05-01-15, 11:08 PM | #1 | ||||
عضو ذهبي
| ثعلب درمصرنجا * مكتملة * ثَعْلَبْ دُرْمِصْرَنْجَا في البداية .. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ... أقدم لكل عضو اليوم بداية رواية اكتبها كهاوٍ يكتب ليملأ وقت فراغه و لم آتِ ككاتبٍ متفننٍ فى فنون اللغة ملمٌ بكل تفاصيلها , مجرد هاوٍ اراد ان يشارك إخوانه خواطره على هيئة رواية يكتبها –اذا سُمح له- فى شكل فصولٍ كلما أنجزت جزئا نشرته و تشاركته معكم. أرجو أن يكون ما سأقدمه خفيف الحث جليل التأثير على القارئ و إعذرونى إن كان بالإسلوب ركاكةً او ضعفًا ... ثعلب درمصرنجا (الجزء الأول) بدأت يومي في منزلي و مستقري الجديد الذى لم اعهد مثله و لم استحسن هيكله و الذي أتمنى أن أهجره فى القريب العاجل لأعود الى موطنى الأصلى الجدير بي... و لكن كيف السبيل فهناك يقبع والدي متساندًا الى جانب الخيمة التى إتخذناها مسكنًا في ذلك الآن و غير بعيد منه اخذت أمى تطهى لنا ما يجلبه أخى من فضلات طعامٍ إنهمك فى تجميعها ,و كنت انا بين هذا و ذاك لا أدرى لماذا إنتقلنا الى هذه الخيمة البغيضة و لماذا تركنا قصرنا الباهر فى جنة وطننا و لا أعرف حتى كم من الوقت سنقضى فى هذا المكان البغيض . على الرغم من صغر سني فى ذلك الحين لكني أدركت خصلةً من خصال الخلق كان كرهي من نصيبها, فقبل أيامٍ كان عيد ميلاد أخى الوحيد الذى يفوقنى فى عدد السنين باحدى عشرة سنة و قد أقام والدى لذلك حفلًا صاخبًا و كنت فى غاية السعادة حينها لا لأن أخى الأكبر سيكمل عامه العشرين ولا لذلك الحفل الصاخب الذى أعدت له والدتى الوانًا من الطعام , لم يكن كل هذا يعنينى بل كان كل ما آمله هو أن يتصل أبى بعمى ليدعوه للحفل فقد كان له ولدًا فى مثل سنى كنا كلما تقابلنا صغنا من المرح ضروبًا و أشكالًا لا نهاية لها. كنت أنتظر وصوله بفارغ صبرى فكلما دق جرس الباب هرولت إتجاهه لعله يخفى ورائه وجه عمى البشوش و إبنه الصديق , انتظرت من الوقت كثيره منتظرًا تلك اللحظة التي تحقق فيها مُرادي أخيرًا و تحقق أملى و رجائي, كان ذلك عندما وصل مسامعي صوت أبى يحيي عمى على باب شقتنا و يداعب إبنه فى بهجةٍ و سعادة و لكنه لم يستطع الإستمرار فى مداعباته فقد كنت أسحب ابن عمى من يده نحو غرفتى فلدينا الكثير لننجزه و لكل من والدينا مديحًا كاذبًا لينجزاه, فلديهما أصدقاء فى الغرفة المجاورة ينتظر كل منهم أن يسمع من الوالدين اكاذيبهما إفتخارًا بها و يُنتظَر كل من عُرِف صديقًا أن يأخذ دوره فى تبادل الأكاذيب التى يبذل قصارى جهده فى إقناع الأخرين بها حتى يكاد هو نفسه يصدقها و يرمى نفسه فى عالم الوهم المطلق, فهناك يجلس أستاذ محمود المحامى بأحد مكاتب المحاماة و هو و إن كان فاشلًا فى إقناع القاضى ببرائة موكليه فهو ليس بالفاشل فى إقناع أصدقاءه بأنه أمهر محامى تم إنجابه على وجه هذه الأرض , و بجانبه يتربع عم سيد البقال الذى لا يتوقف لسانه عن مدح محاسن بضاعته و جمال متجره و هو لا يكتفى بذلك فحسب بل أيضًا يلقى بالأكاذيب على مسامع أصدقاءه فيسخر و يلهو بسمعة باقى تجار الحارة كما الهو انا و ابن عمي