ؟
ميرنا(مالت برأسها وهي تتأمله):- ههه أخيرا نطقت سيد حكيم ، في الحقيقة لم أشأ توجيه الكلام لك وتعمدت ذلك لأنني أعرف يقينا أنك من أخذها فأعدها لمحلها وإلا ستحدث مشكلة
حكيم(اقترب منها وقد اختفت ابتسامته وأخفض إصبعها الذي كان يشير له بحركة يده المسيطرة):- وإن لم أعدها ؟
ميرنا(بفزع):- هئئئئ يعني القلادة عندك حقااا .. أمي خالتي أريد قلادتي الآن الآن الآن …
مديحة:- يا الله أولاد أختكِ الصغار نيام حرام عليكِ ستوقظين الكل بصوتك
عواطف:- بني حكيم أعد لها أغراضها يعني لو كانت حقا لديك..
ميرنا(اقتربت منه بهلع وبكاء):- هي لديه أنا متأكدة ، أعدها لي ..
حكيم(بتلاعب):- إلى أي درجة هي مهمة لديكِ ؟
ميرنا(إنها هدية وائل يا غبي):- وما شأنك هي هدية .. وأريدها فورااااااااا ..
عواطف(حولت عينيها):- بما أن السارق قد ظهر لندعهما وشأنهما ، هيا مديحة أمامي
مديحة:- الله يهديكما هذا ما عساي أقول ..
حكيم(أغلق الباب خلفهما وتقدم إليها):- ما هذا الاستعراض الآن ؟
ميرنا(اقتربت منه بغضب):- أريد قلادتي
حكيم:- وأنا أضعتها ، سقطت مني لا أدري أين ..
ميرنا(بعدم تصديق):- أساسا لما تعبث بأغراضي ، من أعطاك الحق بذلك يا حكيم حرام عليك قد كانت شيئا مهما بالنسبة لي
حكيم:- تمام سأشتري لكِ غيرها لترضي ..
ميرنا(زورته بغبن وقد استسلمت لفكرة فقدانها):- كانتِ الشيء الوحيد الذي يريحني ، لكن حتى هذا استكثرته علي .. مؤسف بحق ..
حكيمّ(اقترب منها ووثب خلفها):- سأحضر لكِ غيرها
ميرنا(التفتت إليه بعد أن جلست على كرسيها بوهن):- لا أريد غيرها حكيم .. لا أريد
حكيم(عقد حاجبيه ، ألهذه الدرجة قلادة الأفندي مهمة بالنسبة لكِ وأنا الذي فكرت بأخذكِ زيارة له هذا المساء احلمي لن تريه ولو وهما):- تمام ابكي مفقوداتكِ على راحتك ، سلام
ميرنا(أمسكت كتابا ضخما كان فوق مكتبها ورمته صوبه فارتطم بالباب مع الأسف):- أغرب عن وجهي ..
حكيم(فتح فاهه وهو يناظر الكتاب الذي مر بجانبه كالصاروخ):- لو أصبتني به كنتِ تسببتِ لي بعاهة يا بنت .. لالا البقاء معكِ في غرفة واحدة بات مرعبا .. إلى اللقاء آه خذي سيارة أجرة للجريدة اليوم أنتِ مرفوعة عن المراقبة لأنكِ لو خطوتِ خطوة للمشفى ستجدين رجال الفهد أمامكِ ليصطحبوكِ معهم في جولة وهذه المرة ربما يعرفونكِ بأسودهم ههه .. باي
ميرنا(بكره وضعت رأسها بين يديها):- ماذا فعلت أنا .. كيف فقدت هديتك يا وااائل..بغبائي فرطت فيهاااا ، تت سحقا لي … سحقا ..

خرج من البيت وهو ممتعض فقلادة وائل أصبحت معضلة كونية بالنسبة للأخت ميرنا ، طيب جيد أنه تخلص منها ولن ترها لأبد الأبدين هذا ما ينقص أن تضربه لأجل قلادة الأمير واااائل بيك … زفر بعمق وهو يدلف سيارته ويحاول أن يركز على ما هو في خضمه الآن أخته إخلاص تحتاجه وعليه استرداد حقها بالطريقة التي يجدها مناسبة والتي يستحقها كلب مثل عمر ،، شغل موسيقى هادئة في سيارته وانساب معها لعله ينسى قليلا من التوتر الذي خلقته ميرنا وأيضا يستعد لما ينتظره .. في هذا التوقيت خرجت هي من بيتهم مزمجرة غاضبة تشعر بالتعطش لقتل أحدهم لو وجدته بطريقها ويا حلو سلم من التقت …
أم طلال:- يا هلا بالبدر يا هلا .. والله والله لو لم يخطفكِ بني حكيم كنت زوجتكِ لطلال يا أحلى العرايس ..
ميرنا(بتأفف خفي):- هه خالة أم طلال متى عدتِ من السفر ؟
أم طلال:- عدت لتوي وقلت لا وألف لا علي الاطمئنان على أخواتي بعدما حصل لكم … قلبي معكم طلال حكى لي موجزا لكنني ما فهمت منه تعرفين كلام الشباب ليس مثل كلام النساء عميق ويعطي كل التفاصيل
ميرنا(من بين ابتسامتها):- ههنن ولو طيب لن أعطلكِ على موجز الأخبار ، أمي وخالتي بالداخل سلام عليكِ ..
أم طلال(طرقت الباب وهي تتبع ميرنا بعينيها):- إيييه والله رصاصة مدمرة من سعدك يا حكيم ، الله يبعثلك يا حبيبي طلال بنت الناس اللي تسعدك أيضا …(كخخ لو تعلمين من يعشق ابنكِ يا خالة أم طالة لحفرتِ قبركِ وانتظرتِ يوم الفناءء ههه) هئئ عواطف قلبي معكِ يا أختي ….
عواطف(حركت رأسها فاليوم باين من أوله):- أدخلي أدخلي يا أم طلال ، جيتي بوقتك ..
دخلت أم طلال وهاتك يا أحاديث وأخبار وتعليقات ، ضيَّفتها رنيم ودخلت اطمأنت على دعاء التي سرعان ما تضايقت من وجودها فهي ترغب بالاستفراد لوحدها ، في حين فهمتها مديحة واستغلت تحضير رنيم للضيافة واستدعتها للصالون لإتمام حديثهم الذي لا يكتمل ^^..
في تلك الأثناء وفي قصر ميرا كانتِ الأمور مختلفة فالسيدة نبيلة اتضح أنها تلعب بدورها في فلكها الخاص ..
نور(أمام باب قصر ميرا):- ها أنا أحضرتكِ ماذا تريدين بعد ؟
نبيلة:- هل أحضرتني لأتصور مع باب قصرها ، أدخلي أريد رؤيتها مباشرة
نور:- فقط لو تخبريني ما سر هذه الرغبة الملحة ، قد كنا في طريقنا لوائل كي تحول اسمه لميرا فجأة ؟
نبيلة(رمشت بعينها):- رأيت حلما مزعجا ليلة أمس ، وقلبي من وقتها مخطوف لذلك أرغب برؤية أختك وإن لم يكن لديكِ أسئلة أخرى أدخليني إليها …
نور(بقلق من جدتها عقدت حاجبيها وزمرت للبواب):- تمام تمام لا تقلقي ، سندخل
دخلت نور بسيارتها بعد أن فتحوا لها الباب ، أعانت جدتها على النزول والتي استندت على عصاها وأخذت تنظر إلى كل شيء حولها وهي تتنهد ، درجة درجة إلى أن دلفت لداخل القصر ووجدت ذو الشعر المموج قبالتها ..
نبيلة:- أبعدي هذا الكائن عن عيني فورا يا نور ..
نور:- باتريك رجاء أعطي خبرا لميرا بوجودنا هنا ..
باتريك:- حسن هي ما تزال نائمة ، لكن ..أ تمام تمام سنوقظها يا هنادي يا بنت ..
هنادي(خرجت من المكتب ووجدتهم فارتبكت):- أهلا وسهلا ست نبيلة ست نور ..
نور:- أهلا هنادي .. نريد رؤية ميرا أعطيها خبرا ..
هنادي(بقلق نظرت جانبيا وتحركت):- حاضر على الفور .. باتريك أنظر ماذا تشربان
باتريك(قبل أن ينطق رفعت له نبيلة يدها):- هئ ..أ
نبيلة(بعزم):- ما دمت موجودة هنا يفضل أن تبتعد عن نظري لأزيد من ميل ، يكون أفضل لك من أن أخنقك بعصاي ..
نور(وضعت يدها على جانب فمها):- يفضل أن تنفذ بجلدك ، جدتي لم تطقك ولن تطيقك
باتريك(هرب فعلا):- ماماميا الآن عرفت من أين ورثت سيدتي ذلك العرق المجنون .. آخ
ميرا(انتفضت):- قلتِ من ؟
هنادي:- نور وجدتكِ نبيلة
ميرا(بتوجس):- هل حدث سوء لأحد من العائلة .. يعني هل هل مات أحدهم يا إلهي ؟
هنادي:- شتت اهدئي ملامحهم تدل على الهدوء ولا شيء مفزع … اهدئي سيدتي
ميرا(أمسكت على قلبها):- هفف طيب .. أ هل عاد شهاب وشادي ؟
هنادي:- ليس بعد ..
ميرا:- اتصلي به فورا ودعيه يعود للقصر ماشي .. سأغير ملابسي وأنزل
نبيلة(زفرت بعمق):- هل كل هذا وقت لكي تستيقظ الأميرة ، جعلتني أندم حتى لأنني فكرت بقلبي وليس بعقلي فواحدة مثلها تستحق النبذ
نور:- هئئئ له له يا نبيلة هل ستكسرين الثواب الذي كسبته من هذه الزيارة ، ستنزل ستنزل
نبيلة:- ما سينزل هو ضغطي إن شاء الله ..
نور(ضحكت من مزاح جدتها):- آخ عليكِ يا نبيلة لما يكون مخك مكيف هههه ..
نبيلة:- حسن يكفي سخرية أنا على آخري … الله الله
ميرا(نزلت بفستان مناسب وهي تخفي توترها بصعوبة):- مرحبا .. أهلا جدتي بكِ عندي أهلا نور .. أ ..أحم هنادي هل ضيفتهم ؟
نبيلة:- غادري يا هنادي مشكورة لا نريد شيئا .. نور .. ما رأيكِ لو تطيبي خاطر ذلك الأحمق الذي يراقبني من خلف بوابة الحديقة وكأنني وحش بأنياب شرسة ؟
نور(وميرا وهنادي أطلوا برأسهم صوب باتريك الذي فزع ودخل في نفسه وهو يهرب):- طيب يا جدتي لكِ ذلك ..
هنادي:- سآتي معكِ ..
ميرا(ابتلعت ريقها وهي ترمق جدتها بغرابة):- خيرا ؟
نبيلة:- ترحيبكِ بنا قبل قليل هل كان من قلبكِ أم مجرد تأدية واجب ؟
ميرا(جلست قربها وهي تمسح على يدها):- يعني .. لم أفكر قط قلته بشكل عفوي
نبيلة(نظرت إليها بتمعن وبعد لحظة صمت):- كم ؟
ميرا(بعدم فهم هزت حاجبها):- ماذا ؟
نبيلة(نظرت لبطن ميرا الخفي):- كم مضى على حملك ؟ ..
ميرا(بملامح الصدمة فتحت فمها وعيونها):- ولكن …
نبيلة(أمسكت يد ميرا):- لا تستخفي بقدرات جدتك ، صحيح هرمت لكن نظرتي للمرأة الحامل لم ولن تخيب فأجيبيني ..
ميرا:- تقريبا ثلاثة أشهر .. هكذا حسبما يقول الطبيب ههه
نبيلة:- وبدون زواج ؟
ميرا(مصت شفتيها وأرتها الخاتم):- تزوجت … البارحة بحضور حكيم وسوينا كل الأمور أصبح شادي رسميا معترفا بنسبه لأبيه شهاب ولي .. وهذه الطفلة أيضا ستحمل ذات النسب
نبيلة(مسحت على وجنة ميرا وهي تقرأ لمعة الحزن جلية في ناظريها):- طالما تزوجتِ وطالما أخذتِ حقكِ ومنحكِ شهاب احترامكِ وشرف أولادك ، لما أشعر بأنكِ حزينة في صبيحة زواجك ؟
ميرا(بغمغمة دمع اعترتها لحظتها حاولت تشتيت انتباه جدتها):- هههه معقول ، أنا سعيدة جدا حتى أنني أبحث أنا وشهاب عن مكان نقضي فيه أسبوع عسل فقط يعني كي لا نبتعد كثيرا عن شادي ، و أحم فكرت لو يعني لن يكون فيها إزعاج أن أتركه معكم
نبيلة:- طبعا طبعا ذلك بيت أمه وسيظل مفتوحا بوجه كل أحفادنا ، لكن طمئني قلبي ؟
ميرا(لا ينفع سوى جلدي القديم للهرب):- الله الله ومنذ متى حضراتكم تهتمون لأمري حتى ، منذ متى يا جدتي تقلقين علي ، أظن أن لكِ حفيدة أخرى تخافين عليها وتحرصين على راحتها أم تراها مشغولة بحبيبها المريض الآن ؟؟؟
نبيلة(ضربت بعصاها الأرض):- سمر ….
ميرا(انتفضت محلها وهي تنهض بتوتر):- ميراااا اسمي ميرا وأظن أن مباركتكِ وصلت جدتي ، نووور يا نور جدتي نبيلة على وشكِ المغادرة ..
نبيلة(نهضت وهي تتكأ على عصاها واقتربت من ميرا بحذر):- يمكنكِ الوثوق بجدتك ، فأنا وحدي القادرة على سماعكِ بشكل واضح .. حين تفرغين من هذا الدور التمثيلي تعرفين أين تجدينني سأكون بانتظارك ..
ميرا(مسحت على شعرها):- هه وهل أنا بحاجتك .. لا لا وفري ذلك لحفيداتكِ المبجلات احم .. آنستِ بزيارتكِ وشرفتِ جدتي .. هاه هنادي رافقيهما حتى السيارة مع السلامة ..
نور(رمقت تهرب ميرا ونظرت لجدتها التي رفعت حاجبها وهي تتأملها):- لنغادر جدتي ..
نبيلة(تحركت معها وركبت جوارها بالسيارة وانطلقا من هناك):- أختكِ تخفي شيئا
نور:- ماذا ستخفي جدتي أنتِ فقط من تضخم الأمور ؟
نبيلة:- تزوجها الرشواني ليلة أمس
نور(دعكت الفرامل بدهشة):- هئئئئئئ الخسيس ابن اللعين استغل الفرصة آخ بس عليه وأنا التي كنت أود تحضير فصل ناقص له في الزفاف ..
نبيلة:- الزفاف قائم في موعده آخر الشهر حسبما ما فهمت منها ..
نور(رفعت حاجبها بدهشة):- ماذا يعني هل حقا تزوجها لأنه يحبها أم ليرد لها اعتبارها ؟
نبيلة(نظرت للطريق حولها وقد بدأت نور تسرع):- نور ..اتصلي بالنطح زوجها الآن ومرري لي المكالمة
نور(وقفت على جنب):- جدتي أنا بجانبكِ أشعر بنفسي مثل الطفلة .. لو تشرحين لي قليلا مما يدور برأسك أفهم عليكِ وتفهمين علي وترحمينني من هذه الظنون ؟
نبيلة(مصت شفتيها واستدارت إلى نور):- اتصلي بشهاب ولا تزعجي أذني بنعيقك
نور:- هئئ أنا صوتي الجميل أصبح نعيقا ، طيب ابحثي عمن ينفذ لكِ طلباتك نبيلة هانم ..
نبيلة(رفعت العصا قليلا وضربت بها يد نور):- أنا لا ألعب معك .. أختكِ تخفي شيئا خطيرا شعرت به هنا في قلبي لذلك علينا أن نسأل زوجها النطح إن كان لديه فكرة
نور(وهي تدلك يدها التي ضربتها جدتها):- هاه قولي هكذا من البداية بدون أن تستعملي أداة التعذيب هاته .. هممم سأتصل بذلك الخسيس لأجلكِ فقط .. لحظة إنه يرن
نبيلة:- أعطني ..
شهاب(رفع الهاتف باستغراب):- نور الراجي تتصل ؟
فؤاد(بقلق):- حقا .. طيب أجب أجب ما ربما كان شيئا مهما ؟
وائل(رمش بعينه وبتوجس خفي):- أسرع شهاب ..
شهاب:- ألو نور ..
نبيلة:- أنا نبيلة ..نبيلة الراجي معك
شهاب(فتح فاهه ووضع يده على الهاتف):- نبيلة جدتهم تتحدث ..
فؤاد(نهض بقلق وشادي بحضنه):- له ليس لهذه الدرجة أكيد هنالك شيء ..
نبيلة:- هل أنت معي بالخط أم فقدت وعيك ؟
شهاب:- احم .. احترامي الشديد لكِ سيدة نبيلة معكِ ولو ..أي خدمة ؟
نبيلة:- أين أنت الآن ؟
شهاب:- بالمشفى مع وائل وكنت بصدد العودة للقصر ، هل تحتاجين شيئا ؟
نبيلة:- حتى لو احتجت هل سأطلبه من ثور مثلك ، اسمعني لا تبرح محلك لحين آتيك أنا قادمة أيضا لزيارة وائل ومنها أكلمك على انفراد
شهاب(عقد حاجبيه):- بخصوص ماذا ؟
نبيلة(زفرت بعمق):- التسرع الذي لا يطاق يجري جريا في عرق آل رشوان … / أقفلي هذا وانطلقي للمشفى
نور(وضعته في أذنها):- نحن قادمتان …
شهاب(أقفلوا الخط بوجهه):- أقسم أن تلك العائلة تملك أوراق رسمية في مشفى المجانين
فؤاد:- ماذا تريد منك ؟
شهاب(مط شفتيه بعدم فهم وهو يعيد هاتفه لجيبه):- لا أدري لكن ربما شيء يخص ليلة أمس ، ربما تريد أن توبخني هههه
وائل(بعدم اقتناع):- أيا كان الأمر فهو مهم ، لأن الجدة نبيلة لا تتدخل في أي شيء ما لم يكن خطيرا .. عساه خير
فؤاد(بتثاؤب):- عساه كذلك ..
وائل:- بعد ذهابهم سوف تغادر أيضا يا عم فؤاد ، أنت بحاجة للراحة والنوم
فؤاد(بدت عليه ملامح التعب حقا):- لا يا كبد عمك سأبقى ..
وائل:- أنا مصر على ذلك ، أنت لم تغادر للبيت منذ يومين وهذا فوق طاقتك لذلك من أجلي سترتاح وتعود بالمساء ما رأيك ؟
فؤاد:- تمام .. ولكن من سيرافقك إلى حينها فهذا الجحش أيضا سيغادر لعروسه
وائل:- لا تقلقوا ستأتي هديل أو نادر ..
شهاب(بارتباك حاول تشتيت انتباهه لغير شيء):- تت .. أستغفر الله ..
ما هي إلا فترة بسيطة وكانت نبيلة تسير بجوار نور في الرواق المؤدي لغرفة وائل ، دلفا إليها ووجدا فؤاد وشهاب وشادي برفقة وائل الذي تحرك بثقل كي يستقبلهما ..
نور:- خليك على وضعك لا نريد إزعاجك وائل ..
وائل:- أهلا بكما ..
نبيلة(نظرت لشادي الصغير وهو بين ذراعي فؤاد):- أريد أن أبقى قليلا مع وائل ..
فؤاد(نهض وأعطى شادي لأبيه وخرج رفقة نور):- هيا يا جماعة ..
شهاب(لحق بهما للرواق):- ها بابا هل تعبت قليلا بعد وسنغادر ..
نور(أمسكته عنه وهي ترفع ملامحها مشمئزة):- ها بابا .. لتوك عرفت ّأن لك ابنا يعني ألا تعلم أن جو المستشفيات لا يليق بصغار مثله ؟
شهاب:- يا ربي لن نسلم من لسان هذه اليوم .. عمو تكفل أنا سأحضر قهوة وأعود قبل خروج الست نبيلة ..
فؤاد(ابتسم له ولاعب يد شادي بحضن نور):- لما أنتِ منزعجة ؟
نور:- لا تكلمني ولا تخاطبني ، أنت لا تقدرني فقط تشبعني كلمات واهية وشعارات لا أساس لها من الصحة مجرد ترهات
فؤاد(فتح عينيه بدهشة):- هذا أنا ؟؟؟
نور(بإصرار):- نعم أنت … ولذلك لو سمحت سيد فؤاد سيكون كلامنا من الآن فصاعدا في إطار العمل ولا شيء غير
فؤاد(وضع يده بجيبه):- حقا أثرتِ انتباهي لنقطة مهمة ، يا ترى من سمح لكِ بالتغيب اليوم طالما مديركِ غير موجود على المساعدة أن تكون خلف المكتب تدير الأمور
نور(بتوتر تحركت وهي تهز بشادي):- هه … أ يعني في ظل الظروف الراهنة لم أستطع الذهاب ثم ثم قد اتصلت بمنذر وسمح لي
فؤاد:- ومن فينا المدير أنا أم منذر ؟؟؟
نور:- تمام تمام لن تأخذها حجة .. ها أنذا أطلب منك الإذن الآن هممم ؟
فؤاد(عقد حاجبيه وهو يبتسم بعينيه):- دوما ما تغلبينني ..
نور(حولت عينيها بعد أن تكرم عليها):- مشكور سيد فؤاد
فؤاد:- والآن لنتحدث بوضوح لما أنتِ منزعجة مني ؟
نور(عدت حتى الثلاثة فهي لا تستطيع كتمان الموضوع):- كيف لم تفكر بإخباري بزواج ميرا وشهاااااب ، قد أخفيت عني الموضوع مثلك مثلهم
فؤاد:- هاااا زواج ميرا وشهاب الذي جعلكِ تسمعيني هذه الديباجة ، لعلمك أنا أيضا عرفت في آخر المطاف وشهدت على الزواج رفقة ابن عمكِ حكيم فهل يا ترى حاسبته أيضا ؟
نور:- هئئ حتى هو أنتم إذن عصابة … لا بأس لا بأس
فؤاد(لامس شعرها وقبل وجنة شادي الذي استند بضحك على كتفها):- يا عيني يا عيني على المبتسمين … هاااه أنظري لخلق الله الوسيم تعلمي الابتسام منه وأنتِ عابسة كتركيبة مضادة للضحك
نور(فتحت فاهها لتشتمه لكن وجود صغير بينهما حال دون ذلك):- يفضل أن نصمت ..
وائل(باندهاش):- أصمت ؟؟؟ هه جدتي نبيلة أنتِ لستِ جادة في مطلبك
نبيلة(جالسة بجانبه على الكرسي):- عليك ذلك وائل .. لكي تبقى هذه السفينة على ما يرام عليك أن تصمت وتخرس مشاعرك ، أعلم أنني أقسو عليك بطلبي لكن أنا أرى حفيدتي تذبل أمام عيني يوما بعد يوم .. هي لا تعرف كيف تسعد مع زوجها في ظل وجودك لذلك ..حبذا لو تبتعد عن مدارها وتدعها تحدد خياراتها إن كانت ستمضي في هذا الزواج أو لا ذلك شيء لا يقرره أحد سواها
وائل(مص شفتيه بقلة صبر):- كوني مطمئنة ، أنا لن أتخلى عن ميرنا ولو تزوَّجَت ألف مرة
نبيلة(فتحت عينيها وهي تلمس تحديه):- مؤكد أن الحادثة تسببت لك بارتجاج في العقل
وائل(بحدة):- لقد تخليت عنها مرة .. والنتيجة كانت جرحا يصعب أن يندمل لذلك لا أنتِ ولا حكيم ولا حتى من يحاول التفرقة بيني وبينها قادر على انتزاعها من قلبي
نبيلة(زمت شفتيها وهي تنهض):- كأنني أرى عناد جدك فيك .. لكن صدقني ذلك العناد لم يجني خلفه سوى الأيام السوداء حكم عقلك وألف لا بأس عليك .. بالشفاء العاجل
وائل(استوقفها قبل أن تخرج):- لعلمكِ ميرنا وحكيم … أ تت ، ما أريدكِ أن تعلميه أنني أعرف حدودي جيدا ولست ألعب بعقل ميرنا أو غيره ومجيئها ليلة أمس الذي حاسبتني عليه قبل قليل راجع لمشاعرها التي يصعب التحكم فيها ، أتفهم خوفكِ من وقوع خطيئة بيني وبينها لكن صدقيني أنا مدرك لكل شيء ولن أؤذيها أو ألطخ سمعتها بسوء ، غير هذا لا تطلبي مني إخراس قلبي لأن هذا شيء يفوق قدرتي ..
نبيلة(فتحت الباب وهي تزفر بعمق):- إن كنت غير قادر على تركها .. أبعدها عنك
وائل(بغمغمة حزن ناظرها وهي تخرج):- هيا يا جدتي نبيلة تابعي ما بدأه السابقون فالكل يعارض علاقتي بميرنا ، وإضافتكِ ليست بالشيء الجديد .. آخ يا ربي آه …
نبيلة(رمقت نور شزرا والتي كانت تحادث فؤاد على جنب):- يا بنت ..
نور(ارتبكت من شوفتها):- جدتي أ.. كنت أحادث السيد فؤاد بشأن العمل و
نبيلة(قاطعتها بصرامة وهي ترمق فؤاد بطرف عين):- أعطي الطفل لعمه وانتظريني بنهاية الرواق ريثما أحادث شهاب ..
نور:- تت مجددا ستعزلينني
فؤاد(ضحك على جملة نور):- هه وأنا الذي اعتقدت أنني وحدي من يجلطكِ..
نور(صغرت عينيها فيه):- يفضل أن تصمت خذ شادي ..
نبيلة(رمقت ذهاب نور ونظرت لفؤاد):- لما تلاحق حفيدتي ؟
فؤاد(فتح عينيه بذهول ومسح أنفه متقدما صوبها وهو ينظر معها صوب نور):- لأنني أحبها وأرغب بالزواج منها ..
نبيلة(ابتسمت جانبيا وهي تناظر نور من بعيد):- أنت .. تتزوج حفيدتي نور ؟
فؤاد(عدل شادي في حضنه وبجدية):- حتى أنني عرضت ذلك عليها مرتين ولكنها رفضت
نبيلة(عقدت حاجبيها إذ الموضوع جدي):- اسمعني جيدا .. حفيدتي ليست متأهبة للزواج دعها وشأنها ويكفي زواج ابن أخيك من أختها لا ينقصنا مصيبة جديدة
فؤاد:- ماذا تعنين .. هل في نظركِ طلبي لنور خاطئ إنه من حقي ؟
نبيلة(ضربت بعصاها الأرض):- ليس من حقك أن تطلب ابنة آل الراجي في مستشفى ، لذلك الأمر قواعد وأصول وأظنك تعرف بيتنا جيدا لذلك ما كان جميلا أن تفاتحني فيه ها هنا ..
فؤاد(لم يفهم منها حرفا هل هي موافقة أم غير موافقة):- حسن أسحب كلامي … معكِ حق لذلك الطلب أصول وشروط وأنا أعرفها جيدا
نبيلة:- تمام أحضر كبيركم ليطلبها إذن ، لأنني لن أقبل بحضوركم هكذا بدون كبير المرة الفائتة فوتها لأنني كنت مجبرة فسمر لم تترك لي حل الاشتراط بعد فعلتها وطفلها الغير شرعي ، لكن هذه المرة لن أتنازل إن لم يكن بجوارك لن تطأ بيتنا
فؤاد:- أبي ضرغام .. هه مستحيل أن يوافق على الحضور ؟
نبيلة(تحركت بتحدي وهي تبتسم):- وأنا مستحيل أن أستقبلكم بدونه .. لذلك انس فكرة زواجك فحتى لو فرضنا أن حفيدتي وافقت عليك من قصر نظرها أنا لن أوافق .. بالإذن وأمسك الصغير جيدا لقد قام برضع القلم الذي تضع بجيبك وقد يصاب بمغص ببطنه ..
فؤاد(انتبه لشادي الذي كان يرضع القلم وأبعده):- له يا ولد ماذا تفعل تت …
نور(فركت يديها بتوجس وهي تطقطق بكعبها منتظرة قدوم جدتها صوبها):- ماذا تحدثتما ؟
نبيلة(حولت عينيها):- آه يا ربي وهل أنا مذياع كي أعيد عليكِ ما قلته .. أين شهاب ؟
شهاب(أتى بفنجان قهوته ورمقهما):- مرحبا ..
نبيلة(أمسكت فنجان القهوة منه):- أعطي هذا لفؤاد تحركي ..
شهاب:- ولكنه فنجاني .. احم أ.. لا بأس لا بأس ليأخذه عمي حلال عليه
نبيلة(بعد ذهاب نور نظرت مليا لشهاب):- لم تتغير نظرتي بخصوصك حتى لو تزوجتها ، فذلك جاء متأخرا بعد طفلين اثنين يا أفندي ..
شهاب(يا فضيحتك يا شهاب ها قد عرفت بالطفل الثاني):- ولكنني قمت بالصواب ، ثم أنا أحب ميرا وسأحرص على سعادتها أكيد
نبيلة:- والله لدي رهاب هستيري من وعود آل رشوان ، لذلك تجدني لا أصدق بسهولة وعودهم الكاذبة
شهاب(بغضب حاول كبته):- صبرا يا رب .. ست نبيلة
نبيلة(رفعت يدها مقاطعة له واسترسلت):- قد أتيت إلى هنا من قصر ميرا ، رأيتها وعرفت بأمر حملها وأيضا بزواجكما ليلة أمس .. لكن ما لم أفهمه هو حزنها الجلي بعينيها فهل يا ترى أحزنت حفيدتي ؟
شهاب(بقلق):- لا أبدا .. بالعكس يعني كانت سعيدة البارحة بمفاجأتي واليوم صباحا لم أرى منها أي حزن ، هل أخبرتكِ بشيء ؟
نبيلة(رمشت بعينيها):- طردتني بلباقتها المعهودة ، لكن بما أنك وحدك القريب منها في هذه الفترة عليك أن تعرف ما الذي يؤلمها
شهاب:- ربما بفعل الهرمونات والحمل تضايقت .
نبيلة:- هه .. لقد أنجبت أنا أيضا لأفهم ما تفعله الهرمونات بالمرأة الحامل ، وما قرأته في عيون زوجتك لم يكن بسبب ذلك هنالك شيء آخر لا يسعني تحديده من بعيد لذلك بما أنك الأقرب تصرف على أساس ذلك وراقبها
شهاب(فهم غاية نبيلة وهز رأسه):- تمام سأفعل ما يتوجبه دوري كزوج ..
نبيلة(أعجبت بجملته لكن أخفت ذلك):- مدهش .. أنت مارس دورك كزوج وأنا سأطمئن عليها بواسطتك في الوقت المناسب
شهاب:- هل هذا يعني أننا سنتواصل ؟
نبيلة:- هه ابتعد عني أيها الرشواني قبل أن أسخط عليك .. هيا نادي لي حفيدتي أريد الذهاب
شهاب(قرأ فيها شيئا غريبا حميما ودافئا):- لا أدري لما أستظرفكِ ست نبيلة ؟
نبيلة(أخفت ضحكتها ونظرت إليه وهي تتحرك):- ربما لأنني قريبة منك أكثر مما تعتقد ..
تركته مندهشا من جملتها وبمجرد أن تحركت انسحبت نور مزمجرة فلم تستطع معرفة ما الحديث المهم الذي دار بين فؤاد وجدتها .. وأيضا لم يستطع أي من شهاب التوصل لفكرة منطقية تجاه ميرا وعلى ما تخفيه من ورائه والذي لمسته جدتها وهو لا ..
فؤاد:- هل كل شيء بخير ؟
شهاب(أخذ صغيره وتحرك):- نتكلم لاحقا عمي علي أن أعود للبيت .. سلام
فؤاد:- سلام يا خويا … لا عجب أن تربكنا امرأة قديرة مثل نبيلة إنها بحق راجية أبا عن جد .. ههه آه يا نوري الآن عرفت من تشبهين … !!

في مكان آخر وبنفس الوقت
فتح هذا الباب لزائرته الغير متوقعة ، وجد نفسه يبتلع ريقه بقلة حيلة وأشار لها كي تدخل فحتى لو تهرب منها الآن لم يكن سيتهرب مرة أخرى ، إذ يعلم علم اليقين أنها عنيدة وعليها أن تفهم كل ما حصل يومها ..
ميرنا(فركت يديها ورفعتهما وهي تمسك فنجان القهوة الذي قدمه لها):- شكرا عمو نزار
نزار(جلس قبالتها يحتسي فنجانه):- نعم يا ميرنا ، أخشى أن زيارتكِ لي ليست بمصادفة
ميرنا:- صحيح قد قصدتك مباشرة يا عم نزار .. لذلك أتمنى أن تجيبني بصدق وترحم عقلي من كثرة الأسئلة التي راودتني من يومها
نزار(وضع فنجانه على الطاولة وشبك يديه):- تمام أنا أسمعكِ ..
ميرنا(وضعت الفنجان بدورها وفركت يديها):- ذلك اليوم .. نجاة وائل الذي توقف قلبه لأزيد من دقيقة أي نعم كان شيئا أشبه بالمعجزة ومنطقي يعني حتى الأطباء حللوا ذلك طبيا ، وشرحوا لنا لما توقف قلبه في تلك الدقائق ولما عاد للنبض شيء يشبه احتباسا دمويا على أكسجين في العروق بقلبه ، عموما هذا كلام علمي لن يثرينا بشيء بعد أن نجا وائل ..
نزار:- تابعي ولكن ؟؟؟
ميرنا(تنهدت عميقا وأشارت ليده):- وشمك يومها توهج ، وأنا كنت غائبة على الوعي وأنا مستيقظة بحيث سحبت نحو مكان معزول ليس فيه سوى أنا ووائل وأنت بالجوار وصوت امرأة تغني .. لحظة لحظتين ونظرت لندبتي أنا وندبة وائل اللتين كانتا قريبتين من بعضهما وكأن شيئا سحب مني وتخلل جسد وائل .. بعدها صمتتِ المرأة عن الغناء وخفت توهج وشمك وسمعت نبضات وائل وقد عاد للحياة ..
نزار:- ترغبين بتفسير صحيح ؟
ميرنا:- أظنه من حقي ..
نزار(نهض من محله وتوجه صوب غرفته):- تمام .. لكِ ذلك
ميرنا(عقدت حاجبيها من تصرفه ولمحته بعد برهة وهو يعود بكتاب كبير):- ما هذا ؟
نزار(جلس قربها وفتح الكتاب وفتش بين صفحاته إلى أن وصل لصفحة وشم الشمس):- أنظري هنا
ميرنا(أخذت تقرأ):- وهذا الوشم يتمتع به أفراد أخوية الشمس ، التي تمارس السحر الأسود لأجل علاج الأمراض المستعصية وأيضا ما فوق استيعاب العقل البشري ، هي أخوية تسخر قدراتها السحرية لفائدة الإنسان والحيوان ولا أحد يستطيع ممارسة تلك القدرات إلا من هم من أفراد الأخوية ، وعلى هؤلاء الأفراد أن يحرصوا حرصا شديدا على كتمان السر الذي سيموت معهم لأجل خلود الطاقة وإبقاء الأخوية في مأمن ..
نزار:- وأنا كنت من ضمن تلك الأخوية ، وهذا يفسر ما قمت به في غرفة العلميات
ميرنا(عقدت حاجبيها):- أؤمن بوجود السحر الأسود ، وأعلم جيدا أن هذه الأمور حقيقية فالله سبحانه وتعالى قد ذكره في قرآنه الحكيم ، لكن لست قادرة على استيعاب أي شيء كيف أقحمتني في الموضوع طالما هذا شيء خاص بك وحدك ؟
نزار:- سؤالكِ وجيه ، فلو تابعتِ قراءة النصف الثاني من المكتوب هناك ستجدين أنهم يذكرون الرابطة الروحية بين المريض وبين أقرب شخص له ، ومن الطبيعي في حالتنا أن تكوني أنتِ أقرب واحدة منه واستغليت الندبة التي تملكانها سويا في ذراعكما لشحن عقل وائل بالذكريات وبالمشاعر التي تجمعه بكِ .. ونصل بهذا لنقطة مهمة أنكِ من أعدته يا ميرنا حتى حينما سألناه عن تلك الدقائق أفادنا أنه لم يكن يسمع سوى صوتكِ وأنتِ تدعين الله بنجاته
ميرنا(اقتنعت تماما وأعطته الكتاب):- هل يعلم وائل بشأن تلك ل.. الأخوية ؟
نزار:- لا أحد يعلم ، ورجاء حار مني أن تبقي الأمر سرا بيننا ميرنا لأنني أفضيت لكِ به فقط لأنكِ كنتِ شاهدة على الحدث
ميرنا(ابتسمت وهي تستقيم):- حسن لا تقلق يا عم نزار سرك في مأمن ، أنا هكذا ارتحت لما عرفت وفهمت ما حدث موفقين بأخويتكم الخارقة هه
نزار:-محتمل ألا يصدق جيلكم هذه الأمور ، لكنها موجودة عزيزتي
ميرنا:- أصدق وبيقين تام ، فقد لمستها بنفسي حتى .. عموما لن أشغلك أكثر لندع هذا سرنا وزيارتي أيضا تبقى قيد الكتمان
نزار(وضع حركة القفل على فمه):- كما تشائين …
ودعته وخرجت من شقته وقد ارتاح عقلها من تلك النقطة الغير مفهومة ، وطبعا كذبة الأخوية لاقت مفعولها وصدقتها ميرنا دون تشكيك .. منذ عدة سنوات حصل نزار على ذلك الكتاب هدية من أحد الأشخاص الغاليين على قلبه ، ووجدها فرصة للهرب إن تم كشف حقيقته ومثلما خالتِ الكذبة على ميرنا ستخيل على غيرها … ارتاح من هذه المسألة وكذلك هي وانطلقت من هناك في سيارة أجرة وجدتها قرب المبنى واستقلتها صوب الجريدة ..
عنبر:- إلى أين آنستي ؟
ميرنا:- إلى جريدة الحقيقة لو سمحت
عنبر:- عفوا منكِ أنا جديد في المهنة يعني والطرقات كلها مختلطة برأسي ،لذا لو تدليني على مهل وتريني الطريق المختصر سأكون سعيدا بإيصالكِ آنستي الفاضلة ..
ميرنا:- آه طبعا طبعا .. اذهب للأمام مباشرة وبعدها سأرشدك ..
عنبر(أومأ لها وهو يبتسم والتفت يمينا وهو يهز رأسه لسائق السيارة ذات النوافذ المظلمة التي وقفت جانبه بإشارة المرور):- تمام ..
كانتِ الخطة كالتالي أن يتأخر عنبر بميرنا قدر المستطاع ليتسنى لجوزيت وناريانا الوصول إلى الجريدة قبلها ، بعد أن ترتدي جوزيت نفس فستان ميرنا يعني بعد أن تقتنيه لأجلها ناريانا كي لا يحدث خطأ .. هييه الأمر ليس سهلا أن يتم تقمص شخصية أحدهم فهذا يعني معاناة مستعصية ، وصلت ميرنا بعد وقت إلى هناك وحاسبت عنبر الذي كان يضع قبعة على رأسه الأصلع وطاف بعينيه بحثا عن سيارة سيدته وجدها هنالك بالقرب لذا غادر الموقع من فوره حسب الخطة .. هنا صعدت ميرنا مباشرة وبحثت عن إياد الذي وجدته خارجا وكأنه مغادر
ميرنا(في بوابة الجريدة):- أوه لا حقا تأخرت عليك يا إياد ..
إياد:- وكثيرا ميرنا لدي موعد مهم لا يسعني تأجيله
ميرنا:- تت علينا أن نتحدث ضروري لكن لا مشكلة نلتقي فيما بعد
إياد:- هل الموضوع مستعجل يعني ؟
ميرنا:- لالا يا روحي خذ راحتك المسألة عادية ماشي ..
إياد(وضع نظارته وتحرك بعد أن مسح على شعرها وقبل خدها):- تمام حبي نلتقي ..
صعدت ميرنا بينما غادر هو مقر الجريدة وتوجه صوب سيارته ، وهنا لم تستطع كبت دموعها وهي تراه أمامها بينهما مسافة بسيطة تفصلهما ، آه كم اشتاقت لذلك المدلل نظرت لباب الجريدة الرئيسي وتيقنت أن ميرنا قد استقرت بالداخل لذلك …
جوزيت(بتوتر وتردد):- أ.. إياااد
إياد(عاد إليها وهو يحرك رأسه بقلة حيلة):- أعرفكِ وأحفظكِ عن ظهر قلب طالما هنالك جملة محشورة في ذلك الصندوق ، فلن ترحميني قبل أن تدلي بها فهيا أنا أسمعكِ و هئئئ .. ميرنا ما بالكِ عزيزتي ؟
جوزيت(عانقته بحرارة دون أن تتفوه بحرف):- .. عانقني فقط يا إياد
إياد(عقد حاجبيه وابتسم وهو يعانقها بدفء):- ههه صدقا لن أستغرب لو رآنا أحد من الجريدة وحسبنا عاشقين ..
جوزيت(بدموع عضت شفتيها وهي تنظر إليه وتلمس وجهه):- ما أجملك يا روحي ..
إياد(عقد حاجبيه وهو يرى الدموع على وجنتيها ومسحها بظاهر يده):- أوك .. بدأت أقلق يا ميرناا .. كلميني ما الذي يزعجكِ ؟
جوزيت:- أ.. لا تأخذ ببالك نتحدث لاحقا يعني شكلك مستعجل
إياد: أخبرتكِ قبل قليل أن لدي موعد هام
جوزيت(أشارت له ليركب):- إذن لن أعطلك .. نلتقي لاحقا مثلما قلت لك .. باي
إياد(ركب سيارته ولوح لها):- سلام يا ميرنتي ..
جوزيت(وضعت يدها على قلبها وهي تلوح له بغبن):- وداعا يا قطعة مني .. آه يا إياد كم اشتقت لك يا روحي ..
ناريانا(نظرت حولها بعد ذهابه ونزلت بسرعة):- لنتحرك علينا أن نختفي يا جوزيت .. هيا
جوزيت(سارت معها بخفة حتى ركبتا بالسيارة):- أرأيتِ وجهه يا ناريانا ، آه ذلك الصغير قد كبر وأصبح شابا وسيما إنه أخي الصغير يعني ..حتى اتضح أنه ليس قريبي من الدرجة الأولى لكنه من لدن مشاعري وأحاسيسي قد أحببته كما لو كان أخي .. ههه ياااااه كم فرحت يا ناريانا أتشعرين بسعادتي ؟
ناريانا(عانقتها بمحبة):- أشعر يا عمري .. لذلك ها قد تجاوزنا خطوة مهمة وتبقى لنا خطوتنا الأساسية
جوزيت(مسحت دموعها):- هل عنبر في موقعه ؟
ناريانا:- أكيد لقد انتظر ذهاب إياد وهو يلاحقه من خلال سيارة الأجرة عينها كي لا يشك به
جوزيت:- جيد علينا أن نأمل مجيء ميار إليه اليوم ، وأيضا دعي الرجال بالسيارة الأخرى يرابضون هنا ما ربما جاء إليها تت .. آه يا ناريانا لو أراه كذلك سيرتاح قلبي وتكتمل أمنياتي
ناريانا(تفقدت هاتفها):- هه على أساس ستكتمل … هيا دعينا نتحرك فعنبر أرسل لنا موقعا
كان موعد إياد المهم مع طبيبه مراد اليزيدي الذي كان في عيادته بانتظاره ، وصل بعد برهة زمنية إلى هناك وجد أن مريضا واحدا متبقيا بداخل غرفة الطبيب ..أمسك هاتفه وأخذ يتراسل مع رقيته قليلا ليعرف أخبارها ويتفق معها على موعد للقاء ذلك اليوم ، أخبرته أنها ستذهب مساء للمستشفى هي والعمة نعمة لرؤية وائل وأجابها أنه سيكون هناك إذن ، أرسلت له عدة قبلات وقبل أن يرد عليها لاحظ خروج المريض فأرسل لها أيقونة سلام وقبلة
الممرضة:- تفضل سيد إياد الطبيب مراد بانتظارك
إياد:- مشكورة يا آنسة ..
مراد(نهض لاستقباله):- في وقتك تمام وعذرا تأخرت لبضع دقائق عنك
إياد(صافحه):- ولو يا دكتور الموضوع بسيط ، كان جميلا أن نتخذ موعدا قريبا لمنتصف النهار منه تكون العيادة قد بدأت تفرغ ومنه .. أكون على راحتي
مراد(لامس حنقه):- طيب .. ممكن لو تطفئ هاتفك وتزيل سترتك لترتاح أكثر
إياد(طاوعه):- تمام ماشي ..
مراد(عدل صورة عائلته ونهض):- ليكن بعلمك بعد الجلسة الأولى ستحدث بعض الاضطرابات أيضا قد تراودك ذكريات سابقة وترى أحلاما من الزمن الماضي ، لا تقلق كل ذلك طبيعي بعد الجلسة فقط هدئ من روعك وحاول ترتيب أفكارك بعد كل شيء تراه
إياد:- سأحاول … هه عائلتك ؟
مراد(عقد حاجبيه وضحك):- آه أسرتي زوجتي وبناتي
إياد:- ما شاء الله أكيد تعيشون جوا سعيدا ، هذا ما أراه بهذه الصورة ؟
مراد(مط شفتيه):- حسن ليس كل ما تراه يبدو حقيقيا ، وليس أنني طبيب نفسي معناه أن حياتي رغيدة ذاتا أعيش حالة جنون مع ابنتي الكبرى عنيدة بشكل كبير
إياد:- اممم المراهقة مع الأسف ..
مراد(ذهب لركنه الخاص وأخرج حلوى وشوكولا ووضعهم بمتناول إياد):- هييه على الله أجد حل وسط معها في لاحق الأيام .. هيا اختر قطعتين من هذه يا إياد ..
إياد(وضع سترته بدعامة الكرسي وأمسك قطعتين):- ههه قابلة للأكل صحيح ؟
مراد(أغلق العلبة):- هه أكيد بالهنا والشفا
إياد(تناولها وهو مبتسم):- أقرب طريقة للوصول لقلب المريض هي الشوكولا
مراد:- بالفعل .. حسن إن كنت مستعدا يا إياد سأخبرك بما سيحصل بجلسة التنويم المغناطيسي أولا ، وبعدها يمكنك أن تقرر
إياد(هز له رأسه):- تفضل كلي فضول لمعرفة تبعات ذلك ..
مراد:- أنت شخص ذكي يا إياد يعني سأتبع معك أسلوب مهنتي لكن عليك أن تتجاوب معي ، ولا تشغل عقلك كثيرا أو تركز في بداية التنويم ، عليك أن تستمع لصوتي جيدا وتفتح عقلك للخيال والإيحاءات التي سأخلقها لأجلك كي أستطيع الولوج لعقلك الباطن لحظة إذعانه .. إن اتفقنا سنبدأ ذلك بتجربة صغيرة
إياد(مسح يديه بحماس وابتسم):- وأنا جاهز
مراد(أمسك بقلم وورقة):- هنا سأضع الورقة على سطح الطاولة ، وأضع القلم في مركز الورقة أي بالوسط أنت سترى ذلك وتغمض عينيك لتتخيل أن القلم بالأسفل والورقة بالأعلى وتفتح عينيك ما إن أطلب منك ذلك
إياد:- تمام ..
قام مراد بتنفيذ ما قاله وبالفعل فتح إياد عينيه بعد أن أخبره مراد بذلك ووجد أن مراد يمسك بالقلم من الأسفل والورقة بالأعلى ، هنا ابتسم إذ فهم غاية الطبيب لتعزيز الثقة بينهما ونهض معه لسرير المرضى ذو المسند العالي ، استلقى إياد عليه وأمسك مراد بأداة التحكم بإنارة الغرفة وقام بتخفيض درجاتها لنسبة خافتة ، بينما جلس بقربه على الكرسي وهو يمسك ساعة يدوية في يده ..
مراد(بصوت أقرب من الهمس وبنغمة رتيبة):- استرخي يا إياد وارمي كل همومك خلف ظهرك ، اجعل كل تلك الهموم تجتمع في كتلة تمر عبر عمودك الفقري وتنساب ببرودة حتى أخمص قدميك وتتبخر ، تنفس عميقا واسمح لصوتي أن يخترق مكامنك الداخلية ، اعتبرني جسر تواصل بين خيالك وبين واقعك ، انسحب معي نحو ذلك الجرف العميق ولنفتح باب ماضيك سوية .. أمسك هذه الساعة المتحركة يا إياد وتابع عقربها اللامع إنه يزعجك بلمعانه لحظة بعد لحظة ، تخيل أنك في غرفتك والمكان مظلم من حولك أنت تشعر الآن وكأن أطرافك بدأت تتخدر ، بدأت تنفصل عن جسمك قدميك يديك والثقل يمتد لعينيك ، هنالك وخز في عينيك يجعل جفنيك يصابان بثقل يتضاعف أكثر فأكثر ، هما يرتجفان وعضلاتهما تعبت من المقاومة وكأن ذلك الضوء الذي تراه تحول لغباشة ضبابية اسمح لهما بالراحة وأغلقهما لتستكين .. هاه إنهما تنطبقان أكثر لا تبذل مجهودا أغلق بهدوء وما إن أصفق بيدي ستستيقظ وتنسى كل شيء هممم بهدووووء ..
مد مراد أصابعه ووضعهما على عيون إياد لمدة دقيقة حتى تأكد من إغلاقه لهما ، وهنا إياد لم يبدي أية ردة فعل ، كان مستسلما تماما لما يقوله الدكتور وبدأ فعليا بالدخول في نوم عميق
مراد(بصوت منخفض):- سأسحب الساعة من يدك وستضعها على يدك الأخرى فوق صدرك وتغوص في نوم عميق ..
سحب مراد الساعة وأيضا لم يقدم إياد على أي حركة وهنا تيقن مراد أنه قد سافر بعيدا حيث يلزمه أن يعود ، ضغط مراد على زر المسجل بجانبه وأمسك دفتره ليسجل عليه الملاحظات
مراد:- سأعد حتى الخمسة يا إياد وستخبرني ما هو لون دميتك المفضلة وأنت طفل ..
إياد(لم يتحدث فورا بل فتح فمه بتشويش وأغلقه):- …لارد
مراد(نظر إليه وكتب):- ما كان نوع دميتك ؟
إياد:- دب .. لالا كلب
مراد:- كلب هل كان لديه اسم ؟
إياد:- بوبو ..
مراد(ابتسم من تفاعل إياد):- من أهداك بوبو يا إياد ..؟
إياد(كمش عينيه وأرخاهما):- أمي .. لا .. لا أذكر
مراد:- أين كنت تنام يا إياد ؟
إياد(أخذه عقله لبيتهم القديم لغرفته العلوية):- على السرير بجانب النافذة ، الدولاب أمامي وهناك سجاد مزخرف باللونين الأصفر والأحمر وسط الغرفة
مراد:- ما لون الستائر ؟
إياد:- زيتية
مراد:- من كان ينام جوارك ؟
إياد:- وحدي
مراد:- هل كنت تحب الحلوى ؟
إياد(ابتسم):- كثيرا وخصوصا تلك الطازجة
مراد:- من كان يحضرها لك يا إياد ؟
إياد(رأى صحنا مليئا بالحلوى الساخنة):- لا أعرف
مراد:- أين أنت الآن ؟
إياد:- أجلس على الطاولة وآكل الحلوى الساخنة قد أحرقتني وسقط بوبو مني على الأرض
مراد:- من التقط بوبو ؟
إياد(رمق أيدي تلتقط الكلب ومسحت على شعره):- لا أعرف
مراد:- أكمل يا إياد ماذا يوجد بغرفة المعيشة ؟
إياد(نظر حوله وأردف):- هناك امرأة مكتنزة تقشر البطاطس بجانب الموقد ، وعلى جنب يوجد رجل يدخن سيجارة وهو يجلس على الكرسي بجانب النافذة ، هناك فتاة ترقص وتغني بوسط الغرفة بينما هنالك ولد يجلس بالدرج بعيدا عنهم ينظر إليها ويبتسم
مراد:- ماذا كانت تغني ؟
إياد(أخذ يستمع بجهد جهيد لصوت جوزيت المتردد كالصدى):- [بقرَتي السَّعيدة نامي في حُضن أمِّكِ قريرَة العين ولا تخافِي ، فغدًا ستشربين حليبَ الأمل وتنسيْنَ همَّ الانتظار الجافي ، ستعيشِين في كنفها الوافر وتتنعَّمين بحُضنها الدَّافي ، ستملئين الدُّنيا ببهجتكِ وتروين عَطش المارة بحليبكِ الصَّافي ، نامي ولا تخافي فبسمتُكِ وحُضوركِ بالنسبة لنا خيرٌ كافي [..
مراد(لاحظ تشنج عضلات وجهه وكأنه سيبكي):- تمام إياد إياد … قد توقفتِ الفتاة عن الغناء وعن الرقص وتقدمت نحوك لتجلس قربك هل ترى وجهها ؟
إياد(يحرك رأسه وكأنه يحاول النظر إليهاّ):- إنها ضبابية الوجه .. لا أرى شيئا بوضوح
مراد:- لا بأس يا إياد .. لا ترهق نفسك انتقل للولد الجالس على الدرج
إياد(ارتخت عضلاته من التشنج):- ليس موجودا .. لا أحد موجود اختفى مثله مثل الرجل مثل الفتاة مثل المرأة حتى بوبو غير موجود ..أنا وحدي تركوني وحدي هناااك
مراد(أغلق دفتره ومص شفتيه):- إياااد اهدأ أنا معك هناك لست وحدك ..
إياد(انتبه لسقوط بوبو من الدرج وصعد):- شيء ما يحدث بالأعلى ..
مراد:- أخبرني ماذا ترى ..
إياد(بعد أن صعد الدرج):- أنا أرى الرجل وهو يضرب الولد بينما الفتاة تحاول الدفاع عنه ، لكنه دفعها وصفع الولد الذي أمسك على وجهه ولم يبكي بل ركض لغرفته ، هئئ الرجل قادم نحوي إنه مخيف …لقد لقد تجاوزني ونزل والفتاة ركضت صوب غرفة الولد
مراد:- الحق بهما يا إياد ..ماذا يفعلان ؟
إياد(تبعهما وأطل من الباب):- الفتاة تصرخ بوجهه وهي تبكي وهو يحاول أن يسكتها ويجعلها تهدأ ، لقد انفجرت بالبكاء وجلست على السرير ونهض هو يعانقها لحظة قد لمحا شخصا آخر معهما بالغرفة فقد مسحت البنت دموعها سريعا وابتسمت وهي تشير لشخص كي يقترب .. إنها تشير لي لا لا ..إنه طفل صغير يمسك دميتي لكن أ.. الطفل يشبهني وهو يمسح على وجنة الفتاة لكن تلك الفتاة ليست إلا ميرنااااا ..إنها ميرنا ماذا تفعل ميرناااا ؟؟؟ ميرنااااا ميرناااا أنا إياد ميرناااا انظري إلي ميرنا كلميني يا ميرنا ميرناااااااااااا …
مراد(بتوجس نهض):- سأعد حتى الثلاثة وستعود يا إياد .. 1 2 3 …سأعد حتى الستة ستبدأ الاستيقاظ 4 5 6 .. سأعد حتى 8 وستجد نفسك تستيقظ أكثر ..هيا 7 8 …سأعد للعشرة وستكون استيقظت .. 9 ….10
فرقع مراد إصبعه وصفق وهنا فتح إياد عينيه باضطراب طفيف ، لحظات بسطة ومسح على رأسه وهو يفركه ويستقيم من جلسته ، وقتها كان قد استقام مراد وأطفأ جهاز التسجيل
إياد(بتشويش):- هل نفع الأمر دكتور مراد ؟
مراد(ابتلع ريقه وهو يعود لمكتبه):- أدخل للحمام واغسل وجهك يا إياد ثم تعال ..
إياد(بقلق وشبه صداع راوده):- لحظة وأعود ..
مراد(نظر إليه ومط شفتيه بحيرة):- ماشي ..
دخل إياد للحمام وغسل وجهه وجففه ونظر لنفسه بالمرأة وهو يصغر عينيه ، حاول استذكار ما رآه لكنه كان ضبابيا مشوشا في عقله لذلك خرج ليجد الجواب عند طبيبه
إياد:- همم طمئنني دكتور ؟
مراد:- يظهر لي أنك عانيت من اضطرابات كثيرة في صغرك ، هنالك بعد الأسرار القديمة التي دفنت في الماضي وسنبذل جهدا كبيرا للوصول إليها .. لديك دمج ما بين الماضي والحاضر وكأنك تحاول نسيان الماضي بالحاضر وبالفعل قد تناسيته من خلال نشأتك بدار الأيتام ، الفترة هناك كانت كفيلة لتمحي كلما عايشته في طفولتك لذلك كي نتجاوز تلك الحقب سنعيد الجلسة في وقت لاحق إلى أن نجد خيطا تستحضر فيه بعضا من ذكرياتك كاملة
إياد:- هل لي أن أستمع معك للتسجيل خاصتي ؟
مراد:- طبعا أساسا يجدر بك سماعه ، لحظة … سأشغله الآن
أخذ إياد يستمع لتسجيله الصوتي ومراد كان يستمع معه ويحاول قراءة أفكار إياد ، الذي بدا في البداية هادئا طبيعيا لكن في نهاية التسجيل كأنما القلق ساوره خصوصا بعد سماع الأغنية لدرجة أنه أغمض عينيه وتردد الصوت في مسمعه
إياد:- أتذكر أنني سمعت تلك الأغنية في صغري .. لكن ما أستغربه هو ظهور ميرنا
مراد:- شيء طبيعي ، ميرنا هي أقرب شخص إليك صديقتك المقربة .. وظهورها في رؤياك وأحلامك راجع لتعلقك بها وكأنك تجد فيها الحماية من مخاوفك الماضية ..
إياد(بلهفة):- طيب والناس الذي رأيتهم الرجل والمرأة والفتاة والولد هل وارد أن يكونوا عائلتي التي لا أعرف عنهم شيئا ؟
مراد:- وارد جدا ، فالعودة للماضي لا تجلب تهيئات بل حقائق موزعة على شكل مشاهد متفرقة ، ومؤكد من رأيتهم أشخاص عشت معهم في ذلك البيت حقيقة ..
إياد:- تت أظن أن مشوارنا طويل على ما نجد سببا لانفصام الشخصية الذي أعيشه ، سوف يكون مضى الكثير من الوقت
مراد:- أنا غير متفق معك في مسألة انفصام الشخصية يا إياد ..
إياد:- ما قصدك هل يتهيأ لي ؟
مراد:- هناك سبب لحالتك ، لا يمكنني تشخصيه مبدئيا لكنه سيأخذ وقتا .. عموما واظب على هذه الحبوب التي سأصفها لك وأي شيء تراه أو تحلم به سجله بدفتر تريه لي في جلستنا القادمة الأسبوع المقبل ، تمام ؟
إياد(نهض ليرتدي سترته):- اتفقنا ، رقمك معي هل لي أن أتصل في أي وقت ضروري ؟
مراد(صافحه بمودة):- ولو يا إياد على الرحب والسعة
شكره إياد وخرج من عنده وهو يشعر بقليل من الراحة مع كثير كثير من التساؤلات ، ركب سيارته وانطلق صوب شقته ليرتاح قليلا بعد تلك الجلسة التي أتعبت نفسيته ،، هنا جمع مراد أغراضه بغية مغادرة العيادة فقد انتهى دوامه الصباحي وسيعود بعد الزوال لمزاولة بقية عمله مع مرضاه الآخرين ، دخلت الممرضة واستأذنته بالذهاب وطمأنها أنه سيتكفل بإغلاق العيادة بنفسه لذا غادرت بسلام .. وبينما هو يرتب أموره وقبل أن يخرج من الغرفة اقتحمها هذا وتوجه مباشرة صوب الكرسي وجلس عليه وهو يفرقع إصبعه …
مراد(رفع حاجبه بعدم فهم واستغراب):- أظن أن حصتك انتهت يا إياد ؟
ميار(رفع رأسه للطبيب وأشار له كي يقترب):- دكتور مراد اليزيدي .. الطبيب النفسي المرموق زوج طبيبة العيون نرجس وردان ، والد جنى وجنان ولمى اممم الكبرى تقريبا 15 سنة والمتوسطة ربما 13 سنة والصغيرة 7.. ماذا بعد ليس له أشقة مقطوع من شجرة ولا يوجد سوى أم زوجته التي تسكن بالشقة المقابلة لشقتهم ترعى الصغيرات أثناء غياب الأم والأب ، لا يملك أصدقاء كثر فقط بعدد الأصابع وقت فراغه يهبه لعائلته وفقط ، إنسان خدوم مميز ذو عقلية شبابية منفتحة آه عمره 36 سنة ونصف من مواليد برج الجدي .. هل هذا يكفي أم أتابع ؟
مراد(كان يجلس مقابله وهو ينظر إليه بتمعن وقد فهم الفيلم):- من أنت ؟
ميار:- أتصدق أنك أول شخص يكشفني يعني .. يكشف وجه الشبه بيني وبين أخي الصغير
مراد(تضخم صدره بعدم تصديق):- أنت شقيق إياد
ميار(صفق له وهو يعدل جلسته):- تماما ما أذكاك يا رجل .. صدقا أحببتك دوك وأفكر بأخذ جلسات معك لكن صدقني سأوجع قلبك بمآسيَّ الحزينة ، يعني خشية عليك يفضل أن نبقى بعيدا عن بعضنا البعض ..
مراد:- ماذا تريد ؟
ميار(اختفت بسمته ونهض يختال أمامه):- كل التسجيلات التي ستسجلها لأخي ، وأيضا أود معرفة كل جديد تتوصلون إليه في جلساتكم هاااه ، أيضا أطلب خدمة بسيطة منك أن تجعل فكرة انفصام الشخصية دارجة في عقله ، لأنه سيتعذب لو عرف بأمرنا وكشف الماضي
مراد(برفض نهض إليه):- يستحيل عملي كطبيب لا يسمح بذلك
ميار(طالعه شزرا وهو يعض شفته):- هل سمعتني ؟ أخبرتك بما عليك تنفيذه لذا لا تناقش
مراد(أمسك سترته وحقيبته وهم بالخروج):- لا وقت لأضيعه معك ، أخوك سيسترجع ذكرياته القديمة وسيعرف بوجودك الذي لا أعلم ما سبب ابتعادك عنه طالما هو بهذا القرب
ميار(أغلق الباب بقوة وحك أنفه):- عزيزي مراد .. دعني أكون صديقك لأنني لو وضعتك في عقلي سوف تتألم كثيرا معي ، أنا لست شخصا عاديا حتى تستخف بي
مراد:- سأبلغ الشرطة عنك إن حاولت أذيتي أو التعرض لي ، أنا أقوم بواجبي المهني على أكمل وجه وسوف لن أفضي لإياد بزيارتك هذه وسأدعه يجد أخاه بنفسه
ميار(زفر بعمق وهو يهز رأسه بفشل):- صدقا كنت قد أحببتك لكن يتضح لي أنك ستتعبني
مراد:- ابتعد عن طريقي ، أنا شخص لا يخاف من أحد ولن تهددني بحركاتك هذه ..
ميار:- إن لم تستجب لي في غضون ثوان سأفعِّل اتصالا لن يعجبك
مراد(بعصبية رمى حقيبته وسترته على الكرسي وتقدم إليه):- أخبرتك أنني لا أخشى شيئا
ميار(أخرج مسدسه وصوبه لرأس مراد):- هيه أنت الجاني يا مراد اليزيدي ..
صوب ميار مسدسه بعيدا عن رأس مراد تجاه صورة عائلته تحديدا والتي جعل زجاجها يتناثر في كل مكان حتى شهق مراد من فعلة ميار ، الذي فعَّل اتصالا وضغط على مكبر الصوت
جنى:- بابا .. بابا أين أنت بابا نحن في خطر ساعدني بابا ….. اهئ
مراد(بخوف):- ابنتي جنى جنى .. اهدئي يا روحي ولا تقلقي … أنت افعل أي شيء أرجوك إلا ابنتي أنا موافق على كل ما تطلبه
ميار(بملل أعاد مسدسه لجيبه وتحدث):- أطلقوها … تتت كنت افعل ذلك من البداية لما تتعبني هاه أنظر ما تسببت فيه قد جعلت مكتبك كله زجاج يلا أتمنى لك تنظيفا ممتعا
مراد(ابتلع ريقه واستوقفه):- إياد متعب جدا .. رجاء من طبيب مختص أوقف ما تفعله بحياته فهو سيجعله يفقد صوابه ، مسألة انفصام الشخصية قد تفاقمت مؤخرا حسب شكواه لذلك حبذا لو تحتضن أخاك بدلا من أن تعيش دوره في الحياة
ميار(أعجب بذكاء مراد الذي فهم الفيلم كله):- أنا أيضا أحزن لأجل أخي ، هل تتوقع مني أنني سعيد لأنني آخذ دوره في أوقات ما ، لكن هذا إجباري لا أستطيع المناص منه وإلا سيضيع كل شيء من بين يدي ..
مراد:- افف أيا كانت المشكلة بينكما أكيد سيكون لها حلا
ميار(حرك فكه وهو ينظر لصورة عائلته الملقاة على الأرض):- لا تغامر معي يا دكتور أنا رجل لا يعيد كلامه مرتين ، ولا يتراجع في قراراته قد أعدت ابنتك ولم أؤذيها لكن في المرة المقبلة إن لعبت بذيلك معي لن تحلم برؤية ظفرها حتى .. سلام
وضع مراد يده على فمه وهو قلق على بناته ، حاول لملمة ذلك الزجاج بأقصى ما يمكنه وخرج ركضا من هناك متوجها صوب بيته ليطمئن على ابنته ليكتشف أنها فعلا اختطفت في سيارة كبيرة سوداء مع صديقتها ، إلى أن رن هاتف المختطف وأطلق سراحهما ، هنا وجد أنه وقع في مشكلة كبيرة لن يستطيع التخلي عن إياد وأيضا لن يتمكن من الكذب عليه فواجبه وضميره المهني لا يسمح إذن ما الحل ؟؟؟؟ …

