شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   منتدى القصص القصيرة المنقولة (https://www.rewity.com/forum/f167/)
-   -   مملكة الصمت / للكاتب أيمن خالد دراوشة ، أردنية قصة قصيرة (https://www.rewity.com/forum/t348563.html)

لامارا 09-05-16 06:39 PM

مملكة الصمت / للكاتب أيمن خالد دراوشة ، أردنية قصة قصيرة
 




بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نقدم لكم قصة قصيرة
مملكة الصمت
للكاتب \ أيمن خالد داوشة


قراءة ممتعة للجميع......


لامارا 09-05-16 06:44 PM

بسم الله الرحمن الرحيم

https://upload.rewity.com/upfiles/Hlx12386.jpg

لامارا 09-05-16 06:45 PM


ليس أهلها فقراء إلى هذا الحد ! ومع ذلك تركوها دون شاهدة من حجر تربط إليها غصون الآس ! كأنها عاشت دون اسم ، دون وجه ! ينكرونها ! مَنْ غَرَسَ إذنْ هذه العلبة من المعدن في الطين الهش لتوضع فيها أزهاراً لم يجرؤْ أحدٌ أحد على وضعها ؟ مَنْ ؟
زَيَّنَ الأحياءُ المقبرة في صباح العيد بحزم الآس ، وزهر الغريب . حمل بعضهم بزنبق أبيض وأحمر تفتح مبكراً هذه السنة . ثم خرجوا من زيارة الموتى إلى زيارة الأحياء ، إلى الحلوى ، حلوى العيد ، وروائح ِ الطعام وعبق ِ السَّمن.
تَفرَّجَ الموتى من خلف ستائرهم الشفافة على تلك الزيارات . وراقبوا الحزنَ الجاف ، ولاحظوا غيرة الأحياء من راحة الموتى الذين تركوا الهمَّ لمن بقي في الحياة . وتابعوا حواراً بين الأحياء وبين القبور ، لا يستطيع الموتى أن يجيبوا فيه على كلمة ٍ مما يقال . لو استطاعوا لقالوا لأولئك الأحياء : يومَ كنتم تستمتعون بالسَّمن وتأملون بالعسل لم تغبطونا على الموت! وَلَقالوا : تتمنون عودتنا ، فهل تركتم رقعة بقدر الكف لقدم ، أو تركتم شجرة نستظل بها ؟ ولقالوا : زورتم الحسابات فهل تُقَدِّرون الفوضى التي ستعصف بكم لو تحققت رغبتكم فعدنا إلى الحياة ؟ وَلَقالوا : إياكم أن تغرونا بما تخلصنا منه من عواطف الأحياء ! ويجري كثير من العتاب ، وكثير من الغضب والغمِّ ، ولكن الكلام والصمت كانا موزعين بين جانبين يقول كل منهما لنفسه ما يشاء ويتوهم ما أراد !
لم يكن الموتى يتجولون في مملكتهم في أيام الأعياد إلا بعد أن ينصرف الزوار ، وتُغْلَق البوابات . وكانوا يبكِّرون جولتهم في المساء في تلك الأيام كي يتأملوا مملكتهم المزينة بالآس والزهر والريحان. ويوزعوا في عدل ما أخطأ في توزيعه الأحياء . فيفكُّون أغصان الآس المكتظة على شاهدة ليحملوا بعضها إلى شاهدة أخرى قَلّ فيها . وينقلونَ الورد إلى قبور الشباب والفقراء ، ويرشونها بالماء.
