آخر 10 مشاركات
زارا صعبة المنال (11) للكاتبة: Elinor Glyn *كاملة+روابط* (الكاتـب : sanaafatine - )           »          [تحميل]الشيخ سلطان للكاتبه/ تبارك توتايه "عراقيه " ( Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          ثَأري..فَغُفْراَنَك (الكاتـب : حور الحسيني - )           »          أخطأت وأحببتك (60) للكاتبة: لين غراهام ..كاملهــ.. ‏ (الكاتـب : Dalyia - )           »          [تحميل] ملامح الحزن العتيق ، لـ أقدار (جميع الصيغ) (الكاتـب : Topaz. - )           »          العيون الحالمة -شرقية زائرة- للكاتبة الآخاذة: Jάωђάrά49 *كاملة & بالروابط* (الكاتـب : Jάωђάrά49 - )           »          حصاد الامس (الكاتـب : المســــافررر - )           »          آثر على الرمـــال ..قلوب زائرة للكاتبة الآخاذة:*عبير محمد قائد(بيـــرو)* *كاملة* (الكاتـب : ميرا جابر - )           »          أترقّب هديلك (1) *مميزة ومكتملة* .. سلسلة قوارير العطّار (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-01-17, 11:58 PM   #11

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,431
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..

عساكم دوم بخير قرائي و متابعيني ..
أعلم أن غيابي لم يكن مناسباً و كان علي أن أقدم أعذراي للمتابعين .. لقد مررت بفترة صعبة جداً ، فقدت فيها أحباء و غوالي .. رحمهم الله جميعاً
أعتذر لكنني لا أحب أن أتذكر تلك الفترة .. فقد كانت نفسيتي متعبة جداً ، حين يموت ثلاثة من عائلتك في ثلاثة أشهر متتالية ، يكون من الصعب جداً أن تسترد حياتك كأن شيئاً لم يكن .. الحمدلله ، صبرت و لعلي أؤجر على صبري ..
سأعود الآن و أنا أحمل باقة ورد من الاعتذار لكم .. و أتمنى أن تقدروا ظروفي .. و أن لا تتركوني ..
سأعود مساءًا لأضع بين أيديكم الجزء السابع .. أتمنى أن تتفهموا أعذاري و أن تكونوا أكرم مني .. أحبكم جميعاً



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 09-01-17, 12:04 AM   #12

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,431
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



" حتى عند الفراق ، كن رشيقاً ما استطعت .. و التزم بقواعد الفراق ؛ لا تحن ، لا تعُد ، لا تندمْ .. ولا تَخُنْ سراً كان يجمعكما .. "

مقتبسة من : رواية حديثك يشبهني / يامي أحمد


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..
عساكم دوم بخير قرائي و متابعيني ..


الجزء السابع من روايتنا كربة بكماء ، أصبح جاهزاً .. سأضعه الآن بين أيديكم و أتمنى أن ينال إعجابكم ..

لا تلهيكم الرواية عن الصلاة ..

بسم الله ..


( 7 )


روما - ايطاليا

أقوى عشق حصل عليه دون أي كلمات .. تلك المرة الأولى التي يجد فيها نفسه يحمل روحاً عاريةً أمامها ، تجرده من شهادته و من ثقافته و علمه ، تعريه من كل شيء أمامها إلا عشقه .. يظل هو ملتصقاً بجسده كبقايا أوراق شجر ميتة تفضح أكثر مما تستر ! تناول كوباً آخراً من الخمر و عاد ليجلس مكانه على الأرض دون أن يبوح بأي كلمة .. سَخِر منه صديقه كثيراً .. فتاة عربية ، بكماء .. كيف استطاع أن يفكر فيها أساساً ؟! قال له بسخرية :
simon , what are you doing ? did you forget that you are an assistanat profissor ? it's not good for you to love a girl like sadeem ! please get up from your dreams !
( سيمون ، ما الذي تفعله ؟ هل نسيت أنك ستصبح بروفيسور قريباً ؟ ليس من اللائق أن تحب فتاة كسديم ! أرجوك انهض من أوهامك ! )
ابتلع ما داخل الكوب بسرعة و قال ببرود :
its not important , nothing is important .. just i want sadeem to be with me ..! understand me jack please !
( غير مهم ، لا شيء مهم .. كل ما أريده هو أن تكون سديم معي ..! افهمني جاك أرجوك ! )
اقترب منه بغضب لينتشل من يده الكأس و يقول بصراخ :
you are kiiling your self !! stop drinking simon , did you forget who you are ?!
( أنت تقتل نفسك !! توقف عن الشرب ، هل نسيت من أنت ؟ )
تجاهل سيمون كلماته و سحب الزجاجة ليفتحها و يشرب منها بنهمٍ كأنه يطلب من تلك المسكرة العاجزة أن تأخذ من عقله سديم .. تلك الزجاجة لن تأخذ سديم من عقله ، هي ستأخذ عقله و تترك قلبه يتولى الأمر .. هو أعلم بالعشق الذي يكنه لسديم ! و يعلم كيف يعذبه و يشعل نيرانه دون تكلفة ..! رفع جواله و فتحه .. راح يتأمل رقمها الذي سجله حين وقعت الحادثة .. محتار ما بين الاتصال و عدمه .. نظر إلى إسمها بشغف و ذلك البريق في عينيه لم يضيء إلا مجدداً ..! تنقل بين الخيارات حتى وصل إلى " إرسال رسالة " .. بدأ يكتب الكلمات التي تجول في ذهنه ثم يمسحها خوفاً من ردة فعلها .. كان يقول في داخله " كيف لمجرد فتاة بكماء أن تفعل بي ما فعلت ؟! " .. كتب أخيراً بعد العديد من الكلام الذي دُثِر قبل أن يقال :
how are you ? i'm simon ..
( كيف حالك ؟ أنا سيمون .. )
أغلق جواله لينهض بصعوبة عن الأرض ، اقترب منه جاك فرفض مساعدته بشراسة .. استلقى على الكنبة الدافئة و هو يخلع قميصه الكحلي و يلقيه أرضاً .. أطبق عيناه الناعستان القابعتان على وجهٍ يتصبب عرقاً منذ الصباح .. و كل تلك الهواجس الجميلة منها و القبيحة التي يرى من خلالها سديم ، لا تفارقه أبداً ..


*


السعودية - الرياض

هَرعَت إلى هاتف المنزل الأرضي مسرعة حين قرأت تلك الأوراق البيضاء التي غَفِل عنها خليل لينساها في كتاب الرياضيات على طاولة الدراسة خاصّتَه .. كانت تظن أنها وحدها من يتعذب بمقتل غَدْي .. لا تعلم أن خليل يعيش عذاباً و فقداناً من نوعٍ آخر .. هو عذاب منكّهٌ بالحقد و التوقِ إلى الانتقام .. عذابٌ يرميه إلى البحث و القراءة في كل أمر قد يكون خيطاً رفيعاً يوصله إلى ذاك الطبيب الذي باع ضميره مقابل المال ..! ضغطت على أزرار الهاتف لتدرج رقم مكتب زوجها فَيْصَلْ .. تأففت و ضربت قدمها بالأرض لأكثر من مرة حين تأخر زوجها في الرد و هي تقول : يلآآ فيصل !! رد..!
جاءها صوته المنهمك في الأعمال ليقول : آلــو ..
بتلهف قالت سلوى : فيصل ..
انتصبت قامته بخوف ليسأل : سلوى ؟؟! وش فيك ؟ صار شي على خليل؟؟!
هزّت رأسها بالنفي لتقول : لا .. بس ..!
أطلق تنهيدة الراحة تلك و تنفّس الصعداء .. عاد ليجلس على كرسيه بعد أن شعر أن أقدامه قُصِفت و لم يعد باستطاعته الوقوف .. ثم أردف : الحمدلله ، أجل وش صاير ؟
أخَذَتْ أنفاسها لترد : اليوم لقيت في كتاب من كتب خليل مجموعة ورق ! مطبوعة ..
عَقَد حاجبيه باستغراب : ايه ؟ وش فيها هالأوراق ؟؟!
متسعة العينين و هي تحدق في الأوراق بخوف و يدها التي تحمل الورق ترتجف بقوة : مكتوب فيها معلومات عن تجارة الأعضاء !!
ازدادت عقدة حاجبيه : ايـــش ؟؟!
جلست على الكنبة المفردة بعد أن شَعَرت بعدمِ قدْرتها على الوقوف : فيصل ، ولدنا قاعد يضيع منّا !!
تنهّد و هو يشتت أنظاره ما بين ملفات العَمَل المتراكمة عنده ؛ و ما بين الموظفان زملائه اللذان ينظران إليه بقلة حيلة .. قال بعد صمت : طيب حبيبتي اهدي خلاص ؛ الحين أنا آخذ إجازة من المدير و آجي البيت ..
في تلك اللحظة نظر إليه أحد زملائه " سُلْطانْ " و كأنه يقول له " لاا تفعل ذلك ! " .. لم يأبه فيصل بنظرات سلطان الحادة .. أغلق سماعة الهاتف مع سلوى ، ثم وقف و هو يرتب الملفات على طرف الطاولة .. فسمع صوتاً غاضباً من سلطان يقول : يعني شلون تبي تاخذ اجازة و ترد البيت ؟ إنت عارف إن كل شغلك اللي تتركه هذاا أنا اللي أستلمه ! و أناا مو مجبور ..!
لم يرد فيصل ، فكان " ابراهيم " أسرع منه في الرد : سلطان ، فيصل أخونا و احنا عارفين وش الظروف اللي قاعد يمر فيها ! ماله داعي هالكلام احنا لازم نوقف جنبه مو ضده !
بحدّة رد : أنا مو واقف ضده ! بس أنا بعد عندي شغل و عندي عائلة و بيت و أولاد و هذا اللي يساويه فيصل عشان اهوة يهتم بزوجته وأولاده يخليني أنا ابتلش بشغله و أنشغل عن زوجتي و أولادي !!
بسرعة أجاب فيصل و بصوت مرتفع : لا تشتغل شي ياخوي .. أنا بكرا أساوي كل شي .. مشكور ما قصرت ..
حمل محفظته الجلدية السوداء ليضعها في جيب بنطاله الجينز الخلفي .. ثم خرج و هو يقول دون أن يلتفت : السلام عليكم ..
ردوا بصوتٍ ثنائي : و عليكم السلام ..
انتظره ابراهيم حتى تأكد أنه ابتعد عن المكتب ، ليبدأ بتوجيه الانتقادات الحارة لسلطان : انت وش صاير عليك ما تقدر ظرفه ؟ المسكين فقد ولده قتل و الثاني متعقد و صايبته حالة نفسية !!
ببرود أجاب سلطان : أنا مالي شغل ، أنا بعد عندي حياتي و زوجتي و أولادي .. من يوم سالفة فيصل و أناا مبتلش بشغله و ما عاد قادر أشوف عيالي مثل العالم و الناس !
هزّ ابراهيم رأسه بيأس من سلطان ، الذي رمقه بنظرات حادة .. ثم التفت كل منهم إلى عمله ..



*


السعودية - جدة

ألقى بجواله جانباً حين رأى تلك الرسالة منها .. جلس المريض أمامه و حاول أن لا يظهر توتره .. كتب في " الراشيتا " اسم المضاد الحيوي للمريض .. ثم حدّد له موعداً آخراً لزيارته .. بعد أن خرج المريض من عنده.. جاءه اتصال على هاتفه الأرضي من السكرتيرة تقول : دكتور أدخل المريض الثاني ؟
تأفف بعمق ، ثم قال : لاا، عندي شغلة بسويها و بقول لك عشان تدخليه ..
أغلق سماعة الهاتف بضياع .. ليعاود قراءة الرسالة أكثر من عشر مرات ! حامل ؟؟ أيعقل أن أصبح أباً لطفلٍ من عزة ! رفع جواله ليتصل بها .. فردت بصوت يتضح فيه الخوف و الارتباك : آلـو..
بصراخ قال : شلووون حــامل ؟؟؟!!
رفعت حاجبها الأيسر باستنكار لتقول : شلون ؟؟ والله مادري اسأل نفسك !
طلال : عــزّة ، أنا مابي هالطفل !
دُهِشَت من ردة فعله العنيفة .. كانت تتوقع رفضه لذلك الحمل و لكن ليس بتلك الطريقة : شلون يعني ما تبي هالطفل ؟!
أخذ نفساً عميقاً .. ثم قال : يعني هذا الولد لاازم تجهضيه .. بكرا آخذك على الدكتورة عشان هالموضوع ..
صرخت بصوت مجروح : لاا يا طلال ماا بذبح ولدي!
بقسوة : عزة قلت لك بتجهضيه .. و إلاا ما بخليكِ على ذمتي يووم واحد .. فاهمة ؟
انخفض صوتها لتقول بتعجب : هذا ولدك ياا طلال ولدك !! تبي تذبحه ؟ و اذا ما اجهضت تبي تطلقني ؟؟ " ارتفع صوتها الباكي بقوة " : طيب يا طلال .. طلقني .. أنا هذا الطفل مستحيل أتخلى عنه ..
بسخرية قال : كلل ذاا عشان هالطفل مني ؟؟!!
مسحت دمعتها لتقول : لا والله يا طلال.. كل ذاا عشان هالطفل يحمل شي مني قبل لا يحمله منك .. و اذا تبي تطلقني طلقني ..
أغلق السماعة في وجهها دون أن يرد .. ثم جلس يستند بذراعيه على مكتبه .. و يمسح وجهه بضياعٍ و تشتت ..
عزّة .. لم تسمح لنفسها أن تبقى في ذلك المنزل لأكثر من تلك المدة .. بعنايةٍ حملت حقيبتها الصغيرة ، و راحت ترتب فيها ملابسها بعين دامعةٍ و قلب لم يعد فيهِ مكانٌ لضخ الدم ، فأينما توجهت بذلك القلب تجد فيه جرحاً و خدشاً مهجوراً ، أكل عليه الدهر و لم يعالجه أحد ... بانهيارٍ جلست على السرير و هي تتنفس أنفاساً متسارعةً و كأنها كانت تركض منذ ساعات طويلة ! رفعت رأسها نحو الأعلى و قالت بنبرة راجية كسيرة : يــا رب ، ريــحـنـي يــارب تعــبــت !

عن طلال ؛ استند بظهره إلى الكرسي المتحرك ليسترخي و هو يحدّق في سقف الغرفة و يفكّر في امكانية تقبل هذا الطفل لديه ! و هل يعقل أن يطلقها لرفضها اجهاضه ؟ أفكار متناقضة كانت تشوش عقله .. لا يعرف إن كان يريد عزة أم أنه سيطلقها ! و هل سيحب ذلك الطفل منها أم سيبغضه و يظلمه ؟! كل تلك الهواجس خلقت في داخله خوفاً من قدومه .. و تراءى له الآن أن الحل الأمثل لقطع تلك الهواجس هو التخلص من سببها !



*


روما - ايطاليا


خرجت من اختبارها ترسم ابتسامة خافتة على وجهها الصغير .. أخرجت جوالها لتنظر إلى الساعة ، فتنبّهت إلى وصول رسالة من رقم غريب ! بتعجّب فتحتها و قد توقعت أنها مجرد إعلانٍ أو رسالة من شركة الاتصالات .. عقدت حاجبيها و هي تقرأ بعدم تصديق .. كيف أتى برقمي ؟؟!
بدأت أصابعها بالارتجاف فوق أزرار الجوال مترددة ما بين الرد على تلك الرسالة أو تجاهلها ! لا تعرف ماذا تشعر تجاهه ؟ اهتمامه بها يجعلها تثق في نفسها أكثر و تحب نفسها أكثر ، لكنها في الوقت ذاته تعرف أن تلك العلاقة ليس لها حاضر أو مستقبل ! في تشوشها تقدمت منها صديقتها ريم لتسألها عن الاختبار ..
انتفضت حين سألتها ريم بصوتها المرتفع كعادته : ازااي الجميل النهاردة ؟
ابتسمت بشفتين مرتجفتين و هي تحاول أن تعيد الجوال إلى حقيبتها دون أن تلفت انتباه ريم .. لاحظت ريم ارتباكها فقالت : مالك مش على بعضك كده ؟ في ايه ؟
بسرعة هزّت رأسها بالنفي مبتسمة .. ثم فتحت دفترها لتكتب بحبرها الأزرق : الاختبار كان مرة كويس الحمدلله انتي شلون ؟
نظرت إليها نظرة شك ، تجاهلت سؤالها و قالت : سيمون رجع يدايقك ؟
بسرعة كتبت : لا أبداً ..
التفتتا سوية متجهتان إلى باب الكلية و قد اشتبكت يد ريم بيد سديم الباردة .. ريم لا تعرف بم تشعر تجاه علاقة سديم بسيمون .. و سديم محتارة في أن تفرح لاهتمامه أو أن تخاف ! ظل الصمت سيد الموقف حتى وصلتا إلى الشارع المقابل لبوابة الجامعة .. اتسعت عينا سديم بدهشة حين رأت سيارة طالب تقف أمام البوابة و طالب يقف متكئاً عليها من الأمام .. ابتسمت ريم و اقتربت لتهمس في أذن سديم : واضح إنو بيموت عليكي !
رمقتها بنظرة حادة ، ثم أعادت بصرها إلى طالب .. انتبه لخروجها فاعتدل في وقوفه و ابتسم .. اقترب منها بحركات بطيئة و هو يلتفت يميناً و يساراً ليبتعد عن السيارات .. وقف أمامها بابتسامة و ألقى السلام عليهما ..
طالب بنبرة تحمل شيئاً من الرجاء : تعالي أوصلك ..
أشاحت بوجهها معبرة عن رفضها .. وضع يده على كتفها لتنتفض بخوفٍ و تفتح عيناها باندهاش ! التفتت إليه و رمقته بنظرات غاضبة .. فتحت دفترها بسرعة و كتبت : مو عشاني بكماء كلكم تبون تستغلوني ! ارحمووني حرام عليكم
بعد أن انتهى من القراءة أغلقت دفترها بغضب .. ثم تركته و مضت بحركات سريعة جداً و أنفاسها تعلو و تهبط .. توقفت بعد بضعة مترات لتضع يدها على فمها و تمنعه من اخراج الشهقات .. في تلك اللحظات توقفت سيارة طالب أمامها و أطلق زاموراً لها .. عادت لتنظر إليه بعيناها الدامعة .. ترجل من سيارته و اقترب منها و قد شعر بتأنيب الضمير تجاهها .. كبّل يدها بقوة و شدها مجبرة ليضعها في السيارة .. حاولت أن تتملص منه كثيراً لكنها لم تفلح .. حاولت أن تقول له أتركني ، دعني و شأني .. حاولت أن تصرخ لكنها لم تستطع ! كم هو مؤلم أن تظل على تلك الحال لا يمكنك حتى أن تعبر عن خوفك .. تشعر أنه ليس لها الحق بأي شيء حتى في رفض أمر لا ترغبه ! الجميع يمكنه التحكم بها و استغلال بكمها لأغراضه الشخصية ..
بدأت السيارة تتحرك .. بعد دقائق .. كسر طالب الصمت و هو يتجول بنظراته ما بين الطريق و سديم التي تعلق أنظارها في نافذة السيارة ، ليقول : سديم .. لا تفهميني غلط !
كانت تود أن تصرخ في وجهه أن تحاسبه على كل ما فعله بها أن تنفث في وجهه خيبتها به .. لكن كربتها أكبر من أن تبوح لأي كان بمكنونات قلبها .. التزمت الصمت و البكاء بهدوء .. اصطف طالب بسيارته في منطقة خالية تقريباً من السيارات و الناس .. اعتدل في جلسته لينظر إلى وجهها الحزين .. أطبق عينيه بألم على حالها .. مدّ يده ليمسح بطرف ابهامه الدمع الذي بلل خدّها .. لم تبدِ سديم أية معارضة ، فقط كان يسمع نبضات قلبها و أنفاسها المتسارعة .. فتحت عيناها ببطئ فتعلقت نظراتهما ببعضها .. ليقول طالب بهمس حنون : اشتقت لك مرة يا سديم !
ماذا ستقول ؟ ليس بامكانها سوى النظر في عينيه التي اشتقاتهما كثيراً .. أكمل طالب بالهمس ذاته : و ربي اشتقت لك .. سامحيني !
لم ترد و حتى معالم وجهها لم تكن تدل على شيء ؛ بهدوء اقترب منها برأسه ؛ أماله جانباً و هو يحدق بشفتيها الورديتين .. بات قريباً منها لدرجة كبيرة و لم يعد يفصل بين شفتيهما إلا القليل من الهواء المكبوت .. إلا أنه أخذ نفساً قوياً ، ابتعد قليلاً ثم قبّل جبينها بحنية جعلتها تبتسم من بين دموعها ..
ابتعد عنها ليتركها تأخذ أنفاسها .. أخذ ينظر في الفراغ أمامه و هو يفكر فيما كان سيحدث قبل دقائق ! بعد تفكيرٍ لم يدم طويلاً قال : سديم .. تتزوجيني ؟!!