في بيت عمر
كانت الشرطة تحيط باب البيت وهم يطلبون إذنا بالدخول للتفتيش وطبعا لأجل معاينة صحة الشكوى التي قدمتها نور الراجي في حقه ، هنا كان هو كالثور الثائر يصرخ ويندد أن يحاسب ويعاقب تلك المرأة التي ادعت عليه كذباااااا ..
الشرطي:- أنت تصعب الأمور يا سيد عمر سوف تتفضل حضرتك معنا للمخفر وابنتك كذلك
عمر:- لن أبرح محلي هل أنتم مجانين لم أفعل شيئا ، ثم ها هي الفتاة شيماء تحدثي هل ضربتك هل ضربتككككككك ؟
شيماء(ببكاء):- لالا لم يضربني أبي قد سقطت من الدرج ..
أبو ماهر(خرج إليهم وهو ثمل):- لالا قد ضربها قد سمعناه والله سمعناها ..
عمر:- بئسا لك هل ستصدقون كلام مخمور مثله
الشرطي:- أدخل يا سيد لبيتك ولا تقحم نفسك بالمشاكل
أبو ماهر:- لكنه يكذب والله ضربها
عمر:- هل تعرف الله أصلا كي تتحدث أيها السكير الخبيث ؟
أبو ماهر:- أعرفه أكثر منك أي نعم أنا سكير مخمور ، لكنني أعرف الله في بناتي وأولادي ولا أضربهم ولا أكسرهم يا سيد عمر يا رجل الدين
عمر:- إخرس وإلا حصلت مشكلة ، سيدي الشرطي أخبرتك بما لدي عن إذنكم
الشرطي:- أنت مضطر لمرافقتي للمركز وابنتك لتدلي بشهادتها ونقفل المحضر
عمر:- هاه إذا كان كذلك لنمضي هيا شيماااء الحقي بي … لمياء أغلقي الباب ولا تفتحي لمخلوق
لمياء(بوشاحها خلف الباب):- حاضر حاضر يا عمر ..
عمر(زور شيماء بتوعد وركب بسيارة الشرطة وهي جانبه):- كل هذا بسببك أنا عمر الذي لم يحصل له أن دخل مركز شرطة ، في يومين دخلتها مرتين اللعنة عليكِ في وجهكِ النحس
شيماء(ببكاء):- اهئ .. ياا ربي ارحمني من هذا العذاب ..
تم أخذهما لمركز الشرطة ووجد هنالك محامي زكريا ربيع الذي اتصل به كي يوافيه هناك ويسانده في هذا الموضوع ، وطبعا المحامي سهل الأمور وأقفلت الشكوى طالما البنت قد نفت مسألة الضرب وطبعا لأنهم في غنى عن هكذا مشاكل عائلية تصيبهم بوجع الرأس أنهوا الأمور سريعا وانتهى الأمر ..
المحامي:- لقد انتهى الأمر لا تقلق سيد عمر
عمر:- أشكر لي السيد زكريا على وقفته معي ، واتفاقنا ساري لن تفتح بغلتي فمها بحرف
المحامي:- تمام يجعلها آخر الأحزان ..
عمر(دفع شيماء من كتفها):- امشي يا غبية امشي أمامي اللعنة على اليوم الذي رأيتكِ فيه
شيماء(تبكي وهي تسير بجواره):- دعني أذهب لأمي والله لن أفعل شيئا فقط س..
عمر(رفع يده بغضب):- حرف آخر سأفرشكِ أرضا وأكسر عظامك .. اخرسي وامشي أمامي للبيت أيتها اللعينة ..
لم يكن لديها حل سوى مسايرته لعلها تسلم من الفضائح ، طوال الطريق ظل يشتم ويسب فيها وفي أمها وفي نسبها ونسلهم المشئوم ، إلى أن وصلوا للبيت وقبل انعطافهم انتبهوا لعشرات السيارات هناك ، استغرب عمر لكن أرجح أنهم قادمون لزيارة أحدهم مهم في شارعهم لم يطل بل دفع شيماء أمامه وهو يتمم حلقة سبه وشتمه .. فتح الباب بالمفتاح ودفعها حتى سقطت أرضا وصفق الباب بقوة
عمر:- الحقيرة ابنة الحقيرة أنا أنا تدخلينني مخافر شرطة ، لكن عقابكِ اليوم شديد لن أكتفي بضربك بل سأضع الجمر على لحمكِ حتى تحرمي ..
شيماء(تسحبت إليه وهي ترتجف):- لا يا بابا أرجوك لا تفعل بي هذااااا .. اهئ
عمر(بعصبية دلف المطبخ ووضع الملعقة الحديدية على النار):- أقسم أنني سأكوي كل أطرافكِ لأجعلكِ تتعظين قبل أن تذنبي …
شيماء:- اهئ اهئ الرحمة يا ربي الرحمة .. هئئ ؟
حكيم(وضع يده على كتفها وجعلها تنهض تحت دهشتها ووضع إصبعه على فمه):- شتت
شيماء(بانهيار وجدت منقذها أخيرا):- خالي ..اهئ ..
عمر(منهمك في الشتم وتسخين الملعقة):- سترين يا فاجرة سترين ما أنا فاعل بكِ .. أين أنتِ يا وش الشؤم تعالي إلى هنااااااااا ، شيماااااااااء … أ..
حكيم(لوح له بيده وصدمه بوجوده):- ها .. تابع يا عمر اعتبرني غير موجود ؟
عمر:- من أنت ؟
حكيم(عض شفتيه وهو يمسح على وجنة شيماء):- ت ت أليس عيبا أن تنسى وجه نسيبك يا عمر ، أنا حكيم الراجي وتحسبا لعدم نسيانك لي مستقبلا سأحرص على وضع تذكار بسيط على وجهك اللطيف هذاااا .. طلال
ما إن لفظ اسم طلال حتى خرج من الرواق هو وعشرات الرجال المسلحين الذين طوقوا المكان ، ووثبوا أمام الباب وأغلقوا النوافذ ، وخرج اثنين منهما وهما يمسكان بلمياء التي كانت مكممة الفم وأجلسوها في الصالون وهي تبكي وتنظر لمجريات الأحداث ..
حكيم(ربت على كتف شيماء وبعدها أزال سترته):- هل تستطيعين إمساك هذه قليلا حبيبتي ؟
شيماء(بقلق وخوف):- م .. ماذا ستفعل يا خالي ؟
حكيم(مط شفتيه):- يجدر بكِ أن تجمعي كل أغراضكِ يا صغيرتي ، ستعودين معي للبيت
شيماء(نظرت لأبيها الذي شحب وجهه):- ولكن ؟؟
حكيم:- بابا سيوافق لا تقلقي .. هيا تحركي لغرفتكِ ولا تخرجي منها حتى أناديكِ
شيماء(بنظرة انتقامية من أبيها):- حاضر..
حكيم(انتظرها حتى ذهبت ورفع أكمام قميصه الأسود وتقدم صوب عمر):- طلال روحي أعد الملعقة للنار ، حرام قد بردت من الانتظار
طلال:- عيوني يا نور العين
حكيم(أمسك عمر من كتفه):- والآن .. بأي الحسابات سنبدأ سيد عمر ؟؟؟
عمر:- لو لمستني سوف أشتكي عليك بمركز الشرطة وأجعلك تخلل بالسجون ..
حكيم(مال برأسه وهو يبتسم):- إذن لندع ذلك يستحق دخولي السجن …هه خذ يا أحمق
ضربه بلكمتين أسقطته أرضا ورفعه إليه بخفة وأخذ يضربه بدون رحمة لحين تركه جثة هامدة ، يلهث بصعوبة وهو يسعل الدم ويطلب الرحمة من حكيم ..
حكيم:- أرحمك وهل رحمت ابنتك يا ترى أو زوجتك .. لم تفعل فلما علي أن أشفق عليك ؟
عمر(يتحدث بصعوبة وقد سقطت إحدى أسنانه):- أنا أنااا لن أرفع يدي مجددا على شيماء ، أقسم و وخذها خذها هي وأمها لا أريدهما .. دعني وشأني
طلال(أحضر الملعقة لحكيم والتي كانت حمراء من الأعلى):- خذ يا كبير
حكيم(أمسك الملعقة وانحنى لوجه عمر):- سأصدق كلامك فقط حين أرى هذا الأثر معلما على وجهك … خذ أيها اللعين …
وضع تلك الملعقة على وجنة عمر فأحرقته وأحرقت جانب لحيته وأخذ يصرخ ويطلب الرحمة إلى أن أغمي عليه من شدة الألم ، هنا رمى حكيم الملعقة جانبا وارتدى سترته التي أعطاها له رجل من رجاله ونظر للمياء بالصالون الآخر تراقبهم وهي تبكي وتهز رأسها بجنون مما حصل ..
حكيم(توجه إليها وهو يتنهد بعمق ويفرقع رقبته):- تت بحثت عن ذنب لكِ لكن لم أجد ، فالسبب في وجودكِ ها هنا هو ذلك البغيض لذلك إن أردتِ عيش حياة هانئة ستطبقين فمكِ ، وإن اشتكى علي أحد منكما أقسم أنكم سترون مني أيام تعذيب سوداء لم تشهدوها حتى في أبشع كوابيسكم مفهوووووووووم ؟؟
لمياء(هزت رأسها وقد احتبس الدم في جسمها):- اممم امم ..
حكيم:- جيد يا حلوتي .. يا رجال اجمعوا ذلك الحثالة وضعوه فوق الأريكة ونظفوا المكان مهما كان هذا بيت أختي يعني حرام أن نوسخه …
طلال(اقترب من حكيم):- ماذا عن عبد الجليل ؟
حكيم(عض شفته):- أختي حلفتني ألا أمد يدي عليه مع أنه يستحق ضربا مبرحا مثل أبيه لكن لا بأس قد تركت له رسالة حالة عمر المغمى عليه ها هنا هههه .. لنرحل يا شيماااء
أخذها بالقوة مثلما كان يلزم وكم كانت سعيدة بشكل لا يتصوره عقل ، ظلت تبكي في حضن خالها الذي أنقذها من براثن أبيها وتحركت كل تلك السيارات من الشارع مبتعدة عن المكان ، لحظتها ركضت لمياء إلى عمر لتغيثه وهي تراه مغمى عليه بسرعة كلمت عبد الجليل الذي أتى وهو غير مصدق لما فعله خاله ولحظتها انكمش عند حده حتى حين صرخ أبوه فيه كي يذهب ويوبخ خاله رفض خوفا على نفسه ، وهنا عمر بقي متألما يحصي إصاباته المتعددة بجسمه الذي تكسر تكسيرا مختلف النظير .. واكتملت بالحرق الذي تطبع على وجنته أكيد سيترك أثرا لن يمحي مع الأسف ، لكن على ما الأسف هو يستحق أكثر من ذلك الله يزيده ، قد ظلم ونسي أن هنالك من هو أكبر منه ربنا سبحانه وتعالى الذي بعث له من هم أقوى منه علموه درسا لا يمكنه نسيانه ، وعلى الأغلب كل ذلك الضرب الذي أكله كان يلزمه من سنوات عديدة وجاء في وقته تمام .. ما إن وصل حكيم بشيماء البيت دخلت منهارة بالبكاء والتعب وعانقت أمها وهاتك يا دموع من يسكتهم ومن يسكت جداتها وخالاتها اللاتي سعدن لأجل عودتها كثيرااا …
نهال(مسحت على وجنة شيماء حيث كانت هنالك كدمة زرقاء):- كل هذا سيزول ، أعدكِ لن أتركك لحظة واحدة بمفردك
شيماء:- تسلمي نهال .. لا تعلمون كم أنا سعيدة بعودتي إليكم
إخلاص(تبكي على ابنتها):- هل ضربكِ كثيرا ؟
شيماء(ارتمت بحضنها وهي منهارة ببكاء هستيري):- قد عذبني بشكل مؤذي أمام أنظار تلك الحقيرة زوجته .. اهئ ..
مديحة:- يكفي يا شيماء هريتِ عيونكِ من البكاء ، غيمة وانزاحت لن يقربكِ قط بعد هذا الدرس الذي أخذه من خالك
حكيم:- ولن يستطيع لو اقترب من هنا خطوة استدعوا الشرطة فورا ..
نور:- أصلا لن يجرؤ ..
نهال(اهتز هاتفها بجيبها وابتلعت ريقها وهي تناظرهم بطرف عين):- أ.. تمام لنذهب لغرفتنا شيمو هيا أراكِ متعبة ..
رنيم:- كان الله في عونها ما مر عليها ليس بسهل اففف .. الحمدلله
عواطف(أعطت سجى لرنيم):- خذي ابنتكِ وضعيها بغرفتها قد نامت
رنيم:- هاتِ حبيبة لماما ..
مديحة:- حكيم بني سأصب لك الغذاء ..
حكيم(نظر لساعته):- لا أنا مشغول سأتناول أي شيء خفيف .. إلى اللقاء
عواطف:- انتبه لنفسك عزيزي ..
مديحة:- إذن تعالي معي يا عواطف نجهز الغذاء للبنات .. وأنتِ إخلاص ادخلي اغسلي وجهكِ هيا انتهى الكابوس
إخلاص:- اهئ .. ماشي
نور(عضت شفتيها وهي تمسح على رأسها بتعب ونظرت لغرفة جدتها واتجهت لها):- سأجبركِ يا نبيلة بطريقتي كي تخبريني ماذا قلتِ لذلك السمج فؤاد رشوان …
بينما نور كانت تحاول محاولة فاشلة مع جدتها التي طردتها من هناك بحجة النوم ، خرجت من عندها ممتعضة ودلفت إلى غرفة دعاء كي تسليها قليلا والتي كانت تتصفح مجلة المرأة الحامل ،هنا تسللت نهال بخطى خفيفة وهي تنزل الدرج بعد أن ساعدت شيماء على النوم ، طافت بعينيها لم يكن أحد موجود بالصالون وجدتيها مشغولتان بالمطبخ لذلك بسرعة أمسكت سترتها القطنية من المشجب وحملت المفاتيح وخرجت من البيت بهدوء .. ما إن خطت خطوة في الشارع حتى اصطدمت بأمها
عفاف:- إلى أين يا آنسة نهال ؟
نهال(استدارت بلهفة وفزع):- هئئ أمي .. كنت .. ك تت مرحبا عدتِ باكرا ماما
عفاف :- ها همم عدت باكرا لكنكِ لم تجيبيني إلى أين كنتِ ذاهبة وأنتِ تتسللين بذلك الشكل؟
نهال(بتفكير):- هئ ألم أخبركِ قد عادت شيماء ، أ.. أعادها عمو حكيم قام بضرب عمر ضربا مبرحا لا يمكنكِ تخيله كان كالأبطال نزل فيه ضرب ضرب اشتهيت ذلك الضرب لعبد الجليل فهو مثل أبيه خسيس لكنه نفذ منها ههه ..
عفاف(كتفت يديها وهي تعضعض شفتيها):- نهاااااااااااااااال …؟؟؟
نهال:- ت أوك ماما سأخبركِ الصدق ، لكن عديني أنكِ ستدعيني على سجيتي وحين أعود سأحكي لكِ كل شيء
عفاف(بقلق):- ماذا يحدث ؟
نهال(مصت شفتيها وهي تفرك يديها مقتربة من أمها):- سألتقي بنادر بالحديقة التي تقع على بعد شارعين من بيتنا ، وأعود فورا فورا نصف ساعة ولن أتأخر
عفاف(رفعت حاجبها):- قلتِ نادر .. طيب لما لم يحضر للبيت يعني ماذا يوجد بينكما حتى تغادري البيت مثل اللصة كي تقابليه ؟
نهال:- هو يعلم أنني معاقبة ولا يسعني الخروج من البيت
عفاف:- تمام جيد أنكِ تعلمين ذلك أيضا وتقدرينه
نهال:- افف ماما نصف ساعة والله لن أتأخر ، بليز أصلا هو مجرد صديق قلق جدا علي علينا يعني بعد ما سمعه عنا .. لذلك آثر رؤيتي للاطمئنان هذا كله
عفاف:- صديق .. تمام يا نهال اعتبري هذه الفرصة الوحيدة التي ستأخذينها مني وبعدها ستقبعين بين جدران البيت لتراجعي دروسكِ للامتحان الأساسي آخر السنة مفهوم ؟
نهال(طارت عليها بعناق وقبلات):- يااااي تسلميلي يا أحلى ماما .. لكن لا تخبريهم بالداخل والله عمتي نور ستفتح لي محضر بسبب هذا
عفاف(أخرجت من حقيبتها بعض المال):- حسن وأنتِ في طريق عودتكِ أحضري بعض العصائر ، ها أنا قدمت لكِ حجة
نهال(بإعجاب بأمها):- صدقا أنتِ صديقتي أحبكِ ماما
عفاف(مسحت على شعر نهال):-لا تحاولي الكذب مجددا علي ، أنا لا أصادقكِ بدون مقابل
نهال(وضعت تحية العسكرية على رأسها):- أوامرك أفندم …
عفاف(لوحت لها ودخلت للبيت):- لا تتأخري …
انطلقت نهال وهي تركض في الشارع صوب الحديقة القريبة من بيتهم ، قطعتِ الطريق وركضت بسرعة كي تصل إلى هناك وما إن دخلتها أخذت تبحث عنه لكن لم يظهر أثر له ، تعمقت كثيرا فيها لكن ليس موجودا ، أصيبت بالإحباط حتى ارتخت عضلة شفتها السفلية إلى أن أفزعها بحضوره من خلفها
نادر:- نهااال
نهال(انتفضت والتفتت إليه بسرعة):- نااااااادر .. ههه
نادر(صافحها بمودة وحنان):- سعدت لرؤيتكِ حقا .. أنتِ بخير هااه ؟
نهال:- بخير بخير طمئنني عنك أنت ، ههه تبدو وسيما بهذا المعطف الأسود الطويل يعني تشبه الممثلين الأنيقين والوسيمين و..
نادر:- مهلكِ يا فصعونة ستجعلين الأشجار تغار من مديحكِ الآن .. تعالي لنجلس هناك
نهال(ابتسمت وهي تتأبط ذراعه وسارت بجانبه في اتجاه الكرسي الخشبي):- قلقت علي ؟
نادر(مص شفتيه مبتلعا ريقه وعقد حاجبيه):- الموضوع ليس هينا يا نهال ..
نهال(تطلعت إليه):- لكننا تجاوزناه ، بعث الله لنا ملاكا أنقذنا يعني ليس ملاكا ملاكا إنه شخص ثقيل لا أدري كيف يتحمله أهله ههه
نادر:- أيا كان عليكِ شكره سنة كاملة على ما فعله لأجلكما ، قد نجوتما من مأساة
نهال(بتوجس جلست قربه وهي تنظر إليه):- تمام نحن بخير لما أنت منزعج هكذا ؟
نادر(رمش بعينيه وهو يزفر بتعب):- لا تأخذي ببالك كانت ليلتي سيئة جدا ..
نهال(أمسكت ذراعه وهي تطل عليه):- ندووور هل أنت تعشق ؟
نادر(فتح عينيه):- هئ شوفو البنت الوقحة .. اجمعي ثعابين لسانكِ نهال قبل أن أقلل أدبي معكِ قال تعشق قال ،، انتبهي لدروسكِ يكون أفضل همم
نهال:- ههههه حسن لا تبالي إنه مجرد حديث عابر من صديقتك نهولة ..
نادر(نظر إليها مليا وهو يتأملها):- صديقتي الصغيرة
نهال(حركت إصبعيها):- يعني صغيرة قليلا فقط ههه ..
نادر:- هيا أخبريني عن منقذكِ السري
نهال(مطت شفتيها برتابة):- أووف لن أخفيك كم هو متبجج ومتعجرف وذو لسان طويل ، يحسب نفسه سوبرمان زمانه أي نعم أنقذنا وكان له فضل كبير في حياتنا ، لكن ليتوقف قليلا ويتلقط أنفاسه لم يترك أحدا لم يخبره عن إنجازاته العظيمة ، لا كله كوم ومحاولته لتوددي كوم ثاني لا أدري من أين أحضر رقمي واتصل بي بكل جرأة يريد ملاقاتي لماذا ليراني بصحة جيدة أمامه يعني شخص مجنون بمعنى الكلمة ، كأنني من بقية أهله أو لأنه أنقذني سأكون مدينة له طيب ليدعوني لغرفته الخاصة حتى هكذا سأرد الدين ،،، أفف بغيض بغيض سبحان الله لم أطقه من البداية وحين عرفته زاد امتعاضي منه هه ..
نادر(يصغي إليها وهو يرمش بعينيه):- تحدثتِ لثلاث دقائق متواصلة دون توقف عن شخص غريب لم تكلميه سوى وقت ضئيل ، أتحسبين أن هذا شيء طبيعي ؟
نهال(انتبهت لنفسها):- أوبس .. أ .. لم أشعر بنفسي ثم أنت صديقي وددت لو أحكي لك عن ذلك الأبله
نادر:- أشعر أنكِ تضخمين الأمر فقط بطريقتكِ الخاصة ، طالما لم تطيقيه فأكيد أكيد ستخرجين منه كل علل الدنيا المسكين
نهال:- أي مسكين أي مسكين وهو ثعلب ألعبان هممم ..
نادر:- هل هذا رأي قلبكِ أيضا ؟
نهال(بعدم فهم):- طبعا قلبي يقول أن أسعد أبغض رجل في الدنيا وأنا أثق بقلبي
نادر:- أسعد هممم مثير للاهتمام ..
نهال(مالت بشفتيها):- إنه نفس الشاب الذي دلقت عليه كأس العصير يومها في المطعم ، أتذكر ذلك الذي وبختني لأجل تصرفي الناقص معه ههه ؟
نادر(تبدلت ملامحه):- من …….. نفسه هل أنتِ واثقة ؟
نهال:- طبعا تذكرناه أنا وشيماء وحتى هو عرفنا ..
نادر(بقلق ساوره):- تت .. ما حسبت أن الموضوع جدي لتلك الدرجة
نهال:- أي موضوع ؟
نادر(نهض من محله):- لا تشغلي بالكِ .. المهم لن أؤخركِ أكثر اطمأننت عليكِ ومرة أخرى أراكِ علي الذهاب الآن عزيزتي نهال
نهال:- تمام ماشي مش مشكلة لكن كلمني
نادر(داعب أنفها بحركة مضحكة وابتسم):- طبعا نهولة وهل أفرط فيكِ .. هيا عودي للبيت
نهال(لوحت له وركضت):- باي نادر ..
نادر(يلوح لها بحسرة):- باي يا نهال .. تت أسعد ما الذي تحاول فعله مع البنت آه يا ربي حين نقول ابتعدي يا مشاكل نجد المشاكل تلتصق بنا حبا وغبطة …
غادر الحديقة وهو يضرب كفا بكف ومن فوره اتصل برقمه واستدعاه للقائه في مكان محدد ، وما هي إلا نصف ساعة حتى كان يقف قبالته بدراجته النارية .. أزال قبعة رأسه وتقدم صوبه وهو يحرك يده باستغراب ..
نادر(رمقه شزرا وترجل من سيارته):- لدي جملة مختصرة أحتاج لإعرابها ؟
أسعد:- وأنا كلي آذان صاغية .. تفضل
نادر:- نهال الراجي … ما مدى تأثيرك عليها ؟
أسعد(ضحك هازئا واتكأ على سيارته):- وما هو المغزى من سؤالك يعني لكي أجد لك إجابة محددة ؟
نادر(بعصبية أشار له):- نهال خط أحمر .. ليست للهو يا أسعد فلا تجبرني على خلق إشكالية هنا لأجلها
أسعد(صغر عينه وهو يتقدم إليه بحذر):- ما شأنك بها ، أساسا من أعطاك الحق لتدافع عنها وتحاول حمايتها مني شخصيا ؟
نادر:- أنا أنبهك مجرد تنبيه إن أحزنت البنت ستجدني لك بالمرصاد ..
أسعد(رمش بعينيه وهو يحرك فكهّ):- أنت ما تزال حاقدا عليهم وتراني تجسيدا لأخطائهم صح ؟ لكن لعلمك لم يكن لي ذنب فيما حصل يا نادر
نادر(أشار له بقنوط):- لا تكلمني عن الكماليات يا أسعد ، أنا استدعيتك لأجل نهال وليس بيني وبينك أي موضوع آخر يمكننا تداوله
أسعد(حرك فكه وتجهز للمغادرة):- تمام .. مثلما تشاء يا أخي
نادر(أغمض عينيه على كلمته البغيضة تلك):- أنا لست أخاك ..
أسعد(وقف بجانب دراجته وناظره بتمعن):- ليس لدي أحد سواك لأدعوه بها ، فتقبلها مثلما تقبلتها أنا بعد صراع طويل مع الحقائق ..
نادر(فتح باب سيارته):- لن أكرر كلامي مرة أخرى … ابتعد عن نهال إن كنت ستؤلمها
أسعد(ركب دراجته ووضع القبعة الخاصة وأقلع):- هه لا أعدك بذلك .. فتلك الفتاة ستصبح خاصتي … باي
تركه كالشعلة من الغضب ، لا يدري ما الذي ستنتهي عليه هذه المعرفة الغريبة بينهما لكن ما كان مطمئن لأجله هو موقف نهال من أسعد هي لم تطقه .. إذن هذه إشارة جيدة وعليه انطلق من هناك متجه صوب بيته ليرتاح قليلا كي يتوجه صوب المشفى ليرافق وائل .. وقبلها بوقت وجيز كانت الآنسة نهال تفتح الباب بهدوء وتدخل بحرص كي لا تثير جلبة لكن هوهووه مع محققة ذات نظرة ثاقبة مثل العمة نور أكيد لن تسلم منها ..^^
نور(أمسكت عنها علب العصير وهي تتطلع إليها):- عصير ؟؟
نهال(بارتباك):- أ.. اشتهيته لكِ عمتي خذي خذي هنيئا مريئا
نور:- عفاف .. يا عفاف تعالي وخذي هذا العصير من ابنتكِ الحبيبة
عفاف(هزت كتفيها بقلة حيلة لنهال وأخذت العلب):- تمام أنا بعثتها يا نور
نور(مسحت فكها):- أمم أمم أصدقكِ لكن من الآن فصاعدا ممنوع على هذه البنت الخروج ، ولو حتى لتتنشق الهواء
نهال:- هئئئ ما هذا الظلم ؟
نور:- اعتبريه تهديدا حتى لأنني لو لمحتكِ خارجا يا نهال يا راجي أقسم أنني سأنتف شعركِ شعرة شعرة بأسناني .. والآن إلى طاولة الطعام هيا
نهال(نظرت لعفاف وعقدت حاجبيها في نور بتحدي):- ماما سمحت لي …
عفاف(شهقت وعضت شفتيها لنهال كي تصمت):- شتت بنت عيب ..
نور(رمشت بعينيها وكتفت يديها وهي تستمع لها جيدا):- ماما سمحت لكِ هاه .. يعني تقولين لا تتدخلي فيني يا عمتي هذا ما فهمته صح ؟
عواطف(خرجت على آخر جمل بينهما وتوجست من حدوث مشكلة):- ههه ما هذا الذي تقولينه نور ..أكيد نهال لم تقصد
نهال(طأطأت رأسها بعد أن زورتها عفاف بتنبيه):- لم أقصد
نور(عضت شفتها وهي ترفع رأس نهال لتنظر إليها بقوة):- بنات الراجي حين يتفوهون بكلمة نابعة من قلبهن ، لا يغيرونها ولو على حد السيف … والآن قصدتِ أو ما قصدتِ ؟
نهال(ابتلعت ريقها وبتوتر):- قصدت
عفاف(خشيت خطورة الوضع):- نور ما بكِ هل ستأخذين على كلامها يعني .. تت
عواطف:- نور دعي الفتاة وشأنها ..
نور(تبادلت نظرة هي ونهال وابتسمت):- طالما قصدتِ يا روح عمتك ، منذ اللحظة أنتِ معاقبة ولن تبرحي باب البيت إلا يوم الامتحان وأنا من سيأخذكِ أنتِ وشيماء ويعيدكما .. غير ذلك إن لمحتكِ ولو بجانب الباب ستحدث مشكلة لن تستطيع ماما خاصتكِ أن تقف بوجهي
نهال(عضت شفتيها وهي تحرك فكها بغيظ):- لا أريد أن أتناول الطعام قد شبعت …
نور(رمقتها وهي تصعد إلى غرفتها غاضبة):- ماشي يا روحي ونحن أيضا لن نحسب حسابكِ بالصحون … تصبحين على خير
عفاف(أعطت العلب لعواطف وهزت كتفيها):- كأنكِ زودتها معها نور
نور(رمقت عفاف شزرا):- لما سمحتِ لها بالخروج لأجل من .. ولا تخفي علي لأنني رأيت توترها قبل خروجها حين اهتز هاتفها بجيبها ظلت تنظر لساعتها طوال الوقت وكأنها على موعد مع أحد ما ؟
عواطف(حركت كتفيها ودخلت للمطبخ):- فف حرام نعيش يوم هانئ في هذا البيت
عفاف(زفرت بعمق):- ذهبت لرؤية نادر ..
نور:- هاه يعني إحساس أنفي المحقق لا يخيب ، وماذا يريد منها السيد نادر ؟
عفاف:- وهل تركتنا نعرف قد أغضبتها وأخذتِ دور السيد نوري ..
نور:- ههه سترضى يا امرأة ، ما بكِ كأنكِ لا تعرفين دلالها دعيها تحصد نتائج أفعالها أساسا ما أقدمت عليه ضئيل في حق رعونتها الأخيرة
عفاف(رفعت يدها باستسلام):- أنا معكِ أجدني محتجزة في قفص الاتهام ، لذلك دعيني أساعدهما في تحضير الغذاء نادي على بقية السكان
نور(كتفت يديها وهي تهز رأسها ضاحكة):- تمام سأضع الإعلان فورا ست عفاف ..
توجهت صوب غرفة جدتها التي أبت تناول شيء وتركتها بمفردها ، توجهت إلى إخلاص التي أطاعتها وتوجهت للمطبخ كي تساعدهم هي الأخرى ، توجهت بعدها إلى غرفة مرام وجدتها تعمل على حاسوبها الخاص ومشغولة في كذا درس لذلك تركتها على سجيتها على وعد حين تجوع ستطلب الأكل ليحضروه إليها حتى غرفتها ، وحين توجهت إلى غرفة رنيم وجدتها تبكي وهنا تم إعلان الطوارئ فورا فورااااا ..
نور(بسرعة أغلقت الباب وتقدمت إليها):- ما بكِ رنيم لما تبكين ؟
رنيم(حاولت مداراة وجهها):- لا شيء نور .. يعني مجرد حبة غبار دخلت عيني
نور:- الغبار يلج عين واحدة وليس اثنين .. هيا أفضي لأختكِ بما يزعجكِ رنيمي ؟
رنيم(زفرت بعمق وهي تشعر بقلبها يكاد يخرج من محله):- اليوم .. عيد ميلاد رأفت وكنت متعودة دائما على صنع كعكة حلوى له في الصباح ، بينما نجهز له احتفالا في المساء يعني بناء على رغبة الست وجدان
نور(مسحت على كتف رنيم):- رنيم أختي .. لم يعد هنالك وجود لذلك الرجل في حياتك تعايشي مع هذا الأمر ولا تفكري به بهذا الشكل وإلا مرضتِ
رنيم(ببكاء):- ليس بيدي نور ، هل تعتقدين أنه ببعده عن مداري أنا قادرة على انتزاعه من قلبي أساسا هو يعيش بداخلي لا يمكنني تجاوزه نور لا يمكنني يا أختي ..
نور(ضمت رنيم لحضنها وزفرت بعمق):- حسن لا تحزني حبيبتي ، أصلا لا ذنب لكِ هو المذنب الوحيد في ما حصل .. تصديقه لكذبة أمه ولعبتها كشف لكِ صورته الحقيقية
رنيم:- تت رأفت طيب ، ويحبني يعني هذا ما أنا مقتنعة به
نور:- هه قال حب قال .. انهضي انهضي وبلا أوهام من أساسه قد انقرض الحب في زمن جدي وجدتكِ
رنيم(عقدت حاجبيها):- جدتي نبيلة لم تكن تحب جدي درويش ، هذا ما نشأنا عليه
نور:- ههه أتذكرين المذكرات خاصتها التي وجدناها ذات يوم في خزنة دولابها ؟
رنيم:- كنا شقيتين لكن أنا أكثر أينما أخفت جدتي المذكرات كنت أجدها ههه
نور:- ههه ولا تزالين ، اسمعي يا روحي كي تتجاوزي رأفت عليكِ إيجاد ما يسليكِ ويشغلكِ عن ذلك ، وعليه من الضروري أن تختاري اختصاص دراستكِ حتى يتسنى لي تسجيلكِ في القريب العاجل لأننا سنحتاجكِ حتما ..
رنيم:- أنتِ ومن .. هااه حكيم قد لمح لي عن شيء خاص لكنني حسبته يحاول حثي على الخروج من قوقعة الحزن فحسب
نور:- لا هو جدِّي يا ابنتي .. أسرعي وأحصي المجال الذي ترغبين به وحبذا لو يكون اختصاصا عمليا تسيير أعمال ، محاسبة ، وغيره الكثير وأنا سأبحث لكِ عن المؤسسات المختصة لأسجلكِ فيها .. والجميل أن تلك الدورات قصيرة المدى وهذا عز الطلب
رنيم(مسحت دموعها):- طيب يا نور .. سأفعل ما تريدانه لكن ، هل لي أن أطلب منكِ طلبا خاصا ولا تعتبريني مجنونة أرجوكِ أنا بحاجة لذلك ؟
نور(اقتربت منها بتوجس):- لما أشعر أن هذه الحاجة تتعلق بصاحب حرف الراء ؟
رنيم:- اممم أريد رؤيته من بعيد فقط لبضع دقائق .. أرجوكِ يا نور أرجوكِ
نور(مسحت خدود أختها ولمست حاجتها الكبيرة في رؤيته):- ههه أمري لله ..ربي بعث لي أجن أخوات وبنات عم ، لذلك موافقة
رنيم(عانقتها وهي تعضعض شفتيها):- أعلم أنني غبية لأنني أرغب برؤيته بعد فعلته لي ، لكن قلبي لا يفهم هذه الأشياء أحتاج لرؤيته ولو من بعيد كي يهنأ بالي وأعرف أنه بخير
نور:- يا لهذا العشق التراجيدي يا بنت ..
رنيم(بحسرة ولمعة حنين):- حتى لو آذاني حتى لو جرحني ، فأنا عن عشق رأفت لن أتوب
نورّ:- عنك ما تُبتي يا شيخة فقط انهضي لنتناول لقمة ، أهلكِ يصرخون منذ ساعة …
رنيم(أمسكتها من يدها):- ستفهمين معنى عشقي حين تتزوجين
نور(اختفت بسمتها):- الله الله ومن قال أنني سأتزوج ؟
رنيم(بعدم فهم):- أمي وخالتي والخالة أم طلال
نور(جحظت عينيها بهلع وهي تنهض):- هئئئئئئئئ ماذا فعلن يا لهوي .. أميييييييييييييي
بعد برهة استيعاب سطَّرتهن في طابور أمامها كالمتهمات في الصالون ، عواطف مديحة عفاف رنيم إخلاص وأخذت تمر أمامهن جيئة وذهابا وهي تضع يديها خلف ظهرها ، وهي مستمرة في بحر تفكير عميق إلى أن نطقت إخلاص من فرط التعب والجوع
إخلاص:- ما هذا الجحود نحن جائعات والطعام قد برد ، انطقي المعضلة التي بفمكِ ودعينا نأكل لقمة حرام عليكم ما هذا التسلط
عواطف(بارتباك):- ما بالكِ يا نور .. شكلكِ لا يوحي بإشارة خير ؟
رنيم(همست لأمها):- أخبرتها عن أم طلال
مديحة:- هئئئئئ الله لا يسامحك يا بنت .. أهذه فعلة تقدمين عليها ؟
رنيم:- عذرا لم أحسب أنها لا تعلم شيئا عن ذلك
عفاف:- دعوني آكل وبعدها اشرحوا لي ما يحدث ..
نور:- صمتاااااااا … كلكن مذنبات أمامي هل أجد تفسيرا لما سمعته كيف تتفقون من وراء ظهري على حضور الخاطبين مع الخالة أم طلال دون موافقة العروس حتى هاااااااااااااااااه ؟
عواطف(مطت شفتيها وهي ترمش بارتباك):- تتت لالا أنتِ لم تفهمي يا بنتي ، يعني المسألة وما فيها يعني أنه قلنا احم يعني …أ…
مديحة(أردفت):- نعقد لقاء تعارف
عواطف:- هاه أجل لقاء تعارف .. يعني شيء ليس له علاقة بأي خطبة هو مجرد تعارف بين العائلتين ثم الشاب أستاذ عتيق وشاب مقتدر ووسيم وذو أخلاق عالية و
نور(بجنون صرخت):- يكفي هل ستحكين لي حتى متى فطمته أمه ؟؟؟؟؟؟ … فورا ستتصل إحداكن بأم طلال وتطلب منها إلغاء تلك المهزلة وإلا قسما عظما سأرتكب فيكن جريمة اليوم … قال تعارف قال أو تعلمون ماذا جهزوا جدتي نبيلة لتقابل ضيوفكم لأنني لن أعود حتى منتصف الليل ليكن بعلمكم هممم ، يا إلهي أشوف فيكم يوم لكن لما سأدعو عليكم ما كل الأيام السوداء منورة بيتنا اللهم لا حسد
عفاف(رمقتها وهي تصعد لغرفتها غاضبة):- هل هذا يعني أننا لن نأكل ؟
إخلاص:- هففف ما هذااا الحال تلك البنت يلزمها رجل يكسر عينها وظهرها، قد طال لسانها كثيرا كثيرا كثيراااااا
رنيم:- أظنني المذنبة ما كان علي التفوه بحرف
مديحة:- ولو وكأنها سترحمنا لو عرفت من أحد غير … يلا لنأكل ونفكر بخطة نقنعها بها عيب الناس سيمرون هذا المساء الأستاذ وأخته وأم طلال أيضا ويريدون فقط رؤيتها لا غير
رنيم:- تت وها قد خلقنا مشكلة مع السيد نوري
عفاف:- هيييه أي والله
دعاء(خرجت من غرفتها وهي تسير ببطء صوبهم):- لما كل هذا الضجيج ، ماذا يحدث ؟
رمقها الكل بنظرة صامتة ولمعت ببالهم نفس الفكرة والتفوا حولها مثل قطيع الغنم ههه ^^
دعاء:- لما علي أن أشعر بالقلق بعد هذا التجمع فوق رأسي ؟
مديحة:=- دعائي حبيبتي فلذة كبدي نور عيني ، وحدكِ أكرر وحدكِ القادرة على إخراجنا من هذا المطب الذي وضعتنا فيه ابنة عمكِ نور
دعاء:- أهاااه هه طيب ما هو المطب أصلا لكي أعرف ما علي فعله ؟
عواطف(من الجانب الآخر):- يا عزيزتي ليس عليكِ فعل شيء ، فقط ترتدين فستانا مناسبا وتجلسين كالتمثال بالصالون سيأتي بعض الضيوف لرؤيتكِ على أساس أنكِ العروس وبعدها يذهبون و
دعاء(اختفت بسمتها):- لا أريد .. سأنام
مديحة:- تت طيب من التي ستلعب هذا الدور .. يا إلهي انفضحنا مع الضيوف
إخلاص(جلست تأكل):- ههه جهزوني أنا ، أو لأقل لكم رنيم تلعب الدور ؟
رنيم(رفعت حاجبها بتهرب):- لالالا يا روحي أنا لدي أطفالي يعني أ.. ثم احم أساسا سأخرج رفقة نور هذا المساء يعني متأسفة لن يسعني تلبية طلب الدولة
مديحة(وضعت يدها على خدها بتأفف):- أستغفر الله …
ههه والله من قال لكن اتفقن على موعد على أساس أنكم لا تعرفون نور وفصولها ، مستحيل كانت توافق لكنهن فكرن بوضعها أمام الأمر الواقع خصوصا أن أم طلال استعجلتهم كون ذلك الأستاذ فرصة لن تعوض .. المهم أخيرا جلسوا على طاولة الأكل وانضمت حتى شيماء ونهال بعد أن صعدت إخلاص لتناديهن رفقة دينا ، أما نور فأبت فتح الباب حتى ورفضت التحدث معهم ولو بحرف وهنا وجدن أنفسهن أمام غضب السيد نوري مباشرة فالله يستر

في المعسكر
هههههه بمجرد أن أكتب في المعسكر قلبي ينشرح وأحس بتنمل في أطرافي من شدة الحماسة ، فهناك دوما دوما الأمور كارثية فما بالكم بحضور 40 طلقة أنثوية وسط عشرات الرجال كيف ستسيطرين يا نقيب وصال متشوقة لمعرفة ذلك ^^…
كانت الأجواء محتدمة وعلى آخرها ، فمنذ الصباح وهي تطقطق برجلها أرضا وعلى أعصابها تتكلم من رأس أنفها ، وتخفي عينيها المضطربتين خلف نظاراتها وتنظر لترتيبات المهجع قبل حضور الفتيات ، هنا فضل عدم الاحتكاك بها لأنها ستقتلع عينيه إن فكر مجرد تفكير أن يفرض رأيه أو يدلي بتعليقه حول الترتيبات .. تركها على سجيتها وتوجه صوب المطبخ العام تجاه العم حسين الثخين ههه ..
العم حسين(يحرك في قدر كبير ويرتدي ثياب الطباخين بقبعته البيضاء الطويلة وشواربه البيضاء الكبيرة تعطيه لمحة وقار مضحكة):- آه يا ربي لن ننتهي اليوم من الأوامر ، قد مرت السيدة وصال قبل قليل وأعطتني قائمة طويلة عريضة من الطلبات تقول أننا سنزيد عن الأطباق اليومية 40 طلب أحقا سيدي الرائد ؟
جاسر(حرك فكه):- طالما أعطتك القائمة فنفذ يا عم حسين ، لدينا ضيفات سيتممن معنا التدريبات لأخر الدورة لذلك حبذا لو أنك لا تعطي وجها لأي واحدة منهن .. لا أريد تهاونا هنا الصرامة ثم الصرامة وحبذا أيضا لو لم تعرض نفسك لموقف حرج أمامي إن علمتُ أنك تتعاطف مع أيهن مفهووووم ؟
العم حسين(رقص بهزل):- هه ولو يا سيد جاسر اعتبرني جمادا هناا كن مطمئنا …
كامل:- سيد جاسر سيد جاسر هناك مشكلة
جاسر(ابتسم لحسين وهو يشعر بإزعاج في أذنه):- ما هذا الصوت الرخيم ؟؟ كأنه محرك دبابة تلعب في الساحة ..
كامل(التقط أنفاسه):- سيد جاسر هل سمعتني هنالك مشكلة ؟
جاسر(التفت إليه):- اشتهيت مرة واحدة أن تحضر إلي وفي جعبتك خبر مفرح … هاه أبشر ما المشكلة يا كامل كمال ؟
كامل(أشار له):- يفضل أن تأتي وتنظر بنفسك
جاسر(ضرب على جنبه):- أنا كنت أعرف أن هذا اليوم لن يبدأ ولن ينتهي على خير ..
توجه رفقة كامل صوب المهجع الشرقي حيث كانت السيدة وصال تصرخ بصوت عال في العساكر الذين أخرجوا عقلها من محله ..
وصال:- قلت يمينا يمينااااااااااا ما الذي لا تفهمونه أنا لا أدري .. هل أستعمل لغة أجنبية لا تفقهونها مثلا ما بكم ما بكم ؟
جندي:- حضرة النقيب لكننا غيرنا محلها منذ الصباح ، وأنتِ لا تستقرين على قرار مرة تقولين يمينا مرة تقولين شمالا وبصراحة قد تعبنا ..
وصال(عضت شفتيها وهي تقترب منه بملامح خطيرة):- انتبااااااه … ما اسمك يا جندي ؟
الجندي(بقلق تفتف بشفته ندما لما قاله):- مجيد
وصال:- مجدي … أستاذ مجدي اعتبر ..
الجندي:- مجيد سيدتي وليس مجدي ؟
وصال(ابتسمت وتابعت):- …أتعلم لما غيرت اسمك يا مجدي ؟
الجندي(بارتعاب منها):- لا سيدتي ..
وصال(اقتربت منه خطوة حتى وضعت يدها على كتفه وهي تميل برأسها محذرة):- كي أشفق على اسمك الذي سأضعه في الخانة السوداء إن عارضت قراراتي مجددا ، لأنني وقتها سأجعلك تنظف مهاجع الجنود والجنديات ببنطلونك الداخلي هل وصل ؟
مجيد(شهق وهز رأسه موافقا بعد أن سمع سخرية زملائه):- أمركِ سيدتي لن أفتح فمي ببنت شفة
وصال:- جيد يا مجدي هيا إذن ساعد إخوتك لنقل هذه الأسِّرة جهة اليمين
مجيد(زورها بخوف وركض إليهم):- حاضر حاضر …
وصال(وضعت يدها خلف ظهرها وهي تهتز بامتنان بعد رؤيتهم مطيعين):- جيد ..
جاسر(همس من خلفها):- ألا تشعرين وكأنكِ تبالغين قليلا بسبب مخاوفك ؟
وصال(فتحت عينيها وهي تبتسم بشكل خبيث):- أنا أزاول عملي الذي أراه صائبا
جاسر(همس أكثر):- وهل من الصائب أن تمارسي نزعة الشك على جنودك ، خوفا من بقاء أسِرَّة الجنديات بجانب النوافذ ؟
وصال(ابتلعت ريقها وهي تتنهد):- نحن نسعى للحماية ولا مجال للتهاون هنا ، أظن هذه كانت جملك سيد جاسر ؟
جاسر(طالعها وهي تتملص من قربه ومال برأسه):- إلى ماذا تسعين يا وصال محفوظ ؟
وصال(رفعت يديها وهي تنظر لكامل الذي رمش متهربا إذ عرفت أنه من استدعى جاسر):- أظنني حللت المشكلة ، والبلاغ الذي وصلك كاذب
جاسر(أشار لكامل كي يبتعد من أمامها):- الحقي بي إلى الخارج ، سنتحدث
وصال(رمقته وهو يمر بجانبها كالصاروخ):- عذرا سيد جاسر .. أنا مشغولة حاليا لا يمكنني تلبية طلبك
جاسر(تلاعب بلسانه داخل فمه ونظر للجند وهم منهمكون بالتعديلات واقترب منها وهو يمسح على رقبته):- وصال … لا تطلبي غضبي كوجبة على الغذاء ، الجنديات على وصول وحضرتي أتمالك أعصابي بصعوبة منذ الصباح ، لذا أقل ما يمكنكِ تقديمه هو بعض الطاعة
وصال(تحركت قبله):- انتبااااااه … أسرعوا ولا أحد يتقاعس في عمله عائدة لكم …
جاسر(حول عينيه وهو يلحق بها):- رائع تورطي مع نقيب تعرف الرحمة مثلك
وصال(تسير مسرعة جواره):- هذا طبع أخذته منك سيدي الرائد ..
جاسر(عقد حاجبيه وتباطأ في سيره):- ماذا تقصدين هييييه … أنا لم أكن هكذا أبدا ؟
وصال(لوحت بيدها وهي تمضي خلف المهجع وتتحدث بعنجهية):- هوووهوه لا تدعني أذكرك عن بداية تعارفنا جاسر بيك ، قد كنت تكره جنس النساء لكن بما أن هنالك 40 جندية على مشارف الوصول أراك هادئا ومتقبلا للموضوع وكأنه أعجبك ..
جاسر:- أوك أنتِ هنا قد تماديتِ وتتهمينني بشيء غير صحيح …
وصال(توقفت وأزالت نظاراتها الشمسية وهدرت فيه بعدها):- أحقاااااا …ألست أنت من وافق على تحمل مسؤولية تنك البنات ؟؟؟
جاسر(هز كتفيه بقلة حيلة وهو يراها مبتعدة ترفض حتى سماع الجواب):- ولكن هذا أمر جاءني من الإدارة ولم يسعني التدخل فيه ..
وصال(استدارت إليه بغيظ):- عجبااااا علما أن أمر تعييني جاء من الإدارة عينها ، ولكنك وقتها حاولت بكل الطرق أن تبعدني عن المعسكر حتى أنك جعلتني أوقع على تعهد بعدم التعرض لك سيادة الرائد
جاسر(شعر بثقل على صدره بعد جملتها وكأنه حقا بالغ في البداية لكن .. هاه كان ذلك قبلا وليس الآن):- وصاااال … وصال
ركض بخفة حتى تجاوزها وجذبها إلى الحائط الخلفي للمهجع وأجبرها على الوقوف ، ابتلعت ريقها وهي تنظر إليه قريب منها لدرجة الالتصاق حاولت التحرك لكنه كان أقوى منها ، أخضع غضبها فعليا لحظتها لكنه لم يتحكم فيه
وصال:- دعني أنت ماذا تفعل ..؟؟
جاسر:-اخرسي واسمعيني .. أي نعم لم أكن أطيقكِ في البداية وكانت لدي نزعات عن عدم الثقة بامرأة خصوصا لو كانت بمحيطي وتحمل معي مسؤولية المعسكر ، صدقا استهنت بقدراتكِ سابقا وتوقعت فشلكِ .. لكن ما حدث هو أنكِ أحدثتِ تغييرا جذريا فيني لا أأدري كيف أصفه لكِ لكن ظهوركِ بحياتي خلق اختلافا بطريقة تفكيري
وصال(بعيون مغرورقة تنظر لكتفه كي لا تلتقي بعينيه المهلكتين):- إن أتممت حديثك دعني أتوجه لعملي ..
جاسر(نظر لعمق عينيها الدامعة ورفع يده كي يلامس خصلات شعرها لكنه جمع قبضة يده وسحب نفسا عميقا):- يمكنكِ الذهاب ..
وصال(دفعته عنها وذهبت وهي تشعر بطعم الصدأ يملأها):- توقعت ترددك …أصلا
جاسر(مسح على شعره ووضع يده متأففا):- تت ..اللعنة يا جاسر يعني حرام تبقي الأمور على خير ما يرام …
ابتعد من هناك في طريقه لمكتبه لكن استوقفه ركض كامل كمال مجددا نحوه ، لم يتوقف بل حرف طريقه كي لا يستمع له لكن هذا الأخير هرول حتى قطع طريقه
كامل(يلهث):- سيدي سيدي قد وصلوا وصلووووا …
جاسر(برقت عيناه بامتعاض):- أنا بمكتبي دع العريف زاهر يجمعهن وسط الساحة لبرهة قبل قدومي
كامل:- هاه ماشي طيب والنقيب وصال ؟
جاسر(نظر خلفه للمهجع بحرقة قلب وتحرك):- أعطها خبرا …
كامل:- تمام .. لكن أ.. ماشي ماشي ..
هرول كامل مجددا ناحية المهجع وأعطى خبرا لوصال مثلما طلب منه ، هنا أغلقت عينيها وسحبت نفسا عميقا وفتحتهما بنظرة صارمة وهي ترمق آخر التعديلات للمهجع تتم أمام ناظريها كم كانت ممتنة من فكرتها التي راودتها للتو بعد محادثتها مع جاسر ، فبدلا من أن تنقل كل الأسرَّة خشية من النوافذ هنالك حل آخر إغلاق النوافذ ونخلص …
الجندي مجيد:- تم إغلاقها جميعا بالأقفال سيدتي النقيب
وصال(أمسكت بالمفاتيح بين يديها ووضعتهم بجيبها وهي ممتنة بما أنجزت):- تمام لكن ماذا عن قفل الباب الرئيسي ؟
مجيد:- تعالي وألقي نظرة بنفسك
كان القفل من النوع الكبير الملفت للنظر ، ولو كان قفل سجن ما كان بذلك الشكل حتى مفتاحه ذو الحجم الكبير لكنها لم تولي اهتماما للأمر فهي ستضبطهن وستمنع حتى الهواء من التسرب لمخدعهن … عدلت ثيابها وهي تتحرك صوب الساحة العامة وجدت البنات جاثمات أمام المنصة الرئيسية بجانب العلم الوطني ، 40 فتاة يعني 40 مصيبة .. بحثت بعينيها عن سيادة الرائد فأكيد عليه الحضور الآن للإدلاء بكلمته الأولى وقوانينه لحظة .. أين هو ؟
وصال:- معقول ألن يستقبلهن ؟؟؟
العريف زاهر(اقترب ناحيتها):- الرائد جاسر يطلب منكِ التوجه لمكتبه فورا سيدتي النقيب
وصال(عقدت حاجبها بعدم فهم):- تمام .. حافظ على الترتيب والتنظيم وسجل أسماءهن وأعمارهن ومعلوماتهن ريثما نوافيك يا زاهر
زاهر:- تمام سيدتي ..
وصال(وضعت يديها بجيبها وصعدت من الدرج الجانبي):- لنرى ماذا ستضيف يا سيد جاسر
توجهت إليه وعينها تطالع تلك المتدربات اللاتي كن يقفن بخطى ثابتة أمام العلم ، وزاهر يمر بينهن ويقيد كل المعلومات الخاصة بهن ، مسحت على وجهها وهي تطرق باب مكتبه
وصال:- نعم لما طلبتني ؟
جاسر(جاثم أمام النافذة يطل على ما يحدث بالساحة ، وفي سره):- نعم لما طلبتكِ ، صدقا لا أدري لما طلبتكِ يا وصال لكنني كنت بحاجة لرؤيتكِ ومعرفة رأيكِ فيني يعني باختصار ما مدى جرحكِ مني ؟
وصال(حركت يديها في الفراغ):- هللو .. نحن هنا ؟
جاسر(لم يتحرك حتى وبهدوء بارد):- أسمعكِ وصال
وصال(أقفلت الباب وتقدمت إليه):- أستغفر الله .. سعادتك من طلبني فماذا تريد مني أساسا المتدربات بانتظارنا بالأسفل كما ترى
جاسر(أغمض عينيه وهو يحاول مقاومة عطرها وقربها الذي يفقده صوابه):- وصال ..
وصال(رفعت حاجبها وهي تراه يستدير إليها بملامح حميمية لا تليق به للصراحة ، بمعنى أوضح ليس له علاقة بها إذن ما المناسبة):- همم ؟
جاسر(توجه إليها بخطى متثاقلة إلى أن وقف أمامها مباشرة):- أعتذر منكِ
وصال(فتحت فاهها بعدم تصديق فاعتذار من جاسر شخصيا يعتبر معجزة):- هااااه .. أنت تعتذر مني أنا ؟
جاسر(أمسك يدها وهو يعقد حاجبيه):- هنالك أشياء يصعب عليكِ فهمها ، وأنا غير مستعد لشرحها وصال لكن .. ما عليكِ معرفته أنني شخص لا يتسلى أو يتلاعب بمشاعر الآخرين فما بالكِ بمشاعر شخص مثلكِ وصال ..
وصال(بدهشة من كلامه تراجعت للخلف خطوة):- أشعر باضطراب معوي في بطني ، هل أنا أحلم مثلا يعني كلامك غريب صراحة وربما هو
جاسر(تمسك بيدها أكثر وجذبها إليه وهو يحملق بوجهها):- هنالك قاعدة تقول ..أن الاعتذار عن الخطأ لا يجرح كرامتك ، بل يجعلك كبيرا بعين من أخطأت بحقه وأنا هنا لا أرغب بأن أنال مرتبة في تفكيرك .. إنما أحسست أنني بالغت في أذيتكِ مؤخرا بدون قصد وذلك يعني شيء متعلق بي وبطريقة تكوين فكري هل فهمتِ ؟
وصال(جذبت يدها وهي تحرك رأسها بغبن):- جملة قصيرة كانت كفيلة لتشرح كل ما ذكرته يا جاسر .. قد اعتذرت مني ولا أدري حتى سبب ذلك لكن أرى أنه شيء يعذب قلبك ومن واجبي كنقيب تحاول الحفاظ على توازن المعسكر أقبل اعتذارك سيدي الرائد .. هل لنا الآن أن نلتفت لعملنا ؟
جاسر(جمع كرامته التي وطئت عليها وصال من فرط حرقة قلبها وانكساره بسببه):- تفضلي أمامي ..
وصال(امتصت شفتيها وتحركت بقوة قبله لكن توقفت قبل أن تفتح الباب والتفتت إليه وهو واقف خلفها يرتدي قبعته الخاصة):- هل لي أن أسألك شيئا ؟
جاسر(عقد حاجبيه لكن هز رأسه لها):- نعم ؟
وصال:- أسَبق وشعرت وكأنك تركض في طريق طويل ، تنتظر أن تصل نهايته فقط كي ترتاح من تعب الركض وتشعر بالراحة بعد وصولك ؟
جاسر(اقترب خطوة منها وقد فهم مغزى كلماتها):- أظنني لم أجرب شيئا كهذا سابقا
وصال(ابتسمت بمرارة):- علمت ذلك فلو كنت جربت كنت فهمتني .. لنذهب
جاسر(تحركت حنجرته وحين فتحت الباب لتمضي أردف بصوت أقرب من الهمس):- لكنني جربت عذاب ذلك الركض حين تذوقت شفتيكِ …
هه طبعا لم تسمعه فقد نزلت بخطى متسارعة من عنده هربا من تلك المشاعر المتضاربة التي يتفنن السيد جاسر بخلقها فيها ، تعذيب في تعذيب إلى متى سينتهي الله أعلم لكن ما هو معروف الآن أنه بنفسه غير قادر على لملمة جملة مفيدة تبرز حقيقة مشاعره ، في حين أختنا في الله مستعجلة وتكره اللف والدوران ومع النجم الأول في إخفاء المشاعر ببراعة سوف تنتظر المسكينة دهرا بأكمله … مط شفتيه وتبعها وهو يزفر بعمق فأكيد لحظاته المقبلة معها لن تمضي على خير إضافة للأربعين بلوة الماثلات بالساحة أكيد ستقوم الحرب العالمية الثالثة هذا إن رحمهم الله من ذلك … تقدمت رفقته نحو الساحة ونظرت من خلف نظاراتها الشمسية لتلك الفتيات ويا عين عيني …
وصال(في سرها):- هئئئ 40 رصاصة مدمرة يا ربي كلهن فاتنات كيف سنضبط جنودنا مع هاته الشعلات الأنثوية … صبرنا يا رب وألهمنا القوة … له له ما كل هذاااا ؟
جاسر(رفع حاجبه من خلف نظارته أيضا ولمح صدمة وصال التي حاولت جليا إخفاءها ووثب أمامهن ، هي على يمينه والعريف زاهر على يساره):- مرحباااا ..
طبعا ما إن رأته المتدربات حتى شهقن وهن يتوسمن خيرا من الرائد الوسيم ، وكل واحدة فيهن ترى فيه فرصتها الذهبية أخذن يتمايلن ويشهقن ويتمايعن وطبعا هذا شيء مخالف بالنسبة لها وهي لن تستطيع ضبط غيرتها أكثر …
وصال(بصرامة):- انتبااااااااااه … نريد تحية عسكرية منظمة حين تمثلن أمام الرائد
الجنديات:- انتبااااااااااه حضرة النقيب ..سيادة الرائد
زفر جاسر بعمق وهو يخفي ابتسامته بخفة منها ، لكن سرعان ما استعاد لونه الطبيعي فعرقه الصارم لا يعرف مزاحا في هذه المواقف ، عقد حاجبيه وهو يتأملهن الواحدة تلو الأخرى ويسير أمامهن ليلاحظهن جميعا ، إلى حين عاد لمحله بالوسط ونطق ..
جاسر:- أصغوا جيدا يا متدربات ، هنا القوانين صارمة وليست مثل التي عايشتموها بالمعسكر السابق ، يعني من يخترقها يتعرض للعقاب الشديد ، لا مجال للهو لا مجال للتفاني لا مجال للكسل .. من يثير المشاكل يصبح مسخرة الجنود كافة ويعاقب حسب قانون دستوري الشخصي وصدقوني لا أحد يرغب بمعرفة كيفية عقابي ..
إحداهن(تمايلت وهي تصفر بصوتها بنغمة إعجاب وأردفت):- يااااي أكيد سيكون عقابا رائعاااا وممتعا ..
وصال(شهقت من وقاحتها ونظرت لجاسر):- .. لارد
فتاة أخرى:- ما هذا الملل هففف ؟
جاسر(ابتسم حين اعتقدت الفتاتان أنه لن يعرف مصدر الصوت من كثرتهن ، لكنه فاجأهما بسيره في صفهما إلى أن وقف عند رأسهما واحدة على يمينه والأخرى على يساره):- كلاكما ستكنسان ساحة التدريب الخلفية من الآن حتى المساء ولا يوجد وجبة عشاء .. تحركااااا
ارتعبت الاثنين ونظرتا إليه بعد أن حاولتا الاعتذار ، لكن العريف زاهر أشار لهما للطريق وانسحبتا من الطابور وهما مزمجرتين لذا عاد جاسر لمحله ببرودة تامة
جاسر(رمق بسمة على ثغر وصال وتابع):- مثلما رأيتما لا شيء يخفى عني ، لذلك لا تحاولوا لعب المؤامرات والخدع هنا فلن تصلوا لشيء معي .. من ينضبط يكسب ومن يحاول التخريب سيخسر ، أتمنى لكم بقية تدريب ممتعة إلى مخادعكن فوراااا ونلتقي غدا في بداية أول تدريب لكُن معي … انصرااااااف
قاموا بتحيته وانصرفن تجاه المهجع الخاص بهن بعد أن دلهن زاهر عليه ، وهنا كن يتهامسن عليه وعلى وسامته وصرامته أيضا وطبعا شخص مثله صعب أن يسقط بسهولة وبما أنهن متعودات على التخريب أكيد لن يصل تهديده لهن لنتيجة .. ما إن دخلن مهاجعن حتى انتبهن للنوافذ المقفلة وطبعا بدأن الاحتجاج وهنا كان دورها …
وصال:- انتباااااااااه … وقت التدريبات سيكون من السادسة صباحا حتى 11 بعدها توجد ساعتين راحة واحدة للغذاء والثانية للراحة الذهنية ، يليها تدريب من ا1 إلى الخامسة مساء وفيما بعد ستتوجهون لغرفة الطعام لأجل تناول الوجبة المسائية بعدها ستعودون لمهاجعكن ، لأجل الحمام اليومي وذلك سيكون من السادسة مساء حتى السابعة ، ما يلي ذلك هو خاص بكن وممنوع منعا باتا التجول في أرجاء المهجع ولو لأي سبب كان .. لاحقا تتوجهون صوب غرفة الطعام تتناولن العشاء الذي سيكون من الثامنة والنصف حتى التاسعة وإلى هنا يوجد حظر تجول ما بعد ذلك مثلما قلت يجب على كل منكن الدخول في سريرها في ذلك التوقيت لأجل صحة جيدة واستيقاظ يقظ للتدريبات الخاصة باليوم الموالي …
نطقت إحداهن:- ألا ترون أنكم تقسون علينا كثيرا ، ثم لما النوافذ مغلقة بهذا الشكل وكأننا سنهرب مثلا ؟
وصال(نظرت إليها واتضح لها أنها هي زعيمتهن):- ما اسمكِ يا جندية ؟
الفتاة(بمكر):- ريحانة ..
وصال:- هممم ريحانة إذن اسمعي يا غالية ، أنتِ هنا في معسكر تدريب وليس في فندق خمس نجوم حتى نعدل الإطلالة الصباحية لأجل جنابك ، عودي للصف ولا تتكلمي ما لم أسمح لكِ أنا بذلك .. ما عايشتموه في معسكركم السابق استحالة أن تجدوه هنا فلن أسمح به لا أنا ولا سيادة الرائد ..
ريحانة(لمحت وصال قد تحركت لتغادر وهمست للبنات):- هه من المؤكد أنها معفية من كل هذه الواجبات ، طبعا هي النقيب ولها خاطر عند الرائد لكن لا بأس نحن لها يا بنات ..
وصال(سمعتها وعضت شفتيها واستدارت إليهن):- يجدر بكن أخذ راحتكن ، فبعد ساعتين سترون أولى تداريبكن على يدي وصدقنني سوف تصطدمن بواقع لعين وستندمن على اللحظة التي فكرتن فيها بخوض هذا المجال … انتبااااااااااااااه ..
زفرت بعمق وهي تحسب في نفسها أن أيامها المقبلة لن تكون هينة مع هؤلاء الفتيات المشاغبات ، إذ شكلهن يوحي تماما أن بعضهن لا ترغب سوى بالاستقرار وبعضهن تابعات فقط بفرض سلطتهن وطبعا الغلبة للأقوى ، وهنا عليها أن تجد خلاصا ونقطة لحشرهن بحيث لا يجدن متنفسا حتى للقيام بأدنى حركة مريبة تفسد النظام ، إذن أنتِ يا وصال أمام حرب عتيدة أقوى من حربكِ مع سيادة الرائد الذي كان يقف عند حافة الحائط بالأعلى يطل عليها وهي قادمة من بعيد تحادث زاهر وتأمره بأن لا يغفل عنهن مطلقا ، وبالنسبة للجنود سوف تكون تدريباتهم معاكسة لتدريبات الفتيات كي لا يتم اللقاء بينهم وكي يستمر التدريب بتنسيق أكبر بين الفئتين .. أثناء شرحها الذي طال مع العريف زاهر الذي كان يكتب في ورقة كل تعليماتها دلكت عنقها بتعب ورفعت رأسها لتجده بالأعلى يطل عليها وكأنه يراقبها ..
كامل(كان يلوح لها ظنا منه أنها تراه):- نقيب وصال نقيب وصال
وصال(انتبهت له وهي تبتلع ريقها):- تمام عريف زاهر هذا كل شيء ..
زاهر:- تمام سأنسحب أنا لأنسق مع بقية الإخوة .. عن إذنك
وصال:- إذنك معك زاهر … ها يا كامل ما بالك تركض من هنا وهناك أخبرناك أنك معفي عن كل هذه المجهودات فخفف منها كي لا تتعب ..
كامل:- امم أنا لا أفعل شيئا أتناقل الأخبار من هنا وهناك ، وأحاول مساعدتكم يعني كساعي البريد
وصال(رفعت عينيها ببطء وجدته ما يزال محله):- أهاه طيب ألم يحضر لي ساعي البريد أية رسالة ولا أنا محرومة من واجبك المهني الجديد ؟
كامل(ابتسم بخبث والتفت خلفه للرائد بالأعلى):- هنالك مكتوب بالفعل ، خذي هذه من الرائد
وصال(بدهشة أمسكتها ولما رفعت رأسها لم تجده لكن فوجئت برسالته):- ما هذااا هل عدنا بالعولمة للوراء ، أين اختف الرسائل النصية ههه ؟
كامل:- هذه لها معنى أكبر ، اسمعي مني فلن تجدي من يكتب لكِ رسالة كل يوم فأنا مثلا لم يسبق لي أن كتبت رسالة لسلمى إلا لما دخلت المعسكر كل شهر أبعث لها واحدة ههه
وصال(ضمت الرسالة ووضعتها بحرص في جيبها):- أيوة اعترف يا رومانسي باشا .. هه هيا سأدعك وأرتاح بغرفتي قليلا لأنه ورائي تدريبات لتلك الفتيات بيني وبينك لست مطمئنة
كامل(حرك يديه امتعاضا):- والله أنا أيضا لم تنزل أيهن من بلعومي ، لكن ستمضي
وصال(تحركت بحماس):- تمام يا كامل أراك ..
طارت من أمامه وهربت لتتقوقع بغرفتها وترى ما الذي كتبه جاسر لأجلها ، ولأول مرة قد بدا وكأنه سيقول شيئا ذلك اليوم من خلال تصرفاته المتناقضة لكن يتضح أنه خطه على الورق المهم أنه سينطق .. أغلقت الباب خلفها وبسرعة جلست على سريرها وأخرجتها من جيبها ضمتها بداية لصدرها والفرح يزغرد في قلبها وفتحتها برفق لتقرأ..
[وصال .. أعلم أنكِ تستغربين رسالتي هذه لكن الحلم حين يطوف بفلكِ العقل ، يستحيل الانتظار بعده فكلما خامرني الشك حول استطاعتي في إخراس أفكاري وجدتكِ صوب عقلي تتجنبين التصدع القصي حين أفكر بإبعادك ، محتمل ألا تستوعبي حرفا من رسالتي لكن دعيني أهمس لكِ بأنكِ في تفكيري كل الوقت .. جاسر]
وصال(قفزت على السرير وهي تبكي بفرح):- هئئئئئئ اعترف اعترف اعترف …. حسن ليس اعترافا مباشرا لكن ههه لكنه كتب لي رسالة وهذا وحده كاف يااااه ماذا علي أن أفعل الآن هل أذهب إليه للالا سيقول أنني فتاة خفيفة ، طيب ماذا ستكون ردة فعلي ، هل أثقل نفسي لكن هكذا سيعتقد أنني غير مبالية تتت أوووف ماذا تفعلين يا وصال ماذااااااااا ؟ هههه طبعا طبعا كيف لي أن أنسى منقذاتي الحلواااااااااااااات كوثرتي وميرنتي … يلا ..
رنت على رقم كوثر أولا ولكنها وجدته مقفلا وهذا من غير عادة كوثر أن تقفل هاتفها ، لم تدقق فاتصلت بميرنا مباشرة التي لم تجب في البداية لكن قبل أن تفصل وصال أجابت ..
ميرنا:- هلا بالحب
وصال:- ميرنا حبي كيفك لقد اتصلت بكوثر ولكن وجدت هاتفها مقفلا خيرا يا بنت ؟
ميرنا(عقدت حاجبيها بغرابة):- أتصدقين لم أكلمها منذ يوم كامل يعني .. ما حصل مع وائل أربك عقلي
وصال:- ماذا حصل مع وااااائل أنا لا علم لي ؟
ميرنا:- أممم فضلنا عدم إخبارك يعني لكي لا تجزعي مجددا ، فكل مرة تهرعين إلى هنا بسبب مصيبة جديدة لكن اطمئني وائل بخير الآن وهو يحظى برعاية جيدة قد تعرض المسكين لحادثة سير
وصال(بفزع):- أوووهااا كيف أصيب هل هو بخير الآن ؟
ميرنا:- بخير يا بنتي لا تقلقي أخبرتكِ كل شيء تمام
وصال:- طيب طيب بلغيه سلامي وأمنياتي له بشفاء عاجل ماشي ..
ميرنا(هذا إن رأيته أصلا آخخخ يا قلبي المسكين):- تمام يا روحي ، كيفكِ مع المعسكر ومع رائد المعسكر ؟
وصال(بخجل عضت شفتيها):- اسمعي يا ميرنا قد اتصلت لأجل نصيحة منكما ، لقد بعث لي جاسر برسالة خاصة ولا أدري ماذا أفعل ، أنا أرتجف كل أطرافي ترقص ووجنتاي ساخنتين هههه أشعر بالحب الحب الحب ..
ميرنا:- هووووه ع العشق وناسو ، طيب ما فحوى الرسالة ؟
وصال:- أ.. يعني شيء خاص وقد عبر لي عن تفكيره بي طوال الوقت
ميرنا(بتنبه):- امممم فهمت يا وصال ، طيب أنا من رأيي أن تخبئي الرسالة في مكان آمن أولا وبعدها تذهبين كالفتاة العاقلة إلى عند جاسر وتشكريه على الرسالة شكرا بسيطا وتخرجين إياكِ وأن تبقي أكثر لكي لا تضيعي هيبة الموقف وجماليته من فرط الارتباك بينكما ، فلا هو سيعرف ما سيقول ولا أنتِ ستجدين جملة مفيدة
وصال:- أهاه أتاريكِ معلمة غرام ونحن لا نعلم .. هه طيب روحي سأطبق نصائحكِ وأكلمكِ فيما بعد ، بلغي سلامي لكوكو وأخبريها جديدي
ميرنا(فرحت لها):- أرجو لك كل السعادة يا صبي القهوة ههههه
وصال:- هاااااااا سوف تقلبين مودي الآن .. يلا يلا انصرفي انتبااااااه يا بنت ههه
ميرنا(تخطط على ورقة ما بدوائر عشوائية):- تمام أفنديم ههه … باي روحي
انتفضت من محلها بسرعة وفتحت دولابها فتشت عن بضع أشياء ووجدت علبة صغيرة وضعت فيها الرسالة بعد أن قبلتها قبلتين طبعا ، زفرت بعمق وهي تضم يديها لصدرها تحاول إسكات قلبها قليلا من خفقاته ونظرت خلفها للمرآة فتحت شعرها من ربطته وعدلت هندامها وخرجت من غرفتها متوجهة صوب مكتبه ، كانت تعضعض شفتيها خجلا لا تدري أساسا كيف ستواجه عينيه بعد ذلك الاعتراف الصامت بينهما لكن هي أيضا تبادله نفس المشاعر وهو يعلم ذلك إذن لما ستخجل ، وصلت إلى مكتبه ولم تطرق الباب فقد قبعت مترددة دقيقتين وفي الثالثة طرقته بخفة وفتحته لتلجه وتصطدم بتلك الفتاة المائعة وهي تجلس على مكتب جاسر وتدور بشكل غريب ومستفز
وصال(اختفت بسمتها ونظرت إليها بصدمة):- ماذا تفعلين هنا يا أنتِ ؟
ريحانة:- أممم سيادة النقيب كنت أود التحدث مع المدير بما أنه القائد هنا
وصال(زفرت بعمق واتجهت إليها):- انهضي أولا من مكتب الرائد ، ما تفعلينه غير جائز ومرة ثانية لا تبرحي مهجعكِ ما لم تطلبي الإذن مني شخصيا ، لا يمكنكِ التصرف على سجيتك نحن لسنا بشارع هذا معسكر وله قواعده وقوانينه
ريحانة(نهضت بخيلاء وهي ترمقها بميوعة):- رويدكِ يا نقيبنا سينفجر عرق من رأسك ، ونحن لم نربي حتى المودة على بعضنا بعضااااا
وصال(أشارت لها كي تتحرك لوسط الغرفة):- أخبريني ما الذي تريدينه من الرائد ؟
ريحانة:- عذرا لكن كلامي معه شخصيا ، وليس معكِ سيدتي النقيب
وصال(أشارت لها بإصبعها بعصبية):- لن تتواقحي هنا يا جندية ريحانة ، التزمي أدبكِ ولا تستفزي صبري والآن أفضي بغايتك
ريحانة(اقتربت منها وهي تتلاعب بعينيها):- آسفة منكِ لتخييبي ظنك ، لكن أنتِ لن تنفعيني بمطلبي وحده السيد جاسر قادر على ذلك
وصال(همت باقتلاع جمجمتها لكن دخوله للمكتب حال دون ذلك):- أيتها ل..
جاسر:- نقيب وصال .. هل هنالك مشكلة ؟
ريحانة(نظرت إليها وبدأت البكاء):- اهئ قمة العنصرية ما يحدث هنا ، أتصدق يا سيدي أنها صفعتني على وجهي لأنني فقط أردت رؤيتك لا أدري لما رفضت ذلك هل أنا سيئة لهذه الدرجة كي لا تستمع لمطالبي ؟
وصال(نظرت لجاسر الذي تحول وجهه لحمم بركانية ونظرته المتهمة كانت أكبر صدمة):- طبعا لن تصدقها ..
ريحانة(وضعت يدها على خدها واقتربت منه):- هئئ .. والله إن شاء الله أموت الآن هذا ما حدث يا سيد جاسر
جاسر:- تمام تمام امسحي دموعكِ وأخبريني ما غايتك ؟
ريحانة:- مع الأسف قد تم إحضارنا إلى هنا في ظروف مخلة وهذا ما جعلكم تأخذون عنا نظرة سيئة ، لكننا طيبات قلب أي والله وظروفنا الصعبة هي التي جعلت بعضا من المديرين يستغلون ضعف بعض البنات ويحدث ما حدث يعني ليس ذنب الكل أن تشملهم نفس الخانة الخبيثة صحيح يا سيدي هاه ؟
جاسر(انتبه لتقربها وهي تتحرك بشكل مريب والتفت لوصال التي ولتها ظهرها):- انصرفي لمخدعكِ ولا تتجرئي على دخول غرفة مكتبي في غيابي تحت أي ظرف كان ، آه غير ذلك أي شيء تريدينه اطلبيه من حضرة النقيب فهي المشرفة الأولى على حضراتكن .. يمكنكِ المغادرة الآن وإياك وأن تشتكي على أي أحد بهذا المعسكر مجددا .. تحركي
ريحانة(مالت برأسها وهي ترمق نظرة وصال لها وبسرعة نظرت لجاسر وفهمت شيئا):- أممم تمام حضرتك أوامرك مطاعة …
وصال(انتفضت من صفق تلك الوقحة للباب وهمت بلحاقها لكنه أمسكها):- دعني تلك الفالتة يلزمها تربية ..
جاسر(جذبها إليه ممسكا بها بحرص):- شتت اهدئي وصال قد انتهى
وصال(نظرت إليه بقهر):- ولكنك كدت تصدقها .. أنا لم ألمسها حتى
جاسر:- هه وهل أنا غبي حتى أصدق وقحة مثلها ، إنها مبتدئة في الكذب يعني هذه الألاعيب مبتذلة بالنسبة لي وأستطيع فهمها جيدا حتى قبل أن تقدم عليها .. يعني مثلا ستعود الآن لمخدعها وستجمع شلتها الفاسدة وتفكر معهن بخطة للإطاحة بي في شباكهن أو للإيقاع بكِ في موقف بشع يضعكِ أمامي موضع المتهمة ، يعني أمور روتينية ياما عايشنا مثلها لذلك لا تشغلي بالكِ بشيء أنا أثق بكِ
وصال(كانت أصلا غير واعية لما كان يقوله فإمساكه بها كان فوق فوق فوق السماء السابعة لمشاعرها):- هااااه ؟؟ .. أ.. مم
جاسر(عقد حاجبيه وهو يناظرها بعمق):- أنتِ بخير ؟
وصال(شعرت بدوار طفيف وهي ترمق صدره وعضلاته أمام قلبها):- يا ويلي أناااا
جاسر:- وصال ؟
وصال(رفعت رأسها بتعب له وبثغر مفتوح):- جاسر .. هل لي أن أنسحب لغرفتي ؟
جاسر(تركها برفق):- طبعا طبعا تفضلي ..
وصال(تحركت وهي تمسح على وجهها الساخن):- تسلم ..
جاسر:- لا مشكلة
وصال:- ع الرسالة
جاسر(ابتسم أجمل ابتساماته):- اممم لا بأس ..
وصال(وصلت عند الباب وعقدت حاجبيها وهي تتردد بين نعم ولا نعم ولا):- نعم ولا ..
جاسر(صغر عينيه وهو يطالع ارتباكها):- شكلكِ يوحي أنكِ في صراع مع أفكارك
وصال(استدارت إليه وبعيون ثائرة):- يفضل أن أنسحب قبل أن أتسبب بكارثة كونية
جاسر(تنهد من جنونها وتوجه صوب كرسي مكتبه):- آه يا وصال محفوظ حالكِ المجنون لن يتغير ، جرأتكِ لا تقدر بثمن صراحة
وصال(هنا استيقظت):- ماذا ماذا وكأنك تهينني هنا سيد جاسر ؟
جاسر(جلس على كرسيه ووضع رجلا على رجل وباستفزاز):- ما شاء الله سرعان ما قلبتِ عرق الأعصاب ، مبهرة أنتِ وصال حقا أذهلتني بردة فعلكِ بعدما كتبته
وصال(بارتباك):- أ.. يعني قد عنى لي شيئا مهما لكن .. أ. أقصد احتفظت به في مأمن
جاسر(صغر عينيه واستقام مجددا وهو يحاول فهم تخبطها):- أراكِ تتخبطين في نفسكِ مذ أن وصلتكِ الرسالة ، ما بكِ ؟
وصال(حاولت الثبات):- له يا جاسر له ، يعني كانت مجرد رسالة لا تشعر بالغرور أبدا يا روحي فأنا ياما وصلتني رسائل من ذلك النوع
جاسر(رفع حاجبه وتقدم إليها بعصبية ودفعها على الحائط):- ماذا قلتِ … وصلتكِ رسائل مثلها ممن ومن هذا الوقح الذي تجرأ على القيام بذلك أعطيني إسما ؟
وصال(بارتعاب):- هئئ يا ويلي ما بك انتفضت هكذا قد أرعبتني
جاسر(أشار لها بعصبية):- وصال لا تستفزيني من هذا الوقح ؟
وصال(نظرت لعينيه الدمويتين وابتسمت من غيرته البادية على ملامحه):- يعني أشخاص من الماضي ، أيام الجامعة هه ليس الآن فاطمئن
جاسر(ارتاح قليلا وفتح انعقاد حاجبيه):- آه حسبت الآن .. تت أفزعتني كنت سأطلع بروح أي وقح يحاول التودد لكِ
وصال:- أحقا ؟
جاسر(اهتزت حنجرته):- أ.. طبعا فأنتِ صديقتي وبيننا ذكريات
وصال(هنا اهتزت عيناها بعدم فهمّ):- مهلا مهلا .. ماذا قلت صديقتك ؟
جاسر(مسح على رأسه وأبعد نظره عنها):- طبعا يعني ماذا كنتِ تتوقعين
وصال(انحسر الهوااء في جوفها وأمسكت على قلبها ويدها الأخرى تشير بذهول):- ولكن في الرسالة حسبت أنك ..
جاسر(أمسك يدها مبتسما):- حسبتِ ماذا ؟
وصال(نظرت ليدها ولقربه منها ولعينيه المبتسمة ولم تعرف هل تفرح أم تحزن):- .. لا شيء لا تأخذ ببالك .. أنا الحمقاء التي أتخيل أشياء لا وجود لها
جاسر(ترك يدها وهو يبتعد عنها بعدة خطوات):- يعني ليس شأني أن تفهمي ما يحلو لكِ
وصال(بغمغمة دمع نظرت لظهره وطالعته بحسرة):- صدقا لا ذنب لك ، عذرا أخذت من وقتك الكثير سيد جاسر
جاسر(ابتلع ريقه بعد أن توقف عن تلاعبه بها):- أنتِ تتخلين بسرعة عن أحلامك وهذا شيء لا أطيقه
وصال(استوقفها بجملته قبل خروجها الكسير):- ماذا تعني ؟
جاسر(عاد إليها بخفة وأمسكها بقبلة مباغتة شملت كل ذرة فيهما):- أقصد هذاااا .. إياكِ وأن تكذبي قلبكِ يا وصال هممم ؟
وصال(ذابت ياخواتي من البوسة وكانت ترفرف ترفرف ترفرف عاليا):- لقد قبلتني ..؟؟
جاسر(أمسكها من خصرها وجذبها إليه في حضنه ووضع جبينه على جبينها):- أظن هذا شيء فوق طاقة استيعاب قلبي .. حاولت أن أقاوم تياركِ لكنكِ تنخرين بعقلي يا وصال محفوظ ماذا فعلتِ بي ؟؟؟
وصال(تنهدت بارتياح وهي تبكي وأحاطت عنقه بيديها):- جاسر ..
جاسر(قربها منه وأخذ ينظر إلى عينيها بعينيه التائهتين):- لا أستطيع إخراجكِ من عقلي ، ولا أعلم كيف سأكمل عملي بهذا التوتر بيننا لكن أعلم شيئا واحدا طالما أنتِ قربي فأنا مطمئن
وصاال(عضت شفتيها وهي تبتسم بحب):- وأنا بقربك ، أصلا لا أستطيع عنك بعدا
جاسر(لامس خصلات شعرها ونزل بشفتيه يقبلها من جديد):- أنا أثق بكِ كثيرا يا وصال ، قد جعلتني أثق بكِ رغم أني فقدت ثقتي بكل الأشخاص والأشيااااء لذلك إياكِ وأن تخذليني
وصال(تاهت في قبلته وطعم قبلته ولحيته النامية وفكه وثغره وبسمته وهمسه وحرفه وياااا ويل ويلي أنا):- ههه .. أساسا ليس لي عنك مناص .. أنا مولعة بك يا جاسر العلايلي
جاسر(ضحك وأمسكها بقوة في حضنه وطاف بها داخل مكتبه وهو يضمها بقوة):- وصالي
كانت لحظة فارقة بينهما يعني اعتراف مع سبق الإصرار والترصد وأخيييييييييراااا هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية ههههه ^^ ، كانت أجمل طريقة اعتراف حظيت بها وصال من جاسر الذي اتضح أنه يخفي خلف طبعه الصارم قلبا حنونا رومانسيا ، يجيد التعامل مع نبضات القلب ..بدوره شعر بارتياح بعد أن أفصح لها عن مشاكله وأيا كان القادم سيحاربه رفقتها ولأجلها سوف يقاوم الكثير فقط لتكون وصال خاصته بخير … خرجت من مكتبه وهي ترقص على أنغام الحب فلطالما انتظرت اعترافه ولم تستطع إخفاء بسمتها ولا فرحتها وطبعا لم يكن هنالك غير صديقها كامل كمال من ستفضي له بهذا الخبر المفرح ، والذي بدوره فرح لأجلهما وتمنى لهما كل السعادة لأنهما يستحقان بعضهما تماما .. أخبرها أن نظرة جدته حميدة لهما لم تخب وقالت عاجلا أم آجلا ستدق نواقيس العشق بقلبكما وطبعا وصال طردته طردا كي لا يتمادى ويسمعهم أي أحد ، كانت غافلة عن تلك الأفعى التي كانت تراقبهم من خلف الحائط أي نعم لم تستطع سماع شيء من الحديث لكن فهمت من ابتسامة وصال التي رافقتها بعد أن خرجت من مكتب جاسر أن هنالك شيء يحدث ، ولن تكون ريحانة ما لم تخرب ذلك المعسكر عليهم جميعا دون استثناء فذلك طبعها ولأجله سوف تقدم على أي شيء … ههه السيدة ريحانة باقي مزال محماتش حتى بلاصتها فالمعسكر و بدات دير المخططات يا لطيف منها ^^

