آخر 10 مشاركات
الوصــــــيِّــــــة * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : البارونة - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          طلب مساعدة لاشراف وحي الاعضاء (نرجو وضع تنبيه بنزول الفصول الجديدة للروايات) (الكاتـب : قصص من وحي الاعضاء - )           »          دانبو ...بقايا مشاعر (الكاتـب : ahlem ahlem - )           »          وأذاب الندى صقيع أوتاري *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : سعاد (أمواج أرجوانية) - )           »          سمراء الغجرى..تكتبها مايا مختار "متميزة" , " مكتملة " (الكاتـب : مايا مختار - )           »          دين العذراء (158) للكاتبة : Abby Green .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          و آن أوان قطافك * مميزة **مكتملة* (الكاتـب : ahlem ahlem - )           »          العشيقة البريئة(82)للكاتبة كارول موتيمور(الجزء الثالث من سلسلة لعنة جامبرلي) كاملـــه (الكاتـب : *ايمي* - )           »          بروحي أشمُّ عطرك(81)(مميزة) _حصرياً_قلوب نوفيلا_للرائعة(bambolina) كاملة+الروابط (الكاتـب : bambolina - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

Like Tree32Likes
موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-12-16, 11:35 PM   #531

الكونتيسة نسرينا
 
الصورة الرمزية الكونتيسة نسرينا

? العضوٌ??? » 310858
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 623
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » الكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond repute
افتراضي


الفصل 26

" حينَ تتلاشى معالمُ الحياة من صفحَةِ المَلامح ، يُصبحُ شُحوبُ المشاعرِ أكثرَ فعاليَّة من مُحاولة البحثِ عن الأعذار المُضنية ، فحِينَ تُخايلُ أحلامُنا العقيمَة رفَّة الهُدب يظهرُ جليَّا حسرَة الوجدِ بسبب ظلمٍ تعرَّى فأبدلَ نياطَ القلب بقرطاسِ الخيانة .. مُذنبة أنا في حقِّ كذبي لا أنكر لكنني ما أخرجتُكَ من قلبي بل راعيتُ فيكَ حُكمَ الأبدية وعشقتُك لآخر الرمق ، أو تعلمُ ما سرُّ بسمتي الآن وأنا أزيلُ وشاحِي أريدك أن تألف رُؤيتي وأريد أن أبحَث عني فيك .. آه لو تدري كم اشتقتُ لكَ يا رجُلا يزرعُ في عينَيَّ شغفاً للمسَةِ أصابعكَ على خدِّي اليتيم ، لعلي أراني في أفقِ نظراتكَ وأعفيكَ من عنادِي حينَ أصرُّ عليكَ كي لا تسل نسائمَ الليل عن أناتِي وهي تتهجَّدُ للسماءِ وتستفسِرُ بلوعة : مَتى يلتقي الثغرُ بالثغر ؟
أزيلي وشاحكِ يا جُوزيت لقد انتهتِ اللعبة ، لقد انتهتِ اللعبة ، انتهتِ اللعبة ….
أخذت نفسا عميقا ونظرت لناريانا جوارها والتي حركت لها رأسها يمنة ويسرة لترفض ، لكنها ابتسمت بعينيها الدامعة وأنزلت يدها ببطء شديد مزيلة ذلك الوشاح الذي حجبها عنه والذي كان حائلا بينهما ، كانت تخفضه وهي تشعر بقلبها سيخرج من محله ويقتحم قلب ميار الذي كان مشدوها أمامها ، كان يبحث عن كذبة يلصق فيها فكرته واستنتاجه الذي توصل إليه ، كان يتمنى عميقا لو تكون كل تلك الاستنتاجات مجرد فرضيات واهية .. وهذه الفتاة فعلا هندية مثلما زعمت ناريانا ثعلبة القطب الكاذبة بدورهااااا ، لكن حين أزالته عن رأسها كاملا ورمت به أرضا ، حين رفعت عينيها إلى عينيه متحدية كل الصراع الذي يكابده في عمقه ،أيقن أنه انهزم أمامها للمرة الثانية فها هي ذي تجابهه بإصرار وقوة وعزيمة وهي تكبت دمعها كي لا تنهار أمامه لحظتها … رمقته وهو يتراجع خطوة للخلف ويحرك رأسه بعدم تصديق وهو يشير لحكيم الذي رفع حاجبيه مذهولا ينظر بدوره لها ولميرنا أمامه والدهشة جلية وسط كل الحضور هناك ، تحت شهقاتهم وذهولهم واستفسارهم عن سر الشبه بينها وبين ميرنا والأهم من تكون هذه الجوزيت ؟؟؟؟
ميار(مرر لسانه بين شفتيه وهو يحاول استجماع حطام روحه):- كنت أعلم … هه لكنني تمنيت لو كان ما توصلت إليه مجرد وهم يا جوزيت ….
جوزيت(اقتربت منه خطوة وهي تبتلع ريقها برجفة):- ميار لدي تفسير لكل ما حصل .. أقسم أنه ما كان أمامي أي حل …
ميار(حرك فكه مبتلعا تلك الغصة):- فعلا فعلا لم تجدي سوى أن تفطري قلبي بموتكِ الكاذب هاه ، أي خطة دنيئة مارستها لكي تكسريني بفراااااقك … بل أي قلب تملكين لقد كنت أبكيكِ كل يوم كل يوم لحين جفت أدمعي ، لقد سرقتِ مني فرحتي وحولتني لجماد متحجر ..
جوزيت(ببكاء يفطر القلب):- بدوري كنت أتمزق في بعدك ، أتحسب بأني كنت سعيدة يا ميااااار أقسم أنني وددت الهرب إليك في كل فرصة لكن ..
ميار(مسح جبينه وهو يشير بامتعاض):- لكنكِ اخترتِ أن تكوني ثعلبة القطب هذا إن وضعنا بيادق الشطرنج في أمكنتها ،، صح ست ناريانا ؟
ناريانا(مسحت على وجهها بفشل):- سيد ميار لا تظلمهاااا أرجوك ، لم يكن هنالك حل سوى أن أدعي بأنني هي كي نتجنب هذه المشكلة
ميار(صفق وهو يتراجع للوسط):- برافوو حقا تستحقان جائزة الأوسكار بهذا الأدااااء ..
جوزيت(تمسكت بذراعه):- ميااااار ..
ميار(هدر فيها بعصبية وهو يبعد يده):- لا تقتربي مني ولو خطوة ، أنا لا أعرفكِ ..
جوزيت(شهقت):- هئ هل تنكرني الآن يا مياااار ؟؟؟
حكيم(تنهد عميقا ولم يستطع التحمل):- عفوا لأنني أقطع عليكما فيلم الأبيض والأسود خاصتكما ، لكن هل يملك أحدكما تفسيراااا لما يحدث من تكون هذه ؟؟؟؟
كهرمانة:- إنها نسخة من ميرنا يا إلهي ، ما صدقت سأرتاح من واحدة حتى ظهرت الثانية
حكيم(بجنون):- ماذا ماذا أما اكتفيت بنسخ غرفتها قمت بنسخ امرأة أخرى تشبهها ؟؟
جوزيت(برفض):- يكفيييييي … أنا جوزيت جوزيت ولا ذنب لي أنها تشبهني يا هذااا ، ثم أنا الأكبر لذلك هي المستنسخة لا أناااا فكفوا عن اتهامي … لست مجرمة بذلك القدر أنا ثعلبة القطب أجل وأكون لهذاااا الفهد البري أقرب له من حبل الوريد حتى ، والذي باعني عند أول فرصة مع شبيهتي
ميار(استرسل بنبرة أليمة):- هي أفضل منكِ مليون مرة ، على الأقل ليست مخادعة
حكيم(نظر لميرنا بحسرة وتأوه وهو يقترب من ميار):- هل هذه هي الفتاة عينها ؟
ميار(رفع عينيه بتعب له)- هي نفسها ..
حكيم:- ألم تخبرني أنها ماتت ؟
ميار(بحرقة قلب):- هه عذرا لم أكن أعلم أن للموتى طريق خفي يعودون منه للحياة …
جوزيت(بصوت مرتجف):- كيف كشفت أمري ؟
ميار(نظر إليها بخذلان):- عيب يا آنسة ، أنتِ مع خبير مارس التقمص لعدة سنوات ، وبما أنكِ ما زلتِ خام في المهمة كشفتكِ بواسطة عدة أشياء وأهمها التفاحة ..
استغرب الجميع لحظتها وهم يتساءلون عن أي تفاحة يتحدث ، وتبادل الكل نظرات حيرة وصلت لغاية جوزيت التي كانت تستجمع أفكارها وتحاول فهم جملته …
ميار(رمق حيرتها وتابع):- التفاحة التي أخذتها من الكيس عندما كنا في شقة إياد ، حسب علمي ميرنا لا تأكل التفاح الأخضر بعكسكِ فأنتِ مولعة به ، ولو كنتِ بجنازة فإنكِ لا تفلتين حبة منه فقد كنتِ تفضلين حموضته وتفرحين كل الفرح حين تحضره لنا الخالة صباح ، قد كنتِ تحتكرينه لوحدكِ دون عطف تجاه أي فرد منا .. أتذكرين ؟
جوزيت(بدموع الحنين):- حتى أنت لم أكن أسمح لك بالاقتراب منه
ميار(ببؤس):- حتى أنا .. هذه نقطة والنقطة الثانية بكائكِ فميرنا حين تبكي ترفع يدها اليسري لعينها اليسرى وهي تفرك بشكل طفولي ، أما أنتِ فكنتِ تضعين وجهكِ بين يديكِ وأظنكِ وضعته مساء أمس بعد تلك القبلة ..
حكيم(بصدمة مضحكة):- هل قبَّلتهااااااا ؟
ميار(صغر فيه عينيه):- أرى أنك تعلق في مواطئ غريبة يا حكيم …رغم أن الظرف لا يسمح
حكيم(حرك رأسه بهزل من كل تلك الصدمات):- يا حبيبي ..!!!
جوزيت(امتصت شفتيها):- لكنك قبلتني على أساس أنها هي ، حتى أنك لفظت اسمها لا اسمي يا ميار ..
ميار:- كنت أختبركِ .. ولمست غيرتكِ بعدها أي أنني استجمعت كل الدلائل الشعورية التي تجعلني موقنا أنكِ موجودة ، عدا عن الصور والأخبار التي وصلتني من البلدة قبل يومين فقد زرتِ بيت العم نجمي ولم تجديه قد كان في كشف روتيني مع الخالة شفيعة زوجته ، بعدها ذهبتِ للمقبرة وبقيت هناك .. كل ذلك وصلني في الحين واللحظة لذلك أمرت رجالي بالابتعاد فقد وصلني ما كنت بحاجته وبقيت أنتظر اللحظة المناسبة التي ستكشفين لي فيها عن نفسك هههه أنتِ جبانة يا جوزيت وقد اكتسبتِ لمحة غباء على مر السنوات كيف اعتقدتِ ولو للحظة أنني لن أعرفكِ وأفرقكِ عن ميرنا … حتى لو غيرتِ شعركِ مثلها وحاولت تبديل شكلكِ لتكوني هي وتأنقتِ بملابسها وتعطرتِ بعطرهااااا من المستحيل أن تخيل علي لعبتكِ ، فتلك الفتاة هناك أحفظها عن ظهر قلب أنا وحكيم والرجل الآخر نستطيع أن نفرز ميرنا بين مليون ألف شبيهة يا جوزتي .. تتت مؤسف أنكِ تسمعين مني هذا الكلام الجارح لكنكِ استحققته
جوزيت(فتحت عينيها على وسعهما وهي تستمع له باستياء):- جيد أنك تبلغني بهذا فما أتيت لأجله حظيت به ، ولن تنكر مشاعر القبلة أيضا لحظتهاااا يا ميار لن أسمح لك
ميار(هز كتفيه):- ههه تلك القبلة لا تعني لي شيئا لم تكون سوى صك اعتراف
حكيم(جلس على السرير قرب ميرنا):- وما زلنا في دوااااااامة عدم الفهم ، بما أنها ظهرت يعني كنتَ توقعت عودتها صحيح ؟
ميار(نظر إليها مليا):- انتظرت وهم عودتها لسنوات عديدة .. صدقا انتظرت أن تأتي وتصارحني لكنها استحبت البعاد ونبذت عشقي ، لذلك ليس لها شيء تطالب به الآن فقد وهبت مشاعري لمن تستحقها
جوزيت(بعدم تصديق):- هل كنت تعلم بأمري طوال هذا الوقت ؟؟؟؟؟؟؟؟
ميار:- يقينا لا ، لكن كنت أملك شكوكا ورفضت تصديقها كي لا أصاب بالجنون .. لكنني أخطأت كان علي أن أصغي لظنوني مذ أن أخبرني إياد بأنكِ تزورين غرفته وتغني له البقرة السعيدة وتمسحين دموعه وتقدمين له الحلوى ، كان علي أن أشك حين كنت أذهب لقبركِ وأجده نظيفا مبللا بالماء وعليه باقات زهر البنفسج ، كان علي أن أنصت لقلبي الذي كان يخبرني بأنكِ موجودة لكنني أبيت ذلك كي لا أتألم .. بالفعل أخرست كل تلك الشكوك ومضيت قدما في حياتي لحين التقيت بميرناااا وقتها نسيت كل شيء جوزيت ،، نسيتُ أن أحبكِ وأحببتها
جوزيت(بعصبية مسحت دموعها واقتربت منه وهي تدفعه لصدره بجنون):- مستحيييييييل أنت لا تحبها لا تحبها ، بل تحبني أنا ولم تنساني يا مياااااار أقسم لك بذلك ..
ميار(أمسك يديها بقوة وعيناه تهتز ألما):- واهمة أنتِ يا جوزتي الغالية ، قد لفظتكِ من رحم قلبي وانقضى الأمر ..
حكيم(أغمض عينيه وكأن هذا الفيلم مر عليه قبلا مع معذبته النائمة):- آه يا ميرنا آه
جوزيت:- سامحني يا ميار سامحني ولا تظلمني ، بدوري تأذيت وضحيت كنت مجبرة مجبرة
ميار(ابتسم وهو يشير لها بيديه):- لكنني لم أكن مجبرا ، أنتِ اخترتِ فلا تأتِ الآن وتطالبي بحقوقكِ التي نقلتها مشاعري طوعا لأجل شخص آخر غيركِ
جوزيت(نظرت أرضا ورفعت بصرها لميرنا بكره):- تلك الفتاة لا تحبك ..
ميار:- ستحبني ..
حكيم(هنا غالبه الضحك):- تمام فهمنا أن بينكما مشاكل تمام لا عتب على ذلك ، لكن أحتاج لأن أفهم بدوري كيف لثعلبة القطب أن تشبه ميرنا بهذا القدر ؟
ميار(نظر إليه بذهول):- هل هذا ما علقت من أجله مجددا سيد حكيم ؟
حكيم(رفع حاجبيه):- حقي حسبما أظن
كهرمانة(جلست جوار سلسبيل):- آه يا ربي رأسي سينفجر
شاهيناز(بسخرية تتابع الأحداث):- تابعي يا أختي منذ متى لم نشاهد أحداثا درامية كهذه
كهرمانة(حركت رأسها بقلة حيلة):- أظننا سنشهدها من الآن فصاعدا ..
جوزيت(نظرت لكهرمانة بكره):- أنا ..
ناريانا(اقتربت منها وهمست):- إياكِ … إياكِ والنطق بها يا جوزيت لا تتهوري
جوزيت(بحمم نارية ترمق بها كهرمانة):- لا أستطيع يا ناري يجب أن أفضح كل شيء
ميار(لاحظ نظرة جوزيت لكهرمانة):- ماذا تخفين بعد يا ملكة الأسرار ؟
جوزيت(ارتجت محلها من اقترابه وبحنان):- لقد اشتقتُ لك وأنت اشتقتَ لي أيضا ، أعلم ذلك يا ميار فلا تنكر مشاعرك في لحظة غضبك هاته
ميار(مط شفتيه بحزن شديد):- قد خسرتِ فرصتكِ يا جوزيت ..
جوزيت(اقتربت منه خطوة وأمسكت وجهه بعشق):- لم أخسر شيئا .. عشقنا ما زال حيا يا مياااار وسنعيده معا أرجوك لا تغلق تلك الأبواب فها قد عادت مالكتها الأصلية
ميار(ابتسم وهو يستطيب ملمس يدها برهة وبعدها أردف):- ولكنني جددت العقد مع المرأة التي وجدت بأنها أصدق منكِ ..إنها ميرناااااا
جوزيت(أزالت يدها ودفعته لكتفه بغبن وبكاء):- لا تلفظ اسمها ، أنت لي لي وحدي ..
ميار(ببرودة المجروح):- منذ متى ؟
جوزيت:- منذ أن اعترفت لي بحبك ونحن أطفال ، منذ ذلك العهد يا ميااااااار ..
ميار(تراجع خطوة وحرك إصبعه مشيرا):- أعتقد بأنكِ في هذه السنين عززتِ فكرة غفراني لكِ كثيرا ، لذلك لا عتب على عقلكِ الذي يصور لكِ أمورا لا أساس لها من الواقع ، أتعتقدين بعد كذبك وخداعكِ أنني سأغفر لكِ .. ههه إن لم أغفر للمرأة التي ربتني هل سأغفر لكِ يا ترى ؟
جوزيت(نظرت لكهرمانة):- تلك المرأة قاتلة مجرمة …
كهرمانة(هنا نهضت):- هيييه ماذا يجري هنا ، كيف تجرئييييييييين ؟
ناريانا(وقفت بينهما):- جووووزيت يكفي … إن تفوهتِ بحرف سوف أترككِ وأذهب
جوزيت(نظرت لميار وأخفضت عينيها وهي تبكي):- لا أريدها هناااا … حتى لو كنت ستحاكمني وتعاقبني لا أريد لتلك المجرمة أن تبقى معي بذات الغرفة ..
ميار(عقد حاجبيه وهو يلمس الألم في كلمات جوزيت لكن ماذا فعلت بها كهرمانة لتحقد عليها والأهم منذ متى تعرفها):- كهرمانة بمثابة أمي …
جوزيت(اقتربت منه خطوة ورمقت نظرات الجميع لها ولم تهتم ، ومن بين أسنانها همست له):- أبعدها وإلا سأقتلها الآن …
ميار(هنا زادت حيرته وتحركت حنجرته محاولا استجماع أفكاره):- أنتِ لستِ في موضع يسمح لكِ بأن تطلبي مني أي شيء يا جوزيت .. لذلك متأسف لن ألبي طلبكِ حلوتي
جوزيت(بخيبة تنهدت):- تمام إن لم تكن مهتما برأيي سأجعلك تهتم …
ناريانا(وقفت بوجه جوزيت):- سأكون غبية لو تركتكِ تكملين هذه الخطوة ..
حكيم(بنفاذ صبر):- يا الله ما الذي يحدث هنااااااااااا ؟؟؟
ناريانا(نظرت لشاهيناز وكهرمانة الجالستين قرب بعضهما واقتربت من فخرية):- فخرية ..
فخرية(رمقتها شزرا):- من تكونين أعلم أنكِ تملكين ما أملكه ، فقط صارحيني أنا أهل للثقة؟
ناريانا(همست في عمقها):- أنا شقيقة نزار الصغرى .. أظنكِ شعرتِ بي ؟
فخرية(في سرها):- شعرت مذ أن قرأت طالعكِ … لكن ما الذي تفعلينه هنا بحق السماء هل ترغبين بالموت أيضا سلسبيل تراقبكِ عن كثب منذ حضورك ؟
ناريانا(ابتلعت ريقها):- علينا أن نفعل شيئا
فخرية(ابتسمت بقلة حيلة):- اصبري سيحدث بعد قليل ما كان يجب أن يحدث قبلا ..هاه حتى أن المصيبة وصلت
عرندس(اقتحم الغرفة لحظتها):- مصيبة يا كهرمانة .. كل الزبائن سحبوا أيديهم من الفتيات لا بيع الليلة …
كهرمانة(توجهت إليه بعيون جاحظة):- كيف ذلك ما الذي حصل ؟؟؟
عرندس:- اتضح أن كلهن مسمومات ، جميعهن سقطن وكل واحدة فيهن تتلوى أرضا وتمسك على بطنها .. وطبعا الزبائن خافوا من التورط لذلك انسحبوا مغادرين
كهرمانة(ولولت وهي تضرب على صدرها):- يا إلهي إنها فضيحة ، بسرعة استدعي الأطباء معارفنا ودع الرجال يأخذوهن لمخدعهن بسرعة يا عرندس تحرك …
عرندس(ركض قبلها):- .. هيا هيا ..
ميار(نظر لحكيم الذي ابتسم له وهو يحك أنفه واقترب منه):- قلت أننا لن نعرضهن لخطر ؟
حكيم(رفع حاجبيه):- لا بأس ببعض المغص المعوي ، كانت فكرة تستحق
ميار(رمق كهرمانة التي عادت إليه بملامح لا تفسر):- خيراااا أضيفي بعد يا كهرمانة
كهرمانة:- ماذا سنفعل يا ميار بالبناااااات ؟
ميار(بجدية امتص شفتيه):- عالجوهن مبدئيا ، وبما أن الزبائن رفضوا أخذهن لن يسعنا تقديمهن في المرة المقبلة لذلك ما إن يسترجعن عافيتهن سنبعثهن للوكر الجبلي ربما نبدأ بتجربة مسح الذاكرة معهن قبل ميرنااااا … هه
كهرمانة(ابتسمت ونظرت لميرنا بكره):- أعجبتني الفكرة الآن ويمكنني أن أوافق على قرارك الذي اتخذته عزيزي ميار ، سأتولى الأمر
حكيم(ناظرها وهي تغادر) :- ميااااار ميرنا خط أحمر
ميار:- هذا هو الحل الوحيد ولا تفتعل مشكلة الآن ما صدقنا بدأنا نضبط الأمور
حكيم(همس في أذنه):- لا تقنعني بهذه الخزعبلات أنت لن تلمسها يا مياااااار ..
ميار(تنهد عميقا وهمس له بخفوت أيضا):- لم أطاوعك في خطة البنات كي تعارضني الآن … ما إن نمسح ذاكرتهن سأطلق سراحهن بعد أن أطمئن أنهن صدقن كذبة تواجدهن في مستشفى عمومي بعيدا عن حياتهن هنا بالخان ، لكن إن توضح أن الخطر محدق حولي لن تبرح أيهن عتبة ذلك المبنى حتى الموت
حكيم:- خطتي ستنجح أنا واثق منها .. لكن اضمن لي سلامة ميرنا ؟
ميار(امتص شفتيه والتفت لناريانا التي كانت تمسح وجه جوزيت):- فخرية وشاهيناز انزلوا مع طلال ورشيد للأسفل وتابعوا الأمور .. حالا
شاهيناز(نهضت):- هفف كنت دعنا نتفرج
ميار:- احمدي الله أنني أدعكِ تتنفسين بعد أفعالكِ القذرة …. رشيد احرص على إبقائها تحت عينيك
طلال(أمسكها من يدها):- لا داعي أنا سأتولى الموضوع ..
فخرية(نظرت لحكيم):- كل شيء سيكون بخير صح ؟
حكيم:- لا تقلقي يا فخرية ..
ميار(فرك يديه وتوجه صوب ميرنا):- بما أننا وقعنا في مطب .. ميرنا كشفتني وجوزيت كُشفت لي .. يعني سنتدبر الأمر بما بين أيدينا ؟
جوزيت(بعدم فهم):- ماذا تقصد .. أساسا أنا لست مخولة بتقديم أي شيء في سبيل تلك الغبية الشمطااااء ؟
حكيم(توجه إليها بغضب):- الزمي حدكِ ولا تتكلمي عنها بسووووء
ميار:- حكيم تمهل …
حكيم:- ألم تسمعها ؟
جوزيت:- وهل يجب علي أن أخاف منك الآن يا هذاااااا ؟
ميار(رمق امتقاع وجه حكيم ونظر إليها):- لا تتفوهي بحرف ما لم أطلب منكِ ذلك ..
جوزيت:- ولكن ..
ميار(قاطعها بحدة):- قلت كفى …!!!!
ناريانا(أمسكت يدها وتنهدت):- هل ستحتجزنا هنا مثلا ؟
ميار:- ولما سأفعل ذلك ، هل ترينني ميتا من أشواقي لصديقتك ؟
ناريانا(شاهدت غصة جوزيت لحظتها):- على الأقل لا تجرحها قبل أن تعرف الحقائق
ميار(صفق تصفيقة واحدة):- ولما العجلة .. لقد انتظرتها سنوات عديدة ألا تستطيع هي أن تنتظرني قليلا بعد ؟
جوزيت:- أنت ستتابع تجريحي هكذااااا .. لكنني لن أخولك تلك الفرصة سأعود لطبيعتي وأزيل كل تلك الملامح الشبيهة بميرنتك فأنا جوزيت التي لن تتغير لأجلك بل سأبقى كما أنااااا
ميار:- جميل أن تفكري بذلك حقا .. لكنكِ متأخرة في ذلك قد فات الأوان على اتخاذ قراراتكِ لوحدكِ فمنذ اللحظة لن تتنفسي بدون إذن مني .. أسمعتِ ؟
جوزيت(تململت بخيلاء أمامه):- وما الذي سيجبرني على ذلك ، أنا خصمك يا ميار ولا تنسى أنك وقعت لي عن تنازلك بكل شيء ..
ميار(اقترب منها خطوة مبتسما):- ذلك التوقيع انقعيه في الماء وأضيفي له بعض الليمون والسكر واشربيه يا روحي ، لأنني الفهد البري أي الرجل الذي لن تستطيعي تجاوزه مهما فعلتِ يا جوزتي الغالية ..
جوزيت(بغبن):- كف عن مناداتي بذلك الاسم ، بقدر اشتياقي إليه بقدر كرهي له الآن ..
ميار(افتعل حركة الانفجار بيديه):- أوبس … جوزيت تنفجر ..
حكيم(لاحظ تململ يد ميرنا ولكنه لم يقدم على أي حركة):- يفضل أن نقرر سريعااا قبل استيقاظ ميرنا ..
ميار:- سنحمي ميرنا مبدئيا لحين ترهيبها يا حكيم ، إن لم تخضع لقانون الصمت خاصتي سأضطر لمسح ذاكرتها ولا حل غير ذلك سوى الموت وأنت تعلم أن كهرمانة لن تستسلم
حكيم(رمش بعينيه وأمسك يدها):- سأقتلها لو اقتربت منها خطوة ..
ميار:- لن تقترب لأنها لن تستطيع تجاوزي هذه المرة .. لأنني سآخذها لمكان لن يعرفه أحد ولا حتى أنت يا حكيم
حكيم:- ههه .. رجلي على رجلها يا ميار ، لن أترك عصفورتي بقضبتك لن أفعل …
ميار(تنهد وجلس على الكرسي):- أنت مضطر
جوزيت:- آه يا ربي طالما ستتحدثان عن هذه الحثالة دعني أذهب لا رغبة لي في سماع هذا الحديث العقيم عنهاااااا ..
ميار:- توقفي محلكِ .. لأن الدور المهم كله عليكِ يا جوزيت ..
جوزيت(كتفت يدها):- دور ماذا ؟
حكيم(عقد حاجبيه):- ماذا تنوي ؟
جوزيت(كأنها فهمته وحركت رأسها برفض):- لالالا إياك وأن تقولها ...
ميار:- ستتقمصين شخصيتها لمدة أسبوعين .. خلالها إن لم نتمكن من إخضاعها سنتصرف حسب طريقتي يا حكيم ، اعتبرها مهلة محددة وليس هنالك وقت بعدهاااا ..
جوزيت:- ههه هل أنت تهذي هنااا ..أناااا جوزيت تريد مني أن أكون هذه ؟؟؟ قد جننت رسميا حسبما أرى
ميار:- أنا لا أستشيركِ جوزيت .. أنتِ ستقومين بذلك إن أردتِ مني ابتلاع خداعكِ لي أما كذبك علي طوال هذه السنوات فهذا له دين مختلف ستدفعينه كل يوم
جوزيت:- متى ستغفر لي يا ميااااار أقسم أنني ضحية مثلك ..
ميار:- أقنعيني أنكِ تستحقين الغفران ، والطريقة أمامكِ ؟؟
حكيم(رمش بعينيه):- مهلا مهلا هل تتوقع أن تنطلي على العائلة خدعة كهذه ، والأهم واااائل سيكشفها في غمضة عين ؟
جوزيت:- من وائل هذا أيضاااا ؟
حكيم(نظر لميار بنفاذ صبر):- حبيب ميرناااا
جوزيت(شهقت بدهشة وهي تنظر لناريانا):- أكاد لا أصدق ، ما الذي تفعله هذه البنت فيكم ياااااا … لا لا يستحيل أن أوافق على هذا الجنون أساسا لا شيء يجبرني هيا ناريانا
ميار:- لو خطوتِ خطوة أخرى اعتبري نفسكِ خارج حدودي ، وعدوة لي منذ اللحظة أكثر مما كنتِ عليه ..
جوزيت:- لا تفعل هذا بي ، أنا مستعدة للقيام بأي شيء إلا أن أكون هذه الغبية ..
حكيم:- عدنا لقلة التهذيب …
جوزيت:- حلو تعال ونظف لساني بلسانك لو أردت ؟؟؟
حكيم(فتح فاهه بصدمة ونظر لميار الذي رمقها شزرا):- أنتِ وقحة ..
ميار(أغمض عينيه على جملتها الساقطة):- يتضح لي أن هذه السنين ملأتكِ بالوقاحة كثيرا ، لا عيب إن كنتِ هكذااا الآن ، سيئة الطباع وتُقبِّلين كل من تجدينه بطريقك
جوزيت(برجفة رفض):- مخطئ .. لم يأخذ مني أحد شيئا يملكه غيره ، أنا لست مثلك قد حافظت على نفسي جيدا لأجلك يا ميار لكن هل تراك تستحق ؟
ميار(لوح لها بابتسامة):- شكرا لكِ يا أمُّنا المحترمة ، لكنكِ أتعبتِ نفسكِ فذلك الشخص غير مكترث بكِ من أصله ..
جوزيت(بفشل):- كفى تجريحا كفى …
ميار:- وافقي وارحمي نفسكِ من عقابي الذي لن يتوقف هنا .. أمامكِ أسبوعين يا جوزيت
جوزيت:- وماذا سيحدث بعدها ؟
ميار(نظر لحكيم):- لن يسعني فعل شيء بعدها ، فأقل ما يمكنني تقدميه لأجل حمايتها هو أن أبقيها آمنة حتى أضمن سكوتها الذي أتوقع انعدامه
حكيم(استقام بهلع عليها):- بلى .. أنا أعرف كيف سأقنعها بذلك فقط دعني أتولى الأمر
ميار(حرك رأسه برفض):- لن يحدث ذلك يا حكيم ، لن تتصرف بشيء دون رغبتي فمنذ الآن أنا من سيحسب أنفاسها وسأجعلها قرب عيني تحت رعايتي طوال تلك المهلة ، وخلالها عليك أن تحاول جهدك في أن تخرسها وتضبط الوسط
حكيم:- أنا أفهم غايتك ، وأعرف لما اخترت مهلة أسبوعين تريد مني أن أكمل المخطط خاصتي لكنني لن أتابع افتتاح أي شيء بدوووونها يا ميار ..
ميار(ابتسم وهو يتقدم إليه):- لديك بديلة عنها ، عليك أن تقوم بالافتتاح في الوقت المحدد فتلك الطريقة التي ستجعلها تترك عملها بالجريدة وتباشر طريقا أخرى
حكيم:- ميرنا لن توافق .. كل شيء إلا عملها بالجريدة
ميار(رفع حاجبه بتلاعب):- هذا أساسا لو تبقت هنالك جريدة من أصله ..
حكيم:- فيما تفكر ؟
ميار(تنهد بتعب):- دعك من كل هذا سأتدبر أمره ، المهم أن تشحذ قوتك وتستغل الوقت جيدا لتنهي آخر الترتيبات الناقصة وبعدها في ليلة الافتتاح سوف نرى رأي ميرنا .. لو اختارت الصمت سأعيدها لعالمها دون ضرر لكن إن رفضت لن تسلم من سجني الخاص وستكون مضطرا للتنحي جانبا فأمام تهديد مثلها لن أغامر يا حكيم .. لن أغامر
جوزيت:- لكنك تغامر بي صحيح .. لأجلها هي تقدم على كل هذاااا وذاك ، لكن أنا حتى تعبير بسيط عن فرحتك بعودتي لم أحظى به …
ميار(سعل وهو يضحك):- أنتِ آخر شخص يحق له التحدث .. جهزي نفسكِ لتغادري مع حكيم سوف تبدأ مغامرتكِ الآن ، وأظن أنك ستعطيها بعض الدروس قبل وصولكم للبيت كي لا تخطئ الآنسة … آه وإن أردتِ اللعب تذكري أن شقرائكِ تحت قبضتي فعيب أن أتركها تعود لقصرها وحيدة بدونكِ لأنها ستبقى في رعاية كهرمانة أو رشيد إلى ذلك الحين …
ناريانا(برفض):- مستحييييييييل .. لا تتركني هنا خدني معك أينما ذهبت ؟
ميار(نظر للسماء بتذمر):- النسااااااااااء .. ههه حكيم رافقني للحظة خارجا
حكيم(ابتلع ريقه ونظر لميرنا وفي سره):- أرأيتِ أين أوصلنا عنادكِ كيف سنحل المشكلة الآن هاااااه ؟
كتفت جوزيت يديها وهي تطالعهما مغادرين الغرفة واقتربت من ناريانا بسرعة ، جذبتها بعيدا عند النافذة وهمست بصوت خافت
جوزيت:- لقد كشفنا كشفنا كيف سنخرج من هذا المطب ؟
ناريانا(عضت شفتيها):- لا أدري .. لكن كل هذا حدث بسببك أخبرتكِ أنكِ لن تضبطي نفسكِ معه ما صدقتني هاه أنظري لقبلتكِ وتهوركِ إلى أين أوصلتنا
جوزيت:- حبا بالله لا تجعليني أصرخ الآن من فرط الأعصاب ، ثم كيف سأتقمص شخصية هذه القذرة أنا أنا جوزيت أكون ميرنااااا ؟
ناريانا(هزت كتفيها):- هي فكرة منطقية لكي تتعرفي على بقية أفراد عائلتكِ وتتقربي منهم
جوزيت(رمشت بعينيها):- ميار يعلم رفضي لهذا الموضوع ، لذلك يضغط علي كي يجرحني لكنني لن أسمح له بأن يبتزني عاطفياااااا
ناريانا:- وماذا بيدنا أن نفعل ماذااااا هاه ؟
جوزيت:- عليكِ أن ترافقيهما يا ناريانا ، ستكون عيونكِ عليهما لا تسمحي له أن يستفرد بها مطلقا أرجووووكِ يا صديقتي أرجوكِ ..
ناريانا:- ليس هذا مربط الفرس ، مياركِ هل سيوافق على اصطحابي أم إبقائي هنا ؟
حكيم(بقهر):- هذه المشكلة سنحاول احتوائها قدر المستطاع ، أهم شيء ألا تتأذى ميرنا
ميار:- وهل كنت تتوقع مني أذيتها إنها روحي ..
حكيم(رفع حاجبه بامتعاض):- رووووحك ؟؟؟؟ ومن تكون تلك التي ظهرت الآن بعد موت طويل ، أمي ؟
ميار(اهتزت حدقتيه برفض):- تلك المرأة اختارت فراقي طوال سنوات ، ليس لها شيء عندي الآن قد وضحت لها مكانتها وعليها أن ترضخ لقوانيني
حكيم:- بيننا يا ميار .. ألم تفرح بخبر نجاتها ؟
ميار(بصدق نابع من خلده):- كنت لأفرح لو أنها صارحتني لو أنها لجأت لي ، كنت مستعدا لفعل أي شيء كي أحُد من مخاوفها وأبترها من أساسه .. لكنها اختارت الرضوخ والانصياع هي التي اختارت
حكيم:- نحن أيضا اخترنا مجبرين ، لذلك لا تلقي اللوم عليها
ميار:- يووووه هل ستدافع عنها ، أم تراك وجدت فرصة لتنجو من عشقي لميرنا اسمع عودتها لا تفرق عندي لقد ماتت في قلبي منذ زمن حقا ولا أحد سينتزع ميرنا مني لا أحد
حكيم(كتف يديه مبتسما):- ميااااار … لا تدعنا نكشف كل الأوراق هنا واللحظة أساسا نحن في معضلة عويصة كيف سنقنع كهرمانة بهذه الخطة ؟
ميار:- الأهم كيف سنحمي ميرنا منها .. هي ستحاول قتلها في كل وقت لذلك سآخذها لمكان آمن لا تقلق لن يمسها بشر بسوء طالما هي تحت حمايتي ، وصدقني في ظل هذه الظروف لا أحد قادر على حمايتها غيري
حكيم(حرك رأسه):- لن أتمكن من تحمل ذلك ، لن أسلمها لك يا ميار بدووووني
ميار:- أنت مضطر .. كيف ستخرس أفواه من في البيت هااااه الكل سيبحث عنها … حين وقعنا في ذلك المأزق وبعد سماعي لتهديدات كهرمانة التي أعلم يقينا أنها صادقة فيها لم يطرأ ببالي سوى تلك الفكرة واستغليتها ، لذلك أظهرت جوزيت عمدا وقتها لكي أجبرها قسرا على هذااا وأجعلها توافق
حكيم(مسح على فكه):- أشعر أنني في سباق خيل لا ينتهي
ميار:- ميرنا اضطرتنا لكل هذا ، لو لم تلحق بك لما انكشفنا وجيد أنها لم تخرب حيلتنا مع البنات ..
حكيم:- كان كل شيء مدروسا ، جعلت طلال يضع اللقاح في المشروب الذي جعلهم عرندس يتجرعونه أثناء تزيينهن
ميار:- جيد قد نفذنا بنسبة معينة لكن المتبقي أكبر ، يلزمنا خطط تخريبية أخرى
حكيم:- دعنا نهتم بما نحن في خضمه ولكل مقام مقال ..
ميار(نظر إليه مليا):- ستكون في أمانتي يا حكيم ..
حكيم(رمش بعينيه):- متى سأستطيع رؤيتها ؟
ميار:- دعها تشعر بالخوف بداية وبعدها سأعطيك خبرا بالموقع كي تأتينا ، وأهم شيء إياك وأن تلحق بك جوزيت أو أي أحد حذااااري يا حكيم ، لأنني وقتها لن أتمكن من حصر الخطر
حكيم:- لا تقلق الذكي لا يقع مرتين بنفس الخطأ
ميار(أشار له بالدخول):- وهذا هو ما أترجاه … / ها يا جوزيت هل ألفتِ جو الحياة ؟
جوزيت(حولت عينيها ونظرت إليه):- أريد أن أكلمك على انفراد ممكن ؟
ميار(نظر لحكيم):- ودع ميرنا ريثما أعود لك .. وأنتِ يا ست ناريانا ابحثي عما تفعلينه بينما أحدد الموقع الذي ستكونين فيه فطبعا لن أكون بذلك الغباء حتى أجمعكِ بميرنا هه …
جوزيت(ابتلعت وجعها وسارت بجانبه لحين غادرا تلك الغرفة وولجا غرفة أخرى بجانبها):- أقفل الباب رجاء
ميار(أقفلها وهو يضحك):- أنتِ لا تفكرين بعرض مفاتنكِ علي صحيح ؟
جوزيت(فتحت فاهها مصدومة من جملته وكتفت يديها وهي تقف وسط الغرفة):- منذ متى وأنت بدون إحساس هكذا ؟
ميار(تقدم إليها لحين وثب أمامها):- منذ اللحظة التي غدرتِ بي فيها
جوزيت:- أنت حتى لم تسألني عما كابدته حينها ، ولا عن الأسباب التي أجبرتني على هذه الكذبة لم تكلف نفسك لتعرف مصيري طوال هذه السنوات
ميار(أشار لها مبتهجا):- ولكنكِ ميسورة وجميلة والأهم أنكِ رئيسة مافيا تضاهيني قوة
جوزيت:- لست أضاهيك بل أحاول فعل ذلك ، ولكنني تقاعست بالفترة الأخيرة لأجلك
ميار(ضحك وهو يولي ظهره لها):- قمة الإحساس ما شاء الله
جوزيت(أتت من خلفه وأمسكت ذراعه):- في كل يوم كنت أشتاق لك بقدر يجعلني أختنق في بعدك ، طوال سنوات وأنا أمني نفسي بشوفتك بلقائك بالشعور بك .. عشت كل يوم على أمل غفرانك لي وبدء صفحة جديدة فأبدا العشق الذي جمعنا لن ينتهي يا مياااار ، حتى لو حاولت لفظه سأجعلك تستعيده لأنه شيء يكمن فوق طاقة قلبك
ميار(نظر ليدها بطرف عين واستدار إليها):- ما الذي تريدينه مني .. أن آخذكِ بحضني مثل البارحة هه لا تتوهمي قد كنت صدقا أحتضن ميرنا وليس أنتِ
جوزيت:- بل أناا … لأنك تعلم علم اليقين أن ميرنا ما كانت ستقبِّل إياد ولو حتى كذبا
ميار:- توقعت ذلك وأعطيتكِ الفرصة ..
جوزيت(ضغطت بإصبعها على قلبه):- لقد انجذبت لي وليس لها ..
ميار:-امم عذرا منكِ لكن طريقة حديثكِ هذه لا تروقني لذلك حبذا لو تختصري غايتكِ ، لدي من هي أهم منكِ كي أهتم بها
جوزيت(بجرح منه):- ستحرق قلبي بها ، أنت تعلم أنك نقطة ضعفي وأنني لا أسمح لامرأة أيا كانت بأن تقترب منك ولو حتى عملياااااا …. ذلك يذبحني في صميمي يا ميااااار أشعر بي رجااااء وكفى من التجريح الذي يزيد من وطأة الوجع فقط ليس إلا …
ميار(مط شفتيه بجدية):- صدقا أشفقت عليكِ وجعلتني أتأثر .. جوزيت
جوزيت(كل حواسها استنفرت واقتربت منه وهي تضع يدها على صدره):- هاه ؟
ميار(نظر لجسمها بالثوب الهندي الأحمر اللامع والذي كانت جذابة فيه يعني لن يسعه الإنكار حتى لو أراد ذلك):- هل رأيتِ نفسكِ بالمرآة ؟
جوزيت(هزت رأسها بعدم فهم):- مم .. ماذا تقصد ؟
ميار(جذبها من يدها ونظر حوله واتجه بها نحو مرآة المنضدة بتلك الغرفة):- ألقي نظرة معي لهذه المرأة ، هل تظنين حقا أنها جوزتي الغالية التي كنت على استعداد لدفع روحي ثمنا لحريتها ؟؟؟
جوزيت(غالبها البكاء وهي تحارب سهامه النارية):- ميار ميار توقف رجااااء ، أنت تؤلمني بكلامك رغم أنك لا تعلم أي شيء عن خلفية ما حدث لي
ميار(لامس شعرها وهو يناظر معها وجهها):- لا يهمني أن أعرف أي شيء عنكِ ، بالكاد أحاول أن أبتلع وجودكِ جوزي .. لذلك إن كنتِ ستتمردين أو ستعصي أمري بخصوص ما طلبته منكِ سترين مني أياما لم تكن في حسبانك ، وصدقيني أنتِ لا ترغبين بدفع دين الكذب مبكرا هكذاااا ، سأترك لكِ المجال لتستوعبي ما أنتِ في صدده ومن هنا إلى ذلك الحين أريدكِ أن تتقني دوركِ جيدا وإن سمعت شكوى عنكِ من حكيم ستكون ناريانا أول شخص يدخل إلى مقصلة العقاب خاصتي …
جوزيت(هزت رأسها بعدم تصديق والتفت محلها إليه):- أنت لن تستطيع أذيتها أو أذيتي
ميار(اعتصرها في حضنه بقبضة حديدية ومال برأسه وهو يطالع عينيها):- بلى .. قد بدأت ذلك حتى ..
جوزيت(نظرت إليه عينيه بمقلتيها الدامعتين):- أين ميار .. أين الرجل الذي أحببته ، غير معقول أن يكون من يقف أمامي هو شخص جاحد لا يملك قلبا ؟
ميار(تنفس بعمق وهمس بأذنها):- أنا الفهد البري الذي خلقوه ليغطوا عن جرائمهم ، أنا ذلك الطفل الذي تخلى عنه الجميع ووجد نفسه وحيدا وسط غابة وحوش .. ماذا انتظرتِ يا جوزيت أن أبكيكِ أبد الدهر أو أن أنعي حظ أخي العثر أو أن أناجي قبر أمي التي فطرت قلبي أول واحدة فيكم ، لا لا ربما كنتِ تريدين مني أن أطلب الغفران لأبي الذي جعلني أعيش في جحييييييييييييم … لا يمكنكِ تصور الحياة من بعدكم يا جوزيت لذلك لا يسعكِ لومي أو محاولة إعادتي لسابق عهدي فهذا أناااااا .. الوحش الذي خلقتموه بأيديكم ..
جوزيت:- لا يمكنك رمي بلائك علي يا ميار ، بدوري احترقت في ذلك الجحيم لم يكن هينا علي أن أمضي في تلك الطريق لكن لأجل مصلحتك ولأجل حماية إياد وافقت على مضض .. وافقت وأنا أعتقد أنني حقا ابنة عمك لكنني لست كذلك يا ميار ، أنا راجية أنا جوزيت الراجي
ميار(عقد حاجبيه وهو يستمع لذلك لأول مرة):- أي كذبة ستستخدمين الآن ؟
جوزيت(رمشت بعينيها):- أخبرني بذلك غضنفر يوم أمس حتى ..
ميار(ابتعد عنها هازئا):- غضنفر هاه .. توقعت أن يكون خلف كل هذا المكر والخدااااع
جوزيت:- لكنني لست مثله أنا مستعدة لأدلك على مكانه ، أن أحميك منه بحياتي حتى لكن فقط سامحني واغفر لي ما حدث .. لقد اشتقت لك يا ميار أقسم أنني أموت في حبك
ميار(سحب نفسا عميقا وابتلع ريقه):- توقفي فقط عما تفعلينه لأنه لا يجدي معي نفعا ..
جوزيت(بلؤم):- بحق دمعي هذا سأجعلك تعود لي ، سأفتح عينيك يا ميار وستجد أنني على حق .. تمام سأنفذ ما ترغبه مني بحذافيره ولن أخذلك لكن بشرط ..
ميار(تقدم إليها خطوة حتى لم يعد يفصلهما شيء سوى الأنفاس ولامس شعرها):- أنتِ تنسين بسرعة ، موقفكِ صعب يتحمل فقط الموافقة وليس العبط
جوزيت:- ألا يهمك أن أحاول جهدي كي لا يكشف أمري ؟
ميار(مال برأسها مطلا عليها):- ماذا تريدين ؟
جوزيت:- المهلة التي حددتها لحكيم هي مهلة أسبوعين صحيح ؟
ميار:- اهاه وبعد ؟
جوزيت(وهي متوترة من ملمس يده على خصلتها):- أحتاج لوعد منك في ذات الوقت ، يعني هذين الأسبوعين مهلة لأجل ميرنا وأنا أريدهما مهلة لأجلك أيضا
ميار(توقف عن لف خصلتها وجمع قبضة يده):- بمعنى ؟
جوزيت(اقتربت خطوة وهي تمتص شفتيها):- أريدك أن تهبني فرصة بعد أسبوعين ، لكي أبرر لك ما حدث معي وأخبرك عن حقيقة عائلتنا هنالك ما لا تعرفه عني وعنك وعن بقية أهلنا وعن غضنفر المجرم وتلك الحقيرة كهرمانة .. صدقني ستتفاجئ بما سأخبرك به لكن لن أزعجك الآن بعد أسبوعين يا ميار ، حين تحرر ميرنا ستكون لي وستعدني أنك ستهبني ليلة وتصغي لي ..
ميار(تنهد عميقا وولى ظهره بتفكير):- والمقابل ؟
جوزيت(تشبثت به باحتياج):- سأسلمك مقاليد روحي كلها ، حياتي جماعتي رجالي ممتلكاتي وكل أعمالي لن أبخل عنك بشيء فقط كن لي ..
ميار(ابتسم ابتسامة عريضة وداعب خدها بباطن يده):- انتظرتكِ لسنوات مديدة يا جوزيت ، طوال ليال باردة وكئيبة كنتِ الشمعة التي أنارت دربي لكن فجأة اختفيتِ مثل الحلم الذي يتبخر قبيل الفجر .. أجهضتني قسرا وتأتين الآن ببساطة كي تطلبي مني الغفران ؟؟ تت أظن أنكِ ستتعبين كثيرا فإرضائي الآن لم يعد بسهولة اصطحابي حين عودتي بعد العمل من مخبزة العم نجمي ، إرضائي أصبح له ثمن غال جدااااا فهل تستطيعين دفعه ؟
جوزيت(ارتمت بحضنه بدون تفكير):- وأدفع عمري لأجلك ..
ميار(همس لها وهو يستسيغ نبضها وأبعدها عن حضنه ببطء):- يكفيني إخلاصكِ الآن .. إن أنهيتِ عريضة شروطكِ لنذهب الوقت ينفذ
جوزيت(أمسكت يده بيدها وهي تحاول للمرة الألف):- أحبك ميار ..
ميار(شعر بشيء يؤلمه في قلبه وعقد حاجبيه وهو يجذب يده):- للعشق دوما قيمة لا يستطيع المالكون إحصائها .. لذلك دعينا من هذا الحديث أمامنا مرحلة مهمة وعليكِ ألا تخذليني وإلا ستجدينني أمامكِ بالمرصااااد
جوزيت(ابتسمت وهي تمسح دمعها):- سأجعلك تسامحني أعدك بذلك ..
ميار(حرك فمه جانبيا وتحرك صوب الخروج وبصوت خافت):- دعينا نرى ..
عاد لتلك الغرفة وهي خلفه ونظر لحكيم الذي وجده يجلس قرب ميرنا بينما ناريانا غير موجودة ، أمر جوزيت بالبقاء هناك وكم كان أمره لها ممتعا ، فقد وجد في انصياعها ذاك بعد المتعة حتى أنه رمقها شزرا قبل خروجه ، وكأن عينه ترغب التطلع إليها بشكل أكبر مما يحاول إخفاءه لذلك زفر بعمق وهو يسحب أنفاسا عميقة فتلك الأمسية كانت أسود أمسية في حياته على الأغلب بعد كل ما عايشه في الماضي من أيام سوداء ، نزل ووجد كهرمانة تدور في عرض القاعة جيئة وذهابا بينما شاهيناز جالسة قبالتها وطلال ورشيد يحادثون عرندس بشأن الفتيات على جنب ، تنهد عميقا وطلب كهرمانة لتلحق به إلى غرفتها ..
ميار:- أين أماني ؟
كهرمانة:- في غرفتها أمرتها ألا تبرحها تحت أي ظرف كان
ميار(أقفل الباب خلفهما):- جيد لا داعي في أن ترى كل ما يحدث .. ماذا عن الفتيات ؟
كهرمانة:- أخبرنا طبيب الخان أنه من محتمل تعرضهن لتسمم ربما من الأكل ، هل لديك فكرة عن ذلك ؟
ميار(جحظ بعينيه):- من يجرؤ على تسميمهن أكيد ليس الأمر كذلك ، يوجد تفسير أكثر منطقية لأن لا أحد يتجرأ على تجاوزنا ويقدم على ذلك صح ؟
كهرمانة(فركت يديها):- بالفعل ذلك ما فكرت فيه بدوري ، لكن ها نحن ذا سنحاول معالجتهن لكن هل كنت جديا في مسألة إطلاق سراحهن بعد مسح ذاكرتهن ، 50 بالمئة تلك الخطوة لا تنجح لذلك لن أغامر بخروج أي واحدة فيهن من خاني …
ميار:- كهرمانة .. لا داعي للجزع أيعقل أنني سأغامر بشيء لو كنت سأعرض نفسي لخطر مستحيل ..
كهرمانة(تلونت عينيها بالكره وكتفت يديها):- طب ماذا عن وش الشؤم النائمة أعلاه ؟
ميار(برفض):- اسحبي لفظكِ هذا فوراااا يا أمي ..
كهرمانة(نظرت إليه مليا):- طالما عادت حب حياتك وبينما هي ذات شأن عال يعني ثعلبة القطب ، أرى أنها إشارة سماوية يا حبيبي ميار الله يريدك أن تبعد تلك الحيزبون عن حياتك وتعود لحبيبتك السابقة التي تطلب عطفك ولطفك وغفرانك ..
ميار(حرك رأسه بعدم تصديق):- كيف يمكنكِ أن تكوني بهذا البرود والجحود كهرمانة ، أنا أحب ميرناااا صدقا وليس مجرد ألفة أو ترجمة اشتياق لجوزيت .. لما لا يفهم أحدكم أنني صادق بمشاعري وأنني تخطيت جوزيت بآلاف المراحل وأن مشاعري تجاه ميرنا ليست لحظية ليست لحظية …
كهرمانة:- بحق شعري هذا ، بعد ظهور جوزيت تلك أقسم أنك ستصعق بقلبك الذي سيعود لموطنه الأصلي ويبعد ميرنا عن محيطه .. صدقني يا ولدي هذا شعوري
ميار:- احتفظي بشعوركِ لنفسكِ كهرمانة ، لأنني سأحمي ميرنا بالغالي والنفيس وسآخذها معي بدء من اللحظة ..
كهرمانة(أشارت له بصدمة):- لالالا غير معقول أنت لست جديا في مسعاك يا ميار ؟
ميار:- كما سمعتِ لقد اتخذت قراري وأمري هذا ليس قابلا للجدال ، آه وأردت أن أنوه لأمر مهم إن سمع غضنفر بأي شكل من الأشكال عما حدث هنا ، سأعتبركِ المسئولة ووقتها لن أكتفي بنفيكِ في أقاصي الجبال بل سيكون عقابي أشد ..
كهرمانة:- ما الذي يحصل لك .. كيف تحجر قلبك لهذه الدرجة يا ميار هذه أنا أمك ؟
ميار(رفع حاجبه):- تمام لأنكِ أمي أنبهكِ ولأجل ذلك عليكِ تنفيذ أوامري دون خطأ ..
كهرمانة:- ستحميها هاااااه … إذن سترى ما ستفعله بنا تلك الصحفية العقربة حين تكشف للجميع أمرناااا ، وقتها لا تأتيني نادما مكسورا لأنك لم تسمع مشورتي وتتخلص منها ..
ميار:- فقط أخرجي نفسكِ من الموضوع وكل شيء سيكون على ما يرام .. لا تتخطي أوامري ودعكِ من مشاحنة حكيم وإياكِ وأن تبحثي وراء الموضوع فلن يسعكِ الحصول على شيء معي
كهرمانة:- ما فهمته من كلامك أنك فقدت ثقتك بي ..
ميار:- طبعا .. فقدتها في كل ما يخص ميرناااا ولست مخبولا كي أغامر بحياتها مجددا
كهرمانة(بوخز أليم في خاطرها):- تمام سنستمع لكلامك هذه المرة ، لكن حين تقع الفأس في الرأس سيسرني وجدا أن أمسح الدم المتساقط من بين عيونك بسببها
ميار(مال بشفتيه وهو يهم بالمغادرة):- قومي بما تبدعين فيه واهتمي ببناتكِ يكون أفضل
كهرمانة:- متى سأراك مجددا ؟
ميار:- سآتي بنفسي ولا تبحثي عني أو تفكري بمضايقة جوزيت أو حكيم
كهرمانة(صغرت عينيها بعدم فهم):- وما شأن جوزيت ؟؟؟
ميار(فتح الباب وأردف):- ستصبح ميرنا لفترة مؤقتة .. سلام
كهرمانة(ضربت كفا بكف):- أقسم أن هذا الولد سيجلب آخرتنا بسبب تلك الراجية الوضيعة
خرج من غرفتها ونظر جانبيا للحديقة وانتبه لفخرية وناريانا وهما تتحادثان في مشاحنة مع شاهيناز التي كانت تشير لهما بيديها بشكل غريب …
فخرية:- هل جننتِ ؟
شاهيناز(أمسكت يد ناريانا):- جننت أجل ، أنتِ تخدعينني يا فخرية مجدداااا
ناريانا(جذبت يدها):- أنا لا أفهم غايتكِ مني يا ست شاهيناز ، لكن معظم كلامكِ غير مفهوم
شاهيناز:- لا تكذبي أنتِ مميزة مثلنااااااا ..
ناريانا(مطت شفتيها):- مميزة … يعني ماذا تقصدين ؟
شاهيناز:- أنا أشعر بالمميزات مثلكِ على بعد ميل ، وحين رأيت تودد أختي واقترابها المتواصل منكِ أيقنت أن في الأمر إن وأخواتها
ناريانا:- يؤسفني أن أخيب ظنكِ شاهيناز
شاهيناز(عضت شفتيها):- أنا لم أعاقب طوال سنوات كي تأتي حرباء مثلكِ وتخدعني ، أفصحي الآن ماذا تكونين لأنني أشعر بكِ وبأنكِ مختلفة عن بقية البشر
ناريانا:- دعيني وشأني أنتِ مخبولة …
ميار:- ما الذي يحدث هنا ؟
ناريانا(ركضت ووقفت خلفه):- أنجدني لو سمحت هذه المرأة تزعجني
ميار(سحب نفسا عميقا):- طلال … يا طلال لقد انتهتِ الحفلة أعد فخرية وشاهيناز للبيت
فخرية:- لن أبرح محلي قبل رؤية حكيم ..
ميار(حول عينيه وأشار لناريانا):- امشي أمامي وأخبريني بما ضايقتكِ ؟
ناريانا:- لماذا هل ستدافع عني ؟
ميار(رمقها بعدم تصديق وهو يصعد الدرج):- والله لا عجب في أن تضاهي جوزيت في وقاحتها ، طبعا تربية الصداقة السووووء ..
ناريانا(بأسف):- أنت تظلمها كثيرا يا ميار ، أرجوك لا تغمض عينيك عن مشاعرك جوزيت تعشق التراب الذي تسير عليه لقد ناجتك طوال هذه السنوات ، أنا التي رافقتها وأنا التي أعرف قيمتك بالنسبة لها
ميار(توقف قبل دخوله للغرفة):- وهل في اعتقادك أنني مهتم ههه بليز ركزي في مشكلتكِ العويصة ودعكِ من تحرير ملكة العشق فيني ، فقد وهبتها صدقا لمن تستحقهااا
ناريانا(أردفت سريعا):- ولكن تلك المرأة ليست لك أو لحكيم .. هي لذلك الشخص الذي تهابون اقترابه منها وإليه ستعوووود
ميار(رفع حاجبه ممتعضا وأخفى غضبه بخفة):- تت الثقة الزائدة تقتل صاحبها ، مجرد نصيحة يا ناريانا
ناريانا:- وقصر النظر أيضا يقتل صاحبه يا ميار ، لذلك دع الأيام بيننا وسترى ..
ميار(رمقها وهي تتجاوزه للداخل ورفع يديه للسماء):- جيد يا ميار تبقت لك هذه لتضيفها لمعركة حريمك … هففففففف
وجد حكيم معتصما عند رأس ميرنا بعيون حزينة كسيرة ، فهو يعلم أنه يعز عليه فراق روحه بهذا الشكل لكن للضرورة أحكام .. فميرنا التي اختارت هذا المآل وعليها أن تتابع الطريق إلى النهاية ، مسح على جبينه بثبات وتقدم بخطوات صوبه كان يستمع إليها حكيم وكأنها خطوات الجلاد الذي سيأخذه لمقصلة الموت … أغمض عينيه بشدة وهو يعتصر يدها بين يديه وهو يحاول أن يكون أقوى من ذي قبل لأجلها ولأجل سلامتها من الخطر الذي رسم دائرته الضيقة حولها ، رفع بصره ببطء تعيس صوب ميار الذي أشار له بأن الوقت قد حان .. قبَّل يدها بهدوء وزفر بعمق واستقام إليه أشاح ببصره صوب جوزيت وناريانا اللتين كانتا تهمسان لبعضهما بحديث خاص ، وهنا استغل انشغالهما واقترب منه
حكيم(بلوعة قلب):- لا أستطيع .. لا أستطيع أن أتركها يا ميار رجاء دعني أرافقها سأبقى قريبا منها لكنني لن أظهر نفسي فقط أريح قلبي عندما أراها بخير
ميار(بتمعن فيه):- ألا تثق بي ؟
حكيم(التفت إليها):- ليست مسألة ثقة ، هذه صغيرتي قطعة مني لو تركتها كما لو أنني تخليت عنها سوف تكرهني زيادة على مشاعر البغض التي تملكها تجاهي
ميار(امتص شفتيه وتنهد):- دعني أذكرك أن ميرنا التي اختارت هذا المصير ، هي مجبرة على تحمل صعابه وكي تتحملها عليها أن تواجه الحقيقة
حكيم(عض طرف شفته ومسح على شعره بقوة):- آخ يا ميرنا ماذا فعلتِ ماذااااا فعلتِ ..
ميار:- دعنا لا نطيل الأمر ، جواسيس غضنفر في كل مكان إن لم أتحرك بها الآن سنصبح في مصيبة أكبر وصدقني لن أتمكن من السيطرة على كهرمانة لوقت طويل لذلك … تحرك وخذ جوزيت للبيت وأبعد الشكوك عن المحيط أمامنا أسبوعين مهمين ، أنت بعملك الجديد وجوزيت بتقمص شخصية ميرنا وأنا .. في محاولة إخضاعها
حكيم:- إياك أن تفكر بالمساس بهااااا أقسم أنني سأضع كل ما عايشناه أنا وأنت سوية في كفة ، وميرناااااا في الكفة الأخرى
ميار(ربت على كتف حكيم):- آه يا ربي أثقل كاهلي بوصاياك الحكيمة أيضا … تت حان الوقت .. جوزيت
جوزيت(انتفضت من سماع اسمها):- ناريانا جدي طريقة وراسليني أو كلميني ، لن أستطيع تحمل العيش هناك بدونكِ ماشي
ناريانا(هزت رأسها بمساندة):- طبعا طبعا حبيبتي سيحدث .. دعيني أضمكِ لي ..
جوزيت(عانقتها بحرارة):- ما هذه سوى البداية أكيد سنعود لسابق عهدنا فقط بعض الوقت
ميار(بانبهار ساخر):- يا لتفاؤلكِ المدهش ست جوزيت .. ربما سنطالبكِ بشحن منه تحت الحساب
جوزيت(تقبلت إهانته وتقدمت صوب حكيم):- كيف سأستطيع رؤيتك ؟
ميار(رفع حاجبيه ونظر لناريانا خلفها):- هل ذكرتُ مثل هذا في اتفاقنا لا أعتقد ..ثم أبشري قد خلقت لكِ فرصة لتشبعي فيها من صغيركِ إياد يعني هذا بدلا من أن تبحثي عني محله
جوزيت(فهمت أنه يسخر منها حين قدمت لشقة إياد):- صدقني حديثنا هذا لن ينتهي هناااا .. أنا جاهزة يا حكيم
حكيم(زفر بعمق وأغمض عينيه ثم فتحهما ببريق جريح):- ميار … ميرنا بأمانتك أنا أترك ذاتي بين يديك ثم سأضبط الأمور بالبيت وآتي إليك أينما كنت يستحيل أن أتركها لوقت طويل تمام … خذ بالك منها رجااااااء ..
ميار(نظر لجوزيت وأردف وهو يتقدم صوب ميرنا):- طبعا أليست سلطانتي …
جوزيت(بغلالة دمع استطابت لمسة ناريانا على يدها):- ستندم على كل هذاااا ..
ميار(جلس بجانب ميرنا):- بكل سرور حلوتي .. انتبهي لدوركِ وإياكِ والتلاعب
رشيد(دخل عليهم لحظتها هو وطلال):- وجد رجالك هذه الحقيبة في سيارتهم حكيم
حكيم(أمسك حقيبتها وتفحصها بأسى):- إنها لميرنا
ميار(أتاه نفس الشعور):- أعطها لجوزيت فأكيد ستحتاج لهوية وأوراق ثبوتية
حكيم(بكره أعطاها لجوزيت):- خذي ..
جوزيت(نظرت للحقيبة بتعفف منهما كليهما):- أستغفر الله ..
حكيم(عقد حاجبيه):- وهاتفها .. ألم تجدوه ؟
طلال:- لا فتشنا بالحقيبة وبالسيارة ولم يظهر له أثر ..
حكيم(ابتلع ريقه ونظر إلى ميار الذي حرك يده كي يبحث عنه):- لا تلمسهااااا
ميار(برقت عيناه ورفع يده):- أساسا الفستان ضيق يعني لن تضعه هنا .. عموما سأجعل عرندس يفتش عنه أكيد وضعته بالمكان الذي توجد فيه ثيابها
حكيم(ارتجف بعصبية):- سنحتاج تلك الثياب .. لترتديها الآنسة
جوزيت(بتأفف):- يا الله هذا ما تبقى .. طيب طيب سأفعل ..
ناريانا:- كوني قوية أسبوعين وسينتهي هذا الكابوس ماشي ..
جوزيت(نظرت لميار وابتسمت بخبث):- أساسا بعد هذين الأسبوعين سأجبره على الخضوع بطريقتي ، لن أتركه وشأنه
أحيانا تختلف الطرقات التي نتخذها فحين نفكر ونقرر ونتخيل نهاية ما بدأنا من مغامرة ، نعتقد أننا سننتصر وأننا سنجد النتيجة المرجوة بعض هذا القرار المفاجئ ، لكن حين تلعب الأقدار لعبتها وتتحد كل القوى لتجبرك على الخضوع يصبح الفشل ذريعة للتقوقع حول أنفسنا داخل سجن الخيبة التي أحاطتنا من كل جانب … كان صعبا عليه أن يترك قلبه ويمضي لأجل مصلحتها فهاتفه لم يتوقف منذ أن أربك عقل عواطف ببحثه عن ميرنا ، وطبعا قلب الأم دليلها شعرت بأن سوء يحيط بابنتها لذلك واصلت الاتصال لحين أجابها وأخبرها أنه عائد بها للبيت وهنا كانت مهمته في شرح الأمور المبدئية لها …
حكيم(نظر إليها وهي بجانبه ترتدي ثياب ميرنا وتتخذ شكلها طبق الأصل):- بالنسبة لصوتك أخبريهم من كثرة المشاكل والصراخ بوجهي قد أصبح هكذا ، يعني ستشربين دواء وتصبحين بخير يوما بعد يوم لحين تنقضي 14 يوما ..
جوزيت(امتصت شفتيها):- هل تحبها لهذه الدرجة ؟
حكيم(ضرب على المقود بفشل وتابع قيادته):- الحب شيء قليل في حقها ، لكنني آذيتها كثيرا وبتركي لها الآن أكيد لن تغفر لي ما حييت
جوزيت(بنفس الألم):- صدقني أفهم وجعك بشكل أعمق مما تظن
حكيم(بقلة حيلة):- لسوء الحظ
جوزيت(بتفكر):- وهل تحب هي ذلك الشخص ؟
حكيم(عض شفتيه ببغض):- هي تموت عشقا في وائل رشوان
جوزيت(فتحت عينيها بفزع):- ابن ضرغام رشواااان .. ؟؟؟
حكيم(بقنوط مط شفتيه):- ضرغام يكون جده
جوزيت(رفعت حاجبها بذهول):- أهاه هه وكأن التاريخ يعيد نفسه لكن بطريقة عكسية
حكيم(عقد حاجبيه بعدم فهم):- ماذا تقصدين ؟
جوزيت:- لا تهتم أصلا أنا وأنت متشابهين في نقطة واحدة .. أن أحبائنا لن يغفروا لنا زلاتنا
حكيم(وجملتها قد تخللت أعماقه):- معكِ حق ..
جوزيت(حركت رأسها لتنفض تلك الأفكار):- تمام سأعيد عليك .. جدتي نبيلة لا تحب الكلام كثيرا وتكره الضوضاء ، خالتي مديحة هي أمك وهي تستسلم بسهولة أمام العواطف ، أمي عواطف تحاول السيطرة على أهل البيت كلهم لكنها لطالما تفشل ، أختي نور رجل البيت إن صح التعبير تتحمل مسؤولية كل شيء إلا نفسها ، أختي رنيم تعيش حزنا بعد الطلاق والفراق عن حبيبها الأحمق ..
حكيم:- لم أقل عنه أحمق
جوزيت:- ولكنه كذلك وغبي أيضا هل نحن في عصر الجاهلية ، كان ليفكر بطريقة منطقية ويكتشف خطة أمه الدنيئة على العموم ليس مشكلتنا الآن لنتابع ، أختي مرام هذه تعيش في قوقعة لوحدها بناء على عجزها الذي تعاني منه ، ابنة عمي إخلاص تعيش في أزمة نفسية بعد زواج زوجها الثاني الذي سبب لها التعاسة ، ابنة عمي دعاء هي في فترة نقاهة بعد مشكلتها مع زوجها السابق حسام وهي حامل حاليا وتعيش في حزن دائم ، اممم من تبقى آه عفاف زوجة أخي تعمل ممرضة وتحاول أن تضبط الأمور داخل البيت فأعبائه كلها عليها ، ابنتها نهال يعني ابنة طارق خرجت من أزمة بعد محاولة اغتصابها هي وشيماء ابنة إخلاص تدرسان في آخر سنة بالثانوية وامتحاناتهما على الأبواب ، هناك دينا الصغيرة ابنة نور وأيهم وسجى أولاد رنيم جيد هكذا صح ؟
حكيم:- ما شاء الله الحفظ عندكِ أسرع من خلق المشاكل .. نسيتِ البقية تابعي ..
جوزيت(بامتعاض من سخريته):- هناك إياد صديقي الحميم يعمل معي بالجريدة وهو مثل أخي هه هذه معروفة .. فهو أخي أصلا
حكيم:- انفصلي عن جوزيت كي تستطيعي العيش بهوية ميرنا ، وإلا ستوقعيننا في مشاكل بسبب مشاعركِ الطفولية
جوزيت:- بدون تدقيق هففف .. المهم هناك أيضا كوثر صديقتي المهندسة انفصلت عن حبيبها زياد بسبب زواجه الرجعي من ابنة خاله حياة ، أبوها عبد المالك أستاذ متقاعد ويحبنا كثيرا مثل أولاده وهو يحب أيضا أمي عواطف وعرض عليها الزواج لكنها رفضت بسبب طارق.. لكن ما دخل طارق بالموضوع ؟
حكيم:- لا ترغب ببناء حياتها دون عودته هكذااا تفكر
جوزيت:- وهل وافق ذلك الرجل على هذا ؟
حكيم:- ومرت سنوات على موافقته حتى وما زال ينتظر حتى الآن
جوزيت:- يا عيني … على نساء الراجي لم تتركن أحدا في حاله ، عموما سنتمم هناك وصال وهي نقيب في المعسكر وتحب الرائد جاسر والتركيز عليها لن يكون مهما لأنني لن أرها خلال هذين الأسبوعين لذلك سنتجاوزها اللي بعدو .. اممم نأتي لأولاد رشوان قلت لي أن وائل هو حبيبي وقد تعرض لحادثة سير مؤخرا تسبب فيها غضنفر لكنه يظن أن الفهد البري خلفها
حكيم:- تماما أهم شخص يتوجب عليكِ التركيز معه هو وائل ، إن استشعر أنكِ جوزيت سنقع في مشكلة ولن يأتي وبالها إلا على رأسكِ
جوزيت:- حسن فهمنا فهمنا يكفي من التعليقات السخيفة ، ثم نحن على وفاق إن أنهيت نشرة المعلومات دعنا نمضي في سكون
حكيم(نظر إليها بطرف عين):- لا ألوم ميار حقا على موقفه معكِ ، فامرأة بلسان أطول من لسان الفيل طبيعي أن تكون لا تطاق
جوزيت(انتفضت محلها ودفعته ليده):- لا أسمح لك بإهانتي يا هذااا ، أنا ثعلبة القطب احترم نفسك وإلا دفنتك بأرضك
حكيم(ابتسم ونظر إليها):- تمام تمام أنتِ ترغبين بالبكاء وتتحججين بصراخكِ هذا ، أفهمكِ لذلك أطلقي سراح تلك الدموع فأنا أجيد الإصغاء جيداااا
جوزيت(نظرت إليه بتبلد وسرعان ما مطت شفتيها وانفجرت الأخت):- اهئ اهئ توقعت أن يحضنني ، أن يشعرني بفرحته برجوعي توقعت أن يبقيني تحت أنظاره ليوم كامل فقط لكي يملي عينه برؤيتي ، لكن أن ينبذني منذ أول دقيقة هذا ما لم يكن في حسباني خشيت من أن أصدمه بظهوري.. وظللت سنينا وأنا أصطنع لقائنا الأول في مخيلتي وأنسج سيناريوهات لا حصر لها عنه ، لكنه فاق توقعاتي أو لم يخطر أصلا بعقلي أن يقابلني بذلك الجمود ، متى تغير متى تحول لذلك الكائن الحجري هذه أنا من كان يدعوني بملاذه الدافئ أبهذه السرعة نسي أمري وكأنه لا تفرق معه إن عدت أو لم أعد … لقد كنت أمضي كل يوم على صورته وأتخيله قريبا مني واقعا في أحلامي لكنه صدمني صدمة عمري ، لم يبدِ أي ردة فعل تطيب خاطري وتجعلني راضية على العكس اهئ قام بتجريحي في كل ثانية من تلك الدقائق التي كنت فيها معه ، لم يسمح لي حتى بلمسه ولا باحتضانه لم يردني حتى قرب عينه أحقا هو مغرم بميرنا يعني نسي عشقي بسببها ، لا أصدق لالالا هو لا يستطيع التحرر من عشقي لأنه وعدني أنه سيحبني في الحياة وحتى ما بعد الموت .. هل كذب علي هل استغل سذاجتي لكي يجعلني أتوهم طوال سنوات بهذا العشق المستحيل ؟؟؟؟؟ … هاااااه أجبني ؟؟
حكيم(تنهد عميقا متألما من حديثها المضني):- حسب معرفتي بميار .. فهو لن يتوقف عند هذا الحد بل سيقوم بتجريحكِ في كل فرصة تأتي أمامه لأنكِ قمتِ بذبحه بتمزيق أحلامه الواحد تلو الآخر ، قد جعلته يمسك بقلبه بين يديه لكي يستطيع العيش .. عودته على نفسكِ وفي لمح البصر اختفيتِ من محيطه فكيف تريدين من ذلك الولد ألا يصبح الفهد البري بقلب مكسور .. طبيعي ما حدث له لقد جعلته الظروف قلبا حديديا لا يعرف الرحمة
جوزيت:- طيب وميرناااا .. ما محلها من قلبه ألم يعشقها ؟
حكيم(شعر بالحرارة والبغض وفتح نافذته قليلا):- اسمعي حالته مع ميرنااا مختلفة ، بعد رؤيتكِ تفهمت ارتباطه وتعلقه بها هو يراكِ فيها وهذا ما يريد إنكاره ولو بصوت عال .. لا يرغب منكِ أن تشعري بأن حبه لميرنا جاء بسبب اشتياقه لكِ ورغبته فيك
جوزيت(مسحت دموعها وهي تنظر إليها):- هل تقصد أنه لم ينساني صح ، يعني هو يحب ميرنا لأنها تشبهني وليس مثلما زعم هناك ؟
حكيم:- لا أستطيع أن أجزم لكِ ، فميار كتوم جدا على مشاعره قد كاد يجن لو أنها تزوجت غيري فهو يعلم علم اليقين أنها لن تحبني مثلما تحب وائل ، لذلك أرادني أن أتزوجها وأحفظها بعيدا عن أنامل وائل
جوزيت(عقدت حاجبيها):- يا إلهي .. هل هذا يعني أن زواجكما صوري ؟
حكيم(مط شفتيه وهو يزفر بعمق):- هو كذلك تقريبا
جوزيت:- هل وصل بكما الهوس لكي تلعبا بحياة البنت هكذاااااا … فرضا كنتما تعشقانها أقول فرضااا إذا جمعناه معك في ذات الفرضية ، بغض النظر هذا لا يعطيكما الحق لكي تقررا في حياتها ما ترغبه وما تريده … هذه قمة الأنانية أكاد لا أصدق ..
حكيم:- هه من عاشقة مخبولة مثلكِ لن أستطيع تقبل هذه الصدمة ، لأنكِ لو كنتِ محلنا كنتِ ستفعلين أكثر من هذا لتحافظي على حب حياتك
جوزيت(امتصت شفتيها):- لو افترضنا أنني لم أظهر في حياته الآن ، ما كان مصيرها ؟
حكيم(حك جبينه):- بأمانة يعني .. كنت سأدعها تختار وطبيعي أن يكون خيارها وائل
جوزيت:- بمعنى .. هل ستحارب وأنت موقن باستسلامك في المعركة بالأخير ؟
حكيم:- سأحارب لأجل سعادتي معها ، لكن إن لم تتحقق فلم يكن سيحصل عليها ميار بمطلق الأحوال وأؤكد لكِ أنه يفكر مثلي .. إن لم يأخذها هو لن آخذها أنا ويبقى الخيار الأول والأخير ابن الرشوانية …
جوزيت(وضعت يدها على رأسها بصداع):- حسن توقف توقف رأسي سيتشقق من الألم ، آه يا ربي ما كل هذاااااااا الذي يحصل ماذا تفعل تلك الفتاة بكم ، لقد حولتكم لمهابيل وهي تلعب بكم على أطراف أصابعها ثم كيف كيف ستكمل هذين الأسبوعين وهي رفقة ميار .. يا إلهي لا أستطيع تخيل ما سيحدث معهمااااا
حكيم(ضحك من جنونها):- لعلمك لن يستطيع الاقتراب منها ، فميرنا ستكون مثل الشعلة البركانية لذلك أنا جد مطمئن
جوزيت(بخوف ضربت على صدرها):- لو افترضنا أنه ..
حكيم(قاطعها):- كثرت فرضياتكِ جوزيت ولعلمكِ قد تعارفنا منذ ساعتين ، دعينا نتمم الطريق وللحديث بقية أمامنا أسبوعين وأنتِ تعلبين دور ابنة عمي ..
جوزيت(بدموع تكومت فجأة بعيونها):- أنا فعلا ابنة عمك ..
حكيم(دعك فرامل السيارة حتى توقف بدهشة):- اسمعي لا ألاعيب مفهوووم ، أنتِ ستؤدين دورها فهمنا لكن بيني وبينكِ لا داعي لتقمص الشخصية بشكل كبير هل سمعتِ ؟
جوزيت(وضعت رأسها على النافذة وجمعت رجليها بحضنها فوق الكرسي):- أنا ابنة عمك حقا … صدق أو لا تصدق
استمع لهمسها الخافت وحرك رأسه يمنة ويسرة ، فأكيد كان يملك مجنونة في محيطه والآن أضاف نسخة منها ليس في الشكل فقط بل حتى في الهلوسة اليقِظة … زفر بعمق وهو يطمئن نفسه أن عصفورته ستكون بخير فلا يستطيع ميار أذيتها لأنه لن يرحمه لو حدث ذلك لكن ، مجرد التفكير في صدمتها حين تستيقظ وبدون أن يكون قربها ينقبض قلبه ويخشى عليها من تلك اللحظة لكن ما باليد حيلة عليها أن تشعر بالرهبة والخوف ، هذا أأمن شيء سيجعلها بخير ومن كان يصدق أن الأدرينالين سيكون ذا منفعة في مثل هذه الحالات ….