*


السعودية - الرياض

لم يتحمل أحد ما تحمله هذا الأب لأجل زوجته و ابنه خليل .. لا ينكر أن قلبه ينتفض خوفاً حين رأى تلك المعلومات عن تجارة الأعضاء ترقد بين يدي ابنه الذي لم يتجاوز الثانية عشر ! لكنه يحاول أن لا يبيّن خوفه أمام سلوى حتى لا تتفاقم الأمور لديها !
تنهد بعمق و قال : حبيبتي ما في شي بهالورق كلها شوية معلومات و ما أتوقع إنها بتأثر على خليل !!
بجنون قالت : فيصــل إنت عارف وش يعني يكون ولد بعمر 12 سنة يحمل هالأوراق بين ايديه ؟؟ وش هالبرود اللي فيك يا فيصل اللي بعمر ولدنا المفروض ما يفكروا إلا في اللعب و التسلية موو بهالأمور !!!
كان يحترق من داخله لظن سلوى أنه لا يهتم لأمر خليل : حبيبتي الله يرضى عليكِ لا تتكلمي كذا و كأني مو أبو خليل ولا أعرفه !! أنا أعرف خليل و راح أعرف شلون أتصرف معاه .. ولا تحسسيني إني مو خايف عليه
وقفت و صرخت بغضب : لاا انت مو خايف عليه مثلي ظليت تهدي فيني يوم قصة غدي إليــن جــالنا البيت مكفّن و الحين وش تنتظرر ؟؟ تبيهم ياخذوا منا خليل بعد ؟؟!
وقف محاذياً لها ليصرخ بذات النبرة : ســلــوى تراااكِ مرة زودتيهاا ، أناا مو أصغر عيالك تصرخي في وجهي كذاا ! احترمي نفسك عاد خلاص كــااافي
أنهى كلماته وتوجه إلى الغرفة بسرعة غاضباً .. وقفت سلوى في مكانها متجمدة من انفجاره المفاجئ في وجهها .. جلست منهارة على الكنبة باكية و هي تقول : يــا رب يـــا رب تعبت خايفة على ولدي يــا رب أنا مو حمل أخسر خليل بعد يــارب


*

السعودية - جدة

تركت حقيبتها عند الباب و ألقت بنفسها في أحضان خالتها التي تسألها عن عودتها لها بتلك الحال ! أما عـزّة ، فالتزمت البكاء و الصمت .. لم تتفوه بشيء .. كل ما كانت تفكر فيه هو حياتها البائسة ، تركها أبويها و عاشت وحيدة لزمن طويل ، و ها هي تحكم على شبابها بالتعاسة الأبدية مع رجل أناني لا يرى في الدنيا سوى ريتال ، ريتال و شهواته التي لا تنتهي !

مسحت خالتها على كتفها و قالت : يا قلبي قولي وش فيك ؟ طلال مزعلك ؟؟
كانت تقول في نفسها : ( طلال يذبحني كل يوم و لا أحد يناقشه ولا قانون يحاسبه )
في تلك الأثناء كان يقف عزيز بعيداً ، يبتسم من جهة لعودة عزة إليهم ، و من جهة أخرى يشعر بالحقد على ذلك الذي يجرح طفلة بريئة مثلها ، و يعيدها مكسورة لا سند لها .. كان يتمنى لو أنها تزوجته أو اختارته ، يقسم أنه سيجعلها تنسى كل ما مرت به من ألم و حزن و انكسار .. لكن قلبها ضعيف أمام ذلك الرجل الذي يستحوذ على عقلها و قلبها و جسدها ببضع كلمات تختفي بمجرد أن ينال منها !
دخلت مستندة إلى كتف خالتها الكهلة ، تشعر أنها كبرت اليوم ألف عام .. خرّت جميع قواها أمام ذلك العشق الساذج ، عزيز أتى بحقيبتها من الخارج و جلس معهم في صالة الجلوس يستمع إلى شهقات " عزّة " و يتمنى أن يذهب الآن ليشرب من دم ذلك البارد الذي حرق قلباً نقياً كقلبها !
حدقت أمه فيه بتعجب : عزيز وش مقعدك هنا ؟؟ قوم خلي البنية تاخذ راحتها
قال بنوع من الفضول : يمه عزة مثل أختي و أنا يعني أبي أقولها لو تبي أي مساعدة أنا موجود !
هزت عزّة رأسها شاكرة له و قالت و هي تمسح دموعها : مشكور عزيز ما تقصر ..
انتصبت قامته مبتسماً بشموخ : لو احتجتي لأي شي أنا موجود ..
التفت معطيهم ظهره و صعد لجناحه .. في الصالة ، ابتعدت عزة عن حضن خالتها لتلتقط منديلاً تمسح به دموعها .. بقلق سألتها : حبيبتي قولي لي وش مزعلك هالكثر طلال وش مسوي معاك ؟؟
بصوتٍ باكٍ بالكاد يخرج أجابت : خالتي ، أناا ...
نظرت إليها باستفهام تنتظرها أن تكمل : قولي حبيبتي انتي شنو ؟
-أنا .. حـامل ..
أبرقت الفرحة في عيني أم طلال ، ثم شهقت و وضعت يدها عن فهمها و قالت : صــددق ؟؟؟
هزّت رأسها مؤكدة ، ففوجئت بخالتها تحتضنها بفرحة عارمة تبارك لها ..
- يا قلبي ألف مبروك !! متى صار هالشي ؟؟
- صارلي شهرين تقريباً ، بس ما كنت أدري !
بابتسامة واسعة قالت : و ليش قاعدة تصيحي هالحين يا بعدي انتي ما تبي تصيري أم ؟؟
عادت دموعها تتناثر بعشوائية على خدودها و قالت بصوت متقطع : إلا .. بس طلال .. طلال ما يبي و قال يبيني أذبح ولدي ! طلال ما يحبني يا خالتي اهوة للحين عايش مع ذكرياته مع ريتال ! حتى يوم قرب لي حس بالذنب و حسسني إني سلعة رخيصة عنده !
عقدت حاجبيها متعجبة : هذا الولد بيجنني !! يوم يناظرك أحس كل حب الدنيا في عيونه ، لكن تعامله معاك غير !! بس هذا الولد ما رح تجهضيه ! و لو كلفني هالشي إني أزعل ولدي .. هذي روح وش اللي قاعد يقوله هذا المفهي ؟!

استمرت عزة في بكائها ، كان عبدالعزيز يسمع كل ما دار بين أمه و عزّة .. شيء من الغيرة اشتعل في داخله ! كان يظن أنها ستكون له وحده ، لكنها الآن ستصبح أماً ، و عشقه لها لا زال يشق طريقه نحو التعقيد و الصعوبة ، و ربما الاستحالة !

في الجهة الأخرى ، كان طلال يفتح باب المنزل متوعداً بتلك التي تهدده و تطلب الطلاق في كل كبيرة و صغيرة .. دخل بعينين متسعتين غضباً ينادي بأعلى صوته : عــزّة .. عــزّة يا مـال الوجــع ردي !!
لكنه لم يكن يسمع لها صوتاً .. البيت هادئ على غير العادة ! دخل إلى غرفة النوم فوجدها مرتبة .. لكن الخزانة مفتوحة و ملابس عزّة ليست موجودة ! أين ذهبت تلك الفتاة ؟؟!! ابتسم بخبث في داخله و بدأت الغيرة تشعل نيرانها في قلبه .. هي فتاة يتيمة لا أحد لها سوانا .. بالتأكيد ذهبت كالطفلة إلى أمه لتشكوه إليها .. فهي تفعل ذلك في كل مرة يؤذيها فيها !
قال في ذاته : " أنا أعرف شلون أربيكِ يا عزّة ، و بعلمك شلون تطلعي من البيت من غير اذني "


*

روما - ايطاليا

ظلت تحدّق في الأفق أمامها ، دون أن ترد ! كان طلب كهذا قد نزل كالصاعقة على مسامعها ! هل حقاً يريد أن يتزوجها بعد أن تخلى عنها في كربتها ؟ لا تدري لِم في تلك اللحظة فكرت في سيمون ! ارتجف قلبها حين شعرت أنها قد تكون علقت في عشقه .. كان طالب ينظر إليها مبتسماً ، منتظراً منها الاجابة التي ترضيه ..
أمال برأسه جانباً و هو يقول : اذا تبي تفكري ، خذي وقتك !
هزت رأسها بالنفي القاطع لما طلب ، كان يبدو عليها الخوف ! حاولت أن تفتح باب السيارة لكن ارتباك يديها أعجزها عن فتحه .. شعرت بيد طالب الدافئة تمسك بيدها ، و قال بهدوء : سديم ، ما ابي اضيعك مرة ثانية !
أخذت أنفاساً متتالية سريعة ، أخرجت دفترها الصغير من حقيبتها لتكتب : أنا مو أي وقت تضيعني و أي وقت تلاقيني! و مو علشاني فقدت قدرتي عالكلام تستغل هالشي و تظن إني مالي غيرك !و إني مجبورة أوافق عليك .. أنا ما ظل في قلبي أي شي تجاهك ..
أشاح بنظره بعيداً عن الدفتر حين قرأ فيه ما يزعجه .. حرّك السيارة دون أن يلتفت إليها و قال : رح أوصلك البيت ..
التزمت الجلوس في مكانها .. أفكارها متشوشة جداً .. لا تعرف لم الآن تفكر بسيمون أكثر من أي شيء آخر ! لكن ذلك لا يمكن .. لا يمكن كل الظروف تقف ضد علاقة كتلك !

*

السعودية - الرياض

ربما كان ذلك القرار بالنسبة لـ " سـمـرْ " هو الأفضل لتعيش حياتها بهدوء .. زوجها عاد ليعمل في الصحافة الالكترونية بهدوء .. يقلقها أنه يلاحق في مقالاته تلك العصابات .. لا زال يشعر أن مكانه ليس هنا .. لكنهم حكموا عليه بالذهاب إلى خارج حدود تلك اللعبة .. ربما يرون أنه قد شاخ و لم يعد قادراً على تحكيم عقله في المكان الصحيح في تلك القضايا .. أو ربما هناك مؤامرة تحاك ،و هناك من يحاول أن يضع ستاراً فوق كل تلك الجرائم .. فوّاز يرجح الخيار الثاني دائماً .. على العموم هو على تواصل دائم مع صديقه راشد .. و يحاول أن يكون على علم بمجريات القضية و متابعاً لها ..
جلست زوجته إلى جانبه لتقول بقلق : حبيبي ارحم نفسك و ارحم عيونك ما تشيلهم عن شاشة الكمبيوتر والله بكرا بتأذي نفسك ! لازم ترتاح ما يصير كذا
دون أن يبعد نظره عن الشاشة أجابها : حبيبتي أنا واجبي أخلّص المجتمع من هالعصابة القذرة ، ومن خلال المقالات اللي بنشرها للناس يمكن يصير عندهم وعي بخطورة هذا الموضوع .. و ترى معرفة المجتمع بمجريات القضايا يساعد بشكل كبير بالقبض على العصابات ..
تنهّدت و أمسكت بيده قائلة : حبيبي ربي لا يضيعلك تعب .. طيب خلاص ساويتلك شاي .. اشرب معاي و بعدين كمل شغلك ..
بتركيز قال : لا حبيبتي مو بخاطري .. اشربي انتِ صحة و عافية ..
أطبقت عينيها بيأس منه ثم ابتعدت مكسورة الخاطر تردد في داخلها : عمرك ما اهتميت فيني أو في بنتك كل شي في حياتك شغل شغل شغل حياتي صارت مملة بسببك .. !!!
هل ألوم سَمـرْ على عدم تفهمها ظروفه ؟ و هل أقول أنه من الصحيح أن تكون مصلحة الشعب أبدى من زوجته و ابنته ؟؟
لكن هل يصعب على رجل ناضج كفواز أن يوازن بين أسرته و وطنه ؟
هل علينا أن نهمل أحد الطرفين لكي ننجح في الآخر ؟!!


*

أيـــار - 2004

السعودية - جدّة

وقفت أمام مرآتها تتأمل بطنها الذي بدأ بالتكوّر .. طفلها بدأ يكبر في أحشائها .. سعيدة جداً بتلك الروح التي ترقد في داخلها .. عادت للتو من عند الطبيبة التي أخبرتها أنها تحمل طفلة أنثى .. ابتسمت لوهلة ثم اختفت ابتسامتها حين تذكرت زوجها الظالم .. الذي لم يسأل عنها منذ أن خرجت من ذلك البيت .. حتى حين يزور أهله يتجاهلها كأنها مجرد حائط أمامه وجوده و عدمه واحد !
حدثت طفلها و هي تضع يدها على بطنها و تقول : أبوكِ قاسي علينا كثير يا بنتي ! لكن أنا ما رح أتخلى عنك لو ايش ما صار !!
خلعت عباءتها ، و ارتدت بيجامة الحمل الجديدة التي اشترتها لها خالتها .. كانت باللون الخمري .. تبرز بطنها المكوّر بطريقة جميلة .. تأكدت أن عزيز خارج المنزل .. ثم نزلت بحركة بطيئة و بعناية إلى الصالة لتخبر خالتها بجنس طفلها !
لكنها فوجئت بطلال يجلس مع أمه ، حين رآها وجه أنظاره فوراً إلى بطنها .. وضعت يديها على بطنها بارتباك و كأنها تخجل منه .. ابتسمت لها خالتها و هي توجه لها السؤال: قولي حبيبتي ما قالت لك الدكتورة وش جنس الجنين ؟؟
أخفضت بصرها في الأرض خجلاً .. ثم قالت : بنت !
بخيبة قالت خالتها : ممم مبروك حبيبتي ! الله يعوضك بالولد المرة الجاي إن شاء الله !
عقدت عزّة حاجبيها من تفكير خالتها الذي فاجئها .. فقال طلال : ما في تعويض .. خلاص كافي إني بتحمل هالبنت !
بغضب صرخت في وجهه : بتتحملها ؟؟ ليش اهية مو بنتك ؟؟ مو نتيجة لحبك لشهواتك و غرائزك ؟؟ لو كنت ما تبيها ليش تقرب لي من الأساس ؟؟
وقف غاضباً متجهاً نحوها ، أطبق يده فوق ذراعها بقوة و همس بغضب : وش هذا الكلام الماصخ قدام أمي ؟؟ انتي يبيلك تربية من أول و جديد !
ما هي إلا ثوانٍ و قد وجد أمه تقف بينهما و تقول : طلال اترك البنت بروحها ! كافي انك تاركها تعاني تعب الحمل بروحها !
بسخرية التفت إلى أمه ليجيب : وش رآيك أحمله عنها كم يوم و أريحها ؟
تلك المرة الأولى التي تصفعه فيها أمه على وجهه صفعة كتلك ، أمام زوجته ! عزّة ، وضعت يدها على فمها مستهجنة الموقف !
بغضب قالت أمه : يا خسارة التربية فيك يا طلال ..
تحرّكت مسرعة غاضبة ، تشعر أنها لا تعرف ابنها ، أصبح شرساً بعد وفاة زوجته ، عشقه لها جعله رجلاً آخر لا تعرفه ، و تقسم أنه لم يكن هذا الذي ربته و تعبت في تربيته !!

*

روما - ايطاليا

فكّرت كثيراً في أن تقوم بتلك العملية .. لكنها متخوفة من نتائجها ، ماذا إن فشلت في استعادة صوتها ؟ لا بد أنها ستدخل في كآبة لا حدود لها .. جميع الأطباء يقولون أن نسبة نجاح العملية عالية جداً ، خاصة أنها قد استطاعت التغلب على ذلك المرض اللعين ! بدأت تستعيد ثقتها في نفسها ، و في قوتها.. و في الحياة ..
لكنها بحاجة إلى من يدعمها .. إلى من يمسك بيدها .. هي تحتاج إلى عشق جديد يجعلها تؤمن أنه لا زال في تلك الدنيا ما يستحق أن تحيا لأجله ..

كتبت في مذكرتها " سأستعيد صوتي لأن الكثيرين سيحتاجونه ، سأكون محامية لأدافع عن الحق ، و لن أفرط في حقوق الناس لأجل خوفي .. إن فشلت الأولى سأكرر .. سأكرر حتى أنجح .. سأستعيد صوتي لأجلي ، و لأجل الناس .. و لأجل حياتي التي لم تبدأ بعد .. أنا سأحيا مجدداً .. سأولد مجدداً .. كفاني صمتاً .. حاون الوقت لأنطق "

ارتسمت ابتسامةً واسعة على شفتيها .. ثم خرجت لأبيها حاملة دفتر مذكراتها .. ابتسم و هو يرى في ملامح ابنته شيئاً من الأمل و حب الحياة افتقده منذ زمن طويل .. فتحت دفترها أمامه و هي تزف إليه بشرى موافقتها على العملية ..
نهض من مكانه بفرحة يعتريها شيء من الخوف .. احتضن ابنته بحب و قال : يا قلب أبوكِ .. إن شاء الله راح يرجع لك صوتك و راح ترجعي تغردي في بيتي
أنا الحين راح أكلم الدكتور و آخذ موعد ..
ابتعد عنها و هو يفتح جواله .. محاولاً أن يهدئ من تسارع نبضات قلبه .. راقبته سديم .. و راقبت فرحته .. " لأجل أن لا تنطفي تلك الفرحة يا أبي .. سأشفى ، أعدك .. "





( انتهى )

سامحوني على قصر البارت بعد هذه الفترة الطويلة ..
كان قصيراً لسببين ..
الأول أنني مرهقة و أفكاري مشوشة بعض الشيء ..
والآخر أنني أردت أن أتيح لكم أن تستذكروا بعض الأحداث دون أن أطيلها عليكم ..
الجزء الثامن سيكون جاهزاً خلال يومين باذن الله ..

انتظروني .. و لا تحرموني من تفاعلكم و مشاركتكم ..

أحبكم ..

أختكم /
قَــمــرْ !




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 21-04-18, 11:58 AM   #13

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,431
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

صدقاً لا أعلم من أين أبداً ..
ولا أعلم كيف سأقدم اعتذاري عن غيابي الطويل ..
أعلم أنكم جميعاً قد فقدتم الثقة بي ككاتبة ..
و أعلم أنه لم يعد من حقي أن أطلب منكم متابعتي ..
كان الله عليماً بالأحوال التي أبعدتني عنكم .. أعتذر أشد الاعتذار و أعلم أن كلمات الدنيا كلها لن تكفي ..
لكن كلي أمل أن تتقبلوا اعتذاري ..
و إذا لا زالت لديكم الرغبة في إكمال الرواية فأنا جاهزة لذلك ..
أعتذر مرة أخرى و بشدة عما بدر مني من تأخير و تقصير ...
أحبكم جميعاً .. أختكم / قَمـرْ..!



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 21-04-18, 12:04 PM   #14

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,431
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



أعزائي قرائي الجميلين ..

باذن الله اليوم راح يكون في بارت جميل و طويل و شيق .. أقدمه كاعتذار عن غيابي الطويل ..

أحبكم جميعاً / قـمـرْ !



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 22-04-18, 02:22 AM   #15

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,431
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..

اشتقت لكم كثيراً ولا أعلم كم أحتاج من الوقت لأعتذر عن غيابي الطويل ..
لكنني عدت اليوم و أعدكم بإذن الله أن لا أقطعكم ثانية ، و سأكمل معكم الرواية حتى نهايتها ، و كلي أمل أن أجد منكم التشجيع و التفاعل ..
ملاحظة : قرائي الأعزاء ، أعرف أنكم قد نسيتم بعض الأحداث ، و لذلك يمكنكم قراءة الأجزاء بشكل سريع ، و كل جزء موجود رابطه في الصفحة الأولى ، أما الجزء السابع فلم يتسنّ لي حتى الآن إضافته ، يمكنكم قراءته في ص10

للتذكير : مواعيد الأجزاء كل سبت ..

لا تُلهيكم الرواية عن الصلاة


بسم الله نبدأ ..


" مهما كانت خسارتها بفقدانه كبيرة, فالبكاء من أجله خسارة أكبر. إن كانت تعده اليوم على هامش مستقبلها, فهي كانت طيلة الوقت على هامش حياته "
مقتبسة من : غُربة الياسَمينْ / خَولة حَمدي .




