آخر 10 مشاركات
رحلة امل *مميزة*,*مكتملة* (الكاتـب : maroska - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          موريس لبلان ، آرسين لوبين..المفتش تيك (الكاتـب : بلا عنوان - )           »          203 - حب من اول نظرة - سالي وينت ورث - ع.ق (مكتبة مدبولي) (الكاتـب : Gege86 - )           »          لاجئ في سمائها... (الكاتـب : ألحان الربيع - )           »          25 - أصابع القمر - آن ميثر - ع.ق ( نسخه اصلية بتصوير جديد) (الكاتـب : angel08 - )           »          249- عذاب الحب -بيني جوردان -مكتبة مدبولي (الكاتـب : Just Faith - )           »          واهتز عرش قلبي (1) .. سلسلة الهاربات (الكاتـب : ملك جاسم - )           »          الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )           »          93 - قمر في الرماد - جين دونيللي (الكاتـب : فرح - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > منتدى الروايات الطويلة المنقولة الخليجية المكتملة

Like Tree25Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-06-16, 07:11 AM   #21

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




الجــــزء الثــــامن عشــــر



،



لعَيْنَيْكِ ما يَلقَى الفُؤادُ وَمَا لَقي
وللحُبّ ما لم يَبقَ منّي وما بَقي
وَما كنتُ ممّنْ يَدْخُلُ العِشْقُ قلبَه
وَلكِنّ مَن يُبصِرْ جفونَكِ يَعشَقِ
وَبينَ الرّضَى وَالسُّخطِ وَالقُرْبِ وَالنَّوَى
مَجَالٌ لِدَمْعِ المُقْلَةِ المُتَرَقرِقِ
وَأحلى الهَوَى ما شكّ في الوَصْلِ رَبُّهُ
وَفي الهجرِ فهوَ الدّهرَ يَرْجو وَيَتّقي
وَغضْبَى من الإدلالِ سكرَى من الصّبى
شَفَعْتُ إلَيها مِنْ شَبَابي برَيِّقِ
وَأشنَبَ مَعْسُولِ الثّنِيّاتِ وَاضِحٍ
سَتَرْتُ فَمي عَنهُ فَقَبّلَ مَفْرِقي
وَأجيادِ غِزْلانٍ كجيدِكِ زُرْنَني
فَلَمْ أتَبَيّنْ عاطِلاً مِنْ مُطَوَّقِ
وَما كلّ مَن يهوَى يَعِفّ إذا خَلا
عَفَافي وَيُرْضي الحِبّ وَالخَيلُ تلتقي


لـ أبو الطيب المتنبي



،



تجمدت في مكانها ما إن أخبروها ان "ذلك الرجل" قد طلب ان يعقد القران الآن عليها ..

كيـــــف ..!!!!
ولمـــــاذا الآن ..!!!!
ولم بحق الله يرغب بأن يتزوجها بهذه السرعة ..!!!



كل هذه الأسئلة كانت تقف حائرةً وسط صدرها المرتجف ..

ليس بمقدروها التفكير حتى بالاعتراض .. او السؤال عن الاسباب ..!!

ليس وهي واقفةً امام بطي المستعجل بشكل كبير ليعرف رأيها ثم ليُدخِل عليها الشيخ ويسألها ..


سمعت بعقل مشوش صوت بطي الخشن وهو يستعجلها: هاه شميمي أدخّل المليج ...؟!!


أحست بيد آمنة الدافئة تمسك بيدها اليمنى لتخبرها بأنها بقربها وستمد لها القوة اللازمة ..


وبحركة خالية تماماً من الحياة/الالوان/الاحساس/التفكير .... هزت راسها بـ "أجــــل" ..


وبلمح البصر ..


لمحت من خلف الباب ظل الشيخ وهو يلقي السلام عليها ويسألها عدة اسئلة ..

كانت ترى الضباب الكئيب بعيناها وهي تمسك بالقلم وترى كتاب العقد امامها .. تشعر ان الدنيا تدور بها وان الحياة قد اختفت للحظات ..

الغصة التي حاولت نفيها منذ ايام قد تكورت بقوة وسط حلقها لتنبأها بـ حقيقة واحدة ..!!!!!


حقيقة انها الآن كالشاة المُساقة لـ مقصبة الذبح ..!!!!


تريد النواح .. النواح الشديد وذرف دموع الآسى/الخوف من المجهول ولكنها لا تستطيع ..

لا تستطيع ..!!!


احست هذه المرة بـ كف كبير دافئ يمسك بيدها وتُسكن رجفة يديها ..

كانت ترتجف طوال الوقت وهي غير مدركة لذلك ..!!!!

سمعت همس شقيقها بطي يقول لها بـ حنان بالغ: سمي بالرحمن فديتج ووقعي ..



.
.
.
.
.
.
.



بـ عقل معدوم تماماً ... نزلت عوشة من غرفتها بينما هاتفها يرن بتكرار مزعج .. لم تجب عليه مع علمها الكامل ان الذي يتصل هم ابنائها ..

ولكن للأسف .. فـ جنونها الحالي أبى دخول عاطفة الامومة في قلبها وايثار حاجات الابناء على رغباتها ...

رغباتها ...!!! ... مالذي ترغب بفعله ..!!!!
لا تعرف .. هي لا تعرف ما بيدها ان تفعل .. !!!


هي فقط تريد ان تخرج عن اي مدار يذكرها بأن هناك أمراً محاك ضد ارادتها .. وضد كل ما هي ترغب بامتلاكه ..!!

من الممكن ان تخرج بحل عظيم ما إن يصفو ذهنها ويرتاح عقلها عن التفكير قليلاً ..!!

فتحت حقيبتها وأخرجت مفتاح سيارتها القديمة ..

فـ هي قد تعلمت قيادة السيارة قبل ان تتزوج ولديها رخصة .. ولكن الى الآن لم تجد الحاجة للقيادة بنفسها وهي التي تملك الخدم والسائقين بوفرة ..

والذي كان يواجهها بسؤاله عن حاجتها للرخصة وهي لا تقود ..

كانت تجيبه باختصار شديد ... "هي تفعل ما تريد .. في الوقت الذي تريد" ...!!!!


اتصلت بـ صديقتها المقربة علّها تتمكن من اخراجها من هذه المصيبة التي حلت على رأسها ..!!
وعلى حياتهـــــا ..!!



.
.
.
.
.
.
.



وقف جميع الرجال بتأهب ما إن سمعوا زغردة النساء .. وهمّ الجميع بتهنئة سلطان الذي كان يقف كالجبل المهيب لا يهزه شيئاً على الاطلاق ..

لم يعرف احداً بالانفعالات التي تعيث في ارض روحه فساداً .. لم يعرف أحداً بتاتاً بالافكار المجنونة التي كانت تختال بـ صورة مزعجة في عقله منذ ايام ..

لم يكن ليسمح لـ "تلك الصغيرة" ان تذيقه علقم الذل مرة أخرى ..!!

لم يكن ليسمح لنفسه ابداً أن يثق بها بعد ما حدث فيما مضى ....!!!


لهذا قرر الامساك بزمام الامور منذ اللحظة الاولى وعقد القران عليها اليوم و"بشكل مفاجئ"..


ابتسم ابتسامة صقرية سوداء ما إن سمع أبا ذياب يقول بـ خبث: ثرك هب هين يا سليطين ..

قهقه سلطان بـ خفوت "مُنتصر" من بين مقلتاه المعتمان: هههههههههههههههه

هتف أبا ذياب موجهاً حديثة لأبنه: بويه ذياب بلاك ..؟!!

ابتسم ذياب بـ هدوء بعد ان حك عيناه الحمراوان: امواصل من البارحة ومصدع ..

أبا ذياب بـ ذهول: شعنه بسم الله ..؟!!

ذياب: ما يانيه الرقاد والله ..

امسك بكتف سلطان ليهتف بـ حزم: دقايق بييب من موتريه بندول ..


سمع صوت أبا سيف الرنان وهو يهتف: بوهامل وين ساير .. الحينه بنحط الغدا ..

إلتفت ذياب للأخير مجيباً عليه بنبرة تقطر تهذيباً: راد راد عميه عبدالله ..



خرج من المجلس ومشى باتجاه سيارته المركونة داخل موقف السيارات القريب من منزل أبا سعيد الداخلي ..


كان من فرط الصداع لم يشعر بنفسه وهو يركب سيارته ويشغل محركها قبل ان يفتح المكيف ويوجهه لـ وجهه ..

بحث في الرفوف عن علبة المسكنات حتى وجدها ..


فتح قنينة الماء الذي جلبه معه ثم سمى بالرحمن وابتلع حبة منها ..


انزل مقعده للخلف ليرخي جلسته قليلاً .. وقرر ان يغمض عيناه لثوانٍ قليلة فقط حتى يبدأ مفعول المسكن بالسريان .. فهو لا يستطيع الرجوع للمجلس والجلوس مع الرجال مع وجود هذا الصداع البغيض ..!!!


ولكن حدث الذي لم يكن بالحسبان ..!!



انتفض بمكانه وهو يسمع الطرقات الناعمة الحادة على نافذته ..


اعتدل بجلسته قاطباً حاجبيه باستنكار من الذي يطرق بهذا الشكل المزعج ..


اتسعت عيناه بـ ذهول وهو يرى طيف فتاة وراء النافذة ..

لم يكن يرى بوضوح من شدة الصداع والارهاق .. بل لم يستطع رؤية وجه الفتاة المكشوف كلياً ..!!




كانت تطرق بهستيرية تامة .. لم تعرف كيف لبست بسرعة حجاب رأسها ولبست حذائها وخرجت ما إن ابصرت من بعيد سيارة أخيها حارب ..


هي ذاته سيارته السوداء .. حتى انها لم تكن لتخرج لو انها لم ترى الرقم الثلاثي المميز الخاص به ..


خرجت وهي تنجرف وراء الحنين، الشوق، الرغبة بالامان بأمواجه الهوجاء راغبةً بـ شم رائحة والدتها منه ..
راغبةً بـ التلذذ بدفئ أباها "القديم" العبق من صدره هو .. آملةً بـ رؤية أخاها عبيد بعيناه هو ..


حارب .. أيها العضيد القاسي .. تعال ..!!



طرقت النافذة حتى غدت يدها اليمنى محمرة ..

وبانفعال عاطفي صرف .... امسكت مقبض الباب وفتحته بقوة ..


ما إن فتحته حتى تسمرت دموع الوجع في محجريها العسليتان .. وارتجف فمها وهي تنظر للرجل "الذي لم يكن بأخيها" !!



كشر ذياب وجهه وخرج ... كانت تكشيرة مستهجنة غاضبة .. فـ هو فوق غضبه من هذا الصداع .. زاد غضبه من هذه التي تقسو على محبوبته "سيارته"..!!!


هتف بـ خشونة لم يتعمدها ابداً وهو يلمح هيئة الفتاة بأكمله ولم يرى بوضوح وجهها الأحمر الباكي: حوووه حووووه كسرتي جامة موتريه ..
(جامة = نافذة)
عنبوه هب ايد عليج ..



عرفته .. كيف لا تعرفه وهو الذي رافق شقيقها عبيد منذ الصغر ورأت كم الاثنان لا يستطيعان مفارقة بعضهما ..!!!

وصلت خفقات قلبها المجنونة عتبات مسامعها .. خفقات كان تصدح بـ جنون الخوف ..

والغضــــــــــب ..!!!!

غضب كان خليط من اسباب عدة وليس من سبب واحد .. أولها خيبتها الكبيرة بأن هذا الرجل لم يكن أخاها حارب ..
ثانيها ان هذا الرجل تحدث معها بطريقة غير لائقة ..!!

وهي أبداً ليست معتادة على هذا التعامل الخشن ..!!!


لم تشعر أبداً بسريان عاصفة هوجاء من العسل داخل مقلتاها وهي تمسك بحافة الباب وتدفعه باتجاه ذياب بقوة عنيفة ..


اتسعت عينا ذياب واتضحت الرؤية امامهما ما ان شعر بالضربة على ذراعه اليمنى ....
ثم صرخ بـ توجع حقيقي: آآآآآخخخخخخخخخخ ..



ما ان فعلت فعلتها حتى ركضت مبتعدةً عنه إلى ان لفحت وجهها أشعة الشمس بصورة طاغية ..

شعرت بأنها لم تأخذ حقها من ذلك المغرور ..


استدارت إليه بـ جرأة غريب "طال زمن خموده في روحها" .. ومدت لسانها بشكل خفيف تخلله احتقاراً "لم يكن بالخفيف ابداً" ..

هنـــــــا ..
رآهـــــــــــا ..!!!!



رآى تجسيد خلقة الله ماراً بـ غرور قاتل أمام مقلتيها المضرجة بـ "العسل" ..


والتقطت عيناه الذئبية بـ سرعة حادة طيف بسمة توقفت بـ خيلاء انثوي ماكر على ثغرها الصغير المتورد ...


أدرك للتو معنى ان يكون للعسل خبث .. وان يكون لـ مذاقه ذلك السم اللذيذ ..!!!


للتو فقط .. استوعب ان قلبه الذي بين جنباته "يعرف معنى الرقص على صفيح من لهيب خالص" ..!!


للتو فقط ..!!

بدأ يشعر أن للدنيا واجهة أخرى ..

واجهة تطل على النعيم ذاته ..!!!

نعيم دنيوي بث فيه رب العزة الجزء القليل من انفاس نعيم الآخرة ..!!



كان صدره يعلو ويهبط بقوة واضعاً يده اليسرى على ذراعه اليمنى محاولاً ان يخفف بحركته انفعالاته الداخلية لا ألمه الخارجي "الذي انحسر تماماً" ..!!!


رمقها من تحت رموشه بـ تشكك ذو ألق غريب ..

لا يعرف ما إذ قابل في حياته صبية لها هالة "أثيرية" كهذه ..

ولكن ..!!

يشعر حقاً إنه رآها من قبل ..

رآى هذه "الجنية" الصغيرة فيما مضى ..!!!


ادخلت موزة لسانها الصغير بشقاوة صامتة واستدارت بسرعة لتدخل المنزل قبل ان يلمحها أحد من الرجال ..

ما ان ركبت الدرج اليتيم الذي كان بقرب مواقف السيارات حتى التوى كاحلها وسقطت ..



.
.
.
.
.
.
.



: اشووووووووووووه ....؟؟!!!
يعله في ذمتتتتتتج ....!!

حصة: والله نعوم توه المليج ظاهر من عندنا ..

أضافت بتساؤل ما إن ادركت صدمة صديقتها: هو ما خبركم انه ناوي يملج على عموه اليوم ..؟!

ردت ناعمة بحاجبان معقودان: يعني الحينه لو هو مخبرنها بنشدج لو صدق اللي قلتيه ..؟!!
طبعا ما خبرناااا ...

وضعت حصة يدها على خدها بـ ذهول: اويييييييه .. شعنه ما خبركممم ...؟!
تحرينا نحن بس اللي ما نعرف .. ثره هو هب مخبر حد ..

ناعمة بـ حدة كان سببها فعلة عمها سلطان .. فالذي فعله قد يجعل من جدتها محطمة القلب ومجروحة: الله يهداه بس .. الحينه شو اسوي ..!!
ماقدر اخبر يدوه اخاف تضايج ..

حصة: لا لا .. لا تخبرينها .. يوم يرد عمج هو بيخبرها .. احسن يوم هي تعرف منه ..



.
.
.
.
.
.
.



دخلت غرفتها بعد ان تمكنت بصعوبة من التفلت من بين ايدي نساء عائلتها وألسنتهن التي تبارك وتهنئ بـ فرحة بالغة الحد ..

استندت بـ ضعف "متخدر" على ظهر الباب ..

ومن غير ان تشعر برجفة ثغرها .. وبرجفة اهدابها العذبة الوجلة ..

سقطت دمعة حارقة/يتيمة/قاسية/لهيبية .. دمعة احرقت الفينيق الذي بداخلها واعادت احيائه بقدرة الله ..

دمعة جعلتها تمشي على لظى الذاكرة وتذهب بعيداً .. بعيداً جداً ..

لـ يوم تقطع فيه قلبها لأوصال ليس لها عدد ولا حصر ..!!



.
.



: ليش سلطااااااان جذب عليه ليييييييييش .. انا شو سويتبه عسب يلعب فيه جيه ..!!


كانت تحدّق بالفتاة التي تبكي بـ حرقة وصدمة أذاق وجهها معاني الشحوب ..


لم تستطع التفوه بكلمة ..


كيف تساعدها وهي نفسها تحتاج الآن لـ حائط تستند عليه من هول مصيبة قلبها ..!!!!


أكملت الفتاة ببكاء حاد: ليش بيعرسس سلطااان خبريني ليشششش ..!!!
ليش ما ياخذني انااااا .. شو قااصرني انا عسب ما ياخذنيييي ..!!!


كانت تبكي بشكل جنوني غير مستوعبة السكاكين التي تخدش ببطئ وجدان التي امامها ..

لم تصمت .. بل أكملت بـ هستيرية وهي تمسح دموعها بعنف: بـ بـ بـسسس هو قاااالي انه بياخذها بس عسب يسكت امه .. هيه هيه هو جيه قاااالي ..
وقالي بعد ان اصلا هاذي اللي بياخذها خسفه ما تتشاهد وانيه انا احلى عنها بـ وااااايد ..


ضحكت بـ خفة لتهتف بعدها بخفوت: تخيلي بعد شو قااال ..

تراقصت جفون شما بـ انفعال "مميت" مكتوم ... وهتفت بـ بحة أبدية: شـ شو قال ...؟!

ابتسمت ابتسامة شامتة مجنونة ... وقالت: قال دام انه تورط مع هاذيج اللي ما تتشاهد .. بياخذها مال شهر شهرين عقب بيعقها .. لأنه هو ما يبا وحده تغث فوااده يوم بيسير عند هليه يخطبني ..
(تغث = تزعج)


ابتسمت بـ خجل طفولي واضافت بـ سرور منتشي: وخبرني انه هو يحبني واااايددد ..

رفعت اهدابها الخجولة الى شما وأضافت بنشوة وهيام: شموه سلطان قال انه يحبني كبر هالدنيا وما فيهااااا .. وانيه عنده اسوى خلق الله يميع ..
آآآآآآآه فديته ياربيه .. ادريبه ما يهون عليه يخليني عقب ما تعلقت به ..


نظرت مرة أخرى لـ شما "التي وصلت حد الاحتضار داخلها" وقالت بهمس: سلطان علقني به من الخاطر شموه .. من الخاطر .. ما بتحمل بعاده عقب ما ذقت حبه .. ما بتحمل والله ..

امسكت فجأة بـ جنون يد شما وقالت بـ حدة: ما بيخلينيه سلطان .. صح شما ..!!!
ما بيخلينيه ..

هزت شما رأسها بصورة "ميتة" وقالت بنبرة شبه مسموعة جامدة حد الفناء: هيه عوشة .. ما بيخليج ..



.
.



شدت بـ قسوة قبضتي يديها لتقول بنبرة ارتجفت خلف اسنانها المتراصة: آآآآآآآآآآآآآه يا رررب ..
أحس بـ ناااااااااار شااااااابه بـ يوووووفيه .. ناااااااااااااااررر ..








(يتبــــــع يــــوم السبــــــت ان شــــاء الله)


sira sira likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-06-16, 07:15 AM   #22

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)






النصـــــف الثانـــــي من الجــــزء الثــــامن عشــــر






أغلقت خط الهاتف عن ناعمة قبل ان تجلس بتململ ملؤه الخيبة .. خاب ظنها وهي التي كانت تأمل ان تفضفض عما يعتمل روحها القلقة منذ عدة ايام ..


حسناً يبدو انني اتصلت بها لأخرج مافي جوفي ولكن بدل هذا ادخلت في جوفها الضيق والاستياء ..

وما يدريني يالله ان عمها لم يخبرهم بأمر عقد القران ..!!



تأففت وهي تحك خدها .. وأخذت تفكر بالحديث الحاد الذي جرى بينها وبين والدها ليلة امس بسبب رفضها لـ "ذلك" ..

لم تكن ترغب بتاتاً بإغضابه ..!!

ولكنها فتاة كبيرة وواعية .. وتريد ن تشعر ان لرأيها مكانةً وان لاستقلاليتها معنى وقيمة ..!!

ليست صغيرة لتفقه ان الزواج مهم لكل فتاة .. ولكنها كبيرة كفاية لأن تفقه تماماً بمؤهلات الرجل الذي ستقترن به ..!!


وذلك الـ "فلاح" هو آخر رجل ممكن ان ترى فيه مؤهلاتها العالية ..!!

ولو انها لم ترى وتسمع بعيناها وأذنيها مدى وقاحته وصغر عقله لكانت قد أعطت لعقلها مجالاً للتفكير ..!!



ابتسمت بسخرية وبغض وهي تسترجع كلماته رسالته التي اتسمت بالتهديد والوعيد ..

وهمست بحاجب مرفوع: صدق انه ياهل .. يهدد بعد .. طير يا عمي ..!!



: حصووووووووه حصوووووووه



جفلت حصة بمكانها وهي تسمي بالرحمن جزعاً: بسم الله الرحمن الرحيم .. عنلاات بليسج يا ميرووووووه ..

جلست ميرة ووجهها لا يوحي بالخير ابداً: حصوووه لحقي ..
ياربي انا شو مخلني ابطل ثميه واقووووله ..

حصة بـ حاجبان معقودان: منو هووو ..!!

ميرة بـ توتر: سيف اخوج دق عليه وانا زل لسانيه وقلتله ان اكتبوا كتاب عموه شما .. جان يعصب ويبند الخط في ويهي ..

حصة بـ صدمة: في ذمتج ...!!!

ميرة بـ استياء: هيه والله هاللي صار .. شو يخصني انا عاده ..

حصة: وليش داق اصلا عليج ..؟!!

ميرة: قال انه من متى يحاول يدق على الرياييل وما يردون عليه .. عاده انا الياعده قلتله هيه مشغولين الحينه بيكتبون كتاب عمتك شما ..
(الياعده = انثى الخروف)

حصة بـ استهزاء مازح: سبحان الله نفس الذكاء اللي ياج يانيه .. حتى انا رمست نعوم وزل لسانيه وخبرتها .. وطبعا انصدمت لأنهم اصلا ما يعرفون بالسالفة ..

فتحت ميره عيناها على مصراعيهما بـ صدمة: لا تقولييييييين
( لا تقولين هنا يُقصَد بها الذهول/الاستغراب/الاستنكار)


حصة بابتسامة خفيفة: قلت وخلصت ..



.
.
.
.
.
.
.



ابتسم بـ تلاعب رجولي ما إن رآها تتعثر وتسقط ..


جميل جميل .. يبدو ان هناك تسلية بانتظاره ..!!!


اقترب منها بخطواتٍ بطيئة ماكرة حتى قال بنظرة بالغة الخبث: ربي يازاج من عالي سماه
(يازاج = جزاك)

وقفت موزة محاولةً ان لا تنخرط بالبكاء امام هذا المعتوه المتكبر .. وكان هو لا يرى سوى جسدها الصغير من الخلف وما قال جملته الأخيرة الا ليثير حنقها جزاء الألم الذي حل بذراعه بسببها ..


لم يشعر الا بـ حصاة صغيرة تُقذف وتأتي على جبهته ..


زمجر بـ غضب عاتي هذه المرة .. فـ هذه الفتاة يبدو انها أحبت التسلية معه بـ طرقها الشرسة ..!!
ويبدو انها استهانت به كثيراً ..!!

: يالبتانية احترمي عمرج لا اييج شي ما قد شفتيه قبل ..


احتد فم موزة بـ غيظ مكتوم وهي لأول مرة ترغب بشدة ان يكون لها لسان ناطق كي ترد على اهانته هذه بإهانة أكبر منها ..

ليس كلمة البتانية هي "الاهانة" .. بل المعنى المبطن المُحتقر لـ عيناها العسليتان هو ما اشعرها بالاهانة والحنق..!!!

تعودت منذ ان كانت صغيرة على سماع المزاحات الخفيفة على روحها من أهلها عندما ينادونها بـ "بنت البتان" أو "الباكستانية" لإختلاف لون عيناها الغريب ..

لم تغضب في يوم او تحزن لأنها تدرك كم ان هذه المزاحات بريئة ..

أما هذا المغرور .. فقد قالها باحتقار بالغ اشعل فيها روحها الخامدة "المتمردة" ..


من فرط غيظها الشديد التمع العسل في عيناها لتنبآن بـ سقوط وابل عظيم من الدموع ..



هنا .. تسمر ذياب تماماً بعد ان سقطت عيناه على وجه الفتاة ورآها بشكل ناصع الوضوح ..


تذكرها .. تذكرها اجل ...

هذه شقيقة عبيد ..
مــــوزه ...

لمحها مرات كثيرة عندما كانوا صغار .. كانت صغيرة لم تتعدى عامها العاشر ..

ذات بركة العسل .. بـ ذات نظرتها الماكرة اللعوب ..!!
هـــي ..



لانت حدة نظرته ما ان استوعب ان التي أمامه ..
تمتلك جينات "عبيــــــــــد" ...!!!



اشاح بوجهه بحدة وكفوف يديه غدت في حالة ارتعاش غير طبيعية ..

شعر ان الكون يدور به كـ دوران النجوم حول نجم الشمال ..

شعر أن النجوم حلت موطن رأسه وهو الذي يقف الآن تحت أشعة الشمس الدافئة ..!!!

خفقات قلبه في حالة هيجان تام ..


الآن عرف لمَ كانت تطرق نافذته بذلك الاصرار الغريب ..!!

كانت تظن بأنه أخاها حارب ..

فـ سيارته وسيارة الاخير متشابهتان .. باللون والارقام ..!!

الشي الوحيد المختلف بينهما هو آخر رقم من الرقم الثلاثي من السيارتين ..


حرص كثيراً على انتقاء ارقام متشابهة للوحتين ..... نعم ..... فـ هو من اهدى حارب لوحة سيارته كـ هدية بسيطة عربون محبة وصداقة ..

كان يرغب بشدة ان يقترب منه بعد ان ابتعد عن الجميع واعتزل بـ ذاته ..

كان يريد بـ هديته هذه ان يخبره انه هنا .. بجانبه .. وبقربه ..... وانه كـ عبيد .. اذا اعطاه فقط شرف التقرب منه كـ أخ ..!!

كان يريد ان يرى لمعان الفرحة بعيناه ..
فقط يرى اللمعان وليس غيره ..

في الحقيقة .. لقد عانى كثيراً في اقناع حارب ان يقبل الهدية .. في البداية لم يوافق ورفض .. ولكنه رضخ وقبل بها بعد ان حلف ذياب عليه وذكّره بأن عبيد ما كان ليرفض هديته لو اعطاه اياها ..!!!!



ابتسم بـ حنين صرف ما ان تذكر ذلك اليوم الذي اقتنع فيه حارب بـ قبول الهدية ..!!

كانت مهمة شاقة أخذت منه طاقة جبارة ..!!

عنيدٌ أنت يا حارب ..
عنيـــد ..!!


زفر بقوة بعد ان استوعب انه مازال واقفاً تحت الشمس .. استدار بخفة ليرى ما إذ مازالت الفتاة هنا ..

ثم ابتسمت عيناه وهو ينظر للفراغ المتجسد في مكانها ..!!

حسناً .. يبدو انها ذهبت ..


استدار لـ يرجع للمجلس .. الا انه رفع رأسه للسما وابتسم ابتسامة رجولية غامضة ..


"مــــــوزه" ..
يبدو انك كـ شقيقاك العتيدان ..
ستحوزين و"بقوة" على اهتمام الذئب وتفكيره ..!!!



.
.
.
.
.
.
.



كانت تمشي ولا تعرف لأي مدى ممكن ان يصل بها سعادتها .. فهي منذ هذه اللحظة لن تشعر الا بالراحة والسكينة خاصةً بعد ان رأت بأم أعينها ابنتها وهي توقع على ورقة زواجها ..


أليس هذا ما كانت تتمناه طوال عمرها ..!!
أن ترى قطعة قلبها وقمر سماها تتزوج وتصبح في كنف زوجها وتحت حمايته ..!!



حمدت الله في قرارة نفسها بكل حنان ودعت بقلب صادق ان يتمم هذا الزواج بخير وتوفيق منه ...


رفعت هاتف المنزل بعد ان رن بقوة لتجيب بنبرة مبحوحة: ألووووو ..

: لطيييييييفه .. مبروكين يا ختيه ما دبرتوا .. والله ما صدقت بومحمد يوم خبرني .. بالبركه بالبركه
(مبروكين ما دبرتوا = تقال تهنئةً عند الخطبة او الزواج)

التمعت عينا ام سعيد بـ سعاده متفجرة واجابت: علني افداج موزاااانه .. الله يبارج فيج ياربي .. والفال لكل بناتنا ان شاء الله ..
عاده اسمحيلي الغاليه والله ما كنا ندري بالسالفة .. نحن كنا يلوس في الصالة وما وعينا الا بـ بطي حادر علينا شرا الشاهين .. وقال المليج خاري ويبا شما ..
(يلوس = جالسين)
الله يهداهم خذونا بشراع وميداف هههههههههههه
(خذونا بشراع ويداف = مقولة تعني انهم استعجلوا الامر علينا ولم يتنسى لنا العمل/التفكير بروية)

ام محمد: لا امييه لا مسموحين علني افداكم .. وتبين الصدق احسن يا ختيه .. زين ما سوى ولد ظاعن ... ربي يتمم لـ شما على خير ان شاء الله ..



.
.
.
.
.
.
.



بعد ان فرغ المجلس من الرجال ... توجه أبا سعيد لحجرته كي ينام قليلاً قبل ان تحين صلاة العصر .... لم يكن في الحقيقة يرغب بأن ينام قبل ان يرى ابنته ويبارك لها .. ولكنه يعلم تمام العلم ان ابنته الآن في حالة نفسية سيئة حتى لو انها في الحقيقة تستطيع ببراعة كتم ما فيها من انفعالات ..

يعرف ابنته كما يعرف ذاته .. فـ شما لم ولن ترضى أن يسيّرها أحد بمحض ارادته .. وان رضت بهذا فهناك امر يكمن خلف هذا الخضوع ..!!!

هو ليس بـ مغفل كي لا يدرك ان موافقة ابنته على سلطان سببه امر عظيم ..

سبب كان ورائه ابنه الداهية بطي .. ولكنه ولنقل "متغافل" .. واحسن بـ تغافله ...

فإذا كان بطي قد تمكن من فعل ما عجز هو عن فعله .. لم بحق الله يتدخل ويعترض ..!!

فلتجري الامور كما تشاء وليرى إلى اين ستصل ..!!!


في النهاية .. هذا لمصلحة ابنته ..
أليس كذلك ..؟!!


هتف بحزم بعد ان قطب حاجباه وهو يلمح ابنه احمد قريباً منه: احمد بتخبرك .. حرمتك عوشة وين ..؟؟
ما ريتها من كم يوم ..؟!!

زفر أحمد بـ عمق وقال بـ نبرة هادئة مبطنة بغضب/استياء مما يجري له: في بوظبي عند هلها .. بتيلس عندهم كم من يوم وبترد ان شاء الله ..

ابوسعيد بـ نظرة متفحصة/متوجسة: أحمد ابويه .. شي مستوي على حرمتك ..؟!

رد احمد بسرعة: لا لا ما بلاها شي .. هي بس متولهة على امها واختها ..

هتف أبا سعيد بصرامة: ابويه احمد حرمتك هب ياهل .. ما يوز تودر بيتها وعيالها وهم عندهم مدارس .. وامك تدريبها حرمة عوده ويبا من يشل ويحط عنها .. ما فيها شدة شرات اول عسب ترابع ورا العيال ولعوازهم ..
(مافيها شدة = ليس لديها قوة) (لعوازهم = ازعاجهم/امورهم الشخصية التي تجلب العبأ والجهد)


تلون وجه احمد من الحرج الشديد ... وقال معتذراً: ادري علنيه افداك والله .. السموحة منكم ..
خلاص ان شاء الله باجر هي رادة ..

انحنى برأسه ليقبل رأس اباه ثم اضاف: لا خليت منك ومن امايه يا تاج راسي ..


ابتسمت عينا ابوسعيد بحنان .. فهذا الـ أحمد يعجز القلب عن وصف لطافة روحه وسماحة نفسه ..

هتف بـ حزم دافئ: ربيه يرضى عليك دنيا وآخرة ..
يلا انا ساير ارقد .. نششوني حق الصلااااه ..
(نششوني = ايقظوني)


أحمد: ان شاء الله فديتك ..


اخرج انفاسه الغاضبة من أنفه وهو يفكر بطريقةٍ يحقق فيها ما تفوه به امام والده للتو ..!!

كيف يُرجَع عوشة الى العين غداً ..!!
كيف وهي الى الآن لا ترد على اتصالاته ولا على رسائله ..!!


وبعد ان دار في الصالة مفكراً بغير وعي منه ... قرر ان يذهب بعد صلاة العصر الى ابوظبي ويحدثها وجهاً لوجه ..!!

سيحدثها ويُفهِمها الأمر الذي جرى وستنصت إليه .. !!
حتى لو اضطر ان يذيقها صفعة أخرى ..!!



.
.
.
.
.
.
.



كانت ترتجف بشكل معدوم الارادة ..
لم تكن خائفة أو حتى جزعة .. انما هي فقط مرت للتو بموقف اثار فيها جميع انواع الانفعالات ..

غضب .. خيبة .. آسى .. قلة حيلة .. وقبلها .. شعور يتصاعد تدريجياً في روحها بأنها ولأول مرة تشعر بأنها ليست جميلة .. وان ملامحها التي "تفتن الناظرين بالعادة" ليست بالجذابة ابداً ...

شعور أنثوي غريب .. لم يتنسى لها الفرصة من قبل ان تدخل في طياته وتفهم مفاهيمه ..!!!


لا تعرف هل حقاً هي ليست جميلة ام مجرد احساس اعتراها لما قاله ذلك الرجل لها ..!!


زمت فمها بامتعاض وهي تسترجع كلماته ...
ذلك المتعجرف الوقح ...
ياله من مغرور .. ألأن الله لم يسلب منه نعمة النطق .. يحق له ان يسخر بلسانه على خِلقته عز وجل ..!!

ما أوقحه ..!!!
كيف كان عبيد يتحمل ثقل دمه ..!!!



زفرت بألم ما ان دخل شقيقها مسار تفكيرها المسترسل ..



ثم رفعت عيناها ما إن سمعت عمتها ام العنود تسألها بنبرة رقيقة: العسولة شو فيها ..؟!!

ابتسمت موزة بهدوء ثم اشرت بنعومة: ولا شي عموه .. افكر في شما فديتها ..
ما شاء الله كل شي صار وياها بسرعة ..

ام العنود بنظرة باسمة مبطنة بخبث غامض: هيه ما شاء الله .. ربي ايتمم الها على خير ..

موزة: اللهم آميييين ..

وأضافت ام العنود بـ حنان بالغ الدفء: والفال لج يا قلبي ..


طرق جانب من قلبها طرقة قوية .. ولأول مرة تشعر بالخجل العذري يغزو احمرار خديها الطبيعي .. فهي منذ ان سقطت صريعة البُكم لم تواجه موقفاً مماثلاً كهذا .. أي منذ اربع سنين تقريباً ..!!!

لم تكن لترغب بفعل اي شي يندرج تحت مسمى الواجبات الاجتماعية .. لم تحضر اي حفلة زواج او خطبة او حتى المناسبات الاجتماعية المتنوعة .. حرصت كثيراً ان تعتزل الجميع لأنها كانت مغموسة بحالة نفسية مزرية حد الوجع السرمدي ...

ولكن الآن .. تشعر بأن الأنثى التي بداخلها بدأت تطل بخجل من عتبات صدرها الصغير ..


الا ان سرعان ما ازاح "الانثى الصغيرة المطلة" شعور آخر مرير ..
شعور يقول لها بسخرية وازدراء انها بكماء ..
وان حياتها والذي تمر به قد اسقطها معطوبة بوابل جمري وسط صباها وربيع انوثتها ..... وان الذي سيفكر بالزواج بها .. لن يعيش الا مع حطام فتاة احتضرت على انقاض والدٍ مجرم .. وأم مقتولة .. وشقيق لحقهم بكل قلب أعمى الى القبر ..

لن يعيش "تعيس الحظ هذا" الا على انقاض فتاة توقفت ذكرياتها عند ذلك اليوم المترمد المعتم ..



أخذت قسم كبير من الهواء الثقيل وحاولت الابتسامة من غير غصة مرتجفة ثم ارسلتها بثغر مرتعش لـ عمتها الغالية ..



.
.
.
.
.
.
.



على درب العين – أبوظبي



قطب حاجباه باستغراب وهو يخرج يده من نافذته ويتناول كيس الماء والعصائر من ابنه ذياب الذي قرر التوقف عند محطة البترول للشراء .. ثم قال بـ قلق أبوي: الذيب بلاها يبهتك وارمة ..؟!!

وضع ذياب اصابعه السمراء بخفة على جبهته ثم ابتسم بخفوت "ذات مغزى" وقال: ههههههه شو نسوي الوالد اليوم نحن امره مدوخين .. وانا اييبليه بندول رضخت بعامود جدا موتريه ..
(رضخت = دعمت)


أبا ذياب بذات قلقه الحاني: يوم نرد البيت سِر دهن يبهتك بمرهم ولا شي ..

ذياب بابتسامة مطمئنة: خفيفه خفيفه يا بوذياب تطمن ..


دخل سيارته وهو يعطي عمه سلطان عصيره المفضل "الاناناس" ثم قال بمرح: مع انك قلتليه ما تبا شي لكن ما هان عليه والله ما اييبلك ويانا ..

ابتسم سلطان وهو يرمق ابن اخاه نظرة ساخرة لطيفة: يا حنوووون انته ..

غمز له ذياب برجولية شقية واجاب: شفت انت عاده .. يلا يوزوني انا بعد ..


ضحك الرجال الثلاثة على ظرافة ذياب ثم قال اباه: يلا انت عزّم وابد فاااالك طيب .. باجر انّقيلك الحرمة ونيوزك ..

هتف مصبح بعد ان شرب القليل من الماء: ههههههههههه الله ايعين اللي بتاخذك .. يبالها كورسات مكثفة كيف تتعامل مع مزاجيتك العالية ..

رفع ذياب حاجب واحد بسمة قصيرة تعلو ثغره .. ابتسامة خرجت ما ان تذكر "تلك العسلية الصغيرة" ..
ثم رد على زوج عمته مصبح: تحمد ربها وتشكره يوم ان ذياب بن هامل بياخذها ..

ضحك ابا ذياب ومصبح بمرح وهم يستمعون لكلمات ذياب المتغطرسة المازحة بينما اكتفى سلطان بشرب عصيره وابتسامة تلوح على شفتيه من احاديثهم ...


كان تفكيره في الحقيقة منحصر على سؤال واحد ..
سؤال مهم رغم تأخره ....
ما الذي جعل "تلك" توافق على الارتباط به .. وتقبل ان يعقد القران اليوم ...!!!
أليس الامر مريب ...!!!



.
.
.
.
.
.
.



بعد ان حلّ الليل على الجميع



دخلت الى غرفتها وهي تضغط على الزر الذي سيحولها على رقم زوجها ..

لم تكن تريد الاتصال به .. خاصةً بعد ان علمت انه اتصل بـ ميرة الظهر ولم يتصل بها هي ..


من اين تتزود بهذه القساوة بحق الله يا هذا ..!!
ليتني اعرف بما اقترفته يداي لأعاقب ذاتي كما تعاقبها انت واشد ايضاً ..!!!

آآآآآآآآآه ..


سمعت صوته الخشن/الجليدي من خلف السماعة وهو يهتف: ألووووو ..

تنحنحت بثقل وهتفت بصوت مرتجف محاربةً دموعها كي لا تخونها وتسقط: هلا سيف .. شحالك ..؟!

أجاب بصوت جامد ساكن: بخير ربيه يعافيج ويسلمج .. انا بأحسن حال يا ام مايد .. انتو شحالكم شو مسويين ..؟!


ابتسمت العنود ابتسامة مستهزئة على الحال الذي وصل إليه كلاهما .. فبعد ان كان يهمس لها بأرق الكلمات وينعتها بأعذب الالقاب .. صار لا يحادثها الآن الا بكل رسمية يتقنها .. وكأنها إحدى الموظفين الذين يعملون تحته ..!!!

اجابت بـ هدوء خلفه اعاصير عاتية من انفعالات لا تنتهي: كلنا بخير وعافية الحمدلله ..

سيف: وشحال العروس ..؟!

التمعت مقلتا العنود لاارادياً من فرط سعادتها بزواج عمتها وهتفت "بروحٍ انتعشت للتو": فديت عموه شماااا ياربي .. اسميني يا سيف فرحت الها اليوووم وفرحتي ماعطيها لحد .. اللهم لك الحمد والشكر .. ما بغيت اشوفها عروووووس ..



ما إن سمعها تهدر بحماس يقطر نعومةً من فرط سعادتها حتى أغمض عيناه ببطئ وأخذ يتخيل هيئتها الآن ..

بشعرها الاسود الفاحم القصير .. بعيناها الناعستان المغلفتان بصف اهداب من الفتنة/الاغراء .. بفمها اللذيذ الممتلئ بلون وردة متفتحة ..
بكل ملامحها التي يحفظها عن ظهر قلب وروح عاشق ..



هتف بهمس أجش مثقل بسكرة لم يستطع كبح سيطرتها: انتي ليش جيه ..؟!!


اتسعت عينا العنود بـ دهشة ثم هتفت بتساؤل بريئ: شو ليش جيه ..!! ما فهمت ..


همس بذات مشاعره المُخدرة المثقلة: انتي ليش جيه عذا........


: بوماااااااااااايد .. بوماااااااااااايد .. إلحق إلحق الهاموره بتفلت من ايييييييدك ..


انتفض جسده بخفة وهو يخرج من اعصار فكري لذيذ كان من صنع "صوتها" .. ثم تنحنح بقوة وهو يُخرج ذاته ظلماً من سكرة لم تدم الا ثواني معدودة .... وهتف بخشونة لم يتعمدها: ام مايد برايج .. ردي السلام على الاهل كلهم .. مع السلامة ..


ما زالت العنود متسعة العينين ولم تفهم أي شيء مما قاله زوجها او فعله .. حتى انها لم تكن تسمعه بوضوح بسبب صوت البحر القريب منه ..

اجابته بـ استغراب: سلامن يبلغ ان شاء الله .. الله يحفظك ..


أغلقت خط الهاتف بعد ان ارتاح قلبها قليلاً ..

حسناً .. هي لم تشبع من صوته الرجولي الطاغي .. ولم تخرج شوقها المجنون له كما يليق لروحها هي .. ولكن على الاقل علمت انه بخير وبأحسن حال ..



.
.
.
.
.
.
.



جلس على ركبتيه أمام والدته وانزل رأسه أكثر ليقبل ركبتيها الاثنتين وقال بحزم قوي تخلله اعتذار رجولي صادق: واللي خلقج يالغناة انيه ما بغيت السالفة جيه تستوي بس اضطريت والله ..

رفعت ام هامل رأس ابنها بعد ان تنهدت تنهيدة مؤلمة ... وقالت: نش فديتك نش .. انا خلاص هب زعلانة .. لجني بغيت اعرف شو خلاك جيه تسوي .!!
يعني ما رمت تخبرنا اول عسب نفرح وياك ..؟!

وقف سلطان قليلاً ثم جلس بقرب والدته مبرراً بصوته الخشن الهادئ: ما رمت يا امايه صدقيني .. انتي الحينه هب المهم عندج اعرس .. هاذوه ها عرست وخذت بنت الناس ..

رمقته والدته نظرة غاضبة من تحت رموشها وقالت: يا فضيحتنا في العرب .. ثرك انت ومصبح مسويلهم علوم هناك ومربشينهم
(مربشينهم = جعلتموهم في حالة ارتباك وقلق)

ابتسم سلطان بخفة وهو يتذكر كيف انه ادخل مصبح في هذه المعمعة .. فـ مصبح هو من جلب الشيخ الذي عقد القران بطلب منه .. وكان يعرف بمخططه منذ البداية .. ولكنه لم يخبر أحد .. بطلبٍ منه أيضاً ..


هتف من بين ابتسامة شفتيه: لا تفتضحين ولا شياته .. ثرنا نحن شو مسوين يا ام هامل .. !!

هتفت بتساؤل ما إن رأته يقف: بتخبرك سلطان .. ومهر البنية شو صار عليه ..؟!

رتب غترته البيضاء بخفة قبل ان يهتف بنبرة حازمة واثقة: المهر وصل للعرب من البارحة ..
حطيته في حساب ابوها ..

ام هامل بتساؤل اختلط مع فضول الانثى فيها: وكم حطيت ...؟!

رفع سلطان حاجباً واحد بسخرية مرحة وقال: لا تحاتين ام هامل .. سلطان دومه مبيض ويهج بين الخلايج ..
(الخلايج = الخلائق)

لانت ملامح ام هامل لتتكرر سؤالها بإصرار باسم: كم انزين يا ولد ..؟!

ضحك بخفة قبل ان يستدير ليخرج: ههههههههههه اسميكن انتن يالحرمات فضوليات .. قلتلج انيه مبيض ويهج ..
ريحي فوادج واطمني ..


خرج من عندها قبل ان تتنهد تنهيدة اخرجت كل ما كان يعتمل صدرها من انفعالات ..
لن تكذب وتقول ان فعلة ابنها لم تجرحها وتجرح امومتها ومكانتها العظيمة في حياته .. ولكن في أقصى بقعة في قلبها هي فرحت للذي حدث وفرحت بشدة لأن ابنها الآن في عداد المتزوجين ..

لطالما كان هذا حلمها ولطالما كانت هذه اللحظة من اللحظات المقدسة في حياتها ..


قررت بينها وبين نفسها ان تجعل الامور تمر بسلاسة .. ففي النهاية هي تؤمن وبشدة ان ابنها ما كان ليفعل ما فعله لولا امر قوي اضطره لهذا ..

تعرف ابنها وتعرف حرصه الشديد على رضاها ..



وبعد دقائق .. كانت هي على خط الهاتف تحادث ام سعيد وتتبادل معها التهاني والتبريكات .. ولم تغلق الهاتف حتى وعدتها انها وبأقرب فرصة ستزورهم في العين بإذن الواحد الأحد ..



.
.
.
.
.
.
.



تشعر بإرهاق حقيقي ... فاليوم كان طويلاً وقد عملت كثيراً هي وباقي الفتيات في المنزل .. لذا قررت ان تصلي العشاء والوتر ثم تنام فوراً ..
وتظن بأنها أحسن فكرة كي يتسنى لها النهوض غداً مبكراً لمراجعة الامتحان الذي ستقدمه يوم الاحد ..


انتهت من فرضها ووترها ثم اندثرت تحت لحافها الدافئ ..

احتد فمها بقوة محاولةً السيطرة على رغبتها التي خرجت للتو ..

لا .. لن افعلها ابداً .. لن افعلها ..!!


حاولت كثيراً إلهاء نفسها بالاذكار وظلت على هذا الحال حتى فقدت الأمل نهائياً بالنوم ..

تأففت قبل ان تتذمر بصوت عالي عندما فُتح باب غرفتها لتدخل اختها حصة بخفة ..

قطبت حصة حاجبيها وهي تهتف بقلق: ميراني حبي بلاج ..؟!!

استقامت ميرة واسندت ظهرها على ظهر سريرها وهي تحك عيناها بنعاس: لا ما بلاني شي بس نودانه ابا ارقد ..
(نودانه = نعسانه)

اشعلت حصة نور الغرفة ثم جلست بقرب أختها: انزين ارقدي ..


لاحظت ان اختها الصغيرة تمسك بأبهامها الأيمن بقوة .. فهمت حصة مالذي يجري ببديهية سريعة .. وسألتها بنظرة ثاقبة: ما تقدرين ترقدين من سالفة صبعج ..؟؟

انزلت ميرة رأسها بـ خجل حقيقي/استياء/ضيق ثم هزت رأسها وهي تجيب بصوت مختنق: هيه .. تعبت حصوه والله .. كل ما اقول خلاص ما بمص ما بمص .. اشوف روحي لا ارادي محطيه صبعي في ثميه وامصه ..

امسكت حصة ابهام ميرة الذي كان منتفخاً جراء مص ميرة له منذ الصغر .. كانت حصة الوحيدة التي تعرف بعادة ميرة السرية ..

فـ لا احد من العائلة على علم بأن ميرة للآن لا تستطيع النوم الا وابهامها في فمها ..
حتى امها ..


حاولت على مر السنين التوقف عن هذا الفعل لكنها لم تستطع .. وحاولت كثيراً اخبار والدتها بالامر ولكنها شعرت بالحرج الشديد وآمنت ان هذه العادة ستزول ما ان تكبر قليلاً ..

ولكنها كبرت كفايه لتدرك انها لن تتمكن من التوقف من هذه العاده بسهولة كما كانت تتوقع ..!!!


حصة بحزم: قلتلج ميرة من اول .. هالشي يباله عزيمة وارادة قوية منج .. لازم تتحملين شوي لين ما ترومين تودرين هالعاده ..

حكت ميرة عيناها الحمراوان مرة أخرى لتقول بنبرة ناعسة مرهقة: ما مصيت اليوم عسب جيه بعدني ما رقدت ..


لانت ملامح حصة بـ حنان بالغ .. ثم دفعت ميرة برفق لتتمدد ... وقالت بعدها: خلاص ترييني دقايق .. بسير اصلي وابدل ثيابي عقب بيي ارقد معاج ..

همست ميرة بفم مزموم ظهر مع نبرتها المرهقة: هيه والله حصوص تسوين فيه خير ..

خرجت حصة من عند شقيقتها الصغرى .. وظلت الأخيرة تهز أصابعها بـ توتر وخوف ..


جفلت بخفة ما ان سمعت هاتفها يرن .. وما ان قرأت الرقم الغريب وسط الشاشة حتى قطبت حاجباها ..

كان آخر شيء ترغب به الآن هو الاجابة على مكالمات من ارقام مجهولة .. وضعت هاتفها على الوضع الصامت ثم عادت لتتمدد وتنتظر شقيقتها حصة لتنام معها ..



.
.
.
.
.
.
.



سقط منها كوب الماء وهي تسمع صراخ آتٍ من باحة المنزل ... استدارت لابنتها بجزع وصاحت: وابوووويه حنووون هذا حس اختج عوووشه ..

لبست حنان غطاء رأسها بجزع هي الاخرى ولحقت والدتها التي هرعت الى الخارج بسرعة ..


تسمرتا بجمود مرعب وهما تنظران من بعيد الى عوشة التي تصرخ بجنون تحت يدين رجل لم تعرفا هويته في هذا الظلام الدامس .. ولكنهما علمتا بهويته ما إن صرخ بغضب أقل ما يقال
بـ "الأســــــــود" ..!!

: يالـ... .. يـالـ.. .. في ذمتييييه ماا رييييييت شرااااااااااااات خياااااااااااااسج ..


امسك وجهها بقوة حديدية بيدٍ واحدة ثم قربها من وجهه المحمر بشكل قاني مرعب يقشعر لها الابدان ... واكمل صراخه الذي وصل لآخر بيت في المنطقة: يالحححححيـ...


ولفح وجهها المتورم بكف عاشر اسقطها الارض بعنف ... وألم عاصف حلّ بشراسة في كل انحاء جسدها ..


كان يقف وصدره العريض يتحرك للأعلى والاسفل بسرعة هستيرية .. وعيناه الحمراوان قد انتشر الدم خلالهما ما إن سمع منها الكلام الذي شطر قلبه شطرين بلا رحمة ورأفة ..

من فرط انفعاله المدمر وصدمة روحه اللامعقولة .... لم يتمالك نفسه .... لم يستطع غير وضع يده المنتفضة على باب سيارتها ... وشد قبضة يده الأخرى بجبروت قاسي ..


: عـوووووووووووشه .. عووووووووووووشه بنتيه ...


التفت للخلف بوجهٍ ماردي مظلم .... وصرخ بأقسى نبرة خرجت من آخر بقعة من حلقه الجاف: أقسم بالله اللي يقرب منهااا بزوااااااله ..


انحنى وسحب ذراعها بقوة لتنهض .. ثم جر شعرها دافعاً رأسها للخلف وزمجر بقسوة لا وصف لها .. قسوة شبيهة بـ الرعد الثائر: خبرررريني يالححححيـ...
كيف ومتى سويتي هااا كله ..!!!!


كرر سؤاله بصراخ أقسى من الحديد احست عوشة معه ان طبلتي اذنها قد انفجرتا .. وونين يسري على كامل جسدها ورأسها من الألم والوجع ..

قالت بارتجافة رعب حقيقي من بين دموعها الغزيرة: وووو .... وووالله ما سـ سـ سويت شـ شـ شي .. ووالله احمد والله ..



وبغضب أعتى من غضبه السابق دفعها بقوة لتسقط على الارض اليابسة وصرخ بعقل هارب: لا تحلفين بالله جذب يالوصخخخخخخه .. لا تحلفين بالله جذب .. انتي لو تعرفين الله وتخافينه ما سويتي اللي سويتيييييييييه ..

ثم اردف بذات غضبه العاتي وهو يدنو منها: يالخخخـ.... تتحرين محد بيعرف عن سوااااد ويهج .. لكن وووالله ثم وووالله ثم وووالله ماااا يسسسسدنيه الا نفااااااااادج يالـ.......



توقف عن صراخه ما ان باغته صراخ أبا حميد الذي رجع للتو من المسجد: احمــــــــــــد ..
شو تسوي وشو هالزعيق كله ..؟!!


نهضت عوشه وجسدها يهتز بالكامل وركضت اتجاه والدها واختبأت خلفه وبدأت تبكي بكاء عالي اوجع قلب والدها عليها .. فهو لا يتحمل ان يرى ابنته بهذه الحالة ..

حتى وان كان قد قسى عليها في الايام الفائتة .. ولكنها تضل عوشة ..
ابنته البكر .. اول فرحته واعذب هدية اتته من رب العالمين ..


امسك بابنته واحتضن كتفيها بخفة وهدر بقوة موجهاً كلامه لأحمد: بلاااااكم .. شو مستووووي خبروووني ..!!!

رمق احمد وجه أبا حميد بنظرات سوداء غير مفهومة ثم ارسل ذات نظراته للتي تختبئ خلفه ..

لم يرف له جفن .. وكأن الذي حدث ويحدث قد سلب الحياة من جفناه ..



اقترب ببطئ من الاثنان وقال بـ نبرة خلت من كل معالم الحياة وهو يقف بشموخ قامته الأبية:
بنتك طالق بالثلاث .. وتحرم عليه ليوم الله ياخذ امانته ..


وكقسوة كلماته .. تحرك بعيداً ليخرج وهو يسمع من ورائه صياح ام حميد وابا حميد وهو يغمغم بـ صدمة كاسحة: لا حول ولا قوة الا بالله .. استغفر الله العظيم واتوب إليه .. استغفر الله العظيم واتوب إليه ..







نهــــاية الجــــزء الثــــامن عشــــر



sira sira likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-06-16, 07:18 AM   #23

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



أتمنى من كل قلبي تقرون القصيدة في المقدمة .... لأنها رائعة فوق ما تتصورون ... ما قدرت احط ربعها او نصها لأنها جد ما تليق لها الا انها تكون كاملة .. اعتبرها من القصايد القريبة من قلبي وروحي ... ومؤثرة وايد وايد وايد .....


قراءة ممتعة حبايبي ...





الجــــزء التــــاسع عشــــر



،



ليس الغريب غريب الشام واليمن، إن الغريب غريب اللحد والكفن
إن الغريب له حق لغربته، على المقيمين في الأوطان والسكن
لا تنهرنَّ غريبا حال غربته، الدهر ينهره بالذل والمحن
سفري بعيد وزادي لن يبلغني، وقوتي ضعفت والموت يطلبني
ولي بقايا ذنوب لست أعلمها، الله يعلمها في السر والعلن
ما أحلم الله عني حيث أمهلني، وقد تماديت في ذنبي ويسترني
تمرُّ ساعات أيامي بلا ندم، ولا بكاء ولا خوفٍ ولا حَزَنِ
أنا الذي أُغلق الأبواب مجتهداً، على المعاصي وعين الله تنظرني
يا زلةً كُتبت في غفلة ذهبت، يا حسرةً بقيت في القلب تُحرقني
دعني أنوح على نفسي وأندبها، وأقطع الدهر بالتذكير والحزَنِ
دع عنك عذلي يا من كان يعذلني، لو كنت تعلم ما بي كنت تعذرني
دعني أسحُّ دموعا لا انقطاع لها، فهل عسى عبرةٌ منها تُخلصني
كأنني بين جلِّ الأهل منطرحٌ، على الفراش وأيديهم تُقلبني
وقد تجمَّع حولي مَن ينوح ومن، يبكي عليَّ وينعاني ويندبني
وقد أتوا بطبيب كي يُعالجني، ولم أرَ الطب هذا اليوم ينفعني
واشتد نزعي وصار الموت يجذبها، من كل عِرقٍ بلا رفق ولا هونِ
واستخرج الروح مني في تغرغرها، وصار ريقي مريرا حين غرغرني
وقام من كان حِبَّ الناس في عجَلٍ، نحو المغسل يأتيني يُغسلني
وقال يا قوم نبعي غاسلا حذِقا، حرا أديبا عارفا فطِنِ
فجاءني رجلٌ منهم فجرَّدني، من الثياب وأعراني وأفردني
وأودعوني على الألواح منطرحا، وصار فوقي خرير الماء ينظفني
وأسكب الماء من فوقي وغسَّلني، غَسلا ثلاثا ونادى القوم بالكفنِ
وألبسوني ثيابا لا كِمام لها، وصار زادي حنوطي حين حنَّطني
وأخرجوني من الدنيا فوا أسفا، على رحيلي بلا زاد يُبلغني
وحمَّلوني على الأكتاف أربعةٌ، من الرجال وخلفي منْ يشيعني
وقدَّموني إلى المحراب وانصرفوا، خلف الإمام فصلى ثم ودعني
صلوا عليَّ صلاةً لا ركوع لها، ولا سجود لعل الله يرحمني
وكشَّف الثوب عن وجهي لينظرني، وأسبل الدمع من عينيه أغرقني
فقام مُحترما بالعزم مُشتملا، وصفف اللبْن من فوقي وفارقني
وقال هُلواعليه الترب واغتنموا، حسن الثواب من الرحمن ذي المنن
في ظلمة القبر لا أمٌ هناك ولا، أبٌ شفيق ولا أخٌ يُؤنسني
وهالني صورةٌ في العين إذ نظرت، من هول مطلع ما قد كان أدهشني
من منكر ونكير ما أقول لهم، قد هالني أمرهم جدا فأفزعني
وأقعدوني وجدوا في سؤالهمُ، ما لي سواك إلهي منْ يُخلصني
فامنن عليَّ بعفوٍ منك يا أملي، فإنني موثقٌ بالذنب مرتَهَنِ
تقامم الأهل مالي بعدما انصرفوا، وصار وزري على ظهري فأثقلني
واستبدلت زوجتي بعلا لها بدلي، وحكَّمته على الأموال والسكن
وصيَّرت ولدي عبدا ليخدمها، وصار مالي لهم حلا بلا ثمنِ
فلا تغرنك الدنيا وزينتها، وانظر إلى فعلها في الأهل والوطن
وانظر إلى من حوى الدنيا بأجمعها، هل راح منها بغير الحنظ والكفن
خذ القناعة من دنياك وارضَ بها، لو لم يكن لك إلا راحة البدن
يا نفس كفي عن العصيان، واكتسبي فعلا جميلا لعل الله يرحمني
يانفسُ ويحكِ توبي واعملي حسنا، عسى تُجازين بعد الموت بالحسنِ
ثم الصلاة على المختار سيدنا ما، وضأ البرق في شام وفي يمن
والحمد لله ممسينا ومصبحنا، بالخير والعفو والإحسان والمنن



لـ زين العابدين علي بن الحسين



،



قبل ان ينتصف الليل بنصف ساعة



لم يكتف بإخراج كل انفعالاته العاتية التي كبحها بمهارة عالية الا عندما مارس السباحة في حوض منزله الكبير في الطابق الأرضي قرابة الساعتين ..


وقف امام مرآة غرفته الكبيرة المتأنقة بلمسات رجولية فخمة بحتة .. وفكر متسائلاً ....

لا يعرف لمَ فضل المبيت في منزله الخاص وهو الذي اعتاد كل نهاية اسبوع ان يبيت في بيت اخاه ..... ولكنها الحاجة لأن ينفرد مع ذاته بعيداً عن كل الناس ..


نشف شعر رأسه بمنشفة قصيرة ثم بدأ يمشطه ببطئ وباله شاردٌ كل الشرود ..


فـ ربع تفكيره انصب على مشاكل العمل والبلاد .. وربعه الثاني على حارب وما يجري معه في ذلك السجن اللعين .. وباقي الربعين على الذي حدث اليوم وما مر به من أمورٍ غيرت مجرى حياته ..!!


قطب حاجباه وهو يسمع رنين هاتفه العالي الخاص بالأهل والاصدقاء .. رفعه قبل ان يهتف بخشونة لم يتعمدها: مرحبا مليون الغالي ..

أتاه صوت عمه أبا حميد بطريقة انبأت عقله المتيقظ ان هناك أمر جلل قد حل: سـ سـ سلطان وينك انت ..؟!!

استدار سلطان وهو يقول بتوجس: انا في بيتي .. خير عميه شو مستوي ..؟؟!

وضع أبا حميد يده المرتجفة على جبهته وشعور قلة الحيلة انتشر بضراوة في صوته المبحوح: لا حول ولا قوة الا بالله .. والله ماعرف شو اقولك .. انا ما عنديه غيرك يفازعنيه يا ولديه ..
(يفازعنيه = يساعدني)


سلطان بنبرة صارمة قوية: افا يا بن سلطان شو هالرمسة .. خبرني شو مستووي ..؟!!

صمت أبا حميد قبل ان يقول بنبرة قلقة/مرتعبة: بنتيه عوشه يا سلطان ظهرت من البيت وماندريبها وين سايره .. عاده اتصلت عسب اتعرفلي هي وين ..

رفع سلطان كلتا حاجبيه باستغراب تام ثم قال بـ هدوء: ام زايد ظهرت وما تعرفون وينها ..؟!!
جيه وين ثرها بتسير في هالليل ..؟!! وريلها وينه عنها ..؟!!

مسد أبا حميد جبهته المتعرقة بارتباك/خوف حقيقي ثم اجاب ببحة لا تفارقه: السالفة طويلة يا سلطان .. الحينه نحن ما نعرف هي وين .. وانا مابا السالفة توصل لمراكز الشرطة .. ما نبا نفتضح يا بومييد ..
اعرفلي بارك الله فيك وينها هي ..

هز سلطان رأسه بـ ثقة قوية وقال: ولاااا يهمك الغالي اعتبرها عندك ان شاء الله .. بس عاده خبرني هي بشو سايره .. بموتر منوه ..؟!!

زفر أبا حميد زفرة مؤلمة وحال قلبه يدق دقات غير مريحة بتاتاً ... ثم قال بوجل: بموترها البي إم رقمها 55..



.
.
.
.
.
.
.



اقتربت منه بـ رشاقة تقطر أنوثة باذخة .. ثم توقفت على اصابع رجلاها وقبلت خده بـ رقة وقالت بنبرة هادئة: مبروك ما دبرتوا بوخويدم ..

انزلت جسدها قبل ان يمسك بكلتا ذراعيها بقوة لينة واجاب من بين نظراته السوداء المبطنة بـ شوق عارم مجنون: الله يبارج فيج وعقبال عيالنا ..

ابتسمت آمنة من طيب خاطر حتى انقشع نور غمازة ذقنها الفاتنة امام ناظريه وهتفت بـ نعومة: آمين ياربي ..


شعرت ان الهواء الثقيل ازداد ضغطاً على انفاسها ما ان احست بيداه تمسكان بها بقوة أكبر وتسحبانها الى صدره ..


تلعثمت وظهر ارتباكها الشديد امام حواس بطي المتيقظة "المشتعلة": آ آ آ بـ بطي بروح ارقد .. آنس جسميه متكسر وميهودة ..

اقترب منها حتى لامس انفه أنفها وتخالطت انفاسها الحارقة وسط الجو المتكهرب الحار ... ثم همس بنبرة خرجت كثقل الصخر وخشونة ملمسه: متوله عليج يالجاسية .. حسي فيه دخيلج ..


خفضت اهدابها التي غدت ثقيلة ولم تتحمل حملها أكثر واغمضت عيناها بـ خوف عارم .. خوف على مشاعرها الواقفة على حواف صخرة .. خوف على سيطرتها التي بدت تنفلت من براثين قلبها العاشق ..

خوف بأن الذي يفعله هذا البطي ليس سوى كلمات ليس لها قيمة في قاموسه غير انها وسيلة لاشباع رغباته الطبيعية ..


خائفة هي .. ليس وكأن الذي سمعته منذ ايام مر مرور الكرام على وجدانها وروحها ..!!
ليس وهي تدرك الآن تمام الادراك ان بطي على علاقة عاطفية مع غيرها ..!!
ليس وكأنها الآن تثق به كما كانت تثق به على الدوام في السابق ..