وحتى لو لم يكن موجودا ذلك الأدرينالين كان سيخلقه بنفسه ، فبالرغم من ظهور جوزيت وعودتها لحياته التي رسم لها مخططات مختلفة إلا أنه لم يتمكن من انتزاع ميرنا من قلبه وها هو ذا ينظر إليها وهي نائمة في السيارة قربه متقوقعة حول نفسها ، وكأنها ترغب باستشعار أكثر دقائق راحة قبل أن تستيقظ في المكان الذي سيأخذها ميار إليه ، كم فكر وتخيل لقائه بها
علنا وبهويته الحقيقية وليس فقط استنادا على هوية إياد التي أتعبته بقدر ما كانت تخلق له فرصة للقائها ، رؤيتها سماعها ومسح الدمع من عينيها حتى الطبطبة على كتفها كان يحصل عليه ويزرع الأمل في أعماقها .. وكأنه معصوم من خطأ الادعاء فتقمص شخصية إياد يستحيل أن تغفرها له أو يغفرها صاحب الشأن من أصله ، لذلك انحسر الهواء في جوفه وهو يناظر الأشجار المتطايرة من حوله في ذلك الطريق السريع الذي اتخذه سائقه الخاص ، فحتى رشيد بعثه لغير وجهة مع ناريانا التي أغمضت عينيها في سيارته لترى ما قد تجود به أفكارها لكنها لم تتمكن من حصر الضرر فقد كان كل شيء مبهما مظلما في عقلها ، لذلك توجب عليها الانتظار ما ربما أتتها رؤية تفسر كل شيء وتطمئن قلبها على كل المعذبين من حولها …
ناريانا:- إلى أين نتوجه ؟
رشيد(نظر للسائق بجانبه واستدار إليها وهو يتأملها بعيون لعوب):- لمكان آمن
ناريانا:- أحتاج لكثير من أغراضي لذلك يتوجب عليك اصطحابي للقصر بداية
رشيد(بسخرية):- أفندم … لم أسمعكِ سيدتي ناريانا أعيدي هكذا لأحاول فهمكِ..
ناريانا(بغضب):- هل أنت تسخر مني هنا أم ماذااا ؟
رشيد(بنظرة ذئبية):- أحاول خلق جو مرح لأجلكِ جميلتي ..
ناريانا(الغبي الأبله إنه ينظر لي بشكل خبيث):- أين ستأخذون عنبر ؟
رشيد:- لا شأن لنا به سيعود للقصر
ناريانا(اطمأنت لأنه سيتحمل مسؤولية الرجال بعد غيابها هي وجوزيت):- فهمت ..
رشيد(عاد لمحله وبنبرة تلاعب):- يسلم لي الفهمان أناااااا ..
بغيظ حاولت إنزال الفستان قليلا لتغطي ركبتيها وانزعجت بشدة منه ، لذلك حاولت أن تضبط أعصابها فهي بحاجة لأن تكون قوية لحين تنتهي هذه الورطة فميرنا لم تورط نفسها فقط بل قامت بتوريط الكل حولها .. لأن الجميع تغيرت مصائرهم بعد ظهورها كل منهم أصبح له عبئ يحاول أن يتماشى معه لكي يحد من خطورة الموقف الذي يعيشونه ، لذلك كان صعبا عليه أن يجبرها على شيء لا تريده لكن هي التي اختارت وهي تستحق هذا القرار .. بعد مضي ساعتين فاصلة بين طريق كل واحد فيهم فقد توجه ميار بميرنا لمكان قصي لا يعرفه سوى هو ، بينما اتجه حكيم بجوزيت للبيت وقلبه يرتجف رعبا على عصفورته وقلقا على أداء جوزيت أيضا ، أما رشيد فقد كانت مهمته اصطحاب ناريانا والتي توجست من نظراته الماكرة لها وأكيد لم يكن ينوي على خير معها ، أما كهرمانة فقد كانت تحصي خسارتها مع عرندس تلك الليلة فأكيد خبر تسمم الفتيات سيصل لمسامع الجميع وسينفرون مستقبلا من فكرة شرائهن من عندها ، لذلك أرعبها الموضوع وأخذت تنتظر الأخبار التي سيفيدها بها الأطبة لكي تريح قلبها ، أما فخرية فقد كانت مرتاحة البال ترسم ابتسامة على ثغرها وتشعر بالارتياح وهذا ما لم تستطع سلسبيل استيعابه أو تقبله فقد كانت تنتظر الفرصة المناسبة لتختلي بها وتجعلها تقر بماهية ناريانا وطبعا لم يكن سيحدث ذلك إلا بعد وصولهم رفقة طلال ، والذي كان يفكر بعمق في ما سيحدث مع ميرنا فأي شخص محلها سيكون مرعوبا فمن يسقط في أنامل الفهد البري ويكون بهذا الموقف ليقرأ الفاتحة على روحه والقلب داعيلووو ههه …
السائق:- وصلنا يا سيدي ؟
ميار(أزال يده من فكه بهدوء):- تمام ، افتح باب البيت وتوجه مباشرة للمطبخ ودعهم يحضرون بعض الأكل
السائق:- اتصلت بعد أوامرك بالخادمة وقد قامت بملأ الثلاجة ووضبت المنزل وعدلته مثلما أمرت ، وأيضا قامت بتجهيز الغرف مثلما طلبت مني سيدي ..
ميار:- سأحتاج لقفل باب حاول تدبر الأمر قبل الصباح ..
السائق:- حالا سيدي سوف أحل الموضوع
ميار(نظر لميرنا وزفر بعمق):- أهم شيء السرية ، فحياتك مقابل حماية هذه البنت
السائق(ابتلع ريقه):- لن أخذلك سيدي ..
ميار(خرج من السيارة ونظر للبيت أمامه):- أتوقع ذلك ..
فتح باب السيارة من جهتها ونظر إليها بأسف ، تنهد بعطف وأمسكها برفق وجذبها لحضنه وحملها بين يديه وهي متدثرة بسترته السوداء الطويلة ، فهو حتى لو كان يملك قلبا حجريا إلا أنه يخشى عليها من نزلة البرد ، والفستان الذي كانت تلبسه أكيد كان كاشفا ولن يجعلها تتحمل برودة الجو ، لذلك لم يطل تدقيقا بل نظر إليها وهي مستسلمة بين أحضانه لقدرها الذي رسمه التاريخ لأجلهما .. فمن كان يتوقع أن يمضي معها أسبوعين كاملين في مكان قصي لا يعرفه أحد غيره ، أصلا من كان يتوقع أن ينهي يومه ذاك وبين ذراعيه ميرنا سلطانته التي يحب .. انبهر صدقا من تلاعب الأقدار لكن بالرغم من قلقه من ردة فعلها بعد أن تستيقظ إلا أن قلبه كان مستريحا فهي بين يديه متربعة نائمة بسكينة ، وهذا كاف ليستقبل العواصف فيما بعد … أدخلها للبيت ونظر للخادمة التي انحنت أمامه بأدب وأشارت له بالصعود إلى فوق حيث تكمن الغرف التي جهزتها ، صعد بها الدرجات وكان معظم الوقت ينظر إليها كالملاك الطاهر ، كيف ستتحمل الصدمة فأن تكون بين أنامل الفهد البري هذا بحد ذاته يشبه تجرع السم دفعة واحدة وأكيد ميرنا لن تصمت … لذلك سينتظر مصيره معها على الأغلب بدوره لم يخطط لهذا وقد وضعته أمام خيار صعب فهذه هي الطريقة الوحيدة التي ستفيد في حمايتها من براثن الشر المحيطة بهم ، وضعها برفق على السرير وأزال كعبها بهدوء ونظر للخادمة خلفه والتي تقدمت إليه وهي تضم فستان نوم أبيض طويل بردائه العلوي ..
ميار(استجمع أنفاسه مقاوما إياها ونهض من جانبها):- لن تستيقظ إلا بعد ساعات بسيطة لذلك عليكِ بتحميمها وتغيير ثيابها بلطف ، أسمعتِ لا أريدها أن تتأذى بأي شكل من الأشكال ، بعدها ضعيها بالسرير لحين آتي فور انتهائك تمام ؟
الخادمة:- لا تقلق سيد ميار سوف أقوم بخدمتها بعيوني ، وسأنادي ابنتي لتساعدني في ذلك لن أعرض السيدة لأي أذى ..
ميار(تأمل الخادمة والفستان بين يديها):- ما كان اسمكِ ؟
الخادمة(ابتسمت بأريحية فعمرها كان يسمح لها أن تبدو مريحة للنظر):- إيزابيل
ميار(عقد حاجبيه):- كوني حذرة مع السيدة ميرنا تمام يا إيزابيل ؟
إيزابيل(هزت رأسها بابتسامة):- لا تقلق ستكون بالحفظ والصون ..
تحرك لأجل الخروج ولكنه أطل بنظرة أخيرة عليها وبعدها استجمع رباطة جأشه ونزل ، وجد السائق يمازح فتاة مراهقة قد تكون بالثامنة عشر أو أقل ربما .. وسرعان ما استجمع السائق نفسه واستقام باحترام ودفع البنت لكتفها والتي وقفت وهي تجمع يديها بأدب هي الأخرى .
ميار(كتف يديه ونظر إليهما):- طلبت تحضير العشاء هل كل شيء جاهز ؟
السائق(بتفتفة):- طبعا سيد ميار نحن ننتظر فقط أوامرك بوضعه على طاولة الطعام
ميار:- أوك ضعوا صحنا واحدا فقط ، والباقي حضروه في صينية أكل لأن السيدة ستتناوله بغرفتها ..
الفتاة(ضحكت رغما عنها وابتلعت ضحكتها بسرعة):- كخممم .. احم
ميار(اقترب من تلك الشقراء زرقاء العينين والتي كانت تشبه أمها كثيرا):- أنتِ ابنة إيزابيل ، ما اسمكِ يا فتاة ؟
الفتاة(بتلعثم رمقت نظرة السائق لها ثم رفعت عينيها لميار):- أدعى جمانة
ميار(كمش عينيه وهو ينظر للسائق):- ماذا تفعلين في الحياة ؟
جمانة(رفعت حاجبها):- هه أدرس طبعا وأنا على وشكِ التخرج حتى … سيدي هل تمازحني أنا وأمي نعمل تحت إمرتكم منذ عدة سنوات ودراستي قد توقفت على أساس ذلك
إيزابيل(نزلت مرتعبة وهي تضرب على صدرها):- سامحها على تطاولها سيد ميار ، ابنتي لا تستطيع تمالك لسانها يعني هي لم تقصد التذمر من خدمتكم أبداااا ..
جمانة(رفضت إسكاتها):- أمي …
إيزابيل(رمقتها بتحذير):- امسحها فيني سيدي هي لم تقصد ..
ميار(أشار للسائق كي يسبقه للخارج والذي تحرك من فوره):- هذه أول مرة أراكِ فيها ، قد قمتِ بخدمة أمي كهرمانة سابقا.. كذلك كنتِ تدبرين أمور قصري خارج البلد
إيزابيل:- أنا أخدمك بعيوني سيدي ، لم يتسنى لي لقاؤك هناك فقد كانت سفرتك قليلة لكنني تشرفت بمعرفة والدة حضرتك والتي عاملتنا بلطف كبير ..
ميار(بتفكير):- أهاه لطف كبير ، تمام يا إيزابيل قد طلبت من طاقمي إحضار عاملة أمينة وعليه أشترط عليكِ أمرا واحدا فقط وهو ألا يعرف مخلوق بتواجدي هنا أنا وضيفتي حتى أمي نفسها ، وسيكون مؤسفا أن تتعرضي أنتِ أو ابنتكِ لتوبيخ مني لن يكون حميدا إن تم وعرف أي مخلوق بهذا الأمر ..
إيزابيل(نظرت لابنتها):- اعتبر الأمر مقضي سيد ميار ، لن يسمع أحد مني أو من ابنتي بتواجدكم هنا ثم أنا حريصة على بقائي تحت خدمة حضرتكم فليس لدي ملجأ سواكم ..
ميار(نظر لجمانة التي كانت تلف خصلتها بتأفف):- أنقصي من صوتكِ يا بنت .. وبالنسبة لدروسك اممم إن رأيت منكِ خدمة جيدة ربما أفكر بإعادة تأهيلكِ من جديد لتتابعينها ..
جمانة(قفزت بحماس):- أسمعتِ يا أمي واووووووو إنني سأعود لدراستي ههه سيقوم ميار بذلك إنه حقا طيب وليس مثلما ظننته شريرا بأنياب متوحشة و ..أوأون آسفة آسفة
إيزابيل(عضت شفتيها خجلا):- يا إلهي .. اصعدي أمامي فورا أمامنا عمل مهم ،، بعد إذنك سيد ميار واغفر لها مجددا زلة لسانها لن تتكرر وعد …
ميار(نظر لاحمرار وجنة جمانة وابتسم):- هذه الملامح أين رأيتها سابقا ؟؟؟؟ تت يخلق من الشبه أربعين لأرى الوضع مع مجنونتي الأخرى …
حكيم(على الهاتف):- للتو قد وصلنا للبيت ، اضطررت للمرور بها إلى مركز تسوق فطلبات الأخت لا تنتهي ، أضف عليها تناول بعض الطعام
جوزيت(أردفت بصوت متلهف):- طبعا لن أستطيع تمثيل دوري بدون أن أكون على سجيتي ، ثم لم أحفظ بعد قائمة الأكل الذي يعجب أميرتكم ميرنااااا هانم
حكيم(عض شفتيه):- منك لله يا ميار ، كيف سأقضي مع هذه القنبلة الموقوتة أربعة عشر يوما أظن أنك ستجدني في مستشفى المجانين بعدهااا ..
ميار(تنهد بعمق حين سمع صوتها):- أعطها الهاتف ..
حكيم(رفع حاجبه):- هذا ما لم يكن متوقعا .. خذي يختي
جوزيت(فتحت عينيها بذهول فلم تتوقع أن يكلمها من أصله):- .. م.. ميااار ..
ميار(تضخم صدره بالمشاعر المتعبة وبنبرة هزلية اصطنعها للتو):- كيف حالكِ ؟
جوزيت(برقت عيناها بجمود وخرس لسانها):- ….لارد
ميار(أغلق عينيه وفتحهما وهو يحرك يده امتعاضا من جملته المفتعلة):- أقصد يعني .. هل أنتِ مستعدة لدوركِ فأنتِ عند باب مهمتكِ الآن وأي خطأ س…
جوزيت(بانفعال):- لا تقلق سيد ميار أنا ممثلة بارعة أم تراك نسيت تجريحك لي قبل ساعات
ميار(عادت للؤمها):- ولم أكذب .. عموما سوف أ…
جوزيت:- سوف تطبق أمري بعد أسبوعين أنت مجبر أسمعتني ؟؟؟؟
حكيم(أمسك منها الهاتف):- ما الذي سيحدث بعد أسبوعين بينكما ، لما ليس لي علم بهذا الشيء ؟؟؟
ميار:- لأنها من طلبه ولست أنا ، المهم ميرنا ما تزال نائمة الأمور هادئة حتى الآن
حكيم:- توقعت ذلك من نبرة صوتك ، لكن إن تعبت أكثر دعني أكلمها اوعدني ميار لن أستطيع النوم قبل سماع صوتها ماشي ؟
ميار:- أنت لن تساعدني مطلقا في ما أبتغيه ، أتتوقع مني أنني أرغب بأذيتها أنا مثلك أخشى عليها من نسمة الهواء وكي تقتنع بأنها في خطر عليها أن تحس بذلك فعلياااااا
حكيم:- ولكنك وعدتني ؟
ميار:- تمام تمام ياااااه افصل الآن .. وكن معي على اتصال فوري بأي جديد ماشي ؟
حكيم:- بدون أن تطلب فلديك روحي التي يجب علي الاطمئنان عليهاااا
ميار:- ههه ربي يعيننا على ما ابتلاك وابتلاني به
حكيم(نظر لجوزيت التي وقفت عند الباب):- اللهم آمين المهم انتبه ..سلام
جوزيت(أحست برعشة غريبة وهي تبتلع ريقها وتنظر لجنبات البيت):- أشعر بالتوتر
حكيم(نظر إليها وفتح الباب بالمفتاح):- أغلقي عينيكِ وافتحيهما وتقمصي الدور ، فأنتِ قد جربتِ ذلك قبلا في شقة إياد
جوزيت(شعرت بالشوق لتلك الشقة وما حدث بالشقة):- آه يا ربي …
كان دخولها لذلك البيت ثقيلا جدا على قلبها ، فقد استشعرت حنينا غريبا جعل صورة طيف أمها وأبيها تهتف بعقلها لحظتها ، كما أن ملامح الماضي كلها المتعلقة بقصتهم التي سمعتها من غضنفر يوم أمس ترددت على عقلها وجعلتها تمسك على صدرها وهي تدلف خلف حكيم الذي أزال سترته وعلقها على مشجب الباب ونظر إليها وتفهم حيرتها ، ولكي يساندها في تلك اللحظة الكسيرة أمسك بيدها فجأة …
حكيم(جذبها خلفه للداخل وهو يصطنع ابتسامة):- ها قد عدناااا …
عواطف(نهضت بلهفة بعد أن غمزت لمديحة يعني الأمور بينهما جيدة وقد تصالحا لذا توجهت صوبهما ركضا):- يا الله أخيرا جئتماااا .. ميرنا حبيبتي
جوزيت(انتفضت من حضن عواطف باندهاش ونظرت لحكيم):- أ… أنا بخير
عواطف(قبلت وجنتها ومسحت على شعرها وهي تمسك وجهها بين يديها):- آه يا روحي شعرت بانقباض في قلبي طول المساء ، ظننت أن مكروها أصابكِ لكن الحمدلله أنتِ بخير
جوزيت(دمعت عيناها من كمية الحنان المتدفقة التي لم تحظى بها يوما):- تمام .. لا تقلقي بدون طائل
حكيم:- هه قصدها يعني لا تبدئي الآن دعينا نستريح
مديحة(زورتها شزرا وهي تنهض للاطمئنان عليها):- دوما ما توقعين قلبنا أرضا ، وفي الأخير يتضح أنكِ مرتاحة البال بينما نحن لنحترق في الجحيم لا تهتمي
حكيم(ابتسم طويلا):- أمي … لا تبدئي هه تمام ؟
جوزيت(فهمته واسترسلت):- هااا خالتي مديحة عذرا منكِ ومن الجميع ..
نور(خرجت من المطبخ وهي تأكل):- هذه البنت لطيفة جدا علما أنه بسببها قد ولع البيت صباحا ، يلا يوم ليك ويوم عليك
حكيم(تقدم صوبها وهو يشير بعينيه):- نووررر حسكِ الفكاهي مضاعف هذه الليلة
جوزيت(عضت شفتيها):- ههه معك حق يا حكيم نور مرحة الليلة …
دينا(ركضت إلى جوزيت):- عمتي عمتي ميرنا لدي لكِ خبر بمليووون
جوزيت:- دينااااا هاه .. أ.. يعني ما الخبر ؟
دينا:- عمو وائل ..
حكيم(تبدلت ملامحه ونظر لجوزيت التي عقدت حاجبيها):- وما به عمكِ وائل ؟
دينا(نظرت لنور التي أمسكتها من فمها):- أممممممم مممم
نور:- لا تؤاخذانها قد حان موعد نومها
حكيم:- مهلا ما به وائل ؟
جوزيت(ابتلعت ريقها وتابعت):- أمم نريد أن نعرف
عواطف(دخلت للصالون وخرجت وبيدها باقة ورد):- بعث لميرنا باقة ورد
حكيم(التقطها بخفة وتأملها باستياء):- ما المناسبة ؟
نور:- آآن أليس لديكِ علم يا بنت لقد اتصل إياد قبل قليل وبلغنا بالخبر ، كيف أنتِ صاحبة الشأن ولا علم لكِ ؟
جوزيت(بتوتر نظرت لحكيم):- كنت مشغولة
حكيم:- أجل لم يتسنى لنا معرفة مجريات الأحداث يعني اختصري وأخبرينا بالموضوع ؟
عواطف(تقدمت صوب جوزيت وعانقتها مجددا):- صغيرتي أنا فخورة بكِ كثيرا ، لقد تم اختياركِ كأكفأ صحفية لكي تكوني ضيفة رسمية في نهاية الأسبوع ببرنامج فسحة مع نجم …
نهال(نزلت ركضا وهي متحمسة):- يعني يا عمتي ستجالسين المذيع الوسيم والشاب بهجت محمود ، يااااااااااااااي متحمسة جدا جداااااا
حكيم(وضع إصبعه على جبهة نهال):- أولا من يكون هذا بهجت محمود يا مس ؟
شيماء(لحقتها وهي تشهق):- أحقا لا تعرف من يكون بهجت محمود ، واووو لا أحد في البلد لم يسمع به هو أشهر مذيع على المدار الوطني .. وكل الشخصيات المعروفة يطمحون لاستضافته لهم التي تميزهم وتزيد من شعبيتهم نظرا لجودة برنامجه
حكيم:- أوك أشعر كأن هذا البهجت سيصبح نسيبا لنا عما قريب مع هاتين
إخلاص(ضحكت عليهما وهي ترتب الأطباق على الطاولة):- هههه أحسنت قولا أخي
نهال:- ياااه لما لا تشعرين بالحماسة عمتي ميرنا ، إياد نفسه شعر بالغيرة لأنكِ أخذتِ منه الفرصة ههه
شيماء:- صحيح قال أنه سيمر بكِ صباحا ويصطحبكِ معه للجريدة ويهنئكِ بالخبر
جوزيت(تلعثمت من كثرة الأخبار):- جيد …
نهال(أمسكت يديها برجاء):-نظرا لوسامته فقابلية شعبيتكِ ستتضاعف بليز عمتي بليز خذيني معكِ يوم التصوير أريد التقاط صورة مع بهجت محموووود …
شيماء(بتردد):- حتى أناااا
دينا(تشبثت بفستانها وهي تهز بوداعة):- وأنا وأنااااا
جوزيت:- تمام تمام سأرى ما قد يجد
حكيم(زورها بعدم تصديق وهمس):- ماذا سترين يا بعدي قالوا بعد أسبوع أسبوع وليس اثنين يا عديمة المفهومية .. يعني على أساس ذلك سيتغير الكثير
جوزيت(رفعت شفتها بتفكر):- آهاه معك حق ربما سأرفض …
نور:- هئئئئئ نو وي … سيقتلكِ إياد من الآن سأفكر باللون الذي سأرتديه بجنازتكِ أختاه
عواطف(بمحبة):- ههه دعوا ابنتي وشأنها أساسا أين سيجد هذا المذيع أشطر ولا أجمل من صغيرتي الصحفية الحبيبة هااااه
جوزيت(شعرت بالدوار):- ح..حكيم
حكيم(انتبه لها):- اممم خبر جميل طيب ميرنا اصعدي لغرفتكِ وبدلي ثيابكِ ريثما تحضرون لنا العشاء ، أكيد سنتناوله جميعا احتفاء بميرنا صح ؟
هتف الجميع بحماس وراح بعضهم للمطبخ لكي يوضبوا ما يخص الأكل ، بينما البعض الآخر قام بالنداء الدائم لتناول الطعام ، أما هو فنظر جانبا بتعب وحمل الأكياس المليئة بثيابها وصعد درجات السلم ليصطدم بها جالسة على آخر الدرج العلوي مكتفة يديها ووجهها محمر بشكل غريب ..
جوزيت(بدلال):- لم أعرف أين غرفتي …
حكيم(نظر خلفه ليتأكد أن لا أحد يتبعه وركض إليها بعد أن وضع الأكياس جانبا):- هييه هيي .. ما بالكِ ؟
جوزيت(مطت شفتيها):- أنا غير متعودة على جو المحبة هذااا .. إنه كثير علي ولذلك شعرت بتوعك في معدتي لا أدري كيف سأتحمل
حكيم(ضحك من جملتها):- لأول مرة أرى شخصا ينفر من حقن المودة .. تعالي لأريكِ الغرفة هيا انهضي يا فاشلة ..
جوزيت(زفرت بتعب):- ميرنا تحظى بكل شيء ..
حكيم(يسير معها في الرواق):- حتى لو كان كذلك هل تعتبرينها سعيدة في داخلها ؟
جوزيت(هزت كتفيها):- لكنها تملك كل مقومات السعادة ، عائلة تحبها وتخاف عليها زوج يعشق أنفاسها والبقية حدث ولا حرج
حكيم(فتح باب الغرفة ولم يدخل):- لا تبدئي يومكِ بالتذمر ستتعبين ، المهم هذه غرفة ميرنا وتلك غرفتي أمامكِ مباشرة همم لو احتجتِ أي شيء الجئي لي .. وغيره إياكِ وأن تضيعي غرضا من أغراض ميرنا أو تفسدي ترتيبها لا تعيثي هنا مثل العاصفة
جوزيت(رفعت حاجبها ودلفت متأففة):- يكفي أوامر هنا هل أنا طفلة لكي يتم تنبيهي ليل نهار ، مرة منك مرة من ميار ولا أحد فيكما يسأل عن رغباتي أو ما أشعر به ..
حكيم(دخل خلفها ورمى بالأكياس فوق السرير):- أحذركِ جوزيت لا تجلطيني …
جوزيت(بغيظ نظرت حولها ورمقت دمية زجاجية موضوعة على رف المكتب وأمسكتها):- أرني كيف ستمنعني ..
حكيم(بصدمة):- هئئئئ إياكِ لا تقدمي على هذا الجنون
جوزيت(ابتسمت بخبث وأسقطتها):- أوبس … متأسفة يدي أسقطتها
حكيم(نظر للدمية المكسورة أرضا وصغر فيها عينيه):- أنتِ لا تنوين خيرااااا هنا ، وفعلتكِ هاته خير دليل لا تنسي أن هاتفا صغيرا مني لميار سيضعكِ في قائمة المحظورين
جوزيت(حركت فكها بقنوط وهي تجمع قطعتي الدمية المكسورة وتضعها على سطح المكتب):- أثر فيني تهديدك ، فقط لأن ميار نقطة ضعفي هيا افتحه
حكيم(بعدم فهم نظر إليها وهي تستدير بظهرها إليه):- أفتح ماذاااا ؟
جوزيت(أشارت لسلسال الفستان الذي اشترته من المحل):- افتح هذا أريد أن أزيله ..
حكيم:- كنتِ ابقي بثياب ميرنا يعني لماااا هذا التبذير ؟
جوزيت(أزالت شعرها لتفسح له المجال):- خلصني ….
حكيم(تنهد عميقا واقترب منها بهدوء وفتح السلسال حتى النصف):- يمكنكِ أن تتابعي ما تبقى سأكون بغرفتي ..
جوزيت(فتحت ما تبقى فعلا أمامه وأزالت الفستان من إحدى يديها حتى كشفت على وشمها المصطنع والذي انتبه له):- اففف أخيراااا سأرتاح من هذا اليوم الكئيب
تأمل الوشم بعيون كسيرة فقد اشتاق لصاحبته الأصلية لذلك لملم شتات أنفاسه ، وترك تلك الحمقاء تزيل ثيابها فلو بقي لما كانت انتظرت خروجه وأتممت ما بدأته .. أما هي فنظرت حولها للغرفة والتقطت قميصا حريريا في اللون الزيتي الغامق ووضعت فوقه ردائه وعقدته في خصرها ، وتوجهت صوب المنضدة أخذت تتفحص أغراض ميرنا مجوهراتها بتمعن ، فتحت الأدراج وفتشت بينها لتبحث عن أي شيء غريب لم يكن هنالك ما يستحق التدقيق ، أطلت على الدولاب أيضا وبحثت بين ثيابها وفساتينها وأحذيتها حقائبها أيضا وجدتها مهتمة بالموضة ، وكل شيء موضوع تحت تنسيق مدهش وتذكرت فجأة أنها رأت مثل ذلك التنسيق في قصر غضنفر لما دخلت لغرفة المرأة التي تعيش معه هنا رفعت حاجبها بعدم فهم ولم تطل التفكير فأكيد كل النساء لديهن نفس الهوس في الترتيب … أغلقت الدولاب ودلكت عنقها المتعب وجلست على سطح المكتب فتحت الحاسوب وكانت المفاجأة أنه يفتح بكلمة سر ، هنا حاولت مرات عدة أن تلج إليه لكن لا فائدة ، لذلك أغلقته بعصبية ورمقت الكتب الموضوعة بجانبه تفقدتها بسرعة ولم تدقق فيها كثيرا لذلك شعرت بالملل الرهيب يتخلل إليها ودلفت للحمام ، تأملت مستحضرات تجميل ميرنا وأيضا الخاصة بالاستحمام ورفعت حاجبها من ترتيبه فهي لا تتسم مثلها بذلك فهي فوضوية فوق القياس ، لذلك امتعضت من تشكيلة الفوط المرصوصة بعناية في دولاب الحمام وأيضا بقية الأغراض المنسقة حسب الألوان يا حبيبي هذا ما ينقص ، ضحكت في سرها وهي تشعر بالكره تجاه ميرنا فهي التي أجبرتها على عيش تلك الحالة مضطرة لمسايرة قوانين الفهد البري لعلها تستغل الموقف وتجعله يصفح عنها .. جمعت شعرها بمشبك خلف رأسها وغسلت وجهها بهدوء وتأملت نفسها وعيونها قد استقرت على صورة ميرنا المعلقة في حائط غرفتها
جوزيت:- ما سر الشبه بيني وبينكِ ميرنا ؟ هل فقط لأننا بنات عم أم لأن هنالك أمرا خفيا لا نعرفه يعني مستبعد تكون جينات فقط كوننا بنات عم كالأخوات يعني ..تت عجيب
سمعت طرق باب غرفتها وعقدت حاجبيها لكنها لم تستغرب فربما كان حكيم فقط ، لكنها حين فتحت تفاجأت بدخول عواطف إليها والتي أغلقت الباب عليهما بعدها ، وجذبتها لتجلسا قرب بعضهما على الكنبة تحت دهشة جوزيت طبعا …
عواطف(أمسكت يد جوزيت):- لم أستطع تمالك نفسي كثيرا ، أردت الاطمئنان عليكِ صغيرتي أنتِ بخير أصدقيني القول حكيم لم يزعجكِ بشيء صح تصالحتما يعني هاه ؟
جوزيت(نظرت ليد عواطف ولعيونها التي كانت تبرق حبا):- أنتِ لطيفة جداااا
عواطف(مسحت على وجهها):- طبعا حبيبتي ألست أمكِ التي تخشى عليكِ ، صارحيني يا روحي أنتِ بخير ؟
جوزيت(تكومت دمعات خائبة بعينيها):- لا أعلم … سأكون كذلك ربما
عواطف:- والله شعرت أن هنالك خطبا يحدث لكِ ، هنا في قلبي الذي كان يعتصرني ويزيد من قلقي عليكِ حتى كوثر قلقت وآثرتِ البقاء هنا لكي تراكِ لكنني طلبت منها المغادرة لأن عمكِ عبد المالك كان ينتظرها بالبيت .. يعني فيما بعد وتلتقيان
جوزيت(سحبت أنفاسا عميقة واستقامت):- حسن لم يحدث شيء ، أنا أمامكِ الآن
عواطف(وقفت خلفها وربتت على كتفها):- ميرناااا ..
جوزيت(بألم اعتصر قلبها لحظتها):- نعم ؟
عواطف:- كانت لفتة طيبة من وائل أن يهنئكِ باستضافتكِ بالبرنامج الذي لطالما انتظرتِ دعوة منه ، أظن إياد الذي بلغه لكن لا أعلم ردة فعل حكيم بهذا الشأن
جوزيت:- لم ينزعج هو تصرف نبيل من وائل جزاه الله خيرا
عواطف(استغربت برودة الحديث وتحركت):- تمام صغيرتي تعالي بعد قليل العشاء جاهز
جوزيت(مسحت حاجبها وهي تحرك شفتيها بثقل):- حاضر ..
ابتسامة عواطف وهي تغادر الغرفة كانت ابتسامة أمِّ لم تعرفها جوزيت يوما ، كانت مليئة بالحنان بالعطف بالارتياح أن صغيرتها بخير ولم يصيبها سوء ، لكن أحقا قلب الأم دليلها كيف شعرت بأن ميرنا في خطر ذلك المساء … يعني لو كانت أمها زهرة على قيد الحياة هل كانت ستشعر بها أيضا وكيف كانت ستعاملها يعني هل بمثل الحب الذي تكنه عواطف لابنتها ، وجدت نفسها تعرض مقارنات لم يسبق لها أن فكرت فيها لكنها باتت تسيطر عليها في الآونة الأخيرة ربما لأنها سمعت بالقصة القديمة وتأثرت كثيرا بمصير والديها ، وضعت يدها على خدها وتفاجأت بدمعة ساخنة تنزل من عينها وسرعان ما مسحتها واستعادت رباطة جأشها وخرجت من الغرفة ، مباشرة دخلت لغرفته بدون استئذان وجدته يرتدي قميصه ولم تبالي به أساسا بل جلست على طرف سريره حتى صدم بها خلفه بالمرآة ..
حكيم:- ألا تعرفين طرق الباب ؟
جوزيت(وضعت رجلا على رجل):- كان مفتوحا أصلا ثم لم أرغب بطرقه لا مزاج لي ..
حكيم:- حلو والله أدهشيني
جوزيت(تضخم صدرها بتعب):- أريد التحدث مع ناريانا
حكيم(أقفل أزرار قميصه ونظر إليها):- والسبب ؟
جوزيت(أشاحت بصرها عن صدره العاري وبارتباك):- اشتقت لها
حكيم:- يا روحي مزقتِ قلبي عليكِ .. لن تكلميها اليوم فلِكي تمارسي دوركِ جيدا عليكِ أن تنعزلي عن كل مسببات التوتر مثل الآنسات اللاتي يبتدأ اسمهن بحرف النون ..
جوزيت(نهضت بتأفف وهي تجر أذيال الخيبة ووثبت أمامه):- حكيم ..
حكيم(رفع حاجبه من اقترابها ذاك):- هممم ؟
جوزيت:- أشعر بقلبي يؤلمني ، رجاء اتصل بميار وانظر ماذا يفعل هو وميرنا الآن ؟
حكيم(نظر إليها بعدم تصديق):- صدقا صدقا أنتِ عاهة مستديمة ، تعالي لأريكِ نحن ما يجب علينا فعله هناك أسرة تنتظر نزولنا على العشاء هيا الحقي بي ..
جوزيت(بتذمر سارت خلفه):- دوما ما تجدون طلباتي أوامر مستعصية ، بففف ..
حكيم(أردف وهو يضحك في الرواق):- هذا لأنكِ لا تطلبين سوى الصعب .. آخ لا عجب أن تكوني مثلها حتى في التذمر آه يا ربي كيف سأتحمل ..
نزلت خلفه وهي تحكم إغلاق رباط ردائها ووجدت أن الكل جالس على طاولة العشاء ، لكن الآن كيف ستتذكر أسمائهم جميعا دفعة واحدة ، سرعان ما توقفت عند درابزين الدرج وهنا تفهمها وأمسك بيدها وجرها خلفه ، وهنا طبعا كانت أزواج العيون تتناقل فيما بينها لدرجة الإعجاب بالانسجام الذي بينه وبين ميرنا ../ آخخخ لو تعرفون من تلك لجمدتم في أمكنتكم ههه .. أشفق عليكن يا بنات الراجي ^^ …
إخلاص:- اجلسي محلكِ يا زوجة أخي الحبيبة حضرت لكِ الليلة طبقكِ المميز ..
عفاف:- حرصت إخلاص على صنعه بنفسها ، ثم نحن نحتفل بنجاحكِ وأيضا بخروج حكيم براءة من التهمة المنسوبة إليه ..
مديحة(ضربت على الخشب):- الله لا يعيدها يا رب ، طبعا ابني براءة منها لله أخت الرشواني لم تجد على من ترمي بلائها فألقته على ابني ، سبحان الله لا تشبه أخاها ولا في ذرة .. لم أطقها من النظرة الأولى إففف أفكر بحسرة في حماتها المستقبلية أكيد سترى معها أياما أسود من سواد الليل يا لطيييييييف
حكيم(سحب الكرسي لجوزيت جواره):- أمي … لا تبدئي ..
عواطف(كانت تصب الحساء للباقين):- عيب يا مديحة أن تتحدثي بسوء عن بنات الناس ، ثم هي أخطأت وأكيد جنت ثمار خطئها ببراءة ابننا ..
دعاء:- الحمدلله على ظهور الحق ..أ خالتي عواطف أفرغي القليل لي فأنا لا أستطيع تناول الكثير ، ثم آثرت الجلوس معكم فقط احتفاء بميرنا وحكيم ..
مديحة(ربتت على كتف ابنتها):- نورتِ مكانكِ حبيبتي دعاااااء
دعاء(ببسمة):- تكرمي ماما
حكيم(غمز دعاء):- احرصي دوما على أن تحتفلي معنا ، هكذا لن أشعر بالقلق عليكِ
دعاء(ردت له الغمزة):- على عيني يا أخي الغالي …
نور:- هووووه ما هذه العنصرية في هذا البيت لما دوما تبدؤون بصب صحن حكيم أولا ، يعني هل على رأسه تاج الملوك ونحن لا ؟؟؟؟؟
عواطف:- هئئئ أنظروا للبنت هل تغارين من ابن عمك ؟
حكيم(زورها وهو يحرك حاجبيه باستفزاز):- موتي من غيظكِ يا أبو شنب ههه
نور(ضربت على الطاولة):- خالة مديحة أمسكي ابنكِ عني إنه يبحث عن المشاكل ..
رنيم(مسحت فم أيهم بجانبها بعد أن أنهى أكله):-ههه والله أنتِ من بحث عن تلك المشاكل
نور:- ماشي يا أختي فهمت أنكِ ضدي ، لذلك ابحثي عمن يقلكِ غدا لمؤسستكِ الجديدة
حكيم(ضرب على صدره):- ولووو أحلى سائق لأحلى أم أيهم يا جماعة ولا يهمك يا ابنة عمك ، لا عاش ولا كان من يذلكِ وأنا موجود
رنيم(صفقت لنور باستفزاز هي الأخرى):- يعيش لي ابن عمي الحبيب ربي ما يحرمني منك
نور(كتفت يديها بامتعاض):- طيب يا عصابة تتحدون ضدي لكن لي رب كريم …
دينا(نظرت لهم وضحكت):- مامي فشلتِ في المساومة لذلك اعترفي
نور(شهقت حيث ضحك الكل عليها):- هههئ حتى أنتِ يا نص متر تمام تمااام
نهال(تمرر الخبز عليهم):- دعوا عمتي وشأنها لما تزعجونها ، خذي خذي يا عمتي الحلوة أنا في ظهركِ على الدواااام ، ههه اعتبري دعمي صلحا بيننا عما حصل سابقا
نور(أمسكت منها وهي تبتسم بفخر):- أساسا لا أستطيع الانزعاج منكِ يا قطعة من قلبي ، فلا أحد يرفع معنوياتي غيركِ يا راجية ونص
شيماء(وضعت يدها على خدها بتأفف مصطنع):- يعني أنا ودينا وهذين التعيسين مثلنا عذرا خالة رنيم على اللفظ ، لكن ما فهمته هنا أننا لسنا براجيين هاه ؟
نور:- له له من قال ذلك يا بنت ، طالما تسري فيكم عروق بنات الراجي يعني أنتن منا وفينا ، دعوكم من أصل آبائكم فنسبنا الأهم ونحن الأساس راجيات وبس ..
جوزيت(بحسرة وقفت بحنجرتها لم تشعر إلا وقد نطقت):- خسارة ألا نستطيع التعايش مع ذلك اللقب بدون أن نطأ على دماء الأولين
توقف الجميع عما كان يفعله ونظروا إليها باستغراب لحقته بعض الرهبة التي خيمت على الأجواء برهة ، قبل أن يطلق حكيم ضحكة مجلجلة لحقته عدة أفواه حولت جملتها لمزحة ودعابة صحيح ثقيلة لكنهم مرروها بشكل مرح بفضل حكيم ..هههه مشكور يا عم ^^
حكيم(من تحت أسنانه):- هه عليكِ جُمل ولا أروع … يا ويلي أنااااا
جوزيت(وضعت خصلة سقطت من شعرها خلف أذنها):- آسفة ..
نبيلة(ضربت عصاها وهي تخط الأرض في اتجاه محلها):- ولم الأسف أنتِ لم تكذبي ..
نظرت جوزيت إليها وشعرت بشيء غريب خالجها لحظتها ، ودت لو ارتمت بحضنها فهي الشخص الوحيد الذي تعرفه من الماضي ، وهي التي شهدت موت أمها وأبيها وتعرف كل الحكاية ، شعرت برغبة كبيرة في الارتماء على حجرها لتبكي وتبكي وتصرخ أنها جوزيت وليست ميرنا ، أنها ابنة مختار الراجي وليست من آل نجيب لكنها رمشت بعينيها وابتلعت غصتها وصمتت ..
مرام(حركت كرسيها المدولب قليلا كي تجلس جدتها بجانبها):- مهلا جدتي .. تفضلي
نبيلة(مسحت على رأس مرام):- سلمتِ يا مرام ، همم ما بال لونكِ شاحب ؟
مرام(بتوتر):- أنا هه ربما من الدراسة جدتي لا تقلقي سأتناول العشاء وأكون بخير
حكيم(نظر لجوزيت التي كانت تنظر ببؤس لهم جميعا):- أنتِ بخير ؟
جوزيت(أمسكت بقميصه من جانب الطاولة السفلي وجعلته يقترب منها):- أشعر بالغثيان
حكيم(فتح فاهه ونظر إليهن وقد كن جميعا يراقبون عن كثب):- احم بعد الأكل .. أمسكي نفسكِ وبعدها افعلي ما يحلو لكِ ماشي … هيا بسم الله جميعا
تناولوا العشاء في جو هادئ لم يستشعروه منذ مدة على الأغلب ، فقد هضم كل واحد فيهم مشاكله وقرروا ألا ينغصوا على أنفسهم هناء تلك الليلة ، فكل الأفراد بحاجة لذلك الهدوء .. هنا رفعت جوزيت رأسها وهي تمتص من ذلك الحساء القليل كي لا يشعروا بأنها تتدلل ويبدؤون في سين وجيم ، كانت تنظر إليهن الواحدة تلو الأخرى وعقلها الباطن سرعان ما حفظ أسمائهن جميعا ورسخ معلوماتهن بدماغها بالشكل اللازم .. وجدت ألفة غريبة بكل واحدة فيهن وأخذت تراقبهن عن كثب فذلك الجو العائلي لم تحظى به يوما ، فقد كانت طاولتها دوما ما تقتصر عليها وعلى ناريانا الوحيدة أكثر منها ، وأحيانا في أعياد الميلاد كان يرافقهما عنبر وأقرب الخدم لهم لكي لا تشعر أيا منهما بأنهما وحيدتين فعلا … لذلك كان غريبا عليها ذلك الجو وضعت يدها على خدها وهي تتناول ما تضعه أمها في صحنها تارة وتارة إخلاص وفعلا شبعت إلى حين لم تستطع متابعة الأكل …
جوزيت:- لن أستطيع إكماله رجاء اعذروني ..
عفاف:- لا بأس حبيبتي ألف هنا وشفا
دينا:- صوتكِ غريب خالتي ميرناااا أليس كذلك ؟
حكيم(هنا دقت أجراس الإنذار):- لطالما كان الصغار سريعي البديهة .. لكن لا تقلقوا من صراخها فيني أصبح صوتها مبحوحا لذلك وعدت ميرنا حبيبتي أنني لن أضايقها مجددا وسنعيش في فرح وهناء بعد اليوم ..
جوزيت(أمسكت يده التي مدها لها):- دهنن معه حق .. سنفعل ذلك ..
مديحة(رفعت حاجبها بعدم اقتناع):- يصعب علي تصديق أن أموركما بخير ، وكل واحد فيكما يعيش في غرفة هه يلا اكذبوا على غيرنا ممكن أن يصدقوا …
جوزيت(سعلت بشدة من جملة مديحة):- أكح .. أخبرتك أنني أشعر بالغثيان لم تصدقني عفوا أستأذن يا جماعة تصبحون على خير …
رمقها الجميع وهي تركض صوب الأعلى وهنا رفعوا حاجبهم ونظروا صوب حكيم ، الذي دفن رأسه بصحنه ليتمم أكله وكي لا يعطيهم فرصة للإطالة في الموضوع ، هنا امتصت نبيلة شفتيها وهي ترمق الدرج بعيون مصغرة وحواجب معقودة فما استشعرته كان غريبا جداااا ، هيأة ميرنا ككل لم تكن مطمئنة لكن كل ما هو مخبأ سيظهر هكذا همست في سرها …أما حكيم ما صدق متى انتهت وجبة العشاء حيث تفرق المجمع على خير تلك الليلة ، توجهت نور صوب المطبخ هي وإخلاص وعفاف لكي يوضبوا الأغراض وينظفوا الأطباق وغيره ، بينما توجهت مديحة رفقة دعاء لتساعدها على تناول دوائها والنوم ، في حين أن رنيم دخلت لغرفتها لتساعد أولادها على النوم وتنام بدورها فغدا بداية يوم مهم بالنسبة لها في عالم الدراسة ، بينما عواطف رافقت مرام لغرفتها وساعدتها على الاستلقاء في سريرها وقبلتها وخرجت لتهدي الصغيرات قبلة ما قبل النوم ، وعليه صعدن ثلاثتهن لغرفتهن لأجل ذلك .. أما حكيم فكان يفرك يديه وهو ينظر لجدته التي كانت تجلس بالصالون وتنظر إليه بغرابة
حكيم:- هيا جدتي قولي ما تودين قوله لأصعد وأطمئن على زوجتي
نبيلة(مررت لسانها على شفتيها):- ما بها ميرنا تبدو غريبة الأطوار ، لم تلمس الأكل لمسا فقد راقبتها كانت تدعي فقط تناوله ألم يعجبها ؟
حكيم:- معدتها متعكرة بعض الشيء ، ثم تناولنا أنا وهي بعض الأكل قبل ولوجنا البيت لذلك كانت شبعانة على الأغلب ولم تشأ أن تخجلكم
نبيلة:- ليس لديك ما تخبرني به صح يا حكيم ؟
حكيم(مسح على جبينه ونهض وقبل رأسها):- نبيلة لا تقلقي كله تحت السيطرة ، هيا تصبحين على خير عزيزتي نوما هنيئا
نبيلة(حركت رأسها بإيجاب):- باب جدتك دوما مفتوح لا تنسى ذلك يا ولد ..
حكيم(صعد وهو يشعر بثقل رهيب في صدره):- تمام جدتي .. تمام
تباطأ في الصعود وهو يمسح على عنقه فقد ضاق صدره وهو يفكر أن ميرنا بعيدة عنه ، كيف سيمضي تلك الليلة دون رؤيتها ومحادثتها يا عم حتى لو وبخته وصرخت بوجهه فقط لتكون أمام مرأى من عيونه لن يعترض ، أمسك على صدره وهو يشعر بذلك الوخز يعاوده من جديد سرعان ما أخرج هاتفه وفعَّل الاتصال برقم ميار لكن هذا الأخير فاجأه بعدم الرد ، وهنا جن جنون حكيم وأخذ يتصل يتصل مرات عديدة ولكن بدون جواب لحظتها شعر بالخوف ودخل غرفة ميرنا دون شعور وجدها تجلس على طرف السرير وهي تبكي …
حكيم(بقلق):- جوزيت .. لما تبكين مجددا ؟
جوزيت(مسحت دموعها):- لا تهتم مجرد تفريغ للطاقات السلبية
حكيم(أقفل الباب وتقدم إليها):- أجرب الاتصال بميار لكنه لا يرد ..
جوزيت(مطت شفتيها بحزن):- ولن يرد .. يعني لحين يرى أن الوقت مناسب
حكيم(زفر بعمق وهو يرمي الهاتف على جنب فوق منضدة السرير):- صدري سينفجر
جوزيت(رمقته بطرف عين وهو يرمي بنفسه على السرير بشكل عكسي):- لما كتبت علينا التعاسة .. حبيبي مع حبيبتك وحبيبتك تنفر من حبيبي وأنا وأنت هنا نموت قهرا
حكيم(ناظرها وهي تستلقي بجانبه باستسلام):- هي أقدار يا جوزيت ، لا يسعنا التحكم فيها
جوزيت(وضعت يدها تحت رأسها واستدارت إليه):- لكننا نستطيع أن نغيرها
حكيم(التفت إليها من محله):- إن قمنا بذلك سنؤذي من نحب
جوزيت(بحسرة):- وإن لم نقدم على ذلك سنموت بحسرتنا
حكيم(دفع يدها وعقد حاجبيه):- يكفي هل ستجعلين جو الحزن يخيم علينا ، أي نعم قلبي ممزق على عصفورتي الصغيرة وأرغب برؤيتها لكن أعلم علم اليقين أن ميار سيضعها في أعينه فهو لن يستطيع أذيتها بشيء …
جوزيت:- كيف تثق به لهذه الدرجة ؟
حكيم(ابتسم بعمق):- لأنه أخي الذي لم تنجبه لي أمي … صدقي أنا وهو عايشنا أياما أضخم من استيعاب عقلكِ الصغير وقد كانت كلها مآسي في مآسي
جوزيت:- غضنفر فعل بكما ذلك صح ؟
حكيم(حرك فكه بكره):- لكي تستمر أعمال المافيا بعد عامر ، كان يجبر ميار على تلك العمليات المشبوهة تعذب هذا الأخير كثيرا في بداية مشواره لكن وجد أن لا مناص له من ذلك المصير ، والآن تفهمت سبب تعاسته بعد فقدانكِ إذ لم يعد له أحد سوى إياد من يستحق الخوف والحماية ، لأجله طور نفسه وقام بعمله فوق المتوقع حصد الكثير من الأرباح ورفع المافيا لأعلى المستويات واتخذ لقب الفهد البري ليكون واجهة لكل تلك الجرائم التي يمارسها أولئك الناس ، قد وضعوه في مقدمة المدفع ليتحمل مسؤولية وعبء كل تلك المعاناة
جوزيت:- وطبعا غضنفر من جعله يتخذه ، المشكلة كمنت في كبار العشيرة لم يكن ميار ولا أنا بقادرين على التوقف عند حد ما ، فتهديداتهم كانت تجعلنا على المحك وآلاف الأفواه تعيش من تلك المكاسب الخبيثة .. صحيح أنها كانت مكاسب مشبوهة لكن كانت العديد من العائلات تفتح بيوتها وتطعم أطفالها من ذلك المال ..
حكيم(زفر بعمق):- لقد تركته لعدة سنوات تخليت عنه ونفرت منه حتى ، تخاصمنا وأصبحنا أعداء لكن مع ذلك كان هنالك حنين لبعضنا بعضا ينخر في قلبنا ، لم يستطع هو التنازل عن كبريائه وأنا من فرط تعبي وحسرتي على أسرتي وميرنا لم أقدر على هضم فعلته معي
جوزيت:- ماذا فعل بك ؟
حكيم:- ميرا ، هي سمر أخت ميرنا .. سابقا يعني قبل عدة سنوات حملت بدون زواج من رشيد ذاك تعرفينه والخسيس أنكر حملها وتخلى عنها ولذلك لجأت هي لكهرمانة ، والتي لم تكذب خبرا فقد كانت ميرا بالنسبة لها مكسبا ثمينا بفضل صوتها وجمالها الذي أرادت استغلاله لحسابها ، وطبعا أمرت رجالها بالتصرف وقاموا بارتكاب جريمة اتهم فيها رشيد ظلما لمدة خمسة وعشرون سنة نافذة …
جوزيت(نهضت بذهول):- ولكن كيف يعني … هل أطلقوا سراحه ؟
حكيم:- لا بل هو هارب ويعيش بهوية أخرى ، يعني ينتظر بفارغ الصبر أن تنتهي مدته ليبطل الحكم ضده وبعدها يستعيد حريته
جوزيت:- يا إلهي .. طيب ما دخلك أنت في كل هذه الديباجة ؟
حكيم:- ميرااا كانت تستحق مني أن أحررها من براثن الشر الذي كان يحيط بها دون أن تدري ، وعرض علي ميار العمل معه لأجل حمايتها وإلا كان سيبلغ عنها ويسلم التسجيل الذي يملكه ضدها للشرطة وهذا كان سيفطر قلب خالتي عواطف فحتى عمي سليم لم أفكر به قط ..
جوزيت:- علمت أنه يوم ولادتها توفي صحيح ؟
حكيم:- اممم ودفع طارق الثمن غاليا جراء ذلك
جوزيت(زفرت بعمق):- طارق …هل اشتقت له ؟
حكيم(بحنين لصديق طفولته):- جدااا .. مؤسف أنه ليس موجودا معنا في هكذا أوقات
جوزيت:- أرحم له لو دققنا ، يعني من يعيش في هذا الكابوس ويبقى عقله في رأسه ..
حكيم:- اممم دعينا من الأحزان الآن واحكي لي عنكِ .. دعينا نتعرف على بعضنا قليلا
جوزيت(شعرت بالبرد):- طيب اسحب الغطاء وتعال جواري ..
حكيم:- آه يا سرير ميرنا لو كانت هنا لقتلنا بمدفعية
جوزيت(تدثرت في الغطاء وربتت على المحل جوارها):- تعال … فحكايتي تستحق الدفء
حكيم(لم يدخل بل بقي جالسا بجانبها ووضع يده تحت رأسه):- وأنا كلي آذان صاغية ..
جوزيت(زفرت بعمق):- ستستغرب كل ما سأحكيه لك ، لكن عدني أن ما سأقوله لن تعرفه أسرتنا لأنه شيء سيؤلمهم كثيرا في أعماقهم يعني لندع كل شيء لوقته تمام ؟
حكيم(باهتمام):- حتى عن ميار ؟
جوزيت:- عاجلا أم آجلا كنت سأخبره لكنه لم يعطني فرصة ..
حكيم:- تخبرينه بماذاااا ؟
جوزيت(فركت يديها ونظرت إلى البعيد):- أنا لست ابنة عمه ولا أحمل لقب آل نجيب .. كذب غضنفر على ميار وأخبره أنني توأم الطفل الذي أنجبته هبة رشوان من عمك سليم فقط لكي يحميني ويربيني تحت كنفه .. والكذبة انطلت على ميار وعلى عامر قبله فهبة أرسلت له رسالة مع غضنفر تلجأ إليه وتطلب مساعدته لكي يحميني ويخبئني لديه بصفة قريبته ، كي لا أتعرض لأذى لو علم أهلي بوجودي ويطالبوا بتربيتي …
حكيم(عدل جلسته باهتمام):- أهاه .. يعني هل تعرفين نسبكِ وعائلتكِ أم ليس لديكِ أدنى فكرة ؟
جوزيت:- بلى .. ويوم أمس عرفت كل الحكاية أنا أكون ابنة امرأة عانت في حياتها كثيرا بسبب سلطة أخيها وسحر الرجل الذي عشقته ، والذي عذبها طيلة فترة زواجهما إلى أن حملت بي .. قد أبرز لها بكل اللغات أنه لا يرغب بفتاة ومن فرط خوفها بعد ولادتي من ردة فعله توسلت لهبة كي تتدخل وهذه الأخيرة صدف أنها أنجبت بيوم قبل أن أولد أنا ، ومع الأسف ولد الطفل ميتا
حكيم(امتص شفتيه):- اممم أعرف تلك القصة
جوزيت:- قد تقول عني فتاة منحوسة لم تأتي سوى بخراب أسرتها ، ففي اليوم الذي ولدت فيه قتل أبي وماتت أمي في المستشفى بنزيف حاد ما بعد الولادة .. كلاهما حرمت منهما في ذات الليلة وفيها رسمت طريق حياتي مع آل نجيب
حكيم(فتح فمه بصدمة):- لما تبدو قصتكِ لي مألوفة بعض الشيء ؟
جوزيت(بدموع انحسرت في عينيها):- أنا ابنة عمك .. أنا ابنة مختار الراجي وزهرة نجيب لم أمت مثلما زعموا كي يحموني من شر أبي بل أخذوني بصفة أخرى لكي أستطيع أن أعيش
حكيم(نهض بعدم تصديق):- كيف يعني … غير معقوووول أن تكوني ابنة عمي لقد ماتت فور ولادتها هكذا أخبرونا يا جوزيت ثم ثم من أين عرفتِ كل هذااااا ؟ ما ربما كذب غضنفر عليكِ ما ربما أوهمكِ بذلك فقط …
جوزيت(نهضت محلها وأزالت ردائها العلوي وبقيت بالقميص):- ربما أملك شيئا سيقنعك
حكيم(عاد برأسه للخلف باندهاش):- واه … ماذا تفعلييييين ؟
جوزيت(نظرت لذراعها وأشارت للوحمة الوردية):- أظن أن هذا جواب كاف
حكيم(عاد محله وجلس جوارها ونظر للوحمة):- يا إلهي … أنتِ فعلا راجية ههه هههههههه مستحيييييل يعني … اعتقدت جدتي أنكِ ميتة وكم حزنت وكذلك عمي سليم فلم يتأثر بعد وفاة أخيه فحسب بل بكى عند قبركِ الصغير الذي جاور قبر ابنه أيضا .. واووو حقا من كان يصدق أكيد ميار سيصدم صدمة عمره بهذا الخبر..
جوزيت(هزت كتفيها ونظرت إليه):- أرأيت كم حظي عثر ومنذ ولادتي ؟
حكيم(رمق دموعها وأشفق عليها):- هششش لا دموع جوزيت .. هل ستُحزنين قلب ابن عمكِ الآن حسن أصبحتِ كذلك فعلا بعد هذه القصة لم أعد ملزما بفريق بنات العم الذي أملكه فقط لأنكِ أصبحتِ منهم أيضا ، وبما أن الكيمياء بيننا ابتدأت بصداقة آفات ومواجع مشتركة فأكيد ذلك راجع لرابطة الدم التي بيننا
جوزيت:- لم أحظى بإخوة في حياتي سوى إياد ، هل توافق أن تكون أخي أيضا ؟
حكيم(رمش بعينيه من طلبها الغريب):- ثعلبة القطب رئيسة مافيا تتعدد بالألوفات ، والتي استحوذت على كل العصابات خارج الوطن بعظمتها وقوتها وجاهها ونفوذهاااااا تطلب مني أناااا أن أكون أخا لها ؟
جوزيت(هزت شفتها وعينها فيه):- حتى لو كنت تلك المرأة الحديدية ، لكن ها أنذا معك مجرد طفلة ما زالت تحلم بمخبوزات العم نجمي التي كانت تعشقها كل صباح ..
حكيم:- قلتِ مخبوزات هاه لعلمكِ خالاتكِ عواطف ومديحة تملكان محلا في الشارع المقابل ، سأطلب منهن غدا أن يحضرن لكِ بعضا منها لتستعيدي بعض الأمجاد ما رأيكِ ؟
جوزيت(انتفضت بحماس):- واجعل إياد يحضر ويفطر معنا أرجوك ، اشتقت له كثيرااا
حكيم(مسح دموعها بطرف يده):- جوزيت ..
جوزيت(رمشت من لطفه ونظرت إليه):- هاه ؟
حكيم(فتح لها ذراعيه):- هيا ابكي وأفرغي تلك المئونة التي تحملينها منذ سنوات
جوزيت(عضت شفتها بغبن وانفجرت في حضنه ببكاء):- اهئ اهئ … حكييييم
حكيم(بشعور الأخوة صدقا):- أهلا بعودتكِ بين عائلتكِ يا جوزيت الراجي
جوزيت(انبهرت بجملته التي انتظرتها سنوات طويلة):- اهئ ستجعلني أقع في غرامك وهكذا لن يتركني ميار أعيش فرحة عودتي كما أريد
حكيم(طبطب على رأسها):- ههه لا وتملكين أيضا عرق المزاح في عز الأزمة يا عيني عليكِ …يا ابنة العم كفووو والله
ضربته لكتفه وارتمت مجددا في حضنه وأخذت تبكي بكل البكاء الذي خزنته سابقا في حياتها ، والذي شمل اشتياقها لناريانا وانكسار قلبها بعد نفور ميار منها ، وأيضا عشقه لامرأة غيرها لوهلة نسيت أنها من دمها ولحمها فالعشق لا يعترف بمثل هذه العلاقات يا إما يكون أو لا يكون .. وهنا حكيم كان موجودا في لحظة احتياجها ومسح دمعها بيديه ولم يتركها لحين غفت من فرط البكاء بين ذراعيه ، جعلها تنام بأريحية على السرير ووضع الغطاء عليها جيدا وهو ينظر لهذه الصديقة التي خرجت من العدم ، لم يصدق أنه سيألفها لهذه الدرجة وبهذه السرعة ولا هي اعتقدت أنها ستبني رابطة صداقة عفوية معه ، لكن ربما مثلما قال رابطة الدم كانت أقوى من اعتبارهما حتى .. ودت لو تلك الرابطة ضربت في عروق ميار أيضا لكن ذلك يتطلب وقتا خصوصا أنه مغمض العينين ولا يرى غير ميرنا أمامه …
إيزابيل(فركت يديها بقلة حيلة):- كسرت الأطباق كلها ولم تتناول شيئا سيدي ما العمل ؟
ميار(مسح فمه بهدوء ونهض من الطاولة):- اجمعي الأكل واخلدوا للنوم
إيزابيل(رمشت بعينها وهي تنظر للطاولة التي لم يلمس فيها ميار شيئا من الأكل فقط القليل):- حسن إن أردت مني أي شيء يكفي أن تناديني سيد ميار ..
ميار(أشار لها وصعد الدرج بهدوء):- لمَّا يعود السائق دعيه يغلق الباب بالمفتاح الذي يملكه وأيا كان ما ستسمعونه لا أحد يتدخل … انتهى
هزت رأسها بقلة حيلة ورمقته وهو يصعد بثقل ومطت شفتيها بعدم فهم ، نظرت خلفها لابنتها وجدتها تطل من جانب عليه وهي تراقبه عن كثب وهدرت فيها لتمثل أمامها ..
إيزابيل:- بنت هل تتلصصين هناك تعالي وساعديني لنقل الأطباق للمطبخ ، وهاه حذاري ثم حذاري أن تصعدي درجة واحدة لفوق سألتهمكِ بأسناني لو عرضتِ عملنا الذي نعيش منه لخطر هل فهمتِ ؟
جمانة(مالت بفمها):- من تكون تلك المرأة التي أتى بها ، ثم لما صرخت فينا فوق ورمت بكل الأكل أرضاااا هل يختطفهاااا يا ترى ؟
إيزابيل(جذبتها من يدها):- هئئئ يا ويلي على لسان هذه البنت وما شأننا هاه ما شأننا ، ثم لقد نبهني ألا نتدخل مهما سمعنا مهما رأينا مفهووووم .. والآن ساعديني واخلدي لغرفتكِ وإياكِ والتلصص ستعرضين نفسكِ لعقوبتي وأنتِ تعرفينها جيدا صح ؟
جمانة(بملل حملت الأطباق):- كنت أبحث عن شيء أتسلى به ، لكن يظهر أنكِ تعشقين الدراما هيا هيا لن أطيل ، لكن لن يهنأ لي بال قبل أن أفهم قصة هذه الفتاة المسكينة ..
إيزابيل(رفعت يديها باستسلام):- أوه يااااا ربي الصبر …
كان يقف عند باب الغرفة يشعر بالغرابة فدخوله يعني كأنه يوقع على اسمه في عقلها ، دخوله يعني أنه يزيل قناع إياد للأبد معها ويكشف على هويته الحقيقية ، دخوله سيكون صعبا عليه وعليها في آن الوقت فهي لهذه اللحظة تتمنى لو كان ما رأته في الحفلة مجرد خيال وليس واقعا مريرا جعلها تصطدم بأحداث لم تكن في حسبان عقلها بالمرة … كان يتخيل لقاء رومانسيا معها في جو يخلقه لأجلها وحدها سلطانته المتربعة على عرش إمبراطورية قلبه لكن تلك السلطانة متسرعة وقد جعلت الأحداث تتسارع في وتيرة مربكة جعلته يتصرف حسب ما يتطلبه الأمر .. سحب نفسا عميقا مجددا وفتح مقبض الباب بهدوء وجدها تجلس على السرير تعانق ركبتيها المغطاة بالرداء الأبيض الطويل ، رأسها تدفنه بين فخديها ويديها تحيطان بقدميها وشعرها يغطي مجمل ملامحها .. كانت تهتز في حركة متوترة دفعة للأمام ودفعة للخلف ، وصوتها المبحوح كان ينتحب بشهقات تلتقط بها أنفاسها وتعاود الصمت مجددا ، أقصد الصمت الذي يسبق العاصفة طبعااااا …
ميار(أقفل الباب ونظر للأطباق والأكل المتناثر على الأرض في كل مكان):- هذا تصرف صبياني من فتاة ناضجة مثلكِ ميرنا …
ميرنا(زاد اهتزازها ولكنها لم تتحرك قيد أنملة):- ….لارد
ميار(أمسك الأطباق برفق ووضبها على طاولة الأكل الصغيرة ووضع يديه على جنبه):- بصراحة لا أجيد التعامل مع الضيوف ، لذلك سأعتبر أن هذه الفوضى نتيجة لعدم استلطافكِ لهذا المكان علما أنه يتميز بإطلالة مميزة سأجعلكِ ترينها غدا حين أفتح باب الشرفة لكِ .. طبيعي أن يكون مقفلا حفاظا على سلامتكِ ميرناااا …
ميرنا:- …..لارد
ميار(تنهد بعمق):- ألن ترفعي رأسكِ وتنظري إلي … ألم تكوني تبحثي عني السنوات الأخيرة ها أنا ذا أمامكِ الآن ميرنا ، أتسمعينني ؟
ميرنا(تضاعف اهتزازها وهي تئن):- ….لارد
ميار(اقترب منها بهدوء وفي كل خطوة كانت تتحرك بسرعة):- ميرنااا ؟؟
ميرنا(ابتلعت ريقها ووضعت يديها على أذنها كي لا تسمع خطواته):- … اهئئ ابتعد عني ابتعد عني لا تقترب مني لالالالالالا تتقرب مني اهئ اهئ ابتعععععععععد ابتعد عني أنا لا أريد أن أعرفك اهئئ ابتعد أرجوووووك ابتعد لا أريد أن أرااااااااك دعني وشأني دعنيييييييييييييييييييييي ييييييييييييي .. اهئ اهئ … آآآآآآآه اهئ .
ميار(حرك فكه بصدمة من صراخها):- ميرناااا اهدئي أنا لا أريد أذيتكِ .. رجاء اسمعيني
ميرنا(حركت رأسها ورفعته وهي تضع يديها على أذنها مغمضة العينين):- لا أريدك معي لا أريدك معي ابتعد عني دعني وحدي ، لا أرغب بررررررؤيتك أنا أكررررررررهك أكرهك لست أراك ولن أراك ولن أسمعك ولست موجودا أصلا … ابتعد عنييييييييي أرجووووك اهئ آه يا ربي آه ابتعد عني أيها المجررررررررررررررررررررر م …..
ميار(وضع يده على كتفها وقلبه يتمزق من أجلها):- تمام تمام لا تنظري لوجهي ، لا تسمعيني لكن رجاء ميرنا لا تقسي على قلبكِ ونفسكِ هكذاااا …
ميرنا(حركت رأسها وهي تبعد يده عن ملمس كتفها):- ابتعد ابتعد اهئ …حكيييييييييم أين أنت يا حكييييم تعال وأنقذني من هذاااا الشخص أنا لا أعرفه ولا أريد أن أعرفه اهئئئئئ …
ميار(تنهد بتعب وارتمى على الكرسي الجلدي أمامها):- ميرنا … يكفي ما تفعلينه لن يجدي نفعاااا أسمعتني ؟؟؟؟
ميرنا(رمشت بعينيها ونظرت إليها من بين خصلات شعرها ورفعت رأسها للباب المفتوح):- اهئ ا.. مجرم مجرم أكرهك أكرررررهك …
وضع يده على فكه وأغمض عينيه لحظة ، وهنا استغلت الفرصة ونهضت مسرعة من السرير وتوجهت للباب ركضا ولحظتها فتح عينيه على ذلك ونهض بخفة قبل أن تصل للباب أمسكها بيد وأقفل الباب باليد الأخرى ، ولم يستطع حثها على الصمت فبمجرد أن أغلق الباب حتى انتفضت تصرخ وتبكي وتبعد يديه عنها دون أن ترفع عينيها إليه .. كأنها كانت تخشى رؤيته أو تمنع بصرها من تفحصه الذي سيؤلم صميمها بالحقيقة المرة ، لم يفلت ذراعها بل أمسكها من كليهما ونفضها أمامه بعصبية …
ميار(بنفاذ صبر):- أنظري إلي … ميرناااا أصغي لصوتي لقد سبق وسمعته ، سبق ومسحت شعركِ ودموعكِ ، سبق واحتضنتكِ بين ذراعي ، سبق وتمسكتِ بيدي ، سبق ومسحت خصلاتكِ بحناني ونبضي وأنفاسي ، أصغي إلي رجاء ستسمعين صوتي أنااااا ستعرفين أنني كنت قريبا منكِ لتلك الدرجة التي تتخيلينها .. في عز أوقاتكِ شدة كنت جواركِ ميرنااااا لا تنكري ذلك ولا تحاولي استنكاره هكذا ستؤلمينني، أنتِ السبب أنتِ التي خربتِ كل المخططات لما لحقتِ بحكيم لمااااااااااذا لمااااااااااااااااااذا ؟
ميرنا(أخذت تتنفس بقوة ورفعت عينيها إليها):- أترك يدي … أتركني …
ميار(بقوة نفضها مجددا):- لن أدعكِ وشأنكِ طالما رميتِ بنفسكِ في مملكتي ، إذن تحملي النتائج ميرنا تحملي تحمليييييييي …
ميرنا(ارتخت عضلاتها وقدميها اللتين تخدرتا فجأة من هزته كل هذا جعلها تجثو أرضا بفشل):- لا تصرخ بوجهي لا تصرخ لا تصرررررررررخ أنت تخيييييييفني اهئ …
أبعد يديه عنها ونظر إليها بعطف جارح ، هو لا يريدها هكذا لا يريدها هكذاااااا .. تحسر عليها وهو يراقبها وقد جثت أرضا متكورة حول نفسها وتبكي ببكاء حزين ، حتى صراخها كان مبحوحا يترجم حجم الصدمة التي تعيشها والتي لا تدري بعد كيف تتعامل معها ، إن كانت أساسا لم تصدقها أو تستوعبها بعد … مسح على فمه وانحنى القرفصاء أمامها وأخذ ينظر إليها بشفقة لا يعلم كيف سيتصرف لقد وضعته في حيرة من أمره ، صدقا هزمته شر هزيمة حين باغتته دون سابق إنذار ووضعته أمام أمر لم يحسب حسبانه بهذا الشكل قط
ميرنا(كانت ترتجف وتتحدث بوتيرة مختنقة):- أين حكيم أريد حكيم أحضر حكيييم ، أنا أريد حكييييم اهئ لا أريدك معي بنفس الغرفة أنت مجرم ، أريد حكيييم هممم أين هو ماذا فعلت له ماذا هاااه هل قتلته هل مااااات .. هل تخلى عني لالا غير ممكن يستحيل أن يتركني حكيم معك ويذهب لا أنت فعلت به شيئا هل تحتجزه بعيدا هااا أجبني أين هووووووووو ؟؟
ميار:- اهدئي ميرنا ستصابين بنوبة ذعر وتسوء حالتكِ ، أنظري إلي بالله عليكِ كفى عذابا
ميرنا(أغلقت عينيها بقوة وهي تبكي):- لا أستطيع لا أستطيع أن أراك سأخووون إياد إن فعلت ، حرام عليك لماذا لماذاااااا وضعتنا في هذا الموقف أخوووك سيموت من صدمته اهئئئئئئئئئئئ آآآآآآآآه يا أيها المجرم أنا أكررررررهك …..
ثارت عليه بيديها دون وعي وأخذت تضربه لصدره تضرب وتضرب بكل ما أوتيت من قوة ، لم يوقفها بل كان يمسك بذراعيها بشكل تعيس ففي عز ثورتها كانت تبدو راقية ، ربما اعتاد على قياس الأمور برقي دوما لذلك هو يراها الآن سلطانة بحق … شعرها المبلل بعد الحمام عيونها المحمرة وأنفها الوردي وخدودها المتورمة وصفحة مقلتيها الوردية كل هذاااا كان يدغدغ مشاعره داخليا ، شفتيها المنتفختين من فرط ما مسحت عليهما وهي تعضعض من شدة الخوف والجزع كانتا تبدوان في شكل سريالي يستحق التأمل … تنهد عميقا وأحكم قبضتيه على يديها وجعلها تنهض وهي على ذلك الحال المنتحب وقوس حاجبيه بنظرة أليمة كسيرة تترجم أناته الصامتة التي تملأ وجدانه ..
ميرنا(نظرت أرضا وهي تحاول بتعب أن تبعد نفسها عنه):- لا تلمسني اترك يدي دعنيييي
ميار:- ارفعي رأسكِ … دعي عيونكِ تتعرف على عيوني
ميرنا(عقدت حاجبيها وهي تزفر بعمق وهدأت قليلا باستكانة جعلته يحرر يديها):- ماذا تريد مني يا هذاااا ؟
ميار(أمسك وجهها بين يديه ورفعه إليه بقوة):- ميار …أدعى ميار
ميرنا(نظرت لعينيه لحظتها بتهرب وهي تصارع أفكارها):- قلت لك لا تلمسني ..
صفعته على وجهه بقوة وابتعدت عنه وهي تركض لفراشها ، دخلت إليه وغطت نفسها ورأسها وهي ترتجف وتهمس ببكاء .. كانت تشد على الغطاء وهي تحاول أن تهرب من هذا الكابوس الذي جعلها تشعر بأسوأ شعور في الحياة .. لا يعقل أن تكون الآن بغرفة الرجل الذي لطالما بحثت عنه هي وإياد وكان شرا محتما يهدد آلاف الأرواح البريئة دون وجه حق ، أن تكون بحضور ذلك المجرم ولا تفصلها عنه سوى أمتار بسيطة هذا كله كان فوق استيعابها ، اشتدت رجفتها وهي تبحث عن الأمان حولهاااااا أين حكيم أين ذهب وتركها بمفردها مع هذا الوحش البشري ، كيف استطاع التخلي عنهاااااا كيف ثم أين وائل من كل هذاااا لما لا يأتِ وينقذها مثلما يفعل الأبطال في القصص … هل ستنتهي حياتها عند هذا الحد أكيد هذا الوحش لن يرحمها لن يرحمهاااااااا …. لاحظ اهتزازها وشعر بالضيق وهو يتلمس فكه من بعض صفعتها ، لوهلة رسم ابتسامة على شفتيه وهو يتأملها بنظرة أخيرة قبل خروجه ، فور نزوله استدعى إيزابيل التي أتت مهرولة إليه ..
ميار:- أين الهاتف الذي وجدته أثناء تحميمكِ لها ؟
إيزابيل:- إنه على سطح منضدة حضرتك ..
ميار(زفر عميقا وتحرك):- أدخلي لغرفة ميرنا ونظفيها من تلك الفوضى ، وبعد ذلك راقبيها فرجفتها غريبة ربما مرضت ، لا تتركيها الليلة وحدها رجاء
إيزابيل:- لا تقلق سيد ميار سأفعل كل ما في جهدي …
حرك رجليه بثقل ورمق الغرفة بطرف عين وتوجه إلى غرفته ، رأى هاتفها على المنضدة وأمسكه بين يديه حاول تصفحه لكنه وجده مطفئا ربما نفذ شحنه .. بحث عن شاحنه الخاص ووضعه بمقبس الكهرباء وشغله لكن كانت المفاجأة أيضا أنه يحتاج لكلمة مرور سرية وهذا ما جعله يشعر بالغيظ قليلا ، لكن لكل شيء حل فقط لتكون بخير فهذه الليلة وما حصل فيها ليس سوى البداية لأسبوعين متواصلين من المعاناة ..
حكيم(أقفل الباب عليها بسرعة وتوجه لغرفته):- أسمعك ..
ميار(تنهد بقوة):- …لارد
حكيم(بتوجس أغمض عينيه):- هل الأمور سيئة لهذه الدرجة ؟
ميار(بنبرة حزينة):- جدااا ..
حكيم(مسح على شعره بأسف وشعر بقلبه مقبوض):- هل آتي يعني هل يجدر بي الحضور ؟
ميار:- لو أتيت الآن سنفشل من البداية يا حكيم ، سوف تنفر مني وتجد فيك ملجأها
حكيم(بعصبية):- أوليس هذا هو الواقع ؟؟؟
ميار:- اتصلت لأسألك عن شيء آخر .. لذلك قراري لن أتراجع عنه لن تراها يا حكيم لحين أضمن أنها آمنت بي ولي …
حكيم(أشار بيده):- وخلال أسبوعين ، تريد تحقيق هذا في 14 يوماااا … هل أنت مخبول أم ماذا وكأنك لا تعرف ميرناااااا وعنادها الحجري ؟
ميار:- أعرفه جيدا لذلك سأكسره لو تطلب الأمر …
حكيم:- لا أستطيع تخيل العذاب الذي ستعيشه عصفورتي الصغيرة ، وفي آن الوقت أتفق معك في إبقائها هناك فهذا هو الحل لكي تبقى في مأمن
ميار:- ها قد فهمتني أخيرا ، ما تعيشه معي أرحم مما كانت ستجعلها كهرمانة تعيشه وأريح من أن يكتشف غضنفر طريقا لأذيتهاااا ..
حكيم- عن ماذا كنت تريد السؤال ؟
ميار(زم شفتيه وفتحهما بشرود):- جوزيت … كيف مضى الأمر معها ؟
حكيم(رفع حاجبه وحرك رأسه بنفاذ صبر):- بمشقة الأنفس ولدينا مشكلة في نهاية هذا الأسبوع ، لم نحسب لها حسابا يا أخ ؟
ميار(صغر عينيه):- مشكلة ماذااااا ؟؟؟؟؟
حكيم(ضحك من شدة غبن الأحداث التي تتساقط عليهم فجأة):- استعد لتسمع ….
في المشفى
فتح عينيه فجأة وجد نفسه عرقانا ويلهث بقوة ، سعل بهدوء ونظر حوله وجد فؤاد عمه نائما على الكنبة جواره بينما السماء مظلمة خارجا ، أمسك هاتفه بجهد ونظر للتوقيت وجده متأخرا لكن لما يستشعر هذا القنوط الذي اعتمر صدره وجعله يضيق ، ابتلع ريقه ورمش بعينيه وهو يعدل جلسته بتعب من آلامه واتصل برقمها .. بمجرد أن رأى الشاشة تضيء عقد حاجبيه وأمسكه بين يديه ورمق اسم وائل، أغلق عينيه بسرعة وفتحهما وهو يشتم تحت أسنانه ورمى بالهاتف جانبا على المنضدة وتركه على ذات الحال .. هنا وائل شعر ببعض الارتياح فكون هاتفها يرن وليس مغلقا يعني أنها نائمة لذلك أقفل الخط وتنهد بأريحية أكيد غدا ستعاود الاتصال به لتشكره على باقة الورد ، يعني هذا ما يلزم بعد تهنئته المفتعلة لها بسبب الاشتياق ، سحب نفسا عميقا وحاول طرد تلك الأفكار والمخاوف فغدا لناظره قريب … شعوره بأنها ليست بخير راوده مذ أن استيقظ وطبعا القلب دليله فقد كانت فعليا غير مرتاحة ، فها هي ذي إيزابيل بجوارها على السرير تضع لها ضمادات الماء البارد لتخفض حرارتها قليلا ، فبعد أن حقنتها بخافض الحرارة لم يحدث أي مفعول لذلك آثرت وضع تلك الضمادات لعلها تستريح عليها ، أنينها المتواصل وهذيانها باسمين اثنين يعرفهما عز المعرفة "وائل & حكيم" كان مؤلما بالنسبة له حيث كان يقف عند الباب ويراقبها وهي في عالم آخر ، هاربة من عدالته التي فرضها عليها لأجل حمايتها، لو تعلم فقط ما سيكابده لأجلها لكانت مرتاحة البال لكنها عنيدة ولن تتنازل بسهولة لذلك عليه بالصبر ، فما يولد بالعنف لا يخلق سوى النفور .. سحب نفسه بهدوء وتقوقع في غرفته منتظرا الصباح وما سيحمله في جعبته ،،، .. أما إيزابيل :
إيزابيل(وضعت الضمادة ومسحت على وجهها بلطف):- أي أقدار رمت بكِ ها هنا يا ميرنا ، تت يا حسرتي عليكِ يا صغيرة ؟

في اليوم التالي
طافت بعينيها اللعوب في كل مكان ، انتبهت للخادمات وهن يضعن الإفطار بالحديقة لذا اعتقدت أن طلال أكيد سيكون جالسا هناك يدبر أمورا لا شأن لها بها ، فما يهمها الآن هو أن تحشر فخرية في الزاوية لتستنطقها وتستفسر منها عن هوية ناريانا بشكل دقيق ، فتحت باب غرفتها ولم تجدها هناك استغربت لكن بمجرد أن تحضرت للخروج وجدتها في وجهها ، هنا تقدمت فخرية للداخل وأشارت لها بالجلوس …
شاهيناز:- هل تعتقدين بأنني جئت لأشرب فنجان الشاي معكِ أختي العزيزة ؟
فخرية(ببرودة جلست):- إذن تريدين درسا في أساسيات استعمال الهاتف الذكي ؟
شاهيناز(بعصبية ضربت الباب بيدها):- أترغبين بأن تفقديني صوابي ، اصحي على نفسكِ أيتها المختلة عقليا الآن ستخبرينني من تكون تلك الفتاة وإلا سأجعلكِ تعانين من صداع طوال اليوم ، ولن أرحمكِ صدقيني سأتذكر كل ما عايشته في ذلك السجن الحجري وأجعلكِ تتألمين مثلي وأكثر …
فخرية(بجلادة):- لا توفري أي طاقة لديكِ أختي سلسبيل ، وآه لن أخبركِ بشيء أساسا لا أعرفه يعني سيكون ذلك هدرا للطاقة احسبيه حرصا من قلب أخت تخشى على أختها
شاهيناز:- كيف أصبحتِ بهذه الجرأة لتردي بوجهي باستفزاز هكذا ، أتعتقدين أنكِ ستهزمينني بحديثكِ هذا ، استيقظي يا فخرية وكفي عن العبط أنا سلسبيل والتي ستجعلكِ تعيشين في سواد طوال حياتك …
فخرية(تنهدت بملل):- هذه الوعود تعودت عليها منذ عودتكِ عزيزتي ، لذلك هل من جديد ؟
شاهيناز(استفزتها وأخذت تدور في الغرفة أمامها):- أجيبيني يا فخرية من تلك الفتاة ، ليلة أمس رابض طلال في غرفتي وهو يحاول التودد لي لكنني صرفته فجرا ولم يكن ذلك الوقت صائبا لأستجوبكِ .. لذلك لا تدعيني أتفوه بالترهات ورُدي علي بجواب منطقي ؟
فخرية:- أي غباء امتلكتهِ شقيقتي ، تلك الفتاة رأيتها أنا وأنتِ سوية في آن الوقت إذن كيف تتوقعين مني أنني أعرف ماهيتها بهذه السرعة ؟
شاهيناز:- ولكنني رمقتكِ تتوددين لها وتحادثينها على جنب ، ماذا قلتما عن ماذا تحدثتما ؟
فخرية(بتفكُّر):- عن أحوال الطقس المتغيرة تعلمين فصل الصيف على المشارف
شاهيناز(بجنون الأعصاب):- آآآآآه لما تريدين أن تتأذي اليوم لما لما لمااااااااااااااا ؟؟؟
فخرية(أمسكت رأسها من الصداع الذي خلفته):- حسن لقد تعودت على هذا النوع ، وأظنني خلقت مناعة تخفف من وطأته ههه لذلك نصحتكِ لوجه الله ألا تهدري طاقتكِ معي
شاهيناز(حركت فكها وتوقفت عما تفعله):- تمام إن أصحبتِ منيعة ضدي ، سنرى ماذا سيحدث مع طلال بعد لحظات إن بقيت على صمتك
فخرية(تبدل لونها):- ماذا تريدين من طلال هل جننتِ لتؤذي الناس بدون سبب ؟؟؟
شاهيناز(تحركت للخروج):- أنتِ التي أردتِ
فخرية(عضت شفتيها بغيظ):- تمام تمام توقفي سأخبركِ …
شاهيناز(أقفلت الباب وكتفت يديها):- هيا أفصحي …
فخرية:- تلك البنت تملك قدرات خاصة وتتنبأ بالمستقبل يعني مثلي ، تراودها رؤى بين الحين والآخر وتستشعر الخطر المحدق بأحبتها قبل حدوثه ..
شاهيناز:- امممم مثير للاهتمام لكن بما سينفعني ذلك ؟
فخرية:- أساسا لما تفكرين أنكِ ستنتفعين منها ، لا تهذي دعي البنت وشأنهااااا
شاهيناز(أطلقت ضحكة مجلجلة):- هههههه طبعا مستحيل يا أختاه ، هذه فرصة ولن أفلتها إن قلتِ أنها تتنبأ بالمستقبل فأكيد لو سألتها عن قلادة الشمس ستجيبني بجواب مفيد وليس مثلكِ تتسترين عليها كي تحجبيها عني …
فخرية:- أستغفر الله سنعيد الحلقة من البداية .. أتعلمين ابتعدي عن مداري وأفطري مع شياطينكِ بعيدا عني هيا هيا انصرفي …
شاهيناز(سحبت نفسا عميقا):- آه اليوم مزاجي جيد لذلك لن أتعاط معكِ أكثر من اللازم ، سأكلم أختي كهرمانة فهي الوحيدة التي تساندني في رحلة الانتقام آه وربما أكلم صديقي في الشر وأخبره عما حدث ليلة أمس في الخان لذلك … لا وقت لدي لعجوز مثلكِ هههه
فخرية(بصقت جانبيا بكره):- امرأة لعينة خسئتِ يا أفعى …
جلست فخرية وهي ترتعد قلقا من أفعال أختها الغير متزنة ، لذلك كان عليها حماية ناريانا بأي شكل كان ولأنها لا تستطيع الوصول إليها ، استعملت الطريقة التي كانت متاحة أمامها … بمجرد أن رأى الرقم انتفض محله بلهفة وأجاب
نزار:- كيف تتصلين بي هذا خطر يا فخرية ؟
فخرية:- اسمعني جيدا أختك ناريانا ، قد علمت بشأنها سلسبيل حاولت أن أبعدها عن تفكيرها قدر المستطاع ولكنك تعلم عناد أختي ، لذلك اتصل بشقيقتك واجعلها تأخذ احتياطاتها وألا تبرز أنها من عشيرة الشمس تحت أي ظرف كان
نزار:- مهلا مهلا كيف عرفتِ بشأن أختي ؟
فخرية:- وهل هذا ما ستركز عليه سيد نزار ، عرفت والسلام المهم الآن أن تجعلها تأخذ تدابيرها للحفاظ على سلامتها فسلسبيل لا تعرف سوى أنها تتنبأ بالمستقبل وتتمتع بقدرات خاصة وتود استغلالها للبحث عن قلادة الشمس
نزار:- يا الله على هذه المصيبة ، تمام تمام سأحاول حل الموضوع
فخرية:- يكون أفضل وإلا ستقع علينا مصائب السماء ووقتها لن ينفع الندم ….
أربكته باتصالها وخشي كثيرا أن ينكشف سر أخته ويعرضها لخطر ، والآن بعد معرفة فخرية بهويتها أكيد لن تسلم من براثن سلسبيل لذلك على الفور فعَّل اتصال لها ولكنه لم يلقى الجواب المبين ، وترك لها رسالة صوتية مفادها أعيدي الاتصال بي وهنا أمسك رشيد الهاتف ورفعه لها بعد أن ضغط على زر الاستماع بصوت مرتفع …
رشيد:- من هذا الذي ينتظر اتصالكِ بفارغ الصبر .. هل هو حبيبكِ ؟
ناريانا(زفرت بعمق)ّ:- ألا يكفي أنك أمضيت الليلة هناااا في نفس المكان ، لن تصل معي لشيء لذلك اجمع حثالتك ودعني وشأني وإلا سأبلغ عنك الفهد البري ووقتها أرني شطارتك
رشيد(ارتدى سترته ورمى الهاتف بحجرها):- دعيني أنصحكِ نصيحة ، لا تتلاعبي بعداد عمركِ مع الذراع الأيمن للسيد … ويفضل أن تتنازلي عن عرش غروركِ قليلا فمثلما قضيت الليلة هنا وجعلتكِ ترتعبين خوفا من دخولي عليكِ بشكل لا تحبذينه ، في المرة المقبلة سأدخل وسأجعلكِ تعيشين شيئا لا يخطر على بال
ناريانا:- أنت قذر النوايا ولن يحدث ما تبتغيه معي ، أنا أرفع منك شأنا يا هذاااا وإن لم تغرب عن وجهي الآن سأكون جدية في تهديدي وأنفذه
رشيد(حرك فكه وهو يعدل ياقة قميصه):- أنتِ مجرد حشرة مصيركِ بين يدي .. سأعود مساء يا جميلة أحببت إخباركِ لأن سيدي حرص على تنبيهي جيدااا لا يمكن ترككِ وحيدة
ناريانا(بكره رمقته وهو مغادر):- الله ياخذك ما أشأم وجهك أيها البغل الحقير …(لوح لها وخرج بلا مبالاة) أفف ماذا يريد أخي نزار خيرا يا الله …/(اتصلت) ألو نزار
نزار:- هاه أين أنتِ ناريانااااا لما لا تردين على الهاتف قلقت عليكِ ؟
ناريانا:- حبيبي أخي لا تقلق أنا بخير ، لكن تغيرت بعض الأمور في حياتي وما سأخبرك به دعه بيننا رجاء لأن الدنيا قد انقلبت رأسا على عقب
نزار(بتوجس):- توقعت ذلك بعد اتصال فخرية المفاجئ بي .. هيا أوجزي لأنني في طريقي للذهاب إلى المستشفى لعند وائل
ناريانا(زفرت بعمق):- أهم شيء السرية التامة وخصوصا وائل ، لا يجب أن يعرف بما حدث البارحة اسمعني جيدا يا أخي …
حكت ناريانا لنزار كل شيء حصل ليلة أمس ، ومن هول ما سمعه جلس على الكرسي وهو يمسك على رأسه خوفا على وليدة الشمس التي عرضت نفسها للخطر بفضل هبلها ولو يسمع وائل شيئا كهذا أكيد ستسوء حالته ويصاب بأذى ، لذلك استجمع أنفاسه وقام بدوره بتحذير أخته من محاولات سلسبيل المقبلة في التقرب منها وإجبارها على البحث عن قلادة الشمس ، وطبعا ناريانا ليست بذلك الغباء لذلك طمأنت أخاها أن كل شيء سيكون بخير ، طالما علمت منه مبكرا إذن ستحاول حد البأس بشكل مسبق ..بعد أن فصلت الخط معه رمقت هاتفها ببؤس ووضعته جانبا وهي تنتظر اتصالا من جوزيت فهي لا تستطيع تفعيله خشية من حدوث مشكلة ، وطبعا لأن حكيم منع ذلك حرصا على تطبيق الدور بشكل فعال ، فإن بقيت جوزيت تدور في مدارها ناريانا وأحاديثها سوف لن تستطيع التأقلم مع دورها الذي لا يحتمل الخطأ .. خصوصا حين يضيق الخطر وتكون ممثلة وسط عشرات المشاهدات اللاتي يستطعن كشفها بسهولة ، لكن ربما لأن شكل ميرنا عايشوه طوال سنوات أصبح مألوفا لدرجة لم يعرفوا التغيير الطارئ عليه ولن يبالوا من أصله ، في شيء مستبعد عن عقولهن الصغيرة حتما .. كانت ليلة شاقة بالنسبة لها غفيت قليلا ولمدة ساعات فقط ، والباقي كان إما بكاء أو تفكير عميق في مآلها الذي وصلت إليه بسبب ميرنا ، حدقت في صورتها المعلقة بحائط الغرفة بشكل كريه ونفضت الغطاء من عليها وهي تدلك عنقها ، فلم تألف السرير وكأنه بدوره رفضها فهو لا يرغب سوى بمالكته الرئيسية وليس المستنسخة منها …
جوزيت:- نعم من ؟
حكيم(فتح الباب بعد استئذانه):- هذا أنا ، صباح الخير ؟
جوزيت(ابتسمت بأريحية فور رؤيته):- حكيم ..
حكيم(دخل وأقفل الباب خلفه):- كيف قضيتِ ليلتكِ ؟
جوزيت(وضعت يدها على رأسها):- مع هذا الصداع النصفي والألم في عمودي الفقري ، وفي عضلات كتفي على يسار الرقبة أظن أنني قضيت أروع ليلة في حياتي
حكيم(ابتسم):- امممم مزاج الأميرة روعة هذا اليوم ، هل أنتِ مستعدة للخطوة الثانية ؟
جوزيت(تحركت صوبه):- لحيتك مثيرة أظنني وقعت في غرامها ، هاه لا تشذبها تمام ؟
حكيم(مرر يده على لحيته وعقد حاجبيه وهو يرمقها متوجهة للحمام):- أظن أن مفاهيم الأخوة قد ضربتهم بجملتكِ هذه عرض الحائط ، ثم لا يوجد مصطلح تشذيب ل اللحية هل هي قطعة أرضية كي تقولي ذلك قال تشذيب قال ههه .. ما بالي أتحدث وحدي مثل الأبله والآنسة قد ولجت الحمام الله الله ، لعل اشتياقي لميرنا سيؤدي بي لجناحي الخاص في مستشفى المجانين مثلما كنت أتوقع فور عودتي …
دينا(دخلت ركضا عنده):- عمو حكيم عمو حكيييييييم …
حكيم(انحنى وعانقها):- هلا بالورد صباحك فل يا روحي
دينا(عانقته):- وصباحك جميل عمو حكيم ، نانا تناديكما على الفطور والعم إياد قد وصل
حكيم(سحب نفسا عميقا واستقام):- أوك دينا دقائق ونوافيكم … هيا يا جوزيت دعينا نخطو الخطوة الأهم لقائكِ بأول تحري يفهم الأمور وهي تطير في الهواء ، إياد نجيب ^^
بعد عدة دقائق
نزلت وهي ممسكة بيده التي تدعمها منذ الأمس ، والتي بدت للأهل شيئا يدعو للبهجة في أعماقهم وكأن هذا السلام الذي كانوا يتمنوه لأجلهما ، صبَّحوا على الجميع وقد كانوا كالتالي نبيلة عواطف مديحة إخلاص نور عفاف رنيم ودينا ، وبجانبهم إياد يلاعب أيهم الجالس في كرسي الأطفال جواره .. أما البقية المتبقية فقد كانوا ما يزالوا نياما في ذلك الوقت ..
حكيم(نظر إليها وابتسم وهو يجلس جوارها):- كيف حالك إياد ؟
إياد(أومأ له بدون حياة):- بخير تسلم ع السؤال
حكيم(بلا مبالاة):- عادي …
إياد(نهض مستوقفا جلوس جوزيت):- أيعقل أن تجلسي هكذا وتتصرفي مثل الحائط ؟
جوزيت(رفعت عيونها الدامعة له):- و … ماذا يلزم ؟
إياد(ضربها لكتفها وفتح ذراعيه):- عناق يا بلهاااااء على الأقل أحس بمواساتكِ لي ، قد سرقتِ مني الاستضافة لكن لا بأس قد ألحق بكِ عما قريب ثم أساسا أنتِ ستذكرين اسمي بالحلقة .. ستفعلين صح ؟
جوزيت(بتوتر):- هه ..آه أكيد
إياد(جذبها إليه بعناق حميمي):- يا صغيرة قد غدوتِ صحفية ناجحة مثلما كنتِ تحلمين ، هاه افرحي الرجل الذي أسقط ربع نساء مدينتنا سيستضيفكِ متأكد أنه سيذوب في مقعده لدى رؤيتكِ لن يتحمل .. عذرا حكيم الكلام غير مقصووود
جوزيت(تضخم صدرها بالمشاعر الغريبة):- هل نجلس ؟
إياد:- طبعا طبعا هه .. اليوم فطورنا ملوكي قد عملت خالتيَّ الحلوتين على جعله كذلك تسلم الأيادي على المخبوزات الطازجة يا هوانم
عواطف:- هه بالهناء والشفاء يا كبد خالتك كُل يا عزيزي .. هيا ميرنا خذي أيضا
إخلاص(نهضت):- أساسا لا تستطيع أن تتناول شيئا قبل حضور المعلوم لحظة ..
عفاف:- كدنا ننسى وإلا كنتِ قتلتنا من فرط السهو
نور(تقطع في صحنها الحلوى):- هيااا لن تموتوا وأنتم جوعى على الأقل
رنيم:- سبحان الله تمنيت أن أسمع منكِ جملة تريح القلب ، إلا كله تفجير في تفجير …
مديحة:- أوتعلمين لماذاااا لأنها السيد نوري ومن لا يعرفه ههه
نور(تمضغ الأكل بهدوء):- لن أجاريكما من عند الصباح ..
إخلاص:- وأحلى فنجان قهوة لأحلى ميرناااا
جوزيت(عقدت حاجبيها نفورا من الفنجان الذي وضعته أمامها):- نو وي أنا لا أشرب هذه القهوة صباحااااا …
حكيم(انتبه لصمت الجميع وتحديقهم فيها وأمسك يدها بهدوء):- ميرنا روحي .. ما بالكِ أنتِ لا تفطرين قبل شربها يعني ذاتا تقضمين القليل من الأكل لكن هي لا تستغنين عنهااا
جوزيت(انتبهت لحديثه وعرفت أن هذه عادات ميرنا):- هاااا ولكن .. اليوم لا رغبة لي
مديحة(رفعت حاجبها وضحكت):- يا إلهي هل حدث .. يعني البارحة لم تكن معدتكِ بخير وشعرتِ بالدوار واليوم لا تحسين أنكِ ترغبين بشرب القهوة يعني هل أنتِ حامل ؟؟؟؟؟؟؟
حكيم(بدهشة):- حااااااااامل ؟؟؟
إياد(صرخ رفقة البقية):- هل هذا صحييييييييييييييح أنتِ حاااااااااااامل ؟؟؟؟؟؟؟؟
جوزيت(في ورطة):- هئئئئئ لالا ماذا تقولون يعني …أ..
حكيم(وضع يده على وجهه باستسلام):- حامل ولم تخبرينيييييييي ؟
جوزيت(أحست بالبكاء من نظراتهم المحدقة ونهضت وهي تضرب قدم حكيم بكعبها كلهم إلا هو قال حامل قال ):- أي حمل هذاااا هل أنتم حمقى ، لقد تعكرت معدتي من أكل المطاعم هذا كل شيء …. أنا أنا سأتنشق بعض الهواء
إياد(أمسك بقطعة الحلوى خاصته وقضمها وهو ينهض):- وأنا سأجعلها تستنشقه هيا يا جماعة فطور دائم .. ميرنتي لنذهب أمامنا عمل كثير …
جوزيت(مسحت على رأسها):- أ..قبلا حكيم رافقني لغرفتنا لو سمحت دقيقة ..
حكيم(مسح فمه بالمنديل واستقام وهو يتحدث تحت فمه):- أصلا أتفاءل ببشائر صباحات هذه الأيام الغريبة .. أستغفر الله
إياد:- أنتظركِ بالسيارة يا بنت لا تتأخري …
جوزيت(ركضت في الدرج وبمجرد أن صعد أمسكته من ياقة قميصه):- إسمعني جيدا أنا غير متعودة على هذااااا الجنون والعبط ، مشاعر وحب ومودة وخوف وأسرة وعائلة لا لا لالالا لا أرغب بهذا أنا تعودت على فطوري مع ناريانا ومخاصمتي معها لست قادرة على التعامل مع كمية الحنان المتدفق هناااا ، إنه يخنقني يخنقني هنا هنااااا …
حكيم(أمسك يديها):- وإذا اختنقتِ هل يفترض أن تخنقي أمي أنا أيضا لأشعر بمعاناتك ؟؟؟
جوزيت(تركته وعدلت ياقته بهدوء ووضعت يدها على جبينها):- أنا متعبة بحق …
حكيم:- يا الله هل ستتعبين من أولها ، ما يزال أمامنا مصائب يا آنسة استحملي …
جوزيت:- ومن بين تلك المصائب أخي إياد والجريدة ، كيف سأتعامل هناك مع العمل وأنا لا فكرة لدي من أصله ..
حكيم(بتفكير):- قد فكرت بالموضوع ليلة أمس ووجدت الحل ، أنتِ سترافقينه وتحاولين أن تستنطقيه يعني لنرى إن كشفكِ أو لا .. غير ذلك لا تدخلي معه في حوارات ستدخلكِ في الحائط دعي جوابكِ مبهم وكوني دبلوماسية في ردودكِ لنسلم من هذه الخطوة …
جوزيت:- تمام لكن لم نصل بعد للحل الذي توصلت إليه ؟
حكيم:- سهل جدا .. ستقضين هناك ساعة تتحججين بالتعب وبأنكِ تعانين من اضطراب في بطنكِ تستقلين سيارة أجرة وتأتين إلي حيث سأنتظركِ تمام هكذا ؟
جوزيت(وضعت يدها على ذراعه):- أنت شخص لطيف ..
حكيم(غمزها):- اممم واللطيف ليس متفرغا طوال اليوم لذلك خلصيناااااا …
جوزيت:- سأحضر حقيبتي أقصد حقيبتها هه…
تأملها وهي تركض ناحية الغرفة وسحب هاتفه بسرعة ليتصل ، فإن لم يتصل سيشعر بأن يومه لن يمضي وكم ارتاح حين سمع جوابه بسرعة ولم يجعله ينتظر ..
ميار:- لم تستيقظ بعد
حكيم:- هلا اطمأننت عليها آه وخذ معك فنجان قهوة بثلاث ملاعق سكر ، وبجانبه قطع كعك بالمربى هي لن تقاوم الإفطار يعني هذه عادتها تمام ؟
ميار(أجاب باستكانة):-أنا أعرف كل هذااااا لا داعي للتذكير ، كيف الأمور عندك ؟
حكيم:- أصبحنا روتينيين أنا وأنت أكثر من اللازم ، نسأل عن مساءاتنا نسأل عن صباحاتنا هييه من كان يتوقع ؟
ميار(أمسك بوردة بيضاء في يده):- الدنيا هكذاااا … دوما ما تفاجئك بالجديد
حكيم(انتبه لجوزيت وقد عادت إليه):- أوك نتحدث فيما بعد إذن ..
جوزيت:- هل .. هل هذا ميار ؟
ميار(سمعها وأغلق عينيه):- وداعا حكيم ..
جوزيت(بلهفة أخذت الهاتف من أذن حكيم):- دعني أكلمه .. تيت تيت مؤسف لم ألحق ماذا قال لك هل سأل عني ؟
حكيم(أخذ هاتفه منها ووضعه بسترته):- إمشي يا جوزيت هل مكتوب على جبيني مرسول الغرام وأنا لا أعلم .. الله الله هذا ما ينقصني
بتذمر خطت الأرض خلفه ونزلت معه متهربة من عيون الكل ، بسرعة ركبت بجانب إياد في سيارته وانطلقت معه صوب المجهول وللأمانة قلبها كان يخفق بسرعة المليون ..
نور(نهضت):- هيا يا رنيم ليس لدي اليوم بطوله لكِ ، ورائي عمل دعيني أوصلكِ للمؤسسة
رنيم(قبلت وجنة أيهم):- تمام تمام سأجلب حقيبتي سريعا وألحق بكِ … ماما أطعمي الحساء الصباحي لأيهم بعد ساعتين وبالنسبة لسجى أعطها الحليب فور استيقاظها ماشي ؟
عواطف:- لا تقلقي صغيرتي هما في الحفظ والصون … وفقكما الله
حكيم(ارتدى نظارته الشمسية ونزل بسرعة بعد أن عاد ليأخذ غرضا معينا من غرفة ميرنا):- وأنا أستأذن أراكم مساء …
غادر من هناك ومباشرة اتجه صوب قصره ، هنا كانت جوزيت تفرك يديها وتنظر لإياد مرة بعد مرة وهي تستشعر حنينا إليه يفوق قدرتها على التحمل لكن ليس أمامها حل آخر ، ثم ها هي قد أتتها الفرصة لبين أيديها كي تشبع شوقها الأزلي منه ..
إياد:- وهذا كل ما في الأمر لكن هل أعجبتكِ الباقة التي بعثها وائل ؟؟
جوزيت:- آه طبعا طبعا كانت جميلة ..
إياد:- هل انزعج حكيم منها ، أظن أنه انزعج يلا يستحق ههه
جوزيت:-0 حكيم لطيف يعني .. ليس بذلك السوء
إياد(رفع حاجبه ونظر إليها مليا بعد أن توقفوا بإشارة المرور):- أيوة … ما الذي تغير بين الأمس واليوم قد كنتِ لا تطيقين سيرته واليوم تمدحينه همم ما القصة ؟
جوزيت(بتلعثم):- لا قصة ولا غيره يعني .. شيء مر بعقلي هذا كله
إياد(قاد مجددا بعد الضوء الأخضر):- إذن ليبقى في عقلك لأنه لو ولج في قلبكِ ، سيحدث اصطدام في المشاعر بداخلكِ ولن يسعني إلا التحسر على شبابك هههه
جوزيت(ابتسمت من مزاحه الجميل):- أنت رائع يا إياد ، شخصيتك ممتعة
إياد(عقد حاجبيه وهو يبتسم):- حفظ الله لي من تمدحني وتشحنني بالطاقة الإيجابية من على بكرة الصباح ، لكن هل أنتِ مستعدة لاجتماع فتحي الثخين قد اتصل بي لكي أؤكد على حضوركِ بما أنكِ ستكونين ضيفة ببرنامج بهجت محمود ضروري أن يحرص على أن يذكر اسم جريدته أيضااا في الاستضافة
جوزيت(ابتلعت ريقها):- أساسا لن ننكر ذلك يعني نحن هناك نعمل ..
إياد:- مؤقتا يا بنت ما إن نمسك بالفهد البري ونكسب قضيتنا وسبقنا الصحفي الذي ننشده منذ أزل ، وقتها سنتعاون ونفتتح أنا وأنتِ جريدتنا الخاصة التي لطالما حلمنا بها
جوزيت(دمعت عيناها من جملته):- إياد … هل سبق وفكرت مع نفسك عن ماهية الفهد البري ؟
إياد(بعدم فهم مط شفتيه):- كيف يعني ؟
جوزيت(بارتباك):- .. كيف هو شكله عمره اسمه شخصيته ، بالمجمل يعني ؟؟
إياد(مال بشفته وهو يعقد حاجبيه ويركز في الطريق):- يعني .. راودني تخيل بسيط لشخصيته وهيأته أظنه ليس كبيرا في العمر ، قد يكون شابا في منتصف الثلاثينات وذلك راجع لذكائه المناسب لطريقة تفكيره في تدبير الأمور ، أيضا قد يكون وسيما لأنه يملك رفاهية في الإحساس وذلك اسنتجته أنتِ سابقا حين اختطفكِ أتذكرين ؟
جوزيت(طافت بعينيها وهي تفكر "اختطفها سابقا يعني"):- ها هااا أتذكر
إياد:- هو يملك شخصية قوية حذرة حريصة ومحتاطة إذ يتوقع خطوة عدوه قبله حتى ، بمعنى أنه يفكر ويخطط بشكل ذكي نظرا للدهاء الذي يتمتع به وسرعة البديهة ، فلطالما فشلنا يا ميرنا في القبض عليه كان يفلت منا بشكل مباغت وهذا ما جعلنا نوقن أن تسميته لم تأتِ من فراغ مطلقااااا ..
جوزيت(زفرت بعمق):- هل تمنيت لو تلتقي به يوما ، يعني مثلما أتمنى أنا أيضا ؟
إياد:- تمنيت أجل ، لدي فضول لرؤيته والبصق بوجهه والضحك أيضا حين تكون قيود الشرطة مكبلة في يديه ..
جوزيت(توجعت من كلامه ذاك):- أتكرهه لهذه الدرجة ؟
إياد(ضرب على مقوده):- ما هذا التعاطف ست ميرنا من على بكرة الصباح مع حكيم مع الفهد البري ، ماذاااا هل نسيتِ جرائمه أم ماذاااا .. ثم لن أقتنع بفكرة أنه يرغب بمساعدتي في كشف حقيقة أسرتي محااااال وألف فوق ذلك
جوزيت(بذهول):- ماذا تعني ؟
إياد:- الكلب بوبو الذي بعثه لشقتي والذي اتضح أنه صنع بمصنع للصدفة البحتة يشتريه هاشم الرفاعي قبل فترة ، يعني مفهومة نحن نعلم أن شركة هيرمكانا تابعة للفهد لكن ما لا نعرفه لماذا يريد مساعدتي ؟
جوزيت(تداخلت الأفكار برأسها وشعرت بالدوخة):- رويدا علي يعني .. من أي جئت بفكرة مساعدته لك أكيد هناك أمور خفية تحدث
إياد:- طيب اشرحي لي أنتِ هذه الأمور ، ماذا عن الشخص المجهول الذي اتصل بي قبل أسبوع وأخبرني أنني لو رغبت بفهم ما يدور حولي علي أن أبحث في الماضي ، طيب غيره جلستي عند الطبيب النفسي لم تكن سوى نفحات من ذلك الماضي وأخبرتكِ أنني رأيتكِ فيه وأنتِ تغنين لي البقرة السعيدة … غير هذااا بما تفسرين دمية الكلب التي وصلتني قبل يومين وتصدف أنها من مصنع هاشم الرفاعي كله مرتبط ببعضه ميرنااااا وكله يؤدي لذات النتيجة ، أن الفهد البري يدبر أمرا لي
جوزيت(وضعت يديها على رأسها):- يا الله ما كل هذاااا ..
إياد:- لذلك علينا أن نتتبع هذا الخيط الذي نملكه ، لقد تحدثت مع رامز بالموضوع وعرض على المسئولين بإدارة الشرطة فكرتي وتمت الموافقة
جوزيت(بلهفة):- ماذا تنوون ؟
إياد:- سيوجدون تصريحا لمداهمة الشركة ويقومون باحتجاز مديرها تحت أي تهمة ، وخلال التحقيق سيتدخل رامز ويسأله مباشرة عن اللعبة يعني سنكشف الأوراق له
جوزيت(انتفضت بخوف):- لكن هكذااا سنكشف للفهد أننا قد فهمنا ألاعيبه
إياد:- أساسا ماذا كنا ننتظر هذا ما يلزم ميرنا ، علينا أن نتخذ هذه الخطوة وإن لم نصل لأي شيء سنستعين بطرف الخيط الثاني
جوزيت:- والذي هو ؟
إياد:- سيجدر بي الذهاب للميتم الذي ترعرعت فيه ، يجب أن أعرف من أودعني هناك
جوزيت(بوجع داخلي):- الجيران حسبما أخبرتني ألا يمكن ؟
إياد:- تمام أريد أن أصل لذلك الجار كي أعرف منه هوية عائلتي .. يجب أن أجدهم لازم
جوزيت(أبعدت وجهها عنه ومسحت دمعتها):- فهمت ..
إياد(أمسك يدها بلطف وأتمم القيادة):- عذرا أعكر صفوكِ منذ الصباح ، لأنني أعرف بأنكِ لا تكرهين أحدا في هذه الحياة بقدر الفهد البري ولو وجدته أمامكِ أكيد سوف تقتلينه
جوزيت(فتحت عينيها بصدمة):- تقتله ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
إياد(رمش بعينه):- هههه يديكِ أجل تقتلينه بها
جوزيت(ارتعبت وفي سرها):- يا إلهي ما كل هذا ، يجب أن أكلم ميار على الفور لكن تتت اهدئي يا جوزيت ما إن تصلي لتلك الجريدة اللعينة تصرفي تمام هذا ما سيحدث …
هدأت من روعها قليلا لعلها تحافظ على وتيرة الهدوء ولا تكشف أمرها لإياد ، الذي لم يجد فيها شيئا متغيرا بالعكس بما أنه متعود على مود ميرنا المزاجي وتقلباتها هذا ساعدهم قليلا ، لكن مع ذلك كانت تتلهف للوصول فقط لتتصل بحكيم كي يوصلها بميار وتخبره بما سمعته ليتوخى الحذر ويتدبر أمر هيرمكانا قبل وقوع الفأس في الرأس …
هنا في تلك الأثناء كان ميار يتأمل الوردة بين يديه وريقاتها الشقية كانت متفتحة بشكل ضيق قد قطعها قبل أن تكمل ازدهارها ، لكن وجدها هكذا أفضل بيضاء منغلقة تليق بحالة ميرنا في هذا التوقيت تحديدا .. نهض بهدوء من كرسي الحديقة ودخل للبيت وجد إيزابيل قد حضرت ما طلبه منها وكانت بانتظاره ، أشار لها بأريحية أن تأخذه للأعلى ولكن قبلا استوقفها بوضعها للوردة بجانب فنجان القهوة .. ابتسمت له إيزابيل لكنها لم تدقق بل صعدت مباشرة لتلبي الأوامر ، فتحت الباب بالمفتاح ووجدتها واقفة عند باب الشرفة الزجاجي وتنظر من خلاله لكل ما يوجد حولها للجبال والخضرة حولها ، تنهدت بعمق ولم تستدر إلى الزائر بل تابعت صمتها لحين أيقنت أن تلك الخادمة قد خرجت من جديد … التفتت للطاولة وانتبهت لفنجان القهوة والكعك المحلى إنها ما تفضله كل صباح لكن كيف عرف بما تحبه ، ثم ما تلك الوردة هناااااااك ؟؟؟
ميرنا(بصوت مبحوح غير مسموع إلا لها):- تافه .. تضع وردة هاه أنا سأضع جمرة محلها في قلبك أيها المجرم لن أرحمك لن أرحمك ، علي أن أستجمع شتات نفسي لن ينفعني البكاء والصراخ أنا محتجزة وعلي أن أفهم ما يدور حولي ، لذلك سأنتظره ستنتظرينه يا ميرناااا آه ستنتظرين ذلك القاتل الذي تعيشين في بيته الآن .. لكن لا يجب أن تنتظريه ببطن فارغ هيا أفطري واملئي بطنكِ الجوعاااان واستعدي لحربك
ههههه الحلو في الموضوع أنها لن تنسى بطنها في مثل هذه الأوقات ، لذلك ما إن أتممته مسحت فمها جيدا بالمنديل ونظرت للغرفة بل تفحصتها بعينيها بشكل تدقيقي وابتسمت حين نظرت لآنية فخارية معلقة بإحدى الجوانب … لحظتها رفع رأسه من الحاسوب مندهشا من ردة فعلها هل كشفت الكاميرا السرية التي يراقبها منهاااا مستحيل ، مسح فكه وأغلق الحاسوب وتوجه مباشرة لغرفتها وقبل ذلك تمهل …
ميار(ابتسم بخبث):- فهمتكِ الآن تريدين اللعب يا ميرناااا .. تمام لنلعب …
بعد لحظات سمعت صوت صرير الباب وهو يفتح بالمفتاح أجل كما توقعت سوف يحضر بعد ابتسامتها الماكرة تلك ، بقيت جالسة على الكرسي وأمامها صحن الأكل وفنجان القهوة الذي شربته كاملا ، باستثناء الوردة التي اختفت .. المهم رفعت رأسها بهدوء حين سمعت صوت دخول إيزابيل الذي خالف توقعاتها
إيزابيل:- اممم أظنكِ قد تعافيتِ من وعكة ليلة أمس ، والدليل أكلكِ للفطور كاملا
ميرنا(بغيظ):- أشعر بالضيق هنا أريد الخروج
إيزابيل(حملت الأغراض بين يديها وتنهدت):- عذرا منكِ سيدتي ، لكن هذا ممنوع
ميرنا(نهضت برفض):- هل أنا بسجن أم ماذا ، أخبري سيدكِ أنني أود مقابلته والآن ؟
إيزابيل(عضت شفتيها):- حاضر سأبلغه ..
ميرنا(رفعت أنفها للسماء بعنفوان):- يكون ذلك جيداااا .. دعيه يعرف مع من تورط
طبعا إيزابيل لم تفهم منها شيئا لكنها بلغت رسالتها لميار بحذافيرها والذي ابتسم بمكر ، وهمس لإيزابيل التي فتحت فاهها بدهشة من جوابه وهزت كتفيها بقلة حيلة ، توجهت مباشرة للمطبخ لتحضر وجبة الغذاء وهنا تسللت جمانة نحو الخارج وبيدها حبل ولوحة خشبية ..
وعدة المسامير ، استدار من محله حيث كان يجلس بالصالون ولاحظ تسلل جمانة بهدوء ولحظتها صغر عينيه بفضول ولحق بها ،.. وجدها قد رمت الحبل على جذع الشجرة بعد أن عقدته بعقدة ولكنها فشلت في تثبيت اللوحة بالوسط كلما رفعتها سقطت وهنا رمت بها أرضا بعصبية وجلست مربعة رجليها ويدها على خدها بينما شعرها الأشقر ترفعه في ذيل حصان ضرب جانبا من وجنتها وشاركها لحظة الحزن .. لم يستطع إلا أن يضحك على تذمر تلك الصغيرة وتقدم إليها
ميار:- حين نعتتكِ بالفاشلة لم يكن ذلك عشوائيا ، شيء بسيط كهذا ولا تستطيعين إنجازه
جمانة(نهضت وهي تدك قدميها على الأرض بغضب مفتعل):- أنت ثانية ؟؟؟
ميار(نظر لحذائها الرياضي):- أنتِ تدوسين على العشب عيب ..
جمانة(بفزع تحركت):- لم أقصد أن ..
ميار(قاطعها وهو يضع يديه بجيبه):- ماذا كنتِ تصنعين ، بيتا فوق الشجرة ؟
جمانة:- يا ذكي وهل سأصنعه بلوحة بحجم ذراعي ؟
ميار(رفع حاجبه من جرأتها):- لسانكِ أطول من قامتك ، انتبهي له
جمانة(مطت شفتيها بدلال):- ولكنني أردت صنع أرجوحة ولكن لم يفلح الأمر ، وقد طلبت من السائق تعديلها منذ ساعات لكنه لم يبالي بي من أصله
ميار(رفع كميه وأمسك بالخشبة):- أولا لن تستطيعي صنع أرجوحة بهذه الأغراض ، يلزمكِ حديديتين لتثبيت الخشبة بالحبل هيا ابحثي عنها في الورشة التي أحضرتِ منها هذه
جمانة(لم تتحرك قيد أنملة):- هل حقا ستصنعها لأجلي ؟
ميار(رمقها بحدة):- وقد أغير رأيي لو لم تحضري ما طلبته في غضون ثانيتين
جمانة(قفزت بفرح وهي تصفق):- حالا حالا طياااااارة ههههه ..
ميار(انتبه لضحكتها وتنهد وهو ينظر للحبل والخشبة وبحسرة):- أرجوحة جوزيت ..أما زلتِ تذكرين يوم صنعتها لكِ بسطح بيتنا يا ترى ؟
عاد بذكراه نحو الصغيرة الفاتنة التي كانت تسرق لبه بضحكتها ، لم ينسى يوما كيف فرحت بأرجوحتها التي صنعها لأجلها فقط وكم كان يستمتع وهو يدفع بها في الهواء ، كان يشعر وكأنها فراشة تطير وسط السماء فراشة راقصة مبتهجة تجعل القلب والروح في نعيم .. لكن كل ذلك أظلم وتلاشى بعد كذبتها سرعان ما تبلدت ابتسامة الشوق التي ارتسمت على شفتيه وعقد حاجبيه وهو يدق المسامير على الخشبة وكأنه يخرس تلك الأفكار في كل طرقة …
جمانة(ركضت نحوه):- أنظر ماذا وجدت هل هذه تليق ؟
ميار(قاطعت حبل أفكاره المأساوي وعاد لطبيعته):- تليق تعالي وثبتيها معي هنا .. أسرعي
كانت تبتسم وتصفق تارة وتارة تساعده في تعديل المقعد الخشبي للأرجوحة ، مرت عدة دقائق وكانت الأعجوبة جاهزة تتدلى من جذع الشجرة ، لم يغفل أن يضع وسادة مريحة فوق الخشبة وثبتها بالخيوط الملونة وأصبحت حقا تليق بفتاة مرحة مثلهااااا
جمانة:- يااااااي سأجربهااااا الآن شكرا شكرا يا مياااااار…
ميار(رفع حاجبه من جرأتها العفوية):- جربيها ..
جمانة(عبست فجأة):- لكن من سيدفع بي ؟
ميار(فتح عينيه على وسعهما):- طبعا لن تنتظري مني ذلك تعودي الاعتماد على نفسك
جمانة:- دفعة واحدة أرجوك أرجوووووووك ؟
ميار(نظر إلى تشبثها المفاجئ):- يا فتاة لا تجعليني أزيلها بإلحاحكِ هذا ، انتهى
جمانة(فركت يديها وهي تخفض رأسها أرضا):- إذن لن ألعب بها ..
ميار:- ماذا قلتِ .. يعني أتعبتني كل هذا الوقت لتأتي الآن وتخبريني أنكِ لن تلعبي ؟
جمانة(هزت كتفها الأيسر وهي تتلاعب بلسانها داخل فمها):- أجل مثلما سمعت
ميار(أغلق عينيه وأشار في الفراغ):- افعلي ما تريدين ..
لوهلة رفع بصره دون قصد للشرفة وانتبه لرداء أبيض قد ابتعد من أمامها ، وفهم أن ميرنا كانت تراقبهما من هناك .. لحظة واستدار إلى جمانة وعاد أدراجه
ميار(وهو يشير بسبابته بتنبيه):- دفعة واحدة والأخيرة
جمانة(بفرح قفزت واستقرت فوق الأرجوحة):- هههه تمام ..
وقف خلفها وهو يضحك على نفسه ، من كان يظن أنه سيقف مثل تلك الوقفة ويدفع بمراهقة صغيرة حبل الأرجوحة ، هذه حتى لم تكن في الحسبان ولو سمعها الباقون أكيد سيقولون أن الفهد البري بجلالة قدره قد فقد عقله .. لكن هي ببساطة روح إنسانية فمهما فعل ومهما تورط في الشر إلا أنه يحمل بين طيات ذلك السواد قلبا أبيض ، وطبعا لن يخيل ذلك عليها أخذت تسير جيئة وذهابا في غرفتها وتطل مرة بعد مرة لتجده يمازح تلك الفتاة الشقراء .. لكن كيف يلعب ويمرح وهي تغلي فوق ثم قد طلبت رؤيته يعني متى سيتنازل عن غروره ويلبي طلبها ، أم تراه يتجاهلهاااااا مستحيييييييييل .. قالتها وهي تزفر بغضب وتنظر إليه بكره من محلها لحظة لحظتين وهزت رأسها وهي تبعد عينيها عنه لا تريد رؤيته فكلما فعلت شعرت بوخز في قلبها ، وكأنها تكذب بدورها على إياد وتخونه بمعرفة أخيه لكن ألا يحق لها أن تعرف القصة الرئيسية وبعدها تشعر بتأنيب الضمير هذا ما يلزم حقااا …. أيقظت عرق الجنون خاصتها وتوجهت للباب وأخذت تطرق وتنادي تطرق وتنادي لعدة دقائق لحين هرعت إليها إيزابيل وهي تشعر بالقلق والحيرة ..
إيزابيل:- خيرا يا سيدتي هل أنتِ على ما يرام ؟
ميرنا(بغضب أبعدتها بيدها متجاوزة إياها):- أخبرتكِ أنني أريد رؤية سيدك ، ما هذا الذي يحدث هل زيارتي تتطلب كل هذا الوقت ثم أراه متفرغا ويلاعب الفتاة في الحديقة .. هل هذا ما تسمونه بالفهد البري إنه محض طفل مهرج … يفرغ عقده المكبوتة بتصرفات الصبيان هاته أهذا ما تزعمون على خدمته ، تبا ل.. تت اففف اعذريني من أنتِ كي ألومكِ لا تؤاخذيني أعصابي تالفة
إيزابيل(اهتزت حدقتيها):- كيف تبلين في هذا الموقف وتتأسفين ؟
ميرنا(بعدم فهم):- لا تبالي أكيد هي هلوسة ما بعد الاختطاف ، ما بكِ اندهشتِ أكيد فهمتِ أنني لست هنا برغبتي
إيزابيل(تنهدت وهي تنظر خلفها للدرج):- يجدر بكِ أن تلجي غرفتكِ فورا سيدتي ، أرجوكٍ لا أريد حدوث مشكلة مع السيد إن حضر ووجدكِ خارج الغرفة سيؤنبني
ميرنا(رفعت حاجبها بعنفوان ونظرت للمجلس الصغير قبالتها ذو الكرسيين الفخمين):- سأنتظره هناك لقد ضاق درعي من جو الغرفة
إيزابيل(حركت رأسها بنفي):- ذلك لا يمكن سيدتي رجاااء لا تضعيني بموقف محرج
ميرنا(جلست فعلا ووضعت رجلا على رجل وهي تعدل الرداء على رجليها):- بما أنكِ تكفلتِ بي وحممتني وراعيتني ووثبتِ بقربي الليل بطوله وأنتِ تضعين لي الضمادات ، أكيد أنتِ تؤمنين بخدمتكِ وتحرصين على تنفيذها بشكل جيد لذلك .. أعطني الهاتف الذي كنت أحمله معي وسأعود لغرفتي بدون مشاكل
إيزابيل(طأطأت رأسها):- عذرا الهاتف مع السيد
ميرنا(حولت عينيها بتفكير):- تمام استدعي السيد لأنني لن أتزحزح من محلي ، وكلما أسرعتِ كلما بقيت في مكاني لأنه محتمل أن تجديني بالأسفل وأتوقع أنه لو حدث ذلك ستكونين بمشكلة حقا مع السيد خاصتكِ همم ؟
إيزابيل(هزت يديها بقلة حيلة من قوة ميرنا):- أمري لله …
ميرنا(حركت فكها وهي تتنهد بانتصار):- انتظروا هذه ليست سوى البداية
ما إن اختفت إيزابيل عن أنظارها عندما نزلت ، نهضت بسرعة تدور محلها ورمقت في الرواق غرفتين وجزمت أن واحدة منهما ستكون خاصة ميار لذلك بسرعة دخلت لواحدة فيهما ، لكنها وجدتها صالونا فقط وانطلقت للغرفة الأخرى ووجدتها هي المقصودة ، فتحت الدولاب بسرعة ولم تجد سوى ثيابه ، فتحت الأدراج ولم يكن فيها سوى أغراض غير مهمة ، وتوجهت للحاسوب الموضوع على مكتبه وفتحته على صورة غرفتها يعني مثلما توقعت كان يراقبها سرعان ما أغلقته ، وبحثت بعينيها عن هاتفها وانتبهت للمنضدة وجدت صندوقا بنيا مستطيل الشكل فتحته وإذ بها تجد هاتفها مشغلا … ارتعش قلبها بفرح وأمسكته بين يديها ضغطت على زر إيجاد الموقع الذي طلبته عندما كانت في خان كهرمانة واتضح لها محددا على الخريطة لذلك بعثته لهاتف إياد وضغطت على إرسال ، لكن لم يتم تفعيله أعادت المحاولة لا جديد لذلك لم ترغب بأن تهدر المزيد من الوقت ، وعليه فعَّلت اتصالا مباشرا به ولكن قبل أن يرن انطفأ فجأة ، نظرت للهاتف بسرعة وشغلته من جديد وأدخلت كلمة السر وأعادت الكرة لكن كلما حاولت تفعيل الاتصال ينطفئ ، ابتلعت ريقها بعدم فهم وكتبت رسالة نصية وبعثتها له لكنها عادت إليها دون وصول ، وفي ذات اللحظة دخل …
ميار(ببرودة):- ههه وضع الطائرة أحيانا مفيد …
ميرنا(رمقته قد دخل للغرفة وأقفل بابها عليهما وبالمفتااااح !!):- سأتصل به وسأخبره كل شيء عنك
ميار(أشار لها ببرودة وجلس على كرسي مكتبه وأخذ يتفحص الكتاب الموضوع عليه):- خذي راحتك
ميرنا(ولت ظهرها له وهي تفرك الهاتف بين يديها وتنظر إليه):- لما أنا موجودة هنا ؟
ميار(وضع رجلا على رجل وفتح الكتاب في النصف):- لكي تؤنسي وحدتي
ميرنا(بعدم استيعاب لجوابه):- هئ ..أنت ..
ميار(مسح يده على الصفحة):- إميلي بروتني كاتبة رواية "مرتفعات وذرينغ" حكاية جسدت قصة عشق مليئة بالشجن بيد الصراع الطبقي والرغبة في الانتقام ، هيثكليف وكاثرين يقعان في قبضة الظروف المنيعة و ..
ميرنا(قاطعته بحزم وهي تقترب بارتجاف):- هل تتوقع مني أن أسمع هذيانك هذا حول رواية قديمة ، هل سأخوض تجربة أداء مسرحي لشخصية كاثرين مثلا ؟؟؟؟؟
ميار(أغلق الكتاب وترك إصبعه بالنصف ونظر إليها متأملا):- تليقين بالدور أتعلمين ذلك ، لكن تت يا خسارة لن أستطيع التفريط بكِ فكاثرين تموت أثناء الولادة بابنة غريم هيثكليف
ميرنا(امتصت شفتيها وانتزعت الكتاب منه بقوة وأمسكته بيدها الأخرى):- أنت شخص معتوه مختل مهوووووس ….
ميار(مال برأسه):- لما تخشين النظر بعيوني ؟
ميرنا(استدارت مبتعدة عنه ووضعت هاتفها وسط الكتاب بخفة):- أنت تتوهم ، ثم أساسا عيوني لا تتشرف برؤية قاتل يغرق في الدم حتى شعر رأسه
ميار(نهض بسرعة ووثب خلفها):- لكن أجزم أن لي معزة خاصة في قلبِكِ ، وإلا ما كنتِ خسرتِ عدة سنوات من حياتك كي تبحثي عني
ميرنا(وضعت الكتاب خلف ظهرها وجابهته):- أنت أتفه من أن تكون مصدر اهتماماتي ، صدقني سأزج بك في السجن وآتي لزيارتك وفي جعبتي رواية أخرى لإميلي بروتني تسلي وحدتك وتؤنسها بين تلك الجدران الباردة …
ميار(بابتسامة):- مؤسف ..أنكِ لن تجدي نسخها بسرعة كما تتخيلين ، هه إنها إصدار نادر
ميرنا(تحاول السيطرة على محاولة استفزازه لها):- أحتاج لمعرفة سبب بقائي هنا ، وأيضا ماذا فعلت بحكيم وبعد ذلك أريدك أن تحكي لي كل شيء عنك وعن أعمالك القذرة ، وو وتخبرني لما لم تظهر في حياة إياد ومنذ متى وأنت تتقمص شخصيته وتتقرب مني ؟؟؟
ميار(كتف يديه وهو يعضعض طرف شفته بشكل مثير):- عندما أمنحكِ الإذن بكتابة سيرتي الذاتية سأحكي لكِ عن هذا كله .. أما الآن
ميرنا(رمقته وهو يقترب منها ببطء شديد جعل كل أطرافها تتخدر بعدم اطمئنان منه):- الآن ماذا ؟
ميار(نفخ في وجهها بهدوء وهو يقترب منها بينما هي كانت تتراجع للخلف):- الآن .. لدينا شيء أهم بكثير من الحكايات والروايات …
ميرنا(في كل خطوة تتراجع فيها كان قلبها يسقط منها وهي تحاول إبعاد ناظريها عن عينيه):- لا تقترب مني ، قف حيث أنت أيها الوغد المجرم …
ميار(دفعها على دعامة الحائط خلفها وأمسك عنقها بيديه):- منذ أن فتحتِ فمكِ وأنتِ تنعتينني بالمجرم ، أيجدر بي تطبيق ذلك حالا كي تزيلي تلك الكلمة من فمك ؟
ميرنا(دهشت منه وهي تحرك رأسها في محاولة للتحرر من قبضة يده):- أتركني أتركني
ميار(أفلت عنقها قليلا لكنه حرص على إبقائها في قبضته):- اسمعيني ميرنا ، أمامكِ أسبوعين باحتساب اليوم .. إن لم ترضخي لي فيها ستبقين بين جدران هذا البيت حبيسة طوال عمرك هاااه وإن كنتِ تفكرين بأمكِ وعائلتكِ فقد تدبرت الأمر هنالك من تحل مكانكِ يعني الأمر جدا بسيط .. مثلما كنت أتقمص أنا دور إياد منحتني الأقدار هدية مثلكِ وهي الآن في بيتكِ تنام على سريركِ تقبل أمكِ تحاكي إخوتكِ تواسي بنات عمكِ والأهم هي رفقة حكيم وقريبة من وائل وبجوار إياد وباقي أصدقائك ، تزاول عملكِ ترتدي ثيابكِ تتناول طعامكِ وتجلس محلكِ في كل مكاااااااان … يعني أنتِ لا مرئية الآن مجرد شبح حتى لو قتلتكِ لن يستوعب أحد ذلك لأنكِ أساسا بينهم ههههه … أرأيتِ جمالا مثل هذاااا بذمتك ؟
ميرنا(سقطت دمعتين من عينيها):- أنت كاذب …
جذب الكتاب من خلف ظهرها وأمسك الهاتف الذي كانت تضعه وسطه ورمى به على المنضدة وأقفل الكتاب بقوة حتى افتعل صوتا قاسيا جعلها تهتز ، دفع بالكتاب لصدرها حتى التقطته بين يديها وأمسك منديلا جذبه من جيبه ومسح دموعها
ميار(ارتعش قلبه من بكائها واقترب بوجهه من وجهها حتى لفحت أنفاسه خديها):- أنا فيني كل الصفات التي قد تتخيلينها ، لكن الكذب لا تجدينه بقاموسي أنا واضح مثل سطح الماء أي حركة مهما كانت بسيطة قد تحركه وتضيع صورته الشفافة ، لكن صفاءه يبقى طاهراااا
ميرنا(أبعدت يده عنها وقد انفجرت ببكاء حارق):- أنت مجرم عن أي صفاء وطهر تتحدث ، أنت لا يليق بك سوى سفك الدماء وتدنيس أعراض الأبريااااء ، أنت تركيبة للشر خليفة إبلييييس مثلما أطلق عليك من تألموا من عضتك اللئيمة .
ميار(تحركت حنجرته بغصة مسننة ابتلعها للتو لكن متوقع منها ذلك):- أفرغي كل السواد الذي تحملينه ضدي ، لأنني حاجة لقلب خال من كل هذه الشوائب ففي غضون 14 يوماااااا
ميرنا(انتفضت من لمسة يده على شعرها):- ماذا سيحدث خلالها ؟
ميار(جذب خصلتها وأجبرها على الاقتراب منه ليهمس):- ستخلقين مكانا في قلبكِ باسم ميار نجيب … ههه أجل صدقي
ميرنا(دفعته عنها وهي تحرك رأسها يمنة ويسرة بعدم تصديق):- أنت مخبووول … يا إلهي يا إلهي …
ركضت بعيدا عنه وخرجت من غرفته وهي تسارع نحو غرفتها ، حتى الفتاة الشقراء التي كانت متوجهة صوب غرفة ميار لم تبالي بأمرها بل ارتطمت بها مرتجفة ودخلت بسرعة للسجن الذي حكموا عليها به ، أغلقت الباب خلفها ولم تجد المفتاح حريصة تلك المرأة المسماة بإيزابيل ها هي قد حرمتها من قدرة الاختلاء بنفسها ، جنون في جنون مسحت على رأسها وهي ترتجف وانتبهت لكتابه الذي كانت ما تزال تعانقه ورمته بعيدا عنها حتى سقط على جنب الكرسي أرضا .. كم كرهته وكرهت قصته ومن حكا لها قصته قبل لحظات وكل كل ما يتعلق بالدقائق التي مرت قبل قليل … مسحت على عنقها وهي تدلكه قد كاد يخنقها الغبي الحقير لكن لم يحكم قبضته جيدا إنما مجرد الفكرة أنه أراد أن يخنقها جعلتها تشعر فعلا بالضيق والاختناق ، مخبووول قالتها عشرة آلاف مرة وما اكتفت .. قد أرادت سلب هاتفها منه بالحيلة لكنه كان أذكى منها وسلبه من عقلها الذي فكر بالفكرة أصلا …
ميرنا:- أي فهد بري أنت … لا يعقل أن تكون بهذا الدهاء كله أكيد يوجد لك منفذ ، نقطة ضعف مستحيل أن تكون حصنااااا منيعا ، ثم عن أي عشق تحدث و14 يوم مااااذااا يعتقد أنني سأغفر له كل أخطائه خلال هذه المدة يستحيييييييل ههه … إنه واثق من نفسه لدرجة الهوس لا يعرف من هي ميرنا ولا ما تستطيع فعله ، قال مكانة في قلبكِ باسم ميار نجيب أساسا ذلك الاسم قد دنسته وجعلته عاراااااا .. بسببك إياد لن يتمكن من رفع رأسه بين الجميع حرام والله حرام ما يحدث لصديقي المسكين .. تت آه يا ربي أنقذني من هذاااا الوضع أكاد أموت بين جنبات هذه الغرفة السقيمة … سحقا سحقا سحقاااااااااااااااااااااا ااااا … اهئ أين أنتم أين تركتموني وذهبتم ، أنا وحيدة لما لا يأتي أحدكم وينقذني لماذااااا .. اهئ هل نسيتموني حقاااا يا إلهي هل تحدث ذلك الأحمق بجدية هل فعلا توجد امرأة تتقمص شخصيتي وتعيش حياتي لكن ليس مستبعدا مثلما فعل هو ، سيجبر إحداهن على فعل المثل .. لكن لكن غير معقول هل سيصدقون أنها أناااا يعني حكيم غير ممكن وإياد مستبعد لكن وائل لن يفعلها لن يفعلهااااا هو يحبني أنا وسيشعر بذلك وسيبحث عني أجل … سيبحث حبيبي عني وينقذني سأتحمل هذا ما سأفعله سأتحمل ….
كادت تفقد عقلها وهي تصارع أفكارها بصوتها الداخلي ، لوهلة ورمقت عيناها مجددا ذلك الكتاب وبكره دفعته برجلها وارتمت بحضن السرير وهي تبكي بتعب من فرط المعاناة التي تعيشها ، إلى متى سيستمر هذا الوجع ألم يحن الوقت بعد لتعيش يوما في هنااااء ؟؟ قالتها وهي تضرب على السرير وتمسك الغطاء بقبضتها التي ترجمت مدى حنقها مما يحصل معها ، وطبعا لن يستطيع أحد تغيير ذلك ما لم تغيره هي بنفسهاااااا …
ميار:- طبعا أنا جاد في ما طلبته منكِ جمانة ، افعلي مثلما أمرتكِ به ولا تكثري فلسفة هنا
جمانة(وضعت يديها خلف ظهرها):- حسن لكن إن طرَدَتني سوف لن أعيد المحاولة ..
ميار(استدار إليها بعصبية):- أترفضين أوامري الآن أم أن هذااا يتهيأ لي ؟
جمانة(ابتلعت ريقها من شكله وهو غاضب):- ماشي ماشي بدون أعصاب أنا ذاهبة ..همم
ميار(زورها بصرامة وحدة):- أفضل ..
جمانة(حركت شفتيها بتلاعب وخرجت من غرفته):- دوما أنا أقع في مصيدة العشاق ، طيب تحبها تحبك اعترفا وخلصوناااا أين المعضلة .. كخخخ أين سأجد أنا أيضا حب حياتي ..
بابتسامة بلهاء وبينما كانت تتنهد باسم العشق المستحيل اصطدمت بالباب أمامها حتى أوجعت جبينها ، وفتحته وهي ما تزال تدلكه من هذيانها اللحظي ثم أغلقته خلفها وهي تتأوه
جمانة:- افف ما أغباكِ يا جمانة ترتطمين بالباب بئسا لكِ بئساااا ..
ميرنا(رفعت رأسها بهدوء من بين شعرها المكوم على وجهها الباكي):- ماذا تفعلين هنا ؟
جمانة(رفعت حاجبها وقد رمقتها لأول مرة وجها لوجه):- واووو لم يخبرني أنكِ جميلة لهذه الدرجة
ميرنا(عدلت جلستها وهي تمسح دموعها وتنظر إلى هذه الغريبة):- سألتكِ ماذا تفعلين بغرفتي ؟
جمانة(مسحت على جبينها ببعض الألم وتوجهت إليها):- لا شيء شعرت بالملل وقلت لأتسلى معكِ قليلا
ميرنا(عقدت حاجبيها وعادت لمحلها على السرير حتى التصقت بحائطه):- لا أريد أحدا بغرفتي رجاء غادري
جمانة(جلست عند الطرف مقابلها وربعت رجليها):- هيا أنتِ مثلي تشعرين بالملل ، لا يوجد شيء نفعله لكن بما أننا شابتين سنفهم على بعضنا بعضا .. مرحبا أنا جمانة ابنة إيزابيل
ميرنا(بدت مألوفة لها لكنها طردت تلك الأفكار وحركت رأسها):- هل هذه حيلة جديدة ؟
جمانة(مدت يدها لتصافحها):- حيلة ههه لا تسرحي ببالكِ بعيدا ، أنا بعمر 18 تقريبا يعني لست بوحش مستئذب سينقض عليكِ .. ثم نحن نهارا يعني لو كنا ليلا كنت أيدتكِ في مخاوفك
ميرنا(بتوجس من حديثها):- باختصار ماذا تريدين ؟
جمانة(جمعت يدها حين لم تصافحها ميرنا وتمطت بالفراش مقابلها):- تُدعين ميرنا صح ؟
ميرنا(بفظاظة نظرت جانبيا):- وما شأنكِ ؟
جمانة(رفعت شفتها):- هل أنتِ فظة ومغرورة هكذا طوال الوقت ؟
ميرنا(فتحت عينيها على وسعهما):- هل تنعتينني بهذه الصفات ، من تكونين يا هذه رجاء غادري غرفتي ولا تقتحميها مجددا دون إذن
جمانة(نهضت وهي تزفر بقنوط):- أنتِ مملة جداااا أكثر منه يا إلهي ..
ميرنا(بغضب):- لا تجمعيني أنا وذلك الرجل في جملتكِ مرة أخرى ، ذلك المجرم لا يشبهني بشيء إنه …
نظرت لعيون جمانة وقد تبدلت بنظرة غريبة وهي تستمع لها ، وكأنها غير مصدقة لما تقوله أو كأنها تستعجب كيف يكون ذلك الرجل اللطيف وحشا مجرماااا .. هنا ميرنا شعرت بشيء غريب في صدرها لم تستطع تجاوزه لذلك فضلت أن تخرس لسانها فهذه الفتاة لا شأن لها بكل ما يدور حولها ، وأكيد ستصدمها إن هي أخبرتها عما اقترفه ذلك الإنسان وعليه فضلت الصمت وكتفت يديها فوق الغطاء وأخذت تنظر بعيدا للسماء الزرقاء خارجاااا من خلال الشرفة المغلقة ..
جمانة(رمقت نظرتها وفهمتها):- هل ترغبين بالخروج معي للحديقة ؟
ميرنا(انفرجت أساريرها لكن سرعان ما اكفهر مزاجها):- … لا أرغب بذلك أنزلي الستائر قبل خروجك أريد النوم
جمانة(وجدتها قد دخلت فراشها وتدثرت بين الوسائد):- عجااااائب الأرض لا تنتهي يا سبحان الله …. قتل قتل هذه المرأة هففف
نهضت من هناك وأنزلت الستائر وخرجت من الغرفة مزمجرة ، وجدت إيزابيل بانتظارها والتي أغلقت الباب بالمفتاح وجذبت يد ابنتها لتنزلها خلفها والعصبية المفرطة مرتسمة على وجهها وهذا ما لم تفهمه جمانة ..
جمانة:- أي يدي ماما أنتِ تؤلمينني …
إيزابيل:- ماذا كنتِ تفعلين بغرفة السيدة ؟
جمانة:- ميار طلب مني التحدث معهاااا ، ماما يدي أتركي أي …
إيزابيل(جذبت أذن جمانة):- اسمعيني يا بنت إن عرفت أنكِ تضايقين السيدة سأعلقكِ بحبل الأرجوحة الذي جعلتِ السيد يصنعها لأجلك يا وقحة …
جمانة(تتلوى من الألم):- أهئ ما هذا العنف الذي تمارسينه علي أمي ، حرام عليكِ ثم ميار هو الذي عرض خدماته أنا لم أطلب منه
إيزابيل(ضربتها لكتفها):- السيد ميار السيد ميار يا غبية … آه يا ربي ما هذا الصدااااع
جمانة(بهلع):- ماما ماما هل أنتِ بخير ؟
إيزابيل(فتحت عينيها بوجهها):- لست بخير طالما أنتِ تعرضين عملي لخطر ، فأكيد لن أكون كذلك يا بنتي دعيكِ من جنونكِ الطائش هذا العمل مهم بالنسبة لنا كي نعيش .. رجاء لا تتسببي بطردنا وإلا رمينا خارجا وعدنا للشارع
جمانة(رفعت حاجبها وهي تضحك):- مام … ههه هذا الدور من مسرحية البؤساء قد أكل منه الدهر وشرب ، دعيني آكل شيئا أنا أتضور جوعا
إيزابيل(تأكل في أعصابها):- آخخخخ ما هذا الابتلاء أنا أتمزق هنا وهي تفكر ببطنهاااا
سمع كل هذا الحديث أثناء نزوله ، وأخذ ينظر للفوارق الاجتماعية التي غيرت من مشاعره فقد كان يتمنى لو كان مثلهما .. سعيدا لا يفكر سوى بتلك المشاكل الروتينية التي تصادف كل أسرة لكن وضعه معقد معقد لدرجة الاختناق ، يملك أخا لكن لا يعيش حقه الطبيعي معه ، يملك حبيبة لكنها أحرقت كل مشاعره تجاهها بكذبتها التي لا تغتفر ، يملك صديقا لكنه لا يستطيع ممارسة تلك الصداقة معه بشكل مريح فهنالك امرأة بينهما ويصدف أنها تنام ببيته الآن ، أو تحاول التهرب مما يحدث معها بالنوم المستباح .. طبيعي أن تشعر بأن الحل لكي تتجاوز أزمتها هو الهرب منها بأي طريقة رأتها مثيلة ، حتى لو اضطررت للبقاء كذلك 14 يوماااا ستفعلها … لكن لما تحديدا 14 يوما ما المهم في ذلك ؟؟؟ تساءلت وهي تفتح عينيها وتكتشف أنه لم يخبرها بحرف أثناء لقائها به فقد زاد من توترها وشحن أعصابها بالغضب وأجبرها على الهرب منه .. لكن هذا لا يجوز عليها أن تكون أكثر ذكاء منه وتفهم كل ما تحتاج لفهمه هي في قبضته الآن بجواره ، عليها استغلال هذه الفرصة التي أتيحت لها .. لا يجب أن تخسرها فلطالما تمنت لو تجد أجوبة شافية لما يحدث حولهم من فم الفهد البري شخصيا وها هي ذي في حضرته إذن ؟؟؟؟
ميرنا:- عليكِ تعلم الهدوء كي تصلي لمرادكِ عليكِ بالصبر … لكن يلزمني خطة هممم
أبصرت الكتاب الذي وضعته جمانة على المنضدة ، وطافت بعينيها بتفكير وفجأة نهضت إليه أمسكته بين يديها وعادت به لسريرها وفتحته لتجد الوردة البيضاء وسطه لكن كيف تواجدت بداخله فقد رمتها في القمامة بيديها متى تم وضعها بالكتاب ، ثم لما يضعها هناك إلى ماذا يشير يعني أنه لطيف شخص مهذب سيبقى مجرما حتى لو أحضر لي جميع باقات العالم … قالتها وهي تشعر بالحنق من تصرفه ولم تبالي بل فتحت الصفحة الأولى وبدأت تقرأ سطرا بعد سطر شدتها الرواية حقا منذ بدايتها ووجدت نفسها تلتهم الصفحات دون توقف ، وكأن شيئا يشدها لمتابعة أحداث هيثكليف المتبنى وكأن فيه شبها من حكاية ميار هكذا استشعرت وهكذا استمرت بحرص لتتعرف على الشخصية التي أثارت انتباهه وجعلت تلك الرواية من بين مفضلاته … فجأة توقفت ورفعت رأسها وهي تسخر من نفسها هل يريد أن يبرز بأنه شخص ذو حس أدبي ومثقف ، هل يحاول التأثير بهاااااااااا ؟؟؟؟ … نظرت للصفحة التي كانت تلتهمها بالقراءة وعقدت حاجبيها فشعور الرغبة بالمتابعة يقتلها لكن كبريائها المجروح لم يسمح ، هزت رأسها مرتين وأغلقته ووضعته جانبا ونامت من جديد .. طبعا العناد فيها عادة ما شاء الله لذلك سينتظر ذلك الكتاب وقتا طويلا إن حنت عليه وأتممته ففكرة أن يرتشي رضاها بكتاب لن تتقبلهااا بتاتااااااااااااااا ^^…

