آخر 10 مشاركات
مشاعر على حد السيف (121) للكاتبة: Sara Craven *كاملة* (الكاتـب : salmanlina - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          أرملة أخيه-قلوب زائرة(ج1 سلسلة حكايات سريه) للكاتبة : عبير محمد قائد*كاملة&الروابط* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          خادمة القصر (الكاتـب : اسماعيل موسى - )           »          رغبات حائرة (168) للكاتبة Heidi Rice .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          هيا نجدد إيماننا 2024 (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          نبضات حرف واحاسيس قلم ( .. سجال أدبي ) *مميزة* (الكاتـب : المســــافررر - )           »          في قلب الشاعر (5) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          587 - امرأة تائهة - راشيل فورد - ق.ع.د.ن ... حصريااااااا (الكاتـب : dalia - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

Like Tree32Likes
موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-01-17, 02:23 AM   #551

الكونتيسة نسرينا
 
الصورة الرمزية الكونتيسة نسرينا

? العضوٌ??? » 310858
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 623
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » الكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة modyblue مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كونتيسة ف انتظارك
عذراااااا لتأخيير انا جيت قراءة ممتعة حبيبتي




الكونتيسة نسرينا غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 19-01-17, 02:46 AM   #552

الكونتيسة نسرينا
 
الصورة الرمزية الكونتيسة نسرينا

? العضوٌ??? » 310858
?  التسِجيلٌ » Jan 2014
? مشَارَ?اتْي » 623
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » الكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond reputeالكونتيسة نسرينا has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل 27

"-مُحتمل- .. كلمة نرمِي عليها ثقلَ أحزاننا هُمومنا وآثامنا ، مُفردَة واحدة تختصِرُ جُملة من الآمال العالقة في سَراديبِ التردد ، نُحاول تحدِيدَ مجراها عبرَ تقنين مُعاهداتِ الصُّلحِ الفاشلة مع الحظ مع القدَر أو مع النسيَان .. لكننا في مُعظم الأحوالِ نُخفق ، فلا نحنُ نصلُ لنتائج مُحتمَّة تنفضُ بعضَ غُبارِ الانكسَارات عنا ، ولا نحنُ نجدُ ما يُجففُ رُوحنا من دَسنِ الإخفاقاتِ المُتعددة .. لذلك يصعبُ أن نُبقيَ كلمة مُحتمل ضمنَ قامُوس حياتنا البائِسة لأنها لا تجلبُ خلفها سوى وبالِ الخراب والأحزان ، كُلما حاولنا أن نطوِّق أنفسنا بقيُود العشق ضِعنا وسطَ تلكَ الغياهب المُظلمة التي بهُتَت ألوانها وباتت تفتقدُ الحياة ، فكيفَ لقلبِ عاشق أن يَتحوَّل لسِراجٍ يُنيرُ عتمة الليالي العُجاف ويستدلُّ النَّبضُ بحرارتِه ليكشِفَ وُجهة الأنفاس ، بل كيف تستنيرُ الخُطوات من ظُلمة الملذاتِ التي تُباهي بها الوحدة القاتلة ،..فما بيْنَ مُتعة الشَّوقِ الشَّقي وانهزامِ الجرُوح السقيمة ، عزَّ العناقُ فينا لقاءهُ بعدَ طُول غياب ؛ فهل ستسمحُ الأقدارُ لعفوية الحُنجرة التي لا تُتقنُ سوى أن تتهجى حُروفَ اللهفةِ لتُحدِث ضجَّة على صدرِ الحُب لعلَّها تتأنق لاحتضانِ الأمل ، أم سنتركُ لصُدفة اللحظاتِ مجالا لتُباعدَ بين الماضِي والمُستقبل كي تسكنَ الذكرياتُ في وجدِ الحاضِر أكثر ، أو رُبما سنتساءلُ سويَّة بكُل شفافيَّة : هل يزهُو العشقُ بدُون صدَى الحَبيب …؟؟؟
أشكُّ في أن الإجابة غير متوفرة في الوقت الحالي ، لذلك قد نسمعها من شفاه العاشقين خاصتنا هذا إن وجدوا سبيلا لذلك ^^ …
~ قبل عدة أيام ~
في ذلك الجو الرمادي الذي كان يلتف من حولها ، كانت تقف وحيدة عند جسر خشبي متوسط الحجم ، تجري من تحته مياه ذات لون وردي ، أما البقاع بجانبها فقد كانت مليئة بزهور الكرز المسماة بالبلوسوم ذات اللون الزهري ، كل مكان حولها كانت تغطيه تلك الأزهار التي ظلت تتساقط من الأشجار حولها برتم طفيف يساوم الرياح الخفيفة رويدا رويدا .. على ذلك الجسر كانت تنتظر شيئا مبهما لم تستطع تحديد اسم له ، فقط كانت تلتفت ذات اليمين وذات الشمال وهي تتمسك بثوبها القطني كي تحمي نفسها من برودة الجو وأيضا كي تجد ملاذا لروحها التائهة ..
أين هو ؟ -
قالتها وهي تنفخ بين يديها المشبوكتين لعلها تدفئهما بالقليل مما تملك ، لكن أنفاسها التي تحولت لبخار يتطاير في الهواء ضاقت فجأة ، حين شعرت بأنها لا تستطيع أخذ شهيق يمكنها من الحياة .. أخذت تحاول وتحاول وهي تمسك على صدرها وعنقها لتستنشق بعض الأوكسجين لكن تضاعف الاختناق بداخلها ، وهذا ما جعلها تهوي على ركبتيها وتلامس أديم الخشب ، برودته زادت من هلعها فقد انفجرت مدامع عينها بالبكاء ، بينما شعرها أخذ يتساقط أرضا خصلة خصلة وكأن يدا ما تقصه بالمقص .. هلعت جزعت وانتفضت بصراخ وهي تلامس شعرها وتلتفت من كل جانب بحثا عمن يتسبب بذلك ، لوهلة سمعت صوت قهقهات رجولية تمتد كالصدى من حولها وتملأ الأركان ، تلك الأصوات جعلتها تجفل وهي تستكين حول نفسها وتحاول أن تضبط ذاتها كي لا تتشتت أكثر ، لكن ذلك لم يحدث فقد اقترب منها صاحب الصوت حتى لاح لها وهو جاثم من الجانب الآخر للجسر ، متدثرا في ثوب أسود يغطيه كاملا حتى وجهه كان مغطى بقبعة سوداء متدلية ، يحمل بيده رمحا ينتهي بلمعة الغدر .. هنا خفق قلبها رعبا مليون خفقة وهي تنسحب للخلف رغبة في حماية نفسها من ذلك الرجل الذي أخذ يقترب منها شيئا فشيئا ، كل خطوة كان يخطوها في اتجاهها على ذلك الجسر كانت تسمع كزها وكأنه يتلو تراتيل موتها المقبل .. حاولت أن تنهض لكن ركبتيها كانتا مخدرتين لا تتحركان البتة ، أرادت أن تصرخ بعلو صوتها لكن اكتشفت أن صوتها مختف تماما لذلك فزعت أكثر لحين التصقت بجدار الجسر خلفها وهي تغمض عينيها كي لا ترى ملامح الرجل المفزعة التي ظهرت جلية حين اقترابه ….. لحظة هربٍ ضئيلة وسمعت بعدها صوتا مألوفا يصرخ بقوة في الرجل الملثم كي يبتعد عنها لكن لم يبتعد بل زادت القهقهات عاليا حتى لامست حد السخرية ، هنا فتحت عينيها وهي تشعر بجسد ثقيل هوى على صدرها مطعونا بالرمح ،، هزت رأسها مرتين دون أن تستوعب الذي حصل حتى انهارت ببكاء وهي تبكي فقيدها الذي مات بين ذراعيها ، أخذت تحتضنه وهي تغمس يديها في دم صدره وتحاول إيقاظه لعل ذلك يفلح ، لكنه فارق الحياة وهو ينظر إليها بعيون باكية .. هنا شعرت وكأن الدنيا كلها تخلت عنها لحظة فارقها حارسها الذي وعدها ذات يوم أنه سيكون ملاكها الحارس الذي سيحميها من أي شر …
ميرنا(كانت تصرخ وهي تبكي مغمضة العينين وتنازع بشكل مربك):- لالالالالالا حكييييييم لما قتلته لماااااذا اهئ ، عد إلي أيها المجرم عد لأقتلك ليتك قتلتني أنا ولم تقتل حبيبي ليتك قتلتني أنا حرام عليك … اهئ حكييييييم استيقظ رجاء لا تمت لقد وعدتني أنك لن تموت هياااااا استييييييييقظظظظظظظ حكييييييييم .. اهئ حكييييييييييييييييييم … هء ؟؟؟؟؟
ميار(أمسكها بخفة بين يديه حين ارتفعت بصراخ وهي تستيقظ باكية):- اهدئي يا ميرنا لا تفزعي إنه مجرد كابوس ، كنتِ تحلمين لم يحصل شيء مما حلمتِ به ..
ميرنا(أخذت وقتا لتستوعب ما حصل للتو):- إياااد .. أ..أنت ميار لقد لقد أ.. اهئ لقد رأيت حلما بشعاااا ، لقد قتلوا حكيم اهئ قتله أحدهم دون أن يرمش حتى … أريد أريد حكيم الآن أريد أن أراه أريد أن أكلمه أرجوك أرجوك حقق لي ذلك .. أرجووووك لن أستطيع أن أتنفس دون سماع صوته أتوسل إليك ساعدني …
ميار(نظر لضفيرته المتربعة على شعرها ولفستانها الأحمر الزاهي وحدث نفسه):- كيف يعقل أن تسلبني من روحي وهي بهذا التأثير ، ليتني كنت بذلك الحلم أقله كانت ارتعبت بشأني مثلا يعني أقول يا ليت ..آآآآخ ..
ميرنا(هزت ذراعه وهي تترجاه):- هل ستسمح لي ؟
ميار(مال برأسه بعطف والتقط منديلا من علبة المناديل بجانب سريره):- طيب امسحي دموعكِ أولا ، والتقطي أنفاسكِ بكوب الماء كي لا يظن حكيم أنني فعلت بكِ سوءا تمام ..
ميرنا(نظرت إليه وهي تتنفس براحة وأمسكت منه المنديل وكوب الماء):- لقد خفت كثيرا
ميار(مرر لسانه بين شفتيه ونهض ليحضر هاتفه):- اهدئي كل شيء على ما يرام ، كان مجرد كابوس حاولي نسيانه يكون أفضل
ميرنا(وضعت الكوب جانبا ومسحت على عنقها وهي تتكئ على حائط سريره غير واعية أين هي ولا كيف نامت هناك وبصوت خافت متحشرج):- لقد نمت بغرفتك مجددا ،،، يعني آخر شيء أتذكره هو ضفيرة شعري وصوتك ، مرة أخرى غفوت دون أن أشعر بشيء .. تتت أما زال لا يجيب ؟؟
ميار(حرك كتفيه بدون فائدة وأبعده عن أذنه):- يرن دون رد ..
ميرنا(رمشت بنظرة خيبة وهي تمسح دموعها):- مؤسف ..
ميار(زفر عميقا من حالتها وأشار بيده لكي تهدأ وانسحب بعدها خارج الغرفة):- ستكلمينه مهلا فقط .. دقيقة / (أخذ ينتظر وينتظر إلى أن أجابت) ألو .. هل أيقظتكِ ؟
جوزيت(نهضت من السرير وهي ترفع حمالة فستان نومها بذهول):- ميار .. أنت من تتصل بي في هذا الوقت المتأخر من الليل ، يعني هل أنت بخير هل بك شيء يا ترى ؟
ميار(أغلق عينيه وفتحهما بوخز يؤلمه في قلبه):- لا تبدئي هذيانكِ الآن ، أحتاج وبسرعة للوصول إلى حكيم أين هو الآن ؟
جوزيت(رمشت بامتعاض):- مؤسف ..
ميار(عقد حاجبيه من الكلمة التي قالتها الفتاتين بنفس الطريقة يا حبيبي !):- احم .. جوزيت ركزي معي لو سمحتِ ؟
جوزيت(مطت شفتيها بتذمر):- اعتقدت أنك اشتقت لي مثلا ، أنك ترغب بسماع صوتي ، أنك رأيتني في حلمك حتى لكن يظهر لي العدم فخيالي المريض يخلق لي أشياء أقرب من النجوم
ميار(مسح على جبينه):- يعني ستجبرينني على الصراخ بوجهكِ كي تمتثلي وتجيبي على سؤالي صح ؟
جوزيت:- لا تزعجني أكثر .. سأدعه يكلمك سيد ميار لا تقلق أوامرك مجابة
ميار(عرف أنه ضغط عليها لذا استرسل بسرعة):- جوزي ؟؟
جوزيت(دمعت عيناها بغبن وشعرت بالبرودة تلفحها):- لم أطلب سوى كلمة طيبة منك ، ذاتا أنا مقهورة لما تلقي باللوم علي أنا فقط ، بينما تترك المتسبب بكل هذه المعاناة حرا طليقا هاااااه ؟
ميار:- وهو سأحاسبه لكن ليس الآن جوزيت ، ليس وقته صليني بحكيم رجاء ..
جوزيت(بغضب):- قلت لك سأجعله يتصل بك .. لا تصرخ بوجهي ثانية هممم
ميار(انتفض من قفلها للخط بوجهه):- أقسم أنها تملك عقلا محشوا بالتبن ..
خرجت من سريرها وهي تنفض شعرها بغبن من على وجهها ، وتدمدم تحت أنفها بأسْفه الكلمات وأنذلها في حق ميار طبعا شتمته لسابع جد ولم تستطع إخراس غضبها الجامح ، فتحت باب غرفتها واندفعت مباشرة لغرفته فتحت بابه بقوة ودلفت ، وجدته نائما في أمان الله لكن يظهر أن ذلك لن يستمر .. زفرت عميقا واقتربت منه وهي تدك إصبعها في ذراعه العاري دكا دكاااااا …
حكيم(استيقظ بثقل):- اممم ماذا يجري ماذا يجري دعيني أنام …
جوزيت(هزته من ذراعه وهي تدفعه بيديها):- إنهض فورا لديك اتصال مهم
حكيم(فتح عينيه على وسعهما بارتباك والتفت إليها):- ممن ؟
جوزيت(كتفت يديها وجلست قربه وبصوت ساخر):- من رفيق دربك السلطان ميار ..
حكيم(مسح عينيه ونهض بسرعة منتفضا محله):- خيرا إن شاء الله ، لعل ميرنا على ما يرام .. تت يا الله لقد اتصل بي ونسيته على الصامت اففف …
جوزيت(اقتربت منه وهي تتسحب بركبتيها العاريتين صوبه):- ماذا يقول هل يجيب هم ؟
حكيم(نظر لهيأتها وانتبه للتو):- بحق السماء ألا يملك فستانكِ هذا رداء يعني ، حرام أن تيتميه هكذا خلصي ذمتكِ يا بنت بلا ذنوب .. الله الله
جوزيت(دفعت أذنها ليده كي تستمع):- لما لا يرد اففف ..
حكيم(حاول التخلص من أكوام شعرها التي كانت تخنقه):- يا الله دعيني أتحدث ، ألو ميار نعم يا رجل لقد أفزعتني هل أنتم بخير ؟
ميار:- بخير لا تقلق ، لكن ميرنا أرادت محادثتك
حكيم(بقلق):- محادثتي في هذا الوقت … ماذا يحصل يا ميار أخبرني ؟؟؟
ميرنا(سحبت الهواء لجوفها ونطقت):- حكيم ..
حكيم(برقت عيناه بحنين تضاعف بخلده كاملا):- ميرنا روحي ..
ميرنا(بدأت البكاء):- اهئ حكيم أنت سليم هاه يعني ليس بك شيء ، لم تتعرض لأذى صارحني أرجوك والله لن أفزع بشأنك فقط قليلا.. يعني صارحني وقل لي الصدق ؟؟
حكيم(بعدم فهم):- ميرنا حبيبتي أنا بخير وكنت نائما بغرفتي ، يعني ليس فيني أي ضرر
ميرنا(تنفست الصعداء وقتها):- الحمدلله ، عدني يا حكيم أنك لن تتهور بشيء لوحدك دع طلال دوما بجانبك تمام ، ولو سمحت لا تخاصم أحدا بالطريق ولا تعرض نفسك للخطر و
حكيم(بتوجس من حديثها):- هل رأيتني في حلم سيء ؟
ميرنا(تذكرت الحلم وأجهشت بالدموع):- كان حلما بشعا بشعااااا ، وددت لو لم أراه لقد لقد وجعني في خاطري ولا أعلم كيف أخفف من وطأة هذا الشعور السيء .. أنا خائفة عليك عِدني أنك ستكون بخير رجاء يا حكيم ؟؟
حكيم:-ههه لم أحسب أنني عزيز عليكِ لهذه الدرجة يا عصفورتي الصغيرة ، لكن لا تقلقي سأكون بخير ولن يصيبني مكروه فقط كوني أنتِ أيضا على ما يرام ، كي لا أنشغل بكِ هاه ؟
ميرنا(اطمأنت وهي تتنفس بأريحية):- أعدك بذلك .. هيا أكمل نومتك ولا تقلق بشأني
حكيم(ابتسم):- أحبكِ يا شقية ..
ميرنا(ابتسمت وهي تعضعض شفتيها ونظرت لميار الذي كان يوليها ظهره للنافذة):- نتكلم لاحقا حين أراك فلم يتبقى الكثير ..
حكيم(فهم مغزى كلامها):- أيام قليلة تفصلنا عن بعضنا ، لذلك احرصي على أن تبقي ثابتة
ميرنا:- تمام .. انتبه لنفسك من أجلي ..
حكيم(بصوت عاشق):- ولو .. لأجل عيون الغزال تنحني الجبال .. مع السلامة
ميرنا(بشعور مليء بالدفء):- إلى اللقاء ..
وقفت وتقدمت إليه ومدت له الهاتف وهي تشعر بالغبطة لسلامة حكيم وبالارتياح في أن ما رأته ما هو إلا أضغاث أحلام .. تنفست بعمق وهي تفتح عينيها لتصطدم بعينيه اللتين كانتا تتأملانها ببريق غريب كأنما كانت قادمة من المريخ مثلا ؟
ميرنا(مسحت خلف عنقها بتوتر وقدمت له الهاتف مجددا):- هاتفك ..
ميار(التقطه منها):- لا شكر على واجب
ميرنا(فهمت سخريته وابتعدت لتخرج من غرفته):- عذرا لاحتكار سريرك لكن حكاياتك جعلتني أنام دون وعي ، نأسف لإزعاجك يا سيد ..
ميار(وضع الهاتف بجيبه وهو يتأمل مشيتها المرتبكة في اتجاه غرفتها):- لا بأس أي خدمة
ميرنا(صفقت الباب بوجهه والتصقت به وهي تلهث بصعوبة):- هيا ميرنا لم تجدي إلا سريره كي تنامي عليه يعني استيقظي حركي ساكنا ، ليس هكذا ليس هكذا سيعتقد أنكِ تتعاطفين معه وأنتِ لا تطيقين فيه شيئا ، ت ت ت الحمدلله أهم شيء أنني اطمأننت على حكيم يااااه .. الآن سأنام بارتياح …
دخلت لحمامها وأزالت ذلك الفستان لتستقر بقميص نومها المعتاد وارتمت به على سريرها كي تغفو ، وترمي بأحمال إرهاقها بعيدا بعيدا ، فأمامها أشواط وأشواط من التفكير حتى وصول يوم البرنامج الحاسم .. أما هنا فقد كان يضع يديه خلف رأسه متكئا على حائط سريره وينظر إليها بقلة صبر وحيلة ..
جوزيت(تشير لنفسها بعصبية مفرطة):- يكلمني أنااا أنااا جوزييييييت لكي يجعلني صلة وصل بينكما ، لماذا لأجل عيون الست ميرنا قال ماذا رأت المسكينة كابوسا بشأنك وأرادت الاطمئنان عليك … يعني أي جنون هذاااا أجبني بالله عليك أليست هذه إهانة لشخصي أن يتصرف بهذا الشكل ؟؟؟
حكيم(بتذمر وتعب):- قبل قليل سألتني مرتين نفس هذا السؤال وأجبتكِ ، أنه يملك عذرا فمن يجالس جرس الإنذار المسماة بميرنا قد يتصل بأي كان فقط كي يخلص من جحيم صوتها ، أعرفها أعرفها حين تضع شيئا برأسها .. لذلك ننتهي لفكرة واضحة وضوح الشمس في عز النهار أن السيد كان مجبرااا مجبراااااااااا
جوزيت(ضربته لكتفه):- لا تدافع عنه لا تدافع عنه وإلا قتلتك ..
حكيم(أمسك يديها):- لما لا تخرجين من غرفتي بدون مطرود وتدعينني أنام همم ، حرام يعني ابن عمكِ هلكان من الصبح أشفقي علي أنا قريبكِ من الدرجة الأولى قومي بحسنة من أجلي يا بنت ؟
جوزيت(أمسكت غطاءه ورفعت حاجبها بتأفف):- سأنام هنا .. ابتعد قليلا هيا تحرك
حكيم(فزع وفتح عينيه على وسعهما وهو ينظر إليها):- ستنامين بقربي وأنا عار الصدر ، وأنتِ بهذا الفستان الذي يلبسكِ بمعنى الكلمة ههه … عذرا جوزيت ذلك غير ممكن !!
جوزيت(نظرت لفستانها ورفعت كتفيها):- أنت تعد أخي يعني بالنهاية لن أحتسب عليك كزوجة هههه ، هيا ابتعد أنا أخاف النوم لوحدي حين يوقظني أحدهم ليلا ويكسر هنائي
حكيم(رفع حاجبه وقد أخذت الأخت كل الغطاء):- آه يا ربي ماذا فعلت كي أعاقب بهكذا نسااااء في حياتي ، يعني ما الذنب الذي ارتكبته ؟؟
جوزيت(احتضنت وسادته):- أطفأ الإضاءة معك بليز حكيم .. يدي لا تصل إليها
حكيم(أطل على الأباجورة قرب رأسها تماما):- يدكِ لا تصل أم أنكِ تبتغين شقائي ؟
جوزيت(ضحكت وهي تغمض عينيها بأريحية على سريره):- المكان دافئ هنا سأنام ما تبقى من أيام بجانبك دوما .. ههه أشعر بالارتياح
حكيم(وضع يده تحت رأسه وهو مستلق بجانبها):- نامي يختي نامي .. أصلا هي ليلة باينة من أولها
نظر لسقف غرفته ومنه لنافذته وهو يشعر بالحنين يقتله لعصفورته الشقية ، كم اشتاق لشم عطرها ودَّ لو ألصقها بجسمه وجعلها قربه هكذا ليطمئن عليها كلما رغب بذلك .. لكن مجددا عصفت بعقله تلك الأفكار السقيمة حول ما سيحدث ليلة البرنامج هو يعلم علم اليقين أنه سيغامر مغامرة عمره لكن لأجلها سيقدم على تخطي الكثير من الحواجز ، المهم أن تبقى في مأمن وتكون بخير .. ليس معروفا قرارها الذي اتخذته إذ لا يمكن الوثوق بها نظرا لتاريخ سوابقها في هذا المجال ، فكم من مرة وعدت وأخلفت من فرط عنادها لتحقيق مبتغاها وقضيتها في هذا الوجود ، والآن بعد أن عرفت بعضا من الحقيقة حول أن ميار بريء وما هو إلا كبش فداء للمجرم الحقيقي المتخفي خلف هويته ، سوف لن تصمت ستلاحق الأمر إلى النهاية وهنا عليه أن يأخذ كل التدابير ومن بينها حمايتها بواسطة وائل الذي جعله يسرع في مسألة أوراق وتذاكر السفر قبل ذلك اليوم بأي شكل كان.. وطبعا هذا الأخير لم يكذب خبرا ففرصة كهذه لن تأتيه مرتين في العمر أساسا كان سيخطفها والآن سيأخذها عنوة ، المهم أن تبقى قربه سالمة غانمة …..
نظر لجوزيت التي سرعان ما غطت في نوم عميق ونهض من جانبها التقط قميصه وارتداه بسرعة وخرج من الغرفة متجها صوب غرفة محبوبته ، فتح دولابها وأخرج منه إحدى فساتينها ورفعه لأنفه وهو يشم عطرها .. تاركا إياه ليتخلل بين خياشيم أنفه لعله يستفيق على حلم جميل يجمعهما أو حتى يراها أمامه حين يفتح عينيه الآن
جوزيت(كتفت يديها وهي تتكئ على جدار الباب):- هل كنت تنتظر أحدا ؟
حكيم(فز عينيه):- بصدق .. انتظرت رؤية شيء آخر وليس شبيها له ، ما الذي أيقظكِ ثم لما نومكِ مثل نوم الدجاج يعني أية حركة تستيقظين قبل المنبه ؟؟؟؟
جوزيت(رمقته وهو يعيد القميص للدولاب):- أنا هكذا سريعة التيقظ ، ثم .. لما تركتني وحدي هل تخشى فقدان عزيمتك بقربي هل أؤثر فيك مثلا مثلا يعني ؟
حكيم(نفض يديه وهو يتجاوزها):- أستغفر الله العظيم ، الناس تحل مشاكل مثلث برمودا والأخت هنا تسأل عن قضية التأثير الجسدي لعلمك لا أحد يؤثر فيني غيرها فارتاحي
جوزيت(لحقته لغرفته وهي تجر رجليها):- نفسي ألتقي بها وجها لوجه فقط لأرى من أي مدينة استوردت مغناطيس الجذب خاصتها ..
حكيم(أشار لها للسرير):- أنتِ نامي وتربعي بين أحضان سريري أنا سأتخذ هذه الكنبة رفيقة ليلتي تمام ؟
جوزيت(هزت كتفيها بلا مبالاة وعادت لترتمي بين أحضان سريره):- والله أنت حر .. تصبح على خير
حكيم(أخرج من دولابه غطاء):- وأنتِ من أهله ملكتنا المبجلة .. وأنتِ من أهله
نظر إليها مبتسما فهو يشعر بإحساسها الطيب يعني يشعر براحتها بقربه وبين أسرتهم ، وكأنها عادت لمسقط رأسها الأصلي وتعودت عليه لدرجة كبيرة ، لقد تقمصت الدور دون عناء فقط مع اختلاف بالطبع والعادات أما روحها فقد كانت حقا مساهمة بشكل كبير ومتأقلمة مع كل فرد منهم دون استثناء .. بعضهم أسدت له النصيحة وبعضهم أعطته درسا في الحياة أما البعض الآخر فقد اكتشفت رابطة عميقة تجمعها بهم خصوصا الجدة نبيلة التي تعرت أمامها دون صباغة بل كانت هي بهويتها الحقيقية التي أتاحت لها فرصة استذكار الماضي رفقتها ، لكن في حدود فهي غير مخولة بالإفصاح عن أكثر مما يحق لها ويشملها حتى .. رغم صعوبة الحقيقة التي تترجم قضية نشأتها إلا أنها هضمتها في ظل الأحداث المتجددة من حولها ، فهي في اختبار صعب عليها أن تخوضه من جهة كي تكسب رضا ميار ومن جهة وجدتها فرصة لتتقرب من العائلة التي تحمل نفس دمها والتي اكتشفت وجودهم مؤخرا جدا …. فعلا أحست وكأنها ببيتها لم يمض سوى أيام معدودة وبرغم ذلك ألفت الأجواء وحفظت أسماءهم وكل ما يخصهم حتى همومهم تقاسمتها معهم واحدة بواحدة ، وهذا ما يجعلها تمتن لهذه الفرصة التي وهبها لها ميار بالرغم من عراقيلها إلا أنها لم تكن ستجد فرصة أخرى تجعلها تتقرب منهم لهذه الدرجة .. تمطت بأريحية على سريره وهي تحتضن وسادته وغطاءه وتبتسم أثناء نومها وهنا أرجح أن الآنسة تحلم بفهدها البري ، لذلك ظل يتأملها لحين أطبق عينيه من فرط النوم وغاص في أحلامه الوردية رفقة عصفورته الصغيرة أيضا …
في ذلك الوقت كان هنالك شخص آخر تحت سقف ذلك البيت ، كانت غير مرتاحة فقد جافاها النوم ، وهربت منها السكينة والأمان ، الخوف من المجهول قد أحاط تفكيرها من كل جانب وجعل مخاوفها متحررة أكثر من اللازم بحيث صورت لها أحداثا غريبة باتت تنخر في عقلها بشكل مؤلم ، سبب لها صداعا مذ أن أغمي عليها هذا الصباح في بيته وفقدت أعصابها ببساطة .. قد مضى ردح من الزمن لم تذرف فيه دمعة واحدة برغم المآسي التي عايشتهم برغم المصائب التي زارت بيتهم إلا أنها لم تبكي ، بل كانت تحل الأمور بشكل عقلاني وتبحث عما يساعد في تقليص الأزمة لا تضخيمها ، لكن اليوم ارتخت قواها كلها أمامه من بعد تلك القبلة التي كشفت المستور بداخلها جعلتها عارية أمام مشاعرها التي ظلت تخفيها سنينا بل ظنت أنها قد دفنتها إلى ما عودة ، لكن مع الأسف قد ساهم في عودتها دون تخطيط ، بدوره تفاجئ مما حصل ولم يجد بدا سوى مجاراة الأحداث علها تكون على ما يرام بعد تلك الصدمة .. تقوقعت حول نفسها على السرير ونظرت بجانبها لدينا التي أبت إلا أن تنام جوار أمها كم خافت عليها لذلك رغبت بالنوم معها تلك الليلة ، فالخوف الذي شعرت به ذلك المساء بسبب حالة أمها التي رأتها عليه لأول مرة سبب لها هلعا هستيريا من فقدانها ولكي تحد منه كان عليها البقاء بقربها .. حتى نور سمحت بذلك فابنتها هي التي ستشفي جراحها التي تفتقت من جديد وعادت بآلامها المُرة .. مسحت على شعر دينا التي كانت نائمة بشكل عميق وتسحبت من جوارها متوجهة صوب مرآتها تنظر إلى نفسها بعيون دموية لم تشهدهما قط منذ تلك الآونة المريرة التي عاشتها سابقا .. ربما مرت 13 سنة ونصف لكنها ظلت خلالها امرأة ثابتة قوية لا تهزها ريح ليأتي فؤاد رشوان في غضون 3 ثوان يزعزع كل ثقتها بنفسها ويعيدها قسرا لذلك الزمن الأليم ، لالا غير ممكن لن أسمح له !! قالتها وهي تمسح تلك الدموع المتساقطة من عينيها بقرف وتقزز لا تريدها فهي لطالما تفوقت على صراعها الذاتي ، ليس الآن الوقت المناسب لتفقد ثقتها بذاتها وطبعها وعزيمتها لأجل وهم نسجته مخيلتها التي انهارت فجأة ببيت الغريب ، أجل غريب ففؤاد مجرد شخص عابر في حياتها يشبهه نعم يملك من صفاته الكثير ممكن طعم قبلته مألوف تمام لكن ليس هو ليس هو ليس هوووووو … جدلت خصلات شعرها وهي تشعر بنفسها ضائعة بسببه ، رمشت بعينيها وأمسكت هاتفها نظرت إليه بحيرة وغبن كان ساكنا ولا حتى اتصال أو رسالة نصية يعتذر فيها عما حصل ، لا حس ولا خبر كأنه لم يذنب في حقها قط ، زفرت عميقا وفعَّلت الاتصال وهي تقضم إصبعها بعصبية وتنتظر جوابه ، حركت عينيها وهي تنتظر الرد لكنه لم يجبها طبعا فهو ليس بأحمق كي يجيبها على الهاتف ويصارحها هكذا ببساطة .. لكنه لم يعرف أنه بعدم رده قد أشعل فتيل الجنون بالنسبة لها نظرت حولها مرتين وسحبت نفسا عميقا حين رأت الساعة وحركت فكها بتفكير ملي قبل أن تلتقط سترة صوفية رفقة هاتفها ومفاتيح سيارتها وتخرج من الغرفة وهي ترتدي حذاءها الشتوي العالي ، نزلت بخطى ناعمة رويدا رويدا وهي تستمع لسكينة البيت فالكل نيام تلك اللحظة وهي الوحيدة التي حرم عليها وإن لم تجد إجابة لتساؤلاتها فلن تكون بخير لن تكووون ..
ذهبت أجل .. وبدون تردد خرجت من بيتهم كاللصة خشية أن يستيقظ أي أحد فيهم ويكشفها لكن ما كانت ستسمح لهم بالوقوف بوجهها خصوصا إن كانت على شفة حفرة من الانهيار الداخلي ، انطلقت بسيارتها في ذلك الليل البليل وهي عازمة على أخذ جواب يرحمها من كثرة التساؤلات التي جعلتها غير متزنة التفكير بالمرة ، كل ما سعت لأجله منذ سنوات خرب توازنه فؤاد رشوان … كل تلك المسافة قضتها وهي تطارد ذكرياتها الضئيلة التي تحسب على أصابع اليد عن ذلك الشخص المجهول الذي وقعت في عشقه من بعيد ، شخص لم تعرف اسمه ولا هويته فقط عشقته من خلال نظراته وابتسامته وقبلته التي جاءت ذات يوم صدفة حيث كانت الدنيا ممطرة ، ما تزال تتذكرها فقد كانت تقريبا آخر شيء جمعها به وكأنما كانت قبلة وداع قبل أن تكون قبلة بداية جديدة لعلاقتهما .. توقفت عند إشارة المرور حين لفظت آخر جملة وضربت على مقودها وهي تلعن ضعفها فكأنما قد تصدع قناعها الحديدي الذي كانت تحتمي تحته وبات يفضحها بطريقة مكشوفة آلمتها في الصميم ، انطلقت من جديد وهي تغالب أنفاسها المتحشرجة وصداع رأسها وتعبها الروحي إلى أن وصلت لبيته ، أوقفت السيارة وظلت هناك لعدة دقائق تفكر مع نفسها في هذه الخطوة التي ستخطوها الآن ، الدنيا ظلام والناس نيام وقلبها هو الوحيد المحترق في عز ذلك البرد … ترجلت من سيارتها بملامح جليدية جعلتها تسير بقوة مزيفة صوب شقته ، صعدت بهدوء دون أن يلحظها الحارس فقد كان نائما بدوره على الكرسي ووصلت إلى باب بيته ، نظرت مليا إليه وقبل أن تطرقه زفرت عميقا بدون تردد فهي أمام لقاء مصيري إما أن تسمع الجواب الذي تطمح إليه أو أنها ستطوي صفحته للأبد … كان مصدوما من قدومها المفاجئ ظل نصف دقيقة وهو يتأملها دون حياة فلم يتوقع أبدا أن تزوره في ذلك الوقت وفي نفس اليوم الكارثي ، منذ أن فتح الباب مندهشا وهو يحاول ترتيب أفكاره التي على الأغلب ستغزوها نور بشكل غير محبب ..
نور(نظرت إليه بخفة ورمشت قبل أن تعيد التحديق فيه بإصرار):- أريد سماع جواب محدد يا فؤاد ، وبعدها لن تراني في حياتك أبدا
فؤاد(أشار لها بالدخول):- طيب نور أنتِ ما تزالين متعبة تفضلي ارتاحي ، وبعدها نتحدث
نور(أشارت له بيدها بإشارة التوقف):- محلي هنا مناسب جدا ، ثم أنا لا أريد أن أطأ بيتك مجددا فلدي أسبابي
فؤاد(مسح على رأسه):- يعني إن كنتِ تقصدين القبلة فأنا خجل من نفسي ، أعتذر منكِ قد فعلتها في توقيت خاطئ وبدون استيعاب أو تفكير سليم
نور(رسمت ابتسامة ساخرة على ثغرها):- هل تظن أنني قطعت هذه المسافة وجئتك في هذا الوقت المتأخر من الليل ، كي أسمع ترهاتك عن تلك القبلة ؟؟؟؟.. رجاء افتح عقلك معي كي لا نصطدم معا بشكل جارح
فؤاد(كتف يديه وهو يتنهد بعمق من حنقها البارز):- أسمعكِ نور ..
نور(تحركت حنجرتها بثقل وهي تبتلع ريقها):- ابنتي قد أحبَّتك كثيرا وثقت بك وصادقتك حتى ، لم أعتبر يوما أنها ستجرفني معها في تلك المشاعر لذلك وجب إيقاف تلك الدوامة لعلنا نسلم من آفة الخداع أو الخذلان .. هكذا كانت رؤيتي وهكذا ثبتت فإحساسي قلَّما يخيب ، وهنا نصل إلى ما حصل اليوم والذي صدمت به قبل أن يصدم الآخرون ، جعلت ابنتي تخاف عليَّ حد الموت وتخشى النوم بعيدا عني قلقا من سوء حالتي ، وكذلك خنت ثقتي بعزيمتي فلقد ضعفت حينها وأصبحت هشة بشكل مخز ومشمئز .. أنا أكره شعور الضعف وما حدث ببيتك لن يتكرر لأنني لست ضعيفة أسمعت ؟؟؟؟
فؤاد(امتص شفتيه وهو يتفهم ما الذي تريد الوصول إليه):- أنتِ تخشين من أن آخذ عنكِ فكرة سيئة نور ، لكن لا تقلقي هذا أنا فؤاد ولست بشخص غريب كي تخشي على نفسكِ مني .. إن تصرفتِ على سجيتكِ هذا لا يعني أنكِ ضعيفة ، إن حكمت عواطفكِ هذا لا يعني أنكِ مستسلمة وساذجة بالعكس هذه مشاعر يا نور
نور(حركت فكها وهي ترمش بعينيها):- أجبني على سؤالي الآن ، من أنت ؟
فؤاد(نظر إلى عمق عينيها المرتجفتين واللتين كانتا تنتظران جوابه بشوق):- فؤاد رشوان
نور(هزت رأسها):- من غير هذا الاسم الذي بات يسبب لي الصداع ، أجبني من أنت ؟
فؤاد(ابتسم وتراجع خطوة للخلف):- أخبرتكِ لكنكِ لا تصغين إلي
نور(ضربت على جدار بابه بعصبية):- كن أكثر وضوحا ..
فؤاد(نظر للباب الذي ارتج من ضربتها وغمزها):- هل تحاولين إفزاعي مثلا ، لعلمك أنا لا آتي بالتهديد ست نور فدعي عنكِ أساليب المافيا فهي لا تليق بسيدة جميلة مثلكِ ..
نور(من بين أسنانها):- أنت تستفز صبري ، وساعة تهريجك في الكلام قد انتهت سيد فؤاد لذلك أنا أسألك بكل وضوح فأجبني بذات الأمر
فؤاد:- أوك .. أخبركِ بشرط
نور(أشارت له بسبابتها):- لا تجبرني على إخراج سعة اللؤم التي تسري بين عروقي ..
فؤاد:- أريدكِ أن تتفضلي بهدوء كي نجلس بالصالون ونتحدث بروية ، فموضوعنا الحاسم لا يمكن التطرق إليه هنا عند عتبة البيت
نور(دفعته متجاوزة إياه بكل عنجهية):- 10 دقائق ، تحدث بإيجاز لو سمحت
فؤاد(صفق الباب بقوة وهو يحرك رأسه بتعب من تصرفاتها التي لا تتغير):- هل تودين شرب شيء ما ؟
نور(جلست وشبكت يديها وبملامح القتل):- جرعة من الكوكايين لو أجد لديك ؟
فؤاد(فتح فاهه بصدمة ورمش وهو يجلس قبالتها بقلة حيلة):- حسبما فهمت من الأفضل أن نتجاوز فقرة المشاريب
نور(زفرت بعمق):- أنا متعبة ..
فؤاد(عقد حاجبيه من حالتها):- وبسببي
نور(دلكت عنقها بوهن):- الشك يخنقني ، ثم أنت لا تساعدني بالمرة ترمي بغموضك في طريقي ولا تحرك ساكنا حتى لتزيح تلك الظنون من عقلي
فؤاد(أشار بيده وهو يبحث عن الكلمات المناسبة):- أردت مصارحتكِ منذ التقيت بكِ ، لكن تطورت الأمور فجأة ولم أجد فرصة لإخباركِ بالحقيقة
نور(بحماس ممتزج بالقهر):- أهاه الحقيقة تلك التي أبحث عنها ، أنظر معي لن أفعل ما فعلته صباحا أنا الآن أكثر وعيا وسأتصرف بشكل منطقي أعدك بذلك
فؤاد(رفع حاجبه بتشكيك منها):- يعني سأحاول التصديق ..
نهض من محله وجلس بجوارها بشكل متوتر ، نظر إليها وقد لمس ارتجاف حدقتيها وهي تراقبه بحرص شديد يرافق بعض الريبة حيال ما ستسمعه منه ، الحقيقة التي تعلم علم اليقين أنها ستعذبها لكنها مستعدة لسماعها أيا كانت .. قاطع حبل أفكارها بإمساكها ليدها فجأة وهنا نظرت ليدها بين يديه ونظرت لعيونه التي تلونت بلون الانكسار الروحي شيء يشبه تماما ما يعتمر صدرها لكن ما الغريب في ذلك ؟
نور:- ألن تقول شيئا ، أنا أنتظر ؟
فؤاد:- هل حقا ترغبين بسماع هذه الحقيقة ؟
نور(جذبت يدها بقوة من بين يديه وكتفتها في حضنها):- طبعا ..
فؤاد(سحب نفسا عميقا وأردف):- بما شعرتِ حين قبلتكِ ؟
نور(عدلت جلستها بتوجس وهي ترمش من سؤاله المباغت):- يعني .. مع أنها قلة أدب منك وجرأة ستحاسب عليها طبعا فيما بعد ، لكن أحسست وكأنها مألوفة بالنسبة لي
فؤاد(هز رأسه):- مألوفة مِن قبل من ؟
نور(من قبل الشخص المجهول):- شخص لا أذكر عنه أية تفصيلة
فؤاد(آه يا ربي هل ينفع الكذب معها الآن مثلا):- شخص مبهم يعني ، تمام الحقيقة يا نور أنني صديق لذلك الشخص و .. أعرفه عن ظهر قلب وقد كان يحتفظ بصورتكِ وهكذا تعرفت عليكِ يعني لا يوجد أي شيء مما يجول في عقلكِ الآن ..
نور(حركت رأسها بعدم فهم وهي تنظر إليه):- كيف يعني صديقه ، ههه هل نحن نتمازح هنا هذه مسألة مصيرية رجاء كف عن اللهو وكن على قدر كلمتك يا فؤاد
فؤاد(نهض بتوتر وهو يفرك يديه قلقا من ردة فعلها):- هذا ما لدي لأخبركِ به ، إن لم تصدقيه هذا شأنكِ
نور(نهضت خلفه وهي تشعر وكأنه يداري الحقيقة عنها):- أنا لست غبية يا فؤاد ، ما شعرت به ليس مجرد شيء كاذب أو أنه يتهيأ لي .. بالعكس من فرط تأثيري به وقع لي ما وقع ، والآن إما أن تصارحني أو أقسم بعزة الله وجلاله أنني سأقتلك وأفصل أطرافك طرفا طرفا وأطحنها بالغسالة الكهربائية
فؤاد(بهلع منها):- هئئئئ يا مجرمة ..
نور(أغمضت عينيها وولته ظهرها متجهة صوب النافذة):- أنت لا تشعر بتعبي ، منذ أن وعيت وأنا أتخبط مع أفكاري ، حتى عائلتي لم أوليهم حقهم قلقوا بشأني كثيرا لكنني طردتهم ولم أفسح لهم المجال لاستضعافي .. لكن أمامك الآن أشعر بالتعب والوهن يغزو كل شبر فيني رجاء يا فؤاد أيا كان ما ستخبرني به سأتقبله ، من حقي أن أعرف وكذبة صديقك هذه لا تصدق لا تصدق لأنني أشعر ولست أهذي
فؤاد(تقدم إليها ووثب خلفها مباشرة وقلبه يعتصر ألما):- نور .. لا يمكنني أن
نور(استدارت إليه بعيون دامعة ورفعت ذقنها لتتأمله):- أخبرني أن إحساسي خاطئ ، اتهمني بالهذيان لكن أوقف هذا العذاب فروحي تحترق تحترق
فؤاد(أمسك بيديها ووضعهما على خده):- أغمضي عينيكِ ..
نور(بعدم فهم):- لماذا ؟
فؤاد(حرك فكه بغمغمة حزن):- توقفي لا تفعلي ، علينا أن نذهب لمكان أولا ، هيا رافقيني
نور(وجدت نفسها مسحوبة خلفه):- إلى أين ستأخذني ؟؟؟؟
فؤاد(التقط سترته من المشجب وأخذ مفاتيحه وجذبها خلفه):- تعالي فقط .. هيا
اصطحبها على حين غرة بسيارتها ، أخذ منها المفاتيح وأجبرها تحت وطأة ذهولها على الركوب بجانبه ولم تجد بدا سوى مجاراته انطلق بها صوب مكان خاص بمجرد أن انعطف لكي يتعمق في دروبه حتى أجهشت بالبكاء الصامت ، وهي تنظر بذهول لذلك الحي الذي لم تطأه قدماها منذ زمن بعيد .. نظرت إلى فؤاد الذي كانت ملامحه مظلمة كاللوح الخشبي ، لا تبرز من تشققاته سوى أنفاسه المتحشرجة التي كانت تمزق الصمت الذي كان يخيم بينهما .. طيب ماذا ستقول هي بدورها مصدومة الآن من معرفة فؤاد بذلك المكان إذا شكوكها على صواب هي لم تخطئ، إحساسها لم يخيب لكن ما زالت تنتظر الجواب ما زالت .. مسحت أنفها بالمنديل وهي تنظر حولها حيث وقف فؤاد قرب الزقاق الصغير الذي كان يقع بين تقاطع ذلك الحي وبين المقهى الذي كان يجلس فيه دوما وبين المحل الذي كانت تعمل به والذي كان بعد المقهى مباشرة ، هنا ربطت بين كل هذا وذاك وعادت بذكراها لذلك الزمن الجميل الذي انقضت ذكرياته كما ينقضي الحلم … التفتت إليه وجدته قد أوقف السيارة على جنب وترجل منها دون أن ينتظرها ، بقيت هي تنظر إليه وإلى المكان بإعجاز السؤال الذي كان يقف على أطراف لسانها والذي كان مقدرا بالخرس ، وهذا ما زاد من فشل قلبها الغير مصدق لكل ما يحدث حوله .. نزلت بدورها كي تنفي ظنونها لكن وجدت أنها في متاهة أخذت تدور حولها كي تستوعب المكان الذي تتواجد فيه حيث تركها فؤاد وحيدة وذهب ، أجل أين ذهب اختفى وسط الظلام هناك وأخذت تبحث عنه بلهفة ..
فؤاد(مختف خلف إحدى الجوانب):- ستجدين حبيبكِ هناك عند نهاية الزقاق يا نور ، هيا تقدمي فمن بحثتِ عنه طوال هذه السنوات موجود هناك ، من جرحكِ بموته الكاذب ينتظركِ عند نهاية الدرب هل ستأتين لتضعي يدكِ بيده وتبدئين من جديد ، أم ستحاسبينه على فعلته بكِ ؟؟؟ ألن تصغي لأعذاره أو لتبريراته ألن تستمعي للسبب الحقيقي الذي جعله يقدم على هذه التضحية هااااه ، نوووووور نووووور
نور(وضعت يدها على فمها وهي تستمع إليه وتبحث عنه):- أين هو ؟؟
فؤاد(أغمض عينيه بوجع دامٍ):- هناك !
نظرت من حولها لكن لم يوجد أي أحد ، إنما لوهلة وظهر من رأس الزقاق رجل يوليها ظهره يرتدي سترة سوداء طويلة مثل التي كان يرتديها ذلك المجهول ، يقف بثبات وينظر للبعيد ولا يبرز منه سوى فكه والذي كان مرفوعا بتحدي لوجودها .. يعلم أن المواجهة بينهما مصيرية لكن لا بد منها ، التفتت خلفها قبل أن تتقدم ولم تجد أثرا لفؤاد وسارت بخطى مرتعشة صوبه ، إنارة الشارع كانت تعكس ظله الطويل في كل ذلك الطريق وكلما تقدمت خطوة كلما وطئت عليه بقدميها لتصل إليه ، هكذا برعشة الأيام السالفة وأحلام صباها وعشقها الذي وهبته لرجل لا تعرف عنه شيئا ، رجل مجهول بالنسبة لها حتى قبلته التي حظيت بها كانت ذات يوم ممطر مكفهر لم يجعلها حتى تتأمله فقد كان يرتدي قبعة ووشاحا ونظارات ، لم تستطع حتى التعرف عليه كما البشر فقط قبلته هي الأثر الوحيد الذي علم على قلبها ، "قبلة من رجل مجهول الهوية" … وهذا الشخص هو أمامها الآن ستشبع فضولها فلا يفصل بينهما سوى بضع أمتار ، وقفت خلفه مباشرة وهي تحمل في جعبتها كل ذلك ولم تنس أخذ حقيبة إحباطها وخيبتها ودموعها وأحزانها التي رافقتها بعد موته لتقف بكل هذا خلفه ، بعد كل هذا الزمن يظهر أنه حي لكن من يكوووون … لا يعقل أن يكون فؤاد قد طردت الفكرة من رأسها لذلك وضعت يدها على كتفه وجعلته يلتفت إليها وإذ بها تصطدم به أمامها ، هو بعينه فؤااااااد رشوااااااان … شهقت وهي تكذب نفسها مجددا تأبى أن تصدق ما تراه عيناها ، حركت رأسها مرارا وتكرارا بعدم تصديق بينما عيونه الكسيرة كانت تترجم ألف اعتذار صامت ، حاول محادثتها بالأسلوب الذي تعرفه لكنها هزت رأسها بنفي وهي تتراجع للخلف وتشير برفض ، تراجعت الورى وركضت بدون تفكير هاربة منه وهي تصرخ بجملة واحدة ، غير معقول !
لحقها وهو يركض خوفا عليها وقبل أن تنعطف جذبها من يدها وألقى بها في صدره بين أحضانه لتتعرف عليه أخيرا ، فما عاد الأمر يستلزم إخفاء الآن كل شيء قد انكشف ، عليها أن تعترف بوجوده وتصدق ، عليها أن تجعل كل حواسها تستفيق فقد عاد مالكهاااا ولن يغادر حناياها حتى آخر الرمق …. ظلت تحرك رأسها وهو يدكها في حضنه دكا يرغب بدمجها معه فهي حبيبته امرأته المختارة التي رغب بها قلبه واختارها دونا عن كل الناس ، امرأته التي ضحى لأجلها بعشقه وحريته فقط لتكون هي بخير ، امرأته التي خذلها وخيب ظنها وجرحها أسوأ جرح ترك أثرا ليومنا هذاااا .. هي نور نور عيونه و ضي حياته ..
فؤاد(بصوت ممزق من اللوعة):- اعذريني يا حبيبتي ، كنت مجبرا على ذلك لو لم أجعلكِ تنسيني لما كنتِ هانئة بحياتك ، هددوني بأذيتكِ لو تماديت في جنوني وما كان أمامي سوى التخلي عنكِ يا حلمي الوحيد
نور(بفشل لم تحرك ساكنا فقد كانت مندهشة بشكل يعجز اللسان عن النطق بحرف لأجل تلك الحقيقة الجلية):- … لارد
فؤاد(مسح على شعرها):- أعلم أنكِ شعرتِ بي يا نور منذ أول مرة التقينا ، لقد أحسستِ بخفقان قلبكِ ورجفتكِ بقربي ، لكنكِ أنكرتِ ذلك كي لا تتألمي ولا ألومكِ يا حبيبتي ، لا ألومكِ
نور(نظرت إليه بضياع):- كنت أمامي طوال الوقت ، لما لم أتذكرك إذن هاااااه ؟
فؤاد(حرك يده):- أساسا متى رأيتني بشكل جيد حتى تتذكرينني ، لقد كنت هاربا من العديد من المصائب على رأسها سلطة أبي.. كنت دوما متنكرا أتوارى خلف الأنظار لعل الأمور تعتدل قليلا ، لكن لكن حين وقعت في حبكِ تهاوت كل قناعاتي أرضا ظللت آتي إلى هنا مرارا وتكرارا لأجلكِ مغامرا بكل شيء ، ومع الأسف وجدني أبي وخيرني وقتها إما الابتعاد عنكِ والعودة لحياته أو أذيتكِ .. كنت أعرف أنه قادر على فعلها لذلك لم أجد حلا سوى قتل حبكِ بدلا عنكِ يا روحي .. لكنكِ تذكرتِ قبلتي تذكرتِ إحساسكِ معي يا نور كل الذي مضى قد عااااد يا حياتي ؟
نور(أبعدته عنها وهي تنظر إليه بقهر .. وبصوت مبحوح):- لقد أحرقت نفسي لأجلك أحرقت نفسي لأجلك حراااااام علييييييييييييييييك ، كل يوم … كل يوم كنت آتي إلى هناااا أبحث عنك في الأزقة كالمجنونة ، لم أصدق خبر موتك واختفائك هذاااا ، لم أصدق كنت أبحث عنك في ملامح كل المارة ، كنت أدعو الله في سري أن تعود إلي يوماااااا دائما كان هنا في داخلي شعور يفيد أنك تتنفس ذات الهواء ، لكنك بعدت عني بإرادتك اخترت أن تهجرني وتلقي بي في مآسي الحياة .. لقد دمرتني دمرتني وتأتي الآن لتخبرني أعذارا واهية ومبررات لا يتقبلها العقل ، طيب ماذا عن بكائي المتواصل ماذا عن حرقة دمي واشتياقي لك ، ماذا عن كرهي لجنس الرجال بعد أن تركت قلبي وحيدا وسط الذئاب ، بسببك أنت تعرفت بألعن رجل وأقذرهم أتعي ذلك هممم ، لقد جعلتني أتزوجه وأحضر منه فتاة لا تستحق أبا مثله بسببك أنت رميت نفسي وسط النار لكي أنساك وما استطعت ذلك ما استطعت ..
فؤاد(أمسكها من كتفيها وجذبها إليه):- نور نور أقسم أنني وُضعت بين المطرقة والسنديان ، واخترت أن تحترق روحي بعيدا عنكِ على أن تحترق ألما عليكِ .. صدقيني
نور(بقهر السنين):- بعد ماذا هاه ، بعد أن جعلتني أفقد ثقتي في كل البشر ، بعد أن شبعت ضحكا علي .. أخبرني منذ متى عدت لحياتي لما لم تصارحني يا فؤااااااد ؟؟
فؤاد(انتفض من ضربها على كتفه وبألم يساور نبضه نطق):- لم أستطع ذلك ، كلما نظرت في عينيكِ شعرت بخطورة الوضع .. خفت من خسارتكِ نور أنا غير قادر على مكابدة عذاب فراقكِ مجددا ، أي نعم لم تعطيني ضوءا أخضر لكنكِ كنتِ لي
نور(أمسكت على رأسها وهي تبتعد عنه):- هههه ههههههههههه ههه هههه آه يا فؤاد رشوان آه ، كل هذا يطلع منك يا رجل … حرام عليك ماذا فعلت لك حتى تعذبني هكذا هل هل كنت تتلاعب بي يعني هل ما شعرنا به كان مجرد كذبة ؟
فؤاد(اقترب منها بلوعة وهو يمسك بوجهها بين يديه):- كل لحظة عشناها كانت حقيقة يا نور ، كل شيء كان صادقا من أعماق قلبي وقلبك إياكِ أن تشككي في مصداقية ذلك ، لأن ذلك الزمن هو الحقيقة الوحيدة بحياتنا
نور(أزالت يديه من وجهها ونظرت إليه بغبن من بين دموعها):- بسببك بكيت ليال طوال ، وبسببك أيضا جعلتني أبكي بعد هذه السنوات لكنني لن أبكيك مجددا ، عد من حيث أتيت فقد تعودت على غيابك ولن تفرق عندي سواء عرفتك أم لا .. لأنك بالنسبة لي أنت مجرد طيف عابر مرَّ من هنا
فؤاد(بعيون دموية أمسك ذراعها ليوقفها):- لا تذهبي ..
نور(توقفت وهي تنظر للأمام وتغالب وجع روحها):- كنت أحبك ..
فؤاد(بوجع حارق):- وأنا ما زلت أحبك ..
نور(التفتت ونظرت إليه بتلاشي روحها):- لكنك قتلت حبك في قلبي ، لا شيء سيشفع لك عندي .. نحن منذ زمن افترقنا يا فؤاد منذ أن اخترتَ الرحيل
فؤاد(تمسك بها أكثر):- نور لا تفعلي ، أرجوكِ يكفي ما مضى من عذاب
نور(سحبت يدها بهدوء ونظرت بعيدا عنه):- فعلا يكفي ..
فؤاد:- لو كان حبنا غلطة يا نور ، دعينا نعيد الكرة دعينا نرجع للنقطة التي افترقنا فيها ؟
نور(بوخز في قلبها استدارت إليه من محلها):- بعض المشاعر لا تعود يا فؤاد .. لا تعود أخرج من حياتي وابق حيث أنت لا أريد أن أصادفك في طريقي وإلا أحرقتك ، وأنا لا أمزح بهذا الخصوص همم …
فؤاد(بفشل مسح على فكه وهو يشعر بها تتسرب من بين يديه):- تمام تمام أنا المذنب أنا الذي تخليت عنكِ أنا الذي آذيتكِ وجرحتكِ وذبحتكِ بخبر موتي ، أنا الذي رميت بكِ بين أنامل رجل آخر لكن ثقي بي أن ذلك الغبي الخسيس قد نال عقابه وأزيد .. إذ لا يحق له أن يبكيكِ أو أن يجعلكِ تتألمين لقد لقد حاسبته على كل ذرة خداع خدعكِ بها
نور(بعدم فهم):- ماذا فعلت بحفيظ ؟
فؤاد:- هو بالسجن الآن
نور(عقدت حاجبيها):- كيف بالسجن لقد حكموا عليه سابقا بست سنوات يعني لم أفهم كيف ما زال بالسجن لقد مر وقت طويل على وقت خروجه ؟
فؤاد(امتص شفتيه):- اعتبري أنني لفقت له تهمة وأعدته للسجن ، لا يجب أن يخرج منه مطلقا مطلقاااااا
نور(عادت إليه وضربته على صدره):- ومن أنت حتى تتحكم في حياتي هاااااه ، من أعطاك ذلك الحق حتى تعاقبه بفشلك لو كنت رجلا بحق لعدت إلي وجعلتنا نواجه سوية كل الصعاب ، لكن بما أنك نذل حقير وجبان تركتني أتعرف على تلك العينة أيها القذر …
فؤاد(لم يشعر بنفسه إلا وقد صفعها على وجهها):- اخرسي …
نور(نظرت إليه بعدم تصديق وهي تشهق):- أ..
فؤاد(شعر بالذنب لحظتها وبلهفة ارتج محله):- أوه نور نور أنا آسف ..
وضعت يدها على خدها بصدمة من صفعته ونظرت إليه بدون حياة قبل أن تصرخ في وجهه معلنة كرهه المعلم في قلبها والذي انكسر لحظتها لمئة قطعة وقطعة ، تركته مشدوها محله يناجي طيفها الذي تبخر مثلما تبخرت سيارتها من ذلك الحي وتبخرت أحلامه معها أيضا ، مسح على فكه وشعر بالغبن يملؤه فقد خسرها الآن للمرة الثانية ، وعليه صرخ صرخات متتالية وحيدا في ذلك المكان ، صرخات كلها قهر وغضب وانكسار يعني إلى متى ستقصف الدنيا جبهته إلى متى سيعيش في جحيم مُر ألم يحن بعد وقت الخلاص ؟؟؟؟
قالها وهو يركل الأحجار الصغيرة من كل جانب إلى أن ضرب بيديه على الحائط وهو ينعي خسارتها بقلب مفجوع ، لكنه لن يسمح لها بأن تهجره طالما عرفته لن يتركها تبتعد هذه المرة سيعيدها إليه ، سيعيدها ولو كلفه ذلك حياته … ضرب ضربة أخيرة على الحائط ونفض سترته قبل أن ينظر خلفه لدرب أحلامهما ويغادر حنايا ذلك المكان المكلوم بوجع الفراق .. توجه إلى حانة كان يرتاد عليها سابقا واتصل بصديق دربه الذي لا يفهمه غيره والذي أتاه على عجالة لكي يغيث رفيقه ، فهو يعلم مدى أهمية هذا الموضوع بالنسبة له ..
فؤاد(رفع قنينة المشروب ونظر إليه):- لقد عرفت بكل شيء ، نور عرفت من أكون يا همامي ههه لقد صفعتها بيدي لا أدري كيف فعلت ذلك بامرأتي المختارة ، لا أدري أقسم أنني ما أردت ضربها لكنها لكن … قالت كلاما جارحا لم أتحمله بدوري تعذبت بدوري احترقت بدوري دفعت الثمن وأنا أرمي بها لرجل غيري .. يعني لم أكن مرتاحا في فندق خمس نجوم لقد عانيت أتذكر ذلك يا همام ؟
همام(أمسك القنينة من يده):- يجدر بنا العودة للبيت فورا سيد فؤاد ، هيا دعنا لا نطيل البقاء هنا هذا لا يليق
فؤاد(جذب القنينة وشرب منها جرعة):- دعني يا همام أنت لا تفهم أقول لك نور كشفتني يعني ، يعني باتت تعرف من أكون لقد كانت تبكي بسببي جعلتها تبكي مجددا .. هه أنا حقير أنا أنا فيني كل الصفات البذيئة التي نعتتني بها ، لقد استحققتها بالفعل …
همام(نظر للساقي وأشار له كي يعطيه الحساب):- هيا سيدي أنت تضيع وقتك هنا ، لا يليق بك هذا الأمر ثم عيب ابن أخيك سيغادر المشفى غدا وعليك أن تكون متواجدا
فؤاد(رمش بعينه والغبن يعتريه):- كيف سأجعلها تسامحني .. أشك أنها ستعطيني فرصة أو تثق بي .. ستبتعد عني وأنا لا أقوى على ذلك ليس بعد أن ألفتها وألفت دينا .. دينا يا همام ستبعد عني دينا أنا متأكد سوف تحرمني منهاااااا
همام(أمسك بذراع فؤاد ونهض بعد أن دفع الحساب):- تمام تمام سوف نتحدث حول الأمر في الشقة ، دعنا نغادر أرجوك أطعني هيا …
فؤاد(انسحب خلفه بثمالة):- قالت بأنها تكرهني ..صرخت بوجهي قائلة أكرهك يا فؤاد رشوان ههه نور تكرهني الآن ، تكرهني يا همام أتصدق ؟؟؟
همام(جره للخارج وهو يزفر بتعب):- أصدق يا سيد فؤاد ، لكن صدقني أنت الآن علينا أن نعود للبيت قبل أن يسمع أحد بفضيحتك هذه … لنتحرك ..
وضعه همام بقربه في السيارة وانطلق به عائدين للشقة ، لكن غفل عن شيء مهم أن فؤاد الذي كان يغادر معه ليس سوى شبح تحرر من بوتقة العذاب ليدخل لبوتقة الفراق الآن .. أما هي فقد كانت تمسح على شعر ابنتها وتبكي بشكل هستيري لم تستطع تحمله فكل ما عرفته لم يزدها سوى وجعا على وجع ، كم انتظرت ذلك اليوم لكن أن يكون بهذه الطريقة لا وألف لا .. وعلى توعداتها التي لا تنتهي غفت أخيرا في حضن دينا التي لم تشعر بخروج وعودة أمها فقد كانت غافية في عالم يسوده السلام ، فهل يا ترى سيستمر ذلك هذا ما سنكتشفه مع مرور الوقت …

في صباح اليوم التالي
غفت لبضع ساعات بعد بزوغ فجر جديد ، تمطت قليلا في محلها ثم نهضت متأففة تستقبل يوما آخر من المحن ، نزلت من الغرفة وهي تقفل أزرار سترتها المنزلية وتلف على رأسها وشاحا لعله يخفف من الصداع الذي تعاني منه ، انتبهت أن البيت فارغ والفطور على المائدة .. أرجحت أن عفاف بالمشفى أمها وخالتها بالمحل فقد أهملوه مؤخرا بسبب المشاكل التي عانوا منها تباعا لهذا اتفقتا على زيارته ذلك الصباح ، لكن أين إخلاص وأولاد رنيم تفقدت المطبخ لا أحد لذا توجهت لغرفة رنيم وجدت هناك إخلاص تلاعب سجى بينما كانت تغير حفاظها أما السيد أيهم فقد كان ما يزال نائما مثله مثل باقي أهل البيت ..
نور:- صباح الخير
إخلاص:- يا صباح النور على أحلى نور ، كيف حالكِ يا ابنة عمي ؟
نور(لوحت لسجى):- جيدة ، أين بلبلة ؟
إخلاص:- رافقتهم للمحل تقول أنها تشعر بالملل وتريد تغيير الروتين ، هاه الفطور على الطاولة جاهز تفضلي بينما أغير لهذه الصغيرة وأرضعها وألحق بكِ ..
نور(مطت شفتيها بدون حياة وتراجعت للخلف):- لا تتعبي نفسكِ لا شهية لي
سحبت رجليها وهي تمسح على رأسها ودلفت للمطبخ أخرجت من الدرج علبة حبوب صداع الرأس ووضعت حبة بالكأس لتشربها بعد أن تذوب ، هنا أخذت تدلك عنقها إلى أن لمحت شيئا في حديقة البيت قبالتها فتحت الباب الزجاجي وخرجت وهي ترفع حاجبيها وتتساءل مع نفسها عن سر تواجد هذه المخلوقة من على بكرة الصباح هنا على الكرسي الهزاز ؟
نور:- صباحو يختي ماذا هل كنتِ تحلمين بهمستكِ ونبضكِ وأنتِ يقظة ؟
جوزيت(مسحت دموعها سريعا وهي تحجبها عن نور):- ههه ليس كذلك ، لكنني أحببت العصفورين إنهما لطيفين وجميلين للتأمل أليس كذلك ؟
نور(عادت وأحضرت كأس الدواء وخرجت مجددا لتجلس مقابلها على الكرسي):- يعني ..
جوزيت(لمحتها وهي تشرب الدواء):- ألم تستطيعي النوم ؟
نور(شربته وهي تمتعض من مذاقه):- تُء..
جوزيت(رفعت حاجبها):- حالكِ لا يعجب هل هي مسألة عشق مثلا ؟
نور:- لا تبدئي الآن بسيرة فؤاد رشوان وعشقه الأفلاطوني لحضرتي ، لأنني قادرة على رميكِ خارج البيت هربا من حديثكِ السقيم عنه ..
جوزيت::- أووه يظهر أن الأمر جدي وحساس ، يعني فقدانكِ للوعي في بيته البارحة ما كان سببه يا ترى ؟
نور(تنهدت بتعب وهي تضم الكأس بين يديها):- لا شيء ، اكتشفت بعض الأمور عنه جعلتني أراجع حساباتي من جديد
جوزيت(بمكر):- حسابات من نوع ماذا ؟
نور(نظرت إليها مليا):- غير مهم
جوزيت(أخذت تلاعب العصفورين بالقفص):- تستطيعين الوثوق بي ..
نور(زفرت بعمق فقلبها مليء بالخيبات عليها أن تفضي لأحدهم):- لن أجد أصلا أأمن منكِ يا ميرنا ، لقد عرفتِ بموضوع الغريب الذي أحببته سابقا قبل زواجي بحفيظ تذكرين همم ؟
جوزيت(مسحت على شعرها بتوتر من القصة التي حكاها لها حكيم بإيجاز):- يُعد كذلك ، نعم ما الذي ذكركِ به ؟
نور(بغمغمة حزن):- اتضح أنه قريب مني حد أنفاسي ، كان طوال الوقت بجواري وأنا لم أستطع تمييزه رغم أن قلبي كان قد عرفه وتعاطف معه ووهبه نبضه حتى .. لكن أنا التي أنكرت وأبيت الاعتراف ، وماذا كانت النتيجة أنني اصطدمت بواقع مرير جعلني فؤاد أعيشه يوم أمس .. قد حطم قلاع قناعاتي وجعلني هشة حد الضعف ، شعرت بالخزي والوهن فذلك أكره شيء بالنسبة لي أن يستضعفني أحدهم ..
جوزيت(حركت فكها):- نور .. تحدثي بوضوح
نور:- الغريب الذي حسبته ميتا وبكيته طويلا بمرارة وقهر ، اتضح أنه حي يرزق وقد كان شخصا يعرفني عن قرب إنه فؤاد
جوزيت(هنا فتحت عينيها على وسعهما بدهشة):- أوهاااه .. هذا ما لم يكن متوقعا بالمرة ، طيب كيف واجهته أنتِ ؟
نور:- كيف سأواجهه هربت منه طبعا ، يعني لن أسامحه مهما توسل لي ففعلته لا تغتفر أيا كانت أسبابه
جوزيت(ابتلعت ريقها):- له يا نور ، ما ربما كان الرجل مهددا أو يملك تبريرا مقنعا لذلك
نور(بلؤم):- لا شيء يبرر كذبة الموت بالنسبة لي
جوزيت(وجعها قلبها فنفس الكذبة قد كذبتها على ميارها):- صدقيني نور ، أحيانا توضعين أمام خيارات صعبة تستلزم منكِ التضحية باتخاذ قرار مصيري يحتم عليكِ تحمل نتائجه مهما كانت
نور:- هل ستدافعين عنه يا ميرنا ، أقول لكِ أنه جرحني بسببه دمرت حياتي وأصبحت امرأة آلية لا تعترف بمشاعر ولا غيره ، أتحسبينني سعيدة يعني ؟؟؟؟
جوزيت(نهضت من الكرسي الهزاز ووضعت القفص محله وتوجهت إليها):- اسمعيني جيدا
نور(وضعت الكأس جانبا وأشارت لها):- لن أسمع ولن تقنعيني ، أنا أفضيت لكِ لأنني اختنقت أردت محادثة أحدهم وإلا كنت سأفقد صوابي ..
جوزيت(عدلت الوشاح الصوفي على كتفيها وجلست قربها):- نور .. عليكِ أن تفتحي قلبكِ ولا تغلقيه طالما قد عاد حب حياتكِ وصارحكِ بكل شيء ، اغتنمي الفرصة وعيشي حياتكِ يكفيكِ من المآسي كم تجرعتِ منها مرا وعلقما .. أما اكتفيتِ ؟
نور(حركت رأسها بنفي):- ألا تفهمين ، لقد كذب علي وجعلني أحزن عليه كل تلك السنين .. بسببه تزوجت بذلك الأخرق حفيظ في لعبة رهان يعني أي قدر سيجعلني أعيشه هذا الفؤاد هاااااه ، لقد عذبني بكل ما في الكلمة من معنى ولن أسمح له بأن يعود لحياتي مجددا كي يدمرها وما حدث أمس يعني انهياري وتعبي لن يتكرر ، فأنا نور الراجي التي لا تسمح لأي رجل حتى لو كان الرجل الذي سرق روحها بأن يتحكم في مشاعري … ولو على حساب الحب الذي استيقظ ليصرخ باسمه البارحة لن أغفر لن أغفر ..
جوزيت(تأوهت بغبن وهي تشعر بكلام ميار في أذنها وليس كلام نور):- أجزم لكِ يقينا بأنه تعذب أيضا ، وأنه حزن وتعب من تلك الكذبة التي تحولت مع مرور الزمن إلى ثقل وتأنيب ضمير ، صدقيني يا نور لقد تجرع مر فراقكِ ألف مرة في كل تلك السنوات التي مرت بكما .. إن كنتِ أنتِ بكيته يوم وفاته فهو قد بكاكِ العمر كله ..
نور(حركت رأسها بعدم اقتناع):- وما أدراكِ أنتِ بكل هذا هاه ؟؟؟؟؟؟؟؟
جوزيت(بدموع تكومت في عيونها):- ربما أملك صورة عنه في مخيلتي ، لقد وضعت نفسي محله وحسب معرفتي به يعني أعرف أن فؤاد رجل صادق لولا الظروف لما فارقكِ لحظة ..
نور(نهضت بعصبية):- يكفي يكفي أساسا أنا أعاني من صداع كلي بسببه ، هل ستزيدينني الآن شطرا من سيرته الذاتية الله الله هذا ما ينقص ..
جوزيت(أمسكتها من ذراعها وأوقفتها بالقوة):- لو تأخذين برأيي ، استمعي له ولا تخسري عمركِ وشبابكِ في عناد الحمير الذي تملكينه والذي يسبب لكِ الصداع وليس الرجل …
نور(فتحت فمها لتشتم لكن تمالكت أعصابها):- لن أرد عليكِ ميرنا ، اصعدي وأيقظي زوجكِ أحتاجه فورا فورااااااااا في عمل مهم ..
جوزيت(رفعت حاجبها بإباء وهي تخرج من الحديقة):- أنتِ مزعجة ياااا هفف
نور(صرخت من خلفها):- ما شاء الله على ست الرقة والعذوبة ، أستغفر الله كلهم مجانين كلهم مجانييييييين ..
جلست محلها وهي تستذكر حديث جوزيت وتأففت بتعب ، فقلبها الذي يؤلمها الآن أكبر من أي احتمال آخر لعقد الصلح المستحيل .. هكذا قررت فهي المرأة التي لا تنهزم أمام رجل ولو كان قابض أحلامها ، وبما أنها حجر يعني ما شاء الله تبارك الله فأكيد لن تشفع بسهولة كان الله في عونك عزيزي فؤاد ^^ ….
هنا كانت جوزيت قد دلفت بتذمر لغرفته وجدته ما يزال نائما على تلك الكنبة معذبا المسكين ، عطفت عليه وهي تبتسم وانحنت أرضا على السجاد وهي تلاعب أنفه بإصبعها مرة بعد مرة إلا أن أزعجته واستيقظ ..
حكيم:- اشتهيت أن أستيقظ وأنام مثل البشر ، إلا أنكِ وباء فتاك تحشرين نفسكِ حتى في أحلام المرء لو تطلَّب
جوزيت(بأحلى ابتسامة):- انهض الآن نور على آخرها وتحتاجك في عمل ، هاااه أخبرني أي عمل هذا الذي يدور بينكما ولما ليس لدي به علم ؟
حكيم(رفع حاجبه ودفعها حتى سقطت):- اغربي عني يا بنت ، هذا ما يستلزم أن أضعكِ كزوجة ثانية بعقد زواجي لعله يفلح معكِ وتملكين الحق لاستجوابي ..
جوزيت(ربعت رجليها وهي تهتز وتلاحقه بعينيها):- ولد ، أخبرني ما هو نوع العمل ، طيب ما شكله أو مثل ماذاااا همم ؟
حكيم(مط ذراعيه بتعب وأخذ فوطته على كتفه وخرج ليتوجه للحمام):- اقضمي حلمة أذنكِ وقتها فقط سأخبركِ ، ههه أنا بالحمام ..
جوزيت(بتذمر):- أنت مخادع كبير تخفي عني أسرارك تمام ، أنا أيضا سأحسبها لك ولن أصارحك بشيء بدءا من اللحظة
حكيم(رفع يديه وهو يدعو مغادرا الغرفة):- أتمنى ذلك من أعماق قلبي …
جوزيت(وضعت يدها على خدها وبتأفف):- طيب يا حكيم سأعرف وبطريقتي ما تخطط له أنت وابنة عمك ، قال أسرار قال طيب مااااشي ..
طبعا حين يترك المرء شخصا بنوعية ميرنا وجوزيت الفضوليتين جدا ليتوقع الأسوأ ، نهضت ركضا وهي تهرول وأطلت في الرواق حتى سمعت صوت انغلاق باب الحمام وعادت للغرفة ، أمسكت هاتفه وولجته لكنه مثل البقية يضع كلمة سر لكن ماذا ستكوووون ، كتبت ميرنا لكن لم يقبل كتبت عيد ميلادها أيضا لم يقبل كتبت عصفورتي وإذا بها تلج إليه مبتسمة .. أخذت تتفحصه بدقة لكن وجدت ملفات الرسائل النصية والصور الخاصة وأيضا الفيديوهات بكلمة سر أخرى ، لم تجرب بل توجهت مباشرة صوب حافظة الأرقام وبحثت عن اسم رفيقي وإذ بها تخرج رقمه سجلته على هاتفها وأغلقت كل شيء وأعادته محله وكأنها لم تقترف ذنبا .. عانقت الهاتف في حضنها وهي مسرورة برقم ميار الذي يستعمله هذه الفترة والذي أصبح في حافظتها ، ركضت بسرعة لغرفتها لتتصل طبعا فأين العقل الذي ستفكر به مهما كان الحديث بينهما مشتدا فإنها بمجرد أن تفكر فيه تنسى كل ذلك ، وعليه ركبت الرقم واتصلت … رنة بعد رنة وجسمها يرقص رقصة السامبا على أنغام وهمية منتظرة الجواب الدافئ من حبيب القلب .. لكن مع الأسف ليس كل ما نصبو إليه يحدث قد تحول الأمل إلى خيبة ولم يجبها ميار لذلك عدلت عن ذلك الاتصال المنحوس من أصله وتركته لغير وقت ..
هنا في البيت الجبلي كان يجمع بعض الثياب بحقيبته على عجالة ، وهذا ما انتبهت له حين خرجت من غرفتها رمقته شزرا من محلها وقد كان يتحرك بلهفة وقلق ما بين الدولاب والحقيبة الموضوعة على السرير .. لكن ما الذي يفعله هذا المجرم قالتها وهي تنتفض من كلمتها التلقائية لحظتها ..
ميار(رآها وإذ به ترك كل ما بيده وأتى إليها بلهفة):- عذرا ميرنا سأضطر لترككِ وحدك اليوم .. يعني أعلم أن هذا ما تبتغينه من الأصل لكن الوضع طارئ
ميرنا(بتوجس):- ماذا هناك ؟؟
ميار(عقد حاجبيه وبدا الهم على ملامحه):- أ.. صولي مريض جدا وعلي أن أذهب إليه
ميرنا(فتحت عينيها بعدم فهم):- ومن صولي هذاااا يعني ماذا يقربك ، أرجوك لا تقل لي أنه أحد أعمامنا لأنني لم أحفظ بعض أحفاد جدي أي والله ..
ميار:- هه هو شبلي
ميرنا(رمشت بغباء):- هااا حيوان إذن
ميار(بامتعاض رمقها وهو يعود أدراجه):- كأنكِ تستهزئين هنا ؟
ميرنا(تحركت خطوات إلى أن وثبت عند الباب):- أوه لا لم تنزعج من سخريتي الصباحية ، إنه مجرد حق شرعي لكائن مثل صولي فهو في النهاية حيواااان
ميار(أشار لها وهو يغلق الحقيبة):- مجددا تهينينه ، أنا لا أسمح
ميرنا(كتفت يديها مستغربة من حنقه المفتعل):- هل ستصرخ بوجهي من أجله أيضا ؟
ميار(حمل الحقيبة وسترته):- لست في مزاج يسمح بالأخذ والرد معكِ بخصوص شبلي ، لذلك استمتعي رفقة جمانة وإيزابيل أو العبي بالأرجوحة قد اكتشفت أنكِ تحبينها لكنكِ تهابين الإفصاح خشية من أن ننتقدكِ لا سمح الله .. والآن تنحي جانبا علي الذهاب
ميرنا(نظرت للصورة الحائطية واستذكرت ما حدث أمس وبشرود لامست خصلة شعرها):- لحظة ..
ميار(توقف بجانبها وزفر عميقا ولمحها وهي تلف خصلتها وبدوره عايش حنينا غريبا لليلة أمس):- نعم يا ميرنا هل تحتاجين شيئا ؟
ميرنا(مطت شفتيها بتلاعب وفركت يديها):- يعني البقاء بدون مخاصمتك وتسويد عيشتك أمر ممل ، لذلك ..
ميار(لاحظ اقترابها وتوددها الغريب وابتسم باستغراب):- أهاه ؟
ميرنا(وهي تفرك يديها بشكل عفوي):- هل هنالك مجال لتأخذني معك ؟
ميار(ضحك فجأة من طلبها الغريب ذاك وهو ينظر إليها):- آخذكِ معي .. هههههه
ميرنا(ما هذه الضحكة الآن إنني لأول مرة أراها جذابة بشكل قاتل ، لكن تتت ميرنا لكن ماذا اخرسي أحسنلك):- تمام فهمت من سخريتك أنك تأبى ذلك ، إذن بالشفاء العاجل لشبلك
ميار(رمقها وهي تكتف يديها عائدة لغرفتها بخفي حنين):- صولي موجود بعريني الخاص ، هذا المكان لا يعرفه سوى أنا وذراعي اليمين رشيد وكهرمانة .. لا حكيم ولا أي أحد آخر يعرف مكانه أنا لا أحب الضيوف كثيرا لذلك عذرا لا يمكنني ..
ميرنا:- هل تخشى مني ؟
ميار(أمسك حقيبته وتحرك في الرواق مبتعدا):- بل أخشى عليكِ .. سلطانتي
ميرنا(ضربت بكعبها الأرض وتوجهت لغرفتها وهي تصرخ):- إنسان معقد مختل عقليا غريب الأطوار مجنووووووون مريض مريض نفسي أو ما شابه هففف ، إنه كتلة استفزاز بالمجمل
ميار(رمش من صفقها للباب وهو يستمع لها وقبل نزوله من الدرج):- والله هذه الحمقاء ستجعلني أفقد عقلي .. جمانة جماااانة ..
جمانة(وقفت عند آخر الدرج وهي تستقبل نزوله السريع):- نعم أنا هنا
ميار:- اصعدي إلى فوق وأخبري ميرنا أن تتجهز في غضون دقيقتين ، إن لم تنزل أثناءهما لن أصطحبها وأخبريها أن العد التنازلي يبدأ مذ دخولكِ لغرفتها تمام ؟
جمانة(غمزته):- هااا فهمت الآن أنت تصعبها لكي لا يتسنى لها وقت لمرافقتك ، يا لذكائك الخارق ميار .. حسن لا ترمقني بنظرة الحزم مُساعدتك ستنطلق فورا لأداء مهمتها
ميار:- طيري إذن .. / لنرى يا ميرنا عنادكِ أم عنادي ؟
صعدت جمانة ركضا إليها وأخبرتها عن المهلة بحماس ، هنا قرعت ميرنا أجراس الانتباه بعقلها فأن تزور عرين الفهد البري هذا أمر مهم جداااا في قضيتها ، ربما ستجد شيئا هناك يعني ما ربما خصوصا أنها سترافقه وهو أعزل يعني لم يجهز نفسه قبل حضورها أو يخفي عنها أشياء لا يتوجب عليها رؤيتها ، بالمجمل ستداهم ذلك العرين على حين غرة لمَّا تذهب في هذه الفرصة الغير مخطط لها .. وعليه ركضت للدولاب وهي تنظر فيه لم يكن يحتوي سوى على الفستان الأحمر الذي ارتدته البارحة وأيضا الطقم البنفسجي الذي ارتدته صباح البارحة وهو الذي استقرت عليه فلا يوجد شيء غير ، لذلك لبسته مسرعة ونفثت شعرها أمام المرآة لحظة وخرجت مهرولة تحت تصفيقات وتشجيعات جمانة التي كانت تعد الأرقام المتبقية من الدقيقتين وقد وصلت لرقم 7 وهنا بذلت ميرنا جهدها ، فطبعا مختل عقلي مثله سيكون عند كلمته ولكن ليس معها فعند الرقم 1 كانت تفتح باب السيارة ..
ميار:- انتهى الوقت
ميرنا(شحب وجهها هلعا):- غير ممكن وصلت إلى هنا عند رقم 1 ..
ميار:- ولكنكِ لم تصعدي هه ، إذن فرصة ثانية عزيزتي ..
ميرنا(دهشت منه حين جذب باب السيارة وانطلق نافثا الغبار خلفه):- ما هذا الآن ، يعني هل حقا ذهب ؟؟؟؟
جمانة(وصلت إليها وبتذمر):- متأسفة لقد انقضى الوقت ..
ميرنا(كتفت يديها وهي تنظر بدهشة للغبار خلفه وشعرت بشيء غريب في خاطرها):- قد كانت فرصة ذهبية لكن مجددا بغبائي خسرتها ..
جمانة:- هيا لندخل ست ميرنا ..
ميرنا(سحبت قدميها سحبا وبشعور الغبن تحدثت في سرها):- كان ليلة أمس أكثر شفافية ووضوحا ، يعني لما استيقظ وكأنه إنسان آخر أم تراه يتلاعب بي .. لكن لما سيتلاعب هل يحاول أن يؤثر على تفكيري فتصرفاته جدا غريبة ، ليلة أمس حكا لي عن الكثير وضفر شعري يعني لم يسبق لأحد أن فعلها غيره ، أحسست وقتها بالارتياح وبرابطة غريبة تجمعني به ربما ذلك راجع لتعودي عليه أثناء تقمصه لدور إياد .. إنما هو محير جدا في الليل يتحول لكيان آخر وفي الصباح يكون فظا متعجرفاااا صلفا حتى همم .. لقد ذهب دون أن يلتفت إلي طبعا شبله أهم مني بكثير ثم هو لا يثق بي كيف سيأخذني لمكان لم يأخذ إليه حتى حكيم نفسه يعني ما المناسبة ؟؟ … هئئئ ما هذا الصوت ؟
نظرت خلفها للسيارة التي وقفت وهي تزمر لها كي تأتي ، فتحت فمها بدهشة وهي تنظر إلى النافذة التي انفتحت لتبرز وجهه الباسم ، وتظهر يده الملوحة لها من بين المسافة الفاصلة بينهما ، استطاعت أن تحس بريح أنفاسه المستفزة بينما هو تمكن من استيعاب ملامحها السعيدة بعودته وعليه وتحت صدمتها ناداها لعلها تستفيق من حلم اليقظة ، وتصدق أنه فعلا عاد لأجلها
ميار:- هل سأنتظركِ كثيرا ميرنا هانم ؟
ميرنا(بتلعثم):- هل عدت لأجلي ؟
ميار:- لا من أجل جمانة
جمانة(قفزت):- أحقا ستأخذني معك ؟؟؟
ميار:- هه طبعا لا اقبعي بالبيت وساعدي أمكِ بالمطبخ ، وأنتِ اركبي فورا وإلا غيرت رأيي
جمانة:- هيا هيا اذهبي يا ستي من حظك ، أما نحن فلنا رب كريم
ميار(ارتدى نظارته الشمسية):- ميرناااااا ؟؟
ميرنا(انتفضت وهي تسارع خطاها نحوه):- قادمة ..
ميار(سحب أنفاسا عميقة وهو يستقبل ريح عطرها الذي هب بوجهه حين ركبت):- ضعي حزام السلامة ، طريقنا صعبة بعض الشيء
ميرنا(وضعته وهي تنظر إليه):- أظن أن كل طرقك صعبة ..
ميار(فتح النوافذ وأشار بإصبعه بعد أن تحرك):- إلا قلبي ، فهو الطريق الوحيد المنفتح على كل الجوانب ..
ميرنا(عضت طرف شفتها وهي تنظر جانبيا الآن إلام يسعى هذا الأحمق):- هل المكان بعيد ؟
ميار(ضغط على المسجل):- ما يقارب الساعتين
ميرنا:- ماذااااااا .. افف سأشعر بالضجر أكيد
ميار(ابتسم للموسيقى المنبعثة):- الله يخرب بيت جمانة طلبت منها وضع معزوفة موسيقية ، لكنها وضعت الفن الطربي إذن اعتبري الساعتين قد تضاعفت لأربع
ميرنا(مدت يدها وزادت من مستوى الصوت):- يروقني الطرب ، امم أعرف هذه الأغنية كانت أمي تستمع لها مؤخرا ، إنها لفريد الأطرش -ساعة في قرب الحبيب-…
ميار(أغمض عينيه من جنون جمانة):- المشعوذة الصغيرة أنظري لأفكارها تت .. سأحاسبها بعد عودتي
ميرنا(استقبلت نسائم الهواء وهي تستذكر طيف أمها الحبيبة):- اشتقت لها ..
ميار(تنهد عميقا وقرر تغيير الجو وصادف المقطع المتكرر لكلمة ساعة):- ساعة .. ساعة ساعة في قرب الحبيب .. هه صوتي بشع لطالما تمتع إياد بالصوت الحسن لكن أنا تت لاء حتى جوزيت كان صوتها عذبا
ميرنا(وضعت يدها على النافذة وهي تلامس الرياح):- لمَّا تتحدث عنها عيناك تبرقان
ميار(رمش وهو يخلق ضحكة عجيبة):- من أين اخترعتِ هذه الآن ، طبيعي أن تبرق فالنوافذ مفتوحة وهذا بفعل الرياح يعني ..
ميرنا(بارتعاش):- هل تعتقد أن الحب يموت بموت الحبيب ؟
ميار(حرك فكه وهو يمرر لسانه بين شفتيه):- يعني هذا يعتمد على قيمة الحبيب ، فالحب يعيش حتى لو مات صاحبه .. لكن الغفران شيء صعب خصوصا إن كانت الأذية ممتدة طوال سنوات بطريقة جاحدة
ميرنا(مدت يدها كثيرا خارج النافذة وهي تلاعب الهواء):- لنفترض لو كنتَ محل جوزيت ، وأجبِرتَ على أن تقتل نفسك تمثيلا أمامها لأجل حمايتها .. هل كنت ستفعل ؟
ميار(أبدا لم يخطر هذا السؤال ع باله سابقا):- يعني .. لو فكرنا مليا ربما كنت أقدمت على نفس ما فعلته جوزيت لأجل أن تكون بخير ..
ميرنا(بسخرية):- هه جيد أنك تجيب باقتناع لأنك تفعل مثلها مع إياد .. فما الفرق ؟
ميار(تشنج فكه وهو يركز في الطريق أمامه):- الموضوع مختلف ، فهذه تفرق عن هذه إياد لا يتذكرني يعني لن يتألم إن ظهرت بحياته الآن
ميرنا:- أنت تغتر بنفسك كثيرا ، وتعتقد أن كل الناس مجبرة على إطاعتك وإلا ستفرض سلطتك التي لا تغفر زلة أحد ..
ميار(أخفض صوت الموسيقى وزفر وهو يطفئها تماما):- أنتِ تقيِّمين بشكل مضطهد ، هنالك فرق بين حالتي مع إياد وحالة جوزيت معي .. هي مثلت أمامي مشهد موتها يعني تعذبتُ مليون مرة بسبب ذلك ، لتأتي الآن ببرودة وتدخل حياتي كأن شيئا لم يكن
ميرنا:- أنت غير منصف ، تبحث عن أي أخطاء لكي تعاقبها وكأنك تستلذ بهذا الأمر ، لعلمك حتى لو لم أسمع أطراف الحكاية من كليكما أستطيع أن أجزم لك من منظوري الشخصي أنك مهتم بها لدرجة الإنكار ..
ميار(بعصبية أوقف السيارة وزفر عميقا):- ميرنا ميرنا إن كنا سنتمم ما تبقى من طريق ، رجاء غيري الموضوع أو لا تتحدثي يكون أفضل
ميرنا(كتفت يديها وهي تمتعض):- الهروب فيكم خصلة يعني لما سأستغرب منكما ، فكلاكما ألعن من الآخر بئسا لهكذاااا قرابة
ميار(تحرك مجددا وهو يشير لها):- سأبلغ حكيم بشتيمتكِ هذه لنا ، سجلتها على جنب
ميرنا(هزت كتفيها بدون اهتمام):- لا يهمني ثم لا تخاطبني يا عم ، اففف ..
ميار(عض طرف شفته وهو يحاول مجاراة مزاجها المتقلب):-.. لا حول ولا قوة إلا بالله ، الرحمة يا ربي الرحمة
ميرنا(صغرت عينيها فيه وأشاحت برأسها جانبا):- جميل أن تستذكر كلمة الرحمة ، فهل يا ترى كنت رحيما بمن آذيتهم ؟
ميار(أوجعته بجملتها تلك واكتفى بالصمت لأنه لو نطق سيقلبهم عمدا في تلك الطريق الجبلية):- … لا رد
ميرنا(التفتت إليه وقد صفعها بصمته أثناءها):- ألن تجيبني ؟
ميار(بوجه خشن وأنفاس متحشرجة):- أنا أركز بالطريق الآن ..
ميرنا(ما هذا الرد الجاف ؟؟):- يا له من إنسان كئيب ممل متكبر ….
رفعت رأسها بإباء بعد أن حدثت نفسها بآخر جملة ، وأخذت تتطلع للمناظر حولها لعلها تنفض بعضا من ذلك الضغط الذي يمارسه على عقلها منذ أن عرفته .. استذكرت ابتسامة وائل وصوته الحنون الدافئ ودت لو تراه الآن وتغمض عينيها في حضنه لأسبوع كامل ، لكن مع الأسف هما بعيدين بعد الأرض عن السماء الآن فلقد كتب عليهما التعب الغير منته ، أغمضت عينيها لكي تشاهده ولو خيالا المهم أن تستنبط منه ما تحتاجه لكي تصطبر على ما تبقى لها من أيام .. عقدت حاجبيها حين خشيت من أنه لم يقرأ مقالتها فها هو لم يقدم على أية حركة ، من جانب اطمأنت لذلك يعني كي لا يتورط مع ميار ويغامر بحياته فهذه المرة لن تسلم أكيد .. ومن جانب آخر رغبت برؤيته فأكيد نظرة منه ستحيي فيها أيقونات الصبر من جديد لا محالة .. لكن أين هو منها الآن أين ؟؟؟؟
كان يغادر حنايا المشفى رفقة هديل والعم نزار وفؤاد الذي جاء متأخرا على الموعد ، وجد ماريا بدون السترة الطبية وفهم أنها سترافقهم أيضا لبيت وائل كي تعرفه وتزوره بين الفينة والأخرى لأجل متابعة صحته .. هنا كان وائل مبتهجا نوعا ما بالتحرر من السرير الطبي ولكن مع غصة مؤلمة في صدره فقد كان تواقا لأن تمسك ميرنا بيده وتصطحبه لشقته لكن أين هي منه الآن ، لقد وضعت نفسها في مأزق لن يستطيع تحريك ساكن إزاءه خشية على حياتها من الهلاك .. وطبعا أبدع حكيم في تخويفه على روحها المهددة بالخطر وعليه التزم الصمت بالرغم من أنه لم يكن سيلتزم به لوقت طويل ،.. فبمجرد أن وصل بيته واستلقى على سريره واطمئن الحضور لأجله انتظر حتى أقفلوا الباب عليه وسحب هاتفه ليتصل بالعم بشير .. أخبره بالمستجدات وبموقع ميرنا وهنا استنتج العم بشير أن الفتاة الموجودة ببيتها هي نفسها ثعلبة القطب ، طبعا انصدم من الخبر لكن حين علم بمدى خطورة الوضع استنفر وبدأ تجهيزاته لحماية ميرنا يوم البرنامج المقرر بنهاية الأسبوع ، وأيضا ملاحقة الأخرى ….
ماريا:- تمام سأمر مساء بكم لأراقب وضع السيد وائل ، أراكم على خير
فؤاد(ودعها):- مشكورة يا آنسة ماريا ، وفقكِ الله ..
أقفل من بعدها الباب والتفت ناحية غرفة هديل التي خرجت وهي تجر خلفها حقائب سفرها، فهي على وشك المغادرة بعد قليل
هديل(وضعت الحقائب جانبا):- هيا عمو فؤاد لن تبكيني صح ، هه بالرغم من أن ملامحك تدل على عبوسك بشأن رحيلي لكن لا تقلق بضع أسابيع وتجدني على قلبك مثل العسل ..
فؤاد(أمسك فكها وهو يعقد حاجبيه):- حاولي ألا تتأثري بجدكِ وطبعه يا هديل ، أنتِ طيبة فلا تتمثَّلي بقيمه ومبادئه الخاطئة .. كوني أنتِ وسنعتبر أن ما فعلته بحكيم الراجي زلة لن تعاد
هديل(ابتلعت ريقها ندما من تصرفها الذي بادله حكيم بشهامة مطلقة):- معك حق .. لكن هذا لن يجعلني أرفض افتتاح العيادة لقد اتفقت مع جدي ولن أخذله
فؤاد(زفر بتعب):- هذا موضوع يطول النقاش فيه ، وطالما لم يفلح وائل ولا شهاب في تغيير رأيك إذن سنأمل ألا تندمي بالأخير
هديل(عانقته بحرارة):- انتبه لأخي يا عمو فؤاد ، ولصحتك فأنت تبدو شاحبا كأنك لم تنم هذه الليلة جيدا هااه ؟
فؤاد(قبلها من وجنتها):- انتبهي أنتِ لنفسكِ ، سأحاول الحضور وقت التخرج إن تسنى لي الوقت لذلك يا كبد عمك ..
هديل:- يا عيني أكيد سأتشرف بالرجل الأول في عائلة آل رشوان
عمو نزار(اتجه ليفتح الباب):- أكيد هذا فقير المحبة قد وصل متأخرا كعادته .. هاه هلَّ المزعج أهلا
شهاب(بتأفف):- وددت لو أرى شابة فاتنة وهي تستقبلني بدلا من وجهك العبوس أيها العجوز النكدي ..
نزار(بكره أشار له ليدخل):- متأخر عن أهم يوم في حياة ابن عمه ويفتح فمه ، لو كنت منك لبحثت عن حائط أخفي وجهي خلفه من الخجل .. سحقا
شهاب(هم للرد عليه لكن فؤاد تدخل):- فقط لأجلك عمي سأسكت عن كلامه القميء هذا ،
هديل(أردفت باقتضاب):- وتستمر حلقات مسلسل الأعداء إخوة ، يا عيني لو سافرت لعشر سنوات وعدت سأجدهما هكذا مثل الكنة وحماتها
فؤادّ(صافحه):- والله ما كذبت يا بنت ، هيا ودع هديل ستذهب حالا للمطار
شهاب:- أوه عذرا يا مدللة لم آتي باكرا اضطررت لأخذ ميرا للطبيب وعلي أن أعود مجددا وإلا لكنت اصطحبتكِ بنفسي يا ابنة عمي ..
هديل(عانقته بحب):- ولو يا أخي لا تشغل بالك ، يعني رستم سيأخذني هو قادم بعد قليل
شهاب(صغر عينيه بلؤم):- قلتِ رستم امم أرى أن علاقتكِ بجدكِ ما شاء الله ، اللهم لا حسد
هديل(حولت عينيها):- حتى أنت ستسمعني وابلا من الكلام على اتفاقية العيادة ، يا عمي ذلك جدكم أيضا اصفحوا عنه واستفيدوا من كرمه لما تحسدونني هاااه لم أفهم ؟
فؤاد:- بنت أجيبي بأدب ، عن أي حسد تتحدثين لقد أخبركِ وائل أنه مستعد لفتح أحلى عيادة لكِ وكنا سنساعده يعني لما لحَّيتِ على أن تكون من جدك ؟
شهاب:- أجل هذا هو الجواب الذي أنتظر سماعه حتى أنا ..
هديل:- لأنه بحاجتي .. هو يريد أن يشعر وكأنه يقدم لأحد فينا خدمة تمكنه من الإحساس بالانتماء العائلي ، فبينما حضراتكم يا سادة تنبذونه وجد فيني تلك المشاعر التي افتقدها بسببكم
وائل(خرج من غرفته وهو يتكئ على دعامته الطبية):- هه لما تتعبون أنفسكم مع رأس العناد هذه ، إنها رشوانية صخر لو كسرتموه ما انكسر وطالما جدكم جعلها تشرب من كأسه فألف لا بأس علينا يا شباب ..
هديل(عضت شفتها وهي تستمع لضحك شهاب):- كأنكم تشكلون حزبا ضدي أنا وجدي
وائل(تحرك وجلس على الكنبة بعد أن سانده فؤاد):- ولو نحن فقط نحاول أن نحلل تضامنكِ الخرافي أنتِ وضرغام رشوان
هديل:- جدي جدي جدي وسيبقى كذلك مهما حاولتم أن تقللوا من شأنه أمامي ..
شهاب(أمسكها من خصلة شعرها):- أنظر للبنت كيف تتجرأ على رفع صوتها بحضرة أوسم وأفضل وأكثر رجال آل رشوان جاذبية
هديل(غمزته):- أساسا لا يوجد غيركم يا أفندي ..
شهاب:- من قال يوجد طفلي شادي رشوان ، إنه مستقبل امتداد سلالتنا إن شاء الله
وائل(وجعه خاطره من جملته ونظر لفؤاد):- معك حق
فؤاد(فهمه وتأوه ليجلس بقربه):- يعني لن تنتهي هذه التراجيديا هنا ، تمام سننتظر بصمت
هديل(ركضت وجلست بينه وبين أخوها):- وهل أفرط بكم أنا مثلا ؟؟
شهاب(سمع رنين الجرس):- يا كيدك يا بعيدة .. نعم قادم / أوبس ضيف غير متوقع
حكيم(رفع يده ملوحا ودخل دون إذن):- وكأنك بالغت في اندهاشك ، نحن نسباء يا رجل عائلة يعني ..
شهاب(أقفل الباب وتقدم خلفه):- وهل ستذكرني .. تفضل
هديل(ارتبكت قلقا خشية من أن يتفوه بحرف بشأن موضوع حازم):- أ.. سأتصل برستم لأرى أين وصل همم
حكيم(صغر عينيه فيها وفهم تهربها):- أتيت لأحادث وائل قليلا وبعدها أترك عائلتكم تستمع بلحظات الوداع
فؤاد(رمق نظرة حكيم تجاه حقائب هديل المرصوصة على جنب):- تفضل هنا حكيم سننسحب نحن تعال يا شهاب ..
شهاب(رفع حاجبه باستفهام ما الذي قد يوجد بينه وبين وائل ثم لما هذا الأخير هادئ لهذه الدرجة):- شهاب قادم طبعا يا عمي … هيه بست ألا تشم هنا رائحة غريبة ؟
فؤاد(وقف معه بعيدا عن حكيم ووائل):- رائحة ماذا ؟
شهاب(بعيون ذئبية):- رائحة شيء يدور بين ابن أخيك وحكيم الراجي ، أليس غريبا عجيبا هذا الهدوء بينهما ؟؟
فؤاد(باستغراب طفيف):- لا لم أستغرب ، لأنني شهدت جنونهما البارحة كاد ابن عمك الحبيب أن ينام ليلته بالسجن لولا لطف الله
شهاب(برقت عيناه بشراسة):- يا إلهي ولماذا ؟
فؤاد:- كاد يثقب جبين حكيم بالمسدس هه يعني نحمد الله أن الرصاصة أصابت المزهرية
شهاب:- طيب كل هذا لماذاااا يعني .. آه مهلا مهلا أكيد له علاقة بميرنا ؟
فؤاد(رفع يديه لفوق):- ومن عساه يكون غيرها ، بصراحة لم أفهم أي شيء حاولت معرفة خفايا الموضوع من وائل لكنه كتوم جدا لم أخرج منه ولا بحرف يطفئ لهيب تساؤلاتي
شهاب(كتف يديه):- اصبر علي فقط لحين يرحل الراجي ووقتها سأستجوب ابن عمي بطريقتي ، سنعرف ماذا يدور بينهما سنعرف ..
هديل(أطلت برأسها من الغرفة وهي تستمع لهما وتنظر تجاه حكيم الجالس قرب أخيها):- غريب ما الذي سيجمع بينهما يا ترى ؟
حكيم:- ليس لدينا وقت يا وائل ، وصعب أن ننتظر حتى بداية الأسبوع لقد شرحت لك الوضع
وائل:- افف حكيم الأمور لا تسير بهذه البساطة ، يعني يلزمنا بعض الوقت
حكيم(حرك فكه وهو يهمس):- يا الله أنت ستجبرني على التفكير بشيء آخر وأستغني عن خدماتك لعلمك
وائل:- هه لا تجعلني أعيد ما فعلته البارحة بقصرك سيد حكيم ، ميرنا تخصني وسأنقذها
حكيم(امتص شفتيه):- إذن باشر بذلك ولا تجعلني أنجلط .. ثم من الضروري أن نفكر بالخطة باء ، يعني سنضع كل الاحتمالات أمامنا وندرسها جيدا
وائل:- وأنا جاهز
حكيم:- متى أخبرك صديقك أن الأوراق ستجهز ؟
وائل:- بضعة أيام على الأقل
حكيم:- تبقى يومان على موعد البرنامج ، إن لم نستطع إنهاء كل ما يستلزم حتى وقتها إعلم أننا من فرط بميرنا
وائل(بخوف عليها):- لا تجعلني أتذمر من تشاؤمك الآن ، ميرنا ستنجو
حكيم:- هاه أثبت لي ذلك إذن ، لقد أعطيتك فرصة عمرك بسكوتي وتركي لك بأخذها .. فلا تجعلني أندم على خطوتي هذه رجاء يا وائل
وائل(أساسا برضاك أو بدونه كنت سآخذ حبيبتي يا حكيم):- وأنت أين وصلت ترتيباتك ؟
حكيم:- ما زلت أدبر أموري يعني كله سيكون جاهزا لمَّا يحين الوقت ، وأهم نقطة هي تدابير السفر يا وائل إنها أهم خطوة لذلك جئتك بنفسي لكي أطمئن
وائل:- طبعا هذا ما كان سيحضرك لأنه يستحيل أن تأتي لتقول لي الحمدلله على سلامتك
حكيم(حرك فمه وهو يخفي ابتسامة ساخرة):- اتصلت بي ميرنا ليلة أمس
وائل(انتفض قلبه بحسرة على شمس لياليه):- كيف حالها ما أخبارها ؟؟
حكيم(لوا شفته وهو يقرأ اللهفة في عيون وائل):- إنها صامدة قوية كما عهدناها يعني ، وهذه القوة هي التي تجعلني أرتعب قلقا مما ستفعله ليلة البرنامج ..
وائل:- ميرنا لن تستسلم بسهولة ستخرب الدنيا
حكيم:- وعليه علينا أن نتحرك بسرعة ، أردت أن أضعك بالصورة لأنك بحاجة لترهيب كي تضغط على الآخرين لأجل المصلحة العامة
وائل:- صدقني خوفي عليها أكبر حافز لي ، سنتواصل حين تتم الأمور
حكيم(حرك يده)- آه كدت أنسى تماما الشيء الآخر الذي أردته منك
وائل:- ما هو ؟
حكيم:- صديقك الأشقر طيار صح ؟
وائل:- نادر أهاه لكن لماذا تسأل ، آه مهلا فهمت عليك لكن لا أدري كيف سنتصرف بالأمر ؟
حكيم(تنفس عميقا):- والله هذه المسألة تقع على عاتقك يا شريك ، فأنا لدي أطنان من المشاكل لكي أدبرها هيا اتصل به واسأله عن أي شيء قد يساعد في تهريبكما في حالة ما إذا حوصرنا ولم تستطيعا الوصول للمطار
وائل:- يعني هذه هي الخطة باء
حكيم(نهض):- تقريبا ، المهم سنبقى على تواصل ، وحذار أن يسمع أحد بما دار بيننا أكيد سيسألك عمك وابن عمك حاول إيجاد أي كذبة عدا عن موضوعنا الخاص
وائل:- لا تقلق حياة ميرنا عندي أهم ، سأحرص على التصرف بحذر أرح نفسك
حكيم(نظر إلى يده المكتفة بذراعه ولرجله المضمدة أيضا):- يعني أفكر مع نفسي كيف ستقوم بمهمتك وأنت على ذا الحال ، لكن ليس أمامي خيار آخر مع الأسف
وائل(استقام بعصبية وهو يتكئ على عصاه):- يعني لنفترض أنني رجل خارق للعادة ، قد عايشت هذه الحالة سابقا لذلك هي لا تؤثر بي لا تقلق دوري وواجبي سأؤديهما على أكمل وجه فميرنا تستحق مني كل التضحيات
حكيم(وضع يديه بجيوبه وهو يهتز بغرور):- معلوم هي شريكة النبض ويتوجب علي أن أقلق ، يلا لن أطيل عليك سلامي
وائل(تمالك أعصابه من فظاظته بصعوبة):- مشكور ع الزيارة ..
شهاب(تقدم صوب وائل هو وفؤاد):- نراك على خير أخ حكيم
حكيم(لوح لهما بعنفوان ونظر لهديل التي كانت متوجهة للباب):- امم آمل ذلك ..
هديل:- أ.. سأرى رستم إن وصل
شهاب:- تمام يا روحي ، هاه يا وِيلْ أخبرني ماذا أراد منك ؟
فؤاد:- ولا تغفل عن أي كلمة يا كبد عمك ، أفصح ؟؟؟
وائل(جلس ونظر إليهما وقد أحاطه كل منهما على جنب):- عادي أراد الاطمئنان على صحتي هذا كله
شهاب(أشار للباب):- حكيم الراجي … يطمئن عليك ههه لقد انتهى شهر أبريل يا حبيب ابن عمك نحن بأواخر الربيع لذلك لا تهذي وقل الحقيقة
فؤاد:- اسمع نحن نعرف أن هنالك مشكلة بينكما متعلقة بميرنا ، أخبرنا كي نساعدك نحن أهلك أليس كذلك ؟
وائل(شرد بعيدا):- لا يوجد شيء أقفلا الموضوع …
حكيم:- عن أي موضوع تتحدثين آنسة هديل ، هل تحسبينني طفلا هنا كي توصيني بما علي قوله من عدمه .. يا إلهي حسبت أن نزعة الشك قد انتهت بعد موقف يوم أمس لكن يتضح لي أن الطبع غالب عليكِ سبحان الله
هديل(فركت يديها):- ليس ذنبي أن أقلق كلما رأيتك
حكيم(رمش بعينيه):- تقلقين ؟؟؟ هه ما حسبت أنني أشكل توترا بالنسبة لكِ يا رشوانية
هديل(أغمضت عينيها):- أمقتك حين تناديني بهذا اللقب ، كله سخرية واستهزاء!
حكيم:- جيد أن أنة الشعور عالية عندكِ ، شيء مدهش لكن لتطمئني فإن حكيم الراجي ليس واشيا أو أخرقا حتى أركض لأخيكِ وأخبره بما حصل معكِ يوم أمس … أظننا حلينا ذلك الموضوع ووجدنا الحل الأمثل لحل المشكلة إذن عمتِ مساء ورحلة موفقة
هديل(عضعضت شفتيها وهي تحاسب نفسها):- مهلا حكيم ، أ.. هل لي أن آخذ رقم هاتفك ؟
حكيم(وضع يده على جنبه والتفت إليها باستفزاز دعابي):- أنا متزوج
هديل(ضحكت بنفاذ صبر وهي تخلق ابتسامات غريبة كي تمسح الحرج من على جبينها):- لا تتوهم بشيء فقط أردت أن أبقيك معي على تواصل ، يعني كي أسألك إن حوصرت في مأزق ما وأنا هناك
حكيم(عاد إليها والتقط هاتفها منها دون إذن ودون رقمه):- أنتِ طفلة تحتاج لرعاية خاصة ، عموما كنت أمزح خذي ها قد سجلت رقمي اتصلي وقت الطوارئ فقط لا تكوني مثل الابتلاء الذي سقط على رأسي مفهوووم ؟
تركها فاغرة ثغرها وهي ترمق رقمه على حافظتها وتلحقه بعينيها وهو يختفي وسط الدرج ، فعلا إنه إنسان غريب الأطوار لا يتنبأ المرء بردود أفعاله .. لكن شعرت بشيء ممتع في ما يحدث وعليه عادت للبيت واستقبلها فؤاد بسؤال بديهي نسيت تماما أنها أخبرتهم بوصول رستم ولذلك لفقت كذبة وأخبرتهم أنها ما زالت بالانتظار .. لا تدري لما نظرت للرقم مجددا وهي تبتسم وعليه انتظرت بقلب مرتجف اتصالها به عند أول مرحلة انتقامية لها مع حازم الكلب وعشيقته جولي النذلة التي حسبتها ذات يوم ما يسمى بصديقة حميمة … هنا ركب حكيم سيارته ونظر بتحدي لضرغام الذي نزل من سيارته وهو يبادله نظرة الغضب محدقا بالعمارة متسائلا مع نفسه ما الذي سيفعل ابنة الراجية ببيت حفيده ، زفر بعمق وأردف أن تلك العصابة متوقع منهم أي شيء ، أشار لرستم أن ينتظره هناك وصعد هو لشقة وائل .. بينما ضحك حكيم من ردة فعل العجوز فهو يسبب له قلقا لن يهدأ لحظة ، وعليه رفع هاتفه
حكيم:- ألو عفاف أختي أرغب بالمرور قليلا بالمشفى لدي ما أحادثكِ به ..
عفاف:- خيرا يا حكيم أخي هل أنت بخير ؟
حكيم:- لا داعي للقلق فقط موضوع خاص هل يتوفر لديكِ بعض الوقت الآن ؟
عفاف(بارتباك):- طبعا طبعا تفضل أنا بانتظارك
توجه إليها وهو يفتح جيب سيارته ونظر للقمامة التي أحضرها من قصر غضنفر الكلب ، وعزم على البحث خلف الموضوع ومعرفة محله إن استطاع من خلال البحث عن خباياه ، لحظتها كان ضرغام في مواجهة مع أحفاده مواجهة لن تنتهي على خير حسبما أرى …..
هديل(عانقته بحرارة):- جدي حبيبي ما حسبت أنك ستصطحبني للمطار بنفسك
ضرغام:- ومن لي غيركِ حفيدة كي أدللها وأراضيها بكل ما أملك ، هيا تجهزي سنغادر
هديل:- سأرتدي معطفي ، أ.. ألا ترغب بالدخول ؟
ضرغام(ضرب بعصاه وهو يدلف):- طبعا أرغب برؤية نسلي النتن أين وصلت مخططاته في تدميري ..
شهاب(سمعه أيضا):- وشرَّف الكينغ !!
ضرغام(نظر لوائل الجالس بينهما):- كيف صحتك يا ولد ؟
وائل(بدون نفس):- بألف خير أتعبت نفسك
ضرغام:- لا وعلى ماذا ، لدي شيء ثمين بين أطراف شقتك يستحق الرعاية
وائل(فهمه وشعر بالحنق):- إن كنت تفكر بأذيتها فلا تحسب أنني سأترك أختي لك
ضرغام(مط شفتيه حين رمق امتقاع وجه فؤاد):- والله تلك حفيدتي ولا يسعك التدخل بيني وبينها ، فكل شيء برضاها حسبما أعلم
شهاب(شعر باهتزاز وائل غضبا):- حسن فهمنا سبب حضورك هو هديل ، إذن يمكنك انتظارها بهدوء لا داعي لإثارة المشاكل
ضرغام:- المشاكل هي التي تبحث عني .. وأنت ألن ترفع رأسك لترى وجه أبيك ؟
فؤاد(رفعه بغضب ورمقه شزرا فقد كان ينتظره):- أتحسب نفسك أبا بحق ، يا رجل قد تخطينا مرحلة الابن والأب منذ 14 سنة تقريبا فلا تدعني أستذكر ذلك الماضي اللعين
ضرغام(عقد حاجبيه لما ذكر فؤاد تلك الحقبة):- هل عدنا لذات الجنون ، انتهينا من ذلك الموضوع حسبما أظن فلما ترغب بفتح الدفاتر المغلقة ؟
فؤاد(نهض بعصبية وجابهه):- لأنني ما زلت أعاقب إلى يومنا هذا بسبب أنانيتك وجحودك ، أتعلم شيئا أنا لن أسامحك ما حييت وبعمري لن أناديك بأبي لأنك لا تستحقهاااااااا .. وائل أنا بالمطبخ مع نزار حين يرحل هذا الشخص أعلمني
ضرغام(ارتج من موقف فؤاد واسترسل):- كل ما فعلته كان لمصلحتك
فؤاد(توقف ضاحكا تحت دهشة وائل وشهاب اللذين لم يفهما ولا حرف):- مصلحتي .. مصلحتي في حرماني من المرأة التي أحب والتي كان ذنبها الوحيد أنها من عائلة أعدائك ؟
ضرغام(نظر للأولاد):- هل ترغب بكشف الأوراق في هذا التوقيت أم ماذا ؟
فؤاد:- ولما لا أكشفها طالما صاحبة الشأن قد كشفتني .. بسببك هي تكرهني حد الموت قد خسرت كل فرصي معها وبعد أن عرفتني يستحيل أن تغفر لي مطلقاااا
شهاب(همس لوائل):- ويلي هل فهمت شيئا ؟
وائل:- والله علمي علمك لكن أستطيع أن أشم رائحة نور الراجي في الموضوع
شهاب(بامتعاض):- أي أم لسان أطول من قامتها ستحرقنا أكيد ..
ضرغام:- لم تكن لائقة بك .. إفهم ..
فؤاد(ضرب على صدره وهو يقترب منه):- وهل كنت أنا لائقا بك يا ترى .. أنا ابنك من دمك ولحمك وأنكرتني لولا اعتراف إخوتي بي وإجبارك على الاعتراف بأبوتك لي لبقيت طفلا مجهولا لقيطا ذنبه الوحيد أنه كان من أب دكتاتوري مثلك ..
ضرغام(جحظ عينيه بتوتر):- اخرس ولا تقلل أدباااا ..
فؤاد:- لقد دمرت حياتي كليا ، لماذااااا فعلت بي ذلك لطالما تساءلت مع نفسي عن الذنب الذي ارتكبته حتى جعلتك تقف حجرة عثر بيني وبين حبيبتي
ضرغام:- كانت ستستغلك أيها الأحمق ، أتحسب أنها عشقتك لا أنت مخطئ فبنات الراجي لا يعرفن للحب طريق .. هن مستبدات يمتصصن دمك ويسحرنك بجمالهن وعذوبتهن حتى تصبح أخرقا من فرط عشقك لهن ، وفيما بعد يسحبن أيديهن من رقبتك ويتركنك للموت البطيء .. يسرقن أنفاسك وعقلك ونبضاتك منك لتجد نفسك مفلسا شعوريا أمامهن ولا تستفيق على نفسك حتى تكاد تفقد صوابك وتصبح على حضيض الانهيار
فؤاد(استغرب مثله مثلهما):- من أين لك أن تعرف كل هذا عنهن ، أنت لحقدك على تلك العائلة تريد أن تضع كل العراقيل في طريقنا لكي تفرقنا عنها .. لكن لن أسمح لك أن تخرب العلاقة بيننا وبينهم وائل مصيره سيتزوج بميرنا ، وشهاب سيستقر مع زوجته وأولاده بعيدا عن أناملك الشريرة ومخططاتك التي تدبرها لتحطيمهما .. وأنا سأحارب لإعادة حبيبتي نور التي سأجتمع بها طالت أم قصرت ، وأنت أرجو أن تصادق العناكب المعششة بعقلك وتخرج من حياتنا …
ضرغام(صرخ بعصبية):- هديييييييل .. لنرحل من هنا يا بنت
هديل(انتفضت من خلف الجدار فقد كانت تستمع هي الأخرى):- جاهزة جدي ..
ضرغام(ضرب بعصاه ونظر لفؤاد بقساوة امتدت لتشمل نظرته صوب أحفاده):- ستندمون على قراركم هذا ، أنا قد فعلت ما بيدي لكن حين تتألمون من لسعة بنات الراجي الغادرة وقتها سأسر كثيرا بمشاهدة أوجاعكم .. أنتظركِ بالسيارة يا بنت سأبعث رستم لحمل الحقائب
هديل(هزت رأسها إيجابا ونظرت بحيرة لهم):- ما الذي حصل ؟
فؤاد(بعصبية ضرب الجدار خلفه ونهض إليه شهاب بسرعة):- بئسا لي بئسااااا ..
شهاب(أحاطه من كتفه):- مهلا يا عمي لا تفعل بنفسك هكذاا ، تت هديل هيا لنودعكِ يا صغيرتي لا تشغلي بالكِ كل الأمور ستكون بخير
هديل(بقلق):- لا أدري كيف سأذهب وأنتم على ذا الحال ..
فؤاد(زفر عميقا وتوجه إليها قبل جبينها ومسح على وجهها):- كوني بخير عزيزتي ، رافقتكِ السلامة
هديل(عانقته):- شكرا عمو فؤاد وأرجو أن تكون بخير أيضا ..
وائل(استقبل حضنها):- هيا لا تطيلي اهتمي بدراستكِ أنتِ على أبواب التخرج ، نتحدث هاتفيا بعد وصولك
هديل:- شفاك الله أخي
شهاب(نظر لرستم الذي دخل عليهم):- إلى اللقاء هديل كوني مهذبة ولا تعبثي همم
هديل:- همم ماشي يا شيهوب ، يلا سلام الله عليكم ..
ودعوها وانسحبت رفقة رستم الذي أخذ الحقائب وخرجا من هناك ، لحظتها أقفل شهاب الباب ونظر لفؤاد الذي جلس مقابل وائل على الكرسي باستسلام وتعب ، وعليه قفز شهاب قفزة وجلس قرب ابن عمه للاستماع للقصة
شهاب:- أظن أنك ستشاركنا بسرك صح عمو ؟
وائل:- فهمنا أن الأمر متعلق بك وبنور لكن لم نفهم ما دخل جدي
فؤاد(فتح زر قميصه العلوي):- قصة طويلة مع الأسف ، راحت نور ضحيتها وضاع قلبي في سبيلها .. تبا لي تبااااا لغبائي ، يا أولاد أريدكما ألا تخطئا نفس خطئي السابق تمسكا بحبيبتيكما ولا تجعلا سم ذلك الرجل يطال عشقكما فهو لا يضمر خيرا ، هو يكره الأحبة ويفرق ما بينهم بحجج واهية كالثأر واللعنات والعداوة بين العائلتين
شهاب:- هل فرقك عن نور الراجي سابقا ، هل كنت تعرفها حقا ؟
فؤاد(بحزن):- انهيارها يوم أمس كان بسبب هذا الموضوع ، ما سأحكيه لكما قصة مرت عليها سنوات عدة وما يزال تأثيرها سائرا على قلوبنا ليومنا هذاااا
شهاب:- ونحن ننصت كلنا آذان صاغية ..
وائل(باهتمام وحزن على عمه):- نسمعك يا عمي .. نسمعك