( 8 )


السعودية – جدة


وقفت جانباً و قد انحنى رأسها للأسفل ، لا تمتلك الجرأة للنظر إليه بعد الموقف الذي وُضِع فيه منذ دقائق ..كسر صمتهم دخول عبدالعزيز المفاجئ إلى الصالة ، فاختبأت عزة خلف طلال الذي اشتاط غضباً حين رآه : انت شلوون تدخل البيت كذاا من غير احم ولا دستوور ؟؟؟
بلامبالاة رد عليه : انت اللي ايش جاي تسوي هنا ؟؟ لا تقول إنك جاي تشوف حرمتك !
بنظرات حادة و هو يستعد للهجوم عليه رد : انت وش علاقتك ؟؟ متى بتحترم نفسك ؟
صرخ في عزة دون أن يتلفت إليها : عزة اطلعي جهزي نفسك بنرد البيت .. " التفت موجهاً كلامه إلى عزيز " : و انت غض نظرك خليها تعرف تتحرك ..
صعدت عزّة إلى الغرفة بسرعة و هي تحاول أن تراقب ما الذي سيجري بين عزيز و زوجها .. وقفت في الأعلى تنظر إليهم ، أما في الأسفل .. فقد تكلم عزيز بغضب : عزّة ما بتروح معاك بتظل هناا اهية مالها احد غيرناا
شدّه طلال من ياقة قميصه و صرخ في وجهه : انت منوو علشان تقرر مصيرها ؟ عزة زوجتي و ان ما شلتها من رااسك و رب الكعبة لأذبححــكك !!!
جاءت أمهم مسرعة إليهم و قالت : شفيك انت و هوو شفييكم ؟
استمر طلال في صراخه و هو يؤشر على عزيز بسبباته : يممه ربي ولدك و قولي له يطلع من حياتي و إلا والله والله إني بذببحه ولا بسأل علييه !
عزيز : والله ماني بتركك إلا لما تطلقهاا و أنا اللي رح آخذها و أعوضها عن كل الحرمان اللي عاشته معااك
في الأعلى شهقت عزة مصدومة و هي تضع يدها على فمها ، لم تستوعب ما سمعت !! هل هو محق فيما يقول ؟ و ما هذا الغضب الجامح الذي سيطر على طلال ؟
صرخت أمه في وجهه : استحي على دمك هذي زوجة أخووك ! " ضربت كفاً بكف " ، ثم أردفت : ياا حساافة عليك و عليه .. ما عرفت أربيكم !! روحوا من قداامي انتوا الثنين طيحتووا وجهي حسبي الله عليييكم !!

بالنسبة لعزّة ، التفتت باكية و تحركت ببطئ نحو غرفتها ، أكنت أجلس طوال تلك المدة مع رجل ينظر إلي بعين العشق و أنا أظن أنه أخ لي ؟ أيعقل أن يتكالب علي الزمان إلى هذا الحد ؟ إلى أين أذهب ؟ إلى زوج يستحقرني و يهينني ؟ إلى رجل ظالم يرفضني و يرفض ابنته ؟ أم أبقى هنا أمام أعين رجل يكن لي مشاعراً لا أعرف مدى طيبتها أو خبثها !!
احتارت في قضيتها ، فما كان لها إلا أن ترتمي في سريرها باكية ، راجية الله أن يخفف كربتها و يعينها على ابتلائها !



*


روما – إيطاليا


كأن الحياة بدأت تبتسم له مجدداً .. حبيبته بدأت تستعيد حبها للحياة ، و ها هي الآن تنتظر موعداً لإجراء العملية لصوتها .. لا يعرف ماذا يجب أن يقول ، و ما هو الكلام المناسب قوله في موقف كهذا ، لكنه يعرف جيداً أنه لا بد من أن يقول شيئاً ما .. كَأن يرسِل لها مثلاً : و أخيراً سوف تستعيد أذني عشقها ، و أخيراً سيعود لقلبي نبضه .. عمليتك نهاية الأسبوع القادم ..كوني جاهزة .
حاولت أن تخفي ابتسامتها و هي تقرأ كلماته ، لكن ما كتب كان أقوى بكثير من كل محاولاتها .. سرحت في أفكارها و هي تحاول أن تتخيل كيف سيكون العالم جميلاً حين تستعيد صوتها !
في الجهة الأخرى ، عند طالب الذي ملّ من انتظار ردها .. جاءته مكالمة تأفف كثيراً حين رأى اسم المتصل .. و رد بملل : آلوو
رشا : مرحبا كيفَك ؟
طالب : بخير الحمدلله .. تفضلي أختي ؟
كان الارتباك واضح في صوتها و كأنها اتصلت بلا حجة أو تبرير : أمم كنت بدي آخود منك عنوان بيتا لسديم لأن ما بعرف وين ولا مرة زرتا !
رفع حاجبه بتعجب و قال : كلميها و خذي عنوانها !! ليش اتصلتي فيني أنا ؟
ازداد ارتباكها فقالت : حاولت احكي معا بس مش عم ترد عالموبايل و أنا ضروري شوفا لأن عنا فحص و بدي تدرّسني ..
تأفف طالب و هو يشعر أنها تخترع حججاً و مبررات كاذبة فقال : طيب الحين أبعثلك العنوان برسالة ..
قالت باندفاع : مم شو رأيك تيجي تاخدني ، أنا قريبة كتير من عيادتك فيك توصلني ؟
تعجّب من جرأتها المتمادية و قال : يا أختي عندي مرضى مـ ..
قاطعته بوقاحة : بلييز طالب ما رح اعرف روح لحالي .. وصلني ازا بتريد مش رح عطلك !
شعر طالب بالاحراج منها ، و وافق على طلبها بمضض .. وقف أمام مرآته و هو يخلع روبه الأبيض "اللابكوت " ، عدّل شكله بسرعة و خرج بعد أن أمر السكرتيرة بصرف المرضى و تأجيلهم إلى يوم آخر .. حين نزل وجدها تقف مرتكزة بظهرها إلى سيارته ، تفحصها ، فتاة بيضاء طويلة ، بعينين عسليتين ، جميلة جداً ، كانت ترتدي بدلة رياضية ضيقة .. ابتلع ريقه و استغفر ربه ، ثم توجه إلى السيارة دون أن ينظر إليها و قال : يالله يا أخت رشا مشينا ، تفضلي ..
ابتسمت بخبث و ركبت السيارة و هي تقول بدلع : انت كل البنات بتقلن يا أختي ؟؟
شغل السيارة و تحرك و هو يرد : ايه الكل ..
عضت شفتها السفلية و قالت : حتى سديم ؟
التفت إليها متعجباً من سؤالها ! كيف عرفت بمشاعري تجاه سديم ؟ لاحظت رشا استغرابه فقالت : نحنا بنعرف إنه كنتوا رح تنخطبوا لو ما صارت مشكلة سديم ..
أعاد نظره إلى المرآة و قال : أختي يا ليت تقفلي هالموضوع ماله داعي نتكلم فيه ! هذا شي يخصني و يخص سديم ..
اعتدلت في جلستها و قالت : طيب فيني اطلب قبل ما تاخدني لعندا بدي روح عالبيت تـ اتأكد إني قفلت قنينة الغاز ..
تأفف طالب و قد بلغ حدّه منها : طيب ، تآمرين ..
ظل الصمت سيد الموقف حتى وصلا إلى بيتها ، نزلت من السيارة و هي تفكر في أمر ما ، و حين صعدت تأخرت على طالب الذي مل كثيراً من انتظارها .. رفع سماعة هاتفه و اتصل بها .. بعد طول انتظار ردت لتقول بصوت مرتجف : بلييز طالب تعال لعندي سااعدني بلييز !!!!!




*


السعودية – الرياض

دخل إلى الغرفة متندماً .. كل ما حصل لهم مؤخراً جعل بيتهم كغيمة سوداء مليئة بالهموم و المشاكل .. يعرف أن تلك المصيبة لن تنتهي .. تلك المصيبة هدمت البيت فوق رؤوسهم ! راح غدي ضحية طمع طبيب باع ضميره ، و راح خليل ضحية انتقامه و ثأره .. جلس إلى جانبها على السرير و قال بهدوء : سلوى الله يخليكِ ، ساعديني أنا والله مو متحمل .. أبيكِ تكوني جنبي ، ما أبي أخاف عليكِ .. ان ظليتي كذا والله بتفقدي عقلك !!
بنفس الهدوء ردت : فيصل ولدنا قاعد يمر بمرحلة صعبة .. أول شي الولد دخل في المراهقة و انت عارف ايش يعني مراهقة ! و اللي مر فيه و شافه مو قليل و أنا خاايفة يودي نفسه في مصيبة !!
تنهّد بعمق و قال : طيب قولي .. أعطيني حل ايش تبيني أسوي أنا جاهز !
صمتت قليلاً و هي تفكر ، ثم قالت : نسافر .. خلينا نسافر و نترك كل شي هنا .. خلينا نحافظ على آخر شي بقي لنا .. ما أبي أضيع خليل مثل ما ضاع أخوه !
هز رأسه بقلة حيلة و رفض : وين بنروح و بنترك أهلنا و شغلنا هنا يا سلوى ؟؟ هذا موو حل .. السفر ما راح يساعد خليل إنه ينسى ..
ساد الصمت قليلاً .. ثم قال فيصل بعد تفكير طويل : أنا راح أعرض خليل على طبيب نفسي !

نعم ، من الظلم أن يُعرض على طبيب نفسي و هو لا زال في أوج طفولته .. لكن هذا هو الحل الوحيد الذي استطاع أن يجده أبيه بعد الكثير من التفكير و العناء و القلق ..
أيا خليل ؟ ألا تُشفق على أبويك قليلاً .. ليس من السهل أن تجد أخيك يُقتل أمامك .. من الصعب جداً أن يعود لكم بلا قلب أو كلى .. لكنك يجب أن ترحم أبَويك ، ارحمهم فلم يبقَ في قلوبهم صبر يعينهم على فقدان آخر .. أو ضياع آخر !



*


السعودية – جدّة


منذ 4 أشهر ، لم تدخل إلى هذا البيت ، على الرغم من أنها لم تقضِ فيه فترة طويلة ، إلا أنها تشعر أنها خلّفت فيه الكثير من الذكريات ، المحزنة منها و المفرحة .. في هذا البيت ، أعدّت أول وجبة طعام لزوجها .. غسلت ملابسه و كَوت قمصانه .. في هذا البيت عايشت معه أموراً كثيرة .. أول قبلة طبعت على شفتيها كانت هنا .. أول لقاء حقيقي بينهما كان هنا .. كم من الغريب أن يجمعنا المكان ، و يعود ليفرقنا ذاته في غضون أيام و أشهر قليلة .. ذلك السرير هو ما كان يجمعنا ليلاً ، و يفرقنا نهاراً .. كم التناقض في هذا البيت لا يُفهَم .. دخلت بخطوات بطيئة إلى غرفة نومها و جلست فوق سريرها دون أن تتفوه بكلمة واحدة ..
أما طلال ، فقد وقف عند الباب متكتفاً و هو ينظر إليها بحدة و كره : مبسوطة الحين باللي صار من وراكِ ؟
ردت ببرود و دون أن تنظر إليه : أنا ما سويت شي ..
ضرب الحائط بيده و قال بغضب : شلوون ما سويتي شيي !! كل شي صار اليوم بسببك و تقولي ما سويت شي !!!
انتصبت قامتها و ردت : طلال أرجوك ، أنا رجعت هنا علشان أقصر المشاكل ، يا ليت ما تسمعني صوتك ولا تكلمني ..
اتسعت عيناه و هو يسمع كلامها الذي يخلو من كل الأدب و قال باستنكار : عيدي اللي قلتيه ؟؟؟؟
أخذت تطوي حجابها و قالت بلامبالاة : اللي سمعته ..
انتفض جسدها و ارتجفت أطرافها حين رأته يقترب منها بسرعة و الغضب يتطاير من عينيه ، أمسك شعرها بيديه و قال و هو يضغط على أسنانه : عزة ترى لا تقلي أدبك معااي لأكوفنك ! لا تخليني أمد يدي عليكِ !
: تمد يدك علي ؟؟؟ طبعاً أمك و أخوك يبهدلوك و انت تيجي تستقوي علي !!
صرخ صرخة هزت أرجاء المنزل : عـــزززة !!
لم يسمح لها بالكلام ، ألقى بها أرضاً و بدأ يضربها بلا رحمة أينما سقطت يده .. و هي كالأموات أصبحت بين يديه لا تملك قدرة لا للبكاء ولا حتى للصراخ !!



*


إيطاليا – روما


وقف على الباب منتظراً أن تفتح له ..و حين فتحت لم تسمح له بالكلام ، فقط شدته من يده إلى الداخل و أغلقت الباب .. وقف طالب متشنجاً من منظرها و قال : ايش اللي صار ؟؟!
رشا بدلع : حبيت شربك فنجان قهوة ما بدك ؟؟
أخذ نفساً عميقاً و هو يراقب منظرها ، تلبس فستاناً قصيراً حريراً باللون الأسود ، تخجل المرأة أن تلبسه أمام زوجها !
تنهد و قال : رشا لو سمحتِ ماله داعي هالحركات ، أنا راح أروح و يا ليت لا ترجعي تدقين علي !
اقتربت منه بحركة سريعة و هي تقول : تؤ تؤ تؤ ما بيصير توصل بيتي و ما تشرب شي ..
استمر في صمته بينما تغزلت هي به ، خلعت ثوب حيائها قبل أن تخلع أي شيء ، قالت بهمس : بتعرف إني كتير بحب الدكاترة ؟
و ماذا سنتوقع منه في خلوة كتلك مع فتاة لا تملك في حياتها إلا جمالها ، لا تملك من يردعها عن أفعالها ! اقتربت منه و بدأت تفك أزرار قميصه دون أي مقاومة منه ، فقد كان غارقاً في رائحة عطرها المثيرة .. حتى أنه لم ينتبه إلى رسائل سديم و اتصالاتها المتكررة .. كل ما حدث خطأ ، في الوقت الخطأ .. خسرت يا طالب ..


في الجهة الأخرى ، حاولت سديم أن تمنح نفسها و تمنحه فرصة أخرى .. حاولت أن تفهم الحياة من منظور آخر .. قررت أخيراً أن تسمعه ، تريد أن تفهم ما الذي جعله يتخلى عنها .. تريد أن تسامح ، تشعر أنها تعبت من كثرة العتاب و الألم ، تريد أن تبوح بكل شيء في قلبها .. مجرد قرارها بالموافقة على العملية و إعطاء طالب فرصة أخرى منحها شعوراً بالرضى و الأمل .. واثقة أن الزمن يخبئ لها الأجمل .. تنهدت براحة و استندت إلى سريرها و هي تفكر بتفاؤل في المستقبل ..



-

خرج أخيراً من تلك الحالة السيئة التي كان فيها .. اقتنع مؤخراً أن العشق لا يحتاج إلى ضعف و نوم و ارتماء في المنزل .. العشق يحتاج إلى القوة ، القوة التي ستمنح سديم الأمان و الثقة ..لن يستمع إلى كل ذلك اللوم الذي يتلقاه لمجرد أنه أحب فتاة مسلمة ، بكماء أو ما شابه .. سيمون ، أحبها من دون شروط .. أحبها كـ سَديم فقط .. مجردة من كل الأمور التي قد تقف عائقاً في طريق عشقه لها ..
قرر أن يعود لتلك الأفعال الطفولية التي أعادته إلى أيام مراهقته ، اشترى وردة حمراء ، استنشق رائحتها و ابتسم و هو يتخيل كم ستكون ابتسامة حبيبته ساحرة حين تستنشق تلك الوردة ..



*

السعودية – جدّة

جلس على الكرسي يتنفس بسرعة و العرق يتصبب من جبينه بعد أن شعر أنه قد فرّغ ما في داخله من غضب .. كانت كالجثة ترقد في الأرض دون حراك ، تئنّ بألم و قد ازرقت شفتيها .. قالت بنفس متقطع و هي تشعر أنها ستموت من ألم بطنها و ظهرها : طـ طـلاال .. بـمـ ـوت خـ ـذنـ ـي ..
لم تكمل جملتها ، فقدت وعيها و بدأت قطرات الدماء تلون الأرض تحتها .. نهض طلال من مكانه بسرعة جنونية و هو يرى الدماء تنزف من تحتها .. وجهها الأصفر أرعبه ، حاول أن يوقظها بلطمات خفيفة : عزة !! عزة ايش صارلك ؟؟؟؟؟
حملها بين يديه كالمجنون بعد أن غطى رأسها و نزل مسرعاً إلى سيارته و هو يعض شفتيه ندماً .. قاد بسرعة جنونية و هو يراقبها من خلال المرآة حتى وصل إلى المستشفى بقلب مرتجف .. لا يعلم ما الذي يخيفه .. هل هو خائف من فقدان عزة ؟ أم خائف من فقدان الجنين ؟؟ أم أن خوفه فقط لأنه هو السبب ؟؟!!
جلس أمام الغرفة و هو ينظر إلى الدم الذي لطّخ يديه بحسرة و ألم .. لم يذكر كيف جرى ذلك و كيف استطاع أن يضربها بتلك الوحشية دون أن يراعي حملها !
انتظر لفترة قد مرت عليه كسنة طويلة ، خرجت بعدها الطبيبة مرهقة لتقول : الحمدلله أوقفنا النزيف ..
وقف طلال بخوف و قال : عزة شلونها ؟؟؟؟
تنهدت الطبيبة و قالت : عزة كويسة ، بس الجنين للحين في خطر .. أعطيناها ابرة مثبتة و ان شاء الله ما نخسر الطفل .. لأن خسارته بهالعمر من الحمل خطيرة على عزة !
قالت أم طلال و هي تنظر إلى ابنها بحقد : طيب دكتورة و الحين ايش بتسوون رح تطلع من المستشفى ؟
: عزة لازم تظل عندنا ليوم الولادة ، لازم تظل مرتاحة في سريرها و مريحة ظهرها ، و أنا راح أشرف على حالتها بشكل يومي .. ما نقدر نخاطر و نخرجها بعد اللي تعرضتله ..
قال عزيز بلؤم : و تقدر تشتكي على اللي سببلها هالاذى ؟؟
نظرت الطبيبة إلى طلال بعتاب و قالت : ايه أكيد ، بس المريضة ما تبي ..
نظر الجميع إلى الطبيبة بدهشة .. أردفت : زوجتك عندها قلب طيب و حرام تساوي فيها كذا !!
أطبق طلال عينيه بألم و ندم ، و قال : أقدر أشوفها ؟؟
هزت الطبيبة رأسها بالنفي و قالت : المريضة ما تبي تشوف أحد .. أنا آسفة ..
تركتهم الطبيبة ، ينظرون إلى طلال بحقد و كره .. في الداخل كانت عزة تبكي ألماً و حرقة .. للمرة الأولى تشعر أن لا مكان لها في الدنيا ، تشعر برغبة لو ماتت مع أهلها طفلة ، لكان أهون عليها من عيش ذليل مع رجل كـ طلال ..


*

إيطاليا – روما

جلس على السرير ليربط حذاءه بصمت و هو يفكّر في قذارة ما فعل .. كيف خرت جميع قواه أمامها ؟ ألا أملك من الرجولة ما يكفي ؟ كم أنا مغفل ، مجرد امرأة حسناء أطاحت بي !
أيقظته من أفكاره رشا ، التي احتضنته من الخلف و قالت : بدي اعزمك على العشا عندي بتجي ؟؟
التفت لينظر لها بحدّة و قال : انسي اللي صار من شوي ، و لا تفكري إن اللي صار صار لأني أحبك .. أنا أحب سديم و أبيها ..
مدت جواله له و هي تقول : على فكرة ، اتصلت فيك كتير بس انت ما رديت ، أساساً ما كنت واعي على حالك .. لدرجة إنك ما سمعت موبايلك لما حبيبة قلبك كانت عم تتصل!
سحبه من يدها بعنف ، قرأ رسالتها بألم : " طالب ، ما عندي مشكلة نعطي نفسنا فرصة ثانية .. أبي أسمعك و أفهم منك .. أنا موافقة أعطيك فرصة ثانية .. "
كانت رشا خلفه تقرأ ما كتبت سديم ، و قالت بسخرية : يا حرام يا سديم ، واضح إنها مش عارفة إنك ما بتستحق هالفرصة !
انتصبت قامته و وضع جواله في جيبه و قال و هو يعدل ياقة قميصه دون أن ينظر لها : مثل ما نبهتك ، اللي صار ما أحد يدرى فيه .. و إلا بيصير شي ما يعجبك ..
رمقها بنظرة ذات معنى .. تركها خلفه تبتسم بغرور .. و خرج من المنزل و هو يفكر .. هل سأخفي عن سديم هذا الأمر ؟ هل سأخدعها مجدداً ؟ لمَ الآن ؟ لم الآن يا سديم ؟ لم أنت مصرة على تعذيبي و قتلي .. أنتِ أطهر بكثير مني .. أطهر و أنقى من أن أدنسك بقذارتي .. كيف فعلت ذلك ؟ لا أذكر ما الذي حصل ، لكنني مذنب بالتأكيد .. كنت أعرف أن تلك الفتاة تنوي على أمر ما ، كنت قادراً على فهم نواياها ، لكنني انسقت خلفها دون أن أشعر ، انسقت خلفها فقط لأرضي رغباتي اللعينة .. أرضيتها فعصيت الله ، و خسرت ثقتي بنفسي و خسرت احترامي لذاتي .. حتى أنني خسرتكِ مجدداً يا عِشقي الأزلي !