في الجريدة
بعد أن حاولت شغل نفسها بالعمل العمل العمل ، لم تستطع أن تزيله من عقلها كيف ستزيله وهو مثل كريات الدم يجري بعروقها ، مسحت على عنقها وهي تحاول التملص من حالة التفكير به التي تجعلها شاردة طوال الوقت .. جمعت ملف القضية السياسية الذي كان بين يديها وكان عليها كتابة مقال حياله لكن أين العقل والمخ الذي سيكتب أي شيء ، وجدت نفسها محاصرة من كل جانب بسبب مشاعرها الجارفة ، لكن هنالك أشياء أكبر منها تجعلها متورطة من كل طرف فكل ما يحدث مرتبط بسلسلة أحداث ذات أسباب عميقة خلفتها رواسب الزمن الماضي … رمشت بعينيها وأغمضتهما وألقت برأسها خلفها على الكرسي وأخذت تتحرك به بريتم شريد تحاول فهم ما يدور حولها لعلها تصل لبر أمان …
العم لبيب(اقتحم المكتب بفنجان قهوة):- لاحظت أنكِ لم تجددي فنجانكِ منذ وصولكِ ، فقررت إحضار آخر لكِ بنفسي ..
ميرنا(استقبلته ببسمة خافتة):- شكرا عمي لبيب أتعبت نفسك
لبيب(وضع فنجان القهوة ونظر إلى حزنها المترقرق بعينيها):- هل حضرتكِ بخير ؟
ميرنا(مسحت فمها بعد ارتشفت القليل منها):- يعني مجرد إرهاق عمل .. كله تمام
لبيب(هم بالمغادرة لكنه نظر إليها وهو يبحث عن كلمات مناسبة):- أ.. بصراحة لم أرد أن أشغل بالكِ بشيء لكن .. أثناء خروج السيد إياد من مكتبه ورده طرد وقعت وصل استلامه بنفسي ، إن كنتِ ذاهبة إليه هل لكِ أن تأخذيه معكِ لطفا يعني ما ربما كان شيئا ضروريا له ..
ميرنا(حركت رأسها):- تمام أحضره لي .. أساسا كنت سأمر به هذا المساء
لبيب(بفرح):- حاضر سآتيكِ به فورا
ميرنا:- عم لبيب ، هل إيمان بمكتبها ؟
لبيب:- لا .. قد طلبت أجازة لمدة أسبوع ألم يكن لديكِ علم بهذا ؟
ميرنا(عقدت حاجبيها):- كثرت أجازاتها مؤخرا هذا غريب .. تت أوك لا تشغل بالك لعله خير أنا بانتظار الطرد لأنني سأنهي ما بيدي وأخرج على الفور ..
أومأ لها بالموافقة واتجه بسرعة لغرفة إياد ، أخذ الطرد الذي وضعه على سطح مكتبه وأحضره لها طلبت منه وضعه على جنب كي يتسنى لها تذكره أثناء خروجها وطبعا لم تكن ستنساه من حجم العلبة المتوسطة ، تابعت عملها هذه المرة دون توقف ، لأنها لو استسلمت لحظة لفكرة واحدة ستلحقها ساعات من التفكير .. بعد مدة خرجت من الجريدة وركبت بسيارة أجرة واتجهت صوب بيت إياد مباشرة ..
إياد(فتح الباب وهو يمط شفتيه بتذمر):- سمعت أن هذا اليوم خاص بالانعزال الكلي عن العالم .. ألم تصلكِ هذه المعلومة ؟
ميرنا(دخلت وهي تحاول التوازن مما تحمله):- ما أوقحك ترى سيدة تتعب لأجلك ومع ذلك تتركني عند الباب .. ابتعد وله
إياد:- ههه ماذا أحضرتِ لي هذه المرة ؟
ميرنا(مصت شفتيها بحماس وتوجهت للصالون):- إحزر … ؟
إياد(أغلق الباب ولحقها):- بطيخة ؟
ميرنا:- وهل هذا موسم بطيخ لا يزال على الصيفية الكثير
إياد(وصل إليها وهو يتطلع للعلبة المغلقة):- طيب ماذا ؟
ميرنا(رمت حقيبتها على جنب وفتحتها):- لترح بالك أظنها ليست شيئا يؤكل … لكن قد وصلك هذا الطرد في الجريدة وأحضرته لك خذ كل عام وأنت بخير
إياد(استغرب):- عيد ميلادي لم يحن بعد
ميرنا(عقدت حاجبيها):- ههه علما أن الورقة خارج الطرد لا تقول ذلك .. تعال وألقي نظرة
إياد(بعدم فهم قرأ الورقة):- كل عام وأنت بخير إياد نجيب ..
ميرنا(برقت عيناها):- هئئئئئ يا ويلي ما ربما كانت قنبلة ؟
إياد(دفعها برفق واتجه للمطبخ):- سأحضر سكينا لفتحها ..
ميرنا(أزالت سترتها وجلست وهي تفرك يديها بحماس):- أسرع أسرع …
أحضر سكينا وأزال الملصقات حولها وفتح العلبة وهو يزيد من حماسة الموقف ويبتسم لميرنا التي كانت تصفق منتظرة لحظة كشف الهدية ، لكن ما حدث كان غريبا فقد تبدلت ملامحهما مباشرة بعد أن أخرج إياد ما بداخلها ..
إياد(رمش بعينه وجلس وقلبه يخفق بقوة):- ما هذا بحق السماااااء ؟
ميرنا(نظرت للعلبة لا شيء غير):- لا يوجد شيء آخر سوى هذا الكلب
إياد(أمسك بدمية كلب شبيهة طبق الأصل من دميته القديمة وابتلع ريقه):- أتعلمين ما هذا يا ميرنا ؟
ميرنا(لمحت قلقه وشعرت بالخوف):- إنها دمية
إياد(شعر بالغرابة وبغصة مسننةّ):- إنها دمية الكلب خاصتي .. بوبو الذي كان معي أثناء طفولتي يا ميرنا ..طفولتي ما يعني أن هنالك شيئا غريبا يحدث ؟
ميرنا(أخذت الدمية منه واقتربت منه وأمسكت يده):- إياد هل أنت بخير يا عزيزي ؟
إياد(هز رأسه وهو يرمش بعينيه):- تتت من سيبعث لي هدية كهذه ، ثم لا أحد يعلم بأمرها غيري يعني واليوم ذ ….مهلا الطبيب مراد ؟؟
ميرنا(بتوتر):- من هذا الطبيب مراد يا إياد ماذا يحدث ؟
إياد(مص شفتيه ونظر إليها بتمعن):- عديني أن ما سأخبركِ به سيبقى بيننا .. في الفترة الأخيرة بدأت أشعر بأشياء غريبة تحدث معي تصرفات لا أذكرها مواقف لا أقوم بها ولكن أكتشف فيما بعد أنني من سيَّرها ، أحاديث أيضا ووعود لا تمت لي بصلة وأعلم فيما بعد أنني من قام بها .. كل هذا جعلني أرتبك مؤخرا واعتقدت أنني ..
ميرنا(تابعت بتخوف):- أنك مصاب بانفصام في الشخصية … يعني يوم قرأت ذلك على حاسوبك لم يكن مجرد بحث عادي قد كنت تشك بنفسك يا إياد .. لما لم تخبرني بذلك ؟
إياد(أمسكها من كتفيها):- اهدئي .. الأمر أصعب بالنسبة لي فأن أشك بذاتي هذا أشبه بالجنون ولم أتوقف عند هذا الحد حين تفاقم الأمر وجدت الحل هو الذهاب لطبيب نفسي ، ولم أجد أخير من مراد اليزيدي أقله معرفة سابقة وسيكتم سري ..
ميرنا(اقتربت منه ومسحت على وجهه بقلق):- طيب ماذا قال هااااه ؟
إياد:- أكد لي أن حالتي بعيدة كل البعد عن انفصام الشخصية ، لكنه سيحاول التوصل لسبب منطقي بعد جلساتنا المقبلة .. لكن ما أستغربه الآن أن هذا الكلب قد تذكرته اليوم فقط فما هذه الصدفة التي تأتي بهدية مثله إلي وبدون إسم حتى ؟
ميرنا(فكرت قليلا):- إما أن هناك شخصا آخر يعرف بماضيك .. أو أن الفهد البري يراقبك وقد عرف بطريقة ما بأمر الكلب وقام ببعث رسالة لك عبره
إياد(بنظرة تائهة):- إنه يريد تحويل حياتي لجحيم ، يريد أن يفقدني صوابي ويجعلني أتراجع عن ملاحقته بهذه التصرفات ، يريد أن يجعلني أشعر بالعجز برسائله التهديدية كأنه لم يكفيه اختطافنا ليلة أمس والذي كان غريبا بحد ذاته فلم نلتقي أحدا ولم نسمع تهديدا شفهيا ولم نعرف أصلا أين كنا ولا متى عدنا …
ميرنا(عانقت ذراعه تحاول تهدئته قليلا):- هشش لا تنفعل ، أساسا هو يريدنا أن نفقد ثقتنا بأنفسنا لكننا لن نسمح بذلك أنا معك أصدقك يا إياد وأعلم أنك لا تعاني من أي خطب ، فقط هنالك من يتلاعب بالأحداث ربما ليجعلك تعايش مثل هذا الاضطراب
إياد(نظر إليها باحتياج):- أتعتقدين حقا أن هذا ما يحدث ، يعني أنا لست مريضا ؟
ميرنا(أمسكت وجهه مجددا وهي تتطلع إليه):- يا روحي أنت مني ، أراك كل يوم تقريبا كيف لك أن تشك بنفسك ولا أشك أنا و … مهلا يا إياد
إياد(رمقها وهي تنهض بغرابة):- قلبي انتفخ من شدة الصدمات ، انطقي الله يرحم والديك
ميرنا(وضعت يدها على رأسها وهي تفكر):- إياد … ماذا حصل بجلسة الطبيب ؟
إياد:- حاول أن يساعدني على استعادة ذكرياتي الطفولية ، يعني قال أن هذا سيفيد لفهم وضعي أكثر خصوصا أنه يعرف أن ذاكرتي متلاشية كليا في بداية نشأتي
ميرنا:- طبيعي أي طفل لن يتذكر طفولته يا إياد بسهولة
إياد:- لكنه يتذكر أمه وأبيه وإخوته صح ؟
ميرنا(عقدت حاجبيها موافقة):- صح ..طيب تابع ماذا بعد ؟
إياد:- رجعت لبيت قديم اتضح أنه البيت الذي عشت فيه ، وتذكرت أناسا كانوا يعشيون معي فيه أخبرني مراد أنهم ربما كانوا عائلتي .. لكن سرعان ما اختلط الماضي بالحاضر ورأيتكِ في الأخير بغرفتي بجانب ذلك الولد حاولت أن أناديكِ لكنكِ لم تسمعيني وبعدها استيقظت
ميرنا:- غريبة هي ذكرياته حقا .. لكن كل هذا سيتحسن إنما وحيث أن هذا الطرد قد وصلك بذكرى من الماضي فهذا يعني أننا لسنا وحدنا من يبحث عن نفس الماضي وهنالك من ..
إياد(نهض وتابع عنها):- يحاول مساعدتي .. صحيح كيف لم أفكر بذلك يوم أمس ولجني اتصال من مجهول يخبرني أن أبحث في الماضي لأفهم ما يدور حولي أو من هذا القبيل ، حتى أنني استعنت بمساعدة رامز لملاحقة رقم المتصل لكن لم نتوصل لنتيجة
ميرنا(اقتربت منه وابتلعت ريقها):- عزيزي إياد .. أيا كان ما ستكابده بعد اليوم سأكون معك لن أدعك وحدك في خضم هذاااا كله
إياد(زفر بعمق وضمها إليه بحنان):- آه يا ميرنا ، أشعر وكأن دوامة تجرفني
ميرنا(ضمته بحنان تحاول التخفيف عنه):- لا يا عمري .. بعد كل ما عايشناه أنا وأنت سوف يمر هذا الأمر كذلك لكن ونحن معا ماشي
إياد(قبل رأسها بدفء):- ماشي يا فهيمة ..
ميرنا:- ألم تشعر بالجوع ع بالي أن نهجم على كوثر ونأخذ معنا بيتزا ، اتصلت بالعم عبد المالك قبل مجيئي وأخبرني أنها بالبيت ؟
إياد(مط شفتيه):- أممم فكرة لا بأس بها .. دعينا نذهب
ميرنا(نظرت للكلب خلفها):- خبئ هذا ..
إياد:- هل نبعثه لرفع البصمات ههه ؟
ميرنا:- اممم أكيد الباعث حريص على أ…إياد أنظر لجانب العلبة هنالك شيء مطبوع
إياد(أمسك العلبة بخفة وقرأ):- هذا إشعار لماركة صنع العلبة ، وهي خاصة بمركز ألعاب
ميرنا(رفعت حاجبها بمرح):- أظننا وجدنا خيطا من أين نبدأ ..
إياد(صفق بيدها):- هيا هيا سنلاحق هذا الخيط أكيد وليس لنا سوى رامز
ميرنا(أمسكت سترتها وحقيبتها):- لكن بعد زيارة كوثر أحس وكأنها ليست بخير
إياد:- تمام حبي لكن حساب البيتزا علي
ميرنا:- يعني المرة القادمة علي فعلا إنك جحش برأس كبير .. هيا يا ولد امشي
إياد:- يفضل أن تنفصل طرقاتنا فأنا لن أستطيع صبرا قبل محادثة رامز لذلك سنلتقي هناك ميرنا ، يجدر بي إعطاءه الشعار على الفور
ميرنا:- لكن لا تتأخر علينا تمام ..
خرجا من هنالك بعد أن وضع إياد العلبة في غرفته فوق سريره ، وطبعا قام بتصوير الشعار بهاتفه الخاص وانطلق ليبلغ رامز بالبحث عن عنوان ذلك الشعار ، أما ميرنا فقد ذهبت لوحدها إلى بيت كوثر .. في تلك الأثناء كان قد وصل لهذا خبر بموضوع الطرد حاول الوصول لمكتب إياد لكنه عرف أن الطرد قد أخذته ميرنا له ولم يكن سيجازف بالظهور نهارا لو لم يكن الأمر ضروريا ، إذ عليه معرفة فحوى الطرد بأي طريقة كانت.. وصل إلى عمارة إياد ولم يلمح سيارته هناك معناه قد غادر لكن مع ذلك الاحتياط واجب قام ببعث أحد الصبية ليطرق بابه لأجل أمر تافه وعاد له الصبي بخبر يقين أن لا أحد موجود بالشقة وكانت تلك الفرصة
ميار:- أخبرت الحقير رشيد ألا يترك الرجال حراسة إياد ، لكن يظهر لي أن لا أحد يقدم على عمله بشكل جيد اففف …ألو نعم يا رشيد نعم أين موقع إياد الآن ؟
رشيد(أخذ يتتبعه عبر الشاشة من آلة التتبع المخفية بسيارة إياد):- في اتجاهه لمركز الشرطة الذي يعمل فيه صديقه رامز
ميار(عقد حاجبيه):- أهاه حاول أن تعرف بأي طريقة ماذا يريد منه ..
رشيد:- تمام سيد ميار ..
الخالة سوسن:- إياد يا ولد … هيه لقد سحبت أنفاسي من شدة الركض وأنا أناديك
ميار(لم يزل نظارته واستدار جانبيا وهو يعيد الهاتف لجيبه):- نعم ؟
سوسن(قدمت له كيس تفاح أحمر):- خذ يا حبيبي اشتهيت لك هذا التفاح ، أنت تتعب وتكد وأكيد تهمل نفسك لذلك من أجلي اقبله ؟
ميار(ابتلع ريقه وأمسكه):- مشكورة يا خالة
سوسن(ابتسمت وغادرت):- بالهنا والشفا ..
ميار(نظر للكيس وحرك رأسه بكره وصعد لشقة إياد):- هذا ما ينقص أن أتعامل مع كيس تفاح الآن … تت
فتح الباب بالمفتاح الذي يملكه ودخل بهدوء ، وضع الكيس على الحائط الجانبي وأزال نظاراته وأخذ يبحث بعينيه عن الطرد فتش في كل مكان بالصالون بالرفوف بغرفة الضيوف إلى أن وصل غرفة إياد ، وانتبه للعلبة الموضوعة على سريره توجه إليها بسرعة وفتحها ووجد الكلب بوبو لحظتها جلس بغضب على السرير وهو ينظر للفراغ..
ميار:- غضنفر الحقير الله يحرقك ماذا تريد ماذااااااا تريد مناااااااااا … اللعنة أكيد إياد سيتذكر كل شيء آه يا ربي علي أن أقطع كل هذه الخيوط لن أسمح بشيء كهذا أن يحدث ، وأنت يا غضنفر حسابك قد ثقلت موازينه بالفعل ..
فور إنهائه لجملته نهض وأعاد الكلب محله في العلبة وخرج من الغرفة وقبل أن يفتح الباب للمغادرة وبيده كيس التفاح ، اصطدم بها أمامه وهنا خفق قلبه بشكل غريب لم يعهده من قبل وكأن به غرابة جعلت فؤاده يرتج كالإعصار الهادر .. شيء أشبه بالارتباك المختلط بوهن الأطراف فتلك البرودة التي تسري بين الضلوع قد شعر بها للتو وهذا ما جعله يرمش بعينيه وهو يحاول التملص من حالة الدهشة التي اعترته وأيضا تلك المشاعر الغريبة التي اعتمرت داخله بكل الأشكال ..
جوزيت(بعيون متراقصة تحاول أن تتمالك نفسها):- هل كنت مغادرا يا إياد ؟
ميار(مص شفتيه وعاد للخلف وقد ثقلت يده):- أ.. ميرنا هه .. أجل كنت مغادرا
جوزيت(لاحظت أنه لا ينظر إلى عيونها فدخلت وأجبرته على الابتعاد من الطريق):- أريد أن ..أكلمك قليلا
ميار(أغمض عينيه وهو يحاول التهرب):- أنا على عجلة من أمري
جوزيت(تقدمت للداخل وهي تنظر حولها):- لن أؤخرك
ميار(وضع الكيس جانبا وأقفل الباب وفي سره):- ههه الجميل الآن أن يأتي إياد ، سأقتل رشيد لو غفل الرجال عنه لحظة ..
مسح على وجهه ورمقها وهي تضع حقيبتها على جنب وسترتها أيضا وكتفت يديها ، مال برأسه وهو يطالعها هنالك شيء غريب فيها أحاسيسه تنتفض بشكل لم يستشعره قبلا ما الذي يحدث .. عقد حاجبيه وتقدم إليها ..
ميار:- أسمعكِ …
جوزيت(عضت شفتيها وهي مولية ظهرها له تمسك على قلبها الذي يكاد يخرج من محله):- الموضوع وما فيه أنني .. أ.. أردت رؤيتك
ميار(مرر لسانه بخفة وأتى من أمامها):- همم لماذا ؟
جوزيت(رفعت عينيها إليه وهي تطالعه عن قربه ولم تستطع إلا أن تبكي):- إياد أنا ..
ميار(عقد حاجبيه مستغربا دموعها واقترب منها):- شتت لا تبكي
جوزيت(عضت طرف شفتها وهي تخفض عينيها بدموع حاارقة):- أنا آسفة
ميار(زاد خطوة إليها ومد يده لخديها يمسح عنهما الدمع):- مهلا .. ميرنا لما تبكين هل أزعجكِ أحدهم ، هل قام حكيم بشيء و
جوزيت(لم تتمكن من كبح جماح لهفتها فوضعت يديها على صدره متمسكة بقميصه واقتربت منه):- هل لك أن تضمني إليك ؟
ميار(تضخم صدره باستغراب لكنه وجد نفسه مجبرا على تحرير سلطانته من العبء الذي يثقل كاهلها):- طبعا يا روحي .. تعالي إلى هنا أنتِ معي الآن لا تخافي
ما إن ضمها إليه حتى غرقت في بحر أشواقها ومشاعرها وعشقها ، كل شيء فيها كان يرتجف لم تستطع إخفاء حالتها هي الآن بين أحضان الشخص الذي عشقته منذ طفولتها ، الشخص الذي خذلته بموتها وبكذبتها ، الشخص الذي اختزنته بين ضلوعها طوال سنوات ، هو حبيبها ابن خالها أو ابن من كان فهو يبقى الرجل الذي تعشقه والذي عشقته من بعيد لأزيد من سنة ، لكن اليوم لن تفرط فيه ستحارب وستفعل أي شيء لتجتمع به من جديد .. ميارها الحبيب هي تستمع الآن لضخات قلبه لهدير أنفاسه لدفء روحه التي تسلبها من الوجود ، قد فتحت فاهها لتنطق وتصرخ أنها جوزيت حبيبته وليحدث بعدها ما يحدث لا يهم طالما أنها ستدخل لحياته كي تجبره على العودة لقلبها ، فهو لم يحب غيرها ولن يحب حتى لو استلطف بديلة عنها فهذا كفيل لكي تشعر بقيمتها لديه .. أنا جوزيت يا ميار أنا جوزتك الغالية ..
ميار(كان يمسح على شعرها بهدوء):- ميرنتي ..سلطانتي
جوزيت(هنا فتحت عينيها بذهول وتملصت من حضنه تلملم شتات روحها):- سلطانتي ؟ هه غريب أن تستعمل هذا اللقب يا إياد هل أنت تخبر به أيا كان أم ماذا ؟
ميار(لمس احتدامها وابتسم):- تت هو خاص بكِ فقط أخبرتكِ ذلك في المرة السابقة ، حتى أنني خصصته لكِ وحدكِ دونا عن أي امرأة أخرى في حياتي
جوزيت(بغمغمة حزن مسحت دموعها وتحركت):- جميل … أنت سعيد إذن بهذا
ميار(رمقها وهي تبتعد عنه واستغرب امتعاضها الغريب):- هل أزعجتكِ ؟
جوزيت(وضعت سترتها على ذراعها بعصبية وهمت بالرحيل):- لا يا إياد تذكرت موعدا مهما علي أن أنصرف … مرة ثانية ..
ميار(انتبه لسيرها وعقد حاجبيه):- ميرنا …
جوزيت(ارتبكت إذ حسبته قد كشفها ولم تستدر):- هاااه ؟
ميار(تقدم إليها وعانقها من الخلف وهو يشتم عطر شعرها):- أحبكِ تعلمين ذلك ..
جوزيت(أغمضت عينيها على الوجع الذي طعنها به للمرة الألف):- أعلم ذلك .. لكن هل تعلم أنت أنني أصبح مجرمة إن شاركتني امرأة أخرى في حبك ذاك ؟
ميار(اندهش وأطل برأسه إليها):- أظن أننا تخطينا حب الأصدقاء الآن يفضل أن ترحلي هه
جوزيت(استدارت إليه وعضت شفتيها بإغراء):- ومن ذكر حب الأصدقاء أصلا ..
رمت حقيبتها وسترتها بإهمال ودفعته على الحائط خلفه وأمسكت عنقه بخفة جذبته إليها وقبلته في شفاهه بجنون، لم يستطع أن يتوقف فذلك كان فوق تخيله فقد وجد نفسه يعتصرها في حضنه بتلك القبلة المفاجئة ، فحين يتجلى العشق حين يترجم بطريقة مختلفة حتى لو كانت شبه جنونية لا شيء يوقفه فهي الآن موجودة بصفة أخرى وهو أيضا موجود بصفة غيره ، كلاهما مجردان من هويتهما الحقيقية وفي صورة شخصين مختلفين لكن مع ذلك المشاعر لا تعترف بالصلة ولا بالأسماء ، لا شأن لها بالهوية فهي تعترف بالنبض والأنفاس شيء آخر يبقى خارج عرفها … وهذا ما ظهر جليا أمامنا في قبلتهما التي كانت كتيار الكهرباء صعقت قلب كل منهما حتى جذبها ميار وغير مكانها وجعلها ملتصقة بالحائط بينما كان يلتهم شفتيها وهي تلتهم شفتيه بحرارة متدفقة صعب أن يتم التحكم فيها صدقا .. اختلطت الأنفاس والتحمت الأحاسيس والتصق النبض ببعضه في ريتم موحد صدح بأنة الشوق بينهما ، فحتى لو لم يعرفها لن تهتم طالما تمتص منه ما يحيي فيها روحها ، وهو لن يكترث فقبلة من ميرنا يعني وكأنه حظي بجائزة العالم فرغم كل ما حصده سابقا إلا أن هذه القبلة ستبقى خالدة وليحدث بعدها أي شيء لن يبالي … امتدت تلك الحالة الجنونية بين لمساتها على عنقه وصدره التي صرخت باحتياجها له كرجلها الوحيد الأوحد في الحياة ، وهذا ما جعله يجن جنونا بها وبلمسه لها هي بين ذراعيه سلطانته التي خطفت لبه
جوزيت(بأنفاس متحشرجة مسحوبة منها):-…. أنا أريدك
ميار(بنظرة تعطش أفقدته رشده همس):- ميرنااا …. ميرناااا
فجأة تململت وهي تغمض عينيها رافضة الاستماع لذلك الإسم ، فهي جوزيت جوزيت جوزيت لحظتها تذكر أن إيااااد بالنصف وما يحدث لن يجوز في حقه ، قد انجرف كثيرا وراء مشاعره وعليه أن يتوقف مجبرا .. ابتعد ببطء بوجهه عنها وأنفاسهما تصرخ رافضة الرضوخ لذلك الفراق الموجع ، نظرت إليه وهي تلهث ملتقطة أنفاسها المختنقة في حضنه وسرعان ما بدأت البكاء مجددا
ميار(أغمض عينيه حين انتبه لما أقدموا عليه وزفر بعمق):- تمام ميرنا كان هذا شيئا عابرا ، انسي أمره يعني أ..أنا أحب رقية وأنتِ تحبين وائل وحكيم بنص الموضوع و.. يجدر بكِ الرحيل فوراااا فورا يا ميرناااا
جوزيت(أمسكت حقيبتها والتقطت تفاحة من الكيس ووقفت قبالته بعيون دامعة ووضعت يدها على مقبض الباب):- سامحني على تلك القبلة .. أنا مشوشة وتفكيري غير صائب لننس الأمر كأنه لم يحدث ولا داعي أن نتطرق إليه مرة أخرى حين نلتقي .. أرجوك لا تذكرني به سأشعر بالخجل
ميار(عض شفتيه وهو يهز رأسه بغبن لها):- كما تريدين..
طالعته بنظرة أخيرة وغادرت الشقة تاركة إياه في حالة تصلب واستغراب لا حدود لها ، ظل جاثما محله ورفع يده يلمس فمه من قبلتها لكن أيوجد طعم حلو كذلك في الدنيا ، ما أشهى شفتيها وأعذبهما لقد كانت مختلفة حتى في نظراتها كان هنالك شيء أشبه بالعشق لكن عن أي عشق يتحدث ، أكيد من فرط اشتياقها لوائلها قامت بذلك .. ضرب بيده الحائط ونظر حوله وسحب خلفه كيس التفاح اللعين وخرج مغادرا المكان برمته غارقا في قبلة سلطانته الأولى … والتي على الأغلب لن تكون بخير بعدما حدث ، ما إن دخلت السيارة وانطلقوا عائدين للقصر حتى ارتمت في حضن ناريانا وأخذت تبكي تبكي تبكي بدون توقف فما شعرت به هناك كان فوق طاقتها ، فمن جهة أخرى قد تأكدت حقا من مدى تعلق ميار بميرنا يعني الموضوع جدي وقد نسي أمر حبه الأول تماما ، لكن لن تسمح لها بسرقته ستجعله يعود إليها ولو كان ذلك الثمن فضح كل شيء وإغراق كل المراكب لن تكترث ، ففي عرفها لا يوجد من تتجرأ على سرقة قلب حبيبها منها ولو كانت منافسة طبق الأصل مثل ميرنا … وهذه الأخيرة بدورها لم تكن في أحلى حالاتها فقد كانت تحاول أن تستوعب كمية الأخبار الصادمة التي سمعتها من صديقتها الباكية ..
كوثر(نظرت حولها للمناديل الورقية التي ملأت المكان):- لقد تزوجها يا ميرنا تزوجها ، أتصدقين كان يكذب علي وأنا أراه بعيني وهو يخدعني ، أتعلمين بما شعرت حينها قد كان شعورا ممتزجا بين المرارة والخذلان .. أجل خذلني زياد ياريت ما حبيته يا ريييييييتني لم أغرم به اهئ اهئ قد طعنني في صميمي من لحظتها وأنا أبكي حظي التعيس ، لما يحدث لي هذااااا ؟ هاه أجيبيني ميرنا هل العيب فيني هل أنا المذنبة ؟
ميرنا(بشفقة عليها عانقتها في حضنها):- يكفي بكاء أنظري للهالات التي تكومت تحت عينيكِ ، دعينا لا نفكر بسلبيات الموضوع يعني ما هو معروف أن زياد يحبكِ يا كوثر ، مهما أنكرنا أو غضضنا بصرنا عن هذه الحقيقة إلا أن هذا هو اليقين التام ..
كوثر(ضربت صدرها بحرقة):- ولكنه تزوج غيري تزوج غيري يا ميرنا .. اهئ
ميرنا:- حسن لنفكر بطريقة مختلفة ونحاول وضع نفسنا محله ، زياد شخص مثقف وشخصيته راقية جدا لولا إجبار عائلته له لما أقدم على هذا الفعل ، ثم أنتِ أساسا لم تستمعي لتبريره مستحيل زياد يفكر بجرحكِ لو لم يحسب تبعات الموضوع كأن يطلقها أو ينتهي هذا في وقت محدد ، يعني ما ربما للقصة وجه آخر يا كوثر ..
كوثر(نكشت شعرها بقوة وهي تبعده عن عينيها الحمراوتين):- لا يوجد وجه آخر سوى الغدر والخيانة ، لقد طعنت طعنت يا ميرنا ولن أغفر له مطلقاااااا في حياتي ولو رأيته سوف أقتله هممم أجل يعني .. سأغضب منه ولساني لن يخاطب لسانه بحرف .. ههئ كيف سأعيش بدونه يا ميرنا .. كيف تستطيعين التنفس بدون حبيبك ؟
ميرنا(دمعت عيناها وهي تبتلع غصة حزينة):- ذلك لا يمضي أبدا ، يبقى كالغصة المسننة التي تجرح قلبكِ بعد كل نفس تسحبينه من داخلك ، فالوجع يبقى حبيسا كصرخة مكتومة لا تعرف مفرا لها من وراء تلك القضبااااان .. لا يمضي يا كوثر لا يمضي يا حبيبتي
ارتمت كوثر على ركبتي ميرنا وأخذت تنتحب بصوت حزين ، قد جرحت في صميمها بعد ما أقدم عليه زياد ومع الأسف بدوره ليس سعيدا قد وقع في شيء لا يمكنه التعامل معه أو الحد منه ، فتلك الحرباء تحاول أن تستعطفه بهدوئها ورقتها التي تخفي خلفها جلد أفعى سامة .. كان يستمع لبكاء ابنته الذي آذاه في خاطره ولا يدري كيف السبيل لإراحة قلبها الجريح ، مسح فكه بغيظ والتقط سترته وهمَّ خارجا من البيت لكنه صادف إياد قادما وبيده علب بيتزا ترك له الباب مفتوحا ولم يبرز له غاية خروجه ..
إياد:- يا بنات وصلتِ البيتزااا … هيه من لم تحضر خلال دقيقتين لن تجد حصتها .. ميرناااا كوثر أين أنتما ؟؟؟
توجه صوب غرفة كوثر وإذ به يجد صديقته مكسورة الخاطر حزينة باكية بملامح لا تحسد عليها صراحة ، ارتمت في حضنه وهي تبكي نصيبها وبدوره واساها على قدر ما يستطيع فهو لم يتوقع بتاتا أن يقدم زياد على فعل كذاك ..
ميرنا:- هل ستتوقف عن شتم الرجل أم ماذا .. ضع الهاتف جانبا ؟
إياد:- لن أضعه على ذلك الغبي أن يعلم أن لكوثر رجلا يحميها يعني من بعد العم عبد المالك ، عليه أن يواجهني لا عاش ولا كان من يُبكي صديقاتي لذا دعيني أكلمه
ميرنا(أخذت منه الهاتف بالقوة):- يا مجنون ألا ترى حالتها .. هات هات وكفى جنونا
إياد:- كوثر فقط أعطني الإشارة وسأجعل وجهه سجادة تحت قدميكِ
كوثر(وجعها خاطرها عليه هيييه الحب يا ناس^^):- لا تتحدث عن زياد بهذه الطريقة
ميرنا(عضت شفتيها لإياد وهي تحاول إخفاء ضحكتها بقوة):- كخمم هههه
إياد:- هاااه الآن ظهرت أسنانكِ كوثر هانم ، هل وجعكِ قلبكِ على جميل المحيى ؟
كوثر(نظرت لميرنا):- أبعدي عني صديقكِ ميرنا إنه يشعرني بالضحك في الوقت الذي أريد أن أنهار فيه
إياد(نهض وتركهما):- هذه تتدلل وأنا ميت من الجوع ، سأتناول البيتزا وأنتما تابعا حصة البكاااااء لا تشغلا بالكما كأني غير موجود
ميرنا(نظرت لكوثر):- هل نسمح له ؟
كوثر(مصت شفتيها):- تت ..تمام أنا أبكي منذ البارحة ولم أتناول شيئا ، يعني أظن البيتزا ستفيدني بعض الشيء
ميرنا:- إذن هجووووووم
أمسك إياد علب البيتزا وأخذ يدور بها على طاولة الأكل هاربا من ميرنا ، بينما كانت كوثر تضحك عليهما وهي تمسح دموعها … لحظة فارقة بينما قلبهم ينزف دمعا كانت بسمتهم بارزة رغم كل شيء وهذا ما جعل أفئدتهم ترتاح لبعض الوقت ..
بعد مدة زمنية وصل عبد المالك إلى شقة زياد وطرق الباب بهدوء وطبعا فتحت له الحية ..
حياة:- نعم ؟
عبد المالك(نظر إليها بحرقة وأنزل عينيه منسحبا):- هل زياد موجود ؟
حياة:- أممم هو في الحمام
عبد المالك(أغمض عينيه بعصبية إذن تزوج حقا والآن يستجم ويستحم على راحته):- دعيه ينزل إلي أنا أنتظره
حياة:- لكن من أقول له ؟؟؟
عبد المالك(حمل خيبته وزفر بعمق):- السيد عبد المالك
حياة(لم تفهم منه شيئا صفقت الباب ودخلت):- تت من هذا أيضا اوووف ألن يدعونا نعيش بسلام ، حتى مخططاتي لا أعلم كيف أنفذهاااا
زياد(خرج من حمامه وهو ينشف شعره):- ألم أخبركِ ألا تفتحي الباب لأي أحد .. اهتمي بدراستكِ وكفي عن التدخل في شؤون الآخرين يا حياة
حياة:- تمام لا تنزعج لم تحضرني هنا جارية كي تسمعني فظيع الكلام كل لحظة وتجرح فؤادي ، لم أقدم على شيء فقط ظننت أنك تنتظر أحدا ..
زياد(نفث بعصبية):- من أتى ؟
حياة(أمسكت كتبها بغضب ودلفت لغرفتها):- شخص يدعى عبد المالك ..
زياد(فتح عينيه على وسعهما):- هئ .. السيد عبد المالك هنا تت
بسرعة أتمم ارتداء ملابسه ونزل مسرعا يبحث عن عبد المالك الذي خرج من سيارته ، لحظة ظهور زياد تقدم نحوه في الممر وعند باب العمارة كانا وجها لوجه
زياد:- أعلم أنك غاضب مني وفقدت ثقتك بي يا عم عبد المالك ، لكن أقسم أنني لم أفكر بخيانة كوثر لقد وضعت أمام هذه الظروف إجبارا وكانت النتيجة زواجي من قريبتي الذي وافقت عليه على مضض ، لأجل تحقيق حلم دراستها كان عليها التضحية بدورها وقبول هذا الزواج ومع الأسف لا أدري كيف عرفت كوثر قد كنت أفكر لو أمهد لها الأمر بداية وأشرح لها فكرتي وغايتي
عبد المالك(كان يستمع له بتمعن إلى أن فرغ من حديثه):- لكنك برغم كل مبرراتك خذلتها وكسرت قلب من عشقتك
زياد(تأوه بعمق وهو يزفر):- أعلم أنني جرحتها وأنه ليس لي حتى الحق كي أفسر لها الموضوع ، لكن عشمي في مساعدتك يا عم عبد المالك إن كنت مؤمنا بي وتصدقني ساعدني
عبد المالك(ابتسم بحرقة):- حين تنجب طفلة ستعرف ما معنى عجزك حين لا تستطيع أن تزيل الألم من قلبها وقلبك المحترق عليها .. زياد قد خيبت ظني بك كثيرا رجاء إلى هنا ويكفي ابتعد عن ابنتي
زياد(بلهفة):- ولكن أنا لا أستطيع العيش بدونها … يا..
عبد المالك(أشار له بيده موقفا إياه عن المتابعة وتأهب للرحيل):- قلت ما أتيت لقوله ، ابق بعيدا عن ابنتي كوثر وإلا ستجدني بوجهك شخصا آخر يمارس واجباته كأب سيقدم على أي شيء لأجل حماية ابنته
زياد(سحب نفسا عميقا ورمى بيديه على جانبيه قد ضاع حلمه):- .. يا الله ..
غادر عبد المالك تحت مرأى من عيون زياد الذي كان يأمل مساعدته ، لكن ماذا يطلب قد انهارت أحلام ابنته ولن يسمح له بأن يزيد من أذيتها حتى لو كان يعلم جيدا أنه صدقا يحبها ، لكن الحب وحده لا يشفي الجراح ، فزواج زياد دون علم كوثر كان السكين التي قطعت حبل الوصل بينهما مع الأسف … بخطى متثاقلة ورأس منخفض وخاطر كسير عاد الأب لبيته بعد أن هام في الطرقات كثيرا واستقر أخيرا بجانب بيت آل الراجي لا يعلم ما الذي جعله يقف بسيارته هناك برهة ويتحرك بعدها دون حتى أن يحادث عواطفه الجياشة التي كانت قادرة على امتصاص ذلك الغبن الذي أثقل كاهله ..لكنه لم يستطع إيلامها أكثر فهي تعاني ما يكفيها لذلك جاب الطرقات قليلا وبعدها استقر في بيته ، وجد إياد قد غادر لكن ميرنا ما تزال موجودة
ميرنا:- لم أشأ الذهاب قبل عودتك يعني حالة كوثر ليست بخير ، نامت قليلا ..
عبد المالك(ربت على كتف ميرنا):- صديقتكِ مكسورة .. وجعي عليها كبير
ميرنا(أشفقت عليه ودمَّعت عيناها فعانقته):- عمي عبد المالك أرجوك لا تحزن
عبد المالك(عانقها بحنان احتاج له فهو يشم فيها عطر محبوبته الغالية):- آه يا ميرنا
ميرنا(بحزن انفجرت ببكاء):- ااهئ اهئ … قلبي يحترق لا أعلم على ماذا أبكي الآن على صديقتي المقهورة أم على نفسي ..
عبد المالك(فهم احتياجها لأب يخرجها من دائرة الوجع فقبل رأسها وجذبها رفقته لتجلس على الكنبة):- لم تحادثيني منذ فترة ، هل نسيتِ مجالساتِ عمك عبد المالك ألم تعودي بحاجتي؟
ميرنا(بأسى تشهق وتحسب أنفاسا مكلومة من رئتيها):- صدقني ..أ ..أنا بحاجتك الآن أكثر من أي وقت مضى
عبد المالك(مسح دمعتيها بيديه الحنونتين وربت على يدها وهو ينظر إليها بلوعة أب):- يشهد الله أن معزتكِ ومعزة وصال وإياد بقلبي مثل كوثر .. أنتم أولادي وكلكم يهمني أمركم لذلك صارحي عمكِ عبد المالك بما يؤلمكِ فوجعكِ وجعي أنتِ أيضا
ميرنا(استندت برأسها على كتفه لترمي أحمالها):- ابتعدت لكن ليس لخاطري ..لقد انقلبت حياتي منذ ليلة عيد الحب الذي زارني يومها ولم يترك لي مجالا لأتنفس ، كل شيء تغير من يومها إلى الآن عايشت مختلف المشاعر التي يمكنك تصورها كلها بدون استثناء ، وأغلبها الخوف والاشتياق وحرقة الفراق .. أن تضحي لأجل حبيبك هذا يعني أن تطأ حافي القدمين على أرض من الزجاج المكسور ، كأنك تلتهم الجمر كي توقد مدفئة قلب حبيبك ليبقى سليما معافى وفي أمان ، أبدا لم أحسب يوما أنني سأقع في غرام شخص وضعته الأقدار في طريقي مرتين مرة أولى حين أنقذني من الموت ومرة ثانية حين سرق قلبي مني ، وفي كلا الحالتين أنت تفقد شيئا من روحك لتعطيها له فقط ليكون بخير .. وددت لو أنني أمسك بعصارة مشاعر قلبي هكذا بين راحتيْ يدي وأهديها لوائل ، لكن ذراعي مكبلين بقيود لا يسعني الفكاك منها
عبد المالك(بأسف):- زواجكِ الغريب من ابن عمكِ هو تلك القيود
ميرنا(ضحكت بهزل وتابعت بمرارة):- هو من ضمنها فأنا مدفونة بالحياة في تابوت يمنعني من التقاط أنفاسي ، إن خرجت بعيدا عن مقبرته يصبح أحبتي في خطر
عبد المالك:- أوه ميرنا كلامكِ خطير
ميرنا(رمشت بعينيها وهي ترفع رأسها):- بلاغيٌّ إن صح التعبير ، يعني زوجي لن يسمح بأي علاقة ضمنية بيني وبين وائل ومن حقه أن يطلب ذلك .. حتى أنا لا يسعني التحرك بعيدا عن حدودي
عبد المالك:- لكنكِ تحبينه
ميرنا(ابتسمت ونظرت إليه):- أحيانا الحب من بعيد ينفع
عبد المالك(فهمها وحرك فكه بامتعاض):- لكنه أحيانا يؤذي .. فالعمر يمضي ولا يعود للوراء وهنا نجد الأيام تتسرب من بين أيدينا ولا يمكننا تعويضها
ميرنا(ابتلعت ريقها):- معك حق .. الأيام تفلت منا
كوثر(سحبت رجليها بمنامتها الطفولية وشعرها المشعث وتوجهت صوبهما بدلال):- لما تتحدثان بدوني وأنا نسيتموني ..
عبد المالك(فتح يده لكي تجلس من الجهة الأخرى):- وأنتِ تعالي من هنا في حضني يا مدللة أبيكِ ، هيا صغيرتي ..
كوثر(ابتسمت وجلست من الجانب الآخر في حضن أبيها ويدها على يد ميرنا):- وأنا أيضا أريد حضنا
ميرنا(ابتسمت لها بدموع):- غيورة ههه
كوثر:- لا دخل لي هه ..
عبد المالك(مال من الجهتين قبل رأس ميرنا ورأس كوثر):- ربي يبعد عنكما كل حزن يا طفلتيَّ الحبيبتين .. هممم ما رأيكما ببعض الفشار ؟
كوثر وميرنا(في آن الوقت):- يس يس يس ..
عبد المالك(نهض وتركهما قد اتخذتا محله متعانقتين):- إذن لنجهز أكبر صحن …
شغل لهما موسيقى كلاسيكية وعلى أنغامها استلقت كل منهما على رأس الثانية بأيدي متشابكة ، وكل تسبح في ملكوتها لوحدها تحاول أن تجد بر أمان يعفيها من وطأة الفشل التي اعترتها بعد تلك الفواجع ، حضور الفشار صدقا كان فكرة مسلية فما إن وضعه على الطاولة حتى هجمن عليه وكأنهن لم تلتهمن البيتزا قبلا وظهر الجوع جليا عليهما ..
عبد المالك(نظر إليهما بتمعن واسترسل):- الفشل في الحب لا يعني الهزيمة منكِ لها ، لا يوجد لدي بنات تنكسر باسمه إن فشلتِ وسقطتِ أرضا / انهضي من جديد وجدي طريقا تمكنكِ من الاستمرار وليس البكاء الذي لن ينفع سوى بخلق فقاعات هوائية تحت العين كما ألاحظ الآن عليكما
ميرنا وكوثر(بفزع نظرا لبعضهما):- هئئئئئ أحقااااا ظهرت فينا ؟؟؟
عبد المالك:- ههه ستظهر إن لم تستمعا لنصيحتي هيا كل منكما لتغسل وجهها ، ولتعدانني أنكما ستنهضان من الأرض وتقفان على قدميكما من جديد ، لم أتعب وأربي فيكما لتأتيا الآن وتبكيا على رأسي أوووه .. أنا بمكتبي سأضع سماعات الأذن كي لا تزعجانني وسأكتب قصيدة
كوثر:- بعنوان ؟
ميرنا(ببسمة أردفت):- لوعة الفراق …
عبد المالك(نظر إليهما وقد تبادلتا نظرة احتياج وابتسم):- لتكن كذلك ههه ..
ما إن دخل إلى مكتبه ليتقوقع بقيت الفتاتان تتشاركان أحاديث متعددة ، شملت بعض المزاح بحيث تذكروا مواقف وصال صبي القهوة خاصتهم وأيضا إياد وبضع أحداث مرحة عاشوها سابقا هي التي جعلتهم يبكون هذه المرة ولكن ضحكا … إلى أن رن هاتف ميرنا
ميرنا(نظرت إليه وتأففت):- ألو نعم ..
حكيم(بغيظ):- أين أنتِ بحق عقلي الذي لم أفقده بعد بسبب اختفائكِ المتكرر ؟
ميرنا(مالت بفكها):- أنا عند كوثر ، يعني نظف عقلك قليلا ولا تفكر أنني قد ذهبت لرؤيته
حكيم:- وهل كنتِ تفكرين يا سيدة ميرنا ؟
ميرنا:- أستغفر الله ماذا أقول أنا وماذا تفهم أنت … أخبرني ماذا تريد ؟
حكيم:- وماذا سأريد من زوجتي التي لم أرها منذ أن خرجت صباحا ، والآن نحن بالمساء ولم تعد للبيت بعد ؟؟
ميرنا(حكت رأسها بتعب):- هل لك أن تصل للنقطة المهمة لأنني متعبة بحق ؟
حكيم(جيد أنني قريب):- أنا قادم لاصطحابك
ميرنا:- لا داعي لذلك أس..تيت تيت تيت والله فصل الخط بوجهي تت
كوثر:- هو يحبكِ ..
ميرنا(نظرت إليها بتنبيه):- كوثر .. لا تبدئي لقد قام بفعلة لا تغتفر أتصدقين أنه جعل هدية وائل لي في عيد ميلادي تضيع ، قلادة الشمس خاصتي ضاعت بسبب يده الطويلة التي تستحق البتر دون رحمة
كوثر(مطت شفتيها):- أنتِ ضائعة أكثر مني ، أنا واحد وأهلكني فما بالكِ باثنين
ميرنا:- هيييه لا تسألي يا روحي .. عذابي ممتد 24 ساعة على 24 ما شاء الله
كوثر(بمرارة):- لقد فقدت ثقتي بكل الرجال .. مش بعيد وائل أيضا يغدر بكِ يا ميرنا
ميرنا(فتحت عينيها على وسعهما):- له يا روحي له إلى هنا وتوقفي ، ممكن حكيم ممكن شهاب ممكن أي أحد لكن وائل تت مستحيل هو يفديني بروحه حبيبي فلذة كبدي الله لا يحرمني منو ويشفيه لي .. ثم ثم زياد لم يغدر بكِ هو وضع في ظروف صعبة اضطر فيها للاختيار والتضحية
كوثر:- بحق الإله لا تدافعي عنه ثم لا تذكري اسمه ، لأنه مقزز معقد ممل مستفز أكرهه
ميرنا(حركت فكها بتعب):- أظنني بكيت اليوم وضحكت أكثر من العادة ، فكي يؤلمني هه
كوثر:- صدقا سعدت بكِ هذه الأمسية ساعدتني كثيرا حبي ..
ميرنا:- هاااه ذكرتني بصبي القهوة تحدثنا عنها ونسيت أن أخبركِ أن جلمود المعسكر أخيرا تحرك هههه
كوثر:- ههه لا تقوليها هل اعترف لها أخيرا ؟
ميرنا:- أهاه تقول أنه بعث لها برسالة مفادها أنني لا أستطيع إلا التفكير بكِ
كوثر(بحماس صرخت):- ياااااي أخيرااا ستتذوق طعم العشق المباح ، لكنه عذبها أوووف أبو الهول وكان لينطق وهو لا
ميرنا:- ههه جلمود حجري وحياتك
كوثر:- مسكينة وصال أكيد توترت
ميرنا:- اممم وعدتني أن تتصل بي لاحقا لتخبرني بما حصل ، سننتظر الأخبار الحماسية
كوثر(سمعت رنين الجرس):- هل هذا مكعب الجليد خاصتكِ لو كان هو انهضي افتحي له وغادري والقلب داعيلك ..
ميرنا(عقدت حاجبيها مستغربة):- لماذا … ماذا فعل حكيم حتى امتعضتِ منه هكذا ؟
كوثر(حركت فكها برفض الإفصاح ورفعت أنفها للسماء):- لا شيء فقط لا نطيق بعضنا
ميرنا(نهضت مستغربة وفتحت الباب وكان هو):- دقيقة أحضر حقيبتي وسترتي وأعود
حكيم(حرك رأسه موافقا ودخل حتى دون دعوة وكأنه بيته أخذ يتطلع إليه بتمعن):- هاه كوثر الهلالي ألا ترغبين باستقبالي في بيتكم ؟
ميرنا(التفتت خلفها لهما واستغربت):- .. لارد
كوثر(ربعت رجليها فوق الكنبة والوسادة بحضنها بشعرها المنكوش):- لا تخاطبني أنا أكرهك ولا أطيق فيك شعرة
حكيم(رمى بثقل جسمه بقربها بعد أن التقط كمشة فشار وأخذ يتناولها):- والله القلب عند القلب ، نفس الإحساس سبحان الله
كوثر(زورته بطرف عين):- أنت غير مرحب بك لا في بيتي ولا بصالوني ، غادر وانتظر زوجتك في الخارج
حكيم(التهم الفشار وهو ينظر إليها ببرودة):- همم همم همم لا ترمي بحنقكِ علي أنا بريء ، والمتهم في كسر قلبكِ هو من وهبته قلبكِ أصلا
كوثر(اهتزت حدقتها من جملته ونهضت بعصبية):- قلت لك غادر بيتي الآن ..
حكيم(رمى بالفشار على الطاولة وهدر فيها):- ما بكِ لما أنتِ حانقة علي ، أنا كشفت لكِ أمره ولم أشأ جعلكِ تنخدعين فيه .. أخبريني بما أجرمت يا ترى أم كنتِ تودين البقاء غافلة عما حصل وتتركينه يستغفلكِ يا غبية ..
كوثر(دفعته لصدره بعنف وهي تبكي):- أساسا من أعطاك الحق لتتدخل في حياتي هاه ، لقد جرحتني يا رجل أنت عديم الإحساس ومعها حق ميرنا ألا تحبك كيف تحب ثلاجة مثلك ..
حكيم(صغر عينيه بوجع بعد جملتها ورمق ميرنا قد خرجت وهي تنتظر جوابا لما حدث):- تمام أنا من أخبرها عن زواج زياد ، ارتحتِ الآن هل فهمتِ ما يدور حولكِ
كوثر(ببكاءّ):- ميرنا حبيبتي أنتِ تعلمين أن بيتي مفتوح لكِ دوما ، لكن رجاء خذي هذا وغادري لأنني لا أطيق بقاءه ولا للحظة …
ميرنا(رمقته شزرا وعانقتها):- آسفة حبيبتي أن هذا حدث بسببه يعني ..
حكيم(بعدم تصديق):- مهلا مهلا هل ستواسيها حقا وتعتذري لأنني كشفت لها حقيقة حبيبها الخائن ، يا الله أكاد لا أصدقكما هل تعشقان الاستغفال يعني تمام سامحيني يا أخت كوثر ما كان علي التفوه بحرف كان علي ترككِ في غفلة من أمركِ لحين يصدمكِ حبيبكِ المغوار بحقيقة زواجه … تمام أنا متأسف حقا لأنني حاولت أن أجعلكِ ترممين نفسكِ وتكشفينه قبل أن يضعكِ تحت رحمة التضحيات والعشق الممنوع ، خيبتما ظني فعلا .. فعلا تستحقان كل الأذى الذي يلحق بقلبكما الساذج … وشكرا يا زوجتي العزيزة على دعمكِ الخالص دمعت عيني من مؤازرتك ..
كوثر(تأففت من بعد خروجه ونظرت لميرنا):- هل غضب ؟
ميرنا(تابعته بعينها لحين خرج):- وهل ستفرق .. المهم اهتمي بنفسكِ حبيبتي نتكلم عبر الهاتف سوية ماشي ؟
كوثر:-طيب حبي .. وأعتذر من عصبيتي ..
مطت ميرنا شفتيها وهزت رأسها وهي تنظر للباب بشرود ، خرجت مسرعة من هناك وجدته بسيارته جالسا محله يده على المقود واليد الأخرى على فكه ..تأوهت بعمق وركبت وما إن أغلقت الباب طار من هناك بسرعة دون توقف ، وضعت هي حزام السلامة ورمقته بطرف عين وملامحه قد تحولت لملامح شعلة نارية قابلة للانفجار بعد قليل ، ارتأت ألا تستفزه وأن تواجهه على أرض محايدة فالسيارة ليست المكان الآمن لفتح باب الخصومة بينهما ،.. حتى هو لم يتفوه بحرف بل ظل يقود سيارته بصمت مطبق إلى كورنيش البحر ، أوقف السيارة أزال حزام السلامة خاصته وفتح الباب وخرج تاركا إياها في دهشة من أمرها وهي تراه قد وضع يديه على وركيه بصدر مضخم يحاول التقاط أنفاس البحر ما ربما حاول التخفيف من توتره وعصبيته ولا يؤذيها .. هنا مصت شفتيها وكتفت يديها وأشاحت حتى ببصرها عنه ليعد إن كان يريد وإن لم يرد ستخرج وتعود بسيارة أجرة ..تفعلها فهي مجنونة ولن تتردد بقيت هناك لخمس دقائق بصعوبة تجاوزتها لكن هذا كثير هو لم يبدي أي حركة وكأنه مجسم لحكيم وليس إنسانا حيا فلم يتحرك أو يلتفت إليها أبدا مذ خروجه .. هنا صعب عليها التحكم في أيقونة الفضول فخرجت مزمجرة لتخرب عليه سكونه ..
ميرنا:- أنا لا أفهم لا أفهم هل تقتل القتيل ببرودة وتلوم الناس لما لم يستقبلوك في جنازته ؟
حكيم(ظل يناظر البحر الرمادي وقد قاربت أن تظلم):- …لارد
ميرنا(أطلت عليه وهي تحاول فهمه):- أنت تركيبة لو حاول العلماء تفسيرها ، لاعتزلوا عن دراساتهم وقاموا بإحراق كل الأبحاث
حكيم(تنهد بعمق):- …لارد
ميرنا(بغيظ هزته وأجبرته على الالتفات إليها):- أنا أكلمك …
حكيم:- لما تتخذين هذا الموقف هل لأنني جرحت صديقتكِ ، أم لأنني ضيعت قلادة حبيبك ؟
ميرنا(ابتلعت ريقها من مواجهته وحاولت البحث عن جملة مناسبة):- يعني … لا يمكنني أن أجزم فأفعالك لا تغتفر وكلها زفت
حكيم(حرك فكه بشبه ابتسامة وعاد لوضعه أمام البحر):- جميل ..
ميرنا(رفعت حاجبها من هدوئه الغريب):- هل أنت هكذا مصدوم يعني ، أو حزين ، أو ماذا يعني لو سمحت بعض الشرح إن أمكن ؟
حكيم(وضع يديه بجيوبه وزفر بعمق):- لا تشغلي بالا يا ميرنا ، فحتى لو أخبرتكِ لن يتغير شيء ستبقي حانقة علي ولن أستطيع تغيير نظرتكِ الكريهة لي وهذا كله ، يعني تقبلت الوضع ولأجل حمايتكِ فقط أظن أنني مضطر للاستمرار في هذه التمثيلية .. يعني الزواج
ميرنا(دهشت مما يقوله وقد بدا على ملامحه التعب من ملاحقتها وكأنه يتخلى):- ماذا يجب أن أفهم من هذا الآن ؟
حكيم(مط شفتيه والتفت إليها بجدعه منحني برأسه إلى رأسها):- ما عليكِ فهمه ميرنا ، قد تعبت من كل هذا أنتِ طول الوقت تلقين باللوم علي ، سخطكِ على الفهد غضبكِ من وائل انزعاجك من أي شيء ترمين بالذنب كله على عاتقي مع ذلك أتحملكِ ، وأحاول أن أبحث عن عذر يخفف عنكِ ولا أتخلى عنكِ مطلقا .. لكن صدقا ضاق درعي وأشعر أنني قد فقدت كل رباطة جأشي معكِ يا ميرنا ..
ميرنا:- أمن المفترض الآن أن أشعر بالذنب حيالك حكيم ، أنت لم تترك لي مجالا لأتنفس لأقيم حتى مشاعري تجاهك قد بعثرت كل شيء حولي وأنهيتها بخطأ فظيع حين استغفلتني وتزوجتني دون علمي حتى ، أنت لا تفرق عن زياد بشيء أنت مثله أخفيت عني حقيقة العقد وجعلتني أعتقد أنه فاتورة أطعمة
حكيم(أمسكها من كتفيها بقوة وأردف والحرقة تتآكله أكلا):- لأنني أحبكِ … أحبكِ ميرنا فلا تعاتبيني على طريقتي في الحب لأنني لن أسمح لكِ أن تتجاوزيني مطلقا ، قد تركتكِ مرة ولست مستعدا لترككِ مرة أخرى
ميرنا(مصت شفتيها):- أرأيت هذا هو مربط الفرس ، أنت تريدني رهينة في حياتك لا تنطق لا تتحدث لا تعترض ، مطيعة وحسب لكن أنا لست جاموسة يا حكيم أنا إنسانة ولي حقوقي في هذه الحياة .. أي نعم أجبرتموني على هذا الوضع ولكن أعود وأقول أن هذا كان مكتوبا لأجل رسالتي وقضيتي سأتحمل لكنك لا تتفهمني أنت ترغب بالتحكم فيني بقوتك وغفلت عن أهم شيء فيني يا من تعتقد أنك تعرفني ، فأنا امرأة لو شعرت بأن أي أحد يخنقني أبتعد عنه .. فاعذرني لو وضعتك في هذه المكانة لكن لو عدنا للبداية سنجد أنك من أجبرنا على هذا كله ..
حكيم(كان يبتسم وهو ينظر للبحر يصغي لها وهي تشهر سلاحها كي تمزق ما تبقى فيه من حمولة صبر):- كنت أتوقع هذا الرد ، لذلك مثلما سلف لا تكترثي بأي شيء يخصني حتى لو ذهب حكيم للجحيييييييييم إياكِ وأن تقهري نفسكِ أو حتى تكلفي حضرة عينيكِ بالبكاء علي ، لأنني أعلم علم اليقين أن ذلك سيكون شفقة فقط وأنا رجل لا يقبل ذلك من امرأة يعشق أنفاسها حد الموت … يكفي تراجيديا هنا لنعد للبيت غالبا ستمطر ..
لم تتبعه هي عاجزة عن ذلك فما تفوه به تخلل حصون قلبها وقام بتحطيم ذلك الغلاف السميك الذي كانت تغلف به ذكرياتها ومشاعرها الغريبة تجاه حكيم الراجي ، الشخص الذي قتل حبه في قلبها بهجره ولا ذنب لها إن ولد عشق صحيح مع أحد كان مقدرا لها من البداية .. تأوهت عميقا عميقا وهي تنظر للبحر ولم تشعر إلا ودمعتيها قد لامستا خديها أتبكيه حقااااا أيؤلمها حاله ، هو يتعذب وهذا ما لا يسعها إنكاره لكن ما ذنبها إن كان كل شيء يتم فوق طاقتها ، ما ذنبها لو كانت قد اختارت مشاعرها قبل ظهوره لمن ستهبه ولائها لآخر الرمق ، هل هي متهمة الآن بخلق الوجع في قلبه لكن لا لا .. هو يتألم حتى قبل عودته لذلك لن تسمح له بأن يرمي بحمل العذاب على كاهلها فهي مثقلة بما يكفي وغير قادرة على تجبير حتى خاطرها فما بالك بخاطره الكسير … مسحت دموعها بخفة وامتصت شفتيها وهي تضم سترتها لحضنها وتوجهت للسيارة وجدته جالسا محله بسكون تام عيناه مسمرة في البعيد ، وعلى الأغلب هو يعيش حالة من الانعزال لعله يخفف من الحريق الموجود بداخله ..
ميرنا(صعدت محلها ونظرت إليه وكان قد انطلق عائد بها للبيت):- محتمل أن..
حكيم(رفع يده لها دون أن يسمح لها بقول حرف آخر):- رجاء بعض الصمت ..
ميرنا(زمت شفتيها بحرقة وناظرت النافذة جانبها):- … كما تشاء ..
وعلى ذلك الصمت انطلقا للبيت وكل منها غارق في مشاكله وهمومه ، لا يعلم أيهما كيف يخفف عن الثاني فكلما حاول أحدهما ، جرح الثاني لذلك البعد والجفاء خير علاج ..