طوال الطريق وهي تنفث بشرر متطاير من أنفها ، تحاول أن تستجمع ضيقها الذي يسببه الكائن الذي يجلس جوارها والذي حتم أمره أن يتمما بقية الطريق بصمت ، لا موسيقى ولا حتى تنهيدة كله سكون في سكون لا يسمع منه سوى صوت عجلات السيارة وزقزقة العصافير ، جذبت شعرها لتجمعه في جنب وهي تطل برأسها من النافذة لعلها تنتفع بذلك الهواء قليلا .
ميار(انزعج من حركتها):- هل أنتِ طفلة ، أدخلي رأسكِ ميرنا وبلا طيش
ميرنا(سحبته أكثر للخارج وهي تمد يديها معا في الفراغ):- ….لارد
ميار(أغمض عينيه وفتحهما):- إنكِ مشكلة ناطقة بالأعصاب المفرطة ، ميرنا ميرنا أنا أكلمكِ اجلسي بثبات المكان خطر هنا
ميرنا(بتأفف دخلت وعدلت جلستها قليلا):- أنت مزعج ، طيب افتح الزجاج في الأعلى
ميار(بحزم):- لا أريد
ميرنا(رفعت عينيها لنافذة سقف السيارة):- افتحه قليلا أشعر بالاختناق
ميار:- اختناق ماذا كل النوافذ مفتوحة ، أنتِ فقط من يتدلل
ميرنا(وضعت يدها على صدرها):- أنا لا أمزح صدقا أستشعر ضيقا غريبا ، سأفتحها قليلا فقط وأشم بعض الهواء وأجلس بعدها
ميار(ضغط على الزر وفتحها لها):- دقيقة ..
ميرنا(أزالت حزام السلامة بحماس ووقفت لتخرج رأسها من هناك):- ياااااااااه إنه شعور رائع واووو يا لجمال هذه المناظر ، لو كانت معي خالتي مديحة لجلست تحمد الله على نعمته هذه اشتقت لها
ميار(تحت أسنانه):- أنتِ اشتاقي للشعب كله ، إلا العبد لله
ميرنا(رفعت يديها عاليا وهي تتحرك بفرح خارج السيارة مستقبلة ذلك الهواء العليل):- هه ماذا تقول يا هذااا ، أنا لا أسمعك
ميار(ضحك من جنونها وهو يخفف من سرعته كي لا تتأذى):- أقول استمتعي يا ميرنا
ميرنا:- أصمت ودعني أستمتع بهذه المناظر الخلابة وهذه الشمس المشرقة وهذا النسيم الجميل ، يا الله لا ترحم ولا تترك رحمة الله تنزل
ميار(مسح على جبينه وهو يحرك رأسه بامتعاض):- لعنة لعنة وصبَّت على رأسي ..
ميرنا(أغلقت عينيها وهي تستمتع حقا بما تعايشه):- أشعر بأن أنفاسي تتجدد يااااه كم كنت بحاجة لهذااااا ، يا إلهي ما أروعه من شعور فقط لو أنسى مع من أنا لارتحت أكثر ههه
نظر إليها بخفة ورمق شعرها المتطاير خلفها بفعل الرياح كان مشعا مثل وجهها النضر في ذلك الجو ، حقا قد أكملت جمال المنظر بصفائها وحالتها المستريحة ، هو يشعر بها مرتاحة وأرجح أن السر كامن في ليلة أمس لذلك ابتسم وهو يتنفس بطمأنينة فلم يتبقى إلا القليل حتى يترسخ بين زوايا فكرها وهذا ما يطمح إليه ..
ميار(بعد عدة دقائق):- يكفي يا ميرنا انزلي الآن ..
ميرنا:- لماذا أنزل لكي تضيق أنفاسي بصحبتك ، أقله أشعر هنا بحريتي ..
ميار(كان ليرد عليها لولا أنه فتح عينيه على وسعهما وهو ينظر أمامه لحين ضاقت أنفاسه هلعا):- ميرنا ميرنا انزلي فورااااا ، ميرناااااااااا انزلي
ميرنا(لم تسمعه فقد كانت تغوص وسط أحلامها مغمضة العينين):- فافافاف دعني وشأني
ميار(نظر خلفه وأمامه وأغمض عينيه ومد يده جذبها بقوة حتى سقطت بحجره):- ميرنا
ميرنا(نظرت لنفسها بحضنه وهو يقود):- ما الذي تفعله بحق السماااااء ؟؟؟؟؟
ميار(نظر إليها بلوعة وهو يلتفت يمينا ويسارا):- ميرنا سأخبركِ بما يحصل لكن لا تجزعي سوف تكونين هادئة وسنجتاز هذا المطب ، هنالك سيارتين تلاحقاننا من الأمام ومن الخلف .. ستأخذين محلي هنا وسأتخلص منهم اتفقنا سنكوِّن فريقا هل فهمتِ ؟
ميرنا(ضحكت وهي تنظر إليه):- لما تفعل هذا هل تحسبني غبية كي أصدق كذبتك ، قل أنك تريدني في حضنك وانتهى الأمر …هئئئ رصاص يا إلهي
ميار(دفعها لصدره بخوف وهو ينظر للمرآة الجانبية التي أصيبت بطلق ناري):- افتحي عينيكِ وركزي معي ، إن لم نتعاون لن نسلم سأنقذكِ ولن يصيبكِ شيء …
ميرنا(بفزع):- من هؤلاء وماذا يريدووووون منا ؟
ميار(هز كتفيه وهو يراوغ في الطريق):- صدقيني سلطانتي لو كان بيدي لشرحت لكِ على رمل الشاطئ هويتهم ، لكننا في مأزق حقا نحن في وضع لا يسمح بأي نقاشات .. ارجعي للخلف وأحضري الحقيبة بسرعة وأبقي رأسكِ منخفضا
ميرنا:- وماذا تريد من ثيابك ؟
ميار:- أستغفر الله العظيم ، هاتِ يا ميرنا وكفي عن الإزعاااااج
ميرنا(انتفضت من صراخه ودمعت عيناها وهي تنظر إليه بلوم):- لا تصرخ بوجهي
ميار(أصابت رصاصة جانب الباب):- لم أصرخ فقط استمعي لي ، أعطني الحقيبة بسرعة
تحركت بهدوء وهي تخفض رأسها خشية أن تصاب بأي رصاصة طائشة ، طبعا هما في مأزق حقيقي ولا يتحمل اللعب أمسك بهاتفه بسرعة واتصل برجاله ليأتوا لعين المكان ، فقد كان قريبا من عرينه ب20 دقيقة تقريبا وتأكد أنهم رجال غضنفر ، كانوا هناك بانتظار ظهوره للتخلص منه لكن تت تشوش عقله لحظتها فلقد انهمر الرصاص عليهم كالمطر ، بينما كان يحاول صد تلك الرصاصات بتحركه الغير مستقر في الطريق .. أعطته ميرنا الحقيبة ونزلت حسب أوامره لتختبئ خلف كرسيها ..
ميار(فتح الحقيبة وهو ينتقل بعينيه منها إلى الطريق):- ساعديني قليلا يا ميرنا ، أخرجي خزان الرصاص من جيب السيارة هيا
ميرنا(فتحت عينيها وهي ترى المسدسات المختلفة أنواعها التي أخرجها من حقيبته):- وأنا كالحمقاء اعتقدت أنك تجمع ثيابا هنا ، لكن يتضح أنك كنت تخفي مستودع أسلحة تحتها
ميار(أخذ مسدسه المعتاد ذو 21 طلقة):- تحسبا لطارئ مثل هذا غاليتي ميرنا ، والآن كفي عن الثرثرة وافتحي جيب السيارة ، أعدكِ سأستمع إلى فلسفتكِ حين نفرغ من هذه المداهمة
ميرنا(بقلق):- هل سيقتلوننا ؟
ميار(التقط منها الخزان ووضعه بمسدسه):- ليس وأنا موجود .. استمعي إلي جيدا ستأخذين محلي لدقائق معدودة فقط ضعي رجلكِ بالدواسة ولا تتوقفي حتى أخبركِ بذلك
ميرنا(بهلع):- ماذا ماذااااا … أخبرتكم أنني لا أقود السيارة لما لا تستوعبون ؟
ميار(يفضل أن ألاعبها بطريقتي لترضخ لأوامري هذه المجنونة):- أجِّلي نزعة رعبكِ الآن ، أنا لا أطلب منكِ أن تقوديها فقط أمسكي المقود قليلا وحافظي على وتيرة سيرنا هذا كله .. هيا 1 2 3 …
ترك المقود بحرية ونهض بعد أن أزال حزام السلامة ووقف وسط السيارة مخرجا رأسه من النافذة بمسدسيه وأخذ يطلق النار على السيارتين البعيدتين قليلا من الأمام ومن الخلف ، هنا ميرنا نظرت للسيارة التي كانت تقود نفسها وانكمشت برعب محلها
ميرنا(أمسكت برأسها):- اهئ أنا لا أقود أخبرتكم أخبرتكم لما لا تتركونني وشأني ..
ميار(صرخ فيها صادحا بنفاذ صبر):- ميرناااا ميرنااا لما أشعر وكأن السيارة تتجه صوب الجرف ؟؟؟؟؟
ميرنا(انتبهت للجرف):- هئئئ ميااااااار سنسقط سنسقط ..
ميار:- افعلي ما أمرتكِ به وستنقذيننا هيا ميرنا تحركي ، اجلسي محلي وكفي عن الدلال
ميرنا(انتفضت من صراخه مجددا):- قلت لك لا تصرخ بوجهييييييييييييي أيها الأحمق
ميار(يصوب نحوهم ويحتمي كي لا يصاب من طلقهم الناري):- سأحاسبكِ يا ميرنا على ألفاظكِ المشينة لكن ما إن نفرغ من هذا ..
ميرنا(نظرت للأمور المحتدمة حولها وشعرت بالرعب وتحركت ببطء وجلست محله):- لن أستطيع والله أعرف نفسي ..
ميار(أخفض رأسه ونظر للأمام):- ميرنا المقود المقود بسرعة سنصطدم بالشجرة وسنسقط هيا تصرفي الآآآآآآآآن ….
أغمضت عينيها وأمسكت بالمقود ووضعت رجلها على الدواسة وحركت عيناها بوهن ، كانت ترتجف وهي تحاول تثبيت يدها وقدمها على ما يلزم ، شعور بالجزع صاحبها لحظتها لكن حين حركت السيارة مبتعدة عن تلك الشجرة التي كادت تصطدم بها فعلا شعرت بشيء يوخز قلبها هنا التفت إليها بنظرة دافئة حين غير خزان المسدس الفارغ ..
ميار(انخفض وهو يراقب السيارة التي تقدمت سريعا لتسير بجوارهما):- ميرنا ما سنكابده الآن أصعب ، رجاء حافظي على توازن السيارة ولا تتسببي بقتلنا
ميرنا(بصراخ):- لا تأمرني يا هذا وإلا تركت كل شيء ، ثم السيارة التي تتوجه صوبنا ماذا سنفعل بها ؟
ميار(نظر لميرنا بتلاعب):- سنجعلها تعانق أختها ..
لم تفهم منه شيئا والأدهى أنه داهمها بحركة لم تكن في حسبانها بالمرة ، دفع الكرسي الخاص بها للخلف قليلا وجلس على مقدمته بينما أجبرها لتفتح قدميها كي يتسنى للسيد أخذ راحته .. كان تقريبا بحضنها وهو يصوب من نافذتها ناحية عجلات السيارة التي كادت تصل إليهما ، والتي حطمت كل النوافذ برصاصها المنهال عليهما ، لكن من يركز فقد كانت مشدوهة بخشونة هذا الشخص الذي تحول من إنسان لطيف حنون غير مقبول طبعا إلى آخر متوحش يسب بكلمات بذيئة ما يليق وما لا يليق ، الرصاص المنبعث من مسدساته قتل العديد من أولئك الرجال ولم يتبقى منهم إلا ثلة تحاول القصاص منهم بإصرار ولكن هل سيسمح ؟؟
ميار(بصرامة وغيظ):- خذ أيها النذل السافل .. وأنت أيضا ..
ميرنا(عضت شفتيها وهي تطل من تحت كتفه على الطريق وتحاول أن تقوم بمهمتها على أكمل وجه):- يا الله متى ينتهي هذا الكابوس ..
تنهد من تأفف ميرنا ، رمق السيارة الثانية وقد تراجعت للخلف بفعل الإطارات التي انفجرت ، وانتبه للسيارة التي كانت قادمة من الأمام والتي انحرفت لتلاحقهم بدورها .. هنا ملأ خزان مسدسه مجددا ومسح على شعر ميرنا التي فتحت فمها فيه
ميار(مسح دمعتها):- يا شجاعة أنتِ تنقذيننا لم يتبقى إلا القليل همم ، تحملي
ميرنا(نظرت للطريق وانتقلت لتحدق في عينيه المبتسمتين):- وكأنك سعيد بوضعنا هذا سيد ميار ، أم أنه يتهيأ لي ؟
ميار:- هه طالما قلتِ هذا ، إذن سأعتبر أنكِ تجاوزتِ الصدمة .. هيا عزيزتي وصلنا للمرحلة الأهم حين آمركِ أن تضغطي على الفرامل اضغطي بقوة تمام ؟؟؟ انتظري إشارتي
ميرنا(وهي تشتم تحت أسنانها وتنظر إليه وهو يصوب مجددا ناحيتهم):- الله يلعن هكذا ظروف يا إلهي عطره يخنقني أكثر من الوضع المعاش ، ما هذا صدره في أنفي تماما و احم اخرسي يا أفكاري نحن في وضع لا يستحب هذا الجنون .. يا إلهي أنقذنا
انتفضت حين صرخ فيها بعصبية أن تضغط على الفرامل ، وفعلا ضغطت وهي تغمض عينيها لحين توقفت سيارتهم وهنا أسقط وابل غضبه عليهم ولم يرحمهم صوَّب تجاههم إلى أن توقفت السيارة التي كانت مقتربة منهم بعد أن قتل كل رجالها ، وبقيت سيارة أخيرة تلاحقهم بعجلتين فارغتين من الهواء صوَّب ناحية سائقها لرأسه مباشرة وتوقف مجبرا بعد أن فارق الحياة ، هنا تنهد بعمق وهو يلهث ونظر إليها وهي أمامه مغمضة العينين ترتجف بشكل شهي جعله يضع مسدسه جانبا ويحضنها بهدوووء .. فتحت عينيها بصدره وهي تشعر بدفئه يحيطها لكي يمتص خوفها ورعبها من كل ذلك الأكشن الذي عايشاه للتو ..
ميرنا(رفعت رأسها إليه):- … هل هل انتهى كل شيء الآن ؟
ميار(قبل جبينها بمودة وابتسم):- أهاه انتهى كل شيء .. اهدئي نحن بخير ..
ميرنا(نظرت حولها ورمشت وشعور الاختناق قد ساورها مجددا):- أنا … أنا ..أ… افتح الباب افتح فوراااا افتح أنا أختنق … اهئ اهئ افتح الباب أريد أن أخرج هيااااا افتحها أرجوك
ميار(جزع لحالها وعلم أنها بداية نوبة ذعر لذلك جاراها):- تمام تمام سأفتحها ، ميرنا أنظري معي لقد انتهى كل شيء انتهى هااااه
ميرنا(رفعت يديها وهي تنظر للمقود والفرامل والدواسة):- لقد قدتها ..أنت أنت فعلت بي هذا أنت جعلتني أقوم بهذا لماذا لماذاااااااا اهئ
ميار(فتح الباب ووضع المسدس بخصره وخرج قبلها):- اسمعيني ميرنا ما أنجزته أمر جيد ، لقد ساهمت في بقائنا على قيد الحياة يعني حققتِ إنجازا عظيما
ميرنا(خرجت رفقته وهي تمسك على صدرها وتتنهد بقوة وعيونها الدامعة ترمش بغبن):- اففف اففف قلبي يضيق علي ، هل نحن قتلنا كل هؤلاء ؟؟؟
ميار:- هم من جنوا على أنفسهم ثم ذلك المجرم هو من حكم عليم بالموت ، لو لم نقتلهم لقتلونا فكري بهذا المنطق كي لا تتعبي
ميرنا(نظرت إليهم وهي تخفي عينيها بحزن):- هذه نظريتك لأنك متعود على القتل والتدمير فبالنهاية أنت لست معصوما من الخطايا ، لكن أنا اهئ هذه أول مرة يحدث لي هذاا بسببك أنت جعلتني أعيش أسوأ شيء في حياتي ، لقد جعلتني أغمس يديَّ في الدم
ميار(وضع يده على خصره وهو يتأفف وتركها تسير الهوينا بعيدا قليلا عن السيارة):- يكون أفضل لو تتعوَّدي على حياة ميار نجيب المليئة بالدراما والأكشن ، المهم لا تبتعدي سأرى هنا قليلا
لم توليه اهتماما بل كتفت يديها وهي تشهق وتزفر بصعوبة ، تنظر لأولئك الموتى بعيون مغرورقة بالدموع ، لقد عايشت موقفا صعبا مؤلما للحقيقة ودت لو أنها فتحت عينيها ووجدت نفسها ما تزال واقفة بسيارته تستقبل نسائم الهواء ، لكن مع الأسف لم تحصل على ما تمنته بل حصدت عدة هموم ستثقل كاهلها بدءا من تلك اللحظة .. هنا رجع هو لتفقد أولئك الرجال وجدهم قد فارقوا الحياة وأخرج من جيب أحدهم الهاتف الذي كان يرن وأجاب عليه وللصدمة كان الصوت مألوفاااااا جداا
رشيد:- أين وصلتم هل تخلصتم منه أم ليس بعد ؟؟؟؟
ميار(ارتجت الدنيا من حوله وهو يستمع له):- …لارد
رشيد:- ألووو أيها الكلب أجب على سيدك نريد أن نزف الخبر سريعا ، هل قضيتم عليه ؟ ألو ألوووو ألووووو ..
أقفل ميار الهاتف وهو يرمش بعينيه قهرا ، قد اتضح الآن من هو الخائن إذن سيقتله دون رحمة .. مسح على فكه بغضب وهو يلتفت ليتفقدها لكن لم يجدها حيث تركها أين ذهبت ، ركض باتجاه الجرف لكن ليست بموجودة هدأ من روعه قبل أن يفقد أعصابه وسمع بكاءها المنتحب بعد برهة واطمئن وهو يسير بخطوات بطيئة خلف الأشجار ليجدها متقوقعة حول نفسها جالسة على الأرض وتبكي ، كان منظرها مؤلما حين انحنى أرضا قربها وحاول تهدئتها لو أمكن لكنها ظلت تغمض عينيها وتضع يدها على أذنيها كي لا تستذكر أيا مما حصل ..
ميار؛:- ميرنا كفي عن عقاب نفسك لقد كتب علينا أن نعايش مثل هذا الحدث ، هيا رجاء لا تطيلي في التأثر والتفكير بالمنطق لأن حياتنا هكذا كلها دم وانتقام وما رأيته نقطة من بحر ما عايشته أنا وحكيم سابقا
ميرنا(فتحت عينيها وهي تناظره):- ليتني ما أتيت معك ولا رافقتك
ميار(تنهد بتعب ونهض وهو يمد يده لها):- دعينا نغادر المكان ، هيا
ميرنا:- حياتكم مريعة وأنا لا أريد أن أعيش هذا الرعب الدائم
ميار(استوقفها أمامه وأشعة الشمس الساطعة كانت تبرق على وجهها الباكي):- دموعكِ هذه عندي غالية ، فتوقفي عن البكاء لأجل نفسك
ميرنا(مسحت دمعها ونظرت للجبال حولها بغمغمة وجع):- احتراق الروح ، يستملك ألما يعتصر الفؤاد وقلبي الآن يؤلمني كأن أحدا يطعنني مرارا وتكرارا دون رحمة
ميار(مد يده ليمسح على شعرها لكن جمع قبضة يده ونظر خلفه):- لنرحل
ميرنا:- وماذا عن هؤلاء ؟
ميار:- طبعا هم يملكون صاحبا وأنا لست نذلا لهذه الدرجة ، سأدع رجالي يعيدونهم لمنبتهم كي يتم دفنهم حسب الأصول
ميرنا:- من الذي حاول اغتيالك ؟
ميار(زفر عميقا):- إنه هو ، ذلك العدو المشترك الذي يحاول التخلص منا جميعا
ميرنا(بكره):- أي الفهد البري الأصلي صح ؟
ميار(حرك رأسه لها وتقدَّمها):- تعالي معي ..
لحقته بخطوات مثقلة نحو سيارته ، وهي تحاول أن تتهرب بعينيها عن تلك المناظر الدامية أمامها فكلها تصيبها بالغثيان وتجعل قلبها يقارب من الانفجار ، فذلك كان أقسى عليها ولن تستطيع نسيانه بسهولة .. أغلقت عينيها وهي تتقدم بجهد جهيد إلى أن اصطدمت به حين توقف عن المسير واستدار إليها ..
ميار(بنبرة حادة):- اركبي بالسيارة
ميرنا(بقلق ارتعشت):- ماذا هناك ؟؟؟؟
ميار(ابتلع ريقه وجذبها سريعا خلفه):- هنالك رجل منهم مفقود … ادخلي للسيارة وأغلقي على نفسكِ الأبواب تمام
ميرنا(برعب نظرت حولها):- وأنت ؟؟
ميار(أغمض عينيه وهو يخرج مسدسه من خصره بهدوء):- لا تكثري كلاما يا ميرنا ، بروية اركبي فوراااا
ميرنا(ابتلعت ريقها وفتحت الباب):- كن حذرا
ميار(رفع بصره بنظرة طفيفة إليها قبل أن يصوب مسدسه حوله للمجهول):- انتبهي ..
انطلق باحثا عن ذلك الرجل المفقود والذي كان دمه نازفا يظهر كبقع متناثرة على الأرض بشكل متباعد ، كان يلحق بآثاره بحذر تام ، وبين الفينة والأخرى يستدير خلفه للسيارة كي يطمئن على ميرنا التي كانت تلاحقه بعينيها ، نظرت للمسدسات بالحقيبة وابتلعت ريقها هي في وضع حساس وخطير لا يجب عليها الخوف الآن بل عليها الكفاح لأجل حماية نفسها وحماية آخر شخص كانت تتوقع حمايته ذات يوم ..لحظتها طردت أفكارها عن ماهيته ووضعت خزان الرصاص بأحد المسدسات وجهزته في وضع الإطلاق ونظرت حولها وهي تزفر عميقا حين توارى ميار بعيدا عن أنظارها هناك خلف الأشجار ، سحبت نفسا عميقا فهي تعلم أن خطوتها تلك لن تكون صائبة وقد تنال توبيخا جادا حيالها ، لكن هنالك إحساس في داخلها أجبرها على اللحاق به تحت أي ظرف كان .. خرجت ببطء من السيارة وأغلقت الباب خلفها بهدوء كي لا يصدر صوتا مرتفعا يتسبب بفضح أمرها ، اتخذت نفس الطريق الذي اتخذه ميار وأخذت تنظر حولها وتراقب أي حركة بحذر تام ، خصوصا حين رمقت الجثث المبعثرة هناك أصابها مغص ببطنها لكن ارتأت ألا تعطي الفرصة لعقلها كي يصور لها أمورا تثير الغثيان أكثر بل حددت غاية واضحة وهي ملاحقة ميار .. استمرت في التقدم وهي تعلم أن فكرتها الطائشة تلك ليست صائبة لكن يلا هي ميرنا امرأة المفاجآت الخارقة يعني أينما كان هنالك خطر فهي ترمي بنفسها فيه وها هي ذي بين يديه حتى …
الرجل(ممسك على جانبه الدامي حيث كان مصابا وموجها مسدسه لرأسها):- ولا حركة ..
ميرنا(أخفضت المسدس بهدوء كي تخفيه عنه والتفتت):- أنت .. سلم نفسك وإلا ستقع في مشكلة كبيرة ، يعني أتحدث لمصلحتك لدي معارف محامين سيترافعون عنك وتأخذ عدة أشهر سجنا وبعدها تحظى بحريتك ، هاه ما رأيك ؟
الرجل(ضحك بألم):- ههه هه هل أنتِ حمقااااااء ؟؟؟؟
ميرنا(ابتلعت ريقها بتوتر وهي تنظر حولها ، أين اختفى السبع الذي يظل يتفاخر علي بقوته ، هاه حين وصلنا لعينها تبخر هيا ميرنا إنها قراراتكِ الغبية تحملي):- اسمعني يا أخ يعني ..
الرجل(بصرامة):- ارمي سلاحكِ يا قذرة هنا ستموتين
ميرنا(أشارت له بإصبعها):- لاحظ أنك تشتمني وأنا أحاول أن أجد حل وسط بيننا
الرجل(فز عينيه):- ارمي السلاح حااااالا ..
ميرنا(ارتعشت من صراخه وأخرجت السلاح من تحت سترتها):- تمام بدون عصبية يعني أنت مصاب الآن ، وحسب معرفتي أن النزيف يتضاعف مع تضخم الأعصاب لذا رفقا بحالك
الرجل(رمقها وهي ترميه عند قدميها):- هيا ارفعي يديكِ للسماء ، واتْلِي الشهادتين !
ميرنا(رفعت يديها مع حاجبها وقد غالبها البكاء من فرط الغبن):- والله ، هل أذنك تسمع ما ينطقه فمك المعقوف هناك ، لعلمك أنا لست خائفة من الموت لقد عايشته قبلك مرات عديدة ونجوت في كل مرة ، يعني احم تم إنقاذي
الرجل:- يوووه كفي عن التكلم ماذاااا هل أنتِ مغفلة حتى تعتقدي أنكِ ستنجين من قبضتي ، طالما لم يتم قتل الهدف سنقتل رفيقته أظن أن هذا سيكون نجاحا بارزا أليس كذلك ؟
ميرنا(بتفكير ملي):- يعني حسبما يعتقد مفهومي المتواضع ، إن فكرتك خاطئة جدا يا سيد ، يعني بما أنك أتيت لقتل هدف معين لا يجدر بك التصرف من عقلك ما ربما قمت بخطأ ستعاقب عليه
الرجل(أخذ يفكر في كلامها):- يعني لما العجلة ، نتصل ونأخذ موافقتهم
ميرنا(فركت يديها):- يا ويلي هذا ما لم أفكر به …
الرجل(أخرج هاتفه وقبل أن يضعه على أذنه انطلقت رصاصة أسقطت الهاتف من يده):- هئ
ميرنا(جزعت وهي تنظر للهاتف أرضا ونظرت خلفها وكان هناك متكئا على جذع الشجرة ببرودة تامة):- ميااااار
ميار(لوح لها بدعابة):- مرحبا ..
الرجل(حرك مسدسه وصوبه ناحيته برعب منه):- يا إلهي أ.. سأقتلكما معا الآن
ميار(تنهد عميقا وهو يزفر بملل وتوجه ناحيتها بجرأة وضع يده على بطنها ودفعها إليه للخلف حتى ارتطمت بصدره وهمس من بين خصلات شعرها وهو يشمها بنهم وكأنها إكسير الحياة بالنسبة له):- ياااا للأسف صدقا كنت قد بدأت أستمتع بمحاولة سلطانتي معك ، يعني أن تتوب وتصبح إنسانا صالحا وأيضا وعدتك أن تجعل فريق المحاماة الشهير يترافعون عنك ويخرجونك من بين قضبان السجن ، أووه كل هذا كان ممتعا يا ميرنا لكنكِ غفلتِ عن شيء مهم .. في حياتنا لا يوجد هنالك قانون يسمى السجن فنحن من يحقق عدالتنا بأنفسنا إما بالموت أو الحياة ، وهناااااا (صوب مسدسه ناحية الرجل الذي كان يستمع بغباء لحظتها لكن في اللحظة الموالية استعمل لغة الغدر حين رفع سلاحه ليستغل فرصة حديث ميار ويقتلهما لكن هذا الأخير كان سريع البديهة وسبقه برصاصة استقرت في نصف رأسه جعلته يسقط جثة هامدة) .. كما رأيتِ هنا يا حلوتي إن لم تتصرفي قُتلتِ وضاعت قضيتكِ هباء منثورا …
ميرنا(بارتجاف نظرت للرجل وهي تشير بعدم تصديق):- لقد قتَلتَه للتو ؟؟؟؟
ميار(نفخ في المسدس وأعاده لجيبه):- أجل
ميرنا(انحبس الهواء في جوفها):- قتلته ببرودة حرام عليك
ميار:- يعني كنت سأتحسر على ذكائكِ الخارق صدقا لو أصابكِ مكروه
ميرنا(وضعت يديها على فمها):- يا إلهي لقد ثقبت جبينه لقد فجرت رأسه لقد …
ميار(اقترب منها):- بدأت أشك بأنكِ أردتِ رؤيتي مرميا على الأرض بدلا عنه
ميرنا(وضعت خصلات شعرها خلف أذنها وعيناها الجاحظتين مشدوهتين في الجثة):- لم أقصد ولكن هل سنتركه هكذاااا ببساطة ؟
ميار:- أوه عيب علي كيف نسيت ذلك ..
نظر من حوله وانتبه لوردة برية قرب العشب اقتلعها ووضعها على صدر الرجل الميت ، طبطب عليه ورفع يديه ليتلو الفاتحة على روحه وما إن فرغ منها التفت إليها
ميار:- هيا أرقد بسلام …
ميرنا(رمشت بعدم تصديق):- كأنك تمزح معي
ميار:- يا الله كأنكِ تطيلين هنا … تعالي إن لم أفعل هذا لن تصمتي
وضع يده خلف عنقها مجبرا إياها على الثبات ، وضغط على عظمتيْ عمودها الفقري وهنا شعرت بالدوااااار وهي تتشبث بقميصه
ميار:- أممم أوك أتوقع أنكِ ستفقدين وعيكِ بعد ثلاث ثوان ، هيا 1 2
ميرنا(أغمضت عينيها وهي تنتفض باختناق مما فعله بها):- لا مي.. مياااااار ..
ميار(أمسكها بين يديه بعد أن أغمي عليها):- 3 .. ههه في وقته تمام
عاد بها للسيارة وهو يحملها بين يديه إنها هشة ورقيقة حد الضعف الذي يجعله يستلذ كل دقيقة تمر من حياته معها ، اختفت بسمته حين رمق سيارات رجاله وقد وصلت وطوقت المكان ، طبعا دوما ما يأتون متأخرا لم يبالي بهم قبل وضعه لميرنا بسيارته في الخلف وبعدها عاد إليهم ليعطيهم أوامره اللازمة ..
ميار:- ما حدث هنا سيبقى هنا .. أريدكم أن تقوموا بدفن الجثث بشكل نظيف وكما جرتِ الأصول ، تخلصوا أيضا من السيارات ومن الهواتف والهويات وكأنهم لم يخلقوا أبدا مفهوووم ، وأهم نقطة في هذا الأمر ألا يسمع أحد به إن حدث وانتشر الخبر اعتبروا بأنني قد قطعت لكم تذكرة سفر للآخرة إن شاء الله ..
اهتز رجاله رعبا من تهديده وأومئوا له بالإيجاب ، وانتشروا لكي يغطوا ما حدث هناك بينما هو ركب سيارته وانطلق بميرنا صوب عرينه أخيراااا ، نظر إليها من مرآته برغم وهنها في بعض الأوقات إلا أنها تخفي وراءه قوة امرأة رهيبة لم تخلق من قبل ، وافترض أنها وسط عالمهم الذي ولجته مؤخرا أكيد ستزيل غشاء الضعف من عليها وتتقنع بقناع الصلابة والقوة الذي تتسم به لكنها لم تكتشفه حتى الآن .. المهم لما العجلة أمامهم أوقات ياما لاكتشاف ذلك على أقل من مهلهم ، وصل أخيرا لعرينه ومذ أن دخل من بابه الحديدي حتى تضخم صدره بالحنين والارتياح فذلك بيته الذي يشعر فيه بالحياة .. وجد رجاله مصطفين على جنب بينما الطبيب البيطري يقف بمحاذاتهم ، رمق ميرنا المغمى عليها وتركها بالسيارة لكي يفهم منهم ما الذي حدث مع صولي ..
ميار:- احرسوا الباب أنتم ، وإياكم أن يدخل أي مخلوق من هناك أيا كان يكون بدون علمي ، ولو كانت حتى أمي كهرمانة مفهوم ..
أجابه الرجال بالسمع والطاعة وانطلقوا صوب الباب لكي يزيدوا من أمن المكان ، بينما هو أشار برأسه للطبيب كي يرافقه للحديقة حيث توجد نموره الحبيبة وأكثرها شوقا لقلبه كان الشبل الصغير ..
ميار:- ماذا به ؟
الطبيب:- لقد افتقدك ..
ميار(أشفق عليه):- أتتكلم جديا ؟
الطبيب:- هذا تحليلي المنطقي لحالته الصحية لقد رفض تناول أي شيء ، أرجحت ذلك في البداية لتقلبات الجو وظننت أن الموضوع مقتصر على هذا فقط
ميار:- صدقا حتى أنا افتقدته
الطبيب:- إنه يكبر لذلك صار لزاما علينا تغيير قائمة طعامه
ميار(بلهفة اتجه للقفص):- تمام نتناقش حيال الموضوع لاحقا ، دعني معه الآن صولي .. ها قد جئت يا روحي .. افتح القفص له
يعني العلاقة بين الحيوانات وأصحابها أحيانا قد تصل لموضع حساس جدا ، فمثلا حين يغيب الصاحب عن الحيوان تتضاعف أنة الاشتياق بالنسبة له ويشعر بالوحدة والافتقاد لروح مالكه الحبيب ، هنا تتدهور حالة الحيوان دون أن يتم فهم مأساته العميقة ألا وهي الرغبة في رؤية وشم رائحة الشخص الذي تعود عليه … وهنا كانت علاقة ميار بذلك الشبل مختلفة عن أمه وأبيه حتى فبمجرد أن فتح القفص خرج الشبل ركضا متجها صوب ميار وانقض على صدره وهو يحرك رأسه يمينا ويسارا لحين أجبر ميار على الجلوس أرضا وحتى النوم على العشب لكي يأخذ صولي راحته ، كان يركب فوقه وهو يضع يديه على كتفي ميار الذي احتضنه وعانقه وهو يضحك بحنان ، شكل مؤثر جدا جعلها تبكي فجأة من حرارة المشهد فلم تعتقد أبدا أن هنالك حيوانا سيخلص لذلك الشخص الذي ما زالت تضعه في قفص الاتهام .. مذ أن استفاقت وفتحت عينيها عرفت أنها في عرين الفهد بمجرد أن لمحت تماثيل الأسود المنتشرة بكل مكان هناك ، خرجت من السيارة ونظرت لرجاله الجاثمين في كل زاوية ، وسألت أحدهم عن مكان ميار فدلها على الحديقة وعليه توجهت لتلتقي بمشهد لم تتوقع بتاتا رؤيته قد بدت سعادة ميار جلية أمامها حين عانق ذلك الشبل وهذا بدوره عبر بطريقته وبديهته عن اشتياقه لميار الذي كان يرميه جانبا فيعود ويركض إلى حضنه بينما هو يحاول الهرب منه يلتصق به صولي إلى أن حمله بين ذراعيه وأخذ يلاعب شعره بحب ..
الطبيب(لمح ميرنا وانسحب):- عن إذنك سيد ميار سأجهز حقنة الصغير اليومية
ميار(رفع صولي للسماء وأخفضه مجددا لحضنه):- تفضل ..
رفع عينيه المبتسمة بإشراقة حين هلت من خلفه بعطرها الذي لا يخفى عنه ، استغل وجودها وانحنى برأسه للشبل مشيرا إليها
ميار:- صولي أعرفك بميرنا ..
ميرنا(نظرت للشبل الجميل جدا جداااا):- اسمه غريب جداا
ميار(اختفت بسمته):- هل هذا ما علقتِ لأجله ؟
ميرنا(نظرت للنمور الكثيرة الموجودة بالأقفاص هناك وارتعشت):- أنت متعود لذلك هل لي أن أدلف للداخل ؟
ميار(نظر بخيبة أمل لصولي الذي أنزله كي يلعب على سجيته):- اعتقدت أنكِ ستسرين لسلامة شبلي ، لقد ألِفني لذلك حين غبت عنه هذه الأيام شعر بالوحدة نعم صدقي فهنالك حيوانات أصدق وأوفى من البشر
ميرنا(شبكت يديها وهي تنظر للشبل يقفز من منطقة لأخرى):- جيد أنك تملك من يهتم بك لهذه الدرجة ، أقله لا تشعر بالوحدة لمَّا ينبذك الجميع
ميار(استوقفها قبل دخولها):- حتى أنتِ ؟
ميرنا(كتفت يديها وقد عادت تجابهه):- مهما فعلت لن أنظر إليك بالطريقة التي تنتظرها مني
ميار(لوا شفته بامتعاض وفرقع إصبعه لأحد رجاله):- بعد قليل أعيدوا صولي لقفصه ، تفضلي ميرنا أهلا بكِ في عريني
زفرت عميقا وهي تنظر إليه وقد سبقها للداخل ومن البوابة يظهر لنا أن ذلك المكان أشبه بقصور السبعينات العتيقة ، أهم ملاحظة يمكن التعليق عليها هو الهوس الهستيري بالفهود والأسود والأشبال قد كانت كل زاوية تحمل تمثالا لأحدهم ، وإن لم يكن هنالك تمثالا كانت هنالك لوحة فنية لهم ، حتى الأثاث كان بذات الرسومات أو بثوب مقتبس منهم … فتحت فاهها وهي تتأمل كل ذلك الهوس الغريب بذلك النوع من الحيوانات طيب يا عمي فهمنا أنك لست الفهد البري لكن مع قصر كهذا كله من فصيلته وعائلته وأولاد عمومته اسمح لي أن أقف وقفة إجلال لهذا الهراااااء ..
ميار(لمح ضحكها الغريب واستدار إليها):- وكأن جو العرين ناسبكِ ست ميرنا ، أرى ضحكتكِ قد اتسعت حتى شملت كل تقاسيم وجهك
ميرنا(هنا انفجرت بغبن وهي تتكئ على يدها وتحاول ضبط نفسها):- يعني لو دققنا سنجد تناقضا كبيرا في حياتك ميار بيك ، من جهة أنت مهووس بكل ما يقرب الأسد وذويه ومن جهة أخرى أنت تنفي تعلقك بالمجمل بقضيته .. يعني أحاول فهمك أكثر لأنك مبهم بشكل يجعلني غير قادرة على ضبط نفسي من الضحك
ميار(تأملها بهدوء قبل أن ينسحب من أمامها):- الغرفة فوق على اليسار يمكنكِ الاستقرار فيها ، أنا لدي عمل حاولي ألا تبعثري المكان ماشي وإن شعرتِ بالجوع ترين ذلك الدرج هناك إنه يؤدي إلى المطبخ بالأسفل اطبخي شيئا لتأكليه نحن لسنا هنا في فندق خمس نجوم كي تتعودي على الدلال .. آه ولا تحاولي اقتحام خلوتي سأكون بالمكتب لدي عمل .يمكنكِ الانصراف الآن
ميرنا(رفعت حاجبها بذهول فيه وفي هيأته وهو يبتعد فعلا نحو المكتب الذي فتحه من الوسط ودلفه وبعدها أغلقه بدون حياة):- حبا بالله هل هذا ملبوس أم مريض عقلي أم ماذا ؟؟؟ يا لغرابة أطواره وينعتني أنا بالجنون طيب هو ماذا آفة في الهبل أستغفر الله ..
تأففت بكره وهي تتفحص زوايا المكان شبرا شبرا ، والتفت حولها لم يكن هنالك وجود لخدم ولا حشم مثلما اعتقدت أو ربما هم موجودين لكنه أمرهم بالانسحاب طالما هي موجودة هناك ، لم تطل تفكيرا بل صعدت لفوق مستغلة الفرصة فطبعا ستفتش وتمحص وتدقق في كل زاوية طالما ذلك متاح أمامها على مصراعيه .. أما هو فمنذ أن جلس على مكتبه وبدأ التفكير في محاولة الاغتيال التي حصلت قبل قليل حتى نظر بعدها لهاتفه مليا قبل أن يرفعه لأذنه منتظرا الجواب ..
حكيم:- لحظة عفاف سآخذ هذا الاتصال وأعود لكِ ، أنتِ أتممي البحث مثلما اتفقنا تمام / .. ألو نعم معك
ميار(زفر بعمق وبثقل في صوته):- أحتاجك حكيم
حكيم(تبدلت ألوان وجهه رعبا من صوته):- ماذا جرى ؟
ميار:- نحن بحاجة للوصول إلى غضنفر الكلب بسرعة يا حكيم ، لقد تمادى كثيرا وأصبحنا واقفين عند مفرق طرق إما نحن أو هم ..
حكيم:- إما نحن أو هم .. من هم قصدك جماعة العشيرة يعني كبارية المجلس ؟
ميار:- من تحدث عن أولئك المجرمين ، أنا أقصد غضنفر أس الشر بعينه ورشيد أيضا اكتشفت للتو خيانته لي يا حكيم لقد كنت صادقا في شكك
حكيم(اتسعت عيناه بتوتر):- أهاه أكيد توصلت لدليل ملموس أثبت لك صحة كلامي
ميار:- سمعته بأذني يا حكيم ، لقد بعث غضنفر من يثقفَّ أثرنا بالقرب من العرين ، واستغلوا فرصة زيارتي له بسبب صولي أكيد هنالك جاسوس في قصري يوصل لهم أخباري أولا بأول
حكيم:- طيب ماذا حصل معهم هل تعرضوا لك ؟
ميار:- أممم اشتبكنا في مداهمة وقمت بقتلهم جميعا يعني أسعفنا الحظ ..
حكيم(ارتعش وكأن قلبه شعر):- أسعفنا ، أنت ومن ؟
ميار(فهمه ومسح على رأسه):- أنا وميرنا
حكيم(شهق وهو يصرخ فيه):- هل أخذت ميرنا لعريييييييييينك ؟؟؟؟؟؟
ميار:- ذاك ما حصل حتى أنها حرة طليقة تفتش في كل زاوية من القصر عن أي دليل يساعدها ضدي ، فف كم كنت خائفا من أن تصاب بأذى ما كنت سأسامح نفسي لو أصابها مكروه لكن الحمدلله قدر الله ولطف
حكيم(سحب شعره للخلف بقوة):- ميار ميار أنت مراقب أكيد غضنفر علم بأمر ميرنا ، وهو ينتظر الفرصة للاقتناص منك ومنها أرجوك احذر من كل شيء حتى من طعامك ، ليس بعيدا أن يحاولوا تسميمك طالما وصلهم الخبر بأنك بعرينك فأكيد سيحاولون قتلك بكل الطرق الممكنة
ميار(عقد حاجبيه):- صراحة وجدت صولي بصحة جيدة يعني في اعتقادك هل خبر مرضه مفبرك ؟
حكيم(انتفض قلبه):- ميار .. عليك أن تغادر عرينك فورااا عد للبيت الجبلي إلى أن يأتي يوم البرنامج ، فهذا سيكون جوابا كافيا للحد من شرور غضنفر وكهرمانة معه
ميار:- تت لهذا قلت لك بأنني بحاجتك أكثر من ذي قبل ، لا يسعني الثقة برشيد الخائن مجددا ، وفي آن الوقت لن أجعله يحس بأنني كشفته سوف ألاعبه على أطراف أصابعي لحين أسقطه في الشبكة وينال عقابه
حكيم(بحرقة قلب):- ميرنا …كيف تبلي بعد هذه المداهمة أكيد أصيبت بنوبة ذعر أو انهارت أو فقدت وعيها ؟
ميار:- هه حدث كل هذا صدقا لكن في نفس الوقت قد تخلصت من الفوبيا خاصة قيادة السيارة ، لقد أجبرتها على أن تمسك بزمام الأمور وأظنها بداية لكي تقضي على مخاوفها إزاء هذا الأمر العرضي
حكيم:- واووو أدهشتني للحقيقة ، علما أنني حاولت قبلك ولم أفلح
ميار:- هي معي تصبح أقوى حتى أنها حملت السلاح وخرجت للعراء كي تقتل رجلا من رجال غضنفر لتحميني … أرأيت التطورات ؟
حكيم(هنا ابتلع غصة):- ميرنا رفعت سلاحا على أحدهم لأجل حمايتك ههه يا رجل ، قل كذبة غير هذه لأصدقك فميرنا لا تفعلها هي خوافة لأقصى درجة خصوصا فيما يتعلق بهكذا أمور
ميار:- أتفهًّم عدم اقتناعك لأنك لا ترغب بتصديق فكرة تعودها علي ، لكن هذا ما حصل
حكيم(تضخم صدره بالغضب وحاول مداراته بمشقة):- بغض النظر كيف حالها الآن ؟
ميار:- أخبرتك هي تتأقلم مع المكان يعني لا ضرر عليها
حكيم:- طيب أنهي ما تريده وغادر فورا نحو البيت الجبلي ، أرجوك لا تغامر بأرواحكما غضنفر لا يلعب وطالما وضع رشيد في جيبه فكل صغيرة وكبيرة عنك وعنا قد وصلت على طاولته منذ أمد
ميار:- فقط ليقع بين يدي وسترى ما أنا فاعل به ، المهم ما أحتاجه منك أن تبعث لي أأمن رجالك وتحضرهم بنفسك إلى هنا
حكيم:- إلى عرينك يعني يا عم مش حرام تصطحب ميرنا إليه قبلي ، وأنا صديقك أخوك عشرة عمر تنبذني نبذا منه ؟
ميار:- ها قد بدأنا حالة الغيرة المفرطة ، ولد هل ستغار من عصفورتك ؟
حكيم:- طبعا لا يا أحمق ، لكن أنزعج من الأولويات خاصتك من المفروض أن تدلني عليه أول شخص وليس رشيد وكهرمانة
ميار:- عموما قد جاءت بوقتها ، هيا سأبعث لك العنوان برسالة نصية وانتبه أثناء قدومك أنت والرجال قد يكون هنالك كمين آخر تمام ؟
حكيم:- متى تريد مني القدوم ؟
ميار:- لو استطعت قبل حلول المساء لأنني أرغب بالعودة هذه الليلة للبيت الجبلي ، أخشى أن يصل خبر موت رجال غضنفر وهذا ما سيحصل بعد وقت ، وربما هذا ما سيجعلهم يستنفرون ويهجمون على العرين من يدري
حكيم:- معك حق ، طيب لا تقلق سأكون في طريقي إليك بعد أن أفرغ مما يوجد بين يدي .. وشيء آخر لا تحتاجان لشيء صح ؟
ميار(تنهد عميقا من شهامة ابن خاله):- لا نحتاج فقط تعال بسلام ، ولن أخبر ميرنا بقدومك يعني لحين تفاجئها بنفسك فهي لم ترك من يومها أكيد اشتاقت لك
حكيم(لو تعلم أنني رأيتها قبل البارحة لقتلتني وقتلتها ههه):- آه فعلا فعلا ستقوم بخير كبير من أجلي
ميار(سمع صوت انكسار شيء وأغمض عينيه):- أنتظرك ..
حكيم:- قادم إليك ../ آه يا ميرنا منكِ ومن جنونك تت ..
خرج من غرفة مكتبه وهو يطمح لرؤية ما الشيء الذي انكسر ، نظر للطابق السفلي لم يكن هنالك شيء مكسور بينما صعد لفوق وهو يمسح على فكه ولحيته الخفيفة بمتعة داخلية تدغدغ صدره ، لا يعلم ما الداعي لها لكن أن يتم تخريب قصره من قبل أكبر مشاغبة فهذا بحد ذاته تغيير جميل لعاداته التي اعتاد عليها .. وصل إلى الطابق العلوي ونظر للممر الشاسع كممرات الفنادق العريقة بذلك السجاد الأحمر الممتد حتى آخره على ديكوراته الذهبية الموضوعة بنظام على كل جانب ، إضافة للوحات التي لا تخلو من سمبا وكمبا وقبيلة ماوكلي هههه ^^… المهم أخذ يتنهد قبل أن يفتح باب الغرفة التي اختارها لأجلها وطبعا مجنونتنا لم تكن هناك وعليه اضطر للبحث عنها ، إلى أن وصل لباب غرفة مفتوح لم ينبهر حين استقرت فيها ميرنا للحقيقة .. فتح الباب أكثر بعد أن وجدها متصلبة أمام صورة اللبؤة الباكية تنظر إليها بشكل دافئ مليء بالحسرة والأسى ، وانتبه لآنيته الفخارية التي كانت مكسورة على الأرض لم يدقق في السبب الذي جعل تلك الآنية المسكينة تنتحر إذ أرجح أنها وقعت في قبضة غضب ميرنا الذي لا يؤتمن بخير ..
ميار(انحنى ليجمعها):- أينما ذهبتِ تخربين ..
ميرنا(كانت تكتف يديها أمام اللوحة):- لقد باع إياد هذه اللوحة لكي يوفر المال لأجل عملية أختي مرام ، هل تعلم ذلك ؟
ميار(وضع القطع المكسورة على جنب ونهض ليقف بجوارها):- أعلم .. كانتِ الطريقة الوحيدة للحفاظ على صورته أن أقوم بشرائها بنفسي فمعي ستكون بمأمن
ميرنا:- أخوك يفكر بالآخرين كثيرا ، يعني ما الذي سيجعله يبيع صورته الرئيسية التي أحدثت ضجة فنية في حياته وزادت من شهرته لولا الضرورة .. لا أعرف إن كان من حقي قول هذا أم لا ، لكن معرضه ناقص بدون هذه الصورة وأطالبك بإعادتها له
ميار(انسحب من جانبها وأشار لها باللحاق به):- ربما سأعيدها في وقت لاحق ، الآن الحقي بي أريد أن أريكِ شيئا بغرفتي أظنكِ لم تصلي إليها بعد لتبدئي جولة التفتيش فيها ؟
ميرنا(شعرت بالحرج من فضحها ومسحت خلف عنقها بتوتر):- تفتيش ماذا يا هذا ، لقد كنت فقط أتسلى وأستكشف المكان يعني وكأنني بمعرض أو متحف وهذا أمر أثار قريحة فضولي ، هذا كله ..
ميار(استدار إليها بخفة وهو يسير قبلها في الممر):- صدقتكِ ..
ميرنا(نظرت حولها مجددا):- منذ متى وأنت تعيش هنا ؟
ميار(أثقل مسيره حتى تمشيا جنبا إلى جنب):- بعد أن دخلت لهذا العالم ، استلزم مني التأقلم عدة سنوات لذلك فور إمساكي بزمام الأمور اتخذته لي مستقرا .. يعني لنقل ما يقارب 21 سنة هكذا تقريبا
ميرنا:- عمر طويل لهذا أرى ابتسامتك مشرقة فأنت تشعر وكأنك عدت لموطنك
ميار:- أواه سأعتبر أنكِ تفكرين بي وتقرئين مكنوناتي الداخلية ؟
ميرنا(بعنفوان سخرت منه):- لا تكن واهما ، أحاول أن أعرف أكثر عنك باختصار يعني
ميار(استوقفها بحركة يده التي مرت خلف خصرها دون لمس):- وصلنا ..
بعدم فهم استدارت خلفها وكان قد فتح باب غرفته لتدخل إلى عالم آخر من فانتازيا الفهد الثلجي ذو الفرو الرمادي المبقع بالنقط السوداء والبنية ، وقد كان معلقا على جداره فرو كامل له يعطي للمكان هيبة بصراحة كان ديكورا لافتا بدون منازع ، إضافة لكل الأثاث الذي كان أيضا باللونين الرمادي درجة أغمق ودرجة أفتح الجدران كذلك والسرير الصالون والستائر الديكورات واللوحات وحتى السجاد ، كله بذات اللونين وبشكل الفهد الثلجي أيضا يا حبيبي !!
ميار(دخل قبلها وأشار لها لتتفضل):- أهلا بكِ بغرفتي الخاصة
ميرنا(نظرت للسرير مباشرة وبلؤم):- كم من شخص استضفته هنا غيري ؟
ميار(جلس على الكنبة بأريحية وهو يبتسم):- ولا واحد ، أنتِ أول من تطأ قدماها غرفتي حتى كهرمانة لا أسمح لها بالدخول إليها إلا نادرا ، فمثلا آخر مرة دخلت كنت مريضا وقتها
ميرنا(باستهزاء):- قلت أنك لا تمرض هه
ميار(انتبه لتركيزها):- لا أحب المرض لكن أحيانا يخونني جسدي ، وللعلم أن مرضي ذاك صادف الاعتراف بعلاقتكِ الغرامية أنتِ والمستر وائل ؟
ميرنا(اغرورقت عيناها بالدموع واستدارت للمرآة الطويلة وهي تتنهد):- جيد
ميار(استقام من فوره ووثب خلفها مباشرة ونظر إليها من خلال المرآة):- لما أحببته لهذه الدرجة ميرنا ؟
ميرنا(حررت دمعاتها فلا طاقة لها لكبتها الآن):- لا أعلم ، وجدت نفسي أحبه بدون تخطيط .. لا أستطيع منح تلك المكانة لأي شخص آخر لأن العشق لا يستشير القلب بل يغزو حصونه المنيعة ليبايع ملكا واحدا في حكمه الأبدي ..
ميار(اهتزت حنجرته ألما من كلامها):- يعني ، ألا توجد فرصة ؟
ميرنا(امتصت شفتيها والتفتت إليه):- لا يوجد غير وائل في قلبي ، ولن يكون هنالك آخر
ميار(تصلب فكه وهو يرمق دموعهاّ):- فهمت
ميرنا(أبعدت نظرها عنه وتحركت قليلا لتنتبه لصورة حائطية لها ولإياد):- هذه من معرض المرأة الشمس ؟
ميار(فهم أنها تبدل الموضوع فجاراها وهو يضع يديه بجيوبه):- أهاه طلبت منهم تكبيرها لكي أستطيع رؤيتكِ ورؤية أخي كلما رغبت بذلك ..
ميرنا(أعجبت بالصورة التي كانت تشمل كل الحائط):- أنت هكذا لا ترانا ، قريبا سنخرج من الصورة
ميار:- يا ليت .. على الأقل أحظى ببعض الحرية معكما
ميرنا(ارتعشت وهي تشعر ببرودة حروفه تسري بجسدها):- وجوزيت ؟
ميار(رفع حاجبيه حين سمع رنين هاتفه برقم غريب):- لحظة … ألو
جوزيت(عضت شفتيها قبل الرد):- ميار ..
ميار(خفق قلبه بشدة وهو يغلق عينيه):- عمركِ طويل يعني حتى لو كذبتِ كذبة أخرى ، ستظلين بحياتي أسفا لا يمَّحي أثره
جوزيت(بتوجس):- كأنني اتصلت بوقت خاطئ ؟
ميار(حدق فميرنا التي ابتعدت لتتفحص بقية الأغراض):- وقتكِ دوما خاطئ ، وجودكِ من أساسه وضع خاطئ لذا اختصري ماذا تريدين واحذفي رقمي من عندك فليس بيننا كلام
جوزيت(ابتلعت تلك الغصة الجارحة منه مجددا يعني لن يكتفي):- قلقت عليك فقط وأردت أن أرى ما إذا كنت على ما يرام ..
ميار(وضع يده على جدار الباب):- هااا يعني أصبحتِ تشعرين الآن ، لكن لأذكركِ قد مرت سنوااااات عديدة وأنا بعيد عنكِ ولم تكوني على علم بأحوالي .. فلا تحاولي التأثير بي وكأنك الضحية المظلومة
جوزيت(دمعت عيناها):- لما كل هذا اللؤم في حديثك ، يعني فيما ضايقتك الآن ؟
ميار:- وجودكِ كله يضايقني ، والآن معذرة منكِ لدي ما هو أهم منكِ بكثير وداعا
جوزيت(أحنت حاجبيها وهي تبكي بدون صوت):- تابع تجريحك لي يا ميار ، سترى من منا على صواب ..
ميرنا(راقبته وهو يضع يديه عند زوايا منضدته بينما أعاد هاتفه لجيبه):- كنت لئيما
ميار(أشار لها وهو يشعر بالضيق):- لا تتطرقي للموضوع ، لننزل للمطبخ أشعر بالجوع
ميرنا(رفعت حاجبها وهي تخرج بكبرياء):- لا تتوقع مني أن أطبخ لك يعني ؟
ميار(أغلق خلفه باب غرفته):- ماذا ستطبخين ، هل تعرفين أصلا أساسيات الطبخ يا فاشلة بيضتان إن قمتِ بقليهما سنشكر الله عاما كاملا على ذلك الإنجاز
ميرنا(فتحت فمها وهي تستمع له كأنه إياااااد تماما):- نعم نعم ، أرى هنا تهكما واتهاما لا أسمح به يا أفندي
ميار(نزل دونما مبالاة):- تمام أرني مهاراتكِ يا مبدعة ، أبهرينا لنرى إن كنتِ ستزينين الأكل مثلما تفعلين بالحروف
ميرنا(تابعت المسير خلفه وهي تمقته وتسبه بأفظع الكلمات في سرها):- ماذا يريد أن يفعل هل يعتقد بأنني سامحته المسكيييييييين ههه ، لكن هنالك فرصة واحدة لولوج مكتبه يجب أن أشغله في ذلك المطبخ اللعين وألج المكتب ضروري .. هيا فكري ميرنا فكري
ميار(نزل للأسفل حيث يوجد المطبخ الشاسع هناك بانتظارهما):- أريد غذاء متكاملا مثل الذي كانت تحضره إيزابيل ، أريده لذيذا أيضا وبجانبه مقبلات كما أنني لا أمانع صنع طبق حلوى كتحلية بعد الطعام ، آه بالإضافة لذلك من الضروري تحضير عصير مرفق بكل هذا .. هيا ميرنا وفقكِ الله ..
ميرنا(رمشت بعينيها وهي تبتلع ريقها):- أنت لست جديا صحيح ؟
ميار(ضحك بهزل):- طبعا لست جدي لأنني أعرفكِ يا موبوءة ، أكثر ما تجيدينه هو صنع الحلويات التي تعلمتها صدفة بمحل الخالتين عواطف ومديحة …
ميرنا:- أنا موبوءة ؟؟؟؟؟؟؟
ميار(ارتدى مريلة المطبخ وأخذ يخرج الأغراض من الثلاجة):- اممم ستكونين كذلك إن لم تساعديني ، هيا ارتدي الأخرى وتعالي لأعلمكِ فنون الطبخ كيف تكون
ميرنا(ولته ظهرها وجلست على الكرسي):- طبعا لن أفعل أي شيء ، ولا تأمرني أسمعت أنا لا أتأثر بهذه التصرفات الواهية فأنا أفهم غايتك جيدا جدا ، تحاول أن تؤثر بي كي تبدو شخصا طبيعيا جدا لعلك تمحي فكرتي عنك ، لكن ذلك لن يحدث فأنا سأبقى على موقفي ولو سخَّرت الكون لأجلي لن أنظر إليك بنظرة أخرى غير التي تنالها مني الآن ..
ميار(زم شفتيه وهو يستمع لها وبعد لحظة صمت رمش وهو يكمل وضع الأغراض):- تمام أدهشتني ، لكن لنرى معا الحقائق الموجودة هنا أنا أحاول أن أطبخ ما سنتناوله على الغذاء ولا أرى أي محاولة للتأثير بكِ ميرنا .. أرجوكِ لا تتوهمي كثيرا وكأن كل الرجال تدور حولكِ أنتِ فقط احترمي حدودكِ فليس كل من عرفتهم مثل بعضهم
ميرنا(بغيظ):- ماذااااا تقصد ؟
ميار(أغلق الثلاجة وهو يصف الخضروات بالترتيب):- يعني كمثال وائل قد يغفر لكِ أي زلة ترتكبينها حتى لو غضب منكِ أشد الغضب ، لكن لحبه الشديد لكِ ينسى كل شيء ويحتويكِ بحنان … أما حكيم فهو يمسك نفسه أكثر فترة ممكنة يغضب منكِ يعاقبكِ يصرخ فيكِ ويتحمل بُعدكِ لوقت محدد بعدها نجده يعود إليكِ مؤنبا ومحذرا بعدم تكرار ذات الخطأ وهو أيضا يصالحكِ ويضمكِ إليه كأن شيئا لم يكن … هنا نصل إلي …
ميرنا(كانت ترمق يداه وهو يغسل الخضراوات بشكل متناسق):- اممم ؟
ميار(رمقها بطرف عين وفهم اهتمامها لذلك تابع):- هل ممكن أن تساعديني بتقطيع هذه الخضار عليًّ تحضير الحساء قبلا ، تعالي هنا سأريكِ كيف
ميرنا(هل وقفت في الموضوع الحساس لكي تطلب مني تقطيع الخضار سأقطع فقط أكمل جملتك ، طبعا لم تبرز شيئا من حنقها كي لا يكشفها):- احم تمام بما أنني لا أفعل شيئا يمكنني مساعدتك قليلا ..
ميار(ابتسم وهي تجلس قبالته على الكرسي وبدأت تقطعها في حين أحضر هو إناء حديديا ووضعه على النار):- أين كنا ؟
ميرنا(بتوتر عضعضت شفتيها):- أ.. كنت تهذي بشأن طبع كل واحد فيكم يعني .
ميار(أخفى ضحكته من مداراتها وادعائها بأنها غير مهتمة من أصله):- آه آه أجل كنا فيني وفي ردة فعلي إن أنتِ أخطئتِ ، آه رجاء دعي يدكِ ناعمة وحاولي التقطيع بشكل مصغر نحن بحاجة لقطع صغيرة كي تطهو جيدا
ميرنا(أستغفر الله العظيم ، يعني لن يكمل جملته حتى يصيبني بالشلل):- حسن سأقطعها بشكل صغير مثلما تأمر سيادتك
ميار(حك جبينه بظاهر يده وهو يغالب ضحكه ونظر إليها بجدية مفتعلة):- احم .. لنتابع آه فيما يخصني أنا يا ميرنا ، يعني تعلمين أنني لا أشبه أي واحد فيهما مثلما نعرف جميعا فأنتِ تستغلين ذلك وتلاعبينهما كالخاتم في إصبعك لأن كلاهما مغرم بكِ حد الهبل ، لكن بالنسبة لي العشق مفردة تتسع لتشمل كل ذرة على سطح هذا الكوكب ، قد أحبكِ لتكوني مسيطرة على عالمي بأكمله وقد أحبكِ لتصبحي مُستعمرتي التي تقتصر حدودها على محيط حجرتي فقط ..
ميرنا(هنا توقفت عن التقطيع ورفعت رأسها إليه):- ما هذه الثقة والغرور الذين تحادثني بهما ، أتعتقد نفسك كازانوفا عصرك أو دنجوانا قادما من القرون الوسطى … استفق يا روحي لكي لا تتألم حين تسقط من أعلى قمة أحلامك
ميار(حرك الحساء بمتعة):- لما انفعلتِ ؟
ميرنا(تابعت التقطيع بعصبية وسرعة الآن):- لست منفعلة ولكن حديثك السخيف ، جعلني أستنفر لكي أوقف تفكيرك الخاطئ بشأني فأنا صحيح صعبة المراس لكنني لست بتلك السادية التي تتمتع بها حضرتك كي ألاعب شخصين على أصابعي ، أنا أحب وائل قلتها وأقولها من جديد وحكيم يعرف بالأمر إذن لست مذنبة إن استغليت ذلك كي أصل إليك هممم ؟
ميار(فتح فاهه ليجيبها لكنه أشار بجانبها):- الملح لو سمحتِ ؟
ميرنا(سيصيبني هذا بالجنون لا محالة .. أشعر بعلاماتِ التنمل في شق رأسي الأيسر ، وصدغي هنا يرتجف بنفاذ صبر):- خذ …
ميار(التقط منها الملح بتلاعب):- لو سمحتِ ممكن الفلفل الحار ؟
ميرنا(تلاعبت بلسانها بداخل فمها وهي تمد له الفلفل الحار):- حذار أن يقع بعينك
ميار(غمزها بدعابة):- ستكونين هنا للطوارئ
ميرنا(تابعت التقطيع وهي تتمالك نفسها):- وبعد ؟
ميار:- أنتِ تقاطعين كلامي لذلك طبيعي أن أنسى أي مقطع وقفت ، هل لي بمساعدة ؟
ميرنا:- كنت تتبجج بعشقك وما زلنا في بداية الطريق لم تصل بعد للنقطة المهمة
ميار(أمسك الملعقة الخشبية ورفعها بتفكير):- ميرنا ، ما رأيكِ لو نلعب لعبة دَّاما ؟
ميرنا(فتحت فمها الذي تسمر باندهاش يسبق القتل العمد):- أ…
ميار(صغر عينيه وهو يتذوق القليل):- الملح تمام 10 دقائق ونضيف الخضراوات .. سأعصر البرتقال تحبين عصيره صحيح ؟
ميرنا(أخذت تهتز برتم الانهيار عما قريب وتابعت التقطيع التقطيع التقطيع إلى أن أنهته وقدمته له):- أنهيت عملي
ميار(فهم أنه بالغ في إثارة أعصابها):- هل تكملين عني تحضير السلطة ميرنا ؟
ميرنا:- ألا تلاحظ معي أنك بالغت وبزيادة في طلباتك ، ثم أنا لن آكل هذا الطعام لأنني لا أتشرف بتناوله من أيدي مجرم مثلك ..
هنا توقف عما كان يفعله بوجوم ، نظر أرضا للحظة ثم رفع رأسه ليحدق في عينيها بدون حياة ، تشنج فكه بصلابة واندفعت عظمة أنفه بحركة غضب رافقت بروز عروقه على يديه مع رمشة عينه اليمين التي ارتجت مرتين قبل أن يفرج عن أنفاسه الملتاعة ويمزق المريلة بقوة ويضرب بيده ذلك الوعاء الحديدي فيندلق على الأرض كليا بكل ما يحمل في جوفه ، سحب صحن الخضروات من يدها وضربه هو الآخر أرضا جعله مبعثرا في كل زاوية وما اكتفى ضرب كل ما وجده على رخامة المطبخ التي كانت فاصلة بينما ، حتى حاوية السكاكين والشوك صارت أرضا منتشرة رفقة حطام الزجاج الذي انكسر بفعل الأكواب التي كانت مُعلقة على جنب …… ما إن فرغ من كل هذا وضع يديه الدامية على تلك الرخامة ونظر إليها وجدها بدون ملامح قد كانت مصدومة تماما بما فعله ، لكن هذا لم يزده سوى لؤما ابتعد من هناك وجذبها من يدها خلفه وآثار الجنون قد بدت عليه مثيرة للرعب ..
ميار(بوجع عميق):- سترين الآن الإجرام على حقه ، نبهتكِ أن تتوقفي عن ذكرها لكنكِ أبيتِ وعاندتِ أوك سأريكِ ما تنتظرينه مني …
سحبها لغرفة مكتبه وأغلق الباب خلفهما وجذبها من ذراعها بقوة لحين رمى بها على الكرسي المرفق لمكتبه ، كانت هي تتنفس بمشقة وصعوبة تمسك على قلبها وهي تنظر إليه وتراقب حركاته الغير متزنة بعيون غير مستقرة ، حالته كانت لا تبشر بالخير مع يديه الداميتين التي زادتها خوفا ووجعااااااا اكتملت لوحة الجزع.. كان هو يفتح خزنته بعصبية نافذة وأخرج منها عدة ملفات رماهم بحجرها ظهرت منهم صور العديد من الفتيات الممزقات أشلاؤهم والمقتولات بشكل مريع وبكل الطرق التي يمكن للعقل تخيلها ، أطفال أيضا في غرف العمليات بعضهم يخضع لعملية سرقة أعضاء وبعضهم فارق الحياة أثناءها وكان عليهم علامات و وشوم معلمة على أرقابهم ، أيضا كان هنالك صور لشاحنات كبيرة تخرج منها بنات وفتيات بمختلف الأشكال ويظهر أحدهم وكأنه يعطي حقائب المال مقابل الشراء ، كذلك كانت هنالك صور لهن وهن ببيوت الدعارة يرقصن في جو كله فسق وفجور مع شخصيات دهشت حين اكتشفت هويتهم في كل صورة … ابتلعت ريقها وهي تتنفس بشكل سريع من هول ما كانت تراه ، لحظتها نظر إليها بدون حياة وأردف واجما
ميار:- خذي تلك الملفات وقدميها للشرطة ، هيا أعطيتكِ دليلا شاملا عما يفعله ذلك القذر بالناس ويجعلني أنا الملام الوحيد أمام الآخرين .. بسببه أنا أستمع لاتهاماتكِ لي مرارا وتكرارا لكن هذا كثير هذا التجريح كثير ولا أقبله بعد الآن ، يمكنكِ أن تشي بي وتلقي باللوم علي لن أعترض لكن سأسألكِ سؤالا واحدا فقط هل هذا ما سيريح ضميركِ ؟؟؟؟؟؟
ميرنا(بدموع رفعت رأسها إليه):- كيف حصلت على كل هذا ؟
ميار:- هه إنه عملي وقد أخذتها لكي تبقى لدي في مأمن وأستعملها بالوقت المناسب ، كله مسجل بالتاريخ والزمان والمكان .. كل مذنب سيعاقب على ذنبه لكن لن أتمكن من وضع القيود بمرافقهم ما لم أقضي على ذلك المجرم الحقيقي
ميرنا:- تقتله يعني ؟
ميار:- ذلك الشخص لا يقبل السجن به ، لأن السجن مثل المنزل بالنسبة له كله تحت قبضته والعدالة الوحيدة التي يمكننا تحقيقها هي إزهاق روحه
ميرنا:- أنا لست أوافقك الرأي ..
ميار(زفر بعمق وهو يغادر المكتب):- وأنا أصلا لست مهتما برأيك …
نظرت إليه وهو يغادر بحنق مجلسها بينما ظلت تتفحص كل تلك الملفات وتشعر بالاشمئزاز تارة ، وبالخوف تارة أخرى مع الكثير من الحزن على أولئك الضحايا الذين كتب عليهم أن يحرموا من حقهم البسيط في الحياة ألا وهو العيش الكريم .. كل واحد فيهم ضحية للفقر للظروف المزرية للعائلات الغير مسئولة لليتم للتشرد لكل المعوقات الحياتية التي قد ترمي بهم في هاوية الضياع ، أو في قبضة مجرمين لا يعرفون للرحمة طريق .. التقطوهم وسرقوا منهم هويتهم وذبحوا طفولتهم وأزهقوا روح براءتهم لأجل النفوذ والثروات والفساااااااد …
يا إلهي قالتها وهي تمسح على عنقها وتشعر بالضيق يملأها يعني كل هذا تكبد عناءه طويلا وما كان يفصح ، كيف استطاع أن يصطبر على هذه المعاناة التي أجبر عليها بل العقاب الذي كتب عليه وإن لم يخضع له آذاه في صميمه بطريقة جارحة حين يسلبه ممن يحب .. "ميار" همست باسمه وقد أشفقت عليه لأول مرة فأي شخص عادي سيرى تلك المناظر سيشعر بالغثيان مثلما تشعر هي الآن من فظاعة كل ما ألقاه بين يديها ، تعلم أنه مجبر على الصمت لحماية الآخرين لكن هل ستصمت هي ، هزت رأسها بغبن وهي تطالع تلك الصور مجددا رتبتها في الملف من جديد ونهضت لتعيده بالخزنة .. هناك رمقت ألبوم صور غريب موضوع على جنب وضعت الملفات محله وأخرجته ، فتحته بحرص وطالعت أول صورة كانت لها ولإياد وتلتها صورة لجدتها نبيلة رفقة ميار حين كان يتقمص شخصية إياد ، هنالك أيضا صورة مع عواطف رفقته وأخرى مع مديحة وسماح عمتها ، مع نور ودينا مع رنيم وأولادها مع إخلاص وشيماء مع عفاف ونهال ، مع دعاء ومرام ، معها هي أيضا ومع حكيم وميرا وشادي ، مع كل فرد منهم …. وكذلك مع إياد لكن وهو نائم ما إن رأت هذه الصورة حتى دمعت عيناها بقهر عليه ألهذه الدرجة يقدس عائلتهم ، يعني لولا تعلقه بهم لما التقط تلك الصور لكي يبقيها ذكرى لديه ، ربما يرغب بالانتماء من جديد لكن عائق الفهد البري يقف في طريقه إن لم يتخلص منه ويرمي بقناعه الأرض سيبقى خاضعا لتهديد ذلك المجرم للأبد .. كلمة مجرم جعلتها تستذكر ما حصل بالمطبخ لذلك أغلقت الألبوم وأعادته للخزنة رفقة الملفات وأغلقته ، سحبت نفسها وهي تفرك يديها بشعور متمازج بين الندم والتمادي في الأمر ، عرفت أنها جرحته في صميمه وفاض كأس صبره حتى انفجر بوجهها بتلك الطريقة المخيفة .. وجدته في الحديقة جالسا على العشب يلاعب بوجه مظلم صغيره الذي كان يقفز في حجره بلعب ممتع غير مدرك أن صاحبه على وشك الانفجار الآن ، لكن سيتحمل أجل فهذا ما يجيده طوال الوقت … هنا لم تتجرأ على الظهور بوجهه لذلك نزلت للمطبخ ونظرت لكل تلك الفوضى هي التي تسببت فيها ولا أحد غيرها كانا يتحادثان بشكل جميل يعني مع بعض الإرباك لكنه كان أفضل من هذه الحالة الغريبة ، رفعت كميها وعزمت على تنظيف كل ذلك سريعا وهكذا كان .. مسحت كل تلك الأرضية بمجفف الأرض بعد أن جمعت الخضروات وألقت بها في سلة القمامة ، جمعت أيضا الزجاج على جنب بعدها نظفت رخامة المطبخ وهي تحاول الإسراع كي تكسب المزيد من الوقت .. بعد أن أنهت التنظيف وأصبح المكان يبرق من النظافة فتحت الثلاجة لتنظر فيها وزفرت بعمق فهي لا تجيد إعداد أي شيء يا ويل أمي أنا هههه
ميرنا(تلطم):-يا خيبتكِ يا ميرنا 29 سنة ولا تعلمين كيف تطبخين أكلة واحدة ، أنتِ دمار شامل عار عليكِ المطبخ أي والله … تتت ماذا سأفعل وهو جائع لا محالة قد أخبرني وكم كان متحمسا للطبخ ولكنني خربت كل شيء بلساني الطويل اففف ، هيا ميرنا كفي عن التفكير وأنجزي
طبعا الحل السريع لكل الفتيات هو الطماطم بالبيض أو السباكيتي بالكفتة ، رأت أن كل ذلك متوفر وعليه بدأت بالإنجاز المهم ، ومن سخرية القدر هي تطبخ لأكثر شخص بحثت عنه لكي تزج به في السجن ، فمن سيصدق أنها تحضر لأجله الأكل الذي لم تحضره قبلا لأي أحد ولا حتى لحبيبها بحد ذاته .. شعرت بقلبها آلمها ومع ذلك تابعت ما كانت تنجزه وكأنه اعتذار بالرغم من أنها رفضت فكرة التأسف لأنها ما زالت في قرارة نفسها تكن له الحقد وبعضا من الكره حسبما تعتقد ، إذ لم تغفر له سكوته وانحيازه لأولئك المجرمين لكن في آن الوقت تجد نفسها تعطيه أعذارا لا حصر لها تقيها من أنة مقاصصة الذات .. قطعت حبل الأفكار لحظتها حين كانت تصب السباكيتي بصحن خاص وضعت الكفتة في الوسط ودلقت عليها صلصة الطماطم مع ورقتين من البقدونس وها هو الطبق الأول جاهز ، والآن انتقلت للبيض الممتع بالنسبة لها وحضرت الطماطم بالبيض ووضعتها بصحن آخر ورشت عليها بعض الفلفل الأسود ليكتمل مذاقه ، أضافت بعض المقبلات الخفيفة للطاولة وأخرجت عصير البرتقال من الثلاجة والذي حضرته بنفسها يا عيني ^^
ميرنا(أزالت المريلة وعلقتها محلها ونظرت للطاولة الجاهزة وتنهدت وهي تشعر بالحرج):- الآن علينا مناداته هذا ما ينقص أن أعتذر على فظاظتي ولكنني لست مذنبة ،،، ههه ميرنا روحي هل سنتخاصم الآن انقلعي نادي السيد متنا جوعا ونحن ننتظر أطباقكِ الخارقة الله الله
ضحكت على أفكاري طبعا وانطلقت بطلتنا المهذبة لتصحح الخطأ الذي اقترفته وكم كان عظيما بنظره ، فلقد بدا الهم على ملامحه وهو لا يتجاوب مع شبله الذي احتار في سيده لغاية أنه استقر بحضنه بهدوء وبقي ثابتا لحين حضرت فارتفع وهو يقفز مجددا ، هنا التفت ميار جانبا وانتبه لها وهي متجهة صوبه ، نحنح وهو يحاول إزالة لمحة الغضب كي لا يجرحها ..
ميرنا:- يعني بما أنك ضيعت علينا فرصة تناول ذلك الحساء الجميل ، قمت بتعويض بسيط لا أدري لكن وضعت كل خبرتي في الطبخ ، فهل لك أن تتناوله معي ؟
ميار(رفع حاجبه وهو يستمع لها بإمعان مرفق بلمحة فرح تتغلغل بداخله):- لا تشغلي نفسكِ بي لا أرغب بتناول شيء
ميرنا(جثت القرفصاء أمامه ونظرت للشبل الذي كان يتمرغ على العشب):- فكرت لو أقوم بشيء بسيط ، أخبرتني أنك جائع
ميار(سحب نفسا عميقا يترجم ضيق روحه الشديد):- كنت كذلك ، والآن أصبحت شبعا حد التخمة ميرنا ..
ميرنا(نهضت وهي تشبك يديها وتمط شفتيها بخيبة):- فهمت إذن ، بما أنك تعرف أنني لا أجيد الطبخ فكرت أنه ربما كان أكلي سيئا ولا ترغب بتعكير صفو بطنك .. تمام مقبولة منك سأتناوله لوحدي وأنت تابع لعبك مع شبلك فأنتما تكملان بعضكما كما أرى ولستما بحاجتي ..
ميار(بدون أن ينظر إليها رفع يده واستوقفها بقبضته على ذراعها):- …
ميرنا(بعدم فهم):- نعم ماذا ستضيف ؟
ميار(سحب نفسا عميقا هي تجبره على القيام بأمور لم يقم بها قط في حياته ، مجنونة وستجعله أجن منها إن شاء الله )هل يوجد في قائمتكِ عصير البرتقال ؟
ميرنا(ابتسمت بارتياح):- موجود ..
ميار(ترك يدها ونهض بخفة):- إذن حرام أن نضيع فرصة تذوق أكل ميرنا ، ربما نكتب مقالة بشأن هذا الحدث المهم
ميرنا:- قبل تناول الأكل ربما علينا تضميد جراح يديك ؟
ميار(نظر ليديه الدامية عند عظام الأصابع والصدغ):- لا تبالي شيء بسيط
ميرنا(محذرة):- رغم ذلك سترضخ لأوامري
ميار(همس برعونة قبل أن يسير بخطوات واثقة):- الآن أعتقد أننا صِرنا ههه
"صرنا" ماذااااا يقصد الآن بـ صرنااااا ؟؟؟؟؟ كتفت يديها وفهمت سخريته ولكن لم تدقق في شيء فطالما نهض إذن قد سامحها ، حاولت جمع فمها لكي لا تبالغ في ضحكتها التي صاحبت فرحتها بتجاوبه ، أما هو فقد كان يشعر بالغبطة تسري في قلبه فلقد قارب على التمكن من أحاسيسها وإن وصل لذلك ، سوف لن تستطيع الخروج من قوقعته مطلقاااااااا … جلسا على طاولة الطعام ونظر لإنجازاتها التي افتخرت بها بشكل لا يصدق
ميار(يلتقط بالشوكة السباكيتي):- امم أبهرني المذاق صراحة ، يعني أعطيكِ 9 من 10
ميرنا(شربت العصير وهي تبتلع ما بفمها):- أظن أنك كريم جدا معي
ميار(ابتسم بخفوت وتابع أكله):- شكرا لمجهودك
ميرنا(نظرت إليه وهي تضع الكأس من يدها):- أنت أسهل منهما صلحا بكثيررررر
ميار(عض شفته وهو يرمقها بعيون لامعة):- هذا ما حاولت أن أوصله إليكِ كي لا تستصعبيها على نفسك ، غفراني سهل جدا ويتعلق بطبق أكل شهي مع جلسة طيبة كهذه تجعلني أنسى كل شيء
ميرنا:- ههه وفرت علينا مشقة المحاولات إذن ..
ميار:- آسف لأنني أفزعتكِ حين بعثرت الوسط
ميرنا(بارتباك):- لا .. يعني حصل خير لقد استحققت ذلك
ميار(وضع شوكته على جنب):- أتمنى أن أغير نظرتكِ لي ، آمل ذلك حقا
لم تقل شيئا بل اكتفت بابتسامة عفوية ارتسمت على وجهها بشكل تلقائي ، أما هو فقد لمس ذلك وزفر عميقا وهو يستمتع معها لأول مرة بتناول الطعام ، وهذا ما جعلها ممتنة منه لا تدري لما استشعرت تلك الراحة بعد انتهاء تلك المشكلة بينهما لكن عرفت أنها بالغت في ما قالته ، ما كان عليها أن تعالج الأمور عن طريق الإهانة وتقليل الشأن ، وبما أن ميار ذو عزة نفس وكبرياء طبيعي أن يغضب بذلك الشكل المهول ، المهم انقضى الأمر وتعلمت درسا مهما في حياة ميار نجيب وهو عدم تجاوز تنبيهاته لأزيد من مرتين .. كفووو والله ^_^ …
في ذلك الوقت وعند حكيم الذي كان ما يزال في المستشفى يبحث مع عفاف عن ماهية تلك الأدوية ، لعله يجد طريقا إلى غضنفر الكلب ويريح البشرية من وجوده النتن …
حكيم(بحماس):- هاه يا عفاف يعني ماذا ؟
عفاف(نظرت للحاسوب خاصتها):- يعني أنه يمكننا التوصل إليهم بطريقة ما ، فبخصوص الحقنة فهي لشخص مصاب بمرض السكري أنسولين يعني ، وهو يحتاج إليه بشكل يومي تعرف ذلك صحيح ؟
حكيم:= هذا مربك يعني هي متوفرة في كل مكان ، ولن أستطيع تحديد مكان واحد لابتياعها ؟
عفاف:- مرض السكري منتشر في كل مكان بشكل مهول كما قلت يا حكيم ، لذلك توفير الأنسولين وارد بكثرة .. لكن حسبما أرى فهذا النوع قد ينتفع منه من تم تشخيص حالته المتأخرة ولم يراعيها ،، شكلك لم تستوعبني بعد ما قصدته أن نوع هذا الأنسولين المستخدم في هذه الحالة متوسط المفعول بمعنى أن مفعوله يبدأ بعد ساعتين من حقنه تحت الجلد ويكون تأثيره قرابة 24 ساعة تقريبا ، ولونه غير صاف كلون الحليب تقريبا ويعطى مرتين في اليوم صباحا ومساء
حكيم(وضع يده على فكه):- أهاه طيب يمكننا حصر نسبة المحتاجين لهذا النوع لو حاولنا ذلك ؟
عفاف:- يمكننا طبعا فقط لأتصل بالموردين معارفي ، فهم من يوزعونه على المشافي والصيدليات سأقوم بحصر للأمر بمدينتنا لكي أضيق البحث وبعدها أرى إلى ما سنتوصل
حكيم:- ستساعدينني كثيرا يا عفاف بهذا البحث ، بليز سارعي في الأمر ولو أردتِ اطلبي مساعدة من رفاقك وأنا جاهز لدفع أي أتعاب
عفاف:- ولو يا حكيم أنت أخي ويسرني خدمتك
حكيم:- تسلمي يا زوجة أخي الغالية ، طيب بخصوص شريحتي الدواء الأخرى ماذا عنها ؟
عفاف:- واحدة تخص منع الحمل والأخرى لم أستطع تحديدها لأنها لا تحمل اسما ولا علامة
حكيم:- أهاه طيب أليس لديكِ فكرة عن ماهيتها مثلا ؟
عفاف:- لست متأكدة لكن هكذا أدوية لا تحمل علامات يعني ، غالبا ما تكون عشوائية ربما تكون مبتاعة من السوق السوداء مثلا .. قد تكون مهدآت أو مخدرات حتى
حكيم(بتوجس عقد حاجبيه):- امم فهمت الآن ، طيب لن أثقل عليكِ سآخذ هذه الشريحة لأبحث بطريقتي الخاصة وآمل أن تعطيني سريعا لائحة المرضى
عفاف:- سأبدأ البحث فورا لا تقلق اعتمد علي ، علني أساعدك بما أستطيع
حكيم(صافحها بمودة وهو ينهض):- تمام إذن ، آه أريد أن يبقى الموضوع بيننا يعني تعرفين أهلنا ما شاء الله فيهم عرق الاستجواب بالفطرة
عفاف:- ههه كن مطمئنا سيبقى الأمر بيننا ..
شكرها حكيم بمودة وغادر مرتاح البال قليلا يعني أقله سيضيق الفرص على غضنفر وسيبحث عنه بهذه الوسيلة ، لحظتها اتصل بطلال ليؤكد عليه مكان اللقاء وطلب منه ملاقاته مع الرجال في دار البلدية ليتجه من هناك رفقتهم صوب عرين ميار بعد عدة ساعات .. لكن قبل ذلك توجب عليه أن يلتقي بنور عند باب الشؤون الإدارية حيث كانت تنتظره بدون حياة ، عيونها المحمرة تخفيها تحت نظارات وذقنها مرتفع بإباء ساخر ممتزج بالغضب الجامح ، حاولت أن تخفف من وطأة عصبيتها قليلا لكن وجدت أن كل شيء مستفز حتى ذلك العبد لله الذي أتى ليمسح نافذتها المسكين كي يسترزق الله وجد نفسه في موقف صعب..
نور(وهي تضع يدها على خصرها):- هل طلبت منك مسح نافذة سيارتي ؟
العاملّ(بحرج وتوتر):- لا يا سيدتي
نور:- تمام أخبرني لما أنت تزعجني بمسحك لها ،ألا تعلم أن إزعاج المارة أمر سيجعلك عرضة للطرد يعني لو أردت منك أن تمسحها لكنت طلبت ذلك ببساطة ، إنما أن تأتي وكأنك الذكي الوحيد الموجود على كوكب الأرض وتتصرف كأنك نزق لأجل مراضاتي فعذرا هذا شيء لا أقبله ..
العامل:- لم أقصد أي شيء من هذا سيدتي وأتأسف منكِ مجددا
نور(زفرت بعمق وهي تمسح على رأسها):- أعصابي تالفة لا تأخذ ببالك ، لكن مرة أخرى استشر ما ربما هنالك من لا يرغب بمسح نافذته وسيعتبره إزعاجا .. أخبرني كم تريد ؟
العامل(أحنى كتفيه بخيبة وتراجع):- لا شيء فقط اعذريني
نور(شعرت بأنها بالغت في ردة فعلها حين غادر وهو يجر دلوه ومنديل المسح بوهن):- هيا نور قد جرحتِ الرجل ولا ذنب له في حالتك العصبية ، حرام عليكِ افف ما هذه العجرفة التي أصبحتِ فيها .. هييه يا أخ لو سمحت
العامل(أشار لنفسه):- أنا ؟
نور(بابتسامة مريرة):- أجل أنت ..
العامل(عاد إليها ببسمة):- نعم سيدتي
نور(نظرت لسيارتها):- يمكنك مسح نافذتي إن أردت ذلك ، سأكون مسرورة بالأمر
العامل(نظر للأرض ورفع رأسه إليها):- صحيح أننا فقراء يا سيدتي لكننا نملك عزة نفس ، لا أستطيع أن أمسحها لكِ الآن .. قد يكون هنالك تصرفات عفوية هي التي تحدد أولوياتنا في الحياة وبالنسبة لما أقدمتِ عليه فقد كان مهينا لدرجة جارحة ، وعليه اعذريني
نور(رمشت وهي تزيل نظارتها كي تراه):- ما اسمك ؟
العامل(دهش حين رمق عيونها الدامية وهالاتها المنتفخة وفهم أنها تعاني من خطب ما):- عذرا هل آذيتكِ بكلامي ، سامحيني والله لم أعرف أنكِ حزينة .. أنا أدعى توفيق
نور:- طيب يا توفيق أنا امرأة سيئة الطباع حادة ولا تتعاط مع أي أحد غريب ، لكن هنا أجد نفسي مذنبة فهل لو يعني اعتذرت منك ، ستقبل اعتذاري ؟
توفيق(بدهشة):- لا لا العفو منك سيدتي والله لم أنوي تصغيركِ لا سمح الله
نور:- كفى .. أ.. أنا أمر بوقت عصيب فلا تنزعج مني
توفيق:- لا بأس .. إن مع العسر يسرا
نور(رمقت ابتسامته الطيبة وابتسمت بشرود):- كم عمرك يا توفيق ؟
توفيق:- 47 عاما
نور:- وهل هذا هو عملك ؟
توفيق:- يا سيدتي هل وجدنا غيره وقلنا لا ، هي لقمة عيش نقاتل لأجل كسبها لإطعام الأفواه الجائعة بالبيت ..
نور:- وهل معاشك جيد من هذا العمل ؟
توفيق(بإحراج):- مستورة والحمدلله
نور:- أجبني بصدق ؟
توفيق(بتردد وحرج):- يعني هي لا تكفي مصاريف مدرسة الأولاد على دواء أمي وحماتي ، لكن ربي يساندني على توفير كل ما يحتاجونه ، أمي تقوم بمساعدة زوجتي على تحضير الخبز المنزلي وبيعه في الأسواق وهذا كل يوم بيومه لكن الحمدلله على كل حال ، كل ما جاءنا من عند الله رزق نشكره عليه
نور(أخرجت بطاقة أرقامها):- في هذه الفترة وقتنا لا يسمح بمزاولة العمل كما في البداية ، لذلك نحن بحاجة لمن يجيد إعداد المخبوزات ، أتستطيع إحضارهما لبدء العمل بمحلنا ؟
توفيق(أمسك البطاقة بدهشة):- أتقصدين توفير عمل رسمي لهما ؟
نور:- أهاه هذا ما أقصده ، اتصل بي حين تكون جاهزا لأدلك على العنوان الذي ستحضرهما إليه لبدء العمل فورا ، وبالنسبة لك أترغب بأن تكون حارس أمن سيكون المكسب مضاعفا عما تكسبه من مسح السيارات هنا ؟
توفيق(بصدمة منها):- بصراحة اندهشت
نور:- هه لا تندهش هكذا فرص لا تأتيك كل مرة ، هو مجرد قدر لنراجع معا أنا هنا أنتظر ابن عمي الذي تأخر علي وجعلني أنزعج علاوة على الانزعاج الذي يقهرني من الداخل ، وهذا كله يزيد من عصبيتي التي أفرغتها في نقاشي معك .. أنت عاملتني بأدب ولباقة وقمة الأخلاق إزاء فظاظتي التي لا تغتفر وعليه فكرت في أن أعطيك فرصة عمل تحسن من وضعك المعيشي .. يعني بالمختصر المفيد الله جمعنا ها هنا ألا تتفق معي ؟
توفيق(بتمعن صادق):- معكِ حق .. يعني أنا جاهز طبعااا
نور(ابتسمت له):- طيب وأنا في انتظارك في أقرب فرصة
توفيق:- بالنسبة لزوجتي وأمي كان واضحا عملهما ، لكن أنا لا أعرف ماذا يتطلب مني كحارس شخصي ؟
نور(لمحت قدوم حكيم الذي صف السيارة خلفها):- أنت ستكون رئيس الحرس بشركتنا الجديدة ، هيا افرح قد ابتسم لك القدر وقد وصل ابن عمي
حكيم:- هووه نوري تضحك إذن هذه بشارة خير لا محالة ، مرحبا
توفيق(صافحه بحماسة):- مرحبا سيدي مرحبا
نور:- أعرفك يا توفيق بمدير شركتنا التي سنفتتحها قريبا جدا ، حكيم أعرفك برئيس الحرس خاصتنا سأصطحبه لمقر الشركة في أقرب فرصة ليبدأ العمل قبل موعد الافتتاح
حكيم(صافحه بمودة):- طالما السيدة نور قد رأت فيك خيرا ، أنا ليس لدي أي مانع
توفيق(بفرح ضم يديه لصدره وهو يشعر بالفرح):- لا أعلم من أين أتيتماني في وقت ضيقتي ، لكن بسبب الفرحة التي أدخلتماها لقلبي أتمنى أن يبعد الله عنكما كل سوء ويفرح قلبكما
نور(أشارت لحكيم ليتحركا):- هيا توفيق إلى البيت الآن أمسك هذه كدفعة لراتبك الشهري ، خذ لأولادك بعض الفاكهة وتدبر أمرك نلتقي بعد حين
توفيق(أمسك النقود منها وهو يعضعض شفتيه وينظر للأرض حرجا):- شكرا شكرا لكما
حكيم(تنفس عميقا وربت على كتفه):- ارفع رأسك فالحاجة ليست عيبا ، نحن أيضا نعرف الأصول فمحسوبك خريج صنعة النجارة وأختك في الله خريجة صالون تجميل للنساء ، يعني كلنا ناس عاديين جدا
توفيق(دمعت عيناه من أخلاقهما العالية):-0 ربي يكثر من أمثالكما ..
نور(تأبطت ذراع حكيم):- آمين … استمتع بالراحة فأمامك أيام تعب لا حصر لها وداااعا
توفيق(لوح لهما):- وأنا في الخدمة ههه وداعا وداعا …
حكيم(تقدم معها):- من أين التقيتِ به ؟
نور:- هو الذي وجدني صراحة ، يظهر عليه أنه درويش وفي حاله لذلك ارتأيت أن نضع شخصا أمينا مثله بشركتنا
حكيم:- فعلتِ خيرا ، والآن أخبريني هل أنتِ جاهزة لأخذ رئاسة الشركة نور الراجي ؟
نور(أشارت قبل دخولهما من الباب):- مؤقتا فقط ، لن أقبل أن آخذ تعبك حكيم
حكيم:- أنا وأنتِ واحد يا بنت ، ثم لا أجد أحدا أثق به في هذه الآونة غيركِ
نور:- ما الذي يحدث معك يا ابن عمي ، صارحني هل هنالك ما يجب علي معرفته ؟
حكيم:- أنتِ خذي الوكالة ودعينا ننهي هذا العمل فهناك الكثير ينتظرني ، هيا بدون أسئلة
نور:- أمري لله …
دلفا معا لمقر الشؤون الإدارية لكي يتنازل حكيم عن إدارة الشركة لها ، كي تتصرف في غيابه وتكون مسئولة عن كل كبيرة وصغيرة هناك ، في ذلك الحين كان توفيق يزف خبر الرزق الذي انهال عليهم من حيث لم يتحسبوا ..
توفيق:- ألو أمي فرجت يا أمي لقد حصلت على عمل مهم
حسنية:- يا الله يا توفيق هل هذا صحيح ، ربي معنا أترى كم أن دعواتنا وصلت إليه واستجاب لها الحمدلله زوجتك وحماتك ستفرحان بالخبر
توفيق:- سأعود باكرا للبيت لا تطبخوا أي شيء ، سأحضر أكلا جاهزا لنا
حسنية:- لا يا ولدي يعني لا تهدر ذلك المال
توفيق:- دعينا نستمتع مرة في الزمن يا أمي ، ثم الناس الذين سأعمل معهم أكابر أكيد ربي بعثهم لي من السماء هيا سآتي بعد قليل وأحضر حلويات أيضا ، سلام
حسنية:- سلام يا بني ربي يحفظك .. يا الله شكرا لأنك تمهل ولا تهمل عبادك ..
كانت صدفة أن يكون توفيق هو ابن حسنية التي يصدف أنها زوجة رماح ، يعني الدنيا صغيرة جدا لدرجة أنها تجعل القوي يقع في أيدي الضعيف حين تدور عجلة الزمن وتغير المواقع.. ففي ما مضى كان رماح رجلا ثريا يملك من المال ما يعيله ويعيل أحفاده حتى لكن حين دخل لطريق الحرام وشهد شهادة الزور ، عاقبه الله بالمرض العضال واندثر ماله في السيئات حتى تبخر مع الوقت وجوده الذي لم يجلب لأهله سوى المصائب .. موت زوجاته انحراف أولاده قتلهم وموتهم المفاجئ والذي لم يسلم منه سوى حسنية وابنها توفيق نظرا لطيبة قلبهما ولأنهما لم يكونا من الأشخاص السيئين ، بل راضين بما قسمه الله عليهم شاكرين له جميل نعمه .. لكن لن نستطيع معرفة هذه الصدفة إلى أين ستؤول إنما لدينا كل الوقت لذلك ..
بعد مدة خرجت نور وحكيم من المقر بعد أن وقعا على التنازل وهنا تحملت نور المسؤولية على عاتقها أقله تشغل نفسها هذه الفترة بعيدا عن ديباجة فؤاد رشوان ، ودعها حكيم في ساعته وحينه وأمرها بمباشرة العمل واستشارة المدبرين الذين سيساندونها في جعل الشركة تقف على قدميها وتدخل بقوة للسوق ، طبعا نور كفؤ لذلك أوكل لها كل شيء ليبق مرتاح البال لعله يقف بثبات أمام المصائب التي تنتظره .. انطلقت هي لمقر الشركة الجديد خاصتهم بينما انطلق هو للبلدية ووجد هنالك سيارة طلال وبعضا من الرجال ..
طلال:- كيفك يا صاح ، أصبحنا نراك كالهلال يا رجل ؟
حكيم:- وحياة أمك ، ههه لقد التقينا أمس حتى .. المهم أين بقية الرجال ؟
طلال:- أكيد لم تشأ مني إحضار ذلك الأسطول لأجعلهم يصطفون أمام البلدية صح ؟
حكيم:- هه حقا لم أشأ ذلك ، المهم سأطلب منك أمرا حساسا جدا يا طلال مسألة حياة أو موت .. اعتبر أن صداقتنا وسنين عمرنا كلها في كفة مقابل هذا الموضوع الخاص ..
طلال(وضع يده على كتف حكيم):- خيرا يا رجل ، هل أنت بخير ماذا يحدث ؟
حكيم:- لا تقلق لم يحدث شيء ، فقط احتياطا للقادم أريد منك معروفا ستقدمه إن حدث لي مكروه لا سمح الله
طلال(ارتجف بخوف وأمسكه من ذراعه):- له يا حكيم ، ماذا هناك أفزعتني ؟
حكيم:- الله يخرب بيت طبع خالتي أم طلال ، يا عزيزي ليس هنالك شيء أقول احتياطا
طلال(رمش بعدم فهم):- طبعا أنت تعرف أنني أخدمك بعيوني ، وأن سرك في بئر معي لن يسمع به مخلوق يمكنك الاعتماد علي
حكيم(ربت على كتف صديقه أيضا):- وهذا ما جعلني ألجأ إليك .. يوم البرنامج أشعر بأنه لن يمضي على خير وتحسبا لأي طارئ
طلال(ساوره القلق):- بصراحة أنا خائف مما ستخبرني به
حكيم:- اسمعني ولا تقاطعني ، أنا لا أستطيع ائتمان أي أحد في هذه الدنيا غيرك حيال هذا الموضوع المصيري لذلك كف عن السخافة وأصغي لي جيدا … سوف ندخل سوية لمقر البلدية لأهبك شيئا أنت الوحيد الذي ستستطيع التحكم فيه لو تعرضت لأي خطر
طلال(تضخم صدره أكثر):- خطر من أي نوع ، ثم ما الذي سيحدث ستحضر ميرنا البرنامج تستقيل وتنتهي المشكلة وكل يعود لبيته
حكيم:- كنت لأتفاءل مثلك لو أنني لا أعرف مكعب الصخر عن ظهر قلب ، هي لن تستسلم ولو على سيف الموت وعليه يجب أن نأخذ كل احتياطاتنا ومن بينها هذا الإجراء … هااا هل ستوافق أم أنك ستجلطني هنا في محاولة إقناعك ؟
طلال:- ألا يجب أن أعرف بداية عن ماذا سنتفق وأي وكالة تتحدث عنها ؟
حكيم(زفر عميقا وهو يشعر بطعنات تشمل قلبه):- وكالة حياتي …
طبعا لم يفهم منه طلال ولا حرف حتى دخلا للبلدية وأعطاه حكيم الوكالة المقصودة ، هنا وقع طلال بقلة حيلة وشعر بالألم يعتمر صدره وكأن هم الدنيا قد سقط عليه ، لذلك مذ خروجهما وهو مقطب حاجبيه وملامحه لا تفسر
حكيم:- هه حسن لا تبتئس ، هذا أمر مهم بالنسبة لي وأنت قدمت هذه الخدمة لصديقك
طلال(بعصبية):- لم أفهم ما الداعي لهذا الهراء ، ولعلمك ما إن ينتهي البرنامج ويعود كل لحياته الطبيعية سأفسخ هذه الوكالة لا أريد أن أنوب عنك في أي شيء أسمعت ؟
حكيم(عانقه بحرارة):- آخ على صديقي اللطيف ، لا أدري بدونك كيف كنت سأستمتع بهذا الجنون يلا أمامنا أيام مضاعفة من هذا
طلال(سار معه للسيارات وفي قلبه يبتلع غصة):- ستكون بخير يا صديقي ؟
حكيم(اهتزت عيناه):- لا أحد يعلم مصيره في هذه الحياة ، نحن موجودين اليوم لكن غدا لا أحد يدري .. لذلك لنقم بما ينتظرنا ولننطلق إلى عرين الفهد البري
طلال:- كيف تنازل السيد وأرشدنا للعرين ؟
حكيم(مط شفتيه وهو يركب سيارته):- أصبحت تصرفاته غير متوقعة لذلك لا تنبهر ، هيا دع أحدهم يأخذ سيارتك ويلحق بنا واركب معي
طلال:- على عيني لكن بليز وحياة خالتي مديحة لا تضع لي أغاني رومانسية ، أفضل الشعبي
حكيم(ارتدى نظارته الشمسية):- افعل ما شئت على بركة الله ..

في بيت الراجي
كانت جوزيت جالسة بغرفة ميرنا تنتظر الفرج ، فلم يعد هنالك غير يومين وينتهي هذا الكابوس ربما ، كم شعرت باشتياقها الهائل لناريانا لحظتها ونظرت لهاتفها مليا يعني لو اتصلت ولم تخبر أحدا أكيد لن يتضرر الكون ، وعليه لم تطل التفكير أكثر فعَّلت الاتصال وأخذت تنتظر الجواب
ناريانا:- نو وي .. لا تخبريني أنكِ جوزي ؟؟؟
جوزيت(ببكاء):- اشتقت لكِ يا شقرائي ، اهئ ريانا ليتني أستطيع معانقتكِ الآن لا تعلمين كم افتقدتك يا حبيبتي الغالية
ناريانا(ببكاء أيضا):- يا روحي وأنا افتقدت مشاكستكِ ، طمئنيني عنكِ أشعر بحزنك ؟
جوزيت:- كيف عساي أكون ، أنا أمرر الأيام فقط
ناريانا:- لماذا هل عائلة ميرنا يعاملونكِ بسوء ، هل كشفوا أمركِ ؟
جوزيت:- لا هم لطفاء جدا معي لا أحد كشفني سوى جدتي ،، جدتهم يعني ..
ناريانا:- لا بأس يا جوزيت أنتِ لا تقترفين ذنبا حين تنسبين نفسكِ إليهم ، وتعاملينهم وكأنهم عائلتكِ لأنهم هكذا أصلا
جوزيت:- يا ستي دعينا لا ندقق في هذه المسألة ، أخبريني عنكِ أين أنتِ وماذا تفعلين ؟
ناريانا:- أنا بالفيلا التي أتينا إليها في زيارة لميار أول مرة حين استقبلنا ، وطبعا لم أخلو من طيش ذراعه اليمين رشيد الحمار ، حاول أن ينالني ولكنني جعلته عرضة للسخرية أمام رجاله حين كممت فمه وربطت يديه ورجليه بالكرسي وجعلتهم يفكون قيده ليغيثوه
جوزيت:- يا إلهي ، أكيد سيتوعدكِ بالانتقام ؟
ناريانا:- وليفعل أنا لها ، لن أدع أحدا يلمسني دون رغبتي ثم قد فكرت في كلامكِ جيدا في ظل الظروف الراهنة ، يعني بما أنه تسنى لي البقاء لوحدي فترة أطول بهذا السجن .. قررت ألا أدع أحدا يقربني إلا الرجل الذي سأحبه ويحبني ونتزوج بعدها فقط سأكون له امرأة بحق
جوزيت:- يا عمري لا تتصورين كم أراحني كلامكِ ، جيد ما فعلته وأكيد ربي سيحسبه لكِ ويغفر خطاياكِ السابقة
ناريانا:- خطايانا كثيرة يا جوزيت ، هل سيغفرها الله جميعا ؟
جوزيت(فركت يدها بقلق):- لا أعلم لكن الله سبحانه وتعالى غفور رحيم ، وهو يغفر الذنوب جميعا إلا الشرك به ونحن الحمدلله لسنا كذلك برغم آثامنا التي أجبِرنا عليها يا صديقتي إلا أننا نملك قلبا أبيض وطيبة أكبر
ناريانا(بطمأنينة):- معكِ حق ، لولا الشيطان الذي يزين لنا أعمال الشر لكنا بخير
جوزيت:- هي الغريزة حين تأبى أن تخرس يا بنتي ، نتمنى ألا ننجرف
ناريانا:- أتمنى ، لكن هل تعتقدين أن الرجل الذي سأتزوجه سيرضى فيني ؟ يعني تعلمين تفكير الرجال الشرقيين ونحن تطبعنا بطبع الغرب حد التفاني
جوزيت:- ههه لا تخلطي يا بنت يعني استمتعنا قليلا ماذا نفعل طيش شباب ، والآن لا يسعنا سوى الإخلاص لمن نحب
ناريانا:- أنتِ وجدته يختي لكن ماذا عن العانس أختكِ مازال البحث جاريا ..
جوزيت:- ستجدينه قلبي ينبئني أن ذلك قريب..
ناريانا:- على الله..آه نسيت أن أخبركِ أن حكيم اتصل بي وطلب مني أن أحضر نفسي خفية عن رشيد ورجال رشيد سيأتي الليلة ليصطحبني لمكان آخر لا أدري لما يخطط
جوزيت:- أنا أعلم ، يعني طلب مني ألا أخبركِ حتى يحين الوقت لكن بما أنني اتصلت دعيني أضعكِ بالصورة ، سوف نهربكِ الليلة
ناريانا(بعدم فهم):- تهربونني ولكن لماذا ؟
جوزيت:- هكذا ستكونين بأمان الأيام المقبلة حاسمة جدا ، ولا أريد أن أنشغل بأمانكِ لذلك طلبت من حكيم التصرف كي لا تكوني ورقة ضغط علي
ناريانا:- طيب إلى أين سيأخذني ؟؟
جوزيت:- لا أدري صدقا ، لكنه يملك جواز سفرك لقد دللته على مكانه بقصرنا وأرسل أحدهم لعنبر الذي أعطاه له
ناريانا(بحنين):- اشتقت لمزاحي مع عنبر وعن صلعته اللامعة وسحنته المضحكة ، يااااه متى سنعود لأيامنا جوزي ؟
جوزيت(بنفس الحنين):- قريبا يا روحي قريبا ستعود كل المياه لمجاريها
ناريانا:- طب وميار هل ترينه ؟
جوزيت:- وأين سأراه يعني ، يدوب يحادثني من رأس خياشيمه عبر الهاتف .. أشك أنه سيغفر لي خطيئتي يوما
ناريانا:- سيغفر سيغفر فقط أنتِ تمسكي به ولا تستسلمي
جوزيت(سمعت طرق الباب):- طيب حبي كوني متأهبة لما أخبرتكِ به الليلة ، علي أن أفصل الآن نتحدث لاحقا
ناريانا:- تمام حبي نتواصل …
جوزيت(أغلقت الهاتف بسرعة):- نعم تفضل …
نهال(دلفت كالحنش وخلفها شيماء):- عمتي ميرنا نحن بحاجة لمساعدة طارئة
شيماء(استرسلت):- مسألة حساسة ضروري لا تتحمل التأجيل
جوزيت(صغرت عينيها فيهما وقد دخلتا كالنعامة وزوجها):- أيوة وما نوع المساعدة ؟
نهال:- حجة خروج والله ساعة وليس هنالك أكثر
جوزيت:- وإلى أين بمشيئة الله ؟
شيماء:- إلى الثانوية علينا أن نحضر بعض المراجع الضرورية ، فالامتحان على الأبواب والكل يراجع بالمؤسسة إلا نحن وعلمنا من أصحابنا عبر مواقع التواصل أنهم يمدونهم بدعم عبر مراجع يمنحها الأستاذ للتلاميذ ونحن من حقنا إحضارها
نهال:- أجل يعني ذلك سيساعدنا في الحفظ والانتباه أكثر ..
جوزيت:- طيب .. وما المطلوب منكِ لها ؟
نهال:- أن ترافقينا للثانوية وتكونين معنا ، عمتي نور غير متوفرة وأمي ما تزال بالعمل يعني أنتِ المرشحة الوحيدة في عملية الإنقاذ ، إن ذهبتِ سيسمح لنا مجلس الحكومة القابع أسفله بالذهاب أيضا
جوزيت(عضت شفتها):- أمممم لا أعلم صدقا
شيماء:- اعلمي أن نسبة نجاحنا تعتمد على هذه الخطوة ، أيرضيكِ أن يخرب مستقبلنا من بدايته خالتي ميرنا ؟
جوزيت(تنهدت بابتسامة):- وهل يجوز ذلك أكيد لا ، تمام دعاني أخبرهم بالأسفل وتجهزا سنذهب أمرنا لله
نهال(طارت عليها بعناق هي وشيماء):- يااااي أنتِ أحلى عمة في التاريخ
شيماء:- جملة مستهلكة لا تصدقيها هههه
جوزيت(شعرت بالحنان معهما):- هيا هيا لا ترشوانني بالأحضان وغيره ، ارتديا ثيابكما عشر دقائق وتلحقا بي للأسفل تمام ؟
قفزتا بإيجاب وانطلقتا لغرفتهما بينما هي نظرت بتمعن لحالتهما التي جعلتها تشعر بالدفء والأمن العائلي ، في كل موقف تتوطد علاقتها بهم أكثر فأكثر وعليه ارتدت ما يناسب من الدولاب طبعا من ثيابها التي اشترتها وليست خاصة ميرنا ههه .. المهم جهزت نفسها ونزلت أول واحدة لكي تطرح الإشكالية المصيرية ..
إخلاص:- نعم نعم من أين خرجت هذه المراجع يا روحي ؟
جوزيت:- خرجت من مواقع التواصل الاجتماعي ، وقبل أن تزيدي حرفا أنا سأرافقهما وسيكونان تحت حمايتي ساعة زمن ونعود
مديحة:- بالنسبة لي لا أمانع طالما أنتِ ذاهبة معهما
عواطف:- أنا أيضا ليس لدي مانع
إخلاص:- لكن أنا لدي ، ليس عليكِ ميرنا ولكن عليهما همااااا لأنهما معاقبتان
جوزيت:- فهمنا أنهما معاقبتان لكن هل سيستمر العقاب حيال مستقبلهما الدراسي ، لا أعتقد أنه من الحكمة أن نغلق في وجههما فرصة كهذه
نبيلة(زفرت بعمق وهي تنظر إليها):- قد يعترض أولئك الشباب طريقهم من جديد ، ما أنتِ فاعلة وقتها ؟
جوزيت(فهمت مغزى كلام نبيلة وحركت فكها بقوة):- أنا لست ساذجة حتى أترك المجال فسيحا كي يضايقهم أحد ما ، سأكون هناك بالمرصاد
عواطف:- طيب طيب يا ابنتي افعلي ما ترينه صائبا ، وأنتِ إخلاص العقاب عقاب لكن هذه المسألة لنضعها على جنب تمام ؟
إخلاص:- تمام أمري لله ، لكن رجاء لا تتأخروا خارجا ..
نهال(ركضت هي وشيماء):- لمَّا تعود أمي أخبروها أننا في رعاية عمتي ميرنا حسن ..
عواطف:- يا سلام حمامتين مرفرفتين في الجو
مديحة:- طبعا لأنهما ستخرجان أخيرا ألا تعلمين يعني ههه
إخلاص:- بنت منكِ لها إن تزحزحتما قيد أنملة بعيدا عن ميرنا ، ستخبرني وسأعلقكما في الدرج هناك حتى الصباح
شيماء:- لا تقلقي أمي نحن أهل للثقة
جوزيت(تأبطت حقيبتها):- إذن هيا لنذهب يا صبايا ..
خرجن بعد تلك الجولة التفتيشية الصارمة التي انتهت أخيرا بالموافقة ، وهن يضحكن على استجواب إخلاص ودعم الجدتين والأوامر العليا خاصة نبيلة .. استقلوا سيارة أجرة وتوجهوا صوب الثانوية وهنا لحقهم داغر بسيارته وهو يفعِّل اتصالا بحكيم على الفور ..
حكيم(ما زال في طريقه للعرين):- نعم يا داغر ما الأخبار ؟
داغر:- سيدي لدي خبر مهم السيدة جوزيت قد غادرت بيتكم برفقة الآنستين نهال وشيماء ، أنا ألحق بسيارة الأجرة التي يركبونها
حكيم(ضرب على المقود):- هذه الفضيحة ستجعلني أصفع نفسي من العصبية ، الحق بها يا داغر ولا تفقد أثرها الوضع دقيق جدا .. وما إن تستقر في المكان الذي توجهت إليه اذهب إليها واجعلها تعود للبيت وإن لم ترضى اتصل بي سأجعلك تجرها من شعرها ، ناقصني قلق أنا والله ناقصني …
طلال(رمقه وهو يرمي بالهاتف على حافة المقود):- ما الأمر ماذا فعلت جوزيت ؟
حكيم:- الدنيا مقلوبة من كل حدب وصوب والأخت في الله ولا مهتمة تتنزه مع البنات ، أصلا نحن لا نضمن إن حاول غضنفر إيذاءها خصوصا إذا كان له علم بما حصل يوم الحفل بالخان .. خ رأسي سينفجر حتما ستجلطني كل واحدة فيهن على حدة
طلال:- اهدأ قاربنا على الوصول إلى العرين لا يجدر أن ندخل بهذه الأعصاب ..
حكيم(زفر عميقا وهو ينتظر):- تمام تمام سأهدأ لكن حتى تعود تلك المجنونة للبيت ، وقتها فقط سأرتاح
طلال:- هوه أرى أنك كبدك ملهوف عليها ، ما القصة ؟
حكيم:- قصة ماذا يا أحمق ، إنها ابنة عمي يعني لحمي ودمي لذلك علي أن أقل عليها .. وغيره أشفق عليها أحسها رقيقة جدا وسرعان ما تنجرح ..
طلال:- عذرا لكن المرأة الجريئة التي جابهت السيد ميار يومها ، أبدا لا تتسم بهذه الصفات التي تذكرها الآن
حكيم:- هذا لأنك لم تعرفها عن ظهر قلب …
طلال(بسخرية):- تركت لك أنت القلب والإحساس يا عمري ههه
هزأ منه حكيم وفي آن الوقت خفق قلبه بقلق عليها جديا لأنهم في وضع لا يحتمل الخطأ ..، المهم وصلت مع البنات للثانوية ودلفت رفقتهن إليها ، رمقت الطلاب والتلاميذ وأجواء الدراسة على أوجها هناك وابتسمت لأنها لم تكمل دراستها في مكان كهذا ، بل تلقت دروسا خصوصية بالبيت هي التي جعلتها ضليعة بكل ما يلزم …
شيماء:- تلك هي المكتبة خالتي ميرنا
جوزيت:- طيب ربما يمنعونني من الدخول ، أحضرا المراجع التي تحتاجانها وتعاليا بسرعة سأنتظركما بالقرب من هنا
نهال:- أوك عمتو لن نتأخر ..
شيماء(جرت نهال وتوجهتا للمكتبة):- والآن يا فهيمة ما الذي سنفعله ؟
نهال:- سنحضر المراجع وبعدها نبحث عن الكلبة جيهان
شيماء:- وبعد ؟
نهال:- سنسألها كم سؤالا وبعدها سنعرف إن كانت متورطة في محاولة الاغتصاب أم لا ..
شيماء:- ليكن ذلك سريعا لأنه لو شمت خالتي ميرنا خبرا بخطوتنا هذه ، ستفقد ثقتها بنا
نهال:- ولو يا بنتي أصلا نحن لم نكذب صدقا نحتاج لتلك المراجع ، وفي آن الوقت سنستغل الفرصة هذا كله ..
شيماء:- اللحاق بكِ يشبه اللحاق بالقطار السريع ، آمل ألا تحدث مشكلة جديدة مش ناقصين
دخلتا للمكتبة وأحضرتا ما يلزمهما وحين قررتا الخروج للبحث عن جيهان ، أتتهما بنفسها للصدفة البحتة وما إن لمحتهما حتى اختل توازنها ارتباكا وتعثرت في مشيتها حتى كادت تسقط ، هنا أحاطتها كل منهما من جنب ..
نهال:- والله وأصبحنا نراكِ في الأحلام آنسة جيهان
جيهان:- أ.. نهال شيماء ههه كيف حالكما ؟
شيماء:- نحن بخير والحمدلله ، لكن ماذا عنكِ سمعنا أنكِ لا تأتين هنا كثيرا خيرا ؟
جيهان:- أ.. ليس هنالك سبب محدد ولكن تعلمان متاعب التحضير للامتحان
نهال(اقتربت منها بحذر):- نعلم ذلك جيدا ، ونعلم أيضا أنكِ متواطئة مع شامل وهشام وإن أنكرتِ ستكونين كاذبة بالنسبة لنا
جيهان(صرخت بشهقة وهي تتراجع للخلف):- هل أنتما مجنونتين ، أنا أتواطأ مع ذلك المجرم هشام وصديقه شامل .. لما هل أنا خرقاء كي أبيع صديقتيَّ يعني ؟؟؟؟
شيماء(جذبتها من يدها):- والله هذااااا ما عليكِ الإجابة عليه يا جيهان
جيهان(جذبت يدها وهي تخرج من المكتبة):- يا إلهي أكاد لا أصدق أنكما تتهمانني ، يا للفظاعة ابتعدا عني ابتعدااااا .. والديَّ نبهاني ألا أتعاط مع أشخاص مثلكم واحدة أبوها مسجون والأخرى أبوها باع ابنته لوالد الشخص الذي اعتدى عليها بالمال ..
هنا تضخم الغيظ في عيون وقلوب شيماء ونهال ، وكل منهما رفضت أن تسمح لها بإهانتهما أكثر ، لذلك جذبوها للخلف وسقطا فيها ضربا واجتمع الشعب من حولهم ومن سينقذها منهما هه وقعت ولم يسمي عليها أحد ^^ …
تدخل الأساتذة بصعوبة ليوقفوا ذلك الخصام بين ثلاثتهم ، وطبعا الشباب كانوا يسخرون بشكل حماسي من منهما تغلب ووصل الخبر للثانوية كلها حتى التحق الجميع ومن بين شامل وهشام اللذين وقفا ليتفرجا من بعيد .. أما جوزيت فما إن سمعت أن هنالك معركة شعرت أنها متعلقة ببنات أسرتها يعني جينات ما شاء الله … تقدمت إليهم وهي تطرق بكعبها الأرض ومع فستانها الجذاب الذي كان منظرا مختلفا في ربوع الثانوية ، وشكلها المثير والمسر للناظرين ابتعد كل من كان يتفرج عن طريقها ليفسحوا لها المجال ..
جوزيت:- نهااااال شيمااااء توقفا فورا عما تفعلانه …
المدير:- هذا غير لائق في حرم الثانوية ، سوف تعاقبن وتحرمن من اجتياز الامتحان
نهال(بهلع):- هئئئ ماذا تقول يا سيادة المدير حرام عليك ، نحن لم نفعل شيئا فهذه هي التي يجب أن تحرم منه لأنها المتسبب الوحيد فيما حصل لنا
شيماء(بخوف):- أجل يا أستاذ أجل والله ليس لنا ذنب
المدير:- ستلحقان بي للإدارة وأنتِ أيضا انهضي من عندك
جيهان(نهضت تجمع شعرها المشعث):- هممم ..
جوزيت(نظرت إليه من تحت لفوق):- من يكون هذا ؟
شيماء(عضت شفتيها لها):- إنه المديييير يا خالتي
المدير(نظر لجوزيت ونحنح):- وأنتِ من تكونين ؟
جوزيت:- أفضل أن نتعرف بمكتب حضرتك ، ممكن ؟
المدير(حرك ربطة عنقه):- لن أتساهل وقلت كلمتي ثلاثتهن مطرودات
جوزيت:- من أين الاتجاه لمكتب سيادتك أيها المدير ؟
المدير(رمقها وهي تتمايل قبله ورمش بعينيه):- من تلك الزاوية ..
نهال(كانت ستلحق به لو أنها لم ترى وجه هشام بين المتفرجين وتنقض عليه):- أيها الحقير أما زلت تدور هنا ، سآكلك اليوم بأسناني تبا لك تبااااااااااااا …
أخذت تضربه وشاركتها شيماء التي رأت شامل وجمعتا الشابين معا ، واللذين دافعا عن أنفسهما أكيد ولكن من سيفك هذه الديباجة .. نظرت إليهما جوزيت بقلة صبر بينما حاولت جيهان التحرك لكي تهرب واعترضت بطريقها
جوزيت:- إلى أين يا روحي ؟
جيهان(ببكاء):- أنا أ… أناااا
المدير(صفر بصفارته):- يكفيييييييييييييييييييي …
هشام(نظر للدم الذي خرج من خده):- أيتها المتوحشة تبا لكِ
نهال(أمسكنها بعض البنات عنه):- أيها الحقير سوف تحترق في نار جهنم
هشام:- اخرسي أيتها اللعينة ستندمين على ما فعلته أقسم لكِ ، سأجعل أبي يدمر أباكِ المسجون لن يخرج منه حتى الموت
نهال(هنا عضت شفتيها ونظرت لجوزيت التي تقدمت إليه بصرامة):- هء
جوزيت(صفعته صفعة مدوية وأمسكته من ياقته وجذبته إليها):- إن فتحت فمك بحرف آخر عن والد نهال ، أقسم لك أنني سأكون جد مسرورة بكتابة الفاتحة على شاهد قبرك
شامل(بحركة الفزع):- أو ماماميا لقد ارتجفت من الخوف
جوزيت(دفعت هشام وأمسكت شامل جاذبة إياه):- وأنت أيضا سأحرص أن يكون قبرك جوار قبره ، حرام صديقين في الحياة وبعد الموت تمام ؟
المدير:- يا إلهي جئنا نفك المشكلة مع البنات طلعنا مع التي هي أكبر منهن ، هيا كلكم لمكتبي فورااااااا فورااااااا
جوزيت(كتفت يديها وهي ترمقهما متجهين لمكتبه ونظرت للبنات خلفها):- وأنتما أيضا ، وأنتِ يا أيتها الدجاجة المنكوشة من ارتجافكِ هذا موقنة أنكِ متورطة في الموضوع
جيهان(تحت أسنانها):- يا إلهي ما هذه الورطة
التلاميذ(بوشوشة سمعتها نهال):- هل حقا أبوها في السجن ، يقولون أنه هناك قبل ولادتها ، أبصر ما الجرم الذي ارتكبه لينال هذه العقوبة ، ربما قتل أحدهم أو سرق ،…
كانت تستمع بعيون دامية وهي تتنفس بعمق ونظرت لشيماء التي أتممت تعديل حجابها وأمسكت يدها بمساندة ، وتابعتا الطريق نحو غرفة المدير حيث جلس على مكتبه وجعل الخمسة يقفون قبالته أما جوزيت فجلست على الكرسي قربة ..
المدير:- هنا ثانوية لا يمكنكم أن تفتعلوا المشاكل بحرمها ويمر الأمر مرور الكرام ، يجب أن تعاقبوا على ذلك لكي تتعلموا أصول وقوانين المكان الذي دنستموه بفعلتكم الشنعاء
شامل:- ولكن نحن ماذا فعلنا هما اللتين هجمتا علينا ، لم يكتفيا بادعائهما الكاذب حول محاولة اغتصابنا لهما أصلا من سيرغب بذلك
هشام:- أي والله كلاهما أقذر من الأخرى
جيهان:- وأنا أيضا اعتبرتهما صديقتيَّ ولكنهما تتهمانني بالتورط مع هشام وشامل ، والله يشهد أن ذلك غير صحيح لقد دعوتهما لحفلة عيد ميلاد أخي بحسن نية لكن مؤسف ما فعلتاه
المدير:- نهال وشيماء ، هذه المرة الثانية التي تفتعلان فيها مشكلة في الثانوية .. خصوصا أنتِ يا نهال في المرة السابقة قمتِ بضرب هشام واليوم أيضا كررتها إذن لم تنتبهي للتنبيه الذي قدمناه لكِ يومها وكان بضمانة الأستاذ نديم ، آه ليته كان هنا ليرى كفالته أين وصلت
شيماء(برفض):- ولكن …
نهال:- نحن الضحية وليس هم
المدير:- شتتت اخرسن من أعطاكن الإذن بالكلام ..؟؟؟
جوزيت(رفعت حاجبها وهي تضع ركبة على ركبة بأنوثة وطرقت بإصبعها على سطح مكتبه):- لحظة انتباه لو سمحت .. ألا ترى معي هنا بعض التهكم ، يعني أفسحت المجال لهؤلاء بالكلام .. وحين همت شيماء ونهال بالحديث أوقفتهما ما هذه العنصرية ؟
المدير:- لو سمحتِ لا تتدخلي ..
جوزيت(ضربت بيدها سطح مكتبه):- إلى هنا وكفى … فهمنا أنك تخشى من زكريا ربيع أكبر تاجر قطع الغيار في الجهة ، وفهمنا أيضا أنك تضع خاطرا لوالد شامل والذي يصدف أنه صديقك في النادي وتلعبان معا رياضة الغولف بصفاقة وتستذكران سماجة الأحاديث ، وأيضا هنالك والد جيهان الذي يدبر لك أمورك بالمعاش وغيره …
المدير:- ما الذي تحاولين قوله ، أفصحي ؟؟؟؟
جوزيت:- إن كنت لا تعلم مع من تتحدث فنصيحة مني لا تتطاول بالحديث ، فمصالحك مع آباء هؤلاء في كفة ووجودي أنا في كفة أخرى
المدير:- ومن تكونين من أصله ؟
شيماء:- إنها صحفية مرموقة لا يوجد من لا يعرفها ميرنا الراجي
المدير:- آه هذه أنتِ إذن من تفسدين أخلاق الشباب بخواطركِ الغرامية وتحاولين تحريف عقولهم للفساد ، لا ضير إن كانت قريباتكِ متطبعات بذات طبعك
جوزيت(هنا تنحنحت وهي تنهض):- نهال شيماء ، انتظراني خارجا ولا تحتكا بهم تمام
نهال:- ماذا ستفعلين عمتي ؟
جوزيت(زورتها بحدة والعصبية تبرز منها):- انصرفن !!!!!!!!
شيماء(انتبهت لغضب جوزيت وبقلق جذبت يد نهال):- لنخرج
جوزيت- وأنتم إن كنتم لا تفضلون العودة لبيوتكم بعاهات مستديمة ، لأسمع أنفاسكم حتى وسترون مني ما لا تتوقعونه ، أخرجووووا
المدير:- هيييه هييه هل هذا مكتب أبوكِ كيف تطردين تلامذتي منه يا أنتِ ؟؟؟؟
جوزيت(نظرت إليه وهي تتنهد بنفاذ صبر لحقت بهم وهي ترمقهم بنظرات لا تبشر بالخير وأغلقت الباب بالمقبض وعادت إليه):- إن تسببت بطرد قريباتي اعلم أنك ستجد نفسك ثاني يوم في مكان نائي لا يعلمه أحد ، ستعلق من ذراعيك بسلك حديدي وستوضع تحت قدميك نار تلتهم كل الخشب الموجود حولها لكي تبعث لك حرارتها فتحترق رويدا رويدا يا عزيزي ..
المدير(بهلع تراجع للخلف في كرسيه):- هل أنتِ مخبولة كي تهددين المدير، سأشتكي عليكِ سأطلب الشرطة الآن ..
جلست بأريحية وأخرجت من الحقيبة مسدسها الذي طلبته من حكيم كي تدافع به على نفسها تحسبا لأي موقف مفاجئ ، فتحت الخزان وبدأت تخرج منه الرصاصات الموجودة فيه واحدة واحدة تحت أنظاره .. كان هو يبتلع ريقه بخوف وعرق جبينه يزيد من وطأة الحدث ، تفتف وهو يحاول استجماع حروف لسانه الذي انعقد من شدة الرعب ، أما هي فببرودة تابعت إعادة الرصاصات لمحلها متلاعبة بأعصابه حتى الحد الأقصى
جوزيت(بنبرة جادة):- هيا اتصل اتصل لأنه في الرنة التالية سينفجر رأسك ربما ، وصدقني سأخرج منها كالشعرة التي نسحبها من العجين يعني ستفقد روحك هباء منثورا .. فقرر ؟
المدير(ابتلع ريقه من تهديدها):- ماذا تريدين ؟
جوزيت(كانت تشير بالمسدس وهي تحركه باستفزاز زاده خوفا):- لم أطلب شيئا بعد فقط دع نهال وشيماء وشأنهما ، لا تهمني علاقتك بالآخرين لأنك بالنسبة لي حشرة مثلهم لكن إن صدف وضيعت مستقبل قريباتي أقسم لك بعزة جلال الله ، أنت ونسلك ستتجاورون قرب بعضكم في مقبرة واحدة … وخذ تهديدي على محمل الجد لأنك صدقا لن تكون مسرورا بمعرفتي
المدير(ابتلع ريقه):- تمام تمام يعني ههه لم يحدث شيء ، فقط سوء تفاهم بين الشباب سأعتبر أنه أ.. وكأنني لم أره حتى .. هل أنتِ راضية ؟
جوزيت(زفرت بعمق وهي تعيد المسدس لحقيبتها):- راضية جدا ، آه سيكون جميلا لو أنك تعامل بناتنا بالحسنى من الآن فصاعدا وأي شكوى سأعتبر اتفاقنا قد بطل
المدير(نهض بارتباك):- لالا بطل ماذا أنا لن أضايقهم مطلقا ، بالعكس سوف أحرص على سلامتهم وأمانهم بدءا من اللحظة
جوزيت(تحركت للخروج):- اممم يكون ذلك خيرا لنفسك .. هيا يا بنات لنغادر لقد انقضى الأمر مع المدير
شامل(بسخرية):- ههه طبعا سينقضي مع ساقيكِ الجميلتين من سيرفض لحضرتكِ طلبا
نهال(رمقته بحمم بركانية):- مع كل مصائبك التي اقترفتها وما زلت تسخر أيها النذل التافه
جوزيت(أوقفت نهال ونظرت إليه هو وهشام):- كلاكما ، يجدر بكما تذكر ملامح وجهي جيداااا فمن يدري قد تريانني في أحلامكما أو يقظتكما
هشام:- هء أفزعتنا نحن نرتجف رعبااااااااا حتى
شيماء(جذبتها):- لنرحل خالتي ميرنا هو يحاول استفزازكِ فقط ..
جوزيت:- لا أحد يستفزني أنا التي أستفز ، عيوني عليكما صدقوني قد وقعتما في شر البلية
وأنتِ آنسة جيهان إن كنتِ متورطة معهما لن تسلمي مني أيضا … امتحانا سعيدا
جيهان(التصقت بالحائط خوفا):- هففف
جوزيت(أشاحت ببصرها نحو الأمام ولحقتها البنات):- مرة أخرى لا تضعفا أريدكما هكذااااا تدافعان على حقكما ولو بالضرب ، عفارم عليكم ههه
شيماء:- إنها المتوحشة التي تسير بجانبك توقظ فيني عرق الافتراس وتحولني لكائن جنوني مثلها ههه
نهال:- أي والله حين ينتهك أحدهم حقي ، هنالك شيء في عروقي ينبض ويحثني على القصاص
جوزيت(حركت رأسها بقلة حيلة):- راجية راجية وربي هههه
خرجن من هناك ووجدن داغر بوجههن ، بمجرد أن لمحته جوزيت شعرت بالارتباك وتقدمت قبل البنات إليه حين أشار لها كي يبتعدا قليلا ..
داغر:- ست جوزيت السيد حكيم يأمركِ بالعودة حالا للبيت أنتِ والآنسات
جوزيت:- ومن أخبر السيد حكيم أنني خارج البيت يا ذكي ؟
داغر(نظر أرضا):- أنا ولكن لمصلحتكِ أن تعودي الأوضاع غير آمنة ..
جوزيت:- لن أعود لأنني سأتوجه أنا والبنات لمحل التسوق ، سنبتاع بعض الأشياء لذا عد لسيدك وأخبره أنني أتصرف حسب أهوائي الشخصية .. ها وإن شعر بالقلق أنظر هنا لحقيبتي لدي ما أدافع به عن نفسي
داغر(رمش بقلة حيلة):- لكنكِ ستسمحين لي بمرافقتكم ، أرجوكِ لا توقعيني بمشاكل مع السيد لو سمحتِ ست جوزيت
جوزيت(امتصت شفتيها):- تمام خذنا لمركز التسوق
سبقها بإيجاب للسيارة وفتح لهن الباب وبعد ركوبهن انطلق بهن لمركز التسوق ، لكن ما لم يكن في الحسبان هو تلك السيارة السوداء التي كانت تلاحقهم انتبه لها داغر وأرسل رسالة نصية عبر هاتفه لحكيم دون أن تشعر به جوزيت والبنات اللاتي كن في حديث ساخر عن الخصومة والصفعة والتهديد الذي تعرض له المدير ، طبعا أغفلت جوزيت حكاية المسدس لأن ميرنا مسالمة عكسها .. المهم طوال الطريق والسيارة تلحق بهم وداغر يحاول ألا يثير الانتباه لكن حين وقفوا عند مركز التسوق ووقفت السيارة على بعد أمتار منهم وترجل منها أربعة رجال ببدلات سوداء هنا تضاعف التوتر بداخله ، لكن حين نظر لفرحة البنات مع جوزيت التي أرادت تدليلهن لم يشأ أن يكسر تلك الفرحة ، وعليه خرج بدوره وهو يتأكد أن مسدسه معلق على خصره وجاهز للتدخل في أي وقت ..
جوزيت:- لن تلحق بنا يا داغر ستبقى هنا
داغر(حرك رأسه نفيا):- عذرا رجلي على رجلكن تفضلن …
نهال:- دعيه عمتي لا مشكلة أقله يساعدنا في حمل الأكياس
شيماء:- ههه إنها تنوي على إفلاسكِ يا خالتي ميرنا توقعي ذلك
جوزيت(رمشت بفرحة باطنية):- اليوم أنتما ستستمتعان على حسابي ، ولا تفكرا بأي شيء آخر كل ما أنتما تريدانه سأبتاعه لكما تمام ؟
عانقنها ودخلن جميعا للمركز ، التفت داغر خلفه ووجد أن الرجال محلهم ولم يتحركوا وفهم أنهم بانتظارهم إذ لن يغامروا بالدخول لمكان مليء بكاميرات المراقبة ، اطمئن للأمر وأخذ يراقب هاتفه مرتقبا اتصال حكيم بعد أن تصله الرسالة النصية .. هنا دلفت البنات إلى محل الثياب وغرقن فيه وقضوا وقتا ممتعا في التبديل وقياس ما يروقهن ، أما جوزيت فقد كانت سعيدة بالفرحة المرتسمة على وجوههن استحققن ذلك بنظرها لا محالة .. بعد مرور بعض الوقت انتهين من ابتياع الملابس واتجهن لمحل الأحذية وهناك أيضا قضين وقتهن اللازم في تجربة ما أعجبهن ، وفي تلك اللحظة عينها اتصل حكيم الذي وقف بسيارته آنذاك عند بوابة عرين ميار
حكيم:- أخبرني أن الرسالة التي بعثتها لي مجرد شك ؟
داغر:- مع الأسف سيدي هنالك 4 رجال يظهر من وجههم أنهم لا ينتوون على خير ، والآنسات ما زلن بمركز التسوق ما العمل ؟
حكيم(مسح على رأسه):- داغر .. اسمعني جيدا لا تدعهن يتحركن من ذلك المكان قبل أن أعيد الاتصال بك تمام ؟
داغر:- تمام في انتظارك ، لن تغبن عن ناظري
حكيم(تنهد بنفاذ صبر):- انتبه …/ طلال نحن في مشكلة هنالك رجال يلاحقون جوزيت ومعها نهال وشيماء ، داغر رآهم
طلال(وضع يده على فمه):- وأين موقعنا نحن في آخر الدنيا ، طيب ما العمل ؟
حكيم(أزال حزام السلامة):- دعنا ندخل أولا ونحادث ميار بالموضوع هيا هيا سارع .. ، آه
اتصل بالقصر وابعث بعض الرجال الموجودين هناك لمركز التسوق ، المهم ليتصل بداغر ويتفقا
طلال:- أوك ..
حكيم(مسح على شعره وهو يترجل):- وهذه مصيبة أخرى ما كانت بالحسبان ..
استقبلهم ميار عند البوابة ونظر لملامح حكيم الغير مفسرة وفهم أن هنالك ما قد عكر صفوه ، لذلك نزل من الدرج سريعا وتوجه إليه ليتبين الأمر ..
حكيم(زفر عميقا وبدون شعور عانقه):- الحمدلله على سلامتك نجوت من الموت
ميار(عقد حاجبيه من عناق حكيم):- أنت عاطفي جدا اليوم ، ما السر ؟
حكيم(دفعه وهو يحك جبينه):- لا يليق بك العناق أصلا ..
ميار(غمزه وهو يربت على كتفيه):- أهلا بك في عريني
حكيم(نظر حوله وغصة المكان تملأه وأيضا خوفه على جوزيت):- علينا أن نتحدث
ميار:- ألن ترى ميرنا ؟
حكيم(أغمض عينيه):- سأراها سأراها لكن …
ميار(نظر لطلال الذي مسح على فمه وابتعد ليتحدث عبر هاتفه):- هناك كارثة صح ؟
حكيم(تحركت حنجرته بثقل وأردف):- أظن أن غضنفر يريد تصفية جوزيت
هنا رنت صفارة القطار بأذنه وهو يشعر بالخطر قريب منه حد الأنفاس ، لا يدري لما ارتعش قلبه بخوف وكأنما سقط منه أرضا وانكسر لشظايا مبعثرة ، بل كأنما تمزقت روحه لأشلاء فما الداعي للإنكار ، وضع يده على قلبه ورفعها وهو يعقد حاجبيه بتساؤل
ميار:- لماذااااا يعني .. لأنها وشت به ؟
حكيم:- طبعا قد كشفت لنا مكانه وهي تعتبر خائنة بنظره الآن ..
ميار:-طيب علينا أن نحميها يا حكيم ، يجب أن تبقى في أمان
حكيم:- هذا ما أود فعله لكن ارتأيت أن أحادثك بهذا الشأن قبل أن أتصل بداغر
ميار:- وماذا تنتظر اتصل به الآن ..
حكيم(رفع هاتفه لأذنه):- ألو داغر اسمعني جيدا ، أجل أجل أنا أخبرت طلال بذلك تمام ما إن يصل رجالنا إلى هناك دعهم يراقبون الآخرين دون لفت الانتباه ، وأنت خذ جوزيت والبنات وأخرجهن من البوابة الخلفية لمركز التسوق وخذهن بسيارة أجرة يا داغر أسمعت ؟
داغر:- فهمت سأتصرف فورا ، لكن السيدة جوزيت لن ترضى
حكيم:- سترضى إن وضعتها أمام الأمر الواقع … تصرف فورااا أو لأقل لك أعطها الهاتف الآن هيا تحرك
داغر:- حاضر .. (دخل عليهن وهن منهمكات بتجربة الأحذية وأشار لها لتلحقه) السيد حكيم على الخط
جوزيت:- أوه يا داغر أوه هل أنا طفلة أمامك حتى تعاملني بهذا الشكل ، هات هات لأرى نعم
حكيم(بنبرة حادة وهو يشير بسبابته):- تتحركين فورا وتلحقين بداغر من حيث سيأخذكِ وبسرعة دون شوشرة ، إن حدث وقمتِ بأي جنون سوف أقتلكِ
جوزيت:- له له له له اهتز بدني من الرعب يا أخ ، اسمع أنا هنا في وضع ترفيهي لن أسمح لك أن تنغصه علي بفعل خزعبلاتك
حكيم:- جوزيييييييييت اسمعي الكلام
جوزيت:- لن أفعل لن أفعل ومت سما أيها الغيور ، لأنك تحسدني على ساعة متعتي ترغب بإحراقها ولكنني لن أسمح لك لن أس….
ميار(بصوت دافئ):- جوزيت
جوزيت(تسمرت حين سمعت صوته وشعرت بهزة أرضية في قلبها):- ويلي هذا أنت ميار ، لكن م ماذا يحدث هاااااه ؟
ميار:- عليكِ العودة للبيت الآن ، أنتِ ملاحقة من قبل رجال غضنفر وهم بانتظاركِ خارج مركز التسوق ، رجاء اسمعي الكلمة وتحركي من فوركِ مع البنات اتبعي أوامر داغر لتبقي بمأمن أسمعتني ؟
جوزيت(بحنان وحرارة ورقصة وجد):- سمعت وفهمت وأجبت بالسمع والطاعة ، فورا سأتحرك يا ميار على عيني أي أوامر أخرى ؟
ميار(شعر بالغبن من فرط هبلها):- كوني بخير فقط ..
جوزيت(عضت شفتيها بحب):- اشتقت لك
حكيم(أخذ الهاتف منه):- سبحان الله عجبت لأمر الاشتياق عندكِ مستمر 24 ساعة على 24 … هل هذا وقته الله يخرب بيتك انطلقي حالا للبيت وإياكِ وأن تبرحيه ولا خطوة أنتِ في خطر .. لقد تعرض غضنفر لميار وميرنا ونجوا منه بصعوبة أفهمتِ الآن ما يحدث ؟
جوزيت:- يا إلهي هل حقا ما تقوله ، هل أصيب بضرر يا ترى ؟
حكيم:- لا هو كالسبع أمامي لا تقلقي ، لكن انتبهي لنفسكِ أنتِ سأحادثكِ بعد وصولكِ للبيت تمام هيا جوزيت أنتِ معكِ بنات صغيرات لا علم لهن بهذا الويل الأسود فاحميهن
جوزيت(نظرت إليهن خلفها ولبسمتهن المشرقة):- لا تقلق لن أخذل ثقتك بي ..
حكيم:- أعلم ذلك يا شقية هيا ربي معكم
ميار(مسح على فكه):- هل اقتنعت الأخت أخيرا ؟
حكيم:- امم اقتنعت سيأخذهن طلال بسيارة أجرة آمنة ، لكن هذا الوضع مؤقت غضنفر يريد تصفيتنا كلا على حدة فكيف سنستمر هكذا
ميار:- هل توصلت لشيء من قمامته ؟
حكيم:- توصلت لأشياء وما زلت ألاحق كل خيط على حدة ، ما إن أتوصل لمعلومة سأضعك بالصورة أكيد
ميار(تضخم صدره):- هل سيتمكن داغر من حمايتهن ، هل يجدر بنا اللحاق بهن مثلا ؟
حكيم:- لا نريد أن يكتشف غضنفر أننا قمنا بكشف محاولته مع جوزيت ، لأننا لو قمنا بذلك سيعلن الحرب جهرا ونحن نحتاج للوقت أمامنا يوم مهم مقبل ولم يعد يفصلنا عنه سوى الغد
ميار:- صحيح ، لكن هل سيكتفي بانسحاب ميرنا أكيد سيحاول التخلص منها
حكيم:- لقد درست جميع الاحتمالات ، حتى ناريانا ستطير هذه الليلة خارج الوطن
ميار:- أحسنت صنعا لكي لا يجد غضنفر أي ثغرة
حكيم:- كل شيء مخطط له ، فقط لنصل إلى مكانه وسنحرق أهله حرقا
ميار:- أفكر أن نستخدم رشيد كطعم للإيقاع به ما رأيك ؟
حكيم:- أجل لندع رشيد يدلنا عليه ، ولنصد الصياد بصنارته عينها
ميار(رمق طلال وقد عاد إليهم):- ما الجديد ؟
طلال:- وصل الرجال وهم يراقبون رجال غضنفر عن كثب ، لا تقلقوا نبهتهم أي حركة تلاعب يتدخلون على الفور
حكيم(نظر خلف ميار لتلك الواقفة ببؤس عند النافذة):- خذ ستحزن هذه لأنني لم أبالي بها مذ وصولي ، لكن هل تركوا فينا عقلا الله الله
ميار(التفت سريعا لميرنا التي ابتعدت من النافذة وتحرك خلف حكيم):- لا تخبرها بحرف
حكيم(دخل سريعا وهو يبحث عنها):- وهل أنا مخبول ، ميرنااااا ميرناااا عصفورتي
ميار(أمسك رأسه من الصداع الذي أصابه):- بدون غزل يا هذا أنت بعريني وعريني له حرمته مفهوم ؟
حكيم(نظر حوله لكل ذلك):- واضح واضح أنه عرينك هههه ، ميرناااا حبيبتي
ميار(بغيظ):- ماذا قلنا ؟
حكيم:- دعني مع ابنة عمي الله يرحم والديك ، دلني على غرفتها ؟
ميار(وضع يديه بجيبه):- فوق على اليسار ثم لن تختلي بها ، سأناديها لتنزل
حكيم(استدار إليه):- نعم نعم .. هل أنت الزوج أم أنا ؟
ميار:- زوج على الورق
ميرنا(بغضب):- بل حقيقة
ميار(زورها بجنون):- ما الذي تقوله هذه ؟
حكيم(أمسكها من فمها وجذبها لحضنه):- يا روحي كم كثرت دعاباتكِ مع ميار ، هنن يا عيني على الحلو لما تشتاقلو النبضات
ميرنا(دفعته بتثاقل عنها):- وصلت قبل نصف ساعة ولم تفكر حتى برؤيتي ، ماذا تسمي هذا إذن لا مبالاة عدم اهتمام ؟
حكيم(مسح على شعرها):- يا مدللة وهل لي غنى عنكِ ، يعني كان لدينا ما نتحدث بخصوصه أليس كذلك يا ميار ؟
ميار(أخفى بسمته وهو يرمقها بطرف عين):- كذلك
ميرنا(أبعدت نظرها عنه بصعوبة ورفعت رأسها لحكيم):- اشتقت لك
حكيم(رفع حاجبه بدهشة):- تمام أنتِ لا تشتاقين لي إلا إذا كنتِ تنوين على مصيبة ، هيا أبشري ماذا هناك ؟
ميرنا(هزت كتفيها بحزن):- أريد مكالمة أمي
حكيم(سحب يدها وجلس بالصالون وأجلسها قربه):- يا عمري لا تستطيعين ذلك ثم ، احم تحدثنا يوم السبت سوف تراكِ على التلفزيون بالبرنامج
ميرنا(رمت برأسها على كتفه):- ألا يمكن تحقيق ذلك بيومين قبل ؟
شعر ميار هنا بشيء غريب لحظتها مليء بالرفض ، كيف تستند برأسها على كتف حكيم دون قلق وارتياب يعني بشكل اعتيادي أما بالنسبة له فتعقد أم الكون لأجله ، طيب مهلك يا ميار أتريد كل شيء دفعة واحدة البنت ما زالت تتعاط معك بالحسنى وهذه نقطة تحتسب لك
ميار:- أنا بالمكتب
ميرنا(رفعت رأسها ونظرت إليه لحين غاب عن ناظريها وبلهفة أمسكت يد حكيم):- ماذا جرى بموضوعنا ؟
حكيم(همس بخفوت):- جاري يا ميرنا ثم اهمدي هل ستجعلينه يكشف هربكِ أنتِ ووائل
ميرنا:- كيف حال وائل بالمناسبة ؟
حكيم(وضع يده على فكه):- جميل يا حكيم قد عشت العذاب الأسود خلال هذه الأيام ، وبدلا من أن تسأل عنك هي تسأل عن الروح وائل ، هو بخير قد خرج اليوم من المشفى وقد رأيته هذا الصباح في بيته حتى
ميرنا(بشعور الاشتياق العميق يغمرها):- ماذا عن إصاباته هل سيتمكن من السفر بها ؟
حكيم:- ميرنا حبي لما لا تفكرين بنفسكِ قليلا هاه .. لدينا يوم مصيري يوم السبت وكما وعدتني ستستقيلين وتنهي كل علاقاتكِ بعالم الفهد البري ، كما رأيتِ اليوم قد حاولوا اغتيالكم وأيضا حاولوا اغتيال جوزيت قبل قليل لولا ستر الله يعني ما زال الخطر كامنا إنما قد تصرفنا .. المهم الأوضاع غير مطمئنة واللعب في هذه المرحلة أشبه بالضغط على الزناد في أي فرصة قد تصاب
ميرنا(بتوجس):- ماذا إن لم أفعل ، ماذا سيجري ؟
حكيم(انسحب الهواء من جوفه):- ولكنكِ وعدتني
ميرنا:- أقول فرضا يعني
حكيم:- ليس هنالك فرضا ومفترض ولنحسب ومثلا وربمااااااااااا …هنالك لا وكفى
ميرنا(ما زالت تنتظر الجواب):- هممم ؟
حكيم(حك حاجبه وأشار بيده للفراغ):- والله ستجرين الجميع لمقصلة الموت بفعلتكِ تلك
ميرنا(شعرت بالضيق لحظتها لذلك وقفت وهي تنظر لباب المكتب المقفول):- أرى أن بينك وبين ميار الكثير من الأحاديث ، لما لا تكملانها أنا سأخرج للحديقة
حكيم(لم يفهم منها شيئا):- ميرنا ميرنا ، ما بالكِ ميرناااا ؟؟
لحقها للحديقة حيث خرجت وهي تركض وتمسك على صدرها ، إن تعرض أيُّهم لخطر مما ستفعله يوم البرنامج أكيد لن تسامح نفسها أكيد .. سحبت أنفاسا عميقا حتى وجدت أنها وثبت أمام أقفاص ميار تنظر إلى تلك الأسود وهي تدور حول بعضها في سكينة غير مستقرة ، ففي أي لحظة قد يتحول ذلك لعراك بينهم فتلك بديهتهم ، وأكثر ما لفت انتباهها هو صولي الذي كان في قفص صغير على جنب والذي نهض من محله ووثب عند الشباك وكأنه علم بقدومها وكأنه ألفها مثلما ألفها صاحبه ، وكأنه يعرف أنها امرأة تخص سيده لذلك أخذ يمسح فرو وجهه بالحديد وينظر إليها بنظرات استطاعت قراءتها بوضوح وهذا ما نظم خفقاتها المتسارعة وجعلها ترتاح قليلا بعد ذلك الضيق المفاجئ.. لحظتها اقترب منها وهو يحس بأنها تضمر الكثير في قلبها لذلك عرف أن مخاوفه حقيقية وأن ميرنا لن تفي بوعدهاااا ستخذله كما كل مرة ..
حكيم:- ميرنا
ميرنا(بغلالة دمع استمرت في التحديق لذلك الشبل حتى أنها انحنت القرفصاء لتلاعبه من شق القضبان):- في بعض الأحيان تغلبنا العاطفة فنتراجع عن قرارات عقلنا الصائبة كي لا ينفطر قلبنا ، غير مدركين أن خياراتنا تلك ستجلب لنا المواجع أكثر مما كنا ننتظر …
حكيم(تنهد عميقا):- ولكننا مجبولون على اتخاذها كي تبقى السفينة آمنة وسط هذه العاصفة التي ستغرق الكل وتبتلعه دون رحمة ..
ميرنا:- لا ذنب لي ، أسمعت لا ذنب في توريطي لقد اتبعت هذا الطريق وأنا مدركة لنتائجه من البداية ، لحقت بالفهد البري طوال سنوات عملي ليتضح في الأخير أنه ابن عمتي وأنه أخو صديقي الحميم والذي يصدف أنه مولع بالقبض عليه أكثر مني … تمام استوعبت أنه لا علاقة له بكل هذه الجرائم وأن هنالك الرأس المدبر لكل هذه المافيا الحقيرة إذن لنوقع به يا حكيم ماذا ننتظر هو يستحق أن يلقى جزاءه كفى من الريبة والتردد ، هو لن يكف عن اللحاق بكما سيستعبدكما إلى ما لا نهاية وإن لم تنفضا عنكما غباره ستبقيان خاضعين تحت رحمته سنة وراء سنة لحد الفناء هذا إن لم يتخلص منكما أثناء ذلك ..
حكيم(بغضب أمسكها من يدها وجعلها تقف مقابله):- وأنتِ من ستحررين قبضتنا منه هاه ؟
ميرنا:- إن لم أتكلم سوف لن ينكشف أي من هذا ، أنتما ستبقيان على العهد والوعد خشية من أذية أحبتكما فهمت والله فهمت .. لكن هو لا يفهم ذلك هو يجدها نقطة ضعف لكما وسيدمركما من الخوف أكثر مما تعتقدان
حكيم(سحب نفسا عميقا وهو يمسك بفكها):- ميرنا روحي ، أخرجي نفسكِ من هذه الديباجة الله يخليكِ اسمعي الكلمة لمرة في حياتك .. نحن مدركين لخطورة الوضع ولسنا بحاجة لأن تتدخلي في ما نفعله ميرنا ، لقد قاربنا على الوصول إلى نقطة حاسمة تجعلنا نتخلص منه لذلك أرجوكِ ألا تهدريها أرجوكِ ..
ميرنا(بكت وهي تمط شفتيها بحرقة):- لقد رأيت ما فعله ، ميار وضع الصور بين يدي وجعلني أعرف مدى الجرم الذي اقترفه في حق أولئك الأبرياء .. وهذا ما جعلني أزعم أكثر على كشفه وفضحه ، أنا لن أنتظركما يا حكيم قد تعبت تعبت وما رأيته أرهقني
حكيم(شبك يديه بتوسل):- هل ترغبين أن أنحني هنا عند قدميكِ لكي تتراجعي عن هبلك ، ميرنا نحن لا نلعب هذه مسألة حياة أو موت
ميرنا(أمسكته من قميصه متشبثة بقبضتيها جاذبة إياه إلى وجهها):- هل تعرفني جيدا ؟
حكيم(مدله أمام عينيها الدامعتين الشهيتين القاتلتين):- "ولأنني أعرفكِ جيدا أموت ألف مرة خوفا عليكِ ، ولأنني أحبَبتُكِ مُذ أن حلَّ الحُبُّ على هذه الأرض أخافُ عليكِ أكثر من نفسي لأنكِ نفسي ، أتعلمين أنني أعشقُكِ كبطلةِ هاربة من ثنايا صفحاتِ روايتي ، تجبرينني على أن أضفِيَ بعضَ الوقار كي لا يُخالجكِ فيهِ شيءٌ غيرُ أنفاسي ، لأنكِ نكستِ أحوالي رأسا على عقب ولهذا أنا أخافُ التخلي عنكِ مجددا أمام معركةِ الظروف ، فلقد طارَدتنِي هواجسُ الفقد صبحًا ومساء حتى قمعتُ عالمِي لأجلك .. وما أصعبَ الصُّراخ في صمت بائس لا يُغنِي من قهر ، حاولتُ أن أكسِرَ صلابة عنادكِ بعزيمة صبري ، لكن ما وجدتُ سوى الصَّد والنكران لا أعلم رُبما بعد هذا سيلْعَنُني هذا الجُزء المتعلقُ بكِ سيجعلُ خياراتِي تُحاكمني بغاية الفتكِ الهادم .. إنما هل تعتقدينَ أنني سأتنازلُ عن عشقكِ أو أتوبَ عنه ، لا يا عُصفورتي الصغيرة بالرغم من أنَّني تمنيتُ لو كان عشقِي كافيا ليُرضيكِ ويجعلكِ مرهونة بي فأنا أعترفُ يقينا أنني لم أجد في عُمق عينيكِ غير موتي وحياتي يا حياتي" .. !
تأثرت بكلماته الصريحة وهي تنظر إلى عينيه الدافئتين والنابضتين باسمها هي وفقط
ميرنا(بلهفة):- كيف ما زلت تعشقني وأنا لا أزيد سوى عذابك ؟
حكيم(أشار لصدره):- اسألي هذا عن ذلك
ميرنا(وضعت يدها على قلبه):- ليتني ..
حكيم(قاطعها حين وضع إصبعه على شفتيها):- أهديني قبلة ، لتكن أخيرة حتى من يدري
ميرنا(توجست من طلبه الغريب وتذكرت حلمها البشع):- أنت الآن تشعرني بالخوف
حكيم(لامس شعرها بحنان وجذبها من رقبتها بلطف إليه):- الخوف مني باطل
ميرنا(ارتعشت وهي تناظر شفتيه القريبة من شفتيها):- حـ كيييم ...
حكيم(أغمض عينيه ولم يتردد بل جذبها بقبلة وهو يصارع دمع روحه ، وفي سره):- هيا ميرنا لن تحرميني من قبلتي الأخيرة وأنتِ زوجتي ، لن أسمح لكِ حبيبتي
أغمض عينيه وهو يقبلها بقبلة جعلت صحاري وجدانه ترتوي بعد أن جفت منها آبار الحياة ، ربما قد يكون أنانيا لحظتها لكنه لم يطلب إلا ما هو من حقه ، بغض النظر عن حبها بغض النظر عن جرحها وأذيتها إلا أنها تبقى المرأة التي يحب … فتحت عينيها وهي تستطعم شغف قبلته الهادرة بكل ما يعتمر صدره إلى أن أفلتها وهو يتنفس الصعداء ، أحنى رأسه ليطل على خجل عينيها وابتسم حين لامس خدودها بعذوبة تدللها بشكل حنون يترجم شخصه الدافئ ..
حكيم(امتص شفتيه):- سأجعل هذه القبلة خالدة بقلبي
ميرنا(بخجل ابتعدت خطوة وهي تمسح خلف عنقها):- احم لماذا يعني هي بالتحديد ؟
حكيم(تنهد وهو يجيب بنبرة عاشقة):- ربما لأن القبلات الأخرى كانت قسرا عليكِ ، ولكن هذه تختلف قد كانت من قلبكِ ميرنا شعرت بذلك
ميرنا(رمشت بعينيها وهي تحاول تمالك أنفاسها):- ألم تقل عنها قبلة أخيرة ، تمام وأنا كنت معطاءة جدا
حكيم(قرص أنفها وهو يضحك):- لئيمة حتى في أجوبتك ، يعني ماذا لو قلتِ أنكِ قبلتِ حبيبكِ ابن عمكِ الذي هجركِ منذ سنوات بعيدة ؟
ميرنا(أشفقت عليه وهي تضع خصلة خلف أذنها):- لم يهجرني ولكنه أجبر على هجري ، من قبل شخص يستحق العقاب دون رحمة .. هو الذي خرب حياتنا ولا أحد غيره
حكيم(لمس انفعالها):- طيب لا تنفعلي ، لقد تحدثنا بصراحة وأخبرتكِ بكل ما يحيط بنا
ميرنا(بعد صمت):- هل صحيح إن أنا صرحت بعكس ما طلبتموه مني ، ستتعرضون لخطر ؟
حكيم:- ذلك مما لا ريب فيه
ميرنا(رمشت بتردد):- لكن هل ستعدني أنك ستقضي عليه رفقة ميار ، ستكشفونه صح ؟
حكيم(أشرق وجهه مجددا):- يعني تراجعتِ ؟
ميرنا:- مجبرة
حكيم(قبل جبينها وضمها بحرارة):- يا عمري يا عمري مثلما وعدتكِ أقسم أنني سأطيح برأسه وسيكون ميار رفقتي ، سننتقم لسنين عمرنا يا عصفورتي الصغيرة لكن عديني بوعد
ميرنا(وهي في حضنه):- ماذا ؟
حكيم(تحركت حنجرته بثقل وتابع):- إذا حدث لي مكروه ، احرصي على أن تكوني سعيدة مع وائل فهو رجل بحق ويحبك صدقا
ميرنا(هنا رفعت رأسها وهي تنظر إليه بعدم فهم):- هه هل ستوصيني به خيرا أيضا ؟
حكيم(هز كتفه):- أنتِ لعينة حتى في المشاهد الدرامية التي تمر بالإنسان تقطعينها بمزاحكِ الرهيب ، سحقا لكِ يا بليدة
ميرنا(ضربته لكتفه):- أرأيت صولي ههه إنه شبل جميل ما رأيك لو نسرقه من ميار ونأخذه لبيتنا ، الحديقة مناسبة لتربيته ههه
حكيم:- الحديقة محجوزة إذ يسكن بها الآن همسة ونبض
ميرنا(وضعت يدها على خصرها):- أيواااا ومن يكون هذين ؟
حكيم:- عصفورين صغيرين لطيفين يشبهانكِ في الطيش والعبث …
ميرنا(برقت عيناها بفرح):- هل أحضرت العصفورين فعلا ، ياااااه متشوقة لرؤيتهما لكن ..أ لا أدري متى سيتسنى لي ذلك
حكيم(قبل يدها):- إن استمعتِ للكلمة قد تعودين في أقرب وقت
وضعت رأسها على صدره وضمها بشوق عارم ، لحظتها استشعرت ذلك الأمان ونظرت مباشرة لنافذة مكتب ميار ووجدته يقف هناك شاردا بعيون منكسرة ، لم ينتبه حتى أنها رأته فقد كان غائبا في حالتها الدافئة هي وحكيم عن قبلتهما عن أحضانهما عن ابتسامتها عن كل ما دار بينهما من دفء وحنان .. ابتعدت برفق وهي تمسح خلف عنقها بتوتر وأشارت له بالدخول وفعلا طاوعها ووجدا ميار جالسا بالصالون ينتظرهما بثبات وكأنها لمحت شبحا يقف محله في ذلك المنظر الموجع ..
ميار(لم يرمقها بنظرة حتى):- هل لكِ أن تتركينا لوحدنا قليلا يا ميرنا ؟
ميرنا(انسحبت بتلعثم):- سأنزل للمطبخ ..حكيم لا تغادر قبل أن أراك همم ؟
حكيم:- طبعا ..
ميار(ابتلع ريقه وعرف أنها تنظر إليه لكنه لم يرفع رأسه إليها قط):- اتصل بداغر وانظر إلى أين وصلوا ؟
حكيم:- كنت بصدد ذلك لكن هل أنت متضايق من أمر ما ؟
ميار(سعل وهو يكتف يديه):- لا بالعكس أنا مرتاح لرؤيتك ، هيا اتصل بسرعة قلبي غير مطمئن على الأحوال ..
حكيم:- لا تجعلني أقلق لقد أوصيتهم لذلك سيكونون بالبيت الآن ، هاه ألو نعم يا داغر أين وصلتم ؟
داغر:- لا تقلق سيدي كله على خير ، البنات بالبيت الآن وما زال الرجال معسكرين أمام مركز التسوق ينتظرون الفراغ
حكيم:- اممم جيد طيب اجعل رجالنا ينسحبون ولا تتدخلوا في أولئك الأشخاص ، تمام ؟
داغر:- تمام سيدي مثلما تأمر ، سأطلب سيارة لي وسأبقى بقرب باب البيت وأضع حراسة أيضا حسبما أمرت
حكيم:- تماما هذا عز الطلب ، وانتبه لجوزيت أهم فرد فهي المستهدفة هناك .. يلا نبقى على تواصل إلى أن آتي في رعاية الله ../ كما سمعت الأمور بخير وعلى خير
ميار(كان يعضعض شفته وينظر لدرج المطبخ بشرود):- اممم جيد أنها سلمت من الخطر
حكيم:- من المفترض أن أعود للبيت الآن ، ما يزال أمامي خطوة تهريب ناريانا دعواتك
ميار:- ناريانا شخص مهم إن أمَّناها ارتحنا من جهة جوزيت قليلا يعني ..
حكيم(رمق هاتفه يرن):- أصبحت لا أنفك أضحك من سخرية القدر ، فكلما ذكرناها في حديث اتصلت البعيدة
ميار(تخيلها في عقله فهو لم يشبع عينيه بمشاهدتها بقدر يجعله يحفرها في عقله):- أظن أنها تبلي جيدا ببيت العيلة
حكيم:- والله أنا الذي عاشرتهم قبلها لم آخذ تلك المكانة ، ألووو يا هلا بالمشاكل ؟
جوزيت:- حكيم لقد اتصل بي غضنفر
حكيم(شحب وجهه بقلق وانتفض):- ماذا تقوليييييين … طيب وماذا يريد منكِ ؟
جوزيت(برجفة):- لقد .. لقد هددني بما أنني بعته وخنت الاتفاق معه قال بأنه سينتقم مني أشر انتقام ، أنا خائفة جدا رجاء عد للبيت يا حكيم الله يخليك
حكيم:- طيب طيب يا جوزيت لا تخافي .. همم ابقي بالغرفة ولا تكلمي أحدا
جوزيت:- لقد هددني سابقا إن خنته سيؤذي إياد أنا خائفة على إياد ..
حكيم(ضرب على رأسه):- إياد … أ.. أنتِ تقلقين عبثا سوف أجعل رامز يلازمه ويضع الشرطة لحمايته وأيضا هنالك رجال يحرسونه عن بعد يعني لن يمسه سوء
جوزيت:- أحقا ؟؟
حكيم:- اسمعي .. ارتاحي الآن ولا تفكري بشيء وأيا كان من اتصل بكِ لا تجيبي أنا قادم
جوزيت:- لا تتأخر علي .. هل ميار بجانبك ؟
حكيم(عرف أنه سيجرحها بكلمة وهي متعبة):- ليس بجانبي إنه بعيد ، المهم علي أن أتحرك الآن جوزي انتبهي مسافة الطريق أكون معكِ ..
جوزيت:- في انتظارك ..
ميار(وضع يديه خلف رأسه حين استقام ومرر لسانه بقلة صبر بين شفتيه):- أنت حقا ستكلم رامز بشأن إياد والآن ..
حكيم:-طبعا سأفعل سأرعبه لكي يحرسه ، لكن رجالك هناك أليس كذلك ؟
ميار:- هناك طبعا ولو فارقوه لحظة سأمزقهم بأسناني ..
حكيم:- الارتباك في كل مكان وهذا يعجزني بصراحة ، أشعر بقلبي سيتوقف في ظل كل هذا الضغط الكامن من كل اتجاه
ميار:- لا تفكر على هذا النحو ، لقد وصلنا إلى مكانة مصيرية ستحدد حياتنا المقبلة
حكيم:- وااااال أتخيل نفسي في جزر الكاريبي نائم على كراسي الشاطئ ، مستظل بمظلة بيضاء ذات خطوط صفراء أضع على رأسي قبعة الشمس وعيناي مغلقتان في نوم عميق ، لوهلة وأفتحهما لأجد حبيبتي خارجة من البحر كحورية فاتنة تتجه نحوي وتهذي باسمي حكيم أحبك يا حكيييييم أحب…
ميار(دفعه لكتفه بإصبعه):- أغلِقت جزر الكاريبي بسببك قد ضربها التسونامي حتى ، يا إلهي على تخيلاتك قال أحبك يا حكيم قال ، اسمع انصرف الآن واحمي الجميع يا فارسي الهمام فوحدك من يستطيع ذلك .. وأنا سأعود رفقة ميرنا للبيت الجبلي
حكيم(بعد أن تبادل معه ضحكة بريئة تابع بوجوم):- ما فحوى الضمادات التي على يدك ؟
ميار:- وما شأنك يا حشري ؟؟؟؟
حكيم(نظر حوله للمكان):- لعلمك قد فهمت الآن لما لم ترغب بإحضاري إلى هنا ، بما أنني أمتلك قصور أجمل وأعتق من قصرك هذا كنت تخشى من سخريتي ههه كشفتك
ميار(رفع حاجبيه):- لتجتمع قصورك كلها أمام عريني هذا ولا تأتيه حتى في عشره
حكيم(ضحك وبعدها تنهد بتعب):- سينجو الجميع صح ؟
ميار(ربت على كتفه بتمني):- نأمل ذلك …
ودعهم حكيم لحظتها تحت تراجيديا ميرنا الدائمة ودموعها التي لا تجف ، وبعد ذهابه عادت للقصر وهي تنظر حولها فقد اختفى ميار تماما لحظتها ، كأنه تبخر فلم تجده بالمطبخ ولا بالمكتب ولا بغرفته ولا بالحديقة ، عقدت حاجبيها وهي تزفر عميقا آثرت أن تناديه لكن علمت أنه لن يجيبها طيب لما هو غاضب منها ، هل أقدمت على شيء خاطئ هو يعلم معزة حكيم لديها فلما سيغار يعني من خائب الرجاء الذي يعتبر أكثر تعاسة منه ، فالأخت مدلهة في عشق الرشواني يعني لا أمل لهما معاااااا .. إذن لما الغيرة من لحظة عفوية هاه لالا قد قبلها قبلهاااااا مع سبق الإصرار والترصد طيب كيف سيتحمل ذلك الآن ؟؟ ، هي من جانبه ليست غيرة وإنما افتقاد لشيء تمناه أيضا تمنى أن تشعر معه بالأمان والطمأنينة التي شعرت بها مذ أن خطى حكيم ذلك المكان .. هو ليس بساذج حتى لا يقرأ ذلك في عينيها وفي ابتسامتها وفي لهفة حروفها قد فهم يقينا أنها لا تأتمن له 100 بالمئة ، يعني ما زالت تضعه في موضع المتهم حتى وإن كانت قد بدأت تتعامل معه بما يشبه الإنسانية إلا أنه ما زال في محله لم يصل بعد لذروة فؤادها .. هو لا يريد عشقها ولا حبها الآن فقط لتشعر بالأمن والأمان رفقته وهو سيكون ممتنا لذلك بشكل خيالي ، ضرب بسكينه المسنن حافة البلاستيك التي كان يقطعها لكي يحولها بحرفية إلى ديكور يستلزم عدة مراحل التلوين واللصق والتزيين أيضا …. كل هذا وهي تتابع البحث عنه إلى أن وصلت لغرفة في ذلك الممر كان الضوء منبثقا منها فأرجحت أنه هناك لذلك فتحتها دون إذن ودخلت .. وجدته متقوقعا على معمله الذي شمل ديكورات شتى يدوية الصنع ، رفعت حاجبها متأملة ذلك الجمال لتكتشف أن فهدنا يملك موهبة خفية عن الجميع …
ميرنا:- لم أعرف أنك تملك هواية مثل هذه ؟
ميار:- وهل تعرفينني حتى تعرفي ؟؟؟
ميرنا(ارتجفت من جوابه الجاف وأردفت لتلطف الأجواء):- ها أنا ذا أتعرَّف ..
ميار(رمقها قد وصلت إليه وبدأت تلامس أغراضه بفوضوية):- ابتعدي ولا تلمسي شيئا
ميرنا:- ماذا ستفعل بهذا الآن هااااه ؟؟؟
ميار(تمالك أعصابه وهو يستشعر قربها المهلك ، بالله عليكِ ابتعدي بعطركِ القاتل قد انتهيت يا ميرنا انتهيت):- ضعيه محله وجهزي نفسكِ سنعود للبيت الجبلي ، أكيد اشتقتِ لإيزابيل وجمانة أيضا
ميرنا(اتكأت على طاولة مكتبه وكتفت يديها):- ليس كثيرا بالنسبة لجمانة ، لكن إيزابيل شيء آخر أشعر بها قريبة جدا مني أحببتها من أول وهلة
ميار(رفع رأسه إليه وعاد ليكمل تقطيع حواف البلاستيك بدقة):- هنيئا لإيزابيل بمشاعركِ الكريمة
ميرنا(أحنت رأسها وهي تتابع عمله):- الآن ماذا ستصنع بهذا ؟
ميار(وضعه ووضع السكين وجذب الكرسي للخلف، إن لم تبتعدي أنتِ سأهرب أنا قبل أن أقدم على شيء غير لطيف):- لنرحل أظنكِ جاهزة طالما لسانكِ لا ينفك يهذي
ميرنا(أمسكت ذراعه قبل مروره):- ما الذي أغضبك قد كنت بخير ؟
ميار(نظر ليدها على يده وسحب أنفاااااااسا عميقة لاستحضار الصبر):- لا شيء أنا هكذا هوائي الطبع سريع الغضب برج الأسد بديهي أن يكون مزاجه نار متأججة متقلبة الأهواء
ميرنا:- إذا الآن فهمت سبب عصبيتك المفرطة لأنك برج ناري ، أما أنا فهوائية برجي ..
ميار(أمسكها فجأة من كتفيها ودفعها إليه):- لا تستفزي صبري ميرنا ، لا أرغب بسماع حصة تنجيم هنا حضري نفسكِ سنغادر نقطة … انتهى
رمشت وهي تنظر إليه بغرابة حين تركها وخرج من هناك والغضب يملؤه ، طيب غضب من أي نوع هذا ما لم تفهمه لكن لم تجد حلا سوى اللحاق به وعليه غادرت رفقته ورفقة بعض من رجال حكيم فبعضهم سيبقون هناك ليحموا العرين ويكتشفوا بطريقتهم هوية الجاسوس الموجود بينهم ، أما بعضهم سيرافقونهم ليلازموهم في الطريق وكذا في هذين اليومين المتبقيين .. وهنا لم تعرف ما باله إطلاقا ركبت بجانبه وغاصت في بحر صمته وهو يقود بهما عائدا للبيت الجبلي … لكن صعب أن تبقي فمها صامتا لوقت أطول ..
ميرنا:- لقد سئمت من هذا الصمت ، أخبرني الآن فأنا أمام هذا الصمت قد عجزت عن التنفس
ميار(رسم بسمة ساخرة على فمه وهو يركز بالطريق):- أنتِ يا ميرنا أستاذة في الادعاءات الكاذبة ، لذلك لا تشغلي بالا هنا فأنا ما زلت ذلك المجرم الذي تخشين التورط معه …
ميرنا(انسكبت برودة حارقة من خلف عمودها الفقري بشكل مؤنب):- ماذا ماذا أسمع ؟؟؟
ميار(بنظرة خاطفة):- لن تصابي بالدهشة الآن صح ؟
ميرنا(فتحت فمها لتتكلم لكن أغلقته لترتب أفكارها):- من أين خرجت بذلك ؟
ميار:- من تصرفاتك الباردة
ميرنا:- أتعلم أننا نتناقش هنا بأسلوب يضايقني ..
ميار:- لماذا ،، هل لأنه شبيه بأسلوب العاشقين مثلا ؟
ميرنا(جحظت عينيها):- طبعا لم أشأ قول هذاااا ، أنت أنت تتحدث قبلي فتخرب كلما أرغب بقوله وهذا أمر غير مستحب من قبلك
ميار:- أنتِ جبانة جدا يا ميرنا ، جبانة حد اللؤم
ميرنا(أغمضت عينيها وهي ترمي بنفسها على الكرسي):- أنت لا تعرفني حتى تحكم علي
ميار:- بل عاشرتكِ ولذلك أنا أعرف عنكِ ما لا تعرفينه حتى أنتِ ..
ميرنا(كتفت يديها غضبا):- هل ستذلني الآن بدلا من أن تجيبني ببساطة ونحل الإشكال الكوني الذي أصابك بالخرس ؟
ميار(وضع يده على المقود وهو يحركه بخفة لحين توقف في عرض الطريق وأجبر السيارتين اللتين كانت قبله وخلفه بالتوقف ، أكيد لم يهتم):- "كُنتُ سَأخاطرُ بأيِّ شيء مُقابل ابتسامَة من عينيكِ ، كُنت مُستعدا لأعشق الأنفاسَ التي تطرحُها شَفتيكِ إلى مَا لا نهاية ، كنتُ عازما على عدمِ التَّوبة من عشقك ، لكن أمَام هُوَّة تردُّدكِ عَجزتُ عن الإدراك لقد اختطفتِني مِني على حين غرَّة .. فيا ليتَ الأمر كَان هَينا علي لأسحبَ هذا التعب مِني ، ليتهُ كان مُمهدا مثل هذه الطريق الطويلة التي نسيرُ فيها الآن ، لكنه ليس كذلك والجمرُ الذي تكويني به كلماتُكِ اللاذعة يغدو منها كوحشٍ يفتكُّ بخلايا إيماني بأمل فقير في أن تُحبينني .. أنا غيرُ قادرٍ على الإمساكِ حتى بيدكِ فأنتِ لا تثقين بي ولا تنظرين إلى ماهية وحَقيقة الواقع فخلف سَوادِ الفحم تكَوَّن الألماس يا سُلطانتي ،.. ومُشكلتي أنني أملكُ قلبا يأبى الرَّفض جربتُ حثَّكِ على مُواصلة السَّير نحوي رُبما وجدتِ الأقدار مُبتسمة بانتظارك ، لكننكِ أبيتِ حتى السَّماح بحوار سليم خالٍ من الاتهامات الجارحة ، أتقنتِ الجفاء وأتقنتُ أنا معكِ فنون الألم" ! ..
نظرت إليه بانهزام أمام كلماته المؤثرة ، وجدت جسمها يرتجف مطالبا بأن تتقوقع حول نفسها لعلها تسترد رباطة جأشها أمام زعزعة المشاعر التي أفضى بها ميار ، الذي حرك رأسه غبنا من تصرفها المتوقع وعليه أمضى ما تبقى من الطريق في حسرة تتلكأ في جوفه وتزيد من مرارة الحزن الكامن بخلده .. أما هي فقد اتسمت لحظتها بالخرس فهذا الحل الأمثل للهرب من عدم الاتزان الذي يربكها الآن بشكل غريب استغربت تأثيره جديا …….