-

منذ فترة طويلة لم يفعلها !! ما الذي أعاد تلك الحالة الآن ؟ وردة حمراء ذات رائحة زكية متعلقة بيد خزانتها الصغيرة في ممر قسم الحقوق .. عرفت على الفور أنها من " سيمون " .. أخذتها دون أن تبتسم ، خيّبت أمل ذلك الذي راقبها من بعد .. كانت تفكر في التوقيت الخاطئ الذي عاد فيه سيمون لاهتمامه بها .. حين بدأت تحكّم عقلها و تحاول أن تفتح صفحة جديدة في حياتها ، عاد هو للظهور أمامها ، كلعنة تأبى أن تفارقها .. يظهر أمامها كحجر يعرقلها كلما أرادت النهوض .. أخذت تستنشق رائحتها بهدوء و هي تفكر .. أبعدت الوردة عن أنفها حين سمعت خطوات أحدهم .. مر إلى جانبها برائحة عطره التي مرت معه ، ابتسم دون أن يتوقف ليقول :
Good morning
(صباح الخير ) ..
ثم أكمل سيره و هو يحمل حقيبة جهازه المحمول دون أن ينتظر ردها .. وقفت في مكانها و راقبته متعجبة حتى اختفى من أمامها .. " هل أنت صاحب الوردة ، أم من ؟ "
قطعت سلسلة أفكارها ، ريم و هي تقول : الله الله ايه الورد الجميل ده من الصبح !
التفتت إليها بابتسامة باهتة و لا زال عقلها مشوشاً .. قالت رشا بخبث : ما تكون هالوردة من مسيو طالب ؟
اتسعت عينا سديم باستغراب دون أن ترد .. فقط أخذت تحدق فيها بنظرات غير مريحة .. فتحت جوالها لتتفقد ما إذا كان طالب قد رد على رسالتها ، لكنها لم تجد منه أي جواب ! رفعت رأسها لتجد رشا تبتسم في وجهها بكل خبث و كأنها تقول : لا داعي للانتظار .. لن يرد !

*

السعودية – جدة


استيقظت بعد نوم طويل ، نظرت حولها لتجد " طلال " واضعاً رأسه فوق سريرها ممسكاً بيدها ، و غارق في نومه .. لا تعلم لِم نفضت يدها منه بقوة ، فقط تعلم أنها لا تطيق أن يلمسها أو يقترب منها .. قالت بحدة : طلال .. طلال قوم ..
فتح عينيه ببطئ ، ثم نهض و قال بلهفة و هو يتحسس وجهها : عزة ! شلون صرتي الحين ؟؟؟ حاسة بشي أنادي الدكتورة ؟
تأففت و قالت : مشكور ما قصرت .. طلال ما أبي أشوفك هنا لو سمحت ..
طأطأ رأسه و قال بصوت باهت : عزة .. أنا مدري ويش أقول .. أنا آسف .. مادري شنو صار ولا ادري شلون صار كذا !
تنهدت بألم و لم ترد .. كأنها تقول أرجوك اخرج ولا تتكلم .. أمسك بيدها و ضغط عليها و قال : صدقيني لما شفتك بهالحالة مادري ايش صارلي خفت خفت أفقدك خفت أفقد بنتنا .. صدقيني عزة أنا الحين فهمت ايش يعني ضناا .. خفت أفقدكم و ربي .. سامحيني و خلينا نبدا من جديد .. كل شي رح يتغير وعد ..
ضحكت بسخرية و عدم تصديق .. ثم قالت بعد صمت : تدري طلال شنو المشكلة ؟؟ المشكلة إنك كل مرة تعتذر و تقول آسف .. و توعدني إنك بتتغير .. بس بعدين كل شي بيرجع أسوأ من قبل .. ليش ؟ لأني أسامحك دايماً و أعطيك فُرص ! بس تدري شنو ؟ الحين أنا مو حاسة إني قادرة أعطيك أي فرصة .. مو حاسة إن عندي رغبة أبدا معاك من الأول .. حاسة إنه كل شي في قلبي تجاهك انتهى و ماات .. أنا مستحيل أحب رجال ضربني و استقوى علي .. مستحيل أحبك لأنك استغليت ضعفي و وحدتي علشان تفرض أمراضك النفسية علي .. انت راح تظل طول عمرك عايش بعقدة الذنب و حاسس إنك مو لازم تتزوج و تكمل حياتك بعد ريتال .. و أنا آسفة ماني مضطرة أكمل حياتي مع واحد مُعقّد !
لم يستطع الرد ، أو بالأحرى ، لم يجد كلمات للرد .. عزة محقة في كل ما تقول .. أنا أعدها الآن أن أتغير و لكنني لا أضمن انني قادر على تنفيذ هذا الوعد .. من حقها أن تفقد الثقة بي .. لم أكن لها يوماً زوجاً حنوناً .. لكن في داخلي صوت يناديني دائماً ، إنه صوت ريتال .. صوت يقول لي أنني خائن .. لا أعلم لم شعرت بالتقزز من نفسي بعد لقائنا الأول يا عزة .. لا أعلم لم شعرت أنني يجب أن أستحم كثيراً لأخلص نفسي من الشعور بالذنب تجاه زوجتي .. و ربما كرهت حملك لأنني ظننت أنه نتيجة لا تُمحى لحماقتي .. تنهد بألم ، و خرج من غرفتها بهدوء .. تركها تبتسم بنصر .. شعرت بالراحة بعد أن فجّرت كل ما في داخلها ..

( انتهى )

أتمنى أن ينال الجزء إعجابكم ..

ما هي توقعاتكم ؟


1- إلى أين ستصل الأمور بين عزة و طلال ؟
2- هل ستنتهي علاقة رشا بطالب عند هذا الحد ؟ أم أنها ستأخذ أبعاداً أخرى؟
3- ماذا ستكون نتيجة زيارة الطبيب النفسي لخليل ؟
4- ماذا عن عودة سيمون ؟ و هل ستلتقي سديم بطالب و تسمع تبريره ؟
قرائي الجميلين ، لا تحرموني من تفاعلكم و ردودكم .. في انتظار آراءكم ..

موعدنا باذن الله في الجزء التاسع ، السبت القادم ..

في أمان الله .. أختكم / قَـمـرْ !



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 03-05-18, 02:53 AM   #16

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,431
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


السلام عليكم و رحمة الله .. أخباركم يا جميلين ؟
أتمنى أن يكون الجميع بخير ..
بإذن الله اليوم سأقوم بوضع الجزء التاسع من روايتنا : كربةٌ بكْماء / قَـمـرْ !
على أمل أن ينال إعجابكم ..
قراءة ممتعة ..


" وتجاهلوا أننا معاً نستطيع أن نتخطى عقبة الصوت لأكون لك صوتك وتكونين لي صمتي "
الاقتباس من : حبيبتي بكماء / محمد السالم .



( 9 )


السعودية – الرياض


ركود الحياة كركود الماء ، يجعل لها رائحة عفِنةً لا تُطاق .. حاولت كثيراً أن تغير من زوجها و أن تكسر ذاك الروتين الذي كاد أن يقتل حياتهما ، لكن .. عَبَث !
شغفه بعمله كان أقوى بكثير من شغفه بالعائلة و الاستقرار و الحب .. ربما اعتاد ذلك الرجل على خوض المغامرات الغامضة طيلة حياته ، ذلك الأمر الذي لم يجعل منه زوجاً ناجحاً ..
جلست أمامه تهز قدمها بتوتر ، و لا زال هو ينثر أمامه تلك الأوراق و المقالات و يتابع آخر أخبار القضية مع صديقه " راشِد " .. لاحظ توترها فسألها دون أن ينظر لها : شفيكِ سمر ؟
تنفست بعمق ، ثم أجابت : ماا فيني شي ..
نظر إليها لثوانٍ ..أغلق شاشة حاسوبه و تقدم نحوها ، أمسك بركبتها ليوقفها : معلش توقفي هز و تقولي ليش مادة البوز ؟
زفرت بقوة ، ردت : فواز انت مو عارف يعني ؟
نظر إليها باستفهام ، فأردفت : فواز أنا ملييت من حياتي هذي .. شوف حياتنا شلون صارت ! الشغل ماخذ كل وقتك .. أنا و بنتك مالنا أي مكان في حياتك ! ما تقعد معانا و لا تكلمنا .. ولا يوم خذيتنا مشوار .. كأننا مو موجودين معاك تتصرف كأنك عايش بروحك و حياتك كلها للشغل و بس !
ملّ كثيراً من تذمرها : سمر إنتِ من يوم ما تزوجنا و إنتِ عارفة إن هذا شغلي و هذي طبيعته و عارفة إني ما بكون لك كل الوقت .. ماله داعي كل مرة نفتح هالموضوع .. أنا مو مقصر عليكم بشي !
ضحكت باستهزاء و قالت : صحيح ، إنت مو مقصر معانا بالأكل و الشرب .. إنت مقصر معانا بشي أكبر .. بنتك جوري مو حاسة إن أبوها موجود في البيت .. أناا مو حااسة إني متزووجة !! حيااتنا صاارت فراااغ .. أنا تفهمت وضعك لكن انت بعد لازم تتفهم وضعي و تعطيني جزء من حيااتك !!
تأفف و قال : طيب و ايش الحل في رأيك ؟ أقعد مثل الحريم طول النهار أسولف معاكِ ؟
هزّت رأسها بيأس : لا تقعد معاي .. كل شي طالبته منك إنك تحبني و تحب بنتك كثر ما تحب شغلك ..
نهضت من أمامه متوترة و هي تلعب في خاتم زواجها .. ألقت إليه نظرة مليئة باللوم و العتاب ، ثم استدارت متجهة نحو غرفة ابنتها جوري .. تركته جالساً يتذمر و يتأفف من تلك الزوجة " في نظره " ، التي لا تفقه شيئاً في الحياة الزوجية .. و محتار هو بطريقة توصله و توصلها إلى الرضى و التفاهم !

*

إيطاليا – روما


الخيبات كثيرة .. من مِنا لم يمر بخيبة قصمت ظهره ؟ قد يخيب ظنك بابنك ، زوجك ، صديقك .. كلها خيبات مؤلمة ، موجعة حد الانهيار .. لكنّ أقساها ، أن يخيب ظنك بنفسك .. ستخسر ذاتك حينها ، و لن تستعيدها أبداً ..
لم يتوقع " طالِب " ، أنه ضعيف أمام رغباته إلى هذا الحد .. حتى اللحظة هو غير قادر على استيعاب ما فعل بالأمس ! كيف استطاع و تجرأ على خيانة عهد ربه ؟ كيف تجراً على الغوص في قذارة كتلك ؟ يشعر بالخجل من نفسه حتى أنه غير قادر على النظر في المرآة ..
ماذا سأفعل الآن ؟ حيال امرأة أوقعتني في شباكِ إغوائها ؛ و أخرى ستقتلني بلطفها و جمالها اللذان لا أستحق !
كيف سأواجهها الآن بعد أن فتحت لي باباً لحياة أخرى ؟ كيف أغلق هذا الباب بنفسي بعد أن سعيت كثيراً لأفتحه ؟ كيف أواجه نفسي أمامها ؟
كم من الصعب أن تعترف بخيانتك لامرأة عشقتك و وثقت بك منذ طفولتها .. كم من المؤلم أن تكسرها مجدداً بعد خيبتها الأولى بك .. كم من المؤلم أن تجعلها تندم ألف مرة لأنها حاولت أن تثِق فيك بعد إذ كسرتها !
كرر قراءة رسالة سديم الأخيرة عشرات المرات .. كان يتساءل : يا ترى لو رحت لسديم و قررت أفتح معاها صفحة جديدة ، ريم راح تتركنا بروحنا ؟؟ و لو واجهتها بالحقيقة و قلتلها إني ساويت هالشي راح تسامحني ؟؟؟
كل الأسئلة التي كان يطرحها على نفسه أسئلة تُجاب بكلمة واحدة فقط ، نعم أو لا .. لكنها كانت أصعب من أن تُجاب .. كانت كلغز دقيق عجز عن حله ..






-

في الجامعة ، تجلس سديم على إحدى المقاعد في حديقة كُليتها .. تراقب المارة بملل و هي تتفقد هاتفها كل دقيقتين لترى ما إذا كان طالب قد رد على رسالتها أم لا .. تلاحمت الأسئلة في عقلها ! ذلك الذي كان يرجوني أن نعود ، لم الآن يتجاهل مكالماتي و رسائلي ؟ هل تسرعت حين قررت أن أعطيه فرصة أخرى ؟ هل ستجعلني أندم على ذلك يا طالب ؟
في الأعلى ، وقف سيمون يراقبها من شرفة مكتبه ، واضعاً يديه في جيب بدلته ذات اللون الرمادي .. سديم ، لا يعلم بِم يشبهها ! أأنتِ حلم جميل أرفض الاستيقاظ منه ؟ أم كابوس مزعج يلاحقني و لست قادراً على الهروب منه ؟ تنهد كثيراً و هو يحاول أن يستذكر ما حصل معه في الأشهر الماضية ، يستذكر النظرة الأولى لها ، جميع المواقف التي عايشها معها و إن قَلَّت .. يحاول أن يستذكر كيف استطاعت فتاة مثلها سلب عقله و قلبه و تفكيره ..
تنهد بعمق حين رآها تحمل حقيبتها و تترك كرسيها ، فترك هو الآخر نافذته و جلس خلف مكتبه ليعد بعض الأوراق .. بعد عِدة دقائق ، طُرق باب مكتبه ، فسمح للطارق بالدخول .. دخلت بخطوات هادئة إلى الغرفة ، أخذت تراقبه و هو غارق في أوراقه بصمت ، رفع رأسه ليُفاجئ بها تقف أمامه و تحدق فيه بنظرات لا يعلم مغزاها ..
: Reem ! what are you doing here ?!
( ريم ! ماذا تفعلين هنا ؟ )
بابتسامة جانبية ردت :
I'm here because I miss you !
( أنا هنا لأنني اشتقت لك )
: Reem please .. don't repeat the same sentence !
( أرجوكِ لا تكرري نفس الجملة )
صمتت و هي تضع رأسها في الأسفل ، فأردف :
: There's nothing to talk between us .. And you know what is the fact of our relationship ..
( لا يوجد هناك أي أحاديث بيننا ، و أنتِ تدركين ما هي حقيقة علاقتنا )
ابتسمت بسخرية و قالت :
You love her , right ?
( أنت تحبها .. صحيح ؟ )
أطبق عينيه ، ثم أخذ نفساً عميقاً و رد بغضب :
You are asking me something personal .. don't forget that you are just student here .. be respectful , or I will take some execution for you ..
( أنتِ تسألين عن أمر خاص فيني ، لا تنسي أنك مجرد طالبة هنا .. حافظي على حدود الاحترام و إلا سأضطر لاتخاذ اجراء بحقك ! )

نظرت إليه بحقد ، ثم خرجت غاضبة مسرعة من مكتبه محاولة أن تكبح دموع عينيها .. كانت تود أن تقتل تلك اللعنة التي كانت السبب في كل ذلك ! لكنها تعلم أن سديم ليست مذنبة ، و لم تحاول يوماً أن تتقرب منه .. كل ما تفكر فيه الآن أنها متورطة في مصيبة ، و يجب أن تتخلص منها !



*


السعودية – جدّة

في المستشفى ، مستلقية عَزّة في سريرها ، لا تعرف ماذا تشعر حيال حنية طلال عليها .. تشعر أنها مجرد شفقة ، و ربما شعور بالذنب تجاهها فقط لا غير .. و إن كان قلبها يقول لها غير ذلك ، يقول لها طلال يعشقك لكنه أجبن من الاعتراف بذلك .. إلا أنها لم تعد تثق حتى في قلبها و إشاراته .. القسوة قد تكون أحياناً معدية كفايروس خطير سريع الانتشار .. و ربما أصيبت هي بعدوى القسوة منه .. طرق باب غرفتها ثم مد رأسه بابتسامة جميلة ليقول : شلونهاا زوجتي الحلوة اليوم ؟؟
نظرت إليه دون أن ترد ، تجاهل نظراتها القاسية ثم دخل و هو يخفي شيئاً ما خلفه .. لم تُعِره أي اهتمام .. أخرج من خلف ظهره باقة من الورد الجوري الأحمر ، مدّها لها و قال بابتسامة : تفضلي حبيبتي ..
كان وجهها خالياً من أي تعابير .. فلا فرح ولا حزن ، ولا بهجة ولا عبوس بدت على محياها ! بكل هدوء أبعدت الباقة من أمامها و قالت ببرود : أنا مابي منك ورد يا طلال ..
اختفت ابتسامته تدريجياً ، وضع باقة الورد فوق قدميها على السرير بخيبة ثم جلس على الكرسي المجاور لسريرها دون أن يتكلم ..
أردفت عزة بعد صمت : طلال لو سمحت .. أنا مابي أشوفك .. لا تيجي عندي ..
عقد حاجبيه مستغرباً من قسوتها التي لم يعرفها يوماً : عزة انتِ زوجتي شلون تبيني أتركك في المستشفى بروحك ؟
بسخرية : الحين عرفت إني زوجتك ؟؟ 4 شهور حامل ما شفت وجهك .. و الحين جاي تقول لي زوجتك ؟؟
اقترب منها و أمسك بيديها : عزة أرجوكِ تفهميني ، أنا مو قادر للحين أتجاوز ريتال .. مو قادر أقول لها تطلع من قلبي ..
أشاحت بوجهها بعيداً عنه محاولة أن تخفي لمعة الدمع في عينيها ، قالت بصوت مكتوم : دامك كذا خلاص خليك عايش مع ذكرياتك ! أنا ما طلبت منك تيجي هنا ! اتركني بروحي اتركني أعيش حياتي ..
بصوت خافتٍ رد : انتِ أم بنتي ..
اعتصر قلبها ألماً ، أهذه أنا بالنسبة له ؟ أم ابنته فقط ؟ ألا أكون له أي شي آخر ؟
نفضت يدها منه و قالت بغضب : بنتك كنت بتقتلها ولا نسيت ؟؟ طلال أنا ما راح أقدر أسامحك على كل شي عشته بسببك .. ما راح أقدر أسامحك إنت كنت أسوأ شي صار في حيااتي أكثر شي ندمت عليه إني تزووجتك ..
انتصبت قامته و قال بخجل من نفسه : أنا راح أروح الحين لين تهدي .. و راح أرجع بعدين .. انتبهي على نفسك ..
أدار ظهره و سار مسرعاً متجهاً نحو الباب ، تركها خلفه حزينة كسيرة .. تجمعت الدموع في عينيها ، بحقد أمسكت باقة الورد و ألقتها أرضاً .. تناثرت أوراقها أرضاً ، و تناثرت دموعها على خديها معلنة عن حرب طالت على قلب تلك الفتاة .. حرب نهشت روحها و أنهكت جسدها .. تشعر الآن أنه لم يتبق أمامها سوى رفع الراية البيضاء ، و تخليها عن عشق طفولتها الذي كان السبب الأكبر في يأسها و بؤسها ..


-

في مكان آخر .. جلست و هي تضع كوب الشاي على الطاولة أمام زوجها .. و بدأت تفكر بعمق .. لاحظ زوجها شرودها ، اقترب من كوب الشاي و تناوله ليرتشف منه القليل ، ثم قال : شفيكِ يا أم طلال وين سارحة ؟
تنهدت ثم نظرت إليه قائلة : الحين احنا مو لازم نزوج عزيز ؟
جاءهم صوت " رِهام " من الخلف ليقول بفرح : وااو ونااسة إييه يمهه اشتقنا يكون في معرس في بيتنا !
تجاهل أبيها كلامها و قال : ليش الحين فتحتِ هالموضوع ؟ مو شايفة وضع عزة و طلال ؟ ما نقدر نتصرف بهالشي الحين .. ننتظر لين تولد عزة و تقوم بسلامة ..
ضغطت على أسنانها ، ثم التفتت إلى ابنتها لتقول : رهام يمه روحي غرفتك ، أبكلم أبوك فموضوع .
بابتسامة قالت : تآمرين يمه ، ثم أدارت ظهرها صاعدة إلى غرفتها .. راقبتها أمها حتى تأكدت من ابتعادها ، ثم وجهت أنظارها إلى زوجها الذي بدا عليه الفضول و قالت بهمس : احنا لاز نزوجه و ما ننتظر عليه أكثر من كذا ..
عقد حاجبيه باستغراب من إصرارها : ليش يعني وش صاير ؟؟؟ اهوة طلب منك ؟
بنفس الهمس ردت : لا ؛ بس اذا ماا زوجنااه رااح يصير عندناا مصييبة !
وضع كوب الشاي على الطاولة ، و قال بقلق : مصييبة ايش يا بنت الحلال قولي و اخلصي !!!
: عزيز حاطط عينه على عزة !
جحظت عيناه من هول ما سمع و قال : شنووووو ؟؟ قلييل التربيةة شلووون يحط عينه على زووجة أخووه ! هذا ماا يستحيي ؟؟؟
: على شان كذا احنا لازم نزوجه و في أسرع وقت !
أخذ نفساً و هو يستند إلى وسادة الكنبة و قال : انتِ شلون دريتي ؟
هزت رأسها و قالت : مادري كان يتهاوش مع طلال ، و واضح إن طلال عارف بالموضوع على شان كذا تهاوشوا .. و بيني و بينك ، يمكن اهوة سبب وجود عزة بالمستشفى الحين ..
كوّر قبضة يده و أخذ يضغط على أسنانه بغضب : أنا أورريه بس ييجي والله لأعلمه الأدب و التربية !
حاولت أم طلال أن تهدئه فقالت : مو هذا المهم يا رجال المهم الحين نزوجه .. علشان ينسى عزة و يلتهي عنها ما نبي مشااكل و اللي يخليك ..
صمت والده و أخذت عيناه تتجولان في الأفق و هو يفكر في قذارة ما يفكر فيه ابنه ..