هي ، لم تكنْ تعرفُ بعد تلك الواجبات . أحاطَ بها المساءُ فانصرفتْ إلى ما كانت تحبُّه في الحياة . آه ، المساء!
بعد حرِّ النَّهار ، تفتحُ بابَ القاعة وتخرجُ إلى أرض الدار . تغرف الماء بالسطل من البركة وتسكبه على الحجارة البيضاء والسوداء . فتشعر بهواء ساخن يفور من الأرض . ثم تهبُّ الرطوبة ، ويصبح الهواء منعشاً رخياً . ترفع ذراعيها وتسفحُ الماءَ على النباتات المصفوفة في طرف أرض الدار. ترفعُ ذراعَها وتنثرُ الماء على شجرة الليمون ، على البنفسج في الأحواض ، تفورُ النافورة في وسط البركة ، وتدور هي حولَ نفسها . ماذا تفعلين يا زهرة؟! ؟ هل ذهبَ بعقلك الحرُّ ؟ أم المساءُ والماءُ؟ !
تسمعُ كلماتِ أمِّها وهي تَرُشُّ الأشجار بالماء في فصل ٍ ربيعي زاهٍ . تغسلُ روحَها من الغبار ! تغسلُ ذراعيها إلى المرفقين بالرذاذ! ترفع رأسها . ازْرَقَّتْ السماء ! انكسر الحرُ فاستعادت الدنيا ألوانها! يا للمساء ! يغسلُ المدينة ويعيدُ إليها الألوان فلماذا أخرجوها من هناك في تلك الساعة المحبوبة في المساء؟!
تسمعُ أمَّها يا زهرة ، أعطني القهوة! فتحمل الصينية ، ويفوحُ رائحة البن والهيل الذي طحنته قُبَيْل لحظات. وتدخل إلى الزوَّار . نساء على رؤوسهن غطاء بمختلف الأعمار.
يا زهرةُ أعطني القهوة !
تحملُ زهرةُ القهوة وتدخلُ إلى الضيوف . زهرةُ تعرفُ أنَّ الزائراتِ يبحثْنَ لابنهن عن كنز ، آملات باكتشاف نادر الوجود.
تحملُ زهرةُ القهوةُ ، وتدخلُ كي ترضيَ أمَّها.
لا أدري لماذا أقْدَمَ أخي على ذلك حيث جَرَفَـهُ الجنون؟! أنا سَبَبُ جنونِه ، لماذا كان عصبياً ؟ هل لأنه تَخَرَّجَ ولم يجدْ عَمَلاً ؟! مَرَّتْ سنوات وهو ينتقلُ من عمل لأخر فيفشلُ هنا وهناك.
كان يحملُني ويدلِّلُني ، ويشتري لي الحلوياتِ والملابس ، ويجلسني في أرجوحة العيد ، ويشتري لي دفاترَ المدرسة ، وبخطِّه يكتبُ اسمي على المربعات البيضاء .
وَصَلَتْ زهرةُ إلى مملكة الصَّمْتِ قُبَيْل العيد ، وما زالتْ تَحُسُّ بالألم ، وتلمسُ بكفها رقبتها ، وتحسُّ الجرح.
تتساءلُ زهرةُ مقهورة ًمَنْ غَرَسَ تلك العلبةَ في الطين ؟
كانت تتجولُ وحيدةً عندما اقتربَ منها شاب ، ارتعشتْ وابتعدتْ عنه لكنه قطعَ طريقها ، فوقفا وجهاً لوجه . فقال : اغفري لي ! فهل تُصْلِحُ المغفرةُ ما أفسده الدَّهْرُ؟ هل يعودُ إليها المساءُ في أرض ِ الدار في آخر نهار حار ، والماءُ يبلل ذراعيها وهي ترشُّ به الأشجار؟
هل تُداوي المغفرةُ جُرحَها المتوهِّج !
– آه تنسينَ أنَّني عوقبتُ مثلك !
– فلتعاقبْ على حمقك ولكنْ ما ذنبي أنا .
لو عَرَفْتُ جنونَ أخيك لتقدَّمْتُ وطلبتُ يدك دون إبطاء أو تأجيل.