" أتساءلُ شريدا ؛ متى سترحلُ عنِّي يا خريفَ عُمري وتهدِيني ربيع قلبي الآفل "
تهاني(دخلت كالقدر المستعجل):- سيد معاد الملفات التي طلبتها ، سيد معاد ؟؟
معاد(قبل أن يضع على زر المسح من توتره ضغط على الإرسال):- يا للمصيبة !!
تهاني:- خيرا يا أستاذ هل هل حصل مكروه ؟
معاد(جمع قبضة يده ووضعها على فكه بقهر):- لا يا تهاني فقط ضعي الملفات جانبا وانسحبي لعملك
تهاني:- احم أريد أن أستأذنك بالخروج قبل دوامي بساعة ..
معاد:- والسبب ؟
تهاني:- لقد تعرفت على شخص عبر مواقع التواصل وسنلتقي أول مرة لعلنا نحب بعضنا ونتزوج ، أريد أن أتزوج يا سيد معاد والله عنست وأنا أنتظر خائب الوجه الذي سيحبني
معاد(مال بشفته وهو يناظرها):- أنت جميلة يا تهاني ، وللحفاظ على جمالكِ عليكِ أن تنسحبي فورا من مكتبي وإلا خربته عليكِ ..
تهاني:- طيب ماذا عن الساعة هل ستمنحني إياها ؟
معاد(ضرب على مكتبه):- خذيها يا تهاني إلهي تقعين في سفاح يقطع بعضا من الشحم المكوم بجسمك ..
تهاني(رقصت بمرح):- والله أنا هكذا دبدوبة ومليحة الوجه ، لو هزلت سأصبح مثل القنفذ
معاد(وضع يده على فكه):- وماذا بعد ؟
تهاني(أخذت راحتها):- يعني كنت أقول أ…
معاد:- تهاااااااني … غادري المكتب الآن الآن هيا خذي ما تبقى من دوام أجازة ، فقط فارقيني حبا بالله …
تهاني(بفرح):- يا فرج الله ، ههه تشكر سيد معاد يا ملك تشكر …
معاد(لوح لها وهو ينظر بموت لهاتفه):- يخرب بيتك يا معاد لما كتبت تلك الرسالة ، افف الآن ستفكر دعاء بأنني أغازلها يا الله على هذه الموقف يا الله ..
وصلتها الرسالة النصية وفتحتها بدون اكتراث ، لتفاجئ بفحواها الغريب المريب وممن من معاد الخالدي ، سعلت وهي تنظر لاسم الباعث كي تتأكد منه وشعرت بالحيرة حين قرأت رسالته مرة ومرتين وثلاث لعلها تجد غاية ترجى مما بعثه ، لكن وجدت أن الحروف تنحسر بجوفها وهي ترمش بعدم فهم .. لما أرسل تلك الرسالة الآن ما الذي يريده ؟ قالتها وهي تمسح على بطنها المنتفخ وتنظر لنفسها بالمرآة لتقيس حجمه لقد قاربت على إتمام خمسة أشهر مر الوقت سريعا ، وكل يوم يترجم ذلك مع انتفاخ بطنها المتواصل .. قاطعها رنين هاتفها وكان برقمه
دعاء:- معاد ؟
معاد(فتح عينيه برعشة وحرج):- أعتذر منكِ دعاء قد وصلتكِ رسالة بالخطأ على الأغلب
دعاء(بالخطأ إذن ؟؟):- أي رسالة ؟
معاد:- رسالة نصية ؟
دعاء:- لم يصلني شيء منك أكيد وقع لبس في المعلومات
معاد(أيعقل أن الرسالة لم تصلها جميل جدا هذا من حسن حظي):- أ.. ربما حصل ذلك .. المهم كيف حالكِ أنتِ ؟
دعاء:- أنا بخير مللت من الغرفة والسرير خصوصا بعد أن شفيت تماما ، أخبرني الطبيب أنني بصحة جيدة والجنين كذلك
معاد(هل أحتاج تذكيرا بهذا يا دعااااء يعني):- آه طيب لما لا تعودين للعمل ؟
دعاء:- بتلك الشركة هه مستحيل يا معاد ، ثم محاولة إعادتي ستكون غير نافعة لأنني قررت بأن أمحي كل ما يتعلق بتلك الحقبة من عقلي ، هكذا سأتمكن من رفع معنوياتي وأقبل على الحياة
معاد:- لم أقصد عودتكِ للشركة ، قصدت العمل بصفة عامة
دعاء:- عمل من أي نوع أنا لا أجيد سوى عمل السكرتيرة وليس لي شواهد أخرى في غير مجال، ثم لست مستعدة لخوض غمار عمل جديد مع أناس جدد سيكون ذلك مرهقا بالنسبة لي ، أصبحت لدي رهبة من المجتمع
معاد:- لكن هذا لن يساعدكِ يا دعاء ، أرى أن تخرجي للعالم وتتقبلي الوضع كما هو .. أنتِ حرة طليقة الآن وابنكِ بحاجة لأن تكوني أقوى
دعاءّ(جلست بهدوء على طرف سريرها ومسحت على بطنها):- لما اتصلت بي ؟
معاد:- لأسأل عن أحوالك
دعاء:- آخر مرة لم يكن الحديث وديا بيننا ، لذلك أستغرب حقا محادثتك لي بهذه الأريحية
معاد:- أرى ألا نعقد الموضوع لأنه لا يستحق ، نحن زملاء
دعاء(رمشت عيناها بغبن):- جيد أنك تذكرني بذلك لكنني لا أرغب بتلك الصفة ، ولا بأن أعرفك أصلا يكفي انس أنك عرفت يوما دعاء الراجي ودعوني أنسى بدوري كل آلامي ..
معاد(استمر في الصمت وبعدها أفرج عن ضحكة):- لا تحاولي الضغط على الوتر الحساس ، كي تنفذي من وضعكِ الذي حكمتِ به على نفسك
دعاء(نهضت بغضب):- أجل أنا أردت ذلك وأنا جنيت على نفسي ولم أستمع لك ، هل هذا ما تريد قوله تمام ها أنا ذا قد وفرته عليك ، لقد خسرت فرصتي معك ولن تكون أصلا هنالك فرصة فدعني وشأني يا ابن الناس وعش حياتك بعيدا عن مداي … يكفي
معاد(توجع من جملتها):- لم أقصد باتصالي أن أثير عصبيتكِ ، لكن يظهر لي أنكِ جاهزة للدفاع عن نفسكِ في أي وقت .. لكنكِ غفلتِ عن شيء مهم أنا لم أكن يوما عدوا لكِ ولن أكون
دعاء(استشعرت دمعا ساخنا ينزل من وجنتيها):- … تمام إذن دعني على سجيتي ، وكف عن تذكيري بمواجعي فكلما لمحتك تعود ذاكرتي اللعينة رغما عني لليلة عيد الحب
معاد(إنها الليلة التي اعترفت لكِ فيها بحبي):- ليتكِ سمعتِ مني وانسحبتِ
دعاء(مسحت دمعها):- كان قد فات الأوان
معاد:- كنت سأساندكِ لننسى معا
دعاء:- وأنا ما كنت سامحت نفسي
معاد:- ألا تصغين لأناتك ، إنها تبحث عن الخلاص في صوتي ؟؟؟
دعاء(أغمضت عينيها):- أنا مجروحة ، عليلة الروح والقلب وإن أقحمتك في حياتي الآن سأظلمك سأكون استغلالية مستبدة ، سأجعلك دوائي وربما قد أبعدك حينما أقف على قدماي ، هذه أنا ولا أضمن نفسي
معاد(بلهفة):- أنا مستعد للمغامرة
دعاء(بوجع):- وأنا لست مستعدة .. انس أمري يا معاد ، وأرجو أن تلتقي بمن تحبك وتقدر جوهرك الثمين ، أرجو لك السعادة لا تتصل بي مرة أخرى لطفا .. وداعا
معاد(نهض من محله وهو يمسح على شعره):- مهلا دعاااء ألو .. مهلا مهلا لو تستمعين لقلبي لرحمتِ نفسكِ ورحمتني من هذا العذاااااب ، لو تعطيني فرصة فقط سأداوي جراحكِ لو تعطيني فرصة ..
طبعا آخر جملة سمعتها صدى نغمات هاتفها التي تدل على الاتصال الذي انقطع بروحها ، شعر بالحزن الشديد لا يعلم كيف السبيل للوصول إلى قلبها الذي حطمه حسام وأصبح رمادا منثورااااا ، ضرب بيده على الحائط وهو يتذكر ذلك الأخرق الذي دمر تلك الوردة بفعل جشعه وبطشه كم كرهه وودَّ لو هشم وجهه بقبضته لكن لا يريد أن يعيد دعاء لزمن البؤس من جديد ، سيساعدها على نسيانه فقط لو تثق به وتمنحه الفرصة التي ينتظر …… كانت تبكي وهي تنظر لرسالته التي لم تكن خاطئة بالمرة بل على العكس قد بعثها لها وهو موقن من مفادها ، لكنها غير قادرة على التعامل مع هذا الموضوع بسهولة هي كما ذكرت له بكل صراحة سوف تعتبره درجة تطأ عليها كي تخرج بها من المستنقع الذي رماها فيه حسام ، ولا تعلم هل ستمد له يدها حين تصبح بأمان أم ستتركه ليغرق بذات الوبال .. من جهة معها حق هي لا تريد أن تعده بشيء لا تملكه أساسا لكنه مصر على المخاطرة ولن يستسلم وعليه أخذ يفكر في الوسيلة التي ستمكنه من اختراق عالمها رغما عنها ، لأن هذه الطريقة الوحيدة التي ستجعله يشد على يدها كما يجب … ظلت تلعن سيرة حسام فكلما حضرت على بالها شعرت بالألم في فؤادها ، فكيف السبيل لنسيانه كيف ؟؟؟ … في آن الوقت رن الهاتف مجددا برقم خفي ظنت بداية أنه معاد لذلك أبت أن تجيبه لكن حين استمر بالرنين أكثر من اللازم أجابت بحنق
دعاء:- ماذا ماذااااا ؟؟؟
حسام(بنبرة خبيثة):- دعائي ….
دعاء(اختنق صوتها حين هوت على السرير جالسة بدون حياة):- ح .. حساااام ؟؟؟
حسام(نظر للشرطي الذي أشار له كي يسرع ويعيد له الهاتف):- ألم تشتاقي لي يا حبيبتي ؟
دعاء(انهمرت أدمعها دون وعي):- كيف كيف تتصل بي أيهاااااا القذر ، أنت بأي وجه تتصل أخبرني هااااااه ؟؟؟؟
حسام:- ولو يا عمري وهل يجوز أن أنساكِ بسهولة ، لقد اشتقت لعطركِ ولأنفاسك و
دعاء(أمسكت على أذنها):- إخرس أيها الحقير إخرس أنا أكرهك أكرهك … أهئئئ اخرس اخرس اخرسسسسسسسسسسسسسسسس …
ضربت الهاتف مع الحائط حتى أصبح حطاما تحت ضحكات حسام الساخرة ، والذي أعاد الهاتف للشرطي وعاد لزنزانته مبتهج الروح إذ علم أنه ما يزال يؤثر فيها ، أربكها المجرم وتركها منهارة دون وجه حق .. ركضت إليها مديحة وعواطف ووجودها تلطم وتصرخ وتضرب على السرير بانهيار عصبي مفرط ، جعلهم يخشون عليها من أن تؤذي نفسها حاولوا أن يفهموا منها شيئا مما حدث لكن لم يتوصلوا إلا للهاتف المشتت إلى ألف قطعة قبالتهم وصراخها الذي لم يتوقف …
مديحة(بقلب مرتجف):- اسم الله عليكِ يا بنتي يا دعاااااء
إخلاص(أحضرت كوب الماء):- خذي يا أمي ورشيها به قليلا
عواطف:- هل نحن نرقي هنا ، الله يهديكِ اتصلي بعفاف الآن ..
إخلاص:- حاضر خالتي حاضر
مديحة:- ما بكِ يا صغيرتي قد كنتِ بخير ما الذي أقلق راحتكِ .. عواطف ما بها ابنتي ؟
عواطف(ساعدت دعاء على الاستلقاء على السرير):- دعاء بنيتي هل أنتِ بخير ؟
دعاء(كانت تبكي وترتعش):- يريد أن يدمر حياتي لن يتركني وشأني ، سوف ينتقم مني سيجعلني مجنونة هو يريد أن يراني مجنونة ذليلة لماذا اتصل لماذا لمااااااااااااذا اهئ
جوزيت(انضمت إليهم):- ما بها دعاء ؟
مديحة(ضربت على فخدها ببكاء):- الله أعلم الله أعلم ، كانت بخير لحين صرخت ولا ندري ما الذي تقوله آه يا ربي بعد أن أصبحت على ما يرام حصل لها هذاااااا
إخلاص:- خذي الماء يا أمي
مديحة:- هاتِ هات خذي يا دعاء خذي يا ابنتي الحبيبة
دعاء(شربت بدون وعي وهي ترتعش):- أشعرر بالبرد يا أمي ، غطيني يا أمي ،
جوزيت(نظرت للهاتف المكسور):- هل اتصل بكِ أحد وأزعجكِ ؟
دعاءّ(بغمغمة بكاء):- الحقير اللعين اتصل ليهددني اتصل ليذلني اتصل ليحرق قلبي ، بعد أن قلت أنني سأشفى منه وأنساه اتصل ليذكرني بجرمه الذي لا يغتفر ، أكرهه أكرهه أكره حسام
مديحة(ضربت على صدرها):- إخلالالالالالاص أحضري لي معطفي الآن سأذهب للسجن لأطلع بروحه …
عواطف:- استهدي بالله هل جننتِ ؟؟؟؟؟
مديحة(وقفت):- جننت أجل جننت إن تركته ليحرق قلب ابنتي سأكون أما لا داعي لها ، لن أسمح له بأن يسود حياة ابنتي مجددا لن أسسسسسمح إخلاص تحركي
إخلاص(نظرت لهم بقلة حيلة):- يا أمي الله يهديكِ
جوزيت(مسحت على شعر دعاء):- لننتظر حكيم فوحده من يستطيع التصرف
مديحة(جلست مجددا وهي تلطم):- آه على حظكِ التعيس يا ابنتي آه …
نبيلة(وقفت عند الباب وهي تنظر إليهم):- هل فلحتم في أن تعسكروا عند رأسها فقط ، امسحوا دمعها احضنوها هدئوها ، بدلا من أن تزعجوا مسمعها بما يليق وما لا يليق
عواطف:- أمي لا تبدئي الله يخليك دعينا نطمئن بداية عليها
نبيلة(رمقت دعاء بطرف عين ودخلت لتجلس على الكرسي في جنب):- اتصلوا بحكيم
جوزيت(أخرجت هاتفها):- سأتصل
إخلاص(عادت ركضا):- عفاف بالطريق
كانت هنا بدون حياة تستمع إليهم ولكن لا تصغي لأي شيء مما كانوا يقولونه ، كانت لا مرئية بالنسبة لنفسها شتان ما بين الشعور بالوجود والعدم ، فالفرق بينهما شاسع أن تكون ميتا على قيد الحياة هذا في حد ذاته أمر يقود للعزلة القصية ، وكأنك في قبر مغلق لا منفذ منه إلا إليه ، تستسيغ صدى أصوات من حولك كأنها ضوضاء شاملة للغة مبهمة لم تعرفها يوما ، وكأنك من عالم آخر غير عالمهم فحتى ملامحهم قد تبدو غريبة وتجعلك تحس بالغرابة التي تؤدي لتساؤل بسيط ، أنا ما الذي يجمعني بهؤلاء القوم ؟؟ … سؤال قصير لكنه يشمل معان كثيرة من الآلام والهموم فحسام لم يتصل إلا لكي يفقدها عزيمتها وثقتها بنفسها ، فبعد أن بدأت تنفتح على الحياة بعد أن حاولت استعادة رباطة جأشها خرب كل ذلك بمحاولته القذرة في تسميم حياتها وكأنه لم يكتفِ من المعاناة التي سببها لها ومازلت تتعالج منها …. ما اكتفى واتصل لكي يوقع على شهادة موته فإن كان لم يؤذه فقد كان ذلك لأنه منهمك في مليون ألف مصيبة لكن الآن بعد أن أقدم على هذه الفعلة التي لا تغتفر وأبكى أخته من جديد لن يكون حكيم الراجي إن لم يجعله يفنى في ذلك السجن العفن ….
جوزيت:- اهدأ ما الذي ستفعله نحن في خضم مصائب جمة ، هل ترغب بمرافقته في السجن؟
مديحة(تمسكت به بخوف):- بالله عليك يا ولدي كانت فكرة سيئة مني حين طرحت فكرة تربيته من أول وجديد ، يعني زلة لسان يا ولدي زلة لسان
حكيم:- أمي أمي ابتعدي عن طريقي لن أسمح لذلك القذر بأن ينغص حياة أختي بعد الآن ، إن لم أوقفه عند حده لن يتوقف لن يتوقف
عواطف:- حكيم حبيبي بحق السماء تراجع عما ستفعله ، نحن ما صدقنا وجودك معنا أتريدنا أن نفقدك من جديد ؟؟؟؟
حكيم:- خالتي ستبتعدين أيضا عن طريقي فلا أحد سيمنعني ..
نبيلة(بحزم):- دعوه يذهب هذا هو الرجل ، ولن يوقف أحد ذلك المجرم سواااااه
جوزيت(بعدم تصديق فيها):- يا الله هل ستشجعينه أيضا ، حكييييييييم ؟
حكيم(جذبها من يدها):- تعالي معي أنتِ لحظة ..
جذبها لغرفة الضيوف وأقفل الباب عليهما ، نظرت إليه بدون فهم ووجدته يدور في محله كمن لم يعثر على حل يجعله يسلم من مقصلة الموت
جوزيت:- ما هذه الحيرة ؟
حكيم:- طبيعي حين أسمع هذه المصائب تصابين بالإغماء وليس الحيرة فقط
جوزيت(أمسكته من يده):- سامحها الله الخالة مديحة لم تدعك حتى تلج البيت ، أخبرتك من الباب وفورا ليس هكذا تحل الأمور
حكيم:- بل هكذا ، منذ متى كانت تحل بغير طريقة يا ثعلبة القطب ؟
جوزيت(رفعت حاجبها وتركت يده بغضب):- هل تهينني هنا ؟
حكيم:- وكأنكِ ترينني هنا سلطان زماني ، أنا مثلكِ متورط لكن بدون لقب فارتاحي يختي
جوزيت(وضعت يديها على وجهه وأجبرته على النظر إليها):- لما أنت تائه ؟
حكيم:- أنتظر طلال ليعود بما طلبته منه
جوزيت(لمحت تهربه لكن أجبرته على النظر بعينيها):- أنظر لعيوني وأخبرني ، ماذا بك ؟
حكيم(زفر بعمق ونطق بتلك الكلمات المسننة):- سأطلق ميرنا
جوزيت(بصدمة):- الله يخرب بيت عملتك أتريد أن تقتلني ، ما إن سيسمع ميار أنها متاحة سيحاول النيل منها في لمح البصر
حكيم(ابتعد عنها ورمى بثقله على الكرسي):- يا للأنانية قمة الصدق فعلا أدهشتني .. ثم أصلا هو لا يعلم أنني تزوجتها رسميا ، يعني الكل يعتقد أن زواجنا صوري من غير عائلتنا
جوزيت:- أعلم أنك تزوجتها حقا وكذبت على الجميع حتى ميار وميرنا
حكيم:- ميرنا تعرف الآن بهذا لكن ميار لا يعلم ، يعني فرصة النيل منها متوفرة حتى الآن فلا داعي لأن تجزعي
جوزيت(جلست قربه):- لا وله طمأنتني
حكيم:- أووووف أشعر بالضيق يا جوزيت ، لا أعرف ماهيته ومتأكد أنه لا يخص فقط وضع أختي دعاء مذ أن ولجت بيتنا وقد غزتني الهموم بشكل غريب
جوزيت(بقلق ارتسم على وجهها):- أ لأنك ستطلقها ؟
حكيم(نظر إلى جوزيت بعيون مكسورة):- وهل تعتقدين أن الأمر سهل لتلك الدرجة ، إنها روحي سأنتزع روحي مني
جوزيت:- بنظري لا تفعل ، يعني أكيد هي لن تفلت الفرصة وستهرع لوائل الذي يظهر لي أنه لن يتنازل عنها ولو بموته
حكيم:- لقد فكرت مليا مع نفسي بعد أن كشفت ميرنا كل شيء لم يعد لزواجنا معنى ، وصعب أن أكون جاحدا وأقول في وجهها إن لم تكوني لي ستكونين للتراب ، يعني حاولت تطبيق سياسة القمع والإجبار لكن في كل مرة كانت تهرب مني وتفر .. لذلك بما أننا مقبلين على الدخول لمرحلة صعبة أظن أن تحريرها الحل الأمثل
جوزيت:- برأيي لا تتسرع ، لا أحد يضمن ماذا سيحدث في القادم …
حكيم(نظر إلى جوزيت):- لو كنتِ محلي هل ستقدمين على هذا ؟
جوزيت:- لا يا روحي لست حمقاء لأفرط في الرجل الذي أحبه وأتركه لأخرى … أوووه مجرد التفكير بذلك يجعلني مقشعرة البدن أساسا ما يجعلني مرتاحة البال في ظل وجودهما معا أنني أعلم علم اليقين أن قلبها مليء بوائل رشوان
حكيم(نظر حينها بحزن لجوزيت):- صدقتِ
جوزيت(أمسكت يده):- أوبس آسفة جرحتك دون قصد ..
حكيم:- هه وهل في بالك أن كلمتكِ التي ستجرحني ، إن الحقيقة برمتها تذبحني يا ابنتي
جوزيت:- من يدري قد تبتسم لك الحياة يوما ما
حكيم:- أبقي الموضوع بيننا تمام ؟؟؟
جوزيت(تابعته وهو يتحرك صوب الباب):- إلى أين ؟
حكيم:- قد وصل طلال
جوزيت(سمعت رنين الجرس واستغربت):- من أين سمعه هذاا ؟؟؟؟
لم يطل في الموضوع بل انطلق رفقة طلال وبعض من رجاله صوب السجن الذي يتعفن فيه حسام النهواني ، رغم انكسار روحه إلا أن انكسار أخته أهم بكثير منه الآن لذلك ، دفع حقيبة مال أحضرها له طلال تحت الطلب وقدمها للمسئولين لكي يتسنى له الاستفراد بذلك الوغد …
الشرطي(فتح الزنزانة):- حسام النهواني ، حسام النهواني
ناجي(بكره نكزه):- إنهض إنهض إنهم ينادونك
حسام(فتح عينيه):- هممم من من ؟
الشرطي:- انهض أيها الغبي هل ستصاحبني ؟
حسام:- وما بالك تنعتني بالغبي نحن لسنا عبيدا لديك
الشرطي:- أترد الكلام بوجهي ستنام الليلة بزنزانة انفرادية ، سترى
حسام:- هل تفكر بإخافتي يا هذااااا ، خذني حيث تريد حتى لا يهمني
الشرطي(جذبه من يده):- سترى ..
جره خلفه وأخذه بالفعل لزنزانة انفرادية ورمى به فيها ، طبعا تحت سب وشتم حسام الذي لم يعرف بعد ما الذي ينتظره ، نظر خلفه للمكان الضيق والمظلم قليلا وسمع صوت الجرذان والفئران التي كانت تقضم الفراش الرث الموضوع على زاوية سوداء هناك ، شعر بالتقزز والقنوط وصرخ فيهم لكي يفتحوا له ويعيدوه حيث كان ، وأكيد تمت الاستجابة له سريعا جدا سمع صوت المفاتيح وانفرجت أساريره برهة قبل أن تتحول لصدمة غير متوقعة ، دخل رجلان لنقل أنهما بعرض الباب وطول الباب كل واحد منهما جدار ما شاء الله ، عضلاتهما بارزة بشكل مفزع مع العصا السوداء التي كانا يحملانها بين أيديهما أضفت لمحة رعب على ملامحه .. حسام:=- من من أنتمااااا ماذا تريدان ؟
طلال(دخل بخيلاء وهو يطوي كم قميصه):- أهلا أهلا حبيبي حسام أخبرونا أنك اشتقت لنا ، وقلنا عيب عيب ألا نأتي ونلقي السلام على بعضنا فمهما كان كنت ذات يوما نسيبا لنا
حسام(التصق بالحائط):- ماذا فعلت لكم هاه ابتعدوا عني لقد طلقت تلك المصيبة ، إذن لا علاقة لكم بي أسمعتم ؟؟؟؟؟؟
حكيم(لم يقل حرفا فبمجرد دخوله المفاجئ بلكمة ثلاثية الأبعاد على وجه حسام):- سمعنا
حسام(فتح عينيه من اللكمة ومسح على فمه الذي غرق بالدماء):- هذا اعتداء سأشتكي عليكم أيها الأوغاد …
حكيم:- طلال وكأن هذا اللسان يطلب معانقة قاطعة السجائر خاصتك ؟
طلال(أخرج القاطعة من جيبه وحرك بصوت مستفز):- والله أنا جاهز
حكيم(ضحك وهو يجذب حسام إليه):- سأعلمك كيف تتصل بأختي وتقتحم حياتها من جديد ، سأجعلك تقبل الأرض التي تسير عليها وأنت تطلب من الله ألا يجعلك تقابل أي فرد من عائلة الراجي ولو صدفة ، ستتعفن بهذا السجن وإن قدر الله وخرجت منه سأعيدك إليه بتهمة قتل بجريمة سرقة ، معلوم ملفك زاخر بالمصائب وشيء فوقها لن يضر سُمعتك هههه .. طلالي ألن نبدأ الاحتفال ؟
اقترب طلال منهم بخبث ونزل رفقة حكيم في حسام ضربا وركلا إلى أن أسقطاه متعبا من هول الضرب ، هنا تقدم الجدارين ليكملا ما تبقى وقاموا بكسر كل عظامه دون رحمة وفي الأخير همَّ طلال بأخذ تذكار صغير منه بطبيعة الحال ، وضع قاطعة السجائر على حلمة صدر حسام الذي كان يتوسل إليهم أن يدعوه وشأنه ويرحموه لكن هل تنفع الرحمة مع من لا يعرفها أصلا ؟
حكيم(أخذ يرتدي سترته بهدوء وبرودة):- كنت لأسامحك لو أنك بقيت في حالك ولم تتصل بأختي ، أنت حاولت خلق المشاكل وأحضرتنا بنفسك إلى غاية عندك ، طبعا نحن ناس نفهم بالأصول ومن يستدعينا نلبي طلبه على الفور ..
طلال:- ولأنك غال عندنا وضعناك بأول القائمة ..
حسام(بفم كله دم وأنف مكسور وعيون دموية وحالة يرثى لها):- اغفروا لي لن أكررها أقسم لكما سأنسى دعاء سأنسى ابني سأنسى اسمي حتى ، فقط ارحموني اهئئئ
طلال(هزأ بتأثر مصطنع وهو يضع يده على قلبه):- حكيم هذه المرأة مزقت قلبي
حكيم(عدل ياقته وأكمام قميصه):- يا روحي ، تصدق دمعت عيوني تأثرا بدموعها الممتزجة بمخاط أنفها واااااع .. شيء مقزز
طلال(مط شفتيه تضامنا معه):- ما رأيك لو نرحمها عزيزي حكيم ، حرام قلبي يتمزق عليها
حكيم(نظر للرجلين وضحك):- والله لن أجزم لك إن كان الحبيبين سيشفقان عليها بعد رحيلنا ، يلا أقله تأخذ نصيب متعتها بالسجن
طلال(غمزه حين ارتعد حسام لما رأى الرجلين يمسحان على فمهما وصدرهما بشهوة):- هههههه يا خبيث النوايا
حكيم:- والله من بحث عن البلاء وجده قد سقط الذنب عنااااا
حسام(بهلع):- سامحوووووووني لا تفعلوا بي هذا أنا أرجوكم ، اهئاااااه
طلال(أبعد القاطعة عن صدره وأعادها لجيبه):- لقد أشفقنا عليك فقط في وجه ابنك فريد ، لأنه شهم وطيب والحمدلله لا يشبهك في ذرة
حكيم(مسح يديه بالمنديل الورقي):- يعني غفراني هذه المرة سيكون على حساب فريد ، وأقسم أنني لو لمحتك تطوف حول أختي مجددا سأقطعك قطعة قطعة وكل يوم ، لن أقتلك بل سأجعلك تنظر للحمك الممزق لشهور وشهور عديدة إلا أن تزهق روحك .. سأعذبك عذابا أسود يعوض الجحيم الذي جعلت أختي تعيش فيه وأيضا يقتص من تنك النساء اللاتي دمرت حياتهن طوال سنين عبثك … وأقل ما يمكنني فعله لأجلك الآن هو طلب صغير من هذين الرجلين الوسيمين …
طلال(غمز حكيم وتابع عنه):- "استمتعا جيداااااا" … ههه سلام يا حسام النهواني
حكيم(أشار برأسه للرجلين):- باي حلوتي …
تحت صرخات حسام المستنجدة أمسكه الرجلان ولم يظهر بعدها سوى بكاء حسام ودموعه المهانة على الأرض ، طيب هل كان أشفق على غيره سابقا لكي يتم الإشفاق عليه الآن ، أحيانا العقاب يليق لكي يشعر المرء بذنبه ، ولو لم يفعل حكيم هذا ما كان اهتدى حسام وعرف أن الله حق … حتى لو كانت الطريقة مهينة ولا يتقبلها العقل البشري إنما هذا ما يحصل بالسجون وهذا ما يجعلنا نقف وقفة حاسمة ونتساءل مع أنفسنا هل يجب التعاطف مع شخص مجرم مثله ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
طلال(وهما مغادرين جانب الزنازين):- كأننا بالغنا قليلا ؟
حكيم:- لم نبالغ يا طلال ، ذلك الرجل لن يتوب إلا بهذه الطريقة
طلال:- إننا نتحدث عن رجولة مهدورة هنا
حكيم:- بنظرك هل ما يحدث داخل السجون شيء رحيم ، يا عمي إن ذلك يتم بالضرب والإجبار وتحت التهديد حتى وبالنسبة لحسام هو درس لحياته كلها
طلال(سحب نفسا عميقا):- حكيييييم
حكيم(حول عينيه بتعب):- تمام تمام عد إلى الداخل ودعهم يتوقفون هياااا ، يكفي الرعب الذي عاشه ولكن إن حصل له أي شيء فيما بعد لا ذنب لي ..
طلال(ابتسم):- لطالما كان قلبك رحيما حتى بمن يؤذونك ..
حكيم:- لن يبقى رحيما على طول ، هنالك أشخاص لن أغفر لهم ولو أغرقوا الأرض دمعا
طلال:- انتظرني بالسيارة عائد لك
عاد طلال للسجن وطلب من المسئول أن يعيد الرجلين للزنزانة الخاصة بهما ، فقد تم إدخالهما لغاية مؤقتة وسيغادران المكان في اليوم الموالي ، المهم سوَّا الأمور معهم ولم يقربوه طبعا فقد أغمي عليه من هلعه ونقلوه لغرفة التمريض بعد أن تم رحمته مما كان سيحدث له من قبل الرجلين ، أكيد لولا رحمة حكيم لما تراجعا لحظة كانا سيعلمانه درسا لن ينساه في عمره بأكمله … بعد برهة غادر طلال شاكرا المسئول عن مساعدته لهم طبعا سيبقى الأمر سرا لن يعرفه أحد على الإطلاق ، يلا وهذا حساب كان يجب على حسام دفعه وقد حصل عليه حكيم واقتص لأخته كما يجب ..كان حزينا لأن الأمور اتخذت هذا المنحى المؤذي فهو لا يحبذ أذية الناس إنما قد حدث وتسبب حسام بذلك لنفسه ، أصلا كان عليه دفع ثمن ما فعله بها وبما حصل له مؤكد قد دفعه وبالفوائد .. عاد إلى البيت كسيرا وبمجرد أن دخل ارتفعت دعاء لتراه وجدت على ملامحه الانكسار باديا للأعمى ، نظر إليهم جميعا وانتهى عند جوزيت التي فهمته وجعلتهم يخرجون من الغرفة إجبارا ، هنا تزحزحت دعاء بقلق وهي تمسح دموعها مستقبلة أخاها بجانبها
حكيم(أغلق الباب خلفهم جميعا وعاد إليها جلس قربها وأخذها في حضنه):- أختي حبيبتي
دعاء(بتوجس):- أخي ..
حكيم(مسح على شعرها وهو يقبل رأسها بحنان):- عندما كنتِ صغيرة كنتِ تغارين من ميرنا كثيرا لأنها كانت تحظى بكل الألعاب الجميلة ، في مرة انتظرتِ عودتي من العمل حتى وقت متأخر وأتيتني وأنتِ بهذا الحجم ما تزالين طفلة لكن بعقل كبير كنتِ دامعة العينين بشفتين ملتويتين تعبران عن سخطكِ على الحياة وما يسكن فيها .. طبعا شعرت بالضحك لحظتها لكنني عاملتكِ على أساس أنكِ كبيرة يعني واستمعت لشكواكِ …
دعاء(بحنين لتلك الأيام):- قد كنت طفلة
حكيم:- طفلة تعشق الدلال .. أحضرت لكِ في اليوم التالي نفس لعبة ميرنا وبقيت تلعبين بها في كل الأوقات حتى حين تنامين تضعينها بحضنكِ وتحتضنينها وكأنها طفلتكِ الصغيرة ، لكن في يوم لا أدري ماذا حصل في البيت بسبب عمي وسمر رآكِ واقفة على جنب وبيدكِ اللعبة وأخذها منكِ عنوة ومزقها لأشلاء تحت ناظريكِ ،بكيت وبكيتِ وما قبلتِ ذلك الظلم أخذتِ لعبة ميرنا وجعلتها تعيش ذات المصير لأنكِ مزقتها بنفس الطريقة وشعرت بالارتياح ، وقتها لم تفكري بردة فعل عمي ولا بالعقاب الذي ستنالينه فأي عقاب سيكون رحيما بدلا من رؤية لعبة ميرنا سليمة بينما لعبتكِ أنتِ تحطمت
دعاء:- والمغزى ؟
حكيم:- المغزى يا روحي ، أنكِ لم تنتظريني لكي أقتص لكِ من عمي أو من دمية ميرنا ، بل أمسكتها بنفسكِ ودمرتها وارتحتِ ، يعني تخلصتِ مما يؤلمكِ وهنئتِ بالا .. واليوم يا أختي قد استحق حسام النهواني مصير الكلاب ولن يضايقكِ بعد الآن ..
دعاء:- أتتحدث عن يقين لأنني لو رأيته سأقتله
حكيم:- والله على حد علمي قد حرصت على أن يبتعد عن بيتنا حتى ، لذلك اطمئني وانسي ما حدث معه ، فكي نستمر للأمام علينا أن نجتاز مثل هذه العقبات الأليمة
دعاء:- كنت قد بدأت أتعافى لكن باتصاله خرب كل موازيني .. الله ينتقم منه
حكيم:- عليكِ أن تشغلي نفسكِ يا دعاء ، الجلوس في البيت لا يليق ..
دعاء:- وماذا بيدي أن أفعل أنا لا أفقه بشيء سوى عمل السكرتيرة ولا شركة ستقبل بي حسبما أظن بوضعي هذا ، لذلك ليس أمامي سوى البقاء هكذا
حكيم(ابتسم):- ولو أتقولين هذا الكلام وأخوكِ موجود ، يا ستي وأحلى مكتب لأحلى سكرتيرة بالكون اسمعي لم أشأ أن أخرب المفاجأة لكنكِ تستحقين أن تعرفي ، أخوكِ إن شاء الله قرر الاستثمار بشكل مستقر سأفتتح شركة تضاهي شركة آل رشوان قوة ولذلك سأحتاج لخبرتكِ ولتعاونكِ معي ومع نور لكي نوقفها على قدميها ، فهل أنتِ مستعدة يا راجية لتقديم يد العون ؟
دعاء:- أواااه الآن فهمت لما كان الإلحاح مضاعفا على رنيم كي تلج مؤسسة للتسيير والتدبير الإداري ، هذا متفق عليه من السلطات العليا إذن ههه ..
حكيم(رمق ضحكتها وشعر بالبهجة والسرور):- هو كذلك ، وعليه أنا أنتظر سماع الموافقة منكِ حبيبتي دعاء هل ستكونين معنا ؟
دعاء(مطت شفتيها بتفكير وابتسمت):- والله لن أجد غير إخوتي من سيقبلون بامرأة بطنها حتى فمها كسكرتيرة … على عيني يا روحي أنا معكم على الحلوة والمرة
حكيم(عانقها بحنان):- أعدكِ أنكِ ستبقين مبتسمة هكذا دوما ، وما حدث ستنسفينه من عقلكِ نهائيا تمام أختي ؟
دعاء:- سعيدة بك أنا يا أخي ، ربي ما يحرمني منك يا سندي اليوم أعدت لي حق كرامتي المهدورة لقد أنصفتني
حكيم:- شتت شتت لا دموع بعد الآن لا يوجد سوى الفرح إن شاء الله ، والآن لما لا نغسل هذا الوجه ونخرج إلى العائلة لشرب الشاي الكل ينتظر رؤيتكِ ثابتة على أقدامكِ دعاء خصوصا أمي .. همم ؟
دعاء:- سأرافقكم فلقد جعلتني أشعر بالارتياح بعد أن عرفت أن حسام أصبحت عظامه حطاما ، ويلزمه سنوات حتى يتعافى
حكيم:- والله من آذى آل الراجي ولو بجرح طفيف ، احترق في اللهيب …
ابتسمت بانتصار وبكت حقا ولكن هذه المرة كانت دموع السعادة بالقصاص الذي نالته أخيرا ، قد أخذ حسام نصيبه من العقاب ولم يعد هنالك شيء يعنيها لأجله ، فحتى الحب الذي تكون بشكل خاطئ لأجله ذات يوم قد اندثر ورفرف مع ذكرياتها السيئة التي عزمت على محوها من ذاكرتها لعلها تعيش في هناء بعد ذلك اليوم …. انضمت إليهم في جلسة عائلية دافئة استطاعوا أن يرمموا فيها قليلا من الانهيارات التي سببتها هزة حسام النهواني والذي صدف وتخلصنا منه فعليا للأبد ..

في ذلك الوقت
بشقة إياد حيث كان يرتدي ثيابه ليزور رامز ببيته فهذا الأخير لم يعطه رأس الخيط بخصوص المعلومات التي طلبها منه عن دار الأيتام ، حتى حين اتصل به لم يجب عن اتصاله إذن هنالك خطب ما في الموضوع ، وعليه قرر زيارته ليعرف ماذا هناك .. قبل خروجه وجد بابه يُطرق بشكل غريب وبإصرار حرك شعره وتوجه صوبه ليفتح ، فوجد أحلام أمامه بملامح شاحبة متعبة تطلب نجدته …
إياد:- ست أحلام هل أنت على ما يرام ؟
أحلام(باختناق وتعرق):- حرارتي مرتفعة منذ الصباح وتيسير غير موجود بالبيت ، أرجوك ساعدني يا سي إياد
إياد(رمش وهو يرمقها باستغراب):- طيب أ.. لا أدري ماذا علي أن أفعل لكن ، انتظري هنا أو لأقل لكِ عودي لبيتكِ سآتي فورا بالخالة سوسن وأطلب الطبيب
أحلام(أمسكت على بطنها):- بطني تتمزق أنجدني اهئ
إياد(رمقها وهي تتمسك بيده):- على مهلك
ساعدها بقلة حيلة وأدخلها لبيتها تاركا الباب مفتوحا خلفه ، دلته على غرفتها وأخذها إليها وجعلها تستلقي على سريرها بهدوء ، من لهفته أسرع فورا لينادي الخالة سوسن كي ترافقها في حين اتصل هو بطبيب المستوصف الكامن بجانبه حيهم ، وبعد برهة كان هو والطبيب والخالة سوسن خارج حجرة أحلام
إياد:- نعم يا دكتور ما وضع الست أحلام ؟
الطبيب :- لا أخفيكم سرا ولكنني أشك بوجود اضطراب معوي ببطنها ، يلزمنا بعض التحاليل والفحوصات لتشخيص الحالة
سوسن:- يعني هل الموضوع خطير ؟
الطبيب:- حسب الأعراض التي وجدت المريضة فيها قد يكون الأمر جديا ، عليكم الإسراع بما طلبته لكي نبدأ العلاج
إياد:- تمام هل وصفت لها مسكنات على الأقل كي لا تتألم ؟
الطبيب(قدم له الورقة):- طبعا هنا كل الأدوية اللازمة ، شفاها الله لكم
سوسن:- يا عيني عليك يا ابنتي .. تت أين تيسير الآن أين ذهب وتركها على ذا الحال ؟
إياد:- أكيد هو لا يعلم بحالتها يا خالة سوسن ، أنظري عليكِ أن ترافقيها لحين يعود وأنا سآتي بالدواء فورا
سوسن(رافقته حتى الباب):- تسلم يا عزيزي إياد ربي يحفظك لشبابك ..
ابتسم لها بطيبوبة ولحق بالطبيب الذي كان ينزل الدرج ، حاسبه وجعله يطمئنه قليلا عن وضعها لكن الطبيب لم يخفي عنه مخاوفه في تطلب إجراء عملية حتى من يعلم فكل شيء ستظهره الفحوصات اللازمة .. المهم توجه إياد للصيدلية أحضر ما يتطلب وعاد للشقة كي يصطدم بالخالة سوسن جالسة عند الدرج وتضع يدها على خدها ..
إياد(ركض إليها):- خالة سوسن خيرا لما تجلسين هكذا ؟
سوسن:- تيسير .. طردني من شقتهم قال ما قال لا يتدخل أحد فينا في بيته ولا بزوجته
إياد(هنا تعصب وتوجه إليها):- دعيني أساعدكِ على الوقوف ، وسأريه كيف لا يتم التدخل المرأة مريضة وليس هذا وقت الغيرة والهبل …
طرق باب شقة تيسير بعصبية وأخذ ينتظر الجواب ، بعد وقت وجيز فتح تيسير وهو يسد الباب بذراعه كي لا يتقدم أي أحد فيهم
تيسير:- نعم ؟
إياد(زفر بنفاذ صبر وقدم له كيس الدواء):- هذا دواء الست أحلام ، أرجو أن تعطيه لها في مواعيده وغدا صباحا عليك اصطحابها للمستوصف كي يقوم الطبيب بأخذ بعض التحاليل والفحوصات لها لتبين المرض
تيسير(نظر ليد إياد الممتدة بالكيس وباستخفاف):- هل أنت زوجها ؟؟؟؟
سوسن(شهقت):- هئئ له يا تيسير ما هذا الكلام ، كثر خير ابني إياد ما إن سمع بوضعها هرع لإحضار الطبيب وبشهادتي حتى
تيسير:- مشكور هو السيد إياد ، لكن هذه زوجتي وأنا الوحيد المخول بالخوف عليها وعلاجها لا أريد أن تتدخل في حياتنا … ثم ألم أنبهك على عدم الدخول لبيتي لما كسرت الاتفاق يا هذا ماذا تريد ؟
إياد(تمالك أعصابه وهو يتكأ بيده على الحائط):- سيد تيسير أجد أنه لا داعي من حديثك الناقص هذا ، نحن جيران ومن واجبي مساندة جيراني إذا طلبوا مني المساعدة
تيسير:- كنت أعرف أنها من لجأت إليك لكي تستعطف قلبك
إياد:- أنا لا أسمح لك أسمعت ؟؟؟
تيسير(خرج من الشقة ودفع إياد لكتفه):- وإن لم تسمح ماذا سيحصل ؟
سوسن(بهلع نظرت إليهما):- بالله عليكما ما هذا الذي تفعلانه ؟
أحلام(خرجت من خلفه وهي تمسك على بطنها):- تيسير أرجوك لا تطل في الأمر ، لقد حضر السيد إياد برفقة الخالة سوسن أقسم لك
تيسير(دفعها بقوة حتى سقطت على الأرض من عدم اتزانها):- لا تتحدثي أنتِ أصل المشاكل
أحلام(مسحت دمعها ونظرت لإياد بحرقة):- أنا آسفة
إياد(سحب تيسير من ياقته وجذبه إليه بينما هرعت سوسن لتساعد أحلام على الوقوف):- ما هذا الذي تفعله هل فقدت عقلك ، كيف تطرحها أرضا وهي مريضة ؟؟؟؟؟؟
تيسير(أيضا أمسكه من ياقته):- أنت من يتودد لها ويسيطر عليها بحركاته الوضيعة ، لما تفعل هذا هي امرأة متزوجة لا تجعلني أرتكب فيك جريمة
إياد(بقوة):- لا أريد أن أضربك صدقا لذلك اسحب كلامك ولا تهذي هنا ، لا يوجد أي شيء مما ذكرته يا هذاااا
رقية(تقدمت بدون فهم نحوهم وهي تصعد ما تبقى من درج):- إياااد
إياد(أغلق عينيه بغيظ وترك تيسير):- لا تشغلي بالا يا رقية كان هنالك سوء فهم وانقضى ، سلامتك ست أحلام هيا يا خالة سوسن لم يعد هنالك داع من وجودنا
تيسير:- لو ماتت زوجتي لا تقرب بابي أسمعت يا هذاااااا ؟
رقية(جاءت بالوقت المناسب):- الله الله ما الذي يقوله هذا ، هيييه أتحسب أن إياد يخشاك يعني هو فقط يخجل من عمرك فلا تدعنا نخرج العيب الذي تستحقه
إياد(جذبها):- رقية يكفي
رقية:- ألم تسمعه ؟؟؟
إياد(نظر خلفه ووجد أحلام تنظر إليهما بحسرة وجذب يد رقية):- انتهى
سوسن:- لا حول ولا قوة إلا بالله
تيسير:= وأنتِ لما تبكين هنا ألا ترينه مع فتاة أخرى غير عن الأخريات ، هو هكذااااا يظل من بنت لبنت أتحبينه لأنه زير نساء مثلالالالالا ؟؟؟؟
أحلام(تلقت تلك الصفعة على وجهها وهي تبكي):- اهئ
رقية(سمعت جيدا ما قاله تيسير ونظرت صوب إياد):- هل ستسكت له ؟
إياد: لا يسعنا التدخل بين زوج وزوجته
رقية(ابتسمت وهي تعود صوب شقة تيسير):- اسمعني أيها الأخرق ، لا أسمح لك بأن تتفوه بسوء تجاه خطيبي أفهمت ، ولا شأن لنا بزوجتك ولا بغيرها لذلك راجع تصرفاتك قبل أن تتطاول بلسانك على حرمات الآخرين ، وإن صدف وتجرأت سوف ألبسك قضية وأجعلك تدخل السجن ووقتها أرني كيف ستحرس زوجتك .. ألف سلامة عليكِ يا أختي الكلام لا يخصكِ طبعا هيا يا حبيبي لندخل لبيتنا فقد اختنق الجو فجأة ..
إياد(فتح باب شقته وجعلها تدخل وما إن أغلقها سحبها لحضنه):- يا أم لسان طويل ما عرفتكِ قوية هكذااا هههه
رقية(وضعت حقيبتها على الحائط الجانبي):- ههه ولو يا حبي من يمسَّك بحرف أفرمه
إياد(قبلها على وجنتها):- حبيبتي القوية
سوسن(بقيت وسط الشقتين تحمل كيس الدواء بينما دخل الجميع لبيته):- ههه وماذا عني أناااا يا جماعة الخير .. يلا سأعود لاحقا
بمجرد أن أدخلها للبيت جلس قبالتها وهو يلهث بغضب وبحرقة قلب ، نظر إليها وجدها تتلوى وجعا وأشفق عليها رغم ذبحها له في صميم رجولته إلا أنه ما يزال يحب زوجته الغادرة
تيسير:- لما حكمتِ علينا بهذه الحياة يا أحلام ؟
أحلام:- تيسير لقد أخبرتك ، حصل الأمر وانقضى والرجل سيتزوج يعني أنا لست بباله أصلا وقد عدلت عن ذلك الجنون يكفيني ما عايشت من ألم يكفي يكفيييي
تيسير(نهض إليها وانحنى القرفصاء ليمسك يدها):- هل تتألمين ؟
أحلام:- ليس بقدر الألم الذي جعلتني أعيشه ، لقد فضحت أمري أهنتني يا تيسير
تيسير:- سامحيني يا أحلام ، سامحيني هيا سأحضر لكِ الدواء قبل عودة أسامة تمام
نظرت إليه بقلة حيلة فهذا هو الرجل الذي تزوجته ، طيب وعطوف وأي نزعة غضب هي ترجمة لحرقة قلبه حتى لو جعجع قبل قليل إلا أنها جعجعة من خلف مشاعره الطيبة … لكن هل حقا تلك الفتاة خطيبة إيااااد ؟؟
رقية(خرجت بكوبين من الشاي):- حضرته على المزاج
إياد(أبعد ديكورات طاولة الصالون ليفسح لها المجال):- سلمت الأيادي
رقية:- كيف تخاصمت معهم ؟
إياد:- والله ذلك الرجل جن جنونه لا يريد أن يفهم
رقية:- يفهم ماذا ، هل حقا زوجته تحبك ؟
إياد(مط شفتيه بحزن):- حدث ذلك عن طريق الخطأ ، أكيد هي لم تحس حسابا للموضوع
رقية:- هل تدافع عنها ، من جهتي أجد أنها سيدة طيبة القلب ، ولا ألومها لو عشقتك فمن ذي التي لا ترى حبيبي ولا تعشقه ؟؟؟؟
إياد(أمسك الكأس وهو يضحك):- أعجبني دفاعكِ المدني ، خطيبي هاه ؟؟
رقية(غمزت له وهي تشرب الشاي):- أولست كذلك ..
إياد:- كذلك يا حبي ، هممم لم تخبريني أنكِ قادمة إلي هل هناك شيء ؟
رقية(وضعت كأسها جانبا وجذبت كأس إياد ووضعته أيضا على الطاولة وأمسكت يديه):- الآن أريد استشارتك بموضوع حساس ومهم مهم جدا
إياد(عاد برأسه للخلف):- هل تنوين هجري ؟
رقية(ضربت لفمه وهي تضحك):- حتى لو أردت لا أستطيع قد وشمت اسمك هنا
إياد:- أيووون … طيب ما الموضوع ؟
رقية:- هو بصراحة شيء خاص بيني وبين وائل ، لكن بما أنك من المقربين لهم عليك أن تعرف لكي تساعدني
إياد:- أساعدكِ طبعا لكن بخصوص ماذا ؟
رقية:- سأخبرك … الآن حدث شيء لا أدري ماهيته وائل لم يعطني أي معلومة ، فقط طلب مني ما يلزم حيال إعادة فتح قضية طارق الراجي
إياد(فتح عينيه على وسعهما):- واووو ومن أين جاءتكما الفكرة يا ست رقية ؟
رقية:- أخبرتك حدث هام يعرفه وائل فقط وهو الذي جعله يطلب مني ذلك ، المهم لقد ذهبت لرؤية طارق فعليا والتقيت به بصفتي محاميته ..
إياد(باهتمام):- أهاه وماذا حصل ؟
رقية:- وافق على فتح الدعوى ونحن الآن بحاجة لشخص من عائلته ليكفله ..
إياد:- فهمت ، لكن من ؟
رقية:- حكيم لن يصلح لكفالته لأنه مبهم وغامض ومصادر أمواله صحيح جاءت عن طريق الاستثمارات داخل وخارج أرض الوطن ، لكن عليه علامات استفهام جمَّة
إياد:- طيب وبمن فكرتم غيره ؟
رقية:- لم نتوصل لحل فإن نحن أخبرناهم سيتحمسون بشكل كبير ، وفي الحقيقة كان شرط طارق لقبول هذا أن يبقى الموضوع قيد الكتمان ويتم بسرية تامة لحين يفرج عنه ويفاجئهم بنفسه
إياد(وضع يده على فكه وهو يتنفس عميقا):- طيب نور قادرة على كتم الموضوع ، هي تحفظ السر جيدا وكفؤ لكفالته
رقية(عضت شفتها):- إياااااد
إياد:- لما أشعر أنكِ حقا فكرتِ في الشخص المناسب ؟
رقية:- لم أفكر أنا بل اشترطه طارق بنفسه وطلب أن تتم كفالته من قبله شخصيا ، ولم يقبل بأحد غيره
إياد:- ذكي هذا الطارق وهو بالسجن يسير الأمور بالخارج ويتحكم باشتراط من يكفله ومن يخرجه ومن يهتم به .. تمام وعلى من وقع الاختيار ؟
رقية(امتصت شفتيها):- على أخته … سمر
إياد(رفع حاجبيه بذهول):- يا إلهي … يعني هل يجوز ذلك هل سمر قادرة على كفالته ؟
رقية:- بما أنها المتضرر الوحيد في تلك الحادثة وبسببها اشتبكت الأمور ، فهي التي تملك الحق في إخراج أخيها من ذلك السجن ، والآن مساعدتك لي ستكمن بذهابك معي إلى بيتها لكي أطرح الموضوع وأخبرها متى عليها أن تكون جاهزة
إياد(حرك فكه):- طيب أنا لن أستطيع القيام بهذا خفية عن صديقتي
رقية(أمسكته من قميصه):- إياد ، لقد أوصاني طارق إن عرف أحد من عائلته سوف ينفي كل دفاعنا بالمحكمة ويبقى هناك لحين تنتهي السنين المتبقية يعني ما صدقنا اقتنع
إياد:- لكن ميرنا من حقها أن تعرف ، وأنا لن أتمكن من إخفاء هكذا أمر عنها ..
رقية:- آه يا ربي أنا أتحدث شرقا وهو يفهم غربا ، إياد الموضوع محسوم من أساسه فهل أنت معي أم ألجأ لشهاب ؟؟؟
إياد(مسح فكه):- طيب إلى متى سنخفيه يعني ؟
رقية:- لا أدري إن سرت الدعوى بشكل جيد ، وقام الشهود بإسقاط التهم الموجهة إليه مع كفالة أحد أقربائه من الدرجة الأولى .. لنقل سيأخذ الموضوع قرابة الشهر
إياد(امتص شفتيه وقلبه خفق بقوة):- يعني شهر ويطلق سراحه ؟؟؟
رقية:- كذلك …
إياد:- انهضي لنذهب إلى ميرا الآن …
رقية(عانقته بحماس):- حبيبي حبيبي ..
عانق مجنونته ورافقها إلى قصر ميرا ، فهذه الخطوة المهمة تستلزم حضوره فعلا فكيف ستتقبل الموضوع بعد أن تسمعه منهما ، خصوصا أن طارق شيء مقدس بالنسبة لها وليس مجرد أخ بل أكثر من ذلك … طبعا كما توقعنا أول ما بدأت بفعله هو البكاء فمن يسكتها ؟
إياد:- ها هي ستجعلني أندم لأنني وافقت على المجيء إلى هنا ..
رقية:- هشش إياد ليس وقته
ميرا(أمسكت على قلبها بلهفة):- هل صحيح هل سيخرج أخي ، هل ممكن ذلك أخبروني ؟؟؟
رقية:- سيخرج نحن اتخذنا كل التدابير اللازمة ، حتى من عائلة رماح سيبطلون شهادة الزور ويشهدون بالحق يعني سنضع الأمور في نصابها لكي نفلح فيما نصبو إليه
ميرا(مسحت دموعها حين قدمت هنادي لهم الضيافة):- تفضلا …
هنادي:- سيدتي لقد استيقظ شادي هل أحضره لكِ ؟
ميرا:- أهاه لو سمحتِ …
رقية:- لن أستطيع مقاومة خدوده الشهية ، اشتقت له منذ البارحة
إياد:- أشواقكِ بها مس كهربائي ، سرعان ما تنقلب للدرجة القصوى بدون سابق إنذار
رقية(ابتسمت له):=- لكنها تصب في الصميم وهذا أهم شيء
إياد(بذات الابتسامة):- سنعتبره كذلك
ميرا(تابعتهما وفهمت الحوار الخفي وعلمت أن بينهما علاقة):- متى ستتزوجان ؟
رقية(سعلت من القهوة والتقطت كوب الماء):- ههه زواج ماذا يعني
إياد:- أجل يعني … أ
ميرا:- هيا لن تكذبا إحساسي الآن ، أعلم أن بينكما شيء خاص إنه نابض بأعينكما
إياد(سحب نفسا عميقا):- فكرة الزواج غير مطروحة الآن ، ما زلنا في بداية علاقتنا ميرا
رقية(احمر وجهها من جوابه وشعرت بالحنق فجأة):- …لا رد
ميرا:- على خيرة الله ، هاه شادي وصل …
رقية(نهضت مستأذنة):- هل لي بدخول الحمام ؟
ميرا(أعطت شادي لإياد):- طبعا هنادي رافقيها
هنادي:- تفضلي آنسة رقية من هنا ..
إياد(قبل شادي وأخذ يلاعبه):- ما الذي تتناوله يا ولد آخر مرة كنت أقل وزنااا
ميرا:- الآن سيصاب بالعين
إياد(بعد لحظتين):- ميرا ، هل أنتِ متحمسة ؟
ميرا(شبكت يديها):- طالما اختارني أخي لكي أكفله فأنا لن أتأخر البتة ، فقط أخبروني ماذا علي أن أفعل وأنا جاهزة في أي وقت ..
إياد:- أهم شيء السرية التامة ، لا أحد يعرف بالموضوع سوى أنا وأنتِ ورقية ووائل تمام . لا حكيم ولا ميرنا على علم
ميرا:- لا تقلق أنا أصلا لن أشاء تضييع هذه الفرصة ، حتى شهاب لن يعرف ..
شهاب(دخل تلك اللحظة):- وما الذي لن يعرفه شهاب ؟
ميرا(ارتبكت وهي تأخذ شادي من إياد):- أ. يعني عن
إياد(وقف وصافحه):- موضوع خاص بي وبرقية ..
شهاب:- آه رقية هنا أيضا ، جميل أن تترك الشركة لتمرح وتسرح معك في كل جانب
رقية(مسحت وجهها وتقدمت صوبهم):- ولو يا مديري منذر هناك يقوم باللازم
شهاب:- لن أتورط معكِ أيتها المحامية ، لكن ما سر هذه الزيارة المفاجئة ؟
جلس الأربعة وبينهم شادي يلعب في حضن كل واحد منهم ، طبعا فبركوا الموضوع على أنه خاص بإياد ورقية بالرغم من أن شهاب لم يقتنع لكن أرجح أنهما جاءا للاطمئنان على صحة ميرا بعد أن عرفوا بإغمائها المهم لم يطل تفكيرا ، وهم لم يبقوا كثيرا سرعان ما انسحبا كي لا يخطئا بالكلام أمام شهاب ،.. غادرا من هناك مباشرة صوب شقة وائل لكن لماذاااااااا ؟
ههه فور وصولهما إلى هناك وبمجرد أن انفتح الباب أمسكه إياد من كم قميصه وألصقه مع الحائط كالمجرم ، وهذا ما لم يتقبله رامز بتاتا بتاتا خصوصا أن مشروع الحب كانت جالسة هناك تتفرج عليه وهو مساق كالطائر الذبيح ^^
رامز:- بهدلتني الله لا يوفقك يا رجل ، البنت تنظر إلينا لقد حطمت محاولتي معها قبل أن تبدأ ، ضاع أملي ضاع
إياد:- أبحث عنك منذ الصباح وأنت هنا تدفن رأسك كالنعامة ، يا رجل أقله لا تنسى أصدقاءك
رامز(طالعه شزرا):- منذ متى تعترف بصداقتنا يا هذا ، آخر مرة تركتني مع جمعية للفح وحيدا وهربت
إياد(صغر عينيه):- جيد أنك ذكرتني سأفضح أهلك أمام البنت ، ولا نصبح في الأمل المفقود بل بالرفض الأبدي
رامز(تمسك بذراع إياد وقبل كتفه):- لا وحياتك سأموت وأنا معنس هل يرضيك حالي ؟
إياد(دفعه):- يرضيني يرضيني أن تبقى كمخلل الخيار في ركن أيها الضفدع
رامز(عدل ياقته ولحقه للصالون):- أبو الأربع والأربعين
إياد(سخر منه):- لا يوجد أبو هنالك فقط أم ..
رامز:- طيب كيف أنجبوها بدون مساعدة الأب ، غريب هو التوالد عند الديدان …
رقية(بحرج):- احم احم
رامز(فتح فمه بصدمة):- ألم تكونوا بغرفة ولول ، احم ماذا سمعتم ؟
ماريا(تحمل صحن الضمادات التي غيرتها لوائل):- كل شيء عن مرحلة نمو الديدان
رامز(ضرب إياد لظهره):- هو الذي طرح السؤال أنا فقط أجبته
إياد(ابتسم بغيظ):- لما لا نطمئن على وائل همممم ؟
رقية(أشارت لإياد واتجهت مع ماريا للمطبخ):- نحن هنا …
ماريا:- لطيف هو رامز أليس كذلك ؟
رقية:- علاقته بإياد مميزة جدا ، صحيح كانت في البداية محفوفة بالمشاكل وما تزال يعني لكنها صداقة صدوقة بحق وهذا ما يجعلها فريدة من نوعها
ماريا(لاعبت خصلات شعرها):- لاحظت ذلك ..
رقية(غمزتها):- لما سألتِ عنه ؟
ماريا(بحرج):- مجرد فضول …
نزار:- من الذي تجرأ ودخل مطبخي ، هاه هذه أنتِ يا أس الشغب نصيحة يا ابنتي يا ماريا لا تخالطيها كثيرا فهي مصيبة تتمشى على أربعة أرجل
رقية:- أنا يا عم نزار الله يسامحك
ماريا:- ههه هي طيوبة يا عمي نزار لما التستر ؟
نزار:- والله أنا نصحت ومنكِ لنفسك ، هيا هيا أخرجا من هنا من غير مطرود أريد تحضير وجبة العشاء
ماريا(رمت بالضمادات بسلة المهملات):- أوامرك يا سيد نزار
رقية:- دعينا نجلس بالصالون طالما طردنا هذا العجوز …
نزار:- عجوز بعينك يا شقية …
وائل:- الموضوع بسيط لا أفهم أين الإعجاز في المسألة ، لما تكرران على مسمعي ذات الشيء صعب وما صعب ؟؟؟؟؟
رامز:- يعني لو فكرنا بالمنطق أجد أنها تستحق يعني ، ما رأيك إياد ؟
إياد:- والله لو كان شيئا يسعد ميرنا فأنا أكيد معكم ، تمام سأكلم صديقا لي بالإذاعة وأرسل له التسجيل متى تكون جاهزا أنت ؟
وائل:- لأجل حبيبتي أنا جاهز كل الوقت ، لكن امنحاني نصف ساعة
رامز:- أيوة يا عم السيد وائل ينوي سرقة لب الأخت ميرناا ، هيييه جيد أن هنالك ممرضة دخلت قلبي لتشفيه وإلا كنت خربت عليك اللقطة هههه
وائل:- ذكرني يا عزيزي إياد أن أضعه في قائمة الممنوعين من دخول حفل زفافي
إياد:- والله هذا يوم المنى
رامز(ضرب إياد لكتفه):- تبيعني في لمحة بصر سحقا لبنود صداقتنا الرثة
وائل:- هاا هما سيبدآن الآن ، تمام خذا راحتكما مع الآنستين الجميلتين ريثما أنهي تسجيلي هيا هيا غادرا
إياد:- فقط لأن البديل أنثوي ويبهج قلبي ، وإلا لكنت بقيت هنا أتسمَّع عليك
رامز:- وأنا مثله لكن إن لم أجعل قلب تلك الممرضة مليئا بي سوف أعنس أكثر مما أنا عليه
إياد(ادعى شعور الغثيان):= واااع لا أستطيع تخيلك وأنت عريس ، فظيع فظيع
رامز:- يلعن تفكيرك وأنا الذي كنت أفكر بجعلك رفيقا لي في زفافي
إياد:- وعلى إيه هو أنا ناقص عمر يعني حتى أنتحر بمرافقتك الله الله
وائل(سخر منهما وتنهد حين أغلقا الباب وأمسك هاتفه وقبل أن يضغط على زر التسجيل ، تفقد صورة ميرنا على هاتفه):- أين أنتِ يا حبيبتي ، اصبري يا عمري لم أنساكِ ولم أنسى إنقاذكِ فقط يومان يفصلاننا عن بعض وبعدها لن تفارقيني لحظة .. اشتقتكِ يا عسل غروبي ولأجلكِ سأفعل أي شيء لكي تعرفي بأنكِ هنا في قلبي موشومة …
ضغط على زر التسجيل ونطق بصوت دافئ كله عشق وهيام سعيد كل السعادة أنها ستسمعه على أثير الأمواج الإذاعية وتعلم أنه بانتظارها …
أنهى تسجيله وضمه لقلبه وهو يأمل أن تسمعه محبوبته في الوقت المناسب ، نادى على رقية بعد برهة واستفسر عن جديد ملف طارق أخبرته بأنها سوت الأمر مع ميرا وأنها جاهزة للتدخل في الوقت اللازم ، بعدها طلب إياد الذي أمدَّه بالتسجيل وترجاه أن يأخذه باليد إلى صديقه في الإذاعة ويعطيه مقطع الأغنية التي يريد إهداءها مع البوح النابع من قلبه ، وأكد عليه أن يتم البث في اللحظة التي سيحددها وائل لكي يضمن أن ميرنا تستمع وهذه مرحلة أخرى يجب أن يطلبها من حكيم فالله يسهل .. غادرت ماريا رفقة رقية ، بينما اتجه إياد صوب مهمته الغرامية دون أن يمد ميرنا بأي معلومة جوزيت يعني والتي كشف وائل أمرها لرامز الذي انتفض بفزع مما سمعه وخشي على ميرنا من الضرر وهي في عرين الفهد …
رامز:- يا الله يا ميرنا يا الله دوما ما تقدمين على المشاكل ، أنا من ليلة حادثة شركة هيرمكانا حين لحقت بشاحنتهم عرفت أنها ليست أهلا للثقة ، لالالا ملفها أثقل من كتاب ذنوبي التي ارتكبتها في حياتي كلها ….
وائل:- ما يهم الآن أن تبقي الأمر سرا بيني وبينك ، أخبرتك لكي تتخذ تدابيرك يوم البرنامج يعني كنت الأسبق في طلب الدعم سوف يلجأ إليك حكيم بعدي مؤكد ، لذا عليك أن تكون حريصا من كل جانب يا رامز وضعنا دقيق جدا
رامز(مسح على فكه):- أي والله ، جيد أنك أخبرتني رغم أنني لم أنتبه لأي تغيير في تلك المرأة اعتقدت أنها ميرنا دون شك
وائل:- هي تشبَّهت بها أكثر حين أضفت لمسة شكل ميرنا ، وإن أزالتها سيبدو الاختلاف
رامز(عقد حاجبيه):- طيب وأنت كيف كشفتها ؟
وائل(أشار لقلبه):- إحساسي
رامز(تنهد بقوة):- آه الشيء الوحيد الذي يخون يتيم المشاعر مثلي ، يلا منكم نتعلم عموما جيد أنك أخبرتني سوف أقوم بكل التدابير اللازمة لا تقلق وسأتحدث مع حكيم حيال الموضوع بشكل أدق .. ربك يسهلها ويمر البرنامج على خير إلا قلبي يشعرني أنها ستخرب خالة الدنيا فحتى أمها وأبوها ماتا بحسرتهما مع تلك الفتاة العنيدة هههه
وائل:- ياه عليك يا رامز في عز الشدة تمزح ، ربي معنا …
رامز(تأهب للمغادرة):- الآن فهمت مغزى التسجيل ، أكيد ميرنا ستسعد به أتمنى فقط أن يوفره ذلك الجلمود ابن عمها
وائل:- لا تقلق لدي أساليبي الخاصة …
رامز(أشار له بتحية السلام وغادر):- أرني إذن ههه سي يو …
وائل(ابتسم وهو يرفع هاتفه لأذنه ودق رقمه):- ….. معك دقيقة لتسمعني ودقيقة أخرى لكي تقرر ..
حكيم:- هَّاء ! هل قررت أخيرا أن تنضم لشرذمة العاشقين البائسين ؟؟؟؟
وائل:- أتقبل سخريتك لأنني أتعامل بمنطق من يضحك أخيرا يضحك كثيرا
حكيم:- والله حسب خبرتي في الحياة لن أكون متفائلا مثلك بشأن تلك الحكمة الكئيبة ..
وائل(بتنهيدة عميقة):- لنختصر
حكيم(بتلاعب):- المسافات أم المحبة ؟
وائل(بانبهار مفتعل فيه):- وتطلق الدعابات شكلك رايق جدا ، ولكنني لست مثلك
حكيم(باستفزاز):- ربما لأنني رأيت حبيبتي اليوم مزاجي سعيد
وائل(عض شفته بغيظ):- أريد منك معروفا
حكيم:- والذي هو ؟
وائل:- اتصال من قبلك لميرنا هذه الليلة دعها تفتح المذياع على القناة الرئيسية وتنتظر
حكيم(بتوجس):- ما الذي سيحدث حينها ؟
وائل:- سأبعث لها إهداء
حكيم(لن يهمد هذا الرجل حتى يقتلني حيا):- انس الفكرة قد يستمع إليها الفهد ونصبح في مشكلة وتخرب خطة البرنامج
وائل:- طيب فكرك لما اتصلت بك يا أبو المفهومية كي تحد من استماعه باستثناء ميرنا
حكيم(حك جبينه):- لن أفعل
وائل:- إن لم تفعل سأحرمك من سماع صوتها حين تسافر معي ، هيا قرر ؟
حكيم(تلاعب بلسانه داخل فمه):- أيها الاستغلالي … تبا لك
وائل:- الساعة 11 عشرة لا تنسى
حكيم(بتأفف):- تمام تمام بقيت ساعتين على الموعد سأحرص على ذلك فقط لتعرف أنني عند كلمتي ، فلتكن أيضا عند كلمتك
وائل:- وائل رشوان لا يخلف وعوده
حكيم(بتحدي):- وحكيم الراجي يطالب بالمقابل دومااااا
وائل(بكره):- اتفقنا
حكيم(بذات الشعور):- تم …
تأفف كل منهما وهو يفصل الخط ، آه يا ميرنا وما الذي تفعلينه بالشعب .. قالتها جوزيت وهي ترفع يديها للسماء وتدعو بدعوات غريبة عجيبة أجبرته على ضربها بالوسادة كي تصمت لكنها ردت له الضربة وجلست على طرف منضدته ..
جوزيت:- أريد إقامة احتفال ..
حكيم(نهض من سريره فقد ارتاح من ذلك اليوم لسويعات ضئيلة تعيد له نشاطه ، كي يستهلكه مع ناريانا ومرحلة تهريبها):- دعيني يا جوزيت من خزعبلاتك ، عن أي احتفال تتحدثين يا بنتي ؟؟؟؟
جوزيت(حركت رجليها بطفولية وهي تهز كتفيها):- بعد غد سأغادر البيت ، يعني أريد ترك انطباع جيد في قلوبهم إذا ما جاء يوم وكشفوا حقيقتي
حكيم(أخرج قميصا أسود من دولابه):- والمطلوب ؟
جوزيت:- أن تكون موجودا ..
حكيم(صغر عينيه فيها بخبث):- أنتِ لا تنوين الرقص على عمود التعري صحيح ؟
جوزيت(جحظت عينيها وضربته بقنينة عطره لكن للصدفة اصطدمت بالدولاب):- خبيث
حكيم(ضحك وهو يشير لها بالخروج):- حسن لا تحزني كنت أمزح ، أخبريني ما تحتاجينه وسأوفره لكِ يا ابنة عمي المشاغبة
جوزيت(عضت شفتيها وهي تقترب منه وتعد على أطراف أصابعها):- سأخبرك بقائمة المدعويين وأنت ارتدي قميصك لأنني لن أبرح غرفتك حتى أنهي ما جئت لأجله ..
حكيم(جعلها تستدير وأزال قميصه الخفيف وارتدى الآخر):- خلصينااااا
جوزيت:- سأدعو عدة أشخاص للحفلة وستكون ضيقة ومقتصرة على المعارف فقط .. آه أريد الاتصال بمتعهد حفلات لكي يقوموا بتزيين البيت
حكيم:- مهلا مهلا أرى أنكِ تبالغين ، لن يدخل أحد هنا من متعدي الاحتفالات تدبري أمركِ مع جيش المساعدات الذي يسكن ببيتنا مفهوم ؟
جوزيت:- لكن ماذا عن المأكولات ؟
حكيم:- محل حلويات نحن نملك محل حلويات طولا بعرض وتريدين إحضار مأكولات من الخارج ، فعلا إنكِ لمبذرة كبيرة
جوزيت:- حكييييييييم أنت هكذا تخرب مخططي
حكيم:- لقد قلت كلمتي كفى ، اعتمدي على الموجود ولا تشغليني بمشاكل أخرى جوزيت
جوزيت(مطت شفتيها):- طيب فهمنا سأفعل ما أمرتني به
حكيم(نظر لتذمرها وأخذ يقفل أزرار قميصه):- أنتِ داهية ، لعلمكِ تسبيل العينين ذاك لا يخيل علي ، يعني لن تصلي معي بنتيجة عبره .. افف قلت كفى
جوزيت(بتودد):- ستسمح صح ؟
حكيم:- في حدود
جوزيت(قفزت بحماس وهي تصفق):- إذن سأخبرهم بالأسفل عن حفلتنا ، وربما تكون مثلا احتفاء بحلقة بعد الغد لنعطيهم سببا كهذا
حكيم(تنهد عميقا):- لما تصرين على هكذا حفلة يا جوزي ؟
جوزيت(بأسى طأطأت رأسها):- لكي يسامحوني ويعرفوا أنني صدقا أحببتهم
حكيم(مسح على خدها):=- ونحن أحببناكِ يا راجية
جوزيت(ضحكت وهي تغادر غرفته):- الآن فقط سأنسحب لأكتب القائمة التي سأحتاج ، ها لا تنس أن تكلمني ما إن تكون ريانا في أمان
حكيم(وضع عطره وهو يحرك فكه بقلة صبر):- مرة ناري مرة ريانا ارسي على بر يا بنت العم
جوزيت:- تلك روحي أدللها كما يشاء قلبي ومزاجي
حكيم:- لن أسأل ما الاسم الذي تدللين به فهدكِ البري هههه
جوزيت(ضمت يديها):- ميار قلبي مياري وأحيانا ميرو ، لكن في صبانا كنت أناديه ميارو
حكيم:- ونعم الألقاب أخرجي أخرجي قبل أن تستعرضي قائمة أسمائي ، مخبولة
جوزيت:- معتووووووه …
غادرت غرفته وتركته يتحضر في ذلك الليل لتأدية ما تبقى من واجبه ، ولم ينس ما طلبه منه وائل الله الله قلبت الآية وأصبح يلبي طلبات للسيد أيضا ، يعني ماذا يقصد بفتح المذياع والإهداء هل ينوي التقدم إليها رسميا على مسامع الشعب ، لا لا لن يغامر ذلك الأحمق طيب لما أنا أجد نفسي مجبرا لكي أجعل ميرنا تسمع … طيب لما لا أقدم على شيء وأدع الفراغ يسمعه هاااااه ؟؟ .. لكن الخبيث سيحرمني من سماع صوتها حين تكون رفقته يفعلها الشرير لأنه يكرهني وسيحرمني من أفيون حياتي ، تتت طب ما العمل وميار لن يسمح لها طبعا أن تغيب عنه لحظة ليس بعيدا أن يسمع لما سيقوله وائل ويفهم أنهم ينوون لعب لعبة من وراء ظهره … إذن ما الحل ما الحل ؟؟؟؟؟؟؟
حرك رأسه مرتين وهو يغادر بيتهم رفقة طلال الذي كان يأكل ساندويتشا بداخل السيارة ، رفض أن يقتحم خلوتهم العائلية لذلك قضى بما وجد ، فأمامهم مهمة عليهم أن يقضوها على خير كي لا يستشعر أحدهم أمرهم .. توجهوا صوب فيلا ميار وقام الرجال بتشتيت انتباه الحراس في حين قفز حكيم من السور هو وطلال ودخلا من باب المطبخ الذي كانت تركته ناريانا مفتوحا لهم ، صعد حكيم بسرعة لفوق وجدها بانتظاره سحبها من يدها وأخرجها من هناك بهدوء لكن أحدهم كشف أمرهم وتم التصرف حسبما يلزم ، ضربوهم على رؤوسهم وانقضى الأمر بدون إراقة أي نقطة دم …
حكيم(فتح لناريانا الباب الخلفي):- أنت الأبله الذي يعشق إراقة الدماء ، أنظر كله في السليم
طلال:- يا سلام لكن المرة المقبلة سأشهر مسدسي ، لن أسمح لك بكسر متعتي يا هذا
حكيم:- احلم احلم
ناريانا(أطلت عليهما من الخلف):- هللو لما لا نتحرك من هنا ونحلم سوية بعيدا عن المكاااااااان ما رأيكما ؟
أشارا بالإيجاب وانطلقا بها صوب فندق قصي لا يعرفه أحد ، حجزوا لها غرفة باسم مجهول وقدم لها حكيم المال الذي سيلزمها في الرحلة وأيضا تذكرتها وجواز السفر
ناريانا:- المال وفهمنا قصته والذي قبلته إصرارا منك ، لكن تذكرة إلى رومااااااااا هذا ما لم أستوعبه يعني ألم تجد مدينة أخرى لي ؟
حكيم:- وتتشرط ستجلطني هذه البنت ، يا روحي هناك نملك رجالا نملك أمكنة يمكنكِ الاختباء فيها ثم من هذا كله أنتِ عليكِ التنفيذ ولا تتدخلي بشيء آخر .. هذا ما ينقص أن تفكر بمصلحتها لتتفلسف على أهلك حتى الصباح
ناريانا(جلست على السرير وهي تقفز عليه لتجربته):- كنت أحضر معك جوزي اشتقت لها
حكيم:- وهي اشتاقت لكن لن ينفع لقائكما ، حين ينتهي هذا الجحيم التقيا وعبرا عن أشواقكما كما تريدان
ناريانا(نهضت وصافحته مبتسمة):- إذن سأودعك هنا وحين أصل سأعطيك خبرا
حكيم:- لا داعي رجالي سيسافرون لحمايتكِ أيضا ، أنتِ ارتاحي ولا تشغلي بالكِ بشيء
ناريانا:- هل لي أن أضمك بما أن جوزيت بعيدة ؟
حكيم(رفع حاجبه بغرابة وفتح ذراعيه بقلة حيلة):- أصلا حضني أصبح مزارا هل سأبخل عليكِ أنتِ يعني
ناريانا(تهجم وجهها وهي تعقد حاجبيها من غايتها التي أرادتها من هذا العناق):- حكيم
حكيم(طبطب على ظهرها بلطف):- نعم ؟
ناريانا(فتحت عينيها بدمعة فجأة):- احذر قد تكون في خطر
حكيم(توجس وهو يبتعد عنها):- خطر من أي نوع ؟
ناريانا(أغمضت عينيها وفتحتهما تأثرا بما رأته في رؤياها حين صافحته):- لا أدري ربما يوم البرنامج قد يحدث شيء سيء
حكيم(مط شفتيه بدون مبالاة):- ههه هذا معروف ولست أشك فيه حتى
ناريانا(تمسكت بذراعه جديا):- احذر الصديق قبل العدو
حكيم(هنا خفق قلبه باستغراب أكثر):- هل تعرفين شيئا يجب علي معرفته ؟
ناريانا(رمشت بعينيها):- رشيد ليس أهلا للثقة
حكيم:- هل ضرَّكِ بشيء ؟
ناريانا:- حاول لكنني قمت بصده كما يجب ، لا تقلق لكنني سمعته يتحدث عبر هاتفه مع أحدهم وأخبره أن الكل سيكون جاهزا يوم البرنامج لإبادة المخربين ، لم أفهم ما يقصده لكن شعرت أنه لا يضمر خيرا لكم
حكيم(بتفكير ملي):- جيد أنكِ أخبرتني بهذه المعلومة ، كنا نحسب حسابها أكيد لكن ما يهم الآن أن تبقي في مأمن كي لا يستطيعوا الوصول إليكِ ويهددوا جوزيت بكِ فهمتني صح ؟
ناريانا:- أكيد لن أجعل عزيزتي تعاني من جهتي ، سأنتظر الأخبار منك لا محالة
حكيم(ربت على كتفها بحنان وغادر):- ليكن خيراااا … سفرة طيبة أتمناها لكِ
ناريانا(بحسرة دمعت عيناها بعد رحيله):- وسلامة لروحك ، هذا ما أتمناه حكيم …

"في بعض الأحيان تقف الكلمات منحسرة بالجوف ويصعب النطق بها ، ونحن نعلم يقينا أننا لو بحنا بها سنريح قلوبنا من مساءلة الضمير التي لا تهمد ، لذلك في كل مرة نبحث عن أعذار نخفي بها ترددنا ونحتج لاعنين اللحظة التي منعتنا من قول ما يعتمر صدورنا المؤرقة من فرط التعب " …
اتصل به فور خروجه من الفندق ولكن لم يجبه فخشي أن تخرب خطة وائل ويعتبره خائنا للعهد الذي قطعه عليه ، لكن لم يقدم على شيء جاءت من عند الله ميار لا يرد على هاتفه .. فطبعا لم يكن سيرد لأنه كان متقوقعا في غرفته منذ أن وطئها صباحا ، حاولت جمانة تلطيف الجو معه لكنه طردها بلباقة من حجرته ، حاولت إيزابيل أيضا أن تمده بالطعام لكنه رفضه بأدب ، إلا ميرنا التي لم تحاول شيئا فما الذي ستحاوله وهي قد خربت كل شيء …
إيزابيل:- رفض تناول العشاء أيضا ..
جمانة:=- هذا لا يجوز هو ما يزال مريضا بعد الحمى ، وعليه تناول أدويته
إيزابيل:- وما العمل يا ابنتي ؟
ميرنا(طأطأت رأسها وهي تنظر إليهما):- هو غاضب مني .. لذا لا تتعبا نفسيكما لن يرضى بسهولة
جمانة:- وأنا التي سحبت شكي في أنكِ وراء مزاجه الغاضب
إيزابيل:- بنت اخرسي
ميرنا(بأسف):- معها حق أنا الملامة الوحيدة هنا
جمانة(تابعت بقوة):- وأنتِ الملزمة بمصالحته أيضا لذلك هاتِ عنكِ ماما ، خذي هذا واجعليه يتناوله وإن نزلتِ وأنتِ مخفقة لن تلومي إلا نفسك
ميرنا(حركت فكها وأمسكته منها):- طيب سأرى حظي أنا هذه المرة ..
إيزابيل(بانبهار في قدرات ابنتها):- والله لم أعرفكِ يا ابنة بطني
جمانة:- ولو ألست ابنتكِ هههه ..
إيزابيل(عانقتها بحرارة):- ابنتي الحبيبة أنتِ …
جمانة:- أتوقع أنها ستحرز هدفا ، فميار كان بانتظارها من البداية هذا ما شعرته من خلال عينيه الملهوفة كلما فتحت الباب عليه
إيزابيل(شدتها من أذنها):- لن تلهيني بتحليل الخالة أم مبروك إلى غسل الأواني هيا هيا
جمانة(بتذمر):- هوووووف مجددا العقاب الأزلي للفتيات !!
وقفت عند باب غرفته قرابة خمس دقائق جامدة بما تحمله من طعام ، كلما رفعت يدها لتطرق الباب ترددت إلى أن استجمعت حماستها وشجاعتها وطرقتها بطرقة خفيفة تكاد تسمع ، لكنه سمعها وعرف من تكون لأن جمانة تدخل بدون استئذان بينما إيزابيل تنادي باسمه قبل طرق الباب ، لذلك من الخيارات المتبقية ليس هنالك سوى سلطانته العنيدة …
ميرنا(لم تسمع الجواب وآثرت العودة لكن صوتا عميقا خافتا أتى من الداخل جعلها تجفل وتفتح مقبض الباب):- هل أزعجك ؟
ميار(أشار لها بدون أن يرفع رأسه عن الكتاب الذي بين يديه):- …لارد
ميرنا(حركت فكها بامتعاض من تعاليه وعجرفته ووضعت الصينية على جنب منضدته):- هذا طعامك أنت لديك دواء وعليك تناول شيء قبل أخذه ..
ميار(أشار بأصابعه مجددا بصلف):- مشكورة
ميرنا(شعرت بأنه يضخم الأمر يعني حسن رأى قبلتها هي وحكيم ولكن ، أففف يا حكيم يعني عليك تصرفات في أوقات غريبة):- لا أدري لما هفف …
ميار(رفع رأسه باستفسار):- تدرين ماذا ؟
ميرنا(شهقت حين اكتشفت أنها فكرت بصوت مرتفع):- أ… أحم يعني سبب انقطاعك عن الطعام
ميار(لوا شفته ببرودة):- مزاج
ميرنا(نظرت للكتاب ولظاهره بتمعن):- من أين أخذت هذا ؟
ميار(بدون أن يرفع رأسه):- إنه يخصني إن كنتِ نسيتِ ذلك
ميرنا:- اعتقدت أنك أعطيتني إياه
ميار:- أعطيه لكِ بصفتكِ ماذا … حتى ثوبكِ الأحمر أخذته من دولابك وملابسكِ التي ارتديتها اليوم هي بالمغسلة وسآخذها كذلك يعني لن يتبقى لكِ سوى عطركِ وعدة مكياجك وفرشاة الأسنان والبقية المتبقية من مستحضراتكِ ضرورة حتمية لست قذرا لتلك الدرجة ههه ..
ميرنا(نظرت لنفسها وهي بالرداء الأبيض المنزلي الذي لبسته منذ أن وطئت ذلك البيت ، وكانت تنظفه إيزابيل كلما أزالته):- يعني من يرى ثروتك الطائلة في ظل جحدك هذا يظن أنك أكبر بخيل وشحيح في الكون ..
ميار:- بالعكس أنا أكثر شخص قادر على تدليل امرأته فوق المتوقع ، لكن ذلك إن كانت المرأة حقا تستحق وإن دققنا فيكِ أنتِ يدوب تستحقين بعض العطف
ميرنا:- لو كنت مع وائل لأحضر لي كل ما اشتهيت ودون أطلب ، حتى حكيم كان فعليا قد وفر لي قصره مَفرشا لأحلامي ..
ميار(ضحك وهو يقلب الصفحة):- ههه هنيئا لكِ بتدليلهما ، لكنني لست هما أنا ميار
ميرنا:- أصلا أصلا أنا لا أطلب منك شيئا ولو بقيت الوحيد على وجه الكرة الأرضية ، هذا ما ينقص أن ألجأ إليك أنت
ميار(قفل كتابه ورفع رأسه لها):- هل عدنا للتطاول ؟
ميرنا(حولت عينيها بتفكير):- ولكنني لم أتلفظ بأي كلمة سيئة
ميار(سحب نفسا عميقا):- تبدين ساهمة ما الذي يشغل تفكيركِ ؟
ميرنا(فركت يديها):- لم يتبقى على البرنامج إلا يومان
ميار(نهض وهو يعيد الكتاب لسطح منضدته):- وبعد ؟
ميرنا:- لا شيء .. تناول طعامك ولا تضرب عنه بسببي لأنك ستكون الخاسر الوحيد فبالنسبة لي الأمر غير مهم بالمرة
ميار(استوقفها بجملة وهو يجذب طعامه لحجره):- اجلسي هناك
ميرنا(كتفت يديها وهي ترمق أين أشار لها):- أفندم ؟؟؟
ميار(التقط الشوكة من المنديل وبدأ أكله):- أحب أن أتناول طعامي وأنا أنظر إليكِ ..
ميرنا(جلست باستغراب):- منتهى الرومانسية
ميار(ابتلع ما بفهمه):- الحاجز الذي تحاولين صنعه بيننا ليس مضادا للرصاص ، يعني قد أخترقه في أي لحظة وفي وقت لا تتوقعينه فتأهبي ..
ميرنا(الآن ماذا يعني هذااااااا ماذا):- لو تتكلم بلغة عربية سنفهم على بعضنا أكثر
ميار:- هه سؤال .. لما علقتِ على مسألة الثياب يعني ؟
ميرنا(وضعت خصلة خلف أذنها):- الأمر ليس مهما
ميار(رمقها بإصرار):- أود معرفته
ميرنا:- قلت غير مهم كفى ضغطا هنا ..
ميار(التقط قطعة من الأكل ونظر إليها وهو يتفحصها بشوكته):- أنتِ تحسبين أن الكل سيسخر الكون لأجل ميرنا الراجي ، مخطئة يا حلوتي فأنا رجل قد يسحق كبرياءكِ في غمضة عين ، لذا لا تتعجرفي أمامي فلستِ مخولة باستطراد بطولات الثنائي الكرتوني وائل وحكيم
ميرنا(فتحت فمها بشهقة وهي تكظم غيظها من تجريحه):- هل احتجزتني هنا كي تسمعني من هذا الكلام الجاحد والمستفز ، ثم لا تقل عنهما ثنائي كرتوني لا أسمح لك
ميار(جمد فمه بعد قضمته الموالية وابتلعه سريعا وقد غالبه الضحك):- طيب ماذا عن بينكي وبرين سلسلة حلوة هكذا كل ليلة يخططان لاحتلال العالم ولكنهما يفشلان ههه ، أعتقد أن عالمهما يعني أنتِ
ميرنا(لمست سخريته ووقفت):- لست مستعدة لسماع ترهاتك سيد ميار ..
ميار(مسح فمه بالمنديل ونظر لدوائه):- شبعت أعطني دوائي
ميرنا(نظرت لموقع الدواء كان خلفه مباشرة):- خذه إنها قرب منضدة السرير
ميار:- أكره تكرار الجمل يا ميرنا أكرهه ..
ميرنا(سحبت نفسا عميقا بدون صبر):- تحملي يا ميرنا .. تحملي ..
ميار(وضع ما بيده على المنضدة وجلس بأدب كالطفل):- لا تنسي كوب الماء
ميرنا(أخرجت قرص الدواء ووضعته بالمنديل وأمسكت كوب الماء وهي تشتم تحت أسنانها):- تفضل ..
ميار(أمسكه منها وهو يطالع عينيها القريبة مباشرة):- حين لا تضعين الزينة تبدين أكثر جاذبية …
ميرنا(اهتزت محلها واهتز كوب الماء حتى كاد يندلق عليه):- هئ أ..
ميار(أمسكه ولامس بإصبعه إصبعها متعمدا):- خدودكِ تتورد ، هههه أنتِ كيمياء نادرة
ميرنا:- هل تحتاج دروس دعم يا ترى ؟
ميار(شرب من كوبه وبقي القليل منه وأبقاه بينه وبينها):- ماذا ستفعلين لو رميت ما تبقى من هذا الكوب على وجهكِ الجميل ؟
ميرنا(أبعدت رأسها عنه):- أكيد أنت مختل عقلياااااا
ميار(أمسكها من يدها حين شرب ما تبقى من الماء وضرب بالكأس عرض الحائط حتى أصدر صوتا زلزل الأكوان):- لما قبَّلتِ حكيم ؟؟؟؟؟
ميرنا(حركت يدها بألم حين جذبها إليه بقوة):- ما الذي تفعله دعني يا ميار … دعني
ميار(نظر إليها وهو يتنهد عميقا وأمسكها بقبضة حديدية جاذبا إياها لوجهه):- أريد تقبيلكِ
ميرنا(برقت عيناها بفزع وهي تحاول التملص منه):- أكيد فقدت صوابك ، قلت لك دعني
ميار(وضع يده على ظهرها وتحسسه بحرارة وهو يتفرس في ملامحها):- أريدكِ لي ..
ميرنا(خفق قلبها برعب وهي تنظر لعينيه الذائبة في أنفاسها):- مياااار أرجوك دعني .. لا أدري ما بالك لكنك تخيفني ..
ميار(صعد بيده لرقبتها وجذب شعرها على جنب واقترب بوجهه لعنقها):- عطركِ مسكر ونفسكِ لعنة وتنهيدتكِ وباء أما رجفتكِ فهي زلزال يهدم كل مدائن التعقل ، مماذا خلقتِ يا ميرنا هل من النور أم من البهاء أم من الفتنة أخبريني ؟؟؟؟
ميرنا(هتفت في تأثر وهي تستشعر أنفاسها تلفح عنقه الدافي):- م… ميار رجاء ابتعد ابتعد
ميار:- لما ترفضينني بينما تستقبلين أحضانهما ، هل تحبين رجلين يا ميرنا كيف يعقل ذلك ؟
ميرنا(أغمضت عينيها وهي تشعر بالوهن يشملها):- … ميااااار يكفي
ميار(أغلق عينيه وهو يتغنى باسمه بين شفتيها):- أحببتكِ ألا تصدقين ذلك ؟
ميرنا:- أنت تحب جوزيت
ميار:- بل ميرنا
ميرنا(تنهدت وهي تدفعه عنها لكن دون جدوى قد كان محكما قبضته بقوة جبل):- الآن ماذا تريد أن تشرح لي لأنني صدقا فقدت صبري ؟؟؟
ميار(طبع قبلة على خدها وهمس برفق):- لا أريد شيئا فقد رغبت باختباركِ ليس إلا ، أنتِ حرة اذهبي لغرفتكِ تصبحين على خير
ميرنا(مسحت خلف عنقها وهي ترمقه قد اضطجع على سريره ببرودة):- أظنه مجنون يعني ، هذا التفسير المنطقي لحالة هذا الأحمق
ميار:- لدي آذان تستمع جيدا للشتائم فلا تبخلي آنسة ميرنااااا …
ميرنا(آنسة هه يا للهراء):- فقط لا تسمعني صوتك رجااااء …
ميارّ(فرك يديه بابتسامة وهو يرمقها مغادرة):- إنها مهتمة وهذا ما أردت معرفته ، هيا ميار قد حصلت على ما تريده ههه …….. آه يا ميرنا آه ……
مذ أن ولجت الغرفة وقلبها ينبض بقوة ، فما فعله بها ذلك المجنون جعلها تقف وقفة رعب مع نفسها حين عراها من مشاعرها الدفينة ، وجدت نفسها تائهة بين ثالوث يلفها من كل حدب وصوب .. كم رغبت بالهرب لحضن ذلك البعيد فهو الوحيد القادر على امتصاص ضياعها ذاك لكن أين هو عنها قد تركها وحيدة تتخبط في صراع المشاعر مع ميار الذي سكن زواياها ولا يسعها الإنكار … رمت بنفسها على السرير وهي تتهرب من تلك الأفكار وظلت تخاصم ذاتها الغبية التي تؤمن للناس بسرعة وتألفهم ، لما خلقت بقلب طيب يعني لماذا تملك تلك الأحاسيس الحنونة التي تجعلها تتعلق بأي شخص يلج حياتها هااااه ،،، .. ظلت تتساءل ومرت الدقائق لحين دخلت جمانة عليها فجأة وأعطتها الهاتف
ميرنا:- ماذا هناك ؟
جمانة:- السيد ميار أرسله لكِ يقول أن هنالك اتصالا مهما لكِ ..
ميرنا(أخذت الهاتف):- ولما لم يحضره بنفسه ، أ… وما شأني تمام جمانة مشكورة .. ألو نعم من معي ؟ ألوو ألووو
حكيم:- هل بجانبكِ مذياع ؟
ميرنا(نظرت حولها):- لاء ..
حكيم:- طيب اصمتي واستمعي دون إثارة الانتباه كي لا يكشفنا ميار .. تمام ؟
ميرنا(بعدم فهم):- ماذا يحدث ؟؟؟
حكيم(رفع صوت المذياع وجعلها تستمع):- استمعي فقط
مذيع المحطة:- والآن معنا إهداء خاص من عاشق مجنون لصاحبة النظرات الخاصة ، لنغوص معه في بحر كلماته العذبة لأن إهداءنا هذه المرة فريد من نوعه يا جماعة ، أهلا وسهلا بكم على أمواج برنامجكم الليلي برنامج السمر والسهر والذي منو ههه لنستمع إذن كي نستمتع ، وهوووب طرناااااا إلى عالم الحروف السحرية …
صوت وائل:- حبيبتي
ميرنا(ما إن سمعتها حتى تشنجت وهي ترتجف برعب اشتياقي):- و وائل …
: [حبيبتي ؛ أينما كُنتِ سأصلُ لنجمكِ مهما علا يا شمسَ لياليَّ الآفلة ، سأنسِيك يا سيِّدة عالمي طعمَ الألم حينَ أحقنُكِ بإكسِير السعادة الأبدية ، أنتِ يا ميرنا يا ذات العيُون المُهلكة سأتقاضى منكِ وعدًا بألا تترُكي يدي مُطلقا عن كل لحظة أبعدتِني فيها قسرًا من حياتكِ بحجة الخوف ، فلو أجدُ فسحة لقاء بين عيناي وعينيكِ سأتركُ قلبي ليُخبركِ عن كُل شيء ولا يتركُ شيئا خاصا دُونما قوله .. خُصوصا بعد أن انسَلَّ وجعُ فراقكِ من بين شُقوق جراحي ، التي اصطبغت بأملٍ مُعتم يغدُو ليرسُم وجهَة طريقنا على سبيلِ التلاقي .. أريدكِ أن تُطلقي العنان لبسمةِ ثغركِ حبيبتي فعيناكِ لم تُخلق إلا للضحك ، وأنا لا أنقذكِ من قاعِ الغياب بل أنقذُ نفسي لأنكِ نفسي التي اشتقتُ استنشاق عطرهَا واللهوِ بخُصلاتِ شعرها والتغني بهمساتِ تنهيداتها الصَّامتة ، كُوني مني للحظة يا عسلَ غُروبي ولا تشغلِي بالا قد قارب موعدُ الخلاص يا جمرَة وُضعت على قلبي لتحرقهُ على مهل ، وتذكرني بأثرها الخالدِ على صفحتهِ في أنكِ هنا باقية ولو ابتعدتِ لأبعدِ مكان فأنتِ في الفؤادِ ساكنَة ، والتوبة عن عشقِكِ باطلة فقد حرَّمها دُستُور الغرام وجعلنِي عاشقًا مجنُونا كفرَ بكلِّ النساءِ وآمن بكِ ..…]
ميرنا(ببكاء بدأته مذ أن سمعت كلمة حبيبتي):- وائل .. و..وائل ..
المذيع:- آه على العشق والعاشقين ونتمنى يا أخونا في الله أن يصل صوتك لحبيبتك أينما كانت ، وأيضا تحت الطلب الخاص نقدم لكم أغنية [نانسي عجرم وعم بتعلق فيك] … نلتقي بعد الفاصل …..
أخذت تستمع لنغمات الأغنية التي سحرتها بكلماتها وجعلتها تغيب وسط جملها التي كانت تنطق بما يعتمر صدرها وصدر حبيبها الذي فعل صوته بها العجائب، ظلت تضم الهاتف لأذنها وهي تمسك على قلبها الخافق وتحاول تمالك أنفاسها الباكية وشهقاتها التي جعلت أشواقها إليه تنتفض باحتجاج تريده تريد حضنه تريد شم عطره تريد الاستماع لقلبه همسه أنفاسه ، اشتاقت له بجنون أين هو وائلها الحبيب أين ؟؟؟؟؟؟
تركها تستمع ولم يقاطعها بحرف فبدوره كان يستمع لهذا العشق الصريح ، لنقل أنه ساعد فيه حتى فمن كان يصدق أن يمهد الطريق لهما ليتواصلا ولو حتى بطريقة غير مباشرة ، ربما الحب الذي يكنه لها يجعله ينسى كل ما يلزم ليفرق بينهما لكن ما عاد ذلك يجدي نفعا ، خلاصة القول ميرنا لوائل ووائل لميرنا … حبسها أو اختطفها أو عذبها أو أبعدها تبقى تحبه ولو من بعيد وهو ذات الشيء لذلك ما الداعي للإطالة في موضوع محدد من أصله بالنسبة لهما … تنهد بأسف وهو يرمق الحياة التي لم تنصفه يوما ولا زالت لا تنصفه فها هو ذا يجمع بين العاشقين وهو ما يزال في خانة المنكوبين قلبيا وروحيا÷، ابتسم بقلة حيلة حين انتهى الإهداء وأخذ المذيع بالتحدث في غير شيء هنا أطفأه ووضع الهاتف على أذنه ليستمع لشهقاتها اللامتناهية ، يااااه يا ميرنا أكل هذا عشق لوائل يعني فكرة الطلاق لم تكن خاطئة أبدا حين اتخذهااااا يا عصفورته الصغيرة …
حكيم:- ميرنا
ميرنا(ضربت على السرير):- حكيييم ..
حكيم:- هانت يا ميرنا .. هانت ..
أقفل الخط دون أن يضفي حرفا آخر وتركها تصارع مشاعرها التي تضخمت لتضعها في بوتقة ضغط لا تحتمل الاستيعاب .. بدوره استلقى على سريره وهو يتأمل في كل ما يدور حوله ويبحث عن أجوبة لأسئلته العقيمة ، حتى ميار الذي دخل لغرفتها ووجدها متوقعة على سريرها لم يدقق إذ حسب أنها نائمة أخذ هاتفه ووجد الاتصال قد انتهى لذلك أخذه وخرج دون أن يهمس بحرف ، أيضا اتجه لسريره ليغوص في بحر أفكاره الكئيبة والتي كلما طرأت ميرنا لتشملها ظهر شبح جوزيت لتخرب الوضع .. أما وائل فقد ابتسم حين انتهى البرنامج ونظر بحماس لمذياعه وهو يفكر في ردة فعلها بعد سماعها لصوته ولكلماته النابعة من أعماق صميم قلبه … ومع آخر كلمة هانت يا ميرنا غاص الكل في نوم عميق ليسبحوا وسط حلم موحد بطلته صاحبة النظرات الخاصة التي ألهبت قلوب العاشقين ….!!
في صباح اليوم التالي
استيقظت بنشاط غير معتاد ونزلت بعد أن ابتسمت لنفسها أمام المرآة حين جدلت شعرها بالمشط وهي تدندن على نغمات عم بتعلق فيك التي ولجت أعماقها بشكل خارق ، نزلت وهي ما زالت تدندن وجدت جمانة تكنس أرضية الفناء الخارجي بينما إيزابيل تحضر الفطور
ميرنا:- صباح الخير ؟
إيزابيل(رمقت ابتسامتها وإشراقتها بالمجمل):- صباح الورد والبهجة والسرور
ميرنا:- أفكر بصنع بعض الحلويات هل يسعنا الوقت قبل موعد الإفطار ؟
إيزابيل(رمشت بعدم تصديق):- هه ولكن أطلبي ما تريدين سأعده لكِ
ميرنا(رفعت أكمام ردائها):- لالا أرغب بتحضيرها بنفسي
جمانة(وضعت يدها على جنبها):- الله الله ما الذي جد بين البارحة واليوم ، منذ ساعات كنتِ لا تطيقيننا ست ميرنا ؟
ميرنا:- أنتِ بالذات يا أم لسان طويل ستساعدينني تعالي هنا
جمانة(رمت المكنسة جانبا وركضت إليها):- وأنا أموت في الحلويات هع ماذا سنصنع ؟
ميرنا:- أكثر شيء أتقنه في حياتي والذي تعلمته قسرا حتى ، في إحدى الأعياد كان الطلب كثيفا على محلنا اضطررت للمساعدة أيضا كي نخلص كل الطلبات ومن وقتها صرت أتقنها
إيزابيل:- شوقتني
ميرنا:- هيا وفروا المقادير لي وإلى العمل … ههه
جمانة(رمقت ابتسامتها واستغربت):- الله يجعلنا نرى ضحكتكِ على الدوام ..
ميرنا:- شغلي بعض الموسيقى وحياتك لا تضعي أغاني فريد الأطرش ، ضعي شيئا منعشا
جمانة:- أنا فنانة أسطوانات الموسيقى سأضع لكِ نغما يجعلكِ ترقصين دون وعي
ميرنا:- هيا لنرى ..
جمانة(أخرجت أسطوانة من الدرج ووضعتها بالمسجل):- لهذه الأسطوانة ذكرى خاصة بقلبي يوما ما سأسرد لكي قصتها ،
[FaKe Blood - I think I Like it]
من الوهلة الأولى فتحت ميرنا عينيها فالأغنية من النغمة الأولى كانت خاطفة ، وبالفعل حركت وجدانها كاملا بالحماس المتبادل بينها وبين جمانة التي اتخذت معها طاولة المطبخ كأنها حلبة مصارعة لهما في حين كانت إيزابيل توفر ما تستطيع توفيره من أغراض ، وما هي إلا لحظات من الرقص حتى صار العجين جاهزا وبدأتا بالتكوير وتزيينه ووضعه في صينية الفرن وهما تضحكان وتهتزان على نغمات الموسيقى الصادحة في البيت كله … ما إن سلمتا مهمة الطهي ومراقبة الفرن لإيزابيل حتى رفعتا الصوت وخرجتا للبهو أبعدتا الكراسي وهاتك يا رقص ، وضع جنوني لا يمكن احتماله ربما بفعل هذه الموسيقى التي تجعل أعقل شخص يجن جنونا عند سماعها تجد نفسك تلقائيا مندمجا مع وقعها الحماسي ، هههه طبعا حين يتحول البهو لمرقص يرتع فيه الشعر والخصر فأكيد سوف تصعق إيزابيل بقلة حيلة في هاتين الفتاتين المجنونتين اللتين التقتا هذا الصباح على الرعونة والطيش … أخرجت الحلوى من الفرن وتركتها لتبرد وهما ما تزالان تتحديان بعضهما في رقصات لا يمكن لأي واحدة إتقان رقصة الأخرى ، وحين همت إيزابيل بإخبارهم أن الحلوى جاهزة وجدته واقفا عن درابزين الدرج مكتفا يديه وينظر إليهما بدهشة ، عضعضت شفتيها من الفضيحة واقتربت منه لكنه استوقفها وهو يضحك وجذبها معه للمطبخ
ميار:- دعيهما سأنتظر هنا لحين تفرغان ..
إيزابيل:- إنها جمانة التي رفعت الصوت يعني عذرا منك سيد ميار
ميار:- هه لا تحاولي حماية المجنونة الأخرى فأنا أعلم يقينا أنها من وراء هذه الفوضى ، همم ما تلك الحلوى هناك إنها تبدو شهية ؟
إيزابيل:- إنها صنع ميرنا ، وجمانة ساعدتها في التحضير ، وأنا طهوتها
ميار(التقط قطعة):- أووه لا تزال ساخنة ..
إيزابيل(قدمت له المنديل):- الست ميرنا على غير عادتها اليوم
ميار(أطل من محله للبهو ورمش حالتها المرحة وهو يبتسم):- عادي …
جمانة(أتت تضحك وممسكة على بطنها):- أنتِ خصم لا يستهان به صدقا ..
ميرنا(وهي تمسك على عنقها):- جعلتني أشعر بالعطش لم أرقص هكذا منذ مدة طويلة ، آخر مرة في بيت إياد كنا أنا ووصال وصديقتي كوثر لا أدري ماذا أحضرت معها وجعلتنا نشربه أربعتنا ورقصنا رقصا جنونيا لا يمكنكِ تخيله هههه
جمانة:- ياااه أموت في مثل تلك الأجواء
ميرنا(دلفت المطبخ):- في المرة المقبلة أعدكِ أن آخذكِ معي ، لكن الآن دعينا نرى أين وصلت مخبوزاتنا …
جمانة:- سأطفئ المسجل قبل أن يستيقظ السيد ميار ويفتعل مشكلة
ميرنا:- لا أستطيع مجاراة غيظه من على بكرة الصبااااح ، أووف غليظ
إيزابيل(تعبت وهي تعضعض في شفتيها وتلمزهما لكي تخرسا):- احم احم …
ميار(أطل عليهما ملوحا من محله):- ماذا كنتما تقولاااااااااان ؟؟؟؟؟؟
نظرتا لبعضهما برعب وانسحبتا ببطء للخلف وفي آن الوقت:- لنهرررررررب …
نهض من محله ولحق بهما للحديقة أفلتت ميرنا لكن لم تفلت جمانة أمسكها وهو يرفعها كاللقمة بين يديه حتى أسقطها على العشب وهو يدغدغها وضحكاتها صدحت بالمكان كله ، كان منظرا بهيجا مع تعالي قهقهاتها في ذلك الصباح المشرق ، وبما أنه قبض عليها اعتبرها حليفا وبدآ اللحاق بميرنا لحين تم الإمساك بها من قبل جمانة التي وضعت يدي ميرنا خلف ظهرها وأمسكتهم كالشرطي النجيب
ميار(تقدم صوبها):- والآن هل ستستطيعين مجاراة غلاظتي الآن ؟
ميرنا(باستسلام):- أجل ..
ميار(ابتسم وهو يمتص شفتيه):- جمانة ، أطالبكِ بتسليم العدو
جمانة(دفعتها بقوتها حتى كادت تسقط بين أحضانه لالا سقطت فعلا):- ها هي الأمانة أمي تناديني سلملم هههههههه
ميرنا(كانت يديها على كتفيه وهو ممسك بها بحرص شديد):- جمانة ..
ميار(أفلتها بعد جملته):- تكونين بين أحضاني في مطلق أحوالكِ سلطانتي ، وهذا يجعلني مبتهجا باستمرار
ميرنا(عدلت وقفتها وهي تسحب يديها وتكتفهما بتوتر):- حضرت حلويات طازجة
ميار:- اممم ما تجيدينه في الأساس يعني ..
ميرنا(مشت بجانبه في الحديقة):- يعني آمل أن تكون في المستوى
ميار(رفع حاجبه بهزل):- لا تقلقي لن أعطي تقريرا فاسدا عنكِ ، كي لا أخرب زواجكِ
ميرنا(توقفت ونظرت إليه):- ميار ..
ميار(التفت بجنتلمانية أسكرت وجدانها):- تحدثي ؟
ميرنا(فركت يديها):- أرغب بالتقاط صورة معك أنا أيضا ، لكن .. بصفتك ميار وليس إياد
ميار(باندهاش):- هل رأيتِ ألبوم الصور ؟ … طبعا رأيته يعني أنتِ فأرة تنبش كل شيء
ميرنا(مطت شفتيها بتدلل):- ما جوابك ؟
ميار(أخرج هاتفه من جيبه):- اقتربي
ميرنا(اقتربت بحماس ووقفت بقربه):- ها أنا ذا ..
ميار:- هل سألتقط صورة لشعركِ وكتفك اقتربي يا ميرنا لن أعضكِ ..
ميرنا(نظرت إليه وبدون سابق إنذار وضعت يدها على كتفه واقتربت بجسمها لنصف جسمه وعدلت وضعية التصوير تحت دهشته):- التقط أنا جاهزة
ميار(نظر بطرف عينه لموقعها القريب جدا منه وابتسم باستغراب):- وأنا دوما جاهز …
التقطها بحرص حيث كان يبتسم وهو ينظر إليها في حين هي كانت تكمش عينيها قليلا من فعل أشعة الشمس ، لكن ابتسامتها لم تخفت بل كانت مشرقة بدورها .. أمسكت الهاتف ونظرت للصورة أعجبتها كثيرا وأرسلتها لرقمها مباشرة وغمزت له
ميرنا:- حين تعيد لي هاتفي ستكون هذه الذكرى معي ..
ميار(أعاد هاتفه لجيبه):- لما طلبتِ ذلك ؟
ميرنا(أشارت له ليدخلا للبيت):- أشعر بالجوع ذلك الرقص خرط معدتي ، هيا لنتناول الفطور كلنا مع بعضنا في جلسة عائلية ممكن ؟
ميار(رمق نشاطها الغريب):- ما سر حالتكِ هذه يا ترى ، أجزم أن اتصال حكيم غير مزاجكِ للأفضل ؟
ميرنا(بارتباك):- لما تتحسس من حديثي معه يعني .. حكيم ابن عمي
ميار(بنبرة جاحدة):- وأنا ابن عمتكِ ميرنا إن نسيتِ ذلك … لندخل
ميرنا(لحقته وهي تهرول):- دوما ما تفسد صباحاتنا بهذه المشاحنات التي لا داعي لها ، أنتما مهمان بالنسبة لي …
ميار(وقف عند العتبة واستدار وعيناه تبرقان):- أقسمي بذلك ؟
ميرنا(عرفت أنه أعجب بجملتها وضحكت):- أقسم …
ميار(أشار لها وهو يخفي غبطته):- أ.. لنتذوق حلوياتك وإن كانت سيئة ستحضرين غيرها
ميرنا(وضعت يدها على جنبها ولحقته):- لا والله …
جلست رفقته على طاولة الفطور وقاما بدعوة إيزابيل وجمانة التي لم تسكت طوال الجلسة ، أخذت تنكت وتعلق على رقصها ورقص ميرنا المميز والتي انحرجت من ميار ، إذ في نظرها لا يجب أن يراها هكذا مرتاحة البال وهانئة حد السعادة رفقته .. لا تريد منه أن ينتصر عليها وهي غير مدركة أنه قد انتصر وفات الأوااااااان …