بألعابنا الجميلة . كنت بالكاد اسمع المهندس عامر و هو يمدح زوجته و يذكر حسن علاقتهما ببعضهما البعض و يلقى هو الأخر بالأكاذيب فقد رأيته فى سابقة هذه الليلة متخفيًا تاركًا بيته و زوجته طالبًا من أخيه فى صوت هامسٍ محرجٍ لم أسمعه و لكننى إستنتجته من حركة شفائه ان يأويه فى بيته هذه الليلة فقد تشاجر مع زوجته. كنت اخاف الإقتراب من هذه الغرفة حين يوجد بها الكبار لأننى ظننت أن الشياطين تحفها و تتخلل من بداخلها و كنت أتمنى أن يتوقف بى الزمن فلا اصل لسن السادسة عشر و يتم الزج بى رغمًا عنى داخل هذه الغرفة الكئيبة بحجة أننى أصبحت رجلًا و لا أرى صلةً فى واقع الأمر بين الرجولة و هذه الغرفة. لم أشعر ذلك اليوم بمرور الوقت و كأنه يخدعنا كأعدائنا يمر كالريح فى أوقات السعادة و تتوقف عقـاربه عن الدوران فى ساعات الشقاء. ذهبت فى تلك الليلة السعيدة لعائلتى الى سريرى الناعم المريح متمنيًا تكرار يومٍ كهذا او حتى أن يكون كل يومٍ هو عيد ميلاد أخى لأقابل ابن عمى فنكشف عن أشكالٍ جديدةٍ للمرح و لعل أمنيتى لم تكن قوية بما يكفى لتهزم الأقدار ... بقلمي / MnsMas ثعلب درمصرنجا (الجزء الثانى) عندما ايقظتنى امي فى صباح اليوم التالى – كما كنت أعتقد – تلمست فى كلامها صوتًا غريبًا لم أعهده عليها و قد إنتظرت طويلًا حتى تخرج امى من الغرفة لأكمل نومي كما كنت أفعل فى كل صباحٍ مشرقٍ و لكن كان من العجيب أني لم الحظ فى تلك اللحظة اى بادرة ضوءٍ لصباحٍ مشرقٍ فقد كان سوادًا قاتمًا و رغم ذلك لم ابالِ فقد كان لى شعور طفلٍ يريد العودة لنومه مجددًا ليستعيد حلمه الجميل. لم تمضِ لحظات طوال حتى وجدت نفسى أطير فى الهواء و أرفرف في آرجائه , لم تكن قوةً خارقةً من قواى التى ظننت انى أمتلكها بسذاجة عقل الأطفالِ بل كانت يد ابى تحملنى و تجرى رجله به الى خارج المنزل حيث وجدت عمى بسيارته و قد تحول وجهه البشوش الى شكلٍ آخر اجهله و سيارته التى مُلِئت بأمتعة أسرته و التى كنت اظن انه سيجد ما لا يحتاجه منها ليرميه موفرًا مكانًا فى سيارته لنا. لا أعرف ما كان يدور فى رأسه حينها و لكن كان يمكننى ان ارى بعينيَ التى يتخللها النعاس كيف أسرعت السيارة مختفية وراء المنازل الخاوية و بتُّ أسمع أبي يتلفظ بأفظع الألفاظ-على غير طبيعته- في حق أخيه. لم نكن وحدنا فى الشارع انذاك فقد إكتظ الشارع عن آخره على غير عادته فكان مِن مَن حولنا اناسًا يهرعون الى حيث لا اعرف و آخرون يصيحون و ابى من بين كل هؤلاء ينقب عن مَلَكٍ فى الأرض لعله يحمله مع أسرته فيأخذنا الى حيث لا أدرى . حاولت معرفة ما يحدث فكنت كلما سألت والداى ارى الكلمات الحبيسة تحاول الخروج من أفواههما فلا تستطيع و لكنى شعرت أن شيئا ليس بالجيد يوشك أن يحدث و مع ذلك لم أشغل نفسي فى التفكير بالأمر فقد رأيت حافلةً كبيرةً أسرع لها أممٌ من الناس و شاهدت ابي يجرني و معنا امى و اخى يسرعان الى الحافلة التى توقفت ليخرج منها رجل جيشٍ متحدثًا الى الناس فى لهجةٍ قوية شارحًا لهم كلامًا لم أفهمه و لكنى اذكر اننى سمعته يقول بصوته الغليظ كلمة "العدو" و التى ميزتها من بين باقى