*


صباح اليوم ، صباح مختلف جميل .. صباح يحمل تفاؤلاً عظيماً ..
كأن يكون اليوم هو آخر يوم لسديم بلا صوت .. متفائلة جداً ، الابتسامة تزين وجهها ، و هذا هو ما يجعل أبيها يزداد خوفه و قلقه ..
رقدت سديم تلك الليلة في المستشفى ، لتتحضر لعمليتها .. كل ما كان يقلقها هو استمرار طالب في تجاهله لرسالتها الأخيرة .. خلال استلقاءِها على سريرها ، وصلتها رسالة منه يطالبها فيها بالوقوف على نافذة غرفتها المطلة على حديقة المستشفى ..
نظرت إليه ، كان يقف بقميصه الكحلي و ذقنه التي طالت قليلاً ، يبتسم ابتسامة جميلة واسعة و هو ينظر إليها .. ردت إليه الابتسامة بقلق و هي تتأمل ملامح رجولته .. رأته يرفع جواله و يكتب رسالة : سديمي .. بعد اليوم كل شي راح ينحل .. صوتك الجميل راح يرجع و يزين حياتي .. راح نتزوج و أخليكِ أسعد إنسانة في الدنيا ..
عقدت حاجبيها باستغراب منه و أرسلت : بس أنا ما وافقت على زواجنا يا طالب ، أنا طلبت نقعد و نتفاهم في الأول ..
ابتسم طالب و أرسل : راح نقعد يا قلب طالب .. و أنا أوعدك كل شي رح يكون أحسن ..

في تلك الأثناء ، دخل والد سديم غرفتها فابتعدت عن النافذة ليقول لها : صديقتك ريم وصلت و تبي تشوفك قبل العملية ..
هزت سديم رأسها بابتسامة .. أما في الأسفل ، بينما هو شارد في جواله منتظراً ردها ، شعر بيد خفيفة تضربه على ظهره و تقول : والله ما حدا قدا هالسديم ! هي خرسا و عملت فيك كل هالشي كيف لو كانت بتحكي !
عرف طالب نبرة الصوت ، فالتفت لها غاضباً : لا تتكلمي عنها بهالطريقة أحسن لك !
اقتربت منه حتى التصقت به و قالت : لو ما كنا بالمشفى كنت عملت شي تاني ..
ابتعد عنها بعنف و قال بتحذير : رشا .. أحذرك للمرة الألف إنك تقربي مني أو من سديم .. لا تلعبي معاااي لأنك موو قدي فااهمة ؟؟؟

نظرت إليه بحقد و تحركت من أمامه و هي تتوعد و تتحلف أنها ستريه شيئاً لم يراه طوال حياته ..








( انتهى )

توقعاتكم :
1- هل ستنجح عملية سديم ؟
2- ما هو هدف رشا من التحرش المستمر بطالب ؟
3- ما هي طبيعة العلاقة بين ريم و د.سيمون ؟
4- هل سيقبل عزيز بعرض أمه بالزواج ؟
5- إلى أين ستصل الأمور بين عزة و طلال ؟ و هل ستسامحه أم أن كل ما كان بينهما انتهى ؟

انتظرووني أحبتي السبت القادم في الجزء العاشر ...
أتمنى أن يكون الجزء قد أعجبكم ..
تحياتي .. قَمـرْ !




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 04-05-18, 02:58 PM   #17

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,431
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..

أتمنى أن يكون الجميع بخير ..

بإذن الله اليوم سأقوم بوضع الجزء العاشر من روايتنا : كربةٌ بكْماء / قَـمـرْ !
و هو الجزء الختامي للخماسية الثانية في روايتنا .. أي خِتام عام 2004
أتمنى أن ينال إعجابكم و رضاكم ..

مُلاحظة : موعد البارت سيصبح كل جمعة بإذن الله ..

قراءة ممتعة ..


لا تُلهيكم الرواية عن أداء الصلاة .


( 10 )



" إن لم يَكُن في الحب سخط ولا رضا ، فأين حلاوات الرسائل و الكتب "
مقتبسة من : نَبضْ / أدهم الشرقاوي !

*

روما – إيطاليا

كعادتها ، بابتسامتها الجميلة التي تدخل الفرح على قلوب الجميع ، التي ترسل عبرها رسائل حب و تفاؤل ، ودّعت أبيها قبل أن تدخل العمليات ، كلها أمل أن تخرج بصوتِها الذي افتقدته منذ سنوات .. قرأ طالب رسالتها الأخيرة التي أرسلتها له : ثقتي بالله كبيرة ، و راح أطلع من العملية بصوتي اللي حبيته ي طالب ..
ابتسم كثيراً و هو يقرأ كلماتها و يدعو الله أن تخرج حبيبته معافاة من ذلك الوحش الذي سلب صوتها ..


*

المكان مظلم ، تماماً كحياة ذلك الطفل التي لوثتها أفعال مجرم لم يهتم بالطفولة يوماً .. يقف خليل في مكانه ، أمام عدو طويل ، لكنه هزيل ضعيف ، خائف و أطرافه ترتجف من ذلك الحقد الذي يراه في عيني ذلك الطفل .. لا أحد بينهما .. اثنان لا ثالث لهما ..
خليل و الدكتور منير فقط ، مرت أمامه صورة أخيه الملقى على الأرض لا حول ولا قوة ، مرت أمامه أمه الهزيلة التي لم تعد يوماً كما كانت بعد أن فقدت ابنها .. مر أمامه أبيه الذي شاب شعره حين رأى طفله بلا قلب ولا كِلى .. نظر إلى ذلك الذي يتوسل إليه .. قال : الحين تتوسلني ؟ بعد ما قتلت أخوي بدون رحمة بدون ما تفكر بقلب أمي و أبوي ؟ إنت قتلتنا كلناا ، و دمّك ما راح يعوضني عن أخوي .. لكن أنا حلفت إنك بتموووت ..
غرز السكين في بطنه عدة مرات و هو يطلق صرخات جنونية : بتموووت بتمووووت بتموووووووت ..
ركضت أمه إلى الغرفة بقلب ينتفض خوفاً ، أسرعت إلى سريره : خلييل اصحى حبيبي اصحى خليييل !
ظلت تهز كتفه حتى شهق شهقة قوية و استيقظ من نومه مفزوعاً ، ينظر حوله بتشتت و يتفحص يديه ليتأكد من وجود الدم عليهما .. لمست أمه وجهه الذي يتصبب عرقاً و قالت : حبيبي ماماا بسم الله عليك شفييك ؟؟؟
ظلّ يلهث بخوف و عدم ادراك لما يجري حوله ، بعد برهة استنتج أنه كان يرى كابوساً ، لا يعلم حقاً إن كان قتله لمنير كابوساً أم حلماً ينتظر تحقيقه .. التزم الصمت طويلاً .. فاقتربت منه أمه الباكية و قبّلت جبينه بقلق : حبيبي قوم غسل وجهك و بدّل ملابسك ..
نزل عن السرير ببطء دون أن يتكلم ، ترك أمه خلفه تحدّق فيه بخوف من ذلك الذي لم تعد تعرفه ، كبر فجأة دون أن تشعر .. ارتعشت خوفاً حين سمعت صوتاً رجولياً يقول بتعجب : سلوى شفيك ؟؟! وينه خليل ؟؟
نظرت إليه ، تنفست قليلاً ، ثم ركضت إليه فاتحة ذراعيها لاحتضانه ، استقبلها فيصل بلا ممانعة ، فأخذت تبكي في صدره و تشهق و هو يتحسس شعرها و يقول بهدوء : حبيبتي ليش تبكي ؟؟؟
رفعت رأسها و قالت بصوت متقطع من البكاء : خليل حالته ما تحسنت ، للحين يشوف كوابيس و يصحى يصرخ منها و العرق مالي ملابسه .. الحين صحى و اهوة يصرخ بتموت بتموت ما ادري وش كان يشوف و ما قال لي شي !
مسك فيصل وجهها بين يديه و قال : حبيبتي لا تخافي عليه .. اللي مر فيه ولدنا ماهو قليل .. و يبيله فترة طويلة عبال ما يرجع لطبيعته ..
: بس اهوة متغير ، متغير يا فيصل .. نظرة عيونه فيها شي ما أفهمه .. فيها حقد يخوفني .. أنا خايفة يضيع مستقبله !
: خليل اهوة اللي راح يعوضنا عن اخوه ، اهوة اللي راح يبرد قلبنا عليه ، و راح يأخذ ثارنا من اللي قتله ..
شردت في الأفق و قالت : ثارنا ؟؟
: ايييه ثاارنا ، لكن مو بالطريقة اللي تفكرين فيها ..
أعاد رأسها إلى صدره و أردف : احنا لازم نساعده ، ما لازم نظل نبكي قدامه ، لأنه بكاءنا قدامه ممكن يخليه يحقد أكثر و يتصرف بتهور .. فاهمة علي ؟؟
هزت رأسها بالإيجاب دون أن تتكلم ، قبّل فيصل رأسها و قال : يلا حبيبتي حطيلنا أكل لأني ميت من جوعي ..
تحركت من أمامه و هي تمسح دموعها ، مع خروج خليل من الحمام راسماً ابتسامة على وجهه الصغير ..


*

السعودية – جدّة

نهض عن السرير بصدمة و قال : شنوو ؟؟
وقفت أمه بمحاذاته : ايش شنوو ؟ ما سمعت اللي قلته ؟
عزيز دون أن ينظر إليها : بس يمه أنا ما قلت لك إني أبي أتزوج أنا مابي أتزوج الحين !
: ليش ؟؟ تنتظر طلاق عزة؟؟؟
صمت عزيز و لم يرد على سؤالها ، فأكملت : لمعلومك ، عزة تحب طلال و اهوة يحبها ، و ما راح يطلقهاا ، و لوو صاار هالشي ما رااح تتزوجكك هالشي مستحييل نرضى فيه ..
نظر إلى أمه بحدة : طلال ما يحب عزة اللي يحب وحدة ما يساوي فيها اللي ساواه ولدك المصون ، و عزة ما راح تحبه بعد اللي ساواه فيها .. و بعدين منو قالك إني مابي أتزوج عشانها ؟؟؟ أنا ماابي و خلااص انتهى هالموضوع !
صرخت بغضب : لاا مااا انتهى ، أبوك عرف اللي براسك و كان ناوي يتصرف معاك لو أنا ما هدّيته .. و شرطه علشان تظل في هالبيت انك تتزوج ..
رفع أحد حاجبيه بتعجب : يعني بتطردوني من البيت اذا ما تزوجت ؟؟
تحركت نحو الباب و هي تقول : الكلام اللي عندي قلته ، فكّر ، و مو من صالحك ترفض ..
خرجت و أغلقت الباب بقوة خلفها .. وقف عزيز أمام مرآته بغضب و هو يقول في داخله : ما راح أتركك تتهنى فيهاا يا طلاال و الأيام بيننا ...


*

الملل القاتل الذي شعرت به هو الذي جعلها تطلب من الطبيبة أن تسمح لها بالخروج من المستشفى .. بعد أن فَحصتها و بانت على وجهها علامات عدم الرضا قالت : الجنين للحين وضعه مو مستقر ، ما أقدر أخرجك من هنا ..
تأففت عزة : وش اللي مو مستقر بالضبط أنا حاسة إني كويسة !!
: الجنين مو ثابت ، و رآسه نازل بعد يعني هالشي ممكن يسبب ولادة مبكرة ، على شان كذا لازم تكوني تحت مراقبتنا طول فترة الحمل ..
شعرت بالخوف فقالت : في خطر على بنتي ؟؟؟
حركت الطبيبة رأسها بحيرة : إذا ما راقبناكِ و ظليتي مرتاحة في سريرك إيه راح يكون فيه خطر عليها .. الحين رآح أنادي الممرضان ياخذونك لغرفتك و أبيكِ تلتزمي بكافة التعليمات اذا تبي بنتك تظل بخير و تولدي بالسلامة ..
هزّت رأسها بالموافقة ، ابتسمت لها الطبيبة و خرجت من عندها ...

في منزل طلال ، استلقى على الكنبة في الصالة و هو يحمل صورة ريتال بين يديه .. صورة جمعتهما في ليلة من أجمل ليالي عمره ، كم كانت جميلة و هي ترتدي الأبيض الذي أنار حياتي ، لكن الأبيض ذاته هو الذي كفّنها و سلبها مني ، هو ذاته الذي جعل حياتي مظلمة لا نور فيها .. ظلمت عزة و حطمت قلبها بسببكِ يا ريتال ، بسبب عشقي لكِ .. رحلتِ عن هذه الدنيا لكنكِ لم ترحلي من قلبي يوماً واحداً .. حتى حين كنت أعاشرها كنت أراكِ ، كنت أراكِ في كل زاوية من البيت تنظرين إلي بلوم و عتاب .. ألن يتركني طيفك يا ريتال ؟ ألن ترحمي قلبي من ذلك الذنب .. أذكر أنني في كل مشكلة واجهتني خلال زواجنا ، كنت أركض إليكِ كما يركض الطفل إلى حضن أمه ، لتخبريني ماذا يجب أن أفعل ! ها أنا الآن أمامكِ ، لم أعد طفلاً ، أصبحت رجلاً ضعيفاً مهزوزاً ، أخبريني أنتِ ، ماذا عساني أفعل ؟


*

روما – إيطاليا
في المستشفى ، أمام غرفة العمليات يقفون جميعهم ، ينتظرون خروجها ، لكننا لا نعرف من منهم يحمل في قلبه نية طيبة حقيقة تجاه سديم .. بالتأكيد ليست رشا ، التي أزعجت طالب كثيراً برسائلها على الهاتف : ما بقى تهز رجلك وترتني ، ما تخاف عليها متل القطة ب 7 أرواح ، رح تطلع متل القردة !
أرسل لها : تدري إني الحين تأكدت إن في بهالدنيا أصدقاء مزيفين ما يحبون الخير لأصحابهم .. صدقيني أنا راح أكشف حقيقتك لسديم و أخليها تبتعد عنك ..
نظر إليها و هي تقرأ رسالته و تبتسم بخبث ، لترسل بعدها : ما بظن فيك تحكيلها عن اللي صار بيناتنا ، لأنه إنت الوحيد اللي رح تخسر بهالمعركة ، ما بنصحك تجرب تعاديني .. ما رح تقدر علي ..
قطع أجواء الصمت دخول رجل زاد توترهم جميعاً ، و بالأخص طالب .. قال سيمون بصوت جهوري :
Hello , I'm sorry for late ..
( مرحبا ، أعتذر على التأخير )
وقف طالب متعجباً من وقاحة قدومه و قال : هذا وش جابه هنا ؟؟
أمسكت رشا بذراعه بخبث : طالب اهدى !
نظر إلى يدها بحقد و نفضها منه بقوة :
Hey ! what are you doing here ?
( أنت ! ماذا تفعل هنا )
رد ببرود :
I want to visit Sadeem , she is my student !
( جئت لأزور سديم ، إنها طالبتي )
عض طالب على شفتيه بقهر و وده لو يضربه حتى يُشبع غضبه منه ، اقترب والد سديم من سيمون و قال :
Dr.Simon , Thank you for coming , but please , you shouldn't be here , leave the place now if you please !
( د.سيمون ، شكراً على قدومك لكن ، أرجوك لا يجب أن تكون هنا .. اترك المكان الآن لو سمحت )
بعناد قال :
Sorry , I'll wait until the end of sadeem's surgery
( أعتذر ، سأنتظر حتى تنتهي عملية سديم )
غضب طالب ، كما والد سديم كثيراً من وقاحة ذلك الرجل .. اتجهوا جميعاً نحو باب العمليات الذي فتح و خرج منه الطبيب ليقول :
العملية انتهت ، لن أستطيع أن أحدد لكم نجاحها قبل استيقاظ سديم من المخدر ..

تركهم خلفه و قد شعروا بقليل من الراحة أن سديم ما زالت بخير .. و لا زالوا يدعون الله أن تنجح عمليتها و تعود الأمور كما كانت عليه ..


*

السعودية – جدة

لم يدم تفكيره طويلاً .. ربما عشقه لعزة أتعبه ، فقرر أن يقتله بالزواج ، رغم أنه كان رافضاً للزواج من غيرها رفضاً قطيعاً قبل دقائق ، إلا أنه استطاع أن يُحكّم عقله هذه المرة و يقتنع أن عزة لن تكون له مهما جرى .. نزل إلى أمه الجالسة في الصالة و جلس إلى جانبها .. لم تعره أي اهتمام .. فبدأ هو الحديث : يمه ..
ردت دون أن تنظر إليه : نعم ؟
استجمع قِواه ، أخذ نفساً عميقاً و قال : أنا وافقت .. اخطبيلي ..
ارتسمت على وجه أمه ابتسامة واسعة و قالت : الحمدلله .. الله يهداك يا ولدي و يرضى عنك .. أنا كنت متأكدة إنك ما راح تغضبني و تغضب أبوك ، و أنا من بكرا راح أدورلك أحسن بنت بالمملكة كلها و صدقني راح أختارلك البنت اللي تسعدك ..
حاول أن يبتسم عزيز لأمه ، أخذ مفاتيح سيارته و خرج من المنزل ، لا يعلم إلى أين يجب أن يذهب ، ولا يعلم إن كان قد اتخذ قراراً صحيحاً أم لا .. عزة ، تلك الفتاة لا تذهب من باله أبداً .. كان يتمنى لو اتخذت الأمور مجرىً آخراً .. لكن ، تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ..
وقف أمام الإشارة الحمراء ، استند إلى ظهر كرسيه ، و سرح في مخيلته .. قبل سنتين فقط ، كان في عامه الأخير في الجامعة .. كان ينوي الارتباط بها بمجرد تخرجه ، كانت في العشرين من عمرها ، كانت هادئة ، جميلة .. تحب الحياة رغم الحزن الذي سكن عينيها الجميلتين .. كان ينوي أن يعوضها عن كل ما فاتها من حنان و حب .. لكن طلال سبقه إليها .. هل هو القدر و النصيب ؟؟ أم أنني كنت مخطئاً حين أجلت الحديث مع أمي بشأنها ؟ ربما إخفاء العشق أحياناً قد يكون ذنباً ندفع ثمنه طويلاً .. ربما كان على الدنيا كلها أن تعرف أنني أحببتك يا عزة .. لكن ، ما الفائدة ؟ كنتِ متيمة بذلك الغبي منذ طفولتك .. حتى لو بحت لكِ بعشقي ما كان سيكون إلا عائقاً أمام وجودك مع ذلك الذي عشقتيه و لم يقدّرك يوماً ..
أيقظه من شروده صوت زوامير السيارات الغاضبة ، انتبه حينها أن الإشارة تلونت باللون الأخضر .. ضحِك على شروده ، و أكمل سيره نحو المجهول !