في المعسكر
اشتدت حمى الوطيس فيه حين قام جاسر بتعيين ريحانة رئيسة لبنات المهجع ، منذ أن تم الإعلان عن هذا الخبر وهي تفرك يديها بدون صبر إذ كيف يعين تلك الفتاة اللعينة دون مشورتها ومن أصله لما يعطيها وجها للكلام وللطلب وللراحة حتى … يوم أمس كان يوما مريرا عليها حين تجاهلها جاسر بشكل جارح وانهمك في تدريباته مع الجند متعمدا إهمالها وفي كل فرصة تحاول التحدث بها معه كان يتملص منها ، لم تعرف ما الذي دهاه لكن ظلت هكذا اليوم بطوله حتى ليلا لم تستطع النوم وحين ذهبت لمكتبه لم تجده ولم تتمكن من التوجه لغرفته خصوصا أن العيون عليهم محدقة .. كتمت غصتها وقررت في صباح اليوم الموالي أن تسأله عن سر هذا التعيين الذي جعل ريحانة تعيش سلطة فيهن ، لكن ما صدمها أنه غادر المعسكر في الصباح المبكر إلى غير وجهة … وهنا ارتفع ضغطها ل180 درجة ..
كامل:- خذي هذا الثلج سرقته من ثلاجة فوزية يا لها من امرأة شرسة
وصال(أمسكته ووضعته على رأسها):- أنا منهارة يا كامل ، أشعر بالخواء في صدري يعني ما صدقت أن الأمور بيننا قد بدأت تأخذ منحاها الطبيعي إلا أتفاجئ بتصرفاته الغير مقبولة ، وكأنه يعاقبني على ذنب اقترفته علما أنني لم أقدم على شيء والله لا شيء
كامل(مط شفتيه وجلس قربها على حافة الدرج):- أظن أن تلك الحية ريحانة لها علاقة بالموضوع ، لقد لمحتها تغادر مكتبه ليلا قبل يومين ومن وقتها انقلب حاله
وصال(عقدت حاجبيها):- طيب ما الذي يمكن أن يحدث في تلك الليلة ، جعل جاسر ينقلب لما كان عليه في بدايتنا هاه ؟
كامل:- لا أدري
وصال:- هل أعجبته مثلا ولذلك صرف نظره عني ، هل هي أحلى مني ؟
كامل:- هئئئ ما هذه المقارنة لو سمعتكِ جدتي لجعلتكِ تسحبين كلامكِ بملعقتها الخشبية ، كيف تقارنين نفسكِ مع تلك العاهة ؟
وصال(مسحت على رأسها بجنون):- أكاد أفقد صوابي فأنا لا أجد تفسيرا منطقيا لحالته تلك
كامل(حك جبهته):- طيب ما ربما كانت تهدده أو قامت بابتزازه بشيء لا يستطيع أن يكتمه
وصال(برقت عيناها):- شيء مثلي أنا … طبعا كيف لم أفكر بهذااااااا كامل تعال معي
كامل(نهض منتفضا):- إلى أييييييييين مجددا ؟؟؟
وصال:- لأُري تلك العنكبوت ماذا يعني تهديد الرائد جاسر …
ضرب على وجهه وهو يلحقها بقلة حيلة ، في حين دلفت هي للمهجع كالزوبعة وجدت ريحانة جالسة على الكرسي وحولها الجنديات يلبين طلباتها ولا كأنها بلقيس زمانها
وصال(هدرت فيهم):- انتبااااااااااااه …
اصطفت الجنديات أمامها بتنظيم ما عدا ريحانة التي ظلت تنظر إليها بتحدي ، وتنتظر ردة فعل منها والتي جاءت كالتالي …
وصال(اقتربت منها وضربت برجلها قدم الكرسي فكسرتها وسقطت ريحانة أرضا):- حين أقول انتباه يفترض أن تنهضي بدوركِ جندية ريحانة ..
ريحانة(تألمت من السقطة لكن لم تبرز ذلك نهضت وهي تمسح فمها بكمها):- نعم حضرة النقيب أوامرك
وصال:- انتهى وقت راحتكم الصباحي ، الآن إلى الساحة سنبدأ التدريب على الحبال هيا
ريحانة(رمقت الجنديات قد تحركن بتذمر وكتفت يدها لوصال):- أنا أعطيتهن الحق بالراحة
وصال:- هل أنتِ نقيب ؟
ريحانة:- بل رئيسة المهجع وقد وظفني جاسر تحت مسامعكِ وأنظارك
وصال(نفثت شررا):- الرائد جاسر ، لا تكسري الاحترام
ريحانة:- أناديه كيفما شئت طالما أعطاني الحرية لفعل ما أشاء
وصال:- بما تهددينه أيتها الخبيثة ؟
ريحانة(اهتزت بابتسامة واقتربت منها خطوة):- برسالة العشق التي بعثها لكِ حبيبتي ، أووه من كان يعتقد أن الرائد رومانسي لتلك الدرجة قال ماذا يفكر فيكِ طوال الوقت .. ههه ممتع هو أليس كذلك ؟
وصال(تذكرت رسالته ورمشت):- من أين أحضرتِ هذا الهرااااء يا أنتِ ؟
ريحانة(أخرجت الرسالة من جيبها وأرتها لوصال):- يفضل ألا تحاولي التكذيب ..
وصال(اهتزت حدقتيها بنفاذ صبر وحاولت التقاطها):- كيف تجرئين إنها لي أعيديها …
ريحانة(طوتها وحاولت إعادتها لجيبها):- متأسفة منكِ لا أستطيع ذلك ..
وصال(نظرت خلفها وأمامها للمهجع الفارغ وابتسمت):- إذن أنتِ حكمتِ على نفسك ..
دفعتها بقوة وجذبت برجلها رجل ريحانة في حركة رياضية جعلت هذه الأخيرة في لمح البصر ، رقبتها تحت ذراع وصال وقدمها فوق ربكتها
وصال:- إن تابعت الضغط على عنقكِ سأكسر عظامكِ ، وإن رفعت قدمي أكثر خسرتِ ركبتكِ لذلك اختاري أن تعيديها أو تكملين ما تبقى من دورتكِ وأنتِ على السرير كالمخلل النتن ؟؟؟؟
ريحانة(احمر وجهها وهي تحاول التملص منها):- سأفضحكِ بالمعسكر كله
وصال(ضغطت على عنقها أكثر):- افعلي ذلك إن استطعتِ ، والآن هاتِ الرسالة
ريحانة(كانت في وضع الضعيف لذلك استسلمت):- خذي وابتعدي عني ..
وصال(أخذتها وهي تنهض):- تذكري أن الحساب بيننا ما يزال مفتوحا ، لن أنسى لكِ هذا
ريحانة(نهضت وهي تحاول التقاط أنفاسها):- سترين ما أنا فاعلة بكِ أيتها النقيب …
هزأت بها وصال وخرجت من هناك وقلبها يخفق بقوة ، وضعت يدها بجيبها ونظرت للرسالة بحرقة قلب .. كيف يفكر بمصلحتها على حساب احتراق قلبهما هااااه ، كم لامته وهي تمسح أدمعها كالطفلة التي تخاصمت مع عدوتها للتو ، لم تطل البقاء أكثر في ذلك المعسكر فقد شعرت بالضيق في ظل غيابه ومع ما عرفته ازداد شوقها وشغفها لرؤيته ، وعليه سلمت زمام الأمور للعريف زاهر وطلبت من كامل كمال مراقبة ريحانة عن كثب في حين أخذت دراجته النارية من الموقف الخاص بهم مجددا تحت رفض الحارس ، لكن من كان سيوقفها وضعت القبعة على رأسها وخرجت من المعسكر لوجهة هي نفسها لا تعرف عنها شيئا .. لذلك ما إن ابتعدت قليلا وصارت في موقع بعيد عن ذلك المكان اتصلت به طبعا لم يجبها لذلك بعثت برسالة نصية زعزعت كيانه من محله حتى أعاد الاتصال في الحين واللحظة
جاسر:- ما الذي تفعلينه أيتها المجنونة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وصال:- إن لم تظهر في غضون دقائق معدودة سأرمي بنفسي من هذا الجبل
جاسر(رأى الصورة التي بعثتها مرفقة مع الرسالة):- طيب طيب ابقي حيث أنتِ ، دقائق وأكون هناك أصلا أنا في مكان قريب
وصال:- أعلم ذلك
أقفلت الخط بقوة وهي تزم شفتيها وتنتظر عند حافة ذلك الجبل ، الدراجة تركتها عند جذع الشجرة وفردت شعرها لتستمع بنسمات ذلك الهواء الصباحي العليل لعلها تخفف من حرقة دمها التي تسببها تلك الغبية ريحانة .. لم يتأخر كثيرا فقد كان جالسا بسيارته في مكان قريب يحاول أن يتخلص من فكرة رؤيتها والتصرف بجلادة معها تحت ضغط وتهديد ريحانة الخرقاء طبعا حين وصلت لدليل كذاك وصار معها ، بات عليه التفكير بمنطقية في وصال ومصلحتها حتى لو كان ذلك جارحا لها سيقدم عليه وإن كان يطعنه في صميمه …
أوقف سيارته الرباعية بقرب الدراجة النارية وحرك رأسه من تصرفاتها هي لن تعدل عن جنونها مطلقا ، ترجل وهو يرمقها مكتفة يديها على حافة ذلك الجبل تقف باعتزاز حبيبته التي يعشق .. قالها وهو يخفي شوقه لكي لا يخرب اتفاقه مع ريحانة في سبيل حمايتها ..
جاسر(مسح فكه وتقدم صوبها):- وصال ..
وصال(عقدت حاجبيها بتذمر والتفتت إليه):-أخيرا أتيت
جاسر(رمق دموعها ووثب محله وهو يراها متقدمة إليه):- وصاااال
وصال(لم تتفوه بحرف بل أحاطت عنقه بيديها وجذبتها لحضنها بعناق عميق):- أحبك أيها الغبي ، لذلك لا تسمح لأي حشرة أن تنغص علينا حياتنا لقد عرفت بأمر تهديدها والرسالة معي لقد انتهى الأمر
جاسر(ضمها إليه وهو يشم عطرها الذي يجعله على قيد الحياة):- وصال علينا أن نتحدث
وصال(ابتعدت عنه وهي تمسك بوجهه بين يديها بحرارة ودفء وشغف):- اشتقت لك كيف طاوعك قلبك أن تتركني هذه الأيام دون حضن
جاسر:- يا وصال اهمدي قليلا ، ما نفعله لا يجوز أعلم هي مشاعر وانجرفنا خلفها لكن علينا أن نوقفها فأنتِ نقيب وأنا رائد وكلانا مسئول عن المعسكر .. لا يجب أن تصدر منا هكذا تصرفات كي لا تفلت منا زمام الأمور ولا نستطيع التحكم بالكتائب
وصال(أزاحت يديها وهي تنظر إليه بعيون دامعة غير مصدقة):- جاااسر .. ما الذي تقوله ؟
جاسر(زفر عميقا وهو يمسك بوجهها هذه المرة):- أقول ما يجب أن يحدث ، علينا أن ننفصل يا وصال هذا الحل الذي وجدته متوفرا ..
وصال(بدهشة وصدمة):- ننفصل … هل بدأنا أصلا كي ننفصل ؟؟؟؟
جاسر(سحب نفسا عميقا وهو يمسح على شعره بقوة):- أجل ننفصل ، ما حدث مع ريحانة سيتكرر مرة بعد مرة وتلك الرسالة التي أخذتها بقيت مترسخة بعقلها فهل ستسكت … باعتقادي لا ستحاول أن تؤذيكِ بسم كلامها وادعاءاتها بقول ما يوجد وما لا يوجد ، وأنا لا أستطيع التحمل إن حصل ذلك قد أرتكب جريمة
وصال(ببكاء):- لا تطلب مني استئصالك من روحي ، ما صدقت حتى صرنا معا جاسر
جاسر(تأوه بتعب واستسلم لمشاعره مجددا ودفعها لصدره بحضن عميق):- آه يا وصال ، ربما علينا أن نفكر بعقلانية أكثر لم يتبق سوى أسابيع على نهاية المعسكر وعلينا تحملها .. وما إن تنتهي سنكون لبعض
وصال(تملصت منه):- ما قصدك ؟
جاسر(أخذ الرسالة من جيبها ومزقها ورماها في الهواء):- قصدي أن تنسي كل شيء ..
وصال(فتحت فمها مصدومة من فعله):- أنسى كل شيء ، أنسى مشاعري تجاهك أيضا ؟
جاسر(ولى ظهره وهو يشعر بقلبه يتمزق):- لمصلحتكِ أجل عليكِ نسيان كل شيء ، يكفي يعني أنا لن أسمح بأن ننجرف أكثر لنمضي ما تبقى من تدريباتنا على خير
وصال:- هل أسبب لك المشاكل الآن يا جاسر ؟
جاسر(افهمي افهمي أنني أموت لو تأذيتِ بحرف يا روحي):- نعم وأنا لا أرغب بتحقيق مقبل من الإدارة ، ملفي دوما كانا زاخرا بالبطولات ولست على استعداد كي تلطخه نزوة
وصال(هنا صدمت صدمة عمرها):- هل تعي ما تقوله ، هل أنا مجرد نزوة في حياتك ؟
جاسر(علي أن أجرحكِ لتخدمي ذلك العشق يا وصال علي ذلك حبيبتي):- أجل
وصال:- وعناقك لي الآن ، وقلبك الذي ينبض بقلبي ؟
جاسر:- كفى كفى ، نحن سننهي هذه المهزلة هنا والآن … من اللحظة ستعاملينني برسمية بالمعسكر ولن يكون هنالك حديث خاص بيننا وأنا أيضا سأقوم بالمثل .. والآن عودي لموقعكِ فورا وهذا أمر
وصال(زمت شفتيها وهي تحرك رأسها بخيبة منه وضربت على صدره):- أنت أنذل رجل عرفته لقد ضحكت علي يا جاسر، أكرهك أكرهك …
دفعته وأبعدته عن طريقها واستقلت الدراجة بعد أن وضعت القبعة وهي تنظر إليه بخذلان ،، حركت رأسها مجددا وانطلقت من هناك نافثة خلفه غبار قلبها الجريح … ظل شاردا فيها وهي تبتعد عن مداره ، لقد كسرها هو موقن من ذلك لكن هذا ما يصح لكي يحميها من غدر ريحانة عليه أن يبعدها عنه بالتي هي أحسن
جاسر(ضرب بقدم حجرة كانت في طريقه وزفر بعمق وهو يلعن النصيب):- سامحيني يا وصالي سامحيني لكنني مجبر …يا حبيبتي مجبر على حمايتك
تأوه عميقا وهم بالتوجه لسيارته بانكسار لكنه رفع رأسه بدهشة كبيرة حين سمع صوت الدراجة مقتربا من هناك ، كيف ماذا هل عاااااااااااادت ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ … رفع رأسه باتجاهها ووجدها هي حبيبته تعود إليه طائعة عاشقة لا ترغب إلا به حبيبا وونيسا ،،، انفرجت أساريره إذ لا يمكنه إنكار فرحته بعودتها لكن لما عادت وجدها قد أوقفت الدراجة ووضعت عليها القبعة وتقدمت إليه وهي تتنهد بنفاذ صبر
وصال(دكت كتفه بإصبعها وهي تدفعه للخلف):- أنت جبان أحمق غبي حقير سافل ، أنت جعلتني أحبك حد الجنون وبعدها فكرت بهجري لكي تحميني من ريحانة ، هل تحسبني ساذجة غبية كي لا أعرف بأنك تفكر بمصلحتي على حساب موتك أيها الأحمق ؟؟؟؟
جاسر(ناظرها بعشق وهو يراقب تمردها):- لقد عدتِ
وصال(هزت كتفيها ببكاء وجذبته من قميصه):- عدت لآخذ قلبي ولكنني ما استطعت ..
جاسر(ابتسم بحالة عميقة من الحب):- أتحبينني لهذه الدرجة ؟
وصال(جذبته أكثر إليها):- أحبك لدرجة أن أغامر بكل شيء فقط لتبقى معي يا حبيبي
جذبته لفمها بقبلة طبعتها على شفتيه لقيت استجابة فورية من شفتيه اللتين أمسكتا بها بشكل شامل لكل الحواس والخلايا الحسية ، احتضنها وهو يلتهم شفتيها بعيدا عن مفهوم الصالح والطالح بعيدا عن الأساسيات بعيدا عن المسؤوليات أيضا فالحب لا يعترف إلا بالجنون خليفة له على عرش القلوب … حضنها بين يديه وجلس برفقتها عند جذع شجرة يستظلان بظلالها ويحضنان بعضهما متأملين ما يوجد أمامهما من مناظر جبلية خلابة تشرح القلب وتساعد على الاستمتاع بلحظة النطق بالمشاعر التي لا يسعهما إخفاؤها بالمرة .. إذن لتنتظر ريحانة منهما ردة فعل عما اقترفته فأكيد حين يتحد الرائد والنقيب نقول الله يستر ^^
وبما أنه لا سبيل لتلافي ما يسمى بالمشاعر الطاغية التي تضع العاشق في وضعية غريب ، لا يجد للسانه أحرفا ينطق بها في ذلك الوضع الذي جمعتهم الأقدار فيه صدفة ..
عبد المالك(رمش وهو ينظر أمامه إليها):- عواطف …
عواطف(ارتعشت وهي تدفع عربة التسوق أمامها):- إنها صدفة غريبة عبد المالك
عبد المالك(هز كتفيه):- صدقا يعني ، خرجت لابتياع بعض الأغراض للبيت
عواطف(بحرج):- حتى أنا وقد كانت معي .. أ.. مديحة لا أدري أين اختفت هه
عبد المالك(بحنان):- طيب كيف حالكِ أنتِ ؟؟
عواطف(رفعت عينيها إليه وهي ترتجف):-أنا بخير .. احم وحضرتك ؟
عبد المالك(ابتسم):- جيد الآن .. يعني إن كان لديكِ بعض الوقت أقول لو نحتسي فنجان قهوة بالمطعم هناك هل ممكن ؟
عواطف(حركت فكها بتفكر وهي تنظر حيث يشير):- بصراحة لا يسعني ذلك وقتي جدا ضيق وأنا …
مديحة(كانت تختبئ خلف هرم المعلبات وخرجت تدفع صدرها):- مشغولة ماذا ههه مسا الخيرات سيد عبد المالك ، أكيد ستتفضل لبيتنا الليلة وتحتفل معنا لقد تركنا ميرنا بصدد الاتصال بكوثر لإبلاغها ، المهم لكي لا أطيل عليكما سوف أكمل التسوق وأنتما خذا راحتكما بالمطعم هيا لا تهدرا الوقت ..
عبد المالك:- تفضلي يا عواطف
عواطف(سلمت لها العربة أو بالأحرى خطفتها منها مديحة ووجدت نفسها أمام الأمر الواقع ):- تفضل هه …
مديحة(غمزتها لكي تنطق وتتحرر وزورتها عواطف بوعيد لا محالة):- تلحلحي يا بت ..
جلست رفقته بإحدى الزوايا وهي تضع خصلات شعرها القصير خلف أذنها بحرج ، أما هو فبأريحية طلب لأجلهما ما يناسب وأخذا ينتظران الطلبات ولا أحد فيهما قادر على فتح باب للحديث ، لكن هنا استجمع عبد المالك قوته ونطق
عبد المالك:- الاحتفال بمناسبة ماذا ؟
عواطف(تنهدت براحة بعد أن نطق):- ميرنا ستظهر ببرنامج مهم ليلة غد ، لذلك آثرت أن نحتفل سوية مع بعضنا
عبد المالك:- أممم تمام سأكون في الموعد أنا وكوثر إن شاء الله
عواطف:- تمام
عبد المالك(زفر عميقا):- أفتقدكِ يا عواطف
عواطف(رفعت عينيها المرتجفتين):- عبد المالك رجاء
عبد المالك(أمسك يدها على حين غرة):- ربما تستصعبين حالتي لكنني مشتاق لأن يجمعني بكِ بيت واحد ، ألم يحن بعض الوقت قد مرت سنوات من العشق يا عواطفي الجياشة .. سنوات وأنا أنتظر الفرج لينبع منكِ لكن ولا حتى أمل
عواطف(اغرورقت عيناها وهي ترمش بذهول):- لطفا يا عبد المالك أنت تحاصرني هكذا بل تضغط علي ، لقد شرحت لك موقفي ورغبتي إن لم يغادر ابني طارق ثنايا السجن لن أستطيع أن أتحرك قيد أنملة هو الوحيد الذي سيقرر ولا يمكنني تجاوز وجوده
عبد المالك:- أعلم أنكِ موافقة في قرارة نفسك ولكن إلى متى سننتظر يا روحي ، العمر يمضي و ..
عواطف(عقدت حاجبيها):- هل تعبت من الانتظار ، أرى أنك مللت من الوضع قلها يا عبد المالك قل أنك سئمت وغضضت بصرك عن الفكرة برمتها ؟
عبد المالك(حرك رأسه بقلة حيلة):- وهل يجوز أن أقول مثل هذا الكلام لكِ ، أنتِ نبضي
عواطف(نهضت من محلها وتأبطت حقيبتها):- أراك ليلا .. عن إذنك
تنهد بحسرة وهو يشير للنادل بالانسحاب فما عاد هنالك داع لأي شيء ، في حين عادت هي للتسوق باحثة عن مديحة التي وجدتها تبتاع الأغراض اللازمة
مديحة:- ويحكِ لم تستغرقي حتى 5 دقائق
عواطف(بدموع):- مرة ثانية لا تتركيني معه وحيدة ، في كل مرة يطرح الموضوع وأنا أخبرتكم طالما طارق بعيد لن أقدم على شيء .. نقطة انتهى
مديحة(رمقت دموع أختها وحركت فمها بسخرية):- إذن موتي يكون أفضل ، الله يخرب بيت هبلك وتفكيرك يعني لو وجدت أنا تلك الفرصة لكنت قد تزوجت منذ سنوات يا هبلة
عواطف:- تلك أنتِ ، ثم أغلقي الموضوع انتهى
مديحة(قلدتها وهي تضع الأغراض بالعربة):- انتهى … أقطع ذراعي من محلها إن لم تكوني ميتة على ذلك الرجل لكن لمن أقول هذا الكلام الحجر ويملك قلبا حنونا …
أخذت عواطف ترص الأغراض بالعربة دون أن تكترث لحديث مديحة التي ظلت تعيد وتزيد في الموضوع ، وكأنها وجدت ما يشغلها في ذلك الصباح فهي تعلم علم اليقين أن كلامها صادق وعواطف مترددة بهذا الشأن ويظهر أنها حسمته منذ وقت طويل …
في ذلك الوقت
وفي المكان الذي كان يختبئ فيه غضنفر ، كان جالسا بالحديقة وهو ينظر لكلاب حراسته المسعورة في قبضة حراسه وينظر لرشيد الذي كان يجلس قبالته وهو يتفتف لتكوين جملة مفيدة لكن ما استطاع
غضنفر(أمسك سيجاره ووضعه بفمه):- أفضي يا رشيد ، ما الذي أخبرك به رجالك ؟
رشيد:- بصراحة يعني ، المدعوة ناريانا مختفية ..
غضنفر(رفع سيجاره بدهشة):- مختفية يعني ماذا ؟
رشيد:- أحدهم ساعدها على الهرب ، وجدوا رجالنا مضروبين على رؤوسهم وفاقدين الوعي
غضنفر:- وبمن شككت أنت ؟
رشيد:- من قد يفعلها سوى ميار أو حكيم يعني لأجل تخليصها من قبضتي
غضنفر:- لماذا ، ما الذي فعلته للبنت حتى استنفروا وقرروا أخذها ؟
رشيد(بارتباك):- لا شيء
غضنفر:- ههه لو أنني لا أعرف أن جيناتك خسيسة ما كنت سأصدقك .. إذن ليشبعوا بها هي لا تهمنا بالمجمل
رشيد:- طيب ماذا سنفعل يوم البرنامج ؟
غضنفر:- ما خططنا له من البداية ، قتل ميرنا سواء استقالت أو لم تستقيل سنتخلص منها
رشيد:- لكن هذا سيجعلهم يتحدون ضدنا ، ميار حكيم وقوة جوزيت أيضا ..
غضنفر:- جوزيت الخائنة بعد كل ما فعلته لأجلها نكرتني وطعنتني لأجل ذلك الوضيع ، لكن الحساب يجمع في الأخير دعها تستمتع ببعض الحرية
رشيد:- وأوامرك الآن .. هل أعود إلى ميار وكأن شيئا لم يكن لأنني أشك بأنه قد كشفني ؟
غضنفر:- لو شك بأمرك لن يتوانى في قطع رقبتك ، وعليه يجب أن تكون أكثر حذر لا أريدك أن تتأذى يا ولد …
رشيد(ابتسم بخبث):- ولا يهمك أعرف كيف أحمي نفسي
غضنفر:- لا تعرف بخصوص الصحفية الحامل ، هل سويت الأمر معها ذلك الطفل لن يولد
رشيد:- سأسويه بعد أن نخلص مما بين أيدينا لا تقلق ..
الخادم:- سيد غضنفر ممكن لحظة ؟
غضنفر(أشار لرشيد كي ينسحب):- ماذا هناك ؟
الخادم:- السيدة … أخذتِ السيارة وخرجت
غضنفر:- إلى أين ؟
الخادم:- لا نعلم يا سيدي لكنها رفضت ذهاب السائق معها
غضنفر(وضع السيجار بفمه ونفخ قليلا):- أحضر لي الهاتف ..
الخادم(أتاه به بعد برهة):- تفضل إنه يرن …
غضنفر(وضع السيجار بيده الأخرى وأخذ ينتظر الجواب):- إلى أين ذهبتِ ؟
هبة:- إلى قاع جهنم لا شأن لك يا غضنفر بي …
غضنفر:- ههه حلاوة لسانكِ تثلج صدري ، أظن أن حوارنا ليلة أمس قد نال إعجابكِ وإلا ما كنتِ خرجتِ من بكرة الصبح للبحث عن ابنكِ الضائع
هبة(أوقفت السيارة جانبا وتمالكت أعصابها):- تعلم أنني لن أسامحك على هذا الأمر ، لقد احتفظت بالأمر خفية عني طوال سنوات وهذا ما لا يمكنني غفرانه مطلقا
غضنفر- فعلت ذلك لمصلحتِك يا هبة ، لم أرد أن ينفطر قلبكِ
هبة:- اخرس ولا تكلمني على انفطار القلب ، قد فنيت عمري تحت ظلك وماذا جنيت سوى التعاسة والظلام والكره … أتعلم أنا نادمة على اليوم الذي استمعت فيه لك ليتني تركت سليم يقتلني حقا لارتحت من هذه العيشة اللامرئية
غضنفر:- إن ظهرتِ في الوجود أبوكِ لن يترككِ وشأنكِ ،،لذلك فكري جيدا قبل أن تقترفي أي خطأ معي يا هبة ، لم أحمكِ كل هذه السنين كي تتنكري لي بالأخير .. بفضلي أنتِ على قيد الحياة حميتكِ من سليم ومن عامر ومن أبيكِ حتى ، لذلك إن فكرتِ بالتلاعب معي سأهدم حياة أحبتكِ رأسا على عقب وأبدأ بابنك المسجووون أسمعتني ؟؟؟
هبة(دمعت عيناها):- أحرقتني في جحيمك ولكنني لن أسمح لك بأن تحرق ابني ،سأبحث عن طارق حتى أجده ولو كان في سجن تحت البحر … إنه ابني ابني يا منعدم الإحساس
غضنفر:- حظا موفقا يا هبة ودعيني لا أتفاءل مثلكِ ، فوارد جدا أن تعودي باكية بعد أن يطردكِ ويتنكر لصلته بكِ التي لن تخطر على باله أصلا
هبة:- تبا لك فلتحترق في الجحيم
غضنفر(أطلق ضحكة مجلجلة):- لا لا سأحترق على نار ريثما تعودين لحفرتي ،فأنتِ لا يمكنكِ العيش بعيدا عن مداي وإلا فقدتِ حياتكِ
هبة:- كان علي أن أهرب قبل أعوام منك أيها الجشع
غضنفر:- آه يا هبتي وما زلتِ تحيكين الخطط والمآرب لتوقعي بي ، لكنكِ لن تفلحي فأنتِ مدينة لي بالعديد من الأرواح … إن ابتعدت لحظة قتلت تلك الأرواح دون ندم
هبة(امتصت شفتيها بغيظ):- إن حاولت المساس بأولادي أو آذيت ميار أو جوزيت أقسم لك أنني سأدفنك وأنت حي
غضنفر:- هذا التهديد قد سرقته من عندي أليس كذلك ههه .. لا تتأخري عني كثيرا يا هبتي فأنا أقلق عليكِ ..
ضربت على المقود وهي تبكي بحرقة وتمسك على قلبها من كل ما عانته بسببه
هبة:- سأجدك يا طارق سأجدك يا حبيبي وسأحميكِ منهم جميعا ، هففف الحمدلله الذي لم يحرق قلبي عليك لقد وجدتك أخيرا ولن أدع أحدا يمسك بسووووء ..
تابعت طريقها للبحث عن ابنها الضائع وذلك لم تعرفه إلا بعدما حدث ليلة أمس …
~ هبة تتذكر ~
غضنفر:- أين ستذهبين أخبريني هيا أعطيني فكرة لأبعث معكِ السواق ؟؟؟؟؟؟
هبة(أمسكت حقيبة الثياب ووضعتها أرضا):- ابتعد عن طريقي فأنا لم أعد أطيقك ، أفضل أن أتوه وسط الطرقات على أن أبقى تحت ظل رجل مخادع قاتل مثلك
غضنفر(سحب الحقيبة من جانبها ورماها على الدرج):- أنتِ لن تبرحي لمحل يا هبة
هبة:- ماذا تريد مني بعد هااااه ، لقد جعلتني أسيرة لديك كالميتة الحية .. دمرت كل جميل في حياتي ماذا ترييييييييد بعد ؟؟؟
غضنفر(بعطف):- أريدكِ أن تحبيني يا هبة ، أنا ما زلت أعشقكِ يا امرأة
هبة(نفرت منه وهي تزم شفتيها بغضب):- وإن بقيت تترجاني حياتك كلها لن تكسب عطفي ، أيها الرجل البائس
غضنفر(تمسك بها):- لا يمكنكِ تركي يا هبة ، أرجوكِ لا تهجريني أتوسل إليكِ فأنتِ الأمل الذي يجعلني أتحمل كل المؤامرات والخدع التي يحيكها أعدائي من حولي ..
هبة:- دعني ولا تلمسني بيدك الوسخة ، أنا أنظف وأشرف منك يا غضنفر فلا تنسى مقامك أمامي لأنك مهما علوت ستبقى خادما وضيعا تحت قدمي
غضنفر(أمسك رقبتها بغيظ ودفعها على الحائط):- فعلت كل ما يجب لكي تنظري إلي نظرة واحدة ملؤها التقدير ، لكن في كل مرة تنظرين إلي باستحقار يجرحني في رجولتي
هبة(بتحد وقوة):- ماذا تظن نفسك فاعلا ، هل ستهددني مجددا بأولادي كلهم ، اسمع من ميار حتى إياد ستبتعد عنهم ولن تؤذيهم
غضنفر:- لن أعدكِ ، فذلك الولد العاق يهدد حياتي برفقة ابن الراجي ولن أسمح لهم أن ينشئوا فريقا ضدي ..
هبة(أبعدت يده بقوة):- كان علي أن أفهم ذلك لما أجبرتنا على مغادرة ذلك القصر ، لقد اكتشفوا مكانك وسيظلون كذلك إلى أن تقع بقبضتهم
غضنفر:- لما تكرهينني لهذا الدرجة ، ماذا فعلت لكِ … سليم ونعلم قصة كرهكِ له وعامر أيضا لكن ماذا عني ؟؟؟؟
هبة:- أو ما زلت تسأل أيها المجرم التافه ، أنا أمقتك أكرهك وحين سأعثر على ابني سأهجرك أتعلم لماذا لأنني ما عدت خائفة على أحد طالما هم متحدين فلن يسمحوا لك بأذيتهم ولا الاقتراب منهم
غضنفر:- هبة …. أنا أعرف من يكون ابنكِ ؟
هبة(اهتزت محلها):- أحقااااااااااااا … هل ستخبرني ؟؟؟
غضنفر:- لم أحتجزكِ هنا لمدة سنتين بخبر كاذب ، يعني عثرت عليه وعرفت هويته
هبة:- من يكون هل هو بخير أين يعيش ؟
غضنفر:- لن أخبركِ .. لأنني لو فعلت ستهربين مني
هبة(تراجعت وهي تهتف)؛:- إن أخبرتني .. سأتراجع عن قراري ذاك وسأحضره ليعيش معنا هنا إن أمكن
غضنفر:- يعيش معنا هنا ، هههه حين تعلمين هويته ستعرفين أنه من المستحيل أن نجتمع مع بضعنا البعض
هبة:- الممرضة التي أجبرتها على التحدث أخبرتك أن الطفل لم يمت ، لكنها لم تعطك أي معلومات فكيف عرفت بشأنه ؟
غضنفر:- ولو هذا أنا غضنفر الذي لا تفلت منه معلومة ، ثم أنتِ طلبتِ مني إيجاد ابنكِ وأنا لبيت الطلب
هبة(تنهدت بصعوبة):- ما اسمه ؟
غضنفر:- عديني أنكِ لن تبرحي محلكِ ولن تهجريني أولا ؟
هبة(نظرت إليه بلهفة وترددت لكن قلب الأم أقوى):- أعدك أعدك فقط تكلم
غضنفر:- الطفل لم يبتعد عن أبيه بالمرة ، بل عاش تحت كنفه كل الأعوام الماضية ولكنهم استطاعوا أن يخفوا هويته بدقة تامة ، لذلك سجلوه باسم امرأة أخرى غيركِ
هبة(بعدم فهم):- يعني ؟؟؟
غضنفر:- عواطف زوجة سليم تزوجها بعد هروبكِ مع عامر ، وفجأة أصبح لديها طفل رضيع رغم أنها كانت ما تزال يافعة إلا أنها شاركت في هذه اللعبة إجبارا من سليم ، ولم يعرف أحد ليومنا هذا أن ذلك الطفل ليس من صلبها بل من صلبه فقط … يعني طارق الراجي هو ابنكِ أنتِ وليس ابن عواطف يا هبة …
هبة(وضعت يديها على فمها ببكاء):- يا الله …. إبني … إبني أنا لم يمت شعرت بذلك من كل تلك الأحلام التي كانت تراودني بشأنه وحين استفسرت عنها عند العلماء عند المنجمين عند المشعوذين أخبروني أنه ما ربما كانت حقيقة يريد الله سبحانه وتعالى أن يكشفها لي ..
غضنفر:- وجعلتني أبحث عن الممرضة ووجدتها فعلا وهي من أثبتت أنه على قيد الحياة ، أرأيتِ أنكِ بدوني لا تستطيعين فعل شيء …
هبة:- هل عرفت هويته منذ سنتين وأخفيت عني ؟
غضنفر(تنحنح بتراجع):- هه ما هذا الذي تقولينه طبعا عرفت مؤخرا بمن يكون .. يعني ظللت أبحث من وقتها عنه لحين وجدته
هبة:- أنا غير مقتنعة بكلامك أشعر أنك تخفي عني أمرا ما ..
غضنفر:- ماذا عساي أخفي ، لقد كشفت لكِ حقيقة ابنكِ صارحتكِ ماذا تريدين بعد ؟
هبة:- لا شيء فقط دلني عليه
غضنفر:- تعلمين أنه بالسجن
هبة:- أي سجن ؟
غضنفر:- لن يسعني تقديم المساعدة فذلك خارج اهتماماتي ، لذلك أعيدي أغراضكِ للغرفة ونامي
هبة:- سأجده يا غضنفر ولن يسعك إبعاده عني أكثر
غضنفر:=- لو كان بودي إبعاده لما أخبرتكِ عنه
هبة:- لن أبقى دائما هبة الميتة كي تستفرد بي ، مصيري سأعود لحياتي ولأولادي لن تتمكن من سجني هنا مطولا يا غضنفر وستدفع ثمن كل ما فعلته أؤكد لك
غضنفر:- يعني إن كنتِ معي بجحيمي هذا ، سأكون ممتنا
هبة(بغضب ركضت لغرفتها وأقفلتها خلفها وهي تمسك على قلبها):- طارق طارق … أنت إذن هو ابني ههه
أمسكت على قلبها وهي تشعر بالفرح والغبطة وتنتظر الصباح بفارغ الصبر لتباشر البحث عنه ، وهي تعرف من أين تبدأ وتتصرف كي لا يمنعها غضنفر الذي كان يضع رجالا يراقبونها دون أن تشعر بهم ، معلوم من يملك امرأة مثلها سيخشى عليها من أن تهجره في كل دقيقة .. بالوقت الحالي كانت متجهة صوب مركز الأمن العام لتبحث عن السجن الذي وضع به طارق لكن يظهر أن الوقت سيستغرق بعضا من الوقت …
رقية(فتحت باب مكتب المدير):- لا وعلى ماذا أنا ممتنة جدا لأنك ساعدتني بحق ، لقد أعطيتني من وقتك وجعلتني أثق ببراءة موكلي طارق الراجي بسهولة ..
المدير:- أنتِ من طرف شخص مميز كان والده رفيقا لي فيما مضى ، ولذلك أي شيء يلزمكِ تفضلي بالسؤال عنه وأتمنى خروج مسجونكم في أقرب وقت
رقية(شكرته وهمت بالمغادرة):- هذا من لطفك سيد أمجد
أمجد(صافحها):- أنستِ وشرفتِ
توجهت رقية وهي تحمل بشرى في قلبها وهي موعد الدعوى الذي سيتحدد في أقرب فرصة ، استدارت من المنعطف لحين كادت تصطدم بتلك المرأة الجذابة فاستدركت نفسها .. إيه يا بت يا رقية حاسبي من التسبب بعاهة للمرأة فهي أم زوجك المستقبلي إن شاء الله انتبهي يا روحي ^^انتبهي قلبي معكِ
رقية:- أوووبس آسفة آسفة منكِ سيدتي ، هل أفزعتكِ ؟
هبة(رمشت وهي تزيح نظاراتها التي كانت تخفي خلفها عينيها):- لا أبدا يعني .. أنا أيضا لم أنتبه
رقية(انبهرت بعينيها البلوريتين كانتا مألوفتان جدا):- عذرا منكِ هل سبق والتقينا ؟
هبة(تشنجت حركتها):- لم يحصل ذلك ، اعذريني أنا مستعجلة
رقية(ابتسمت وهي تلوح خلفها):- أنا هنا يا عمري تعال …
ابتعدت هبة بابتسامة عنها ولكن ليس كثيرا ، فقد استدارت للخلف تلقائيا لترى ذلك الشاب المفتول الوسيم متقدما في الممر باتجاههما فجمدت محلها وقلبها يخفق بشدة ، إنها ابنها إياد فلذة كبدها الذي حرمته من أمومتها وحرمت نفسها من طفلها ، إياد يا عمري أنااااا أمك أمك يا حبيبي اهئ
هبة(بشهقة دموع كتمتها في جوفها كي لا تنهار):- يا إلهي
رقية(استقبلت قبلته على خدها):- أملك بشرى لك إنما أريد حلاوتي قبلا ههه
إياد:- تستحقين كل الحلاوة الموجودة في الدنيا ، فقط أخبريني هل نجح الأمر ؟
رقية:- يس سيتم تحديد موعد فتح دعوى طارق الراجي ، سنخرجه يا إياااااااد
إياد(انتبه للدوار الذي أصاب هبة):- يا سيدة هل أنتِ بخير ؟؟؟
هبة(لم تستطع تمالك أنفاسها):- أ… أنا أنا أم … اهئ أنا بخير يا بني
رقية:- عذرا يظهر أنكِ متعبة قليلا ، هل هناك ما نستطيع فعله لأجلكِ ؟
هبة(اتكأت على الحائط)- تبدوان طيبان جدا ، هل أنتما متزوجين ؟
رقية(بحرج وضعت خصلة شعرها خلف أذنها):- يعني
إياد(ابتسم):- مستقبلا إن شاء الله ..
هبة(بدموع):- أكيد أمكَ ستكون سعيدة بتزويجك لهكذا فتاة طيبة وجميلة صحيح ؟
إياد(ارتفع وهو يضيف بمرارة):- لا أملك أما
رقية(لمحت تغير ملامحه وابتسمت بمودة):- يعني فقدها حين كان طفلا
هبة(عقدت حاجبيها وهي تعضعض شفتيها):- أكيد كانت تحبك
إياد(عقد حاجبيه وهو ينظر إليها):- تبدين غريبة هل أنتِ متأكدة من أنكِ بخير ؟
هبة(مدت يدها ليده):- أمسكني فقط
رقية:- سأحاول إيجاد كوب ماء ، إياد خذها للرواق هناك بعض الكراسي
إياد:- طبعا طبعا استندي علي يا سيدتي
هبة(استندت وهي تغمض عينيها وتستشعر دفئه):- يظهر أنك تحب خطيبتك كثيرا ؟
إياد:- أجل إنها طيبة القلب وامرأة قوية تستحق مني كل الحنان والاحترام
هبة(نظرت لعيونه الشبيهة بعيونها):- عيونك غريبة
إياد:- هه ملاحظة دقيقة كانت البنات سابقا يتراهن على لونهم الحقيقي
هبة(أردفت بحسرة وهي تغالب دموعها):- بلون رماد الفحم
إياد(ساعدها على الجلوس وعقد حاجبيه):- اممم تشبيه دقيق
هبة(نظرت إليه بعيونها):- ربما لأنني أملك مثلها
إياد(انتبه لذلك وخامره شعور غريب بقشعريرة بجانبها):- من حظنا ..
هبة:- ماذا تفعل في الحياة ، … أ اعذرني لكثرة أسئلتي لكنني شبهتك بابني الذي فقدته منذ زمن بعيد
إياد(أشفق عليها وربت على كتفها):- أنا أدعى إياد نجيب صحفي مشاغب وأيضا مصور فوتوغرافي أقيم بعض المعارض سنويا لذلك معكِ شاب مخضرم
هبة(ابتسمت بتفكير فقد لاقاه الله به اليوم لسبب ما وليس صدفة):- من حسن حظي ، يعني أنا أريد أن أجد مصورا محترفا ليقدم لي معروفا هل يمكنك ذلك ؟
إياد:- صراحة في الوقت الحالي أنا متوقف عن التصوير ، لأنني أمر بوقت عصيب أحتاج فيه لأن أكون صافي الذهن تماما ..
هبة(أمسكت يده بدون شعور):- من أجلي لو سمحت ؟
إياد(وجد نفسه يطيعها بشكل أربكه):- طيب لن أكسركِ سيدتي
هبة(بفرح):- أعطني هاتفك
إياد(أخرجه ومده لها):- تفضلي
هبة:- أنا إسمي هبة سجله لديك على هذا الرقم ، يمكنك أن تتصل بي وقتما أردت يمكنك اعتباري بمثابة أمك يعني وتحكي لي عن كل شيء .. لا أصدق أنني وجدت فيك اليوم ما افتقدته لسنوات مديدة
رقية(لاحظت ارتباك إياد وهي تقدم الكأس لهبة):- تفضلي ..
إياد(أخذ هاتفه منها وأعاده لمحله):- السيدة هبة خطيبتي رقية ، تعرفنا قبل قليل وربما سنعمل معا فهي ترغب بمصور محترف كي يقيم بعض الأعمال خاصتها وإن اتفقنا ستكون بادرة خير إن شاء الله
رقية(بحماس):- رائع كنت لأساعد لو أن مجالي بعيد عنكم
أمجد(خرج من مكتبه وهو يحمل حقيبته في صدد المغادرة حتى وجدهم بالرواق):- حضرة المحامية أما زلتِ هنا ؟
رقية:- أجل سيد أمجد أعرفك بخطيبي إياد نجيب
أمجد:- وهل مثله يغنى عن التعريف أنا أقرأ مقالاتك كل صباح ، بارك الله في قلمك
إياد:- هذا من لطفك سيد أمجد
أمجد(نظر لهبة واختفت ابتسامته التي جعلتها بدورها تفتح فمها فيه):- هبة ؟؟؟؟؟
هبة(نهضت بتوتر وهي تعيد الكأس لرقية):- هل أنت مدير الأمن هنا ؟
أمجد(برز الغضب على ملامحه جليا):- لقد .. لقد بحثت عنكِ منذ سنتين أين اختفيتِ ؟
هبة(جذبته ببطء على جنب):- احم أمجد دعنا نتحدث في المكتب أساسا قدمت لأجل موضوع هام لن يساعدني غيرك فيه ..
أمجد(أشار لها بقلة حيلة نحو المكتب):- تشرفت بمعرفتكم يا جماعة فرصة ثانية …
هبة(استدارت لإياد الذي لاحقها تلقائيا بعينيه):- اتصل بي في أقرب وقت ، وإن لم تفعل أنت سأفعل أنا صار رقمك معي
إياد:- طبعا سيدتي سأكون مسرورا ، فرصة سعيدة وألف لا بأس عليك
رقية:- بالإذن …
هبة(وضعت يدها على رقبتها وهي تنظر إلى إياد مغادرا والذي تأبطت ذراعه رقية):- بني
أمجد:- هبة .. هبة ..
هبة(انتفضت حين اختفى إياد في الرواق ونظرت لأمجد):- عليك أن تفهمني قبل أن تبدأ حصة العتب واللوم ..
أمجد(أغلق خلفهما الباب ووضع حقيبته على جنب):- هل هي صدفة أن أكون أنا مدير الأمن الجديد بالمقر ، أم أنكِ كنتِ تعلمين بوجودي ؟
هبة:- والله صدفة .. لم أخطط لها أصلا هربت منك فكيف سأكشف نفسي لك
أمجد(جلس قبالتها وهو يفك ربطة عنقه):- لما هربتِ ؟
هبة(أشاحت ببصرها):- لأن مشاعرك خانتك ، وأنا لم يكن باستطاعتي مجاراتها في ظل حياتي الكئيبة
أمجد:- أردت امتصاص كل المواجع الخاصة بكِ ، بكوارثها وبآفاتها لكنكِ أبيتِ
هبة:- كنت لتموت لو أنا وافقت على عرض زواجك يا أمجد .. أنا مقيدة حبيسة سجن لن أستطيع الفكاك منه فقط لكي يبقى أحبتي بخير
أمجد(قدم لها المنديل وهو يرمقها بأسى):- لقد تزوجت منذ عدة أشهر
هبة(رفعت رأسها إليه وقد مرت غصة مسننة بحلقها):- مبروك .. مبروك عليك
أمجد(زفر عميقا):- حين يئست من فكرة إيجادكِ ، استسلمت ووجدت امرأة صبورة تساعدني على نسيانك الذي استحال
هبة:- أنا آسفة ، لم أشأ تخريب توازن حياتك حين لجأت إليك قبل سنوات
أمجد:- أنتِ الذكرى الخالدة من بعد صديقي وحيد رشوان ، لذلك لا يسعني كرهكِ مهما هربتِ فالقلب لما يختار شريكة حياته لا يسعنا تغييره مهما حاولنا
هبة(بحرج):- لا يجوز هذا الكلام ، لقد بنيت أسرتك الآن وأنا أرغب ببناء أسرتي أيضا ، أريد جمع أولادي من جديد لقد قررت أن أخوض هذه المغامرة وأعود للحياة
أمجد:- هل أنتِ جادة ، فكري جيدا السيد ضرغام لن يعطيكِ فرصة الهرب منه مجددا إن علم أنكِ ما تزالين حية
هبة:- ليعلم المهم لدي أن أجمع أولادي ، ولهذا لجأت إلى هنا لقد عرفت مكان ابني البكر ومن يكون
أمجد:- أحقا … لكن كيف قد بحثنا عنه طويلا لكن بدون طائل
هبة:- ولم نكن سنجده لأن سليم خبأه في مكان مكشوف واضعا إياه أمامنا ، ونحن كنا نبحث أبعد مما نتصور
أمجد:- من هو ؟
هبة:- طارق الراجي
أمجد(فتح عينيه بدهشة):- غير معقول ، من تحاول رقية الفارسي الدفاع عنه وإخراجه ؟
هبة:- هو بعينه يا أمجد ، أحتاج لمعرفة السجن الموجود فيه كي أزوره وأمنعه من مغادرته لو خرج سوف لن يتركوه وشأنه
أمجد(لاحظ توترها ونهض واضعا يده على كتفها):- اهدئي يا هبة ، لا داعي أن تجزعي هكذا سأعطيك عنوانه وأمنحكِ تصريح الزيارة
هبة(شكرته بعينيها):- ممتنة لك يا أمجد ، لن أنسى معروفك مطلقا
أمجد(سحب يده وتضخم صدره):- هبة
رفعت رأسها لتناظر لحيته الفحمية المختلطة ببعض الشيب والذي زاده وقارا جذابا ، إضافة لشكله الذي لم يتغير كثيرا إلا ببعض التجاعيد التي ارتسمت حول عيونه والتي زادت رونقا خلابا .. وجدت نفسها تتوسم برجل متزوج ونفضت رأسها وهي تنهض
هبة:- الأجدر أن تمدني بالعنوان حالا ليس لدي وقت كثير
أمجد(كتب العنوان على ورقة وسحب بطاقة أرقامه من جانب ديكور اسمه):- اتصلي في أي وقت احتجتني ، سألبي يا هبة تعلمين ذلك ؟
هبة(أمسكت منه الورقتين ونظرت لعيونه النابضة بعشقها):- اعذرني يا أمجد خذلتك مرة ، ولن أستطيع أن أخذلك مرة أخرى .. أظن أنها آخر مرة ستراني فيها أرجو لك السعادة في زواجك
أمجد(بحسرة):- لا أظن أنني سأتمكن من نسيانكِ لأنني لم أفلح حتى في غيابك، لذا أرجو أن تجتمعي بأولادكِ أيضا
هبة(عضعضت شفتها وهي تنسحب):- شكرا يا أمجد ورجااااء
أمجد:- أعلم سيبقى الموضوع بيننا ، لكن أمانة عليكِ إن وقعتِ في مأزق الجئي لي .. فمهما خذلتني ما كنت لأخذلكِ يا هبة
هبة(بامتنان):- موقنة من ذلك …
انسحبت وهي تضع الأوراق بحقيبتها ووضعت يدها على صدرها ، للتو التقت بابنها وعرفت مكان ابنها المسجون ووجدت أيضا الرجل الذي أحبَّها بصدق دون ضغائن ودون حزازات انتقامية أو متعلقة بالثأر الذي عانت منه طوال حياتها ، رجل التقت به صدفة في إحدى مراحل حياتها وساندها بحق لكن خوفا عليه من أن يهلك في طريق الدم الذي تعبره ابتعدت عنه وهربت منه ما إن اعترف لها بحبه .. والأدهى أنها وجدت نفسها تنساب معها في انجراف المشاعر التي شملتهما دونما سابق إنذار ، لكن لا يصح إلا الصحيح ما يهمها الآن هو جمع أولادها لكي تعود وتحارب ما يحيطها في سجن غضنفر ..لأنها تعبت واكتفت ووجدت أنه لن يهدأ حتى يؤذي أحبتها وهذا ما لن تستطيع تحمله لو حصل …. لذلك هي بحاجة لخطة تجعلها تأخذ الأمور بروية وقبلها عليها أن تبقي طارق في السجن لأنه لو خرج سيهددها غضنفر به أيضا وتصبح في دوامة لا فكاك منها …لكن رؤية إياد أبهجت قلبها ففي الوقت الذي همت فيه للبحث عن ابنها البكر وجدت مدللها بانتظارها وكأن الأقدار جمعتهما في ذلك المكان ، لتعلم أن الله سيستجيب لدعائها ويجمعها بأحبتها عما قريب …

في ذلك المساء
توصل حكيم لمعلومات عن ورقة الفندق التي وجدها بقمامة غضنفر ، وعرف أنها دعاية لإحدى صالات التدليك فيه تحديدا ، تمكن طلال من حصر الأمكنة وعرف بسرعة مكان ذلك الفندق وعليه خرج حكيم من البيت وهو يزفر بعمق
طلال:- شييييه أنظروا للباشا بالطقم والله ما عرفتك !!
حكيم:- لن تستلمني الآن ،اسمع أنا غير قادر على مبارحة المكان فجوزيت تضع مسدسها في مكان حساس داخل الفستان والذي منو ، المهم لو تحركت قيد أنملة فجرت رأسي وعليه ستكون هذه المهمة عليك يا بطلي
طلال:- لم أرى شاهيناز طوال اليوم يا رجل ، حرام عليك دعني أعود لأهنأ بحبيبتي قليلا
حكيم:- ستهنأ ما إن ننتهي من هذه الأيام العصيبة ..
طلال(ضربه لكتفه):- لا تنس وضع حقي من الحلويات على جنب
حكيم:- أعطني الأخبار الجيدة ولك مني كل ما يطيب ..
طلال(لوح له وأشار لرجاله):- أنتم ستبقون هنا لحراسة المكان ، وأنتم اتبعوني ادعي لنا يا صاح
حكيم(رفع يديه ملوحا):- أنت لها يا بعلي ههه …
جوزيت(لحقته للخارج):- حكييييييييييم ..
حكيم(أغمض عينيه وأشار لها):- ادخلي ادخلي يا مصيبة متى أخلص من صوتك ، أوااااه دعيني أرى يا بنت تعالي تعالي …
جوزيت(تمسكت بيده وهي تغلق الباب وتلف من تحت ذراعه):- ما رأيك فيني ؟
نظر لفستانها الأصفر والممتد حتى الأسفل بمنحنيات جذابة ، إضافة لانحناءة الأحجار المرصعة التي شملت الصدر والخصر ، وشعرها الذي وضعته جانبا على شكل تموجات على أحمر الشفاه الفاقع والكحل الأخضر الخفيف الذي وضعته تحت عينها ، كانت جذابة خلابة لا يمكن إلا أن يشهق المرء لأجل جمالها
حكيم:- وددت لو يراكِ ميار هكذا ، أكيد كنتِ ستلهبين قلبه
جوزيت(اقتربت منه وهي تهمس):- هو حقا سيراني به ههه ، ستعرف فيما بعد كيف
حكيم(انجذب خلفها للداخل):- أخشى أن تجعلينا نصطدم بالحائط بالأخير …
رنيم(صفرت لجمال جوزيت):- واو واو واو على أختي الحلوة ، ما أبهاكِ يا بنت
جوزيت(نظرت لفستان رنيم البني مع حجابها):- وأنتِ ما قصرتِ
رنيم(أشارت للخلف لأولادها):- وهما أيضا أنظري سجى بفستان زهري منكوش والأفندي أيهم بالطقم ، كي تعرفي معزتكِ لدينا يا روحي
جوزيت(لوحت لهما بمحبة):- يا عيني حكيم أنظر لهما ما أجملهما ؟
حكيم(سرق أيهم من عربته):- هذا غير قابل للجلوس بعد الآن إنه رجل البيت
رنيم:- هه له يا ابن عمي هل سنتخطى حضرتك مثلا …
إخلاص(انضمت بعباءة سوداء مرصعة بالأحجار):- الله الله كأنكم تضايقون سبعي
جوزيت(أعجبت بإخلاص):- أظنها ناسبتكِ كثيراااا كثيرا
إخلاص:- شكرا حبيبتي لأنكِ فكرتِ فيني ، هديتكِ سأبقيها بعيوني دوما
جوزيت(نظرت لحكيم الذي تفاجئ بأمر الهدية):- لا شكر على واجب يا ابنة عمي …
مديحة(بعباءة أيضا):- الآن أصبحتِ تنطقين مثلها
عواطف(لحقتها وهي تضع طبق الحلوى ، وقد كانت بطقم نسائي بين اللونين الأبيض والأحمر):- دعيكِ من ابنتي وتفقدي أمكِ …
جوزيت:- لا رجاء دعوني أتفقدها بنفسي ، وأنتم اجعلوا الجميع ينزل قريبا يصل الضيوف
عواطف:=- ألن تخبريننا بعد من دعوتِ يا بنت ؟
حكيم(جلس بأيهم في حجره):- لن أسأل حتى لأنني أتوقع بعض الدراما هذه الليلة
نور(نزلت من الدرج بفستان أخضر داكن):- بدون تشاؤم يرضى عليك مش ناقصين ..
حكيم(صفر لها وهو يصفق بأنامل أيهم):- يا عيني يا عين على نور خانوم …
نور(جلست قربه بتأفف وهي تعدل تسريحة شعرها المميزة):- هاها طريف
عواطف(جلست وهي تبتسم لأيهم الذي كان يتمتم بلغته):- أظنه مستمتعا أكثر منا
حكيم:- ليس قبل وضع الموسيقى جوز … أحم ميرنا عازمة على ترويع الدنيا
نور(رفعت حاجبها):- كأنك تشتهي جوز الهند ؟
حكيم:- وكأنكِ تدققين كثيرا ، أين أميرتنا ؟
نور:- في غرفة البنات تتحضر الآنسة الصغيرة ، أنا مللت منهن فنزلت
حكيم:- متشوق لرؤيتهن بالفساتين الجديدة
نور:- والله لا أدري لما التبذير من ميرنا يعني ما المناسبة ؟
حكيم:- إنها سعيدة بنفسها لذلك لا تكسري فرحتها ، هاه رنين الجرس ونستقبل أول زائر أكيد هذا إياد
عفاف(خرجت من المطبخ بطقم مناسب أيضا):- سأفتح ..
جوزيت(أخرجت نبيلة ببطء من الغرفة وهي تهمس لها):- يعني إن سرى كل شيء بخير ، ستعود حفيدتكِ غدا وأنا سأرحل لذلك أردت إقامة هذا الاحتفال للاحتفاظ به كذكرى جميلة جمعتني بكم
نبيلة:- هه وكأنكِ لن تعودي إلى هنا ، أخبرتكِ سابقا من يدخل بيت الراجي لا يغادره
جوزيت(ساندتها بحنان):- من يدري ..
إياد(بطقم مناسب دلف هو ورقية بجانبه والتي كانت بفستان أسود):- وأهلا بنا ببيتكم يا أحلى عائلة حظيت بها يومااااااا
نبيلة(بفرح استقبلت قبلته على يدها):- أهلا يا شقي
جوزيت(عانقته بحرارة):- اشتقت لك
رقية:- هوووه سأبدأ بالغيرة الآن
إياد:- لا يا رقية وحياتك هذه نور العين ميرنتي …
جوزيت(عرفت أنها حبيبته):- صح هو أكثر من أخي يا رقية ..
رقية(سلمت عليها):- ههه أمزح يا مجنونة هل صدقتِ …
عواطف:- أهلا وسهلا بكما تفضلا تفضلا
إياد:=- أوووه قمتم بمجهود جبار في تغيير الديكور وتوسيع المجال ، طاولات وباقات زهر يا عيني ربما سأستغل الفرصة وأتقدم لخطبتكِ رورو ما رأيكِ ؟
رقية(انحرجت):- شتت اخرس ثم عمتي نعمة غير موجودة لذلك لا يليق
إياد:- نحضرها نحضرها مش مشكل …
عواطف:- هه أدلف يا غالي والله أنت تضفي على المكان بهجة ..
حكيم(لوح باعتراض):- جملة مستهلكة يا إياد ، لذلك لا تغتر بنفسك كثيرا
إياد(صافحه وأخذ منه أيهم):- أعطني هذا الأمير وبعدها كله يهون ..
حكيم(أمسك يد جوزيت وجذبها جواره):- أنتِ سعيدة الآن ؟
جوزيت:- سأسعد بعد حين ينضم كل المدعويين …
حكيم:- من من أتخفين عني حتى أنا ؟
جوزيت:- أنت بالذات ستفاجئ بهم ههه … هاه رنين الجرس لنحزر من ؟؟؟
نهال(وشيماء ودينا نزلن بركض):- سنفتح نحححححححن
عفاف(رمقت ابنتها بفستان فضي بينما دينا ذهبي أما شيماء فقد كان بنيا داكنا مع حجابه المميز):- يا عيني ع الحلوات ربي يحرسكن
إخلاص:- أي والله ما أحلاهن
نور:- أرأيتم ضفائر دينا أجبرتني على الوقوف ساعتين حتى رضيت البنت على ما يروقها
نبيلة(جلست محلها على الكرسي):- كلهن جميلات ربي يحفظهن ..
كوثر(دخلت بفستان رمادي ونزعت فروها بالباب):- هلا بالأميرات هلا ، أرأيت بابا بناتنا كيف أصبحن جميلات يلا ستخرقون لب الشباب بالجامعة إن شاء الله
نهال(بحرج أخذت منها الفرو):- دعيني أعلقه
عبد المالك(بطقم مناسب أخذ يبحث بعينيه عن عواطفه الجياشة طبعا):- السلام عليكم ..
عواطف(تنحنحت واستقبلته بود):- أهلا بك سيد عبد المالك البيت بيتك تفضل ..
حكيم(نهض ليستقبله أيضا):- نورت
عبد المالك(صافحه بمودة):- بنورك حكيم ..
كوثر:- أوهاااا شوفو البنت كيف أصبحت تشع جمالا ، عتبي عليكِ عتب تغيبين عني بلا أخبار ولا شيء أهذه هي الصداقة ؟
جوزيت(نظرت لحكيم الذي زورها كي تعانقها):- ههه مشاغل يا بنتي يعني ..
كوثر:- أحتاج للحديث معكِ ضروري سنسرق منهم بعض الوقت لأفضي لكِ بما يثقل كاهلي
جوزيت:- لما لا ههه طبعا …
دعاء(بفستان أبيض فضفاض خرجت مع مرام):- نحن هنا أيضااااا
مرام(انضمت رفقتها وسمحت لها بدفع كرسيها وهي ترتدي فستانا أزرق داكن وتحمل كمانها بحجرها):- متى سنبدأ العزف ؟
جوزيت:- خربتِ مفاجأتي يا مرام ، لكن لا بأس قليلا بعد ونعزف فقط لتنضم إحدى الضيفات
حكيم(هنا نظر إليها بدهشة):- لما أحس أن تلك الضيفة هي سمر ؟
عواطف(برقت عيناها وهي تنظر لعبد المالك):- أحقا ستأتي ؟
جوزيت(سمعت الباب):- حتى أنها أتت …
مديحة(رفعت حاجبها):- منذ متى وهما بهذا الود يعني كي تلبي دعوة ميرنا ، لا كيف هذه الأخيرة قامت بدعوتها
نور:- والله هذا ما وجدتني أفكر فيه خالتي
إخلاص:- لا تضخموا الأمر إن كانت هي لنمضي الليلة بهدوء وكفى …
نبيلة:- عين العقل …
رقية(همست لإياد):- أتمنى ألا تخطئ ميرا بشأن ذلك الموضوع أمامهم ؟
إياد:- لا مستحيل هي تخشى عليه أكثر منهم حتى ، لن تفعلها اطمئني ..
حكيم(وضع يده على جنبه حين سمع صوت شادي):- والله فعلتها المجنونة …
ميرا(دخلت بتأفف وهي بفستان كلاسيكي بنفسجي داكن):- مرحبا ..
شهاب(دخل بكرسي شادي):- مساء الخير ..
نظروا لبعضهم بعضا لوهلة في سكون ، قبل أن تتدخل جوزيت لتشير لميرا أين تجلس وعليه استقر الجميع قرب بعضهم في جلسة عائلية لم يكن ينقصها أحد حسبما ظنوا ، قدموا الأكل والشراب لبعضهم وأخذتهم الأحاديث المختلفة على أنغام الموسيقى الهادئة التي وضعتها نهال حسب الطلب ، وهنا انسحبت جوزيت لركن قليلا وأحضرت هاتفها وفعلت اتصالا مباشرا صوت وصورة برقم ميار وأخذت تنتظر الرد ، طبعا انتظرت طويلا قبل أن تسمع صوته من الطرف الآخر أخيرااااا
ميار:- نعم ؟؟؟
جوزيت(لوحت له):- ميااااار أنظر إلي أنا هنا …
ميار:- أعلم أنه اتصال مباشر لذلك تحدثي ماذا يجري ؟
جوزيت:- فقط أنظر سترى أشياء جميلة جدا ، هيا هيا أنظر ..
ميار(بتأفف وضع يده على خده ونظر):- هممم … لحظة أين أنتِ ؟؟؟
جوزيت(أبرزت له فستانها وهي تتمايل بالهاتف):-أين سأكون يعني أنا ببيت الراجي وسأريك إياهم فردا فردا ، أنظر معي لكن أخفي نفسك كي لا يكشفنا أحد ، ههه هذا حكيم ، حكيم قل مرحبا
حكيم(ضرب على وجهه حين اكتشف فعلتها):- ألن تهمدي أبداااااا ؟؟؟
جوزيت:- اخرس ولا تخرب مفاجأتي ، أنظر تلك جدتي نبيلة جالسة هناك وهي تراقب كل شيء بعيون الصقر التي تملك ، لعلمك قد كشفتني وهي تعلم أن ميرنا مسافرة يعني حرام أن نفزع جدتنا على حفيدتها أليس كذلك … ههه تلك خالتنا عواطف وبجانبها خالتنا مديحة وهما تمسكان بشادي في حجرهما وتلاعبانه ، هناك سمر أي ميرا المتأففة هناك تنظر إليهما بدون حياة وتصطنع ابتسامة مزيفة ليمضي الوقت من الواضح أنها قدمت على مضض فشهاب هناك يحاول تلطيف أجوائها على الأقل ههه ..أنظر تلك مرام تحمل كمانها وتنتظرني لنعزف سوية لقد اشتريت هارمونيكا جديدة وأرغب بأن تستمع لعزفي أكيد اشتقت له يا مياري .. هممم من أيضا هناك نور أنظر هي تحادث كوثر ورقية على جنب ، أهاه ها هو إياد يتذوق الأكل ويشيد بمهارات عفاف وإخلاص، تلك دعاء جالسة هناك بقربها رنيم تحضن سجى ابنتها وأيهم على الأرض يخطو خطواته الأولى يااااه ما أحلاه ، أنظر تلك دينا ونهال وشيماء تقفن بقرب المسجل هن الراعي الرسمي للحفلة هههه … من تبقى لنا من أنااااا هل رأيتني ؟؟؟
ميار(برقت عيناه بأسى وهو ينظر لجنبات ذلك البيت وأهله):- رأيت يا جوزي رأيت ..
جوزيت(مطت شفتيها وهي تنظر إليه):- ما حسبت أنك ستنزعج من مفاجأتي لكن حين أعزف أكيد ستكون سعيدا ، لحظة سأجعل حكيم يصورنا كي ترى البث الحي على أصوله ..حكيم حكيم حبي أمسك الهاتف قليلا سأحضر شيئا وأعود إياك أن يفصل لو سمحت استمع لي لو سمحت ..
ميار:- اففف حكيم ما الذي يحدث ؟
حكيم(أشار له بحركة الجنون):- والله علمي علمك لكن أشك أن مخ البنت مفقود
ميار:- ما سبب تلك الحفلة ؟
حكيم:- طبعا مؤكد وأكيد هي من ابتكار جوزيت ، تريد أن تخلد ذكرى مع العائلة
ميار(عقد حاجبيه):- جميل …
جوزيت:- يا جماعة انتبهووا أريدكم أن تستمعوا جيدا لمعزوفتي أنا ومرام ، تدربنا عليها قليلا هذا المساء أرجو أن تعجبكم
كوثر:- هه منذ متى وأنتِ تعزفين على تلك يا ميرنا ، لا علم لي أنكِ تجيدينها ؟
جوزيت(نظرت لحكيم وابتسمت):- هواية قديمة أحييتها ، هيا اتخذوا أمكنتكم حكيم جاهز ؟
حكيم(أشار لها):- ابدئي
جوزيت(نظرت للهاتف وابتسمت وأغمضت عينيها وهي ترفع الهارمونيكا لفمها):- تمام ..
قربت الهارمونيكا من شفتيها وأغمضت عينيها لتسحب نفسا خفيفا وتنفخه في ثقوبها ، كي تصنع أجمل لحن رافقته مرام بعزف الكمان وسحرتا لب كل الحاضرين ، أخذ الجميع يتمايل معهم بمودة حسب اللحن الممزوج بالعشق والحسرة والخطايا التي تثقل كاهل كل فرد منهم ، فلقد سرح الجميع في مواجعه سابحا في غيمة لوحده بداخلها ، يحاول تفكيك نقاطها الحساسة لعل الوضع يحمد قليلا ويرحمهم من التفكير المتواصل … تحت تصفيقاتهم أنهتا العزف الذي تواصل لدقائق معدودة جعلت جوزيت تنحني بفرح وهي تبتسم لمرام التي سعدت بهذه المشاركة وعليه ركضت لهاتفها وأخذته من حكيم الذي فرح بها …
حكيم:- صدقا لم أتوقعه ..
جوزيت:- أرأيت كيف أبهرتك في حين كنت تحتقر قدراتي … ميار هل رأيتني مي …. ميرنا
ميرنا(بصوت متحشرج):- جوزيت ..
حكيم(فتح عينيه على وسعهما وأخذ الهاتف وهو يجذب جوزيت خلفه):- ميرناااا …
ميرنا(ببكاء):- أنتم تحتفلون بدوني ، أحقا تستمتعون بوقتكم بلا أنا ألهذه الدرجة لم تشعروا بغيابي يا حكيييييييم ؟
جوزيت(توقفت بعيدا في الرواق رفقته):- أين مياااار ؟
ميار(نطق بتثاقل):= موجود ..
جوزيت(وقفت قرب حكيم بل دفعته لتنظر):- ألم تستمع لعزفي ؟
ميار(رمق ميرنا قد جلست بالهاتف قربه ولوح لها):- كنتِ مدهشة لكن في المقطع الأخير حدثت وشوشة منعتني من الاستماع
جوزيت(رمقت ميرنا بلؤم):- أكيد هي خربت عليك خلوتك
ميرنا:- حكيم لما تلك تقف بجانبك أخبرني ؟
جوزيت(بحدة):- ميار لم تلك الفتاة تجلس جوارك هاه ؟؟
ميار(غمز حكيم):- أظن أنه يجب قطع الاتصال
ميرنا وجوزيت(في آن الوقت):- لالالالالالالالالا …
ميرنا:- أروني عائلتي لطفاااا اشتقت لهم ..
جوزيت(عطفت ولكن قليلا وانسحبت لتجالسهم):- تفضل يا حكيم ..
ميار(نظر لميرنا):- حسن كفي عن البكاء سترينهم الآن ..
ميرنا(رقمته بتذمر):- كنت تتفرج ولو لم تخبرني جمانة لما أريتني شيئا
ميار(نهض):- سأترك لكِ المجال إذن أنا سبقتكِ بالمشاهدة
جمانة(ركضت وجلست قربها):- أنا أنا سآخذ محله دعوني أرى أيضا ، أمي أمي اتركي ما بيدكِ سنرى عائلة ميرنا هيا هيا تعالي ..
أخذ حكيم يري لميرنا كل فرد منهم وكأنه يلتقط فيديو لذلك لم يستوعب الأهل شيئا ، بل كلما وقف عندهم لوحوا له بمحبة وابتسموا وهي تبكي في تلك اللحظة إذ شعرت بالاشتياق الشديد إلى أسرتها وهي تراهم من بعيد ، لكنهم لا يرونها مع الأسف .. أمسكت على فمها ووضعت جمانة يدها على كتف ميرنا وأشفقت عليها ، حزنت عليها حتى إيزابيل التي جلست بالجانب الآخر لتنظر معها وتساندها أيضا وكانت الصدمة حين مرَّ حكيم بجانب عواطف وعبد المالك حيث كانا يتحدثان على جنب بحديث خاص ، لحظتها انعزلت إيزابيل عن الدنيا وهي ترمق الرجل وتدقق في ملامحه لم تشعر حتى وضعت يدها على فمها لتكتم شهقتها خصوصا بعد أن مر ليشمل وجه كوثر التي لوحت للهاتف وهي تبتسم بجمال ،هنا تسمر الكون في عيون إيزابيل التي شهقت وهي تنظر لابنتها لم تشعر بنفسها إلا وأخذت الهاتف من يد ميرنا وقربته لعينها كي تنظر ، لكن حكيم غير الوضعية حتى أنها لعنت ذلك وتمنت عودة الصورة
جمانة:- أمي ما الذي تفعلينه نريد أن نرى أيضا ..
إيزابيل(بدموع أعادت الهاتف):- عذرا عذرا … عن إذنكم
ميرنا(باستغراب):- ما بها أمكِ ؟
جمانة:= لا تكترثي هي عاطفية فيما يخص الاجتماعات الأسرية ، دعينا نتابع ياااه ما أحلى هذا الصغير ما اسمه ؟
ميرنا:- شادي ابن ميرا ..
جمانة(فتحت فمها):- الفنانة ميرا الفنانة ميرا إنها هي بحق والله هي إنها جالسة بينهم ، لكن لكن كيف ؟؟؟؟
ميرنا(ضحكت من ردة فعل جمانة):- لأنها أختي …
جمانة(قفزت محلها):- يا إلهييييييييي هي أختكِ بحق لكن ففف أكاد لا أصدق ههه
ميرنا(نظرت لسمر بحسرة):- بلى صدقي …
شعرت بالألم قد تضخم ليشمل صدرها لذلك أغلقت الهاتف ، هنا انتبه حكيم لذلك وعرف أنها هي التي أقفلته وحزن لأنها رأت استمتاعهم في ظل غيابها ، يعني هي لن تحرمهم بالعكس ستفرح لأجلهم لكن .. يعني أرجحت لو استشعروا قليلا بأن الفتاة التي تعيش بينهم ليست هي ، لكن مع الأسف قد أتقنت جوزيت الدور ولم يستشعر أحد ذلك سوى نبيلة التي ظلت محلها تناظر كل ما يدور من حولها …
استمر الاحتفال على وقع الأنغام المختلفة ولحظتها سحبت كوثر جوزيت على جنب ، وأخبرتها عن جديدها مع زياد وعن المشروع الذي يشرفان عليه ، وطبعا لم تغفل عن أشواقها وحنينها ورغبتها في نسيان كل شيء والارتماء بحضنه ..
كوثر:- يعني عناق واحد من رأس العناد ذاك وأنسى كل شيء
جوزيت:- طيب سؤال هل تحبينه ؟
كوثر:- أمووووت فيه
جوزيت:- وهو ؟
كوثر:- يعشقني
جوزيت:- طيب تحبينه يحبكِ تزوجيه وكوني المرأة الأولى في حياته
كوثر:- وكيف ذلك يا فهيمة ،، أساسا هو متزوج بتلك العقرب حياة
جوزيت:- ولما لا تكوني أنتِ الزوجة الثانية يعني ما المانع ، طالما هو يحبكِ أنتِ ويريدكِ أنتِ وزواجه بالأخرى ما هو إلا لإخراس عائلته ولجعلها تتمم دراستها يعني فعل خيري
كوثر:- جميل هو تسميتكِ للموضوع الجارح بفعل خيري ، لكنه جرحني في صميمي كسر فؤادي بتصرفه الخائن
جوزيت:- أرى أنكِ تضخمين الموضوع فقط ، لأن زياد قد أوحى لكِ بفرضية وقوع هذا الحدث وبأن زواجه من قريبته حتمي وقتها كان عليكِ توقع هذا الأمر وتوقع عواقبه أيضا
كوثر:- كلامكِ غريب ميرنا كأنكِ تؤيدين فعله ؟
جوزيت:- هو مجبر يا كوثر ، ضعي نفسكِ محله إنه يصارع كلا الضفتين ولا حول له ولا قوة من جهة ليس بقادر على تطليقها في هذا الوقت الوجيز وليس بقادر على الابتعاد عنكِ
كوثر:- يعني ؟
جوزيت:- هي واضحة كالشمس أصلا أنتِ تموتين فيه عشقا ، من رأيي أن تحادثيه حديثا معقولا وتضعا الحروف في نصابها لأنكما هكذا تخسران حبكما شيئا فشيئا وهذا العمر لا يعوض يا كوثر صدقيني ..
كوثر(بدأ كلام جوزيت يلعب بعقلها):- إن كنت سأعطيه فرصة ليس قبل أن يطلقها ، لا أقبل أن أكون الزوجة الثانية بتاتا أصلا أبي يذبحني
جوزيت:- ههه ولو العم عبد المالك لا يفعلها ، ثم أنتِ اطرحي الفكرة قد تتفاجئين بردة فعل زياد وقد يمسح كل تكهناتكِ الواهية في جواب ضمني
كوثر(رفعت حاجبها):- لا أدري اففف دعيني أشرب شيئا رأسي سينفجر من التفكير
إياد:- هاه إلى أين يا بنت ؟
كوثر:- سأحضر مشروبا لي ..
إياد:- ميرنا قبل أن أنسى لقد وصلني موقع منكِ قبل وقت ونسيت أن أسألكِ عنه ؟
جوزيت(رمشت وهي تظن أن الموقع قد أرسلته ميرنا قبل وقوع ما وقع):- أ.. نسيت تماما الأمر أ.. يعني فيما بعد نتناقش حياله ههه دعني أفتح الباب
إياد:- تفضلي يختي افرحي وامرحي ..
نهال:- أريد رقصة معك
إياد(جذبها من يدها):- هه ولو على عيني يا حبة عيني تعالي …
دينا(انتفضت بحماس):- ياااااااااه عمو فؤااااااااااد
نور(تصلبت محلها وفتحت عينيها على وسعهما وهي تراه مقبلا عليهم):- من قام بدعوة هذا الرجل ؟
عواطف:- اهدئي يا نور عيب ، الرجل ضيف ببيتنا
فؤاد(تقدم بباقة ورد قدمها لدينا):- جئت بناء على رغبة ميرنا ..
جوزيت(ابتلعت ريقها ونظرت لحكيم الذي تساءل):- شكرا لك سيد فؤاد على قبول الدعوة ، تفضل هناك بجانب شهاب
شهاب:- تعال يا عمي
نور(كتفت يديها):- أنا أنسحب ..
فؤاد(نظر حوله وامتن من ارتفاع الموسيقى):- هل لنا بلحظة على انفراد يا نور ؟
نور:- لاء طبعا
جوزيت(اقتربت منها):- اسمعيه لا تعلمين ما سيقوله ما ربما يريح بالكِ
نور:- سأحاسبكِ فيما بعد على دعوته دون مشورتي ..
دينا:- بليز مامي دعي عمو فؤاد يمضي معنا السهرة بليييييز …
نور(صغرت عينيه فيه):- الحق بي لغرفة الضيوف ..
فؤاد(غمز دينا ولحقها):= تمام..
مديحة:- عواطف كأن الأمور محتدمة بينهما ، بمجرد أن رأته ابنتكِ ارتدت قناع العم نوري .
عواطف:- والله على عينك لا أدري ماذا يحدث ..
ميرا:- انتبه لشادي سأصعد قليلا للحمام أشعر بأنني متعبة ..
شهاب:=- هل أنضم إليكِ حبيبتي ؟
ميرا:- لالا أنا سأعود فورا ، لن أتأخر ..
نظرت حولها حين كان الكل مشغولا في شيء عابر وصعدت لفوق ، وهنا رمقتها عواطف وتحسرت بجوفها عن البعد الذي يزيد كل مرة بينهما بدورها انسحبت بعد برهة ولحقتها ، في تلك الأثناء وبغرفة الضيوف كانت نور تكتف يديها أمامه
فؤاد:- سأفعل كل ما تطلبينه نور ، أنا جاهز لأتقدم إليكِ الآن أمام الكل
نور:- وهل أنا قبلت بك أصلا ، هل أنت على ما يرام يعني عقلك عقلك هل هو في محله ؟؟؟؟
فؤاد:- نوووور … لن نعيد ما قلناه تلك الليلة لأنني وضحت كل شيء بنظري
نور(أشارت له بسبابتها):- لكن بنظري أنا لم يتم توضيح أي شيء من 13 سنة ، لم يصلني تعويض الليالي الطويلة التي كنت أقضيها بالتفكير فيك ، لا شيء يمسح لمحة الحزن التي اعترتني وأنا أعيش في عذاب ، أضف له صراعي في ذلك الزواج البائس وطلاقي الذي لاحقني كلعنة تغلبت عليها بقوتي وصلابتي ، لولا ذلك لكنت مخفية في ركن .. وتأتي الآن ببرودة كي تعتقد أنك قد خلصت ذمتك وسقط الذنب عنك ، متأسفة إذن يا فؤاد رشوان فدعوة أختي كانت لأنها تعزك أما بالنسبة لي فوجودك مثل عدمه
فؤاد(أمسكها من يدها قبل خروجها):- نووور رجاء لا تفعلي
نور(جذبت يدها بقوة):- إن لمستني مرة أخرى سأفضح أمرك أمامهم ..
فؤاد:- ماذا تريدين أخبريني فقط ماذا تريدين لأجعلكِ تغفرين لي ؟؟؟؟
نور(بتفكير ملي):- فؤاد .. إن استطعت إجبار والدك على الدخول لبيتنا ربما سأفكر في موضوع الخطبة
فؤاد:- هه أنتِ تهذين صحيح ؟
نور:- طبعا أهذي لأنني أعرف أن ضرغام رشوان لن يطأ هذا البيت ولو بموته ..
فؤاد:- ماذا إن جاء ، ما أنتِ فاعلة وقتها ؟
نور(مطت شفتيها):- ربما أفكر بعرض الزواج فعليا
فؤاد(برقت عيناه بحماسة):- كنت أعلم أنكِ تحبينني والله كنت أعلم أنك ستغفرين يا نور ..
نور:- لا تقترب مني ولا تكلمني ، ما لم يحضر أبوك فلا حديث بيننا
فؤاد(عدل ربطة عنقه):- اتفقنا ..
نور(في سرها ابتسمت بخبث):- سأريك كيف تلعب بابنة الراجي يا فؤاد رشوان ، سأجعلك تشرب من نفس كأس المر الذي سقيتني منه أنت وأبوووووووك ، سأذلكما أقسم أنني سأجعلكما تغادران وأنتما تتعثران في طريقكماااا هه … سترى
زورته بكره لونته بابتسامة ساخرة وخرجت لتنضم إليهم ، أما هو فتركته برهة يحلق مع فراشات فرحه وسعادته بهذا الخبر إذ اعتقد أنها فعلا سامحته ولم يحسب أنها تضمر له انتقاما على طريقتها الخاصة ، لذلك من لهفته انضم أيضا وقلبه يرقص على أنغام الدربكة ههه .. في ذلك الوقت وفي الطابق العلوي كانت تسير بخطى وهنة وهي تعبر الممر وتستذكر كل الذكريات الماضية التي مرت بها في جنبات بيتهم ، قد مضى ردح من الزمن لم تصعد لهذا الطابق تقريبا مذ أن هربت من البيت من الغرفة المغلقة تحديدا … وصلت إليها وهي تمسك على قلبها فهيبة تلك الغرفة ما زالت تسري كرجفة برد في كينونتها ، تحركت حنجرتها بثقل وهي تمد يدها لمقبض الباب الذي ما إن أدارته حتى انفتح الظلام بوجهها ، دفعته قليلا وتقدمت خطوة لتشم رائحة الماضي السحيق ، بغباره وذكرياته السيئة وتلك الليالي التي قضتها في بكاء وألم .. ضغطت على زر الإنارة وأشعلت الضوء لتتبين معالم غرفتها القديمة وتنظر لكل شبر فيها ، ما زال كل شيء بمكانه وما زالت تفوح رائحة الموت بحناياها الصامتة ، مررت يدها على سريرها التعيس والذي قضت فيه كل ليلة ببكاء مرير .. مر الشريط على أنغام الشجن التي عزفتها دموعها على لحن الأسف والحسرة على ما مضى ، هنا أنجبته وهنا فقدته يااااه لا تعلم لما باتت تستذكر صورة ابنها المنكوب في مهده ، حتى صورته لم تحفظها جيدا ملامحه مبهمة عليها وعطره كذلك إلا صوته ما زالت صرخاته تنتزع منها الحياة وتؤلمها في صميم روحها ، هكذا كأسلاك ترتج بداخلها ليحدث تماس كهربائي يجعلها تنتفض من وخزه ، نهضت من السرير ولامست دولابها الصغير هنا كانت تخبئ المال لكي تهرب وهنا اكتشفها سليم لما جمعت حقيبتها وأجبرها على البقاء ، وبعدها وقع ما وقع … عند تلك الزاوية زحفت وهي تستنجده أن يعيد لها طفلها وتضمه لمرة واحدة على الأقل ترضعه وتشبع جوعه لو سمح بذلك لكان حيا يرزق ، لو أعطاه لها وتصرف برحمة لما حدثت تلك الفاجعة حين خاصمه طارق لأجلها واستمر في العراك لأجل إعادة وليدها لحضنها … لكن سليم كان مصرا عنيدا عماه الشر وتركه يحسب لحظات حياته لحظة بلحظة ، عند هذه النقطة تغيرت الحياة وتفرقت المصائر حين تعثر سليم برجل السرير وسقط من النافذة ، انتفضت فجأة وهي تمسك على أذنيها وتهز رأسها كي لا ترى ذلك المنظر .. لكن ازدادت هزاتها حتى تحولت لأنين وبكاء وانهيار جعلها تمسك على بطنها وتتراجع للخلف بعدم تحمل ، حتى وجدت يدا ربتت على كتفها فالتفتت بفزع لتلتقي العينان الباكيتان وتسحق 17 سنة في غمضة عين لتتلاشى كل معالم الوقت الحالي وتعود الغرفة والأحداث لذلك اليوم المشؤوم …
عواطف(جذبت يد ميرا):- كنت أنانية حين لم أحتضنكِ يا صغيرتي ، لكن الصغير ذهب لعند الله وهو يعيش براحة هناك ألا تظنين ذلك ؟
ميرا(تلعثمت وهي تلتقط أنفاسها):- كان بريئا لو تركني أرضعه لو تركني أمسكه لما مات يا أمي ، كان بحاجتي كان يبحث عني أنا أنا أمه كان يريدني لكن أبي قتله في مهده قتله بدون أدنى شعور بالرحمة … إبني أنااااا مات وهو يبكيني كان يبكي أمه يا أمييييييييييييييييي اهئ
عواطف(شهقت ببكاء وهي ترمي بها في حضنها بقوة وحرارة):- سمر … ابنتي
ميرا(تمسكت بحضنها وكأنها وجدت ملاذها أخيرا بل بيتها الذي هجرته قد عادت إليه الآن):- لقد احترقت وتعبت .. تعبت من صوته الذي يتردد على مسمعي كلما غفوت 17 سنة يا أمي ولم أستطع نسيان صوته الباكي ، أنتفض من نومي حين يصرخ دون توقف وهو يستنجد بي لكنني كنت مقيدة لم أستطع الوصول لابني وأبعدوه عني قسرا حتى سكت ، أجل سكت فجأة حاولت أن أوقظه أن أهزه ليستفيق ويواصل البكاء لكنه كان جامدا دون حراك .. وقتها اهئ وقتها عرفت أنه رحل عني وتركني ، هو لن يسامحني لأنني تخليت عنه ، لكن بمقدوري إنقاذه توسلت وبكيت وزحفت على الأرض لكنه كان قاسيا جدا علينا لن أسامحه ما حيييييييييت وحتى في الدار الأخرى لن يحصل على غفراني سيتعذب في نار جهنم إلى الأبد لأن ذنبي وذنب ابني في رقبته يا أمي اهئئئئ آآآآآآآآآآآه يا أمي آآآآه على ناري التي لن تخمد أبدااااااااا لن أسامحه لن أساااااااااااامحه لقد قتلني قتل طفلي الصغير …..
عواطف(سحبتها بقوة لعمقها وكأنها تفتش عن تلك السنوات الماضية التي حرمت فيها من طفلتها التي مهما كبرت ستظل كما هي):- يا حبيبتي لا تعذبي نفسكِ هكذاااا ، هو بين الملائكة الآن يعيش في هناء
ميرا(تملصت من حضن عواطف ومسحت عيناها وأنفها بظاهر يدها):- لما لم تفعلي شيئا ، لم تحركي ساكنا حتى تركته يموت يا أمي .. تركته يموت أنتِ أيضا قتلته كلكم قتلتموه وتركتموه يموت لماذا يا أمي لمااااااااااااااذا
عواطف(وضعت يدها على فمها وهي ترتجف):- حاولت أن أنقذه لكنه منعني من الاقتراب ، حاولت بكل جهدي وإنما خفت من أن يؤذي الصغير وما حسبت أن روح الصغير متعلقة بكِ إن ابتعد عنكِ فارق الحياة ..
ميرا(اقتربت من السرير وهي تنظر إليه بحسرة حتى جثت أرضا وهي تضرب على سطحه):- آآآآآآآآه يا ولدي آه ، لو تحملت قليلا فقط لو انتظرتني لذهبنا سوية إلى ذلك العالم لو أمسكت بيدي وضممتني إليك لما كنت هكذا ، لقد تعبت يا حبيبي تعبت من الألم ومن الصراع ومن الشر الذي يجعلني أضع قناعه كي لا أبدو ضعيفة ، أنا فقدتك يا ولدي فقدتك وأنا أنظر لموتك بعيني هاتين ليتني أصبت بالعمى ولا رأيت الحياة تسحب يدها منك ، ليتني أصبت بالصمم ولا سمعت صراخك وهو يمزق وجداني ، ليتني فقدت حاسة الإدراك وفقدت رشدي كي لا أعرف أنك مِتَّ وتركتني وحدي … ليتني وليتني اهئئئئ اهئئئئ طفلي كم أحببتك اهئ
عواطف(جثت على الأرض جوارها ومسحت على شعرها بحنان):- سمر ، كفي عن تعذيب نفسك ستؤذين طفلتكِ .. وأخوها شادي لا يريد ذلك يريدها أن تعيش وتؤنس حياته ، أولادكِ يا سمر بحاجتكِ فهل ستتخلي عنهم لأجل من فقدته ؟
ميرا(رمشت وهي تمسح على بطنها):- لالا يستحيل أن يتعرض أيهما لخطر ، أنا سأحمي أولادي من أي شر لن يحدث لهما شيء سيعيشان وسيكبران معا وسأخبرهما عن أخيهما الذي كان سريعا جدا في الرحيل ، تركنا قبل أن يحبنا ونحبه …
عواطف(شعرت بالعذاب الشديد يغمرها لذلك ضمتها من ظهرها وهي تجذبها لحضنها):- ابكي يا حبيبتي إن كان هذا يريحكِ فأفرغيه كله …
ميرا(نظرت إليها وانفجرت ببكاء مرير):- أمي …. أنا أمووووت يا أمي أموت
عواطف(لم تفهمها وظنت أنها جملة قاسية لتعبر بها عن وجعها الأليم):- أنا معكِ … ولن أترك يدكِ أبدا
وضعت رأسها على صدر عواطف وأخذت تبكي بمأساة بليغة حسرتها في قلبها منذ ذلك الزمن ، وكأن الأقدار حجبت عنها هذا الألم لكي تفرغه في هذا اليوم بالتحديد … ظلت عواطف تمسح على شعر ابنتها وهي تحس بأن الحياة ربما ستنصفها أخيرا وتعيد لها طفلتها المتمردة ، وجدت نفسها قد غفرت لها كل خطاياها ونسيتها بالمرة ، كانت صفحة بيضاء لأجل راحة ابنتها وطالما غادرتا تلك الغرفة منذ ما يقارب 17 سنة وهما عدوتين ، عادتا لها الآن لكي تتخلصا من عبء العداوة التي لا تليق بين أم وابنتها خصوصا إن كانت كل منهما بحاجة ماسة للأخرى … مضت برهة زمنية تزحزحت ميرا بعدها وهي تنظر لعيون عواطف ..
ميرا:- لما تبكين معي ؟
عواطف(هزت كتفها):- لأنني أمكِ
ميرا(مطت شفتيها بغبن):- انتظرتكِ طويلا أن تشعري بي ، لكنكِ ..
عواطف(أمسكت يد ميرا وقاطعتها):- من الآن فصاعدا لن أترك يدكِ وسأسمعكِ دوما ، سأعوضكِ عما مضى فما تزالين بعيني طفلتي الصغيرة
ميرا(عقدت حاجبيها وسحبت يدها وهي تستقيم):- لننزل أكيد شادي جائع الآن ، يجب أن يأخذ حليبه
عواطف(تنهدت بأسف ونهضت خلفها):- حسن لن أزعجكِ إذن ، إن أردتِ البقاء وحدكِ لأخرج أنا
ميرا(لاحظت أنها جرحتها دون قصد لكن أصلا متعبة):- يفضل أن يبقى ما حصل بيننا في غرفة الأسرار هذه
عواطف:- أتخشين من أن تنجرفي خلف عواطفكِ وتمدي يدكِ لي ؟
ميرا(تماما هذا ما أهابه):- ههه أكيد لاء يعني فقط كي لا يعتقد أحد منهم أنني ..
عواطف:- أنكِ ماذا .. تابعي
ميرا(مسحت عينيها واستعادت رباطة جأشها):- لا داعي أن نتطرق لهذا أساسا ، يعني حدث وانتهى سأنزل
عواطف:- ستعودين يا سمر ، لأنكِ لم تغادري حنايا هذا البيت مطلقا كما تعتقدين
ميرا:- ربما معكِ حق ، لكن هذه المرة تفرق فأنا واعية لما أفعله وإن خرجت أو عدت فهذا حق أملكه وحدي
عواطف(ابتسمت وهي تلامس تمردها من جديد ستبقى كما هي ولن تتغير):- فهمت
ميرا(عضعضت شفتيها وهي تراها تتجاوزها):- طيب لما تبتسمين هل قلت شيئا مضحكا ؟
عواطف(اقتربت منها على حين غرة وقبلت خدها الرقيق):- ستبقين بقلبي كما دوما
ميرا(ارتعشت وهي تلامس خدها وبرقت عيناها بسعادة غريبة):- أ..
عواطف(خرجت من الغرفة وهي تبتسم بسعادة أيضا):- قريبا ستعودين أحس بذلك ..
ميرا(لحقتها وحين همت بمناداتها رأت شهاب وشادي قادمين نحوهم لذا أغلقت الباب خلفها وتقدمت نحوهم):- لقد جاع صح ؟
شهاب(رمق ابتسامة عواطف وعيونها المحمرة وعقد حاجبيه حين وصل لميرا):- هل كنتما تبكيان ؟
ميرا(لمحت عواطف قد نزلت وأخذت منه شادي):- لا أبدا يعني بعض الغبار فقط ، لننزل كي نرضع بطلنا الحبيب
شهاب(لمح متعة ميرا وابتهج):- هل لي أن أسرقكِ قليلا في هذا الطابق يعني ؟
ميرا(حدجته بحدة حين لامس ظهرها بحركة مغرية):- لا لن تفعلها هنا ، شهاااب تعلم أنني ضعيفة القلب فدعك من هذه التصرفات الصبيانية
شهاب(أغمض عيون شادي والتقط قبلة خاطفة من شفتيها):- لكي لا تفسد أخلاق الولد
ميرا(ضحكت وهي تعطيه له كي ينزلا):- طيب خذه فلن أستطيع النزول به وأنا بهذا الكعب
شهاب(أمسكه كقطعة القماش هه):- تعال يا محرم المتع تعال
ميرا:- على مهله يا شهاااااب .. هفف
شهاب(قلدها وهو يجذبها لخصره):- أنا سأحملكم جميعا وفلة أيضا سأضعها فوق رأسي
ميرا(أعجبتها رجولته وأبوته وحنانه وقبلت خده):- ربي ما يحرمنا منك يا روحي ..
شهابب(عضعض شفتيه وهو يغمزها):- أيوجد هنالك شكر ملموس يعني ؟؟
ميرا(تقدمته وهي ترفع رأسها):- لقد انتهت مدة الصلاحية انتظر التجديد بعد 6 أشهر
شهاب:- وااااع مدة طويلة يفضل أن نرمي نفسنا من البلكون يا ولدي
ميرا(توقفت حين سمعت مزحته واستدارت بغضب):- إياك وأن تذكر هذه الجملة مرة أخرى في حياتك ، أسمعتني ؟
شهاب(عاد برأسه للخلف ممتعضا وأمسك برأسها ووضعه على صدره):- حاضر حبيبتي
ميرا(ابتسمت حين استمع لها دون سين وجيم):- أحبك
شهاب:- وشادي يحبكِ …
ميرا:- متى سأسمعها منك يعني هاه ؟
شهاب:- لست أعاقبكِ لكن …
ميرا:- ما زلت لم تغفر زلة إخفاء ابنك عنك ، اعتقدت أننا تخطينا تلك المرحلة
شهاب(داعب أنفه بجبينها وهو يقبله):- أحبكِ يا شقية همم هل ارتحتِ ؟
ميرا:- جدااااا
شهاب:- آه يا ولدي على نصيب أبيك يعني لم أجد إلا أجن مجنونة لأتزوجها ، يلا نصيب
نزلا من هناك وهما مستمتعين متهجين سعيدين ، تبادلت هي وعواطف نظرة نقية هادئة لحقتها ابتسامة صافية جعلت أرواحهما تتنفس الصعداء … لكن هنالك بعض الأرواح لن تهنأ مع الزوار الوافدين ..
جوزيت:- هنالك مجموعة ضيوف عند الباب الآن ، ما أوده منكم أن تستقبلوهم بمودة ولا تتركوا حزازات الغضب أو ما حدث بينكم من مواقف صعبة يقف حائلا بين الصلح والغفران ، دعونا ننسى كل آلامنا ونفتح صفحة جديدة هذه الليلة ..
حكيم(همس لها):- هل دعوتِ رؤساء القمة أم ماذا فعلتِ ؟؟؟؟
جوزيت(نظرت لمرام مباشرة ولمديحة ودعاء بعدها وابتلعت ريقها):- أفعل ما يجب فعله
ذهبت ركضا وفتحت الباب لهم ودخلوا وبعضهم في حالة استغراب وأيضا الكثير من التردد … حين رأوهم الكل تشنج محله وأخذوا يتبادلون نظرات مبهمة لم تستطع كسر الصمت إلا بعد برهة ، حين نطق عبد المالك مرحبا بهم …
حكيم(زفر عميقا من جنونها):- الله يخرب بيتك …
جوزيت:- تفضلوا .. لقد قمت بدعوة السيدين تامر وأسعد لأنهما قاما بمساعدة عظيمة لبناتنا شيماء ونهال ويستحقان أن نحتفل بهذا الحدث كما يجب ، شكرا لقبولكما دعوتي
تامر:- أقله فرصة لأرى حبيبات قلبي سجى وأيهم اشتقت لهما
أسعد(رمق نهال بنظرة خفية وابتسم):- ما كنا سنفلت هكذا دعوة
إخلاص(استقبلتهما بفرح):- أهلا بكما يا أبنائي تفضلا تفضلا ..
جوزيت:- احم وهذا مازن وفردوس أكيد لن أدعو الجميع وأتركهما صح ؟
مازن:- والله حتى لو لم تدعيننا يا ميرنا ما كنا سندعكم تحتفلون وحدكم
فردوس:- لا يملك وجه الخجل فلا تستغربي …
شيماء(نظرت للود الذي بينهما وشعرت بالحرارة تحرقها من الداخل):- هممم
مازن:- رنيم كيف الحال ؟
رنيم(نهضت لتعانقه بفرح):- سعدت برؤيتك حقا يا مازن .. تفضلا
جوزيت(نظرت للباب):- وهنا ..
حكيم:- أما زال هنالك وهنا يا إلهي اخلصي قلوبنا تجمدت
جوزيت:- اخرس فقط أنا أبذل جهدي لتحسين العلاقات فكن يد عون بدل حجرة عثر … تفضلا يا جماعة ..
هنا ارتفعت خفقات قلب مرام أكثر من الأول ، وأخذت تتطلع للباب وهي تنتظر من سيدخل منه بعد قليل ، للعلم حتى دعاء شعرت وكأن الشخص الذي سيدخل من هنالك يعنيها بالدرجة الأولى وعليه دلفا كليهما وهما يبحثان بأعينهما عن المرأتين اللتين سرقتا قلبهما من محله
جوزيت:- شكرا لك سيد معاد على تلبيتك الدعوة وأنت أيضا فريد نورت
فريد(ابتسم وهو ينظر لمرام مباشرة):- بنوركم يا ميرنا
معاد(أشار لأستاذه عبد المالك وتقدم ليلقي التحية):- شكرا للدعوة سعيد بتواجدي بينكم
مديحة(هنا نهضت وهي تنظر بحدة لفريد وفردوس وغادرت المجلس):- أنا بغرفتي
حكيم(لمز جوزيت حينها):- والآن حليها يا ابنة الأصول .. أستغفر الله العظيم
اندمج الجميع بعد برهة مع بعضهم في أحاديث مختلفة ، وأيضا لإزالة الحيرة التي اعتمرتهم بعض انضمام ما تبقى من ضيوف لم يكونوا في الحسبان مطلقا … جلس معاد بجوار دعاء وهو يحاول من جديد في تلطيف الجو بينهما ، بينما كان لفريد نفس المحاولة والذي جلس قرب مرام وحاول أن يفتح باب حوار بينهما ، أما فؤاد فقد ظل ينظر لنور في كل لحظة ودينا بحجره تتحدث باستمرار ، أما مازن وفردوس فقد أخذا الصغيرين ليلاعبوهما على جنب طبعا تحت نظرات شيماء التي لم تشعر باقتراب تامر منها والذي فهم مغزى نظراتها ولم يعرف ماذا عليه أن يقول ، أما أسعد فقد أمسك كوب عصير وتقدم ناحية نهال لكي ينغص عليها الحفلة فهذا أكثر ما يجيده …
نهال(رمقت عفاف وإخلاص ومعهم كوثر قد دخلوا للمطبخ ليوزعوا ما تبقى من أكل على الضيوف الوافدين):- ماذا قلت ؟
أسعد:- معركتكِ البارحة قد ذاع صيتها عبر الفايسبوك ، وهنالك خبر سيء ذكر عن أبيك لا أدري عن صحته لكن لم يعجبني ما قيل
نهال:- لم أدخل للمواقع منذ ليلة أمس ، هل الوضع سيء لهذه الدرجة ؟
أسعد:- نوعا ما
نهال(عضعضت شفتيها):= الله لا يسامحهم يعني ألم يكفهم ما حدث لنا ، يتحدثون عنا الآن بالسوء طيب أبي أشرف منهم بكثير
أسعد:- لا تتذمري ،فما زلنا ببداية الحدث والقادم أشد
نهال:- ما قصدك ؟
أسعد(شرب عصيره وغمزها):- مجرد احتمال تستمر مضايقات رواد الموقع ، يعني تعلمين عقلهم فارغ والامتحانات على الأبواب سيستغلون أي فرصة لكي يضايقوكِ ..
نهال(بتفكير):- طبعا لن أهتم دراستي الأهم
أسعد(جيد يا أسعد ها قد كسبت نقطة قبل أن تكتشف ما كتب عن أبيها):- جيد ..
نهال(رفعت حاجبها بتأفف):- أرغب برؤية ما كتبوه الآن هل لديك الصفحة ؟
أسعد:- لدي .. لكن لن تريها الآن بعد الحفل تمام ؟
نهال(وجدت نفسها تزفر عميقا وهي تعدل شعرها):- أوك
أسعد(طالعها بإعجاب لكنه لم يهتف بكلمة):- تغيير جيد لكنني أفضل ثياب الثانوية ، هي أفضل عليكِ ..
نهال(رمقته شزرا وهو يبتعد عنها):- أصلا من سألك عن رأيك ، الله الله …
على جنب
شيماء:- غريب .. طيب لماذا فكرتكم بذلك في هذا الوقت تحديدا ؟
تامر:- فكرنا فيه قبلا يا شيماء لكن جاء الوقت المناسب ، الذي صار لزاما علينا المغادرة
شيماء:- امم لكن هل فكرتم أين ستستقران ؟
تامر:- سنجد حلا لا تقلقي لكن سأستأذن منكِ أحتاج رنيم في حديث خاص ..
شيماء:- طبعا طبعا تفضل ..
عدلت حجابها وهي تنظر إليه وراقبته حتى وصل إلى عند رنيم وطلب محادثتها على انفراد ، بينما ظل مازن جالسا بقرب فردوس وهو يلاعب أيهم وسجى وجدت نفسها تلقائيا تقترب منهم
فردوس:- لا للعنصرية كلاهما جميل يا مازن
مازن:- طبعا يكفي أنهما يحملان جينات الوسامة خاصتي
فردوس:- في هذه لم تكذب ههه ..
شيماء(بغضب دفين):- لم نرك منذ مدة يا مازن ، لما لم تزرنا ؟
مازن:- والله مشاغل يا شيمو تعلمين الدراسة في آخرها وعلينا أن نكون متأهبين هذه الفترة ، وأنتِ كيف استعداداتكِ للامتحان ؟
شيماء(طالعت فستان فردوس وشكلها المذهل):- أنا بخير .. كل شيء بخير
فردوس:- تعالي اجلسي معنا يا بنتي لم نركِ منذ مدة ..
شيماء(جلست بقلة حيلة وهي تتأفف):- تمام …
رنيم:- ماذا قلت .. هل وجدته حقا ؟
تامر:- لا أستطيع أن أجزم لكِ إن كان هو أو لا ، لكن أردت إخباركِ قبل أن أقوم بخطوتي التالية والأخيرة في قصر آل الحمداني
رنيم:- كلامك يخيفني على ماذا تنوي ؟
تامر:- سنترك البيت يوم غد يعني .. يوم زفاف رأفت ونورهان
رنيم(اهتزت وهي تحاول ضبط نفسها):- هل هو غدا ؟
تامر:- أجل .. وأنا سأعطي الفيديو لرأفت وأتركه لضميره ..
رنيم(امتصت شفتيها)- هل لك أن تبعثه على رقمي أيضا ، لو سمحت ؟
تامر:- حسن لم أخبر مازن بشيء كي لا تتأزم الأوضاع بينه وبين رأفت أكثر ، لأنهما في هذه الفترة ليسا على وفاق
رنيم:- مازن شهم جدا ويحبني كأخته وأكثر ، لذلك طبيعي ألا يوافق على جنون أخيه
تامر:- ونحن لا نوافق لذلك قررنا أنا وأمي ترك العمل هناك ، اكتفينا
رنيم:- وأين ستذهبان ؟
تامر(مط شفتيه):- بصراحة ليس لدينا أي فكرة حتى الآن ، لكن ربك يسهلها
رنيم:- تعالوا لبيتنا يعني ، نتدبر الأمر وحتى نجية تساعدنا هنا إن أرادت وبما أن أولادي تعودا عليها سأرتاح أكثر إن اهتمت بهما وسأمنحها راتبا طبعا
تامر:- راتب ماذا يا رنيم ، نحن نحبكِ كأخت لنا بكل صدق وأمي لن تقبل فلسا واحدا لقاء متعتها مع الصغيرين
رنيم:- تمام إذن اتفقنا حللنا المسألة ، وتبقى لنا موضوع البيت مبدئيا كونوا بضيافتنا وسنبحث لكم عن بيت قريب في حينا تنتقلون إليه
تامر(أعجبته الفكرة):- صدقا أعجبتني الفكرة ، لذلك إن لم يكن فيها إزعاج سوف أترك فقط أمي معكم هذه الفترة وأنا سأكون مع أسعد أو أحد الرفاق لا تقلقي علي ..
رنيم(أعجبتها شهامته)-:= أنت مثل أخينا يا تامر ، لكن إن كنت سترتاح هكذا لك ذلك
تامر:- أكيد ..
جوزيت:- الآن دعينا نفهم شيئا هل أصبح الاسم لعنة حتى تكرهي الولدين بذنب أبيهما ؟
مديحة:- أنتِ آخر شخص يحق له التكلم بعدما فعلته
حكيم(أغلق الباب عليهم):- يا أمي ، كلنا نعرف أن فردوس وفريد ضحايا مثلنا لأبيهم القذر يعني حرام أن نعاقبهما بذنب لم يقترفوه
مديحة:- لا يسعني تقبلهما قلبي يؤلمني كلما رأيتهما افهماني …
جوزيت:- دعاء هي صاحبة الشأن ولم تقلق من رؤيتهما بالمرة ، ثم زميلها الوسيم أقرأ المحبة في عينيه يعني ربما يكون شفاء لها لذلك تعمدت دعوته
حكيم(همس لها):- كيف عرفتِ كل هذا في ظرف وجيز ، ومن أين لكِ بالأرقام والله ينخاف منكِ يا بنت أصبحتِ تسببين لي التوتر من شدة الصدمات ..
جوزيت(ضربته بكوعها لجنبه):- اصمت ودعنا نحل الإشكالية التي تخلقها أمك هنا …
حكيم:- أمي عيب ما تفعلينه ، سيعتبر الأولاد أنكِ رفضتِ استقبالهم في بيتنا وهذا ليس من عاداتنا هممم ؟
مديحة:- طيب سأخرج لكن لن تفلحا في إخراج حرف من فمي
جوزيت:- ونحن يهمنا تواجدكِ أكثر …
مديحة:- لا أعلم ما الذي ستجنينه من أفعالكِ هذه ، لكن أتمنى ألا تقع على رأسكِ بالأخير
جوزيت:- لا تقلقي لن يحدث إلا كل الخير
حكيم(ترك أمه غادرت وجذب جوزيت):- صدقا ماذا تريدين أن تفعلي ؟
جوزيت:- ربما يتصالحون الليلة لا أحد يضمن ما سيحدث .. أريد أن أترك بصمة طيبة بقلوبهم هذا كل ما في الموضوع
حكيم(حرك رأسه بقلة حيلة في عنادها):- حمقاء ، تعالي هنا
جوزيت(دمعت عيناها من حضنه ذاك):- هل أنت هكذا دوما قابل للاحتضان ؟؟؟؟؟؟؟
حكيم:- وهل أملك شيئا غيره ، يلا أقله أوزع عليكم شحنات إيجابية وأمتص السلبي منها
جوزيت(حكت جبينها على صدره ورفعت رأسها وهي تبتسم):- أنت أفضل ابن عم
حكيم:- وأنتِ أفظع ابنة عم ههه .. هيا
استمرت الحفلة لنقل على غير المتوقع ، فقد أطلقت مرام سراح لسانها حين وجدت تقبل الأسرة لفريد وفردوس برغم امتعاض مديحة البادي على ملامحها ، لكن أشواقها غلبتها تلك اللحظة وكأن شيئا بداخلها تغير وجعلها تمتن لهذه الفرصة التي جمعتها بفريد الذي فرح بتجاوبها وبوضع خطة للقادم في أن يمنحا بعضهما فرصة أخرى ما ربما فلح الأمر ، وهذا بحد ذاته كان خطوة مميزة بشأن علاقتهما ….. أما دعاء ومعاد صحيح كان الوصل بينهما ضئيل لكن على الأقل لم تنسحب وتتركه بل بقيت جالسة تستمع لحكايات تهاني مع الرجال الذين تواعدهم لعلها تجد عريسها بينهم ، لوهلة ضحكت من جنونها وطيبتها في آن الوقت وتمنت لها كل الفرح ، تلك البسمة بحد ذاتها كانت تقيم كرنفالا بقلبه لحظتها فأن يرى بسمتها يعني أن الدنيا مقبلة عليه وهذا يكفيه …… أما السيد فؤاد والسيدة نور فالحديث بينهما كان منعدم فكلما التقت أعينهما بادلته هي بالكره والتقزز واستذكرت كل ماضيها الأليم معه ، لكن كلما تذكرت أنها ستنتقم يوم يحضر لخطبتها هو أبوه العجوز ابتسمت بخبث لأنها ستجعلهم يدفعون ثمن دموعها غاليا جدا ، في حين كان هو يعتقد أنها ابتسامة عفوية تترجم عشقها الدفين لها ولا يدري أنها تضمر له مسرحية لن تسدل ستائرها حتى يحين الوقت اللازم لكي تنتهي العلاقة بينهما للأبد ،،، وما كان يحلي الجلسة بينهما هو وجود دينا وحديثها المتواصل عن كل شيء وأي شيء ، تارة يشاركان حديثها وتارة يلزمان الصمت ……. وهنا أيضا كانت كوثر تقف على جنب وهي تنظر لهاتفها الذي كان يرن برقمه دون انقطاع ووجدت نفسها تلقائيا تجيب بحنان غريب ، سرعان ما تحول لبكاء وصراخ ترجمت فيه كل غضبها وحنقها منه وطلبته ليأتي إليها تلك اللحظة على وجه السرعة وطبعا لم يبخل بل أتاها سريعا خطفها من الحفلة وغادر بها إلى مكان يجعلهما يفتحان قلبيهما بشكل كامل حتى يتسنى لهما سد الفجوة التي فرقت بينهما ….. ظل عبد المالك ينظر لعواطف من بعيد فهذه هي حالهما ومآلهما النظر من بعيد والعشق الذي لا يجد نهاية مريحة لأفئدتهما ، كيف ذلك وكل المعوقات تقف حائلا بين تحقيق تلك السعادة المرجوة ، ولا أحد يعلم ما تخبؤه الأيام لكليهما ، فهي تنتظر ابنها بروح مفجوعة بينما هو ينتظر الراحة بعد كل هذا التخبط ،،، عرف أن كوثر غادرت الحفلة مع زياد الذي أخذها بسيارته ، لا يدري لما سمح لها بأن تقوم بتلك الخطوة ربما لكي تتخذ قرار إما بالمضي قدما بدونه أو إعطائه فرصة ، وفي كلا القرارين سيدعم صغيرته طالما هي مؤمنة بما تريد …… أما ميرا فقد كانت تمسح على شعر شادي الذي نام بحجرها وهي تنظر لكل ما يدور حولها بعيون لامعة ، لمس فرحتها بهما وكم كان ممتنا لتلك الطمأنينة فهي تجعلها هادئة ومتسامحة طوال الوقت ، عرف أنها كانت بحاجة لهذه الزيارة ودعوة ميرنا كانت في محلها ، نظرت إليه وجدته يطالعها بعشق جعلها تدفن وجهها في عنقه وتمسك يده التي كانت ممسكة بيد شادي وتشكل هي وهو أسرة صغيرة تجمعهما بسعادة هما وأطفالهما ، سعادة تمنت لو أنها تمضي على هذه الشاكلة ولا تتعرض صغيرتها لأذى قد يتسبب في انهيار غير مرتقب لشيء اسمه ميراااا ……أما هذه فقد كانت تحترق على نار هادئة وهي ترى الحب الكامن ما بين فردوس ومازن حلمها الذي أعجبت به مذ أن عرفته وظلت تحبه من بعيد ، هل يعقل أنها غير مرئية لهذه الدرجة حتى لا يستطيع رؤيتها ، طيب لما لم تعجبه هي أيضا صحيح هي ليست بجمال فردوس لكنها كاملة وتعتبر نفسها جميلة ،، قاطع تساؤلها ذاك جوابه الذي جاءها كالبلسم الشافي حين قال أنكِ مميزة الليلة ، كلمة واحدة جعلتها تسبح ضد التيار وهي تلامس شيئا مبهما في نظرات تامر لها ، لأول مرة تستشعرها وتستغربها في آن الوقت ، أما هو فقد كان متعمدا لكي يجعلها تعدل عن أفكارها بخصوص مازن لأنه يستحيل أن يكون لها ….. وقتها أيضا كانت تتهرب نهال من نظراته التي كانت تخترقها بشكل يجعلها ترتعش ، هذا الشعور أصبح يلازمها كلما رأته وهو ما يثير حنقها ويجعلها ترغب بالصراخ بوجهه بسبب أو بدون ، المهم أن تفرغ كل عصبيتها تجاهه لعلها تستريح من هذا الوضع الغريب ،،، أما هو فبدوره كان يتأملها غير قادر على انتزاع عينيه من عليها فقد كانت مبهرة بشكل مضاعف جعلها تسرق تفكيره منه لحظتها فهو غير ملام إن خانته مشاعره وتسربت إليها ، برغم تحذيرات أخيه نادر إلا أنه ضرب بها عرض الحائط واقترب منها دون استطاعة على الابتعاد أكثر …… كانت رنيم تلك اللحظة تتنهد باختناق فزوجها حبيبها روحها ونبضها ورجلها الوحيد سيتزوج غدا ، خيبة ما بعدها خيبة تمنت لو يمنعه الفيديو ويكتشف الحقيقة ويأتي ركضا إليها ربما ستسامحه إن اعتذر فهي لا تملك حكما على قلبها في ظل ما يسمى بالعشق ، لكن ربما سيخذلها أيضا ويتزوج من تلك الزرافة ،، قالتها وهي تمسح على وجهها لمحة الغبن كي لا تكسر فرحة الجميع بذلك الاحتفال …. وهنا كانا هذين في عالم آخر يرقصان على جنب تحت إيقاعات تلك الموسيقى الكلاسيكية ويترجمان عشقهما على أرض الواقع دون هرب أو خوف ، تحبه ويحبها لكن هنالك عوائق ستوضع في طريقهما ليسا لهما علم بها على الإطلاق ،، ضم رقية لحضنه وهو يراقصها بهدوء بينما كان يستمع لخفقات قلبها المرتفعة وهي بين يديه ، يعلم أنها تعشقه فوق المستحيل وهذا ما يجعله ممتنا لأنه التقى بنفسه ونصفه الثاني التي ستمحو كل ما سيعرقل حياته ……. وأخيرا وليس آخرا كانت إخلاص وعفاف تنظران لبناتهما وللشابين اللذين يلازمانهما منذ وصولهم ، لمعت فكرة ببالهما نعم لكن أرجحتا أن الزمالة والأخوة التي تجمع ما بين الشباب هي صداقة لا أكثر ولا أقل ، بينما كانت مديحة تراقب ابنتها دعاء وحديثها المتواصل مع معاد وكلما لمحت ابتسامة خفية شعرت بالغبطة ، وتناست أمر فريد وفردوس على مضض كما طلب منها ابنها وكنتها حسب ظنها ،،، ولحظتها كانت نبيلة في محلها تطالع كل تلك العيون وتبتسم حينا بينما في حين آخر تمتعض وهي تقرأ كل ما يدور بخلدهم ببساطة مطلقة نظرا لحنكتها في الحياة التي علمتها من الدروس ما يجعلها فهيمة بكل ما يدور حولها ….
وبالأخير نظرت لحكيم وجوزيت التي جذبته للوسط في رقصة ربما تكون أول وآخر مرة بينهما ، كان يرى فيها ميرنته عصفورته الصغيرة التي اشتاق لها والتي سيراها غدا ، كم هو متشوق لذلك وفي آن الوقت خائف مما ستفعله مجنونته فهي لا تستلم بسهولة ، استغرب قوتها حقا فهي مع ميار اكتسبت الكثير من صقل في كينونتها ربما استفادت أكثر وقت معه ، لعلها تتغلب عن المصاعب المقبلة عليهم ،،،، حتى جوزيت كانت ترى فيه ميارها وتتوق لرقصة معه تنسيه كل الخطايا التي ارتكبتها سابقا وتجعله يغفر لها ويبدأ معها صفحة جديدة كما تأمل في صميم قلبها ، لكن هي تعلم أن مهمتها صعبة جدا ويلزمها وقت وصبر وتحمل إنما فقط لتحظى بتلك الفرصة وستعمل جاهدة على جعله يسامحها بأي طريقة وجدتها في مقدرتها ، حتى لو سلمت له نفسها لن تتردد لحظة لأنها ستجعله لها من بعدها ولو تملص للأبد سيعود إليها …… وفي النهاية كان وائل في شقته يناجي صورة عسل غروبه ويتوعدها بنهاية لكل ذلك العذاب ، فليلة غد حاسمة بينهما وستكون البداية لحياتهما معا ، بعيدا عن كل المشقات التي تحاصرهما من كل جانب ……
وفي هذا الوقت كانت هي تبكي بدلال ، وفكرة استمتاع أسرتها بعيدا عنها جرحتها بطريقة لئيمة ، بينما هي تكابد الحياة وصعابها هم مستمتعون بدونها ، يعني ليراعوا وضعها على الأقل لكن من سيراعي إن كانوا أصلا لا يعلمون أن الفتاة التي ترقص وسط بيتهم ليست ابنتهم …هيا ميرنا فكري بشكل منطقي وكفي عن النواح الغير مُجدٍ ، هم في واد وأنتِ في واد آخر ولا أحد يشعر بمعاناتك لا أحد لا أحد ….
ميار:- أنا أشعر ..
ميرنا(توقفت عن ضرب سريرها ورفعت رأسها لتنظر إليه وهو متكأ على جدار الباب):- منذ متى وأنت هناك ؟
ميار:- منذ بدأتِ حصة البكاء ..
ميرنا(سحبت الغطاء عليها ورمت رأسها على الوسادة وهي تعدل شعرها وتمسح دموعها):- توقفت يمكنك الارتياح
ميار:- تصبحين على خير إذن ..
ميرنا(انتفضت بغضب):- أهكذا بسهولة ستذهب وتتركني مغبونة ، يعني على الأقل طبطب علي هون على قلبي ومشاعري المكسورة وأزح عني ذلك المنظر الذي رأيته، عائلتي تحتفل وتفرح بدوني قمة الألم …
ميار(مط شفتيه):- عادي …
ميرنا(رفعت حاجبها بتأفف وهي تلصق رأسها بحائط السرير):- حسن حسن أصلا أنت لا تحيي المرء ولا تقتله ، أسحب كلامي
ميار(تحرك وأقفل الباب عليها وقبل ذهابه):- أنتِ طفلة مدللة ، وأنا أمقت المتدللين
ميرنا(عقدت حاجبيها وضربت على لوح السرير):- اللعنة عليك اللعنة عليكم جميعا ، آي بئساااااااا لي تبا تبا أوجعت نفسي بدلا من أن .. افف أنا أتخبط ، ميرنا أنتِ تتخبطين إذن اقتربتِ من مرحلة الهذيان مبروك عليكِ وأهلا بالجنون الرسمي
حكت رأسها ونكشت شعرها بامتعاض وشعرت بالألم في يدها وكمدتها بقبضتها لعل وجعها يخف ، طيب من أجبركِ على ضربها لا أحد بنفسكِ آلمتها إذن تحملي … كرهت أفكارها وخرجت من السرير وهي تسحب رجليها سحبا للأسفل نزلت وفتحت الثلاجة وأخرجت منها بعض الثلج وضعته على مرفقها وجلست على الكرسي وهي تنظر للأشجار المتحركة خارج باب المطبخ ، نظرت بعمق لها وهي تعتبر أن حريتها تكمن في مجاورة تلك الأشجار لو خرجت يعني هي حرة … نهضت بتثاقل ونظرت حولها جمانة وإيزابيل بغرفهما السائق بالملحق ميار بغرفته إذن هي فرصة لكي تخرج للحديقة وتختلي بنفسها ، فتحت الباب بهدوء وخرجت والثلج ما يزال بيدها وضعت على كتفها وشاح إيزابيل الصوفي وتدثرت به وهي تتوجه صوب الأرجوحة تحديدا ، المكان الوحيد الذي يجعلها مرتاحة البال .. استقبلت تلك النسمات الليلية وهي تشعر بضيق يستعمر راحتها فغدا يوم حاسم بالنسبة لها ، ولا تدري كيف ستتعامل معه ولا ماذا سيحدث إن هي خرقت القوانين وفضحت كل شيء .. سحبت نفسا عميقا وجلست على الأرجوحة بعض أن وضعت كيس الثلج الجامد على الكرسي ، تنفست بعمق وأمسكت بالحبلين ودفعت بنفسها ببطء لكي تستمتع بذلك الاهتزاز الطفيف الذي يخرجها من بوتقة التفكير قليلا ويعيدها إليه مرة أخرى .. أغمضت عيناها وهي تستبيح لعب تلك الرياح بشعرها الذي كان يتطاير خلفها ويزيدها تأثيرا صاخبا في غمرة ذلك الليل ….
ميار(زفر بتنهيدة أليمة):- لما أشعر بأنكِ تضمرين الغدر يا ميرنا ، أحس بمعاناتكِ الداخلية ولست بقادر على الدخول لقلبكِ كي أمتصه وأريحكِ من التفكير العقيم الذي يتعبكِ ويجعلكِ تتنهدين بذلك الشكل المرير … أنا أفهمكِ ، تريدين تخليصنا لكننا لسنا بحاجة لخلاص سيجعلنا نحرم منكِ ، لذلك سأجرب وأثق بكِ هذا ما سأفعله …
ميرنا(فتحت عيناها ونظرت إليه):- لست أنت من يحدد نسبة وجعي ، ولا كيفية محوه .. أنا راشدة وأستطيع تحديد قراراتي في هذه الحياة ، إن أنا استسلمت مثلكم لن يكون هنالك معنى لرسالتي في هذا الوجود …هل جربت يوما إحساس أن تقاتل لأجل حلم حياتك ؟
ميار(زم شفتيه وهو يوليها ظهره وينظر للنجوم واضعا يديه بجيوبه):- حين كنت صغيرا ، كنت أحلم لو أصبح بحارا أمتلك مركبا لا بأس به ، يساعدني في قطع البحار والمحيطات ويجعلني أجوب العالم كله لأستكشف ما يدور حولي .. كنت أحلم لو تكون جوزيت معي على ذات المركب بينما أولادنا يلعبون فيما بينهم على جنب ، تكون هي سعيدة وتحضر لنا بعض السمك المشوي الذي اصطدته بنفسي ، كنت سأمتن جدا حين أوقف دفة المركب على جنب لأستمتع بوجبة الغذاء أنا وهي وأولادي تحت أشعة الشمس الدافئة ووسط زرقة البحر الصافية ، حلم جدا بسيط لم أعتبر يوما أنه سيكون محالا علي لهذه الدرجة … فمذ دخلت لهذا العالم نسيت جل أحلامي بل دفنتها في قعر الجحيم كي لا تجعلني أتراجع أو أبدي ضعفي أمام الذئاب المعولة التي تحيط بي …
ميرنا(تأثرت بكلماته وظلت تهتز على الأرجوحة بشرود):- أما أنا ، فقد حلمت بأن أكون صحفية مشهورة أحقق العدالة بقلمي ، أعاتب أقاصص أحاكم بواسطة حبري وأنصف أيضا عبر مقالاتي وصوتي الذي يصل لمسامع البشر كافة حين يقرئون مقالاتي ،، رسالة بسيطة تشاركتها أنا وأخوك حين جمعتنا الأقدار سوية في هذا الطريق ، كلانا ساند الآخر ودعمه بالغالي والنفيس في عز أزماتنا واصطدامنا بحركاتك الغير متوقعة والتي تثبط عزيمتنا وتجعلنا ننهار ، كنا نجد الدعم في عيون بعضنا فنثابر ونكابد ونتحمل ونقف على أقدامنا من جديد لنحارب أكثر .. هكذا نعتبر قضيتنا يا ميار وبما أنك لست الخصم المنشود أفسح المجال ودعنا نلاحقه
ميار(استدار باستعطاف):- لن تتصرفي من عقلكِ ميرنا ، قضي الأمر وانتهى
ميرنا(تركت الأرجوحة واستقامت):- مما أنت خائف ؟؟؟
ميار(اقترب منها):- عليكِ على أخي على حكيم عليكم جمييييييعا …
ميرنا(مسحت على شعرها):- طيب سنبقى خائفين هكذا على الدوام ، بينما ذلك البغيض يتحكم في مصائرنا طول حياتنا ، سنعيش بين الأكوان ونطلب من الله ألا يجعلنا نصادفه في طرقاتنا المقبلة … هكذا أنت تريد ، تريد أن تعيش تحت الظلال تتقمص دور إياد لتشبع حنينك لنا وتتوارى عن الأنظار لتحمي ذلك الحقير بإخفاق كل محاولاتنا المضنية ، صح ؟
ميار(مسحت على جبينه وهو يتنهد):- ما يجب أن أفهمه من كلامكِ هو أنكِ لن تقدمي على تقديم استقالتكِ غدا ، تمام إذن لا يوجد برنامج ولا عشرة على الشجرة …
ميرنا(عقدت حاجبيها وهي تلحق به):- ما هذا الذ تقوله ، هل ستحرمني من فرصتي الوحيدة هااااه ؟؟
ميار(فتح باب الحديقة ودلف للبيت):- انتهى الكلام ..
ميرنا(أقفلت الباب بعصبية وركضت خلفه في الدرج):- انتظر أنا أكلمك .. هيييه اسمعن..
ميار(بغضب استدار فجأة):- قلت يكفي ..
ميرنا(ارتبكت من استدارته فخطت خطوة غير صائبة وكادت تسقط):- أنت .. ت…هئ
ميار(أمسكها من يدها وجذبها إليه في لمح البصر):- انتبهي …
ميرنا(فتحت عينيها بألم ونظرت إلى عيونه):- دعني .. اهئ أنت مثل حكيم مثل وائل لا أحد يدعمني لا أحد يفهمني .. اهئ كلكم ضدي كلكم … ابتعد ..
دفعته وحاولت أن تخطو خطوة لكن قدمها آلمتها قليلا والظاهر هنالك التواء بسيط في العصب ،، لكنها لم تتوقف بل أخذت تعرج وهي تتوجه صوب غرفتها إلى أن دخلت وأقفلتها بقوة جعلت ريح الغبن تغزو صدره … حرك رأسه بقلة حيلة ونزل للأسفل أحضر بعض الثلج وصعد إليها يعني ماذا عساه يفعل ، اقتحم الغرفة ووجدها تدلك مكان الألم .. أغلق الباب وتقدم إليها وهو ينظر لقدمها بأسف
ميار:- لم أقصد أن …
ميرنا(خطفت من يده الثلج ووضعته):- هات هل ستحكي لي خطبة … قدمي تؤلمني وعليها أن تتحسن فغدا مهم جدا بالنسبة لي
ميار(تنفس بعمق كي يتمالك أعصابه وجلس على طرف السرير وهو نظر إليها):- لما تصعبين الأمور لمااااااذا ؟
ميرنا(بلؤم):- ولما لا أحد فيكم يفكر فيما ترغبه ميرنا لماذاااااااا ، كل واحد منكم يحاول أن يحميني تمام فهمت مشكورين لكن هل فكر أيكم ولو للحظة عما أرغب به ، عن أحلامي ، عن آمالي ، عن طموحاتي في هذه الحياة طبعا لاء … فجل ما تفكرون فيه هو جنون العظمة ومن منكم سيحميني ومن منكم سيحظى بي ومن منكم سيكون الرابح ..
ميار:- لأننا نعشق
ميرنا(سكتت وهي تدك الثلج بعصبية):- يفضل أن تدعني وحدي ، أعصابي تالفة ولا أعرف ماذا سأقول إن بقيت تهذي على مسمعي هنا ..
ميار:- عليكِ تعلم أصول اللباقة في الحديث ، فأنتِ صفر في احترام الآخرين
ميرنا(تلاعبت بلسانها داخل فمها ونظرت إليه بنظرة قتل):- مياااااااار …
ميار(نظر لقدمها وأخذ الثلج من يدها ووضعه بنفسه):- أصلا يا فاشلة ، حين تصابين بمثل هذه الإصابات عليكِ وضع الثلج بهدوء وليس تدكينه كأنكِ تفرغين غضبكِ المكبوت فيه ، هكذا سيستمر الألم ولن يخف ..
ميرنا:- مضى أسبوع على تواجدي هنا
ميار(لم يرفع عينيه بل تابع ما كان يفعله):- وبعد ؟
ميرنا:- أتنوي احتجازي أيضا للأسبوع المقبل ؟
ميار:- هل مللتِ ؟
ميرنا(لا لم أمل ووددت أسبوعا آخر بصدق):- اشتقت لحياتي
ميار(نظر إليها مبتسما):- وأنا اشتقت أيضا لحياتي معكِ ، لا أدري ماذا سيحل بي بعدكِ ؟
ميرنا:- بسيط جدا ستوقع هدنة مع جوزيت وتبدآ من حيث توقفتما
ميار(توقف عن التدليك ووضع الثلج بيدها):- سلامتك ميرنا واضح أن الإصابة بعقلكِ لا قدمك ، تصبحين على خير
ميرنا(سامحني لكنني سأتصرف بطبيعتي فلا أنت ولا هما بقادرين على تغيير قراري):- ابق
ميار(رفع حاجبه بدهشة حين استقام):- عفوا ؟؟
ميرنا:- ابق هنا قليلا حتى أغفو ، لو أردت طبعا
ميار(رمش بعدم تصديق):- أنتِ لا تنوين استغفالي وقتلي صحيح ؟
ميرنا(وضعت الثلج على قدمها واستراحت):- لن أفعل
ميار(جلس محله وهو ينظر إليها):- طيب نامي أنتِ دعيني أكمل عنكِ ..
ميرنا(استلقت بأريحية):- لست ملزما كي تعوضني هي إصابة عابرة إذن كف عن لوم نفسك
ميار:- لو كنت أكثر حرصا لما التوت قدمكِ ميرنا .. حدث بسببي
ميرنا:- لن أتناقش معك فأنت عنيد لدرجة تشل العقل من التفكير
ميار(ابتسم):- احكي لي قصة ..
ميرنا(رمشت بعينيها):- اممم هل أحكي لك عن اليوم الذي ضعت فيه واتهم أبي سمر بأنها من جعلني أتوه ؟؟؟
ميار:- قصة بائسة ، غيرها ؟
ميرنا:- هل أحكي عن اليوم الذي تعرفت فيه على وائل ؟
ميار(دك بقوة حتى آلمها):- هذه لكي تحسني ألفاظكِ .. ثم أنا أعرف كل تلك القصة أتعتقدين أنكِ التقيتِ به صدفة في حفلة هيرمكانا هههه
ميرنا(تبدل لون وجهها):- كيف يعني ماذا تقصد ؟
ميار:- أنا من بعث الدعوات لكم وجمع بينكِ وبينه ، وبين نور وفؤاد لكن لم تلتقي بهما وجها لوجه سرعان ما هربت أختكِ ، كذلك بين رقية وإياد وبين سمر وشهاب لكن هذين لم يحضرا لظروف منحتكما الحرية أنتِ ووائل ، وهذا جعلكما تتقربان حتى أن قبلتكما الأولى كانت بشرفة الحفل ..
ميرنا(تذكرتها وعضت شفتها):- وأنت كيف تعرف كل هذا ؟
ميار:- لأنني كنت هناك ..
ميرنا(برقت عيناها بعدم تصديق):- أين كنت ؟
ميار:- ما الشيء الغريب الذي حدث لكِ ليلتها عدا عن وائل ؟
ميرنا:- لا شيء ..
ميار:- تذكري …
غاصت وسط أفكارها وعادت لتلك الليلة ، رمشت وهي تعقد حاجبيها في محاولة مضنية لتذكر أي حدث غريب لكن صدقا لم تستطع تحديد أي شيء محير حدث ليلتها .. لذلك هزت رأسها له وجعلته يمط شفتيه جانبيا بضحكة ساخرة ..
ميار:- كان هنالك شخص يلبس ثياب فارس قديم ، يضع عصبة على عينيه وقبعة ، تعثرتِ به حين كنتِ متجهة للحمام قبل الإعلان عن شركة هيرمكانا وقبل حتى أن تلتقي بوائل
ميرنا(عقدت حاجبيها باستذكار):- أهاه أتذكر هذا جيدا ، لكن لا تقل لي أنه أنت ؟؟؟؟
ميار:- تماما كنت في كل مكان حولكِ يا ميرنا ، لكن أنتِ من لم يرني
ميرنا(تثاءبت):- لا حتى لو رأيتك كنت عرفتك وأنت مقنع … هيا أخبرني أين كنت أيضا
ابتسم وبدأ يسرد لها مواقع وأحداث مرت به قربها ، لم تستشعرها أو لم ترغب برؤيتها قد كان قريبا منها حد الأنفاس لكنها كانت مغمضة ترى ولا تبصر ، تسمع ولا تصغي ، تحس ولا تشعر .. ظل يروي لها تلك الحكايا وكم باتت تستطيب حديثه له في كل ليلة ، كانت تقضيها في سمر ومتعة لما تتعرف على جوانب من خفاياه كان يكشفها لها ببساطة دون أن يغفل عن شيء أو يتصنعه ، بل بطبيعته العفوية ظل يكلمها لحين أغلقت عينيها بتعب ولم تستطع مقاومة سلطان النوم أكثر ، نهض ووضع الثلج على المنضدة وغطاها جيدا وقبل مغادرته مسح على شعرها وهو يأمل أن تنام مجددا ليلة غد في محلها وألا تصدمه … انحنى بهدوء وقبل يدها وقبل أن يستقيم أمسكته من ذراعه وهي تستدير إليه .. وبنبرة ناعسة طلبت منه البقاء أكثر وهذا ما استغربه أكثر فأكثر ..
ميار:- ميرنا نامي يا روحي ، سأذهب لغرفتي ..
ميرنا(هزت رأسها نفيا وهي مغمضة عينيها في نوم غريب):- ابق معي هنا
ميار:- ميرنااااا ..
ميرنا(تشبثت به):- لو سمحت احكي لي حكاية أخرى ، وبعدها اذهب
ميار(استند على لوح سريرها ونظر إليها):- طيب ..
عدلت نومتها بحماس وهي تضم يديها لحضنها مثل الطفلة ، وكل هذه الطلبات والأخت مغمضة العينين وهذا ما جعله يبتسم ويضطجع بقربها وهو يتأمل نعاسها بمحبة وراحة عميقة ، فمن كان يعتقد أنها تمنحه هذه الحرية بطيب خاطر .. لا يعلم أن كل ما تمنحه ترده بوجع لا يمَّحي أثره فانتظر يا عزيزي ميار …. لم يصغي هه بل ظل يحكي لحين غفت حقا ونامت بهدوء ، استصعب عليه الذهاب لغرفته وترك جولة تأملها المستباحة لذلك بقي يناظرها حتى لاح فجر الصباح وانسحب لغرفته تاركا إياها مستكينة فوق غيمة الأحلام …..