في مكان آخر بالضبط بجانب شركة آل الحمداني كانت تقف نور بسيارتها على جنب ، بينما رنيم بجانبها تفرك يديها وهي تزفر مرة بعد مرة بصوت مسموع غير قادرة على التعامل مع مشاعرها المتدفقة التي غالبا ما وصفتها نور بالجنون المطلق
نور:- والله لو أمسك أي عابر سبيل وأخبره بما فعله بكِ ذلك الخسيس ، لقام بصفعك
رنيم(بدموع متحجرة في عينيها):- أحبه .. هذا جوابي والآن أيا كان ما ترغبين بقوله فدعيه للبيت هناك اشتميني العني اليوم الذي ولدت فيه حتى ، أقسم لكي يا أختي الغالية بأنني لن أعترض
نور(ضحكت عليها وهي تهز رأسها من جنونها):- تمام .. سأقدم على ذلك
رنيم(بقلق):- ساعة ونحن ننتظر من المفروض أن هذا موعد خروجه ، ما ربما خرج ولم نلحظه نور ؟
نور:- مهلكِ مهلكِ هل ذلك النطح بطول وعرض لن نلاحظه ، هيا لا تبالغي وقد سألنا السكرتيرة أخبرتنا أنه بالشركة
رنيم:- ههه أضحكتني باسم السيدة شيريهان صاحبة استثمار المنشآت الاقتصادية
نور:- هييه كله لأجل عيونكِ يختي .. مهلا أليست تلك الزرافة هي نورهان ؟
رنيم(بكره نظرت مباشرة صوب باب الشركة):- هي بعينها لكن ما الذي أحضرها الآن للشركة ، ثم ما الذي تحمله بين يديها كأنها علبة ورد ؟
نور(رفعت حاجبها ونظرت لرنيم التي اهتزت محلها):- أوك ما ربما كانت للسيد حاتم
رنيم(عضت شفتيها حزنا):- بل لرأفت
نور:- تمام دعينا نعود للبيت ما نفعله يسمى جنونا ، إلى هنا ويكفي
رنيم(أمسكت يد نور):- لا إياكِ وأن تقلعي ، أريد أن أرى ما الذي سيحدث بعد
نور(زفرت بعمق):- صبرا يا رب …
ظلت تناظر الباب وتتمنى لو أن نورهان تخرج لوحدها مطرودة مثلما كان يفعل بها رأفت كلما جاءته ، لكن خاب ظنها حين لمحتها وهي تسير بجانبه ضاحكة وهو ممسك بعلبة الورد بملامح مستكينة لا تدل على تعاطف ، ولكنه بجانبها حتى أنه فتح لها باب سيارته لتركب جواره وها هي ذي تركب ، وها هو ذا يضع علبة الورد برفق بالخلف ويعود ليركب محله لحظة لحظة هي تعدل ياقة قميصه لكن كيف تتجرأ على فعل ذلك … بل كيف سمح لها حتى وابتسم هئئئئئئ …شهقت رنيم وهي تراقب كل هذا وتهز رأسها بعدم تصديق
رنيم:- ما هذا الذي حصل هنا للتو .. نور هل هل ذهبت معه حقاااا ؟
نور(أشفقت عليها):- أخبرتكِ أن كل الرجال أولاد كلب ، شفتي الخسيس قد باشر حياته مع تلك الحقيرة ونسي أمركِ .. وعليه إن ذكرته أمامي أقسم لأختي أنني سأتعامل معكِ بشكل لن يعجبكِ
رنيم(بجنون هزت رأسها ولم تستطع التحمل أكثر):- لالالا يستحيل أن يكون ذلك رأفت يستحييييييل أن يغدرني مع تلك الحية ….
لم تستطع كبح براكين نارها ، وتأثير نور كان مستحيلا لحظتها حين خرجت رنيم من محلها ، وركضت وسط الطريق لتعترض سيارته التي أوقفها عند قدميها بفزع …
رأفت(خرج مسرعا إليها وبلهفة):- رنيم رنيم هل … هل أنتِ بخير ؟
نورهان(رفعت حاجبها وخرجت وهي تتمايل):- أوووه من نرى هنا رنيم اشتقنالك يا بنت ، عزيزي رأفت لا تهتم ربما كانت تود إلقاء التحية دعنا نذهب كي لا نتأخر على حفلتنا سوية
رأفت(كان ينظر لعيون رنيم الباكية وهي تنظر إليه بشيء يشبه العتب):- رنيم ..
رنيم(اقتربت منه بغبن وهي تلهث بعدم قدرة على التقاط أنفاسها):- أنت … أنت …
نورهان(تأففت):-هيا رأفت لن نستمع لتلعثم هذه الغبية الآن ..
نور(هنا خرجت وهي تبتسم وتعض شفتيها):- اسمعي يا زرافة إن لم تبقي لسانكِ القذر داخل فمكِ ، ستجدين وشاح عنقي يقوم بالمهمة
نورهان(فزعت):- هئئئ رأفت أسمعت الوقاحة فعلا إنكم عائلة وضيعة ؟
رأفت(بصراخ):- نورهااااان اخرسي … واركبي السيارة فورا فورااااا
نورهان(أطاعته مبتسمة كي تستفز رنيم):- حاضر يا روحي …
رنيم(رمشت بعينيها وهي تشعر بروحها قد تلاشت فحتى كرامتها قد رمتها حين خرجت معترضة طريقه):- مؤسف هو حالك
نور:- لستِ مضطرة لمحادثة هذا الرجل ، دعينا نذهب يا رنيم
رنيم(امتصت شفتيها واقتربت منه بغلالة قهر):- قد خيبت ظني فيك كثيرا يا رأفت ، أنت أقذر رجل عرفته في حياتي وكم سعدت بحصول هذه المشاكل بيننا لأحصي الفوارق التي كنت معمية عنها ، أنت أناني وسوف تعيش في تعاسة وسأستمتع كثيرا حين أراك منهارا أمامي يوم تأتي لبابي كي تطلب الغفران .. تذكر وقتها أن رنيم خاصتك لم تبقى قطتك الضعيفة التي تنتظرك حتى تعطف عليها ، سأقلب الآية يا رأفت صدقني لن أجعل كسرك لي يسقطني أرضا ، طالما لم أغدر بك أو أخنك فضميري مرتاح والحمدلله .. تحياتي لوالدتك القديرة وحظا موفقا مع الأفعى التي تعاشرها مصيرها تلدغك وستتذكر حديثي بعدها أكيد .. ههه تبا لك
زورته باحتقار واستخفاف وركبت السيارة وهنا نور رفعت يديها له ملوحة بنظرة سخرية ، وأقلعت من هنالك مبتعدة عن ذلك المدار بأختها التي أخذت تشهق وتبكي تبكي بشكل هستيري قد أفرغت كل ما كان يؤلمها في صدرها فلعله يفتح عينيه الآن .. استدار خلفه للفراغ الذي خلفته رنيم وعقله لا يستوعب حديثها ولا نظراتها ، حتى نبرتها القوية وضعته في حيرة قد بدت متأكدة من نفسها وكأنها حقا لم تخنه ، لكن ما ذلك الذي سمعه طبعا هنا رن جرس الخطر بالنسبة لهذه لذلك خرجت بسرعة مهرولة وأجبرته بإزعاجها على المضي قدما ، كي لا يبالي بكلمات رنيم ولا يفكر بالبحث وراء الموضوع فلو حدث ذلك معناه مصيبة منيلة بستين نيلة هههه …
نورهان:- مخي ما استوعب هل هذه حمقاء أم ماذا .. كيف تعترض سيرنا بتلك الطريقة الهمجية فعلا من يستحون قد ماتوا مع الأسف ، هي تقوم بأفظع أمر وتأتي كي تدعي البراءة وتقوم باتهامنا حتى الله يلعنها
رأفت(بنفاذ صبر):- يكفي …. لا تتحدثي عنها بحرف آخر ..
نورهان(ربتت على كتفه):- تمام يا عمري لا تزعل …
رأفت(أبعد يدها عنه):- رجاء هل يمكنكِ السكوت إلى أن نصل للبيت ؟
نورهان(شهقت):- البيت … هئئئئئ ولكن ماذا عن الحفلة التي أنظمها لأجلك بالنادي ؟
رأفت:- انسي الأمر لا أريد حفلات من غيره ، أساسا وافقت لعدم رغبتي بإحراجكِ وأمي لكن إلى هنا وطفح الكيل دعوني على سجيتي ..سأعيدكِ للفيلا وبعدها أمضي لبيتي
أخذت تتودد وتتوسل لكنه لم يعطيها ضوءا أخضر ، فما برأسه برأسه ولن يسعها تغيير رأيه كم لعنت ظهور رنيم الذي خرب كل مخططاتها ، فقد كانت ستستغل الحفلة لكي يتم التطرق لموضوع خطبتهما من قبل بعض المعارف فقط كي تجس نبض رأفت وترمي بثقلها عليه ، لكن كل ذلك ضاع هباء منثورا ، وما إن عرفت وجدان بذلك ارتفع ضغطها
وجدان(تضع الثلج على رأسها):- الغبية ابنة الغبية الوضيعة السافلة ، قلتِ ظهرت أمامكم آخ على منظري أمام سيدات النادي أتعلمين حين اتصلتِ وطلبتِ مني إلغاء الحفلة تمنيت الدخول في سابع أرض ولا أرى نظرتهن الساخرة ، اضطررت لتشهير خطوبتكما كي أخرس أفواههن حين أدعوهن للحفلة
نورهان:- عن أي خطوبة تتحدثين خالتي ، رأفت لن يقوم بها ولو انطبقت السماء على الأرض
وجدان:- تمام إذن لنجعل الأرض هي التي ترتفع للسماء
نورهان:- كيف يعني ؟
وجدان(أزالت الثلج وهمست بشر):- اسمعي يا نورهان هنا الدور الأكبر عليكِ أنتِ ، عليكِ أن تزوريه ببيته الليلة وتأخذين بجعبتكِ مشروب فعال يذهب عقله فوراااا ، هو لن يعترض لأنه سيكون منهارا عاطفيا بعد أن رأى تلك الحقيرة وبما أنه ما يزال معميا على قلبه مغرما بها أكيد سيكون محطما ، هنا سيأتي دوركِ يا بنت عليكِ ترميم جراحه وحين تتأكدين من أنه قد ثمل حقا أزيلي عنكِ عباءة الحياء وسلميه نفسكِ ..
نورهان(لمعت عيناها برغبة):- والله يا ليت أتوق لتلك اللحظة معه يا خالتي
وجدان:- ستصلينها يا بنتي فقط اسمعي مني ، سنجبره إجبارا على التزوج بكِ لماذا لأن ابني الشهم الأمير الذي ربيته لا يفرط في شرف فتاة أحبته وسلمت له نفسها ، سيكون مجبرا على اتخاذ هذه الخطوة ويتزوجكِ ..
نورهان(رمشت بعينيها):- امممم أعجبني تفكيركِ خالتي أنتِ داهية
وجدان:- هه لا أنا أم تريد الحفاظ على ابنها وعلى سُمعته ، هيا لا تضيعي وقتا جهزي نفسكِ بأجمل اللبس وتحضري لليلتكِ معه ماشي ؟
نورهان(نهضت بحماس):- اعتبريه منقض يا خالتي ههه …
طبعا حين تتفق الشريرتين مع بعضهما لن يحدث سوى الخراب الله يستر منهما ومن اتفاقهما اللعين ، هنا كانت قد وصلت رنيم للبيت لم تتحدث بحرف بل دخلت لغرفتها وأقفلت الباب على نفسها حتى أولادها بقوا بالصالون معهم أيهم يلعب ويدندن بلغته الطفولية وسجى تهمهم بعربتها الصغيرة ، نور نبهتهم ألا يقتربوا منها وإلا ستنفجر انفجارا غير حميد ، وطبعا اضطرت لتحكي لهم ما حدث وهنا حزنوا لحال ابنتهم لكن ما باليد حيلة .. وهم لا يزالون على تلك الحال دخلت ميرنا دون سلام ولا كلام وصعدت لغرفتها ولحقها هو أيضا على ذات الحال ودخل غرفته ولم يتم فهم شيء منهما من غير صوت الأبواب الموصدة أعلاه ..
عواطف:- ما بهما ؟
مديحة:- صدقيني ليس لدى أختكِ الجرأة كي تصعد وتعرف ماذا يجري معهما
نور:- ولا واحدة تتدخل هما راشدين إذن ليحلا الأمر بينهما ، دعوهما وشأنهما
إخلاص:- نور معها حق ، لا يجب تقييدهما ومراقبتهما طوال الوقت هما يتفاهمان مع بعضهما في النهاية سنجدهما وهما نازلين ضاحكين كأن شيئا لم يكن
عواطف(بتأمل):- إن شاء الله …
مديحة(نهضت لتصلي صلاة المغرب):- إحداكن تحضر لنا قهوة يا بنات
نور:- سأحضرها أنا .. أين هي دينا بالمناسبة ؟
عواطف:- ولجت غرفتها لتدرس مع البنات
نور(تحدثهما من رأس مناخيرها):- تمام سأنهي القهوة وأراها …
مديحة(وضعت إسدال الصلاة ورفعتِ التكبير لكن سرعان ما استغفرت مبتعدة):- الله يلعن النسيان بدأت الصلاة دون وضوء
عواطف:- هههه الله يخرب عقلك .. جيد أنكِ لم تصلي وإلا لكنتِ أعدتها من جديد
إخلاص:- هه صح يا أمي أظن الله قد رحمكِ بالتذكر
مديحة:- هييه الله يذكرنا بالشهادتين .. هل تركوا فينا الأولاد عقلا
نور(بتلاعب وضعت يدها على خصرها كي تفرسهم بدعابة):- ذلك حدث جراء تآمركِ ضدي مع أم طلال ، قال خطبة قال جيد أنكم ألغيتم الموعد
عواطف(نظرت لمديحة وهي تخفي ضحكتها فهم لم يلغوه بل أجلوه لغير وقت):- اممم وهل نستطيع أن نقدم على شيء لا يعجبكِ يا نور يا بنتي الحبيبة
نور:- ههه بلا بنتي بلا أختي لا أريد أن أتزوج ونقطة انتهى ..سأحضر القهوة
مديحة(رفعت يديها لعواطف بقلة حيلة):- وأنا سأتوضأ الآن
عواطف(نظرت للدرج فهي لن تستطيع البقاء صامتة لوقت طويل):- إخلاص انتبهي لأولاد أختك سأعود فورا
إخلاص(فهمتها لكن لم توقفها):- طيب يا خالتي
صعدت عواطف وهي تفرك يديها وتوجهت صوب غرفة ميرنا أولا ، دخلت ووجدتها تجهز أغراضها لتدخل للحمام ولكن ليس قبل أن تحادثها
ميرنا:- هذا كل ما في الموضوع أمي ، انزعجت لأن حكيم أخبر كوثر عن زواج زياد بتلك الطريقة الجارحة وتخاصمنا يعني لا يستحق الموضوع سنحله ..
عواطف:- مسكينة صغيرتي كوثر سأكلمها لاحقا ، وأنت طمأنتِ قلبي قليلا خفت أن يكون هنالك مشكلة بينكما ..
ميرنا(بتأفف تابعت تحضير ثيابها):- لا يوجد شيء كهذا اطمئني ماما .. والآن أرغب بأخذ حمام لكي أنام بعده ولا يوقظني أي أحد ماشي
عواطف(بقلة حيلة):- طيب يا روحي .. طيب
ميرنا(أوقفتها وعانقتها):- حسن لا تغضبي مني ، أنا بحاجة لهذا أمي
عواطف:- أنا أرغب برؤية الفرحة تتراقص من عينيكِ يا ميرنا ، منذ متى لم أراكِ سعيدة يا ابنتي وهذا يؤذيني ، يعني أفكر أن زواجكِ بابن عمكِ ربما كان خطأ من البداية وعلينا تصحيحه لم يفت الأوان بعد
ميرنا(تمسكت بأيد عواطف بتوجس):- إياكِ ماما إياكِ وأن تفكري بمفاتحة هكذا موضوع مع حكيم ، سوف يغضب منكِ ويعتبرك ضد علاقتنا ونحن كأي زوجين في بداية مشوار حياتهما طبيعي أن نتخاصم على أي شيء كي يسود التفاهم بعد سنوات يعني .. أ.. وارد هذا في أي علاقة جديدة ماما هل فهمتني ؟
عواطف(اقتنعت نوعا ما بحديث ميرنا):- معكِ حق لكنني .. تت تمام حبيبتي ما يهمني هو راحتكِ وإن كنتِ بخير هذا هو مطلبي
ميرنا(قبلت وجنتها):- هذه من كوثر .. (قبلت جبينها) وهذه من العم عبد المالك
عواطف(خجلت وارتبكت فجأة):- احم اخرسي يا بنت أي قبلات هه .. أ..سوف أرى خالتكِ مديحة كادت تصلي دون وضوء يعني نسيت المسكينة .. احم حماما سعيدا صغيرتي
ميرنا(ابتسمت من حالة أمها المجنونة فهي بدورها محترقة بنار الحب):- آه يا ربي …
رمت بنفسها وسط حمامها لعلها تفرغ بعضا من تعبها وسط الماء ، هنا كان حكيم بدوره في حمامه تحت الصنبور يمسح على رأسه المبلل ويحاول أن يسيطر على حالته الجنونية حين تكون ميرنا قربه ، والرائع الآن أنها تراه مذنبا في حقها وحق صديقتها وحق قلادتها وحق ما حصل لوائل وحق تمرد الفهد وحق سقوط الأحجار النيزكية من الكون ، ليس بعيدا أن تتهمه حتى بانجراف الماء عكس التيار وانفجار السدود والاحتباس الحراري / .. مسح على رأسه وهو يحاول طرد تلك الأفكار فهي لا تزيده سوى عصبية على عصبية ،، الأجدر أن يحاول التخلص من طاقاته السلبية وإلا سيصبح مجبرا على التعامل مع شيء طبيعي قد يزور كل جسد يكابد كل هذا ألا وهو المرض .. اطمئن من شفاء ضلوعه فلم يعد هنالك ألم أكيد بعد كل ما يحدث سيهرب الألم المسكين إذ لن يتمكن من مواكبة كل تلك الأحداث السيئة المتلاحقة .. خصوصا ذلك اليوم كان مشحونا بشكل كثيف صباحه يختلف اختلافا كليا عن مسائه فأن يستيقظ على وجهها ليس أن ينقضي ذلك بمشكلة ابنة أخته التي اضطر فيها لضرب زوجها الحقير ، نظر حكيم لعظام يده المحمرة من فرط ضرب عمر وجمعها في قبضة قوية فلو وجده الآن سيكمل إسقاط ترتيب أسنانه أرضا ويتركه مغشيا يحسبهم .. وطبعا صدقت من قالت عمرو ذيل الكلب ما يتعدل ^^..
عمر:- امسحي امسحي هنا أشعر بالألم … آه بهدوء يا لمياء أنا أتألم
لمياء(تمسح جروحه بالقطن والكحول):- لو كنت سايرتني وذهبنا للطبيب
عمر:- هاه لكي يعرف الجميع أنه تم ضربي .. لا يا لمياء كلها أيام وستزول
لمياءْ(حركت شفتيها بامتعاض):- هذا يعني أنك ستبقى بالبيت لعدة أيام
عمر:- وهل تريدين مني الذهاب للعمل بهذا الشكل ، طبعا سأعتذر لأيام وبعدها أبلغ زكريا ربيع بشأن ذلك الحقير حكيم كي يحاسبه بطريقته
لمياء(تذكرت حكيم وكم أعجبت به حين طرق الباب وفتحت حتى دون أن تعرفه فوسامته ورجولته كانت التأشيرة):- اممم .. أشك بأنه سيقدر على شيء ، فحكيم ذاك ليس سهلا
عمر(بعناد):- وزكريا ربيع كذلك ، هيا هيا لا تطيلي امسحي مكان الوجع …
حركت فكها بكره وهي تمسح له جروحه ، في حين كانت ابنته أيضا تتلقى العناية اللازمة من خالتها عفاف التي ضمدت جراحها ومسحت المرهم على كدماتها بلطف
شيماء:- شكرا خالتي عفاف على اهتمامك
عفاف:- ولو يا روحي أنتِ غاليتي ، تمام لن أعطلكن إلى الدراسة يا فتيات
دينا:- حاضر خالة عفاف
نهال(بشرود كانت تضع القلم على فمها):- … اممم
شيماء(نهضت وجلست قبالتها):- بما أنتِ شاردة يا نهال ؟
نهال(نظرت لدينا وجدتها غارقة في دروسها وهمست لشيماء):- شيمو هل تذكرين يوم الهجوم ؟
شيماء:- وهل ذاك يوم يُنسى .. الله يلعن هكذا أيام مثله
نهال:- شت بهدوء أنا أريد منكِ أن تتذكريه معي جيدا ، شيمو هل تذكرين اللحظة التي صعدنا فيها أنا وأنتِ لنبدل ثيابنا بغرفة جيهان لأجل المغادرة
شيماء(بتفكر):- أهاه أذكر
نهال:- سمعنا أنا وأنتِ صوت المفتاح صح ؟
شيماء:- صح .. بعدها أنتِ ذهبتِ لتنادي جيهان وبعد لحظة ظهر ذلك الوحش
نهال:- هل فتح الباب ؟
شيماء(عقدت حاجبيها بتذكر):- لا أستطيع أن أجزم فذكريات ذلك اليوم مؤلمة بالنسبة لي
نهال(أمسكت يدها):- تذكري يا شيماء هذا أمر مهم
شيماء:- تت ربما لم أسمع صوت دخوله ، هاااه حقا لم أسمع شيئا وإلا كنت انتبهت لدخوله حتى أنني ظننته أنتِ في البداية
نهال(تضخم صدرها):- شيمو أنا أشك بأمر ما ، إن أخبرتكِ به أريد وعدا منكِ بكتمانه
شيماء(بفزع):- مجددا سنكذب ونخفي ، لا يا نهال لا قد وعدناهم وقد رأيتِ النتائج
نهال:- لا يا بنتي لا تفهميني غلط مبدئيا سنخفيه بيننا ، إلى أن نجد جسر الوصل بين الأحداث يعني سنخبرهم ما إن نصل لنتيجة
شيماء:- أهاه يعني شيء فكري بيننا تمام أنا معكِ
نهال:- علينا أن نتذكر كل تفصيلة كبيرة كانت أم صغيرة من ذلك اليوم ، وأضيفي سكوت جيهان من يومها لم تحاول حتى الاطمئنان علينا كأن الأرض انشقت وبلعتها ألم تنتبهي ؟
شيماء:- بالفعل انتبهت لكنني اعتقدت أنها خائفة من ردة فعل أهلنا
نهال:- تتتت الموضوع فيه إن .. ولن أكون نهال الراجي إن لم تظهر مؤامرة خلف هذا الموضوع صدقيني يا شيمو ..
شيماء(بقلة حيلة):- عساه خيرا … المهم ألا نفتح الأفواه علينا من جديد ما صدقنا نُسي الموضوع وخرجنا منه بمأمن ..
نهال:- لا تقلقي كله سيظهر للوسط .. وسنكتشف ما حدث يومها بالتفصيل ..
أيوة سيتم البحث والتمحيص وسيظهر أن الآنسة جيهان متورطة مع الوغدين شامل وهشام واللذين كانا مجتمعين بمزرعة والد هشام خارج المدينة ، وقد كان يدور في محله وهو يعضعض يديه ويشعر بالخوف والرعب لكن مماذا يا ترى ؟
شامل(أطفأ سيجارته بالصحن الممتلئ بالسجائر ويظهر أنهم قد دخنوا بشراهة):- اهدأ يا هشام أنت هكذا توترني
هشام(هرع لثلاجتهم وأخرج علبة خمر أخرى وتجرعها وهو يرتجف):- آه يا شامل قد انتهينا يا رجل انتهينا ، ما أقدمنا عليه مصيبة ستؤدي بنا إلى الهاوية
شامل(رمى العلبة أرضا وأمسكه من ياقته):- إن صمتت وابتلعت لسانك لن يكشف أحد ما فعلناه ، لكن إن بقيت ترتجف كالدجاجة هكذا ستفضح أمرنا
هشام(ضرب على وجهه):- ماذا فعلنا يا شامل ماذا فعلنا بالبنت لقد أصبحنا مجرمين حقاااا
شامل(زفر بعمق):- هشام هشام لا تضطرني أن أرفع يدي عليك ، ما حدث البارحة شيء لم يكن مخططا له يعني أقدار .. تجرعنا بعض الخمر والمخدرات ولم نشعر بنفسنا ونحن نتجول بالطريق ، لمحنا الفتاة أخذناها عنوة معنا وأحضرناها إلى بيتنا الشرقي ، لهونا معها قليلا لكنها لم تكف عن الصراخ لذلك أخرسناها بالطريقة الملائمة أنا أخذت دوري وأنت دورك وانتهى الموضوع باستمتاعنا ، بعدها رميناها على رصيف الطريق ونظفنا بيتنا أقفلناه مثلما كان وها نحن ذا بعيدين في مزرعتكم ولا أحد سيصل إلينا وأصلا لن يشك بأمرنا أحد ، ولن يعتقدوا بأننا الشابين المخمورين الذي اغتصبا الفتاة
هشام(يستمع له وعيناه دامعة):- يا ليتنا اغتصبناها فقط قد قد شوهنا حتى .. تت لا أستطيع التحمل كلما تذكرت ما حدث شعرت بالغثيان
شامل(بعصبية):- أوووه سوف تتعبني معك لو شم أبوك خبر بالموضوع سنقع في مشكلة ، نحن هنا بعيدين عن الشبهات أصلا لا يوجد دليل واحد ضدنا
هشام:- حقا معك حق ، لكن أشعر بأنني غير مطمئن
شامل:- فقط اعتمد علي سنختفي هنا لعدة أيام بحجة الدراسة والتجهيز للامتحانات ، وسترى أن الموضوع سيقفل من بعيد لبعيد ضد شخص مجهول
هشام:- آمل ذلك … تت
وهنا اتضح لنا من الحقيرين الذي قاما باغتصاب الفتاة المسكينة ليلة أمس ، قد كانا هشام وشامل مع الأسف .. ما عاشته معهما كانت ليلة سوداء وحتى عندما صارت بمأمن ما زالت تستيقظ وتصرخ وتبعد أيدي الأطباء عنها بهستيريا مجنونة ..
ماريا(خرجت وهي تزفر بتعب):- ترفض أن تتحدث
رامز(أومأ لصديقه الشرطي):- حسن لن نأخذ أقوالها اليوم دعوها ترتاح حتى الغد ونعيد الكرة
ماريا:- أظن أنه بصمتها ستترك المجال لأولئك المجرمين كي يفلتوا من العقاب
رامز:- من جهة معكِ حق لكن ماذا عسانا نفعل أنتِ ترين حالتها المنهارة
ماريا:- مسكينة ما حدث معها ، فالموضوع لم يقتصر على اغتصاب جنسي وفقط بل على تشويه بقنينة الخمر الزجاجية في … أفف يصعب علي حتى النطق بها
رامز(بغضب):-هذين المجرمين سيدخلان السجن ويأخذان عقابهما ، صدقيني سأحرص على ذلك آنستي
ماريا(بامتنان):- تكرم يا سيد رامز .. بما أن تحقيقكم انتهى ستغادر صح ؟
رامز:- أهاه سأرى صديقي وبعدها أذهب لمتابعة القضية
ماريا:- دعني أتجول معك علي أن أطمئن عليه أيضا وعلى أدويته ..
رامز(سار معها بالرواق):- تفضلي آنسة ماريا
ماريا:- ماريا فقط بدون ألقاب
رامز(نظر إليها مبتسما):- تمام .. هل تعملين هنا منذ سنوات ؟
ماريا:- لا منذ سنتين فقط ، أ.. أنا أيضا تخصص ترويض طبي
رامز:- امم يظهر أنكِ درستِ في سن مبكرة
ماريا(رمشت بعينيها):- صحيح .. والدي حرص على ذلك
رامز:- الله يخليه لكي .. وصلنا لندخل .. مرحبا ولول كيف الأحوال ؟
وائل(بكره رمقهما إذ خذل للمرة الألف معتقدا أن ميرنا زائرته):- أنت مجددا
رامز(ضحك لماريا التي اتجهت لتفقد الغذاء الوريدي):- هو يحب المزاح معي كثيرا بهذا الشكل ، ما بك يا ولد ثم لا أرى أحدا هنا سوى أنا كأنهم نسوك يا عمي ؟
وائل(بحزن مط شفتيه):- أتعلم ما هو أكره شيء لي الآن ، أن أبقى عاجزا على هذا السرير ولا أستطيع النهوض لتحطيم وجهك
ماريا(شهقت بفزع):- هئئئئ
رامز:- أوك أنت هكذا قد ألجمت لساني ، دعني أجلس كالعاقل هنا بجانبكِ ريثما تنهي الآنسة ماريا عملها
وائل(رمقه شزرا وبسرعة التفت إليها وجدها تبتسم وحرك رأسه بنفاذ صبر ومن بين أسنانه أردف):- رائع يا وائل أنت اجمع القلوب برقدتك هذه ، بينما قلبك أنت تائه بعيد عنك ..هفف
تأكدت ماريا أن كل شيء بخير واستأذنت من هناك ببسمة تحت أنظار رامز المساندة ، لحظتها تبدلت ملامحه ونظر لوائل بجدية تامة ..
رامز:- أخبرني ؟
وائل:- أختي هديل أريدك أن تراقبها لو سمحت تحت أي سبب كان ، لقد جاءت صباحا أخبرتنا أنها وجدت من قام بتعريضي للموت يعني المذنب .. وكلانا نعلم من أقدم على ذلك إذن ما الذي سيجمع ذلك الشخص بأختي أخشى أن تتورط بشيء خطير
رامز:- أووه لما لم تخبرني منذ الصباح يا رجل كنت تصرفت
وائل:- لأنك كنت مشغولا يا روحي ، ثم ها أنذا أخبرك الآن ماذا ستفعل ؟
رامز:- سأراقبها وأي شيء خطر سوف أتدخل ، أعطني فقط مكانها ودعني أتصرف
وائل:- تمام أشكرك جزيلا يا رامز هكذا سأرتاح كثيرا عليها ..
رامز:- ولو أي خدمة ..
وائل:- أ.. شيء آخر يا رامز رجاء ..
رامز(فهم لوعة وائل ومط شفتيه بقلة حيلة):- والله لو أخبروني في الأبراج أنني سأفعِّل اتصالا لحبيب حبيبتي لرفعت عليهم قضية ههه .. حسن هي صديقتي الآن انتهى ذلك الزمن على الأغلب
وائل(رمق نظرته للوريد الغذائي):- هااه المسألة فيها ممرضات اممم جميل
رامز(بحرج):- احمم ممرضات ماذا يعني .. عادي عادي أووه لا تبدأ الآن سأتصل
وائل(ببسمة طفل سيكلم أمه):- ههه ماشي ..
رامز(أخذ ينتظر الجواب لحين ردت بعد حين):- مرمر حبي أ.. صديقتي الغالية
ميرنا(تجيب من حوض حمامها):- الرقم الذي تطلبونه غير متوفر حاليا ، المرجو عدم الإزعاج وعدم الاتصال لاحقا ..
رامز:- له يا بنت له أهكذا تجيبين صديقكِ الذي يضحي لأجلكِ بالغالي والنفيس ..
ميرنا(أخذت تلعب بفقاعات الصابون حولها برتابة):- طيب ليختصر صديقي غايته ويتركني أستمتع بوقتي المستقطع من هذه الحياة
رامز(بتلاعب حميمي):- ألم تشتاقي ؟
ميرنا(خفق قلبها بتوجس واختفت بسمتها):- أشتاق لماذا ..
وائل(بصوت دافئ):- ميرنا …
ميرنا(سحبت نفسا سريعا وهي تعدل جلستها بالحوض مبتلعة ريقها المتوتر):- وائل ..
وائل(أغمض عينيه يستسيغ لهمسها الشافي):- سرقتِ حلمنا
ميرنا(أغمضت عينيها على غلالة دمعها):- كان على أحدنا أن يستيقظ منه
وائل(لمح رامز قد خرج ليتركه على سجيته):- قد اعتقدت أنه من حقي الاستيقاظ على ملامحكِ وليس على الفراغ
ميرنا:- ليس من حقنا أي شيء يا وائل .. قد ودعتك ليلة أمس وانتهى
وائل(ابتسم بحنان):- لا أتفق معكِ في هذه المسألة
ميرنا(مسحت على شعرها بتعب ولامست خدودها الساخنة متكئة على ركبتها):- وائل رجاااء
وائل(أغمض عينيه يستلذ بصوتها الخافت):- طالما هناك نبضٌ يحكِي قصَّة عشقهِ كلَّ يوم ، ليسَ هُنالك ما سيطفئُه حبيبتي ، لا تغفلِي بصوتكِ عن مداري فحتى لو حُرمت رؤيتكِ لا أرغبُ بأن تُيتِّمي قلبي بفقدِ همسك .. كُوني دوائي مثلما وعدتنِي ودعيني أشفى كي أنقذكِ يا شمسَ لياليَّ يا عسلَ غرُوبي ، دعي الشَّمس تُشرق كي أتلذذ بغرُوبها في عينيكِ حينَ تخط الأقدار صفحَة جديدة باسمي أنا وأنتِ .. ويحترق الكونُ بعدها ..
ميرنا(ضحكت من آخر كلماته):- ليحترق الكون
وائل:- لا تهربي لأجلي بل كوني بخير فقط يا عمري ، سأستعين بصوتكِ حين تفيضُ بي أدمع الشوق فكوني بانتظاري ولا تكوني أنتِ وهذا السرير البشع ضدي
ميرنا(مسحت دموعها من جنونه وهي تبتسم):- آه يا وائل ..
وائل(بلطف ابتسم إذ فهم عذابها الذي يؤلمه في كل نفس تزفره):- قولي أحبكَ
ميرنا(بشعور جميل):- أحبك
وائل(برقت عيناه بشغف):- أشعر أنها نابعة من قلبك لكنها مغلفة بالتردد والقلق لا بأس ، أعلم أن هذه المحنة ستمر وسنتحمل لأجل بعضنا يا حبيبتي ، سأجعلكِ تقولينها دون خوف يا ميرنا .. أعدكِ بذلك
أغمضت عينيها على نبرة صوته التي تجعلها تنعزل عن الوجود ، وتسبح وسط عصافير حلمها الذي ترقرق في بيت صغير يجمعها بنبضها وتكون له أميرة مملكته ، شيء بسيط تحلم به أي فتاة تعشق بصدق وتتمنى لو يكن مالك قلبها هو شريك حياتها للأبد .. لكن في حالة ميرنا قد توشح ذلك الحلم بالاستحالة منذ وهلته الأولى ، وكأنه موصوم بلعنات الكون كلها التي اجتمعت لتقدم الخير للبشرية وتكون حدا فاصلا بين ميرنا ووائل ، هي حينما نفكر بالموضوع من جهة أخرى نجد أنه حقا كل العوائق اجتمعت لتقف بوجههما عكس شهاب وميرا اللذين دفعتهما الأقدار لبعضهما بعضا في كل الوقت الذي مضى ، وباختلاف الأحداث فمثلا كأن تنسى تناول حبة منع الحمل تلك الليلة وتحضر شادي ، كأن يجن جنون رشيد ويخبر شهاب بالحقيقة ، كأن يقتنع شهاب أن مشاعر العشق لم يستشعرها إلا مع ميرا وعليه وجد نفسه محاطا بكل ما يتعلق بها ، حتى أولاده يستحقون علاقة صحيحة بينه وبين أمهم والتي اكتملت بالزواج ليلة أمس ، يعني كل الدوافع اجتمعت لتضعهما في الطريق الصحيح .. بينما نرى أن ما بين فؤاد ونور بدوره ليس بتلك الخطورة فمصير نور أن تصغي لقلبها وما تحاول أن تمنعه عنها ستجد نفسها مجبرة على إطاعته لأجل فؤاد الذي من البداية اختارها ولم يكن له عنها بديل ، وهنا نجد أن الأمور بينهما صحيح مرتبكة ودوما هما كالقط والفأر لكن ليست بتعقيد علاقة ميرنا ووائل ، التي أعود وأقول أنه دوما ما يخلق شيء يمنع الوصل بينهما لكن هل سيسمح بأن يمتد ذلك لوقت طويل ؟
رامز(طرق الباب ودخل وبعده هجمت رقية والعمة نعمة):- أحضرت لك ضيوفا
العمة نعمة(قبلت جبين وائل وسرعان ما دمعت عيناها):- آه يا كبد عمتك نعمة ، ألف سلامة عليك بني وائل
وائل:- سلمتِ عمتي نعمة لا تقلقي .. أنا بخير
رقية:- هكذا هو وائل دائما ، حتى لو لم يكن بخير يحاول ألا يزعج أحبته بسببه
نعمة(جلست بالكرسي جانبه):- لقد دعوت لك في صلاتي ، أن يحفظك الله لشبابك ويحميك من كل عين رأتك ولم تسمي عليك
رامز(كتف يديه):- أنا لم أسمي عليه ههه هل سأتعرض لنوبة قلبية الآن ؟
رقية:؛- ههه محتمل
ضحكوا قليلا على مرح رامز والتحق بهم إياد بعد برهة واكتملت المجموعة المرحة ، طبعا ما إن يلتقي إياد برامز تصبح الجلسة كلها ضحك في ضحك وانضم لهم نادر إذن عسى وائل سيموت ضحكا إن لم يمت هلاكا بفراق نصفه الثاني .. بعد لحظات خرج رامز وإياد في حديث بينما بقيت العمة نعمة ورقية رفقة وائل ونادر
إياد:- يعني متى أخبرك الفريق أنهم سيصلون للعنوان ؟
رامز:- هذا إحصاء شامل يعني يستلزم بعض الوقت ، لا تقلق سنعثر على عنوان الشعار ونعرف من قام بإرسال اللعبة لك
إياد(مسح على جبينه):- بصراحة أشعر بثقل في صدري مذ أن رأيتها يا رامز ، أخشى أنني في خضم أمر عميق سيؤلمني لو تابعت البحث
رامز:- لا يا إياد لا تيأس يا صديقي ، ثم أنت تبحث عن عائلتك التي لم تعرفها يوما حتى أصحاب الميتم لا يعلمون هويتهم
إياد(عقد حاجبيه):- صحيح لا يعلمون هويتهم ، لكن أكيد يعلمون من أحضرني إليهم ؟
رامز(برقت في عينه نفس الفكرة):- هااا الآن بات لدينا ما سنستمتع به يا ولد ..
إياد(لم يبدي أي ردة فعل من دعابة رامز)- …لارد
رامز(جمع ضحكته):- تمام قد بالغت قليلا بردة فعلي لكنها حماسة الشغل ..
إياد(ابتلع ريقه):- أرجو فقط أن نصل لنتيجة ..
نعمة(خرجت من الغرفة):- لا تتعب نفسك يا بني ، كنت أخذت سيارة أجرة توصلني للبيت
نادر:- لا أي سيارة أجرة وأنا موجود ، كرما دعيني أوصلكِ يا خالة
نعمة:- تكرم يا عزيزي .. إياد سأغادر أنا انتبه لرقية
إياد:- ماشي عمتي نعمة سأحضرها للبيت بنفسي
ودعتهما نعمة وتوجهت مع نادر لأجل المغادرة في حين بقيت رقية بقرب وائل ، الذي امتن من بقائهما بمفردهما تلك اللحظة
رقية:- لما أشعر وكأن لديك كلام قابع تحت لسانك يا وائلي ؟
وائل(أشار لها بإصبعه واقتربت برأسها منه):- لأنني أحتاج منكِ معروفا
رقية:- هيهاااا وماذا تريد يا بعدي ؟
وائل:- أحتاج منكِ أن تتابعي قضية طارق الراجي ولا تتركيها يا رقية ، أعلم أنكِ بعد حادثتي تهاونتِ في الموضوع لكن رجاء لو تعزينني بحق اهتمي بالأمر ودعينا نصل لنقطة مفيدة تمكننا من إخراجه من هناك بأقصى سرعة
رقية:- يا إلهي اعتقدت أنك بعد رقدتك ستعيد عقلك لرأسك ، لكن يتضح أنك من يمسك به من خلال حبل متدلي
وائل:- رقية ؟؟
رقية:- أوك سوف أتمم البحث ، لكن يا روحي حتى لو وصلنا لكل ذلك يجدر بنا لقائه شخصيا فهو الذي يملك الحق بذلك يا وائل
وائل:- أعلم ذلك جيدا .. وحين يأتي الوقت المناسب سوف أتصرف لكن مبدئيا علينا أن نملك كل الدلائل والمعلومات بأيدينا لنجد ما نحارب به
رقية:- يااااي أنت قمة الشهامة يا ويلي على نهج ابن عمك الأحمق
وائل(امتص شفتيه):- هل علمتِ الأخبار .. قد تزوج ميرا ليلة أمس
رقية(فتحت عينيها بعدم تصديق):- ههه احلف ، والله ذلك الرجل يدهشني ويفاجئني
وائل(بتفكير فيه):- اممم هو كذلك حين يتجلى جنون شهاب رشوان ..
ميرا:- يوووووووه هل ستحقق معي في أول يوم زواج يا شهاب ؟
شهاب:- ليس تحقيقا يا ميرا ، لكنني مخول بمعرفة كل كبيرة وصغيرة عنكِ لذلك بالعقل ستجيبينني بما تخفينه عني
ميرا(مسحت على رأسها بتعب وجلست على طرف السرير وهي تنظر للأرض):- منذ عودتك وأنا أقول بأنني لا أخفي شيئا لا أخفي شيئا ، هل ستسبح على بحر جدتي الهرمة هي تهذي أكيد ، ثم قد فقدت رغبتي في الحديث ولو نطقت حرفا آخر سأستفرغ
شهاب(نهض من منضدتها وتقدم إليها):- وهل علي أن أقتنع بأن هذا طبيعي أثناء الحمل ؟
ميرا(استلقت على السرير وعيناها بدتا ثقيلتين):- شهاب خفف الضوء قليلا ، أرغب بالنوم
شهاب(مسح على شعره وهو يزفر بعمق وجلس قربها وهو يغطيها):- ميرا روحي ، أنا شهاب يعني حبيبكِ وما بيننا أكبر من أي شيء ، قد خضنا الكثير وما زلنا لذلك لا يوجد في الدنيا من سيستمع إليكِ بقدري
ميرا(رفعت رأسها ووضعته على حجره وأغلقت عينيها):- داعب شعري ، يداك تساعدني على النوم والاسترخاء
شهاب(تأوه عميقا وأخذ يلاعب شعرها بحنان):- أنتِ ستجلطينني معكِ ، لا عجب إن استيقظتِ يوما ووجدتني أرتدي منامة النوم وأنا أصرخ باسمكِ كالمجنون في الشارع
ميرا(نظرت إليه وعادت لوضعها وهي تضحك):- سأجعل باتريك يعدل شعرك بشكل مموج ، يااااي ستكون باتريك رقم اثنان هههه
شهاب(تخيل نفسه وكره التخيل):- أعوذ بالله ، بالعافية أتحمل ذلك الباتريك بشعره المموج كيف ترغبين بنسخة ثانية الله الله ..
ميرا(أمسكت قميصه بقوة وهي تشعر بوخز في بطنها):- شهاب ..أنا غير قادرة على مواكبتك في الحديث أشعر بثقل رهيب سأغفو ..
شهاب(مط شفتيه بقلة حيلة):- أنا معكِ حبيبتي ، نامي وارتاحي
ميرا(ابتعدت عنه لتستلقي على وسادتها بتثاقل):- أمسك يدي ولا تذهب
شهاب(أزال حذائه ودخل بجانبها للفراش وضمها إليه من الخلف وهو يلاعب شعرها):- لن أذهب فقط نامي بطمأنينة يا عمري ..
ميرا(أغلقت عينيها وهي تتحدث بشكل يشبه الهذيان):- أساسا أنت عمري لأجلك سأحضر فلة ههه .. أحببت اسم فلة ابنتنا سنسميها فلة ولا أريد اعتراضا
شهاب:- يا حبيبي هذه المرأة تريد أن تبليني بالأقزام السبعة ..سيحاولون العبث مع ابنتي ، لكنني سأقضي عليهم بضربة واحدة أصلا لا يوجد من يقترب من ابنتي ويبقى على قيد الحياة
ميرا:- ههه هل ستقتل كل المعجبين بها يا رجل هكذا ستعنس ببيتك
شهاب(بحزم):- وما شأني ليس لدي بنات للهو ، ثم أليست فلة خاصة الأمير طيب لمَّا يأتي الأمير سأمنحه ابنتي بكل فرح وسرور
ميرا(فتحت عيناها بدموع):- ستكون جميلة جدا كالأميرة ، وستلبس فستان زفافها الأبيض وتضع تاجا على رأسها هكذا ستبدو قمرا متربعا على عرش الأرض
شهاب(بابتسامة):- لما أشعر أنكِ تشتاقين لارتدائه أنتِ قبل ابنتنا فلة ؟
ميرا:- ههه معلوم سألبسه لأجلك يا مجنون
شهاب(ضمها بحرارة):- اممم سأنتظر ذلك اليوم بشغف
ميرا(لاعبته):- كأنك لن تنتظر كثيرا
شهاب(وضع يده على بطنها):- شتت عيب أن نزعج أميرتنا فلة ثم أليس مخلا بالآداب أن ترى أمها وأباها في وضع مخل بالآداب ، حرام ستضيع أخلاق البنت وهي في بطن أمها
ميرا(ضحكت أجمل ضحكاتها):- هههه أوافقك النظرية
شهاب(قبل كتفها العارية وتحديدا وحمتها الوردية):- سمري …
ميرا(بانتشاء):- لا تقبل وحمتي تلك فأنت تدغدغني
شهاب(انخفض برأسه أكثر وامتصها بشفتيه وهمس بأذنها):- ولأنها تدغدغكِ فهي تثيرني
ميرا(مصمصت شفتيها وهي تلتفت إليه بجدعها كاملة):- ألن تدعني أنام ؟
شهاب(قبل أنفها ومد يده يفتح خيط قميصها العلوي):- تت أنت عروسي
ميرا(عضت طرف شفتها وهي تستقبل قبلته):- طيب وفلة ؟
شهاب(تذكرها بدعابة):- آه نسيت أمر فلة …
ميرا(ضربته ليده):- شهااااب.. إياك أن تنسى ابنتناااا وإلا سأجعل شادي ينتقم منك
شهاب:- هاه عصابة الأم اكتملت ما شاء الله ..
ميرا(زفرت بعمق وهي تجذبه إلى حضنها):- لكنك تستسلم بسهولة ، ليس بالضرورة أن نزعج فلة لكن لا بأس ببعد اللعب
شهاب(فهمها واعتصرها في حضنه):- آه يا جنيتي الحمراء …آآآآه
لنتركهما في لحظتهما الحميمية تلك احم هههه … ولننتقل بسرعة لبيت آل الراجي بحيث لفت انتباهي ، هذا الخصام العنيف وعلى ما كان أساسه ؟
حكيم:- أخبرتكِ أنني أضعتها فكيف تدخلين لغرفتي لأجل إيجادها يا ميرنا ,, أكاد لا أصدقكِ أنتِ حتما حتما فقدتِ رشدك ؟
ميرنا(بتوتر تحاول ضبط نفسها):- أولا لم أكن أبحث عن قلادتي التي بسببك ضاعت ولن أسامحك عليها ولو خلقت لي مليون ألف قلادة مثلها ، وثانيا لقد أتيت للبحث عن شاحن هاتفي البنات أخبروني أنه بغرفتك
حكيم(صغر عينيه بلؤم وهو يمسح صدره العاري بالفوطة):- عن أي شاحن تتحدثين ، لم آخذ شيئا منكِ ولا من غرفتك
ميرنا(كتفت يديها وهي تبعد نظرها عنه):- لكنك أخذت قلادتي
حكيم(بعصبية رمى الفوطة جانبا وجلس على طرف سريره وهو يمسح على وجهه ولحيته الخفيفة):- ميرنا رجاء عقلي لم يعد يستوعب أيا من هذه الصراعات ، تعبت وسئمت وفاض صبري وبليز غادري غرفتي ولا تدخلي إليها دون إذن مني
ميرنا(بشراسة ولؤم):- طبعا لا تحلم بذلك ، فأنت تدخل غرفتي دون حتى أن أسمح لك
حكيم(بنفاذ صبر نهض إليها):- الآن حددي لي غايتكِ ميرنا ، هل تريدين رؤيتي في حالة غضب هستيرية مثلا أم تتمنين إصابتي بجلطة دماغية تريحكِ مني ؟
ميرنا(عقدت حاجبيها فيه واسترسلت بسرعة):- أكيد لا أريد أن يصيبك مكروه
حكيم(تأوه بعمق وهو يرخي كتفيه وينظر إليها أمامه):- كاذبة فأنتِ تتمنين لو أختفي من الوسط ، بأي طريقة كانت هيا تهجدي لله ما ربما كانت أبواب السماء مفتوحة وتم الاستجابة لدعائك
ميرنا(مسحت خلف عنقها وولته ظهرها في طريقها للخروج):- أنت كالمفرقعات النارية ، الأجدر ألا أتعاطَ معك أكثر من هذا
حكيم(زم شفتيه وحرك فكه بقلة حيلة وتقدم بخفة جذبها من يدها):- توقفي ..
ميرنا(انتفضت بهدوء وهي تشعر بجسمه خلفها كالبركان):- أتركني حكيم ، لم يعد هنالك ما نتحدث به أخبرتك أردت شاحني لكن ليحترق الشاحن وصاحبته في الجحيم
حكيم(دفعها لحضنه على وضعها وانحنى برأسه لجانب رأسها يناظر معها الفراغ العميق أمامهما):- ميرنا … إن كنتِ ستُبقي إعدادات قلبكِ مدمجة باسم وائل للأبد ، يجوز أن أغمض عيني فما يعني لي هو الغاية وليست الكيفية ، وإن كنتِ تنكرين حبكِ لي ومشاعركِ تجاهي سأتفهم الأمر صغيرتي صدقا سأتفهم ، لكن لكن… لا تقتحمي غرفتي مجددا بفستانكِ المنزلي الخفيف هذااااا لأنه يهلكني ويثيرني ويدمر كل أنات الصبر التي أنشأتها الطبيعة البشرية فيني ..
ميرنا(أحست بالحمرة قد صعدت لوجنتيها وهي تخفض رأسها لفستانها تتفقده بغباء ساذج):- هفف .. أ.. حكيم لو سمحت .. دعني أذهب
حكيم(منتشي بعطر شعرها وجسمها الذي تعمقت فيه مستحضرات الحمام):- عصفورتي
ميرنا(أغلقت عينيها وهي تشعر بتلك الحروف وهي تتخلل عقلها ، تصاعدت نبضاتها وهي تحاول أن ترتبها كي لا تتوتر ، بصعوبة سحبت نفسا عميقا):- حكيم … دعني أذهب
حكيم(وضع يده على خصرها ودفعها لحضنه وهو مازال يضمها من الخلف):- آه يا شعلة العشق المستحيل قد مزقتِ نياط قلبي ، فمتى سترحمين وتيني متى ؟؟
ميرنا(ابتلعت ريقها وأمسكت على صدرها الذي أخذ يعلو ويهبط واستدارت إليه بجهد جهيد):- سيحدث ذلك حكيم … لكن بشرط ؟
حكيم(جذبها بقوة وعيناه تتراقصان بعدم تصديق):- ماذا تقولين ، أنتِ لا تختبرين صبري اللحظة لا تمازحينني ميرنا ؟
ميرنا(مصت شفتيها):- أنا زوجتك رسميا صحيح ؟
حكيم(بعدم فهم تحركت حنجرته بعدها أجاب):- امم ذلك ما هو مفترض ؟!
ميرنا(وضعت يدها على صدره تلامس سلساله الطويل بدفء ، ونظرت إليه بنظرة شغف أهلكته):- يمكنني أن أرحمك إن نفذت شرطي يا حكيم ..
حكيم(بلهفة وجنون):- وما هو شرطك ميرنا ، أي شيء يمكنني تنفيذه لكِ فقط كوني لي حبيبتي التي أنتظر عودتها منذ سنوااااات
ميرنا(أخذت ترسم دوائر وهمية على صدره وهي تبتسم بابتسامة مغرية ، وتنظر إليه لكي تثيره أكثر):- هو شرط بسيط وفي استطاعتك حتى
حكيم(ضغط عليها أكثر بحضنه وكأنه يدمجها مع روحه):- قولي ..
ميرنا(حركت رأسها بطريقة لعوب وهمست في أذنه):- قدم لي ..
حكيم(بنفاذ صبر والتياع):- ماذااااا ؟؟
ميرنا(بتلاعب عضت طرف شفتيها وبعدها نطقت):- رقبة الفهد البري …
صوت قرع أجراس الموت غزت كينونته لحظتها ، وجد نفسه مندهشا بل عاجزا على استيعاب جملتها حتى كيف تقيم عشقه لها بهذه الطريقة الدونية ، كيف تعامله بذلك الصلف والوقاحة أتعتبره متشردا يسعى عند باب قلبها أي نعم هو مقدم على ذلك لأن في الحب كل شيء مشروع ، إنما أن تفاوض بذلك لأجل غاية لعينة كالفهد البري ، هنا لن يرحمها ..أبعدها عنه بقوة وابتعد موليا ظهره لها وأخذ يتحرك في كل مكان يمسح شعره المبلل قليلا ويحاول أن يركب جملة واحدة لكن حروفه الغبية احتبست في جوفه … أما هي فشعرت بشيء كالوخز يؤلم قلبها وكأنها قامت ببتر شيء لتوها ربما مزقته دون أن تشعر حتى
ميرنا(بتوجس منه اقتربت خطوة):- حكيم
حكيم(أشار لها دون أن يستدير):- إياكِ وأن تقتربي هنا خطوة أخرى … إياكِ
ميرنا(ابتلعت ريقها من موقفه الغريب):- هل أنت غاضب الآن ؟
حكيم(مص شفته والتقط قميصه وارتداه بعصبية وهز رأسه عائدا لها):- ليس المهم إن كنت غاضبا أم لا ، بل ماذا سيكون موقفي بعدما سمعته منكِ .. غادري غرفتي فورا
ميرنا(نظرت للباب الذي فتحه ولوقفته التي تطردها بكل الأشكال):- أنا لم أقصد أن…
حكيم(هدر فيها وهو يغلق الباب بقوة):- ماذا قصدتِ ماذا قصدتِ .. لقد ثمَّنتِ عشقي الجنوني لكي برقبة الفهد البري ، ألهذه الدرجة تستصغرين مشاعري تجاهكِ ميرنا ألهذه الدرجة تستحقرينها وتعتبرين حبي لك مجرد زائد أو ثقل تحاولين التخلص منه في أي فرصة تأتي في طريقك ؟؟؟ ..
ميرنا(رمشت وهي تحاول إيجاد جواب يعفيها من ذلك الموقف ، فبالفعل كيف جن جنونها ونطقت بذلك):- أ.. اسمعني …
حكيم(أمسك يدها ووضعها على قلبه بقوة وعيناه الدامعة فقدت شهوتها للحياة):- ماذا سأسمع بعد لقد طعنتِ هذا القلب الذي أحبَّكِ دون شروط يا ميرنا ، لتوكِ غرزتِ فيه سكينا مسموما لن يمحى أثره ، أنا صبرت لأجلكِ وتحملت كل شيء ضحيت بسنين عمري التي تعاقبينني عليها لأجل أن تعيشي حياة هانئة ، كنت أعاني المر في بعدكِ مع ذلك تحملت وقلت لا يا حكيم ميرنا تستحق ومضت السنين وأنا أحلم بالعودة لآخذكِ بين أحضاني ، لكن ماذا وجدت هه وجدتكِ نعم لكن لستِ أنتِ من توقعت انتظارها لي برغم كل شيء ، سرعان ما تجاوزتني ولا ألومكِ على ذلك .. كل هذا هضمته وأجبرت نفسي على مكابدة جحودكِ جفائكِ كرهكِ وغضبكِ وسخطكِ على كل شيء ، أنا من كنتِ تلقي بوجهه كل ذلك ميرنا وليس وائل أو أي شخص آخر ، أناااا من تُسمعينه وابل تذمركِ المتواصل ، ومن حبي الكبير لكِ سامحت وغفرت وتحملت مجددا حتى هروبكِ وذهابكِ الجارح له ابتلعته ، حتى أفكاري التي تنخر في عقلي كالسوس كلما كنتِ معه بين أحضانه أحرقها لكي لا أؤذيكِ ميرنا لأنني لو تركت الحرية لغضبي سوف ترين شيئا لن يجعلكِ تغفرين لي طوال حياتك ، وأنا لا أستطيع الاستمرار بقربكِ وأنتِ حاقدة علي .. حتى أنني حاولت تغيير منهجية تعاملي معكِ قسوت عليكِ فرضت سلطتي على تصرفاتك راقبتك لكن مع ذلك كنتِ تفلتين مني معترضة على قراراتي ، ووجدتني بانسيابية أطيعكِ أجل يا ميرنا هكذا كما تسمعين …. إنما أن تأتي الآن بعنجهية وتتجاوزي كل هذا وتستخفي به وكأنني عالة على قلبك ، ولا تكتفين بذلك تقايضين لأجل رقبة شخص آخر كي تحققي غايتكِ في التحرر مني / هذا ما لا أتقبله .. لا أستطيع لا أستطيع أن أتجاوز تجريحكِ المهين صدقا أشعرتني بالضآلة في هذه اللحظة وجعلتني أفكر بشكل جدي أن أقيم مشاعري تجاهكِ ميرنا ربما أنتِ لا تستحقين شيئا منها ..
ميرنا(نظرت ليدها التي أبعدها عن قلبه بقوة حتى آلمها):- حكيم أرجوك ..
حكيم(قاطعها مجددا حين رآها تبكي ، ونفخ بعمق فصدره المتضخم الآن في حالة وجع):- ارحلي .. اذهبي إليه حتى لن أهتم ولن أكترث مجددا ، قلبي الذي كان يهواكِ قد قتلته للتو ميرنا ، وأنا تجرعت من المآسي حتى ارتويت ، تعبت وموقفكِ الأخير كسر قشة البعير ووضعني في خانة المستسلم بلا شك ، برافو ميرنا قد استطعتِ أن تثيري انتباهي لشيء كنت أغفل عنه … أنتِ امرأة مستبدة ترغبين بكل شيء وفي آن الوقت تحطمين كل شيء لأجل تحقيق رغباتك غافلة عن الكسر الذي تخلفه خطواتكِ التي تمر على القلوب المغفلة التي انخدعت فيكِ .. هيا اركضي إلى وائل فحكيم خاصتكِ قد رفع راية الاستسلام أو لنقل رمى بها أرضا فما عادت بنظره تعني له أكثر من قرابة غبية ربطنا بها القدر …
ميرنا(كانت مصدومة وهي تستمع له ودموعها شلال تنهمر من عينيها المذهولتين):- …أنا اعتقدت بأنك ستوافق فأنت تحبني أكثر شيء حتى أكثر من اسم ذلك الفهد صحيح ؟
حكيم(دفع نفسه للخلف حتى التصق بالحائط وهو ينظر إليه بعدم تصديق):- أتسمعين نفسك بما تتفوهين يا ميرنا ، أكنتِ واثقة لهذه الدرجة من موافقتي على عرضكِ وأهرع سريعا لأعطيك مقاليد الفهد البري ؟؟؟ أمن صدقكِ اعتبرتني حيوانا لا يفكر سوى بشهوته اللحظية معكِ يا ميرنااااااااا وبأنني لا أرغب سوى بطمس جسدكِ بجسدي ؟
ميرنا(مسحت أنفها بكم فستانها واقتربت منه خطوة):- أنت من جعلني أصل لهذه النقطة حكيم ، أنت من سلمني الخنجر لكي أطعنك به ماذا كنت تتوقع مني أن أبقى ساكنة وأنا أعلم أنك تخفي أمر الفهد البري وتتستر عليه ؟
حكيم(بعيون دامعة مرر لسانه على شفتيه):- واعتقدتِ أنكِ ستغرينني بجسمكِ الذي أتوق للمسه ، وأخبركِ على الفور بكل ما ترغبينه يعني كنتِ تريدين استغلالي بواسطة ما تملكينه وأنا الذي ظننت أنكِ شربت جرعة جنون حين عرضتِ ذلك لأنكِ ما كنتِ تقدمين على شيء يؤذي وائلكِ ولو حتى مع زوجكِ الذي وهبته الطبيعة كامل حقوقه فيكِ ؟؟ تتت قمة البراعة يا ميرنا يا ابنة سليم الراجي فالآن قد تجلى عرقه فيكِ يا روحي ..
ميرنا(صفعته على وجهه دون أن تفكر وهي تلهث برفض):- إخرس ..
حكيم(ابتلع ريقه وهو ينظر جانبيا بعض صفعتها):- أتعلمين ماذا يا زوجتي العزيزة ، قد فشلتِ للتو وعرضكِ المجاني لي لم يغريني ههه بالمعنى المفيد أيا كانتِ المغريات فهي لن تجعلني أسلمكِ رقبة الفهد البري ، أتدرين لماذااااا ..
ميرنا(تألمت بعد أن أمسك يدها بقوة وجذبها لعنده):- دعني أنت تؤلمني
حكيم(بقوة أكثر تحدث من بين أسنانه):- لأن ذلك الفهد البري أصدق منكِ ميرنا ، هو لم يفكر ولا لحظة أن يبيعني بالرغم من أنني تخليت عنه لسنوات إلا أنه ظل ينتظرني ولم يقم بأذيتي ولا لحظة ، أجل أنا أدافع عنه وسأدافع لآخر الرمق لأنني أعرف ما لا تعرفينه عنه ، لذلك لن تحصلي لا أنتِ ولا إياد ولا أي أحد آخر على اسمه مني ولو على جثتي ، لأنني لست من يبيع دمه ولو كان في الدرب الخطأ
ميرنا(شهقت من جملته التي سمعتها ولم تفهم شيئا منها):- ماذا ..م .. ماذا قصدت بدمه يعني ماذا تريد أن تقول ؟
حكيم(ابتسم بمرارة وأفلتها وهو يبتعد لوسط غرفته):- ميرنا انتهى حديثي معكِ ، أريد البقاء وحدي لعلي أبتلع خيباتكِ التي أغدقتني بها ..
ميرنا(بحالة جنون أخذت تفكر في كلامه ولم تصل لشيء):- أخبرني حكيم … ماذا قصدت؟
حكيم(هدر فيها بعدم صبر):- يكفي يكفي يكفيييييييييييييييييييييي ي …
شيماء(فتحت الباب بقلق):- خالي حكيم … خالتي ميرنا يجب أن تنزلا فورا للأسفل
حكيم(ابتلع ريقه من نظرة شيماء المرتعبة):- ماذا هناك ؟
ميرنا(بقلق لمحت الدمع في عينيها):- شيمااااء ..؟؟
شيماء(حركت شفتيها برجفة):- الشرطة .. الشرطة تطلبك …
ميرنا(نظرت إليه بصدمة):- هئ … لماذااااا ؟
حكيم(التقط سترته ومر بجانبها كالبرق):- ربما لأن الله استجاب لدعائكِ عزيزتي ميرنا …
نزل وتركها مشدوهة محلها لا تعلم هل تبكي أم تصرخ ، هزت رأسها بعدم تصديق ومسحت دموعها ونزلت وهي تركض وخلفها شيماء التي استقرت في الصالون بجانبهن جميعا ، إلا ميرنا التي لحقت بحكيم لمدخل البيت ووجدته قد وصل لتوه إلى الشرطي
عواطف:- يا إلهي ماذا يحدث ؟
مديحة(وضعت يدها على صدرها وهي تبكي):- يا ربي سترك يا ربي سترك ..
حكيم(بثبات):- نعم أنا حكيم الراجي ..
الشرطي(قدم له الورقة):- حضرتك موقوف بتهمة محاولة قتل السيد وائل رشوان
شهقة طويلة امتدت على مسمعه من كلهن ، بينما ارتفعت أصواتهن معترضات عن هذا الجنون وهذا الافتراء الذي لا أصل له من الوجود ، رفع حكيم حاجبه كي يستوعب ما قاله الشرطي بينما ميرنا وصلت إليه وهي تنظر باستغراب ..
حكيم(قرأ نظرتها وابتسم بمرارة):- تمام هذا ما كان ينقص .. حضرة الشرطي أنا لم أحاول قتل وائل رشوان ولا غيره ، لذلك بلاغكم هذا كاذب
الشرطي:- في المخفر سنرى ذلك علما أنه قد وصلتنا دلائل تضعك في دائرة الشبهات ، تفضل معنا بدون شوشرة ولا تدعنا نستعمل معك القوة
حكيم(تلاعب بلسانه بداخل فكه):- هل يمكنني معرفة من الذي قدم هذا البلاغ ؟
هديل(دخلت بقوتها إلى بيتهم ووقفت أمامه برباطة جأش عالية):- أنا فعلت ذلك…
هنا كانت صدمة من نوع آخر للأمانة
هديل(تقدمت خطوة إليه بثقة وعجرفة):- قد حاولت قتل أخي يا حكيم وكنت آخر من التقى به قبل الحادثة بعشر دقائق .. لذلك أنت المتهم الوحيد أمامنا وعليه سلم نفسك للشرطة ودون مشاكل ..
حكيم(نظر إليها وحرك رأسه باندهاش):- هاااه اكتملت .. لا عجب أن تنضم الآنسة هديل رشوان لسرب اللعنات وتكمل ما بدأه ذووها سالفا
ميرنا(بعدم تصديق):- بما تهذين أنتِ يستحيل أن يقدم حكيم على ذلك ؟
هديل(أطلت عليها من خلفه وباستخفاف):- لو سمحتِ وضحي موقفكِ فأنتِ غير واضحة البتة ، تارة تقتحمين غرفة أخي وتغدقينه عشقا ، وتارة تدافعين على زوجك يعني صراحة أنتِ تجسيد تناقضي مثير للإعجاب
حكيم(نظر لميرنا التي طأطأت رأسها وزم شفتيه):- الزمي حدكِ يا آنسة هديل ولا شأن لكِ بزوجتي ..
ميرنا(نظرت له بدهشة أيدافع عنها حقاااااا):- …لارد
حكيم(لكنه أجابها فورا حين همس):- نحن أمام الملأ فلا تحسبيه أمرا خاصا زوجتي العزيزة …. رجاء لا يقلق الجميع ، أنا عائد لكم لأنني بريء هيا آنستي هديل من بعدك يا شجاعة ولي رجاء أخير أريد رؤية هذه النظرة مجددا لمَّا أخرج من هذا المطب
هديل(سارت بجانبه بعنفوان وتكبر):- هذا إن خرجت أصلا ههه .. فرصة سعيدة يا آل الراجي الكرام ..
خرجت نبيلة من غرفتها ورمقتهم وهم يصطحبون حكيم من بينهم ، وكأنه قد تكرر نفس المشهد القديم حين أتت الشرطة لأخذ طارق لذلك أحست بالغبن ولم تستطع التحمل أكثر
نبيلة:- توقفووووا ماذا تحسبون أنفسكم فاعلون ، حفيدي لم يؤذي أحدا دعوه وشأنه ..
الشرطي:- لو سمحتِ يا خالة لا تتدخلي
حكيم(زفر بعمق ونظر لأمه وخالته الباكيتين لأخواته وبنات عمه الملتاعة قلوبهم عليه ، ولميرنا التي كانت خلفه تنظر بشكل مهيب آذاه بكثرة):- أوقفوها ..
نبيلة(نظرت لهن بانكسار):- افعلن شيئا ابننا يختطف من بين أيدينا ، قلت لكم دعوووه وشأنه …هو لم يفعل شيئا لم يفعل شيئااااااا
حكيم(أومأ للشرطي بهدوء وعاد إليها يعانقها):- جدتي جدتي اهدئي سيرتفع ضغطكِ بسبب هذا ، أنا مثلما قلتِ لم أفعل شيئا ، لذلك مثلما سأذهب سوف أعود وأكون قد صححت سوء التفاهم هذا هممم لا تقلقي وقت بسيط وها أنا معك
نبيلة(مسحت على وجهه وعيونها قد تكومت بالدمع):- هل تعد جدتك بذلك يا ولد ؟
حكيم(وجعه قلبه عليها وقبل جبينها):- أعدكِ يا جدتي .. لكن رجاء لا تحزني واهتمي بهن
مديحة(تمسكت به ببكاء):- اهئ لا تأخذوا ابني … اهئ حكييييييييييييييم
الشرطي :- هيا هيا أحضروه
حكيم(أشار لهم بصرامة كي لا يلمسه أحدهم):- سآتي بنفسي توقفوا محلكم .. نور
نور(لحقته بلهفة):- نعم يا ابن عمي ..
حكيم(نظر لميرنا وأشاح ببصره وهو يرمق هديل واقفة خارجا تنتظر أخذه):- بلغي طلال
نور(ارتدت معطفها وأمسكت حقيبتها):- حاضر لا تقلق … أمي .. خالتي توقفا الآن وإلى الداخل هيا ، سنعود بعد قليل
ميرنا(تنظر إليه بشكل غريب):- حكييييم
حكيم(توقف قبل أن يركب بسيارة الشرطة واستدار إليها بوجع):- .. لارد ..
الشرطي:-هيا تحركوا …
هديل(لوحت لحكيم بابتسامة وتراجعت للسيارة الكبيرة التي كانت مفتوحة لذلك الجالس بداخلها وهو يشاهد كل ما يحدث بابتسامة عريضة):- ههه خذ نصيبك يا روحي ..
ميرنا(نظرت لنور التي تجاوزتها وهزت رأسها برفض):- سآتي معك
نور:- لا .. ستبقي هنا
ميرنا(بحزم):- أنا لا أستشيركِ قلت سآتي يعني سآتي … نهال أحضري لي حقيبتي بسرعة وهاتفي أيضا أو دقيقة دقيقة يجب أن أغير ثيابي لن أتأخر ..
نهال(طارت فعلا لفوق):- حاضر حاضر .. سأساعدكِ
نور(لمحتهم قد انطلقوا وركضت لسيارتها):- أسرعي ميرنااااا ..
إخلاص(أطلت على أخيها ببكاء):- الله على أخي المسكين ماذا سيحدث له ؟
مديحة(سقطت أرضا تبكي وتندب):- ما هذا الذي يحصل لنا يا ربي أهو عقاب أم ذنوووووب نحصي عذابها الآن .. اهئ اهئ
حالة انهيار تامة بلغت قلب كل واحدة من سكان ذلك البيت ، عواطف لا تعلم هل تواسي أختها أم تواسي نفسها على هذا الحدث الجلل ، فصورة الذكريات الماضية قد راودتهم لحظتها مع المشهد المتكرر الذي لم يجلب معه سوى الحزن ، عفاف أيضا خفق قلبها بارتجاف وخوف وعانقت ابنتها بجانبها وهي تراقب عن كثب مجريات الأحداث ، رنيم كانت بعيون محمرة تمسك على فكها وابنها أيهم على جنبها تنظر للأسى الملتصق بجنبات بيتهم والذي أبى أن يتركهم يعيشون بسلام ، مرام كانت تبكي وهي تهز رأسها رافضة للفكرة المطروحة فحكيم يستحيل أن يؤذي أحدا إنهم مخطئون وبجانبها دعاء تمسك على وجهه برعب ، إخلاص كانت تغيث أمها وبدورها منهارة بالبكاء حزنا على أخيها المسكين ، بينما شيماء كانت تمسك يد دينا وتحاول تصبير نفسها ، أما نور فبدون تفكير في أي شيء آخر ركبت بسيارتها وهي تحاول ضبط توقعاتها السيئة ، انتظرت ميرنا لبرهة والتي ركضت إليها وهي ترتدي سترتها وانطلقتا من هناك تلحقن بسيارات الشرطة .. لكن في هذه السيارة الكبيرة كان الأمر مختلفا
هديل:- هل أنت سعيد مني جدي ؟
ضرغام(ببسمة):- أكثر مما تصورين ، جيد أنكِ بلغتني واستعنتِ بي فور توصلكِ بتلك الصور التي تدين حكيم
هديل:- حسن هي لا تدينه بشكل كبير ، لكنها ترسم خط الاتهام حوله
ضرغام:- أيا كان المجهول الذي بعث لكِ بهذه الصور فهو يرغب بإدخال حكيم السجن
هديل:- ونحن لبينا طبعا لأجل أخي أقوم بأي شيء ، كان حكيم أم غيره على أحدهم دفع الثمن ولا بأس لو كان راجيا ههه
ضرغام:- أنتِ ابنة جدكِ يا صغيرة .. جعلتني فخورا بحق
رستم(ابتلع ريقه حين نظر لها وهي تتقدم إليهم بعصاها):- أ.. سيد ضرغام ربما هنالك مشكلة هنا ؟
ضرغام(نظر إلى حيث ينظر رستم وانتبه لنبيلة فاهتز وجدانه لحظتها لكنه احتفظ برباطة جأشه ونزل إليها):- افتح الباب
هديل:- ليس ضروريا أن تتعامل معها أو مع أي أحد منهم
ضرغام:- ابقي هنا
نبيلة(ضربت بعصاها الأرض وهي تقف في منتصف الطريق تنظر إليه وهو ينزل إليها تحت أنظار بعض من أفراد أسرتها خلفها المندهشين طبعا):- ضرغام رشواااان
ضرغام(وصلها بثبات):- نبيلة الراجي
نبيلة:- غريب أن ننادي أنفسنا بألقابنا كلما التقينا ، لكن ربما كان ذلك تذكير منا لمكانة وجودنا في مخيلة الآخر .. فإن كنت قد نسيت الماضي أنا لم أنساه لحظة أيها النذل
ضرغام(اقترب منها خطوة):- من أخطأ يعاقب ، ولو كان حفيدكِ متورطا في محاولة قتل حفيدي سوف أحرص على إبقائه بين جدران السجن ليأخذ جزاءه
نبيلة(زمت شفتيها بعصبية وصغرت فيه عينيها بلؤم):- حفيدي لا يقدم على إيذاء نملة ، وهذا الافتراء الذي أطلقته حفيدتك ضده صدقني لن يمر على خير
ضرغام:- تمام لندع الأمر للعدالة
نبيلة(اهتزت حنجرتها بغضب):- لطالما كنت معارضا للعدالة وكنت تطبق قانونك الخاص في حق من يذنب ، ما الذي تغير هل هرمت أم أنك على شفى الموت يا ترى ؟
ضرغام(ارتج محله):- إلى متى سيبقى هذا الحقد مرتسما بعينيكِ يا نبيلة ؟
نبيلة(بشر بحلقت في عينيه):- إلى حد المستحيل فلا يمكنك أن تعيد لي ابنتي كي أغفر لك
ضرغام(ابتلع ريقه بحزن):- هبة رحمها الله قد …
نبيلة(أشارت له بيدها):- لا تلفظ اسمها على لسانك القذر ، ابنتي أطهر منك أيها الأب الغادر أنا أكرهك يا رشواني وأتمنى لو أراك مدفونا تحت التراب بعد صراع مع الموت الذي لن يرحمك ، فرب العالمين لا يرحم القتلة والأشرااااااار … تفووه عليك بئس اليوم الذي رأيتك فيه .. وابق بعيدا عن أهلي وإلا ستجعلني أوقظ عرق الراجية وسترقب مني ما لا يسرك .. ابتعد عن بيتي أنت ونسلك الوقح …
مسح فكه وهو يرمقها مبتعدة بثبات ، قوية قوية معتدة بنفسها مثلما رآها قديما أبية لم يغير فيها الزمن شيئا ، وهذا شيء جعل قلبه يخفق ولا يمكن إنكار أن تلك المرأة ما زالت تفعل به الكثير .. تنهد عميقا حين سمع صفق باب البيت خلفها وعاد لسيارته مطأطأ الرأس …
هديل:- ماذا أرادت منك جدي ؟
ضرغام(نظر لرستم):- خذنا للقصر ..
رستم(نظر لهديل برجاء):- لا تكلميه الآن ، رجاء آنسة هديل …
رمقته هديل بتوجس وقد وضع يده على فكه عينه تلاحق طيف البيت الذي ابتعد عن ناظريه ، وما إن تحركت سيارتهم لحظتها حاول البقية معرفة ما الذي دار بينها وبين ضرغام وطبعا لم يجدوا سوى الصمت ، لكنها لم تتقوقع في غرفتها كالعادة بل جلست بالصالون على كرسيها وهي تضع يدها على فكها ويدها الأخرى على عصاها وقد دخلت في صمت طويل ، لم تقدر أيهن على كسره طبعا كيف فهن بدورهن مصدومات ينتظرن الفرج … مع الأسف خبر قلب كل الموازين بسرعة اتصلت نور بطلال وأخبرته بأن يلحق حكيم بالمخفر وهذا لم يكذب خبرا جمع رجاله وانطلقوا لأجل إغاثته ومعرفة ما الدعم الذي سيقدمونه ..
نور:-حسن يكفي توترا صدعتِ رأسي بطقطقتكِ لقفل الحقيبة
ميرنا(بتوتر):- ماذا سيحدث هل سيحبسونه ؟
نور(وضعت خصلات شعرها خلف أذنها):- لا أعلم ميرنا لا أعلم ، ها نحن ذاهبتين وسنرى ماذا سيخبروننا هناك بعد التحقيق .. آخ على تلك الخسيسة طلعت ابنة رشوان قذرة مثل الباقيين ..
ميرنا:- حكيم يستحيل أن يؤذي وائل ، قد أخبرني أنه ليس المذنب وأنا أصدقه
نور:- والله بلغي ذلك لزوجكِ فأصوات خصامكم كانت واصلة حتى الأسفل قبل حضور الشرطة
ميرنا(تذكرت خصومتهما الجارحة وحزنت لإحزانه):- يا ليت لساني كان انقطع ولا تفوهت بما تفوهت به .. تت تبا لي تبا
نور:- حسن لا تنهاري الآن نحن في وضع لا يتحمل ذلك ..
ميرنا(نظرت لهاتفها الذي وضعته بشاحن سيارة نور):- يجب أن أتصل بإياد .. برامز أيضا
نور(أعطته لها):- خذي قد شحن قليلا ..
ميرنا(زفرت عميقا واتصلت):- … ألو إياد
إياد(انسحب مبتعدا عنهم قليلا):- خيرا يا ميرنا ؟
ميرنا(ابتلعت ريقها بخفة):- مصيبة يا إياد أتعلم ماذا حدث .. قد أتت الشرطة وأخذت حكيم للمخفر إنهم يتهمونه بمحاولة قتله لوائل يجب أن أصل لرامز فورااا
إياد(صرخ بعدم تصديق):- ماذا قلتِ … أخذته الشرطة ؟؟؟
ميرنا:- كما سمعت يا إياد .. هديل أخت وائل قدمت بلاغا ضده الوضع متشعب لا ندري ماذا نفعل أنا ونور في طريقنا إلى المخفر رجاء أخبر رامز هل هو بجانبك ؟
إياد(أعطى الهاتف لرامز):- قبضت الشرطة على حكيم ..
وائل(رفع حاجبه بدهشة ونهضت رقية إليه بقلق):- لماذاااا ؟
رقية:- خيرا يا إياد انطق
رامز:- ألو ميرنا
حكا لهم إياد ما أخبرته به ميرنا ، وهنا وائل شعر بأن قلبه سيتوقف مما فعلته أخته حرك رأسه بعدم اتزان ورمى غطاء السرير في محاولة جنونية لكي ينهض من محله
رقية(بهلع عليه):- مهلك يا وائل ماذا تفعل ؟؟
إياد:- لا تتحرك من محلك وائل أنت مصاب ولا يمكنك النهوض
وائل:- ميرنا الآن بحاجتي ، وحكيم أيضا لأنني رأيت من دفعني من الجرف ولم يكن حكيم لم يكن حكيييييم …
رقية:- رجاء إياد كلم أحدا من الأطباء ..
رامز(خارج الممر يحادثها):- تمام تمام لا تقلقي مسافة الطريق سأكون هناك .. سلام
عاد إليهم وجدهم يحاولون ضبط جنون وائل ، ورمق ماريا وهي تحادث أحد الأطبة في الرواق المقابل لذلك استعان بها فورا والتي لبت الطلب هي والطبيب ودخلوا لوائل وأجبروه على المكوث هناك بطريقتهم الخاصة
ماريا:- غير ممكن يا سيد وائل ، إن نهضت ستؤذي نفسك
وائل(ضرب على جانب السرير بغيظ):- أنتم لا تفهمون بقائي هنا لن يفيد بشيء ..
رقية(مسحت على جبينها بتعب مما يعيشونه):- يا إلهي …
رامز(حرك حاجبيه جديا):- إياد علينا أن نتحرك فورا …
إياد:- اسبق أنت وسألحق بك بعد برهة
رامز:- تمام وائل لا تقلق يا رجل نحن سنأخذ إفادتك بعين الاعتبار .. أكيد حصل سوء تفاهم
وائل(تنفس بعمق):- هديل آخ يا هديل ماذا فعلتِ ؟؟؟؟؟؟
الطبيب:- لن تضطرني لحقنك بإبرة مهدأ سيد وائل ، لذلك اهدأ
وائل(استلقى على وسادته بتعب ونظر لرقية وإياد):- عليكِ أن تذهبي فورا للمخفر ، كوني حاضرة باسمه يا رقية ولا تتركيه لحظة
رقية(بدهشة):- هئئئ هل تتوقع قبول حكيم الراجي بأن يكون موكلي ؟
وائل(بعصبية صرخ فيها):- أجبريه على ذلك … لا يمكن أن أسمح بإدانته بتهمة لم يقترفها
إياد(ربت على كتف رقية قلقا على وائل):- تمام وائل بدون عصبية سيحدث كل ما تريده ..
نادر(دخل على هذا الصراخ):- ماذا يحدث ؟
إياد:- أفف سقطت من السماء يا نادر ، رجاء لا تتركه لوحده وإلا سيؤذي نفسه نحن علينا الانصراف فورا هو سيحكي لك كل شيء ..
وائل:- أي جديد بلغووووني … ورجاااء ساندوا ميرنا ولا تتركوها لوحدها في هذا الوقت
إياد(رمش بعينه من قمة عشق ذلك المجنون وهو مغادر):- لا تقلق هي بأعيننا ..
نادر(مسح فكه وطمأن الطبيب أنه لن يتركه لوحده لذلك غادر رفقة ماريا):- تمام هل ستخبرني ما الذي يحدث ؟
وائل(تضخم صدره بوجع):- أختي يا نادر .. ستجلب أجلي ….
فعلا من كان يتوقع أن تقدم على تلك الفعلة الغير حميدة ، وكأنها كانت ممتنة للصدفة التي وضعت الصور بيديها بل وكأن من اختارها عرف يقينا أنها ستشتكي على حكيم وتدخله السجن يومها … كم كانت مبتسمة وهي تستذكر لحظة وصول تلك الصور فتلك كانت السلاح الذي ستحارب به فردا من آل الراجي لأول مرة ..
~ هديل تتذكر ~
كانت بقصر جدها بالجناح المخصص لأجلها هي فقط مدللة القصر ، كان جناحا ملوكيا فيه كل ما يليق بحفيدة آل رشوان .. وقد حرص ضرغام على تلبية كل طلباتها حتى قبل أن تطلبها لذلك بذل جهدا ليجعل ذلك المكان يستحق ملكة مثلها لتسكنه هذه الفترة ، وكل فترة من الآن فصاعدا يعني بعد إنهاء دراستها .. كانت مستلقية على سريرها تتفقد الجديد عبر هاتفها الخاص لحين تذكرت أنه لم يتصل بها منذ وصولها وكأنه نسي تماما أنها قدمت لأجل أخيها المريض .. عقدت حاجبيها من إهماله وأمسكت هاتفها وطقطقت رقمه وأخذت تنتظر الرد وهي مزمجرة ، رنة بعد رنة لم يجبها وأعادت الاتصال بكل إصرار …
حازم(قبَّل شفتي جولي بنهم وتملص منها):- ابقي على وضعكِ جولي سأجيب هذه الذبابة وأعود لنكمل حصتنا يا فاتنتي ..
جولي(لامست صدره بميوعة وهي ترفع الغطاء لنفسها):- ههه حاضر بيبي ..
حازم(وضع إصبعه على فمه كي لا تصدر صوتا):- أحم ألووو هديلي الحبيبة كيف الأحوال ؟
هديل:- هديلي هاه الآن تذكرت لتسألني عن أحوالي ، قد كان أخي بين الحياة والموت وأنت تعرف ذلك لما لم تكلف نفسك حتى بالاتصال ؟
حازم(تململ حين كانت جولي تلاعب جسمه بجسمها):- أ.. حبي وهل يسعني أن أنساكِ أو أنسى أي شيء يتعلق بكِ يا عمري ، افهميني أنا لدي دكتوراه وإن لم أنهها سوف يضيع مستقبلي المهني ثم أنا تفقدت الأخبار عبر النت وعرفت أن أخوكِ بخير
هديل(بتذمر):- وهل يكفيني أن تعرف من النت .. ألم تقلق بشأن حالتي يعني ألم تقل لأتصل بحبيبتي فهي أكيد بحاجة لي في هكذا وضع ، هذا بدلا من أن تعتذر مني لأنك لم ترافقني إلى هنا في هكذا ظروف ؟؟؟؟
حازم(بملل):- أرافقكِ ماذا … يعني بأي صفة يا هديل رجاء تعقلي ؟
هديل:- ألسنا حبيبين ووعدتني أنك ستخطبني من أهلي فور عودتنا ، ولم يبقى على ذلك سوى شهر لذلك لن نؤجل وسأخبر أهلي عنك في أول فرصة ؟
حازم(دفع جولي برفق وجلس على السرير):- هه لا تستعجلي يا هديلي ، الآن اهتمي بأخيكِ ولنا حديث مطول فور عودتكِ إلى هنا ، بالمناسبة يعني متى تنوين العودة ؟
هديل:- أسبوع أو اثنين لن أتأخر ، لماذا هل اشتقت لي ؟
حازم(استقبل قبلة جولي على شفتيه وأبعدها بلسانه):- آهاه اشتقت إليكِ حبيبتي وهل ينفع ألا أشتاق .. هئ ..
هديل:- ما كان ذلك الصوت ؟
حازم(عض شفته لجولي وتحرك):- لا شيء ربما صوت الهاتف سينفذ شحنه الآن ، هيا روحي لا تتأخري على واجباتك نتحدث لاحقا باي باي ..
هديل(بتوجس أقفلت):- باي .. تتت
حازم(أطفأ الهاتف كليا):- يا مجنونة كدت تفضحين أمرنا
جولي(صعدت فوقه وهي تضحك):- وما شأني ، أساسا أنا وأنت نحب بعضنا
حازم:- حبي جولي .. إن هديل لا تعلم بشأننا ولو علمت ستخرب الدنيا لذلك لن نجعلها تحس بشيء إلى أن نعود للوطن
جولي:- أيا كان المهم أنك بحضني الآن .. هيا لاعبني
حازم:- سأمرر هدفا لم يحرزه أكبر هداف في العالم هههه .. تعالي …
هنا ظلت هديل تدور بغرفتها وهي تنظر للهاتف ، قد شعرت بشيء غريب لكن سرعان ما تبخر لحظة دخول الخادمة بالبريد الخاص الذي أتى باسمها ، شكرت الخادمة وفتحت الطرد بسرعة واكتشفت وجود الصور التي تجمع ما بين وائل وحكيم في ذلك المكان وبالوقت أيضا ، ومعها ملاحظة مكتوب فيها " قاتل أخيكِ " … هنا تدفق الدم في عروقها وكرهت صورة حكيم كره العمى لذلك جمعت كل ذلك ونزلت به لجدها واجهته بالأمر وهو الذي اقترح عليها هذا المقترح العظيم طبعاااا من أين سيأتي ذلك …. وعليه تم ما تم وها نحن ذا أمام نفس الصور لكن على طاولة التحقيق ، ففي غرفة مغلقة بها طاولة وكرسي وإضاءة محددة ونافذة على شكل مرآة طبعا خلفها يوجد عدة رجال من الشرطة يراقبون مجريات التحقيق ويسجلونها عبر كاميراتهم ، وهنا كان هو جالسا ببرودة واضعا رجلا على رجل وكأنه ببيت أهله ..
حكيم:- أخبرتك أننا التقينا ولم أنكر ذلك
المحقق:- لكنك أنكرت أنك من دفعه من الجرف
حكيم:- سيارتي قرب باب بيتنا يمكنكم فحصها ، فأكيد سيبقى هنالك أثر عالق على جوانبها إن كنت فعلا من دفع وائل من هناك
المحقق(نهض بغضب وضرب على سطح الطاولة):- ما الذي جعلك تلتقي به هناك ؟
حكيم(ببرودة):- أمور شخصية
المحقق:- عليك أن تتحدث يا حكيم وإلا لن تخرج من هذه الغرفة
حكيم(مط شفتيه بجمود):- امممم علما أنني أتجاوب معك بالرغم من أن محامي لم يصل بعد ، يعني يجب عليك أن تقدِّر هذااااا
المحقق:- هل تتلاعب معي يا هذاااا ؟
حكيم(حرك حاجبيه بتلاعب):- أبدااا
الشرطي(دخل عليهما):- سيدي المحقق قد وصلت محامية السيد حكيم الراجي
المحقق(حول عينيه بتعب وخرج لحظة):- دعها تكلمه للحظة وبعدها نكمل التحقيق
حكيم(عقد حاجبيه لما سمع بأمرها):- محامية من أتى بها ؟؟ طلال الغبي لا يعتمد عليه
رقية(أخرجت بطاقتها للمحقق وأومأ لها بالدخول):- حكيم …
حكيم(تفاجأ للحقيقة):- هههه رقية .. ما توقعتكِ أبدا ما الريح العذبة التي رمتكِ علينا
رقية(جلست أمامه):- حسن سنؤجل مزاحك حين نخرج من هنا ، من حقك ألا تنطق بأي حرف إلا بحضوري لذلك فور دخولهم سأتكفل أنا بالرد ماشي
حكيم(رمش بعينيه):- مهلا مهلا هل وافقت أنا أصلا على ذلك ، عذرا رورو لا ضغائن بيننا ولكن عرضكِ مرفوض يمكنكِ الذهاب فأنا قادر على الخروج من هذا المطب بنفسي
رقية(رمت ملفها على الطاولة واستقامت مشيرة إليه):- أصلا أنا لم أستشرك لتوافق ، أنا هنا حاضرة سواء برغبتك أو بدون ثم زوجتك بالخارج هي من أيدتني بالدخول
حكيم(اهتز وجدانه بقهر):- ميرنا بالخارج ؟
رقية(فتحت الملف):- نعم .. والآن كما اتفقنا لا تتفوه بحرف إلا حين أطلب منك
حكيم(نظر إليها بعمق):- هل طلب منكِ وائل أن تفعلي هذا ؟
رقية:- وهل تفرق معك .. أنا أعلم أنك قادر على إحضار مليون محامي لكن .. أنا هنا الآن
حكيم(وضع يده على فكه وعدل جلسته بمتعة):- فقط لا تتسببي بسجني بدل إخراجي .. هه رقية(أخفت بسمتها بجهد وهي تطالع جنونه):- تمام .. حضرة المحقق
المحقق(دخل بعصبية وهو ينظر إليهما):- ما هذا ؟
رقية:- ملف يضم أقوال الضحية وائل رشوان ، فيه مذكور توقيت الحادثة وأيضا مواصفات الشخص الذي قام بدفعه من الجرف حتى ستجد صورة مرسومة له ، أيضا ستجد أن التحقيق جار بخصوص إحصاء صورة الشخص من ملف الأحوال المدنية تح إمرة المحقق رامز البدري زميلكم هنا ، وأيضا …
المحقق(أقفل الملف ووضعه على الطاولة ونظر إليها):- هل تتوقعين أننا لا نعرف كل هذا حضرة المحامية ، رجاء اتخذي مكانكِ ولا تحاولي عرقلة تحقيقي وإلا سأطلب خروجكِ
رقية:- ليس من حقك أن تخرجني سيدي المحقق ، لأن موكلي ليس متهما ولا يوجد دليل مثبت ضده مجرد صور أيا كان من التقطها فقد كانت قبل الحادثة
المحقق(وضع يده على جنبه ونظر إليهما):- حكيم الراجي لما دفعت وائل رشوان من الجرف ، لما أردت قتله ، لمااااا أخفيت دليل إدانتك وأين كنت بعد الحادثة مباشرة ؟
حكيم:- ههه أظنك يا سيد محقق لم تسمع حرفا مما ذكرته سالفا ، لكن لا بأس أملك لأجلك كل وقتي ، لقد التقيت بوائل رشوان بعيدا عن ذلك الموقع لأجل أمور شخصية كما سلف وذكرت ، بعدها انصرف كل منا لحال سبيله
المحقق(رمى بصورة لحكيم وهو ممسك بياقة وائل):- أنظر لهذه الصورة .. هل هذا حال محادثة ودية ؟
حكيم(حول عينيه):- العتب على من بعث الصور فقد غفل عن قبضة وائل حين أمسك بياقتي ، لكن لا بأس يتضح أن هنالك من يرغب برمي البلاء علي
رقية(تفحصت الصور بنفسها):- سيدي المحقق الصورة قبل دقيقتين من الصورة الموالية التي يتضح فيها ذهابهما ، وركوب كل منهما في سيارته يعني لم يحدث شيء بعد ذلك
المحقق:- أين توجهت بعدها ؟
حكيم(نظر لرقية التي أومأت له كي يجيب):- لبيتنا ، ولدي دزينة شهود حتى أن خبر حادثة وائل وصلني هناك
المحقق:- كيف ؟
رقية:- من خلالي فأنا التي كنت أحادث وائل أثناء تعرضه للحادثة ، وسمعت كل شيء
المحقق:- ولما تتصلين بهم بينما لا علاقة تربط ما بينهم وبين الضحية ؟
رقية(نظرت لحكيم الذي برقت عيناه):- نحن أصدقاء
المحقق:- غريبة هذه الصداقة التي تشمل إمساك ياقة بعضكم بعضاااا .. ما نوع الخصومة بينكما لم تخبرني يا حكيم ؟
حكيم:- أمور شخصية
المحقق:- عملية ؟
حكيم:- نوعا ما
رقية:- هذا سؤال لا علاقة له بالتحقيق
المحقق:- هل الموضوع يخص امرأة ؟
حكيم(هنا خرجت عيناه بعصبية فلا يوجد من يذكر عصفورته بسوء):- ما المناسبة ، أخبرتك أنها أمور عملية وشخصية إذن لا تدقق
رقية(لمحت عصبية حكيم وابتسامة المحقق الذي اعتقد أنه وطأ على وتره الحساس):- موكلي ليس مضطرا ليجيبك على هذا
المحقق:- ما نوع عملك الخاص يا حكيم ، فقد بحثت بملفك وعنك ولم نجد سوى أنك كنت مسافرا وعدت ومعك أموال كثيرة هل لك أن تشرح لي القليل عن ذلك ؟
حكيم(فهم غايته):- أنا مستثمر
المحقق:- أي نوع من الاستثمارات ؟
حكيم(بتلاعب):- ستعرف بعد فترة حين أظهر بالتلفزيون ، هذا إن تركتنا نغادر من هنا لأنني لا أجد شيئا معك ضدي
المحقق(أخذ لحظات صمت طويلة وهو يتأمله):- ….لارد
حكيم:- إن انتهى التحقيق هل لنا أن نغادر ؟
المحقق(ضحك من ثقة حكيم):- ستبقى قيد التحقيق يا أخ ، فما زال هنالك ما نخوضه مع بعضنا ومن بينه أننا سنفحص سيارتك يوم غد يعني ستمضي معنا هذه الليلة يا عزيزي ، حتى ينتهي التحقيق ..
رقية:- سيدي المحقق الموضوع بسيط ، موكلي بريء ولا دليل إدانة ضده حتى الصور تم التقاطها قبل دقائق من الحادثة إضافة لصورة المتسبب بالحادث
المحقق:- ربما قد يكون هو من طلب من ذلك الرجل أن يقوم بدفع وائل من الجرف ، كي لا يلطخ يديه من يدري .. ههه فكرا بتغطية أخرى فأنا عائد لكما
رقية(رمقت خروج المحقق ونظرت لحكيم):- الوضع دقيق
حكيم(نظر للمرآة ولوح بيده باستفزاز):- أعلم ذلك جيدا ، ولست خائفا لأنني لم أفعلها
رقية(اتكأت على الطاولة بقربه وابتلعت ريقها):- حكيم .. من بعث هذه الصور يريد أن يثير الشبهات حولك
حكيم(نظر بكره للصور):- لا عليكِ حين أخرج سأتعامل جيدا مع من تسبب بهذا
رقية(همست ببطء):- ومن يكون ؟
حكيم(نظر إليها شزرا واستقام بقربها):- وكأنكِ لا تعرفين …. هديل رشوان ههه …
هديل(بقلق):- آخ يا هديل آخ ..
خارج غرفة التحقيق
المحقق(ينظر لحكيم من خلال الزجاج):- هذا الرجل ليس سهلا ، هو يخفي شيئا لكن ليس له علاقة بالحادثة هو بعيد عنها كل البعد
الشرطي:- يعني هل نطلق سراحه ؟
المحقق:- لا سنماطل في التحقيق ليمضي الليلة هنا في الحجز
الشرطي:- لا أجد داعيا يا سيدي ثم محاميته ستطلب إطلاق سراحه طالما لا يوجد ما يدينه ، سوى تلك الصور التي تبرؤه أكثر مما تضعه في قفص الاتهام
المحقق(صغر عينيه):- هناك شكوى ضده من أخت الضحية ، علينا أن نتطرق لجميع الاحتمالات ما ربما أعطى أمرا لغيره بأن ينفذ المهمة كي يخرج هو من دائرة الشبهات ، سنفحص السيارة وسجل الطرقات أيضا وغدا لكل حادث حديث
الشرطي:- تمام مثلما تقترح سيادتك ..
المحقق(نظر شزرا لحكيم والظاهر وضعه برأسه):- لنرى ما تخفيه خلف قناعك الهادئ يا حكيم الراجي
نور(تحرك رجلها بتعب):- أستغفر الله على هذه ما الذي أحضرها إلى هنااااا
ميرنا(نظرت لهديل وهي تتقدم نحوهما):- ربما لتكمل ما بدأته
هديل:- همم أرى أنهم ما زالوا بغرفة التحقيق ، طبيعي أن يحدث ذلك طالما هناك جريمة
إياد:- آنسة هديل رجاء لا جدوى من تواجدكِ هنا .. الأمر لا يعنيكِ
هديل:- بل يعنيني ، فأخي الذي حاول زوجها قتله … ومن رأيي لو تعرف الشرطة بهذه العلاقة التي تجمع ما بين أخي وامرأة متزوجة أكيد كل الخيوط ستتضح حين يتم اكتشاف غاية حكيم الراجي الأساسية في التخلص من وائل ، كله لأجل العشق وهذا هو السبب الرئيسي بل الدافع لارتكاب هذه الجريمة
نور(نهضت إليها بعصبية ودفعتها لكتفها):- هل أنتِ بلاء تريدين رمي التهم بداع وبدون ، التزمي حدكِ يا طفلة وإلا لن يعجبكِ حال
هديل(ابتعدت عنها وهي تعقد حاجبيها):- من أنتِ كي تعامليني بهذه الطريقة ، أنتم مجموعة من الأشخاص السيئين تريدون أن تستحوذوا علينا لأجل الانتقام ، لكن لن أسمح لكم
نور:- إياد اجمع هذه البنت من أمامي وإلا لن يحصل طيب
هديل(تقدمت إليها دون خوف):- وماذا باستطاعتكِ أن تفعلي سيدة نور ؟
ميرنا:- إلى ما تسعين يا هديل .. توقفي فقط لأن وضعنا لا يتحمل هذا التعالي والغرور
هديل:- لما يا روحي هل أشفقتِ على حال زوجك ، معلوم فأنتِ أينما رحتِ وارتحلتِ تجدين البديل عن كل شيء
ميرنا(برقت عيناها من جملة هديل الجارحة):- أنتِ وقحة
هديل(رفعت يدها لتصفع ميرنا لكن إياد أمسكها بقوة ودفعها جانبا):- هئ…
إياد:- إياكِ أن تفكري بتجاوزي لتؤذيها .. لو أتيتِ إلى هنا لمعرفة مجريات التحقيق المكان شاسع يمكنكِ اتخاذ مكان قصي لكن رجاء ليكن بعيدا عنا
هديل:- دعني ولا تلمسني أنت مثلهم أحقر منهم ، لا عيب أن تتمثل بمبادئهم وتصرفاتهم الرخيصة والوضيعة
فؤاد(بصوت جهوري):- هدييييييييييييل ….
هديل(تبدلت ملامحها):- عمي ؟
فؤاد(تقدم إليها بعصبية):- ما هذا الذي أسمعه ، من أين جاء كل هذا الحقد يا بنت .. اعتذري فورا هياااا لأرى ؟
هديل(نظرت إليهم بعيون دامعة وتحركت):- أبدا لن أعتذر فما قلته لست بنادمة عليه
فؤاد(مسح على جبينه ورمقها قد خرجت وفرقع إصبعه لهمام كي يلحقها والذي أومأ له بإشارة اهتمامه أكيد):- عذرا يا جماعة أنا أتأسف بشأن ما قالته ابنة أخي ، هي متمردة قليلا ولا تعلم ما الذي تتفوه به
نور(بكره وغضب):- أو تعلم لأنها هي التي وضعتنا في هذه الموقف ..
إياد(نظر لميرنا التي ارتجت محلها):- شتت ميرنا تعالي لنجلس هناك ..
ميرنا(تمسكت بيده وجلست قربه):- أشعر بالدوار … كابوس يا إياد لن نتخلص منه
إياد(مسح على يدها وهز رأسه):- ستمضي يا روحي .. ستمضي ..
فؤاد(مص شفتيه واقترب من نور التي كانت كالشعلة):- تمام قد اعتذرت بدلا عنها لذلك أزيلي لمحة الغضب هاته رجاء
نور(تطقطق بكعبها الأرض وهي تكتف يديها وأنفها يصل السقف):- لما سأهدأ لما هل يوجد شيء يجعلني أهدأ ، ابن عمي في الداخل متهم بشيء لم يقترفه وللصدفة تكون ابنة أخيك هي التي رفعت شكوى ضده متهمة إياه بكل وقاحة … والله أعلم ما الذي سيحدث بعد هذا كله ؟
فؤاد(جذبها للرواق الآخر بعيدا عنهم ونظر إليها):- ثقي بي لن يحدث شيء لحكيم ..
نور(زفرت بتعب):- الوضع في البيت متأزم والكل ينتظر على أعصابه ، الآن ماذا سيحدث ؟
فؤاد(بغيظ):- لا أدري فأنا لم أفهم شيئا من وائل عبر الهاتف ، فقط طلب مني أن ألحق بكم إلى هنا وهذا وقت وصولي
نور(مطت شفتيها وهي تمسح وجهها بيديها):- هل يعقل أن يسجنوه ؟
فؤاد(لمح خوفها وربت على كتفها بمساندة):- أيا كان ما يحصل بالداخل فرقية ستتدبر أمره ، لأن حكيم ليس المذنب في تلك الحادثة
نور(أخرجت فيه عينيها وهي تبعد نفسها عنه):- هذا أكيد أما زال لديك شك ؟
فؤاد(عادت لطبيعتها يا حبيبي !):- أستغفر الله .. وماذا أغني من الصباح أنا أسانده وأعلم أنه لم يفعلها لذلك ستظهر الحقيقة عاجلا أم آجلا
نور(رمقت رامز قد أتى وبيده رجل مكبل بالقيود):- هاه قد عاد رامز .. لكن من ذلك الشخص الذي يجره …
إياد(نهض إليه مسرعا):- رامز ..
رامز(أشار لهم):- عائد لكم .. قد وجدنا المجرم اللعين الذي تسبب بحادثة وائل
على دهشتهم رمقوا كلهم ذلك الرجل المضروب على وجهه والذي كان كالمغشي عليه ، مسحوب خلف رامز من قبل شرطيين اثنين ودلف به إلى مكتب التحقيق بغرفة مستقلة طبعا ، أعطوا خبرا للمحقق الذي زفر بعمق فقد ضاعت منه فرصة اعتقال حكيم الراجي ..
ميرنا(بتوتر فركت يديها وهي تدور يمينا وشمالا):- يعني سيخرج بعد قليل ، سيطلقون سراحه ، سوف يغادر معنا صح ؟
إياد(زفر بعمق وجذبها جانبا):- يا الله يا ميرنا اهمدي قليلا ساعتين وأنتِ على نفس المنوال مذ وصولنا ، تت لحظة نادر يتصل
ميرنا(نظرت إليه):- هذا أكيد وائل يريد أن يطمئن على الأوضاع ، يا الله يا إياد ما كان عليك أن تجيبني وقتها وأنت بغرفته كنت رحمته من هذا القلق
إياد:- والله لم أحسب أنكِ ستفجرين بوجهي قنبلة مثل تلك ، دقيقة أجيب
ميرنا:- حاول تهدئة الأوضاع ماشي … نور نور
نور(نهضت إليها):- هاه ؟
ميرنا:- اتصلي بالبيت وطمئنيهم عن الجديد أكيد سيكونون على نار ..
نور:- أوك ..
فؤاد(تقدم إليها بمساندة):- هل أنتِ بخير ؟
ميرنا:- يعني .. كيف سأكون في خضم كل هذا الويل الأسود ..
فؤاد:- أوه يا ميرنا قبل أيام أين كنا وأين أصبحنا ..
ميرنا:- معك حق ، كان خوفنا على وائل أشد وطأة لكن أيضا حكيم يستحق يعني ..
فؤاد(هز رأسه بمساندة):- يبقى زوجكِ .. لا لوم عليكِ ميرنا
ميرنا:- أتعبناك معنا حقا هذا المساء
فؤادّ(نظر لنور جانبا وهي تسير وتعود ويداها تشرح محادثتها على الهاتف):- واجبي
ميرنا(رمقت نظرته العميقة لنور ومطت شفتيها):- أتعلم تلك القلعة المهجورة منذ سنوااااات ، والتي تكون غاية كل زائر لتفقد ما يوجد بداخلها من كنوز ،تجده يحاول ويحاول لكنه يجد قفلها صدئا لا يسمح بدخول أي مفتاح لاقتحامها ، وهذا ما يجعل البعض يمضي وهو ينفر من ذلك القفل الصدأ الذي منعهم من الوصول إلى عمق القلعة المثيرة .. تلك هي أختي نور فهي تصد كل الناس ولا تفتح قلبها لأحد لأن أصلا قلبها مفتوح لمن سيدخله دون الحاجة لأقفال أو حتى مفاتيح … يعني هي بحاجة لوقت فقط كي تثق بك أختي وأعرفها لا تؤمن لأحد بسهولة
فؤاد:- ولكنني لست أحدا ؟
ميرنا:- هه بما أنها باتت تتجاوب معك دون الحاجة لاستعمال رذاذها الحار الذي تضعه احتياطا بحقيبتها ، فأنت في الطريق الصحيح
فؤاد(عقد حاجبيه):- أحقا تحمله معها ؟
ميرنا(همست):- وكل يوم ..
فؤاد:- خطيرة تلك المرأة دوما ما تدهشني ههه ..
إياد(أشار لها):- بس ميرنااااا .. تعالي لحظة ..
ميرنا(خفق قلبها فهي كانت تنتظر ذلك حتما):- أعطني … ألو
وائل(أغمض عينيه يلعن الحظ الذي يحول بينه وبين حبيبته الآن):- أنا منزعج جدا جدا يا ميرنا ، أريد أن أراكِ الآن يا روحي هل أنتِ بخير ؟
ميرنا(بتوتر ابتعدت قليلا):- لا تقلق وائل أرجوك ، الموضوع محلول قد وجدوا الرجل الذي قام بتلك الفعلة الشنعاء وسيحققون معه الآن ، يعني سينتهي كل هذا الكابوس
وائل:- طيب أنتِ.. هل تتألمين ميرنا ، أشعر بأنفاسكِ تختنق في جوفي ؟؟؟
ميرنا(تنهدت من شعورهما وزفرت بعمق):- سأتحسن ، يعني طبيعي أن أتفاجئ فهذا شيء أعيشه لأول مرة ….ثم هي مسألة وقت أنت اهتم بصحتك وكل شيء سيكون على ما يرام
وائل(تأوه من فرط العجز الذي يشعر به):- ميرنا أنا لن أتحمل أكثر ، أنا قادم إليكِ الآن
ميرنا(شهقت بقوة):- هئئ تأتي لأين هل جننت … يا وائل لو تحبني لو تحبني بلا جنون الله يخليك أنا لن أستطيع تحمل مصيبتين في آن واحد ، ما نعيشه الآن فوق طاقتي وبقاؤك بخير هو الذي يجعلني متماسكة
وائل:- ولكن يا ميرنا أنتِ بحاجتي ويلز…
ميرنا:- كفى .. قلت كلمة يا وائل ولو حدث وأتيتني أقسم لك أنك لن تراني بعدها ، همم أراك ستوافقني على كلامي وستبقى عاقلا كالولد المهذب ريثما آتي إليك حين ينتهي كل شيء
وائل(اتسعت بسمته حين تيقن أنها ستأتيه):- إذا كان المقابل رؤية الشمس الحبيبة ، مضطر لتحمل هذا ..
إياد(فرقع إصبعه لميرنا مشيرا إلى رقية التي خرجت):- ميرنا ..
ميرنا(انتبهت):- روحي قد خرجت رقية الآن وعلي أن أرى ما الجديد ، نكلمك لاحقا ماشي
وائل:- تمام يا عمري .. تمام
نادر(أمسك هاتفه من وائل):- الآن بحياتي لم أرى شخصا يساند عدوه اللدود بقدرك ، حتى أنك تطبطب على زوجته وتخشى عليها من الألم
وائل:- ميرنا مني ، أي شيء يؤذيها أو يؤلمها يوجعني بخاطري .. وكأن بيننا جسر تواصل خفي ينقل لي كل حالاتها الشعورية
نادر(وضع هاتفه بجيبه):- وهل يفترض أن أنبهر الآن بحالة عشقكما التي تعدت حدود المعقول ، آخ يا ربي لما لم أجد من أعشقها أنا أيضا بهذه الطريقة
وائل:- هه لأن أساس العشق هو صفاء المشاعر ، فكي تصل لهذا عليك أن تتوحد مع نبضك لدرجة الاكتمال فحتى خلايا عقلك وقلبك وجسمك تتشكل في شرارة واحدة تختصر كل هذا ..
نادر:- أوك سأعتبر نفسي فهمتك ، لكن بكل صراحة ما زال أخوك فقير مشاعر فحين ألتقي بنصفي الثاني سآتي إليك لتساندني بالدروس الخصوصية
وائل(ابتسم بثقل وعقله قد سرح في خيال محبوبته وصوتها):- ليكن خيرا يا نادر ..
بالمخفر
رقية:- هذا ما حصل متأسفة لن أستطيع فعل المزيد
إياد:- طيب ألم تعرفي سبب إبقائه محتجزا حتى الغد ؟
رقية:- يريدون مطابقة أقوال الجاني وأقوال حكيم ، ومعرفة إذا ما كان هنالك اتفاق بينهما وبما أن الوقت تأخر الآن سيبقى حكيم بالحجز حتى صباح اليوم التالي
نور(باحتدام):- يستحيل أن نتركه هنا … يجب أن نفعل شيئا يا رقية تتت أين طلال
فؤاد(أمسكها من يدها ليوقفها):- حتى لو اجتمع ألف محامي الآن يا نور ، لن يخرج حكيم حتى الغد يتضح أن الأمر تفاقم ولكن لنطمئن طالما قبض على الجاني إذن حكيم براءة
إياد:- هاه أنت تقول كلاما مفيدا عم فؤاد
ميرنا(تراجعت للخلف وهي تمسح على وجهها وجلست على الكرسي):- حكييييم .. يا إلهي
طبعا نور لم تكن ستصبر لذلك خرجت ووجدت طلال ورجال حكيم مرابضين أمام المخفر ، فحين دخل طلال قبل ساعات وأخبرته أن رقية تتصرف وأن حكيم وافق على توكيلها ، تراجع خارجا كي لا يثير الشبهات لأجل حكيم وهنا نور استحال عليها التحمل ..
نور:- أيا كان ما يلزمك فعله أخرجه من هناك ، يستحيل أن أقبل بقائه لحظة بالحجز
طلال(زفر بقلة حيلة):- صديقتي العزيزة يؤسفني أن أخبركِ أنني فعلا قمت باللازم .. أنا من جعلهم يعثرون على الرجل ولا تسأليني أسئلة أخرى لست مخولا بالرد عليها
نور(عقدت حاجبيها بعدم فهم):- تمام تمام لن أهتم بكيفية معرفتك بمكان ذلك المجرم ، أو كيفية إيجادك له لكن أريد منك أن تخرج حكيم الليلة
طلال:- سيرفض ذلك ، ولنفكر في الأمر سوية طالما سيخرج غدا إذن لا ضير من بقائه في الحجز هذه الليلة إن كنا لن نورطه في مصيبة جديدة فإن نحن أخرجناه بالقوة سيصبح مذنبا وذلك الافتراء سيلتصق به التصاقا
نور(عضت إصبعها):- معك حق لم أفكر هكذا أنا ، فقط أكره رؤيته بالسجن ذلك يعيد لي ذكريات بشعة ما زالت تضرني في قلبي
طلال:- كطارق أخوكِ ..
نور(رمشت باشتياق له):- مثل طارق يا طلال .. مثل طارق
طلال:- حسن لا تقلقي الأمور تحت السيطرة ، حكيم نافذ منها يعني مسألة وقت
نور(مسحت على شعرها بتأفف):- هل ستغادرون ؟
طلال:- مستحيل سنبقى هنا حتى خروجه ..
نور:- تمام تأكد أن يتناول الرجال أي شيء ، وأنت كذلك وإلا سيحاسبكم حكيم على إهمالكم لأنفسكم هه ، أنا سأحاول أخذ تلك المجنونة معي للبيت أكيد سترفض أعرفها …
ميرنا:- نور أخبرتكِ بما لدي ، غادري رجاء من الضروري عودة إحدانا لضبط من في البيت فكلهن تردن الحضور إلى هنا ولن يقتنعن بحديث الهاتف تعرفينهن يعني ..
نور:- مستحيل أن أذهب وأترككِ هنا ميرناااا .. بليز لا تعاندي
ميرنا(نظرت لنور باستسلام):- لن أذهب ..
إياد:- تمام نور سأبقى برفقتها
نور(امتصت شفتيها ونظرت لفؤاد):- وأنت طبعا ستعود للمشفى والآن ..
فؤاد:- أكيد سأصطحب رقية بطريقي وأذهب لأضبط بدوري ذلك المجنون هناك
نور(رفعت حاجبها وسبقته للخارج):- تمام .. أراكم غدا وأي جديد بلغوني
إياد(نظر لصمت ميرنا وتفهمها):- يكفي نور فهمنا ..
فؤاد(لحق نور):- عن إذنكم يا جماعة .. رقية أنتظركِ خارجا
رقية:- أوك عمو فؤاد أنا قادمة بس لحظة
إياد(أمسك يده وسار معها لباب الخروج):- حبيبتي قد بذلتِ اليوم مجهودا جميلا ، أنا فخور بكِ حتى لو لم أسمع ما أقدمتِ عليه لكنني أتوقع قوتكِ في هكذا مواقف
رقية:- لا تبالغ كان شيئا بسيطا ، ثم لولا ظهور الرجل المذنب كنا خرجنا من هنا
إياد:- لعله خير هكذا أفضل كي نقطع العرق ونسيل دمه بعد القبض على هذا المجرم
رقية:- اممم عموما سآتي غدا باكرا إلى هنا ، هل تريد مني شيئا ؟
إياد(قبل جبينها):- كوني بخير وبلغي سلامي للعمة نعمة ..
رقية(لوحت له):- ماشي .. باي بيبي ..
حرك يديه بثقل وعاد لتلك المتوقعة على بعضها فوق الكرسي وجلس بجانبها ، لحظة لحظتين أغمض عينيه وأخذ يحسب في نفسه ..
إياد(بمتعة):- 1..2..3..4..5..6..
ميرنا(انفجرت بالبكاء):- اهئ اهئ إيااااااااااااااد اهئ …
إياد(ضحك من جنونها وضمها إليه):- توقعت انفجاركِ يا مقاومة ، هاه تدعين القوة وأنتِ أضعف من قلب القطة تعالي إلي يكفي لا تبكي يا ميرنا ، لولا معرفتي بعلاقتكِ بابن عمكِ لقلت أنكِ ميتة عليه وستخربين أم الدنيا لأجل خروجه من ذلك الحجز
ميرنا(ببكاء):- اهئ.. لقد خربت كل شيء مع حكيم .. أنا سيئة كثيرا كثيرااا
إياد(بتوجس حول عينيه):- الآن قلقت .. ماذا فعلتِ يا ابنة عواطف بالله عليكِ أشتهي قضاء يوم راحة معكِ ، يوم فقط والله سأكتبه في كتب التاريخ وأجعله عيدا محليا لمن هم مثلنا
ميرنا(مالت بشفتيها دلالا وهي تفرك يديها):- خربت كل شيء … لقد جرحته وأعرف أن خطئي لن يغتفر هذه المرة
إياد(نظر إليها بجدية):- هيا عمري ألقي بالقنبلة الموقوتة بوجهي ، مصيرها ستنفجر
ميرنا:- بدأ كل شيء حين طرأت على بالي فكرة ، يعني خلقتها الظروف وقلت لما لا أستغلها يعني قلت ربما سيجدي ذلك نفعا معه لكن وجدت أنني دمرته
إياد(رمش بعينيه):- ما زلت هنا أنتظر الوصول للنقطة المهمة ..
ميرنا(عضت شفتها بندم):- شرطت عليه أن يدلني على الفهد البري مقابل
إياد(رفع حاجبيه مع اتساع عينيه):- مقابل ماذا ؟
ميرنا:- مقابلي أنا ..
إياد(بدهشة فتح فاهه):- أنتِ .. يعني … الله يا ميرنا الله ماذا فعلتِ ؟؟؟
ميرنا:- بدوره لم يوافق أصلا ، يعني جاءت هكذا لم أحسب حسابا لتبعاتها فكرت فيها ورميتها بوجهه لكن انقلبت علي ، فقد غضب مني غضبا شديدا لم أراه في مثل تلك الحالة إطلاقا وكنا لا نزال في صدد الخصام وقاطعتنا الشرطة
إياد(مسح على جبينه):- يعني الرجل معه حق .. أنتِ آذيته ميرنا لو طلبت اسم الفهد البري بدون مقابل ربما كنتِ وصلتِ لشيء لكن هكذا تعرضين نفسكِ مقابله أبرزتِ له أنكِ قادرة على فعل أي شيء مقابل ذلك الشخص .. وهذا بحد ذاته قمة الدناءة
ميرنا(شهقت من آخر جملته):- ولكن …
إياد:- أعلم أنني أجرحكِ لكنني محق .. أنتِ تصرفتِ بشكل منحط دنيء جداااا يا ميرنا أي نعم أتفهم عشقكِ لوائل لكن ، هذا لا يعطيكِ الحق لتقللي من شأن حكيم وتعتبريه مجرد عبء لا طائل منه ، أو مجرد قطار سيوصلكِ لغايتكِ وفيما بعد ترمينه كأنه لم يكن .. هكذا شعر حكيم أنكِ تريدين استغلاله وصدقا لو كنت محله لانزعجت
ميرنا(مسحت دموعها ونظرت إليه):- علي أن أراه يا إياد ، أرجوووك ساعدني بهذا
إياد:- آه يا ربي الرحمة مع هذه البنت ، ليلة أختطفها من بيتها لأجل وائل والليلة سأتآمر على الشرطة لكي ترى حكيم .. إن دخلت السجن وجاورت ابن عمكِ إياكِ أن تبكيني فأنتِ السبب في ما سيصيبني
ميرنا(بتودد التصقت بذراعه):- بليز إياد كرمالي …
إياد(مط شفتيه بقلة حيلة):- جيد أننا نملك صديقا في قسم الشرطة ، سننتظر خروج رامز ونطلب منه الدعم
ميرنا(بارتياح):- سأعتذر منه وأسحب كل الكلام الجارح الذي نطقت به ..
إياد(لاعب أنفها بإصبعه):- سيكون هذا خير ما تفعلين .. هاه حين تدخلين إليه سأستغل الوقت وأذهب لأقرب محل لأحضر لنا ما يؤكل تمام ؟
ميرنا:- تمام يا أروع صديق
إياد:- استغليني استغليني آخ منكن آخ .. ههه