خائفة .. ومرتعبة من فكرة انها خالية اليدين من الحيلة والتصرف .. وجزعة لأنها لا تستطيع السيطرة على انوثتها في حضرة رجولته المُبهرة ..!!

تحبه .. لكنها مجروحة منه .. مجروحة وترغب بحرق يابس قلبه الخائن وأخضرار شبابه المتعالي ..!!


تنفست كل معاني التمسك والشجاعة وابعدت بيديها "المرتجفتين" صدره عن مدار جسدها "الذي تجزم بأنه سيخونها ان لم تحسم الامر" ..

ابتعد قليلاً وهو منزل الرأس ويتأمل كل تقاطيع وجه زوجته العذب .. ثم همس بعد ان حاول ان يسيطر على انفعاله المثقل بالتوق: ليش مبعدتنيه يا آمنة ..؟؟!
ليش ..؟!!
خبريني ..؟!!


ابتلعت آمنة غصة غدت كالحجر الصماء .. ثم هتفت بنبرة مقتضبة خلت من مشاعر الحياة: ما ابعدك بوخويدم .. بس تعبانه وابا ارقد .. من غبشه ونحن نشتغل في بيت ابوك ..
(غبشه = الفجر)

تحركت مبتعدةً عنه وهي تضع جانب شعرها وراء أذنها بارتجاف لم يسكن بتاتاً ..


تنهد بطي تنهيدة قوية اخرج معها كل ما يسري في تلابيب صدره من انفعالات غاضبة واستياء .. ثم التفت ليغير ثيابه وينام هو الآخر علّ النوم يمنعه من الانقضاض على تلك المجنونة ونيل عسلها كله رغم انفها المتكبر العنيد ..


بينما هو يشعر بتحركها المرتبك تحت اللحاف ... زفر زفرة غضب/شوق/هيام .. ولكنها زفرة ذكرته بأمر ما يجب عليه ان يخبره لهذه القاسية ..

استدار بكامل جسده الصلب واقترب من آمنة وهمس بـ هدوء: آمنة ... ابغي اقولج شي ..

التمعت عيناه عندما رآها تستدير بجسدها الرشيق له وتنظر إليه بعيناها العذبتين ..
همست بنبرة ناعمة/مرتبكة: آمرني بوخويدم ..

تنحنح بطي بخفوت ثم قال بخشونة خرجت مع هول شوقه الكبير لهذه التي تتمد بكل غنج فطري امامه: ما يامر عليج عدو فديتج ..
بغيت اقولج انيه بسافر سنغافورة عقب كم يوم ويمكن اتم هناك حول الشهر ولا شهر ونص ..


شهقت بـ صدمة لم تتمكن من كبحها مما جعل بطي يتصلب ويضع يده على ذراعها
باغتته آمنة بنبرة ارتجفت من الصدمة/الضيق/الارهاق العاطفي: شعنه .. شو عندك هناك ..!!!!

تلعثم بطي ما ان رآها بهذه الانفعال، فهو لم يتوقع سوى ردة فعل جليدية على غرار روحها التي تغيرت منذ عدة ايام بسبب يجهله .. لم يتوقع ان تنفعل وتستاء بهذا الشكل العلني: آ آ آمون حبيبي ساير اخلص معاملات الفرع الايديد هناك وهالشي يباله فترة يلين ما يخلص ..


تلعثمه الواضح زرع الشك في نفسها أكثر مما هو مزروع .. لم تكن تحتاج لعلامات أكثر لتدرك ان بطي "يكذب" وان سفرته تلك لم تكن سوى سفرة "لهو" .. أو ...
أو ..
او "شهر عسل" ..!!!!


اتسعت عيناها بـ وجع روحي متمكن واستدارت لتعطيه ظهرها بحدة .. وقالت بصوت مكتوم من بين دمعاتها المكبوتة/قوتها المتطايرة: تروح وترجع بالسلامة بوخويدم ..


تصلبت حواس بطي وهو يرى تبدل حال زوجته الغريب من النار الى الجليد .. فقد صبره بأن يتحمل مزاجيتها المتقلبة ..
فقد صبره بحق ..!!!!

تأفف بانفعال غاضب ثم استدار هو الآخر وأغمض عيناه ليجبر النوم على المجيء ..



.
.
.
.
.
.
.



دخلت الحمام بسرعة بعد ان حاولت كثيراً كتم ما فيها من ألم وصدمة من الذي مر امام ناظريها طيلة هذا المساء الطويل ..

تعلقت دموع الخوف والآسى على حال ما يجري لشقيقتها وحال والدتها التي تنتحب وتندب حظ ابنتها البائس .. ابنتها التي خرجت مثل المجنونة لمكان لا يعلمه أحد ..

استرجعت في ثانية ذلك الموقف في عقلها وتذكرت مشاعر الذهول والرعب عندما رأت زوج شقيقتها بحالة مرعبة اتسمت بالغضب الهستيري ...

كانت تلك المرة الأولى التي تراه وتسمعه بهذه الاشتعال .. هي حتى لم تسمعه من قبل يتحدث برنة يتخللها الحدة او الانفعال .. كان دائماً مثال التهذيب والاحترام بنظرها .....


كان في الحقيقة .. مثال الرجل الحنون والزوج المُحب .. وليت شقيقتها رأت الذي رأته هي قبل ان تُقلب حاله لأسوء حال يتصورها مرئ ..!!


غسلت وجهها الندي الأحمر بماء بارد ثم خرجت متمتمةً بداخلها ان يحفظ الله الجميع من كل سوء وشر .. ان يحفظ الله شقيقتها من جنونها الذي لا يخرج الا ومعه مصيبة مريعة ....



.
.
.
.
.
.
.



لوحتها التي اتسمت بمعاني العتمة والالوان السوداوية كانت تعكس بحق مزاجها السيء .. حاولت تنحية اي مشاعر تأثر على رسمتها .. ولكنه لم تستطع .. وضعت فرشاة الألوان على الطاولة الصغيرة وبدأت تتحرك حول غرفتها بشكل ليس له نهاية ..

توقفت قبل ان تتنهد رافعةً كل شعرها الطويل الفاحم للخلف .. وأخذت تذكر الله بـ خفوت علّ الضيق والحزن ينجليان بعد هذا ..

عرفت ان التحسر على ما جرى لن يفيد ..!!
وادركت الآن انها متزوجة وانتهى الأمر ..!!

رفعت جانب شفتيها بـ سخرية مريرة وهمست:
دارت الدنيا عليّه ورجعت لك يا سلطان .. رب العالمين كتب عليه اعيش منداسه تحت ريلك طول عمريه ..

زمت فمها بقسوة نمرودية خرجت مع كبرياء انوثتها المخدوش وتابعت: بس والله ثم والله .. ما بتحلم ادق شعرة من راسيه .. واتريه زين وشوف بنت خويدم شو بتسوي ..
(ادق = تلمس)



.
.
.
.
.
.
.



حمل جهازه المحمول ثم خرج من غرفته ونزل للطابق السفلي .. قرر بعد ان جافاه النوم ان ينزل ليتسلى بحاسوبه ويشاهد التلفاز .. كان يحاول ان لا يأخذ الامور بحجم أكبر من حجمها .. ولكنه لم يفلح ..

غاضب هو من ذاته ويعترف بهذا ..
يشعر انه اقحم نفسه بأمر لن يجلب له الا وجع الرأس ..!!

شعور داخلي انتابه ان الذي فعله خاطئ وليس من شيم الرجال .. ولكن شعور أكبر بداخله يقول له
"إنك يا فلاح مُهان .. ويجب استرداد قيمة الذي أُهين منك ..!!!"


لم يكن ابداً من الرجال الذين يهتمون بأدنى حرف يخرج من أفواه البشر .. حتى انه عُرِف بأنه أكثر الاشخاص عديمو المبالاة والاهتمام .. لهذا فقط لم يرَ الناس الا الجانب المتكبر من شخصيته ..

فلو انهم عرفوا ماهية تفكيره وشخصه المتسامح .. لنفوا عنه هذه الصفة بشكل قاطع ..

"حتى لو كان يمتلك في الحقيقة شرارات الغرور الطبيعية" ..!!


ولكن تلك الفتاة قد سلبت رأس التعقل في رأسه وحتى التسامح في قلبه ..!!

كيف لها ان تنعتنه بكل تلك النعوت "القاسية على رجولة اي الرجل" ويقعد ساكناً متجمداً ..!!!!


وضع جهازه بإهمال ينضح غضباً ما إن تذكر كلماتها القوية الوقحة ..

حسناً .. ليس وكأن وقاحتها تلك تنم عن غبائها ..!!
فهي لن تقبل به اذ لم ترغب بهذا ..!!

ومن طريقة كلامها يستطيع ان يستنتج مدى حديدية الطباع التي تمتلكها ..!!!


حك جانب حاجبه الايمن بخفة وأخذ يفكر بـ ردها الذي تأخر ..

ومن جانب آخر .. أخذ يفكر بحيلة تمكنه من النيل بها بشكل غير قابل للنقاش ..!!!

فإذا كان ردها هو الرفض "وهذا ما يتوقعه بنسبة 99.9%" .. فإنه سيضطر لفعل المستحيل لإنزال أنفها لأسفل التراب ..!!


فـ هــو فــلاح قبــل ان تكــون هــي حصـــــة ..!!



: فــلاح ..


رفع فلاح عيناه للذي يناديه بصوت خافت ثم اجاب بحزم دافئ: مرحبا بالعضيد .. قرب قرب ..

اقترب منه شقيقه نهيان بـ بنطاله الرمادي وتي شيرته الأبيض القطني وقال وعيناه تبتسم: ها الحبيب اشوفك سهران .. رب ما شر .. احيد هل السلك العسكري ما يقهرون السهر حتى في الويكند ..
(ما يقهرون = لا يحتملون)


ابتسمت عينا فلاح بالمقابل بسخرية وقال: جيه كل هل السلك العسكري دياي في نظرك ..!! ما يانيه رقاد وقلت في خاطريه انزل تحت احسن ..
انت وين كنت ..؟!!

جلس نهيان بقربه وقال بصوت خشن لم يتعمده: ماشي والله كنت اتريض شويه في النادي ..

رفع فلاح كلتا حاجبيه بذهول: حد يتريض تالي الليل ..؟!!

اعاد الابتسامة الى عيناه وأجاب ويهز رأسه: هيه انا ..


رمقه فلاح بنصف عين/تفحص .. ثم قال بنبرة هادئة: شو سالفتك ياخي .. علومك غريبة ..!!

رفع نهيان حاجبيه ببراءة متسائلاً: جيه بسم الله ..!! حرام الواحد يتريض في الليل ..؟!

هز فلاح كتفيه باستغراب وهتف: هب سالفة تريض في الليل .. لكن انت من زمان وحالتك هب طبيعية ..
تروم تخبرني شعنه جذبت وقلت للكل انك في سيشل وانت اصلا في اسبانيا ..؟!!
غير روحاتك الدايمة لأوروبا ..؟!!

وقف نهيان ليُخرج من جيبه سيجارة ثم قال بعد ان هز كتفيه بـ هدوء ثم قال: لانيه لو قلت حق يدك انيه في اسبانيا بيحلف عليه ما طيحها .. نسيت انه متعقد منها لان اخوه نايع اغتالوه هناك ..؟!



تذكر فلاح عمه رحمه الله برحمته الواسعة وقصة اغتياله .. فـ عمه نايع ذهب في احدى السنوات كممثل رسمي للدولة لإحدى المنتديات الثقافية العالمية في اسبانيا .. وهناك استهدفت جماعة ارهابية الموكب الرسمي ظانين ان رئيس الحكومة الاسبانية كان من ضمن الوفود في الموكب .. وللأسف نايع شقيق جدهم نهيان كان من تلقى الرصاصات بدل من المستهدف الحقيقي ..


عقد فلاح حاجبيه بعدم اقتناع وقال: خل نظهر الحوي .. ابويه لو شافك ادوخ هنيه بيحرج ..

هز نهيان رأسه وكأنه تذكر مسأله تدخينه ..... خرج الاثنان للخارج وجلسا في الجلسة العربية المركونة امام الباب الداخلي الكبير ..

أردف فلاح بأن قال بـ ذات نظرته المتفحصة المتوجسة: انزين سالفة عميه نايع استوالها دهر ما ظنتي يديه كان بيمانع تسير هناك ...

نفث نهيان دخان سيجارته بعمق وقال من بين لمعان عيناه السوداوان: بعده يديه محترق فواده من اللي صار وانا ما بغيت اضايجه واتعبه ..

واضاف بنظرة ساخرة مرحة: ولو على سفراتي لاوروبا .. فـ هذا شي طبيعي ياخي .. عزابي انا وما ورايه لا حرمة ولا بيت .. حشى يابوكم حاسدين الفقير على موتة اليمعة ..

ثم دفع كتف شقيقه بخفة قبل ان يضيف من تحت رموشه الماكرة: هب شراتك يا المستصيب ههههههههههههه

انتفض فلاح بـ انفعال وهدر: اشوووه مستصيب هاي بعد ..!!!

رص نهيان عيناه راغباً بإغاضته وقال: مستصيب وظاويين راسك اليابس بعد ..

عقد فلاح حاجباه وأردف بذات انفعاله: يهبون والله يظوون راسيه .. ثرك ما تعرفني يا ولد ابويه ..

ضحك نهيان ضحكة لم يستطع كبحها وهو الذي نادراً ما يرى فلاح منفلت الاعصاب غاضب .. واجاب بخبث باسم:
عيل شو تسمي خطبتك عند هل العين وبالاسم بعد ..!!

تنهد فلاح تنهيدة اخرج كل ما يعتمل صدره من انفعال وقال بـ نبرة هادئة قاطعة كي يتمكن من تغيير مجرى الموضوع:
ربك بعد ... مقسم الارزاق معطي النصيب ..

أضاف بنبرة سريعة حازمة: ما علينا .. انا جيمت بسير ارقد ..
(جيمت = شعرت بالنعاس)
بتم هنيه انت ..؟!


هز نهيان رأسه بـ "نعم" نافثاً دخاناً مرة أخرى ... ثم قال بـ نبرة خشنة ساكنة كسكون الليل المظلم تخللها خبث ساخر: تصبح على خير راعي العين ...


صرخ صرخة خافتة تخللها ضحك رجولي رنان ما إن احس بضربة أعلى ظهره ... ثم قال بوجهٍ تجعد من الألم: آخخخخ كسرت يامعتيه يالدب ..
(يامعتيه اي اليامعه، واليامعه هي منطقة أعلى الظهر)



.
.
.
.
.
.
.



ليس الغريب ان ينجذب لفتاة رآها صدفةً وسمع حكاويها الناعمة القصيرة .. بل الغريب انه للآن لا تفارق هذه الفتاة مخيلته ولا انجلى طيفها عن باله ..

يشعر بأنه غريب على ذاته ..
ما باله أصبح بهذه الصبيانية ..!!!
لمَ يشعر انه عاد عشرون سنة الى الوراء ...!!!

لمَ يشعر ان "تلك" ماهي الا المرأة التي لطالما آمن انها ستأتي لتكمله ..!!!
انها المرأة التي ستأتي وتكمل نصف روحه في هذه الدنيا بأن يغدق عليها الحنان الناضح في جوفه ..!!

فهو من اول نظرة لـ عيناها .. ايقن انها تجوع احتياجاً .. وتتعطش الحنان الميت بداخل روحها الصغيرة ..
من اول نظرة شعر بأنها المرأة التي ستأتي لتضفي بأناملها العذبة اللون والطعم والرائحة العبقة لحياته القاحلة ..

حيــاته القــاحلة أجـــل ..!!!

حتى انه وليصدق القول .. لن يقول ابداً ان حياته مع طليقته وام اطفاله كانت بروعة الجنة وجمال خضرتها ..
ابداً ...!!!

كانت كالجحيم المستعر ..
طلقها بعد ان غرست كل عقد الدنيا في روحه ..

أولاً بجشعها .. ثانيا بجشعها .. وثالثاً أيضا بجشعها ..!!!

كانت امرأة متطلبة حد المرض .. وليس هذا وكأنه بخل معها في يوم ..!!

ولكنها متطلبة وجشعة حد انها كانت كل اسبوعين تشتري حقيبة تصل قيمتها لـ 15 ألف ريال واكثر ..

غير طلباتها الكثيرة في المناسبات التي كانت شبه يومية وفي الاعياد ..
يكاد يقسم ان الفستان الذي تلبسه لم تكرر لبسه مرة أخرى .. وهذا ينطبق على الأحذية "اعزكم الله" ..

وهو بالرغم من كرمه واغداقه بالمال والمجوهرات عليها .. كانت على الدوام مكفهرة الوجه ونزقة الطباع ..
لم تكن حتى تشكره او ترمقه بنظرات طيبة ممتنة ..

كانت بحق غريبة الأطوار وجشعة .. وهو لم يتحمل هذا بتاتاً .. !!
فهو رجل .. حتى انه رجل صبور وصبر عليها كثيراً ..

وكثيراً ما جلس معها وحاول التفاهم بالنصيحة والكلمة الطيبة .. ولكنها كانت تنهي النقاش بغضب وامتعاض .. وتذكره دائماً انه زوجها ومرغم ان يصرف عليها ويوفر لها الحياة الكريمة ..

كانت تنهي النقاشات بهذه المبررات .. بمبررات مادية .. وتنسى المحور الرئيسي للنقاش .. الا وهو ..
"ان عائلتها لها حقوق عليها ولا تأخذها منها .. حقوقاً كزوجة وأم" ..!!

لهذا فقط تعب .. وفقد الأمل بأن تصطلح .. وطلقها بعد سنين في المحاكم ..

وكان بحق طلاقاً مربحاً لها ..!!!!
مربحاً لدرجة ان جشعها قد زاد سمناً ويطالب الآن بالمزيد ..

يبدو ان تلك المرأة لن ترتاح حتى تنفجر معدتها الممتلئة بالمال ..!!



زفر بقوة محاولاً ان يزيل ما يعتمل روحه من انفعال .. فهو رجل كبير وطبيب له مكانته المرموقة .. ويجب ان لا ينسى هذا ..!!

يجــب ان لا ينســى انــه الدكتــور ناصــر ..!!
ويجب ان لا ينسى أيضاً ان بعد غد سيعود لبلاده قطر ..
وان القصة الجميلة القصيرة ستنتهي عند هذا الحد وكفى ..!!!


أجــل ..!!
عند هذا الحد ستتوقف يا رجل عن التفكير بتلك الصغيرة ....
فـ انت تحمل على عاتقك ما يكفي من مسؤوليات ومشاكل لا تنتهي ..
وآخر شيئاً ترغب به هو الالتزام بدقات قلب لن تنتهي موجاتها بسهولة ..!!!!



.
.
.
.
.
.
.



كان في السيارة يمشي في الشوارع القريبة من منزل عمه .. لم يبتعد عن هذا النطاق لأنه يظن ان ابنة عمه لن تقدر على الابتعاد وهي التي عُرفت بخوفها الشديد من الظلمة والاماكن المعتمة ..

أخذ يتذمر بينه وبين نفسه على تصرفات تلك المرأة غير المسؤولة والتي لا تنتهي ..
يبدو ان حتى الزواج لم يعقلها ..!!!


تأفف بشدة قبل ان يسمع رنين رسالة قادمة من رقم مجهول .. فتح الرسالة وقرأ مافيها ببطئ ..

ابتلع ريقه القاحل نتيجة صدمته الصاعقة بما يقرأه ..

أعاد قراءة الرسالة بعينان قاسيتان:
"الظاهر انت ماتوب يا ولد ظاعن .. المفروض تفهم وتعرف ان بنت خويدم ما ردتك من سنين الا لأنها تبا تتستر على سواياها .. انصحك نصيحة لويه الله .. لا اطيح في الغلطة مرتين .. ترى بضاعتك خربانه"


اتسعت عيناه السوداوان بـ صاعقة صدمته جعلت دقة من دقات قلبه تهرب وسط مسار منفعل غريب .. اعاد قراءة الرسالة مرة ثالثة بعقل مشوش وعينان تغيما بالحيرة الفظيعة ..


رفع عيناه للشارع بينما ترددت كلماته الرسالة في عقله الذي يحاول بشدة فهم جمر معانيه المبطنة ..


هز رأسه محاولاً تنحية كل امر يلهيه عن بحثه بإبنة عمه التي خرجت في هذا الليل لمكان لا يعلم غير الله ..


زفر بقوة انفاسه الثقيلة ثم أكمل بحثه حتى مرت عشرة دقائق ..



انزل عيناه لهاتفه عندما خرج الاسم الذي اعتلى شاشته بشكل مباغت .. اجاب بصرامة جليدية: هلا راشد .. عرفتلي وين الموتر ولا بعدك ..؟!!

هتف راشد بنبرة منفعلة آتية من بعيد وضوضاء الشارع وصخب السيارات والناس العالي الشديد يحجبان صوته ليصل مسامع سلطان بوضوح:
سيدي لقيت الموتر ..

وتلعثم بـ توتر حقيقي: بـ بـ بسسس ماعرف شو اقولك .. انت وينك الحين سيدي ..؟!!


خفض سلطان من سرعته ما إن لمح السيارات امامه تخفض سرعتها وازدحام مروري مفاجئ حل في الجسر الذي يقف عليه: شو مستوي يا راشد ..!!! ...... انا الحينه على جسر مصفح ..

ابتلع راشد ريقه ثم قال بـ ذات توتره: سيدي انت جريب مني .. الموتر اللي عطيتني رقمه انجلب ولو ما لحقوا عليه يمكن المكينة تنفجر ..

صرخ سلطان بـ صدمة وهو يحاول الخروج من الازدحام عن طريق أخذ خط السير الخاص بالطوارئ: اشووووه ...؟!!!!
انت متأكد رااااشد ..!!! لا يكون مخربط ..!!!!

راشد بانفعال حقيقي: لا سيدي مب مخربط .. هو الموتر بعينه .. انا قاعد احاول الحينه اظهر من بين المواتر لانيه ماخذ خط اليسار والموتر المنجلب على خط اليمين ..
ابا اوصل لراعيه يمكن اروم اظهره قبل لا يحترق ..

زمجر سلطان بنبرة مسيطرة مباشرة سريعة: لا لا خلك .. انا على الخط اليمين واجرب للموتر .. اتصل انت بسرعة بالشرطة والاسعاف ..


اقفل هاتفه داعياً بقرارة نفسه ان يحفظ الله ابنة عمه من كل سوء .. فقط من أجل زوجها واطفالها وعائلتها ..


واجه صعوبة في الوصول للسيارة وسط الازدحام .. خاصةً وان اليوم الجمعة .. وأغلب الناس في الخارج ليلاً ...


اخرجت سيارته الفارهة هديراً عالياً ما ان توقف بقوة قرب سيارة ابنة عمه المنقلبة ..... وسرعان ما خرج وهو يزاحم الرجال المتجمهرين امام السيارة ليصل إليها قبل ان يفوت الأوان ...


تصلب كامل جسده الطويل ما إن رآى الدم القاني المنبثق من تحت السيارة التي تجعدت كما يتجعد الورق بين يدي الطفل جراء الانقلاب القوي .. ومن غير احساس بدأ يهدر بصوت عال جزع: اعوذ بالله .. اعوذ بالله .. لا حول ولا قوة الا بالله ..


سمع أحدهم وهو يقول بانفعال: حد يتصل بالاسعاف يا جماعة الخييييييير ..

سمع آخر يهتف بـ جزع: لا اله الا الله .. مستحيل اللي داخل يكون حي مستحيييييل ..



لم يكن يشعر بما حوله .. فـ عقله الحالي متيبس كما تيبس اغصان الغاف .. يحاول التفكير بطريقة يخرج المرأة من انقاض السيارة قبل ان تنفجر ..

فالذي قاله راشد صحيح .. فهو بعد ان شم رائحة البترول وشعر بحرارة السيارة الشديدة .. استنتج على الفور ان السيارة ستنفجر في اي وقت قريب ..



سمع صوت رجل يُبعِد الناس بصرامة ويحثهم على المضي وراء اشغالهم .. فالمكوث هنا لن يجدي نفعاً ولن يجلب الا مزيداً من التوتر والازدحام المروري ..



استدار بعد ان عرف صاحب الصوت ثم هتف بذات هديره المنفعل القاسي: راشد تعال عاوني ..


أتاه راشد بسرعة مشمراً عن ساعديه بينما نزع سلطان عقاله قبل ان يمسك غترته ويلفها بقوة على يديه كي يجنّب نفسه حرارة معدن السيارة العالية ويتمكن من رفع الحديدة التي كانت جزءاً من النافذة المحطمة ..



.
.
.
.
.
.
.



كانت تبكي بحرقة .. وكأن قلبها على يقين ان ابنتها في سوء عظيم .. تشعر ان الكون كله قد شفط الهواء من صدرها ..

لم تستطع تمالك الشعور المميت الذي يتملكها .. سقطت بين يدي ابنتها التي صرخت بـ صدمة ووجع: امااااااااااااايه .. امااااااااااايه بلاااااااااج ..


أخذت تبكي هي الأخرى بـ جزع أليم .. تشعر هي ايضاً ان هناك سوء قد احل بـ شقيقتها ولكنها آثرت الصمت كي لا تُزيد حالة والدتها سوءاً .. يكفي ان والدها قد خرج من المنزل ولم يعد للآن ..


مسحت دموعها المتساقطة بيدين مرتجفتين ثم هرعت الى غرفة والديها كي تجلب عطر ذو رائحة نفاثة ..

وبعد محاولات عديدة من اشتمام العطر وبعد ان مسحت حنان وجهها بالماء البارد .. فتحت عيناها بوجه شديد الاصفرار وانين يقطع اوتار القلب يخرج من حنجرتها مرددةً اسم ابنتها بـ نبرة ميتة مختنقة ..


استطاعت حنان ابتلاع ريقها الجاف بصعوبة ثم مسدت كتف والدتها وهي تطمئنها بصوت حاني مرتجف: امايه علنيه افداج .. بإذن الله عوشة ما عليها شر .. بترد الحينه وين ثرها بتسير ..!!!
انتي هدي وريحي شويه .. ما عليها شر ان شاء الله .. ما عليها شررر ...


اخذت تردد كلمة "ماعليها شر" محاولةً ان تصدق ما يتفوه به لسانها .. وبدأت تدعو بـ قلب صادق لا حول له ولا قوة:
اللهم احفظها بحفظك الذي لا يرام واحرسها بعينك التي لا تنام .. اللهم من أراد بها سوء فرد كيده في نحره .. اللهم اشغله بنفسه .. اللهم اشغله بنفسه .. اللهم اشغله بنفسه ..



.
.
.
.
.
.
.



اوقف سيارته بقوة ما ان اصبح امام باب المنزل في العين، ثم أغمض عيناه الجمرية من أثر الغضب الفتاك متمتماً باقسى انواع اللعنات والشتائم .. وأخذ يتذكر بأسنان متراصة وفك مرتجف ما سمعه .. ويا ليته لم يسمع ..
يا ليته لم يسمع ويعرف حقيقة تلك الأفعى التي سميت في يوم بـ "زوجته" ..



.
.



قبل سويعات قليلة



دخل من باب المنزل الحديدي الكبير متوجهاً لمجلس الرجال الخارجي .. لم يكن يعرف بأن احداً في الباحة حتى سمع زمجرة أنثى غاضبة آتية من مكان موقف السيارات ..


عقد حاجباه بتساؤل واقترب لاارادياً من مصدر الصوت .. وهو لم يكن ليقترب لولا انه ميّز بقوة صوت زوجته عوشة ..


توقف بشكل مباغت بينما هي أخذت تهدر بغضب باكي هستيري في هاتفها .. كانت تجلس نصف جلسة في سيارتها بينما ظلت ساقها اليسرى في الخارج .. استطاع سماع صوتها الغاضب بوضوح لأن باب السيارة مفتوح ..

: ريموووه انتي شو تقولين ياااخي شو تقولييين .. انتي ما تعرفييين شي ..


بكت بشكل متقطع مجنون من بين كلماتها الهستيرية وأكملت: طول عمريه احاااول ابعده عنه هاذيج الـ.... .. طول عمريه وانا اقول سلطااان لي .. سلطااان حبيبي انا .. سلطاان ما بيكون لغيريه انااااا ..


ضربت بقبضة يدها بقوة فخذها ... وأكملت بصراخ لم تتمالكه: القااسي ما خاف الله في قلبيه .. يوم رمت ابعده عن شموه الياهل من سنين وخليتها تهينه وسط ميالسهم اختفى موليه وسافر وما فكر في يوم في الحيواااانه اللي ترقب نظرة من عينه .. ما فكر فيه وانا الي اعشق ترابه وماطاااااه ..
مافكر فيه ريموووه ابد .. كل قلبه وروحه عند هاييج الـ ....
اكرهها ريمووووه اكرههاااااااا ..

واكره اخوها الـ .... مادانيه ولا اداني طاريييييييه .. انا ماعرف كيف في يوم تخبلت ورضيت آخذذذذذه ..


أخذت تشهق ببكاء مرتجف بينما كانت صديقتها تهدأ انفعالها المفتقر للعقل بكلمات قصيرة ..

: تسأليني ليش خذذذته ..؟!! جيه انا كان عنديه حل غير انيه اعرس وافتك من حشرة امااااايه ..!!!
هذاك الززفت سافر يوم صارت السالفة ولا طاح الدار الا عقب كم سنة .. كنتي تبينيه اترياه يلين ما يرد حضرته وعقب اترياه مرة ثانية لين ما يفكر الشيخ يرحم حااااليه وياخذنيه ..!!!!
ما كان فإيديه حيلة .. لو كان عنديه أمل واحد بالميه انه يفكر فيه كـ حرمة وحبيبة والله ما خذت احمدوه ولا فكرت اودر بوظبي واسير العين ..


وأردفت بذات صراخها المجنون: ولا كنت بفكرررر اييب عيال منه .. زيووود وسعووود غلطة والحمدلله رمت اعق اللي عقبهم قبل لحددد يعررررف ..



استمرت بالحديث مع صديقتها واخراج كل اعاصيرها الداخلية غير مدركة بالشخص الذي سمع كل حرف خرج من فاهها ..

لم تدرك حتى شعرت بقبضة يد عنيفة تمسك بشعرها من فوق حجابها وتجرها لخارج السيارة بقسوة نمرودية صرفة ..



.
.



انزل رأسه شاعراً برغبة شديدة بالتقيؤ ...... ثم رفع بحدة ذقنه وهو يأخذ نفساً كبيراً لم يزده الا اختناقاً/لوعةً .....

وبنظرة تحولت للضباب التام .... ضرب بكل قوة اعتمل روحه المنصهرة مقود السيارة وزمجر بنبرة مجروحة مثقلة بالوجع الصادم بحرقة القلب:
لييييييييييييييش .. ليييييييييييييش تسووين فيه جييييه ليييييييييييييش ..!!!!!
حبييتج من كل قلبيه .. والله حبيييييييتج وووووالله .. ليش جيييييه سويتي لييييييييييييش ..!!!



.
.
.
.
.
.
.



وصلت طرقات قلبه لأعلى قمة في دماغه .... عيناه الصقرية تحولتا لشيء يصعب تفسير ماهيته وهو يرى امامه جسد ابنة عمه الذي استطاع اخراجه من تحت السيارة ... ولكن "متحطماً" ..


جالت نظراته على الزبد الخارج من فمها بينما انفاسها الثقيلة المتقطعة تخرج بصعوبة عبر أنفها .. عيناها اللتان كانتا كـ ماستان تتألقان قوةً وحياةً غدتا كزرقة البحر الميت .. وجهها الفاتن أصبح مرادفاً للون هذا الليل المشؤوم ..


امسك جبهته بقوة وتمتم بـ صوت ثقيل أثقله عظمة هذا المشهد المؤلم: لا إله الا الله .. لا إله الا الله ..


وبحركة سريعة متيقظة خرجت مع تجربة سنين طويلة في مجال الأمن وفي مجال لعبة الموت والحياة .... جثى على ركبتيه وقرب فمه من أذنيها وبدأ يلقنها الشهادتين .. فهو ليس بـ جاهل كي لا يدرك انها الآن "تحتضر":
عوووشة عوووشة .. قولي ورايه .. اشهد ان لا إله الا الله واشهد ان محمد رسول الله ..
تشهدي عووشة تشهدي ..
قولي اشهد ان لااااااا إله الا الله واشهد ان محمد رسول الله .. عليها احيى وعليها امووووت ..


شهقت عوشة بقوة من بين زبد فمها ورمقت بعينان ثقيلتان غائمتان وجه سلطان القريب .. لسانها الثقيل انبأه انها ترغب بالتفوه بأمر يجول في خاطرها .. لم يدعها تتفوه بشيء غير الشهادة ..
فهي الآن بين يدي الله عز وجل ..

وبصوت جبار قاسي ثابت أخذ يكرر تلقينها: يا ام زااااااايد تشهدي .. قولي اشهد ان لاااا إله الا الله واشهد ان محمد رسووول الله ..


لمح لسانها الغارق بالدماء يتحرك .. اقترب منها أكثر حتى يسمع ما تريد قوله ..


عوشة بلسان ثقيل/ميت/خالٍ من الاحساس: سـ سـ سـ سلطـ طـ طـ طـاان ن .. أ أ أ حبـ بـ بـ ك ك ..
أ أ أ حبـ بـ بـك ك ... سـ سـ سـ سلطـ طـاان ن .. أ أ أ حبـ بـ بـ ك ك ..
أنـ نـ ت ..... لـ لـ للي .. أنـ نت ..... لـ للي ...... سـ سـ سلطـ طاانن ..


ارتجفت يداه القويتين ومعه فكه من هول الموقف .. صدمة كاسحة تلك التي تلقاها ما إن سمعها تتفوه باسمه بدل ان تذكر الله في هذه اللحظة المهيبة ..


هدر بانفعال أعتى وأشد صرامةً وهو يكرر تلقينها الشهادتين: اذكري الله يا عووووووشة .. قولي وراااايه ..... اشهد ان لا إله الا الله واشهد ان محمد رسول الله .. اشهد ان لا إله الا الله واشهد ان محمد رسول الله عليها احيى وعليها امووووت ..
تشهدي يا بنت الناااااااااس انتي بين ايد رب العالمييييين ..


شهقت شهقة قوية وصدرها يعلو ويهبط بجنون وكررت بلسان ثقيل كالصخر: أ أ أ أنـ انت لـ لـ للي .....
سـ سـ سـ سلطاااانن ...... لـ لـ لـ للي ..
لـ لـ للي ..



وفجأة ..... شخصت عيناها الحادتان حتى كادتا تخرجان من محجريهما .... وتغرغرت تغريرة ليس لها حيلة ...
ثم شهقت شهقةً أخيرة انتفض معها كامل جسدها المُحطّم ..

وخارت كل قواها واعضاءها ..
وسكنت تماماً ..!!!!



.
.
.
.
.
.
.



قبل بزوغ شمس الصباح بدقائق



بعد مرور ساعتين تقريباً على مرورهم منفذ البطحاء في السعودية .... توقفت السيارة في إحدى المحطات لتعبئة الوقود وقضاء حاجياتهم من زاد وشراب وحمام "اعزكم الله" ..
كانوا قد قرروا مسبقاً ان يتبادلوا القيادة ما إن يشعر أحدهم بالتعب .. حتى سيف ذاته اصر اصراراً شديداً ان يقود بعد ان ينتهوا من المحطة بدلاً من صديقه محمد "أبا شامس" ..


دخل الجميع سياراتهم .. سيف ومحمد في سيارة محمد .. بينما باقي الاصدقاء في سيارة أخرى ..

طلب من صديقه الدخول للسيارة حتى يجيب على هاتفه الذي رن ..



وبعد مرور بضع دقائق ..



استند سيف على السيارة مغمغماً بـ صدمة شديدة: لا حول ولا قوة الا بالله .. إنا لله وإنا إليه راجعون ..


لمح صديقه وجه سيف الذي انقلب بشكل مريب .. نزل من سيارته ليسأله عما يحصل معه ..


هز رأس سيف رأسه وقال بنبرة خشنة حزينة: إنا لله وإنا إليه راجعون .. هذا اخويه بطي متصل .. يقول حرمة عميه أحمد توفت البارحه في حادث ..

محمد بنبرة عالية قوية: إنا لله وإنا إليه راجعووون .. شقاااااااااايل ..؟!!

هز سيف كتفيه بعدم معرفة: ماااعرف .. يقول انجلب موترها على جسر مصفح ..

هز صديقه رأسه هاتفاً بتأثر حقيقي: لا حول ولا قوة الا بالله .. الله يرحمها ويجعل مثواها الجنة ..

تنهد سيف بضيق خانق ورد: اللهم آمين ..


أردف ما ان شعر ان اصدقائهم قد انتظروهم كثيراً .. قرر ان يعلمهم بالخبر وان يرجعوا في الحال للإمارات ..



وبعد مرور دقائق أخرى ..



كان هو يقود سيارة صديقه محمد بدل عنه .. ومن خلفه اصدقائهم في السيارة الأخرى والذي تخطاهم نحو 15 كيلومتر..

حالته النفسية قد زادت سوءاً عندما تلقى الخبر ..


يالله .. كيف حدث هذا ..؟!!
لا حول ولا قوة الا بالله ..

فليكن الله في عونك يا عمي .. فليكن الله في عونك ويرزقك الصبر والسلوان ..



استدار الى صديقه ورآى بأنه قد غفا .. خفض من صوت الراديو كي يتسنى للمسكين النوم براحة وهدوء واستمر هو بالقيادة بصمت تام ..


لم يكن مدركاً انه يقود بسرعة تعدت الـ 220 .. وانه يضع على دواسة البترول كل مشاعره السلبية وضيقه المتزايد منذ ايام في روحه ..

لم يكن مدركاً لشيء ابداً حتى خرجت فجأة امام ناظريه شاحنة كبيرة آتيةً باتجاهه ..

ولم يستوعب انه يقود في شارع ذو اتجاهين متعاكسين الا بعد فوات الأوان ..








نهـــاية الجــــزء التــــــاسع عشــــــــر


sira sira likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-06-16, 07:24 AM   #24

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)






الجــــزء العشــــرون



،



ماذا أقول لو جاءت تسألني

أمازلتُ أحبها أم حُبها مات

ماذا أقول وكل الذي في داخلي

من أجلها أصبح شتات


********

أكتب لكِ وأناملي ترتجف

فهل تسمعيني وتلتزمي الإنصات ..!!

كُنتِ كَالربيع في قلبي بل

كـ ليلة عيد تكثرُ فيها البسمات

كم عزفتُ بقيثارة حُبي لكِ

حتى توقفت الحروف والأبجديات

كم حلقتُ بكِ في سماء الحُبّ

وداعب شعركِ الهواء والنسمات

******

عن ماذا أكتب يا مولاتي

ولأجلك تصمت الكلمات

هل تذكري كم كنت رسام ماهر

أرسم لكِ الحُبّ على سطح البحيرات

وأنتِ ماذا قدمتي لي سوى الجروح

كم ناديت ولا أحد يسمع صدى الأصوات

احترت ماذا أقول لكِ وأنتِ

من أهداني تذكرة إلى عالم الأموات ..!!



لـ بشير الشمري



،



الوقت يمضي .. والايام تمر .. وللحظاتنا في هذا الزمن نهاية ..
ليس بيدنا حيلة ان نوقف xxxxب الساعة .. ولا ان نأخرها او نسرع خطاها ..


هكذا في الحياة ..
هكذا هي حياتهم "هم" ..


فـ بعد مرور ثلاثة أشهر .. تغيرت حياوات .. تغيرت قناعات .. وتغيرت افكار ومعتقدات ..
وحتى "أنفــــــس" ..!!!



.
.



منطقة سويحان – أبوظبي
عند منتصف ظهيرة يوم الخميس ..



ألبس الصغير المتشوق المنقلة وقال له بحزم دافئ: يلا يا وحش .. راوني كيف بتبرقع الكوس وتشله ..
(المنقلة = هي أداة وقائية لحماية الذراع عند حمل الطير ونقله) (بتبرقع = تغطي عينه)


إلتمعت عينا سلطان "الصغير" بنظرة صقرية تبرق ثقةً وقال مغلظاً صوته كالرجال: افا عليك بومييد شوف شوف ..


تمكن بقلب شجاع من السيطرة على خوفه من منقار الصقر وإلباسه البرقع .. ثم حمله ..

صاح بحماس مسرور: هييييه هيييهه .. يلا بشله وبوديه عند ابويه .. انت قلتليه لو برقعته وشليته روحي بتخليني اوديه الميلس ..


ضحك سلطان الكبير بخفة .. ثم قال بـ ود صافي كـ صفاء طيره "الحر الأبيض": فالك طيب السمي بس شد ذراعك ثجيل عليك ..

صلب سلطان الصغير قامته الصغيرة الضعيفة وركّز قوته بأكملها على ذراعه الأيمن ثم ابتسم ابتسامة واسعة ما ان وضع عمه سلطان طيره "الكوس" عليها ..


وخرجا الأثنان من الملحق المخصص لمقيض الطيور .. ودلفا المجلس الداخلي في المنزل الضخم المبني في زاوية المزرعة ..


كان قد قرر سلطان مسبقاً دعوة الرجال والاصدقاء لمزرعته كي يتنسى لهم قضاء وقت ممتع بعيداً عن مشاغل الدنيا المزدحمة وضوضائية المدن المتخمة بالهواء الفاسد ..


وصل الابن عند ابيه وهو يهتف بـ سعادة عارمة: ابويه برقعت الكوس وشلييته شوووووف ..


عقد بطي حاجبيه بـ غضب طفيف وقال: بومييد شعنه معطي الولد ويه .. الكوس عده يقرنس .. مايستوي اظهرونه خاري .. عن يمرض ولا يستويبه شي ..
(يقرنس = اي يستبدل ريشه الحالي بريش جديد)


لانت عينا سلطان الكبير بـ دفئ: ماعليك بوخويدم .. الكوس ما شاء الله عليه عوده قوي يقهر الحر والعلل ..

هتف ذياب الذي كان يلعب "الكيرم" مع زوج عمته مصبح، وابن عمته ظاعن، وشقيقه حمدان:
اويليه على اليمره يا عرب .. من متى اعديبها المزيونه ..
(من متى اعديبها أي منذ زمن لم ارها ولم اعرف اخبارها)


هتف سلطان بسخرية: هاذيه هناك ويا خوياتها سِر اطالع علومها

ذياب: بسير بسير بس خل اخلص هالدور ..

ثم اردف بتهكم موجهاً حديثه لـ ظاعن: ولد العمه شعنه انت جيه طماع .. صرطت الخمسين مرة وحده ..!!
(صرطت = بلعت) (الخمسين اي القطعة الحمراء في لعبة الكيرم)


ضحك مصبح بـ استمتاع: خلاص واضحه .. ظاعن الفايز ..

حمدان بـ فم مزموم: شو ها غش ..

ظاعن بـ ضحكة ساخرة: هههههههههههه كل من فاااز قلتوا عنه غشاااش .. اقول بس إلقطوا ويوووهكم ..

ضرب مصبح رقبة ابنه من الخلف بـ غضب مصطنع: يا مسود الويه .. ثرني هب مازر عينك يا ظويعن .. انا إلقط ويهي ..!!


تأوه ظاعن بقهقهة متوجعة ثم اقترب من ابيه وقبّل كتفه معتذراً بوجه عابس ضحوك: اسمحليه طويل العمر غلطة مطبعية ..

إلتفت مصبح لـ سلطان الصغير الذي يحمل الطير بسعادة .. وقال بنظرة دافئة لـ سلطان الكبير: ها بومييد .. شعلوم مقناص السنة ..؟!

مسد سلطان الكبير بنعومة على ريش طيره وقال بـ فخر: علوم الخير علنيه افداك .. هالسنة لو الله قال وكتب .. مقناصنا في ليبيا ..

ثم اردف موجهاً حديثه لـ بطي ببسمة خفيفة: خل دغاش على الستاند باي يا بوخويدم ..

رفع بطي حاجب واحد بـ اعتداد واثق: طويل العمر دغاش هالسنة متحولف بالغنايم يميعها من احباره وقطا وظبي ..

هتف حمد الذي كان وراء التلفاز يحاول شبك الاسلاك في بعضها كي يشغل لعبة البلايستيشن: كفو عليه دغاش .. اسميه طيرن طيب وما فيه حيله ..

اخرج رأسه من وراء التلفاز ليقول بخبث باسم: على كم تسومه يا بوخويدم ..؟!

ارتشف بطي قليلاً من فنجان قهوته قبل ان يقول من بين ابتسامته الرجولية: والله ينه طيوريه كلها تفداك وواصله بلا شي يا غير دغاش بالذات ما اساوم عليه ولا ابيع .. اسمحليه ..

حمد بـ تفكه مرح: افاااا يا بوخويدم .. يلا ماعليه كنا نبغي ريل حق الشما لكن ماشي نصيب ..
(شما هي شيهانة حمد "انثى الصقر")


ضحك الرجال بينما ابتسم سلطان ابتسامة سرت بـ باطنها مشاعر كاللهيب ..



شمــــا ..!!!



ما زال للآن وبعد مرور ثلاثة أشهر .. وبالرغم من قرب ليلة زفافهم الذي سيحين بعد عشرة أيام .. لم يتمكن من التأقلم مع حقيقة ان تلك الانثى قد أصبحت زوجته ..!!
وانها حلاله بشكل خالص لا يقبل النقاس بعد عشق تمرغ بلهيب الوجع دام اثنا عشر سنة ...

لم يتمكن للآن من استيعاب حقيقة انه بعد ايام ستغدو في بيته وفي مملكته الخاصة ..!!



شدّ من قبضة يده لاارادياً ما إن تذكر معاناته اليومية طيلة ثلاث أشهر ..

طيلة ثلاث أشهر لا ينام حتى يعيد قراءة الرسالة تلك عشرات المرات ..
عاش أشهراً كالجمرات ...... لن يكذب ويقول انه فحوى الرسالة لم تثر شكوكه ..!!

هو رجل .. ورجلاً عاش المُر فيما مضى والمُر ذاته هو ما جعل من نيران الشك/الكبرياء المخذول يصلان حدهما الأقصى في روحه ....

وزاد الأمر سوءاً بعد ان عرف ان المُرسل هي ابنة عمه "عوشـــــة" ..!!!!


عرف هويتها بعد الحادث فوراً بينما كانت الشرطة تفحص موقع الحادث وأُخرجت اغراضها وحاجياتها من السيارة ..


فلمَ بحق الله عوشة تكذب وتمس شرف عمة أطفالها إذ لم يكن الذي ارسلته "يلامس جانب الصحة" ..!!



غارقٌ هو في دوامات من شكوك مثقلة لا تنتهي .. شكوك ستغدو في يوم من الايام قبر لتعقله ..!!!



غــــاضب .. وعاجـــــز .. ومتخم داخلياً بـ كمية هائلة من البغض، والوجع، والحسرة ..!!!



ولكن وياللغرابة ...... يشعر في أقصى أعماق قلبه المتحسر ...... أن كل هذا مجرد كذب .!!

أجل كذب ..!!
فـ لو كان هناك شيئاً تعلمه من هذه الحياة .. ومن عمله المحفوف بأسلاك الموت ..



فـ هو ان الإنسان لا يقع في قعر مصائب الدنيا الا بسببين ..
لســـانه .. وأذنيــــه ..!!

لسانه الذي يتفوه به بكلمات من الممكن ان تؤدي "بحياة بشر" ..
وأذنيه الذي يسمع بهما كلام الناس "الذي لا ينتهي أبداً" ..!!



تنهد بخفوت لهيبي محاولاً استعادة رباطة جأشه .. فـ هذا الأمر حقاً يثير أقصى مراحل الغضب في جوفه ..
ويثير فيه تساؤلاً يعاد بشكل بغيض ..!!!

"هل فحوى رسالة ابنة عمه صحيح ..!!"


رن في اذنيه صدى كلمات عوشة الاخيرة في تلك الليلة الداكنة ..




سـ سـ سـ سلطـ طـ طـ طـاان ن .. أ أ أ حبـ بـ بـ ك ك ..
أ أ أ حبـ بـ بـك ك ... سـ سـ سـ سلطـ طـاان ن .. أ أ أ حبـ بـ بـ ك ك ..
أنـ نـ ت ..... لـ لـ للي .. أنـ نت ..... لـ للي ...... سـ سـ سلطـ طاانن ..




خرج من فوهة مشاعره الحارقة ما إن سمع حمد يقول له: بومييد شو الراي ..؟!

رفع سلطان رأسه لـ حمد ورد بـ حزم متزن: عيد طوليه بعمرك ما سمعت ..

حمد: كنت اقول حق بطي شو رايكم بكشتة مرتبة للشمالية .. عاده المرة الياية كل الربع يخاوونا ..
وبوزايد اولهم ..


نظر سلطان لـ وجه بطي الذي اعتلى وجهه بسمة شاحبة ليس لها طعم .. وفهم ما يجول بـ خاطر صديقه الآن: نعم انه شورن طيب بوشهاب .. وان شاء الله المرة اليايه مع اليميع .. خل السالفة هاي عليه ..

ما إن انتهى من حديثه حتى سمع الجميع هدير قوي سببه توقف سيارة داخل باحة المنزل ..

اعتدل حمد في جلسته ووقف ... ثم شمر عن ساعديه وقال موجهاً كلامه لـ ذياب: هاذوه فلاح رد من السوق .. ذياب تعال خل نعاونه في اللحم والعيش ..


وقف ذياب وأجاب بـ نبرة رجولية قوية: يلا الخوي ..


استلم فلاح، حمد، وذياب مهمة تجهيز طعام الغداء .. بينما ظل سلطان يعلم "سميّه الصغير" كيفية التعامل مع الطير ..


أما من جانب آخر .. ماج بطي في سحب متراكمة .. مظلمة .. من افكار لا حصر لها ..
أفكار تبداً من زوجته .. ثم لـ شقيقه .. وتنتهي لـ ابن شقيقه ..


فالأولى تركت منزله منذ شهرين ولم ترجع إليه الى الآن .....


والثاني غدت روحه ميتة .. غامضة .. مثقلة بـ كلمات ليس لها بداية .. ولا نهاية لتتكأ على سلم الراحة ..
كانت روحه ليست بـ روح أحمد ..
ليست بـ روحه أبداً ..!!!


أما الأخير .. فـ حالته باتت كـ حال الذي يستجدي العطش ليعطش .. ويستجدي الشقاء ليشقى ..
نعــم ..

سيف كما هذا الوصف تماماً من وجهة نظر بطي ..!!

فـ بعد ان سقط صريع الفراش بعد الحادث الذي اصابه وهو عائدٌ من السعودية .... والذي نتج عنه كسر في فقرات ظهره وشلل في ساقيه ..... أصبح في حال لا يطاق ..!!!

أصبح أكثر وحشية .. وعناداً .. وصعب المراس بدرجة لا يتصورها أحد ..!!

أصبح مثار ومنفعل عند أقل حرف يتفوه بها الناس من حوله .. ليس وكأنه يُظهر انفعاله ..
بل كان يكتم .. ويكتم .. حتى يقع صريع نوبات المرض الكامن فيه من الاساس .. مرض التصلب اللويحي ... والذي ازداد فتكاً بجسده بعد الحادث ..!!
وكتمانه ما يصعب بشدة عملية سير علاجه ..!!


فالطبيب قال ان ثلاث ارباع العلاج نفسي .. ويجب على سيف التعافي من ضيقه والتزود بالإيمان أكثر ..
بإيمانه وعزمه سيتغلب على ما يعانيه .. وسيرجع كما كان وأكثر قوة .. "بإذن الله" ..



: حيّه خوي شماااا .. شعلوووومهم ؟؟

وقف بطي ما ان تلقى ترحيب فلاح الأتي اتجاهه ... وبادله الترحيب بصوت رنان عال: حي ذا الشوف حياااااااه .. مرحبا الساع بـ فلاح بن عبيد .. طيبين ربيه يعافيك ويسلمك .. شحالك انت .. ربك الا بخير وعااااااافيه ..؟!

اقترب منه فلاح وسلم عليه بأنفه وقال: مرحبابك مليوووون ولا يسدن في ذمتيه ..
ما نشكي باس يا الغالي بخير ونعمة ولله الحمد ..

بطي: يعله مديييم ياربيه .. الا اخوك نهيان وين .. شعنه ما لفانا ..؟!
(لفانا = أتانا/زارنا)

فلاح: والله نهيان مسافر .. ساير يهوم في اوروبا هههههههههههههه ..

بطي بنظرة باسمة: والله محد متكيف ومريّح مخه الا اخوك نهيان ههههههههههههه .. الله ايرده بالسلامة ..

فلاح: هههههه هيه والله صدقك .... الله يسلمك ويحفظك من الشر ..

وأردف وهو يوجه حديثه للجميع: يلا برد عند الشباب .. بنخلص من الغدا وبنييكم ..

مصبح بتهكم مرح: شو قصدك .. تتحرانا شواب يا ولد عبيد ..!!!

ضحك فلاح ليقول رافعاً يده اليمنى: لا والله ابد يالعم .. عدك انت وبومييد وبوخويدم شباب ما شاء الله عليكم ..

رفع سلطان حاجباً واحداً بسخرية متسلية ليهتف بعدها بـ ثقة باسمة: ما يحتاي تخبرنا نعرف هالشي ..



.
.
.
.
.
.
.



شاح بوجهه بعيداً عنها قبل ان يهتف بنبرة قاسية غليظة: ردي البيت .. بيحدرون الرياييل عليه الحينه ..

ابتلعت ريقها الجاف بحزن/آسى وانزلت عيناها ببطئ ثم وقفت وقالت: ان شاء الله سيف ..


وقبل ان تخرج .. استدارت إليه وقالت بنبرة حزينة مكسورة: دخيلك تغدى .. انت ما تريقت الصبح ..

ازداد صوته قساوةً وهو ينظر لكل شيء حوله عدا وجه زوجته: هذا شي راجعلي .. يلا سيري ..


لم تتحمل المكوث ثانيةً واحدة امام جلمودية قلب سيف .. استدارت بسرعة وخرجت من الغرفة محاولةً قدر المستطاع ان تكبح نحيبها المتألم ..


ثلاثة أشهر وهي تعاني هذه المرارة .. ثلاثة أشهر وزوجها كالرجل الغريب .. روحه غريبة .. قلبه غدى كالصنديد الملتهب لا يرحم ولا يلين ..

منذ أن أصبح مقعداً والحال فيما بينهما أصبحت على شفا حفرة مرعبة شديدة الارتفاع ..

في السابق كانت تتأقلم بسرعة مع مزاجيته ونفسيته الضيقة التي سرعانَ ما تتغير للأفضل وذلك بسبب اعراض مرضه الاعتيادية .. ولكن الآن أصبح اظلم القلب بشكل جنوني بسبب مرضه وبسبب شلله اثر الحادث الذي حصل له ايضاً ..

أخذت تشهق بخفوت وهي تدعو بقرارة نفسها ان يشفي زوجها ويرجع لعقله الصواب ..

فهي تعبت .. تعبت كثيراً من الجفاء الشاسع بينهما ..


حدّقت بهاتفها الذي يرن من خلف غطاء وجهها وأجابت بعد ان تنحنحت بقوة كي لا يعرف المتصل ببكائها: هلا عموه

شما بقلق: ها العنود بشري .. شحواله اليوم ..؟!

أخذت العنود نفساً قوياً وقالت بنبرة أخرجتها بـ اتزان ثابت قدر المستطاع: الحمدلله بخير لكن ولد اخوج العنيد ما يبا ياكل ..

شما بـ ذهول حانق: شعنه ..!!! هذا يستهبل ..؟!!

هزت العنود رأسها بـ قلة حيلة/خيبة/ضيق: تعبت من كثر ما اقوله وانصحه .. بس ما يسمع الرمسة ..

شما بتساؤل: ظهرت نتايج الفحص الاخير ولا بعده ..!!!

عدلت العنود غطاء رأسها وقالت بنبرة مبحوحة مرهقة: قالوا بالأحد بتظهر النتايج ان شاء الله .. الله يستر عاده ..
ادعيلنا عموه دخيلج ...

شما بقلب صادق متضرع: يالله تشفي الغالي وتقومه النا بالسلامة انت الشافي المعافي ..

ثم تنهدت بعمق قبل ان تسأل باهتمام: الا عيالج وين .. خطفت صوب بيتكم ما ريت حد ..؟!!

العنود: العيال راحوا مع عمهم بطي سويحان جدا عزبة ريلج ..



.
.
.
.
.
.
.



توقفت السيارة أمام بوابة المدرسة الرئيسية ..
فُتح الباب بقوة وهرعت الفتاة باستعجال للداخل .. بينما ظلت شقيقتها في السيارة تنتظر عودة الأولى ..



وبعد دقائق ليست بالطويلة ..



سمعت طرقات قوية على النافذة .... اتسعت عيناها بـ ارتباك مترقب متلهف وانزلت النافذة وهتفت بسرعة:
ها بشري ميروووووه ..

أخذت ميرة تقفز بصراخ متفجر بالسعادة: حصوووه ثلاث وتسعيييين ثلاث وتسعيييييييين ..

اتسعت عينا حصة بـ سعادة مشابهة وهتفت: حلففففففففي .. اشووف اشووووف ..


أخذت حصة ورقة الشهادة من يد ميرة وبدأت تقرأ الدرجات النهائية والمعدل بينما استدارت ميرة حول السيارة وجلست بجانبها ..


ضحكت حصة بذات سعادتها وفخر عارم يعتريها بشقيقتها الصغرى ... وقالت وهي تحتضنها بقوة: في ذمتيه ذمه انج يا ميروووه بيضتي الويه من الخاااااااطر .. اللهم لك الحمد والشكررر ..

ردت ميرة بنظرات تلمع بالدمعات الخفيفة: الحمدلله رب العالمين .. الله ما ضيّع تعبيه طول هالشهور ..

أردفت موجهةً حديثها للسائق: عبدالصمد يلا بسرعة البييييت ..


امسكت بهاتفها الذي يرن معلناً قدوم اتصال من صديقتها الغالية ... واجابت بقلب يخفق ترقباً/بهجةً: مهاااااااااااري بشرينيه عنج ..!!!!

مهرة بدموع لم تستطع كبحها: ميراني يبت سبع وتسعيييييييين .. اللهم لك الحمد .. اللهم لك الحمد ..

صرخت ميرة بـ سرور بالغ: علنيه افداااااااااج والله .. الف الف مبروووووك يا قلببببي ..


ردت مهرة من بين دموعها الرقيقة الشفافة: الله يبارج فييييييج .. وانتي كم ..؟!!


زمت ميرة فمها وهتفت بحزن مصطنع: اسكتي يا ختيه .. راده الحينه البيت واظنتي والله اعلم شي عصا محناية تتريانيه عند الدروازه ..

ضربت مهرة صدرها بـ جزع: ويديييييييه جييييه ..؟!! كم يبتي ميروووووه ..؟!!

ميرة بذات صوتها الحزين المصطنع: آآآآه .. سكتي يا مهاري سكتي دخيل والديج .. يبت ثلاث وتسعين ..



اتسعت عينا مهرة محاولةً استيعاب الرقم بعقلها .... ثم فجأة ..

صرخت حتى كادت تفجر طبلة أذن ميرة ... ثم صاحت بفرحة خليطة من غيظ/ضحك: ههههههههههههه يالحمااااااااااره روعتييييييييني .. والله تحريتج رااااااااسبة ..
ألف ألف ألف مبروك ميرااااااااااااني .. هههههههههههههه والله هب مصدقة .. ميروه تييب ثلاث وتسعييين ..!!!


ضحكت ميرة بفرحة لا توصف .... وقالت بنبرة متعالية مازحة: الله يبارك فيج يا الحب ..
هيه حبيبتي شو تتحريني ..!!!
ميرة بنت عبدالله لا بغت شي تييبه ..

مهرة: ههههههههههههههه فدييييييييت انا ميرة بنت عبدالله .. اشهد انها قدها وقدووووود ..



.
.
.
.
.
.
.



ما إن رأت جدها أمامها ويسألها بـ تلهف حتى ركضت إليه واحتضنته بملأ مافيها من سعادة منتشية وقالت:
يديه نجحت نجحت .. يبت سبع وتسعيييييييين ..

انتفض جدها أبا عبيد بمكانه .. وهتف ببحة ملؤها الذهول والسعادة: يعله في ذمتج ...؟!!

اجابته مهرة بوجه مشرق باسم وهي تقبل رأسه: في ذمتيه الغااااالي في ذمتيه ..

وأردفت بحماس: وبنت عبدالله بن خويدم يابت ثلاث وتسعييين ما شاء الله عليهااا ..


الجد أبا عبيد بعيناي تلألئتا من البهجة/شرح الصدر: اويلاااااااه انا على البنياااااااات .. اسميكن بيضتن الويوووه ..
يعله بالبركه عليكن علنيه افداكن اناااا ...

مهرة من بين نظراتها اللامعة الباسمة: الله يباااارك فيك فديتك ..



وبعد ان اخبرت جدها بمعدلها ... اتصلت مهرة بوالديها اللذان ذهبا لزيارة أحد أقاربهم ... وقذفت على مسامعهم الخبر السار ..

ثم بعد ذلك .. اتصلت بجميع اشقائها عدا نهيان المسافر .. فقد فضلت ان تزف له البشارة على الواتس آب ..


كانت تحادث حمد الذي أخذ يهنئها بقلب ينضح فرحاً صافياً .. و"تلهفاً لم يظهره": مبروووووك الغالية الف الف مبرووووك .. ومنها للأعلى ان شاء الله ..

مهرة بنشوة سعادة فاقت كل المقاييس: الله يبااااارك فيك فديت قلبك ..

تنحنح بخشونة ليسأل بنبرة اخرجها بريئة و"عادية": ها وربيعاتج علومهن .. ربهن الا هب مسودات الويه ؟!!!

قطبت ميرة حاجبيها بخفة وقالت باستغراب: منووووه ..؟!!


كح حمد كاتماً نبرة الارتباك والتلهف في صوته ... وقال بـ عدم مبالاة "ظاهرية": احيدج قبل كنتي مستهمة على نتايج بنات بن خويدم .. ها بيضن الويه شراتج ولااا ..؟!!

اجابت مهرة بادراك طفولي ساذج غير فاطنة لباطن كلمات حمد: هيييييييه تقصد ميروووه .. علنيه افداها الا بيضت الويه يلين ما غدا يصولق شرا القزاز ..


تحرك بارتباك لم يتحمل وقعه على قلبه .... وقال محاولاً السيطرة على نبرات صوته "المأخوذة بالسعادة البالغة": وووكم يابت ما شاء الله ..؟!!

ابتسمت مهره بذات سذاجة ادراكها المحدود واجابت: يابت ما شاء الله ثلاث وتسعييين ..


اتسعت عينا حمد بلمعان يغزوهما وابتسامة جذابة بدأت تسري على كل انحاء ثغره ...

وحمد الله بقلب ممتن ...
فـ هو كان في انتظار هذه اللحظة بفارغ الصبر .. ينتظرها بملأ كل لهفات البشر في الكون ..


رد على شقيقته بنبرة "ظاهرها" هادئ راكد لم يخالطه اي مشاعر تثير الشكوك: ما شاء الله عليكن .. الحمدلله الله ما يضيع تعب اللي درس واجتهد ...



.
.
.
.
.
.
.



ضرب بخفة رجولية باسمة كتف صديقه وقال بتشجيع رنان: شد حيلك يا بومايد وقم النا بالسلامة .. ولا عايبتنك انت يلسة المستشفيات وريحتها اللي تعل الفواااااد ..!!!


لم يستطع الا ان يُخرج ابتسامة صقيعية لم تتجاوز حدود عيناه ... وقال ببحة اشتد فيها شرارات الارهاق النفسي:
لا والله يا بوشامس محد يداني المستشفى ابد .. انت ادعيلي بس الله يفكني منها جريب ..

زفر بقوة وأردف بنبرة ثابتة: الحمدلله رب العالمين ان الله حفظك وحماك من الحادث ولا كنت رحت فيها ..
الحمدلله رب العالمين ..

هتف صديقه محمد بنبرة حازمة: والله ينه هالراس وراعيه يفدونك يا بومايد .. قول الحمدلله واشكره لانه قومك بالسلامة يا الغالي .. وكل شي يهون عقب اهم شي قومتك بالسلامة عنيه هب بلاك ..

تنهد سيف بخفوت .... وقال باقتضاب: اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ..

ثم أردف بابتسامة ساخرة مريرة: يلا شو بنسوي بعد .. اذا مكتوب علينا نعيش باجي عمرنا على كرسي فما نقدر نقول حايه ..


قطب محمد حاجبيه بـ غضب قبل ان يهتف بصرامة شديدة: هذا الشي انت تحدده عقب الله سبحانه .. لا تجدم فال السو قبل وقته يا بومايد هب زين .. الدكتور خبرك ان نتايج الفحص بتظهر الاحد .. ومن النتايج بيحددون لو تروم تسوي العملية ولا ما تروم .. لا تقنط من رحمة الله يا ريااال ..

هز سيف رأسه بإيجابية مشيراً بحركته ان الذي قاله صديقه هو عين الصحة ..


ولكن ..
لا أحد يفهم ما يجول في قلبه وروحه .. لا أحد ..

لن يفهمه أحد حتى يقع بنفسه في عتمة العجز الذي هو فيه ..!!