في صباح اليوم الموعود
أول ما فتح عينيه عليه لم يكن صوت جوزيت المزعج ، ولا تذمر أمه ، ولا إزعاج بنات أخواته ولا حتى زن خالته عواطف .. بل كان صوتا يعرفه عز المعرفة ويحفظه عن ظهر قلب لكن الغريب في الموضوع هو ماذا يفعل ذلك الصوت في غرفته ببيته من على بكرة الصباح ؟
فخرية(ضربته لكتفه بقوة حتى استفاق):- انهض يا ولد … انهض فورا
حكيم:- لوهلة ظننت نفسي أحلم ، صباحكِ فل ولوز وعطر وعنبر وياسمين يا فخرية
فخرية(ضربته لقدمه وجلست قربه):- أنت .. ستسمعني ولن تقاطعني وبعدها ستجمع ثيابك وستهرب معي
حكيم(شهق بفزع مصطنع):-هئئئ ويحكِ يا فخرية ، أتملكين أفكار قذرة بشأن ابنكِ حكيم ؟
فخرية(ضربته مجددا لجبهته):- الله يلعن تفكيرك الخبيث مثلك ، أنت ستهرب معي لأنه لأننا يجب أن نهرب ..
حكيم(ببلاهة):- لماذااااا ؟
فخرية(تنهدت عميقا):- هل سأشرح لماذا ولأي غاية ، لقد أجبرت طلال على إحضاري إلى هنا إجبارا هددته بأن أخبر شاهيناز عن الممنوعات التي كان يتعاطاها قبل سنوات
حكيم:- حرام عليكِ هددته في نقطة ضعفه ، ما أقواكِ ههه
فخرية:- غير ذلك قمت بالإجابة عن استجواب أسرتك بالأسفل والذي لا أدري كيف نفذت منه ، إنهم مبعثرون حاسمون بشكل مهول .. لذلك لا أستغرب مزاجك المقلوب طوال الوقت
حكيم(وضع يده):- غيره ..
فخرية:- أنت في خطر ..
حكيم:- حتى أنتِ ستقولين ذلك البارحة ناريانا وأنتِ اليوم ، عن أي خطر تتحدثان ؟
فخرية(جمدت بدهشة):- ماذا قلت ؟؟؟
حكيم:- عن أي خطر تتحدثان أفصحا لأفهم
فخرية:- هل ذكرت ناريانا أي خطر ، يعني ماذا قالت ؟
حكيم:- لا أذكر تحديدا لكن قالت أنني في خطر وأن أنتبه الليلة
فخرية(إذن هي أيضا رأت شيئا مثلي):- أين هي ناريانا الآن خذني إليها ؟
حكيم(أغلق عينيه واتكأ على سريره):- تء صعب ..
فخرية:- خذني يا ولد بدلا من أن أسخط عليك ..
حكيم:- يا امرأة هي قد طارت لغير مدينة لغير دولة يعني ، هي بعيدة فانسي الموضوع
فخرية(بخيبة):- تمام لن أطيل عليك أن تأتي معي ..
حكيم:- إلى أين ؟
فخرية:- إلى أبعد مكان أنا سأفكر في الطريق إلى أين سآخذك لأحميك
حكيم:- تحمينني من ماذا ؟؟؟؟
فخرية(ابيضت عيناها وعاد لونهما بعد لحظة):- من الموت …
حكيم(عقد حاجبيه):- ماذاااا ؟
جوزيت(دخلت على الكلمة وهي تفرك عينها):- موت ماذا ، ثم ماذا تفعلين هنا ؟
فخرية(نهضت إلى جوزيت وتمسكت بيدها):- أرجوكِ يا جوزيت دعيه يسمع مني ، الليلة لن تمر على خير وقد يفقد حياته فيها بالله عليكِ اجعليه يرافقني بصمت ..
حكيم:- ههه هذه تهذي ، يعني ألا تعلمين ما ينتظرنا اليوم يمكنكِ أن تأخذي كل أيامي المقبلة لكن اليوم تحديدا لن أخذل ميرنا أو أتخلى عنها
فخرية(ضربته لصدره وهي تمسك بقميصه وتجذبه بقوة):- أيها الغبي ، هل تظن بأنني أمزح معك ، إن لم تخرج معي فلا أنت ابني ولا أنا أمك ..
جوزيت(عضت شفتيها له):- احتدمت الأمور
حكيم(قبل جبين فخرية):- فخريتي حلوتي امرأتي الجميلة ، كل ما تحاولين فعله للتأثير علي لن يجدي نفعا معي
فخرية(بتأفف):- ألا تفهم إن أنا تركتك فستموت أيها الغبي …
حكيم(نهض من السرير وأمسك فوطته):- جوزي قومي بضيافة خالتكِ فخرية ، سأجهز نفسي لدي الكثير من العمل اليوم ..
فخرية(لاحقته بعينيها ونهضت إلى جوزيت):- جوزيت .. اسمعي مني لقد رأيت رؤيا بشعة حيال هذه الليلة حكم صدقا في خطر
جوزيت(بتوجس):- ما هذا الذي تقولينه ، نحن بأي عصر نعيش كي نصدق هذه الأقاويل ؟
فخرية(بغبن):- لما لا يصدقني أحدكم .. الوضع خطير ألا تفهموووون ؟
جوزيت:- طيب طيب سأتفهم خوفكِ وقلقكِ ، لكن ليكن بعلمكِ أن طلال وداغر ورجال حكيم كلهم سيكونون بالموقع ، وأيضا الشرطة فلا تضخمي الأمور لأنه لن حدث أي شيء مما تهابينه .. استريحي
فخرية(جلست بقلة حيلة وهي تضرب كفا بكف):- يا حرقة قلبكِ يا فخرية .. يا حرقتك
جوزيت(أشارت لها):- تمام سألحق به وأحاول تهدئته …
فخرية(حملت وسادته وعانقتها وهي تبكي):- حكييم اهئ يا ولدي … ولدي و … مهلا
كومضة ضوئية ابيضت عيناها فجأة وهي تسبح في بعد زمني نحو التلاشي ، جعلها ترى ما سيحدث مجددا تلك الليلة وعليه فتحت حواجبها المعقوفة وهي تمسح دمعها وتضحك ، لم تطل البقاء ولا الشرح فهي تؤمن بشيء في معتقداتها حين ترى أمرا سيئا فإنها تصدح به جهرا وتخبر به كل من يُعنى بذلك ، لكن حين تبصر شيئا جيدا فإنها تكتمه لكي يتحقق ، وعليه انطلقت من هناك دون أن تنبس ببنت شفة ..
مديحة:- والله غريب أمر هذه المرأة ، من تكون ؟
إخلاص:- إنها مخيفة يا أمي، لقد توجست منها
عواطف:- ولا نبرتها كانت تأمرنا أمرا لكي نسمح لها بأن ترى حكيم
مديحة:- وتقول عنه ابنها ، طيب أنا من خالته هههه ؟
عواطف:- ههه الله على نكتك طيب لينزل ونسأله ماذا يتبعنا ..
مديحة:- معكِ حق ..
جوزيت(متكئة على باب الحمام):- يوووه هل ستطيل هذا الاستحمام كثيرا ، أنا هنا منذ 10 دقائق افتح وخلصني
حكيم(ضرب الباب بعصبية وهو يمسح وجهه أمام المرآة):- أردت أن أحلق لكن من يتركك على سجيتك ، ففف ماذا ماذا ؟؟؟
جوزيت(كادت تقع حين فتح الباب فأمسكها من ياقتها بشكل مضحك):- كدت توقعني أبله
حكيم(تركها وانسحب لغرفته):- قلت لكم أنني لن أتنازل عما سأفعله الليلة ، قفل الموضوع بالنسبة لي ولا داعي لأن تطيلوا فيه
جوزيت:- ولكن ..
حكيم:- ليس هنالك ولكن ، هنالك قراري وكفى
جوزيت:- اسمعني فقط ..
حكيم:- وُوو أين اختفت فخرية ؟
جوزيت:- هذا ما حاولت قوله لقد غادرت فجأة ..
حكيم:- تلك المرأة مخبولة لا تهتمي بأقوالها مجددا
جوزيت:- لكن ماذا لو كانت على صواب ؟
حكيم:- جوزيت … غادري غرفتي أريد أن أرتاح قليلا قبل خروجي ممكن ؟
جوزيت:-أصلا أنا مشغولة سوف أعيد شكلي القديم ..
حكيم:- تعيدين ماذا يا روح خالتك ؟؟؟
جوزيت:- بما أن الليلة حاسمة فإنك مجبر على أن تعطيني لميار
حكيم:- مجبر .. وأعطيكِ لميار وما المناسبة ؟
جوزيت:- اتفقت معه على شرط ، حين تعود ميرنا فإنه سيمنحني الفرصة لكي أتقرب منه وأشرح له ما حدث سابقا
حكيم(أخذ ينشف شعره المبلل بالمجفف):- يعني ؟
جوزيت:- خفف هذا الضجيج لتسمعني ، افف يعني حين يحضرون ميرنا ستهربها أنت ، وأنا سآخذ مكانها وأعود معهم بدلا عنها ، هذا كله ببساطة
حكيم:- وماذا سيفعل بكِ ميار وقتها يعني ماذا تظنين أنه سيستقبلكِ بالقبلات الحارة ؟
جوزيت(ضمت يديها بتمني):- آمل ذلك ..
حكيم(عض شفته وحرك يده ليضربها في الفراغ):- أم لسان سافل ..
جوزيت:- أنا جادة يا حكيم ، غضنفر يبحث عن فرصة للانتقام مني وأفضل مكان لي هو قرب ميار يعني سأجبره على رعايتي وحمايتي لأنه مدين لي
حكيم(أطفأ المجفف وأخذ يمشطه):- يعني .. من جهة كلامكِ مقبول أقله أتخلص من لسانكِ الذي لا يملك فرامل
جوزيت(تقدمت من خلفه وعانقته من ظهره):- سأشتاق لك ..
حكيم(نظر للمرآة وليديها اللتين كانتا تعانق خصره وارتعش بحنان):- أوك جرعات الحنان متضاعفة هذا الصباح ، ما يعني أنه يوم حلو وجميل وكله تفاؤل يلا على خيرة الله
جوزيت(ضربته لكتفه وعادت لتدك رأسها في ظهره):- لا تمزح حين أكون متأثرة ..
حكيم:- جوزيت لن تكون آخر مرة نلتقي فيها ، لذلك لا تتأثري وتضيعي وقتي أكثر من هذا ، هيا هيا انصرفي وغيري شكلكِ أو لهجتكِ أو أي شيء تشغلين نفسكِ به ..
جوزيت(مسحت عيناها وهربت):- طيب ..
حكيم(ضحك وهو يزيل قميصه):- غريبة هذه البنت حين تصبح مطيعة فجأة ، مهلا ما هذا الآن هل كانت تبكي ؟؟؟
نظر لبقع مائية على قميصه البني الفاتح وعقد حاجبيه وهو يشعر بمعاناتها ، لكن هذا ما كتب عليهم ودَّ لو أنهم يعيشون كلهم تحت سقف واحد إنما ذلك صعب بل مستحيل .. لم يطل تفكيرا حين ارتدى ما يناسب وخرج بعد أن شرب قهوته على السريع وتملص من استجوابهم حول هوية فخرية ، وجد طلال بانتظاره وأول شيء سأل عنه هو ما النتيجة التي حصلوا عليها بعد اقتحام الفندق الذي وجدوا بطاقته في سلة مهملات غضنفر …
طلال:- لم نجد شيئا بذلك الفندق إلا معلومة واحدة تفيد قدوم رشيد كل فترة ، ليخضع لجلسة تدليك ، حصرنا الرجال فاستخرجنا أن الحصة تكون من امرأة تدعى سعاد لكن لم نستطع التوصل لأية معلومة عنها ولذلك تركنا عينا هناك إن تم وظهرت هي أو رشيد يتم إبلاغنا
حكيم:- أليس غريبا هذا الأمر ، لما يخضع رشيد لجلسة تدليك عند مدلكة واحدة ما الذي يجمع بينهما ؟؟
طلال:- ما ربما أعجبه تدليكها وأراد أن يكون زبونها الخاص
حكيم:- لالا حسب معرفتي برشيد فهو زير نساء ولا تملأ أي امرأة عينه ، يعني كان ليستمتع مع الكثيرات لكن لما اختار تلك بالذات .. علينا أن نكتشف العلاقة بينهما بأسرع وقت يا طلال
طلال:- أوك نعمل على ذلك ، وبعد ؟
حكيم:- ولا قبل سنذهب لمقر البرنامج لنرى كاميرات المراقبة هناك ، ونضع رجالنا دون أن يستشعر أحد ذلك يعني كي لا تكون هنالك بلبلة لا داعي لها
طلال:- تمام نتصرف يا صاح ، لا تشغل بالك كله سيمر بسلام وميرنا ستكون في أمان مع وائل لا محالة
حكيم:- لا تنس ذلك الموضوع الخاص ، همم إن أصابني أي مكروه تصرف دون أن ترجع لي
طلال(تردد وهو يبتلع غصة):- لما تقلقني يا صديقي لن يحدث لك شيء
حكيم:- أقول تحسبا ، هيا الآن لا وقت للحساسيات الشعورية ، دعنا نمضي …
طلال(نظر إليه بحسرة ورافقه):- الله يستر …
انطلق حكيم رفقته إلى مقر البرنامج وفي الطريق اتصل بوائل الذي كان جاهزا من على بكرة الصباح في انتظار الفرج ، والذي بلغه أن نادر قد وصل وأنجز كل ما يلزم بروما وهو جاهز للخطوة الموالية ، وعليه اتفقا أن يبقيا على تواصل .. لكن عمو نزار لا يريد لذلك التواصل أن يتم اتضح لنا مماذا يخاف أخيرا وجدنا نقطة ضعفك يا عم نزار ههه ..
نادر:- هههههههه ههههه ههه لا أستطيع أن أمسك نفسي أي والله
وائل(ضحك وهو يحاول أن يكون مؤدبا أمام نزار):- احم نادر يكفي سيصعق جبهتك الآن بالمقلاة ، هاه حذرتك
نزار:- أنا لن أترك بيتي أسمعتم ؟؟؟؟؟؟؟
وائل:- يا عمو نزار لا تتعبنا ، لقد حضرنا كل شيء ثم ألا تريد رؤيتي بخير وعلى خير إذا رافقني دون مشاكل
نزار:- لن أفتح الباب لأي أحد وإن سمعت صوتا غريبا أتصل بالشرطة
وائل:- لن أغامر ، المرة الماضية وجدتك مكمما وفي وضع خطير لا أدري ماذا سيفعلون بك المرة المقبلة لذلك لا مجال للمناقشة ، جهز نفسك ستسبقنا لروما تذكرتك جاهزة
نادر:- ساعتين وتطير في الهوى ههههه
نزار(برعب ):- أرسلوني بغير طريقة أنا أخاف من الطائرات .. لدي فوبيا حيالها
وائل:- الله الله هل ستدلل علينا ، لا مجال للتراجع صدقا هيا لو سمحت جهز نفسك كي يصطحبك نادر للمطار
نزار(سحب نفسا عميقا):- طيب ماذا علي أن أفعل ؟
وائل:- ولا شيء أصلا ما إن تصل إلى هناك ستجد شخصا ينتظرك ، وسيأخذك رفقتك لمكان ما وعليك أن تطيعه لحين آتي إليك تمام ؟
نزار:- حاضر لكن لو سقطت الطائرة ذنبي عليكما
نادر:- ههه والله لا أضمن لك طالما لست الطيار الذي سيقودها
نزار:- تبا لك ، أركب مع الغرباء أصلا ولا أركب معك أنا بغرفتي …
وائل(مسح على جبينه):- حقيبة صغيرة يا نزار تذكر .. وأنت نادر استرح قليلا لقد تعبت معي كثيرا يا صديقي
نادر:- ولو أنت أخي يا رجل ، إن لم أساندك من سأساند ثم جيد أنني تدبرت أمر المروحية سيتركها صديقي جاهزة في المكان المتفق عليه
وائل:- جيد لأنني بلغت حكيم بموقعه تحسبا لأي موقف فجائي ، ننتقل إليه ويكون نقطة لقائنا لكي نستخدمها
نادر(لمس لمعة عيون وائل وابتسم):- ستراها يا رجل ، اقتربنا من النهاية ..
وائل(بعشق):- آمل ذلك .. اشتقتها بجنوووون … بجنون !! ..
استيقظت وهي تتمطى قليلا لكي تستوعب أن ذلك آخر يوم لها على ذلك السرير ، أصابها خمول غريب أبى أن تغادر الفراش لحظتها لكن بما أنه آخر يوم عليها أن تحرص أن يكون مميزا … فتحت عينيها ونظرت حولها لتجد الفراغ طبعا هل توقعت أن يبقى هناك حتى الصباح جيد أنه فهم نفسه وغادر ، جرت رجليها وهي تبعد الغطاء واستقامت تنفض شعرها بخفة ودخلت للحمام .. نظرت للمرآة وهي تلامس انتفاخ عيونها لقد أهملت نفسها كثيرا هذه الفترة لكن يلا أساسا من يعيش هذه المصائب ينسى اسمه ، غسلت وجهها وفتحت صنبور حوض الحمام لتملأه كي تستحم ، هنا رفعت شعرها بملقط وخرجت لتتفقد سكان البيت ، وجدت غرفة ميار مفتوحة لكنه غير موجود بها لذلك نزلت ووجدت جمانة باستقبالها بوردة
ميرنا:- يااااي استقبال ملوكي هذا ..
جمانة:- لأجل السلطانة ميرنا
إيزابيل(ظهرت بصينية الفطور الخاصة بها):- وهذا لأجلكِ
ميرنا(جمعت يديها بابتسامة وهي تنزل بهدوء):- يا عيني ع الدلال ، لو تعودت عليه سنصبح في مصيبة
جمانة:- ولو هل لنا أجمل منكِ كي نسهر على راحتها
ميرنا(عانقتها ما إن وصلت):- يا سلام على البنت وكأن لسانها ينطق دررا
إيزابيل(سبقتهما للصالون):- هيا للفطور ..
ميرنا:- لن أستطيع تناوله الآن سآخذ حماما سريعا قبل ، أردت أن أسأل عن المناشف لم أجد أيها موجودا بالأدراج هل غيرتِ مكانها ؟
إيزابيل:- آه نسيت أن آخذها من حبل الغسيل ، دقيقة وتكون جاهزة اعذري سهوي
ميرنا(التقطت بسكويتة من الصحن):- لا لا مشكلة عادي .. أ أين هو ميار ؟
جمانة:- خرج من الصباح الباكر ولا أحد يعلم أين ذهب ، حتى السائق موجود هنا
ميرنا(باستغراب):- وأين ذهب يا ترى ؟
جمانة(حركت يديها وتراجعت للمطبخ):- الله أعلم .. هيا اصعدي وسأحضر لكِ المناشف إن أردتِ
ميرنا(حملت كوب العصير وصعدت):- سيكون ذلك جميلا
جمانة(ركضت لإحضارها):- هه طيارة
صعدت وهي محتارة في المكان الذي ذهب إليه ميار من على بكرة الصباح ، دون إخبار أحد هذا وارد لكن على الأقل كان ليأخذ السائق ، المهم ارتأت أن تستحم وبعدها تفكر بالموضوع وعليه غاصت وسط ذلك الحوض بعد أن أحضرت لها جمانة المناشف خاصتها .. أمضت هناك برهة من الزمن وهي تفكر في كل أحداث ذلك اليوم التي تنتظر حسمها ، الكل مبني عليها إن خذلتهم سوف تشن حربا ضارية أكيد عواقبها ستكون وخيمة .. وإن هي سكتت ورضخت للتهديد سوف لن تسلم من ذلك طوال حياتها ، لذلك هي لن تتنازل وستتصرف مثلما يريح ضميرها ستقول كلمة الحق ولو على حد السيف .. خرجت من الحوض ونشفت نفسها وهي تنظر لعيونها الكسيرة شيء ما أشبه بالبؤس والندم يتغلغل فيهما ، حتى لمعتهما خافتة وكأنها تسحب من روحها وهذا ما لا تريد أن تشعر به ، التردد … لأنها لو سمحت له بأن يسري فيها ستخرب موازينها وتصبح في ما لا يحمد عقباه ، لذلك نشفت شعرها بالمجفف وأخذت تشغل بالها بأي شيء المهم ألا تفكر بأي مما سيحدث مساء ستتركه للوقت وكفى .. بعد برهة خرجت وهي تمسح يديها بالكريم الذي وضعته عليهما وعقدت حاجبيها إذ لم تأتيها جمانة كما طلبت منها لتبلغها بعودة ميار ، أيعقل أنه لم يعد بعد .. ارتدت القميص الأبيض مع الرداء العلوي وخرجت وهي تفرد شعرها خلف ظهرها لتتفقده ، لم تجده كما توقعت وهنا ارتفعت نسبة الأدرينالين في جسمها لأنها حسبت أنه ربما اعترضوا طريقه مثلما فعلوا بهما قبل أيام ، خشيت أن يصيبه مكروه لذلك وقفت عند رأس السائق تحقق معه وتنتظر ..
السائق:- أخبرتكِ يا سيدتي لم يعطني أية معلومات عن وجهته ..
ميرنا(قضمت إصبعها بتوتر):- أصلا وش نفعك أصلا غير الأكل والنوم أخبرني هاااااااه ؟؟؟
السائق:- سامحكِ الله ست ميرنا
ميرنا(صغرت فيه عينيها):- يفضل أن تسكت وإلا أفرغت فيك غضبي ..
إيزابيل:- يا ميرنا يا ابنتي يعني الغائب حجته معه لننتظر ..
جمانة:- لا تحزن يا عم أكيد الست ميرنا لم تقصد كسرك
ميرنا(رمقته وقد دلى شفتيه):- يا ويلي هل ترك هذا ليحرسنا ، إذا عشنا باكرا معه
إيزابيل(أخفت ضحكتها):- ههه لما لا تنظر في الطريق العامة إن كان قادما يكون أفضل
السائق:- أجل لأن السيدة لم تطقني مذ أن رأتني
ميرنا:- لأن واجبك يحتم عليك مرافقته ولو رغما عنه لتحميه ، ماذا لو تعرض له أحدهم كيف كنت ستمضي بقية حياتك مع الندم وعذاب الضمير قل لي ؟
جمانة:=- هووو ما حسبت أنكِ تحبينه لهذه الدرجة ؟
ميرنا(تشنجت من جملة جمانة وراجعت نفسها):- أنا ما الذي أفعله ، ما الذي يحدث لي ، لما أقلق بشأنه لهذه الدرجة .. ليمت أو ليحترق ما شأني ما شأني ؟؟؟؟
إيزابيل(ضربت كتف ابنتها حين رمقت ميرنا قد توجهت صوب البوابة لتقف هناك):- ألا تستطيعين ضبط لسانكِ قليلا ..
جمانة:- ماذا قلنا هي التي تتحسس بدون سابق إنذار …
السائق:- سأذهب للطريق الرئيسية لأرى ما قد يجد ..
مر بجانب ميرنا وهو يعقد حاجبيه وأخبرها أنه متوجه لذلك المكان ، لم تجبه ولم تومئ حتى برأسها وكأنها لم تسمعه أصلا ، لأن عقلها كان شاردا في جملة جمانة التلقائية ما كل هذا القلق عليه ، ربما لأنها عايشت معه حالة الموت والرعب قبل أيام بقي ذلك راسخا في عقلها .. الرجل أمضى زمنا لوحده هل سينتظرها هي لكي تقلق عليه الآن يعني ؟؟ .. كتفت يديها وهي تطالع كل شيء حولها وطأطأت رأسها تلاعب حجرة هناك تعبر عن مدى شرودها ، وجدت نفسها تسير بخطوات خفيفة في تلك الطريق بقرب البيت تحت أنظار إيزابيل وجمانة اللتين جلستا عند كراسي الحديقة في انتظار الفرج ، لأنها أقلقتهم بقلقها الغير مبرر … حتى هاتفها ليس معها ورقمه من أصله لا تملكه إذن كيف ستصل إليه ، لا يوجد شيء بوسعها سوى الانتظار المضني ، مرت ساعة وساعتين وتعبت من كثرة الترقب وفي كل مرة يعود السائق بخطى خائبة وأخبار غير هامة ، هنا أمسكت ميرنا على قلبها لقد ضاق ذرعها وعليها أن تصل إليه بأي شكل كان
ميرنا:- أعطني هاتفك ..
السائق:- لماذا ؟
ميرنا:- لأتصل بالإسعاف … يعني لماذا سأريده كي أتصل به ..
السائق:- لا تضيعي وقتكِ سيدتي لقد اتصلت وهاتفه مغلق …
ميرنا(هنا توجست بكثرة):- طيب أعطني إياه أعرف كيف أصل إليه ..
جمانة:- برأيي علينا أن ننتظره فحسب
إيزابيل:- برأيي أنا أيضا هذا
ميرنا(أخذت الهاتف ودقت رقم حكيم):- يعني حتى أنت أدهشني ولو لمرة وأجبني في الوقت
طبعا لم يكن سيجيب لأنه كان خارج السيارة حيث ترك الهاتف ليشحن بداخلها ، وخرج كي يتفقد الحراسة والأمور الأمنية التي يحضر لها لأجلها ، ولذلك لم تتوصل لشيء يرجى وهذا ما جعلها تفقد أعصابها بشكل مريع …
ميرنا(رمت الهاتف بيد السائق وجذبت شعرها على جنب وهي تسير في خط مترنح وتعود ويدها على خصرها):- لالا أكيد وقع له مكروه وإلا كان هنا قبل ساعات أليس كذلك ؟
إيزابيل(بتوتر هي الأخرى):- بصراحة هذا ليس من عادته
جمانة:- أوه ماما بدأت أتوتر صدقا ..
السائق:- دعونا نأمل خيرا فقط ..
ميرنا(لاعبت خصلتها وهي تكتف يدها وتنظر للفراغ):- أوووف أين هو أين ؟؟؟؟؟
تعبت أعصابها من كثرة التفكير في أن ضررا قد حدث له ، تعبت وهي تمن نفسها أنه سيظهر بعد قليل ، تعبت وهي تفترض فرضيات غريبة عجيبة لاختفائه لكن ما توصلت لشيء ، امتصت شفتيها مرارا وتكرارا وقدمت لهم إيزابيل عصيرا لتهدئة أعصابهم تجرعت نصفه والباقي أعادته فقد أخذته لتطفئ لهيب ظمأها وخوفها عليه … هييه يا ميار من كان يظن أنك ستزرع نفسك بين ضلوعها كالفيروس المتفشي في غضون أسبوع واحد ، والله إن ذكاءك يُحتذ به فأم رأس أقسى من الحجر وأعند منه بشحمها ولحمها صارت تقلق عليك وتحبك مثل حكيم تقريبا يعني الرجل تعب حياته كله ليزرع نفسه بين حناياها لتأتي أنت في غضون 7 أيام تتربع على عرش فكرها وعقلها دون أي تعب يذكر ، فعلا 20 نقطة تحتسب لك ^^… لكن الآن صار القلق جديا ولم يعد بمقدورها الصبر حاولت معها إيزابيل وجمانة كي تدخل للبيت وبصعوبة دخلت فحرارة الشمس كانت صعبة عليها وخشوا من أن تمرض ، لذلك دخلت على مضض ومع ذلك لم ترتح أخذت تطقطق بإصبعها على الطاولة وهي تضع يدها الأخرى على خدها فهذا كثير كثير كثييييييير …
ميرنا:- هففف تعبت سئمت حتى من هذا الوضع ، لنبلغ الشرطة أو … يا إلهي حتى حكيم لا يجيبني لكنت ارتحت قليلا
السائق(دخل بلهفة وهو يركض):- ست ميرنا ست ميرنا
ميرنا(مات نصفها ولم تشعر حتى أمسكته من ياقته):- إياك وأن تخبرني بخبر سيء ؟؟؟
السائق(خنقته وأصلا كان مختنقا من الركض):- عند الجرف هناك لمحت السيارة ، لقد عاد السيد ميااااار
ميرنا(جذبته خلفها بدون شعور ودفعته عنها وهي تخرج):- يا الله …
ركضت بارتياح لتصدق عينيها حين تراه بخير ، لمحت السيارة تنعطف من الجانب الجبلي واتخذت الطريق إليهم حتى صفت عند قدميها ، نظر إليها باستغراب وهو يفتح النافذة وخرج وهو يعقد حاجبيه بدون فهم من حالة أربعتهم القلقة … لم تترك له مجالا لأن يسأل أكثر بل تقدمت بلهفة لجانب بابه حيث خرج ليستفسر عما حدث ، لكنها لم تترك له الفرصة بل وضعت يدها على صدره بعتب وعيونها مليئة بالدموع …
ميرنا:- مرة أخرى حين تنوي التأخر أخبرني ياااا …
ميار(رمش متفاجئا منها):- ميرنا أنا كنت ف..
ميرنا(نزلت دموعها بدون شعور وأحاطته من عنقه جاذبة إياه في عناق لم يكن يتوقعه قط):- لا تكررها إياك أن تفعلها دون أن تعلمني بوجهتك هممم … مت رعبا عليك
ميار(تضاعفت حيرته من حضنها ونظر للسائق الذي رفع له كتفيه بقلة حيلة ، ونظر لجمانة التي جذبتها إيزابيل للداخل عنوة كي تترك لهما المجال ، فحتى السائق انسحب محرجا):- طيب ميرنا أنا بخير كما ترين ..
ميرنا(تنفست بعمق وهي تضغط عليه بحرارة):- خفت لو كانوا قد تعرضوا لك مثل ذلك اليوم ، أنا لم أكن معك حتى أساعد يعني ماذا لو حاصروك ماذا لو آذوك ؟؟؟؟؟؟
ميار(تنهد بعيون مستريحة ومسح على شعرها بحنان):- لم يحدث لي مكروه ، تأخرت بسبب عدة أعمال كان علي حلها
ميرنا(تملصت منه وبعتاب):- كنت أخبرني أكتب لي ورقة ، أو بلغ إحداهن ولا تتركني هكذا كالحمقاء أنتظرك وأبحث عنك
ميار(أزال خصلة شعرها ووضعها خلف أذنها بدفء):- هل فعلتِ ؟
ميرنا(تنفست الصعداء):- طبعا قضيت الصباح كله بانتظارك
ميار(تفاجأ صدقا منها):- ما حسبت نفسي غاليا لديكِ لهذه الدرجة يا ميرناااا
ميرنا(ضربته لكتفه وولته ظهرها):- وأنا بنفسي ما حسبت ذلك أيضا …
ميار(وقف خلفها):- طيب ألا تودين معرفة سبب تأخري
ميرنا(هزت كتفيها بلا مبالاة):- لست مهتمة
ميار:- اممم علما أن هذا التأخير كان بسببكِ أنتِ ..
ميرنا(التفتت إليه بعدم فهم):- يعني ؟
ميار(عاد لجيب سيارته وأخرج منه عدة أكياس):- عيب أن تخرج ميرنا من بيتي لتحضر في برنامج شهير ومميز بهذا الفستان المنزلي صح ؟
ميرنا(نظرت لنفسها):- رغم أنني لو فعلت ستكون شهرة مضاعفة لي
ميار:-آه ربما ينادونكِ في قسم الدعاية حتى هه ..
ميرنا:- ماذا أحضرت لي ؟
ميار(قدم لها الأكياس)- خذي وتفقدي بنفسك
ميرنا(وضعتهم على سطح سيارته الأمامي وأخذت تفتش بينهم):- هذه حقيبة اممم ذوقك قريب لذوقي .. وهذا كعب أسود ههه أتعلم حتى مقاس رجلي ؟؟؟
ميار:- ومقاسات أخرى تجلت في الطقم الذي سترتدينه ، يعني ارتأيت أن يكون شيئا يعبر عن شخصية صحفيتنا القديرة ميرنا الراجي فاخترت هذا ..
ميرنا(رأته وهو يخرج شيئا مطويا بالخلف في غلاف جلدي ، وفرده ليظهر طقم أسود مطرز عليه اسم ميرنا الراجي في جيب السترة ، هنا فتحت فاهها وهي تطالعه بعدم تصديق):- هل طلبت كتابة اسمي على الطقم ؟؟؟
ميار:- أهاه فعلت وجعلته خاصا بكِ أنتِ فقط..
ميرنا(ابتسمت وهي تأخذه منه):- شكرا لأنك فكرت فيني بهذا الشكل اللطيف ، أنت حقا لطيف
ميار:- يا عيني علي أن أسجل هذا الاعتراف صوتا وصورة
ميرنا(ضحكت وهي تضم الأكياس لحضنها):- هه متشوقة لتجربتها
ميار:- طيب ماذا تنتظرين أسرعي ..
ميرنا:- جمااااااااانة جمانة يا بنت تعالي وساعديني هنا ..
جمانة(استقبلتها بعناق حار واتجهت لميار كي تحمل ما تبقى):- قد ماتت رعبا عليك ، يا بختك إنها فعلا تحبك
ميار(ابتسم بحرارة):- أعلم ذلك .. ساعديها يا جمانة لا أريدها أن تحس بأن هنالك شيئا ناقصا تمام ..
أومأت له بالإيجاب وهي تحمل ما تبقى من الأكياس ، ولحقت بميرنا لغرفتها لتجربة ما أحضره يعني الغريب في الموضوع أنها لم تشعر قط أنها بالغت في قلقها عليه ، أو أنها تخون أحدهم إزاء خوفها وعناقها التلقائي له قد كان ذلك تعبيرا لمشاعرها الرقيقة والطفولية ، والتي لا تجيد التعبير عنها إلا بتلك الطريقة لذلك وجد نفسه مسحورا بعطرها الذي لفه من كل جانب وتركه مشدوها محله مبتسما ببلاهة وينظر لنافذة غرفها بحميمية مطلقة .. لا يعلم أن تلك السعادة التي يشعر بها ستتلاشى ما إن يحل الليل …

عند غضنفر
كان رشيد يتحدث عبر الهاتف وظهرت من ملامحه بوادر مصيبة على وشك الوقوع ، لذلك فصل الخط وهو ينظر لغضنفر الذي أشار له بإصبعه كي يمثل في حضرته
غضنفر:- اختصر ؟
رشيد:- إنه ميار ، لقد طلب مني أن أبعث الرجال لحماية ميرنا في موقع البرنامج هه المسكين لم يشك فيني ولا للحظة
غضنفر:- أو شك وقام بجس نبضك يا غبي ، شرحت لك مئة مرة كي تكون ناجحا في هذا الميدان عليك أن تتوقع كل الأمور الممكنة ولا تقتصر على توقع واحد يتيم
رشيد:- كما تأمر ، طيب ماذا علي أن أفعل الآن ؟
غضنفر:- ابعث الرجال إلى هناك ، لكن ليس لحماية ميرنا هه بل لقتلها في الوقت المناسب
رشيد(فهمه):- يعجبني الأمر … طيب هل بسؤال يعني ماذا بشأن السيدة التي تؤويها كيف تتركها تخرج وتدخل على سجيتها ألا تشعر أنها تشكل خطرا علينا ؟
غضنفر:- تلك المرأة وأنت غير قابلين للقاء ، إن وجدتك تحوم حولها أو تبحث بشأنها أقسم أنني سأقتلك يا رشيد
رشيد:- يعني هو سؤال فضولي فقط ..
غضنفر:- ولا حتى تقترب منها إنشا واحدا ، لو سمعت أنك تضايقها سأجعلك تدفع الثمن غاليا
رشيد(رمش بعينيه):- لما هي مهمة بالنسبة لك لهذه الدرجة ، من تكون ؟
غضنفر(زفر بعمق وهو يستقيم وأمسكه من أذنه):- إن سألت سؤالا آخر عنها لن تجد نفسك في السجن الذي هربتك منه بل في قبرك تتلو الفاتحة على روحك ..
رشيد(بألم):- تمام تمام فهمنا …
غضنفر:- جيد .. والآن أغرب عن وجهي لا أريد رؤيتك حتى المساء
رشيد(دلك أذنه وانسحب وهو يضمر شرا):- سأعرف من تكون تلك المرأة التي تأخذها معك أينما ذهبت ، يعني إلى متى ستمنعني من رؤيتها مصيري سأعرف …
هنا كانت هي بغرفتها تنظر للهاتف وتنتظر الجواب الذي سيريح قلبها ويجعلها ترى ابنها الذي حرمت منه وهو في مهده ، والذي بكت فقده سنوات عديدة إلا أن لاح الفرج ذات يوم واستطاع غضنفر إيجاد الممرضة التي زرعت في قلبها الأمل وأخبرتها أن الطفل لم يمت بل كانت دمية قاموا بدفنها لكي تتم الجنازة حسب الأصول … تم البحث عنه في كل الأمكنة الممكن توقعها لكن بتاتا لم يحسبوا أنه قريب منهم لتلك الدرجة وقد تربى في ذات البيت وبين أحضان الراجية منذ أن أتى للدنيا ، رؤيته تعني رؤية الجنة بالنسبة لها فذلك قطعة منها روحها الذي ستعيد معه أواصر الحنان وأمومتها المنكوبة سواء معه أو مع أخيه إياد … سحبت نفسا عميقا ثم تسارع فجأة حين رن هاتفها بالاتصال الذي كانت تنتظره منذ الصباح
أمجد:- كيف حالكِ يا هبة ؟
هبة(ابتلعت ريقها بتوتر):- متوترة ، هل .. تحمل أخبارا سيئة يعني ؟
أمجد:- لا أبدا بالعكس قد جهزت لكِ التصريح ، يمكنكِ الذهاب مباشرة لزيارته هذه الليلة عذرا لم أستطع توفير موعد أبكر نهارا نظرا لعدة أسباب أمنية فأنتِ لا ترغبين أن يتم تسجيل اسمكِ بسجلات الزيارة وعلى أساس ذلك ، فالليلة يمكنكِ الدخول بذلك التصريح المدون باسمي
هبة:- صدقا لا أعلم كيف أشكرك يا أمجد ، قد ساعدتني كثيرا وبواسطتك سأتمكن من رؤية ابني لن أنسى معروفك إطلاقا
أمجد(بحنان ومودة):- آمل أن تفرحي بزيارته ، أترككِ في راحة الآن
هبة(بحماس):- رافقتك السلامة …
غضنفر(دخل عليها):- من هذا الذي تدعين له بالسلامة ، آخر شخص دعوتِ له بذلك دفن قبل عدة سنوات
هبة(أغلقت الهاتف بكره):- وما شأنك ؟
غضنفر:- ماذا تحيكين من خلف ظهري يا هبة رشوااااان ؟
هبة:- لا أحيك شيئا بل .. أحاول الوصول لابني وفقط هذا حقي ولن أسمح لك أن تحرمني منه
غضنفر:- ههه ومن قال أنني أفكر بحرمانكِ منه ، أصلا أنا أتوق لخروجه قبلكِ أقله يستلم مكان أمه على طاولة العشيرة السوداء أليس كذلك ؟
هبة(دمعت عيناها):- لقد أوقعتني في ذلك الشرك يا غضنفر ، أوقعتني عمدا لكي تهددني بذلك طوال الوقت جعلتني عضوة في قذارتكم تلك وما رحمتني
غضنفر:- هه هيا يا هبة لا تعيشي الدور كثيرا ، متى حضرتِ تلك الاجتماعات كرسيكِ دوما فارغ لكن هذا لا يمنع أن اسمكِ معنا في كل عملية
هبة:- أتمنى لك ولبقية أولئك الأعضاء القذرين جحيما أسود تحترقون فيه أبد الدهر ..
غضنفر:- لقد كونتِ صداقاتِ جيدة هناك مع أعضائنا وعضواتنا الجليلات ، لا يسعكِ الإنكار ؟
هبة:- كلكم متشابهون كلكم قذرون أكرهكم جميعا ، وأتمنى أن تمسك بكم الشرطة وتزج بكم في السجن لتتعفنوا فيه
غضنفر:- لندخل للسجن لندخل ، لكن وأنتِ معنا عيب مجموعتنا لا ترضى بخروج عنصر واحد منها حتى لو كان العنصر غير فعال المهم أنه في ذات المركب .. ههه عمتِ مساء
هبة(بصقت جانبا وهي تمسح على رقبتها لكي تهدأ نفسها):- سحقا لك ولعشيرتك الغبية
أغمضت عينيها وهي تستعيد فرحتها برؤية ابنها ، والتي عكر صفوها بدخوله المقيت لكن لن تسمح له أن يحرمها من الشيء الذي انتظرته طويلااااا جدا .. هنا في هذه الأثناء كانت هذه تلج غرفة نور دون استئذان ..
نور:- نعم ؟
جوزيت:- أريدكِ أن تصبغي لي شعري
نور:- هئئئ ولماذا ؟
جوزيت:- أريد أن يكون مظهري فريدا من نوعه هذه الليلة ، لذلك جهزي أغراضكِ لأنني لن أبرح غرفتكِ دون هذا التغيير
نور:- وفيما تفكرين يا ستي ؟
جوزيت:- البني الداكن
نور(شهقت بفزع):- كله ؟؟؟
جوزيت(نظرت للمرآة):- أجل كله
نور:- هل أنتِ بخير يا ميرنا يا روحي ، هل تعانين من خطب ما ؟
جوزيت:- نوووور ابدئي وأخرجي مستحضر الصبغة خاصتكِ لنختار اللون الذي أريده سوية
نور:- إن كنتِ متأكدة فماشي ، أساسا ليس لدي عمل مهم الآن وكله متوفر بالبيت
جوزيت(بمرح جلست على الكرسي):- إذن على بركة الله
وجدت نور نفسها تطيع جوزيت حسب رغبتها وعليه ارتدت قفازتيها وبدأ بخلط المستحضرات لأجل صبغ الشعر ، هنا كانت جوزيت تنظر لنفسها وهي مبتسمة فهذه الليلة حاسمة بالنسبة لها ومثلما هي مصيرية لدى ميرنا ، فهي كذلك بالنسبة لجوزيت أيضا والتي ستحاول فيها نيل ميار إن سارت كل الأمور على خير …. مرت ساعات بسيطة وإذ بها قد تغيرت جذريا بذلك اللون بعد أن سرحته نور بالمجفف وأصبح جاهزا شردت فيها بتأمل وهي تشعر باختلاف ملامحها الآن ، حتى حاجبيها لم ترسمهما جوزيت كما ميرنا مثلما كانت تفعل خلال هذا الأسبوع بل تركتهما على طبيعتهما ، وكأنها أرادت أن تكشف نفسها لهم قبل أن تخرج من ذلك البيت .. شكرت نور التي شعرت بشيء غريب حيال جوزيت لكن لم تستطع فهمه لذلك تركتها على سجيتها بينما ظلت هي تنظف الفوضى التي حصلت هناك ، وقتها اتجهت جوزيت للغرفة وأقفلت على نفسها ونظرت في المرآة وهي تبتسم بفرح
جوزيت:- أهلا بعودتكِ يا جوزيت الراجي .. هه …
أمضت وقتا وهي تمدح في نفسها وتتأمل وقررت أن تنزل إلى الأسفل لترى ردود فعلهم حيال هذا التغيير ، وطبعا وجدت ذهولا على صدمة على انبهار على إعجاب على امتعاض وطبعا يظهر لنا جليا من رفضت ذلك ..
عواطف:- لم يعجبني كنتِ بلونكِ السابق أفضل
مديحة:- وأنا أؤيد أختي
نبيلة(ابتسمت):- دعوها وشأنها أظن أن التغيير لازم في بعض الأوقات
دعاء:= صدقا تغيرتِ 180 درجة يا ميرنا واووو
إخلاص:- اسم الله عليكِ يا ابنة عمي ، تذهلين في كل حالاتك
مرام:- بالفعل
رنيم:- علينا أن نلتقط صورة معكِ
شيماء:- هنا يأتي دورنا
عفاف:- يا الله أساسا لا تهمدن ..
نهال:- ولوووو نحن الراعي الرسمي للحظات الجميلة
دينا(أحضرت الهاتف):- أحضرته أحضرته لنلتقط صورة جماعية مع بعضنا
نور:- انضممت لكم في الوقت المنااااااسب …
وقفت نهال جانبا بينما كل العائلة جلسوا بالخلف بعضهم واقف بعضهم جالس بعضهم على الأرض ، حتى الأطفال كانوا بالصورة التي التقطتها نهال وكانت آخر شيء ستقوم به جوزيت في ذلك البيت ، بعثت الصورة لهاتفها كي تحتفظ بها كذكرى وابتسمت لنبيلة التي عرفت أن ميرنا ستعود تلك الليلة لبيتهم وهذا ما كان يثلج صدرها بالارتياح ….
مديحة:- حسنا دعوا كَنَّتي وشأنها ، هي أرادت التغيير وزوجها موافق إذن لا شأن لنا
عواطف:- علم أنني سآخذ وقتا حتى أتقبلكِ ..
جوزيت(تجرأت بعفوية وقبلت وجنة عواطف):- أتمنى ذلك ..
إخلاص:- بالمناسبة يا ميرنا هل تعرفين من هي العجوز التي قدمت صباحا إلى حكيم ؟
رنيم: أجل ما كان اسمها لا أذكر فلقد دخلت وخرجت سريعا ، حتى حكيم لم يخبرنا بشيء
جوزيت:- لا أدري من تكون حتى أنا لا علم لي ..
نهال:- امم كان اسمها حمدية ، لالا روحية آه فخرية فخرية أجل أنا من فتحت لها الباب وأخبرتني أنها فخرية وتريد مقابلة حكيم …
نبيلة(بتوجس):- فخرية … هل أنتِ متأكدة ؟
جوزيت(نظرت لنبيلة وأغمضت عينيها إذ نسيت أنها في حضرة نبيلة الفهيمة بكل شيء وأي شيء):- إنها فخرية أجل ..
نبيلة(رفعت حاجبها بدهشة):- يا إلهي …
عواطف(انتبهت لتوجس نبيلة):- لماذا ، هل تعرفينها يا أمي ؟
نبيلة(أشارت رأسها لجوزيت كي تلحقها للغرفة):- ومن أين لي أن أعرفها هاه ؟؟؟
جوزيت:- أ.. دعيني آخذكِ لغرفتكِ جدتي كي ترتاحي
سارت معها بخطى وهنة لغاية أن دخلوا إلى الغرفة وسرعان ما جلست نبيلة وهي تتنهد وتنتظر الجواب المبين ، هنا جلست جوزيت تفرك يديها ووجدت نفسها تحكي لها حكاية فخرية وكهرمانة وكل شيء ..
نبيلة:- آه يا حكيم ومع من تعيش ، هل يعلم بماهيتهم حقا ويتعامل معهم ؟
جوزيت:- فخرية تعيش في كنف حكيم منذ أن غادر البيت ، يعني راعته واهتمت به وكانت له مثل الأم وأكثر لذلك معزتها في قلبه غالية وهي كذلك تعتبره ابنها الذي لم تنجبه
نبيلة:- لا طمأنتني يا بنت طمأنتني ، ألا تعلمين أنها ساحرة ومشعوذة ولا أدري ماذا .. ثم بسبب أختها نحن نعيش في لعنات ووبال متواصل
جوزيت:- هذا ما لدي لأخبركِ به يا جدتي نبيلة
نبيلة(زفرت بعمق):- أبصر ماذا تخفين أيضا عني ، أتعلمين أنني لن أسامحكِ لو كنتِ تخفين أسرار أخرى تهمني
جوزيت(بتلعثم وقفت):- سامحيني والله لا أستطيع قول شيء الآن ، ليس من حقي ذك
نبيلة:- اممم كما توقعت
جوزيت(انحنت أرضا وأمسكت يدها بدموع):- سوف أنتقم لموت أبي ، أقسم أنني سأجعل كهرمانة تدفع الثمن غاليا فحتى لو كان أبي إنسانا سيئا لكن في آخر أيامه كان سيتوب ، وهي حرمته من ذلك ولم تغفر أنا لا أستطيع مسامحتها يا جدتي نبيلة لقد سرقته مني …
نبيلة(مسحت على وجنة جوزيت):- دعي الانتقام لرب العالمين ، انسي الأمر واهتمي بنفسك أخبريني بعد خروجكِ من البيت إلى أين ستذهبين ومتى سنراكِ مجددا ؟
جوزيت:- سأتصل بكِ بين الفينة والأخرى ، لكن أمانة دعيهم يسامحونني لا تجعليهم يكرهونني ويحتقرون تصرفي خلال هذا الأسبوع ، يعني أنا أجبرت عليه ولكنني لست نادمة فقد كان أفضل شيء يحدث لي مذ أن دخلت دروب الضياع .. وجدت فيكم عائلتي المفقودة وأتمنى أن أبقى أثرا جميلا في قلوبكم
نبيلة:- ستبقين كذلك لأنكِ منا وفينا يا بنيتي ، لكن لم تجيبي على سؤالي ؟
جوزيت:- سأذهب حيث كان علي أن أذهب منذ عودتي ، اعذريني فذلك المكان محرم علي البوح بشأنه ما لم يحن الوقت المناسب ، آسفة لكنني لا أستطيع
نبيلة(عانقتها بحنان):- سأنتظركِ يا ابنة الغالي
جوزيت(انفجرت باكية):- اهئ … جدتي
نبيلة(بحسرة الماضي التي تكومت في جوفها):- آه يا حفيدتي الحبيبة …
هنا توسمت علاقتهما بالاعتراف الذي كانت تنتظره جوزيت ، أن تعترف بها نبيلة لكي تشعر أنها فعلا تنتمي لذلك البيت والآن أمامها خطوة تقبل العائلة وستحل ربع مشاكلها حسبما تظن ، غادرت غرفتها بابتسامة وصعدت لتجهز نفسها فالليلة المرتقبة على وشكِ الحلول … تركت نبيلة وهي تفكر في فخرية التي تجرأت ووطئت بيتهم وعزمت على أن تستفسر من حكيم ما إن تراه .. في تلك اللحظة كانت فخرية تجلس بالحديقة وهي شاردة الذهن ، لحين هلت عليها زوبعة أختها التي لا تعرف للراحة طريق
شاهيناز:- ذلك الحيوان طلال عرض علي الزواج ، أتصدقين ما هذا الملل ؟؟؟؟
فخرية:- لا رد
شاهيناز:- أكلمكِ يا امرأة أجيبي ..؟؟
فخرية(تنهدت):- ..لارد
شاهيناز(صغرت فيها عينيها ورفعت يدها مسببة صداع لفخرية التي فتحت فيها عينيها بغضب):- هكذا ستجيبينني
فخرية(أغمضت عينها لتتمالك الوجع ورفعت يدها):- توقفي
شاهيناز(توقفت ووضعت رجلا على رجل):- أخبريني الآن ماذا يحدث لكِ ، فأنا لا أملك قدرة التنبؤ مثلكِ لذلك اختصري ؟
فخرية:- الليلة ..
شاهيناز:- ما بها الليلة ؟
فخرية:- ستظهر ميرنا على التلفزيون لتنفي علاقتها بقضية الفهد البري ..
شاهيناز:- لدي علم أخبرتني أختي الحبيبة التي تشاركني بكل الأسرار وليست مثلكِ كئيبة وكلها غموض ، المهم وبعد ماذا في الموضوع ؟
فخرية:- سيحاولون قتل ميرنا
شاهيناز(صفقت بحرارة):- احلفي ستموت يعني ، يااااه يجب أن نحتفل ؟
فخرية(بغبن نظرت إليها):- ما أغباكِ يا سلسبيل … حتى مع كل هذه العقود التي بقيت فيها لوحدك ما زال عرق الغباء متفش فيكِ ..
شاهيناز(بلؤم):- الآن ما الداعي لهذا الكلام ؟؟؟
فخرية:- لما فرحتِ للخبر يعني اشرحي لي ؟؟
شاهيناز(بسعادة):- سنتخلص منها يا فخرية للأبد ههه ، يعني لا هي ولا قوة عشيرة الشمس ستعرضنا للخطر أو تشكل تهديدا على حياتنا
فخرية(ضحكت بقوة حتى دمعت عيناها):- ههه ههههه يعني أنتِ تعتقدين أنه بموتها ستسلمين من الموت الذي ينتظركِ بالأحضان ، صدقا أنتِ نكتة ..
شاهيناز(بغيظ):- الآن أنتِ تضايقينني ..
فخرية:- لن أتمادى معكِ دعكِ تهيمين في أوهام السراب
شاهيناز:- توقفي .. لما أنتِ تسخرين هكذا ، يعني حين تموت ميرنا تموت معها كل القوى وسنستطيع العيش بحرية مع قلادة الشمس التي سنجدها لا محالة
فخرية(اقتربت منها وبصوت كفحيح الأفاعي):- إذن دعيني أخبركِ بسر كي لا تقولي أن كهرمانة أختكِ هي فقط التي تأتمنكِ على الأسرار … إن ماتت ميرنا لن تعثري على قلادة الشمس ولو بقيت الدهر كله تبحثين أتعلمين لماذا ؟؟؟
شاهيناز(وقفت بتلعثم وارتباك):- لماذا ؟
فخرية:- لأن القلادة مرتبطة بروحها ، إن اختفتِ الروح تبخرت القلادة هل أنتِ سعيدة الآن ؟
شاهيناز(جحظت عينيها بهلع وأمسكت يد فخرية):- أأنتِ جادة ؟
فخرية(جذبت يدها بقوة):- كما تسمعين
شاهيناز:- إذن علينا حمايتها يا فخرية ، يجب ذلك ريثما نجد القلادة وبعدها لا شأن لنا
فخرية:- لا تجمعيني في جملتكِ القذرة وتخطيطاتك الشريرة يا سلسبيل ، أنا ضدكِ وضد كهرمانة وسأبقى كذلك حتى الموت
شاهيناز:- هل ستموت حقا ؟
فخرية(ضحكت):- لا أدري ، لذلك سخري قوتكِ واحمها إن استطعتِ
شاهيناز:- ماذا علي أن أفعل ؟
فخرية(ولتها ظهرها وهي تبتسم):- وهل ستنفذين ما سأقوله ؟
شاهيناز(ترددت بداية لكن لمصلحتها ستنفذ):- سأحميها لو كنت سأحصل على قلادة الشمس ، أخبريني
فخرية:- عليكِ أن تصنعي تساعديني في صنع تعويذة حصن
شاهيناز(عرفت قصدها وشعرت أن نجاتها وفوزها بالقلادة مرتبط بهذا):- سأساعدكِ بشرط أن تبتعدي قدر الإمكان عني حين أجد القلادة ولا تحاولي سرقتها مني ..
فخرية(في الأحلام):- أعدكِ ..وعديني أيضا أن يبقى هذا سرا بيننا ولا يعرفه مخلوق خصوصا أختكِ الثرثارة
شاهيناز:- وعد ..
فخرية:- الحقي بي لغرفتي إذن ودعينا نبدأ قبل حلول الليل …
شاهيناز:- أنتِ لا تتلاعبين صحيح ؟
فخرية:- ليس لديكِ حل سوى تصديقي فحسب علمي أنتِ امرأة لا تغامر بالموت مرتين
شاهيناز(لحقتها وهي تزفر بعمق):- لن يكون اسمي سلسبيل إن لم أحولكِ لرماد ، لو اكتشفت أنكِ تغدرين بي …
فخرية:- يا الله لن تصمت من توعداتها التي تثير الغثيان ..
شاهيناز(صغرت عينيها ورفعت يدها):- هذا نتيجة لتطاولك علي ..
فخرية(أمسكت رأسها من الصداع وهي غاضبة):- سلسبيييييييل !!
تقدمت سلسبيل وهي تبتسم مما سببته لها ، وتركتها في سلام لتلحق بها للغرفة كي تقوما بتفعيل تعويذة حصن لحماية ميرنا يعني هذا ما تعتقده سلسبيل ، لكن ما ستفعله فخرية هو أنها ستفعلها لكي تحمي حكيم بالدرجة الأولى .. والذي كان قد أنهى كل ما يلزم في المقر وركب سيارته ليعود للبيت كي يرتاح قليلا وبعدها يتحضر للمساء ، انتبه لرقم غريب على هاتفه وحين اتصل به لم يجب واعتقد أنه خاطئ فلم يولي بالا للموضوع ..
وعليه سننتقل لذلك المساء وقبل ساعتين من موعد البرنامج وتحديدا في البيت الجبلي .. ارتدت ذلك القطم الكلاسيكي وامتنت من اسمها الذي كان مطرزا بحروف جميلة وجذابة على جيب سترتها العلوي ، تفقدته وهي تبتسم لنفسها بالمرآة ، حاولت قدر جهدها أن تكون جذابة برقتها وعذوبتها وبأملها في القادم وبأن يكون كل شيء على ما يرام ، لذلك تفننت في زينتها وأعطت كل وقتها للتحضير رفقة جمانة التي كانت تساعدها في كل خطوة .. تحت أمر من ميار قامت بطي قميص النوم وردائه ووضعته على سريرها بشكل لطيف ، ميرنا لم تنتبه فقد كانت تنظر للساعة وتشعر أن الوقت قد اقترب ، تعطرت بعد أن فردت شعرها من جانبيها واستدارت لجمانة التي ضمت يديها لتتأملها بدفء وإعجاب ..
جمانة:- تبدين راقية وأنيقة جدا ، فعلا يمكنني أن أجزم أنكِ شخصية مهمة
ميرنا(طالعت نفسها بالمرآة):- هل أبدو جميلة ؟
جمانة:- ليس جميلة بل خلابة جذابة وكتلة متفجرات تسير على الأرض ..
ميرنا:- ههه أنست بمعرفتكِ صدقا تعلمين ذلك ؟
جمانة(بحزن):- حتى أنا .. لكن ستعودين الليلة صحيح ؟
ميرنا(رمشت وهي تبتسم بمرارة):- محتمل ..
جمانة(فركت يديها):- تمام دعيني أرى أمي لما تناديني ، أكيد لترش عليكِ بعض الملح والسكر
ميرنا:- ملح وسكر ، ولماذااااا ؟
جمانة:- الملح لإبعاد العين والحسد ، والسكر لتكوني حلوة للناظرين
ميرنا(رفعت حاجبيها بدهشة):- ما اعتقدت أنها تؤمن بهذه الأمور ؟
جمانة:- أمي تفاجئكِ على الدوام … أنا قااااااااادمة ستقلب البيت إن لم أنزل …
ميرنا(مسحت على بطنها وهي تشير لها بالنزول):- تفضلي …
سحبت نفسا عميقا فالوقت قد اقترب وعليه خرجت لترى ميار ، فذلك الوقت الحاسم الذي عليها فيه أن تودعه قبل رحيلها ، دخلت لغرفته ووجدته جالسا على السرير في شرود يلعب بخيط أسود يتدلى بمثلث صغير ..تنحنحت لكنه لم يسمعها في البداية إلى أن اقتربت وانتبه
ميار(لم يرفع رأسه):- هل انتهيتِ ؟
ميرنا:- أجل أنا جاهزة
ميار(دك عينيه في الخيط الأسود وتنهد بصمت قبل أن يستقيم):- ميرنا .. سأشتاقكِ
ميرنا(اهتزت حدقتيها وهي تنظر لعينيه الكسيرتين):- هل أنت حزين ؟
ميار:- أعلم أنكِ لن تعودي إلى هنا ، إحساس يخالجني بذلك لكنني أبيت تصديقه فأنا أريد أن أثق بكِ وأصدقكِ حتى ولو كذبتِ علي
ميرنا:- كذبي ليس حلوا كما تعتقد ، إنه مرير بمرارة العلقم
ميار(اقترب وأمسك يدها برقة):- هو على قلبي مثل العسل ، أخبرتكِ بذلك ..
ميرنا(اندهشت حين رأته يلف الخيط على يدها ويعقده كسوار بدقة وأخفاه تحت قميصها):- هذا الحجاب من أمي ، لطالما حرسني وحماني من كل شر .. لذلك أريدكِ أن تحتفظي به
ميرنا(رفعت كم القميص ونظرت إليه):- ولكنه خاصتك لا يمكنني قبوله يا ميار ؟
ميار(ضم يدها في يده وجذبها إليه بقبلة على جبينها):- لقد قبلته حقا ، لذلك لا تطيلي في الأمر أنا لا أتراجع عن أفعالي أو أقوالي أو وعودي يا ميرنا … لذلك احتفظي به ربما تعيدينه لي يوما ما
ميرنا(ارتعشت):- أنا سأعود هذه الليلة
ميار(ضحك من كذبتها تلك وتوجه للصندوق الموضوع على منضدته وأخرج هاتفها ليعطيها إياه):- وسأنتظركِ .. هيا أتممي استعدادكِ سأودعكِ حين تهمين بالرحيل
ميرنا(تحركت من بعده وهي تشعر بقلبها يتمزق):- طيب
نظرت لهاتفها بشرود وخطت خطوات بائسة صوب غرفتها لتتمم آخر استعداداتها وتشحن نفسها بالطاقة، لعلها تستطع خطو هذه الخطوة المصيرية … على أساس ذلك تم وودعته في الحديقة بعناق أخير تملص منه كي لا يؤكد الخيبة في قلبه ويترك مشاعره متحررة في إطار صدق وعودها ، لا علم أن ميرنا والوعود علاقة متناقضة أو كان يعلم لذلك أبى أن يقتنع ، حتى بعد ركوبها في السيارة كان يحلق معها ويشعر بأن روحه خطفت منه .. فهل ستعود إليه مرة أخرى هذا ما لن يجده ولا حتى في الأحلام …..

~ في الوقت الحالي ~
وفي اللحظة التي قلبت فيها الدنيا حين لحقت سيارات رجال غضنفر بسيارة حكيم بغية قتل ميرنا ، استطاع أن ينقذها ويسلمها لوائل الذي صعد بها للمروحية التي تسلم نادر زمام قيادتها ، ولم يحسبوا أن الرجال الأشرار سيكونون بتلك القذارة لما صاروا يصوبون مسدساتهم ناحية المروحية لأجل تخريبها أو تدميرها لكن بصعوبة تمكن نادر من التحكم فيها والتخلص من رصاصتهم اللاذعة …
نادر(تحدث من المسمع الذي يضعه على أذنيه):- استعدوا للركمَسة الآن ؟؟؟؟؟؟
ميرنا(بخوف):- وما هي هذه الركمسة ؟
وائل(أمسك بيدها):- إنها مرادف لكلمة الركمجة .. لا تدققي يكون أفضل
ميرنا:- كيف لا أدقق الركمجة يعني ركوب الأمواج ، طيب الركمسة على ماذا سنركب ؟
نادر(أصدر صوت المتعة):- يووووبي سنسبح وسط الغيووووووم
ميرنا(نظرت لوائل):- لا أريد أن أموت هنا وائل ، صديقك جن جنونه
وائل(مسح على وجهها):- لن يحدث مكروه حبيبتي .. أنتِ معي الآن …
ميرنا(أحنت رأسها على كتفه أخيراااااا وجدت روحها):- همم .. يا ترى كيف مضى الأمر بالأسفل ؟
وائل(نظر للظلام حوله وبتوجس وخوف على حكيم):- لنأمل خيرااااا …
طلال(بلهفة ورعب):- اتصل بالإسعاف فورا يا داااااااااغر ، اتصل اتصل
رامز(وضع يده على كتفه المصاب):- يعني لماذا أصاب أنا دوما في المداهمات ، أيْ …
طلال:- لقد أنقذته يا رامز ، لو لم تقفز لكانت أصابت رأسه يا إلهي ….
رامز(أمسك على صدر حكيم المدجج بالدماء):- إنه ينزف كثيرا علينا الإسراع به للمشفى ..وعلى الفور
طلال(أطل من خلف السيارة كانوا ما يزالون يصوبون تجاههم):- هؤلاء سأقتلهم شر قتلة
غير خزان مسدسه وأمسك أيضا مسدس حكيم الذي فقد وعيه من الإصابة ، المهم بدأ طلال يصوب في كل اتجاه وسط أمطار الرصاص ولولا دعم الشرطة وسيطرتهم على الوضع لكانوا هلكوا ، من نجا منهم قد هرب وعاد لجحر غضنفر ومن مات فهو هناك منسدح وسط دمائه … لكن ما يفزع هو إصابة حكيم وانخفاض ضربات قلبه وهذا ما جزعوا لأجله …
طلال(برعب أمسك رأسه):- هيا يا حكيم هيا يا رجل … هيا اصمد قليلا بعد وتصل النجدة
رامز(بتألم من إصابته نظر بأسف لحكيم):- لا تحركه يا طلال ، الوضع غير حميد …
طلال(برفق مسح على شعر حكيم):- آه يا أخي .. إياك وأن تترك يدي إيااااااك … ستأتي النجدة قليلا بعد … اصمد
انتهى الاشتباك بالانتصار أجل ، لكن الأساس قد أصيب في صدره وهذا ما أرعب رفاقه عليه .. وصلت سيارات الإسعاف لعين المكان وأخذوا حكيم الذي صعد معه طلال ملهوفا خائفا على رفيق دربه ، بينما أخذوا رامز في سيارة أخرى واتجهوا صوب المستشفى في حن كان داغر خلفهم يجمع رجاله لكي يأمرهم بمغادرة المكان كي لا يدخلوا بالتحقيق وفي سين وجيم ، فهذا اللازم …
هنا ببيت الراجي كان الوضع مقلوبا رأسا على عقب ما بين صراخ وانهيار وبكاء وخوف ، جلست عواطف محاطة بهم وهي تبكي بقهر وحرقة قلب على ابنتها .
عواطف(بجنون):- من الفتاة التي كانت هنا وتناديني أمي ، هااااه أحدكم يشرح لي من تلك البنت من تكوووووووووون ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
مديحة:- يا الله على هذااااا الخبر ابنتنا تتعذب ونحن هنا نعيش في نعيم
نور(كانت تدور في خط قصير بقلق):- كيف لم نشك بأمرها يعني ، حتى بتغييرها اليوم ما حسبنا أنها ستكون فتاة أخرى غير أختي ميرنا …
عفاف:- صوتها هو الوحيد الذي كان مختلفا ، وقد شككنا بداية لكن اعتبرناه تغيير بسبب الزكام أو بحة أو لا أدري
إخلاص:- أي والله معكِ حق يا عفاف ، حتى وشم كتفها كان موجودا وأيضا وحمتها الوردية لقد رأيناهم جميعا في الحفلة ليلة أمس
رنيم:- أخشى أنه ضُحك علينا طوال أسبوع ، لكن مستحيل ألا يكون حكيم داريا بكل هذااااا
مرام:- أجل حكيم مشترك في الموضوع
عواطف:- اهئ كيف كيف فرط بابنة عمه كيف وأسكن واحدة أخرى حجرته ؟؟؟؟ ليشرح لي أحدكم فعقلي سيجمد من كثرة التفكيييير …
مديحة:- أيا كانت تكون فقد خدعتنا ولو وجدتها لبصقت في وجهها
إخلاص:- صح لقد غدرت بنا جميعا
نور:- فعلتها لا تغتفر تحت أي ظرف كان ما توجب عليها خداعنا ، لا هي ولا حكيم
دعاء:- في الوقت الذي كانت فيه ميرنا تتعذب ، كنا نحن نحتفل ونستمتع
عواطف:- آآآآآه لا تذكريني لا تذكريني على ابنتي المسكينة ، تلك الفتاة لن أسامحها
نبيلة(سحبت نفسا عميقا ونظرت إليهم):- الآن أصبحتِ الفتاة شريرة وغادرة ولا يوثق بها ، لم تتركوا كلمة لم تقولوها على البنت … ألم تضحكوا معها وتألفوها وتصغوا لنصائحها وتعتمدوا عليها ، ألم تشاركوها أسراركم أحاديثكم الخاصة ، ألم تشعروا بها قريبة منكم ؟؟؟؟
عواطف:- ولكن تم ذلك على أساس أنها ابنتنا ميرناااااااا يا أمي …
نبيلة:- ليست ميرنا ، أنا كشفتها منذ أول خطوة خطتها في هذا البيت وواجهتها ..
مديحة:- هئئئئ أصحيح ذلك لكن لماذا لم تخبرينا يا أمي ؟؟؟
إخلاص:- سامحكِ الله يا جدتي …
نبيلة:- أخبركم لكي تطردوها من البيت ، أم لكي تسمعوها من جميل لسانكم ما يليق ؟
عواطف(بلهفة):- أين ابنتي أخبريني أين كانت ابنتي ؟؟؟؟؟؟؟
نبيلة:- لا أعلم ، أخبروني أنها مسافرة إلى أين لا فكرة لدي .. لكنني وثقت بها ووثقت بحكيم لأنني أعرف مقدار حبه لها وأعرف أنه لن يغامر بها ويعرضها لخطر
عواطف:- ولكنكِ سمعتِ على التلفاز أي خطر رمى بها فيه ، لقد تحدثت عن مافيا وعصابة تلاحقها منذ مدة ونحن نائمون في العسل بينما هي تحترق لكي تعيش …
مديحة:- يا إلهي ، هل يعقل أنها في خطر الآن ؟؟؟؟؟
عواطف(ضربت على صدرها):- أهئ أحضروا لي ابنتي …
نور(جلست قرب جدتها):- من هي تلك البنت أخبرينا يا جدتي ، كيف تشبه ميرنا لتلك الدرجة ؟
نبيلة:- لأنها راجية ، وهي ابنة عمكم والشبه جاء مقدرا من عند الله لأنهما قريبات
إخلاص:- كيف يا جدتي ؟؟
مديحة:- راجية هه ؟؟ ولكن هي ابنة من ؟؟؟؟
نبيلة:- ابنة الميت …إنها سليلة مختار وزهرة …
عواطف(صرخت بشهقة):- ماذااا قلتِ ؟؟؟؟؟؟
مديحة:- ولكن البنت ولدت ميتة
نبيلة:- وطلعت حية وهذا موضوع يطول شرحه ، المهم أنها من دمنا ولحمنا ولن نتنكر لها أيا كان ما قامت به كان لأجل حماية ميرنا ، ولا عتب ولا لوم عليها أسمعتم ؟؟؟؟؟
نور(دهشت ورفعت حاجبيها):- عشنا وشفنا
عواطف:- فلتتصل إحداكن بحكيم ، دعوه يحضر لي ابنتي ….
نور(أمسكت هاتفها وفعَّلت الاتصال):- لا رقمه ولا رقمها متوفراااان
مديحة:- اتصلي بطلال …
نور(حركت رأسها واتصلت):- …. ألو طلال جيد أنك أجبتني لقد اتصلنا بشأ….. هئئئئ ماذااااااااااا قلت طيب طيب بأي مشفى أنتم .. أجل عرفته وميرنا ميرنا أختي أين هي ؟؟؟ ماذاااااا طارت طلال أنا لا أفهم شيئا يعني أين ومع من ….. يا إلهي … تمام نحن قادمون
عواطف(ابتلعت ريقها وقد ابيضت شفتاها):- حصل مكروه صحيح ؟؟؟
نور(رمشت بقلق):- مع الأسف حكيم مصاب وهو بالمشفى
مديحة(ضربت على صدرها بهلع):- ولدي …..
دارت بها الدنيا ما إن سمعت بأنه مصاب ورحلت مهرولة إلى المستشفى التي نقل إليها ، كانت نور تقود بهم وعقلها شارد بقلق في مدى إصابته وبجانبها مديحة تولول وفي الخلف عواطف لا تعلم هل تبكي عليه أم على ابنتها التي لم تعرف سوى أنها مع وائل وقد سافرت لمكان بعيد ، الكثير الكثير من الأسئلة الغريبة التي لم يجدوا لها جوابا فميرنا لخبطت الأكوان وتركت الكل فاغرا فاهه في الدهشة والذهول … حاولت عفاف التخفيف عنهما وزرع الصبر والإيمان في قلبهما لكن ما فلحت لا هي ولا نور التي سارعت بسيارتها وسط تلك الطرقات في اتجاه المشفى الذي كان يعج بالشرطة والرجال والصحافة .. بعد مدة نزلت النسوة بهرولة سريعة ودلفن للمشفى وهم يعبرون وسط ذلك الجمع الغفير المجتمع لكي يأخذوا حرفا أو جملة تحكي سبقا صحفيا عن أحداث تلك الليلة المروعة والاشتباك الذي وقع فيها ….
عواطف:- أين غرفة حكيم الراجي يا ابنتي …
عفاف:- دعيني أتصرف يا أمي ، لو سمحتِ هناك مصاب بطلق ناري نقل إليكم قبل قليل
الممرضة:- هناك اثنان وكلاهما بغرفة العمليات ، في الطابق الثاني
مديحة(صعدت وهي تبكي):- ابني أين ابني خذوني لابني …
نور(لحقتها وأمسكتها من ذراعها):- لنستخدم المصعد أين الأقدام التي ستخدمينها للصعود فقط أخبريني وأنتِ قليلا بعد وسيغمى عليكِ …
مديحة(بتيه):- آه أشعر بالخواء لقد لقد ، لالا أنا أرتجف خذيني لحكيم يا نور أرجوكِ ..
نور(عانقتها وسحبتها للأسفل):- حكيم قوي يا خالتي سيتحمل .. تعالي معي ..
أخذوا المصعد للطابق الثاني وقلبهم يهفو بخوف وتوتر من أن يسمعوا أخبارا سيئة عنه لا قدر الله ، لذلك ما إن فتح المصعد حتى بحثوا عن غرفة العمليات ووجدوها في نهاية الرواق .. ربي يعلم كيف قطعوا ذلك الطريق إلى أن وصلوا إليه ووجدوا هناك طلال جالسا على الكراسي وينتظر بدوره ما قد يجد
مديحة:- طلالالالالالالالال … طلال
طلال(نهض بخفة واستقبلها في حضنه):- خالتي مديحة …
مديحة(تمسكت به):- أين ابني ماذا حصل له ، هو بخير سيعيش سينجو صحيح ؟
طلال(عض شفتيه بأسف):- الوضع دقيق جدا ، لا يمكنني حسم الضرر
مديحة(شهقت):- هئئ ماذا تقصد ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
نور(جذبت مديحة قليلا):- خالتي اهدئي ليخرج الطبيب ونفهم منه …
عواطف:- طلال ماذا حدث يا بني أخبرنا رجاء ؟؟
طلال(سحب نفسا عميقا):- بعد التصريح الذي أدلت به ميرنا على الهواء مباشرة ، قمنا بإخراجها من المقر سريعا لكي نتجه بها للمطار
نور:- مطاررر … ولماذا ؟
طلال:- لكي تسافر مع وائل وتكون في أمان ، لكن ما حصل جاء كما توقعنا قاموا بمداهمتنا ودخلنا معهم في اشتباك فاضطررنا لتغيير الخطة والتي كانت أن يتخذوا مروحية للهرب بها ، وذلك ما تم كان نادر هو الطيار وقد صعدت ميرنا ووائل إليها بأمان ، وقتها وصل العدو إلينا واشتبكنا معهم مجددا لنحمي أنفسنا ونحمي ميرنا فقد كانوا يصوبون تجاه المروحية بغية إسقاطها لكن قدر الله ولطف …
عفاف:- وبعد ؟؟؟
طلال:- لا أدري كيف حصل ذلك كان الأمر سريعا ، صوب أحدهم تجاه حكيم ولولا تدخل رامز في الوقت المناسب لكانت أصابت الرصاصة الثانية رأسه ولكُنا فقدناه ..
عواطف(ابتلعت ريقها):- طيب ما وضع كلاهما الآن ، قل الحقيقة أرجوك ؟
مديحة(وضعت يديها على فمها):- قل يا بني قل …
طلال:- رامز الحمدلله جاءت الرصاصة في كتفه ، أما حكيم كما أخبرتكم الوضع خطير والرصاصة ضربت صدره يعني بقرب القلب …
مديحة(لم تستطع إمساك نفسها فهوت على الأرض):- حبيبي يا ولدي … اهئ
طلال(عض شفتيه بأسف وتراجع للخلف):- آسف منكم …
عواطف(نزلت أرضا وعانقت مديحة):- بالله عليكِ يا أختي لا تفعلي بنفسكِ هكذا ، سينجو منها أنا واثقة يا أختي أنا واثقة
مديحة(أخذت تضرب على فخذيها):- سأخسره يا عواطف سأخسر ابني حبيبي ..
نور(وضعت يدها على جنبها وأخذت تدور محلها وتنتظر):- ألم يخرج أحدهم بعد ؟
طلال:- تت … ليس بعد
عفاف:- علينا أن ننتظر هكذا عمليات تكون دقيقة جدا ومحرجة …
الطبيب(بعد لحظات خرج والممرضة خلفه):- هل أنتم عائلة المصاب ؟
نور:- أجل نحن .. خيرا يا دكتور ؟
الطبيب:- بالنسبة للجريح المصاب في كتفه فهو بخير ولا ضرر عليه قمنا بنزع الرصاصة وسيتماثل للشفاء إن شاء الله ، لكن المريض الثاني في وضع حرج لم نخرج الرصاصة بعد فقد أبقيناها في وضع مستقر لأنه نزف كثيرا وإن قمنا بنزعها سوف لن نستطيع التحكم بالنزيف وقد نفقده لا سمح الله ، لذلك نحن بحاجة لتبرع سريع بالدم مع الأسف زمرته نادرة وليست متوفرة
مديحة(نهضت بلهفة):- أنا أمه خذوا مني كل دمي ، خذوه كاملا فقط ليعيش ابني
عواطف:- وأنا خالته وهذه ابنة عمه فقط أخبرنا ماذا يجب أن نفعل وسنفعل ..
الطبيب:- لقد حاولنا إبقاء الأمور قيد السيطرة ، لكن يلزمنا تدخل سريع ولذلك أرجو أن تخضعوا جميعا لتحاليل الدم في المختبر هناك ، ولو كان هنالك أفراد آخرون اجعلوهم يفحصون أيضا يجب أن ننقذه وهذا الحل الوحيد أمامنا … حفظه الله لكم
نور(عانقت خالتها التي انهارت ببكاء):- يكفي بكاء خالتي سننقذه
مديحة:- اهئ أحقا يا نور … هل سينجو ابني ؟
نور(مسحت دموع مديحة وعانقتها):- سينجو … دعيني أتصل بالبيت
عفاف:- أنا أعرف زمرة أغلبيتهم لذلك سأحاول مطابقتها مع زمرته ونرى ما قد يجد ، سأعود بعد قليل
عواطف:- اذهبي يا ابنتي ربي يلطف بينا …

في البيت الجبلي …
كانت جمانة وإيزابيل مندهشتين تنظران لبعضهما البعض وهما تفكران في المرأة التي قدمت إليهم ، صحيح هي تشبه ميرنا لكن متى غيرت شكل شعرها وثيابها متى تسنى لها الوقت ، فعلى المباشر كانت بالشكل الذي ذهبت فيه من بيتهم قبل ساعات لكن حين عادت كانت شخصا آخر حتى حديثها كان مقتضبا مختصرا ومتعجرفا أيضا ..
جمانة:- أيعقل أننا أصبنا بالجنون والحول يا أمي ؟
إيزابيل:- لا يا بنت يعني .. تت لا أعتقد أننا جننا فما رأيتِه قد رأيتُه أنا أيضا ،لكن ما أستغربه هو صمت السيد ميار لم يحرك ساكنا وتقبل دخولها لغرفته بهدوء تام
جمانة:- معكِ حق ، أمر محير حقا
إيزابيل:- عموما الصباح رباح دعينا ننام يا ابنتي ..
جمانة(نظرت صوب الدرج ولحقت بأمها):- طيب …
في تلك الأثناء كانت متقوقعة على السرير تغطي نفسها بذلك الغطاء ، بينما كان هو جالسا على طرف الكنبة قرب النافذة يدخن سيجارة تلي سيجارة دون توقف وبمرارة .. حاولت استنطاقه حاولت استمالته وإغواءه لكن لم تفلح بشيء .. فحين نزعت فستانها وارتمت بحضنه بادلها بقبلة وقبلتين بشغف لامسها بحنين وشوق حتى أنه قلبها على السرير ومسح على شعرها في عدم مقاومة لمشاعره التي تجرفه نحوها ، حين كانت تفتح أزرار قميصه بلهفة وجنون ، لكن سرعان ما استفاق مما كان يفعله وتوقف وابتعد عنها دون أن يلمسها تركها هكذا عارية من المشاعر ومن الحب الذي كانت تنتظره منه على نار .. لقد صدها بشكل جارح كسر أنوثتها وجعلها تشعر بأنها مرفوضة ومنبوذة وهذا ما أجبرها على البقاء فوق سريره على ذلك الشكل ، فلم تقوى إلا على رفع الغطاء لصدرها لعله يستر عري وجدانها الكسير بسبب تصرف ميار …
ميار(أطفأ سيجارته واستقام بقميصه الذي بقي مفتوحا بفعل يديها الجريئتين):- أجيبيني لما أتيتِ إلى هنا بدل ميرنا ؟
جوزيت(زمت شفتيها ومسحت دموعها الممتزجة بالكحل):- ميرنا .. طبعا ستسأل عنها أما أنا حتى لو فعلت لأجلك هذا ورخصت نفسي لن تجبر خاطري بكلمة …
ميار(تقدم إليها بغضب وأمسكها من ذراعها):- أجيبي دون رد كلام ، أين … هي ..ميرنااااااااااا ؟؟؟؟
جوزيت(تألمت وهي تمسك بالغطاء جيدا حول نفسها):- لا أدري
ميار(أمسكها من الذراع الأخرى وجعلها تنتفض وهو يبعدها عن السرير ليوقفها أمامه):- بلى تعلمين ، أجيبيني الآن يا جوزيت ولا تدعيني أؤذيكِ ..
جوزيت(نظرت لعينيه الشرستين وشعرت بالغبن):- أنت تؤلمني.. هل ستؤلمني لأجل ميرنا
ميار(ترك يديها وضرب على دولابه بضربة قوية حتى تصدع وسطه):- جوزيييييييت
جوزيت(لفت حولها الغطاء جيدا وتقدمت خلفه واضعة يدها على ظهره):- ميار .. أنا لجأت إليك لأنه .. لا يوجد مكان آخر أذهب إليه ولا يمكنني العودة لذلك البيت لقد انكشف كل شيء ، ثم أنت مجبر على حمايتي وتنفيذ شرطك لي ألم تعدني ؟
ميار(تشنج من لمستها وابتعد عائدا لمحله وممسكا بسيجارة جديدة):- لم تردي على سؤالي
جوزيت(ارتعشت حين لم يوليها أدنى اهتمام):- ألهذه الدرجة تستحقرني ، ألا تهتم بحياتي أو بسلامتي يعني هل كنت تتمنى لو بقيت هناك أصارع الموت من قبل غضنفر الوغد .. لقد هددني لأنني بعته لكم وليس ذنبي أنكم لم تمسكوا به فما علي قد فعلته
ميار(سحب نفسا عميقا من السيجارة ونفثه في الهواء بهدوء بارد):- أين ميرنا ؟
جوزيت(تقدمت إليه بغضب ودفعته بيدها حتى ركعت على الأرض):- أنا هنا ، أنا جوزييييت ألا تراني ؟؟؟؟؟؟
ميار(طالعها شزرا وهي بذلك الغطاء المغري، لكنه استمر بالسؤال بشكل أشبه بالهذيان):- أين …. ميرناااااا ؟
جوزيت(ضربت كل ما يوجد على طاولته وطرحته أرضا وبدأت تصرخ بعد انفلات أعصابها كلها):- لا توجد ميرنا لا توجد … لقد رحلت مع وائل هربت معه افهم افهم أنهم لعبوا عليك لعبة وجعلوها تهرب مع حبيبهاااااااااااااا
ميار(هنا اختفت ملامحه واستقام مشيرا بعدم تصديق):- أنتِ تلفقين هذه الكذبة لأجل أن تزعجينني صح ، وائل ما زال طريح الفراش وحكيم مستحيل أن يخدعني بهذا الشكل مستحيل يا جوزيت مستحييل ؟؟
جوزيت(ضربته على صدره بكلتا يديها):- ألا تفهم … لقد كان كل شيء مخطط له ، لقد مرت النار تحت قدميك وأنت لا تشعر لقد ضحكوا عليك وجعلوها تهرب بعيدااااا مع حبيب القلب ، لم تفكر بك ولو للحظة فلما ما زلت متأثرا بها لمااااااااااااااذاااا تنكرني لأجلها ؟
ميار(دفعها عنه وهو يشعر بالحرقة تملأه وأمسك هاتفه):- سأحاسبكِ على كذبكِ هذا ، سترين ما سأفعله بكِ فقط لأثبت كذبكِ سترين جوزيت ….. ردي ميرنا ردي ….
جوزيت:- لن تجيبك لن تجيبك هي في السمااااااء الآن معه على الطائرة …
ميار(شعر بطعم الصدأ بفمه وفعَّل اتصالا لرقم حكيم):- سأحاسبكِ جوزيت على حرقة الأعصاب هذه ، انتظري فقط … وهذا لا رد
جوزيت(جثت أرضا وهي تشعر بخيبة وخذلان من صده):- ولن يرد عليك …
ميار(سحب نفسا عميقا واتصل بطلال):- … ها ألو طلال … أعطني حكيم فورااااا
طلال(بأسف):- لا يمكنني ذلك سيدي عذرا منك ..
ميار:- لا تستفز صبري ، أعطني حكيم لأنني أعرف بما فعله
طلال:- متأسف بصدق لكن لا يمكنه مكالمتك الآن ..
ميار:- هل هربت ميرنا مع وائل ؟؟؟؟
طلال(أغمض عينيه وتنهد):- أجل هربوا ..
ميار(انكسرت روحه لمئة شظية):- هربوا … إلى أين ؟
طلال:- لا أدري سيدي ..
ميار(تمالك أعصابه بقوة):- أعطني حكيييييييييييييم الآن ؟؟؟؟
طلال(مسح على جبينه):- حكيم بغرفة العمليات ، إنه في وضع صعب ما بين الحياة والموت إن لم نجد متبرعا له في غضون وقت قصير سنفقده يا سيدي ..
ميار(شحب وجهه بهلع):- ماذااااا قلت … أصيب بطلق ناري طيب ووضعه يعني ماذا تقول تبرع ما تبرع ؟؟؟؟
جوزيت(نهضت بلهفة):- من الذي أصيييييب ؟؟؟
طلال:- زمرة دمه نادرة جدا ونحن نحاول إيجاد متبرع له لكن ..
ميار:- أنا زمرتي مثل زمرته سآتيكم الآن ، لا تخبر أحدا
طلال(ابتسم بفرح):- حسن سيدي نحن بانتظارك … وأكيد لن يعرفوا
ميار(أقفل الخط وأخذ يقفل أزراره):- ابتعدي عن طريقي الآن ..
جوزيت:- من الذي أصيب لما لا تجيبني ؟؟؟
ميار(وجعه قلبه لحظتها):- حكيم … أصابه رجال غضنفر أثناء الاشتباك هذا ما فهمته ، اسمعي لا تبرحي محلكِ ولا خطوة حين أعود سنتفاهم جيدا حيال كل شيء
جوزيت(ببكاء):- خذني معك ، أرجوك ربما احتجتموني … حكيم سيريدني بجانبه
ميار(أبعدها عنه والتقط سترته):- يفضل ألا تحتكي بي يا جوزيت ، لا أريد أن أفرغ فيكِ غضبي صدقااااااااااا …
جوزيت(تشنجت من صراخه في وجهها وانكمشت حول نفسها):- حاضر … سأفعل ما تريد
ميار(حاول فتح الباب وتذكر أنها رمت بالمفتاح في دورة المياه):- برافو جوزيت تفاجئينني حقا بإبداعاتك ..
انتفضت حين دفع الباب برجله بقوة مطلقة وفتحها حتى ارتطمت بالحائط وعادت ، غادر نافثا الغضب خلفه وتاركا إياها في وضع سيء جدا .. من جهة جرح أنوثتها برفضه لعرضها السخي ذاك قد أهانها في الصميم ، ومن جهة أخرى إصابة حكيم التي لا كانت على البال ولا على الخاطر لذلك فتحت دولابه وأخذت منامته الخاصة وارتدتها وبعدها فعَّلت اتصالا للبيت وأجابت إخلاص …
إخلاص:- من معي ؟
جوزيت:- هذه أنا .. جوزيت رجاء لا تقفلي الخط
إخلاص:- هء أما زال لكِ عين لتتصلي بنا أيتها الحرباء ، دخلتِ بيتنا وأكلتِ طعامنا وشربتِ شرابنا ونمتِ في فراشنا حتى أنكِ تسامرتِ معنا .. وفي الأخير تغدرين بنااااا ؟
جوزيت:- ما فعلته كان لأجل ابنة عمكِ يا إخلاص ، أرجو أن تخبريني بوضع حكيم لو سمحتِ
إخلاص:- لا تتصلي بنا مجددا مثلما نسينا أمركِ انسيه أنتِ أيضا …
جوزيت(تأوهت بدموع):- لو سمحتِ ..
إخلاص(رأفت عليها وزفرت بعمق):- والله لا ندري طلبوا من بعضنا الذهاب للمشفى من أجل فحوصات الدم ، لكن أغلبيتنا لا تحمل نفس زمرته ولا ندري ما العمل
جوزيت:- هل تعرفينها ؟
إخلاص:- لاء .. لكن عفاف تعرف
جوزيت:- هل لكِ أن تعرفي ماهي وتخبريني ، ربما كانت ذات زمرتي وأمكنني التبرع له
إخلاص:- أحقا ستفعلين ، طيب طيب سأتصل فورا لأخبرهم …
اتصلت إخلاص بهم وكانت قد وصلت رنيم ودعاء وأيضا جدتهم نبيلة ، ولم تتوافق زمرتهم معه مع الأسف وهذا ما شكل ارتباكا بالنسبة لهم أكثر مما يلزم ، فحتى من بالبيت لم تكن فصيلتهم مناسبة لفصيلته ولا حتى جوزيت التي أصيبت بخيبة أمل …
عواطف:- كيف يعني زمرته مختلفة ، إنه ابننا يعني ولا واحدة فيكم تملك نفس فصيلته
مديحة:- إنه يشبه عبد النور أبوه ، فحتى هو كان يملك زمرة نادرة ومختلفة عن سليم
نور(عضت إصبعها):- الآن ما العمل ، هل نعمم الخبر عند الأصدقاء ؟
مديحة(برجاء):- افعلوا ذلك أنقذوا لي ابني لو سمحتم …
عفاف:- لنتصل بهم ..
اتصلت نور بكوثر وعبد المالك وقد كانوا أساسا في طريقهم للمشفى فحين اتصلوا بالبيت للاطمئنان على ميرنا علموا بما حدث وتوجهوا للمستشفى ، ولكن بدون فائدة فحتى هما زمرتهما تختلف ، وصلت بعدهم ميرا وشهاب والقلق باد على ملامحها من الأخبار التي سمعت وطمأنوها بهدوء لكي لا تقلق حملها وبصعوبة تمكن شهاب من جعلها ترتاح على كراسي الانتظار ، فحتى هما لم يتمكنا من إنقاذه ، وعليه طال الصبر وخافت القلوب فكلما مر الوقت كلما خسروا تلك الفرصة … تعبت كوثر من كثرة الاتصال بإياد الذي لم يجبها وكلمت رقية لتسأل عنه والتي نفت رؤيته طوال ذلك اليوم ، وحين عرفت بما حدث أخبرت ماريا بإصابة رامز وحكيم والتي طارت لتصل إلى هناك كي تطمئن عليهم واتفقت مع رقية على اللقاء هناك .. أصبح المشفى يعج بهم ولا أمل حتى الآن … طالت الساعات وطال زمن الترقب والقلوب الوجلة تموت في كل دقيقة من فرط التفكير المشين ، لحظتها خرج طلال لينتظر ظهور ميار فهو الأمل الوحيد لحكيم لكنه تأخر تأخر فأكيد المكان ما بين البيت الجبلي والمدينة بعيد بهذا القدر ، تأفف وهو يدور هناك كالأحمق دون قرار وحين عاد للداخل اصطدم بتلك الفتاة التي كانت تجرها الممرضة فوق الكرسي المدولب ، ممسكة بعود نقل الدم على الأغلب لكي تسارع عملية سحبه منها ، وجد نفسه يلحق بها دون شعور لحين اختفت بها الممرضة في غرفة خاصة جعلتها تقف بوهن وتضطجع على السرير لعلها تستعيد ما استنزفته من دم تبرعت به لأجل حكيم مريضنا المصاااااب .….
هنا فتح فمه مندهشا ولاحق الممرضة التي نقلت البشرى لهم بإيجاد المتبرع ، وبسرعة أدخلت أكياس الدم في علبة مناسبة لغرفة العلميات لكي يتمموا ما بدؤوه قبلا ، هنا رفع هاتفه واتصل بميار الذي كان ما زال عند منتصف الطريق يدعك الفرامل لكي يصل وينقذ صديق دربه .. لكن حين أخبره طلال أن الأمر تم ولا داعي لتواجده فقد يراه أحد ما ويشك بأمره ، هنا تراجع على أمل إمداده بخبر ما إن تتم العملية بنجاح ، وعزم على زيارة حكيم ما إن ينجو من هذه الوعكة الصحية ، وعليه استدار من الطريق وعاد للبيت الجبلي ….. اتصل برشيد لكن كما توقع ما كان سيجيبه لأن النذل في وكر غضنفر وقد تواطأ معه لأجل قتل ميرنا ، تمام سيجمع لهم الحساب ويجعلهم يدفعونه بشكل لا يخطر على بال .. من جهة تنفس عميقا من صدمته في ميرنا فما كان يتوقع أبدا أبدا أن تخذله وتخدعه بذلك الشكل ، تهرب مع وائل هذا حتى في خياله لم يتوقعه لكن كله باتفاق بينه وبين حكيم أكيد كلاهما أجبرها على ذلك ، ثم من جهة عرف أنه لمصلحتها الهرب لمكان لا يعرفه أحد ، وهذا ما أراح قلبه قليلا لكن في ظل الابتلاء الذي ينتظره ببيته فأكيد لن يمضي الأمر على خير ، لأن جوزيت عازمة على نيل غايتها وهو لن يتمكن من جرحها طوال الوقت لكي ترحمه وتتركه ينعي فجيعته بصمت ….
تم زف الخبر لكل الأحبة بوجود المتبرع المجهول ، طبعا أخبرتهم الممرضة بناء على رغبة المتبرعة أن تكتم الأمر ، ولذلك ما إن خرج الطبيب وأخبرهم أن وضع المريض مستقر وقد مرت عمليته بسلام حتى تبادلوا التهاني والمباركات لأجل سلامته ، لذلك انسحب طلال وتوجه لتلك الغرفة حيث كانت تلك الفتاة لعله يشكرها على ما قامت به ويسألها عن سر تواجدها هناك ولكنه كما توقع حين لم يجدها على السرير فقد غادرت المكان في لمح البصر
طلال:- أين ذهبتِ ؟؟؟؟ آه إنها الممرضة … لو سمحتِ كان هنالك فتاة متبرعة نائمة هنا ، رأيتكِ حين أخذتِ منها الدم هل لكِ أن تدليني على مكانها ؟
الممرضة:- لقد جاء رجل غريب وأخذها قبل قليل ويظهر أنه حارسها الشخصي
طلال(رفع حاجبه):- عجيب …. تمام مشكورة يا أختي …
عاد أدراجه إليهم وهو عازم على نسيان الموضوع ، طالما تكتمت عليه فهو أيضا سيصمت … كانت الفرحة ترقص من أعينهم لنجاة ابنهم ، وصلت أيضا ماريا وقتها وتركت رقية تحاول الوصول لإياد ولكن لم يحدث ذلك ، لهذا تركتها تجرب ودخلت مباشرة لغرفة رامز الذي كان يتكلم عبر الهاتف لكي يطمئن على سير رحلة ميرنا ووائل اللذين كانا ما زالا يحلقان في الجو ..
رامز:- له ماريا ماذا تفعلين هنا يا بنت ؟
ماريا(ببكاء):- ألف سلامة عليك أنت بخير صحيح ، لا تتألم أليس كذلك ؟
رامز(بفرح):- يا لهوي على القلق المرتسم على وجهكِ يا لهوي ، آخر شخص قلق بشأني كانت أمي رحمها الله هههه
ماريا:- يا إلهي حتى في وضعك هذا تتكلم بسخرية .. لقد قلقت لأجلك
رامز(حرك لها حواجبه بهزل):- أحقا طيب بقدر ماذا ؟؟
ماريا:- أرى أنك تجد متعتك في قلق الآخرين …
رامز::- طيب طيب لا ترحلي أنا أمزح ، سعدت فعلا برؤيتكِ ماريا
ماريا:- وأنا كذلك ، الحمدلله قد نجا حكيم أيضا وهو في العناية المركزة
رامز:- يجب أن أزوره الآن وأطمئن عليه
ماريا:- تطمئن على من ، السيد فاقد الوعي عمليته لم تكن سهلة يعني صعب أن يستيقظ الآن يعني وجودك مثل عدمه يا رامز ..
رامز(بتفكير):- طيب ستمارسين علي دور الممرضة الآن ، لكن لاحقا سأمارس عليكِ دور المحقق انتظريني فقط
ماريا(جذبت كرسيا لتجلس جواره):- ههه موافقة المهم أن تكون بخير
رامز(ابتسم من خجلها ورفع يده):- هل لكِ أن تمديني بهاتفي ، أحتاج للوصول إلى إياد لم يتصل ولم يسأل منذ ساعات
ماريا:- آآن سأتصل بنفسي أنت ممنوع عليك أن تحرك يدك …دعني أرى اممم ها هو الرقم وجدته … لكن هاتفه مغلق
رامز(بعدم ارتياح):- غريب … تمام ضعيه جانبا سيتصل بي حين يفرغ من عمله ..
شعر رامز بشيء غريب يحدث لإياد والذي كان ما يزال مغمى عليه ، وطبعا حاولت كهرمانة أن توقظه بالماء وبالعطر إلى أن استفاق وهو يرمش بعينيه وينتظر أن يرى شيئا ينقذه من الحقيقة الجلية التي سمعها قبل قليل ..
كهرمانة:- اسم الله عليك يا حبيبي ميار ، ماذا فعلت بك تلك الشمطاء ميرنا أخبرني يا عزيزي هل أزعجتك بفعلتها أكيد أنت لا تنوي حمايتها بعد تلك الفضيحة التي افتعلتها أمام الملأ ؟
إياد(تحرك ليجلس على السرير وهو ينظر إليها ولعرندس وأماني من خلفها):- أ.. لا أعلم
كهرمانة(بغضب):- كيف لا تعلم كيف كيف ، تلك الفتاة نقمة علينا هي نحس سوف تجرنا كلنا إلى حبل المشنقة واحدا واحدااااا ، وغضنفر لن يسكت قبل قليل أرسل من يقوم بالتخلص منها لكن كانت قد فرَّت بينما لم تصب الرصاصات سوى حكيم إلهي يموت في العملية ونرتاح منه وجه الشؤم مثلها …
إياد(فز عينيه بعدم تصديق):- قلتِ حكيم أصيب لكن كيف هو ؟؟؟
كهرمانة:- يا الله هل ستلعب الآن دور الأهل معه ، فهمنا أنك تحبه وأنه ابن خالك لكن دعنا نستعيد معا ماذا فعله هذا الحكيم لأجلك طبعا كل سووووء وهو الذي لعب بدماغك كي تستقيل لأجل ميرنا الغبية ، ولكن أين هي ميرنا لقد هربت هربت …
إياد(أمسك رأسه بصداع):- رأسي يؤلمني
كهرمانة:- سلامتك يا كبد أمك … والله لو تسمع مني دعنا نتخلص من ميرنا ولك علي أنني سأجعلك تستعيد أخاك ولن يمسه غضنفر بأي شر …
إياد:- أخي من ؟؟؟
كهرمانة(رمشت بهزل):- أخوك إياد يا ميار ، ما بالك تهذي منذ أن وصلت ؟؟؟؟؟؟؟
إياد(دمعت عيناه من هذه الحقيقة):- هل .. هل إياد أخو الفهد البري ؟
كهرمانة:- ههه عرندس عرندس سأموت يا عرندس ، هذا الولد سيجلطني يا عرندس
عرندس:- سيد ميار هل أنت بخير ؟
إياد(ضرب رأسه مع حائط السرير وهو مذهول فيهم):- من أنتم ؟؟؟؟؟
كهرمانة(وقفت من جانبه):- أمااااااني اتصلي بالطبيب هذاااا قد جن جنونه
إياد:- مهلا .. أين هاتفي ؟
كهرمانة:- أماني أعطه هاتفه لقد وجدناه مطفئا لعلمك يعني
إياد(حرك رأسه):- هل لي بدقيقة انفراد لوحدي …
كهرمانة(حركت لهم يدها):- هيا هيا امشوا أمامي ..
إياد:- أريد شاحنا للهاتف لو سمحتم ؟
أماني:- س ..سأحضرره لكك في الححال …
حرك رأسه بشيء أشبه بالغباء المصطنع ، فلو شغل عقله لحظتها أكيد سيصاب بجلطة دماغية لا فكاك منها ، لذلك آثر أن يفهم الأمور بروية وهدوء كي يستوعب كمية المعلومات التي سمعها مذ أن وطأ ذلك الخان … أحضرت له أماني الشاحن وسرعان ما وضعه بالمقبس وشغل هاتفه وجد اتصالات جمة من رامز لذلك اتصل به على الفور …
إياد(بصوت خافت):- رامز .. لقد حدث معي شيء لا يمكنك تصوره بالمرة
رامز(بنفس الخفوت):- حتى أنا ، لقد زارت رصاصة كتفي وأنا الآن معلق من الذراع
إياد:- هء ماذا تقول أحقا ، طيب وكيف حالك ؟
رامز:- ما زلت على قيد الحياة ، يعني ما زلت سأكرِّهك في عيشتك
إياد:- هه والله لو كنت محلي لاستحليت ذلك … رامز هل أصيب حكيم حقا بطلق ناري ؟
رامز:- مع الأسف وكنت أخوك بطلا لولا قفزتي الرباعية لما نجا ولكانت ضربت الرصاصة رأسه ، أنا الذي أنقذته هع !!
إياد:- يا لقِمة التواضع التي تمتلكها يا صديقي ، طيب كيف وضعه ؟
رامز:- بخير كان بحاجة لتبرع بالدم لأن زمرته نادرة وغير متوفرة بالمشفى ، لذلك تم تدبر الأمر لا أدري من ولكن ربما إحدى بنات عمه
إياد:- وأين ميرنا ؟
رامز:-طارت في الجو مع وائل
إياد(أمسك على رأسه):- يعني كنت تعلم أن هنالك امرأة غيرها تعيش في بيتنا واسمها جوزيت ، صح ؟؟؟؟
رامز(عض شفتيه):- أوأون هل أمسكت بي متلبسا للتو ؟
إياد(بحنق):- راااااااامز ، أنا في وضع جد دقيق لا أدري هل سأخرج من هذا المطب على قدمي أم لا … لذلك لا تختبر صبري وانطق
رامز:- حسن عرفت قبل أيام بسيطة بذلك ، وائل وحكيم طلبا مني التكتم على الأمر لمضاعفة الحماية لأجل ميرنا هذا كله
إياد:- وهل كانت حقا مع الفهد البري ؟
رامز:- بعينه .. ولكن من أين عرفت أنت كل هذه المعلومات ؟
إياد(نظر حوله في نظرة تفاجئ):- لأن الكل يعتبرني هو …!!!!!!!!!!!!!!!!
رامز:- يا إلهي ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ….