بعد مرور ساعة
كانت تسير بخطى مرتبكة بين ممرات المخفر وقلبها التائه مشوش بقدر يجعلها تهرب في أول فرصة تأتي أمامها ، قد أخطأت وعليها الاعتذار وعليه تقبل اعتذارها وإلا ستتأزم حالتها أكثر وتجد نفسها في دوامة أخرى لن تستطيع مكابدة تيارها مهما فعلت .. شعور بالبرودة جعلها ترتعش وكل ذرة فيها تقشعر بشكل مرتبك يتضاعف كلما ارتفعت أنفاسها التي كانت تضيق كلما استمرت في التقدم خلفه ، لحين توقف عند آخر الممر ونظر للغرفة القصية بجانبهما
رامز:- هاه قد قدمت كل ما في استطاعتي لكي لا تقولي أن صديقي رامز خذلني حين طلبت منه يد العون ، سأنتظر رد هذه الخدمة ع فكرة يعني ما زلت أنتظر عزومتكم لي في بيتكم
ميرنا(ابتسمت لأجله بامتنان ونظرت خلفه للغرفة):- صدقا ممتنة لك يا رامز ..
رامز(نظر ليدها التي لامست يده بامتنان وشكر وسحبها بسرعة):- تمام أنا لست متعودا على حنانك ، يا إلهي ستفتحين أبواب قلبي مجددا وأنا ما صدقت أقفلتها ، له له سيقتلني وائل هذاااا إن لم يسبقه حكيم .. يا للهول
ميرنا(تحركت وهي تزفر بضحك خافت من موقفه):- أوك بدون لمس حتى .. هه أمزح طبعا
رامز(ابتسم لها بمودة):- أنا سأذهب لأرشد إياد كي يحضر لنا الطعام ماشي ، وستبقيان بغرفتي الخاصة هنا تمام كي تأخذا راحتكما أكثر
ميرنا:- تمام ..
ودعها وابتعد من هناك بخطوات كان صوتها يزيد من رهبة المكان في آذانها ، ابتلعت ريقها وهي تخطو بخطوات ثقيلة نحوه وفتحتها بهدوء ، كانت غرفة مقسمة لجزأين اثنين ..وفي كلا الناحيتين قضبان حديدية بداخلها سرير واحد ، نظرت للجزء الذي كان على اليمين لم تلحظ شيئا واستدارت للشمال ووجدته جالسا هناك بهدوئه البارد يلاعب سلساله الطويل ذو المفتاح وعقله شارد في البعيد ، تأوهت لحاله ودمعت عيناها رغما عنها وحين وضعت يدها على فمها لتمسك نفسها ارتطمت بالباب فأحدثت صوتا جعله يرفع عينيه إلى عينيها مباشرة لينتفض بخفة حين رآها هناك …
حكيم:- ميرناااا … ما الذي تفعلينه هنا ؟
ميرنا(أغلقت الباب خلفها وتقدمت إليه من وراء القضبان):- أتيت لأراك ..
حكيم(أغمض عينيه وفي سره):- حمقاء هذه البنت أجل حمقااااااءء وستجعلني أحمقا مهوووسا أحادث نفسي في الزنازين بسبهاااااااااااا …
ابتلع ريقه وهو يرمقها تتقدم إليه خطوة بعد خطوة إلى أن وصلته ، وضعت يديها على أعمدة الحديد حيث كان ممسكا هو بقبضتين يتطلع إليها كأنها الحلم قبالة الفجر ، صعدت بيديها بهدوء جعله يرتعش ويراقب يديها اللتين استقرتا فوق يديه بسكينة فجرت كل مشاعره وأحاسيسه لحظتها ، تحركت حنجرته وهو يتطلع إليها بعيونه الكسيرة وإحساس ملمس يدها يبث فيه حمما بركانية تجعله ينتزع تلك القضبان الحديدية انتزاعا مقابل عناقها ، الذي يحس وكأنه قبلة على باب الجنة …
حكيم(بصعوبة انتزع إحدى يديه ولامس خدها يمسح تلك الدمعة):- أنتِ حقا تبكينني ..
ميرنا(عضت شفتيها وهزت كتفيها بقلة حيلة):- أظن ذلك ..
حكيم(امتص شفتيه):- لا تبكي .. لا تبكي وإلا سألطم ذلك المحقق البغيض كي أتسبب في حجزي لأيام أخرى
ميرنا(صرخت فيه بلوعة):- إياااك … إياك أن تفعل ذلك ستفطر قلبي
حكيم(فتح عينيه على جملتها"ستفطر قلبي"):- … ميرنا .. هه هل أنتِ بخير يعني آخر مرة كنت تطلبين الله أن يبعدني عنكِ ، لنتذكر سوية كنا نتخاصم قبل حضور الشرطة ؟؟؟
ميرنا(تمسكت بيديها الاثنتين بيده الممسكة بالقضيب الحديدي):- آسفة … آسفة على كل كلمة ذكرتها أنا أحيانا أصاب بالغباء الفطري فلا أعرف ماذا أقول .. يعني شيء غريزي ربما
حكيم(أخفض رأسه ونظر إليها بعمق):- تعلمين أنه لا شيء سيعود على حاله كما كان ، فور خروجي من هنا
ميرنا(ارتجت محلها وارتجفت حدقتيها بقلق):- ماذا تقصد ؟
حكيم(سحب يده الأخرى من يديها ومسح على جبينه بتعب وهو يتراجع للخلف):- غادري يا ميرنا ، مكانكِ ليس هنا ليس في هذه الزنزانة الحقيرة ليس في هذا المخفر المشبووووه ، غادري وعودي للبيت لا أريد أن أراكِ في مكان كهذا مجددا
ميرنا(اندفعت متمسكة بقضبان الزنزانة وهي تهدر فيه):- ولكنه ليس من حقك أن تطردني ، أنا هنا لأنني أرغب بذلك بل أحتاجه
حكيم(ضحك وأشار لها من محله):- لن أنخدع بكِ مجددا ، قد تعلمت الدرس جيداااا وقبل حضوري حرصت معلمتي على إقحام ذلك الدرس بعقلي هنااااااااااا
ميرنا(رمقته وهو يشير لرأسه بعصبية وأنزلت عينيها):- أنا أعتذر منك على كل حرف نطقت به ، أعلم قد جرحتك لكن صدقا لم أقصد أن ..
حكيم(باحتراق ذاتي):- أي … ههه ميرنا ميرنا ميرنااااا يا عُصفورتي الصَّغيرة ، يا شَقية قلبي ، يا شُعلة أحلامِي ، يا طِفلة رَبَّيتها على َيدي ، يا نبضًا أخفيتُه برُوحي ، يا شَمعة حَجبتُها بعيونِي كي أحترقَ أنا ولا تنطفِئ نارها ، يا بلسمًا تجَلَّى في ضِحكة سَرقتني مِن آلامِي ، يا رَبوة عشقِي ومملكَة أحزانِي ، يا سرَّ وُجودي ونصلَ أنفاسِي … قتيلٌ أنا فِي حُضنكِ والخوف من ذراعيكِ فكلما طوقتنِي اختنقتُ وضاق بي صدري ، أنتِ عشقٌ يقتلني يا ميرنا كلما احتويتُكِ انكسرَت أجنحتِي وسقطتُ بين ذراعيكِ شهيد … أوَّاهُ من طعمِ الموتِ الذي أتذوقهُ من نظراتك هيا اسحبِي آخر نفسٍ مني ودعيني أستكين ف والله قد شبعَت أفكاري احتضارا ولم تكن لتنتهي يا ميرنا هي لا تنتهي ….
ميرنا(كانت تستمع له بحزن بالغ وكل حرف منه يمزق روحها):- اهئ … لا تفعل
حكيم(عض شفته وولى ظهره ليمسح دموعه الخائنة وسرعان ما ابتلعها وعقد حاجبيه مستديرا إليها بحزم):- قد انتهى دور عرض الزوجة الصالحة النجيبة الآن ، هيا اذهبي
ميرنا(بصوت مبحوح مختنق):- ولكنك تؤذيني هكذاااا .. أنا أردت أن أنتهي من هذا الكابوس أنت لا تشعر بموتي كل لحظة ، كل لحظة أتنفس فيها أشكر الله عليها لأنني تعيسة بينما أحبتي ما زالوا موجودين حولي ، أنت لا تقدر حجم معاناتي كلما وضعت رأسي على الوسادة وتخيلت حياتي بدون أي واحد فيكم ، أختنق أختنق وأجد نفسي وحيدة وسط كل هذا حتى لا أجد من يطبطب على ظهري ويريح قلبي مطمئنا أن كل هذا سيزول .. أنت تتفرج علي يا حكيم مجرد شاهد على موتي البطيء فكلما مر يوم علي ضاقت الحجرة التي احتجزتموني فيها وبات الهواء فيها ضئيلا يا حكيم ضئيلا ، لذلك لا يمكنك لومي على ما حاولت فعله لأنني اكتفيت وكلكم تساهمون في اختناقي دون أن يحاول أيكم تقديم يد المساعدة … ههئ ماذا فعلت أنااااا هاااه أخبرني ماذا فعلت كي أعيش في هذه التعاسة المفرطة ، بما أذنبت كي أستحق هذا العقاب والعذااااااب ثم من حقي أن أبحث عن أجوبة يا حكيم من حقي ذلك ، وأنت مضطر للإجابة عليها لأنك لو تحبني حقا ذلك الحب الأسطوري كنت أرحت قلبي ولم تسمعني تلك العريضة في حق تجريحي لك ، أي نعم بالغت في ذلك وأستسمح عليه لكنني مغبونة مقهورة أتمسك بأي قشة أمل تخرجني من هذا الجحيييييييييم …
حكيم(ارتسمت بسمة مريرة على ثغره وتقدم إليها من جديد):- كل لحظة منذ 16 سنة كنتِ دافعي في هذه الحياة ، لن أفاخر بنفسي ولا بما أقدمت عليه لكن لأجلكِ تحملت الكثير مما لا يخطر على بالكِ ميرنا ، صحيح سأتفق معكِ وأؤيدكِ في أن الفهد البري هو الشخص المذنب في هذه القضية وهو من صعَّب الحياة لأجلي وجعلني محتجزا في قبضته ، لا أنا قادر على العودة ولا أنا قادر على إكمال الطريق معه ، فارقته منذ سنوات واختلفت طرقاتنا ولم أطلب شيئا سوى أن أبتعد عن ذلك الطريق ، لكن تدهورت الأمور قبل سنتين واختلت موازين الأحداث فحين ظننا أننا تجاوزنا عقبة الثأر والانتقام ظهر لنا شبح من الماضي يحاول سعيه أن يجعلنا في دائرة الشبهات ، اسمعيني يا ميرنا سأقول كلامي هذا لأول مرة ولآخر مرة ولن تتطرقي إليه مجددا ولن تستخدميه في أي من نزعاتكِ الشخصية كي تجدي الفهد البري ، لأنكِ أبدا أبدا لن تصلي إليه عن طريقي فأنا قد أفهديه بروحي إن تطلب الأمر ..
ميرنا(بصدمة منه تراجعت للخلف وهي تشهق):- هئ .. ماذا تقوووول يا حكيم ، كيف كيف تفدي مجرماااا بروحك لقد لقد تسبب ذلك الحقير بموت الكثيرين واختطف العديد من البنات وباعهن في سوق الدعارة دون أن يرف له جفن ، قام بتسويق أعضاء أطفال وأجرم في حق طفولتهم ، قام قام بتدمير العديد من الأسر لأجل تكبير عصابته وتدعيمها بالقوة والنفوذ ، كيف يا حكيم اهئ كيف تضع يدك بيده هكذااااا وتسير معه في هذا الدرب وأيضا تقول لي أنك تفديه بروووووووحك ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
حكيم(ضرب بيده قبضة الحديد متمسك بها بعنف):- لأنه أخي ….
أخي أخي أخي …. ترددت الكلمات الثلاث على مسمعها وهذا ما جعلها تنعزل برهة وتعود لأرض الواقع بعيون شاخصة ، تحرك رأسها يمنة ويسرة بعدم فهم واستيعاب.. تنهد بعمق وأرخى عضلاته المتصلبة من فرط الغضب وبعيون دموية رمقها ..
حكيم(بقهقرة السنين السحيقة ومجمل الآلام):- هو أخي .. من أم الظروف وأب المحن ، هه هو شخص يعني لي الكثير حتى لو كنت أكرهه أكثر منكِ لقيامه بكل تلك الأفعال الشنيعة لكنني أعرف ما لا تعرفينه يا ميرنا ، أنا أعرف ما لا تعرفينه وليس كل ما ألقي على ظهر الفهد البري هو حقيقي .. قد تكونين مخدوعة في الصورة مثلما الكل مخدوع يا ميرنا صدقيني أنتم تبحثون عن الفراغ فالشخص المنشود الذي يجدر بكم زجه في السجن والذي كرس باقي حياته ليحول حياتنا للجحيم ، هو من أجبرنا على هذا المسار هو وليس الفهد البري يا ميرنااااا … أتعلمين من يكون ذلك إنه ..
ميار(دخل عليهم لحظتها وبنبرة تحذير):- حكيييييييييم …
حكيم(رفع رأسه بدهشة منه ونظر لميرنا التي ابتلعت ريقها):- أ..
ميرنا:- لما أتيت يا إياد لم أنهي كلامي بعد
ميار(نظر لحكيم وهو يهز رأسه بعصبية):- بل انتهى يا ميرنا ، رامز يطلبكِ بغرفته اذهبي وابحثي عنه سألحقكِ فورا
ميرنا(مسحت دموعها):- إياد رجاء دعني أنهي ك..
ميار(بعصبية أغمض عينيه وفتحهما):- قلت الآن يا ميرناااااااااااااااااا … اسمعي الكلام
حكيم(نظر لغضبه الذي كان سينفجر في أي لحظة وخاف):- اذهبي فورااااااااااا ..
ميرنا(اقتربت من القضبان وأشارت له):- حديثنا لن يتوقف هنا يا حكيم .. لن يتوقف
حكيم(أغلق عينيه وهو يضرب على القضبان بعصبية ضربة بعد ضربة):- اللعنة …..
ميار(نظر إليها وقد ذهبت مطأطئة الرأس ورمقه بعدم تصديق):- بما كنت ستخبرها ؟ هل جننننننننت ؟؟ من أعطاااااااااااااك الحق ؟
حكيم(أغلق عينه برهة من صراخ ميار ومرر لسانه بين شفتيه):- حسن قد تدخلت وقاطعت كلامي ، يعني لم يحدث شيء ؟
ميار:- بل حدث حدث يا حكيم وأنت قبل قليل برأتني أمامها وألقيت باللوم على شخص آخر ، يعني أنها لن تتوقف عند هذا الحد بل سوف تشحذ كل طاقاتها لتجدني وتجد هذا المذنب ، بحق السماء أين كان عقلك هل تريدها أن تمووووووت .. ألا تعلم أن غضنفر سيسر سرورا ما بعده سرور وهو يحضر لجنازتهاااااا هاااه هل تريد إكمال تعداد عائلتنا بمقبرة آل الراجي ، مؤكد تريد ذلك حسبما أرى …. تبا لك تبا يا حكيم قد أعماك العشق حتى كدت تقدمها قربانا لذلك الحقير فقد لتدافع عني وتبعد عني الشبهات ، يا أخي من اشتكى لك من اشتكى أنا سعيد بهذه الحياة سعيد لأنني الوجه لكل تلك الجرائم والمصائب والفضائح ، من أجبرك على رفع ذلك الثقل عني أنا اخترت ذلك إذن دعني أمضي فيه للنهاية ، لستَ مخولا بإنقاذي بل بحمايتها هي هي هي يا حكييييييييم …
حكيم(بغلالة قهر):- توقف فقط على لوم نفسك ، أنت لست مجبرا على تحمل كل هذااااا لست مجبرا على تحمل وزر الآخرين والتغطية عليهم باسم الفهد البري يا ميار ، رجااااء دعنا ننهي كل هذا الكابوس بأيدينا لنوقفه ونرتاااااح
ميار:- كيف سترتاح .. هل ستبقى ميرنا بقبضتك إن نحن كشفنا كل شيء ، هي لن تنظر حتى في وجهك ليوم الدين ، ستهرع إلى وائل في أسرع وقت وسيسرقها منا أتريد ذلك ؟
حكيم:- حربنا ليست منصفة لندع لها الاختيار
ميار:- الاختيار من بين من ومن … أنت ووائل بليززز لا تجعلني أضحك في هذا الموقف اللعين ثم أنا أخبرتك قبل ولوجك للعبة أنك تبقيها آمنة لأجلي ، ستموت لو حاولت قطع الطريق علينا يا حكيم
حكيم(ابتسم وهو يهز رأسه):- كن موقنا يا ميار .. إن لم آخذها أنا فلن تأخذها أنت
ميار(عقد حاجبيه وتذكر قبلتها):- هه دعنا لا نتراهن في ظل هذا الوقت الصعب ، خصوصا أنني دخلت إلى هنا بمليون ألف وسيلة وسيكون الخروج أصعب ، لأن أخي على وصول الآن بالمأكولات وسيأتي إليك بعد لحظات كي يطمئن عليك ، تجنبا لأي خطأ يعني إن سألته ميرنا عماذا تحدثتما ..
حكيم:- لما أتيت ؟
ميار(رمش بعينه وبثقة):- لأراك ربما … والحمدلله قلبي نبأني أنك على وشك اقتراف مصيبة فكن ممتنا لأنني وصلت بالوقت المناسب
حكيم:- أنت من سلمهم رقبة ذلك الرجل.. لكننا لم نكن نعرف مكانه فما الذي فعلته لإيجاده ؟
ميار:- اتصل طلال برشيد وأخبره أنك بورطة فكان علي المفاوضة لأجلك ..
حكيم(جحظ عينيه):- تفاوضت مع من وبماذا ؟
ميار(حرك فكه):- ثمنك يستحق كثيرا يا ابن خالي .. حين تخرج من هنا بالسلامة سنلتقي بحفل كهرمانة فخرية ستتواجد وكذلك ثعلبة القطب ، حينها ستعرف بما فاوضت يا حكيم والآن اعذرني مضطر للانسحاب كان بودي سرد قصة أطفال لك أيضا كي لا تشعر بالملل لكن متأسف ضيق الوقت لا يسمح هه
حكيم(نظر إليه بعمق وأردف):- كنتُ جديا في ما قلته ..
ميار(فتح الباب ونظر إليه بانكسار خفي):- لن أسمح لك أصلا بأن تأخذ دور البطولة وتفديني بروحك ، لأنني سأسبقك لطالما كنت أسبقك يا مدلل
حكيم(عرف أنها طريقتهم بالصلح):- حظا موفقا إذن ..
على تلك النظرة افترقا ، وبعد برهة دخل إياد لحكيم وقد أحضر له بعض الطعام والشراب وطبعا حكيم استفزه قليلا ليبعثه فاقدا أعصابه لميرنا كي لا تستفسر أكثر أو تدقق فيما حصل ولما طردها من هناك .. رامز لم يركز في شيء فقد انهمك في أكل الكفتة والبطاطس المقلية كأنه لم يأكل منذ دهر بينما اكتفت ميرنا بشرب الكولا فلم يكن لديها نفس لتناول شيء ، خصوصا أن كلمات حكيم كانت تنخر في عقلها وحاول إياد قطع صمتها لكنها ادعت التعب وفقط ..
إياد(مسح على فمه ونهض):- بما أنكِ رفضتِ الأكل إذن استلقي على الكنبة هناك ، سأذهب للحمامات وأعود
رامز:- أنا سأتفقد ذلك الرجل ، ما ربما فاجئونا بتسميمه أو اختطافه
ميرنا(بهلع):- هئئئ هل يعقل ؟
إياد(نظر لرامز يعني هل هذا وقته):- هه طبعا هو يمزح أليس كذلك ؟
رامز(رمق غمزة إياد):- كذلك ولو …
استلقت بتفكُّر وأخذت الغطاء وضعته على نفسها وضمت يديها لصدرها ، وأطلقت سراح دمعاتها التي لم تجف طوال تلك الأمسية ، بينما أفكارها تحاول أن تنتظم فما أهلكها به حكيم اليوم وشاركه معها فوق فوق تحملها … كان يدور بزنزانته وهو يشعر بالضيق لم يكره يوما احتجازه بقدر ما كرهه تلك الليلة ، هو بحاجة للخروج بأقصى سرعة فالأمور تفلت من بين يديه وخصوصا مع ميار فلا يعرف بما فاوض كي يحرره من هناك ويسقط عنه التهمة الملفقة له ، جلس على طرف ذلك السرير ومسح على فكه وأخذ يستعيد صورتها بكائها صوتها ونظراااااتها فهذه هي التي ستجعل ليلته الطويلة تمضي وتنتهي في الأخير .. أما رامز فقد توجه صوب حجز آخر بنفس المخفر ووجد أن ذلك الرجل نائم وعلى خير ما يرام ، اطمئن لذلك وعاد لمكتبه وجد ميرنا بدورها قد غطت في نوم عميق
رامز(انتبه لها وابتسم):- آه يا رامز كم كنت تتوق سابقا لرؤيتها أثناء النوم وها قد تحققت أمنيتك ، ههه يا عيني على البراءة هُسس هُسسس إن سمعك أحد سيعتبرك مستغلا لمثل هذه اللحظات عيب عيب في حق شحط مثلك .. هيا أغضض بصرك وأخرج أخرج لحين يأتي إياد ، فأكيد الشيطان الآن يجلس على كرسي مكتبك ينتظر الفرصة كي يكون ثالثكما ههه لابد من الدخول برفقة مَحرم … أنجدني يا ربي قد فقدت عقلي .. محرم يا حبيبي !!..
هنا كان يغسل إياد وجهه بالحمامات ، نظر للمرآة أمامه وتنفس بعمق حين راوده صداع فجائي من جانب رأسه الأيمن .. وضع يديه على حافتي الحوض وأغمض عينيه بقوة كي يحاول التخفيف من ألمه لكن ظهرت صور ضوئية كومضات تتردد على عقله ، صورة ميرنا وهي تدور وسط غرفة المعيشة وتغني أغنية البقرة السعيدة ، صورة الولد المضروب ظهرت جلية أمامه ، صورة الأب الشرير وهو يدخن بشراهة ويضحك بضحكات صاخبة بينما المرأة السمينة كانت تمسح على وجه إياد وتتحدث بصوت أشبه بالصدى ، كل هذا اجتمع على مسمعه وخلف ضجيجا لا يطاق .. لذلك وضع يده على أذنه بقوة يحاول أن يسيطر على تلك الضوضاء التي تسببت بحالة هستيريا بالنسبة له ، فجأة فتح عينيه ونظر لنفسه بالمرآة وفتح الصنبور وأخذ يغسل وجهه يغسل يغسل لحين توقف كل ذلك ..
إياد(يلهث بقوة):- سوف أجدكم …. سوف أجدكم لأحاسبكم على تركي وتحويلي لمجموعة مشاعر معاقة معقدة مثيرة للشفقة … آآآآآآآآه تبا لكم أكرهكم اطلعوا من رأسي هيااااا افف هئ من هناااااك … من هناااااك ؟
نظر خلفه للأبواب المقفلة للحمامات الأربع ، وتنفس عميقا وهو يلتقط مناديل ورقية ليمسح وجهه وعيناه جاحظة في الحمامات المغلقة ، رمى بالمناديل في مكب النفايات وتقدم صوب الباب الأول بحذر وفتحه بسرعة لم يجد شيئا ، تقدم للثاني وفتحه أيضا لم يجد شيئا ، وتوجه للثالث فتحه وكان موصدا … هنا تسمر محله وأنفاسه اختفت هو على بعد خطوة من أخيه لم يكن يفصل بينهما سوى ذلك الباب ، إياد خارجا وميار بالداخل فقد حدث كالتالي .. كان ميار ينتظر فرصة ليخرج من ذلك المخفر اللعين بعد زيارته لحكيم ولكن فور خروجه اعترض طريقه دخول إياد فلم يتوقع عودته سريعا ، لذلك اختبأ بالحمام وحين اتصل برشيد ليتدبر أمر الخروج حذره من ذلك لأن هنالك رجلا أمن يقفان بالخارج وعليه أن يقوم بتشتيت انتباههما وعليه سينتظر الإشارة منه .. ولكن لم يحسب أبدا أنه سوف يكون بذلك الموقف بينه وبين أخيه باب مقفل .. حاول إياد فتحه من مقبضه مرتين وهنا ميار تراجع للخلف وهو ينظر حوله بغبن وقهر
ميار(في سره يلعن نفسه):- تمام يا ميار صبرت كل هذه السنوات كي تلتقي أخاك بالحمامات ، يا له من لقاء أسطوري يستحق صورة تذكارية على صفحة المجلة … بئسا لك يا رشيد سأتحاسب معك فيما بعد ..
إياد(عقد حاجبيه وهو يحاول فتح الباب):- هل يوجد أحد هنا ؟
ميار(ضحك بهزل وفي صمت):- نعم هذا أنا فقط يا أخي الحبيب ..مرحبااااا / الصبر
رامز(دخل على إياد للحمامات):- هاه ما كل هذا التأخير يا رجل ، اعتقدت أنك نمت هنا هه هيا تعال لمكتبي دبرت لك غطاء
إياد(ترك قبضة الباب وبتوجس):- هذا الباب لا يفتح ؟
رامز:- أوووه ليس مجددا لقد طلبت منهم إصلاحه مليون مرة ، هو أحيانا يقفل ولا يفتح إلا بمفتاح الحارس ، لا تقلق سأطلب منهم تفقده المرة المقبلة جيد أنك لم تحتجز فيه وإلا كنت وضعتك بلائحة المفقودين
إياد(اطمئن من ذلك):- ههه الآن أرحت بالي .. هل نامت ميرنا ؟
رامز(يسير بجواره):- هوهوووه من زمان ..
ميار(تأفف بارتياح):- في المرة المقبلة سأحشو عقلك بالتبن يا ميار بالتبن ، أقله لا تغامر بكل شيء هكذا وتقترف مثل هذا الجنون .. لأجلك يا حكيم تذكر هذا لأجلك فقط …
خرج من هناك متسللا بعد برهة لكن قبل ذلك اتصل برشيد الذي قام بتشتيت انتباه الشرطة ، وأيضا شتت رجاله انتباه رجال حكيم كي لا يروه وهو مغادر من المخفر ، وبعد برهة ها هو ذا بسيارته عائد لعرينه ، يعضعض شفتيه اللتين تذكرانه بقبلة سلطانته ولا يعلم أن تلك السلطانة ما هي إلا النسخة الأولى لعشقه الذي لم ينساه يوماااااااااا …
ناريانا:- لم ينساه يا جوزيت لم ينساه
جوزيت(بحالة متعبة وببكاء):- بل نسيني أقول لكي أنه قبلني على أساس أنني ميرنا ، لقد تجاوب معي بشكل لم أستطع التحكم فيه ولم يسعني سوى مجاراته حتى كدنا يعني ..
ناريانا(حكت جبينها):- الموضوع بينكما متشعب ، ويفضل ألا تلتقيه بمفردكما لأنكِ ستخربين الموازين في الوسط بين الجميع
جوزيت:- وهل بيدي ، قد أحسست كأن هنالك قوى تجذبني إليه .. لا أدري لكنني انعزلت معه في تلك القبلة إلى ركن قصي مظلم لا يتسع إلا لجسدينااااا ..
ناريانا(رفعت شفتها وهي تمسح عنقها):- أوك أنتِ تتسببين الآن بارتفاع نسبة رغبتي ، ومن المؤسف أنكِ تمنعين عني التلذذ بالقطع لذلك اخرسي يكون أفضل
جوزيت:- أريده يا ناريانا .. أريد أن أكون معه لمرة واحدة حتى صدقيني ستفرق معي كثيرا
ناريانا(بقلق):- جوزي حبي .. من تكونين ؟
جوزيت:-افففف .. مجددا ستذكرينني بواجباتي
ناريانا:- هللو أحاول أن أوقظكِ من حلم اليقظة المدعو باسم ميااااار ، لأنه استحالة ويستحيل ومستحيل أن تكوني معه في فراش واحد لا في هذا الزمن ولا بزمن آخر لأنكِ بالنسبة له مجرد ذكرى آتية من الماضي
جوزيت(أغمضت عينيها):- ناريانا .. ضعي نفسكِ محلي بما كنتِ ستشعرين ؟
ناريانا(تلاعبت بعينيها)- بما أن كلامنا سفالة في سفالة سأتابعها وأخبركِ ، أنني كنت لأقلب شقة أخيكما رأسا على عقب ولا أفلت فرصة التنعم بأحضانه
جوزيت(ضربتها لرأسها):- اخرسي يا وضيعة ، علي أن أزوجكِ بسرعة هكذا ستخربين قوانين حياتي
ناريانا:- ماذا سنفعل غدا ، أفكر لو أننا نتصل بالست كهرمانة ونعتذر عن هذه الحفلة ؟
جوزيت:- بل سنذهب يا ناريانا ، أنا لم أصل لهذه المكانة التي وصلت لها إلا بطريقة واحدة ، وهي أنني وطأت على قلبي وعلى مشاعري وفي العمل كنت جمادا بدون قلب نابض .. تعرفين أنني وقت الجد أنسى اسمي لذلك لن تؤثر بي حفلة كتلك .. ثم سأكون ملثمة يعني سأرحم نفسي قليلا من العيون
ناريانا(ضمتها بحنان):- تمام إذن دعينا ننام يجب أن نبدو في أبهى حلة .. فلقب ثعلبة القطب يجب أن يتم الحفاظ عليه كالجواهر النفيسة
جوزيت(جذبت خصلة شعرها الملونة):- لقد لامس ميار خصلة شعري واشتمها ، أهكذا يفعل عادة لما تكون ميرنا معه ؟
ناريانا(رمت بنفسها على الوسادة):- يادي ميرنا وسنين ميرنا وشعر ميرنا وشكل ميرنا ، أنا سأنام سأنام سأنااااااااام .. حتى أنني نمت باي …
جوزيت(عقدت حاجبيها وهي تنظر للشعر بالمرآة مقابلها ولم يعجبها):- كان لوني الأفضل ، يع ذوقها مريع مثلها تتت ماذا تقولين جوزي هل ستغارين من ميرنا الآن ؟؟؟؟؟؟؟
ضحكت على نفسها وغيرتها لكن معها حق فميرنا تستحق ، أجل تستحق قالها وهو ينظر لنادر الذي كان نائما بجانبه على الكنبة وهو الوحيد الغير قادر على النوم والارتياح وقلبه قلق على محبوبته ، حتى مع المسكنات لم يستطع الارتياح لأنه بحاجة لحبة من مُسكنه الرئيسي ميرنا وفقط ، عاد لينظر لنادر ثم نظر لجسمه وطاف بعينيه وقرر أن ينهض وليحصل ما يحصل ، أزال الغطاء بعد أن نزع المورد الغذائي من ملصق يده وحاول تحريك يده المكسورة بهدوء لكنها آلمته ، طبعا ستؤلمه فقط منذ يومين نجا من الموت واليوم الثالث يعني ما الذي يريده بعد ، لم يولي عقله أدنى اهتمام بل تحرك ببطء ووضع رجله أرضا وأمسك بدعامته الطبية ليستند عليها وطبعا لأنها أول مرة صعب عليه ذلك حتى أسقطها وهنا نهض أبو الهول مفزوعا يبحث عمن يفرقع المتفجرات …
نادر(بهلع):- إنه مجرد مطب جوي مطب جوي .. لا تجزعوا يا جماعة هئئ ولول ما الذي تفعله ؟
وائل(زفر بكره):- أظن أن مطبا أرضيا قد أصابنا ..
نادر(نهض إليه وساعده على الجلوس):- يا رجل هل تريد أن تقتل نفسك أنت مريض مريضضضضضض بأي لغة تريدني أن أترجمها لك لعل الترجمة لديك بعافية قليلا ؟
وائل(امتص شفتيه ونظر لنادر):- أرغب برؤية ميرنا الآن … لن أستطيع التحمل أكثر الآن أو سأموت
نادر(تحسس حرارته):- بعيد الشر عنك يا وائل .. هكذا ستقلقني ؟
وائل(بعيون كسيرة دامعة):- أحتاج رؤيتها وتنشق عطرها ، أحتاج الإحساس بنظراتها الاطمئنان بهمساتها الحياة بتنهيداتها .. افهمني يا نادر افهمني رجاء ؟
نادر:- طيب ما الحل بنظرك ، لا يمكنني إحضارها لأنها بالمخفر الآن وأنت لا يمكنك الذهاب إليها لأنك مريض ،… إذن شُر علي بالحل وأنا من يدك اليمين ليدك الشمال ؟
وائل(مص شفتيه ولمعت بباله فكرة):- طالما نحن لا نستطيع إحضار ميرنا إلى هنا ، نستطيع أن نذهب إلى ميرنا هناك
نادر(تبلدت ابتسامته):- كيف يعني يا روح نادر كيف يا فهيم ؟
وائل(رفع حاجبه):- سنذهب إليها يا نادر .. سمعتني نذهب ؟
نادر(عقد حاجبيه وفتحهما فجأة وقد فهم مغزى حديث وائل):- ههه والله إنك مجنون بحق
طبعا لم يكن هنالك جدال بعد رغبة وائل ، فحتى لو سحبوه للقبر لن يدخل قبل رؤية ميرنا العشق يا جماعة لذلك سنرى إلى أي مدى امتد ، ها هو ذا نادر يقف مع الممرضة الخاصة بوائل ماريا والتي بدت رافضة للفكرة فهي تشير يمنة ويسرة ، أكيد رفضت الأمر ولم تقتنع به لكن هذا نادر لا يصعب عليه شيء
نادر:- اسمعي إنها مسألة حياة أو موت ، أليست مهنتكِ أن تشفي مرضاكِ إذن مريضكِ بحاجتكِ الآن يستغيث بكِ هل ستتخليْ عنه ؟
ماريا:- ولأنني لن أتخلى عنه أرفض هذا الهراء
نادر:- أنظري للموضوع من منظوري ، الآن أنا طيار ومهمتي هي إيصال الناس بأمن وسلام من مدينة لمدينة أخرى صحيح ؟
ماريا:- صحيح ..
نادر:- جميل ، الآن لو افترضنا أنه لجأ لي أحد معارفي طلبا في المساعدة .. وكانت حالته سيئة جدا ولا يوجد دواء إلا بتلك المدينة البعيدة هل أتصرف بضميري أم أفكر براحته ؟
ماريا:- في كلتا الحالتين ستؤذيه وأنا لن أسمح بذلك
نادر:- ولأنكِ لن تسمحين أنا لأجل ذلك تحديدا استعنت بكِ ، ستساعديننا ماريا هيا وافقي والمسؤولية ستسقط كاملة على كتفي وكتف وائل هااااه ما قولكِ ؟
ماريا(بقلة حيلة):- هففف أنا حتى الآن لا أعرف لما ما زلت أنصت لك ، هيا أمرنا لله
طبعا هذا الجنون وإلا فلا ، ومادام حكم عقله وقال أنه سيراها يعني سيراها ولو على سبيل عذابه ، أحضرت ماريا كرسيا متحركا وساعدها نادر في نقل وائل بهدوء إليه ، قامت هي بوضع غطاء على قدميه كي لا يبرد وأعادت له المورد الغذائي وسحبته بالعمود خلفه بينما نادر يقود به خارجين من الغرفة ، توجهوا للمصعد ونزلوا لكن لم يخرجوا منه بل خرج نادر فقط وتوجه صوب أحد سائقي سيارات الإسعاف والذي كان يحتسي الشاي ، أكيد قام بطلب المساعدة منه لكنه أبى خوفا على مهنته لكن عرض عليه نادر بعض المال يعني المال الوفير وهذا الأخير وافق بما أنها مسألة خير وليس شر إذن لن يحصل سوء .. أومئ لماريا التي خرجت من المصعد وهي تدفع بوائل بسرعة كي لا ينتبه عليهم أحد وسرعان ما ساعدهم السائق في وضع وائل على السرير النقال واستقرت بجانبه ماريا وهي تضبط المورد جيدا وتطمئن على حالته بارتجاف
وائل(ابتسم لها حين صعد نادر بجانب السائق بالمقدمة):- لا تقلقي ماريا ، حين أرى شمسي سأشفى ولن يحدث لي شيء
ماريا(تنهدت):- قد رأيت في الحب بقدر ما رأيت ، وقرأت منه بقدر ما قرأت ، وسمعت عنه بقدر ما سمعت .. لكن أبدا ما شاهدت عاشقا يموت في عشق حبيبته لدرجة الجنون المفرط لذا اسمح لي أن أقول لك وبكامل وعيي أنك مختل عقليا وتفتقر لمادة التعقل بدماغك
نادر(ضحك من جملتها):- هيييه أين كنتِ من زمان يا بنت يا ماريا ، أثلجتِ صدري فوحدكِ من استطاعت مواجهته بالحقيقة
ماريا:- هاه لا تشحنه ضدي هكذا ستقطع عيشي في خدمته فيما بعد ههه ..
وائل(شرد في كلامهما وأردف):- حين تعشقان مثلي …
نادر(تابع معه):- ستعرفان ما معنى التوحد العشقي ..
ماريا(وضعت يدها على خدها):- نفسي أتعلم منك يا دكترة …هههه
ضحكوا بصدق تلك اللحظة فقد كانت فريدة من نوعها مليئة بالصفاء والنقاء ، وطبعا توجه سيارة إسعاف لمخفر هذا بحد ذاااااااته قمة الجنون ، يعني وائل بلغ مرحلة الأذى فهو الآن غير مبال أساسا بصحته كل ما يهمه هو رؤية ميرنا وبعدها ليحدث ما يحدث ، المهم أن يطفئ لهيب لهفته برؤيتها ، طوال الطريق وهو يدعو الله أن تكون بخير أن تتحمل لحين يصل إليها لكن ليصبر ليصبر ، لم يصمت نادر من الحديث مع السائق الذي أصبح صديقا خلاص يعني ، أما ماريا فقد ضحكت من قلبها من حديثه ومرة بعد مرة تنظر لوائل الذي كان ينظر للسماء من النافذة الصغيرة جانبه يبحث عن ملاذه وسط الكون … إلى أن وصلوا إلى المخفر وهنا كانت مهمة إحضارها من نصيب نادر ، نزل من سيارة الإسعاف تحت دهشة طلال ورجاله ودهشة رجال الأمن وكل المخفر هه يعني أغلبيتهم ، المهم لم يبالي بل دخل مباشرة بعد أن سأل في الاستقبالات عن مكتب المحقق رامز ودلوه عليه .. توجه صوبه بهدوء وطرق الباب
إياد(انتفض مستيقظا):- الباب ؟
رامز(نهض من مكتبه وأشار له):- اهدأ ربما أحد الرجال ، دعني أرى
إياد(فرك عينيه ونظر لميرنا وهي نائمة في سكينة على الكنبة):- أوك ..
رامز(بفزع):- نادر ؟؟ ما الذي أتى بك … هل حدث لوائل مكروه ؟
إياد(استقام بخفة وتوجه إليه متوترا):- خيرا يا نادر ، هل هنالك شيء وائل بخير ؟
نادر:- بخير بخير يعني لا تقلقا ، قد أتيت لأجل ميرنا
إياد:- هفف أوقعت قلبي
رامز(نظر أسفله):- أشك أنني سأضعها تحتي الآن بسببك ، منك لله يا شيخ
نادر:- ههه ما بكما يعني أتيت بلطف ، ماذا لو أتيتكما بصوت بوق سيارة الإسعاف ؟
إياد(بعدم تصديق):- ههههه ليس لتلك الدرجة يا رجل
نادر(حرك رأسه بقلة حيلة ممتعضا بدعابة):- بلى لتلك الدرجة .. لأن وائل فيها بالخارج وينتظر رؤية ست الحسن والدلال
رامز(تراجع للخلف بصدمة):- إلى هنا وكفى يا رامز، ضاعت أحلامك سدى
إياد(بدهشة نظر إلى ميرنا):- هو ده العشق ولا بلاش هههه …
بعد برهة صمت وتقدير للحالة المعاشة توجه إياد صوبها بهدوء ، فهو الوحيد القادر على إيقاظها دون أن يفزعها لكن لا يجدر بنا أن نثق به لتلك الدرجة ^^
إياد(حرك يدها بلطف):- ميرنتي .. روحي
ميرنا(تململت بهدوء):- إيااااد هل أتى الصباح ؟
إياد(مط شفتيه):- لا يختي بل أتى الفجر .. قومي قومي أنتِ مطلوبة بالاسم
ميرنا(انتفضت بفزع):- حكيم هل حصل له شيء .. و … هئئئئ نادر هنا وائل وائل هل هل هو بخير ما الذي يحدث أين أناااااااااا ؟؟؟
إياد:- مهلكِ يا بنت ستقتليننا رعبا عليه معكِ ونحن أصلا نعلم أساس الموضوع ، ههه وائل بالخارج ينتظركِ
ميرنا(عقدت حاجبيها وعادت برأسها للخلف):- كاذب … يستحيل أن يكون وائل هنا
نادر(لوح لها):- عذرا لمقاطعة صدمتكِ ميرنا هانم ، لكن بالفعل هو خارجا هلا تكرمتِ وأتيتِ معنا بلطف لأنه صدَّع رأسنا بكِ ميرناااااا
رامز:- مرمر هيا هيا رجلكِ بالخارج اركضي يا بنت ..
ميرنا(بعدم استيعاب نظرت لإياد):- أنتم لا تمزحون صح ؟
إياد:- تُئ قد جاء لأجلك ، هيا افخري بحبه قد تعدى كل الحدود … هه
ميرنا(عضت شفتيها خجلا وبشعور العشق المتدفق نهضت وهي تعدل شعرها):- هل شعري مضبوط شكلي يعني …؟؟؟
صرخ الثلاثة فيها:- والله مضبوط اذهبي إليييييييييه …وخلصيييييييينا !!
ضحكت منهم وركضت صوب الخارج ، عادتها في منتصف الليل أن تركض لأجله وها هي ذي ستراه بعد لحظات كم كانت تتمنى ذلك لكن صعب عليها الأمر ، إنما هو مجنون حقا هل أتى بالفعل وهو على ذلك الحال المتعب صدقا قد أصاب عقله خلل ما .. قالتها وهي تبتسم لماريا التي كانت خارجا تنتظر قدومها بجانب السائق ، وعليه صعدت ميرنا إلى سيارة الإسعاف وقام السائق بإقفال الباب عليهما ..
وائل(حين رآها رأى أبواب السعادة قد فتحت أمامه):- ميرناااا
ميرنا(جلست قربه بدموع ومسحت على وجهه):- هل فقدت عقلك ، كيف تأتيني وأنت على ذا الحال يا أهبل ؟
وائل(بعشق وضع يده على يدها وعيناه ترتاحان لرؤيتها):- وآتيكِ ولو كنت على فراش الموت ، الآن فقط استعدت راحتي ونبضي يا عمري .. اشتقت لكِ حد التعب
ميرنا(قبلت يده بحرارة وهي تداعب شعره):- يا طفلي المدلل ..
وائل:- نظرة منكِ تتسرب الآن في سائر جسدي ، لتركض السيالة العصبية إلى عقلي وتحثه على الشفاء فحبيبتي بحاجة لي قربها يعني لا يجب أن يطول حالي هكذا لأجلكِ روحي
ميرنا(عضت شفتيها وهي تقاوم دموعها):- أحبك يا مجنون ..
وائل(بنظرة عشق):- يعني لم تغضبي مني ؟
ميرنا(حركت رأسها نفيا):- لاء
وائل:- لكن في اتصالنا الأخير هددتني إن أتيت سوف لن تريني مجددااا ، هل ستعاقبينني ؟
ميرنا(داعبت خده بظاهر يدها وهي تتلمسه بحنان):- لقد حذرتك بذلك ، ولكن في عُرف العشاق كل الوعود قابلة للنقض .. أليس كذلك يا حضرة المحامي ؟
وائل(ضحك من قلبه لحظتها):- هههه هه لأول مرة تستعملين ألفاظي ، معكِ نسيت مهنة المحاماة وإدارة الأعمال ، نسيت ذاتي وصفاتي ولم أعد أعرف شيئا سوى عدد نبضاتي التي تعشقكِ يوما بعد يوم
ميرنا(بهيام):- يعني اشتغلت محاسبا لأجلي في نهاية المطاف
وائل(عض طرف شفته وهو يتأملها بأنفاس اللهيب):- لأجلكِ أكون ساعيا حتى عند باب قلبك ، فقد تعطفي علينا بكرم عطائكِ الحنون
ميرنا:- هوووه شكلك قد أدمنت لقاءاتنا الليلية ؟
وائل(أمسك يدها بقوة وقبلها):- أو تعلمين لماذا أدمنتها ؟
ميرنا(ابتسمت بخجل):- أخبرني
وائل:- لأنها تجعلني أرى شمس الليالي خاصتي ، أنا وحدي من يستطيع رؤية أشعتكِ التي تتخلل عيوني وتجعلني مولعا بكِ لدرجة الهذيان
ميرنا:- أظنك بفعلتك الليلة قد تخطيت كل القوانين ، لا أعلم كيف سأتصرف معك الآن لعلمك بحضورك في سيارة الإسعاف هذه قد علم الحاضر والغائب أننا التقينا ، يعني انفضحنا
وائل(مط شفتيه بلا مبالاة):- وإن يكن .. فأنا لن أتخلى عنكِ حتى لو قتلوني ألف مرة
ميرنا(عقدت حاجبيها من جملته المؤثرة وابتلعت ريقها):- تمام أنا أقترح أن تستعيد عافيتك ، وبعدها نفكر في طريقة جدية تمكنك من استعادة أملاكك همم
وائل:- يعجبني تلميحكِ ، فصدقا صدقا أصبحت مشاعري تباغتني في خلوتي منددة باستحضاركِ على وجه السرعة
ميرنا(تبسمت من شدة شعورها به):- يا روحي ..
وائل:- آسف لما فعلته أختي في حق حكيم ، حين علمت انزعجت منها كثيرا وخشيت أن تأتي لزيارتي كي لا أوبخها لكن مصيرها ستلتقي بي وقتها سأؤنبها جيدا على ما فعلته
ميرنا:- لا تفعل أرجوك ، هي أصلا قامت بذلك خوفا عليك ثم هي لا تعلم ما يدور في الخفاء وأن هنالك أعداء يحاولون النيل منا .. لذلك يفضل أن يبقى حكيم متهما في نظرها أفضل من أن تعيش في الكابوس الذي نحياه نحن ..
وائل:- سينتهي .. أعدكِ أنني سأنهيه بنفسي وبعد وقت وجيز ..
ميرنا(عقدت حاجبيها وهي ترسم ابتسامة لتطيب خاطره):- فيما تفكر ؟
وائل:- هل تثقين بي ؟
ميرنا:- هذا ليس جوابا لسؤالي ، لكن أهاااه أثق بك فوق اللامحدود
وائل:- لو طلبت منكِ يوما أن تهربي معي .. هل تفعلينها يا ميرنا ؟
ميرنا(رمشت بعينيها لوهلة ثم بتفكير):- أنت لست جديا صح ؟
وائل(بلهفة):- أجيبيني
ميرنا:- أتقصد في ظل هذه الظروف الراهنة ؟
وائل:- نعم ..
ميرنا(حركت فكها وعضت داخل فمها ونظرت إليه):- لا أستطيع ذلك وائل .. لن أغامر بحياتك مجددا لأنني عرفت ثمنها غاليا جدا
وائل(تشبث بيدها وجذبها إليه):- لا تهتمي بأي شيء .. سأحل الأمر بطريقتي ولن يحدث أي مكروه لأي واحد فينا صدقيني
ميرنا:- تت عموما عموما نحن نتحدث عن سمك في عمق البحر ، لما لا تنتبه لصحتك أولا وتخدم مدينة جسمك لتستعيد ازدهارها قبل أن تفكر بتهريبنا ؟
وائل:- لما علي أن أشعر وكأنكِ تطردينني ؟
ميرنا(قبلت خده وابتسمت):- لأنني أفعل ذلك حقا .. هيا إلى المشفى ولا تعد هذه الحركة لأنني لن أخرج المرة الثانية لمقابلتك كعقاب لك على عدم انصياعك لأوامري مفهوم ؟؟
وائل(ضحك من نبرتها الآمرة):- حتى في تسلطكِ مبهرة .. أعشقكِ
ميرنا(همست بخفوت):- وأنا …
ظلا يتهامسان بكلام العشق برهة من الزمن الذي سرقوه من حياتهم المستحيلة ، أجل سرقوه سرقة بل انتزعوه من لدن الرفض والعوائق التي تحيط بهم من كل حدب وصوب ، فوائل قد صرح الآن بقدومه المبهرج ذاك أنه لن يتخلى عن تلك المرأة مهما فعلوا به ، قد كان جوابه واضحا لهم بعد تلك الحادثة وأكيد هو موقن أن مثل ذلك الخبر لن يبقى قيد الكتمان ، بل قد تم وصوله للجهات المعنية في الحين واللحظة ، إلا حكيم الذي أكيد سيعلم به يوم غد … ساعة كاملة وبعدها تملصا من روحهما مثل كل مرة يلتقيان بها ، كأنه حين تدق الدقيقة ما بعد الساعة عليهما تصبح أنفاسهما في خطر .. فهو ملزم هذه الفترة أن ينتظر ويصبر لينفذ خطته وهي مهما ودعته وحتى لو تركته لأجل مصلحته تجد نفسها تعود إليه كل مرة ، لن يسعها التملص من شيء أساسا يعيش بداخلها … افترقا لحظتها وعاد به نادر صوب المشفى بينما جاء إياد إليها وأدخلها معه لمكتب رامز من جديد ، لم يحدثها أيهما بل تركوا لها فسحتها التي بدأتها بالبكاء الموجع مثل العادة .. أما هو فما إن أدخله نادر لغرفته برفقة ماريا حتى وجدا هنالك فؤاد يحمل علب عصير وينتظر المسكين أن يظهر خبر منهم ، ولما عرف بوجهتهما السابقة ضرب على وجهه وأخذ يصرخ يصرخ يصرخ في وائل كي يتعقل لكن من يسمعه فهذا الأخير كان مبتسما طوال ذلك كيف لا وقد سحبته معها نحو سحابة العشق اللامتناهي … وجد فؤاد نفسه أمام ابتسامة بلهاء يعرفها جيدا وهي ابتسامة الإفراط في الحب ، يعني لن يسعه تغيير شيء في عقلية شخص عاشق سيقدم على أي شيء لتحقيق حلمه وحلم محبوبته ، التي لا زالت تبكي ولا تدري حتى علام تبكي فقد تراكم كل شيء عليها والرعب من المجهول يزيد قلبها ضيقا وقلقا لا تعلم كيف ستتصرف خصوصا بعدما ذكره حكيم عن الفهد فهذا يعني أنه قريب منهم لدرجة لا يمكنهم تصورها ، وهذا ما زعزع ثقتها بالظروف لأنه يجب عليها خلق الأسباب التي ستساعدها في بحثها عنه ولو كلفها ذلك الثمن غاليا …