*

روما – إيطاليا

بعد عدة ساعات من الانتظار .. بدأت تفتح عينيها بانزعاج و بطئ .. الجميع حولها يبتسمون و في قلبهم أمل أن يسمعوا صوتها الآن .. سيمون ينتظر بكل فضول صوت تلك التي سلبت عقله و قلبه دون أن تتفوه بكلمة واحدة ..
وقف إلى جانبها الطبيب .. و إلى الجانب الآخر أبيها .. نظرت إليهم جميعاً ، لم يصدمها وجود سيمون .. أعادت نظرها مجدداً إلى أبيها ، سمعت الدكتور يقول :
Sadeem , we want to evaluate the successful of our surgery .. are you ready ?
( سديم ، نريد أن نقيّم نجاح عمليتنا ، هل أنتِ جاهزة ؟ )
هزت رأسها بخوف و هي ترى الجميع يترقبها ، ابتسم لها أبيها و قال : يلا يبه .. قولي يا رب ..
فتحت سديم فمها محاولة أن تقول أي كلمة تخطر في بالها .. حاولت كثيراً أن تتكلم بأي كلمة ، لكنها لم تنجح إلا في إخراج بعض المقاطع الصوتية غير الواضحة ..
نظر الجميع إلى الطبيب بصدمة يحاولون أن يفهموا ما حصل ..
قال الطبيب :
Are you feeling good or tired sadeem ?
( هل تشعرين أنكِ مرهقة أم جيدة ؟ )
اغرورقت عينيها بالدموع ، فتحت فمها مجدداً لتحاول أن ترد على الطبيب .. لكن ؛ بلا فائدة ..
هز الطبيب رأسه و ابتعد عن سريرها ، فلحقوا به جميعاً يتساءلون عن سبب عدم مقدرتها على النجاح في التكلم !
قال الطبيب : هناك احتمالين .. إما أن البنج لا زال مؤثراً عليها و هو ما منعها من الكلام ، و إما أن العملية لم تنجح بالشكل المطلوب !
قال طالب بلهفة و خوف : و أي الاحتمالين ترجّح ؟
تنهد الطبيب بأسف و قال : أجريت العملية للكثير من المرضى قبل هذه المرة .. جميع الذين نجحت عملياتهم ، كانوا قادرين على التكلم فور الاستيقاظ و لو بكلمات قليلة .. أما الحالات التي لم تنجح .. فهي مشابهة لحالة سديم الآن ...
اعتذر الطبيب الذي حاول أن يخبرهم خبراً مفرحاً .. نظر الجميع إلى سديم بحزن و شفقة .. فهِمت سديم أن عمليتها لم تكن ناجحة ..
خرج سيمون برفقة ريم و رشا ، أما طالب فبقي يقف أمامها و ينظر إليها و هي تبكي لا يملك شيئاً يقوله لها ..
في الخارج ، شعر بنار تسري داخل جسده .. اقترب من صديقه سعود و شده من قميصه و قال بغضب : كل شيي صااار لبنتي بسبببك و بسبب ولدك طااالب .. انتوا نصحتونااا بهالعمليةة و هذا هي ماااا نجحت .. قووول لي الحييين شلوون راح تكمل حيااتها بعد هالصدمة قووول !
صمت سعود شاعراً بالذنب تجاه صديقه و ابنته .. خرج طالب على الصوت و حاول أن يباعد بينهما و هو يقول : عممي .. عميي الله يخليك اهدى .. للحين ما في شي أكيد !
ابتعد عنه و قال بلهجة فيها شيء من التهديد و هو يلهث غضباً : مابي أشوفكم هناا لا انت ولا أبووك .. ماابي أشووفكم اطلعواا الحيين !
اقترب طالب من والده و همس له : يبه عمي الحين متضايق ، خلينا نتركه بروحه ..
تحركوا من أمامه ، فدخل هو إلى ابنته الباكية فوق سريرها .. جلس أمامها ، حاول أن يواسيها بكلمة ، فاكتشف أنه يحتاج من يواسيه .. غطى وجهه بكفيه و بدأ يبكي ، تعالت أصواتهما بالبكاء و الحسرة .. فليس لديهم القدرة إلا على البكاء ..


*

يُتبع...



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 04-05-18, 03:06 PM   #18

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,431
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


*

السعودية – الرياض
اعتدل في جلسته بابتسامة واسعة و هو يقرأ رسالة مديره السابق في العمل ، الذي مدَح مقاله الأخير بشدة .. " مقالك جريء و أنا فخور إنك طرحته ، تأخرت لين قريته لأني كنت مشغول بس فعلاً كلنا بحاجة لمثل هذي المقالات على شان هالعصابات ما تفكر إننا نايمين عنهم ، و على شان الناس تتوعى و تنتبه أكثر .. أنا فخور فيك يا فواز ، و لنا لقاء قريب أكييد .. "
رن جرس الهاتف الأرضي .. فطلب من زوجته أن ترد ..
رفعت سمر السماعة بملل : آلوو ..
جاءها صوت رجولي مخيف يقول : هذا بيت فواز ؟
هزت رأسها و هي تعقد حاجبيها : ايه هذا بيته ، من حضرتك ؟؟
قال بلهجة فيها أمر : هاتيه !
مدّت السماعة إلى زوجها بيد مرتجفة ، سألها و هو يتناول السماعة منها : من ؟
قالت بهمس : مادري !!!
وضع السماعة على أذنه : آلوو
: انت ما راح تهدى إلا لين ينخرب بيتك ؟؟
نظر إلى سمر الجالسة إلى جانبه و رد : منو انت ؟؟
تجاهل سؤاله و قال بتهديد : مقالك الأخير بينسحب و إلا ما راح تشوف خير ..
صرخ فواز بغضب : مـــنووو انت ؟؟؟
لم يرد المتصل ، أغلق السماعة في وجهه ..
فواز : آلــــــووو !!!
تأفف فواز و قام متهرباً من نظرات زوجته ليعيد السماعة إلى مكانها .. فسألته سمر : منو هذا ؟؟ ايش قالك و ليش عصبت ؟
لم يلتفت لها لئلا ترى الكذِب في عينيه : مادري ، واضح إنه غلطان ..
: شلون غلطان و اهوة طالبك بالإسم ؟؟؟ فواز قول لي منو هذا و ايش يبي منك ؟
تأفف فواز بملل و هو يعود إلى مكانه : خلااص يا سمر كافي أسئلة !!
شعرت سمر أن الخطر يحلق حول بيتها فقالت : هذي مكالمة تهديد .. صح ؟؟
صمت فواز دون إجابة و كأنه يؤكد شكوكها .. وقفت سمر و قالت بغضب : فوواز أناا هذي العيشة موو قادرة أتحملهاا !! الخطر حوالينا دائماً .. أول مرة خطفوا بنتنا و الحين تيجيك مكالمات تهديد و بكرا ما ندري وش رح يصير !! أناا ما أقدر أظل عاايشة في هالتوتر و الخوف هذاا !
صرخ هو الآخر بردة فعل : يعني ايش تبيني أسويلك ؟؟ هذي حياتي و هذاا شغلي و اذاا موو عااجببكك ....
صمت قبل أن يكمل كلامه حين شعر أنه سيخطئ في حقها .. نظرت إليه سمر باستفهام : و اذا ما عجبني شنوو ؟؟؟
تنفّس فواز قليلاً و قال : سمر .. اتركيني بروحي ..

ذهبت من أمامه ، المشاكل تزداد يومياً بينهما بسبب عمله ، بسبب حبه الكبير لملاحقة المجرمين .. لا تنكر أنها تفخر بأن يكون زوجها شوكة في حلق كل مجرم يهدد أمن البلد و أبنائه .. لكنها بدأت تشعر أن الأمر تطور على حساب حياتها الشخصية .. و ما يجعلها أكثر حيرة هي أنها غير قادرة على الاستمرار في الأجواء المشحونة و الضاغطة هذه ، و في ذات الوقت ، تعلم أنه من واجبها أن تكون إلى جانبه ، معه لا عليه ..


*




روما – إيطاليا

وصلت إلى المنزل هزيلة ، لم تكن تتوقع أنها ستعود بتلك الحالة .. كما خرجت عادت ، دون أي تغيير أو تحسن .. وقف أبيها خلفها ، لا يقل حزناً عنها .. ربما من الخطأ أن نتأمل أكثر من اللازم أحياناً .. علينا أن نضع نفس النسبة من التفاؤل و التشاؤم حتى لا نقع في خيبة كبيرة .. ربت أبيها على كتفها و قال بنبرة حزينة : يبه ، اعتبري نفسك ما ساويتي هالعملية ، و ارجعي مثل ما كنتي ..
التفتت إليه بأعينها المنتفخة ، بهالات سود تحتها .. نظرت إليه نظرات غير مفهومة ، اقتربت ببطء من تلك السبورة التي زرعت في وسط الصالة منذ سنوات طويلة ، أخذت قلمها الذي التصق بيديها و أصبح جزءاً منها و كتبت : من سنين طويلة ما رجعت مثل ما كنت يبه !
أدارت وجهها نحوه لتراقب رد فعله على ما كتبت ، فما كان منه إلا أن أخفض رأسه أرضاً عاجزاً حتى عن قول كلمة واحدة تواسيها ..
انهارت تلك المرة ، كان يجب أن تنفجر بالبكاء المكتوم ذاك .. بكاء بلا صوت .. اقتربت بجنون نحو الطاولة و أخذت ترمي كل ما يقع تحت يديها و تكسره ، و تبكي بهستيريا كأنها تبكي عن سنوات طويلة لم تستطع فيها البكاء .. اقترب منها أبيها الذي شعر أن وجهها سيتفجر من البكاء ليحاول تهدئتها ؛ ضمها باكياً و قد سيطر على حركتها و قال : يبهه بسم الله عليكِ قل أعوذ برب الفلق ..اهدي يبه اهدي ..
لم تكن لتهدئ ، لا زالت تبكي و تشهق كأنها تختنق ... لم يعد يعلم ماذا يجب أن يفعل .. مشى بها بهدوء و أجلسها على الكنبة ، لكنها لم تهدأ و أصوات شهقاتها تتعالى .. لم يجد أمامه سوى الاتصال بطالب الذي كان أساساً يقف أمام بيتها بسيارته ، رفع سماعة جواله بسرعة : عميي ؟؟ صاير شي ؟؟
قال بخوف : طالب سدييم مادري ايش صاارلهاا !!
أغلق السماعة و قلبه ينتفض خوفاً ، أخذ حقيبته الطبية و نزل مسرعاً إلى المنزل .. دخل فوجدها تبكي بانهيار .. كل ما استطاع فهمه من حالتها أنها عانت بالتأكيد من انهيار عصبي ..
قال لوالدها بهمس : عمي راح أعطيها إبرة مهدئة عشان تنام ، ثبتلي ياها لو سمحت ..
هز رأسه بخوف ، جلس خلفها و أمسك ذراعيها بقوة و هي لا زالت تبكي كالثكلى ..
حاولت أن تفلت نفسها منهم كثيراً ، أخذت ترفس طالب بقدميها ، و بعد معاناة طالت عدة دقائق ، استطاع أن يعطيها الإبرة .. لتغط بعدها في نوم عميق و الدموع أغرقت خديها .. نامت كالملائكة و ارتخى رأسها على قدمي والدها ، أخذ يتحسس شعرها بحسرة و هو يبكي على حالها ..
قال طالب : عمي خلنا ناخذها لغرفتها على شان ترتاح و تنام ..
هز رأسه بالموافقة ، وقف ليحملها فقال طالب : عمي ، اسمحلي أحملها عنك ، ما راح تقدر تطلع فيها الدرج ..
التزم جلال الصمت ، فاقترب طالب منها و حملها بين ذراعيه .. تأمل وجهها قليلاً ، ثم صعد إلى الأعلى بخطوات بطيئة برفقة جلال الذي فتح له باب الغرفة ..
وضعوها في سريرها ، ظل طالب يتأملها ، يتأمل ملامح وجهها المرهقة .. كم ظالم زمانكِ يا سديم ، شفاهك لا تستحقان إلا الإبتسامة ، و عيناكِ لا تستحقان إلا الفرح ..

خرج من عندها و هو يتمنى أن يبقى إلى جانبها طوال اليوم دون أن يفارقها لحظة .. لكنه لن يتجاوز حدوده .. خرج من الغرفة إلى أبيها و قال و هو يربت على كتفه : ردة فعلها طبيعية ، كانت متأملة إن كل شي يرجع مثل قبل .. بسس .. هذا اللي ربنا كاتبه !
بانكسار : أنا خايف تظل كذا .. خايف ما تقدر تتجاوز هالموضوع ..
ابتسم له طالب و هو يحاول أن يخفف عنه : لا تخاف عمي ، احنا كلنا معاها و ما راح نتركها إلا لما تنسى هالموضوع تماماً ..
شكره جلال على وجوده إلى جانبهم ، ودعه بعد أن أرسل سلاماً و اعتذاراً إلى صديقه سعود ، ثم عاد ليجلس أمام ابنته ..
أما طالب ، فأرسل إلى سديم : حبيبتي .. بصوتك أو بدونه ، بنجاح العملية أو بفشلها ، إنتِ نجحتي بإنك تاخذي قلبي و تفكيري و عقلي .. أنا أبيكِ مثل ما إنتِ .. حتى صمتك أجمل من أي شي ممكن أعيشه بحياتي .. أحبك ..


*



آب – 2004

خرجت من الجامعة و هي تحمل تلك الوردة التي اعتادت أن تراها كل يوم ، و قد نقش عليها إحدى عبارات الغزل من سيمون ، اهتمامه بها مثير ، تمسكه بها رغم فشل عمليتها يخلق في رأسها ألف سؤال .. ألف علامة تعجب و ألف ألف علامة استفهام ..
كما كانت تفعل عادة ، تستنشق الوردة حتى تعشش رائحتها في أنفها ، ثم تلقيها بحزن في سلة القمامة ..
تحركت أسرع عندما رأت طالب يجلس على إحدى كراسي الحديقة ينتظرها ..ابتسمت و هي تراه ، ذلك الذي لم يتركها في محنتها .. تلك المرة لم يخيب ظنها أبداً .. أمسك بيدها حتى استعادت توازنها .. جلست على بعد مسافة منه على نفس الكرسي ..
ابتسم لها و قال : شلونك ؟؟
هزت رأسها كأنها تقول : بخير ..
بتوتر ، وضع يده في جيبه ليخرج منه علبة زرقاء صغيرة .. فتحها ليشع منها بريق خاتم ، وضعه أمامها و قال و هو ينظر في عينيها : بعد اللي بنقوله اليوم ، أبيكِ توافقي على زواجنا ..
تنهدت سديم ، لم تتكلم ، أتاحت له الفرصة ليقول ما في داخله ، و إن كان قد حسمت أمرها مسبقاً على مسامحته ، لكنّ ما سمعته منه كان صادماً ، و أعطاها سبباً إضافياً لتسامحه ..
: عرفت بعد كل هالسنين إني عايش مع عمي ، مو مع أبوي .. عرفت إن سعود أساساً ما تزوج ..
تنهد بألم ، ثم أكمل : سعود حرمني حتى من إني أزور قبر أبوي و أمي و أدعيلهم .. أحياناً أحس إني أكرهه ، و أحياناً أعذره .. لكن للحين ما قدرت أصارحه إني عرفت الحقيقة ..
ما قدرت أواجهك ولا حتى أواجه نفسي ، كانت صدمة كبيرة .. أدري إن هذا ما يبرر تصرفي الناقص معاكِ .. لكن تراكم الهموم علي اهوة اللي خلاني مو عارف شلون أتصرف ..
فتحت جوالها بابتسامة ، كتبت رسالة جعلت قلبه يرقص فرحاً : أنا موافقة أتزوجك ..
التفت لها بعد أن قرأ الرسالة ، لم تكن شفتاه وحدهما تضحكان ، كان وجهه كله يضحك ..
قال بسعادة : أوعدك إنك ما رح تكوني إلا سعيدة معاي ..

تنفست سديم ، استنشقت الهواء كأنها تستنشقه لأول مرة .. كأن الحياة عادت لقلبها مجدداً .. قلبها عاد لينبض بالحب ، و الأمل .. لا تعلم ما يحيكه لها القدر ، لكنها لا زالت تؤمن بأن الغد أجمل ..


-

في مكانٍ آخر ، نفثت آخر ما تبقى من سيجارتها ، ثم أطفأتها في الصحن و هي تنظر بنشوة إلى شريط الفيديو الذي صورها في تلك اللحظات الحمقاء مع طالب .. ابتسمت بخبث و هي تتابعه حتى نهايته و تقول في داخلها : لنشوف شو رح تكون ردة فعلك يا مسيو طالب لما بتشوف هالفيديو ...


*



السعودية – جدّة

نهاية الشهر السابع من الحمل ، متعبة جداً .. بطنها يكبر كل يوم و ابنتها تكبر أيضاً ... متلهفة لرؤيتها ، تشعر أحياناً ببعض الآلام في معدتها .. تشعر بضربات قدمي طفلتها الصغيرة على بطنها فتطير فرحاً ..
قبّل طلال بطنها ، من يراه اليوم متيماً بطفلته التي لم تأتِ بعد ، لا يعرف أنه نفسه كان يلعن عزة و يلعن نفسه كل يوم بسبب هذا الحمل ..
جلس إلى الكرسي المجاور لها و قال بابتسامة : شلونها ليان؟
عقدت حاجبيها و قالت : منو ليان؟؟؟
بابتسامة : بنتنا ، بسميها ليان.. شرآيك ؟؟
بنصف ابتسامة حاولت أن تخفيها : أنا أحمل و أتعب و انت تقرر الاسم على كيفك ها ؟
ضحك ضحكة طويلة ، اقترب بكرسيه و قال : آمري يا ستي وش تبي تسميهاا ؟؟
: موو الحين أقرر ، بعد الولادة ، يقولون الطفل ييجي و ييجي اسمه معاه ..
: بالسلامة إن شاء الله ..
تحولت إبتسامة عزة إلى عبوس فجأة و قالت : عزيز متى بيتزوج ؟؟؟
عبس هو الآخر و قال : و فـ ايش يهمك ؟؟ ان شاء الله يتزوج أمس مالنا علاقة ..
فركت أصابعها بتوتر : لا مو علشان شي ، عزيز مثل أخوي و كنت حابة أحضر زواجه ..
عمّ الصمت لثوانٍ .. وضعت عزة يديها فوق بطنها و بدأت تتأوه بصوت منخفض .. نظر إليها طلال الذي لم يراها من قبل بتلك الحالة : عززة !! شفيك ايش اللي يآلمك ؟
حاولت أن تكتم ألمها و أنينها : ما في شي عـ عـ ..
لم تستطع أن تكمل كلامها ، شعرت بأن شيئاً ما يمزق بطنها و ظهرها ألماً ، صرخت بأعلى صوتها : طـلاااااال
انتصبت قامته خوفاً : قولي شفيك أنااادي الدككتوورة ؟؟؟
ضغطت على أسنانها من شدة الألم و قالت : ناااديهااا وش مستنيي .. آآآآآآآآآآه
خرج من الغرفة بارتباك شديد و هو يصرخ على الممرضات : نناادووا الدكتوورة ناادوهاا ..
ما هي إلا ثوانٍ حتى دخلت الطبيبة و دخل وراءها طلال متلهفاً ، صرخت في وجهه إحدى الممرضات : لو سمحت انتظر براا !!
لم يستجِب لها ، وقف ينظر إلى عزة التي تتلوى و تصرخ ألماً ، فكررت عليه الطبيبة : يا أستاذ طلال انتظر براا لو سمحت !!
خرج طلال ، وقف عند باب غرفتها خائفاً ، لم يسبق له أن رأى حالة كتلك ، أخذ يفرك وجهه و يديه بتوتر و يتحرك قدوماً و مجيئاً حتى خرجت الطبيبة و بدا عليها العجلة .. أوقفها طلال وقال : ايش فيهاا عزة ؟؟
قالت الطبيبة : نازلة مية الراس و لازم ندخلها عالولادة فوراً ..
ذهبت بحركات سريعة و خرجن خلفها الممرضات و إحداهن تجر عزة على كرسي متحرك ، وجهها متعرق من شدة الألم ، تأخذ أنفاساً متتالية بصعوبة ..
أمسك طلال بيدها : و قال حبيبتي لا تخافي أنا معاكِ ..
اشتد بكاؤها أكثر و ضغطت على يده : طلاال بموووت
أفلت يدها و قد رُبط لسانه لم يعلم ماذا سيقول ، وصلوا إلى غرفة الولادة و كان على وشك الدخول لولا أوقفته الممرضة و قالت بإنزعاج : ويين داخل ؟؟؟
رد بارتباك : خ خليني أفوت معاكم !
بتعجب قالت الممرضى : ويين تفوت معاناا ممنووع !!
دخلت و أغلقت الباب خلفها ، صوت عزة و هي تصرخ لا زال مسموعاً لديه .. وقف متصنماً خائفاً و هو يقول في داخله : يا ربي ما أصعب ألم الولادة ! الحمدلله إني انخلقت رجال !!
قَطَع تفكيره قدوم أمه و أخته رهام بلهفة إليه ، قالت أمه : يممه شصاار ؟ رحنا لغرفة عزة ما لقيناها قالولنا بتولد !!
هز رأسه بخوف ، ثم قال : يمهه اهية لسا ياا دوب بتخلص الشهر الساابع !! يعني شلون بتولد الحين ؟؟
ابتسمت والدته : عادي حبيبي عادي ، في كثير نسوان يولدون بالشهر السابع .. خلك متطمن عزة و البيبي راح يقومون لنا بخير و سلامة .. أنا لما ولدت أخوك عزيز كنت في الشهر السابع !
تغيرت معالم وجهه من سيرة عزيز ، قالت رهام لتغير الموضوع : يعنيي بصيير عمةة اليووم وناااسة !
ابتسم لها طلال بقلق ، التفت إلى أمه ليسألها : يمهه الولادة قديش تقعد ؟؟
: ولله يمه في نسوان يقعدون 5 ساعات ، و في نسوان يقعدون 10 ساعات ، و في نسوان يقعدون ساعة أو ساعتين .. انت قول ربي يسهل ولادتها و ادعيلها ..
رفع وجهه للأعلى و هو يدعو : يا رب تسلملي عزة و بنتي يا رب ..