في الجريدة
كانت تنظر ببلاهة لفتحي الذي كان ينبهها ويحثها على ذكر مميزات جريدتهم ، بينما كان إياد يحاول جهده ألا ينفجر ضحكا من ردود فعلها وهي تتنهد وتشير برأسها بالموافقة ، لم تنطق سوى بكليمات بسيطة طمأنت قلب فتحي وبطنه فقد مسح عليها بجشع سعيد بشهرة اسم جريدته لا يعلم أن الويلات قادمة إليه من أقرب محل .. المهم بعد وصاياه التي لا تنتهي استأذن إياد وسحب معه جوزيت التي وعدت السيد فتحي وعودا لا حصر لها كي تستطيع المضي قدما وكي يحررها من احتجازه ذااااااك …
إياد:- قولي الله يخليلي إيادي حبيبي دوما ما ينقذني من الصعاب
جوزيت(ضحكت من جملته):- الله لا يحرمني منك يا روحي
إياد(نظر لضحكتها الجميلة):- فيكِ شيء متغير يا بنت .. ما الأمر ؟
جوزيت(رمشت بعينيها وهي تتلعثم):- لالا أي تغيير ربما سعيدة أننا سنخطو خطوة مهمة في قضيتنا ، هذا كل ما في الأمر
إياد(وقف وسط الممر):- إذن اهتمي بعملكِ ولا تنسي تقديم مقالة عن السياسيين وأسهم البورصة أجزم أنكِ ستكسرين بها الدنيااااا
جوزيت:- م .. ماذا قلت مقالة ؟؟ يعني متى يجب أن أحضرها ؟
إياد(بتنبه):- غدا يا حلوتي غدا يجب أن تسلميها لذلك تملكين اليوم بطوله .. هيا ذهبت أنا ورائي عمل كثير سأكون بالمكتب لو احتجتِ لشيء
جوزيت(دخلت مكتبها باندهاش):- تمام ../ أي مقال هل يرغبون بجلطي أم ماذاااااااااا ؟ لالا علي أن أرى حكيم فوراااا …(أخرجت هاتفها بسرعة واتصلت به) لما تجعلني أنتظر جوابك طوال هذا الوقت هل يوجد لديك شيء أهم مني ؟؟؟؟
حكيم(رمش بعينه من كلامها):- عفوا هل أكلم زوجتي العزيزة الآن وأنا لا أدري ؟
جوزيت:- حكيييييييييم .. أحتاج لرؤيتك فورا لدي ما أخبرك به ضروري ولا يحتمل التأجيل
حكيم:- والله لم أكن أعلم أن تأثيري قوي هكذا على النساء ، يا بنتي لم تكملي حتى الساعة المتفق عليها بالجريدة ابقي هناك قليلا وبعدها نلتقي أساسا لست متوفرا الآن
جوزيت:- حكييييييم ..
حكيم(أبعد الهاتف من صراخها):- أين حس الأنوثة لديكِ ثقبتِ طبلة أذني ..
جوزيت(بتذمر):- أعطني رقم ميااااار إذن …
حكيم(رفع حاجبه):- المسألة فيها ميار هاااا ، آه يا حكيم الله لم يأذن لك بعد أن تجد من تمزق الطرقات بحثا عنك يلا نصف ساعة وستجدينني بانتظارك عند المقهى المجاور للجريدة
جوزيت:- عرفته عرفته سأنتظرك لا تتأخر علي .. آه لحظة ما الأمر الضروري خاصتك ؟
حكيم(ابتسم وهو يترجل من سيارته):- عذرا عزيزتي جوزيت لكنها مسألة خاصة بالرجال ، أراكِ يا ثعلبة سلام ..
جوزيت(بامتعاض):- تقفل الهاتف بوجهي ماشي ماشي لا عليك ، تت أين أنتِ ناريانتي اشتقت إليكِ يا شقرائي وجداااااا
زفرت بعمق وهي تشتاق لصديقتها التي كانت بدورها مفتقدة لها ، لكن مع الأسف كلاهما مجبرتين على مسايرة الأحداث الحالية .. فهذه هي الظروف الراهنة وعلى أساس ذلك ما زالت كهرمانة تشعر بالغيظ والضيق من بعد ليلة أمس والصداع لم يتركها وشأنها ..
كهرمانة:- حبة وجع رأس يا أماني ولم تستطيعي توفيرها لي ..
أماني:- أممي قد ش شربتي الععلبة كلهااا ، هذااا سيؤذذيك
كهرمانة:- أيا كان أحضريها دماغي سينفجر .. هاه عرندس قد عدت أخيرا أخبرني ما الجديد هل هناك أخبار ؟
عرندس:- مع الأسف سحبوا أيديهم ورفضوا تحمل مسؤوليتهن مستقبلا ، يقولون إن كان لديكِ دفعة أخرى يأخذونها لكن تلك المجموعة مرفوضة
كهرمانة(وضعت يدها على رأسها):- آه يا ربي آه أول مرة أشعر وكأنني أحترق ، لقد انفضحت أمام الجميع لن يثقوا بي مجددا قد فقدت قيمتي بنظرهم بعد تسمم الفتيات
عرندس:- هذا ما نحاول البحث عنه فالأكل الذي تناولنه جيد ، أما الشراب فلم تخرج بعض التحاليل الخاصة به
كهرمانة:- إن كانت بفعل فاعل فأكيييييييييييييييد هنالك شخص واحد قادر على القيام بها
عرندس(رمق لؤمها والكره بعينيها):- من يا ست كهرمانة ؟
كهرمانة(بكره):- لا أحد سيتجرأ على فعل ذلك سوى الدخيلة ، أكيد ميرنا هي التي سممت الفتيات لكي تحررهن لكنها كشفت .. عرندس أحتاج لتلك التحاليل فور خروجها ، أنا متأكدة مثلما أراك أمامي الآن أن الشراب مسموم وعليه سأضرب وجه ميار بتلك الأوراق وأجعله يرى حقيقة المرأة التي يؤويها دون رغبتي ..
عرندس(زفر بعمق):- كما تشائين سأسارع الأمر ، هااا لديكِ اتصال مهم من شاهيناز حين كنتِ نائمة ولم تردي على هاتفكِ اتصلت بي ، تطلب محادثتكِ وتقول أن الأمر عاجل
كهرمانة(عقدت حاجبيها وأشارت له بالخروج من غرفتها):- حسن يا عرندس تدبر الأمر ، سأكلمها الآن ..
خرج من غرفتها وتركها تفعِّل اتصالا لسلسبيل التي كانت تجلس في الحديقة ، وتنتظر اتصال كهرمانة بها على أحر من الجمر .. وما انتظرت كثيرا سرعان ما رمقت اسمها على الشاشة لكن لم تتعود بعد على الهاتف الذكي لذلك …
شاهيناز:- يا بنت أنتِ هنااااك تعالي لحظة ..
الخادمة:- نعم ست شاهيناز ..
شاهيناز:- أجيبي على هذا لقد نسيت كيف ..
الخادمة(ضحكت من غبائها):- لقد شرحت لكي الطريقة لكنكِ تنسين بسرعة
شاهيناز(بحمم بركانية رمقتها):- ردي واخرسي …
الخادمة(بخوف أجابت):- تفضلي
شاهيناز(أمسكته وزورتها بتأفف):- اغربي عن وجهي الآن … ألو كهرمانة
كهرمانة:- آه يا سلسبيل آه … أنا مكتئبة يا أختي أشعر بالشلل في صدري
شاهيناز:- له يا أختي له ، هل موضوع الأمس ما يزال مؤثرا عليكِ ؟
كهرمانة:- وهل هنالك موضوع آخر غيره يكسر روحي … أختي سلسبيل تلك الفتاة أصبحت عدوة مشتركة لنا علينا أن نتخلص منهااااا
شاهيناز:- سنتخلص يا كهرمانة لكن في الوقت المناسب ، الآن أريد منكِ شيئا أهم أرغب بأن تصليني بتلك الفتاة المسماة بناريانا ، أحتاج للوصول إليها ضروري
كهرمانة:- ماذا تريدين منها يا أختي ؟
شاهيناز:- موضوع سيعم خيره علينا جميعا إن تم حسبما أريد ، وحبذا لو توفري العنوان أيضا لأنني بحاجة لرؤيتها وجها لوجه
كهرمانة:- تمام أعرف أين هي هل أجعل أحدا من رجالي يصطحبكِ ؟
شاهيناز(بفرح):- بعد ساعة سيكون أكثر من رائع
كهرمانة:- ماشي يا نور عيني ولو كان هنالك ما أساعدكِ به غير هذا ، قولي ؟
شاهيناز:- لا يا كبدي هذا ما أنا بحاجته حاليا ، انتبهي لنفسك نتحدث لاحقا ..
كهرمانة:- في أمان الله … احم أماني استدعي سيف أريده في مهمة
أماني(أعطتها حبة الدواء):- ح.. حاضرر أمي ..
كما اتفقت معها سرعان ما أخذ سيف السيارة وانطلق صوب قصر حكيم لاصطحاب سلسبيل إلى فيلا ميار لأجل لقائها بناريانا ، في تلك الأثناء كان حكيم يقف مقابله ويحرك فكه بنفاذ صبر والظاهر قد مل وكلَّ من مراوغته الشبيهة بحديث العجائز ههه ..
حكيم:- اسمعني جيدا لما لا تختصر الطريق على كلينا ، أنا وقتي جدا ضيق وأنت لك عملك الخاص لذلك دعنا لا نقحم ضغائننا في الموضوع ، ولتتنحى جانبا لأنني لن أتخلى عما أتيت لأجله
فؤاد:- اسمعني أنت .. لن أبتعد من هنا ما لم أعرف مرادك من هذا اللقاء ، يعني لو كنت منزعجا بسبب باقة الورد التي بعثها لميرنا اعتبره تصرفا نبيلا منه ولا شيء غير .. لقد كان يعلم أهمية الموضوع بالنسبة لها ولما سمع بأنها نالت ذلك فرح لأجلها هذا كل ما في الأمر
حكيم:- هل يظهر علي أنني قاتل مأجور مثلا كي تهاب لهذه الدرجة ؟
فؤاد(صغر فيه عينيه متأملا بجدية):- يعني .. تملك حظوظا جيدة في المجال
حكيم(فتح فيه عينيه بعدم تصديق):- هه سأعتبرها دعابة كي لا أنزعج لأنني صدقا في مود لا يتحمل العصبية ، لذلك بدلا من الساعة التي جعلتني أقف فيها ها هنا كالمسمار في محاولة لإقناعك … امنحني 5 دقائق وسأرحمك من رؤيتي
فؤاد(مط شفتيه بعدم ارتياح):- طيب 5 دقائق وسأحرسك من النافذة ، لو اقتربت من وائل بشكل يثير الريبة سأقتحم الغرفة
حكيم(حرك رأسه بقلة حيلة):- يا رجل من المفروض أننا نسايب ، قد شهدنا سوية على عقد زواج ميرا وشهاب لذلك شوية إحساس راعي العلاقة لو سمحت ..
فؤاد(رفع حاجبه وأشار له ناحية الغرفة):- تفضل أدخل لنرى أين ستنتهي هذه الزيارة
حكيم(ابتسم بأريحية وهو يتحرك):- بكل خير إن شاء الله …
طبعا زيارته كانت غريبة جداااااا ، يعني ما الذي يريده منه ولما أتى كل هذه الاستفسارات لن يجيبنا عنها سوى حكيم الذي وثب أمام وائل وبقي متصلبا ينظر إليه بشكل يدل على حدوث كارثة عما قريب هذا إن افترضنا أنها لم تحدث بعد ^^ …
وائل:- فهمت سبب زيارتك تريد أن تنبهني وتحذرني أن أبتعد عن ميرنا وووو … موقفي يوم أمس كان مساندة ودعما لها يعني مجرد مباركة لن تستطيع اجتيازها يا حكيم ..
حكيم(سحب نفسا عميقا والتفت خلفه لفؤاد الذي كان يكتف يديه ويراقبهما):- وائل
وائل(رفع حاجبه وهو يستغرب من حكيم الذي جذب الكرسي وجلس قربه):- وجهك لا يفسر وكأن هنالك مصيبة ستخبرني بها هل ميرنا بخير .. يعني هل هناك مشكلة تخصها ؟
حكيم(مرر لسانه على شفتيه):- بصراحة .. لا أدري كيف سأبدأ الموضوع
وائل(تزحزح من محله بقلق):- تمام ابدأه من حيثما تريد لأن القلق بدأ يساورني
حكيم(أشار له):- اهدأ أولا ، لأنك لو فقدت أعصابك عمك الماثل خارجا مثل الدب سيدخل وينقض علي في أول فرصة
وائل(زفر بعمق):- هدأت هدأت فقط تحدث …
حكيم(عضعض شفتيه ونظر إليه عميقا):- ميرنا … في الحقيقة قد اكتشفت أمرا ما كان يجب عليها اكتشافه والمشكلة الآن تكمن في مدى معرفة العدو بذلك ..
وائل(اهتزت حدقتيه بقلة صبر):- شعرت بها شعرت أن هنالك خطرا يحيط بها ليلة أمس ، هنا في قلبي كان يوخزني بوجع عليهااا لكن لكن ما اعتقدت أن الأمر بهذه الخطورة ، ثم حاولت الاتصال بها ولم ألقى الجواب واعتقدت أنها ستتصل بي مجددا هذا الصباح ولكنها لم تتصل ..
حكيم:- ولن تتصل يا وائل .. ثم سنتجاوز فقرة المشاعر خاصتك رجاء لا تتطرق كي لا أسحب عرق عصبيتي وأجاورك في سرير آخر ..
وائل(رمش بعينيه محاولا ترتيب أفكاره):- أنا لم أفهم منك شيئا ، بليز وضح لي أي مشكلة وقعت بها ميرنا وأين هي الآن يعني أهم شيء أن تكون بأفضل حال ..
حكيم(تنهد عميقا وأردف):- قبل عدة أيام .. وحين كانت ميرنا هنا في زيارتك ليلا
وائل:- أهاه يوم أحضرها إياد ورامز والبقية .. ماذا حصل ليلتها ؟
حكيم(امتص شفتيه):- تم اختطافها هي وإياد سوية ، واضطررت أن أجلبهما بنفسي من قبضة الفهد البري ولأجل ذلك قمت بمفاوضة مقابل إطلاق سراحهما دون أذى
وائل(برعب انتفض محله):- اختطفهماااااااا … لكن لماذا فعل ذلك لمااااذا ؟
حكيم(أشار له):- اهدأ يا وائل ولا تجعلني أخرج من هنا نادما على إخبارك ، لو لم يكن هنالك ضرورة في ذلك لما لجأت إليك
وائل:- لجأت إلي …. لجأت هذاااا يعني أن الوضع خطير وجااااااد في آن الوقت …
حكيم(شبك يديه وبصوت متحشرج):- كما أخبرتك تم اختطافهما ليلتها لأجل غاية ترهيبهما ، كي يتركوا قضية الفهد البري ولا يقحموا أنفسهم فيما ليس لهم طاقة به .. أنت تعلم عناد الاثنين حجر والعياذ بالله لذلك كان الاختطاف مجرد إنذار للأمر الذي سيحدث مستقبلا والذي لن يكون حميدا مع الأسف ..
وائل(حرك يده بثقل وهو يكره حالته الآن):- ما المطلوب مني يعني ما اللازم كي أفعله ؟
حكيم:- أريدك أن تساعدني يا وائل ، تهديد الفهد ليس عشوائيا هذه المرة استطعت إنقاذ ميرنا وبمقابل لكن المرة المقبلة لن يسعني تقديم شيء .. كلما التقيتما تزيد الأمور سوءا الآن لا أتحدث بصفتي زوج حريص على حياة زوجته ، أتحدث بصفة رجل عاشق وأوجه حديثي لشخص مثلي عاشق للمرأة ذاتها ويخاف عليها من كل شيء.. زيارتك لها بسيارة الإسعاف لم تكن منطقية ، هروبها من البيت والمجيء إليك خفية كان أيضا شيئا خاطئا ، كذبها المتواصل وحالتها المرتبكة طوال الوقت لا يزيد سوى الطين بلة .. لذلك أعتبر بأنك المسئول الوحيد منذ اللحظة على سلامة حياتها ..
وائل(زفر بكره وتعب):- ميرنا ليست لك وزواجك الصوري بها سينتهي ، وذلك الفهد البري سيدخل السجن عاجلا أم آجلا وستتخذ بيادق الشطرنج مواقعها مثلما كان مفترضا من البداية
حكيم(نهض وأقفل سترته):- ما فهمته منك أنك لن تكون مساندا ، تمام لأذهب وأجد من سيدعمني لحماية ميرنا هااااه ولا تأتي بذكر أهميتها بالنسبة لك مجددا ، لأنني سأخرس لسانك بما سأذكره لها يقينااااا عن تخليك وترددك في مد يد العون ..
وائل(بتوجس):- انتظر .. هل الأمر بهذه الخطورة ؟
حكيم(أشار له):- أستغفر الله ، وهل تعتقد أنني أتنازل وأحضر إلى هنا طالبا دعمك نظرا لاشتياقي لعيونك المذهلة مثلا ؟؟
وائل(بحنق):- بدون سخرية
حكيم(جلس مجددا وهو يتأفف):- لنعد من البداية ، طلبي جدا بسيط فأنا لم أقحم نفسي في دوامة الفهد البري لأخرج خاوي الوفاض وأعرض حياتها لأذى …. إن اتصلت بك أو تواصلت معك بأي شكل كان رجاء أوقفها عند حدها ، لا تعطها فرصة الاقتراب منك ولو صدفة لأنكما فعلا مراقبان بشكل لا يمكنكما تخيله .. وأنا لست جليدي القلب مقابل مساعدتك لي سوف أحرص بنفسي على إحضارها لك في زيارة ببيتك يوم خروجك يعني 10 دقائق لن تضر ، فهل أنت موافق ؟
وائل(صغر عينيه بتفكيٍر):- أنت تحضرها بنفسك ولكي أراها ، وأين ببيتي ؟؟؟؟ … حكيم اكشف أوراقك لأنني غير مقتنع بأدائك الفاشل هذا ما الذي يحدث مع ميرناااااا ؟
حكيم(سحب نفسا عميقا لأجل الكذب):- بصراحة ميرنا في ورطة ، قد استطاعت الوصول إلى الذراع الأيمن للفهد البري ، وبصعوبة تمكنتُ من إسكات ذلك الشخص كي لا يوصل الأمر لغريمنا ما يعني أننا مجبرون على حمايتها الفترة المقبلة بشكل أعمق ..
وائل:- ما فهمت منك أنك لا تريد مني لقائها الفترة الحالية ، وأيضا أخبرتني أنك ستحضرها لبيتي بعد خروجي من هنا .. تمام أبشر خروجي بعد يومين فهل ستفي بوعدك ذاك ؟
حكيم(حرك فكه هذا ما لم يكن بالحسبان):- هه يومين يا رجل سرير المشفى قد اعتاد عليك ، يعني ما رأيك أن تتمم أسبوعا هنا على الأقل ؟
وائل(بلؤم):- يومين وسأخرج وأتمم علاجي من بيتي ، وقتها يجب أن تفي بوعدك لي وتدعني أراها
حكيم(نهض وأخذ يدور محله بتفكير):- وائل وائل أنا وأنت يستحيل أن نكون على وفاق ، لكن لأجل ميرنا سنتفق
وائل:- تمام وأنا رهن الإشارة ، لأجل ميرنا أفعل أي شيء
حكيم(إن سارت خطتي على خير ما يرام سننجو):- أوك إذن موعدنا بعد يومين سأخبرك حينها بما يجدر عليك فعله ..
وائل:- أعلم أنك تخفي عني شيئا أكبر من الجعجعة التي أسمعتني إياها قبل قليل ، لكنني سأعرفه وسأحرص على تخليص ميرنا من أي أذى يحيط بها وبأي طريقة كانت
حكيم(تحرك صوب الخروج):- لا تتواصل معها فقط هذا رجائي ، ثم أنا رجل يفي بوعوده
وائل(سيكون صعبا علي لكن في سبيل راحتها سأتحمل):- تمام .. اتفقنا
حكيم(نظر إليه بطرف عين):- اممم .. اتفقنا ..
غادره وتركه في حيرة من أمره ، قلبه ينبئه أن هنالك شرا يحيط بميرنا .. لكن ماذا عساه يفعل هو يعلم علم اليقين أن حكيم لن يفرط بها إذن هي بمأمن حاليا لكن ما الذي ينتظرها هذا ما لم يستطع استجماع فكرة لأجله .. حاول فؤاد حثه على معرفة ما الذي تحدث به مع حكيم لكن وائل كان كتوما ولم يخبره إلا بتنبيهات زوج يخشى على زوجته من حبيبها بإيجاز ، هنا فؤاد لم يحظى بفرصة للسخرية فقد وصل عمو نزار ليستلم مناوبة مرافقة وائل وعليه انطلق فؤاد للشركة لمتابعة العمل فيها ، هيه من كان يقول الشركة التي كان يكرهها ولا يداوم فيها يصبح مرتادا عليها كل يوم ربما في الأمر سرا يبدأ بحرف النون طبعا ومن غيرهاااا ..
نور:- يا الله يا منذر يا الله ، هل أظهر لك وكأنني خريجة علاقات عامة حتى أتدبر موعدين في ظرف نصف ساعة ؟؟؟
منذر :- ست نور عليكِ ذلك ، نحن بحاجة لكلا الاجتماعين فتصرفي
نور:- تمام تمام سأحاول تدبير الأمر فقط لو أعرف ما سر هذا الضغط كله هذه الفترة ، أرى الشركة كلها على قدم وساق والتوتر باد فيها للأعمى حتى ؟
منذر:- ألم تسمعي بالأخبار ، هنالك شركة منافسة ستظهر بالوسط وعما قريب سيتم دعوتنا للافتتاح لذلك علينا أن نكون جاهزين بقوة لهكذا وضع طارئ
نور(غالبها الضحك لحظتها لكنها أمسكت نفسها بقوة):- شركة منافسة قلت لي ، هم همم طيب هل تعرفون هويتها اسمها يعني من يكونون ؟
منذر:- والله لحد الآن هم مجهولي الهوية لكننا سنكتشف ذلك يوم الافتتاح ، هذا يعني إن تم ما وصلتنا به الأخبار الدارجة بالوسط
نور:- ههه أوك يا منذر سننتظر بفارغ الصبر ، عموما دعني أنظر لعملي إن سمحت
منذر:- لا تنسي الموعدين يا ست نووور ، بعد ساعة من الآن
نور(ولجت المكتب):- أستغفر الله أشك أن هذا الرجل سيتزوج من عمله في الأخير ههه .. هاه رنيم تتصل خيرا إن شاء الله / ألو رورو خيرا هل غاب أستاذكم مجددا ؟
رنيم:- لا يا روحي قد جاء وتعرفنا عليه وأيضا بدأنا أول درس في التدبير والتسيير الإداري ، لكن وقعت مشكلة قد طلب منا إحضار عدة كتب ولم أستطع إيجاد شيء هنا بالمؤسسة فهل تملكين معرفة بمكتبة قريبة قد توفر لي ما أحتاجه ؟
نور(بتفكير جلست على مكتبها):- لحظة دعيني أتذكر ، أ… هاه توجد واحدة بوسط المدينة يا رنيم إنها بجانب مركز التسوق الجنوبي حيث توجد محطة للبنزين هل عرفتها ؟
رنيم:- آه آه عرفتها تمام غاليتي سأتدبر أمري ، أراكِ مساء حبي
نور:- ماشي روحي … سلام
رقية(دخلت لحظتها):- وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته
نور(ضحكت):- ههه صدفة جميلة تفضلي رقية كيف حالك ؟
رقية:- رائعة .. يعني نوعا ما
نور(حركت رأسها بعدم فهم):- هل لديكِ مشكلة أفضي لي فأنا مثل أختك ؟
رقية(فركت يديها):- طبعا طبعا ، يعني بما أنني أفتقد ميرنا بالقرب فليس لدي أحد ألجأ إليه هنا غيركِ .. ثم لن يفهمني أحد سوى امرأة فيما سأقوله ..
نور(رفعت حاجبها):- أهاه إذن الموضوع يخص إياد .. لما لا نطلب فنجاني قهوة وتخبرينني ما مشكلتكِ معه كي أشد أذنه لمَّا تجرأ على إزعاجك ؟
رقية:- هه أوافق على القهوة ، لكن شد الأذن لا دعيها علي
نور(أمسكت الهاتف):- اثنان قهوة لو سمحت ، لمكتبي شكرا … ههه أتعلمين أن الرجل الوحيد الذي أؤمن له على روحي من بعد إخوتي هو إياد ، إنه صادق وأمين وليس خسيسا مثل باقي الرجال حتى وائل يعد في صنفه وهما عملة نادرة صراحة ..
رقية(بتلاعب):- والعم فؤاد لم نرى منه سوى كل خير ، ألا يعد أيضا من ذات العملة ؟
نور(تحركت حنجرتها وسرعان ما تلبَّسها الجن الذي يكره فؤاد):- ذاااااااك الرجل تحسبينه من طينة إياد ووائل أعوذ بالله ، أظن أنكِ تهلوسين عزيزتي رقية
رقية(أخفت ضحكتها من ردة فعلها):- تمام لن نتخبط في سيرة العم فؤاد ، قبل أن نحل مشكلتي ماشي ؟
نور(مسحت على شعرها بتوتر):- أؤيد فكرتكِ تماما وخيرا تفعلين .. هيا أخبريني
رقية(تنهدت بعمق):- إياد ، هذه الفترة كتوم جدا يعني بالرغم من أنه يتعامل معي بلطف ولا يخبأ مشاعره عني ففي كل مرة أتأكد أنه حقا يحبني .. إنمااا هنالك شيء مريب به أصبح ينسى كثيرا يعدني ولا يفي بوعوده في أشياء بسيطة يعني لا تستحق التدقيق ، لكنه ينساها تماما وحين أذكره بها يشرد قليلا وبعدها يخبرني أنه قد نسي الأمر ويعتذر مني ..
نور(بتوجس):- يعني محتمل يكون الموضوع مثلما يقوله ، يعني الرجل يتعب طوال اليوم في عمله الدقيق أكيد عقله يرتبك
رقية:- كنت أقول نفس الشيء في البداية ، لكن حين زاد الشيء عن حده انتابتني الحيرة .. المسألة تتكرر بشكل شبه يومي يعني لو كانت بين الحين والحين كنت لأتقبل لكنها مكررة بشكل غريب وهذا ما يقلقني صراحة … أنا قلقة عليه وخائفة إن كان يعاني من خطب ولا يفصح لي خشية انزعاجي..
نور:- رقية ألاحظ أنكِ تبالغين قليلا ، يعني رأيته صباحا وكان مثل الحصان ولم تبدو عليه أيا من علامات الارتياب ربما قد ضخمتِ الفكرة بعقلكِ وأخذت منحى غير صائب
رقية(مالت بشفتيها):- أحقا .. يعني هل تعتقدين أنني أبالغ فقط وأن ما أفكر به محض هواجس لا أساس لها ؟
نور:- طبعا يا بنت أنا أعرف إياد منذ عدة سنوات ، وجلَّ من لا يسهو
رقية(وضعت يدها على صدرها):- أوووف أرحتِ قلبي صدقا نور .. شكرا لأنكِ استمعتِ لي ورجاء حارا مني لا يجب أن يعرف إياد بما هذيت به
نور:- على عيني يا ستي فقط أزيلي الوساوس من عقلك ، إن قال إياد أنه يحبكِ فهو كذلك وحسب معرفتي به هو يخشى خسارة من يحبهم وكثيرااا .. قد يفعل المستحيل ولا يفرط فيهم
رقية(نهضت بعد دخول الساعي):- هه تمام سآخذ قهوتي إذن لمكتبي تركت ملفاتي معلقة
نور:- تمام روحي خذي راحتك ، ضع هنا فنجاني يا بني مشكووور … (نظرت حولها وفي سرها) امممم ما هذا الآن هل حقا إياد يعاني من خطب ما لكن لم يظهر عليه أي من الأعراض التي ذكرتها ، تت ربما هي حركات عشاق فقط لن أدقق الرجل سليم معافى لأعد لعملي الذي لن ينتهي سيأتي ذلك الخسيس بعد لحظة وأخرى ويسمعني وابلا من الكلام إن لم أتصرف بالمواعيد الضرورية ..
لكن هل كان سيرحمها هاتفها ما إن يفصل أحدهم حتى يتصل الآخر ، وهذه المرة كان حكيم
نور:- شكلي سأقلب عملي لمديرة اتصالات عامة .. ألو نعم يا ابن عمي خيرا ؟
حكيم(بتوتر):- نور ..عذرا أزعجكِ الآن لكن هل تعرفين دواء فعالا لمغص المعدة ؟
نور(نهضت برجفة):- هئ لماذا من يريدها من مريض ماذا يحدث أين أنت لماذا يا حكيم ، أين صوتك تحدث أخبرني ما الذي يحصل معك ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
حكيم(حرك رأسه بقلة حيلة):- سائقي يا مذياع ولست أنا .. سائقي مريض أعطني اسم دواء لأنني سأحتاج لوصفة طبية كي أقتنيه ، وبصراحة ليست متوفرة لدي الآن
نور(حكت رأسها بتفكير وجلست):- آه آه اعتقدت أنك أنت الحمدلله ، تمام أ.. خذ ما كان اسمه آه *** ماشي واحرص على أن يأخذه سائقك بعد الأكل وإلا سيتعب أكثر
حكيم:- طيب طيب سأفصل الآن أنا بجانب الصيدلية أساسا مشكورة نوري …
توجه للصيدلية بسرعة وطلب الدواء حسب ما ذكرته نور ، وطبعا اطمئن قبلا بعد سؤاله للطبيبة هناك والتي أكدت له أنه يساعد على التخلص من أوجاع البطن وهو يعتبر مسكنا ، لذلك أحضره وخرج وهو ينظر لتلك البلوة التي تجلس في مقدمة سيارته كالملكة هيييه من كان يتوقع ^^..
حكيم(ركب ووضع الدواء بحجرها):- يجب أن تتناولي شيئا قبل أخذ حبة الدواء
هديل(بعيون دامية):- لما تفعل هذا كان يمكنك تركي هناك يعني ، أقله ترد دين إهانتي لك ؟
حكيم(تلاعب بلسانه داخل فمه واستدار إليها وهو يضع حزام السلامة):- أساسا وجودكِ بسيارتي شرف لكِ ، لذلك لست ممن يهتمون برد الدين لأن الزمن كفيل بتصفية الحسابات
هديل(وضعت يدها على فمها وبكت):- يعني أنت تشمت بي الآن ، فهمت كنت أتوقع ذلك أصلا من إنسان بغيض مثلك
حكيم(زفر بعمق وهو ينظر للسماء):- أستغفر الله العظيم ، لا ألوم خيانته لكِ فقد أبشرت الأسباب جلية عليكِ …
هديل:- أوووه أنت حقا تشمت بي كي تجرؤ ؟؟
حكيم(جذب شعره بعصبية وتمالك نفسه):- يفضل أن نسرع بهذا قبل أن أتسبب بجريمة سأتحسر عليها طوال عمري .. كفي عن البكاء ستتألمين أكثر ..
هديل(نظرت إليه بطرف عين وهي تبتلع تعامله اللطيف كغصة):- معتوه ..
حكيم:- أفندم …. أتعلمين ماذا أنا الغبي الذي أشفقت عليكِ وأركبتكِ سيارتي هيا انزلي الآن انزلي واحترقي لا يهمني …
هديل(هزت كتفيها بدلال):- لن أنزل معدتي تؤلمني أسرع وخذني للمطعم كي أتناول الدواء
حكيم(مرر لسانه على فمه وهو يستوعب هذه المعضلة الكونية التي تجلس قربه):- أنا كنت أعرف أنه يوم لن يمر بسلام … كنت أعرف …
تأفف وهو يقود بها نحو مطعم قريب ، هو يعلم أن عطفه عليها سيجلب عليه وابلا من المصائب لكن ماذا يفعل إنسانيته أشفقت عليها رغم أنها لا تستحق .. فقبل عدة دقائق وحين خرج من غرفة وائل وتوجه صوب موقف السيارات الخاص بالمستشفى لأجل المغادرة ، انتبه لها وقد نزلت من سيارة رجل من رجال جدها الذي غادر بعدها ، لم يعرف لما شعر برغبة بمحادثتها كي يستفزها على الأغلب ويبرز لها انتصاره لكنه تراجع عن ذلك .. إنما تشاء الصدف وأن تراه هي قبلا ..
هديل(بسخرية):- الحمدلله على سلامتك … تعيش وتفتكر ..
حكيم(عاد أدراجه حتى مثل أمامها):- مشكورة على إحساسكِ المرهف آنسة هديل ، قد أثرتِ فيني صراحة
هديل(فهمت تلاعبه وعقدت حاجبيها):- لا تعتقد أن هذه النهاية ، بيننا معارك كثيرة سنخوضها ولن أرتاح قبل أن أدمرك وأدمركم جميعا يا آل الراجي
حكيم(استوقفها):- أآن لن تكملي جملتكِ وإلا جعلت قلب أخاكِ يتحسر على وجه أخته الجميلة
هديل(برعب تراجعت للخلف):- أنت تهددني سوف أخبر جدي وسأرفع شكوى ضدك
حكيم(صفق لها واستدار متجها لسيارته):- موفقة في مسعاكِ قلبي معكِ ..
هديل(وصلتها رسالة على هاتفها وتأففت منه قد أزعجها بحق):- اللعنة عليك وغد .. تت من بعث هذه الرسالة لنرى من شوشو هذه هئئئئئئئ يا إلهي … هذا هذاااا حازم وتلك جولي في حضنه بالديسكو كيف … هئئ إنه يحضنها هنا ويقبلها وهما ثملين وي يخدعانني لالالالالا غير معقوووول لا يمكن أن يفعل بي حازم هذاااااااااا لا يمكن اهئ اهئ آآي … آآآآه … بطني تتمزق … آآآآه
حكيم(سمع أنينها وصفق الباب وهو يضع يديه على جنبه):- ماذا الآن هل ندمتِ على ما قلته لي ست هديل ؟ … هيييه هديل ما بكِ يا فتاة تحدثي ؟
هديل(كانت تنحني بوضعية الألم وهي تعتصر بطنها):- أرجوك خذني من هنااااا .. لو سمحت لا يمكنني رؤية أخي ولو انتبه لي أحدهم ستحدث مشكلة بلييييز
حكيم(رفع حاجبه):- أنتِ لا تمثلين صح يعني لا تفكرين بتوريطي في مصيبة جديدة ؟
هديل(صرخت فيه وهي تتلوى وجعا):- وهل يظهر لك أنني في مزاج جيد لأخدعك ، أساسا أنا التي تم غدري أنا أنا اهئ …. لماذاااااا لمااذا ؟
حكيم:- أوك يبدو أن الموضوع جدي .. تمام تعالي معي لسيارتي سأوصلكِ للبيت
هديل(هزت رأسها له):- .. لن تختطفني صح ؟
حكيم(مص شفتيه بقلة حيلة وهو يفتح لها الباب):- صدق من قال لا تفعل خيرا كي لا تجد شرااااا ، مع الأسف مات صاحب النصيحة وإلا لكنت أهديته باقة ورد
هديل(ركبت وهي ترتعش وتمسك على معدتها):- الألم يشتد أسرع وخذني من هناااا
حكيم(وقف عند النافذة):- بما أننا في مستشفى دعي أحدا يراكِ ويطمئن عليكِ ، ولا تبتليني بمشكلة الله يخليكِ ..
هديل(وضعت حزام السلامة وهي تبكي):- كلكم بغيضون ، خذني ما بك تنظر إلي هكذااا ؟
حكيم(هز رأسه بقلة صبر واتجه لمحله):- معلوم لما أستغرب … وهل من يُصبح على وجه آل رشوان يربح ؟
هديل:- لا تشتم عائلتي
حكيم(أخرج منديلا من علبة مناديله وقدمه لها):- أبدعي أنتِ فقط في شتيمة عائلتي ، حلال عليكم وحرام عليناااااا ..
هديل(هزت كتفيها):- هممم ..
حكيم(أعلم أن ما أفعله مخالف للطبيعة البشرية لكن فففف):- أستغفر الله
قاد بها مبتعدا عن تلك المستشفى مثلما طلبت الآنسة الكريمة ، واتخذ طريقا سريعا لكي يجد أقرب صيدلية يحضر منها مسكنا للآلام ويرتاح من هذه المصيبة التي ما فتئت تبكي تبكي بدون توقف … خط تلك الطرقات بعصبية فأكره شيء بالنسبة له أن يرى امرأة تبكي قبالته فما بالك بواحدة تنتحب بجانبه في السيارة ، سرعان ما دعك الفرامل وهو يتوقف عند الصيدلية لكن قبلا اتصل بنور وأخذ منها اسم الدواء وأحضره وها هما ذا أمام بعضهما في المطعم …
هديل(شربت حبة دواء ووضعت كأس الماء على الطاولة):- الآن أفضل
حكيم(حرك فكه وأشار للنادل كي يعطيه حساب الأكل الذي تناولته الأخت ، ما شاء الله محراث وكأنها لم تكن تتلوى وجعا قبل قليل قد التهمت كل الصحن):- يا أستاذ … الحساب لو سمحت / .. امم هاتفي يرن لحظة ألو نعم امم تمام انتظريني هناك بالمقهى سآتي فورا يا ..يا بنت أنا الآن مشغول ما إن أنتهي سآتيكِ لا تجلطيني وإياكِ وأن تتصرفي من عقلك نصف ساعة سأكون معكِ تمام .. أوك
هديل(مسحت أنفها بالمنديل):- هذه ميرنا ؟
حكيم(نظر إليها بجدية):- تجاوزي ذلك وأخبريني لما بكيتِ ما الذي حدث معكِ ؟
هديل(مطت شفتيها وقد اعتراها الحزن):- لا شيء … أحداث سيئة وقعت أربكتني فأنا حين أتعصب تؤلمني معدتي
حكيم(رفع شفته بعدم تصديق):- لم أتعجب في أن أعصابكِ بالمعدة ، عموما وقتي لا يسمح بأن أترجاكِ لكي تتحدثي ، لذلك أظنني قمت بواجبي تجاهكِ كاملا وعليه اتصلي بجدك المنقذ ليأخذكِ من هنا .. سلام
هديل(طأطأت رأسها حين رأته قد دفع الحساب وهم بالرحيل):- الموضوع مخجل ، جعلني أشعر بالخزي والعاااار … ترى هل أنا بشعة ؟
حكيم(آه يا ربي هل علي أن أجاري مراهقة في حديثها الغريب هذا):- هل أنتِ على ما يرام ، عقلكِ سوي يعني الآن أنتِ تتحدثين مع الشخص الذي زججتِ به في السجن قبل يومين ..صباح الخير عزيزتي ؟؟؟؟؟؟
هديل(وضعت يدها على خدها وأخذت تفكر):- ربما كنت عارا عليه ، لكن جولي ليست أحلى مني لما فعل بي هذاااا لقد وهبته كل ما أملك
حكيم(هنا جلس وهو يستمع بذهول):- كل كل ما تملكين ؟؟؟؟ هل فعلتهاااااا ؟
هديل(عقدت حاجبيها بتفكر):- ماذا تقصد يا هذا هل تشير بأنني منفلتة ؟
حكيم:- والله أنا أجاريكِ حسب سياق حديثك
هديل:- اطمئن ذلك لم يحدث .. آه هل جربت إحساس الرفض وكأنك منبوذ ؟
حكيم(حرك رأسه):- هه أملك فكرة عن ذلك
هديل(أخرجت هاتفها ونظرت للصورة من جديد وأظهرتها لحكيم):- أنظر .. هذا حازم إنه الرجل الذي أحببته بكل جوارحي ، اتفقنا على أن يأتي لخطبتي الشهر المقبل يعني بعد التخرج والعودة لأرض الوطن .. لكن كل ذلك تلاشى وتبخر في الهواء لقد كان يخونني مع جولي وضبطتهما في إحدى المرات ولكنه حلف لي بأيمانات الله كلها أنه لن يعيد الكرة وأنه يحبني وأنها هي التي تلتصق به وترمي نفسها عليه …صدقته وغفرت له إنما وكما يظهر لي في الصورة كان سعيدا جدا بها وهي بين أحضانه وأنااااا ، الغبية الساذجة التي تتعرض للخيانة مع الأسف من وراء ظهرهااااا
حكيم(أغمض عينيه وهو يرد الهاتف لها):- أيا كان من بعث لكِ هذه الصورة فهو فاعل خير ،وله كل الشكر الجزيل ، لأنه كشف لكِ هذا الحقير قبل أن تتورطي أكثر معه هو لا يستحقكِ .. يعني أساسا لا يليق بكِ أنظري مجددا لهيأته يظهر أنه زير نساء وقح لا يهمه شيء سوى تلبية نزواته ، وحسبما فهمت أنتِ رفضتِ الانصياع لتلك الرغبات
هديل(بحزن):- أكيد .. لذلك بحث عن المرأة الأسهل وكانت جولي ،،، آه يا ربي ماذا سأفعل كيف سأواجههما بهذه الخيانة كيف ؟؟ هل أقتلهما يا ترى ؟
حكيم:- هئئئئ يا إلهي الإجرام متفشي في تلك العائلة ، ظننت أن الأمر منوط بنا نحن فقط .. قتل ماذا يا هبلة هكذا ستضيعين سنين عمركِ في شيء لا يستحق من أصله
هديل:- ولكنني لن أسكت على هذااااا الخداع ، أنا هديل رشوااااان وإن لم أجعله يدفع الثمن غاليا لن أكون لائقة بنسبي
حكيم:- مبهج هو إيمانكِ بقيم أسرتكِ الفاضلة … اقشعر بدني حقيقة هل نرفع العلم ؟
هديل(ببكاء ضربت على صدرها):- أنا أحترق .. أرجوك أشعر بي وبقلبي الملتاع …
حكيم(تنهد أسفا عليها):- هل أدلكِ على طريقة سهلة ؟
هديل(كما لو وجدت طوق النجاة):- أهاه .. ؟؟؟
حكيم:- طنشي .. وعيشي حياتك وانبذيه منها كأنه لم يكن
هديل:- مستحيل أن يمضي الأمر مرور الكرام ..
حكيم(استقام):- إذن جدي شخصا ملائما لتفرسي به قلب حازم ، وليعرف قيمة المرأة التي خسرهاااااا يعني بعد أن تتخلي عنه وتهجريه يا فهمانة
هديل(لمعت الفكرة ببالها):- ومن في نظرك سيساعدني ؟
حكيم:- وهل أنا ولي أمرك ، أعطيتكِ فكرة إذن تدبري أمركِ بدل البكاء والنواح انتقمي منه بالشكل الذي يستحقه ودعيه يراكِ في أقوى حالاتكِ ليعض يده ندما بعد خسارتك
هديل(ابتسمت):- سأسافر بعد خروج أخي وائل من المستشفى لأنهم اتصلوا بي وعلي أن أعود في أقرب وقت وإلا لكنت بقيت لأنغص عليك حياتك ، لكن لا بأس سأغيب قليلا لأجل العودة التي سأبقى فيها على قلبك
حكيم(مسح على وجهه بنفاذ صبر):- أفتش عن الذنب الذي ارتكبته حتى ألتقي بهكذا مهابيل
هديل(بشرود لم تسمعه أصلا):- هل تعتقد أنني سأجد من يساعدني بذلك ؟
حكيم:- والله حتى لو دفعتِ المال لقاء دوره ستكونين الرابحة ، هيا دعيني أوقف لكِ سيارة أجرة كي تعودي للبيت وكفي عن البكاء لا يوجد رجل على وجه الأرض يستحق دمعة
هديل:- ولا حتى أنت ؟
حكيم(تمشى بجانبها):- ههه لا تقحميني في الموضوع فيكفي ما جعلتني أعيشه يا رشوانية
هديل:- أعتذر عما بدر مني .. لم أحسب أنك شهم لهذه الدرجة
حكيم(أشار لسيارة أجرة):- إذن مرة أخرى لا تهجمي قبل دراسة شاملة للخصم ، ونصيحة مني الحب إن لم يكن من طرفين يكون فاشلا
هديل:- كحبك لميرنا مثلا … يا عيني ممن أتلقى النصيحة من ثلاثي العذاب ، أنت أخي ميرنا
حكيم(زفر بتعب من تحليلها):- بعض العلاقات هكذا تتسم بأبدية العذاب .. عموما انتبهي لنفسكِ وانضجي يا بنت كفاكِ طيشا ..
هديل(بامتنان):- شكرا لأنك سمعتني وساعدتني
حكيم(حرك رأسه بابتسامة):- هكذا أرادتِ الظروف ، ثم المرأة التي رأيتها حين جاءت الشرطة لأخذي كانت تتمتع بقوة رهيبة لم ألمسها في أي امرأة أخرى .. لذلك أري ذلك الحازم ما يستحقه ولا تترددي باسم الحب
هديل(بحسرة):- أي حب .. قد مات قلبي ولم يعد هنالك سوى الرغبة في الانتقام
حكيم(ساعدها لتركب وأقفل الباب):- ترأفي بحالك … إلى اللقاء
هديل(بنظرة غريبة رمقته):- ودااااعا
كان غريبا أن تتبلور الخصومة بينهما لصلح وامتنان وابتسامات متناثرة هنا وهناك ، لكن الأقدار عرفت كيف ترسم الطريق في وقت الضيق ووجدت هديل حقا أن حكيم ليس بذلك السوء الذي ظنته ، قد كان شهما معها وساندها في أزمتها التي كان من الممكن أن تتطور لشيء سيء لا سمح الله … تنهار أو تتعب أكثر نفسيا وتقدم على فعل جنوني لكي تنتقم وتقتص لنفسها الجريحة ، لكنه حدُّ من ذلك بتصرفه الحكيم وجعلها تنظر لمسألة الخيانة من منظور آخر ألا وهو الانتقام السليم لروحها ولمشاعرها قبل أي شيء آخر .. فكرة أن تجد حبيبا جديدا يمثل الدور ويساعدها في انتقامها لم تكن بالسهلة عليها ، لكنها أخذت تفكر بكل المعطيات المتوفرة أمامها وقررت بعد سفرها أن تتفرغ للموضوع بشكل دقيق ، والآن عليها أن تستمر كما أن الأمر عادي ولكل حادث حديث ….
كان هو يقود سيارته في اتجاهه للمقهى الذي كانت تجلس به جوزيت وعقله يفكر بما حدث لهديل وكيف تطورت الأمور بينهما إلى أن وصلت لصلح وتفاهم ، رأى أنها ظريفة بعض الشيء لكنها ما تزال لئيمة وأرجح ذلك لعرق الرشوانية الذي لا يسعفه تغييره ، ثم لما سيغيره هم في حالهم وهو في حاله أصلا هو يكابد مرحلة صعبة في هذا الوقت وغير ممكن أن يعايش مصائب أخرى في ظل ما يحدث .. شعر بأن زيارته لوائل كانت كفيلة بزرع الشك في قلبه لكي يستشعر خطورة الموقف الذي تعيشه ميرنا ويتصرف على ذلك الأساس ، فردة فعل وائل كانت مهمة لإنقاذها بعد أسبوعين وطلب حكيم في أن يتوقف عن رؤيتها كان ليحد من الخطأ الذي متوقع أن يحدث بعد لقائه بجوزيت ، خشي أن يكشفها فحتى لو خال الأمر على العائلة على إياد على الكل لن يخيل على وائل ، فهو يحفظ ميرنا عن ظهر قلب واحتمال الخطأ هنا قد يجعل الأمور تتأزم أكثر …آه يا ميرنا آه منكِ ومن شوقكِ الذي يطعنني !! قالها وهو يتحسر أسفا على حياتهم التعيسة مع الأسف … بعد برهة وصل لذلك المقهى وترجل من سيارته وهو يزيل نظارته الشمسية ، وجدها تطقطق كعبها على الأرض من محلها الذي كانت تجلس فيه وما إن رأته نادته بصوت مرتفع جعل الكل ينتبه
حكيم(وهو يرسم بسمة بليدة):- فضحتِ أهلنا ما بكِ على هذااااا الصراخ ؟
جوزيت(بحدة):- أين كنت لما تأخرت مع من كان موعدك ولما لا ترد على هاتفك هاااااااه ؟
حكيم(ابتسم بقلة حيلة):- والله جعلتني أشك في نفسي وبمن تزوجت أنتِ أم هي ؟
جوزيت(تنهدت عميقا):- يا رجل .. أقول لك أن الموضوع مصيري ولا يحتمل الحديث على الهاتف وأنت تثقل نفسك حرام عليك ..
حكيم:- أوك أدخلي لصلب الموضوع جديا رأسي به مليون ألف مشكلة ..
جوزيت:- علي أن أتحدث مع ميار فورااا ، ويجب حتى أن أراه
حكيم(أشار لها):- الآن حددي تحدثينه أم ترينه ؟
جوزيت(مطت شفتيه بدلال):- وددت الاثنين لكنه سيرفض الثانية لذلك .. سأقبل بالأولى
حكيم(أخرج هاتفه):- بخصوص ماذا ؟
جوزيت:- بخصوص شركة هيرمكانا الأمر ضروري حقا ..
حكيم(عقد حاجبيه بقلق واتصل به):- … إنه يرن .. لحظة مرحبا ميار كيف الحال ؟
ميار(تنهد بعمق):- عادي لا جديد ..
حكيم:- كيف عادي لا جديد ، ميرنا معك وتقول عادي هل استيقظت كيف مضى الأمر ؟
ميار:- لم يمضي بعد ما تزال منزعجة وغاضبة ولا تدخر جهدا في ترجمة عصبيتها
حكيم:- طبيعي يا رجل ، وهذا أقل ما يمكنها فعله أصلا .. المهم إن تأزم الوضع تعرف ما يتوجب عليك فعله اتصال قصير وسأكون متأهبا لرؤيتها
ميار:- سنرى ما قد يجد .. المهم طمأنني عنك أنت كيف تمضي الأمور ، لقد اتصلت بكهرمانة قبل قليل لم يكتشفوا بعد مسألة الشراب المسموم
حكيم:- اممم جيد لحد الآن يعني ، فمؤكد سينكشف الأمر لاحقا هي مسألة وقت
ميار:- غضنفر لا أخبار عنه ؟
حكيم(نظر لجوزيت التي كانت تتنصت بجهد جهيد):- جوزيت تريد محادثتك لديها ما تخبرك به ، ولعلمك لم تشأ مشاركتي بالأخبار أنت أولا
ميار:- خطة دنيئة لتكلمني .. تمام أعطها الهاتف
جوزيت(بتوتر):- ميار … اشتقت لك ؟
ميار(أغمض عينيه):- أخبرني حكيم أن لديكِ ما تخبرينني به ، تفضلي أسمعكِ ؟
جوزيت(امتصت شفتيها وهي تبتلع رده المؤذي لها):- الموضوع وما فيه يعني .. أن إياد أنه يعني …أ.. لما تفعل بي هذا يا ميار ؟
ميار(مسح على جبينه):- أفعل ماااااذا يا جوزيت أفعل ماذاااا ، هذه أقل ردة فعل تستحقينها مني والآن إن كان لديكِ ما تتحدثين به فأهلا وسهلا وإن وجدتِ نفسكِ غير مستعدة أخبري حكيم هو يبلغني ، ورجاء لا تحاولي التودد لي لأنني لم أعد أطيقكِ بالمرة .. انتهى سلام
جوزيت(نظرت للهاتف وأعادت لأذنها):- ألو … ألوو اهئ ألووو ميااااار .. ألو اسمعني اهئ لما تصرخ بوجهي.. ميااااار ..
حكيم(بأسف أخذ الهاتف منها وأمسك يدها):- لقد أقفل الخط .. لا تنزعجي يا جوزيت هو مجروح في صميمه يعني خطؤكِ لا يمكن غفرانه بسهولة .. يلزمه بعض الوقت
جوزيت(ببكاء):- ماذا فعلت كي يؤلمني بهذا الشكل ، لقد وُضعت أمام خيار صعب مثله .. لم يكن لي ذنب غضنفر هو المسئول عن كل ما حدث لنااااا
حكيم:- غضنفر لن يستسلم قبل أن يجعلنا خاسئين أمامه برأس منحني .. لكن هذا ما لن يصل إليه معنا إذ يستحيل أن نمكنه من تلك الفرصة ، آخ فقط لو نجده لقضينا عليه وانتهينا
جوزيت(رمشت بعينيها وهي تنتحب):- أنا أعرف أين هو ..
حكيم(فتح عينيه بدهشة):- تعلمين وساكتة حتى الآن يا هانم ؟؟؟؟؟
جوزيت(مسحت عينيها):- لا أحد فيكما سألني أصلا ، لقد اهتممتم بميرنا وأنا رسمتم لي هذا الدور وأجبرتموني عليه حتى دون موافقتي .. لا أحد اهتم بي ولا بشعوري وانظر الآن ميار لا يفلت فرصة ولا يجرحني فيهااااا ..
حكيم(نظر لهاتفه الذي كان يرن وابتسم):- حسن ليس لوقت طويل ، ها هو ذا يتصل ..
جوزيت(بعدم تصديق):- أحقاااا .. ؟؟؟
حكيم(أعطاها الهاتف لها):- ردي أنتِ
جوزيت(بتردد):- لكنه غاضب ولن يريد محادثتي
حكيم:- بهدوء .. أجبيبي بهدوء ولا تتطرقي لمسألة المشاعر لأنكِ لن تكسبي شيئا غير نفوره حاليا
جوزيت(بغيظ طفيف تمالكت نفسها):- ألو نعم ..
ميار(بتوتر خفي):- قاطعت كلامكِ .. تفضلي
جوزيت(بصوت باك عرفت أنه اعتذر بطريقته):- إياد اتفق مع رامز على أخذ إذن لمداهمة شركة هيرمكانا والقبض على هاشم الرفاعي ، يتضح أن لعبة الكلب التي وصلته قد تم اكتشاف مصدرها .. أرسلوها من مصنع قديم ذهبت إليه ميرنا ورامز وإياد البارحة لاكتشاف الموضوع ..
حكيم(بتفكير):- قلتِ البارحة يعني في الصباح الذي اختفت فيه ميرنا توجهت لهذا المصنع
جوزيت:- هذا ما فهمته من إياد وأيضا قد عرفوا أن ذلك المصنع قد بيع مؤخرا لهاشم الرفاعي نفسه ، واستنتجوا أنك أنت من تحاول مساعدته لاكتشاف أهله
ميار:- غضنفر الخسيس … تابعي ..
جوزيت:- عليك التصرف قبلهم ، إن فتح هاشم الرفاعي خاصتكم فمه ستتورطون
ميار:- لا تقلقي سأتدبر أمره ، هل هناك شيء آخر ؟
جوزيت(بأسى):- إياد يفكر بالذهاب لدار الأيتام التي ترعرع فيها ، يريد معرفة من الشخص الذي أودعه هناك لكي يسأله عنا ببساطة
ميار:- اللعنة هذا ما لم أحسب حسابه ، لكن كله محلول لا تقلقي لن يعرف شيئا
جوزيت:- جيد .. انتهى حديثي ، إليك حكيم
ميار(أغمض عينيه وفتحهما بسرعة):- مهلا ..
جوزيت(أعادت الهاتف لأذنها):- هممم ؟
ميار(مال بشفتيه):- ليس جميلا أن أتردد الآن .. لكن أنتِ جرحتني كثيرا بغيابكِ يا جوزيت صعب أن أتقبل وجودكِ بسهولة لذلك إن قلت أي شيء يجرحكِ لا تغضبي مني
جوزيت(هل هذا اعتذااااااااار من ميااااار شخصيا أكاد لا أصدق):- تمام .. هه ماشي
ميار(تنهد بارتياح):- أعطني حكيم
حكيم(غمز جوزيت):- نعم يا صاح ما الخطة ؟
ميار:- إن لم أقتلع حنجرة غضنفر بيدي لن أرتاح .. سأتصرف بخصوص شركة هيرمكانا سأبيدها قبل أن يقتربوا منها خطوة
حكيم:- ميار .. نحن لدينا عنوان يفيد بموقع غضنفر
ميار:- أحقاااا أين ذلك الحقير ؟
حكيم(بتلاعب):- البركة في جوزيت أعطتنا المفيد لذا لم يعد أمامنا سوى التحرك
ميار(همس بخفوت):- جوزيت ..
جوزيت(نهضت بوجع):- أنا بالحمام
ميار:- حكيم .. هل كانت تبكي ؟
حكيم(وضع يده على رأسه):- صباح مثل الزفت ، حسن نعم كانت تبكي وقد كنتَ ثورا معها أهكذا تحدث امرأة عيب يا رجل في حق رجولتك
ميار(سحب نفسا عميقا):- إنها تستفزني .. عموما لن ندقق علينا أن نفكر لكي نتدبر أمر غضنفر يجب أن نتصرف بأسرع وقت قبل أن ينتبه للعبتنا
حكيم:- وماذا تقترح ؟
ميار:- غدا سأخبرك بخطتي .. الآن دعني أتصرف في مسألة هيرمكانا فهي الأهم حاليا
حكيم:- أوك بلغني بأي جديد ، ورجاااء اهتم بميرناااا وحاول ألا تضايقها .. هئئئئ الوغد أقفل الهاتف بوجهي طيب يا ميار سأردها لك …
هنا وضع ميار الهاتف بجيبه ونظر لإيزابيل التي وثبت أمامه في حالة توتر وقلق ، فهم أن ملامحها لم تكن تبشر بالخير لذلك أشار لها كي تفضي بالمصيبة التي تنتظره ..
إيزابيل:- السيدة ميرنا … لقد هربت من الشرفة ..
ميار(ضحك بغبن):- ههه ماذا قلتِ هربت .. هه … ميرنااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااا ..
بحالة من الجنون صعد بسرعة متجاوزا إيزابيل التي بدأت تولول بقلق واستها فيه ابنتها جمانة التي لم تعرف بعد ما الذي يحدث ، أما هو فقد صعد مزمجرا للغرفة ونظر لزجاج باب الشرفة المتناثر في الغرفة كلها .. أطل منها ووجد خيطا من ثوب السرير متدليا حتى الأسفل وعرف أنها بواسطته قد هربت ، نظر أمامه للغابة الموحشة التي كانت تحيط بالبيت وعرف أنها ستعرض نفسها لخطر .. بغضب ضرب على درابزين الشرفة واتجه ركضا لغرفته أمسك سلاحه ووضعه بخصره وركض مسرعا نحو الأسفل ..
ميار:- إيزابيل حين يعود السائق دعيه يساعدني في البحث تمام …
إيزابيل:- حاضر سيدي حاضر .. يا إلهي ما هذه المصيبة ؟
جمانة(بعدم تصديق):- لكن لماذا هربت ؟؟؟؟؟
ههه وهل هذا سؤال يا بت يا جمانة ، طالما لا تعرفين خبايا الأمور حافظي على بقايا عقلكِ سليمة فلو أخبرناكِ لانجلطتِ ^^….
كان يركض بخفة في الغابة بين الأشجار يبحث عنها وينادي باسمها ولم يظهر لها أثر مسح على رأسه وهو ينظر من كل جانب وتابع الركض … هنا كانت هي تجري وسط الأشجار بحثا عن طريق تتخذه لتنجو ، جاءتها فكرة الهرب فجأة حين ضاقت بها الغرفة وأخذت تدور تدور وشعرت باختناق في صدرها ودت فقط فتح نافذة لتلتقط أنفاسها ، لكنها اكتشفت انغلاق باب الشرفة بالمفتاح هذا زادها عصبية وضيقا لذلك أمسكت بالكرسي وضربت به الزجاج حتى شمل كل جزيئة هناك ووقفت تتنفس بعمق ، وهي تزفر بتعب وتمسك على قلبها الذي ارتفعت دقات قلبه بشكل متوتر .. أطلت من الشرفة نحو الأسفل ولم تكن المسافة بعيدة جدا لذلك نظرت خلفها للسرير وأمسكته بعصبية وأخذت تمزق تمزق وهي تبكي لحين عدلت خيطا رفيعا عقدته عند حافة الشرفة وصعدت عليها ، نظرت للأسفل بارتياب فما تفعله جنون لكنه الحل الوحيد لكي تفر من ذلك السجن ، أخذت تتدلى بهدوء وهي تستذكر اليوم الذي سقطت فيه من الجرف وكيف كان يثبتها وائل وحاولت أن تجاري أفكارها لحين وصلت أرضا ، نظرت من كل جانب لا أحد لذلك أطلقت رجليها للريح وخرجت من البوابة الصغيرة وانطلقت وسط المجهوووول ….. كان يعرف أنها ابتلاء لن يجلب لرأسه سوى الصداع لكنها لا تعلم أين رمت بنفسهااااا لا تعلم ..
ميار(بتعب روحي خوفا عليها):- آخ يا ميرنا هل هذه فعلة تقدمييييييييين عليها ، ميرنااااااااااااااااااا أين أنتِ ؟؟؟
يعني بذمتك هل ستستمع لك وتطل عليك من إحدى الأشجار مشيرة بموقعها وهي تلوح مبتسمة ، لا تهذي يا ميار فهي لن تجعلك تجدها حتى لو بقيت تبحث عنها طوال اليوم .. لكنني سأجدهااااا سأجدهاااا قالها وهو يركض من جديد في اتجاه آخر .. هنا وقفت عند جذع الشجرة وتمسكت به وهي تلتقط أنفاسها وتنظر من الخلف إن كان يلحق أحد بها ، المشكلة أن كل ما يحيط بها أشجار في أشجار حتى المنعرجات الطرقية لم تستطع الوصول إليها، لذلك تابعت مسيرها بعد أن استجمعت قوتها من جديد ، لكن فجأة سمعت صوته وهو يناديها وهنا جمدت محلها وهي ترتعش خوفا
ميرنا(تهز رأسها بدموع):- لالا لن أدعه يجدني لن أدعه يجدني اهئ …
ركضت مباشرة لحين وصلت إلى جرف يطل على النهر ، كانت المسافة قصيرة وليست بشيء يبعث على القلق ، لكن عدم معرفتها لأصول السباحة هذا ما جعلها تقف حائرة هل تقفز أم تعود أدراجها أم ماذا ؟؟ ..فضلت الركض بجانب النهر ما ربما وجدت سبيلا للنجاة وظلت هكذا وهي تستمع لصوته مقتربا منها وهذا ما زادها رعبا .. تلألأ ماء النهر وتلك الشمس الساطعة والخضرة المحيطة بها ونسائم الهواء وزقزقة العصافير وتحرك الغيوم ، كل ذلك كان يعطيها لمحة اكتئاب وفشل وخسارة إن حدث وأمسكها سوف تنهار ولن تستطيع التحمل … قد اكتشفت أنها ضعيفة حد الهشاشة أمام المواقف الصعبة تريد الهرب تريد أن تجد وائل أمامها فتحتمي بأحضانه أو حتى حكيم قد كانت ستصفعه على وجهه لأنه تركها مع ذلك الوحش ، لكنها ستعانقه حتما فهو ملاذها في هذه الحالة ، أي واحد فيهما المهم أن يمسكوا بيدها ويطمئنوها أنها بخير .. يمسكوا بيدها هذا أقل ما تتمناه لكن هئئئئ … ليس هذاااا الذي تمنته أن يمسكها
ميار(أمسك يدها وجذبها إليه وهو يلهث):- هل أنتِ مجنونة لتخرجي وحدكِ هناااااا في البراري ، ألا تعلمين أين نحن .. آه طبعا لا تعلمين تظنين أننا في مأمن لكن هذه ليست بمحمية يا ميرناااااا … إنها المكان الذي آتي فيه للاصطياد أوَ تعلمين اصطياد ماذا ؟
ميرنا(كانت تنظر إليه في وضح النهار ، الشمس تلامس وجهه بأشعتها وعيناه العميقة تلمعان بشكل غريب):- إياد …
ميار(حرر انعقاد حواجبه بضحكة جاءت فوق طاقته):- هه حسن لا يسعني اصطياد إياد هنا ، لأننا ببساطة وسط عرين مليء بالأسود والفهود البرية
ميرنا(عقدت حاجبيها وهي تتأمل كل تفصيلة فيه):- لما لحقت بي .. هل تريد أن تنقذني ؟
ميار:- أوك أظن أن أشعة الشمس قد أحدثت خللا في عقلك ، دعينا نعود قبل أن تحدث مشكلة
ميرنا(انتفضت بعصبية):- هل كنت حقا تريد إنقاذي ؟؟؟
ميار:- ميرنا كفي عن الهذياااااان ، لنعد فوراااا
ميرنا(دفعته عنها واتجهت للجرف):- إذن أنقذني لأرى ….
بدون تفكير رمت بنفسها وسط النهر العميق ، وهنا نظر حوله بقلة صبر رمى بمسدسه على الأرض وأزال سترته الخفيفة وقميصه بسرعة وقفز قفزة ماهرة وسط النهر ليلحق بتلك المجنونة التي كانت جديا تغرق .. بمشقة الأنفس استطاع اللحاق بها قبل أن يجرفها النهر نحو الشلال فهناك ستكمن مصيبة أخرى لن يستطيع مجاراتها ، لذلك بذل جهدا وهو يسبح في اتجاهها ويحاول حثها على مساعدته لكنها كانت غير واعية ، فقد ظلت تنادي على أمها بالنجدة بينما ابتلعت أغلبية الماء الذي تسارعت وتيرته عندما انجرفت أكثر مما توقع .. لكن سرعان ما تمكن من الاقتراب منها مستعينا بسباحته عكس التيار وما صدق نفسه حين أمسكها من ياقتها وجذبها إليه بقوة ، فلتت منه لحظة لكنه انتفض واعترض طريقها حتى ارتطمت بصدره وهي تحاول استنشاق الهواء ، رفع رأسها للأعلى كي لا يصلها مستوى الماء وحاول بجهد جهيد أن يسيطر على حالتها المتوترة وحركاتها المتخبطة وسط الماء ، والتي لم تكن تساعد بشيء بل تزيد الأمور سوء ..
ميار:- اهدئي ميرنا أنتِ معي لن تغرقي .. ميرنااااا اسمعي صوتي ولا تجزعي سأخرجكِ من هنااا فقط ثقي بي …
"ثقي بي" هي كلمة بسيطة كانت لتسمعها من غيره وتتقبلها أو تهزأ بها ، كان من الممكن أن تكتب عليها مقالة خاطرة حتى .. تحللها تناقشها تصدقها تكذبها من أي إنسان موجود على سطح هذه الأرض إلا هو … إلا هو الذي حرمت عليه كل الكلمات لم تشعر بنفسها إلا وقد دفعته عنها وهي تصرخ بشكل هستيري استصعب عليه التحكم فيها صراحة فقد كانت تجرفهما معا نحو الجانب المؤدي للشلال ، ولم يجد حلا سوى أن يمسكها من الخلف لذلك بسرعة أمسكها من بطنها ودفعها إلى صدره وهي تتخبط أمامه بينما كان يجذبها نحو اليابسة رويدا رويدا حتى تحكم في زمام الأمور ووصل بها لبر الأمان ، خرج بسرعة وحملها بهدوء بين ذراعيه ووضعها على الأرض ..
ميار(وضع ركبته تحت رأسها وأخذ ينظر إليها وهو يبعد خصلات شعرها المبللة على وجهها):- ما الذي فعلته هااااه ما هذا التهور ، أتريدين الموت مثلا ؟؟؟؟
ميرنا(سعلت وهي ترتعش وتحاول إبعاد فكرة نجاتها):- كنت دعني لأموت ولا أبقى معك لحظة واحدة أيها المجرم … أنا أكرهك
ميار(تنهد بتعب ومسح على وجهه):- تمام اكرهي مثلما تشائين لكن وأنتِ بخير .. دعينا نعود للبيت انهضي ..
ميرنا(أبعدت يده عنها ونهضت وهي تترنح):- لا تلمسني ..
ميار(أغمض عينيه بعصبية وأشار لها):- امشي أمامي ..
ميرنا(نظرت إليه وهو عار الصدر وأشاحت ببصرها وهي ترفع رأسها للسماء):- مجرم
ميار(رفع يديه للسماء بقلة حيلة):- الرحمة يا ربي … الرحمة
انكمشت حول نفسها بعد أن شعرت بالبرد وأخذت تلامس ذراعيها اللتين التصق بهما الرداء الأبيض ، وبدتا شفافتين جدا مثل شعرها الذي تشعث بفعل الماء وأعطى انسيابا غريبا لامس شغاف قلبه ، بالرغم من أنه أبعد ناظريه عنها إلا أنها كانت تبدو ملكة بالأبيض وهي تسير أمامه وتخط الأرض بتعب .. كانت مرهقة فما عايشته قبل قليل غرق محتم لكنه أنقذها أنقذها الفهد البري بنفسه أنقذهاااا أي قدر هذاااا ، نفضت يدها ببؤس من فكرتها فأن ينقذها هذا شيء يعتبر مرفوضا بالنسبة لها ، كان ليصفعها ليؤذيها ليضربها ستتقبل فذلك هو الفهد وهذا ما تعرفه عنه ، لكن أن يعاملها بذلك اللطف ويظهر الخوف على حياتها جليا بعينيه هذا ما لم تستطع مجابهته ، وهذا ما جعلها تخرس ليس طوعا بل رغما .. ماذا ستقول وماذا ستخفي إن هذا شيء استعصى عقلها على تفهمه أو حتى هضمه ، ههه إنها نكتة على الأغلب .. حركت رأسها بجنون وسارعت خطاها حين رمقت ذلك الشيء مرميا على الأرض ، لم تمنحه حتى فرصة استيعاب هرولتها بل أمسكت بالمسدس بقبضتها وصوبته تجاهه ..
ميار(التقط قميصه وهو يضحك):- أنزلي السلاح ميرنا أنتِ لا تعرفين حتى كيف تستخدمينه
ميرنا(حركت الزناد وجهزته في وضعية التصويب):- حقا .. نصيحة لا تستهزئ بقدرات فتاة صديقتها الحميمة تكون نقيباااا ..
ميار(ارتدى القميص بهدوء وأمسك بالسترة):- إذن علي أن أهابكِ الآن ، قد طورتِ قدراتكِ مع وصال صدقا فاجأتني هذا شيء لم أتوقعه ، خذي البسي هذه ستصابين بنزلة برد
ميرنا(رمشت بعينها وهي تصوبه لرأسه):- لا تقترب يا هذاااا … سأقتلك ..
ميار(وضع السترة جانبا ووثب أمامها على بعد خطوتين فقط ورفع يديه للسماء):- وأنا لن أعارضكِ .. تفضلي ميرنا اقتليني إن كان هذا يريحكِ ..
ميرنا(ابتلعت ريقها وقد بدأت يدها ترتج):- لا تتحدث بصيغة التهكم ، لأنك لا تملك فرصة يا مجرم أنت تستحق الموت جراء ما فعلته بكل أولئك الأبرياء .. شخص مثلك حرام يعيش وحرام أن نبقيه على قيد الحياة ..
ميار(وضع يديه خلف رأسه مستندا بأريحية):- هذا الكلام من وراء قلبك ، أعلم أنكِ لا تستطيعين قتلي ستفكرين في ردة فعل إياد ما ربما كان رأيه مخالفا لرأيك ، في النهاية أنتِ تقتلين أخاه وهو الوحيد من يملك الحق في حياتي أو موتي وليس أنتِ .. فكري معي إن فعلتها هل سيغفر لكِ ؟
ميرنا(رفعت حاجبها وهي تغالب أفكارها التي ولجت عقلها فجأة):- لا تحاول الضغط علي ، لأنني لن أغفر لك وإياد سيساندني في قراري ولو عرف أن الرجل الأخرق الذي لطالما بحثنا عنه يكون أخاه ، لقتل نفسه من هذا العار الذي ألحقته به …
ميار(هنا زم شفتيه ونظر للأسفل وهو يتنهد):- أنا لم ألحق به أي عار ، لم أرد هذا بدوري لكن ماذا نفعل أمام الظروف فقد كانت الكرة الأرضية على وشك السقوط وميار وحده الذي ضحى بحياته وروحه لكي يضبط مسارها .. أرأيتِ فدائيا مثلي قبل هذه المرة ؟
ميرنا(ضحكت بهزل):- فدائي … ههه آه يا مجرم يا سفاااااااح أنت قاتل أنت …
ميار(اقترب منها حتى لامس المسدس صدره ونظر إليها باستفزاز):- أنا ماذا …
ميرنا(ارتعشت من تقدمه ذاك ونظرت للمسدس الذي كان يطبع حفرة فوق القميص على صدره ، هذا مجنوووون !!!):- ابتعد ..
ميار(رفع يديه في الهواء):- لماذا أبتعد هكذا ستضمنين تفجير رئتي اليسرى مئة بالمئة ، ربما تصيبين وتين القلب مباشرة من يدري أنتِ وحظكِ
ميرنا(هزت رأسها):- ألست خائفا ، أنا لا أمزح هناااااا ؟
ميار(وضع كلتا يديه على يدها وصغر عينيه فيها):- ميرنااااا حبيبتي ليست بقاتلة ..
ميرنا(شعرت أن قواها قد ارتخت):- ما الذي تفعله ؟
ميار(تحركت حنجرته وقد اقترب برأسه من رأسها في حالة ضعف):- ما كان علي فعله منذ أول مرة رأيتكِ فيها ، أتذكرين ؟
ميرنا(عضت شفتها المحمرة بعدم فهم):- هل سبق والتقينا ؟
ميار:- طبعا كانت أول مرة في الجامعة قبل عدة سنوات ، تذكري يا ميرنا قد كنت هناك لرؤية إياد ورأيتكِ هناك لوهلة اعتقدت بأنكِ ..أ هه يعني اقتربت منكِ لأسألكِ عن شيء واعتقدتِ بأنني إياد
ميرنا(مالت بعينيها جانبيا وهي تتذكر):- لقد سألتني عن اسم فتاة … لا أذكر اسمها
ميار(مط شفتيه):- هي نفس الفتاة الموجودة ببيتكِ الآن يا ميرنا ..
ميرنا(لمست ألمه وهو يقولها ونظرت للمسدس المصوب إليه):- تمام ابتعد ابتعد
ميار:- ههه هل أنتِ مصابة بالزهايمر ، لقد قررتِ أن تقتليني هل تراجعتِ ؟
ميرنا(نظرت ليديه وهما ممسكتين بيديها):- أفضل أن أموت ألف مرة ولا تلمس يديك القذرة يدي … ابتعد ……..
دفعته عنها بيدها وبقيت مصوبة المسدس لصدره ، هنا لمح شيئا خلفها وتبدلت كل ملامحه لرعب وقلق .. نظر إليها وفتح فمه ليتحدث لكنها صرخت فيه لذلك انقض عليها مغلقا فمها بيده ومحاولا السيطرة على حالتها الجنونية فكلاهما في خطر ..
ميار:- ششششششت اهدئي اهدئي أنتِ في خطر يا غبية …
ميرنا(تتمطى وتنتفض لتبتعد عنه):- اممم اممم دعني
ميار(جذبها إليه بقوة ولم يكن هنالك حل سوى وضعها أمام الأمر الواقع):- هنالك نمر خلفكِ مباشرة اخرسي الآن….
ميرنا(هنا جمد الماء بركبتيها رعبا):- هئئ هل هذا صحيح ؟
ميار(همس بخفوت):- هااا وهل سأمزح في هكذا أمر ، استديري بهدوء وخذي سيلفي معه لو أردتِ سأكون مسرورا بذلك …
ميرنا(فعلا استدارت ووجدت النمر متربصا خلف الأشجار):- يا إلهي ماذا سنفعل ؟
ميار(نظر إليها وقد تمسكت بقميصه):- سنفعل .. فديت حرف النون أنااااا …
ميرنا(بكره رمقته):- تبا لك يا خسيس يا معتوه تستغل الفرص لكن سأقتلك أعدك بذلك ، فقط لنسلم من هذا النمر بعدها سأقتلك ..
ميار:- حسن بينما تخططين لقتلي وأفكر أنا بكتابة وصيتي ، لما لا تعطيني ذلك السلاح لنقتل النمر قبلا ليتسنى لنا ممارسة ما نأمل القيام به ؟؟؟
ميرنا(سمعت صوت النمر):- هئئ ماما اهئ … أين أنتِ يا ماما تعالي وانظري أين هي ابنتكِ يا عوااطف اهئ …
ميار(حرك فكه وجعلها تقف خلفه بعد أن أمسك المسدس):- حبيبتي يا خالة عواطف ، صدقا اشتهيت الاتصال وسماع صوتها ما رأيكِ لو نقوم بذلك الآن … أو لأقل لكِ فكرة أفضل لنتصل من بطن النمر إن شاء الله ؟؟؟؟؟
ميرنا(بارتجاف أغمضت عينيها):- حرام عليك أنت ترعبني
ميار(مال برأسه وهو يتأملها خلفه ملتصقة بقميصه وشعر بالنشوة تغمره):- عيب يا ميرنا .. هل سيخذلكِ الفهد البري الآن أنا أفديكِ بروحي ولا تصابين بأذى ..
ما إن أتمم جملته وتركها في حيرة من أمرها حتى صوب مسدسه تجاه النمر الذي ركض صوبهما ، كي ينقض عليهما لكن 4 رصاصات ضربت في صدره قبل أن يسقط على ميار الذي دفع ميرنا جانبا بعيدا عنه لكي لا تتعرض لأذى … هنا نهضت وهي غير مصدقة لما حدث وكأنها تشهد حلقة محترف يقتل فهدا بريا على قناة ناسيونال جيوغرافيك ، أهاه القناة التي لطالما اعتبرتها مضيعة للوقت حين تحضرها مديحة التي تملك غراما مستحيلا مع توالد القردة والأسود ، كانت لتفرح لو شهدت مشهد قتل نمر هههه .. قالت ذلك وهي تستذكره بهزل بينما الدم الذي رمقته على ذراع ميار جعلها تستفيق من حلم اليقظة …
ميرنا(نهضت من الأرض):- هل جرحك ؟
ميار(نظر لجرح يده الغائر وعقد حاجبيه وهو يمسك مسدسه ويضعه بخصره):- جرح طفيف دعينا نعود وارتدي السترة هيا ..
ميرنا(أمسكت منه السترة وطأطأت رأسها أرضا):- لقد أنقذتني مرتين .. كان في وسعك تركي للنمر كي يلتهمني يعني لو لم تخبرني لما رأيتُه ..
ميار(نظر للنمر بحزن وهو متدثر بدمائه وقد فارق الحياة):- لم أكن أرغب بموته .. لكن كان متوحشا لو لم أفعل لقام بأذيتكِ ..
ميرنا(رفعت حاجبها وهي تلامس تذمره):- هل ستبكي لأجل نمر ؟
ميار(ابتلع ريقه وأغمض عينيه وتمشَّى مبتعدا عنها):- لنعد ..
ميرنا(في سرها):- هل هذا يأمرني ، هل يتوقع مني أن أعود معه هل هو مجنووووون هه
ميار(توقف عن المسير ورمقها وهي ما تزال جاثمة محلها والسترة بيدها):- ميرنا .. أنا أكره أن أعيد كلامي مرتين كوني عاقلة وامشي معي بتهذيب وإلا سأضطر لحملك
ميرنا:- المسني لأرى ووقتها سوف .. هئئئ ماذا تفعل هيييييييه دعني دعني لا تلمسني
هوهوووه كان يحملها فعلا كشوال الدقيق على كتفه ، بينما كانت تتدلى من الأمام ومن الخلف وهي تضرب على ظهره لكي ينزلها لكن بدون فائدة .. تعبت من الضرب واستسلمت وهي ترخي عضلات يدها وتنظر للحياة الغريبة التي تهزأ منها الآن ، هي على كتف الفهد البري يعني حتى لو حاولت فهم ذلك بكل اللغات الموجودة في العالم سيستحيل عليها ذلك ، لأنه من جهة لا يتقبله عقل ومن جهة أخرى لا يمكن أن يكون مختلفا تماما عما تخيلته ورسمته في مخيلتها عنه .. يعني ماذا أن يكون شابا وسيما ذكيا نبيها لبقا أنيقا وووووو ، كل هذا يليق بوائل يليق بحكيم يليق بأي رجل من محيطها إلا هو ، فقد كان يجب أن يكون متقدما في السن بشع المظهر نتن الرائحة كريه الملامح مجرم الهيأة ، يعني هكذا بمجرد رؤيته تشعر بنفور لكن اصطدمت بما وجدته .. فقد كان ميار مختلفا تماما عما انتظرته قد صدمها برجولته وبوسامته وببنيته الرياضية الشبيهة ببنية إياد وهذا ما ساعده على التنكر أكثر حتى الطول كان متناسقا ، شعره مختلف قليلا يعني ليس بكثافة شعر إياد وفي آن الوقت مميز بشكل أنيق يليق به ، عيونه دافئة هذا ما استطاعت تسميتها به فذلك الدفء الذي تلمسه من نظراته لا يشعرها بالخوف كما تزعم ، بالعكس هي مطمئنة لدرجة التناقض فعقلها يطالبها بكرهه بنبذه بقتله حتى ، بينما قلبها يفكر بطريقة مختلفة أن هذا الرجل هو عائلة إياد الذي لطالما بحث عنها المسكين وعاش عمره كاملا ينتظر ظهور أحدهم على أمل طفيف ، لكن هي متأكدة أنه سيتراجع عن أمانيه حين يكتشف ماهية أخيه .. زفرت بعمق وهي تنظر لكتفه الجريح برغم ألمه يحملها فهل هذا معتوه أم جسده غير قابل للألم مثلااااا .. قد خدشه نمر نمر وليس شيئا سهلا …يا ويل أمي أنا ^^
ميرنا:- حسن أنزلني وسأمشي بجانبك
ميار:- هه ستجعلينني أفكر وكأنكِ تراعين حالتي وتشفقين علي من التعب
ميرنا(بغيظ اهتزت):- ليس كذلك فقط أنت تعصر بطني بكتفك ، وأنا أتألم صراحة
ميار(بلهفة توقف وأنزلها):- أحقا هل آلمتكِ لم أقصد ؟
ميرنا(رفعت حاجبيها بفم مفتوح):- تمام .. تمام سأحاول مجاراة حالتك المزاجية لأنني صدقا لست في وضع جيد لاستيعاب تقلباتك الغريبة
ميار:- ميرنا .. هل تخشين التورط معي لهذه الدرجة ؟
ميرنا(تراجعت برأسها للخلف):- من أين أحضرت هذا الكلام ؟
ميار(أمسك سترته من يدها ووضعها على كتفيها حين جذبها بخفة):- مجرد إحساس
ميرنا(برفض):- أصلا أصلا أنت لا يحق لك محادثتي ، ولا لساني يخاطب لسانك
ميار(رمقها وهي تحتضن السترة وتسير مسرعة قبله وحرك رأسه):- أقسم أنكِ تتأثرين
ميرنا(بغيظ):- لا تهذي
ميار:- بلى ..
ميرنا(حركت رأسها وهي ترفض الاستماع له):- لا لا لا لا لا لا لالا لا لا لا لا
ميار:- ميرناااا .. نحن لا نملك رصاصا في السلاح لذلك يفضل أن تخفضي صوتكِ ، لأنه لو التقينا بزوجة النمر الذي قتلناه قرب النهر لن يمر الأمر بسلام ..
ميرنا(هنا تصلبت محلها وهي تنظر من كل اتجاه):- هل يوجد نمور أخرى ؟
ميار(اقترب منها وهمس):- بعدد يكفي لكي لا يبقي منكِ سوى شعركِ الجميل ..
ميرنا(تحركت حنجرتها برعب وهي تراه متجاوزا إياها):- له … لا تقلهااا لا أريد أن أموت هنااااا لا أريد ذلك ..
ميار(لم يبالي بل بقي جامدا يسير قبلها):- إذن حافظي على هدوئكِ يا وجبة شهية
رفعت شفتها بتأفف من جمله القميئة ، وحاولت المسير بقربه لكن مبتعدة بعدة أمتار ، وأخذت تدور حولها وتراقب كل حركة طبيعية تسمعها بتوجس ، هكذا إلى أن وصلوا للبيت وجدوا إيزابيل وجمانة واقفتين عند الباب والقلق والخوف مرتسم على ملامحهما ..
جمانة:- يا إلهي هنالك دم يا ماما على كتفه ..
ميار:- لا تبالغي يا فتاة إنه مجرد خدش نمر .
إيزابيل(شهقت):- هئئ نمر وكيف قضيتم عليه ؟
ميرنا(تجاوزتهما بملامح باردة):- الأجدر أن تصوروا معه روبورتاج ليحكي لكم عن بطولاته قرب النهر .. هذا ما ينقص !!
إيزابيل:- أ. سيدة ميرنا لا يمكنكِ استخدام غرفتكِ الآن ؟
ميرنا(توقفت):- ولماذا ؟
إيزابيل:- لم ننظفها بعد يعني في ظل هذه الأحداث ، بقينا ننتظر ولم نقدم على شيء
ميرنا(كتفت يديها ونظرت له وهو يبتسم):- أحتاج لغرفة …
ميار:- استعملي خاصتي
ميرنا(ابتسمت له وتوجهت صوب الحديقة):- أنام في العراء ولا أبقى بغرفتك …
جمانة(اقتربت منه وهي ترمق ميرنا متجهة للحديقة فعلا):- ما بها غاضبة طوال الوقت ؟
إيزابيل:- هل هذا وقت سؤال أسرعي وأحضري عدة الإسعاف ، سأضمد جراح السيد
ميار(تحركت حنجرته):- لا تبالغي خدش بسيط ..
إيزابيل:- مع ذلك علينا تنظيفه تفضل معي سيد ميار .. تفضل ..
أجلسته على الكرسي خارج الحديقة وأخذت تضمد جرحه وتنظفه هناك ، بينما جمانة كانت تراقب كل ذلك وتتحدث عن بطولة قتل النمر التي شاركها بها ميار طبعا ، هنا كانت ميرنا جالسة على جانب من الحديقة هناك تراقبهم عن كثب وتشعر بالحنق والتأفف لو ماتت في النهر لكان أرحم ، لكن مع الأسف ذلك البغيض أنقذها .. أغمضت عينيها بتعب ووضعت يدها على جبينها وهي تشعر بالصداع يشمل رأسها ، دلكته مرتين وبقيت مستكينة هكذا لبرهة وحين فتحت عينيها وجدت جمانة أمامها تمسك كأس ماء وحبة وجع رأس
جمانة:- تفضلي سيدة ميرنا هذا سينفعكِ
ميرنا(عقدت حاجبها وهي تتناولها منها):- كيف عرفتِ أن رأسي يؤلمني ؟
جمانة(حكت حاجبها ونظرت لميار الجالس هناك):- إنه السيد
ميرنا(بصقت الماء ومسحت فمها بكم فستانها):- لأشرب السم يكون أفضل …
جمانة(لم يعجبها الأمر):- أنتِ تبالغين جدا ، ماذا فعل لكِ ميار حتى تكرهيه بهذا القدر هل أذنب لأنه يحبكِ ؟؟؟؟
ميرنا(يحبكِ ؟؟؟؟؟؟):- هه ماذا قلتِ ؟؟؟؟
جمانة(أمسكت الكأس منها بغضب):- ستخسرين حب حياتك بهذه التصرفات ، السيد قد جُرحت ذراعه بسببكِ ولأجلكِ .. لولا هربكِ لما حدث ما حدث وحتى كلمة شكر ما قلتِ له أنا متأكدة
ميرنا(نهضت إليها بغضب):- هل أنتِ تحاسبينني هنا ، من تكونين أصلا ؟
جمانة(ارتعشت من جملتها وطأطأت رأسها وهي تتراجع للخلف):- قد أكون ابنة الخادمة نعم ، لكنني أملك قلبا وضمير وما فعلته بالسيد أمر لا يليق .. أيا كان الذنب الذي أذنبه لا يحق لكِ محاسبته بهذه الطريقة ودعيني أخبركِ أنكِ تشابهينه في ذاتِ السوء الذي تعتقدين أنه يتصف به.. عن إذنكِ سيدتي
ميرنا(حركت يدها بإشارة ولكن كانت جمانة قد تحركت):- هذا ما ينقص أن تعلمني هذه آداب التعامل مع ذلك المجرم ، ههه عال والله عال … ففففف
إيزابيل(رمقت مرور ابنتها الغاضبة ومطت شفتيها):- أكيد نطقت بشيء ضايق السيدة ، ما إن أكمل تضميد جرحك سوف أعتذر منها
ميار(بابتسامة مرتسمة على وجهه مذ جلوسه):- لا داعي لذلك .. ما إن تفرغي جهزي غرفة الصالون المقابلة لغرفتي لميرنا ودعي السائق يساعدكِ في تغيير الأثاث
إيزابيل:- لم يعد بعد من المشوار الذي بعثته له سيدي
ميار:- فور عودته ، شكرا لتعبكِ إيزابيل يمكنكِ الاستئذان الآن
إيزابيل(أغلقت علبة الإسعاف خاصتهم):- سلامتك سيد ميار ..
ميار:- مشكورة … (توجه صوب ميرنا وزفر بعمق) ما تفعلينه لن يفيدكِ بشيء ، أدخلي للبيت أقله تستدفئين بنار المدفئة كي لا تصابي بالبرد بثيابكِ المبللة هذه
ميرنا(نهضت حقا وتحركت صوب الدخول):- سآخذ بثأري
ميار(رمش بعينه وهو يرمق تجاوزها بحسرة):- لا تقصري ، أساسا ربما حان وقت الحساب
ميرنا(توقفت عند جملته لكنها أتممت طريقها):- ربما …. ها خذ سترتك
ميار(أمسكها منها وسمع رنين الهاتف بداخلها):- ههه قليلة حظ أنتِ يا ميرناااا
ميرنا(زمت شفتيها وهي تدك الأرض دكا تجاه الداخل):- غبية كنتِ أبقها معك وأخذتِ هاتفه ففف ضاعت الفرصة …
ميار(ببسمة):- نعم حكيم
حكيم:- آه يا ميار آه ، أبقى عشرون عاما محتجزا مع فخرية وكهرمانة في غرفة واحدة ولا تتركني مع هذه المجنونة جوزيت ستقتلني قبل أن أفرح بنفسي ، لقد تذكرت الآنسة شيئا أهم بكثير مما بلغتنا به سابقا وطبعا لأنها لحوح لن تهدأ قبل تبليغك ..
ميار:- وبماذا ؟
حكيم:- أخبرها إياد أن ميرنا لن تضمر لك الخير ستحاول قتلك ..
ميار(ضحك بهزل):- ههه تأخرتم جدا بتقرير إنذار الخطر ، قد عايشت ذلك للتو
حكيم:- ماذااااا هل حاولت قتلك حقا ؟
ميار:- يمكنك قول ذلك لكن لم يحدث شيء كله على ما يرام …
حكيم:- آخ يا ربي على هذا الحال المتدهور الذي نعيش فيه
ميار:- لا تقلق سأجعلها ترضخ أكيد ستتعب وتكف عن عنادها ، وقتها سأستغل الفرصة وأقحم في رأسها فكرة التراجع وقد نصل لفقرة استقالتها حتى من عالم الصحافة بالمجمل
حكيم(مط شفتيه):- ميرنا لن تقدم على ذلك ، روحها في الورقة والقلم
ميار:- دعنا نرى .. عموما علي أن أفصل الآن واشكر لي جوزيت ع التنبيه المتأخر يسلمو
حكيم:- ههه يوصل يخويا ، ولكن اهتم بميرنا لأجلي رجااااء لا تجعلها تبكي كثيرا
ميار(نظر للأرض وزفر بعمق):- سأبذل قصارى جهدي ..
حكيم(فصل الخط):- هاه هل ارتحتِ يا أم قلب شبيه بالضغط الجوي ؟
جوزيت(ابتلعت ريقها):- أخبرتك أنها ستؤذيه .. ماذا فعلت به ؟
حكيم:- خدش بسيط في ذراعه لا شيء مهم ..
جوزيت:- الله يستر ..
حكيم:- مرة أخرى حين يكون لديكِ هاجس آخر بليز أنذريني ونحن واقفين على الأرض ، وليس على الطريق كدتِ تتسببين بحادثة سير لنا يا بنت
جوزيت:- وما شأني تذكرت فجأة كلام إياد ، حين قال أنها لو التقت به ستقتله
حكيم:- جميل يا روحي جميل هي نزعة اللهفة التي تغمركِ فجأة .. لكن اطمئني هما بخير
جوزيت:- وما شأني بها ما شأني هاه أنا أسأل عن ميار ؟
حكيم(شغل السيارة ليتحرك):- وأنا أتكلم عن ميرناااا ..هه تعادل يا قطة
جوزيت(كتفت يديها):- معادلة فاشلة طبعا لُممم …
حكيم:- ههه هذه الحركة خاصة بميرنا هل تقلدين هنا ؟
جوزيت(ضربت على حقيبتها):- يا الله لن أخلص من ميرنا أنااااااااااااااااااااااا أبدا …
ضحك حكيم عليها وهو يستذكر حركة ميرنا حقا ، اشتاق لها ونار الفقد تتعبه قد مر يوم ولم يرها أو يشم عطرها ويستمع لفظاظتها وهي غاضبة منه .. هو مدرك أن تواجدها مع ميار أهم شيء يمكن حدوثه ولضرورته مستقبلا عليه أن يتحمل ، لكن هل سترضخ ميرنااااا حقا هذا ما سنكتشفه لاحقا ، في تلك الأثناء كان ميار قد اتصل برشيد لدواعي أمنية
رشيد:- ماذا قلت يا سيدي ؟؟؟
ميار:- ما سمعته يا رشيد ، أحرق شركة هيرمكانا وقم بإخفاء مروة وهاشم حيث لا يجدهم مخلوق
رشيد:- ولكن .. يعني لما يا سيد ميار قد كنا نبلي جيدا
ميار:- رشيد .. هل تعتقد بأنني اتصلت بك كي أستشيرك ، نفذ وبدون شوشرة دع الأمر يبدو كتماس كهربائي .. اجعلها عملية نظيفة ولا تورطنا تمام ؟
رشيد:- حاضر سيدي الليلة ستسمع أخبارا جيدة
ميار:- أنتظرك بفارغ الصبر
رشيد(رمق سيارة خاصة بكهرمانة قد وقفت بباب الفيلا):- تمام سيدي …/ همم ما الذي أتى بكهرمانة إلى هنا ، أوبس أليست هذه الجميلة خاصة طلال ؟؟
شاهيناز(دخلت للفيلا ووجدته قبالتها):- أين ناريانا ؟
رشيد(اقترب منها بخبث وقبل يدها):- شاهينااااااز ..
شاهيناز(رمقه بطرف عين مشمئزة منه):- كأنك على عجلة من أمرك
رشيد:- فعلا طرأ لي عمل مهم ، وإلا ما كنت تركت ضيفة فاتنة مثلكِ وذهبت
شاهيناز:- كف عن التملق ، ومع ألف سلامة أحتاج لمحادثة ناريانا وبعدها سأغادر بدوري
رشيد(صغر عينيه):- بخصوص ؟
شاهيناز(ضربت على صدره بتلاعب وتوجهت للصالون):- أمور شخصية لا تفهمها سوى النساء ، لذا أبعد أنفك عن الموضوع يا روحي
رشيد(حرك سترته وهو يعدلها وتوجه خارجا):- سنلتقي مجددا شاهي .. سلامو
شاهيناز(بتأفف):- ما أثقل دمك يا متعوس هفف .. أين ناريانا الآن …
صعدت لفوق وأخذت تبحث عنها غرفة غرفة ، حتى الخادمة التي تقدمت لمساعدتها طردتها وأكملت البحث بنفسها إلى أن استقرت عند باب غرفة وأغلقت عينيها حين شعرت بها موجودة هناك ، بمجرد دخولها وجدت ناريانا تكتف يديها وهي جالسة بصالون غرفتها
شاهيناز:- أجزم أنكِ كنتِ بانتظاري
ناريانا:- ليس لتلك الدرجة الحسية ، قد سمعت صوت عجلات سيارتكم وعرفت بقدومك
شاهيناز(جلست قبالتها):- يعني أنكِ لم تريني بأحلامكِ أو تتنبئي بقدومي ؟
ناريانا:- لنختصر سبب زيارتكِ شاهي ، فكلانا نعلم أننا لا نطيق بعضنا لذلك لا داعي للنفاق الخادع لأنه مجرد مضيعة للوقت
شاهيناز:- ههه ذكية ومثيرة للإعجاب أيضا ، جميلة فاتنة وشابة يافعة بالحياة
ناريانا:- هل لديكِ عريس لأجلي ؟
شاهيناز:- هههه ومفعمة بالكوميديا شيء مبهج .. لكن حلوتي كل شيء بثمن وأنا أعرض عليكِ عملا سيدر عليكِ الكثير من المال
ناريانا(وضعت رجلا على رجل):- لست بحاجة لعمل ، عذرا أخطأتِ العنوان
شاهيناز:- هي مسألة شخصية بيني وبينكِ ، إن وجدت ما فقدته سأعطيكِ صندوقا مليئا بالذهب
ناريانا:- هوووه عرض مثير .. لكن مجددا سأتأسف لأنه لا يسعني مساعدتكِ
شاهيناز:0 أنا أعرف عنكِ كل شيء ، أنتِ تتمتعين بقدرات خاصة أحتاجها وإن لم تتفقي معي بالحسنى ستضطرينني لكي أتعامل معكِ بالقوة
ناريانا(هنا وقفت بغضب):- أتهددينني في وضح النهار يا ست شاهيناز ؟؟؟
شاهيناز(نهضت أمامها):- اعتبري بأنه مجرد تنبيه بسيط ، ثم عملكِ سيكون شيئا سهلا وفي استطاعتكِ حتى
ناريانا:- ماذا تريدين ؟
شاهيناز:- منذ فترة ، ضاعت مني قلادة على شكل شمس وأريد منكِ إيجادها هذا كل شيء
ناريانا(ضحكت):- هههه .. أهذا ما تريدينه حقا وأنا التي اعتقدت بأنكِ ترغبين مني أن أرتد على صديقتي جوزيت، تمام هذا أمر بسيط يمكنني القيام به لأجلك
شاهيناز(بفرح عارم):- أسعدتني بهذا الخبر ، بصراحة كانت هدية من طلال ولم يتسنى لي رؤيتها قد ضاعت قبل ذلك بوقت ، وعليه لا يمكنني وصفها لكِ لأنني لم أرها من قبل
ناريانا(مطت شفتيها):- قلتِ أنها عبارة عن قلادة للشمس إذن بسيطة ، سأحاول البحث عنها جديا لكن سأحتاج لزيارة قصركم يعني البحث من المنبع الذي فقدت منه سيساعدني كثيرا
شاهيناز(بتفكير):- أ.. تمام أعطني الزمان وسأكون بانتظارك
ناريانا(جلست بأريحية):- والله كان على عيني لو أنجزت لكِ رغبتكِ اليوم ، لكنني محتجزة هنا ولا يسعني مغادرة القصر يعني ستنتظرين إلى أن يعفو عني السيد ميار
شاهيناز(بغيظ):- اممم شو عليه طالما انتظرت لسنوات سأنتظر بضعة أيام أخرى ..
ناريانا:- اتفقنا إذن
شاهيناز(تحركت للمغادرة ونظرت إليها):- ما حسبت أنكِ ستكونين متعاونة هكذا
ناريانا:- أنتِ ذات ظهر قوي ، وضروري أن ألبي طلبكِ طالما بإمكاني لكن .. لي رجاء عندكِ لا أرغب بأن يعرف أي أحد بأنني أتمتع بهذه القدرات الخاصة
شاهيناز:- طبعا طبعا سيبقى بيننا …
ناريانا(سخرت منها في سرها):- ههه هيا يا سلسبيل يا لعينة انتظري قلادة السم التي ستضعينها على رقبتك ، خسئتِ يا حقيرة ..
شاهيناز(نزلت وفي سرها):- ما أغبى هذه البنت الساذجة ، سرعان ما انطلت عليها خدعتي يلا قريبا سأجد قلادة الشمس وسأعيد مجدي الذي ضاع مني ظلماااا ههههاهاها …
ههه طبعا هذا لو سمحت لكِ ناريانا أصلا ، أخذت تضحك بصوت مرتفع من سذاجة سلسبيل وكيف انطلت عليها اللعبة ولكن سرعان ما تبلدت ابتسامتها حين شعرت بالألم في قلبها ، وهي تعرف مصدره ألا وهو افتقاد جوزيت أين هي ماذا تفعل ومتى ستنتهي هذه العقوبة الشاملة التي حكمت عليهم ميرنااا بهااا جميعا مع الأسف ….