أسقم ليلة مجددا ، لنقل أنها مرت عليهم بشكل مهلك لكل قلب وكل روح ، جميعهم مجروحين بشكل مؤسف يجعل الفؤاد منفطر … آه على فؤاد تذكَّرَ حين خروجهم من المخفر حين كان ينتظر رقية لاصطحابها في طريقه لبيتها ، لاحق نور إلى سيارتها واستوقفها لكنها لم تتوقف بل رمقته شزرا وركبتها وغادرت تاركة إياه جاثما هناك يتأوه بعمق فاللحاق بها ما يزال مستمرا لأجل غير مسمى … أتاه همام لحظتها والذي أخبره أن الآنسة هديل عادت لقصر ضرغام اطمئن وقتها عليها فهي مجنونة لا تعرف أن ما اقترفته لن يمرره أخوها بسهولة ، لذلك ظل يناظره فؤاد بعين كسيرة بينما كان وائل قد نام آنذاك بعد موجة تفكير سقيمة ، كان يعبث وحيدا بأحلامه فمنذ أن رأى شمسه استلقى مفكرا بعمق في حياتهم التي تزيد تدهورا مرة بعد مرة ، وأصعب شيء من ضمن كل هذه الكوارث أن يكون عاجزا مثل الآن ، هو في وضع صحي يمنعه من أن يضم أميرته لصدره ويهدهدها بأن كل ما يعايشون الآن سوف يمضي مثلما تمضي الليالي بعد شروق شمس الغد .. هذا ما كان يصبره ويجعله يتحمل وطأة ذلك الوضع الذي أجبر عليه وجعله مقيدا لوقت محدد ، وقت سيختاره هو لكي ينهي كل شيء ويبدأ من جديد وبشكل صحيح مثلما بات يفكر مؤخرا ويخطط لإنجاز قراره وتطبيقه على أرض الواقع ، أيضا لم يغفل على محاسبة هديل فيجب عليه أن يعرف كيف واتتها الجرأة لتقدم على ذلك دون أن تعود إليه وطبعا بدون أن يعرف من مصدر موثوق توقع أن جده من أعطاها صلاحية تفعيل ذلك الخبر ، وبدوره لن يسلم منه أكيد .. كانت هنا مستلقية على سريرها تحاول أن تدرس قليلا لكي لا تضيع وقتا بينما تفكيرها يجعلها تشعر بالاعتزاز لما فعلته بحكيم فنظرة عيونه لها حين أخذته الشرطة كانت أكبر متعة بالنسبة لها ، جعلتها تشعر داخليا أنها نالت منه لكن لن تحلم فحكيم لن يدعها تعيش بهناء بعد هذا الفصل الناقص .. من جهة تذكرت حبيبها حازم وأحواله الغريبة التي كثرت قبل حتى مجيئها والآن بعد السفر صمت الأخ صمتا ما بعده صمت وكان وقتها في الديسكو يراقص جولي بين أحضانه وهما في حالة مخمورة مستمتعة ناسيا أمرها من أصله ، يلا ربما تستحق هذه الصدمة لتفتح عينيها أكثر … أما في بيت الراجي هوهووه القلوب المكسورة كثيرة ولا يمكن إحصائها لكن سنحاول على مهلنا ورانا إيه ^^ .. نبدأها بكبيرتهم التي كانت بغرفتها منسدحة على سريرها وعيونها تطالع صورة لهبة في صباها تأوه قلبها المفطور على فراق ابنتها التي لم تعرف حقيقتها إلا بعد موتها ، أسفت على الوقت الذي لم تمضيه معها فقد كان لقاؤها بها نادر جدا ولكنه كان عميقا وتتذكره أكثر شيء فقد حافظت على ذكرياتها مع ابنتها ، كي لا تسرقها منها الأيام فذلك آخر ما تملكه لأجل ذكراها ، لم يغفل عنها أن تشعر بالقنوط والغضب من ضرغام فكيف يتجرأ على الوقوف خارج بيتها وكأنه لم يذنب في حقها كثيرااا ، ما زال يعتذر وما نفع الاعتذار بعد الفقد .. بدوره كان يتفحص صورة قديمة لنبيلة حين أنجبت وبجانب الصورة كان بيده منديل أبيض فتحه برفق وأخرج منه خصلة شعر معقودة بطرف خيط على شكل الوردة ، كانت تلك خصلة لنبيلة ويا عيني على العشق لما يترجم على طريقة القدامى ، شعر ضرغام بالحسرة عليها ولكن ليس بيده شيء ليفعله فمثلما قالت لن يسعه إعادة الموتى … في غرفة أخرى كانت هذه الأم تبكي بغبن وهي تمسك كتاب الله بين يديها وتقرأ من آيات الذكر الحكيم ما تيسر لها ، لعل رب العالمين يشفع لهم ويطلقوا سراح ابنها ، كذلك عواطف كانت تدعو الله له وهي تشعر بالاختناق من كل تلك الأحداث فهي أكره شيء بالنسبة لها ، أن تستذكر أيامهم الصعبة أثناء موت سليم واحتجاز طارق وشهادة رماح التي تسببت بسجنه الطويل كل هذا الوقت مع الأسف .. عفاف أيضا تذكرت ذلك اليوم الأسود ومهما حاولت نسيانه لم تستطع فما زال قلبها ينتظر نبضه الذي أبعدها عنه قسرا كي لا تتألم ، ابنتها نهال كانت رفقة شيماء بغرفتهما نائمتين في سكينة فواحدة نامت وهي تفكر بأحداث عيد ميلاد أخو جيهان محاولة جمع خيوط اللعبة المحاكة ضدهما ، والأخرى نامت بارتياح فآلام جسمها المضروب ما زالت ملتصقة بجوارحها ويلزمها مدة كي تشفى .. هنا كانت إخلاص تبكي أخاها ابنتها حالها أيامها كل شيء يسوء وما زالت لا تعلم ما المصير مثلها مثل رنيم التي كانت ترضع ابنتها في حضنها وعيونها تسيل بدمع حارق فبعد رؤيتها لرأفت بتلك الطريقة مات في قلبها الكثير ، وعزمت على أن تولد من رحم الرماد فلا هو ولا عشرة مثله سيستطيعون كسرها ، ستثبت له ولنورهان ووجدان وكل من استهان بها ما ستكون عليه رنيم الراجي … الحال لم يكن سارا جدا بالنسبة لمرام التي دفنت نفسها بين الدراسة والعمل العمل العمل فقد أمسكت بعض الأعمال من قبل الأستاذ هاني لتعطي دروسا في العزف لفائدة الناشئين الصغار ، وذلك لن يكون سوى عبء آخر فوق كتفيها ألقته طوعا لتمحي اسم فريد النهواني من عقلها ، لن تستطيع هي تعلم لكنها ستجاهد في سبيل ذلك ، رغم عذابها وعذابه ما تزال الأمور بينهما غير حميدة .. كذلك مع دعاء لم تكن جيدة فما إن تم ذكر مسألة الزواج من جديد في بيتهم شعرت بالموت هي يصعب عليها أن تتعامل مع أي رجل من جديد ، حسام قد حطم كل شيء فيها وليس هنالك غير ابنها الذي ستكافح لأجل بقائه .. حتى معاد تحاشت اتصالاته وبدوره توقف عن الاتصال من أيام لا يريد أن يزعجها طالما لن تفتح قلبها له عاجلا …. أما في قصر ميرا فقد كانت الأحداث غير لأنها كانت تحضن رأس شهاب النائم على صدرها وعيناها تبكيان الدم من شدة الخوف من الغد الذي ينتظرهم ، فما زالت كلمات الطبيب تنخر في عقلها وهذا ما أرعبها على ابنتها فلة أجل هي مصممة على هذا الاسم لذلك نأمل ألا يكون مصير فلة مثل بطلة القصة التي ترعرعنا عليها منذ صغرنااااا .. إلى هنا وربما أتممت نشرة الأخبار المسائية ونلتقي في صبيحة اليوم التالي …^^

في المعسكر
كانت التدريبات على أوجها فها هي وصال تترأس مجموعة البنات وهن يحملن جذع الأشجار ، ويمررنه من اثنين لاثنين في سطر طويل تعدد ليتمم 40 جندية أي عشرة في كل صف ، المهم كانت تصفر وتمر بين كل صف وصف وتأمرهن بالمثابرة والتعب لأجل تحقيق الغاية المنشودة ، لحد الآن كان الوضع طبيعيا لكن حين ألقت ريحانة بجذع الشجرة أرضا هنا بدأ التوتر ولنقل بداية المشاكل ..
وصال:- انتبااااااااه … جندية ريحانة احملي الجذع وعودي للصف مع زميلتك
ريحانة:- أنا لن أحمله لقد تبعنا من هذا التدريب الصبياني
وصال(رفعت حاجبها وتوجهت إليها):- هل تنعتين تدريبي بالصبياني ؟
ريحانة:- أجل هو كذلك ، فيوم أمس تطلبين منا حمل بعضنا البعض والركض لمسافة ميل على الأقل ، واليوم نرفع الأخشاب ونمررها بين بعضنا بشكل متسارع ، طيب غدا ماذا ستطلبين منا أن نتعلق في الهواء ونلعب العجلة ؟
وصال:- لسانكِ ذاك يستلزم تشطيبا ، وإن لم يعجبكِ التدريب هنا يمكنكِ التوجه لغرفة التنظيف والبدء بغسل سجاد المعسكر
ريحانة(انزعجت من إهانة وصال):- أنتِ …..
وصال(رفعت عصاها البلاستيكية السوداء وأشارت بها نحوها):- كلمة أخرى سأطردكِ خارج المعسكر ، اغربي عن وجهي الآن وإلى غرفة التنظيف فوراااااااااااا ستغسلين كل السجاد لوحدكِ ودون مساعدة وأمامكِ ساعتين أقسم إن لم تنفذي أمري ستجدين مني ما لا يسرك
ريحانة(نظرت للبنات خلفها وهن يتهامسن على هزيمتها أمام وصال):- تذكري هذا اليوم جيدا
وصال(صغرت فيها عينيها وبلؤم):- دونته حتى …. هياااااا وأنتن عودوا للتدريب هيا هيا لا وقت لنضيعه في التفاهات …
ريحانة(وهي تسير بغضب):- الغبية الحقيرة العاهرة ، هي تعرف المكر فقط في مكتب الرائد الذي تبقى فيه أزيد من ساعة لكن معي تتفنن في العقاب ماشي يا وصال سترين …
ذهبت لغرفة التنظيف ونظرت لكمية السجاد الذي ينتظرها ، طبعا مستحيل تنهيه في ظرف ساعتين ولوحدها ، فعلا عرفت وصال المعنى الحقيقي لعقابها على الأقل تهلكها من التعب لتحفظ ذلك اللسان القذر … سرحت سجاد وصبت علبة صابون وسطه وأمسكت الخيط المطاطي خاصة الماء وبدأت ترش السجاد بكميات كبيرة حتى أغرقت الغرفة وما فيها ، طبعا لم تبذل جهدا كل سجاد تمسكه تفعل بي ذلك ودون شقاء لحين ارتفعت كل القطع فوق طاولة هناك ونظرت لإنجازها ، ابتسمت من نفسها وتركت المكان غارقا في مائه وخرجت للمهجع وانسدحت على سريرها ونامت ، ههه بيت أبوها يمكن …. وصل خبر الماء الذي أغرق غرفة التنظيف لوصال التي أوقفت التدريبات وطلبت منهم أن يركضوا في الساحة 5 مرات ، لم ترحم تذمرهم بل صرخت فيهم وانطلقوا متذمرات أما هي فتوجهت للمهجع لترى تلك البلوة المسماة بريحانة ..
ريحانة(شعرت بشيء يدك ذراعها):- ممم .. دعوني أنام
وصال(دفعتها بقوة):- انهضي من فراشكِ بسرعة
ريحانة(فتحت عينيها بتثاقل ورأتها):- ماذا تريدين مني بعد قمت بتنظيف السجاد ، إذن دعيني أرتاح أنا لست عبدة في بيتك
وصال(أغمضت عينيها بنفاذ صبر ودفعت يدها مجددا بالعصا):- أولا حين تكلمين حضرة النقيب ، يجب أن تتكلمي باحترام لذلك انهضي من سريركِ وألقي التحية واطلبي الإذن لأرى إن كنت سأعطيكِ فرصة للحديث أم سنرى معا ما اقترفته
ريحانة(نهضت بتثاقل وهي تمط شفتيها بكره واشمئزاز):- قمة العنصرية ما هذااا .. ها نحن هااه قد استقمنا انتباه يا حضرة النقيب
وصال(مسحت جبينها مع هذه المصيبة المتعبة):- ما الذي تريدينه تحديدا ؟ أن تثيري الفوضى بالمعسكر أو أن تظهري للبنات أنكِ قوية لا تنهزمين .. أي عقدة تحملين بداخلكِ جعلتكِ هذه الإنسانة التافهة الغير مبالية ؟
ريحانة(اهتزت وهي تشهق):- هاااااهههه .. كيف تجرئين على نعتي بالتافهة ؟
وصال:- لن أستغرب إن علقتِ على هذا الجزء فقط من جملتي ، لكن ليكن بعلمكِ أنني لم آتي إلى هنا عبثا ، وكل ما تفعلينه أو تحاولين فعله قد عايشته مليون مرة أيام الجامعة يعني أنا أقرئكِ جيدا فحذاري مني .. حذاري والآن اتبعيني لغرفة التنظيف يظهر لي أنكِ تعودتِ على وقوف الرؤساء فوق رأسكِ لتنهي عملكِ وأنا أملك الأمسية كلها لأجلك .. تحركي
ريحانة(رمشت بعينيها وهي تنفث غضبا وتعد وتتوعد):- تمام …
وجدت نفسها أمام سلطة الأقوى ، فوصال لم تعطها فرصة لتتنفس تريد أن تكسر رقبتها قبل أن تفكر بخلق العصيان والفوضى بالمعسكر ، وقفت عليها كالعمود مكتفة يديها بينما كانت هي تجفف بأداة التجفيف أرضية الغرفة وعيناها مرة بعد مرة ترمقان وصال بخبيث النظرات ، مرت نصف ساعة إلى أن وقف كامل كمال بجانب وصال وهمس لها بشيء ما …
وصال:- إن لم تنهي هذا وتكملي عملكِ لا طعام لكِ اليوم … أنجزي نحن لسنا بحفلة
كامل(عقد حاجبيه وهو يسير جوارها):- أنا وأرعبتني ياااااه يا سيدة وصال حين تصبحين الرائد جاسر رقم اثنان ، تتوعك معدتي
وصال:- ههه من يتلكع في تأدية واجبه يجدني له بالمرصاد ، وهذه الأخت دخلت وبنيتها شر مبين للجميع لكن ليس عندنا
كامل:- أعانكِ الله ، صراحة مسؤوليتكم كبيرة سيدتي أشك أنني أستطيع تحمل مثلها في يوم من الأيام هههه
وصال(نظرت إليه عميقا وتابعت مسارها):- أنت كن بخير فقط ، ولا يهمنا أي شيء آخر غير صحتك يا كامل
كامل(ابتسم بصدر رحب):- إذن لأترككِ كي تري العم حسين وأنا سأركض للقاعة الرياضية إن لم أحضر سيقتلع الرائد ركبتي ههه..
وصال:- تمام يا كمول
دخلت إلى المطبخ الكبير ووجدت العم حسين واضعا قبعته على سطح الطاولة ، وهو يرمق الست فوزية التي اكتسحت الوسط وتركته يحسب النجوم ههه
وصال(كتمت ضحكتها من نظرته المضحكة):- عمو حسين ؟
حسين(نهض إليها هرعا):- هاه الحمدلله أنكِ أتيتِ يا حضرة النقيب ، أنظري بعينكِ لهذه المرأة التي جاءت مع فريق البنات لقد اكتسحت مطبخي اكتساحا .. و لا تزال تعترض على طبخي وطريقتي في إعداد الطعام إنها لا تصمت دو دو دو دو وحين أعترض تهددني بملعقة الخشب وأنا نفسيتي لا تستحمل أي والله لا تستحمل ..
وصال(وضعت يديها خلف ظهرها وتقدمت صوبها):- ست فوزية ، إن ..
فوزية(رفعت ملعقة الخشب لأعلى ونظرت إليها):- إن اقتربتِ خطوة من قدري سوف تنالين مني عقابا شديدا ، أنا في المطبخ لا أعرف أمي وحتى لو أحضرت لي المدير بنفسه لتشتكيني إليه لن أعدل عن التراجع من هذه البقعة ، قد أعجبتني للطبخ وأنت يمكنك أخذ الجانب الآخر
وصال(تراجعت إليه):- أشك بأن قوتها أكبر مني حتى أنا يا عم حسين ، ثم لما لا تتخذ ذلك المكان يعني وتترك الخالة فوزية تأخذ مكانك ، بالأخير هي ضيفتنا صح ؟
حسين:- مستحيييييييل ، إن كانت هي امرأة ويخيل إليها أنها ستكسبني بالقوة ، فأنا رجل ولن أترك امرأة تتفوق علي وعن مكاني لن أتنازل
وصال(ضربت على يدها):- الله يخرب بيت أم الإنشاء خاصتك يا عم حسين ، اسمع مني ودع لها المكان يعني عيب نحن أهل المعسكر وهي ضيفتنااااا
حسين:- لن أتنازل عن مكاني ولو انطبقت السماء على الأرض
فوزية(وضعت يدها على جنبها والأخرى تلوح بالملعقة):- وأنا لن أتزحزح قيد أنملة من هنا
جاسر(دخل على الخصومة):- مممم ماذا يحدث يا أهل المطبخ خيرا ؟
وصال(ابتلعت ريقها وهي تخفي بسمتها ونظرت إليه ببريق لذيذ):- أ..احم يعني الخالة فوزية أخذت محل العم حسين ، والعم حسين يطالب بمحله والخالة فوزية ترفض مبارحة محلها يعني وقعنا في أزمة
جاسر(همس لها وعبر بجانبها):- وصالي …
وصال(وضعت يدها على خدها بخجل وعضعضت شفتيها تتابعه):- .. هه
جاسر:- ها يا عم حسين لما لا تعطي للخالة فوزية محلك ، ما عرفتك شجعا هكذا ؟
حسين:- ليس جشعا ولكنها تريد أخذه عنوة ، ولو طلبته مني بالحسنى كنت تنازلت إنما بما أنها استخدمت ملعقة الخشب سأضطر لاستخدام ساطور اللحم
وصال:- هئئ ..
جاسر(عض فمه):- يا إلهي هل تنوي ذبحنا ؟
فوزية:- فليقترب وأنا أقسم جبهته لنصفين ، قال ساطور قال
حسين:- دعها تبتعد عني وإلا مزقتها هذا مطبخي وأنا الآمر الناهي فيه ، هي التي يجب أن تتبع قوانين هذا المعسكر لا أنا
فوزية(تململت برقصة مضحكة):- لا والله كلني أحسن ولن تصل لمبتغاك أيها الرجل الجشع
حسين:- اشهدا على طول لسانها
جاسر(ربت على كتفه):- احم عم حسين ولو أنت الرجل وأنت العاقل هنا يعني ، أقصد الخالة فوزية تستحق ذلك المكان لأنها ضيفتنا وأنت خذ الجانب الآخر وهكذا كل منكما سيكون حرا في عمله وستطبخون لنا أشهى أكل .. تمام ؟
حسين:- والله لوجهك الحسن هذا ووجه النقيب وصال سأتنازل لها لكن بشرط ؟
وصال:- أيا كان نحن موافقون هااا ؟
حسين:- سنقسم المطبخ لنصفين ما على اليمين لها وما على الشمال لي .. هل توافقين ؟
فوزية(نظرت للمكان وحسبت حسبة غريبة وأشارت بملعقتها):- موافقة
جاسر:- هاه أخيراااا تم الصلح هيا إلى العمل الآن ، ولا نريد مشاكل مجددا
حسين(بنظرة انتقامية فيها):- حممم سمعا وطاعة
فوزية(بنفس النظرة):- الآن بدأتِ اللعبة حممم …
جاسر(مر بجانب وصال):- الحقي بي بعد غضون 3 دقائق ، سأكون بالدرج الجنوبي
وصال(بدفء همسه تعثرت في الكلمات وهي تنظر حولها):- تمام .. احم ..
يعني 3 دقايق يا سي جاسر قليلة في حق الفتاة التي وقفت قرب زجاج المطبخ ، تحاول أن تضبط نفسها وأنفاسها قبيل لقائك ، كانت تسير بهدى خافتة تلتفت يمينا وشمالا كي لا يرمقها أحد وصعدت الدرجات درجة درجة وهي تركض واعتقدت أنه سيكون فوق لكنه فاجأها بإمساكه لها وهذا ما أفزعها وكادت تسقط لولا أنه أمسكها بحرص ..
وصال(تنظر لحضنه وقدميها اللتين لم تلامسا الأرض ، قد رفعها كالطفلة):- ويلي ويلاه ، .. أ.. أحم ههه جيد أنك أمسكتني
جاسر(جعلها تستقر أرضا بهدوء):- وهل أنا قادر على فعل شيء سوى الإمساكِ بكِ
وصال(اهتزت بحرج):- أوك لسنا متعودين على هذا النمط من الحديث
جاسر(باستغراب):- لسنا ؟؟ أنتِ ومن ؟
وصال(عضعضت شفتها وهي تنظر أرضا):- أنا وقلبي ..
جاسر(ابتسم وأطل عليها):- ماذا فعلتِ بي يا وصال محفوظ ؟
وصال(رفعت عينيها بنظرة مهلكة لقلبه وهزت كتفها بغنج):- لا شيء ..
جاسر(لامس خصلة شعرها الثائرة من تحت القبعة):- عندما ننهي هذه الدورة ونعود للمدينة ، أريد محادثة العم بشير مباشرة لكن بشرط ألا يستقبلني بعصير الشمندر من جديد .. لم أنسى ما فعلته بي يومها
وصال:- هههه قد كان منظرك مهلكا صراحة ، لكن جيد أنك ذكرتني به سيكون باستقبالك
جاسر(تأمل ضحكتها وزفر بعمق):- علي أن أتوجه لمكتبي لأنهي بعض الأعمال ، وأنتِ ماذا ستفعلين ؟
وصال(تحركت قصد النزول وأردفت):- سأشتاق لك
جاسر(فتح عينيه من جملتها الساحرة وجذبها من يدها بقبضته الحديدية ودفعها إليه):- إلى أين المفر من قفصي يا وصالي ؟
وصال(أغمضت عينيها وهي تستطيب عطره القاتل):- جاسر ..
جاسر:- هل أخبرتكِ أنني أعشق اسمي حين تنادينني ؟
وصال(فتحت عينيها):- مبتذلة قد تم ذكر هذه الجملة سبعين ألف مرة في المسلسلات
جاسر(وضع إصبعه بين حاجبيها المنعقدين):- لكن كل تلك المسلسلات كذب في كذب ، أنا أحكي عن واقع يعني لو أنني لم أشعر بالاختلاف بين ندائكِ ونداء كامل لي لما أخبرتكِ هه
وصال:- ههه كامل هاه .. تت سأنسحب ورائي عمل ، ثم لا يجدر أن نختفي سوية يعني لسنا وحدنا
جاسر(تركها تتملص منه ونظر إليها وهو يشير لها بعينه):- لو تحرش بكِ أي بغل خبريني لأربطه بالساحة مااااشي
وصال(شهقت بضحك):- ههه أكيد لن أفعل …
ابتسم وصعد الدرج متوجها لمكتبه ، بينما نزلت هي والسعادة تغمرها وتوجهت لعملها وهنا رمت هذه السجاد على الأسلاك ووضعت يديها على خصرها ..
ريحانة(كانت تنظر إليهما من الساحة):- هكذااا إذن ، تعشقين الرائد بدون حياء وتضعينني برأسك هههه أقسم أنني سأجعلكِ توقعين على وثيقة استقالتكِ بنفسي .. مهلكِ علي مهلكِ
توعدتها بكل سيء ومسحت يديها بعد أن قامت بنشر كل السجاد على الأسلاك الحديدية العريضة ، بعدها توجهت ركضا صوب مكتبه دون أن تنتظر الإذن وهنا انتفض وجمع ابتسامته بصرامة
جاسر:- ما هذا الذي تفعلينه يا آنسة ،، كيف تقتحمين المكتب دون إذن مني ؟
ريحانة:- آسفة يا سيدي الرائد لكن الموضوع طارئ
جاسر(رفع حاجبه):- تكلمي بسرعة وعودي لموقعك
ريحانة:- لتوي أنهيت غسل السجاد كله وقمت بنشره
جاسر:- عال برافو عليكِ ، أكيد قمتِ بذنب جعل النقيب وصال تعاقبكِ هذا العقاب
ريحانة(طبعا ستدافع عليها):- ولكن ولكن ألا ترى معي أنه ظلم يعني ..أنا جندية ولست خادمة
جاسر:- أصلا أنتِ لم تبرهني حتى الآن على أنكِ جندية ، وأشك أنكِ بهذا التقاعس وهذه التصرفات ستتسببين لنفسكِ بالطرد ، فالجندي سلوك قبل أن يكون نمط حياة
ريحانة(برقت عيناها وهي تتفتف):- ولكن أصلا لم تمنحني النقيب وصال فرصة ، هي دائمة الملاحظة علي شخصيا ولا أدري لما تكرهني لهذه الدرجة
جاسر:- لو سمحتِ قبل دخولكِ ماذا قرأتِ على لائحة الباب ؟
ريحانة(بتذكر):- أ.. مكتب الرائد
جاسر(ولاها ظهره وجلس على مكتبه بأريحية):- تمام ، يعني لم تجدي تحتها سطرا مكتوب عليه مكتب الشؤون العسكرية والشكاوي لذا غادري فورا مكتبي لا وقت لدي لهذه الترهات
ريحانة(شعرت بالحرج وهي تتغلغل من رده):- بأمرك سيد جاسر بأمرك …
نزلت مسرعة من عنده وتوجهت للمهجع وهي تقضم أظافرها تنتظر لحين اجتمعت شلتها
ليلى:- طيب ماذا تقترحين ؟
ريحانة:- لا أعلم لا أعلم لكنني أرغب بشيء يحرق قلبهااا ، ويكسر عين ذلك الرائد
ليلى:- والله لم يخطر شيء ع بالي لكن يجدر ألا تكسبي كرهها حاليا ، يعني كي لا تضعكِ برأسها وحين تطمئن لكِ نضرب ضربتنا ؟
ريحانة:- أول مرة يا بغلة تقولين كلاما مفيدا ، حسن منذ اللحظة سأحسن التصرف لكن حين يحين الوقت سأجعلها تبكي ولن أكون ريحانة إن لم أفعلها ..
على توعداتها التي لا تنتهي أظن أن البث انقطع قد أثقلت قلبي ، ما أثقل دمها خسئتِ يا بنت أساسا لن تسمح لكِ وصال بكسرها وجاسر سيريكِ جهنم الحمراء في عز النهار لو آذيتِ شعرة من شعر وصاله ، ما صدقنا باحا لبعضهما بعد كل هذا الوقت من العذاب وتأتين أنتِ لتكسري الجو تنكسر عظامك إن شاء الله ههه ..
وعلى الدعاوي والتنبؤات سننتقل لقسم الشكاوي الحقيقي بهذا المكتب
المدير:- هه آنسة كوثر صدقا لم أفهم أي حرف مما تقولينه ؟
كوثر(ابتلعت ريقها):- سيدي المدير وضحت لك أسبابي ، أنا أرغب بالانتقال من هذا الفريق ويمكنك نقلي لأي فريق آخر لو سمحت
المدير:- ولكن ما السبب ، قد كنتِ أنتِ وزياد فريقا متكاملا للحقيقة لا أدري ما الذي جد بينكما ، وإن كانت هنالك مشاكل خاصة يا ليتكما تحلانها لأننا أمام مشروع مهم لسكن اقتصادي ولن يتسلمه سوى أكفأ مهندسين بشركتي
كوثر(ابتلعت ريقها متملصة من الحديث):- يعني لا أمل ؟
المدير:- لا أمل .. عودي لعملكِ يا كوثر ولا تجعليني آخذ منكِ موقفا وما دار بيننا سيبقى بيننا لا داعي للشوشرة ماشي
كوثر(بأسف لوت شفتها):- بأمرك سيدي المدير ..
خرجت من مكتبه وهي تدك الأرض بعصبية بكعبها ورمت بشعرها الأشقر خلف ظهرها وهي تتأفف ، وكان ذلك الشعر آخر شيء استطاع رؤيته فور خروجه من المصعد ، عدل ياقة قميصه ولحق بها لمكتبها قد كانت أمامه تسرع بطقمها البرتقالي الناعم ، وكم بدت ساحرة فيه شقرائه زرقاء العينين ، اشتاق لها ولعطرها المسكر الذي يسحبه خلفها سحبا لحين ارتطم برأسه مع باب مكتبها فاندفع دون قدرة على التحكم بجسمه ..
كوثر(رمقته ورفعت حاجبها وهي تجلس على كرسيها بلا مبالاة):- .. خيرا سيد زياد بما أخدمك ؟
زياد(سيد زياد هذه طريقتها الجديدة لمعاقبتي):- كوثر أنا ..
كوثر(فتحت ملفا):- أسرع فقط لأن لدي عمل كثير ..
زياد:- طيب اسمعيني
كوثر(وضعت نظاراتها البصرية وأمسكت قلم الرصاص خاصتها):- همم أنا أسمع
زياد:- لا تفعلي هذااا ، نحن متحضرين كفاية حتى نحل الموضوع بشكل أفضل
كوثر(أخذت تخط في ملفها):- تمام عن أي موضوع تريد أن تتحدث
زياد:- عن زواجي و..
كوثر(قاطعته بصرامة ونظرت إليه):- عفوااا … كأنني سمعت كلمة زواج ألف مبروك يا زياد وهبي فرحت لك يا زميل ، صدقا آه ذكرني كي أنشر الخبر في الشركة يدوب تجمع بعض التهاني والتباريك لأجل عروسك هه ..
زياد(نظر إليها باستغراب):- هل أنتِ بخير ؟
كوثر(ابتسمت وعادت لملفها):- في أفضل حالاتي
زياد:- توقعت أنكِ لن تأتي اليوم ؟
كوثر:- وتوقعت أنني سأبقى أبكي في فراشي شهرا بأكمله وأضيع عيوني الجميلة لأجل رجل خائن ، ههه بليز زياد أنت تعرفني كفاية فأنا إن كنت ساذجة قبلا وأبكيك لأجل التفاهات ، اليوم قد نضجت ونضج قلبي بسببك ولن تسقط دمعة من عيني لأجل شخص مثلك ، وإن كنت اكتفيت واستمعت لما أردت سماعه مني ، تفضل مشكورا إلى مكتبك لدي عمل
زياد(عقد حاجبيه منها من أين أحضرت كل هذه القوة):- كلامنا هنا لا يليق ، سنتحدث فيما بعد يا كوثر … فيما بعد
كوثر(لوحت له دون أن تنظر في وجهه):- أغلق الباب خلفك رجاء سيد وهبي
زياد(نظر إليه وهو يحرك رأسه بقلة حيلة وصفقه بقوة):- ما بها هذه كيف تحولت لهكذا امرأة لا تحس ولا تشعر ؟؟؟؟؟ تتت أمر غريب
فور خروجه أغلقت عينيها وأمسكت على قلبها ، ثم رمت قلمها ملفها نظاراتها على المكتب وأخذت تنفخ الريح على وجهها وهي ترتعش وترتجف
كوثر:- لن تبكي يا كوثر لن تبكي ستكونين قوية كما وعدتِ أباكِ قوية هاه ، تذكري ما قاله الأستاذ عبد المالك الهلالي [ إن هزمتِ أمام رجل لا تجعليه يُحس بأنهُ انتصر عليكِ ، بل اجعليه يندم لأنه فكرَ ولو للحظة أنه قادر على تحطيمك ، فالمرأة كائنٌ يشبه طائر الفينيق حتى لو احترق وأصبحَ رمادا إلا أنه ينبعثُ من عمقه ، وهي مثله تنبعثُ من عُمق جُرحها ووجعها وتُصبح امرأة قوية لا تهزها ريح ..] ههه كلامك بابا أراحني الآن شكرا بابا .. أجل سأكون جلمود صخر أمامه لن أضعف لن أبكي ولن أستسلم .. همم هو الخائن ولست أنا هو هو هو
أكملت آخر شتيمة لها وزفرت بعمق وهي تسترجع أنفاسها لتغرق ذاتها في العمل ، كي تنتزعه من تفكيره انتزاعا لكن أن تقتحم هذه مكتبها بكل وقاحة وبعدم ذرة إحساس فهذا كثير عليها في ذات اليوم ..
حياة:- عذرا سألت عن مكتبكِ ودلوني عليه ، هل لي أن آخذ من وقتكِ دقيقتين ؟
كوثر(اهتزت محلها وقد ضاعت كل مقاوماتها هباء منثورا):- أنتِ كيف تجرئين على الدخول لمكتبي ؟؟
حياة(دخلت وأقفلت الباب خلفها):- لو سمحتِ اسمعيني ، لدي كلام عليكِ أن تعرفيه بصراحة زياد طلب مني هذا ، طلب أن آتي وأصحح نظرتكِ تجاهه كي لا تظلميه
كوثر(هزت رأسها يمينا وشمالا ونهضت وفتحت الباب):- قد وصلت رسالتكِ لذلك غادري مكتبي فورا ، لا أريدكِ أمامي ولو حتى صدفة
حياة(نهضت بعلياء):- أنا حاولت أن أوصل فكرته لكِ ، يعني كي تقتنعي أن زواجنا قد تم ولن يسعكِ تغيير أي شيء سواء جئتِ أنتِ أو جاء أبوكِ.
كوثر(أخذت تلهث بنفاذ صبر):- ما دخل أبي في الموضوع ؟
حياة:- هه لقد أتى ليستعطف زياد كي يطلقني ويتزوجكِ ، أنا حقا لم أتوقع أنكِ مثيرة للشفقة لهذه الدرجة عموما قد أديت وجبي الذي طلبه مني زوجي سأذهب لمكتبه الآن .. باي سعدت بلقائكِ مجددا كوثر هانم
أغمضت عينيها فور خروج حياة ووضعت يديها على سطح المكتب وهي تلهث وتحاول التقاط أنفاسها بصعوبة ، أمسكت على صدرها وهي ترمش بعينيها كي تضبط دموعها وحالتها العصبية التي تركتها فيها حياة .. زمت شفتيها بغضب وتحركت من مكتبها متجهة صوب مكتبه لم تجده هناك ونظرت للجانب الآخر جهة المصعد كان يضغط على الزر وجعل حياة تدخل والتي بدا عليها الامتعاض ، لكن هل ستحلل أيضا حياتهم الزوجية ما إن أغلق المصعد حتى خطت الأرض بنرفزة مشيرة إليه …
كوثر:- لا أريدك أنت أو زوجتك أن تخطو خطوة لمكتبي ، لا تبرر لي أنت أو هو تبعات زواجكما السعيد لأنني انتزعتك من قلبي وعقلي انتزاااااعا ، والويل لكما إن تعديتما هذه الحدود صدقني سترى كوثر أخرى لم تعرفها من قبل ….
" التهديد المعتاد وكأنه توجد كوثر أخرى فيها لا تعشقه حد الهبل "
زياد(مسح على وجهه بتعب ولحقها ممسكا بيدها عند الطرف):- أنا لم أدعوها ولم أطلب منها الحضور ، قد جاءت دون معرفتي وآسف من كل حرف نطقت به
كوثر(جذبت يدها بقوة):- هه ولما ستأسف وأنت أصلا من طلب منها ذلك ، عموما لست مهتمة بقدر نملة بما يحدث بينكما في يومياتكما الخاصة لأنني كما أسلفت الذكر رميتك خلف ظهري .. انتهى
وضع يديه على رقبته وهو ينظر إليها مبتعدة وعرف وقتها أنه سيعاني الأمرين مع امرأتين ، كلاهما أجن من الأخرى .. وها هي ذي حياة قد بدأت تلعب على المكشوف إذن انتظر يا عم زياد مصيرك والله من عندي قلبي معاك يا خويا
من المواقف الصعبة التي قد يعيشها الإنسان هي حين يثمل ههه ، ينسى كل شيء ولا يتذكر أي شيء ويخرب أبو كل شيء يعني يا أستاذ رأفت الحمداني لا تنصدم الآن ، فأنا عن نفسي تركتك بحالة جيدة بعد خصومتك مع رنيم البارحة ، لكن وضعك الآن صراحة صراحة تت يستحق صورة ^^ ..
هل يصرخ هل يبكي هل يضرب هل ينتحر ، يعني أبشع شعور أحس به لحظة استيعابه لفعلته .. فحتى يوم طلاقه من رنيم برغم آلامه وأوجاعه إلا أنه لم يشعر بأنه يرغب بأن تنشق الأرض وتبلعه ، أو أن يعود للماضي ويهرب من هذا المطب ، أو حتى لا يترك لها مجالا كي تجعله يثمل لحد ألا يستوعب أن المرأة التي كانت في فراشه ليست حبيبته كما اعتقد بل هي الحرباء بعينها ….. ما إن فتح عينيه ورآها عارية بجانبه على سريره شعر بالغثيان نهض بسرعة مرتديا بنطلونه وانحنى عند الحوض ثم غسل وجهه وفمه بسرعة ، لم يكتفي بل شعر بالجنون فتح الصنبور ودخل وسطه يستحم ويهز رأسه ليطرد تلك الأفكار فقد خان رنيمه البارحة ، جسده لامس جسدااااا غيرها لكن لحظة ألم تفعل هي ذلك لن تدعي الشرف فهي خانته وطعنته قبلا ، وهذا ما جعله يفعلها مع نورهان رغم ثمالته التي لم تسمح له بأن يستدعي وعيه ويوقف تلك المهزلة … كان يحاول أن يستوعب ما الذي حدث ، كيف فعلها بل كيف أجبرته على فعلهااااااا لقد استحوذت على عقله وجعلته يقدم على ذلك دون وعي منه …. حرك رأسه بجنون وجفف نفسه وارتدى بنطلونا آخر ودلف إليها رمى عليها الغطاء وجعلها تنهض من صراخه وهو يلتقط قميصا من دولابه
رأفت:- نورهااااااااااااااااااان استيقظي فورا فوراااااااا
نورهان(بهلع):- هئ رأفت ما بك ماذا حدث ؟
رأفت(يرتدي قميصه برجفة):- انهضي فورا وغادري بيتي ، كان حضوركِ ليلة أمس خطأ وانظري ماذا فعلنا هل استوعبتِ أم ما زلتِ تحت تأثير الخمر ؟؟؟؟
نورهان(نظرت لنفسها وله وبدموع التمساح):- كيف أغويتني يا رأفت وقمت بذلك يعني ، حرام عليك هكذا دمرت حياتي ؟
رأفت(غلبه الضحك من شدة الغبن وهو متصلب يستمع إليه):- لعلمك يعني فقط لأجل التذكير جسمكِ ذاك كنتِ تعرضينه علي ليل نهار ، يعني لا تأتي الآن وتدَّعي العفة
نورهان:- لكن ذلك لأنني أحبك ، فكيف ستتخلى عني الآن اهئ اهئ ماذا سأقول لخالتي ؟
رأفت(سمع رنين جرس الباب):- إياكِ وأن تبرحي محلكِ سأرى من بالباب وأعود فورا ..
نورهان(مجرد أن خرج من الغرفة لفت حولها الغطاء ونهضت وهي تسير على أقدام أصابعها وتتصنت):- هه ..
رأفت:- ماذا تريدين أن تتممي اللعبة التي اتفقتِ عليها أنتِ ونورهان ؟
وجدان:- ماذا تقول يا رأفت ، لقد جئت لكي أطمئن عليك ؟
رأفت(بعدم تصديق أشار لها):- صدقتكِ حقا ، يعني من غير عادتكِ أن تحاولي الاطمئنان علي من على بكرة الصباح ، إذن لن تخدعيني يا أمي كنتِ تعلمين بأنها قادمة إلي بزجاجات الخمر اللعينة تلك قد استغلت حالتي المحطمة وجعلتني أثمل
نورهان(وقفت عند الباب وهي تدعي الخجل بإزارها الأبيض):- ولكنني لم أضربك على يدك كي تكون معي ، أنت من أخذتني بالقوة لفراشك وأنا لم أستطع منعك لأنني أحبك
رأفت(أغمض عينيه):- فقط اخرسييييييييي اخرسي ، كلامكِ مقزز يجعلني أشمئز من نفسي الله يلعنني لأنني من فتح لكِ المجال…
وجدان(عانقت نورهان):- له يا ولدي رأفت ليس هكذا ، ثم البنت سلمتك أغلى ما تملكه لذلك لن تتخلى عنها صحيح ؟
رأفت(برقت عيناه):- كيف يعني أصحح خطئي هه لم أفهمكِ سيدة وجدان ثم هي راشدة أنا لم أضربها على يدها ، أنا كنت ثملا طيب وهي هي ماذا عنها ؟؟؟؟؟
نورهان:- أحببتك
وجدان:- آه يا كبد خالتك كسرتِ قلبي .. تت رأفت أليس عارا عليك أن تدمر حياة البنت ولا تصحح غلطتك ، كيف ستتزوج هذه الفتاة الآن من سيرضى بها ..
رأفت(مسح على شعره بجنون):- أمي توقفي توقفي عن ألاعيبكِ فقط ، لقد انخرب بيتي خسرت زوجتي أولادي والآن تريدين مني أن أتزوج هذه الخبيثة مستحييييييييييل …
حاتم(دفع الباب المفتوح ودخل وهو جاحظ عينيه):- ما الذي يحدث هنا ؟
وجدان(برقت عيناها هلعا منه لكن فرحت لأنه سيضمن حدوث هذا الزواج بعد معرفته):- أ… فقط نورهان ورأفت يعني .. كما ترى
حاتم(بعدم تصديق):- مستحيل …رأفت هل أصبحت قذرا لهذااااا الحد ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
رأفت(مسح على وجهه):- أبي ..
حاتم(نظر لنورهان باستخفاف ثم وجه نظره لوجدان):- أنتِ من فعل هذا صح ، أنتِ من خططتِ للإيقاع بابنك في غلطة هذه الحية ؟
وجدان:- لا تتهمني بدون دليل ، أنا مثلك صدمت حين عرفت يعني غلط ابننا وعليه أن يصلحه فهذا شرف قريبتي بالنصف …
رأفت(جلس على الكرسي بفشل قد وقع في مصيدة أكبر من السابقة):- يا للهول ..
حاتم(تحرك):- جيد أنك تستوعب أننا حقا في جحيم .. اسمعني لا أريد شوشرة اجمع هذه الفضيحة وأنظر كيف تلمها بالزواج أو غيره لا أهتم لكن لن أسمح لك أن تدنس اسم عائلتي وتجعله علكة في فم المعتوهين … وأنتِ يا وجدان صدقيني حسابكِ بات أثقل مما تتصورين وسأفاجئكِ بما سأفعله فأكيد ستتقاضي نتيجة أفعالك
وجدان(صرخت فيه بغيظ):- ما الذي ستفعله هاااااه ، أنت بدوني لا تستطيع أن تكون أي شيء يا حاتم أي شيء …. تتت قد أزعجني بكلماته أرأيت تهديدات أبوك ؟
رأفت(نظر لأمه ولنورهان ودخل لغرفته مسرعا حمل سترته هاتفه وخرج):- لأموت وأخلص منكم ..
فور خروجه أغلقت وجدان الباب بسرعة وعادت لنورهان وصفقت بيدها وتعانقتا وهما تحسان بالنصر والفرح ..
وجدان(جذبتها لتجلسا على الكنبة):- احكيلي كيف كان ذلك ؟
نورهان(أمسكت على قلبها):- واووو ليلة ولا بأحلامي ، ابنكِ يستحق أن أغرم به يااااه ما زلت تحت تأثيره لمساته لكن …
وجدان:- لكن إيه يا بنت ؟
نورهان(رمشت بعينيها):- كل كلامه وتنهيداته كانت باسم رنيم .. ما زال يحبها
وجدان:- نحن نعلم أنه معمي على قلبه يحبها ، لا يهمنا ما يهم الآن أن يوقع ورقة زواجكما وهذا ما سيتم وسيوافق عليه مجبرا
نورهان:- هل حقا يا خالتي ؟
وجدان:- بحق اسمي الذي أنطق به الآن ، سيأتي بنفسه ويتزوجكِ لأن ضميره لا يسمح له أن تعيشي مدمرة هكذااااا يعني حسب تفكيره الشبيه بتفكير أبيه المغلق
نورهان(نهضت):- يجب أن أستحم وألملم هذه الفوضى ونغادر سوية ، لا يجب أن يجدني هنا حين عودته كي يفكر مليا على راحته في مصيري اهئ ههههههههه
وجدان:- تربية خالتك يا نن عين خالتك هههه …
قبلتها بقبلات كثيرة وهي في حالة من اللطف والسعادة الغريبة التي تثير التساؤلات ، هل هذه المرأة تملك عقلا أم أن الحقد والشر عمى عيونها لدرجة أنها رمت بقريبتها لفراش ابنها وهي تنتظر الأخبار السعيدة ، إذن تم يختي وجدان تم افرحي وزغردي لكن كل الذنوب التي حصدتموها سوية ستدفعان ثمنها غاليا جدااااا
هييه بدون تعليق أيقون صامت مني في هذه الحالة ….