الكلمات فدائمًا ما يَرِد هذا اللفظ على لسان شخصيات الكرتون و دائمًا ما تكون الهزيمة من نصيب مَن يطلق عليه هذا اللفظ. طلب الرجل ان يتوافق أهل الشارع على خمس عشرة أسرةٍ منهم لركوب الحافلة و لا اعلم إن كان هذا تنبؤٌ بالغيب أم حكمةٌ تعلمتها من وجه عمي فقد علمت أن أمثال هؤلاء الناس فى وقت الشدة لا يملكون القدرة على التوافق فيما بينهم فقد كانت كل العيون منصبةٌ على حصد مكانٍ داخل هذه الحافلة كأنها ستقلهم الى جنة خلدهم , و حقيقةً لا أعلم ما فعله ابى لنحظى أنفسنا بمكانٍ داخل هذه الحافلة و لكننى كنت سعيدًا لذلك رغم انى لم اكن ادرى الى اين تقلنا هذه الحافلة , ببرود الأطفال الذى إمتلكته فى ذلك الحين وضعت رأسي على جانب الحافلة إستعدادًا للنوم و ليتني القيت نظرة وداعٍ أخيرةٍ على منزلى قبل الدخول فى نومٍ عميق. بقلمي / MnsMas (الجزء الثالث) ها انا الأن وسط الخيام فوق نار الصحراء الصفراء على أرضٍ تملأها أجسام بشر القوا بأجسادهم من شدة عنائهم على الصفراءِ , ها انا أرى من كانوا معنا بالأمس القريب حولنا فى الصحراء تحت الشمس الحارقة فى مكانٍ فسيح لا به زرعٌ و لا ماءٌ و لا طعام. لماذا نحن فى هذا المكان ؟ هل تكون رحلة نظمتها القرية أم كابوثًا مؤلمًا أنتظر نهايته بحلول موعد استيقاظى , كان يجب علي أن أفهم ما يحدث حولى رغم صِغَر سنى فأرسلت سمعى لينصت الى ما يقوله بعض الرجال بالجوار و حاولت بعقلى الصغير أن استوعب ما يُقال و بعد فترةٍ من الاستنتاج للكلام الذى يجاهد سمعى لإستخلاصه من حديث الرجال و يكافح عقلى الصغير لفهمه تيقنت الأمر و ليتنى لم أفعل فقد كانت الحقيقة مؤلمةٌ حقًا.. إنها الحرب اللعينة التى تدخل على أخضر الحدائق فتحوله الى إحمرار اللهيب و تقلب بياض النهار الى سواد الليل , و قد كان للمعتدين ما ارادوه من خيراتٍ و نعيم فقد كان من العجيب ما كنت أسمعه عن يقظة عيونٍ حارسة و أمجاد أيادٍ ماهرة و بطولات جيشٍ فدائي و الذى لم أجد من مظاهره نطفةً آنذاك, كان الناس فى حارتنا يتحدثون عن قوة جندنا و عزة شعبنا و كان من المهين حقًا أن يدخل المعتدى ليعتدى فلا يجد جندًا للإعتداء الا قليلًا مِن مَن تماسكوا و ترابطوا , بل و من العجيب أيضًا أن لا يجد شعبًا من ذوي العزة بل يدخل فى هدوءٍ أرضًا قدمها سكانها هديةً و فضلوا حياة الذل عن موت العزة ,شعبًا تفرق هربًا الى كل صوبٍ طالبين مساندة من ظنوه صديقًا* و لكن هيهات هيهات لما يطلبون فلا تستعمل هذه الكلمة بين الدول بل هى سياسة المكسب فمِن قبل كانت الدولة التى نقف على حدودها الأن- المسماه بلباستر – تحاول منافقتنا بأساليبٍ عدة مما يبتكره السياسيون من طرق النفاق طمعًا فى خيرات و نِعَم الغير , اين ذهب هذا النفاق و كيف تحول بنا الحال و استحال , ننافقهم و نتوسل اليهم ليسمحوا لنا بمأوى نحتمى به او برزقٍ نُطعَم منه او حتى بشربة ماءٍ يُحسنوا لنا بها, كل ما قدموه لنا هو قطعةٌ باليةٌ من القماش لكل أسرةٍ هاربةٍ مستجيرة. مرَّت الأيام و لم يتغير الحال , كانت أيام شدةٍ و شقاء و العهد فيها انها سرعان ما تتحول الى ايام يسرٍ و نعيم و