يشعر بالمختصر انه قُذِف في بئر ليس له نهاية .... أظلم .... شديد الضيق .... يكتم على نفسه حتى ما عاد يشعر بتنفسه الطبيعي ..

ما عاد يشعر ان الكون من حوله يجري او تمر اوقاته ..!!
يشعر فقط بالسقوط .. بالتهاوي المستمر للأسفل ..... للمجهول ذاته ..!!



.
.
.
.
.
.
.



كانت تنتقل كالفراشة الحلوة بين أحظان الجميع وتُجمِع برقة عذبة تبريكاتهم وتهانيهم المغلفة بسعادة بالغة وفخر عارم ..


احتضنت عمتها وقالت بعد ان قبلتها على خدها بقوة مشاكسة: علنيه افدااااااااااج عموتي حبيبتي .. انا ما كنت بييب هالمعدل لولا الله ثم لولاااااج .. ما كنتي تخلينيه الا وانا فاهمة الدروس كلهااا ..

ضحكت شما بينما هتفت حصة بخبث: الا من البزا الزايد والسندويشات وولايم الليل .. طول فترة الامتحانات وانا اشوف بابج مشرع .. صحن حادر وصحن ظاهر .. جنه الا وحدة بتربي هب بتمتحن ..


قرصت ام سيف ذراع حصة بحنق متهكم وقالت: اهب عليج من بنية .. اذكري الله حصوووه .. ما صدقنا البنية افتكت من الغثاااا ونجحت ..

رفعت ميرة انفها بـ تكبر مصطنع وقالت: وااااايه انا من الغيوريييين .. جييه امايه ماكله من حلالج ولا من مالج ..!!!!

حصة بسخرية لطيفة وهي تأشر على عمتها شما: الا ماكله وشاربه على حساب هالمسكييينه .. ما يحلالج البزاا الا عندها .. وهي الله بلاها بقلبن رهيف ما يتحمل .. اللي تطلبينه تسويه فديتهاااا ..

ضحكت شما بقوة هاتفةً بحاجبٍ مرفوع: حصيص الله اكبر عليج مسكينه ومبتليه عاده ...!!!!
وبعدين منو قال عمتها مسكينة .. انا لا ورايه دراسة ولا شغل .. الا هي واعليه عنها من بدا الفصل الأخير وهي شاده حيلها وتدرس .. طاعي ويهها كيف غادي مصوفر وتعبان ..


زمت ميرة فمها باستياء حقيقي: هيه والله عموه .. يبالي شهر كامل تنظيف وعناية بـ بشرتي .. غربل الله المدرسة مصت عافيتيه ..

وأردفت وهي تضرب بخفة رجلها بالارض: المشكله ياخي عرسج عقب كمن يوم وين اروم ارد ويهي شرات قبل ..
اماااااااايه دخيلج عطيني حل والله بصيييييح ..


تصلب كامل جسد شما ما ان ذكرتها ابنة شقيقها بقرب يوم عرسها ..


يا إلهي .. إلى متى ستستمر معاناة قلبها الصغير ..!!
إلى متى ..!!

ترغب بشدة بالهروب من المنزل وعدم العودة بتاتاً حتى ينسى الجميع ان لها زوجاً على هذه الأرض ..!!
أيجب علينا التمسك بالعقل دوماً وعدم الجري وراء جنون الأفلام العربية القديمة ...؟!!

أيجـــــــب ..؟!!!


هتفت ام سيف بنبرة دافئة حنونة: ماعليج امايه .. عدلي رقادج ورديه شرات اول وطاعي كيف بيغدي ويهج غاوي ومضوي ..

هتفت ام سعيد بتهكم وهي تأكل حبة من الرطب: صلوووا صلوووا الصلاة تنور الويه وتخليه ماشي احسن عنه ..

اتسعت عينا ميرة بـ ذهول: وابوووويه يا يدووووه اصلي انااا الحمدلله .. شايفتني كااافرة الله يهداااج ..!!!!



.
.
.
.
.
.
.



بعينان تقطران شحوباً أمات علامات الحياة من وجهها العذب ..... فتحت الستائر في صالة المنزل وجلست نصف جلسة وبدأت تقرأ إحدى الكتب القديمة والتي اخذتها من مكتبة والدها العتيقة ..

رفعت عيناها ببطء قبل ان تعتدل بجلستها ما إن رأت أباها آتياً نحوها ويهتف بـ حزم دافئ: آمنة امايه وينج ..!! من متى ازقرج انا ..
خليتيني اتغدا برويحاتيه اليوم ..

لانت عيناها "المثقلتان بحزن غامض" بطيف ابتسامة فاترة وقالت بهدوء ناعم: آسفة فديتك حقك عليه بس صدق هب مشتهية العيشة ..
(العيشة = الاكل)


تنهد الاب وهو يمسد كتف ابنته الصغيرة، والتي كانت نسخة مصغرة عن الراحلة زوجته رحمها الله، وهتف بـ بحة تمازجت مع الحزن: انتي لو تخبرينيه شو مستوي عليج وشو مخلنج جيه جان بترتاحين يا بنت مديه .. لجنج ساكته ما ترمسين باللي فيج ..

تصلبت نظرات آمنة وقالت باقتضاب جامد: انا هب حابه ارمس بالسالفة ابويه دخيلك ..


حمدت آمنة الله ان الهاتف رن قاطعاً بهذا حديثاً لن يجلب لقلبها الا الآسى .... ردت بنبرة باردة: ألووووو ..

اتسعت عيناها بـ شرارات سعادة لم تذقها منذ زمن طويل: حلللللللللللفي .. الفففف الفففف مبرووووك يا قلبي .. وعقبال ما تتخرجين من الجاااامعة
..
: ههههههههههههههههه خس الله بليسج يا ميرووووه .. علنيه افداج والله ما جذبت يوم قلت انج طالعة على خالتج ذكية ..
..
: هههههههههههههه تف تف تف لا تخافين ما بنظربج بعين ..
..
: ان شاااااء الله .. هاذوه يدج عداليه يباج ..



اعطت الهاتف لأباها وقالت بـ وجه أُضيئ من الحبور: اندوك ابويه هاي ميروه تبا تبشرك ..

هاتف الجد حفيدته "ابنة ابنته الكبرى شريفة" .. وقذف على مسامعها اجمل وأبهى كلمات التبريكات بـ فخر وسرور بالغان ..

بينما رمقت آمنة وجه اباها بابتسامة باهتة .. وأخذت فقط تراقب ملامح وجهه وحروف كلماته المبحوحة ..


آآآآآآه يا أبـــــي ..
ليتنـــي ما زلـــت تـــلك الطفلـــة التــــي كنــــت تدغدغهــــا ما إن تبكـــــي أو تغضــــــب ..!!
ليتنـــــي يا أبــــي .. ليتنـــــي ..!!


شعرت بغصة كبيرة .... حارقة تشعل الوجدان .... غصة واقفةً بخيلاء معتد وسط مكامن التنفس فيها ..


شعرت ان البكاء الذي رافقها كالظل لمدة ثلاث أشهر سيعاود رفقتها "الآن" ..


لذا وقفت بسرعة ودخلت الحمام المرافق للصالة ..... وسرعان ما ارتجفت يداها وهي تقفل ورائها الباب مرتان ...


ثم وبصورة تضج بالمرارة .... وضعت يديها الأثنتين على بطنها وأخذت تنوح نواحاً يصعب وصف مقدار الوجع فيه ..

وجع صافٍ .. صافٍ .. صافٍ ....!!!!


وكما ارتجافة جسدها الضعيف .... همست بارتجاف من بين دموعها الحارقة الغزيرة بألم وصل حد أقصى تلابيب قلبها:
مــا بســــامحك يــا بطــي .. مــا بســــامحك ....



.
.
.
.
.
.
.



العصــــر



نزعت عن رأسها الحجاب وأخذت تهف على وجهها المحتقن المحمر من أثر حرارة الصيف الحارقة:
يالله انك تييرنا من نار جهنم .. الجو اليوم مب طبيعي يا نااااس .. لاهوووووب .. عظامتيه ذابن من الحر
(اللاهوب = الحر الشديد يصاحبه هواء حار جاف)


هتفت شقيقتها بنظرة دافئة عطوفة: واااي حياتي شيخوه .. تعالي تعالي يلسي ..

جلست شيخة بعنف بعد ان نزعت العباءة عنها ورمتها فوق أقرب كرسي امامها: آآآآآه تعبت والله ..
أوه صح .. سلام عليج الروض ...

ضحكت روضة بـ خفة وقالت: توه الناس .. وعليج السلام والرحمة .. ها خبريني سلّمتي الفاينل بروجكت ..؟!!

هزت شيخة رأسها بإيجابية .. واجابت بنبرة تخللها الارهاق الجسدي التام: هيه سلمته اخيراً ما بغييييييت .. اففففف .. هالكورس مر عليه شرا الدهر الله وكيلج .. الحمدلله افتكيت من سقم البروجكتات ومجابل ويوه الدكاترة ..

قالت روضة بنظرة دافئة: يلا الحمدلله .. ومتى عاده بتظهر النتايج ..؟!

هزت شيخة كتفها الأيمن وقالت: والله ماعرف بس مريوم وخولوه ربيعاتيه خبرنّي ان اغلب الظن بتظهر عقب اسبوعين ..
عاده انا شو قلت .. بالاحد هذا بخطف الجامعة بخلص من اجراءت التخرج وتوقيع الاوراق اللازمة عقب بخطف صوب العميد وبشوف لو يروم يظهرلي علاماتي قبل ولا ..

هزت روضة رأسها وقالت: هيييه زين عيل .. يلا عاده نبا امتياز ولا ماشي سفر هالسنة ...

زمت شيخة فمها باستياء: لا عاد رواضي نحن متفجين نسافر ان يبت امتياز ولا جيد جداً .. بنتحر لو ما سافرت هالصيف ..

روضة بحاجبٍ مرفوع: من رمستج هاي ما ظنتي بتظوويلنا معدل يرزى نسفرج ههههههههههههههههه ...

رفعت شيخة ذقنها بـ ثقة بالغة: لا فديتج بتشوفين .. انا الحمدلله واثقة ان معدليه ما بيقل عن ثلاث ان شاء الله .. انتي زهبي التذاكر وماااعليج ..

روضة: هههههههههههه زين زين ان شاء الله .. يلا سيري بدلي وتعالي تغدي ..


نهضت شيخة وهي تقول: ان شاء الله ..

كانت تبتسم بشكل لاإرادي وهي ذاهبةٌ لغرفتها .. مشاعرها التي تعتريها تجعلها كالطير الذي تحرر للتو من قفصه ..

كم كانت تنتظر هذه اللحظة بفراغ الصبر .. خمس سنوات عاشتها في دراسة وتعب مضني مستمر .. والحمدلله انها شهدت اليوم تسليمها لآخر عمل تنجزه في الجامعة ..

تعترف انه آخر ثلاثة أشهر كانت أشهراً فارقةً في حياتها .. العلمية والعملية ..

من الناحية الدراسية والتي زادت ضغطاً وصعوبة .. ومن الناحية الروحية "العاطفية" ..!!


دخلت غرفتها التي كانت توصف وكأنها غرفة "طفلة صغيرة بكل معنى الكلمة" .. فالطابع الغالب عليه هو الرسومات الكرتونية وألوان الزهر والورود فاتحة اللون ..

قفزت بغنج فطري على سريرها الناعم قبل ان تمسك الدبدوب الوردي ذو الملمس الجميل الناعم ..


وتذكرت بابتسامة رست فوق محياها بخفوت اليوم الذي اهدته لها تلك الطفلة هذا الدبدوب ..

اليوم الذي جمعتها بـ "ذلك" ..


مرغت وجهها في حظن الدبدوب راغبةً أن تستمد منه بعض شعور الدفئ والطمأنينة ..


ثلاث أشهر مرت منذ ان غاب عنها ذلك الشعور اللذيذ بالطمأنينة ..
شعور طمأنينة الروح ..
وشعور سكينة الوجدان ..


كانت تظن فيما مضى انها مشاعر سترحل عن قلبها بلا تحسر وآسى .. ولكنها اخطأت ..

فإذ طلبوا منها الآن الاختيار بين تحقيق أمنيتها الكبيرة الأبدية في الحياة وبين دقيقة لتعيش الذي عاشته ما ان لمحت "ذلك" ..

ستختار الخيار الثاني لا محالة ..!!

أجـــل ..
مشاعرها الغريبة التي انخلقت بمجرد رؤية ذلك الطبيب هي ما ستختارها لتتذوق فقط سكرها الشهي ..

آآآآآه ..
تشعر بأنها كـ طفل فقد والده مرتين .. تشعر بالوحدة .. وبالظمأ القاتل للإحتواء ..!!

ليست مجنونة كي تبكي على رحيل رجل لم تحادثه سوى كلمات معدودة .. ولكنها عاقلة كثيراً لتدرك ان رحيله لن يُنسى بسهولة ..!!

وإنه كـ رجل .. وكـ عبق رجولي فتاك .. سيصعب عليها نسيان لمعان الجاذبية/الطيبة/الإثارة في مقلتي عينه البنيتان ..!!


حسناً يا شيخة ..
اخرجي من دوامة الكآبة هذه وانسي .. فالحياة مستمرة وعلينا ان نمضي بها دون ان نلتفت للذي يضيق عليه نفوسنا ..


أليست هذه مقولة القرصان سلفر ..!!
وتستمــــر الحيــــــاة ..!!!


همست وهي تقفز بطفولية رشيقة محركةً سبابتها بشكل دائري في الهواء الخاوي: وتستمر الحياااة وتستمر الحيااااااة ..



.
.
.
.
.
.
.



كان يأمر الخدم بتنظيف جميع غرف منزله في المزرعة الآن ... لأن الجميع سيبيت الليلة في المكان ..


بصوت حازم هادئ قال: عبدالرحيم اول نظف حجرة العيال عقب الكباريه زين ..؟؟

هز عبدالرحيم رأسه بـ حسناً وقال: جين سير

رمقه من تحت رموشه محذراً اياه بنبرة أكثر حزماً: نظّف زين يا عبدالرحيم ..


استدار ليخرج ولكنه استدار عائداً للخادم متذكراً امر ما: هيه ولا تنسى تبدل الفرش واللحف .. اظنتي صارلهن فترة ما تغسلن صح ؟؟

رمقه الخادم نظرة خائفة وقال بتردد: أ أ أ لا بابا يئني من واهد شهر ..

رفع حاجباً واحداً وقال بسخرية لاذعة: واهد شهر هااه !! لا والله فالح يا عبدالرحيم ..

أمر بـ نبرة خشنة لم يتعمدها وهو يحرك يديه بخفة: يلا يلا انقفظ وسِر ييب دواشق وبرانيص ايديده ..
(دواشق جمع دوشق وهو الفراش الذي ينام الشحص عليه ... برانيص جمع برنوص = اللحاف)


رمى أمره على الخادم وخرج متوجهاً للرجال ... ولكنه توقف ما إن اتته المكالمة "التي انتظرها منذ فترة طويلة"


رفع هاتفه قائلاً بـ صوت غليظ تخلله ترقب/لهفة: ها بشرني شو صار ..؟!!

: اتصلت بك عسب اخبرك انيه عقب ساعة بإذن الله بتحرك .. دعواتك يا بومييد ..

اخرج سلطان زفير قوي تخلله قلق "لم يظهره ابداً" وقال: يعل فالك التوفييييج ياربيه .. هالله هالله بعمرك ..
وقبل لا تخطي اي خطوة سم بالرحمن وقول "وجعلنا من بين ايديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون" وتوكل على رب العالمين وصدقني الله بيعمي عيونهم وقلوبهم هالانذال عنكم ..

هز الرجل رأسها بإيمان كامن وهتف: والنعم بالله .. انا ان شاء الله اول ما اخلص من المهمة بعطيك العلم ..
مع السلامة ..

سلطان: مع السلامة وعسى الرحمن يحفظكم من كل شر وسو ..



.
.
.
.
.
.
.



أن تعيش حياة ملؤها الصقيع والبسمة المعدومة أمر ..
وأن تعيش القهر والحسرة المثقلة بدماء الكره الصافي هو أمرٌ آخر ..


غير ان كنت تعيش كالموتى بقلب حُطِّم تفاصيله الجميلة بكل وحشية هذا أمرٌ تجاوز بمرارة وجلمودية معانيه كل الأمور الأخرى ..!!!


منذ تلك الليلة المشؤومة والنيران تصطلي جوفه كـ جهنم لاظية ..

منذ ان رحلت "تلك" والبسمة قد هجرت مساكن مبسمه الرجولي .. هاجرته حتى غدا مبسمه كقرية نائية وسط صحراء يتراقص جوها السرابي من حرارة الحسرة/الحقد/القهر ..

كيف السبيل لابتسامة اندثرت تحت الثرى مع التي سحقتها بيديها النمرودتين بكل خبث الشيطان ذاته ..!!

كيـــــف ..!!!


اجاب ابنه الكبير بـ برود ميت "جاف": قلتلك لا ..

حاول ابنه المصدوم ان لا يبكي .. ولكنه حقاً يرغب بشدة بالبكاء ..

قال محاولاً اقناع اباه للمرة الأخيرة: ابويه انت من زمان قلتليه لو يه الصيف بتخليني انا وسعيد
نسير المخيم الصيفي في بوظبي ..
أحمد بذات جفاف صوته الميت: وانا الحينه اقولك لا يا زايد .. انتهى النقاش ..

انزل زايد رأسه وقال بـ نبرة تتقطع حزناً وألماً: ان شاء الله ..

استدار ليخرج ... ولكنه توقف بتردد وقال لأبيه بخوف يعلو ناظريه: ابويه .. أ أ أ هذا ..
خالوه حنان اتصلت وقالت تعال انت واخوك عندنا اليوم ..

لم يرفع أحمد عيناه عن الكتاب الذي يقرأه وقال بنبرة خشنة حادة "متزنة النبرات": هب على كيفها خالتك .. يوم اقولكم انا سيروا هاذيج الساعه بتسيرون ..
ويلا توكل خلني اقرا على راحتيه ..


خرج الابن من غرفة والده منكوس الراس مكسور الخاطر شاعراً ان الدنيا خلت امام ناظريه من كل البشر ..

والدته رحلت .. ووالده الذي من الضروري ان يحتويه هو وشقيقه بكل عنفوان عاطفي حنون ... اصبح كالجبل الصنديدي يعجز نهائياً عن جبر قلوبهم المكسورة برحيل والدتهم عنهم ..

كان يمشي ولا يشعر بعيناه الحمراوان المغرورقتان بالدموع .. ولم يتوقف الا عندما سمع جدته تقول له باستغراب: زاااايد ..!!!
انت ما سرت ويه عيال عمك سويحان ..؟!!

هز زايد رأسه بخيبة .. وقال بصوت يهتز ضيقاً: ابويه ما طاع .. قال تم انت وخوك في البيت ..

احتد فم ام سعيد بغضب .. فـ على ما يبدو ان هذا الأحمد لن يترك تصرفاته القاسية "غير المفهومة" اتجاه أبنائه ..


هتفت بنبرة حادة مبحوحة وهي توجه حديثها لابنتها التي اطلت عليهم: طاعي اخوج اللي ما يخاف الله شو يسوي بعياله .. انا سرت ويه ابوج بيت خالج حريز .. لو انيه هنيه ودريت انه ما بيطيع يخلي عياله يسيرون ويه عمهم بطي وعياله سويحان جان والله ما سكت ..

ربتت شما على كتف والدتها لتهدئه انفعالها .. وقالت بنظرة تمتلئ آسى شفاف على حال شقيقها وابناءه: امايه هدي فديتج .. تعرفين ان احمد بعده مستويع من فراق حرمته وهب واعي بأي شي يسويه وايقوله .. ماعليه لازم نصبر عليه هي فترة وتعدي ان شاء الله ..

هزت ام سعيد رأسها يمنةً ويسرة .. وقالت ببحة عميقة تخللها الحزن/الحسرة: لا حول ولا قوة الا بالله .. الله يصبرك يا ولديه ويمسح على قلبك .. هاي الدنيا محدن دايم فيها ..
الله يرحمج ويغفرلج يا عوشة ..


ذهبت وهي تتمتم بالأدعية المأثورة .. بينما انحنت شما بجسدها لتقول لـ زايد بنظرة تبرق وعيداً خالصاً من المتعة: وشرايك انزين بطلعة محترمة لا صارت ولا استوت .. حقك انت وسعودي بسسسسس ..


هتف زايد بذات عيناه الحزينتان: كنت ابا اسير المخيم الصيفي في بوظبي بس ابويه ما طاع بعد .. مع انه واعدنا انا وسعيد من زمان انه يدخلنا هالمخيم ..

اتسعت عينا شما بـ ذهول: بعد ما طاع تسيرون المخيم ..!!!

هز زايد رأسه بـ خيبة وغمغم: حتى يوم قلتله خالوه حنان تبانا نبات عندهم ما طاع ..


عقدت شما حاجبيها بـ غضب ثم قالت بحزم بالغ: ماعليه خل السالفة عليه .. انت سِر الحينه إلعب مع اخوك وانا برمس ابوك ..


ذهب زايد لتقف شما على رجليها قبل ان تزفر بحنق شديد مكسو بالقلق الحقيقي على حال شقيقها الغريب .. فالذي يجري له ليس بالطبيعي ابداً ..!!

فإذا كان حزين على زوجته .. فهذا لا يعطيه الحق ان يترك اطفاله يتشقلبون في دوامة حزنه ايضاً .. !!!!


طرقت الباب بنعومة ثم دخلت ما ان سمعت الاذن "المتسم بالخشونة الجامدة" بالدخول ..

لم تستطع احتمال لسعة شرارات الحسرة والضيق وهي ترى تغير شكل شقيقها الكبير ..


كان مازال جالساً بـ ثوبه الابيض مشمراً ساعديه بشكل فوضوي .. ولحيته النامية تنبأ عن كمية اللامبالاة/الاهمال الجارية في كيان هذا الرجل ..

عيناه اللتان كانتا كـ نجمتان تتلألآن في السماء الصافية غدتا الآن منطفئتا الوهج ويصعب تفسير كمية القسوة التي تعلوهما بضراوة ..

يكاد الاحمرار الذي فيهما ان يجرف كامل جسده "الذي ضعف بشكل حقيقي واضح" في سيل هائج من الدم الحار ..!!!


كانت هيئته تُرثي الحال وتُبكي ..!!
تُبكي بحق ..!!


هتفت بعد ان تحنحنت برقة: أحمد عادي ايلس وياك شوي ..؟!!

رفع أحمد عيناه وقال بنبرة مقتضبة جامدة: شو تبين شما ..؟!

ابتسمت شما ابتسامة جميلة وقالت: احمد الله يهداك لو بتم ترمسنيه جيه بشرد من الروع ..


وبفعل السحر ... لانت ملامح احمد ما إن رآى ابتسامة شقيقته الصغيرة ... وتنحنح بقوة شديدة واعتدل بجلسته .. وقال:
حياج تعالي ..

اتسعت ابتسامة شما والتي حمدت الله بداخلها انها استطاعت ان تلين قلب شقيقها ... ثم جلست وقالت بهدوء ناعم:
انا ابا ارمسك في شي ..


وقبل ان تُكمل حديثها، امسكت رأس شقيقها وقبلت أعلى جبهته .. ثم قالت: يا غير والله ثم والله ماباك تزعل ولا تضايج .. ان ضجت تضيج دنيايه كلها يا خويه ..

عقد احمد حاجبيه مخمناً بعض فحوى الكلام الذي ستتفوه به شما .. ولكنه قال ببرود قاتل: شو اللي في خاطرج شما ..!!!

جلست شما قِبالته .. وقالت بنبرة اخرجتها بشكل مباشر شجاع: الحق يا خويه ما ينزعل منه .. انت لو منعت عيالك انهم يسيرون مع عمهم مكان ولا يسيرون مخيمات او كشتات فهذا شي محد يروح ينقاشك فيه لأنهم عيالك وانت ادرى ابهم وبمصلحتهم .. لجنك يا بوزايد تبا تمنعهم عن اهلهم بعد .. وهذا والله محد يرضى به ..
لو انا غلطانة في رمستيه يا احمد خبرني ..!!


شاح احمد بعيناه عن شقيقته وقالت بحدة قاسية: ما منعت عياليه عن حد ..

هتفت شما بنبرة واثقة قوية: لا امبلى .. شعنه عيل هب مخلي زايد واخوه يسيرون بوظبي يباتون عند يدهم ..؟!!

اجابها ببرود صقيعي بالغ: لانهم الاسبوع اللي طاف باتوا عندهم ..

قطبت شما حاجبيها باستنكار: يا احمد لا تنسى ان بنتهم ما صارلها فترة متوفية .. ما يبون العيال الا عشان انهم من ريحتها الله يرحمها .. ما يوز يا احمد تحرمهم من العيال ..

وأردفت محاولةً اقناعه باللين والمنطق: لو زايد وسعيد عندهم مدارس بنقول ماعليه هم يداومون ووراهم مذاكرة وامتحانات .. بس الحينه صيف واجازة .. لو ما ساروا بيت يدهم يباتون في الاجازة متى بيسيرون ..!! خبرني ..!!
غير ان مثل ما قلتلك انا .. بيت يدهم واعليه عنهم فاقدين بنتهم .. يبون يشمون ريحتها في هالاثنينه الله يحفظهم من الشر ..


اخرج انفاسه اللهيبية الحارقة من أنفه وقال من بين نظراته الجامدة: الحينه شو المطلوب منيه ..؟!

هتفت شما باصرار قوي: ما بغيت منك الا انك ما تكسر بـ خاطر هاليتامى .. والله انه حالتهم تغمض يا أحمد .. ماريت مساعه جيف زايد يتراقل من الضيج وقابض صيحته ..


صمت لثواني غير محسوبة اللحظات .. ثم قال بعد ان هز رأسه باقتضاب: زين خلاص يصير خير ..

شما بابتسامة بدأت تخرج للعيان: يعني اقولهم يزهبون شنطهم ..!!!

هتف احمد بنبرة باردة قاسية غير قابلة للنقاش: يومين بس ..
وباجر بوديهم هب اليوم ..



.
.
.
.
.
.
.



امسكها بقوة من شعرها مزمجراً بغلظة اختلطت معها رائحة الخمر الكريهة البغيضة كـ بغض عيناه الحمراوان المرعبان: لك انتي مجنووووووني ..؟!!
كيف بتخليه ياخود الصبي هيك من غير ولا فرنك آآآآ ..!!!!

أخذت تصرخ بـ ألم حقيقي وجرح ماكن في فؤادها لن يندمل .. فهي كانت تعتقد بسذاجة وغباء ان هذا الرجل يحبها وانه احتواها وتزوجها بعد طلاقها السابق لأنه يحبها لذاتها وليس انانيةً وطمعاً بالمال بتاتاً ..

ندمت ندماً شديداً انها هربت بحملها مع هذا الوغد لكي تبتعد وتنجو بحياتها "المتحررة" مِن مَن كان زوجها .. !!

نهيـــــان ..!!

لم تكن تعرف انها بنهاية المطاف ستنتهي حاملةً بين يديها طفل وحاملةً على ظهرها عبأ وهم ابن خالتها الذي وضعهم باستهتاره وطيشه في حالة مادية تحت الصفر .. فلو كانت تعرف هذا ما كانت لتتفق معه على الهرب من نهيان ولا اللجوء إليه منذ البداية ..

لم تكن تعرف حقيقة هذا الوغد .. لم تكن تعرف ..!!


يالله ارحمني وانتشلني من نتانة الحياة مع "هذا" ..



صاحت بحدة متوجعة لأقصى حد وهي ترجوه من بين دموعها الغزيرة: مراااااااد .. لك اتركني يا زلمي شباااااااك .. ئلتلك ما ئدرت واللهي ما ئدررررت .. ما بعرف مين ابن الـ... اللي خبروا اني اجوزتااااااك ..


كرر زوجها مراد زمجرته المُرعبة قائلاً بغضب ناري: لك كيف ما بتعرفي يا ......
جوازنا ما كان موسّئ شو بيعرفوا لهداك الـ ... انك مجوزي الا ازا انتي حكيتيلوووو ..
(موسّئ = موثق)


أردف بجنون ماردي والسكرة قد أعمت عقله كلياً عن التفكير: حنيتي للحب الئديم يا ميسوون ...!!
بديك ترجعيلو وتستفردي بمصاريه كلياتااا أليييك ..!!!
آآآآآآآ ..؟!!!
لك احكي شبيك خرستييي ..!!!


احتد فمه وصرخ بكل جبروت شيطاني مردفاً: ما اتفئنا انا وياكي انك تكزبي عليه وترجعيلو كرمال بس ناخود منو هالغبي كم ألف ونفل ومعنا كرم ...؟!!
كيف بتسمحيلو ياخود الصبي ئبل ما نكفي الئصة آآآ ..؟!!!



كانت تبكي ولهاثها القوي من أثر الضرب يخرج بسرعة من أنفها ومجرى تنفسها ..

قالت بنبرة مرتجفة متوجعة باكية: لك والله والله ما ئلتلوا شي يا مرااااااد والله .. وكرم ابنوووو كان لازم تعرف من ئبل انو ما راح يتنازل عنو وعن حضانتوووو ..
ئلتلك من ئبل انو نهيان ئوي وعنيد ومحدن يئدر يضحك عليه بسهولي بس انته ما بتعمول الا اللي براسك ..
آآآآآخ لك اتركني خلصصصص ..

ترك مراد شعرها قبل ان يدفعها بقوة لتسقط على وجهها في الأرض ... وقال بغضبه المقهور العاتي وهو ينحني بجسده نحوها: اسمعيني منيح يا بنت الـ ...
بدي مصااااااااري .. كيف وايمتين ما بعريييف ..!!! بدددي مصاري بـ أأرب وئت فهمتيييي ..!!!!

دفع بوحشية وجهها الى الخلف وزمجر باحتقار شديد: يلعن الساعة اللي اجوزتك فيا يا وج النحسسس ...


ثم وقف وامسك بـ باب الشقة الصغيرة واغلقه بعنف عاصف اهتر معها جدرانه المُهترئة تاركاً خلفه انثى تبكي من حسرتها على حياة لم تجلب لها سوى القهر والآسى وابن جميل بريء لا يستحق ان تكون هي امه ..

حياةً بغيضة هي من جلبتها لذاتها ولأبنها المسكين ..

هي السبب ..... هي وليس مراد او غيره .. هــــي ..!!!

وسيزداد أساها وآسى ابنها لو اكملت ما يخطط له هذا المراد الحقير ..

لهذا ستحرص على انهاء هذه المهزلة قريباً .. وستنسى ما فعله بها نهيان وستمحو من عقلها خطة انتقامها منه بسبب اذلاله لها واهاناته ...... لأنها ويالسخرية .. اكتشفت متأخراً كم كان هو على حق فيما فعله ..!!!

فأي رجل في هذا العالم كان سينتقم منها بطريقة اشد مما أقدم عليه نهيان .. اشد بكثير من الفقر وإلباسهم قضايا سياسية ترغمهم على العودة لبلادهم بـ رأس منكوس مذلول حتى النخاع ..!!


وقفت بكل ما فيها من قوة مهتزة مندثرة .... واقتربت من الغرفة الصغيرة المغلقة بإحكام .... ثم امسكت بالمفتاح الذي خبأته تحت السجاد وفتحت الباب ليخرج من خلفه ابنها الذي كان يبكي بشدة ..


احتضنته بشدة بعد ان علمت انه ارتعب من الظلمة والصراخ .... وقالت له مهدئةً ارتجافاته الصغيرة: حبيبي كـر.....
آ آ آ بئصود عبيد .. حبيبي خلص الرجال فل ما رح يرجع .. خلص يا روح مامي كفي بكي ..


اخذت تمسح دموع ابنها وتتأمل بحزن شديد عيناه السوداوان المأخوذتان بشكل رباني متقن من عينا والده ..


ياللعجب .. الآن فقط رأت كم ابنها يشبه اباه .. الآن فقط تلمح بعيناها الزرقاوان هالة البداوة الاصيلة الناضحة من تقاطيع وجهه الصغير ..


دق قلبها بشراسة وهي تسترجع بباطن قلبها أجمل ايامها مع نهيان ..

ايامٌ كانت جميلة .. ورائعة كـ روعة محبوبها الطيب ..

لا ..

ابتسمت بسخرية مريرة متفجرة بالندم والحسرة ..

بل محبوبها الذي كان "طيباً" ..!!



امسكت وجه صغيرها بـ عينان دامعتان وقالت بنبرة مؤلمة موجوعة بسبب فراقه الذي بات قريباً ووشيكاً: عبيد .. بدي ئلك شي حبيبي ..

رمقها عبيد ببراءة وعقله يحاول استيعاب اسمه الجديد .. فكما وعد نهيان فيما مضى .. فإن تأكد من صحة ابوته للطفل ... فإن اول شيئاً سيفعله هو تغيير اسمه ..


وعندما ظهرت نتائج الفحص وتأكد .. غيّر اسم ابنه في الحال وسماه عبيد .. على والده الحبيب .. وكان هذا طبعاً بعد الانتهاء من إجراءات المحاكم وفعل ما يتطلب الامر كي ينسب الولد إليه رسمياً وقانونياً ...


ابتسمت عينا ميسون الشفافتان من الدموع وقالت: انته بتحب بابي نهيان ..؟!!

هتف الصغير بعينان تتفجران حب وسعادة لا توصفان: اي مامي بحبو كتير كتير لـ بابي ..

ضحكت ميسون وقالت وهي تضع اصبعها الرقيق على فمه: اشششش حبيبي .. خلص بدنا نحكي متل البابا من يوم ورايح اي ..؟!
انته مش لبناني انته اماراتي ..؟!
بيّك نهيان مش مراد ..


زم الطفل فمه بحنق طفولي متقبلاً بعد ثلاث اشهر من العيش مع نهيان في شقته حقيقة ان الأخير هو والده الحقيقي وليس ذلك المراد الذي كان يضربه ويبغض المكوث معه دقيقة واحدة في المكان ذاته ...


ثم قال بتذمر رقيق: مامي حكيات بابي صعبين كتير ..

امسكت ميسون وجه ابنها وقبلته على جبهته قبل ان تقول بحنان بالغ: مع الوئت رح تعرف حكياتو وتفهما ..

أكملت بـ توتر وخوف وهي تمسد شعره الاسود الغليظ: عبيد .. مامي رح تسافر لشي كم شهر وترجع هون تـ شوفك .. انته رح اضل مع بابي نهيان اي حبيبي ..؟!

جعد الولد عيناه بذعر طفولي هاتفاً بصوت شبه باكي: بدي روح معيك مامي بدي روووح ..

احتضنت ابنها بقوة وقالت بنبرة حماسية "مصطنعة": وبنخلي بابي لوحدو هووون ..!!! انته ما حكيت ئبل شوي انك بتحبو كتير ..؟!

هز عبيد رأسه بـ إيجابية .. وفمه المزموم المتبرم هو ما يتحرك: اي بحبو كتير وهوي بيلعب كل يوم معي وبيحكيلي ئصص تـ نام انا وياه ..


اخفت ميسون صدمتها مما يفعله نهيان ..
لم تكن تعرف ان طيف طيبته القديمة ستخرج للعيان امام ابنه ..!!
لم تكن تعرف ان مشاعر الابوة ستتفجر بداخل نهيان مع ابنه ..!!
ليس بعد ما فعلته هي به من افعال مشينة ..


ابتسمت هذه المرة بـ سعادة حقيقية/راحة موقنةً في قرارة نفسها ان الذي تقدم عليه ما هو الا الصواب: شفت كيف بابي طيب وحرام نخليه هون لوحدو ..!!
انا ما رح خليك حبيبي .. رح روح لبنان اشوف تيته صباح وضل معا شوي وارجعلك ..
ما رح خليك حبيبي ..

قبلته على شعره بـ قلب يقطر وجعاً وعاطفةً لا تنضب .... وأردفت بنبرة مرتجفة مختنقة: ما رح خليك بنوب يا ئلب مامي ..



.
.
.
.
.
.
.



أخذ يغمغم ببال ليس بين يديه البتة .. بفكر ليس في هذا المكان .. بعاطفة لا تنتمي لهذه البقعة الكريهة القذرة .. بأنفاس متقطعة اخرجت مافي جوفه من حروف بشكل موجع حد العذاب:


أنا اللي انتظر منك الجوابي

ألا يا هم أدميت الزوايا

انا اللي ناظر بهام السحابي

ولقى الدموع تمطر فالحنايا

انا اللي يحترق صامت جوابي

ولكني اعرف أمر الوشايا

اداري الحرف خوف افقد صوابي

وازل وافضح اللي في حشايا

واحاول ابتسم وانسى مصابي

وادور لي شعر يروي ضمايا

والاقي الهم يكمل طرق بابي

وانا غرقان في دمعي وعنايا*




صمت عن شعره ومازال واضعاً رأسه بين ركبتيه المنثنيتين ..

لن يشك اذ قال انه وصل مرحلة الجنون العقلي ..... لم يعد يمتلك ادنى شك انه الآن في البرزخ نفسه ..!!!


ثلاثة أشهر وهو قابع بين الجدران الطينية المظلمة الرطبة .. وبين الارواح النتنة ..... ثلاثة أشهر وهو بين قبضان جلمودية تقبض على روحه كالموت ..


يشعــر بالترمـــــــد .. يشعــــر انـــه مترمــــــد العقـــــــل بكــــل المقـــاييس ..!!
يشعــــر إنــــه ..
إنــــــه ........



: حـــــــارب



عقد حاجبيه قبل ان يُجعّد بخفة عيناه المغلقتان ..

ابتسم بشيءٍ يشبه الحلم .. يشعر انه في حلم .. يشعر إنه في عالم طالما تمنى الصعود إليه من أشهر ..!!


ههههههههه .. الآن صدقت إنك جننت رسمياً يا حارب ..
وصلتَ للتو يا هذا لمرحلة تسمع خلالها احدهم يناديك بإسمك وسط قاذورات بشرية لا تعرف هويتك الحقيقية بتاتاً ..!!


أخذ يلهث ويشد من قبضة ذراعيه على ركبتيه محاولاً ان لا يفقد السيطرة أكثر على عقله الملتهب ..!!


: يا حااارب رد عليه



انتفض كامل جسده رافعاً رأسه بقوة حتى شعر ان فقرات رقبته تكاد تنكسر ..


ارتجف فكه بـ صدمة مهولة جعلت عقله يتطاير كـ جزيئات الرمل تماماً ..

لم يستطع التفوه بكلمة .. لم يستطع وحلقه جاف بعد شهور قاسية من الصمت الأسود التام ..


اردف الرجل بـ صرامة حادة: نش يلا يا حارب ماشي وقت .. خل نظهر من هنيه قبل لا تبدا المناوبة الثانية ..

تأمل حارب هيئة الرجل الذي يتحدث ليس بالعربية فقط ... بل بلهجة اماراتية بحتة ..!!


حاول ان يرى كامل وجهه لكن الظلام حل ارجاء الطابق القذر مخفياً عنه هويته وتفاصيله الدقيقة ..
ولكن يكاد يقسم ان صوته مألوف لمسامعه بشكل كبير ....!!!

وبشكل ما ... تمكن من ملاحظة ان الرجل يلبس الزي العسكري المشابه لزي العساكر هنا ...



هز حارب رأسه بذهن مشوش تماماً .. ثم وقف بترنح ملؤه الانهاك ممسداً شعره الاسود الغليظ والذي وصل لحدود كتفيه بأنفاس متلاحقة ..


خرج من الزنزانة ما ان فتح الرجل الباب ..

ثم وبشكل يسلب الالباب .. استطاع الرجل بحنكة ودهاء تام ان يجر معه حارب عبر الممرات والدهاليز موضحاً بتمثيلية "حقيقية/مُقنعة" لكل من يمر ويسأله بريبة عما يفعله .. ان هذا الرجل مصاب بـ السل الرئوي المزمن ويجب نقله فوراً للمستشفى ..

فكان كل من يصله حديث الرجل يرتعب ويبتعد لاإرادياً عن حارب ..


ولأن اجراءات الخروج من المعتقل ذاته معقدة ويصعب النفاذ عبر بوابته بمجرد "كذبة" .. كان للرجل "المتنكر" خطط أخرى ... فهو وبعد مساعدة صغيرة من احدى العساكر "ذوي الانفس الضعيفة امام المال" .. قد تمكن من معرفة ان هناك نفق عميق تحت الأرض شُيِّد للطوارئ لأجل العسكريين والضباط ..
نفق يؤدي الى خارج المعتقل الضخم بما يبعد عشرة كيلومترات من البوابة الخارجية ..




لم يعرف كم مضى عليه وهو يمشي مع الرجل تحت الارض والحرارة حولهما تكاد تخنقه .. ولكنه يجزم ان الروح قد دبّت في كل مفاصله كما السحر ..


قال بعد صمت طويل بنبرة خرجت كسلاسل مبحوحة خشنة مثقلة بالارهاق النفسي والجسدي:
متأكد من نجاح الخطة ..؟!!

توقف الرجل واستدار ببطئ نحو حارب وازاح عن رأسه قبعته العسكرية وقال بـ ثقة حد السماء:
مثل ما انا متأكد وواثق انك حارب بن محمد الـ...


اتسعت عينا حارب بـ ذهول خطف لون وجهه .. ذهول تحول لفعل خرج تماماُ عن سيطرته تحت وطأة عاطفة تتسم
بـ "الحنيــــــــــن" ..
الحنين لروائح اشتاق لشمها كثيراً .. وأبداً ..

فـ هذا الرجل الذي امامه والذي كان يشعر انه يعرفه .... يحمل بداخله أرواح كل من يتمنى الآن لقائهم ..
كلهم بلا اي تحديد ..



احتضنه بقوة بعينان تلمعان سعادةً وحمداً لله .. بينما الأخير لم يتوانى للحظة عن وضع ذراعيه على ظهر حارب وتبادل معه أحضان الشوق المميت ....

هتف الرجل بنبرة تفجرت بالحب الأخوي الرجولي ... والسعادة والامتنان: اللهم لك الحمد يارب .. اللهم لك الحمد .. كنت خايف ما ألحق عليك .. كنت خايف ابطي وتروح من بين ايدينا الله لا يقووول ..


هدر حارب بصوت مبحوح خرج أثر ما يعتريه من سرور يبكي من فرط عذوبته: لو ما ييتني اليوم كنت اكيد بروح فيها ..

ثم ابتعد عنه ممسكاً كتفه الأيسر بنظرات تلتمع امتناناً واضاف: الحمدلله رب العالمين .. الحمدلله رب العالمين ..

هتف الرجل مربتاً بخفة على كتف حارب الايمن وقال بحزم قوي: يلا حارب ماشي وقت لازم نظهر من هنيه قبل لا تغرب الشمس ..


استمر الاثنان بالمشي في النفق المظلم والذي لم يكن يضيئه سوى مصباح صغير يمسكه الرجل ..

وبقدرة الله عز وجل .. استطاعا الوصول للفتحة التي سيخرجان منها للخارج ..

وبرشاقة بالغة من الرجلان "واللذان كانا يتسمان بجسدان قويان لا تضعفهما اشد الظروف واقساها وبطولهما المتناسق المتشابه" خرجا للأعلى بنجاح ..


وضع حارب ذراعه على عينه بعد ان شعر بالألم يغزو ناظريه ما ان وصلت إليه اشعة الشمس الموشكة على الغروب ..

اخرج الرجل من جيبه نظارة شمسية وقال بـ ذات حزمه: إلبس هالنظارة لين ما تغرب الشمس .. عيونك الحينه حساسة .. وهالشي طبيعي عقب شهور في مكان اظلم ما اييه الشمس ..

ثم صمت وهو يُخرج من تحت بنطاله الأيمن مسدساً صغيراً فيه كاتماً للصوت ومده الى حارب ... وأردف: وخل هالسلاح معاك .. في حال صار شي وافترقنا بيكون عندك شي ادافع فيه عن نفسك ..

هز حارب رأسه ولبس النظارة وثبّت المسدس خلف بنطاله المهترئ ... ثم قال ببسمة هجرت ملامح وجهه الاسمر منذ فترة طويلة .. بسمةً كانت كبسمة الظمآن امام نهر ماء عذب صافي .. "بسمة مُرهقة لأقصى حد يتصورها البشر":
ما شاء الله حاط حساب لكل شي يااا ......








نهــــاية الجــــزء العشــــرون





*الأبيات السابقة من كلمات صديقتي الشاعرة فاطمة غيث ..


sira sira likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-06-16, 07:34 AM   #25

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)






الجــــزء الحــــادي والعشـــــرون



،



قلتها بالأمسِ في مَن ملكتْ

عمريَ السّابح في جرزٍ ومدْ

إنّ حبي للتي تملكنُــي

لمْ يذقهُ أبدًا قبلي أحد ..

آه يا فاتنتي ..

ما ضَرَّنا .. لو صَلَينا من هوانا ما اتَقَت

آه ما كانَ علينا لو وفى

حِبى الحلوُ بما كان وَعَد

لو أبيتي البعدَ عنّي كلّما

عاملُ الهجرانِ وافى وعَند

وأنا تجتاحني الذكرى فلا

طيفكِ استخفى ..

ولا الشوقُ همد



لـ عبدالعزيز سعود البابطين



،


وضع حارب ذراعه على عينه بعد ان شعر بالألم يغزو ناظريه ما ان وصلت إليه اشعة الشمس الموشكة على الغروب ..

اخرج الرجل من جيبه نظارة شمسية وقال بـ ذات حزمه: إلبس هالنظارة لين ما تغرب الشمس .. عيونك الحينه حساسة .. وهالشي طبيعي عقب شهور في مكان اظلم ما اييه الشمس ..

ثم صمت وهو يُخرج من تحت بنطاله الأيمن مسدساً صغيراً فيه كاتماً للصوت ومده الى حارب ... وأردف: وخل هالسلاح معاك .. في حال صار شي وافترقنا بيكون عندك شي ادافع فيه عن نفسك ..

هز حارب رأسه ولبس النظارة وثبّت المسدس خلف بنطاله المهترئ ... ثم قال ببسمة هجرت ملامح وجهه الاسمر منذ فترة طويلة .. بسمةً كانت كبسمة الظمآن امام نهر ماء عذب صافي .. "بسمة مُرهقة لأقصى حد يتصورها البشر":
ما شاء الله حاط حساب لكل شي يا ولد الخال ..

رفع "هو" رأسه بنظرة باسمة خبيثة .. خبثاً تعودت شفاهه على رسمها بكل حرفنة متقنة:
اعيبك ولد العمة ..

أردف وهو يمشي مع حارب خلف الاشجار وقال بهمس: يلا خل نبدل ثيابنا على السريع .. وعقب بعطيك عنوان المكان اللي بتتلاقى فيه مع ربعنا .. وامررره لا تستهم هم هناك بيتصرفون وبيخلصون امورك كلها ..

هز حارب رأسه بتركيز ثم قال بسرعة: نهيان وشو على ديرفس وجماعته ..!!!

نهيان: ماعليك منهم .. انت الحينه بنظرهم واحد يُؤتمن عليه وبعيد عن الشكوك ..
الحين انت اظهر من هالبقعه الخايسة وسِر عند جماعتنا ..


وأردف موصياً بنبرة مرحة ساخرة: ودخيلك اول ما توصل عند الربع اتصل بـ سلطان وطمنه عليك .. اسميه في هالثلاث شهور كان مزاجه ما ينطاااااااق عقب اللي صار وياك .. خلانا كلنا نوقف على ريل وحدة ..



.
.
.
.
.
.
.



حركت فمها يمنةً ويسرة وهي تستمع لأحاديث صديقتها سارة التي نصفها كذب ونصفها الآخر غيبة ونميمة في صديقاتهن ..
هي بالرغم من كل مساوئها واخلاقها التي تتصف بالانانية والطمع .. كانت فيها خصال حميدة ..

من بين هذه الخصال .. كرهها الشديد للغيبة والنميمة ..!!



الانسان هو روح لا يعلم بأسرارها وخفاياها الا خالقها ..
فإذ حاولنا في يوم فهم كينونة الانسان وطبيعته الحقيقية .. فلن نصبو لنتائج مرضية بتاتاً ..!!



قالت بحدة قاطعةً سلسلة الترهات التي تتفوه بها الفتاة على الخط الآخر: سويره خلاص قلتلج الف مرة هالبنت جيه طبيعتها لا تيلسين كل ساعه تعيبين عليها ..

اجابت سارة بامتعاض وشيء من البغض: اففففف زين زين خل نطب سالفتها .. خبريني انتي شو علوم الدوام ..؟!

إلتمعت عينا أليازية بـ سعادة لا توصف وهي تتذكر تجاوب بطي معها منذ شهرين .. تجاوب كان لا يخرج عن حدود ابتسامة رسمية دافئة وسؤالها عن حالها واحوالها .. واحاديث جانبية تتسم بالرسمية .. وفتنة رجولته الفواحة ..!!

ابتسمت بـ دهاء أنثوي بالغ وقالت: عاااااااال العاااااااال هههههههههههههههههه

سارة: اووه اوووه اوووه شكل الحب عامل عمايله معاج .. ضحكتج تقول انج واخيراً ظويتي راس مديرج المزيون ..!!

هتفت من بين ابتسامتها الكبيرة المنتصرة: ترومين تقولين شبه ظويت راسه ..

سارة بـ ذهول: افاااااا .. شبه ..!!!!
اخس بس .. وين راحت شطارة يزوي مع الشباب ..!!!

أليازية بـ غرور باسم: هذا بطي بن خويدم يا حبيبتي .. فديت ويهه ثقيل ما يطيح بسهولة ..
مب شرات ربعج الخفاف ..

هتفت سارة بنبرة ساخرة ابطنتها بالغل/الغيرة: خفي علينا انتي وحبيبج الثقيل .. وبعدين انا اصلا ماحب الرياييل من نمونة هذا بطي .. احسه جيه ما يقند الراس ...
(من نمونة = من أمثال)


حركت أليازية عيناها للأعلى وقالت بنبرة متململة ضجرة: المهم انا اللي احبه وهو بكل حالاته يقندلي راسيه ..

أردفت محاولةً التملص من الفتاة: يلا حبي برايج .. بسير اتسبح ..

سارة: اوكي قلبي .. باي

أليازية: باي


اغلقت هاتفها وهي تتأفف بحدة ..
ثم وبتلكؤ .. تحول وجهها لشيء يشبه "الانتصار بعينه" ..


نعم انتصارها ..
تذكرت بـ استمتاع منتشي ما فعلته قبل شهرين بـ زوجة حبيبها .. والذي على ما يبدو اثمر بغنى ونتج عنه ليونة العلاقة الواضحة بينها وبين بطي ..

حتى لو كان في حدود الرسمية والمهنية .. ولكن علاقتهما مقارنةً فيما مضى .. هي في احسن حال واجمل حلة ..


وقريباً فقط .. ستحرص وبعناية فائقة .. على دخول بطي الكامل في قفص حبها ..

حبها هي فقط ..!!!!



.
.
.
.
.
.
.



صبــاح يـــوم الجمعــــة



ليس بمقدورها تجاهل دقات قلبها العنيفة .... الخانقة ..... كلما لمحته آتياً لمنزلها .. ليس بمقدورها استيعاب معنى تقلصاتها المعوية ..... "البغيضة على روحها" ..... كلما توقفت سيارته وانزل منها ابنائه ..


امسكت حنان طرف نافذة المجلس المُطل على باحة المنزل بعينان تنضحان مرارةً .. وغضباً لا ينضب ..
ومشاعر متناقضة كتناقض النار والجليد ..



اكرهيه .. اكرهيه يا حنان حتى يتلوى بنار لاظية في قلبك ..
اكرهيه واقذفي عليه حمم الحقد الاسود إلى ان يعتصر ألماً حتى لو كان اعتصاره هذا في مخيلة جوفك فقط ..
اكرهيه اشد الكره وصفاً وأقساه علقماً .. فـ هذا الرجل هو سبب موت أختك .. عوشة ..


اكرهيه ..
فقط اكرهيه ..


ومن غير حول لها ولا قوة .. كانت دموعها تتساقط بحرارة مضرمةً في مرمرية وجنتيها النديتين حرائق لا ترحم ..


كتمت شهقاتها ومسحت دموعها ما إن رأته من خلف النافذة يفتح باب سيارته ويخرج منها كي يُنزل حقائب ابنائه ..



وبشكل مبهم/مشوش ..... عاد قلبها يطرق بشدة ..... واحست بحرارة تغزو وجنتيها غير حرارة دموعها .. حرارة غريبة خرجت منها ما ان رأت هيئته الرجولية الخشنة بذقنه المهمل العبثي ..



ستكذب ان قالت انه ليس متفرداً قلباً وقالباً ..!!!
متفرداً بهالة الجاذبية .. وبهالة الحنان المتفجر .. حناناً ظاهراً كالشمس حتى لو حاول تغليفه بقساوةٍ "لا تنتمي لشخصه أبداً" ...



ازدادت طرقات قلبها مما أشعرها بطنين قوي في اذنيها ايقظها من سكرة رجولية "ذلك" وادخلها مرة أخرى في دوامة التناقض العاطفي ..


مسحت ما تبقى من دموع متعلقة على اهدابها العذبتين .. دموعاً تجهل "بحق" اسبابها الحقيقية ..!!!

أهي دموع وجعها لفقدها شقيقتها .. !! ..... أهي دموع شفقة على حال ابناء شقيقتها ..!!

أم هي دموعاً ترثي حالها الساذج وعاطفتها المتناقضة الخرقاء نحو "هذا الذي يرمقها بعيناه الحادتان" ..!!


يرمقهـــــا ..!!!
يرمقهـــــــــا ..!!!!


اتسعت عيناها ما إن ادركت ان احمد يراها من خلف النافذة شبه المفتوحة بنظرات لم تفهم ماهيتها ابداً ..


انتفضت متراجعةً للخلف قبل ان تضع يديها على وجهها .. وهمست بصوت متحشرج مختنق اثر ما يعتريها من مشاعر ملتهبة من احراج/خجل حقيقي:
ياربييييييييييه .. اسميج غبيه يا حنوووووووووون ..
الحين الريال شو بيقول عنج ...!!!
يالله ..
استغفر الله العظيييييييم ..


كانت تلهث بقوة من اثر الاحراج قبل تنزل يديها من على وجهها المحتقن .. ثم همست بخفوت بعد ان تحول وجهها ببطئ تدريجي لاحتقار شديد حاد:
هو اصلاً طفس .. شعنه يوايج على بيوت خلق الله ..!!
سخيف واحد ..
لا والله انا السخيفة اللي مسوتله سالفة ..
اففففف كم اكره هالريااااال كم اكرررررهه ..



.
.
.
.
.
.
.



تحولت نظرته لشيء من الاحتقار والازدراء القاتل مهاتفاً ذاته بقسوة جامدة:
من وين بتيبين قوات العين وقلة الحيا الا من اختج الـ ...


قبض بقوة على يده محاولاً التمسك بزمام انفعاله ..... ثم أغمض عيناه بغضب وتمتم بالاستغفار علّه بهذا يستطيع نسيان طيف عوشة الشيطاني "الذي لا يفارقه ابداً منذ عدة شهور"..

رفع رأسه وقال بخشونة باردة لأطفاله: يلا انزلوا ..
ومثل ما وصيتكم لا تلعوزون يدكم ويدتكم ..
وانت زايد .. يا ويلك لو عرفت انك ظهرت وسرت الدكان روحك سامعنيه ..!!

هز زايد رأسه وقال: ان شاء الله ابويه ..


وقبل ان يركب احمد سيارته مرة أخرى ... امسكه سعيد من ثوبه بضعف وقال من بين نبراته الناعمة الصغيرة: بابا ما بتم معانا ..؟!!

مرت موجة من "الحنان الريَّان" امام مقلتيه ... ولكنه وما ان ابصر وجه سعيد الذي كان جزءاً لا يتجزء من وجه "تلك الأفعى" قسى من تعابير وجهه وقال بصرامة لا تنكسر: لا انا راد العين الحينه ..

اغلق بابه بعد ان أردف بنبرة مقتضبة: هالله هالله بعماركم .. مع السلامة ..



.
.
.
.
.
.
.



وضعت شعرها الغجري الملتوي "المنغمس بلج فتنة لا تنتهي" خلف اذنها واخذت تحرك رجلها بالهواء .. ثم ضحكت بخجل شديد وكتبت في شاشة غرفة الدردشة الخاص بها وبصديقاتها: ههههههههههههه صدق جيه قالت عنيه حصوووه ..؟!!

ضحكت حصة قبل ان تطقطق على هاتفها وتكتب: هيه والله .. وكلنا استغربنا لأن هب من عادة عموه شما تمدح وايد وترمس عن حد بهالحماس .. بس الظاهر انتي بـ تلفون واحد رمتي تسرقين قلبهاا هههههههههههههه

قاطعتهن روضة بحماس بالغ وهي تكتب: متى رمستيها نعوووووم *فيس متسع العينان*

ناعمة بابتسامة كبيرة عذبة: رمستها من ثلاث ايام تقريباً ..
علنيه افدااااها انا حرمة العم .. تصدقن بنات كنت اول شي خايفه اتصل وارمسها .. ويوم اتصلت كنت والله خلاص بموت من المستحى .. بس سبحان الله هي بس دقايق وبدينا ناخذ على بعض وندخل في السوالف والضحك .. ما شاء الله عليها حبووووووبه وسوالفها ما تنمل .. *فيس ذو ابتسامة كبيرة*

حصة: هيه فديتها عموه .. هي من النوع الهادي وما تاخذ على الناس بسرعة .. بس يوم ترتاح لحد تكون غيييير ومب شما الرزينة العاقلة بين الناس ..

روضة: هيه ما شاء الله عليها صدقتي .. انا يوم سرت في رمضان افطر عندكم يلست معاها وسولفنا .. محلات يلستها ترد الروووح في ذمتيه ..

اضافت وهي تضحك: ههههههههههههه مع ان تبين الصدق حصيص تحريتها اول ما شفتها خقاقه وشايفه نفسها وايد ..
(خقاقه = متكبرة)


حصة: هههههههههههه لو هالرمسة عنيه جان ما بقول شي بس عن عموه شما ..!!!!
ما يخصها في الخقه ولا تعرررفه هههههههههههههههههه

ناعمة بابتسامة ساخرة: الخقه الا من عقبج الشيخة حصة .. عاده انتي هب الا خقاقه بس .. الا تصرطين الناس بلسانج صراط ..

حصة بغنج متفكه: نعووووومي عااااااااد لا تظلمينيه *فيس بريئ*

ناعمة + روضة: ههههههههههههههههههههههههه هه

ناعمة: حووه لا تزقريني نعومي .. هالاسم يحسسني انيه وحده من عارضات الملابس الداخلية هههههههههههههههه

روضة + حصة: هههههههههههههههههههههههه

حصة: حسبي الله على بليسج يا نعووووووم .. هب منج من اللي يرمسج بدلع ورقة هههههههههههههههه

روضة: الظاهر ميراني اختج خلتج اتابعين غصب معاها افلام فاتن حمامة وشادية ..

حصة: خلي ميروه على يمب يا ختيه .. ماعرف من وين اتييب هالافلاااااااام .. الله وكيلج اطالع حتى الافلام الهندية الجديمة .. مال ابيض واسود ..
هالانسانة رومانسيتها طافحة ما تعرف شو تبا تسوي فيها ..

ناعمة: هههههههههههههه فطيم ختيه شراتها تعشق شي اسمه أفلام جديمة ..

روضة: هههههههههههه على فكره انا شرات خواتكن ..

ناعمة + حصة كتبن في ذات الوقت: وانتي حتئوليييييلنا ..!!!!! *فيس ذو ابتسامة خبيثة*

اكملت ناعمة بضحك: ما نحنا عارفين خيبتك يا خايبه ههههههههههههههههههه

احتقن وجه روضة بابتسامة تلونت بألوان ورد الجوري وكتبت: جب انتي وياها .. سخيفات والله .. اصلا انا مكاني بينكن غلط يا المتوحشات ياللي ما تعرفن شي في الرومنسية والحب ..

حصة: يئطع الحب وسيرتووو يا اختشي *فيس يضحك بقوة*

ناعمة: تحيدين حصوه يوم كنا ندخلج بالدس السكن ايام الجامعه عشان نتابع افلام رواضي اللي ما تخلص هههههههههههههههههه

حصة: هييييييه كيف ماحيييييييد ... والله كانت ايام ما تتعوض .. كنت احب السكن واكره ارد البيت واخليكن رواحكن .. تمنيت وايد ماكون من هل العين عشان بس اعيش وياكن هناك ههههههههههههههههه

روضة: ههههههههههههه خبله حصووووه من زين عيشة السكن لا رقاد ولا اكل شرات الخلق ..

ناعمة: مع ها ايامنا في جامعة الامارات كانت حكاية ثانية ما بتتكرر *قلب* *قلب* *قلب*



.
.
.
.
.
.
.



بالرغم من الجفاء الذي ازداد بينها وبين زوجها .. وبالرغم من مكوثها في بيت والدها طيلة أشهر .. فهي لا تستطيع تحمل عدم محادثة ام زوجها ووالده، اللذان هما في مقام والديها الغاليان، كل يومين او ثلاثة ايام ..

وحتى مع حرصها على محادثتهما والتواصل معهما، كانت تضع كل مرة يدها على قلبها وتتوسل الله ان لا يتطرقا لموضوع المشكلة الحاصلة بينها وبين ابنهما ..
فهي امرأة تخاف الله وتعرف واجباتها كـ زوجة مصونة وتعرف أن التطرق لمواضيع خاصة حساسة بين زوجين لا يجب ان تخرج من حدود غرفتهما ولا يجب لأحد ان يعرفها حتى ابويهما ..

لن تُنزل مقام زوجها بعد كل سنين العشرة من عينا ابواه الفخوران .. لن تفعلها ابداً ..!!


هتفت بنبرة باسمة ناعمة: هلا والله عموه الغالية .. شحالج ..؟!

ام سعيد بنبرة سرور بالغة، فهي تسعد كثيراً كلما اتصلت بها آمنة، وهذا يعطيها املاً ان مشاكل ابنها مع زوجته ستُحل بإذن الله: مرحبا مرحبا ام خويدم .. علنيه افدااااااج حالنا يسرج ما يضرج .. ومن صوووبج امايه ..؟!!

آمنة: يعله مديم ياربيه ...ونحن والله الحمدلله .. كلنا بخير وسهالة يسرج الحال ..



وظلت تحادث عمتها لدقائق .. ثم طلبت منها محادثة عمها .. وبعدها صديقتها الغالية شما ..



قطبت شما حاجباها بـ استنكار خفيف وهي تقول: الله يهديكم انتو الاثنينه .. عين وصابتكم عوذ بالله .. كان ماشي احسن عنكم شو استوابكم يا آمنة ..؟!

تنهدت آمنة بـ آسى حقيقي وقالت محاولةً تغيير مجرى الموضوع: الله يهدي اليميع شموه .. طبي عنج هالسالفة وخلينا فيج .. خلصتي كل زهابج ولا بعده ..؟!!

زمت شما فمها كارهةً التطرق لهذا الموضوع برمته ... وقالت بنبرة هادئة لامبالية: شو عرفني .. امايه وام العنود واختج شريفة هن اللي يرابعن ورا الزهبة انا ماعرف شي ..

اتسعت عينا آمنة بـ ذهول غاضب: شميم تستهبلين انتي ..؟!!
زهبتج هاي المفروض تعرفين شو اللي لج وشو اللي عليج .. ودري عنج هالبرود يا بنية هب باجي شي على عرسج ..

تنهدت شما بـ ضيق شديد وقالت: آمنة دخيل ابوج والله ما ازداد .. ادري ان موعد وفاتي جرّب ..

اتسعت عينا آمنة بـ صدمة وغضب وهتفت بانفعال حقيقي: عووذ بالله من هالفاااال .. يالطفسة شو تهذربين انتيييي ..!!!!
محد غصبج يا شما على هالعرس .. لو هاي رمستج .. من الحينه اقولج سيري عند ابوج وخليه يطلقج من الريال ...

ثم اضافت بتوبيخ حاد: انتي هب صغيرة يا شما عسب تقولين هالرمسة .. تعوذي من بليس يا بنت خويدم ..

عضت شما جانب شفتها السفلية بـ مشاعر لم تخرج عن نطاق الوجع الموغل بالحسرة الأبدية ... وقالت ببحة عميقة أقرب للهمس:
آمنة .. هب قادرة انسى اللي صار .. هب قاااادرة .....


تنهدت آمنة بعمق متفهمةً شخصية شما التي لا تقبل الوسط .... اما تنسى كلياً او لا تنسى .. ويبدو ان الكف الراجح هنا هو عدم النسيان بتاتاً ..!!
فـ كبريائها هنا من تدخل وبشراسة وسط زحمة مشاعرها الأخرى ..


قالت بنبرة اخرجتها بكامل التعقل والاقناع هامسةً لها بخفوت: شما .. خل نكون صادقات مع بعض .. وفاة عوشة الله يرحمها ما خلاج تعيدين النظر باللي صار قبل وتسامحين ..!!!!
يا شما الدنيا ما تسوى .. اللي راح راح .. اعتبري ان اللي صارلج لعب يهال وانتهى ..
ما تشوفين ان سلطان يحبج وبعده شارنج ..؟!
لو هب شارنج ما رد يخطبج من اول وايديد ..!!!