في مؤسسة مرام
كانت جيداء جالسة في غرفة اجتماع الأساتذة ، يظهر من ملامحها أنها بخير فقد كان ذلك اليوم الأول الذي عادت فيه للمؤسسة بعد إجازة دامت لعدة أيام ، اعتبرتها فترة نقاهة بعد التضعضع الذي عاشته حياتها في المرحلة الأخيرة بسبب حسام …. طبعا الخبر سرعان ما تسرب في المحيط فأمور كهذه لا تخفى عن اللسان ، خصوصا تلك المنافقات اللاتي يحرصن على التقاط هذه الفرص لذر الرماد على العيون بطريقة صلفة …
فتون(دخلت تتمايل إلى هناك وبمجرد أن لمحت جيداء ابتسمت بخبث):- لمَّا أخبروني عن تواجدكِ هنا شعرت بالحماس ، وددت رؤيتكِ لكي أقدم لكِ خالص مواساتي بعد الفاجعة التي عشتها الطلاق وزواج زوجك دون علمك وغيره من الأحداث البشعة التي لا ترضى أي امرأة أن تعيشها
جيداء(أغلقت الكتاب الذي كانت تقرأه ونظرت لفتون):- مشكورة على مؤازرتك ، قد وصلني إحساسكِ حقا لذلك حبذا لو تهتمي بتلامذتكِ بدلا من تضييع الوقت
فتون:- ولو يا جيدااااء هذا واجبي ، يعني قلبي معكِ أكيد أصبحتِ تعيسة
جيداء:- هه وهل تظهر التعاسة على وجهي الآن ؟
فتون:- طبعا تجيدين التمثيل ، لكنني أفهمكِ وأفهم مشاعركِ المجروحة
جيداء(بتأفف):- اللهم طولك يا روح ، فتون رجاء لدي حصة بعد قليل إن أكملتِ عريضة الدعم خاصتكِ دعيني وحدي لو سمحتِ
فتون(نهضت بخيلاء):- يلا كان واجبا وأديته عن إذنك ..
هاني(دخل للقاعة وهو يبحث بعينيه وما إن لمحها حتى تنهد):- هاااه ست جيدااء ..
فتون(لاحظت أنه تجاوزها دون حرف حتى):- ما هذا الآن ؟؟؟
جيداء(نهضت بمودة وصافحته):- أستاذ هاني ، كيف حالك ؟
هاني(صافحها بقلق):- أنا بخير ، طمئنيني عنكِ يعني بعد الأخبار الدارجة ؟
جيداء(تنهدت وهي تشير بأريحية):- غيمة وستمر ، أكيد سأتصدر عناوين الأخبار بالمؤسسة لأزيد من أسبوع لكن سينتهي ذلك الناس سرعان ما تنسى
هاني(أشار لها لتجلس قبالته):- قلقت عليك ، يعني قد أخبرتني بشرى أختي أنها تود زيارتكِ بالبيت لترى ضغطكِ إن كان بخير ..
جيداء:- هه لا داعي للمبالغة أستاذ هاني ، وبلغ بشرى تحياتي أنا حقا بخير
هاني:- تمام إن كنتِ ترتئين ذلك ، بالمناسبة المؤسسة نورت بعودتك
جيداء(بحرج):- أكيد هي منورة بأهلها .. أ.. إذن لألحق حصتي أنا الآن
هاني(نهض معها):- جيد جدااا أن تعودي بروح مرحة للعمل ، أتمنى لكِ كل التوفيق
جيداء:- مشكور أستاذ هاني …
هاني(استوقفها):- لحظة .. وددت سؤالكِ يعني لو كان هنالك مجال أرغب بشرب فنجان قهوة سوية لدي موضوع أود مفاتحتكِ به ..
جيداء(رمشت بعينيها وهي تستطيب شخصيته الطيبة):- إن شاء الله ، سنرى ذلك
هاني(تنهد بحماس وودعها):- افف ما هذا الارتباك الذي تشعر به يا هاني ، اثبت يا رجل
فتون(عضت شفتها من خلف الحائط حيث كانت تراقبهما):- هكذاااا إذن يا هاني ، تمام لنرى أين ستصل بهذا الأمر وأنا سأكون جد سعيدة وقتها لأفضحه أمام الملأ … همممم
توجهت جيداء لحصتها وهي ترفع رأسها بشموخ ، فليست هي التي تنهزم أو تطأطئ رأسها بخجل.. بل المذنب الوحيد في هذه الآفة الكارثية هو حسام النهواني بمجرد أن تلفظت باسمه حتى شعرت بالضيق لكن للحظتين وتبدد حين لمحته قادما من البوابة الرئيسية ، الآن ما الذي يفعله هنا هذا الولد ….
جيداء:- آه يا ربي كيف سأضبطه الآن .. هيه ولد تعال إلي ….
فريد:- أمي عيب ، أنا أصبحت رجلا وما زلتِ تعاملينني كطفل .. ثم لن تجعليني أعدل عن قراري ماما يجب أن أحادث مرام اليوم قد تعب قلبي من الشوق والله استهلكت ونفذ صبري
جيداء(تنهدت عميقا وهي تربت على ظهره):- يا بني ، دعها على أريحيتها يعني لو أقحمت نفسك في حصتها الآن لن تخرج بفائدة ثم أخبروني أن هنالك فئة من الأطفال الصغار بدؤوا بأخذ حصص تكوينية لديها
فريد:- أعلم ذلك ولا تقلقي قد درست الأمر جيدا ، فقط لو تفسحين لي المجال أمي
جيداء(أشارت له):- لأذهب لحصتي التي تنتظرني إذن ، لأنني أعلم عنيدا مثلك لن يرضخ لنصيحة أمه هيا أراك بالبيت
فريد(غمزها وقبل وجنتها وتحرك):- الله يحفظك لي يا أروع أم … همم قادم إليكِ يا مرامي
كانت مرام في قاعة متوسطة الحجم ، تحمل كمانها وتنظر ل15 طفلا تتجاوز أعمارهم 12 سنة وقد كانوا متفرقين في كراسي متعددة من تلك القاعة ، وبأيدي كل واحد فيهم كمانه الخاص ، كانت تنظر إليهم بامتنان وسعادة وتشرح لهم ما المعزوفة التي سيحاولون أداءها ، وطبعا لم تغفل عن قصتها ..
مرام:- وبما أننا على مشارف نهاية العام الدراسي ، فأمامنا وقت وجيز لإتقان المعزوفة في حفل التخرج الذي ستقيمه مؤسستنا الكريمة ، وعليه سنبدأ العمل بجد على معزوفتنا ولن نخسر أبدا إن تعاونا مع بعضنا … فهل أنتم جاهزون يا أصدقااااء ؟؟؟
الأطفال(جميعهم رفعوا أيديهم):- جاهزووووووون ..
مرام:- باختصار سأحكي لكم قصة معزوفتنا التي تم اختيارها لهذه السنة ، إنها المعزوفة الشهيرة "مونامور" للعازف الاسباني -خواكين رودريغو- والذي ألفها بمدينة العشق والرومانسية باريس ولكن تأليفها جاء نتيجة حدث سيء كان ملهمه الوحيد لابتكارها .. مع الأسف فقدت زوجته فيكتوريا طفله الأول وهذا ما أحزنه وجعله يؤلف تلك الموسيقى الخالدة ، ولعلمكم قد كان كفيفا منذ سنين عمره الأولى .. وبالرغم من ذلك إلا أنه لم يسمح لعجزه بأن يحول بين أحلامه فقد كان يؤلف الألحان الموسيقية بطريقة برايل للكتابة ولتعليم المكفوفين ، وهنا نجد أن العزيمة تقتل العجز إن لم نناضل لأجل تحقيق أحلامنا وقتها فقط سنسمح للعجز أن يسمم حياتنا .. إذن ليفتح كل كراسته ولنبدأ معا في تعلم أول درس من هذه المعزوفة العالمية ..
فتح كل التلاميذ الكراسة الموضوعة على لوح التعليم أمامه ، وأمسك كل منهم كمانه ووضعه على كتفه ونظروا جميعا لمرام وهم ينتظرون إشارتها ، وبدورها نظرت للكتاب الموجود على لوحها أيضا وفرقعت إصبعها لهم ..
مرام:- هيا .. 1 2 3 …. هممم …
بدأت تعزف معهم في نغم متناغم بعض الشيء ، حاولت أن تجاريهم بهدوء كي لا يتوه اللحن منهم ويدخلوا في مرحلة انقطاع عن الحس الشعوري بالموسيقى ، لكن حدث وكان هنالك انقطاع من نوع آخر ، فبعد سماعها لنشاز الكمان الذي أربك الريتم الجماعي واستوقف الكل بأدائه ، توقفت بدورها لتبحث عن المتسبب في ذلك .. ..
مرام:- من الذي يعزف بهذه الطريقة ، أي نشااااااز هذاااااااا هاه ؟
نظروا جميعا للخلف لذلك الجالس هناك والذي كان يحاول أن يخبئ نفسه خلف التلاميذ ، لكنه انكشف وأشاروا جميعا إليه ، لحظتها رفع رأسه وأطل عليها ملوحا بابتسامته المعهودة التي سرقت عقلها منها لحظتها .. فتحت فاهها بعدم تصديق وهي تنظر إليه بينما جميع التلاميذ كانوا يسألونه عما يفعله طبيعي فالجنون متجلي في وضعيته الغريبة ..
فريد:- ما بكم يا أصدقائي أنا أيضا أريد إتقانها .. احم أستاذة مرام هل تسمحين لي ؟
مرام(استعادت رباطة جأشها وهي تخرس قلبها الذي كان يخفق مثل الأبله):- سيد فريد هل لك أن تتفضل إلى الخارج مشكورااااا ، لدينا درس مهم وحضرتك تعطلنا عليه
فريد(نهض ووضع الكمان على جنب وتقدم إليها):- خمس دقائق أستاذة مرام ، هي استشارة موسيقية حول أنغام نبض لم يعد يعرف للحياة طعما من بعدكِ ..
مرام(احمرت وجنتاها وهي تسمع ضحك الأطفال وتصفيقاتهم):- هشش لينتبه كل للوح الذي أمامه ، وأنت غادر قاعتي فوراااااااا ..
فريد(نظر لإصبعها الذي كان يشير للخارج):- سأنتظركِ حتى تنتهين لن أرحل قبل أن أكلمكِ أسمعتِ … هيييه أراكم لاحقا يا حلويييييييييين ..
لوحوا له بابتسامات بريئة وهو أيضا لوح لهم ولم ينتبه لجدار الباب فقد كان يحسب أنه في المكان الصحيح ، إلا ويصطدم بالجانب الحائطي بقوة ساهمت بترنحه بابتسامة بلهاء قبل أن يسقط أرضا مغشيا عليه … ههه يعني جيت تلعبها صدقت واكلها تستاهل السي فريد ^^
طبعا وصل الخبر لجيداء التي هرعت لقاعة الأساتذة حيث نقلو فريد إلى هناك ، وكان ينام على الكنبة بجانبه مرام وعلى رأسهما كانت تقف ممرضة المؤسسة التي عاينته ولم تجد أي مشكلة فقط أغمي عليه من شدة الضربة مع احمرار في جانب جبهته سيزول بوضع الثلج ..
جيداء(شكرت الممرضة التي غادرت):- يا الله يا فريد هل هذه هي نتيجة أفعالك ؟
مرام(بخجل نظرت إليه):- عذرا حدث ذلك بسببي
جيداء(أمسكت الثلج ووضعته على جبهته):- لا تلومي نفسكِ يا مرام ، هو المذنب
فريد(فتح عينيه بتثاقل):- لما تكرهينني يا أمي ، هذا بدلا من أن تساعدي في قضيتي أنتِ تزيدين الأمور تعقيداااا
جيداء(ضغطت بقوة بالثلج على الرأس):- أنت اخرس أفضل لك وحسابنا في البيت ..
فريد(مال برأسه ليرى مرامه جيدا):- هل قلقتِ علي ؟
مرام(امتصت شفتيها):- ما فعلته غير جائز .. يعني هذا لا يصح ماذا سيقول عنا التلاميذ ؟
فريد:- كل خير وحياتك كل خير ، ألم تري التصفير والتصفيقات هاه
مرام(زفرت بعمق):- هذا لن يغير شيئا من الموضوع يا فريد ، الحمدلله على سلامتك عن إذنكِ أستاذة جيداء ..
جيداء:- مرام .. لو تستمعين لما سيقوله ألن يكون ذلك أفضل ؟
فريد(فرح بمؤازرة أمه):- هاه .. الآن تقولين درر يا جيداء ، اسمعيني رجاء يا مرام
مرام(هزت رأسها برفض)- عذرا منك أنت .. ورجاء لا تلاحقني قد اتخذت قراري ولن أتراجع عنه مهما حدث .. عن إذنكمااا
فريد(بغضب):- ولكنكِ هكذا تتخلي عن حبك ، أهذا هو العشق بالنسبة لكِ ؟
مرام(بعيون مغرورقة حركت كرسيها صوب الخروج):- أحيانا البعد خير علاج للجراح .. وداعا يا فريد وسامحني ..
فريد(نهض بعدم تصديق وهو ينظر إليها راحلة):- أمي … افعلي شيئا أوقفيهاااا
جيداء(بحزن عليه أمسكته من يده):- دعها يا عزيزي ، ما يزال جرحها طرياااا .. ستتعود
فريد(نظر من النافذة إليها بأسف):- لكنني لن أتحمل بعادها يا أمي ، مرام تسري في عروقي كالمخدر إن لم أتعاطاها ستسوء حالتي .. أنا أعلم ذلك
جيداء(لمست ألم ابنها وبخوف نهضت خلفه وربتت على كتفه):- دعها للوقت .. هيا لنرجع للبيت قد أخذت إذنا لنذهب ..
فريد(طأطأ رأسه بحزن):- الحياة ظالمة جداااا يا أمي ، هل يجب أن نعاقب نحن أيضا بذنب أبي لمااااااذا هاااااه يعني .. تتت آسف ماما لأنني أصرخ بوجهك
جيداء(بدموع عانقته):- لا تحزن يا صغيري ، مسألة وقت وستحل كل الأمور .. هيا بنا
حمل معاناته وحسرته على فراق مرام ، فمهما حاول معها ما كانت لتتنازل مهما فعل لأجلها .. لم تستطع إكمال الدرس فظهوره قد شوش جل تفكيرها لذلك استأذنت بدورها وطلبت من سائق المؤسسة اصطحابها للبيت ، ولم يكسر لها خاطر بل أخذها ولم يستطع التفوه بحرف حتى لو كانت الدموع ترسم أنهارا على وجنتيها الجميلتين إلا أنه عرف أن جرح العشق هو ما يبكيها ، وهذا لا تشفيه الحروف ولا الكلمااااات .. فقط النبضات والأحاسيس هي بلسم ذلك النوع من الوجع ..
ربما كلمة وجع كانت في قاموسها شيئا يعني الانكسار والخيبة والخذلان ، لكن بعد مواجهته عشية أمس كأن شيئا في داخلها تغير لا تدري ماهيته لكن ربما وجعها من رأفت جعلها تعيد التفكير في علاقتها به ، منذ أن كانت في الجامعة فتحت عينيها عليه وقلبها سلَّم له وحده دونا عن أي شاب حاول قبله استمالة قلبها ، وحده رأفت الذي سرق لبها وجعلها أسيرة لمشاعره ومن وقتها تركت كل شيء لأجله .. نسيت نفسها وحالها ودراستها وطموحاتها وأحلامها التي نشأت عليها فقط لأجل أن تكون زوجته وتعيش معه على السراء والضراء ، هي لا تنكر أنها كانت سعيدة معه وأنه بدوره كان يحسسها وكأنها ملكته الوحيدة على وجه الأرض ، أم الورود كما كان يسميها قطته المشاكسة والتي كانت تشعر وكأنها مالكة أنفاسه ، لكن كل هذا تبدد وتلاشى في لمح البصر بسبب مسألة ثقة .. فقط لو وثق بها لو سألها لو أعطاها فرصة للشرح ما كان قد حدث كل ذلك لكنه استسلم لوساوس الشيطان التي زرعتها أمه بعقله ، وتصرف بدناءة معها وطلقها من فوره .. هكذا أمسك بكل السنين التي عاشتها معه ومزقها إربا إربا في غضون دقيقة واحدة ، يااااااه كيف للإنسان أن ينسى كل شيء ويحرقه في وقت وجيز ، سنة تلي سنة عمر يجر عمرا جاء أيهم جاءت سجى والحياة كانت قد بدأت تضحك لها بعد أن استقلت ببيت لوحدها مع زوجها وأولادها مثلما كانت تحلم ، يعني بالرغم من مكائد حماتها وتلك العقرب التي تحاول التودد لزوجها وسرقته منها .. إلا أنها كانت مؤمنة به تثق به حد اللامعقول ، يعني حتى لما رأت صوره معها والتي التقطتها نورهان خفية عن رأفت قد استمعت له وآمنت بجوابه حين واجهته ، لكن ماذا فعل هو بسرعة رمى بها كالكلبة خارج حياته هي وأولاده … بئسا للحب الذي يكون هكذااااا لذلك عليها أن تنساه مثلما نصحتها نور يجب أن ترى حياتها وتبني نفسها من جديد بعيدا عن دائرة رأفت الحمداني التي عاشت فيها سنينا طويلة ، ستتخلص منها هي الأخرى فما عاد هنالك شيء أهم من راحتها وراحة أولادها ولا شيء…..
نزلت من سيارة الأجرة بعد أن وصلت للمكتبة المنشودة وأخذت الكتب التي تحتاجها وخرجت ، وجدت أنها تملك بعضا من الوقت ونظرت لمركز التسوق وفكرت بأن تحضر بعض الحاجيات لسجى وأيهم أيضا ، لذلك رسمت ابتسامة عريضة على شفتيها واتجهت صوب المركز أمامها .. ولجته وهي تشعر ببعض الراحة فلم يسبق أن خرجت لوحدها منذ سنوات عديدة دوما ما يكون معها أحد ماااا ، وغالبا ما يكون هذا الأحد رأفت لذلك بعد رحيله أصبحت وحيدة وسوف ترافق ذاتها بدئا من ذلك اليوم .. طردته من عقلها فقد فكرت فيه كثيرا وهذا شيء لا يزيدها سوى تعبا ، أخذت ما تحتاجه في حقيبتين ودفعت ثمنهم وهمَّت بالخروج لكنها اصطدمت بمنظر رهيب جعلها تشعر بالغثيان لحظتها ، رمقته هو ونورهان ووجدان يقفون عند متجر فساتين الأعراس ، بينما كانت نورهان تقفز من الفرح وتختار ما سيناسبها من بينها .. لالا ليس هو أكيد هي تتخيل ، لم تشعر بنفسها حين أسقطت الحقائب وهي تنظر إليهم بعيون دامعة كيف ينسى عشقها بهذه السرعة ، هل سيتزوج بنورهان أحقااااا سيفعلهااا ويجعل امرأة غيرها تنام على سريرها ، سيلمسها سيضمها سيداعبها سيقبلهااااااااا لالا قولوا أي شيءء غير هذا غير هذاااااااا … قالت ذلك وهي تشعر بسكاكين وخناجر تطعن في صدرها الذي احترق من بشاعة المشهد ، وجدان تبدو سعيدة جدا وهي تعانق نورهان وتختار معها بمحبة ما يناسبها ، وهو واقف يمسح على فكه والتوتر باد على ملامحه ، لكن أي توتر ذاك وهو سيتزوج ..؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
رنيم(بأسف مخزي):- يا خسارة العشق الذي عشقته لك يا رأفت ، يا خسااااااارة …
حملت حقائبها واللوعة تحرق قلبها ، انتبهت لها إحدى العاملات وتقدمت لتسألها ما إذا كانت بخير ، نظرت إليها رنيم بدون حياة ومسحت دموعها وهي تمسك أغراضها في طريق الخروج ، هنا استدار برأسه من محله وكأن مغناطيسا دفعه لكي يستدير واصطدم بعينيها الباكيتين وبنظرة الخزي التي رمقته بها وهي تدفع باب الخروج الزجاجي لتغااااادر ذلك الجحيم … نظر هو لأمه ولنورهان اللتين كانتا مشدوهتين في الفساتين وركض متجاوزا إياهما بدون وعي تجاوز حتى المتسوقين وأخذ يعتذر منهم قاصدا باب الخروج بدوره ، طيب لما يلحق بها طالما هجرها وعاملها بذلك السوء لما ما يزال يلاحقهاااااااا … ؟
رنيم:- لن تبكي يا رنيم لن تبكي لن تبكي على رجل خسيس حقير منحط اهئ.. سيتزوجهااااا سيتزوجهاااااااا ..
رأفت(لمحها وهي تقف على جانب الطريق تنتظر سيارة أجرة):- رنييييييييم .. رنيم
رنيم(التفتت إليه بحسرة ولوحت لإحدى سيارات الأجرة التي وقفت أمامها):- اهئ .. الله لا يسعدك يا رأفت مثلما جعلتني أعيش بتعاسة ربي ينتقم منك .. اهئئئئ .. خذني من هنا يا أخ
ركبت وهي تبكي وكان قد وصل لحظتها إلى حيث كانت ، وطبعا لم يستطع أن يلحقها بالقدر الكافي وضع يديه على جنبه وهو يشير بعصبية قد فارقته عنها بضع ثوان فقط .. لكن لما يفعل هذا لما ما زالت تؤثر به وما زال يتبعها مثل الأحمق ، ألم تخنه ألم تغدر به مع رجل آخر لالا يجب أن يوقف تأثيرها ذاك هو مجبر على أن يتزوج بنورهان بعد أن تسبب بضياع شرفها طبعا تحت وطأة خطة دنيئة من أمه ، لكن مع الأسف أبوه حاتم خيَّره يا إما يجمع فضيحته أو يتحمل انتشار الخبر والفضيحة التي ستجلب لاسمهم العار ، ولم يجد رأفت حيلة أخرى سوى تزوجها وقد قرر أن يكون بنهاية ذلك الأسبوع .. وطبعا ما إن سمعت وجدان ونورهان بذلك قفزتا فرحا وهما ترقصان لأجل هذا الانتصاااااار الخبيث طبعاااا ، عاد رأفت أدراجه ووجد نورهان قد لبست إحدى الفساتين لم يجبها حتى بنظرة حين سألته عن رأيه بها ، بل اعتذر بموجب رحيله وتوجه لشقته كي يدفن نفسه بها ، فهي ملجأه الوحيد بعد كل ذلك التخبط ..
أما هي فمذ أن ركبت بسيارة الأجرة وهي تبكي بحزن وتنظر لملابس أولادها في الحقائب وتتحسر على أبيهما الذي باعها دون مراعاة لتضحياتها ولا لصبرها ولا لما أقدمت عليه لكي تكون معه ، قد تخلت عن حياتها لأجله لكن بما نفعها ذلك بما نفعها الآن ، هي بلا شواهد بلا أساس بلا عمل بلا هوية إن صح القول لم إذن جعلته يضعها تحت حكمه الرجولي ونسيت ذاتها لكي تكمِّله وتجعله رجلا ذو قيمة لا تهزه ريح ، لكن ماذا كان جزائها منه فها هو عند أول امتحان ألقى بها بعيدا عن حياته فهل حقا كان يستحق ؟

في تلك الأثناء ببيت الراجي ..
كانت نبيلة تتنهد عميقا وهي تنظر لإخلاص التي كانت تطعم أيهم طعامه الخاص ، وفي قلبها مئة سؤال وسؤال كانت تنتظر فقط عودة نور لكي تجعلها تفعِّل اتصالا لذلك الأبله المدعو شهاب ، فقد وعدها أنه سيطمئنها لو علم شيئا من ميرا لكنه مختفي لا حس ولا خبر ..
إخلاص:- فقط لو تخبرينني يا جدتي بما يزعجكِ لكنت ساعدتكِ ..
نبيلة:- هل اشتكيت لكِ هل طلبت مساعدتكِ ، تابعي عملكِ ولا شأن لكِ فيني ؟
إخلاص:- الله الله يا جدتي قاربت أن أصبح جدة بدوري ، وما زلتِ تبهدلينني بهذا الشكل
نبيلة:- ربما البركة في لسانكِ الحشري ..
إخلاص:- ههه خذ يا روح خالتك ، أرأيت جدتنا كيف تمسح فينا الأرض ..
عواطف(أحضرت فنجان الشاي):- وأحلى شاي لأحلى نبيلة ، خذي وضعت به قليلا من الليمون ليُهدأ أعصابكِ ..
نبيلة:- ومن أخبركِ أن أعصابي تالفة ، لما تخترعون من عقولكم ما ليس موجودا ؟
عواطف:- تمام أمي فهمنا ، لا بأس خذيه تحسبا لحرق أعصاب مستقبلي من يدري ما الذي سيدخل مع تلك الباب .. قد أصبحت أتوقع كل الكوارث ..
إخلاص(سمعت رنين الجرس):- أعوذ بالله من فألكِ يا خالتي ، انتبهي لأيهم
عواطف(جلست قربه وهي تضحك):- هههه إحساسي لا يخيب ..
نبيلة(شربت من كأسها القليل):- فف أستغفر الله .. هل هذه نور ؟
مديحة(دخلت وهي تولول):- الله لا يوفقك يا مرزوق يا ابن من كنت ، آه يا ربي آه
عواطف(بقلق):- مديحة ما بكِ يا امرأة ؟
مديحة(أعطت كيس الخضار لإخلاص):- خذي يا بنت احملي عني ، ألا ترينني متعبة تتفرجين علي مثلاااااا …
إخلاص:- هاااه الآن أعصاب العم مرزوق صبيها في ابنتك ، هاتي يختي هاتي …
مديحة(أزالت معطفها وعلقته على المشجب ودخلت وهي تفتح وشاحها):- الضبع ابن الضباع يريد أن يغش مديحة الراجي ويستقل بشأنها ، لالالالا وأنا لم أقصر فضحت أهله في سوق الخضار كله وجمعت عليه البشر أجمعين حتى من تدخل الشرطة لم أبخل ..
عواطف:- الله لا يسامحك ، ماذا فعل بكِ الرجل المسكين حتى وضعته في هذا الوبال ؟
مديحة(جلست قبالتهم):- له يا عواطف له ، هل تعرفين أن أختكِ ظالمة لهذا الحد لكن هو الذي استفزني وأخرج عرق الراجية مني إذن ليتحمل عقابه ..
نبيلة(ضربت بعصاها الأرض بنفاذ صبر):- هلا وصلتِ للنقطة المهمة كي نفهم … ؟
مديحة(مطت شفتيها):- القذر الأجرب المختل ، شتمني وشتم ابني ولم يترك أحدا فينا لم يشمله بشتيمته ، إشي أبناء السجون إشي بنات فاسقات وكل هذا لماذا لأنني رفضت أخذ أغراضي من دكانه بعد أن أعطاني خضرا نصفها مضروب ـ اعترضت طبعا وتركته يزن الهواء من بعدي وأخذت من جاره ، وهنا لم يسكت إلا وأسمع شتائم لا حصر لها .. وهناااا استعنت على الشقاء بالله وفرجت عليه أمة لا إله إلا الله وصادف ذلك مرور دورية شرطة استوقفتها واشتكيت عليه بأنه شخص يخالف شرع الله في البيع والشراء ويستغفل الشعب ..
إخلاص:- هههه أمي ما أقواكِ قد قتلتِ الرجل حقا
مديحة:- طبعا لكي لا يقترب من مديحة مرة أخرى ، دعيه يتعلم من الدرس الذي لقنته إياه
نبيلة(حركت رأسها بتأفف):- إخلاص يا بنت ، اتصلي بنور وانظري متى ستعود ؟
عواطف:- أنتِ تسألين عنها منذ ساعة يعني تعلمين أن موعد عودتها لم يحن بعد
نبيلة(بقنوط):- أعلم ذلك ، لكن اتصلوا بها فقط ودعوني أكلمها يا الله
إخلاص:- ماشي جدتي سأفعِّل الاتصال لأجلك
مديحة:- إخلاص صبي لي كأس شاي بمعيتك
عواطف:- اتصلي أنتِ ، سأحضر الشاي لها بنفسي ..
أيهم(بصوت طفولي):- م …بابا ..
مديحة(ابتسمت لأيهم):- قل ماما ماما وليس بابا الله يحرق أبوك ، على ماذا تناديه قد نسيكم ولم يفكر حتى بالاتصال للاطمئنان عليكم .. واحد خسيس
نبيلة:- عيب يا مديحة ما تقولينه للطفل
مديحة:- ههه وكأنه يفهمني يا أمي الله يهديكِ
نبيلة:- حتى وإن كان لا يفهم ، لكنه يحس وأكيد سيعرف أنكِ تشتمين أباه
مديحة:- عال والله ينقصنا أن نمدح في سيرة السيد رأفت أيضا ..
نبيلة(وضعت يدها على جبينها):- فقط اصمتي لا تشتمي ولا تتحدثي … إخلاص أين الهااااااتف ساعة لتتصلي ..
إخلاص(هرعت إليها):- كنت أحضر الهاتف يا جدتي ، خذي
نبيلة(بغضب):- هاتي .. ألو نور أين أنتِ ؟
نور:- جدتي أنا بالشركة ولدي عمل بالأكوام ، سأتأخر في العودة لكن خيرا ماذا هناك ؟
نبيلة(نظرت حولها لأزواج العيون التي كانت تحدق بها وهمست):- ذلك الموضوع الذي بحثنا فيه أنا وأنتِ سوية ، هل وصلكِ خبر عنه ؟
نور(حكت رأسها):- أنتِ تتحدثين بشيفرة مبهمة الآن ، عن أي موضوع أ.. هاااا عن ميرا صح ؟
نبيلة:- أجل.. ذاك هو هل من جديد ؟
نور:- مع الأسف لم يتصل بي شهاب ، لكن لما لا تدعينني أتصل به حين عودتي للبيت ؟
نبيلة(زفرت عميقا):- ماشي ماشي مع السلامة ..
نور(نظرت للهاتف):- والله عادتك يا ست نبيلة ، تدللي فأنتِ من يليق بها الدلال …
فؤاد(سمعها وهو يخرج من مكتبه):- وأنتِ ما الذي يليق بكِ ؟
نور(رمقته شزرا"):- ربع متر من الهواء ، سيجعلني في نعيم
فؤاد(مسح فكه وهو يقترب منها):- ماذا فعلتِ بمواعيدي يا مساعدتي النجيبة ؟
نور(أمسكت الملف ورفعته لصدرها وهي تنظر للمكتوب):- لديك 10 دقائق وستستقبل أول موعد في مكتبك وسيستغرق 20 دقيقة فقط ، بعدها سيحين الموعد الثاني وهذا نظرا لحساسيته سيستغرق 30 دقيقة ، بالنسبة للمشاريب هنالك عصير ليموناضة قهوة شاي و..
فؤاد(نظر إليها بعمق وقد ارتج بصره بنظرة ضبابية):- نور …
نور(عقدت حاجبيها من منظره المربك):- ما بك ؟؟
فؤاد(دارت به الدنيا لحظتها وأمسك يدها):- نووور … أ.. استدعي همام فورااا فوراا
نور(بخوف رمت بالملف أرضا وأمسكته من ذراعه):- أدخل للمكتب معي هيا ، شكلك لست نائما جيدا لذلك تشعر بدوار هيا هيا … آه تمدد على الكنبة وأنا سأنادي همام فورا ، يعني هل عليك شرب دواء ما أو ماذا علي أن أفعل ؟؟؟؟؟؟
فؤاد(فتح ربطة عنقه وأزرارها):- هماااام .. استدعي هماااام يا نوووور …
نور(شعرت بالخواء في قدميها):- يا ربي .. ماذا يحصل هل سيودع الرجل ؟
فؤاد(سمعها وهو يتنهد بصعوبة):- ادعي علي يا نور هذا ما تبقى .. أسرعي ونادي هماااام
نور(ركضت وهي ترتعش):- حاضر حاضر … آه يا ربي يعني هل دعواتي تقبل فقط في السوء يعني حرام أجد لي دعوة خيرة أتمتع بها ، لكن للأمانة أنا لا أدعو سوى بالسوء ودعوت على فؤاااد هذا الصباح آخخخخ يا ربي سامحني والله كانت دعوة من خلف ظهري يا ربي لا تؤذه بسببي أنا هبلة لا أعرف ماذا أقول ……. مهلا حقا أنا ما الذي أقوله الآن هل سأولول على الرجل همااااام نادوا همام يا جمااااااعة ….
كانت تقف بعد عدة لحظات على جنب المكتب وهي تضع يدها على فكها مستندة على يدها الأخرى التي كانت على بطنها ، ترفع بها رأسها الذي تعب من شدة التفكير وشل حقا حين عجز على تركيب فكرة تفيد حالة فؤاد المفاجئة ، فمنذ وصول همام الذي أعطاه كوب ماء فورا وبلل منديله ووضعه بعنقه استغربت ذلك وأخذت تطقطق بكعبها وتنتظر استقامة حالته ..
نور:- ألا يجب أن نستدعي الطبيب ؟
همام:- لا داعي إنه مشكل عرضي سنحله بعد قليل لا تقلقي ست نور ..
نور(توجهت إليه بعد أن صفقت بنفاذ صبر):- لا أقلق لقد تحول لون الرجل إلى قوس قزح في ظرف عدة دقائق ، شحب فجأة وشعر بالاختناق حتى أنه أصيب بالدوار يعني لو لم أتواجد كان أغمي عليه صدقا ووجدناه مغشيا على الأرض .. هل تسمي هذا أمر عرضي ؟
همام:- أجل ست نور ، فقد سبق وحدث ذلك مع السيد فؤاد .. هو مشكل يعاني منه منذ فترة
نور(رمشت بعينيها):- مشكل ماذا بالضبط ؟
همام(بخفوت):- نقص بالحديد في جسمه وعدم التزامه بالحمية الغذائية التي وصفها الطبيب لأجله ، يعني هو يهمل نفسه في الفترة الأخيرة وبما أنه بالأربعين فوارد حدوث أي مشكل صحي آنذاك..
نور:- أهااااه فهمت الآن .. طيب أريد أن أطلب منك طلبا هل لك أن تمدني بوصفة الدواء خاصته وبقائمة الأكل التي طلبها لأجله الطبيب ؟
همام:- على عيني ست نور ، لكن أخشى أنه لن يوافق على تدخلك ؟
نور(رمقت همام بطرف عين):- أنت أعطني الوصفة ولا تتدخل ، هذه أنا نور ولا أحد يرفض أوامري أسمعت ؟؟؟
همام:- هه سمعا وطاعة إذن ..
نور:- ها سأؤجل كل مواعيده وسنأخذه للبيت جهز السيارة الآن ..
همام:- ولكن…
نور(وضعت يدها على جنبها وهي تتقدم صوب فؤاد):- أما زلت في لكن ومش لكن ، تحرك يا همام لا وقت لدينااااا .. الله الله أ.. فؤاد أحم سيد فؤاد هل تسمعني ؟
فؤاد(فتح عينيه بثقل):- نور ..
نور(رأت يده التي رفعها إليها):- ما المفترض أن أفعل بيدك الآن يعني ، أن أمسكها مثل المسلسلات الغرامية ههه إنهض يا روحي أنا فاشلة في التمثيل ..
فؤاد:- هه حتى وأنا بهذا الحال لا تشفعين ، ثم أنا بخير مجرد دوار .. احم لنعد للعمل
نور(بصدمة حدقت فيه وهو ينهض بترنح):- ما الذي تفعله ، أتشعر بنفسك أنك بخير هكذا ستتعب أكثر .. ثم هل أشعر هنا أنك لا ترغب أن أراك بهذا الحال ؟
فؤاد(مص شفتيه واستند على كرسي المكتب):- المرض يصاحب الضعف ، وأنا أكره أن يراني أي أحد في هذا الحال .. لذا رجاء توجهي لمكتبك سأكون بخير بعد لحظات
نور(بوجه جليدي):- فؤاد رشوان ، لا تجعل العفريت الذي يسكن فيني يحضر الآن لأنه لو حضر سأتعب في مسألة طرده وسأبقى أشتمك طوال النهار وأنت متعب يعني ،، مراعاة لوضعك الصحي سأتغاضى عن محاولة طردك لي ، والآن دقيقة سأتوجه لمكتبي سألغي المواعيد وأحضر حقيبتي لنذهب للبيت
فؤاد(بتبلد):- أي بيت ؟
نور(تحركت صوب الخروج وهي تحرك رأسها):- بيتك يا سيدي المديييييير …
فؤاد(بذهول):- ههه والله هي خائفة علي ، يعني لو كنت أعلم أنها ستقلق كنت شعرت بالدوار قبلا ادعاء طبعااااا ههه ياااااه يا حبيبتي فديت اللي يقلق أناااا … هه إذن بما أن المرض قربها مني سأتخذها حيلة لأبقيها بذات القرب .. كفك يا عم فؤاد والله طلعت مش سهل لكن ربما تستاهل نور على الله تحس شوية ^^ …
هنا لم يطل اندهاشه فقد رمقها وقد عادت مسرعة إليه ، ولوحت له من باب المكتب ليلحق بها ولم يجد بدا سوى اللحاق بها لآخر الدنيا حتى لن يهتم ، طالما ستكون الراكبة جواره في الدرجة الأولى .. حسن لن تتمادى يا فؤاد هي تعطف عليك فقط الآن وبمجرد أن تطمئن عليك وعلى صحتك ستعود لحالتها الزفت كالعادة ، قال ذلك في سره وهو يغالب ضحكته بمجرد أن ركب في سيارته ونظر خلفه وقد استقلت سيارتها من بعدهما ..
همام:- لقد أصرت الست نور على أخذك للبيت سيد فؤاد ..
فؤاد(بابتسامة أشار له):- امضي للبيت إذن ، لنرى ماذا ستفعل الست نور هناك .. لكن تعال هنا أخبرني بما كنتما تتهامسان ؟
همام(قاد السيارة خارج مرأب الشركة):- سألتني عن حالتك وأخبرتها أنك تعاني من نقص في الحديد ، وأنك لا تسمع نصائح الطبيب ومهمل لصحتك وأكلك بشكل كبير
فؤاد:- عفارم عليك يا همام هكذا كسبنا تعاطفها لشهر آخر ههه .. لكن لا تبالغ يا همام مجرد دوار بسيط راح لحاله ..
همام:- آخر دوخة كانت بالمستشفى قبل يومين لما كنت مع وائل ..
فؤاد:- ولكن ذلك نتج عن عدم النوم يا همام ، لا تخلط الأمور رجاء ثم لا تعكر صفوي أنا سعيد لأنها قلقة بشأني لقد تركت كل شيء ورافقتني يعني هي تحس .. أجل تملك قلبا بالأخير وأنا الذي اعتقدت أنها أكلت قلبها منذ زمن …
همام:- آه يا سيدي لو تسمع مني وتصارحها بكل شيء سترتاح ..
فؤاد:- مستحيل .. لا أستطيع إخبارها بحرف ما لم تكن زوجتي ، وقتها ستكون بين يداي وسأتحكم فيها وأرفض ابتعادها عني لكن الآن طالما هي حرة لن يسعني إجبارها على شيء
همام:- كما ترى يا سيدي ..
فؤاد(بحماس):- خذنا للبيت خذنا متحمس بشدة ههه ..
لنترك فؤاد يحلم لا أريد أن أكسر قلبه وهو متعب ، ندع المهمة لنور هي تتكفل بصراحة تكفي وتوفي هه .. ونعود للبيت حيث كانت مرام قد وصلت للتو والتقت بجوزيت التي كانت تسير بخطى متسارعة نحو البيت أيضا بعد أن أنزلها حكيم عند طرف الشارع وذهب لكي يهتم بأعماله ، هنا التقت صدفة بمرام التي نزلت بكرسيها من دعامة السيارة الخاصة بمؤسستهم ووثبت أمام البيت تنتظرها ..
جوزيت(ابتلعت ريقها):- حسن أخبرتني يا حكيم أنني لن أصادف الكثير من أفراد البيت ، فما بالي أجد أولهن بانتظاري عند الباب .. احم مساء الخير مرام
مرام(بدون نفس نظرت للباب):- افتحي الباب سريعا أنا متعبة
جوزيت(بحثت عن المفاتيح بالحقيبة وأخرجتها والمشكلة كانت كثيرة ونسي حكيم أن يخبرها أيها تستعمل):- افف أشعر أيضا بالتعب افتحي أنتِ
مرام(بذهول منها):- ميرنا كيف سأصل لقفل الباب ثم هنالك درج يعني اسم الله عليكِ .
جوزيت(عضت شفتها وولتها ظهرها):- ههه مزحت معك يعني لا تأخذيها على محمل الجد
أخذت تجرب المفاتيح الواحد تلو الآخر وتبتسم لمرام التي أخذت تضرب على حافتي كرسيها بنفاذ صبر ، إلى أن فتح الباب ودخلت جوزيت متجاوزة مرام التي بقيت مشدوهة فيها بفم مفتوح وعقل لم يستوعب حركتها المهينة تلك ..
جوزيت(نظرت خلفها باستغراب وعادت إليها):- ألن تدخلي ؟
مرام(دمعت عيناها وهي تبتسم بغبن):- أين الدعامة الحديدية التي من المفترض أن تضعيها لي بمدخل الباب ؟
جوزيت(بعدم فهم):- أين هي ؟
مرام:- هل أنتِ تتعمدين إهانتي ميرناااااا ؟
جوزيت(ابتلعت ريقها):- لا لم أقصد يعني .. أ أين هي وسأحضرها لكِ ؟
مرام(حركت فكها وهي تهز رأسها ببكاء):- نادي أمي الآن أريدها هي … مامااااا ماماااا
عواطف(هرعت بهلع):- حبيبتي مرام ما بكِ .. ميرنا ما بها أختكِ ؟؟
مرام:- اهئ .. إنها تتعمد تذكيري بعجزي لما لم تضع لي دعامتي اللعينة لأصعد بها للبيت ، هي تعلم أنني لا أستطيع الدخول إلا بها ولكنها تعمدت تجريحي ، اهئ .. ماماااا
عواطف(بسرعة أخرجت الدعامة من خلف الباب ووضعتها وساعدتها على الدخول):- له يا مرامي له أكيد أختكِ لم تقصد .. صح ميرنا ؟
جوزيت(رمشت بعينيها بتأسف):- حقا لم أقصد أأن ..
مرام(أشارت لها وهي تجر كرسيها مبتعدة عنهم):- إياكِ أن تدعي العكس ، لقد تعمدتِ ..
عواطف(أغلقت الباب وهي تتنهد بتعب):- يا ميرنا ما الذي تحاولين فعله ، أنتِ تعلمين حساسيتها من الموضوع كان عليكِ وضع الدعامة الحديدية وكفى بدون فلسفة البنت لا تستحمل هذاااا
جوزيت(حكت جبينها ودخلت مع عواطف):- عذرا ، لم أقصد صدقااا أنا آسفة
مديحة:- ولا يهمك يا بنتي تعالي ارتاحي واجلسي معنا ، إخلاص أحضري لزوجة أخيكِ فنجان شاي بالنعنع
جوزيت:- لا أريد شكراااا ثم هل مرام ستغضب مني الآن ؟
عواطف:0 يعني قليلا سيترتب عليكِ مراضاتها بعد وقت
جوزيت:- مع العلم أنها كانت تبكي منذ نزولها من السيارة الخاصة بمؤسستهم ، رأيتها
عواطف:- أهاه وما الذي سيجعلها تبكي إذن ، أكيد حدث شيء
مديحة:- اجلسي محلكِ ودعي البنت على سجيتها الآن ، فيما بعد سنفهم ثم أكيد واضح وضوح الشمس بالأخير سنجد أنه يخص ذلك المدعو فريد النهواني
عواطف:- أعلم حساسيتكِ من الموضوع بسبب دعاء ، وأنا مثلكِ يا أختي متضايقة لكن هذين قلبين لا ذنب لهما في كل تلك الديباجة .. يعني لا هو سيتحمل ذنب أبيه ولا هي ستتحمل ذنب ابنة عمها
مديحة:- التي يصدف أنها ابنتي ، والتي تعيش في حزن حتى اليوم ولم تستطع التخلص من شبح حسام النهواني الذي يرافقها في كوابيسها كل ليلة …
عواطف(تنهدت بتعب):- الحديث معكِ بهذا الخصوص عقيم ، ليست مسألة ابنتي وابنتك جميعهن بناتنا لكن أتحدث هنا عن المشاعر التي تجمع بين مرام وفريد حرام تضيع هباء منثورا ويحكم عليها بالنبذ بسبب دعاء وحسام …
مديحة:- لو سمحتِ أختي لنقفل هذا الموضوع ، لأنه يجعل جسمي يقشعر ..
عواطف(سمعت صوت سجى قد استيقظت):- الله يهديكِ بس ..
جوزيت(زفرت بعمق من كمية الأخبار والمصائب التي تسمعها):- يا الله ..
إخلاص:- تفضلي الشاي يا ابنة عمي ، هاه أخبرينا متى تنوون إسعادنا بخبر كتكوت صغير هكذاااا بحجم اليد ؟
جوزيت(سعلت وهي تضحك):- كتكوت ماذا ، لو أردته يمكنكِ تربية فرخ دجاج بالحديقة
إخلاص:- هههه فرخ دجاج مضحكة يا بنت ..
جوزيت(تجرعت الشاي بسرعة ونهضت):- سأغير ملابسي وأرتاح قليلا لدي عمل
مديحة:- تهربي تهربي ، لكن مصيركِ بين أيدينا اذهبي لعملك
جوزيت(رمقت نبيلة التي خرجت من الصالون الآخر والظاهر كانت تصلي):- مرحبا .. جدتي نبيلة
نبيلة(سارت حتى جلست محلها ونظرت إليها):- اجلسي هنا قليلا ، نحن لا نراكِ إلا بالفطور أو على العشاء وهذا الأخير قل ما نجتمع بكِ فيه .. اجلسي
جوزيت(ابتلعت ريقها بقلق وجلست):- احم نعم جدتي ..
نبيلة:- لا شيء أريد أن أملي عيني من شوفتك ، هل لديكِ مانع ؟
جوزيت(بارتباك امتصت شفتيها):- خذي وقتكِ جدتي ، أ إنه الباب أكيد حكيم
رنيم(بملامح ممحية):- السلام عليكم ..
إخلاص(انتبهت لها):- رنيم .. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .. هل أنتِ بخير ؟
رنيم(حملت إبنها بعد أن وضعت الحقائب جانبا):- بخير بخير ..
مديحة(لاحظت تورم عيونها):- هل كنتِ تبكي ؟
رنيم(قبلت وجنته ورمقت أمها قد عادت إليها وسجى بحضنها):- أبكي .. ههه ولماذا ؟
عواطف(لامست رأس رنيم بقلق):- تبدين متعبة ..
رنيم(بانهيار):- ولما سأتعب لأن زوجي الذي كان يعشقني بين ليلة وضحاها رمى بي كالقمامة خارج حياته ، لما سأتعب لأنه باع كل شيء ولم يمضي على طلاقنا سوى أسابيع وها هو ذا يبني حياته من جديد وسيتزوج بقريبته نورهااااان .. أجل ماما رأيتهما اليوم في مركز التسوق قد كان يختار معها فستان الزفاف الذي ستلبسه لأجله ، أتعرفين ما معنى ذلك ، لقد استبدلني بهااااا بتلك الزرافة النتنة أنااااا حبيبته أم أولاده سرعان ما نسيني اهئ .. نسيني يا ماما نسيني نسيني اهئئئئئ …. أمي أنا أحترق أحتررررررررق …
إخلاص(بلهفة أمسكت أيهم عليها وأعطته لمديحة واقتربت منها):- حبيبتي يا رنيم ، لا تبكي يا ابنة عمي الله لا يرده ولا يوفقه ، حسبنا الله ونعم الوكيل فيه هذا ما يسعنا قوله
مديحة:- وفي عائلته أيضا إلا ولا واحد فيهم تجدي به الخير …
رنيم(بارتجاف تمسك على رقبتها):- اهئ … ناااااار تحرق صدري لم أستطع إخمااااادها لم أستطع ، لقد شعرت بالضآلة وكأنني مجرد حثالة أخرجها من حياته ليستبدلها بالبديلة المتاحة أمامه منذ سنواات ، طبعا وهل هناك غيرهاااااا ..
عواطف(أعطت سجى لجوزيت دون تفكير وعانقت رنيم):- تعالي لحضني يا صغيرتي ولا تبكي .. هممم لا أحد يستحق دموعكِ
نبيلة:- اجلسي يا رنيم ، إخلاص أعطها كوب مااااء بسرعة
جوزيت(نظرت لسجى التي كانت تلاعب خصلات شعرها وشعرت بشعور دافئ وغريب):- ..ماذا أفعل أنا بهذه ؟
عواطف(نظرت لجوزيت):- أنتِ غير طبيعية ميرنا ، خذي الصغيرة للغرفة وأرضعيها حليبها هو جاهز على المنضدة هيااااا تحركي ..
جوزيت:- أنا أرضعها ولكن ..
إخلاص:- خذي يا رنيم خذي الماااء يا أختي …
رنيم(ببكاء):- اهئ .. أنا مكسورة حزيييينة أكرهه أنا أكره رأفت أكرررررررررهه ..
جوزيت(نظرت لسجى):- تمام يا صغيرة لا يجب أن تسمعي هذا الكلام من أمك ، ثم هي غاضبة على أبيكِ لا تأخذي على خاطرك لنذهب للغرفة
أدخلتها لغرفة رنيم التي عرفتها من سرير الأطفال الموجود فيها ، رمقت الحليب على المنضدة وأمسكت بالقنينة ونظرت لسجى ببلاهة ..
جوزيت:- الآن كيف يقومون بعملية الإرضاااااع ؟؟؟؟؟؟؟
وقعت في حيرة من أمرها ولم تعرف كيف تقدم على ذلك ، وطبعا لن تخرج لتسألهم سيسخرون منها وهي لا تعلم إن كانت ميرنا أرضعتها قبلا أم لا ، لذلك كان الحل تفعيل اتصال بالمساعد الرسمي لها في مثل هذه المحن ..
حكيم(زفر بعمق):- ماذا الآن ماذا هل احتك كوكب الزهرة بكوكب زحل ، واعترضوا طريق كوكب المرييييييخ ؟؟؟؟؟؟
جوزيت(بعدم فهم):- ما بك قلبت حديثك على الفضاء الخارجي ، أنا بحاجة لمساعدتك
حكيم:- طبعا أعرف أن مصائبي معكِ لن تنتهي ، تفضلي بما أستطيع خدمتكِ ؟
جوزيت:- كيف نرضع طفلا ؟
حكيم(بصدمة):- ماذااااااااااا ؟؟؟ … الآن قطعتِ علي عملي المهم لتسأليني عن شيء تافه هكذاااا ألا وهو كيف نرضع طفلا ، والله يا أختي ابحثي عن ذلك عبر الأنترنيت أخوكِ في الله لا يفقه في تلك الأمور شيئا .. ورجاء حارا وجدتِ الطريقة أم لم تجديها لا تتصلي بي ، أنا منسحب متلاشي غير موجوووووووووود .. تيتتيت
جوزيت:- أرأيتِ خالكِ ما أخبثه ، سرعان ما قفل الخط بوجهنا تت ماذا نفعل لنتدبر أمرنا ؟
جلست بها على السرير ووضعتها في حجرها وجعلت رأس الصغيرة مثبتا على ذراعها ، ووضعت القنينة بفمها وهنا ابتسمت بحنان لما استجابت سجى وأخذت ترضع .. شعرت أنها حققت إنجازا عظيما وبفطرة الأمومة التي تحملها بين جيناتها ككل امرأة عرفت كيف تتعامل مع الأمر ، لذلك سرحت بخيالها بعيدا ماذا لو أنجبت من مياااار طفلا أكيد ذلك الطفل سوف يغفر لها كل ذنوبها … لمعت الفكرة ببالها نوعا ما وابتسمت لسجى التي كانت ترضع في سلام … سلام لم تستطع أمها إيجاده …
نبيلة:- الآن كفى بكاء ، قد حصل ما حصل ولن نغير شيئا وهذه هي سنة الحياة .. لو كان سيتزوج ليتزوج ليس لنا عنده شيء وليس له عندنا أيضا شيء
مديحة:- ماذا عن كرامتها يا أمي التي أهدرها ذلك الغبي أرضااااااا هااا ؟
نبيلة:- ذلك أمر تم فوق طاقتنا ، وقعت ابنتنا في نار الغدر والتلاعب وكانتِ الضحية
عواطف(ببكاء):- الله لا يسامح وجدان هي الأفعى الكبيرة وراء كل ما حدث مع ابنتي
إخلاص:- آه يا رنيم لو تركتِ حكيم يذهب إليه ويلقنه درسا مثلما فعل مع عمر ، فبعض الرجال لا تلزمهم سوى القوة والترهيب ..
رنيم(بحزن عميق):- كان ذلك لينفع لو كان لدي رغبة في العودة لرأفت ، لكنني لن أعود إليه حتى لو جاءني جاثيا على ركبتيه لن أغفر له إهانته لي .. دعوه يتزوج ولنرى كيف ستسعده نورهان هذا إن لم تضعه تحت قدمها وتمضي غير آبهة لسمعته ولا لوجوده حتى
نبيلة:- لا شأن لنا به ، انهضي واغسلي وجهكِ واحملي أولادكِ قد أهملتهم الصباح كله
رنيم(ابتسمت لأيهم بأسف):- سامحني يا حبيبي ، لم أستطع أن أحافظ على استقرار بيتنا قد حاولت قدر استطاعتي لكن الأقدار كانت أقوى مني …سيتزوج ببساطة أتصدقوووون ؟
بقيتِ الأفواه تتحسر وتمتص مرارة الحدث المؤلم الذي اكتشفته رنيم ، والذي صدمها للأمانة ولم تستطع إزالة صورته بجانبهما وهم بمتجر فساتين الأعراس .. يظهر أنه نسيها حقا وتجاوزها وهي الحمقاء التي ما تزال تفكر به وتحلم به حتى ، ها قد جنت نتيجة أحلامها الساذجة وقدم لها رأفت صفعة قوية ستجعلها تعيد ترتيب أوراقها من جديد … بعد برهة هدأت الأوضاع وعادت جوزيت بسجى للصالون قدمتها لأمها ولم تضف حرفا غير الله يصبرك وصعدت منسحبة لفوق وهي تفرك رأسها بتعب ، فمن يعيش في ذلك البيت أكيد إن لم يصب برغبة في فقدان الذاكرة سيكون متمتعا بحظ وفير على الأغلب …
بمجرد دخولها للغرفة استلقت على السرير وغاصت في نوم عميق ، على الأغلب بات الإرهاق الأخير متعبا لنفسيتها التي أصبحت تطالب بفقدان وعي إجباري ، لعلها تستعيد بعضا من نفسها في خضم كل ما تعايشه بداخل ذلك البيت .. الذي هدأت فيه الأمور نسبيا فقد دخلت رنيم غرفتها مع أولادها لتغرق في بحر أحزانها فأكيد لن تتخلص من وجع ما رأته بمركز التسوق في ظرف وجيز .. عليها أن تعايش ألمه كي تتجاوزه بشكل سليم ، هي صعبة والكلام سهل لكن تطبيقه يشبه تجاوز عقبات مصيرية تعصر القلب ألما ، وهذا ما عايشته رنيم ومرام في ذات اللحظة لكن حرام أن تعيشا الوجع لوحدهما …
في غرفة دعاء
نظرت لهاتفها الذي كان يرن برقم تهاني ، والتي تجاهلتها طوال أيام لكنها أرهقتها بكثرة الاتصال وعليه قررت أن ترد وتقطع معها الحديث في مرة
تهاني:- هاه أخيرا أجبتِ على هاتفكِ دعاء ، يعني حرام عليكِ يا بنتي اشتقت لكِ أناااا
دعاء(بصوت متحشرج):- تهاني رجاء أنا لست بأجازة ترفيهية ، أنا بوضع صعب فكفي عن تذكيري باتصالاتك بأسود أيام عشتها في حياتي
تهاني:- والله لم أشأ أن أزعجكِ يا دعاء ، ولكن والله من شوقي وقلقي عليكِ فكرت بالمرور لزيارتك لكن بدون إذنكِ وسماحكِ لي بذلك لا أستطيع
دعاء:- لا داعي لذلك يا تهاني أنا بخير ..
تهاني(زفرت بعمق):- بصراحة .. الأستاذ معاد يسأل عنكِ طوال الوقت ولم أجد بما أجيبه فأنتِ تتكبرين ولا تجيبين على هاتفكِ لنطمئن الرجل
دعاء(بتوجس):- ألا يملك رقمي ليتصل هو بدلا من أن يعين سكرتيرة لتقدم على ذلك ..
تهاني:- ولو يا دعاء قد أصبحت فعلا سكرتيرته الشخصية ، ألم تعلمي أنه استلم الإدارة هنا بناء على التوكيل الذي وقعته الست جيداء له .. حتى أنها عرضت على ابنة عمكِ نور عودتكِ للعمل وأعطتها شيك بنصيبكِ ونصيب ابنكِ ولا أدري ماذا بعد ..
دعاء(بعدم فهم):- شيك ماذا .. ؟؟ ثم أنا لا علم لي بكل هذاااا
تهاني(عضت فمها):- هااا لا تعرفين إذن احم .. يا ويلي أ لدي عمل كثير تذكرت علي أن أفصل الخط سلام دعاء اعتني بنفسك باي باي …
دعاء(نظرت للهاتف ورمشت بعينها بعدم فهم)- لما نور تخفي عني هكذا أمر مهم … لنرى أسبابكِ إذن يا نور ، (اتصلت بها) ففف يرن ولا تجيب لا بأس سأنتظر لحين عودتك
لم تستطع الرد فقد كانت بمطبخ السيد فؤاد ترتدي مريلة وتطبخ شيئا على النار ، يعني من قال يا جماعة من قاااااال .. كان جالسا على الكنبة خارج المطبخ ويطل عليها وهي تتطاير بالمطبخ وتحاول ضبط مقادير الحساء الذي تعده والذي صدف مرة وحفظته من عفاف ، طقمها النسائي بدا أنثويا بشكل لافت بعد إضافة مريلة المطبخ ، بينما شعرها الذي جمعته بقلم خلف رأسها أعطاها لمحة ثائرة ما أجملها .. قالها وهو يهمس بها بدون شعور ..
همام:- معك حق سيدي
فؤاد(ضربه لجبهته):- ما الذي تقوله يا أهبل ، ثم لما ما زلت متواجدا بوجهي ، هيا هيا انسحب أنت وكن قريبا من البيت
همام:- همم يعني طرد ؟
فؤاد(عاد لتأمله):- وبكامل قواي العقلية
همام:- ماشي يا عم نستأذن ..
فؤاد(أشار له بلامبالاة ووضع يده على خده):- أعشقكِ يا نور قلبي ، متى ترحمينني هاه ؟
نور(من محلها):- ما الذي تدمدمه تحت أنفك هناك يا فؤاد يا رشواااااااااااااان ؟
فؤاد(انتفض بهلع):- هئ هل سمعتني يا إلهي هذه المرأة تملك مكبرات صوت بأذنها
نور(خرجت من المطبخ وأمسكت علبة دوائه):- هذا سآخذه معي بحقيبتي طالما هو صباحي ، سوف أجعلك تتناوله بالشركة كل يوم .. أما البقية المتبقية سأجعل همام يعطيها لك في مواعيدها وإن صدف ورفضت فقط اتصال صغير بي سآتي وأقحمها بفمك ودون ماء حتى
فؤاد(كان يتأملها بجنون):- أنتِ مذهلة يا نور .
نور(سعلت وهي ترمش باندهاش):- هئئئ الحساااااء يا إلهي … فقط لو تصمت قليلا كدت تتسبب بمأساة للصراحة ، وقتها كنت سأجعلك تتناوله محروقاااا
فؤاد:- ولو كان فحما سآكله طالما هو من يديكِ الناعمتين ..
نور(وضعت يدها على جنبها وعادت له وهي تحمل الملعقة الخشبية الطويلة):- هل أشم هنا رائحة كلام ناعم ، أم أنها مجرد تهيؤات تتخلل مسمعي عبر صوت رخيييييم يطوف بالأرجاء ؟
فؤاد(ابتلع ريقه):- أؤيد فكرة الصوت الرخيم هي تهيؤات يا بعدي ، ولو من يتجرأ على التلفظ بكلام حلو حضرة الباشاااا
نور(غالبها الضحك لكنها ضبطت نفسها وعادت لتحرك الحساء):- لما لم تتزوج حتى الآن ؟
فؤاد(تفاجئ من سؤالها الغريب وأطل عليها هل تحمل سكينا ، لا فقط الملعقة يعني ستضربه بها إن أجاب بشكل غير مستحب):- يعني يمكنكِ تسميتها بالأقدار
نور(تحرك بشرود):- أقداااار ، عذر غير مقنع أكيد صادفت نساء أشكال ألوان في حياتك .. يعني ما الذي جعلك تبقى لهذا العمر بدون زواج ؟
فؤاد:- أنتِ تشعرينني وكأنني كهل لعلمك قريبا سأتمم الواحد والأربعين ، يعني شيبوب أنا
نور:- هه لا واضح ..
فؤاد:- احم .. ثم لما تسألين هل لديكِ مرشحة لأجلي ؟
نور(برقت عيناها والتفتت إليه بوجه ممتقع):- ولما يا روحي هل أنا أمك أم أمك لأخطب لك ، ثم ما شأني أساسا بزواجك حتى لو اتخذت أربعة ولا تفرق معي بشيء
فؤاد(لمس غيرتها وفرك يديه وهو يرقص فوق الكنبة):- أحقا … ههه تمام بما أنكِ ستحضرين لزفافي فهذا أقل ما يمكنكِ فعله لأجلي ، أجزم أنكِ ستكونين صديقة حميمة لزوجتي الغالية
نور(ضربت بالملعقة على رخامة المطبخ ووضعت يديها باستناد لكي تتمالك أعصابها):- إلهي تنحرق أنت وهي في يوم واحد
فؤاد:- هااااه لا دعواااااات لو سمحت ، ثم الدعوة تدور تدور وتعود لصاحبها وأنا أخشى عليكِ من نسمة الهواء
نور(أطفأت النار على الحساء وصبته في صحن ووضعته بصينية مرفقة بملعقة ومنديل):- أظنني أتمتمت واجبي كمساعدة خذ حساءك تناوله كاملا ، كاملا أكرر وتناول بعده دواءك
فؤاد(رمش بعينيه بتذمر):- هل أنتِ ذاهبة ؟
نور(ارتدت سترتها):- أجل
فؤاد:- هل انزعجتِ من كلامي ؟
نور(نفضت شعرها):- لا
فؤاد:- هل غرتِ علي ؟
نور(نظرت إليه بدهشة):- هَّاءْ !! استحالة طبعا هههن
فؤاد(قرأ غيرتها وآثر التلاعب):- إذن اجلسي هناك ولا تذهبي قبل تناولي للحساء .. وربما سردت لكِ مواصفات زوجتي المستقبلية …
نور(أمسكت حقيبتها بغضب حاولت إخفاءه بصعوبة):- أراك لاحقا
فؤاد(بأسى غلفته فرحته بغيرتها عليه):- شكرا على الحساء
نور(استدارت إليه من محلها وفتحت الباب):- على الرحب والسعة … إلهي تطفح فيه ل … بدون دعوات يا نور قلنا بدون دعوات آآآآآخ
فؤاد(بحسرة راقب طيفها حتى غادرت):- إلى متى هذا الاحتراق يا نور الراجي ، إلى متى
نور(أمسكت على قلبها وهي تنزل الدرج):- يعني .. ما الذي يحاول فعله يريد أن يتزوج يعني يخبرني بصريح العبارة أنه غض نظره عن طلبه ليدي ، تمام وأنا لما سأنزعج أساسا رفضته مرتين ولو كررها سأرفضه للمرة الثالثة .. قال زواج قال وبمن بهذا النطح ههه .. تتتت ثم لما يخبرني عن أفكاره المستقبلية مع زوجته الغالية يعني ما شأني أنا في هذاااا هاااه ؟؟؟؟؟ ما أفظعه خسيس
أكيد هذا طبعها في التهرب من كل ما يحاول غزو قلبها لطرح الأسئلة، وفتح المجال ليتسرب ذلك المدعو فؤاد رشوان ويتخلل بأعماقها … من فورها طردت أفكارها شر طردة وارتمت بسيارتها وانطلقت صوب البيت أقله تأخذ بقية اليوم راحة ، وفي المساء قررت التوجه للصالون التجميلي قد أهملته الفترة السابقة وطبعا ريمة ستكون قد تعبت من تحمل المسؤولية ، المهم ألا تعطي لعقلها مساحة تفكير لأنها ستصل لنقطة غير مستحبة ، وصلت بعد مدة للبيت وبمجرد أن دخلت وجدت السكون مخيما على الأجواء …
نور:- السلام عليكم .. أحضرت كيس برتقااااال من يريد ؟؟؟؟؟ أوك لا أحد هيييه يا أهل الله يا اللي ساكنين هنااااااااااا ؟؟
إخلاص(خرجت من المطبخ وهي تمسح يديها):- شتت نور تعالي بهدوء
نور(بتلصص أخذت تسير نحوها):- لماذا ماذا يحدث هل نحن محاصروووون ؟
إخلاص:- ههه يلعن أجوبتك يا بنت .. هو يوم ككل يوم في بيتناااا ، إن لم يشمل أعاصير على هزات أرضية لن يكون مرتاحا
نور(بقلق وضعت البرتقال على طاولة المطبخ):- ماذا حدث ؟
سردت إخلاص لنور عن كل ما حدث معهم وطبعا هذه الأخيرة زفرت بتعب ، وشعرت بصداع إذ كيف ستستطيع مواساة غيرها وهي بنفسها تشعر بأن روحها عليلة .. أجلت مواساتها لوقت آخر لذلك صعدت رفقة خيبتها نحو غرفتها ووجدت بوجهها لوحة صورتها التي رسمتها دينا وفؤاد سوية ، نظرت بحميمية ودفء للوحة وشعرت بوخز في قلبها
نور:- تمام لما سأهتم أصلا يعني ما شأني به ، كان متوقعا أنه سيمضي في حياته يعني ما الذي توقعته يا نور أن يبقى باكيا على أعتاب بيتك ، أكيد سيمضي قدما وسيتزوج وسينجب أطفالا وأنتِ …. تت ما بالي أصبحت أفكر بهذه الطريقة الدافئة لم أكن هكذاااا من قبل ما الذي يحصل لي ؟؟؟؟؟؟؟؟ نور نور هيا هياااااا استعيدي شخصيتكِ الرخمة إن أراد الزواج ليتزوج حلال عليه وليس عليكِ سوى أن تباركي له بالرفاء والبنين ، لكنه بدا شاحبا بعد تعبه هل هو مريض ويخفي الأمر عني ؟؟؟
تساؤلات في تساؤلات صادفت إحباطااااا راودها لا تعرف حتى من أين جاء ، فهي أبدا لم تشعر بما تشعر به قبلا وكأنها كانت تتوقع منه أن يفني حياته لأجلها وليس أن ينظر لغيرها بهذه السرعة .. طيب هو لم يقل شيئا هو فقط لمح لها بأمر شبيه بذلك ولأجلها لكن فهمها العجيب اتجه لناحية أخرى وعكس الأمور التي ازدادت غرقاااا … قاطعت حبل أفكارها عواطف التي دخلتها مستنجدة بها ..
عواطف:- غلبت وأنا أحاول التخفيف عنها لكنها لا تستمع لي ، رجاء صغيرتي كلميها أنتِ
نور(زفرت بتأفف):- حاضر أمي دقائق أغير ملابسي وأنزل إليها
عواطف:- ماشي .. لكن هل أنتِ بخير تبدين متضايقة ؟
نور:- مجرد إرهاق ..
عواطف(رمشت بعينها وهي تتطلع إليها واقتربت منها لتمسح وجهها):- الله يحميكِ بنيتي
نور(ابتسمت بتعب):- تسلمي يا عواطف …
عواطف:- ههه طالما قلتِ عواطف إذن أموركِ بخير ، هيا أنا بالأسفل …
نور(اختفت ابتسامتها بمجرد خروج أمها):- هيا أبشري يا نور ، لا أحد يتوقع اختناقكِ فأنتِ ركيزة البيت لذلك انفضي عنكِ غبار هذا الأسى ودعينا نرى مصائب غيرنا ..
بدلت ثيابها بروح مسحوبة وخرجت من غرفتها وهي تتنهد ، سحبت رجليها سحبا صوب غرفة البنات وجدت شيماء ونهال غارقتين وسط الكتب .. بينما دينا كانت ترسم
نور:- مرحبا ..
دينا(نهضت ركضا إليها):- مامي .. عدتِ باكرا اليوم ؟
نور(عانقتها):- أممم لم يكن لدي عمل كثير
نهال:- هلا عمتو هل سمعتِ الأخبار جدتي مديحة بهدلت العم مرزوق الخضري بهدلة العمر
شيماء:- أحضرت له الشرطة أيضا وجرسته في السوق كله
نهال:- ههه أشك أنه سيغلق دكانه سنة كاملة بعد تلك الفضيحة
نور:- ههه حقا تفعلها خالتي مديحة ، عموما أراكما على الغذاء ادرسا جيدا وأنتِ دينا تعالي معي لغرفتي قليلا
دينا(أمسكت يدها):- ما بكِ مامي ؟
نور(مطت شفتيها بدون حياة):- مجرد إرهاق
دينا(ابتلعت ريقها):- هل أزعجكِ عمو فؤاد مجددا ؟
نور(حولت عينيها ونظرت لابنتها):- أمور الكبار دعيها للكبار
دينا:- توقعت ذلك فأنتم تعاملونني على أساس أنني صغيرة أو كبيرة متى تريدون ، وحسب الوضع المعاش .. قد كبرت ماما وبدأت أفهم ما يدور من حولي وأعرف أنكِ متضايقة من شيء لذلك أخبريني هل انزعجتِ من شيء ، هل ضايقكِ أحد في الطريق أو تخاصمتِ مع متطفل مااااا ؟؟
نور(توقفت في الرواق وانحنت القرفصاء لتصل لمستوى دينا):- حبيبتي لا يوجد شيء من كل هذا ، هو مجرد إرهاق بسيط وسيذهب لحاله .. المهم أردت منكِ أن تأخذي اللوحة الموجودة بغرفتي وتضعيها بغرفتكِ أنتِ والبنات ..
دينا:- ولكن .. لماذاااا ألم تعجبكِ ؟
نور:- ليس كذلك لكن هي رسمة من حقكِ أنتِ ، فخذيها يا دينا ولا تكثري أسئلة
دينا(تقدمت للغرفة):- أوك مامي سآخذها ..
نور(همست بخفوت وهي تنهض):- خذيها وأبعديها عن تفكيري أيضاااااا لو استطعتِ
جوزيت(كانت واقفة على جنب تكتف يديها):- ادعاء جميل ..
نور(عقدت حاجبيها):- ماذا تقصدين يا روحي ؟
جوزيت(تقدمت إليها):- أنه مجرد إرهاق ، أنكِ بخير ، أن الأمور ستمضي على خير ما يرام بينما قلبكِ المكسور يترجم معاناته عبر ملامح وجهكِ التعيسة ، حاجبيكِ المنخفضين عيونكِ المتعبة ، بشرتكِ الشاحبة صوتكِ الحزين كل هذاااا يدل على أنكِ مريضة روحيا فكفي عن ادعاء القوة لأنكِ بشر في نهاية المطاف ولستِ آلة ..
نور:- هه أكيد اختلطت عليكِ الأمور ميرنا ، سأنزل
جوزيت(استوقفتها):- تستطيعين خداع الجميع بثباتكِ وقوتكِ المعهودة ، وبأنكِ رجل البيت وأنكِ أقوى بكثير من أي عقبة قد تطال حياتكم وكأنكِ الجبل الذي لا تهزه ريح ، تمام فهمنا أنكِ المسئولة عن البيت وأهل البيت وتتحملين عبء كل شخص فيه من كبيرهم حتى صغيرهم .. لكن هل فكرتِ يوما بنفسكِ داخل كل هذه المسؤوليات أين نور من بين كل هذا وذاك ، ترفقي بحالك وفكري بحياتك أنتِ تكبرين ولستِ تعودين للوراء يعني إن كانت هنالك فرصة تلمسين فيها بعضا من السعادة اقتنصيها ولا تفرطي فيها ، فالفرص لا تأتي كثيرا هي مرة واحدة وفقط
نور(كانت شاردة في حديثها الذي لمس وجدانها بكل أمانة):- من أخبركِ أنني متعبة من هذه الحياة ، لقد تعودت على ذلك وأهلنا تعودوا على هذا لن آتي بين ليلة وضحاها وأصبح أنانية لأفكر بنفسي … وأنتِ تعلمين ذلك جيداااا
جوزيت(ولتها ظهرها في طريق النزول):- ترفقي بحالكِ يا نور ، فاحتراق القلب لا ينطفئ بل يستمر معكِ لوقت طويل
نور(بغيظ):- على الأقل طالما أنتِ خدومة لهذه الدرجة إنزلي وواسي القلوب الكسيرة بدل فلسفتكِ الواهية علي …. تت إنها تنزل حقا الآن ماذا تقصده هذه المجنونة ، هل قلبت عملها من صحفية لعرافة .. فف ثم أنا بخير بخير لما لا يصدقووووووووونني ؟؟؟؟؟
نزلت وزعابيب أبشير تتطاير من وجهها وتوجهت صوب المطبخ أخذت برتقالة من الكيس وجلست على الطاولة لتأكلها بملامح عصبية ، لاحظتها إخلاص وعواطف وقررتا ألا تسألانها حتى عن سبب غضبها وإلا انفجرت بوجههما ، هنا كانت جوزيت مترددة في الدخول لغرفة رنيم يعني كيف ستتعامل معها ، فكرت قليلا ووجدت أن الارتجال خير حل .. دخلت الغرفة وأقفلتها خلفها ووجدتها يعني على ذاتِ الحال المعهود ، وعليها الآن أن تشحنها بالطاقة الإيجابية وبعض من الشتائم لعلها تعود لرشدها ، كانت متقوقعة على سريرها في حضنها سجى بينما أيهم تلتقطه الأنامل خارجا في الصالون …
جوزيت(أقفلت الباب بقوة ودخلت إليها):- نعم أخبروني أنكِ تبكين منذ عودتكِ خيرا ؟
رنيم:- سيتزوج رأفت
جوزيت:- حقا ههه ألف ألف مبروك هل نأخذ له هدية ؟؟؟؟
رنيم(نظرت إليها بعدم تصديق):- هل تسخرين مني ؟
جوزيت:- لا والله أتحدث بجدية يعني دعينا نفكر معا في نوع الهدية المناسبة لتلك المعتوهة ، طقم كريستالي أم مشجب نحاسي لالا ربما مجموعة شوك فضية ستفيد ؟؟؟؟؟؟
رنيم(نظرت لسجى وتململت):- أنتِ تخرفين هنا رجاء دعيني أبكي فاجعتي لوحدي
جوزيت(اقتربت منها وأزالت الغطاء عنها):- طيب وبعد بكائك ماذا سينتج ؟
رنيم:- ما الذي تريدينه مني أنا مكسورة
جوزيت(تبحث في جسم رنيم):- من أين ذراعكِ أو ركبتكِ ؟
رنيم:- لالا أنتِ لستِ طبيعية بالمرة ميرناااا ..
جوزيت:- أخبروني أنكِ ذهبتِ لشراء الكتب من المكتبة التي أرشدتكِ إليها نور ، وهناك فهمت أنكِ رأيتِ زوجك وخطيبته وأمه ؟
رنيم:- اشتريت ويا ليتني ما فعلت ، أساسا لن أكمل في هذه الطريق أعلم أنني لن أنجح بشيء فقط كنت أهذي
جوزيت:- أوك حين تفرغين من دور المستسلمة وافينا لتناول الغذاء .. تغطي جيدا
رنيم(بدهشة منها):- ما بال هذه البنت تتصرف على هذا النحو … إنها غير طبيعية بالمرة ثم أنا أخبرها عن جرحي وهي تطلق الدعابات هذا ما ينقص ….
جوزيت(سمعتها وابتسمت وهي تسير في الممر):- لا بأس رنيم ستجدين نفسكِ بين هذا الاستسلام الكئيب الذي يحيط بكِ ..لحظة ما هذا الصوت كأنه صوت بكاء ؟
تقدمت ببطء شديد صوب الصوت المنتحب ، ووجدت نفسها على جانب الرواق حيث تنتهي غرفة هناك كانت هي مصدر نشيج البكاء المنقطع ، وضعت أذنها على الباب وتنهدت بعمق إذ عرفت أن تلك غرفة مرام … تنحنحت واقتحمت الغرفة دون إذن ..
مرام(مسحت دموعها):- هل لكِ أن تغادري غرفتي ؟
جوزيت(تقدمت وسط الغرفة وأخذت تتأملها):- لماذا لتتابعي فقرة بكائكِ على راحتك
مرام:- أنتِ غريبة الأطوار ،وإن كان حكيم يجعلكِ فظة هكذااا فحاسبيه هو وليس نحن
جوزيت(لامست أغراض مرام التي كانت على المكتب بفضول):- لا حكيم لم يفعل لي شيئا ، أنا على خير ما يرام هذه الفترة يعني نسبيا
مرام(أمسكت منديلها وأخذت تمسح وجهها):- لا أريد محادثتكِ أخرجي
جوزيت(جلست على طرف السرير وهي تهتز عليه وتجربه):- ههه سريركِ مريح
مرام(نظرت لسريرها الطبي الخاص بالمقعدين مثلها واختفت ملامحها):- ألا تعلمين أنه سرير طبي يا ميرنا ؟
جوزيت(تفقدته وشعرت بأنها اقترفت مصيبة أكبر من الدعامة الحديدية):- أعلم فقط أخبرتكِ بما شعرت به ، ثم ما بالكِ تتصرفين على هذا النحو الكارثي وكأنكِ تقفين على جذع شجرة ستهوى أرضا بين لحظة وأخرى .. ؟
مرام(رمشت بعينها):- ما الذي تتفوهين به ؟
جوزيت(بقنوط رمقتها):- يعني بطريقتكِ التشاؤمية هاته أنتِ تجعلينني أنفر من محادثتكِ حتى ، لأنكِ مستسلمة مرتخية تجعلين الكل يعاملكِ بشكل ضعيف وكأنكِ تستبدين راحتكِ من خوف أهلكِ عليكِ .. يعني ما أحاول قوله أنكِ تستضعفين نفسكِ كثيرا بالرغم من أنه ليس هنالك ما يستحق هذا الوضع فهمنا أنكِ عاجزة وأنكِ لا تستطيعين التحرك دون كرسيكِ المدولب ، لكن لا ذنب في أن تحاسبي الكل بمأساتك وتجعليهم يشعرون بالحزن من تذمركِ المتواصل .. ألا تلاحظين أن أمكِ تبذل قصارى جهدها كي ترسم البسمة على وجهك لكنكِ بخيلة لدرجة الألم تجعلينها بتصرفاتكِ الجارحة تشعر بالأسف حول حياتها ، فهي تتمنى رؤية نفسها بذلك الحال وأنتِ لا .. أرأيتِ إلى أي درجة جعلتِها تعيسة فقط لأنكِ طفلة مدللة تبكي طوال الوقت وتصب جام حنقها وتذمرها على المحيط الذي يعيش معها ..
مرام(ببكاء مندهشة منها):- أنتِ لا تعنين ما قلته صحيح ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
جوزيت(وضعت رجلا على رجل وببرودة):- بلى أعنيه حرفا حرفا ، نحن لسنا مسئولين على تعاستكِ التي تعيشينها حاليا أي نعم نأسف لوضعكِ العاجز والذي رفضتِ المحاربة لأجل تغييره لإجراء العملية ، لكننا لسنا مجبرين أن نعيش مأساة قلبكِ العليل .. إن كانت لديكِ مشاكل مع حبيبكِ واجهيها ولا تلقي باللوم على الآخرين .. إن وجدتِ أنكِ سعيدة معه وبدأتِ بالانفتاح على الحياة منذ أن عرفته ولاحظتِ أن طريقة تفكيرك قد تغيرت لا تتخلي عنه ، فذلك الشخص هو نصفكِ الثاني وأي مشكلة أخرى تقف عائقا بينكما ستمضي كما مضت سابقاتها ، يعني مجرد نصيحة من أختكِ لعلكِ تستيقظين من كابوسك وتنزعي عنكِ عباءة العجز التي جعلتِ الكل يتلحف جزءا منها بسببك .. عن إذنكِ أختي
مرام(كانت تهز رأسها بعدم تصديق من جمل أختها):- هل هذا يعني أنني عالة عليهم ، أنهم تعبوا مني أنني أتعبهم هكذااااا تقول ميرناااا لقد ملوا من معاناتي وتذمري ؟؟؟؟؟؟ .. هل يكرهونني الآن لكنني لا أريد أن أتذمر فقط لأنني يعني … آه يا إلهي ما الذي فعلته بعائلتي؟؟
ابتسمت وهي تغادر جانب غرفة مرام ، هي تعلم أنها لمست وترا حساسا في روحها وهذا سيجعلها ترتب أولوياتها من جديد ، قست عليها أجل لكنها تستحق أن ينفض أحد عنها غبار الدلال الذي تعودت عليه منذ حادثتها من قبلهم بدون استثناء ، أي نعم هي تستحق معاملة خاصة لكنها تمادت كثيرا في أذية من حولها لذلك توجب على جوزيت أن توقظها بطريقة فظة ، تماما مثلما فعلت برنيم التي مرت بغرفتها وسمعتها تلاعب سجى وتمازحها وهذا ما جعلها تبتسم … لكن سرعان ما توقفت عن المسير وهي تستيقظ على نفسها ما الذي تفعله لما تبتسم يعني هل حقا بدأت تشعر بشيء تجاه تلك العائلة لما تساعدهم يعني أصلا ما شأنها وش حشرها ؟؟؟ … تساءلت وهي تمسح على جبينها وتفكر عميقا في ما تفعله ، قد بدأت تتصرف بدون وعي مع كل واحدة فيهن ولم يمضي سوى يوم على دخولها لبيتهم يعني ما الذي ستفعله خلال 13 يوما التي ما زالت تشق الطريق أمامها …
خليط من الأفكار اقتحم عقلها وهذا ما جعلها تجلس جوارهم بالصالون وهي تتأمل خالتها مديحة وعواطف وجدتها ، وهناك بالمطبخ نظرت لإخلاص ولنور وأخذت تتنهد وشعور الدفء يغمرها ، شعور العائلة حقااااا الذي لم تعشه يوما اعتمر صدرها لحظتها ولم تستطع إلا مجاراته … نور التفتت لنبيلة وأشارت لها بإشارة نفي وهنا نبيلة سحبت نفسا عميقا وعرفت أن شهاب الفاشل لم يصل لشيء مهم مع ميرا ، وعليه قررت أن تفكر بالموضوع من جهة أخرى لكن انتبهت لجوزيت التي وقفت وأرادت أن تنسحب هربا من بينهم لكن استوقفتها نبيلة بصوتها ..
نبيلة(تنهدت عميقا):- أنتِ يا بنت ..
جوزيت(توقفت عند الدرج وتراجعت):- ها جدتي ؟
نبيلة(تأملتها بنظرة مبهمة وضربت عصاها أرضا):- الحقي بي لغرفتي .. الآن
جوزيت(فركت يديها ونظرت لمديحة التي ابتسمت لها):- هه احم حاضر
مديحة:- هيا هيا اركضي وراء جدتكِ أكيد ستعطيك درسا في الحقوق الزوجية يا فاشلة ..
جوزيت:- هه هذا ما يلزمني بالفعل .. ....
عواطف(جلست بقرب مديحة):- ماذا تريد أمي من ميرنا ؟
مديحة:- والله أمي الفهيمة ترى حال الأولاد ، أكيد ترغب بوضع النقاط على الحروف ..
عواطف:- إيه على خيرة الله …
كانت تشبك يديها بتوتر وهي تلحق بنبيلة التي استقرت على كرسيها الخاص بغرفتها ، بينما جلست جوزيت قبالتها على السرير تنظر إليها بطرف عين ، تهربت بأمانة فهي لا تعلم ما الذي تريده منها نبيلة .. ثم هي لا تدري لما تشعر بالخوف منها وكأنها ستكتشف أمرها أو ستفضحها ، لكن ما الذي تريده منها بحق .. هنا لم تستطع كتم صوت فضولها لذلك سألتها
جوزيت:- ماذا تحتاجين جدتي مني يعني ، هل أستطيع مساعدتكِ بشيء ؟
نبيلة(نظرت للباب المغلق عليهما ورمقت جوزيت بحدة):- أترين ذلك الباب المغلق هناك ، قد جلست مئة جلسة وجلسة خلف الأبواب الموصدة في صباي ، وتحديدا بين أحضان هذه الغرفة التي لم أبرحها منذ أن انتقلنا لهذا البيت .. كانت الحياة قاسية جدا معنا ولم تنصف أحدا فينا كلُّ تجرع من كأسها المرار الطافح .. سنة تجر أذيال الخيبة وسنة تجر الأوجاع ، صبرنا وتحملنا وربينا أولادنا وبناتنا على مبدأ الصدق والأمانة ، فقد تعلمنا من آبائهم الكثير بفضل رعونتهم وطيشهم الذي أودى بحياتهم إلى الهلاك ..
جوزيت(هنا ارتجفت وهي تعقد حاجبيها وتنظر ليديها"):- لا أفهمكِ أنا ..
نبيلة(رمشت بعينها وهي تتنهد عميقا):- انحني هنا لأرى ..
جوزيت(بدون فهم):- ماذا ؟؟؟
نبيلة(أشارت بعصاها إلى الأرض تحت أقدامها):- انحني هنا ..
جوزيت(نهضت بقلة حيلة وجثت أرضا قبالة نبيلة):- نعم ؟؟
نبيلة(وضعت مقدمة العصا المقوسة خلف رقبة جوزيت وجذبتها إليها بقوة):- إن كنتِ تتوقعين أنكِ ستخدعين نبيلة الراجي التي طوًّعت رجال ونساء البلدة قديما ، والتي كان الجميع يعمل لها حسابا وما زالوا ليومنا هذاااااا .. فأنتِ واهمة
جوزيت(هنا ارتعشت رعبا):- ماذا تفعلين أنتِ تؤلمينني ؟
نبيلة(أمسكت بكتف جوزيت وجذبتها أكثر بعد أن رمت العصا أرضا):- أين حفيدتي ، وأنتِ من تكونين ولما تشبهينها بهذا القدر .. أجيبي فوراااااااااااااا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
جوزيت(بدموع حركت رأسها):- أنتِ تهذين جدتي ، ما الذي دهاكِ أنا ميرنا ؟
نبيلة(مسحت على وجنة جوزيت ورفعت فكها إليها):- لستِ ميرنا .. لقد كشفتكِ منذ أن دخلتِ من عتبة البيت ، يمكنكِ خداع بناتي قصيرات النظر مع الأسف ، وأيضا نور والباقيات لأنك تقنيا تشبهينها لكن لا يمكنكِ خداع قلبي .. فأنا أحفظ أحفادي عن ظهر قلب برائحتهن التي لا تخيل علي ولو كانوا بين العشرات ، وأنتِ تمتلكين رائحة خاصة ليست رائحة ميرنا حتى لو تشبعتِ بنفس عطرها يبقى لجسمكِ شيء مختلف أستطيع إدرااااااكه ..
جوزيت(بذهول أحنت كتفيها):- أنتِ داهية ..
نبيلة(مسحت دموع جوزيت وبنبرة حزن):- أعلم أنكِ راجية أيضا ، لكنني لا أستطيع تحديد فكرة عمن تكونين ..
جوزيت(رفعت ذقنها بإباء وأردفت بصوت حزين):- من تتوقعين ؟
نبيلة(هزت رأسها بعدم صبر):- لستِ أخت ميرنا ، مستحيل أن تكوني ابنة هبة وسليم .. لكنكِ راجية من دمنا ولحمنا عرفت ذلك من وحمة يدكِ الشيء الوحيد الحقيقي فيكِ .. لذا أسرِّي لي من تكونين وأين حفيدتي ميرنا الآن ؟
جوزيت(ابتلعت ريقها):- لا يسعني إخباركِ شيئا عن ميرنا ، لأنها مسافرة وأنا جئت لأحل مكانها .. إلى أين ذهبت ولأجل ماذا لن أخبركِ لكنني هنا لفترة وجيزة وحين تعود هي سأرحل بدوري وكأنني لم أطأ هذا البيت يوما ..
نبيلة(تنهدت بعمق):- أنا أثق بحكيم هو لا يغامر بحياة ميرنا ، لكنني لست متأكدة منكِ أنا حتى لم أعرف بعد من أنتِ ..
جوزيت:- آه يا ربي مكتوب علي أن أحكي قصة حياتي المريرة مرات عديدة ، ولا أدري من سيأتي بعدك ويطالب بمعرفتها ، عموما حكيم يعلم كل شيء قد رويت له عن كل ما يخصني .. وأنتِ تعرفين أهلي جيدا لقد أخبروكِ قديما أنني توفيت بعد الولادة بسبب نقص في المناعة أو شيء من هذا القبيل ، لكن لم يحدث ذلك قد كتب لي الله عمرا آخر بهوية أخرى عايشتها طوال هذه السنوات .. امتلكت لقبا ليس من حقي وبالرغم من أنه الاسم الذي منحني حق الحياة ، إلا أنه كان وبالا علي .. فقبل عدة أيام بسيطة عرفت كل شيء عن أسرتي وعلمت كل ما حدث بالماضي معكم ..
نبيلة(بتمعن في حديثها):- علمتِ .. إذن هنالك شخص قد أخبركِ عما حدث آنذاك ..
جوزيت:- أعرف بشأن لعنة سلسبيل ، وأعرف بأمر ولادة ابن سليم وهبة الذي صدف أنه مثلي ذو حظ وفير ولم يمت مثلما أخبرتموها سابقا ..
نبيلة(رمشت بعينيها):- كيف تعرفين هذااااااا ، ثم لا تجيبيني أصلا لا يحق لكِ الخوض في أمر خاص كهذاااا
جوزيت:- لماذا خفتِ ، هل خشيت أن أكشف هذا السر .. اطمئني أنا لا أعرف من يكون هذا الشخص لكن ألم تكونوا جاحدين في حق هبة قد تسببتم بكارثة جعلتها تكره الحياة ، لذلك هربت منكم والتجأت لعامر نجيب ..
نبيلة(اهتزت حدقتيها):- من أين تعرفين عامر نجيب يا بنت ؟؟؟
جوزيت(ابتسمت بغبن وهي ترخي عضلاتها المتصلبة):- كان الرجل الذي تربيت تحت كنفه
نبيلة:- يا إلهي ، أظن أنكِ تعلمين أشياء أنا نفسي لا أدري عنها شيئااااا ، تحدثي وأخبريني عن كل ما تعرفينه و …. عن هبة هل تذكرينها ؟
جوزيت:- ليس ضمنيا فقد كنت صغيرة وقتها لكن أعرف شخصا روى لي عنها القليل ، هي السبب في بقائي على قيد الحياة قد رسمت لي طريقا بعيدا عن الشر المحيط بكم ووهبتني فرصة جديدة .. أنتِ تتساءلين عمن أكون لقد حزرتِ أنا فعلا راجية ابنة راجي أبا عن جد ، لكنني أملك من دم آل نجيب النصف هل علمتِ الآن من أكوووون ؟
نبيلة(دمعت عيناها وهي تمسك على قلبها):- لالالا … لقد متِّ دفنااااااك تحت الأرض ، لا يعقل أن تكوني نفس الفتاة لا يمكن ,,,
جوزيت:- ولما لا يمكن ، قد دفنتم أيضا دمية بدلا عن ابن هبة الحقيقي .. أخذتم عزائه حتى وبكيتم على قبره يوما بعد يوم ، أحرقتم قلب أم لم تستطع حتى رؤية وليدها أو شم رائحته مثلما وهبتها الفطرة البشرية .. قد سلبتموه منها ..
نبيلة:- لا تقحميني في أمر حساس كهذا ، ماذا توقعتِ أن أفرط في أولادي قد وٌضعت أمام الأمر الواقع إما أن أصمت عن الجرم الذي اقترفه سليم أو يقتله ويقتل معه كل من عارض طريقه وقراراته .. لقد وضع النار في حجري وكان علي حماية الطفل من قذارة أبيه
جوزيت(مسحت دموعها):- كلكم مذنبون فيما حدث سابقا ، لما تركتم أمي تتعذب وبقيتم تتفرجون عليها من بعيد ، أكيد فرحتم بموتها لكن مع الأسف لم تتوقعوا بقائي على قيد الحياة نفس اللعبة التي لعبتموها بالطفل لعبتها الأقدار معي أيضااااا ..
نبيلة(زفرت بعمق):- آآآآه يا فتاة هل أنتِ حقا ابنة مختاااااار ؟؟؟
جوزيت(بغبن مطت شفتيها وهي تبكي):- مع الأسف ..
نبيلة(أمسكت يد جوزيت):- ما اسمكِ ؟
جوزيت(نظرت لنبع الحنان المتدفق منها):- جوزيت … وإن كنتِ تعتقدين أنكِ ستؤثرين بي فأنتِ مخطئة أنا دخلت بيتكم مجبرة وكلها فترة بسيطة وسأغادره إلى ما لا رجعة ، أساسا أنا لا أعرفكم ولا يشرفني ذلك ..
نبيلة(رمقتها وهي تنهض وتمسكت بيدها):- من يدخل بيت الراجية لا يخرج منه ، ضعي هذا حلقة في أذنك .. ستخرجين نعم ستغادرين وتمارسين حياتكِ السابقة ، لكنكِ ستفتقدين جنبات هذا البيت وستعودين ..
جوزيت(نفضت شعرها):- ههه لا تتوهمي يا جدة نبيلة ، لأنني ما عدت لأكحل عيني بشوفة أهلي لأنني أصلا لا أعترف بكم
نبيلة:- لؤمكِ هذاااا يذكرني بأبيكِ ، أتعلمين أنه قد جاء إلي بعد أن عرف بأمركِ ..
جوزيت(اهتزت عيناها بعدم تصديق وتوقفت عن المسير):- حقا يعني .. كيف ماذا قال ؟
نبيلة(نظرت للبعيد):- هيييه مضى عمر على ذلك ، قد كانت أخر مرة أكلمه فيها .. أخبرني أنه لا يحبكِ وأنه لا يكرهكِ أيضا ، لم يعرف كيف يصف شعوره لحظتها قد كان يبكي بحرقة وكأن عقاب السماء نزل عليه حين وهبه الله أنثى .. كلمته بالحسنى واستمع مني وأخبرته إن لم يأتيه الذكر الآن سيأتيه فيما بعد ثم ما بها الأنثى ماذا لو كانت ابنتك مثلي ألا تتشرف يا ابن أخي .. أتدركين ماذا قال ، هه قال إذا كانت مثلكِ فحقا قد وهبني الله رجلا أعتمد عليه في شيبتي ، ابتسمت وأنا ألمس في عينيه بريقا ممتزجا بالحسرة في الوقت الذي كان متعبا من تواجدكِ إلا أنه لم يستطع تجاوزكِ قد بدأتِ تلعبين في روحه حتى لو قاوم ذلك ، وأخفاه عني لكنني استطعت لمس بداية تعلقه بكِ ..
جوزيت(بعدم تصديق حركت رأسها):- و.. ولكن لقد عبَّر بكل الطرق على عدم رغبته بي ، حتى أمي ماتت خوفا بنزيف حاد بسبب هذا الأمر
نبيلة:- أعطني عصاي ..
جوزيت(رمشت بعينها ومدت العصا لنبيلة التي وقفت أمامها):- ماذا ستفعلين ؟
نبيلة(تجاوزتها وفتحت دولابها وأخرجت منه صندوقا قديما):- لدي شيء هنا يخصكِ .. سبحان الله لم أعرف يوما سبب احتفاظي به لكن ربما قلبي أحسَّ بوجودك
جوزيت(بعدم فهم ظلت تحدق فيها وهي تشعر بخفقات قلبها تزداد):- … ما هو ؟
نبيلة(فتحت الصندوق بهدوء وأخرجت منه صورة قديمة وسوار):- هذه الصورة كانت لأبيكِ وأمكِ في مولد ابن نجيب ، لقد أصر عامر على التقاطها لكي يضغط على مختار ويكسر عينه واحتفظت بها زهرة بين أغراضها كما تحتفظ الأم بوليدها فقد كانت الصورة الوحيدة التي تجمعها بأبيكِ
جوزيت(عقدت حاجبيها وهي تمسك الصورة بين يديها وتتأملها بدموع ساخنة):- أمي ..أبي أكاد لا أصدق هل هل .. اهئ … لم أعرف أبدا أن هنالك صورا في حوزة أي منكم ، اعتقدت بأنكم تخلصتم من كل شيء بعد تلك المآسي ..
نبيلة:- مستحيل ، أنا لا أفرط بأولادي حتى لو كانوا سيئين .. خذي هذا أيضا إنه سوار أمكِ زهرة منقوش عليه اسمها وقد أعطاه جدكِ إسماعيل كهدية لكنته التي دخلت أسرتنا ، يعني حتى لو كانت الأمور متأزمة بين العائلتين لكن أخي إسماعيل حرص على اتباع التقاليد ،.. ولا تعرفين كم فرحت زهرة بها وشعرت كأننا اعترفنا بها بيننا بصدر رحب .. أصبح لكِ الآن يا جوزيت .. هه حتى أنني لن أسأل عن سر اسمكِ الغربي
جوزيت(ضحكت):- لقد ادعى عامر نجيب أنني ابنة أخيه من امرأة أجنبية ، لذلك أطلق هذا الاسم علي ليبعد الشكوك ..
نبيلة(أغلقت الصندوق وأعادته لدولابها وعادت لجوزيت):- أظن أن بيننا أياما طويلة سنستذكر بها الماضي سوية ، ومنها سأطلب منكِ أن تحكي لي عن هبة رشواااان
جوزيت(رفعت عينيها وهي تضم السوار والصورة لحضنها):- لما أنتِ مهتمة بها هكذا ؟
نبيلة(تسحبت وفتحت درج سريرها وأخرجت كتابا قديما منه فتشت بين أوراقه وأخرجت صورة هبة):- ربما لأنها ابنتي …
جوزيت(أمسكت الصورة ونظرت إليها بذهول):- ولكن … كيف يعني ابنتكِ وضرغام هل واووو صدقا شيء لا يخطر على بال ، لقد كنت صغيرة جداااا حين جعلنا عمي عامر نترك البيت ونرحل عن بيتنا القديم بعد وفاة هبة جعلنا ننسى تلك الحادثة ولا نتطرق إليها أبدا .. ميار حزن لأن أمه الخالة حورية كانت تعيسة فقد تزوج عامر عليها وجعلها خادمة لها لولا تعامل هبة الجيد لكانت استغلتها نوازع الشيطان ، لكن حين قتلت هبة تحولت حياتها لجحيم وماتت بدورها من فجيعتها وقلبها الكسير الذي استبد منه عامر كل حياة ..
نبيلة:- صغيرتي حورية .. المسكينة ما كانت تعلم أنها ستكون هي وابنتي زوجتيْ عامر
جوزيت(أعادت الصورة لنبيلة):- من كان يتوقع ، حتى عامر تعب بعد وفاتها ولم ي..
نبيلة(أمسكت ذراع جوزيت وهي ترمش):- ماذا قلتِ ؟؟؟؟؟؟
جوزيت:- قلت من كان يتوقع ذلك و..
نبيلة(جلست بلهفة وجعلت جوزيت تجلس قربها على السريٍر):- لالا النصف الثاني ..
جوزيت(بدون فهم):- قلت أن عمي عامر تعب بعد وفاتها ..
نبيلة(رمشت بعينيها):- ولكن قد وصلنا أن عامر مات معها وانقطعت أخباره تلك اللحظة ، حتى أخبار حورية انقطعت لحين موتها سلمونا جثتها من المستشفى وبلغ الجيران عن وفاتها وابنها لم نجد له أثرا وجزمنا أن معارف عامر قد أخذوه .. بحث عبد النور عنه كثيرا عند كل الأشخاص الذين كانوا على صحبة مع عامر نجيب لكن بدون فائدة ، اختفى
جوزيت:- لا أنتِ مخطئة ، لقد كنا نعيش جميعا في نفس البيت ولسنوات عديدة حتى قضينا معظمها فقط أنا وعمي عامر وميار و ..
نبيلة(باهتمام):- ومن ؟
جوزيت(ابتلعت ريقها):- وخالتي صباح ، هي جارتنا يعني كانت تساعدنا دومااا
نبيلة(باهتمام):- طيب وبعد تابعي ماذا حصل ؟
جوزيت:- أ.. فيما بعد تابعنا الحياة هكذا وأعداء من المافيا قاموا باغتيال عامر فقد وجد ميتا بوجه مشوه ، وبعدها انفصلت طرقاتنا افترقنا
نبيلة:- كيف افترقتم أين ذهب الولد وأنتِ أين كنتِ ؟
جوزيت(وجدت نفسها محاصرة بكثير من الأسئلة التي لن تستطيع الرد عليها):- هكذا وقع ، يعني لا أعرف أكملت حياتي وحدي ولم أجد لميار أثرا وبقيت مع الخالة صباح إلى أن كبرت
نبيلة:- هااا .. طيب ماذا عن الطفل الثاني الذي أنجبته هبة من عامر .. لما لم تذكريه ؟
جوزيت(نهضت وهي تفرك يديها):- طفل ثان .. هل كان حقا هنالك طفل آخر ؟؟
نبيلة:- أجل ، لقد علمنا أنها أنجبت منه لكن لم نعرف شيئا عن الولد
جوزيت:- لا أدري حين كبرت لم يكن هنالك سوى أنا وميار
نبيلة(وضعت يدها على قلبها):- يعني دفن سر الطفل مع أمه ، لكن إذا كان ما زال عامر على قيد الحياة لما لم يرفع ضرغام رشوان شكوى ضده ، أعلم أنه لم يشتكي على سليم الذي قتل هبة بيديه فقط إكراما لي .. فحين عرفت بأنها ابنتي طلبت منه أن يستر موتها ولا يتسبب بسجن سليم واستجاب لطلبي لكن ما نسي يوما ثأره قد حاول مرارا وتكرارا الانتقام منه
جوزيت:- عذرا جدتي نبيلة ، لم أعرف كيف أساعدكِ فهذا كل ما أعرفه .. ثم علي أن أنهض الآن حكيم على وشك الوصول ويجب أن أنهي بعض الأمور قبل عودته
نبيلة(تاهت في أفكارها):- طيب طيب اذهبي يا ابنتي ..
جوزيت(نظرت لنبيلة بتوجس وخرجت وهي تضع الصورة والسوار بجيبها):- يا إلهي هل أخطأت في إخبارها بكل ذلك ، لكنها كشفتني الآن أكيد سيقتلني حكيم شنقاااا بعد الذي سأرويه له عن جدته …
بسرعة ركضت إلى فوق بحثت عن زاوية تضع فيها تلك الحاجات لكي تحفظها من الضياع ، ولم تجد سوى درج مكتب ميرنا الذي فتحته ودفعت بالصورة والسوار إلى عمقه ، ووضعت كتبا قبله كي لا يستطيع أحد إيجادها ، لحظتها تنهدت بعمق وأخذت تستذكر ما قالته نبيلة عن أبيها ولم تدري لم شعرت بالدفء والحنين لحظتها ربما لأنها سامحته بالفعل على كل ما فعله بأمها سابقا ….
جوزيت(نظرت لصورة ميرنا على الحائط):- ها يا ست ميرنا جدتكِ كشفتني ، من التالي ؟
مسحت على جبينها بتعب وما إن همت بالاستلقاء على السرير حتى دخلت عليها شيماء ..
شيماء:- خالتي ميرنا الغذاء جاهز لننزل ..
جوزيت(نظرت لشيماء مليا وأومأت لها):- هل حضر حكيم ؟
شيماء:- نن ليس بعد ..
جوزيت:- تمام دعينا ننزل وسأتصل به لأرى أين هو ..
شيماء(باغتتها سؤال):- تحبينه صح ؟
جوزيت(رفعت هاتفها لأذنها والذي بدأ يرن):- أحب من ؟؟
حكيم(رد على الجملة):- تحبين من يا بنت ؟؟؟
جوزيت:- ههه أحبك أنت يا أحمق ، هل قاربت على الوصول أم ماذا ؟
حكيم(ابتسم من دعابتها):- حتى أنني وصلت ، اركضي وافتحي لي الباب
جوزيت(لوحت لشيماء وهي تسبقها في الدرج نزولا لتفتح حقا):- ولما سأفتح هل أنت زوجي أم زوجي ؟؟؟
حكيم:- افتحي يا بنت وإلا صرخت باسمكِ عند عتبة الباب ، ووقتها سترين ما لا يسركِ
جوزيت:- لا وعلى إيه سأفتح لابن عمي حبيبي زوجي الغالي
حكيم:- يختي جميلة !!، هيييه استيقظي قال حبيبي قال … افتحي يداي ثقيلتين أين أنتِ؟
جوزيت(ركضت وفتحت له):- هنا ..
حكيم(غمزها وهو يدخل بتلك العلبة الكبيرة بين يديه):- يسلملي اللي هنا .
جوزيت:- أشك أنني حتما سأقع في حبالك ، ولد لا تداعب قلبي بجميل الكلام
حكيم:- أمسكي هاتفي ودعيني أضع هذه هناك ..أنتِ أصلا ضعيفة وسهلة المنال
جوزيت(وضعته بجبيها وتبعته بحماس):- هممم وأنت دنجوان زمانك ، ها ماذا أحضرت ؟
حكيم:- هدية .. أين البقية ؟
مديحة:- هنااا يا حكيم ماذا في العلبة ؟
نهال(صفقت بحماس):- كلب ربمااااا
شيماء:- أو قطة ..
دينا:- دجاجة وكتاكيتها ؟؟؟؟؟
حكيم(وضع يده على جيبه):- اممم اقتربتِ ، هيا فكروا بشيء آخر ؟
جوزيت(نظرت مليا للصندوق):- إنه قفص خاص بالعصافير ..
حكيم(فتح العلبة وأخرج قفصا به عصفورين ملونين):- تاتا أصبتِ يا ذكية ..
نهال(طارت عليهما):- واووووو ما أجملهما أنا سأسمي واحدا بليز عمو حكيم
دينا:- وأنا واحد أيضا
شيماء:- وماذا تركتما لي جمع أغصان العش مثلا هههه
مديحة:- ههه يا بنات بهدوء ستفزعون العصفورين ..
حكيم(نظر لجوزيت):- هيا أطلقي عليهما اسما ..
جوزيت(بانبهار من طلبه الذي مس قلبها):- أنا ؟
حكيم(بابتسامة حنونة):- ممم أنتِ
نهال:-0 يا بختك يا عمتو ميرنا سميهم إذن ..
جوزيت:- هه طيب ممكن "همسة و نبض" …
صفق الجميع وصفر بحماس من أسمائها الرومانسية ، ونظر إليها حكيم مليا قبل أن يرسم ابتسامة خلابة يهديها لعصفورته الصغيرة التي ستتفاجئ بهما أكيد بعد عودتها ، وستفرح حين تتعرف عليهما لذلك احتار أين يعلقهما وبناء على اقتراح عفاف التي ظنت أن جو حديقة البيت سينفع من خلال الهواء وأشعة الشمس ، تم وضعهما هناك رسميا وتوكيل مرحلة إطعامهما كان لفائدة للأمهات اللاتي سعدن بالعصفورين واعتبروهما فأل خير يمسح عليهم كل المتاعب إن شاء الله …