لكنى لم اكن أرى لها اى بارقة نورٍ يُأمل ان تغلب ظلام الذل , مرَّت الأيام ليأتى هذا اليوم الكئيب و كنا على موعدٍ مع الحزن المريرفقد وصل مسامعى صراخًا و عويلًا يخرج من خيمةٍ من خيام الصحراء التى إتخذها ابناء وطنٍ ناكرى الجميل موطنًا لهم , لم أفزع من شدة الصوت و لا من اندفاع الناس نحو مصدره فقد تعودت ذلك فى تلك الأرض النائية عن روحى بل كان الفزع كل الفزع عندما تبينت مصدر الصوت ... بقلمي / MnsMas روابط الفصول الفصول 1 ، 2 ، 3 ... اعلاه الفصل الرابع الفصل الخامس الفصل السادس الفصل السابع الفصل الثامن الفصل التاسع الفصل العاشر الفصل الحادي عشر الفصل الخامس عشر و الاخير التعديل الأخير تم بواسطة rontii ; 20-03-16 الساعة 02:50 PM | ||||
08-01-15, 12:57 PM | #2 | ||||
عضو ذهبي
| ثعلب درمصرنجا الفصل الرابع ثعلب درمصرنجا (الجزء الرابع) بقلمى / MnsMas ملحوظة أخيرة : أتمنى ان تكونوا استمتعتم بهذ الفصل و لى طلبٌ و رجاء عند كل قارئٍ ان يشاركنى سواء بالنقد او النقاش البناء و عدم الاكتفاء بالقراءة فقط و للجميع جزيل الشكر منى و فائق الاحترام ... التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 09-01-15 الساعة 01:45 PM | ||||
09-01-15, 06:31 AM | #3 | ||||||||||
مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب
| اخي افرطت باعتذاراتك وجعلتني اتحفز لتصيد الأخطاء ولكن بالنهاية وجدت اسلوب انيق متماسك سلس وقد فزت بقراءة الفصول ارجو لك التوفيق دائما المشرفات سوف ينقلون الموضوع للمنتدى العام لوحي الأعضاء ودي واحترامي | ||||||||||
09-01-15, 01:35 PM | #4 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة وقائدة فريق التصميم في قسم قصص من وحي الأعضاء
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اهلا بك في وحي الاعضاء تم نقل روايتك للقسم العام حتى يتابعها القراء معك وعندها انتهائها سنعيدها لقسم المكتملة ارجو ان تجد المتابعة الطيبة وتحقق النجاح الذي تتمناه ارجو منك المرور على هذا الموضوع والاطلاع عليه فيه قوانين القسم ومواضيع اخرى تفيدك دليل الكتاب والكاتبات الجدد وقوانين قسم قصص من وحي الأعضاء بالتوفيق في باقي الرواية | ||||||||
15-01-15, 04:18 PM | #8 | ||||
عضو ذهبي
| ملحوظة : بعد طلب الأخوة الكرام تم إضافة معجم لبعض الكلمات التى قد لا يكون واضح جلي مرادها للبعض ثعلب درمصرنجا (الجزء الخامس) ما ابغضها من لحظاتٍ يعرض لك فيها عقلك الباطن آلامك و يجسدها إزائك(1) تجسيدًا و ما اسعدها من أوقاتٍ حين تدرك ان لبراعة و مهارة عقلك الباطن حدٌ و زوال و أن لكل كابوسِ يجسده نهايته المحتومة مهما طال امده و بعُد أجله, ما أشدهما من شهرين ينفقهما ذو العشر سنوات فى لهيب الصحراء دون ابٍ و لا صديق و لا طعام الا القليل, يرى اخاه الشاب و قد تغير به الحال يتكلف(2) ما يتكلفه الكبار من اجل الحصول على رزقٍ يسد به جوع أسرته المرير , يصول و يجول طمعًا فى فضلات الطعام و مخلفاتٍ مُنَّ علينا بها من دول الجوار, و امه ما اوفاها من ملاكٍ تحث الدموع على الإنهمار