عاد للبيت كسيرا بألف خيبة ومليون وجع والكثير من الأنات الصامدة في قلبه ، ظل مشدوها أمام البيت بعد أن ترجل من سيارته واستذكر رغما عنه ذكرياته معها طوال ذلك الأسبوع ، منذ بدايته حتى نهايته .. وجد أنه تعلق بها بشكل جنوني يريد أن يراها الآن ولو حتى من بعيد لكن كيف ذلك وهي قد هربت مع حبيب القلب على قولة جوزيت ، أكيد لن تعود إلا وهي على ذمته وهنا لن يتمكن من الحصول عليها كما يأمل … لا يعلم أن الأمور عندها بدورها مقلوبة رأسا على عقب ، لكن لما فعلت ذلك سأل نفسه مرارا وتكرارا وهو يبحث عن إجابة أبَعد كل ما مرَّا به ما زالت لا تثق به ، أكانت تسخر منه وتستغبيه فقط لكي يصل هذا اليوم وتهرب ، أكانت تضعه طريقا لأجل مصلحتها وخلاصها لكن ماذا عن تلك الأحاسيس التي شعر بها قربها ، ماذا عن قلبها النابض ماذا عن حديث عيونها الصامت ، ماذا عن لهفتها خوفها ابتسامتها بكائها ولجوئها إليه .. ماذا عن ليلة أمس هممم ألم تنم على لمسات يده فوق شعرها ألم تنم إلا على صوته الدافي ، كيف استطاعت أن تطعنه بهذه البراعة .. أيعقل أنها تفوقه ذكاء لذلك لم يستطع كشف الحقيقة في الوقت المناسب ، أكان أعمى لتلك الدرجة هل خسر أمامها هل هزمته وكسرت عينه ، لقد انتقمت أجل انتقمت منه شر انتقام فكيف السبيل الآن لإراحة قلبه الجريح وفؤاده المكلوم …
ابتلع ريقه وهو يدلف للحديقة متوجها للأرجوحة الشاردة التي كانت تتحرك في عزلة مع الرياح ، وحيدة مثل روحه التائهة في ملكوت ميرنا … وجد نفسه يجلس عليها بدون حياة تحرك الهوينا في رتم جارح يزيد من وحشة قلبه ، آه يا ميرنا وآه من طعناتكِ الغادرة … قالها وهو يمسح بيده على عينيه اللتين آلمتاه كثيرا ، رفع حاجبيه لكي يسترد رشده لكن كان صعبا عليه آنذاك أن يتخطى فعلتها القذرة … وما زاد من وجعه أن الإنسانة التي يحاول أن يبعدها عن مداره هي التي بلغته بكل صفاقة واستفزاز ، شعر بالغضب يتدفق إلى أوردته لذلك استقام وهو يتوجه داخل البيت صعد مباشرة في غمرة ذلك السكون إلى غرفته ، ليجدها نائمة على سريره وكأنها في بيت حبيبها فعلا ، تلبس منامته تعانق وسادته تتغطى بغطائه وأنت يا ميار لك البرد وما جاوره … حرك رأسه بنفاذ صبر وتراجع للخلف مقوسا حاجبيه وأنفاسه تتحشرج مع خفقات قلبه المتسارعة ، فتح باب غرفة ميرنا ووجدها هادئة ساكنة لا حياة فيه ، فالروح التي كانت تعيش بها قد تخلت عنها ورحلت ، تقدم لينظر لمستحضراتها على المنضدة لامسها بشرود ورفع قنينة عطرها لوجهه وتأملها مليا قبل أن يعيدها محلها ، تحرك للسرير وأمسك بملابسها التي كانت تلبسها طوال ذلك الأسبوع والذي تعمد أن ترتديها لكي تتشبع بعطرها ، فحتى لو كانت إيزابيل تنظفها بين الحين والحين إلا أنه كان موقنا بأنه حين سيرفعه لأنفه سيشم عطر ميرنا …كما الآن وجده متشبعا برائحتها الشهية ، بغبن دفعه لأنفه وهو يغمض عينيه ويشعر بالألم الألم يعتصر وجدانه ، فعلتها ورحلت …… رمقته وهو يتألم ويتعذب لأجل غيرها ممسكا بردائها بين يديه ويشم عطرها الذي تركته خلفها ، أي منظر مؤلم أكثر من هذا حين تجد حبيبها يرثي أطلال امرأة لا تعيره اهتماما ، لا تعبره حتى بعشر ما تكنه له هي … قمة الوجع حين يخذلك رجل وهبته كل ما باستطاعتكِ ويذهب لغيرك … أغمضت عينيها على دموع صامتة وعادت بخفي حنين تجر قدميها الحافيتين لتعود وتتلوى في فراشه ، فهذا أقصى ما يمكنها أن تأخذ منه ، بكت بحرقة وحيدة كما كل ليلة لكن وجدت عزاءها في رائحته التي تلفها من كل جانب فهذا كان بالنسبة لها فرحة منتظرة منذ زمن بعيد ……
بعد مرور ساعات
أعلن نادر عن هوية المروحية خاصته وسمحوا له بعد أن أدلى بالتصريح شفويا عبر اللاسلكي ، بأن ينزل في إحدى المدرجات الخاصة بالمروحيات ، حط بسلام على أرض روما أخيرا ووجد بانتظاره صديقه الذي سيتسلم منه المروحية ويعيدها لأرض الوطن … نزل هو بداية وبعدها وائل ثم ميرنا التي تدثرت بسترة وائل كي تتدفأ بها ، بينما كان هو يتكأ على دعامته الطبية ويمسكها من اليد الأخرى ، نظرت إليه مليا وابتلعت ريقها وهي تغالب دموعها الخائنة فلقد خانت وعودا كثيرة وهي لا تعلم الآن ما الذي حدث من بعدها … فهم من تنهيداتها أنها تعاني بصمت ولا تريد إزعاجه لذلك آثر أن يبتسم وهو يفتح لها باب السيارة
وائل:- من بعدكِ أميرتي
ميرنا(ركبت وهي ترد الابتسامة بحنان):- أنت ما تزال متعبا ، وما تفعله مخالف لشعائر العلاج يا سيد وائل
وائل(انحنى بملوكية):- لأجلكِ نسخر العاقل والمجنون ، السليم والمريض ، العاشق والمعشوق فقط لتكوني بخير…
ميرنا(ابتعدت وتركت له مكانا ليجلس جوارها):- أعطني تلك الدعامة ، على الأقل دع الأميرة تساعد بشيء أليس كذلك ؟
وائل(حرك رأسه بإيجاب وقلبه يهفو فرحا بها):- لكِ ذلك ..
نادر(أغلق الهاتف وركب محل السائق):- عذرا تأخرت عليكم ، أعلم أنكم متعبون لكن هذه هي الإجراءات الروتينية ، خذوا جوازات سفركم تم التحقق من كل شيء
ميرنا(أمسكتهم منه):- سأضعهم بحقيبتي ..
وائل:- ممكن ..
نادر:- والآن إلى الفندق مباشرة ، لقد استخدمت اسما واحدا لنزيل واحد وهو العبد لله
ميرنا(بعدم فهم):- يعني ؟
وائل:- يعني سننزل في الغرفة التي حجزها نادر لنفسه ، وهو سيأخذ غرفتي كاحتياط أمني
ميرنا(بتوتر):- أمم فهمت لا بأس ..
وائل(مسح على يدها بدفء):- أنتِ بخير صحيح ؟
ميرنا:- لو نتصل بأحدهم لنعرف ماذا حدث من بعدنا ، ألن يكون ذلك مريحا ؟
وائل(مسح على خصلة شعرها وجذبها من كتفها لتستريح على كتفه):- سنتصل ، لكن الآن استريحي ولا تفكري بشيء .. لننطلق يا نادر لطفا
نادر:- على عيني
انطلق بهم نادر صوب الفندق وكان مغايرا للفندق الذي اتخذوه أول مرة ، لكي لا يتوقع أحدهم مكانهم بسهولة .. هنا كان وائل يستنشق نسائم عطرها التي اشتاق لها بجنوووون ، آه على أريج الجنة الذي يجعله يحيا في رخاء ، أين كانت منه شمس لياليه أين غابت وتركتِ الظلام يلف حياته من كل جانب … الحياة بدونها لا تطاق وهذا هو اليقين الذي توصل إليه من خلال هذا الأسبوع الذي انحرم منها ، لم يشأ أن ينطق بأي حرف إزاء ما مضى ، أراد تركها على سجيتها وفيما بعد سيتطرقون لكل جوانب الموضوع ، المهم أن يسهر على راحة نبضها وعينيها وروحها التي تبدو تائهة في ملكوت التفكير الذي لا يرحم … كانت متكئة على كتفه أجل لكن عقلها غائب مع الأشخاص الذين تركتهم خلفها ومضت ، وجدت نفسها تلامس ذلك الخيط الأسود بيدها وهي تنظر إليه بعيون خافتة وتفكر كيف هو الآن بعد رحيلها ، كيف مضت الأمور مع جوزيت هل تقبلها أم طردها أم ماذا فعل ،،، وجدت روحها تختنق فجأة حين فكرت بحكيم ومطر الرصاص الذي كان يضرب بالأسفل هل نجا هل هو بخير ، للحظة انتفضت وهي تنظر بتيه مجددا وفتحت النافذة بجانبها لتستنشق الهواء لعلها تلتقط أنفاسا مريحة ..
ميرنا:- أرجوك وائل ، لن أستطيع الانتظار حتى نصل أرجوك اتصل الآن وطمئن قلبي ..
وائل(أمسك هاتفه بقلة حيلة):- طيب اهدئي أنا أتصل الآن برامز .. هو سيخبرني / .. ها ألو يا رامز كيف الأحوال ؟
رامز(بتنبيه):- هل ميرنا بجانبك الآن ؟
وائل(فهم غايته):- أهاه وصلنا بحمد الله ونحن بالسيارة في طريقنا للفندق ..
رامز:- جيد أنك فهمتني ، والآن لا تبدي أي ردة فعل مما ستسمعه تمام استعد للأخبار
وائل:- امممم وكيف هي ؟
رامز:- زفت على قطران على علقم على ويل أسود !! أنا أتألم لقد أصبت في كتفي هااا وقد أصبت دفاعا عن حكيم الذي أصيب في صدره ولو لم أقفز وأتلقى الرصاصة الثانية عنه لكانت ضربت رأسه ومات ، يعني الغبي ذو اللسان الحاد مدين لي بحياته ، عموما الأمور الآن مستقرة وجدنا المتبرع المناسب لزمرة دمه فلا عجب أن يكون غليظ الروح وثقيل الدم طبيعي وأنا الذي كنت أتساءل لما هو كذلك ، اتضح أن الموضوع يتعلق بخلل في فصيلته الجينية … المهم كل هذا في كفة وفي الكفة الأخرى استقبل الأخبار التالية …
وائل(حاول إخفاء نبرة توتره أمام ميرنا التي كانت ستأكله بعينيها):- نعم نعم أسمعك جيدا تابع …
رامز:- إياد … يلعب بعداد عمره حاولت إحياء بنود الصداقة المنعدمة بيننا حتى أنني ذكرته بذكرياتنا السيئة فقط ليتراجع عما فعله ، لكن من الواضح أنه عازم على قراره
وائل:- قرار ماذا ؟
رامز:- وصل إياد لمقر الفهد البري ، والأدهى أنهم يعتقدون بأنه هو الفهد البري ويعاملونه كالملك مما يعني أن هنالك شخصا آخر يشبهه يلعب بين الأدوار …والصدمة تكمن أين ؟
وائل(مسح جبينه من كل ذلك):- هل يتبقى المزيد ؟
رامز:- وهو أنا قلت شيء حتى الآن ، اسمع اسمع الجميل في الموضوع لا لا أي جميل السيء في الموضوع أن الفهد البري هو شقيق إياد ، أتصدق ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وائل(لمح توتر ميرنا):- أممممم أممم وهل يجدر ألا أصدق يعني .. تمام تمام سنبقى على تواصل وشكرا لأنك أرشدتني للفنادق والمتاحف التي يجب علينا زيارتها ونحن بروما ، سأحرص في الزيارة القادمة أن أجعلك مرشدا لنا هه
رامز(ببلادة):- مرشد ماذا أنا محقق … ألو ألووو
وائل(فصل الخط ونظر إليها):- كل شيء تمام ، الجميع بخير
ميرنا(ارتاحت وهي تتنهد):- أرحت قلبي صدقا كم كنت قلقة ، إذن غدا سأتصل بنفسي وأحادثهم أكيد عائلتي قلقون علي أيضا
وائل(ابتسم بحنان):- لما لا ترتاحين ، هم يعرفون أنكِ معي إذن أنتِ في أمان وسكينة
ميرنا(عادت واستلقت على كتفه وتشبثت بيده):- معك حق … أنت راحتي
وائل(قبل شعرها وأغمض عينيه بهدوء):- وأنتِ أنا …
نادر(نحنح وهو يضبط ضحكته):- صبرا يا ربي ودعوة صادقة من القلب ، أريد أن ألتقي بحبيبتي في روما حقق لي ذلك يا الله أنا والله شخص طيب ذو قلب حنون وعطوف …
وائل(أمسك عصا دعامته وضربه لكتفه بها):- اخرس وتابع طريقك …
نادر:- هممم الرحمة يا ربي الرحمة …
ميرنا(انتفضت بتشنج حين سمعتها منه وشردت في صوت ميار):- لقد ذكرها سابقا
وائل:- هل قلتِ شيئا حبيبتي ؟
ميرنا(عقدت حاجبيها وعادت لطبيعتها):- لا فقط سألت متى سنصل ؟
نادر:- ربع ساعة يا ميرنا ، لا تقلقي ..
أومأت له وعادت لموضعها على كتف وائل الذي انتظرته ليال طوال ، وأخفت خيبتها فهي أكيد لن تخرج من بوتقة ميار وتأثيره في غضون يوم وليلة …
هنا في المشفى كان الوضع مريحا بعض الشيء لذلك طلبوا منهم أن يغادروا لأجل الراحة والعودة فيما بعد ، بعضهم غادر وبعضهم اعترض …
عواطف:- أنا بخير صدقني ..
عبد المالك:- افف لن أستطيع الذهاب يا عواطف ، تمام أنتِ ابقي هناك مع أختكِ وأنا هنا لن أضايقكِ فقط لا تطلبي مني أن أرحل وأترككِ في هذا الليل وحدكِ …
عواطف:- يا الله على عنادك يا عبد المالك..
عبد المالك:- أنا قلق بشأنكِ ، أعلم أنكِ تكابرين كي تبقي صامدة أمام أختك .. في حين أن قلبكِ يغلي لأجل ميرنا لا بأس أنتِ أم وطبيعي أن تخافي عليها لكن يمكنني أن أخبركِ طالما هي مع وائل فهي بأمان لأنها مع شخص أمين ويحبها ويقدرها و…
عواطف:- وهذا هو بيت القصيد ، هي متزوجة يا عبد المالك ماذا لو سمحت لمشاعرها أن تجرفها وهي مع وائل ألم تفكر بهذا ؟؟؟
عبد المالك(رمش بتنبه):- أنا أثق بميرنا ، هي ابنتي التي ربيت وأظن أنها تفرق بين الصح والخطأ … ميرنا لا تخون صحيح تكذب تخدع تداري الحقائق لكن الخيانة شيء مستحيل بالنسبة لها ..
عواطف:- وكيف تكون بمثل هذه القناعة ، فتلك مشاعر لا يمكن التحكم فيها ؟
عبد المالك:- الفتاة التي واجهت الموت دون خوف ، وصرحت أمام الملايين أنها غير خائفة من مصيرها المنتظر وأنها ستلاحق ذاك المدعو الفهد البري والذي كان يهددها منذ سنوات ، يستحيل أن تخون قضيتها وتخون إيمانها بالصالح والطالح .. أي نعم ستنجرف قليلا لكنها ستستعيد وعيها وتوقف كل شيء عند حده ، ثم من هذا كله أنا أثق بوائل أيضا يستحيل أن يستغل وضعها ولو كان آخر يوم في عمره …
عواطف(ارتاحت من كلامه وتنهدت بصمت):- يظهر لي أن تواجدك دعم كبير لفائدتي
عبد المالك(ابتسم):- أرأيتِ كم أنا مراع للأحوال ، هه هيا ودعي بناتكِ سأحضر لنا قهوة
عواطف(ابتسمت بخجل):- تمام …
نور(أغلقت هاتفها وتقدمت نحوها):- اتصلت بإخلاص الوضع تمام بالبيت ، جدتي وصلت مع دعاء وعفاف وهم بخير وطلال عائد ليأخذكِ أنتِ وخالتي
عواطف:- جيد ، ولكنني لن أبرح مكاني يا نور ، أختي بحاجتي ولن أتركها وحدها
نور:- أمي قريبا وسأحول عنوان بيتنا للمشفى ، لذلك تعودت على البقاء فيه لكن أنتِ لا
عواطف:- كلامي منته لن أغادر ، ثم عيب السيد عبد المالك بعث كوثر للبيت وسيبقى لأجلي
نور(رفعت حاجبها):- هااا السيد عبد المالك إذن … الله الله
فؤاد:- نور …
نور(رفعت شفتها بكره):- صوت من هذا أكيد من ينظف الممرات ، هل أبتعد يمينا أم شمالا يا أمي ؟
عواطف(بحرج):- شتت عيب ما تقولينه ، أ.. أهلا بك فؤاد كيف الحال ؟
فؤاد:- ما إن سمعت الأخبار حتى جئتكم هرعا ، كيف هو وضع حكيم ؟
عواطف:- مستقر لكنه ما يزال فاقدا وعيه
فؤاد:- الحمدلله ألف لا بأس عليه يجعلها آخر الأحزان إن شاء الله
نور(بسخرية):- هل ستتحول لمتسول الآن ؟؟؟
عواطف(آثرت أن تنسحب كي لا تحرج الرجل):- سأرى مديحة … عن إذنكما
فؤاد(اقترب منها):- ما هذا الهراء الآن ، أنا أحاول الاطمئنان على ابن عمك
نور:- فيك الخير ، أخبرتك أمي عن أحواله لذلك غادر ووفر الأوكسجين للمرضى .. عيب أنت مثقف وتعلم ما مدى خطورة أوكسيد الكربون الذي يتضاعف فجأة كلما ظهرت بمحيط ما
فؤاد(رفع حاجبه):- هل تعارضين حضوري يا نور ؟
نور(كتفت يديها وهي تمط شفتيها):- نوعا ما .. أجل .. هه عن إذنك
فؤاد(حرك فمه بقلة حيلة):- طيب يا نور لنتحملكِ أيضا ، فالفرج يستحب الصبر ..
ميرا(اقتربت من مديحة):- سأغادر ، شادي مع المساعدين وحده علي الذهاب
مديحة(نظرت إليها وهزت رأسها):- فيكِ الخير يا سمر .. سأخبر ابن عمكِ عندما يستيقظ أنكِ أتيتِ ، هو سيستيقظ في الصباح يعني الطبيب قال ربما نتوقع دخوله بغيبوبة ولو حدث ذلك سأصاب بمكروه لا محالة فذلك ابني ليتهم أخذوا روحي ولم يقربووووه ..
ميرا(دمعت عيناها ومدت يدها بتردد ووضعتها على كتف خالتها):- لا تبكي ، سيتحسن
مديحة(رمت بوجهها على خصر ميرا وبكت بحرقة):- اهئ أريد ابني ، أريد رؤية عينيه وسماع صوته ، أريده أن يناديني أمي من جديد ويقبل يدي
ميرا(شعرت بالوجع في قلبها ونظرت لشهاب بعدم اتزان):- شهاااب ..
شهاب(سرعان ما أمسكها من يدها وجذبها لحضنه):- تمام علينا التحرك الآن وضعكِ ليس بجيد ، هيا ميرا
ميرا(بأسى):- سأعود غدا تصبحون على خر ..
نور(ابتسمت لها):- تصبحين على خير يا أختي ، يعني أقول لو تبقين ببيتكِ غدا ولا تعذبي نفسكِ بالمجيء أنا سأمدكِ بالأخبار أولا بأول
ميرا:- لا أدري يا نور ، لو رأيت نفسي بصحة جيدة سآتي لرؤيته
عواطف(فركت يديها):- أنا أوافق نور برأيها ، لا داعي لمجيئك
ميرا(بارتباك):- سنرى ..
فؤاد(غمز شهاب ليقترب منه قليلا):- أرأيت ما فعله ابن عمك ، هل كان لديك علم ؟
شهاب(همس مبتعدا عنهم):- وكيف سأعلم أنا ، لم يخبرني طبعا ولكن ما فعله لا يدخل للعقل ، هل حقا قام حكيم ببعثها معه هل جن هل فقد عقله ؟
فؤاد:- شهاب .. الوضع خطير ما قالته ميرنا عبر التلفزيون لن يمر مرور الكرام ، وأخشى أن يكون لوائل يد في الموضوع
شهاب(بقلق):- الآن لما ستوتر أمي ، يعني ليس له لا يد ولا ذراع كله سيكون على ما يرام
فؤاد(حرك حاجبيه بحيرة):- أرجو ذلك ..
ميرا:- شهاب هل نذهب ؟
شهاب(أمسك يدها):- نتكلم لاحقا عمي ، سلامو ..
فؤاد(وضع يديه بجيوبه ونظر لنور التي رفعت رأسها واتجهت صوب الكراسي لتجلس بعنفوان ، لم يطل البقاء لذلك خرج من هناك ووجد همام بانتظاره):- ما الأخبار ؟
همام:- بالفعل كما توقعنا يا سيدي ، لكن كله تحت السيطرة وائل وميرنا تحت المراقبة
فؤاد:- تعلم ما عليك فعله صحيح ؟
همام:- لا تقلق سأكلم رجالي ليقوموا بحراستهما في كل خطوة ودون إثارة شبهة
فؤاد(سحب نفسا عميقا):- يظهر لي أننا سنعود للعب القديم ، ستتمكن من استخدام مسدسك أخيرا يا همام ؟
همام(تنهد بأريحية):- انقطعت منذ سنوات لكن العودة أكيد تستحق
فؤاد(بلؤم):- تستحق لا محالة فمن يلاعب آل رشوان بالغدر والخداع ، يليق به القتل ..
همام(فهمه ولحق به للخارج):- على خيرة الله ..
فؤاد(خارج المشفى):- رقية … ما الذي تفعلينه هنا ألم تغادري بعد ؟
رقية(بملامح غريبة):- ليس بعد ، يعني كنت في انتظار سيارة أجرة
فؤاد:- تبدين متوترة ، ماذا هناك ؟
رقية:- بصراحة أنا قلقة جدا على إياد ، منذ أن كلمني قبل برنامج ميرنا وأنا لا أستطيع الوصول إليه جربت الاتصال كثيرا دون فائدة
فؤاد:- طيب ما ربما كان مشغولا في عمل ما ..
رقية:- لالا أنا أعرف أنه ليس لديه عمل الآن ، أخبرني أنه سيتفرج على الحلقة وينام
فؤاد:- همام أحضر السيارة سنذهب لبيته وستأتين معنا
رقية:- سأكون شاكرة جدا لك عمو فؤاد ..
فؤاد:- ولا يهمك ..
كان القلق باديا على ملامحها حتى لو حاولت إخفاء ذلك ، وهذا ما استغربه فؤاد وجعل التوتر يتسرب لداخله ، إذ يستحيل أن يتركهم إياد في هكذا ظرف وإلا لكان هرع للمشفى لأجل الدعم والبحث عن خبايا الأمور ، واختفاؤه هذا ليس مبشرا بالخير على الإطلاق … وطبعا بما أنه يملك نفس الجينات التي تملكها ميرنا في العناد والجنون فأكيد سيقحم نفسه في مصيبة لا سمح الله ، نهض من ذلك السرير وأمسك هاتفه وبدأ يصور كل ما وقعت عليه عيناه ، خرج من هناك وتفقد المكان وحين لا يجد أحدا يتلقط صورة ، مر من بين سواري المبنى وفي كل جانب كانت الرهبة تتضاعف مع خطوات سيره .. وصل إلى جانب رواق مظلم قليلا وسمع أصواتهم بالقرب من هناك اقترب بهدوء وخفة وأخذ يتسمع على الحديث الذي كان يدور بين كهرمانة وعرندس ، وكان مجمله على ميرنا وميار الذي ساءت أحواله حين فقد وعيه وغيره مما حصل معه ، ابتلع ريقه خشية من أن يكشفوا أمره وتراجع للخلف حتى اصطدم بأماني …
إياد:- أريد تفقد المكان ، لقد مللت في الفراش
أماني(ابتسمت وأشارت له كي يتبعها):- حاضر سسيدي
أخذته لأسفل الخان حيث كانوا يحتجزون البنات ويعذبوهن ، كان فارغا وخاليا من أي روح لكن آثار الحياة المظلمة فيه كانت آثارها ما تزال عالقة في الزوايا ، الحديد الذي كان مرصوصا في سطر طويل حيث كانوا يعلقون البنات ، وآلة الوشم الموضوعة على جانب رفيع تفوح منها رائحة لحم الفتيات اللاتي عذبوهن ، كان هناك أيضا لوح على شكل إكس متدلي منه قيود خاصة بالقدمين والمرفقين والظاهر أنها خاصة بالمتمردات منهن .. من لا تعطي الطاعة والولاء يكون مصيرها التعذيب الأسود … شعر بالألم في صدره وهو يصور بهاتفه خفية عن أماني التي ظلت تنتظر بالأعلى فأوامر كهرمانة تحرض عليها عدم النزول تحت أي ظرف كان ، أخذ يتلقط كل ما يراه أمامه وحاول البحث عن أي دليل أو شيء يساعد ، لكن أكثر من ذلك ما وجد .. لذلك صعد والدنيا سوداء في عيونه وطلب من أماني أن تدله على المكتب الخاص بهم وطبعا كانت تدله بدون فهم فهي لا تعرف أنه ليس ميار ، لذلك ساعدته على الدخول وبقيت خارجا تنتظره مجددا ، أما هو فأخذ يفتش بين تلك الأوراق والملفات والمستندات لم يجد أيا منها قد يدينهم فكلها أوراق سليمة تخص بيع أو شراء أو استثمارا في أحد المجالات البعيدة عن عملهم القذر … زم شفتيه بلؤم وهو يرمش بعينيه حزنا وانتبه لوجود خزنة أسفل المكتب حاول فتحها لكن كانت بأرقام سرية لذلك أمسك بعلاقة مفاتيحه وفتح السكين الصغير الذي يتدلى منها وحاول فتح الخزنة به لكن بدون فائدة ، وعليه انزعج وضربها برجله
كهرمانة(دخلت لحظتها):- ما الذي تفعله ؟؟؟
إياد:- أحاول فتح هذه
كهرمانة(مطت شفتيها ونزلت أرضا):- أحوالك لا تعجب يا ميار ، كيف تنسى أرقام الخزنة إنها برقم عيد ميلاد المحروس أخوك ، هاهي أنظر كيف فتحت والآن أخبرني ماذا تريد منها ؟
إياد(رمش وهو يتأمل أرقام الخزنة التي كانت يوم عيد ميلاده):- دعيني على انفراد
كهرمانة:- مجددااااااا …
إياد(نظر إليها بصرامة لكي يستمر في التمثيل طالما كله ينطلي عليهم):- ابقي خارجا لما أناديكِ تعالي
كهرمانة(بقلة حيلة):- طيب يا بني ..
إياد(طالعها بكره حتى خرجت ونزل بسرعة ليخرج ما يوجد بالخزنة):- والآن لنرى …
أخرج منها عدة ملفات وبعض السجلات المعبأة في شريط وبعض الأقراص الإلكترونية ، مكتوب على ظهرها أرقام مختلفة من 1 ل 7 وحرف أبجدي على كل منها … وضعها جميعا على سطح المكتب وبدأ يصورها الواحدة تلو الأخرى ، فتح الحاسوب الموجود بقربه وشغله ليضع به أول قرص وكان عليه حرفين الواو والحاء ، وضعه وأخذ ينتظر لحين ظهرت معلومات عن امرأة في منتصف عمرها، معلومات عن شخصها وعن حياتها وعملها الحالي وعدد أولادها زوجها لكن بدون ذكر أسماء كاملة فقط الحروف الأولى من هوياتهم ، وجد فيه بعدها فضائحها ومصائبها التي اقترفتها في هذه الحياة ، اكتشف أن ذلك القرص هو تهديد شامل لها إن حاولت أن تعارض قرارا صادرا من الجهات العليا ،.. أخرج القرص ووضع واحدا آخر وفي كل قرص كان يكتب الحروف والمعلومات على ورقة جانبية إلى أن أنهى الأقراص 6 وحين هم بتفحص السابع وجده بدون إسم وبدون معلومات فقط عليه علامة استفهام ومكتوب بداخله عضو ميت .. استغرب وجود شخص كهذا يعني طالما هو ميت لما يحتفظون بمقدساته هكذاااا ، لم يطل التفكير فقد أعاد كل شيء لمحله ، وأمسك الملفات نظر بداخلها ووجد صورا للفتيات اللاتي تم تسميمهن وأسمائهن ومعلوماتهن الحقيقية ، وجد لائحة بالمسئولين الذين كانوا بالحفلة واندهش من تلك الأسماء المعروفة التي تشتهر بحصانتها في البلد .. طبيعي أن يكونوا قذري التفكير وأنانيين لتلك الدرجة حتى يمارسوا أعمال الشيطنة مع الفهد البري.. تغلغل صدره وهو يعيد كل شيء لمحله بعد أن التقط صور الملفات صفحة صفحة ودون إغفال جرة حرف ، فلقد وقع على كنز لن يفقده حتما .. ما إن فرغ حتى أغلق الخزنة وأغلق الحاسوب ووضع ورقة المعلومات بجيبه ، ومسح على وجهه ليحاول الاستيعاب أكثر ثقل الجبال التي سقطت على ظهره
إياد(في سره):- أخي أنااااا .. أخي أنااااا هو الفهد البري … هههه يعني أنا أبحث عنه طوال سنوات ليتضح أنه أقرب لي من نفسي إنه أخي أخي … طيب يا أخي ربما قد حان وقت اللقاء أخيرااااا ربما علينا أن نضع كل شيء جانبا لنتعرف على بعضناااااااا ..آخ
خرج مزمجرا من غرفة المكتب ووجد كهرمانة جالسة بمحلها المعتاد ، وعلى جانبها أماني ترص حجر الشيشة بينما عرندس يشرب القهوة قربهما .. تقزز من المنظر البارد الذي رآه عليهم وكأنهم قتلة مأجورين نائمين بين دماء الأبرياء .. اشمئز أكثر وهو يحاول إخراج نفسه من ذلك المأزق بأقل الأضرار الممكنة …
إياد:- أتعلمين أين كنت أحتفظ بميرنا طوال هذا الأسبوع ؟
كهرمانة:- وهل أنت تثق بي حتى تخبرني ، أنسيت أنك نبهتني يوم الحفل ألا أقترب منها ولو خطوة لقد خسرتُ فرصتي معك حين حرضت شاهيناز لكي تقتلها وأعلم أنك لن تسامحني
إياد(حول عينيه وهو يستذكر اسم شاهيناز إنها عشيقة حكيم ، لا عجب أن يكون الكل مرتبط ببعضه):- ألا فكرة لديكِ ؟
كهرمانة(بتنبه):- سألت الرجال في العرين وأخبروني أنك لم تأخذها إلى هناك ، إذن لا فكرة لدي عزيزي ميار …
إياد:- دعي أحدهم يوصلني للعرين فوراااا
كهرمانة(نهضت إليه بلهفة):- كنت ابق قليلا يا ميار لم أشبع منك والله ..
إياد:- أعطني هاتفكِ ..
كهرمانة(فرقعت إصبعها لأماني التي هرعت به إليها):- خذه ، لكن ستخبرني الآن ماذا قررت بشأن ميرنا ستتنحى جانبا يا ميار ، قد أعطيناك المهلة ولكن هي لم تستغلها جيدا بل فضحتنا أمام الشعب
أخذ هاتفه أيضا وسجل رقم ميار بحافظته ، وفتش عن أسماء أخرى وانتبه لاسم رشيد وغضنفر .. سجلهم أيضا وحين لمحها تسترق النظر ابتعد به للخلف وهو يكمل ما يصنعه حتى أعاده لها بدون حياة …
كهرمانة:- ألن تجيبني ؟؟؟؟؟
إياد(تحرك صوب الخروج):- دعيها للظروف .. أنا مغادر
عرندس(عاد بعد وهلة):- سيف بانتظارك سيدي وسيصطحبك للعرين الآن
إياد(ضحك بسخرية):- جميل ..
كهرمانة(جلست وهي تضرب كفا بكف بعد خروجه):- أقسم أنه فقد صوابه
عرندس:- إنه مصدوم لذلك لا ترهقيه بالطلبات سيدتي ..
كهرمانة:- ميرنا أحرقت نفسها ، إذن سقط الذنب عنااااا حركي الحجر يا بنتي حركي رأسي سينفجر هفففف
أماني:- ححاضر أممي …
إياد(نظر خلفه للخان ووضع يده على صدره بألم والدموع ملأت عيونه لحظتها):- وا خيبتااااه وا خيبتاااااااااه … يا لمصيبتك يا إيااااااااد ….. يا الله أيقظني من هذا الكابوس يا ربي لا تجعل أخي عدوي لا تجعل أخي عدوي ………
سيف(قاطعه لحظتها):- أنا جاهز سيدي ..
إياد(نظر إليه بضياع وتوجه لسيارته):- سألحقك بسيارتي
سيف(ركب بالسيارة خاصتهم):- بأمرك ..
سحب إياد نفسا عميقا وهو يركب في سيارته ويلعن الساعة التي خرج منها لكي يصطدم بواقع بشع يعني أن حياته كلها مبنية على لعبة قذرة بل كذبة مشينة ، فهم أنه قد وصل لنهاية المطاف وميرنا اكتشفت كل هذا قبله لذلك احتجزوها وطالبوها بالاستقالة على الهواء مباشرة ليضمنوا ابتعادها عن القضية .. فهم أن الموضوع مرتبط بمشاعر ميار وحبه لها ، وبقرابته لهم والتي تعني قرابة إياد أيضا وهذا ما لم يكن في الحسبان أبداااااااااا … أخذ يخط الطرقات خلف سيارة سيف وهو يعقد حاجبيه في انتظار رؤية أخيه وجها لوجه في عرينه الخاص …حان وقت اللقاء لقد انتهت مهلة الانتظار وما عاد هنالك شيء يصطبر عليه ….
هنا كان ميار غير عالم بكل ما يحدث ، آه يا ميار من الواضح أن المصائب ستسقط عليك تباعا ، خذلان ميرنا واكتشاف أخيك لكن لن نستبق الأحداث وحدة بواحدة … ها هو ذا نائم على سريرها بين ثنايا عطرها ، مغمض عينيه بعد عناء طويل مع النوم الذي رفض أن يأتيه لكي يزيد من عذابه في تلك الليلة السوداء ، حتى بعد أن لاح الفجر كان ما يزال يفكر بها وفي مآلها مع وائل … والذي كان يحاول إزالة الدرع البلاستيكي الذي يحيط عنقه لكن استصعب عليه ذلك ، وهذا أول ما انتبهت له حين خرجت من الحمام ببيجامة النوم .. أبعدت شعرها جانبا واقتربت بهدوء منه وضغطت على رافعة الدرع حتى انفتح
وائل:- ضايقني ..
ميرنا(أطلت عليه وهي تنزعه عنه بلطف):- هل إزالته صائبة ؟
وائل:- أساسا كنت سأتخلص منه غدا ، سيأتي طبيب خاص لمعاينتي لكن لا ضرر في إزالته أحس برقبتي قد تحسنت
ميرنا(جثت أرضا بعد أن وضعت الدرع على جنب ولامست ركبته ويده المعلقة في خيط طبي):- لقد تركت علاجك لأجلي ؟
وائل(مسح على وجهها بحنان وعيناه تبرقان بلهفة):- في كل لحظة كنت أحترق لمعرفة أخباركِ ميرنا ، حاولت أن أصمد وأصبر من بعد أن اكتشفت حقيقة جوزيت .. ثرت وغضبت لكنني رضخت للصمت كي آخذكِ الليلة وأحميكِ منهم ، لا مزيد من العذاب حبيبتي ستنتهي كل مشاكلنا معا أنا وأنتِ ..
ميرنا(لامست عنقه بلطف):- لما لا تضطجع على السرير ، تبدو مرهقا ؟
وائل:- من المفترض أن أعتني بكِ أنا …
ميرنا(نهضت وهي تجذب يده بهدوء معها):- سأكون ممرضتك الخاصة
وائل(انساق معها لسريره المنفرد):- وأنا طبيبكِ ..
ميرنا(ضحكت بخفوت):- اممم سأفكر بالموضوع
ساعدته على النوم فوق سريره وغطته بلطف بعد أن قبلت جبينه ولامست خصلات شعره لبرهة قبل أن تستقيم مجددا وتتوجه لسريرها الذي كان بقربه ، لا يفصل بينهما سوى منضدة صغيرة عليها أباجورة مضاءة وضعت بقربها هاتفها ووضعته بالشاحن وطبعا لم تتجرأ على تشغيله ، آثرت أن تنتظر حتى الصباح لكي تواجه ما عليها أن تواجه ، أطفأت الضوء ودخلت سريرها وهي تنظر إليه بابتسامة حنونة
ميرنا:- لقد لاح الفجر ألن تنام ؟
وائل(بعيون ملتاعة):- أفضل النظر إليكِ كل لحظة ، فعيناي تعشق تأمل الجمال
ميرنا(وضعت خصلة خلف أذنها وهي تضم الغطاء لها):- نم يا وائل … كي أنام بدوري
وائل(عض شفتيه بفرحة داخلية تدغدغه):- ليس ذنبي أن تستنفر كل حواسي بيقظة ، فوضع كهذا كنت أتوق إليه منذ ليال عجاف
ميرنا(عدلت وسادتها وهي تعانقها بدفء):- سأخذلك لأنني لن أجاري حروفك الآن ، عيوني نعسانة وأنا كذلك و يوم غد نتكلم ماشي حبيبي …لقد نمت أناااا
وائل(ابتسم وهو يستشعر ثقل حروفها الأخيرة ، صدقا قد بدا عليها النوم لذلك همس):- تصبحين على حبيبكِ الذي يعشق إغماضة عينكِ الشقية …
ميرنا(ضحكت من جملته وهي مغمضة العينين):- سأصبح بفرح ..هه امممم
أجفلت عينيها الثقيلتين وتنهدت بأريحية وهي تعطي لسلطان النوم صلاحية المرور لعقلها ، لعلها تنسى كل أحداث ذلك اليوم مذ أن استيقظت إلى تلك اللحظة .. لكن للحظة هربت منها أنة النوم حين استذكرت كيف أصبحت في الصباح فقد كانت قلقة على ذلك الرجل الغامض ، قلقت عليه لدرجة الهوس كيف عانقته وكيف قفز قلبها فرحا بعودته وكيف استشعرت خنوعا لسلطته عليها .. ماذا يسمى هذاااا هل هو بداية الجنون هل ميار تعمد أن يتسرب في عروقها ليفقدها صوابها ..؟؟؟ فتحت عينيها لحظتها وهي تعقد حاجبيها تريد أن تنام تريد أن تنام تريد أن تناااااااااااام … نظرت لوائل بجانبها والذي نام من فوره وقد بدا عليه التعب لأنه كان نائما كطفل صغير بحواجب حادة وانكماشة ما بينهما تعبر عن غوصه في نوم عميق ، حاولت أن تفرغ رأسها من تلك الأفكار لكن حرم النوم عليها من شدة التفكير المهول … نفضت يديها على جانبيها وهي تستدير لتطالع السقف ما وجدت راحتها ، وبعد دقائق طويلة من التفكييير والاستذكاااار استدارت وتأملت الهاتف مطولا مطولا جداااااا ، وفي غمرة ارتباك كانت في شرفة الغرفة تغلق عليها الباب الزجاجي وتنظر حولها للجو الممتزج ما بين حلكة الليل وبزوغ الفجر ، ضمت رداءها الصوفي جيدا حول نفسها وأشعلت الهاتف … انتظرت لحظة وهي تراقب خلفها نوم وائل في سلام وولجته لتجد اتصالات جمة ورسائل للعلبة الصوتية لكن بدون حديث ، سحبت نفسا عميقا وهي تخرج من لائحة الاستدراك الهاتفي دون أن ترى أيا منها وفتحت قائمة الأرقام ، بحثت عن رقمه وحين وصلته وقفت أمامه للحظة وهي ترفع الهاتف لعينيها ونسائم الهواء تلاعب مشاعرها المرتبكة أكثر فأكثر .. تريد أن تطمئن عليه بعد أن طعنته تريد أن تسمع صوته فأي جنون ذلك ؟
ميرنا(رفعته لأذنها وهي تنتظر الجواب مغمضة العينين):- يا رب يا رب هففف …
كان يرن بجانب رأسه لكنه لم يسمعه أو لم يوليه اهتماما فقد انقلب للجانب الآخر وغفا دون أن يعتقد ولو لثانية أنها ميرنا … لكن إحساسه الذي انتفض فجأة حين نظر حوله وانتبه للساعة جعله بسرعة يمسكه بين يديه ويجيب في آخر رنة كانت ستقطع الوصل بينهما …
ميار(بلهفة):- أنتِ … ؟؟؟
ميرنا(فتحت عينيها بدموع وهي تعض على شفتيها وتكتم بكاءها):- …لارد
ميار(عدل جلسته ومسح على شعره):- ميرنااااا أسمعيني صوتكِ … ميرنا أعلم أنه أنت فكلميني بالله عليكِ على الأقل قولي أنكِ بخير …
ميرنا(بصوت متقطع):- سامحني ..
ميار(أغمض عينيه واستقام من سريرها وهو يمسح على صدره المغبون):- آه يا ميرنا ، لقد رحلتِ وتركتِ خلفكِ أطنانا من الوجع
ميرنا(أغلقت عينيها على دمعتين حارقتين):- مضطرة
ميار:- لن أقول عودي ، ولن أجبركِ على شيء فقط … لا تنسي أيامنا وذكرياتنا فهذا يعني لي أكثر مما أستحق
ميرنا:- أردت سماع صوتك
ميار:- هه أظن أنكِ تعودتِ على سماعه قبل نومك ، هل استيقظتِ ؟
ميرنا:- لاء .. لم أنم بعد حتى الآن
ميار(عقد حاجبيه قلقا عليها):- كنتِ تفكرين بنا ، تمام لا تفكري وارحمي نفسكِ كله سيكون بخير أنت يعني دعي وائل يتولى مسئوليتكِ وخذي راحتكِ التامة .. لقد أجهدت روحكِ كثيرا فكيف لكِ أن تجعلي كل الناس من حولكِ سعيدة ، هذا غير ممكن ..
ميرنا(فتحت عينيها ونظرت حولها للفراغ):- كانت جوزيت ق…
ميار(استردك بسرعة):- هي نائمة بغرفتي ..
ميرنا(حركت فكها ، ولكنني لم أسأل أين نامت يا أخ ميار):- جيد ..
ميار:- وأنا بغرفتكِ على سريركِ أناظر الزوايا الفارغة بصمت
ميرنا(شعرت بارتياح طفيف قبل أن تمرر لسانها بين شفتيها بابتسامة):- حتى لو غرست فيك نصلا أظن أنك ستخرجه وأنت تضحك …
ميار:- سبق وأخبرتكِ كل سوء يصدر منكِ ينزل على قلبي مثل العسل … لكن لن أخفيكِ قد آلمني ما حدث الليلة أحسست بأنني مغفل كبير
ميرنا:- ولكن ..
ميار:- لا تقاطعيني ، أنا أعرف ذاتا أنكِ أجبِرتِ على هذا الاختيار .. كل من وائل وحكيم محق في هذه الخطوة ولا لوم عليهما ، لكن العتب كله عليكِ أنتِ كان يمكنكِ الوثوق بي ببساطة ما كنت وقفت بوجهكِ لأن قدرة حمايتكِ ستخرج من يدي بعد ذلك التصريح ، بل على العكس سأكون أنا أكبر خطر يحيط بكِ وقتها
ميرنا:- ميار ..
ميار(وقتها شعر كأنها تسحبه إلى دنياها قسرا):- لا تعذبيني …
ميرنا(فتحت فمها لتنطق):- أ..
ميار:- أريدكِ أن تدلفي لغرفتكِ فورا وتنامي بعمق ، تمام لا تفكري بأي شيء غير أنتِ
ميرنا:- كيف عرفت أنني خارج غرفتي ؟
ميار:- طبيعي فميرنا من هواة التلصص والهروب ، لذلك محتمل أن تكوني خارجها زيادة على صوت الريح الخفيفة من حولك ، هي تجعل صوتكِ يرتعش
ميرنا(سحبت نفسا عميقا):- سأنسحب الآن ..
ميار:- لقد سبق وانسحبتِ تاركة الظلام خلفكِ أيتها المرأة الشمس ، نسيتِ أن ميار نجيب يغفر كل الخطايا إلا الخيانة والخدااااااع ، يكفي …. تيت تيت ..
ميرنا(نظرت للهاتف برهة وهي تستجمع دموعها):- لكن حديثكِ معي يقول أنك غفرت لي خطيئتي يا ابن عمتي
جرت رجليها وهي تدلف من جديد لغرفتها رمت الرداء جانبا ووضعت الهاتف على المنضدة ، وعليه استقبلت التفكير على طبق من ذهب فهي تعلم أنه يعاندها الليلة وطالما شغلت نفسها به سوف تفقده … أما هو فحين فصل الخط لحظتها دون أن يعطيها مجالا للرد ، نظر حوله ببلاهة لم تنم ولم تشعر بالارتياح قبل أن تتصل به ، يعني ما هذا هل تعودت عليه هي أيضا هل حقا صارت لا تفرط فيه .. لكن لما عليه أن يعاني هكذاااا لماذااااا … مسح على شعره بعصبية ونظر للهاتف الذي رن برقم من أرقام حراس عرينه استغرب بداية ولكن أرجح أن هنالك سببا معقولا لذلك ..
ميار(بتوجس):- نعم ؟
الحارس:- سيد ميار عليك أن تأتي فورا للعرين ، الوضع مستعجل ؟
ميار:- مستعجل يعني ماذاااا … ؟؟؟؟
إياد(أخذ الهاتف من الحارس):- يعني أنه حان الوقت لنلتقي وجها لوجه يا أخي الحبيب ؟؟؟
ميار(برقت عيناه بعدم تصديق وبدون شعور نطق):- إياااااااااد …
إياد(بمرارة زم فمه وصغر عينيه بلؤم):- تعال وواجهني يا ميار نجيب … أنا في انتظارك
هنا دارت الدنيا بميار سبع دورات ، لا يعقل أن ذلك اليوم هو اليوم العالمي للحقائق المرة لا يعقل ألا تنتهي تلك الليلة إلا بالمصائب المؤلمة والضربات القاضية ، لا يعقل أن يكون ذلك أخوه إياد حقاااا لا يعقل … وجد قلبه يخفق بقوة لقد حرص على أن يبقيه بعيدا عنه طويلا ومنذ سنوات وبعمره لم يفكر بلحظة اللقاء التي ستجمع بينهما ، أي نعم تخيل ذلك لكن سرعان ما كان ينفض الفكرة من باله كي لا يجعلها تستوطن عقله وينفذها في لحظة ضعف للمشاعر … من هول ذلك الحدث جلس على السرير وهو يكز أسنانه بعدم فهم ، عيونه تائهة في الشتات كيف وصل إلى عرينه كيف عرف بأمره كيف ، هل ميرنا كشفت له أمره مستحييييييييييل أن تفعل ذلك …. وقد فصلت قبل قليل ولم تذكر شيئا عن أي أحد اتصلت لأجله هو وفقط ، يعني ما الذي يحدث … وجد نفسه قد أصيب بصداع رهيب ونهض وهو يدور في الغرفة ماذا سيفعل كيف سيواجهه الآن …. لما حدث هذا ، مجددا يقع أمام الأمر الواقع ميرنا وإياد وضعاه في اختبار حياته فكيف سيتصرف ، لطالما وجد الحلول لطالما كان فطنا لكل ما يدور من حوله ، لكن مؤخرا بات كل شيء يهوي من بين يديه هل ذلك راجع لفكرة اعتزاله التي جاءت بوبال المحن ،أم أن العشق بهدل تركيزه وجعله عاشقا أعمى …. هز رأسه مجددا وهو يبعد هذه الأفكار السلبية من باله وزفر عميقا وهو يضع هاتفه بجيبه وتوجه إليها ، لا يدري لماذا قصدها لكن إن لم ينطق الآن سينفجر ……. دخل عليها وجدها نائمة في سكون ، طبعا هي ملكة الدلال ألا يحق لها ذلك ؟؟؟؟
ميار(تقدم إليها وقلبه يخفق بقوة):- جوزيت .. جوزيت استيقظي .. جوزي …
جوزيت(بتنبه فتحت عينيها):- ماذا هناااااك ؟؟؟
ميار(تأوه بألم في صدره وأمسك على ضلوعه وهو يكمش عينيه):- مصيبة …
جوزيت(انتفضت سريعا ومدت يدها تحت السرير لتخرج مسدسها في حالة تأهب):- هل اقتحم أحدهم البيت؟
ميار(ضحك من همه وغبنه فيها وف حركتها العفوية وأخفض مسدسها):- جوزيت … نحن .. في مصيبة
جوزيت(وضعت المسدس جانبا وهي تبتلع ريقها من ملامحه المخطوفة):- لعلمك أنت تقلقني يعني ، أفصح ما الذي يحدث أي مصيبة هذه ؟
ميار(بوجع):- ما هربت منه كل هذا الوقت …. حدث يا جوزيت
جوزيت(لمحت تيه عيونه ونهضت من السرير لتركع وهي ترفع رأسه لعينيها):- أنظر إلي … هل الأمر متعلق بحكيم أخبرني بصدق هل مات يعني سأتقبل لن أبكي …لن أبكي وعد اهئئئئ حكييييييييم …
ميار(أمسك بيديها وهو يهز رأسه):- ليس حكيم … اصمتي
جوزيت(أوقفت بكاءها فورا فورا):- تمام طالما ليس هو إذن ماذااااا يجري معك ؟؟؟
ميار:- إياد …
جوزيت(هنا سقط قلبها حتى رمشت وهي تنظر ليديه وجثت أرضا على ركبتيها):- ما به
ميار(مص شفتيه وهو ينظر في حدقتيها المستجديتين):- إياد .. في عريني الآن لقد
جوزيت(هوى قلبها أرضا):- كشفك !!!!!... يا إلهي …
ميار(مسح على لحيته وهو يحاول التقاط أنفاسه):- هربت طوال عمري من هذا اللقاء ، كيف سأواجهه كيف سأكلمه وأنظر بعينيه أخبريني يا جوزيت كيف سيتم ذلك ؟
جوزيت(امتصت شفتيها بتشتت للحظة وفي اللحظة الموالية استنفرت بقوة):- إسمع … أنظر إلي يا ميار مهما هربنا من أقدارنا سيأتي يوم وتنكشف الحقيقة ، وربما حان الوقت ليعرف بك أخوك أيا كانت الطريقة التي اكتشف بها ذلك سوف نواجه الأمر سوية … همم
ميار(مرر لسانه بين شفتيه وابتلع ريقه الجاف):- لأول مرة أشعر بهذا الثقل في خاطري ، هنالك عجز يلفني من كل جانب ، ما هذا الذي يحدث لي يا جوزيت ؟؟؟
جوزيت(استشعرت حاجته لها وهنا حان دورها كأم جذبته لحضنها وضمته بحرارة):- سنواجه الأمر بقوة ، لم نصبر كل هذه السنوات لكي نهرب في نهاية المطاف ، عاجلا أم آجلا كان سيعرف لذلك …. سنتصرف أعدك أن الأمر لن يكون بذلك السوء الذي تتخيله ثم أنا سأكون معك لن أتركك وحدك في خضم هذه المواجهة ..
ميار(أغمض عينيه وهو يرتاح في حضنها الذي افتقده منذ سنين):- هل أنتِ واثقة ؟؟؟
جوزيت(مسحت على ظهره مرتين بدعم):- واثقة يا ميار ، أخونا سيعرف الحقيقة كاملة حان الوقت ولم يعد هنالك مجال للاختباء .. سنواجه الجميع وسنظهر بهويتنا الحقيقية لن نهرب
ميار(تملص من حضنها ببطء):- لست مؤمنا مثلكِ بنتيجة ما سيحدث ..
جوزيت(نهضت بلهفة وهي تفتش عن فستانها):- تت علي أن أرتدي شيئا بسرعة ، أمهلني لحظة فقط لا تقلق ثق بكلامي سنتخطى الأزمة معا هاااه ……
ركضت للحمام لترتدي الفستان الذي جاءت به ، بسرعة لملمت نفسها وهي ترتجف بخوف فلقد كانت بدورها ترتعد من ردة فعل إياد ، لكن كان عليها أن تكون أقوى وتزرع الصبر في قلب ميار ولا تستنبط جزعه ، لأن الوضع برمته حساس …. نفضت شعرها على جنب وخرجت لتجده ما يزال على جلسته ، أمسكت مسدسها الخاص ورمته بالحقيبة هو والهاتف ووضعتها على السرير وفتحت دولابه أخرجت منه قميصا وسترة وبنطلون
جوزيت:- هيا ارتدي هذه ، إن كان أخوك سيراك لأول مرة فعليه أن يراك كما يجب …
ميار(بدون حياة طالعها):- إنه إياد … إياد يا جوزيت ..
جوزيت(زمت شفتيها وجذبته بقوة إليها ممسكة بوجهه بين يديها):- أطرد ذلك التيه يا ميار ، فهذا ليس وقته عليك أن تكون أكثر ثباتا ولا تجعله يحس بأنك تحبه حد الضعف … لأنه في موقع القوة الآن وهذه هي الحقيقة يا روحي …
ميار(تنفس بتعب):- أشعر بجسدي خائر القوى … أظنني لن أتمكن من هذا ، لأول مرة أتردد وأحس برغبة في الهرب والتراجع …
جوزيت(امتصت شفتيها ووضعت الثياب على السرير وأمسكته بقوة من كتفيه):- ميار نجيب لا يتردد لا يتهرب لا يستسلم … استعد رباطة جأشك وارتدي هذه الثياب فورااااا وبدون تأخير سأنتظرك هنا
ميار(أخذ منها الثياب ودفعته للذهاب للحمام تحت هتافات تشجيعها ودعمها):- طيب ..
وجد نفسه بدون نفس يغير ثيابه وينظر لعيونه التائهة في المرآة ، أخووووه الذي حرموه منه سيلتقي به وجها لوجه بعد قليل ، أي قدر هذا ولما اليوم تحديدا يعني .. كان ليتركه قليلا ليستوعب مصائب ميرنا وبعدها يزيد صدمات إياد ، لكن أن تأتي الآفات تباعا الواحدة تلو الأخرى هذا يثبت أن ذلك الشهر برمته ليس شهر حظك يا ميار .. تنهد عميقا ونظر لطبيعته وشكله الحقيقي اليوم لن يحتاج لحواجب لاصقة لن يحتاج لتصفيفة خاصة لن يحتاج للقيام بتغييرات كي يتقمص دور أخيه ، اليوم سيكون على طبيعته العادية … خرج إليها وجدها تكتف يديها عند النافذة وتطقطق بكعبها على الأرض ، ما إن لمحته حتى تأبطت حقيبتها وركضت إليه وهي تطالع شكله وتضبط ياقة قميصه ..
جوزيت(مسحت على ياقته باهتمام):- أنت هكذا بورفيكت ، نحن جاهزون الآن .. لنذهب ..
ميار(جذب يدها وهز رأسه بقلة حيلة):- دعينا نبقى هنا ..
جوزيت(تأبطت ذراعه وسحبته خلفها):- لا مجال للتراجع ميار ، سواء اليوم سواء غدا سواء بعد سنة سيأتي يوم وتلتقي به وجها لوجه … لذلك بما أن الجرح ما يزال ينزف لنفتقه دفعة واحدة كي يندمل …
ميار(خرج معها من الغرفة وزفر بعمق):- أشك أنه سيستوعب حرفا ، سيلومني بشدة
جوزيت(نزلت معه الدرج وهي ممسكة به بقوة):- أيا كانت ردة فعله ، فهي شيء طبيعي يا ميار لأن الولد مصدوم يعني سنتحمله ..
ميار(نظر إليها وقتها وبتفكير):- يعني .. هل سيكرهني هل سينبذني ويجعلني أبتعد عنه قسرا ، هل سيرفضني ؟
جوزيت(امتصت شفتيها):- وضعك الآن مع إياد ، كوضعي معك لدي نفس الأفكار وقد قلتَ الآن ذات الكلمات التي طرأت على بالي حين اكتشفتَ حقيقتي لكن أنظر معي أين أنا ، أنا هنا في بيتك أتأبط ذراعك وأنزل معك الدرج لنذهب إليه … هكذا هي الحياة قد تفاجئك بما لا تتوقعه عزيزي ميار
ميار(وصل معها للأسفل وتوقف):- هذا الفستان بارد عليكِ ، لحظة …
انعطف جانبا للمطبخ ورمق هناك رداء صوفيا في اللون الأسود خاصة إيزابيل ، وكانت قد لبسته ميرنا سابقا ما إن رمقه حتى شعر بقشعريرة غريبة تزيده ضيقا على ضيق ، قدمه لها وسبقها للخارج بدون كلمة ..هنا ذهلت بتصرفه وتفكيره بها ووضعته على كتفيها بفرح وهي تلحق به بحماسة ، سبقته للسيارة ركضا ووقفت محل السائق
جوزيت:- سأقود أنا .. أعطني المفاتيح ووجهني لطريق عرينك تمام ؟
ميار(عقد حاجبيه):- أصلا تعالي هنا من وافق على حضوركِ معي …؟
جوزيت(فتحت الباب وهي تضحك):- أنت ..
دخل بجانبها وهو يهز رأسه باستدراك ، خطفت منه المفاتيح دون انتظار وأقلعت من هناك في اتجاه الحقيقة المريرة التي تنتظرهما مع إياد الذي كان يستكشف المكان شبرا شبرا لم يترك غرفة إلا ودلف إليها ، حتى غرفة ميار دخلها ووجد هناك صورته هو وميرنا من يوم المعرض ، وجد صورة اللبؤة الباكية والعديد من الأشياء التي تخص إياد وذكرياته ، مسح على أنفه وهو يفتح الدولاب وينظر للملابس أغلبيتها من نوع ملابس إياد وبعضها لميار ، يعني لم يدخر جهدا في أن يبدو كما هو بمطلق الأحوال .. أغلق الدولاب بقوة وخرج من هناك نافثا الشرار من عينيه ، فهو سيحاسبه على كل لحظة ألم تسبب له فيها ، سيحاسبه على الوحدة التي جعله يعيش بها ، سيحاسبه على دار الأيتام التي رماه بداخلها ، سيحاسبه على سنين اليتم التي عاشها وحيدا دون حسيب أو رقيب … سيحاسبه على كل شيء فقط ليأتي …
طبعا ميار كان يفرك يديه بشدة فهذا الموقف الذي وضع فيه يحسد عليه صراحة ، أي واحد فينا يخشى أن يقع فيه لأنه مؤلم لدرجة البؤس فكلاهما تعذب في هذه الحياة ولكن هل سيستوعب ذلك بسهولة ، أكيد لا بل سيجعله يئن وجعا من كلماته الجارحة ، وهذا ما وجد ميار بأنه لن يتحمله لا محالة … وعليه أصابه الخمول والقلق ، حاولت جهدها أن تشحنه بالقوة أن تدعمه أن تجعله يرمي بأحماله على عاتقها ، وبأنها موجودة أيا كان ما سيحدث ستكون هناك … صحيح أنه امتن من ذلك لكن لو كانت أيضا ميرنا موجودة ستقف بصفه وتدعمه أكيد ، سوف لن تسمح لإياد بأن يكره أخاه ستخبره عن كل الحقيقة الموجعة وتجعله يصدقه ، لكن أين هي ميرنا الآن أين …. سحب أنفاسا عميقة وهو ينظر للطرقات الجبلية من حوله ويرشد مرة بعد مرة جوزيت كي تتخذ المنعطفات اللازمة ، وفضل أن يذهب من اتجاه آخر غير المعتاد تحسبا لخدعة جديدة من غضنفر ورجاله …

في تلك الأثناء
ومن على بكرة الصباح طرق باب الغرفة وأخذ ينتظر الجواب ، على قدر ما يستطيع من جهد نهض متكئا على دعامته ليرى من هذا الزائر الغليظ الذي سيتسبب بإيقاظ ميرنا ، فتح مسرعا وهو يتجهز لأن يشتم في وجه نادر لو كان هو الضيف الثقيل ،لكن تراجع حين وجد العم نزار ونادر معا يقفان عند عتبته ..
نادر(بوجه متذمر وشكله ما يزال غافيا):- أمسك عني هذا العجوز لقد أنقذني من عز نومتي ، تخيل لم أحلم بأي فتاة منذ مدة طويلة وحين أمنَّ الله علي بجميلة الجميلات سرقها مني بطرق القردة الذي أزعجني به ..
نزار:- أنا طرقت طرق القردة، والله لولا العيب لكنت دعوت عليك لتتحول لقرد شامبانزي
وائل(جذب الباب خلفه):- هشش ميرنا نائمة ما هذا الذي تفعلانه ؟؟؟
نزار:- أردت رؤيتك يا عزيزي وائل لا أدري ماذا علي أن أفعل ، أنا في الغرفة طوال الوقت لذلك أردت أن آتي لأسألك إن كنت بحاجتي ؟
وائل:- اعتبر أن هذه السفرة أجازة لك عن كل سنين خدمتك ، استمتع أخرج واستكشف المكان وخذ راحتك
نزار:- يعني أنت متأكد بأنك لست محتاجا لأي شيء
نادر(تثاءب):- قال لك أخرج من رأسه ألا تفهم أيها العجوز ، يا لك من غليظ
نزار(زم شفتيه وهم بضربه):- لعنة الله عليك ، اخرس لا أكلمك
نادر(لوح بتثاقل):- أنا بغرفتي سلمتك الأمانة ، سلملم
وائل(ربت على كتف نزار):- نلتقي على الفطور بالأسفل يا عم نزار ، وسنتفاهم على كل شيء عد لغرفتك الآن وأرح نفسك تمام ؟
نزار:- تمام طالما هذا ما تريده ، عذرا للإزعاج يا بني
وائل:- ولا يهمك عمو نزار …
نزار(تنهد بأريحية وانسحب):- نلتقي …
ابتسم له وائل ودلف للغرفة مجددا مغلقا الباب خلفه ، وهنا رفع نزار هاتفه مباشرة بعدها واتصل بها من على بكرة الصباح لأنه أأمن وقت للقاء المنتظر ..
نزار(بخفوت):- هيا جهزي نفسكِ سنلتقي خارج الفندق بعد ربع ساعة ، لا تقلقي لن يلحق بي أي أحد انتبهي أنتِ ممن يراقبونكِ ، أوك أنا قادم ..
هنا رفع نادر حاجبيه بعدم فهم ، للصدفة كان عائدا ليخبر وائل عن أمور روتينية تخص أمن المكان لكن سمع حديث نزار وزادت حيرته وشكه في الموضوع ، لذلك وجد نفسه يلحق به دون أن يدعه يشعر بأي شيء ، منعطفا بمنعطف رواقا برواق طابقا بطابق ، إلى أن غافله نزار واستقل المصعد وهنا لم يجد نادر أي حيلة سوى النزول عشوائيا لعله يلحقه ويكتشف مع من سيلتقي وما السر الذي يخفيه عنهم … كان يركض في الدرج لعله يلحق بالعجوز الذي أيقظه من مضجعه وتسبب في إقلاق راحته ، لكن ما لم يكن في حسبانه أنه سيصطدم بذات الشعر الأشقر الطويل والتي سقطت أرضا من وقع ارتطامه ، وطبعا لم يحدث كما في الأفلام ويمسكها بل تعثر بحذائها وسقط فوقها حتى ترك ضغطه يستريح فوقها …. فتحت عينيها لتنظر لذلك الجبل الذي سقط عليها فوجدته فاتحا فمه فاتحا عينيه فاتحا حواسه وهو مشدوه فيها بجاذبية غريبة جعلته يستشعر نسائم لذيذة تلتف من حولهما ، لكن هل كانت ستسمح له بجولة التأمل وهو يثقب بطنها ثقبا بمرفقه …
ناريانا:- إنهض عني الله لا يوفقك على دخلة القطار هذه ، ما بالك ألا ترى أمامك يا جحش ؟
نادر(نهض بخفة ومد يده ليساعدها على النهوض):- آسف منكِ يا آنستي لم أقصد أن …
وقفت دون مساعدته وانفتح المشبك فابنثق شعرها الأشقر الطويل على طوله وهنا صعق من جاذبيته الخلابة ، في كل خصلة كانت هنالك حكاية عشق تناديه وتطالبه بأن يلامسهم بجرأة … رمش بثقل وهو يتأمل أشعة الشمس التي بدأت في البزوغ وهي تجد انعكاسها بين خصلاتها الذهبية ، وجد نفسه تلقائيا يتأملها بل يتفحصها بقصد …
ناريانا(سحبت نفسا عمقا وهي تعدل شعرها وهيأتها):- مرة ثانية افتح عينيك ..
نادر:- لا داعي للكلام المنمق فأنا عربي مثلكِ ، لقد التقينا سابقا في الطائرة أتتذكرين ؟
ناريانا(تذكرتك أيها الأحمق وهل أنا أخرج كثيرا لأرى وسيمين آخرين ببلدنا ، يعني هم على عدد الأصابع وأنت أولهم):- أذكر ويا جميل ما أتذكره !!!! اسمع لا تطل معي ركن التعارف هنا لأنني من الآخر لا أتعرف على أولاد البلد كي أفسحهم وأشاركهم متع سفرتهم ، لذلك تنحى جانبا عني لأنك أخرتني بما فيه الكفاية
نادر(باندهاش منها):- هل أنتِ هكذا شعلة لا تخمد إلا بعد أن تحرق من حولها ، اهمدي يا جميلتي اهمدي أصلا لست ميتا لكي تتعطفين حضرتكِ وتتكرمين عليَّ بفنجان قهوة … لذلك اشربيه على حسابي
ناريانا(بغضب الإهانة التي تلقتها كصفعة للتو):- أيها الغبي وسخ التفكير ، ألم يعلمك أهلك أصول الآداب والسلوك ؟؟؟؟؟؟؟
نادر(تطاول بهزل):- ما شاء الله على أهلكِ أنتِ ، أرى الأخلاق العالية تقطر منكِ صراحة
ناريانا(صغرت فيه عينيها واقتربت منه):- لقد وضعتك في رأسي …
نادر(نظر من حولها):- أين على اليمين أم على اليسار ؟
ناريانا(ضربت رجلها غيظا مع الأرض):- سأجعلك تندم على تطاولك هذا أيها الغبي ، انتظر فقط لو لم أكن مستعجلة لأريتك حسن التربية وأعطيتك درسا في الأخلاق
نادر(باستفزاز):- هل أكتب لكِ رقمي ؟
ناريانا(تركته وضغطت على زر المصعد مرة ومرتين):- سأجعلك تندم
نادر(اتكأ على الحائط ووضع رجله باستخفاف):- ستجدين صعوبة في ذلك ، لأنني صحيح رجل يقدس الجمال لكنه في آن الوقت يهتم بالعقل يا فارغة العقل …
ناريانا(نفثت شرار):- ماذا تقصد ، هل أنا تافهة ؟
نادر(تحرك صوب المغادرة):- يعني … ليس لدي وقت لأشرح لكِ بالطبشور آنسة متعجرفة عن إذنك أو لا داعي لذلك لأنكِ فراغ بالنسبة لي هههه … عالم !!
ناريانا(ظلت مسمرة في الممر بينما المصعد يغلق ويفتح لوحده):- يا لوقاااااااااحته … تبا لكِ يا ناريانا كيف تتعاملين مع هكذا نوعية سوقية من الرعاع ، بئسا له أحرق موعدي مع أخي الحبيب … طيب السؤال الأهم هل قال عني حقا متعجرفة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
زمت شفتيها وكزت على أسنانها وهي تقفز بعصبية منه ودلفت للمصعد ، ضغطت على زر النزول وهي تمسح على رقبتها لعلها تستعيد رشدها من بعد جلسة الاستفزاز التي تعرضت لها مع نادر ، الذي نزل للأسفل ولكن لم يجد أي أثرا لنزار وعلم أن فرصته باللحاق به قد فلتت ، لذلك قرر أن يراقبه بدءا من تلك اللحظة لاكتشاف ما يضمره .. أما هي فاتخذت الطريق المتفق عليه وكلما سارت خطوة تذكرت أبو عيون مستفزة حاولت طرده من عقلها الذي لم يستطع قراءة صور أفكاره أو التنبؤ بشيء حياله ، وهذا ما زاد استغرابها وجعلها تفقد الحس بقدراتها الخاصة .. لكن رؤية أخيها أكيد ستمسح كل ذلك الغبن ، ما إن لاح لها من خلف الأشجار واقفا وهو يضع يديه خلف ظهره ويسير في خط مستقيم ويعود منه في وضعية انتظار ، حتى شعرت بالحنين فلم تره منذ سنوات طويلة طويلة جداااااااا …
ناريانا(ببكاء):- أخي حبيبي نزااااار
نزار(دمعت عيناه أيضا حين التفت ليراها):- يا نار قلبي يا أختي الحبيبة …
ناريانا(ركضت لحضنه وضمته بحرارة):- اهئ اشتقتك يا كبدي ، اشتقت لك يا أخي اشتقت
نزار(ضمها بلهفة):- وأنا يا شقيقتي الصغيرة ، اشتقت لكِ بحجم السماء
ناريانا(أمسكت وجهه وابتسمت):- لقد تضاعف شيبك يا أخي عن المرة السابقة
نزار:- 17 سنة ليست بالقليلة يا شقيقتي … لقد أصبحتِ جميلة جداااا وكأنني أرى والدتي فيكِ يا غاليتي
ناريانا:- آه يا آخي من لوعة فراقك التي تكسر ظهري ، أظن أننا وصلنا للوقت الموعود ما عاد فيني صبر لكي نفترق أريد أن أعيش في وسطك يا أخي أن أكون قريبة منك ، نلتقي نزور بعضنا نشكو همومنا همم ؟
نزار:- هانت يا عمري هانت ، لم يتبقى إلا القليل سنصبر لأجله أختي .. سلسبيل تتربص للحصول على قلادة الشمس وهي تعلم أن آخر شخص من عشيرتنا قد اندثر في الفراغ
ناريانا:- هي تعتقد أنها قتلت الرجل الصحيح مع الأسف ، جيد أن فخرية فعَّلت تعويذة تحول بينها وبين إيجادك يا نزار
نزار:- وجيد أنها حذرتنا كي لا تكشفكِ سلسبيل ، وإلا كنا في مصيبة جديدة
ناريانا:- ولكن يا أخي علينا أن نجد قلادة الشمس قبلها ، أتملك فكرة عن مكانها ؟
نزار:- هي مع ميرنا ، هذا آخر مكان وصلت إليه لكن من المحتمل ألا تكون الأصلية
ناريانا:- كيف يعني ، هل هناك قلادتين منها ؟
نزار:- هذا ما شككت به لحد الآن ، فلو كانت القلادة وصلت ليد ميرنا ولمستها لكانت أشعت وأظن أن حدثا كهذا يستحيل ألا نسمع به في المحيط أو نستشعره
ناريانا:- معك حق ، أنا لم أشعر بأي شيء .. طيب أين يمكن أن تكون القلادة الأصلية ؟
نزار:- لا أعلم … وائل حصل عليها حين ولد وبقيت معه كإرث من العائلة ، لكن ما أنا متأكد منه أنه قام بصنع واحدة تشبهها وقدمها لميرنا في عيد ميلادها
ناريانا:- طيب كنت هنا تأكد أنها ليست الأصلية ، هذا يعني أنها مفقودة
نزار:- محتمل ، والجدير بالذكر أكثر أنه علينا تكثيف البحث لإيجادها قبل سلسبيل
ناريانا:- سنفعل ذلك ، سأحاول سحب الكلام من ميرنا لنسأل عن النسخة فهذه قد تساعدنا لنرمي بها في أنامل سلسبيل
نزار:- هه وفخرية موجودة لتخلق تعويذة توهمها أن القلادة الصحيحة ..
ناريانا:- ربما مع دعم مني ومنك سنؤكد ذلك أكثر …
نزار:- ممكن … المهم أخبرتني أنكِ ستكونين بقصر ما هنا بروما فما الذي يجعلكِ تتواجدين بهذا الفندق ؟
ناريانا:- لا أدري في آخر المطاف حكيم طلب من رجاله أن يحضروني لهذا الفندق ..
نزار:- عجيب ، ربما لأن ميرنا ووائل به أيضا .. أراد أن يكون الجميع قرب بعضهم البعض
ناريانا:- ربما .. سألتقي بها غدا لدي ما أحادثها بشأنه
نزار:- تمام لكن انتبهي ، إن صدف والتقينا أنا وأنتِ لا تجعلي أحدا يشك بأمرنا
ناريانا:- ولو نحن لسنا إخوة حتى هههه … لا تقلق أختك نبيهة وحفيدة وُديقة لا تخطئ
نزار(عانقها بمحبة):- سلمتِ لي من كل شر حبيبتي الشقية .. ورحم الله أحبتنا
ناريانا:- هيا يا أخي دعنا ننسحب قبل أن تكثر الحركة ، وإن كان هنالك أي جديد نجد طريقة لنتواصل
نزار:- تمام يا صغيرتي …
ناريانا(توقفت حين تذكرت أماني):- لحظة .. وعدتني أن تخبرني عن موضوع فتاة الشعر الأحمر الموجودة بخان كهرمانة أليس كذلك ؟
نزار(امتص شفتيه):- ماذا تريدين أن تعرفي ؟
ناريانا:- ذلك الشعر ، كلانا نعرف صاحبته لذلك وضح لي سبب وجود نسخة منه .. ولا تقحمني في عوارض صبغات وشعر الموضة لأن أختك ضليعة وتعرف الشعر الأصلي من التقليد لذلك صارحني بدون لف ولا دوران ..
نزار(ناظرها بتمعن وأردف):- أماني … أ..
العامل:- آنسة عفوا منكِ
ناريانا:- نعم تفضل ماذا هناك ؟
العامل(مد لها ورقة):- أحدهم بعث لكِ بهذه سيدتي تفضلي..
ناريانا(فتحتها وقرأت في سرها):- طالما تفضلين العجائز لا تدعي الأخلاق يا صاحبة الأخلاق العالية ، تبا تسببتِ لي بمغص في بطني من على بكرة الصباح هه يا جميلة !!
رفعت رأسها لفوق وهي تطلب الصبر ،وحين التفتت لتشرح لأخيها وجدته قد ذهب وعرفت أنه خشي أن يكتشف أحدهم وجودهم ، لذلك حين همت بالرحيل نظرت مجددا لفوق وفي إحدى الشرفات كان يتكأ بيده ويلوح لها باستفزاز جعلها تدك الأرض دكا وتغرب عن وجهه … من مرتفعه لم يستطع تمييز وجه الرجل الذي كانت تقف جواره ، فلم يبدو منه إلا شعر رأسه الأبيض لذلك استغل الوقت في بعث الرسالة لاستفزازها أكثر وتلقينها درسا في التواضع .. هنا كان وائل جالسا على طرف سريرها الصغير يلاعب خصلات شعرها الناعمة ، ويداعبها بخفة وحنان تترجم الفرحة التي بداخله ، فهو يشعر أن ماسته الغالية قد عادت لموطنها الأصلي بقربه تحت مرأى عيونه العاشقة ، مد يده يلامس خدها في دفء لم يستطع كبته لكي لا يزعج نومتها لكن من اشتياقه لها وجد نفسه يبتسم لرؤيتها كما لو أنه يرى بشائر الخير تهل عليه لتملأه بالفرح والسعادة … وأكيد لن يستطيع إيقاظها فلقد كانت في نوم عميق مريح لم تشعره منذ وقت طويل ، وعليه وضع يده على خده ممسكا نفسه بقوة كي يعطيها مجالا أوسع لحلم جميل يجمعهما ربما من يدري …. حسن فعلا كانت تحلم لكن لا به ولا بحكيم ولا بميار بل بإياد كانت تنظر إليه وهي تمد يدها له لكنه كان ينفر منها وينظر ليديه المليئتين بالتراب ، كان هنالك تراب كثير يتسرب من بين يديه حاولت أن تفهم مصدره لكن ما برز أنه ينبعث من أنامل إياد الذي احتار وهو يهز رأسه وينفي تورطه بذلك التراب ، حتى امتد جزعه لصراخ تباعد شيئا فشيئا ليشبه الصدى المدوي في الأكوان ، هنا حاولت أن تناديه وتلحق به لكن وجدت هنالك حواجز عالية تفصل بينهما فظلت تناديه بدون فائدة … فتحت عينيها فجأة ووجدت وائل بوجهها بعد ذلك الحلم المزعج ، مدت يدها ولامست لحيته التي اشتاقتها بشكل كبير ، ابتسمت بإشراق وهي ترى لمعة العشق تنبع من عينيه ، هي تعرفها عز المعرفة لذلك هي تشعر الآن بالراحة والاطمئنان ..
ميرنا(بصوت ناعم):- كم الساعة الآن ؟
وائل:- ما يزال الوقت مبكرا ، هل أزعجتكِ ؟
ميرنا:- نن… لكن لما استيقظت في هذا الوقت ؟
وائل(مط شفتيه):- لأتأملكِ وأعوض الأيام التي لم أشبع فيها برؤيتكِ ..
ميرنا(انسحبت في الفراش لتفسح مجالا ورفعت الغطاء):- نم بجانبي .. هيا
وائل(تحفز بشوق):- جديا … سأشفى في غضون يومين إذا ظلت صباحاتي تشرق بشمسها تحت أنظاري العشيقة
ميرنا(ساعدته على النوم بجانبها وصغرت عينيها كي لا يتألم بيده وغطته بحنان):- الآن أنت جاهز للعودة للنوم صحيح ؟
وائل:- لا أدري ، ربما سنقضي اليوم كله نوماااا
ميرنا(رفعت يده السليمة ووضعت رأسها في حضنه وعانقته بقوة):- افتقدتك حبيبي ..
وائل(تأوه بعشق وهو يقبل جبينها ويلاعب شعرها):- وأنا افتقدت نفسي معكِ ..
ميرنا(لاعبت عنقه بإصبعها وهي ترفعه لتلامس فكه ووجهه):- علي أن أصارحك بشأن ما
وائل(وضع إصبعه على فمها):- ولا همسة ، أريد أن أستمتع برؤيتكِ في صمت وكأن هذا ما خلقت على هذه الأرض لفعله …
ميرنا(ابتسمت وهي تدك رأسها في عنقه وقبلته قبلة خفيفة):- لن أجزم لك عدم عودتي للنوم ، أشعر معك براحة رهيبة تحثني على ذلك
وائل:- نامي حبيبتي أنا سأحرسكِ حتى أغفو
ميرنا:- ههه وحين تغفو من سيحرسنا ؟
وائل:- عشقنا .. هه
ميرنا(مسحت من عقلها كل شيء واستمتعت باللحظة):- أحبك وائل
وائل(قبل جبينها بحرارة وهمس بصوت دافئ):- نامي قبل أن أبوح بخاطرة ليست حميدة
ضحكت من جملته وتقوقعت في حضنه وهي تستشعر ذلك الأمان الذي يختلف عن كل ما شعرت به رفقة حكيم أو ميار ، فهذا وائل نصفها الثاني شريك نبضها وأحلامها وحبها يسري في عروقه مثلما يسري في عروقها حبه الكبير .. لذلك صعب أن تضع أي أحد في مجال مقارنة معه لأنه لا يوجد من سيرتقي لتلك المكانة حتى لو سعت هي لذلك .. ولهذا نسفت كل فكرة طرأت على بالها وقررت أن تحظى بوقت راحة يعفيها من التفكير المضني ، حتى الحلم الذي رأته قبل استيقاظها لم تدقق فيه فقد اعتبرته أضغاث شيطان ولم تعرف أنه واقع سيحياه إياد بعد بضع دقائق ….
جوزيت:- نحن نقف عند الباب منذ نصف ساعة ، أما آن الوقت لندخل ؟
ميار(برهبة):- قليلا بعد جوزي لو سمحتِ ..
جوزيت:- الله الله ، أنت تضعني في حيرة من أمري وتجعلني أتساءل ، من منكما الأكبر
ميار(تنهد بعمق):- قليلا فقط
جوزيت(كتفت يديها):- إن لم ندخل سيخرج هو إلينا ، وبصراحة الجو بارد وموضوعنا معه مطول لذلك أرى أن ندخل يا ميار وكفى جبناااا
ميار(زورها بحدة):- هذا ليس جبنا يا ذكية ، بل … قلق من ردة فعله المبدئية
جوزيت:- يعني لو زيَّن وجهك الوسيم بلكمة ، واووو سأموت في جاذبيتك من فوري
ميار(عض شفتيه من جنونها ونكزها في كتفها):- زمِّري زمري ودعيهم يفتحون الباب ، لنرى تشجيعكِ وحماستكِ التي أستغربها إلى أين ستوصلنا
جوزيت(أخذت تزمر ببوق السيارة):- سترى ذلك … لكن كما اتفقنا سأدخل أنا الأول
ميار(بتأفف):- طيب طيب خلصينا ..
زفرت بقوة حين انفتحتِ البوابة التي تفصلهما عن أخيهما الصغير والمدلل ، صعب عليهما معا رؤيته وهو كبير فلطالما حلما به وأحباه وهو ذلك الطفل الصغير الذي يتذمر من كل شيء ، الطفل الباكي الذي يحاولون إسكاته بأي وسيلة كانت ، والذي لأجله ياما سمعا توبيخا وعتبا وأكثرية ميار الذي كان إياد بالنسبة له خط أحمر هو وجوزيت …. وجد نفسه يعود للذكريات الماضية وهذا ليس بوقته فعليه أن يكون أقوى من ذي قبل في هذه المواجهة ، لأن عليها سينبني مستقبلهما لأول مرة بعد الفراق …وقفت بالسيارة على جنب وأمسكت يده جذبتها لحضنها وربتت على كتفه بتشجيع وجد فيه مواساة حقيقية ، لقد دعمته بما في الكلمة من معنى وهذا ما جعله يشعر باليمن والارتياح .. نزلت وهي تنظر حولها للحراس ودخلت بقوة وهي تخط الأرض بكعبها وتبحث عنه بعينيها إلى أن وجدت جالسا في الصالون غائبا في تفكير دفين ، صوت كعبها هو الذي جعله يستفيق منه وينهض بتنبه وهو ينظر إليها ..
إياد:- أظنني طلبت حضور شخص آخر ، وليس النسخة البديلة عن ميرنا ؟
جوزيت(تقدمت إليه بقوة وألقت حقيبتها جانبا وكتفت يديها أمامه على بعد خطوات):- لا تقلل أدبا يا ولد ، أنا أختك الكبرى وعليك احترامي
إياد(رفع حاجبيه هازئا):- أختي الكبرى ، عذرا سمعت أن لي أخا واحدا يتمتع بخصال نذلة وقذرة لا أظن أنكِ تتشبعين بها إلا لو كنتِ مثله …
جوزيت(ابتسمت):- أنت تحاول استفزازي قبل حتى أن تعرفني ، مؤكد أنك تتساءل عن سر تشابهي أنا وميرنا والأهم سبب حضوري وادعائي بأنك أخي … هو أمر بسيط جدا وسهل شرحه عزيزي إياد ولو تفضلت وجلست هنا أمامي سأكون مسرورة بسرده لك باختصار
إياد(هز رأسه وهو يمط شفتيه بسخرية):- أجلس ؟؟؟ … شكلكِ مستريحة جدا في الدور لكنكِ لستِ ميرنا صديقتي فلا تتعبي نفسكِ معي ، أين هو ذلك الرجل ؟
جوزيت(عدلت وسادة الكنبة خلف ظهرها وجلست بأريحية واضعة رجلا على رجل):- تفضل تفضل كلامنا سيطول وأخشى أن تتعب
إياد(جلس بغضب):- هل ترين أن وضعي هذا مريح لكي تأخذي راحتكِ وتعامليني بهذا التعود الغريب ، هاااا إن كنتِ تعتقدين أن تعاملي معكِ في هذا الأسبوع قد قربني منكِ فأنتِ مخطئة لأنني كنت أعامل صديقتي وليس نسختها ..
جوزيت(استقبلت إهانته بصدر رحب وأردفت):- هذه القصة رويتها كذا مرة بدأت أشعر بأنني أحفظها عن ظهر قلب لكن يلا ، أنت آخر شخص سأرويها له .. اسمعني
إياد(نهض بقوة):- لا أريد أن أسمعكِ ولا أن أحادثكِ ولا أن أعرفكِ من أصله ، أنتِ لا تعني لي شيئا بالمرة أسمعتِ ؟
جوزيت(مطت شفتيها بشرود وهمست بصوت حنون):- بقرَتي السعيدة ، نامِي في حُضن أمكِ قريرة العين ولا تخافِي ، فغدا ستشربين حليب الأمل وتنسين همَّ الانتظار الجافي ، ستعيشين في كنفها الوافر وتتنعمين بحُضنها الدافي ، ستملئين الدنيا ببهجتكِ وتروين عطش المارة بحليبكِ الصافي ، نامي ولا تخافي فبسمتكِ وحضوركِ بالنسبة لنا خير كافي … نامي يا بقرتي السعيدة نامي ولا تخافي ….
إياد(اغرورقت عيناه دموعا وهو يعود تلقائيا ليجلس قبالتها):- كيف تعرفين هذه الأغنية ؟
جوزيت(بعيون دامعة نظرت إليه):- لأنني من كنت أغنيها لك كل ليلة في صباك يا إيادي .. أنا جوزيت التي ربيتك على يدي في تلك السنين الضئيلة ، كنت تنام بحضني كل ليلة حين تشعر بالخوف وكنت أغني لك هذه الأغنية وأحيانا أحكي لك قصصا تنام قبل اكتمالها ، كنت تحتضن الكلب بوبو هكذا وتطالب بعد استيقاظك بإتمام القصة ، وأنا كنت أكملها لأجلك
إياد(بحزن):- أنا لا أتذكر أيا من هذا أو ،، بدأت أرى منه ومضات قصيرة ورأيتكِ موجودة فيها اعتقدت بأنكِ ميرنا
جوزيت:- .. شبهي أنا وهي راجع للجينات الوراثية ، قدر أو صدفة لا أدري لكنها ابنة عمي وأنا ابنة عمها راجية يعني ..
إياد(رفع حاجبيه بدهشة):- أيعني هذا أنني أيضا راجي ؟
جوزيت(مطت شفتيها):- لست مخولة بإخبارك أكثر من هذا .. لكن من جانب أنت من آل نجيب ومن جانب آخر أنت منهم نوعا ما يعني ..
إياد:- لا أفهم عليكِ ..وضحي
جوزيت:- ركز فيني يكون أفضل .. أنا ترعرعت معكم في نفس البيت إلى أن حان وقت رحيلي وادعيت أنني مت ، لا تندهش لأن وقت الصدمات لم يحن بعد المهم قدر علي أن أفارقكم وأترككم لوحدكم قد كنت أزورك ليلا بغرفتك خلسة وأغني لك وأعطيك الحلوى ، لكي تتوقف عن البكاء علي لقد كان يؤذيني ذلك كثيرا .. وأنت كنت طفلا جميلا ومطيعا حين كنت تستيقظ كنت تحاول إسكات ميار الذي كان يظل حزينا علي ، فبعد موتي تركتكما وحيدين ولذلك وجدتما في بعضكما بعد الأنس والارتياح ، حتى لو حاولتَ أن تقنعه بطفولتك البريئة أنك تراني وتحدثني لم يكن يصدقك بتاتا ، وكان يهرع لقبري كي يبكيني منفردا ، مرت شهور بسيطة ومات أبوكم … وهنا افترقت طرقاتكم فقد حكموا على ميار أن يتحمل مسئولية عمل عامر نجيب ألا وهو مجال المافيا ، وهو في ذلك السن الصغير أجبروه على أن يفترق عنك أو تموت ولم يجد بدا سوى التضحية بحياته لأجلك وعلى أساس ذلك رافقهم … سنة تجر سنة وفي اعتقاده أنت تعيش في كنف الخالة صباح جارتنا متنعما بالمال الذي يرسله لك كل فترة ، وحين فاضت به طرقات الشوق قرر زيارتك وتعريفك على نفسه ليصطدم بالحقيقة المرة ، في أن صباح ماتت وقاموا بإيداعك في دار أيتام … جن جنونه وأحرق الأخضر واليابس وكل من تسبب بذلك وجعلهم يخبرونه بمكانك وأتاك .. لكنه لم يقترب بل ظل يراقبك من بعيد وجعل الميتم جنة بالنسبة لك كانوا يعاملونك معاملة الملك لا في يومياتك ولا في دراستك ولا في كل ما يتعلق بك ، كل ذلك لم يكن قدرا ولا محبة بل كان من المال الذي كان يدفعه سنة بعد سنة لأجل راحتك ، تخرجت من هناك وتوجهت للجامعة وسهل لك الأمور بشأن الشقة التي تقطن فيها حاليا وبشأن حياتك المعيشية ، كل شيء كان يسخره لك من بعيد أنت فقط اطلب وتمنى .. إلى أن توالتِ السنوات وتعب مجددا حين ضعف أمام أشواقه وقرر مفاتحتك بالموضوع ، وجاء ذات يوم لجامعتك لكن تشاء الصدف أن يلتقي بميرنا لحظتها والتي قلبت كيانه كاملا لأنه اعتقد بأنها أنا ومن وقتها وهو يدور في فلكها يحاول أن يقنع نفسه أنه نسي أمري ، لكنه لم يفعل فجوزيت تسكن بين حناياه ولن ترحل مطلقا ، لأن ما جمعني وجمعه جمعك أيضا معنا نحن الثلاثة تجرعنا ألم الفراق ونحن الثلاثة تعذبنا وضحينا ونستحق فرصة ثانية
إياد(صفق بيديه وهو يضع رجلا على رجل):- قصة مؤثرة ، صدقا تصلح لمقالة بالبند العريض عودة الموتى للحياة والطريق إلى الجنون هههه .. أتحسبين نفسكِ مخولة بالتأثير علي بقصة عمرها ألف سنة ، هل أنا طفل أمامكِ الآن استيقظي يا آنسة لأنني ما عدت ذلك المدلل الباكي أنا إياد نجيب وأظنكما تعرفان أن حكاية بعشرة دراهم لن تقنعني أو تجعلني أتحفز لمسامحتكما ، هذا إن افترضنا أنني أضعكما في خانة الأقرباء من أصله …
جوزيت(مسحت دموعها):- ما حسبت أن كل هذا الحقد واللؤم كامن فيك ، لطالما كنت طيبا حنونا يا إياد
إياد(رفع يديه بإشارة وهو يستقيم):- هههه والله حين يكتشف المرء بين ليلة وضحاها وصدفة أن أخاه أقذر رجل في الكون ، ويصادف أن أخته رئيسة عصابة مافيا مثله ستتبدل كل أيقونات حنانه وطيبته بجنون الهلوسة ههههه … ههه يا إلهي
جوزيت(نهضت خلفه وهي ترى الوضع يصعب أكثر فأكثر):- لا تلم أخاك ، كلنا ضحايا للقدر كلنا دفعنا الثمن غاليا ولست الوحيد الذي تعذب في هذه الحياة ..
إياد(استدار إليها):- عذرا يا "أختاه" لكن أجد أن جمعنا في جملة واحدة يخدش مشاعري ، فحبذا لو تبقي نفسكِ في كفة بعيدا عني ..
ميار(تعب من تحمل وقاحته ودخل آنذاك بصرامة وحزم):- يكفي …..
بلهفة ارتعش إياد بعد سماع ذلك الصوت الذي حاصره من كل جانب ، أغمض عينيه بوهن وفتحهما ليصطدم بأخيه واقفا أمامه، أخوه الذي عرف بوجوده قبل ساعات أخوه الذي تركه يتيما في هذه الدنيا ، كيف يسامحه وقد قهره بشكل جارح لا ولم يكتفي بإقصائه من حياته ، بل اقتحم تلك الحياة وعاش بدوره أوقاتا عديدة دون وجه حق حتى كاد يصيبه بالجنون ، وهو يعتقد أنه يعاني من انفصاما لعينا ، بينما أخوه الحبيب يلعب أدوارا في نفس الوقت تجعل العقل يتوقف من فرط الهذيان… اهتزت حنجرته وهو ينظر إليه في عمقه حنين في عمقه رغبة بأن يمسكه في حضنه بأن يلومه ويعاتبه ،÷ لكن وجد أن الكره والغضب يتغلغل في عينيه ليشملان كل ذرة طيبة في قلبه ويحرقانها في محرقة الخيبة التي تعرض لها ،، لذلك بلؤم تنفس وهو ينفث شررا من عينيه واقترب منه في مواجهة تفصل بينهما مسافة لو خطا أيهما خطوة في اتجاه الآخر لانتهت بعناق ، لكن ذلك مستحيل مستحيل وإياد يأبى الإصغاء لحرف مما يقال …
إياد(بنبرة ساخرة):- مياااار نجيييب … أخيراااا تكرمت وتعطفت علينااااااااا
ميار(نظر لجوزيت التي هزت كتفيها بقلة حيلة):- كف عن السخرية واجلس
إياد(تابعه بعيونه الملهوفة وهو ينظر لأخيه بشكل غريب):- أستجلس وتأخذ راحتك يا ملك ، طبعا طبعا أنت الفهد البري ملك المافيا يحق لك أن تتربع على عرش من ذهب ، ونحن الرعايا يليق بنا الانحناء تحت قدميك …
ميار(أشار لجوزيت أن تتدخل وإلا سيتدخل بطريقة غبية):- صبرا يا الله
إياد(صفق مجددا):- برافووو برافو أظن أن تشابهنا ساعدك كثيرا في تقمص شخصيتي ، يعني مع إضافات كالتي وجدتها في علب بلاستيكية بغرفتك يومية الاستعمال ، أكيد ستكون أنا يااااه عيب عليك يا أخي يعني التقيت بالجميع بصفتي ونسيت اللقاء بي أنااااااااا هههههه
جوزيت(اقتربت منه):- أتفهم وضعك هذا وأتفهم صدمتك ، لكن يا إياد رجاء لا ..
إياد(رفع يده وجعلها تصمت):- لا تتحدثي ما لم أوجه لكِ صفة الحديث ، هذا أولا ثانيا القصة التي رويتها وأغنية البقرة التعيسة بالنسبة لي احكيها لأيهم وسجى حين تعودين لذلك البيت وتخدعينهم من جديد … أما أنا فقد كبرت كبرت ونضجت بعيدا عنكما ولست بحاجتكما لأن لدي فعلا عائلة حقيقية لن أنسى خيرهم يوما …
ميار:- عائلتنا يا حلو … صحح معلوماتك جوزي ألم تخبريه بكامل القصة ت ت ت أهم مقطع فيها غفلت عنه ؟ نصيحة ، أصغِ لها جيدا فهي بارعة في سرد القصص
جوزيت(همست له):- أصلا علي أن أحاسب حكيم الذي روى لك كل حرف من حكايتنا ، ودون إذن مني
ميار:- لقد وفر عليكِ مشهد الدراما عزيزتي فاختصري …
جوزيت:- ميار لا تملي علي ما أفعله ، أخبرتك أنني سأتصرف
ميار:- كنتِ تصرفي بدلا من أن تبدئي غيرتكِ المريضة
جوزيت:- أستغفر الله ، الآن ماذا تريد ؟
ميار(بغضبب):- ارحميني ياااا
إياد:- أصمتااااااااااا
انتفض كل منهما وهما يتجاوران قرب بعضهما ، في حين ولى ظهره لهما وهو يتنفس بعمق فكل هذا كثير عليه ، كثير بقدر يجعله يشعر برغبة في الصرااااااااخ
إياد(على وضعه):- أنا لا أستطيع تقبلكما بالمرة ، لذلك لا ترويا لي أحاديث واهية ستدخل من أذن وتخرج من الأذن الأخرى
ميار(اتكأ على سطح الكنبة بأريحية وهو يتأمله):- أنت وسيم الطلة ، أتذكرين جوزيت حين تراهننا أنا وأنتِ في الصغر عن جاذبية إياد وتأثيره على النساء ، أقسمت لها أنك ستوقع الكثيرات في عشقك وما كذبت
جوزيت:- يا جميل ما تذكرته يا ميار ، هل هذا وقته
ميار:- نحن مع أخينا يعني فرصة لإفراغ سلة الذكريات
جوزيت(عضت شفتيها له لكي يصمت):- أنت تفسد الأمر بدلا من أن تصلحه .. إياد اجلس لو سمحت واسمع منا ما سنقوله نحن لن نخفي عنك أي حرف … مثلما عرفت ميرنا بكل الحقيقة من حقك أنت أيضا أن تعرف
إياد:- ميرنا عرفتها رغما عنكم ، وأنا وجدتكم أيضا رغما عن رغبتكم ..
ميار(أشار له):- فقط لإحصاء بعض المعلومات كيف عرفت ؟؟
إياد(ابتلع ريقه):- وصلت للخان القذر خاصة أمك زعفرانة …
ميار(رفع حاجبيه):- هه كهرمانة
إياد:- أيا كانت فهي ألعن منك... هناك عرفت من يكون الفهد البري بجلالة قدره وجعلتهم يوصلونني إلى هنا مستغلا الشبه ذاته الذي خدمتني به أخي العزيز مشكور بالمناسبة
ميار:- ههه جوزي إنه يملك نفس جينات السخرية خاصتنا ، لا شك أننا سنستمتع معه
إياد(حول عينيه وهو يجلس بملل):- أعرف أنك تخفف عن نفسك بهذه التصرفات الصبيانية ، لكنني لن أسمح لك بأن تتملص من العدالة .. سأفعل مثل ميرنا التي لم أفهم منها كيف لم تقل اسمك على الملأ أكيد هددتها ؟
ميار:- والله سأخيب ظنك فميرنا قد فارقتني بالأحضان والدموع ، حتى اسألها
إياد(بعدم فهم):- كيف … ميرناااااااااا ميرنااااا خاصتنا تعانقك أنت ؟
جوزيت(رفعت حاجبها):- هل وصلتما لمرحلة العناق ، وماذا بعدها يا بعدي ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
إياد(نظر إليها):- هل هذا وقت غيرتكِ آنسة جوزة ..
جوزيت(بغضب):- جوزيت يا ولد ..
إياد(بلا مبالاة):- أجبنااااااااا ؟
ميار(هز كتفيه):- ماذا أفعل جاذبيتي خارقة للعادة ، وميرنا وقعت بتأثيري حتى في تصريحها برَّأتني ألم تشعر بذلك ؟؟؟
إياد:- سمعت ولم أفهم شيئا
ميار:- باختصار شديد كل ما تراه عبارة عن مرآة .. صحيح أن وجهي الذي يظهر من خلالها لكن خلفها يكمن وجه الشر الأول والأخير إنه الشخص الذي ذكرته ميرنا الفهد البري الأصلي
إياد(داخ من كمية المعلومات):- يعني ؟
جوزيت:- يعني أن ميرنا وحكيم وأنا نؤمن ببراءة ميار ، لأن المتهم الوحيد وراء تلك الجرائم شخص يتوارى خلف قناع ميار لكي يجعله دوما في وجه المدفع بينما هو يمارس جرائمه بأريحية
إياد(رمش بعينيه وهو ينظر لميار):- ههه هرااااء …
ميار:- أنت حر لا تصدق ، لكن صديقتك آمنت بي أو لنقل آمنت بالدماء التي تجمعنا .. فأنا يا روحي أكون ابن عمتها وعمة جوزيت من حورية الراجي ….
إياد(بغبن):- طيب هل أنا أيضا ابنها ؟
جوزيت(حزنت عليه):- لا أنت … ابن لامرأة أخرى توفيت قبل أم ميار بعدة سنوات
إياد:- ما كان اسمها هل لديكم صورة لها ؟
جوزيت(اقتربت منه):- إياد ..
إياد(انتفض بقوة):- لا تلمسييييييييييني .. ولا تقتربي مني خطوة أنا لست أخاكِ يا آنسة ولا أخ هذا الرجل ، أنا أصلا لا أتشرف بكما
ميار(أشار لها):- لا تضيعي وقتكِ مع هذا الولد ، عقله لا يستوعب أي شيء سوى أفكاره القميئة سأحضر علبة سجائري وأعود
إياد(انتفض من برودته وهدر فيه):- توقف محلك ، أستعاملني بهذا البرود معتقدا أنك ستجعلني أرضخ لك وأتقبلك ….. هل أنت أحمق ؟
ميار(هنا تشنج واقترب منه ممسكا به من ياقته):- لا أسمح لك بالتطاول على أخيك الأكبر ، سواء اقتنعت أو لم تقتنع هذه ليست مشكلتي
إياد(أبعد يديه بقوة):- أبعد يديك القذرة عني …
ميار(انتفض من حركة إياد الجارحة وحرك فكه مبتعدا عنه):- جوزيت عقلي هذا الطفل وإلا سأستعمل معه طريقتي المعتادة ..
جوزيت:- اهدأ يا ميار الأمور لا تحل هكذاااا
ميار(صرخ بنفاذ صبر):- بل هكذاااااا ، لأن هذا الجاهل يتهمني دون أي وجه حق ، ماذاااا عرفت يا ذكي هيا أخبرني أنني الفهد البري تمام أنا الفهد البري أين دليلك ؟؟؟؟؟
إياد:- لقد فتحت الخزنة الموجودة بالخان ، تفحصت كل ما فيها وعرفت بأمر الأقراص الممغنطة التي تحتفظون بها كتهديد لمن يسيرون أعمالكم القذرة
ميار:- جميل جدا ، لكن هل وجدت توقيع ميار نجيب عليها ؟
إياد:- هذا ليس شرطا لكي تكون بريئا ، لأنك داهية قد تنقذ نفسك وتضع شخصا غيرك في الواجهة لكي تبقى خارج دائرة الخطر
ميار:- أظن أنك تستمع ولا تصغي ، لذلك لن أضيع وقتي معك أكثر افعل ما تريد
جوزيت:- يا الله ! يكفي منك له هذا ليس أسلوب حوار أبدا … نحن نتخبط في بعضنا ونشير بأصابع الاتهام بهتانا يا إياد لا تحكم قبل أن تعرف الحقيقة
إياد:- أية حقيقة تلك ، لقد بحثت عنها طوال سنوات لتظهر جلية لي .. أخ وأخت مجرمين
ميار(هنا نبض قلبه بغضب):- لسوء حظك أنا أتحايل عليك بهدوء لكي نبقي هذا اللقاء الأول بيننا نظيفا من أي صعقات قد تفاجئك …
إياد:- طبعا فالتهديد لغتكم ، مثلما كنت تهددني أنا وصديقتي لسنوات ستهددني الآن فما الذي سيمنعك بعد أن فضحت أمرك ، عليك أن تخرسني وهذا ما يجعلني أتساءل مع نفسي بما ستهدد هذه المرة يا ترى ؟
جوزيت(رمقت بريق عيون ميار الكسير):- يكفي إياد ، أتظن نفسك مخولا بالاتهام هنا … لا تعتقد بأننا سنصمت على هذا الادعاء طالما لا ترغب بمعرفة الحقيقة منا كلم ميرنا وهي ستحكي لك كل شيء
إياد(شعر بصداع وتحرك قليلا ليقف بالمنتصف):- على الأقل .. كان ظهر أحدكما ، يعني على الأقل كنت عرفت بأن هنالك أحد من أهلي على قيد الحياة ولكنه بعيد ، لم أكن سأحزن وأمضي بقية أيامي في وحدة كئيبة كلما استذكرت أنني يتيم مُتخلى عنه في دار الأيتام ….. لكن كلاكما فضل التفرج على معاناتي من بعيد فكيف تريدان مني أن أصدق أكبر كاذبين على وجه الأرض ؟؟؟؟؟؟
ميار(حرك يديه بلا مبالاة وتوجه صوب مكتبه):- حظا موفقا لكِ مع رأس الاسمنت
جوزيت(وضعت يدها على جنبها من جنون ميار الذي لوح مغادرا المجلس):- يا للجنون
إياد(فتح فمه وهو ينظر إليه بغبن وطأطأ رأسه بشعور غريب خالجه):- هل من المفترض علي أن أستسمح منه لأنني أهينه ، هل أنا الآن الظالم والمذنب في حقه .. بالله عليكِ انسي قليلا هويتي بصدق واحكمي من بعيد ، من منا عليه أن يثور ويغضب أنا أم هو ؟
جوزيت(مسحت على رأسها):- أنا لا أفهمك صدقا إياد ، ما الذي تريده أخبرني … نحن نحاول أن نشرح لك لكنك لا تريد أن تصغي إذن ماذا نفعل كي نرضيك ؟؟؟؟؟
إياد(بغمغمة وجع ولى ظهره):- لا تفعلي شيئا قد فعلتم ما فيه الكفاية …
جوزيت(هدرت فيه):- إلى أين أنت ذااااااااهب ؟
إياد:- إلى الموت أرحم لي من اكتشاف أمر العائلة التي لطالما انتظرتها وبحثت عنها بمرارة ، يا خسارة يا خسارة ما حسبت يوما أنني سأكره اللحظة التي سأتعرف فيها على عائلتي صدقا ما توقعت ذلك …..
جوزيت(لحقت به واعترضت طريقه):- أرجوك إياد لو سمحت ، لا تتصرف على هذا النحو والله كلنا معذبين بما فيه الكفاية نحن مهددين بحياتكم التي في خطر ، إن لم نرضخ لتلك التهديدات كنا فقدنا كل من نحب …
إياد(بعدم فهم):- ماذا تقولين ؟
جوزيت:- اسمعني ، مثلما هددوا ميرنا بوائل هددوا وائل بميرنا ودخلوا بيته وربطوا مدبر منزله نزار وكمموه كرسالة تهديدية ، لكنه لم يتنازل بل استمر إلى أن جاء التهديد الحقيقي لحظة قاموا برميه من ذلك الجرف ، لم يكن لميار علاقة قد عرف مثل الجميع بتلك الحادثة التي نسبت له ظلمااااا … وغيره أتعلم أن ميرنا وميار قبل أيام كانوا بين فوهة النار لقد اعترض طريقهم مجموعة من مرتزقة ذلك المجرم وحاولوا اغتيالهم لولا ستر الله .، وأنا قبل أيام يوم كنت مع نهال وشيماء في مركز التسوق لحقوا بي رجاله بغية قتلي لولا أن رجال حكيم تدخلوا وهربونا من هناك … كلنا في خطر وما أخبرك به الآن نقطة من بحر العذاب الأسود الذي تجرعناه طوال سنوات … أرجوك اسمع مني ولا تظلمنا أكثر لقد كنا نموت كل يوم بعيدا عنك حتى لو كنا مفترقين كانت روحنا ملتصقة بك على الدواااام
إياد(رغب بأن يصدقها لكن استحال عليه ذلك استحااااال):- مجرد خزعبلات
جوزيت:- تمام تمام أنا وميار كاذبين ، لكن هل وائل أيضا كاذب ميرنا نزار وووو ؟؟؟؟
إياد(بتفكير منطقي):- أنتِ تبررين أفعاله لكي لا أغضب منه ، لكنكِ لا تفهمين شعوري ذلك الرجل قد تخلى عني تخلى عنيييييييييييي ..
جوزيت(أمسكته بقوة وشلال دموعها لا يتوقف):- لم يتخلى عنك بل عن حياته ، لقد ألغى نفسه لأجلك ألا تفهم …. لقد رحل لكي تبقى أنت على قيد الحياة وتعيش مرتاح البال بعيدا عن دوامة أبيكم عامر نجيب ، أراد لك عيشا هانئا وما حسب أنك ستدخل لهذا العالم في يوم من الأيام ولأجل ماذا لأجل القبض عليه وكشفه أمام الملأ …
إياد:- وأنتِ ؟؟؟
جوزيت:- ذات الشيء ما حصل معه حصل معي قبله ، وأجبرت على تمثيلية الموت لكي يكون كلاكما بخير .. أتعلم ما معنى أن تموت وأنت حي ، يعني أن ترى دموع أحبتك المفطورة عليك ، أن ترى معاناتهم في غيابك ، أن تتجرع مر الفراق ولا تستطيع تحريك ساكن ، تتوق لحضن لضمة للقاء ولكن لا تحصد سوى الألم ….
إياد(رمش وهو يستمع له بإمعان):- لكنكم جميعا مذنبون … حتى لو أجبرتم على ذلك تبقون في نظري كذلك …
ميار(خرج وهو يدخن سيجارته ممسكا بعلبته ورمى بنفسه على الكنبة بأريحية):- نفس جمل ميرنا يا سبحان الله ، أتراك أخوها أم أخي … جوزتي لو سمحتِ فنجان قهوة ؟
جوزيت(مسحت دموعها من هبله):- أجنُّ منك ما رأيت …
ميار:- بلى إنه يقف على بعد خطوات منك حتى .. تعال تعال يا أخي الغالي واجلس قبالتي دعني أراك وأنت صاحي مللت من رؤيتك في كل مرة وأنت نائم ههه تدرك أنني كنت أنومك صحيح يا ذكي ؟
إياد(بتغلغل توجه إليه وجوزيت تلحقه لتمسكه):- أنت تنادي لإزهاااااق روحك …
ميار(عقد حاجبيه وهو يرى إياد ممسكا بياقته ورفع يديه للسماء بعد أن وضع السيجارة بالصحن):- تبقى أخي …. أنت أخي أنااااااااااااااا أخووووووو ميار نجيب أنت أخوووووووووو الفهد البري أسمعت أم أعيد لك من جديد ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
إياد(زم شفتيه وجذبه رافعا يده للكمه):- أصمتتتتتتتت أصمتتتتتتت
جوزيت(وضعت يدها على كتف إياد ودفعها عنه):- إيااااد
ميار(باستفزاز لم يولي حركة إياد أدنى اهتمام بل تابع بإصرار وهو مرخي في قبضته):- أنت أخو الشخص المجرم الذي بحثت عنه كثيرااااااااا ،ها أنا ذا أمامك هل ستقتلني ؟؟؟؟؟؟؟؟
إياد(ارتعش من برودته وجذبه بقوة حتى استقام أمامه وظل ممسكا به):- أنت لست أخي وأنا لست أخووووووووووك
ميار(دفعه إليه بقوة):- بل أخووووك يا إياد ، شئت أم أبيت نحن نتشارك نفس الدم
إياد(هز رأسه بنفي):- لا … أنا أخي ليس مجرمااااا ليس مجرماااا
ميار(من بين أسنانه):- بلى .. وهذه هي الحقيقة التي عليك تصديقها وتقبلهااااااااا
إياد(جذبه مرة أخرى بقوة من ياقته والغضب ينتشر من ملامحه):- اخرس ….
ميار:- ضحيت لأجلك وأنا مستعدة للتضحية من جديد دون أن أفكر بالعواقب ، فقط لتبقى بخير يا أخي ، كنت صغيرا حين افترقنا ووعدتني بأنك لن تنسى أخاك أبداااا ولكن ذاكرتك الصغيرة ومعاناتك مع الوحدة جعلتك تنساني لكنني ما نسيتك يوما ، كل لحظة كنت أفكر بك وأفكر بمصيرك في هذه الدنيا المريعة … كنت أحبك وبقيت أحبك وما زلت أحب صغيري الشقي الذي وهبته لي الأيام ، أنت أخي يا إياد أخي …
إياد(ببكاء ضربه على كتفيه):- الأخ لا يتخلى عن أخووووووووووووه
ميار(بدموع تراجع للخلف وصرخ فيه):- أجبروووووني
إياد(بصرخة أيضا):- كنت خذني معك
ميار(بغلالة قهر):- لم أستطع
إياد(بصوت مبحوح ضربه لكتفيه مجددا):- خذلتنييييييييييييييييييي
ميار(مال برأسه بغبن):-رغماااااا عني
إياد(هز رأسه وهو يتمالك دموعه وناظره بقهر):- عشت يتيما وحيداااااا بدوووونك
ميار:- خوفا عليك أبقتيك بعيدا عني
إياد(حرك رأسه بنفي):- هذا عذر أقبح من ذنب
ميار(هز كتفيه):- ولكنه واقع ..
إياد(نظر للأرض ورفع عينيه بدموع تساقطت على وجنتيه):- هل من الغرابة أن أشعر برغبة في عناقك الآن في حين أنني أحاول كرهك بقدر ما أستطيع ؟؟؟؟
ميار(تأوه بحرقة وفتح يديه):- مكانك كان هنا من البداية … بين أحضاني وتحت كنفي
إياد(شهق وهو يشعر بروحه تحترق):- أنا أكرهك أكرهك … أكره حقيقتك أكره وجودك
ميار(على وضعه):- اكرهني بقدر ما تريد ، لأنك ستعود للحضن الذي كان يؤويك
إياد(نظر لجوزيت التي جلست وهي تبكي بحرقة):- أنتم مصيركم السجن …
ميار(أخفض يديه وزفر وهو يشير للباب):- أوك الطريق التي أحضرَتك تأخذك لأقرب مخفر شرطة ، نورت بيت أخوك يا روحي …
جوزيت(شهقت بفزع):- يا ويلي على هذا…. ميار رجاء أصمت
إياد:- أنت تسخر مني وتعتقد بأنني لن أفعلها ، إذن ليكن بعلمك أن وجهتي حقا ستكون لمركز الشرطة سأبلغ عنكم وأعطيهم كل الدلائل التي بيدي ..
ميار(تحرك وجذب يد جوزيت وجعلها تنهض):- وفقك الله حبيبي إياد … تعالي معي
جوزيت(رفعت حاجبها فيه):- ماذا تريد الآن يا ميار ؟
ميار(همس لها):- جارني فقط …وحاولي أن تفتعلي مشكلة
جوزيت(نظرت لإياد):- كيف يعني ؟؟؟؟
ميار(جذبها من خلصة شعرها حتى صرخت):- هكذااااا
إياد:- ما الذي ستفعله بها ؟؟؟
ميار(بغضب جذبها خلفه):- ما كان يجب أن أفعله منذ الأسبوع القادم ، تحركي ولا تفقديني صوابي يا جوزيت …
جوزيت(فهمت ميار واسترسلت):- اهئ أرجوك يا ميار أعدك أنها ستكون آخر مرة أخدعك فيهاا ، والله والله أجبروني على الكذب وعلى أداء تلك التمثيلية حتى أنني من اعتقادي بأننا إخوة طاوعتهم هربا من مشاعر العشق التي كنت أحملها لك في قلبي ..
ميار(صغر عينيه فيها وهمس):- إخوووووووووة … من أين أتيتِ بهذا الهراء ، تمام استرسلي ولكن لا تكذبي …
جوزيت(ضربته لذراعه وهو يجذبه للأسفل حيث المطبخ):- والله هذا ما أخبرني به غضنفر ، أخبرني أنني شقيقة طفل سليم وهبة المتوفى واعتقدت أنني أخت إياد إذن بالتالي أنا أختك
ميار(دفعها على الحائط):- الله يخرب بيت غضنفر ، يعني قبَّلت أختي أليس كذلك ؟
جوزيت(انعطفت معه وضربته لكتفه بغيظ):- أختك ماذا لا تستفزني ، نحن أولاد عمومة ولا تجعلني أستذكر شجرتنا لقد فقعت مرارتي من استذكارها ليل نهار ..
إياد(لحقهما بتوتر):- ماذا ستفعل بها دعها وشأنها يا هذاااا
ميار(جذبها خلفه بعد أن نزلا وأمسك بسكين المطبخ):- إن اقتربت سأذبحها أمام أعينك
إياد(شهق أكثر من شهقة جوزيت التي رأت أن الوضع زاد عن حده):- تمام تمام على رسلك لن أقترب فقط حررها ..
ميار:- ولما أفعل ذلك ، لقد كذبت علي وخدعتني طوال سنين جعَلتني أبكي قبرا فارغا … هل هذه فعلة تتطلب مني أن أغفر لها ؟؟؟؟
إياد:- طيب وأنت مثلها تركتني وحيدا لسنين هل علي أن أذبحك أيضا لأقتص لنفسي ؟؟؟؟؟؟
ميار(هز كتفه):- والله لو كان ذلك يريحك … إفعل …
جوزيت:- يا جماعة أنا هنا وسطكما أشفقوا علي ، إياد أرجوك تدخل لا تدعه يقتلني إنه مهووس مجنون قد يفعلها …
ميار(جذبها من شعرها):- اخرسي ولا تصدري صوتا ، قد حكمتِ على نفسكِ بالموت يا كاذبة
إياد(بهلع مما يحدث أمامه ابتلع ريقه):- حسنا ..توقف ولنتكلم بهدوء
ميار:- وما الذي سنتكلم فيه يا أخي ، أنت تنكرت لي وتكرهني إذن ما عاد لحياتي نفع … سأقتل هذه الكاذبة وأقتل نفسي بعدها وأنت عش برخاء وهناء وانس أمرنا
إياد(رمش بتلعثم"):- هل تطلب مني نسيان أمركم وفقدكم بعد أن وجدتكم ، ههه هل أنت مخبول ؟
ميار(رفع حاجبه وهو يشير بالسكين):- والله لم أفهمك ، تارة تقول مجرمين أكرهكم وتارة تقول لا أريد أن أعرفكم ، والآن تقول لا أريد نسيانكم يعني ارس على بر يا عم إياد …
إياد(امتص شفتيه بخوف):- طيب دعها وشأنها ولنتفاهم سوية ، أنا وأنت
ميار:- فات الأوان ، أنت لن تحبني أصلا ولن تصدق أنني بريء وأنني أجبرت على هذه العيشة اللعينة ، لن تصدق أنني أحاول هدم ذلك المجرم والقضاء عليه لكي نعيش كلنا في نعيم ، لن تصدق أنني أناضل في كل يوم لكي أخرج نفسي من مستنقع الدم ذاك بأقل الخسائر الممكنة … لن تصدق وأنا متعب سئمت من اتهاماتك لي ، سبقتك ميرنا وعذبتني لحين وثقت بي وصدقتني في الأخير وأنت الآن حكمت علي حتى قبل أن تسمعني لذلك لا داعي من حياتي أنا وجوزيت سأقتلها وأقتل نفسي …
جوزيت:- اهئ لالالالالالالالا أريد أن أموووووووووت دعني يا ميار اهئ دعني … إيااااااااااد حرك ساكنا أرجوك استمع له
ميار:- أجل … أصغي لي ووقتها سأفكر بتحريرها
جوزيت(تألمت وهي تطأ على قدمه):- اللعنة عليك لقد نتفت شعري ، بالراحة …
ميار(همس من خلف شعرها):- جوزتي الغالية ، أنتِ تبدعين أراه قد تأثر
جوزيت(انتفضت من همسته كل مشاعرها وتحركت بلوعة):- أنت تثيرني بهمسك الغبي
ميار(نظر إليها جانبيا بامتعاض):- أستغفر الله الرحمة يا ربي من هؤلاء النسوة ..
إياد:- على ماذا تتهامسان …أم تراها لعبة منكما لكي تؤثرا بي ؟؟؟؟؟؟
ميار(وضع السكين جانبا ومسح على شعر جوزيت):- طبعا لعبة هل أنا مجرم حتى أقتلها
جوزيت(تنفست الصعداء):- عليك أن تثق بإحساسك يا إياد .. نحن كلنا جبلنا على الفراق أنت أنا وميار ولا أحد فينا ملام غير ذلك الإنسان الشرير الذي نحاول سعيا أن نوقعه ، وقد فعلت ميرنا مثلنا وانضمت لنا بالتأكيد …
إياد(طالما ميرنا صدقتهم لما لا أصدقهم أنا أيضا ، لالا يا إياد إنهم يسخرون منك):- ميرنا مستحيل أن تصدقكم ..
ميار(أشار له):- كلمها واستفسر بنفسك …
إياد(أخرج هاتفه بالفعل):- سأفعل … سأفعل …
تمطت محلها ببطء كي لا تزعج وائل الذي كان غافيا بين ذراعيها ، تنحنحت وهي تخرج من السرير بهدوء شديد نظرت لوائل وجدته تململ قليلا وعاد للنوم ، هنا أمسكت هاتفها الذي كان على الوضع الهزاز ورمقت رقم إياد .. امتصت شفتيها واستقامت وهي تخرج للشرفة ..
إياد:- أخبريني أنكِ لم تثقي بالفهد البري يا ميرنا ؟
ميرنا:- علينا أن نتحدث بهذا الخصوص ، اكتشفت أشياء لم تكن بحسباننا اتضح أن الفهد ليس كما نظن يعني هو مجرد خلفية للإجرام الحقيقي …
إياد(مط شفتيه):- اممم طيب هل عرفتِ هويته كيف شكله وما اسمه ؟
ميرنا(تلعثمت):- أ.. هو إنسان عادي يعني ليس كما نظن
إياد(أغمض عينيه من إخفائها الحقيقة):- ألا تخفين عني شيئا بهذا الخصوص يا ميرنا ؟
ميرنا(مسحت خلف عنقها بتوتر):- أكيد لاء يعني ما الذي سأخفيه ؟
إياد(بوجع ومرارة):- أنه أخي مثلا يا صديقتي ….
ميرنا(شهقت بفزع):- هئئئئ كيف عرفت ؟؟؟؟؟
إياد:- أنا أمامه يا ميرنا .. أتعلمين الموجع في الموضوع ليس هوية أخي التي اكتشفتها للتو ولا هوية أختي الميتة الحية ، بل حقيقة صمتكِ يا من حسبتكِ صديقتي اعتقدت أن أول شيء ستفعلينه بعد تحرركِ أنكِ ستتصلين بي وتخبريني بكامل المستجدات .. لكنكِ صرتِ مثلهم يا ميرنا تخفين الحقائق وتتلاعبين على حبال واهية تسبب جرحا لن يندمل
ميرنا(دمعت عيناها):- لا تقل هذا يا إياد ، كنت سأخبرك لو قرر ميار ذلك .. هو المخول بهذا الأمر ولست أنا لطفا لا تتخذ موقفا مني قد كنت مجبرة على الصمت لأجله
إياد(ضحك بهزل وهو يتراجع للخلف حتى جلس على الدرج):- أنتِ مجبرة على إخفاء الحقيقة ، جوزيت مجبرة على الكذب ، ميار مجبر على طعن أخيه والتخلي عنه … جميل كلكم مجبرون أمام إيااااااااااد أبصر من سيخرج لي مستقبلا ويخبرني أنه كان مجبرا بدوره …
ميرنا:- ميار مظلوم وهو ضحية لرجل واحد فتك بحياتهم وجندهم ليبقوا تحت سيطرته ، ذلك هو عدونا المشترك والمنشود علينا أن نوطد علاقتنا لكي نوقع به يا إياد … رجاء لا تسبح في ضفة مغايرة لأننا جميعا سنهلك …
إياد(هز رأسه وهو يمسح دموعه):- ميرنا … قد خسرتِ اليوم صديقكِ
ميرنا(شهقت بفزع):- إياااد إياد لا تهذي إياد اسمعني … اهئ إياااااااااااااد …
ّإياد(بطعنة):- سأصدق ما أريد تصديقه ومن اليوم لا أنتِ ولا هم ستتدخلون في حياتي ..
ميرنا(نظرت للهاتف فقد فصل الخط):- ألووو إياد ألوووووو …
وائل(استيقظ مفزوعا عليها ورمقها بالشرفة وهي تبكي فنهض وهو قلق):- يا إلهي هل عرفت بأمر حكيم الآن ….افف لا لا لا ميرناااااا
ميرنا(انحنت وهي تبكي وهزت رأسها له):- إياد إياد … اهئ
وائل(بجهد جهيد وصل إليها وهو يتأبط دعامته):- حبيبتي ما بالكِ ؟؟؟
ميرنا(ارتمت بحضنه وهي تمسك به بقوة):- إيااااد .. تخلى عن صداقتنا للتو لأنني أخفيت عنه الحقيقة المرة
وائل(مسح على رأسها وهو يحاول تهدئتها):- حقيقة شقيقه صح ؟
ميرنا(ابتعدت عنه وفزعت):- وكيف تعرف بها أنت ؟
وائل:- رامز أخبرني يوم أمس والظاهر أن إياد لاحق موقعا ما لحين عثر على الفهد البري
ميرنا(بتفكير):- لاحق موقعا ما … يا إلهي …. إنه الموقع ذاته الذي بعثته له سابقا اللعنة عليكِ يا ميرنا اللعنة عليكِ ….
وائل(جذبها للداخل):- تعالي اجلسي لنتحدث بهدوء .. تمالكي أنفاسكِ فإياد مستحيل أن يتخلى عنكِ هو غاضب فقط إذ لم ينتظر منكِ هذا التصرف
ميرنا:- ولكن ما كان علي أن أفعل … لقد وضعت بين المطرقة والسنديان ..
وائل(جلس على السرير ووضع دعامته جانبا وأجبرها على الجلوس قربه):- اسمعي يا روحي ، سنتخطى هذه الأزمة معا ولن تستمر طويلا سترين كيف سيتصل بكِ إياد مساء ويطلب السماح منكِ ..
ميرنا(مطت شفتيها):- هل تتكلم بجدية ، أتظن أن هذا ما سيحدث ؟
وائل(ابتسم لها):- واثق حتى .. والآن لا أريد رؤية دموع مرة ثانية بمقلتيكِ الجميلة
ميرنا:- لو خسرت إياد سوف أحزن … ولو خسرت ميار سأحزن أكثر
وائل(رفع حاجبه وهو يسحب يده):- كنا في حكيم وأصبحنا في ميار وغدا دور من ؟؟؟؟
ميرنا(انتفضت من موقفه الغريب):- يعني .. قصدت أنه
وائل(سحب نفسا عميقا وابتسم بصعوبة):- غيري ثيابكِ لكي ننزل للفطور سأتصل بالجماعة
ميرنا(رمشت باستغراب حين رأته قد نهض وهو يحمل الهاتف متوجها للحمام):- ماذا قلت أنا حتى ينزعج هكذا ، من أصله هل يعرف ميار حتى يتصرف على هذااا الشكل ؟؟؟؟ تتت
والله يختي يا ميرنا بأمانة حتى لو لم يعرفه يكفي أنه يحس وأظن أن وائل مقبل على حرب ضارية ألعن من حربه مع حكيم هههه الله يستر ^^
جوزيت:- أقفلوا كل مداخل ومخارج العرين ، أسرعوووووووووا …
إياد(حرك سيارته في محلها وهو يدعك الفرامل بصوت مفزع):- حتى لو أغلقتم علي في جحر فأر ، سأخرج وأفضحكم
ميار(كان يلاعب صولي ولا على باله ، حمله في حضنه واقترب من إياد):- صولي أعرفك بأخي إياد ، وهذه المجنونة الثائرة تدعى جوزيت
جوزيت(كتفت يديها):- وصف حبيبتي يمثلني أفضل
ميار(رمقها بطرف عين):- سُحب منكِ الوصف يا غزالي … هه قال حبيبتي قال
إيادّ(زمر ببوق سيارته):- ابتعدي يا جوزيت عن طريقييي …
جوزيت(ضمت يديها لحضنها):- أي على اسم جوزيت كيف يخرج من لسانك …ههه
إياد(حرك السيارة في اتجاهها حتى أجبرها على الابتعاد):- أنا لا أمزح
ميار(ترك صولي على الأرض والذي أخذ يلعب بجانبه واقترب منها):- هل تأذيتِ ؟
جوزيت(أمسكت على قلبها):- أنا لا أعرف هذا الولد ، إنه ثائر طائش لا يعرف كيف يفكر
ميار:- إنه غاضب ومصدوم أليس هذا كلامكِ ست جوزيت ، تفضلي أنظري للنتائج ..
جوزيت(تأففت وهي تمسح على جبينها):- كيف سنخرج من هذا المطب ؟
ميار(تلاعب بعينيه وهو يرى إصرار إياد على الخروج):- حسنا سأستغل صولي قليلا ههه هيا تجهزي للخطة الثانية ..
جوزيت:- يخرب خططك كلها أفشل من بعضها …
ميار(انحنى أرضا وعانق صولي وهو يلاعبه):- جوزيت شتتي انتباه إياد قليلا ، سأنفذ خطتي الآن
جوزيت(نفثت شررا وهي تتقدم صوب نافذة إياد):- صبرني يا رب ، صبرني مع أولاد نجيب بحق سأفقد صوابي … هيه أنت أراك قد تماديت وهذا عيب في حق إخوتك
إياد:- من أين أتيتِ بفكرة أخوتنا أنا وأنتِ .. يعني من زفت الأقدار طلعت أنا وذاك المخبول إخوة ونتشارك ذات الدم ، طيب وأنتِ وش دخلك في الموضوع ؟
جوزيت(مطت شفتيها وهي تتكئ بحزن على نافذته):- لم أفكر يوما أن رابطة الدم هي التي تثبت الأخوة بين الشخصين … لا أعرف يعني منذ أن وعيت وأنت أخي أخبروني بذلك في البيت ونشأت عليه حتى أنني عاملتك على أساس ذلك بمحبة وسرور .. مؤسف أنك نسيت كل شيء عنا لكن مؤكد أنك لو استرجعت تلك الذكريات ستجدنا فيها وستجد المودة التي نتحدث عنها أنا وميار كيف هي متواجدة فيها بثبات ..
إياد(وضع يده على المقود):- صدقا لو كان لي الاختيار ، لن أختار أختا ثرثارة مثلكِ والآن تنحي من جانبي لأن ما تفعلينه لا يجدي معي نفعا ..
جوزيت(سحبت نفسا عميقا من تجريحه ونظرت لميار الذي أومأ لها بالابتعاد):- هيا اذهب اذهب إن كنت تريد ذلك ، لكن حتى لو هربت منا لن تهرب من إحساسك الذي تنكره في داخلك اذهب هيا ماذا تنتظر ؟؟؟؟؟
إياد(بغضب حرك السيارة ونظر إليها والتفت جانبا ونظر لميار الذي كان يكتف يده):- سأذهب حقااااا …
حرك محدد السرعة ودعك على الدواسة وبكره حرك السيارة وقاد صوب الباب بسرعة ، هنا أحد الحراس رمى بقطعة لحم صغيرة في طريق السيارة تحديدا ، وركض صوبها صولي بعفوية حتى يلتقطها وهنا فاجأ إياد الذي حاول التحكم في سرعته كي لا يصدمه لكنه لم يتمكن من ذلك فقد أغمض عينيه ومر من فوقه ولحظتها فقط توقف …….. جمدتِ الحياة من حوله ولم يتجرأ على فتح عينيه لتفقد ما فعله ، لكن صراخ ميار وجوزيت جعلاه يترجل من السيارة بفزع وهو يعتذر مذعوراااااا …
إياد:- أقسم أقسم أنه هو الذي ركض في طريقي … لست أنا لم أتعمد يعني …ووالله أقسم
جوزيت(صرخت فيه وجذبته لكي لا ينظر لذلك):- كيف فعلت ذلك كيف كيف ؟؟؟؟؟؟؟
ميار(وهو يصرخ في إياد حقن الشبل بإبرة مخدر سقط نائما من فوره ، وصب رجله بعض الملون الأحمر على فروه واكتمل المشهد المزيف):- حرام عليك يا إياد ، إنه حيوان بريء يا أخي لو تكرهني أنا اقتلني أنا وليس صولي إنه صديقي الوحيد طفلي الذي ربيت …
جوزيت(ركضت لميار وعانقته):- حبيبي ميار لا تحزن … إياد لم يقصد
ميار:- بل قصد وتعمد ذلك ، لقد قتله يا جووووووزيت … قتل صولي
إياد(اقترب وهو يمسك على فمه من دماء الشبل التي تغطي نصف جسمه):- آسف ..آسف
ميار(هدر فيه وهو يجلس أرضا ويحضن صولي بين يديه):- وبما سينفعني أسفك … أنت قاتل يا إياد قااااااااتل …
إياد(برجفة رفض لما حدث):- لالا لم أفعل ذلك عمدا والله هو ظهر في طريقي عمدا ، و و حاولت أن أوقفه و …
جوزيت(نظرت إليه بلؤم):- إنه مجرد حيوااااان صغير … طفل مدلل لقد فطرت قلبنا وخيبت أملنا حقا يا إياد … كنت أنانيا وانتقامك كان مؤلما جداااا
إياد(اقترب أكثر وهو يحلف بجنون وقلبه سيسقط منه):- أقول لكم لم أقصد ذلك ، والله لم أقصد هو هو …ظهر فجأة ولم أستطع التحكم بسرعة السيارة
ميار:- آه يا شبلي الصغير كيف سأمضي بدونك يا عزيزي ..
جوزيت(عانقت ميار وهو على وضعه وأخذت تبكي):- كان شبلا لطيفا
إياد(جلس مقابلهم بفشل وأخذ ينظر للشبل بدموع):- أنا آسف ..
ميار:- آسف على ماذا ؟
إياد:- على الحادث الغير مقصود ..
ميار:- هه هل أنت أحمق لكي تخدعني ، لقد رأيتك وأنت تتقدم بسرعة تجاهه بغية قتله
إياد(شهق وهو يشير):- لالا لم يحصل ذلك
جوزيت:- بلى وأنا أشهد عليه ..
إياد:- لما تفعلان هذا بي ، أخبرتكما لم أقصد لم أقصد أنا لست قاتلا
جوزيت:- ولا نحن قتلة … لأننا بيادق شطرنج في لعبة الموت والحياة والبقاء للأقوى
ميار:- إن سقط الملك انتهت اللعبة ، لكن ماذا عن الحراس التي تُسير خانات الشطرنج .. هنا بيت القصيد إن وَّحدناهم في سير دقيق وخطة محكمة حصلنا على نتيجة مرجوة
جوزيت:- ألا وهي قتل الملك
ميار:- كن معنا ولا تكن ضدنا
جوزيت:- لأن الحقيقة هي ما سمعت
إياد(بضياع فيهما):- ماذاااا تقولان أنا لا أفهم شيئا ؟
ميار:- هل تريدني أن أغفر لك جريمة قتل صولي ؟
إياد:- أهاه ..
ميار:- إذن عليك أن توافق على الاستماع ودون مقاطعة لكل ما سيقال ، وستعدني أنك ستصدق وليس فقط لكي تحصل على غفراني
إياد:- لست مجبرا طبعا على هذا ، أخبرتك أنني لم أقصد قتله كان حادثا
ميار(عاد لينتحب بمزاح مفتعل):- آه يا صولي آه يا شبلي آه يا صديقي …
إياد:- طيب طيب أنا موافق …
جوزيت(نهضت):- إذن اتبعني للداخل
ميار:- وأنا سأقوم بدفن عزيزي ..
إياد(نظر إليها وهو يسير جوارها):- هل سيكون بخير ؟
جوزيت(أخفت ضحكتها بصعوبة):- ربما …
سلم ميار الشبل لرجاله ونفض يديه وهو يشيد بإنجازهم ، وطلب منه سريعا إخفاء الدمية التي وضعوها بمقدمة سيارة إياد حين كانت جوزيت تشتت انتباهه ، وفي الوقت اللازم جذبوها بالحبل حتى حسب إياد أنه مر فوق الشبل ، وهذا الأخير ما إن انحنى لأكل قطعة اللحم حتى كانت صرخات ميار وجوزيت كفيلة لإفزاعه كي يتوتر ولا يرى تحرك الشبل للأمام حيث كانت موضوعة قطعة اللحم الأكبر … كل هذا تم في غمضة عين استطاع ميار إيجاد فكرة جهنمية طبقها للتأثير على إياد يعني كانت مجازفة تستحق للحقيقة ، سرعان ما أخفوا الدمية كي لا يشك إياد بشيء وأيضا رموا علبة الملون وإبرة المخدر واصطحبوا صولي لينظفوه من تلك الحالة التي ساعدت كثيرا في منح فرصة لهما كي يقنعا إياد بالاستماع الضروري …
دخل ميار وهو ينعي حظ شبله وينظر لثيابه الملطخة بالملون الأحمر ، صعد سريعا لغرفته والتقط قميصا في اللون الأزرق الداكن وعاد ليكمل ما بدأه ، وطبعا ضاعف جرعة اللوم والعتب والغضب في وجه إياد الذي وجد نفسه مذنبا دون شعور .. وهذا ما أراده ميار أن يقتنع به ويحسه ..
ميار:- أرأيت كيف من الصعب أن يتهمك الآخرون بأنك مذنب ، بينما أنت لست كذلك ؟
إياد(راجع نفسه):- ولكن كل الدلائل تدل على إدانتكم … كيف ستقنعون الشعب ببراءتكم ؟
ميار:- حين نقبض على أس الشر ونسلمه للعدالة ، وقتها ستجدون كل الدلائل في متناولكم
إياد:- وأين هو لما لا تبلغون عنه ؟
جوزيت:- وها نحن قد بلغنا عنه ، أتعلم أنه في ذات اللحظة سيخرج منها ببساطة .. ذلك الرجل يملك من النفوذ ما لا يتخيله عقلك لذلك صعب أن نمسك به بهذه السهولة
إياد:- لو سلمت الدلائل التي تدينه أكيد سيتغير شيء..
ميار:- وماذا بعد .. سيدخل رجل بدلا عنه ويعترف بأنه هو الشخص المنشود … وبووم حصل المجرم على البراءة
جوزيت:- نحن أمام شبكة إجرامية متشعبة ، صحيح الرأس المدبر هو الفهد البري الأصلي لكن هنالك عشيرة سوداء متكونة من 7 أفراد من كبارية المافيا يتشاركون في القرارات وفي المصائر والقرارات … هؤلاء جميعا لا نستطيع الإطاحة بهم لأنهم يملكون قوة لا تضاهى .. حتى أنا وميار اللذين نعتبر من أقوى الأقوياء بعصابتنا إلا أننا أمامهم لا شيء ..
ميار:- أنا أتمتع بسلطة أكبر من جوزيت ، لأنني الواجهة التي تدير دفة الإجرام تلك ولذلك أمتلك الكثير من المزايا التي تجعلني أخطط على مهل لأجل الإطاحة بهم واحدا بواحد
إياد(زفر عميقا):- في تصريح ميرنا .. قالت أنه جندكم وهددكم طوال سنوات
جوزيت:- أجل …ذلك صحيح
إياد:- لما لم تتحركوا سابقا .. ماذا كنتم تنتظرون ؟
ميار:- ومن قال أننا لم نحرك ساكنا ، كنا نتصرف حسب استطاعتنا كي لا يشكوا بانقلابنا خربنا العديد من الاتفاقيات والشحن وبعض المهمات أحبطناها .. لذلك كانت حركتنا خفيفة بعض الشيء ..
جوزيت:- ومؤخرا جدا في الحفلة التي حضرتها ميرنا خلسة واكتشفت كل شيء .. قام حكيم وميار بوضع فيروس معوي للبنات اللاتي كن في صدد البيع في ذلك المزاد ، وتراجع التجار عن الشراء وخربت العملية …
ميار:- وتم نقل البنات لمكان بعيد لأجل معالجتهن ومسح ذاكرتهن ، صحيح هي تجربة على شفا حفرة وغير مضمونة ولكنها تستحق المجازفة لأجل سلامتهن … وكل هذا تم تحت إمرتي الشخصية
إياد:- وميرنا تعرف ؟
جوزيت(بتأفف):- تعرف
إياد(رمق حركتها وابتسم شزرا):- هل حقا تحب ميرنا لهذا ألمس غيرة في حديث هذه؟؟؟؟؟
جوزيت(برقت عيناها بشرر ونظرة بحدة صوب ميار):- أجبه أجبه لأرى …
ميار(عض شفته لإياد):- ألم تستطع طرح هذا السؤال إلا أمامها ، فيما بعد حين نكون سوية أخ مع أخوه سأخبرك بكل أسراري
جوزيت:- أسرار ماذا … ماذا حدث بينكما غير العناااااااااااق ؟
ميار:- هوووه أشياء كثيرة يا جوزتي الغالية
جوزيت(نفثت شررا وهي تنهض):- سأحضر مشروبا لأنني لن أبتلع إهانتك بريق ناشف
ميار(لوح لها كي تنزل):- تفضلي تفضلي …
إياد(فهم أنه يريد أن يستفرد به):- ماذا ؟
ميار(أشار له ليلحقه للمكتب):- تعال معي …
إياد(باستخفاف):- أكيد لا
ميار:- والله نسخة طبق الأصل من ميرنا ، لو علي لوضعت شريط الإعادة وأرحت نفسي من تكرار ذات المشاهد
إياد(عقد حاجبيه وهو يرمقه قد فتح باب مكتبه من الوسط ودخل):- متى وافقت أنا على مرافقته ؟ … هييه يا أنت
ميار(كان خلف الباب ما إن دخل إياد حتى أقفله):- تقدم للنافذة .. اقترب هناك
إياد(تقدم بدون فهم):- ماذااااا تريد ؟؟؟ مهلا … أليس ذلك صولي لكن كيف …؟؟؟؟؟
ميار(وضع يديه بجيبه وهو يتفرج معه على صولي الذي كان يلعب):- ههه مجرد لعبة حين أطلت عليك جوزيت وضع رجالي دمية بمقدمة سيارتك ، وأيضا وضعوا قطعة لحم صغيرة جدا في طريقك ليركض إليها صولي الذي كان سيتركها بديهيا لأجل القطعة الأكبر خلف الأشجار ، أوهمناك أنك صدمته وركضت أنا مسرعا إليه وحقنته بمخدر فعال لبضع دقائق بينما سكب أحد رجالي عليه ملونا أحمر واكتمل المشهد …
إياد(بصدمة):- يعني .. يعني تلاعبتم بي وبمشاعري وأنا الذي صرت أؤنب نفسي على فعلتي الشنيعة تلك في حق حيوان ؟؟؟؟؟
ميار:- كان درسا لك ما بالك …فكر بطريقتنا ستجد أننا على صواب ؟
إياد:- كلا … أنتم تلاعبتم بمشاعري بهذه اللعبة كما تلاعبتم بها في صغري ، بدءا بموت جوزيت ورحيلك وتركي وحيدا في ذلك الميتم وأنتم تشهدون موت روحي سنة بعد سنة ..
ميار:- ونحن ماتت أرواحنا شوقا إليك ..
إياد(تراجع للغرفة موليا ظهره):- مجرد أقاويل تصطنعها لكي تبرأ نفسك ، مثلما خدعت ميرنا بها تفكر أنك ستخدعني وستنطلي علي … مخطئ أنا لست ميرنا التي تفكر بقلبها في مطلق الأحوال أنا إيااااااد ..
ميار(اقترب من خلفه):- أعلم من تكون .. أتحسب أنني كنت سعيدا ببعادك يا أخي لقد كنت أحترق لضمك بشكل لا يتخيله عقلك ، لكنني كتمت توقي وشوقي لك وابتلعت غصته لأجل سلامتك ولو كنت محلي لفعلت المثل … لذلك لا تنتظر مني اعتذارا فأنا لم أقم إلا بواجبي تجاهك كأخ أكبر ….
إياد(تأثر بجملته تلك حتى اغرورقت عيناه واستدار إليه):- كيف تريدني أن أقتنع بكلامك وأسامحك ، لقد تعذبت أمام عيونك ولم تشفق على حالي ؟
ميار(اقترب خطوة منه):- بل أشفقت .. حتى أنني كنت أبكي على حضنك أوقاتا طويلة حين كنت نائما يا أخي ، كنت أحضنك هكذا وأنا أطلب منك العفو والغفران رغم أنني موقن أنني أحادث السراب ، فلا أنت تسمعني ولا أنا كنت بقادر على إيصال صوتي لأعماقك
إياد(زفر بتعب وهو يشير):- في مطلق الأحوال ، أنت تعتبر ..
ميار(قاطعه وهو يقترب خطوة أخيرة نحوه):- أخوك الكبير الذي يحميك بروحه لو ترتب
إياد(اهتزت حدقتيه ولم يستطع مكابدة دمعه):- ليتك ظهرت في حياتي واعترفت لي ، ليتك لم تجعلني أكتشف وجودك بتلك الطريقة القاسية … كنت لأتقبلك ففي النهاية أنت أخي ، لكن بما أنني اكتشفت ذلك لن …
ميار(فتح ذراعيه):- لتخرس لحظة وترتمي في حضني ، هيا أنت تريد ذلك لكنك تقنع نفسك بكلام اللوم والعتاب …. هيااااا هذه هي فرصتك وإلا سترى مني وجها لا يعجبك
إياد(شعر بالحنين له بمشاعر جمة تجذبه إليه ، نظر إلى ميار مطولا):- لن أعانقك
ميار(لم ينزل يديه):- افعلها لأجلي ..
إياد(ارتجفت شفتيه برفض مصطنع):- لا أريد
ميار:- لأجل أخوووووك …
إياد(هز كتفه والدمع قد انحسر في جوفه):- لالالالالالالالا أريييييييييييييد
ميار(دمعت عيناه من صرخته وزفر بزفير مرتفع):- أهلا بك في حضن أخيك يا حبيبي
جذبه من ياقة قميصه قليلا وهنا إياد رفع كتفيه في مقاومة ، وحرك رأسه يمنة ويسرة قبل أن يغمض عينيه ويسقط على حضن أخييييييييييييييه الذي ضمه بحرارة وحب وحنان وشوق الأيام السابقة التي حرما فيها من بعضهما ، عانقه بكل قوته وهو يبكي صغيره المدلل بينما إياد يشهق في حضنه وهو يدك رأسه بقوة في صدره … بالرغم من أن طولهما في نفس المعيار إلا أنه لوهلة شعر إياد بأنه صغير جدااااا ليتقوقع باحتياج وهو في حضن أخيه الذي احتواه بكل ما في كلمة الأخوة من معنى … تدفقت مشاعر الحب بينهما على الأقل من جانب ميار ، فحتى إياد كان يتعرف لأول مرة على هذا الشعور ، ووجد شيئا أشبه بالحنان والأمان ينبع منه .. لا عجب في أن ميرنا وثقت به وسلمت له مقاليد روحها ورسالة قضيتها حتى ، إنه هو ذو الصدر الحنون ميار نجيب الذي لا يترك أحدا في محيطه لا يؤثر به ويجعله يغفر له كل خطاياه ، لأنه بالنهاية بريء براءة الذئب من دم يوووسف …
عناق دافئ ترجم لوعة الفراق التي جعلت كلا منهما ضحية للأقدار اللعينة ، ضحية أبيهما الذي حكم عليهما بهذا المآل لأجل مصالح العشيرة البائسة ، ضحية له لأنه رمى بهم جميعا في قبضة رجل شرير لا يعرف الرحمة غضنفر الكلب والذي لن يهمد قبل أن يقتلهم جميعا .. لكنه لا يدري أن الأقدار تلعب ضده وهي تجمع ما بينهم فردا فردا وقريبا جدا ستتوطد العلاقات وسيعلنون الحرب ضده حين يتحدون جميعا مع بعضهم لأجل الفتك به …. مسح ميار على رأس إياد وقبل جبينه وهو يحرره قليلا ، ليعيد معانقته من الجانب الآخر فهو لم يحظى بذلك العناق إلا في أحلامه لطالما تمنى أن يجعل أخاه الصغير بين يديه متنعما بالراحة والطمأنينة ، لكن أن يتحقق ذلك فقد كان فوق قدرات استيعابه ، أحس بفرحة عارمة فرحة غابت عنه منذ سنوات جعلته يفتح عينيه بابتسامة دامعة وهو ينظر إليها واقفة عند الباب تنظر إليهما وهي تحتضن يديها وتبكي ، لم يشعر بنفسه إلا وقد أشار لها بدفء كي تتقدم نحوهما ، وهنا ركضت باحتياج فهي الأخرى مظلومة مغبونة من الوضع التي جبلت عليه … أمسكهما ميار في حضنه معا وهنا نظر إليها إياد معتذرا بعينيه وعانقها بيده والأخت انفجرت ببكاء متواصل طفولي خزنته لسنوات طويلة لمثل تلك اللحظة تحديدا ، وهنا رغما عنهما ضحكا على منظرها واحتضناها بقوة ……
كانت لحظة فارقة بينهم ، لحظة انتظروها بشغف طوال سنين وكان ميار هو الأب الروحي الذي يمدهما باليقين التام بأنهما تحت جناحه في مأمن ، بينما كان يستمد منهما ما يجعل عروقه تنبض بالحياة التي توقفت منذ سنوات … إحساس اختلج فؤادهم ثلاثتهم ميار لأنه استعاد أخاه ، جوزيت لكي تكسب ميار من جديد ويكون إياد بقربهما كما كانوا وهم أطفال ، وإياد حين وجد عائلته المفقودة … الحب والأخوة نبعت لحظتها بصريح العبارة دون القدرة لأي منهم من كبتها أو إخفائها فقد ظهرت جلية على ملامحهم وكم كانت لحظة فارقة ستنبني عليها لا محالة بداية علاقتهم التي استعادت أنفاسها بعد أن خنقت في تلك الطفولة الغابرة التي فرقتهم بكل أسف … مسح الثلاثة على أكتاف بعضهم في حين امتعضت جوزيت من طولها القصير بجانبهما وأخذت إياد في حضنها ببكاء مرير جعله يهدئها تحت إشارات ميار الهادفة لهدهدتها ، في حين رمقت محاولاته وضربته لكتفه دون أن تفلت إياد من يدها والذي عرف لتوه أنهما كانا ينتظرانه وكانا تعيسين بدونه ، يعني اكتشف ببساطة أنه لم يجد عائلته اليوم بل عائلته أصلا وجدت نفسهاااااا معه … وهذا ما جعل الامتنان يغمره واستصعب عليه أن يفكر بالفهد البري ولا بكل ما اكتشفه فذلك الشعور قد أغناه عن العالم وما يدور فيه .. لذلك فضل ألا يكسره بأي فكرة خاطئة وترك المجال لمشاعره التي وجدت أمانها الضائع بعد مضي أعواااااام من الحرمان والفقد الذاتي ……
أخذت جوزيت هاتفها ورفعته لتلقط صورة لهم ثلاثتهم وكم ضحكا على حركاتها وقفزها ولسانها الذي أخرجته في مجمل الصور من فرط سعادتها ، أعطت لميار الهاتف كي يصورها هي وإياد وفعل ذلك وهنا أمسكته وصورته هو وأخوه وهما متعانقين أو يتبادلان بعفوية نظرات الأخوة بينهما .. لحين أخذ منها إياد الهاتف وسحب نفسا عميقا وطلب منهما أن يتصورا مع بعضهما هنا استعاد ميار فعلتها واستعادت هي محاولتها في طلب الغفران ، نظرا لبعضهما نظرة غريبة وعقد حاجبيه بينما هي أحنتهما بضعف ، ولكن هل سينطلي ذلك على إياد سرعان ما صرخ فيهما مهددا أنه سيرحل إن لم يرضخا لطلبه ، وطبعا من لهفتهما وقفا قرب بعضهما وتصورا صورة جمعتهما لأول مرة وهما ناضجين …ودت بأمانة يعني لو حظيت بمثل الحضن الذي حظي به إياد ، فهي مشتاقة لميارها بشكل جنوني لكن ستصبر أكيد سيأتي يوم ويصبح لها ، استطاع إياد نتيجة خبرته مع بنات الراجي أن يقرأ عينيها وفهم احتياجها لذلك وجد نفسه تلقائيا مجبرا على تبديل الجو ، فقد قرأ شيئا آخر في عيون ميار الذي تملص بجنتلمانية كي لا يحرجها وهنا صفق إياد بيده معلنا عن جرس إنذار بالجوع … لحظتها ابتسمت جوزيت وأخبرته أنها ستحضر لها أجمل فطور في الدنيا ، وهنا أزال إياد سترته الخفيفة ورماها جانبا لأجل مساعدتها ، في حين نظر إليهما ميار بحب فقد اشتاق حقا لرؤية ذلك وتاق إليه حد الجنووووون ، كم كان متعطشا لهكذا لحظات ألفة بينهم ها قد عرف إياد الحقيقة وانزاح الهم عن قلبه وخطى خطوة للأمام بتخطيه تلك العقبة التي كانت تقف كالشوكة في حلقه ، ولأن إياد إنسان بطبعه متسامح وكان بدوره ينتظر أن يظهر أيهم حتى لو كانوا في دائرة الاتهام لم يكثر تفكيرا … فلهفة إيجادهم وفرحته بهم كانت تفوق كل مؤرقات التفكير التي حاول ولوج عقله ، لذلك طردها بلباقة ورافق جوزيت للمطبخ كي يجهزا الفطور الذي سيتناولونه لأول مرة أيضا بعد فرااااااق ….