في مكان آخر
كانت تنظر إليها المرأة العجوز بنظرات ريبة وقلق ، هي تعلم أنها فتحت ملفا قديما سيجلب عليها وابلا من المتاعب ، لكن لعيون الملك كله يهون .. قدمت لها المرأة فنجان الشاي على مضض وجلست مقابلها وهي تداعب حفيدتها الصغيرة بين يديها ..
رقية(ابتلعت ريقها وهي تتجرع رشفة من الشاي):- أحم مشكورة ع الشاي يا خالة
حسنية:- لا مشكلة ، حبذا لو تخبريني بمسعاكِ يا بنيتي لكي أساعدكِ وأهتم بعملي كما ترين أنا أعيل نفسي بنفسي من خلال بيع الخبز المنزلي .. قد ضاقت بنا الأيام بعد وفاة المرحوم وأصبحت أنا وعائلتي نعاني لكن الحمدلله مستورة ..
رقية(وضعت الفنجان):- بصراحة ما أسعى إليه هو فعل خير ، ربما يفتح آفاق عمل مناسبة لابنك ولكِ أيضا يعني إن ساعدتني وأخبرتني بما أريده ..
حسنية:- وما الذي تريدينه ؟
رقية:- أن أسألكِ عن حادثة وقعت منذ ما يقارب 17 سنة
حسنية(رمشت بعينيها):- صغيرتي اذهبي لغرفة المعيشة وتفرجي على الرسوم المتحركة هيا ، وأنتِ عن أي حادثة تتحدثين أنا لا أتذكر شيئا
رقية:- سأكون واضحة معكِ ، أتحدث هنا عن زوجكِ رماح وعن حادثة موت سليم الراجي
حسنية(رمشت بعينيها بتوتر):- لما ترغبين بفتح الدفاتر القديمة ، قد نسينا تلك الحقبة وما نابنا منها لذا المرجو أن تغادري بيتي ولا تطئيه مجددا فليس هنالك ما أستطيع مساعدتك به
رقية:- يا خالة هنالك شاب قد سجن طوال هذه السنوات ظلما ، كل أهله شهدوا أنها حادثة قضاء وقدر ولأنهم من ذوي القربى لم تتم أخذ شهادتهم بعين الاعتبار .. بينما شهادة رماح والتي كانت زورا تسببت في سجن طارق الراجي ل25 سنة ، ألا تفكرين بابنته التي لم يرها حتى الآن لقد كبرت وهي ما زالت لا تعرف أباهااااا .. ثم رماح قد مات يعني لا لوم عليكِ إن شهدتِ شهادة حق تبرأ طارق
حسنية(نهضت بقلق):- اسمعي ، أنا لن أشهد بذلك ولن آتي بعد هذا العمر لكي أجلب العار لي ولابني ولأسرتي .. ما فعله رماح دفن معه وانتهى
رقية:- لم ينتهي لأن هنالك شابا يدفع الثمن غاليا ، ثمن أكاذيب رماح وخداعه وانتقامه لأنه لم ينل من سمر الراجي ويتزوجها والتي صدف أنها أنجبت تلك الليلة كل .. كل هذا كان فوق طاقة تحمله فوردة صغيرة مثلها قد ضاعت من بين يديه ، أهذا هو زوجكِ الذي تدافعين عنه حتى بعد موته قد كان يتزوج ويطلق كما يحلو له ، زوجتيه السابقتين توفيتا كل واحدة بمرض مختلف وطبيعي أن يكون هو السبب من فرط الأعصاب التي جعلهما تعيشان فيها ، يعني أنتِ الوحيدة التي نفذتِ منها ربما لأنكِ الأولى ولأنكِ كنتِ توافقين على أفعاله السادية ..
حسنية:- لا أسمح لكِ بإهانة ذكراه ، لقد كنت مخلصة له وهو كان يحبني ثم كان زوجي الذي علي طاعته ولو على حد السيف
رقية(نهضت إليها):- خالة حسنية إن تستركِ على جريمة كهذه يعاقب عليها القانون إن ثبتت ، قد تسترتِ على شهادة زوجكِ الزور وهذا يخالف شرع الله وأيضا يجعل ضميركِ يؤنبكِ ألا تشفقين على حال تلك الأم التي فقدت ابنها وهو في عز شبابه ، أو زوجته التي سرق منها حبيبها وشريك حياتها وهي ما تزال في شهور عسلهما الأولى ، أو أخواته اللاتي حرمن من سندهن في الحياة … هاه ضعي نفسكِ في مكانهن ولو لمرة.. وأنا سأمد لكِ يد العون ، أعدكِ وعد شرف لن يمسكِ سوء إن شهدتِ شهادة حق وأنتِ مجرد شاهد إثبات لن ينالكِ أي ضرر صدقيني ..
حسنية(تنهدت بعمق):- أحيانا تغمرني بعض الكوابيس حول تلك العائلة ، لكنني لا أريد مشاكل الله يخليكِ أنا أريد أن أعيش ما تبقى من حياتي بسلام لا تجلبي لي العار
رقية:- العار هو الذي سيطالكم إن نحن اكتشفنا طريقة لإثبات براءته ، كيف ستنظرين لجيرانكِ وللناس الكل سيتهمكم بالبهتان وبأنكم قوم لا يؤتمن لكم .. لكن إن اعترفتِ برغبتكِ ستكبرين في عيون الكل وأظن أن السنين التي مضت عقاب كاف لذلك الابن الذي وقع في ذلك القدر المؤسف ..
حسنية(اغرورقت عيناها):- ما الذي سنناله من هذه الشهادة ؟
رقية(ابتسمت):- المبلغ الذي تريدينه ، وفوقه فرصة عمل لابنك أخبرتني أنه سائق سيارة أجرة تمام سأجعله سائقا لأحد معارفي وسيكون معاشه جيدا ، وبالنسبة لكِ يمكنني محادثة بعض الأصدقاء عن مهاراتكِ في المخبوزات وغيره .. هممم ماذا قلتِ ؟
حسنية(بعد صمت طويل):- تمام موافقة سأكون معكِ
رقية(صافحتها بحرارة):- تسلمي يا خالة ، ورجاء دعي هذا الموضوع بيننا لحين نرتب كل الأمور وهذه بطاقتي عليها كل أرقامي اتصلي بي وقتما شئتِ سأكون في الخدمة
حسنية:- إن شاء الله ..
ودعتها رقية وهي تحمل البشرى في قلبها ، وبمجرد خروجها اتصلت بوائل الذي عدل جلسته حين سمع بالخبر المفرح ..
وائل؛:- برافو عليكِ يا رقية الآن قد قطعنا الشوط المهم ، لذلك نصل للأهم
رقية:- جهزت كل الأوراق اللازمة ، وبخصوص عائلته أظن أنهم لن يمانعوا الشهادة من جديد لأجل براءة ابنهم لكنني أتساءل وائل طالما الأمر كان بهذه السهولة لما لم يفعلوها من قبل يعني بعد وفاة رماح ذاك ؟
وائل:- سبق وسألت ميرنا ، أخبرتني أن الشهادة كانت قوية وقد تم إعطاء مبلغ ضخم كرشوة للقاضي الذي حكم عليه بذلك .. وأيضا طارق رفض زيارتهم و مساعدتهم وكأنه عاقب نفسه ورضي بالأمر الواقع
رقية:- إذن هل تتوقع أنه سيوافق على محاولتنا ؟
وائل:- أجل سيوافق يعني أتوقع ذلك ، حاولي أن تضغطي عليه بشأن نهال فأي أب سيكون مستعدا لفعل أي شيء كي يجتمع بأولاده ..
رقية:- تمام سأعرف بطريقتي في أي سجن هو متواجد ، وبعدها سأذهب إليه
وائل:- أعتمد عليكِ يا رقية ، أخرجي كل عرق المحاماة أمامه وأقنعيه بأي طريقة كانت
رقية:- ههه ماشي يا روحي أنا لها ..
وائل:- يلا نلتقي سلام .. هااا يا نادر هل دبرت الأمر أم ما زلت تبحث ؟
نادر(كان يتصفح على شبكة الأنترنيت):- لو تصمت فقط وتجعلني أدبر أموري ، طائرتي بعد ساعة وأنا ما زلت هنا أختار معك أي فندق وأي منتجع تقضي فيه شهر عسلك
وائل:- ههه طبعا سأتزوج بحبيبتي لا أستطيع تخيل ردة فعلها حين أخطفها ..
نادر:- تخطفها يا عمري ، طيب أين نحن من جواز سفرها ومن تذكرة السفر هللو علينا أن ندبر الأمر في أقصر وقت ..
وائل(ابتسم وأشار له):- افتح الدرج هنا
نادر:- ماذا تخبئ هناك قردا مثلا ؟
وائل:- قرد ماذا الله يلعن خيالك ، افتحه وبدون عبط
نادر(فتحه ووجد جوازي سفر):- أيوة أنت تلعب من ورائي وأنا كالأخرق أفكر في حيلة
وائل:- أحدهما جواز سفري والثاني جواز سفر ميرنا تدبر أمر التذاكر والتأشيرة في غضون أيام بسيطة يا نادر ، لو كلف ذلك أي ثمن ادفعه لا أريد أي تأخير
نادر:- ماشي يا بو العريف ، لكن سؤال كيف وصل جواز سفرها إليك ؟
وائل(تلاعب بفكه وهو يبتسم):- من مصدر لا يمكنك تخيله أبداااااااا …
نادر:- يعني لن تخبرني من هو ، عموما لاحقا سأعرف المهم الآن سأذهب بعد ساعة إلى المطار أدبر الأمر هناك ، وفنننن إلى روما كي أرى ما سأنفذه لأجلك هناك وأعود في يوم خروجك من المشفى تمام ؟
وائل:- أنت تأخذ إجازة بسببي لكنني سأعوضك في عرسك
نادر:- ههه لا يخويا أنا سآخذها للبحر وأكتب عليها بطريقة القراصنة القدامى ، لا أريد لا بلبلة ولا رقص
وائل:- وأين أنت من الشيخ الذي سيزوجكما ؟
نادر(غمزه):- سيكون ذاته القرصان هههه … هيا طرت أنا يا حبي
وائل(لوح له):- سلام يا صاحبي .. / ها يا ميرنا أمستعدة لمغامرتنا حبيبتي ؟؟؟؟؟؟
قالها وهو مبتسم ويشعر بالطاقة الإيجابية تغمره ، أمسك هاتفه ونظر إلى صورتها بحنان وأخذ يتخيل نفسه معها عند ذات التلة الحجرية بروما ، ياااااه أكيد ستفرح ميرنا بذلك بل ستحلق عاليا من شدة الفرح .. أحس بالنشوة تغمره وانتبه لمرور تلك الزوبعة من نافذته خيرااا ؟
هديل:- واااائل …
وائل(عقد حاجبيه):- ماذا الآن ، هل قمتِ بمصيبة جديدة يا ست هديل .. بمن زججتِ في السجن هذه المرة ؟؟؟؟
هديل:- أنت تظلمني فعليا ، أنا شقيقتك الوحيدة ومع ذلك تعاملني وكأنني غريبة
وائل:- لن أنسى فعلتكِ بحكيم يا هديل ، وسأحاسبكِ على ذلك لكن فقط لأخرج من هنا
هديل:- أخبرتني الممرضة يومين وستغادر للبيت
وائل:- أعلم لكن سيصعب على التحرك على سجيتي ، سأستعمل هذه الدعامة الطبية بشكل مؤقت
هديل:- لا بأس المهم أنك معنا ..
وائل:- لا تحاولي تشتيت انتباهي وأخبريني من أي مصيبة قدمتِ ؟
هديل(حركت فمها):- هي ليست مصيبة وإنما رجاااء .. جدي ضرغام أوصاني ألا أتفوه بحرف أمامك أو أمام عمو فؤاد وشهاب ولكن قلبي لم يتحمل ألا تعلموا بذلك ..
وائل(بتنبه):- أهاه تابعي ؟
هديل(فركت يديها وجلست على الكرسي):- بصراحة .. جدي سيفتتح لي عيادة وأنا وافقت أعلم أنكم لن ترضوا بذلك لكنه جدي وأنا حرة بقراري
وائل:- لماذااااا يا هديل ، إن أردتِ عيادة سأفتتحها لكِ من حر مالي لكن لا تقتربي من ثروة جدكِ هكذا كان الاتفاق قبل سنوات أم تراكِ نسيتِ ؟؟
هديل:- لم أنسى ، ولكن جدي ترجاني أن أقبل بهذا الأمر وأنا وجدت نفسي مجبرة على الموافقة ، ثم حرام أن أرفض له طلبا وهو بهذا العمر
وائل:- أنتِ أساسا مذ تواطأتِ معه في مسألة حكيم وسجنه ، وأنتِ لستِ على ما يرام .. نبهتكِ أن تبقي بالشقة مع العم نزار لكن ماذا فعلتِ أنتِ ، انتقلتِ للعيش معه الحمدلله أنه وقت وجيز وبعد يومين ستطيرين لدراستك وإلا كانت فسدت أخلاقك
هديل:- يووووه يعني لن توافق صح ؟
وائل:- أوافق على ماذا ، أنتِ راشدة الآن يا هديل وأظن أنكِ لم تعودي بحاجتي للاستشارة قد وجدتِ في جدكِ ما يجعلكِ أفضل
هديل(نهضت بتودد إليه):- لا يا روحي ، وهل أنا أفرط فيك ..أنت أخي الحبيب
وائل(نظر إليها):- هديل ابتعدي عن جدي ، وارفضي ذلك الطلب هو يرغب بأن يربطكِ به بتلك العيادة يا ستي سأجهز لكِ أحلى عيادة فقط ابتعدي عن طريق جدي لو سمحتِ
هديل:- متأسفة يا وائل ، لكن صدقا قد بدأنا بالبحث عن الموقع وسأتركه يهتم بتحضيراتها لحين عودتي رسميا بعد التخرج القريب
وائل(رمش بعينيه وهو مندهش منها):- متى اكتسبتِ هذا الغرور يا هديل ، إنه شيء سيء سيجعل قلبكِ يتسم بالسواد .. ستتأزمين إن تابعتِ هذا المسار فطريق جدي يعني الخروج عن القواعد والأصول وكلانا نعرف ماهية جملتي وما يدور خلفها
هديل:- يوووه أنت دائما تسرق مني فرحتي
وايل:- أخبريني يا هديل منذ عودتكِ هل فكرتِ بزيارة قبر أمي ولا مرة ؟؟ لم تفعلي فمنذ أن عدتِ وأنتِ تخلقين المشاكل وتتآمرين مع جدي ..
هديل:- يا الله أخبرني فقط ماذا سيحصل لو قبلت بمساعدة جدي هااه … أنا حفيدته ولست بشخص غريب.. والرجل لا يرغب بشيء سوى راحتي وأنا لن أخذله ، إن تخليت عنه أنت وشهاب والعم فؤاد أنا لن أتخلى عنه …. أنا ذاهبة لأختار الموقع معه هو ينتظرني خارجا بالسيارة
وائل(رفع حاجبيه بدهشة أكبر منها ومن جوابها المتمرد):- ينتظركِ خارجا ، همم طيب في نظرك لما لم يصعد معكِ ليخبرني بالأمر بنفسه .. لأنه يعلم أنني لن أوافق
هديل:- حتى لو لم توافق لقد اتخذت قراري …
وائل(هز رأسه):- كل يوم أتفاجأ منكِ صراحة ، لستِ أنتِ هديل أختي الصغيرة التي كانت طيبة القلب شيء ما جعلكِ تتغيرين ولا أدري ما هو
هديل(عقدت حاجبيها وهي تهمس لروحها المكسورة "الخيانة يا أخي"):- لا أطيل عليك سأزورك لاحقا .. باي
وائل(امتص شفتيه وزفر بعمق"):- يا الله على جدي يا الله .. لا يفلت فرصة مطلقاااااااا
رمقها وهي تغادر غرفته وعيونها مغرورقة بالدموع ، ما إن ابتعدت عن ذلك الممر حتى انحنت على الجدار وأخذت تبكي بحرقة فالألم الذي يعتصر قلبها الآن أشد وطأة من غضب أخيها ورفضه لمساعدة جدها .. سحبت نفسها سحبا وهي تمسح أدمعها وتركض لتضع أولى أساسيات نجاحها بعد التخرج ، قد كانت وعدت حازم أن يشاركها في نفس العيادة ويعملان معا حين يتزوجان لكنه استخسر على نفسه العيش الكريم إذن ليتحمل النتائج …هنا ظل وائل قلقا حرك رأسه بقلة حيلة يجب أن يخرج من هذا السجن الذي يجعل الأمور تفلت من بين يده ، هو يعلم أن جده لم يقدم على هذه الخطوة إلا لكي يستحوذ على هديل وحبها الذي تهبه له دون مقابل، هذه هي الحقيقة لأنها ليست مثلهم هي حقا تحب جدها وتكن له الاحترام ولا ترى به ما يرون هم .. لذلك صعب عليهم أن يقنعوها أن ضرغام رشوان ما هو إلا خطر محدق إن أعطى فإنه يسلب ، ربما سيخطئون في هذا التحليل لأن ضرغام حقا يحب حفيدته ويكن لها كل الخير ومساعدته لها جاءت تابعة لمشاعر المودة المتبادلة بينهما …
شهاب(يعدل ربطة عنقه ويتحدث عبر الهاتف):- الآن لما تكبر المسألة يا ويلي ، يعني جدي وتعرف كيف يستغل الفرص .. وجد أنها حيلة مميزة لكي يضمن بقاء هديل بجانبه فور عودتها القريبة
وائل:- شهاب أنت تعلم أن ذلك الرجل ، بقدر ما يسعد بقدر ما يكسر وأنا أخشى عليها من أن تنجرح من تصرف غير لائق منه
شهاب:- الآن أنت تبالغ ، لأن جدنا الكريم فعلا يحب هديل ويجد بها ما افتقده بنا نحن
وائل:- بمعنى ؟
شهاب(أقفل زر سترته):- بمعنى أنه لن يؤذيها وأنت تبالغ فقط في مخاوفك ، علما أنك في فترة نقاهة وعليك أن تطرد كل أفكارك البشعة لكي تتعافى وتصبح بخير وتعود للشركة … فأنااااا قد سئمت عمك من جهة يأخذ الإجازات على كيف كيفه واليوم خرج من هناك لا إحم ولا دستور ، وخسر علي اتصالا صغيرا الشركة بأمانتك يا كبد عمك أنا بالبيت
وائل:- غريب حتى أنه لم يأتي إلي اليوم ، هل هو مريض يا ترى ؟
شهاب:- أيا كانت أسبابه أنا أرغب بحل جذري ، كنت أنوي أخذ أسبوع عسل مع زوجتي لكن يظهر أنني سأنغمس في عسل شركتكم المصونة إن شاء الله
وائل:- ههه طيب يا عريس لا تنسى أن تشبع عسلا إذن ..
شهاب:- ما أخبثك مثل عمك ، هيا هيا فصلت أنا نتحدث لاحقا سلام ..
وائل(تنهد عميقا):- سلام … / أختي من جهة حبيبتي من جهة وإصابتك من جهة كله تراكم عليك يا وائل متى سينتهي هذا الوضع ، اففف ثم لما لم يزرني أحد حتى الآن ؟؟؟
لم يتمم جملته البائسة حتى جاءت ماريا إليه ، فابتسم على الأقل لن يبقى وحيدااااا ^^
ماريا:- كيف حال نفسية مريضنااااا اليوم ؟
وائل:- لو أنكِ لا تذكرينني بجملة المريض ، ربما سأكون بخير ..
ماريا(نظرت لتقريره اليومي بتمعن):- أنت تتحسن يا وائل ، ما شاء الله العزيمة مئة بالمئة
وائل:- أخبرتكِ بذلك
ماريا(نظرت حولها بتوجس ووضعت يدها بجيبها):- قد وصلتك هذه الرسالة مجددا ، أخذتها من مكتب الاستقبالات
وائل(صغر عينيه وهو يمسك بالرسالة):- تمام شكرا لإحضارها
ماريا(بفضول):- هل هي من ميرنا حبيبتك ؟
وائل(اهتزت حنجرته وابتسم):- يُعد كذلك ههه .. هيا سأستأذن منكِ متشوق لمعرفة محتواها
ماريا(همت بالخروج):- إذن اسمح لي أن أتلاشى وأترك لك المجال .. بالإذن
راقبها حتى اختفت من هناك ، وفتح الرسالة بيده التي وجد صعوبة في تحريك الثانية لمساعدته ،لكن بعد مجهود استطاع فتحها وجد بها ورقة مكتوب عليها اسمعه لوحدك .. مرفقة بشريحة إلكترونية ، أمسكها وائل ونظر إليها بتمعن وضعها بهاتفه وانتظر تفعيلها ثم ضغط على الفيديو الذي ظهر فيها ..
صوت عمو بشير:- [ الحمدلله على سلامتك يا وائل ، أتمنى أن تكون آخر الأزمات يا بني .. لقد تطورت الأمور بالفترة الأخيرة رئيسة عصابة القطب حطت رحالها بأرض الوطن فعلا ، لكن لم نتوقع أن أولى مهماتها ستكون اختطافا لإياد وميرنا سوية ، لقد بحثنا في الأمر منذ أن بلغتنا عن المعلومات التي أتتك من طرف حكيم الراجي قبل ساعات ، وليكن بعلمك أن ثعلبة القطب لم تعد لقصرها بعد لا هي ولا مساعدتها .. مصدرنا الذي زرعناه بين رجالها أثبت أنها بعد حفلة البيع اختفت ، هنالك شكوك واحتمالات حول ذلك قد تكون رفقة الفهد البري أو في ضيافته وهذا ما سنكثف أبحاثنا بشأنه ، وأهم شيء إن وصلتك أي معلومة من حكيم لا تتأخر علينا ، قد نصل لشيء مفيد ينهي سلسلة شكوكنا وحيرتنا .. تخلص من الشريحة وانتبه لصحته فمن المهم أن تكون بصحة جيدة لأن مهمتك على وشك البدء ، سلام ]
مسح الفيديو وأزال الشريحة وكسرها ووضعها بالدرج ، زفر عميقا وهو يرمش بعينيه في محاولة للبحث عن تقييم منطقي لتصرف حكيم الغير مفهوم ، كيف يزوره بسهولة هكذا بعد أن كان ذلك من سابع المستحيلات ، وغيره لما يطلب منه المساعدة بشأن ميرنا وحمايتها في الفترة المقبلة .. تمام سيفعل ذلك لكن لما يمنعه عنها هذه الأيام هناك شيء مبهم بالقصة تضاعف بعد أن فاجأه حكيم بحالته المخيفة وهو يصف الخطر المحدق حول شمس لياليه ، هو يزعم أن باستطاعته ذلك إذن لن يخيب ظنها به وسيأخذها من هذا المكان بعيدا عن كل المشاكل .. سيتفق لأول مرة هو وحكيم في مسألة إقناعها بالاستقالة والابتعاد عن قضية الفهد البري إلى النهاية ، هذا ما طلبه حكيم منه تقنيا لمضاعفة فرص إنقاذها من الجب اللعين الذي رمت نفسها فيه .. لكن هنالك معلومات أبقاها مجهولة عن وائل ومنها جعله يعتقد أن زواجه منها متاح ، لا يعلم أن حكيم قد دبر الأمر سابقا وتزوجها فعلا تحسبا لطارئ شبيه بهذا … بالمعنى الواضح حكيم سيستغل وائل لأجل ميرنا ففي نظره هذا واجبه تجاهها فالحب ليس بدون مقاااااابل ، وميرنا تستحق أن يتحد السالب بالموجب ويضع الخير يده في يد الشر لذات الغاية المرجوة …
انتبه وائل للرسالة التي وصلته على هاتفه وفتحها ليجد تطبيقا من شهاب ، وقد كان لعبة إلكترونية لتسليته حسبما يعتقد ، لعنه طبعا هذا الأخير ففصول ابن عمه لا تنتهي ، هذا ما ينقصه هو أين من المشاكل وابن عمه أين من أصل المشاااااكل ^^
شهاب(وضع الهاتف بجيبه ببرودة):- قلت لا يعني لا ، انتهينا أنا ذاهب للشركة ..
ميرا:- لو خرجت من ذلك الباب اعتبرني سأخرج بدوري ، لأنني لن أسمح لك بأن تتحكم فيني يا شهاب أنا لست ربة بيت كي تأمرني وتعاملني كما تعامل البقرة ..
شهاب:- هاااا وكأن لسانكِ انحرف عن مسار السفالة ، أصبحتِ تؤمنين بالنعت النحوي
ميرا:- ب.. إيه ؟؟؟ ما الذي تهذي به شهااااب ، ثم لما تضايقني هاااه وكأن خروجي سعادة بالنسبة لي أنت تعرف أنه عمل عمل ومسؤوليات علي أن أتممها
شهاب(اقترب منها وأمسكها من كتفيها):- ميرا حبيبتي ، ألا ترين أنه أوُفَرْ جدا خصامنا المتواصل خلال 48 ساعة بعد الزواج ؟
ميرا(لامست عنقه بيديها وتنهدت):- لأنك تتعبني
شهاب:- اسمعيني جيدا ، أنا أمقت ذلك الممثل الصايع المدعو إيهاب .. إنه يتودد لكِ بشكل مريب وأنا قد بدأت أمل من هدوئي صراحة فشخص مثله يستحق تحطيم وجه وتحويله لحاوية نفايات
ميرا(رفعت حاجبيها بذهول وابتعدت عنه وهي تمسح على جبينها):- أنا قد وقعت عقدا معهم ، وإن لم أكمل تصوير الفيديو كليب اليوم سأقع بمشكلة نزاهة أمام جمهوري ، وتعويضات أمام شركة الإنتاج ووووووو … لذلك إن كنت غير قادر على مرافقتي للأستوديو فتلك مشكلتك ، لأنني سأذهب رفقة هنادي وباتريك فالناس تنتظر ..
شهاب(امتص شفتيه):- يعني تتخطين أوامري ميرا .. بينما من المفترض أن نأخذ أسبوع أجازة من حياتنا اليومية ونقضيه في عسل ومربى التوت وغيره تكسرين كلمتي و تذهبين لعملكِ رغما عني همم ؟
ميرا(شرعت تلبس كعبها):- والله حضرتك أيضا غير متوفر ، ثم أنا أكره مربى التوت لذلك سنؤجل ذلك الأسبوع الخرافي لغير يوم .. ثم من هذا كله عليك أن تعلم أن هذا الفيديو كليب شيء مهم بالنسبة لي وسيكون آخر أعمالي ..
شهاب(رمش بعينيه بعدم فهم):- آخر أعمالكِ يعني ماذا ؟؟؟؟؟
ميرا(ابتلعت ريقها ونهضت وهي تعدل كعبها):- أقصد قبل الولادة وغيره يعني ..
شهاب(وضع يده على جنبه وهو يراها تتعطر وتتجمل):- ميرا عليكِ أن تنتبهي أنكِ كسرتِ كلمتي الآن ، وستخرجين رغما عن إرادتي ؟
ميرا(ابتسمت لهنادي التي أحضرت شادي وحقيبته):- روحي شادي حبيبي ، مشكورة هنادي أعطني إياه والحقيبة أيضا
هنادي:- نحن ننتظركِ بالسيارة ..
ميرا:- تمام هنادي … ها ماما اليوم ستقضي أجمل يوم في حياتك رفقة بابا ..
شهاب(بصدمة):- رفقة من ….. بابااااااااا ؟؟؟؟؟؟؟
ميرا(قبلت شادي وأعطته لشهاب وعلقت الحقيبة على كتفه):- طبعا أنت يا بابا ستأخذنا للشركة وتهتم بنا وتطعمنا وتغير حفاضنا ، وتعيدنا للبيت في المساء لأن ماما ستكون بانتظارنا
شهاب(عض شفتيه من جنونها ورمقها وهي تحمل حقيبتها الصغيرة):- ميرا ميرااااا إن ما تفعلينه لن يمضي على خير ، ميرااااااااا
ميرا(لوحت له وقبلته في الهواء وركضت):- باي حبي نلتقي … اعتني بشادي قبلاتي
شهاب(نظر لشادي الذي كان يعض أصابعه ويضحك):- لا والله وأنت لما تضحك ، هااا كأنك موافق على حركات أمك … والله كسرت كلمتي وذهبت آه يا ربي ماذا أفعل مع هذه المرأة ستجلطني لا وتقول أنا لا أحب مربى التوت يعني أنتِ ماذا تكونين غيره هااااه .. ولد لا تستمع لبابا حين ينطق بكلام أكبر منك .. أمرنا لله هيأتنا سنمضي اليوم سوية كما يبدو ، لنذهب فعمك ويلي راقد بالمشفى وعمك فؤاد يتدلل في بيته وأمك المبجلة ستذهب لتكمل مشاهدها مع ذلك السنجاب إيهاب بينما أبوك التعيس سيهتم بك أثناء العمل ، أي أي عقااااااب هذاااااااا ..
هنادي(في سيارتهم):- والله هكذا حضرتك ، لالا من المفترض أنه سيكون لقاء صحفيا قصيرا فسيدتي لا ترغب بتسليط الأضواء عليها بهذه الفترة قبل حفل الزفاف .. أجل أجل تم الإعلان عنه في أواخر شهر يونيو يعني لم يبقى الكثير ، يعني لا أدري ما أقول لك لا أستطيع أن أعدك باستضافة السيد بهجت محمود على العموم سأخبرها وأرد عليك بخبر في أسرع وقت شكرا لك وسأبلغها بتهانيك تمام تسلم ../ هففف ساعة وهو يتحدث يريد رئيسه عقد لقاء معكِ الشهر المقبل لكن سيصعب ذلك ، ستترتب علينا تحضيرات للزفاف تعلمين ..
ميرا:- ولما لم يتصل هو وترك مدير أعماله فقط ليضبط الموعد ، أتعلمين ارفضي لا ينقصني شهرة وبرنامجه زفت مثل وجهه
باتريك:- هئئئ لا يا سيدتي الظاهر أنكِ لا تقرئين الصحف والمجلات ، كل المشاهير يتمنون لقاء معه في لقاءاته التي تكون حديث الشهر بدون منازع ..
هنادي(عضت شفتها لباتريك كي يصمت):- ما يقصده باتريك يا سيدتي ، أننا في هذه الفترة بحاجة لهكذا دعاية خصوصا ستكون لفتة مهمة للفيديو كليب المقبل وستكسر نجاحاااا مدمرا
ميرا:- تمام حددي موعدا معه الشهر المقبل وليكن بعد نزول الفيديو كليب في الأسواق ..
هنادي(أخذت تفتش بهاتفها):- حسب علمي برنامجه يذاع في اليوم الأول من بداية كل شهر
باتريك:- يعني قبل حفل الزفاف أيضا
ميرا:- ما المانع سأستغلها كفرصة لأذيع الخبر ..تمام
باتريك:- هه أذيعي أذيعي يا سيدتي لكن ، بالنسبة للأميرة الصغيرة ألن تكون بطنكِ منتفخة وقتها بعض الشيء ؟
ميرا(رمقته بنظرة قتل):- ولما أنا أعينك حبيبي باتريك وأدفع لك راتبا شهريا ، أنت مساعدي فتدبر الأمر وبخصوص فستان الزفاف أريد لائحة بأسماء المصممين العالميين .. أحتاج لفستان زفاف أسطوري لم تلبسه قبلي امرأة ، فستان يشبهني ويترجم الفنانة ميرااااا ، أريد أن يحكي عنه الجميع لسنوات مستقبلا فلا أحد يعلم ما قد يحدث
هنادي(بنظرة عطف):- كل خير ههه يعني ماذا سيحدث .. هيييه يا عم أسرع بنا للأستوديو نحن متأخرين هيا هيا ..
باتريك(دمعت عيناه ووضع يده على فكه وهو يرمق ميرا بحسرة):- كنتَ خذني أنا يا ربي ، وليس سيدتي اهئ ….
رمقته ميرا ورفعت سماعات الأذن وأخذت تستمع لموسيقى هادئة كي تريح أعصابها ، بينما هنادي لم تترك شفة ولا عينا إلا وحاولت بشتى الطرق أن تلفت انتباهه كي يطبق فمه ، لكن من يفهم ظل يتحسر إلى أن جاءته ضربة للركبة بكعب هنادي جعلته ينتفض محله ويخرس في مرة ههههه …
وصلت إلى مقر الأستوديو بعد مدة ومباشرة دخلت لعربتها لترتدي الثياب الخاصة بالمشهد ، بينما اهتم باتريك بزينتها كانت هنادي تراقب الترتيبات والديكور خارجا بالأستوديو وانتبهت لتواجد أحد الصحفيين بالمكان والذي كان يهمس للممثل إيهاب بشكل مريب ..
هنادي:- مرحبا هل المخرج يعلم بتواجد الصحفي بمقر التصوير ؟
إيهاب(حرك فكه):- هو صديقي وكان على وشك المغادرة ، تمام يا صاح نلتقي بعد انتهاء التصوير
هنادي(لاحظت أن الصحفي ابتسم وغادر):- وجوده ممنوع داخل الموقع ، لذا حبذا ألا تكرر ذات الخطأ لا المخرج ولا سيدتي سيوافقان عليه
إيهاب(اقترب منها):- بيني وبين سيدتكِ كل خير ، ودين عليها دفعه
هنادي(بعدم فهم):- دين ماذااا ؟
المخرج:- هيااااا أخلوا موقع التصوير سنبدأ ، كل إلى موقعه فوراااا
هنادي(تراجعت لعربة ميرا وهي تحس بشيء غير مطمئن):- سيدتي المخرج يطلبكِ ، هل انتهيت يا باتريك ؟
باتريك(أقفل ملمع الشفاه):- باتريك انتهى ، هيا سيدتي أنتِ جاهزة كسري الدنيااااا
ميرا:- ههه دعمك الفكاهي هو الذي يجعل مزاجي نشيط ، أدعولي …
هنادي(بتوجس):- نحن معكِ …
خرجت ميرا من هناك وتوجهت لموقع التصوير ، حيث كان الممثل إيهاب بانتظارها بطقمه الخلاب ، ولم يخفي نظرة إعجابه بها التي قرأتها ميرا دون عناء لكنها لم تبالي بها لأنها تعلم أن جمالها الأخاذ يسحر أي رجل كائنا من كان .. لذلك تنهدت بأريحية واستدارت للمخرج الذي طلب من الفريق المنسق أن يبدؤوا التجهيز .. كان المشهد في غرفة نوم أنيقة حيث ترتدي الزوجة طقمها الذي أهداه لها الزوج الذي يركز في هاتفه أكثر منها ، لذلك حين تقترب منه بغضب تلتقط الهاتف وتتفاجئ بصورة الطقم على عنق امرأة أخرى غيرها ، والتي كان يقف خلفها زوجها الخائن ، هنا تنزع العقد من رقبتها وتنهار وتكسر كل ما بالغرفة وهي تلقي عليه اللوم وتسأله لماذا خنتني من أحبتك أكثر هي أم أنااااا ، ودور الممثل هنا كان الزوج الخائن الذي يحاول تهدئتها لكنه يجلس على السرير بفشل وهو يشاهدها وهي تسمعه وابل الكلام وفي الأخير تمسك حقيبتها وفروها وتخرج دون أن تلتفت إليه حتى … وتم مثلما شرح لهم المخرج أخذ كل منهما دوره وأبدعت ميرا فيه بصراحة حتى أن باتريك كان يتفرج عليها ويبكي ، وهنادي تحاول ضبطه كي لا يحدث صوتا فيطردهما المخرج من المكان كله .. أخيرا مضت ساعات التمثيل وانبسط المخرج كثيرا لأن المشهد كان متقنا ولم يضطروا لإعادته ..
باتريك(بدموع):- برافو برافو ست ميرا كنتِ مبهرة .
ميرا:- أحقا ، والله فرحت لأننا انتهينا من العمل بسرعة هكذا سيتسنى لنا العودة ، أريد تحضير طعام العشاء بنفسي الليلة
باتريك:- هممم طبعا ستفكرين ببطن السيد شهاب ، لكن مساعديكِ المسكينين لا تسمحين لهما حتى بفسحة عشاء في المطعم
ميرا(دخلت عربتها):- ههه ومن منعكما اذهبا الليلة لو أردتما
هنادي:- لالا وهل يجوز ذلك ، لا تأخذي بكلام هذا المعتوه نحن بخير
باتريك:- سيئة الطباع لئيمة مخربة المتعة ، أكرهكِ ..
هنادي:- آه لو تطل على قلبي الذي يضع لك صناديقا من الكره في ترتيب أبجدي على الرف
باتريك(حك رأسه):- هل هذا صحيح ؟
ميرا:- هووه لا تبدآ ، اذهبا للعشاء أمنحكما إجازة حقا وأنا سأعود مع السائق
باتريك:- يس يس هيا هنادي لا تكوني بخيلة هكذا ، أنا أدعوكِ وعلى حسابي حتى يمكنني أخذكِ لدار السينما هممم ؟
هنادي:- والله إن كان هذا ما تريدينه سيدتي ، سوف نفعل
ميرا:- أنتِ تفهمينني دون كلام ،أفكر بتحضير عشاء رومانسي لشهاب الليلة كي أراضيه
هنادي:- واثقة أنه سيكون شيئا مبهجا ، نتمنى لكِ كل السعادة ..
ميرا:- استمتعا ها ، ودعا السائق ينتظرني سأخرج إليه بعد قليل
باتريك:- سأخبره بنفسي لكن دعيني أساعدكِ أولا في إزالة هذا عنكِ .. لحظة …
انتهت ترتيبات المغادرة وانسحب باتريك وهنادي من هناك أولا ، وفور خروجهما استقلا سيارة أجرة لكن قبل ركوبهما انتبهت هنادي لتواجد الصحفي خارج مبنى الأستوديو وكان ينظر لساعته .. شعرت بالتوجس قليلا وعدم الاطمئنان لكن حشرها باتريك في التاكسي وطلب من السائق الانطلاق من فوره … بعد برهة خرجت ميرا من مقصورتها وهي تتأبط حقيبتها وتعقد خيط معطفها الأحمر ، لاحظت أن الكل قد غادر الموقع لذلك لم تبالي وتوجهت صوب باب الخروج لكن يد ما سحبتها بقوة إليها وهنا فزعت بخوف ..
ميرا:- هئئئ ماذا تفعل أنت هل جننت ؟
إيهاب(ألصقها بالحائط):- وما الذي أفعله يا ميرا ، أنا مولع بكِ منذ أول مرة رأيتكِ فيها في الحفلة أتذكرين تلك الليلة هاااا ..
ميرا(ابتلعت ريقها):- لا أذكر لا أذكر وابتعد عني يا معتووووه
إيهاب(اقترب بجسمه لجسمها):- قد طلبتِ أخذي للفيلا خاصتكِ بعد انتهاء تلك الحفلة ، وأنا كنت مبتدئا وقتها ظننت أنكِ ستوفرين لي عملا ولم أفهم شيئا ففي ظرف وقت وجيز بعد بقائي هناك طلبت مني مساعدتكِ الرحيل وأمنت لي عملا بإحدى المجلات الإعلانية … ولكن السؤال بقي عالقا في ذهني لما ستطلبني الفنانة ميرا بجلالة قدرها إلى قصرها في ذلك الوقت من الليل إن لم تكن لديها غاية .. ههه منحرفة بعض الشيء ، بحثت وسألت وعرفت أنه مر بسريركِ رجال أشكال وألوان لكن من حظي التعيس أن ظهوري في حياتكِ صادف دخول شهاب رشوان .. ولم أستطع نيل حصتي من الفراولة لذلك أطالب بها علنا الآن وإلا ستجدين نفسكِ بموقف محرج أمام زوجكِ المستقبلي حين يعلم كيف كانت تنتهي حفلاتك …
ميرا(صفعته بقوة على وجهه وهي تستنشق الهواء وتزفره بصعوبة):- أنت حقييييير كيف تجرؤ كيف تجررررررررررؤ …
إيهاب(أمسكها بقوة ودفعها إليه):- أتتوقعين مني ترككِ هاه ، مستحيل سأجعلكِ لي الليلة ولن أحرم نفسي من ذلك وبأي ثمن كان … ما دمتِ قد استدعيتني لمخدعكِ بنفسكِ سابقا فأتممي ما بدأته يا فنااااانة ..
ميرا(برعب حاولت التملص منه):- دعني أيها الأحمق دعنييييييييييييييي …
إيهاب(نظر لجهة النافذة وجذبها إليه بقبلة):- تعالي هنااااا …
لحظتها التقط الصحفي الصورة وتتالت الصور بعدها ، بينما كانت ميرا تعيش رعبا حقيقيا لحظتها وهي في قبضة ذلك السافل الذي جذبها من شعرها خلفه وأخذها للسرير الذي تم وضعه لأجل مشهد الفيديو كليب سابقا ولم يعلموا أنه سيشهد مأساة كما يتضح أنها ستنقلب لأمر جدي … توسلت إليه بأن يتركها لكنه كان كالوحش المعمي على عيونه ، دفعته عنها بكل ما تملكه من قوة وأمسكت بالمزهرية جانبها وضربته بها لكنها أصابت كتفه فقط ولم يصب بشيء ، وهذا ما جعله يثور أكثر فأكثر وينقض عليها مثل الحيوان ، وصلت به الدناءة حد صفعها وهنا أحست أن قواها اندثرت أيعقل أن نهايتها تكون بذلك الشكل ، حتى لو كانت ضامنة أنها على الأقل لن تموت ليلتها لكن أكيد سيقتل فيها شيئا داخل روحها ، ثم هنالك فلة سيؤذيهاااا فأينك مني يا شهاب … صرخت بجنون باسم شهاب مرات ومرات وهي تطلب النجدة ، وترجو الله أن يغيثها في تلك اللحظة بينما كان البغل يزيل قميصه محكما قبضته على يديها فوق رأسها ، جعلها تعيش شيئا مخزيا مرعبا تسبب في مرور شريط حياتها كله أمام عينيها ، ولوهلة تذكرت طفلها الذي مات قبل 17 سنة لو كان حيا يرزق لكان الآن شابا مراهقا ، من أجمل وأوسم الشباب ..
تساقطت دمعتين حارقتين وهي تتذكر ابنها شادي وابتسامته وسرعان ما تبددت لما تضاعفت تنهيدات ذلك الأحمق الذي بدأ يزيل ثيابه ، نظرت إليه مليا وضحكت بهزل إنها سمر الراجي .. هل ستسمح لهذا الرجل أن يدنس جسمها الخاص بشهاب فقط ، هل ستعطيه الفرصة لكي يفعلها ويقتحم ملكية شهاب ، لوهلة استرجعت رباطة جأشها فهي لن تفرط في شرف زوجها وأولادها ، قاومته والتقطت ربطة عنقه التي رمى بها بجانبها ووضعتها على عنقه بلفة واحدة وعقدتها في المنتصف وهي تخنقه بها وتضاعف قوتها في تلك القبضة ، وهنا حين وطأت على نقطة ضعفه جعلته ينساب بين يديها لحين تحول هو أسفلها مرغما ، رغم سعاله رغم احمرار وجهه رغم رجائه إلا أنها لم تفلته ..تعب وهو يحاول الوصول لوجهها كي يخنقها بدوره ويبعدها عنه لكنه لم يفلح
ميرا:- هااااه هل أحكمت قبضتك علي الآن ، هل نلتني أيها الحقير ؟؟ تفوووه عليك واحد خسيس اسمعني جيدا لقد قاومتك اليوم بنفسي .. لكن في المرة المقبلة أقسم أنك ستجد نفسك في مشكل عويص أمام عشرات الرجال المسلحين وصدقني ستودع هذه الحياة وأنت ما تزال في ريعان شبابك ، أتحدث لمصلحتك .. وبالنسبة لعملنا أضمن لك أنك قد أنهيته اللحظة وقبل أن أنسى سيكون الفيديو كليب خاصتنا آخر عمل لك لأنك ستطير في غضون ساعات وتتلاشى أخبارك كليااااا لأنك ورطت نفسك في مصيبة لن تعرف تبعاتها حتى تسقط على رأسك …
صفعته على وجهه بعد أن جعلت قواه تنتهي حين ضربته بركبتها لنقطة ضعفه ، ربطت يده بدعامة السرير بواسطة ربطة العنق وضاعفت عليها خيط الأباجورة الذي أوصلته بالكهرباء يعني إن تحرك ستصعقه بها ، والبركة في فهمها لتلك الأمور راجع لمعايشتها في عالم المافيا سابقا … خرجت مسرعة من هناك وجدت السائق مكمم الفم بالسيارة ولم يكن هنالك أثر للصحفي، فكته اتصلت بهنادي وباتريك لكي يغيثاها واللذين سارعا بطلب رجال القصر وعادا بسيارة أجرة …
هنادي(عانقتها وهي تبكي):- سيدتي اهئ هل أنتِ بخير لم يؤذكِ صحيح ؟
ميرا(ضحكت وهي تهز كتفيها):- يؤذي من يا بنتي ، كنت سأضحي بروحي ولا يلمسني ذلك الكلب لقد ضربته بركبتي لمكان خاص وجعلته يبكي من شدة الألم
باتريك(بهلع انكمش حول نفسه):- يا إلهي أنتِ خطيرة يا سيدتي ، هل أبلغتِ السيد شهاب ؟
ميرا(أشارت لهما):- إياكمااااااا وأن يعرف أحد بالموضوع .. لا أحد
هنادي(نظرت للمكان):- الرجال على وصول ، ثم كان هنالك صحفي بالأرجاء أين ذهب ؟
ميرا(عقدت حاجبيها):- أي صحفي يا هنادي لم أرى أحدا ، يا ويلي ما ربما التقط لنا صورااااا ستكون آخرتي مع شهاب ..
هنادي(رفعت سماعة هاتفها):- لا تقلقي سأجلب اسمه وعنوانه الآن ، وسنتصرف معه حسب الأصول وسنعلم إن كان هنا وقت الحادثة أو لا .. رغم أنني أؤيد الافتراض الأول
ميرا:- أعطني هاتفك بسرعة يا باتريك ..
هنادي(انسحبت مبتعدة):- ألو نعم ،، هه عذرا أتصل بهذا الوقت لكن أردت معرفة اسم الصحفي الذي كان بجلسة التصوير لطفاااا …
ميرا(أمسكت الهاتف):- آه ما كان الرقم يا ربي ذكرني ،، آه هذا هو … فف (أخذ يرن ونبضاتها تتسارع لحين تم الرد)… هئ أمي ..
عواطف(باستغراب استمر قلبها في الخفقان):- سمر .. أهذه أنتِ ؟؟
ميرا(أبعدت الهاتف يا ربي لما لم يرد أي أحد غيرهااااا ، للحظة ودت لو بكت على حضن أمها للحظة فقط لكن لم تدم أمنيتها لوقت طويل):- هل حكيم بجانبك ؟
عواطف(نظرت إليه كان يلاعب سجى في حضنه):- بجانبي ، لكن هل أنتِ بخير ؟
ميرا(شعرت بالألم لحظة سماع صوت أمها وخوفها الظاهر عليها):- هه لا تهتمي يا عواطف ما زلت على قيد الحياة ولم أمت بعد ..
عواطف(شعرت بطعنة في صدرها لكنها عبست):- أردت فقط أن ..
ميرا(لم تستطع تحمل صوت أمها الذي يجعلها ضعيفة ، ويطالبها بالركض إليها والارتماء بحضنهااااا ونسيان كل شيء):- رجاء أعطني حكيم لا وقت لدي ..
عواطف(نظرت إليه وهي تعض شفتيها وقد احمر وجهها حتى كادت تبكي):- إنه لأجلك ..
حكيم(رمق حالتها الغريبة وأعطى سجى لأمه ونهض):- ألو سمر .. خيرا يا بنت ؟
ميرا(بلهفة):- حكيم الحقني فورااا أنا في ورطة كبيرة ، أرجوك تعال بسرعة إلى المكان الذي سأدلك عليه وأحضر معك رجالك
حكيم(بتوتر):- اهدئي أولا وأخبريني أنتِ لم تتأذي صح ؟؟؟
ميرا:- لالا أنقذت نفسي بأعجوبة ، لكن عليك أن تعاقب هذا الحقير لقد حاول أن .. يغتصبني
حكيم(احمرت عيونه وبرزت عروق يده من شدة الغضب):- الخسيس ابن اللعينة …. سمر أين شهاب ؟
ميرا:- ليس له علمأخبرتك أنت فقط .. اهئ بليز يا أخي لا تتركني وحدي أنا خائفة
حكيم:- تمام تمام أنا قادم على الفور ، ابعثي لي العنوان في رسالة ..
ميرا:- حاضر فورااا
حكيم:- مهلا هل بجانبكِ مساعديكِ ؟
ميرا:- أجل أجل هما معي لا تقلق ، لكنني أخشى أن يستيقظ ويهرب
حكيم:- أحكمي إغلاق الباب مسافة الطريق وسأكون هناك .. لا تقلقي حبيبتي أنا معكِ
ميرا(اطمأنت):- لا تخبرهم شيئا بالبيت أنا بانتظارك …
عواطف(من محلها نظرت لمديحة التي نطقت):- يا الله
مديحة:- خيرا يا ولدي قد أفزعتنا ما بها سمر ؟؟؟
جوزيت(نهضت وهي تحاول قراءة ملامحه):- ماذا يجري ؟
حكيم:- مجرد حادثة سير بسيطة لا تقلقوا ، سأتدبر الأمر يعني كي لا يصل الموضوع للشرطة ولشهاب الذي سيمنعها من القيادة .. لذلك لا داعي للقلق أبداااا حله عندي ..
مديحة:- هفف الحمدلله الذي حماهاااا ..
نور(نزلت على الخبر):- من هي ؟
حكيم(صعد بسرعة ليحضر أغراضه):- سمر ..
اجتمع الكل في الصالون لحظتها وهم مفزوعين عليها ، حتى لو كانت تنبذهم إلا أنها تبقى قطعة من ذلك البيت لا يمكنهم تجاوزها .. عواطف نهضت لغرفتها لكي تبكي دون أن يراها أحد ، فهي تشتاق لطفلتها المتمردة لكنها غير قادرة على الغفران وسمر بدورها لن تسامحها مهما حصل … تمنت أن تكون بخير و دعت الله أن يحميها لأجل ابنها الصغير فهو لا يستحق أن يتعذب ، ولم تنسى أن تتمنى أن يهدي الله قلبها ويلينه ويعيدها إلى ذلك البيت الذي طال فراقها عنه .. طبعا نور رفضت أن تبقى لحظة بالبيت سرعان ما ارتدت معطفها ولحقت بحكيم الذي حاول أن يشرح لجوزيت أن ميرنا وسمر لا تلتقيان في مكان واحد لكن هذه الأخيرة رفضت الانصياع له ، وركبت في المقدمة بجانبه فما كان له إلا أن يأخذها … وصلوا بعد قيادة سريعة لعين المكان ، ترجلت نور بهلع وركضت صوب سيارة ميرا التي نزلت منها بمجرد أن رأتها …
نور(عانقتها بخوف):- حبيبتي هل أنتِ بخير ، صحتكِ على ما يرام هاه ؟
ميرا(أغمضت عينيها وفتحتهما بأريحية):- بخير لا تقلقي ..
نور:- طيب أين الرجل الذي اصطدمتِ به في حادثة السير ..؟؟؟
ميرا(بعدم فهم):- حادثة سير ؟؟؟
حكيم(رفع يديه وهو يتقدم إليها):- اضطررت لاختراع كذبة ..
نور:- كذبة ماذا ؟؟؟
ميرا(بكره):- تلك الفتاة لما أحضرتها معك يا حكيييييييييم ؟؟؟
حكيم(رمى بميرا في حضنه وحاول تهدئتها):- اخرسي قليلا أنتِ تخرجين من وضع سيء ، ارحمي نفسكِ يا الله ..
ميرا(عانقته بحرارة وهي تبكي):- لقد تدبر رجالي أمره وهم يحتجزونه بالداخل ..
حكيم:- ورجالي في طريقهم إلى هنا ، حسابه لدي …
نور:- هل لكم أن تشرحوا لي ما يحدث ؟
حكيم:-0 مع الأسف حاول أحدهم .. اغتصاب سمر لكنها نجت بحمد الله
نور(فتحت عينيها على وسعهما):- الخسيس الأجرب نتن الجوارب معقوف الأنف المختل عقليا أعرج المشية ، لالالا لقد تبرأت منه الحياة أين هو أروني إيااااااااااااااااااااااا ااااااااااااه .. باتريك ولد أين ذلك الكلب المعفون أين ؟؟؟؟
باتريك(ابتلع ريقه حين رمقها قد رفعت حقيبتها للسماء):- ب ..بالداخل سيدتي …
نور(دفعته ودخلت):- الليلة سيموت على يدي ، أفسحوا الطريق ..
حكيم(تنهد من جنونها):- دعيني ألحق هذه الفضيحة ستقتل الرجل ونصبح في جريمة ..
ميرا(وضعت خصلات شعرها خلف أذنها):- طيب ..
لحق حكيم بنور وهو يحاول ضبطها لكن من يضبط ، قد سقطت عليه فوق السرير وأخذت تضرب بحقيبتها لرأسه لركبته لوجهه وهو يبكي ويحاول أن يحمي نفسه لكن المسدسات المصوبة لرأسه جعلته يبلل بنطاله من شدة الخوف يلا يستاهل هذا العقاب ههه .. هنا كانت جوزيت تتقدم صوب ميرا بهدوء هدوووء غريب استغربته ميرا التي استشعرت شيئا غير مطمئن فيها ، حركت رأسها وهي تحاول النظر بعيدا عنها لكن اليد التي وضعت على كتفها جعلتها تدخل في دوامة حيرة
جوزيت:- أكيد ارتعبتِ مما حصل ، لكنكِ شجاعة حميتِ نفسكِ برافو ..
ميرا(أبعدت يد جوزيت ونظرت إليها من تحت لفوق):- هل ضربتكِ الشمس قليلا بعد وستعانقينني بمواساة ..
جوزيت(فاجأتها حقا حين ضمتها لصدرها):- ولما لا أفعل ذلك ، ألستِ أختي ؟ … الحمدلله على سلامتكِ سمر ..
ميرا(هنا ارتفع حاجبها وهي تحاول أن تستوعب عناق ميرنا لها):- أ.. هه ما الذي يحدث ؟
جوزيت(ابتعدت عنها ومالت برأسها):- لا شيء ، أنا أواسيكِ فقط
هنادي(امتصت شفتيها واقتربت منهما لتكسر الجو المشحون):- الرجال على وصول والصحفي معهم ، سنجعله يعترف بطريقتنا ..
ميرا(رمشت بعيونها وهي تبتعد عن جوزيت):- تمام ..
جوزيت(انكمشت حول نفسها وهي تتنهد بتعب وفي سرها):- الآن ما الذي حصل حتى أصبحت سمر عدوة لأهل البيت .. شعرت وكأن اسمها كهرب الأجواء ترى ماذا هناك ؟
المهم أخذ رجال حكيم الذين وصلوا بعد برهة إيهاب وهو في حالة تصعب على الكافر صراحة ، وقع في شر أفعاله ، يعني لم تجد سوى ميراااا ذات الظهر القوي من أين أطلت ستجد النجدة ، لكن برافو عليها نجت منه صدقا ولم تعطه فرصة أذيتها .. وصل أيضا الصحفي وهو في قبضة رجالها وسلموه لطلال الذي أخذه رفقة إيهاب إلى حيث سيتربيان من أول وجديد ..
ميرا:- حان وقت ذهابي ، شكرا حكيم على كل شيء
حكيم(عانقها بحرارة):- لو احتجتِ أي شيء بلغيني ، ومن الآن فصاعدا لن تخرجي بدون حراسكِ الشخصيين وإلا سأجعل رجالي يعسكرون عند باب قصرك ماشي ؟؟
ميرا(لامست خده بحنان):- كما تشاء .. نور وداعا أختي ..
نور(عانقتها بدورها):- وداعا حبيبتي وانتبهي لنفسك ، نتكلم لاحقا هممم ..
ميرا:- أوك
جوزيت(مدت يدها لتصافحها):- ألف سلامة عليكِ
ميرا(نظرت لحكيم ولنور وولت ظهرها):- هه لا تفرحي كثيرا فأنا بخير ، يعني حرمتكِ من فرصة السخرية مني سيدة ميرنا … هنادي باتريك هيا بنا ..
حكيم(أمسك يد جوزيت وجذبها إليه):- لا تنزعجي ..
جوزيت(رمقته بعطف):- دعنا نعود لبيتنا ..
نور(مستغربة من حالتهما الشاعرية):- يفضل أن أتجه لسيارتي ، سترتفع نسبة العشق هنا وأنا لا أتحمل ….
حكيم(حرك رأسه لجوزيت):- هل نذهب ؟
جوزيت(عضعضت شفتيها):- ماذا لو كان لدي رغبة في اكتشاف المدينة رفقة ابن عمي ؟
حكيم(رفع حاجبيه بدهشة):- أشم هنا رائحة دعوة عشاء ، هل ستدفعين الحساب ؟
جوزيت:- وأحلى عشاء لعيونك
حكيم(فتح لها باب السيارة):- أدخلي إذن ، سأخبر نور لكي لا ينتظروننا على العشاء تمام
جوزيت(ابتسمت له):- تمام ..هه
وضعت حزام السلامة وهي تنظر لحكيم الذي كان يحادث نور من نافذة سيارتها ، وانتبهت لرنين هاتفه الذي كان بجانبها أطلت لترى صاحب الاتصال وجدته باسم رفيقي ، أمسكته وما إن همت بوضعه على أذنها حتى أخذه حكيم منها وهو يدلف لمحله ..
حكيم:- لا تجيبي بدلا عني يا بنت …
جوزيت:- من رفيقك هذا ؟
حكيم(توتر وهو يخلق ابتسامة):- ستعرفين الآن .. ألو
ميار(بحالة متعبة):- رشيد قرب موقع شركة هيرمكانا ، تدبرنا أمر هاشم ومروة هما في الطائرة الآن ، لم يتبقى سوى إحراق الشركة لننتهي من هذه العقبة
حكيم:- جيد ارتحنا قليلا من هذه المرحلة ، ماذا عن غضنفر نحن لن نسكت صحيح ؟
ميار(مسح العرق من جبينه):- أحضر العنوان من جوزيت ، سوف أجعل رشيد والرجال يحضرونه ميتا إلي وهذه المرة لن أهنأ حتى أدفنه بيدي ..
حكيم:- يفضل ألا تخبر أحدا حتى الغد يعني ضع الأمر مفاجئا ، لا ندري من الصديق من العدو وغضنفر يزرع جواسيسه بين رجالنا هذا ما لا يسعنا إنكاره
ميار(سعل قليلا وهو يغمض عينيه ويفتحهما):- حكيم .. غدا سأتصل بك
حكيم(انتبه لحالته):- هل أنت مريض يا ميار ، صوتك متعب أخبرني ؟؟؟
ميار(عقد حاجبيه وهو يتنهد بعمق):- لالا لست مريضا أنا لا أمرض ، المهم وداعا
جوزيت(بخوف ورعب أخذت الهاتف من حكيم بدون استئذان):- أين أنت ميار ، دعني أراك الآن يظهر أنك متعب .. هل فعلت بك شرا تلك المتوحشة ؟
حكيم(ضربها لكتفها):- لا تقولي عن ميرنا متوحشة
ميار(أغمض عينيه وهو يستسيغ صوتها):- آه يا جوزيت آه ، لما عدتِ في هذا الوقت تحديدا لماااااذا
جوزيت(بشغف):- أنا أفتقدك بليييز دعني آتي إليك أينما كنت ..
ميار(بأسف):- لا ينفع ذلك يا جوزتي الغالية ، لا ينفع قد انكسر جسر الوصل بيننا ولا أجد أمامي شعورا غير الغضب والعتب تجاهكِ .. دعيني فقط دعيني وشأني
جوزيت(ببكاء):- ميااااار .. أنا أحبك
ميار(ابتلع غصتها المسننة):- وأنا أحببتكِ … طوال هذه السنين وأنتِ حبيبتي لكنكِ خسرتِ مكانتكِ خسرتها بفعل كذبتكِ التي لن أستطيع تجاوزها
جوزيت(بصوت ملهوف):- كلنا نخطئ ، أعطني فرصة واحدة فقط .. اسمع أنا سأفعل أي شيء تطلبه مني حتى عنوان غضنفر سلمتكم إياه رغم أنه أجبرني على أن أقف بصفه ضدكما لكنني اخترتكما أنتما فرجااااء لا تبعدني عنك .. لا تفعل
ميار(حك جبينه وهو يزفر):- جوزيت .. اهتمي بنفسك ..
جوزيت:- ألو ألووو ميااار …
حكيم(أخذه منها):- يا صاح ؟
ميار:- لا تدعها تكلمني مرة أخرى ، إنها تعذبني بصوتها أنا أريد نسيان عودتهاااااااا أريد ذلك حتمااااا فإياك أن تعطيها الفرصة مجددا
حكيم(نظر إليه بحسرة):- فف تمام فهمنا ، أين ميرنا ؟
ميار(بحزن):- متقوقعة في غرفتها يعني لا جديد يذكر
حكيم:- جيد لأن لدي موضوعا سيخرجها من قوقعة الصمت تلك ، عليها أن تكتب مقالة مهمة لتسليمها غدا وجوزيت لن تستطيع ذلك طبعا ..
ميار:- مقالة ؟؟ ..
حكيم:- أجل عن السياسيين وأسهم البورصة أنت أخبرها فقط هي ستفهم.. حاول أن تبعثها مع أحدهم قبل حلول الصباح لتسلمها جوزيت بدلا عنها تمام ؟
ميار:- حكيم نحن نقوم باختطاف وليس باستمتاع على أطراف الشاطئ ..
حكيم(بحرارة الجنون):- وهل أعيد عليك وظيفتنا الإجبارية ؟
ميار(بتعب):- حسن لا تطل سأخبرها سلام
حكيم(نظر إليها):- باي .. (بعد صمت انتظر لحين هدأت من روعها) ها يا جوزيت هل تراجعتِ عن فكرة العشاء شكلكِ تراجعتِ ..
جوزيت(مسحت دموعها بغضب):- لم أتراجع خذنا لأفضل مطعم ..
حكيم(جذب خصلة من شعرها):- ما حكاية اسم جوزتي الغالية همم ؟؟
جوزيت(تنهدت بحرج وهي ترسم ابتسامة عشق على ثغرها):- ههه حكاية طويلة ..
حكيم(أقلع بهما من هناك):- يا بسم الله .. إحكي يا شهرزاد …
عدلت جوزيت جلستها واستدارت إليه من محلها وهي تسرد له حكايتها مع ميار ، استطاع حكيم بهذه الالتفاتة أن يخرجها من مود الحزن لمود البهجة بعشقها الذي كلما تذكرته ابتسمت .. ميارها الذي كان يتحرك بثقل وعرقه يتصبب بشكل مريب ، طرق باب غرفتها وتذكر أنه يغلق عليها بالمفتاح أخرجه من جيبه بتثاقل وفتحه عليها ، وجدها جالسة على كرسي منضدتها تنظر لنفسها بشرود في المرآة ، وشعرها المنساب قد اتخذ تموجات لولبية زادتها سحرا .. تنفس بعمق وهو جاثم محله ينظر إليها بل يتفرج على تلك اللوحة الفنية الدافئة جدا ..
ميرنا(رفعت رأسها إليه ورسمت ابتسامة خبيثة على شفتيها وهي تنظر لجانب ذراعه المضمد):- هل جاءت زوجة النمر لتشكو موت زوجها ؟
ميار(دخل إلى الغرفة وجلس على طرف السرير وهو يسحب أنفاسه بجهد جهيد):- قريبا ستأتي لا تقلقي ..
ميرنا(نظرت إليه من مرآتها):- ماذا تريد ؟
ميار:- اتصلت بحكيم قبل قليل ..
ميرنا(استدارت إليه بلهفة وقلبها ينبض):- أين هو لما لا يأتي ، دعني أراه ؟؟؟
ميار(صغر عينيه فيها باستغراب):- لم نفهمكِ بأمانة يا ميرنا ، هل تحبينه أم تحبين وائل أم أنكِ تحبين الاثنين معا ؟؟؟
ميرنا(وائل روحي اشتقت له كثيرررا ، لكن حكيم هو من سينقذني من بين براثنك أيها المجرم):- لا شأن لك .. طلبت منك رؤيته فلما لا تلبي لي طلبي ؟
ميار(وضع يده على غطاء السرير وجمعه بقبضة وهو ينظر إليها بنظرة ضبابية):- عليكِ كتابة مقالة عن السياسيين و …
ميرنا(تذكرت مقالتها):- وأسهم البورصة يا إلهي نسيت الأمر تماما ، بسببك أيها المجرم لو لم تختطفني وتحتجزني هنا لكنت أمارس عملي بشكل طبيعي
ميار(لم يجبها فقد كان ينظر للأرضية وهو يرمش):- …لارد
ميرنا(نظرت إليه بتوجس وللأرضية ولم تفهم شيئا):- ماذا تفعل هل تستحضر بعض الأرواح لتزيد من خوفي ، لا تقلق وحدك تقوم باللازم ..
ميار(بجهد نهض):- سأجعل إيزابيل تحضر لكِ قلما وبعض الأوراق ، أنهيه بسرعة ليأخذه السائق الليلة ضروري أن يسلموه غدا .. أرأيتِ وأنتِ هنا نحن نفكر بعملك ..
ميرنا(لحقته بغيظ):- لكي لا تظهروا خطتكم الدنيئة يا بغيض ..
ميار(وقف عند الباب واستدار إليها):- يوما ما .. ستسحبين كل جملكِ هذه وتعتذرين
ميرنا(لاحظت تعرق جبينه وتنفسه الثقيل):- لا تحلم لن يحدث ذلك ولو بموتي ..
ميار(لوح لها وخرج دون أن يقفل الباب حتى):- افعلي ما تشائين .. إيزابيل يا إيزابيل
إيزابيل(صعدت ركضا):- هنا هنا يا سيد ميار .. نعم ؟
ميار(نظر لميرنا خلفه):- أحضري لها ما تحتاجه ستخبركِ بنفسها ، وما إن تفرغ دعي السائق يأخذ تلك الأوراق لبيت آل الراجي مفهوم ؟
إيزابيل:- حاضر .. هل أقفل الباب ؟
ميار(كمش عينه ونظر بأسف لميرنا):- أكيد يا إيزابيل فميرنا لا يوثق بها … ههه
إيزابيل(أقفلت الباب):- عذرا سيدتي سآتيكِ بما تريدين
توجه صوب غرفته وهو يسارع خطاه فقد شعر أنه ليس على ما يرام ، وما إن ولجها حتى ارتمى على سريره دون أن يزيل شيئا عنه .. أغمض عينيه بثقل ونام ، هنا أحضرت إيزابيل لميرنا ما طلبته منها وسرعان ما باشرت كتابة المقال ولوهلة توقفت وهي تنظر للورق ..
ميرنا:- هذا المقال سيقرؤه الجميع ، حتى وائل أجل فهو لا يفلت مقالة لي أبدااا مهما كانت سياسية أو غير .. يعني لو كتبت له بضع كلمات مبهمة هل سيربط بينها ويفهم أنني في خطر لكن كيف سأكتب وماذا سأكتب وهل سيفهمني أم لا ؟؟؟؟؟
ظلت تحك رأسها وشعرها نفضته بعشوائية وهي تزفر عميقا وتفكر ، هذه فرصتها الوحيدة وعليها استغلالها بذكاااااء ، إن لم تفعل ذلك فلتعتبر نفسها قد استسلمت لقبضة الفهد البري ومنحته فرصة النيل منها وإجبارها على متطلباته التهديدية التي بلغها بها يوم أمس … أخذت تكتب وتكتب وتارة تبتسم وتارة تبتئس وتارة تفكر وتارة تقرر إلى أن أنهتها في غضون ساعة واحدة فقط ، نظرت للكلمات التي زرعتها في عمق المقال والتي على وائل فهمها وإلا ستكون في خطر حتما ، طرقت الباب بعد أن انتهت وفتحت لها إيزابيل وتسلَّمت منها الأوراق التي وضعتها بالملف
ميرنا:- احرصي على ألا تنقص ورقة منها ، إن هذا عمل مهم
إيزابيل:- لا تقلقي ست ميرنا سأسلمه باليد للسائق كي يأخذه على الفور ..
ميرنا(مطت شفتيها ، وددت لو يأخذني حتى أنا وأخلص من هذا الجحيم):- طيب ..
انسحبت إيزابيل وأقفلت الباب عليها مجددا ، وما إن سمعت ميرنا صوت المفتاح حتى تضاعف الاختناق مجددا بصدرها وأخذت تدور هناك لعلها تريح قلبها ، فالفكرة المجنونة التي أقدمت عليها إما أن تصيب وإما ستخيب ، وكم تمنت ألا تخيب لكي تصل لنتيجة تخلصها من مصيرها الغريب ذاك .. سلمت إيزابيل المقالة للسائق الذي وضعها بجانبه على الكرسي وانطلق صوب بيت الراجي ليسلمه بدوره ، هنا عادت إيزابيل أدراجها صوب غرفة ميار لتخبره أن الأمر تم كما يريد .. لكنه لم يجبها حين طرقت الباب عليه مرات عديدة لذلك اقتحمتها ووجدته نائما على جلسته فاقتربت متوجسة منه ومن وجهه المتعرق وأنفاسه الثقيلة ، بسرعة وضعت يدها على جبينه وجدته مثل النار وهنا صرخت باسم ابنتها لتغيثها …
إيزابيل:- جماااااانة جمااااانة تعالي إلى هنا بسرعة يا جماااااانة …
جمانة(صعدت وهي تركض بهلع):- أمي أمي ما الذي يحدث معكِ ؟؟؟؟ أمييييييي هئئئ ما به السيد مياااار ماذا يحصل له ؟؟؟؟؟
إيزابيل(حاولت جذبه على السرير بوضعية جيدة):- ساعديني يا بنت ، السيد مصاب بالحمى أكيد ستصيبه فما تعرض له سيؤدي لعوارض مثل هذه ، طلبت منه أن يتوجه للمستشفى حين أصيب لكنه رفض ترك ميرنا هففف ، علينا أن نحقنه بمضاد حيوي بأسرع وقت وإلا سنفقده …يا بنتي
جمانة(بفزع صرخت):- نفقده لما يا ماما ، أنتِ تخيفينني ..
إيزابيل(أزالت حذاءه): انزلي إلى تحت وأحضري صندوق الإسعافات الأولية ، هيا اركضي لا وقت لدهشتكِ السيد مريض جدااااا
جمانة:- ألا يجب أن نبلغ تلك المرأة عن هذا ، ما ربما فرحت بهذا الخبر
إيزابيل(نظرت إليه ونهضت بعصبية):- لن نخبرها بشيء افعلي ما أمرتكِ به وخلصيني
حرفت جمانة عينيها صوبه وأشفقت عليه كثيرا ، لذلك نزلت ركضا وأحضرت عدة الإسعافات الأولية كما طلبت أمها ، أخرجت إيزابيل منها خافض حرارة ووضعته بحقنة وحقنته في ذراعه بها ، ثم فتحت ضمادة الجرح ووجدت أنه ملتهب لذلك غيرته بواحد جديد وعقمته جيدا ، هنا رفعت هاتفها واتصلت بالسائق كي يعود سريعا من مهمته ..
جمانة:- ألا تلاحظين أن حرارته لم تنخفض يا أمي ، سنفقده سنفقده هكذاااا علينا أن نصطحبه للمشفى أو نتصل بأي طبيب ..
إيزابيل:- مستحيل السيد يرفض حضور أي شخص إلى هذا البيت ، ثم تت أنا لا أملك رخصة قيادة وأنتِ لا تجيدينها وإلا لكنا استخدمنا السيارة المركونة بالمشغل خارج البيت
جمانة:- ما ربما كانت ميرنا تجيدها دعينا يا أمي نساعده لن نخسر شيئا ؟
إيزابيل(بعد تفكير نظرت إليه وهو يئن بصوت متعب):- أحضريها بينما أبدل قميصه لقد تبلل من شدة العرق ..
جمانة(ركضت صوب غرفة ميرنا وفتحتها بالمفتاح الذي سلمته لها إيزابيل):- نحن بحاجة لمساعدتكِ ..
ميرنا(بعدم فهم نهضت):- مساعدتي في ماذااااا ؟
جمانة:- ربما سيبهجكِ الخبر ، لكن .. السيد ميار مصاب بالحمى وهو مريض جداااا
ميرنا(برقت عيناها):- لهذا كان على غير ما يرام حين زارني ، لكن ما شأني أناااا ، ليمرض أو يموت حتى سيكون أفضل للبشرية
جمانة(رمقتها وهي توليها ظهرها بلا مبالاة):- ألا تملكين قلبا ألا تشعرين ، أقول لكِ أنه مريض وأنتِ هنا تتمنين له السوء .. فعلا أخطأت حين طلبت مساعدتكِ ..
ميرنا(شعرت بالألم في قلبها):- توقفي .. أين هو ؟
جمانة:- بغرفته ..
زفرت ميرنا بعمق وتوجهت صوب غرفته وجدته عاري الصدر بينما إيزابيل ، كانت تمسح عرقه بالفوطة وتحاول أن تعامله بلطف وحنان كي لا تؤلمه ، اقتربت منه بتوجس وهي ترمق حالته المتعبة .. واستغربت شعورها بالشفقة عليه قد بداااا حنونا هادئا ملامحه الساكنة تجذب بشكل غير مطمئن ، فقلبها قد بدأ بالخفقان وهي تبتلع ريقها وتحاول جهدها أن تضبط نفسها أمام إيزابيل وابنتها ..
إيزابيل(شرعت تلبسه قميصا جديدا):- ساعديني يا جمانة احمليه بهدوء وإياكِ أن تلمسي جرح يده ، إنه ملتهب
ميرنا(ابتلعت ريقها):- دعيني أساعدكِ أنا ..
إيزابيل(نظرت إليها مليا وسمحت لها)- تمام وأنتِ جمانة ابحثي عن المفاتيح التي أخبرتكِ عنها بدرج منضدتي في الغرفة ، أسرعي أسرعي …
جمانة(بلهفة):- حاضر حالا …
إيزابيل:- طيب اجلسي يا ست ميرنا كيف ستساعدينني وأنتِ بعيدة هكذا
ميرنا(جلست على السرير قربه ونظرت إليه):- هل هو مريض جدا ؟
إيزابيل:- جدااا ، الخدش الذي أصابه كان من حيوان مفترس لذلك كان عليه أن يأخذ حقنة مضادة ، لكنه عنيد رفض أن يبرح محله رغم توقعاتي بحدوث هذا .. عموما ليس وقت حسرة اسمعي جففي العرق من جسده ، سأعيد الاتصال بالسائق وأرى أين وصل
جمانة(صرخت من تحت بصوت مرتفع):- لم أجد أي مفاتيح يا ماما ؟
إيزابيل(زفرت بعمق):- أصلا متى بعثتكِ لتحضري غرضا لي ووجدته ، اصبري يا بنت سآتي أنا بنفسي آخ يا ربي آخ … ست ميرنا تابعي رجاء عائدة لكِ ..
ابتلعت ريقها وهي تهز رأسها إيجابا ووجدت نفسها تمسك بالفوطة وتمسح على صدره المتعرق ، وعلى أطراف ذراعيه ووجهه تذكرت ذلك اليوم الممطر الذي التقت به بميار والذي صدف فاجعتين في قلبها لحظة تخلى عنها وائل ولحظة أخبرها حكيم بالمستشفى أنه تزوجها حقيقة وليس زواجهما بزواج صوري ، حين خرجت كانت تائهة في الطرقات والشوارع .. كان هو سندها لحظتها وأخذها لبيت أخيه وأخذ يجفف خصلات شعرها بالفوطة أيضا ، ساندها لتسترجع أنفاسها وشحنها بالقوة لكي تصمد وتتحمل .. يعني كيف يساندها بينما هو الذي وضع تلك العوائق من البداية ، حين فرَّقها عن وائل حين جعل حكيم يتزوجها ليبقيها في الحفظ والصون ، حين راقبها وتحكم في أنفاسها يعني كل هذاااا ناتج عنه .. فهل يعقل أن يلتقي الحنان بالشر ، حركت رأسها نفيا وهي تمسح بطيبوبة صاحبت دموعا تحجرت بعينيها وهي ترمق ضعفه المستكين .. برغم جبروته وقوته إلا أنه يبدو الآن طفلا صغيرا يحتاج لرعاية ، انتبهت لعيونه التي كانت تتحرك
ميرنا:- لا أعلم إن كنت ستسمعني أم لا .. لكن صدقني أن ما أفعله الآن خارج عن رغبتي ، هناك شيء بك يجعلني أشفق عليك ربما علاقتي بإياد لها دور كبير في ذلك ، لأنني من المستحيل أن أمد لك يد العون فأنت عدوي اللدود ..
ميار(بثقل فتح عينيه وهو يبتسم):- ميرنا .. هه أنتِ هنا ..
ميرنا(عقدت حاجبيها من يده التي وضعها على يدها فوق صدره):- لا لا تفهم بشكل خاطئ ، إيزابيل طلبت مني هذا يعني لست أنا المهتمة بك بل هما ثم .. أنا أؤدي واجبي فقط رغم أنك لا تستحقه ولا ت…
ميار(رفع يده بثقل ووضعها على خدها وفتح عينيه بصعوبة):- أعلم أنكِ تكرهينني ، ولست أطالبكِ بشيء إذ يكفيني أنكِ قلقة بشأني ..
ميرنا(همت بالرد عليه):- أنت مختل … و هل فقدت وعيك مجددا هيييه ..
أحنت كتفيها بتعب فهذا الرجل يستفز أدق تفاصيلها ، يجعل كل شيء يستنفر بغضب فيها .. إنه مدعاة للعصبية المطلقة وهذا ما لا يسعها تغييره ، احمرت عضلاته فجأة وعقدت حاجبيها وهي تمسح العرق وانتبهت لشامة بين ذراعه وجهة قلبه ، لم تشعر إلا وقد ابتسمت لأن ذات الشامة يملكها إياد بمكان قريب من نفس مكان ميار ، حتى حكيم يملك واحدة لكن أبعد منهما إنما على صدره أيضا .. زفرت بعمق وهي تعدد الصدور في عقلها وسرعان ما نفضت تلك الأفكار حين دخلت إيزابيل عليهما مجددا ..
إيزابيل:- مع الأسف السائق لن يستطيع العودة من الطريق السريع ، علينا أن نتدبر أمرنا
جمانة(لحقتها بالمفاتيح):- خذي ..
ميرنا(أمسكت بهم بعدم فهم):- ما هذه ؟
جمانة:- مفاتيح السيارة الموجودة بالمشغل خلف البيت ، عليكِ أن تأخذي السيد للمشفى
ميرنا(غالبها البكاء ونظرت إليه وقد فتح عينيه بثقل وربت على يدها):- ولكنني ..
ميار(بدعم جذب يده ليحك عينه بحركة عفوية):- لا بأس ميرنا .. لا داعي لما تفعلونه سأنام وأستيقظ بخير يكفي ..
إيزابيل:- صحتك ليست على ما يرام سيد ميار ، ما هذا الذي تقوله ثم بعد إذنك نحن سنتصرف حسبما نرى لأنك متعب صحيااااا ولا يمكننا تجاوز هذا وإلا عرضنا حياتك لخطر ، فعليك أخذ اللقاح ضروري .. لذلك السيدة ميرنا ستساعدنا ..
ميرنا(بدموع تكومت أكثر بعينيها وهي ترمق إياد وليس ميار في حالته المتعبة تلك):- بصراحة … أنا لا أستطيع أن أقود السيارة لدي أسبابي الخاصة ..
جمانة:- هئئ يعني تعرفين كيف تقودين لكنكِ ترفضين المساعدة ، ما حسبت أبدا أنكِ تحملين كل هذا الحقد والبغض لمياااار ، ماذا فعل لكِ هاه ثم ألا ترين أنه بحالة سيئة ، لقد رفض الذهاب للمستشفى فقط ليبقى جواركِ ، يعني هو الذي جلب لنفسه هذا الوبال لأجلكِ ولكنكِ أنانية مستبدة لا تعرفين للشفقة طريييييييييييق …
إيزابيل:- اخرسي يا بنت … كيف تتطاولين على السيدة ميرنا ؟
جمانة:- ولكن يا أمي ، إنها لا ترغب بمساعدته ولا أستغرب لو أرادت موته ثم هو بسببها تعرض لهذه الإصابة لولاها لكان بخير ..
ميرنا(حركت رأسها ونهضت من هناك وهي تبكي):- … آه …
ركضت خارج الغرفة واستندت على الحائط وهي تتمالك أنفاسها ، قلبها يكاد يتوقف لا تعلم ماهية حالتها إنما طيف إياد لم يفارق عينيها ، ولم تتمكن من كره ميار لحظتها فصورته تشمل إيادا طوال الوقت .. تضخم صدرها بالوجع ويدها ترتفع معها وتهبط لحين قاطعتها إيزابيل
إيزابيل:- اعذري طفلتي هي متمردة بعض الشيء ، ولسانها السليط قد تبرأ منها لكن … هي على حق إن كنتِ قادرة على المساعدة رجاء لا تبخلي ..
ميرنا(ببكاء):- آسفة ، لكنني حقا لا أستطيع القيادة .. أرجوكم لا تضغطوا علي
إيزابيل:- ولكنه بين الحياة والموت والحمى التي أصيب بها خطيرة ، رجاء أشفقي عليه
ميرنا(وضعت يدها على رأسها وركضت لغرفتها):- قلت لكِ لا أستطييييع ، يكفي يكفي
إيزابيل(بفشل عادت للغرفة ونظرت لجمانة وهي تحرك رأسها نفيا):- مع الأسف ..
جمانة(نظرت لميار وعقدت حاجبيها):- إن لم نستطع أخذه ماما لنستدعي سيارة إسعاف ، لا يمكن أن نبقى مكتوفتي الأيدي هكذاااا اسمعي مني ماما ..
إيزابيل(عضت شفتيها):- أقرب مستوصف يبعد ساعة من هذا المكان
جمانة:- جيد وهذا يناسبنا لحينها سنحاول جعل جسمه أبرد ، هيا ماما وافقي …
إيزابيل(رمشت بعينيها بقلة حيلة):- سأتصل ..
ميرنا(في سرها وهي تنظر إليه من عتبة الباب):- هذه فرصتي لكي أهرب ، لن يمسكني أحد أبداااا حين يأخذوه للمستشفى سأهرب من البيت وسأتصل بحكيم ليأتي ويأخذني أجل هذا ما يجب علي فعله … ميرناااا إنه مريض وعلى شفى الموت هل ستسمحين بذلك ؟؟ لكنني لا أقود السيارة ولن أقودها حتى في المواقف الصعبة لم أفعل ذلك لا أستطيع ، ذلك شيء كامن فيني داخلياااااا ، لا أقوى على الإمساك بالمقود لا أقدر لا أقدر .. ولكنه يستحق الموت ما ربما انتهى كابوسه إلى الأبد وعدت لحياتي الطبيعية ، ما ربما هو يأخذ عقابه من الله فالجرائم التي اقترفها تستحق هذا العذاب كله …. له يا ميرنا له متى اكتسبتِ هذا القلب الأسود حتى لو كان عدوكِ يبقى أخو إياد يعني عائلته الوحيدة التي وجدتها ، هل ستفرطين به ثم منذ أن ولجتِ بيته وهو يعاملكِ بالحسنى لحد الآن لم يتصرف بوحشية كما كنتِ تعتقدين وتنتظرين .. أفكااااري اخرسي اخرسي ليس وقتكِ الآن ليس وقتكِ ..
إيزابيل:- تمام نحن في الانتظار ، رجاء أسرعوا ولا تقلق سأقوم بما طلبته مني .. / جمانة اركضي اركضي واملئي صحنا من الثلج وأحضري بعد الفوط الصغيرة من المطبخ
جمانة:- أوك ماما فورااا ..
ميرنا(رمقت نظرة جمانة لها بالاستصغار):- لو تعلمين من يكون ذلك الشخص لفعلتِ مثلي
جمانة(توقفت عند الدرج وأجابتها):- أنا لا أعلم عنه شيئا صحيح ، لكنني أعرف الرجل الصادق الذي صنع لأجل فتاة غريبة أرجوحة لتلعب بها .. أنا أرى بقلبي وليس بعقلي ست ميرنا وهذا ما لا يسعكِ رؤيته لأنكِ سوداء القلب باختصار … عن إذنك واجبي يناديني
اهتزت ميرنا من جملتها اللاذعة ، كيف تنعتها باسوداد القلب ألا تعرف أنها تعاني بسببه وتظل تبكي طوال الأيام لأنه يتدخل في حياتها ويجعلها جحيما ، كيف تحاسبها بينما الشخص الوحيد الذي يستحق تلك المقاصصة هو ميار ، الفهد البري الذي أرعب القلوب لسنوات عدة ، وحده من يستحق المحاسبة على كل الذنوب التي اقترفها وما زال … لقد كان يتفرج على البنات وهن يُبعن في المزاد لم يحرك ساكنا بل استمر في المزايدة متفرجا من محله ، فالحساب أكيد سيضاعف ثروته ، من المؤلم رؤيتهن على تلك الشاكلة وهن تخرجن الواحدة تلو الأخرى بقلب مسحوب وبعقل حزين يفكرن في الذنب الذي اقترفنه حتى يعشن ذلك الويل ،.. كل منهن كانت تملك حياة وهوية لكن فور دخولهن إلى هناك سحبت هويتهن وأصبحن مجرد عدد ورقم يتم إحصائه لنيل الزيادة ، مجموعة أجساد مطبوع عليها بختم الفهد البري لمن يضاعف المبلغ ويحصل على الغنيمة كلهااااا … لو رأيتِ أولئك القذرين وهم يرفعون كؤوس الشامبانيا عاليا ويضحكون بقهقهات سفيهة تزيد من اشمئزاز الوضع ، أولئك ذوي البطون الجشعة وعقول البغال بسبب مركزهن في الدولة وبسبب الحصانة التي يمتلكونها اتخذوا الحلال والحرام تهريجا وأصبحوا يبيعون في بناتهم في المزادات ، يشترونها ويأخذونهم للعمل في بيوت الدعارة في مختلف البلدان .. أبعد كل هذه البشاعة تنتظر منها أن تحن عليه وتعامله كإنسان أقل شيء يمكنها فعله له هو البصق بوجهه .. هو يستحق كل ما يصيبه الآن لم تكره لو أنه فارق حياته حتى بسبب ذلك فإياد كما عاش يتيما ليمت يتيما ولا يتعرف على أخ مجرم مثله ، لا يشرفه ذلك ولن يشرفه …… هنا تغلغل الحقد في عيون ميرنا ورمقته شزرا حين كانت إيزابيل تلبسه قميصا وكم كان طائعا برأس ثقيل يفتح عينيه بصعوبة ويهذي باسمها ، فهذا ما كان ينقص …
ميرنا(بحقد وغل هدرت من بين أسنانها):- فلتحترق في الجحيم أيها الفهد البري ، وانتظر صباح الغد سأزج بك في السجن ما إن أهرب من هناااااا .. صدقني لن أتذكرك حتى ههه … مجرم …
شعرت بالكره والقسوة يتسربان في جسمها إنها تحقد عليه بشكل لا يتصوره عقله ، لم تشفع له حتى في حالة مرضه تلك بل ضعفه ذاك أشعرها بالقوة والعزيمة على الهرب ، لذلك أخذت تنتظر الفرصة المناسبة ، وعليها أخذ هاتفها منه فهذا أهم شيء .. مرت نصف ساعة وسمعن صوت صافرة سيارة الإسعاف وبسرعة نزلت جمانة وفتحت لهم الباب ليصعدوا بنقالتهم كي يأخذوا ميار الذي فتح عينيه بهذيان ..
ميار(حاول النهوض):- إيزابيل .. أين ميرنااا .. ميرنااا ؟
إيزابيل(حاولت ضبطه):- سيد ميار ستؤذي نفسك أكثر ، اهدأ سيارة الإسعاف على وصول سينتهي كل هذا سينتهي …
ميار(دفع يدها وحرك رأسه وهو يحاول النهوض):- ميرناااااااااااا … ميرنااااا
ميرنا(ارتجفت محلها):- هئئئئ … لما يناديني لمااااااذا ؟؟؟
ميار(رآها عند ملتصقة بجدار الباب وتنهد بعمق قبل أن يستنبط كل قوته لينهض):- ميرناااا تعالي إلي … ميرنا لا تذهبي ميرنااااا اسمعيني
ميرنا(ببكاء):- إنه مجنون ، حتما مجنووووون
ميار(أخذ يسير ببطء لحين انحنى واستند على ركبتيه وأخذ يلهث):- ميرنااا ..
ميرنا(حركت رأسها وهي تحاول الغوص في أعماق الأرض قبل أن يصل إليها):- ابتعد عني
ميار(وصل إليها ومال برأسه وهو يقاوم نظرته الضبابية):- أنتِ تكرهينني عبثا ، أنا لست كما تظنين .. ميرنا اكح … ميرنا اسمعيني ولا تذهبي أنا لست …
ميرنا(نظرت ليده التي مدها إليها):- ماذاااا تريد ؟؟؟
ميار(أغمض عينه وفتحها وهو يحاول الإمساك بيدها لكن فجأة):- مي …. رنا …
إيزابيل(صرخت حين سقط أرضا مغشيا عليه):- هئئ يا ويلي سيد ميار سيد ميار
جمانة(انحنت أرضا وهي تحاول أن توقظه):- يا مياااار استيقظ ستصل النجدة بعد قليل ..
ميرنا(التصقت بالحائط وهي تشهق من هول ما رأته):- يا إلهي …
كانت لحظات مفزعة للحقيقة ، شعرت ميرنا فيها بشيء يوخز قلبها كأنها تشهد معاناة أحد قريب جدا منها .. لوهلة أشفقت عليه ولوهلة حاولت كسر سلم حيرتها الذي يتصاعد كي يصل لعقلها المتوقف حاليا ، حاولت جاهدة أن تجاري الأحداث لكن صعب عليها ذلك .. ففي ذات اللحظة وصلت النجدة حقا ونزلت جمانة لتفتح لهم وبسرعة صعدوا ووضعوه على النقالة واصطحبوه معهم إلى سيارة الإسعاف .. كل هذا كانت تنظر إليه بعيون تائهة وملامح خافتة تكاد لا تصدق أن ذلك الذي يصارع بين الحياة والموت هو أس الشر خليفة إبليس الذي عقد حياتها لوقت طويل ، لكن لما يؤذيها حاله لما تشعر بالعجز … نظرت لإيزابيل التي نزلت خلفه وهي تولول وجمانة قبلها تحاول أن تركض قبلهم وتفسح لهم المجال لإغاثته ، هنا استدارت لغرفته ودخلتها بحثت عن هاتفها الذي كان موضوعا في نفس الصندوق .. هل هو غبي ليضع الشيء في مكان اكتشفته أم تراه كان يتوقع أنها ستحاول أخذه مجددا لذلك تركه في نفس الصندوق .. لم تهتم لأفكارها بل أخذته ووضعته بجيبها وخرجت من الغرفة ، نزلت للأسفل ووجدت المسعفين قد أقفلوا باب السيارة وانطلقوا وسط الظلام ، هنا بحثت عن جمانة وعن إيزابيل لم تجد أثرا لأي واحدة فيهما وجزمت أنهما رافقتاه ، لكن أيعقل أن تذهبا معه وهما تعرفان أنها قد تهرب .. كل شيء متاح لها الباب مفتوح أمامها والبيت فارغ يعني لتذهب فقط وينتهي هذا الكابوس ، لكن شيء ما حثها على التراجع شيء ما جعلها تحس بثقل وتخدر في قدميها ، وحيرة أسقطتها بين البقاء والرحيل … أخذت تفكر فيما يحدث لها فهذه هي الفرصة الذهبية التي كانت بانتظارها إذا لما تشعر بالخواء في قدميها وخاطرها مهموم .. مسحت على رأسها وهي تنفض أفكارها وتحاول التركيز هي ببيت الفهد البري ومحتجزة وهذه فرصة للهرب إذن لتهرب.. ابتلعت ريقها وخرجت من الباب وهي تركض دون أن تلتفت خلفها فهذا هو القرار الصائب وهذا ما ستفعله …..