في مخفر الشرطة
تم التحقيق مع الرجل الذي تسبب بدفع وائل من الجرف ، اعترف بكل شيء وبأنه لم يقصد أن يحدث كل ذلك ومن شدة سوء الجو والضباب والأمطار التي كانت غزيرة ، لم يستطع التحكم في فرامل السيارة لذلك شاءت الأقدار وأن يصطدم بسيارة وائل
المحقق(نفسه):- طيب لما لم تبلغ عن الحادثة طالما تقول أنها كانت قضاء وقدر ؟
الرجل:- لقد بلغت فعلا ، لو بحثتم في سجلات هاتفي ستجدون اتصالا مني طالبا النجدة ، وأكيد بطريقتكم وإمكانياتكم ستكتشفون أن الاتصال تم من خلال هاتفي ..
المحقق(سحب نفسا عميقا وتابع):- مجددا سأسألك لصالح من تعمل ؟ من الذي أجبرك على تلفيق هذه القصة ؟
الرجل:- لا أحد يا سيدي ، لقد أصبت بالأرق ولم أنم منذ الحادثة وما إن عرفت أن الضحية ما يزال على قيد الحياة قررت تسليم نفسي طالما لن أتأذى بشكل كبير ما إن كان مات لا قدر الله
المحقق:- أنا لست مقتنعا بحرف مما تقوله ..
الرجل:- ولكن هذا ما لدي يا سيدي ..
المحقق:- ما تلك الإصابات على وجهك ؟
الرجل:- هه إنها نتيجة خصومة بيني وبين صديق لي في إحدى البارات ، قد ثملنا وحدث نقاش انقلب لحلبة مصارعة ولدي شهود كثر بذلك
المحقق(لم يصل معه لنقطة محددة):- هل قام أحد من رجال حكيم الراجي بتهديدك ؟
الرجل(بعدم معرفة):- من يكون حكيم الراجي ؟
المحقق(ضرب على سطح الطاولة):- هل ستمازحني يا كبد عمك … أخبرني الحقيقة هل رجاله من قاموا بضربك وتهديدك ؟
الرجل:- أنا لا أعرفه ولا أعرف رجاله ، وليس هنالك شيء كهذا
الشرطي(الذي كان يرافق نظر للكاتب وهو يسجل أقوال الرجل):- سيدي
المحقق:- هممم ؟
الشرطي(سحبه على جنب وبصوت خافت):- أجد أن هذا الرجل لا يكذب ، ربما كانت القصة هكذا ولا علاقة لحكيم الراجي بشيء من هذه الحادثة
المحقق(تنفس بكره):- أكره أن أؤيدك لكنني مضطر ، إنما لن أترك حكيم الراجي وشأنه سأكون كالسوس الأسود في حياته لأن حدسي المهني ينبؤني أنه متورط بشيء ما وسأكتشفه
الشرطي:- طالما أنت المحقق حمزة وردان ، فأكيد لن تترك الموضوع يمر بسهولة ..
حمزة(بتفكر ابتسم):- هو كذلك .. اهتم بموضوع المتهم سوف أوقع وثيقة إطلاق سراح حكيم الراجي بنفسي ..
خرج المحقق حمزة من تلك الغرفة وتوجه صوب غرفة التحقيق الأخرى التي طلب فيها إحضار حكيم الراجي ، ووجد هناك رقية بانتظاره
حمزة(دخل الغرفة ولحقته):- أبشري ، تم إطلاق سراح موكلكِ وهنا وثيقة بذلك وهذا توقيعي عليها إن كنتِ سعيدة
رقية(رفعت حاجبها وهي ترمقه يوقع حقا):- طبعا سعيدة لأنني كنت أتوقع ظهور الحقيقة
حمزة:- لا تتفاءلي كثيرا ، ما زلنا سنلتقي بكثرة الفترة المقبلة محاميتنا الجليلة
رقية(لم تفهمه لكن دخول حكيم وخلفه الشرطي قاطعهم):- … أ مبروك يا حكيم تم الإفراج عنك يعني انتهينا هنا
حكيم(نظر للمحقق):- أهاااه مؤسف علما أنني ألفت المكان هنا ..
حمزة(عرف أنه يستفزه):- ههه ربما نستدعيك مجددا ، لا أحد يعلم ما قد تجلبه الأيام
حكيم(اقترب منه بتحدي):- عن نفسي لن أستطيع صبرا دون رؤيتك من جديد ، لذلك انتظر دعوتي الخاصة
حمزة(بشراسة):- كن متأكدا أنني سأكون مسرورا بذلك
رقية(رمقت الشرارة بينهما وتنحنحت):- أحم .. هيا بنا حكيم يجب أن نغادر
حكيم(عدل سترته وانسحب معها):- من بعدكِ يا جميلة ..
رقية(يا ربي الصبر):- هننن .. ما كان هنالك داع من استعراضك بالداخل ، هكذا ستجعله يضعك برأسه في الأيام المقبلة
حكيم(بثقة):- قد وضعني مذ أول نظرة ، لذلك دعيني أشعر بأنني أجعل الأمر يستحق على الأقل ولا أشعر بالعجز حين أتساءل ماذا فعلت له كي يلاحقني
رقية(تسير معه في الممر):- ألا تهاب شيئا ؟
حكيم:- بلى أخاف .. فأنا إنسان في الأخير وكل منا لديه مخاوف خاصة به
رقية:- كلي فضول لأعرف تخوفك أنت
حكيم:- أرى أنكِ ستقلبين حزبكِ إلى جانبي ، لعلمك ولول لن يكون ممتنا لذلك كثيراا
رقية:- هاها .. طبعا لا أبيع صديقي لكن لنقل أنه ليس هنالك ضغائن بيننا مثلما أسلفت سابقا
حكيم(ابتسم حين أعادت ذكر جملته السابقة لها):- تمام .. أنا أخاف من النحل
رقية(رمقته وقد تجاوزها وبذهول):- هئئئئئئ غير معقووووول .. ههه النحل ؟ يا هبلة هو يستهبلكِ الله يلعن رأسك المحشو بمأكولات عمتكِ نعمة قال النحل قال ..
نور(ركضت إليه وعانقته):- الحمدلله على سلامتك يا حبيبي حكيم
حكيم(ضمها بحنان):- الله يسلمك نوري ..
نور(عضعضت شفتيها ورمشت بعينيها):- لنذهب للبيت ..
حكيم(نظر حوله باحثا عنها):- أين ميرنا ؟
نور(نظرت لرقية ومسحت على شعرها بتوتر):- بالبيت يعني .. أمم أجبرتها على الذهاب هي تنتظرك هناك
حكيم(لم تكلف نفسها انتظاري حتى الصباح جميل):- تمام لنذهب..
رقية(عقدت حاجبيها حين لم تجد إياد):- ويظهر لي أن إياد أيضا اختفى .. يلا نلتقي يا جماعة سأتوجه للمشفى كي أطمئن وائل بخبر خروج حكيم … كي أ.. يا إلهي احم ..
حكيم(توقف عن مسيره والتفت إليها حينها فهم يقينا أن وائل من كان خلف مجيئها):- قومي بشكره بدلا عني قد كان ما فعله جميلا ، لكنه لن يكون كافيا ليُرضي شخصا مثلي
رقية:- يا للغرور … هه طيب سأبلغه
حكيم(مص شفتيه بسرعة وأردف وهو يغادر رفقة نور):- ولكن أنتِ معفية من حربنا .. لذلك يسلمو
رقية(فهمت أنها طريقته بالشكر المعتد):- على الرحب والسعة …
طبعا أي واحد محله سوف يتساءل أين يمكن أن تذهب ميرنا في ذلك الصباح ، دون أن تنتظره يعني ما الشيء المهم الذي جعلها تختفي من هناك وطبعا طالما اختفت هي وإياد في آن الوقت أكيد في مصيبة ..
رامز:- اللعنة علي الذي قام بإخباركما ، كان علي المجيء وحدي لكن بما أنني أملك صديقين ذو رأسين عنيدين كالثيران.. مؤكد سأشعر بوخز في قلبي كأنني سأصاب بسكتة قلبية أوه لا ليس بعد أنا ما زلت أرغب بالزواج اهئ ..
إياد:- الله يلعن اليوم الذي عرفتك فيه يا رامز البدري ، أصبتني بتوعك في معدتي من على بكرة الصباح اخرس قليلا ودعنا نرى ما سنفعله كي نقتحم هذا المصنع ؟
رامز(صغر عينيه فيه):- يستحيل أن نقتحمه يستحيل
ميرنا:- ولماذا يا رامز ؟؟؟؟؟
رامز(نظر إليها):- أساسا كيف وافقنا على إحضار هذه معنا ، أشك أنها أقنعتني بواسطة عينيها الجميلتين
ميرنا(هدرت فيه):- رامز ؟؟؟؟
إياد:- هه هي عنيدة ولم تكن ستوافق على حضورنا بدونها
رامز:- لكنني وافقت لكي أفرس حكيم فقط حين لا يجدها بانتظاره ، آه أموت وأرى تلك النظرة مرتسمة على وجهه الآن
ميرنا(بقلق):- أكيد سيحزن لكنني لم أكن قادرة على رؤيته هذا الصباح ، لا بأس نور معه
إياد(لمس نبرتها الحزينة وعاد لينكت):- ها يا رامز لم تخبرنا بعد ما الذي يقف حاجزا أمام اقتحامنا للمصنع ؟
رامز:- بصراحة لأننا في مشكلة عويصة جدا جدا جدا
إياد وميرنا(بنفاذ صبر):- تكلم ؟؟؟؟؟
رامز(نظر إليهما إياد جانبه بالسيارة وميرنا بالخلف ومسح على بطنه):- حين أكون جوعانا لا أستطيع التركيز في العمل …
سقط فيه كلاهما ضربا لحين وجدنا على وجهه مرسومة نظرة انتقام قاسية ، سيحاسب بها كلا منهما لكن ما إن ينتهوا من هذا المطب .. نزل هو وإياد أولا بهدوء من السيارة وتوجه صوب حارس المصنع وأراه شارته المهنية
رامز:- معك المحقق رامز البدري لدي أمر بتفتيش المصنع ؟
الحارس:- ولكن التفتيش الروتيني قد تم منذ بضعة أسابيع
رامز(أخرج ورقة من جيبه ووضعها بوجه الحارس):- هنا الأمر مكتوب إن كنت تجيد القراءة ، وإن كانت لديك رغبة في عرقلة التحقيقات سوف أكلم القسم لنتفاهم هناك عزيزي .. أ دعني أرى اسمك جميل يا جميل هه احم … شرطي إياد تعال معي إلى الداخل سيفتح لنا هذا الجميل الباب
فتح لهما الباب وهو لا يعلم كيف يتصرف ، بمجرد دخولهما أمسك هاتفه وقام بكتابة رسالة نصية استطاعت ميرنا أن تنتبه للأمر وعليه خرجت رغم أنهم نهوها عن عدم الخروج ، لكن هل كانت ستسمع … أزالت سترتها ووضعتها بالسيارة وخرجت من الباب الآخر بعد أن فردت شعرها وحركته بحركة ثائرة فتحت زر قميصها الأبيض وعدلت بنطلونها الأسود برفق وخرجت وهي تتأبط حقيبتها وتتحرك بخيلاء ، وحرصت على أن تبدو أنها ضائعة
ميرنا(تقدمت نحوه وهي تنظر حولها):- عفوا منك يا عزيزي ..
الحارس(رفع حاجبه وهو يتأملها من فوق لتحت):- هااااه تكلمينني أنا سيدتي ؟
ميرنا(في سرها):- إلهي تنعمى عينك على هذه النظرة الخسيسة ، آخ لو أحضر لك حكيم ورجال حكيم سيفقعون عينك ويعلقونك بمدخل المدينة
الحارس(رمق شرودها وابتسم إذ اعتقدها معجبة به):- ههه
ميرنا:- العمى على قلبك ما أغباك .. تتت / أحم أجل أكلمك وهل يوجد أحد غيرك في الناحية ؟
الحارس:- لالا ليس هنالك سوى أنا
ميرنا(تبحث بعينيها من كل جانب):- أوووه ما أعظمك من رجل ، هل تحرس كل هذا المصنع الضخم لوحدك ؟
الحارس:- طبعا لوحدي أنا قوي وأعجبكِ
ميرنا(اقتربت منه خطوة وهي تتمايل وتتأمله شزرا):- اممم أعجبتني حقا .. لكن ماذا كنت سأسألك ماذا كنت سأسألك ؟
الحارس(ابتلع ريقه بلهفة وهو يشتم عطرها المسكر):- اسألي يا حلوتي
ميرنا:- يا لك من شجااااع ، صدقا دخلت لعقلي بشكل سريع ياااه لو أنني أعرف اسمك لنرى ما المكتوب هنا واووو جميل اسم على مسمى
الحارس(بسذاجة):- سمتني أمي
ميرنا(زفرت بعمق):- الله يذكرها بالخير
الحارس(بحزن):- ماتت
ميرنا(بتأثر):- الله يرحمها
الحارس(بحسرة):- بعد ولادتي
ميرنا(نظرت إليه وغالبها الضحك):- أتوقع ذلك هه .. أ أقصد يعني حرام حرام شكلك مفتقد للحنان بشكل كبير
الحارس(بتذمر):- لا تتصوري لأي قدر …
ميرنا(مسحت على كتفها):- أوبس أشعر بالبرد ما حسبت حساب برودة الجو ..
الحارس(نظر للداخل):- هل ترغبين بالدخول قليلا ؟
ميرنا(سمعت صوت حركة):- قد أخبرتني أنه ليس هنالك أحد
الحارس:- هما شرطيين سيتممان بحثهما ويغادران
ميرنا:- طيب لأين سندخل وهما بالداخل يعني قد يكون هنالك إزعاج ؟
الحارس:- لغرفة الحراسة خاصتي .. تعالي
ميرنا(رفعت شفتها وسارت رفقته):- طيب يا جميل أخبرني ، هل تصنعون هنا الألعاب فقط أم شيئا آخر غير ؟
الحارس:- نحن نصنع أيضا بعض القطع البلاستيكية حسب الطلب ، لكن مؤخرا تدهور حال المصنع وهو على مشارف الإفلاس لذلك كان على مالكيه إنقاذه وقاموا ببيعه لأحد المستثمرين
ميرنا:- امم وهل لديك علم باسم المستثمر الذي اشتراه ؟
الحارس(فتح لها باب غرفته الزجاجية):- أكيد .. اسمه هاشم الرفاعي
ميرنا(هنا اختفت بسمتها وبرقت عيناها بعدم فهم):- مهلا مهلا من قلت ؟
الحارس:- هاشم الرفاعي هل تعرفينه إنه شخص مشهور جدا في إدارة الأعمال
ميرنا(أي شهرة تلك مخادعون):- ها ها سمعت به عبر نشرات الأخبار
الحارس:- هل تشربين شايا ساخنا ؟
ميرنا:- إن كان جاهزا
الحارس:- لم تخبريني باسمكِ يا حلوة نحن ندردش منذ ساعة ونسيت سؤالكِ
ميرنا(مسحت خلف عنقها):- رجاء .. هه
الحارس:- كلي رجاء أن تقبلي كأس الشاي هذاااا
ميرنا:- أنت لطيف جدا .. لكنك لم تخبرني من يتردد على مصنعكم مؤخرا طالما هو على وشك الإفلاس إذن قد توقف العمل والتصنيعات صح ؟
الحارس:- هنالك بعض الأحباب الذين يطلبون تصنيع أشياء شخصية حسب الطلب ، وهذا دور يقوم به المعلم عبد الرحمان
ميرنا:- هاه وأين هو الآن ؟
الحارس:- كان هنا منذ يومين فقد ورده عمل خاص ، وجمع لأجله الفريق كاملا يظهر أنه كان شيئا مهما تم تسليمه البارحة
ميرنا(فهمت أنه يتحدث عن دمية إياد وانتبهت للكاميرات جانبه):- تمام .. لكن أجد أن استعمال الكاميرات مفيد لكم يعني يساعد على الحماية أكثر
الحارس:- إن وجودها مثل عدمه حاليا ، لأننا توقفنا عن تشغيلها منذ إغلاق المصنع لأجل تجديدات وتعديلات المستثمر الجديد
ميرنا:- ولكنكم تفتحونه لأجل أصحاب العروض الخاصة ؟
الحارس(أشار لها):- هننن أنتِ ذكية يا بنت ولم تنسي أي تفصيل
ميرنا(حركت عينيها ووضعت كأس الشاي جانبا):- طيب يا جوجو بصراحة جيد أنني أضعت طريق العودة ، لأنني التقيت بك ما رأيك لو نلتقي مجددا لقد أحببتك ؟
الحارس(احمر خجلا وصفق بيديه متحمسا):- وهذا حلم العمر صدقيني ..
ميرنا(تتمايل أمامه):- طيب أعطني هاتفك لأسجل رقمك عندي وأخبرك أين ومتى نلتقي
الحارس(أعطاها الهاتف وحرك حاجبيه):- خذي يا رجائي خذي
ميرنا(أمسكته وأخرجت هاتفها):- طيب أعد تسخين الشاي لا أحبه باردا
الحارس(اهتم بذلك):- عيوني يا نور العين ..
بسرعة دخلت على بريده ووجدت رسالة منه موجهة لرقم غريب ، مكتوب فيها لقد وصل صاحب الطرد ، بسرعة نقلت الرقم على هاتفها ، وفتشت عن أي رسائل أخرى لكن لم تجد سوى تلك الرسالة والظاهر داهمته قبل أن تعطيه الفرصة لمسحها ، جيد يا ميرنا لأول مرة تنجزين عملا دون مشاكل حسنا ليس أول مرة هه ..
رامز(شهق):- هئئئئ اإلحق صاحبتك تشرب الشاي بحجرة الحارس
إياد(ضرب على وجهه):- الله يخرب بيت الجنون .. هذه ستحضر أجلي قبل أن أفرح بنفسي هيا أدخل أدخل واجمعها من هناك أنا لن أستطيع تقبل المنظر
رامز(دفع صدره وتوجه إليهم):- احم احم أنا رجل المهالك والمخاطر الصعبة
ميرنا(نهضت وهي ترمقه بحذر):- طيب يا جوجو سأستأذن الآن أنا نتحدث لاحقا همم
الحارس:- ماشي ماشي يا رورو ..
رامز(نظر إليهما بعدم فهم):- جوجو و رورو كم لبثت هذه الفتاة في حجرة هذا الإنسان ؟؟
ما إن ركبوا في السيارة حتى انفجر رامز ضحكا على ما فعلته ميرنا بالحارس ، وطبعا إياد كان ممتعضا غير متفق على ما أقدمت عليه لكن وجدت تسليتها مع رامز في ذلك ، كان شيئا فريدا لكن هل سيرضى به إياد الذي قاد السيارة مبتعدا عن هناك وحالته صعبة التحكم
إياد:- خطأ يا ميرنا خطأ نزولكِ من السيارة وحديثكِ مع الحارس خطأ … لقد وعدتنا
ميرنا:- يوووه يا إياد هل ستجعلني أندم لأنني أتيتك بالمفيد
رامز:- ههه أي مفيد يا بنت ، لقد بحثنا في المصنع كله ولم نستطع إيجاد ثغرة تدلنا على الباعث أو أي علامة توصلنا إليه
ميرنا:- هه ولكنني وجدت الكثير من المعلومات
رامز:- آخ أكيد جلسة جوجو نفعت
ميرنا(ارتدت سترتها وهي تضحك):- طبعاااا نفعت أصلا تم وضع شخصية ساذجة بالمصنع ، لكي نصل لهذه المعلومات .. أتعلمون من اشترى المصنع مؤخرا ؟
إياد(ما زال على غضبه):- لن أطيل قولي ما عندكِ وأريحينا
ميرنا:- هاشم الرفاعي ..
إياد:- مدير شركة هيرمكانا لكن ما الصدفة ؟
ميرنا:- هذا إن اتضح فعلا أنها صدفة ، لأن الحارس ما إن دخلتما حتى بعث برسالة نصية مفادها أن صاحب الطرد قد وصل .. ما يعني أنهم كانوا بانتظارنا وما لا يعلمونه أنني قد حصلت على تلك المعلومات بطريقتي زيادة على ذلك حين داهمت الحارس بحضوري لم يجد وقتا لحذف الرسالة من بريده ، وأنا استغليت بعضا من مواهبي وحصلت لكم على الرقم
رامز(صفق بحرارة):- والله سأنصب لكِ خيمة بجانب مكتب التحقيق خاصتي ، لا لا خيمة ماذا أنتِ لكِ المكتب وأنا العتبة ههههه
ميرنا(صفقت بيد رامز):- ها يا إياد ما رأيك بكل هذا ؟
إياد(امتص شفتيه وأوقف السيارة بعنف وسط الطريق الرئيسي):- إن أعدتِ ما فعلته مجددا سوف لن أخاطبكِ بعدها ، أعطي الرقم لرامز الآن ليتكفل من هذا المحل ودعيني أوصلكِ للبيت
ميرنا(رمشت بعينيها وعادت للكرسي وهي تكتف يديها غضبا):- لن تحصلوا مني على أي شيء ، أنا المخطئة التي فكرت بخطة بديلة كانت أفيد من محاولتكما الفاشلة حتى
رامز(ضربه لكتفه):- إياك أن تغضب ميرنا هاه .. لقد قامت بعمل بطولي
إياد:- وأنا لم أنكر لكنني أخاف عليها ، تخيل لو حدث لها مكروه هناك ؟
رامز:- إياد على حق ، مرة ثانية لا تقدمي على أي حركة دون مشورتنا ويعني لو كان فيها جوجو ابعثي لنا خبرا وأنجزي ما يحلو لكِ
إياد(زوره بتحذير):- رااااامز ؟
رامز(عض شفتيه لميرنا بمزاح):- هههه تمام تمام ستعدنا أنها لن تخطو خطوة أخرى بدوننا ها ميرنا ؟
ميرنا(ابتسمت وهي تضع حرف إكس بإصبعيها خاصة نكث الوعد):- أعدكما هه
إياد(بارتياح):- الله يجعلني أصدقكِ يا ميرنا الراجي …
أخذوها للبيت واتجهوا ليروا ما سيفعلونه بالرقم وبالمستجدات التي أصبحت بين أيديهم ، وهنا دلفت هي بعيون مترددة وأيضا متلهفة لرؤيته بين أحضان خالتها فمؤكد أكيد لن تتركه طوال اليوم من كثرة العناق والحب .. لكن مهلا هذه جدتي جالسة على كرسيها بينما بجانبها أيهم يلعب بالكرة بيديه ويحاول ضبط أولى خطواته ، هذه سجى بكرسيها بجانب عواطف أمها ، أمامهما دعاء جالسة وتقرأ في مجلة عن الأطفال ، بقربها مديحة تمسك مسبحة وتستغفر على الأغلب ، إخلاص بالمطبخ هي وعفاف تحضران وجبة الغذاء ، تمام أكيد هما تحضران لأجل حكيم أشهى الأطباق والظاهر أنه بغرفته يستريح
ميرنا:- لقد أتيت ..
عواطف:- هاه ميرنا حبيبتي .. أهلا تعالي
ميرنا(قبلتهم وحملت أيهم بين يديها):- كيف حالكم ؟
مديحة(زفرت بعمق ووضعت سبحتها على جنب):- نحن بخير لكن حضرتكِ هل بخير ؟
عواطف:- مديحة ؟؟
مديحة:- مديحة ماذااااا هل هذه فعلة تقدم عليها ، زوجها لم يخرج من السجن إلا والبنت طارت إلى أين الله أعلم
ميرنا(عقدت حاجبيها ووضعت أيهم بحجر عواطف وعانقت مديحة من الخلف):- ما بها خالتي غاضبة على كنتها هاااااه ؟
مديحة:- حين تصبحين كنتي بحق وقتها نتحدث..
ميرنا(نظرت لدعاء التي غمزتها لأن مديحة على آخرها):- أمم أرى أنه يجدر بي الانسحاب لرؤية زوجي ، هو بالأعلى بانتظاري أخبرني ذلك على الهاتف
عواطف:- ميرنا ..
مديحة(أمسكت سبحتها ونظرت لنبيلة التي حركت رأسها يمنة ويسرة):- ههه وهل نسي أن يبلغكِ زوجكِ أنه قد ترك البيت ؟
توقفت عند الدرج والتفتت للخلف وجدت إخلاص وعفاف قد وقفتا عند باب المطبخ بينما نهضت عواطف إليها ، وسحبتها معها لفوق
ميرنا:- كيف يعني ترك البيت ، ما الذي تقوله خالتي ؟
عواطف:- انتبهوا لأيهم ، تعالي يا ميرنا سنتحدث قليلا بغرفتكِ
صعدت معها وهي لا تفهم أي شيء وبمجرد أن دلفتا لغرفتها سألتها مباشرة عما حدث ..
عواطف:- لم يبقى هنا سوى بضع دقائق ، وطلب من نور أن توصله بما أن سيارته ما تزال بفحص الشرطة ، وقد أخذته لمكان ما لا ندري لكنه ودعنا بشكل سريع وذهب
ميرنا:- طيب وأنا ألم يقل شيئا عني يعني …
عواطف:- لم يقل أي شيء، حين سألناه عنكِ سكت وأجابت نور بإجابة غير مقنعة .. ما فعلته عيب يا ميرنا أيا كانتِ الخصومة بينكما هذا لا يعني أن تتركيه في عز حاجته لكِ مقابل أي شيء آخر
ميرنا:- ولكن يا أمي كان لابد لي وأن .. تت علي أن أكلم نور لأعرف أين هو يجب أن أراه
عواطف:- أخشى أن الوقت قد تأخر ..
ميرنا:- لقد بقيت هناك الليل كله بانتظار الصباح لأجله ، ألم يشعر أن هذا كفاية ثم لا يحق له أن يترك البيت بسبب شيء تافه كهذاااا
عواطف:- هو بالنسبة لكِ تافه ، لكن بالنسبة له كان أول شيء يتطلع لرؤيته فور خروجه هو وجهكِ يا ميرنا
ميرنا(شعرت بالتعب لحظتها فهي قد جرحته ومجددا):- تمام ماما قد شحنتِ رأسي بكل هذه الطاقات السلبية ، دعيني أتصرف الآن سأكلم نور
عواطف(حركت فكها بقلة حيلة):- افعلي ما شئتِ ، لكن ليكن بعلمك خالتكِ غاضبة عليكِ وأرجو ألا يطول الأمر كي لا ندخل في ديباجة الكنة والحماة هذا ما ينقصني حقا مع أختي
ميرنا(رفعت حاجبها وهي تتصل):- حاضر يختي عواطف لن نسبب لكما مشكلة .. ت ألو نور أين أنتِ وأين حكيم ؟؟؟؟
نور:- أنا مشغولة حاليا موجودة بالشركة .. يعني بالنهاية تورطت في عمل علي أن أبقى فيه الثلاثة أشهر المقبلة ، اللعنة سأرى ذلك النطح بعد قليل
ميرنا:- نور ركزي معي أين أخذتِ حكيم ؟
نور:- لم آخذه لمحل أوصلته فقط لوسط المدينة ، وكان طلال بانتظاره
ميرنا(ببعض التفكير):- تمام نور .. سلام
نور:- سلام يختي … ها هو ذا يرن مجددا آه هذه رنيم ألو حبي كيف كان أول يوم دراسة هاه جيد قوليها قوليها ؟
رنيم:- لم يكن هنالك أية دراسة فالأستاذ لم يحضر يعني إلى الغد ونباشر من البداية
نور:- تمام لا تتذمري قد قمتِ بخطوة مفيدة يا روحي ، خروجكِ من قوقعتكِ سيفيدكِ الآن عودي للبيت وسانديهم وغدا يوم جديد وبداية جديدة ماشي رنيمي ؟
رنيم(بمودة):- شكرا لأنكِ معي بأوقاتي الصعبة ، أنتِ فقط من يدعمني
نور:- ولو أنا نوري أخوكِ بشنب ههه .. هفف علي أن أفصل الخط عزيزتي لدي عمل مهم
رنيم:- تمام نور نلتقي أختي ..
نور(وضعت الهاتف على سطح المكتب وهي تزفر):- افف ألن أخلص من هذا الصوت أنا
فؤاد(رفع السماعة وتكلم):- نوووور أين قهوتي طلبتها منذ 10 دقائق ، أسرعي
نور(شتمته لسابع جد):- حاضر سيد فؤاد ،،، قهوتك قادمة … إلهي تحرقك
فؤاد:- ماذا قلتِ ؟؟؟
نور(اعتقدت أنها فصلت لكنه سمعها):- أ… دقيقة وأكون لديك احم ..
فؤاد(حول عينيها وأقفل السماعة):- آخ لو فعلا تكونين لدي آخ …
همام(نحنح أمامه بالمكتب):- احم احم سيد فؤاد ؟
فؤاد:- أ.. همام هه نسيت أمرك يا رجل ، هاه ماذا كنت تخبرني ؟
همام:- سيدي لقد وصلتك دعوة من السيدة كهرمانة لحضور حفلة وأظن أنها تسعى للصلح
فؤاد(تبدل لونه ونهض إلى همام):- كيف تجرؤ على قول هذا يا همام ، تلك المرأة لم يعد لنا بها أية صلة ودعوتها تلك ارمها في مكب النفايات لا أرغب بمعرفة أي شيء يدور حولها لست بحاجة لمشكلة جديدة مع أولاد أخي والباقين
همام:- بأمرك سيد فؤاد ، اعتبر الأمر منته
فؤاد(فتح ربطة عنقه وجلس على مكتبه بتعب):- قد طوينا تلك الصفحة معا يا همام ، انتهى
رمش بعينه وهو يحاول طرد كل تلك الذكريات التي جمعته بكهرمانة سابقا ، ولذلك طرد أفكاره وشحنها بأكثر شيء يشحن أعصابه في الدنيا ألا وهي نور الغالية .. سندعه مع نوره لكي يكملا خصامهما الدائم وسننتقل للمشفى نظرا لهذا الطارئ ..
ماريا:- تمام تمام نحن تحت أمرك سيد وائل ، هيا سأحضر من جديد كرسيا متحركا لأجلسك عليه ونخالف القوانين كي تغادر المشفى إن كنت تفضل هذا طبعا ؟
وائل(بتعب فقد حاول الاتصال بميرنا منذ قليل ولكنها لم تجبه بل في إحدى رناته قطعت الاتصال حتى بوجهه):- أحتاج لمبارحة هذا السرير ، ألا تفهمين أنني ضقت ذرعا منه
ماريا:- أعلم ولكن أيضا لدي علم بتقرير الطبيب المعلق هنا بحافة سريرك ، والذي يتطلب بقاءك أسبوعا بأكمله هنا وبعدها سنرى حسب تقاريرك المقبلة إن كان مسموحا لك بالمغادرة أم لا يا سيد وائل
وائل:- اسمعي يا ماريا لقد تفاهمنا أنا وأنتِ منذ الوهلة الأولى ، ولأنكِ ساعدتني يوم أمس فأنا قد ارتحت لكِ واخترتكِ لكي ترافقيني حين نغادر المشفى بشقتي لأجل الاهتمام بما يلزم ،، لكن إلى هنا ولا تصعبيها سأخرج لوقت بسيط وأعود لدي من يساعدني بذلك
ماريا(كتفت يديها):- أنتم تكتيك عصابة إذن ..
وائل(عض شفتيه ونظر للنافذة وجد نادر يتحدث عبر الهاتف منذ فترة):- كلمي صديقي لو سمحتِ ، حسن سأتتبع أوامر الطبيب مثلما تريدين
ماريا:- هاه هكذا أفرحت قلبي ، أراك لاحقا ..
نادر(رمقها وهي تشير له بوجوب الدخول وانسحبت):- أوك نهال اهتمي بدراستكِ جيدا ، نتكلم فيما بعد .. ها ولول خيرا ؟
وائل:- أغلق الباب يا نادر وتعال بقربي
نادر(رفع حاجبه بعدم فهم وهو يقفل الباب):- ههه هل أتتك سكرات الموت يا رجل ؟؟؟
وائل:- بالفعل ستأتيني إن لم تساندني يا صديقي
نادر(جلس بالكرسي جواره):- ما دمت استهللت الحديث بيا صديقي ، معناه في مصيبة
وائل:- ما سأخبرك بك سيخرب بيوتا ولكنه في آن الوقت سوف يفرح قلب ولول صديقك ، لأن ما سأفعله هو الصح وأنت ستساندني فيه وبدون سؤال
نادر(وضع يده على قلبه):- وحياة هذا القلب الميت الذي لم يفلت بعد من لعنة ميرفت الفرعونية ويعشق ، أقسم أنني سأنفذ كل ما تطلبه هيا أفضي لصديقك ندور
وائل(رفع حاجبه):- أنا لن أستطيع مغادرة هذا السرير إلا بعد أسبوع ، وسآخذ أسبوعا آخر راحة لكي أستطيع النهوض واستعادة صحتي مثلما كانت في السابق على مدى شهر ع الأغلب ..أثناء هذين الأسبوعين سيكون لديك عمل كثيف يا نادر وستضطر للسفر لأجلي
نادر(عقد حاجبيه):- ماذا تريد أن تفعل يا وائل ؟
وائل:- ما كان يجب أن أفعله سابقا لكنني ترددت ، سأخطف ميرنا و أتزوجها
نادر(سعل بقوة حتى انسحب الهواء لجوفه واختنق):- أكح أكح … منك لله ستقتلني قبلك يا رجل أكح … شربة ماءء شربة ماااااء اكح .
وائل(عقد حاجبيه وهو ينتظره أن يستعيد أنفاسه):- تمام قد استعدت أنفاسك ، والآن أخبرني هل فهمت علي ؟
نادر(وضع كأس الماء على المنضدة واستدار إليه محمر الوجه):- حبيبي وائل برأيي رؤيتك لها البارحة جعلتك تهذي لحظة سأطلب الطبيب لأجلك مجددا ، مؤكد في تدقيقهم لم يلاحظوا تختر الدم بعروق مخك فهذا يؤثر على سلامة العقل
وائل(هدر فيه بعصبية):- لا تجعلني أندم لأنني طلبت منك هذا ، شهاب غير قادر على مساعدتي لديه مسؤوليات ولن أزعجه بكل هذه الديباجة لكن أنت صديقي هل ستخذلني ؟
نادر:- ما كان ولا عاش اللي يخذلك يا روحي يا وائل ، لكن لنستذكر معا وخذني على قدر عقلي الذي أعطاه لي رب العالمين .. أليست تلك الفتاة متزوجة بابن عمها أم أنني أهذي ؟
وائل(مص شفتيه):- أنت نفذ ما سأطلبه دون أسئلة لأنني أعرف أشياء كثيرة ، لا يمكنني مشاركتك بها يا نادر
نادر(ابتلع ريقه):- أنا أثق بك ، لذلك لن أخذلك اعتمد علي ماذا تريد تحديدا ؟
وائل(بتفكير ابتسم):- روما … أريد أن أتزوجها بروما بالمكان الذي اعترفنا فيه بعشقنا
نادر(وضع يديه على خده):- أوه رومانسي جداااا ، سأبكي لقد تأثرت هههه
وائل:- ههه مخبوووول
نادر:- هيه مخبول ومصاحب مخبول أخبل منه ، يلا إن شاء الله لا نتسبب بمسألة اختطاف أمامنا أسبوعي عمل إذن
وائل:- سأخبرك بما عليك فعله فأنت ستكون يدي التي ستنجز كل ما ليس بوسعي إنجازه
نادر:- اعتمد علي يا ولول صديقك ذو المواقف الطارئة ..جاهز منذ اللحظة
وائل:- وهذا نفسه ما أتوقعه … / يلا يا ميرنا هانت يا حبيبتي حتى لو لم تزوريني حتى لو خفتِ حتى لو احتجزوكِ ومنعوكِ عني سأصبر .. طالما ستكونين لي …
بصراحة لم أعرف هل أسانده أم أوقفه لأنه لا يعلم ما نعلمه نحن ، فحكيم لم يترك له تلك الفرصة قد تزوجها فعلا حسبما قال وتوقيعها على قائمة الأطعمة لم يكن سوى كذبة استغلها لأجل توقيع حقيقي على عقد الزواج … من الآن قلبي يخفق بغبن لأجلهما مع الأسف