الفراق الذي حتم عليهم أن يرتبكوا حزنا على الرجل الذي عاد لأجل أن يمسح عنهم ألم الحسرة والخوف والقلق ، الرجل الذي وضعهم جميعا في أمانته وأنه بعد عودته لن يكون هنالك أي خطر يلفهم من جوانب مجهولة ، إنه نفس الولد الذي غادر بيتهم منذ ما يقارب 17 سنة وصار ضحية للأقدار التي جعلته بدوره يضحي لأجل غيره …. كلهن صدمن من بعد الخبر الذي سمعنه من الطبيب ، فكيف لرجل بقوة جبل أن تخونه رصاصة وتجعله صريع الفراش في غيبوبة لا يعلمون متى سيستفيق منها ، أجل غيبوبة مع الأسف دخل فيها منذ اللحظة التي غاب فيها عن وعيه ولم يستيقظ حتى الآن ، أخبرهم الأطباء أن ذلك شيء روتيني في مثل تلك العمليات ، لذلك لا يعلمون إن كان سيستيقظ بعد يوم أو يومين أسبوع أو شهر أو حتى سنة … فهذا الأمر تحديدا لا يمكن حسمه لأنه متعلق بالمريض وحده ، بالرغم من أن مؤشراته الحيوية أبدت تجاوبا جيدا بعد عمليته الحساسة ، إلا أن موضوع الغيبوبة أربك الموازين ، وهنا سقطت مديحة مغشيا عليها بينما بكته عواطف ودخلت نور في صدمة ، تحاول أن تجد حلا للمشكلة التي وقعوا بها لكن مع الأسف في ظل ذلك الظرف ليس بوسعهم سوى الانتظاااااااار … شمل الخبر كل العائلة والأصحاب وجميعهم انفطر قلبهم حزنا عليه حتى في قصره انفطر قلب فخرية وطلال عليه أما سلسبيل لم تبدي أي ردة فعل ، بل سرعان ما زفت الخبر لكهرمانة ومن بعدها لغضنفر الذي سعد بالخبر بالرغم من أنه ما يزال ينتظر خبرا آخر يأتيه من قبل رشيد بعد ساعات ….
دعاء:- غيبوبة ماذا… ألن يستيقظ أخي يعني ؟؟؟؟
إخلاص(تهز بسجى في حضنها وتبكي):- آه عليك يا أخي ، لطالما كنت قليل حظ
نبيلة(بحزن):- لا تفاولي على الولد ، سينجو منها وسيكون بخير
رنيم(مسحت عينيها):- لكن الوضع مريب يا جدتي
مرام(برعب):- أنا خائفة جداااا ، ماذا لو حصل لي نفس الشيء أثناء عمليتي ؟؟؟
عفاف(حضنتها بحنان):- هذه عن هذه تفرق ، ثم عمليتكِ سهلة لذا لا تفكري على هذا النحو
نهال:- مؤسف هو حال عمي حكيم ، أرجو أن يستفيق لترتاح قلوبنا
شيماء:- أتمنى ذلك ..
دينا(بملامح حزينة):- لا يجدر به أن يتركنا ، هو لأجلنا سينهض مثل ماما حين فقدت وعيها
دعاء(مسحت على شعرها):- يا حبيبتي أنا .. سيحصل ذلك تماما …
عفاف(أشارت للبنات كي ينسحبوا ويأخذوا دينا معهم كي لا تتأزم نفسيتها):- أقترح أن أعد بعض القهوة لنريح أعصابنا ..
نبيلة:- لا تحسبي حسابي ، أنا بغرفتي …
رنيم:- أنتِ بخير يا جدتي صحيح ؟
نبيلة(حركت رأسها بثقل):- هممم …
إخلاص(مسحت دموعها وأعطت سجى لرنيم):- خذي ابنتكِ للغرفة قد غفت المسكينة ، وأنا سأغير ملابسي لأذهب للمشفى مع عفاف
عفاف:- تمام لنذهب يا إخلاص
دعاء:- وددت لو رافقتكم حتى أنا لكن وضعي لا يسمح
إخلاص:- لا تقلقي أختي نحن سنحل مكانكِ .. فقط ربي ينجيه
دعاء:- آمين …
توجهت إخلاص وعفاف سوية للمشفى بعد بمدة ، ووجدن هناك شهاب وفؤاد ورقية وعبد المالك ، من فورها إخلاص عانقت أمها التي كانت في غرفة مستقلة تعاني بصمت وحزن ..
إخلاص:- والله سيستفيق يا أمي ألا تعلمين أن أخي قوي كالصنديد ، قولي شيئا خالتي ؟
عواطف(أخفت دمعتها):- صحيح يا إخلاص ، غلبت وأنا أحاول إقناعها لكنها تأبى الاستماع
إخلاص(عانقت أمها بحنان):- آه يا مدللة ، هنا كشفتِ لنا معزة ابنكِ الغالي ونحن أكلنا البحر وشبع منها
نور:- خالتي مديحة ، كوني أقوى رجاء فلو عرف حكيم أنكِ ضعيفة هكذا أكيد سيهجرنا
إخلاص(افتعلت ضحكة مريرة):- ههه طبعا ..
عفاف:- المورد الغذائي يقوم باللازم ، يوم راحة وستستعيد عافيتها لكي تستقبل حضن ابنها أليس كذلك ؟
مديحة(هزت رأسها بدموع):- ….لارد
عواطف(لم تستطع تحمل وجع أختها فخرجت من الغرفة وهي تمسك على فمها):- آه ..
عبد المالك(هرع إليها):- تعالي معي ، لنبتعد قليلا من هنا
عواطف(أمسكت بيده مستندة على ذراعه وانسحبت معه):- اهئ…
نور(لحقتها ووجدت عبد المالك يسحبها مبتعدا بها وامتنت لذلك):- آه يا حكيم آه ..
فؤاد(لم يقترب منها حتى خطوة بل همس لشهاب وانسحب):- أي خبر كلمني
شهاب(نظر لنظرة فؤاد الغريبة):- سيحدث لا تقلق
فؤاد:- أنا مغادر
نور(لوحت له بتأفف ودخلت للغرفة):- الطريق التي تأخذ ولا ترد …
سمعها طبعا لكنه لم يولي اهتماما فقد كان متجها صوب قصر أبيه لوضع الحسابات في نصابها ، قد حان وقت كشف كل الأوراق طالما الوضع صار برمته واضحا أمام الملأ … هنا سحبت نور نفسها بهدوء ودخلت للعناية المركزة بعد أن حصلت على موافقة من الممرضة التي ساعدتها على ارتداء ما يناسب ، وما هي إلا لحظات حتى كانت تقف عند رأسه وتنظر إليه بحسرة وهو على سرير المرض ..
نور:- هيا يا حكيم ، أنت أقوى من هذااااا لا تدع رصاصة تسرقك منا .. لقد وعدتنا بأنك لن تتركنا وحدنا فهل ستنكث بوعدك هممم أجبني يا ابن عمي ؟؟؟
أمسكت يده وطبعا لم يبدي أي ردة فعل لذلك ظلت تحادثه لعلها تصل لمسمع قلبه ، وتجعله يستفيق ورمشت بعينيها حين تذكرت أن ميرنا قادرة على فعل ذلك ، يعني لو كلمته من يحب أكيد سيجد طريق العودة لأهله .. وعليه قبلت يده وخرجت من هناك وهي تنزع عنها غطاء الزيارة ورفعت هاتفها لتتصل بها ، وهنا كان الهاتف في الغرفة نسيته ميرنا أو تناسته كي لا تنزعج وكانت رفقة وائل بمطعم الفندق يتناولان فطورهما …
نادر(جذب كرسيا وجلس مشيرا للنادل أن يضع فطوره على ذات الطاولة):- صباحو
ميرنا:- صباحك سعيد نادر ..
نادر(التقط بعد السجق وغمسه في العسل):- صباحك وردي ، كيف مضت ليلتكِ يا أنجلينا جولي ؟
ميرنا:- ههه مع عزيزي براد بيت أكيد نجوناااا
نادر:= ماذا ماذا أراكم نسيتم الطيار الذي راوغ الرصاص هكذا وهكذا إلى أن صرتم في مأمن
وائل:- وهل لنا أن ننكر مواهبك الخارقة في الطيران ، ذكريني ميرنا ما كانت تلك الحركة ؟
ميرنا(بتفكر):- أ.. ركمسة أجل الركمسة الخاصة بالكابتن نادر
نادر(شرب من فنجان قهوته):- لعلمكما السخرية هنا غير مقبولة …
ناريانا(وقفت على رأسهم بصينية فطورها):- مرحبا …
ميرنا(وقفت لتستقبلها):- ضعيها هنا وأهلا بكِ معنا ..
ناريانا(سحبت كرسيا وجلست بعد أن وضعت الصينية محلها):- عذرا لاقتحام جلستكم لكن .. علينا أن نتحدث
وائل:- لا بأس ، لنفطر أولا فأمامنا وقت طويل …
ناريانا(رفعت رأسها ورمقت نادر للتو):- أعرفكم بنفسي ، أدعى ناريانا ..أ
نادر(ابتلع ما بفمه بقوة حتى انحبس بجوفه):- أنتِ ؟؟؟؟؟؟؟؟
ناريانا(نظرت إليه بكره):- ماذا تفعل هنااااا ؟؟؟
نادر(نظر لوائل بلهفة وهو يطلب الإغاثة):- الماااء المااااء
ميرنا:- يا إلهي ،،، تفضل تفضل بالراحة
ناريانا(ضحكت عليه وهي تقطع ما بصحنها دون مبالاة):- أحسن …
وائل(عقد حاجبيه من معرفتهما ببعضهما البعض):- كيف تعرفتما ؟
نادر(مسح فمه وعيونه بعد أن التقط أنفاسه):- لا تسأل
ناريانا(بكره):- يفضل ألا نحتسب هذا القسم من الطاولة كي لا نزعج مسمعنا بما يضايق
ميرنا(رفعت حاجبيها دهشة):- أووه الوضع جدي إذن ..
نادر:- أقله مكشوف أمامكما بدون تزييف ، و لا أرافق العجائز الأثرياء لكي أعيل نفسي
ناريانا(سمعت إهانته واحمرت خجلا):- طالتما لا تعرفني فلا يسعك أن تحكم علي
نادر(أمس فنجان قهوته):- صدقيني لست تواقا للمعرفة لأنني لا أتشرف
وائل:- تمام تمام لنتناول فطورنا وبعدها لنا كلام …
ناريانا(التقطت زيتونة وسحبت نفسا عميقا بكره فيه):- موافقة سيد وائل
وائل:- بدون ألقاب لو سمحتِ .. تصرفي عادي
ميرنا(انتبهت لنظرات ناريانا لها باستمرار فشعرت بالارتباك):- هل أنتِ بخير ؟
ناريانا(انتبهت ودمعت عيناها):- اعذريني على تصرفي لكن .. اشتقت لصديقتي ..
ميرنا(أمسكت يدها بدعم):- جوزيت
ناريانا(هزت رأسها ببؤس حتى بكت):- جوزيت أكثر شخص ظلم في هذه الحياة ، لقد كنت معها منذ أن دخلت لهذا العالم جمعتنا الأقدار في قارب اليتم والبؤس والقهر والعذاب .. لم نستطع الهرب حاولنا أن ننجو حاولنا أن نتوقف لكن ما تمكنا من ذلك ، أنتِ لم تجربي إحساس العيش تحت ظل التهديد في كل نفس تتنفسينه عليكِ أن تحترسي يمينا ويسارا وتحذري من تربص الأعداء .. حياتنا لم تكن هينة أبدا والقادم أصعب
وائل(أشفق عليها ونظر لنادر الذي ابتلع ريقه وهو يستمع لها متأثرا):- لم يعد هنالك ما هو قادم ، سوف تنتهي هذه العاصفة ويعم السلام
ناريانا(أمسكت المنديل الورقي من ميرنا ومسحت دموعها):- آسفة .. جعلتكم تبدؤون صباحكم بالأحاديث الموجعة ، احم لنتناول الفطور رجاء..
نظر كل منهم لصحنه وهم يشفقون على حالها وحال جوزيت وحال كل من حدث لهم المثل ، لقد تعذب الجميع بما فيه الكفاية وربما حان وقت الاكتفاء والبحث عن الخلاص … لم ينطق نادر بحرف واستأذن قبل أن ينهي فطوره بحجة بعض الأعمال المترتبة ، وهنا لم توليه ناريانا أدنى اهتمام بل استغلت الفرصة لتكلم وائل وميرنا عما يحدث بالوطن ، ولحظتها استوقفها وائل بحركة عينيه مستغلا نهوض ميرنا للحمام وطلب من ناريانا أن تلتزم الصمت لأنها لم تعرف بعد بما حصل لحكيم وإلا لما كانت بهذا الهدوء …
ناريانا:- صدقا استغربت هدوءها ، لكن لا تقلق طالما طلبت مني ذلك سأحرص على كلامي
وائل:- أنا عازم على إخبارها لكن لتهدأ الأوضاع قليلا فقط ، وبعدها نرى ما سنفعله
ناريانا:- ليس هنالك خيار ، لا يمكن أن تعود ميرنا للوطن حاليا لأنها لو فعلت ستعرض حياتها وحياة الكل للخطر .. الآن سيحاول ذلك المجرم البحث عنها في كل مكان لينال منها
وائل(بخوف):- وإن لم يجدها ماذا سيفعل بعدها ؟
ناريانا(برعب زفرت):- سيبدأ بتصفية الحسابات … لذا يجب أن نجده قبل أن يجدنا
وائل:- وكيف ذلك ؟
ناريانا:- حكيم وميار ، كانا يبحثان عن طريقة للإطاحة به إن نجحا في ذلك سيخلصان الكون من شروره وإن فشلا سوف ننتظر أياما سوداء لا محالة
توجس وائل من حديثها وانتبه إلى أن ميرنا تأخرت في العودة ، لذلك أرجح أنها ستعود بعد قليل لكن الدقائق امتدت والقلق تضاعف .. وحين هم بالوقوف لأجل تفقدها وصل إليهم العامل مسرعا وطلب منه أن يعود للغرفة فورااا فالسيدة الموجودة فيه ليست بخير … تبادل وائل وناريانا نظرة خوف ونهضا من فورهما متوجهين للمصعد وصعدا للغرفة ، وجداها جالسة على الأرض وتبكي بينما الهاتف كان بين يديها … أقفلت ناريانا الباب وتقدمت خلفه نحوها
وائل:- ميرنااااا حبيبتي هل أنتِ بخير ؟
ميرنا(نهضت وهي تنظر إليه بغبن):- كيف طاوعك قلبك ألا تخبرني بما حصل ، كيف أخفيت عني ذلك كيف كيف تسترت على إصااااااااااابة حكييييييييييييييم ؟؟؟؟؟
وائل(تأوه من وجعها ونظر لناريانا وهو يزفر بتعب):- كنت مجبرا يا ميرنا ، لو عرفتِ لقررت العودة للوطن وهذا ما لا يمكنني أن أسمح به
ميرنا(ضربت على صدرها ببكاء):- ولماااا تمنعني ، فهذا حقا ما سأفعله حكيم بحاجتي وأنا لن أتخلى عنه في هذا الظرف أبدا أبدا يا وائل
ناريانا:- أنتِ مجبورة على البقاء ، الدنيا كلها تبحث عنك بالوطن حتى الشرطة
ميرنا(بعدم فهم):- الشرطة ؟؟؟؟
وائل(نظر لناريانا التي قرأت كل الأخبار طبعا):- هم يبحثون عنكِ لأجل حمايتكِ ، وأيضا قبل ذلك لأجل التحقيق معكِ في قضية الفهد البري
ناريانا:- يريدون كل المعلومات التي عرفتها ، وهذا يجعلك هاربة عن القانون لأنك تتسترين على المجرمين
ميرنا:- ههه أنتما تمزحان صح ؟
وائل:- الأخبار كلها تتحدث عن ذلك .. وعليه يا ميرنا لن نجازف
ميرنا:- ولكنني لست خائفة لأنني لم أفعل شيئا ، ثم هه ثم أنا أردت تبرئة ميار وليس اتهامه
ناريانا:- أقر بمحاولتكِ في فعل الخير ميرنا ، ولكن السلطات لا تفهم بهذه الأمور طالما عرفتِ بأمرهم كان عليكِ تقديم شهادتكِ في القضية
وائل:- هل فهمتِ الخطر الذي ينتظركِ هناك ، هذا غير عن محاولة ذلك العدو في القصاص منكِ يا ميرنا …
ميرنا:- يا إلهي ، هل علي أن أبقى هنا بينما ابن عمي يتعذب وحده في المستشفى ؟؟؟؟؟
وائل:- رغما عنك .. وإن اضطرني الأمر سأحبسكِ يا ميرنا ولن تخطي خطوة للخارج
ميرنا(جلست على السرير وهي تشهق):- ولكنه حكيم … إنه يحتاجنا يا وائل ،، عرفت أنه كان بحاجة لمتبرع وأنا أحمل نفس زمرة دمه ولكن أحدا لم يفكر بي أو يكلمني أو يعطني خبرا
وائل(تنهد بقنوط):- بلى فعلوا ذلك … ولكنني تسترت على الأمر ولم أبلغكِ بشيء
ناريانا(اندهشت وهي تتراجع للخلف):- نو وي …
ميرنا(نهضت إليه بعدم تصديق):- ماذااااا فعلت ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وائل:- كان ذلك ضروريا لحمايتكِ ميرنا ، وكنت على تواصل مع شهاب لو أنهم لم يعثروا على المتبرع كنت سأجعلكِ تقومين بها هنا ونرسل لهم عبوات الدم وهذا أقل ما يمكننا فعله
ميرنا:- كيف تجرأت على اتخاذ قرار بدون الرجوع إلي يا وائل ؟
ناريانا(صفقت وهي تعتذر):- سأترككما بمفردكما .. أرجو أن تعقلي يا ميرنا الوضع لا يتحمل أي مغامرة غير محسوبة ، في الوقت الذي كابد الجميع معاناة حقيقية لحمايتكِ أرجو أن تراعي ذلك وتبادلينه ببعض التعقل .. عن إذنكما
وائل(أومأ لها شاكرا وبعد انسحابها):- أنا مخول باتخاذ أي قرار أراه صائبا في سبيل حمايتكِ ، ولا يمكنكِ الرفض أو حتى الاعتراض
ميرنا(مسحت على رأسها وهي تجذب شعرها بقوة):- أنت تتحكم فيني يا وائل وهذا أمر لا أطيييييييييييقه …
وائل(وضع دعامته جانبا وجلس):- افهميها كما ترغبين ، لأنكِ من أمام ناظري لن تتحركي قيد أنملة
ميرنا:- لقد دخل في غيبوبة ، نور أخبرتني بذلك قبل قليل يعني لو يسمع صوتي سوف يستفيق أنا واثقة من ذلك ..
وائل(سحب نفسا عميقا وتحرك بقفزة ليجلس جوارها على السرير وأمسك يدها):- ميرنا
ميرنا(هزت كتفيها بغبن):- دعني …
وائل(مسح على شعرها وجذب يدها دون استماع):- حبيبتي ، حكيم نفسه طلب مني ألا أستمع لكِ تحت أي ظرف كان وأعيدكِ للوطن …
ميرنا:- وحكيم لو علم أننا تخلينا عنه في هذا الظرف سوف يحزن …
وائل(أمسك وجهها بين يديه مخففا عنها):- لا تحاولي أن تستجدي عطفي ، أنا أول شخص لو وجدت الفرصة لهرعت إليه لأنه رجل بحق ويستحق مني كل الدعم … بغض النظر عن حربي معه بشأنكِ ميرنا
ميرنا(مسحت على رأسها بتعب):- إنه حكييييم حكيم يا وائل أتفهم ؟؟؟؟؟؟؟
وائل(دفعها لحضنه وجعلها تستريح على صدره):- ستمضي الأزمة أنا واثق ، أن ذلك الرجل العنيد لن يسمح للمرض أن ينال منه … صدقيني سيكون بخير ويوم أو يومين وستسمعين الأخبار الجيدة ثقي بي
ميرنا(فزعت):- ماذا لو حاول ذلك الرجل أذيته وهو في المستشفى ، يعني ماذا لو طلب من أحد رجاله قتله علينا تنبيههم ..
وائل:- الشرطة تطوق المكان ، والعائلة لا يفارقونه وعليه لا تقلقي يا ميرنا فكري بوضعكِ وفقط يا روحي
ميرنا:- اسمعني يا وائل … سأطيعك وسوف أغض نظري عن فكرة الرجوع لكن هما يومان فقط إن لم يستيقظ حكيم في أول طائرة سأكون عائدة للوطن ولن يمنعني أحد …
وائل(أومأ لها بموافقة):- تمام … تمام كما تريدين
ميرنا(انفجرت ببكاء):- اهئ المسكين دخل في غيبوبة بسببي بسببي … ليتني ما قلت ما قلته في التصريح ليتني سمعت منه لقد عرف أن مكروها سيحدث له لذلك ودعني … غيبوبة يا وائل ، غيبووووووووبة …
جوزيت:- ماذااااااااا تقوليييييييييين … غيبوبة ؟؟؟؟؟؟؟؟
ناريانا:- كما تسمعين يا جوزيت ، وصلنا الخبر للتو أين أنتم هل رأيتموه ؟
جوزيت:- كلا يعني .. حصلت أمور جعلت كل شيء مربك ، لكن افصلي سوف نرى ماذا يحدث شكرا ريانا حبي على الأخبار
ناريانا:- رغم أنها أخبار سيئة لكن أردتكِ أن تكوني على علم …
جوزيت(فصلت الخط ونظرت خلفها لميار وإياد الجالسين على طاولة الفطور):- علينا أن نتوجه للمستشفى … حكيم دخل في غيبوبة
ميار(ما إن سمع غيبوبة حتى انتفض بقلق):- ماذا قلتِ … كيف حصل ذلك حسبت أن وضعه مستقر حين عرفت أنهم وجدوا المتبرع ، وطلال لم يخبرني بأي جديد ؟؟؟
جوزيت(بحزن وبكاء):- هذا ما أخبرتني به ناريانا … حكيم بحاجتنا يا ميار …
ميار(أغمض عينيه بقوة وهو يشعر بقلبه يكاد يتوقف):- حكييييم آه منك ومن عنادك
إياد(نظر إليها وحزن بدوره لأمره):- يمكنني توفير المجال لكما لرؤيته
جوزيت:- أحقااااا ستفعل ذلك لأجلنا يا إياد ؟
إياد(نظر لميار):- طبعا سأقوم هذه المرة بمساعدتك تطوعا مني .. لكن عليك توفير الثياب المناسبة لأجل ذلك وسننسق الأمر بيننا كي تتمكن من رؤيته
ميار(ربت على كتفه بمحبة):- أنت لا تعلم أن المعروف الذي ستقدمه لي ، كم يعني لي …تعال معي لغرفتي كي نختار سوية ما يناسب
جوزيت:- وأنا سأكلم الرجال لأمن المكان ..
دلف كلاهما لغرفة ميار وأخذا يتلقطان ما يناسب في جو من الألفة والتوافق الودي بينهما ، وكأن كل تلك الحواجز قد سقطت أرضا وجعلتهما شفافين أمام بعضهما ،كان إياد يشعر بأن ثقل قلبه قد خف وأخذ يشعر بالراحة والطمأنينة رغما عن أفكاره التي تسوقه نحو غاية الحساب ، لكن قد عرف الآن كل الحقيقة وما عاد أمامه إلا أن يقف بجانبهما بقدر ما يستطيع … وهذه البداية وهي توفير مجال لهما كي يتمكنا من الاطمئنان على حكيم الذي فطر القلوب حزنا عليه … وصديقه أيضا حزن عليه ولكنه كان أمام مهمة صعبة ، ألا وهي تنفيذ وعده لصديقه الغالي وبدون تأجيل …
نور:- إلى أين يا طلال ؟
طلال:- لدي عمل بسيط كنت قد وعدت حكيم به ..
نور:- ألا تستغرب معي تصرفاته الأخيرة ، وكأنه كان يحس بأن مكروها سيحدث له
طلال(تنهد بثقل):- ذلك نفسه ما استغربته بدوري وحيرني
نور:- لا أعلم كيف سأقوم بعملي ، فقد رمى بحمل الشركة الجديدة على كتفي وفي ظل هذه الظروف أخشى أن أخذله ؟
طلال:- إياكِ يا نور ، حكيم معتمد عليكِ في هذه المسألة .. أنتِ لا تعلمين ما تعنيه له تلك الشركة إنه يطمح لأن يجعلها ميراثا للعائلة بعد أن تزدهر وتجمع بينكم لأجل ذلك ..
نور:- حبيبي يا حكيم .. دوما ما يفكر بغيره وينسى نفسه
طلال:- سأنسحب لأنني مستعجل قليلا ، انتبهي للمكان ولا تفارقيه لحظة
نور:- لا تقلق أنا هنا …
انسحب من أمامها وغادر في طريقه للمحامي الخاص بهم ، ولكن قبل خروجه من المشفى استوقفته تلك الممرضة حين فاجأته بشيء غريب
طلال:- بماذا تهذين آنسة ممرضة ؟
الممرضة:- ما سمعته ، عليك دفع ثمن إقامة تلك المريضة وهذا إجراء إجباري بما أنك تعرفها إذن عليك دفع المبلغ
طلال:- ههه آنسة ممرضة ، أترينني هنا بنكا متنقلا يا ترى هل أنا الذي تبرعت واتخذت تلك الغرفة مرتعا لي بل تلك الفتاة إذن جديها ودعيني وشأني …
الممرضة:- إذن سأضطر لإبلاغ الشرطة وسأسلمهم هويتها الشخصية ..
طلال(هنا برقت عيناه):- قلتِ هوية شخصية ؟
الممرضة:- أجل .. لقد نسيتها أثناء لهفتها لإنقاذ المصاب
طلال:- كم المبلغ المترتب عليها ؟
الممرضة:- ستدفع صحيح ؟
طلال:- سأدفع سأدفع الضعف إن سلمتني الهوية وهذه ستبقى حلاوتها بيننا على جنب
الممرضة(بطمع):- اتفقنا .. رافقني
طلال:- ههه والله ووقعتِ يا بنتي ولم يسمي عليكِ أحد
خرج من هناك بعد برهة وهو ينظر للهوية ويبتسم ببلاهة ، وضعها بجيبه بعد أن دفع ما يتوجب عليها وأيضا قام بإعطاء بعض المال للممرضة كي تبقي الأمر بينهما ولا تخبر به أحدا على الإطلاق .. وعليه غادر المشفى في اتجاه المحامي خاصتهم لإنهاء الاتفاق ، فهل سيفرح حكيم بذلك بعد استيقاظه أم أنه سيجد أن فرصته قد استحالت لنيل ميرنا إلى الأبد … لم يفكر طلال بذلك قط بل عزم على تنفيذ ما أمره به صديقه وعليه أجاب المحامي بإجابة شافية ..
طلال:- أجل أنا موقن مما أفعله ، قم بإجراء الطلاق واكتب قصر حكيم باسمها كمؤخر تعويضا عن نفقتها التي سنضعها كوديعة شاملة ل20 سنة مقبلة في حسابها الشخصي
المحامي:- ألا ترى معي أنه كثير وكأن السيد حكيم ينوي هجر الحياة بهذا الفعل ؟
طلال:- لا أحد يعلم ما برأسه لذلك هو موقن من قراره ، وأنا أيضا
المحامي:- حسب الوكالة التي بين يدي فحضرتك تطلق السيدة ميرنا الراجي نيابة عن الموكل حكيم الراجي دون ضغوطات وحسب شرع الله والقانون
طلال(ابتلع ريقه وتأوه):- سامحني يا صديقي ، لكن لو لم أنفذ طلبك هذا لن أستطيع النظر بوجهك حين تستفيق .. أكيد شعرت بأن هذا سيحدث لذلك سأتممه بدلا عنك ..
المحامي:- هل أنت جاهز ؟
طلال:- جاهز …
وقع على وثيقة تحرير ميرنا رسميا من حكيم ، أمسكها بين يديه وطالعها بحزن وأسف وهو يشعر بالألم على صديقه الذي سوف ينزعج ويحزن بعد هذا التصرف الذي اختاره بنفسه ، وقرره طواعية وبعد تفكير صائب في الموضوع … قام بطي الورقة ووضعها بجيبه فلا أحد سيبصرها إلا حكيم وهو الوحيد الذي سيخبر ميرنا أنه حررها في الوقت المناسب ..

في قصر ضرغام
وصل فؤاد رفقة همام ودلفا للقصر دون سابق إنذار ، علم رستم بحضورهما لذلك أخبر السيد ووثب بقربه في قاعته الفسيحة ينتظران معرفة سبب هذه الزيارة الكريمة .. دخل فؤاد مزمجرا ووقف أمام أبيه بينما بقي همام خلفه واقفا بثبات يترجم قوة وإباء ..
ضرغام(باستخفاف):- لمن أدين بهذه الزيارة الجميلة ؟
فؤاد:- أين أمي ؟
ضرغام(رفع حاجبيه هازئا):- أمك .. ههه تذكرت الآن أمرهااااا
فؤاد(نظر جانبا لهمام الذي رفع سترته وأظهر مسدسه):- أنا هنا لا ألعب … أريد معرفة مكانها فوراااا
رستم(رفع سترته أيضا):- ونحن لسنا ندا للتهديد سيد فؤاد
فؤاد(أشار لهمام كي ينزل سترته ونظر لأبيه):- أريدك أن تصلني بها
ضرغام:- لا أدري مكانها ، لقد طلقتها ما إن علمت بجرائمها النتنة فلا يشرفني أن تكون زوجتي …. لأنني بصعوبة أتقبل كونك ابنها
فؤاد(زم شفتيه):- افعل خيرا في حياتك لأجلي ، ودلني على مكاااااانهاااا أنا ابنك
ضرغام(وضع رجلا على رجل وفرقع إصبعه لرستم):- أحضر الرسالة
فؤاد(بعدم فهم):- رسالة ماذا ؟
ضرغام:- أمك بحثت عنك سابقا وبعثت هذا العنوان لأجلك ، لكنني مؤكد لم أكن أنوي تسليمه لك لأنني لا أرغب بتورطك معها ولا أرغب أن يصبح اسمي ملطخا بالدم
فؤاد:- هل منعت أمي عني…. أكاد لا أصدقك لكن لما سأستغرب فهذه هي تصرفاتك الشنيعة وهذا ليس بجديد عليك
ضرغام(ضرب بعصاه أرضا):- كل ما أفعله أفعله لأجلكم شئتم أم أبيتم ، أنا أحاول أن أحميكم لكنكم تأبون تصديقي والنظر بمنظوري للأمور وأنا لست متشوقا لتغيير نظرتكم لي يكفيني أن تكونوا بخير ..
فؤاد(رمق رستم عائدا بمغلف):- ولا نحن مسرورين بذلك ..
رستم:- تفضل سيد فؤاد
فؤاد(فتحها بلهفة):- "ضرغام .. دعني أرى ابني لو سمحت أعلم أنه أصبح بعهدتك الآن بعد أن وجدته ، لذلك لا تحرمني منه رجاء ودعه يزورني في هذا العنوان سأكون بانتظاره أول يوم من كل شهر عند الساعة 12 عشرة في بيتنا القديم … أرجوك" ….
ضرغام:- الرسالة منذ عدة سنوات ، أشك في أن أمك ما تزال تنتظرك كل بداية شهر ههه يعني مستحيل أن تخلص العهد يا روحي
فؤاد(أمسك الرسالة ووضعها بجيبه):- سأجدها …لكن ليس لأرتمي بحضنها كما تظن
ضرغام(تغيرت ملامحه):- ولأجل ماذا ؟
فؤاد:- لأزج بها في السجن كي تحاسب على كل ما فعلته … اكتفيت
ضرغام(نهض من فوره):- ماذا ماذا أسمع هل أنت مخبول ، ألا تعلم أن الصحافة ستتناول الموضوع ويصبح اسم آل رشوان في الحضيض ؟؟؟؟؟
فؤاد:- أهذا كل ما تفكر به أنت ؟؟ ألا تعتقد معي أن هنالك بشرا يستحقون الحد من شرور تلك المرأة وشركائهاااا ؟
ضرغام:- اسمع أنا لم أعطيك العنوان لكي تهذي وتقحمني في مشاكل ، إياك وأن تقدم على ما قلته لي لأنني وقتها سأخرجها من ذلك السجن ملفقا التهمة لأي شخص عداها
فؤاد(بعدم تصديق):- لماذا ستفعل ذلك أخبرني ، هل اسمك يهمك أكثر من مصائر البشر ؟
ضرغام:- أجل … أنا لم أصل لهذا اليوم حتى أرى اسمي علكة في أفواه القذرين .. لذلك بما أنك من هذه العائلة عليك أن تراعي ذلك
فؤاد(فكر مليا وابتسم):- سأفكر في الأمر ، لكن بشرط ؟
ضرغام:- أي شيء تطلبه سيلبى ..
فؤاد:- حتى لو طلبت منك أن ترافقني لبيت الراجية كي تخطب لي ابنتهم نور ؟
ضرغام(هنا زلزل قلبه):- ههه هههه أنت تمزح صحيح لكي تغيظني ؟
فؤاد:- بالعكس أنا جدي لأبعد الحدود ، لو وافقت على شرطي سأرى أمي كالطفل النجيب وأعود لبيتي همممم ما قولك ؟
ضرغام(ولاه ظهره وهو يرمش بعدم تصديق):- مستحيل أن تطأ قدماي ذلك البيت
فؤاد:- إذن انتظر نشرة الأخبار في بداية هذا الشهر … اممم كم تبقى على انتهائه همامي ؟
همام:- بضع أسابيع
فؤاد:- أهاااه … قرارك ضرغام باشا ؟
ضرغام(نظر لرستم الذي أومأ لها بالموافقة وأغمض عينيه):- موافق … لكن إن خدعتني سوف تجد نفسك في ورطة أمامي
فؤاد(مسح على سترته وانسحب):- الاتفاق اتفاق .. عن إذنك "أبتي" …ههه
رستم(بعد ذهابهم):- موافقتك رحمتنا يا سيدي من مشكلة لن تنتهي على خير
ضرغام:- أتعلم ما معنى أن أدخل لبيت الراجية وأطلب ابنتهم لابني ؟؟؟؟؟
رستم:- ومن قال أصلا أن هذا الزواج سيتم ، أنت اطلبها له ونحن سنبحث عن ثغرة لنفسخ تلك الخطوبة
ضرغام(أعجبته الخطة):- اممم فهمت عليك ، يعني سأكسب ابني بتلك الخطوة في صفي وبعدها نلقي باللوم على نور وآل الراجي تمام تمام ههه ..
رستم:- هو كذلك سعادتك …
همام(يقود السيارة):- ولكن هل ستوافق على ذلك الاتفاق حقا سيد فؤاد ؟
فؤاد:=- مجبر على ذلك مبدئيا المهم أن ألتقي بها وأجعلها تعدل عما تقترفه من جرم … يجب أن تخرج أمي من تلك العشيرة السوداء
همام:- أخشى أننا سنقحم أنفسنا في وبال لا نهاية له ..
فؤاد:- أنا لا أذكر حتى تفاصيلها ، آخر مرة رأيتها أتت إلى كهرمانة لأجل توديعي وبعدها وجدت نفسي خارج الخان برفقتك
همام:- لقد اخترت أن أكون معك سيدي ، فأنت من أنقذ حياتي وقتها وعزمت من يومها أن أفنى في خدمتك
فؤاد:- أنت صديق بحق يا همام ، علي أن أزوجك يا رجل أخشى أن تبقى طوال عمرك أعزبا وتلومني بعد شيبتك
همام:- ههه لا يا سيدي ولائي لك يغنيني عن أي زواج ..
فؤاد:=- مع ذلك بعد زواجي سأنظر في موضوعك ، لا تقلق أنت ببالي لأنك تستحق هيا خذنا للشركة لنرى الجديد فيها .. فشهاب على الأغلب لن يستطيع الذهاب إليها اليوم
وعليه انطلقا مغادرين قصر ضرغام وتاركين إياه في تفكير عميق حيال خطوبة المحروسة التي ستخرب ستخرب ، يعني بدون أن تتعبوا أنفسكم أصلا هي لا تملك نية الزواج من أصله فقط ترغب بتلقين فؤاد رشوان درسا في الحياة لنرى ما قد يجد بخصوصهما لاحقا … هنا كانت رشوانية أخرى تعاني ببأس تريد أن تهرب أن ترمي نفسها في أي هاوية المهم أن تتخلص من ذلك الكابوس لكنه يكبلها من كل جانب يضيق عليها بحيث يستحيل عليها أن تتنفس بعيدا عن محيطه حتى لو رغبت بذلك …
هبة:- لست مستعدة أخبرتك أنني أرفض
غضنفر:- مقعدكِ شاغر منذ أزل يا هبة ،وقد حان الوقت لتجلسي عليه وإلا قسما عظما سأنتظر خروج ابنكِ لألصقه بالمقعد رغما عنكِ …
هبة(بدموع):- دع طارق وشأنه ، لقد عانى بما فيه الكفاية
غضنفر:- ههه والله أشفق عليكِ هذا على أساس أنه تقبل حضنكِ ولم يطردكِ من أمامه ليلة البارحة سيدة هبة
هبة:- حتى لو طردني ولم يتقبلني ، مصيره سيصدقني ويعرف أنني أمه الحقيقية
غضنفر:- ممل جدا ، سأنتظر ست أو سبع سنوات أخرى على هذا الأساس
هبة:- كن مرتاحا فهو أصلا لم يعطني فرصة للتدخل ، لأنه عازم على الخروج عما قريب لقد تم فتح الدعوى فعليا وهي سارية حسب القوانين
غضنفر:- يلا أقله يشاركنا الاحتفالات ، أو لنقل يحضر معنا بعض الجنازات فقريبا جدا سيموت أحدهم يا ترى من يا ترى من ؟؟؟؟
هبة:- إن اقتربت من أولادي ستجد نفسك ميتا
غضنفر:- هووو .. هبتي لا تلعب بالأسلحة هي تخشى أذيتي لأنها لو فعلت ستجد نفسها تبكي أمام باب مقبرة آل الراجي لأنه لا يوجد متسع للجثث التي ستسقط صريعة قبضتي
هبة(بغلالة دمع):- أنت مجرم وأنا لن أتعاط معك أكثر ، دعني أمر ..
غضنفر(تحرك وهو ينحني أمامها):- الطريق أمامكِ …هااا أريد أن أخبركِ عن حكيم الراجي لقد دخل في غيبوبة مبرووووك
هبة(عضت شفتها):- ستدفع ثمن كل هذا صدقني …
خادمه:- سيدي لقد حضر رشيد ..
غضنفر(أشار له بالانصراف):- اصعدي لغرفتكِ فوراا …
هبة(بكره صعدت وهي تشتم تحت أنفها):- الغبي الحقير ، اففف افف …
أقفلت على نفسها الباب ولكن عادت وخرجت ونزلت قليلا لتتلصص على ما سيقولانه ..
رشيد:- لا أثر لميرنا ووائل ، اختفيا في الجو
غضنفر:- هل ابتلعتهما السماء مثلا ، أكيد حطوا بتلك المروحية في وجهة معينة ؟
رشيد:- الأكيد أنهم اتخذوا إجراءاتهم الأمنية ، وحطوا في كذا مدينة قبل أن يستقروا في المكان المحدد الذي سيستقرون به .. هكذا تستدعي القوانين
غضنفر:- أتراني هنا أنتظر منك تنقيحا للحدث .. أعثر عليهما يا رشيد في أسرع وقت
رشيد:- سأبذل قصارى جهدي
غضنفر:- وحين تعثر عليهما أحضرهما حيين إلي ، لأنني أرغب بقتلهما بنفسي
رشيد:- كما تأمر
غضنفر:- ولا ترني وجهك النحس ما لم تعثر عليهمااااااا أسمعت ؟
رشيد(ابتلع إهانته):- وماذا عن ميار وجماعته هل سنتركهم ليعثروا علينا وينتقموا منا ؟
غضنفر:- من قال ،سننتظر لحين تهدأ الأمور قليلا ونبدأ الحرب الباردة
رشيد:- يعني سنخفت قوتنا في هذه الآونة
غضنفر:- تماما ، لا أريد أي خطأ يجعلهم يصلون إلينا … وغير رقمك في أقرب فرصة لقد انتهى عملك مع ميار إلى الأبد مكانك هنا معي بجواري
رشيد:- دوما وأبدااا …
غضنفر(سحب نفسا عميقا وهو يتوعدهم بوعيد شرس):- حسابي مع آبائهم ، سيدفعونه فردا فردااااااااا ، ولنبدأ بمن هو في مرحلة ضعيفة الآن حكيم الراجي … ههه ههاهاهاهااا
اهتزت محلها وهي تستمع لتوعدات غضنفر وسرعان ما ركضت بخفة صوب غرفتها ، أغلقت الباب عليها واتصلت برقمه تستنجد به في هذا الوعيد الحاسم …
هبة:- أمجد .. اسمعني جيدا سيحاولون قتل حكيم الراجي اليوم ، أرجوك أسدي لي معروفا وقم بحراسته لو سمحت
أمجد:- طبعا لن أسألكِ من أين أحضرتِ هذه المعلومة ، لذلك كما تريدين يا هبة لا تقلقي سوف أكلمهم لوضع حراسة أمام باب غرفته
هبة:- هفف أشكرك جزيلا على ذلك يا أمجد ، صدقا لم أعرف لمن ألجأ غيرك
أمجد(بحنان):- هبة ..أنا معكِ لن يتأذى أحد لا تخافي
هبة(أمسكت على قلبها):- علي أن أفصل الخط ، عذرا منك يا أمجد وشكرا
أمجد(هز رأسه وهو يسحب نفسا عميقا):- على الرحب والسعة …
عانقت الهاتف وهي تجلس على طرف سريرها ، ولوهلة سمحت لدموعها بالانهمار فكل ما سمعته من تهديدات ووعود بالقتل والإجرام تثير عصبيتها وتجعلها تفقد عزيمتها في هذه الحياة أمام بطش غضنفر وشره الذي لا حدود له … سحبت أنفاسا عميقة وهي تشعر بالخيبة تملأها فحتى ابنها لم يسمع منها أو يصغي لنصيحتها .. حاولت وحاولت ولم تلقى سوى الصد والرفض منه لأن ما تقوله شيء لا يتقبله عقله ولو حتى قليلا …
طارق(استذكر صوتها في سره):- أنا أمك أمك …أنا هبة رشوان ../ هه من هذه المرأة التي تريد أن تفقدني صوابي أنا أمي عواطف عواطف الراجي وفقط … افف ما الذي يجري خارجا الكل متحفز بشكل غريب بعضهم يحثني على الخروج والبعض الآخر يعترض ..
مهدي(أحضر له فنجان قهوة):- ريس طارق .. قهوتك
طارق(لم يسمعه وظل شاردا):- …لارد
مهدي:- ريس طااارق أتسمعني ؟
طارق(انتبه له وعدل جلسته):- ماذا ؟
مهدي(قدم له القهوة):- قهوتك
طارق(أمسكها ووضعها جانبا):- لا أريدها الآن
مهدي(مط شفتيه وجلس جواره):- منذ أن عدت للزنزانة في وقت متأخر ليلة أمس ، وأنت ساكن وشارد وبين الفينة والأخرى تحرك رأسك بتنهيدة نفي .. ما الذي يحصل لك ؟
طارق(نظر إليه مليا):- شيء لا يخصك
مهدي(ابتلع رفض صديقه وابتسم):- هانت قريبا ستغادر حنايا هذه الزنزانة الكئيبة ، ستتمتع بحريتك وترى أهلك من مثلك
طارق:- وعدي وعد .. ستخرج أيضا من بعدي
مهدي(بلهفة):- والله سأفرح بذلك وسأكون طوع أمرك من يدك اليمين ليدك الشمال ، فأنا أحبك في الله وأشعر بك صديقي الوحيد
طارق(تركه يعبر عن مكنوناته واضطجع على سريره):- أريد أن أنام
مهدي:- حاضر ريس طارق سوف لن أزعجك ، نوم العوافي
استلقى على سريره ويده تحت رأسه ، وجد نفسه يستذكر ملامح تلك المرأة في عقله وقلبه يخفق بشدة وكأن هنالك رابطة روحية بينهما قد اتصلت وباتت تسبب له الأرق …
~ طارق يتذكر ~
طارق(أبعدها برفق عنه وتراجع خطوة للخلف):- ليس من حقكِ أن تعانقيني ، أنا لا أعرفكِ
هبة(بدموع عضت شفتيها):- ولكنني أعرفك ، أنت ابني
طارق(هز رأسه برفض):- أنا لدي أم واحدة واسمها عواطف ، لذلك اجمعي حقيبة أوهامكِ وانصرفي لأنني لست جاهزا للاستماع لتعاسة امرأة مقبلة على سن اليأس
هبة(عقدت حاجبها من لؤمه ولسعة حرفه اللاذعة):- ما قساوة القلب هذه ، كأنني أستمع لسليم وليس لطارق ابني الذي حرموني منه
طارق(واسم سليم يفعل به العجائب):- لا تحدثيني عن ذلك الرجل لطفا ، لا أرغب بالتصرف بفظاظة لكن صدقا لست مستعدا لخوض حوار في اعتقادي مضيعة للوقت
هبة:- حين كنت حاملا بك ، انتويت الهرب بك بعيدا عن أنامل أبيك لكنه كشف خطتي وقام بألعن منها أوهمني بأنك ولدت ميتا …تخيل معي ما مدى صعوبة الأمر علي انفطر قلبي وشعرت بنهاية العالم وفارقت حلمي الصغير الذي خطفته من الأقدار … لكن مؤخرا عرفت بأنك حي وبحثت عنك طويلا طويلا يا عزيزي إلى أن وجدتك
طارق(سحب نفسا عميقا):- سيدة هبة صح .. أ لا أعلم لكن ربما قصتكِ هذه خاصة بشخص آخر غيري عذرا منكِ حان وقت ذهابي ورجاء لا تزوريني مجددا .، فأنا سجين ولست طبيبا نفسيا كي أداوي جراحكِ الدفينة سيدتي …
غادر وتركها جامدة في محلها ، تستمع لكلماته السليطة بقلق مفطور .. فما هكذا كانت تريد أن يكون مصير ابنها لكنها ستعذره فطبيعي ألا يتقبل الحقيقة بسهولة ، وعليه لملمت شتات روحها وغادرت السجن ، أما هو فظل كلامها ينخر في عقله من وقتها وهذا ما حرم النوم من عينه وجعله يتخبط في سراديب مغلقة لن تودي به إلا للجنون … آخ لو تعلم ما الذي ينتظرك أنت وإياد والباقون سوف تفضل البقاء حقا بذلك السجن هربا من غيمة الصواعق التي فضلت المكوث فوق رؤوسهم لوقت طويل مع الأسف ،، كان هنا إياد قد وصل بسيارته وترجل منها بعد أن صفها بعيدا عن المشفى بقليل ، نظر خلفه للسيارة السوداء ذات النوافذ المظلمة وأومأ برأسه أنه سيدخل وهنا أشار له ميار بمصباح السيارة الأمامي أنهما مستعدين ..
جوزيت(جمعت شعرها لفوق ووضعت قبعة):- هل سيكتشفون أمري ، أكيد سيضربونني ؟
ميار:- أتوق لرؤية ذلك
جوزيت:- لُممم لست مضحكا
ميار(نظر إليها ولمح شعرة ثائرة من تحت قبعتها):- أصلا ستُضربين لأنكِ لا تجيدين التنكر
جوزيت:- طبعا لست ضليعة مثلك يا أستاذ التنكر والتقمص ..
اقترب منها على غفلة وأزال قبعتها وجذبها إليه ، أخذ يجمع خصلاتها برفق وحنان إلى أن شكل كعكة خفيفة فوق رأسها بعدها وضع القبعة بهدوء تام بحيث لن تجرأ أي خصلة على التحرر ، لكن هنا كانت أختنا في الله مرفوعة في العطر وفي الصدر وفي الدفء النابع منه ، وجدت نفسها تشم عطره بسادية مطلقة ، مغمضة العينين وتتمنى لو يطول اقترابه أكثر فأكثر فأكثر ، لكنه أكثر من دقيقة لم يستمر وهذا ما جعلها تستيقظ من حلمها الوردي وتنظر إليه بتذمر ، آثرت أن تفكر بحكيم بدلا من أن تدقق في وجودها مع ميار الذي يفقده صوابها ويجعله جسمها يثور فوق نار هادئة … طبعا هو لم يشعر بأي شيء من ارتباكها لذلك ركز بصره في هاتفه وفي بوابة المشفى الجانبية التي سيدخلان منها ، وصل إياد للطابق الثاني حيث كانوا موجودين ولحظتها لمحته رقية التي رمشت قبل أن تنهض ركضا إليه ببكاء
إياد(استقبلها في حضنه وهو يعانقها بدفء):- حبيبتي أنا هنا ..
رقية:- هء .. خفت عليك ليلة كاملة وأنا أبحث عنك في كل مكان ، أين كنت ؟؟؟؟؟
إياد(رمش بعيونه وهو يمسح دموعها):- كنت في مركز الشرطة يعني .. حدثت أمور يا روحي تسببت في عدم توفري المهم أنني بخير اطمئني
رقية(لامست لحيته وقبلت وجنته):- حبيبي أنا … إياك أن تفعلها مرة ثانية على الأقل أعطني خبرا لطفااااا تمام ؟
إياد(قبل جبينها):- تمام يا روحي ، طمئنيني عن الأحوال ؟
رقية(بأسف):- الخالة مديحة مريضة من بعد صدمتها بشأن غيبوبة حكيم ، ورامز بخير
إياد:- طيب سأراهم قليلا وبعدها أرى حكيم ، تعالي معي ..
دخل لغرفة مديحة وما إن رأته حتى عادت للبكاء هي وعواطف ، أما نور وعبد المالك فغلبا معهما لكي تتوقفا عن البكاء وترحما نفسيهما من ذلك العذاب .. فحتى إخلاص غادرت تجاه البيت في حين توجهت عفاف لممارسة عملها وفي كل مرة تأتي لتفقدهم ..
إياد(يمسك مديحة في حضنه):- له يا خالتي مديحة له .. أكل هذا بكاء على ابنك طيب ماذا تركتِ لنا نحن ؟؟؟؟
مديحة(بدون كلام هزت كتفها):- …لا رد
إياد(غمز نور بشأن سكوتها):- همم ؟
نور:- أظن أنها مضربة على الكلام ، لحين يستيقظ حكيم هكذا هي خالتي تتدلل علينا
عواطف:- هل من أخبار عن ميرنا ؟
إياد:- كلمتها هي بخير .. إنها برفقة وائل ونادر والعم نزار وأيضا صديقة جوزيت
عواطف(عقدت حاجبيها):- لا تذكر اسم هذه الفتاة على فمك يا إياد ، كي لا أخطأ بحقك
نور:- عدنا لاشتباك المشاعر المرعب ، أمي عواطف روحي تلك الفتاة لا ذنب لها هي أدت واجبها بالكامل وكفى
عواطف:- نفس المفهوم حبيبتي ، خ د ع ت ن ااااااااا …
رقية:- ما حسبت أنكِ ستحقدين عليها خالتي عواطف ، يظهر أنها طيبة جداااا
مديحة(افتعلت حركة سخرية بفمها):- هنن ..
نور:- أظن خالتي ستنصفها ؟
عواطف:- أيا كان ما فعلته فهو شيء لا يغتفر .. وميرنا لها حساب لكن فقط لتعود بخير وبعدها سنتحدث في الموضوع
عبد المالك:- يفضل أن تتركي الأمور على راحتها يا ست عواطف ، فأهل مكة أدرى بشعابها
إياد:- جوزيت مظلومة ، وأنا أقف بصفها حتى النهاية
نور:- أيوووة ومتى حدثت هذه الاتفاقية الروحية بينكما ، لأنني أتوقع أنك ما كنت ستوافق على هذه الخدعة إلا إذا كنت مطلعا عليها
إياد:- سأخيب ظنكِ لأنني أيضا كنت آخر من يعلم ، مع الأسف ..
عواطف:- مهما قلتم عن تلك الفتاة لن أتقبلها مجددا في حياتنا ، حتى لو كانت راجية هذا لا يهمني لا يهمني بالمرة ، لقد حضنتها وضممتها لصدري وناديتها ابنتي ونادتني بأمي ، خدعتني خدعت مشااااااااعري يا جماعة …
جوزيت(أزالت نظارتها وقبعتها):- ربما لأنني شعرت لأول مرة بمشاعر الأمومة معكِ ؟؟؟؟
شهق الجميع من حضورها المفاجئ وتنهد إياد لأنه علم أن ميار الآن سيكون بغرفة حكيم ، وهذا دورهم لكي يبقوا الجميع هناك لحين مغادرته بأمان ..
عواطف:- كيف تجرئين على الحضور إلى هنا بعد فعلتكِ الشنيعة تلك ؟
جوزيت(تقدمت صوبهم):- لقد تقبلتموني في بيتكم بشكل دافئ لم أشعر به يوما ، في البداية أرهقتموني صدقا يعني كمية الحب والحنان المتدفقة في ذلك البيت أنا لم أشعر بها قبلا ، ذلك الجو العائلي خصامكم وضحككم ومشاكلكم وهمومكم كانت يوميات بالنسبة لي ، أحسست بها وحاولت التخفيف عنها ليس لكي أؤدي دور ميرنا فحسب ، بل لأنني شعرت بكم وأردت أن أمسح عنكم بعض التعب لأنني أيقنت أن القدر لم يضعني في بيتكم عشوائيا بل كتب لي أن أعيش وسطكم ذلك الأسبوع لأتعرف على عائلتي الوحيدة التي لم أعرفها يوما … ليس ذنبي أنني وُضعت محل ابنتكم لأجل حمايتها وحمايتكم من الصدمة ، لكن لو تفكرون بأنني أيضا كنت مجبرة على الادعاء لمصلحة الكل
نور:- ولكن ليس بالكذب يا آنسة جوزيت
جوزيت:- ماذا انتظرتم مني ، أن آتي وأخبركم أن ابنتكم محتجزة عند شخص مجهول .. توقعوا معي ما الذي كان سيحدث ؟
عواطف:- أكيد كنت سأنهار خوفا على ابنتي
جوزيت:- تماما رغم أن هذا لا يبرر فعلتي ، إلا أنني وميرنا خضعنا لاختبار الضغط هذا معا
إياد:- والآن لن ندقق فيما حصل سابقا ، لأن جوزيت تستحق فرصة ثانية كونكم عائلتها وكونها منكم أليس كذلك ؟
مديحة(دمعت عيناها):- اهئ ..
جوزيت(اقتربت منها بحزن ومسحت على يدها):- لقد عرفت حكيم خلال أسبوع واحد ، أي نعم هو ذو طبع حاد ومزاجه زفت في أوقات وفي أوقات تجدينه مرحا محببا للخاطر ، إلا أنه طيب عاشرت أخلاقه العالية ووجدت بأنه شهم ورجل يعتمد عليه .. لو لم يكن قلبي ممتلئا برجل آخر لكنت وقعت في حبه صدقا ، لأنه رجل تعشقه أي امرأة دون تفكير ، وحسب خبرتي فإن ذلك الرجل لا يسمح لأي شيء أن يهزمه حتى لو كان هذا المصاب .. لذلك يا خالتي مديحة سأذكركِ بهذا الكلام ما إن نراه مقبلا علينا من تلك الباب وهو يسب ويشتم كل من ذرفت دمعة لأجله …
مديحة(نطقت ببؤس):- اهئ ياااااريت أريد رؤية ابني .. خذوني إليه رجاء
إياد(استدرك):- نأخذكِ لأين هه ، خالة مديحة ستبقين هنا بالحفظ والصون وأنا وجوزيت سنتوجه لرؤيته ونعود لنطمئنكِ عنه تمام ؟
رقية(جذبته لجنب):- أراك حميميا جدا مع هذه الجوزيت ، ما الحكاية ؟
إياد:- هل ستغارين أم ستغارين ، ثم هي صديقة أخبرتكِ …
رقية(صغرت عينيها في جوزيت):- أنا لم أرتح لها من يوم الحفلة …
نور(نظرت لهاتفها الذي رن وانسحبت للخارج):- عمو عبد المالك قد وصلت كوثر وهي تطلبك بالأسفل لتستلم السيارة ..
عبد المالك:- آه طيب سأراها ، عائد لكم ..
جوزيت(اقتربت من عواطف):- هل ستسامحينني يوما ؟
عواطف(مطت شفتيها بقلة حيلة):- لا أدري ، لكنني الآن ما زلت غاضبة
جوزيت(بأسف تحركت صوب الخروج مع إياد):- لا بأس ..
رقية:- إلى أين أنت ذاااااهب ؟
جوزيت:- حبيبتي رقية أظنكِ سمعتني حين ذكرت أن قلبي مليء بوجود رجل ، لذلك إياد أخي الصغير لا تقلقي عليه مني ..
رقية(بتوتر):- لم أقلق فقط لم أشبعه منه وخشيت أن يرحل بدوني
جوزيت(نظرت إليه):- طيب لما لا تتوجهان للاطمئنان على رامز ، أنا سأرى حكيم تمام ؟
إياد(فهمها):- فكرة جيدة .. تعالي رقية
رقية:- مع ذلك لم أحبها ؟
إياد(أحاط خصرها بيده ودفعها إليه):- أساسا أنتِ لا تحبين غيري ههه ..
رقية(فتحت باب غرفة رامز):- صدقت … تاتا رامز أنظر من أحضرت لك قال السيد أنه كان في مركز الشرطة لذلك لم يستطع الحضور باكرا
رامز:- لا فيه الخير ، طيب أين الورد وأين الحليب وأين الشوكولا … هل أتيت لزيارتي خاوي الوفاض يا ولد ؟؟؟؟؟
إياد:- أستغفر الله أنت مصاب يا رجل مصااااب ، لذلك ارحم نفسك من الطلبات التي لا تنتهي
رامز(بتأفف):- مللت هنا لكن جيد أنك أتيت سترافقني حتى أنام صح صح صح صح ؟؟؟؟
إياد(جلس متأففا):- ذكريني حين آتي لزيارته لاحقا أن أحضر لهاية أطفال وأضعها بفمه
رامز:- أختي رقية أنتِ شاهدة يعني لو قصفت جبهته لن تأخذي على خاطرك
رقية:- ههه والله لن أتدخل حتى ، لأنه يستحق
إياد:- اممم يا لؤمك ! .. إذن لما لا أرى هنا ممرضة القلوب أين هي يا ترى ؟
رامز:- احترم نفسك ، ثم البنت لديها عمل وستأتي بالمساء
إياد:- أيوة يا عم .. قوووول
رامز(شتمه تحت فمه):- الله يخرب هبلك … أعطني الهاتف قم بنفع لصديقك فالصديق وقت الضيق يا رأس ناصية الشارع
إياد:- هل هذا كلام يشجع على مساعدتك ، هذا دافع لكسر عظامك
رقية(نهضت ومدته له):- خذ يا رامز
رامز(أمسكه وهو يشير لها):- هذه الأخت ستكون صديقة زوجتي المستقبلية ، وأنت ممنوع عليك دخول شقتي … هاااا أنظر إنه الجندب من كان يتوقع ؟ هللووو
جاسر:- طالما رددت علي هكذا فأكيد الخبر كاذب ، تمام عمت مساء
رامز:- اكح اكح أهئ أنا أموت يا ابن أختي ، خالك يودع يا جااااسر دعني أراك يا حبيبي
جاسر(ضحك):- ههه جملك مبتذلة ولا يظهر لي أبدا أنك مريض لتلك الدرجة
رامز:- ولد .. هل اتصلت لتطمئن على إصابتي أم لتجلطني ؟؟؟؟
جاسر:- أختار الثانية فهي تناسبني
رامز:- آه يا جندب …
جاسر :- هيا خنفسائي هل أصبتِ برصاصة له له أكيد عين وطرقتك هههههه
رامز:- بئس الدم الذي نتشاركه ، صوت سخريتك يصل إلى قاع الدنيا
جاسر:- لأنك تستحق كل ما يحدث لك ، من طلب منك أن تدخل في اشتباك وأنت خواف
رامز:- إلهي يأتيني يوم وأراك في مداهمة يا ابن أختي ، وقتها سأرفع العلم منتظرا إعلان وفاتك همممم
جاسر:- طيب ما مدى الإصابة ؟
رامز:- بالكتف يعني نجوت يعني عمري طويل يعني لن تخلص مني طوال حياتك أسمعت ؟
جاسر:- ولو أقله أجد شخصا أصب فيه غضبي هههه..
رامز:- يفضل أن تفصل لقد شحنتني بالغضب والتوتر وأنا مريض
جاسر:- سلامتك
رامز(ابتسم بجدية):- تسلم ع السؤال
جاسر:- يعني .. احم اتصلت لكي أعرف إن كان هنالك جنازة معلوم نحن أقرباء ومن واجبي تجاهك أن أفكر أين سأقيم عزاءك …
رامز(عض شفتيه بشتم):- الله يلعن الساعة التي عرفتك فيها يا جاسر العلايلي ..
جاسر:- سي يو لايتر يا رامز البدري ،،، يا خال ههه ..
رامز(أقفل الخط مقطبا حاجبيه):- جندب … هل قلت كلمة بذيئة يا ترى ؟
إياد(وضع يده على وجهه وهو ينظر للكرسي الفارغ فرقية هربت منذ مدة):- قلت كلماااات
رامز:- هو السبب إنه يجعلني أفتح صنبور الشتائم بداخلي هممم ، اعتذر لي من رقيتك
إياد(ضحك عليه):- هههه أهبل …
هنا كانت جوزيت تضع يدها على الزجاج وتنظر لميار وهو منحني على رأس حكيم بداخل الغرفة ، ظل هكذا مذ دخوله إلى حجرته ، كان يحادثه بهمس دون توقف ولم تجرأ على قطع حالتهما كي لا تزعج ميار وتعطيه الوقت الذي يريده رفقة رفيق دربه حكيم …
ميار:- عيب يا صاح يعني على الأقل حين تقرر الدخول لغيبوبة خذني معك ، لمن ستتركني هنا لجوزيت يا إلهي ستقتلني تلك المرأة صدقا … لكنها شهمة مثلك ، امرأة بألف رجل أتعلم أنها ساندتني اليوم كثيرا ، آه سأخبرك لماذا لأن أخي الذكي وطبعا هذه مورثات جينية مؤكد أكيد لم نرثها من عامر نجيب عموما لن أتطرق للموتى ولن أزعج مسمعك بسيرتهم ، المهم أين كنت آه في إياد أتعلم يا صديقي أنه اكتشف أمري ، أجل يعني الحمل الثقيل والتهديد الذي كنت أعيشه ليل نهار في أن يكتشف أمري قد زال نهائيا وصار صغيري يعرف بهويتي .. أي نعم بهدل الدنيا صراخا ورفضا وبمشقة الأنفس اقتنع أخيرا بالحقيقة الجلية وأصبح معنا ، ياه يا حكيم وددت لو كنت بجانبي لترى عناقنا بعد فراق ، كان دراماتيكيا ولأنني أعرفك من عشاق الدراما والتراجيديا تمنيت لو كنت بالقرب .. لكنك مع الأسف كنت هنا على هذا الفراش حاولت الدخول ليلة أمس لأراك يا ابن خالي لكن استصعب علي ذلك ، فقد كان الأهل جميعهم هنا وخشيت الظهور بصفة إياد لأنني فقدت موقعه ، هكذا أخبرني الرجال الذين يراقبونه قالوا أنه بعد البرنامج خرج من الشقة وفقدوا أثره في الازدحام ليتضح أنه كان في خان كهرمانة ، لا أدري كيف وصل إليه نسيت سؤاله في خضم المشاعر الطيبة التي شعرنا بها لكن فرحت بأنه عرفني ، الآن لم يعد هنالك داع لأن أخدعه أو أتقمص دوره دون علمه حتى أنه هو من اقترح علي أن آتي إليك بصفته ،.. جوزيت ما إن رأتنا نازلين بنفس الهيأة جلست وهي تشهق بهلع وقالت أننا توأمين دون شك ، لكن لأجلك أنا دوما جاهز للمجازفة .. حتى وقت علمت بأنك بحاجة لتبرع بالدم هرعت إليك لكن عرفت أن هنالك من تبرع وحلت المشكلة بحمد الله ، لو بودي لأعطيتك كل دمي يا غالي فقط لتبقي في محيطي ولا ترحل عني ، لقد وعدتني أننا سنبقى معا على السراء والضراء هل ستستلم الآن هااااه ؟؟؟؟؟ حكيييم أرجوك استيقظ هذا أنا ميار أتوسل إليك ألا تترك يدي يا رجل أنا بحاجتك الآن أكثر من أي وقت مضى ، فحكيم الذي أعرفه لا ينهزم ولا يرضخ .. وحياة الدم الذي يسري بعروقنا سوف أنتقم لك أشر انتقام وسوف يأخذ الجناة جزاءهم ، أقسم لك برقدتك هذه أنني لن أترك دمك يُهدر هباء منثورااااا ، فقد ساعدني وقم يا أخي أنا أنتظرك …. حكيييم حكيييييييييييم
جوزيت(رمقته وهو يهز يديه بارتجاف ودخلت إليه ، وضعت يدها على كتفه حتى انتفض):- إنه لا يستيقظ
ميار(رمش ببؤس):- بل سيفعل ، أنا متأكد … فقط هو بحاجة لأن يسمعني ويسمع صوتي أنا متأكد أنه يصغي لي أصلا لا يستطيع التملص من صوتي وإلا كان حسابه معي عسيرااااا
جوزيت(لمحت الدمع المكوم بعيونه وجذبته إليها):- ميااااار …
ميار(أغلق عينيه بغبن وهو يسقط رأسه في حضنها بحسرة واحتياج):- أنا واثق أنه سيتعافى ويستيقظ لكي ننتقم سوية من غضنفر ورجاله وعصابته كلها … أنا واثق
جوزيت(ببكاء عانقته وهي تنظر لحكيم النائم):- طبعا سيستيقظ ، فآل الراجي لا ينهزمون
ميار(ابتعد عنها قليلا وهو ينظر إليه بحسرة):- علينا أن نرحل قبل أن يحس أحدهم ..
جوزيت:- إياد مع رامز لا تقلق لن يحضر أحد ..
ميار(جفف عيونه بسرعة قبل أن تلمح دمعه):- مع ذلك لنتوخى الحذر ، سنعود فيما بعد
جوزيت(ربتت على رأسه):- لا بأس لو بكيت ، هذا حكيم وإن لم نبكي لأجله فما نفع الدموع
ميار(تأوه من جملتها وشعر بالحزن الشديد):- سنحرق غضنفر ومن مكان لا يتوقعه
جوزيت:- ماذا تنوي أن تفعل ؟؟؟؟
ميار:- سأكشف عضوا من العشيرة السوداء وأرمي به للهاوية …
جوزيت(بفزع):- هل هذه خطوة صائبة يا ميار أخشى أن …
ميار(أشار لحكيم):- ماذا تخشين بعد ، أن ترينني أنا في مثل هذا الوضع أو إياد أو ميرنا أو أي شخص آخر هااااا، غضنفر قد شن الحرب وحان الوقت لأعرف عدوي من صديقي
جوزيت(جمعت قبضة يدها ووضعتها على يده):- وأنا معك …
ميار(ابتسم بقلة روح):- أساسا لا مناص لكِ إلا معي .. طبعا ستكونين
جوزيت(ذهلت من جملته وشعرت بقلبها يغرد):- ما رأيك لو نحرق قلبه أكثر ومن جهتين ؟
ميار:- بمعنى ؟
جوزيت:- سنقوم بكشف العضو وفي آن الوقت سنستدرج رشيد بطريقة لن يتوقعها
ميار:- ما الذي يدور في عقلك ؟
جوزيت:- العائلة … هي الرابط الوحيد الذي يجعل الشخص ضعيف لذلك سنبحث عن عائلة رشيد ونجعلهم تحت التهديد يستدرجونه وبعدها سنضغط عليه حتى يخبرنا بموقع غضنفر
ميار(عقد حاجبيه):- اممم لهذا يستلزمنا شحذ قوتنا سوية ، سأحتاج لرجالك
جوزيت(بحنان):- أنا ورجالي في خدمتك دوما ..
ميار(لمس في عيونها بريق شغف وسحب أنفاسا عميقة وهو يسبقها للخارج):- الحقي بي
جوزيت(التفتت للخلف وتوجهت صوب حكيم عانقته بشكل طفيف كي لا تؤلمه وقبلت وجنته):- حبيبي حكيم سوف ننتقم لك أسمعت ذلك ، لن نتخلى عنك يا روحي فقط استيقظ همم نحن ننتظرك وأنا بالخصوص أتوق لسماع تذمرك تجاهي ، هيا كن أقوى …
قبلته مجددا وركضت خلف ميار بعد أن وضعت قبعتها ونظارتها وخرجت رفقته من المشفى ، هنا أرسلت رسالة نصية لإياد الذي أخذ راحته وقتها واتفق على لقائهم في وقت لاحق ، ريثما يقوم بتغطية الأمور التي تحدث من حولهم ….. وأكملت فخرية وشاهيناز جمال المنظر بحضورهما رفقة طلال الذي لم يجد بدا سوى موافقتهما على ذلك لأجل الاطمئنان على حكيم ، سنتأكد أن فخرية حضرت فعلا لأنها تحبه وتخاف عليه لكن بالنسبة لشاهيناز أي سلسبيل فقد حضرت كواجهة فقط لأن طلال كان سيشك لو لم تخشى على حكيم من الأذى … المهم استقبلتهم نور بشكل عادي بغض النظر عن رفض مديحة وعواطف اللتين ظلتا تحدقان بهما إلى أن خرجتا لرؤية حكيم من خارج الغرفة وغادرتا رفقة الرجال فيما بعد … أما عبد المالك فكان قد غادر قليلا للبيت على أمل العودة في المساء لأجل أخذ عواطف كي ترتاح بدورها فهي تحتاج لذلك ، وسبب مغادرته هو الحديث الخاص التي طلبت منه كوثر أن يشاركها به …
كوثر:- أعلم أنك ستستغرب كلامي يا بابا ، ولكنني فكرت جيدا واتخذت قراري
عبد المالك:- طالما بدأتِ بهذه الطريقة ، إذن أنتِ موقنة تماما من رفضي صح ؟
كوثر:- نوعا ما ، أنا خائفة من عدم موافقتك
عبد المالك:- الموضوع يخص زياد.. يعني من بعد ذهابكِ معه ليلة الحفلة ببيت الراجي وحالكِ مقلوب يا كوثر ماذا حصل ..
كوثر(شهقت وهي تتذكر):- تكلمنا بشكل منطقي حول علاقتنا ، وبما أن كلانا يتعذب فكرنا بإنهاء العذاب يا بابا وذلك بزواجنا ..
عبد المالك(نهض منتفضا):- كييف ؟؟؟؟؟ هل تريدين أن تكوني زوجة ثانية في حياته يا كوثر هل أنتِ مستوعبة لما تقولينه ؟
كوثر(نهضت أمامه):- أساسا سأكون الأولى في حياته ، لأنني متيقنة من أن سبب زواجه من حياة كان فقط لأجل التخلص من الضغط ولأجل مساعدتها على إتمام دراستها ، يعني فترة بسيطة وسيطلقها وسأبقى أنا معه
عبد المالك:- ما هذا الهراء الذي تتفوهين به ، أتستمعين لنفسك أين المنطق أين الموضوعية في هذا القرار ؟؟؟؟
كوثر:- أبي …أنا أحب زياد وهو ..
عبد المالك:- أنا أرفض هذا الجنون برمته ، انسي الفكرة ولو خرجتِ عن طوع كلامي لا أنتِ ابنتي ولا أنا أبوكِ أسمعتِ ؟؟؟؟؟؟
كوثر(انتفضت ببكاء):- ولكن بابا .. أ…بابا باباااااااااا اسمعني رجاااااء تت
عبد المالك:- ماذا أسمع ماذا أسمع ، صديقتكِ في مصير مجهول وأنتِ هنا تفكرين في الزواج أي صداقة هذه ؟؟؟؟
كوثر:- أنا قلقة على ميرنا يا بابا ، ولكن طالما هي مع وائل إذن لا خوف عليها ، ثم هل قلت بأنني سأتزوج غدا هي مجرد فكرة
عبد المالك:- حتى لو خيالا لن يتحقق ذلك ، انتهى الكلام
كوثر(لحقته):- ولكن يا أبي أنا … اسمعني لطفا أووووه …
دخل لغرفته وصفق الباب في وجهها تاركا إياها في حيرة من أمرها ، لا تدري ماذا تفعل كي تقنعه فهي تريد ذلك تريد أن تكون مع زياد فالشوق قد فتك بها وهي ضعيفة أمامه ، لن تستطيع التمثيل لوقت طويل فقلبها لا يسمح ومشاعرها أكثر … رمت بنفسها على الكنبة وهي تبكي بحرقة فلا تدري كيف ستؤول حياتهم بدءا من تلك اللحظة … كم احتاجت لحضن صديقاتها لكي تشكو لهم همها لعلهن تساعدنا وترشدنها للصواب ، لكن أين هن فواحدة حاضرة غائبة تعاني لوحدها مع الأسف ، والأخرى أكثر منهم وجعا وجنونا فهي في معسكر تعاني مع 40 قنبلة موقوتة ^^
كامل:- سيدة وصال أقترح أن نقتلهن جميعا ، أجل هذا هو الحل المثالي لإزالة الشوائب من حياتنا ، إنه حل فوري وسريييييييييييع
وصال(ضربته لجبهته):- اخرس يا ولد ، أتحسب نفسك في إعلان لمسحوق الملابس .. دعني أستوعب ما سمعته لأنني لو أصغيت لك سأتوجه للمخزن وأحضر رشاشا للبدء بك
كامل:- هئئئ ولما أنا لما أنا ، ثم هن اللاتي توسَّمن بالرائد وقالوا عنه وسيم وجميل ورجل وشهم وذو بنية رياضية ويدخل للخاطر وصرامته مذهلة وجسده مثير وصوته الخشن دمار وعروقه البارزة هلاك وعصبيته مغرية و …. و لماذا أشعر بحرارة في يدي ؟؟؟؟؟ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآآآآآآآي
قرصته وصال بقرصة اجتمعت فيها الأفعى والنحلة والعقرب ، تركته يقفز وهو يمسك بيده من شدة الألم قال ماذا قام يستذكر لها ما سمعته بأذنها في مهجع الفتيات حين توجهت صوبهن هذا الصباح لأجل بدء التدريبات ، والمسكين قام باستدراك ذلك في نظره أنها لا تتذكر وهي كل كلمة قيلت في حق جاسر حفرت بقلبها وتتذكر حتى الفتيات التي تحدثن عنه بذلك …لكن الضربة كانت من نصيبه أو القرصة عفوا يلا تستحق كي تغلق فمك مرة أخرى هههه … تركته يركض صوب مطبخ المعسكر لأجل بعض الثلج لعله يخفف من وجع قرصتها ، بينما حركت هي عصاها الأسود بخفة وتوجهت صوب البنات اللاتي كن في ساحة التدريب يتعلمن أصول الدفاع عن النفس رفقة المدرب الخاص بتلك الحصة .. جلست هي تحت الشمسية وأخذت تتأملهن الواحدة تلو الأخرى قتل قتل كل منهن تتمتع بالجمال الخاص بها ، إذا لا عيب أن يشعرن بأنهن قادرات على سلب قلب جاسر الممتلئ بكِ …
قالها وهو يقف عند رأسها حين رمقها شاردة الذهن وتنظر لهن بقلق وتوتر دفين ..
وصال(استقامت بتحية أمامه):- احم هل هناك شيء حضرة الرائد ؟
جاسر(نظر إليها بحب):- أجل هناك أنا مشتاق وبعض كلمات محصورة بالجوف
وصال:- اممم طيب ألا يجدر بتلك الكلمات أن تجد طريقها نحن مكان ما ؟
جاسر:- أهاه ذلك ما يلزم ، لكنني متردد بهذا الخصوص
وصال:- ولماذا ؟
جاسر(نظر لكامل الذي مر من جانبهما متجها لمهجع الشباب ورمق على ذراعه كيس الثلج):- لأنكِ تملكين ملقطا في يديكِ وليس أصابع ، أنظري للولد كدتِ تنزعين جلده عن لحمه ما هذا التوحش آنسة وصال ؟؟؟
وصال(عقدت حاجبيها وهي تعضعض شفتيها):- والله لم أقصد ثم هو استفزني كان يستذكر لي جمل ل…
جاسر(صغر عينيه لتتابع):- جمل ماذا تابعي ؟
وصال(نظرت للفتيات):- لا شيء …أ أرى أنه يتوجب عليك الانسحاب كلهن ينظرن إلينا سنشتت تركيزهن
جاسر(سحب نفسا عميقا):- سأنتظرك في مكتبي ، متى ما فرغتِ تعالي
وصال(عضت شفتها):- أصلا أريد أن أكلم كوثر لأسأل عن ميرنا ، ليلة أمس جافاني النوم خوفا عليها
جاسر:- أوك لنكلمهم سوية ، بخصوص رامز فهو بخير
وصال:- هل اتصلت به ؟
جاسر(أخفى اهتمامه):- معلوم يعني لكي أرى مدى الضرر ، هذا كله
وصال:- ههه فهمت
العريف زاهر:- سيد جاسر وصل اللواء أيمن وهو بمكتب حضرتك ، ويطلبك على الفور
جاسر(عقد حاجبيه):- غريب .. ما سر زيارته المفاجئة ؟
وصال(استدارت فجأة صوب البنات ووجدت ريحانة تضحك):- لما أشم رائحة مكيدة في الموضوع يا جاسر ؟
جاسر(نظر حيث تنظر وصال ورمش):- وقتها سنطالب بإنزال العلم على الروح التي ستُزهق
وصال(فهمته وأومأت له):- اذهب يا جاسر ، دعنا نرى ما الجديد ؟
توجه جاسر وعيناه الكاسرة مصوبتان تجاه ريحانة التي توجست من نظرته القاتلة تلك ، حتى الفتيات ركزن لحظتها في التدريب خوفا من نيل بطشه ، ابتلعت ريقها وتوترت فجأة لكن حاولت أن تضبط أنفاسها ، وكل هذا تم تحت أنظار وصال التي جلست محلها لتتابع التدريبات وتنتظر معرفة سبب زيارة اللواء أيمن …
جاسر:- أهلا أهلا حضرة اللواء
أيمن(نهض بقنوط وصافحه بتثاقل):- كيف ترحب بي وأنت محول للتحقيق أمامي ؟
جاسر(جلس مقابله باستغراب):- تحقيييق ؟؟؟؟ عن أي تحقيق تتحدث ؟
أيمن(زفر عميقا):- التحقيق حول الغراميات التي تعيشها أنت والنقيب وصال في المعسكر يا سيد جاسر ، هل ستنكر ذلك ؟
جاسر(أغمض عينيه وهو ينفث شررا من أنفه ، وعرف أنها فعلة ريحانة التي انتقمت منهما لأنهما لم يصغيا لتهديداتها إطلاقا):- بصراحة ..
أيمن:- لا تكذب علي هذا أولا ، بحكم صداقتنا تصرف على ذلك الأساس
جاسر:- وعلى ذلك الأساس لم أكن سأخفي عنك الأمر ، أنا حقا أحبها وأنوي الزواج منها
أيمن(ببرودة):- مستحيل ..
جاسر(بعدم فهم):- ما هو المستحيل حضرتك ؟
أيمن:- مستحيل أن يتم هذا الزواج
جاسر:- والسبب ؟
أيمن:- لأن والدها المرحوم نصر الدين محفوظ كان السبب في انتحار أمك …
صوت صعقة كهربائية ضربت في أذنه وقتها وجعلته يشعر بأنه معزول عن الواقع بمجمله ، بل وكأنه قصي من كوكب الأرض وارتفع للفراغ كي يلج الثقب الأسود ويضيع في زمن غير الزمن ، ومكان غير المكان … كان مشدوها متصلبا على الكرسي لدقائق لا يدري مدتها وهو يستمع لأيمن الذي أخرج ملفا من حقيبته وقدمه له
أيمن:- كان القاضي نصر الدين محفوظ يحقق في القضية التي اتهمت فيها سمية البدري ، ألا وهي التواطئ مع أفراد عصابة كان والدك فردا منهم وتسترت عليه حتى تورطت معهم بشكل غير مستحب … مع الأسف هذه هي الحقيقة التي أخفتها عنك الإدارة لكي لا تلحق الأذى بنفسك أو بعملك ، لكن حين وصلتنا شكوى تفضي بأنك على علاقة حميمية مع النقيب وصال أعطوني أمرا بإخبارك بكل هذه الأمور لكي تضع عقلك في محله وتتابع عملك كما يجب … يعني بالمختصر المفيد عليك أن توقف هذه المهزلة وتتصرف بحكمة حيال ابنة الشخص الذي جعل أمك تنتحر خوفا من دخول السجن …
جاسر(كان غائبا عن الدنيا ولم يستوعب أي حرف):-أيمن … أنت تتحدث عن نصر الدين محفوظ والد وصال ، يعني أنت جاد ؟؟؟؟
أيمن:-كله موثق في الملفات بالتواريخ وبالمصادر الخاصة ، آسف منك يا صديقي لكن عليك أن تعرف فليس منطقيا أن تغرم بابنة من يعتبر قاتل أمك حتى لو كان ينفذ مهمته بذمة وأمانة في مهنة القضاء …
جاسر(نظر للأوراق التي تثبت صحة قول أيمن وهز رأسه بعدم تصديق):- ولكن … يعني أمي ما علاقتها بتلك المافيا ثم أبي مستحيل أن يكون منهم ، ٌقد كان مقاولا على حد علمي ..
أيمن:- مجرد كذبة لفقتها أمك لكي لا تظن بوالدك ظن سوء ، لقد تورطا في تلك العصابة حتى أنه قبض على أبيك ولكن في اليوم التالي اختفى أثره من السجن من السجلات ولم يظهر إلا بعد مرور شهرين ، حين وجد بعض العمال جثته تحت أنقاض مبنى دولي … آسف لهذه الأخبار لكنها الحقيقة
جاسر(لفت به أفكاره الغير قادرة على استيعاب ما يسمعه):- غير ممكن ، أنت تقصد أن المرأة التي أحبها ابنة الرجل الذي حرمني من أمي وجعلها تنتحر ؟؟؟؟
أيمن:- تماما يا جاسر ، والإدارة تريد سماع رد مني إن كنت ستمضي في هذه الطريق معناه أنك ستوحل للتحقيق رسميا وستوقف عن العمل بسبب ذلك وقد تعرض النقيب وصال للطرد
جاسر:- ولكن لا ذنب لها أو لي في هذه المشاعر ..
أيمن:- نحن في عملنا لا نعترف بمثل هذه المشاعر ، وأنت تعرف العقوبة أيا كان من وشى بكما فقد وضعكما برأسه لذلك انتبها من الآن فصاعدا … أرجوك جاسر نصيحة مني دع هذه الأسابيع المتبقية لكما في هذه الدورة تنته على خير ..
جاسر(سحب نفسا عميقا):- ولا يهمك ، اعتبر أن تنبيهك وصل
أيمن:- ما الذي تنوي فعله مع وصال ؟
جاسر(بحيرة ووجع):- أصلا الأقدار هي التي فعلت ، وأظن أن اجتماعنا مستحيل فحتى ماضينا لا يسمح بذلك كما ترى
أيمن(أخذ منه الملف):- أنت تعرف ما يجب عليك فعله، لا يجب أن تعرف وصال بما أخبرتك به هي لا تعرف شيئا عن الموضوع ويفضل أن تجد سببا مقنعا لكي تجعلها تقتنع بوجوب فراقكما ، أعانك الله
لم يجبه ولم يسأل حتى أو يتفوه بحرف بل لحقه حتى خرج من مكتبه وأقفل الباب خلفه بالمفتاح ، وجلس على الكرسي وهو يلهث بقوة غير مصدق لهذه الصدفة العجيبة التي جعلت منه ومن وصال غريمين مع سبق الإصرار والترصد … لطالما كانت أمه خطا أحمر بالنسبة لي وانتحارها كان هوسا يلاحقه لكي يعرف لماذا انتحرت ليتضح أنها متورطة في عمل عصابات هي ووالده وأن أب وصال هو القاضي الذي حكم عليها بالسجن ، لكن كيف انتحرت في البيت ولما لم تكن بالسجن آنذاك .. أمور عديدة مبهمة وكأن فيها لعبة ما حيكت لكي تغطي عن جرائم أخرى وقعت وقتها …. لكن لما أبو وصال لما لما لماااااااااا والد حبيبته ، نهض وأطل من نافذته تجاه المعسكر ووجد اللواء أيمن يكلم وصال التي كانت تنظر صوب غرفة جاسر من محلها ، وقد بدت عليها الحيرة والاستغراب لكن سرعان ما ابتسمت له وهي تؤدي التحية العسكرية لدى مغادرته ، إذن كيف سيستطيع جرحها من جديد ولما الأقدار تعاند علاقتهما في كل مرة يقولان ستنجح يخرج شيء من الفراغ ليقف حائلا دون ذلك .. آه يا حبيبتي وكيف سأفارقكِ ، أنا في حيرة من أمري إذن لنقل ببساطة موجعة "أهلا بالعذاب يا جنديتي العنيدة" …….

في بيت الراجي
كانت البنات جالسات في الصالون يضعن أيديهن على خدهن وينتظرن الفرج ، إلى أن رن جرس الباب ونهضت شيماء لتفتح وكانت الخالة نجية وتامر ابنها ، توترت شيماء وهي تستقبلهما ورأت حقيبة صغيرة أدخلها تامر جوار العتبة …
إخلاص:- أهلا بالخالة نجية نورتِ …
نجية:- بنورك يا طيبة
رنيم(ركضت وعانقتها):- خالتي نجية أهلا وسهلا ..
نجية(بحب):- أهلا بكِ يا ابنتي اشتقنا والله
رنيم:- وأنا يا خالتي نجية ، أهلا بكِ في بيتنا من الآن فصاعدا ستكونين دوما معنا ريثما تجدون البيت المناسب لكم جوارنا .. تامر أدخل
نجية:- والله من طيب خلقكِ يا ابنتي يا رنيم ، ربي يكمل عليكِ بالخير يا غاليتي وخيركِ هذا لن أنساه ما حييت
نبيلة(رحبت بهما):- بيتنا واسع والحمدلله ، لذلك مرحب بكما فيه بقدر ما شئتما
تامر(قبل يد نبيلة):- شكرا جدتي ، لكن أفضل أن تبقى أمي في ضيافتكم قليلا .. وأنا اتفقت مع صديقي أسعد سأمكث مع هذه الفترة ..
نهال(زفرت بتأفف تحت أنفها):- أسعد … هممم
نبيلة:- كما تشاء
تامر:- لقد عممت البحث في المنطقة وإن شاء الله خيرا ، الآن اسمحوا لي علي أن أذهب أمي لو أردتِ أي شيء كلميني وسلامة مريضكم حكيم من الأذى
إخلاص:- الله يسلمك يا بني ..
رنيم:- سأوصلك للباب يا تامر … تفضل
تامر(تحدث حتى وصل للباب):- آسف يا رنيم لم أستطع فعل شيء ، والبارحة تم الزفاف
رنيم(ابتلعت غصتها):- معقوووول …أنا من فرط انشغالي بأختي ميرنا وابن عمي حكيم لم أتمكن من الاتصال بك ، يعني هل أريته الفيديو هل رآه أمتأكد ؟
تامر:- رآه بيدي أنا متأكد ،وبعثته له عبر الهاتف ومع ذلك رفض سماعي بلباقة وقال أن المعازيم على وشك الحضور وكذلك الكاتب العدلي .. وهكذا حصل تزوجها بالفعل وأخذها لشقتكما أقصد يعني .. الشقة السابقة
رنيم(بحزن دمعت عيناها):- إذن هو مقتنع بذلك ، تمام يا تامر نحن فعلنا ما بيدنا وأنا كنت حمقاء حين فكرت بأنه سيعود لي معتذرا بعد رؤيته وسيطلب مغفرتي وكنت سأسامحه ، لكن بعد اليوم لن يكون هنالك سوى قلب حجري هنااااا .. دمت سالما يا تامر وفعلتم خيرا برحيلكم من بيت الأفاعي ذاك
تامر:- حتى السيد حاتم غادر البيت مباشرة بعد الزفاف ، وهو يمكث في فندق لأحد أصدقائه والسيدة وجدان صرخت فيه لكي يعود لكنه وعدها بالطلاق هكذا سمعت أمي صدفة حين كانت تجمع أغراضنا للرحيل .. لم تكلف نفسها حتى بقول كثر الله خيركم على كل السنوات التي ضاعت ببيتهم يلا ارتحنا منهم ومن مشاكلهم ، ورأفت يبقى ابنهم لذلك لا لوم عليه
رنيم:- لكن مازن والعم حاتم يستحيل أن أضعهما في كفة الباقيين ، لذلك لا بأس كله بحسابه
تامر:- اهتمي بنفسكِ وبالأولاد وعساه خيرا .. نلتقي
أومأت له بدون حياة وهي تنظر للقدر اللعين الذي لعب دوره وفرق بينهما ، لكن لما ستلوم القدر أساسا رأفت هو الذي تخلى عنها وقرر تصديق أمه وزوجته الجديدة ، لذلك ألف مبروك .. رفعت رأسها بإباء دون أن تشعر بأنها راغبة بالبكاء وكأن الدموع أعلنتِ الحداد وقررت ألا تنزل لأجل رجل مثله ، وعليه عادت لتكمل جلستها مع أسرتها ولكي تستقبل نجية التي لطالما كانت الصدر الحنون الذي يطبطب عليها في ذلك البيت .. حتى أيهم فرح بها وكأنما عرفها واشتاق لها وبدورها حضنته بدموع وهي تقبله وتشبعه بجميل الدعوات هو وجميلة الجميلات أخته الصغيرة سجى ….. رغم الغصة التي كانت بقلبها إلا أن ابتسامة أولادها الآن لا تقدر بثمن ، وأيا كان ما فعله أبوهم فهو الذي جنا على نفسه مع زوجة لا تريد سوى أن تخرب عليه حياته …
نورهان(فركت يديها وهي بقميص النوم ونظرت إليه وقد كان ما يزال نائما):- ألن تنهض يا رأفت ؟؟؟
رأفت(تمطى على الكنبة التي نام عليها تلك الليلة ورفع رأسه لها):- أغربي عن وجهي ..
نورهان(جلست جواره حتى التصقت به):- أيعقل أن يقول عريس لعروسه في صباحية زفافهما أغربي عن وجهي …
رأفت(ابتعد عنها متقززا ونهض):- أجل أنا قلت ذلك ، ومن الآن فصاعدا تلك غرفتكِ وهذه غرفتي أنا أنتظر فقط أن يحضر العمال سريرا مناسبا لي ..
نورهان:- إذن لما تزوجتني طالما تنوي أن تحرمني منك ؟
رأفت:- ربما لأصحح غلطتي
نورهان(اهتزت عيناها بدموع):- لكنني أحبك
رأفت(أمسك فوطة ورمى بها على كتفه):- وأنا لاء ، تعودي حلوتي كي لا تتألمي هه
تأففت وهي تستقبل أولى أيام زواجها بالنكران والجفاء ، طيب ماذا كنتِ تنتظرين من رجل قلبه وعقله وجسمه وروحه وشراييينه كلها تهذي باسم امرأة واحدة وهي رنييييييييييييييم … دخل لحمامه وضرب على الحائط وهو يلعن الظروف التي رمته بين أنامل تلك القذرة ، لقد ورطته بشكل مخز وأمه متواطئة في ذلك فأي مصير هذا ، تذكر الفيديو الذي حصل عليه من تامر وقرر متابعة الموضوع ولو اتضح أن ذلك الرجل فعلا هو الذي لعب ذاك الدور سيكون حسابه عسيرا معه ومع تلك الأفعى التي تزوجها ومع أمه أيضااااااااا …. والتي كانت تنظر لجنبات قصرها الفارغ من كل روح ، كلهم غادروا ولم يبقى سواها والخدم ، حاتم هجرها وتوجه لفندق صديقه ليمكث هناك ، أما مازن فقد استقر بمنزل أحد رفاقه ولم يحضر أصلا لزفاف أخيه ، أما هدى فقد كانت ما تزال نائمة من بعد حفل العرس … ولم يبقى سواها حتى نجية وابنها غادرا بشكل صلف لم توليهم حتى اهتماما لأجله ، أرادا الرحيل إذن مع ألف سلامة أصلا ارتاحت منهما فقد كانا جواسيس لحاتم هكذا كانت تعتقد طبعا من سطحية فكرها … زفرت عميقا وهي تفرك يديها بقلق ، إلى أن رن الهاتف …
وجدان(ما إن رأت الرقم حتى تبدل لونها وركضت صوب المكتب أقفلت على نفسها وبعدها ردت):- أسمعك أنا الرقم 5
الصوت:- لدينا اجتماع طارئ في نهاية الأسبوع كوني بالموقع
وجدان(بتوتر سحبت نفسا عميقا):- علم وسينفذ ..
الصوت:- تم
أقفلت الخط وهي تنظر حولها بتوجس وقلبها يخفق بشكل مريب ، فتلك الاتصالات الغريبة تجعلها تفقد رشدها من هول ما يلحقها .. لذلك مؤكد سنعرف ماذا يعني هذا الاتصال لكن في وقت لاحق فالآن لدينا شيء أهم بكثير وكأنني لمحت كرسيا متحركا يدخل غرفتهما فما المناسبة ؟؟؟؟؟
وائل:- ما هذا الآن ؟
ميرنا:- ستجلس هنا بدءا من اللحظة ، ولن تتحرك وترهق قدمك عليك الراحة ثم الراحة لكي تتعافى سريعا يا وائل
وائل:- ولكنني لست بحاجته
ميرنا:- ستسمع الكلمة ، ويا سيدي إذا ما حدث وخرجنا استغني عنه .. لكن طالما نحن بالفندق سوف تجلس عليه كلما أردنا النزول للأسفل تمام ؟
وائل:- كما تأمر ممرضتي ..
ميرنا(ساعدته على الجلوس عليه ووضعت الدعامة جانبا):- هذه لن نحتاجها الآن ..
وائل(نظر إلى عيونها الشاردة):- هل أنتِ قلقة ؟
ميرنا(اتكأت على جانب كرسيه وعانقته):- أكيد .. فقط لو أستطيع رؤيته ومحادثته ربما سيستفيق إذا ما سمع صوتي ..
وائل:- طيب .. ما رأيكِ لو نفعل اتصالا صوريا بأختكِ نور ونطلب منها أن توصلنا به ؟
ميرنا(قفزت بحماسة):- كيف لم أفكر بذلك ، أين هاتفي ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ضحك من فرحتها تلك وعليه أخذ يتطلع إليها وهي تتصل بنور وبالفعل نفذت أختها ما طلبته ، وما هي إلا لحظات حتى رأته نائما في سرير المرضى مربوط بأسلاك طبية ، وكأنها تشهد منظر وائل قبل أسابيع وقدر عليها أن تشهد ذات المنظر لحكيم هذه المرة .. لم تشعر إلا والدموع تشاركها اللحظة لذلك أرادت نور أن تفصل الخط لكي لا تفطر قلبها ولكن ميرنا أصرت على البقاء ، وطلبت منها أن تضع الهاتف على أذنه لو أمكن وهنا تنهد وائل بثقل وخرج للشرفة وأقفل الباب خلفه لكي يتركها على راحتها ، كم امتنت من تصرفه فهي تريد حقا أن تستفرد بحكيم لوحدها وأصلا لو علم هذا الأخير أن وائل يتلصص لن يعجبه الأمر ، ضحكت من فكرتها وهمست بأول حرف …
ميرنا(بدفء):- حكيييييم … هذه أنا ميرنا حبيبتك عصفورتك الصغيرة وطفلتك المدللة ، هل اشتقت لصوتي اممم أساسا يا أيها الرجل المتطلب لم نفترق إلا قبل ساعات ، يعني لا يزال على الاشتياق وقت أطول … لكن أنا أشعر بأنني أفتقدك صدقا يا حكيم ، ثم أنا ما صدقت ارتحت قليلا فلا تزعجني هاااااه ، لا أريد أن أقلق بشأنك وينهض عرق جنوني لأجلك يعني قد آتيك طيرانا دون أفكر بالعواقب وأعلم أنني لو فعلت فور استيقاظك ستقتلني ، لذلك سأسمع الكلمة وأنتظر ليومين آخرين وبعدها ربما شوقي لك لن أتمكن من كبته بعد … لأنني لا أطيق حياة بدونك يا حكيمي فهل ستترك الساحة فارغة تعودت عليك أنا ووائل يقول بأنه سيفوز بي هل ستتركه هههه حكيييم … أنا لا أعلم ما أقوله أحاول استفزازك لكي تتنبه حواسك لي وتستفيق أريد أن أسمع خبرا جميلا هذه الليلة ، بليز بلييييز لو تحبني استيقظ لأجلي أرجوووك اهئ أرجووووووك يا حكيم أنا أرجوووووووووك اهئئئئ حكييييييييييييم افتح عينيك أنا هنا موجودة معك ، أنا معك صدقني أنا معك فقط استيقظ استيقظ استقظظظظظ …
نور(وضعت الهاتف بأذنها وهي لا ترى أي مؤشرات تدل على تجاوبه):- ميرنا روحي .. لا تبكي ادعي له بالخير
ميرنا:- هممم نووور أرجوك لو عرفتِ أي شيء كلميني فورا …
نور:- أكيد يا حبيبتي ، انتظري أمي تريد محادثتكِ …
ميرنا:- طيب …
عواطف(انتظرت حتى خرجت إليها نور بالهاتف):- ميرنا صح ؟ ألوووو ميرنااااا
ميرنا(بكت بإفراط لحظتها):- أمييي ..أمييييييييييييي … لقد هربت من محادثتكِ كي لا أجعلكِ تبكين أرجوكِ لا تفعلي
عواطف(ببكاء):- كيف لا أبكي من بعد ما سمعته يا ابنتي ، هل أنتِ بخير أخبريني ولا تخفي عن أمكِ أي شيء ؟؟؟
ميرنا:- والله أنا بخير يا ماما صدقيني … وائل يرعاني وكله تمام
عواطف:- رعاكِ الله وحفظكِ لي يا كبدي ، أنا آسفة يا ابنتي لأنني كنت أما غافلة لم أعرف أنكِ تعانين وأنتِ تحت أنظاري يا لي من أم سيئة
ميرنا:- شتتتت لا ماما لا تقولي هذا وإلا غضبت منكِ ، أنتِ لا ذنب لكِ أنا التي قررت دخول عالم خطير وهذه نتيجة قراراتي وسأتحملها أنتِ فقط لا تقلقي علي .. لدي من يحميني أنا لست وحدي صدقيني
عواطف:- أنا أعرف أن وائل سيضحي بحياته لأجلك ، لكن يا ابنتي إياكِ وأن تخطئي وتسمحي لمشاعركِ بالانجراف معه .. إنكِ متزوجة من ابن عمك لا تنسي ذلك
ميرنا(شعرت بطعنة لحظتها):- لا تقلقي .. سأكلمكم لاحقا أمي وداعا
عواطف(أعطت الهاتف لنور):- مااااااااااذا لما تنظرين لي هكذا ؟
نور(وضعت يدها جنبها وأخذت الهاتف):- والله وكيف سأنظر يا عواطف ،لقد سممتِ قلب البنت بنصيحتكِ المدهشة
عواطف:- طبعا أنا أمها وعلي أن أنصحها
نور:- عشتِ ونصحتِ يا بعدي ، هيا هيا لنعد لخالتي قبل أن تقوم الدنيا خوفا على حكيم
هزت عواطف كتفها ولم تهتم فهي أفرغت تلك الكلمات وأراحت قلبها ، وهنا ظلت ميرنا شاردة في كلام أمها ونهضت بعد أن وضعت الهاتف على جنب وخرجت للشرفة حيث كان يتحدث وائل أيضا لكن مع من ؟
وائل:- سيكون بخير أنتِ اهتمي بدراستكِ فتخرجكِ على الأبواب
هديل:- ستأتي يوم تخرجي صحيح يا أخي ؟
وائل:- أكيد يا حمقاء كم لي من أخت حتى لا أحضر تخرجها ، كم تبقى بالمناسبة ؟
هديل:- بضعة أسابيع فقط وبعدها نعود للوطن بشكل رسمي
وائل:- إن شاء الله صغيرتي ، تمام لا تشغلي بالكِ بحكيم سيكون على ما يرام
هديل:- أوكي لا تنسى أن تعلمني بالمستجدات يا أخي ، إلى اللقاء
وائل(مد يده لميرنا وفصل الخط):- سلام … روحي
ميرنا(جلست على الكرسي جواره لتتنعم بذلك الجو المشرق):- روحي تلك ، لي أم لها ؟
وائل:- يتأرجح مزاجي حين أكون معكِ ما بين فرح وجنون ، فلا أستطيع فرض رقابة على مشاعري حين أكون معكِ لأنها قُدَّت من عُمق عشق مبتور من ضلع الممكن ..
ميرنا(برقة):- أنت تملك قدرة خرافية في قلب مزاج الإنسان ، من حالة أسوأ لحالة أفضل
وائل(بدفء):- إذن سجلي العنوان لديكِ ههه
ميرنا(أحنت رأسها على كتفه حين اقترب منها):-أتساءل مع نفسي ، هل سيأتي يوم ونجد فيه السلام يعني جميعنا بدون استثناء ؟
وائل(عانقها بذراعه وجعلها تتكئ على حضنه):- نرجو ذلك حبيبتي ، نحن سنبذل جهدنا والكمال على الله سبحانه وتعالى
ميرنا:- شكرا على الأغراض التي أحضرتها لأجلي ، لكنها كثيرة يا وائل لم أجد أين أضعها
وائل:- حسنا كانت كلها حسب ذوقي ، اخترتها عبر النت وجعلت نادر يحضرها وهنالك مركز تسوق بجانب الفندق لو أردتِ يمكنكِ الذهاب أنتِ وناريانا
ميرنا:- اممم لما لا ..
وائل(تلاعب بعينيه):- ميرنا ؟؟
ميرنا(رفعت رأسها له):- نعم ؟
وائل:- ماذا حدث لكِ وأنتِ عند الفهد البري ؟
ميرنا:- أتريد أن تعرف ؟
وائل:- لو أردتِ ..
ميرنا(جلست باستقامة وهي ترمش بعينيها وفي سرها):- ماذا سأحكي لك يا وائل يا حبيبي ، ما هذا السؤال المربك كيف سأخبرك أنني رغما عني عشت أجمل أسبوع في حياتي ، بكل ذكرياته المتناقضة
وائل:- بما شردتِ ؟
ميرنا(أغمضت عينيها تستسيغ جمال ذلك الجو معه):- حبيبي .. متى تسنى لنا أن نجلس هكذا جلسة في نظرك ؟
وائل:- مطلقا ، هذه أول مرة
ميرنا:- إذن دعنا نستمتع بها بصمت …
وائل(عرف أنها ترفض الحديث ، لذلك سحب شعرها لجانبه وأخذ يلاعبه):- كما تريدين
تأوهت عميقا فهي لا تريد أن تكذب عليه لأنه الرجل الذي تحب ، لكن هنالك أشياء يصعب عليها سردها حتى لو رغبت هي بذلك ، بعض الأمور حدثت مع ميار لا يجدر بوائل ولا حكيم معرفتها ، وبعض الأمور حدثت مع حكيم لا يجدر بوائل وميار معرفتها وبعض الأمور حدث مع وائل لا يجدر على حكيم وميار معرفتها … هكذا هي المعادلة وهي تحتفظ بذكريات الثلاثة في قلبها كوشم محفور يجعلها تتحمس لملاقاة أي واحد فيهم وطبعا ليس بقدر الشعور الذي تحمله لأجل وائل فهو اليقين التام والعشق الذي ترغب بأن تكمل معه بقية حياتها ….

في ليلة ذلك اليوم …
نزلوا لأجل العشاء بالفندق ودعوا حتى نزار الذي تملص من الحضور بسبب وعكة صحية ، وطبعا كان سببا لكي لا يتواجه مع أخته ناريانا ويفضح أمرهما .. لذلك آثر البقاء بغرفته بينما ارتدت هي ما يناسب وخرجت من غرفتها متوجهة للأسفل ولما لا تلتقي بذلك الطويل السمج وهو يتحرك بطقمه الشبابي صوب المصعد …
ناريانا(قلبت طريقها كي لا تتشاحن معه):- سأنزل من الدرج أرحم من الدخول مع هذا في صندوق واحد ..
نادر:- أنا أصغي جيدا لعلمكِ آنسة متعجرفة …
ناريانا(توقفت وهي تنظر لكعبها):- أتعلم أن مسمار كعبي يتوق توقا ما بعده توق لثقب عينك
نادر(فتح عينيه بفزع مصطنع):- قليلا بعد وسأتوسل الرحمة
ناريانا(تأففت وهي تتأبط حقيبتها):- لا تكلمني أساسا نحن لا نعرف بعضنا
نادر:- طبعا فأنتِ لا تعرفين سوى الرجال العجائز ، ألم تخجلي من نفسكِ ذلك الرجل أكبر من أبوكِ كي توقعيه في شباككِ اللعوب
ناريانا(شهقت من جرأته):- أنا لا أسمح لك بإهانتي يا هذااااااااا .. الزم حدك
نادر(فتح المصعد ودخل إليه وكانت هنالك امرأة طاعنة في السن):- أدخلي
ناريانا:- سأنتظر المصعد التالي ، رحلة موفقة
نادر(هز كتفه وضغط على زر طابقه):- أنتِ حرة …
العجوز(نظرت إليهما):- أوقف المصعد أوقف المصعد
نادر(أوقفه باستغراب):- ماذا يحدث ؟
العجوز:- أدخلي
ناريانا:- لا أريد يا خالة لا تشغلي نفسكِ بي
العجوز(بغضب):- أنا لا أستشيركِ … أدخلي فورا
ناريانا(انتفضت من صراخها ودخلت بتوجس):- ما هذا الآن ؟
العجوز:- أنا خسرت حبيبي بسبب عنادي ، وقضيت 50 عاما في حسرة ولوعة .. لذلك لا تخسرا هذه الفرصة يا أولادي وأتمنى لكما رحلة عشق موفقة
خرجت من هناك تاركة إياهم في دهشة ، نظرا لبعضهما ليستوعبا ما قالته وسرعان ما قلبا وجههما بغيظ وتقزز وهما يشمئزان من تلك العلاقة ، من فوره ضغط على زر النزول كي ينزل بهما ذلك المصعد اللعين ويرتاح من رؤيتها وقربها … خرجا من هناك بعد برهة وهما لا ينظران قط لبعضهما وتوجها للمطعم كانت جالسة هناك ميرنا بفستان أنيق في البرتقالي وبجانبها وائل بطقم جميل ، وكان ذلك لأنه كان بالمطعم احتفال بسيط بأحد المناسبات
ناريانا:- تبدين متألقة
ميرنا:- وأنتِ كذلك
نادر(بتأفف همس بأذن وائل قبل جلوسه):- هذه الابتلاء تصيبني بالغثيان يا رجل
وائل:- هئئ كل هذا الجمال تسميه ابتلاء عيب عليك ، ثم ربما لعنة ميرفت الفرعونية ستفك على يديها أنظر كيف ترمقك بطرف عين
نادر:- إنها لا ترمق ، إنها تصوب سهام عينيها لقتلي
وائل:- أنت تبالغ على فكرة ههه ..
نادر:- هل طلبتم العشاء ؟
ميرنا:- أكيد وحسبنا حسابكما لا تقلقا
نادر(نظر لناريانا شزرا):- فيكم الخير ، على الله يكون عشاء مريحا ولا يمضي كفطور الصباح السقيم …
ميرنا(فتحت عينيها على وسعهما من جملته):- احم … الموسيقى رائعة يا وائل صح ؟
وائل:- اممم حقا العازفون مدهشون ..
زورته ناريانا بكره وهي تحاول أن تجد سببا مقنعا يكمن خلف عدم رؤيتها لأفكاره أو أي شيء حياله ، كأنه صفحة بيضاء وعقله مقفل ترى ما هذاااا الذي يحدث .. تساءلت وهي تنظر لميرنا ووائل وترى مستقبلهما واضحا وضوح الشمس رغم مآسيه إلا أنهما سيجتمعان لكن هذا النطح مبهم مبهم مبببببببببببببهم ….
ميرنا(رمقتها وقد أمسكت كوب الماء وتجرعته كاملا):- مهلكِ ناريانا ماذا تركتِ للعصير
ناريانا:- لا أريد عصيرا ، أرغب بمشروب
وائل:- اممم أظن أننا سنعترض
ناريانا:- تمام سأتخذ طاولة أخرى وخذوا راحتكم هنا ..
نادر:- اجلسي محلكِ وكفى تدللا هنااااااااا …
تسمرت محلها وهي تحدق فيه بعدم تصديق هل صرخ فيها للتو ، لم يرمش بل نظر إليها مباشرة بعد أمره ذاك والذي لم يتحمل اعتراضا فيه .. وهنا حك وائل على لحيته وميرنا تفتفت لتغير الموضوع
ميرنا:- أخبرنا الطبيب أنه يمكننا إزالة جبس قدم وائل يوم غد ، سيضعون حذاء خاصا لها كداعم ريثما تشفى تماما
نادر(وعيناه مصوبة تجاه عيون ناريانا):- خبر جميل
ناريانا(بدون أن ترمش أيضا):- مبروك …
وائل(حرك حاجبه لميرنا بقلة حيلة وآثر الصمت مثلها):- يا حبيبي !!!!! …
تناولوا العشاء الذي تناولت ميرنا ووائل الحديث فيه ، أما نادر وناريانا كانا يشاركان بكلمة أو كلمتين مقتضبة تثبت مدى حنقهما وعصبيتهما من الوضع كله .. وطبعا حبيبين لم يودا التعمق في الموضوع لذلك استرسلا في مجمل المواضيع إلى أن انسحبت ميرنا كي تتكلم عبر هاتفها فقد كان المتصل إيادها الذي لا يسعها التفريط فيه ، وهنا ناريانا غادرت للحمام
وائل:- ما الذي يحدث بينكمااااااااا ، إنكما كالمفرقعات النارية ؟
نادر:- ما الذي يحدث ، يعني هي متعجرفة ومغرورة ماذا تحسب نفسها
وائل:- وأنت من تحسب نفسك لتحاسبها يا بعدي …
نادر:- أنا ابن بلدها وعلي أن أنصحها
وائل:- لا فيك الخير يا ابن البلد ، أدهشتني….
نادر:- غير الموضوع رجاء ، ودعنا نتكلم في الأساس
وائل:- هااا ؟
نادر:- جهزت الأمر ليلة غد سيكون المكان الأثري جاهزا لكما فقط ..
وائل(بحماس):- وماذا عن الكاتب العدلي ؟
نادر:- عيب لقد دبرته أيضا .. كله سيكون تمام حتى فستان الزفاف جهزته
وائل:- علينا أن نبلغ نارينا لكي تساعدنا في مسألة التغطية
نادر(بتأفف):- يعني ستجبرني على التعامل مع تلك الإنسانة ، تمام تمام لأجل الصالح العام سنتحمل أمرنا لله
وائل(بفرح):- لا أصدق غدا سأتزوج حبيبتي ..
نادر(ربت على كتفه):- مبروك مسبقا يا صاحبي ..
تحفز وائل لليلة غد فهي التي ستجعله ينال حبيبته ويحميها من أي أحد يحاول الاقتراب منها ، كان دافع العشق الأكبر هو الذي يزيد من طموحه للزواج منها ، فبهذا العقد ستكون حبيبته في أمان وسيتمكن من حجب أي مخاطر عنها وهي على ذمته .. لم تكن على علم بما يحضره وائل لأجلها لذلك عادت مبتسمة للجلسة وكانت سعيدة لأنه كما توقع وائل صباحا ، اتصل إياد واستسمح منها وحتى هي اعتذرت منه وتصالحا ، روا لها بالمختصر ما حدث له مع ميار وأخبرها عن فرحته التي تغمره بعد إيجادهما .. وطبعا لم يغفل عنها سؤاله عن أحوالهما وهنا إياد أكد لها أنهما ما يزالان كالقط والفأر ….
جوزيت:- أظنك تبالغ
ميار:- ولما المبالغة أنتِ اخترتِ تلك الغرفة وأنا بغرفتي إذن انتهى ..
جوزيت:- ولما لا ننام جوار بعضنا ؟
ميار(أشار لها بإصبعه):- إلى غرفتكِ ولا تجلطيني
جوزيت:- ألا تخاف النوم في هذا العرين ، يعني ألا تتخيل أن غضنفر سيهجم علينا ليلا لو علم بأننا هنا ؟
ميار:- حتى لو علم لن يهجم ، لأنه يخافني الآن
جوزيت:- لم أفهم ؟؟
ميار(اتكأ على الحائط):- الآن .. ألم يهجم علي رجاله قبل أيام وأنا مع ميرنا هو يعلم أنني نجوت ويعلم أنني سأرد بضربة قاضية ، أضيفي عليها ما فعله بحكيم ومحاولة قتله لميرنا ليلة البرنامج كل هذا يجعل غضنفر يحسب ألف حساب لخطوته الموالية .. لأنه الآن ينتظر ردة فعلي بحرص شديد وأجزم لكِ أنه حتى في غرفة نومه يضع حارسين فوق رأسه
جوزيت:- معقوووول … لكن لا أستطيع أن أقتنع أنه سيتوقف عن المحاولة
ميار:- هه لا تقلقي حسب معرفتي بطريقة تفكيره ، أجزم لكِ أننا سننام بأريحية الليلة وغدا وكل الليالي المقبلة
جوزيت:- طيب ماذا لو فكر بأذية حكيم ؟
ميار:- قد رأيتِ الشرطة هناك ورجالي يطوقون المكان ، ورجال حكيم على رأسهم وطلال حريص لن يسمح لمخلوق بالاقتراب سوى الممرضات والأطبة
جوزيت:- طيب ماذا لو حصل مثل الأفلام ، وكانت الممرضة جاسوسة للعدو وقامت بحقن مورده الغذائي بدواء سام .. هئئئئئئ سيموت حكيم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ميار:- وهنا تأتي الخطة الموالية وهي بسيطة جدا ..
جوزيت:- وما هي ؟؟؟
ميار(أومأ لها برأسه ودخل غرفته وفتح اللابتوب خاصته):- أنظري …
جوزيت:- هذاااااااا حكييييييييييم ؟؟؟؟ ولكن كيف ؟
ميار:- أثناء زيارتي له وضعت كاميرات مراقبة صغيرة جدا في زوايا الغرفة ، وفي الممر أيضا وهذه الكاميرات تظهر في حاسوبي وعند فريق المراقبة الذي يعمل تحت إمرتي ، وهم بالقرب من المشفى أي حركة مريبة سيعطون الإشارة للتدخل …
جوزيت(ضربته لكتفه بإعجاب):- أنت خطيير ، داهية ، لالا فقت مرحلة الذكااااااااااء …
ميار:- يعني .. والآن لا تكثري بلبلة هنا انصرفي لغرفتك
جوزيت(نظرت بحميمية لغرفته):- أموت أنا في الفهد الثلجي أو ما تسمونه ذلك النوع الأبيض الرمادي الشهي ول …
ميار(نظر إليه وقد وصلت حضنه وأخذت تلامس صدره بحركة لا إرادية):- جوزي ..
جوزيت(تمسكت بقميصه وهي ترفع قدميها لتصل بشفتيها المتعطشتين لشفتيه):- أتوق إليك ولهيب عشقي يحرقني
ميار(أمسك يديها لكي يبعدها ولكنها أصرت):- لقد تحدثنا بالموضوع … لا داعي لإحراج نفسكِ أكثر معي
جوزيت(تأففت وهي تنفض شعرها مبتعدة عنه):- لن أقول لك حتى تصبح على خير..
ميار:- وكأنكِ إذا قلتها سنصبح عليه ، ما كل يوم مصيبة جديدة الله يزيد ويبارك …
جوزيت(صفقت بابه ورداء فستانها القصير التصق بالباب التي فتحتها وجذبته بتأفف):- أحمق أكرهك
ميار(صغر عينيه فيها):- مجنونة … لحظة جوزيييييييييييييييييييييي يييييييييييت
جوزيت(دخلت فورا فقد كانت ما تزال عند بابه):- كنت أعلم أنك ستطلبني حبيبي
ميار(أشار لها لتقترب):- تعالي هنا ، من أين أحضرتِ فستان النوم هذاااااااا ؟
جوزيت(مررت يدها على جسمها بإغراء):- هل أعجبك ؟؟؟
ميار:- أجيبي على سؤالي
جوزيت:- طلبت من رجالك إحضاره لي
ميار:- ماذاااااااااااااااا قلتِ ؟؟؟؟؟؟؟ هل رجالي أناااااا رأوا هذه المسخرة ، كيف تفعلين ذلك بي الآن حولتني لضحكة كيف سأنظر بوجههم بل كيف سأملي عليهم أوامري ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
جوزيت(رأت أن عصبيته قد وصلت الحد الأقصى لذلك ابتلعت ريقها بتلعثم):- لالالا لم تفهمني يعني يعني أقصد
ميار(أمسكها من ذراعها):- تكلمي تكلميييييييييي
جوزيت:- الآن حين كنت في المشفى عند حكيم ، أنا استغليت الفرصة وذهبت للسوق المجاور وابتعت بعض الأغراض وضعتها بسيارة الرجال ، وقبل قليل طلبت منهم إحضارها يعني الكيس كان مغلقا وأبدا أبدا لم يروا فحواااااااااه
ميار(تنفس الصعداء):- هاااا الآن فهمت ، كنتِ قولي هكذا من البداية ثم ذوقكِ زفت ما هذه الشبكة هنا هل ستصطادين سمكا يا ترى ؟
جوزيت(نظرت لأسفل الشبكة):- يعني كأنك لم ترى ما تحت الشبكة إنه عبارة عن صدر و
ميار(أغلق فمها بيده):- اخرسي يا أم لسان فاحش ، إلى غرفتك إلى غرفتك
جوزيت(انتفضت متأففة وهي تدك الأرض بقدميها الحافيتين):- مغفل
ميار:- على الأقل لا تمشي كالبطريق ، أين الأنوثة والنعومة ؟؟؟؟
جوزيت:- أنا أمشي كما يحلو لي حين أكون غاضبة ، ولست بطريقا أيها الدب
ميار(غمزها باستفزاز):- أنا الفهد البري
جوزيت(تلاعبت بلسانها داخل فمها وصفقت الباب بعدها):- يا فرحتي بيك وأنا لبؤتك …
مسح على وجهه من جنونها الذي سيجلطه يوما ما ، وجلس بجدية على السرير وهو يراقب حكيم ، دفع طاولة الحاسوب المتحركة إليه وقربها من سريره ليتسنى له مراقبته بأريحية ، دخل لفراشه وأخذ ينظر إليه ما يزال مستكينا ولا حركة تبدو عليه … حزن لذلك ولكنه أمل أنه سيحدث خير إن شاء الله وسيستيقظ صبيحة الغد … وجعه خاطره حين رمق الهاتف لم تتصل به أيعقل أنها ستتصل في الصباح الباكر كما فعلت اليوم ،،، من يدري ربما تفعل وربما لن تفعل ، سحب نفسا عميقا وهو يستذكر صورتها بعقله لكن فجأة ظهرت صورت جوزيت بذلك الفستان الجريء الذي ارتدته وأتت لتطالب بالمبيت بغرفته … طبعا طردها بلباقة وأخذ يراقب صديق دربه الذي ودَّ لو ينهض سريعا ليخبره بالأخبار السعيدة عن أخيه إياد وعن عودتهما لبعضهما البعض بعد كل هذه المصاعب … هنا كانت تطقطق قدمها على سجاد الغرفة وهي جالسة على طرف السرير تنظر للمرآة أمامها بدون حياة ، رمت بنفسها على السرير كي تنام لكن أين النوم حاولت وحاولت لكن دون فائدة ، ما يزال ميار يرفضها ولن تتمكن من إقناعه مهما حاولت ، لذلك استسلمت لمصيرها وكتمت شوقها الأزلي إليه بأعجوووووبة ….
أما هذه فبعد ذلك العشاء صعدت رفقته لغرفتهما ودخلت للحمام تاركة إياه ليتناول أدويته ، نظرت لنفسها في المرآة فلم تكلم ذاتها منذ الصباح ، واستذكرت دون رغبة منها طيف ميار وكأنه يدق في عقلها بين الفترة والفترة ليعلمها بوجوده ، وهذا شيء غير مقبوووول … أيضا استذكرت وجه حكيم النائم كم بدا طفوليا بهيأته يا ليته يكمل فرحتها بنجاته بيقظته لعلها تهنأ قليلا وهي في روما الحبيبة … غيرت فستانها وارتدت منامتها وفردت شعرها الذي كانت تضعه في تسريحة خلف شعرها ، أزالت مكياجها بالمزيل ودهنت وجهها ويديها بكريم مناسب وبعدها خرجت بعد أن غسلت أسنانها .. وجدته جالسا على سريره يتفحص الهاتف وما إن رآها حتى أغلق الصفحات بسرعة وأقفله ..
ميرنا:- وائل بما أنت شارد ، منذ العشاء وأنت تلاعب هاتفك ماذا هناك ؟
وائل:- لا مجرد عمل يعني ، ههه حتى وأنا هنا تلاحقني الأعباء
ميرنا(جلست بمحاذاته):- هل تناولت أدويتك ؟
وائل:- أجل ..
ميرنا(زفرت بعمق وقبلت وجنته):- إذن لننام
وائل(ابتسم لها وأمسك يدها ليقبلها):- نوما هنيئا حبيبتي
ميرنا(مسحت خلف عنقها وجلست):- أشعر ب…
وائل(قاطعها فجأة):- بالضيق أعلم ، لكن غدا سيكون مختلفا لذلك استيقظي على مهلك سنتناول فطورنا بمكان جميل خارج الفندق
ميرنا:- أهاه الآن سنقول عنها رحلة .. إلى أين سنذهب ؟
وائل:- سأذهب لوحدي أولا للطبيب كي نزيل الجبس قد فحصها اليوم وأخبرني أن الحذاء الطبي سيفيدني أكثر ..
ميرنا:- أهاه أخبرتني هل تريدني أن آتي معك ؟
وائل:- لا لا ستبقين هنا كالأميرة ريثما أعود وبعدها نذهب للإفطار سوية تمام ؟
ميرنا(شعرت بالارتياح واضطجعت على سريرها ملوحة له):- متشوقة
وائل(غمزها):- وأنا كلي شوق …
ابتسمت بحنان وهي تغمض عينيها على صورته الحبيبة التي تعشقها حد الهبل ، أن تنام على وجهه وتستيقظ على وجهه تلك أمنية عمرها وهي تتحقق ،.. وهو كذلك كان وجودها بقربه يجعل شعوره يفوق قدرته على ضبط نبضات قلبه التي ترقص رقصا كلما تنهدت ، فما باله بابتسامة بإيماءة وجهها وعينيها العسلية التي تسكر الناظر ،، أما شعرها فحكاية غرام لوحده حكاية لن يجدل خصلاتها سواااااه … ابتسم بدوره فيوم غد حاسم بالنسبة له لا يعلم بأن طعنة عمره تنتظره مع الأسف ، تأوه بفرح وهو يتطلع إليها ووجدها قد نامت أولا لذلك أغمض مقلتيه لكي ينام ولكن ليس من بعد أن استحبت عينه تسجيل تفاصيل ملامحها بعقله لكي لا يحلم إلا بها فأي عشق هذااا يا سي وائل ، غفا أيضا من فوره وكانت الطمأنينة والسكينة شريكة ليلتهما …
لكن بالنسبة لهذين لم تكن كذلك ، ظلت تتناول المشروب وحيدة في الفندق لوقت متأخر ، حتى العاملون كانوا ينظفون المكان ولم يزعجوها مطلقا بل وفوروا لها كل احتياجاتها التي أرادت .. لذلك امتلأت طاولتها بالمشاريب وبدأ اللعب على أصوله ..
ناريانا:- ألا توجد هنا بعض المووووسيقى ؟؟؟
العامل:- انتهى دوام العازفين سيدتي
ناريانا(ضربت على الطاولة):- أريد الموسيقى ، شغل لي الموووووسيقى ..
العامل:- عذرا سيدتي لا يمكن ..
ناريانا(أمسكت هاتفها):- طز فيك وفي لا يمكن خاصتك أغرب عن وجهي ، سأشغل الموسيقى على هاتفي الخاص وليأتي بغل فيكم ليعارضني …
شغلت موسيقى أجنبية على هاتفها ونهضت لتتمايل على إيقاعها والعاملون لم يجدوا قدرة على التدخل ، لذلك تجاهلوها وتركوها على سجيتها بينما كانت تحمل كأسا وتتجرعه وتعيد ذلك مرة بعد مرة إلى أن وقف على رأسها كالقدر المستعجل وأخذ الكأس منها ووضعه بقوة على سطح الطاولة …
ناريانا:- هوووووووووه نادر بيك … هل نسيت شتيمة أو جملة مقيتة لم تسمعني بها ؟
نادر:- ما هذا الذي تفعلينه يا آنسة ؟؟؟
ناريانا(أضافت من بعده بخفة):- متعجرفة حسبما أتذكر ، هاهااااههههه …
نادر(أغلق الموسيقى من على هاتفها ووضعه بحقيبتها):- إلى غرفتكِ فورا ، ولا أريد أن أراكِ بهذا الوضع مجددا
ناريانا(دفعت يده):- ومن تكون حضرتك أصلا لتتدخل فيني ، أنت مجرد معتوه
نادر:- أعلم ذلك ، لكنكِ ستتجهين لغرفتكِ دعيني أرى … هممم كما توقعت إنها بنفس الطابق الذي اصطدمت بكِ فيه ، هيا
ناريانا(أزالت كعبها ورفعتهما بيديها):- إن لم تبتعد سأثقب عينيك بكعبي هذين …
نادر(أمسك الحقيبة وجذبها من ذراعها بقوة خلفه):- لو سمحت ضع الحساب على اسمي
العامل:- تمام سيد نادر ..
ناريانا:- الرجل الجذااااااااااااب الوسيم يدفع حساب مشاريب الفتاة الجميلة ، عنوان جميل أليس كذلك لكنه لا يليق بنا يا نادر الوجووووود …
نادر:- سأتجاوز كلماتك البائسة مثلكِ لأنني في غنى عنها .. تحركي …
كانت تسير جواره بقدمين حافيتين وهي تتألم من قبضة يده على ذراعها ، كلما حاولت التملص شد عليها بقوة لم يفلتها حتى دلفا للمصعد ودفعها للركن بعصبية وضغط على زر طابقها اللعين …
ناريانا:- لما تعاملني بهذه الطريقة ، أتراني ساقطة أمامك حتى تدفعني وتنظر لي بهذا الشكل المقزز والمتعالي ؟
نادر(وضع يده على جبينه):- لأنني غاضب …
ناريانا:- والسبب ؟؟؟؟
تذكر ما حدث قبل دقائق حين نزل لكي يطلب سيارة خاصة لأجل وائل كي تكون في خدمته يوم غد ، إلى أن سمع عاملين وهما يتكلمان عن امرأة سكرانة تجلس في المطعم وتتصرف بعهر قبيح جعلهما يفكران في قضاء ليلة معها مستغلين ذلك الوضع ، وهذا ما جعله يشعر أنهما يتكلمان عنها لا يدري لما راوده هذا الإحساس وما أكده له هو ذكر أحدهما لشعرها الذهبي وهنا أغلق عينيه بعصبية وتوجه صوبهما أسمعهما جميل الكلام وأمرهما أن ينتبها للسانهما وإلا سيتسبب بطردهما ، طبعا اعتذرا منه لما عرفا أنها تخصه وعلى ذلك انطلق إليها ليجمعها من تلك المهزلة التي كانت فيها …
نادر:-لا تسألي أسئلة تعلمين جوابها ، هل لكِ أن تخبريني ما الذي تفعله فتاة من بعد مغادرة الجميع في المطعم وحدها ، وماذاااا تجلس لتسكر وتعدل المزاج وهي تتصرف ب بطريقة تهين كرامتها وسمعتها بالدرجة الأولى …
ناريانا(دمعت عيناها):- يعني أنت أيضا تراني سافلة صح ؟؟؟ قلها يا نادر قلها ؟…
نادر:- أنا لا أعرفكِ ولا يهمني أمركِ ، لذلك دعيني أوصلكِ لغرفتكِ وسلام سلام
ناريانا(اهتزت بجرح من جملته اللاذعة وشعرت بالبرودة تلفها):- لما تتصرف معي على هذا النحو ، لما كرهتني من الوهلة الأولى ماذا فعلت لك ؟
نادر(عرف أنها ما زالت تحت تأثير المشروب وإلا ما كانت تسأل هذا السؤال):- لا أعلم
ناريانا(رأت المصعد قد فتح وسحبت منه حقيبتها وخرجت):- أنا أعلم أنك لا تراني فتاة جيدة ، فهمت فهمت ..
نادر(نظر لكعبها الذي نسيته وراءها وأمسكه وهو يلحق بها):- لا تهذي ..
ناريانا(بعصبية تحركت صوب غرفتها التي كانت عند المنعطف وحين وصلت إليها أخذت تفتش عن المفتاح الإلكتروني):- لقد وضعته هنا أين ذهب أين ذهببببببببب ؟؟
نادر(أعطها كعبها وأمسك الحقيبة):- هاتي
ناريانا(حاولت أخذها بعصبية):- لا تتدخل فيني ألم تقل أنك لا تعرفني ..
نادر(ترفَّع عن مجادلتها وأخرج مفتاحها ووضعه بمحله ففتحت الباب):- أدخلي
ناريانا(أمسكت الحقيبة والمفتاح منه ودخلت وصفقت الباب بوجهه دون حرف):- هممم
نادر(وضع يده على جنبه ونظر للباب طويلا وأردف بعصبية):- كنت قاسيا يا نادر لكنها تستحق لكي لا تعيدها …
ناريانا:- الغبي الحقير يعاملني كأنني حشرة ، اهئ أحمق إنه يجعل الدموع تخرج من عيني
حركت رأسها وهي تغالب دمعها ودلفت لحمامها مباشرة جلست تحت الماء لتستفيق على نفسها من بعد ذلك الموقف المحرج معه ، كم كرهت حالتها يعني هي تعرف نفسها حين تمثل تكون قذرة وبلهاء التفكير والحديث ، وهذا ما كرهت بأن يراه عليها نادر ، وكأنها تهتم لرأيه طيب ليموت ما شأنه فيها أصلا ليتدخل هاااااا …. قالتها وهي ترفع رأسها للماء كي تتيقظ وتطرد حالة الثمالة التي كانت عليها واعدة نفسها أنها لن تعيدها إطلاقا مرة أخرى … طيب على الأقل هي شربت شيئا ساعدها على الثمالة الدور والباقي على التي لم تشرب قطرة وتحس بأنها ثملة وهي تحضن صورته في حضنها وتقبلها بجميل القبل ..
جوزيت:- مياري حبيبي أنااااا … ههه أحبك أحبك أحبك … هيا جوزيت قد جننتِ لتكلمي صورة لعينة صاحبها ينام بالغرفة المجاورة تاركا إياكِ وحيدة في هذا الجناح المخيف …
لم تتمم جملتها حتى ضرب الرعد في السماء ضربة مدوية جعلتها تسقط الصورة فزعا ، انهمرت من بعدها أمطار غزيرة رافقت صوت الرعد المدوي والذي جعلها تلتصق في الفراش رعبا، أخذت ترتجف وترتجف ولم تستطع التحمل فلطالما كانت خوافة من الرعد ولطالما كان يحميها منه في صغرها ، وكانت ناريانا أيضا تحتضنها كلما سمعته وهنا لا هو ولا هي متوفرين لالا هو موجود إذن لنعلن جرس الإغاثة …
جوزيت(ببكاء ورعب انكمشت حول نفسها بالفراش):- ميااااااااااااااااااااااا اار … اهئ يا ميااااااااااااااار أين أنت اهئئئئ ميار أنا أخاف من الرعد يا ميااااااااااااااار … ميااااار
ميار(دخل برعب عليها ووجدها متقوقعة في فراشها):- جوزيت جوزيت ما بالكِ ماذا حدث ؟
جوزيت:- اهئ أيها الأحمق كيف تنسى أنني أخاف من الرعد كيف كيف لم تأتي إلي … اهئ لو كانت ميرنا خاصتك لكنت أتيتها هرعا لكن أنا لأموت حتى لن تهتم …آه اهئ …
ميار(أشفق عليها وعلى حالتها ووجهها المحمر من البكاء ، تمسكها بالغطاء جعله يرأف على حالها وجلس قربها):- طيب أنا هنا لا تخافي ..
جوزيت(ضربت على السرير وهي ترتجف):- لقد خفت ..
ميار(انتبه لانقطاع الكهرباء):- لا تخا..
جوزيت(لم تحس على نفسها إلا وقد قفزت لحضنه):- ميااااااااار … انقطعت الكهرباء هل هل بفعل الرعد أم أنهم سيقتلوننا .. مسدسي أين مسدسي أنا خائفة ؟؟؟
ميار(انتبه لتوه لخوفها الهستيري وشعر أنها تعاني من خطب إزاء هذه الأمور ،إنها تعيش في توتر لكن لماذا):- جوزي … أنتِ معي الآن
جوزيت(وهي ترتجف تمسكت بحضنه وبرقبته وما زالت تبكي):- ربما هم يدخلون للقصر ربما يصعدون من الدرج ، أحضر مسدسك لا أريد أن أموت هكذاااا …
ميار(حرك رأسه وأبعدها ممسكا بوجهها بين يديه):- أنظري إلي …
جوزيت:- إنه الظلام كيف سأنظر … ؟
ميار(أعادها لحضنه وهو يمسح على شعرها):- تمام أشعري بي فقط ، أنا بقربكِ ولن يمسكِ سوء .. سأشعل الشمعدان الموجود بالرواق وأعود إليكِ
جوزيت(تمسكت به برفض):- لالالا مستحيل أن أتركك لحظة ، أرجوك يا ميار …
ميار(فتش عن هاتفها فوق المنضدة وأشعل مصباحه):- خذي هاتفكِ أمسكي به جيدا ، لحظة وأعود انتظريني يا جوزيت ..
جوزيت(عضت شفتيها حين أبعدها عنه ونظرت حولها برعب وصوت الرعد يشتد):- أسرع أسررررررررع لو سمحت …
زفر بتعب وهو يستمع إلى تذمرها ورعبها الغير منطقي ، لكنه لم يستطع أن يفرط بها سرعان ما أشعل الشمعدان وأحضره وجعلها تحت ضوئه ترتدي رداء فستانها فوقه ونهضت رفقته ..
جوزيت:- إلى أين نذهب ؟
ميار:- علي أن أكلم الرجال ليتفقدوا المولد الاحتياطي ، وأنتِ ستأتين معي
جوزيت(أمسكت بذراعه لا بل التصقت كاملة فيه):- تمام ..
ميار(نظر إلى تشبثها الغريب وضحك على منظرها):- فتاة شحطة طول بعرض مثلكِ وتخاف من الرعد ، والله إنكِ لنكتة
جوزيت:- لن أجيبكِ قل ما شئت فيني ، فقط لينتهي هذا الرعد ووقتها نتحاسب
ميار(خرج معها في الرواق وقبل أن يخطوا خطوة لمح شبحا قادما من هناك ، ولحظتها بدون تفكير دفعها خلفه وتقدم وهو يتفقد مسدسه بجيبه والذي أحضره لما أحضر الشمعدان فالأخت بارعة في وضع الوساوس بعقله):- من هنااااااااااااك ؟؟؟؟
الحارس:- إنه أنا سيدي لقد انطفأت الكهرباء وجئت لأتفقدك ..
ميار:- أرسل أحدا ليشغل المولد الاحتياطي هيا تحرك …
الحارس:- أخشى أن هنالك مشكلة في التوصيلات ستمتد لبعض الوقت ، لكننا نعمل على الموضوع دقائق وتعود
ميار:- تمام انصرف .. هاه ارتحتِ الآن لا توجد مشكلة ..
كانت مذهولة وهي متمسكة بظهره وهي تتأمل في حركته التي قام بها ، لم يفكر إلا بحمايتها لذلك دفعها خلف ظهره ليداري عنها أي خطر ، يعني هو يخشى عليها ويملك مشاعر تجاهها وهذا واضح من خلال خوفه عليها لذلك ربما هي في طريقها لاستعادة قلبه ..
ميار:- جوزيت .. أنا أكلمكِ ؟
جوزيت(لم تبدي أي ردة فعل بل أومأت بصمت):- همم
ميار(أمسك بيدها وجذبها خلفه):- تعالي معي ..
جوزيت(سآتي سآتي بكل حواسي وجوارحي سآتي يا حبيبي معك لآخر الدنيا):- حاضر …
دخل بها لغرفته ووضع الشمعدان على جنب المنضدة ، أبعد طاولة الحاسوب للخلف وهو يلعن الحظ الذي جعل الكهرباء تنطفئ ، المهم ساعدها على النوم على سريره بينما أمسك هاتفه واتصل برجاله في المشفى وأخبرهم أن يراقبوا عن كثب أي حركة تحدث هناك ، حمَّلهم مسؤولية حماية حكيم بأرواحهم التي ستزهق لو تعرض لمكروه … وهنا نظر للسماء الماطرة وللرعد المدوي والذي لم يتوقف ولا لحظة وهذا ما كان يجعلها ترتجف تحت الغطاء وتنتفض مع كل صعقة ..
ميار(جلس بقربها):- سيحل الرجال أمر المولد كفى خوفا ..
جوزيت:- ميار .. رجاء أقفل الباب بالمفتاح لو سمحت ..
ميار:- لماذا ؟
جوزيت(أطلت برأسها كالفأرة):- هكذا .. أرجوك
ميار(تنفس بعمق ونهض مستجيبا لأمرها وأقفل الباب بالمفتاح وعاد لمحله):- هكذا أأمن ؟
جوزيت(نظرت إليه وضوء الشموع يضاعف جنونها به):- لو كانت ناريانا موجودة فقط معي الآن ، يا ريت لو كانت هنا اهئ …
ميار:- توقفي عن البكاء وأخبريني لماذاااا تريدينها ؟
جوزيت:- هي تعرف أنني أخاف من الرعد ، و و ما إن تسمعه حتى تأتي ركضا إلي وتعانقني في حضنها حتى أنام دون خوف ..
ميار(رفع حاجبه من طلبها الغير مباشر وأزال خفيه ورفع الغطاء):- طيب ابتعدي لأرى ..
جوزيت(باندهاش):- ماذا ستفعل ؟
ميار(اضطجع بقربها وبسط ذراعيه):- ما تفعله الست ناريانا .. تعالي ..
جوزيت(نظرت لحضنه الذي يناديها ونظرت لعينيه الصادقتين ، نزلت دمعتين من مقلتيها تأثرا بحركته تلك ولم يعطها مجالا أكثر فقد وضع يده على كتفها ودفعها لحضنه):- هيا نامي
جوزيت(كانت تضحك ببلاهة وهي غير مصدقة أنها في حضنه):- ههه
ميار(سمع ضحكتها ولم يدقق فهو يعرف أنها خرقاء ومجنونة رسمي):- نامي يا جوزيت
جوزيت(انتفضت وهي تضع يدها على صدره ممسكة بقميصه):- سأناااام هئ الرعد
ميار(فرك ذراعها بحنان لكي تستمد قوتها منه ولا تخاف وهمس بخفوت):- ميار هنا
جوزيت:- بطلي
ميار:- هه أجل بطلكِ ..
جوزيت(امتصت شفتيها وهي تضحك):- لن أخاف وأنت معي ..
ميار :=- أصلا لو شعرتِ بالخوف لتركتكِ وذهبت ..
جوزيت(تمسكت به بقوة):- لا تفعل أرجوك … سأصمت لو أردت فقط ابق معي هكذاااا
ميار(سحب نفسا عميقا وهو يمسح على ذراعها وحضنها بقوته):- هيا أغمضي عينيكِ
جوزيت:- هل لي أن أفعل شيئا قبل ذلك ؟
ميار(نظر لوجهها الذي كان يشرق على ضوء الشموع):- ما هو ؟
جوزيت(وضعت خصلة خلف أذنها ورفعت رأسها لخده وقبَّلته بحرارة):- قبلة ما قبل النوم
ميار(استشعر دغدغة في روحه من تلك القبلة واسترسل):- هل كانت ناريانا تفعل ذلك أيضا
جوزيت:- ههه أجل ..
ميار:- أخشى أن الأخت ناريانا كانت تقوم بأشياء أخرى تجعلني أفكر بطريقة غير سوية
جوزيت(ضربته لذراعه بتذمر):- لا تتكلم عن صديقتي بسوء
ميار(دفعها لحضنه):- طيب نامي أراكِ صحصحتي من بعد القبلة …
جوزيت:-تت أنت تسرق الفرحة من فمي .. أحمق
ميار(اشتم رائحة شعرها وعقد حاجبيه بابتسامة):- جوزيت .. هل تذكرين حين كنا صغارا كنتِ تسرقين شامبو الأطفال خاصة إياد وتغسلين به شعركِ
جوزيت:- كانت تعجبني رائحته ، وفي مرة أحضرت لي قنينة حتى حين فرغت احتفظت بها
ميار:- حتى أنكِ وضعتِ بها مدخراتكِ وكنتِ تقولين أنها أفضل مكان لحراستها
جوزيت:- لأنني كنت أثق بك وأعلم أنك ستحميني من أي شر .. كنت بطلي وما زلت
ميار(تضخم صدره بالمشاعر وهز رأسه لطردها):- جوزيت …
جوزيت(انزاح الغطاء عنها وبرزت كتفها بشكل مغر):- تمام سأصمت
نظر لجسمها الذي كان كتلة متفجرة تحت ضوء الشموع ، لأول مرة يستشعر هذا الشعور بالرغبة معها ، أو كأنه يراها للتو ، إحساسه وهو يتأملها رغما عنه جعله يستدرك أن هذا الإحساس لم يشعر به رفقة ميرنا بل على العكس معها كان ينظر للحب العذري الطاهر ، أما مع جوزيت فهنالك شيء يجعله يتوق للمسة تلك الكتف أو لنقل يتعطش لأن يمرر إصبعه عليها دون أن يجعلها تفكر بأنه سيحاول نيلها .. طبعا مستحيل فهي تتنشق حركة واحدة منه تغنيها عن سنين الحرمان التي عاشتها ، كانت مغمضة عينيها شعرها في أنفه وهي بحضنه تارة بعد تارة تتمسك بقميصه وتلامس بأصابعها صدره دون إدراك ، فصوت الرعد كان يجعلها تتقوقع في حضنه وهي تدفع نفسها إليها خوفا ، وذلك الخوف والاحتياج ولدا رغبة بداخله جعلته ينظر إليها بشكل مختلف … لكن سرعان ما أغمض عينيه ليتركها فجأة ..
جوزيت:- ماذا ؟
ميار(ابتلع ريقه وهو ينظر إليها ما تزال متمسكة به):- ابقي على السرير سأطل من الشرفة قليلا لأتفقد الجو … لا تخافي
جوزيت(جمعت يديها بعد أن حررته وانطوت حول نفسها على سريره):- طيب ..
ميار(مسح على شعره ورمقها بطرف عين قبل أن يتوجه للشرفة):- ما هذا الذي حصل الآن ، تت ميار أنت تهذي وفقط الجو هو الذي جعلك تفكر بتلك الطريقة .. يكفي
استقبل الرياح المقبلة بالأمطار الهادرة ونظر للجو المكفهر وهو يأمل أن تعود الكهرباء ، وأن تنتهي تلك العاصفة لكي تعود لغرفتها وتنام وتريحه من ذلك الجنون ، لكن يظهر أن تلك الحالة ستطول الليلة كاملا … شعرت بالبرد جراء فتح الشرفة وطلبت منه إغلاقها ولم يكن لديه فرصة سوى تلبية الطلب ..
جوزيت(قفزت بقدميها في الفراش):- مياااارو أريد الذهاب للحمام ؟
ميار(أغمض عينيه):- اذهبي للحمام يا جوزيت إنه على بعد أمتار منكِ ، يعني بذات الغرفة فلا تنهبلي لو سمحتِ ..
جوزيت(مطت شفتيها دلالا):- أنر لي الطريق
ميار(حول عينيه وتقدم صوبها وأمسك الشمعدان وتوجه للحمام):- طيب خذي هاتفكِ معكِ
جوزيت(أمسكت الهاتف وخرجت من السرير):- هههه ماشي
ما إن خرجت حتى انفتح رباط فستانها وتدلى من كتفيها حتى برزت كتفاها وشق صدرها الصادح بالأنوثة ، مرت كريح عطرة بجانبه واختفت في الحمام وهنا عقد حاجبيه وهو يراجع قدميها الماسيتين اللتين استقرتا في خفين قطنيين ودلفت بهما للحمام ، يعني قتل عمد … مسح على جبينه وهو يطرد تلك الأفكار الغريبة التي غزت عقله فهذا ما لم يتوقع حدوثه على الإطلاق ، حتى مع ميرنا لم يشعر به لكن مع جوزيت هنالك ما يستغربه حيال هذا الأمر ..مضت عدة دقائق وخرجت وهي تبتسم حين كان ما يزال ينتظرها عند الباب بشمعدانه
جوزيت:- رجل الشمعدان هههه
ميار(انتبه لشعرها البني الداكن الذي زاد من بروز بياض جسمها وأعطاها لمحة مختلفة):- يليق بكِ هذا اللون
جوزيت(فتحت فاهها بصدمة منه):- هااااه ؟؟؟؟
ميار(لامس خصلة ثائرة وتنحنح بتفكر):- أ.. لون الشعر .. هيا عودي للنوم
جوزيت(لامست نفس الخصلة التي تركها ونظرت إليه بذهول):- ميااااار
ميار(أغلق عينيه ضعفا من ندائها المستجدي ذاك):- إلى الفرااااش
جوزيت(دفعت بطنها للأمام باستسلام وصعدت السرير من مؤخرته وهي تتسحب وسطه وصولا للمقدمة):- ها نحن ذااااااااا
ميار(أيعقل أنها حتى في تذمرها تبدو شهية):- تتتت تأخرت الإضاءة ..
جوزيت(رفعت الغطاء لنفسها وهي تراقبه حين وضع الشمعدان على المنضدة):- أجل
ميار:- يبدو أنها ستكون ليلة صعبة ، لذلك بما أننا لم ننم ليلة أمس جراء المصائب التي حدثت لنأخذ قسطا من الراحة الآن
جوزيت:=- لما تبرر لي يا ميار ، يمكنك النوم بجانبي وفقط أنا لم أطلب شيئا سوى أن تبقى بقربي ريثما ينتهي الرعد هذا فقط ..
ميار(دخل بجانبها وولى ظهره لها):- أوك فهمت يلا نامي وكفى ثرثرة
جوزيت(أطلت على رأسه من محلها ووضعت يدها على ظهره):- ألن تستدير ؟
ميار(أغمض عينيه بقوة مقاوما جنون لمساتها الآن):- توقفي جوزي توقفي أريد النوم
جوزيت(انتفضت من صرخته وكمشت يدها في حضنها وابتعدت لمكانها):- آسفة
عرف أنه أحزنها لكنها لا تعلم ما الذي تفعله به ، وهو يخشى أن يستسلم لها وتسقط مقاومته أرضا ، يعني لا يدري ما الذي أصابه فجأة استشعر رغبته فيها أتراه من الفستان أم من طفولتها التي تغريه أكثر بشكل جنوني ، أم من الجو الرومانسي الذي خلقته تلك الحالة المكفهرة ، فتح عينيه وهو يستشعر اهتزازا طفيفا خلفه وأيقن أنها تبكي ، طيب برافو عليك يا ميار برافوووووو …
ميار(استدار إليها وهو يزفر):- يعني لن تدعينا ننام الليلة صحيح ؟
جوزيت(أخفت وجهها تحت الغطاء):- أنا نائمة
ميار(سحب الغطاء وارتفع قليلا وجعلها تنظر إليه):- لما تبكين الآن ؟
جوزيت:- لقد اعتقدت بأنك أخي يوما ما ، وهذا ما جعلني أهرب من مشاعري وأنا أحمل طعنة في قلبي ، لذلك كان هذا أهم سبب جعلني أرحل عنكم وأوافق على تلك الكذبة .. كل يوم كنت أعاقب نفسي وأبكي ساعة ساعتين إلى يومنا هذا .. كنت أتوق إلى أن تعانقني وتحضنني وتسامحني وتهدهدني بدون عتاب أو لوم ، فلطالما كنت تغفر لي زلاتي لكن أصبحت لئيما جدا معي وأنا لا أعاتبك لأنه من حقك فأي شخص محلك كان نبذني من حياته بالمجمل .. يعين لا أريد أن أكسب عطفك لكن لا تجرحني يا ميار أعلم أن خطيئتي لا تغتفر ، لكن مثلما أنت أجبِرتَ على التخلي عن أخيك لحمايته أجبرتُ أنا على التخلي عنك لكي لا أورطك في حبي أكثر … وحين عرفت بحقيقة والديَّ كان أول شيء تبادر إلى ذهني هو أنت كم فرحت لأنك يجوز أن تكون حلالا علي وليس عشقا محرما …
ميار(رمش بعينيه وهو يصغي لها):- أنا لا أعاقبكِ جوزيت ، لكن قلبي هو الذي يأبى مسامحتكِ لأنه هو الذي تعذب من بعد فراقك .. لذلك دعي الأمر للأيام وها نحن ذا من كان يحسب أن أستقبلكِ بفراشي يا ثعلبتي الجبانة
جوزيت(برقت عيناها بحب):- ثعلبة جبانة في حضرة الفهد الذكي
ميار(ابتسم وهو يمرر إصبعه على دمعتها المستقرة على وجنتها):- لا تبكي مجددا ، دعي لياليكِ المقبلة تكون أملا جميلا في الحياة يا جوزتي الغالية همم
جوزيت(بدون سابق إنذار عانقته ورفعت رأسها إليه):- أحبك
تململ من حركتها وقبل أن ينطق قبَّلته وهي مغمضة عينيها تلتهم شفتيه اللتين كانتا طائعتين لحركتها ، تلقائيا رفع يده لظهرها ودفعها إليه أكثر وتجاوب مع قبلتها بدون تفكير ، كأن شيئا ما يدفعهما تجاه بعضهما البعض وهذا ما جعله يزيل رداءها ويسقطه خلفها ليمسكها أكثر في حضنه وهو يتذوق شهد شفتيها ويلامس خصلات شعرها المنسدلة حولهما إلى أن أنارت الدنيا فجأة وتوقفاااااا …
جوزيت(ابتعدت بخجل ووجنتيها المحمرتين بدتا أكثر رقة):- .. احم عادت الكهرباء
ميار(امتص شفتيه وهو يلعن نفسه مئة لعنة كيف سمح لمشاعره بالانجراف كيف):- جيد
جوزيت(عادت لتقبله لكن حين وجدته قد ارتعش متجهزا للنهوض وضعت خصلة خلف أذنها ومررت عينيها للحاسوب الذي اشتغل بصورة غرفة حكيم):- هئئئئئ ميااااااااااار ما الذي تفعله تلك الممرضة هنااااااك ؟؟؟؟؟
ميار(انتبه وانتفض سريعا وهو يفتح الحاسوب ليتفقد):- جوزيت …. ما الذي تحمله في يدهاااااااا ؟؟؟
جوزيت(شهقت وهي تنهض وتبحث عن الهواتف):- حقنة حقنة يا ميار حقنةةةةةةةةةة …
ميار(بسرعة أخذ هاتفه الذي كان تحت الوسادة لا يدري أساسا كيف وصل هناك واتصل):- من فوركم ادخلوا لغرفة حكيم هناك ممرضة غريبة تتجهز لحقن وريده المغذي ، بسرررررررررررررعة
رجله(كان يركض):- نحن في الممر أصلا يا سيدي نحن في الطريق …
ميار(جذب الحاسوب إليه وجلس بفشل على السرير وهو يضم قبضتيه يديه لفمه):- لن يحصل شيء صحيح يا جوزيت ؟؟؟؟
جوزيت(ببكاء عضت شفتيها وجلست قربه وهي تتفرج بلوعة):- يا رب احرسه يا رب احرسه يا رب احرسسسسسسسه ….
لمحوا الرجال قد دخلوا عليها الغرفة وأمسكوا بها متلبسة ، أخذوا منها الحقنة وكبلوها وهي تصرخ فيهم بأن يحرروها وبأنها لم تقدم على شيء ….
بعد لحظات معدودة كانت تقف كالطفلة أمامه تضم يديها وتشبكهما في توتر مبالغ فيه ، فهي الآن تتعرض للتأنيب في حين كان هو يمر عليها في خط قصير جيئة وذهابا ، يضع يديه خلف ظهره وهو يفكر في أي عقاب تستحقه جراء المشكلة التي تسببت لهم فيها
ميار:- ممنوع عليكِ تفرج المسلسلات أنتِ مصيبة ، لو تابعتها مجددا سوف تجعلينني سفاحا في النهاية بأفكاركِ النيرة ، قال ما قال ممرضة تعمل جاسوسة لدى العدو
جوزيت:- اعتقدت أنها ستقتله كيف لي أن أعرف أن المسكينة ستحقنه بدوائه الليلي
ميار:- أصبحت مسكينة الآن ، قبل قليل كانت مجرمة يا فهيمة جعلتنا نعتذر منها ومن طاقم الأطبة كله بهذه الفعلة
جوزيت:- انه أخونا وعلينا حمايته ، تخيل لو كان سُما وليس دواء ، كان مات
ميار:- اخرسي اخرسي ولا تكثري كلاما هيا ، انصرفي إلى غرفتكِ لقد انتهت حجة بقائك
جوزيت(لما يا ربي أوقفت الرعد كان ليستمر ساعة أخرى كنت أنجبت بعدها هههن):- ههه
ميار:- لما تضحكين بسلامتك يا آنسة ؟؟؟؟؟؟
جوزيت(ارتدت خفيها القطنيين وعقدت رباط فستانها):- ولا شيء تصبح على خير
ميار(أمسكها من ذراعها قبل أن تذهب وجذبها إليه بقبلة لا سابق لها ولا لاحق):- وأنتِ من أهله …
جوزيت(رفعت حاجبها مذهولة من قبلته وتحركت كي لا تكسر جمال لحظتها معه):- لقد قبلني قبلني قبلني قبلنييييييييييييييييييييي يييييي
خرجت للرواق وهي ترقص وتقفز وركضت لغرفتها وارتمت على سريرها ، وأخذت تقفز عليه بحرارة وفرحة وهي تلامس شفتيها وتعضها بعدم تصديق ، ابتسامة بريئة زينت ثغرها سعادة بذلك أما هو فعض شفته وهو يسأل نفسه ما الذي فعله للتو … أرجح أن بقاءه معه يومين آخرين سيأتي بدزينة أطفال هذا مما لا شك فيه …….. على خيرة الله ^^ ، رمى بنفسه على السرير وهو يستذكر وجودها المربك طيب لما لم يستشعر هذا الارتباك مع ميرنا ، لما مع جوزيت يشعر بذلك الجموح والجنون وعدم الاتزان ، إنها تجعله يتصرف بشكل متناقض ينم عن تضارب في المشاعر بداخله وهذا ما يزيد من غرابة الموقف ، خصوصا بعد قبلته الأخيرة زاد الطين بلة وخربق الموازين ، أكيد ستحلم وتسبح وسط غيمة شاسعة بعدها وستبني قصوراااا لهما ولأولادهما في أحلامها .. لعن حظه وقتها وهو يسب ويشتم وينظر لحكيم فهذا الذي سيطرده من حيرته التي سببها الرعد وانقطاع الكهربااااااااااااء … يا وله يا لعِّيب صدقناك يا خويا هههه