في تلك الأثناء
طرقت باب غرفة أختها لتتفقدها فقد رفضت أن تتناول طعام العشاء معهم ، واكتفت ببعض الفاكهة التي أجبرتها عفاف عليها لتزيل القلق ، سحبت مديحة نفسا عميقا وهي تمتص غبنهن المستمر تحت سقف ذلك البيت ، وعرفت أنها لن تسمع جوابا من أختها بقبول دخولها لذلك دلفت دون إذن وأغلقت الباب خلفها وهي تتحسر على عواطف التي كانت متقوقعة في فراشها وتنظر للفراغ .. جلست قربها على السرير ووضعت يدها على كتف أختها بمساندة ودعم
مديحة:- حسن قد تخطينا الكثير يا عواطف ، لن نسمح للأحزان أن تستوطن بدارنا يكفي
عواطف(مسحت دموعها وهي تعدل جلستها كي تنظر لمديحة):- وهل رأيتني أقدم على شيء ، كله على عينك المشاكل تحبنا والأحزان تعشقنا وكل ما هو تعيس يعسكر تحت سقف بيتنا .. يعني ما أحلانا
مديحة:- استغفري ربكِ يا عواطف ما هذا الكلام ، قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا
عواطف:- ونعم بالله ، لكن يا أختي اختنقت من شدة المواجع بت أظن أن الأقدار أشفقت على حالي أنا وأنتِ ، بما أننا ترمَّلنا في سن صغير أكيد قررت ألا تجعلنا هكذا بدون ونيس فزوجتنا بالتعاسة …
مديحة(شهقت بضحكة):- هههئهه الله يخرب بيت عقلك لما تكونين منزعجة ، حسن يكفي أنت تطيلين هنا وأنا أشم رائحة انهيار عصبي عما قريب … أختي حلوتي صغيرتي الجميلة لا تغضبي من تصرف سمر يعني اعتدنا على أسلوبها الفظ منذ أزل
عواطف:- أحيانا أتخيل نفسي معها في ود ووئام ، يعني اشتهيت أخذها في حضني هكذا اشتقت لعطرها يا أختي ..
مديحة(أمسكت يد عواطف):- طيب يا عواطف لما لا تفتحين أنتِ باب الوصل ، يعني لو ذهبتِ إليها وباركتِ لها زواجها مؤكد سوف تعتبر ذلك فرصة للصلح بينكما .. اغفري يا أختي فمهما غضبنا عليها ومهما تذمرنا إلا أنها تبقى قطعة منا ، ولا تنسي أن هنالك حفيدنا الجميل يعني لأجل أبو خدود خوخ سنطأ على قلبنا ونمضي ..
عواطف(عضت شفتيها بتفكير):- لالا لن أستطيع فعل ذلك ، أساسا هي لن ترضى كأنكِ لا تعرفينها لا تفلت فرصة للتبجج و ذكر ماضيها الأليم
مديحة:- من حقها ، فالضحية الأكثر تعاسة من بيننا كانت هي يا شقيقتي ، لذلك خذيها مني نصيحة وجربي لن تخسري شيئا
عواطف:- هل تعتقدين أن زيارتي ستؤدي لنتيجة ؟
مديحة:- حتى إن لم تؤدي لشيء ، المهم أن تريحي قلبكِ أنتِ هممم ما رأيكِ ؟
عواطف:- أنا غير قادرة على هضم أفعالها الشنيعة ، ما زلت غاضبة عليها لكن شيء ما يضيق بصدري حولها أحتاج حقا لرؤيتها في بيتها لكي أطمئن .. هذا إن لم تطردني
مديحة:- هه لا تبالغي هي لا تفعل ذلك ، يدوب تترككِ مع مساعديها لتشربي معهم الشاي هههه
عواطف(ربتت على يدها):- أنتِ بارعة في امتصاص آلامي ، صدقا أختي
مديحة:- يا ستي الجايات أكثر من الرايحات ، أدين لكِ بتحسين مزاجي ذات يوم .. هيا روحي سأذهب للنوم تصبحين على خير
عواطف:- وأنتِ من أهله حبيبتي .. ها بالمناسبة هل عاد الأولاد ؟
مديحة:- كلهم بغرفتهم نائمون إلا عصافير الحب لم يصلوا للبيت بعد ..
عواطف:- غريبة هي حالتهم ألا تعتقدين ذلك ، بينهما ألفة ومودة غريبة وحتى نظراتهم فيها من الحديث الكثير ؟
مديحة(عادت وجلست):- والله كنت بصدد فتح هذا الموضوع معكِ ، لكن مع أحداث اليوم نسيته تماما .. بالفعل حالتهم غريبة وكأنهما للتو تزوجا ههه
عواطف:- عجيب.. المهم نحن لا نتمنى إلا السعادة لهما
مديحة:- أي والله هذا فقط … هاه سمعت صوت سيارة ربما حضرا دعيني أهرب لغرفتي كي لا أحرجهما أراكِ غدا يا عمري ..
عواطف(ابتسمت لها):- تمام يا أختي الغالية ..
غمزت لها مديحة وخرجت من غرفتها وهربت بدورها صوب حجرتها لكي لا تحرج حكيم وميرنا ، يعني في اعتقادها ذلك ما استنتجته لذلك انحشرت مبتعدة عنهما بينما دخلا هما بهدوء للبيت ، وقد كانت تبدو حالتهما محيرة للغاية …^^
حكيم(بحنق):- الله لا يوفقك يا بنت ، هل هذه فعلة تقدمين عليها ثم من اشتكى لكِ هاه ؟؟؟
جوزيت(تحاول أن تتمالك ضحكها):- ههههههههه ههه هل رأيت تعابير وجهه ، لقد صرخ بصوت مضخم : هييييه أنتماااا هناك لا تسرقاااا التفاح وإلا قتلتكمااااااااااا …هههههه
حكيم:- الله يلعن هبلك يعني لو أردتِ التفاح كنت أحضرت لكِ صندوقين ، لكن تسرقين من الشجرة والله جيد أنني أنقذتكِ من قبضته ودفعت له ثمن سكوته
جوزيت(رفعت كيس التفاح عاليا وهي تضحك):- المهم نلت ما أريده ، دعني أسرع لأنظفه وسنسهر على أكله سوية تمام ؟
حكيم(مسح أنفها بإصبعه):- ما كنت أدري أنكِ لطيفة وتتأقلمين بسرعة ..
جوزيت(دفعته لصدره متجاوزة إياه):- ربما البركة في الجينات ههه .. هيا ..
حكيم(ابتسم لها وقد انحسرت بسمته وهو يراقبها متجهة للمطبخ):- اشتقت لكِ يا عصفورتي ، حاولت أن أتناسى ألم فراقكِ لكن يومان الآن وأنتِ بعيدة عن عيوني ، فأينكِ مني ..
طأطأ رأسه بحزن وحاول أن يبعده عن ملامحه لكي لا يزعج جوزيت التي كانت سعيدة بسرقتها للتفاح الأخضر ، من شجرة إحدى الفيلات التي مرا بها أثناء عودتهما من طعام العشاء .. وطبعا جوزيت حين لمحتها وكأنما لمحت الذهب أصرت أن تلتقط من هناك حبة وإذا بالحبة تضاعفت لتصبح كيسا وهذا ما جعل الحارس يلحق بهما وهما هاربين من جدار الفيلا كاللصوص ، نزل حكيم أولا وقفزت ليمسكها وفعل ذلك وهو يشتمها ولم يترك شتيمة إلا وأسمعها إياها على فعلتها المشينة ، وكله في كفة وخروج الحارس ببندقية الصيد في كفة أخرى وهنا كان على حكيم أن يكون حكيما وإلا ماتا بسبب حبة تفاح ههههه .. صعدا للغرفة وأخذت كل التفاح بحجرها وأعطته حبة واحدة يتيمة وهي ترمقها بنظرات حسرة وكأنها لتوها تضحي بوليدها في سبيل تغذية بطن حكيم ..
حكيم:- خذيها لو أردتِ ، إلا قليلا وستبكين عليها يا أكولة
جوزيت:- نقطة ضعفي التفاح الأخضر ، لذلك لا تدقق ودعني أتناوله بنهم يامي يام لذيذ
حكيم(رمى التفاحة بصحنها):- لا يعجبني مذاقه حامض ولا يؤكل ..
جوزيت(احتضنت التفاحة التي رمى بها):- يا حبيبتي أخيرا عدتِ لأسرتكِ ، لا تقلقي ستلحقين بهم وتلتقون ببطني إن شاء الله ..
حكيم(أزال وشاح عنقه):- خذ يا عمي البنت فقدت عقلها ، تطورت حالتها وباتت تحادث التفاح يا عيني
جوزيت(سمعت هاتفه):- هاتفك يرن يا حكيم ..
حكيم(تفقده ورمق رقما مألوفا ففتح فاهه بدون وعي وبعد لحظة اختناق رد):- ألو …
ميرنا(ببكاء):- ح…حكييييييييم
حكيم(سقط قلبه منه وجلس برجفة على الكنبة):- .. واه …..أ.. نعم أسمعك
ميرنا:- الحقني يا حكيم لقد هربت من البيت ولا أدري أين أنا ، رجااااء لا تجعلني أعود إلى هناك لا أعرف مكاني ولا كيف أتصرف اهئ … حكييييم أرجوك ساعدني ..
حكيم(نهض بتوتر وهو يمسح على رأسه وشعر وكأن لسانه ثقل من الدهشة):- أ.. تمام لحظة ابقي على الخط
ميرنا(نظرت للهاتف وقد أعطى إشارة نفاذ الشحن):- سيفصل يا حكيم ، أنجدني أنا خلف البيت الذي اختطفني به لا يوجد أحد هنااااك الآن .. ولا أعرف العنوان ..
حكيم:- لا بأس انتظريني ..
جوزيت(نهضت بعدم فهم):- مع من تتحدث ؟
حكيم(أخذ وشاحه وخرج):- لا تقلقي فخرية متعبة فقط ، هيا سأبيت هناك الليلة انتبهي لنفسك ولا تخبري أحدا
جوزيت:- تمام تمام سلامتها ..
حكيم(أغلق عليها الباب وبنظرة صارمة رفع الهاتف لأذنه):- ميرناااا أنا قادم إليكِ حبيبتي .. لا تخافي ..
ميرنا:- ألوو ألو إنه ينقطع ألوو حكيم أنا أنتظرك ألووو .. افف تبا تباااا هل هذا وقته ليفصل اففف يا ربي أرجو ألا يأتي أي أحد الآن يا رب …
فور خروجه من البيت مباشرة وصل السائق الخاص بميار إلى هناك ، سلمه المقالة وشكره حكيم الذي وضعها بالمنضدة وخرج مباشرة ليلحق بالسائق .. فتلك الفرصة المتاحة أمامه بدلا من أن يشغل آلية تحديد المواقع من هاتفه لهاتفها الذي فصل وأزم الوضع أكثر ، طبعا حتى لو لم يكن قدم السائق لحظتها كان سينتظره فهو الأمل الوحيد له في ظل تلك الظروف.. كان حريصا وهو يلحق بالسائق ألا يلاحظه فإن شعر به وارد جدا أن يغير وجهته ويراوغه فتضيع فرصة رؤية ميرنا ، كيف هربت ولما هربت وأين هو ميار من كل هذاااااا ، حاول إعادة الاتصال بها أثناء الطريق لكنه كان خارج التغطية مؤكد فكل الأمور تتأزم دفعة واحدة …ورفض أن يتصل بميار خشية عليها لذلك أخذ يمسح على فكه وهو يشعر باللهفة تغمره والشوق إلى رؤيتها يزيد من وطأة ارتباكه ودَّ لو طار في رمشة عين ووجدها أمامه ، لكن ذلك محال فعليه أن يصبر والأهم أن يحافظ على حياتها .. فتح جيب سيارته وأخرج المسدس الخاص به منه وتفقد خزان الرصاص بداخله وأغلقه من جديد ، لم يعده إلى هناك بل وضعه بخصره وأخذ يلاحق السائق بسيارته التي أطفأ أضوائها كي لا ينتبه له ، وبما أنهما خرجا للطريق السريع لم يجد هنالك مشكلا من إطفائها خشية وقوع حادثة سير لا سمح الله ويختلط الحابل في النابل … مر وقت وجيز ووصل السائق إلى هناك وانتبه للباب المفتوح وأضواء البيت المضاءة كلها ، توجس قليلا فعندما حادثته إيزابيل لم تشرح له ما يحدث فقط أوجزت بضرورة عودته في أسرع وقت ، لكنه اعتذر فقد كان في طريق لا تسمح بالعودة منها حتى الوصول إلى وسط المدينة وإذا تم ذلك لا يبقى ضرورة من عودته ، لذلك طلبت منه أن يسلم المقالة ويعود فورا إلى هناك .. المهم خرج من سيارته وأخذ ينادي باسمها لكن لا جديد يذكر دخل للبيت واكتشف عدم تواجد أحد فيه وخرج وهو يمسح على رأسه بارتباك …
إيزابيل:- ألو نعم هل عدت للبيت ؟
السائق:- عدت عدت أين أنتم ماذا جرى لم تشرحي لي على الهاتف ؟
إيزابيل:- السيد ميار قد أصيب بالحمى جراء حادث المساء ، وهو في غرفة الكشف الآن على الأغلب سنبقى هنا حتى الصباح عليك أن تأتي لاصطحابنا
السائق:- تمام سآتي على الفور بأي مستوصف أنتم ؟
إيزابيل:- يعني هل هناك عشرة مستوصفات تحيط بنا هو واحد ونحن فيه الآن ..
السائق:- أوك أنا على الطريق .. سلام
إيزابيل(عقدت حاجبيها):- مهلا .. هلا تأكدت أن السيدة ميرنا آمنة بالبيت ؟
السائق(بتنبه):- اعتقدت أنها معكم ، لا أحد متواجد بالبيت يا ست إيزابيل
إيزابيل(بهلع):- يا ويلي ماذا قلت هل هربت ، من فورك من فورك انطلق للبحث عنها ولا تعد للبيت بدونها أسمعت .. أكيد لن تكون قد ابتعدت كثيرا تحرك يااااا
السائق:- حاضر حاضر ..
إيزابيل:- يا الله يا ميرنا هل هذه فعلة تقدمين عليها ، تهربين وقت مرضه يا إلهي …
جمانة(سمعتها واقتربت منها):- متوقعة من قليلة أصل مثلهاااا
إيزابيل:- بنت اخرسي أحسن لكي أساسا أنا أعصابي تالفة
جمانة(هزت كتفيها بلا مبالاة):- كما تريدين …
السائق(أخذ يركض بالمصباح اليدوي):- ست ميرنااااا … ست ميرناااا هل أنتِ هنا ؟؟؟
ميرنا(سمعته وتقوقعت على نفسها وهي ممسكة بالعصا في يدها):- أين أنت يا حكيم أين أنت اهئ … يا ربي ساعدني يا رب …
أخذ السائق يبحث عنها حوالي البيت ولم يتوصل إليها بعد ، لذلك اعتقد أنها انطلقت صوب الطريق العامة لذلك توجه مباشرة إلى هناك ، لحظتها انتبه له حكيم الذي أخفى سيارته بين الأشجار بعيدا عن أنظاره وأخذ يبحث عنها بدون أن يثير جلبة .. كانت هي مختبئة خلف الشجر وهي ترتعد خوفا من أن يجدها السائق فيجبرها على العودة لذلك الجحيم ، نظرت لهاتفها وجدته مطفئا طبيعي سيخذلها في هكذا مواقف ، سمعت صوتا يلامس حشائش الأرض وهنا جمد الماء في ركبتها أمسكت العصا جيدا وانتبهت لخنفساء تسير على حافة ردائها الأبيض فنفضتها وهي ترتعش بخوف ، لكنها التصقت وأخذت تصعد بالرداء وهنا لم تستطع ميرنا إلا أن تقف وتنفضها وهي ترتجف بتقزز ووجه ممتقع …
ميرنا:- أوووه هل هذا وقتكِ أنتِ ، ابتعدي ابتعدي … هئ ..
رفعت رأسها للسماء حين شعرت بأحد وقف خلفها على بعد أمتار بسيطة ، حسبت أنه قد تم اكتشاف أمرها وسيسجنها السائق من جديد ، ارتخت قواها بفشل وانهزامية ونظرت للأرض قبل أن تستدير لتضرب السائق فإما هي أو هو …. لكن ما حدث …
حكيم(ابتعد وهو يشير لها):- وُووووْ على رسلك اهدئي ميرنا .. هذاا أنا …
ميرنا(فتحت عينيها وقد ضربت في الهواء بعصاها وجيد أنه ابتعد وإلا كانت قسمت جبهته لنصفين ههه):- أنا لا أحلم صحيح … هئ حكيييييييييم ….
رمت العصا أرضا وركضت إليه كالفراشة وارتمت بحضنه عميقاااااا عميقااا وبحرارة كان كالخلاص بالنسبة لها ، تشبثت به وهي تبكي بينما حاوطها في حضنها وهو يستنشق عطرها الذي افتقده بجنون .. دفعها لصدره بقوة كأنه يطمسها به وهو ممسك بيده الأخرى على رأسها المستند على كتفه والذي دفنته بعنقه لتشعر أنها حقا بأماااااان .. كان عناقا حميميا مختلفا عما سبق فيه الطمأنينة والارتياح يترجم ببساطة أمانها بعد هذين اليومين الصعبين اللذين قضتهما رفقة أكره شخص بالنسبة لها ، مجرد التفكير في ذلك جعلها تنتفض وترتجف بعدم قدرة على التحمل
حكيم(يهدهدها بخفوت):- يكفي صغيرتي أنا هنا إلى جانبكِ الآن ..
ميرنا(تشبثت أكثر بقميصه وهي تجذبه إليها ببكاء):- كيف تخليت عني يا حكيم، كيف تركتني مع ذلك المجرم اهئ .. لقد مت رعبا أنااااا .. أعيش في قبر ولا أعيش معه
حكيم(أمسك وجهها بين يديه بلهفة وهو يمسح دموعها بأصابعه):- هشش هشش أولا اهدئي لنتحدث حديثا متعقلا ، أين هو ميار أولا وكيف هربتِ ؟
ميرنا(بارتباك):- لقد أصيب بالحمى مرض وأخذته الخادمة وابنتها للمستشفى ، وأنا وجدتها فرصة مناسبة للهرب فهربت واتصلت بك ..
حكيم(بقلق):- برافو ميرناااا دوما ما تختارين الأوقات المناسبة ..
ميرنا(بانهيار):- يا ليتني ما لقحت بك يا ليتني ما لحقت بك إلى ذلك المكان …
حكيم(أمسكها بخفة):- شتت لا تبكي يكفي اهدئي ، قد حصل ذلك وانقضى الأمر علينا التفكير بحمايتكِ الآن ..
ميرنا(فزت فيه عينيها):- حمايتي بسجني هنا بين قبضته صح ؟
حكيم(حرك لها كتفيه بقلة حيلة):- لا يوجد طريقة أخرى غير ذلك ، أنتِ لا تعلمين شيئا مما يحيط خارجا الكل ينتظر فرصة لقتلكِ الكل …
ميرنا:- ويقتلونني لماذااااا … ثم أليس الفهد البري من يرغب بذلك ؟
حكيم:- ليس هو ليس هو بل على العكس هو الذي اقترح هذه الفكرة لكي تبقي بمأمن ، ومجددا أخبركِ أنكِ تسيئين الظن بميار لأنه ليس سوى واجهة لأفظع الجرائم التي تحدث ميرناااااا …
ميرنا:- ولكنني رأيتكما جالسين ببرودة بينما بيع أجساد الفتيات يتم أمام أعينكماااا ، ولم تحركا أي ساكن الله أعلم أين هن الآن ، وفي أي جهنم رميتم بهن ..
حكيم(سحب نفسا عميقا):- لو لم تأتي حضرتكِ وتلفتي الانتباه كان كل شيء تمام ، وقد خططت أنا وميار الذي تتهمينه بطريقة لتهربيهن وفعلا أنقذناهن من ذلك المصير .. أي نعم ما زلن محتجزات لكن خططنا لإبعادهن من قبضة كهرمانة إلى الأبد ..
ميرنا:- كهرمانة تلك المرأة التي كانت ترتدي فستانا أحمر ؟
حكيم:- ويصدف أنها شقيقة فخرية أيضا ..
ميرنا:- الله الله .. إذن هي التي تسير أعمال الفهد القذرة …
حكيم:- الفهد الفهد الفهد يووووه يكفي ميرنا ، إنكِ تؤذينني بكلامكِ عنه بهذه الطريقة فما باله هو إن كنتِ تسمعينه ذلك .. ثقي بي ميار ليس إنسانا سيئا هو ضحية قبل أن يستل السيف ويمضي في هذه الطريق ..
ميرنا(من بين أسنانها):- لا تدافع عنه هو مجرم بنظري وسيظل كذلك …
حكيم:- كيف حاله بالمناسبة ؟
ميرنا(رمقته بعدم تصديق):- أنت تفضله عني أناااا ، يا ليتني اتصلت بوائل وليس بك كان أخذني دون سؤال حتى
حكيم(تبدلت ملامحه):- وائل ماذاااا لا تجلطيني …
ميرنا(مطت شفتيها وهي تمسح دموعها بكم ردائها):- أنت لا تفكر بأخذي ..
حكيم(أمسكها من يدها):- هففففف تعالي معي ..
ميرنا(بفرح):- ستأخذني للبيت صح ههه .. ستنقذني كنت أعرف كنت أعرف ..
حكيم(لاحظ أنها عانقته مجددا كأنها تأبى أن تفتح عينيها لكي لا تجد نفسها بذلك الواقع):- ميرنا أنتِ تجعلين الوضع متأزما أكثر ، رافقيني فقط وبعدها نتحدث .. هاتِ يدكِ لا تخافي أنا معكِ ..ولن يمسكِ سوء
ميرنا(ارتعشت ونظرت إليه وهي تمسك بوجهه وأخذت تنظر إليه):- لن تتخلى عني صحيح أنت لا تفكر بأن تتركني هنا بهذا المكان ، أخبرني حكيم أرجوك ؟؟؟
حكيم(عض شفته وقبل جبينها ودفعها لحضنه مجددا):- أتفهم خوفكِ ورعبكِ ميرنا ، لكن
ميرنا(انتقلت بعينيها لعينيه وهي تركز في كل حرف ينطق به):- لكن ماذا ؟؟
حكيم(نظر حوله وهو يزفر بعمق):- الوضع أخطر مما تظنين ، لا يسعكِ المغادرة
ميرنا(هنا ضربته على صدره):- أنت متفق معه إذن ، أنت كنت تعلم بكل هذا وسمحت له بأن يبقيني حبيسة لديه … كيف استطعت ذلك حكيم كيف كيففففففففففف ؟؟؟؟؟
حكيم(لامس انهيارها وهي تضرب على صدره وحملها بين ذراعيه):- يكفي يا ميرنا أنتِ تعذبينني بألمكِ هذاااا ..
ميرنا(كانت تضرب بوهن على صدره وهي بحضنه بين ذراعيه):- أنت تركتني لذلك المجرم ، تركتني مع أنك وعدتني أنك لن تتركني أبدا اهئ ..حرام عليك يا حكيم خذني لا أريد أن أعرفه ولا أعرف عنه شيئا يكفي انتهيت لا أريد متابعة هذاااا لا أرييييييد …
حكيم(سحب نفسا عميقا وهو يسير بها وسط الأشجار):- لو تخفضين صوتكِ فقط سوف تبقين في مأمن ، ميرنااا يا عمري هل تصدقين أنني أفرط بكِ .. ولو على جثتي ما كنت لأتخلى عنكِ لكن هذه هي الطريقة المثلى لحمايتك ..
ميرنا(رفعت رأسها إليه وناظرته وهو يسير بها):- لماذاااا اشرح لي لماذاااااااااا ؟؟
حكيم(زفر بعمق):- يا الله على هذه البنت ، تمام سأشرح لكِ لكن ما إن نصل للسيارة علينا أن نبتعد عن هذا المكان قليلا لكي أستطيع شرح الوضع تمام ..
ميرنا(امتصت شفتيها وهي تلاعب سلساله المتعمق تحت قميصه):- حكييييم
حكيم(ابتسم):- هممم ؟
ميرنا(رفعت عينيها المتلألئتين له):- أنا ..
حكيم(عض طرف شفته وأنزل عينيه إليها):- جائعة توقعت ذلك فهذا ما تفعلينه حضرتكِ في عز الأزماااات ، هااا وماذا سنفعل ست ميرنا ؟
ميرنا(بتذمر):- حسن إنس الأمر …
حكيم(نظر لسيارته من خلف الأشجار):- أمرنا لله ، ستبقين بداخل السيارة ولا تفتحيها لأي مخلوق حتى عودتي خذي المفتاح وأقفلي على نفسك
ميرنا(أنزلها أرضا):- ولكن أين ستذهب ؟
حكيم:- سأعود للبيت لأرى ما في استطاعتي إحضاره لكِ
ميرنا:- وماذا عن السائق ؟؟؟
حكيم:- سأتدبر أمره
ميرنا:- وماذا لو عادوا ؟
حكيم:- لن يعودوا اهدئي ، في سبيل بطنكِ سنغامر بأرواحنا يا عصفورتي الصغيرة
ميرنا(دخلت للسيارة وأمسكت المفتاح بحضنها):- لا تتأخر علي
حكيم:- أنظروا حتى لم تتردد بل هي موقنة أنها ستبعثني لمغامرة حقيقية ، لكن في سبيل بطنها لن تتنازل .. فعلا قمة الاستبدااااااااد ..
ميرنا:- لا أعرف كيف أفكر ببطن فارغة ، أساسا لم أتناول طعامي منذ يومين
حكيم(رمش بعينيه وهو يرمق هالاتها السوداء وشحوبها):- تبدين في حالة سيئة ميرنا ..
ميرنا:- وهل أنا في نعيم حتى أكون بخير .. دعها على الله
حكيم(شعر بالغيظ من ذلك ونظر خلفه)- تمام عائد لكِ بعد برهة ..
كما اتفق معها أغلقت السيارة عليها وأخذت تنتظره بحماس ، بينما تسلل هو بين الشجيرات وعاد ركضا للبيت انتبه أنه لا وجود للسائق لذلك اطمئن دخل بهدوء وتوجه صوب المطبخ ، وهو ينظر من كل اتجاه تحسبا لقدوم أي أحد .. فتح الثلاجة ونظر بداخلها وجد علبة حلوى السكر بالكراميل وبسكويت وقطعا من الكعك المحلى ، جمعهم في علبة صغيرة كانت موضوعة على جنب وأغلق الثلاجة لكن ما إن هم بالخروج حتى انتبه للسائق الذي دخل وهو يزفر بتعب ..لذلك بقي مختبئا عن أنظاره عند الزاوية ..
السائق:- اللعنة سيقتلني السيد إن لم أجدهاااا ماذا أفعل ماذا أفعل …
حكيم(يتمتم تحت فمه):- والله إن لم تتحرك من هنا سأقتلك قبل أن يفعل السيد
السائق(وضع يده على جنبه بفشل وأخرج هاتفه ليتصل):- ألو ست إيزابيل مع الأسف لم أستطع إيجادها
إيزابيل:- يا الله ما هذا الخبر التعيس ، فف أساسا عليك الحضور إلى هنا المهم لنعد للبيت وبعدها نفكر في طريقة لإخبار السيد ميار علما أننا سنكون بموقف صعب أمامه ..
السائق:- تمام سأغلق باب البيت وآتيكم ..
إيزابيل:- أستغفر الله كيف سنخبره بهذا الخبر أكيد لن يفرح به ويعانقنا ..
جمانة(أحضرت ساندويتشين لها ولأمها):- كلي ماما أولا ولنفكر على مهلنا فيما سنفعله ..
إيزابيل(أمسكته بدون خاطر):- وأين الشهية يا ابنتي .. أين
زفرت بعمق وهي تتوقع حزن ميار عندما يعلم أن ميرنا قد هربت منه ، لكن لم تعلم أن هنالك مصيبة طالت حكيم لحظتها فالسائق خرج وأقفل عليه الباب ، وهنا نهض ليرى مخرجا له من ذلك البيت ..
حكيم(تلصص من النافذة ورمق السائق قد ذهب بسيارته):- الله يحرقك يعني لم تجد وقتا مناسبا للعودة ، إلا حين دخل حكيم افف اللعنة كيف سأخرج من هنااا
نظر حوله مجددا وانتبه لباب المطبخ الزجاجي المؤدي للحديقة ، رفع حاجبه وهز كتفيه بقلة حيلة مجبر أخاك لا بطل …
حكيم(ضرب بالمزهرية أسفل الباب حتى سقط الزجاج كاملا):- عذرا حبيبي ميار ضع تعويض التخريب على حسابي ،،، أخوك مجبر هه
التقط ملعقتين من حاوية الملاعق الموجودة بالمطبخ كأنه بيته ههه ، وخرج من هناك ركضا ولم يلتفت خلفه قط بل سارع خطاه صوب عصفورته الصغيرة ، التي كانت ملتفة حول نفسها وترتقب ظهوره في أي وقت .. وكم فرحت حين رمقته قادما من خلف الأشجار بسرعة فتحت له وأمسكت العلبة منه بحماس ..
ميرنا(بفرح):- هه أخيرااا ..
حكيم:- لو تعلمين ما كلفنا الاقتحام لكن لا يهمكِ لأجلكِ يهون كل شيء .. هيا سنبتعد قليلا عن هذا المكان لنكون بمأمن أكثر ..
أصلا لم تسمعه فقد فتحت العلبة وبدأت تأكل بنهم ، قد بدا عليها الجوع حقا وهذا ما جعله يبتسم لأجلها ، هنا قاد سيارته مبتعدا عن ذلك الموقع إلى أن وصل لحافة النهر وتوقف .. نظر حوله للمنظر المبهج الذي جعلها تتوقف عن الأكل وتنظر لتلأّلأ النهر بفعل انعكاس ضوء القمر ، وهدوء الأجواء الساحرة ليلا زادت المنظر رفاهية خلابة .. صوت حشرات الليل يضاعف من حميميتها وحفيف الأشجار يتمايل بتناغم مع الرياح ، كم بدا النهر ساكنا لحظتها لامعا بل صادحا أن الحياة تستحق القتال للتمتع بأحلى صفاتها .. نظرت إليه مبتسمة ووضعت رأسها على كتفه وهي تمد له ملعقة وفتحت علبة حلوى السكر بالكاراميل
ميرنا:- لنتشارك هذه العلبة وبعدها أسرد لي السبب الحقيقي وراء تخليك عني هنا
حكيم:- لا تقولي تخلي ، اسحبي الكلمة لأنني لا أتخلى عنكِ أبدا لكن إن رأيت أن مصلحتك بهذا المكان ومع ميار سأتنازل عن جنوني وأجبركِ إجبارا على ذلك ..
ميرنا(وضعت ملعقة بفمها بغضب):- فقط أخبرني هل غسل دماغك ، أنت قريبا تخلص له وتنسى واجباتك تجاه عائلتك ..
حكيم:- لأنه عائلتي أيضا
ميرنا(صرخت فيه):- أي عااااااااااائلة تلك أنت تضحي بنا لأجله …
حكيم(صرخ فيها بدوره):- لأنه أخي يا ميرناااااااااااا أخي …
ميرنا(تكومت الدموع في محاجرها):- لا تصرخ بوجهي ، أساسا أنت تجدها فرصة لتفرغ فيني غضبك فما فعلته بك قبل أيام ما زال عالقا بذهنك
حكيم:- البركة فيكِ نسيت كل شيء ، فحضرتكِ لم تتركي لي المجال حتى لأغضب سرعان ما أقحمتنا في مصيبة جديدة .. لا والجميل أنكِ تمتعضين حين أشرح لكِ ماهية ميار …
ميرنا(تمالكت أعصابها وهي تقحم ملعقة في فمه):- فهمنا أنه ساعدك كثيرا ، وبينكما آلاف الذكريات والتضحيات لكنه هو الذي حرمك من العودة إلينا يا حكيم ، هو الذي جعل حياتنا هكذااااا لا يمكنك أن تغفر له هذااااا ؟
حكيم(التهم ما قدمته له):- كان مجبرا بدوره على إبقائي تحت سيطرته ، كل هذا كان مخططا له بالمسطرة والقلم ونحن كنا جنود اللعبة الذين تمت التضحية بهم في سبيل إبقاء عرق المافيا مستمرا
ميرنا(استدارت إليه):- عن أي عرق تتحدث ، هذا جرم جرم ما تقترفونه جررررررم ؟
حكيم:- لا تصرخي لأنكِ لستِ في مكانة تخولكِ لتحكمي علينا ، اسمعيني جيدا ما سأخبركِ به الآن سيحدد مسار حياتكِ ميرنا .. أنتِ هنا في مأمن كهرمانة ورجالها على حافة خطوة للبدء بالبحث عنكِ لقتلك لأنكِ بنظرها لعنة وحطت عليهم كون ميار يهذي بكِ ليل نهار ، ولأجلكِ أقدم على الكثير وألغى الكثير أجل كما تسمعين ، وأنتِ التي جعلته يفكر بالاعتزال فكري في كلامكِ سابقا معه أثناء تقمصه لدور إياد ، بسبب ذلك جن جنون الرجل وقرر بين ليلة وضحاها أن ينسحب من كل شيء … وبما أنه ممنوع عليه بل مستحيل أن يعتزل طالبوا بعودة ثعلبة القطب وهي رئيسة عصابة تضاهي عصابة الفهد قوة ، قد كانت مستقرة خارج البلد وتم استدعائها لتضع النقاط على الحروف إما تجعله يغير رأيه ويبقى على مساره ، أو تسلبه من كل قوته وهيلمانه وتنسبه إليها لكي تتحكم هي في كل هذا الوبال .. ما حصل كالتالي حاول ميار أن يجس نبضها أولا وعقد اتفاقا معها أن يسلمها كل شيء فقط كي تبقى مخلصة له ، لكن ما حدث خالف كل التوقعات تم اختطافكما في إحدى الليالي ولذات السبب ، مع الأسف توقعت أنه هو من فعلها لذلك أسمعته وابل الكلام لكنه تفاجئ مثلي فالمختطفين كانا أنتِ وأخوه ، يعني يستحيل أن يقدم عليها في ظل الظروف الراهنة ..
ميرنا:- ولكنه اختطفني سابقا ؟
حكيم:- كان ذلك حتميا ميرنا لتعقلي لكنكِ عنيدة ما شاء الله ، الحجر ويلين عموما دعيني أكمل ..ما إن تم اختطافكما التقينا أنا وهو سوية واستطاع بنباهته وبالمعلومات التي أخبرته بها أن يجد المذنب في هذه القضية وقد كانت ثعلبة القطب ..
ميرنا(بدهشة):- هئئ ماذا ولكننا اعتقدنا بأنه هو الفاعل …
حكيم:- أنتم دائما ما تعتقدون ودائما ما تكون اعتقاداتكم خاطئة ، لقد توجهنا إليها لنطالب بعودتكما وبالفعل وجدناكما نائمين بقبو قصرها .. الآن سنصل للمقابل الذي كان عليه دفعه قد وقع على تنازل كامل بكل ما يملكه من سلطة في عالم الفهد البري لفائدة ثعلبة القطب ، وأيضا كتب اعترافا خطيا بالتنازل ولم يتم اعتماد ذلك حتى الآن ..
ميرنا(بعدم فهم):- مهلا مهلا طالما كان سيعطيها من البداية كل ذلك وسيتنازل لها ، ما حاجتها للاختطاف ولهذا المسلسل كله ؟
حكيم:- سؤال وجيه سألناه لنفسنا أيضا بعد أخذكما ، واتضح لنا فيما بعد أن هنالك شخصا يقف خلف ذلك وثعلبة القطب خطفتكما مجبرة بدورها لأنها كانت أداة للحصول على ذلك الاعتراف والتوقيع من ميار ..
ميرنا(حاولت التركيز معه قدر استطاعتها):- هفف .. الآن لماذا كل هذه الطرقات الملتوية ، لما لا تتصرفون بوضوح وتنهون الأمور على طاولة واحدة لما اتخذتم هذه الصعوبات ؟
حكيم:- ليس لخاطرنا ، هنالك شخص يقف خلف كل هذااا وهو الذي يحرك بيادقنا مثلما يشاء قد تسميه رغبة في الانتقام وقد تسميه أيضا سادية مطلقة تحت مسمى قانون الغاب …
ميرنا:- من يكون هذا هل هو الفهد البري الحقيقي ؟
حكيم:- بل هو الشر بعينه ، اسمعي ميرنا .. إن ميار شخص مثلنا كان يملك عائلة في صغره ولكنهم سلبوها منه وخيروه بين حياة أخيه وحياته فاختار حياته ليبقي إياد في أمان ، ضحى بطفولته وبهويته وبوجوده لأجله واستمر في هذا العالم مجبرا لحين تأقلم وأصبح الشخص المرعب الذي يخشاه الكثيرون ، إنما تلك مجرد واجهة أي نعم نحن مذنبين كثيرا في مليون ألف جرم لكن لو راجعنا من البداية ولو نظرنا للمسببات التي تضغط علينا من كل حدب وصوب ستجدين أننا مسيرون تحت رحمة الأقوى .. وأخص بالذكر أن الأقوى هنا هو خوفنا على عائلتنا فهذه هي نقطة ضعفنا ميرنا لطالما هددوا ميار بإياد ولطالما هددوني بكِ وبأفراد أسرتنا واخترناكم وضحينا بأنفسنااااا لأجل ذلك ..
ميرنا(مسحت دموعها تأثرا بكلامه):- إنهم وحوش لما لا تكشفونهم حكيم ، لماذا ؟
حكيم:- يصعب علينا ذلك في الوقت الراهن ، لكننا بدأنا في لعبة الارتداد شيئا فشيئا هذه المرة خلصنا البنات من البيع ، في المرة المقبلة سنخرب شحنة وغيره .. لا نستطيع أن نلجأ للشرطة لأننا سنقع في دوامة كبيرة لذلك الأفضل أن نحارب من الموقع عينه ، ونحن بالداخل هكذا نضمن نجاح خطتنا ..
ميرنا(رمشت عينيها):- لا أستطيع تصديقك حكيم .. لا أستطيع النظر بوجهه مجددا وكأنه بريء إنه مجرم مجرم مجررررررررررم ..
حكيم(أمسك يدها بحضنه):- أعلم ذلك ولا أجبركِ على شيء ، لكن يا ميرنا يا حبيبتي الشخص الوحيد القادر على حمايتكِ هو ميار .. ستقولين خذني أنت تمام سآخذكِ وأبعدكِ لأبعد مكان ماذا سيحدث بعدها ماذا تتوقعين ؟؟؟ … لن يصل فكركِ لذلك أبدا قد يختطفوا أي واحدة من بيتنا ويطالبون بكِ لقتلك فماذا سنفعل وقتها هاه ، لا أريد أن أفزعكِ أريد فقط أن أشرح لكِ خطورة الوضع أنا غير قادر على حمايتكِ في هذا الظرف ميرنا ، لأن الطرف الأقوى في هذه اللعبة هو ميار ولا أحد يستطيع تجاوز أوامره لو أخذكِ معه .. وهذا ما أقدم عليه وقف بوجه تهديدات كهرمانة وأجبرها على الرضا بقراراته وأبعدكِ عن الخطر مضحيا بكل شيء .. فحين وضعتِنا أمام الأمر الواقع كان علينا التصرف وفق ذلك واخترنا الحل الأسهل ..
ميرنا:- لماذا .. ماذا كنتم ستقررون بشأني بعد كشفكم ؟
حكيم:- مسح ذاكرتك ، أو موتك .. لا يوجد حل بديل
ميرنا(ارتمت بحضنه):- وأنت فكرت برميي بحفرة جهنم بين أنامله لكي أبقى آمنة ؟
حكيم(تأوه عميقا وهو يمسح على شعرها بحنان):- أجل هذا ما فعلته وسأفعله مرارا وتكرارا لتكوني بخير ..
ميرنا:- لكنني أكرهه أكرهه ولا أطيقه ولن أطيقه ، أريد التخلص من هذا أريد العودة لبيتي آه بالمناسبة من تلك التي تعيش هناك كيف انطلت عليهم خدعة شبيهتي هاااااااااه ؟
حكيم(أخرج هاتفه من جيبه):- ربما لأنكما شبيهتين حقا ، أنظري …
ميرنا(أمسكت بهاتفه وهي تطالع صورة جوزيت):- هئئئئ من هذه ؟؟؟؟
حكيم:- هه جوزيت .. إنها ثعلبة القطب بعينها يا ميرنااااا هاه أبشري
ميرنا(بعدم تصديق):- هذه خطر على أهلنا كيف وافقت وأدخلتها بيتناااااااااا ؟؟؟
حكيم(أخذ هاتفه ووضعه بجيبه):- حسن اهدئي ، حضرتكِ حين لحقتِ بي وأقحمتِ نفسكِ بذلك الويل كنتِ فكري بالعواقب .. الآن لعلمك بسبب طيشك قد ضحى الجميع بهذه الأيام التي تسمينها أنتِ جحيما ، هنالك جوزيت التي أجبرها ميار على عيش دورك في هذه الآونة ، هنالك ناريانا صديقتها ومساعدتها التي احتجزوها بمكان بعيد كي لا تمارس أي عمل لهن لحين عودة الأمور لنصابها ، هنالك أنتِ التي تعيشين في وضع لم نرد لكِ عيشه ميرنا ..وأنا وغيره غيره الكثير …
ميرنا(عضت شفتيها):- إلى متى كنتم ستخبئون إلى متى … كان عاجلا أم آجلا سينكشف كل هذا فماذا تتوقعون مني أن أشفق عليكم مثلا وأصمت ..
حكيم:- هذا اللازم ، أنتِ محتجزة هنا لكي توافقي على شروط ميار .. يا إما تتنازلي عن قضية الفهد البري وتبتعدي عنها بشكل كامل ، يا إما سيطول حجزكِ لأبعد مكان
ميرنا(عقدت حاجبيها):- كيف تتوقع مني الابتعاد عن قضية تابعتها لسنوات عديدة ، قضية حولت حياتي لأقسى وأصعب ، لا يسعني التملص عن قضيتي ولا يمكنكم إجباري ..
حكيم(حرك فكه وهو يضرب على مقوده):- ستموتين ستموتين ستموتين ، إن تماديتِ في هذه الطريق ثم ماااااذا هل ستدخلينني أنا وميار السجن ؟؟؟؟ ماذا ستستفيدين بهدفين اثنين هل هذا ما سيرضيكِ قد أخبرتكِ أن هنالك رؤوسا أكبر منا ونحن من نقف في الواجهة كي يبقوا هم في مأمن ألا تصدقين كلامي ؟؟؟
ميرنا(انتفضت من حالته العصبية):- لما تصرخ بوجهي إن هذا أقصى حق قد تهبه لي ، أنت مجبول على ذلك يجب عليك أن تثبت لي صحة كلامك ..
حكيم(عض شفته والتفت إليها):- ههه أنتِ حقا تهذين ، لا تدركين خطورة موقفكِ وتطلقين الدعابات تمام لأشرح لكِ بشكل أدق … وائل لما في نظركِ تعرض لحادثة مدبرة ؟
ميرنا(هنا ارتفع ضغطها):- لماااااذا ؟
حكيم:- لكي تتألمي ، لكي تعتبري ، لكي تهمدي وتبتعدي عنه .. وهو ذات الشيء قد كاد يفقد حياته في سبيل هذا الحب أقولها باقتناع ما أجملني ، عموما بغض النظر لأكون واضحا معكِ يا ميرنا يا ابنة عمي يا حبيبتي يا كل ما تريدين أنتِ هي النقطة التي تجمع كل الأطراف ، ميار يعتقد بأنه يحبكِ علما أن حب حياته قد ظهرت وهي جوزيت والتي صدف وأحبَّكِ لأنكِ تشبهينها ، ففي الصغر اتحدت مع عدونا المشترك وأجبرها على لعب لعبة الموت وبالفعل اعتقد ميار أنها ميتة طوال هذه السنوات وكم تألم حين عرف بأنها هي نفسها ثعلبة القطب ..أو تدرين متى كشفها في نفس الليلة التي رميتِ نفسكِ فيها بالنار ، كانت صدمتين جارحتين بالنسبة له .. منكِ ومنها
ميرنا:- يااااا إلهي ما كل هذه المصااااائب …
حكيم:- أنتِ التي أردتِ ذلك استمعي واخرسي .. بدون التطرق لجوزيت وميار وحب حياتهما الأزلي فهي تعشقه حد الموت وفكرت بقتلكِ أيضا لأنكِ تسرقين عقل رجلها .. يعني لولا تدخلي في الموضوع لكنتِ كفتة الآن
ميرنا(ضربته لذراعه):- هل تمزح في عز هذا الجنوووون أكمل …
حكيم:- كما أخبرتكِ كل الأطراف تصل إليكِ أنتِ ميرنا بداية بميار فهو على استعداد كي يفعل أي شيء لتكوني أنتِ بمأمن ، وهذا يجعله يصل حتى إليكِ ويقف هذا طرف ، الطرف الثاني جوزيت فأنتِ شبيهتها والمرأة التي تهدد سعادتها لأن ميار متعلق بكِ وبتفاصيلكِ بشكل لا يمكنكِ تخيله ، الطرف الثالث هو وائل يعني واضح ارتباطه بكِ الذي لا يسعنا تجاوزه وهذا يجعله يتجه إليكِ أيضا ، هنالك الطرف الرابع إياد أنتِ صديقته الحميمة ورفيقته في التحقيق حول قضية الفهد البري ، هنالك الطرف الخامس أنا ومعروفة مسألتي ، أما السادس فهي كهرمانة التي تحمل ضغائن بدورها لأنكِ التي تلعبين بعقل ميار وتجعلينه يعدل عن مساره ، ونصل إلى آخرهم وهو عدونا المشترك وهذا يكرهكِ بشكل جنوني يعني لأنكِ تبحثين عن أطراف الخيوط لهدم مملكة الفهد البري وقد يكون راجعا للثأر القديم فالبركة في عائلتنا المصونة قد جعلوا الرجل يتذكرنا بالخير طوال حياته … يعني بالمجمل أنتِ البؤرة التي تجمع كل هذه الأطراف ولو سحبتِ يدكِ سيعيش الكل بسلام ..
ميرنا(بهستيريا أخذت تضحك بعد أن فرغ من كلامه):- ههههههههه .. هههه حكيم وكأنك تسرد قصة ألف ليلة وليلة ، لالالا لن أبالغ هي حلقة من حلقات المحقق كونان ترى أين هو ليحل لنا هذه القضية المستعصية … يا حبيبي يا حكيم هل تظن أن هذا الترهيب سيجعلني أعدل عن قراري مثلا ؟
حكيم:- ميرناااااااا لا تجلطيني أنتِ في وضع حساس ، على الأقل اخرجي من مطبكِ وتحرري وبعدها سنفكر بما نفعله أذكر نفعله لأنكِ لن تتحركي قيد أنملة دون إذن منا ..
ميرنا:- لم أفهم ماذا تريد أن تقول حكيم هل ستمنعني بالقوة ؟
حكيم:- إن تطلب ذلك لن أتردد ، لكن ما قصدته أننا سنتعاون مع بعضنا باختصار أنتم تريدون كشف الفهد البري نحن سنساعدكم بذلك وسندع خيوط الاتهام تصل لذلك العدو ..
ميرنا:- وأنتما ألن تعاقبا ؟؟؟
حكيم(بصدمة منها):- صدقا لا أصدقكِ ، يعني الرجل دفع سنين عمره مضحيا بكل حياته لأجل أن يبقى أحبته بمأمن وتأتين الآن لتطالبي بدفع الثمن … أي ثمن تريدين أن يدفعه ثمن أحلامه أم هويته أم سنين عمره التي سلبوها منه .. أم أخوه الذي حرم منه وهو حي ؟؟؟؟؟
ميرنا(حزنت على إياد):- أتحبه لهذه الدرجة ؟
حكيم- لأنه يستحق ذلك ، وإن عارضه الجميع أنا سأقف خلفه وأضع يدي على كتفه ..
ميرنا(حركت فكها):- أرى أنك مرتاح بتواجدي هنا ، لما لا أنت تتسكع أساسا مع امرأة غيري تعيش في غرفتي وتأكل من طعامي وتتحدث باسمي .. هل عانقتها عاشرتها ؟؟؟؟؟
أخرسته حتما لحظتها وصدمته صدمة حقيقية ، لا يعقل أن تجرحه بهذا الشكل .. فتح فمه وهو يرمش بعدم تصديق من جملتها الصاعقة تلك وبغضب خرج من السيارة قبل أن يقترف شيئا لا يريده ، صفق الباب وتوجه لحافة النهر وهو يضع يده على جنبه ويمسح على فكه باندهاش ، لا يمكن أن تكون قذرة جارحة لهذه الدرجة ، حتى لو كانت متألمة حتى لو كانت منهارة المشاعر مشوشة التفكير لا يسعها أن تتهمه بشيء جارح كذاك.. لكن لما يستغرب قد سبق وفعلتها معه مرات عديدة .، سحب أنفاسا عديدة وهو يحاول أن يضبط أعصابه فلا هو ولا هي في وضع يسمح بالإطالة في هذه المسألة ، لكنها جرحته وكسرته في آن الوقت .. نظر للأرض وإذ به يلمح حجرا ضربه برجله حتى ارتطم بسطح الماء وخلق حلقات أربكت سكون ذلك النهر …. عرفت أنها جرحته أنها تمادت وسمحت للسانها أن يتطاول لكن الوضع مستفز ولا ينقصها أي ضغوطات منه ، زفرت بندم وهي تفتح باب السيارة ، وضعت علبة الأكل في الخلف وخرجت إليه وهي تمسح على ذراعيها من برودة الجو وصلت بجانبه وهي ترقب سكينة المحيط ونسائم الليل تلفح وجهها وشعرها يتطاير بريتم مرتبك ، كأنه يترجم حالتها النفسية حاليا ..
ميرنا:- لا تغضب مني .. قلت ذلك في حالة ..
حكيم(التفت إليها وأمسك يدها):- أنا أعشقكِ .. كنتِ أول امرأة في حياتي وآخرها لم ألمس أحدا غير شاهيناز وقد كان ذلك يتم حين أثمل وحين يفيض بي الشوق ، وحين أتعب من هذه الحياة وحتى هي هجرتها قبل أن أعود إليكِ .. لا يمكنكِ أن تعتقدي أن مرحلتي معها ستتكرر لأنني أبقى رجلا ولي متطلباتي التي أبقيتها حبيسة لأجلكِ فقط ، أتوقع وأحلم أنه سيأتي يوم وتكونين لي ، وأخبر نفسي أيضا أنه من الممكن ألا تكوني لي أبدا لكن مع ذلك لم أفكر بخيانتكِ أو بمعاشرة امرأة أخرى غيركِ … وعليه سواء كنتِ لي أو لم تكوني لن يكون حكيم لأخرى سواكِ وإلى هنا وانتهى هذا النقاش ..
ميرنا(زمت شفتيها وهي تنظر بخجل للأرض):- لا يسعني تقديم ما تنتظره مني حكيم ، أخبرتك سابقا بذلك فلا تحلم بدون طائل
حكيم(ابتلع غصتها فضل أن يغير الموضوع لأنه حتما سينتهي بانهيار عصبي):- أنظروا لمن يتحدث ، هل تعين مصيبتكِ يا بنت هل هذا وقته هه .. خذي هذا الوشاح لتتدفئي به ودعينا نعود للسيارة لأخبركِ بآخر شيء عليكِ فعله قبل رحيلي ، إذ عليكِ العودة للبيت على ميار أن يجدكِ هناك كي لا يصاب بالجنون ويحرق الأخضر واليابس
ميرنا(ضمت الوشاح لصدرها ونظرت إليه ولعمق عشقه لها):- بعمري ما توقعت أن يرمي العاشق بحبيبته بين أنامل الشر المظلم
حكيم(فتح لها باب السيارة):- هذا لأنني لا أثق بأحد سيحفظكِ من الخطر سواه ..
ميرنا(بعدم فهم ركبت وانتظرته لحين استقر بجانبها في السيارة):- أنا لا أفهم ، كيف تخلص له لهذه الدرجة ؟
حكيم:- أنا الذي لم أفهم لما لا تفكرين بكلامي ، وترين ما أراه به إنه أخو إياد شخص أمين لولا الظروف لكان أروع أخ ممكن أن يحظى به صديقكِ .. جربي التعرف عليه واستغلي الفرصة لطالما كنتِ تبحثين على حيز يمكِّنكِ من لقائه إذن افرحي أنتِ ببيته فلا تتذمري وفكري بعقلك ، فما تحظين به الآن لن يتكرر ميرنا لن يتكرر ..
ميرنا:- لما أشعر وكأنك تخطط لشيء آخر ؟؟؟
حكيم:- ما عليكِ فعله لكي يقتنع الجميع أنكِ قد رضختِ للأمر الواقع وتنازلت عن اللحاق بهذه القضية ، سيكون بعد عدة أيام أي آخر الأسبوع ..
ميرنا:- ماذا عن 14 يوما ؟
حكيم:- لنبدأ بالرقم 7 فهو الأهم ، لعلمك قد فزتِ وحصلتِ على استضافة مع بهجت محمود
ميرنا(قفزت بتفاجئ):- أحقااااااا يااااااه كم انتظرت هذه الفرصة ولكن .. كيف سأحضر وأنا محتجزة هنا ..؟
حكيم(زفر بعمق):- قد تحدثت أنا وميار بهذا الشأن ، أنتِ ستحضرينها ميرنا لأننا لن نغامر ونبعث بجوزيت للمجهول فهي لن تعرف بما ستجيب ثم هذا حلمكِ ومن حقكِ تحقيقه
ميرنا:- ياااه قمة الشهامة منكما صراحة .. دمعت عيني من تفكيركما بمصلحتي ..
حكيم:- ميرنا .. عليكِ أن تتخذي قرارا صعبا وهذا القرار سيقرر إطلاق سراحكِ من احتجازكِ أو تعريضكِ للخطر والمغامرة بحياتك ، فكهرمانة قد أعطت وقتا محددا لميار إن لم يقنعكِ ستضطر للتصرف هذا إن ضمنا عدم وصول خبر لعدونا اللدود الذي سيجدها فرصة حياته أن يتخلص منكِ خشية على نفسه ..
ميرنا(بتوجس):- ماذا علي أن أفعل ؟
حكيم(بأسف ربت على كتفها):- أن تستقيلي من عالم الصحافة في حلقة البرنامج ، وهذا سيعني أنكِ ستتنازلين عن قضية الفهد البري وتغلقين ملفه للأبد .. أعلم أنه شيء صعب عليكِ لكنني فكرت بذلك سوف تعملين معي سأؤسس شركة جديدة وسأعطيكِ إدارتها حتى لو أردتِ فقط ابتعدي عن هذه الدوامة ، وانسي أنكِ تعرفتِ يوما على ميار يعني بينما نقضي على ذلك العدو وقتها سنبقي الأمر سريا وكأنه لم يكتشف قط ..
ميرنا(حركت رأسها بجنون):- لالا أنت تطلب مني أن أنتحر .. حكيم لا أستطيع أن أقدم على ذلك لا أستطيع ..
حكيم:- إذن ستعرضين حياتكِ لخطر ، وليس هي فقط بل حياة وائل وإياد وحياتنا وحياة كل من نحب ، أسمعتِ لا أحد سيبقى خارج دائرة الخطر كلهم معرضين للقتل في أي وقت ..
ميرنا(أمسكت رأسها بصداع):- في أي عالم نعيش نحن ، لما نحن بالضبط هااااااااااه ؟
حكيم(عض شفته):- لأن اسمنا يساهم بذلك بشكل كبير ، آبائنا اقترفوا أخطاء فادحة في الماضي ونحن الآن ندفع ثمنها .. الوقت لا يساعدني لأن أحكي لكِ كل شيء الآن ميرنا لكنني أرجوكِ وأتوسل إليكِ أن تغضي نظرا عن هذه الفكرة ، لأجلي يا ميرنا لأجل نفسك لأجل من تحبييييين حاولي أن تنسحبي هذه فرصتكِ لكي تبعدي الخطر عن الجميع .. أنتِ مجبرة ولا خيار أمامكِ سوى ذلك وإلا سنتعايش مع عواقب وخيمة ستجعلنا نعض أيدينا ندما ..
ميرنا(ببكاء):- أين وائل من كل هذاااا ، يا ليته كان معي الآن اهئ …
حكيم(ضرب على مقوده حتى جعلها تنتفض):- فكري به أيضا لقد اتفقت معه أن يأخذكِ بعيدا عن هنا ، يعني حتى تهدأ الأمور ونضبط كل المشاكل هذا ما أستطيع فعله لأجلكِ صدقا
ميرنا:- كيف يعني ستتركني أهرب معها هكذا دون اعتراض ، ؟
حكيم(بغصة أليمة):- أنا مجبر على ذلك ، فقط لتعلمي إلى أي درجة أخشى عليكِ
ميرنا(بإعجاب به وبشهامته قبلت خده):- حكيييم ..
حكيم(تألم بآهات عليلة وغير الموضوع):- سيلوح الفجر قريبا ، عليكِ العودة للبيت ميرنا هذه فرصتكِ التي قدمها لكِ ميار كي تبقي في أمان ، حاولت جهدي أن أقنعهم بأخذكِ بعيدا والرحيل حاولت صدقا لكن مع الأسف باءت محاولتي بالفشل واقتنعت أن أأمن مكان لكِ هو في عقر الشر عينه …
ميرنا(زمت شفتيها وهي تنظر إليه بقلة حيلة):- لقد تخليت عني ، مثلما تخلى عني الباقون كلكم تخليتم عني وتطالبونني أن أتخلى بدوري عن رسالتي في هذه الحياة .. تمام سترون ما ستفعله ميرنا إذن بالبرنامج انتظروا فقط ..
حكيم(رمقها قد خرجت من السيارة ولحقها ممسكا بها خارجا):- إلى أين يا متهورة ، لن تبرحي محلكِ دون أن تعديني وعد شرف ..
ميرنا:- لن أعدك بشيء ، أنت شرحت لي ما لم أعطي الفرصة لميار كي يشرحه لي تمام لدي مجال بالبرنامج إذن سنرى جميعا ما سأقرره حينها .. يا إما موتي يا إما حياتي بدون هوية
حكيم(رمى بها في حضنه وهو يقبل شعرها):- آه يا شعلة ناري آه ، لما تحرقينني لماذااا لا تسمعين مني أخرجي من هذا الطريق وأعدكِ أننا سنقضي على كل هذا الشر ، أنا وميار سنقوم بالقضاء عليهم واحدا واحدا فقط ابقي بعيدة بالله عليكِ ابقي بعييييييييدة ..
ميرنا(شعرت برجفته وعقدت حاجبيها من حالته وخوفه لذلك رفعت رأسها إليه):- حكيم
حكيم(أمسك وجهها وهو يستسيغ عطرها وهمسها):- يا نبض حكيم
ميرنا:- لا تخشى علي ، طالما أنت تثق بأنك تضعني في أيد أمينة سوف أصدقك .. سأحاول ألا أخلق المشاكل وسأكون فتاة مطيعة مثلما تريدون مني .. سأسحب يدي من كل هذه الديباجة وسأعطيكم تلك الفرصة
حكيم(نفضها من كتفيها بفرح ولمعة تطايرت من عينيه):- هل أنتِ واثقة ميرنا ، أنتِ لا تتلاعبين بمشاعري اليتيمة صحيح ، أنتِ صادقة ستتنازلين ؟
ميرنا(ابتسمت له):- طبعا حكيم ، من لي أغلى منكم لأضحي به .. أنتم أساس حياتي وبهجتي لكن تصرفي مع ميار سيكون مختلفا بعض الشيء لن أستطيع هضمه أبدا لذلك سأتصرف على سجيتي معه لحين ينتهي وقت البرنامج وأعلن عن استقالتي ..
حكيم(قبل جبينها وخدودها):- يا روحي يا عصفورتي الصغيرة ، أنا سعيد جدا بهذا القرار صدقيني أنتِ تسلمين مقاليد تلك القضية لأيدينا ولن نخذلكِ .. نحن أيضا أصحاب ضمير وتعبنا من الانصياع والرضوخ للقوانين سوف نحرر أنفسنا ونغرق القارب كله ..
ميرنا(لامست خده ولحيته بيدها الحنونة):- أثق بذلك يا حكيم ..
حكيم(أحنى رأسه ووضعه على جبينها وهو يهمس إليها):- ميرنااا لأجلكِ أنا سأخوض معارك جمة ، لكنني غير متردد فأنتِ تستحقين أن تعيشي في راحة وهناء ..
ميرنا(استقبلت قبلته على خدها وهي تنظر للسماء):- إنه الفجر ..
حكيم(نظر خلفه للأفق):- ذلك الفجر سيكون بداية حياة سليمة ، أعدكِ بذلك
ميرنا(أعادت له وشاحه وسحبت نفسا عميقا):- دعني أعود الآن .. نلتقي يا حكيم
حكيم(شعر بروحه تنسحب منه لذلك جذبها لصدره مجددا محتضنا إياها):- سامحيني يا ميرنا لأنني أقحمكِ في هذا وأجبركِ عليه ، لكن صدقيني هذا ما حكم به الوضع ولكي تكوني آمنة علينا أن نضحي لأجل ذلك ..
ميرنا(أغمضت عينيها وهي تدك رأسها في صدره ببكاء):- أعلم ذلك حكيم .. أنا التي جنيت هذا المآل وأنا من سأعيشه بكل عواقبه ونتائجه .. اهتم أنت بأسرتنا ماشي
حكيم:- ماشي يا روحي .. انتبهي لنفسك جيدااا وتأكدي أن ميار لن يضركِ بشيء ، على العكس سترين بعيونكِ أنه يخشى عليكِ من نسمة الهواء
ميرنا(لمست ذلك حين أنقذني، ابتلعت حسرتها ورمقته بتعب وهي تتملص منه بجهد جهيد):- خذني للبيت
ركب بحماس وهو يشعر بالغبطة لأنها ستكون في أمان إن استقالت وانسحبت من كل هذا الجنون ، أما هي فظلت صامتة لم تتفوه بحرف لحين وصلوا قرب البيت على بعد عدة أمتار
ميرنا(نزلت من السيارة):- وداعا حكيم ..
حكيم(أشار لها):- ادلفي للبيت من باب المطبخ لقد كسرته ، وعليكِ أن تدعي ذلك يعني تدبري أمر هروبكِ وعودتك لسبب مختلف تمام ؟
ميرنا:- بدون أن توصيني أعلم جيدا ما علي فعله .. سلام ..
حكيم:- سأوصيه بكِ خيراااا لا تقلقي ..
ميرنا(لوحت له من محلها وهي تسير وتنظر للسماء):- باي حكيم … باي ..
كانت تعلم أنه مجبر مثلها على عيش ذلك الوضع ، الافتراق عنها في عز ذلك الوقت كان بمثابة التخلي عن روحه .. ضرب على سطح السيارة وهو ينظر إليها متجهة صوب باب الحديقة عيونه دمعت من منظرها فهو يعلم أنها كسيرة الروح وجريحة الآن ، لكن لا يسعه فعل شيء سوى التضحية معها لأجل راحتها .. جذب شعره بعصبية وهو يعض يده إذ كره رؤيتها بذلك الضعف فقد كان وكأنه تخلى عنها تماما مثلما قالت ، لكن ماذا يفعل إن أخذها سيعرض حياتها لخطر هو يثق بميار إذن يجب أن يتمما هذا المسار حتى النهاية … سحب نفسه سحبا من هناك وتراجع بسيارته بعيدا عن البيت وأخذ يراقب إذ يستحيل أن يبرحه ما لم يعودوا فهو يخشى عليها من أي خطر غير متوقع … أما هي فدخلت من باب المطبخ المكسور ونظرت لذلك الزجاج المتناثر لم تبالي بل سحبت رجليها سحبا وصعدت لفوق مباشرة لغرفته أخذت تبحث وتبحث عن أي شيء لكن لم يكن هنالك أي غرض يمكنها الانتفاع به ، انتبهت لهاتفه الذي كان معلقا بالشاحن على المنضدة وأزالته وأخذت تفتش به لكنه كان بكلمة سرية لم تستطع الولوج إليه ، هنا تذكرت هاتفها ووضعته بالشاحن وشغلته ونظرت لما وردها من اتصالات ومن رسائل نصية .. لم تشعر إلا وقد فعلت إرسال الرسائل العالقة التي وصلته وقتها ، فتح عينيه بثقل وهو يسب صاحب الرسالة في ذلك الوقت المتأخر من الليل نظر إلى محتواها وهو يفرك عينيه ..
إياد(بعدم فهم):- ما هذه الرسالة يا ميرنا الآن يا الله .. ما هذا الموقع الذي بعثته تت غدا سأسألها أكيد أرسلته باكرا لكن الخطوط اللاسلكية تأبى أن تترك إياد لينام على راحته لذلك حرصت على وصولها بعد منتصف الليل ، آآآآخ …
عاد لنومه وهو يرمي هاتفه بجانبه ، بينما هي لم تشعر بأنها اقترفت ذلك الخطأ حتى .. سرعان ما راودتها رغبة في سماع صوت نبضها الذي سيخرجها من قوقعة الحزن ويجعلها تنجو مما هي فيه ، فعَّلت اتصالا له وأخذت تنتظر الرد دقيقة بعد دقيقة ولكنه لم يجيب كان هاتفه على الصامت بينما كان غارقا في نوم عميق على سريره الطبي ، غير عالم بالمعاناة التي تعيشها عسل غروبه .. أرجحت أيضا أنه بسبب الأدوية التي يتناولها قد يكون غافيا الآن لذلك أخذت تدعو الله أن يقرأ مقالتها غدا لينقذها ويرحمها من ذلك الاختيار الصعب ، جلست على سرير ميار وهي تنظر لانكماش الغطاء عليه حين كان مصابا بالحمى ويهذي باسمها ، طيب لما اسمها طالما هو يحب جوزيت ثم من هذه جوزيت ولما تشبهني لتلك الدرجة حكيم لم يفسر لي شيئا عن هذاااا ، أففف رأسي يؤلمني بشدة ماذا أفعل ماذاااااااا ياربي كيف سأخذل إياد كيف سأخفي سر أخيه عنه ، كيف سأتواطأ معهم وأنسحب من قضية وهبتها كل شيء .. شعرت بالتعب يطال أطرافها من كثرة الأسئلة التي لا تحمل أجوبة مع الأسف ، فوضعت قدميها داخل الغطاء واضطجعت عليه استطابت عطر إياد وغالبها البكاء لأجله ، لا يستحق هذا النصيب هذا لكن ماذا ستفعل هذه حياته مع الأسف .. لم تشعر بنفسها من فرط التعب إلا وقد غاصت في نوم عميق نوم جعل عينيها تجفل والأدمع ترتسم كخطوط قهر على خدودها .. مرت ساعات بسيطة ولاح الصباح وإذ بسيارة السائق تصل إلى باب البيت ، بسرعة نزلت جمانة مهرولة وهي تفتش بين المفاتيح لحين فتحت البوابة الخارجية وانطلقت لتفتح باب البيت ، خرج السائق بعدها ليفتح للسيد ميار الذي كانت ملامحه مظلمة وأنفه مرتفع بشكل متألم ، حالته تبدو جيدة بعض الشيء أما إيزابيل فقد كانت تفرك يديها بقلة حيلة ..
إيزابيل:- والله يا سيدي أنا أقبل بأي عقاب ، حضرتك معك حق في أن تغضب قد أخطأنا حين لم نقفل الباب عليها وأفسحنا لها فرصة الهرب ..
السائق(يسير خلفهما صوب البيت):- والله بحثت في كل مكان ، وسأخرج من فوري لأعيد البحث مجددا ما ربما كانت ما تزال بالأنحاء
جمانة(رمقته وقد تخطاها بدون حياة):- لقد وجدت زجاجا على الأرض ..
ميار(بلهفة وخوف):- أين ؟
جمانة(أشارت للمطبخ):- وارد أنها هربت من هنا
السائق:- مستحيل ، حين كنت بالبيت لم يكن زجاج باب الحديقة مكسورا .. أحدهم كسره بعد ذهابي
إيزابيل:- لحظة هنالك بعض الأغراض الناقصة من المطبخ ، كانت هنا علبة وملعقتين مفقودتين ، سأرى الثلاجة هاااه بعض الأكل غير متوفر أيضا أيعقل أنها عادت ؟؟؟ …
ميار(أشار لهم وقلبه يتمنى ذلك):- اجمعوا هذه الفوضى بهدوووء ودون إصدار صوت وأنت أحضر من يصلح زجاج باب الحديقة ، سأصعد لوحدي لا أريد إزعااااجا
جمانة(بعدم فهم):- هل ستسامحها لو كانت حقا قد عادت ، أكاد لا أصدق هي حتى لم تفكر بصحتك حين كنت بأمس الحاجة إليها ؟
إيزابيل(جذبتها بقوة):- جمانة اخرسي ليس من حقكِ التطفل هكذااا ، عذرا منك سيدي
ميار(اقترب من جمانة بخطوات واثقة وأردف):- حين تجربين أنة العشق ، يمكنكِ الرد على سؤالكِ هذاااا … قوموا بواجباتكم بصمت تمام
حركت جمانة رأسها بقلة حيلة ونفضتها أمها وهي تدفعها صوب المطبخ لكي تجمعا تلك الفوضى ، أما السائق فقد خرج ليتحدث مع المصلحين لأجل زجاج الباب ، أما ميار فقد صعد وكله أمل أنها عادت شعور دافئ في قلبه يجعله يعتقد أنها بالبيت .. سحب نفسا عميقا وهو يتمنى ألا يتعرض لخيبة أمل ستحزنه كثيرا ، لكن حقا صدم بالحقيقة المرة فيستحيل أن تفلت ميرنا فرصة الهرب تلك إذ فتح باب غرفتها ووجدها خالية من وجودها ، دخل وهو يجر أذيال الخيبة خلفه وأمسك بكتاب روايته التي أعطاها لها واكتشف أنها قرأت النصف فيها ، وقد علمت المكان بالوردة البيضاء ذاتها .. شعر بشيء يدغدغه في قلبه وقتها ولكن سرعان ما تبدلت ملامحه لحظة هربها منه ، أغلق الكتاب بغضب وتوجه صوب غرفته ليصطدم بشيء لم يكن في حسبانه إطلاقا .. كانت هي نائمة على سريره تعانق وسادته تتغطى بغطائه وتتربع على عرش فراشه بالمختصر المفيد ، شحب وجهه بتوتر وهو يقترب بعدم تصديق منها كيف لم تهرب ، أحقا لم تهرب منه يعني عادت إليه لكن لماااااذااا .. جلس بعدم قدرة على التحليل بقربها على السرير وأخذ يطالع ملامح وجهها الساكنة وهي غارقة في ذلك النوم الذي مؤكد أكيد أنها تستعد به لأكبر مواجهة في حياتها ..
عزفت بوجهه موسيقى عذبة تترجم جمالية ذلك المنظر مد يده ببطء ليزيل بعض خصلاتها التي كانت مائلة على خدها ، لا يريد أن يحجبها عنه شيء فهي قمره وبدره وشمسه ..ابتسم بأريحية وهو يشعر بالنشوة تغمره ، فلم ترحل عنه ولم تهرب بل بقيت بقربه .. نظر جنبا لهاتفه الذي كان موضوعا في محله ومد يده ليتفقده وجده مغلقا وأرجح أنها حاولت ولوجه لكن بدون كلمة سر استحال عليها الأمر ، نظر خلفه للمنضدة حيث كان الصندوق الصغير ونهض ليتفقد هاتفها وجده بعمقه ومطفئا أيضا .. هنالك شيء مريب يحدث هل كانت لتفلت هذه الفرصة ميرنااااا كيف بقيت ولأجل ماذا ؟؟؟ .. لم يكمل استفساره حتى سمع حركتها وقد بدأت تستيقظ ، لم يستدر إليها بل خرج من الغرفة مباشرة وهنا لمحته بطرف عينها وقد غادر استوعبت نفسها أين نامت ولعنت الوضع .. نهضت مسرعة وهي تنفض نفسها منه عدلت شعرها وعقدت رباط ردائها وخرجت من هناك وهي تلبس خفيها ، نظرت للممر لم يكن موجودا فيه لذلك دخلت غرفتها وأغلقت الباب عليها ..
ميرنا:- آخ يا ميرنا لما نمتِ هناك الآن سيعتقد أنكِ نمتِ لسواد عيونه ، تبا له ما أكرهه
زفرت بعمق وهي تدخل لحمامها الشخصي لتدفن نفسها قليلا هناك ، أما هو فنزل وطلب من إيزابيل تحضير طعام الفطور له ولميرنا على طاولة الأكل الخاصة بالصالون ، طبعا استغربت هي وجمانة لكن أرجحتا أنهما تصالحا رغم أن تصديق ذلك أمر صعب .. بعد ذلك عاد لغرفته وكما توقع لم تكن موجودة لكن لم تختفي ابتسامته بل أخرج من دولابه قميصا قطنيا في اللون الأزرق الداكن جدا وكان بسلسال على جانب الكتف ، مع بنطلون أسود سيكون أفضل .. دخل لحمامه بدوره واستحم ليزيل عنه إرهاق ليلة الأمس وما حصل فيها ، بعد مدة كان بالأسفل يعدل باقة الورد التي طلب من جمانة اقتطافها من الحديقة ووضعها بمزهرية على طاولة الأكل التي جهزت فيها إيزابيل كل ما لذ وطاب لأجل الفطور ،.. أما ميرنا فقد خرجت من حمامها بعد لحظات وجدت كيسين موضوعين على سريرها ، ترددت بداية لتفقدهما ولكن أرادت أن تعرف ، كان في الكيس الأول فستان قطني باللون الأرجواني الخفيف أما الكيس الثاني فكان به علبة أخرجتها ووجدت فيها كعبا في اللون الأسود وبقربه زجاجة من نوع عطرها المعتاد ، مطت شفتيها وهي تنظر باستخفاف لما بعثه لأجلها ذلك المجرم فلم يفلت أي تفصيلة حتى من مستحضرات الحمام ومعجون الأسنان الذي تستعملهم كانوا متوفرين ، ابتسمت بخبث طبعا ستلبس ما أحضره لها ستجعله يفقد صوابه لأن هذا الحل الوحيد الذي سيجعلها تقتص لنفسها منه .. ارتدته بهدوء تام هدوء يترجم صخبا عميقا يجري في عروقها فهي الآن مغتاظة من كل الحقائق التي سمعتها ودت لو كان ميار هو أس الشر ، لكن أن يظهر أن هنالك من هو أفظع منه صراحة لم تتوقعها .. زمت شفتيها وهي تلبس الكعب وتوجهت صوب المرآة نظرت لعلبة الزينة التي وضعت عليها رفقة بعض مستحضرات التجميل ، رسمت ضحكة جانبية وهي ترش عطرها عليها ، وبعد ذلك أمسكت ملمع شفاه زهريا بلون الكرز ووضعته بشكل خفيف .. حركت شعرها المموج ونظرت لنفسها بإعجاب حتى في أقصى حالاتها تعبا تكون جذابة طيب لنرى يا سيد ميار إلى أي مدى ستقاوم ..
نزلت من هنالك وهي ترفع رأسها بإباء ، أنفها يضاهيها شموخا وعزة وعيونها تلمع بانتقامية لن تجلب سوى الصعوبات إن تمادت فيها .. طبعا لن تهتم بنصيحتي فهي عنيدة وسوف تحاول أن تطوع قلبه مستغلة مشاعره تجاهها لكن هل ينفع ذلك مع دهاء ميااااار المعتاد هههه ، أي دو نوت ثانك سو ^^
" من المُحتمل أن تتبرعمَ أزهارُ الشمس حين تُطل ملكتها ، لكن أن تشهقَ أنفاسُه مستنفرَة بحالة طوارئ لن تُسعفه خلاياهُ لاستيعابها .. هنا يكُون لزاماً علينا أن نتأوه بقلة صبر ، فالقلبُ والروحُ والأنفاسُ قد اتحدوا لينحنوا أمامَ سلطانتهم معلنين الولاء والطاعة .. فوحدكِ من جعلني أفكر فيما أجرمتُ حتى التقيتُ بكِ .." ..
مذ أن هلَّ عطرها قبل سماعه لكعبها الذي اخترق آذانه حيث كان يقف قرب النافذة ، يحاول أن يستسيغ ذلك النغم المنبعث منها والمرفق بتناهيدها الساخنة التي كانت ترفعه لفوق السماء السابعة .. مغمض العينين يتأمل سحر سلطانته التي هلت عليه كما يهل القمر على الأرض .. نظرة من عينيها العسلية قد تبعثه في رحلة استكشاف لمواطن الجمال فيها ، كيف تكون بهذا البهاء وهي في عز حالاتها تعبا قالها وهو يبتسم حين وصلت إليه ووقفت على بعد أمتار منه .. استدار إليها وهو يضع يده خلف ظهره ووجدها كما تخيلها بل وأكثر لامعة كأشعة العشق التي تضرب في قلبه الآن ..
ميار(تحركت حنجرته برفق):- ميرنا ..
ميرنا(تقدمت إليه وهي تتنهد بابتسامة مصطنعة ووقفت أمامه لتطل على الحديقة):- كيف أصبحت صحتك ؟
ميار(تفاجئ بسؤالها لكنه أردف):- بخير ، حمى وراحت لحالها .. لماذا هل قلقتِ علي ؟
ميرنا(ضحكت):- ههه لا فقط فكرت مع نفسي أي خير ستقدمه لنا بعد موتك ..
ميار(رفع حاجبه من جملتها):- الفطور جاهز ، سنتناوله سوية ..
ميرنا(التفتت للطاولة واتجهت صوب الكرسي):- لا مشكلة لدي .. تفضل
ميار(إنها على غير عادتها ما هذا الهدووووء ؟؟؟):- إيزابيل لو سمحتِ القهوة خاصة ميرنا
ميرنا(فتحت المنديل أمامها مبتسمة له وقد جلس مقابلها على الطاولة):- أنت لا تنسى أي تفصيلة متعلقة بي .. شيء مبهج ..
ميار(فتح المنديل ووضعه على نصف الطاولة):- معلوم أنتِ تخصينني ..
ميرنا(ضحكت بصخب وهي ترمقه بجميل النظرات):- كلمة سمعتها قبلك من شخصين ، لذلك احتمال دخول الثالث في مواجهة معهما .. أظنها عملية فاشلة
ميار(ابتسم):- ومن أخبركِ أنني أرضى بشركاء .. أنا لا أدخل لحرب إلا إذا كنت أضمن نجاحي فيها مئة بالمئة
ميرنا(عضت طرف شفتها وهي تلتقط بالشوكة قطعة كعك محلى):- وهل أعتبر أنك دخلت المواجهة أيضا ؟
ميار(تشنج من حركتها تلك وحاول ضبط نفسه):- برأيك ؟
ميرنا:- أظن أنك دخلتها منذ أن بدأت تظهر كبديل عن إياد ، مثلا يوم معرضه الخاص بالمرأة الشمس حين كدت تقبلني ، ويوم زواجي بحكيم يوم تحدثنا عند شاطئ البحر وحملتني أتذكر ؟
ميار(عقد حاجببيه):- ماذا تحاولين أن تفعلي ؟
ميرنا(تناولت قطعة وهي تمضغها باستفزاز):- لا شيء أحاول أن أحصي كم من مرة خدعتني ..
ميار:- لم أخدعكِ كنت مجبرا على ذلك لأراكِ ..
ميرنا:- هههه لتراني أم لتجمع المعلومات مني وتمحيها من فورك لتحمي نفسك ؟
ميار(مسح حاجبه وهو يستقبل حضور إيزابيل التي وضعت فناجين القهوة بمحلهما):- شكرا إيزابيل يمكنكما الارتياح الآن قد تعبتما معي ليلة أمس ..
إيزابيل:- مع ذلك سأكون بغرفتي لو أردت مني شيئا نادي علي فقط .. بالهناء والشفاء
ميار:- تسلمي ..
ميرنا(رمقت وده مع إيزابيل ومالت بشفتيها ساخرة):- أنت تركيبة معقدة جدا
ميار:- لست كذلك على الناس الغالية ع قلبي ..
ميرنا(ارتشفت من قهوتها القليل):- مثل من ؟
ميار(تناول قطعة بدوره):- أشخاص معينة ..
ميرنا(رفعت عينيه إليه بنظرة قاتلة وتأملته بدون أن ترمش):- وسامتك قاتلة .. لكن لا يلفت نظري المظهر بقدر ما يهمني الجوهر ، مجرد نصيحة
ميار:- أساسا من أخبركِ أنني أرغب بلفت نظرك ، أنا هكذا دائما
ميرنا(رد الكرة إليها ورفعت حاجبها بإعجاب):- أتعلم ما المضحك في الأمر ؟
ميار(أخذ يقطع الكعكة خاصته بالشوكة والسكين):- عدا عن رغبتكِ في قتلي بسكين الأكل ، فسأعتبر أن هنالك أشياء أخرى مضحكة ..
ميرنا(رفعت السكين عاليا وهي تتأمله)- صراحة فكرت في ذلك لكن وجدت أنني سأعاني كثيرا ، يعني لو وجدت فرصة العودة بالزمن كنت ثقبت جبينك برصاص مسدسك البارحة
ميار:- هههه أنتِ لا تستطيعين القتل ميرنا ، فهو فن راق جدا لا يجيده سوى ..
ميرنا(من بين أسنانها وبلؤم):- سوى ذوي القلوب الحجرية مثلك ..
ميار(أشار لها بشوكته):- سأهضم إهانتكِ مع قطعة الحلوى هذه ، فهي على قلبي تنزل مثل العسل ..
ميرنا(اغتاظت من جملته وأمسكت فنجان قهوتها وشربت منه):- محاولة جيدة لتلطيف الأجواء ، إنما لا تغتر بنفسك قد أخبرتك أن التأثير بي عمل شاق جداااا
ميار:- لنرى .. مثلا لو دعوتكِ لرقصة معي هل تقبلين ؟
ميرنا:- ههه بدون شروط هكذا تت مستحيل
ميار:- اشترطي لنرى ..
ميرنا(همست له باستفزاز حين رمقت باقة الورد وسطهما):- سأرقص معك في حالة واحدة إن جعلت الزهور تتفتح في السماء المشمسة وفي آن الوقت تلمع النجوم في الأرض المقمرة ، وقتها سأسمح لك
ميار(بتحدي):- الليلة على العشاء ..
ميرنا(بدهشة فغرت فاهها):- أسمعت شرطي هل استوعبته حتى ؟؟
ميار(بلا مبالاة أنزل عينيه لأكله):- أهاه سمعتكِ وجيدا ، لذلك أخبرتكِ على العشاء سترقصين معي
ميرنا(وضعت شوكتها بغيظ):- هل تتلاعب بأعصابي أم ماذااااا ؟
ميار:- ولما سأفعل أنتِ اشترطتِ وأنا وافقت ، إذن عليكِ تنفيذ وعدكِ إن نفذت شرطكِ معادلة بسيطة ميرنا ولا تستحق هذا التعقيد ..
ميرنا(بغضب نهضت وهي تجذب كرسيها للخلف):- إن كنت تحسبني ساذجة فأنت مخطئ ، لن يسعك تحقيق ما طلبته لذا أرقص أنت وعصافير بطنك فذلك مفيد ..
ميار(استوقفها ببرودة):- حين أنفذ شرطكِ سيترتب عليكِ تنفيذ طلبي .. الكلمة هي الكلمة
ميرنا(ضربت بكعبها الأرض وابتعدت عنه وهي متجهة صوب الحديقة):- مقزز .. مجرم
ميار(لوح لها بجمود وتابع أكله):- آه يا سلطانتي آه ..
كتفت يديها وهي تتوجه صوب تلك الأرجوحة ، لا تعلم لما قدميها اصطحبتها إلى هناك لكن الضغط الذي يمارسه على أعصابها كثير كثير عليها ، حاولت أن تكون الجبهة الأقوى لكنه ذكي لدرجة لا يسمح لها بأي فرصة استعلاء حتى .. مستفز مجرم لفظتها وهي تجلس على الأرجوحة وتهتز بشكل غاضب وعيناها شاردتان في البعيد .. لما استمعت لحكيم لماذا وبقيت هناك بإرادتها كانت هنالك فرصة للهرب لكنها تجاوزتها ، إنما لا بأس مقالتها الآن أكيد هي على سطح مكتب السيد فتحي الذي سيبعثها لدار الطباعة يعني مساء سوف يقرؤها وائل .. تمنت أن يفهمها ويجد طريقة لإخراجها من ذلك المأزق .. بينما هي شاردة في أفكارها رن هاتف ميار وكان رقم رشيد ينادي ..
ميار:- ما الأخبار ؟
رشيد:- الأخبار على القنوات الآن ، تم المطلوب بنجاح
ميار(بابتسامة سحب نفسا عميقا):- ماذا عن هاشم ومروة ؟
رشيد:- حرصنا على إبقائهما في مكان آمن ، لن يظهر لهما أثر إلا بعد سنوات وسنواااات
ميار:- اممم خيرا إذن .. ماذا عن تحركات إياد اليوم ؟
رشيد:- توجه للجريدة قبل قليل وبالنسبة للسيدة جوزيت لم تحضر بعد ..
ميار(ابتلع غصتها):- أي حادث عرضي بلغني ، أبق عينيك مفتوحة ..وانتظر مني اتصالا
رشيد:- حاضر أ.. فصل الخط بوجهي لا بأس .. هفف من معي على الخط الآخر آه إنها المقيتة ماذا تريد ماذا ماذاااا / …ألو إيمان هل تعتقدين أنني متفرغ لكِ فقط حتى تزعجيني باتصالاتكِ المتكررة في كل وقت ؟؟؟
إيمان(ببكاء):- آسفة منك سيدي الفهد ولكن أنا بحاجة للتحدث معك في موضوع مهم ، إنها مسألة حياة أو موت
رشيد(صغر عينيه):- تمام جهزي نفسكِ الليلة سآتي للمبيت
إيمان(عضت شفتيها بقلة حيلة):- أمرك سيدي .. أمرك
فصل معها الخط ونظرت لنفسها بالمرآة كانت تبدو في حالة متدهورة ، لامست بطنها بحزن وهي تبتلع إهمال رشيد لها بل وسخريته منها ورغبته فيها لكي تكون مجرد عشيقة فراش وفقط ، لكن ذلك تمادى ليصل لنقطة حاسمة عليه أن يجد حلا لأجلها وإلا سيقع في مصيبة مع ميار لن يشفع له بسببها مهما فعل ..

في ذلك الوقت من الصباح
كانت تمشط شعر ابنتها وهي تضع الخيط المطاطي ذو اللون الزهري على كعكتي شعرها التي طلبتهم الآنسة الصغيرة ليكونا تسريحة ذلك اليوم ، بدت لطيفة وجميلة وهذا ما جعل نور تقبل ابنتها بحب وتعانقها
دينا:- أنا أختنق ماما أختنق .. وااااع
نور:- كلبة .. هل تدعين الاختناق بمجرد حضن من أمك فعلا لا تستحقين الحنان ..
دينا(عانقتها وهي تقفز):- حسن لا تغضبي يا نور ما صدقت فردتِ وجهكِ ، فليلة أمس كنت هكذااااا ..
نور(نظرت لتقليد ابنتها المشين وشهقت):- ويلكِ جينات من تحملين أبدا ليست جيناتي ..
دينا(حكت جبينها على بطن أمها):- أنا خرجت من هنا إذن أحمل جيناتكِ مامي ..
نور:- أوك دعينا من درس التوالد ، سأكلم سائق سيارة مؤسستك لأخبره أنه لا داعي بأن يتعب حتى هنا سأوصلكِ بنفسي
دينا(ارتدت معطفها وأخذت تزرره عند المرآة):- ماشي يا جميل
نور(رفعت حاجبها من جملة ابنتها وضحكت):- والله رائع .. ألو أهاه أود إخبارك أنني سأحضر دينا بنفسي لا داعي أن تتعب نفسك تمام العفو .. (أعادت الهاتف لحقيبتها وانتبهت لشيء)أوبس إنها شريحة دواء فؤاد يا إلهي نسيتها بحقيبتي وعليه أن يتناولها الآن
دينا:- من هو أمي ؟
نور(خرجت وهي ما تعيد الهاتف لأذنها):- أحضري حقيبتكِ والحقيني سنخرج فوراا هيا .. ألو منذر صباح الخير هل أتى السيد فؤاد ؟
منذر :- ليس بعد سيدتي لكن همام اتصل وقال أنه سيتأخر في الحضور اليوم ..
نور(بتفكير):- أوك لا مشكلة .. سلام
توجهت صوب الأسفل وأمسكت يد ابنتها وخرجت في اتجاه بيته ، لم تعارض قرارها بل طاوعت مشاعرها لأول مرة أخرستها لا تدري لماذا لم تدقق ، لأنها تريد أن تراه بعد حديثهما الذي جعل النوم يجافيها ليلة أمس .. وكأن اختناق الدنيا كله اجتمع ليحرمها الراحة ..
دينا:- مامي أين نحن ذاهبات ؟
نور(أوقفت السيارة عند محل حلويات"):- ابقي بالسيارة سأعود فورا ..
دخلت للمحل واختارت بضع حلويات طازجة طلبت وضعها في علبة أنيقة ، ووضعتها بكيس مناسب وعادت لسيارتها أعطت لدينا كي تمسكها وجلست هي محلها
نور_(سحبت نفسا عميقا):- نحن ذاهبات عند العم فؤاد
دينا(قفزت بحماس):- أحقاااا ماما لكن لماذااا ؟
نور(طقطقت يدها على المقود وهي تنتظر صاحب السيارة التي أمامها أن يتحرك):- لأنه مريض ،،،، هيييييييه تحرك ياااا سيد .. تحرك
أخذت تزمر ببوق سيارتها وقد شحنها بأعصاب لا حصر لها ، وكأن هذا ما كانت تنتظره أزالت حزام السلامة وخرجت إليه وهي تدك الأرض دكا بخطواتها العصبية ..
نور(طرقت على نافذته بغضب):- هيه أنت يا أستاذ ؟؟؟
مراد(فتح نافذته وهو يتحدث عبر الهاتف):- تمام حبيبتي سأكلمكِ حين أصل للعيادة .. نعم يا سيدة تفضلي ؟
نور(حركت رجلها بتوتر وهي ترتج وتكتف يديها):- حضرتك هل أنهيت كل مكالماتك ؟
مراد:- أهاه تقريبا لماذا هل تودين استعمال الهاتف ؟
نور(بنرفزة):- بل أود استعمال رقم الطوارئ الذي سنطلبه ما إن أقسم جبهتك لنصفين ، ساعة وأنا أزمر لك ببوق سيارتي كي تتحرك بخردتك هذه وتبتعد عن طريقي ولكن من يسمع حضرتك تتغزل بحبيبتك عبر الهاتف وليحترق البشر ..
مراد(ابتسم وهو يخرج من سيارته ليجابهها):- كنت أكلم ابنتي هي على وشكِ الدخول لامتحان مهم ، وأردت مساندتها بالمراجعة لذلك نسيت نفسي عذرا منكِ
نور(صغرت فيه عينيها):- إسمع لؤمك هذا أعرفه ، هذه السهوكة والبلادة لا تخيل علي إن كنت تفكر أنك ستجعلني أغض النظر عن الساعة التي جعلتني أنتظرها هنا فأنت مخطئ
دينا(خرجت وهي تحرك رأسها بفشل من طبع أمها الذي لن يتغير):- حسن مامي لم تكن ساعة هي دقيقتين وفقط لقد عددتها ..
نور(رمقتها بغضب):- من أعطاكِ الإذن لتخرجي من سيارتي أصلا دينا ، عودي فورا ودعيني أتحاسب مع هذا السيد ..
مراد(مد يده لها بمصافحة ودية):- أدعى مراد اليزيدي وأنا طبيب نفسي ، يمكنكِ مراجعة عيادتي إن شئتِ
نور(هنا رمشت بعينيها مرتين وهي تشهق بعدم تصديق):- هَّاء … أتقصد بكلامك أنني مريضة نفسية يا سيد ؟؟؟؟
دينا(عضت شفتيها ورفعت حاجبيها لمراد الذي انحنى ومسح على شعرها بطيبوبة):- أنت في ورطة حقيقية ..
مراد:- هه لا بأس أعرف الحل ..
نور(أمسكت يد دينا وجذبتها إليها):- ما الذي تتهامس به مع ابنتي لا أسمح لك ..
مراد(أخرج بطاقة من جيب سترته):- هذه بطاقتي الشخصية اتصلي وقتما تريدين ، ثم لم أقصد أنكِ مريضة نفسية ربما أنتِ بحاجة لصديق تفضفضين له بهمومك سأكون سعيدا بزيارتك وإن أردتِ أحضري هذه الكتكوتة أيضا ..
دينا(نظرت إليه بتمعن وعرفته):- هئئ أنت والد جنان صح ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
نور(عضت شفتيها حرجا تلك اللحظة):- ماذا قلتِ .. يعني أنت زوج الدكتورة نرجس طبيبة العيووووون الله يخرب بيت لساني لما لم تقل ذلك احم ، يعني أنا متأسفة منك بحق ..
مراد:- هههه لا مشكلة بصراحة سعدت بلقائكِ فقد كان طريفا جدا ، وتشرفت بمعرفتكِ يا صغيرة إذن أنتِ وجنان صديقتين ؟
دينا(رفعت شفتها لأنها وجنان متنافستين من الطراز الأول على من تحتل الصدارة):- يعني
نور(تعرف بأمر جنان ودينا):- هننن صديقتين ههه طبعا طبعا
مراد:- إذن ربما نلتقي بحفل الآباء آخر الشهر
نور:- إن شاء الله ومجددا أعتذر منك على سوء التفاهم الذي حصل ..
مراد(رمش بعينه مبتسما):- مع ذلك فكري بعرضي سأكون بالانتظار ، عن إذنكما
لوحت نور ودينا سوية له وقد انطلق وهو يرد التحية عليهما ، وهنا صعدت كل منهما لمحلها وهما مشدوهتين فيما حصل وسرعان ما نطقتا في آن الوقت..
نور:- لما لم تقولي أنه والد صديقتك ؟
دينا:- لما دائما تفضحيننا الآن ستعلم المؤسسة كلها أنكِ مفتعلة مشاكل
نور(رفعت حاجبها):- ولكنه استفزني كان ليصف بعيدا ويحادث ابنته لا أن يقطع على الشعب الطريق ..
دينا:- ماما لنتحدث بصراحة أنتِ دوما شعلة وسرعان ما تحرقين الكل قبل حتى أن تعطيهم فرصة ، أحيانا لا يكون هنالك داع لتصرفكِ مع ذلك تمارسينه وكأنكِ تتلذذين به
نور(نظرت لابنتها):- عال والله ، هل ستعطينني الآن درسا في آداب التواصل .؟
دينا(بخيبة وضعت حزام السلامة):- لا ماما ، لنذهب ..
لاحظت امتعاض دينا التي كتفت يديها وأخذت تراقب الشارع من نافذتها ، وهنا نور شعرت بأنها فعلا تضخم الأمور لكن ذلك طبعها ولن يغيره أحد وما فعلته بالسيد مراد لم تندم عليه ، فقط خجلت لأنه شخص معروف .. نفضت أفكارها وانطلقت صوب بيت فؤاد وما إن وصلت صعدت دينا بهدوء تام وهي تحمل علبة الحلوى بينما نور كانت تنظر إليها وهي تبتلع ريقها ، رنت الجرس مرتين ولكن لم يفتح الباب لهما فتوجست ..
نور:- سأعود فورا سأرى الحارس خارجا لحظة ..
دينا(بتعب منها):- طيب ماما ..
عادت للخارج وسألت الحارس الذي أخبرها أنه لم يخرج بعد السيد فؤاد من شقته ، لكن لما لا يفتح هنا شعرت بالقلق ما ربما أصابه الدوار مجددا وفقد وعيه .. جذبت الحارس من ذراعه خلفها لكي يفتح لها باب الشقة بالمفتاح الثانوي الذي يملكه لكنه حاول أن يخبرها أن ذلك المفتاح الثانوي ليس بحوزته لكن من يسمع ..
الحارس:- يا سيدتي والله لا أملكه إنه مع السيد همام … يا سيدة اسمعيني
نور:- امشي معي وافتح الباب قد يكون الرجل في حاجة لمساعدة الآن ، يوووه ما بك ثخين هكذا ما الذي تعلفه أيها الرجل ؟؟؟؟؟
الحارس(مخنوق بقبضتها):- معجنات البقر ربماااا .. أستغفر الله
نور(دفعته على الحائط وأمسكته من ياقته):- هل تراني أمزح معك هنا ، افتح الباب ولا تغضبني أكثر …
الحارس:- والله والله لا أملك المفتاح يا سيدتي افهميني فقط …
همام(وصل في الوقت المناسب):- ما الذي يحدث هنا …. ست نور ؟؟؟
نور:- هاه همام لقد وصلت قبل قليل رننت الجرس لكن السيد فؤاد لم يجبني ، ما ربما فقد وعيه أو ما شابه رجاء افتح الباب
همام(بقلق أخرج المفتاح):- يمكنك الذهاب أنت ..
الحارس(أخذ يعدل ثيابه):- بهدلتني المفترسة ..
نور:- سأضربك بكعبي المرة المقبلة انتظرني فقط يا هذااااا …
همام(فتح الباب وأشار لها):- تفضلي ست نور أدخلي ، آنستي الصغيرة تفضلي أيضا
دينا(برتابة هزت كتفيها):- تمام ..
نور(سبقتهما بلهفة غير منطقية وهي تبحث عنه بعينيها):- فؤاااد ، سيد فؤااااد
همام(عقد حاجبيه):- لقد تركته نائما حين خرجت أبصر أين ذهب …
فؤاد(خرج من الغرفة برداء الحمام وهو يمسح رأسه بالفوطة ويدندن):- ما بك يا همام صرعت رأسي برنين الجرس ، أليس معك المفتاااااح ؟؟
همام(غلبه الضحك):- معي معي ..
نور(ناظرته وأبعدت بصرها وهي تغلق عيون ابنتها):- يا إلهي …
فؤاد(ترك الفوطة على رأسه وبفزع):- هل أصبح صوتك يشبه صوت نور يا همام ؟
همام:- نوعا ما ..ههكخنن
فؤاد(أزال الفوطة بهدوء ورآهما وصرخ):- آآآآآآآآآآآآآآآآآآآه ما الذي تفعلانه هنا أنتما ؟؟
نور:- والله لو تدلف للغرفة بسرعة بدل أن تصرخ علينا يكون أفضل ..
فؤاد(هرب لغرفته وأغلق الباب عليه):- اللعنة اللعنة عليك يا همام إلهي تنحرق على نار خامدة ، ابن الذين تركني فرجة لنور ودينا يا ويلي اففف
دينا(وضعت العلبة على الطاولة وجلست وهي تكتف يديها):- هممم
نور(جلست بجانبها):- لا تعبسي أليس هذا هو عمكِ فؤاد الذي تصرعين لي الرأس به ، أبشري أنتِ في بيته الآن
دينا(امتصت شفتيها وهي تتنهد بعمق):- … أمر جيد ..
فؤاد(خرج بعد مدة وهو يقفل أزرار سترته):- عذرااا للمشهد السابق لم أتوقع ضيوفا صراحة ، ها دينا كيف حالكِ صغيرتي ؟
دينا:- بخير
فؤاد(نظر لحالتها وغمز نور التي رفعت حاجبها فيه):- ما بها ؟
نور(يغمز لي ويسألني ما بها لما يغمز يعني يسأل وفقط الله الله):- لا أدري هي عندك اسألها
فؤاد:- دينا حبيبتي اقتربي مني ، هيا
نور(حولت عينيها):- همام رافقني للمطبخ لنرى هل أفطر السيد أم لا ، لقد أخذت دوائه الصباحي معي بحقيبتي كنت سأعطيه إياه بالشركة لكنه تأخر ، ثم دينا أرادت رؤيته ولذلك أتينا
فؤاد(استمع لإعلانها):- يعني لا بأس نور ، قولي أنكِ أتيت للاطمئنان علي هل خربت الدنيا
نور:- هئ أنا أطمئن عليك لا تهذي .. همام رافقني ..
همام:- من بعدكِ سيدتي ..
فؤاد(رمق ذهابها وهو يهز رأسه بقلة حيلة منها وفرقع إصبعه لدينا):- تعالي يا عمري
دينا(نهضت وهي تزفر بتعب وجلست بحجره):- نعم عمو فؤاد ..
فؤاد(لمس الحزن بعينيها وأحاطها بيديه بحنان وهو يمسح على كعكتي شعرها):- من عدل لكِ هذا التصميم في شعرك ؟
دينا(لامست الكعكتين أيضا):- طبعا أمي
فؤاد:- اممم طيب وأمكِ أيضا هي التي أزعجتكِ هكذا وجعلتكِ تحزنين ؟
دينا(أخذت تحرك يديها شرحا):- المسألة ليست في أنها أزعجتني ، لكنني صدقا منزعجة من أجلها إنها تعاني كثيرا لكنها تجبر نفسها على ادعاء العكس
فؤاد(بقلق دفين):- تعاني ؟؟؟ … مماذا هل يزعجها أي أحد أخبريني دينا ؟
دينا:- ليس أحدا معينا ، لكن تت ألا يقولون أن الأم تشعر بأولادها عندما يكونون منزعجين ؟
فؤاد(لم يعرف الجواب):- أجل ربما يقولون ذلك
دينا:- تمام في حالتي أنا وماما الوضع متكافئ ، يعني هي تعرف بأنني منزعجة من شيء فتسألني مرارا وتكرارا إلا أن أصرح لها بما يتعبني ، لكن لا يحدث العكس حين أكشفها بل تظل تمثل وتضحك وتخاصم حتى الذباب لو أخطأ ومر بمكان هي فيه ..
فؤاد:- أوك قد أدهشتني حقيقة ، وأشعر أن الوضع أدق بكثير مما أعتقد
دينا:- عمو فؤاد أنا أريد رؤية ماما سعيدة ، لكنها تأبى ذلك حتى عماتي تعيسات لا أحد يبتسم في ذلك البيت قلَّما نمرح ونضحك وذلك يعد بعدد الأصابع .. لم نعد مثلما كنا سابقا لقد تغيرت الكثير من الأمور هناك الجميع يبكي بحرقة إلا ماما ..
فؤاد(بحزن عليها لكن حاول إخفائه):- هاه أرأيتِ أن أمكِ بخير ولا تبكي ؟؟
دينا(ابتسمت بمرارة):- هذه هي المشكلة أن ماما لا تبكي أبدا ، منذ أن وعيت على الدنيا ولم تذرف دمعة قط لكنها لا تجيد إخفاء دموع روحها أنا أحس بها ..
فؤاد(هنا جعلته يفتح فمه مندهشا مما تقوله هذه الصغيرة إنها تحمل عقل الكبار حتما):- يخرب جنونك كم عمركِ لتحللي وتناقشي في حالة أمكِ لهذه الدرجة ، هه ماذا لو طلبت منكِ تقييما لي كم ستستغرقين من الوقت ؟
دينا(وضعت يدها على فكها ومن بعد على خده):- ليس كثيرا ، أنت شخص واضح جدا وأحبك لأنك مثلي نحن شبيهين ما في قلبنا على لسانها ونحاول أن نجعل كل من حولنا سعداء ، لكن أحيانا يصعب علينا ذلك فنصاب بخيبة أمل …
فؤاد(حرك رأسه بجنون منها):- والله إنكِ أم لسان وأنا لم أكن أدري ..
دينا(بدأت تضحك وهو يدغدغها):- لا يا عمو فؤاد لا أتحمل ههههه ههه توقف أرجوك هههه
نور(انسحبت من خلف الحائط بعد أن سمعت حديث ابنتها وآلمها الأمر):- أعطني صحنا لأضع الحلوى يا همام ..
همام:- تفضلي ست نور هنا بالدرج ستجدين كل ما تريدين ..
نور(ابتلعت ريقها بحزن وأخذت تضع قطع الحلوى بالصحن وهي شاردة):- أكل هذا تحملينه في قلبكِ يا صغيرتي ؟؟
فؤاد(دخل عليهما وحرك رأسه لهمام الذي حمل الشاي للخارج):- نور ..
نور(انتفضت):- أ.. كدت أنتهي أنا أضع القطع بالطبق ، يعني حتى أنني انتهيت
فؤاد(أمسك عنها الطبق ووضعه جانبا وجذبها خلفه لشرفة المطبخ):- تعالي ..
نور(نظرت ليدها الممسكة بها يده وإليه وهو يسحبها للشرفة حتى أنه أغلق الباب عليهما):- ما الذي يحدث هنا ؟
فؤاد(سحب نفسا عميقا):- دينا ليست بخير ..
نور(جذبت يدها منه وضمتها ليدها الأخرى):- أعلم ذلك أنا أرى ولست بعمياء
فؤاد:- جيد أنكِ تعلمين لكن هل فكرتِ في حالة لنفسيتها يا ترى ؟
نور(بتفكير):- أ.. يعني ماذا سأفعل أناااا هي تعرف الأوضاع كيف هي إذن عليها أن تتماشى معها فقط حسبما هي ، لأنه لا يسعني تغييره في النهاية لا أملك عصا سحرية
فؤاد:- لكنكِ تملكين عقلا يا نور ، البنت في سن حساسة جدا لو سمحتِ فكري بمصلحتها قبل أن تفكري بغيرك.. أنتِ حتى نفسكِ تتجاهلينها في سبيل تخليص من حولك من مشاكلهم ، لكنكِ غفلتِ عن أهم مشكلة ألا وهي نفسية ابنتك
نور(بغيظ):- تمام وأنت ما الذي يحرقك أعصابك لهذه الدرجة ، هي بالنهاية ابنتي أنااااا أنت ما الذي يحشر أنفك بيني وبينها هاااااااااه ؟؟؟؟؟؟؟
فؤاد(بنرفزة):- لأنها … ت لأنها بمثابة ابنتي وأنا حريص على مصلحتها ، يمكنكِ كرهي يمكنكِ رفضي لكن فيما يخص دينا سأتدخل ولن تمنعيني يا نور ..
نور(رفعت حاجبها بهزل):- لا والله ، وماذا ستفعل هل ستحتجزني أنا وهي لنعيش ببيتك ؟
فؤاد:- لو كان بيدي لفعلتها ، لكنكِ تأبين منحي تلك الفرصة وتكرهينني لا أدري لماذا
نور:- هه كف عن هذا الهراء ، أنت أصلا على وشك الزواج لذا لا داعي أن تعيد وتزيد في موضوع أقفلته منذ عهد .
فؤاد: لأنكِ جبانة أتعلمين لماذا ..
نور(اهتزت حدقتيها بغضب):- احترم نفسك يا سيد فؤاد ، ولا تجعلني أتطاول عليك وأنت متعب هكذاااا
فؤاد:- أنا بخير لكن أنتِ التي تحترقين على نار أفكاركِ السقيمة ، لا أحد سيدفع الثمن سواكِ لأنكِ خسرتِ كل الفرص
نور(رمشت بعينيها وهي تعض شفتيها بغضب):- فرص ماذا التي خسرتها ، فرص عرض زواجك ههه يا رجل أصلا أنت لم تكن جادا في أي واحد فيهم .. ثم من هذا كله ألم تخبرني يوم أمس أنك ستتزوج قريبا حتى أنك ستعرفني بزوجتك المستقبلية …؟؟
فؤاد(حرك رأسه بقلة حيلة):- وأنتِ صدقتِ طبعا ..
نور(بعدم فهم لم تبرز ذلك):- طبعا ..
فؤاد(همس تحت أسنانه):- غبية ..
نور(اشتعلت عيناها بالنيرااااان):- أفندم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
فؤاد:- ماذا تريدين يا نور ، يعني أعطني سببا مقنعا لرفضكِ عرضي أنظري أنا متمسك بكِ حتى النهاية لا توجد امرأة غيركِ بحياتي ، ولم تكن توجد أصلا حتى دخلتِ أنتِ لمداري لذلك أحببتكِ دون شروط وتمنيت لو تبادلينني نفس المشاعر .. إنما أنتِ توصدين كل الأبواب بوجهي ، تغلقين الطرقات المؤدية لقلبكِ وكأنكِ تخشين الخذلان وأنا وعدتكِ بأنني لن أخذلك مطلقا فقط تزوجي بي ..
نور(مررت لسانها بين شفتيها بتوتر وهي تتراجع للخلف):- لقد تحدثنا بهذا الموضوع يا فؤاد ، يعني أنا لدي أسبابي التي تجعلني أرفض الزواج يعني الأمر لا يخصك بالذكر إنه وضع شامل أنت أو غيرك
فؤاد(ضرب على الحائط بقبضة يده وهو يحاول أن يضبط أعصابه):- لماااااذا ؟؟؟
نور(ارتعش قلبها من حالته الغير طبيعية):- لماذا ماذا ، لا شأن لك في حياتي يا هذااا
فؤاد:- هل عشقتِ قبلا ؟
نور(نظرت للأرض وهي ترمش بتهرب):- وما شأنك هاااه ؟
فؤاد:- عشقتِ إذن وتم الغدر بكِ أو التخلي عنكِ صحيح ؟
نور(ابتلعت ريقها وهي تمسح على رقبتها في خط مستقيم):- لا شأن لك فؤاد ، أنت تضغط علي وأنا لا أحب تذكر الموضوع
فؤاد(اقترب منها):- هل له علاقة بزوجكِ السابق ؟؟
نور:- لالالالا هنا تماديت أفسح لي الطريق أريد أن أغادر ..
فؤاد(أقفل باب الشرفة بالمفتاح عليهما واقترب منها):- لن تخرجي من هذا المكان قبل أن تحكي لي سبب رفضكِ الزواج مني .. أنا واثق أنكِ تحملين مشاعر متعددة لي ولكنكِ تكتمينها بل تقبرينها في ألعن قبر لكي لا تفضحي أمركِ أمامي ، وكأنكِ تحرمين على نفسكِ العشق وكأنكِ تظنين أنكِ ستخونين الذكرى …
نور(هنا تصلبت محلها وهي تشهق):- عن أي ذكرى تتحدث ؟؟ هيييه عن أي ذكرى ؟
فؤاد(أغمض عينيه وزفر عميقا):- لا شيء محدد
نور(أمسكت بيده وهي تهزه):- أجبني الآن عن أي ذكرى ؟؟؟
فؤاد:- لا ترفعي صوتكِ علي يا نوووور …
نور(أغلقت عينيها وفتحتهما بنفاذ صبر وصرخت):- أجبني عن أي ذكرى ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
فؤاد(أغمض عينيه وولاها ظهره):- ذكرى الرجل الذي عشقته قبل أن تتزوجي ..
هنا أربكها صراحة وجعلها تتسمر في محلها بدون إدراك ، تحركت شهقتها مثلما تحرك حاجبها الأيسر الذي اهتز مرتين متواليتين في حركة استيعاب الصدمة ، بينما رفعت يدها لفمها وهي تحاول أن تبتلع جملته التي أعادتها لسنين سحيقة تألمت فيها بشكل لا يطاق ، أخفضت رأسها وهي تبحث عن جملة مناسبة للرد أو عن أي ردة فعل ، وجدت نفسها تنظر إليه بذهول مشدوهة في جملته التي أخذت تتكرر على مسمعها مثل الصدى القاتل .. حاولت أن توقف صدمتها لكن أن يكتشف سرها هذاااا أمر قبيح لم تكن لتتقبله ، فقد كان كما لو يتطفل على حياتها ..
نور(دفعته لصدره):- أنت كيف تجرؤ على إخراج تلك الجملة من فمك ، من أعطاك الحق من أعطاك الحق لتبحث في ماضيَّ الخاص أيهاااا الخسيس ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
فؤاد(أمسك بيديها وهو يتحمل ضرباتها وجذبها إليه بقوة متحكما فيها):- لأنكِ تهمينني ،ولا يعنيني أي رجل آخر عرفته من قبل المهم أنااااا …
نور(رمشت بعينيها وهي تشعر بالدموع تكومت بداخلها):- لالالا أنت تحاول أن تجعلني تحت سيطرة الأمر الواقع ، أنت واهم واااااهم إن اعتقدت أنك بهذه الطريقة ستطوع قلبي … أنا أكرهك يا فؤاد رشوان ولن أحبك أبدااا ولن أتزوجك مطلقا ولو بقيت آخر رجل في الدنيا
فؤاد(حاول أن يعطيها فسحتها لتفرغ كل ما بداخلها لكن إلى هنا وطفح الكيل):- لا تقسمي بشيء لا بيدكِ ولا بيدي ..
نور(انتفضت وهي تحاول نزع يديها من قبضتها وبرجفة):- لا تلمسني دعني …
فؤاد(دفعها بقوة إلى الحائط وطوقها بنفاذ صبر):- الآن ستخرسين ونعرف إن كنتِ تحبينني أم لا..
نور(حاولت الابتعاد لكن دون جدوى):- ابتعد عني … ابتعد لا أريد أن أعرف لا أر…
دفع برأسها إلى رأسه والتقط شفتيها بخفة مقبلا إياها بدون سابق إنذار ، جعل أحرفها تخرس وأنفاسها تكتم ونبضها يتسارع بخفقات خفقات خفقاااااات كثيرة ، انطلقت كسيمفونية أهازيج أعلنها قلبها المتعطش لهذه القبلة منذ سنين ، أغمضت عينيها بتلقائية دون أن تشعر بأن ما يحدث خاطئ فقد انسابت مع أنفاسه التي تخترق أنفاسها ، رضابه الذي امتزج مع رضابها جعل خلاياها الدفينة تستيقظ مستنفرة أن ذلك المقتحم ليس بشخص غريب عنها ، إنها تتذكر جيدا هذا الطعم وهذا ما جعلها تستغرب طريقة تقبيله لها التي سبق وعايشتها ذات مرة .. وهذا ما أعلن جرس الطوارئ وجعلها تتوقف مبتعدة عنه وهي تهز رأسها بعدم فهم .. وضعت يدها على فمها وهي تنظر إليه بغرابة ، اعتقد أنها فقط غاضبة من تصرفه لكن هي صرفت نظرا عما فعله وركزت في ما عاشته ، ذلك الشعور مألوف لدرجة هي قادرة على أن تجزم أنها عايشته بالأمس حتى .. فكيف يعقل ذلك ؟؟؟؟؟
نور(أخذت تلهث وهي تمسك على قلبها):- أنت …أنت م .. من أين تعرف بأمر ذلك الرجل الذي أحببته في صباي هااااه أخبرني ؟
فؤاد(لمس ارتجافها وحالتها الغير مفهومة):- سألت وعرفت
نور:- من سألت ؟
فؤاد:- بعض المعارف نور لا شأن لكِ ..
نور(رمشت بعينيها وهي تغالب حالة البكاء التي اعترتها دون أن تذرف دمعة):- ههه هذا مستحيل لأن لا أحد يعلم بأمر ذلك الرجل المجهول ، غيري أنا ….. وهو
فؤاد(هنا ضربت بوجهه ومضات ضوئية وارتجف فكه وهو يبحث عن جملة مناسبة):- نور لا تهذي يعني من أين سأعرف بأمر رجل ميت هممم ؟
نور(بحيرة اقتربت منه):- ولكن .. لا أحد يعرف بموته غيري أنا .. وصاحب المقهى والذي توفي بدوره منذ سنوات وحضرتُ جنازته ، قد كتم ذلك السر وحافظ عليه في قلبه وأقسم لي أن مخلوقا لن يعرفه حتى الموت وقد وافته المنية قبل ظهورك بحياتي ، إذن … من أين عرفت ؟؟؟؟؟
فؤاد(عض شفته وفتح باب الشرفة):- تأخرنا على دينا ، هذا عيب ..
نور(جذبته من يده وأوقفته أمامها وهي تنظر إليه):- فؤااااد .. رجااء أزل هذا الشك الذي ينخر في عقلي ، لو تحبني صحيح أزله من عقلي لا تجعلني أفقد صوابي أتوسل إليك ..
فؤاد(جزع من حالتها):- نور اهدئي …
نور(رفعت يديها المرتجفتين ووضعتهما على ياقة سترته وهي تهزه بارتجاج متواصل):- فؤااااد أرجوك هذه أنا نوووور أجل أنااااا أتوسل إليك أشفق علي… و وأزله من عقلي رجاااااء رجااااااااء يا فؤااااد آه ..
فؤاد(ارتعب من ارتجافها وحالتها الغير متزنة وأمسكها):- نور نور … اهدئي يا نور نووووور أنظري إلي … نوووور نوووووووووور ….
سقطت أرضا وهي ترتجف ولحظة لحظتين وبدأت تصرخ وتبكي تبكي تبكي بعدم قدرة على التحمل ، شيء ما كان يحرقها في الداخل شيء ما يصدح بالحقيقة الجلية أمام عينيها ، لكنها رفضت التصديق رفضت وأبت أن تقتنع وهذا ما أصابها بانهيار لم تتوقعه ،،، خارت قواها حتى هوت أرضا وهي تتلوى بشكل أليم تحاول مصارعة الجمرة التي سقطت على قلبها ، وهو لم يستطع أن يوقفها فصرخ في همام الذي ركض رفقة دينا لرؤيتها وهنا شهقت ابنتها من منظر أمها الذي لم تشهده يوما ، سارع همام بأخذها رغم أنها ركضت إليها تعانقها وتحاول أن تسكتها لكن كانت نور غير واعية أو مدركة لكل ما يدور حولها .. هنا صرخ فيه فؤاد أن يحملها بعيدا عن هناك وهذا ما فعله سحبها بجهد جهيد بينما كانت تنادي على أمها التي ظلت على حالها المنهار … جعلها فؤاد بصعوبة تقف على قدميها المخدرتين وسحبها خلفه لغرفته وضعها على السرير واتصل بسرعة بالإسعاف وحين نظر إليها وجدها قد استنزفت كل طاقتها في الصراخ والبكاء وبدأت تهذي بجملة واحدة "لايمكن" .. نظر إليها والدموع تغالب مقلتيه حزنا عليها
فؤاد:- سامحيني يا حبيبتي ، لم أرد أن تعرفي بهذه الطريقة لم أرد ذلك …
أخبره الإسعاف أنهم سيصلون بعد 15 دقيقة وطبعا لم يتحمل كل ذلك الوقت ، وعليه وضع هاتفه بجيبه وأمسك مفاتحه وحقيبتها وحملها بين ذراعيه مغادرا الشقة بها ، بينما همام ودينا يلحقان به .. ركض الحارس مسرعا لفتح باب السيارة والذي فزع لحالتها الغير مستقرة ، أدخلها فؤاد وسمح لدينا أن تركب بقربها أيضا وانطلق صوب المستشفى …
دينا(تمسح على شعر أمها التي فقدت الوعي تماما):- هئ مامي مامي انهضي يا مامي ، لن أزعجكِ بعد الآن يمكنكِ أن تصرخي بالناس في الشارع ، يمكنكِ أن تبهدلي معلمتي وحتى سائق سيارة المؤسسة الذي يسرع بنا في الطرقات ويعرض حياتنا لخطر ، يمكنكِ أن تزعجي كل من في البيت بتذمركِ المتواصل لكن افتحي عينيكِ رجاء ماما والله لن أغضب بعد الآن ، سامحيني ماما ماما انهضي ، اهئ لما لا تنهض أمي يا عمو فؤاد ؟؟
فؤاد(مسح على رأسه وهو يحاول أن يضبط أعصابه أمام الصغيرة):- هي .. أ.. لا تقلقي هي متعبة فقط سنصل للمشفى حبيبتي هاه وسوف يقوم الأطباء باللازم ، يعني فقدت وعيها فقط لا تقلقي أنتِ صغيرتي تمام أنا معكِ …
دينا(مطت شفتيها وهي تمسح عينها بكم ثيابها):- يعني لن تموت أمي صحيح ؟
فؤاد(زمر ببوق سيارته بعصبية ليفسحوا له الطريق):- لن تموت ، لن تمووووت هي تحبنا وستبقى لأجلناااا يا دينااا همم أنتِ امسحي دموعكِ فماما لن تحب رِؤيتكِ تبكين هااااه … ابتعدوووووووووا عن الطريييييييييييييق …
كان همام خلفه يزمر بسيارته أيضا لكي يعلن عن الطوارئ ، وما هي إلا عدة دقائق حتى وصلتِ السيارتين للمشفى ، سرعان ما نزل فؤاد وفتح الباب ليحملها بينما دخل همام طالبا النجدة وخرجت ممرضتين تجران النقالة التي وضعها عليها فؤاد وهو ينظر إليها بحسرة ، يا ليته خرس يا ليته ما تمادى ولا ذكر المااااضي … لكن لا ينفع الندم لا ينفع ، نظر إليها وهم يجرونها للداخل ولم يشعر إلا بيد صغيرة أمسكت بيده وهي تنظر إليها معه
فؤاد(رمقها بقلب ملتاع وانحنى أرضا إليها وهو يمسح دموعها بيديه):- له يا دينا أين قوتكِ يا بنت ، لا يجوز هكذا ماما ستصبح بخير تمام ؟
دينا(ارتمت بحضنه):- أرجو ذلك عمو فؤاد أنا أحب ماما كيفما هي ، لا أريدها أن تتغير فقط لتعود إلي ولا تتركني وحدي اهئ …
اعتصرها في حضنه وحملها وهو يدخل بها لداخل المشفى ، لا يعلم هل يواسي نفسه أم يواسي الصغيرة .. وجد همام يمسح على فكه وهو يحادث بعض الأطباء الذين هرعوا للمساعدة لأداء واجبهم ودخلوا لغرفة المعاينة حيث اصطحبوا نور .. مضت تلك الدقائق صعبة جدا عليهما وهما ينظران لبعضهما فهو يجد فيها راحته وهي ترى فيه أمانه ، أمسك بيدها الصغيرة وهو يجلس قربها على كراسي الانتظار ابتسم لها كي تطمئن ووضع يدها على وجهه وهو يميل بعينيه ويتأمل غاليته الصغيرة ..
فؤاد:- ستكون أمكِ بخير ، هي قوية وهذا ما هو إلا مطب ستتجاوزه إن شاء الله
دينا(رفعت يديها بدعوة للسماء):- أتمنى ذلك من الله سبحانه وتعالى
فؤاد(أعجب بها وضمها لصدره):- آه يا قطعة مني …
دينا:- هل سننتظر كثيرا ؟
فؤاد:- قليلا بعد يا طفلتي .. قليلا بعد ..
شهاب(بشهقة اصطدام):- عمي ماذا تفعل هنااااا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
فؤاد(نهض بتفاجئ):- شهاااااب … ما الذي يحدث ؟؟؟
شهاب(نظر خلفه لسيارة الإسعاف):- هيا هيا أدخلووووها رجاء على مهلكم ، خالتي عواطف ست عواطف أين أنتِ ؟؟؟
عواطف(أتت مهرولة وفي حضنها شادي):- ها أنا ذا يا شهاب ، أين يأخذون ابنتي ؟؟؟؟
دينا(ركضت إليها ببكاء):- نانا نانا …. إنها ماما اهئ لقد فقدت وعيها …
شهاب:- أظنني يجب أن أحمل ابني، عمي أركض أركض
وهكذا حدث سرعان ما ارتخت عضلات عواطف من هول كل تلك المصائب ، لذلك التقطها فؤاد بسرعة وأجلسها على الكرسي وطلب إحدى الممرضات لتقيس ضغطها ، بينما وقف هو ليرى ما الذي يحدث ؟؟؟؟
فؤاد:- ما بها ميرا ؟
شهاب:- أ.. يعني تخاصمت هي وأمها قليلا فارتبكت ونزل ضغطها على ما أعتقد ..
فؤاد:- يا إلهي في نفس الوقت ؟؟
شهاب:- لماذا ما بها نوووور ؟؟
فؤاد:- فقدت وعيها وهي بشقتي يعني .. نحن ننتظر بعد ما سيقوله الأطباء
شهاب(بعدم تصديق):- نور .. نور فقدت وعيها وهي بشقتك ماذا فعلت بها يا عمي الله يخرب بيت جنونك ..
فؤاد(أشار لشادي):- لولا هذا الصغير لكنت دفنتك أرضا ، استحي يا ولد ..
عواطف(استعادت وعيها وهي تبكي):- أرجوكم أحدكم يطمئنني على بناتي ما الذي حدث لهمااااااا ؟؟؟
مع الأسف لا يمكننا يا خالة عواطف فكلاهما فاقدتي الوعي حاليا ، لذلك نظر شهاب لفؤاد وأرجحا معا أنه يلزم قدوم أحد من العائلة فاتصلا بالبيت ، ردت عليهما مديحة التي ولولت مذ سماع الخبر وانطلقت صوب المشفى لوحدها ، فإخلاص بقيت تحرس أولاد رنيم التي ذهبت لدرسها بينما نبيلة فضلت البقاء أيضا طالما الوضع ليس خطيرا لتلك الدرجة … اتصلوا بعفاف أيضا وبلغوها والتي توجهت مهرولة صوب عواطف ..
عفاف:- أمي أمي لم أعرف أنكِ موجودة هنا ، سلامتك يا أمي ..
عواطف(مسحت دموعها):- الله يسلمك يا بنتي لا تقلقي أنا بخير ، لكن رجاء أدخلي إلى سمر ونور فكلاهما في غرفة منفصلة ولم يخرج أحد ليخبرنا بالحالة
عفاف:- حاضر حاضر دقائق وأعود ..
ما إن همت بدخول غرفة نور حتى وجدت الطبيب قد غادرها لذلك سألته مباشرة وهي تلتقط أنفاسها ، بينما وثب فؤاد خلفها ودينا بجانبه ينتظران الأخبار ..
الطبيب:- لا تقلقوا مجرد انهيار عصبي ، مؤكد أن السيدة ضغطت على نفسها في الآونة الأخيرة وهذا ما جعلها عرضة لذلك لكن اطمئنوا هي على ما يرام ، يمكنكم أخذها بعد ساعات راحة ألف لا بأس عليها ..
فؤاد:- هل .. هل هي مستيقظة هل يمكننا رؤيتها يعني ؟
الطبيب(نظر لدينا التي كانت تبكي):- تمام يمكنكم رؤيتها لكن حاذروا الضغط عليها ، يلزمها راحة يومين وستكون بخير .. عن إذنكم
شهاب:- مشكور يا دكتور لكن هلا سمحت ودخلت لتلك الغرفة وتفقدت زوجتي ، إنها أختها
الطبيب(بحيرة):- هل فقدتا الوعي دفعة واحدة ؟
شهاب:- ههه والله قل ذلك للصدفة ..
الطبيب(ابتسم بطيبة):- لا تقلق سأرى ما بوسعي
شهاب(جذبه بهمس):- هي حامل يا دوك يعني لو تقيم الوضع سيكون أفضل
الطبيب:- تمام إن شاء الله خيرا ..
دينا(عانقت فؤاد):- هه دعني أراها عمو فؤاد ..
فؤاد(نظر لعواطف التي كانت جالسة وممسكة على قلبها):- لتدخلي أنتِ وجدتكِ أولا ..
عفاف:- أمي هيا تعالي سنتفقد نور ..
عواطف(مسحت دموعها):- الحمدلله ، الحمدلله
كان الأمر صعبا عليها أن تفزع على ابنتيها معا ، نور وسمر يعني ما هذه المصادفة الغريبة ، حسن هي تعلم أسبابا فقدان وعي سمر بعد خصامهما لكن ما الذي حصل لرجل البيت دعامتهم وأس قوتهم نور ، أيعقل أنهم ضغطوا عليها لدرجة عدم الشعور بها ، هل أهملوها لتلك الدرجة .. شعرت بالوخز في قلبها وهي تنظر لنور النائمة على السرير وقد بدا عليها الإرهاق الشديد ، أمسكت يدها وأخذت تبكي هي ودينا التي عانقت أمها وقبلتها وحاولت عفاف أن تضبطها لكن وجدت نفسها تبكي بدورها ، فنور لا تنهزم ينهزم كل أهل البيت يضعفون لكن هي لا ، لذلك لا يحق للمرض أن يتسلط عليها لأنها بوصلة الأمان بالنسبة لهم أساس البيت إن هزمت ستنهار كل دعاماته .. وهذا التخوف هو سر دموع عواطف وعفاف اللتين أشفقتا عليها لقد اهتموا بمشاكلهم ونسوا بعضهم لدرجة الانهيار العصبي …دخل شهاب إليهما وطلب منهما الخروج لتركها ترتاح قليلا بينما ظلوا ينتظرون تقييم حالة سمر ، في تلك الأثناء مسح فؤاد أنفه وهو يراقبهم وبعد فرصة وجيزة دلف لغرفة نور وأغلق الباب خلفه .. نظر إليها وقد اعتراه الندم شعر بالتأسف لأجلها لم يتوقع أن تصل الأمور لتلك الدرجة ، لكن ما لم يعرفه أنه وطئ على وترها الحساس دون أن يشعر بمعاناتها ، والآن هل اكتشفت أمره أم لا هذا كله ستجيب عليه نور بعد أن تستيقظ ..
فؤاد(أمسك يدها وقبلها بحرقة):- سامحيني يا حبيبتي ، كل ما حصل كان فوق طاقتي والله لم أقصد أن أجرحكِ بفراقي لكن لا يصح إلا الصحيح .. خفت عليكِ من أن أخسركِ وأفقدكِ لتستكيني تحت التراب ، فاخترت أن تكوني بعيدة لكن تبقين حية تتنفسين ذات الهواء الذي أتنفسه وهذا يكفيني … سامحيني يا نور عيني ..
أعاد يدها لمحلها وخرج من الغرفة ليتركها على سجيتها نائمة في ملكوت الله ، وهنا كان الطبيب يحادث شهاب على جنب بينما عفاف تفهم من الممرضة حالة سمر ، والحمدلله بدورها كانت تعاني بإغماء طفيف جراء حملها ولحظتها صدمت عواطف بالخبر ونظرت لشهاب إذ فهمت سر زواجهم السريع للتو …
عواطف(بلؤم اقتربت منه وجذبته من يده):- أريد محادثتك ..
شهاب:- تمام دكتور سأمر بمكتبك حماتي تطلبني ، نعم يا ست عواطف خيرا ؟
عواطف:- لقد تزوجت ابنتي لأنها كانت حاملا بابنك الثاني صحيح ؟
شهاب(زفر بعمق):- يُعد كذلك ، ثم نحن نحب بعضنا وكان هذا سيحدث عاجلا أم آجلا
عواطف(رفعت يديها):- لا أدري ماذا أقول لك يا شهاب ، لكنكم تفاجئونني مرة بعد مرة آمل أن تكون هذه آخر الصدمات
شهاب(ربت على كتفها):- ميرا بالنسبة لي امرأة مهمة بحياتي ، لن أجعلها تحزن مطلقا ومع أسفي الشديد لم أشأ أن أستمع لخصامكما فقد كان صوتكما مرتفعا لكن أريد أن أشيد بنقطة مهمة لفتت انتباهي ، حضرتكِ تلقين باللوم عليها لما فعلته منذ سنين تحاسبينها على كل الأخطاء لكن هل وقفتِ ولو لمرة واحدة أمام المرآة وحاسبتِ نفسكِ عما فعلته بابنتك ؟
عواطف(حدقت فيه):- أتحسبني أما جاحدة أو أنني أفرز بينها وبين إخوتها ، أنا أحب ابنتي لكن المصائب التي أقدمت عليها والخراب الذي زرعته في جنبات بيتنا لا يشفع لها أفهمت ؟
شهاب:- ما فهمته هو أننا لن نصل لنهاية بخصوص هذا الموضوع ، حتى لو تجادلتما اليوم بطوله لن نصل لنتيجة .. أنتِ ستظلين تلومينها على ّأفعالها بينما هي ستظل تعاتبكِ على إهمالكِ لها وفي الختام كلاكما تنصرف لحياتها بدون طائل وكأن شيئا لم يكن ..
عواطف:- هذا هو الحال ولن يتغير شيء
شهاب:- بل يتغير ، في نظركِ لما أجبرتها على تقدمي لخطبتها في بيتكم لكي أعيد بعضا من علاقتها بكم يعني على أمل .. لكنكم لا تساعدونني بشيء سرعان ما تشهرون سيوفكم لتذكروها بالذي مضى من مآسي وفواجع ، دوركم أهم بكثير من دوري فأنتم الأساس أنا مجرد زوج يحبها ويحرص على راحتها يعني المستقبل والحاضر ، إنما أنتم تملكون الماضي والحاضر والمستقبل دوما ما تسبقونني بخطوة ، وليكن في علمك سمر دوما تنتظر تلك المبادرة حتى لو كانت تخفيها بأعماق قلبها إلا أن روحها تهفو لأن تكون مثل باقي الأسر والعائلات ، حين أغضبها أو أجرحها تلجأ إليكم ، حين تضيق بها الحياة تجد ملاذها بينكم ، حين تتأزم أوضاعها تجد راحتها معكم يعني .. هكذا أقرأ خفاياها حتى لو كانت ترفض الإفصاح عنها .. وأنا واثق أنكِ مثلها يا خالة عواطف ترغبين بذلك وإلا ما كنتِ أتيتنا في زيارة بسبب واهٍ كمباركة الزفاف الذي لم نبلغكم به أصلا ..هممم
عواطف(سحبت نفسا عميقا):- أريد رؤيتها …
شهاب(ابتسم وأشار لها):- تفضلي ..
أغمضت عينيها وهي تتقدم صوب غرفة سمر ، فتحتهما على أمل ألا تجدها مستيقظة وبالفعل كانت ما تزال نائمة دخلت وأغلقت خلفها الباب ، وتقدمت إليها إلى أن اقتربت منها بشكل كبير لامست خصلات شعرها بحنان ، ربتت على يدها ومسحت على خدها بلطف وانحنت بهدوء قبلت جبينها ولحظتها خانتها دمعاتها ، فكم مر من وقت وهي تتمنى حصول ذلك ، كم تمنت لو تقبلها وتحضنها وتنسيا معا ما حدث سابقا ، كم تمنت ذلك بصدق ..
عواطف:- سامحيني يا صغيرتي أهملتكِ بشكل فظيع ، وفظاعته هي التي حولتكِ لهذه الأنثى المتمردة العاصية التي تأبى الرضوخ لقوانين أحد سواها .. لكنني أمكِ يا سمر أمكِ التي أنجبتكِ يا فرحتي الأولى أهكذااا تحاسبينني همم ، تتهمينني بأنني لم أفعل شيئا تجاه عنف أبيكِ طيب لم تستطيعي أن تري ما يدور خلف الأبواب الموصدة ، تحديدا خلف بابي أنا وأبوكِ قد كنت أكتم شهقاتي وأعض على مخدتي كي لا يسمع أحد آهاتي ، كنت أعاني معه كل ليلة وهو يمارس علي من قذاراته ما يجعلني أكرهه حتى الموت .. كان يعاقبني بذلك لأنني كنت أدافع عنكِ وأطلب منه أن يكف عن ملاحقتكِ واصطياد الفرص لضربك ، كنت أصرخ فيه لكي لا يعاقبكِ بذنب زوجته الأولى التي دمر حياتها مع الأسف ، آه يا ابنتي لم تستطيعي أن تري الحب الذي كنت أكنه لكِ وما زلت ليومنا هذا ، فمتى رأيتِ أما تكره فلذة كبدها هااااه متى .. أي نعم لم تحظي بنفس العطف الذي حظيت به أخواتك لكنني لم أفضلهن عنكِ ، فقد كانت قيمتكِ عندي أكبر منهن جميعا يا صغيرتي ، أحببتكِ لدرجة أنني قسوت عليكِ ليشتد عودكِ وتكبري قوية لكي تقاومي أباكِ وتقفي بوجهه أجل فعلت لكي تتخلصي من عباءة الذل والمهانة .. ساهمت في تحويلكِ لهذا بيدي وندمت بعدها فحين كنت أعتقد أن هجري لكِ سيزيدكِ قوة وصبرا نسيت بأنكِ بحاجة لعطف وحنان أمكِ أكثر من الجفاء ، كنت بدوري يافعة لا أعرف كيف أتصرف وهذا ما حسبته نافعا آنذاك ، لم أعرف أنني أقتلكِ رويدا رويدا يا غاليتي .. آه يا سمر آه يا ابنتي الحبيبة لو يعود بي الزمن للوراء لاحتضنتكِ بين ذراعي وجعلتكِ لا تغادرين حناياها ، فكيف أعيد أواصرنا المنكسرة يا ابنتي وأنتِ تكرهينني لتلك الدرجة كيف ؟؟؟؟
~ عواطف تتذكر ~
قبل عدة ساعات نزلت من سيارة الأجرة التي استقلتها لفيلا سمر ، فور نزولها منها شعرت بقشعريرة تسري بجسدها كاملا هي تعلم أن خطوتها تلك غير محسوبة العواقب لكن عليها أن تقدم عليها ، رنت الجرس وفتحوا البوابة الكبيرة لها ومن فورهم أدخلوها .. أعلموا هنادي بخبر قدومها وحضرت لاستقبالها ..
هنادي:- أهلا وسهلا ست عواطف نورتِ .. يا لها من مفاجأة غير متوقعة حقيقة ..
عواطف:- شكرا يا ابنتي ، يا ترى هل سمر موجودة ؟
هنادي:- طبعا هي بغرفتها سوف أعطيها خبرا
عواطف(بارتباك):- سأنتظر هنا بالصالون إذن ..
هنادي:- ماذا تشربين حضرتكِ ؟
عواطف:- لا شيء مشكورة ..
ابتسمت لها هنادي وصعدت ركضا لفوق وجدت باتريك بطريقها فجذبته خلفها لفوق ، هنا نظر إليها الغبي بسذاجة واعتقد أنها تريد تقبيله
باتريك:- هيه يا بنت ما بكِ هل ترغبين بتقبيلي على فكرة أنا لا أمانع
هنادي(ضربته لكتفه وجعلته يفتح عينيه من الألم):- لم أجد ما أقبل سأقبل ذو الشعر المجعد مثلك ، غبي .. اسمعني يا رأس البطيخ أم سيدتنا بالأسفل يا ترى هل أخطأ حكيم ونور بالحديث وأخبراها بحادثة ميرا ليلة أمس ؟
باتريك(شهق ووضع يده على فمه):- أحقا فعلاها لكن سيدتي نبهتم على عدم الإفصاح
هنادي(ماتت من عبطه):- الله يخرب عقلك ، يا ولد ركز معي أقول هل يا ترى نفترض يعني
باتريك:- هااا لكن دعيني أرى إنها تبدو هادئة ما ربما زيارة عادية ؟
هنادي:- ومنذ متى الست عواطف تزورنا يا فهيم ، ماذا علي أن أفعل في نظرك ؟
باتريك:- لا شيء ستبلغين سيدتنا وننزل كالملائكة أنا وأنتِ ونختفي بالمطبخ محسوبك جوعان ميت
هنادي(باشمئزاز دفعته):- حتى لو ابتلعت عجلا ستبقى جائعا ، ابتعد عني
باتريك(رفع شفته وهو يتحرك بإباء):- بطة عرجااااء ..
هنادي(رمقته بنظرة قتل وتوعدته من محلها وهي تطرق الباب):- احم إنها أنا سيد شهاب
شهاب(فتح الباب بقميصه الداخلي):- نعم هنادي ما الأمر ؟
هنادي:- أمم بصراحة هنالك ضيفة قدمت لأجل السيدة ميرا وهي تنتظرها بالأسفل
شهاب:- أيا كانت تكون اطرديها بلطافة ، سيدتكِ متعبة قد رأيتِ أنها منذ عودتها ليلة أمس من ذلك التصوير اللعين وهي تتقيأ قد أتعبها العمل وجيد أنها انتهت من تصوير آخر المشاهد وإلا لكنت حبستها بجناحها ..
هنادي(فركت يديها حين رأته سيغلق الباب):- ولكن هي ضيفة مهمة يعني لن يسعني طردها ، هذا لا يجوز
شهاب:- تمام تنحي جانبا سأقوم بطردها بنفسي
هنادي(اعترضت طريقه):- إنها السيدة عواطف والدة الست ميرا ..
شهاب(بدهشة):- أيوة وما الذي أحضرها يا ترى .. تت تمام ضيفيها وخذي شادي إليها ماشي سأوقظ ميرا
نزلت هنادي من فورها بعد أن أومأت له بموافقة لترافق عواطف بالصالون ، وعاد هو للغرفة رآها نائمة في أمان وانحنى لعنقها بعد أن جلس قربها مضطجعا .. قبل كتفها وعنقها وداعب خصلات شعرها لحين استيقظت وفتحت عينيها وهي تبتسم ..
ميرا:- بيبي .. دعني أنام أشعر برغبة في النوم
شهاب:- لو وافقتكِ ستلدين تلك البنت وبها 40 كيلو وما فوق ، هيا استيقظي حبيبتي
ميرا(بكسل جذبته من قميصه وقبلته في شفتيه):- خذ قبلة الصباح واذهب من هنا لكي أنام في راحتي هيا ..
شهاب(قبلها من جديد وهو يمتص شفتيها):- علما أنها قبلة ناقصة لكن تت ، مؤسف عليكِ أن تستيقظي لتقابلي ضيفتكِ التي تنتظركِ بالأسفل
ميرا(بهلع):- من من نور أو حكيم ؟؟؟
شهاب(عقد حاجبيه):- ليسا هما ثم لما ارتعبتِ هكذا .. ميرا ؟
ميرا(ابتلعت ريقها وهي تعدل خصلات شعرها):- لالا ولما سأرتعب فقط سألتك ، طيب من ؟
شهاب(امتص شفتيه وهو يدرس ردة فعلها قبل أن يفجر الخبر بوجهها):- أمكِ ..
ميرا(كانت تدلك عنقها):- ههه تمام دعها تنتظر ، هئئئئئئئ من قلت أمي .. أمي أناااا ؟
شهاب:- أجل عواطف هانم ..
ميرا(الله يخرب بيتك يا نور لما أخبرتها لما ستفضحني الآن):- تتت لما أتت ؟
شهاب(أزال الغطاء وجذبها من يدها):- ما هذا الذي تقولينه يا ميرا ، عيب هي أمكِ وبابنا مفتوح لها في كل وقت
ميرا(رمشت وهي تلبس خفيها):- لم أقصد ذلك لكن استغربت فقط
شهاب(أمسكها من خصرها وقميص نومها الأسود القصير يزيده لوعة):- لولا أنني أعرف أن الظرف لا يسمح لكنت تركت العمل وأبو العمل وبقيت معكِ على السرير
ميرا(عضت شفتيها وضربته لجبهته):- احترم بنتك ما هذا الذي تقوله احم .. أ سوف أرتدي ما يناسب وأنزل لمقابلتها هل لك أن تسبقني ؟
شهاب(قبل جبينها بمحبة):- سأنهي ارتداء ثيابي وأراها ، لا تتأخري
ميرا(اتجهت للحمام):- ماشي / فف ما الذي أحضركِ يا أمي والآن يعني حرام نور تطبق فمها حرااام … ها قد أقلقتها دون داع هفف ..
بعد مدة نزلت بفستان مناسب وجدت شادي بحضن عواطف وشهاب يلاعبه ويمازحه ، رأت ابتسامة أمها واعتقدت أنه لا علم لها بما حصل أمس في موقع التصوير ، لأنه لو كان كذلك لكانت صعدت إليها واقتحمت خلوتها حتى … تنحنحت عند آخر الدرج وهنا رفعوا وجههم إليها وأخذ شهاب شادي من أحضان عواطف ليطعمه حليبه في الصالون الآخر ..
شهاب:- عن إذنكِ يا جدتي سأعود بعد قليل ..
عواطف(نهضت ولوحت للصغير):- وأنا بالانتظار ..
ميرا(قبلت وجنة شادي وابتسمت للمسة شهاب على وجهها واقتربت من عواطف وهي تكتف يديها):- خيرا ؟
عواطف(تنهدت بعمق وهي ترمق شهاب مبتعدا بشادي ونظرت لميرا):- أردت رؤيتكِ ..
ميرا(سحبت نفسا عميقا وابتسمت وهي تشير لها):- تمام تفضلي بالجلوس ..
عواطف(فركت يديها توترا مع هذه البداية التي لا تبشر بالخير):- بصراحة زيارتي خاصة بعض الشيء ..
ميرا(هل تقصد ما حدث بالأمس مثلا):- نعم بخصوص ؟
عواطف:- ليس شيئا معينا يعني بصفة عامة ..
ميرا(تنهدت بارتياح يعني لا علم لها بيوم أمس جيد):- مثلا ؟
عواطف:- بدون أن تضغطي علي ، هل يجب أن يكون هناك سبب لكي أراكِ ؟
ميرا(وضعت رجلا على رجل وهي تنظر إليها):- إنها عادة جديدة هذه يا ست عواطف ، منذ متى ؟
عواطف(ابتلعت ريقها من ردود ميرا الجافة):- سمر ..
ميرا(بعناد):- ميرااا هنا في قصري ناديني بميرا ، حين أكون هناك ببيتكم القذر يمكنكِ مناداتي باسم سمر فحين أسمعه هناك أتذكر جيدا من أي مستنقع هربت
عواطف(اهتزت حدقتيها مندهشة منها):- لؤمكِ هذا .. ألن يتغير ؟؟
ميرا(وضعت يدها على فكها):- والله لم أجد داعيا لذلك ، فأنا هكذا مرتاحة بعيدة عنكم
عواطف:- تزوجتِ حتى دون علمنا
ميرا:- ههه لا تقلقي ستأكلين حلوى الزفاف الذي سنقيمه آخر الشهر ، يعني لم يتغير شيء
عواطف:- وقاحتكِ ازدادت مع مرور الزمن ، عيب أنتِ أم الآن ..
ميرا:- والله ؟؟؟ طيب يا نبع الحنان ألم تفكري يوما بأنكِ أم أيضا لي ؟؟؟ هااا لحظة لحظة دعيني أجيب بدلا عنكِ فأنتِ أم لميرنا ونور ورنيم ومرام وطارق أيضا وفقط ، أما أنا ابنة الشارع صحيح ؟
عواطف(تنهدت بنفاذ صبر):- لم آتي هنا لخلق المشاكل ولا لفتح الدفاتر القديمة
ميرا(أردفت بشراسة):- والتي لم تقفل يوماااا
عواطف:- الآن ماذا تنتظرين بعد ، لقد مرت سنوات على مشاكلنا ألم يحن بعد الوقت لتنتهي
ميرا(صفقت بحماس):- هوهوووه ست عواطف ، أرى أنكِ قادمة لفتح باب الوصل من جديد لكن مؤسف أتيتِ متأخرة
عواطف:- سمر .. أنتِ ابنتي
ميرا(عضت شفتها بسخرية):- أحقاااا ، كدت أنسى ذلك حتى … ههه أتعلمين ما الذي يزيد من سخرية الموقف أنني بعمري ما اعتقدت أنكِ أمي الحقيقية
عواطف(هنا نهضت بعدم صبر):- كيف تجرئيييين ؟
ميرا(نهضت مقابلها بغضب):- لأنكِ لم تشعريني ولا للحظة أنكِ كذلك ، كل العطف أغدقت به بناتكِ الأخريات بينمااااا أنا كنتِ ترين فيني لعنة البيت السبب الوحيد وراء تعاسته ، كل هذا لأن القدر جعلني شبيهة بتلك المرأة التي عشقها زوجكِ الكريم .. أم تراكِ نسيتِ هذا كله ؟؟؟
عواطف(دمعت عيناها وهي تقترب خطوة من ميرا):- لم أنساه يوما لكن .. اعتقدت أن الزمن كفيل بالتئام الجراح ، فما بالي أرى فيكِ نفس الكره ونفس الغضب الآن ؟
ميرا(ضربت على صدرها وهي تبكي):- لأنني بعمري ما نسيت تلك السنوات السوداء التي قضيتها ببيتكم ، لم أنساها ولن أفعل إلى أن أموت … ولن أسامحكِ أمي لن أسامحكِ على تخليكِ عني وعلى وقوفكِ ضدي في أحلك ظروفي ، لن أسامحكِ لأنكِ لم تأخذيني في حضنكِ كأي أم ولم تجعليني أشعر بدفئكِ ولا مرة .. حتى حين أنجبت ومات طفلي لم أحظى بحضنكِ الذي ركضتِ لتغدقي به طارق بدلا عني أنا التي احتجت لكِ أكثر وقت ممكن ، بعدها ماذا فعلتِ حبستني في غرفة ولم تفكري لحظة بزيارتي ولا بمواساتي حتى كأنكِ كنتِ تستلذين بعذاااابي ألهذه الدرجة كنتِ تكرهينني ؟
عواطف(حركت إصبعها برجفة):- أبدا يا سمر أبدا لم أكرهكِ يوما يا ابنتي ، كيف أكرهكِ وأنتِ قطعة مني هااااه .. صحيح قسوت عليكِ وكنت أما فاشلة ولم أستطع حمايتكِ لكنني كنت أبكي الدم لأجلك ، فكيف تظنينني بهذا السوء يا سمر ؟؟؟؟
ميرا(بتعب استدارت مولية ظهرها لها):- الآن ما فائدة فتح الجراح ، أوجزي سبب قدومكِ لأنني متعبة ..
عواطف:- إلى متى ستعاقبينني بجفائكِ هكذاااا ؟
ميرا:- هه ألستِ أنتِ التي نبذتني ونفيتني من ذلك البيت أم أنني أدعي العكس ، ألستِ أنتِ من قلتِ أمام الملأ أنكِ تأبين دخولي لبيتكم ولو حتى بعد موتك .. كنتِ قاسية ظالمة جداااا معي فلا تنتظري مني العودة عن هذاااا أبدا لأنني أتصرف حسبما تستحقينه ماما حبيبتي ..
عواطف(ابتلعت استهزائها وحملت حقيبتها):- أعتقد بأنني أخطأت حين فكرت أنه من الممكن لأجل ابنكِ أن نبدأ صفحة جديدة لكنكِ ستبقين على طبعكِ الدنيء ..
ميرا(صرخت وهي ترى أمها مغادرة):- ومن أين أحضرته في نظرك ، أنا ابنة ذلك الرجل الظالم الحقير الله لا يسامحه الله يحرقه بنار جهنم لن أسامحه أبدا ولن أسامحكم أسمعتِ ، ولا تأتي إلى بيتي مرة أخرى لا أريد أن أراكِ لا أريد لا أرييييييييييييييييييييييد …
عواطف(التفتت إليها بحرقة وهي تبكي):- سمر ابنتي ..
ميرا(أرخت يديها بقلة حيلة وتقدمت خطوة إليها):- أمي …
عواطف(ركضت إليها):- سمر سمر …. ما بكِ سمر ؟؟؟؟؟
ميرا(حاولت فتح عينيها لكن لم تستطع):- أمي …. أم…
عواطف(صرخت وهي ترمق فقدان ابنتها لوعيها):- شهااااب شهاب ساعدني شهااب .. سمر سمر استيقظي يا حبيبتي سمر …
سقطت مغشيا عليها في حضن عواطف التي جلست أرضا وهي تمسكها بلهفة ، بينما ركض إليهما شهاب وحملها بين ذراعيه ووضعها على الكنبة ..
شهاب:- هنادي اتصلي بالإسعاف حااااالا … ميرا حبيبتي أنا هنا أنا هنااااا …
عواطف:- ما بها ابنتي أخبرني ؟؟؟؟
شهاب(عض شفتيه):- لا أدري سنذهب للمشفى وهناك نعرف ..
وهكذا كان أخذت عواطف تلطم وهي تبكي على ابنتها ، وتعض لسانها ندما على ما قالته وجعلتها تنهار بذلك الشكل لكن ماذا تفعل هي فلذة كبدها والبعاد قد طال ، أرادت أن توقفه فلا أحد يضمن عمره والغضب قد يبقى لأبد الدهر لكن الزمن هو الذي لا يتوقف … أخذت شادي في حضنها وركبت بسيارة شهاب الذي لحق سيارة الإسعاف التي قدمت وأخذت ميرا للمشفى ، وها هي ذي نائمة على سريرها في الوقت الحالي وعواطف تمسك بيدها وهي ما تزال تبكي وتطلب العفو من صغيرتها التي تألمت بحجم الجبال ..
عواطف(قبلت يد ميرا وهي تضمها لصدرها):- فهل ستشفعين لي يوما يا ابنتي ؟
لم تجد الجواب الذي تنتظره لذلك سحبت نفسها من هناك وخرجت من الغرفة ، لحظتها فتحت ميرا عينيها وهي تبكي وترتجف وتعض على يدها من شدة الموقف المؤلم ..
ميرا(بصوت منتحب):- ألا تشعرين بي يا أمي ، أريد أن أسامح وأنسى وأرتمي بحضنكِ .. أريد ذلك بشدة لكنني لا أستطيع ذلك حتى وأنا في أحلكِ أوقاتي ، خوفي على ابنتي وعلى حياتي يجعلني أبقى على عهدي كي لا تألفوني من جديد وتحزنون لو وقع لي مكروه .. هكذا أفضل لمصلحتكم يا أمي اهئ … اهئ
شهاب(دخل لحظتها وكأنه شعر بها ، أقفل الباب خلفه وركض إليها):- شتت يكفي حبيبتي أنا هنا أنا هنا ..
ميرا(رفعت رأسها وارتمت بحجره بعد أن جلس على سريرها):- أنا أتألم يا شهاب، داخلي ينزف ينزف اهئ …
شهاب(أخذ يمسح على شعرها ويهدهدها):- تمام تمام حبي كل شيء سينتهي همم ، سنعود لبيتنا أنا وأنتِ وشادي وفلة ونعيش في سعادة لن يستطيع أحد كسرها .. تمام لا تبكي يا عمري قلبي فدا كل دمعة تنزل من عينيكِ ..
ميرا(تمسكت بيديه وهي تبكي بحرقة):- لا تتركني وحدي مجددا لا تتركني …
شهاب(قبل شعرها وهو يمسح عليه بحنان):- لن أترككِ أبدااا يا روحي ..
فؤاد(بنفس الوقت):- لن أترككِ أبدا يا نور … أبداااا
نظر إليها وقد بدأت تفتح عينيها وابتعد قليلا لكي لا تنزعج من قربه منها ، حاولت استيعاب مكانها أول شيء وبعدها استذكرت ما حدث معها ونظرت إليه وهو يقف بجوارها ، رمشت بعينيها محاولة التنفس بهدوء وتذكرت ابنتها ..
نور:- دينا أين ابنتي ديناااا ؟
فؤاد:- اهدئي يا نور هي خارجا مع أمكِ لا تقلقي ..
نور(رفعت رأسها لكنها شعرت بثقل فعادت ورمته على الوسادة):- ماذا حصل لي ؟
فؤاد(عض شفتيه وجلس على الكرسي جانبها):- فقدتِ وعيكِ هذا كل ما بالأمر ..
نور(بصوت متحشرج ضحكت):- هه ، هل تعتقد أنني فقدت وعيي أم فقدت ذاكرتي ؟؟ من أنت أخبرني الآن وإلا لن أجعلك ترى وجهي في حياتك ..
فؤاد:- ليس وقتا مناسبا لمعرفة هذه الحقائق ، أنتِ ارجعي بصحة وعافية ولنا حديث مطول سأغادر الآن ويمكنكِ عدم الذهاب للشركة خذي وقتكِ الذي تريدين ..
نور(حركت رأسها):- طبعا طبعا سآخذ وقتي اللازم ..
فؤاد(آثر الخروج قبل أن تتعقد الأمور):- انتبهي لنفسك وداعا ..
نور(رمقته وهو يغادر غرفتها وأغلقت عينيها وهي تشعر بدفء حار في عينيها):- هيا نور هل عدتِ لذلك البكاء مجددا ، ماذا قلنا هااااه ماذا لا بكاء من بعد تلك الحقبة قد تخلصتِ من تلك العادة لسنين ساحقة إذن تابعي على ذات المنوال ، فما عاش ولا كان اللي يبكيكِ .. هفف هاتفي أين هو ؟؟
فتحت الحقيبة المتدلية بعمود سريرها وأخرجت هاتفها بسرعة طقطقت الرقم واتصلت ..
نور:- ألو هل لكِ أن توصليني بمنذر فورا لو سمحتِ اتصلت على رقمه لكن لم يجبني .. تمام ورقية هااا طيب صليني بمدير العلاقات الإدارية بالشركة ، أوك سأنتظر .. / سترى يا فؤاد رشوان سترى ما سأفعله .. نعم لو سمحت أنا نور الراجي مساعدة السيد فؤاد رشوان كنت قد طلبت استقالة منذ فترة ولكن أوجزوا لي أنه لا يحق لي طلبها إلا بعد مرور ثلاثة أشهر على العمل فهل يا ترى أملك فرصة للاستقالة قبل ذلك الوقت ؟
المدير:- ولكن يا سيدة لا يوجد قانون بشركتنا يفيد هذه المدة المحددة ، أظنكِ أخطأتِ ؟
نور:- كيف ماذا تقول ، لقد رأيت القرار بأم عيني من يد منذر و .. رقية ههه يعني كانت من البداية مجرد لعبة
المدير:- ألو ألو سيدة نور أنتِ معي ؟
نور:- معك معك إذن رجاء حارا مني بلغ المدراء بأمر استقالتي ، وأي رسوم مترتبة علي ابعثوا لي بها على عنواني السيد فؤاد يعرفه جيدا آه وبخصوص راتب هذا الشهر تصدقوا به على الفقراء لست بحاجة له .. تمام هل فهمت ما عليك فعله ؟
المدير:- مع أنني أجزم أن حضوركِ حتمي لكن سأبلغهم بمرادك
نور:-يكون خيرا سأسعد لأجله ، شكرا لك .. هكذا يا فؤاد تلعب معي تمام لنلعب إذن لكن لحين أفهم منك ما الذي تخفيه عني لحين أفهم …
وضعت يدها على رأسها وقد غزاها الصداع ، فحالتها كانت غير مستكينة ومع ذلك ترهق نفسها وعليه الراحة الحتمية ملزمة منها ، مرت عدة ساعات وأخذ شهاب ميرا للبيت هي وابنهما الذي نام من فوره ، طبعا لم تنظر ناحية عواطف أو مديحة بل ظلت متقوقعة تحت جناحي شهاب هاربة من نظراتهم حتى ، أما هما فتحسرتا لحالها وبكتا على ذلك المآل الجارح الذي يعيشونه معها .. جاءت عفاف بعد أن استأذنت بالخروج قبل موعد انتهاء دوامها لأجل اصطحاب نور ، فقد حضر طلال لأجل ذلك والذي اتصل به حكيم لكي يتوجه للمشفى بعد أن طلبوا منه الحضور ولأنه كان في وضع حساس لم يستطع ذلك ، وعليه أخذهم للبيت بطيب خاطر ودينا كانت فرحتها لا تسعها بعد عودة أمها إليهااااا بعد كل ما حدث ..