كان صعبا عليها ألا تستيقظ على صوته لكن لا يسعها أن تخفي حالتها وتوترها ، لن يسعها الكذب لأجله وهو في ذلك الوضع الصحي لذلك آثرت ألا ترد على اتصالاته ووجدت الراحة حين توقف عن الرنين ، فهي لن تستطيع مواكبة صوته ستضعف إن استمعت له وستفقد كامل عزيمتها بما تريد إنجازه ،إذ يكفي الضعف الروحي الذي جعلها تشعر به ليلة أمس حين فقد عقله وجاءها للمخفر في سيارة إسعاف ، ابتسمت من الذكرى لكن سرعان ما طردتها لتهتم بما بين أيديها الآن لذلك بدلت ثيابها وعدلت مكياجها وخرجت من البيت استقلت سيارة أجرة وتوجهت صوب القصر البحري ، فهي تعلم أنه لن يذهب لمحل إلا إليه .. المشكلة أنها وجدت صعوبة في الوصول خارج حدود المدينة فسيارات الأجرة ممنوع عليها الوصول إلى ذلك الحد لذلك كان عليها الاستعانة بصديق لكن لا يمكن أن يكون أي من إياد أو رامز حتى كوثر حالتها النفسية لا تسمح ، طيب من يا ميرنا من من من ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ أخذت تفكر وهي تلعن عقدتها من السواقة لكانت مرتاحة الآن تتصرف كما ترغب لكن لا بأس لا بأس ، التقطت أنفاسها وتذكرت أنها حقا تملك من سيوصلها وبدون حتى أن يفتح فمه .. طلبت من سائق الأجرة أن يوصلها لمكان وسط المدينة وهناك جلست بأقرب حديقة واتصلت به وطبعا لم يبخل عليها بالمساعدة دقائق معدودة وكان يفتح باب سيارته لها ..
ميرنا:- توقعت أنك سترفض ..
طلال:- أرفض وهل تريدين من حكيم أن يقتلني ههه
ميرنا:- لم تخبره باتصالي صح ؟
طلال:- لاء أساسا تركته بالقصر ، وللصدفة كنت بالمدينة أحضرت بعض الأغراض الخاصة بشاهيناز لأنها مدعوة لحفلة هي وفخرية هذه الأمسية ..
ميرنا(بتنبه):- وحكيم ؟
طلال(تلعثم في الحديث):- لنصل أولا ويمكنكما التحدث ، صديقي ليس بخير فقد كان عصبيا جدا حين أوصلته للقصر قبل قليل
ميرنا(مطت شفتيها):- أنا السبب في ذلك .. لكن سأصلح الأمر أراك تتجه غربااا أليس حكيم بالقصر البحري ؟
طلال:- تت هو بقصر العيلة مثلما يسميه ..
ميرنا(رفعت حاجبها):- قصر المصائب وحياتك فكلما ولجته حدثت مشكلة
طلال:- ههه الله يستر ….
بعد مدة من الوقت وصلوا إلى القصر ولم يكن حكيم موجودا ، أخبرهم السائس أنه قد ذهب بجولة على حصانه صافيور ، هنا دخل طلال وطلب من ميرنا أن تتصرف على راحتها فهي قصرها بالأخير ، لذلك صعدت لفوق تحديدا لغرفة حكيم وجدت ثيابه التي كان يرتديها ملقاة على الأرض ، أكيد استحم وغيرها انحنت أرضا والتقطتها وبدون وعي جذبتها لأنفها اشتمت عطره وسرعان ما عقدت حاجبيها ووضعتها على المنضدة ، أخذت تدور بمحلها وابتسمت بخبث وهي تطالع نفسها أمام المرآة الآن .. ألقت نظرة أخيرة على الغرفة وخرجت من هناك وجدت شاهيناز متوجهة إليها
شاهيناز:- هوووه ميرنا بقصرنا يا مرحبا يا مرحبااااا
ميرنا(صافحتها بخفة):- أهلا شاهيناز
شاهيناز(تأبطت ذراعها وسرعان ما أزالت يدها فهي ستحترق هه ، لم تثر انتباه ميرنا أصلا ونزلا للأسفل):- طلبت منهم تحضير قهوة لأجلنا ، أكيد جلسة نسائية لن تفلتيها صح ميرنا أختي فخرية ستفرح ههه
ميرنا(نظرت إليها بتوجس قد كانت ودودة لأقصى درجة لدرجة لا تحتمل إن صح التعبير):- أختي هه أرى المودة بينكما سائدة مشكورة تفضلي ..
شاهيناز(عضت شفتها على الخطأ الذي ذكرته وفي سرها):- أختي … اهدئي يا سلسبيل هذه مجرد فتاة لن تؤذيكِ بشيء
نزلت معها للأسفل وجلست بالصالون وأحضرت لهما الخادمة فنجاني قهوة ، وبعد لحظة انضمت فخرية وهي تزفر بعمق وجلست مقابلها
فخرية:- ما الذي جاء بكِ ؟
ميرنا(رفعت حاجبها جميل أترك حماتي في بيتنا وآتي إلى هنا لأجد حماة أخرى):- أردت رؤية حكيم
شاهيناز:- ههه هيا فخرية ما بالكِ يا عجوز ، هو زوجها هل ستطلب إذنكِ لرؤيته
فخرية(بكره نظرة لأختها):- أنتِ لم يطلب أحد رأيكِ ..سألت ميرنا
ميرنا:- ليس هنالك سبب محدد أمر خاص بي وبحكيم
شاهيناز:- طبعا طبعا روحي خذي راحتكِ
ميرنا(نظرت لشاهيناز):- تبدين نشيطة جدا وسعيدة على غير العادة ، خيرا ؟
فخرية(نظرت لشاهيناز):- هه هاه حتى هي لاحظت حالتكِ المريبة اليوم
شاهيناز(وضعت الفنجان وهي تضحك):- وما الأمر المهم أنا اليوم متحمسة لكذا شيء هذا كله يعني ليس هنالك أمر محدد
ميرنا:- مثل حفلتكم طلال أخبرني في الطريق …
شاهيناز(بتلاعب):- أنتِ لا ترغبين حقا بحضورها ههه ؟
ميرنا(مطت شفتيها):- لم يدعوني أحد كي أحضر ..
فخرية(جحظت بعينيها):- شاهيناز ، هذه الحفلة خاصة فلا تنهبلي يا بنت أحسنلك
شاهيناز(بتلاعب):- أليس عيبا على حكيم ألا يصطحب زوجته في يده … أجد ذلك غريبا أمام بقية الأعيان أو تراه يستعر منهاااا مثلا ؟
حكيم:- شاهي … أطبقي فمكِ قبل أن أتصرف بشكل لاذع ، وأنتِ اصعدي لغرفتي سآتي بعد قليل
ميرنا(نظرت لطريقة تصرفه التي لم تعجبها):- أنا .. كنت
حكيم(أخرج هاتفه بلا مبالاة وأشار لها):- تمام في الجناح سنتحدث ، اصعدي الآن
ميرنا(زفرت بعمق وأمسكت حقيبتها):- أنتظرك ..
شاهيناز(نهضت وهي تتلوى وعيناها ترقبان ميرنا التي صعدت بقهر):- هل أنتما متخاصمين هل ستطلقان ؟؟؟
حكيم(وضع هاتفه بجيبه ولامس خد شاهي):- أرى أن روحكِ تتعطش للاستقرار تحت التراب ، فهل يا ترى أوافق على ذلك ؟
شاهيناز:- أووه تهديد هذا يا حكيم .. تمام سأطبق فمي أساسا لدي عمل كثير سأجهز نفسي للحفلة ، ماذا عنكِ فخرية ؟
فخرية(نهضت بكره ونظرت إليها):- لست بحاجة لتلك الخزعبلات مثلكِ ، لذا خذي راحتك
شاهيناز(لوحت لهما وصعدت):- أوك يا حلوين …
فخرية(بتعب نظرت إليه):- منذ مجيئك وأنا أحاول أن أعرف ما بك ، وحضور زوجتك خلفك دليل على أن هنالك مشكلة بينكما ؟
حكيم:- لا تشغلي بالا يا فخرية ، اهتمي بنفسكِ الآن وإن رأيتِ أنكِ غير قادرة على الذهاب طز في كهرمانة وألف غيرها .. صحتكِ أهم
فخرية(بتوتر من تهديد سلسبيل):- لالا يا روحي أنا بحال جيدة ، ثم أرغب بالذهاب أنا بحاجة لذلك عزيزي ..
حكيم(نظر للأعلى):- أردت أن أطمئن فقط
فخرية:- هيا اصعد إليها ستلتهم الدرج التهاما بعدها
حكيم(ربت على كتفها وصعد):- لا يفهمني أحد بقدرك …
صعد بهدوء إليها وهو يزفر بتعب ، قد أرهقته بشدة وأكملتها بعدم انتظارها له هذا الصباح يعني ما الشيء الكوني المهم الذي منعها عنه ، فحتى وائل رأته يوم أمس وقد جاءها ببهرجة سيارة الإسعاف حتى موقعها يعني ؟
ميرنا(فركت يديها واستدارت بلهفة حين فتح الباب عليها):- أخيرا أتيت
حكيم(أغلق الباب وتقدم إليها مجرورا):- وكأنكِ كدتِ تموتين من شدة انتظاري
ميرنا(تقدمت إليه بدورها إلى أن وقفا بوسط الغرفة):- حكيم .. أعرف أن فعلتي اليوم أزعجتك لكن والله طرأ طارئ مهم واضطررت للذهاب
حكيم:- وما هو هذا الطارئ ؟
ميرنا:- آسفة لا يمكنني إخبارك
حكيم(تركها وتوجه لسريره وجلس عليه بأريحية):- لا مشكلة ..
ميرنا:- ماذا تفعل ؟
حكيم(ألقى بنفسه على السرير وأغمض عينيه):- أرتاح قليلا جولتي على صافيور أتعبتني
ميرنا(توجهت إليه):- ولكنني أكلمك هنا
حكيم(على وضعه):- وأنا أصغي ..
ميرنا(بغيظ):- هل ستهينني الآن وتعاملني بدونية بعد تصرفي ذاك ؟؟؟
حكيم(ببرود):- لست أفعل
ميرنا(اقتربت إلى أن وصلت إليه):- هل أنتم مدعوون لحفلة خاصة ؟
حكيم:- نعم
ميرنا:- ولما لم تخبرني ؟
حكيم:- ولما علي أن أخبركِ ، هل أخبرتني أين ذهبتِ صباحا ؟
ميرنا(بغضب عقدت حاجبيها):- لكن هذه عن هذه تفرق ..
حكيم(فتح عينه ونظر إليها):- اتفاقية منصفة تخبرينني أخبركِ
ميرنا(مصت شفتيها وجلست بجانبه على السرير):- لا أستطيع
حكيم:- إذن انسي الأمر
ميرنا:- ولكن هذا ليس عدلا ، لأن موضوع الحفلة دارج قبل هذا الصباح يعني أنت ملزم بإخباري
حكيم:- أعطني شيئا مقنعا يجعلني مجبرا على إخباركِ ميرنا ؟
ميرنا(فركت يديها):- ليس بيدي شيء
حكيم(جذبها من يدها حتى أسقطها بحضنه وفتح عينيه وهو ينظر إليها):- أعطني أي مقابل من عندك ، فأنتِ مساومة ماهرة يا عصفورتي
ميرنا(اهتزت بجرح من جملته وتملصت منه):- كيف تكلمني بهذه الوقاحة ؟
حكيم(وضع يديه خلف رأسه وهو يطالعها قد نهضت مبتعدة عنه):- والله أنا متعاون جيد وأبحث لكِ على سبل تمكنكِ من معرفة موضوع الحفلة
ميرنا(كتفت يديها واستدارت بعيدا عنه):- لا أريد أن أعرف ، أساسا أخطأت حين أتيت إلى هنا أنت تستحق أن تبقى بعيدا عني والله أرحتني لعلمك يعني ، إن شاء الله تقبع هنا حتى عدة أيام لن أهتم
حكيم:- لماذا أنتِ عصبية لهذه الدرجة بعد معرفتكِ بخروجي من البيت ، هل تخشين أن يبقى فراشكِ باردا بعدي يا زوجتي العزيزة ؟
ميرنا(شهقت بعنف وهي غير مصدقة لما يتفوه به):- أنت أنت … أكيد لست في وعيك
حكيم(انتفض بسرعة البرق من محله وبقفزة كان أمامها):- لست في وعيي ، فزوجتي أو لكي لا أثقل كاهلكِ بواجب بعيد كل البعد عنكِ .. ابنة عمي التي بقيت الليل كله بالمخفر لأجلي كان من المفترض أن تكمل واجبها وتنتظر خروجي وتصطحبني للبيت ، لكن ماذا فعلتِ حضرتكِ أهديتني صدمة جميلة بذهابكِ كهدية لخروجي ..
ميرنا:- أخبرتك كا…
حكيم(قاطعها وهو يبتعد عنها صوب الشرفة):- أجل أجل أمر طارئ .. تمام نحن متساويين الآن لا تسأليني عن أفعالي ولا أسألكِ عن أفعالكِ وهكذا نعيش عيشة أزواج مثالية
ميرنا(مسحت خلف عنقها بتوتر وهي تراقبه):- فهمت الآن .. أنت غاضب مني لذلك تجرحني في كل حرف تنطق به لكي أتعلم الدرس جيدا وتعاقبني ، فهمت تمام
حكيم(وضع يديه بجيوبه وبعمق نظر للبعيد):- يا ليتكِ تشعرين .. فلا أريد شيئا بفهمكِ البليد يا ميرنا
ميرنا(اقتربت منه وهي تشير لنفسها):- يعني تنعتني بالبليدة صحيح ؟
حكيم(مص شفتيه ونظر إليها بطرف عين):- ماذا تريدين ميرنا ؟
ميرنا(بتدلل):- أن أطمئن عليك
حكيم:- أنا بخير
ميرنا:- يعني ستعود للبيت ؟
حكيم(بصرامة):- لا
ميرنا(بقلق):- ولماذا .. بسببي يعني ؟
حكيم:- وكأنه هنالك سبب غيركِ يا ترى ؟ أستغفر الله ..
ميرنا(دمعت عيناها):- أنت تقسو علي جدا هكذا ..
حكيم(التفت إليها جانبيا):- هه لا لن تبكي الآن ولن تستعطفي قلبي بدموعك
ميرنا(مطت شفتيها والتقطت حقيبتها من المنضدة):- كان قدومي خطأ فادحا .. عذرا للإزعاج سيد حكيم ..
حكيم(نظر صوبها بغبن وأغلق عينيه لاعنا كل شيء وأسرع ليعترض طريقها ، وأغلق الباب قبل أن تفتحه أكثر):- إلى أين ستذهبين ؟
ميرنا:- إلى الجحيم .. دعني افتح هذااااا الباب ..
حكيم:- أنتِ أنتِ ….. بحق السماء هل تعشقين تعذيبي مثلا ، لما تفعلين كل هذا بي لما تحرقينني يا ميرنا لمااااااذا ؟
ميرنا(صرخت فيه):- وأنت لماذا تجرحني دوما وتكسرني حين أطلب منك يد العون ؟؟؟؟
حكيم:- لأن ما تطلبينه مستحيل مستحيييييييل
ميرنا:- أنا أو هو يا حكيم .. بمن تهتم أكثر ؟؟؟؟
حكيم(عقد حاجبيه من سؤالها المباغت):- لست أملك إجابة لهذا الهراء
ميرنا(دفعته لصدره):- إذن تختاره هو ، طالما تستلذ برؤيتي منكسرة بقربك كالضائعة أبحث في الفراغ بينما أنت تعرف كل ما أحتاجه لكن تصمت عنه
حكيم(أمسكها في حضنه بينما كانت تضربه بتعب على صدره):- ميرنا توقفي .. توقفي
ميرنا(ببكاء):- دعني أنت مثله مثله ولن أغفر لك يا حكيم … اهئ
حكيم(ألقى بها في صدره وزفر بعمق):- آه يا ناري الحارقة .. ميرنا عودي من هذه الطريق فأنتِ لن تصلي معي لنتيجة
ميرنا(ابتعدت عنه ومسحت دموعها):- كنت أعرف ذلك ، ستختار المجرم بدلا مني .. لكن تذكر فقط أنك قمت ببيع عشقك لأجله
حكيم:- وكأنكِ تبالين بعشقي أصلا ، وأنتِ من أجل قلادة حبيبكِ كدت تقتلينني ..
ميرنا(مصت شفتيها):- لن أسامحك على فعلتك بتلك القلادة مطلقا يا حكيم ،، أنت لمست شيئا محظورا عليك وإن لم تعدها لي لن ينتهي كل هذا الصراع على تلك القلادة ستنهار روابطنا حكيم
حكيم:- والله عال لأجل قلادة بالية سوف تقييمين علاقتكِ بي صح ؟
ميرنا:- لم تكن تلك مجرد قلادة بل كانت .. ذكرى غالية على قلبي
حكيم:- ذكرى عيد ميلادك وعيد عشقك مع حبيب القلب ، بينما فستاني المسكين قمتِ بتمزيقه ورميه في مكب النفايات
ميرنا:- لأنك كنت شبحا مجهولا بالنسبة لي آنذاك
حكيم:- انسي أمر قلادتكِ انتهى أمرها رميتها
ميرنا(مسحت دموعها):- قلت أنك أضعتها
حكيم:- وتذكرت أنني رميتها في عمق البحر ، يعني بح لن تريها مجددا
ميرنا(زمت شفتيها ووضعت إصبعها على صدره وهي تدكه دكا):- إذن ستدخل لذلك البحر وتنقب على قلادتي وتعيدها لي يا حكيم …
حكيم:- ههه تمزحين صح ؟
ميرنا:- لست أمزح
حكيم:- أتعتقدين أنني لن أعلم بمجيئه بسيارة الإسعاف لأجلكِ ليلة أمس ، أوه كم هو عظيم الرومانسية وائلكِ ذاك صدقا يلعب بعداد عمره ولو نجا منها هذه المرة لن ينجو المرة القادمة
ميرنا(رمشت بخوف عليه):- وما شأنك به ، ليفعل ما يشاء أنت لا تتدخل فينا وأعد لي ما ضيعته من فرط غيرتك
حكيم(باستفزاز):- لن أفعلللللللللل
ميرنا:- قلادة الشمس خاصتي ستعووووود ستعووود ستعووود …
حكيم(تلاعب بلسانه داخل فمه):- انسي يا عمري ، لن تعود لذلك العنق مطلقا
ميرنا:- أساسا القلادة ليست موضوعنا الآن ، لديها الدور فما هو أهم الآن أن تخبرني ما سر حفلتكم ؟
حكيم:- أخبريني أين كنتِ صباحا ؟
ميرنا(بتأفف):- أفف يا ربي سنعيد كل شيء من البداية
حكيم:- مثلما تحبين زوجتي العزيزة
ميرنا:- تمام سأخبرك ولكن بشرط أن تصطحبني معك لهذه الحفلة ..
حكيم(عاد برأسه للخلف وأخذ يضحك بدون توقف):- هههههه ههه ميرنااااا حبيبتي المجنونة ، أنتِ صدقا صدقا لستِ جادة في مطلبك
ميرنا(كتفت يديها بحزم مطلق):- بلى جدية لأقصى درجة ، أريد مرافقتك
حكيم(حرك رأسه وصدره المتضخم يضيق عليه):- ما أتيتِ لأجله وصلكِ ، حين أرتاح من هذا الصداع وهذا الضيق الذي يعتمر صدري سأفكر مليا في جدوى عودتي من عدمه ، والآن سأجعل داغر يصطحبكِ للبيت ورائي عمل مهم
ميرنا(عقدت حاجبيها من جملته اللاذعة):- هذا آخر كلام لديك ؟
حكيم:- صدقا لا رغبة لي في سماع كذبكِ ميرنا ، أعلم يقينا أنكِ لن تفضي لي بالسبب الذي جعلكِ تغادرين هذا الصباح لذلك لن نطيل فأنا متعب ولا نفس لي في تمطيط هذا الجدال أكثر
ميرنا(فتحت الباب ونظرت إليه وقد توجه لحمامه):- أوك يا حكيم .. تذكر أنك من أجبرني على هذااااا ..
زفرت بعمق وخرجت من جناحه وهي تسب وتلعن ، مرت بجانب غرفة شاهيناز وجدت الخادمات يمسكن بفستانها الفاخر وإحداهن تسرح خصلات شعرها ، عقدت حاجبيها ونزلت للأسفل لم تلحظ وجود أحد وخرجت للحديقة ، انتبهت لرجاله وهم واثبون بجانب الاصطبل ونظرت لسياراتهم المتعددة بالقرب من المدخل وابتسمت بخبث ..
مر الوقت سريعا وبدأ التجهيز لحفلة كهرمانة التي حرصت على أن تكون أنيقة مثيرة ، وممتعة في آن الوقت لذلك نظمتها في قاعة خانها العظيمة وقامت بدعوة كل أعيان المدينة ذو القلوب الميتة والبطون الجشعة ، من يتاجرون بدورهم في سلعة الجسد وهم على علم تام بالطرق التي تم اصطيادها بها .. كانت القاعة محضرة بشكل منظم وضعت كراسي فخمة ذو حواف ذهبية على كل الجوانب وطاولات أرضية متفرقة بالوسط ، بينما أمام تلك الكراسي هنالك ستارة حمراء تحتها منصة عريضة تلمع فيها أضواء مختلفة لأجل عرض الفتيات، بجانب المنصة موزع موسيقي كان يجرب الأغاني التي سيقوم بإدراجها .. أما كهرمانة فبفستانها الملوكي ذو اللون الأحمر الداكن بثوبه الحريري كانت ملكة في خانها بحق .
أماني(بفستان بنوتي جميل اقتربت من كهرمانة):- أممي أ أنتِ ججميلة ههه
كهرمانة(لامست خدود أماني وهي تتأملها بحب):- وأنتِ الأجمل يا روحي .. أريدكِ اليوم أن تستمعي كثيرا حبيبتي
أماني:- ح ..حاضر ماما و .. هل هلل سيأتي ررشيد ؟
كهرمانة(ابتلعت ريقها وأمسكت فك أماني):- سيأتي وعليكِ الابتعاد عنه ، هو ليس صالحا لكِ صغيرتي همم .. هيا نادي لي على عرندس فورا
أماني(بحزن):- ح ..ماششي
عرندس(وجدته أماني متجها أصلا صوبهما):- ما بها ؟
كهرمانة(بتأفف):- مسألة عشق وستمضي
عرندس:- ذلك الرشيد همم
كهرمانة:- لن يكون شغلنا الشاغل ذلك الحشرة في يوم مهم كهذا ، هل جهزتن البنات ؟
عرندس:- المزينات يقمن بعملهن ، لا تقلقي كلهن ستخطفن في الهواء فجميعهن فاتنات
كهرمانة:- أريد أن تكون صورتنا جيدة أمام الزبائن ، هذه دعوة عرض وسنفتح المزاد برقم مناسب لقدرة كل منهم
عرندس:- ثعلبة القطب قادمة أيضا
كهرمانة:- نعم دعوتها ولبت دعوتي ، ولكن لا أدري شيئا بخصوص ميار اتصلت به لم يجبني سأجرب مجددا لأعرف ما إذا كان سيظهر كمستثمر كي لا يشك أي بأمره
عرندس:- امم أوافقكِ الرأي لنستدعيه كضيف عادي ، لأنه لن يفلت هذه الفرصة مع حكيم
كهرمانة:- الله يستر فحين يجتمع كل هؤلاء أكيد سنصاب بوجع رأس .. المهم انتبه لأي شيء كبيرا كان أو صغيرا لا أريد أخطاء يا عرندس
عرندس(ابتسم لها):- ولو يا ست كهرمانة اعتبري كل شيء كما تحبين
كهرمانة(ابتسمت له وهي ترمق نظرته الخاطفة لها):- هل يليق بي ؟
عرندس(حاول كثيرا إخفاء إعجابه):- تبدين فاتنة
كهرمانة:- هههه هيا عرندس لن تقنعني بمدى سحري
عرندس(ابتلع غصة وانسحب):- سأهتم بعملي …
كهرمانة(أومأت له والتفتت للمرآة):- يا ترى كيف سيمضي لقائنا نحن الثلاثة ؟
شاهيناز(نزلت من الدرج بفستان طويل في اللون الأسود ذو حواف لامعة بأحجار بيضاء ، وبتسريحة شعر مميزة):- أين أنتم يا جماعة ؟
طلال(خرج من الجانب بطقم مناسب وأعجب بها):- واووو يا شاهي أنتِ مبهرة
شاهيناز(مدت له يدها ليساعدها على نزول آخر درجات السلم وبغرور):- أنا دوما كذلك
طلال(قبل يدها وأنزلها برفق):- ستخطفين كل الأضواء هناك
شاهيناز:- أستحق ولو .. هه سأتفقد فخرية قليلا ماذا عن حكيم ؟
طلال:- سأتفقده بدوري أكيد قد تجهز
شاهيناز(انسحبت للجانب):- وزوجته ؟
طلال:- قد غادرت على الأغلب
شاهيناز(زفرت بعمق وهي تمضي إلى غرفة فخرية):- غادرت.. مؤسف كنا سنستمتع أكثر لو أتت معنا …
فخرية(ضحكت بمجرد دخولها):- لكي تخلقي مشاكل هناك ، جيد أنها ذهبت
شاهيناز:- فخرية قد حسَّنتِ إعدادات التحسس لديكِ ، ولم تعودي تفزعي من دخولي المفاجئ هل وضعتِ تعويذة عند الباب مثلا هههههه ؟
فخرية(بكره وضعت قبعة سلهامها الأسود على رأسها):- بل وضعت ضميري أرضا حين أعطيتكِ فرصة أخرى لتسودي حياة الناس
شاهيناز(مطت شفتيها):- سلسبيل أختكِ تسعى للسلام ، ولن يحدث ذلك ما لم أحصل على انتقامي لذلك سارعي حبيبتي فلديكِ عمل كثيف بحفلة أختنا ، هاه ولكي آخذ احتياطاتي إن فكرتِ بإزعاجها ستجدين نفسكِ مصابة بوجع رأس لن تعرفي حتى من أين غزاكِ ..
فخرية(بكره بصقت جانبيا):- فلأحترق في الجحيم .. غادري غرفتي لدي تحضيرات كي نبصر لأختك وزبائنها فهذا لا يتم بسهولة
شاهيناز(نظرت لعدة أوعية هناك ورفعت شفتها):- هيا هيا أنجزي ولا تتأخري
فخرية(بتأفف):- آآآآآآآآآه آه ….
شاهيناز(أردفت وهي مغادرة بنبرة استفزاز):- ههه سلامتك من الآه أختاه …
هنا كان طلال يمد له سترة طقمه لكي يرتديها بملوكية ، وانتبه لحزن عينيه الكسيرة فلم يكن فيهما حياة حتى أنه لم يتحدث إلا ببضع كلمات مذ أن ولج طلال غرفته ..
حكيم(عدل ياقة سترته السوداء وضبطها من الأمام):- شكرا طلال
طلال:- هل أحزنتك ميرنا بقدومها ؟
حكيم:- نوعا ما .. لا تلم نفسك أعلم أنها كانت ستصل لي بأي وسيلة وأشكرك لأنك من أحضرها
طلال:- حين اتصلت بي وطلبت مني إحضارها إليك فكرت مليا واستشرتك
حكيم:- كان علي رؤيتها لذلك وافقتك على إحضارها ، عموما لا تشغل بالك جيد أنها ذهبت
طلال(هز رأسه بمساندة):- تمام سنجهز السيارات للذهاب
حكيم:- ماشي ..
زفر بتعب وهو يلقي بيديه لجانبه وينظر لنفسه بذلك الطقم الأنيق ، كان بدون حياة مثله مثل قلبه فمن الخارج يظهر أنه أسعد رجل في الكون لفخامة هيأته لكن من الداخل لا يعلم أحد أنه أتعس إنسان على وجه الكرة الأرضية ، مشط شعره جيدا وهو يحمل جبالا مثقلة على كاهله وعطر نفسه ووضع أزرار طقمه الثمينة على جانبي يديه وتحرك صوب النزول ، وجد شاهيناز تتأبط ذراع طلال وفرو ذراعيها يتساقط من الجانبين بدت جميلة وسعيدة ، وهنا شعر ببعض الغبطة أنه يراها مبتسمة رغم كل شيء لا يعلم أن هذه ما هي إلا تجسيد للشر بعينه ، ابتسمت له بدورها وهي تمدح بوسامته وجماله وطبعا لم تغفل عن رمي بضعة كلمات تخص مرافقة زوجته لهم وهنا تدخلت فخرية متدثرة بسوادها المعتاد وسبقتهم للخارج وهي تحمل في يدها سلة صغيرة ، ركبت فخرية بسيارة داغر وجلست قرب حكيم بالخلف ، أما شاهيناز فركبت بجانب طلال بسيارته ، ولحقت بهم سيارتين غير خاصة برجالهم وهنا أقفل السائس أبواب القصر وانطلقوا صوب خان كهرمانة ..
حكيم(مسح فكه):- عدت سريعا يا داغر ، هل أوصلت ميرنا للبيت أم لمكان آخر ؟
داغر:- عفوا سيد حكيم ولكنني لم أقم بتوصيلها ..
حكيم(عقد حاجبيه بتوتر):- كيف يعني لم تقم بتوصيلها ، قد نزلت على أساس المغادرة و
فخرية(ابتلعت ريقها):- ماذا بك ؟
حكيم(حول عينيه):- لا شيء سأتصل بها فقط لا تشغلي بالا ..
أخذ يتصل ويتصل بتوتر لكنها لم تجيبه ، عض شفتيه بتفكر وطلب من داغر العودة للقصر وحين التف داغر لأجل ذلك ، وصلت حكيم رسالة نصية من هاتفها مفادها أنها ببيت كوثر قد أتت لأخذها ولا داعي ليتعطف عليها كي يوصلها رجاله فلديها من تعتمد عليهم ..
حكيم(ضحك بجنون):- تابع الطريق يا داغر ولا تعد ، هي بمأمن الآن
فخرية:- ستقتلك هذه البنت يا حكيم ، أنت تعلم ذلك
حكيم(سحب نفسا عميقا وكتب رسالة نصية):- سأحاسبكِ على عدم سماع كلامي بطريقتي ، ابقي قليلا عند صديقتكِ وعودي للبيت فورا
لم تجبه وكما توقع لم تكن أصلا ستجيب ، لذلك أمضى طريقهم بأريحية ولم يترك مجالا لفخرية كي تتفوه بأي حرف آخر وتنغص عليه الراحة التي شعر بها وقتها .. بعد برهة رن رقم غريب على هاتفه استغربه وأجاب
هديل:- أخبروني أنك خرجت
حكيم(ضحك حين عرفه هويتها):- هل اتصلتِ لتهنئيني بالحمدلله على السلامة ؟
هديل(بامتعاض منه):- أوف كورس نو .. لا تحلم كثيرا وأنت يقظ فوقتها ستشعر بالألم حين تسقط على رأسك بعدها
حكيم:- طريفة أنتِ يا ابنة آل رشوان ، علما أنني افتقدت هذا الحس الفكاهي بكل سلالتكِ الكريمة
هديل(بغيظ):- لم تنتهي معركتنا بعد يا حكيم
حكيم(بتعجب):- فقط لحظة ، هل نحن في معركة أساسا لا أعرف سبب احتدامكِ ضدي هل اختطفت حبيبكِ من حضنكِ مثلا وأنا لا أدري ؟
هديل(نهضت بفزع):- هئئئئ كيف تكلمني بهذه السماجة ؟
حكيم:- هه أكلمكِ بنفس لغتكِ حلوتي .. وتهنئتكِ وصلت سلام
هديل(بغيظ):- سأريك يا حكيم الراجي ، قد وضعتك برأسي همممم اللعيييييييين
فخرية(نظرت له):- ومن هذه أيضا ؟
حكيم:- أخت وائل المشهور
فخرية:- التي سلمتك للشرطة يوم أمس ، وماذا تريد منك الآن هذه البلهاء ؟
حكيم:- آه يا فخرية صعب عليها أن تُمضي اليوم دون أن تسمع صوتي وتهنئني بخروجي
فخرية(ضحكت منه):- ههه أأنت فريد من نوعك يا بني .. لذلك
حكيم(أمسك يدها بيده):- لن يكون هنالك لذلك ، دعينا نمضي بهدوء
فخرية(نظرت ليده في يدها وسُحبت في موجة غريبة جعلتها تهتز حتى تحولت عينيها للون الأبيض واستعادت لونهما الطبيعي سريعا وبملامح الفزع):- حكييييم
حكيم(بقلق):- رأيتِ شيئا صح ؟
فخرية(رمشت بعينيها):- دعنا نعود ، ذهابنا فيه سوء … اسمع مني دعنا نعود دعنا نعووود
حكيم:- مهلا فخرية اهدئي .. داغر أعطني قنينة الماء بسرعة .. خذي يا فخرية شتت
فخرية(شربت الماء والتقطت أنفاسها):- حكيم اسمع مني … ذهابنا ليس فيه خير ..
حكيم:- ماذا رأيتِ ؟
فخرية:- ليس شيئا محددا لكن كان هنالك ومضات عن ضحك صاخب ، بكاء وصراخ ، وكأن ميرنا كانت تستنجد
حكيم(أخرج هاتفه بقلق):- حسن الآن قد جعلتني أهتم … تتت يرن ولا تجيب
فخرية:- اسمع مني يا حكيم ودعنا نرجع للقصر
حكيم:- لا يمكننا ذلك هذه الحفلة مهمة ، سنذهب ولن يحدث شيء سيء ثقي بي
فخرية:- ثق أنت بي لأنني أعرف رؤيتي جيدا ، هي تنبيه إشارة لأمر سيء سيحدث
حكيم(ربت على يدها بحنان):- لن يحدث شيء وسترين ..
لم يوافقها على العودة وهي طوال الطريق كانت ممسكة على صدرها ، تشعر بشيء خبيث سيقلب الموازين في تلك الحفلة … بينما ظل يحاول الاتصال لكن دون فائدة وقرر حين وصوله أن يتصرف بشكل ما …
في قصر جوزيت
كان الأمر أيضا على أهبة الاستعداد فقد تحضرت ناريانا بشكل جيد وارتدت فستانا قصيرا في اللون الأخضر الداكن ، وشعرها الطويل تفننت في تعديله في تسريحة قصيرة أنيقة خلف رأسها ، ارتدت سترتها القطنية وأخذت تنظر إلى هذه وهي تحاول لف ذلك الوشاح ..
جوزيت:- أفف كأنني غجرية هاربة من العدالة
ناريانا:- لا يا روحي أنتِ هندية باربرا يا حبي ، وعليكِ ارتداء ثوب هندي أنيق كهذااااا
جوزيت(نظرت لزيها الهندي والساري المتلألئ حولها):- هو جميل أعجبني ، لكن لا أستطيع ضبط هذا الوشاح على وجهي
ناريانا(وضعت حقيبتها جانبيا وساعدتها):- لنثبته بهذا المشبك الصغير هكذا أفضل ، لن تبرز سوى عيونكِ الغالية
جوزيت(عانقتها):- أشعر بتوعك في بطني .. سأموت لو رأيته مجددا
ناريانا:- الله الله وأين ذهبت عزيمتكِ ليلة أمس يا ترى
جوزيت:- مجرد كلام ههه
ناريانا(نظرت لساعدتها):- قد تأخر الوقت وعيب أن نصل متأخرتين ، هيا يا وصيفتي الهندية لنمضي ونستمتع بوقتنا
جوزيت:- لا تنسي أن هذه الحفلة ذات غايات متعددة ، وكهرمانة تريد أن تجس نبضكِ فكوني حذرة في ردودك والأهم أنكِ ستبدين مساندة لها في كل ما تقترحه ومع ذلك لا تعطيها ردا واضحا تلاعبي على مهلك
ناريانا(أمسكت حقيبتها):- ولو لا توصي حريصة تربت على أنامل ثعلبة ههه ..
جوزيت(نظرت لنفسها وهي راضية بعض الشيء):- لنذهب يا ناري ولنأمل خيرا …
وضعت يدها على قلبها وسارت بجانب ناريانا التي كانت تمدح وتصدح بالجمال والأنوثة ، وطبعا جوزيت ضحكت عليها ومن جنونها قد غيرت مزاجها للأفضل رغم أن هنالك ما يضيق صدرها مع الأسف … ميارها إن حضر سيهلكها ولن تستطيع مجاراة مغناطيسه الذي يجذبها كل لحظة وفي كل نفس ، كان بدوره ينظر إلى رشيد خلفه من خلال مرآته
رشيد:- علما أنني لست متحمسا لذهابك سيدي ، لكن كما تريد
ميار:- أمي كهرمانة ستستضيفني على أنني مستثمر ، يعني لن يعرف أحد أنني شخصية الفهد البري إلا المقربون وهم بعدد الأصابع يا رشيد
رشيد(زفر عميقا):- كما تشاء سيد ميار ..
ميار(انتبه لطقم رشيد وليده التي أزال منها رباط الطبيب):- مبارك ليدك قد شفيت
رشيد(ابتلع ريقه):- نعم شفيت لكن بقي عرج رجلي يستلزم بعض الوقت ..
ميار(أقفل زر يده الحديدي وابتسم وهو يتقدم صوبه):- عذرا رشيد في المرة المقبلة سأنبههم ألا يكثروا ضرب رجلك
رشيد(رمقه شزرا):- أساسا لن يكون هنالك مرة أخرى ..
ميار(أشار له وهو ينزل):- رحمتنا إذن من عيش عصيان آخر .. هيا لنذهب حان الوقت
وبدورهم اتجهوا صوب خان كهرمانة الذي بدأ يعج بالحضور من كافة الأشكال والألوان ، هي للحقيقة توتر سائد من كل حدب وصوب لكن لعله خيرااااااا ^^…
كان أول الواصلين حكيم ووفده تم استقبالهم بشكل جميل فكهرمانة بنفسها حرصت على ذلك ، كيف لا وكل أحبتها موجودين في مجموعته
كهرمانة:- لما تقول ذلك حكيم ، حقا اشتقت لك
حكيم:- دمَّعت عيني تأثرا بصدقك
كهرمانة(تأففت):- أنت هكذا لا تطيق لي حرفا وليس بجديد ، لكن بما أنك حضرت لحفلتي معناه سنعتبرها بداية صلح بيننا
حكيم(تجاوزها للداخل بعد أن نطق):- أو تضييع وقت ..
فخرية(لم تقف عندها بل تجاوزتها):- سأنتظركِ حتى تنهي استعراض استقبالكِ الأحمق
شاهيناز(أومأت لطلال أن يلحق بحكيم ووقفت عند كهرمانة):- أختي ..
كهرمانة(نظرت لفخرية وهي تتأفف بجانبهما):- تمام نحن لم نلتقي ثلاثتنا منذ عهد مضى، ألا يستحق هذا اللقاء عناقا ؟
فخرية:- هذا ما ينقص أن أحتضن حية وحرباء معاااااا ..
شاهيناز:- أرأيتِ يا كهرمانة ، كيف أصبح لسان فخرية مرحا بعد عودتي
كهرمانة(فهمت أن سلسبيل تستفز فخرية):- ههه اندهشت .. عموما تفضلا بالداخل وأنتِ فخرية سأخبركِ متى تبدئين عملكِ
فخرية(دخلت بسلتها بكره):- بئسا لكُن …
بعد مدة وصلت ناريانا وجوزيت وحارسهما عنبر الذي وثب بالقرب منهما ، دلفتا للداخل وانغمستا في أجواء الحفلة وأخذتا ترقبان كل شيء إلى أن لاحظهما حكيم وتوجه إليهما
ناريانا(شعرت به واستدارت):- حكيم الراجي قادم نحونا لا تتبعثري
جوزيت(نظرت إليه من خلف وشاحها وهي تتأمله):- آه يا قلبي هل كل أولادنا وسيمين هكذا ، تشوقت لرؤية جدي الكبير وكيف كان يبدو ..
ناريانا(ضحكت):- ههه أكيد كتلة جمال على رجولة ووسامة أخذها منه أحفاده
جوزيت(بتغزل فيه):- إن حكيم هذااا قتل عمد يا بنتي
ناريانا(ابتسمت لدى وصوله):- افرحي بأبناء عمومتكِ إذن ، فهذا زوج ميرنا
جوزيت(اندهشت فلم يكن لديها علم بذلك الخبر وناريانا اختارت التوقيت الأنسب):- واو
حكيم:- سيدة ناريانا سعدت برؤيتكِ بالحفلة
ناريانا(صافحته بمودة):- أنا الأسعد حكيم ..
حكيم(نظر لجوزيت التي أشاحت بعينيها بعيدا عنه)- من هذه لم أرها ذلك اليوم بقصركم ؟
ناريانا:- هه إنها وصيفتي باربرا هندية الأصل ، وهي لا تتحدث كثيرا
حكيم(تأملها):- لكن أكيد هي ليست مصابة بطفح جلدي
ناريانا(فهمت تلميحه على تستر جوزيت وهمست له):- عاداتهم لا تسمح بالكشف عن وجوههم ، وأنا أحترم رغبة كل العاملين لدي
حكيم(هز رأسه مساندا):- منتهى الإنسانية ..
ناريانا:- ألم يأتي ميار بعد ؟
حكيم(نظر للباب):- أتى فعلا ..
التفتت كل منهما صوب الباب وكان يدخل بقوته المعهودة وخلفه رشيد ورجاله ، سرعان ما توغل وسط الحضور إلى أن توقف عند كهرمانة التي استقبلته بحنان وابتسامة ..
ناريانا:- من تلك المرأة يظهر كم تعزه كثيرا ..؟
حكيم(تحرك بعد أن أجابها):- لأنها المرأة التي ربته ..
جوزيت(عقدت حاجبيها وهي ترمق كهرمانة باستغراب ونظرت لفخامتها):- هذه هي كهرمانة إذن .. إنها ..
ناريانا(أمسكت بيد جوزيت):- قاتلة أبيكِ … أخبرتني بذلك يا جوزيت وأيضا وعدتني أنك ستضعين كل شيء على جنب ، وكأنكِ لم تعرفي شيئا من الماضي لأجل تحقيق ما نبتغيه
جوزيت(اهتزت بتعب وهي تبتلع ريقها):- صبرني يا الله ..
ناريانا:- ميار انتبه لنا وكذلك رشيد ، حكيم أشار لنا ربما سيأتيان الآن اضبطي أنفاسكِ وابتلعي تلك الدموع هيا استحضري جوزيت الجماد يا رئيسة عصابة القطب
جوزيت(أغمضت عينيها وفتحتهما بنظرة قوية):- حضرت ثعلبتكِ فاطمئني ..
ميار(سحب نفسا قويا وهو يقترب منهما):- عجيب هو لقائنا المتكرر في غضون يومين ، كأنما لم يتم اختطاف ولا وضع علامة على صدر الفهد
ناريانا(فهمت غايته):- كان ذلك لأضمن حقي ، يعني لا يجدر أن تثق ثعلبة بفهد يستطيع أن يغدر بها عند أول فرصة
ميار:- ولا الفهد يثق أصلا بثعلبة ماكرة ، لكن يلا فقانون الغاب سيحكم بالأخير
حكيم(نظر للجو المحتدم):- هل تعرفت على وصيفة ناريانا ، إنها من الهند ؟
ميار:- طبعا تعرفت على باربرا ههه ، حتى أنني استغربت من نفسي كيف لم أكشفها منذ البداية ؟
ناريانا(نظرت لجوزيت التي أعلنت جرس الطوارئ):- تكتشف ماذا يعني ههه ؟
ميار(نظر إليهما بنظرة ذئبية وأردف):- أنني معجب بالرقص الهندي ، لذلك أيتها الهندية لما لا تبهجين قلبي أود رؤية رقصة من تراثكم الهندوسي ، يا ترى هل لو طلبت من سيدتكِ ذلك هل ستوافق ؟
ناريانا(اهتزت لتحجبها خلفها ووقفت أمامه):- وصيفتي ليست للرقص ..
ميار(بتمعن في جمال ناريانا):- تبدين رائعة ..
حكيم(امتص شفتيه مبتسما):- لدينا ضيوف عليك رؤيتهم رافقني ..
ميار(أمسك يد ناريانا وقبلها وعينه هربت بسرعة صوب جوزيت):- سعدت برؤيتكِ
ناريانا(تململت وهي تشعر بالنار خلفها):- أقسم أنني لم أفعل شيئا هو من أمسك يدي
جوزيت(حركت عينيها):- أرغب بتنشق بعض الهواء ..
ناريانا:- لكن احذري من رشيد ذاك أنا غير مطمئنة له
جوزيت:- لا تقلقي ..
ناريانا(تحركت قليلا بعد أن أومأت لعنبر كي يلحق بجوزيت ويحرسها):- سأرى من أولئك الضيوف .. عن قرب
اقتربت بحرص وهي تبتسم لبعض من الحضور المعجبين ، إلى أن أتتها كهرمانة لتستقبلها كما يجب وأشارت لها كي تنضم إليهم وتعرفها عليهم ،، تقدمت بهدوء جوارها صوبهم لكن ما إن خطت خطوة أقرب شعرت بتنميل في أطرافها ، ورفعت عينيها إلى تلك المرأة وشعورها تجاهها كان غريبا جدااا حتى أنها استشعرت الحقد جليا في عينيها المبتسمتين إنها هي سلسبيييييييل …
ناريانا(ابتلعت ريقها وقد وصلتهم):- مرحبا
كهرمانة:- أعرفكم بثعلبة القطب يا جماعة ، يعني بيننا كي لا يسمع الباقون
ميار(طالعها بطرف عين):- سبق وتعرفنا
شاهيناز(سحبت نفسا عميقا وهي تتأملها):- هل سبق والتقينا في مناسبة قبلا ؟
ناريانا(أشاحت ببصرها عنها):- لا أبدا هذه أول مرة ..
شاهيناز(عقدت حاجبيها):- غريب .. كأنكِ مألوفة
كهرمانة(نظرت لسلسبيل بتنبيه):- هه مألوفة ماذا ، ثم لما لا تطمئنين على ما تفعله فخرية فبعد قليل سنستمتع
شاهيناز(رمشت بعينيها):- سأفعل ..
طلال(همس لحكيم مبتعدين):- لحظة سوف أطمئن على الرجال خارجا وأعود
حكيم:- تمام انتبه ..
ناريانا(اقتربت من حكيم):- سمعت أنك متزوج لما لم تحضر زوجتك معك ؟
ميار(عقد حاجبيه):- هي لا تحضر لهكذا حفلات
حكيم(فتح عينيه بدهشة ومسح على كتفه):- تماما
ناريانا:- من الواضح أنه يعرفها جيدا ، خسارة وددت لو تعرفت عليها أنا أيضا
كهرمانة(بارتباك من سيرة ميرنا):- هه دعونا نستمتع ببعض الموسيقى يا جماعة
ميار(أومأ لكهرمانة على جنب):- الكل موجود هنا ، لا تفتحي المزاد إلا بعد إشارتي
كهرمانة:- ميار بني ، سوف أتصرف حسب الاتفاق
ميار(زم شفتيه):- عساها آخر أعمالي القذرة في هذا العالم
كهرمانة(رمقت كرهه في عينيه):- هل سئمت حقا أم أن هذا ما يبدو لي ؟
ميار(همس لها وامتص شفتيه مغادرا):- سأستنشق بعض الهواء ، استمتعي أمي بما تعيشينه الآن …
أماني(قاطعت لحاقها بميار):- أممي .. فخررية ت تنااادديكِ هنااك
كهرمانة(زمت شفتيها):- تمام يا أماني .. اذهبي لعرندس ودعيه ينهي تحضيرات البنات بسرعة فبعد وصلة فخرية سندخلهن ..
أماني:- ح.. حالا
في الحديقة مسح على وجهه ووقف عند الزاوية وهو يعقد حاجبيه ، سرعان ما أغمض عينيه على مشاعر قلبه التي اعترته لحظتها أو لنقل كانت ملازمة لوجدانه ، فقط يخفيها بعناية خفية من عيون الآخرين وملاحظاتهم السقيمة ، حرك عنقه بتعب وهو يلتقط أنفاسا عميقة كأنه يسحبها من أعمق آباره لحين استدار بتلقائية يمينا وانتبه لتلك الهندية الجالسة عند كراسي الحديقة ويدها على حافة الكرسي بينما كانت شاردة في البعيد ، لم يعرف لما ساقته قدماه إليها وكأن بها شيئا جذبه نحوها وجعله يقاطع شرودها بحضوره
ميار:- لما أنتِ وحدك هنا ؟
جوزيت(فتحت عينيها على وسعهما فأبدا أبدا لم تتوقع أن يخرج بدوره):- أ.. لا شيء
ميار(أطل عليها وقد نهضت مولية ظهرها له):- هل تضايقتِ من شيء ؟
جوزيت(ابتلعت ريقها مرتجفة):- أ.. لا لا
ميار(مد يده لكتفها وجعلها تستدير إليه):- أنظري إلي …
جوزيت(بعيون تائهة لم تعرف ماذا تفعل):- سيدي يجب أن أدخل
ميار(اقترب وهو يعقد حاجبيه):- عيناكِ ..
جوزيت(نظرت إليه بضياع):- …لارد
ميار(خفق قلبه بشدة واستغرب حالته تلك لذلك مد يده لوشاحها):- إن تحركتِ حركة واحدة ستموتين
جوزيت:- تهديد ممتع كي تدنس طقوس أسرتي .. عار عليك
ميار(رفع حاجبه بضحك):- ههه ها أنتِ تملكين صوتا بالنهاية
جوزيت(تراجعت للخلف بغضب):- ابتعد ..
ميار:- لحظة انتظري
جوزيت(تراجعت دون انتباه حتى سقطت أرضا وسقط وشاح وجهها):- هئئئئئ
ميار(تقدم إليها بخطوات حريصة):- هل أنتِ بخير .. دعيني أساعدكِ ؟
جوزيت(غالبها البكاء لحظتها وحاولت ضبط الوشاح لكنه تعقد أكثر):- يا إلهي ..يا إلهي
عنبر(أتى في الوقت المناسب):- سيدتي ناريانا تبحث عنكِ باربرا ..
جوزيت(ارتاحت لوجوده فقد شغل ميار عنها حتى ضبطت الوشاح فقط بيدها لأن المشبك سقط منها):- لندخل لندخل ..
عنبر:- هل هناك مشكلة معها سيدي ؟
ميار(عيناه لاحقتاها):- أبدا ..
عنبر:- عن إذنك ..
حكيم(نظر لباربرا وهي تدك الأرض دكا وعنبر خلفها وتوجه صوب ميار):- ماذا فعلت بالبنت ؟
ميار:- هه لا شيء أردت أن أتعرف فقط ، فضولي غلبني
حكيم:- طبعا قطعة هندية تستحق التأمل
ميار:- لكنها لم تسمح أمر مؤسف
حكيم:- لأول مرة تفشل في شيء إذن
ميار:- ليس فشلا ولكن رحمتها ربما في فرصة قادمة لن تحصل على نفس الحظ
حكيم(وضع يده بجيبه ووقف بجانبه):- ما زلت أنتظر جوابك
ميار(استدار إليه):- بخصوص ؟
حكيم:- مفاوضتك
ميار(أغمض عينيه):- سأستمر في الميدان وأسحب فكرة الاعتزال إلى حين يختار السيد غضنفر الوقت المناسب ، يعني عدنا من البداية سنبقى تحت سيطرته لبعض الوقت ، ومفاوضتي معه كانت بأن أعيدك
حكيم(رفع حاجبه):- هههه لم تفعلها صحيح ؟
ميار(هز عينيه بنظرة للسماء):- صدقا ذلك ما حدث ..
حكيم:- سأوقف ذبذبات صوتك لأستوعب .. هل جننت يا ميييييييار لكي تقحمني في هذا الويل مجددا ؟
ميار(رفع كتفيه بقلة حيلة):- كان الحل الوحيد لأحضر الرجل من تحت يديه ، وأيضا لقد أنجدتك من مصيبة فقد كان سيدعه يسلم نفسه لكن مع تحميل بسيط أن من أمره باغتيال وائل رشوان هو أنت
حكيم(أغمض عينيه بغضب):- ذلك الحقييييييير .. اللعنة عليه
ميار:- يريد أن يعيدنا أقزاما تحت يديه وسنمكنه من ذلك ، لحين نجد الوقت المناسب لنقضي عليه هذه المرة كما يجب
حكيم:- أفف كنت مرتاحا بهذه الحفلة الآن ضاق صدري بسبب هذه الأخبار
ميار(نظر إليها مليا):- علينا ذلك وعذرا لإقحامك في هذا ، كانت الطريقة الوحيدة
حكيم((نظر إليها مليا):- وكأن هنالك حلا آخر يعني .. مع ذلك ممتن ..
ميار(غمزه ودخل):- لنحتفل فوقت الامتنان والعتب يملك وقتا
انضما من جديد للحفلة وعلى جنب كانت ناريانا تشعر بالضيق ، فنظرات شاهيناز لها لم تكن مطمئنة بتاتا فحتى قد حاولت تكرار السؤال لها ، لكن عودة جوزيت أراحتها قليلا وأبعدتها
ناريانا:- تمام ابقي هنا ولا تتحركي كي لا تحتكي به مجددا ، الحمدلله أن عنبر ارتجل وأنقذكِ منه بالحديقة
جوزيت:- لن أبرح محلي أبدا أبدا لقد ماتت أحاسيسي رعباااا
ناريانا(زفرت عميقا):- انتظريني سأذهب للحمام وأعود
جوزيت:- أوك ..
توجهت ناريانا صوب الحمام ولكن لم تعرف إلى أين تمضي ، حاولت سؤال نادل هناك أشار لها لكن لم يحسن الوصف ، لذلك رمقت ذات الشعر الأحمر واستوقفتها بلمسة يدها
ناريانا:- لو سمحتِ يا صغيرة هل لكِ أن تدليني على الحمام ؟
أماني(التفتت لها):- أ.. أك.. أكيييدد
ناريانا(فتحت فاهها بصدمة حين رمقتها):- أنتِ.. أأ.. ولكن
أماني(بعدم فهم حركت رأسها):- ن.. نعم سيدتي أ..أناا للا أفهممكِ ؟
ناريانا(أغمضت عينيها وابتلعت ريقها كي تضبط نفسها):- هه لا تبالي شبهتكِ فقط ،، ما اسمكِ يا بنت ؟
أماني:- أمماني ..
ناريانا:- أماني .. يا له من اسم جميل وماذا تفعلين هنا يا أماني ؟
أماني(نظرت حولها):- أععيش هنا ، معع أممي كهرررمانة
ناريانا(بعدم تصديق):- أنتِ ابنتها ؟؟؟؟
أماني:- لالا .. هي رربتني وأنا ص..صغيررة
ناريانا(تنهدت بارتياح):- أنتِ لا تعرفين من أكون صح ؟
أماني(هزت رأسها بنفي):- لاء
ناريانا(عضت شفتها ومسحت على خدود أماني بحنان):- أنتِ جميلة جدا وشعركِ مذهل
أماني:- طبييعي يعني لليس مصبوغا هه ه
ناريانا(ابتسمت لها بدموع):- أعلم ذلك فقد سبق وشاهدت مثله .. تت عموما دليني على الحمام كي أعود سريعا سعدت بمعرفتك حقا
أماني:- أناا الأسسعد .. أنظرري هناك على اليسسار الحمام
لوحت لها ناريانا وهي تمضي بغبن نحو الحمام ، وقفت أمام المرآة وهي تحاول تصديق ما رأت عيناها وأخرجت هاتفها بسرعة طقطقت رقمه وبعصبية
ناريانا:- متى كنت ستخبرني عن أماني يا نزاااااااار ؟؟؟؟؟؟
نزار(نهض من محله):- من أين عرفتِ بأمرها ناريانا ؟
ناريانا:- لأنني التقيت بها للتو ، هل هذا يفيد ذاكرتك لتنطق ؟
نزار:- تت اسمعي كل شيء أنا أملك تفسيرا له ، لكن رجاء لا تخبري الفتاة بحرف دعيها وشأنها أرجوكِ ناريانا
ناريانا(ابتلعت ريقها):- حين ألتقي بك ستحكي لي كل شيء يا نزار كل شيء .. سلام
نزار(جلس بتعب):- الرحمة يا ربي …
هنا كانت أماني تمر بجانب الغرف لحين أمسكت بها يده واعتصرها في حضنه بعناق طويل
رشيد:-0 اشتقت لعطركِ يا صغيرة ؟
أماني(بخجل):- ححتى أنا
رشيد(أشار لها):- تعالي لنختلي بنفسنا هنا ولن نسمح لأحد بإزعاجنا
أماني:- أممي س ستبحث عنني ، ففيما ببعد هييا أنزل أناااا الآن
رشيد(قبل وجنتها):- لكنكِ لن تهربي مني كثيرا هممم …
بعد مدة بسيطة بينما كانتِ الأجواء اعتيادية .. خرجت هذه من جيب السيارة وهي تسعل بقوة قد كانت تختنق هناك ، التقطت أنفاسها وطافت بعينيها وهي ترى نفسها أمام مبنى شاهق ذو تعمير قديم ، كأنه معلمة تاريخية أو ما شابه ، سرعان ما أخفضت رأسها حين التفتت حولها لعشرات الرجال المسلحين خارجا ، لذلك تركت حقيبتها بجيب السيارة وأغلقت الباب برفق كي لا يسمعوها وانتقلت من سيارة لسيارة ووضعت هاتفها بصدرها وأقفلت أزرار قميصها ونظرت للباب المقوس الذي كان يفصل بينها وبين الدخول … لاحظت مرور أحد الخدم بعربة الكؤوس الفارغة واستغلت دخوله لتدخل بقربه كي لا يلحظه أحد وبالفعل دخلت ، وما رأته من بعيد كان غريبا ناس كثر يظهر أنهم من الطبقات الراقية ، تقدمت ببطء وهي تسبح بعينيها لتعرف أكثر ما الذي يدور هناك وقبل أن تجد الفرصة سقطت يد على ظهرها ..
سيف:- ما الذي تفعلينه أنتِ هنا لما لم يجهزوكِ بعد ، هيا هيا لا تخرجي إلا رفقة البنات يا غبية تحركي …
ميرنا(بعدم فهم):- هيه مهلك أنت لا تفهم
سيف(دفعها بقوة):- هيييه برق برق خذ هذه ودعهم يجهزونها فورا لا وقت لدينا
برق:- تعالي يا حلوة أم تراكِ نسيتِ الدور … هييييه يا بنات قد نسيتم هذه أسرعن
هنا سقطت ميرنا فيما لا تحمد عقباه ، لجم لسانها وهي تشاهد تلك الفتيات المتزينات بفساتين مغرية تكشف منهن أكثر مما تغطي ، بتسريحات شعرهن ومكياجهن وزينتهن ، كن يافعات جميلات ولكن مصيرهن أتعس من قلب كل واحدة ، كانت تنظر لعيونهن الكسيرة وما إن يمر بهم الحارس حتى يبتسمن ويتعاملن بالحسنى مع المزينات .. لم تكن تتوقع يوما أنها ستجد نفسها في ذلك المكان قد وصلت لمكان الفهد البري بفضل لحاقها بحكيم يعني كان قادما لحفلته وهذه البنات ستعرض بعد قليل على الزبائن ، هكذا فهمت من حديثهن وقبل أن تستوعب أكثر أمسكنها المزينات وأجلسنها بالقوة لكي تكون مطيعة لهن عدلن شعرها ووجهها أضفن له طبقة مايكاب مختلفة بينما كانت هي تتطلع بروح ميتة لكل فتاة ، قد كانت تضع نفسها دوما محلهن لكن أبدا لم تتخيل أن تكون مكانهن بقربهن حتى لا تفصلها عنهن سوى أمتار بسيطة ، يعني تحتويهن ذات الغرفة وذات المصير
فتاة ما:- ماذا سيفعلون بنا الآن ؟
الأخرى:- سيقومون ببيعنا سمعت الريس عرندس يخبر الحارس سيف بذلك
الفتاة:- يا ليتنا استطعنا الهرب من هذا المكان .. يا ليت
المزينة:- هووه اخرسن ولا تتفوهن بحرف وإلا ناديت الريس عرندس ليقطع ألسنتكن ، مثلما فعل بتلك الخادمة
طبعا خرسن وانكمشن حول أنفسهن بخوف ، نظرت ميرنا بتوجس لهن وانتبهت لوشم رقبتهن كل واحدة تحمل نفسه وفتحت عينيها بهلع وهي تداري بشعرها رقبتها كي لا ينتبهوا ، أعطتها إحداهن فستانا لترتديه ونهضت من محلها لتفعل ذلك خلف الستارة ، بسرعة أزالت ثيابها وارتدته وأبقت هاتفها محله لكن أخرجته بسرعة وبحثت عن كيفية اكتشاف موقعها ، فهي كانت بجيب السيارة ولم ترى أي شيء من الطريق المؤدي لذلك الخان ، فعَّلت البحث ووضعته بصدريتها بسرعة وارتدت الفستان الضيق وامتعضت من شكلها ، قد بدت عاهرة بدون شروط وهذا ما آلم قلبها ، لكن لا بأس طالما لا تفصلها خطوة عن الفهد البري هي لها وليريها حكيم كيف سيضبطها الآن ..
خارجا في القاعة التي كانت تعج بالناس بدأت فخرية تبصيرها للحضور ، وطبعا كان الجو ساخرا فبعضهم كان يستخدم جملها للتعقيب والسخرية من بعضهم ، كلما بصَّرت لأحد الأعيان أطلق ضحكة مجلجلة وهو يتوقع كل الخير الذي تطرحه عليه لكن مع ذلك لم تكن تقول سوى الصدق ، وحين أنهت تبصيرها لهم أخبرتهم بجملة واحدة أنهم جميعا مكبلين بالقيود الحديدية ، هنا كهرمانة تدخلت وهي تضحك كي تظهر على أنها مزحة
كهرمانة:-0 فخرية فخرية … ركزي بالله عليكِ ههه عن أي قيود تتحدثين ؟
فخرية:- من بعد …
رشيد(نظر لباربرا شزرا):- لنرى حظ الهندية ؟
ناريانا(بتوجس):- لالا أي حظ هندية هي لا تؤمن بهذه الأمور
شاهيناز:- كيف ذلك وبلد الهند بلد العرافات والسحرة أيضا ؟
ناريانا(ابتلعت ريقها وهي ترمق شاهيناز شزرا):- وأنا أرفض شكرا رشيد لعرضك
فخرية(فتحت عينيها على وسعهما وهي تناظر هذه الفتاة التي تتكلم):- ولكنني مصرة لمعرفة مصيرها .. يا بنت
كهرمانة:- انتبهي لحروفكِ هذه سيدة راقية يا فخرية ،، التزمي حدكِ
فخرية(عقدت حاجبيها):- راقية ههه … كلكن سواسية لدي تعالي يا ملثمة إلي ..
جوزيت(نظرت لناريانا التي توجهت معها صوب فخرية):- قممم ..
حكيم:- هل علينا مشاهدة هذا الدجل الآن ؟
ميار(فتح ياقته):- بدأت أشعر بالضيق
رشيد:- دعونا نرى ماذا ستقول بشأن ثعلبة القطب ووصيفتها
شاهيناز(اقتربت بحرص):- متشوقة لمعرفة ذلك ..
جوزيت(جلست قبالة فخرية ونظرت إليها):- نعم
فخرية(عقدت حاجبيها وهي تتأمل عيونها وأمسكت يد جوزيت):- ضعي يدكِ بهذا الماء
جوزيت(قلبها انقبض وبرجفة من قبضة فخرية على يدها لامست الماء):- هاه ..
فخرية(دفعت يد جوزيت وأمسكت الوعاء النحاسي بين يديها ، وهي تحرك الماء الأسود وبدأت تدندن):- هممم ممم هممم همممم .. هئ أنتِ آتية من الموت
ناريانا(هنا قلبها ضرب مئة ضربة في ضربة):- هه هل هي شبح يعني … هههههه
كهرمانة(ضحكت أيضا):- هههه ركزي يا فخرية أموات ماذا
فخرية(زادت دهشتها وهي تلامس الوعاء):- … غير ممكن غير ممكن
حكيم(رمق نظرتها له ولميار في آن الوقت وتوجس):- هل يجب أن نقلق الآن ؟
ميار:- هه ما ربما كان مصيرها مرتبطا بمصيرنا ، ألا تعلم هذيان فخرية يعني
جوزيت(جمعت يدها ونهضت):- يكفي .. لا أريد تكملة هذا
فخرية(بهسيس كصوت الأفاعي):- أنتِ تلعبين بالنار التي ستحرقكِ ، كوني صريحة واربحي حياتكِ قبل أن تفقديها وأنتِ غير مرئية
ناريانا(نظرت بخفة لجوزيت كي تنهض):- انتهى وقت التبصير خاصتنا ..
قبل أن تبتعد ناريانا وضعت فخرية يدها بالوعاء وسرعان ما حركت إصبعها به وابتسمت،، لا بل اتسعت بسمتها حتى أصبحت ضحكات متتالية لم تستطع إيقافها ، لحظتها سلسبيل تضخم صدرها وأكلها الفضول
شاهيناز:- ما الذي رأيته بهما جعلكِ تضحكين لهذه الدرجة ؟
كهرمانة:- أضحكينا معكِ
فخرية(اختفت ضحكتها ورمقت جوزيت وناريانا شزرا):- لا شيء غير أنني تعبت ههه انتهى وقتي على ما أظن غاليتي كهرمانة
كهرمانة(صفقت بيدها حرجا من الحضور):- يمكنكِ الارتياح .. يا عرندس أدخل البنات فورا ليتخذ كل مجلسه يا جماعة
ناريانا(شهقت بعنف وهي تجذب يد جوزيت خلفها):- اهدئي اهدئي .. تلك المرأة غريبة الأطوار كادت تكشفنا
جوزيت:- آه قلبي يرتجف صدقا ما حسبنا حساب هذا يا ناريانا
ناريانا(جلست بقربها):- اهمدي وحافظي على هدوئكِ الناس عيونهم علينا .
جوزيت:- يا ربي تنهي هذا اليوم على خير ..
ميار:- محتمل ألا أنهي هذه المهزلة أشعر بالضيق ، سأغادر
حكيم:- لو تأخذني معك سيكون خيرااااا ..
كهرمانة(سمعتهما):- لن يبرح أحدكما محله عيب ، اقبعا هنا في مكانكما ريثما ينتهي المزاد
ميار(حول عينيه وجلس):- رشيد سيجارتي
رشيد(بسرعة أخرج له السيجارة وأشعلها لأجله):- تفضل سيدي ..
حكيم(انتبه لرنين هاتفه ورمق رقم البيت ، ونهض ليجيب):- نعم خالتي عواطف هل عرفتهم عنها شيئا ؟
عواطف:- مرحبا عزيزي حكيم بصراحة اتصلت برقمها مرات عديدة ولم تجبني ..
حكيم:- طيب هل اتصلتم بصديقتها كوثر أبوها أي أحد ؟؟؟ ..
عواطف(فتحت عينيها على وسعهما ونظرت لكوثر أمامها):- هه ولكن كوثر أمامي الآن يا حكيم ، وتبحث بدورها عنها ؟
حكيم(هنا دارت به الدنيا سبع دورات):- م.. ماذا تقولين يعني .. أكيد هي مع إياد ربما ،،افصلي خالتي سأرى بنفسي …
حكيم(اتصل بها لا جواب):- أدهشيني لمرة واحدة يا ميرنا وأجيبي على اتصالي ..تبا
أخذ يرن يرن يرن وطبعا أختنا في الله كانت في طابور البنات ، وهاتفها صامت بصدريتها ولم تستطع أصلا تفقده لأن عرندس وقف أول الصف ليشرح لهن طبيعة وقفتهن على المنصة ، ويقودهن بنفسه إلى القاعة ، ولأنهن كثيرات لم يدقق في كل واحدة وإلا لكان رآها .… في كل خطوة كانت تسحب منها روحها لم تخف ولم تخشى من شيء فبداخلها كان قلبها متضامنا مع تلك البنات وقد عزمت على أن تخرجهن من هناك ولو كان ذلك موتها معهن ، فقد وضعها الله بذلك الموضع إذن سوف تقوم بمهمتها التي تناديها ، كل بنت ظهرت إلا وصفقوا لأجلها الواحدة تلو الأخرى إلى أن صعدت هي من بينهن وابتسمت وهي تنظر إلى كل أولئك الجمهور المنافق المخادع ، من جاؤوا ليشهدوا بيع أجسام البنات ، مجلس منافق حقير تافه كلهم قذرين بغيضين مجرميييييييين .. تمالكت أعصابها بهدوء ومصت شفتيها وهي تبحث بعينيها من خلف البنات عنه ، لم تره ولكن لمحت فخرية جالسة أرضا تقوم بشيء غريب لإحدى زوجات الأعيان يعني لم تكن مبالية ، رمقت شاهيناز والتي كانت عينها على ناريانا لم تغفل عنها لحظة لذلك لم تنتبه بدورها لميرنا ، رأت طلال والذي كان على جنب في حديث مع …. لحظة ذلك الرجل رأته قبلا آه يا إلهي إنه الشخص الذي التقت به في سباق الخيول خاصة حكيم ، لقد كان يشجع خصم حكيم هل هذا يعني أن ذلك الخصم هو الفهد البري ، أي أنه كان قريب منها لتلك الدرجة ولم تستطع رؤيته ولا إيجاده ، شعرت بالحرارة تصعد معها وهي ترمق رشيد بكره ، وعادت لتبحث عن حكيم الذي ظهر من الجانب وهو يحاول الاتصال برقم معين أنزلت رأسها لصدرها وانتبهت للضوء وعرفت أنه يتصل بها ، وهنا حركت رأسها بغبن فقد خذلها بدوره يعني لن يجد منها أي جواب …
كهرمانة:- بناتي الحبيبات أقدمكن لآبائكن الجدد ، هنا ستجدون النقاء والصفاء والوجه المليح والضحكة الشفافة وأهم شيء الجمال والأنوثة ، لنفتتح مزادنا يا جماعة وبعشرة ألف من يزود ؟؟؟؟؟؟؟ …
نطق أحد الأعيان بعشرين ، ونطق أحد بعده بخمسة وعشرين ، وتضاعف ليصل لخمسين في لمح البصر هنا شعرت ميرنا بالرخص هل يقيمون بضاعة حقاااااا ؟ .. ما هذا العالم الذي يعيشون به بحثت بعينيها مجددا عن المكان الذي استقر به حكيم وأخيرا وجدته لكن .. فجأة وجدت نفسها تسير على المنصة لحين نزلت منها واعترض طريقها سيف
ميرنا(صرخت فيه):- ابتعد عن طريقي … ابتعد
طلال(انتبه لها):- يا إلهي … لا يخبرني أحدكم أن تلك ميرناااااااا ؟؟؟؟؟؟؟
نظرت جوزيت إليها ورمشت بعينيها بعدم تصديق وتركت وبدون وعي منها وشاح وجهها الذي كانت تثبته بيدها ، سقط من على وجهها بدهشة ، بينما ناريانا نظرت لميرنا بذهول ونظرت لجوزيت جنبها بنفس الذهول ، قد بدتا كالتوأم لحظتهاااااااا خصوصا مع تعديلات جوزيت وكأنها ميرنا بدون مناااازع … أما حكيم فقد انعزل عن الوجود وهو يشعر بتخدر في قدمه ولم يستطع إلا أن يميل برأسه إليه وجده جالسا محله دون حراك قد رأته وهي قادمة إليه الآن … لم يتحرك قيد أنملة بل بقي ثابتا محله
ارتفعت نبضات القلب وكأنها النهاية ، كانت تحرك رأسها يمنة ويسرة بعدم تصديق بينما كان حكيم يحاول أن يستوعب ما يراه أمامه ، كيف وصلت هناك كيف غفل عنها ، يعني قد تخيل كثيرا معرفتها الحقيقة كاملة لكن ليس بهذه الطريقة ، ليس بهذه السرعة ، وجد نفسه ثابتا ينظر إليها بذهول وكأنما رفعت الستارة عن كواليس المسرحية ..
حكيم(أمسك ذراع ميار بجانبه وهو ينظر إليها):- لا تتحرك من محلك لن تعرفك .. ستعتقد بأنك إياد سنجد حلا لكن أطبق فمك رجاااااء دعني أتصرف
نظر إليه بدون حياة ، وقد فاضت مشاعره بعدم معرفة كيف سيتصرف لأول مرة يقف الفهد البري عاجزا أمام شيء ولم يكن يتوقع أبدا لقائه مع ميرنا أن يكون بذلك الشكل ، لكن قد فاجأته وفعلتها … انتبه لذراع حكيم المساندة ونظر إليه ورمش بعينيه وقد انتبه من خلفه لوهلة لوجه جوزيت الذي كانت تستره ناريانا بيدها ، رمقه قليلا والقليل الذي رآه كان كفيلا بأن يجعله يعجز أكثر عن استيعاب ما يدور حوله
كهرمانة(نهضت من محلها مشيرة للحضور):- ههه سوء تفاهم يا جماعة ، حصل خير لنتابع مزادنا هههه .. عرندس ؟؟
عرندس(حرك لها كتفيه بعجز فلم ينتبه لها لذلك أومأ لها بتدبر الأمر):- لا تقلقي
كان الأمر مهلكا مهيبا ، فوق المتوقع أن تجتمع به أخيرا بعد هذه المعاناة أمر محير ، لكن لم تستطع إيجاد جواب لتواجده خفية عنها بذلك المكان لكن أكيد هو متواطئ مع حكيم مع الفهد الذي لم يظهر حتى الآن ، أو هو أحد أولئك الأعيان …
ميرنا(بعدم تصديق كانت تقترب من ميار):- كنت أحسبك صديقي .. كنت كنت أعتقد بأنك أخي لكن .. لكنك خدعتني يا إياد … خدعتني خدعتنيييييييييييييييييييي يييي …
حكيم(نهض بخفة إليها):- ميرنا اهدئي بدون فضائح ..
ميرنا:- أنت ابتعد عني ولا تقترب مني خطوة … وأنت أنتظر إجابتك هذا إن كنت تملكها أصلا ، هاه هيا أخبرني ما الذي تفعله بحفلة مشبوهة كهذه لما أنت صامت أجبنييييييييييي
حكيم(بعذاب نظر لميار وهو ثابت بنظره نحو الأرض):- ميرناااا رجااااء لنبتعد عن هذا المكان ، لا يجوز بقائكِ أكثر ستتسببين بمشكلة ..
ميرنا(نفضت يدها من يده):- قلت لك ابتعد عني …. وأنت رد علي رد على ميرنتك إياااااد إياد .. مهلا ههه مهلا مهلا … هههههههههه أنت لست إياد ههههههههه ه هههه يا للعجب وكأنك نسخة منه ، لوهلة اعتقدت بأنك هو لكن ههههههه حكيم … إن لم يكن هذا إياد هههههه ههه فمن يكوووووون هاااااه ؟؟؟؟؟
ميار(نهض إليها ومد يده لها بالفراغّ):- ميار نجيب .. أظنني أخبرتكِ سابقا لكنكِ نسيتِ ذلك تشرفنا يا ميرنا ..
حكيم(وقف بينهما):- ميار لا تتهور ..
ميار(رفع حاجبيه له):- هذا خطؤك..
ميرنا(بعدم فهم وبحالة جنون):- مهلا مهلا ماذا تقولان ثم أنت ….. من تكون من يعني ميار نجيب ههه ميار نجيب ميار .. ميار نجيبب أظنني سمعت هذا الاسم قبلا صحيح .. قد قد سمعته يوم يوم اختطفني الفهد البري و …
صوت أجراس ضربت في مسمعها ، وقرع للطبول جاء غريبا لحظتها وهي تستوعب من الذي يوجد أمامها الآن ، مسحت عينيها وهي تتراجع للخلف وتهز برأسها بعدم تصديق ، حاول حكيم إمساكها لكنها دفعت يده ونظرت حولها وأخذت تستمع لضحكات الحضور الذين شغلتهم كهرمانة بحرفية عما يحدث بذلك الجانب ..
حكيم(مص شفتيه):- ما كان يجب أن تعرفي ذلك ميرنااااا ..
ميرنا(ابتلعت ريقها وتقدمت لميار وفجأة صفعته على وجهه):- أنت .. رجل سيء أنا أكرهك وإياد إياد سيكرهك حين أخبره بأن أخاه هو ال….
قبل أن تتمم آخر كلمة جاء عرندس من خلفها ووضع منديلا على فمها مرشوشا بمنوم ، حتى سقطت بين ذراعي حكيم الذي حملها بخفة وخوف ..
حكيم(بخوف عليها):- سأغادر بها كأن شيئا لم يحدث
ميار(امتص شفتيه واستوقفه):- اصعد بها لفوق … الآن يا حكيم فحفلتنا قد بدأت للتو
حكيم(نظر لميرنا بين يديه وبتوجس):- ميار … ميار سأحل الأمر …
كهرمانة(تقدمت إليهم):- لينهي أحدكم هذه المهزلة …
ميار(تقدم قبله):- سأسبقك .. وأنتما أيضا اتبعانني ..
ناريانا:- ونحن لماذا يعني ؟
ميار(بنظرة خطيرة):- ليس لكِ حق الاعتراض .. اصعدي أنتِ وهنديتك فورااااا ..
رشيد(وقف على رأسهما):- تفضلا معي لفوق ..
شاهيناز:- أريد أن آتي أيضا مستحيل أمنع عن نفسي هذا المشهد ..
صعدت شاهيناز خلفه وطلال وأيضا فخرية وكهرمانة التي سلمت زمام الأمور لعرندس ، وهنا كان مصير ميرنا يحاك في الخفاء فطالما كشفت السر إذن هي في خطر ، وهذا ما خشيه حكيم كيف تقدم المجنونة على لحاقه لذلك المكان ، كيف لم ينتبه لها كيف كيف فرط بهااااا … كانت ملامح ميار لا تفسر حين دلف خلف حكيم للغرفة ..
ميار(أشار بأمر لا يحتمل التفاوض):- بدون جدال بدون كثرة كلام ، هذه الفتاة لن تخرج من هنا أبدااااا يا حكيم …
حكيم(وضعها على السرير برفق وغطاها وقد غزاه التعب والفشل من كل ما يحدث ، داهمته ميرنا وللتو ضربته برصاصة في صدره لن يعلم بعد تبعاتها):- ميار ..
ميار(أشار له):- كان خطأك يا حكيم ، ليست تعيش معي بل معك أنت أنت المسؤوووول ،،،، كان عليك أن تحرص على أنها لا تتبعك …
حكيم(شحب وجهه):- لم أعرف لقد غافلتني غافلتني … ليس ذنبي وليس ذنبهااااا أيضا
ميار(وضع يده على جنبه وأشار لها):- هي تعرفني الآن … تعرفني يعني لن تصمت لن تصمت وستخبر كل شيء لإياد ..
ناريانا(ابتلعت ريقها وهمست لجوزيت):- سلاحي بحقيبتي إن اقترب منكِ أحدهم سأقصف جبهته ..
جوزيت:- هئئ اصمتي نحن في وضع صعب أساسا .. ثم لما طلب منا الصعود أيضا ؟
ناريانا(بخفوت):- لا أدري .. هل شك بشيء ؟
جوزيت(أغمضت عينيها):- هذا يعني موتي اليوم ؟.. آه يا ربي لينتهي كل هذا على خير
كهرمانة:- لن أسكت على هذه الإهانة … أنا من البداية لا أطيقها لذلك لنتخلص منها
حكيم:- هييه تتخلصين ممن هل جننتِ يا أنتِ ، هذه زوجتي وابنة عمي لن أفرط فيهااااا
ميار(جلس على طرف الكنبة وهو يمسح على فكه):- لم يتبقى سوى حل واحد في هذا الموقف وأظن أنها من اختارت مصيرها بنفسها ..
حكيم(تحركت حنجرته):- ماذا … ما هو يعني ؟
ميار(عقد حاجبيه ألما عليها وأغمض عينيه):- سنمسح ذاكرتها
ناريانا(استرسلت):- قرأت ذلك في مجلة هولندية لقد توصلوا فعلا لطريقة لمحو الذكريات ، عبر تعريض أجزاء معينة من الدماغ لموجات كهربائية ..أ..
جوزيت(عضت شفتيها وبهمس):- لم يطلب منكِ أحد تقريرا طبيا ناريانا .. حمم
حكيم(بجنووووون):- تمسحون ماذا لو اقترب منها أحدكم سأقتله
كهرمانة(بكره):- هي التي سعت لذلك ، والآن لا يحق لك أن تعرضنا للخطر من أجلهاااا
ميار:- كهرمانة اهدئي …
كهرمانة:- لن أهدأ لن أهدأ ، هذه البنت بلاء على رأسنا لو خرجت من هذا المكان اعتبروا أنفسكم جميييييييييعا مصطفيييييين بسراديب السجون
فخرية:- هه أقله يرضى الجميع بنفس المآل …
شاهيناز(زفرت بعمق):- شكلكِ مستمتعة يا فخرية ..
فخرية(نظرت لعيون حكيم وهزت رأسها):- ربما لأنني استبقت الأحداث ..
حكيم(اقترب من ميرنا ومسح على شعرها ثم جمع قبضة يده):- لا يعتقد أيكم أنه في استطاعته تجاوزي ، أقسم أنه لو اقترب منها أحدكم سأقتله ..
ميار(عض شفتيه وتقدم إليه وربت على كتفه):- أعطني حلا .. هيا هيا فكر كيف سنحل الموضوووووع ؟
حكيم(بعيون ملتاعة وخوف انحنى لرأسها وقلبه يتمزق لأجلها):- ميار لا تختبرني بصغيرتي ، أنت تعلم أنني لن أفرط فيها وعليك تجاوزي إن فكرت بلمسها … سيتم ذلك على حساب موتي أسمعت ؟
مياار(أغمض عينيه ونظر إليهاّ):- يا ليتها ما جاءت ، هكذا وضعتنا أمام خيار صعب
كهرمانة(أمسكت على رأسها بصداع):- أما زلتما تفكرااااااااان ، هذه البنت ستموت لأنني لن أسمح بخروجها لا أريد أن أمضي بقية حياتي في السجن ..
حكيم(نظر إليها بلؤم):- أنتِ لا شأن لكِ بها ، دعيني لا أبدأ بتصفيتكِ كهرمانة ..
كهرمانة(بكره زورته):- سحقا لجنسكم اللعين … لطالما كنتم أسوأ بشر على وجه الأرض أتمنى أن تموتوا جميعا يا آل الراجي جمييييييييييييعا …
جوزيت(هنا تذكرت كل حكاية أبيها ولم تستطع تمالك أعصابها ، أغمضت عينيها وبدون أن تشعر):- كفى …
نظر الجميع إليها وأولهم كهرمانة التي اقتربت خطوة لكن اعترضت طريقها ناريانا ، وهنا نظر ميار إليها بخيبة أمل وعاد ببصره لميرنا ..
ناريانا(همست بخفوت):- أطبقي فمكِ هل جننتِ ؟
جوزيت(بقلب موجوع):- أريد أن أقتلها أريد ذلك حقاااااا …
ناريانا:- يا إلهي ..
جوزيت(تأففت):- آه على هذه الوقعة المهببة أحس بالاختنااااق
ناريانا:- هشش علينا أن نضبط أعصابنا سنُكشف يا بنت
جوزيت(نظرت لميار نظرة خاطفة وهربت بعينيها):- هئ .. يا إلهي
ناريانا:- بما أننا لن نساعدكم بشيء ، دعونا نغادر مستأذنين ..
شاهيناز(اقتربت منها):- أنتِ ماذا تخفين ورائكِ ؟
ناريانا(ابتلعت ريقها ونظرت لفخرية):- لا شيء ست شاهيناز ، سررت بمعرفتك
طلال(جذب شاهي):- تعالي ودعي السيدة وشأنها …
نظرت ناريانا لحكيم الذي كان جاثيا عند رأس ميرنا ، بينما ميار كان ينظر إليها بدون حياة وبمرارة قلب مفطور ..
ميار(ربت على كتف حكيم):- حكيم .. قد انتهى الأمر ميرنا
حكيم(نهض إليه يهزه بقوة):- ميرنا أجل هي ميرناااا يعني لن تفرط بعشقك صحيح هه ، يعني أعلم أنني جننت الآن لكي أقولها لك بصراحة لكنك تحبها أيضا هل هل ستفرط بها ، أرجوك ميار لا تجعل كهرمانة تسوس بعقلك ، إنها ميرنا سآخذها وأعزلها في مكان بعيد والله لن يعرف أحد بمكاننا لكن لا تقترف جرما في حقهاااااا .. إنها دمنا يا مياااار بالله عليك
ميار(اهتزت حدقتيه بدمع وهو يرمقها):- آسف …قلبي يحترق يحترق يا حكييييم
ناريانا(أومأت لجوزيت مستغلة الفرصة):- هيا نذهب
ميار(هز رأسه ورمقها بكره):- توقفي محلكِ …
جوزيت(تحركت قبلها ولكن لم تحس إلا وقد كان يعترض طريقها):- هئ ..
بابتسامة حزن ناظرها وهو يتحدث بنبرة تعيسة ، هامسا في أذنها محاولا التقاط أنفاسه المتثاقلة فالغصة الممتزجة لحظتها كانت فوق قدرة استيعابه من جهة ميرنا التي كشفته ومن جهة جوزيت الكاذبة التي عذبته …
ميار(بسخرية مريرة):- هل ترغبين بترك الحفلة بعد أن بدأتِ المتعة .. هيا أزيلي وشاحكِ يااا جوزتي الغالية لقد انكشفتِ اللعبة !!


يتبع..


الكونتيسة نسرينا غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 11-12-16, 03:50 AM   #495

رهووفا
 
الصورة الرمزية رهووفا

? العضوٌ??? » 80197
?  التسِجيلٌ » Mar 2009
? مشَارَ?اتْي » 350
?  نُقآطِيْ » رهووفا has a reputation beyond reputeرهووفا has a reputation beyond reputeرهووفا has a reputation beyond reputeرهووفا has a reputation beyond reputeرهووفا has a reputation beyond reputeرهووفا has a reputation beyond reputeرهووفا has a reputation beyond reputeرهووفا has a reputation beyond reputeرهووفا has a reputation beyond reputeرهووفا has a reputation beyond reputeرهووفا has a reputation beyond repute
افتراضي

يسلمو الايادي حبيبتي ،،، ويدوم الإحساس الي يحرك قلمك

تقبلي شكري وحبي لك ،،،، وبانتظارك دوما يامبدعة


رهووفا غير متواجد حالياً  
قديم 11-12-16, 06:50 AM   #496

أسماء44

? العضوٌ??? » 322660
?  التسِجيلٌ » Jul 2014
? مشَارَ?اتْي » 846
?  نُقآطِيْ » أسماء44 has a reputation beyond reputeأسماء44 has a reputation beyond reputeأسماء44 has a reputation beyond reputeأسماء44 has a reputation beyond reputeأسماء44 has a reputation beyond reputeأسماء44 has a reputation beyond reputeأسماء44 has a reputation beyond reputeأسماء44 has a reputation beyond reputeأسماء44 has a reputation beyond reputeأسماء44 has a reputation beyond reputeأسماء44 has a reputation beyond repute
افتراضي

لا اله الا الله ..

أسماء44 غير متواجد حالياً  
قديم 12-12-16, 03:00 AM   #497

ساءر في ربى الزمن
 
الصورة الرمزية ساءر في ربى الزمن

? العضوٌ??? » 354980
?  التسِجيلٌ » Oct 2015
? مشَارَ?اتْي » 546
?  نُقآطِيْ » ساءر في ربى الزمن has a reputation beyond reputeساءر في ربى الزمن has a reputation beyond reputeساءر في ربى الزمن has a reputation beyond reputeساءر في ربى الزمن has a reputation beyond reputeساءر في ربى الزمن has a reputation beyond reputeساءر في ربى الزمن has a reputation beyond reputeساءر في ربى الزمن has a reputation beyond reputeساءر في ربى الزمن has a reputation beyond reputeساءر في ربى الزمن has a reputation beyond reputeساءر في ربى الزمن has a reputation beyond reputeساءر في ربى الزمن has a reputation beyond repute
افتراضي

بصراحه دماااااااااااار يظل المجرم مجرم

ساءر في ربى الزمن غير متواجد حالياً  
قديم 15-12-16, 02:45 PM   #498

حسناء_

? العضوٌ??? » 379692
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 202
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » حسناء_ is on a distinguished road
افتراضي

9بصراحة احداث مشوقة
لا استطيع الانتظار فرجاءا متغبريش
ننتظرك يوم السبت 😍😍😍😋😋😋😋😋


حسناء_ غير متواجد حالياً  
قديم 16-12-16, 03:45 PM   #499

هوس الحلم

? العضوٌ??? » 365831
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 31
?  نُقآطِيْ » هوس الحلم is on a distinguished road
افتراضي



هوس الحلم غير متواجد حالياً  
قديم 16-12-16, 03:46 PM   #500

هوس الحلم

? العضوٌ??? » 365831
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 31
?  نُقآطِيْ » هوس الحلم is on a distinguished road
افتراضي



هوس الحلم غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:17 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.