في صباح اليوم التالي
استيقظت بنشاط فقد حظيت بقبلة ولا في الأحلام ، ارتدت ثيابا مريحة وتوجهت لغرفته كي تطرق الباب وتوقظه لكن حين فتحتها وجدته غير موجود والحاسوب مختف ، أرجحت أنه بالأسفل لذلك نزلت ووجدته فعلا بالحديقة يتناول فطوره ويتفرج على مجموعة فهوده ومن بينهم صولي الذي كان يلعب مع الحارس أمامه ، سحبت الكرسي بأدب وجلست وهي تبتسم وطبعا طالع ابتسامتها من خلف نظاراته الشمسية وأتمم شرب قهوته ببرودة تامة ..
جوزيت:- صباح الخير
ميار:- صباح الخير ..
جوزيت(رفعت حاجبها بعد سماع جملته التي نطق بها بصعوبة):- أكيد نهض متقلب المزاج ، طبعه ولن يتغير …/ هه ماذا سنفعل اليوم ؟
ميار:- ماذا سأفعل اليوم ، اممم لا شيء يذكر أنتِ ستبقين بالعرين بينما سأنهي أنا بعض أعمالي وإياكِ وأن يخيل لكِ بالكِ أنكِ قادرة على الخروج من ذلك الباب
جوزيت(امتصت شفتيها):- أردت الذهاب للمستشفى فقط
ميار:- بالمساء نذهب سوية
جوزيت:=- أردت رؤية إياد
ميار:- في المساء ترينه
جوزيت:- أردت …
ميار(وضع فنجان قهوته ونهض):- سأغادر الآن ..
جوزيت(لم تفهم من تصرفاته شيئا وطبعا ما إن طرأت الفكرة على بالها حتى نطقت بها):- هل ندمت لأنك قبلتني ليلة أمس ؟
ميار(توقف عند صولي ولاعبه قليلا وارتفع بخيلاء وهو يلوح لها باستفزاز):- وهل قبلتكِ أصلا يوم أمس ؟؟؟؟؟؟؟
، انتفضت بهزل وهي تستمع له بعدم تصديق ، وأخذت تتابعه وهو يكلم أحد رجاله وينبهه لكي يحرسها جيدا ولم يبق حتى ثانيتين إلا وبعدها استقل سيارته وخرج بعد أن لحقته سيارة رجاله الخاصة …
جوزيت:- ماذا يعني بأنه لم يقبلني ليلة أمس ، أكان شبحه يا ترى ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
بقيت هكذا سؤال يأخذ سؤال يجيب وزفرت بتعب وهي تجذب هاتفها ، فناريانا هي الوحيدة التي ستسمع شكواها الآن وتفهما ، اتصلت بها ووجدتها ما تزال نائمة تعاني من صداع جراء الثمالة التي فضحت بها الكون ليلة أمس …
ناريانا:- اممم جوزي
جوزيت:- ها يا بطة كيف حالكِ ؟
ناريانا:- أعاني من صداع رهيب يا جوزي ، يوم أمس شربت كأسا أو كأسين وخربت الدنيا
جوزيت:- هه كأسا أو كأسين قولي قنينة قنينتين يخرب هبلك
ناريانا:- افف سأطلب مسكنا الآن ، عموما أخبريني كيف الحال عندكِ ؟
جوزيت:- غريب مريب عجيب ، لا شيء يذكر
ناريانا:- بعد هذه الافتتاحية ولا شيء يذكر ، طيب هل تحرك مكعب الثلج خاصتكِ ؟
جوزيت:- يعني لنقل أنه قبلني قبلة خاطفة ، ماذا يعني هذا ؟
ناريانا:- هه يعني أنه بدأ يحبكِ وهو يفكر بقضاء ليلة معكِ يا عمري … هئئئئئ هل قبَّلكِ حقااااااااا يا جوزيت واوووو تقدم ملحوظ
جوزيت:- لكن حين استيقظ تحول مجددا لمكعب الثلج ، وأخذ يعاملني بتعفف ومن رأس أنفه وكأنه نادم على ما فعله
ناريانا:- طيب هذا شيء جميييييل بالعكس عليكِ أن تفرحي
جوزيت:- أفرح لأنه ينكر قبلته لي ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ناريانا:- أجل أجل بالتحديد ، اسأليني لماذا لأنه يعاني الآن من تأنيب ضمير ومن تشوش في أفكاره فيما بينكِ وبين ميرنا .. وقبلته لكِ جاءت بشكل تناقضي مع قناعته الباطنية يعني أن مشاعره بدأت تتحرك وهذا إنجاز يشاد به …
جوزيت(بتفكير):- يا عيني ههه يعني تقصدين أنه قريبا سيصبح لي ؟؟؟
ناريانا:- أنتِ وشطارتكِ يا لوز مقشر … ههه عموما أختكِ ستدخل للحمام لكي أزيل عني هذه الحالة نتكلم لاحقا
جوزيت:- تمام حبي نتحدث ، ها لحظة لحظة كيف حال ميرنا ووائل هناك ؟
ناريانا:- إنهما ينامان بنفس الغرفة ههه لكن لا تفرحي بسريرين منفصلين ، شخصية وائل أنيقة التفكير ويحسب حسابا لكل خطوة
جوزيت:- اممم مثير للاهتمام
طبعا سيكون مثيرا للاهتمام إذا ما كانت تملك رجلا بمثل شخصيته ، كانت ترتدي فستانها وهي تنظر للمرآة الطويلة بالغرفة وتتفحص حزامه الخلفي ، كان في اللون الأبيض وبه مثلثات سوداء صغيرة الحجم وممتدة على الفستان كاملا ، ارتدت معه كعبا مناسبا ورفعت شعرها في ذيل حصان مع زينة صباحية مناسبة ، تعطرت وأخذت تنظر لنفسها وهي تنتظر عودته من جلسة الطبيب ذلك الصباح ، قامت بتحضير حقيبتها وأمسكت الهاتف لكي تطمئن أول شيء عن حكيم ، أخبرتها نور أنه على حاله ولم يحدث أي تغيير لذلك أملت أنها حين تتصل مساء وتكلمه قد يؤدي ذلك لنتيجة … طمأنتها على أحوال خالتها مديحة والكل وارتاحت قليلا من التفكير بأزمتهم تلك ، انتبهت لرنين هاتفها وكان ذلك الرقم الذي خشيت أن تكلمه أو تسمع عنه أي خبر لكن ها هو ذا يتصل فبما ستجيبه ؟
ميار:- لم تقولي صباح الخير ، قلنا لنبدأها نحن
ميرنا:- كيف حالك ؟
ميار(زفر عميقا):- أعاني
ميرنا:- مماذا ؟
ميار:- لا أدري .. هناك أشياء تحدث تجعلني حائرا بعض الشيء
ميرنا(لاعبت خصلتها وهي تدور أمام المرأة):- أشياء مثل ماذا ؟
ميار:- مثل الاشتياق لكِ ، ومثل بقاء جوزيت معي طوال الوقت … يعني الوضع مربك
ميرنا:- يعني .. هل أزعجَتك بشيء ؟
ميار:- هي مشاكسة ومتذمرة ومتطلبة أكثر من اللازم ، امرأة بقلب طفلة
ميرنا:- صوتك يرتعش ، إذن ؟؟
ميار:- اتصلت بكِ ، ولا أدري لما اتصلت فجأة وجدتني أصف عند الطريق حيث توقفنا تلك المرة يوم داهمونا ، لهذا رغبت بسماع صوتك
ميرنا(عقدت حاجبيها وابتسمت):- مبروك عودة أخيك لك .. أخبرني إياد بالأحداث
ميار:- آه ، كنت سعيدا جدا حقا وددت أيضا لو كنتِ هنا لحظتها
ميرنا:- الأيام القادمة أكثر ..
ميار(زفر عميقا):- كيف هو وائل معكِ ؟
ميرنا(فهمت سؤاله المباغت):- جيد ، سيأخذني بعد قليل لنتناول الفطور خارج الفندق
ميار(برقت عيناه):- امم جميل .. إذن استمتعي
ميرنا:- وأنت ..ألو ألووو
فصل الخط فجأة وتركها ما تزال تتكلم ، ههه أكيد ضغطت على وتره الحساس بجملتها المقصودة ولكن لما انزعج هكذااااا ، طبيعي يا ميرنا أن ينزعج فهذا شيء يشبه ذر الرماد على العيون يا روحي .. قبل أن تقحم نفسها في تساؤلات وشكليات لا داعي لها وجدت باب الغرفة يفتح فدخل منها وائل بحذائه الطبي الأسود الممتد حتى الساق
وائل:- صباح الحلوييين
ميرنا(ابتهجت وركضت إليه تعانقه):- صباحك ورد ..
وائل(عانقها بحرارة):- هل أنتِ جاهزة ، سأبدل ثيابي ونخرج فورا
ميرنا:- أنا جاهزة ألا تراني ؟
وائل(بإعجاب):- بلى رأيت الشمس وقد نزلت لتشرق في غرفتي ههه
ميرنا:- ههه يا سلام ، جهزت لك ما ترتدي بالحمام هل أساعدك ؟
وائل(كمش عينيه بدعابة ودخل):- انتظريني فقط …
ميرنا(وضعت يديها على قلبها):- وماذا عساي أفعل غير انتظارك ….
مرت بضع دقائق وكانا يخرجان من الفندق واتخذا تلك السيارة بسائقها الذي اتجه بهما صوب مرفأ البواخر ، ما إن وصلوا إليه فهمت أنهما سيتخذان واحدا لأجلهما وتذكرت تلقائيا يوم خطفها حكيم أول مرة التقت به في روما … نظرت لوائل الذي كان ممسكا بيدها وتبدو عليه ملامح الفرحة والأنس بها وضمت يده بقوة لصدرها وهي تتمتع رفقته بجو روما المدهش ، ترجلا من هناك بعد أن طلب وائل من السائق أن يبقى بالقرب ، هنا صعدت ميرنا أولا لليخت في حين لحقها بخطوات خفيفة وهو يبتسم من إصابته ويده ما تزال مربوطة
وائل:- هفف أخيرا وصلنا
ميرنا(نظرت حولها للبحر):- أشعر بالجوع الشديد ، فالبحر يزيد من شهيتي
وائل(أمسك يدها وسحبها خلفه لمقدمة اليخت):- إذن دعينا نتناول فطورنا على موج البحر
تحرك اليخت بهما ليتعمق وسط البحر تحت أشعة الشمس المشرقة ، ونسائم الهوى الدافئة التي كانت تلاعب خصلات ميرنا وشعر وائل بشكل جنوني مثير ، جلسا على الطاولة المجهزة لأجلهما وبدآ بتناول فطورهما بشهية غرامية من الطراز الأول
ميرنا:- أظن بأنني سأمر كالعاصفة على كل هذه الأطباق
وائل(شرب من عصيره):- هنيئا لكِ حبيبتي .. ميرنا أ.. لا أدري عنكِ لكن أنا وافقت لكي نذهب هذه الليلة إلى سهرة غنائية بغية تغيير الجو .. دعوت ناريانا أيضا هي ونادر يعني لعلنا نصلح بينهما ما نصلح
ميرنا:- أوك موافقة لا مشكلة لدي
وائل:- وعلي أن أخبركِ بشأن جريدتكم فهذا الخبر قد تدخلي للنت وتجدينه منتشرا
ميرنا(بتوجس):- ماذا حدث لها ؟
وائل:- أقفلت بالشمع الأحمر وأحيل فتحي رئيس التحرير للتحقيق في القضية ، اتهم بتزوير بعض الأخبار والمساس بأحد المسئولين … يعني سبب واه لإقفالها
ميرنا(رفعت حاجبيها بدهشة):- توقعت أن يطردوني وليس أن يقفلوا الجريدة برمتها ، يااه طيب أين سيذهب الموظفون ما هذاااا الذي يحدث ؟؟؟؟؟؟
وائل:- لم أخبركِ لكي تنفعلي ، هذا أقل شيء يمكن حدوثه بعد تصريحكِ ميرنا كان متوقعا
ميرنا(هدأت من روعها):- معك حق ..
وائل(نهض من محله وتوجه لداخل القمرة وشغل بعض الموسيقى):- هاا ؟؟
ميرنا(ضحكت من جنونه):- هل تليق هذه الموسيقى الراقصة في هكذا جو هادئ ؟
وائل:- بعض التناقض يحلي الجلسة ..
ميرنا(وضعت يدها على خدها ونظرت إليه بعشق):- هل أخبرتك أنني اشتقت إليك؟
وائل:- أخبرتني .. ولكنك كنتِ بخيلة قلتها مرة واكتفيتِ
ميرنا:- كاذب
وائل:- بل متعطش لتعويض الأيام السابقة التي حرمت فيها منكِ ..
ميرنا(ابتسمت وعادت لتناول طعامها):- أشعر بالراحة معك ، ولكن هه بدأت أقتنع بأن كل لحظة جميلة معك يعقبها فراق مؤلم ..
وائل(شعر بألم جملتها ونهض أوقفها وسحبها خلفه لمقدمة اليخت):- لن يحدث فراق بعد الآن ، ثقي بي
ميرنا(دمعت عيناها بغبن وأخفضت رأسها):- أخاف أن أحلم ، أصبحت أخشى ذلك صدقا لا أريد أن أصطدم بواقع مرير يوقظني من حلمي الجميل
وائل(أمسك وجهها بين يديه):- لا أريد دموعا في هذه العيون … هذا اليوم خاص بنا دعيه يمر بسلام ودون أن تفكري بأي سوء
ميرنا:- هه ألا تراني أحاول ذلك ، لكن من خلال تجاربنا السابقة أصبحت أعاني من رهاب
نظر إليها مليا بحزن وتأثر ،مال بفمه وهو يتطلع إلى ملامحها الكسيرة وعلى مهل أمسك بفكها ودفعها لشفتيه مقبِّلا إياها بنهم لعله يمتص حيرتها التي تعذبها من بين شفتيها اللتين كانتا مطيعتين بل بحاجة لتلك الجرعة التي تجعلها تستطيب لذة العيش ، بعد كل تلك المآسي … أغمضت عينيها وهي تغرق معه وسط بحر عشقه الذي جعلها تحيط عنقه بيديها وتقبله بدورها باشتياق لا يمكنها تلافيه …
وائل(وضع جبينه على جبينها ولامس بأنفه أنفها وهو يهمس بخفوت):- أيامنا المقبلة ستكون كلها فرح حبيبتي ، أعدكِ بذلك يا شمس ليالي الغالية ..
ميرنا(نطقت بصوت متحشرج وهي مغمضة عينيها):- "ضُمَّني إليكَ كزُجاجة عطر اجتمعَت فيها قطراتِ أريج العاشقين ، ضُمَّني كأمسيَّة حالمة أوى إليها جحفلُ التائهينَ في مُزن القُبل ، ضُمَّني واعتصرني نشوة كغديرٍ احتضَن ندَى اللهفة للعناق ، ضُمَّني شغفا كي تكتملَ بين يديكَ دلالاتُ حُسني وبهائي ، ضُمَّني ولا تسأل فالبوح عند العناقِ مرهقُ" …
بسط يده ودفعها لحضنه كريشة ضاعت في السماء لتجد مستقرها أخيرا بين يديه ، ضمَّها بحنين الفراق الذي جعل الشغف فيه يبدو كإشعار لأسر نبضاتها في قلبه والحكم عليها بالمؤبد .. شعرت بالارتياح في حضنه وهي تبعد عن بالها كل ما يتعبها فهو أمانها ومستقرها من كل الأوجاع ، أما هو فقد وجد كنزه ماسته الثمينة بين ذراعيه مستكينة في هدوء يجعلها تبدو أجمل بكثير من كل المرات السابقة …
وعليه سننتقل من ذلك الفطور الرومانسي لذلك المساء الفوق روماااااانسي ….
لم تدري لما وقع اختيار وائل على فستان سهرات أبيض أنيق ومتألق ، كان ينحت جسمها نحتا وكان ممتدا حتى الأسفل بارتفاع حد الركب ، بينما في الأعلى كان ينحني بحمالتين خفيفتين تجتمع عند شق صدرها بثوب مرصع بالأحجار ممتد على الفستان كله .. جعلت شعرها في موجات دائرية ملفوفة خلف رأسها بشكل مجموع ، وقد ظفرت إحدى خصلاتها الأمامية لتجعلها تلف للخلف كزينة خاصة استقر بها مشبك حجري على شكل فراشة ، وضعت زينة خفيفة ولكن حضور ناريانا أربك المسألة فقد ضاعفت المايكاب قليلا وبدت أفضل بكثير مع لمستها السحرية ، اهتمت بها وهي لا تعرف إلا ما تعرفه ميرنا أنها حفلة غنائية وستكون سهرة ممتعة لهم جميعا … طبعا تأففت لأن النطح قادم أيضا حتى أنه كان خارج الغرفة بطقم مناسب يرافق وائل الذي كان بغرفته وارتدى طقمه الخاص كان يبدو وسيمااااا جدااا في البذلة الرسمية ، كم امتدحه نادر وفرح لأجله … وهنا حان وقت خروج الأميرة أطلت ناريانا أولا والتي كانت بفستان فضي لامع خفيف الثوب يتمايل معها بفعل حركتها بشكل يضاعف من إثارتها مع ضفيرة شعرها الطويلة جعلتها تبدو كبطلة هاربة من القصص القديمة ، وهذا ما قاله في خاطره حين كانت تتقدم صوبه لتفسح المجال لكي يتقدم وائل لميرنا ، والذي كان يفتح فمه من جمالها … كما تخيل بدت كالأميرة متألقة بذلك الفستان ومع التنسيقات المتبقية أكيد ستكون أجمل عروس في الدنيا … قبل جبينها ويدها وجعلها تتأبط ذراعه وتحركت معه ببطء لكي تراعي حالة رجله الثقيلة وتوجها صوب الأسفل للتوجه لمكان الاحتفااااااااال … وهنا اضطر نادر اضطرارا لاصطحاب آنسة متعجرفة معه …
ناريانا(أنزلت مرآته الأمامية وأخذت تتفحص ملمع شفاهها):- ممم بورفيكت
نادر(رفع حاجبه متأففا):- على ماذا يا بعدي تعدلين ذلك الهراء ، من الأعمى الذي سيفكر بالنظر إليكِ من أصله ؟
ناريانا(أغلقت المرأة ونظرت إليه):- أنت بالنسبة لي الآن مجرد سواق ، لذلك خذنا لمكان الاحتفال وبلا هم بلا وجع قلب
نادر:- كأنني سمعت هذا المقطع في أغنية ما ساااابقا
ناريانا:- افففف الهواااااء ينفذ من بعد حديثك ، أصمت لو سمحت
نادر(وطأ على الدواسة وزاد من سرعته ليلاحق سيارة وائل وميرنا):- اللهم طولك يا روووح
ناريانا(باستفزاز):- آآآآآآآآآآآآآآآآمين
صغر عينيه فيها وأرجح أن يكمل الطريق في سكون ، فالليلة خاصة بصديقه وعليه أن يكون هادئ البال مترقبا للأحداث التي ستتبلور تلك الليلة المميزة ..
في مكان آخر بنفس الوقت
اتصل به وهو يشعر بالغبطة والسرور ، أخذ ينتظر جوابه وطبعا رفض أن يرد أو خاف لذلك كما توقع قام بإرسال صورة واحدة جعلته ينتفض من محله ويرفع الهاتف لأذنه …
رشيد:- ما الذي تفعله أمي معك ؟؟؟؟
ميار:- أووووه الخالة زهرة في ضيافتي أليس كذلك خالتي ؟؟؟
زهرة:- رشيييييد يا رشيييييد
رشيد(خفق قلبه خوفا عليها):- أمي أميييي
ميار:- لا تقلق لا تقلق أمك في الحفظ والصون ، لكن هذا راجع لك فقط إن كنت مطيعا ستأخذ أمك معك للبيت كي تنام وتشرب أدويتها وإن عاكستني سوف تسمع خبرها هذا الصباح
رشيد:- سأفعل كل ما تطلبه فقط دع أمي ولا تقحمها في الأمر ، إنها ضريرة وعاجزة ألا تشفق عليهاااااااااا ؟
ميار:- بلى أشفق ، حتى أنني أطعمتها زبادي بطعم التوت قبل قليل كي ترى مدى إنسانيتي
رشيد(مسح على شعره بتوتر):- طيب قل ماذا تريد ؟
ميار:- الآن نتفاهم ، تعال إلى عريني ولو عرف غضنفر أنك قادم إلي أو أن زهرة في عهدتي صدقني حتى قبرها لن تعرفه … أنتظرك
رشيد:- موافق موافق أنا قادم إليك … إلا أمي أرجوك لا تمسها بسوء .. هففف ماذا علي أن أفعل هل أخبره أم أصمت لكن لو ذهبت سيقتلني ميار لن يرحمني لن يرحمني ماذا أفعل ..
ظل يفكر في حل لما سيفعله بينما كان ميار يمازح جوزيت التي كانت تهدهد زهرة الخائفة
ميار:- خالة زهرة نحن لن نؤذيكِ ولكن بالنسبة لابنكِ لن أستطيع أن أعدكِ
جوزيت:- ههه لا تفزعها ميار
ميار:- أنا لا أود ذلك لكن هذا الواقع
زهرة(بخوف):- لا تؤذوا ابني أرجووووكم سأفعل أي شيء لأجل ذلك
ميار(ابتسم):- الآن يعجبني كلامكِ إذن سأخبركِ يا خالتي بما عليكِ فعله
جوزيت:- أتعلمين أن اسمكِ مثل اسم أمي المرحومة ، لذلك لا تخافي وعد مني لن يتأذى أحد لو نفذتِ ما سنطلبه منكِ
زهرة(تمسكت بيد جوزيت):- وأنا موافقة …
ابتسمت جوزيت لميار وهي تغمز له في أن خطتهم ستنجح ، وهنا خرج رشيد من مخبأ غضنفر وأخذ يدعك الطرقات في اتجاه العرين لكي ينقذ أمه .. فما الذي سيحدث بينهما هذا ما سنعرفه لاحقا ^^ …
أما الآن فسنعود لعصافير الحب والذين وصلوا بعد مدة لذلك المكان الأثري المبهج حيث غنت ميرا سابقا وصعدت المسرح .، وبالفعل كان هنالك احتفال خاص لإحدى المغنيين المشاهير ، أمسك وائل بيد ميرنا وخرجا من السيارة وهي تتأبط ذراعه بينما لحقت بهم ناريانا ونادر وطبعا لا أحد ينظر لأحد …
وائل:- سنستأذن أنا وميرنا قليلا يا جماعة وأنتم استمتعوا بأجواء الحفل تمام ؟؟
ميرنا:- لماذا ألن نكون هنا معهم ؟
وائل:- سنعود بعد قليل
ناريانا(أعجبتها الموسيقى):- يوووبي خذا راحتكما أصلا من سيوقفني عن الرقص هنا
نادر(رمق وائل بنظرة قتل):- هل ستتركني مع هذه المصيبة لوحدي ؟
وائل(همس له):- والله قلبي دليلي أنها من ستفك لعنة ميرفت ، استغل الفرصة يا رجل
نادر(نشه بعصبية):- روح روح بدل من أن أفضح أمرك … وغد
وائل:- مغفل ههه ,, هيا يا عسل غروبي …
شبك أصابع يده بيدها وأومأ لها ليمضيا في الطريق الذي سيجعلهما يعيشان أحلى يوم في حياتهما ، طبعا حسبما يتخيل وائل … كانت تسير بجواره وهي تنظر للألوان المتناقلة بين الجمع الغفير الذي كان يمسك مصابيح ملونة ويتراقص مع الأغاني الصادحة في كل مكان ، هنا فهم تعبها من الازدحام لذلك أخذها خلف المنصة وتماما حيث كانت تلك التلة الحجرية التي اعترفا فيها بحبهما لأول مرة … ما إن رأتها ميرنا حتى استذكرت تلك اللحظات التي جمعتهما في ذلك المكان ، نظرت إليه ببريق عشق وهي تتأمل وسامته القاتلة وضحكت مبتهجة من كل ما يحدث ، اقتربت منه أكثر فأكثر إلى أن صعدا لتلك التلة ببطء واستقرا عليها وهما يناظران آثار روما التي شهدت اعترافات عشاق بعدد لا يحصى ، وكم من قصة نبعت من ذلك الركن وصدحت في الأكوان عشقا وهياماااااا ، كان يخطف نظرات إليها والفرحة لا تسعه وأهمها ردة فعلها حين تعلم بمفاجئته التي حضرها لأجلها هي فقط مليكة عرشه …
ميرنا:- المكان رائع إنه يذكرنا بيوم اعترافنا
وائل:- ههه اعترافنا الذي لم يأتي إلا بعد أن شح صبري وجفت أحرفك
ميرنا:- أنت السبب
وائل:- لا وكأنكِ لم تحركي ساكنا ، حتى بادرة تشجيع لم تفعلي
ميرنا(شعرت بالنشوة تغمرها ووضعت يدها على صدره وهي تنظر للألعاب النارية المتفجرة في السماء):- واوووو إنه منظر ساحر يا وائل ، أعجبني المكان صدقا صدقاااااا وأحببته
وائل(ابتسم لابتسامتها):- أحبيني أنا …
ميرنا(نظرت إليه محدقة بنظرات عشق لا يمكنها إخفاؤها):- أنا أتمنى لو تتوقف حياتنا عند هذه اللحظة ، لنبقى سوية فيها إلى الأبد
وائل(دفعها لصدره):- حسنا يمكننا فعل ذلك وتحقيقه ، لو وافقتِ ؟
ميرنا(بدون أن تختفي ابتسامتها):- على ماذا ؟
وائل(نظر من الجهة المقابلة ورفع الستار عن درج مؤدي للأسفل):- لننزل أولا
ميرنا(بعدم فهم انتابها شعور بالضيق فجأة):- على ماذا تنوي ؟
وائل(وهو ينزل رفقتها من الدرج الحجري):- على كل خير يا روحي …
توجست … نعم فحركاته كانت مريبة وعرفت أنه يخطط لشيء ما ، وتمنت تمنت تمنت من أعماق قلبها ألا يكون الشيء الذي طرأ على بالها فجأة … وصلا للأسفل وبرزت طريق حجرية فيها أعمدة شاهقة متباعدة بشكل متناسق وجذاب إلى أن استقرا وسط تلك الدائرة حيث كانت هنالك طاولة يجلس عليها كاتب عدلي ، ما إن رمقته ميرنا حتى خفق قلبها مئة خفقة وخفقة بتوتر وتوجس .. اختفت ابتسامتها ونظرت بدموع لوائل وهي غير مصدقة لما يحدث لم تنطق بحرف فقد داهمتها فتاتين من كل جانب واحدة لفت على خصرها قماشا أبيضا مموجا وألصقته خلف خصرها بالزر الخاص وبرز منه فستان زفاف متكامل ، فضفاض من كل جانب وأكمل منظرها بشكل تحفة ، أتممته الفتاة الأخرى حين ألصقت الطرحة خلف رأسها وتركتها منسدلة خلفها بشكل مميز … بدت جذابة بشكل لا يمكنه تخيله وهنا دمعت عيناه وهو يخرج خاتمها الذي يحمله معه دوما ، لقد تقدم لها ثلاث مرات وأمل أن هذه المرة الأخيرة التي سيصيب فيها مناه ، تحت دهشتها ألبسه إياها وقبل يدها وأشار لها لكي يتقدما نحو طاولة الكاتب العدلي ….
وائل(همس بحنان):- عالمي كله بأنجمه وكواكبه بين يديكِ إذا أنتِ قبلتِ بي ؟؟
ميرنا(جذبته ببكاء):- تمهل … لا يمكننا أن
وائل(أمسك بوجهها المنير بين يديه):- أعلم أنكِ فكرتِ بزفاف كبير تحضره كل عائلتنا وتفرح بنا ، وأعدكِ أنني سأقيم لكِ عرسا أسطوريا تتوارث قصته الأجيال
ميرنا(هزت رأسها بغصة وهي تجذبه):- لا أنت لا تفهم ..
وائل(قبَّل خدها وجذبها خلفه للطاولة):- بلى أنا أفهم وأعرف ما تريدينه أيضا ، أنا لا أجبركِ فروحكِ تهفو لذلك مثلي حبيبتي
ميرنا(نظرت حولها بضياع وشعرت بالخواء في ركبتيها):- لا أستطيع الزواج منك وائل
وائل(سحب نفسا عميقا وجذب الكرسي لها كي تجلس):- بلى تستطيعين …
ميرنا(كيف سأخبره كييف سأخبره أنني أصلا متزوجة):- وائل أناااا …
وائل(اقترب منها ليدعمها ويخبرها أن خطوتهم صائبة لكنها صدمته بتلعثمها):- أنتِ ماذا ، ألا تجدين أن زواجنا ضروري يا ميرنا ؟
ميرنا:- بلى ولكن … هذا غير جائز
وائل:- ميرناااا .. هل تخفين عني أمرا مااااااا ؟
نظرت حولها مجددا وتحسرت على كل ذلك التعب الذي تعبه وائل لأجلها ، فقد سخر معلما أثريا وزينه بما يناسب وجعل كل الناس تشهد عليه ، بحيث كانت تنظر لشاشة الجمهور وهم ينتظرون ردها بدورهم على شاشتهم التي كانت فوق منصة الحفل
ناريانا(شهقت حين فهمت ما يدور):- يا إلهي … بسرعة بسرعة خذني إلى حيث همااا
نادر :- أصلا علي أن أكون شاهدا على عرسه فأنا صديقه
ناريانا(هرولت خلفه):- عن أي عرس تتحدث ، لا يوجد زفاف من أصله
نادر(توقف بدهشة):- ولماذاااا ؟
ناريانا(ابتلعت ريقها بألم):- لأنها أصلا متزوجة …
نادر:- آه قصدك حكيم .. لالا ذلك مجرد زواج صوري لا تشغلي بالا
ناريانا(هدرت فيه):- لم يكن صوريا لقد تزوجها حكيم فعلا وأوهمها بذلك .. ميرنا تعلم أنها متزوجة رسميا من ابن عمها يا ناااااادر …ميرناااااااااا متزوجة
توقف نادر عن الحركة والتفت إليها بضياع ونظر للشاشة إلى صديقه الذي بدت عليه الحيرة وهو يقترب منها رويدا رويدا كي يفهم منها ما تود قوله ، أحس بطعنة في قلبه يا خيبتك يا وائل قالها وهو يركض صوب منسق المنصة ليطلب منه أن يوقف التصوير وطبعا لم يتم الأمر إلا بعد أن تكلمت ميرنا بل صرخت بألم تحت أنظار وشهقات الملأ أجمعيين
ميرنا(صرخت بحرقة):- لا أستطيع أن أتزوجك ، لأنني متزوجة أصلا من حكييييييييييييم
اهتز وجدانه لحظتها وهو يمسك على قلبه الذي غرس فيه للتو سكين حاد ، ذبحه في الصميم وجعله يتأوه وجعا من بعد جملتها الصاعقة تلك ، نظر إليها بضياع ولبكائها الهستيري وأيقن فعلا أن هنالك خطبا ما ، كيف كيف هي متزوجة بحكيم ألم يكن ذلك زواجا صوريااااااا يعني ما هذه المهزلة ، ماذا يحدث ؟؟؟؟؟؟…. نظر حوله لكل شيء وعاد ليستقر بعينيه الضائعة فيها واقترب بصدمة وهز يدها بدون حياة
وائل(نظر في عينيها متوسلا):- قولي أنكِ ترفضين الزواج مني بهذه الطريقة ، قولي أي شيء لكن لا تكذبي يا ميرنا
ميرنا(أمسكت على صدرها وهي تتلوى ألما وبكاء):- أنا لا أكذب لا أكذب ، ذلك الزواج الذي اعتقدناه صوريا ومزيفا كان حقيقيا …. أخبرني بذلك حكيم ذات مرة ولم أجد حلا للمناص منه فهو لن يطلقني بشتى الأحوال … آسفة يا وائل يا ليتك أخبرتني لكنت وفرت عليك هذا العنااااء يا حبيبي
وائل(تنهد بحرقة ورفع إصبعه لشفته):- شتتت أصمتي أصمتيييي يا ميرنااااا … أصمتي ولا تعذبيني يا ميرنااااااااا أصمتييييييييييييييييييييي يي …..
ميرنا(لم تستطع التحمل أكثر سقطت على الأرض وهي تبكي وتستند على الأديم):- سامحني يا وائل لا يمكنني أن أسعدك ، أنا مقيدة ولا يسعني الفكاك … سامحني
وائل(أشار لها بعلامة نفي وحرك رأسه وهو ينظر للسماء):- محتمل أنتِ تلفقين الأمر ،يعني مستحيل ألا تخبريني بهذااااا وتخفينه عني ، صح يا ميرنا أنتِ لم تكذبي علي وتخفي الحقيقة يعني هههه أنتِ لا تفعلينها أكيد ؟؟؟
ميرنا(نظرت إليه من محلها وهي ترمق الألم يتقاطر منه بل يسحب من روحه إكسير الحياة):- كنت مجبرة على الصمت ، ولم أعرف متى سيحل الموضوع يعني …
وائل:- يعني ماذا ، هل فضلتِ أن تبقي رهينته إلى الأبد … هيا أخبريني عن مياركِ الآن عن الفهد البري الذي تذوبين فيه حبااااا فلم يعد حكيم فقط الحاجز بيننا بل حتى ميار دخل الخط وأربك عقلكِ … أتحسبين أنني لم أراكِ ليلتها حين نهضتِ لتكلميه في ذلك الصباح الباكر لقد توجعتِ لأجله ولم تستطيعي النوم إلا بعد أن كلمته … صدمت في البداية لكنني صمتت لأجلكِ وقلت هذه حبيبتي هي معي الآن وما تفعله نابع عن إنسانيتها وطيب قلبها ، لم أدقق بل أبقيتكِ كبلورة في داخل قلبي أخشى أن أجرحها بحرف ، لأكتشف في الأخير أنكِ طعنتيني غدرا يا ميرنااااا ومنذ وقت طويل منذ اللحظة التي عرفتِ فيها بذلك …. يااااااه كم كنت مغفلا وكم أعمتني سذاجتي بفعل غرامكِ الذي يدمرني …
ميرنا(لملمت شتات روحها بصعوبة ونهضت وهي تجر قدميها ونظرت للكاتب العدلي والفتيات اللاتي انسحبن من هناك وهم يهزون رأسهم بخيبة):- وائل وائل اسمعني ، والله لم أحسب أنك ستفاجئني بهذا يوما ما ، يعني اعتقدت أنه سيتم في الوقت الذي سأتحرر منه
وائل(ضحك بغبن وهو يضع يده على الكرسي مستندا بوهن):- تتحررين ، ومتى كنتِ تنوين ذلك أو عفوا عفوا لأغير السؤال ، متى كان سيحرركِ السيد ميار الذي أعطى أوامره لحكيم بأن يربطكِ باسمه ؟؟؟؟
ميرنا:- ميار لا يعرف أيضا أن زواجنا حقيقي … يعني حكيم قام بذلك خفية عن الكل وعني شخصيا
وائل(عوج شفته باستهزاء):- معلووووم …. معلوم سيفعل ذلك فهو يريدك له ، خطة محكمة ولكنها دنيئة وأنتِ تشاركينه في دناءتها وأنا كالغبي أحاول أن أجهز لكِ ذكريات جميلة تجمعنا سوية في هذه الليلة ، وأخطط لأجل مستقبلنا وأنتِ متزوجة ياااااااااااااااااااالي من أحمق يا لي من أحمممممممممممممممممممممق ……
ميرنا(نزعت الخاتم ومدته له):- لن يمكنني ارتداء هذا …
وائل(سحب نفسا عميقا ونظر بطرف عين للخاتم):- أبقيه معكِ …. ذكرى من حبيبك الذي خذلتيه بقسوة ، كنت مريعة يا ميرنا صدقا جرحكِ هذا لن أنساه ما حيييت … بقدر خداع حكيم بقدر خداع ميار ذاك …..بقدر وجع خيانتكِ لي يا حبيبتي ….
ميرنا(ضمت الخاتم ليدها وحاولت الإمساك بوائل):- لا تفعل ذلك لا تفعل …
وائل(ترك يدها وكمش عينيه بحزن وابتعد عنها):- يكفي ….. لقد انتهت المسرحية وغادر الناس برافووو ميرنا قد وفقتِ في إنهاء الأحداث بطعنة أليمة لا تغتفر …
نادر(وصل هو وناريانا):- وائل يا صديقي ..
وائل(ربت على كتف نادر ورمق ناريانا التي ركضت إليها):- خذهما للفندق …
نادر(بقلق):- وأنت ؟
وائل(التفت خلفه لينظر لميرنا بحسرة ووجع ودمع منحسر في عيونه):- سأهيمُ … وحيدا
على إيقاع موجات الغضب والخيبة والانكسار والخذلان ، نزعت طرحتها ورمتها أرضا وهي تجثو مجددا من فرط انكسارها ، صرخت باسمه صرخة مدوية جعلته يوليها ظهره ويمضي دون أن يتوقف لوهلة واحدة ، فلو استجاب لندائها سيعاقبها بقبلة لا تعرف ما معنى التوقف أو بضمة تجعلها تتلاشى بداخله كأفيون الموت ، لو توقف سيعطيها فرصة أخرى لقتله ، لذلك استجمع ما تبقى له من أنفاس وغادر المكااااان تحت شهقاتها التي صدحت لتملأ كل جوانب سمعه ، وأخذت تخنقه وتخنقه في كل خطوة يتقدمها مبتعدا عنها .. تأوه في صميمه وخرجت منه أنات متحشرجة تزيد من ألم الموقف وحسرته ، لقد سمحت لهم بأن يطعنوه سلمتهم السلاح لأجل ذلك وفعلا قتلوه وأردوه ميتا في جيد هوااااااها …

" أتلاشى كما حفنِة سرابٍ أنا وأحلامي الغبية ، لقد فاضَ دمعُ الروحِ وسَرَا في ملامحِي كُلها حتى أنني لم أعُد أتبينُ قسماتِ وجهي لم أعُد أعرفنِي ، ما عادَ هنالكَ شيء يُشبهني سوى الجُمود على جنباتِ هذه الأحجااااار ، مع ذلك أجدُني لا أنفك أثور بداخلي فبراكين الغضبِ متأججة تنتظر لحظة الانفجار ، وقلبي قد كسَروه بمِطرقة لا تعترف بالرحمة ، أحتاجُ للحظة ضُعف مع نفسي أنا بحاجة ماسَّة لأن أبديه فقد سئمتُ من المقاومة ، سئمتُ من التمني والانتظااار ، فلا حبيبتي هي بحبيبتي ولا أنا بقادر على النسيان .. الآن جعلتنِي أعاني في جحيم الأرض بفعلتكِ تركتِ بعضِي عصيَّ الوجد وركلتِ كُلي وابتليتُ بنكسي ، لكن لما أعاتب ومن أعاتب فقد اتضح لي في نِهاية الأمر أنكِ مثلُهم تماما يا حبيبتي مع بعضِ الاختلافِ البسيط ، فأنتِ قد جمَّلتِ الكذب بدهاءٍ أنيق وصرتِ بذلك مأساتِي المُوجعة " ….
أي وجع ذاك وأي خيبة اعتمرت صدره لحظتها وهو يهيم في الطرقات بالسيارة التي طرد منها السائق الخاص ، كان يعلم أنه وارد أن يؤذي قدمه لكنه لم يهتم فهو إن لم يفعل ذلك لن يحرر ملكة الوجع ولن يستطيع أن يتمالك أعصابه وجرحه القاتل … ظل يتشرد وسط ذلك الظلام ضائعا متألما وحيدا في ليلة كان يجدر بها أن تكون ليلة تحقق الحلم حين تصبح حبيبته على ذمته ويمسكها في حضنه كي تنام وتستيقظ بأمان وحنان وهي ملك يديه ، لكن ذلك لم يحدث بل وقع عكسه تماما وبشكل أفظع مما يمكن أن يتخيله الإنسان ،،،، ههه سخر من نفسه بضحكات متحشرجة كيف كان بذلك الغباء بحيث أراد أن يتزوج من امرأة متزوجة يا للذكاء الخارق الذي تتمتع به يا وائل … ضرب على مقوده مرات ومرات وهو يصارع أفكاره التي كادت تصيبه بالجنوووووووون ، هل وقعت بينهما أشياء خاصة ، هل سلمته نفسها هل قبلها هل عانقها هل مسح على وجهها وشعرها وداعبها ، هل حملها بين ذراعيه هل أغدقها بحبه هل استجاااااااابت له ،،،،،،،كل هذه الأسئلة كانت تنخر في عقله كالسم الفتاك ، استذكر صورة الجمهور الذين توقفوا عن الهمس حتى أو التنفس لسماع جوابها بالقبول لعلهم يشهدون تتويج علاقة حب بالرباط المقدس ألا وهو الزواج ، لكن الخيبة التي اعتلت وجهه أكيد وصلت لكل القلوب وجعلتهم يحزنون عليهماااااااااااا ، كان كالطائر الذبيح بدون أن تنزل منه قطرة دم مجروح لكن بدون أنين ، استصعب عليه التنفس ففتح كل نوافذه ليسحب الهواء لرئتيه اللتين غلبتا معه لحظتها ، كم كان الأمر قاسيا عليه فعلا خيبة ما بعدها خيبة أن يخطط ويفرح وينتظر بلهفة وشوق اللحظة التي سيرى فيها سعادتها بفكرته وحلم زواجهما الذي سيتحقق ، ليجد بدلهما التردد والخوف والرهبة والرررررررررفض ، طبيعي لأن الآنسة صدف أنها متزوجة ياااااه كيف غاب عن باله ، أكان حقا ساذجا لتلك الدرجة حتى تستغفله ميرنا ولا تشاركه بخر كهذاااا ، لماذا فضلت الصمت لماذا استباحت العيش على ذمة حكيم لما لم تقاوم لماذااااا كل هذه الأسئلة أوجعت قلبه وزادته ضيقا فتح ربطته الصغيرة ورمى بها من النافذة ، وفتح أزرار قميصه العلوية ومرر أصابعه على شعره بقوة لعله يضبط نظره للأمام فروحه الكسيرة كانت تئن تئن بشكل لا يمكن تصوره …….،،،
أما هي فقد كانت بسيارة نادر في الخلف جالسة بدون حياة وكحلها قد وصل الأرض ، أشفقت عليها ناريانا التي كانت تلتفت إليها مرة بعد مرة ونادر لم يجد ما يضيفه ، أراد أن يوصلهما بسرعة لكي يخرج للبحث عن صديقه الذي كان ضائعا في شوارع رومااااااا ، أوصلهما بعد مدة لم يكن مسموعا فيها سوى شهقات دموعها ، اصطحبتها ناريانا لغرفتها كي تزيل عنها تلك الثياب وهنا ميرنا سقطت على السرير باكية ولم تجد هذه الأخيرة تقديم أي شيء سوى المواساة …
ناريانا:- اهدئي يا ميرنا ولا تفعلي بنفسكِ هكذا ، أنتما ستتزوجان وتعيشان في هناء فقط لتمر هذه الأزمة وتتحررين يعني لا تحملي الأمر أكثر من طاقته
ميرنا(ضربت على صدرها بقوة):- لقد قتلته قتلته ألا تفهميييييين ، لقد أمسكت بخنجر وذبحته دون أن يرف لي جفن ، لكن أقسم لكِ لم أعرف مطلقا والله لم أعرف أنه يخطط للزواج مني لو كنت أعرف لأوقفته ..
ناريانا:- هفف لقد حدث ذلك الآن ، وليس بيدنا تغيير أي شيء ميرنا
ميرنا(نظرت حولها بضياع):- أين هو …. أرجوكِ اتصلي بنادر واسأليه هل وجده هل هو بخير دعيه يحضره إلي ، دعوني أعتذر منه دعوني أراااااااااه
ناريانا(هزت كتفيها):- أعطني رقم نادر سأتصل …
طبعا اتصلت ولم تجد جوابا يرجى فنادر لم يجده ، بل وجد السائق فقط والذي عاد بدوره خائبا للفندق ، هنا شعر نادر بخطورة الوضع فوائل يقود السيارة بإصابة قدمه وذراعه المعلق ، إذن قد جن جنونه تمامااااااا ، دعك الفرامل بحثا عنه ومرت الساعات أطول من السنين بالنسبة لهم جميعا ، طلبت من ناريانا أن تتركها بمفردها والتي أبت بداية لكنها امتثلت لرغبة ميرنا ، وهنا جلست تنظر للخاتم بين يديها وانتبهت للخيط الأسود الذي يلف ذراعها لامسته بحسرة ونظرت للخاتم ووضعته بجيب حقيبتها ليبقى في أماااااان ، أو لينتظرها فستلبسه يوما ما لو كتب الله لهما ذلك ، نظرت لتلك المرأة والتي خذلتها هذه المرة فقد نظرت فيها صباحا ووهبتها السعادة لكن الآن وهبتها الوجع والأنات ، نزعت الفستان وهي تنظر لنفسها وتتحسر بوجع على هذا المآل وعلى هذا القدر اللعين الذي يأبى مفارقتهم بالأحزان الفتاكة … كانت تعلم لقد شعرت منذ الصباح أن سعادتهم لن تكتمل وقد حان وقت الفراق ….. وضعت الفستان على السرير كل قطعة قرب بعضها وارتدت الطقم الأسود الذي أتت به وغسلت وجهها وجلست تنتظر بلوعة عودة ذلك المنكوب من مقبرة الموت التي دفنته بها ،،،،..


في المستشفى وفي غمرة ذلك السكون ، كانت إحدى الممرضات تتسحب ببطء شديد متجهة صوب غرفة حكيم وبجيبها حقنة ، ابتسمت للحارسين ودلفت لكي تعطيه دواءه هكذا اعتقدوا لذلك غادرا الموقع لأجل اتصال جاءهم من أحد رفاقهم وذهبا لتفقد الأمر ، طالما الممرضة مع حكيم فأكيد لن يحصل أي أذى وقرروا أن يعودوا سريعا لمراقبة الوضع .. المهم دخلت هي بحرص نحو الغرفة ونظرت لجوانب الكاميرات ووضعت كمامة الفم بهدوء لكي لا يتبينوا ملامحها وأخرجت هاتفها وأجابت الأوامر المدرجة لها بنعم .. وهنا أخرجت الحقنة ورفعتها للسماء لكي تجهزها وتوجهت بخطوات ضئيلة صوب مورده الغذائي ، في كل خطوة كانت تتقدم كانت يداها ترتجف بخوف إلى أن أمسكت بالمورد ووضعت الحقنة بها لكن ما إن همت بحقنها حتى جاءتها ضربة قوية من الخلف بإحدى الدعامات الطبية .. ما إن رأتها سقطت حتى سحبتها من رجليها وأخرجتها من الغرفة وتركتها بالممر ، ولحظتها عادت هلعا لكي تتأكد من سلامته لامست يده وخده ونبضه ونظرت أرضا وجدت الحقنة وأمسكتها بيدها ولما لا يصدف ويفتح عينيه في تلك اللحظة ويرمش بضياع ..
حكيم(بصوت متعب بحواجب مقطبة وأنفاس متحشرجة منزعج من الحلم الذي رآه):- ميرنااا
الفتاة(ضحكت بألم):- ههه أخطأت
حكيم(استدار إليها وشهق لدى رؤيتها حتى أنه تحرك بدون أن يتوقع):- أنتِ ؟؟؟؟
الفتاة(بسخرية رفعت الحقنة لوجهها ونظرت إليها بخبث):- مرحبا حكيم …
قبل أن ينطق بحرف آخر من فرط دهشته أمسكت هي المورد الغذائي وغرست فيه الإبرة ونظرت إليه بتحدي هل ستحقنه بها أم لا ، فبعد لحظات سيموت أحدهما إما هو أو فهي حين يأتي الرجال لن يستقبلوها بالأحضان وهنا كان هو غير مستوعب لرؤيتها ولا لما تفعله بشكل شامل قد وضعته في حيرة غير متوقعة ، فما كان يعلم أنه سيستيقظ على هذا الوجه الذي نسيه منذ سنواااااااااااات …
حكيم:- اهدئي اهدئي ما تفعلينه لن يجدي نفعاااا
الفتاة(ببكاء):- لقد تخليت عني حكيم … اهئ
حكيم(حاول النهوض لكن صدره آلمه فأمسكه بقوة):- آآآه …
الفتاة(بلهفة تركت الحقنة لتسقط أرضا ونسيت انتقامها وهرعت إليه):- يا إلهي يا إلهي ، هل يؤلمك صدرك هذا أثر الرصاصة يجب أن يراك الطبيب يجب أن يراك الطبيب الآن يا حكيييم ، أرجوك اصمد لقد استيقظت من غيبوبتك وأنا كالبلهاء جلست أمثل دور المنتقمة علما أنني فاشلة في أداء أي دور سوى الحبيبة المكسورة !!!!!!
حكيم(نظر ليدها على صدره ورفع عينيه لها بضياع وهز رأسه بفشل غير مستوعب):- ما الذي تفعلينه يا لورينااااا ؟
لورينا:- دمي يسري بدمك الآن لقد أنقذتك وتبرعت لك …
حكيم(بدون فهم نظر لجرحه):- لا تقوليهاااااا ههه … ماااااااذا فعلتِ ولما أتيتِ ؟؟؟؟؟
لورينا(زفرت بعمق وهي تكبت توترها وسقطت على شفتيه بقبلة جامحة دون سابق إنذااااار حتى أنها ألجمت لسانه):- لقد جئت لأراك … حبيبي حكيييم …!
هنا رفع حاجبه جامدا محله فأكيد أكيد لم يكن ذلك توقيت مناسب لينهض من غيبوبة ، يا ليتها امتدت يا ليتها امتتتتتدت ولا نهض على وجه لورينااااااا الذي يحفظه عن ظهر قلب

مضت ساعات أخرى بصعوبة عليها ، حتى لاح ضوء الفجر وفي كل مرة كان يتصل نادر ويخبرها أنه لم يحرز هدفا ولم يجد وائل ، كانت تعلم أنه شارد في مكان ما يجلس وحيدا وينعي حظه ويتألم هذا المصير الذي يحرمه منها كلما يعتقد أنها سوف تكون من نصيبه … وبالفعل كان جالسا عند معلم أثري آخر يراقب الأطلال ويستمع لتناهيد المنكوبين مثله والمدفونين تحت أنقاد ذلك التراب الملتف حوله ، نظر للسماء الرمادية التي بدأت تتملص من حلكة الليل وتستقبل نور الصباح ، سحب تنهيدة عميقة تنهيدة مرفقة بأوجاع الكون كلها ونهض وهو يجر رجليه في طريق العودة … لكن العودة لأجل ماذا ولمن ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ …..
لم تصدق نفسها حين سمعت صوت المفتاح ، انتفضت جالسة ومسحت دموعها ووجدته يدخل بملامح ممحية مظلمة وتعابير وجهه تدل على معاناة ليس لها دواء ، أغلق الباب خلفه ووضع المفتاح جانبا وتقدم للداخل وهو يسحب نفسه سحبا من أعماقه المدمرة … وجدها مقابله تجلس بضياع وتيه عينيها الدامعة يدك قلبه دكا ويزيده من الألم ما يزيد … حاولت أن تقف لكن لم تستطع فقدماها قد تخدرتا قلقا من حالته المريبة ، وهو لم يطل النظر بل سحب نفسه المتعبة وجلس مقابلها على السرير بل رمى بنفسه كالجثة الهامدة وأنفاسه الخشنة قد بدت وكأنها جلدات فوق مقصلة الاختناق ..
ميرنا(ابتلعت ريقها واستجمعت حروفها لتنطق):- وائل ..
وائل(أشار لها بالصمت ورفع عينيه الدموية إليها):- … الموضوع بسيط أنا وأنتِ لم نخلق لبعضنا ، هكذا علينا أن نتقبله ولا نطيل في هذا الهراء كي لا نوجع بعضنا
ميرنا(طعنت من كلماته وأغمضت عينيها):- أتفهم قولك هذا ، ولكن لا تكسر عشقنا به لأننا
وائل:- لأننا ماذا .. نحب بعضنا نعم فهمت وأعرف ليست معلومة جديدة .. لكن ماذا بعد ؟
ميرنا(بتوجس):- ماذا تقصد ؟
وائل:- هل ستطلبين الطلاق منه لأجلي … أو ستستمرين بالعيش في كنفه أكيد فهو الزوج العزيز على قلبكِ والذي لا تستطيعين عنه فراقاااااااا
ميرنا:- لا تهذي .. لا يوجد شيء كهذا طبعا
وائل(اتكأ بيده وهو يمسح على عيونه المتعبة):- وماذا يوجد اشرحي لمغفلكِ وائل …
ميرنا(تأوهت حزنا لحظتها):- لا تقل عن نفسك هكذاااا
وائل(بوجع):- ههه بلى بلى يا ميرنا أنا كذلك ، لا يؤلمكِ خاطركِ علي لأنني فعلا كنت مغفلا حين اعتقدت أن حبيبتي تحبني بالقدر الذي أحبها به ، لكن اتضح لي أنكِ لعوب أكثر منهم
ميرنا(بكت):- كفى تجريحا
وائل:- هل تألمتِ … عذرا ميرنا عذرا متأسف صدقا سامحيني على سذاجتي ، لم أحسب أنني سأجعلكِ تعيسة بدلا من أن أجعلكِ سعيدة … آسف يا حبيبتي كانت غلطة لم أحسب عواقبها
ميرنا(بصوت مبحوح):- ليس لك ذنب ..
وائل:- لالا بل كل الذنب يسقط على عاتقي لأنني لم أحميكِ جيدا ، اعتقدت أنه بزواجنا سنبدأ رحلة جديدة بعيدا عن براثنهم وآثامهم لكن اتضح أنني لم أرى الحقيقة الجلية أمام ناظري والتي أخفيتها ببراعة يا ميرنا …
ميرنا:- كل هذا لأجلنا .. صدقني
وائل(تنهد بفشل):- وأجلنا ذاك.. مكتوب عليه البؤس طواااال حياته
ميرنا(مسحت دموعها ونهضت إليه ركعت تحت قدميه وأمسكت يده وهي تحضنها بقوة):- سامحني يا وائل ، أرجووووك
مسح دمعها بظاهر يديه وهو يحرر دموع عينيه ، وجعلها تجلس بجواره حتى رفعت يدها لتمسح دمعه بدورها ، لامس خدها بحنان ولم يستطع إلا أن يفرج عن آه مكتومة في قلبه ، جعلتها تدفعه لصدرها وتحضنه بكل قوتها ، في حين ظل يغمض عينيه ويتألم في صميمه الجريح فلقد خدشت قلبه بشكل لا يمكن تحمله … أخذت تهدهده بعطف وتمسح على شعره وتحاول أن تخبره بكل قوتها أنها هنا موجودة معه … لكن إلى متى ؟
ميرنا(مررت يديها على لحيته ومسحت عليها بحب):- ستسامحني صحيح ؟
وائل(هز كتفيه بقلة حيلة وبغمغمة وجع نطق):- " لو ربطنا الأمرَ بالمنطقِ يا غُربتي الكَسيرة ، فحسبَ قوانين العشق الدُستورية ، سنجدُ بأنني أحبكِ وبالتالي فأنا أحبُّ كُلَّ ما يصدرُ عنكِ تجاهي ولو كان خذلانا ، وهذا هو الواقع أنتِ مصدرُ آلامي يا حبيبتي وأظن بأنَّ المناصَ من هكذا عشق محال ..لأنكِ ستبقينَ مُهلكتِي أنتِ وهذا القلب الذي يهواكِ ، وعليه نستنتجُ أنني أحبكِ حد التعب أحبكِ يا وجعي ..لذلك دعيني أصنعُ من صرير قيدكِ لحنا لسيمفونية التحرر فأنتِ لي "
ميرنا(دهشت من جملته ومن مغزى حروفه):- أتريد مني أن أطلب الطلاق ؟
وائل:- هذا أقل ما يمكنكِ فعله لأجلنا ميرنااااا ..
ميرنا(نهضت بتوتر):-وفي ظل هذه الظروف ، الرجل في غيبوبة لا ندري متى سيستيقظ منهاااا يا وائل
وائل:- هذا ثمن العشق يا ميرنا ، إما أن تجتازي اختباره أو تنسي أمري للأبد
ميرنا(صعقت من جملته القاسية ونظرت بتيه إليه):- كيف تقول هذا ؟
وائل:- إنه المعقول
ميرنا:- على الأقل لننتظر حتى يستفيق أرجوك وائل
وائل:- أنسيتِ أنني محام وفي ظرف أسبوع واحد سأجعلكِ حرة ، هذه فرصتكِ ..
ميرنا:- لن أستطيع
وائل(تابع بإصرار):- قرري …
ميرنا(أمسكت حقيبتها):- لقد انتظرتك لكي أودعك ، وسامحني لن أستطيع فعل ذلك بحكيم سأطلب الطلاق منه لكن بعد أن ينهض على رجليه غير ذلك لا تطلب مني شيئا
وائل(ابتسم بخيبة):- هل هذا آخر كلام ؟
ميرنا(اهتزت بحزن):- أجل …
وائل(هز حاجبيه):-إذن فقد فشلتِ في الاختبار يا ميرنا ، اخترتِ حكيم بدلا عني هل تتوقعين أنني حقير لتلك الدرجة أو أنني نذل لكي أجازي الرجل الذي حاول حمايتكِ بكل ما يملكه من قوة ، حتى وصل لفراش الموت بهذا الفعل ، هل أنتِ حمقاء حتى تصدقي أنني سأرفع دعوى طلاق والرجل في غيبوبة لماذا لكي نتزوج ؟؟؟؟؟ هههه … صدقا بدأت أشك أنكِ لا تعرفينني بعد يا ميرناااا قد كان كل ما قلته مجرد اختبار لكِ ولو قلتِ نعم موافقة ، ما كنت سمحت بشيء كهذا على الإطلاق ، لأنني لست نذلا يا ميرنااااا …
ميرنا(اهتزت من تلك الحقيقة وابتلعت ريقها):- هذا لن يغير شيئا من موقفي ، أنا عائدة لأرض الوطن ورجاء لا تحاول إيقافي …
وائل:- لو تحركتِ خطوة للأمام ستجدينني أرفع هاتفي وأقدم في أحبتكِ بلاغا فوريا
ميرنا(شهقت):- ماذاااااااااا قلت ؟؟؟؟
وائل(أخرج هاتفه من جيبه):- حكيم الراجي وميار نجيب و جوزيت الراجي ، سأبلغ عنهم
ميرنا:- هه أنت لن تفعل ذلك لكي تنتقم مني
وائل:- ومن قال أنني أريد الانتقام منكِ ، هل هنالك حبيب يفعل ذلك بحبيبته ؟
ميرنا(بتشوش):- ولكن أنظر ما الذي تحول فعله الآن
وائل:- لأنكِ تريدين الرحيل وأنا أحاول إجباركِ على البقاء ، معادلة منصفة بنظري
ميرنا(تأهبت للمغادرة):- أنت لن تفعل … وداااااعا وائل
وائل(فعَّل الاتصال ورفع حاجبه):- ….آه مرحبا معكم وائل رشوان أريد تقديم بلاغ لو سمحتم ..
هنا تسمر الكون في عينيها وهي تعود أدراجها لتستمع لما سيقوله ، ولحظتها ابتسم بخبث وهو يستمتع برؤية خوفها الجلي في عينيها ، والكلمة التالية التي سينطق بها هي التي ستحسم الأمور بينهماااااااااااا ….
وائل(بابتسامة تحدي):- حولني لرئيس الأمن ، أجل سأنتظر …..(وضع يده على الهاتف) ها ميرنا هل قررتِ ؟
ميرنا(هزت رأسها بعدم تصديق):- لن تفعل يا وائل لن تفعل لن تفعل …..لن تؤذي حكيم ولا ميار ولا جوزييييت بهذه الفعلة يا وائل ، لن تبلغ عنهم الشرطة !!!
وائل:- لقد سمعتِ شَرطي ، إن وافقتِ عليه توقفت عما أفعله وإن عاندتِ سوف لن تجدين مني أي عذر لكي أتوقف
ميرنا(ارتجت محلها وهي تقترب منه متوسلة):- أترجاك يا وائل … لو سمحت لو سمحت
وائل(بحزن ناظرها):- اختاري …
ميرنا:- لا تجبرني على بقاء لن يفيدنا بشيء بل سيزيد من طعناتنا وائل
وائل:- والرحيل لن يجدي نفعا ، وأنا قادر على التهام الجمر من يديكِ فقط لتكوني معي بخير
ميرنا:- هذا الرحيل سيرحمك من النظر إلى وجهي والاحتراق كلما تذكرت فعلتي
وائل:- أن راض بذلك المآل …فهكذا كان نصيبي
ميرنا(هزت رأسها برفض وتحركت):- أنا لن أقدر على قتلك لن أقدر لا تطلب مني ذلك ، أرجوك لا تفعل بهم هذا هم أبرياء هم مظلومين والله مظلومين ، أرجوك وائل لا تفعل
وائل(سمع الصوت المحاور وأجاب):- هه حتى أنني أفعل ذلك حبيبتي ،(أعاد الهاتف لأذنه تحت شهقتها الأخيرة ونطق بصوت هامس) نعم حضرتك أسمعك جيدا ، أجل أريد التبليغ عن معلومات تخص مجرمين هاربين من العدالة ...أهاه سجل عندك أول اسم منهم


يتبع..


الكونتيسة نسرينا غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 19-01-17, 01:36 PM   #553

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
Elk

"-مُحتمل- ..
كلمة نرمِي عليها ثقلَ أحزاننا هُمومنا وآثامنا ،
مُفردَة واحدة تختصِرُ جُملة من الآمال العالقة في سَراديبِ التردد ،
نُحاول تحدِيدَ مجراها
عبرَ تقنين مُعاهداتِ الصُّلحِ الفاشلة مع الحظ مع القدَر أو مع النسيَان ..
لكننا في مُعظم الأحوالِ نُخفق ،
فلا نحنُ نصلُ لنتائج مُحتمَّة تنفضُ بعضَ غُبارِ الانكسَارات عنا ،
ولا نحنُ نجدُ ما يُجففُ رُوحنا من دَسنِ الإخفاقاتِ المُتعددة ..
لذلك يصعبُ أن نُبقيَ كلمة مُحتمل ضمنَ قامُوس حياتنا البائِسة
لأنها لا تجلبُ خلفها سوى وبالِ الخراب والأحزان ،
كُلما حاولنا أن نطوِّق أنفسنا بقيُود العشق ضِعنا وسطَ تلكَ الغياهب المُظلمة
التي بهُتَت ألوانها وباتت تفتقدُ الحياة ،
فكيفَ لقلبِ عاشق أن يَتحوَّل لسِراجٍ يُنيرُ عتمة الليالي العُجاف
ويستدلُّ النَّبضُ بحرارتِه ليكشِفَ وُجهة الأنفاس ،
بل كيف تستنيرُ الخُطوات من ظُلمة الملذاتِ التي تُباهي بها الوحدة القاتلة ،..
فما بيْنَ مُتعة الشَّوقِ الشَّقي وانهزامِ الجرُوح السقيمة ،
عزَّ العناقُ فينا لقاءهُ بعدَ طُول غياب ؛
فهل ستسمحُ الأقدارُ لعفوية الحُنجرة
التي لا تُتقنُ سوى أن تتهجى حُروفَ اللهفةِ لتُحدِث ضجَّة على صدرِ الحُب لعلَّها تتأنق لاحتضانِ الأمل ،
أم سنتركُ لصُدفة اللحظاتِ مجالا لتُباعدَ بين الماضِي والمُستقبل كي تسكنَ الذكرياتُ في وجدِ الحاضِر أكثر ،
أو رُبما سنتساءلُ سويَّة بكُل شفافيَّة :
هل يزهُو العشقُ بدُون صدَى الحَبيب …؟؟؟
أشكُّ في أن الإجابة غير متوف

[imgl]data:image/jpeg;base64,/9j/4AAQSkZJRgABAQAAAQABAAD/2wCEAAkGBxMTEhUTExMWFhUXFx8bGBgYGSAdGhseICAgICAhIS AbICghIB0lIB4eIzEiJyorLi4uGyAzODMsNygtMCsBCgoKDg0O GxAQGy8mICYtLy0tLzItNS01NTAtLS0tLS8tLS0tLy8tLTAvLT UtLS0vLS0tLS0tLS0tLS0tLS0tLf/AABEIALcBEwMBIgACEQEDEQH/xAAcAAADAAMBAQEAAAAAAAAAAAAEBQYAAgMHAQj/xAA/EAACAQMDAwMDAgMGBgEDBQABAhEDEiEABDEFIkETUWEGMnGBkS NCoRRSscHh8AczYoLR8XIVJJIWF0Oi8v/EABkBAAMBAQEAAAAAAAAAAAAAAAECAwAEBv/EACsRAAICAgIBAgUFAAMAAAAAAAABAhEhMQMSQSJREzJhcfCBk aGx0RQzQv/aAAwDAQACEQMRAD8ATV65BJJJMe+vm06ieF58a4btCatT/pYqAfifb/46IpbO55QTgYHJ8f46g3k9FF26HOzAuV2AsJyPBI4GmlWg25FO kSAjA31DBgEecC44VQfBHODoPZdMLhCQACTHyOOMcHX2nQp7QA 1jUr1SVu8IsnAVeOJMkSZ1rE5EnKkPN7sV2xod0habELPc1kEE eW+cj7tLa2/LtVeHYRgPAILETwIiJx86oPqmrCXif+WLRgMoPP5Exj48aQUdw/oU2aszl3E9oWnaIzMwYJHOfbR8iwzG3sKrbaiduKsG9MpADAyS WUrMG3iY8A+dB0XpWsFgMQWmSD3G7AJzH254/bXKrt3Hd6rOjqe1SaTMICm+oGudZUQMC1gO4aTbcig74F3qYU5 LgkggEMYtP6R50rQIXTv3KXoPUXRHPpcCVnyfA/GmnUtzTcWNdTtpoVFMyrtJkAGATwJH9ddNr0U1RTKtaBmB50B9 RVWV/RAlkZTNxkiQTlYzaAuQREe+joLcXJJbE+425p7gNTqEgHuZuAu Bk8RPGciNVLfxKqregKkZB9xIwPcf1xpCZQSGEsJgyohsFCMm4 QPjknnTLf8ARvV26emwosGuqlPuqC4A5mRIJM540jj5ZpScdDp NuC62tSLlzczAEhQpEZzE+dI6/TaiIrXU6iioY9Mnvk8GSbOIAk8c6X9K6e1Ko4FQuVqEgHkF+4A D2jx7AfOqRNszFiLVEs9alEklsTI8iD5zceNMmmLbjTTF4rldw FIYUrmJuT2/OSMnPHaMzpdudqg3y1VrNTUt3qvdcqjtQDFoAJPnk/nRfUhLKBUBC0T909p7jL3dxiABEY99JOu9T2wjb7mmzNIX+GCa iMeCLROZYA4Jt1m60GbXnZV19oaYa4n06oWG7bFb2wcTgE+YOd D0C4UU6guYKRdN1pbBCtwYM/jH6EdQohKKU2uCiQ4cgjCjN5AF/BtkntOPOhAyIvpllal6lwYMCVYk4gY9jg+8+5bQqdqjtuqZJqJ U/iENMicLJEnER8iPPxo+9Slxm8wEX7r1gmIODOT7/OuBpFHYyCRNpMyZCnj+YCCfg647fYrVQoGAqFOGOSZPsZ8++h9 jYrP0NvqBzJClgqFiYBxg5LEyMn48+BiZ6vSMU0uLQMseD2mDz Pxz41RdVrWvUKkghSQpgRJE4nIx8jOB41Mb1V9OGII9u6QBwJn IAwBxHjRbHg6Q26bfUUi7uCwjHBKCBEDxIb/+v6EbfahJYZYmCTxJEfmBM61+kd1K1CFWLIvgAADgRMYz++dMu r06dChSLEEu45yCZB54H5/x0OvkPxOuPfBtR6vTT11WGFMESouUwvg4wIM+xkczpf8ATHSxf 6xytwIxAk+Zngd34wfbXAgIrWlnFRm7jkd5JMTMc+Pnzp/Q6ktOiKTEWAW3AHJIJjgEcfE/GjZGXaEPvsRdSpAOGqw1rAD4HJt9jMidC7zchiHp/wANaUIpaJbycDydHdX60tjAI0xMgHDn8+OfHvqc3tQjbq9xksc f5/nWwWinVtGbirTBNW7uacTJz/hnRO2q1fT7ak1CY7sgA+fjGpZ9xODpsHUgKWtJgsR7eRgGCeJ+ dHBmqVD3ZfSzj1Slb1HW1pPgAAAA4gCDx4jnQG96Y25tdqSM5A l0BLGCBySMS0T8n+7rvsd3VYVKdNu2pKsCsm0cgFYF3P7HQtKv 6aNRUWxiq4IMAKGKLjtYgoDGQGxkzpXolLeNCndXIrIile1UqO DmRhjAwFM8Z58RhRubRBUSB+s+IzmI/TTWpuCEZbRkykHAMZgg5Amf0HvpXXphRA+BjJz/AJ+/66WIKSe7OdNVIBuAnxA/86zXylTSBJE6zT2UVB9TbkkKkd1QFCDkiI5HA+P/ABprt6L0WCObCSPEyD9yyJ/H6GQNC0dulM1JVywYC6e0L4aRMEZFvOvm43JDkCpIDlgRJuzg5 84GtVsbWS36rTpqid4DKAFKEGI+4HyDMa7P012oqQqPUu9QE+R 8+5gAan9hvDZBy84PnxPz7/uPnTvp28elarITVJKiTMxBJzBjP66VqmT/APNNgW73FV2Rye4sVN32rHwP+79IwSNdk2oNBqg76oqKzqabWw ZugBoxH/bBxrRKNWjXVrFBuN+ZBBdYOSAV8+Y88abdSWq1e6iy1GUmwhRA DqC0EYDdkEf9UxzOzYZT8LVCbdbYNttiTRZLQpsYMEtiMAEwTd JHntmSNB9VomtU/h0h2lTCg4mJnP8AenPkk6rFrPWo06bhg1wamVAgqGGMyQVibfj 41N0qrAs0lXEFuA0EZlcGQDlfHHjWXuDhTt3sedGrOKjL/OuAp9/OgOsCovqtuSpLEBGkBFB+ThR7k+w+NfNtTH/27NVbzmJ8k5/cc++uo62rO9NySjO1ORBtI4OCeZX99ZFH81rYB1LpbOUJbtjBg wQI4mDAHv8APtqy6Vtoo2spYFDgYMARzPJGlTdSSntrQpaHNkD EFiREZ49+ZOmHTet20r2EKOY4g/Pg5GinmmT5O8+PHueP09/Vff0d4hp2inE1LVfA7gyypLFrrYwR+MekdBWpFUljbVSb0OVP7 zgzqZ6z0b0N0trO6lbsvgyxIH/aSRIMxqj+jalGmtRVV1AkC5rrXuhk4kAYMkmQW9tDegKPWDfvk lfqypV9Y06xAcoq7RiC1N4A5LL3OTz7YjOTH9WfdbbtrX0ngBK tKs5RgowjFmLQAwIAwOAuSR6p9WNtX2q0twrVBSuZbRLFYJkGZ ED2IIiRrzXpO5Sqzozhb6i+k1WoHIgyFa6CCVJAfAYoVOSNFHP y7/P5PQKVEnY274o1dgr0qlWkbDUIABIuANQjtmVJkduclL0t2kVl oFT9tSkIPOT6bB7WiBhpwRjnR/TFqJ6m3ZA9Eo2ARaVtER3XCJIMTMfjU4vXKFWpR9J3PqIXEG2F GJnxAHnnMZ0WykMPJTv1a0PRCg2hg4YtLPHCsASoI8gGM4xpZt Oq7OrU7ais4J/hkd6NJUB3BI5HE5EHIOi6NNy1NyXQjwCpcWi0q84gAHMn+bONd 6lDEAq4cthwJOOGnxEjwMwcEnSr2HavK/X8/PYX7jYku3pm+omHLSb1kKsRGBkwOYB0ktdjDIFNxWDIBk4mMrA J5zjVt0ykHVVc1FOFnyeD3SJGcW4jIOdBfUWyVKhqEkSRPEH2i SDnEkTo9TRl6qJPa0GFN1Jj3CmVIyef9M6YdULRQWnDosBRAJD GeJ8RJPxM8Trl0+nTq1UpLIAIkYHAyJGDx+fxpluVsX04sdifS Ldy2iA0wckgjBAi4c50KspyN9etm/VuolqSKstUxnGCQJJjHOf21psqG6N3qL2smSSApImCbWmQcgRm NDb+gTWSs1R3YGBTugD9B4medOXqAqzqGQmO26MgGPgRiSRkaJ m/Qo0I99056j0UFWWjuLcmPjwOcfOlXV7iUpti3ET2k+T+dUey6P ua1dnBRbB/N+p8f46VbvYBqxNSZXJWDHIBAx/X/HQHU46RNbnaRyCCf8f/ABpp0HamoWcKbEWOQC3/AFAEHAxB/wDBGgvroLTRIPLcCYAif1Pz8a+9A6W77clarK0jzCgExEzABnO CdFE5Sd0iv/slFdslg/jElFk4nLFj7KIJn4/GlGz3GbDLKFHqWwxJW5Z5taagfu5hFzLacdS2xp1GVodgl6d8F FUAkiAZBYSRzgfqqppNFUpQKtRrZMlimFu5gA8/qP0EiTpsUdX29zFkUglcKCzGYJdo+4LdJH6nOgGckzUCyZAYCT 4M+M+PwD+rbqIApiJWCFHA7BHOBnI5/HONLUoki4GAeLuBnAHxiIyeedCsjJZEtQEEi1DHmNZqpr7+iGI bbICOYMZ86+61mo+7nfJUpPQtizup8y2czn99IlqYAxxx/wCddoUWzNwHIPH441029IsCQQScS3v7/HtqlFkhr0jeLeFUd6kGCRnnI9x51Tt1ij6tNgCKk2wQY/8AH6/+dIDs0X06lNi1akbKooAOGkgieJIgKQbSPnGtfqbrFE0BVa5GB gBSabPIIiZGJ+fHnSNZJYVv2H/Xat9U1UqJYAFKG1rzOYBlTyvjjImMdd2adM06iUSihkYutUHBM N2GTAkNdEEiNQ1Lqr7ZReigM9oCMzwLUvOBcakwASIMETAALbp 3V6tRU9MmRSIVSJhsyGVgOYzIHjHOmd0GOcJ6/obUqxqU2JDrQSsyIyOZhjIIkZMKDMYJPPBX9P27Um3If02R2qM KiwGjtCdsdjG0kqP75OnVPbU6VCo11SnTUCWdrFBdiWFotkQQF LTzjnK+ykaZIDMkhZdjJcCSYkwJnBPtznS23gaDXal4KL6d6jS 9P02Ze0zBPnWvTOm3UKrKge+oGpx7E8Z4tBx+PGpfbU6e4uIOR HEyP1mdfX+o6wb+yUKVS+moYxJwSsQFM5uAngGRk6LvQvKs2sW x91mpdTUhbW9QK44I5hs8gEf+vPFd6jbWqrKB6Sm9ZBvVTBlZn E/rPzrh9PfUYf8AhVhbVsb1adSS4ZSRggBe6MRycjkaP2lOlWoOh IBdWRxGYIjg+YjAgSJx4WmKpPwJep7cqRVFZn2/pgoHUSvgoLQDA7T/AFmeSPprdPSF6f8AKqXxSIkqoAmTggly3M4GMnU59U0dzRohSy vtD2+qCT6ckRKzyT+n403+h6YoqKdT+IrVgQ0q6uppgkwGJAVg c8wQRzox1Y0pZ6rK/Pz7j3cbzaijUNamLUp/xVP3EEDP57uORqT6p9DbMmj6VVrK1rekGN5WZIYyZUcjEgieOH v1BvkqbR/7QGpqyj+KOGFwNrgSCMAe+tOrb12p0qu2FOtTSkLgoIg8EkziF J/3EBumLOFu2Jfpvf1hNAIjslY0nKqqg3Wi9u2Srzcw93YY7Tpl0 bpopUU25NOqiG31ASXS12uURIfAgQAYj7iMqNlv/VNSidqql6Zd1djTqQP+WUemGJksRx49saO3HS66I6bb0QsFajF 3aDdH8KPtee0SZwo8HTbFUcX7FLVrUbD65C01QtAaEs8GVy5me MZI1w2e8EMtWVIUFVnBIzAaGA7vnyRpeel03SaqNWJRSWJjsJz lLTCgO0A5z7657KlSouKQrVKlNFuQ294W0oF7RB5JugE9oY4B0 JVRRdm2mN+jU2qBluOVnHAYzcQV4AIA5MZGmO+2jPQpinUFwEZ ggkeCzAxJxPvGk1JxLJSDILQJXwGj7lYfgTiQhiOQdT3a0dwKR gWhbgVhCW8qT2z8TIhvGjZp23hgn9jVqqLUp/xJBZ1wSR5bwSfxp4StOGVqlSFm0+fEgRkZggfB5zoPd16zVHKr bUUwpglXXGACMmCYiAIPONa7FbXaGU3NchVZSxpMLiLmEH7iOf iTYJ5SAd/TFTdUjVqWXr2gAgH47T+P89HbWglNilQlwGBBAnBBtE8A/HmBoDqRR91TVpRgvbAwJMnk4Bn9P6A6lQqvWtCsBy5gQCCOT4I 5H9NZbHlVK8YOO63tVHJ5GFQcMF9yT5HvpY9EBqjuWZ4m3JJt9 vmBGNVm92z+iysqGR2tMn/Dz7c+w1F7o16dZDTIe0QxDEgfAJ9uNBo3E1K6APqbaLVppKEKV JUSJVjxI/E/4addL+nmNFKQ+6oEuQkRYB3H5JJ/oBpLuCvrBKjsGNK4DtI92BgGI7QCTnu51RdNevtwrkAqVwfaTH +Y1lXkCyrWzh12srTcSj0yVQgCVAMwBybrbYzkjxpRW6WaYLjD HDOjmCecKYiPeeQc6P6jsrqgbJiS0nzcDJwObSB+3nW3UKUlrf t+8zzMcH9/21lsEYpyJCru2LW1GPgYE4BnjxkA6e7TeqyhWphVI7C0GZgkiM gwf8NLU2bO7O3C/rxzH6aN2LRUVznyIj2Aj+k499EzVHT+yETg5JPbAGTOAc+dfNd xtCcmvTz/AHj3R4n5jWaSn7DfDiSm2BZvc6qfp3ZgMQyk3A4mNJqFNBVxwT gH2BP7T7ap9sVNQ+nK2lWSTnPjMe/7e+msq9Ai9P8ARN5LXCsVqKBgB4AgjgSbpI/mnEHX1+koKlj3OqKLOR/PC3TI4ySQSA0aZK7Go16krUggDlXEkGcgD9NdqTFN1EHvWVVvP wQeNB7ItqXpb/PYiNzReqyUqd5WmtNrhgCGGUYzgvfEgxPnwbtqFW9yxmarTzeC GI7hMgzb3ZkEDxqp21YiilTcBFq0I/tDLEtMgRGMZkETFvvie3dcf2mt3OBVAemCxCr9phT7kqTEgc4O TpbyQ45PumDdQ2dSvUQ/2mp6II9KnMMkHuJAkVACDBIBA9oGqBKSJRpqoLhnYcjjgHgeI8 Z106TsYpvWn+UWcNAUlsAntJ4PmB8jXfedOBamlMgLYSHsskrA IMEw3knAP6iT2yUTjHkrx5OdL6danTdqLCefzph0ur6lD1BRpl 2KoZhcBxMmJAn/ABnWn0vWioaDMZ5AnMZ9/wAaMfpfosmRM2zb/Kx8/jnReVaG5ZW+u/Il63s6ZFV+5a1IMA3cCcwwkGYaQQeVIBHkFRtdlU7HNTuIXIwZ I4JIAkGJP651S9U2sMysxsgEIYhSIgC2CRjg6A6ZsIqEsRbPt/loL6h4oWnJMldz9TbenUqbbcU0YIBCvTWopESFJSSWGD3ZBwNW fRdolNERaKpSUQAgLFRE3gye+BJiTB9+fNP+LNBRuFNNU8gkTJ YRcOItEiAP7x4zov8A4WdXW5qDKzVu40gBIIsgjJgEzB4BETxq ngl8X1uL/fX1PQd5y3pI1Vqr96kC0AAWsQxBCEN9okz40m+la1bb1dwrIUA rlQGAg02Nyzb2ntZeOMjGl31hu221EVVBBLKqNhldbi5VjHabQ LTyMx76Z9L367mh6gNVacdnqCIaPDTDLdAEeSZzpHbQya7Uzv1 c0zvHuKUasLZ2kXAKYmSO0ZPkArxPBo3L02qVKigAlb5UgL2hQ 0e0jg84xnSvqHSKlejS3ZYestSxlkQ6Ce4ljEqCWGY/ONcev1vWantyjhHtVagPeaYBYg5i4OAvEgTP3CAmZvFId1N2ks Q1qBZeFtAVZtBWYyYNvnPEwANvWWqVWF9KoWIYEzTUeJjj7W5G Q3Hbopdm6oaJK2uPTj7rpM9x+bXzzLfE6H6fs6dM02pIACgZB8 SZK+wYSZIjvt0UO80FVXStBSoJ9SSxaAFYNcJx7LkYyMc679Y2 nrFA7sti32jjDTxbBInmc+2J0NVqRSULCGoYukEC4AHA5uUkcT 3fqCa3UQoZlKkqkZaJJdjAxycj35+NZaNG1Kzbb7ioqBWYG/JUElwogTEgyf2xk6YU6VNmVxJs4tClcs1qyMi0iPEAjxjS4VEP KRStgEgEszWzkycQp4jX165pULlLWCkZyWqYQmTMsX7eDjNxAw QYi8l5f5+UabnePWesFphKtO2CvcY5yI8/4HXXqG4apt7wvixwqkNxAn8FT4zI44196b1FXpE00S9UBe7LEC WH3ZEZMH8aOobim6UqqkFasEREH2MAZEnk8AT7nQV5NKWVXjRP bjclEo0qR7ER3ZWwygLdKzzADSnxOltYzRqE1JVrRhMtOcR450 Z9Yby3d06qJUY0cOBSIkQD2krnBPcDgge2tepVBaxtYUqovXA8 iSSYAgtPyNBj8U7e9/n6gNIB1IRyTaP2YXAGMnjjxqn6TuKKbW2qM04gMTJY5/2dRfTutBCWV8Myqot/TxxnOqHqpSorOtULUqdo+G8EKM4Hgcx+uiCWqOav6j3EiBVCmA FBC02jjnufznRm5AQgEwz5VokcZGOc+PxpZ03fISqq1pPqFrhl e9QCQ2eDwY51Q1QRTDMUYKQpJ49sTwZIz8aJl9Cer7cqGAEZj5 iATz/vOk/rBWa7JVpGBP5jj9v/AE161WyXJIzEe5P/APnURXZy5zrULJWxq9amTMf11mlD02BjWabBQZ096vqLRpsWda zfdN3IzPtP8sDMwYOK/o1WoKjqyE3end75cAnJweT+mvPuj1jU3LEB7rlJYZUDkyTkHBM 544xOrfpnVwa4d2ANS0MJ+0AGGgx5n+n6SbJpqUbKLe9KqU6io jKVqAgk/wApIMfn3gam+t7wJXbdVFINAwLDIifuF0TGcf8AvVt1xTUosEa GABMckEcD/qgCPzqN3eyqstXb1aaMVAADMVD8yZXuEiOM5Otsmm2rTyDbWrT 3NanvKb3hktr0yhUE3EXBTmzkGSftHzob6kpM9ajWUKKYdkAFT KhRC8hf7zwueTnOln07tqo2cSweizISWA4ckhYMxOYPzzor6np BPRVmYPUFtoza0pEmYAYXSOTIPjM79ZCMqeSj6TWFgtUkPaTmF Ft0kKZuEAi6Y4GIjVhUKjcUVDMLVYuFJjiASo9x/lqOqbJaG6UACGUE2wTmRJgyByCI88GNUG5qOu9ZrjBQBRiDheT 7jT3dNlnU5Z8oDppbvWqRgcYJnJUy0RJK/b4+dM6e/L1yWUhQQq454k/10r6TvQaxMAB8Exz55+DoDrVF6FaJuDoqdqy2SQB2jAi4zwION GslutOmN9vtw9aqGMgO3BVokyCebYxCnjJ9o+Dpbs7H1LSohCo EgnzDAqT8ER7g6l/7Su2QNJp0BEKFJIIEQWugiM8An9NF7bqNanBFQVAWyTglR/MMeJA5M/HGjIW0k0LfqnoaVafozUp2u7qAJDuBPJBkXM0Asv3jJtzGfSRe pTdqW2V2pIzO4qWOUbBH3AsAATauefMHXq+62gNL1gzEgkFA3a AGZlIk4+7nnieNePdR+nq1KtWp0acoadR6drgn0UeDlTkkIcZn 21RZRHkXVqS+3+FZW37bjozutpZBbVLgG6LZIwLWAIYN7sRzGu f0Hu3ek/qHsUIEJEDErEgSYUgf5jyl+juvCiaiNAT02a0AGWgfuWEj5kDA A1Q/8NiKtWqhplqDOxDFhKB+4CB8qp7YE++IWgQnbTvwW1LryilV2x BgoTTYxbxxP+41MVFZK+1jb0kN1QNYbmLEra72iFZlEiCQQT7D Tmv9Ltt9waqS9KBCyCwI8dx9sz7SNT3/ABAr1FRN1Rd0X7KlObSvNpFvjnnP2+MBLlotNpx7JeSkq9RVq6 UqjHuWAICnLAifBWJOR5+SRxpUiKxYLhUVAGEDtAJIA4A8HzJj GoL6P6kalem5BasDLZ+4QP6/nXo38U1VJtUtTlgTa2ViIKwYMnHuRrZBCdo5VahRB3pKWhsGQo zwZkWBBBk8+86I2+1l6jMsqhCgsBbPdFvn+7JA888jW242DU3l oaWUys/aHWZWQLsrB+M40Ftabyw9IuhQkdxQSsgxMrPkZz+mix7pJpnKr X9WuShtByAkYwBwREkAapentTVVVRMsyAMO429sNI4/PM+NQlLbVbUCOMsIccoDBgkngCPxnGdUu562lD+zICXaq1izEw VQyTiEBzBzC4k8mIrlaoa1duy/xKQpmkFIdDBeT2xB7Yg5kcY84G+m9rTDWUWC027kCMGVblEgQB gE+QDjOpzaPc5Wm8KdyBWYMSYKqyTgGGJtI8RHvFb0+sy1/wCGtK2iLXYYDE+fcfOcZ50cDOlfX/ATre3yAWqxcykLCL3FmUg/mYUn+okySCv/AGfdU3SowoVTWpse68MGUUyqgOoFxJj48auequqgkkhvDYzaxg CJIIB8wOfbUXu64ao7NUaG29VCzoWni25VBLKoZrWPHcczGsJT 637AX0tTelt3qulN2BtUHBDZkH8eI0y3e5pB6TF7TZcFYZEwCq keJOfIxpV0vc+jDMxtIuyPLYkiIj8Zzpn1n097tPTFoqpJVvzy BBkSP8NDyUp9bWwvphtdAzKJRyBEMC7oczho4gcQdNKuzVVYqf TqEi4qJAg/3crmB4mDqb6Xsqq1FNSqyOtIDIDPEt+e7A8g5406rO6uw9WqVg MWlQ2YgRaBxJnHtoo10KN8Lg2IJaSvkGB9sniTj/XSSpQAMmOPb/L3086lVM3ADGJIg+SRxxn+vtpA1c3Y95/GmG62F0AtolW/QD/ME6+64elOZGfzrNC0bqSH0tuf4zXByChgL5JkZ8cTzqt6Bt7Kl JnWHnKkiPBX38/jUJ0ftB8TGR/7GIn31QqrHEkZn5nU5QycnF2aRfdI68Gp7h3JZg5SZGArG0jkA wefjXbp/VhWriqcnCH4MkT+IGpLpNy7eqiKTc6rAAMyGx7+JxnB0fS2zUm EipSDtKk54J9+ef8A1otUVi3FUPupdPo7Sq1pYhy1RRAgsY8+2 eP18jUZ17el97tiKQQ0wD735kTP4I/XXXr27Raoq0mYu8iopaQSp5HtOMD20lTfmpu0qW8KYHPAP/vUn8zZyzVSo9R65WVLbCBMVGUtCBhaZ/6Rk5/GNEb0GpXzhvuiQLgv3CPJPafA40ooIUSncRc1KWZvJNvgYPtor e0CGapUUkekgLgmF/b3jj3xrXhWXjLw/Ye7bqVKRTKk9xAJGACePx+NNns4IGF5OvNR1BaVWQxMKBacgFS Jg+xkn/zqy3fVF9MOsBmjDYHuefjVISTRZJTVrBHfXCoaKikoHqqIH/dAxwOCf1PvrajsGp0qanM04/BxyeTwB+APYanKn1ArtMSFBCyMjJP6H99UW26+tRUJ/lNpHsdJF+5Pg6ydtjmhXIpw+BFpBjGJPJiPzqO+rqNWrQKpRWs yoxZ1xUpqtpckIe9ecEnOYIOaHr2/ZbBTpk1GiIWQQCPPAIHv86QfUPT2ejWDmogSmX9UQHcdzenUpq RK9sXkwMeLl08Jrt1DyTtSiedbcgQYHPJx7QcQRBzOvQ/+H3U6lXdvWqhVlACVVUUSwElUgE5OYJx4kHXnFDJIAkTOrT6I3 rUnq1EptVVaXeon7ZUmSAYGD+gOqM44OpHpu437eoUukSv5n8H yJnA/Q6kvrBK9PZs9VE9Go8rEgqTMSIiIga6bPdepVNrywUEDAJkAjk eTj8fjXP6g+pKW46fWpVmJMM1MKSSKisQFPwP25PBGpfc7ZK4s m/8Ahzt3bdGoihhTSWJ4AIjPvr0vdm+qCroDw1MwCO1SSLYgXEk8 ZJ55159/w2K3O9xVxABHsVM/kY4OqjqtO6re9VEX0sqyyYWJNwMHAU54kDxpmifHiNlB1BgArE lnSTIEsFOLQCYMsVBP+uum+FIUlUgVBcwFI3C61zIHgwPBExnS HpvXaVUUURbUdHZQ+WY0+7/8SVGPkaP6vWHqkBAAKgKVFYABYDBskAr8AyZGhmhnPsEbWhsHQ qCVzCmfuiRbnGcg/wCmlmzWhX3QpCqaFXaAmjYRFS8AOGDAzhQpBnknQ/XfqKhSo1aYom1kFWlVSCjBzN0+O8x+uoda9TcdQRxUtqGCHmAC qTBPESIk6McE3NaKGqi7audsphKlQgEgGxipZftj7SYkR+PGrO rVpq9UBbarQSRwyquTz7ePBOpD6xcPT2+4LD1QwADn2kmSOBJP 9NL+nfUdWoz0spYjEC4mbok+8QePnRrBaMowtP8AQ9Gpj/7Z6dQo2GURN2AY7W4KqAcfJxzqH3BPqraxp2i24Ez88Rzp/wBC3S7gVFZe+S9/EDgycyM8ERHJ9p2tVg3nPvOtGSoaGw6htVelUDsAICr7TiDHMY/eNF/TOxpvQdqgBem9q5jmMnwY5jS+FtViRazCJ9x/hnGnoBejNgAzFs+R/wBOSZM6Yo4Ys12BSrWckRTCqoYEgmGYR8+c/GjmjLDJIAKzMxjE8eMce2k23Jp0wB2gwSMnuJaPxJOi9vu0uKl g5PPsCqn40l0icPqB7umGX7p8GZx7an6VDu1Sb0qFLARIiB+ka nGr5kzgxn28f01rtWW7UMBTPt/v9tfdEbdQ6hlLEHzbP9Y1miL2FX1p0SjQoo1FCgv7lnHBz8Hxr 59PdMFdQ2ZmJA5/11z+vGYUUQkklp5PABn4OSPnRX0O9Q0FCBj3GciOfPn/AH+0ZOShZxqbiV3RPpf02FRZkCSCTHGDHEwTo7ddPO42tTbut7 KZUhoKz7HnidfF3rqsFKhYzIUECc+4wMaS9P6qRualV2aJAFMG e7PIHgampy86GU3JNMP6b0ba0kFGps4BUg1YlpPmffUF9ZdPfb V9sWtgAxYtsgHM8gkg/wCOvTG3/rrYrkM02hQCT8x4/wAhpDuOnVN1TXbbguaoqFhAEgLyM/GY1o8t7FcVJXo4f/SKr0kRWVP4Zg5JtgZj9ROh+s9E3j1mmo39nqqty0yIkQQDOSsy cgZOqWkhDRURiAhtiJgwADaTAxOfY6+1qzlVKmEZ1BtaMkgKSx IOeMZ/fQjyMWvBGbrodUMheqDzypyT8aO2D7kItNpLqCZSGjtIWQMEh1 Ag/rzGqnebJxDOUBkwcZ/Ajn9Brr9P1ClYlrSrnkTAFo5u/wCq79Tq0GnorG0m4vB4Vv0enWYOVLXSxGOTJx4z48apNiirWYz NNwGIHkj86vuv/Re1rV6tZaAYsZYh8k8EwDpZu/oxEIIDqDjDz4iIIn9dTU8pZI8cEpZ0aDraMuBkYzpT1pzU2VZV Z7rXNSpaSEVZYgMo/mAVCt3DsSIXL/pf0vQqoUDuGnDfd+4xqS+plGzfc7O4OdzRaqWZjTWnE4Akgk+n MAd0AHGVMYr4yaVYK8+JY9jz5CAhYE3Tzq//AOHr0yPTOHYqSI+4ZUjBm3uJOOJ1BbQEkSJEiP386ufoEO+5up F0ZMwoMMgPBIwPyREkcavOns5oOnZx6fSf1qFR6ciPSaFlfuMA zyJgSePPGnZO6O5r7kbb1Vptb3LYSYyDIF1pJ7v5gAfOu266TX LqtOk4S6LQGVllpmYJAB8jIjQH1jT3lJVSgKnpVCGYUg5LOB3O 0CAzMTIHMT5nScfNCcGOm1Qo+heplN2Jp+o1R5CDAnMz7KATr1 brXRtputo22R0oFyxXuEKQSFwDAX7ZA/BnXn30sjU03O0eiyVaiXI8FKynEET9yA8j886B6VsN/s97TNtyL2s7VAoqBmuMyZ5jHxo4vdAcklTGfSfpPc7XdUTXC0w iuozcKs82TAIMqMx44076h0+nVupVGIp3E2jL9xJAlwT2tHtIA HjTL6l+tKNtCg6KhvU3sf8AlxyQRMYkT7H215v17rtalu78A0j baRKnJae6ZVriwOcMCCcHSzcpfJL9aNGVRyNKvSaIprt23dRUS abQBDGZgg/aQfGtvpLpdGs26pekXdGuSp/dA+RwTGox+pEs7mYZyQsyBJnPkxPPONM+jdbqUhVQNAqZYyQfx I99CEZpvtKx+CcVNNlx9VdP2tSKdSVqlVYvPcREDxEQFEDyJ5J 0m23QwtSs9OqrB6JUKRngQPbx741r16rWrbihQWC/pCKl49FgxlYYgYEmScktxjIPTK9ZHqN6bsKchwilgpBhpKjtAO p8nxYyfV49vuCTj3b+of8ATW9elu6VOpTrIXItCxkghsyYKwDK g3e2YGu3S9tV3Z3FMmmpp1jTLFsSCfPJ45gaN+nOtCq4+wOJKm oO1WIIzAJggxx5zpB0NalB1qHFSrUqGqpJKkq/9+SWGT3SZmZMzp+CTlFqSyNxy9STeBh/ZmRvTqEXKwmDjgER8R5036fv2QenMqWmD7+4xI/TU5uX7m8A1CQB4njJ59v0+dG7asY+4g664o7LtFBV3CmjURhLC IwQDA49/M6munVGlb/Ib29vHj/Y1x30j+YgEHg/nS0bh6Po2ksvJFswWlSJjOPGj1o5pellqrAUs+RpTvdtzH82ln ReoGoAokxIj9Qf8J/050Z1beAPYARBBzqbVst8SLQPtdmWUENA9i6CIMcETrNE0VW0f b+t3+TAazRoWmZ1Xpr1SLryfAAn/fzo36c2Nal9pNoa5QVAB8HumR/pzrTcboKQQe5hgJbIUyc4kNojbb+VtjkfcamQP9TGf9dRlGTVE JUylr7vcmDYlsd1pLATxknHtH66U7belQ1tIen6hDMzGeJAUBT JPE4/OjOl0mY2iqMmeyBkiYwYOcd3zESNbElne6kLCbGlQVuYR3EeD8 aRRfkCjhqzba756VT1gxExIbj8sTkQCP8A8To87sl3NUr3GVJg mSPEc4/3jQPS+rUWcq9P0wrdrK5gx5HqcY5Ag/Gs6nXWrUKUqZZlBdCCFm0wZuGD+f30U8U0CFLD0EU61tUAs4ME AgC3kEEyfGR/hzo07mmhgkTzmbi2cABcnE5M612VQVUF9NQQQGkK4PBnGT/poDrHSyaqqrtSKrAt4McGGXJ8QGBnOpOti0abuvKAm0EnMc8+Z Gu+1r+m4VxcpXB9saB6nsyaI9Kp6rjF0AD5jJjM499dtsGK00u BfE2mVI7rgSDyYxznVoUonbxenjfYHFcMzGldeCYABAg+DnP76 7mszJ5TxEk449sGZOnVbodWQBaVt/uyB5IAMwIH/rS/q+wqBWewAQZtIHAEm0T8/tpYtXk5YV2yKukk0iyqQx5kMQM4zif299ea77rQq9RrV3qVfTZ npgpDNYJCxfAjgxjzr0rZ7V0Q1UVWjtg8zBg/bAIP/rXie25AJziZ+fPvq0Ftg5ZtythtOnnH2r/lxgaf/Q24t3BFxUMhUnwcg+Afb2OY0sfbgBrWVh5KTE9sjuAI+4ePeJG dUf8Aw86YKu6kqxsWRaYMyADjkROPOs2LHDs9F3e63LGYJYkiK Y7QRzMHMfPOlPU91uaYpG5pURKkWkFjypMwOOOBqi2OypkXl6y x7taBzgz5941y3mzR0CnuCkWsDODzgKWIED83eMan1g7VBV0Aj c13F1R6LlRaA3Oc4bwNKR9PU69T+MoVzlGo1CYn3DyD4yNPaXR qYqS74yA64CRxIIII8ZjgaYVNsHlqb3KAMhAqn3gnH7a5Z9IW7/saXqejz7qP0JU9eF3KNDAlatysQMjuUGJ4mMc6X/WX0jvqtZ6y0Q8hZFKp6hMKAD3Q0m3iMca9D3OxardmxCPuktM8 QQxA/GNGUqdIMophRUtgHKExy2f5gWHJznTqcvDQjgj88V9tVSQ9N1I 8MpH9CNUtf6ds2VPciqtS4dyj+X869kXcbiXUgVFm0hmBYfP2n 9tSXVeh1K2+ioTS2tS2mUEXEgewGM+ddEZ26G44K6IHrPUy77d FqeolOhBcF5iCoBVsKRHj3Ek4jqvXNytWkVLKK1BhUAmJdYM/sDr2gUUUkU0okoTAtAI4EHETri9cgAGkSCBLLTUqB7XDHxqUuW nbQrTZ4ht9yyBHUsK3JcEiI+OM86edJeruawmGYTkmP66r/qT6UXev6tJ6dIxhLLD+w5/Ol+2/4cbkTbVpnHv/AL/2NV4uaLQeNJStiipaykkEEHHyNcKDG4fnX3q1BqDnbsVLJyV9z mM+0632FN2MjMfMavfsdkZ+k7dRovF3ptwf9418f6fVqciqxa2 QopmLuYmR++ulbebkL2uwEZgwNIam9rhp9R+f7x0bwQ5bY6+lO iekW9QvzIA8GIyCf6jOlUTWbJiTp0vUHeFZ4YAQwwD+2Z+Z0t6 p1IVHaq2HYC6BEsME48tAY/JbSJggs5HW2ttGBr5pDS6tAA1mh2Ldkdd71ElUtqZtyfTIMHBB knAJK85zxrXZ7mT9xP7gfsPbSPb9cpMZemZ5JQlZx5kgYPJ8+P lz0YByrLTJ8SASJOMyYmY48NPjRWCHFJFTs6lNSrIQWKSYGQcj kdoGPJmdC1q6VbVYlTlZsZiTkC4AwCTHI8DI0V0p0oFjWVQG4Z mtp9pgeAJJOJJP75G6tv8AbU3SrRoB4BLoslhJEFCBzI4n58Tp JNLyNO3DeDNxt6jCKdZGUEBh9pMD+W8AgR4bz+2iNiKbMobdsp OJuIIuEZeixVQLYkkAycCNJNl9RIEh6dpZCbhkYwTee5Y5jPjj Ms6/U6MNTq1L1XvpOMliQJjIVRIMg/EBY0ve8kKHtX6QVaatt9ySFuVriRhoy0nuVYkrGRPPBDpfT9eo KlNazjCghX9Om0YkgIRaBPA5OQCNC0OuhDTj1VUuAHsIDfgZGR nk8GB5196p1yi+6VEpm5BZehAtXH4/biQM6SXNGKsdpPQ96MHpA0mqCqRg9wJUnMEzLRBkwB+ND1Wdag h1ElP5gSSSx/vEAZBgD3J513kuhsVOCGmSWgDhhdKwSeQRaRHILKhsVr0FD4i0 3TJlTIzj/eNbi5VNYOmE26vwLOu9Z3Eg0lp4iWIabSctKMCvwf8AKdB0vq0/w6NqhiQAWFVluMZJqglPP82I851R7aixLCaxYSDbBQDEn+Kihc RIEx4PnXPZU6Fp9NjBZlKzLkiGtH8+AJ/bWlGL+ZHNbbEWz6kxrXAsVw2GJA/+MAWr4iBMD868s+p0Vd5WCxAqNwZH3HzOde0dO6ZTa6KawCQF7 gMe+CQeePnjXjX1rb/b69oCgspgY5RScSeTnnz4408JZ60NzJxSTOXTKwyuckSPJHmBz iOfxr0n6C2J2y3sUmrT/wCartwZIW2224ERyPP515MzQVHB17T9JbhH2FJWQuLSXAYdouK Xw7ADN3HufAOtyulaJRHVLqROYF0YZqTQRbGIB7hmM+c8aYdM3 aqCIpBbQRAsVpLGSZhSQPbMHShNg4CpTremzCKau0lwFt7oJVi G7sZDGeDGl/Qt2fWej6tAuuCi1RknuH3D7oJEDzOBGEWVh/wNaRWNtqZemAwAAJsBYr4/mkZzgGcDW2/o1FLMoRMSSWIE+OGEiD4jQo25EuyhVMlmyDAE91sH7iB+59p67 egzKrU2lWmBVBDfsy3DxE5IPI1TrigWZRqiWWrQ7myBfcWjmOF 5zHJ9jzoerUZDTdduTIKkGROQQe4mBCnx5M61p7eqTh2u4JIIH AgXCPJP/wAbW0o6hX3K9ooMO43PeDMk2c8hzGBJ5ke8+qjmg2P6e2NMmqi llJLAoQ4A9hmSeYjAjQG13ZepTqVKQWq1z+kXExkCADEnnkalf qarvaZJVnoqqg1AHicxcLhJmQTAP7Axx2fXKNZwu4L/AG8lUu4J5UCAI8iB50nVLT/cKZ6JX3cLNNGVyRM2iz35mR+J18G7c2ti4+5ggcyBMA/46nk3+2W0CpcLIgVJMEYiV/w9jorp706ieoaZFJxKWveScAEYHuMab4cZAHS7sEFagBUmFIaG j8HM88a+irtyMc5ADXKPz7/qdJBsqlNGZLvVOQLgDiPBwP1986BdazgFtxZVYAGlaCBJyCRjj OD40vwmg0Qu4QVt7UAwr12Agz23ETJ5xqpqdMoo8I8CMCMfuef 66Ubb6eakykmG5gj5jnzOjFUz766vszqhAbL0ek6xkfrjS7d/SNNhIciPjH666KXXzHt2t/5GtTvSAQ5n/sZh8YGkal4Ys1Qs3HQVpCDVJn+7MR8zqb3fTTkBpzjVd/8AUaNsAMCw/usLvwIn9J0JQ24Pg60ey2GHD2VkK/TKs8HWa9HHTQc4/fWacX/jmlLoNNal3ospVhMFRNoiSuSSQSCAF5Hk6NPRaJuchQJm40xIY DJIUzxy0AGTqa2G6YlLphQImfc/3snyNWIqkpw3v9xn/X/TSybsC4sCDfdMSggc0lCt/MCqliTiBdAwGAAJiTlca3obmkNuHfbFmvAU0qcniQW9PEYj2z5 043Q26bWoalEmqywsn+U4uU+YPj41Jv0xgyJTrNTUBQR3FGYRm IEmCJAPg8RnVF/MRceoVR2u19VhWoWlm7Svrfce7hFpqARnEibvNo103O5p+qRRR K4tZW9RF7GwQLSrMIOB2z8Z0Xt+nbcwVkm10LNU9MTyJIcX25Y ERgfqFu/2Ra2otNUZUuNigoO5jIggoGUZLLOPHhesXIS8GbLfq9b+MzE2E rSVmtByDhewAxOAT2GTIOqHqHVaa+mNqQgdENQSD35BkE3FciV xMjHJC09UquPTek1TbsAO1QHkqCA0FUEEEcAmZk5l+282bbepN FVdQVFNIvYHDLJx4n9NFxj7DLMX9DXa0H9P1B/ZrisK60wpAMmMLjn2MSffB226mKaBWQXMoAMlvYGWPkRz7EfOp SrXRkUjCgyq+o7WiBCkubrh5nz8RrvX3TJ6b9sggAkyWAyBiAB 7zJnj4yiksHZGKioyopuqdfSnUVadt382S0HMBliO6YHGQMiBr inVXB9Q00JViva6glTBSFFxAggmCB8CZ0p6/uae4q06goy6AM6faGMgAXSJgniGwciCdL+revUrOtMU8k3q1y9 5ZYgtaXYThSQACSBJgHqccmlI23vUarVXU1grNM2zx/idJN39DJUgh6gIjIpnJYj+aIK+ZOc/u0fpTpXUOpfgF0b7SYAuHcYkj5IYRJxqg3gG3FwqLSHqTNSs9p 8qFvU0+cG1A2OeDotVorzuMkqJn/8AbykKiU2q1bhErYsAsSACysWHEzGPBwRpn0yqKTNSosQaSm6l UIYXTOFSTeGkibvmBk7bbeMWv9QtN3qU6iXCipxdTUk3IIuH34 jtjOjhRoNWJRlO4KgAhEtLczhUJyZiRB0klayc+hz/AGqpcLU+7uAS4gIAFIbsAJP3ROABnmdOm7o3kFiQBah7Gt5HcA 3BIgHI5zyAn23XtvXDUjXQ1j9/3oATh2EkcwGAEmXJkQTrpS2O6vW0eobmLNaje4GRI4NsjkHBOT pHFrRl9ShpbhAVY1wr3SbUwwyCDEmMASZiB+dC/wD6rouyqKgVhIYGk4YMT2dz4AbMAiD+o0vp2H1P4MVKUBmCh2A P3BcmwqYOCBk59yaNVFqoLnamVHaCqqMAw5IFsE+YJmPMaV96N hnTenqCkVae5oWNhkqqQAOSVZLhOZgiQCMmMttnu6rhlcKX7YN KqxVgByLwpEHmC0YknXM1DSpi1aNIB4EYI+bVJ7jaJUe0yPH3o u9V0K06WCv89NqeCfZwDa2M/rLc6pbFCq3TqThlNMEGT3kHtOCoJ4GAsTjORGhKHSNub1WjeAk XVCrEYMKDMi0/7861UVLkalS2xVm/iHKPa0ElSnqK7AGW+3Mwck6K2f8AZmQmkxPp1DdDsnEzkcr8GR Oj1WykH6W8kRR/4efxFdK7sEqSbh6eByAx/wD5FOQbYgwfcNaX0jYbWuaoR2VRiY4hgBHMQTBxxiKja7syTFQ KVMjJMA4ItX9O05+Tr56/aBTIWGCzhROIS0ntMduYyRI1Jxi0hOzQhp9Ba0XV6qhSCrB8mP BBdlAOfI0RV6buEqLIRqLdxZqKm1jIA/h2v4HeJiR8kOqTOwz2m2CQFIZhEHkGeOD7e2DmXKi4jnAII/qJ48D9NUjdWbuyd6p6aL3yhjJCk4xi4yB+5wPfU+K9AN3F4OZK f4QQf11cVnVYDAn3YwJjMwZn9JONSdfqlNjYaNaqJ+5aY9LuwL rjkn3BHHGlk2dEJtI022/6bcWqVCJxDMRj3Ang+/8ATTJ6fT6odQ9NpEmGnAPsIxAIkGcaC33030/dIrVVCl8/8wKxM8YMnnzxjgc8n/4cbQq4Q1qakgdlZgvbJ7skEeZjzxzoxsnLktnTcUdmKYamyimC R3FgCZGJLCMn2xH7od7V2ymFdQRyCSSPg858/wDvTmh9HbaSf4xcmG9R5liPcrHIMfg++kXV/pShREoavE5K8f4EmeBwQfEaKVvZXg5GmE0aogefnXzU49OkDHq n/f4Gs1U7e4DukenlcAHI5jx58/Pzrp03rCWsHJHNqljdzjIEcY41tvq4cQATI4E5/b30pXc00YTRuvELliAfMBT8/MaRq0cvLNweCj3/AFkNQE7d/GIpsvsGkgkN5mB/LAjgjp/1QP4gPa/2/bTkFbRIdQvsLQQQAIk4IA6JUZCtjIoNW1UaoO3jJJJJTPPiI51 v1Lp7USQfTYRIUVDPBOQ62RJ4AU48SRpMR+XZzyzk5VOpU1K06 iBrbWBJY3QSACyrY+bpNpHzOdHUvqNFyrvUEiA5VApMRDK33Wl p7Zm6YHC5qzVGkUlABDIrMLZwDkIoLTnlsRN06+dLoClJNJwwO FAucWliZmbSsAZg4kSJmi1knYXV3leqzLRV0tzTkAVWE+pJa5m LFiIgHtIMiSdB7XeWVEarFRg4NRHLH3jAxABAAMnBkgAa26fSQ 3VfT/jAKAzKQ9xmTFwkwOVjgwVIEsfp/o9Z76atQQHJR1eAVOOYhp8xjjPgSdDLZv1XcValVqirSKO4EU1 LGn9qwbWXOODB5kYxg3QqbYVKfZUSVN1ts/zTcCASDF3AE4Odd93s91TYjdgMhBKPTa558EM5ORJyYwTxOtNv QRfTRlZUYnt9Mi+IMvEKHIgkDntIxwdK2VuS9LB1VyISg9SmGE ipLkIZtVUBIZbWFxBMXCAcAfD1P+zB9upcKATeTK3SAEuKQpMZ kYP4B0+63X29OkPTVadYr/DCpBaZAELlk+FU2xiDqZ2fU0oo0empYgBVIudiQCYZs2jBJEz8 TG+JeCTi0zunUHDG9VNpg3MGafzJniJ47fnXav1BK0UZsmCCQ9 sHwQsSIE9oIIxOcBdaCsQo+48qhM3zwAvJkDj20srNXokyFUWq DfacgBSqhlgkTBAzhjmJM22tFpv0qJRbTrDEWMiCwNJUArAJbB HcoCxkZJY/nTZt7TcIG9UuFA9N6MimxNshuGqYWMzyYkEalqdekKZHq2pURm ZKYgqSZVSakF5lZmciR7jXbhqgNl1PH8Q+pOAFLMBaHN2ewEic +NFzp5IdRv1D6Vp1kD0rVa6wyWqDMCe7uSp8C8rjnwANvvNuKg vp16SsAUZ2VmAuICvM4Wny3MAC4gaE2vUWE3VKgFrWF5bJY5aQ WkzmCD2czoup1uqUCJt0XEE4JIUQrBqjQREGM8CBAgZcqbqjNF B0vq0kKVqUngBqNQXHubD0yBaxtjJEAqQYwCz27VkYlno2+ZNt WMgYeQ4P8sgYOZjEkOuK601ajWZjPqOawDQB9zAAdxj8ZBMab9 N+oaTFlFU0mYklSpvXgiCVVXBAkCe0GJjg+izZKkpbTFtRBC4F QWlSMWgEC0gEi0eCNdNvQ7GUhQvpwYZsliQSAG8yzSebjk5hBs 9/TeqPTBdAgb/lJGDnCMz55BxJEZYQTt71DvVCXc1JDGVYAgAwqkEyRcJdSYDZA kDdFsXI42zhg4NVCUMsofuAiGzlgSDJaZ40LQ2dNER6Q7swVpg scgQSw4j3Pd3ca67felKdgoAXAA005FvKsIHjgiPxAnQC75z65 VVpUwwClzgA9uYumSCM2+3mCXCtD2ug53G1vKlVDGACQqsOQPg 4tBjyRjga59V39EBXrOqhWNoNSFJ8DlfEEYaAMDiU+03dWnbez C5vysCQYBUMCSRiT8eNca+2im4K1XW0MP4TuDAy3fUukROCnkj M6ziIig2m6QFYYE2i3uP6ybfGBJAOD7wG6MoHYOMDH+cZGNTOx rqqqVcGlMXO4AJMQMKwuk8XGI8R2stvXFpyuIyJjyDk+B8eNCL KximFb4Ag4/E/+Tqabbr6iuDTmIIZ2BMH+YTz7RPGiurdRgcr+AwP+GpV67FiRj 3+ePIzp2kzpfHUSx2YFQta9n25xkAkjBOAQxGAD7ETglaqrVkP aAsSZCkRjkARJ8EnB9sT3TnthiTVeLWiBaOYuMNmJyQIj2GmG0 3NRQpcP3T3E5B4IIF0GMeABH6SdI5JI7VepVRTZyKdQXG0FGFp +csbgQTdABu+IMf17fmpSNqsADBIU2krjlgJwDHn8+H2+QNULD LEBmMybSZEkDkCcmDAOMEgffJ6lKfRLnANqrLeTkw1ptJmfiMQ dDkyPxy6uzymutW44OvmqGuCrEW0xGCHUqwPmVzGdZq3xC/xRZHpuFJAmMrMZjweOf6ac7nZVAiwQTUH2lViABaZ5BFvPMR7k DNZqT2QttZOB6RUaotOeIYUzBMQI7sAmI5+ddafUKIZSZqFSCQ 2IhoGBIJgHmf3191ml55OKtDcsFFRoS776nQ32WsC5w6nt4MqO PxP93Izqp6Nt/7VQY0Hp02oL9ppyCQMtkFQHgwsEDmF1ms1RfMSjnYs3m4RAGrY QKO0ABu5WZbSEIUnAkWgTkc64dM65TZwa0lrcFZUABcQFMgkQI krJyDrNZqNtoKWQrafU1Nv7xUD7j+2cc/gc6Hq1hXKslSqFnIPME/3rv7s5j2/TNZql4RTs5yimG/WnS32y0jRqu9KopBRmP3AYtnAwT4wdSNVGM7gFmp0GQstUggEk QAFUA9wziIjWazRjh0RmsjXou4iqvqEVEtlQBFgPjIkxgAHAA+ dVH1TX29b00VWvZ1EqbWybYJOMkgRkZ1ms0tXRdf9bJDebJqDA 0yS5bMt3I4yRKqBMwQVn8+dDUatRQFqLHb94bFpA9obOAR/lnXzWalN3Jr80LCClFv2KutuEShTqMwrMWEHvJUm6MNC2iYsgi Wkgxhh03p1yeugcQ+e4DIUkYEAfzERxB4/mzWa4ZNypt+/8GoC6x0tFCuXvVFCVREWmTKKfC8xAIBkiJnWm96WtEkF3QIVUw L2EgksZNpKgMAcmI9hrNZow5JS4lJvz/pqTlTBujVqTOW9VmYk/cmCfvJOcEx4/oO0l7mhVq1ZqVlpRaQVX+UyZCqhEkAmJAywkY1ms00puE3QySa HW36sXdBUqOxQ9jlQIVeCQphmYcyPH66C691ncVKtOptqtVEdT glQCSbBaFyJwxmYMe2s1mnfLL5fon+4Hqgnp/UtwVYtUNQUytEKGISR9s3KWYsWm4gHiYAjRtXrNNBTq00Yco8R/NAAJIvJ+QwAu4OdZrNPbq7J0hjt98rorJT7RLXcdit4UGAxuKi Qw4J4z12zVKisVUiCDYbBjBFzgm8HtgFQRmdZrNPxcjlv83/hli2L92Lke42WmSRMj4m4/Pgx840lNBmHYjMkclxOJzmM4J1ms1RyaSov2dHTbbr0m9RWCyI AKyDHOAABkGDznnzox/qFHQypaOSeJPtJn+WYMr/hrNZq/RNCNYsB3nU3FNqopUyoW8z2yplD9vBOTIgzg4J0k33XBXZmE0a QHb/MCxwoYSRAzwvEY1ms1PigsojLYcm2UAAsoIAGTU8DnBIzz+us1 ms1N8lPSG6o/9k=[/imgl]


modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

قديم 20-01-17, 03:04 PM   #554

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,239
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

فصل رائع كله أحداث شيقة و وجدان هانم طلعت رقم 5 فى زعماء عشيرة المافيا السوداء و هذه مفاجأة من العيار الثقيل وإن شاء الله ينكشف أمرها و تغور و نخلص منها ... عموما عزيزتى الكونتيسة نسرينا أنت مبدعة وروايتك مميزة جدا لكن بعد أذنك لى تصحيح لعبارة "بين المطرقة و السنديان "كما كتبتيها فهى "بين المطرقة و السندان" و ليس السنديان و هو من الاشجارالمعمرة و شكرا جزيلا.

موضى و راكان غير متواجد حالياً  
قديم 22-01-17, 09:23 PM   #555

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

: [حبيبتي ؛ أينما كُنتِ سأصلُ لنجمكِ مهما علا يا شمسَ لياليَّ الآفلة ، سأنسِيك يا سيِّدة عالمي طعمَ الألم حينَ أحقنُكِ بإكسِير السعادة الأبدية ، أنتِ يا ميرنا يا ذات العيُون المُهلكة سأتقاضى منكِ وعدًا بألا تترُكي يدي مُطلقا عن كل لحظة أبعدتِني فيها قسرًا من حياتكِ بحجة الخوف ، فلو أجدُ فسحة لقاء بين عيناي وعينيكِ سأتركُ قلبي ليُخبركِ عن كُل شيء ولا يتركُ شيئا خاصا دُونما قوله .. خُصوصا بعد أن انسَلَّ وجعُ فراقكِ من بين شُقوق جراحي ، التي اصطبغت بأملٍ مُعتم يغدُو ليرسُم وجهَة طريقنا على سبيلِ التلاقي .. أريدكِ أن تُطلقي العنان لبسمةِ ثغركِ حبيبتي فعيناكِ لم تُخلق إلا للضحك ، وأنا لا أنقذكِ من قاعِ الغياب بل أنقذُ نفسي لأنكِ نفسي التي اشتقتُ استنشاق عطرهَا واللهوِ بخُصلاتِ شعرها والتغني بهمساتِ تنهيداتها الصَّامتة ، كُوني مني للحظة يا عسلَ غُروبي ولا تشغلِي بالا قد قارب موعدُ الخلاص يا جمرَة وُضعت على قلبي لتحرقهُ على مهل ، وتذكرني بأثرها الخالدِ على صفحتهِ في أنكِ هنا باقية ولو ابتعدتِ لأبعدِ مكان فأنتِ في الفؤادِ ساكنَة ، والتوبة عن عشقِكِ باطلة فقد حرَّمها دُستُور الغرام وجعلنِي عاشقًا مجنُونا كفرَ بكلِّ النساءِ وآمن بكِ ..…]



modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

قديم 22-01-17, 09:24 PM   #556

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

هل تعتقدينَ أنني سأتنازلُ عن عشقكِ أو أتوبَ عنه ، لا يا عُصفورتي الصغيرة بالرغم من أنَّني تمنيتُ لو كان عشقِي كافيا ليُرضيكِ ويجعلكِ مرهونة بي فأنا أعترفُ يقينا أنني لم أجد في عُمق عينيكِ غير موتي وحياتي يا حياتي" .. !
تأ


modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

قديم 22-01-17, 09:25 PM   #557

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

فبنات الراجي لا يعرفن للحب طريق .. هن مستبدات يمتصصن دمك ويسحرنك بجمالهن وعذوبتهن حتى تصبح أخرقا من فرط عشقك لهن ، وفيما بعد يسحبن أيديهن من رقبتك ويتركنك للموت البطيء .. يسرقن أنفاسك وعقلك ونبضاتك منك لتجد نفسك مفلسا شعوريا أمامهن ولا تستفيق على نفسك حتى تكاد تفقد صوابك وتصبح على حضيض الانهيار

modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

قديم 23-01-17, 12:20 AM   #558

modyblue

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية modyblue

? العضوٌ??? » 321414
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 19,073
?  نُقآطِيْ » modyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond reputemodyblue has a reputation beyond repute
افتراضي

" أتلاشى كما حفنِة سرابٍ أنا وأحلامي الغبية ، لقد فاضَ دمعُ الروحِ وسَرَا في ملامحِي كُلها حتى أنني لم أعُد أتبينُ قسماتِ وجهي لم أعُد أعرفنِي ، ما عادَ هنالكَ شيء يُشبهني سوى الجُمود على جنباتِ هذه الأحجااااار ، مع ذلك أجدُني لا أنفك أثور بداخلي فبراكين الغضبِ متأججة تنتظر لحظة الانفجار ، وقلبي قد كسَروه بمِطرقة لا تعترف بالرحمة ، أحتاجُ للحظة ضُعف مع نفسي أنا بحاجة ماسَّة لأن أبديه فقد سئمتُ من المقاومة ، سئمتُ من التمني والانتظااار ، فلا حبيبتي هي بحبيبتي ولا أنا بقادر على النسيان .. الآن جعلتنِي أعاني في جحيم الأرض بفعلتكِ تركتِ بعضِي عصيَّ الوجد وركلتِ كُلي وابتليتُ بنكسي ، لكن لما أعاتب ومن أعاتب فقد اتضح لي في نِهاية الأمر أنكِ مثلُهم تماما يا حبيبتي مع بعضِ الاختلافِ البسيط ، فأنتِ قد جمَّلتِ الكذب بدهاءٍ أنيق وصرتِ بذلك مأساتِي المُوجعة "

modyblue غير متواجد حالياً  
التوقيع
[imgr]https://scontent.cdninstagram.com/t51.2885-15/e35/13381174_1031484333594500_1155395635_n.jpg?ig_cach e_key=MTI3NDU2NTI5NjAzNjMwNzM2OQ%3D%3D.2[/imgr]

قديم 24-01-17, 02:02 AM   #559

هوس الحلم

? العضوٌ??? » 365831
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 31
?  نُقآطِيْ » هوس الحلم is on a distinguished road
افتراضي



هوس الحلم غير متواجد حالياً  
قديم 06-02-17, 04:45 PM   #560

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,239
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

وحشتينا كونتيسة نسرينا اتمنى أن تكونى بخير و نحن فى انتظارك دمتى لنا يا مبدعة

موضى و راكان غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:24 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.