*

اتصلت به ، لم تفهمه منذ يوم كتب الكتاب ، كأنه غير راضٍ عن هذا الزواج .. تشعر دوماً أنها ثقيلة على قلبه ، ردّ بعد عدة اتصالات و قال بدون نفس : نعم ؟
غادة : عزيز ، سمعت إن مرة أخوك تولد الحين ..
نهض من كرسي مكتبه و قال بدهشة : توولد ؟؟ من قالك ؟
عقدت حاجبيها لاهتمامه الشديد بعزة : اتصلت برهام و اهية قالتلي ..
حاول أن يخفي اهتمامه بعـزّة ، و قال : ايه .. و شنو تبيني أسوي يعني ؟؟
غادة : أقوول ، مو لازم أروح أباركلها ؟؟
جلس مجدداً على كرسيه و قال و هو يقلب الملفات بين يديه : موو الحين ، لما تطلع من المستشفى و تروح بيتها تروحي و تباركيلها ..
أخذت نفساً عميقاً ، و قررت أن تسأله : عزيز .. بسألك سؤال ؟!
قال بملل : تفضلي ؟
غادة : إنت ، في أحد جابرك على زواجنا ؟؟
عقد حاجبيه من تفكيرها : من وين تجيبي هالكلام ! منو بيجبرني يعني أنا مو رجال علشان أنجبر ؟؟؟
عضت على شفتها السفلية بإحراج و قالت : موو كذا ، بس تصرفاتك معي حستتني إنك ما تبيني و كأن في أحد غاصبك علي ، ما تهتم فيني ولا تسأل عني .. من يوم ملكتنا و هذا صارلنا شهرين للحين ما زرتني إلا مرة .. أنا هذا اللي خلاني أحس إنك مجبور ..
ألقى بالقلم على الطاولة و عاد ليستند إلى ظهر الكرسي و قال بسخرية : شرايك أترك شغلي اليوم و أقعد أحل مشاكل أحاسيسك ؟ أنا مشغول الحين .. سلام ..
أغلق الخط دون أن ينتظر ردها ، تركها محتارة في أمرها ، إن كان يتصرف بتلك الطريقة و نحن لا زلنا مخطوبين ، فما الذي سيبدر منه بعد زواجنا ؟؟ إن استمر الوضع على حاله فسأطلب الطلاق منه ..
أما هو ، فكان يفكر فيما إذا كان يظلم تلك الفتاة معه أم لا .. منذ زواجهما لم يستطع أن يتقبلها أبداً .. يشعر أنه يرى عزة تراقبه ، لماذا لا نشعر بمن يشعر بنا ؟ و نركض دوماً خلف أولئك الذين يعذبوننا ؟
" غادة تحبني و تبيني ، و أنا أحب عزة ، و عزة تحب طلال و طلال يحب ريتال ... هههه ياا سلاام ، والله مسلسل هندي هذا !! "


*

روما- إيطاليا

: سيمون ، أرجوك .. لا تأخذ الموضوع بهذه السطحية .. أنت تعلم أنك الرجل الوحيد الذي اقترب مني ..
رد بملل : هذا صحيح ، أعلم ذلك .. لكنني لم أجبرك على شيء .. أنتِ تعلمين أنني لم أكن واعياً ، كنت ثملاً حينها لكنك كنتِ واعية و راضية عن كل ما جرى ..
: أتعلم إن عرف أهلي بما فعلت ؟ سيقتلونني فوراً !
فتح عينيه بدهشة : يقتلونك ؟ لماذا ؟ ماذا فعلتِ ، من حقك أن تستجيبي لشهواتك أنتِ إنسان مثلاً و لكِ رغبات و حاجات جسدية عليكِ تلبيتها ..
تنهدت لأنها تعرف أنه لن يفهمها أبداً : هناك ضوابط تحكمنا في هذه المسألة يا سيمون ..
بسخرية قال و هو يتناول كوب القهوة : ضوابط الشرقية الرجعية ؟
بحدة أجابته : هناك ضواابط دين تحكمنا يا سيمون .. ضوابط دين قبل ضوابط العادات و الشرقية ..
نظر إليها بنظرة لم تفهم معناها ، ثم قال : لو كانت هذه الضوابط تحكمك ، لما جئتِ معي إلى بيتي في تلك الليلة ، و لما جرى أي شيء بيننا ..
مسحت وجهها بكفيها بيأس منه ، و قالت في محاولة أخيرة : يعني ، لن نتزوج ؟؟
رفع أحد حاجبيه و قال : إن تزوجتِ من ديانة أخرى ، ألن يقتلك أهلك ؟
وقفت غاضبة من ردوده الباردة ، و قالت : إن كنت متمسكاً بديانتك إلى هذا الحد ، فلتتخلى عن سديم إذاً ..
رمقته بنظرة حادة ، لكنه لم يُعِرها أي اهتمام .. خرجت من عنده باكية .. لم يتبق على عودتها إلى مصر سوى القليل .. ماذا ستفعل ؟ و كيف ستخلص نفسها من ورطة كتلك ؟




*

السعودية – جدة

بعد انتظار دام لأكثر من ساعتين ، خرجت إحدى الممرضات من الغرفة ، ثم تبعتها الطبيبة بعلامات حزن على وجهها : البقاء لله ..


*

السعودية – الرياض

متى ستنتهي تلك الغيمة يا الله ؟ متى سنعود ؟ تعبت كثيراً من أشواقي لابني غدي .. لم أعد قادرة على التحمل .. موته بهذه الطريقة سبب لي فاجعة كبيرة ، عاجزة أنا عن تجاوزها حتى الآن ، أشعر أنني بدأت أفقد ابني الثاني الذي لوثت طفولته الأحقاد ..
دخل خليل إلى غرفة أمه ، فوجدها تحتضن بين يديها قميصاً صغيراً لأخيه غدي ، تستنشقه و تبكي بكاءً يلين له الحجر .. اقترب منها و جلس إلى جابنها و قال : يمه ..
تركت قميص غدي ، و احتضنت خليل باكية .. حاول أن يخفف عنها .. منظرها هذا يزيده حقداً و كرهاً للدكتور منير ..
قال بحقد : يمه لا تبكي .. والله راح أنتقم لأخوي و أخلي القاتل يبوس رجلك على شان تصفحي عنه والله ..
رفعت رأسها و نظرت إليه : يمه ، أنا مابيك تنتقم ولا شي ، هذا شغل الشرطة ، إنت لازم تهتم بدراستك و مستقبلك .. لا تخوفني عليك !
ابتسم ابتسامة لم تستطع أمه أن تفسرها : لا تخافي يمه ، هالشي راح يكون شغلي بعد ما أتخرج من الجامعة .. على شان كذا أنا للحين ما قلتلكم وين المكان اللي صار فيه الحادث ..
رفعت حاجبيها بصدمة و قالت : انت تعرف المكااان ؟؟؟؟؟
هز رأسه بـ "نعم " ، ثم قال : بس ما راح أقول المكان لأحد ، على شان أناا راح أعاقبه ..
برجاء قالت : حبيبي بس لين تتخرج من الجامعة أككيد راح يغيروا المكان ، إنت لازم تكون أوعى من كذا ، و تدلنا على مكانهم .. على شان تحمي الناس منهم ..
طبطب على يدها و قال : لا تخافي ، لو غيروا مكانهم راح أعرفه .. و إذا حسيت إني لازم أبلغ عنهم ، ببلغ فوراً ..
قالت بقلق و خوف : يمه إنت من وين تجيب هالكلام ؟؟ إنت لسا صغير ، ما يصير تتدخل في شغل الشرطة !
لم يكترث لما قالت ، وقف و تحرك حتى وصل إلى الباب : يمه لا تخافي علي .. المهم لا تقولي لأحد عن هالسر ..


*

يُتبَع...



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 04-05-18, 03:08 PM   #19

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,431
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



*



جلست و هي تسرح لابنتها شعرها ، و القلق يملأ فؤادها .. لا تعرف لِم لم تعد تشعر بالأمان معه .. ربما لأنه هو ذاته لا يشعرها بالأمان ...
صرخت هي و ابنتها صرخة واحدة حين سمعتا صوت الرصاص حول المنزل .. أخذت ابنتها و اختبأتا تحت الطاولة في الصالة ، بدأ زجاج النوافذ يتكسر من الرصاص الذي نزل عليهم كوابل من المطر .. بدأت ابنتها تبكي بخوف ، احتضنتها أمها التي لا تقل عنها خوفاً و قالت بصوت مرتجف : لا تخافي حبيبتي لاا تخافي ..
استمر إطلاق الرصاص لدقائق معدودة ، تحركت بعدها العصابة مسرعة بسيارتها ، بعد أن أرسلوا لفواز الجالس مع صديقه راشد : صدقني لو نبي نضر أحد من عائلتك بنضره ، بس هذي تنبيه و مثل ما يقولوا " فركة إذن " ، يا تسحب مقالك يا راح يصير شي ثااني ..
وقف فواز بخوف و هو يقرأ الرسالة ، اتصل على جوال زوجته لكنها لم ترد ، لا زالت متجمدة في مكانها خوفاً من عودة إطلاق الرصاص ، سأله راشد باستغراب : فواز شفيكك ؟؟؟
وضع جواله في جيبه و قال بعجلة : لازم أرووح البيت الحين !!
أخذ مفتاح سيارته و تحرك بسرعة دون أن يترك مجالاً لراشد للكلام ، قاد بسرعة جنونية حتى وصل إلى المنزل ، نزل مسرعاً و أخرج مفتاحه ليفتح الباب ، لاحظ وجود تقعرات صغيرة في الباب ، كأن أحداً قد أطلق النار هنا .. بدأ الشر يتطاير من عينيه ، دخل إلى المنزل بسرعة و أخذ ينادي : جووري ، بابا ،، سمرر وينكمم ؟؟؟؟
نادته جوري بصوتها الطفولي : بااابا ..
تتبع مصدر الصوت حتى عرف مخبأهما ، جلس على ركبتيه و هو يتنفس الصعداء بعدما اطمئن أنهما بخير .. ساعدهما في الخروج من تحت الطاولة ، احتضن صغيرته بلهفة كأنه لم يراها منذ سنوات : قلب أبووك حبيبة قلبي ..
قالت بخوف : بابا أنا و ماما كنا خايفين..
قبل جبينها بحنية : حبيبة قلبي لاا تخافوا أنا معاكم لا تخافوا ..
مسحت سمر دموعها و قالت : ماما جوري روحي غرفتك أبي أكلم بابا بروحنا ..
ركضت جوري إلى غرفتها ، التفتت سمر إلى زوجها و قالت بصوت مبحوح : عندك تفسير للي صار ؟؟ مو شايف شلون تكسر البيت و كان ممكن أنا و بنتك نروح فيها !
تنهد بأسف و أخفض رأسه دون أن يتكلم ، فأكملت : فواز ، أنا ما راح أقدر أعيش معاك بهالخطر هذا ..
وقف فواز على قدميه و نظر في أرجاء المنزل ، قال بأسف : راح آخذكم عند أمي للشرقية ، تقعدون معاها لين تفرج ..
ابتسمت بسخرية ، أكانت تلك النهاية ؟ توقعت أنك ستترك عملك كله بعد أن شاهدتنا تحت الخطر .. لكن لا فائدة .. لا زال عشقك لعملك يعمي قلبك عني و عن ابنتك .. تحركت دون أن ترد عليه .. و بدأت تجهز حقائبها للرحيل ، كأنها كانت تتوقع نهاية كتلك ..


*

السعودية – جدّة



بعد انتظار دام لأكثر من ساعتين ، خرجت إحدى الممرضات من الغرفة ، ثم تبعتها الطبيبة بعلامات حزن على وجهها : البقاء لله ..
شهق الجميع شهقة واحدة ، قال طلال بصوت مرتجف : عزة ؟؟؟
هزت الطبيبة رأسها بالنفي ، و قالت : لا .. الطفلة نزلت من بطن أمها ميتة .. العوض بسلامتكم و سلامة عزة ..
وضع رأسه في الأرض كي لا يلاحظ أحد الدمع الذي اجتمع في عينيه و قال : عزة عرفت ؟
: عزة نامت فوراً بعد الولادة و ما عرفت ، الحين تروح غرفتها و تصحى ..
مسح وجهه بكفيه مصدوماً ، لا يعرف كيف سيخبرها .. هو السبب في موت ابنته .. قتلها بيديه .. اقتربت منه أمه ببكاء و قالت : يمه الله يعوضك ، المهم عزة ما صارلها شي و الباقي يتعوض ، البنت مو مكتوبلها تعيش ..
احتضن أمه بندم ، لأول مرة يبكي أمامها ، حتى حين ماتت أغلى إنسانة في قلبه لم يبكِ أمامها .. بكى في حضنها كطفل صغير و هو يتمتم : أناا السبب يمهه أنااا السبب !
مسحت على ظهره بحنية : لا يمه لا حبيبي هذا قدرها .. قول الحمدلله على كل شي ..
خلال ثوانٍ ، انفتح الباب و خرجت منه الممرضات يجرنّ سرير عزة الراقدة فوقه ، و قد بانت على وجهها علامات التعب و الإرهاق .. فتحت عينيها ببطئ و نظرت إلى طلال .. قالت بإرهاق : طلال ..
اقترب منها و أمسك بيدها : ارتاحي حبيبتي لا تتلكمي ..
وصلوا إلى غرفتها ، أعادوها إلى سريرها ، لاحظت معالم وجه زوجها و أخته و أمه الحزينة ، سألت بخوف : وين بنتنا طلال ؟؟
جلس أمامها متردداً ، خائفاً من رد فعلها ، أمسك يدها و قال : حبيبتي .. " أخذ نفساً عميقاً " .. بنتنا .. ما كتبلها ربنا تعيش ..
سقطت دمعة سريعة حارة على خدها و قالت : شنو ؟ بنتي ؟ ماتت ؟؟
مسك يدها ليهدئها : حبيبتي بكرا ربنا يعوضنا ..
نفضت يدها منه بقوة ، نظرت إليه بحقد و قالت : كل شي صاار بسببك ..
نظر طلال إلى أمه الواقفة دون أي كلام ، مع دخول والده إلى الغرفة .. قالت عزة : طلقني ياا طلال ماابيك ..
عقد أبو طلال حاجبيه و قال : شنوو هالكلام شنوو طلاق ما طلاق ؟؟
بكت عزة ، و قالت : عمي بنتي مااتت بسبب طلااال أنااا ماابيه ..
تنهد والده و قال و هو يقترب منها : يا بنيتي هذا مكتوب ، البنت مو مكتوبلها تعيش .. ما يصير كل شي تقولي طلاق ..
دفنت رأسها في حضنه و قالت : يا عمي طلال عذبني و قهرني مابي أرجع معاه مابي ..
نظر والده إليه بحدة و قال : بس يا بنتي بس .. اسمعي كلام عمك ، طلاق ما عندنا .. طلال زوجك ، ان شاء الله تطلعين من هنا و تروحوا بيتكم ، و تتفاهموا ..
ظلت تبكي كأنها رافضة للعودة معه .. ضغط عليها عمها : على شان خاطري يا عزة ..
هزت رأسها بالموافقة و قلبها غير راضٍ عنه .. طلال ، خرج من الغرفة بعد أن شعر بالاختناق ، هو أيضاً خسر قطعة منه .. خسرها و خسر قلب عزة معها ..

*

يناير – 2005

اختارت أن يكون حفل كتب كتابهما في يوم ماطر ، فالمطر خير .. ستكتب لها أياماً جميلة منذ هذه الساعة ، وقفت إلى جابنها ريم و هي تتأملها بفستانها الوردي الفاتن ، و شعرها " الكيرلي " المنسدل على كتفها .. ابتسمت و قالت : قممر و النبي ..
ردت لها سديم الابتسامة ، قلبها ينبض فرحاً .. سترتدي في إصبعها خاتم الرجل الذي أحبته منذ طفولتها ..
قرأت رسالته الأخيرة التي أرسلها : راح يكون أحلى يوم بحياتِك ، م راح تنسيه وعد ..
ابتسمت حتى بان صف أسنانها .. وقفت لتعدّل شكلها قبل أن يدخل أبيها ، طرق الباب ، ثم دخل فرِحاً و هو يرى ابنته عادت لتحب الحياة مجدداً .. اقترب منها و احتضنها و هو يستنشق رائحة عطرها الجميلة : مبرووك يبه الله يتمملكم بالخير و يسعدكم ..
رفعت رأسها و نظرت إليه بامتنان ، قبّلت يده و كان ودها لو تقول أي كلمة له تعبر فيها عن امتنانها و شكرها لحنيته التي رافقتها منذ صغرها ..

في بيته ، وقف و هو يتأمل شكله بالبدلة الرمادية مع قميصها الأبيض ، وقف ليعدل ربطة عنقه و هو يدندن كلمات أغنية فرحاً بهذا اليوم ..
ذهب إلى باب المنزل يفتحه ، فكانت المفاجأة !




*

السعودية – جدة

دخل إلى الغرفة فوجدها فاتنة أمامه بفستانها الفيروزي الطويل .. شعر بالغيرة عليها من أعين النساء ، دخل و هو يحدق بها بنظرات أخجلتها ، اقترب منها ، وقف إلى خلفها و بدأ ينظر إليها من خلال المرآة .. قال و هو يستنشق عطرها : فديت جمالِك ..
شعرت أنها متخدرة من حرارة أنفاسه التي لفحت عنقها .. تناولت عقداً و حاولت أن تكبله في عنقها لكن ارتباك يديها منعها ..
مدّ يده و تناول منها العقد بعد أن لامست أصابعه أصابعها المرتجفة ، كّبل العقد ، ثم اقترب من عنقها و طبع عليه قبلة خفيفة ..
التفتت له عزة بارتباك و قالت : احنا ما اتفقنا على هالشي يا طلال ..
نظر لها بهيام : و ما اتفقنا إنك تفتنيني بجمالك ..
أخفضت بصرها خجلاً من كلماته .. ابتسم لها و قال و هو خارج : يلا البسي عباتك .. تأخرنا ..


*

( انتهى )

رأيكم في الجزء الختامي ، و في الخماسية الثانية من روايتنا ؟؟
توقعاتكم فديتكم ..

انتظروني الجمعة القادمة ، في جزء جديد ..
ألقاكم بخير .. قَمـرْ!


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 12-05-18, 04:32 PM   #20

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,431
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


" كلُّ الذين يكتِمون عواطفهم بإتقان ، ينفجرون كالسّيل إذا باحوا " ./ غادة السّمان .

السلام عليكم و رحمة الله .. أخباركم يا جميلين ؟
أتمنى أن يكون الجميع بخير ..
بإذن الله اليوم سأقوم بوضع الجزء الحادي عشر من روايتنا : كربةٌ بكْماء / قَـمـرْ !
أتمنى أن ينال إعجابكم و رضاكم ..
في البداية أود أن أبارك للجميع بالشهر الفضيل ، كل عام و أنتم بخير أعاده الله علينا و عليكم باليمن و البركات .. و أتمنى أن لا تلهيكم الرواية عن استغلال هذا الشهر الفضيل فيما يرضي الله عز و جل و رسوله الكريم ..


أتمنى لكم قراءة ممتعة ..

لا تُلهيكم الرواية عن أداء الصلاة .