و قد استحال خدها من كثرة ما شهد من دموع ليالى الآسى و الشقاء فأصبح حالها كحال وردة ناصعة الجمال عصفت بها رياح المآسي فأحالتها(3) وحيدةً باليةً بئيسة. بقى الحال و استمرت عواصف الآلام تعصف بأهل الخيام فكلٌ مترقبٌ نصيب اهل خيمته من مصائب الحياة متسائلٌ بمن تنزل النازلة(4) و بمن تفتك الأمراض. يترقب الجميع ذلك اليوم الذى يقطع أواصر(5) الحزن و ينهى الحداد المتصل ,ذلك اليوم الذى يأتى حين تشتد بك المصائب و تعصف بك الأهوال يأتى مثل ذلك اليوم ليلطف الآلام و ليكون اليسرُ بعد العسر فقد وصلت فى يومٍ من أتراب(6) هذه الأيام قاطراتٌ يملئها الطعام و الشراب و الدواء فرح بها كل مواكبٍ و أسرع لها كل هالعٍ ,نزلت هذه القاطرات باليُمن و الخير على أهالى الخيام فأُقيمت الولائم و مُلِئت معدة كل جائع و إرتوى حلق كل ظمئان و إلتئم جرح كل مريض و عمت البسمة وجه كل حزين و كنت انا بين هذا و ذاك تملئنى الحيرة و تطغى عليَّ الدهشة و تباغت الأسئلة عقلى فقد أثبت منطق الحياة أن لكل عطاءٍ مقابل مساوٍ له فى المقدار و يخالفه إتجاهًا فما تُراه يكون مقابل كل هذا المنّ و الكرم ! ,و ربما لم يتأخر الجواب و لم يطل خفاؤه فقد ظهر الجواب جليًا(7) فى غضون ساعات حين وجدتُ مجموعةً من التجار أصحاب الملابس الأنيقة و النفوس المريضة أحاط بهم مجموعةٌ من الحراس أشداء البنية يطلبون صغار السن و حسناوات النساء , يعِدون بحياةٍ أفضل لكل مقبلٍ ملبٍ لدعوتهم و ينعتون كل رافضٍ للدعوة بأنه جمُ(8) الضلال , لقد خيرونا آن ذاك اما حريةً او ما ظننته نعيمًا و رخاء , أغرونا بما قدموه لنا من رزقٍ و طعام ,كان من الصعب على من ضاقت به الدنيا و عصفت به القوارع(9) ان يرفض عرضٍ كهذا او ان يفوِّت فرصة كهذه فهو و إن كان يخشى مكرهم فهو يرى بياض ملابسهم و أناقة مظهرهم و يُمَّنى نفسه بشئٍ من هذا القبيل. لقد كنت- و ان لم يخبرونى بذلك- عبئًا على اخى و ثقلًا على فؤاد امى , لم يكن نفع من وجودى و لا ضرًا من رحيلى, أطرقت كثيرًا فى التفكير لعل عقلى يلهمنى الصواب و يرشدنى الى إتخاذ القرار و لعل عقلى الضئيل لم يدرك آنذاك أن أوهام الضلال كانت تنقب لها عن طريقٍ لتحوم فيه حول عقلى موسوسةً له فى ترددٍ من الآمر الى الرحيل و التنقيب لحياته عن شكلٍ جديد, لم أدرى حينها عواقب القرار و لم أشغل بالى بالتفكير الى اين يُشدُ الرِحال كل ما علمته و تيقنته هو انى أصبحت رجلًا فى وقتٍ سابقٌ لأوانه و أن حياة اللهو و المرح لا مكان لها فى حياة الرجل الا موضعًا فى ذاكرته و لا سبيل لها فى مثل تلك الحال. لم يكن من الصعب عليَّ إتخاذ القرار و إن كنت صغيرًا فى السن لا أقدر عواقب إختياراتى و لا أدرك متى مآبى(10) و لا أملك خبرة الكبار بل ما كان صعبًا حقًا هو ان أخبر امى و اخى بمضمون القرار و انتظر من أمٍ تعشق أبنائها و تبغض مفارقتهم و أخٍ هرُم و أحس بمسؤولياته إتجاه أخيه و شعر أنه معنيٌ بمكان ابيه – رحمه الله – ان يعطيانى ختم المُضي الى مجهولٍ لا أراه , لذلك قررت آنذاك – و إن كان عيبًا مشينًا لم يعهده أفراد عائلتنا- ان لا أخبر أحدًا بصفقتى مع