في ذلك الوقت أيض
كان حكيم ينظر إلى الصور على الهاتف وقد امتن من حدوث ذلك وانتهاء هذه العقبة ، خصوصا أن مصنع الألعاب أيضا تم بيعه لفائدة المزاد إذ انسحب منه هاشم الرفاعي بشكل نهائي وهنا دفعه المالكون الأصليون للمزاد ، أما الصور التي كان يتفقدها وهي التي أذاعتها نشرة الأخبار بعد الحريق المروع الذي جعل شركة هيرمكانا رمادا بسبب تماس كهربائي تسبب بخسارتها ..
حكيم:- جيد جدا ، ماذا عنهما ؟
رشيد:- فننن سفَّرناهما لغير مكان ..
حكيم:- رائع ، الآن عليك أن تركز معي جيدا سوف نتوجه أنا وأنت الرجال صوب مكان محدد لذلك تسلح ودع الرجال يتسلحون سننتظر حضور طلال لنتحرك ..
رشيد:- هل هو اقتحام أم سرقة أم ماذا بالتحديد ؟
حكيم(رفض أن يخبره بأي معلومة):- قد نسميه مباغتة العدو في عقر قلعته .. همم هيا استعدووووا على الفور ..
رشيد(لم يفهم منه شيئا لكنه توجس):- ههه فقط لو تبلغني بالهدف ؟
حكيم(نظر إليه بتمعن):- هل أخبرك ميار قبل قليل عنه ؟
رشيد:- لم يفعل أمرني أن ألتقي بك وأستقبل الأوامر منك وفقط
حكيم(ارتدى نظارته الشمسية واتكأ على سيارته المركونة رفقة بقية السيارات في طريق فرعي فارغ):- أوك افعل ما أمرك به إذن وبفم مطبق …
ابتسم رشيد وهو يحاول إخفاء ارتباكه فما الذي يريدون اقتحامه ومباغتته ، ثم من يكون هذا الشخص الذي يفكرون بمداهمته وقتله وطلبوا كل هؤلاء الرجال وكل هذه الأسلحة أكيد هنالك أمر أخطر مما يعتقد ، بقلق انسحب بهدوء مستغلا حديثه مع الرجال وبعث برسالة نصية لرقم مجهول … وبعدها عاد وكأنه لم يقدم على شيء هنا سندعهم ينتظرون طلال قبل الاقتحام ، وننتقل للجريدة التي كان يسودها القلق والارتباك ..
إياد:- لم أفهم منكِ شيئا ميرنا ، مقالتكِ جيدة لكن هنالك مقاطع مبهمة لم أستطع قراءتها .
جوزيت(فركت يديها):-يوووه يا إياد أنت تضغط علي كثيرا ، أخبرتك هذا ما خرج معي وأنا أكتب لا تدقق ثم المقالة تطبع الآن ساعات وها هي بين يديك
إياد(زفر بعمق):- لا تؤاخذيني رأسي يدور حقيقة بعد الخبر المؤسف الذي سمعته ..
جوزيت:- أي خبر ؟
إياد:- شركة هيرمكانا احترقت كليا بفعل التماس كهربائي أو ما شابه ذلك ، مع الأسف حين خرج القرار لأجل مداهمتها خسرنا هذه الفرصة
جوزيت(ابتلعت ريقها بارتباك):- لا تحزن يعني .. أ إنها صدفة على الأغلب من سوء الحظ
إياد(مسح فكه بتذمر):- كنا على وشك الوصول لشيء لكن مجددا نعود خطوات للوراء
جوزيت(انتفضت من ضربة يده على مكتبها وحزنت عليه):- مهلا يا إياد ، دعنا لا نفقد أعصابنا أكيد سنحصل على ما نريد ..
رامز(دخل وهو يزفر):- اللعنة احترقت الشركة يا رجل احترقت ، وهذا القرار بالموافقة هاه أنظرا كيف يعني كيف حين قررنا مداهمتها تحترق ، يعني هذا التماس لم يستطع الالتحام والاحتضان إلا على وجوهنا نحن ؟؟
جوزيت(رمشت بعينيها وهي تحاول تذكره اسمه قد أخبرها به حكيم لكنها نسيت):- ..لارد
رامز(أطل عليها):- ما بكِ مستكينة يا بنت ، هذا وأعرفه قد دخل في صدمة وأنتِ ؟
جوزيت:- أنا بخير ..
رامز:- عال والله طيب يختي هل تعلمين ماذا حدث مع السيد جميل الحارس الذي دوخته بطلتكِ البهية ، قد تم إدراج المصنع لفائدة المزاد سحب هاشم يده من المبنى
إياد:- كل هذا يسير وفق تخطيط معين ، اختفاء هاشم الذي لم يخرج للساحة حتى الآن ويصرح بالحادث وأيضا احتراق شركته وتخليه عن المصنع كل هذا مترابط مع بعضه
رامز:- ليس هذا كل شيء أعتقد أنه تمت تصفيته وإنهاء العمل معه ، لأنه أصبح كرتا محروقا
إياد(بتفكير):- تماما هذا ما قصدته ، حين فرغوا منه تخلصوا من مخلفاته وأخفوه بعيدا
رامز:-قمة الدهاء .. لكن كيف علموا بأمر مداهمتنا فهذا الخبر لم يعلم به أحد غيرنا وغير النائب والمفوض العام ، حتى الفريق لم يعرف بالحدث ؟؟
إياد:- وكيف عرفوا بكل ما سبق ، الفهد البري أذكى مما نظن إنه يسري بين عروقنا يحسب أنفاسنا حتى.. لذلك دوما ما يسبقنا بخطوة .
رامز:- هييه يا صاح هل ستحزن الآن أم ماذا ، ما زلنا في بداية الطريق .. عموما هل تذهب معي أم ستبقى هنا ؟
إياد:- لا نفس لي للعمل سأخرج معك لنتجرع بعد القهوة لعل المزاج يعود لمحله
رامز:- حسن لدي ساعتين راحة قبل أن أعود للمركز لمتابعة تطورات الحادث ..
إياد(مسح على وجنة جوزيت):- هيا غاليتي نلتقي ..
جوزيت(بعيون دامعة):- لا تحزن بليييز ..
تنهد إياد بقلة حيلة وخرج من هناك رفقة رامز أما هي سرعان ما حملت حقيبتها وخرجت بدورها ، ارتمت بسيارة أجرة وانطلقت لغير وجهة في تلك الأثناء اتجه رامز وإياد لأقرب مقهى أخذا قهوة وجلسا يفكران ويدققان فيما حدث …
رامز:- آه يا إياد آه ، أكاد أجن وأنا أفكر بالخائن الذي يعيش بيننا .. يعني مستحيل أن يعرف الفهد إلا من مركز الشرطة ..
إياد(امتص شفتيه):- أو منا ؟؟؟
رامز(بعدم فهم وضع فنجانه):- ماذا تقصد ؟
إياد:- من يعرف غيري وغيرك وغير ميرنا النائب والمفوض وفقط ؟؟
رامز:- تماما ولا يمكن أن يعرف أحد غير هذه المجموعة الضيقة ، قد جاءت الأوامر الصارمة من المنظمة لذلك اتخذنا احتياطاتنا ولكن مع ذلك وجدوا ثغرة وهزمونا للمرة الألف
إياد:- إن لم أكن أنا من باع الخبر ولا أنت ولا ميرناااا ، إذن وارد جدا أنهم يتنصتون علينا
رامز:- هذا ما لم أفكر به صراحة ، يسلم مخك أحيانا يعمل بدل مضغ العلكة
إياد:- يا أهبل فكر معي جديا ، أنا أخبرت ميرنا عن موضوع هيرمكانا في السيارة
رامز(نهض من فوره ودفع الحساب):- إذن انهض انهض سنفتش سيارتك شبرا شبرا حتى نجد أداة التصنت ، ما ربما كانت هي التي تجعلنا في الخلف دومااااا ..
إياد:- هيا لنبحث ..
توجه رفقة رامز لسيارته ونكشوها نكشا وهم يبحثون عن جهاز التصنت لكن بدون فائدة ، لم يتوصلوا لشيء وقرروا سؤال ميرنا عن ذلك والبحث بشققهم أيضا لدواعي أمنية ولاتخاذ الاحتياط اللازم ، وعلى ذلك الاتفاق اتصلا بميرنا ولكنها لم تجب على هاتفها فقد كان مغلق وتذكر إياد أنها أعطته رقما آخر أحضره حكيم لأجلها وطبعا كان رقم جوزيت واتصل عليه ..
إياد:- ألو ميرنتي اسمعي لقد توصلت لاستنتاج أنا ورامز قبل قليل ، يجوز أننا قد وقعنا في مصيدة وهم يتنصتون علينا ونحن كالبلهاء نتحدث في كل مكان
جوزيت(بعدم فهم):- ماذا تقصد إياد لم أفهمك ؟؟؟
إياد:- بحثت أنا ورامز عن جهاز التصنت في سيارتي لكن لم نجد أثرا له ، ربما كانوا يضعون واحدا بشقتي من يدري عموما سأتوجه إليها لأبحث أنا ورامز لو أردتِ الانضمام تعالي .
جوزيت(مسحت على رأسها من هذه الورطة):- لا أدري سأتصل بك إن وجدت وقتا ، موفقين
إياد:- تمام غاليتي نلتقي .. هيا رامز لنذهب لشقتي فورا إن وجدت وقتا ستنضم إلينا
رامز:- ماشي على خيرة الله
جوزيت(من محلها):- يا الله على هذه الورطة كيف سأتصرف أنا كيف ؟؟؟ … حكيم أكيد فمن سينجدني سوااااه..(اتصلت به من فورها) والله الأمر عاجل أين أنت ؟
حكيم:- على ناصية الطريق المؤدي لجهنم ، تكلمي ماذا هناك ؟
جوزيت:- افف إياد يشك بأمر هيرمكانا ومن سرب الخبر لها ، ومن يعرفون بالأمر محدودون على عدد الأصابع لذلك أرجحوا أن السبب راجع لجهاز تنصت يضعه الفهد البري بمكان قريب من إياد، لذلك بحثوا في سيارته هو ورامز لم يجدوا شيئا وهما متجهين إلى الشقة لتعميم البحث ماذا علي أن أفعل الآن ؟
حكيم(حك جبينه بتفكير):- تمام لا تفعلي شيئا عودي للبيت وانتظريني هناك ، ساعتين وأعود بدوري وأعطيكِ جهاز تنصت تضعينه بشقة إياد دون أن يحس بكِ أحدهما تمام ؟
جوزيت:- تمام ، لكن لحظة ما هذه الضوضاء حولك ؟
حكيم:- جوزي لقد دخلتِ خاطري يا بنت وأحببتكِ في الله لذلك إن حدث لي شيء ، تعلمين ما عليكِ فعله نحن سنداهم قصر غضنفر الآن ادعي لنا ..
جوزيت(بخوف):- يا إلهي هل سيتم ذلك الآن ، طيب هل ميار معك ؟
حكيم:- لا ليس معي ولا يستطيع الانضمام هو متعب قليلا ..
جوزيت:- متعب متعب ،، يعني مرييييييض ما به يا حكيم ؟
حكيم:- يا الله ستبدأ نزعة العشق الآن ، فيما بعد سأحكي لكِ وإن لم يتسنى لي ومت اليوم سآتيكِ في الحلم وأخبركِ تمام روحي سلام ..
جوزيت:- ألو ألو … تبا هل حقا هو مريض يا حبيبي يا مياااااار
مطت شفتيها حزنا ونهضت من المطعم الذي جلست فيه قليلا لتريح أعصابها ، وقررت العودة للبيت مثلما طلب منها لعلها تستوعب أيضا كمية الأخبار التي تنتظرها هناك .. هنا كانت الاستعدادات على أوجها أعطى حكيم خطة لرجاله وهي كالتالي ، طلال يترأس مجموعة ويقتحم القصر من الخلف بينما يتوجه هو ومجموعة من الأمام والباقي سيتجهون مع رشيد من جوانب المكان
حكيم:- أهم شيء السرعة وحماية أنفسكم ، اتفقناااا ؟
الرجال(جميعا في آن الوقت):- جاهزوووون
حكيم(حرك زناد مسدسه):- دعواتي لكم على بركة الله ..
انطلق رفقتهم بهدوء صوب القصر ، ولم يلفت انتباههم أي من الحراس خارجا ، لذلك أمنوا للمكان ودخلوا ببطء كخلية النمل التي تفرقت في كل اتجاه ، تفرع الرجال حسب الخطة ووصل حكيم لمدخل الباب الرئيسي ، رفع مسدسه ونظر لرجاله من خلفه وفتح الباب بحرص شديد وصوبه للداخل في كل اتجاه لكن تفاجئ أن المكان فارغ ، وهنا انتشر الرجال في أرجاء الفيلا كلها ولم يجد أثرا لأي إنسان ، ولحظتها جن جنووووون حكيم خصوصا حين وجد ورقة بالصالون ذات الحجم الكبير معلقة على المدفئة ومكتوب عليها ، احرص على أن تجدني المرة المقبلة تحياتي غضنفر … التقط تلك الورقة بعصبية ومزقها لأشلاء وهو يصرخ بكره وعصبية قد فلت منهم مجددا والآن كيف سيجدوووووونه كيف ..
طلال:- اهدأ يا حكيم الأمور لا تحل هكذااااا ..
حكيم:- وكيف تحل هاااه أخبرني كيف ، قد كنا حريصين وكتمنا الأمر لكي نتجنب تحذيره من قبل جواسيسه لكن ماذا حصل أنظر قد أخذ احتياطاته وهرب منا ؟؟؟
طلال(مسح على رأسه):- يستحيل أن يكون قد وجد وقتا ليأخذ كل شيء معه ، دعنا نفتش القصر مؤكد سنجد شيئا لافتا ..
رشيد:- سأساعدكم بالبحث ..
حكيم(نظر إليه):- لا… أنت ابق مع الرجال خارجا وراقب المكان مفهوووم ؟
رشيد(بكره خبأه جيدا):- بأمرك
طلال(استغرب من حكيم وصعد معه لفوق):- لما أنت عنيف معه بهذا الشكل ؟
حكيم:- لأنني لا أثق به ، أخبرت ميار لكنه لا يسمع مني ..
طلال:- ما ربما أنت مخطئ ؟
حكيم:- لا حدسي لا يخيب وإن اتضح أنه من حذر غضنفر سيكون حسابه معي ، عموما لنبدأ البحث أي شيء لافت اجمعه سأبدأ من هنا …
انعطف حكيم ناحية اليمين ووجد باب غرفة أمامه فتحه وصدف أنه نفسه باب غرفة المرأة التي دخلت إليها جوزيت سابقا ، انتبه للكثير من الأغراض النسائية واستغرب وجود امرأة تعيش معه ترى من تكون ، تساءل وهو يفتش بين أغراضها وأمسك بزجاجة العطر ورش القليل ليشتمها وهنا فتح عينيه ، وأخذ يشتم مرة بعد مرة شعر وكأنه اشتم ذلك العطر سابقا لكن على من على من ؟؟؟؟ ..
حكيم:- آه شممته على سمر ولكن .. لما تضع هذه المرأة نفس العطر خاصة سمر تت ربما هي صدفة فالعطور منتشرة بكل مكان ، اممم سألتقط صورته لأبحث في الأمر ربما نصل للمرأة من خلاله …
أخذ صورة لاسم زجاجة العطر وأعادها محلها ، فتش بين الإكسسوارات والجواهر هناك واستغرب من اختفاء كل الأغراض الثمينة إذن فعلا وجد غضنفر الوقت اللازم لأخذ كل شيء .. مسح على رأسه وهو ينظر حوله وخرج من هناك وتوجه للغرفة المجاورة وكانت هي خاصة غضنفر فتشها كلها حتى خلف الصور بحث ، لكن دون فائدة كل شيء نظيف ولا يوجد أي دليل يدل على تواجد غضنفر أو محطته التالية
طلال:- لا شيء هنا ..
حكيم(برقت عيناه وهو ينزل من الدرج):- لنبحث بمكتبه
دخلا لمكتبه ولم يجدا أيا من الملفات أو المستندات فقد كان باب الخزنة مفتوحا ومأخوذ منه كل الأوراق اللازمة ، وهنا تأكدا أن هنالك من أعطاه تحذيرا ليهرب ..
حكيم(ضرب باب الخزنة بيده حتى ارتطم):- الأغبياااااء من الذي سرب الخبر آه لو أجده سأعلقه من أذنيه ..
طلال:- مع الأسف خسرنا هذه الفرصة من جديد ..
حكيم:- أين المطبخ ؟
طلال:- وماذا تريد من المطبخ أن تأكل بعد هذه الخسارة ،، هييه حكيم توقف …
دخل حكيم للمطبخ وفتش دواليبه وأدراجه نفس الشيء ، وتوجه صوب كيس القمامة وأفرغه على طاولة الطعام وكان به علب أكل على شريحتي دواء وحقنة وأيضا ورقة ممزقة تدل على تذكرة طائرة ، فتح طلال فمه بإعجاب وأمسك حكيم بقفازات جلدية كانت مركونة على جنب والتي تخص الطبخ وأخذ يفتش بين تلك الأغراض جمع كل تلك الأوراق الممزقة على جنب وهنا حملها طلال في كيس صغير ، أما حكيم فوضع في كيس آخر الحقنة وشريحتي الدواء ووضعهما بجيبه بعد أن أحكم إغلاقها ..
حكيم:- لا أحد يا طلال سيعلم بأمر هذه القمامة ، سنبحث في الأمر سريا تمام
طلال:- ما توصي حريص .. دعني أعيد هذه القمامة ولنغادر
حكيم:- تمام قم ببذلك أنا سأكلم ميار الآن وأبلغ بالمستجدات .. هيا أسرع لنرحل من هنا
ميار(أجاب من سريره):- ما الأخبار ؟
حكيم:- فشلنا مع الأسف تم إعطاء الإنذار لذلك الخسيس وهرب من قبضتنا
ميار(ضرب على جانبه في السرير وتمالك أعصابه):- لا بأس سنجده نحن قريبون منه جدا ، حكيم بما أننا كشفنا عليك حماية جوزيت منه الآن سيعرف أنها من دلنا على مكانه وقد تكون في خطر
حكيم(بتوجس):- معك حق ، سأتوجه للبيت فورا لأتفقدها لا تقلق أنت ..
ميار:- كيف هرب أخبرني ؟
حكيم:- لا أدري قد وصله التحذير علما أنه لم يعرف أحد بهذا الأمر ولا بوجهتنا ..
ميار:- ورشيد ؟
حكيم:- لم أخبره بالاسم لكن شرحت له أننا سنداهم مكانا ما ..
ميار:- وهو فهم بنباهته القذرة أنك تقصد غضنفر وقام بتحذيره ، رائع يا حكيم رائع
حكيم:- والله أخبرتك أنه لا يجب الثقة بذلك الرجل ، لكنك ترفض التخلص منه ولا أعي السبب
ميار(وضع يده على جبينه):- لن نتناقش بخصوص رشيد الآن ، إلى أن نلتقي وسنتحدث بكل التفاصيل وجيد أنه لم يصله خبر ميرنا حتى الآن وإلا كنا في مصيبة أكبر
حكيم(تذكرها فآلمه قلبه أكثر عليها):- كيف هي الآن ؟
ميار:- هادئة يعني تحت السيطرة ..
حكيم(متوقع):- عموما سأحادثك فيما بعد علي التحرك الآن ..
فصل الخط معه وانطلق هو ورجاله منسحبين من ذلك القصر بخفي حنين ، فقد كانت فرصتهم على وشك التحقق لولا الرسالة التحذيرية التي بعثها رشيد لغضنفر ونبهه أنهم قادمون ، وهنا يظهر لنا جليا من هو الجاسوس الذي يعمل تحت إمرته ، وقام ببيع ميار والكل لأجله ..لكنه لم يخبره عن موضوع ميرنا وذلك لأسباب لم يفصح عنها ، ربما تهديد ميار بشأنها جعله يتراجع ويهاب بشأن أخبارها كليا ، فحتى سلسبيل التي كانت عازمة على لقاء غضنفر لتعلمه بالجديد حين تكلمت مع كهرمانة منعتها من إخباره بموضوع ميرنا حسب أوامر ميار ، وطبعا سلسبيل نفذت ما طلبته شقيقتها طالما الوضع مؤقت وسيتم فضحه في الوقت المناسب ،.. لكن كل هذا يهون وما لا يهون هو الخيانة فيا ويل رشيد لو يمسك به حكيم سيجعله حبيسا في كراج العقاب لأبد الدهر وهو يدفع ثمن خيانته .. ابتعد بدوره عائدا لبيته فالليلة لديه موعد عشاء مع إيمان التي صرعت رأسه والتي كانت تجهز له مفاجأة حملها التي أكيد مؤكد لن يستقبلها بفرح .. أما حكيم فقط تفرق رجاله وعادوا للقصر رفقة طلال وهو توجه صوب البيت ليحذر جوزيت ويخبر بآخر الأخبار …

في مكان آخر
كانت هذه تسحب نفسا وترد الآخر تسحب نفسا وترد الآخر وهي تطقطق بإصبعها على الطاولة ، تشعر بالخوف تشعر بالعجز تشعر بقلة الحيلة وبعدم المعرفة ، لالا سيقتلها وائل لو فشلت في هذه المحاولة الوحيدة التي يمتلكونها لذلك رفعت شعرها وهي تدلك خلف عنقها بتجربة للاسترخاء ، ههه جيدة هي محاولة الاسترخاء في سجن .. زفرت من سخريتها ونظرت لهاتفها الذي وضعته في حقيبتها بوضعية تسجيل للصوت تفقدته وأغلقتها بهدوء وأخذت تنتظر حضوره ، كل دقيقة كانت تمر كانت تزيد من توترها لحين سمعت صوت مفاتيح باب غرفة الزيارة واستدارت بلهفة إليه … ما إن رأته حتى دمعت عيناها بتلقائية ربما لأنها تعرف أهله جميعهم وتعرف كم يكنون له الحب والشوق ، لم تتمالك نفسها وبجهد حاولت تشتيت انتباهها كي لا تنكشف أمامه حين مدت يدها لتصافحه وهي تتأمل شخصيته الجذابة
رقية(جمعت قبضتها حين أبى أن يلقي السلام عليها):- أنا .. رقية الفارسي محامية وقد جئت إليك ..
طارق:- من بعثكِ ؟
رقية(داهمها بسؤاله وأشارت له ليجلس وهي تشعر بالتوتر من غموضه المربك):- أنا شخص مقرب من أسرتك ، أعرفهم جميعا
طارق(جلس مقابلها وشبك يديه وهو ينظر إليها):- أسمعكِ ..
رقية(يا لهذا الشخص الغريب أبدا لا تتوقع ردة فعله):- وائل رشوان ، أنا محامية بمكتبه ونحن نعمل على قضيتك وسنخرجك من هذا السجن في أقرب فرصة لو تعاونت معنا ، وقمت بإدلاء شهادة بسيطة تفيد ما حدث يوم الحادثة ..
طارق(مط شفتيه وهو يكتف يديه متخذا جلسته على الكرسي بأريحية):- وماذا سأستفيد ، قد رويت القصة آنذاك ما الذي جد ؟
رقية(ابتلعت ريقها):- في ذلك الوقت كان الطرف المشتكي أقوى ، زيادة على المال الذي دفع كرشوة للقاضي لأجل عقوبتك الصارمة لذلك وجدنا طريقة تطعن في شهادته ، هنالك أشخاص من أهله سيشهدون في حقك وسيقولون أن كل ما حدث قد حدث نتيجة مؤامرة ..
طارق:- لما تتعبون أنفسكم من وكلكم ؟
رقية:- لا أحد تحديدا لكن .. الأمر يهمنا لأن أهلك بحاجة إليك هم يمرون بأوقات صعبة جدا
طارق(رمش جفنه بخفة وأردف):- ما الذي يحصل ؟
رقية:- لا أستطيع إخبارك بالتفاصيل ، إنما مؤخرا حاول أحدهم الاعتداء على ابنتك نهال وقد نجت بأعجوبة هي وابنة إخلاص
طارق(هنا أغمض عينيه التي تلونت بلون الدم ونظر إليها باستكانة):- وبعد ؟
رقية(رفعت حاجبها بذهول منه):- ألن تغضب مما حدث ، أقول لك ابنتك كانت في خطر ألا يهمك الأمر ولو قليلا ؟
طارق:- قلتِ أيضا أنها نجت من الخطر ، إذن لا داعي لحديث بدون داع .. تابعي
رقية(شعرت بأنها قزمة أمام هذا الكيان الغريب):- موقفنا قوي واحتمال براءتك 90 بالمئة
طارق(مط شفتيه باستكانة ونظر عميقا لعينيها):- وهل تثقين أنتِ ببراءتي ؟
رقية(خجلت من نظرته لها وارتبكت):- أنا …أ يعني أكيد
طارق(قرأ حركاتها):- أنتِ تتوترين ، خدودكِ قد احمرت وخصلتكِ التي تضعينها خلف أذنكِ الآن تتعقد بين أصابعكِ الرقيقة ، طقطقتكِ للقلم مثيرة للاهتمام فهل هذا راجع لإشفاقكِ على حالتي أم لشيء آخر ؟
رقية(حكت جبهتها من دهائه):- واووو أبهرتني بكل صراحة .. لكن أرجح أن توتري راجع لشخصية حضرتك أنت غريب ولا تشبه أحدا مما عرفناهم بمحيطك حتى حكيم أنت مختلف عنه
طارق(نهض من محله ومد يده لها):- تشرفت بمعرفتك سأنتظر رفعكِ الدعوى لفتح القضية
رقية(صافحته بدون وعي وهي تنهض معه):- هئئ هل وافقت بهذه السهولة ؟
طارق(أشار لها ببرودة):- لا أرى داعيا من الإطالة موفقة بعملك رقية الفارسي
تركها مسمرة محلها ترمش بعينيها بعدم تصديق من حالته المربكة تماما ، أومأ للشرطي الذي أخذه لزنزانته بينما جلست هي مدلهة بفم مفتوح تستوعب ما حدث للتو .. لقد وافق بعد أن كان يرفض طوال سنين يعني ما الذي حدث ؟؟؟؟
مهدي(صديقه بالزنزانة نهض بلهفة إليه فور دخوله):- ريس طارق خيرا يا أخي كثرت زياراتك هذه الفترة ، هل كل الأمور بخير ؟
طارق(حرك رأسه بالإيجاب وهو يتخذ محله):- أجل ..
مهدي(جلس قربه):- يعني هل هي أخبار سعيدة مثلا ؟
طارق(أمسك كتابه مجددا ونظر إليه):- مهدي لا أرغب بأن يعرف أحد بالأمر ، لكن وارد خروجي عما قريب
مهدي(كتم صرخته الحماسية):- يااااه والله خبر رااائع ، كم وددت لو أخرجك معك لأحميك من كل شر لكن محكوميتي ما تزال سنوية
طارق:- ربما قد أجد حلا لأجلك ..
مهدي:- أحقا ريس طارق ربي ما يحرمني منك ربي يفك أسرك على خير ههه
طارق(فتح كتابه بالصفحة التي توقف فيها):- أريد أن أقرأ ..
مهدي(نهض من قربه):- طبعا طبعا خذ راحتك يا ريس هه ..
انتبه طارق لفرحة مهدي ومثلما وعده إن خرج سيخرجه من هناك أيضا ، فلن يجد أأمن من صديق زنزانته الذي تمسك به رغم تصرفاته السمجة معه ، يعني الواحد لا يجد أفضل صديق إلا وقت الحزن ، وعليه أخذ ينتظر بهدوئه المعتاد المستجدات القادمة في قضيته … هنا زفت رقية الخبر لوائل وقررت البدء بالعمل ورفع دعوى فتح قضيته من جديد للبحث فيها وفي دلائلها الجديدة ، أما وائل فقط ابتهج من الخبر قليلا لكن لم يستطع ذلك إزالة غشاوة تساؤلاته فمنذ أن استيقظ ووجد اتصالا من رقم ميرنا على هاتفه في وقت متأخر من الليل ، أصابه الفضول من سبب اتصالها وحاول محادثتها ذلك الصباح لكن هاتفها مغلق ولا يمكنه الوصول إليها في ظل ذلك الظرف الغير محسوب .. وعليه اتصل بإياد الذي طمأنه على أخبارها وأعطاه تقريرا على حالتها وبأنها بخير حتى أنها كتبت المقالة وبعد ساعات سيسعه قراءتها إن شاء الله ، وهذا ما أراح قلب وائل قليلا على محبوبته
رامز:- أحيانا أشفق على حاله أي والله ، لو كنت محله لهرمت وشاب شعري
إياد(قدم له الشاي):- على أساس لم تشب بعض الخصلات ، يا عم قد أصبحت عجوزا
رامز(أمسك كأس الشاي):- عجوز بعينك يا أجدب
إياد(أخذ شايه أيضا وجلس مقابله):- هفف نكشنا الشقة شبرا شبرا ولم نجد أي أداة تصنت
رامز:- والله لا أدري يا صديقي ، لكنني لوهلة اعتقدت أننا سنجد خيطا رفيعا يساعدنا
إياد(زفر بعمق حين سمع رنين الجرس):- هذه ميرنا على الأغلب لحظة ..
جوزيت(ابتسمت حين فتح لها الباب):- مسا الخيرات عليكم .. هل وجدتم شيئا ؟
رامز:- ولا نملة
جوزيت(عضت شفتها):- إذن لأساعد بالبحث أيضا ، فبحث النساء دقيق أكثر من الرجال
إياد(أشار لها في أنحاء البيت):- تفضلي الشقة أمامكِ ميرنتي
ادعت أنها تبحث حقا لكن بدون فائدة ، مضى موجز من الوقت واتفق الثلاثة على الخروج وطلب رامز من إياد أن يصطحبه في طريقه لمركز الشرطة ، بينما كانوا سينزلون ميرنا بنصف الطريق بغية التوجه للسوق المركزي .. لحظتها وحين ركبوا بسيارة إياد شعر رامز بشيء مكور تحت أقدامه فانحنى بهدوء ليرى ماذا هناك ، فحمل السجاد الصغير الموضوع تحته وتلمسه ونظر لإياد باستغراب والذي أوقف السيارة على جنب
جوزيت:- ماذا وجدت ؟
رامز:- هل لديك سكين يا إياد ؟
إياد(فتح جيب السيارة):- لدي واحد ربما انتظر لأرى ، آه ها هو ماذا وجدت ؟
رامز(أخذ يزيل الجلد بالسكين):- سنرى ذلك حتما بعد قليل ..
إياد:- أوهاااا إنه هو … ما أخبثهم
جوزيت(ابتلعت ريقها بعد نجاح خطتها):- أولاد اللذين كانوا يتلصصون علينا طوال الوقت ، عبر ذلك الجهاز جيد أننا كشفنااااهم
إياد(أمسكه بيده وهو يصرخ):- أيا كنت يا من تتنصت علينا سوف نهزمك أسمعت ..
رامز(أخذه منه):- دعني آخذه للمركز لأفحصه أكيد سنصل لشيء بواسطته ..
إياد(شعر ببعض الارتياح):- مفترض ذلك ..
جوزيت(تنهدت بدورها وهي تبتسم من نجاح الخطة):- الحمدلله …
فقبل مدة من حضورها إلى هناك وفي بيت الراجي دخل حكيم وصعد مباشرة إليها وهي بغرفة ميرنا ، أعطاها جهاز التصنت ووجهها أين تضعه ومتى تكشفه ، نبهها من عدم وضعه بالشقة لأن إياد لم يتحدث فيها عن مسألة المداهمة بل على العكس كانت كل المحادثة معها وفي السيارة ، وهذه هي الفرصة المناسبة لأجل إقناعهم أنهم مراقبون ، وأيضا لإبعاد الشبهة على ميرنا .. طبعا رفض أن يجعلها تخرج لوحدها لذلك اتصل بطلال ليصطحبها صوب شقة إياد والذي لم يبخل بل حضر بسرعة لتنفيذ الأمر وأخذها ، في حين طلبته نبيلة لغرفتها وطبعا لتوبخه وتسمعه وبال الكلام ..
نبيلة(ضربت بعصاها الأرض):- كيف تغامر بابنة عمك هكذا أكاد لا أصدقك حكيم ؟
حكيم:- جدتي ..أنتِ تعلمين كم أكن من الحب لميرنا وهي نبضي أيعقل أن أفرط بنبضي ، ثم لا يسعني أن أشرح لكِ شيئا عن مكانها فقط ثقي بي هي في أيد أمينة
نبيلة:- لا أدري لما تخططان ، لكن لن أنكر مخاوفي
حكيم:- ميرنا سترينها ببرنامجها يوم السبت وستطمئنين عليها تمام ؟
نبيلة:- افف أمري لله ، أعلم أنني لن أصل معك لا لحق ولا لباطل ..
حكيم(قبل يد جدته بحنان):- نبيلة جدتي الغالية يستحيل أن أغامر بروحها لو كانت بخطر ، هي مسألة وقت وستعود إلينا إن شاء الله
نبيلة:- الله أعاد لنا ابنة لبيتنا وهي جوزيت ، لقد أخبرتني بكل شيء كما أسلفت لك بالذكر يعني جيد أنك وجدتها يا بني
حكيم(تحت أنفه):- آه لو تعلمين من وجدت أيضا بطريقي لانجلطتِ جدتي ، ههه عموما حلوتي ستسمحين لي بالانسحاب لدي أعمال كثيرة نلتقي مساء .. هااا وحاولي أن تقولي كلمتين حلوتين لنور وطيبي خاطرها حاولت معرفة ما الذي يزعجها وجعلها تنهار بذلك الشكل لكنها لم تجبني واكتفت بالنوم ..
نبيلة:- الله أعلم بحالها هي ساكنة منذ عودتها لندعها على راحتها ، وبالنسبة لسمر أختك سأكلمها إن ردت علي
حكيم:- وفقكِ الله في مسعاكِ مع بنات الراجي العنيدات يا جدتي ، يلا انسحبت أنا
أومأت له نبيلة وهي تشعر بالغبطة الممتزجة ببعض التخوف ، حالة نور كانت غريبة هي بعمرها ما انهارت بتلك الطريقة وأين ببيت فؤاد ، ما الذي جرى هناك يا ترى لم يعرفوا ف بالكاد عرفوا من دينا بعض الأحداث ، والتي فضلت الصمت لأجل أمها وبقيت جوارها طوال الوقت .. أما سمر فمعروف انهيارها نتيجة الحمل الذي تفاجئوا جميعا بخبره وأيضا المشاكل الأزلية بينها وبين عواطف ، كل هذا في كفة وفي كفة أخرى موضوع جوزيت وميرنا فالله يستر من التقاء السالب بالموجب أكيد أكيد ستنفجر شرارات كهربائية ستحرق كل شيء … وعودة لفريق التحري الشهير نزل رامز بمركز الشرطة خاصته لمتابعة التحقيقات بينما جوزيت نزلت بعده بمركز التسوق وهنا إياد رفع هاتفه ليكلم نبضه ..
رقية:- لما لا .. حسن سآتي لكن هل أنت جاد في مسألة الطبخ ؟؟؟
إياد:- ما بكِ يا بنت أشعر وكأنكِ لا تثقين بقدراتي ، لقد عشت أعزبا طوال عمري
رقية:- ها ها عشت أعزبا لكن مندمجا مع عدة مطاعم لأجل الطعام المنزلي ، أتحسب أنني لا أعلم بذلك يا ذكي
إياد:- الله الله الآن سأشعر وكأنكِ تترددين في مسألة الحضور لبيتي
رقية(بحرج):- ولو يا أهبل أنا أتوق لتناول صنع يديك ، تمام إذن لن نطيل الليلة أنا آتية
إياد:- يس ستنبهرين بذوقي الرفيع
رقية:- بنظرك هل أعطي خبرا لبعض المطاعم يعني تحسبا لأي طارئ
إياد:- سأغضب الآن جديا ههه
رقية:- لالا وعلى إيه يا روحي ، أنا قادمة وسأحضر معي بعض الأشياء
إياد:- مثل ماذا قولي بسرعة فعقلي السافل قد سافر في الطريق الشمالي ..
رقية:- يخرب جنونك طبعا أقصد مأكولات هههه
إياد(بخيبة مصطنعة):- أممم يلا لا نصيب لنا ، نلتقي حبي .. سلام
رقية:- بايات روحي ..
كانت عائدة من مهمتها مع طارق في السجن ، وتوجهت صوب مكتبها لتباشر العمل لكن حضور ذلك الشخص المقيت جعلها تشعر بقشعريرة أدخلتها في جملة من الارتعاشات العصبية التي ستنفجر بعد لحظات ، أمسكت حقيبتها وخرجت من إحدى سيارات الشركة التي أخذتها لتدبر هذا الموعد البعيد ، المهم ما إن لمحت تلك الدراجة حتى عرفت أن الهم والغم سيصبح عليها لذلك نزلت وهي ممتعضة وتوجهت صوب البوابة متجاهلة إياه حيث كان يقف عند الحائط بانتظارها وفي يده سيجارة قد وصلت لآخرها ..
رجب:- أختاه بس .. يا فارسية المنبط
رقية(زفرت بعمق بكره):- ما الذي تريده يا رجب ، قد أعطيت لأبوك كل المال الذي تحتاجه لدفع قسط البنك يا فاشل كي لا يزجوا بك في السجن .. والله لو كان لي الرأي لتركتك لتتربي بين جدرانه دون رحمة ..
رجب(سحب نفسا من السيجارة ورمى بها أرضا):- له يا أختي ما كل هذه الأعصاب ، عيب نحن إخوة ونتشارك الدم واللحم أوليس كذلك ؟
رقية(بصقت في الهواء):- بئسا لهكذا أخوة مصالح ، أنا لا أعترف بكم فابتعدوا عني ..
رجب:- عليكِ أن تنجديني يا أختي أخوكِ في ورطة فقط ديني لي بعض المال ، سأرده لكِ ما إن يمشي عمل المعرض خاصة الدراجات وأعيد لكِ كل فلسا صرفته علي
رقية(كتفت يديها):- ومنذ متى تعيد لي نقودي يا رجب بيك ، اسمعني ليس لدي مال لقد انتهيت استهلكت بما فيه الكفاية أغرب عن وجهي
رجب(نظر حوله وأمسك حقيبتها بعصبية):- هيييه كفى من الهراء هاتِ ، أقول لكِ أخوكِ بورطة وأنتِ تتكبرين علي ..
رقية(ضربته ليده وحاولت أخذ حقيبتها لكن بدون جدوى):- أعطني الحقيبة أيها الحقير ، هيا أعطني ..
رجب(أخرج من محفظتها كل المال الموجود فيها):- هاه أنتِ تملكين ما يكفيني وأزيد ، اعتبريه دينا أختاه خذي حقيبتكِ
رجل الأمن(ركض صوبها):- هل هناك مشكلة سيدة رقية ؟
رقية(نظرت إليه وهو يلوح لها مغادرا بعض أن وضع المال بجيبه):- لا هو أخي ..مع الأسف
قمة الاستبداد قد سرقها عنوة ولم تستطع قول شيء ، تنهدت بتعب وحرقة فهذا هو أخوها البكر من زوجة أبيها ، وهو يصغرها بعدة سنوات لكنه فاشل في كل شيء ، مسحت على جبينها فهذا حال عائلتها التي لم تكن ككل العائلات بل كلها مشاكل ومصالح وغايات مشتركة ، وأهم شيء امتصاص جيبها وكأنها منجم الذهب خاصتهم يأخذون منه ما يشاؤون ولو حتى بالقوة مثلما فعل أخوها الآن … طردت تلك الأفكار من عقلها ودخلت للمكتب وقلبها يتمزق بأسف على حالها ، هنا أوقف هو دراجته على جنب الطريق وفعَّل اتصالا لها يعلم أنها ستقتله بعدها لكن قتل تلك المرأة يعني له نشوة لا تنتهي ..
نورهان(انجذبت لجانب قصي):- ما بك تتصل بي أيها الأخرق ؟ ألم أخبرك أن تحذف رقمي من هاتفك ما هذا الآن ؟
رجب(أمسك على قلبه):- والله حذفته لكن عقلي النتن حفظه عن ظهر قلب ، ماذا أفعل سحركِ ما زال يؤثر فيني عيناكِ وعطركِ الأخاذ تلهبني
نورهان(أغمضت عينيها):- أنظر أنا سأتزوج بعد أيام رجاء لا تخلق لي أية مشاكل ..
رجب:- ستتزوجين برأفت إذن ، اممم جيد أنكِ بلغتني قبل مدة كي آتي وأقدم هديتي
نورهان:- هدية ماذا أيها الغبي الله يلعن اليوم الذي تعاملت معك فيه .. إسمع لو اتصلت مجددا سأشكوك للشرطة ، تيت تيت تيتتت
رجب:- تشكينني للشرطة ولو أنا رجب حبيب القلب ، ههه لكن لا بأس يومان فقط بعد زواجكِ وستركضين لفراشي وأقسم على ذلك … قال زواج قال ههع ههههههاهاا …
ما إن أقفلتِ الخط حتى أخذت ترتجف بخوف ليس الآن ليس بعد أن طبقت خطتها وستتزوج رأفت ، سيأتي هذا لكي يخرب عليها كل شيء ، يجب أن تضع له حدااا قبل ليلة الزفاف حتى قاطعت تفكيرها هدى التي دخلت لغرفتها وهي تزفر بتأفف
هدى:- لم أجد اللون الذي أريد في موديل فستاني ، أظن أنني سأشتري من هنا وأخلص
نورهان:- افعلي ذلك فلم يتبقى إلا القليل يا وصيفتي الحبيبة
هدى:- افف والله لا أعلم كيف أقنعتِ أخي بهذا الزواج ،لكن من قلبي أرجو لكما السعادة بعيدا عن غيمة تلك المومياء رنيم
نورهان:- لا تذكريها سيرتها تجلب النحس .. دعينا نذهب للتسوق ما رأيكِ ؟
هدى:- ليس لدي محاضرات مهمة موافقة ..
نورهان:- سأنزل لأخبر خالتي وأنتِ جهزي نفسكِ ..
نزلت نورهان ومع نزولها سمعت خصاما بين مازن ورأفت في غرفة مكتب أبيهما ، لذلك تسحبت بهدوء لحين وصلت إلى المكتب وأخذت تتلصص ..
مازن:- أكاد لا أصدقك ، أحقا ستفعل هذا برنيم كيف تتزوج نورهان وأنتما قد طلقتما حديثا ستجرحها يا رجل حرام عليك
رأفت:- مجبر يا مازن لا تضغط علي ، أرأيتني أموت في نورهان عشقا أنا لا أطيقها ولكنني مجبر على الزواج منها
مازن:- ولكن لماذااااا هااااه أخبرني بما هددتك بما ضغطت عليك ؟؟؟
رأفت:- يوووه يكفي لم يهددني أحد أنا بخاطري أريد الزواج منها ، أقفل الموضوع رجاء
مازن:- حسن كما تريد ولا تنتظر مني أن أشارك بتلك المهزلة سوف لن آتي ..
رأفت:- أفضل أساسا لن أنشغل بك
مازن(خرج صافقا الباب خلفه واصطدم بها أمامه لم يكلمها بل نفث شررا وخرج):- اللعنة
نورهان(آثرت عدم الدخول فرأفت سيصفعها ندما لو أرته وجهها لذلك توجهت صوب غرفة وجدان ودخلت):- خالتي أنتِ هنا ؟
وجدان:- هنا هنا تعالي يا بنتي ..ما الأمر ؟
نورهان:- سمعت مازن يتجادل مع رأفت بالمكتب ، إنه أيضا يرفض زواجنا
وجدان:- هه أصلا الكل يرفضه ما الجديد نورهان ؟
نورهان:- لا تشغلي بالكِ فقط أردت إخباركِ
وجدان(نهضت وعانقتها):- أنتِ ستتزوجين رأفت وستكونين أسعد واحدة بالكون ، سترين
نورهان(غمزتها بشر):- أكيد ، هه هيا حضري نفسكِ لترافقيني أنا وهدى سنتسوق يلزمنا الكثير من الأغراض بعد
وجدان:- على عيني يا نور عيني .. ههه
طبعا لم تشعرا بالتخريب الذي قامتا به ، فأسرتهما قد تشتتت بمعنى الكلمة وهما ما تزالان في اتفاقاتهما ومخططاتهما التي لا تنتهي ، حتى مازن لم يهتم أحد بنفسيته .. قد توجه مباشرة صوب غرفة تامر الذي كان يراجع دروسه ..
تامر:- تعلم أننا على مشارف التخرج والضغط كثيف يا رجل ، لذلك لا تهتم بأي شيء هذه الفترة سوى دراستك
مازن:- آه يا تامر أشعر بقلبي منقبض هكذا لا أدري ، لكنني أشعر بمصيبة قادمة في الطريق
تامر:- أواه يا رجل أظن أنك تبالغ ، تحتاج لرؤية مصدر الحنان والعطف هيا اذهب إليها فوحدها من ستمتص غبنك هذااا
مازن:- أفكر أن أعترف لها بمشاعري الجدية فور التخرج ، تتوقع معي أنها ستوافق صح ؟
تامر:- حسب نظرتي الشخصية فردوس تحبك أيضا ، لذلك لا تفرط بحبك واستغل الفرصة
مازن:- وماذا عنك ؟
تامر(طرأت على باله مباشرة شيماء ومط شفتيه):- ليس بعد ..
مازن:- هيا إن لم يجدك الحب ، ابحث عنه أنت قد يكون بالقرب حتماااا ..
تامر(فهم تلاعبه وضربه بوسادته):- أغرب عن وجهي أفضل لك يا بشع
مازن:- ههه سأغرب طبعا لألتقي بنصفي الثاني ، وأنت ابق هنا واحتضن الكتب سلملم
تامر:- قذر التفكير
مازن(من الرواق):- قاتل المتعة ههههه ..
تامر(امتص شفتيه ونظر لهاتفه هل يا ترى اتصال بها سيكون فكرة صائبة):- ولما لا يكون أنا سأسأل عن رنيم وصغارها فقط ، أجل سأتصل .. لالا لن أتصل بلى سأتصل
تنفس بعمق وهو ينتظر الجواب المنتظر ، لكن شكله سينتظر كثيرا مع هذه العنيدة
نهال:- يا الله وكأن الشاب سيخطبكِ أكيد لديه شيء مهم لذلك اتصل على رقمك
شيماء:- لالا يا أختي لا أريد أن أحادثه ، ما شأني به أي نعم هو شاب خلوق وطيب وساعدنا كثيرا لكن ما جدوى الاتصال ؟
نهال:- لن نعرف ما لم تجيبي ، لذلك ردي أو تنحي جانبا سأرد أنا
شيماء(زفرت بعمق وأجابت):- أمري لله ، نعم أخي تامر السلام عليكم
تامر:- أهلا شيماء كيف حالكِ
شيماء:- ماشي الحال الحمدلله ، وأنت والخالة نجية ؟
تامر:- بخير أردت سؤالكِ عن رنيم والأولاد يعني اتصلت على رقمها ولا تجيب
شيماء:- آه قد بدأت تدرس لذلك تبقي هاتفها على الصامت ، وهي بخير يعني تعد كذلك فمؤخرا رأت رأفت ونورهان يشترون فستان زفاف كأنه قريب الزواج ؟
تامر:- بعد أيام ، فعلا انصدمنا من الخبر أنا وأمي ، وفكرنا جديا بترك العمل هنا بعد ذلك
شيماء:- أحقا ولكن إلى أين ستذهبان ؟
تامر:- أرض الله واسعة سنرى بيتا للإيجار ، وبالمال الذي معنا سنكتفي لحين أجد عملا ثانويا نساند به أنفسنا
شيماء:- لا أدري ماذا أقول لك لكن أتمنى لكما كل التوفيق والفلاح
تامر:- تسلمي وأنتِ تدرسين بجد صحيح الامتحانات على الأبواب ؟
شيماء:- احم أجل أقوم بذلك ، أ.. لله يوفقك أيضا بامتحاناتك أستأذن منك
تامر:- طبعا طبعا مع السلامة ..
نهال(غمزتها):- هاه ماذا يريد ؟
شيماء:- لقد سمعتِ المحادثة ما جدوى الإعادة ؟
نهال:- في الإعادة إفادة يا بنت ، قولي قولي لأسمع …
شيماء:- أنتِ مصيبة بحق هههه .. اسمعي إذن …
روت لها ما دار بينهما في الاتصال ، وطبعا خيالات نهال سرعان ما تخيط وتفصل لوحدها في العلاقات لذلك من فورها ربطت بين البينين وأخذت تضحك وتستفز شيماء التي امتقع وجهها بالحمرة رافضة للهذيان الذي تقوله .. أما عند تامر فقد كان ما يزال يضع هاتفه على أذنه حتى بعد أن فصلت الخط وهذا ما استغربه حتى ضحك على نفسه ..
تامر:- والله ستنهبل يا ولد ، لكن صدقا هذه الفتاة طيبة أفضل من أخيها المقيت يا لطيف
وعلى ذكر أخيها ، كان في حمام غرفته يستحم ولم يشعر بخطوات تلك الأفعى التي تسحبت بهدوء من غرفة عمر الذي كان نائما بفعل مسكنات الآلام بعد الضرب المبرح الذي أكله من حكيم و التي تجعله يغفو لساعات طوال ، طبعا استغلت الفرصة وأزالت رداءها وبقيت بفستان نوم قصير مغر في اللون الزهري وفردت شعرها من كل جانب وتوجهت لغرفته ، سمعته يستحم وأطلت عليه بهدوء من شق الباب وقد كان خلف الستارة الجلدية يدندن ويستحم نظرت إلى جسمه الذي يفرق كثيراااااا عن جسم العجوز الذي تزوجته ، هذا عضلات على قوام ممشوق يجذب عين الفتاة ، شعرت بالحرارة تتدفق في جسمها وودت لو اقتحمت حمامه ووقع ما وقع لكن انتظرته حتى خروجه .. وذلك تم بعد عدة دقائق خرج وهو يلف على خصره فوطة باللون الرمادي وكان يمسح شعره الكثيف حتى اصطدم بها أمامه وهي في أبهى حالتها بل كانت مثيرة حد الاختناق ..
عبد الجليل(فتح فمه فيها):- ما الذي تفعلينه يا أنتِ ؟؟؟
لمياء(أقفلت الباب عليهما بالمفتاح):- أنا أحبك وأريدك أن تلمسني
عبد الجليل(بعدم تصديق):- أي وقاحة هذه يا بنت ، غادري غرفتي سيأتي أبي ويجدنا هنا ويفهم الوضع خطأ هيا هيا غادري ..
لمياء:- هو في سابع نومة قد شرب دواءه المسكن ولن يستيقظ إلا بعد ساعات ، وأنا قلت مع نفسي ما ربما نتسلى
عبد الجليل(رمقها وهي تقترب منه كالحية):- ابقي حيث أنتِ ولا تقتربي
لمياء(اقتربت أكثر ووضعت يديها على صدره المبلل وهي تناديه بعينيها المغرية):- لقد أتيتك بقدمي يا عبد الجليل ، دعني أكون لك ..
عبد الجليل(ابتلع ريقه في محاولة فاشلة لمقاومة إغراءاتها وضع يده على كتفيها العاريتين وجذبها إليه):- أنتِ تلعبين بنار جهنم ؟
لمياء(وضعت شفتيها على شفاهه):- إذن دع تلك النار تحرقناااا ، هفف عبد الجليل أنا متعبة جداااا رجاااء أشعر بجسدي الذي يستصرخ لمسة منك منذ أن لمحتك
عبد الجليل(سحب نفسه من قبلتها):- هذا غير جاااائز ، أنتِ تسحبينني للرذيلة غادري غرفتي فورااااااا فوراااااااا ..
دفعها وعاد للحمام بينما هي خرجت من غرفته بخيبة لكن سرعان ما تغيرت بابتسامة لعوب ، فهي تعلم أنها دخلت عقلها وإن لم تنله الآن ستناله في أقرب وقت حتى .. أما هو فدخل للحمام وأخذ يغسل وجهه ويطرد شياطينه فصورتها المثيرة لم تفارق خياله ولن تفارقه ما لم يقعا في الخطيئة مع الأسف …