التفتتْ ما زالَ يتبعُها ماذا يريد ؟ أن يواسيَها ؟ وهل توجدُ في هذه مواساة ؟ لكنها تساءلت فجأة : كيف وَصَلَ إلى هنا ؟ ولماذا يلبسُ ملابسَ مملكةِ الصَّمْتِ البيضاء ؟
كان في عُمْر ِ أخيها وصاحبه المقرَّب . بلْ أقرب الأصحاب إلى القلب ، وكانا متلازمين دوماً حتى افترقا ومضى كلٌّ منهما إلى غايته.
أخوها بدأ يبحث عن عمل ، وهذا اشترى سيارة متواضعة وكتب عليها زهرة ، وزينها بالأزهار المختلفة.
بأي حقٍّ يكتبُ اسمَها على سيارته ؟!
وَلِمَ جُنَّ أخوها (صاحبه أيام الطفولة ) عندما كَتَبَ اسمَها على سيارته ، وزيَّنها بالأزهار التي أهيمُ بها ؟
ماذا يقولُ ؟ أحقاً لم يقصد اسمها ؟ هل تناوله في خِفَّة ٍ ولم يُقَدِّرْ أنه سيسبب قتلها ! هل كان يتصوَّرُ أنَّ صاحبه الذي أمضى معه سنوات ٍ في الحارات والشوارع ، يمكنُ أنْ يقتلَ أختَه كالمتوحش!
تتذكرُ زهرةُ أنَّ البلدَ كلَّها تحدثت عن شابٍّ ذَبَحَ أختََه في حديقة منزلها ، وسالَ دَمُها متخضِّباً بالزهور لمجرد أنَّ شخصاً كَتَبَ اسمَها على سيارته.
ترفع كَفَّها ، تلمسُ عنقَها المذبوح . ليس أخي متوحشاً ! الحياة هي المتوحشة ! تلتفتُ إلى الرجل ، أنت أيضاً مذنب ، كَتَبْتَ على السيارة اسمي ، وغطيتها بالأزهار التي أعشقُها.
مَشَتْ وتبعها صامتاً . وتذكرتْ أنَّهُ في مملكة الصَّمْت مثلها برداء ٍ أبيض ، أنت إذن مَنْ غَرَسَ العلبة في الطين الهش ؟ يوم مقتلِها شَطَبَ بالدِّهان الأسود ما كتبه على سيارته ، وأزالَ الأزهار التي كانتْ تُزَيِّنُ سيارتَه. قَطَفَ كلَّ الأزهار من أماكنها وربطها بشرائط حمراء . وسار إلى المقبرة . إذنْ هو مَنْ غَرَسَ العلبةَ في الطِّين ! هو لم يجد شاهدة من الحجر يربطُ بها الآس ، فتناول علبة وغرسها في الطين الهش!
قال : كُنْتُ راكعاً فضبطني أخوك … ولم أجدْ الوقت لأضعَ في العلبة الزهور ! مسحت عينيها وهي تستديرُ عنه : اسكتْ ، اسكتْ..

لامارا 27-11-16 04:56 PM

https://upload.rewity.com/upfiles/fg838225.jpg

أيمن دراوشة 07-04-17 03:20 PM

شكرا جزيلا لشبكة روايتي لنشرها قصتي مملكة الصمت ، كما أتقدم بشكري الكبير على اللوحة الجميلة التي رافق القصة مذيلة باسمي ... عاجز عن شكري وامتناني ... دمتم مبدين متمنيا لكم التوفيق ... أيمن دراوشة ... عذو في الشبكة وسأساهم ببعض كتاباتي هنا ...

Qamar Ali 14-03-18 03:46 PM

السلام عليكم

حقاً قصه جميله و تستحق القرأة

الجنة فؤادي 25-08-18 07:25 PM

رورروووعة شكرا تسلم يدك 😍😍😍😍😍😍😍

tia azar 14-10-19 02:05 AM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .


الساعة الآن 05:25 AM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.