التجار. كان التجار قد أعلنوا انهم مغادرون ليلًا و على من أراد الإلتحاق أن يخلع ثوب الحرية فهناك ثوب ظننت انه مزينٌ بالعسجد(11) بالإنتظار . بتُّ ليلتى الأخيرة من ليالى الصحراء المرار فى أحضان أمى الدافئة التى أتمنى أن تحوى الأقدار على المزيد من حرارة أحضانها حين اللقاء, لم أنتظر طويلًا ليقع أخى و تتبعه امى فى ثباتٍ عميق من شدة الإرهاق , نهضت فى هدوء و حذرٍ شديد مرسلًا قبلةً خفيفةً لتستقر على وجه أمى آمِلًا ألا توقِظها , كان من الصعب الذهاب تاركًا خلف ظهرى من إنتقاهم قلبى ليملأ أركانه بحبهم فلم أدرى لحياتى سبيلًا طوال العشر سنوات غير سبيل عائلتى و كان من العسير تجنب إخبارهم الى أين شددت الرحال – و ان كنت نفسى لا أعلم وجهتى – . خالفت تلك الليلة و لأول مرة قانونًا من قوانين امى فدائمًا ما كانت تقول لى "إن لم يكن المرء صادقًا أمينًا مع والديه فمع من اذًا سيكون" ,ترددت كثيرًا و انا أخطو فوق الرمال وسط مخيمات اللاجئين متذكرًا سلاسل الذكريات و حنين الماضى و لكن عذرًا امى و اخى فقد رددها لى أبى من قبل و ها انا أرددها الآن فانا من أضع قوانيني لأنه ما من أحدٍ غيرى يصنع واقعى ... مرادفات : (1) إزائك : أمامك (2) يتكلف : يتحمل (3) أحالتها : حولتها (4) النازلة : المصيبة (5) أواصر : سلاسل (6) أتراب : أمثال (7) جليًا : واضحًا (8) جمُّ : كثير (9) القوارع : المصائب (10) مآبى : رجوعى (11) العسجد : الذهب تنويه بسيط : تم تقسيم الفصول الأساسية لأجزاء صغيرة كما سبق حتى يسهل نشرها و يسهل على القارئ متابعتها لذلك أعتذر إن شعر البعض بقصر الجزء المنشور , و بذلك تكون كل الأجزاء السابقة المكتوبة -قصدًا- بنظام السرد هى المدخل الأساسى للتوغل فى أحداث الرواية. التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 16-01-15 الساعة 12:21 PM | ||||
17-01-15, 12:40 AM | #9 | ||||||
نجم روايتي
| اولا الاسلوب جيدمبروك على الرواية بعض المعانى صعبة كما وضحت ولكن تبين معانيها من سياق الجمل ماعدا العنوان ثعلب در مصرنجا لم افهم معنى الكلمة صعب على طفل لم يتعدى سنه العشر سنوات يتعرض للتشرد ليس هذا فحسب ولكن ايضا موت والده قراره الذى اتخذه ماذا سيكون مصيره | ||||||
17-01-15, 04:03 PM | #10 | ||||
عضو ذهبي
| أشكركم على تشجيعكم الجميل , و للأسف ما أكتبه نابع من واقع أليم -نتمنى جميعًا نهايته- يتعرض له بعض أطفال الدول العربية المنكوبة و ربما يسوء بهم الحال لأكثر من ذلك اما بالنسبة لعنوان الرواية فربما أميل فى كتابتى الى الغموض و كشف المُخفيات بتقدم احداث الرواية و هو ما يخال لى مناسبًا لطبيعة الانسان فى صغره (الغامض) الى ان يصل لرشده (المستنير) فكلمة "درمصرنجا" كلمةٌ فى العنوان و اول العهد بها فى الأحداث الفصل السابع تقريبًا ( و هى اسم دولة الطفل المحتلة ). و كذلك الحال اتجاه كلمة ثعلب فبتقدم الأحداث يُكشف المستور تقبلوا منى فائق اللإحترام و جلُّ التقدير | ||||
الكلمات الدلالية (Tags) |
ثعلب درمصرنجا, رواية واقعية . |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|