أغمضت شما عيناها بقوة وقالت بذات همسها الموجع المختنق: آه .. شو اقولج يا آمنة ..
تبيني اقولج ان وفاة عوشة زاد الشي في قلبيه ..!!

ابتلعت غصة اوشكت على ذرف دميعاتها الشفافة واكملت بتحشرج: قلبي معورني على اللي صار فيها يا آمنة .. احسها ما تهنت في حياتها ..
كانت تحبه امون .. تحبه بـ ينون .. ليش يوم ودرته ما خذاها ليش ..!!!
ليش ما خذاها وهو اللي كان يحبها وواعدنها بالعرس ..!!!

قطبت آمنة حاجبيها باستنكار: يا شما الزواج قسمة ونصيب .. غير ان اصلا اللي سمعته من بطي من زمان ان سلطان سافر عقب اللي صار امبينكم ولا رد الا عقب كم سنة ..

اتسعت عينا شما بـ ذهول هزت نظرتها الداكنة وقالت: سـ سـ سافر ..؟!!
وين سافر ..!!! وشعنه ..!!!

هزت آمنة كتفيها بعدم معرفة وقالت بحزم: ماعرف والله بس لو هو على قولتج يحبها وواعدنها في الزواج شحقه سافر .. وشحقه اصلا عوشه ترضى تاخذ احمد عقب ما شافتها امج وعيبتها ..؟!! خبريني ..؟!

وضعت شما اصابعها المرتعشة على جببينها ... وقالت بضياع/بلوعة: ماعرف امون ماعرف .. بس بتصدقينيه لو قلتلج ان عوشة ماتت على حبها لـ سلطان ..!!
بتصدقينيه لو قلتلج ان عمرها عوشة ما حبت اخويه ..؟!!

ابتسمت آمنة بسخرية وقالت موافقةً كلامها: بصدقج لأن برود عوشة وجفاها مع اخوج ما كان خافي على حد من العايلة ..
كان واضح هالشي بس محد رمس ..

أردفت بصوت نادم بعد ان تذكرت ان التي تذكرها قد أصبحت بين يدي الله عز وجل: استغفر الله العظيم .. اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين ..
طبي هالسالفة عنج شميمي .. ونصيحة من اخت تحبج وتعزج .. استخيري ربج .. حتى لو عرسج عقب كم يوم .. هذا ما يمنع حبيبتي ..
استخيري وربي يريح قلبج وبالج ..

هزت شما رأسها بأنفاس تزداد تثاقلاً في روحها ... وهمست: ان شاء الله ..



.
.
.
.
.
.
.



كانت في المطبخ مع عمتها تساعدها في الطبخ وتحضير الطعام ..


لم تكن تعرف لمَ تساورها موجات دافئة من سكينة لا متناهية منذ البارحة ..

تشعر انها قريباً .. وقريباً جداً سترى وتسمع اخباراً تُجبر قلبها المكسور وتقوي روحها المهزومة ..

كانت تبتسم بلا إرادةٍ منها عندما رمقتها عمتها بنظرة باسمة متجعدة متسائلةً باستغراب: بلاها الموز شاقة الحلج .. شو عندها ..؟!

اشرق وجه موزة بابتسامة واسعة واشرت بيديها: ولا شي عموه بس احس براحة مب طبيعية ..

هتفت ام العنود وهي تقلب المرق وتضيف عليه الملح: يعلها راحتن مديمه .. وانا بعد والله يا بنتيه شراتج .. الله يسمعنا العلوم الطيبة ..

رفعت موزة يديها وحركت شفتيها بـ "آمين" بوجه منير ....
وجهها المنير اخيراً بعد ظلمة/بؤس اشهرٍ ثلاث ... وتؤمن هي بقرارة نفسها ان هذا النور متعلق بشكل او بآخر بـ نور عيناها ..
بـ شقيقها الغالي ..


لم ولن تقطن من رحمة الله .. لأشهر وهي مفوضة امرها، حياتها، وحالها لله عز وجل .. وهي على اشد انواع الايمان ان الله عز وجل سُيعيد شقيقها إليها بكامل صحته وعافيته ..
سيُعيده بلا ادنى شك ..!!!



.
.
.
.
.
.
.



كان في طريقه من المسجد الى المنزل عندما اتته مكالمة اخرجته من بحر سرحانه .... إلتقطه بخفة بعد ان قرأ اسم المتصل وابتسم ابتسامة رجولية بحتة مشوبة دوماً بشرارات الغرور اللاسعة ....

: هلا والله ومرحبااا بالشيووووخ .. تستاهلون السلامة طويلين العمر تو ما انورت البلاد في ذمتيه ..

: المهلي ما يولي يا بن عبيييد ..
ربي يسلمك ويحفظك من الشر ... والدار منوره ابكم يالغوالي ..
علووومك وعلوم عربانك وتواليك ..؟!!

: علنيه هب بلاك يا بومجتوم .. كلنا بخير وسهالة ولله الحمد .. ومن صوبك طويل العمر ..؟!

تنهد الرجل بإرهاق حقيقي وقال: دخيلك يا فلاح يومين بس ما ابغي اسمع كلمة شيخ او طويل العمر ..
هلكنا يا ريال من الرسميات والالقاب اللي ما تخلص .. خاطريه اعيش على هوايه ومثل ما ابا لو يوم واحد ..

قهقه فلاح قبل ان يهتف بـ سخرية محببة: والله هاللي ربك كتبه لك يا بومجتوم .. انك تستوي شيخ ولد شيخ ..

ابتسم أبا مكتوم بخفة وقال: نعم ان هذا الهم بعينه يا خويه .. خلنيه ساكت دخيلك ..
غير ان يا ولد عبيد الشيخ من شاخت معانيه وافعاله وعلومه ...

هز فلاح رأسه متفهماً ارهاق أخيه وصديقه من المسؤوليات الموضوعة على ظهره وقال: صدقت الغالي .. ويشهد رب العالمين انك يمعت المشيخه بمعانيها وعلومها ..

أبا مكتوم بـ تواضع تام: لا هنت يا بوعبيد لا هنت .. امبونه الطيب والفعايل الزينه الا من عقبكم يا عيال عبيد

فلاح بـ حزم دافئ: علنيه افدا خشمك يا بومجتوم ..
ثم تابع بقلق: الا ابويه حشر شو صحته الحينه ..؟!!

أبا مكتوم: والله الحمدلله بصحة وعافية .. لوّل كنا متروعين لان الدكاتره قالوا احتمال يلاقي صعوبة في الحركة والكلام .. لجنه الحمدلله تجاوز مرحلة الخطر وقدر ينش ويرمسنا ..

فلاح: الحمدلله رب العالمين .. تستاهلون سلامته .. وربي يواليه الصحة والعافية ...

ابومكتوم بـ بسمة أخوية نقية: اللهم آمييين ... ربي يسلمك من الشر ...

أردف باعتذار تخلله خجل رجولي: عاده اسمحليه يا خويه انت طلبتنيه طلبه وما رمت ألبيلك اياها قبل .. تعرف كنا على سفر ومرتبشين والوالده الله يحفظها كانت تتعب واطيح علينا كل ما يحدر ابوها العمليات ..

هتف فلاح بـ حزم رافضاً كلام أخيه بالرضاعة: افا حشر شو هالرمسة .. مسمووح مسموووح الله يلوم اللي يلومكم .. وانا والله لو كان عنديه علم ان ابويه مجتوم تعبان وبتسفرونه ما فتحت ثميه ورمستك بالسالفة .. اسمينيه يا ريال متلوم ومفتضح منك ..

أبا مكتوم باستنكار حاد: خل عنك بسسس .. متلوم اونه ..

صمت قليلاً بعد ان سمع نداء والدته .. ثم رجع للهاتف وقال لـ فلاح مبتسماً بـ ود:
امايتك جليثم ترد السلام عليك وتقولك يا مسود الويه يا القاطع اخطف جدانا نبغي نشوف ويهك السمح ههههههههههههههههه

ضحك فلاح ضحكةً رنانة وقال: الله يسلمك ويسلمها من الشر .. علنيه افداها امايه جليثم والله ولهان عليها ..
خلاص فالها طيب بنت مجتوم .. امبونها امايه قايلتلي تبا تخطف جداكم باجر ..

أبا مكتوم: خلاص عيل غداكم عندنا باجر ان شاء الله ..

وأكمل بخبث باسم: وبالمرة نرمس بالسالفة اللي تقرقع في فوااادك ..

ضحك فلاح بـ خفة هاتفاً بنظرة باسمة تلمع مكراً غامضاً ........ مغروراً: لا تقرقع في فواديه ولا شياته .. لو انك ما رمست ابها ما تذكرتها والله ..



.
.
.
.
.
.
.



: بومييد طلبتك

هتف سلطان بسرعة بصوت خشن ملؤه الحمية: عطيتك بوخويدم .. آمر علنيه افداك ..

ابتسم بطي ابتسامة قصيرة مقتضبة وقال: فديت خشمك انا .. بغيتك ترد العيال العين .. انا بتم هالويكند في بوظبي ..

قطب سلطان حاجبيه شاعراً ان صديقه يمر بـ ظروف تجعل منه ليس بـ بطي المرح الباسم ... الا انه قال بعد ان هز رأسه بـ ود متأصل في روحه: امره فالك طيب يالخوي ..

بطي: فاااااالك ما يخيب يا بن ظاعن يعلك تسلم ياربيه ..

ثم إلتفت لأبنائه وابناء ابن اخيه سيف وقال بـ حزم: خويدم .. سلطان .. مايد .. منصور .. يلا لموا ثيابكم عسب تردون العين مع عمكم سلطان ..


ذهب الاطفال محملين بـ شتى انواع الصياح والضحكات وكل منهم يسابق الآخر الى الغرفة كي يرتبوا ثياهم ويغلقوا حقائبهم .. بينما إلتفت سلطان باحثاً بعيناه عن ابن أخيه ...

ثم سأل بطي باستغراب: بوخويدم بتخبرك .. ذياب وين ..؟!

بطي: ذياب وحمد سرحوا صوب عزبة ربيعهم .. ايقولون عزبته جريبة من هنيه ..
بس فلاح ومصبح وعياله من أصبح الصبح سرحوا كلن صوب داره ..

سلطان: هيه ادريبهم .. سلمت عليهم يميع قبل لا يظهرون ..

امسك بهاتفيه ومفتاح سيارته ومحفظته ... ثم أردف: يلا عيل نحن بنتوكل ..
بوخويدم ما عليك اماره خبر عبدالرحيم يقفل البيبان عقب ما تظهر انت ..

بطي: ان شاء الله .. الله يحفظكم ..



خرج سلطان من المنزل بينما جلس هو بثقل جسده على الاريكة وتمدد على طولها ..


ثم زفر زفرة ضيق سرمدية ..!!

غاضب حتى النخاع .. ومجروح حتى اللب من التي سكنت العين والقلب ..!!


فالذي فعلته خدش كرامته وابعدته كثيراً عن معنى التسامح ذاته ..!!

ما فعلته به آمنة قبل شهرين كبير وما تفوهت به أكبر وأعظم .. ويقسم انه سيكون أبلهاً ومعتوهاً لو جعل هذا الموضوع يمر من غير عقاب ساخن حارق لها ..!!!



.
.



قبل شهرين



دخل منزل والد زوجته والغضب قد وصل لأعتى مرحلة في دماغه .. كيف لها ان تُجمِع ملابسها وتمكث في بيت والدها من غير ان تستأذن منه ..!!!

كيف ..!!!


دخل المنزل الذي كان فارغاً من أي أحد .. وصعد مباشرةً لغرفة زوجته القديمة التي تحوي كل ذكريات طفولتها وصباها فيها ..

ثم طرق الباب بخشونة هاتفاً بانفعال/غضب: امون بطلي الباب ..

جفلت آمنة بمكانها ... ولهيب الغضب المستعر والارتباك الذي تخلله حقداً حقيقياً قد خرجا من شفتيها بوضوح وهي ترفض ما يقوله بحدة: شو تبا يايني هنيييه ..!!

احتد فم بطي وقال من بين اسنانه: بطلي الباب يا امنة احسن لج ..

جمعت آمنة في باطنها كل شجاعة ممكنة ... وتحركت باتجاه الباب لفتحه ...


ما إن فتحته حتى شعرت بقبضة يده الصلبة على ذراعها اللين وهو يجرها الى وسط الغرفة .. وصرخ بانفعال لم يكبحه ابداً: ممكن تفهميني شووو الحررركة اللي سويتيهااا وانا مسافرررر ..؟!!!!


زمت آمنة فمها بـ غضب أعتى من غضبه ... وبوحشية أنثوية خرجت من روحها المجروحة "المخدوشة في الصميم" نفضت ذراعيها من قبضته بقوة الى ان تمكنت من الابتعاد ... وصرخت بانفعال بالغ ملؤه القهر:
بأي حق انت تدخل حجرتيه وشال البقعه بصريخك ..؟!!

قطب حاجباه الغليظان وقال من بين نظراته النارية المستنكرة: بأي حقققق ..!!!!
انتي شو تتحرين روحج يا مدااام ..!!!
انا المفروض هنيه اسألج انتي بأي حق تظهرين من بيتج وانا مسافر ومن غير ما تعطينيه خبر ..؟!!

أكمل بنبرة سليطة ساخرة "تقطر ماردية": ولا هلج ما علموج المعنى والمذهب يا حرمتيه المصوونة ..؟!!


رفعت آمنة أصبعها السبابة وقالت بذات انفعالها العاتي: هليه علمونيه المعنى والمذهب من قبل لا اخذك تفهم ..؟!!!
لا تييب طاري المذهب وانت مضيعنه يا المحترررم ..

احتقن وجه بطي من الغضب والصدمة المتزايدان في روحه .... وبأعصاب منفلتة تماماً امسك بيده اليمنى وجهها وقربه من وجهه وقال بفحيح امتزج كلياً مع انفاس غيظه الثقيلة: منو مضيع مذهبه يا امووون ..!!!
انااااا ...!!!!
انا مضيع مذهبيه يا بنت عيسى ..!!!!

كانت آمنة تحاول ابعاد فكيها عن يده ولكنها لم تستطع ... وشعرت للحظات انها سيغمى عليها من شدة الألم ولكن جاهدت كثيراً ان لا تستلم وان تبتعد عن "هذا المجنون" حالاً ..

صرخت بحدة غير مبالية ابداً بالنتائج: هييييه هييييه انت مضيع المذهب ومودر سنة الرياييل الحشام ..

اغمضت عيناها بـ جزع محاولةً بفشل إخفاء ذعرها وهي ترى كيف شحُب لون وجه بطي بـ صدمة عاتية .. وفمه المحتد غدا كـ سكين حاد قاتل ..


ترك بطي وجه آمنة قبل ان يقول بخفوت صادم قاسي متجمد وهو يرص على عيناه المظلمتين:
انا مضيع المذهب يا آمنة ومودر سنة الرياييل الحشام ...!!!
كل هذا انا .!!!

ضحك فجأة بـ قسوة جمدت اطراف جسد آمنة .. ثم قال وهو يهز رأسه ومشاعر خيبة عميقة/وجرح اعمق تغزوان روحه المتشربة بالرجولة: يزاج الله خير يا ام خويدم ..
شو اقول غير جيه .. يزاج الله خير ..

استدار ليخرج .. الا انه توقف عند الباب وقال موجهاً كلامه "لتلك التي ترتجف من هول ما مرت به": لكن اقسم بالحي القيوم .. انيه ما بنسى اللي قلتيه الساااع ..
وهالشنب هب على ريال لو طوفت السالفة على خير ..



.
.
.
.
.
.
.



قطب حاجباه باستغراب ساخر: سلطان بن ظاعن بيعرس ..؟!!!
منو قالك انت ..؟!!!

وضع الآخر رجله الأيمن تحت فخده الايسر ورد بتلاعب ماكر: ما يخفى شي عن مانع يا بومرشد ..
خصوصاً لو كان الامر متعلق بـ سلطان ..

ابتسم أبا مرشد باستهزاء وقال: واضح واضح .. ومانع هولمز شو يايبنه عندي هالوقت ..؟!!
ولا انت ياي عسب تخبرني بس ان سلطان بيعرس ..؟!!

احتد فم مانع بغيظ شديد من استصغار أبا مرشد له .. الا انه لم يظهر انفعاله وأجاب بهدوء: ييت عشان اقولك اباك ادخلني هالمره معاكم في الاجتماع ..

هتف أبا مرشد ببرود وقال وكأنه لم يفهم حديث مانع: أي اجتماع ..؟!!

مانع: اجتماعك الياي مع ديرفس والجماعة ..

رفع أبا مرشد حاجباً واحداً وقال: وانت ليش مستغلث وايد على هالاجتماع ..؟!!
اظنتي انا معطنك كم مهمة تخلصها داخل البلاد .. اي شي خارج نطاق البلاد ماظن ضروري انك تدخل فيه ..

هتف مانع بانفعال هذه المرة:
انا يوم قررت احط ايديه في ايدك ما حددت اليه شو اللي لازم اسويه وشو اللي ممنوع عليه اسويه .. وشرات ما انا اشتغل داخل البلاد وايمع لك شباب وناس يزيدون من قوتك ضد الحكومة المفروض تقدرني اكثر عن جيه يا بومرشد وتعطيني مهام برع بعد .. وماشوف ان الشي بيعارض مصالحك الشخصية دام اني وياك على نفس الخط ونفس الاهداف ..!!!!

قلب أبا مرشد عيناه بـ ضجر وقال: يصير خير يصير خير .. بعدنا نحن ما حددنا موعد الاجتماع الياي ولا مكانه بالضبط ..

رمق مانع أبا مرشد بـ نظرات غامضة قبل ان يقول بنبرة مقتضبة: اوكي يا بومرشد .. بنشوووف ..



ومن غير كلمة إضافية .. نهض مانع وخرج من المكان .. ومن البيت بأكمله ..

وبينما هو يمشي نحو سيارته .. امسك بهاتفه واتصل بـ رقم معين ..

فـ صاحب هذا الرقم هو من سيدعم جانب قوته ضد "ذلك الذي يستصغر شأنه ويحتقره كالكلاب" ..!!



.
.
.
.
.
.
.



في بلاد أخرى
تحـــديداً قطـــر



نزع عنه نظارته الطبية ما إن دخلت عليه شقيقته الكبرى عليه المكتب هاتفةً بتهكم امومي ينضح حناناً: ناصر الله يهداك وينك ..؟!!
من متى اناديك عشان الغدا ..

ناصر بنظرة باسمة: يلا ام جاسم جاي .. بس كنت ارد على السريع على ايميل جاني من الامارات ..

قطبت اخته ام جاسم حاجبيها باستغراب وقالت: ايوه صج ابي اسألك .. تأكدت من سفرتك لـ بوظبي ولا ليلحين ..؟!

هز ناصر رأسه بـ أجل وقال بحزم: اي تأكدت .. الاسبوع الجاي بسافر ان شاء الله ..

ام جاسم بـ حزن على حال شقيقها الذي يهوى الانغماس في العمل ومتاعبه والسعي بجنون خلف اسفاره التي لا تنتهي: بومشعل فديتك متى بس بتفكر تتزوج وتقعد في بلادك بين هلك وناسك ..!!!
عيالك محتاجين ام .. محتاجين اهتمام ودرايه .. يشهد ربي اني اعتبرهم مثل عيالي واعز واحاول ما اقصر ابد في حقهم .. بس الام غير ..
عيشتهم في بيت خالي من ام وابو كله مسافر ولاهي في شغله خلى نفسيتهم تتعب .. جوف علامات مشعل وفيصل في الشهاده .. مستواهم الدراسي نزل وايد .. وجوف منول شلون صايره ما تسمع الكلام وتمد لسانها على كل حد ..
اعيالك يبيلهم مرة تعلمهم وتسنعهم يا ناصر ..


صمتت وهي تتذكر امراً آخراً اثار غيضها .. ثم اضافت بانفعال حاد: ياني منقهره وباطة جبدي من ذيج اللي ما تتسمى .. يعني خلاص لو تطلقتي ما تسألين عن عيالج ولا اجوفين شفيهم شيسوون شياكلون شيشربووون ..؟!!
ذي ام بالله عليك .. ذي عندها قلب اصلا ..!!!

رفع ناصر جانب فمه بسخرية حقيقية قبل ان يهتف بصقيعية تامة:
على فكره متصله فيني من جم يوم تقول تبي تعويض عن عقد الماس اللي بعته انا عشان اسدد دين البنك اللي كان على ظهري ..

اتسعت مقلتيها بـ ذهول وقالت: اي تعويض واي بطييييييخ ..!!
بعيني جفتك تشتريلها طقم الماس سعره دبل اللي بعته بمرتين .. رجائووه هاي شناويه عليه ابي افهمممم ..!!!
لا يكون تخطط تقعدك على الحديده هالحراميه ..!!!!

ضحك ناصر ضحكة ساخرة وقال: هههههههههه لا وتقول لو ما عطيتني فلوسي برفع عليك قضيه في المحكمة وبفضحك بين خلق الله ..

هزت اخته ام جاسم رأسها بقلة حيلة/احتقار وقالت: حسبي الله على بليسج يا رجاء .. مينووونه هاذي لا تستبعد تسويهاااا ..

جلست امام مكتبه وتابعت بقلق: انت شبتسوي ..!!!

ناصر بنظرة رجولية ماكرة: وين الدليل اصلا اني بعت شي من قشها وذهبها ..!!!!
خل تشرب من ماي البحر احسلها .. وريال واحد ما بتجوفه مني ..



.
.
.
.
.
.
.



جلس على الدرج الامامي لباب منزله الداخلي وقد تجعدت عيناه من اشعة الشمس الحارقة ..

أجل حارقة .. ولكنها ليست أكثر حرقةً من هذا اللي يستعر في جوفه ..

كم هو سهل الرضوخ وصعب التسامح ..!!

سهل الرضوخ كي يجعل من والدته اداة تسيره وتجبره "بطيب خاطر" ان تخطب له فتاة لا يرغب بها ..
وصعب التسامح كي ينفي ذاته ومشاعره وحبه لأقصى ركن في قلبه .. وكأن حبه "قد اجرم" ..

وكأن هذا الحب اصبح في عداد المجرمين المُساقين بذل وعار لزنازين قسوة العمر ..!!

أن يسامح ما ارتكبه حبه في حق روحه هذا شيئاً مستبعداً ..!!

أجل .. أصبح عقله الباطن يرى ويسمع ويتكلم بهذا المنطق الغريب ..!!

فـ صاحبة بركة العسل لم تترك له خيار آخر سوى "الجنون" ..!!

وكم يبغض هذا الجنون بقدر تعطشه له ..!!!!!



مر اسبوعان تقريباً على تقدمه لـ خطبة إبنة عم زوج اخته مريم بشكل رسمي .. وبعد عدة ايام سيعقد قرانهما ..


حسناً يا يعقوب .. ليس كل من تمنى قرب المحبوب نال هذا الشرف ..!!

عزائي فقط هو لقلبي المُعلق على اهدابك الحسناء يا "أنتي" ..!!



: يعقوووووب يعقووووووووب ..

تنهد يعقوب بقلب مضرج بلون الوجع .... ثم قال بنبرة هادئة مقتضبة: انا هنييه امييييييه هنيييه ..



.
.
.
.
.
.
.



توقف قرب منازل بن خويدم الثلاث وقال بـ حزم دافئ: ها وين تبوني انزلكم ..!!
صوب بيت يدكم ولا كلن في بيته ..؟!

اجابه خويدم: لا عميه نزلنا بيت يديه .. اصلا بيتنا فاضي محد فيه ..

قال مايد ابن سيف موافقاً اقتراح ابن عم والده: هيه حتى بيتنا .. اتصلت فيه امايه وقالت انها بتسير مع يدوه وموزوه عقب الغدا راس الخيمة .. وقالتلي يوم تردون سيروا بيت يدكم ..

ضرب خويدم رأس مايد وقال: شو موزوه .. انت ما تستحي ..!!
قول خالوه موزوه ..

علت بسمة ساخرة مرحة عينا سلطان وقال: يعني انت الحينه عدلتها يا خويدم .. !!
اسمها خالوه موزه انت وياه ..

أردف محركاً سيارته للأمام ثم استدار بها يميناً ليدخل من باب بيت خويدم الكبير ..



خرج الأولاد جميعاً يتراكضون بينما حرك سلطان رأسه بتهكم باسم وهو ينادي بصوت عالي: مااااايد تعاااال .. نسيت اخوك راقد هنيييه ..



لم يسمعه أحد من الاولاد ابداً .. فاضطر لأن يخرج من السيارة ليوقظ بنفسه منصور من قيلولته ...

حاول إيقاظه بأن يربت على جسده الصغير بخفة ويحاكيه بخفوت ولكن منصور لم يستجب ولم يستيقظ ..



استقام سلطان بقامته الفارعة قبل ان يرفع جانبي شماغه للأعلى بحركة سريعة .. وقرر ان يحمله للداخل ..

فعلى ما يبدو ان هذا الصغير لن يستيقظ بسهولة ..!!



.
.
.
.
.
.
.



كانت الصالة خالية من أحدٍ سواها .. فوالديها في الداخل نائمان قيلولة الظهر .. وبنات شقيقها عبدالله قد ذهبتا مع والدتهما للمركز التجاري للتبضع .. أما احمد فـ كان ما زال في أبوظبي بعد ان خرج في الصباح ليوصل ابنائه منزل جديهما هناك ..


دخلت الحمام التابع للصالة .... وهناك لمحت قلم كحل ومرطب شفاه .. ابتسمت بخفة وقالت محدثةً ذاتها: ميروه كله تعق قشارها في الحمامات ..

وبشقاوة باسمة قررت ان تتزين قليلاً علًها بهذا تقتل وقت فراغها الكئيب ..


رسمت عيناها رسمة القطة (الكات آيز) من الأعلى وكحلت عيناها بخفة من الداخل .. ثم وضعت المرطب الذي زاد من احمرار شفتيها الرقيقتين ..
ثم أخيراً فتحت شعرها الاسود الطويل .. وحركته بخفة بين اصابعها ليتحرر ويتنفس الهواء ..

رتبت بعجل ثوبها العربي البارز لـ قامتها الممشوقة وخصرها الدقيق الصغير .. وخرجت بابتسامة ناعمة ترسم الجمال على مبسمها العذب ..


ما إن اقتربت من باب الصالة حتى شهقت بـ جزع: حسبي الله على بليسكم من عياااااااال طيرتوا حمامة فوااااااديه ..


لم يرد عليها الأولاد إذ كانوا يتسابقون ليصل الأول منهم لغرفة الالعاب ويأخذ اول جهاز تحكم من لعبتهم الألكترونية ..


سمعت خويدم وهو يضحك بصخب ويقول لـ مايد: ويووووووو ما بتسبقني ما بتسبقني هههههههههههههههه

جر مايد ثوب خويدم من الخلف وقال: تحلممممم تسبقنننني ..

بينما سلطان الصغير قذف نعليه وسط السلم وامسك بثوبه ساحباً إياه الى الأعلى وقال وهو يضع طرفه بين اسنانه: اصلاً انتو الاثنينه دببه ما بتلحقوني انا الرشيييييق هههههههههههههههههههه


قطبت حاجبيها بغضب واللون الاحمر انتشر على وجهها من حرارة الجو التي أتت من الباب الذي تُرك مفتوحاً على مصراعيه باهمال ..


هتفت بصوت عالي حانق وهي تضع يديها على خصرها: وين منصووووور يا المقلع ..؟!!
وين خليتووووه ..؟!!
(المقلع = المجانين المشاغبين)


تأففت بتهكم وهي لا تتوقع ابداً سماع اجابة من أحد هؤلاء المشاغبين ..

ثم استدارت متحركةً اتجاه الباب وهي تزيح بعض خصلات شعرها التي شاكست على حين غرة وجهها بسبب هواء الصيف القوي الحار ..



وهنا .... توقف بها الزمن كلياً .... زمن العقل .... وزمن العمر ..!!!



.
.



هــــو ..


كان يركب السلالم الامامية لباب المنزل الداخلي .... حرك فمه بارتباك وهو يخشى ان تخرج امامه إحدى نساء العائلة ..
ولكنه لمح من طرف زاوية وقوفه جانباً من الصالة الخالية من أحد .. لهذا تشجع وتقدم حاملاً بين ذراعيه الصلبتين منصور النائم ..


وبينما هو يتقدم ببطئ .. كان يتنحنح بخفوت ليصفي صوته ويقول "هوووود يا هل البيت" ..


الا انه وقبل ان يتفوه بكلمة واحدة .... كانت هي أمامه ....

بكامــــل شخصهــــا الملكــــي .... أمــــامــــه ..!!!!








نهــــاية الجــــزء الحــــادي والعشــــرون


sira sira likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-06-16, 07:38 AM   #26

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)






الجــــزء الثــــاني والعشــــرون



،



تلومني الدنيا إذا أحببتهُ

كأنني أنا خلقتُ الحبَّ واخترعتُهُ

كأنني أنا على خدودِ الوردِ قد رسمتهُ

كأنني أنا التي للطيرِ في السماءِ قد علّمتهُ

وفي حقولِ القمحِ قد زرعتهُ

وفي مياهِ البحرِ قد ذوّبتهُ

كأنني أنا التي كالقمرِ الجميلِ في السماء

قد علّقتُه ..

تلومُني الدنيا إذا سمّيتُ منْ أحبُّ .. أو ذكرتُه

كأنني أنا الهوى .. وأمُّهُ .. وأختُه

هذا الهوى الذي أتى من حيثُ ما انتظرتهُ

مختلفٌ عن كلِّ ما عرفتهُ ..

مختلفٌ عن كلِّ ما قرأتهُ

وكلِّ ما سمعتهُ ..

لو كنتُ أدري أنه نوعٌ منَ الإدمانِ ..

ما أدمنتهُ

لو كنتُ أدري أنه بابٌ كثيرُ الريحِ

ما فتحتهُ ..

لو كنتُ أدري أنه عودٌ من الكبريتِ ..

ما أشعلته

هذا الهوى .. أعنفُ حبٍّ عشتهُ

فليتني حينَ أتاني فاتحاً يديهِ لي

رددْتُهُ ..

وليتني من قبلِ أن يقتلَني ..

قتلتُهُ

هذا الهوى الذي أراهُ في الليلِ

على ستائري

أراهُ في ثوبي

وفي عطري .. وفي أساوري

أراهُ .. مرسوماً على وجهِ يدي

أراهُ منقوشاً على مشاعري

لو أخبروني أنهُ

طفلٌ كثيرُ اللهوِ والضوضاءِ

ما أدخلتهُ

وأنهُ سيكسرُ الزجاجَ في قلبي

لما تركتهُ

لو أخبروني أنهُ سيضرمُ النيرانَ في دقائقٍ

ويقلبُ الأشياءَ في دقائقٍ

ويصبغُ الجدرانَ بالأحمرِ والأزرقِ في دقائقٍ

لكنتُ قد طردته ..



لـ نزار قباني



،



اثنــــان ...

اثنان نحتهما جبروت العشق سنين كالدهر .. نحت فيهما تمازج
علو كبرياء لا يرضخ .. وسمو عزة تفجرت بانفرادية تامة لا تليق الا بهما ..

شخصان ....... روحان ....... احبا بعضهما قبل ان يحب الثاني الأول ..
وقبل ان يحب الأول الثاني ..

اثنان مرّ عليهما زمن لا حكاية فيه سوى حكاية الجوى/العشق .... حكاية عتيقة صامتة لم تُروى لأحد .. ولم تُدون في أي اقصوصة/ورق الشجر ..!!

حكاية من زمن قيس ... وعهد روميو .. وسنين طويلة من عمر عنترة ..!!

اثنان جُرحا في الصميم .. ولن يُبرأ جرحهما الا من الصميم ..!!



هذا ما قاله طيف الهوى وهو يمر بين شخصهما بكل هيبة/سكون ..!!



هو ... فقد تصلب كلياً .. وتجمد ..... ما ان رأى عيناها ..!!


هــــي ...... ذاتهــــا ..
ذات العينان اللتان اوقعتا بقلبه صريعاً مريضاً موهوناً يتسول العشق المفقود ..!!!


ذاتهـــا ..
من التي اجتذبت خفقات قلبه بـ صوتها الآتي من زمن "ألف ليلة وليلة" ..!!


اختلجت انفاسه الثقيلة وهو يرمق "الباذخة" امامه بنظرته الصقرية السوداء "اللامعة" من أسفل قدميها ...
إلى قدها المياس الغض بخصرها النحيل ....
وصولاً لجيدها المرمري المشوب بسمرة بدوية أصيلة ..
إلى فمها المكتنز الطري المفعم بجمال لون الورد المنعش ........ إلى ....
إلى عيناها ......
عينــــاهــــا ..!!!



شعر ان انفاسه لا تخرج ......... لا لا ..
بل لا ترغب بالخروج ....


وبغير وعيٍ منه ..... من غير حتى ان يدرك انه اصبح "زوجها" ....


تنحنح بصوت خرج خشناً/غليظاً/مبحوحاً ممتلئ بمشاعر اثقلت صدره حد الموت ..

ثم اخفض عيناه نحو الصغير منصور وهو يعدل من طريقة نومه ... وهتف بأجش ثقيل بتثاقل خفقاته المجنونة:
ما عليج اماره الشيخة بغيت حد يشل عنيه منصور ..




هل له ان يفكر قليلاً بتعقل لكي يدرك ان التي امامه في حالة جمود جسدي .. وعقلي تام ..!!!




ارتفعت عيناه إليها .. "وبحق" لم يلمح الا فتاة متجمدة متصنمة بكل معنى الكلمة ....!!!

لم يكن يتحرك فيها الا صدرها العامر خلف ثوبها العربي الرقيق ..



أخذ يتأمل تحرك صدرها العنيف بأنفاسها القوية مدركاً اخيراً انها لم تمسك بعد زمام وعيها ..!!

تباً .. هي حتى لا تتحرك ..!!!!



تنحنح مرة أخرى ولكن بقوة هذه المرة .. وقال متأملاً كل شبر فيها بمشاعر غريبة اثقلت/انهكت كاهليه: بنت خويدم ازقريليه وحده من البشاكير ما عليج اماره ..



وقبل ان ترف عيناه .... كانت هي تستدير بحدة قوية وتركض برجلاها المرتجفان بجنون ..



اختبأت في زاوية مظلمة تقابل غرفة والديها ولهاثها العنيف في سباق خاص مع مخارج تنفسها ..


كانت ترى انعكاس جسده من المرآة التي بالقرب من السلم ..


تــراه ..
هو ..
هو بعينه ........ سلطانهـــــا ..!!


يا إلهي .. أكان الزمن بهذه الحفاوة معك يا هذا ليجعلك تتوحش بوسامتك هكذا ..!!

أجعلك تتنمر على ذاتك وتُلقمها حقن الرجولة المفرطة داخل حُلتك المهيبة ..!!

أكنت أيها القاسي ناقصَ الوسامة فيما مضى لتزيدها قوةً فتكاً بأعنف الطرق على انوثتي المتواضعة ..!!

يا إلهي ..!!

يا إلهي .. تشعر ان قلبها سقط للتو صريعاً عند قدم رجلاً كانت منذ قليل تبغضه ..!!
تبغضه حد الصبابة .. وتصبو لعشقه حد البغض اللامتناهي ..!!


آآآآآآآه ..

وكأنك يا نزار اكسيتني وجع حرفك عندما قلت متحسراً من جوى القلب:
لو كنت ادري انه نوع من الادمان ما ادمنته .. لو كنت ادري انه باب كثير الريح ما فتحته .. لو كنت ادري انه عود من الكبريت ما اشعلته ..


يا إلهي .. رحمتك يا رب العباد ..


وضعت كفها الأيمن "المرتعش" على قلبها وبدأت تتعوذ من الشيطان وتذكر الله بهمس مختنق/وجل/مهتز حد اللاثبات ..

فهذه الدقات لم تداهمها بشراسة هكذا منذ زمن بعيد .. بعيداً جداً ..


يالله ..


اخذت نفسين عميقين كعمق سواد عيناها وقوّت عود قلبها المتخبط .... واستدارت قليلاً لتأخذ غطاء رأسها من الاريكة التي امامها وتغطي رأسها بالكامل .. تاركةً "بذهن ضائع" شعرها المفتوح ينساب بخيلاء من تحت الغطاء مع خروج نصفه من الأسفل اذ كان شعرها طويلاً جداً ..


اقتربت من الباب بعد ان رسمت على وجهها كل شرارات القوة والاعتداد والأنفة .... وبعد ان تنحنحت "لتضيف بضعف بعض الصفاء على صوتها الذي اختفى بجبن تحت هيبة حضوره" .. قالت بـ حزم شديد وهي تمد ذراعيها "المرتجفتين" اتجاهه:
يعلك تسلم يا بومييد .. عطنيه منصور انا بشله ..


إلتمعت عينا سلطان لمعاناً رجولياً ذات معنى ما إن لمحها مرة أخرى واقفةً امامه وعذوبة صوتها المبحوح تسبقها ..
قال من تحت نظارته الشمسية بخشونة لم يتعمدها .. خشونة كانت خبيثة حد السكين: ما نبغي نتعبج يا بنت خويدم .. منصور ربيه يحفظه هب خفيف .. ازقريليه وحده من البشاكير ..


احتد فمها كارهةً هالة القوة والتكبر المحاطة به ... وقالت بحدة رقيقة لم تتجاوز حدود الأدب: بومييد طوليه بعمرك عطنيه الولد .. نحن هب ظارين نخلي البشاكير يشلن عيالنا في احظانهن ..


واقتربت لاإرادياً منه مادةً ذراعيها كي تحمل منصور ..

أنزل سلطان أنفه قليلاً وهو يرمقها من تحت علو نظارته رافعاً حاجباً واحداً بابتسامة قاتلة ساحرة "ساخرة" .. ثم رفع أنفه وهتف بتساؤل حازم مسيطر وكأن الذي قالته هذه التي امامه ليس ذو قيمة ...... وكأنه هو سيد الموقف .. وسيد المكان والهواء:
حد في الصالة يالس ..؟!!


احتقن وجهها من تجاهله لها ومن تعنته الذي "لا يُطاق بنظرها" ... وقبل ان تجيب على تساؤله الغريب ... تحرك للأمام بسيطرة بالغة ورآى من خلال الباب المفتوح خلو الصالة من أحد ..


اقترب من شما بخفة .. بينما هي حبست انفاسها المرتعبة من قربه .... ثم مر من جانبها بعد ان لفحتها رائحته العودية الفخمة الممتزجة بشذو القهوة والتوباكو وشيئاً من التوابل الهندية ..


احست لثانية ان توازنها مع شم رائحته قد اختل .. لكنها وضعت يدها على جبينها اللامعة بحبيبات صغيرة من العرق لتمسك زمام قوتها وسيطرتها .. ثم رتبت غطاء رأسها بتوتر تصارعت لكبحه .. واستدارت لحيث دلف ..


دلف سلطان صالة المنزل حتى توسطها .. ثم وضع منصور فوق اقرب اريكة واستدار ليخرج ..

ما إن أصبحتا كتفاه موازيان تماماً لحدود كتفي قامتها "القصيرة" مقارنةً بقامته الشاهقة ... حتى قال بنبرة تقطر سخرية بالغة:
لــولــوه ..


رفعت شما عيناها بحدة محاولةً استيعاب الاسم .. ثم وبشكل تدريجي .. فهمت المعنى المبطن للإسم الذي ناداها به ..... مما جعلها ترتجف غضباً ممزوجاً بإحساس المهانة العلقمية ..


اشتعلت عيناه ببريق قاسي .. قاسي كقسوة رنين كلماتها المهينة على مسامعه .. وقال بعد ان رفع جانب فمه بابتسامة كسولة .. وبعد تركز نظره في الامام ولم ينزله ابداً: 12 سنة يا لولوه وانا اهويس بروياج ..
12 سنة تخيلي ..!!!!


قاطعته شما بصرامة حادة تخللها شرارت الغضب .. فهذا الرجل يستمتع بالسخرية منها .. يستمتع لأقصى درجة .. وهي لن تجعله يتهنى بسخريته هذه: لو سمحت .. اسميه شما ..


اتسعت ابتسامة غامضة على مبسمه .. ثم مرر طرف لسانه على شفتيه الجافتين ونظر إليها من حدود كتفه العريض وقال:
صدقينيه يا لولوه .. ما ريت من يستاهل هالاسم غيرج ..



تراجع قليلاً ليصبح مقابلاً لوجهها .. واضاف بابتسامة بيضاء متلاعبة وهو ينحني بظهره حتى غدا وجهه قريباً من وجهها كتقارب انفاسهما التي بدأت بالتخالط بعنفوان طاغي:
على العموم .. عقب هوياس سنين .. اظن لولوةْ خويدم بن زايد تستاهل من يرقبها 12 سنة ..



مشط بعينه الصقرية رجفة جسدها وشفتاها اللتان كانتا تعكسان بوضوح ما يموج ويعصف بداخلها ...

وقال بهمس خشن "ساخر حد الممات" لم يتعمد اخراجه بصورة تُربك وجدان التي امامه بشكل اعتى من السابق:
ولا يا بنت خويدم عدنا في نظرج الوقى اللي مايوز لمقامج العالي ..؟!!


كان يقترب من وجهها شيئاً فـ شيئاً ... ولم يلاحظ هذا حتى تلامست أطراف انفيهما ببعضها البعض ..


اغمضت شما عيناها بقوة وقالت مبتعدةً عنه بحدة ونبرتها الحادة المهتزة تنبأ عن حالتها الجزعة المرتبكة:
يا بومييد احشم البيت وراعيه .. ودام راعيه الحينه راقد هب معناته لك الحق ادق سوالف مع هل بيته ..



وبشجاعة حديدية تُحسد عليها "خاصةً بعد هذا الموقف الكبير على قلبها الضعيف" .. تراجعت أكثر للخلف وامسكت بمقبض الباب وقالت بصرامة "مزيفة/مرتعشة": خالفتك السهاله يا بن ظاعن ..



استقام سلطان بوقفته، ثم عدل نظارته الشمسية فوق جسر انفه الشامخ قبل ان يرفع حاجباً واحداً بذات سخريته المميتة المثقلة باعتداد يجمد الاطراف .. وثقة تتفجر حمماً ..... وقال:
سلطان بن ظاعن له كل الحق يسوي بـ حلاله اللي يباااه ..


ومشى ببطئ تعمد خلالها لمس كتفها مما أدى الى سريان امتداد كهربائي كامل على طول جسدها الغض جعل من غطاء رأسها يتحرك ويتمايل بخفة فوق نعومة شعرها الى ان سقط على كتفيها ..

ثم هتف بابتسامة عبثة كسولة "واثقة" خرجت مع نظرته السوداء المسيطرة:
وانتي يا لولوةْ خويدم غديتي حلال سلطاان ..


وقبل ان يعطيها المجال "للتنفس .. وللتعقيب" .. كان قد انحنى باتجاهها "بتلاعب صقري خبيث" إلى ان لمس بأنفه فروة شعرها ... ثم دعك رأس أنفه بنعومة عليها مختزناً بصدره رائحة شعرها الممتزجة بعبقها العذب ... عبق روائح العود ودهنه المعتق ..

وهمس "بأجش خافت ينضح بالثقة/التملك الرجولي" رافعاً جانب شفتيه بابتسامة غامضة مبطنة باختلاجات وانفعالات "لم يظهرها":
كلــج حلاليـــــه يـــا ...... لــــولــــوه ..



وكما دخل كعاصفة مدمرة على حين غرة .. خرج بذات عاصفته مخلفاً وراءه خفقات أنثى "ترتجف بأكملها كزهرة ياسمين تصارع وحيدة وسط كارثة طبيعية هوجاء" ..!!



.
.
.
.
.
.
.



بعد مرور يومان



اعتدل بجلسته ونظرة استنكار غاضبة تعلو ناظريه الصقيعيين بخفة .. وقال وهو يقرب الهاتف من فمه:
هرب ..؟!! .... كيف ..!!!!
كيف يهرب من سجن لاسانتيه المنيع ..!!!!!

زفر آندي بذات غضب رئيسه وقال بغلظة: لا اعرف يا زعيم .. حقاً لا اعرف .. ولكن اشكر الله اننا تمكننا من تعقبه والتحقق من صدق نواياه اتجاهنا قبل ان يهرب ..


ضرب ديرفس بقوة الطاولة التي امامه وقال بـ غيظ حقيقي: كيف لك ان تقول هذا يا آندي ...!!!
لقد هرب لاكي من السجن قبل ان أأذن انا شخصياً لـ رجالنا هناك ان يخرجوووه ..
وكيف له ان يهرب من هناك بسهولة ..!!!
كيف ..!!!

هز آندي كتفيه وقال بنبرة هادئة محاولاً اقناع زعيمه بـ وجهة نظره: ما دمنا تأكدنا ان لاكي شخص يمكن الاعتماد عليه والثقة به .. فـ هذا امر جيد .. وما دام هذا اللاكي استطاع الهروب من سجن لاسانتيه .. فهذا امر غاية في الروعة ..
لقد كسبنا يا زعيم شخص عبقري لا يغلبه امر ..
فقط خذ الامور من الناحية الايجابية ..
وبطريقتي الخاصة .. سأعرف بالضبط كيف هرب وما كانت وسيلته ..
وعندما أعرف .. سنكسب نقاط جيدة ضد الحكومة الفرنسية ..
فـ معرفة نقاط ضعف هذا السجن بالذات وكيفية الهرب منه أمر سيزيد من رصيد قوتنا ضدهم في المستقبل .. وسيسهل علينا عوائق شتى ..
ومن خلال معرفتي القصيرة بذاك اللاكي .. أعتقد انه تدبر امره لوحده .. فـ انا ما من رمقت عينا ذاك الشاب .. ايقنت انه ليس بـ شاب ذو نظارات سميكة مُحمّل بعقل إلكتروني يعمل كالماكينة فقط .. وانما ذو قلب وجسد صنديدي لا يهاب المخاطرة ..


هتف ديرفس بتشكك: أهذا ما تراه حقاً ..!!!!
ألا تشك أن الدي جي أس إي أو السي آي أي او حتى الراو خلف الموضوع ..!!!
(جهاز المخابرات الفرنسية = دي جي أس إي، جهاز المخابرات الامريكية = سي آي أي، جهاز المخابرات الهندية = راو)


آندي بثقة: قطعاً لا .. ولا حتى اي جهاز مخابرات من اي دولة خليجية او عربية ..

صمت قليلاً ثم اردف بحزم: أتذكر عندما قلت لك قبل شهر واحد انني ارسلت له في سجنه رجلاً هندياً هرم يتحدث نفس لغة لاكي ..!!!!

ديرفس: اجل اتذكر ..

آندي بخبث: في الحقيقة ولأصدق القول معك يا زعيم ..
كنت اشك ان لاكي هو لاكي ابن عائلة جانجوس ذاته .. حدسي انبأني ان هناك مؤامرة تُحاك من خلفنا .. ولهذا ارسلت الهرم إليه لأعرف الحقيقة ..


عقد ديرفس حاجبيه وقال: ومن هذا الهرم ..!! .. لقد كنت وقتها في معمعة مشاكل لا تنتهي ونسيت ان اسألك عنه ..

ابتسم آندي بمكر قاتل وقال بثقة: الهرم في الحقيقة هو ابن عم ابيه .. وقد سُجن فيما مضى لأنه أُتهم باغتصابه لبنات شقيق رئيس وزراء فرنسا .. وجريمته هذه كانت مثار الصحافة العالمية على مر سنين طويلة ..
وياللصدف الحميدة .. اكتشفت صلة قرابته بـ لاكي عندما كنت اجري ابحاثي واتحقق من خلفيات من يتعاونون معنا ..
وعندما جلس الهرم مع لاكي .. تعرف الاخير على الرجل واحتضنه بمحبة عارمة متأثراً بوجود احد اقاربه بجانبه في ذلك السجن البغيض ..

ديرفس بذات تشككه المستمر الذي لا يفارق روحه: وهل تحدث لاكي مع الهرم عن اي امرٍ يخصنا او يخص عمله مع جماعة اخرى ضدنا ..؟!!

آندي: لا لا بل كل ما قاله هو انه كان في رحلة سياحية في فرنسا وقد قبضت عليه الحكومة بشكل خاطئ عندما كان قريباً من مظاهرات باريس اليومية ..
وانه في الحقيقة كان قد بدأ يعمل في البلاط البريطاني ..
ولم يتحدث عن عمله معنا بتاتاً ..!!

لا لـ ذلك الرجل ولا لأحد سواه .. رغم ان الفرص أُتيحت له كي يعترف بما يخبئه كي يُفرج عنه ويعود لبلاده ..


ديرفس: حسناً .. ألم تتمكن من التأكد ما اذ كان لا يعمل مع جهة أخرى او جهاز دولي آخر...!!!!

آندي بذات ثقته العالية: نعم تأكدت .. الهرم لم يخرج من زنزانة لاكي الا بعدما سأله بشكل غير مباشر عن ما اذ كان متصلاً بجماعات ارهابية في العالم ام على علاقة مع اجهزة امنية معنية .. ولاكي اجابه بالنفي من غير ان يعلم بباطن نوايا ابن عم ابيه .. ولأتأكد أكثر .. استعنت بأناس أكثر خبرة ..
فـ جواسيسي الصغار في اجهزة امريكا والهند وفرنسا لا يعملون تحتي عبثاً ..


ارتخت يده المقبوضة على الهاتف وقال بنبرة هادئة: حسناً يا آندي اني اضع مسؤولية هذا الشاب على عاتقك ..
يجب عليه ان يعود إلينا بعد ان هرب .. واذ عاد حقاً .. فـ سيكون تحت اشرافك وناظريك انت ..
اني لا اعتمد على احد من الجماعة غيرك ..
ولكن قبل كل شيء .. يجب ان يرسم لك كامل خطة هروبه .. يجب ان نعرف بالضبط كيف ومتى وبأي ساعة حدثت عملية الهروب ..



.
.
.
.
.
.
.



دخلت بأطراف أصابع قدميها بحذر/بخفوت كي لا توقظه من سباته ..

طرق قلبها المشتاق بـ عشق لا ينضب ما ان رأت وجهه الرجولي النائم بتعابير مستكينة هادئة تبعث نسمات البراءة في المكان ..

كان يحمل تضاد الرجولة والبراءة بتمازج ألهب انوثتها ..

تعشق هذا الرجل وتعشق حتى قسوته وعناده المثير دوماً لغيظها ..


اقتربت منه بعينان تلمعان ببسمة خافتة وجلست بقربه على السرير الابيض ..

لم تستطع منع نفسها من لمس ذقنه النامي .. ولا تمرير اصبعها الصغير على حاجباه قبل عيناه المغلقتان ..


وبمشاعر سيرها "العطش المُهلك" .. اقتربت من وجهه ولثمت جانب فمه برقة ارتجف معها سائر جسدها ..

احست مع قبلتها السرمدية ان الحياة بأكملها غدت كلوحة تلوين تعجز عن ايقاف نفسها من رش الالوان البهية عليها ..

لم تبتعد الا عندما احست ان فم حبيبها قد تحرك ببطئ ينم عن احساسه بها وبقبلتها ..


ما ان استقامت بجسدها حتى سقطت عيناها على عيناه السوداوان الناعسان وهما تحدقان بها بأحاسيس غامضة ..

تنحنحت بارتباك تام .. وقالت بتلعثم رقيق يصرخ بين جنباته الخجل الشديد: أ أ أ آسفة وعيتك .. و و والله أسفة سيف

ابتلع سيف ريقه الجاف وقال بغلظة مبحوحة: من متى انتي هنيه ..؟!

امسكت العنود جانب حجابها بتوتر وقالت: توني حدرت ..

هم سيف بأن يسند جسده على ظهر السرير .. الا انه هدر بغضب ما ان احس بالعنود تقترب وتساعده على الجلوس:
هب محتاي معونه من حد .. سيري يلسي ..

ارتجف فمها بـ جرح ماكن/آسى ... وابتعدت عنه بانكسار ..


جلست على الكرسي وقالت بنبرة هادئة مبطنة بقلق صرف: سيف ..
شو مقرر تسوي ..؟!!
الدكتور قال عمليتك حساسة ..

رمق سيف الخواء امامه بنظرة جامدة ثلجية .. وقال ببحة عميقة بعد ان تمادى بصمته القاتل:
بسافر ألمانيا ..

اتسعت عينا العنود بصدمة: ألمانيا ..!!!
ليش انزين .. مـ مـ ما تروم تسويها في البلاد ..!!!

هتف سيف بذات جموده غير المبالي بالتي تتألم امامه: مابا اسويها هنيه .. عميه احمد حجزلي خلاص .. وهو اللي بيسافر ويايه ..

وقفت بصدمة أقوى ... وهتفت هذه المرة بانفعال حاد حقيقي: اشوووووه ...!!!!
انته شو تقووول ..!!!!
شحقه انا آخر من يعلم باللي يستوي ويااااااك ..!!!

ارتعشت اهدابها .. وأكملت بدموع تجمعت على مقلتيها المثقلتين بحزنٍ منهار: حرام عليك انا شو مستوبك ..!!!
شو سويت انااا عسب جيه تقسى عليه ..؟!!
شهور وانا متحملة جفاك معايه وقسوتك ولا فتحت ثميه .. لكن اللي تسويه ما يرضي الله ولا رسوله .. انا بنت عمك قبل لا اكون حرمتك وام عيالك هب وحده ماخذنها من الشاااارع ..

سقطت دموعها الحارة على وجنتيها وأكملت غير آبهة لأي شيء: ويايني بعد الحين تقول بتسافر ومع عميه احمد ..
انزين اناااااا ..!!!
انا وين موقعي من الاعراب .. هب انا المفروض اكون معاك في وقت محنتك واساندك ..!!!!
هب هالمفروض يستوي يا ولد عميه ..!!!
تكلم ليش ساكت ..!!


عض على باطن شفته السفلى وقد وصل الضيق والغضب حدودهما القصوى في روحه ..

لا يتحمل رؤية دموعها العذبة ولا رؤية الشحوب/الألم بعيناها ..... ولكنه غاضب يالله ..... غاضب منها وعليها ولا يريد الشفقة بشتى انواعه منها ..

لا يريــــــد ..

يريد الهرب من نظراتها ونظرات الجميع الحزينة عليه والمشفقة .. يريد الهرب من قفص العجز المسجون داخله بكل حيلة مبتورة ..

لا يريد اي مساعدة نفسية ومعنوية من أي أحد وزوجته خاصةً ..!!!



هتف بغلظة مشوبة بقسوة اخرجها كسلاسل حديدية تدمي الحنايا: الحرمة مكانها في بيتها وبين اعيالها .. انا هب ساير ألعب ..
بسوي العملية وبرد ان شاء الله ..

قاطعته العنود بحدة غاضبة "مجروحة حتى النخاع": ادريبك هب ساير تلعب انا هب بقرة عسب تتمصخر عليه ..
انا اقولك انيه انا حرمتك وانا المبدايه على كل حد .. ولو حد لازم يخاويك في هالسفرة فهي انا هب عمك ولا غيره ..


رفع سيف رأسه وقال بنبرة مباشرة باردة وهو يرمق بعيناه الحادة الغائمة عيناها الناعسة الوجلة:
وانا ماباج ويايه .. انتي بالذات ماباج ويايه ..


ارتجف فك العنود السفلي وتساقطت دموعها الموجوعة أكثر ..



همت بأن تسأله بإسم الذي وضع العشق في جوفيهما لمَ ...!!
همّت بأن تقول بإسم الذي جعله الأب والصدر له لمَ ..!!


وقبل أن تتفوه بكلمة "لمَ" ....... طرق أحدهم الباب .... تنحنح سيف بقوة وهتف ببحة خشنة: منووه ..؟!!


جاءه صوت والده الحاني وهو يجيب: انا انا ولديه ..

إلتفت سيف بحدة للعنود وقال بفظاظة: دشي الحمام وغسلي ويهج .. مافيه انا على رمسة حد ..


امسكت بيدها اليسرى يدها اليمنى كي تتمكن من السيطرة على انفعالها وغضبها من هذا الرجل ..

وبسرعة استدارت ودخلت الحمام ..


تنهد سيف ومشاعر الضيق تنهش عظامه بضراوة .. وقال بذات صوته الخشن: قرب قرب الغالي ..


دخل أبا سيف ومعه امه ..

امه التي ما ان سمعت بخبر حادث ابنها حتى سقطت مغشياً عليه بانهيار نفسي بالغ .. ولم يكن الحال هين مع اباه عبدالله، ولكن الاخير فوض امره لله واستمر بالدعاء والصلاة حتى فتح ابنهما عيناه ..

كان الحادث قاسي عليهما وهما اللذان لا يملكان الا هذا الولد الغالي .. وما دام الحادث لم يسلب الا مقدرته على المشي ..
فهذا الامر هين ..

المهم هو سيف .. وليس غير سلامة روح سيف ينشدان ..!!



.
.
.
.
.
.
.



هتفت بفم مزموم غاضب: ليش ما ودوني معاهم عموه .. كنت ابا اطمن على خويه ..

شما بنبرة باسمة مهدئة: ماعليه حبيبتي المرة الياية ان شاء الله .. انتي كنتي راقدة وما بغوا ينششونج من الرقاد ..
باجر ان شاء الله انا وياج والبنات بنسرح صوبه ..

هتفت حصة بعد صمت جال بين الفتيات لثواني قليلة: عموه .. امس رمست خالوه آمنة ..

شما: واشحالها فديتها ..؟!!

تنهدت حصة بضيق وقالت: تبين الصدق عموه .. خالوه امون وايد مستويعة من عميه بطي .. خاطريه اعرف هو شو سوابها عسب تودر بيتها وتروح بيت يديه ..

شما بنبرة حازمة: حصيصي هالامور نحن ما ندخل فيها .. هي وريلها ينيازون مالنا خص ..

ميرة بغضب: عميه بطي يقهر .. يعني تشوف حرمتك زعلانه شعنه ما تسير تراضيهااااااااا ..!!

رفعت شما كلتا حاجبيها بتعجب باسم: وانتي شو حارق يوفج اخت ميره ..!!!
وبعدين انتي ما تعرفين شو امبينهم عسب تقولين هالرمسة ..

ميرة: مب لازم اعرف .. هو بالمنطق يعني .. دام الحرمة زعلانه منك ومستويعة فالمفروض يسير يحبها على راسها ويراضيها .. ويردها البيت ..
لكن عميه بطي ما تحرك وهب ناوي يتحرك اصلاً .. عنبوه قدهم كملوا شهرين وزود متفارقين ..

شما بنبرة تعقل: معاج حق بس انا اشوف اثنينهم غلطانين واثنينهم لازم يحلون السالفة بسرعة لأن العيال بدوا يلاحظون المشكلة ويتحسسون ..
ومع هذا اقولج هالامور ما ندخل فيها .. وهم لازم يحلون مشكلتهم رواحهم ..


ما إن انتهت من جملتها .. حتى اعلن هاتف ميرة رنينه العالي .. رفعت الاخيرة هاتفها لتتأفف بعدها بغضب حقيقي:
هذا ما بيحل عن سمااااااااي ..!!!!! عنلااااااااته يابليه العله اللي ما يخيل .. اففففففففففففففف ..


قطبت شما حاجبيها باستغراب بينما امسكت حصة هاتف ميرة وقالت بذهول: هالهرم بعده يتصلبج ..!!!

ميره بذات انفعالها الغاضب: هيه والله بعده .. حشى اسميييييه وذى من ثلاث شهوووور وهو يتصل ويطرش مسجات
(وذى = ازعاج)


اتسعت عينا شما وقالت: منو هااا اللي يتصل ويطرش مسجات من شهور ..؟!!

ميرة بغضب: ماعرفه عموه واحد غبي .. من ايام المدرسة وهو حاشرنيه .. الا يبانيه ارد عليه ..
ردت عليه ينية ان شاء الله ..

حصة بذات غضب شقيقتها: هالـ.... هب ناوي يتوووب .. هاك اليوم رديت عليه وهزبته هزاب وسبيته .. قلت عقبها خلاص بيحرم يتصل .. ثره الجلب ما يفهم ولا ناوي يعتدل ..

شما بانفعال: فاااارقت ويهه الهرم شو يبا فيج هوو ..؟!!

ميرة: شو عرفني عمووه .. اصلا ماعرف من وين ياب رقميه ..
تخيلي عموه يعرف اسميه ومن قوم منووه ...

وضعت شما يدها على خدها بـ ذهول: بسم الله منوو هاااا ..!!!

حصة بـ صرامة: بعطي الرقم حق ابويه وهو بيتصرف معاه ..

ميره بـ جزع: لا لا دخيلج والله لو ابويه عرف بيلعن سابع اسلافي .. لا لا بليز حصوه

حصة: يعني تبين هالزفت يتمادى في سخافته ..!!!

ميرة: خل يدق مليون مرة ما برد عليه .. وهو يوم بيشوف انيه مسوتله طاف بيمل وبيزول ..

شما: بس ميروه هالاشكال محد يروم يوقفها الا الرياييل .. لازم تخبرين اخويه عنه ..

ميرة: لا لا الا ابويه .. ان قلتله عن هالريال بيعصب وبيحلف ما يقبضني تلفون عقبها ..



.
.
.
.
.
.
.



طرقت باب المكتب برقة شديدة ودخلت ما إن سمعت الاذن بالدخول ..

تلون وجهها بخجل لم تستطع السيطرة عليه ما ان رأت ابتسامة وجهه الوسيم تُرسل إليها بطيب خاطر/مهنية ..

قالت وهي تضع المخططات على مكتبه الفخم: بوخويدم هاذي المخططات اللي طلبتهن .. تامرني على شي ثاني ..؟!

اخد بطي المخططات وقال برسمية هادئة: تسلمين يا أليازية يعطيج العافية ..

أضاف وهو يفتح المخططات ويراها على عجل: ما عليج امارة يا أليازية كلمي العلاقات العامة وشوفي لو حددوا مع الشركة الصينية موعد الاجتماع .. انا الحينه ورايه موعد مهم وما بلحق اتصل واشوف الموضوع ..

قالت أليازية من بين نظراتها الهائمة الملتمعة: ان شاء الله بوخويدم فالك طيب ..

انزل بطي نظارته وقال ببسمة خفيفة: فالج ما يخيب ..


استدارت أليازية وقلبها السعيد المتراقص في حالة نشوة لا نهائية .. فـ بعد ان أصبحت أكثر ثقلاً وتأدباً مع بطي .. وبعد ان قررت ان تبتعد عن تصرفات الاطفال التي كانت تفعلها لتجتذب انتباهه .. أصبح يحترمها أكثر من السابق ويتقبل وجودها حوله بصدر رحب ..


تشعر في قرارة نفسها ان هذا البطي سيقع يوماً في حبها .. بل تشعر ان هذا الشيء قريب .. قريباً جداً ..

ولكن عليها ان تستمر في تعاملها الثقيل معه وان لا تشعره بأنها فتاة مستهترة تفتقر للأخلاق والشيم الحميدة ..



.
.
.
.
.
.
.



بدأت الارقام تصدح في عقله مزاحمةً جميع أفكاره الملتهبة المتمركزة على "أنثى واحدة تحمل الانفرادية ذاتها"


واحد .. اثنين .. ثلاثة .. اربعة .. خمسة .. ستة .. سبعة ..


تصبب عرقه من أعلى جبينه المتلألئ حتى عنقه الأسمر الصلب ..

لا يعرف هل هذا عرق الجهد وحرارة الجو الحارقة .. ام عرق مشاعره الملتهبة ..!!


ثمانية .. تسعة .. عشرة ..


إلتمعت صورتها امام عيناه وغدت كالبرق اللامع ..


جمالك يا انتي .. حارق ..
حارق ..!!


ما كنت لأحلم ان خلف غطاء وجهك وجهٌ ينافس البدر ليلة اكتماله ..!!!!
ينافس ضيائه في ليل سرمدي متشح بالظلمة ..!!


أغمض عيناه بقوة محاولاً ازاحة صورتها الباذخة من باله .. ولم يستطع ..


يالله ..
فلتُبعدي عن جنبات مخيلتي وجهك الأثيري ..
فلتُبعديه لأشعر انني ما زلت املك هيبة على روحي .. وانفاسي ..!!!


مرت امام مقلتيه صورة عيناها السوداوان بكل بهاء "متباهي"


احدى عشر .. اثنا عشر .. ثلاثة عشر ..


عيناها ..

أنفها الدقيق الصغير ..

فمها المكتنز ذو المنحنيات الخرافية ..

شعرها بسواده وغناه الباعث للفتنة ذاتها ..

رائحتها ...... رائحتها العذبة القابعة للآن وسط رئتيه تتغنج بين خفقات روحه العاشقة بكل غرور صرف ..


اربعة عشر .. خمسة عشر .. ستة عشر ..


ازداد عرق جبينه ... ومشاعره الرجولية غدت في حالة استنفار مجنون ..


كيف للسنين ان تنحت جسدك/نحرك المخملي الصافي ببذاخة ..!!

كيف له ان يكسيكِ فتنة النضوج بغطرسة وكرم حاتمي ..!!!

كيف ..!!!


سبعة عشر .. ثمانية عشر .. تسعة عشر ..