( 11 )





روما – إيطاليا

نظر بدهشة إلى تلك التي كانت تقف أمام بابه ، تفحصته بدقة و هو يرتدي بدلته الأنيقة ، ابتسمت بخبث و هي تدخل إلى منزله دون الاستئذان : شو ما في تفضلي ؟؟
استمر طالب في وقوفه أمام الباب المفتوح و قال : ليش جيتي شتبي ؟
قالت و هي تجلس على الكنبة و تعدل فستانها الأسود الطويل : جيت لفرجيك شي مهم ، لازم تشوفه قبل ما تكتب كتابك ..
تأفف منها ، أغلق الباب و دخل إليها غاضباً : رشا ، احترمي نفسك و قومي بدون مطرود ، أناا مو فاضي لتفاهتك !
اكتفت بالابتسامة دون أن ترد ، فتحت حقيبتها و أخرجت منها شريط فيديو ، ثم توجهت نحو التلفاز في منتصف الصالة و قالت : كيف بدنا نشغل هالشريط ؟
عقد حاجبيه : شريط شنو هذا ؟؟
: تعال شغله و بتشوف ..
اقترب متذمراً و تناول منها الشريط بتوتر ، وضعه في مشغل الفيديو ، ثم أشعله و جلس إلى أقرب كنبة و هو يرمق رشا بنظرات حادة .. وجدها تبتسم إليه و تقول : شوف الفيديو ما تتطلع فيني !!
عندما أدار وجهه إلى التلفاز ، صُعِق مما رأى ، لم يكن يتخيل أن ما حصل بينهما كان بالقذارة تلك ، و الأقذر من ذلك أنها صورت جريمة كتلك و وثقتها لتبقى وصمة عار على جبينه لا تمحى أبداً ، اتسعت عيناه دهشة ، اقترب بسرعة و أغلق الشاشة و هو يشتاط غضباً ، صرخ في وجهها : اييييش هذااا ؟؟؟؟
وقفت و سارت بخطوات واثقة نحوه ، قالت و هي تتحسس ياقة قميصه بهمس : معقول ما عرفت حالك ؟
أمسك ذراعها و شد عليه بكل قوته و قال من بين أسنانه : ليش ساويتي كذا ؟
ردت بألم : عم توجع ايدي تركني !
ألقاها على الكنبة بعنف و صرخ : قوولي ليش ساويتي كذاا ايش تبي منيي ؟؟؟
اعتدلت في جلستها و قالت : ليك طالب ، رح حاكيك بجدية ، مش أنا اللي بتاخد منا اللي بدكياه و بعدين بترميا و كأنه ما صار شي !
بنظرة استفاهم سألها : المعنى ؟؟؟
: المعنى ، مش رح تتزوج سديم اليوم ، انت رح تتزوجني أنا ، و إلا هالشريط الليلة بيكون عند سديم و ما رح اتركك تتهنى يوم واحد ..
وقف عند النافذة و هو يمسح وجهه الذي يتصبب عرقاً بكفيه و يشتت أنظاره إلى الخارج ، يفكّر فيما يمكن أن يفعله الآن .. ورطة لا يدري كيف سيخلص نفسه منها ..
جاءه صوتها من خلفه يقول : أنا طالعة من عندك لعند سديم ، هونيك بده يوصلا مسج إنك مش رح تتزوجا ، و إلا رح خليا تشوف الشريط ، ما بتخيل إنك حابب إنه الكل يشوفوك بهالمنظر ، بالأخص سديم ، و بيّك .
أطبق عينيه بألم و غضب و حيرة ، لم يرد عليها ، تركها تخرج و جلس بانهيارٍ فوق الكنبة حين وصلته رسالة سديم الأخيرة : " ستكون خطيبي الليلة ، سنرقص سوية على أنغام فيروز و هي تقول : هيدا خطيبك قوليله ، صارت صحيحة الخبرية "



*

السعودية – الشرقية

مضت الأشهر طويلة عليهما هنا ، مر وقت طويل منذ آخر مرة رأته فيها ، لا تدري إن كانت قسوته وراء هجره ، و ما هو السبب ؟
انتظرت كثيراً حتى جاءها رده : آلو
بصوت ملؤه العتاب قالت : شلونك يا فواز ؟
أجاب بلهفة : سمر ! هلاا حبيبتي شلونك و شلون جوري بخير انتوا طمنوني عنكم ؟
كانت نبرتها خالية من أي تعابير حين ردت : احنا بخير ، الحمدلله ..
: مرتاحين عند أمي ، ناقصكم شي ؟؟؟
بعد أن أطلقت تنهيدة طويلة أجابت : مرتاحين و مو مرتاحين ، ناقص علينا و مو ناقص ..
قال ممازحاً : و تعا ولا تجي و كزوب علي ؟
اتضح الغضب و الجدية في كلامها : فواز قاعدة أتكلم جد ! من يوم ما جينا هنا ما شفنااك ! جوري راح تنسى إن لها أب و أنا رح أنسى إني متزوجة !!
بخجل : سمر أنا لام أظل بعيد عنكم علشان ما يلحقكم أذى بسببي ، خايف يوصلكم الأذى إذا زرتكم ..
رفعت حاجبها لتسأل باستنكار : و للحين ما تبين معاك متى بتنتهي هالحرب ؟؟
صمت و لم يرد على سؤالها ، فأكملت : فواز انت ما تزورنا عشان خايف ننصاب بأذى ، لكن عارف وش هو الضرر الأكبر ؟؟ إننا ما نشووفك هو الأذى بذااته يا فواز ، إني أقعد وحيدة لا زوج ولا أهل ، إن بنتك تكبر بعيد عنك من دون أي ذنب ارتكبناه بحقك هذا هو الضرر .. قول لي فوا إذا إنت منت حمل مسؤولية البيت و الزواج ، و تحب شغلك أكثر من نفسك ، ليش تزوجت ؟ إذا مو قادر تحب عائلتك ليش تزوجتني ؟
: هالحين هذي اهية النتيجة اللي طلعتي فيها ؟ إني ما أحبكم ؟؟ ايش اللي تبيه مني ؟ أترك شغلي اللي بعت عمري عشانه ؟
: ايه لازم تتركه عشاننا ، بعد اللي صار آخر مرة كان لازم تتأكد إنك لازم تترك شغلك و تشتغل شي ثاني ، إنت ما تعرف تشتغل غير بالمجرمين ؟؟
لم يدقق في كلماتها الأخيرة ، كان ينظر إلى الجوال الذي أنير باتصال من صديقه راشد ، فقال : سمر أكلمك بعدين راشد قاعد يدق علي أكيد وصل ، يلا انتبهي لنفسك و لجوري ، سلام ..
أغلق السماعة دون أن يسمع ردها و تحرك نحو الباب ليقابل راشد ، أما هي فجلست متألمة في مكانها ، لا يتغير هذا الرجل أبداً ، حتى لو رآنا نموت أمام عينيه .. اقتربت منها عمتها و هي تستند إلى عكازتها و تجلس إلى جانبها و تقول : وين شاردة يا بنتي منو كنتِ تكلمين ؟؟
ردت و هي تلعب في أظافرها بتوتر : هذا فواز ..
ابتسمت و قالت : شلونه ؟ ما يبي يزورنا ؟
نظرت لها و ابتسمت بسخرية : يزورنا ؟ أعذريني عمتي بهالكلمة ، لكن فواز ما عنده أدنى إحساس فيني ولا ببنته ، و أنا خلاص طاقتي و صبري انتهوا ..
وقفت و لم تترك مجالاً لها بالرد ، دوماً ما كانت تخلق المبررات و الأعذار لابنها ، و تحاول أن تخمد البراكين المشتعلة في قلب سمر ، لكنها اليوم ملت من الأعذار ، لم تعد بحاجة إلى سماعها ، كل ما تحتاجه الآن هو الراحة التي فقدتها منذ ذلك اليوم الذي خرجت فيه من بيت أهلها مكبّلة بيدي فواز ، مرتدية الأبيض الذي لم يكن يوماً سبباً في سعادتها ..


*


جدّة

دخلت بابتسامة واسعة إلى الغرفة و الجميع ينظر لها بإعجاب ، اقتربت من غادة و قبلتها في خديها و هي تقول : ألف مبروك حبيبتي ، يا رب تتهنوا مع بعض ..
ابتسمت لها غادة بقلق و قالت بشيء من الرسمية : تسلمي ..
اعتدلت عزة في وقوفها عندما شعرت بيدٍ حانية تلمس كتفها ، سلّمت عليها بشوق : شلونك خالتي ؟
: حبيبتي وحشتيني والله وين غاايبة كل هالفترة ؟
اكتفت عزة بالابتسامة دون أن ترد و هي تستذكر قسوة الأيام الماضية عليها .. أما خلفهم ، فكانت غادة تتأمل نفسها في المرآة و تتساءل : هل سأكون سعيدة معك يا عزيز ؟ أم أن لعنة البؤس ترافق كل فتاة تدخل إلى بيتكم ؟
نظرت إلى عزة من خلال المرآة ، تحاول أن تكون سعيدة لكنها ليست كذلك ، الحزن يرتسم في معالم وجهها و كأنه أصبح جزءاً منها أو علامة تُعرَف بها .. كم أذنب بحقك طلال حتى أصبحت عيناكِ بذلك الذبول ؟ شردت قليلاً و هي تستذكر ذلك الحديث الموغل الذي دار بينها و بين عزيز منذ أشهر ..
..
بلوم قالت له : من يوم ملكتنا ما زرتنا إلا اليوم و بعد ما أصريت عليك .. أسألك تتهرب من السؤال و تجرحني بإجاباتك ، أبي أعرف يا عزيز !
عقد حاجبيه بتعجب و سألها : وش اللي تبي تعرفيه ؟
شتتت أنظارها في الغرفة و هي تقول : قول لي ، انت تبيني ولا لاء ؟ و اذا ما تبيني ليش تزوجتني ؟ أبي أعرف أنا في السما ولا في الأرض ! عالبر أو عالبحر ؟
بسخرية رد : وش هالأسئلة اللي مالها داعي ؟ لو ما أبيك ليش أتزوجك ؟؟؟ وين عايشة انتِ ؟ واضح إنك متأثرة مرة بالأفلام !
وقفت غاضبة و قالت : عزيز إذا بتستمر بأسلوب الاستهزاء هذا خلينا ننهي هالنقاش هذا و ننهي معاه كل شي !
وقف بمحاذاتها و سأل : كل شي ؟؟ شنو تقصدين ؟
شبكت أصابعها و قالت بارتباك : كل شي بيننا ، الطلاق يا عزيز .. أنا ما رح أفوت بيتك و أنا مو متأكدة إنك تبيني بكامل إرادتك !
ابتسم و اقترب منها محاولاً تهدئتها ، أبعد خصلة من شعرها عن وجهها و قال بحنية " مصطنعة " : غادة ، لا تفهميني غلط ولا تفهمي تصرفاتي غلط .. أنا كذا طبعي رجل جامد ما أقدر أكون رومانسي ، و ماني متعود ع الزيارات و الزواج و سوالفه ! علشان كذا ما تشوفيني أزوركم ..أنا هذا طبعي و هذا أنا و ما أقدر أتغير ، لكن كوني متأكدة إني أبيكِ مية فالمية و لو ما أبيكِ مستحيل أتزوجك و أظلمك معاي !
تنهدت بشيء من الراحة ، و قالت بعتاب : بس انت لازم تتغير معاي ، أنا زوجتك ، مو خويك علشان تعاملني بهالجفاء هذا و كأني بلا مشاعر !
بابتسامة قال و هو يتحسس خدها : راح أحاول أتغير ، بس اوعديني إنك تتحمليني ..
ردت له الابتسامة براحة ، و قلق في ذات الوقت ، شيئاً ما في نبرة صوته لم يكن يرضيها ، لم يكن قادراً على أن يمنحها الأمان و الثقة الكافيتان لتشعر بالراحة تجاه زواجهما ..

..
انتفضت و خرجت من شرودها مع صوت رهام التي تقول : يلا يا حلو قومي بننزل !
وقفت بتوتر و ارتباك و هي تحمل بيدها اليمنى باقة من الورد و باليد الأخرى تجر فستانها الأبيض ، و قلبها ينبض دعاء لله أن يجعل أيامها بيضاء كفستانها هذا ..


*


روما – إيطاليا

وقفت معها ريم أمام المرآة و هما تضعان آخر اللمسات على طلّتها ، ابتسامتها الصامتة لم تفارق وجهها أبداً .. طرق الباب فطلت رشا ، بابتسامة مزيفة و هي تصفر و تقول : شوووو ، شو هالحلا كله يا آنسة سديم !
ابتسمت لها سديم بحب ، و أشارت لها بالدخول .. جلست رشا على الكرسي و هي تقول بلهجة سعودية ركيكة : اليووم بتهبلي فيه للمسيو طالب ..
ضحكت سديم على محاولاتها الفاشلة دائماً في نطق اللهجة السعودية ، و التي دوماً ما تخلطها باللبنانية بطريقة مضحكة .. لكن ، سرعان ما اختفت ابتسامتها لتقترب من دفترها و تكتب بخط كبير : طاالب للحين ما جاء !!
رفعت الدفتر أمامها بقلق ، حين قرأت رشا وقفت لتقول : اييه أكيد بيكون عالطريق ، ما تخافي مش رح يهرب العريس و يترك هالحلا كله وراه !
اقتربت منها و بدأت تعبث بشعرها و تقول : شعرك بيجنن حياتي ..
ضربتها ريم بخفة على يدها : خلااص بقى سيبيها حتبوظي شكلها !
ابتسمت لهما سديم و هي تنظر لهن بامتنانٍ على وجودهما إلى جانبها في ليلة كتلك ، لكن وجودهما لم يخفف من وطأة غياب أمها التي دوماً كانت تحلم أن تجدها إلى جانبها في الليلة التي سيعقد فيها قرانها على الرجل الذي أحبته منذ طفولتها .. اقتربت سديم نحو المكتب حين سمعت صوتاً لرسالة وصلتها على جوالها .. حين قرأتها ؛ ابتسمت بعدم تصديق ، لترسل بعدها فوراً : طاالب ماهو وقت المزح الحين ، تأخرت مرة وينك ؟؟
دققت كثيراً في جوالها إلى درجة أنها لم تنتبه إلى تلك النظرات السامة التي كانت تراقبها بها رشا ، جاءها الرد سريعاً و جدياً للغاية : سديم ، أنا ما أمزح .. لا تنتظريني !
انهارت فوق الكرسي حين قرأت كلماته و شعرت بجديتها ، ارتجفت أطرافها أما عيناها فبقيتا جاحظتين لا تعرف إن كان عليها أن تصدق أم لا ..
اقتربتا منها و صوت ريم يقول بخوف : سديم ! ايه اللي حصل مالك ؟؟
لم ترد عليها ، كانت تنظر في الأرض دون أي تعابير ، و جوالها في يدها يكاد يسقط من هول صدمتها و عدم قدرتها على السيطرة على أطرافها ، تناولت منها رشا الجوال لتقرأ رسائل طالب ، محاولة أن تخفي ابتسامة النصر التي كادت على وشك الظهور على مُحياها ، لتقول بصدمة مفتعلة : شوو هالحكي !!!!
ريم بخوف : رشاا هو في ايه بالموبايل ؟؟؟
: سمعي طالب شو باعت لسديم ! سديم ما رح أقدر أكون زوجك ، لا تنتظريني !
ارتجفت شفتي ريم و هي تسمع ، و قالت : ده أكيد بيهزّر يا سديم .. قومي وقفي ما تصدقيش الكلام ده ! ده زمانه جاي أكيد و يمكن قاعد تحت و بيستناكي !
لم ترد سديم ، كانت علامات الصدمة على وجهها و عدم التصديق ، و الانهيار في آن معاً ، حين دخل أبيها بعد أن طرق الباب و قال : وش صار مع طالب يا سديم وينه للحين ؟
لم ترد أي منهن على سؤاله ، لاحظ أن الأجواء مشحونة جداً ، و ابنته تجلس كالكسيرة فوق الكرسي ، اقترب منها بخوف و جلس على ركبتيه أمامها : يبه شفيك ؟ وينه طالب ؟
بعد ثوانٍ من الصمت و النظرات بينهما ، قالت رشا : عمو ، طالب قال لسديم إنه مش رح يجي !
رفع عينيه إليها بصدمة و قال و هو يتنقل في نظراته ما بينها و بين ابنته : شلوون يعني ما بيجي ؟؟؟؟
مدّت له جوال سديم ، و قالت : اقرا ..
وقف بصعوبة ، أخذ منها الجوال و بدأ يقرأ كلمات كالسيف كانت غرزت في قلبه ابنته الذي لم يستحق يوماً إلا أن يزهر كالورد ، لكن القدر كتب عليه أن ينزف طيلة حياته ..
ألقى بالجوال أرضاً غاضباً و صرخ صرخة هزت أرجاء المنزل بكامله ، الجميع ارتجف من صوته ، إلا ابنته التي كان يتضح أنها في عالم آخر تماماً .. على جلستها ذاتها دون أي حِراك .. خرج من عندها غاضباً متوعداً .. متجهاً نحوه ..


-

جلس و هو يلف قدماً فوق الأخرى ، و قد فك رباط عنقه و خلع جاكيت البدلة ، يضع سيجارة في فمه ، يطفئها ليشعل الأخرى و يدخنها بنهم .. وقف أمامه أبيه غاضباً : شلوون تسساوي كذاا بالبنية ؟؟؟ لييييش كذاا طييحت وجهي قداام أبوهاا ؟؟ قوول وش غرضك من هالتصرف النذل هذا ؟
ظل بارداً و لم يرد على كلمات أبيه اللاذعة ، كأنه لم يكن يسمعه .. فأردف : و قااعد بكل بروود و وقاحة تدخن كأنك ماا ساويت شي !! إنت من وين جايب هالنذاالة هذي أناا ماا ربيتك كذا !
اقترب من صحن السجائر ، ليطفئ سيجارته ، و تشتعل في داخله نيران لا يمكن اخمادها ، قال ببرود لا يعكس داخله : ماحد له حق يحاسبني ..
وقف و هو يتناول جاكيته و يهم بالخروج ، فوقف في وجهه سعود غاضباً : شلون مالي حق أحااسبك ؟ نسيت إني أبوك ؟؟
صرخ طالب : انت مووووو أبوي !
صُدِم سعود مما سمع ، و بدأت الأسئلة تتلاحم في عقله ، أيقول ذلك لأنه غاضب ؟ أم أنه عرف الحقيقة فعلاً ؟
قال بخفوت : شنو قلت ؟
أطبق طالب عينيه ليحاول أن يتمالك نفسه ، فتح فمه ليرد ، لكن جرس الباب كان أسرع ، كأنه جاء لينقذ سعود من كلام صادم كان سيسمعه الآن .. ذهب بهدوء ليفتح الباب ، كان متوقعاً أن يأتي الآن كبركان ثائر ، ضربه على صدره و قال بغضب : وينه ولدك ؟؟ ويين متخبي ؟؟
دخل مسرعاً دون أن يسمع رده ، فوجد طالب أمامه يقف مستعداً لما سيحدث ، و وقف ليقول : تعال يا عمي ، خذ حق سديم مني ..
اقترب منه بغضب لم يروه به يوماً ، و هو يضغط على أسنانه و العرق يتصبب من جبينه ، شده من ياقة قميصه : شلوون تساوي فيهاا كذااا ؟؟ شلوون ؟؟
لم يترك له مجالاً للرد أو التبرير ، انهال عليه ضرباً باللكمات على وجهه و أنفه حتى أسقطه أرضاً ، لو رأى دماءه تملأ المكان لن يكفيه ذلك ، جلس فوقه و كأن طاقة شباب الأرض أجمعين اجتمعت به ، ظل يلكمه بقوة و غضب و حقد ، حتى لم يعد بالإمكان تمييز معالم وجهه لكثرة الدماء و الكدمات ، و هو كالجثة تحته بلا حراك ، لم يحاول حتى أن يدافع عن نفسه ، كأنه كان ينتظر عقاب كذاك على فعلته .. اقترب منه سعود و هو يمسك ذراعه و يقول : خلاص يا جلال كاافي راح يموت بين ايدينك!
سيطر عليه و استطاع أن يبعده عن ابنه الملقى أرضاً و الدماء تسيل من كل مكان في وجهه ، وقف جلال و لا زال يشعر أنه يريد أن يضربه أكثر ليشفي غليله ، وقف بعيداً و هو يلهث تعباً و يؤشر بسبابته على كليهما : مابي أشوفك ولا أشوف ولدك لا أناا و لا سديم طول حياااتنا .. مااا نبي نشوووفكم ..
بصق في الأرض قبل أن يخرج و هو يلعنهم و يوجه لهم الشتائم و الدعوات التي لا تدل إلى على أب احترق قلبه على ابنته التي لم تر يوماً أبيضاً في حياتها ، كأنما الدنيا تعاقبها بلا ذنب ..

بمساعدة أبيه ، نهض طالب عن الأرض دون توازن ، كاد أن يسقط فأسعفته يد أبيه الذي لا زال يفكر في الكلمة الأخيرة التي قالها ،تحرك بصعوبة و خرج مسرعاً قبل أن يرى أبوه دمعه الذي اختلط بدمائه ، دون أن يرد على تساؤلات أبيه الكثيرة .. اتجه في سيارته نحو بيت تلك التي قضت على أجمل قلب عرفه في حياته ..

*يُتبَع ...



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:30 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.