في إحدى المنشآت الصناعية
كانت ترتدي قبعة الحماية الخاصة بالمهندسين ، بينما كانت تخطط على ورق التصميم ، وتشرح للعامل ما عليه فعله والذي أعادت على مسامعه المطلوب لأزيد من مرة ولكن يظهر أنه لن يفهم عليها ..
كوثر:- الآن ماذا يا أخي ألن تفهم علي ، أخبرتك بالتفصيل ما يلزمك الآن لما تريد أن تحرقنا تحت هذه الشمس مش حرام عليك ..
العامل(ابتسم وهو يرفع المظلة على رأسها):- لا والله أشعة الشمس تكاد تقتلكِ
كوثر(أمسكت المظلة بنفسها):- أتعلم شيئا خذ هذا المخطط وافعل به ما تريد ..
العامل:- أرى أن آخذه للمهندس زياد ففريقه قد بدؤوا بالعمل بينما نحن ما زلنا نتخبط
كوثر:- وهذا بسبب من يا فهمك ، بسبب غبائك فلو تركز معي قليلا لسهل علينا كل شيء
العامل:- سوف أتقبل جملتكِ فقط لأنكِ عزيزة علي وفي مقام ابنتي
كوثر:- ههه طيب أعتذر فقط أعصابي تالفة لنعد من البداية ..
ظلت تعيد وتزيد وعيونها مرة بعد مرة تنظر للبعيد هناك في المنشأة المقابلة لها تماما ، حيث كان زياد بنفس هيأتها بثياب المهندسين المدنية يشرح لعماله ما يتوجب عمله ، مصت شفتيها بغضب وحاولت تبسيط الأمر للعامل الذي فهم عليها أخيرا وتوجه للتطبيق .. سحبت أنفاسا من آبار روحها وتمشت بمظلتها صوب بائع العصائر الباردة الذي يأتي إلى هناك في كل حين لكي يسترزق مع العمال ..
كوثر:- أريد عصير ليمون بارد لو سمحت ، وأيضا لو توفر لديك بعض الأكل ضعه أيضا في الطاولة هناك سأكون ممتنة منك
البائع:- لن يسعني ذلك سيدتي لدي طلبات ساندويتشات للعمال فوجبة الغذاء قريبة ..
كوثر(جلست مقابله على الطاولة وأغلقت مظلتها بحيث استظلت بمظلة طاولته):- أرى هنا أنك تعصى أمري يا هذا ، لا تنسى بأننا نحن من أذن لك أن تقف بعربتك في مكان العمل
البائع:- أتريدين قطع رزقي سيدتي حرام عليكِ ؟
كوثر:- ههه لن أفعل إن خدمتني بعيونك ، يعني واحدة بأخرى
البائع(ابتسم):- افتقدنا روحكِ المرحة من المشروع السابق سيدة كوثر ، عسى كل أموركِ بخير ؟
كوثر(رمقت زياد وهو متوجه صوبهم):- والله كانت حلوة لكن الآن بدأ الحر يتضاعف بشكل خااااانق ..
البائع(خرج من عربته ليصافح زياد):- أهلا أهلا بالمهندس القدير السيد زياد ، نورت محلي المتواضع هااا ما الذي تريده يا فاضل ؟
زياد(نظر إليها وأزال نظارته الشمسية):- أي شيء يأتي منك سيكون رائعا ، كيف حالكِ يا مهندسة كوثر ؟
كوثر(بقنوط لفت وجهها عنه):- أحسن منك في أفضل أحوالي ..
زياد(غمز البائع):- ماذا طلبت المهندسة ؟
البائع:- بعض الأكل وعصير ليمون
زياد:- اممم تمام اجمعه على حسابي وأعطني المثل سأجلس هنا
كوثر(رمقته قد جلس بطاولة قرب طاولتها):- يعني قلة الطاولات أم ماذا ؟
زياد:- هذه تناسبني ..
كوثر(صغرت عينيها):- لن أبالي بك أصلا .. هفف أسرع يا عم أنا ميتة من جوعي
حضر البائع المطلوب منه وقدم لها ما طلبته ، ولزياد أيضا وأخذت تأكل بغضب وعصبية وهي ترمق نظراته لها من تحت نظارته ، كانت تشعر بها كسهام تخترق تفاصيلها ، حاولت ضبط أعصابها فهي مجبرة على العمل معه رغم أنها توسلت للمدير أن يعطي المشروع لغيرها لكنه أبى إلا أن تكون هي وزياد في فريق واحد .. بعد أن أتممت طعامها توجهت وحاسبت البائع الذي أخبرها أن حسابها مدفوع وهنا اشتعلت غيظا
كوثر:- هل تعلم من يكون ذلك الرجل ؟
البائع:- إنه المهندس زياد
كوثر:- يعني ليس زوجي ولا خطيبي ولا حبيبي حتى يدفع ثمن أكلي .. ؟؟؟
البائع(بقلة حيلة):- ليس كذلك ، لكنكِ نسيتِ أنه زميلكِ في العمل
كوثر:- ههه عمي الجميل إن أردت إبقاء عربتك في موقع عملنا ، عليك ألا تخسرني وإلا خبر بسيط أسربه للجميع عن وجود صرصور بطعامك سيجعلك تفلس هممم .. وأنت آخر مرة تتدخل في شؤوني لو سمحت
زياد(غمز البائع بعد ذهابها):- لا تخشى شيئا هي لا تطبق تهديدها ، عموما مشكور ع الأكل تسلم الأيادي عن إذنك .. وأبقي بقية المال معك هنيئا ..
البائع(ضرب كفا بكف):- طالما يحبان بعضهما لما يمزقان بعضهماااااا ، أبفهم ؟؟؟؟
ركض زياد خلفها وتركها لحين دخلت للمنشأة وصعدت لكي تراقب من فوق أعمال العمال ، وتبعها لتلك الغرفة المفتوحة من كل جانب وكأنها معلقة في الهواء الطلق ..
زياد:- ما هذه التصرفات الصبيانية الآن ؟
كوثر:- عفوا سيد زياد هل تحتاج لشيء ؟
زياد(أمسكها من يدها وجذبها إليه):- أجل أحتاج إليكِ حبيبتي ، منذ افترقنا وعيني لم ترى النوم ولا طعم الراحة ، أشعر بروحي تحترق سامحيني يا كوثر رجااااء
كوثر:- والله أشفقت عليك يعني بأمانة ، اسمعني يا بطل أغرب عني الآن وإلا دفعتك ورميت بك من هذا العلو ليتحسر على شبابك بقية العمال هممم ؟
زياد(نظر إليها وقد نفضت يدها منه):- كوثر هذا أول يوم لنا بالمشروع ، يعني الأيام بيننا كثيرة وسنلتقي أكثر سنرى إذن كنتِ ستصمدين حتى النهاية أو سترتمين بين أحضاني صارخة بعشقكِ لي
كوثر(فتحت فاهها لترد لكنه طار من أمامها):- إحلم يا زياد يا وهبي احلم بذلك إنه أبعد لك من النجوووووم ، أسمعتتتتتتتتتتتتتتت أكرهههههههههك … هفف استفزني وشحنني بالغضب وغادر ما هذااا الآن ما هذا أفففف … تتت إنه يتعبني وعشقه أكثر منه يعذبني دون رحمة ماذا ستفعلين يا كوثر ماذا ستفعلين ؟؟؟؟؟؟
نزل من هناك والعصبية تلفه هو متعب من كل شيء ، مع حياة التي تبدلت مئة وثمانون درجة وباتت تخاصمه على أتفه الأسباب وتذكر له كوثر وحبه لكوثر ، طيب لقد تزوجتما لأجل مصالح مشتركة ما إن تنتهي سينتهي كل شيء فقط بعض الوقت ، لما هذا العذاب الآن .. أما مع كوثر فالوضع متأزم أكثر هي تتفنن في تجريحه مرة بعد مرة ولا تفلت فرصة ذلك مطلقا لذلك ما عليه إلا أن يتحمل ، حرك فكه وافتقد نصيحة صديقه الرائد لذلك اتصل به من فوره
جاسر:- هللو بنسل آل وهبي ، أينك يا رجل ؟
زياد:- لا تسأل يا زياد أنا لو كنت في قعر جهنم لكنت في أسعد حالاتي ، كوثر تشن الحرب الكلامية ضدي وحياة تنغص علي حياتي وكأنها كانت تنقصني ، وأخوك في الله ضائع تائه بلا ونيس ولا حبيب أشكو له همي
جاسر:- يا مامي ، دمعت عيناي حزنا عليك .. يا بني من الذي استطاب لنفسه هذا العيش ألست أنت يا رجل ، لذلك لا يسعك التذمر الآن قد فات الأوان
زياد:- هفف أعلم أن الأوان قد فات وكسرت حبيبتي التي أعشق ، لكنني مقيد من كل حدب وصوب إن طلقت حياة الآن سيعتبرها أهلها معيوبة وسندخل في قصصهم الرجعية التي لا تنتهي ، أما إن حاولت شرح ماهية وغاية زواجي من حياة لسيدة قلبي تبججت ورفضت حتى الاستماع لي وإعطائي فرصة ..
جاسر:- من حقها يا زياد ، لا تلمها هي مجروحة من تصرفك وجرحها ما يزال مؤلما ،.. لذلك عليك أن تصبر عليها وتحاول أن تجد جسر تفاهم مع حياة كي تخرج نفسك من كل المشاكل ..
زياد:- لا أعلم يا صديقي ، أفتقدك بحق متى تنتهي دورتكم لتعودوا إلينا ؟
جاسر:- هانت يا رفيق بضع أسابيع وها نحن ذا معا مجددا ..
زياد:- عموما ارتحت قليلا حين سمعت صوتك ، نتكلم لاحقا
جاسر:- نتكلم يا صاح !... والله من وقع في قبضة معشر النساء لنتلو الفاتحة على روحه بقلب أمينة وثغر مبتسم ههه …
لم يتمم جملته أكرر لم يتممها حتى دخلت مثل الزوبعة لمكتبه وشعرها منكوش للسماء ، ما إن رآها حتى عض شفتيه وهو يهز رأسه من جملته الساخرة إذ ظن أنه تم عقابه في الحين واللحظة على استهزائه ..
جاسر(ضرب على سطح مكتبه ونهض):- ألم أقل لكِ أن تستأذني قبل دخولكِ لمكتبي ، هل أنتِ صماء أم تتغابين أم ماذا بالضبط ؟
ريحانة:- أنظر ما الذي فعلته به سيدتي النقيب ، كل هذا لأنني تعبت من معاملتها السيئة لي ما هذا الذي يحدث هكذا ستضطرونني لأرفع شكوى ضدكم إلى الإدارة ، سأخبرهم أنني أتعرض لسوء المعاملة وحضرتك لا تقدم على فعل شيء لأجل عيون الغزالة ..
جاسر(هنا دق جرس الإنذار ونهض من محله متجها إليها بنظرة قتل):- بعمري وعمر خدمتي لم يرفع أحد صوته بمكتبي ، ولم يتهمني أحد بشكل مباشر يا آنسة ، لذلك اعتبري نفسكِ مفصولة من المعسكر اجمعي أغراضكِ وغادري .. سأرسل لكِ ملفكِ بالمناسبة هيا الباب
ريحانة(بذهول مسحت دموعها):- هل تطردني حضرتك ؟
جاسر:- تماما هذا ما أفعله ، هل صعب عليكِ الفهم أم أشرح لكِ بالخشيبات ؟
ريحانة(بصدمة):- أنت لست جادا ، لا يمكنك طردي لا يمكنك
جاسر(كتف يديه وهو يميل برأسه بهزل):- حقا وما المانع ؟
ريحانة:- أنا … سامحني سامحني أرجوك هذه آخر مرة لن أعيدها أرجووووك
جاسر(زفر عميقا):- سأمنحكِ آخر فرصة يا ريحانة ، إن خسرتها اعتبري نفسكِ خارج المعسكر أفهمتِ ؟
ريحانة(اقتربت منه بشكر):- لا تقلق هذه آخر مشكلة سأقوم بها ، سأكون مطيعة صدقني
جاسر:- سنرى ذلك ، هيا عودي لتدريبك ..
خرجت من عنده بدموع مخزنة في عيونها ، دموع الخزي والخذلان يعني ما الذي كانت تتوقعه منه طبعا هو يعشق ويتمعشق مع وصال ولا يهمه أحوال المعسكر ، حتى لو مارست عليهم النقيب ساديتها لن يحرك ساكنا فهي روح القلب ، لكن ريحانة قررت اللعب فليست هي من تخسر .. لم تنزل بل استمرت في المشي لحين توجهت لغرفة النقيب وصال اقتحمتها بهدوء وأغلقتها خلفها ونظرت حولها لأغراضها ، وبدأت تفتش على أي دليل يثبت علاقتها بالرائد جاسر ، بحثت بين الثياب بالأدراج لحين وصلت لعلبة صغيرة كانت بحضنها رسالة جاسر أمسكتها وقرأتها ورفعت حاجبها باستهزاء ، فذلك ما كانت بحاجته حقا .. أخذتها ووضعتها بجيب سترتها وأقفلته وخرجت من هناك وكأنها لم تدخل قط .. عادت لساحة المعسكر وجدت الجنديات يركضن على الحديد الدوار بشكل عكسي وبعضهن يتسلقن شبكة الحبال ، بينما وصال تقف على رأسهن وتتابع ، تقدمت صوبها كالحرباء وما إن وصلتها حتى أسقطت دمعتين من دموع التماسيح …
ريحانة:- سيدة وصال جئت لأعتذر منكِ عما بدر مني ، أتمنى لو تقبلي اعتذاري ومن اليوم لن تري مني أي سوء
وصال(باستغراب):- خيرا إن شاء الله ، هل سقط نيزك على رأسكِ وقررت التعقل ؟
ريحانة(ابتلعت إهانتها):- لا بأس ، أتفهم غضبكِ مني لكنني سأعدكِ أنني سأتغير
وصال:- أرجو ذلك يا ريحانة ، أنا لا أكن لكِ أي ضغينة لكن أفعالكِ هي التي تعبر عنكِ .. عموما تابعي تدريبكِ مع البنات حصل خير
ريحانة(كنت أعلم أنكِ ساذجة غبية صدقتني بسرعة ههه يلا خيرا لي):- بأمركِ سيدتي ..
ركضت ريحانة صوب البنات وتحديدا صوب ذراعها اليمين ليلى شريكتها في المصائب ، وقفت خلفها بالدور وأخذت تتحدث بهمس لكي لا يسمعهما أحد
ليلى:- ماذا فعلتِ ؟
ريحانة:- وجدت رسالة باسم جاسر لمحبوبة قلبه وصال .
ليلى:- أحقا وماذا سنفعل ؟
ريحانة:- بسيط جدا مقابل ألا أفضح سرها ، عليه أن يعاملني بلطافة وإلا سيجني ثمن اختياراته
ليلى:- ههه أنتِ داهية يخرب عقلك
ريحانة:- سيرى السيد جاسر ما سأفعله بوصاله ، ووقتها سأفضح سرهما بالمعسكر كله وأوصله للإدارة حتى ليروا بأنفسهم ما يجري بمعسكرهم الذي يخشون عليه مناااا نحن
ليلى:- يعني سنستمتع يا بنت …
ريحانة:- وأحلى متعة ، اركضي اركضي هههههه ..
طالما الرسالة الغرامية أصبحت بقبضتها يعني سنعاني بصمت الله يستر وبس ^^
هنا كان جاسر يراقب من نافذته ما يحدث بالمعسكر فبعد قليل كان سينزل ليدخل لقاعة الرياضة ، من أجل تدريب الشباب على الحركات القتالية وغيره من ذا القبيل .. بعد برهة رن هاتفه برقم لم يتعرف عليه بداية لكنه توجس منه كما لو كان فاكهة مضرة ببطنه امتعض منها من الوهلة الأولى ، وإحساسه لم يخيب …
رامز:- ابن أختي الحبيييييييييييييبب ؟؟؟
جاسر(رفع حاجبه من صوته الرخيم):- خالي . أ.. رامز سيد رامز أهلا أهلا خيرا ما الذي ذكرك بنا يا ترى ؟
رامز:- لاحظ أنك استهللت كلامك بخالي ، يعني تعترف بي أيها الوغد يعني إن لم أسأل أنا عنك أنت لا تسأل عني هاااااه ؟
جاسر:- لماذا أسأل عنك يا ترى ، كنت من بقية أهلي ولا من بقية أهلي ؟
رامز(ببلادة):- وما الفرق بين الاثنين بذمتك ؟
جاسر:- اللهم طولك يا روح ، أخ رامز اختصر وأوجز لدي عمل
رامز:- ولد احترم خالك الذي يعد في مقام أعلى منك ، اسمعني أحتاج منك خدمة ولو لم أعرف أنك ستساعدني ما كنت اتصلت
جاسر:- أتعبت نفسك صدقا لا يسعني مساعدتك ، سلام
رامز:- لحظة لحظة يا خنفساء ..
جاسر(بامتعاض):- جندب …
رامز:- ها نحن ذا سنبدأ الشتيمة ، دعني أتعمق في المفيد الوضع دقيق جدااا وطلبي حساس
جاسر:- هل ستجري عملية في القلب يا الله يا ليتك تموت فيها وأخلص منك
رامز:- سأتذكر جملتك السيئة حينما يدخلونني لغرفة العمليات ، لن أسامحك لعلمك
جاسر(بغيظ):- تفضل خالي أسمعك ..
رامز:- الآن أليس لديك معرفة وطيدة مع وصال محفوظ ؟
جاسر(تغير لونه):- يعني ،، ماذا تريد منها ؟
رامز:- رقم السيد بشير اللواء السابق ، أنا بحاجته بشكل سريع إن أحضرته لي سأكون ممتنا
جاسر:- إن أحضرته لك لن تزعجني باتصالك مرة أخرى ، موافق ؟
رامز(ابتسم رغم ذلك):- لا بأس سأعدك في الوقت الراهن فقط ، هل ستحضره ؟
جاسر:- طبعا لحظة وأعيد الاتصال بك ..
رامز:- أجزم أنك ستسرع في الأمر فقط لتتخلص مني
جاسر:- سبحان الله القلوب عند بعضها ، هففف انتظر قلت لك ..
رامز:- منتظرك يا ابن أختي ، فقط لو تحن وتلين قلبك لن تجد غيري حبيب
جاسر(أغلق الهاتف بوجههّ):- أستغفر الله العظيم ..
طلب من أحدهم أن ينادي على وصال التي ما إن سمعت ندائه تبدل لونه بمئة لون ولون بالخجل والارتباك ، لكنها لملمت نفسها وصعدت إلى مكتبه .. طرقت الباب بهدوء وسمعت جوابه بالموافقة ، دخلت وأقفلتها وهي تبحث عنه لحين فاجأها من الخلف ممسكا بها بين ذراعيه الحديدية …
وصال:- أنزلني يا جاسر ما هذا الذي تفعله يا مجنون ههه
جاسر(لاعب شعرها الذي كان على وجهه وأطل عليها):- اشتقنا
وصال(نزلت بحرج واستدارت إليه):- ونحن أيضا
جاسر:- هممم أتعلمين ماذا يخطر ببالي ، أن أقفل باب المكتب ونستمع لقرص الروك خاصتي وأنا أنظر إليكِ طوال ساعات وساعات دون ملل أو كلل
وصال(رفعت شفتها):- يعني لو قلت قرص أم كلثوم أو عبد الحليم كنت أغريتني أكثر
جاسر(جذب خصلتها وهو يبتسم):- أريد منكِ معروفاا ، أو الأصح رامز هو من يريده
وصال:- خالك ؟؟؟؟
جاسر(زفر بعمق وهو يتكأ على المكتب):- يُعد كذلك .. المهم يرغب برقم العم بشير هو بحوزتكِ صح ؟
وصال:- أكيد لكن لما يريدونه ؟
جاسر:- لا معلومات لدي ولم أطل في الحديث ..
وصال(أخذت من خلفه ورقة وقلما وأخذت تكتب وهو بجانبها يستطيب عطرها):- تمام
جاسر(أغمض عينيه وهو يشمه بجنون):- عطركِ يقتلني
وصال(توقفت عن الكتابة بحرج):- ستجعلني أكتب رقما خاطئا ، أصمت قليلا
جاسر(بتلاعب اقترب برأسه من رأسها):- اكتبي ..
وصال(عضت شفتها وأنهت الرقم بصعوبة وقدمته له):- تفضل ..
جاسر(أشار لخده):- هكذا ببلاش ؟
وصال:- كيف يعني ؟
جاسر:- هممم ؟؟؟
وصال(ارتفعت بخجل وقبلت وجنته):- لعلمك ما نفعله غير جائز ، دعنا لننهي دورتنا وبعدها أنا لك وأنت لي ..
جاسر(أعجب بجملتها وبريق عينيها يتلألأ):- أعجبتني الجملة الأخيرة ..
وصال(هربت من قبضته):- ورائي جنديات على وشك قتل بعضهن أراك لاحقا …
جاسر:- أراكِ يا رصاصتي ..
رفعت حاجبها من مصطلحه العسكري وابتسمت ، وهي تغادر حنايا قلبه وروحه ظل مشدوها لسويعة من الزمن حتى تذكر خاله المتعوس أكثر منه أعطاه الرقم ولم يسمع منه حرفا آخر ، سرعان ما فصل الخط وهنا رامز لم يدقق يعرف فصوله يعني لا جديد ..وعليه
رامز:- ألو يا وائل هل تسمعني ؟
وائل:- نعم رامز هل أحضرت الرقم ؟
رامز:- أحضرته يا ابني وعدتك بذلك ، لكن هل لك أن تشرح لي غايتك من هذا الشخص ؟
وائل(زفر عميقا):- اعذرني يا رامز سأحتفظ بأسبابي لنفسي بالوقت الراهن ، لكنه شخص مهم بالنسبة لي عموما ممتن لك بشدة
رامز:- ولو أي خدمة يا صاح ، سأبعثه لك برسالة نصية موفق
شكره وائل كثيرا وأخذ ينتظر وصول الرقم بالرسالة النصية ، وما إن وصله حتى فعَّل اتصالا من فوره لكي يحادث العم بشير .. أخذ ينتظر الجواب لحظة بعد لحظة لحين رد عليه
وائل:- هذا أنا يا عم بشير ، وائل اعذرني على الاتصال ولكن الأمر طارئ جدا ولم أجد رقمك معي يعني لكي نزيد من الاحتياط لذلك لولا الضرورة ما كنت اتصلت ..
عمو بشير:- لا بأس يا وائل أخبرني فقط أنك بخير ؟
وائل:- أنا بخير صحتي تتحسن ، لكن .. هنالك شيء مبهم يحدث مع ميرنا لا أدري كيف أشرح لك لكن قد وصلتني الجريدة قبل قليل وقرأت مقالتها وشككت ببعض الأمور
عمو بشير:- بصراحة لم يتسنى لي الوقت لقراءتها لكن ما الغريب فيها ؟
وائل:- تحدثت عن الحيوانات كثيرا بالمقال الذي مفترض أنه يخص السياسيين وأسهم البورصة ، يعني لا علاقة بين الاثنين لكن ذكرت الأسد ذكرت الفهد ذكرت القطة واستعملت مفردات قانون الغاب يعني بين الأقوى والضعيف ، وأيضا قرأت سطرا تذكر فيه أنه حين تستنجد القطة لا أحد يسمع ندائها سوى من يطلق الأسهم ويجابهها قوة ، وهنا أذكر جيدا أنني أضاهيها في لعبة الرماية أعتقد أن ميرنا تريد إيصال رسالة لي ؟
عمو بشير:- لحظة ابق معي على الخط ، هيه يا بني أحضر لي مقالة ميرنا الراجي لليوم فوراااا وضعها على شاشة الكمبيوتر بالقاعة الكبيرة هيا أسرع … وائل أين هي ميرنا ؟
وائل:- لا أدري بالبيت ربما لأنني أتصل بها ولكنها لا تجيب ..
عمو بشير:- متى آخر مرة رأيتها بها ؟
وائل:- ثلاثة أيام تقريبا
عمو بشير:- وهل من العادة أن تبتعد عنك كل هذا الوقت ؟
وائل:- أبدا وهذا ما يحيرني ، والأدهى أنك تعلم بتحذير حكيم الراجي الذي قدم إلي لغاية عندي ونبهني أنها في خطر … عم بشير هل تشك بما أشك به ؟
عمو بشير:- بني وائل ، لا أستطيع أن أجزم لك لكنك لن تعرف ما لم ترى ميرنا وجها لوجه
وائل:- غدا يوم خروجي وسيأتي بها حكيم لبيتي هكذا وعدني ..
عمو بشير:- أنت تتذكر الفتاة التي أريتك صورتها قبل فترة صحيح ؟
وائل:-رئيسة القطب ، أجل أتذكرها جيدا
عمو بشير:- أظنك فهمت مقصدي الآن ؟
وائل(تنفس بقلق):- فهمتك جيدااااا يا عم بشير … سأبقى معك على اتصال أكيد
عمو بشير:- سأرسل لك رقما آمنا غير هذا اتصل عليه وقتما شئت ، وبلغني بالجديد
وائل(بحيرة):- إن شاء الله … / هيا ميرنااا ما الذي تريدينه قوله وأين أنتِ من هذا كله ؟
أمسك هاتفه واتصل برقم حكيم لكنه لم يجبه ، اتصل برقم كوثر أوجزت أنها لم تلتقي بها فهي بعملها منذ الصباح وضغط الشغل لن ينتهي حتى الليل لذلك لا تملك فرصة رؤيتها ، اتصل بإياد أخبره بأن آخر مرة رآها بها تركها بمركز التسوق وأعطاه الرقم الآخر الخاص بجوزيت ، وهنا اتصل وائل وأخذ ينتظر الجواب ..
جوزيت(لم تعرف الرقم وظنت أنه ميار):- ألووو ؟؟
وائل(أغمض عينيه وفتحهما بشراسة حين لم يشعر بقلبه ينبض):- ميرنا حبيبتي هذا أنا وائل ، قد أخذت الرقم من إياد أليس عيبا ألا تعطي لحبيبكِ رقمكِ الذي تستعملينه هذه الأيام ؟
جوزيت(عضت طرف شفتها بحيرة وخوف):- أ.. آسفة حبيبي وائل حدث ذلك من سهوي
وائل(عقد حاجبيه وهو يغمض عينيه بغضب):- لا بأس يا روحي ، متى سأراكِ أخبرني حكيم أنكِ ستحضرين معه لبيتي غدا متشوق لذلك تعلمين أنني أفتقدكِ همم
جوزيت:- هه أعلم وأنا أيضا أفتقدك …
وائل:- طيب أين أنتِ الآن يعني لما سننتظر حتى الصباح ، تعالي إلي فورا فورا اهربي لأجلي كما كنتِ تفعلين دوما يا عسل غروبي ؟
جوزيت(عضت شفتيها وهي تفرك يديها):- أ.. لا أستطيع ليس معي سيارة الآن كي آتي إليك اعذرني
وائل(رمش بعينه وهو يرتفع بجنون):- هه يعني لو وجدتها هل كنتِ ستأتين إلي ؟
جوزيت:- أكيد يا روحي كنت قدت بسرعة حتى وصلت إليك
وائل(هنا تيقن أنها ليست ميرنا ليسسسسست ميرنا):- ههه لكن نسيتِ أنكِ لا تقودين السيارات حبيبتي ، أنتِ تملكين رهابا ضد ذلك
جوزيت(هنا ارتفعت حرارتها):- ههه كنت أمزح يعني هل صدقتني ، عموما حبيبي علي أن أفصل الخط الآن أكلمك لاحقا سلام ..
وائل(أقفل الخط ونظر للبعيد):- يا … إلهي .. أين ميرنااااااااااااااااااااا ااا ؟؟؟؟؟؟؟
جن جنونه لحظتها وأمسك بدعامته الطبية وسار عليها بجهد جهيد في اتجاه دولابه ، فتحه وأخرج منه حقيبة ملابسه اختار قميصا وبنطلونا ورمى بهما على جنب ، يعلم أنه سيتعذب لكن ليس أكثر من العذاب الذي تعاني منه ميرنا الآن .. في لمح البصر كان يخرج من غرفته وهو يستند على الدعامة الطبية هاتفه بجيبه وأوراقه اللازمة أيضا .. لم يلتقي بأحد في طريقه وهذا أروع شيء ، لذلك اتخذ المصعد الذي ما إن فتح حتى خرج منه فؤاد
فؤاد:- هئئئئ وائل ماذا تفعل يا مجنون ؟؟؟
وائل(تجاوزه):- عمي ابتعد عني أنا بحاجة للذهاب الآن ، ميرنا في خطر
فؤاد(رفع حاجبه بعدم فهم):- في خطر يعني ماذا ؟
وائل:- لا يعني شيئا فقط دعني أمر ..
فؤاد:- مستحيل أسمح لك بالمغادرة … بدوني طبعا هيا لنذهب ..
وائل(باستغراب):- إلى أين ؟
فؤاد:- لننقذ ميرنا ، طبعا تحتاج سيارة تحتاج دعما تحتاج عمك امشي أمامي ..
وائل:- عمي أنا لا أعلم إلى أين سأتجه ، لكن أرغب برؤية حكيم الراجي على وجه السرعة أنوي قتله هل تحمل سلاحا ؟
فؤاد:- حسب المتطلب ، أ.. دعك من السلاح لنخرج قبل أن تأتي تلك الممرضة ماريا وتحبسنا سوية يا ولد
وائل:-هل حقا ستدعمني ؟
فؤاد:- وإن لم أفعل سوف تفعل لوحدك ، لذلك لأضمن راحتك علي أن أتنيل على قلبي وأرافقك وصل ؟؟؟
وائل(ضغط على زر النزول):- وصل يا عمي وصل
فؤاد(نظر إليه من فوق لتحت):- تنوي إنقاذها بهذا الحال ، رجل عليها جبس ويد معلقة ودرع بلاستيكي يلف عنقك ، ما شاء الله ولا بطل العالم للخوارق ..
وائل:- لا تسخر يا عمي ، وددت لو طرت يكفي أن وضعي يتحسن الحمدلله
فؤاد(فتح المصعد ونظر من كل اتجاه):- حسن لا تأتي قبل أن أشير لك ..
وائل:- لا ألاعيب أسمعت ؟
فؤاد:- عيب يا جحش أنا عمك هل نتمازح هنا ، الله الله ..
اطمئن وائل من مرافقة فؤاد له وعدم وقوفه بوجهه ، واتجه رفقته لموقف السيارات حيث خرج همام مستغربا من محله وهو ينظر لوائل بعدم فهم ، أشار له فؤاد كي يحضر السيارة بسرعة حيث يقفان ، بينما كان يسند وائل قليلا والذي كاد قلبه يخرج من محله بسبب ما اكتشفه ، ركب بسيارة فؤاد في الخلف بينما صعد هذا الأخير للمقدمة وانطلقوا صوب قصر حكيم طبعا هو يعلم أنه سيجلب لنفسه وابلا من المشاكل لكن هذه ميرنا ميرنااااا … التي لأجلها سيحرق الكون وما أزيد .. بعد مدة وصلوا إلى المكان المقصود حاول فؤاد أن يفهم منه أي شيء لكن وائل كان كتوما ينظر فقط بعيون شاخصة في البعيد ، رفض أن يرافقه عمه وطلب منه أن يبقى بالسيارة طبعا فؤاد عارض لكن إصرار وائل جعله يوافق على مضض ..
همام:- ليست فكرة جيدة أن ندعه يدخل وحده
فؤاد(كتف يديه واتكأ على السيارة قربه):- والله رأيت على عينك حاولت ذلك لكنه منعني
همام:- أقترح أن ننتظر قليلا فقط ونداهم
فؤاد:- يظهر لي أن أفلام الشرطة قد أثرت عليك كثيراااا ، أصمت ..
وائل(نظر لطلال بدون حياة):- أخبرتك بإيجاز أنني أريد لقاء حكيم ، أعلم أنه موجود هنا
طلال:- سيد وائل بدون أن نتطرق للمشاعر الغير ودية التي نحملها لبعضنا ، أؤكد لك أن تواجدك هنا خطأ لذلك عد من حيث أتيت وبالشفاء العاجل ..
وائل(حرك فكه بقلة صبر وضرب بعصاه رجل طلال وجذبها حتى أسقطه):- أخبرتك بهدوء لكنك رفضت ، سو باردونيموا …
مسح طلال التراب من على جسده وحاول اللحاق بوائل الذي دخل للقصر ، وداغر كان يحاول ضبطه لكنه لم يستطع الاقتراب خشية عليه من أي إصابة..
وائل(بحرقة):- حكييييييييييييم … حكيييييييييم أين أنت ؟؟
شاهيناز(نزلت بفزع):- ما هذا بحق السماء ، ما الذي تفعله أنت كيف تقتحم المكان وتصرخ فيه هكذا ألا تعلم أنه مكان محترم ..
وائل(رمقها شزرا وتابع ندائه):- حكيييييييييييم ، تعال وواجهني الآن ..
فخرية(خرجت بهدوء فتلك الزوبعة كانت متوقعة لذلك نظرت خلفها لحكيم الذي صفق لها بمهارة):- لما الصراخ يا وائل ، حكيم لن يخفي نفسه عنك مثلا ..
حكيم(تقدم إليه بخيلاء):- لينصرف الجميع فوراااااا ، دعوني مع ضيفي على انفراد
نظروا جميعا لبعضهم وتبخروا من هناك بينما كتف حكيم يديه وهو يقف مجابها لوائل ، ينتظر الفائدة التي سيخبره بها بعد هذا التمثيل
حكيم:- همم تفضل بُح بما يثقل صدرك عزيزي وائل
وائل(رمى بالدعامة الطبية أرضا وأمسك حكيم من ياقته بيده السليمة):- سأسألك سؤالا محددا ولن تراوغني في إجابته ، أين ميرنااااااا ؟
حكيم(نظر إليه وهو يتلاعب بفكه):- ت ت ت حالتك الصحية لا تخولك بخوض عراك بالأيدي ، خذ دعامتك واجلس هناك كالعقلاء سنتكلم بهدوء
وائل(أمسك دعامته منه بعصبية وأشار له):- أجبني أين ميرناااا ، لا وقت لي لترهاتك ؟
حكيم(التقط عنبة من صحن الفواكه بجانبه وجلس وهو يتكأ بأريحية على الكرسي):- سأجلس أنا إذن ..
وائل(بغيظ نظر إليه وتمالك أعصابه وجلس أمامه):- أجبني يا حكيم ، أنا أعرف أن ..
حكيم:- ما الذي تعرفه ؟
وائل(امتص شفتيه):- أين هي ميرنا ، أعلم أنك تخفيها هنااااا يا حكيم لماذا ما الذي يجري ، حين أخبرتني أنها بخطر لم أتوقع أن تحجبها بين جدران قصرك ؟؟؟
حكيم:- ولما في نظرك سأفعل ذلك أكيد لدي تفسير منطقي
وائل:- أريد رؤية ميرنا الآن وفوراااا يا حكيم ..
حكيم(ابتسم وأخرج هاتفه):- على عيني سأتصل بها لتأتي ..
وائل(عقد حاجبيه):- أنت لا تمزح بهذا الخصوص أليس كذلك ؟
حكيم(رفع الهاتف لأذنه ببرودة):- ألو .. ميرنا حبيبتي عليكِ أن تأتي إلى قصري فورا وائل رشوان بانتظاركِ في ضيافتي ، هل سمعتني ؟
جوزيت:- هئئئئئئئئ يا ويلي ماذا سأفعل أنا يا حكيم ماذا سأفعل ؟
حكيم:- لالا ليست هنالك مشكلة أنتِ تعالي وبعدها نتفاهم روحي ، انتبهي لنفسك / قضي الأمر هي قادمة
وائل(طول باله):- أحضر لي كوب ماء .. جفَّ ريقي فزعا عليها ..
حكيم:- حالا …
نهض حكيم ومباشرة فور نهوضه سمع زناد المسدس خلفه واستدار لوائل الذي كان يصوبه تجاهه ، ضحك وهو يستدير إليه كاملا وحك لحيته بإعجاب منه
حكيم:- واوو مهاراتك القتالية قد ارتفعت يا ويل ..فعلا مثير للإعجاب
وائل:- أعطني ردا مفيدا وإلا فرغت خزان هذا المسدس في رأسك، صدقا لا أعرف كم من رصاصة يحمل لكن سأكون مسرورا بتفجيرها كلها دفعة واحدة
حكيم(سحب نفسا عميقا وجلس محله):- ما الذي تريده ؟
وائل:- معرفة ما الخطر الذي يحيط بميرنا وبشكل واضح ..
حكيم:- لا أستطيع أن أخبرك ، لما لا ندع الكلمة لميرنا كي تسرد لك مخاوفها بنفسها ؟
وائل:- أنت هنا تماطل يا حكيم ، أخبرني فوراااا ما الذي يحدث ؟
حكيم:- أنزل سلاحك ولا تشهره بوجهي مرة أخرى ، وإلا ستكون العواقب وخيمة
وائل(بلمح البصر صوبه خلفه وأطلق رصاصة مدوية كسرت المزهرية):- حقا ؟؟؟؟
همام:- صوت رصاص رصاص .
فؤاد:- أي والله صوت الرصاص أين مسدسك ؟؟؟
همام(تفقد جيبه ولم يجده):- قد كان هنا .. أوووه أخذه وائل
فؤاد(هرع للبوابة):- يا حبيبي .. هيييه افتحوا افتحوا أعطوني ابن أخي هيييه سأزج بكم في السجن لو لمستم منه شعرة أريد وائل افتحووووووووا
حكيم(نظر خلفه للمزهرية التي تشتتت ولمح دخول داغر وطلال وأشار لهما ليخرجا وأن الأمور تحت السيطرة):- تلك المزهرية من القرن 19 هل لديك علم بذلك ؟
وائل(مرر لسانه بين شفتيه):- لدي علم برأسك الذي سأعلقه بدلا عنها بعد قليل
حكيم(شبك يديه ببرودة):- ميرنا ..
وائل(أخفض سلاحه ونظر أرضا):- أشعر في داخلي أنها ليست على ما يرام ، فرجاء أخبرني ماذا يجري معها ؟
حكيم:- في نظرك لما قدمت إليك للمستشفى يا وائل ، وأعطيتك جواز سفرها هممم هل من السهل علي أن أسلمها لك ، هل تظن أنني قادر على منحك قطعة من قلبي بسهولة وأنا أعلم يقينا أنكما تعشقان بعضكما ، طبعا مستحيل لولا الضرورة التي حتمت علي ذلك وأجبرتني ، ميرنا في خطر حياتها مهددة وإن لم نخرجها من البلد هذه الفترة لن تهدأ الأمور وستصل لما لا تحمد عقباه ، مسألة روما أعجبتني رغم أنني أتحفظ على كتمانك على هذا الأمر ، وأيضا تفكيرك بخطفها والهرب معها وائل
وائل:- لكنني أخبرتك بوضوح بغايتي .. أنا أحبها وأريد أن أتزوجها زواجا حقيقيا وليس مثلك كلام على ورق أو قائمة مأكولات ؟؟
حكيم(ابتسم وهو يسحب نفسا عميقا):- حبيبي وائل أنا لن أدقق في مسألة زواجك بها ، لأن القرار راجع لميرنا وحدها والتي أؤكد لك أنها سترفض لمليون ألف سبب وجيه ، من بينهم أنها لن ترتبط ما لم تنهي قضية الفهد البري ، وهذه إن تابعت البحث فيها ستجلب أجلها وعليهم مهمتك تقتصر على إبعادها من هنا وإقناعها بغض النظر عنها والانسحاب من عالم الصحافة بالمجمل ..
وائل:- هل الفهد البري هو من يهدد حياتها ؟
حكيم:- هوه من أحصي ومن أعد ، هنالك أشخاص آخرون يسعون خلفها أنت لا تدري عنهم شيئا .. ونحن نحاول أن نضبط الأوضاع لأن اكتشاف ميرنا للذراع الأيمن له أمر خطير ولا يمكن التساهل بشأنه
وائل:- تمام سآخذها ما إن تنتهي الأوراق
حكيم:- متى من المقرر أن تنتهي ؟
وائل:- ربما خلال أيام
حكيم(بتفكير):- مثلا يوم السبت ؟
وائل:- نن لا أستطيع أن أجزم ، لكن يستحيل يعني يوم السبت لأنه يوم استضافتها
حكيم:- هنهنن أعلم أعلم ، وأعلم أيضا أن ميرنا التي أعرفها ستنفذ ما بدماغها وأن كل ما نصحتها به سترمي به عرض الحائط ، لذلك سنأخذ احتياطاتنا جيدا
وائل:- أخبرتك أنها سترفض إجباركم لها بالقوة ، ولن تستقيل على الهواء مباشرة أنتم تهذووون حتما
حكيم:- والله احتفظ بآرائك التعيسة لنفسك ، المهم من كل هذا أن تبقى على خير ما يرام
وائل:- أعطني سببا وجيها يجعلني أصدق ما تخبرني به ؟
حكيم:- ربما نحن نأخذ في الكلام ونرد وكأننا في مخاض عسير ، لكن صدقني أننا نقوم بالشيء الصحيح لأجلها
وائل:- أكيد أنت تعلم أشياء لا أعلمها ، لذلك أنت تجلس هنا ببرودة وستبعثها معي بالرغم من أن هذا كان لك أشبه بالموت .. وهذا ما جعلني أحتار فيك لما هذا الجمود ؟
حكيم(نهض بخيلاء ، ربما لأنني أضمن أنها لن تكون لك مطلقا ههه):- يعني خبرة
وائل(حرك رأسه):- خبرة اممم ..
فؤاد(دخل بلهفة):- أولاد الكلب لم يفتحوا لي إلا بعد أن شح قلبي من الصبر ، كبد عمك هل أنت بخير ؟؟؟
وائل؛:- بخير طبعا يا عمي ..
فؤاد(أخذ منه السلاح وأعطاه لهمام):- هيا دعنا نذهب بقائك هنا لا يجوز ..
حكيم:- ولماذا كنا مستمتعين حتى ..
وائل:- عمي رجاء لدي عمل لا أستطيع المغادرة دون إنهائه ، لو سمحت لا تقلق علي أنا بخير وأنتظر ميرنا هي قادمة في الطريق
فؤاد:- لو كنت متأكدا حسن ، لكن سأنتظر بالحديقة هناك قرب الباب
وائل:- كما تريد عمي ..
انسحب فؤاد وهمام وبقيا خارجا يراقبان من محلهما ، بعدما ظل حكيم ووائل يتبادلان أطراف الحديث تارة يتجادلان وتارة يبعثران الوسط بصراخهما ، هكذا إلى أن وصلت الأميرة المبجلة أخيرا للقصر ، وطبعا ارتفعت خفقات حكيم لحظتها والذي أخذ يراقب ردة فعل وائل بعد دخولها مباشرة وأيضا كان في حيرة ، فكيف ستتصرف جوزيت مع شخص ذكي كوائل ويحفظ ميرنا عن ظهر قلب ..
حكيم(تحت أسنانه):- الله يلطف ..
جوزيت(دخلت بركب ترتطم ببعضها حاولت جهدها أن تخفي ارتباكها ببسمة):- مرحبا ..
لم يرفع رأسه إليها ولم يرد عليها بل نظر لحكيم الذي كان يراقبه عن كثب ، استأذنه بجملة واحدة أريد أن أبقى وحدي معها ، وهنا أشار له حكيم بوجوب ذلك وانسحب للخارج ، لحظتها رمقها حكيم بتنبيه وحرك رأسه لكي تفهمه وهي أومأت وتقدمت صوب وائل..
وائل(أشار لها لتجلس قربه):- حبيبتي اقتربي لقد اشتقت لكِ كثيراااا ..
جوزيت(يا عيني أهذا هو وائل واوووو إنه أوسم شخص بينهم يخرب بيت حظك يا ميرنا احم لكن لالا انفضي أفكاركِ جوزيت ميار الأفضل وحكيم الأغلى هه ،):- احم حاضر ..
وائل(تأملها ببسمة بعد أن جلست قربه):- اشتقت إليكِ
جوزيت(رفعت عينيها إليه):- حتى أنا
وائل(لامس فكها وهو يتحسس خصلات شعرها):- لقد أصبحتِ أجمل
جوزيت(رمشت بعينيها وهي تحاول التملص من شعورها الغريب قربه):- هه شكرا
وائل(أمسك يدها وقبلها بحنان):- خفت عليكِ كثيرا ، أنتِ بخير صحيح ؟
جوزيت(تحركت حنجرتها ، يا إلهي ماذا يفعل هذا لما يحاول أن يؤثر بي هكذا):- هههه آه آه بخير
وائل(وضع يده خلف رأسها وجذبها لحضنه بعطف أكبر):- كل لحظة مرت بي ، كنت أنتظر ظهوركِ ميرنا ثلاثة أيام انقطعت فيها أخباركِ لماذا أخبريني ؟
جوزيت(عانقته بتردد):- أعمال يعني لا شيء يذكر ..
وائل(ضمها بقوة وهو يشم عطرها):- أعلم يا شمس لياليَّ الآفلة أنكِ تخشين زيارتي ، كي لا تحدث مشكلة ولكنني أشتاق إلى عيونكِ وعطركِ فهما بلسمي وشفائي
جوزيت(خفق قلبها لحظتها وهي تشعر بأشياء غريبة تنتفض بداخلها):- أوك أنت تؤثر بي وتجعلني أشعر بالكثير بداخلي
وائل(أفلتها ولامس عنقها وهو يبتسم):- طبعا ألست حبيبكِ أيتها المخادعة …
جوزيت(فزعت حين أمسك عنقها بقبضة قوية):- هييه دعني ماذا تفعل يا واااائل ؟
وائل:- أخبريني الآن أين ميرنا وإلا قتلتكِ ؟؟؟؟؟؟
جوزيت(تحاول أن تتحرر بقوة):- دعني دعني وسأخبرك ..
وائل:- اهمسي بأذني خيراااا لكِ ، لأنني أقسم بحبي لها ألا أجعلكِ ترين نور الشمس بعد هذه اللحظة هل فهمتِ ؟
جوزيت(شعرت بقوته الآسرة وأعجبت بها رغم أنها في لحظة حاسمة):- أنا جوزيت ..
وائل(أفلتها بهدوء):- من جوزيت ؟
جوزيت:- قريبة ميرنا لهذا نحن نتشابه ، وهي الآن هي .. في ضيافة أحدهم
وائل(بعدم فهم رمش بعينيه):- في ضيافة أحدهم يعني كيف ؟
جوزيت(ابتلعت ريقها):- اسمع قبل عدة أيام كانت هنالك حفلة أقيمت بإحدى الأمكنة ، وميرنا الذكية لحقت بحكيم الذي كان مدعوا إليها أيضا ، المهم ركبت بسيارته ولحقته إلى هناك وحين دخلت حسبوا أنها فتاة من الفتيات اللاتي ستباع في مزاد تلك الليلة .. بعدها خرجت ميرنا معهن ورأت ما كان عليها عدم رؤيته …
وائل(أغمض عينيه وأمسك على قلبه):- آه يا ميرنا ماذا فعلتِ ماذا فعلتِ ،،،، وبعد ؟
جوزيت:- ولا قبل ، كان علينا التصرف لكي لا تفضح السر وأخذوها لمكان بعيد لا يعرفه أحد وهي محتجزة هناك إلى أن يحين يوم استضافتها وستعلن للملأ أنها تركت عالم الصحافة واستقالت منه ، وهذا جواب مفيد للفهد البري أنها انسحبت من قضيته وعليه سيتركها وشأنها
وائل:- هه هكذا ببساطة سيتركها وشأنها ، هل هذه كذبة أبريل أم أنكِ تخترعين هنا ؟
جوزيت:- نادي حكيم إن لم تصدقني ..
وائل:- طبعا سأناديه … حكيييييييييييييييييييم
حكيم(دخل وهو يضع يده على أذنه):- ثقبت طبلة أذني ..
وائل(نهض وهو يستند على دعامته وتوجه إليه حيث يقف):- هذا لأجل ميرنا …
ضربه بلكمة لوجهه فاجأته حتى جعلته يتراجع للخلف وهو يمسك على خده بصدمة
حكيم(من بين أسنانه):- فقط لأنني أراعي حالتك الصحية سأتغاضى عن فعلتك هذه ..
جوزيت(نهضت هرعا إليه):- يا إلهي .. ما الذي فعلته يا هذاا لما ضربته ؟
وائل:- أخبروني بالله عليكم أين هي ميرناااااااااااااا الآن ؟؟؟
حكيم:- هي عند الفهد البري هل ارتحت الآن ؟؟؟
وائل(انسحب الزمن من تحت قدميه حتى ارتج محله وأمسكه حكيم):- دعني ..
حكيم(ساعده رغما عنه حتى جلس):- أغبى منك ما رأيت ، أنت مريض مريض يا رجل وتأتي لكي تخاصم وتهاجم
وائل(جلس وهو يلهث بنفاذ صبر):- حكيم .. حكيم هل ميرنا عنده هل حقا ميرنا هناك ، كيف كيف يا رجل تجلس هنا ببرودة وتتركها في قبضته ، ألا تعلم أنها تكرهه هاااه ؟
حكيم:- أعلم ذلك ، كما أنني أعلم أنها في مأمن معه يا وائل .. أخبرتك هنالك أعداء كثر يحاولون قتلها ووحده الفهد من سيحميها منهم ، وهو الوحيد القادر أصلا على حمايتها قبل أن تصرح للعلن أنها قد اكتفت
وائل:- أتصدق نفسك ماذا تقول ، أتصدق أن ميرنا تفعل هكذااااا ؟؟
حكيم(نظر لجوزيت):- اذهبي للمطبخ وأحضري له كوب ماء يا جوزيت أسرعي
جوزيت:- أوك ..
حكيم(جلس على الطاولة قربه وهمس):- لماذا يا فهيم منحتك جواز السفر لكي تهربها من هنا ، لحين نجمع الأمور هنا ونضبطها صدقني هذا الحل الوحيد ، تحمل بقيت أيام بسيطة على البرنامج وذلك اليوم سيكون حاسما للكل ..
وائل(ابتلع ريقه):- وكيف ستقضي ميرنا تلك الأيام في نظرك هاه ، أكيد هي متعبة منهارة لا أدري قد تكون مشوشة وتبكي ؟؟
حكيم:- قد كانت كذلك فعلا لحين رأيتها ليلة أمس ، لقد شرحت لها ماهية بقائها هناك وضرورته وتفهمتني وقبلت بكل الشروط ، قبلت أن تنفذها مقابل حريتها وهربها معك
وائل(امتص شفتيه متحسرا عليها):- لذلك اتصلت بي فجرا ، وأنا كالأحمق كنت نائما يا ليتني كلمتها يا ليتني ..
حكيم(حركات ميرنا التي لن تتغير يا حبيبي):- افهمني عليك أن تكون هادئا مثلها ، لقد رضيت بالواقع الذي تعيشه حاليا وبأن مأمنها مع ميار ، لذلك عليك أن تتسم بصفة الرزانة إن أردت بقائها في مأمن ..
وائل(ابتلع غصة):- لما لم تخبرني يا حكيم ، لماذا أخفيت عني أمرا خطيرا كهذا بخصوصها رغم أنني شعرت به لكنني كذبت شعوري كي لا أقلق ؟؟
حكيم:- حالتك الصحية لا تسمح فكرت بإخبارك يعني في البداية لكن وجدت أنني سأوترك بدون داع ، لكنني لجأت إليك في النهاية فأنت الوحيد القادر على أخذها أنا مقيد بمليون ألف شيء هنا وعلي أن أنظف ما سيحصل بعد هروبكما
وائل:- ما الذي سيحصل ؟
حكيم(رمق جوزيت قد عادت بكوب الماء):- تفضل أولا ، أنا لا أضمن أن ميرنا ستنفذ المطلوب منها لذلك درست جميع الاحتمالات سأكون أنا ورجالي خارج مقر الاستضافة وأنت أيضا ستكون جاهزا في المكان الذي سنتفق عليه أنا وأنت تمام ؟
وائل:- أمرنا لله ، سنتحمل هذه الأيام لكن ما لم أسمع صوتها عذرا لن أستطيع ..
حكيم(حرك فكه):- فعلا لن تستطيع مكالمتها ، لأنها ليست في منتجع صيفي بل محتجزة
وائل:- كيف أمكنك فقط أخبرني كيف أمكنك تركك لها ، كنت مت بجانبها ولا تتركها لحظة
حكيم(نظر لجوزيت):- أنظر لهذه الفتاة هذه استحقت مني بعض التضحية ، لكي تؤدي دور ميرنا ولا نفزع أسرتنا لكن كل شيء سينكشف آخر الأسبوع بعد ذهابكما .. كان مقررا بعد أربعة عشر يوم لكن ميرنا لن تفلت فرصة كتلك
وائل(شعر بالدوار ونهض):- يفضل أن تكون في أمان ، وإلا ستجد نفسك بمشكلة أمامي ،.. وأنتِ لو أردتِ أن يكون تمثيلكِ مقنعا لا تغامري بمعلومات لا تعرفينا ..
جوزيت:- ومن أين لي أن أعرف أنها لا تقود السيارات هاه ؟
حكيم(نظر إليها حين كشفتهم):- الله يخرب بيتك فضحتِ أهلنا ، اخرسي
وائل(سار ناحية الباب ولحقه حكيم):- هي بخير صح ، أخبرني سأثق بكلامك هذه المرة ؟
حكيم(أخفض رأسه وأجابه):- أصبحت بخير وأقوى مما تظن ، ميرنا عاقلة وستعرف كيف تتدبر أمورها وما هو يقين بالنسبة لي أن الفهد لن يؤذيها ولو بخدش ، كن مطمئنا
وائل:- لن أطمئن قبل أن أراها ، لذلك سأصبر هذه الأيام نبقى على اتصال ..
حكيم(دلك خده):- مقبولة منك
وائل(نزل الدرج بمساعدة همام وفؤاد):- في انتظار الثانية إن شاء الله .. هيا يا عمي ..
كانت خطواته ممتلئة بالحزن والخوف ، موسيقى مرعبة أليمة ضربت قلبه لحظتها حبيبته بين يدي أكره شخص بالنسبة لها ، إذن هي تعاني الآن فكيف ستتحمله كيف ، أخذ يزفر بتعب ولم يشعر لا بعمه ولا بهمام فقط انتبه أن الطريق تتحرك والأشجار تمضي شجرة شجرة بحركة سريعة ، تشبه أناته التي صدحت لتحرق روحه .. تمنى لو كان هو بدلا منها ولا تعيش هي لحظة من تلك المأساة لكن هانت أيام قليلة وسيأخذها بعيدا عن تلك الأخطاااار .. هنا كانت جوزيت تضع ثلجا على خد حكيم
جوزيت:- يا رجل هو يعشقها يعبد عشقها حتى ..
حكيم(ضربها ليدها):- أنتِ هنا تزيدين الطين بلة لا تنرفزيني يا بنت .. .. ثم تعالي هنا كيف كشفتكِ جدتي هااااه طلعتِ أفشل ممثلة بالكون ، كشفووووك يا فاشلة
جوزيت:- والله جدتك تلك تستحق أن تعمل في مكتب تحقيقات ، ووائل يعني أكيد كشفني لأنه لم يرى فيني محبوبته حتى لو كنت شبيهتها إلا أن الأحبة يرون بقلوبهم أكثر من عيونهم
حكيم(صفق لها بقوة):- لا والله لم أكن أعلم ذلك ..
جوزيت:- ابن عمي حكيمي ، يظهر لي أن شخصية وائل مثيرة للانتباه يااااه كاريزما حديثه لوحده يجلط ، حتى وهو في عز حالته تعبا وشكله مضمد من كل جانب وطريق إلا أنه واجهك لأجلها حتى أنه لكمك ههههههه
حكيم(عض شفتيه):- ستقتلينني لعلمكِ يعني ، تت اصمتي يكفي يا جوزيت لا تتعبيني أكثر
جوزيت(نهضت وهي ترقص بكتفيها باستفزاز):- لكمة الأحبة هههههههه ..
حكيم(عقد حاجبيه وهو يزفر بتعب ونهض إليها):- ومن الحب ما قتل … وذلك الرجل سيموت في إحدى مراحل إنقاذه لميرنا هذا إن لم أسبقه فيوم السبت يوم سيحدد الكثير في حياتنا .. وأنتِ بدءا من اللحظة لن تخرجي دون داغر السائق الذي سيرافقكِ ليل نهار ، لا أريد أن ألتهي بكِ وأنا أخطط لحماية الأخرى
جوزيت(ارتمت بحضنه):- حكيمي أنا وقلبي وروحي معك
حكيم:- ذكريني أن أسجل لكِ فيديو حصري أبعثه لميار كي يرى خيانتكِ له معي ، على المباشر حتى
جوزيت:- أشعر بالفرح فبعد ذهاب ميرنا ستفرغ الساحة لي معه ..
حكيم:- أيوة وأنا أواسي الحيطان وقتها ، لعلمك قد تعودت عليكِ سأبقيكِ بجواري
جوزيت:- هه وأنا لن أعترض لكن سأهرب ليلا إليه ..
حكيم:- خلاص خلاص أنا أعرف حظي زفت من يومي ، كل نسائي تهربن ليلا من أجل رجالهن وأنا أفقد صوااااابي … هفف
ضحكت عليه ولكنها لم تجبه فقد سرحت في غيمة وردية وهي تتخيل أن كل العقبات تلاشت من طريقها ، وأنه لم يعد يفصلها عن فهدها سوى القليل فقط .. لذلك ظلت تبتسم ببلاهة سخر منها وقلبه يخفق قلقا على مصير ميرنا يوم البرنامج …

في مساء ذلك اليوم
ببيت إيمان التي وضعت آخر صحن على طاولة الطعام ونظرت لساعتها ، قد مضت ساعتين على موعده ولم يحضر بعد .. ظلت تراقب النافذة كل لحظة ولكن لا جديد يذكر لحين سمعت صوت المفتاح فابتهجت وذهبت لاستقباله ..
إيمان:- أخيرا أتيت يا سيدي ..
رشيد(أزال سترته ونظر للطاولة):- أوه قد تعبتِ لأجلي كما أرى
إيمان(عقلت سترته على جنب مبتسمة):- لأجلك طبعا تفضل
رشيد(جلس وباشر مباشرة في الأكل):- هيا أوجزي ما الخبر الذي تريدين إخباري به ، سأتناول الطعام وأنام قليلا وبعدها أذهب لدي عمل
إيمان:- أ.. كل أولا وبعدها نتحدث ..
رشيد:- امم لما لا ، شغلي الموسيقى إذن ما هذا الجو الصامت وأحضري صحن السجائر هنا نبهتكِ مليون مرة ألا تنسي أمره
إيمان(نهضت برجفة):- حاضر سأقوم بذلك
رشيد(نظر لقوامها وهو يتأملها بالفستان القصير وفي سره):- لما أصبحت لا أرى من النساء سوى صاحبة الشعر الذهبي ، أظنني سأذهب إليها بعد أن أنهي زيارتي هنا
إيمان(عادت محلها):- صحة وعافية ..
لم يجبها بل ظل يلتهم الأكل بشجع لحين أنهاه ، بينما هي التهمت القليل فقط وهي تعيد وتزيد في سيناريو إخباره بموضوع حملها ، وتتوقع أبشع ردود فعل له فقد كانت ترتجف خوفا في أعماقها لأنها لا تعلم ما الذي سيكون رأيه حيال هذا الأمر
إيمان(قدمت له صحن سيجارته وصبت له كأس مشروب):- تفضل
رشيد(شرب الكأس ونظر إليها):- هيا تكلمي ..
إيمان:- بصراحة هنالك موضوع أود مفاتحتك به يعني حدث دون إرادتي والله ، و
رشيد(ضرب الكأس أرضا ونهض إليها كالشيطان أمسكها من رقبتها وجذبها إليه):- لا تخبريني أنكِ حامل ؟
إيمان(ببكاء):- أجل أجل أنا حامل والله اكتشفت ذلك مؤخرا واحترت كيف أخبرك ، صدقني ليس بإرادتي صدقني …
رشيد:- وأنتِ تتوقعين بسذاجتكِ يا غبية أن الفهد سيجعلكِ زوجته هههه … هاهاهاااا قمة الغباء يا حمارة هذا الطفل لن تحلمي برؤيته حتى ستنزلينه وإلا ستتعرضين لأذية كبيرة
إيمان(أفلتها وأخذت تسعل بقوة):- ولكنه ابنك كيف تطلب مني قتله
رشيد(التقط سترته):- لا يهمني تدبري أمركِ ، اذهبي لطبيب اقفزي من السرير المهم تخلصي منه قال طفل قال هذا ما أنا بحاجته حتما ، هههه هيا أراكِ حلوتي
تركها تبكي وهي تشعر بأنه استغلها بكل ما في الكلمة من معنى ، وضعت يدها على بطنها وهي ترتجف خوفا فما الذي ستفعله في ظل تلك الظروف ، كيف ستحافظ على هذا الطفل هل تهرب هل تلجأ لأحدهم لكن من سيغيثها من … أخذت تندب حظها العثر فهي التي سلمت نفسها بسهولة إذن لتتحمل العواقب …..
خرج هو مستريح البال هانئا وكأنه لم يسمع شيئا وتوجه مباشرة للفيلا التي فيها ناريانا ، والتي وصل إليها بعد مدة وأوصى رجاله ألا يعطوها خبرا بحضوره لكي يدخل عليها دون علمها ، وهكذا كان تسلل بهدوء إلى الداخل وصعد الدرج رويدا رويدا وهو يشعر أن روحه العطشة تزيد من شهوته لجسد تلك الشقراء المبهرة ، توجه صوب غرفتها وفتح الباب بهدوء لم يجدها هناك وسمع صوت صنبور الماء وأرجح أنها تستحم هنا عض شفتيه بإغراء وتوجه إلى الحمام لكن ما إن أطل برأسه حتى أتته ضربة بالعصا لظهره أسقطته أرضا مغشيا عليه
ناريانا(تنهدت بملل ورمت العصا جانبا وهي تجره خارج الحمام):- يعني أليس عيبا أن تتلصص على النساء داخل الحمام هممم ، جيد أنني أتنبأ بالأمور قبل حدوثها وإلا ما كنت أنجدت نفسي ههه هيا ستكون باستضافتي عزيزي رشيد ، ويلكوم هوم ^^ ..
ربطته من قدميه ويديه على الكرسي جوارها وكممت فمه بقماش ، ثم أغلقت الباب عليهما بالمفتاح الذي وضعته بصدرها واضطجعت على السرير لتنام الأخت في سكينة ولا كأنه مربوط في نفس الغرفة .. تدثرت بالغطاء وأغلقت عينيها بأريحية فهي تعلم يقينا أنه لن يستطيع النهوض حتى صباح الغد بعد ضربتها ، فعنبر لم يعلمها الدفاع عن النفس من فراغ ههه والله برافو عليك يستاهلها الجحش
أما في بيت إياد
فقد كان يتطاير من المطبخ للصالون وهو يزين ويجهز ويعدل لرقيته التي ستأتي بعد قليل ، نظم كل شيء ولم يتبقى سوى ما بالفرن .. قليلا وسمع رنين هاتفه أمسكه بيد وباليد الأخرى حمل جهاز التحكم وأخفض صوت الموسيقى ..
إياد:- دكتور مراد يا لها من مفاجأة ؟
مراد:- لم تتصل يا رجل من بعد زيارتك ، ما الأخبار ؟
إياد:- عادية ، لكن بدأت أرى أمورا أخرى غير
مراد:- تمام وما الذي لفت انتباهك أكثر ؟
إياد:- ظهور ميرنا في كل تلك الذكريات
مراد(رمش بعينه):- بصراحة هو شك بسيط بالنسبة لي ولا أريدك أن تعقد عليه أملا ، لكن لما لا نفترض أن تلك فتاة أخرى مختلفة عن ميرنا ربما كانت أختك تشبهها
إياد(بعدم اقتناع):- لالا يستحيل كيف ستشبه أختي ميرنا يعني لا علاقة ، مؤكد عقلي يخلط بين الحاضر والماضي مثلما أخبرتني آنفا
مراد(آه عذرا يا صديقي أخفي عليك ما يحق لك معرفته ولكن أخوك مجبر):- طيب ماذا عن الولد الذي تراه هل عرفت اسمه ؟
إياد:- عرفته ولكنني نسيته ، يعني كان معقدا بعض الشيء لذلك أحاول تذكره
مراد:- إذا أردت التذكر عليك تصفية ذهنك يا إياد ، استمع لبعض الموسيقى وأرخي عضلاتك مثلما فعلنا بالجلسة وحاول استرجاع الذكرى ستتذكر ، المهم لن أطيل عليك أردت السؤال عن أحوالك فقط نلتقي
إياد(رن جرس الباب):- تسلم مراد صدقا أفرحتني باتصالك ، نلتقي
مراد(بمودة):- إلى اللقاء ..
إياد(وضع الهاتف بجيبه وركض للباب لكنه سرعان ما عاد ورفع صوت الموسيقى قليلا ونظر لنفسه بالمرآة ثم فتح):- رقيتي ..
رقية(أعطته باقة ورد وعلبة أغراض):- إيادي ..
إياد(قبلها من وجنتها وأشار لها كي تتفضل):- كل شيء بانتظارك ،
رقية(اشتمت رائحة احتراق):- شيء ما يحترق صح ؟
إياد:- يا ويلي لقد احترق ما بالفرن اوووووه ..
ضحكت عليه وهي تزيل سترتها لتبقى بفستان برتقالي خفيف ، ولحقت به ركضا لتنجد معه ما تنجد لكن ماذا ستنجد أصبح كله فحم ملتصق ببعضه ، حاولت بجهد أن تخفي بسمتها كي لا يغضب لكن لم تستطع وبدوره انفجر ضاحكا بعد ذلك الحدث ..
إياد:- يا خيبتك يا إياد
رقية:- لا تقلق حبيبي لقد عملت حسابي وأحضرت بعد الأكل من صنع عمتك نعمة
إياد:- إلهي يحفظك لي يا عمتي نعمة ، وكأنكِ توقعتِ مصابي الجلل هذاااا ..
رقية(أفرغت العلبة):- هيا ساعدني وأعطني بعض الأطباق ..
جلسا بعض مدة لتناول الأكل وأخذا يتبادلان أطراف الحديث في ود ووئام ، لحين فرغوا من الطعام وانتقلوا للصالون كي يتناولوا الحلويات بعدها ..
إياد:- هل أحببتِ يوما ؟
رقية(التهمت ما بفمها):- أجل أحببتك أنت
إياد:- هه أعلم لكن قبلي يعني
رقية:- نن لا لم أحب أحدا ، بلى كان هنالك أستاذي بقسم المحاماة كان يروقني جدا لكن مع الأسف طلع متزوج وله 4 أولاد ، كم ضحك وائل علي حينها هههه .. وأنت ؟
إياد:- أهاه أحببت سابقا كانت فتاة جميلة ذات شعر بني شبيه بشعركِ هكذا ..
رقية(تبدلت ملامحها وبتركيز):- حقا ..
إياد:- أجل حتى أنها كانت تحمل ذات العيون وذات التفاصيل ، سبحان الله أنتِ نسخة منها
رقية:- لا هي التي نسخة مني ، أنا لا أشبه أحدا
إياد:- لا وتزعل البنت ، يا هبلة أنا لم أحب غيركِ لا قبل ولا بعد أنتِ وفقط
رقية(أمسكت منه الطبق ووضعته على الطاولة واقتربت منه):- إياد ، عدني
إياد(أمسك يديها):- أعدكِ بماذا ؟
رقية:- أنك لن تخفي أي شيء عني ، ستصارحني بكل ما يضايقك تمام ؟
إياد(يا روحي ماذا تطلب هذه لو تكلمت لفقدتِ وعيكِ):- طبعا طبعا روحي .. أ.. كنت أود قول شيء
رقية:- تفضل ..
إياد:- اقتربي لتسمعيه مني ..
رقية(اقتربت):- هاااه
إياد:- أكثر ..
رقية(اقتربت جدا حتى لامسته):- هممم ..
إياد:- أغلقي عينيكِ الآن
رقية:- ستخبرني أم ستريني ؟
إياد:- اخرسي وأغلقي عينيكِ فقط
رقية:- هه ها أنا ذا
إياد(اقترب من شفتيها وقبلها بخفوت):- افتحي الآن ..
رقية(شعرت به وقد احمرت وجنتاها من قبلته):- احم .
إياد:-" قبلكِ لم أعش الحبَّ بمعانيه ، بل كنتُ أحلم بتجربته وأنا يقظ أطالع عيون حبيبتي وأقرأ بين شفتيْها عذب الكلامِ وحُلو الهمسات ، أنتِ يا رقيتي يا من طردتِ كل أفكاري السقيمة ، وجعلتني ألمسُ غيُوم الفرح بأنامل التمني ، قبِّليني وضميني ودعيني بين يديكِ شهيد"
أعجبت رقية بما ذكره إياد لأجلها لذلك غاصت معه في غيمة عشق لا تحمل سواهما ، أمسكت وجهه بين يديها وجذبته إليها ليتبادلا جميل القبل التي تترجم سلطان العشق …
وعلى ذكر السلاطين
يعني حين تتجلى السلطة مع الروح التي لا تعرف للمستحيل معنى ، يمكننا أن نقول أننا حتما نقف أمام رجل لا يعرف سوى الممكن .. أما غير الممكن فلا يعترف به في قاموس لغته أبدا أبداااااا ، كانت تقف بقربه وهي تفتح ثغرها لحظة وتغلقه لحظتين إلى أن نطقت
جمانة:- كيف … كيف قمت بهذا في ظرف وجيز ؟
ميار(غمز لها):- يعني القوة تفيد أحيانا ، وأنا رجل لا يعرف كلمة محال ..
جمانة:- أظن أنك ستجبرها على ألا تستخدم كلمة شرط مجددا ، أنت قد ترجمت شرطها واقعا بحق يا إلهي ما كل هذا العشق ؟
ميار(عدل الوردة بجيب سترته):- حلوتي كل شيء مباح في الغرام ، وميرنا تستحق مني أن أبذل قصارى جهدي لتحقيق أقصى آمالها ، هي تحدتني لأنها استصعبت تحقيق الشرط لكنني رجل المفاجآت أيضا أعطيتها درسا كي تفكر مرتين قبل أن تتشرط مجددا ..
جمانة(صفقت بحماس):- أجزم أنها ستنبهر بكل هذااااا ، بل أنا واثقة
ميار:- إذن دعينا نرى ما سيحدث .. استدعيها يا جمانة حان الوقت ..
إيزابيل(دخلت من الحديقة وابتسمت له):- كل شيء جاهز في الطاولة بالحديقة كما أمرت سيدي ، حتى المشروب وضعته على جنب ..
ميار:- تمام ، فور نزول جمانة لا أريدكما أن تتعبا بعد أرغب بالاستفراد بميرنا وحدنا
إيزابيل(ابتسمت):- بأمرك سيدي ..
بعد مدة نزلت بفستان أحمر قاني طويل حتى الأسفل ، بدون ذراعين ويرتفع فوق قوس الصدر بشكل رقيق ، شعرها جمعته بتسريحة جانبية تنفرد منها خصلاتها بشكل مموج ، مع غرة ناسبت وجهها مع خط الكحل الأزرق تحت عينيها والزينة تفننت فيها بروح مسحوبة منها وخاطر موجوع ، فهي ترغب برؤية فشله حين لا ينفذ شرطها تريد أن تؤلمه بجمالها تريد أن تجعله يضيع وسط دنياها أكثر ، إن كانت هذا ما تملكه بين يديها ستجعله يدفع ثمنه غاليا ، تعطرت بعطرها ووضعت أحمر شفاه داكن عكس بياض بشرتها وخصلات شعرها الشقراء الممتزجة بلونها البني الداكن زادتها إشعاعا أكثر ، رفعت فستانها قليلا بيدها ونزلت من الدرج مثل سلطانة تسير على عرش الملوك ، أطلق هذه الجملة حين تنهد بفشل وهو يراها قادمة باتجاهه كوردة حمراء … لقد أبدع في اختيار فستانها وقد كان على مقاسها تمام فقد أبرز مفاتنها بشكل يسر الناظر ، وهنا ابتلع ريقه ليس لخاطره أن تدمره بكل تلك الفتنة ..وليس لخاطره أن ينتحر أمام محراب أنوثتها مرة تلو المرة …
ميار(أمسك يدها وقبلها):- سلطانتي ..
ميرنا(نظرت إليه وهي تضحك جاذبة يدها باشمئزاز):- لا تحلم ولو بنظرة مني ، لأنني متشوقة لرؤية فشلك بعد قليل حين نخرج للحديقة ..
ميار(رفع حاجبه لها):- أنتظر أن أرى نظرتكِ أنتِ لحظة انبهارك ، اسمحي لي ..
أشار لها بجنتلمانية كي تسبقه وهو ينحني بملوكية بينما هي تقدمت بإباء وعنفوان ، لتنصدم حقا بما تراه أمامها ، فتحت فمها هي الأخرى بدون إدرااااااك وهي ترى ذلك الجنون مترجما أمامها يعني كيف كيف قام بذلك في تلك الأمسية فقط …… كانت الأرضية بلون السماء ليلا تلمع بنجوم متفرقة تتحرك وفق نغم متناسق وكأنها سماء حقا ، ومن يقف عليها قد يخشى السقوط في الفرااااغ ، أما السقف فهنا كان الإبداع كانت سماء زرقاء صافية مصحوبة بغيوم بيضاء تتحرك وتتمايل بشكل متناغم ، بينما تتدلى منها عروق زهور وردية حمراء وبيضاء في خطوط ثلاثية جعلت منها حقا سماء تزهر ورودا ، كان يتأمل نظرتها المتلألئة والغير مصدقة لما تراه عينيها لقد انتصر عليها حتما ، وهنا همس لها قبلا
ميار:- اسمحي لي حان وقت تنفيذكِ للوعد ، تفضلي ..
أخرج جهاز التحكم من جيبه وشغل موسيقى الجاز التي صدحت بالأرجاء وكانت قطعة مميزة لـ - بيل ويثرز -[لا تشرق الشمس]
وجدت نفسها مجبرة على تنفيذ ذلك الوعد لكن لا بأس طالما سيكون سهما تصوبه لقلبه في النهاية ، لا بأس ستطيل بالها جعلته يمسك بيدها وجذبها خلفه بهدوء ليصعدها فوق السماء المقمرة ويرقصا بوسطها ، وضع يده على خصرها وجذبها برقة إليه بينما وضعت يدها على كتفه ويدها الأخرى بين يده ، وجهها في وجهه عيناها في عينيه التي كانت هادئة كمحيط هادر يعد بالكثير من المفاجآت ، سحبت نفسا عميقا وهي تجاري رقصته التي اتخذت ريتما أسرع حسب إيقاعها الذي تصاعد ليتحول لرقصة جاز من الطراز الرفيع ، كان يتحكم فيها بيديه وكأنه ليس بجريح ولم يصب بحمى ليلة أمس بل وكأنه شخص آخر ، عيونه كانت تلمع بالدفء والمتعة بينما كانت هي تميل حسب أوامر يديه يمنة ويسرة وشعرها يلحق بها لعله يفهم من ذلك الكيان شيئا ..
ميار(جعلها تنحني على ذراعه وقدمها ارتفعت بشكل مثير):- أرأيتِ أنكِ بين ذراعي الآن
ميرنا(بغيظ جارته في الرقصة وقد التفت حول نفسها مرتين قبل أن تجعله يمسكها مرة أخرى):- لا تغتر بنفسك لولا رجالك لما حققت شيئا من شرطي
ميار:- لأصدقكِ القول ، كان هذا تصميمي هم فقط طبقوه على أرض الواقع
ميرنا:- إذن هنيئا لك بعد أن تدخل السجن وتخرج ، عليك بدراسة فن الديكور
ميار(ضحك وهو يرفع يدها لأعلى كي تلتف تحتها):- لما لا فكرة جيدة ، لكن إن قبلت بأن تكوني شريكتي
ميرنا(اصطدمت بصدره وهي أمامه ومالت برأسها إليه وهمست):- في أحلامك
ميار:- لما تعاندين أخبرتكِ أنني لا أدخل لحرب وأخسر فيها ..
ميرنا(استدارت وهي تبتسم باستفزاز):- لكن حربك معي لا أعتبرها حربا ، إنها مجرد مسرحية سأسدل ستارها بنفسي
ميار(جعلها تميل أرضا وانحنى بوجهه إليها):- ميرنااااا سلطانة عشقي ، أنا معكِ رجل مهزوم لم أفكر يوما بأنني سأنسحب من حياتي وأزيح ذلك الثقل عن ظهري .. بسببكِ فكرت فعلا أن أنهي كل ذلك وأكون لكِ مثلما تريدينني أن أكون ..
ميرنا(أسرها في دنياه تلك اللحظة ولكن غيرت رأيها):- وهل تعتقد أنك ستبهجني باعتزالك ، بليييز أنت تعرفني لا يمكن أن أنظر بوجهك بإنسانية مطلقا لأنك ببساطة شخص مجرم
ميار(جذبها بقوة لصدره وأحكم قبضته عليها وبملامح جليدية):- كلمة مجرم .. امحيها من قاموسكِ اللفظي حين تكونين بحضرتي تمام ؟
ميرنا(رمشت بعينيها وهي تلمس غيظه):- أ..
ميار(تركها وعدل سترته):- لنتناول العشاء .. تفضلي هناك ..
سحبها خلفه للطاولة وجذب الكرسي لها ، حتى وهو غاضب يتعامل بجنتلمانية جميل جدا .. جلست وهي تشعر بغضبه الذي استغربته ، هل جملة بسيطة جعلته ينزعج هكذا طيب ما فعله بالآخرين الأبرياء ماذا يسمى … آثرت أن تخرس عقلها لحظتها كي لا تخسر فرصتها معه نهض بهدوء وسكب مشروبا بكأسها وبكأسه وعاد لمحله ..
ميرنا:- أنا لا أشرب ..
ميار(لم يرفع عينه لها):- إنه عصير التفاح ، وليس مشروبا
ميرنا(اشتمته وفعلا كان عصير التفاح وشربت منه القليل):- طالما نفذت شرطي ونفذتُ شرطك ، نأتي للمفيد صح ؟
ميار(أشار لها وهو يقطع ما بصحنه):- تفضلي
ميرنا:- شركة هيرمكانا لك ؟
ميار:- ألم تستغربي اسمها إنه مشتق من اسم كهرمانة يا ميرنا ، كل شيء كان واضح أمامكِ طوال الوقت لكن بما أنكِ كنتِ تبحثين في البعيد طبيعي ألا تري ذلك ..
ميرنا:- اللبؤة الباكية ، كنت أنت من أخذ إياه خارج البلد ليلتقطها بإحدى قصورك ؟
ميار(قضم ما بفمه):- صحيح ، لكن القصة مختلفة قليلا فقد كانت اللبؤة مريضة وبمجرد خروج إياد ماتت
ميرنا(ابتلعت ريقها وهي تقطع أيضا ما بصحنها):- أين الصورة الآن ؟
ميار:- بعريني الأصلي .. هل تريدينها ؟
ميرنا:- أجل بحثت عنها كثيرا وأردت أن أعيدها لصاحبها ..
ميار:- هه لا إن أعدتها سأهبها لكِ أنتِ وليس له ..
ميرنا:- حسن أبقها في حفظك وصونك لا أريد منك شيئا ..
ميار(ببرودة):- لا بأس ..
ميرنا:- هل حقا تنوي الاعتزال صدقا يعني أم فقط لكي تخلص ذمتك ؟
ميار:- أخلص ذمتي مماذا ، من ذنوبي هههه .. ميرنا أنا راض على ذاتي كثيرا وأعلم يقينا أنني بريء من كل تهمة لكنني أحمل عاتقها بصمتي وهذا هو الذنب الوحيد الذي ارتكبته
ميرنا:- ماذا سيحدث بعد أن أعلن استقالتي بالبرنامج ؟
ميار:- ستثبتين ولاءكِ لي ، ستقتنع كهرمانة وأحدهم وتنتهي المشاكل تعودين للبيت وتستمر الحياة
ميرنا:- ههه حقا ببساطة .. ماذا عن إياد ؟
ميار:- موضوعه منته ، أنا وهو لن نلتقي أبدا لمصلحته أتحدث
ميرنا:- ولكنه يبحث عنك ألا تشعر بذلك ؟
ميار:- بل أدري ولكنني لا أكترث .. أنا الأكبر وأنا من يعلم مصلحته
ميرنا(مضغت ما بفمها وتجرعت القليل من عصير التفاح):- قمة الأنانية أن تقتحم حياة أخيك وتتقمص شخصيته ، يعني حسب معرفتي به لن يسامحك ليوم الدين
ميار:- مش مشكل ، المهم أن يعرف أنني موجود
ميرنا:- ماذا عن المرأة الأخرى ؟
ميار(هنا وضع شوكته جانبا ومسح منديلا):- أي امرأة هذه ؟
ميرنا:- التي تشبهني وتعيش ببيتي متقمصة شخصيتي ؟
ميار(تابع أكله بجمود):- جوزيت .. لا شأن لكِ بها
ميرنا:- لماذا ، أتخشى من أن تخبرني بشيء لا ترغبني أن أعرف ؟؟
ميار(فهم تلاعبها):- لما هربتِ ليلة أمس وعدتِ ، سؤال شغل بالي كثيرا وقررت أن أسمع منكِ الإجابة ؟
ميرنا:- رأيت أنه هنالك حديثا بيننا لم يكتمل بعد ، وقلت لما لا ننهيه وبعدها أذهب
ميار(رفع كأسه وهو يضحك):- جديا اقتنعت ههه
ميرنا(اغتاظت من حركته المستفزة):- كما تشاء
ميار:- لما سألتِ عن جوزيت ؟
ميرنا(التقطت قطعة لحم):- مجرد فضول ..
ميار:- تظنيني أنني حولتها لشبيهة لكِ ، نن يؤسفني أن أقول لكِ أنني وجدتها جاهزة
ميرنا:- بمعنى ؟
ميار:- بعض الأمور يفضل أن تبقى مبهمة ، لكن لكي أكون أمينا معكِ فشبهها طبيعي لأنها راجية مثلكِ عزيزتي ميرنا
ميرنا(هنا رفعت حاجبها بذهول):- راجية .. هه ابنة من ؟
ميار:- لما لا ندع حكايا الماضي للماضي ، لدينا ما هو أهم ..
ميرنا:- إياد .. أنت من وضعه بالميتم ؟
ميار(بتأسف برقت عيناه وهو ينظر لصحنه):- لست أنا ، وجدتهم قد وضعوه بأنفسهم وحين اعترضت هددوني بحياته .. ذهبت لزيارته وجدته مرتاح البال يعني حتى لو بدون عائلة لكنه كان بأمان .. كم من مرة قررت التواصل معه لكنني تراجعت فلما سأعطيه أملا بينما حياتي مهددة بالخطر ، لما سأقحمه في هذه الدوامة لكن مع الأسف وجدته معي فيها دون أن أعي حتى ذلك ..
ميرنا:- أشعر وكأنك أجبرت على هذا الوضع ، من فعل بك هذا ؟
ميار(بكره):- شخص يكرهني ويكره أبي ونسلكم أيضا ، يعني عدو مشترك هو الذي حطم حياتنا كلها مذ أن دخل إليها وخرب هدوءها ..
ميرنا:- كيف ؟
ميار:- كأي أسرة كنا أربعة ، أنا وميار وجوزيت وأبي ومعنا جارتنا الخالة صباح .. تماشينا مع أزمة فقدان هبة رشوان التي حولت حياتنا لجحيم ونغصت على أمي سعادتها ، أيضا فقدنا أمي بعد حزنها الشديد من تصرفات أبي وعشقه لامرأة غيرها ، يعني لم نكن أسرة متكافئة مرت الأيام والشهور لحين توفيت جوزيت أمام عيناي ، هكذا صدمتها سيارة ورأيت دمها على الأرض والنجدة والإسعاف والناس تصرخ ، يعني حالة موت حقيقية عايشتها بكيت بحرقة لأنني خسرت الفرحة الوحيدة بحياتي حتى أنني كنت أكرر حديثنا الأخير على مسمعي كي أحفظه عن ظهر قلب ولا أنساه يوما ، وبت أردده على قبرها كلما زرتها سنة تجر سنة إلى أن احتفظت بها في قلبي كذكرى .. بيني وبينكِ شكوكي حول بقائها على قيد الحياة كانت كثيرة لذلك لم أستغرب حين اكتشفت بأنها هي غريمتي في عالم المافيا ..
ميرنا(تأثرت بحديثه ورمشت):- كيف اكتشفتها ومتى ؟
ميار:- ألست أنا متقمصا لشخصية إياد ، تقمصت هي أيضا شخصيتكِ وزارتني بشقته حيث دخلت لأكتشف أمر الطرد الذي جاء إليه في الجريدة ، الكلب بوبو وهذا قد أتاه عبر عدونا المشترك الذي أراد أن يعذبه ويكشف له الحقائق المرة .. المهم جاءت هي لوهلة اعتقدت بأنها أنتِ لكن مشيتها ابتسامتها بكاؤها صوتها كان به نغم مختلف ، وزادتها بقبلة
ميرنا:- هئئئئئ يا للوقحة هل قبلتك على أساس أنني أناااااااا ؟
ميار(رمق ردة فعلها وضحك):- حسن لم تكوني أنتِ كانت هي ، وهذا ما جعلني أتيقن أنها جوزيت خصوصا بعد أن صورها رجالي أثناء عودتها للبلدة وقتها عرفت يقينا أن تلك الفتاة التي عذبتني بموتها ما تزال حية ..
ميرنا:- أمر مؤسف ، حزنت صح ؟
ميار:- يعني ..
ميرنا(بسخرية):- هه جيد الحزن يليق بك أصلا
ميار(ابتلع سخريتها بصدر رحب):- أخبرتكِ ، كل كلماتك الساخرة تنزل على قلبي كشراب الورد لذلك استمري حلوتي ..
ميرنا(بكره رفعت ذقنها):- طيب بما أن حبيبتك ما تزال حية ، اجتمع بها وأخرجني من عقلك
ميار:- حتى أنتِ ؟؟؟؟؟؟
ميرنا(انتفضت من ضربته على الطاولة):- أنا ماذا ؟
ميار:- لما لا يصدق أحدكم أنني أحببتكِ حقا ، الكل يخبرني أنني عشقتكِ لأنك تشبهينها بينما لم يحدث ذلك أي نعم كان الشبه سببا في البداية لكن فيما بعد تعلقت بميرنا شخصيتها ضحكتها عيونها نظراتها تحليلها للأمور عنادها ، يعني هكذاااا
ميرنا(صدمت من اعترافه الصريح بحبها):- يا إلهي ..
ميار(عاد لصحنه):- أنا أفهم غايتكِ ، تريدين التخلص مني كي أحرركِ من زواج حكيم لتركضي لحضن وائل .. حرام يعني ماذا فعل لكِ حكيم إنه يموت في سبيلكِ بينما أنتِ تفكرين بغيره
ميرنا:- الله أكبر ، قديس القيم والمبادئ يتكلم ..
ميار(حرك رأسه وهو يتجرع عصيره):- تابعي تابعي سخريتكِ ..
ميرنا:- لا شأن لك بحياتي أسمعت ؟؟؟
ميار:- احكِ لي قليلا عن أبيك العم سليم الراجي ، سمعت عنه من الحكايا الكثير كان هو وأبي عامر مثل القط والفأر ههه ..
ميرنا(نظرت إليه بهزل):- سبحان الله جيناتهم خالدة حتى اليوم فينا
ميار(بحزم):- تكلمي ..
ميرنا(رمشت بعينها):- لا أحب التكلم عنه أبدا ، إنه شخص سيء وحبه لي عقدني بحياتي تحول لنقمة عاقبتني طوال سنين عمري ليومنا هذاااا ..
ميار:- من حظك ؟
ميرنا:- بل من تعاسة حظي ، لم أشأ حبا هستيريا بدلا عن بقية إخوتي قد أذى الكل بسببي
ميار(رمق دموعها وعقد حاجبيه ونهض من محله متوجها إليها بمنديل):- أثرتِ بي
ميرنا(ابتلعت هزله بها وأخذت المنديل من يده بقوة):- هاها مضحك جدا ..
ميار:- أنا أيضا عانيت من ظلم أبي ، قد حظيت جوزيت بمحبته طوال الوقت كان يفضلها عني وعن إياد قليلا لأنه كان يعتقد أنها ابنة هبة التي ولدت كتوأم للطفل الميت .. لكن هبة لعبت عليه لعبة وجعلته يربيها على أساس ذلك أما لو عرف أنها ابنة ألذ أعدائه كان ليقتلها
ميرنا:- يا إلهي ألهذه الدرجة ؟
ميار:- أهاه ..
ميرنا:- طيب وأمك ، من هي ؟
ميار(ابتسم لها):- عمتكِ .. حورية الراجي
ميرنا(فتحت فاهها بصدمة):- هئئ لا يعقل
ميار(قضم قضمة وهو يضحك):- صدقيني استعدي للكثير من المفاجآت ، كي لا تصطدمي هكذا في كل وقت
ميرنا:- هل أنت تتحدث بجدية ، لهذا قال لي حكيم أنه لا يبيع دمه الآن فهمت
ميار:- حكيم شهم وصادق ، شخص أضحي بنفسي لأجله لكن لا أضحي بحبي .. هه لنعتبرها أنانية مطلقة ماذا نفعل …
ميرنا:- مزحة ثقيلة يااا ..
ميار(مسح فمه بالمنديل):- شبعت ..
ميرنا(رمت بالشوكة جانبا):- إذن لنفرق هذا الجمع الغريب ..
ميار(نهض إليها وأمسك يدها):- تعالي معي أريد أن أريكِ شيئا
ميرنا(توقفت):- أترك يدي ولا تلمسني ..
ميار(ابتلع جملتها الجارحة وتركها):- أوك تفضلي قبلي ..
ميرنا(رفعت ذقنها ودخلت للبيت ونظرت إليه وهو يشير للأعلى):- إلى أين تأخذني ؟
ميار:- اصعدي فقط ..
زفرت بعمق وهي تصعد بعد أن رفعت ثوبها لفوق قليلا ، أما هو فقد كان يتغنى بكعبها فمن قال أنه سيأتيه يوم ويعيش مثل هذه اللحظات مع ميرناااااا حلم أيامه الطويلة .. ابتسم من ذلك وحين وصلت لأعلى التفتت إليه وجدته يضحك ..
ميرنا:- ما الذي يضحكك ؟
ميار(مسح فكه وابتسم لها):-أمر لا يخصكِ ..اتبعيني
ميرنا(في سرها صغرت عينيها فيه):- ما هذا الإنسان الغليظ ، يضحك لوحده يهمس لوحده يعيش لوحده لكن يحتجزني كاللوحة معه ، افف مقيت …
دخل لغرفته وتوجه مباشرة لإحدى الصور الحائطية ، حملها وأزال المربع خلفها واتضح أنها تخفي ورائها خزنة ، يعني لما لم تبحث هناك ما أغباها .. رمشت بعينيها وهي تتابع بحرص أرقام الخزنة وقد كانت أرقام يوم ميلاد إياد هنا رفعت حاجبها باستغراب أكثر ، تضاعف حين فتحها وأبرزت ألبوم صور صغير الحجم ، جلس على طرف سريره وأشار لها لتقترب ، وجدت نفسها تنسحب بهدوء ..
ميرنا:- لا أريد رؤية شيء سأنام ..
ميار(فتح الألبوم):- هذا إياد بعمر السنة .. هل سبق ورأيتِ صورة له آنذاك ؟
ميرنا(دمعت عيناها من سيرة صديقها واقتربت منه بفضول حتى جلست قربه تطالعها):- هه كان صغيراااا ياااه .. أنظر إليه ..
ميار:- هذه بعمر سنتين وهذا أنا وهذه جوزيت معنا ..
ميرنا(نظرت له ولجوزيت التي كانت مثلها في الصبا):- اممم ..
ميار:- هذه أمي .. عمتكِ احتفظت بصورتها بعيدا عن متناول أبي فقد أحرق كل الصور
ميرنا:- رحمها الله ..
ميار:- هذا أبي عامر نجيب ، أقسى أب وأفظع شخص يمكنكِ أن تعيشي تحت كنفه ..
ميرنا(لمست كرهه لأبيه وحزنه الشديد لدى ذكر تلك الجملة):- أنت تكرهه كثيرا
ميار:- لأنه كان يعتقد بأنني لا أحب أخي وجوزيت ، كان يظنني أغار منهما لكن رغم أنني أحسست مليون مرة بذلك لكن قلبي أحبهما صدقا وليس مجرد كلام .. حتى أمي التي لم تحظى منه إلا بالقسوة والكلام القميء واللوم والعتب والكره لم يحبها أحد غيري ، رغم أنها فقدت صوابها كليا في الفترة الأخيرة إلا أنها كانت تعرفني وتبكي على حضني وكنت أظفر لها شعرها بيدي كل ليلة ، ههه كانت تمتلك شعرا طويلا وحريرياااا ، كم اشتقت لأن أظفره من جديد فقط لو تتاح لي تلك الفرصة من جديد لكنت نسيت مجمل آلامي اللحظة ..
ميرنا(لامست دمعة عينه التي سقطت فجأة):- ميار ..
ميار(انتفض بقشعريرة ونظر إليها حين نادته لأول مرة):- ميرناااا .. أ.. اعذريني انجرفت وراء الذكريات احم يعني لو أردتِ الذهاب لغرفتكِ والنوم تفضلي ..
ميرنا(شعرت بالتشوش لحظتها تذهب أم تبقى):- يعني …
ميار(نهض بخفة وأعاد الألبوم للخزنة وضبط الصورة بعدها وابتسم):- تصبحين على خير
ميرنا(زفرت بعمق هي تعلم أن إنسانيتها ستودي بها يوما للهاوية ، لكن أن تعطف على مجرم قمة الجنون):- لو نبقى قليلا يعني .. لا بأس لن أنام الآن ..
ميار(أشار لها بالجلوس):- تمام هه تفضلي .. فهذه فرصة لا تأتيني كل مرة مع ميرنا الراجي بأمانة يعني
ميرنا(امتقع وجهها لكن نظرت للبعيد):- احكي لي عن أمك عمتي ..
ميار(مد يده لشعرها وأزال المشبك من عليه فانسدل كليا):- أحكي لكِ بشرط ؟
ميرنا(نظرت لشعرها الذي انفتح من كل جانب):- شرط ماذا ؟
ميار:- دعيني أظفره لكِ .. لو سمحتِ
مجرد نظرة واحدة تبادلتها معه وقد كان ملؤها الصفاء ، لأول مرة تشعر بتلك الألفة معه وترددت على مسمعها جملته وهو يخبرها أنه لن يؤذيها فلا يجب أن تهابه ، هي معه ستكون بخير للحظة لامست ذلك وهي تدير ظهرها له وتعطيه شعرها .. هنا كان مثل الطفل الصغير الذي حصل على هدية العيد بعد مضي سنوااااات وسنوات من الحرمان ، أزال سترته وجلس خلفها ولامسه بيديه بداية كأنه يقدسه ويفتتح مراسيم طقوس خاصة به فقط ، كل خصلة كان يضفرها كانت تشعر بيديه الحنونتين أكثر ، أيعقل أن تلك اليدين قتلتا وعذبتا وسرقتا ونهبتا وأجرمتا في حق الأبرياااااء ، لا يمكن شيء ما خاطئ فذلك الحنان المتدفق منه وهمسه الدافئ وهو يروي أروع الحكايا والمواقف عن أمه كانت مثل السفر عبر الزمن ، لعالم ناعم تصدح به موسيقى البيانو العذبة بل تتطاير مع كل نغمة فراشة تحمل بسمة من بسماته .. كانت تستمع له بحرص واستمرتِ القصص لحين لاح الفجر وهو يلاعب ضفيرتها بينما كانت هي نائمة محلها على طرف سريرها رامية بحمولها عليه ، كانت وردة حمراء مشعة في حلكة ذلك الليل فلا ذنب لوائل لو سماها بشمس الليالي ، نهض مبتسما ووضع الغطاء عليها وانسحب هو ليتركها أمينة لوحدها نائمة على سريره لليلة الثانية … فمن يصدق ! ..

بعد عدة أيام
في البرنامج الإذاعي الذي ستحضره ميرنا التي ارتدت طقما خاصا أحضره ميار لأجلها ، وكان في اللون الأسود القاتم ، بنطلون وسترته وتحتها قميص أبيض ارتدته وهي تنظر لنفسها بالمرآة تعلم أنها في طريقها لمواجهة صارمة خصوصا بعد أن أصيبت بخيبة أمل ، حين لم يحرك وائل ساكنا بعد مقالتها تلك وأرجحت أنه لم يقرأها حتى لكنها لا تعلم أنه أجبر على الصمت لحين يحين الوقت المناسب .. نزلت من غرفتها التي نظرت إليها مرة أخيرة فهي لن تعود إلى هناك مثلما يعتقد ميار أنها ستمضي معه أسبوعا آخر ، فهذه الليلة حاسمة بالنسبة لها وفيها سينتهي كل شيء ، وجدت إيزابيل وجمانة مبتسمتين بانتظارها
إيزابيل:- حظا موفقا سنتابع برنامجكِ لقطة بلقطة
ميرنا(نظرت حولها لم تجد أثرا لميار):- شكرا لكما على كل ما قدمتماه لأجلي ..
جمانة:- آسفة لأنني ظلمتكِ سابقا لقد فتحتِ عيني بشكل مفيد
ميرنا:- أنتِ شخصية مألوفة بالنسبة لي ، لذلك لم أغضب منكِ فصديقتي كوثر عنيدة مثلكِ ولكن حين تتجلى الحقيقة تعترف سريعا بخطئها ..
جمانة:- جيد يعني لو يتسنى لي فرصة لسعدت بالتعرف على صديقتك ، مؤكد أنكِ تحبينها كثيرا
ميرنا:- جدا اشتقت لها حتى .. هاه سيدة إيزابيل ما اعتقدت أنكِ تعزينني هكذا لما الدموع ؟
جمانة(لاحظت تسمر أمها وبكائها الغير مفهوم):- ماما ،، ماما الست ميرنا تكلمكِ ؟؟
إيزابيل(نظرت لميرنا وهي ترمش بعينيها وتبتلع اسم كوثر في قلبها كالوجع القاتل):- أ.. نعم يا ابنتي رافقتكِ السلامة
السائق:- هيا سيدة ميرنا ..
ميرنا(لوحت لهما وخرجت متأبطة حقيبة جلدية سوداء):- أين ميار ؟
السائق:- بجانب الأرجوحة ..
ابتسمت لهم وانسحبت متوجهة إليه ، وجدته يحرك الأرجوحة بوجه مظلم الملامح ، يبدو عليه القلق والتوتر من اختيارها لكنه أفضى لها أن حياتها مقابل تلك الاستقالة ، تقدمت إليه وهنا رفع رأسه لها وحاول أن يضبط نفسه ، رغم أن أنفاسه أبت طاعته ..
ميرنا:- سأذهب ..
ميار:- سأشاهدكِ ..
ميرنا:- جيد لأنني أريدك أن تسمعني جيدا حينها .. كلامي سيكون موجها إليك
ميار(ابتسم وهو يتقدم إليها):- طالما لن تضعي قيود الشرطة في معصمي ، قولي ما شئتِ
ميرنا:- لا تكن واثقا لهذه الدرجة
ميار(لامس خصلتها مبتسما):- بل لهذه الدرجة ، لقد ألفتني خلال هذه الفترة وآخر أيام كان هنالك شيء بيننا لا يمكنكِ إنكاره
ميرنا(ابتلعت ريقها):- هه لا تكترث لترهاتك كي لا تعيش في أحلامك كثيرا .. أراك لاحقا
ميار(أمسكها من يدها):- لحظة ..
ميرنا(نظرت ليده ممسكة بها وانسحبت منها روحها لحظتهاّ):- سأتأخر ..
ميار(أغمض عينيه وجذبها لحضنه معانقا إياها):- اسمحي لي بهذا العناق إذن ..
أغمضت عينيها وهي تشعر به يحتضنها بدفء تعودت عليه حين كانت تعتقده إياد ، حضن للحقيقة وجدت فيه مأمنا وألفة بالرغم من أنها تكره صاحبه لكن لا يسعها إنكار حواسها التي رضخت له ولحنانه لحظتها ، شعرت به وهو يلامس خصلات شعرها وهمس بكلام غير مفهوم حاولت استساغته لكن بدون فائدة سرعان ما ربت على كتفها وحررها ..
ميار:- اذهبي الآن ..
ميرنا(مسحت خلف عنقها بتوتر وهي ترمش بعينيها):- وداعا ..
ميار(ولى ظهره لها واتجه صوب الداخل):- أكره لحظات الوداع لذلك ، نلتقي لاحقا
ميرنا(تابعته بعينيها)- لا أدري .. في أي حياة أخرى سنلتقي .. سامحني لكنك مذنب وتبقى مذنبا في نظري ..
ركبت في السيارة وانطلقت رفقة السائق وهي تحمل في جعبتها الكثير من الكلمات والذكريات والهمسات التي جمعتها به خلال هذا الأسبوع ، كل شيء كان يدغدغ روحها ويجعلها تختنق لحين طلبت من السائق فتح شباك السيارة لعلها تتنفس القليل من الهواء ، وتستعد لما ستقدم عليه ليلتها ، في القناة التي ستقام فيها الاستضافة .. كان هنالك العشرات من السيارات رجال حكيم انتشروا كالبراغيث هناك ، وبين الجمهور أيضا لحماية ميرنا من أي سوء ، بينما كان حكيم يقف مع طلال وينتظر بنفاذ صبر ، أما جوزيت فقد كانت بسيارته طوال الوقت ولم تخرج لأنه ممنوع عليها ذلك حسب اتفاقها مع حكيم .. أما الصحافة فقد كانوا منتشرين بدورهم ليغطوا الحدث المنتظر منهم كما كل مرة مع الضيف الشهري ..
في كل مكان وفي كل بيت من بيوت معارفنا كانوا يفتحون القناة التي ستعرض حلقة ميرنا حتى في قصر ميرا وضعه شهاب ليتفرج عليه رغم امتعاض ميرا فقد كانت تفضل لو استضافوها هي قبل ميرنا لكن غضت بصرا حين هدأها شهاب .. في بيت الراجي أيضا كانوا يفتحون القناة ، عند كوثر وعبد المالك ، عند وصال بالمعسكر والتي أخذت تنتظر رفقة جاسر بمكتبه ، رقية والعمة نعمة ، همام وفؤاد ، رستم وضرغام فحتى هديل كانت قد سافرت ، فخرية وشاهيناز أيضا ، حتى كهرمانة أماني وعرندس جلسوا ليشاهدوها وكيف سيفلتون حلقة مصيرية كتلك ، أما رشيد فقد كان يشاهدها رفقة غضنفر في المكان السري الذي كان يختبئ فيه ، المهم كل الناس كانت تفتح القناة على استعداد للحدث المهم ،… أما رامز فقد كان رفقة دورية بالمكان في انتظار ميرنا وليس جوزيت التي كشفها له وائل وأبقيا الأمر سرا على إياد لكي لا يزعج جوزيت ويبعثر الوسط بحثا عن ميرنا ، وهو الذي كان أيضا بشقته يتابعها .. أما وائل ونادر فقد كانا بالمطار يشاهدانها من هناك وينتظران وقت إحضارها من قبل حكيم مرت مدة من الوقت ووصلت سيارة السائق إلى هناك وأول من رآها كان حكيم الذي هرع إليها بلهفة وفتح لها باب السيارة ، سرعان ما أدخلها لكي لا تختلط بالوسط هناك بينما الصحافة أخذت تلتقط لها صورا عديدة تحت بسمتها التي أعجبت ميار الذي أخذ يشاهد الأحداث رفقة جمانة وإيزابيل …
ما إن أدخلها حتى استوقفها على جنب وجذبها لحضنه فهذا ما هو بحاجته حتمااااا الآن ..
حكيم:- لا تخافي ميرنا جهزت كل شيء ، فور انتهاء الحلقة سنخرج من الباب الخلفي وآخذكِ إلى حيث ينتظرنا وائل تمام ؟
ميرنا(بتوتر):- لا أعرف حكيم أشعر بالتوتر ..
حكيم(أمسك وجهها وقبل جبينها):- لا تخافي أنتِ معي .. أنا موجود هممم ..
مساعد التزيين:- سيدة ميرنا تفضلي معي علينا أن نجهزكِ سنصعد للهواء بعد ربع ساعة
ميرنا(هزت رأسها):- تمام أنا قادمة
حكيم(جذبها مجددا بعناق حار):- أحبكِ هاااه ، لا تنسي اتفاقنا ميرنا إياكِ وأن تفقدي عقلكِ وتغامري بروحكِ ، هيا لا إله إلا الله
ميرنا(دمعت عيناها وهي تبتسم له):- محمد رسول الله ..
توجهت لغرفة التزيين حيث ركبوا لها ميكرفونا بسترتها ، وقاموا بتزيينها بشكل دقيق حسب طلتها التي كانت ترتديها وما هي إلا دقائق حتى كانت تصعد درجاتها نحو الأعلى ، حيث ينتظرها قدرها الذي عليها أن تحدده إما يمينا أو شمالا ، إما أن تستسلم أو تقاتل .. لكن شريط أحبتها مر بعينيها كالطيف لذلك شعرت بالوخز في صدرها فما هي فاعلة أمام قدرها اللعين .. استقبلها المذيع بهجت محمود بطيب الكلام كالعادة وقدم لها ورقة الأسئلة التي سيطرحها عليها تفقدتها وشكرته جدا على لطفه ، جهزوا الإضاءة المصورين بمواقعهم الجمهور في أمكنتهم ، حكيم وطلال ورامز خلف الكواليس والمخرج أعطى كلمة البدء ..
بهجت محمود:- اليوم معنا ضيفة مميزة ضيفة تعرف عليها الجميع من خلال القلم ، ذاع صيتها في عالم الصحافة والإعلام واستحقت الفرصة لكي تطل ضيفة خفيفة الظل على برنامجكم الدائم برنامج فسحة مع نجم .. أترككم مع صحفيتنا القديرة ميرنا الراجي .. أهلا وسهلا بكِ معنا ..
ميرنا(ابتسمت):- أهلا بك ..
هنا كل العيون المتابعة من المجموعة التي ذكرتها سابقا ابتسمت ودمعت وتحسرت وغضبت وسخرت ، لكن أغلبها شعر بالحنين والدموع ..
بهجت محمود:- تحدثي لنا بإيجاز عن حياتكِ في عالم الصحافة
ميرنا:- مهنة أحببتها منذ طفولتي ، فقد كنت أحب أن أكون ذات كلمة وصوت في هذا المجتمع ، ووجهت رسالتي للقراء عبر قلمي ، والحمدلله وصلتهم أحاسيسي وكنت بالنسبة لهم شمعة منيرة وسط ظلام العالم السفلي ..
بهجت:- اهتمامكِ بالسياسة لمن يرجع شغفه ؟
ميرنا:- بالرغم من أنني إنسانة عاطفية لكن هذا لا يمنع أن أكون ملمة بما يدور حولنا من أحداث سياسية وإدارة الأعمال وغيره من هذه النشاطات .. ربما ذلك راجع لرؤيتي في الحياة ورغبتي بإحقاق الحق وإزهاق الباطل
بهجت(سمع مداخلة بأذنه):- ونأخذ أول فاصل ونعود إليكم بعد لحظات ..
ميرنا(بتوجس نظرت خلفها لحكيم الذي أشار لها أن كل شيء بخير):- ماذا يحدث ؟
بهجت:- لا شيء إنه الإعلان الأول .. مضت نصف ساعة ونحن نتحدث وعمر البرنامج ساعتين تقريبا يعني ما يزال أمامنا الكثير لنخوضه سيدة ميرنا .. صدقا أنا معجب بقلمكِ وبخواطركِ التي تلامس شغاف الروح ، أنتِ تملكين حسا عاطفيا حتما .
ميرنا:- نوعا ما .. وشكرا على المجاملة ..
مضت ساعة من الحديث في نجاحات ميرنا وفي علاقتها بجريدتهم وصديقها الصحفي إياد نجيب ، لم تنسى ذكر أي شيء عن مغامراتهما في عالم الصحافة وكيف كانا يرميان بأنفسهما إلى التهلكة في سبيل الخبر الذي يقدمونه للقراء ، هكذا إلى أن وصل الربع الأخير من الحلقة وهنا مر شريط حياتها كاملا أمام عينيها مجددا وسألت نفسها ، طالما رسالتها في الحياة هي كشف الحقيقة إذن لن تستسلم .. استأذنت من المستضيف لحظة حين أذاعوا الإعلان الأخير وركضت صوب حكيم الذي استغرب منها
حكيم:- هل أنتِ بخير لقد وصلنا للوقت الحاسم ميرنا ؟
ميرنا(أمسكت بيده وبعيون دامعة):- أنا أحبك أيضا .. لكن لا أستطيع يا حكيم سامحني
تركته هكذا وعادت لمحلها ووقتها تم بثه على الهواء مباشرة من جديد ، لحظتها عرف حكيم أنها ستخرب أم الدنيا الآن لذلك أخبر طلال الذي ركض لينبه الرجال خارجا بينما بلغ رامز الشرطة لكي يتأهبوا لأي خطر ، أما حكيم فقد وضع يده على مسدسه وأخذ يراقبها عن كثب بعدما اتصل بوائل وأخبره بالمستجدات ، طبعا لن يضبطها أحد لا أحد …
بهجت محمود:- وصلنا لآخر الحلقة صدقا مرت سريعا مع كلماتكِ الجميلة ،وصدق روحكِ الطيبة لذلك لن أسألكِ أي شيء سأترك لكِ كلمة حرة تفضلي ..
ميرنا(نظرت للكاميرا وابتسمت):- أولا أريد أن أخبر عائلتي وأحبتي أنني لم أصل لما وصلت إليه لولا إيمانهم بي ، لولا دعمهم لي ، لولا وقوفهم بجانبي .. عائلتي كانت الدعم الأول لي في مسيرتي المهنية ، وصديقي إياد نجيب كان له الفضل الكبير في نجاحي لقد اخترت أنا وهو سوية دفعة الإعلام والصحافة لشغفنا المشترك للقلم وهذا العالم ، لم نحسب يوما أن هذا الاختيار سيتحول لوبال مؤذ يضرنا كلما حاولنا البحث عن الحقيقة .. وأعتذر من عائلتي التي ستعرف بمعاناتي الآن على الهواء مباشرة ، الكل سمع بقضية الفهد البري التي كتبت عنها الصحافة مئات المرات وذكرتها القنوات الإخبارية دون الوصول إلى مستجدات تفيد التوصل لهذا الشخص والقبض عليه ، وأنا وشريكي إياد تابعنا القضية ومجرياتها لسنوات عديدة يعني بدون أن نتوصل لنتيجة ترجى ، كنا دائمي البحث عنه وكلما نفتح بابا تغلق بوجهنا أبواب أخرى ،.. لكننا لم نيأس وتابعنا البحث سنة وراء سنة إلى أن اقتربنا بشكل دقيق جعل الأمور تحتدم بطريقة مربكة ، لم نشعر بالخوف من التهديدات التي كانت تصلنا ليل نهار عند أبواب بيوتنا في عملنا على هواتفنا في الأماكن التي نتردد عليها ، رغم معرفتنا بمراقبتهم لنا لم ننسحب ..
بهجت(وصله أمر من سماعته):- يعني لو أردتِ بإيجاز لقد اقتطع وقت البرنامج
ميرنا(عرفت أنه سيمنعونها من قول الحقيقة ولم تهب):- .. آخر تهديد شمل احتجازي في مكان قصي خلال الفترة السابقة ، وقد أطلقوا سراحي الليلة فقط لكي أطلب استقالتي الآن على الهواء مباشرة أمام جميع المشاهدين من عالم الصحافة والإعلام، وأعلن انسحابي من قضية الفهد البري نهائيا ، طبعا هم ينتظرون قراري الآن وأرجو أن يسمعوه بوضوح .. أنا ميرنا الراجي لن أنسحب من قضيتي هذه وأقول للفهد البري الحقيقي أي الأب وليس الابن أنني هنا موجودة وسأكشفك حتما لأحرر أحبتي من قبضتك ، لن أسمح لك أن تجندهم وتظلمهم أكثر من ذلك ، بعضهم دفع حياته ثمنا لذلك سرقت منهم هويتهم وحياتهم وحطمت أسرتهم ولن أسمح لك بأن تسرق المزيد .. أنا ميرنا الراجي مجددا أقولها على الهواء مباشرة ودون خوف أنني لن أتنازل عن قضية الفهد البري حتى أكشف تفاصيلها ولو طردت من الجريدة ، وحتى لو لم تقبلني أي جريدة أخرى سأجدك أينما كنت وسأجعلك تدفع الثمن غاليا …
بهجت(نهض بتوتر):- نعتذر منكم مشاهدينا قد وصلنا لنهاية حلقتنا نشكر ضيفتنا ونلقاكم في موعد جديد إن شاء الله ، دمتم في رعاية الله ..
ميرنا(تنفست بعمق ونهضت وهي تنظر لحكيم الذي هز رأسه لها):- آسفة …
رامز:- يخرب جنونك يا بنت يخرب جنونك ماذا فعلتِ ؟؟؟
حكيم(جذبها من يدها وركض بها):- أستسألها بعد علينا أن نأخذها فورا
غضنفر(من محله نهض بعصبية):- الحقوا بها واقتلوهااااااااااااااااا هيا تحركوووووووا
رشيد(اتصل برجاله):- لا تقلق سنعرف أين يأخذونها ونلحق بهم ..
حكيم(حاوطها بذراعه ومسدسه بيده):- لنخرج من الباب الخلفي …
طلال:- سأحضر السيارة
أخرجها من هناك تحت دهشة وتساؤلات الصحافة والجمهور ، وطبعا احترق قلب المشاهدين نهضت عواطف وهي تبكي وتسأل عن ابنتها بخوف ، أما الكل بقوا مشدوهين وهم يستمعون لما قالته بذهول .. إياد أمسك مفاتيحه وطار نحو مقر الاستضافة ليحمي صديقته التي لم يعرف أنها تعاني كل هذا الوقت ، ضرب على مقوده وهو يبحث عبر هاتفه عن عنوان المقر فعَّل رابطا بين حاسوب السيارة وهاتفه ووضع البحث عن الطريق لكن ما برز له تلقاييا هو الموقع الذي بعثته له ميرنا توقف على جنب ليتفحصه ، وكان خارج المدينة بقيمة 20 دقيقة نظر مليا إليه وتذكر أنه ربما يكون ذلك المكان الذي احتجزت فيه حسبما ذكرت .. تساءل أيضا من تكون المرأة التي كانت تزورهم لم يدقق فالموقع أهم لوهلة وتذكر كلام الطبيب مراد حين أخبره أنه يجوز للفتاة التي يراها بذكرياته ليست ميرنا بل شخص يشبهها ، هنا ارتفع الأدرينالين بجسمه وأخذ يفكر في ذلك الاحتمال ، وعليه ضغط على الشاشة ليبرز له الطريق وانعطف باتجاهه ، فسوف يلاحق هذا وسيحاسب ذلك الفهد البري بنفسه إن وجده حيا … إلى أين أنت ذاهب يا إياد نحن بمصيبة الله يرحم والديك إذهب إلى ميرنا ودعك من الموقع .. طبعا نصحته ولم يسمعني ..
هنا في هذه الأثناء فتحت الباب ونزلت من السيارة للمواجهة التالية بينهما ، كانت تنظر إليها مباشرة وتعلن بتحدي مجابهتها بفرض وجودها بهويتها الحقيقية
جوزيت:- كيف استطعتِ أن تفعليها دون خوف ؟
ميرنا(نظرت إليها):- ربما لأننا لا نشبه بعضنا ..
جوزيت:- انتهتِ اللعبة كما أعتقد أخيرا سأعود لذاتي ، دعواتي لكِ بأن تنجي من هذا المصاب ..
ميرنا:- أمامكِ رحلة طويلة الحقي بميار ..
جوزيت(نظرت لطلال الذي أشار لها):- خذني إليه
طلال:- سائقه بانتظار ميرنا ولن يعرف أنكما اثنتين لذلك هذه فرصتكِ ..
حكيم:- أقدم لكِ هذا المعروف لكن النتائج تقع على عاتقكِ بعد الآن
جوزيت:- لا تقلق أنا التي اخترت ، شكرا حكيم على كل شيء
حكيم(عانقها بحرارة):- انتبهي لنفسكِ جوزيت ، أكيد سنلتقي مجددا
جوزيت(نظرت لميرنا):- أكيد ..
أخذها طلال إلى سيارة سائق ميار الذي طار بها من هناك نحو البيت ، وفي اعتقاده أنها السيدة ميرنا بينما جوزيت كانت تبتسم وهي تعلم أن ميار لن يتحمل صدمة أخرى ، لكن هي لها مجبرة على ذلك .. أما حكيم فقد رمى بميرنا بجانبه في السيارة وانطلق بها نحو المطار بينما لحقته عشرات السيارات من سيارات رجاله ، ولسوء الحظ ظهرت سيارات رجال غضنفر وهنا اشتبك الحابل بالنابل ، بدأت اشتباكات بالسلاح بين الرجال في الطريق ، انفجرت سيارتين وانعطفت أربع سيارات عن مسارها ، بينما طلال اتخذ مسارا جعل حكيم يلحقه هروبا من مداهمة رجال غضنفر …
حكيم:- خذي الهاتف اتصلي بوائل فوراااا ..
ميرنا:- حاضر ماذا أخبره ؟
حكيم:- دعي نادر ينفذ الخطة باء
ميرنا:- وما هي الخطة باء ؟
حكيم(كان يسرع مثل المجنون):- حبيبتي بفضلكِ تلحقنا مليون سيارة أسرعي واتصلي
ميرنا(اتصلت وهي تزفر بعمق):- ألو .. وائل واااااائل اهئ..
وائل(أغمض عينيه وهو يستمع لنبضات قلبه المرتعشة):- أخيرا يا روحي .. أخيرا لا تقلقي حبيبتي أنتِ قادمة إلي أنا بانتظارك
ميرنا:- تمام لكن حكيم يطلب منكم أن الخطة تغيرت عليكم استعمال الخطة باء ..
وائل(فتح عينيه بصدمة):- هل أنتم ملاحقون ؟؟
ميرنا:- أجل وكادوا يصلون إلينا لا ندري كيف سنصمد بعد ..
وائل(نهض بتوتر وهو يستند بدعامته):- تمام افصلي نحن بالانتظار أخبريه بذلك …نادر علينا الانتقال للخطة باء
نادر(شبك يديه):- وأنا مستعد لخدمة الشعب هيا بنا …
ميرنا(رمشت بعينيها وهي ترى تلك السيارات تلاحقهم بكثرة):- أظن أن عددهم يزداد
حكيم:- البركة فيكِ حبيبتي أشعلتِ فتيل أعدائكِ ببراعة ..
ميرنا:- أريد مكالمة ميار ..
حكيم(نظر إليها باستغراب لم يتوقعه):- لماذا ؟
ميرنا:- هكذا ..
حكيم:- ابحثي عن اسم رفيقي واتصلي ..
ميرنا(رمشت بعينيها وأمسكته وهي تشعر بالتوتر والقلق من ردة فعله):- …. إنه يرن رد يا ميار رد … ألو ,,, هذه أنا
ميار(كان جالسا بهدوء على الأرجوحة وبيده قنينة مشروب):- توقعت خداعكِ ميرنا .. توقعت ذلك
ميرنا:- هل أنت ثمل ؟
ميار:- تت لالا مجرد سكر عادي ، لكن صدقا أبهرتني يا ميرناااااا برافو عليك تصفيقاتي الحارة
ميرنا(بدموع):- آسفة منك ، لكنني لا أستطيع أن أعيش مثلكما تحت عباءة الذنب .. أنا أحمل رسالة على عاتقي إن لم أصن شرفنا سأصبح مثلكم خرساء في عالم الإجرام .. سأحرركم إن كنت بريئا أنت وحكيم سأبذل قصارى جهدي وأزيل عنكم تلك القذارة
ميار(مط شفتيه):- ابتسامتكِ كانت ساحرة في بداية البرنامج .. هه تذكري أسبوعنا يا ميرنا قد كان حافلا بالذكريااااات .. تلك الذكريات سأدمنها كأقراص مسكنة كيلا أنساها وأقاوم منغصات الفراق ….. وداعا ميرنا
ميرنا:- ألو ألو .. ميار هل تسمعني ألووو .. تت فصل الخط
حكيم:- جيد لأننا على وشك الدخول في مرحلة صعبة ، تشبثي بالكرسي جيدا ..
ميرنا:- لماذاااا ؟
حكيم:- لأننا سننعطف بشكل فجائي .. الآن …
احتدام خطير وقع بين رجال حكيم ورجال غضنفر الذين تضاعفوا بشكل كثيف ، لكن تدخلت سيارات الشرطة وكان رامز في مقدمتها وساعدوا رجال حكيم كثيرا ليفسحوا له مجال الهرب بميرنا ، ما هي إلا دقائق حتى انعطف بها في مكان فسيح جدا لم تبرز منه سوى طيارة هيليكوبتير ترفرف مروحيتها برتيم خفيف يزداد شيئا فشيئا ، رأته أجل رأت حبيبها أخيرا بجانب الطائرة ينتظرها وهنا حكيم شعر بألم في قلبه لكن لأجلها سيفعل أي مستحيل … دعك فرامل السيارة الوحيدة التي تقدمت بينما بقي رجاله في الخلف يصدون الأعداء ..
ميرنا(نزلت من السيارة ونظرت إليه وقد فتح لها يده):- وااااااااائل … حبيبي …
ركضت بسرعة إليه وهي ترفرف أكثر من قلبها وارتمت بحضنها نسيت أصلا أنه مصاب ، لقد تخطى الحد الأقصى بجنونه .. لكن عطرها وحضنها وعناقها جعله ينسى كل شيء وضمها إليه بحرارة ..
وائل(قبل عنقها وخدها وجبينها):- حبيبتي أنا هناااا يا عمري هااا ..
ميرنا:- أنا أبكي من شوقي إليك هئئ..
نادر(ركب محله وارتدى قبعة الطيار):- لنصعد وائل لا نملك وقتا ، ميرنا فيما بعد نسلم على بعضنا ههه ..
حكيم(نظر خلفه للاشتباك الحاصل هناك):- الوضع خطير خذها يا وائل ، بسرعة ..
وائل(صعد للطائرة):- هيا ميرنا تعالي سأمسك بكِ ..
ميرنا(ترددت لوهلة ونظرت خلفها للاشتباك الذي كان يقترب شيئا فشيئا):- أنت ماذا ستفعل ، تعال معنا المكان يتسع ؟
حكيم(مسح على شعرها بحنان وزفر بعمق):- إلى هنا وأتممت نصف مهمتي ، علي أن أهتم بالنصف الثاني ويجب أن أتواجد هنا .. أنتِ كوني بخير ولا تعودي أبدااا همم يعني سأجد طريقة لكي أحل ذلك الموضوع الذي تعرفينه فقط لا تفكري بنا .. فكري بنفسكِ فقط
ميرنا(ببكاء لامست خده):- حكيييم سأراك مجددا صحيح ؟
حكيم(دمعت عيناه):- طبعا يا حمقاء وهل لي غنى عنكِ .. اهتم بها جيدا وائل من أجلي
وأنتِ اهتمي بنفسكِ أيضا تمام ؟
ميرنا(هزت رأسها):- حاضر ..آه ولا تنسى زيارة ميار أكيد سيكون بحال صعب
حكيم:- آه حين قال أنه سيزرع نفسه بين ثنايا قلبكِ ما كان يكذب ، حسن لا تقلقي
نادر:- الوقت يداهمنا هيا ميرنا اصعدي
حكيم(وضع يده على جنبه وهو يحرك رأسه بفشل):- هيا ميرنااا هيا … حان الوقت
ميرنا(مدت يدها لمحبوبها لكن سرعان ما جذبتها ونظرت لحكيم):- هء ..
حركت رأسها مرتين وركضت إليه وعانقته بحرارة جعلته يحتضنها بكل ما أوتي من قوة ، كان يعلم أنه عناق دافي كله ألم ومعاناة وبعض عشق ، لذلك ارتأت أنه من حقه .. لامست وجهه بيديها وقبلت وجنته بحرارة وهمست بخفوت في أذنه وذهبت ، أجل ذهبت ببساطة مدت يدها لرجلها الذي ينتظرها وركبت بجانبه وأغلق الباب عليهما ، وهي تلوح من النافذة لحكيم الذي أشهر سلاحه ونظر خلفه حين سمع نداء طلال التحذيري له ، وهنا فقدت ميرنا الرؤية حين ارتفعت المروحية ولم تعد ترى سوى ضوء الرصاص المشتبك هنا ، ولحظتها ارتعبت على حكيم ماذا لو لم ينجو منها ، هنا أمسكها ولول من يدها ونظر إليها هامسا أن كل شيء سيكون بخير طالما هي في أمن وأمان معه الآن …

ابتعد نادر بالمروحية وغاصا وسط السماء مبتعدين عن ذلك الخطر ، وقلبهما يرتجف خوفا على من بالأسفل وكانت قد اشتدت الحرب هناك حيث ركض طلال وداغر صوب حكيم لحمايته ، فقد أتته سيارتين على حين غرة من كل جانب وهنا لم يجد رامز أي حل للمرور إليه ، فقد كان في اشتباك آخر .. ولوهلة انتهى خزان رصاص حكيم وما إن هم بتغييره وانشغل قليلا حتى ضربت رصاصتين جعلت طلال وداغر يصرخان ويشهقان فزعا بعدهااااااا على الجسد الذي هوى أرضااااااااا بعدها ..
في تلك اللحظة وصلت سيارة السواق بجوزيت إلى البيت وما إن رمقتها جمانة وإيزابيل ، استغربتا عودتها بعد الفضيحة التي افتعلتها لم تتوقف عندهما لتشرح وتتحدث .. بل سألت مباشرة عن ميار وصعدت لغرفته بعد أن أخبروها بها ودخلت عليه وجدته ينظر من النافذة بعيون مظلمة .. أقفلت الباب عليهما بالمفتاح وتقدمت إليه ..
جوزيت:- ميار ..
ميار(استدار إليها باندهاش):- ما الذي أتى بكِ ؟؟
جوزيت(نظرت لزجاجة الخمر):- أظن أنك ثمل ، يلا هذا سيساعد أيضا في تقبل الحقيقة
ميار:- … جوزيت ؟؟
جوزيت(أزالت سترتها ورمت بها أرضا):- أجل أنا جوزتك الغالية .. يا حبيبي لقد وعدتني بعد عودة ميرنا أنك ستنفذ شرطي لذلك أنا هنا …
ميار(تراجع للخلف):- ماذا تفعلين افتحي تلك الباب لا أريدكِ معي …
جوزيت(رجعت للخلف وأمسكت بالمفتاح وركضت لحمامه ورمت به في دورة المياه):- أظننا تخلصنا منه للأبد ..
ميار(رآها وهي تفتح سلسال فستانها):- بحق السماء ما الذي تظنين نفسكِ فاعلة ؟
جوزيت(اقتربت منه ودفعته على السرير):- هل تظن أنك ستفوز علي بهجرك لي ، ههه محال طبعا فأنا أريد نيل أبسط حقوقي معك يا عمري
رمقها وقد رمت بالفستان أرضا وفتح فاهه فيها ومن جنونها اللحظي ، وهنا ابتسمت له وارتمت بأحضانه التي ليس معروفا إن كانت ستجد مثلها منه أم سترمي بنفسها في هاوية رفض ميار الدايم لها ..
أما عند إياد فقد وصل للموقع ووجده بناء قديم متجدد ترجل من السيارة وسحب نفسا عميقا ، هو يعلم أنه قدم للمجهول إذن لا يعرف ما ستكون النتيجة وعليه رمى بنفسه وسط النار .. طرق الباب طرقة واحدة وفتح بعد لحظات وكان عرندس ..
عرندس(بدهشة):- سيد ميار لم تخبرنا أنك قادم ، تفضل تفضل بالدخول ..
إياد(سحب خلفه بعدم فهم واسم ميار استذكره أخيرا من الماضي ، فقد كان هو اسم الولد الذي كانت تتردد صورته في مخيلته بعد جلسة التنويم المغناطيسي):- أ..
عرندس:- الست كهرمانة على آخرها بالداخل ، بعد فعل ميرنا على الهواء مباشرة أخذت عدة حبات وجع رأس وهي تتوعد بوعيد شرس لأجلها ..
إياد(رمش بعينيه وهو ينظر لكمية الرجال الماثلين هناك):- حقا …
عرندس:- ست كهرمانة لقد أتى السيد ميار ..
كهرمانة(دفعت يد أماني التي كانت تدلك كتفيها ونهضت إليه):- أرأيت ما فعلته ميرنا التي قتلتنا بعشقها ، لقد فضحتنا يا ميار فضحتنا أمام الملأ لم تكتفي بتسميم البنات وتخريب عملية البيع ، لا قامت بالخروج أمام الشعب أجمعين لتضع فوهة المسدس بوجهنا … أكيد أكيد غضنفر لن يسكت أكيد سيفكر بقتلها إن لم يكن قتلها الآن ، سيرتد علينا سوف يمحي اسمك أيها الفهد البري ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
إياد(هنا ارتفع ضغطه للأمانة وفقد وعيه فسقط من طوله):- يا إلهي ….
أما بمكان آخر في السجن تماما وبذلك الوقت المتأخر ، جاءت نفس السيدة التي زارت واءل في المشفى سابقا ، كانت تطقطق بكعبها في ذلك الممر وهي تسرع خلف الشرطي الذي دلها على مكان الانتظار ، بينما توجه لينادي طارق الراجي الذي كثرت زياراته حقا تلك الفترة ، استغرب زيارة له مجددا في عز ذلك الليل وبينما الناس نيام ، لكنه طاوع الشرطي الطيب وانسحب خلفه نحو غرفة الانتظار ، دخل وإذ به يرى امرأة مقتدرة جميلة المحيا تنتظره بابتسامة غريبة وما إن رأته حتى شهقت ..
طارق:- من حضرتكِ ؟
المرأة(بعيون دامعة):- أنت لم ترني قبلا لكنني أعرفك جيدا ، طارق الراجي
طارق(جلس مقابلها):- اسمي معروف يعني ما الجديد ؟
المرأة(امتصت شفتيها):- أعلم أنك في صدد الخروج من هذا السجن ، وافقت على فتح الدعوى من جديد لكنني أتيت لكي أرجوك رجاء حارا ، ألا تغادر حنايا هذا المكان فأنا قد وقعت في مصيدة طوال سنوات ما زلت عالقة بها ولا أريدك أن تعاني معي ، أرجوك لا تخرج
طارق(باستغراب):- لماذا ؟؟
المرأة(بحرارة صادقة):- لأنني أخشى عليك ، لو خرجت ودخلت لتلك الدوامة لن تسلم منها أبدا سوف يحشرونك معهم في الانتقام ، صدقني يا طارق هنا أفضل مكان لك
طارق:- ماذا تقولين يا امرأة ، أنتِ تهذين .. ثم من هؤلاء تحدثي ؟
المرأة(بدموع):- يا الله كيف سأشرح لك ، بدون أن تسأل أنا أخبرك لمصلحتك ألا تخرج أرفض فتح الدعوى وأكمل أعوامك المتبقية وقتها سنكون قد تخلصنا من كل ذلك الشر
طارق(نهض للمغادرة):- أظنكِ أخطأتِ العنوان
المرأة(نهضت وأمسكت بيده):- أرجوك أتوسل إليك ، …. أمك بحاجة إليك ..
طارق:- هه لماذا في نظرك لكي أخبز معها في محل الحلويات ؟
المرأة(ببكاء حارق):- أنا لا أتحدث عن عواطف ..
طارق(نظر إليها بعدم فهم وسحب يده):- وعن ماذا تتحدثين إذن ؟
المرأة(جذبته لحضنها بحرارة الأمومة):- عني أنا يا ولدي …….. أنا أمك يا طارق … أنا هبة رشوان …

إلى هنا وكملت حصيلة صدماتي ما رأيكم فيها ههههه ، بانتظاركم أحبتي
وأتمنى لكم أيضا بالمناسبة سنة سعيدة كلها أفراح ومسرات نلتقي السنة المقبلة إن شاء الله مع أمنياتي الطيبة ^^
يتبع ..




الكونتيسة نسرينا غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 30-12-16, 06:58 AM   #532

رهووفا
 
الصورة الرمزية رهووفا

? العضوٌ??? » 80197
?  التسِجيلٌ » Mar 2009
? مشَارَ?اتْي » 350
?  نُقآطِيْ » رهووفا has a reputation beyond reputeرهووفا has a reputation beyond reputeرهووفا has a reputation beyond reputeرهووفا has a reputation beyond reputeرهووفا has a reputation beyond reputeرهووفا has a reputation beyond reputeرهووفا has a reputation beyond reputeرهووفا has a reputation beyond reputeرهووفا has a reputation beyond reputeرهووفا has a reputation beyond reputeرهووفا has a reputation beyond repute
افتراضي

يسلموووو يا عسل

فصل رهيب يخطف الانفاس

احداث مشوقة حماس ممتعة استمتعت بقراته



بانتظااارك بكل شووووق ولهفه


رهووفا غير متواجد حالياً  
قديم 02-01-17, 04:28 PM   #533

هوس الحلم

? العضوٌ??? » 365831
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 31
?  نُقآطِيْ » هوس الحلم is on a distinguished road
افتراضي

عن ميرنا وأوجاعها




هوس الحلم غير متواجد حالياً  
قديم 05-01-17, 11:21 AM   #534

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
Elk

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كونتيسةفصل رهييييييييب دمار شامل وايه الروعة والابداع المفاجات تتطاير من كل ناحية والقفلة رهيبة بليز لا تتاخري علينا نحن ف منتصف طريق او كما يقولون منعطف تاريخي ف انتظاااااااااااارك

modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

قديم 08-01-17, 01:29 AM   #535

ساءر في ربى الزمن
 
الصورة الرمزية ساءر في ربى الزمن

? العضوٌ??? » 354980
?  التسِجيلٌ » Oct 2015
? مشَارَ?اتْي » 546
?  نُقآطِيْ » ساءر في ربى الزمن has a reputation beyond reputeساءر في ربى الزمن has a reputation beyond reputeساءر في ربى الزمن has a reputation beyond reputeساءر في ربى الزمن has a reputation beyond reputeساءر في ربى الزمن has a reputation beyond reputeساءر في ربى الزمن has a reputation beyond reputeساءر في ربى الزمن has a reputation beyond reputeساءر في ربى الزمن has a reputation beyond reputeساءر في ربى الزمن has a reputation beyond reputeساءر في ربى الزمن has a reputation beyond reputeساءر في ربى الزمن has a reputation beyond repute
افتراضي

رهيبه حرااااااااااام عليك
ي


ساءر في ربى الزمن غير متواجد حالياً  
قديم 13-01-17, 03:56 PM   #536

nadamh

? العضوٌ??? » 367750
?  التسِجيلٌ » Mar 2016
? مشَارَ?اتْي » 91
?  نُقآطِيْ » nadamh is on a distinguished road
افتراضي

بالانتظار على احر من الجمر عسى المانع خير عزيزتي

nadamh غير متواجد حالياً  
قديم 14-01-17, 02:57 PM   #537

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

روايتك أكثر من رائعة كلها حيوية و أكشن و حب و غرام و أنتقام و حقد و قهر .. ياه كل المشاعر تتابين و تتصاعد و الشخصيات جميلة حتى الشريرة فيها مثل سلسبيل فقهرها فى الحب هو ما أدى بها الى الحقد و الانتقام
أنا أنتظر الفصل السابع و العشرين على أحر من الجمر فلا تتأخرى يا كونتيسة على رعاياك و موفقة دائما


موضى و راكان غير متواجد حالياً  
قديم 15-01-17, 08:18 PM   #538

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كونتيسة الجميلة اين انت في انتظااااااااااااااااااااا رك ربنا يوفقك وييسر امورك

modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

قديم 15-01-17, 10:28 PM   #539

هوس الحلم

? العضوٌ??? » 365831
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 31
?  نُقآطِيْ » هوس الحلم is on a distinguished road
افتراضي


حسب معلومات صفحة الكاتبة هينزل الفصل مسااء يوم الاربعاء ان شاء الله
سنكون بالانتظار


هوس الحلم غير متواجد حالياً  
قديم 17-01-17, 07:43 PM   #540

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:04 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.