فتح عيناه الغارقتان بالعرق بقوة وأخذ عقله يتأرجح فجأة

بين صورتها البهية ..
وبين فحوى رسالة ابنة عمه ..!!!


يالله ارزقني حسن التفكير والتدبير .. فأنت اعلم ما تقيسه نفسي الآن من حيرة وتخبط ...


ما كنت من قبل لأشك بطهارة ابنة الغالي ..
ابداً ..
أقسم لك يالله ..
فكيف لي بعد ان رأيت الطهارة ذاتها تنضح من صورتها الملائكية الآن ان أشُك ..!!!



إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ



اقشعر كامل بدنه ما ان مرت هذه الاية كالغيمة المظلمة المرعبة امام عقله ..

ومع قشعريرة بدنه .. وضع ثقل الحديد ذو المئتان كيلوجرام على الحامل وأخذ يلهث باضطراب ..

يلهث انفاس الخوف من الله وليس من الارهاق او الجهد .. كان يلهث الحيرة ذاتها والقلق ذاته ..


هز رأسه بحدة وهتف ببحة خافتة: عوذ بالله من الشيطان الرجيم .. عوذ بالله ..


وضع منشفته الصغيرة على كتفه الايمن وامسك بقنينة الماء وأخذ يشرب مافيه دفعة واحدة ..


: سيدي .. حطيت في مكتبك الاوراق اللي يبالهن توقيعك ..

استدار لسكرتيه وقال: اوكي تسلم حميد

حميد: الله يسلمك سيدي ..


خرج سلطان من الساحة الخاصة للتدريب بعد ان اشرف منذ الصباح الباكر على تدريب بعض المجندين الجدد وبعد ان اغرق نفسه في اجهاد بدني حقيقي ..


بعد ان انتهى من استحمامه وغير ملابسه .. اتاه اتصال باغت ذهنه ..

اجاب بـ حزمه المعتاد الذي سرعان ما تغيرت موجته وأصبح يحمل بين جنباته بهجةً رجولية صادقة:
في ذمتك ..!!!!!
يلا ساير ساير ..



.
.
.
.
.
.
.



اتتها ابنتها الصغيرة تمشي بطفولية لذيذة لتقول لها بعد ان احتضنت رجليها المنطويين: ماما .. ابا بابا ..


عضت على شفتها السفلى بغصة ألم حقيقية الا انها ابتسمت ابتسامة لم تتجاوز حدود عيناها وقالت: تبين تسوين ألو حق بابا ..؟!

هزت لطيفة رأسها بحماس بالغ وقالت بلسانها الصغير المتلعثم: اي اي

رفعت آمنة عيناها للساعة الجدارية ورأت انها ستتجاوز الثانية ظهراً .. أي انه سيخرج في اي وقت من مكتبه الآن ..

زفرت توتراً يعتمل في صدرها وقررت ان تمسك زمام شجاعتها وتتصل به .. فابنتهما تشتاق لأباها كثيراً ويجب ان لا تُشعرها ببعده عنها ..

وهي بالرغم من المشاكل بينهما .. كانت قد قررت فيما مضى ان تحرص على استمرارية التواصل بين ابنائها ووالدهم حتى لو تعقدت بهم الظروف لأقصى حد ..

اتصلت برقمه الخاص قبل تتنحنح بقوة وتتنفس الصعداء .. لم تنتظر كثيراً فسرعان ما سمعت صوته الرجولي "المُهلك" يحاكيها على الطرف الآخر: هلا ام خويدم ..


أثار غضبها صوته الجاف البارد وهي التي لم تنسى بعد جرحه القابع في روحها .. اجابت بذات جفاف صوته: أهلين بوخويدم .. شحالك وشحال عميه وعمتيه ..؟!!

اجابها باقتضاب وهو واقف يرتب اغراضه كي يحملها ويخرج من مكتبه: كلنا بخير وعافية ما نشكي باس .. ومن صوبكم ربكم الا بخير ..؟!

آمنة: الحمدلله ربيه يعافيك كلنا بخير وسهالة ..

ثم اضافت بسرعة كي لا يفهم بطي انها اتصلت من اجله: اتصلت بك لأن لطيفه قالت تبا ترمسك ..

اجاب بطي بنبرة ساخرة وصلت مسامعها بوضوح: متصلة عشان بس لطيفة تبا ترمسنيه ..!!

قبضت آمنة يدها بقوة كي لا تظهر انفعالها .. وقالت بصقيعية صرفة: هيه عشان منو عيل ..؟!!

رفع بطي جانب فمه بابتسامة ملؤها الخيبة .. خيبة على حاله ومحبوبته .. ورد بذات سخريته البالغة: طبعاً هب عشانيه انا يا آمنة ..
شانيه عندج رخص من زمان ..


ثم أضاف بقسوة: عطينيه لطيفة ..


نقلت آمنة الهاتف المحمول من اذنها لأذن ابنتها وهي تبلع غصة خانقة حارقة ..


أجل .. ليس لشأنك قيمةً يا هذا بعد الذي فعلته بي .. ليس له أدنى قيمة صدقني ..!!



.
.
.
.
.
.
.



عقد حاجبيه بمكر ساخر وقال بخفوت: مصدقه عمرها هاي ..
الحينه انتي ترفضين مانع ..!!!!
ما عاشت ولا استوت اللي ترفضني ..

اتسعت ابتسامته قبل ان يحك ذقنه بشيطنة صرفة ثم اكمل: بس انا مشكلتي اموت في الثقيل .. ودام ان هاي سواتج فـ ابشري يا بنت عبدالله ..
ابششششري هههههههههههههههههههههههه



: وابووووويه شحقه تضحك ..!!


شرب ما تبقى في كوب الشاي وقال لأمه بذات ابتسامته الشريرة: ماشي امايه فرحانين بس ..

ام مانع بنظرة باسمة مستغربة: يعلها فرحتن مديمه ولديه .. فرحني وياك انزين ..

رمق مانع امه بسخرية وقال: ماشي ماشي واحد من الربع مخبرني سالفة اضحك بس ..

أردف وهو يتلفت بخفة: الا بنتج وين ..!!!

ام مانع: يزوي قالت انها معزومة عند وحده من ربيعاتها على الغدا .. بتظهر من الدوام وبتسير عندها سيده ..

انفعل مانع وقال بغضب: انا مب مخبرنج لا تخلينها تظهر منيه مناك على كيفهاااا ..!!!

ام مانع: ويدييييه يا ولديه .. ثرها البنية وين بتسير .. الا بتتغدا وبترد البيت ..

شخر مانع باستهزاء بالغ قاتل .. وقال باستخفاف: اسميه قلبج طيب يا امييييه ..
هاي عقرب محد يعرفها كثري .. وانتي عاقه عليها الخيط والمخيط ..



.
.
.
.
.
.
.



مسد شعره القصير بأصابعه بتوتر لم يظهر على ملامح وجهه الهادئة ..
تذكر كيف انه منذ يومان تحدث مع والديه عن رغبته بخطبة ابنة ابا سيف الصغيرة .. وتذكر جيداً كيف ان الاثنان قد رحبا بهذا الخبر بكل سعادة بالغة مع تحفظهما القليل بشأن رفض حصة الزواج من فلاح ..



لمَ اذن التوتر يا حمد ..؟!!!
قريباً ستكون ميرة من نصيبك بإذن الله ..
فلتترك عنك هذا التوتر غير الضروري ..



اتته رسالة على هاتفه المحمول .. وسرعان ما التقطه وقرأ ما وصله ..


"حمد شحالك .. بغيتك في خدمة صغيرونة ولد ابويه .. شل البشاكير وودهن شقتيه وخلهن ينظفنها كلها .. بتحصل سبير مفتاح الشقة في السدة اللي على يمين شبريتي"


رد حمد بابتسامة مرحة:
"كم تدفع حبيبي ..؟!"


اتاه الرد سريعاً من شقيقه نهيان:
"أديك دم ئلبي يا قوزي"


ضحك حمد ضحكة قوية رنانة وكتب:
"ههههههههههههههههههههه غربلات بليسك يالمنحرف .. مابا شي منك مشكور"



.
.
.
.
.
.
.



مسحت دمعة تأن وجعاً/حنيناً وهي تتحسر للمرة الألف على ضياعها لخاتم والدتها ..

لمست بأناملها السمراء الصافية صورة والدتها وهمست بخفوت باكي: والله هب قصدي اضيعه ماما والله هب قصدي ..

مسحت دمعة تماثل اختها السابقة وهي تتنفس بعمق كي تبث الهدوء في روحها .. ثم اقعدت برواز الصورة على تسريحتها قبل ان تحمل صندوقاً شفافاً فخم الشكل والمحتوى وتخرج من غرفتها ..


وصلت لمجلس النساء الداخلي .. والذي كان مرتباً ومزخرفاً بالبالونات والزينة المتفاوتة بين اللون الأخضر العشبي واللون الذهبي ..

ابتسمت بحماس وهي تضع آخر هدية على طاولة المجلس .. ونادت بخفوت كي لا يسمعها احد: يدوووه يدووووووه


أتت الجدة وهي تمشي بتروي .. وقالت بذات خفوت ابنة ابنها: ها نعوم خلصتي ..؟!!

ناعمة: هيه هيه خلصت ..

أتت سلامة وهي تقول باستعجال: يلا نعوم بسرعة .. فطيم خلصت سبوح وبتنزل الحينه ..

ناعمة: انزين وين الباجي ..؟!! .... ابويه وذياب وحمدان وعميه سلطان ..!!!

سلامة: سلطان قال ظهرتله شغله مهمة ما بيروم ايي

هتفت ناعمة بحنق/تبرم: ياربي عليك يا بومييد .. دومه جيه الله يهداه .. هذا ونحن متفجين من زمان انه ايي ..

ام هامل بنبرة حنونة: ماعليه امايه الريال معذور .. يلا سيري هاتي الكيكة من الثلاجة قبل لا تحدر علينا اختج ..
وانتي سلامي ازقري الباجيين من الصالة ..



وبعد دقائق ..



كانت هي تتعثر في الظلمة محاولةً ان تفهم لمَ المكان بأكمله مظلم ..


وفجأة .......... سمعت صوت جماعي يصرخ بحماس مبتهج:
مبــــــروك يــــــا أحــــــلى وأروع وأشطــــــــــر فطيــــــــــــم ..



اتسعت عينا فطيم وهي تنظر لعائلتها المكتسين بروح الفخر/السعادة .. وتحدّق بالبالونات والزينة .. والكيكة الكبيرة متوسطة المكان وعليها صورتها وهي طفلة جميلة ..

وضعت فطيم كفوفها على خديها وصرخت بـ سعادة لا وصف لها .. وذهول شاسع: اوووويه شو هاااااااااا ههههههههههههههههههههههههه ه ..
فدييييييييييتكم ياربيييييييه ..



ركضت نحو شقيقتها الغالية ناعمة واحتضنتها بقوة .. ثم انتقلت لجدتها العذبة ثم لوالدها الحنون .. واخيراً اقتربت من اخيها حمدان واحتضنت كتفيه بحنان متفجر وقبّلت رأسه قبل ان تقبّل كتف ذياب وتقول بتأثر حقيقي:
ياوووويل حالي انااااا .. فديتكم ياربي فرحتوووووني ..


احتضن ذياب كتف اخته وقال بعد ان قبّل رأسها بحب/بفخر: بالبركهه فديتج ومنها للأعلى ان شاء الله ..

أبا ذياب بفخر واعتزاز: ما شاء الله عليج يا فطيم .. قلتي بتيبين بإذن الله فوق الخمس وتسعين ويبتيها .. قدها وقدود بنتيه .. كفووووو ...

ضحكت فطيم بخجل حقيقي وقالت برقة: علنيه افدااااك والله .. من وين بييب الشطارة الا منك يالغاااالي ..

نكزها شقيقها حمدان وقال بخبث: بتختق علينا الحين فطيمي .. امبونها خقاقه محد يروم يرمسها ..


ضحك الجميع ثم قالت الجدة لناعمة: الناعم .. عطيها الهدايا ..

ضحكت ناعمة وقالت باعتراض رقيق: لا يدوه تريي لازم تقطع فطيم الكيكة اول ..


اجتمع الجميع حول الكيكة .. ثم امسكت فطيم السكين وهمت بتقطيعها .. الا انها توقفت فزعةً ما ان صاحت ناعمة فجأة بها: لا لا لاااااا ويت بصورها قبل لا تقطعينها ..



.
.
.
.
.
.
.



إلتمعت عيناه بـ سعادة وامتنان وهو يتأمل القادم نحوه ..


وبحركة سيّرتها معاني الحب الأخوي العميق .. والمشاعر الأبوية البالغة .. اقترب من القادم بخفة حتى تقابلا
وجها لوجه .... قامةً بقامة .... هالة رجولية فتاكة بـ هالة رجولة لا تقل عنه فتكاً ....


امسك بقوة كتف الآخر وتأمل وجهه وسائر جسده باشتياق رجولي بالغ ثم قال بصرامة مبطنة "بتأثر لم يظهره":
قبل السلام والكلام .. انت بخير ..؟!!


هز الرجل رأسه من بين نظراته المتأثرة .. نظرات متأثرة ممتنة لعودته أخيراً أرض الوطن: الحمدلله انا بخير وما اشكي اي باااس ..

احتد فم سلطان وقال بصرامة اشد: احلف حارب ..


ابتسم حارب ابتسامة "حقيقية مثقلة بالارهاق/الانهاك النفسي الصرف" وقال: واللي خلقك مافيه الا كل خير وعافية يا سلطان ..



ما إن انهى كلمته الأخيرة حتى جرّه سلطان بخشونة واحتضنه بقوة وبعنف ...


وهو .... ولشدة اشتياقه لروائح الاهل والوطن .. ولسلطان عضيده الغالي .. لم يجد وسيلةً للتعبير عن هذا الاشتياق العارم سوى ان يبادله الاحتضان المثقل بالشفافية .. بذات العنف وبذات القوة ....


كان منظراً يعجز أحد عن وصف بلاغته .. بلاغة تجسدت بشخصان عاشا الفقد بكل معانيه ..!!

غير ان الثاني عاش الفقد .. والغربة .. والوحشة بمعاني كانت كـ نصل السكين على رقبته ..


ابتعد سلطان عن حارب وقال وهو يتأمل وجهه المرهق بـ غضب سحيق حد اللانهاية: قسم بالله هب مطوفنها لهم ..
حسابهم زاد عياااال الـ...
لكن والله واللي رجعك النا ساااالم ينيه بظهر من عيونهم كل سوايااااااهم ..


أضاف بذات انفعاله: شي سووبك هناك الكلـ.... ؟؟؟

هز حارب رأسه بالنفي وقال ليزرع الطمأنينة في جوف سلطان: لا لا تطمن ولا لمسووني ..

هتف سلطان بـ حزم بالغ: الحمدلله رب العالمين .. الحمدلله ..

لانت ملامحه وهو يرمق وجه حارب بلا شبع: تستاهل السلامة يا بومحمد .. والله لا يعودها من ايام قول آمين ..

حارب: الله يسلمك من كل شر يا الغالي .. امين ياربي امين .. اسميني ما ذقت الرقاد من ثلاث شهور ولا عرفته ..

ربت سلطان على كتفه وقال: يلا عيل بوديك البيت عسب تتسبح وتريح ..
بس قبلها بنخطف المستشفى اباهم يجيكون عليك ..

حارب بصوت مبحوح مُرهق بشدة: لا دخيلك بومييد هلكااااااان وابا اتغسل واصلي وارقددد ..

سلطان بحزم واصرار: انا ما برتاح الا يوم يجيكون عليك بكبرك ويشوفون لو فيك شي منيه مناك لا سمح الله ..
يلا جدامي ..

اوقفه حارب وقال بخشونة ابطنها بجميع مشاعر التأثر/الامتنان: بومييد ودني المسيد قبل .. ابا اصلي ركعتين شكر لله ..



.
.
.
.
.
.
.



فتح باب الشقة ودخل بينما انتشرن الخادمات كي يعملن بجهد كما وصاهن بكلامه الحازم ..

تأمل الشقة الفخمة الوسيعة المطلة على شوارع دبي ومناظرها التي تزداد بهاءاً كل يوم ..

وبعدها بدأ بفتح جميع الغرف المغلقة .. واستدار ليذهب للمطبخ ..

ولكنه تراجع عندما لمح بعض الألعاب الملقاة بإهمال على عتبة باب آخر غرفة فتحها ..


قطب حاجباه باستغراب ودخل الغرفة المظلمة بتروي ..

وبعد ان فتح اضاءة الغرفة .. اتسعت عيناه باستغراب ما ان رآى محتوى الغرفة التي كانت وبلا اي مبالغة ..
غرفة صبيانية طفولية مفعمة بألوان الأزرق السماوي والبيج والأبيض .. وكأنها غرفة احد الاطفال في شقة عائلة حقيقية وليست شقة رجل أعزب ...!!!

وبينما تجول عينا حمد الحائرة المتسائلة حول محتويات الغرفة .. توقف ناظراه على صورة مبروزة ..


صورة تجمع اخاه نهيان .. وطفل صغير ...!!!

والذي زاد من حيرة حمد .. هو ان الطفل لم يكن الا نسخة مصغرة من آل الحر ....!!!!

يشبه على وجه الخصوص شقيقته مهرة ....!!!!


زفر حمد أنفاسه باضطراب ... وأخذ يبحث بقرارة نفسه عن اجوبةٍ حقيقية لما يراه حوله الآن ..

زم فمه بتفكير وقرر ان يتكلم مع نهيان في هذا الموضوع فيما بعد ..

وقبل ان يخرج من الغرفة ..... أتاه اتصال منه ...



حسناً .. يبدو انك يا نهيان تخفي ورائك اموراً غامضة ..!!


رفع هاتفه وأجاب بـ حزم: هلا نهيان ..
..
: أي حجرة تقصد ..؟!!
..
: اهاااا عرفتها ..
بس ليش ما تباني ابطلها حق البشاكير عسب ينظفنها ..!!!
..
هتف بكذب لم يتعمده في الحقيقة: اهاااا .. لا لا ما بطلتها بعدني .. خلاص دامك محطي فيها فلوس واوراق مهمة ما ببطلها
..
: مع السلامة ..



اغلق حمد هاتفه ووضعه بقرب فمه وبدأت وتيرة شكه تزداد في عقله ..


لمَ نهيان لا يريد ان يرى احد هذه الغرفة ..!!!!!


جالت عيناه على كل ركن في الغرفة بنظرة أخيرة خاطفة ... ثم خرج منها واغلق بابها خلفه ..



.
.
.
.
.
.
.



: حبيبي زايد عطني غترة اخوك بلفها على راسه

ناولها زايد غترة اخيه سعيد وبدأت حنان بكل رقة تلف رأس الأخير بتركيز تام ..

ما ان انتهت حتى صفقت بابتهاج وقالت بينما هي تقبل وجه سعيد الصغير بلذة عارمة: واي فديت ويهك الغاوي يا بوعسكور ..
يلا نش انت واخوك وسيروا يلسوا مع يديه ويدوه قبل لا يوصل ابوكم ..

ركض الاثنان نحوه الصالة التي فيها جداهما بينما ذهبت حنان الى المطبخ كي تجهز الفوالة وتصنع القهوة والشاي ..



وبعد دقائق ليس بالطويلة ..



: هوووود هووووووووود


اختلج صدرها بانفعال غريب ما ان سمعت صوت الرجل امام باب المنزل ..

واعتراها الاستغراب .. فـ احمد منذ ان توفت عوشة لم يفكر ابداً بالدخول لمنزلهم ..


فما الجديد الذي استجد في الموضوع ..؟!


سمعت اباها وهو يرد بـ حزم متحفظ: هداا هدااا بن خويدم قرب ..

التحفظ الذي سمعته في صوت والدها رأته متجسداً على هيئة وجع أليم على وجه امها التي دخلت كالاعصار الى المطبخ ..

تركت حنان ما في يدها واقتربت من امها التي تمسح دموعها السخية من تحت برقعها وقالت مهدئةً إياها بحنية: امايه استهدي بالله شياج بسم الله عليج ..؟!!

هتفت ام حميد بصوت متوجع مبحوح: ماتحمل اشوفه يا بنتيه ماتحمل .. كل ماشوفه اتذكر اختج واللي استوابها هاك اليوم ..
هو السبة ... هو السببببة ..


ابتلعت حنان غصة كبيرة .. وقالت محاولةً بث الثبات في صوتها: امايه تعوذي من بليس .. هذا اللي الله كاتبنه فديتج .. كل نفس ذائقة الموت .. واللي صار محد له ايد فيه ..
كله مقدر ومكتوب .. مقدر ومكتوب امايه .. اذكري الله انتي بس وتعالي بغسل ويهج ..


جذبت حنان امها ومسحت وجهها بالماء الفاتر ثم جففته بالمحرمة وقالت بابتسامة رقيقة:
افا يا ام حميد .. بنت سهيل ما تخلي عربها وخطارها يلوس بليا اقهوه وفواله .. يلا الغاليه سيري وانا بخلي البشكاره تشل الصياني وراج ..


هزت ام حميد رأسها بذبول وهي تحاول ازاحة صورة ابنتها الغالية عوشة من بالها .. تزيحها فقط لدقائق كي لا ترمق ذلك الجالس في الخارج بنظرات تقتل السم ذاته ..


ستكذب ان قالت انها في قرارة نفسها تلوم احمد .. ستكذب ..!!!
فهي تلومه .. وتلومه .. وتلومه ..!!

ولكن هي تكتم ما فيها مخافة ان يحدث بينهم مشاكل وتتأثر على اثرها علاقتها بأبناء ابنتها ..

هي لن تحتمل فراقهم ولا بعدهم ..
الا يكفيها فراق امهم ..!!


خرجت من المطبخ واقتربت من الصالة ..
ما ان دخلت حتى وقف احمد ببرود تام واقترب منها بأدب جم وقبّل رأسها: شو صحتج عمتيه ..؟!

ام حميد باقتضاب جاف: الحمدلله رب العالمين .. عدنا عايشين ..

ارتفع جانب فم احمد بسخرية قاتلة ثم قال بذات صقيعية كلماته: ربي يواليكم الصحة والعافية ..


رمقته ام حميد بحدة من تحت برقعها وقالت بنبرة لاذعة .. بنبرة ام موجوعة: عقب الغالية لا رينا الصحة ولا العافية .. نسأل الله حسن الخاتمة بس ..

زجرها أبا حميد باستنكار: يا حمده مايوز اللي تقولينه .. خلي عنج هالرمسه بارك الله فيج ..

لم تستطع ام حميد التحكم بانفعالها أكثر .. أشرت بيدها بعصبية تخللها الألم وقالت: وانا عند ربيه صادقه ما جذبت .. من راحت الغالية وانا العيشة ماشتهيها ولا النوم قارب اعيانيه ..
وكل ها من اللي ما يخاف الله ..... انتي شو يايبنك عندنا ..!!!
ما سدك اللي سويته في عوشة ..!!!
ما سدك انك طلقتها وخليتها تشرد بحرقة يوفها وتموووووت ..!!!!!

هتف أبا حميد بصرامة غاضبة: يا ام حميد عيب اللي تقولينه الريال يالس وسط دارنااااا ..

قاطعته ام حميد وهي تحاول اخراج صوتها بثبات خلف رعشات جسدها المنفعل: كله اللي صار يا بن خويدم كووووم ..
وانك ما تحضر عزا بنتيه ولا تقوم به كوم ثااااني ..

ثم رصت على عيناها الصغيرتان واكملت بآسى: هانت عليك حرمتك هالكثر يا احمد ..؟!!
هانت عليك هالكثر عسب ما تحظر دفانها ولا تصلي عليها ولا حتى تقوم في عزاها ..؟!!
شعنننننه ..؟!!
خبرني شعنننه .. ؟؟!!
ثرها بنتيه شو مسوتبك ياللي ما تخاااف الله ..!!!!
والله لو انها سارقة حلالك ما سويت ابها جيه ..


اقتربت بلا وعي منه وصرخت بملئ حنجرتها: انت إلين الحينه ما عزيتنيه فيها ولا حتى مسحت على فواااااديه برمستن زينه تبرد الخااااطر ..



كان احمد طيلة الوقت يرمق عينا عمته الباكيتان بقلبٍ كالصنديد وأقسى ..
لم يرف له جفن ولم تتحرك تقاطيع وجه الغامض المظلم كـ ظلمة الليل ..


ولم يتحرك الا عندما سقطت امامه ام حميد بضعف شديد ...


سمع احمد عمه أبا حميد وهو ينادي بصوت عالٍ قلق: حناااااااااان .. حنااااااااااااااان ..

تحرك احمد بسرعة واسند جسد عمته عليه وسحبها بخفة للأريكة .. وبسرعة كذلك ..
رش قليلاً من ماء "الغسول النظيف" على وجهها وضرب بخفة خدها ليساعدها على استرداد وعيها ..


رفع رأسه بحدة ما ان سمع صياحاً ناعماً آتٍ نحوه ..

رآى فتاةً مغطاة الرأس فقط مقبلةً عليه ..


تسمرت عيناه لثواني على وجهها المكشوف الجزع ..

كانت بحق .. تختلف مئة وثمانون درجة عن عوشة ..!!!!

تختلف عنها بملامح الوجه .. والجسد والطول ..

كلياً مختلفة ..!!!



انزل رأسه بعفوية ما ان اقتربت هي من والدتها وصاحت بقلق/خوف: بلاها اماااااايه ...!!!

الا انه سرعانه ما رفع حاجباً واحداً باستغراب ساخر ما ان رآها ترمقه بغضب اعصاري وتهتف باتهام جريء: شو سويت ابها انت هااااااه ..!!!! شو سويت بـ اماااااااايه ..!!!!

هتف أبا حميد بأعصاب تلفة: يا بنية محد سوابها شي .. هي روحها طاحت ..



تشعر انها ليست بـ حنان ابداً ما ان يدخل في الموضوع اسم هذا الأحمد .. ليست بحنان المهذبة الهادئة ابداً .. وهذا ما يزعجها ويجعلها في حالة فوران بالغ ..

ولكنها استطاعت السيطرة على انفعالها بقوة ..... ثم وبهدوء رشت بدورها الماء مرة أخرى على وجه امها حتى استيقظت بإعياء ..


زفرت حنان ما اعتمل في خاطرها من قلق وجزع ثم همست بخفوت: الحمدلله رب العالمين ..

وقالت لوالدتها بصوت معتدل النبرات اخفت خلفه خجلها الفطري من جلوسها بقرب رجل غريب: يا امايه الله يهداج قلتلج لا تعصبين ولا تنفعلين .. انتي راعية سكر وضغط ما تنفعلج العصبية والضيج ..
دخيلج خلاص هدي اعصابج ..

قالت ام حميد ببحة خرجت بذبول ميت: حنان ودينيه حجرتيه ..


وضعت حنان كلتا ذراعيها تحت ابطي والدتها كي تساعدها على الوقوف والمشي ..


وأحمد، وبعفوية تامة خرجت مع تربية والديه الصالحة، امسك ذراع ام حميد الايمن لكي يساعدها هو الآخر على الوقوف ..


وهنا .. لمست حنان من غير قصد أصابعه ....


كانت لمسة انبثاق التكهرب بين جسديهما معاً .. تكهرب لامس وتين قلب حنان وامسك بكل شرايين قلبها ونفضتهم بالكامل ..

بينما تكهرب آخر لامس دماغ أحمد بغضب وازدراء ليس لهما حدود ..


ابعد احمد يده عن ذراع ام حميد بحدة .. بينما وقفت ام حميد بوهن بين يدي حنان "المترجفة" ثم توجهتا للداخل ..


قبض أحمد يده اليمنى وعيناه تنضحان ازدراءاً/قرفاً ....


كـ أختك الأفعى تماماً .. لن تجلبي الخبث وانعدام الأخلاق الا منها ..








نهــــاية الجــــزء الثــــاني والعشــــرون


sira sira likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-06-16, 07:43 AM   #27

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)







الجــــزء الثــــالث والعشــــرون



،



كم جئت أحمل من جراحات الهوى

نجوى ، يرددها الضمير ترنُّما

سالتْ مع الأمل الشهي لترتمي

في مسمعيكِ ، فما غمزتِ لها فما

فخنقتها في خاطري ! فتساقطتْ

في أدمعي ، فشربتها متلعثما

ورجعتُ أدراجي أصيدُ من المنى

حلماً ، أنام بأفقه متوهما

أختاهُ ! قد أزف النوى فتنعمي

بعدي فإن الحب لن يتكلما

لا تحسبيني سالياً ، إن تلمحي

في ناظري ، هذا الذهول المبهما

إن تهتكي سر السرابِ وجدتِهِ

حلم الرمالِ الهاجعاتِ على الظما !!



لـ عمر أبوريشة



،



صباح يومٍ جديد



ابتلعت غصة كبيرة ما ان تذكرت ان بعد خمسة ايام سيحين موعد زفافها .. تشعر انها مستنزفة تماماً .. وجزعة من حياة تجهلها مع شخص لا تعرف في الحقيقة غير انه "اهلك قلبها" ..


وقفت امام مرآة حمامها وهي تمسد بيدها وجهها الشاحب ..


"على العموم .. عقب هوياس سنين .. اظن لولوةْ خويدم بن زايد تستاهل من يرقبها 12 سنة"


انزلت رأسها بضيق تخلله خيبة ما ان مرت كلماته الساخرة بذهنها ..


ما مغزى كلماته تلك ..!!!!
من قال انه كان ينتظرها ..!!!
ليس وكأنه عاشقاً حد الثمالة لينتظر من بصقته ارضاً بصقةً كانت "جزاؤه العادل" ..!!


ولمَ كلماته الساخرة ..!!


إذ كان يعتقد ان بسخريته سيشعرها بالسخط .. ويهز ثقتها بـ جمالها .. فهو مخطئ ..
مخطئ ..!!


رفعت عيناها السوداوان وأخذت تتأمل وجهها وهيئتها بحدة ..!!

أخرجت زفيراً كـ محاولةٍ يائسة منها لـ اقناع نفسها انها حقاً جميلة حقاً لكنها لم تستطع ..!!

كيف تستطيع وهي اتخذت منذ سنين رأي "ذلك السلطان" بها كـ ختم صارخ لا يُمحى .. رأيه بها ... وبجمالها ...!!!

والذي قاله قبل يومان وسخريته منها ما هو الا تأكيد على ما هي مؤمنةٌ به منذ اثنتا عشرة سنة ..!!

هي بنظره قبيحة ... قبيحة جداً ولن تصل ابداً لمستوى جمال عوشــ .....

هزت رأسها بعنف دافعةً بغضب الاسم الذي اندفع يتداخل بين موجات افكارها الساخنة/المعقدة ....

حسناً ... في كلا الحالتين ... سواء أذكرت اسمها ام لم تذكر .. فـ الحقيقة واحدة ..
هي لن تعرف ابداً كيف تثق بجمالها أمام الذي يبث في خفقاتها الجنون بعدما مرت به من آسى/صدمات ..

لن تعرف ابداً ....!!!



احتد فمها بغضب أليم .. وقالت مزمجرة: دامني شينه بنظرك شعنه خذتني هاااااااه ..!!!!

زفرت انفعالها قبل ان تسمع طرق ناعم على باب غرفتها وتهتف بحدة: منووه ..؟!



لم يجبها احد .. فاستنتجت سريعاً ان الطارق هي موزة ..


خرجت من حمامها وفتحت باب غرفتها لتهتف ببسمة ذابلة: هلا موزانه ..
تعالي حياج ..

ابتسمت موزة لتأشر بنعومة: عموه عاشه تقول محد بيريق شما الا اناااا ..

ضحكت شما بخفة لتهتف بنظرة صافية تجلت من كل غضب/سخط: ههههههههههههه وافدييييت ام العنوووود يا نااااس ..
امررره فالج وفالها طيب .. خلينيه بس ألبس كندورتيه وبييكن البيت الثاني ..

موزة وهي تكمل اشاراتها: يلا بسرعة نترياج


خرجت موزة من غرفة شما قبل ان تتراجع الاخيرة باستغراب وتحدق بهاتفها وتتساءل عمن يرسل لها على الهاتف بحماس في هذا الصباح الباكر ..


إلتمعت عيناها بـ بهجة صادقة ما ان رأت الاسم

"ناعمـــــة" ..


ما اجملها هذه الناعمة .. تمتلك في روحها كمية لا يستهان بها من روحٍ بريئة وقلبٍ صافٍ يشرح صدور الناس ..


زمت فمها بامتعاض وقالت بصوت عالي متهكم: ليت عمج شراتج ..

جلست على سريرها وقررت ان تتصل بها شخصياً وتلقي السلام عليها ..



.
.
.
.
.
.
.



ابتسمت بحماس واجابت بنبرة تقطر نعومةً: هلا والله بشيخة حريم العين ..

شما: ههههههههههههه شيخة حريم العين مرة وحدة ..!!!

هتفت ناعمة مداعبةً بمرح لطيف: هيه شيخة حريم العين بس .. لانيه انا شيخة حريم بوظبي وضواحيها الجميلة ..

شما: هههههههههههههه ما جذبتي ما جذبتي بنت هامل اشهد انج شيختهن وتاج راسهن ..

أضافت ببسمة حانية: شحالج فديتج وشحال عمتيه بخيتة .. ربكن الا بخييير ؟!

ناعمة: الحمدلله رب العالمين كلنا بخير ونعمة غناتيه .. ومن جداكم حرم سلطان الـ.. ..؟!


شعرت شما بالغيظ "من مسمى تبغظه" الا انها اخذت الكلام بروحٍ رياضية وهتفت:
ههههههه نحن بصحة وعافية الحمدلله ما نشكي باس ..
يوم اغدي في بيت عمج هاييج الساعه قولي حرم سلطان الـ ..

ناعمة: ههههههههههههههههههههه ندرب على الكلمة من الحينه ..

أضافت بتساؤل باسم: خبريني شو اخبار الربشة عندكم ..؟!!


جال نظر شما على الاكياس والثياب والفساتين المنتشرة في كل انحاء غرفتها بإهمال/عدم ترتيب ثم قالت ببسمةٍ خافتة: في عزهاا ههههههههههههههه
(في عزها = في أقصاها)


ناعمة: الله يعينج اكيد حجرتج الحينه ما تنداس من القشار والاجياااس ..

هزت شما رأسها بـ اجل وقالت بذات بسمتها الخافتة: هيه والله ما تندااااااااس ..



.
.
.
.
.
.
.



وجد صعوبة كبيرة في تقبل الصغير في حياته بداية الامر .. لكنه الآن وهو يراه بعد سفرة قصيرة لم تدم الا ايام .. ادرك في قرارة نفسه ان هذا الصغير قد حاز على مكانته الكبيرة في قلبه وبدأ بالتوغل في عزوبيته الخالية من لمسات النساء والأطفال والفارغة تماماً من مسؤوليات الرجل الأب ..

كان هذا الصغير هو اول من لامس بأنامله العذبة روح الأبوة فيه ...!!!


ابتسم بصفاء ما ان رآى الطفل يركض نحوه ويصرخ بإسمه بسعادة بالغة: باباااااااا بابااااااااااا

ضحك نهيان وهو يتلقف الصغير ويدور به ارجاء الشقة بمرح ... وتوقف وهو يقول له بعد ان اغرقه بالقبل والاحضان: شو اخبار البطل ..؟!

احتضن عبيد اباه وقال من بين نبراته الطفولية الحماسية: انا منيح كتير باباااا ..

رفع نهيان حاجباً واحداً بشيء من السخرية المرحة وهم بأن يتكلم لكنه سكت ما ان سمع صوت ميسون التي كانت طيلة الوقت في المكان ولم يلحظها وسط غمرة عاطفة "الأب مع صغيره" ..

ميسون بتحذير لطيف: عبيد ئلتلك بدنا نحكي متل البابا من يوم ورايح اي ..؟!

وضع نهيان ابنه على الارض ليتركه واقفاً بقربه .. ثم استقام هو بقامته .. وقال بـ برود صارم: هذا الشي بينيه وبين ولديه .. وانا اللي بعلمه رمستنا وكيف يرمس ..

أردف وهو يجلس بهيمنة تامة تبعث التوتر في الاجواء: على العموم مشكوره .. تقدرين تروحين الحينه ..


ظلت ميسون واقفة بشكل يوحي بمدى ارتباكها وعمق ما تشعر به من آسى/حيرة .. ثم هتفت بتردد خافت: نهيان فينا بليز نئعود شوي ونحكي ..؟!

هتف نهيان بذات بروده الصارم: ما بينيه وبينج كلام .. اعتقد تفاهمنا قبل شهور ..

رصت ميسون على عيناها لتهتف برجاء حار: بليز نهيان .. كرمال عبيد .. خلينا نحكي شوي لآخر مرة ..

تنهد نهيان بسأم من هذا الموضوع الذي لا يريد ان ينتهي على ما يبدو .. ثم استدار بوجهه نحو ابنه وقال ببسمة ناعمة: عبيد سِر الحجرة افتح الكمبيوتر وألعب .. بيي ألعب معاك عقب شوي ..

اتسعت عينا عبيد بفرحة وهرع لغرفته من غير معارضة ..


استدار نهيان لميسون وقال: قولي اللي عندج بسرعة .. انا راد من السفر وتعبان ابا ارتاح ..

جلست ميسون فوق اقرب اريكة امامها وقالت وهي تدعك بتوتر ثيابها: نهيان مين ئلك اني مجوزي من مراد ..؟!

وقف نهيان والشرار قد تطاير برعب امام عيناه وقال بفحيح غاضب ناري: ان سمعت اسم هذاك الحـ... مرة ثانية بعقج خاري وتحرم عليج شوفة ولدج ..
تسمعيــــــن ..!!!

ارتجف فك ميسون بجزع شديد قبل ان تتراجع للخلف بتوتر ازداد الضعفين في قلبها .. وقالت بعد ان التقطت انفاسها المتهدجة: أ أ أ ما ئصدي والله ما ئصدي ..
بس بـ بـ بس بدي اعريف كيف عرفت اني مجوزي ..؟!

ارتفع جانب فم نهيان بسخرية مزدرية وقال: ما ينلعب ورا ظهر نهيان يا انتي ..
مسألة كيف عرفت انج معرسه فـ هاذي مالج خص فيها ..

جلس ووضع رجل على رجل .. وقال بسيطرة خبيثة ساخرة: تحريتج بتسأليني كيف عرفت انج يايه الامارات عشان
"وحرك يده داعكاً أصابعه ببعضهما البعض" تسرقين بيزاتي ..

هتفت ميسون بـ صدمة وقد باغتها دهاء نهيان ومعرفته بنيتها وزوجها: لـ لـ لا لا .. ما اجيت كرمال المصاري

رفع نهيان كلتا حاجبيه وقال باستخفاف: امررررره عاده صدقتج اناااا ..
انتي ما شردتي مع هذاك اللوث وانتي حامل منيه ولا جذبتي عليه عسب ترديلي عقب سنين بليا حاية ومصلحة ..

انزلت ميسون رأسها وقالت بنبرة صادقة: الله وحدو يعلم اني ما كان بدي اللي صار ئبل يصير .. حبيتك من كل ألبي لكن الشيطان لعب بعئلي ..

زفرت الندم بكل وجعه واضافت: الله بيشهد انو ما كان ابدا بدي احرمك من ابنك وانسبوا لغيرك ..

تحرك فم نهيان باحتقار وكره وبدأ يضيق ذرعاً من جلوس هذه المرأة الغدارة امامه: هالرمسة ما تفيد معايه الحين .. انتي تحمدين ربج انيه مشيت سالفة نسب الولد بمزاجيه وما سويت شوشرة هنيه مع العلم انج تعرفين عقوبة نسب الولد لأبو هب ابوه عندنا في البلاد ..

هزت ميسون رأسها بوجل/حسرة وقالت: بعريف نهيان بعريف .. بتشكرك كتير على اللي عملتو .. ما رح انسالك ياها طول عمري .. وحبيت ئلك اخر شي بألبي ئبل ما فل ..
مين بيعريف .. يمكن موت وماشوفك او شوف ابني مرة تانيي ..

نظر نهيان لساعة يده وقال بضجر حاد: بسرعة يلا هب متفيجلج ..

تنهدت ميسون بما يعتمل في خاطرها من توتر وارتباك وقالت بنبرة مختنقة:
لساتني بحبك نهيان ورح ضل حبك .. لما عرفت اني حبلي بابنّا عبيد خفت ..
ما عرفت شو فيي ساوي .. كنت عن حئ خايفي .. كنت مرعوبي ..
فيك تئول اني انانيي فيك تئول اني هبلة جباني او فيك تئول عني اني ولد ما ئلو عئل وشخصيي
بس بـ هيديك الايام ما كان بـ بالي الا حياتي انا ..
كنت بس فكر كيف رح عيش حياتي بعد ماعرفت اني حبلي .. خفت من كتير اشيا ..
اول شي خفت من اللي رح تعملو ازا عرفت بالشي .. خفت من عصبيتك .. وتاني شي خفت من انك تغصوب حالك ته تاخدني انا والصبي معك لبلدك ..
خفت حياتي تتغير وما رح عيشا بحريي متل ئبل ما اجوزك ..
خفت تجبرني على حياتكون هون .. تجبرني ألبوس متل النسوان هون هاد اللي بتسموه شيلي وعبايي ..
خفت تجبرني ما اطلع من البيت وعيش طول عمري مرة وام بس .. من غير ما اتمتع وافرح بالدني ..
انا ما هربت منك لأني بحب ابن خالتي او فكرت خونك معو ..
لا نهيان ابدا ..
كل اللي صار اني كنت خايفي على حياتي وحريتي ومعتئداتي .. وما لئيت وئتا الا هوي ته يساعدني اهروب من اللي كنت خايفي منو ..


ابتلعت غصة ألم قبل ان ترفع عيناها وتبصر ذلك الذي يرمقها بقسوة غامضة ..

زفرت بعمق .. وقالت بنبرة هادئة: انا ما عم برر اللي عملتو فيك ولا عم ئلك هالحكي ته حنن ئلبك عليي .. لا ..
انا بس بدي احكيلك عن اللي ما ئدرت في يوم احكيه .. حكي ضل بألبي سنين ..
انا يا نهيان كتير خجلاني من حالي .. وكتير بعتزر عن اللي عملتو ..
بتمنى في يوم تسامحني وارجع بنزرك ميسون اللي ما بتفكير الا بكل شي حلو عنك ..

لم يتحرك نهيان ولم ينبس ببنت شفه .. فقط شبك ساعديه القويين ببعضهما البعض امام صدره وقال بصقيعية خرجت خلف "غضب ناري مكتوم": كل اللي سمعته تفاهة ايديده من تفاهاتج ..
لو في يوم فكرتي انج بتمنعين ولديه عن هله وداره وما تربى عليه ابوه .. فأنتي غلطانه ..
الحسنة الوحيدة في اللي صار غبائج ..
لو ما غبائج وطمعج ما كنت بعرف يلين الحين عن الولد ..

أردف وهو يرمقها باحتقار قاتل/نقي:
غبائج هو نفسه اللي خلى خوفج يسيطر عليج قبل ويخليج تفكرين انيه ريال ياي من بلاد بعدها تمشي على قوانين العصر الحجري وتخلفها ..
نحن هل الامارات هب متخلفين عسب نيّود حريمنا ونمنعهن عن شي في خاطرهن ..
والشيلة والعباه لو بغصبج عليهن جان غصبتج من اول ..
واعترف انيه غلطت ..
غلطت يوم ما رصيت عليج على سالفة اللبس والتغطي .. ما أقول الا رحمتك وغفرانك يارب .. استأثمت بسبة ناس ما تسوى ..


ازدادت نبرة احتقاره حدة وقسوة وتابع: ومب بس جيه .. انا غلطت قبلها يوم انعمى على قلبيه وخذتج ..

وقف واستقام بكامل جسده ثم امسك بسيجارته واشعلها ببرود وقال: يا بنت الناس .. انا لا ابا شي منج ولا ابا اسمع منج تبريرات واعتذارات ..
اللي صار فصل في حياتيه ما افتخر به ودثرته تحت التراب .. بس ييتي انتي ونبشتيه ..
انا هب معدوم احساس عسب احرمج من ولدج للابد .. ولدج بتشوفينه يا غير في الوقت واليوم اللي بحدده انا .. سويتي فيه يميل ويلستي معاه وانا مسافر بـ طلب مني ..
(يميل = جميل)
وبـ طلب مني الحين اباج تظهرين من بيتي وما تراويني رقعة ويهج هنيه ..

عضت باطن شفتها السفلية وكلماته الجارحة تصدح جنبات قلبها بوحشية .. وهمست بألم: وعبيد ..؟!!
ايمتين رح شوفو ..؟!

نفث دخان سيجارته وقال بغموض جامد: ما سمعتيني الظاهر ..
قلتلج بتشوفين عبيد في الوقت واليوم اللي بحدده انا ..
ولين هاك اليوم اقولج مع السلامة ..



.
.
.
.
.
.
.



نكز كتف ابنه بغضب مغتاظ وصرخ: خويييلد .. شايفني طمه عندك شوووه ..!!!
(طمة = ابله)

قلتلي انك خلاص رضيت في بنت عمك بس ما بنسير نخطبها الا عقب ما تخلص دورتك اللي في هولندا ..
والدورة وخلصتها .. شحقه يالس تتعلثلي الحينه ..!!!!
(تتعلثلي = تضع لي الاعذار الواهية)


زفر خالد زفرة اخرج فيها كل ما يعتمل خاطره من قهر كامن ..


لا يريد ان يتزوج ابنة عمه ..
هو اساساً لا يريد ان يتزوج الآن ..!!
ليس مهيئاً نفسياً ولا عقلياً لهذا الموضوع ..
لمَ والده لا يريد ان يفهم هذا ..!!!


هتف خالد بنبرة حاول إخراجها هادئة: ابويه دخيلك اسمعني انت بس ..
الحينه لو سرت وخطبتها .. شو يضمنّا انها بترضابي ..!!!
خبرني شو يضمنا ..!!
يمكن هي اصلا مب في خاطرها العرس ..
بتغصبها عليه مثلاً ..!!!

هتف أبا خالد بجبروت قاسي: لا بترضابك غصبن عن خشمها .. ما عندنا بنات يرفضن نحن ..
زهب روحك انت .. احتمال على الاسبوع الياي نسير نرمس هل عمك بالسالفة ..



.
.
.
.
.
.
.



انتفض من سريره وهو يصرخ بلهاث ارهق تلابيب صدره، اخذ يتلفت بنظرات تضج بالجنون والشك محاولاً استيعاب المكان النائم فيه ..

ما ان تذكر انه في بيته وفي غرفته حتى لان جسده المتصلب وحاول تخفيف وتيرة لهاثه العالي "المهتز" ..

وضع كفه على جبينه وهتف بصوت خافت شديد الثقل: حسبي الله ونعم الوكيل .. حسبي الله ونعم الوكيل ..


ضل يردد هذه الجملة حتى رفع رأسه بعينان غائمتان واسند ظهره على ظهر السرير ..


كم ساعة نام ..!!!!
يشعر انه نام الدهر كله ..


نظر لساعة الحائط وادرك انها العاشرة والنصف صباحاً ..

انتفض واقفاً وهرع الى الحمام سريعاً ليتوضأ ويصلي فجره الذي فاته بنومه العميق ..

لم يكن نوماً .. وانما غيبوبة قصيرة عميقة اخرج فيها ما اعتمل في روحه طيلة أشهر من ارهاق نفسي وجسدي ..

وكان بحق بحاجةٍ لهذه الغيبوبة أكثر من أي شيء آخر .....


خرج من الحمام وصلى ما عليه ثم سلم من صلاته قبل ان يقوم من الارض ويمسك هاتفه ويتصل بأحدهم ..



.
.
.
.
.
.
.



أخذت تجمع بعض الازهار من حديقة بيت عمتها وهي تضحك من غير سبب ..


هي فقط سعيدة .. سعيدة لأنها واخيراً سمعت صوت أخاها وعرفت انه بخير وبتمام الصحة والعافية ..

ليس مهماً انها لم تحادثه بلسانها .. المهم انها سمعت صوته الغالي .. وسمعت الحنان المتجسد على هيئة نبراته المثقلة بالحب ..


رأت عمتها وشما آتيتان نحوها .. وسرعان ما هتفت ام العنود بابتسامة جميلة لها: ها ارتحتي ..!!
هاذوه حارب مافيه الا الخير والعافية وبيينا ان شاء الله جريب ..

رفعت موزة يديها واشرت برجاء حقيقي: يااااااااااارب ..

شما بذات ابتسامة ابنة خالتها: تستاهلين سلامته يا قلبي ..

موزة وهي تأشر بنظرات لامعة: الله يسلمج من الشر شميمي ..

أضافت بإشارات تقطر مشاعر جياشة شفافة: والله اني مابا شي من هالدنيا الا اشوف اخويه بخير وسلامة .. اذا صار لـ حارب شي انا بموت ..
والله بموت ..

قطبت ام العنود حاجبيها بغضب وقالت: بسم الله عليج يا الطفسة لا تقولين هالرمسة ..
الله يخليج انتي واخوج لي ولا يحرمني منكم ..

اقتربت موزة من عمتها واحتضنتها بكل ما فيها من احتياج "مجتاح" .. ودعت الله في قرارة نفسها ان يحفظ لها ما تبقى من عائلتها ..

لكنها ابتعدت برعب ما ان سمعت عمتها تقول: جان ما اسير بوظبي الحينه مع البشاكير وينظفن بيتكم هناك ..


الا ان لسان الأخيرة قد انعقد ما ان لمحت وشما تجمد موزة الواضح المرعب ..
ثم تبادلتا نظرات حائرة خاطفة قبل ان تضيف بنبرة حازمة تخللها قلة حيلة لم تظهرها: موزة لا تنسين ان هذاك بيتكم .. انتي معايه يالسة لجنه اخوج واعليه روحه هناك محد وياه ما غير الطباخ .. لازم نسير كل فترة انظفله البقعه ونرتبله اغراضه ..

هزت موزة رأسها بـ حسناً بنظرة جامدة خلت من الحياة ... وبشكل مستميت اخذت تحاول ازاحة صورة ذكرى قاسية .. مرعبة .. وحشية .... من جنبات عقلها ..

ثم تراجعت للخلف بتعثر قبل ان تستدير وتأخذ زهورها وتهرع نحو المنزل ..



.
.
.
.
.
.
.



خرج من عمله والبسمة تتراقص على مقلتيه .. كيف لا وهو أخيراً وبعد شهور سيلتقي به ..!!

ما ان وصل للمطعم الذي اتفقوا عليه حتى أسرع في سيره الى ان اقترب من الرجل واحتضنه برجولية صرفة ..
: انت وييينك يا رياااااال وييينك ..!!!!
اسمينيه حرقت فونك وما خليت حد ما نشدته عنك .. وين اختفيييت خبرني ..!!!

رمقه حارب نظرة رجولية باسمة وقال بعد ان اعطى سلطان نظرة ذات معنى مبطن: والله يا ذياب شو اقولك .. الشغل ما يخلص يا خويه .. كل ما نقول خلاص بنريح تظهرلنا شغله وسفرة ايديده ..

قاطعهما سلطان وهو يأشر لابن اخيه ان يجلس .. ولكي يساعد حارب في عدم الوقوع في دوامة كذب واعذار واهية: تعال تعال ايلس ..
ادريبك كنت تتريا حارب يرد بالسلامة وتشوفه .. عسب جيه اتصلتبك وظهرتك من دوامك ..

اعطى ذياب عمه نظرة ممتنة وقال وهو يستدير لحارب: هيه والله يا بومييد اسميك سويت فيه خير يوم اتصلتبي ..
خبرني حارب شو الاخبار شو العلوووم ..؟!!

حارب: والله الحمدلله بصحة وعافية .. وانت شو الدنيا وياك وشو الدوام ..!!

ذياب ببسمة خفيفة: والله هالدوام مظهر عيوني .. في الشهر اللي سافرت فيها اسبانيا استوى من ورايه بلاوي ولين يومك هذا يالس ارقع ورا الموظفين ..

رفع حارب كلتا حاجبيه باستغراب باسم: اووه ما شاء الله سرت اسبانيا ..!!

ذياب: هيه والله الاهل كان عندهم سفرة لـ جامعة قرطبة وخاويتهم ..
بس يا حارب شو اقولك .. هالاسبانيا جنة جنة تبارك الرحمن ..

هز حارب رأسه موافقاً حديثه وقال: هيه ادريبها ما شاء الله ..

ذياب: جيه جد سايرلها قبل ..!!!

نظر حارب الى سلطان ببسمة خفيفة كسولة ... ثم أجاب بصدق مع تجنبه الدخول في احاديث توقعه بالكذب: شفت مرة فلم وثائقي كامل عن اسبانيا .. وصدق ضرب في خاطريه اسيرلها يوم ..
ذياب بحماس: هيه والله انصحك تسيرلها ..

هتف سلطان للرجلان بعد ان وقف النادل بقربهم: ها شباب شو في خاطركم تتريقون ..؟!



.
.
.
.
.
.
.



كان يجلس بمحاذاة ابنة شقيقه وبناته .. وفي حضنه فاطمة حفيدته تلعب بلحيته السوداء المشوبة بشعيرات رمادية ..

قبّل بقوة وجنة فاطمة وقال بحبٍ أزلي: فدييته يوم انا ريييييته ..

ضحكت الطفلة ضحكة مرتفعة لذيذة بينما زمت ابنته الصغرى فمها بغيرة وقالت: هيه حق فطوم النتفه الحب والتفدي والتحبب وانا السب والهزااااب ..

رمقها أبا سيف من تحت رموشه وقال بتسلية لا تظهر الا نادراً: متى بعد يالجذوب سبيتج وهزبتج ..!!!

ضحكت العنود وقالت بخبث: ههههههههههههههههه بنتك تغار من بنتيه تلاحق عليهااا عميه

احتضن أبا سيف كتف ابنته بخفة ودنا منها قليلاً قبل ان يقبل رأسها بحنان ..

وقال بعدها ببسمة مرحة: محد ياخذ مكان المير في فواااديه ..



ارتفعت اعين الجميع عندما وقفت حصة بحدة ... وبملامح تنضح غضباً مكتوماً ... ثم خرجت من الصالة بصمت جامد ..


رفع حاجباً واحداً بعدم مبالاة والتفت لابنته عندما سمعها تناديه برقة: عونج امايه

ميرة بنبرة مترددة خجولة: عانك الله الغالي ..
اممممممم ابويه بغيتك توديني دبي اتشرى حق حفلة تخرجي ..
ما باجي عليها شي ..

وضع أبا سيف حفيدته بالقرب منه وقال: متى تبين تسيرين ..؟!

ابتسمت ميرة واجابت: ابا اسير عقب عرس عموه .. يعني جيه بالاثنين او الثلاثا ..

هز أبا سيف رأسه وقال بطيب خاطر: يصير خير ان شاء الله ..


الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر


تمتم ابا سيف بخفوت مع سماعه تكبيرة اذان الظهر: الله اكبر الله اكبر ..
يلا بسير اتمسح حق الصلاه ..
(اتمسح = اتوضأ)


التفت ببطئ لـ العنود وهتف: العنود ترى ريلج اليوم بيرخصونه ..

خفق قلب العنود بـ سعادة وقالت: صدق عميه ..!!

ابتسمت عينا ابا سيف بحنان عبق واجاب: هيه ان شاء الله ..
اللهم لك الحمد والشكر الدكتور طمنا البارحه عليه وقال عادي نرخصه بس كل يومين بييه الممرض عشان يعاينه لين وقت عمليته ..

ترددت العنود قبل ان تهمس بقلق: بـ بس عميه سيف ما يبا يسوي العملية في البلاد ..

هز ابا سيف رأسه بـ حزم واجاب: هيه خبرني هو .. وانا قلتله بخاويك لكن الله يهداه راسه يابس ما يبا الا عمه ..

ابتلعت العنود غصة قلبها المتألم .. وهتفت بذات همسها المثقل بالرجاء: عميه دخيلك اقنعه يخلينيه اخاويه .. انا ما بتحمل ايلس في البلاد واتريا إلين ما تيينيه اخبار عن حالته .. دخيلك فديتك ابا ارابعه ..

ابا سيف: يا بنتيه حاولت قبلج وياه وما طاع .. راسه صخر يقول ما يبانا نتعبل به ..

هز رأسه بـ قلة حيلة وأضاف بتهكم خفيف: عنيد هالريال وعليه طبع يرفع الضغط .. ما يبا حد يعاونه ولا يسويله اية حايه ..

العنود بقهر: شمعنه يعني عميه احمد ..!!!

شمر ابا سيف عن ساعديه وقال وهو يتحرك باتجاه مغاسل الحمام: لأن عمج احمد فاضي وما عنده شغل وايد هالايام .. غير انه جد سافر ألمانيا قبل ويدل مناطقها وسكيكها ..



.
.
.
.
.
.
.



اغلقت الباب خلفها بقوة وهي تبتلع غصة ألم كبيرة تحجرت وسط بلعومها ..

تعبت كثيراً من جفاء والدها وتعامله القاسي لها منذ شهور ..... منذ ان خطبها ذلك المدعو فلاح ورفضته ..


كل هذا بسببك أنت أيها المتعجرف المغرور ..
افففففففف ..


تشعر برغبة كبيرة بالبكاء .. لكنها لا تعرف كيف ..!!

لم تتعود ابداً ان تبكي كـ الأطفال وتشتكي .. لطالما أخذت حقها سريعاً وبواسطة لسانها .. لكن الآن كيف تفعلها امام والدها ..!!!

لا تستطيع .. فهو والدها وليس احد ابناء الجيران ..!!


ضحكت بخفة وهي تتخيل كيف يكون شكلها وهي تتعارك مع اباها .. تقسم انها لن تبات ليلتها الا في المقبرة ..


زفرت زفرة ضيق/قهر .. يا إلهي كم هي مشتاقة له ولحنان عيناه ..

لمَ عليه ان يغضب لمجرد انها رفضت رجلاً بغيضاً كـ ذاك الرجل ..!!! ..... لمَ ..!!!

اخذت توبخ نفسها بغيظ ..

أصمتي يا غبية .. فلو كنت بدأتي اعتراضك على "ذاك الفلاح" بهدوء واستخدمتي سياسة الانثى الطبيعية مع والدك كما تستخدمها بالعاده ميره لما غضب وضل غاضباً الى الآن ..

هكذا انتي دوماً يا بلهاء .. تنفعلين بسرعة وتعبرين عن اعتراضك بأسوء الطرق المتخيلة ..!!!
افففففففف ..

حسناً .. يجب ان ارضخ قليلاً واتقمص شخصية القطة السيامية ميرة واذهب لأعتذر إليه بشكل يلين قلبه القاسي ..



.
.
.
.
.
.
.



رفع بساعديه جريدة قديمة رآها على إحدى الطاولات الصغيرة بجانبه .. ثم أخذ يقرأ عناوين الأخبار بشكل سريع منتظراً خروج ابن شقيقه من الحمام ..

قلب الصفحات .. وقلب ..... حتى توقف فجأة عند أحدها قبل ان تشتد قبضة يداه على جانبي الجريدة ..


"محمد بن راشد يمنح سلطان بن ظاعن وسام رئيس مجلس الوزراء في المجال الأمني الإداري المتميز"


رص على شفتيه المغلقتين واسم سلطان بن ظاعن يتخبط امام مقلتيه بسيطرة "تقتل" ..

كيف له ان يقرأ هذا الاسم من غير ان يتذكر "تلك" ...... كيف ..!!!

يعرف تمام المعرفة ان سلطان رجلاً لا يسمح بوقوع الخطأ او التمرغ في الرذائل ..

وان لم يعترف هو "بسمو أخلاق زوج اخته" فلن يكون "رجلاً" ..!!

ولكن ماعرفه من اسرار .. ومخططات شيطانية .. يجبره ان يدع الشيطان يشن حروب البغض في جوفه ..

فهو قبل ان يكون زوجاً ...... هو رجل ..

رجل أصيب بمنتصف شموخ رجولته ..

منتصفهــــا وأعمقهــــا ..!!

أن يعرف ان زوجته كانت مجنونةً بابن عمها هذا يقتل ..

ان يعرف انها خططت بشيطنة صرفة لهدم زواج شقيقته شما قبل سنين هذا يقتل ..

ان تكذب .. وتدعي الحب عليه وتعيشه الوهم سنين طويلة وهو كالمغفل المعتوه هذا يقتل ..

ان .......
ان تقتل بقلبٍ بارد حصاد عشقه وحبه السرمدي لها وتبصقه من رحمها بكل ازدراء انعدمت منه الإنسانية

هذا لا يقتل ..

بل يجعله متصلباً ملفوفاً حول عنقه حبل من مسد فوق جهنم جراح تلظى تحت ارجله "قبل وصول مرحلة القتل" ..

كيف له بعد ان عرف بحقارة ما ارتكبته من افعال بحقه ان يفكر بالحزن عليها ..!!

لم يدع لقلبه المجال كي يحزن .. او يرثي حاله .. بل تحجرت روحه بما فيها من مشاعر بشكل غريب قاسي ..
وابتعد عن كل شيء بقلب تجمد فوق رماد جمر "ينبض" ..
رماد جمر "مازال ينبض" .....

لم يتكلم ولم يسمح لأحد ان يعترض على ما فعله عندما هجر البلاد ايام متجنباً كل البشر .. بل الى الآن لم يعرف أحد ما حصل بينه وبين زوجته ليلة الحادث .. حتى انهم لم يعرفوا بأمر طلاقه وما جرى في تلك الليلة ..

يشعر في باطن نفسه ان تلك الليلة وسم أسود لا يحق لأحد الاحساس بمرارته وقباحة منظره .. غيره هو ..
وليس غيره من سيتجرع حقن المرارة من "صاحبة العلقم" ..!!


قرأ اسم "سلطان بن ظاعن" مرة أخرى بنظرة تنضح علقمية فتكت صفاء ملامحه الجذابة ....


ماذا ارتكبتي أيضاً من أهوال/سفالة يا أنتي ..!!!


وضع الجريدة بجانبه ما ان خرج سيف من الحمام ..... ثم وقف بسرعة وامسك بساعده وقال بصرامة غاضبة: هب قايلك لا اتعب روحك انا بساعدك ..!!!

اعتدل سيف بجلسته مجعداً عيناه شاعراً بالألم يفتك ظهره .. ثم هتف بنبرة خشنة مرهقة: ماحب عميه كم مرة اقولكم .. مااااحب ..

زمجر أحمد بغضب لم يستطع تمالكه: شو ما تحب على كيفك هووو .. لازم تستوعب انك انسان محتاي حد يساعدك ويعاونك .. تحمل وودر عنك العناد والتكبر على الخلق ..
الشلل اللي فيك هب دايم ان شاء الله يعني لو سمحت تكرم علينا بشوية طيبة وصبر يلين ما تردلك عافيتك ..
هب عدوانك نحن يا سيف ..

زفر سيف غيظاً وآثر السكوت والسماح لعمه أن يساعده في تغيير ملابسه وترتيب اغراضه ..

هتف أحمد بحزم ذات معنى بينما هو ينهي ترتيب حقيبة ابن اخيه: خف على حرمتك يا بومايد تراها ما تستاهل ..

التفت سيف بحدة نحو عمه وهتف بنظرة تنضح غضب/شك: سايرة المدام تتشكى عندك ..!!

جلس احمد وأجاب بصرامة باردة: ولو يت عنديه واشتكت شو بتسوي مثلاً ..!!

احتد فم سيف وقال: الحرمة السنعه ما تسير تتشكى للناس وترمسهم عن امورها الخاصة ..

رفع احمد حاجباً واحداً بسخرية باردة وهتف: اول شي انا عمها هب اي واحد من الناس .. ولو سويت ابها شي وما يت وخبرتني يا ويلها منيه .. ثاني شي استريح .. حرمتك سنعة وما يظهر منها المنقود ولا رمست من وراك عن شي يخصكم ..
انا عرفت روحي ..
رمستك معاها وجفاك هب خافي عليه ..

أضاف باستنكار حاد: انت يا ريال ما تباها حتى تزخك ..

امسك سيف هاتفه بشكل منفعل وقال باقتضاب جامد: انت تتوهم يالعم .. ما بينيه وبين بنت اخوك شي ..

رمق احمد سيف من تحت رموشه ثم قال بصرامة بعد صمت وجيز: زين .. ما بينك وبينها شي ..
بس ان يتني يا سيفوه في يوم تتشكى منك ما بوقف واصفقلك ... فاهم ..!!!



.
.
.
.
.
.
.



ليس عليه التفكير بأي شيء الآن سوى بـ كيفية اخبار اهله عن موضوع ابنه ..
قلقه من عدم تقبلهم ابنه ورفضهم احتوائه بقلوبهم يقلقه كثيراً .. غير ان التفكير بردة فعل جده واباه بحد ذاتها تجعله في حالة توتر قصوى ..!!


التفت بخفة لصغيره الذي نام بعد وجبة غداء دسمة اعدها هو شخصياً له ..

ابتسم ساخراً من نفسه بمرح وهمس بخفوت: والله وغديت ابو يا نهيانووه ..

لانت نظرة عيناه بحنان فياض ومال نحو جبهة ابنه وقبّله .. ثم مسد رأسه قبل ان يتنهد بعمق ويفكر ..


حسناً .. يجب ان يخطو وبسرعة أول خطوة ..
أشقائه ..
لن يساعده في هذه المحنة غير اشقائه ..!!


امسك بهاتفه واتصل بـ فلاح ... ما هي الا دقات قصيرة حتى جاء صوت الاخير بحزم ودود: ارحبووا

نهيان: حي ذا الصوت بوعبيد نمبر تو .. العلوووم ..؟!!

فلاح بنفسٍ باسمة: والله علومنا علومن طيبة تسرك ما تضرك بوعبيد نمبر ون ..

نهيان: ههههههههههههههه دوم دوم يا خويه ..

سمع نهيان صياح جده الغاضب المستنكر: فليّح وصل علم لاخوك ان ما ريت زوله اليوم حرام ينيه
اخلي العيره ترقص على ينوبه ..

نهيان بضحكة رنانة: هههههههههههههههههههه فلاح حطه سبيكر برمسه ..

ضحك فلاح هو الآخر ووضعه على وضعية مكبر الصوت ..

ثم هتف نهيان بصوتٍ مرتفع رنان: مررررحبا مررررحباا يا حي لسطااري ..
حي مندوبك ومكتوبك ..
عد ما نسنس هوا الذاري .. او عدد ما جد مندوبك ..

صاح ابا عبيد ببحته الدائمة واتضح من صوته انه يستمتع بشقاوة نهيان الكلامية: اييييييييهاااااااء اسميك يا ولد عبيد لوووووتي وما تنرااااام ..

ضحك نهيان ومعه فلاح بقوة ثم هتف الاخير باستمتاع: كمل كمل نهيان بوعبيد شالنه الهوى ويباك تقندله الراس شوي من قصيد اليمري ..

تابع نهيان ببسمة خبيثة موجهاً حديثه لـ جده: هاااه نهيان الحر.. اليمري شو يقول ..!!

ضرب ابا عبيد عصاته بالارض وقال بعينان لامعتان تتلهفان لـ سلطنة الشعر: يقول يالخضر ذا مسلكٍ جاري
سنّة العشاق سووا بك
كن على الليعات صبّاري .. واحتذر م الواش يسعوا بك
لا تقول انك بك اعزاري .. كاف من مضناك مطلوبك
إنت روحك بايع وشاري .. في الهوى ومسادري هدوبك
للغوا فقه ونحو جاري .. تقدر ترافي فتق ثوبك ..

(سالم الجمري من الشعراء الاماراتيين المخضرمين وله صيت وباع كبير في القصيدة الاماراتية .. والقصيدة السابقة كتبها الجمري رداً على قصيدة لراشد الخضر والذي يعد أيضاً من الشعراء الاماراتيين المخضرمين)


صفّر نهيان بشقاوة وهتف بذات صوته الرنان الآتي من خلف مكبر الصوت: يا ولد روووووح ..
اشهد ان ما فيك حيلة يالحر .. يبتها على العوووووق ..

دنا فلاح من جده وقبّل انفه وقال بابتسامة متسعة: يعلك تسلم يا بوعبيد .. ما شاء الله عليك عدك حافظ القصيد ..

رفع الجد انفه باعتداد رجولي وفخر لا تفارق طلتها جبهته النيرة وقال: هيه نعم شو تتحرونيه انت واخوك ..
عدني انا شباب ما خرفت ..

قال فلاح بذات ابتسامته: انشهد انك شباب واصغر عنا بعد ..

هتف نهيان من وراء المكبر: يديه الغالي ورفجة كل من يستحج الرفجة .. اليوم ما ظنتي بيي البيت .. عنديه شغيلات صغيرونه بخلصهن وبييكم خلاف اذا الله راد ..

رجع ابا عبيد لمزاجه الغاضب وقال: ماشي نهيانوووه ماشي .. ان ما ريتك الليلة في البيت بزوااااالك ..

نهيان برجاء: ورفجة يديه .. لازم اخلص اللي عليه عسب خلاف اييك ونتجابل ونقعد عاده نتسامر بهالقصيد الزين اللي ماشي احسن عنه ..

رفع الجد حاجباً واحداً ثم قال بنبرة خفّت حدتها: يلا دهدييييه خلص شغلك بسرعة ..

نهيان: ان شاااااء الله ..

وضع فلاح الهاتف على الوضعية الاعتيادية ثم سمع نهيان وهو يناديه بنبرة انقلبت للحزم البالغ:
فلاح طلبتك

فلاح بنبرة خبيثة: انا قلت نهيان ما بيتصل في هالقايلة الا اذا يبا حايه ..

نهيان بنفاذ صبر: ياخي قولي تم وخلاص ..

فلاح: هههههههههه تم بوعبيد آمر ..

نهيان: بغيتك انت وحمد ومهاري اتوني شقتيه عقب المغرب ..



.
.
.
.
.
.
.



نزع عن رأسه العقال والغترة قبل ان يخلع ثوبه ويرميه بإهمال على السرير ..

رمى بجسده الطويل على السرير متنهداً تنهيدةً اثقلت كاهله المرهق .. وقبله روحه المرهقة ..!!


أصبحت حياته رتيبة كئيبة مظلمة اللون/البسمة .. لا يعرف ما الخلل الذي جرى في بنيان علاقته بزوجته كي يؤول بهم الحال لهذه الصورة ..!!

يشعر ان الامور تنفلت من بين يديه .. ليس باستطاعته عمل شيء خاصة بعد المواجهة الاخيرة التي حدثت بينهما ..

كانت فيما سبق غاضبةً منه لسبب يجهله .. والآن هو غاضباً منها لسبب هو يعرفه .. وهي كذلك ..!!

الا انه مازال لا يعرف ما كانت نقطة الشرار التي تسببت في كل هذا ..!!

هو يؤمن انها لو اعطته المجال في السابق ليعرف المشكلة ويحلها بطريقته ما كان الآن يشعر بأحاسيس الوحشة والغربة ..

ولكن الآن كيف يستطيع إخماد نار قهره وان يبادر كما يبادر في كل مرة ويذهب ليتفاهم معها ..!!

كيف ..!!

لقد اوحت له منذ المرة الأولى انها لن تلين .. ولن تدع له المجال للتفاهم ..

حك عيناه بإرهاق ثم تنهد وقرر ان يأخذ حماماً طويلاً علّ خفقات قلبه "الضائعة المتخبطة بدون عيناها/شذاها" تهدأ قليلاً ..



.
.
.
.
.
.
.



كانت مع ابنة شقيقها في طريقهما الى ابوظبي .. الى بيت شقيقها محمد رحمه الله ..

كانت ستذهب وحدها لولا قرار موزة الصادم بمرافقتها .. لم تتصور حتى حلمها ان الاخيرة سترضى بدخول ذلك المنزل بعدما جرى من مآسي فيه ..

بغض النظر عن شرطها بأن تظل داخل السيارة ولا تنزل منها .. الا ان ام العنود تعترف في قرارة نفسها انها فرحت كثيراً بمجيئها .. هذا ينبأها ان عقدة ابنة اخيها النفسية قابلة لئن تنفك ..

فقبولها ان تقترب من بيت اهلها دليلٌ قوي على التصارع الحاصل في روحها بين المكوث مصلوبة على حبل ذكريات الماضي وبين المضي قدماً نحن حياة جديدة ومستقبل مشرق ..!!
وهذا بحد ذاته مؤشر جيد ..!!!


استدارت بخفة إليها ورأت كمية التوتر المتجسد على اصابعها المتشابكة ببعضها البعض وركبتاها المهتزتان على وتيرة واحدة مزعجة .. هتفت بابتسامة حنونة:
موزة غناتيه بلاج ..!! ..... خلاص تراج قلتي ما بتحدرين البيت شحقه جيه متروعه ..؟!

اخرجت موزة زفيراً محموماً/ثقيلاً/مختنقاً .. واشرت بيديها باقتضاب: ما فيه شي عموه بس متولهة على شوفة اخويه ..

احتضنت ام العنود كتفها وقالت بنبرة عطوفة: بتشوفينه ان شاء الله وبتشبعين منه بعد ..

امسكت بهاتفها الذي يرن .. ثم رفعته واجابت بنبرة حب أزلية: هلا حارب حبيبي ..

حارب: هلا بج زود الغالية .. داقة عموه ..!!!
اسمحيليه كنت مع رياييل ومارمت ارد ..

ام العنود: لا ما عليه فديتك .. دقيتلك عسب اخبرك لا تيينا العين .. انا واختك في الدرب يايينك بوظبي ..



.
.
.
.
.
.
.



: بالبركه بومييد بالبركه .. وتوك عاده تخبرني ..!!!

ابتسم سلطان لـ حارب وقال بصوت هادئ فخم: الله يبارك في عمرك .. كنت مرتبش وياك وهب مصدق انك الحمدلله رديت النا بالسلامة ..

كرر حارب بمرح: بالبركه يالشيبه وربي يتمملك على خير ..

رمقه سلطان من تحت رموشه وقال: محد شيبه غيرك .. الحمدلله بعدني شباب ..

رد حارب وهو يفتح باب منزله: هههههههههههههههه قرب قرب بومييد ..

أضاف وهو يشعل اضاءات الصالة الواسعة: عاد اسمحليه شيخي .. البيت وصخ محد طاحه من شهور ..
الحينه الاهل يايين وبينظفونه ..

تتبعت نظرات سلطان انحاء المنزل الذي هو بحد ذاته ايقونة جمال بتصميمه الداخلي المبهر الخليط من لون الكاكي القاتم والزهر الفاتح الطفولي ولون الكاكاو الفخم .. كان المكان بأكمله مصمم بوضوح على يد انامل انثوية بحتة ذو ذوق رفيع ..
ولكن كان من الواضح رؤية علامات الهجر الملبدة بغيوم الفقد المريع في المكان .. فوق كل زاوية ... وحول كل قطعة أثاث ..

رد على ما سمعه ببسمة رجولية خفيفة: لا افا عليك بومحمد عادي .. بس هب احسن لو قعدنا خاري في الميلس عسب الحرمات يوم اين ما يتروعن ..!!

حارب: مبوني ساير اييب مفتاح الميلس من الحجرة ..
(مبوني = من الأساس)



أضاف وهو يصعد السلالم بسرعة رشيقة: دقايق بومييد .. ايلس ايلس استريح ..


بدل ان يجلس سلطان .. وجد نفسه ينشد لتصميم البيت الفريد من نوعه .. ورغب برؤية الصالة الداخلية التي تتوسط الغرف السفلية ومكتب ابا حارب ..


لانت نظرة عيناه وهو يلمح على طاولة التلفاز صورة تخص ابا حارب "محمد" وصديقاه الاثنان سعيد ابن خالته وعبيد شقيق زوجته ..

شاهد من قبل هذه الصورة .. وعجز في وقتها حل غموض تقارب هؤلاء الثلاثة الشديد ..

لكل منهم وجه شبه يدله على الآخر .. وكأنهما خرجا من بطن واحد ومن ام واحدة .. غير ان اختلاف ملامح الوجوه بينهم تبعد هذا الظن عن الآخرين ..


ولكنه هو .... سلطان .... لطالما رآى تمازج هؤلاء الثلاثة ببعضهما .. تمازج خصه الرحمن لهم هم فقط ...!!!


لمحت عيناه كتاب اصفر فاتح اللون مكتوب عليه بالخط العريض
"مجموعة احكام المحكمة الاتحادية العليا للنقض الجزائي"


فتح الكتاب واخذ يتصفح بشكل عشوائي ووجد أن محتواها عبارة عن احكام ومرافعات تخص المحكمة العليا واغلب المرافعات كانت برئاسة محمد بن حارب وسعيد بن خويدم وبعض قضاة مرموقي الشأن في أبوظبي ..


تذكر سلطان كيف كان هذان الاثنان بالذات .. محمد وسعيد .. عباقرة في مجالهم .. كانا ثنائيان لهما مكانتهما المعروفة في وسط القضاء ..
حتى ان سمعتهما وصلت لبلدان خليجية وعربية .. عرفا بشكل خاص عبقريتهما في مجال تحليل القضايا الشائكة واحترازهم الشديد لاخراج حكم قضائي عادل لا تشوبه شائبة .. غير ان الاثنان سعيا بشكل خاص وبجهد ان يدربا باتقان وتقنية عالية الاجيال الصاعدة الطامحة لأن تصبح قضاة المستقبل .. وهذا لا يعني ان صديقهما الثالث لم يكن بمستواهم العريق .. وانما عبيد فضل العمل في دبي قريباً من عائلته ورفض عدة مناصب عالية في العاصمة ..

سعيد ومحمد .. عبقرية هذان الاثنان كانت السبب في تهافت اعداء الوطن عليهما ..



رفع رأسه ونظرة عيناه اصبحت كغيمة رمادية قاتمة .. وسبَح في ماضٍ مضى ورحل ..

ماضٍ كان فيه هو المرؤوس وليس الرئيس ..





قبل أربعة سنوات إلا أربعة أشهر تقريباً ..





: سيدي طلبتني ..!!!

رفع ابا حميد رأسه وقال بحزم: هيه سلطان تعال ..

جلس سلطان وقال من تحت حاجباه المعقودان: آمرني سيدي ..

ابتسم ابا حميد باعجاب لـ ابن اخيه سلطان والذي كان منذ بداية عمله صارماً لا يقبل المجادلة ولا الاعوجاج في القوانين .. ولم يزل لسانه ابداً وقال كلمة "عمي": سلطان برمسك شوي عن مهمة موكله اليه وبغيتك اتعرفها لانيه احتمال اسافر عقب شوي في مهمة مستعجلة ومابا الأمور تنفلت من ايديه ..


جلس سلطان وقال بحزم: قول سيدي ..

زم ابا حميد فمه بتفكير وأخذ يضرب بقلمه الفخم طاولة المكتب وكأنه يرغب باستجماع افكاره ليطرحها امام سلطان بشكل مرتب واضح ..
هتف بعد صمت: انت تعرف ان سعيد بن خويدم حالياً يشتغل معانا وداخل بين جماعة بومرشد بالدس عشان ايمعلنا معلومات ضدهم .. صح ..؟!

هز سلطان رأسه بـ اجل .. واضاف بعدها ابا حميد بنبرة حازمة حذرة لكل حرف يخرج من لسانه: سعيد ما شاء الله عليه ما قصر إلين الحينه .. قدر يظهر منهم فضايح وبلاوي ما يعلم بها الا ربك .. من ضمن اللي عرفناه ..
طلعت هالمنظمة تابعة لمنظمة أكبر منها في تركيا يرأسها واحد اسمه ديرفس .. وهذا ديرفس أصله تركي من اب وام اتراك يهود .. ابوه كان عضو سابق في حزب الليكود في الكنيست ..
(الليكود هو الحزب اليهودي اليميني المتطرف)

وامه تقدر تقول كانت من اشهر نساء الأعمال في تل ابيب في هاك الوقت ..
انا اقولك هالمعلومات عسب تعرف الاعداء اللي احتمال كبير تواجههم في المستقبل .

.
هز سلطان رأسه بشكل خفيف جداً وعقله يلتقط المعلومات بنهم ... وقال: كمل سيدي ..

أكمل ابا حميد: وديرفس ترى هب عود .. شاب صغير من عمرك ..

وطبعا في المنظمة اعضاء هب هينين .. انا بعطيك قبل لا تروح ملف كامل عن كل عضو وشو خلفيته وماضيه وشو المهمات الموكلة له ..

سلطان: بس سيدي ممكن تخبرني كيف قدرتوا ادخلون سعيد المنظمة ..؟!!

إلتمعت عينا ابا حميد بمكر وقال بابتسامة فخورة: عيال هالبلاد يا سلطان اسود ما يرضون بالمهانة لوطنهم ..
سعيد هو اللي دق صدره وقال انا روحي بدخل وسطهم وبعرف هم شو يخططون ..
طبعا بتسألني كيف كانت بداية الامر ..
بخبرك ..
تحيد فضيحة وزير الـ.. السابق سهيل الـ.. اللي صارت قبل ثمان شهور .!!!

هز سلطان رأسه بإيجابية وقال: هيه نعم احيد هالسالفة ..

هتف ابا حميد من خلف نظارته الطبية بنظرة حازمة مسيطرة: هالوزير يستوي ولد عم بومرشد ..

رفع سلطان كلتا حاجبيه بـ ذهول وصمت ليدع عمه يكمل حديثه ..

وأضاف الاخير باسترسال: يوم المحكمة وكلت لـ سعيد قضية الوزير .. يته رسايل غريبة منها ابتزاز منها تهديد منها رشاوي عشان يمشي القضية لصالح الوزير وما يحكم ضده بالحبس .. في البداية ما عرف سعيد من منوه توصله هالرسايل .. لكن عقبها عرف يوم اتصلبه بومرشد شخصياً بخطوة جريئة منه .. بالعاده بومرشد ما يطرش الا خمته .. بس مع سعيد بن خويدم اتصلبه هو شخصياً ..
وطبعاً سعيد خبرنا شقايل بومرشد سايسه بالرمسه والكلام الطيب .. وعرض عليه مبلغ وقدره عشان يظهر ولد عمه ..
سعيد ما شاء الله كان ريال فطين ما يمر عليه شي بليا ما يدسدس وراه ..
عرف عقب ما سأل معارفه منو يكون ها بومرشد وشو انتماءاته السياسية .. ولأنيه انا اخو ربيع ابوه ويعرف انا شو اشتغل .. اتصلبي وخبرني باللي صار وياه ..
وزودته انا في المقابل معلومات تخليه يفطن للشي اللي هو بيوايهه .. يفطن لخطورة بومرشد وشو ممكن يسوي ..
طبعاً نحن كنا اساساً ندور عليه نبا نزخه .. ويانا مثل ما تقول على طبق من ذهب .. بس كان ناقصنا الدليل اللي نزخ من خلاله بومرشد من رقبته ..
يوم عرف سعيد ان نحن نبا بومرشد .. قال انا عنديه الحل بس بنجازف بأشيا وايده ..
سألته شو خطتك .. قال انه بيوهمهم انه وافق على الرشوة وبيستلم المبلغ قبل ما يحكم لصالح الوزير .. وطبعا بومرشد يوم بيشوف ان سعيد قبل الرشوة وصار في صفهم .. ما بيفوت فرصة انه يدخل سعيد بنفسه وسطهم ..

وهاللي صار بالضبط ..
حكم سعيد لصالح الوزير وظهره براءة .. طبعاً هذا عقب ما طالبه سعيد بوجود لو دليل واحد لصالحه عسب يلاقي ثغرات ويقدر يظهر حكم البراءة بمعرفته وذكائه .. وحط بعين الاعتبار ان محاكمة الوزرا هب جدام قاضي واحد بس ..

المهم .. ومن ثاااااااني يوم اتصل بومرشد في سعيد وعرض عليه يشتغل معاهم ووافق سعيد ..

في بداية الموضوع ما بغينا نزود سعيد بأجهزة مراقبة وكيمرات عسب ما نواجه زلة وغلطة وينكشف خوينا جدامهم ..
فقرر هو ان يسجل كل شي يسمعه بتلفونه .. هالتلفون خاص بينه وبينا نحن عطيناه اياه ..

طبعاً مرحلة تسجيل الاجتماعات يت عقب ما تغلغل سعيد وسط المنظمة وصار واحد منهم وفيهم ويثقون فيه ..

هتف سلطان بتساؤل: انزين اللي اعرفه ان بوحارب خوي سعيد وولد خالته ويشتغل معاه .. ما عرف باللي يستوي او شك ..؟!

هز ابا حميد رأسه واجاب: لا طبعاً .. شغل سعيد معانا بعيد عن ربعه وهله واي شي شخصي .. ووصيناه ما يخبر حد ولا يلمح لحد انه يشتغل معانا حتى ربعه بوحارب وبونهيان ..
غير ان اصلا اول ما بدت السالفة بوحارب كان مسافر هب في البلاد وبونهيان يشتغل في محاكم دبي هب في بوظبي .. وها سهّل على سعيد شخصياً انه يشتغل مع جماعة بومرشد ومعانا من غير محد يشك فيه ..
وطبعاً مع كم اتصال من ربعنا فوق وتوصيات خاصة .. خففوا على سعيد شغل المحكمة ووكلوا له تدريب القضاة اليدد بس ..

عقد سلطان حاجبيه باستغراب: شو الحكمة ..!!! كان يقدر يزاول عمله وهو يتجسس على جماعة بومرشد .. بالعكس هذا الشي ما بيخلي الناس تشك فيه ..

هز ابا حميد رأسه بالنفي واجاب: الامر هب سهل بالصورة اللي تشوفها .. كان سعيد يومياً من غير مبالغة يحظر اجتماعات بومرشد .. ولا تنسى قضايا البلاد والخلق مسؤولية يتحاسب عليها عند رب العالمين قبل اي حد ثاني ويبالها وقت وتركيز وجهد .. عسب جيه انا روحي قلتله يتم في شغله بس يبتعد كلياً عن اي قضية او مرافعة .. وبجيه محد بيروم يشك فيه ابد ..


تنهد واسند ظهره المتصلب على ظهر كرسيه وأضاف:
والحينه نحن تقريباً نجحنا باللي خططنابه .. لكن حاسين ان جماعة بومرشد بدت تشك في سعيد ..

اسند ساعديه على المكتب وقال بـ نظرة متوجسة: وخويّه بوحارب شاك بعد .. وخبرني سعيد كيف عصب عليه وطلب منه تفسير على اللي سواه في قضية الوزير ..
حاول سعيد يمشي السالفة على ولد خالته ويقوله ان الادلة ما كانت تسد بس بوحارب ماصدق وقال انه الوزير عليه ألف دليل يدينه وبيرد يفتح القضية هو شخصياً ..

سلطان بحزم متسائل: بس اظنتي عقب ما مسك سعيد دلايل ادين بومرشد .. فما فيها شي لو فتح بوحارب مرة ثانية قضية الوزير وينسجن وكلن ياخذ يزاته ..

ابا حميد: لا نحن ما نبا بوحارب يتدخل في هالسالفة .. دام نحن بديناها فـ نحن بننهيها بمعرفتنا .. نحن نحاول قد ما نقدر انظهر سعيد من جماعة بومرشد بأقل خساير ممكنة واهمها نحافظ على روحه .. هالساع بنورط بوحارب ..!!!
ما نقدر انجازف اكثر بـ رياييل اخيار من البلاد يا سلطان ..


تنهد بعمق قبل ان يتابع بحزم بالغ: الحينه وعقب ما عرفت يا سلطان كل شي عن هالمهمة .. بغيتك اول ما اروح تتصل في سعيد وتتواعد معاه في مكان وتاخذ عنه كل التسجيلات الخاصة باجتماعاته مع بومرشد .. هالتسجيلات يا سلطان لازم تكون على مكتبيه اول ما رد سامعني ..!!!

وقف سلطان بتأهب وقال بثقة عالية: تم وصار سيدي ..




جفل بخفة ما ان سمع نداء حارب له: بومييد ..

استدار نحوه بعينان غائمتان من أثر الذكرى وقال: هلا ..

مشى حارب باتجاه سلطان بعد ان وضع كفه الايمن داخل جيبه وقال بابتسامة لم تتجاوز حدود عيناه:
في شو كنت سرحان ..!!!

اجابه سلطان بابتسامة مشابهة وهو يحدق بصورة الأصدقاء الثلاثة: كنت سرحان في هاييل الثلاث ..

حارب: في شو بالضبط ..؟!

تحرك سلطان امام حارب والذي بدوره مشى خلفه حتى وصل محاذاته ثم هتف: تعرف حارب ..؟!
انا أؤمن وايد ولله الحمد ان اللي صار قضاء وقدر .. واللي ربي كاتبنه بيصير بيصير لا شك فيه ..
لكن اعترف ان نحن طحنا في غلطة ..

ابتسم بسخرية وأردف: يعني منو كان يظن ان التسجيلات اللي كانت في ايد سعيد ماهي الا سيدي اغاني بن روغه هههههههههههههههههه
شوف انت المصخرة بس ..!!!

رمقه حارب بنظرة معتمة وقال: وانتو شو كان يعرفكم ان الكلاب كانوا كاشفين عميه سعيد من قبل .. لا انتو ولا عميه سعيد الله يرحمه قصرتوا في شي .. الله هو العالم والشاهد ..

توقف سلطان واسند ظهره على الممر الفاصل بين الصالة الكبيرة والصالة الصغيرة المطلة على الغرف السفلية: بس غلطنا يوم ما قدرنا نحمي سعيد .. خطفوه وعذبوه يلين ما مات ..
الله اعلم كيف تم مفرور عندهم بلا روح يلين ما سلمونا جثته ليلة يوم الوطني ..

احتد فمه حارب بكره حقيقي واشمئزاز من حقارة هؤلاء البشر معدومي الضمير .. لا يستغرب ما فعلوه ..
فهو قد شهد حقارتهم بما فعلوه به وبعائلته ..!!!

اكمل سلطان وعيناه على الخواء: حاولت انا شخصياً ابعد ابوك من قضية الوزير اللي كان ناوي يفتحها .. بس للأسف عقب ما فات الفوت .. وعقب ما طاح بين ايدينهم وسمومهم ..

أكمل حارب جملة سلطان بمرارة علقمية قلبت عيناه لأحمرارٍ شفاف: سمومهم اللي خلت ابويه يذبح امايه بعقل ميت ..


أشر "بعينان غائمتان بسحب مظلمة من الحسرات الدامية" لزاوية في الصالة وهتف: هناك .. بالضبط هناك سلطان ..

استدار سلطان نحو الزاوية وقال بعدها بنظرة جامدة: كانت ضربتين في الراس اويعتنا بشكل ما تتصور ..
في نفس الليلة طاحت علينا جثتين .. جثة سعيد وجثة امك رحمة الله عليهم اجمعين ..

رفع حارب كلتا حاجبيه بسخرية ماردية: هههههههههههه وزيد عليهم جثتين طاحوا عقبهم بسنة


ربت سلطان ظهر حارب الواقف بجانبه وقال بنفسٍ مؤمنة: الرسول عليه الصلاة والسلام قال

حارب: عليه الصلاة والسلام

أكمل سلطان: يقول الله تعالى:
"ما لعبدي المؤمن عندي جزاء، إذا قبضت صفيَّه من أهل الدنيا ثم احتسبه، إلا الجنة"
احتسب امرك لله يا حارب واحمده صبح وعشية .. ترى كلنا في الاخير مصيرنا التراب ..

زفر حارب حرقة قلبه وقال بخفوت: الحمدلله رب العالمين .. الحمدلله على كل حال ..

ثم رمق سلطان بنظرة تقطر قهراً اوجعت تلابيب قلبه: بس انا ما برتاح إلين ما ترد صورة ابويه نظيفة بعيون الخلايق يميع .. ابويه لا خان هله ولا داره يا سلطان .. ابويه مب خاين ..

إلتمعت عينا سلطان بفخر/اعتزاز عارم وقال: ابوك كان ريال سنافي والنعم به سبعة انعام .. عزيز النفس ما يرضى بالمنقود والفعايل الدنية .. وصدقني مصير حقه يظهر في يوم ..
مصيره بيظهر يا خويه ..



.
.
.
.
.
.
.



خرج سلطان من عنده بعد ان جلس ساعة كاملة معه وحكى له كل شيء حدث معه بالسجن وتناقشا مع بعض الخطوات المهمة الآتية والمستجدات الجارية .. وهو الآن في طريقه الى الباب الخارجي كي يسلم على شقيقته التي رفضت الخروح من السيارة والدخول الى الداخل ..!!!


لا يستطيع لومها .. كيف يلومها وهي من شهدت مصرع والدتها على يد والدها امام عيناها بوحشية تجردت من معاني الاحساس ..!!!!


ابتسم بعاطفة عارمة وهو يقترب من السيارة .. ثم انحنى قليلاً بظهره وهو يفتح الباب هاتفاً بنبرة رجولية رنانة: ويينا لين عنـ..........



قطب حاجبيه باستغراب عندما وجد المقاعد الخلفية فارغة ..!!!


رفع رأسه منادياً السائق بـ صوته الخشن .. ما ان اقترب الاخير حتى سأله بحزم بالغ: موزه وين ..!!


هز السائق كتفيه ورأسه بـ جهل وقال: مافي معلوم سير ..


ربت حارب على كتفه وقال: انزين سر غسّل موتريه ..

رد السائق بـ احترام: ان شاء الله ..


زفر بـ عمق وهو يلتفت ليبحث بعيناه عن شقيقته .. وسرعان ما جفل بـ احساس داهمه كالصاعقة وهو يسمع نحيب خشن سحيق وكأنه خارج من اعمق مكان في الروح .. نحيب غريب/متقطع/أليم ..


اخذ يمشي باتجاه الصوت بـ ارتياب/جزع حتى وصل للباب الخارجي الصغير المؤدي للشارع ..



.
.
.
.
.
.
.



: وين كنتي يااا وصصصصصخه ارمسسسسسي .. ووووين كنتيييييي ..!!!!!

: انااااااا وصصصصصخه يا محمممممممد ...!!!!
اناااا وصصصصصخة !!!!!
حسسسسبي الله ونعمممم الوكيييييل .. حسسسسسبي الله ونعممممم الوكيييييييل ..

: وصصصصخه وستيييييين وصصصصصخه .. ارمسسسسي وين كنتتتتتتتتي .. عند منوووووووه .. شو اسسسسسسمه .. ارمسسسسسسي ولا والله يا نيلووووووووه مووووووتج على ايييييييييدي ..

: يا الرررررردي يا مضيع المرررررررريلة .. لا تظن ان كل خلق الله وصخييييين معربدييييييين شرااااااااااتك ..
انا العرب من اكبرررهم يلين اصغررررهم يحلفوون براااس اللي رباااني على الحشششمه والطهااااره تيي انت تشك فيه وفي اخلااااااااقي ....!!!!



: باباااااااااااااااا خلااااااااااص الله ايخلييييييييييييك خلااااااااااااااص ..
هد امييييييييييه هدهاااااااااااااا ..



: يلعععنـ ..... ويلععععــ......
انا مضيييييع المرررررررررريلة يا بنت الـ ..... يا الـ ..... !!!
قسسسسسسم بالله ماخليييييييج حيييييه قسسسسسسسم بالله ..



:هدهااااااااا بابااااااااااا الله ايخليييييك هدهاااااااااااااا
ابووووووووس ايييييدك هدهااااااااااااا بتمووووووووت ..
حااااااارب ووووووووينك تعااااااااااااال يا حااااااااارب دخيييييييييلك ..
حااااااااااااااااااارب
حاااااااااااااااااااااااا ارب ..




اخذ جسدها بأكمله يتنفض كانتفاضات شعوبٍ تحوطهم المجازر من كل جانب .. امسكت بجانبي رأسها بقوة وصراخها الأليم "العاجز كـ عجز قلبها عن نسيان مأساتها" لم يتجرأ ويخرج خارج حدود حنجرتها .. لم يتجرأ سوى ببث الرعشات في فكيها/لسانها:
حاااااااااااااااارب .. قوووووله يهدهااااااااااااااا
حااااااااااااااااااااارب
دخيييييييييييلك .. خل يهدهاااااااااااااااااااا ..
بابااااااااااااااااااااا ..
الله يخليييييييييك هدهاااااااااااااااااااااا ااااا ..
حااااااااااااااااااااارب ...... حاااااااااااااااااااااااا ااارب ..



لم تعرف ان ندائها المتوسل المختنق كان صامتاً خفيفاً كريشة تطير مع ادراج الرياح العاتية ..

نداء يتيم الصدى .... والرنين .... والكلمات ..!!!!!








نهــــاية الجــــزء الثــــالث والعشــــرون


sira sira likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-06-16, 07:47 AM   #28

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)





الجــــزء الرابــــع والعشــــرون



،



ألهثُ .. كالسهم خلف الهدف

ألهث .. كالحقيبة في الأسفار

ألهث .. كحرف في نهاية الكلمة

ألهث .. كالكبرياء في الكواكب

ألهث .. كالبكاء المتعب

أقول لكِ كلمة الحب قبل فوات الأوان

وأنتِ

تلعبين بي وبلَهثي

وبالوقت الذي يلهثُ معي

هل تسمعين أيتها الغرور اللاهث :

أنتِ قلبي ..



لـ قاسم حداد



،



ما إن رأت عمها آتٍ باتجاه باب منزلهما جاراً امامه زوجها الجالس على كرسيه المتحرك حتى خفق قلبها بـ حب امتلأت جنباته بالسعادة والامتنان ..

حملت ابنتها الصغيرة واقتربت لتفتح لهما الباب قبل ان يفتحه عمها ..


كانت ملامحه القاسية المجعدة تنبأ تماماً عن حالة التوتر والانفعال في روحه، ولكنه وبشكل عجيب، ألان تقاطيع وجهه بسماحة عندما رآى صغيرته فاطمة تركض نحوه بتخبط طفولي لذيذ ..


ابتلع غصته عندما ادرك انه أصبح مقعداً ولا يستطيع ان يحمل ابنته ويرميها في الهواء ويتلقفها كما اعتاد دوماً ...... ولكنه لم يدع هذه المشاعر تتملكه وتسيطر عليه .. خاصةً وهو يرى معالم الشفقة الواضحة تنضح من نظرات زوجته ..


ابتسم ابتسامة كبيرة وهتف بأبوية عذبة منتعشة حاملاً ابنته: هلا والله بـ فطااااااامي حبيبة باباااااااااا ..



كانت هي ترمقه بعشق ينتحب ..
عشق ينتحب الحسرة على قسوة زوجها .. ينتحب بروده .. جفاء تعامله .. انعدام ابتسامته "الخاصة لها" ..

ينتحب "العنيدي" التي ما عادت تسمعها منه ..!!


تنهدت بخفوت غير مسموع وابتسمت برقة ثم اقتربت من عمها وسلمت عليه ..

وبعدها اقتربت من زوجها وقبّلت كتفه وهمست بأنوثة خرجت من جوفها المشتاق: الحمدلله على السلامة بومايد .. تو ما انور البيت في ذمتيه ..

رد سيف باقتضاب جامد: الله يسلمج .. البيت منور ابكم ..

ابتسم احمد بدوره ابتسامة خفيفة ثم اكمل سيره للداخل وقال بعد ان جلس: شحالج العنود ..؟!

جلست العنود على الأريكة بجانب زوجها واجابت عمها: الحمدلله ربيه يعافيك ويسلمك .. ما نشكي باس ..

امسك احمد بـ فاطمة وأخذ يناغيها ويقبلها بحنان متدفق .. ثم قال بتساؤل: الا امايتج وين .. ابا اسلم عليها قبل لا اظهر ..

العنود: اماية وموزه سرحن جدا بوظبي ..

احمد: شعنه ..؟!

العنود: قالن يبن ينظفن بيت خاليه الله يرحمه ويرتبنه حق حارب حليله ..

احمد باستغراب: اوووه حارب رد ما شاء الله ..!!!

هزت العنود رأسها وقالت: هيه من البارحه ..

احمد: عيل بتصلبه بسلم عليه واتخبر عن علومه ...



.
.
.
.
.
.
.



: وين كنتي يااا وصصصصصخه ارمسسسسسي .. ووووين كنتيييييي ..!!!!!

: انااااااا وصصصصصخه يا محمممممممد ...!!!!
اناااا وصصصصصخة !!!!!
حسسسسبي الله ونعمممم الوكيييييل .. حسسسسسبي الله ونعممممم الوكيييييييل ..

: وصصصصخه وستيييييين وصصصصصخه .. ارمسسسسي وين كنتتتتتتتتي .. عند منوووووووه .. شو اسسسسسسمه .. ارمسسسسسسي ولا والله يا نيلووووووووه مووووووتج على ايييييييييدي ..

: يا الرررررردي يا مضيع المرررررررريلة .. لا تظن ان كل خلق الله وصخييييين معربدييييييين شرااااااااااتك ..
انا العرب من اكبرررهم يلين اصغررررهم يحلفوون براااس اللي رباااني على الحشششمه والطهااااره تيي انت تشك فيه وفي اخلااااااااقي ....!!!!



: باباااااااااااااااا خلااااااااااص الله ايخلييييييييييييك خلااااااااااااااص ..
هد امييييييييييه هدهاااااااااااااا ..



: يلعععنـ ..... ويلععععــ......
انا مضيييييع المرررررررررريلة يا بنت الـ ..... يا الـ ..... !!!
قسسسسسسم بالله ماخليييييييج حيييييه قسسسسسسسم بالله ..



:هدهااااااااا بابااااااااااا الله ايخليييييك هدهاااااااااااااا
ابووووووووس ايييييدك هدهااااااااااااا بتمووووووووت ..
حااااااارب ووووووووينك تعااااااااااااال يا حااااااااارب دخيييييييييلك ..
حااااااااااااااااااارب
حاااااااااااااااااااااااا ارب ..




اخذ جسدها بأكمله يتنفض كانتفاضات شعوبٍ تحوطهم المجازر من كل جانب .. امسكت بجانبي رأسها بقوة وصراخها الأليم "العاجز كـ عجز قلبها عن نسيان مأساتها" لم يتجرأ ويخرج خارج حدود حنجرتها .. لم يتجرأ سوى ببث الرعشات في فكيها/لسانها:
حاااااااااااااااارب .. قوووووله يهدهااااااااااااااا
حااااااااااااااااااااارب
دخيييييييييييلك .. خل يهدهاااااااااااااااااااا ..
بابااااااااااااااااااااا ..
الله يخليييييييييك هدهاااااااااااااااااااااا ااااا ..
حااااااااااااااااااااارب ...... حاااااااااااااااااااااااا ااارب ..



لم تعرف ان ندائها المتوسل المختنق كان صامتاً خفيفاً كريشة تطير مع ادراج الرياح العاتية ..

نداء يتيم الصدى .... والرنين .... والكلمات ..!!!!!



صرخ بـ فاجعة عندما وجدها تجلس كالقرفصاء امام الشجر المحيط بالمنزل خارجاً وترتجف بجنون وصوت خشن مخيف يخرج من بين شفتيها المرتعشتان: مووووووووزززه ...


اقترب منها بسرعة قبل ان يمسك بكتفيها بـ جزع بينما هي ما زالت تضع يدها على جانبي رأسها ... وهذيانها المتشكل على هيئة صراخ لا صدى له مستمراً حد الاختناق .. رفعها حتى احتضن جسدها الصغير بعنف هاتفاً بـ نبرة غليظة تغرق ببحر الألم المريع:
موووووززه .. حبيبتي شبلاااااااج ..!!!!!


امسكت بذراعيه ووجهها المحمر يحكي ألف قصة فقد وآلاف قصص من عجز الروح ..... وهزتهما بعنف وهي تصرخ بنواح خشن هستيري غريب محاولةً الاستنجاد به .. محاولةً الاخذ بيده والذهاب لوالدتها لإنقاذها من يدي والدها الفاقد لوعيه تماماً .. محاولةً القول بـ كل ألم تمتلكه "حاااااااااارب خل يهدهااااااااااااا .. خل يهدهااااااااااا بتمووووووووووووت .. ماما بتموووووووووووت .. بتموووووووووووووووت" .....



اغمض عيناه بـ وجع وهو يحاول غرس الثبات بدميعاته التي كادت تفرط وهو يرى انهيار شقيقته الوحيدة امام عيناه ..!!!

وصله كلماتها من غير صوت .. وصله حتى ارتوى من سمومه القاتلة ..!!!

يكفيه النظر لعيناها حتى يعرف ما بها ...!!!

يكفيه النظر لوجهها حتى يعرف المأساة التي تحدث حالياً في قلبها الملتاع ..!!!!


رباااااااااااه .. رحمتك .....


ما كان عليها طرق باب الماضي والقدوم الى هنا من جديد ..... ما كان عليها فعل ذلك ابداً ..!!!

لو كان يعلم بـ الانهيار الذي سيداهمها لمجرد رؤية المنزل لما تركها تأتي ..!!!

تذكر رغماً عنه ذلك اليوم .. تذكر وجعه المظلم .. حسرة قلبه التي لن تنضب .. مأساته التي انغرست بين اضلاعه حتى انهكت روحه الأبيّة ..!!!

الى الآن نار ملامة النفس تقطع اوردته ..

لو لم يذهب مع خاله عبيد وشقيقه وباقي الرجال الى احتفالية اليوم الوطني في تلك الليلة لكان قد تمكن من ايقاف ينبوع الدم الذي انفجر بغيابه ..!!!

لكان استطاع انقاذ والدته من بين يدي والده ..

لكان استطاع انقاذ شقيقته من ألم "سيلازم صباها المتورد حتى يذبل" ..!!!

لكان استطاع تغيير امور شتى .. والحفاظ على اشياء لا تعوّض ..!!!


آآآآآآآآآآآآآه ..

ليت للآه قوة لتبريد نار قهري .. ليت ..!!!!

فوضت امر قلبي للحي الذي لا يموت علام الغيوب ..!!!



شد من احتضانه لها ومشى باتجاه باب المنزل الصغير .. ولكن فجأة دفعته بقوة وعيناها اللوزيتان تتسعان بـ شكل مرعب وتهز رأسها بهلع مميت رافضةً الدخول لباحة المنزل ..

امسك وجهها بكلتا يديه .... وبـ عينان تنضحان ألماً .. وهتف بنبرة قوية متحشرجة: لا تخافين دامني وياج .. لا تخافيييييين ....

دفعته مرة اخرى ودموعها تنسكب بغزارة على وجنتيها وتأشر بإشارات سريعة/مجنونة/مرتجفة: مااباااااااا
مااااااابااااااااااااا .. ردووووووني العيييييييين .. مابا هالمكاااااااااان ماااااااااابااااااااااااا اااااه ..
ردوووووووني العييييييييييييين ..


رفع جبهته حتى سقطت اشعة الشمس على ندبته التي كانت بحد ذاتها قصة رسمها الغياب/الحزن على صفحة وجهه الاسمر ..... ثم تنهد تنهيدةً عميقة متهدجة ...... وقال بعد صمت محاولاً تهدئة انهيارها النفسي: بتردين ان شاء الله العين .. هدي انتي بس .. ما بيستوي الا اللي تبينه حبيبتي ..


إلتفت منادياً بصون خشن عال/منفعل بشدة: عثماااااااااان .. عثمااااااااااااااان ..

: يسس سيير ..

حارب بـ قسوة/صرامة: ظهر الموتر برع ..


والتفت إلى شقيقته التي ما زالت تبكي بجنون .. وتقدم حتى يحتضن رأسها متمتماً قرب اذنيها بـ خفوت رقيق:
اذكري الله فديتج وصل على النبي .. اذكري الله .. قولي لا اله الا الله ..


بعد لحظات ... كان هو يفتح الباب الخلفي ليساعد شقيقته في الركوب .. ليركب هو بعدها ويضع رأسها على فخذه قبل ان يأمر السائق بالخروج من السيارة ليتركهما لوحدهما ..


اخذ يقرأ على رأسها ايات من سورة البقرة حتى استكان جسدها المرتجف وهدأ انينها الخشن الأليم ..


بعد دقائق طويلة .. كانت تستقيم بجلستها قبل ان ترفع عيناها الحمراوتان إليه وتستوعب اخيراً ان شقيقها الغالي .. عزيزها الذي فقدته طيلة اشهر كئيبة .. جالساً امامها الآن ..!!!!!

ارتمت على صدره وبكت هذه المرة شوقاً .. بكت إلتياعاً .. بكت امتناناً .. بكت انساناً اصبح الاب .. والأم .. والعائلة ..!!!!


قهقه بـ رجولية نضح من جنباتها الحب .. وقال ممازحاً: انتي دموعج ما تخلص موزوووووه ..!!!!

ابتعدت عنه قليلاً وهي ترفع محاجرها الدامعة إليه وتأشر بـ اشتياق جارف باكي غير مكترثة لمزاحه: خبرني حارب انت بخير ..؟!

هز حارب رأسه بابتسامة خفيفة وقال: انا بخير دامج يا عيون حارب بخير ..


ارتجف فكها بـ حزن متمكن واشرت: اشتقتلك يا خويه .. والله اشتقتلك .. لا تخليني مرة ثانية حرام عليك .. قلبي نضى من زود خوفي عليك ..


تنهد بعمق قبل ان يقرّب رأسها من صدره من جديد ممسداً كتفيها بحنان بالغ: آسف فديتج والله آسف .. لو ما كنت مضطر صدق ما خليتج بالشهور بليا تلفون ولا مسج ..

ضربته بغيظ ناعم وهي تمسح بظاهر كفها دموعها المنهمرة .. وهزت رأسها بالرفض واشرت: مافي شي اسمه مضطر .. كنت تقدر لو بالشهر مرة ترمسني ..

قبّل رأسها وهتف بخشونة تخللها تأنيب ضمير حقيقي: ما رمت يا موزة صدقيني ما رمت ..




: حااااااااارب ..



صاح مجيباً نداء عمته: يااااي ياااااي عموه ..


إلتفت لشقيقته وقال محذراً باهتمام: موزانه مابا عموه تعرف باللي صار انزين ..؟!!
مسكينة اللي فيها يسدها هب متحمله عوار قلب زود ..


زفرت والانفاس في صدرها ترتجف .. ثم هزت رأسها بإيجابية متلمسةً وجهها المحموم وتستغفر الله بقرارة نفسها كي تبث السكينة والثبات فيها ...




في الداخل




قالت له ما ان دخل الى المنزل واقترب منها: ابويه حارب بغيتك توديني صوب بيت بن ظاعن قبل لا نرد العين .. ابغي اسلم على ام هامل فديتها ..

حارب بابتسامة حنونة: على هالخشم العاش ..

ام العنود بنظرة تبرق عاطفة جياشة: يعل العاش ما تذوق حزنك ولا فراقك قول آمين ..

قبّل حارب رأسها ومشاعر التأثر وتأنيب الضمير تغزوانه هذه المرة بقوة ... فهو رآى عظم ما حل بفتاتيه بعد ان هجرهما فجأة ....

: آمين ياربي ولا يذوقني حزنج ولا فراقج يالغالية ..

أردف بامتنان رجولي: تسلمين عموه على كل اللي سويتيه .. بومييد خبرني اللي صار وشقى ساعدتيهم يوم انا مسافر ..

رفعت حاجباً واحداً باستنكار: يا ولد عن هالرمسه .. ما سويت شي انا ..
على كثر ما كنت متروعه ومحترق يوفي عليك .. الا اني ادري لو رمّست بوسعيد وقلتله عن اللي صار .. بيقيم الدنيا ويقعدها عسب يردك ..


ابتلع حارب ريقه الجاف بشك وقلق من أن تكون عمته قد علمت بشكل او بآخر عن عمله السري مع سلطان ..... لذا قرر ان يسألها بشكل عفوي ويكتشف بنفسه: ليش عموه شو صار بسم الله ..؟!

هتفت ام العنود بحدة ظهرت نتيجة خوفها وقلقها الذي عاشته طيلة أشهر: شو شو صار ..!!! .... تطّوّع في الجيش وتسير ايطاليا تدرب عسب عقبها تدخلون مناورات في الله العالم وييين وتقول شو صااار ..!!!
انا ما صدقت يوم بومييد خبرني السالفة .. لجني سويت اللي عليه وما رمست ..
وهو عطاني جلمة وقالي بإذن الله بيردلج حارب سالم .. وهاذوه انت جدامي بخير وعافيه الحمدلله ..


تنفس حارب الصعداء بارتياح قبل ان يبتسم بخفوت ويقول: علنيه افدا راسج عموه .. حبيت ألهي روحي بشغله ايديده ومنها انفع نفسي وبلادي ..

هتفت ام العنود بذات قلقها الحاد: ما اختلفنا يا حارب .. سو شغله ايديده بس بعيد عن هالامور الخطرة ..
انا فواديه ما عاد يتحمل .. والله ما عاد يتحمل ..

انحنى حارب بجسده وقبّل يد عمته ثم هتف بنبرة خشنة صادقة: السموحة يالغاليه ما بعيدها ان شاء الله ..

تنهدت ام العنود بانفعال وقالت بتذكر خرج مع نظرتها الحنونة: هيه صدق .. على راسك مهمتين .. مهمة صوب راس الخيمة .. ومهمة صوب دبي ..

ضحك حارب بخفوت وقال: ادري ادري ..


تذكر بابتسامة رجولية عذبة جداه الاثنان .. حارب ونهيان الكبيران ..


والد اباه .. ووالد امه ..


حسناً .. من الواضح انني سأتذوق قليلاً من ضربات عصي وشتائم لذيذة ..!!!



.
.
.
.
.
.
.



بعد صلاة المغرب



وقف الثلاثة امام شقيقهم الكبير والتصنم المصدوم واضح كما ضياء القمر على محياهم ..


عقد فلاح حاجبه بـ انفعال حقيقي مؤشراً على الصغير المختبئ بخوف خلف رجل والده: ولدك ..!!!!!
كيف ..!!! من متى ..!!!! شعنه توك تخبرناااااااا ..!!!!


امسك نهيان صغيره بينما جالت عيناه على حمد الصامت والذي كان من الواضح انه يفكر بشيءٍ ما .. ثم نظر لفلاح المنفعل وشقيقته التي ما زالت تضع كفوفها على فمها بـ ذهول شاسع ..


تنحنح بقوة وقال: ايلسوا وبخبركم السالفة كلها ..

تحرك فلاح وحمد ليجلسا على اقرب اريكة امامهما .. بينما ظلت مهرة واقفة وعينها متسمرة على الصغير ..

ربت نهيان على المكان الفارغ بجانبه وقال بعينان حانيتان: تعالي مهاري ايلسي ..

ادركت مهرة تصنمها وتحركت اخيراً ثم جلست بقرب شقيقها ..

زفر نهيان توتراً واضحاً وقال ببحة خشنة صارمة: ماعرف من وين ابتدي معاكم السالفة ..
قبل خمس سنين .. كنت في فرنسا .. و.........


وأخذ يحكي لهم القصة كاملة .. كيف تعرف على ميسون .. وكيف احبها ثم تزوجها ... وكيف طلقها .. مع تحفظه وكتمانه تفاصيل الطلاق بالضبط .. وتفاصيل أخرى عن حياته المتقطعة آنذاك بين دبي وباريس ..


وقف فلاح بحدة لم يستطع تمالكها وصرخ: وانت تتحرى ان اللي سويته سهل ..!!!!
يايبنا هنيه عسب تخبرنا عن وحدة من سوالفك اللي ما تخلص وتبانا نرقع من وراك مثل كل مرة هاااه ..!!!

وقف نهيان امامه كالوحش وهتف بنظرة صارمة غاضبة من بين اسنانه: قصر حسك يا ولد هب اصغر عيالك انا ..

احتد فم فلاح بغيظ بينما وقف اخيراً حمد بينهما وقال مهدئاً الوضع بحزم غامض: فلاح خلاص اللي صار صار .. الحينه لازم نفكر كيف نخبر اللي في البيت عن الياهل ..

ارتفع نظر مهرة نحو الصغير الذي كان يرتجف بجزع حقيقي ممسكاً بين يديه دمية على شكل سبونج بوب ..

تقطع قلبها ولم تتحمل المكوث أكثر بمكانها .. اقتربت منه وجلست على ركبتيها امامه وقالت بابتسامة تقطر حناناً جياشاً: عبيد انت كم عمرك ..؟!

رمق الصغير اباه بذات جزعه الذي ما لبث ان انقلب كالسحر لخجل ما ان رآى الفتاة تتحدث معه برقة .. قال من بين حروفه الطفولية المتقطعة بين اللهجة الاماراتية واللبنانية: عمري *ورفع اصابعه الاربع الصغيرة* اربعة ..

اتسعت عينا مهرة ونظرت لأشقائها الثلاث بانبهار ... ثم قالت متداركةً الوضع: ما شاء الله عليك حبيبي .. انت ريال كبير ..

هز الصغير رأسه بفخر وقال: اي بابا بيئلي انت *وقلب لسانه إلى لهجته الأم بشكل مضحك* ريال عود ..

ضحكت مهره بخفة وقالت بعبث طفولي تجاري به طفولية الصغير الذي ابهرها منذ النظرة الأولى بشبهه الكبير بها: شو رايك تراويني حجرتك وألعابك .. أكيد عندك ألعاب واااايده صح ..؟!!

هز عبيد الصغير رأسه وعيناه تحكيان بداية قصة حب بينه وبين عمته الجميلة: صح .. تعالي ..


امسك بيد عمته وسار معها ليريها غرفته وألعابه ..


وقبل ان يدلفا للداخل .. استدارت مهرة باتجاه اشقائها وقالت بحزم أنثوي بالغ: الولد تروع منكم .. قصروا حسكم وتفاهموا بالهداوة ..


ثم دخلت مع ابن شقيقها بينما اعطى فلاح ظهره لاشقائه وزفر انفعالاً غاضباً حاداً ..

عقد حمد ذراعيه ببعضهما البعض وقال مهاتفاً اخاه نهيان: لازم بسرعة تخبر ابويه عن الولد ..

جلس نهيان وقال بحزم تخلله بال مشغول تماماً: مب الحين ..


استدار فلاح بحدة لـ أخيه وقال: شو مب الحين .. لا يكون مب ناوي تخبرهم من الاساس ..!!
انت تتحرى الموضوع بهالسهولة اللي تشوفها ..!!!
انت يا اخ عرست ويبت عيال من غير ما هلك يعرفون .. شو ظنك بتكون ردة فعل يدك وابوك او حتى امك ..!!!


رمق نهيان فلاح من تحت حاجباه المظلمان وقال: ما قلت ما بخبرهم .. قلت ما بخبرهم الحين ..

سأل حمد والأمر برمته لا يعجبه: متى بتخبرهم عيل ..!!!


تنهد نهيان بعمق وقال:
انت هب قايل انك ناوي تخطب من عند قوم بن خويدم ..؟!

رفع حمد حاجباً ونظر لـ فلاح الذي كان يعرف مسبقاً برغبة شقيقه بالزواج من أحد عائلة بن خويدم: هيه نعم ..

حك نهيان حاجبه الايمن وقال بنبرة خشنة مقتضبة: خلاص عقب الخطبة بخبرهم ان شاء الله ..



.
.
.
.
.
.
.



اتسعت عيناه بنهم رامقاً كل تفاصيل الصورة التي امامه: من وين يبتي صورتهاااا ..!!!

ابتسمت بشيطنة صرفة وقالت: حبيبي انا شمسة لو انت ناسي ..
صورتها بتلفوني من غير ما تدري في آخر يوم امتحانات ..

أخذ مانع يتأمل وجه الفتاة وجسدها الأنثوي المتفجر بشكل يقشعر له الابدان ويشمئز له النفوس ..

رفع رأسها وقال بابتسامة ماردية وبحروف قذرة: عقب ما شفتها زادت رغبتي فيها .. وما اكون مانع ان ما شفتها في فراشي جريب ههههههههههههههههههههههههه ه ..

زمت شمسة فمها باستنكار: وطبعا شمسة تلتعن هاااه ..!!!

مانع بمسايسة ماكرة: افاااااااااا .. شمسة تاج الراس والعين .. نحن ما نسوى شي بلاهااااا ..

مدت الاخيرة يدها بحاجبٍ مرفوع وقالت بوقاحة: يلا اشوف .. عطنا اللي فيه النصيب ..

ضحك مانع وقال: هههههههههههههه لا تستعيلين على رزقج .. يوم البنت تكون في مخباي .. بنعطيج نصيبج يا حلوة ..



.
.
.
.
.
.
.



بعد مرور ثلاث أيام



وقف الشابان بقامتهما المسيطرة امام جدهما الذي كان يفوقهما سيطرة "مرعبة" مع صغر حجم جسده الطاعن في السن ..


هتف الشاب الاول لجده وهو يرمق الذي بجانبه نظرة فكاهية: يديه خل نتفج على حايه اول .. لا تهزبني جدام الصغاريه ..

نكزه جده بعصاته وقال بتهكم غاضب: الصغير صغير العقل هب العمر يا الهرم ..
اللي يسمعك عاده يقول اكبر عنه بـ سنين .. الا شهر واحد امبينكم ..

قهقه الشاب الثاني بشماتة وتشفي بينما جفل فجأة ما ان هتف جده له بغضب أكثر حدة: وانت يا حويرب يا مسود الويه .. وين غاط طول هالشهوووور .. !! هاااااااه !!! خبرني ..!!!!

تنحنح حارب وقال بخشونة باسمة: يديه تراني مخبرنك اني كنت في دورة في اوروبا .. وطولت الدورة شوي ومارمت اتصل بحد هناك ..

هز ابا عبيد رأسه بتذمر ساخر: وانتو يه تقولون دورة .. يه تقولون مؤتمر يه ماعرف اشوووه .. اللي يسمع عاده وزرا ولا ماسكين مناصب ..
تتحروني طمه مافهم انا سوالفكم ..!!!
انتو الاثنينه كل واحد اخس عن الثاني .. لا لكم شغله وحده تترزقون ابهااا ولا تقرون في البلاد موووليه ..
الا رغاده من دار لدار ..

اقترب حارب من جده وجلس بجانبه بعد ان قبّل كتفه اليسرى: افا يا بوعبيد .. هذا ظنك فيه ..!!!

زم أبا عبيد فمه وحدته بدأت تلين ... ثم أشار لإبن إبنه نهيان بعصاته وقال بغضب: محد معلمنك على الرغاده غير هذا الرغيد .. من انتو فريخات وهو الا ايرك وراه في بلاويّه ..

نهيان + حارب: ههههههههههههههههههههههههه ههههههههه

رمق نهيان ابن عمته بنظرة خبيثة وقال: ما عليك يديه من حارب اصلا هو شري من تحت يلين تحت ..

رمش حارب ببراءة مغيظاً نهيان ثم قال: الله أكبر عليك .. جذوب هذا يديه لا تصدقه .. يبا يشوه صورتيه عندك ..

أبا عبيد: امبونه نهيان جذوب محد يصدقه ..

ضحك نهيان بسعة نفسٍ سموحة وقال: الله ايسامحك يا بوعبيد .. ظلمت في ذمتيه ..

أبا عبيد: خل عنكم انتو الاثنينه ..
حارب سِر ازقرليه موزانه فديتها .. اباها ..

هز حارب رأسه وقال: ان شاء الله ..

اوقفه نهيان بيده وقال: ايلس ايلس حارب موزة عند مهره فوق .. بخلي البشكاره تزقرها ..



وبعد دقائق قليلة



كانت هي تغرق في حضن جدها الغالي متنعمةً بغنى حنانه وعطفه الذي لا ينضب ..

هتف لحفيدته بحب ماكن عميق: امايه موزة شحوالج شعلومج ..؟!

خففت موزة من قوة ربط غطائها بعد ان تأكدت من خروج ابن خالها نهيان من المكان، ثم اشرت باشتياق صرف: انا الحمدلله يديه بخير ونعمة ..

مسد الجد رأسها وقال: عنيه هب بلاج .. يعله مديم غناتيه ..

أردف هاتفاً لـ حارب بـ ضيق: ابويه حارب شعنه ما تودونها الدختر .. شعنه مخلينها جيه لين الحينه ..!!

نكزت موزة كتف جدها لتجيب هي عليه بهذا السؤال .. فـ هي وان كانت بكماء .. ولكنها تملك حواساً أخرى ويدان وتستطيع الاجابة على اي سؤال يُطرح بخصوصها ولا تحتاج لوسيط ..


صمت حارب ولم يجب جده احتراماً لرغبة شقيقته بالاجابة ..


موزة بإشارات سريعة: يديه انا ما بغيت اسير لأي دكتور لين ما اخويه حارب يرد بالسلامة ..

عقد الجد حاجبيه بعد فهم وهمّ حارب بأن يشرح ما قالته موزة ولكنها اوقفته بيدها قبل ان تُخرج من حقيبتها دفتر صغير وقلم ..

هز الجد رأسه باستيعاب بعد ان قرأ ما كتبته موزة على الدفتر بعينان مرصوصتان ..

ثم قال لها بانفعال حنون: يا بنتيه مايوز .. لازم تتعالجين وترد صحتج شرات اول .. إلين متى بتمين جيه ما ترمسين ..!!

هزت رأسها ببسمة ذابلة أليمة قبل ان تبتلع غصة آسى لا يفهم مرارتها أحد سواها .. لا أحد ..
يعتقدون ان العلاج سهل .. وانها ستسترد نطقها في الحال اذا ذهبت للطبيب النفسي ..
الأمر صعب بشكل لا يتصوره أحد .. صعب حد النخاع ...!!


قاطعهما حارب بابتسامة كي يزيح قليلاُ جو الضيق الذي حام في المكان فجأة: يديه ترى يديه حارب يرد السلام عليك

هتف الجد باقتضاب جامد: الله يسلمك ويسلمه من كل شر ..



آه ..
أن يسمع بإسم والد الرجل الذي تسبب بموت ابنته وحيدته حتى لو كان حادثاً غير متعمداً فهذا الشي يُرجف تلابيب روحه الملتاعة وجعاً وألماً ..

يُرجفه تحسراً وآسى سرمديان وتسبب حروباً شنعاء في ذاكرته المشيبة ..!!!



.
.
.
.
.
.
.



أمسك بالقرص ذو اللون القرنفلي وقال بعد ان عقد حاجبيه باستغراب: شو ها ..!!!

ابتسم الذي امامه بشيطنة ماردية وقال بنبرة انتصار منتشي تخلله الغرور التام:
إكس تي سي .. كانابس .. ميتادون .. بينزوديازيباين .. وووو ..


صمت بخبث عندما اتسعت عينا أبا مرشد بذهول متلهف ثم قال بضحكة شيطانية:
هههههههههههههههههه الباجي عاد اعتبره من اسرار المهنة ..
)XTC .. Cannabis .. methadone .. Benzodiazepine( مواد كيميائية مخدرة ومهلوسة =


تأمل أبا مرشد القرص وقال بنظرة تلتمع شراً: ومتى سويت هالتركيبة ..!!

جلس الرجل امام رئيسه وقال بذات غروره المنتشي: ما تعبت عليه على فكرة ..
نفس التركيبة اللي عطيناها لحبيبنا بوحارب بس زدت عليها بعض من لمساتي الخارقة هههههههههههههههه

ضحك أبا مرشد ضحكة مجلجلة بغيضة وقال بصوت عالي: والله انك يا مرزوقوه داااااااااااهية ..

رفع مرزوق حاجباً واحداً وقال بتكبر وصل عنان السماء: عشان تعرف بس مخ مرزوق شو ممكن يسوي ..



.
.
.
.
.
.
.



أن يمضي ايام وليالي محاولاً فك لغز ما قرأه في ملفات سعيد ومحمد زوج شقيقته، ثم وبشكل غريب تصل به نتائج بحثه واستنتاجاته الى قائمة كاملة من الموظفين الحكوميين المتصلين بشكل سري مع منظمات ذو خلفيات تثير الشك والريبة .. فهذا بحد ذاته صدفة كالمعجزة خرجت مع فطنته التي لا تفارقه البتة وقت الجد ..!!


لم يجازف ويخبر أحد عما توصل إليه من معلومات .. بل فضّل عمل اتصالات بـ رجال محل ثقة ويسألهم بطرقه الخاصة عن المزيد عن تواريخ وخلفيات الذين وقعوا بين يديه ..


بينما هو وسط معمعة انشغاله، اتصل به شقيقه ابا نهيان الذي كان في الحقيقة يحتل تفكيره في ذلك الوقت ..


اجاب ببسمة جذابة: ولد حلال في ذمتيه ..

أبا نهيان بحزم ودود: توك تكتشف هالشي يا ولد ابويه ..!!!

مصبح: ههههههههههههههه لا لا من زمان مكتشفنه بس اليوم شفت بعيوني الدليل القاطع ..

أبا نهيان: ههههههههههههههه اسميك انت سوالف .. شو العلووم ..؟!!

مصبح وهو يتصفح امامه الاوراق: والله يا خويه علومنا علوم الخير يا غير هالايام مبتلش وايد ..

أبا نهيان: جيه شو عندك ..!!!

مصبح: الله يهديهم خلوني امسك الطب الشرعي ..

قطب أبا نهيان حاجبيه باستغراب وقال: الطب الشرعي ..!!! شو خصك انت في الطب الشرعي عسب يمسكونك اياه ..!!

ابتسم مصبح بسخرية وقال: والله علمي علمك هههههههههههههه قلتلهم ابويه انا خريج قانون هب طب ..
بس قالولي نباك تمسك ادارة الطب الشرعي .. الأمور هناك متلخبطة فوق تحت والتسيب زاد بين الموظفين والدكاترة .. ولو في امور ما فهمتها نحن بنفهمك اياها ..

أبا نهيان بحدة: وطبعاً انت قلت ان شاء الله وعلى امركم هااه ..!!!

حك مصبح حاجبه وقال من بين اسنانه المبتسمة: هههههههههههه تعرفني يا خويه قلبي طيب .. ما رمت اقول لا ..

أبا نهيان بحزم: انت سيده تقول هيه بليا تفكير ومشاور .. الحينه شو بتستفيد يوم ضغط الشغل زاد والمسؤولية زادت عليك ..!!!
كنت تروم تناقشهم بهالقرار وتعترض وتعطي مبرراتك وهم بيتفهمون ..

مصبح: عاد انا ما بمسك الطب الشرعي على طول .. بس الين ما اعدل وضعهم هناك ويحصلون واحد كفو لهالمنصب ..

أضاف مداعباً بعد ان سمع زفرة شقيقه الغاضبة: اقولك .. ليش ما تمسك المكان بداليه ههههههههههههه ..

ابتسم أبا نهيان بسخرية وقال: لا لا ابويه خلني بعيد .. ما صدقت على الله اتقاعد وافتك من عوار الراس ..

أردف بتذكر: الا ما خبرتني .. ليش كنا على البال ..!!

مصبح وهو يتذكر ما قد رغب في مناقشته مع اخيه: هييييه صح .. امممممم شسمه ..
شي اسامي عندي بغيت انشدك لو عندك خلفية عنهم ..

أبا نهيان باستغراب: قول الاسامي ..


مصبح:
مبارك عبدالله الـ..
محمد درويش الـ..
نصيب عمران نصيب الـ..
تعرفهم هالثلاثة بونهيان ..؟!!


رفع ابا نهيان حاجباً واحداً بعد ان امسك دماغه رنين صدى الأسماء الثلاثة ..

"مبارك عبدالله الـ..، محمد درويش الـ ..، نصيب عمران نصيب الـ.."


ذُهل في قرارة نفسه من كيفية معرفة اخاه بهؤلاء الرجال وعن رغبته بالسؤال عنهم بعد ان ابتعدوا عن السلك الاداري القضائي وكل ما يتعلق به ..

في الحقيقة لم يبتعدوا .. وانما هربوا بجلدهم من مصيرٍ محتوم ..!!


تنحنح بخفوت وحاول ان لا يثير ريبة شقيقه .. ثم قال بنبرة عادية: اممممممم هيه اساميهم مرت عليه ..
مصبح: انزين شو تعرف عن هالثلاثة خبرني ..!!!

جلس ابا نهيان على مقعدٍ قريب من سريره محاولاً ان لا يتذكر تلك الليلة المشوؤمة الموسومة بالحديد الملتهب ..

ان لا يتذكرها ويحترق كالفحم بين طيات لحظاتها النارية "الدامية" ..


ليلة رحيل غاليته .. نيلا ..!!


كان هو الوحيد من يعرف تفاصيل الليلة هذه اضافةً الى ابناء شقيقته ووالدهم رحمه الله وسلطان وعمه ابا حميد ..


حرص هو شخصياً على كتمان تفاصيل هذه الليلة عن الناس ومعهم الصحافة والاعلام .. وقبلهم عائلته ..

ولأنه أصر يومها على معرفة ما يجري في بيت شقيقته .. حكى له ابا حميد حكاية أبا حارب وما يرغب بمعرفته باختصار ليدرك ان صديقه عاش آخر ايام حياته بمأساة حقيقية مريرة ..

ولم يكتم سر تلك الليلة الا لأسباب عديدة .. أولها حفاظاً على سمعة العائلة "التي تدهورت فيما بعد بين الناس" .. ثانيها حفاظاً على مستقبل ابناء شقيقته رحمها الله .. ثالثها كي يتمكن من انقاذ صديقه أبا حارب من حكم كان سيكون ظالم وجائر بحقه .. فـ هو لم يكن في يوم رجلاً فاسداً ولم يكن يصاحب المسكرات وملذات الدنيا المحرمة .. والذي جرى له بفعل ايدي حقيرة خفية ....

وقبل كل شيء .. كتم سر الليلة تلك كي يمنع من نشوب فتنة ومشكلة بين عائلتي حارب ونهيان الكبيران ..

وفعل ما رغب به واستطاع بمساعدة جماعة ابا حميد انقاذ محمد من السجن واغلاق القضية على انها حادث فقط ..

ولم كان يدرك عبيد ان السجن كان سينقذ محمد من الولوج أكثر في دهاليز تلك الجماعة الشيطانية .. ولم يكن يدرك ان تضحيته بدم شقيقته وحرقة قلبه على فقدها ستذهب هباءاً منثورا ..!!



"مبارك عبدالله الـ..، محمد درويش الـ..، نصيب عمران نصيب الـ.."



أولهم تسبب بنشر فضيحة في اليوم التالي عنوانها في الصحف "قاضي يقتل زوجته في حالة سكر"، اما الآخران فهما من تكفلا بقذف التهم والافتراءات على أبا حارب وايهام الامن على الدوام انه معادٍ للحكومة والسلطات العليا ..


وبالرغم من خروجه دوماً من دوامة تلك الاتهامات لعدم وجود ادلة كافية تدينه .. الا انه أصبح علكة مستهلكة داخل افواه الناس جميعاً في البلاد .. من أبوظبي وضواحيها الى رأس الخيمة والفجيرة .. واشتهر اسمه كـ قاضي فاسد ورجل ارهابي ..


هذا ما جعل صحة محمد تتدهور جسدياً ونفسياً .. ويبتعد عن العمل الذي يعشقه وعن الناس بملأ ارادةٍ كسرها الزمن بظلم قاسي كحد الصخر ..



تنحنح بقوة علّه يخرج ذاته من وجع خالص نقته الذكريات من كل شيء جميل .. واجاب شقيقه باقتضاب تام: امممممم والله هب وايد اعرفهم بس الثلاث كانوا تابعين لمحكمة بوظبي .. مبارك في قسم الارشيف .. ومحمد من المالية وووونصيب ....


عقد مصبح حاجباه باستغراب وقال: نصيب على ما أظن كان سكرتير بوحارب الله يرحمه ولا انا غلطان ..!!!

أبا نهيان بذات اقتضابه: هيه كان سكرتيره ..

مصبح: يعني ما تعرف أكثر عن الثلاث ووينهم الحينه ..؟!

أبا نهيان بنبرة غامضة "صادقة": لا ماعرف عنهم وايد .. شحقه ..؟!

مصبح بنبرة اخرجها عادية: امممممم لا ماشي مجرد فضول .. مروا عليه بملفات ادارية جديمة واستغربت شحقه الثلاث خلوا الشغل مع بعض وفي نفس الفترة .. وبغيت استفسر لا اكثر ....



.
.
.
.
.
.
.



دخل جناحه الخاص في منزله بعد ان شهد يوماً شاقاً مليئاً بالاجتماعات والمشاكل التي لا تنتهي ..

زفر بقوة بعد ان نزع غترته وعقاله ورمى بجسده الضخم على فراشه ..

اغمض عيناه كي يريح عضلاتهما قليلاً .. ولكنه سرعان ما فتحهما بكسل/نعاس ما ان سمع رنين هاتفه ..


اجاب على هاتفه بينما هو ما زال مستلقي: مرحبا ام ظاعن ..


ابعد الهاتف عن اذنه عندما سمع صراخ اخته على اولادها: حمااااااان يوز عن اخوك ولا والله ما اشتريلك الدراجة ..


ثم عادت تهتف لـ شقيقها بانفعال حاد: ها سلطان ..

اتسعت عينا سلطان بـ ذهول: وابوكم .. شو ها هاذي بعد .. حووووه انتي منوووه ..!!

زمت سلامة فمها بـ انزعاج ناعم وقالت: واللي عنده هالشياطين يتم على حاله وما يتخبل !!!

تأففت وقالت بنبرة اتسمت بالهدوء الرقيق: حبيبي اخويه شحالك ..؟!

ابتسم سلطان بكسل وقال: هيه هاي سلامي توأميه .. الحمدلله فديتج بصحة وعافيه ..
وانتي شحالج وشحال بوظاعن والعيال ..؟!

سلامة بحدة وهي ترمق اطفالها بغيظ: امررررره لا اتيبلي طاري هالطفوس مسودين الويه ..

ضحك سلطان بخفوت بينما اضافت شقيقته بعد ان زفرت بانفعال: نحن كلنا بخير وسهالة ..

وأكملت بتذكر: سلطان شو كنت بقولك ..
وديت كناديرك وملابسك كلها الايديده الدوبي ..!!!
(الدوبي = المغسلة)


هتف سلطان بنبرة ساخرة محبوبة من شقيقته التي لا يفوتها شيء بخصوصه: هيه فديتج وديتهم الدوبي ..

سلامة: وغترك وفوانيلك واوزرتك .!!!!

سلطان: كلهم سلامي كلهم ..

أكملت سلامة وهي تتذكر ما رغبت بالسؤال عنه: امممممم هيه سلطان .. *وبخبث باسم* وين بيكون الهاني مووون ..!!

غضّن سلطان ما بين حاجبيه وقال مبادلاً اخته الخبث: سوربرايس يا عيون سلطان ..

زمت سلامة فمها والفضول يأكلها بقوة: انزين غششني ياخي ما بقول حق حد ..

سلطان بنبرة باسمة كسولة: نو نو نو

سلامي: اف عنيد انت ..

ثم تنهدت بنعومة وابتسامة ترتسم على محياها محبةً ووداً عميقاً لتوأمها الغالي ..

حل بينهما صمت قصير قبل ان ينقلب صوت الأخيرة الى نبرة متأثرة متفجرة بالعاطفة الجياشة والتي وصلت لمسامع شقيقها بوضوح: فديت ويهك بومييد .. اخيراً بشوفك معرس ...

قال سلطان بنبرة خشنة هادئة لا تعكس بتاتاً اعاصير الانفعالات التي تموج بصدره: لا خلينا منج يا ام ظاعن ..
عقبال ما تشوفين ظاعن واخوانه معاريس ان شاء الله ..



.
.
.
.
.
.
.



هتفت باستنكار غاضب: شعنه ما تبينا نفرح بج يا بنت خويدم ..!! هااااه ..!!!

تنهدت شما بقوة وقالت بهمس راجي: دخيلج امايه خلاص .. قلتلج مكسار مابا .. احب ايدج سكري عن هالسالفة دخيلج ..

(المكسار هو يوم مخصص يقام قبل ليلة العرس بأيام قليلة، ويُعرض فيه زهبة العروس او جهازها امام اهل الزوجان والاقارب والاصحاب والجيران .. ولا تخرج العروس في هذه الليلة امام النساء ولا يراها أحد .. وليلة المكسار من العادات القديمة المتوارثة في دولة الامارات والتي ما زالت بعض القبائل المحافظة متمسكة بها)


زادت نبرة ام سعيد حدة: خبريني انزييين شعنه ..!!!
شو بيقولون عنا العرباااان ..!!! بيقولون هاييل مقصرين في زهاب بنتهم وهب فرحانين ابها ولا ابعرسهااااا ..!!!

شما بنبرة مقتضبة ملؤها العناد/الحزم: ماعليه من رمسة حد .. عليه من نفسي وبس ..

دخلت ام سيف لتسمع ام سعيد تصيح بانفعال حاد: شريفة واللي يرحملي والديج تعالي رمسي هالخبله ..

ام سيف بخوف: ويديه بسم الله .. شو مستوي ..!!!

خرجت ام سعيد وهي تتذمر بحدة بينما جلست شما على سريرها وقالت بضيق: هب مستوي شي بس انا مابا مكسار ..

اتسعت عينا ام سيف بـ ذهول وقالت: جييييييه ..!!!

شما بذات ضيقها الحقيقي: بس جيه مابااا ..

ام سيف باستغراب: انزين انتي ما بتحدرين على العرب ولا بيشوفونج .. الا شوفة زهاب وعشا ومع السلامة ..

شما: حتى لو .. انا مابا شريفة دخيلكم خلاص ..



.
.
.
.
.
.
.



وقفت امام مرآة الحمام وأخذت تتأمل صورتها البهية باستياء ..

مرت ايام منذ ان عاد زوجها من المستشفى واستقر في المنزل .. والى الآن لا ترى وتسمع الا الجمود الصقيعي منه .. ترغب بشدة بتحطيم جموده .. ترغب بأن ترى الشرار واللهيب يشعان من عيناه كما كان يشع في السابق بوضوح حتى لو كان بصمت ...!!!

ترغب ان تحترق بنظراته التي تربك توازن دقات قلبها وان تُخرجه بالمقابل من حالة السكون المستفزة الى التراقص بحرارة على مسرح انوثتها التي "لا تُقاوم" ..!!


زمت فمها بإصرار وقررت التالي بخبث أنثى "مشتاقة" ..



خرجت من الحمام بخفوت محيطةً جسدها الرطب بمنشفة كبيرة ..... أطلت برقة على داخل الغرفة ولمحت زوجها مستلقي على فراشه مسبلاً اهدابه فوق عيناه ..


عضت على شفتها السفلى واغلقت الستار الفاصل بين غرفة التبديل والغرفة بحذر ..

احتارت في البداية ماذا تلبس .. في النهاية استقر رأيها على قميص نوم حريري لونه أرجواني غامق رسم جسدها الرشيق بتقاطيعه المشدودة بربانية فاتنة ..

رتبت بخفة شعرها القصير الرطب وعطرته بعطر شعر خاص بعبقٍ فرنسي "مُسكر" قبل ان تزيح الستارة وتقترب بتردد خجول نحو السرير ..


كانت تعرف انه مازال مستيقظاً .. وان بالنوم كان يتعمد الابتعاد عنها وعدم التحدث .. فهذا ما كان يجري بكآبة بينهما طيلة الايام الماضية ..


رفعت حاجباً بخبث .. وارتفعت الى السرير وجلست بجانبه قبل ان تطوي رجلاها امام صدرها بشكل كشف مرمريتهما وما فوق ...


امسكت بعلبة ترطيب الجسم وهمست وهي تفرك رجلاها بنعومة: سيف ..


لم تسمع اجابة منه ولم يهتز سكون ذراعه الموضعة على عيناه ..


اعادت ندائها بنعومة تقطر بحة فاتنة: سيف ممكن ترد عليه .. ادريبك واعي ..


سمعته وهو يجيب بجمود من غير ان يزيح ذراعه عن عيناه ويراها: شووه ..؟!

ظلت العنود تفرك رجليها وقالت ببسمة ماكرة: سيف اذا هب راقد خلنا نسولف شوي ..


اعتراها الغيظ عندما لم يفتح عيناه .. واستمر يتمسك بصوته الجامد المثير للغيظ:
ام مايد .. خليني ارقد ..


اقتربت منه بإصرار متجاهلةً كلماته بأن ازاحت برقة ذراعه عن عيناه هامسةً برقةً اصفى واعذب دلالاً .. دلالاً عاشقاً حد الحرقة:
قول العنيدي ..

عندها .... فتح عيناه المظلمتان بحدة وهو يقول بخشونة نزقة: ام مايد قلتلج ........



تصنمت ملامح وجهه ما إن انقشع ضباب ناظره ورآى صورتها الخرافية امامه بكامل حُسنها التام ...... رمقها بعتمة عيناه محاولاً اخفاء لمعانهما المذهول .... الا انه لم يفلح ..!!!


شعر للحظات بمرور هواء ساخن داخل جوفه وحرارة وصلت لأعتاها في دمائه الرجولية التواقة .... وبلا حول ولا قوة منه .. ما ان أخذ يلتهم بنهم ويشبع جوع قلبه بأنوثتها الناضجة كـ نضج تفاحة حمراء شهية ..

وفكر باضطراب/لوعة ... ليس من الظلم ابداً ان تصبح الانوثة بكل معانيها الآن لا تساوي قطعة نقدية قديمة امام هيمنة أنثاه هذه .. ليس من الظلم ابداً ...!!!!


ابتلع ريقه الجاف واخرج بصعوبة صوتاً خشناً "منهزماً أمام لهاث حار متقد": شو تسوين ..؟!

رمقته العنود ببراءة "متلاعبة" نضحت من مقلتاها الناعستان "الغانيتان" وهمست: شو شو اسوي ..؟!


تلعثم سيف من بين نظراته الجائعة .. جائعة لضمها والغرق في حُسنها الطاغي "بضياع مُرحب به تماماً": لـ لـ ليش شـ شسمه ......


اقتربت العنود بجرأة تُحسد عليها وقالت متأملةً عيناه وفمه الذي يضرم اللهيب في انوثتها ... ثم همست بإثارة "تهز لها الكيان":
شو ليش حبيبي ..؟!

ازدادت صعوبة التنفس عند سيف حتى اصبح مسموعاً لديه ولدى انثاه المثيرة ..


وبإرادةٍ سيرتها روحه الجائعة المتلهفة .. لم يشعر بذاته وهو يمسك بظهرها ويقربها منه أكثر بقوة حانية .. .. أكثر وأكثر .... حتى اسكت تنفسه ... وتنفسها .... بشفتيه ....!!!


لم يعرف الاثنان كم استمرا يستمدان شهد العشق من بعضهما البعض .. وكأن الزمن توقف للحظات ليعلن للحب انتظاره حتى يفرغ العاشقان من ضخ رئتيهما بأنفاس كل منهما ..


ابتعدت العنود ببطء ووجهها، الذي غدا كـ لون الدم المنتشي، تطفوه نظراتٍ حوائية منتصرة .. وهمست بذات صوتها المثير الملتوي: قول العنيدي ..

لمست بإغراء شعر ذقنه وأكملت وهي تتأمل عيناه بغرام نقي: في خاطريه اسمعها من ثمك ..
قولها ..


امسك بتملك يدها وقبّل باطنها وعيناه تمشطان بـ بجوع ملامحها الجميلة الرقيقة ... وبلهفة مجنونة ارتفع بظهره فجأة راغباً أن يعلم هذه اللعوبة معنى ان تلعب بنيران رجولته بتهور ..



ولكن فجأة ..


: آخخخخخخخخخخخخخخخخخخخ



ابتعدت العنود عنه بجزع وصاحت بخفوت: حبيبي بلاااااك ..؟!!

اتسعت عينا سيف بألم شاعراً بتكهرب في كامل عاموده الفقري وصولاً لساقيه ..

اسقط جسده على الفراش وقال للعنود بصوت مرتجف مبحوح متألم: عـ عـ عنود بسرعة هاتيلي المسكن ..


نزلت العنود من الفراش واخذ تبحث بجنون منتفض عن الكيس الذي يحتوي داخله جميع أدوية زوجها ..

ما ان وجدت المسكن حتى اخرجت من الثلاجة قنينة ماء وهرعت لأن تلقمه قرصان ..


ابتلع سيف القرصان بيد مرتجفة وسقط مرة أخرى على الفراش بإعياء بالغ ..


لم تكن تشعر بنفسها وهي تلهث بقوة وتبكي بصمت مرتعب ..

اقتربت من رأسه ومسدت شعره بيدها وهمست بنبرة تقتل وجعاً من بين دمعاتها الوجلة: حبيبي شو تحس الحين ..؟!!


شهقت بقوة عندما ضرب سيف يدها الممدودة بحدة مزمجراً بعدها بقسوة صخرية: ان قربتي صوبيه مرة ثانية ما بتشوفين خير ..
ظهري من الحجره وخليني ارقد ..


ارتجف فمها بـ صدمة أليمة وغطت جسدها بردائها الشفاف الذي سقط منها عندما كانا غارقان في دوامة العشق المتقدة منذ دقائق قليلة ..

وهرعت للحمام ثم قفلت على نفسها الباب بحدة .....



اما الحال عنده .. فكان مريراً عصيباً قاسياً على ذاته وهيبة رجولته ..

تلبسه الغضب .. وقرص العجز المريع جنبات قلبه بوحشية .. العجز والسيطرة المعدومة المُخزية ....!!!


لم يرغب من البداية بالاقتراب من زوجته خوفاً من ان تنتابه احدى نوباته "التي ازدادت بعد الحادث وبشكل حساس" .. خوفاً من ان تزيد حالته سوءاً ويضطر للعودة الى المستشفى .. خوفاً .......

خوفاً .... "ويالما يشعره من قهر مريرة" ..... من ان لا يرضي رغبات زوجته ..!!!

وقبلها .. خوفاً على كرامته الأبية كـ رجل .. فهو لا يمكن له التصور انه ... بعجزه وعدم تحكمه برجلاه ... سيتمكن من الاقتراب من زوجته كما في السابق ..

لا يمكن له تصور هذا ابداً ..!!!

وها هو الآن بكل غباء يفشل بالسيطرة على رغباته وحدث ما كان يخشى حدوثه ..!!!

آسى مرير هذا الذي يتجرعه الآن مع تجرعه حسرات العجز ..... آسى مرير على روحه بكل ما تعنيه الكلمة ..!!



.
.
.
.
.
.
.



زفرت بانزعاج رقيق واعادت الاتصال بالرقم للمرة العاشرة .... وشعرت بالسعادة تباغتها ما ان أتاها فجأة صوت انثوي رقيق يغزوه الاقتضاب: آلو ..

: ألو هلا ختيه .. السلام عليكم

: وعليكم السلام ..

: ختيه هذا بيت مسعود الـ..


استغربت عندما لم تسمع سوى انفاس ثقيلة صامتة من الطرف الآخر ..

وسألت باستغراب: ختيه انتي معايه ..؟!

اجابت التي على الطرف الآخر بنبرة جامدة لا يعلوها معالم اللين والطيبة ابداً: منو انتي ..؟!

تلعثمت بارتباك عندما لاحظت حدة الفتاة واجابت: آ آ آ معاج روضة خليفة بن يابر الـ..
بغيت الوالد ما عليج اماره ..

قطبت حاجبيها بـ ذهول عندما اغلقت الفتاة الخط على وجهها ..

اعادت روضة الاتصال مرة أخرى بالفتاة بعد ان قررت ان تحسن الظن بها واعتبار ان المكالمة قد انفصلت من مشكلة تقنية ..

الا ان الشك قد ازداد في روحها عندما اكتشفت ان الرقم قد اصبح مغلقاً ... وسرعان ما اتصلت بـ صديقتها كي تخبرها بما حصل ..


: ألو نعوم .. تخيلي شو صار ..!!

ناعمة: شو صاااار ..؟!

روضة: دقيت على الرقم اللي عطيتيني اياه وردت عليه بنت .. ويوم قلتلها انا منو وبنت منو بندت الخط على ويهي ..

اتسعت عينا ناعمة باستغراب: اوونه .. ليش ..؟!!

هزت روضة كتفيها بحيرة وقالت: ماعرف نعوم .. شو اسوي الحين ..؟!

ناعمة بتفكير: امممممم دقي عليهم خلاف ..

روضة بخيبة امل: انزين ابوج ما عطاج الا رقم هالريال ..؟!

ناعمة: هيه هالرقم بس .. ابويه قال يوم سأل عن ابوج في ادارة المعسكر اللي كان فيه خبروه انهم قبل فترة قصيرة سووا اعادة ارشفة لكل ملفات الضباط والعسكريين اللي كانوا يشتغلون عندهم من 15 سنة وفوق ..
بس بعض الملفات لين الحين ما اعادوا ارشفتها وماقدروا يعطونه أي معلومات عنهن قبل ما يخلصن .. الا ملف واحد .... ملف مسعود اللي صدف وكان هو ربيع ابوج ايام شغله واكثر واحد وياه ..

تنهدت روضة وقالت بخجل حقيقي ينضح من جنباته الامتنان الشاسع: الله يحفظه عميه بوذياب اسميه ما قصر ويانا .. خلاص انا برد ادق عليهم خلاف وان شاء الله يردون عليه ..

ناعمة بحزم مستنكر: لا تقولين جيه رواضي انتي ختيه الغالية هذا اقل شي نسويه عشانج يا قلبي ..

روضة ببسمة خافتة ممتلئ بالحب: فديت قلبج نعوم ..



.
.
.
.
.
.
.



: هوووووووود هووووووووود يا هل البيت ..

هرعت للداخل بسرعة حاملةً بين ذراعيها طفلتها لطيفة ..

سمعت صدى صوت ابنها البكر خويدم وهو يجيب على الرجل بنبرة خشنة قوية: هدا هدااا قرب ..

دخل الرجل محملاً بين يديه اكياس وكراتين بيضاء كبيرة .. وابتسم بدوره لـ خويدم الذي اقبل عليه بترحيب تخلله احتراماً بالغاً: مرحبا عميه رايد ..

رد العم رائد بابتسامة رجولية بحتة وانحنى بجسده ليسلم على خويدم وسلطان الصغير بأنفه ثم هتف ببحة رنانة: مرحبابك مليون ولا يسدن بوبطي .. شحالك طويل العمر ..؟!

خويدم بغلظة رجولية "لذيذة": الحمدلله بخير وسهالة ما نشكي باس عميه .. ومن صووبك عنيه افداك ..؟!

عدل العم رائد نسفة غترته واجابه بحنان فياض: والله كلنا بخير وصحة وعافية فديتك ..

التفت بخفة وقال بتساؤل: الا بتخبركم .. يدكم وينه ..؟!
يدكم مطر راد من العمره ومطرشله ماي زمزم وسامان ..


خفق قلبه بشكل لا يعلم ماهيته ما ان سمع صوت انثوي يرحب به بخفوت ناعم كنعومة حبيبات السكر البيضاء: سلام عليك بومطر .. شحالك ..؟!

لمح من طرف نظره المنخفض ظل امرأة مكسوة بشال بيت كبير اسود من رأسها لأخمص قدميها ..

عرف من هي من صوتها .. كيف له ان ينسى صوت من خفق لها الفؤاد اول مرة ..!!!


رد على سلامها بسلام أخشن رنيناً:
بخييير يعلج الخير والعااافيه يا ام خويدم .. انتي شحالج وشحال هلج وعربانج ومن يعز عليييج ..؟!

رصت آمنة على غطاء وجهها وقالت بحزم انثوي ناعم: كلنا بصحة وعافيه يا بومطر .. تستاهل سلامة عميه مطر فديته ..

حاول رائد ان يمسك زمام توازن قلبه وهو يسمع ترانيم صوت محبوبته الأزلية .. محبوبته التي ما زالت تحتل وتين قلبه رغم زواجه وانجابه للأطفال ..

اجل ... محبوبته وابنة عمه .. آمنة ....!!


تنحنح بخشونة واجاب بنبرة اخرجها بثقة مسيطرة: الله يسلمج من الشر يا بنت العم ..

أضاف محاولاً اخراج نفسه من حالة الارتباك الذي هو قابعٌ فيه: ام خويدم .. ابويه مطرشلكم سامان وماي زمزم ..

ثم حمل الاكياس والكراتين ووضعهم وسط الصالة ..

آمنة: يعل عمره طويل بالطاعة بورايد .. ما يقصر علنيه افداه ..



: سلام عليكم



شهقت بصوت غير مسموع ما ان وصل لمسامعها رنين صوته .... صوت "ذلك الذي لم يفارق تفكيرها ثانية واحدة" .. رفعت عيناها لتبصره ... تبصره بجسد اخذ يرتعد ألماً .... وشوقاً ظالماً ...!!!


ازداد جسدها ارتعاداً وهي تحدّق به من قامته المهيبة وصولاً لوجهه الرجولي الأسمر حتى حاجباه الأسودان الغليظان بعقدة متجهمة تحتل ما بينهما ....



آه يا حبيبي الخائن ...... كم اشتقت لك بحرقة الظمأ ولهيب الجوع ..!!

شهران كاملان منذ آخر مرة رأيتك فيها ..

لو لم أكن اعرف ان قلبك يلعب على الحبلين بيني وبين غيري لارتميت على صدرك الآن وسط اشهاد العيون أجمع ..


ولكنك لعوب ..
لعوب واهتويت اللعب بي بجدارة .... بـ حياتنا .... وبـ مستقبلنا معاً ..!!

سحقاً لقلبي الذي جعلك الآمر والناهي عليه ..


ارتفعت وتيرة رعشات قلبها ما ان رأت وجهه "المعتم بشكل مريب" واستشعرت صاعقة كهربائية آتية من عيناه ... صاعقة غاضبة مرعبة حتى النخاع ...!!!


رد الجميع على السلام: وعليكم السلام ..

تراكض الابناء باتجاه ابيهم وسلموا عليه بحفاوة .. ثم اقترب هو من رائد وقال بغلظة جامدة خلت منها أي لطف: حي الله بومطر ..

ابتسم رائد ابتسامة لم تتجاوز حدود عيناه وسلم على بطي وهو يقول بنبرة خشنة مقتضبة: الله يحييك ويبجييك بوخويدم .. شحالك شعلومك ..؟!

بطي بذات صوته الجامد: بخير ربيه يعافيك ويسلمك من الشر ..

ثم استدار بوجهه باتجاه ظل زوجته ورمق الخواء هاتفاً لها بحزم اخفى تحته "لهيب غضبه العاتي" الا ان اللهيب قد لسع قلب آمنة المرتبك وانتهى: طرشوا دلة الاقهوة والفوالة الميلس ..

أشر بطي بيده بحزم مقتضب باتجاه مجلس الرجال في الخارج وقال بتملك/تسلط وكأن المنزل بكل مافيه من ممتلكاته: بومطر قرب الميلس حياك ..



حاولت بث الهدوء وعدم المبالاة في روحها الوجلة ..... وفشلت ..!!

هي تعرف تمام المعرفة ان بطي لا يحب ابن عمها رائد .. ولا يستطيع السيطرة على انفعاله وغضبه ما ان يراها تتواجد معه في مكان واحد حتى بوجود كل اهلهم .. كيف الآن وهو يدخل بيت والدها فجأة ويراها واقفة امامه وحدهما مع الاطفال ..!!!


تنهدت بارتباك ونادت الخادمة كي تضع القهوة والفوالة في مجلس الرجال .. بينما فضّلت هي الجلوس في المطبخ وعمل بعض انواع الفطائر الشهية لوجبة العشاء ..



مرت دقائق عديدة قضتهم بعجن العجين وفرده وتقطيعه لأشكال عديدة .....

فكرها لم يكن معها .. فكرها كان مع وجعها الذي تشعره به يفرغ روحها من البسمة/الدفء شيئاً فـ شيئاً .... الا ان فكرها ارتجف مع جسدها عندما شهقت ذعراً جرّاء يد خشنة قاسية تلفها للخلف وتُصدمها بصدر صلب عريض ..


سمعت همسه الفحيحي المغتاظ يقول من بين اسنانه: شو يايبنه هذا هنيه ..!!!

فتحت فمها بـ ذهول مرتعب وقالت بتلعثم: بـ بـ بطي بلاك ...!!! .... هدني ..


لم يسمع بطي ما قالته .. كيف يسمع وحواسه الخمس بأكملها تشتعل غضباً ....!!!

كرر همسه الفحيحي بنظرة حمراء قاتمة: قلتلج شو يايبنه هذا هنييييه ..!!!

جمعت آمنة شجاعتها واجابت بحدة مستنكرةً ما تسمعه من هذا الذي يصرخ بها بغطرسة: شو شو يايبنه هنيه ..!! اكيد هب ياي يغازل ولا يدق سوالف معايه يا استاذ بطي ..!!!!

احتد فم بطي وشعور الغيرة قد نضج واستوى في بؤرة دماغه .. غيرة خرجت على هيئة مارد غاضب مشتعل .... يكره ابن عمها ولا يستلطفه بتاتاً .. كيف لا يكرهه بحق الله وهو ما زال يكن لـ زوجته "الحب" ..!!!

رص على اسنانه وقال بهمس مخيف: وانتي شو مقعدنج وياه رواحكم هاااااه ..!!!
ولا يا مدام قعدتج في بيت ابوج نستج ان لج ريل عده حي ..!!!!

اتسعت عينا آمنة بـ صدمة وكلماته الجارحة اخترقت اعمق مكان في قلبها .. امتزج صوتها الحاد بالقهر/الاستنكار العاصفان وهي تقول: الزم حدودك بطي واوزن رمستك قبل لا تعقها عليه .. نحن ما كنا رواحنا .. عياليه على ما اظن كانوا معايه ..
والريال ما ظهرت منه العيبه .. حدر علينا قبل لا تيي بكمن دقيقة .. قال ان ابوه مطرش سامان حق ابويه وقده بيروح بس انت ييت ..

ارتفع جانب فمه باستهزاء مُحتقر حد السماء/الارض: طبعاً ييت انا وخربت عليكم الجو الشاعري الجميل هااه ..؟!!

نفضت آمنة ذراعها من قبضة يده بحدة وقالت باحتقار .. احتقار تخلله "خيبة تصرخ بالمرارة": تعرف شووه ..؟!
بكون غبية وتافهة لو تميت مجابلتنك وابررلك اللي صار .. لأن اصلا ما صار شي عشان ابرره ..


استدارت واردفت بنبرة جامدة مقتضبة: لو سمحت سِر وخلني اكمل شغليه ..


كان صدره يعلو ويهبط بعنف راغباً بهدم البيت بما فيه من غضبه "المتصاعد" .. غاضب من كل شيء ..

غاضب من نفسه .. من شوقة الحارق التواف لوجهها الجميل وكيانها الأجمل وهي التي بنظره لم تعد تستحق الشوق بعد الذي تفوهت بحقه قبل شهران ..

غاضب من كل شيء ..

غاضب منها .... وعليها .. من علاقته السيئة معها .. من الصقيع وعلاقتهما المتصلبة فيه ..

من حياته التي غدت بلا ألوان من دونها والاطفال ..

من غيرته عليها وهي التي كالقطب الشمالي معه "من اسباب يجهلها" ..

يقسم انه يجهلها ..!!


استدار بظهره وقال بغلظة ... وازدراء شديد:
لا تتحرين اني ياي اليوم لسواد عينج .. ما ييت الا حق عياليه ..


رفع حاجبه الايسر الغليظ ببسمة تقطر سخرية واردف: وثرج يا آمنة رخصتي اللي كان بينا وصرتي ادقين سوالف مع الخلق بليا قدر وحشيمة اليه ..... برافو والله ..


وبلا كلمة إضافية .. خرج قبل ان يسمح لنفسه ان يسمع ردها على ما قاله ..


بينما هي .. فشعور الذهول .... والقهر الملتوي تحت صفيح يلتهب بالظلم/الكرامة المهدورة .... قد تشكلتا على هيئة قبضة حديدية على أداة فرد العجين .... وكلماته ترن بكل عجرفة قاسية داخل قلبها قبل اذنيها ..


رفعت وجهها وأخذت تحدّق بـ سقف المطبخ وهي تستغفر بغيظ مؤلم حد اللامعقول ..

فقط الاستغفار من سيساعدها على اخماد اللهيب الذي تتلوى به الآن ... وسيمنعها من اثارة فضيحة لا قبل لها في البيت ..
وامام اطفالها ..!!

فضيحة لن تترك لزوجها المجال لرفع وجهه بعد اليوم ..

ولكنها ستصمت ..... لأجل اطفالها فقط ..

أليس لأجلهم هي للآن لم تطلب الطلاق ..!!

ولكنها ستطالب به في اسرع وقت ممكن .. فهي لم تتلكئ بالمطالبة به الا لأجل الانتهاء من معمعة المدارس والامتحانات ..

والآن اطفالها في إجازة ..!!



.
.
.
.
.
.
.



نفث دخان سيجارته وأخذ يتذكر بعشق ملامح وجهها العذب .. صوتها الأثيري الناعم .. ارتباكها وحياؤها الحوائي المذهل ..

نظراتها المتخبطة الخجولة ... وحركاتها التي تنم عن براءة أنثوية تنحني لها الزهر النقي ..


يعترف ان بعدها نسيَ ما كان يعني له الحب من قبل ..... يعترف ان بعدها امحى من عقله صورة كل انثى عداها ..

يعترف ان طغيان عينها الغزالية قد اجتذبت "كل كيانه الرجولي" ..!!!


لقد وعدها .. حتى ولو كان وعداً بالنظرات .. يظل وعداً معلقاً على رقبته ..

وعدها بالقرب .. وبالعشق .. وبالمشاعر التي لن يخصها لأحد "سواها" ..

وسيفي بإذن الله بوعده ..

لم ينسها .. ولن ينساها ..!!


صعب عليه ان ينسى هدية من الله ارتمت عليه كقطرة مطر من السماء تروي ارض روحه الصيفية الجافة ..
صعب ..!!

الهدايا لا تُرد ولا تستبدل .. وهو لن يردها ولن يستبدلها ..

ليس بعد ان عاش في ثلاث صدف "خارقة الجمال" خفقات قلب حقيقيةَ الوقع .. صاعقةَ التأثير على الوجدان ..


طليطلة وأنتي يا جميلتي تحملان في جعبتيكما عبقاً سرمدياً فاتناً ..!!

جمال رباني مهيمن ..

كلاكما يا روض القلب ......... كلاكما ..!!!



.
.
.
.
.
.
.



في اليوم التالي



تراجع الأطفال الصغار الذي يلعبون على رصيف شارع الحي الراقي بفضول طفولي وهم يحلقون بأعينهم على السيارات السوداء والبيضاء الفخمة التي تمر على الشارع وتحدث في الحي ضجة عالية اجتذبت مسامع ونظرات كل من يمشي في الطرقات ..



عقدت حاجبيها باستغراب حقيقي وهي تسمع صريراً قوياً آتٍ من سيارات توقفت للتو امام منزلها .. اقتربت من نافذة غرفتها واتسعت عيناها باستغراب أكبر وهي تلمح عدد كبيراً من السيارات ورجال ضخام الجثة ينتشرون حول المنزل بسرعة قياسية ورشاقة مدهشة ...


دخلت شقيقتها عليها وهي تهتف بجزع: حصووووووه شفتي المواتر خاري ..؟!

استدارت حصة لـ ميرة وهتفت بحيرة: هيه شفتهااا .. شو السالفة ميرووه ..؟!

ميرة: ماااااااعرف ..


لم تمر سوى دقيقة واحدة حتى سمعت الشقيقتان اصوات رجولية مرتفعة هزت جدران المنزل وضجة مُربكة قادمة من الاسفل .. اصوات كانت من ضمنها صوت والدهما .. واعمامهما .. وجدهما ابا سعيد ..!!


جفلتا ما ان سمعتا صياح والدتهما القريب .. صاحت حصة بصوت عالي ملبيةً نداء امها: امااااااايه تعالي نحن هنيييييه ..


دخلت الام بوجه امتقع من الصراخ والتوتر والارتباك التام: يعلكن الحوم انت وهييي .. من متى ازقركن اناااااا ..
بسرعه انتي وياها جدامي على المطبخ ..

دخلت عليهن شما بخطوات سريعة وسألت بقلق: ام سيف شو السالفة شو مستوي ..؟!

هتفت ام سيف بسرعة صارمة وهي تتحرك مبتعدةً عنها وتخرج من الغرفة:
عرب بن مجتوم لفونا ومعاهم قوم الحر ...



اتسعت ثلاث ازواج من الاعين وهتفت حصة باستنكار: وشعنه ما خبروونا قبل ..
يا فضيييحتنا عند الشيوووخ هب مسويين شي نحححن ..


استدارت شما لتتبع زوجة اخيها وهي تهتف بحزم بالغ: يلا شو تترين انتي وياهااااا ..

عقدت ميرة حاجبيها وقالت لـ اختها بريبة: ليش احس ان السالفة فيها إن ..



.
.
.
.
.
.
.



وقف بحمية اشتعلت بنار بداوةٍ متأصلة الجذور: والله ثم والله ثم والله مارد هاللحى الطيبة الغانمة ..
والبنيات بنياتكم وان بغيتوهن هالسااااع شلووهن بثيبانهن ..
(ثيبانهن = ثيابهن)



هتف الشيخ .. كبير القوم .. بنبرة رنانة تصقلت بهيبة وعزة شامخة بعد ان نظر لـ ابا عبيد وابنه ابا نهيان: ما عليك زووود ما عليك زوووود يا بوسيف لجني من الحينه اخبركم ..
ماييت هنيه الا لجل خاطر عياليه فلاح وحمد .. ومارمست وتعديت ابوهم ويدهم الا لغلاتهم في يوفيه والرب وحده شاااهد ..


ربت الجد ابا عبيد بـ ود على فخذ الرجل الجليل الذي يفوقه سناً وقال بحزم دافئ: لا تقول هالرمسة طوليه بعمرك .. انت ابوووهم يا بويمعه وتاج رااااسهم ..



همس نهيان بمرح ساخر لـ حشر "أبا مكتوم" والذي يجلس بجانبه من اليمين فلاح وحمد اللذان يسمعان الحوار الهامس بوضوح: ثره الهرم فليّح يبا يستغل حليب جليثم ..


كبح أبا مكتوم ضحكته امام الرجال المهيبين وهمس: هههههههههه صخ يا ريال لا تخلينا نضحك جدام الرياييل .. والله ينيه ما بسلم عقبها من هزاب الوالد ..

دنى منهما حمد وقال بخفوت: بتخبرك .. منو قايل حق ابويه بويمعه انيه بعد ابا اخطب عند قوم بن خويدم ..؟!

رمق أبا مكتوم فلاح نظرة جانبية خبيثة وبادله فلاح ذات النظرة بينما اردف حمد باستنكار خفيف: انا قلت فلاح ورا السااااااالفة ..

فلاح: ها يزاتيه ابا اشبكك ويايه في الخطبه عسب تخلص بسرعة وتستريح ..!!


استند نهيان بظهر الاريكة وهمس بحنق متفكه: هيييييهااااااء مسكين حالك يا بوعبيد .. محد سوالك قدر وحشيمة شرات اخوانك الهروم

نكزه ابا مكتوم وقال بخبث: يلا انت عزم على العرس وبتشوف قدرك وحشيمتك عندنااااا ..


وبخهم أبا ظاعن "مصبح" بصرامة مستنكراً "همساتهم المسموعة": شباب نحن هب في قهوة .. صخوا شوي خل نسمع الرياييل شو يقولون ..


صمتوا الشباب بحرج بالغ قبل ان يتناهى لمسامعهم صوت ابا جمعة مهاتفاً ابا سعيد وابنه ابا سيف:
قدرنا ونعرفه عندكم يالايواد زينٍ ما زين وما من خلاف عليه .. لجنيه والله هب في خاطريه ابد نيوز العيال قبل لا نعرف راي بنياتنا ..

ضرب ابا سعيد صدره بكفه المنبسطة بقوة وقال بنبرة حازمة أكثر قوة .. واشد رنيناً: سالفة البنيات يا بويمعه خلصنا منها .. هن من صوووب عيال نهيان الحر اخويه الغالي اذا الله راد وكتب .. نحن ما بنحصل شروا فلاح وحمد .. الله لا شل اللي رباهم على المريله والعلوم الطيبة ..



.
.
.
.
.
.
.



تشعر بالغضب الشاسع يتملكها ..

أيجب عليها فقط استقبال المفاجآت وصدمات الاخبار بنفسٍ هادئة متقبلة من غير انفعال يخرج مع ردة فعلها ..!!

شقيقها الأكبر تزوج من غير علمهم وانجب طفلاً ولم تعرف عنه سوى الآن ..!!

شقيقها الأوسط يقرر خطبة فتاة "اعلنت فيما سبق رفضها له" بوجود جاهة كبيرة من شيوخ واعيان البلاد هذه المرة ..!!

والله وحده يعلم ما وراء اصراره وعناده ليتم هذا الزواج عنوةً ..!!


اما الطامة الكبرى .. فهو شقيقها الأصغر الذي والى الآن لم تستوعب خبر خطبته لأعز صديقاتها واقربهن لقلبها ..!!


ما هذا الذي يجري ..!! ..... ما هذا ..!!!

أتكون ميرة على دراية مسبقة ولم تخبرني ..!!

لا لا .. ميرة لا تفعلها ..

هي اساساً لا تكتم اي خبر ولو كان بسيطاً عني .. فكيف لو كان هذا الخبر متعلقاً بها وبشقيقي انا ..!!!


زفرت انفعالاً حاداً وقالت لأمها بحدة مزاجها المتعكر: وليش ما خبرتووووني من اول .. هب بنتكم انا يعني ..!!!

ام نهيان باستنكار: ويدييييه مهرووووه .. قلتلج ترى السالفة صارت بسرعة وانا روحي ما عرفت الا البارحه من ابووج ..
قالي باجر سايرين العين نخطب لعيالج الاثنينه ..
لا عطاني فرصه انشده عن السالفة ولا خلاني افهم شو اللي مستوي ..

حركت مهرة فمها محاولةً تهدئة ما تمر به من غضب .. ثم قررت ان لا تستعجل الأمور وان تنتظر اتصال صديقتها لتخبرها ما آلت إليه الأوضاع ..


لم تعرف مهرة ان الأوضاع في منزل صديقتها الآن .. كـ اللافا في أوج ثورتها المتفرقعة الفائرة ...!!!








نهــــاية الجــــزء الرابــــع والعشــــرون



sira sira likes this.

فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 20-06-16, 07:54 AM   #29

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)







الجــــزء الخــــامس والعشــــرون



،



كشحاذ

أضع جبهتي على عتبة باب الكلمة

وأنتظر

منتفضا كعصفور

لعل الكلمة تخرج من صمتها

وتعطف على تضرعي

لعلها تتبرع لي بمعطف يدفىء أيامي

أو بقميص صغير

يغطي هذا الصدر المفتوح للريح

كراية

وحين أحرك رأسي بعد حين

تتحرك عتبة باب الكلمة

من جبهتي

والكلمة واقفة كطود شاهق

يا حبيبتي أرجوك



لـ قاسم حداد



،



صرخت بكل مافيها من ذهول ناري حارق ... ذهول امتزح مع لهيبه بـ قلة حيلة كسرت ما فيها من إرادة .... وقوة .... واشعلت تمرد روحها العنفوانية وطبعها الحاد الصعب:
ومنوووه قالكم انيه موووووافققه ..!!!
الففف مرررررة قلتلكم انا هذااا مابااااااااه .. ماباااااااااااااااه شحقه ما تفهمووووون انتوووو ...!!!!!


التمع الشرار الاجرامي فوق مقلتي ابا سيف وصرخ نازعاً عن رأسه العقال: جججججب يالـ..... ان ما لمييييتي ثممممج ياا بالعقااااال على جبدددددج والله ..

امسك احمد اخاه بقوة بينما رمق بطي ابنة شقيقه باستنكار حاد ساحباً اياها خلف ظهره كي يبعدها عن براثن شقيقه المتوحشة: حصووووه جب واحشمي ابوووج .. شو هالرمسة بعد هااااي ..!!!


كان سيف بكرسيه يراقب الذي يحصل بنظرات غامضة سحيقة ...


لم تسكت حصة .. ليست هي التي تسكت عن ظلم بحقها ولا عمن ينهب ارادتها في هذه الحياة .. صرخت بكل مافيها من غضب تخلله وجع حقيقي "لم تظهره بتاتاً": عميه الله ما يرضى باللي تسووونه .. الله ما يرضضضضى ..
انا هب وحده من دبشكم عسب تبيعوون ابهااا وتشترووون ..
انا بنتكمممم يا ناااااس بنتكممممم ..

زمجر أبا سيف بغضب وحشي قاسي: جبببببببببب ولا كلمة .. هب عليه انا دلع البنااااات ورمستهن الفااااااضية اللي ما منهاااا فوووووود ..
فلاح بتااااخذينه يعني بتاخذيييينه ..
بتيين انتي ياليااااهل على اخر عمريه تفضحينيه عند العرب والناااااااااااس ..!!!!!



كانت حصة تنتفض .. بأكملها تنتفض ... تلبستها مشاعر كالشيطان الرجيم .....!!!!

مشاعر لا تستطيع وصفها بتاتاً سوى بالجنون ...!!!!


هتف احمد مهدئاً الوضع الناري بنبرة صارمة متعقلة: يا جمااااعة هدوووا .. بلاكم جييييه ..!!!
حصة فديتج شو شايفه انتي على الريااال ..!!
والله انه خوي شما وسنااافي وفوق ها شارنج .. لو ما هو شارنج ما تعنى وياب الشيوخ والاعيان من كبيرهم لصغيرهم يلين العين يخطبونج ..


هتف ابا سعيد بنبرة شديدة الحزم مشيراً لـ حصة لتجلس بجانبه: حصة ابويه تعالي ايلسي وصلي على النبي ..


تحركت حصة من خلف عمها بطي وقالت بشراسة وهي تأشر باتهام لجدها ودميعاتها الحارقة توشك ان تسقط "بلا رغبة او ارادةٍ منها": يديه ليييش ما رمست وقلتلهم بشاور البنت اول ليييييش .. لو انيه شمااا بنتك ما رضيت اليه المهااااااانه هااااااي ..


دفع ابا سيف احمد بقوة واسرع ليمسك بتلابيب ابنته والشياطين تتراقص امام وجهه بكل حرفنة تامة .. ما ان همّ برفع يده ليضربها بعقاله حتى صرخ ابا سعيد به بغضب صارم قاسي: عبدالله والله ما تضربهااااااا وانا عدني حي ..
حلفففففت ..
خوووووز عنها .. خوووووووووز .....

نظر ابا سيف لوالده بعين اسودّت تماماً من الغضب المجنون ثم اشاح بناظريه ورمى حصة بكل قوة نحو شقيقه بطي وصرخ بصوت ملؤه الغيظ والازدراء: الله يلعـ... هالتربيه اللي متربتنهااا ..


شما .. وباقي النسوة كانوا في الطابق الثاني .. ولم تتجرأ واحدةً منهن على النزول والتفوه بكلمة ..

اثنتان رغبتا بالتكلم .. اثنتان فقط ..

الاولى لتوقف الجدال وتستنكر ما فعله رجال عائلتها بـ ابنة شقيقها ..

والثانية لتفهم وتستوعب ما جرى .. تستوعب فقط انها للتو قد انخطبت رسمياً من غير موافقة منها ..!!


حتى انها للآن لا تعرف من هو العريس المنتظر ..!!!



حرك سيف كرسيه بهدوء ووقف وسط الرجال هاتفاً لـ حصة التي ترتجف بوجه يشتعل احمراراً بحظن عمها بطي .. وقال بحزم هادئ:
حصة تعالي ويايه ابا ارمسج ..


تنهد بطي بخفة وقال مربتاً على كتف ابنة شقيقه بحنان "رغم انه غاضبُ منها لما تفوهت به بحق والده" لكنه يعرف شخصية هذه الـ حصة ويتفهم سبب غضبها المتمرد .. هي ليست كـ شما .. ولا كـ اختها ميرة ..هي مختلفة عنهما بشكل متفرد صعب: حصة سيري مع اخوج وخلي ابوج يهدا شويه .. سيري ..


تمكنت من لمح لمعان الحنية المخفي بين نظرات سيف السوداء "غير المفهومة بتاتاً".. لمعان افتقدته منذ أشهر طويلة مع قرار سيف الذاتي ان يبتعد بقلبه وروحه عن عائلته وشقيقاته ..

وتعترف ان دموعها انبثقت من العدم مرة أخرى ما ان شعرت ان احدهم يرغب بتخفيف ما تشعر به من ألم ..

ولا إرادياً .. ابتعدت عن عمها واقتربت من اخاها الذي تحرك امامها متجهاً للخارج ..

حيث حديقة المنزل ..



.
.
.
.
.
.
.



وقفت امام أحد المحلات الراقية المتخصصة لأحذية الكعب العالي بحماس وأشرت بيديها هاتفةً لـ شقيقتها الصغرى: فطيم شرايج في هالكعب ..!!!
يوالم فستاني صح ..؟!

اقتربت فطيم وقالت بنظرة اعجاب: ما شاء الله واااااايد حلووو .. هيه يوالم ..

ناعمة: تعالي ندش بيربه ..


ثم استدارت واشرت بخفة من بعيد لـ ذياب الذي يجلس في احدى مقاهي المجمع التجاري مع اخاه الصغير حمدان ..

وهز بدوره رأسه فاهماً اشارتها على انها ستدخل هذا المحل قليلاً ..


دخلت ناعمة وفطيم المحل وبدأن يجربن الاحذية المناسبة لما سيرتدينه في حفلة زفاف عمهم سلطان ..


ناعمة باقتناع: خلاص باخذه .. وانتي على شو رسيتي ..؟!
بتاخذين الابيض ولا الأصفر ..؟!

فطيم: خلاص باخذ الأصفر ..

ناعمة بنظرة باسمة لامعة: هيه الشوز الاصفر بيطلع خبال على فستانج التيفاني ..

دفعت ناعمة ثمن اغراضها واغراض اختها قبل ان يخرجن من المحل ..

استدارت لكي تذهب للكافيه الذي بها شقيقاها الاثنان . ولكنها توقفت باستغراب وهي تلمح من بعيد رجلاً ذو قامة متفردة واقفاً مع ذياب ويسلم عليه ..


لا تعرف لمَ شعرت بدقات قلبها تأخذ مسرى غير مسراه المعتاد .. مسرى شديد الوعر ..!!!

سمعت فطيم وهي تتسائل: منو هالريال اللي مع ذياب ..؟!


لم تزح ناعمة نظرها المغطى تحت غطاء وجهها عن ظهر الرجل وقالت بهمس ثقيل تخلله توتر مجهول الاسباب: ماعرف ..


امسكت فطيم يد اختها وقالت ببهجة بالغة: نعوم نعوم تعالي بشتري حلاوة بيبسي من الكشك ..


انجرت ناعمة خلف شقيقتها عنوةً ووجهها يستدير نحو الرجل بخاطرٍ ضعيف "ينضح املاً مؤلماً" .... متمنيةً بغرابة في قرارة نفسها ان يلتفت فقط إليها وتراه ..!!!


يالله .. لمَ تشعرين يا ناعمة ان هالة هذا الرجل مألوفة بشكل حميمي لروحك ..!!

أيكون هو نفسه الذي لم يفارقك خياله بعذوبة حضوره الطاغي ...؟!


أيكــــون ..!!

منقــذك الأسمــر ذاتــه ..!!



.
.



من جانب آخر



ضحك ملء شدقيه وهو يهتف لـ الذي رآه صدفةً قبل دقائق: هههههههههههههههه احلفففف ..

: قسم بالله

ذياب: زين وخلاف ..!!!

ثم اضاف بنبرة سريعة: ايلس ايلس بومحمد شو موقفنك ..!!

استند حارب على الحائط القريب من طاولة ذياب وحمدان وقال بحزم ودود وهو يمسد كتف حمدان بدفئ: لا عادي اصلا الحينه مروّح انا ..
المهم شو كنت اقولك ..
هيه .. عاده انا عرفت انه اللي يديملي بوغنيم ربيعكم ويتحراني انت .. وكان الخبل يبا يرايس ..
ويوم وقفنا عند الاشارة نزلت الجامة وشافني وتيبس هههههههههههههه
اسميه ويهه غدا احمررررر من الفضيحة ..
اتصل فيه وتم يستسمح وجيه وقال تحريتك ذياب كنت ابغي ألعب وياه شوي ..
(يديملي = اي يسطع علي من الخلف ضوء السيارة القوي) (يرايس = يتسابق بالسيارة)


ذياب: هههههههههههههههههههه غربلات بليسك يا بوغنيم فضحتناااااا

حارب: ههههههههههههههههه الله يهداك ذياب ما يبتلي الا رقم يشبه رقم موترك ..

ابتسم ذياب ابتسامة ذات معنى وتذكر ذلك اليوم ..

قبل اشهر ..

عندما سقطت "جنية العسل" بذات الفخ الذي سقط فيه صديقه ..

لم يستوعب صمته .. ولا تنفسه الذي اثقله خفقات قلبه "لمجرد مرور طيفها" الا بعد حين ..


وبسرعة بارعة هتف بنظرة رجولية ضحوكة: اسكت يا ريال .. انت لو تعرف شو سويت عسب اخذ هالرقمين ما قلت هالرمسه ..

ثم أردف لـ حمدان وهو ينهض من مقعده: حمدان سِر عند خواتك استعيلهن .. انا بوصل حارب موتره وبييكم ..

حارب برفض صارم: يا ريال ما يحتاااااااي سِر سِر عند هلك انا ادل دربيه ..

ذياب: ياخي انا في خاطريه اخاويك لين الباركنات شو عليك انت ..
(شو عليك انت بمعنى ما دخلك انت)

ابتسمت عينا حارب بمحبة دافئة وقال: علني افدا خشمك ..


ذهب حمدان باتجاه ناعمة وفطيم .. بينما تحرك حارب ومعه ذياب باتجاه البوابة المؤدية لمواقف السيارات ..

حينها رن هاتفه معلناً قدوم اتصال من عمته ..


رفع الهاتف وقال بنبرة مشاكسة محبوبة: هلا فديتش هلاااااا
..
: ههههههههههههههههههههه طويلة العمر بوظبي ما نستني رمسة الغوالي ..
..
: إهْنِهْ انا في المول .. توصينا على حايه الغالية ..؟!
(اهنه اي هنيه = هنا .. وهي بلكنة هل رأس الخيمة والمناطق الشمالية)

اتسعت ابتسامة ذياب وهو يستمع لمحادثة حارب باستمتاع صامت .. وخمّن انه يكلم عمته او جدته ..

فـ شقيقته الوحيدة وكما هو معروف عند الجميع .. بكماء ..


انزل رأسه بنظرة تضبّبت بأحاسيس لا تدور الا في فلكها "هي" ....

آه .... وكأن بكمها يالله لم يزد طلتها الأثيرية الا بهاءاً وحسناً يصمت عنده الحروف والأوصاف ..!!

ولكنه البكم الذي يحل بوهن مع خضوع القلب لأسمى معاني الحزن ..


أجل .. فعيناها المنقوعتان بعسل الجنة حزينتان بشكل أليم حتى الصميم ..!!!


ازداد تضبب عيناه وهو يتأمل حارب الذي يمازح ويضحك في الهاتف ..


حزينة يا انتي كـ الحزن الذي ينضح من جنبات احاديث شقيقك هذا وان كان يضحك بقوة ..

أرى الحزن فيك أيها المحارب وان كنت تخبأه بكل وسائل الدفاع لديك ..!!!

أراه كما أرى الشمس في كبد السماء ..!!



.
.
.
.
.
.
.



توقف ما ان اصبح بين الشجيرات الصغيرة وقال بهدوء لا يشوبه شائبة الانفعال: حصة


شعرت حصة برغبة كبيرة بأن تستكين على حضن احدهم والبكاء ..

تشعر ان الكل خذلها في الوقت الذي رغبت فيه بشدة ان تمنع "ذلك المتعجرف" من التلذذ بالانتصار عليها ..


لمَ اذقته يالله لذة التشمت فيني .. لمَ ..!!


جثت على ركبتيها فوق العشب .. عند ساقي شقيقها .. واقتربت منه قبل ان تضع رأسها على رجليه وتقول ببحة ضعيفة مرتجفة رقيقة تقطر ألماً شفافاً: دخيلك لا تستوي شراتهم سيف .. ما ازداد انا والله ..


لانت ملامحه بشكل عجيب وابتسم ..
ابتسم وهو الذي لم يشعر بوجهه الجامد يتحرك منذ أشهر طويلة ..!!

ابتسم لأنه ادرك انه ما زال ذلك الأخ الذي تلجأ إليه شقيقته بقلب لين ولسان أنثوي رقيق "لا يظهران الا له" ... و"نادراً أيضاً" ..

هتف بحزم دافئ ممسداً شعرها الذي خرج من تحت غطاء رأسها جاعلاً لمشاعره الحنونة الحرية بالإنفلات:
تتحرينيه راضي ومقتنع باللي صار قبل شوي حصة ..!!
محد راضي .. حتى ابوج ..
بس لازم تفهمين ان الامور طلعت من ايدنا .. هالسوالف يمكن انتي ما تفهمينها .. بس نحن الرياييل نفهمها ونعرفها زين ..
ان ردينا فلاح هاييج الساعة شو بيفججنا من رمسة الناس ..؟!


رفع وجه اخته الممتقع من شدة كتمانها لانفعالها ودموعها .. وقال بنظرة عطوفة لينة: ترضين انتي عادة الناس ترمس عن هلج يا بنت عبدالله ..؟! ترضين ..؟!

حاولت حصة ابتلاع غصة تكورت بشراسة في حنجرتها ولم تستطع .. هتفت من بين انفاسها الثقيلة الحارة بنبرة مرتجفة: لا مارضى .. بس انا ماباااه سيف .. ليش هم يبون يغصبوني على شي مابااااااه ..!!!!

سيف بنظرة ثاقبة متسائلة: انتي شفتيه اصلا ولا قد لمحتيه عسب تقولين ماباااه ..؟!


خفق قلبها بجزع وتوتر وقالت بتلعثم بالغ: أ أ أ لا .. بـ بـ بس س ماباااه ..
احسه انسان تافه ما عنده هدف في الحياااااااااه ..


تحولت ملامح سيف الجدية لـ ملامح ضحوكة متسلية وقال: وابووووكم .. تافه مرة وحده وما عنده هدف في الحيااااه .. شو عرفج انتي بالرياااااااال ..؟!!


خبأت حصة وجهها المحمر المُحرج برجل شقيقها وقالت بتذمر ناعم: سيف عااااااااااد لا تضحك عليييييه ..

قال سيف بابتسامة هادئة: خلاص خلاص حقج عليه ..


تحولت ابتسامته تدريجياً لشيء من الحزم البالغ وقال: سمعي خل نتفج على حايه .. بيني وبينج ..

رفعت حصة وجهها وهمست بتساؤل موجع: شوووه ..؟!

هتف سيف بذات حزمه الذي امتلئ بالثقة: انتي لا تعاندين وارضي باللي صار ويربي العيشة مع فلاح .. ان بس فكر هو يهينج ولا يسويبج شي ساعتها حقج عند بومايد .. ومحد بيردلج اياه الا هو ..
شو قلتي ..؟!


تنهدت حصة بعمق .. تنهدت الحسرة ذاتها بـ فداحة علقمها ..

أهي من الاساس لديها الحق لتعاند وتعترض على امر تم وانتهى ..!!

لو كان لديها 10% من حق وارادة ذاتية لما توانت عن اعلان رفضها مرة ومرتان وثلاث ..


ليس بيدها الآن سوى الرضوخ قليلاً .. علّها فيما بعد تتمكن بشكل وبآخر من اقناع والدها بعدم جدوى زواجها من شخص لا ترغب به وبقربه ..!!


انزلت رأسها المحموم بـ الخيبة/القهر .. وهزته بخفوت قبل ان تقول بنبرة مقتضبة: ان شاء الله ..

سيف: ترى الملجة الاسبوع الياي ..

اتسعت عيناها بذهول: اشوووووووووووووه ..؟!!

رمقها سيف من تحت رموشه وقال: حصة نحن شو قلنا تونا ..؟!

احتد فمها باستنكار غاضب وقالت: انزين وميرررره ..!!!!
عنبوووه اذا هي لين الحينه ما تعرف منو خاطبنهااااا ..!!!

حاول كتم ابتسامته وقال محركاً كرسيه باتجاه باب المنزل الداخلي: خطبها حمد خو فلاح ..

شهقت حصة بـ ذهول كبح مشاعر التفكير في دماغها وقالت: اشووووه ..!!!



ما الذي يخطط له هذا الفلاح .. أيرغب بتوريطي وتوريط شقيقتي بزواجات مأساوية نتائجها كارثية ...!!


بحق الله ... كيف لـ شخص عاقل ان يفكر بالانتقام من فتاة بهذه الطريقة الشنيعة ..!!

كيف ..!!!



.
.
.
.
.
.
.



جلست بجانب اختها وقالت بحاجبٍ مرفوع: رواضي شو فيج ..؟!

تنهدت روضة قبل ان تحك عينها وتقول بانزعاج: تخيلي شيخوه .. مب انا قلتلج نعوم عطتني رقم ريال كان ربيع ابويه ايام شغله ..!!!

اعتدلت شيخة بجلستها وقالت باستغراب: هيه ..

روضة بذات نبرة الانزعاج: من البارحة وانا ادق على بيتهم وما يردون .. ردت مرة عليه بنت وبندت في ويهي .. جنه الا باكلها لو رمستني وخذت وعطت ويايه ..

شيخة بعدم اقتناع: رواضي تبين الصدق انا مب مقتنعه بالسالفة .. شو خص هالريال في ابويه وباللي فيه .. يعني شو بتحصلين من وراه خبريني ..!!

هزت روضة كتفيها بقلة حيلة وقالت: ماعرف شيخوه ماعرف .. على الاقل نعرف منه شو كان ابويه يسوي قبل الحادث وقبل ما يطيح في هالغيبوبة .. اكيد هو يعرف شي نحن ما نعرفه ..
الدكتور ناصر قال ان اللي في ابويه شي نفسي وهو اللي يبا يتم في غيبوبته ويبتعد عن الواقع ..
شو اللي شافه ابويه قبل الحادث وخلاه بهاليأس والضعف خبريني ..!!


جفل قلب شيخة ما ان سمعت بإسم ذلك الطبيب .. مرّ زمن طويل لم يتراقص في مسامعها حروف اسمه الرجولية .... تشعر ان اسمه طرق بعنجهية صرفة قلبها الخامل "الا من دقات اندثرت بوهن تحت بقاع روحها" ..


قالت محاولةً اخراج ذاتها بقسوة من حلم صعب اللمس/المنال: انزين بس انتي ما خبرتي امايه .. اخاف تحرج يوم بتعرف انج رمستي ريال غريب ..

روضة: انا والله مب في نيتي ارمسه هو .. قلت سبحان الله حرمته ترد عليه ولا وحده من بناته ترد عليه لو عنده بنات ..
اصلا انا استحي ما بروم اقول كلمتين على بعضهن جدامه ..
ويوم اللي رفعت السماعه بنية بندته فـ ويهي .. افففففففف
شو هالحظ النحس ..!!

شيخة: عطيني تلفونج خليني ادق انا هالمره ..

اعطتها روضة هاتفها .. ثم اتصلت بعدها شيخة ببيت الرجل المنشود ..

سمعت بضعة رنات قبل ان تتسع عيناها وتأشر لـ اختها ان احداً ما رفع الهاتف ..


تنحنحت برقة وقالت: السلام عليكم ..

سمعت صوت انثوي جامد: وعليكم السلام .. خير ..!!

رفعت شيخة حاجباً واحداً مستنكرة اسلوب الفتاة النزق .. استجمعت زمام صبرها وقالت بنبرة حازمة لبقة:
ختيه ماله داعي الخوف وتسكير الفونات .. نحن لو مب في حاية راعي البيت ما اتصلنا والله ..

سمعت زفير الفتاة الثقيل والتي قالت بعد صمت قصير الامد: راعي البيت مب موجود منو اقوله ..!!

وجهت شيخة نظراتها لأختها والتي آثرت الصمت وجعل الامور بين يدي اختها علّها تجد وسيلة لمهاتفة الرجل ..

قالت شيخة للفتاة بنبرة لينة: انزين فديتج عطيني الوالده ..!!

اجابت الفتاة بحدة: الوالده متوفيه .. انتي شو تبين خلصيني بسرعة ..؟!

تلعثمت شيخة بارتباك وانزعاجها من فظاظة الفتاة يزداد: الله يرحمها .. آ آ آ آ ....
نحن نبا الوالد عسب يخبرنا عن امور تخص ابويه الله يقومه بالسلامة ..

سألتها الفتاة بذات حدة نبراتها: شو هي هالامور ..!! .... قولي اللي عندج بسرعة لو سمحتي ..

صمتت شيخة بتردد ولكنها تشجعت عندما حثتها روضة بالاشارة ان تكمل: انا بنت خليفة .. اسميه شيخة ... شيخة خليفة يابر الـ..
الوالد كان مـ..........



طووط طوووط طووووط طووووط


ازاحت السماعة عن وجهها بـ ذهول غاضب وقالت: صدق ما تستحي ولا تخيل .. بندته في ويهي ..

عقدت روضة حاجبيها بريبة/استغراب ثم قالت: هاي شو سالفتها ياخي ..!! ما تخلينا نكمل رمستنا الا وبندت الخط في ويوهنا ..



.
.
.
.
.
.
.



هرعت لغرفتها والاسم يتردد في بالها كألسنة الشيطان الرجيم ....



"روضة خليفة يابر الـ... ، ، ، ، ، شيخة خليفة يابر الـ..."


"خليفــــة يابـــــر الـ.."



للمرة الثانية ....

للمرة الثانية تسمع بـ إسمه .....!!!




خـ ـ ـلـ ـيـ ـفـ ـ ـة




اقفلت باب غرفتها ثلاثة مرات بجنون اعمى وانزوت في اقصى مكان في الغرفة وهي ترتجف وتلهث بصوت عالي حاد ..


عيناها الشاخصتان في الفراغ تنضحان هلعاً قانياً مرعباً ..

كانت ترتجف .. ويرتجف معها كامل جسدها المتقوقع .. ولسان حالها يرتعش مع طيوف مرعبة اهلكت ذكرياتها القذرة:

حسبي الله عليييييييك ..... حسبي الله عليييييييييك ..
الله ياخذذذ حقي منك .. الله ياخذذذ حقي مننننننننك ..



.
.
.
.
.
.
.



في الطريق الطويل المؤدي الى "دار الحي"



يقسم انه لم يذق كـ هذا الأحساس من قبل ..!!

يشعر انه امسك ضوء الشمس بيده من فرط نشوة انتصاره ..


حسناً يا من تُسمَينَ "حصة" ..

فلنرى الآن كيف سترفضين الزواج بعد الذي حدث اليوم ..!!!


هتف لـ اخاه الجالس بقربه في السيارة ولوحدهما .. بينما استقل جده واباه سيارة نهيان:
بلاه معِيِوَنّا صاخ ..
(معيونا اي المْعِيون وهو الشخص الذي يجلس بجانب السائق)


هتف حمد بالذي يدور بجوفه من غير ان يحاول إخفاءه: فلاح ظنك بنت الناس راضيه ولا بيغصبونها عليه ..!!



أجل .. هو قلق ..


لا يريدها ان تقترن به من غير رضاها .. يريدها في بيته بـ كامل رغبتها هي ..

لا يريد لأباها ان يرغمها على الزواج .. لا يريد ..!!


هز فلاح كتفيه بلا مبالاة وقال ببرود: شو يهم .. خلاص اتفقنا نحن على موعد الملجة ..

اجابه حمد بانفعال لم يتحمل كبحه: شو شو يهم ..!! .... انت لو تبا اللي خاطبنها تاخذك مغصوبه فـ ها شي راجعلك .. اما انا لا ..
مابا اخذ بنية ما تبااااني ..

رمقه فلاح بنظرة جانبية ساخرة وقال: وشو دراك انها ما تباك .. ما بتعرف بـ هالشي الا وقت الملجة .. ان قالت هي جدام المليج
*وقلب فلاح لسانه باستهزاء هزلي*
لا اوافق عليه زوجاً .. هاذيج الساعه قول مغصوبة وما تباك ..

أشاح حمد بوجهه وشعور الضيق يزداد في روحه: ياخي محد غير نهيان معلمنّك على ثقالة الدددم ..

فلاح بنظرة باسمة: حووووه بلااااااااك ..!!! ... اليوم انت ابد هب على المووود ..

تنهد حمد بعمق وقال: لأن اللي صار كله هب عايبني .. لو ادري انهم بيخطبوليه وياك ما كنت بطيع والله ..

رفع فلاح حاجباً واحداً وقال: الحين ها يزاتيه اني سعيتلك ويايه ..!!!
وبعدين تعال .. انت مكبر السالفة تراك .. البنية بنيتهم واكيد يهمهم رايها ومصلحتها .. وهي ما بتردك منيه والدرب ..
اصلا ليش تردك .. شو شايفة علييك بنت عبدالله ..!!!

هتف حمد باستنكار غزاه بعض التوتر: شووه امبينا عسب تشوف عليه شي ..!!!

فلاح: ها انت قلتها بلسانك .. شحقه عيل الوسواس والضيج ..!!



.
.
.
.
.
.
.



خرج من المصعد الكهربائي ما ان وصل للطابق الاعلى .. حيث جناحه الخاص ..

ابتسم بمرارة على حاله .. كان فيما سبق قد بنى هذا المصعد بتصميمه الجميل المبهر في حالة اضطروا لنقل اغراض كبيرة للأعلى او ليستخدمه كبار السن من اهله في الصعود والنزول ..

لم يكن يعلم انه بنى هذا المصعد ليستخدمه هو في الأخير وليس غيره ..!!



دخل غرفته بنظرات جامدة غائمة ..

توقف ما ان رآها واقفة امام نافذة الغرفة الكبيرة المطلة على الخارج .. وببطئ ...... التفتت إليه ونظرة عيناها الضبابية تنبأ بوجود الآلاف من الاحاسيس "التي لا تُفسر" في جوفها ..

رمقها من تحت حاجباه المعقودان ما ان لمحها تقترب منه وتجلس نصف جلسة امامه ..

ثم وفجأة ..

انزلت رأسها وقبلت فخذه الأيمن قبل ان تقول ببسمة رقيقة حزينة:
شكراً ..


زاد ثقل تنفسه ولم يرغب بالتفوه بكلمة .. لكن نظرتها الحزينة ارغمته على قول: على شوه ..؟!

اسندت العنود ذقنها على ظاهر كفيها المستندان على فخذي حبيبها وهتفت بنظرتها الناعسة الحزينة: لأنك واخيراً راويتني بسمتك الغاوية ..

رفع حاجباً واحداً وقال بخشونة باردة: ما فهمت ..

وقفت العنود قبل ان تستدير بصمت وتقترب من النافذة ..


لم تجبه .. تشعر بأنها على حافة انهيار تام ..!!

يجب عليها ان لا تشعره بضعفها .. يجب ان تسترجع العنود السابقة كي تتمكن من انقاذ علاقتها المهتزة معه ..

يجب ان تريه ان العنود قوية .. وقوية جداً ليستطيع هو الاعتماد عليها بكل شيء ..

الاعتماد عليها بسعادته وحزنه .. بهمه وكربه .. بعذابه ونجاته ..

يجب ان تريه انها الشخص الذي يجب الاتكاء عليه وقت المحن .. هي وليس غيرها ..!!!


نعم شعرت بالغيرة .. شعرت بها عندما رأته عبر النافذة يحادث حصة بحميمية ويضحك لها ..

وبين السعادة لرؤية ضحكته وبسمته وبين الحزن من نفوره منها هي بكل بساطة شعرت "بالغيرة" ..

هي من يجب ان تتلقى هدايا مبسمه الفاتن بكل رحابة صدر .. هي .. محبوبته الوحيدة ..

لمَ عليها ان تتذوق حلاوة بسمته ونظرة اللامعة من بعيد دون ان تتحرك فيما بعد وتلثم كل وجهه بقبلات لا حصر لها في الوجود ..

لمَ عليها تلقي القساوة فقط .. وغيرها يتلقى الوجه الحسن والكلمة الطيبة منه ..!!!

مالذي فعلته لتُجزى بكل هذا .. ماذا فعلت بحق الله ..!!!

لن تخبره ابداً انه اعطاها هدية لا تُثمّن من غير ان يدرك ... وانها ممتنة له ..

لن تخبره ..

لن تدع له المجال لـ يسخر من مشاعرها ويقتلها ببروده المعتاد وقسوة لسانه/نظرته ..!!!



.
.
.
.
.
.
.



جلست على حافة سريرها بحيرة مرتبكة بريئة .. قبل ان تشعر بقدوم والدتها وجلوسها بقربها ....

مسدت شعرها قبل ان تقول بنظرة تقطر حناناً عبقاً: بلاج ميراني صخيتي ..؟!
بقولج شي .. لا تخلين اللي صار مساعه بين ابوج واختج يضايقج ويوترج .. حمد اخو ربيعتج مهاري وولد خال موزانة وحارب ونعرفه زين هو وهله ..
ناسن اياويد طيبين الساس ماشي منهم في ذمتيه ..
خلج من رمسة الرياييل وسوالفهم .. خلج في روحج .. استخيري ربج وفكري .. وما بيستوي شي الا برضاج صدقيني ..

تلعثمت ميرة بحيرة/اضطراب وهي تقول: بـ بس خلاص هم اتفجوا على كل شي .. والملجة الاسبوع الياي ..

همست ام سيف بحزم: قلتلج ماعليج من رمسة الرياييل .. اباج انتي تستخيرين الله وتفكرين ..
اهم شي نفسج تكون متقبله وراضية العرس .. وما تعرفين شو الله كاتبلج ..
الخيره فيما اختاره الله ..

شعرت ميرة بالارتياح يرسو بخجل على مراسي قلبها الوجل ما ان احست ان والدتها تقف بجانبها وتخفف عنها صدمة ما حدث لها ..


هزت رأسها بخفوت ثم قالت برقة: والنعم بالله سبحانه ..

ام سيف: انا بسير اطالع اختج الخبله .. من استوت السالفة وهي منزربه حجرتها ..

تمتمت بقلب صادق وهي تتحرك: الله يهديها ويهدي اليميع ..

اقفلت ميرة باب غرفتها بسرعة ما ان خرجت والدتها واستلت هاتفها لتتصل بـ صديقتها ..



.
.
.
.
.
.
.



رفعت الهاتف وقالت بنبرة مرتبكة سريعة: ميراااااااني حبييييييبتي وووووينج ..!!

عقدت ميرة حاجبيها بضيق طفيف وقالت بتشكك: مهاري حلفتج بالله .. كنتي تعرفين ان اخوج ناوي يخطبني اليوم ..؟!

اتسعت عينا مهرة وقالت بجزع: لاااا ورب الكعبة ماعرف .. اصلا حالي من حالج ما عرفت باللي صار الا يوم اخطبوا وخلصوا ..

اضافت بضيق عندما لم تعلق ميرة وصمتت: ميرووه والله ماعرف والله ..

ميرة: صدقتج مهاري ..

مهرة بنبرة مرتبكة حاولت اخمادها قدر المستطاع: انزين شسمه .. شو صار خبريني .. !!

هزت ميرة كتفيها وكأن مهرة امامها وقالت: ماعرف .. كل اللي اعرفه ان ملجتيه على اخوج الاسبوع الياي ..

اتسعت عينا مهره بـ صدمة وقالت: حلللللللللفي ..

ميرة بنبرة ساخرة: والله



وفجـــــــأة ..

: ههههههههههههههههههههههههه ههههههههههههههه اللاااااااااااااااي كشششششششخهه
ههههههههههههههههههههههههه ههههه ..
بتصيرين حرمة اخوووويه ..

وضعت بجنون طفولي لذيذ هاتفها بين اذنها وكتفها الايمن واخذت ترقص وتهز يديها بشكل عبثي مضحك ..

حاولت ميرة كتم ابتسامة شديدةَ الخجل الا انها ورغماً عنها اتخذت مسراها نحو مبسمها الرقيق وقالت: جب مهاااااااااااااااري ..

لم تهدأ مهرة وانما اخذت تصرخ من فرط سعادتها واكملت مافي جعبتها من امنيات:
يااااااااااااااي هب مصدقه والله .. يعني بتكونين في بيتناااااااااا ومعانااااااااااااا ..
واوووووووووو بنسهرر ونصييييع كل يوووووم على كييييف كيفنااااااا
هههههههههههههههههههههه عاشوووووووووو ..

فلتت ضحكة من فم ميرة انتشرت بكامل وجهها المحتقن بدم الخجل وهمست:
هههههههههههههههههههه بس مهااااااااري سكتي .. عن حد يسمعج ونفتضضضح ..



.
.
.
.
.
.
.



رفعت حاجباً واحداً باستنكار غاضب: شعنه يسوي جيه وانتي جد رديتيه قبل ..!!
شو مقصده من الحركة يعني ..؟!!

اشتدت قبضتها على الهاتف وقالت بغيظ حاد: الهرم يبا ياخذني غصب عسب خلاف يفج حرته فيه في بيته ..

ردت ناعمة بتوبيخ ناعم تخلله نبرة التعقل: مايوز تسبين الريال يا حصة عيب ..
وبعدين يمكن هو نيته زينة ويبا القرب منج على سنة الله ورسوله ..
انا احيد فلاح ريال طيب وهادي في حاله وعرب الله كلهم يمدحون علومه واخلاقه ..
ما اقولج جيه لنه من الاهل وولد عم عيال عمتيه سلامة .. بس ها الصدق ..

هتفت حصة بذات غيضها الذي يكاد يفجر دماغها: قلتلج نعوم هو شو سوى وشو قال وراويتج المسج اللي طرشه .. اكيد ما بياخذني حباً فيه ..
هذا خبيث يبا يردلي الحركة بسوايااااااه ..

ناعمة بحيرة: انا استغربت من قريت المسج .. فلاح هب راعي سوالف يهال ومنكر ..

حصة بازدراء لـ ذلك الذي تكرهه بشدة: لا غلطانة حبيبتي .. راعي سوالف يهال ومنكر وعلومن رديه ..

ناعمة بحدة: يا حصوه انتي لو تودرين عنج هاللسان الوصخ بتكونين بألففففف خير ..

أضافت عندما لم تنبس صديقتها بكلمة جرّاء ما ينفثه انفها من انفاس ملتهبة شديد الثوران: قلتي حق رويض اللي صار ..؟!

ردت حصة بصوت خشن مكتوم: لا .. بتصلبها الحين وبخبرها .. عاده رويض بدال ما بتواسيني بكلمتين بتيبب ..
(بتيبب = ستزغرط)


ناعمة: هههههههههههههههههههه وانا بيبب بعد بس يوم بتسكرين احتراماً لحالتج النفسية ..
حشى اخيراً وحده فينا بتعرس وبتودر العنوسة ههههههههههههههههه



.
.
.
.
.
.
.



خرج من قاعة المؤتمر وبريق فخر يتراقص فوق مقلتاه من ذلك الطبيب القطري الذي حاز للتو على جائزة فخرية لبراءة اختراع تخص مجال المخ والاعصاب ..

جميل ان ترى طبيب عربي بهذا الذكاء والعبقرية العجيبة ..

توقف مكانه ما ان رأى الطبيب الذي احتل تفكيره منذ ثواني أمامه ويحدّق به بنظرات مبالغٍ فيها ..


رفع حاجبيه باستغراب بريئ، ثم تدارك الوضع وقرر ان يسلم عليه ويبارك له على الجائزة، وبحكم تلبسه لشخصية غير شخصيته، فقد هتف بانجليزية سلسة مبتسماً برجولية جذابة:
أهلا بالطبيب العبقري، تهانيَّ لك بالجائزة .. فقد استحقيتها حقاً بعد جهدك المبذل على انجازك العظيم ..

رص ناصر عيناه بتشكك/حيرة وهو ما زال يحدق بالرجل .. ورد بإنجليزية حازمة رسمية: شكراً لك ..

ثم اقترب بخفة منه وقال بتساؤل: إن لم يخب ظني، فأنت الدكتور المغربي مجدي تهامي أليس كذلك ..؟!!

ابتسم بدوره ورد بنظرة تنضح صقيعاً غامضاً: أجل يا دكتور ناصر انا الدكتور مجدي .. أعذرني ارجوك فـ عربيتي ركيكة للغاية بحكم ابتعادي كلياً عن موطني ..

هز ناصر رأسه نافياً: لا لا ارجوك كن طبيعياً وتحدث بأريحية فأنا اعرف بأنك لا تستطيع التحدث بلغتنا الأم ..

ثم فتح ذراعيه هاتفاً برسمية تخللها طباع العرب الكريمة المحببة للقلب: هلا نتمشى قليلاً ثم ادعوك لشرب كوب قهوة ساخنة ..؟!

اومئ الرجل برأسه بتمثيل متقن يجدر التصفيق له .. ورد ببسمة ودودة: انه من دواعي سروري يا دكتور ..


ومشى الاثنان بقرب بعض ولم يدرك ناصر ان الذي معه كان كـ ذئب وسط مئة ضبع متربص .. لم يكن يرى نظرته السوداء وهي تتحرك بخفية وتراقب بدهاء شيطاني التحركات والاعين التي تتحرك خلفهم ..


في الحقيقة لم يكن يفكر ناصر الا بشكه المريب بهذا الطبيب، فالذي يعرفه ان الدكتور مجدي يملك فراغاً واضحاً بين اسنانه العلوية وهذا لا يملك ..!!


أعمِل عملية تجميلية ام ماذا ..!!


لم يدرك توجسه/شكه حتى شعر بجسده يرتطم على حائط في زاوية حمام وقبضة يد قوية توضع على فمه وصوتٌ يقول بغلظة صارمة: اشششششش ..

لم يستوعب ناصر الذي حدث بسرعة حتى حرك عيناه ونظر للرجلان القريبان منهما، وسمع أحدهما وهو يقول بعربية .. تحديداً بلهجة اماراتية: هالجلـ... وين اختفى ..!!!

ثم التفت لصاحبه وزمجر بغيظ: انت متأكد انه متنكر ومخلي روحه دكتور ...؟!!!

هتف الرجل الثاني من بين انفاسه المتسارعة: هيه متأكد .. رشود قبل شوي دق وقال انه شاف الدكتور مجدي حادر شقته في فرنسا ..
يعني اكيد الدكتور اللي شفناه في القاعة هو نفس اللي ندور عليه ..

استدار ناصر بصدمة/ارتياب/غضب للشخص الذي امامه .. لم يتفوه بكلمة ولم يُبعد يده عن فمه الى ان ابتعد الرجلان عنهما ..

ابعد الرجل يده عن فم ناصر وقال بنظرة سوداء جامدة .. وبالعربية هذه المرة: لك حق تنصدم من اللي سمعته .. تعال ..


ظل ناصر متصنماً متصلب الجسد ونظرة عيناه البنية تنضحان شك وتوجس بالغان ... لانت ملامح الرجل وهتف بنبرة اقل حدة واقل جموداً: دكتورنا لا تتروع .. انا أليف بشكل انت نفسك ما تتصوره هههههههههههه ..

زفر ناصر بعمق بعد اللحظات المتوترة التي مرت عليه للتو ... لحظات شعر خلالها انه في فلم بوليسي متحرك ..


امعن النظر بوجه الذي امامه وترددت فكرة في باله .. فكرة تقول ان هذا الشخص حقاً ليس برجل خطير ولا مؤذي ..!!!



وبعد ثواني من التفكير المتردد .. قرر ان يذهب معه ... وبجلسة واحدة شعر بألفة وتجاذب غريب نحوه ..!!

لم يعرف وقتها قصته وسر تنكره .. ولكن كان متيقناً ان لذلك الرجل قلب لا يخون ولا يكذب ..!!!



ومرت الأيام والسنين .. وبالفعل، تبيّن لناصر ما كان يريد معرفته .. واصبح مقرباً من الآخر الذي بدوره رحب بهذا القرب وبهذه الصداقة بشدة ..

فسبحان الله جلّ علاه، الأرواح جنود مجنّدة فما تعارف منها ائتلف و ما تناكر منها اختلف ...




: نهيااااااااااان وينك ياخوي ..؟!


خرج نهيان من شرود ذهنه "الذي اخذه لليوم الذي التقى به أول مرة بـ اعز أصحابه " ومحياه الباسم بـ ود يحكي عن مشاعر اخوية لا وصف لها ..... وقال بمزح عابث: نقعتنا على الخط يا دكتوووور ..

اجابه صديقه ناصر ببسمة حرجة: اسمحلي بوعبيد هاذي منول الشيطانة تبيني اركبلها لعبتها اللي اشترتها قبل شوي ..
اي كمل .. شـ صار بعدين ..!!

هز نهيان رأسه ببرود وقال: ولا شي .. اتفجت مع اخوانيه ما افتح سالفة الولد الا عقب ما اتم خطبتهم ..

عقد ناصر حاجبيه وقال: والخطبة تمت .. يعني لازم تخبر اهلك الحين ..

مسد نهيان رأسه واغلق عيناه بإرهاق وغمغم: يصير خير يا بومشعل يصير خير ..



يشعر بالعجز يتملكه ..!!

ليس عجزاً ...... انما الخوف من عدم قبول والداه وجده بـ صغيره البريئ "الذي لا يحمل اي ذنب من الذي حصل" ..

لم يتصور ان خطبة شقيقاه ستتم بهذه السرعة ..

كان يرغب حقاً ان يستعد نفسياً للمواجهة وليس ان يُقذف داخل عرينها بشكل مباغت ..!!



حسناً يا نهيان .. في كل الحالات ليس امامك سوى خيارين ..


إما المواجهة ..
أو
المواجهة ..!!



.
.
.
.
.
.
.



تتشـــــرف



عائلة المغفور له بإذن الله السيد ظاعن بن سلطان بن هادي الـ.. ، وعائلة السيد خويدم بن زايد بن سعيد الـ ..


بدعوتكم لحضور حفل زفاف


سلطان بن ظاعن بن سلطان الـ..


على كريمة السيد

خويدم بن زايد بن سعيد الـ..



وذلك في تمام الساعة الثامنة من مساء يوم الأحد
في صالة الخبيصي للأفراح – العين



ودامت دياركم عامرة بالأفراح والمسرات



.
.



رفعت بتروي وحذر شعرها الغجري الغزير ذو الألق اللامع المظلم ... وبدأت بارتداء فستانها ..

لم تفقه مدى بهاء سمارها العربي الا عندما انزلق على جسدها الرشيق المتناسق احمرار فستانها الحريري ..


هتفت بعجلة وهي تقترب من اختها: فطيمي بليز سكريلي اليرار ..
(اليرار = جرار الفستان)


دخلت عمتهن سلامة المتألقة بفستان اسود اللون أظهر تناسق جسدها الممشوق وزاد طلتها تفرداً/فتنة:
يلا بطينا على العرب طاعن السااااعة كم ..

ارتدت فطيم بعجلة اقراط اذنيها واستدارت لأختها كي تقفل لها الفستان وهي تهتف باستغراب:
بعدها الساعة سبع .. على شو مستعيلات ..!!

سلامة بتهكم رقيق: شو على شو مستعيلات .. لازم نوصل القاعة قبل المعازيم ..


سكتت فجأة قبل ان تقول ببسمة تتلألئ اعجاباً: صليت ابكن على النبي يا بنات اخووويه .. محلاااااااتكن ربيه يحرسكن من العييين .. ما شاء الله تبارك الرحمن ..

رمشت فطيم بغنج طفولي وقالت وهي تدور حول نفسها بدلال: شرايج عموووه .. بذمتج هب عروووس ..!!

رمقتها عمتها من تحت رموشها وقالت بمكر: طاعو اللي ما تخيل .. ثرج تبين ريل انتييي ..

ضربت فطيم صدرها بدهشة مصطنعة مقلدةً اسلوب كبار السن: ويدييييه يا بنت ظاعن .. حد ما يبا الريل ..!!

ناعمة: هههههههههههههههههههه يالطفسه بسج هذربان يلا خل ننزل ..


مرت بجانبها عمتها وهمست لها بحزم يقطر حناناً و"اعجاباً حد السماء": الناعم دخيلج اقري على روووحج مافيناا اطيحين علينا من عيون الحرمااااااات ..

تلون وجه ناعمة بخجل باسم ثم قالت بخفوت: فديتج عموه .. ان شاء الله الحينه بقرا ..

ارتدين الفتيات عباءاتهن بسرعة وخرجن من الجناح بعد ان اتصلت ناعمة بـ اخيها وطلبت منه المجيء إليهن ليوصلهن لصالة الافراح ..

فـ هو قد سبق وحجز لعمته واختاه جناح في فندق كي يتمكن من تجهيز انفسهن براحة من غير ان يحملن عبئ المسافة الطويلة بين أبوظبي والعين ..

اما الجدة ام هامل فآثرت ان تأتي فيما بعد مع ولديها هامل "أبا ذياب" وسلطان ..


وهن في الطريق .. اتصلت ناعمة بـ روضة لتسألها عما اذ كانت قد انتهت من تجهيز نفسها وخرجت من أبوظبي ..

ناعمة: ألوووو .. ها رواضي وينج ..!!

اجابتها روضة وهي تتأكد من وضع اللمسات الاخيرة على وجهها وشعرها: يلا خلصت .. سايرة اشوف شواخي لو خلصت ..

ناعمة: يلا حبيبتي نترياكم .. مع السلامة

روضة: مع السلامة



.
.
.
.
.
.
.



كان في طريقه الى العين بعد ان مر على مدينته الأم رأس الخيمة ليأخذ معه جداه الغاليان ..

اوصل كل منهما الى وجهته .. فالجد عند احتفال الرجال .. والجدة عند احتفال النساء ..

وبعدها تحرك بسرعة "لضيق الوقت" باتجاه بيت عمته ام العنود ليأخذها هي واخته لصالة الافراح ..

ما ان توقف في باحة المنزل حتى فُتحت أبواب سيارته ودخلن اميراته وروائح العود والبخور العبقة تسبقهن لأنفه ..

ابتسم وهو يتلفت ليمينه وخلفه وقال: يا وووويل حاليه انا .. كم بتحمل الزيييييين ..

ابتسمت ام العنود ذات العينان الكحيلتان من خلف برقعها قبل ان تهتف بخجل جم: وين الزين يا ولديه الله يهداك .. خلينا الزين للموز فديتهااا ..

التفت حارب لـ شقيقته وقال بنظرة لامعة: اشوف اشوف المووز ..


موزة ومن شدة خجلها .. ولأنها منذ زمن طويل لم تعش تجربة التألق والتأنق والتجمل اللاتي تعشنه الفتيات طوال الوقت ..

تشعر انها ليست موزة .. تشعر انها وفجأة كبرت .. وغدت كباقي الاناث في اعمارهن العشرين ..

تشعر انها مختلفة اليوم حقاً .. قلباً وقالباً ..!!

وهذا الاختلاف كان اولاً واخيراً والحق يقال بسبب عمتها وابنة عمتها العنود ..

فـ لولاهن لما تجرأت هي واختارت لهذه المناسبة فستان زاهي اللون بلون اصفر كركمي اظهر عسل عيناها ولون بشرتها البيضاء المائلة للون القمح الصافي ..

حتى انها تجرأت واختارت قصة اظهرت بؤر الانوثة في جسدها بشكل راقي غير مبتذل ..


هزت رأسها رافضةً بخجل شديد ....

نزع حارب غطاء رأسها بخفة وهو يهتف باصرار ملؤه الحماس: يلا عااااااد موزوووه رواييييني ..

ظهر وجهها الفاتن الغارق بجمال العسل العذري ... عسل لا نهاية لـ سحره ولا حدود لـ بهاءه ..


تسمر حارب اعجاباً بـ طلة شقيقته المتغيرة والواضح عليها نعشة الصبا المتفتح .. ثم تمتم ببسمة برّاقة: ما شاء الله تبارك الله .. موزوووه وين داسه هالغوووى كله ..!!

ضحكت موزة بصمت وتداركت ما تشعر به من خجل عميق بأن أسدلت الغطاء عليها مرة أخرى وأشاحت بوجهها بنعومة تقطر حياء حقيقياً ..

ام العنود: ههههههههههههههه حرام عليك حارب البنت ذابت من الحيااا ..


اعتدل حارب بجلسته قبل ان يعيد ترتيب غترته ويقول ببسمة عابثة: والله محد يشوف هالغوى ويسكت .. ان الله جميل يحب الجمال ..


ضحكن اميراته بسعادة وكل نبضةٍ فيهن تطرب حباً له ..

له ...... للذي لم يسقهن عذوبة بسمة ثغره منذ أمد بعيد .. وكأن شهور الفراق بينهم كانت كعمر نوح وأكثر ..!!!


اما هو .. فصمت وتحرك بهن خافياً عنهن طيف تألق بألوان الحزن الشفاف ...


تذكر امه ما ان نظر لوجه شقيقته ..!!

موزة وان كانت لا تمتلك عينا والدتها نيلا .. لكنها اليوم وبشكل غريب ..... بشكل موجع حتى النخاع...

أخذت لمحات مذهلة من وجهها رحمها الله ..


لانت عيناه الحادتان تحت جبهته النابضة بتلك الندبة التي لم تزد ملامحه الا خشونةً رجولية ... وارتفع جانب فمه ببسمة ذات معنى ..


أجل ....... تذكرها ..!!!

أهناك سواها من يتذكرها ما ان يتذكر جنته نيلا ..!!


ليس هناك سواها .. ابداً ..!!



تنهد بخفوت غير مسموع منزعجاً/مستاءاً من حاله ..

لا يريد ان يصدق حقيقة انه يرغب برؤيتها مجدداً .. لا يريد لـ عقله استيعاب حقيقة انه وقع تحت تأثير توأم نيلا ..

لا يريد ..!!


يشعر ان حياته على المحك .. وان اقتران قلبه بأمور عاطفية لن تزيدها الا سوءاً ..

مسؤولياته الحالية تجبره على ارغام قلبه بتنحية اي تفكير يجره لـ "تلك" ..

مسؤولية شقيقته .. مسؤولية عمله السري .. مسؤولية انتقامه من الذين قتلوا عائلته ..

و ......

ومسؤولية قلبه الذي وان خفق لـ أنثى .. ستظل هذه الخفقات اليتيمة أسيرة لحقد وغضب لن ينضبان في روحه ..

اسيرة لظلمة ذاكرته/رائحة دماء أغلى من سكن روحه بكل شيطنة صرفة ..



.
.
.
.
.
.
.



وضعت يداها المتجعدتان المشبعتان بجمال الحناء القاني على رأس ابنتها واخذت بخفوت شفاف تتلو كلمات الله الطاهرة من سورة الفاتحة .. ثم اول عشرة ايات من سورة البقرة .. وبعدها آية الكرسي .. وانهتهم بالمعوذتين والكافرون والاخلاص ..


ثم مسدت شعرها بنظرة اهتزت من فرط السعادة ..... و"الحزن" .... سعادة لأجل ابنتها وحيدتها ... وحزن لفراقها عنها ... .. ثم أكملت تتمتم بصوتها المبحوح المُتأثر:
اعيذكِ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عينٍ لامة ..


استمرت بالقراءة على ابنتها الى ان دخلن من يُعتبرن في هذا اليوم "وصيفات العروس" ..

وصيفاتها اللاتي لم يفارقنها منذ الصباح .. لم يفارقنها غير بضع سويعات عندما ذهبن للصالون ليتأنقن ويتجهزن ..

خفقت قلوبهن الصغيرة بإعجاب حقيقي ولسان حالهن لا يتفوه الا بـ ذكر الله عز وجل .. فإن كن من قبل رأين عرائس في ليلة زفافهن ببهاء متفرد خاص ..

فإنهن لم يحملن نصف بهاء هذه المذهلة الواقفة بكل فتنة مهيمنة امامهن ..!!



كانت تتنفس ثقل الدنيا كله .. لم تستوعب للآن جمالها المتفجر منها ..

حاولت اخراج صوتها بنبرة تخلو من الارتجاف الا انها فشلت .. تنحنحت بخطوة فاشلة لتنقية صوتها لتهتف بعدها بارتباك بالغ: شو رايكن فيه ..؟!!

وضعت آمنة يدها على صدرها وقالت بتأثر شديد: ربيه يحفظج ويحرسج من العين يا قلبي .. قمررر في ذمتيه قمرررر ..


لم تتحمل العنود الوقوف امام عمتها من غير ان تقترب منها وتحضنها بخفة "كي لا تلطخها بمكياجها" هاتفةً بصوت مبحوح اخفت خلفه "دموع سعادتها العارمة": ما شاء الله تبارك الرحمن .. ما ريت في ذمتيه عروس شرات حسنج وزينج عموووه .. الله يحفظج ياربي .. الله يحفظج ..

ابتسمت بارتعاش وبخفقات مجنونة/صاخبة ...

ورغماً عنها ... رغماً عنها شعرت بعدم رضى من شكلها ..

لا تعرف متى ستتوقف عن توهم قبحها .. لا تعرف ..!!!

غير ان الجزع والتوتر العاصفان لا تتركان لها المجال لبث الثقة فيها ..

حسناً .. ليس ما فيها هو الجزع والتوتر فقط .... هي حائرة .... مشوشة .... ضائعة ........ وغاضبة حد اللامعقول من خفقاتها التي تخونها على الدوام ........ وخائفة يالله ......!!

خائفة من كل شيء ستواجهه في حياتها المقبلة .. تشعر ان حياتها تأخذ منحنى لن يدعها تشعر بالسلام العاطفي ....... والسلام النفسي ....!!!

تشعر انها عروس تُساق لدربٍ حرصت منذ سنوات ان "لا تنساق إليه" ..


عروس مجبرة ..!!!

وليست عروس طبيعية راضية تساق كباقي العرائس لحياة مستقبلية تمتلئ احلاماً وردية وسحب ملونة مثقلة بوعود ذاتية لعيش حياة جديدة برفقة رجل سيبقى معها طيلة العمر ..!!


يالله ألهم قلبي السكينة والهداية .. فأمتك بأمس الحاجة لهما الآن ..

فقط لمواجهة الماضي وحاضره ..... وسلطان قلبي الجائر ......!!



هتفت بعد صمت لم يتجاوز الثواني: وانتن بعد ما شاء الله عليكن مسكتاات من الخاطرر ..
(مسكتات تعبير شبابي يعني ان اللسان يعجز عن الوصف من الذهول والجمال)


وضعت العنود يدها على خصرها المخفي خلف فستانها الرصاصي المدمج بلمعانه مع لون الزهر الفوشي الزاهي وقالت بمكر انثوي باسم:
صدقينيه ما يينا ربع زينج .. ايعينك ربي يا بومييد .. اسميك بطيح واجف يوم بتشوف هالزين كله ..

اقتربت آمنة من ام سعيد واحتضنت كتفيها بحب/سعادة وقالت: عموه بنتج ما خلت للعذارى زين عقبهااا .. قريتي عليهااا ..؟!

رفعت ام سعيد بيد مرتجفة برقعها ومسحت دمعات تساقطت من فرط مشاعرها المتأرجحة بين السعادة والحزن .. ثم هزت رأسها وقالت بنبرة مبحوحة متهدجة: علنيه افداها شميمي .. قريت عليها قبل لا تحدرون بشوي ..

أضافت وهي تمسد كتف زوجة ولدها وقالت: يلا خلكن معاها بسير اسلم على العرب واقرب ابهم ..

العنود: ان شاء الله .. دقايق وبنلحقج يدوه ..



.
.
.
.
.
.
.



كان واقفاً وقفته الصقرية المشوبة بذبذبات التأهب والسيطرة المهيبة كـ "عادته" ..


ازدادت وسامته ألقاً .. وطلته المتفردة فخامةً .. خاصة بـ سواد بشته المتساقط على جسده الفارع والذي أظهر حدة ملامحه ودقتها بصورة أوضح ..


لم يدرك انه متصنم الملامح وصارم التعابير بشكل غامض الا عندما ارتخت عضلات وجهه بعفوية .. ببسمة رجولية صادقة ... ما ان لمح حارب مقبلاً عليه ..


لم يكن لينحني كثيراً لـ حارب كما انحنى طيلة المساء للرجال وهو يسلم عليهم بأنفه .. فـ طول قامة حارب الذي لا يفصل عن طول قامته الا بضع سنتيمترات قد اراح عضلات رقبته "مما جعل تفكيره بهذا الأمر يضحكه في قرارة نفسه" ..


أَوصل بك حالك السيء لأن تركز بـ حواسك الخمسة على امورٍ تافهة كهذه وتضحك عليها الآن يا سلطان ..!!

حسناً .. لتضحك ولو كان في قرارة نفسك .. علّك بالضحك تزيح بعض ثقل التوتر والتفكير اللذان يتملكانك منذ الصباح ..!!



اجاب على مباركة حارب بحزم دافئ ملؤه الود: الله يبارك فيك يا بومحمد .. والفال لك ان شاء الله ..

ابتسمت عينا حارب واجاب "كـ رد طبيعي ومتداول على ألسنة جميع الناس، حتى لو كان هو ذاته يشك بما يجول في خاطره من امنيات": آمين ياربي تسلم ..

تنحى حارب عن سلطان ليسلم على كبار السن وشيوخ القبائل الذين توافدوا بإقبال كبير واحداً تلو الآخر .. إلى ان وصل لـ بطي ابن خالة والده ..

اقترب من بطي والذي بدوره ابتسم له مرحباً بصوت جهوري رنان: مررحبا مررحبا مليوووون بـ حاااارب ..

حارب بترحيب مشابه: الله يرحبك على فضله يا بوخويدم .. ويعله الف الف مبروووك ..

بطي: طوليه بعمرك يا بومحمد الله يبارك فيك ياربيه ..
خبرني شحوالك شعلومك ..؟؟!


استمر الاثنان على وقفتهما واخذا يتبادلان السلام والسؤال عن الحال والأحوال ..

ثم وبشكل مفاجئ .. امسك بطي ذراع حارب وقال وهما يتجهان نحو سلطان: انت يالغالي مكانك عند معرسنا هب هنيه عند الشباب ..

اقتربا من سلطان قبل ان يهتف حارب بحرج رامقاً الرجال الكبار والشيوخ الذين يجلسون بقرب سلطان بارتباك: بوخويدم عنيه هب بلاااك مايوز اجدم ويهي وايلس عند المعرس وهاللحى البيضا كلهم واجفين ..

بطي باصرار حازم: والله ثم والله محد يسد هالمكان الا انت ..

هتف سلطان بـ ود اخوي عبق تخلله ذات اصرار رفيق دربه: حارب اقرب تعال ..


كان حارب بحق محرجاً .. ليس فقط لأنه سيقف بجانب سلطان الذي يجب عليه الوقوف بين اخاه الأكبر وعمه أبا سعيد واصهرته ..

وانما ايضاً لبعده في الفترة الاخيرة عن المناسبات الاجتماعية والاحتفالات .. فـ وجد بتوسطه نقطة التجمهر وبؤرة نظرات جميع الرجال مربكاً له ..


لا يُلام .. حقاً لا يُلام ..!!

للتو خرج من تجربة مأساوية افقدته حتى ملذة النوم بسلام ..


وقبلها عاش سنين اربع لم يتخللها اي امور ترغمه على الاحساس بحلاوة الدنيا والغوص فيها كـ باقي البشر ..


فـ كيف له الدخول مرة اخرى لضوء الحياة الاجتماعية المليئة بالضجة من غير تحفظ وارتباك وضيق نفسي ..!!


سمع صوت سلطان وهو يهتف له بقوة "حانية": الحربي .. يلا يا خويه اقرب .. هاذوه المصور يانا يبا يصورناا ..


تأثر حارب بقرارة نفسه من كلمة "خويه" شاعراً بصدقها الصافي المؤلم ..


يشعر ان الله يعوض وجع فقده بـ أخوّةٍ لا تُثمّن وبقلوب تأبى التمايل على صفيح الخيانة والخبث والحقد الأسود ..


لهذا لن يخذل من وقف معه جنباً إلى جنب في مآسيه ومحنه .. لن يخذله ابداً ..!!

ليس الآن .. وليس بعد الآن ..!!


ابتسم بخفوت ووقف بجانب سلطان بعد ان تنحى أبا ذياب قليلاً ليفسح له المكان قبل ان يربت كتفه بقلب صافي وبنظرة أبوية سموحة ..



.
.
.
.
.
.
.



اقتربت من الفتاتان وهتفت بحبٍ يحمل الكثير من النظرات اللامعة المسرورة/الاعجاب البالغ: ما شاء الله تبارك الله عليكن يا بنات عبدالله ..
ما قول الا يا حي عياليه .. اسميهم ما بيضوون الا الزين والغوى ...


سلمت على "زوجات ابنائها المستقبليات" ولسان حالها يذكر الله بصدق .. بينما هي ذاتها لا تعلم ان كل واحدةٍ منهما تحمل في جعبتها مشاعر تعصى على الفهم من فرط تناقضها وتفاوتها بين ربكة وخجل وغضب وضيق ..

مشاعر الربكة والخجل كانت من نصيب ميرة بشكل خاص .. اما مشاعر الغضب والضيق كانت من نصيب اختها الكبرى حصة ..

لم تحاول اظهار عدم لباقة اخلاقها "الذي كان ليخرج في حالتها النفسية الحالية" .... ولكنها كبحت ما فيها من ضيق .... وابتسمت باقتضاب "ظنّه الجميع ابتسامة خجل عذري" وقالت: فديت قلبج عمتيه .. الزين والغوى الا من عقبج والله ..


ضحكت ببحة عميقة وقالت مرتبةً عباءة رأسها وبرقعها خلف عيناها الكحيلتان وقالت: هههههههههههههه واغشييييييه انا على منطوقج الغاوي ..

ثم التفتت بمزاح ماكر وهي تهتف لوالدتهن ام سيف: يا شريفه عاده يلا استعيلوا السالفة .. والله ينه في خاطريه اليوم يسرن معايه دبي ..

ضحكت أم سيف بخفة وقالت: والله ماعنديه مانع .. جان تبينهن الساع شليهن وياج ..

نكزتها ميرة بأصبعها برقة وقالت بخجل بالغ يقطر من جنبات وجهها المرتبك: امايه انا بسير ايلس عند مهاري ..


ثم ذهبت بينما تلحقها نظرات ام نهيان الناضحة بالحب والزهو راجيةً في قرارة نفسها ان تكون هي وأختها فاتحتا خير لـ حياة ولداها فلاح وحمد ..

ودعت الله كذلك ان يهدي نهيان ويقبل الزواج وترك عنه اللهو واللعب اللذان لن يفيداه البتة ..!!



.
.
.
.
.
.
.



تأخر على الرجال وهو يعرف هذا جيداً .... لكنه يقسم ان الأمر يفوق طاقة تحمله ..!!

لا يريد ان يراه .. لا يريد ..

لا يريد ان يرى من تسبب "بشكل غير مباشر ... وبلا ذنبٍ منه" بهدم صورة حياته الشفافة الجميلة ... حتى لو كانت صورة زائفة مصطنعة باطنها البشاعة ... والاحقاد ... الا انها تظل صورةً لازمته واقتنع بـ تفاصيلها وتمكن من التعايش معها بألفة ...!!!!!

لا يريد ان يرى الرجل الذي "ولأول مرة في حياته" .. اشعره بالدونية ... بـ هوان الروح .... بالوجع في اعتداده/كبريائه ..!!!


يشعر ان قلبه المُغتال سـ يتفتت لأجزاء بحجم ذرات الهواء اذا وقف امامه وتذكر كل ما تأبى روحه تذكره ..!!

ولكن ما الحيلة ..!!!

لن يضع رجولته مرة أخرى في دوامة الضعف والخنوع والذل والهوان ابداً ..... ليس امام طيف "تلك" الخبيث الشامت الذي يحوم حوله كل لحظة ..

وليس امام من كانت تلك الأفعى تحبه ........ وليس أمام غيرهما أبداً ..!!!


شد من صلابة ظهره ... ومن جلمودية روحه المثقلة بالغضب/المرارة .... وقست ملامحه ببطئ لشيء يشبه قساوة الصنديد المصقول ...



واقترب من الرجال .... ومن الرجل الذي يتوسطهم ..


سلطـــــــــــان ..








نهــــاية الجــــزء الخــــامس والعشــــرون



.
.



ليلتنا طويلة ولن تنتهي الآن .......

ولأنها طويلة وبتستمر لـ كذا بارت .. ولأن فيها الكثير الكثير من "الاكشنات" .... فـ صعبة وايد على قلوبكم افصل بين مواقفها بالايام ....

فـ شو رايكم لو احط بارتين كاملين يوم الاربعاء ... ونلغي بارت السبت مع العودة ان شاء الله يوم الاربعاء اللي بعده ...!!!!


فكروا وعطوني رايكم .. في النهايه مابا الا راحتكم واللي تفضلونه ....


خالص محبتي/ودي للجميع ...



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 21-06-16, 01:54 AM   #30

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



(لا تلهيكم القراءة عن الصلاة يالغوالي)







الجــــزء الســــادس والعشــــرون



،



أكثرُ ما يعذِّبني في اللغة .. أنّها لا تكفيكِ

وأكثرُ ما يضايقني في الكتابة أنها لا تكتُبُكِ

أنتِ امرأةٌ صعبهْ

كلماتي تلهثُ كالخيول على مرتفعاتكْ

ومفرداتي لا تكفي لاجتياز مسافاتك الضوئيَّهْ

معكِ لا توجدُ مشكلة

إنَّ مشكلتي هي مع الأبجديَّهْ

مع ثمانٍ وعشرين حرفاً، لا تكفيني لتغطية بوصة

واحدةٍ من مساحات أنوثتكْ

ولا تكفيني لإقامة صلاة شكرٍ واحدةٍ لوجهك

الجميلْ

إنَّ ما يحزنني في علاقتي معكِ

أنكِ امرأةٌ متعدِّدهْ

واللغةُ واحِدهْ

فماذا تقترحين أن أفعلْ ؟

كي أتصالح مع لغتي

وأُزيلَ هذه الغُربَهْ

بين الخَزَفِ، وبين الأصابعْ

بين سطوحكِ المصقولهْ

وعَرَباتي المدفونةِ في الثلجْ

بين محيط خصركِ

وطُموحِ مراكبي

لاكتشاف كرويّة الأرضْ



لـ نزار قباني



،


تأخر على الرجال وهو يعرف هذا جيداً .... لكنه يقسم ان الأمر يفوق طاقة تحمله ..!!

لا يريد ان يراه .. لا يريد ..

لا يريد ان يرى من تسبب "بشكل غير مباشر ... وبلا ذنبٍ منه" بهدم صورة حياته الشفافة الجميلة ... حتى لو كانت صورة زائفة مصطنعة باطنها البشاعة ... والاحقاد ... الا انها تظل صورةً لازمته واقتنع بـ تفاصيلها وتمكن من التعايش معها بألفة ...!!!!!

لا يريد ان يرى الرجل الذي "ولأول مرة في حياته" .. اشعره بالدونية ... بـ هوان الروح .... بالوجع في اعتداده/كبريائه ..!!!


يشعر ان قلبه المُغتال سـ يتفتت لأجزاء بحجم ذرات الهواء اذا وقف امامه وتذكر كل ما تأبى روحه تذكره ..!!

ولكن ما الحيلة ..!!!

لن يضع رجولته مرة أخرى في دوامة الضعف والخنوع والذل والهوان ابداً ..... ليس امام طيف "تلك" الخبيث الشامت الذي يحوم حوله كل لحظة ..

وليس امام من كانت تلك الخبيثة تحبه ........ وليس أمام غيرهما أبداً ..!!!


شد من صلابة ظهره ... ومن جلمودية روحه المثقلة بالغضب/المرارة .... وقست ملامحه ببطئ لشيء يشبه قساوة الصنديد المصقول ...



واقترب من الرجال .... ومن الرجل الذي يتوسطهم ..


سلطـــــــــــان ..


وقف امامه بذات وجهه القاسي الغامض وسلّم عليه بالانف مرتان .... وقال بصوت ينضح اقتضاباً .. ولا يشوبه اي مشاعر: بالبركهه يا بومييد ..
منك المال ومنها العيال ان شاء الله ..

ابتسم سلطان لـ نسيبه وأرمل ابنة عمه بقلبٍ صافٍ جاهلاً حقيقة ما يجول في خاطره: الله يبارك فيك يا بوزايد .. عقبال عيالك ان شاء الله ..

أحمد بذات نبرة الاقتضاب .. "الجامدة": آمين تسلم ..



تمردت مشاعره .... تمردت .... لا يعرف كيف السبيل لكبح ما فيه من مرارة وغضب ..

لا يعرف ..!!

ولكن يبدو ان التمرد لا سبيل عنه ..!!!


اقترب اكثر من سلطان .... وهمس بفحيح قاسي .. صقيعي:
ضويت شيخة الحريم ودانتهم .. ان عرفت في يوم انك رخصت ابها يا بومييد ..
*ابتسم بوعيد شيطاني ابتسامة لم تتجاوز حدود عيناه .. وأكمل*
ما بتشوف منيه خير ..


مسح عن وجهه بسمة الشيطان ببطئ وتجمدت ملامحه مرة أخرى قبل ان يشيح بوجهه ويذهب ..

ذهب تاركاً سلطان يرفع حاجباً واحداً بدهشة يعلوها الاستنكار .. والاستغراب ...!!!

شقيق زوجته يهدده بكل صراحة ومن غير مناورة ..!!!

لا يعرف أيغضب مستنكراً وقاحة احمد وعنجهيته "الغير معهودة ابداً والتي ليست من شيمه" ..!!

أم يضحك ساخراً من حاله الذي ارغمه .. هو بكامل شخصه .. على تلقي تهديدات وترهات يوم زفافه .. ومن شقيق "تلك" ...!!!


في كلا الحالتين ..

ليس سلطان من تخونه مشاعره ويظهرها بسهولة ..!!

وبسرعة يُحسد عليها .. أعلن عن رسو اجمل ابتسامة على محياه واستمر بالسلام على الرجال المدعوين وكأن شيئاً لم يحدث ..!!



.
.
.
.
.
.
.



تمشي بغنج أنثوي كـ غنج تفاحة حمراء وسط تفاحٍ اخضر .. تفاحة لذيذة فاتنة ليس لألقها وجاذبيتها مثيل ..

رغماً عنها كانت تمشي مطأطأة الرأس خجلة بشدة من نظرات النساء والفتيات المحدّقة بها بـ قلوب مأخوذة مُعجبة ..

لم ترفع رأسها الا عندما لمحت صديقتها روضة واختها شيخة تدخلان من باب الصالة الضخم ..


اقتربت منهما ونور جمالها يلاحقها اينما ذهبت .. ثم سلمت عليهما مرحبةً بهما بـ بهجة عارمة .. ثم احتضنت صديقتها روضة بسعادة وقالت من بين مبسمها العذب: حبيبتي رواضي اشتقتلج ..

قالت روضة "والتي كانت كحورية البحر بفستان ازرق سماوي بسيط يبعث الاناقة/الرقي في الأجواء" بحماس: واووووووووو نعووووووووم ..
ما شاء الله تبارك الله شو هالزييييييين كللللللله ..!!

بادلتها ناعمة نظرات الحماس وقالت: انتي اللي وااااااوووووو يالدددددبه ..
تخبلين رواااااااااضي ..

ضحكت شيخة، والتي كانت توازي اناقة شقيقتها البسيطة بارتدائها فستان ذو قطعتين بلون الليمون الفاتح، وقالت: ههههههههههههههه انتن الثنتين تخبلن .. بس ما شاء الله نعوم اليوم انتي تسكتيييييييييين ..


: طاعو طاعووو .. يتغزلن في بعض وناسياتنّي ..

إلتفت ناعمة لـ حصة بعين ضحوكة .. بينما قالت روضة وهي ترمق حصة من تحت رموشها بمكر عابث:
اف اف اف اف .. يا ارض احفظي ما عليكي .. شو هذااااا حصييييص .. ناوية تخلين ام الحبيب ما تظهر من هنيه الا وهي يارتنج وياها دبي ..

ناعمة + شيخة: ههههههههههههههههههههههههه ههه ..

زمت حصة فمها المطلي باللون الأحمر بغيظ وقالت وهي تزيل عن جبهتها شعرها المصبوغ بلون البندق والمُظهر بشكل جذاب جمال وجهها القمحي ولون فستانها الترتر الذهبي المشوب بالسواد: قسم بالله انتن سخيفات .. تغصصن بالواحد غصب ..
(تغصصن = تضايقنه)



.
.
.
.
.
.
.



دنت من عمتها العروس وقالت: عموه دقايق وبتحدرين عليهم ..

هزت شما رأسها بـ"حسناً" عاجزة "من فرط جزعها الذي اخفته خلف صقيعية وجهها" ان تنبس ببنت شفه ..


استقامت العنود واكملت بهمس: بردلج فديتج دقيقة ..


خرجت العنود من عند عمتها لـ تتصل بعدها بـ زوجها ..

زوجها الذي لم تره منذ الصباح مع انشغالها التام بالتحضيرات والترتيبات .. لم تضغط زر الاتصال الا عندما تأكدت من قوة تحمل اعصابها لما ستسمعه من كلمات باردة قاسية بعد ثواني ..


اغمضت عيناها بعشق وهي تستقبل صوته البارد "المحبب على قلبها رغم كل شيء": ألوووو ..



حسناً يا العنود .. ما كنتي لتنتظري سماع غير همس مقتضب متعجرف من هذا الذي لا يدرك مدى عشقكِ له وخوفكِ عليه ..


تنحنحت بخفوت وقالت: هلا سيف .. شحالك ..؟!

هتف سيف باقتضاب جامد تخلله اصوات الطبول والاهازيج الشعبية لفرق العيالة والرزفة: الحمدلله بصحة وعافية ..

لم يبادلها السؤال عن الحال .. بل اكمل بخشونة فظة: تبين شي ام مايد ..؟!

زمت فمها بغيظ ولكنها تداركت نفسها وسألت ببرود: ليش يوم قلتلك وصلني القاعه ما طعت ..!!

ابتسم بسخرية وقال: نعم ..!!!!
تتمصخرين حضرتج ..!!!

صمت قليلاً قبل ان يكمل بجمود ابطنه بالغضب المرير المتفجر بالسخرية: كيف تبيني اوصلج وانا مجسح يا مدام ..!!


من هول كلمة "مجسح" .. ومن فرط قسوة نبراته الخالية من معاني الاحترام لـ شخصها .. شهقت بحدة وتجمعت فجأة الدموع على محجريها الناعسين ..


تألم قلبها .. تألم بحق .. وحتى الصميم ...!!!


قالت بصوت مختنق متحشرج وهي تبلع غصة كبيرة موجعة لم تعلم الى اي مدى وصل حجمها: أ أ أنت ليش تحب تعور قلبيه ..
ليييييييشششش ..؟!!!


أغلقت الهاتف بـ سرعة .. واجهشت بلا حولٍ ولا قوةٍ منها بالبكاء .. لم يكن ينقصها حقاً الا كلمته تلك .

"مجســــح" ..



.
.



اشتدت قبضته على هاتفه بقسوة جلمودية .. ووجهه الممتقع لا يُظهر الا لهيب الغضب، الآسى، المرارة، والغيظ الشديد على كل شيء يعيشه الآن ..


كان بكلماته تلك ينوي ان يجرح زوجته بذات كلمات التجريح التي سقته اياه في السابق .. لم يدرك سوى الآن ان الحقيقة ستجرحه قبل زوجته .. وبشكل مضاعف ... بشكل يأبى الزوال ..!!

كان يريد ان يبين لها انه ليس بحاجةٍ لشفقتها ولا لكلماتها التي لن تنقص من سوء حالته .. كان يريد ان يضعها في بقعة الضوء لتدرك انه الآن مقعد .. رجل قاسي بائس مشلول مقعد ..!!

هذا بالضبط ما هو عليه الآن ..

الا انه لا يعرف السبيل لإطفاء النار المتصاعدة في روحه .. لا يعرف ..

يشعر انه غارق في "التناقض" ذاته .. في الضياع اللامتناهي ..

منذ قليل .. عندما رآى اسمها العذب يتراقص بخيلاء على شاشة هاتفه .. غمرته موجة توق/لهفة لا حصر لهما ..

توق يحثه على اللجوء لـ جنة صوتها "حالاً" .. وبشكل غريب .. حرك كرسيه المتحرك وابتعد عن الرجال بسرعة واجاب وخفقات قلبه لـ "هذه الأنثى تسبق خطاه" ..

ولكنه .. ويالحسرة روحه القاسية .. لم يتحمل ان لا يقذف عليها سموم حروفه .. لم يتحمل وهو يسمع سؤالها الساخر المزدري له ..!!

ههههههه .. آآآآآآآآه يا سيف آآآآآآآآآآآه ..

الا يكفيك نظرات الرجال المستغربة حيناً لحالك والمُشفقة حيناً آخر ..!!!

ألا يكفيك ان تجلس بكل عجز الدنيا بهذا الكرسي الكريه ورجال العائلة يتحركون كخلية النحل يسلمون على المدعوين وينتقلون هنا وهناك بسرور وحماس في زواج "عمتك العذبة الصغيرة شما" ..!!

شما الجميلة التي هي اختك الصغيرة أكثر مما هي عمتك ..

هذا الشلل يالله افقدني حتى لذة ان اقف مقابل سلطان وان اوصيه بحزم وقوة على عروسه ..

افقدني لذة ان ارزف فرحاً وفخراً في هذا اليوم .. افقدني حتى متعة ان ابتهج ..!!

آآآآآآآآهه ..

بحق الله كيف السبيل لتحمل وعورة ما اعيشه .. كيف والغضب/البؤس يكادان يخنقاني ..!!!



.
.
.
.
.
.
.



اتسعت عيناها ووضعت يدها في فمها بذهول صادم قلق: عنوووده بلاااااج ..!!!
شو فييييج ..؟!!


كانت تبكي بحرقة .. بحرقة لا وصف لها ولا شبيه .. لم تستطع كبت دموعها بسهولة الا عندما هرعت آمنة لتجلب لها الماء بسرعة ..

امسكت كوب الماء بيد ترتجف كلياً وشربت ما فيه ودموعها تأبى التوقف ..


آمنة بذات قلقها المتصاعد: عنوده بليز هدي .. اذكري الله وصل على النبي ..
بلاج يا قلبي شو ياج مرة وحده ..؟!!

اخذت العنود تأخذ شهيقاً مرتجفاً لتُخرج بعدها زفيراً أكثر ارتجافاً .... ثم صمتت ..

امسكت بعلبة المحارم واخذت ورقتين ومسحت بهما دموعها التي قلبت وجهها الباسم المزين بمكياج ناعم اظهر جمالها الفريد الجذاب الى وجه مأساوي ممتقع بإحمرار قاني جرّاء بكائها الشديد ..

هزت رأسها بالنفي وهمست ببحة شديدة: لـ لـ لا مـ مافيه شـ شي .. احم ..

زفرت ما فيها من هواء فاسد وكررت جملتها بشكل اقوى: مافيه شي أمون ..

آمنة بانفعال غير مصدق: شو ما فيج شي وانتي تصيحين جييييييه ..؟!!
شو فييج عنودوه خبرييني ..؟!

انزلت العنود رأسها وقالت بنبرة تقطر وجعاً صرفاً: دخيلج أمون خلاص .. قلتلج مافيه شي ..

زمت آمنة فمها بانفعال وضيق حقيقي على حال العنود .. وارغمت نفسها على عدم الولوج اكثر بالاسئلة لأنها احست ان الأمر بشكل او بآخر متعلق بزوجها سيف ..


آه عليك يا ابن اختي القاسي .. المجنون لا يدرك ان قساوة طباعه بعد الحادث قد لُوحظت من قبلنا كلنا .. حتى من قبلي انا التي تركت منزلي وجلست في بيت والدي منذ شهران ..

المسكينة العنود .. يجب ان تصبر .. ليس بيدها سوى الصبر كي يرجع الصواب لعقل سيف ويترك عنه بؤسه وغضبه ..!!


هتفت بحزم وهي تساعد العنود على الحركة: الحمدلله ان ماكيره العروس عدها هنيه ما سارت .. تعالي خليها تعدل شكلج قبل لا تحدر عمتج القاعة ..

هزت العنود رأسها بجمود وذهبت مع زوجة عمها لمزينة الوجه ..


يالغبائك يا انتي .. اتصلتي به كي تسأليه ما اذ يمكن له ان يوافيك في مكان وتتقابلا لأنه رفض فيما مضى ان يستقل مع السائق السيارة وان يوصلك وشما لقاعة الأفراح ..

كنتي بكل براءة معتوهة ترغبين بأن تُريه مدى حسنك اليوم وتأنقك في عرس عمتك .. وبدل ان تعيشي لحظات شاعرية جميلة مع محبوبك وتتراقصي بخجل مع غزله ونظراته التي تهز لها الكيان من فرط جرأتها ..

انقلب الأمر عليك بشكل يرثي الحال تماماً ..!!!



.
.
.
.
.
.
.



اقترب من زوج اخته وقال بشيء من الحزم والصرامة: ها يا بوخويدم .. هب ناوي ترجع حرمتك ..!!
بتكمل شهرين ونص في بيت ابوها ..

التفت بخفة لـ معضد شقيق زوجته وقال بحزم تخلله برود .. وسخرية على حاله وعلى ما يسمعه: انا اللي هب ناوي اردها ولا هي اللي امرره ما تبا اطب بيتها ..!!!

اعتدل معضد بجلسته وقال بنبرة تشوبها شيء من الحدة/التعقل/الصرامة: الحرمة ما بتودر بيتها الا اذا شافت شي على ريلها .. وهي لا طايعة تخبرنا شو صار ولا طايعة ترمس بكل ابو هالسالفة ..
برد اسألك للمرة العاشرة .. يا بن خويدم شو مستوي امبينك انت وحرمتك .. جان هي شافت منك عذروب فحقها يوصل لباب بيت ابوها هالساع .. وان انت شفت منها عذروب ومنقود حرام ينيه انا روحيه يريتها من عباتها وعقيتها عليك ..


تنهد بعمق شديد ولم يعلق ..


ماذا سيقول بحق الله ..!!!

اذ كان هو ذاته لا يعرف من المتسبب وراء معمعة حياته هذه ..!!


هتف بعد صمت ببرود متسائل: قد شفت منيه يا ولد عيسى اللي ما يسر الخاطر والنفس ..؟!!

رفع معضد يده بنفي قاطع صارم خشن وقال: لا والله يشهد عليه .. ماريت منك الا الخير والعلوم الطيبة .. لجنه حال ختيه هب عايبني ابد .. خبرني على الاقل شو مستوي عسب نعرف نتصرف وندخل في الصلح يا بوخويدم ..

ربت بطي بخفة على ذراع نسيبه وهتف بابتسامة لم تتجاوز حدود عيناه: ان شاء الله الامور تنصلح جريب .. ادعي انت ان الله يهدي القلوب ويصلحها ..

كان معضد سيتكلم ويصر على معرفة ما يجري بين اخته وزوجها ولكن فوج الرجال الذين اقبلوا عليهما منعه من الولوج في المحادثة اكثر ..

وقف الاثنان واخذا يسلمان على الرجال القادمين وكل منهما باله مشغول في ذات الأمر ..



.
.
.
.
.
.
.



لم يستوعب تحديقه المعتم الحاد بـ سلطان الا عندما جفل بخفة ما ان سمع هتاف نهيان الرجولي الرنان:
بوزاااايد نش نش ..

التفت احمد لـ نهيان ولانت نظرته الحادة عندما رآه والشباب يتوسطون رئيس فرقة الرزفة الواقف بين صفين مستقيمين متقابلين من الرجال الرزيفة وكل منهم يتحرك برشاقة وسرعة ويحرك سلاحه برجولية تحمل في طياتها الكثير والكثير من سمات الفخر والاعتداد والبهجة الكامنة ..

وبجانب فرقة الرزفة كانت فرقة العيالة بطبولها واهازيجها الشعبية تصدح ارجاء المكان جاعلةً الاجواء تشتعل بالعبق الاماراتي العتيق ..

نهيان كان اول من حمل سلاحه وبدأ "ايول" .. ومن بعده قام اخاه حمد ثم ذياب ثم في الاخير فلاح الذي قرر ان يتفرد عنهم ويمسك عصاه و"يرزف" بها ..
(ايول مأخوذة من اليولة = فلان ايول اي فلان يرقص ويتمايل بالسلاح/العصا) (يرزف من الرزفة .. الرزفة واليولة والعيالة من الرقصات الشعبية الموروثة الخاصة بالرجال)


سمع احمد هتاف نهيان المتكرر والموجه هذه المرة بحماس أقوى لـ حارب: يلااااا بومحممممد ..

وبسرعة رشيقة تلقف حارب السلاح الذي رماه نهيان عليه ودخل بكل سرور مع الشباب لساحة الرزيف ..


وصلت عدوى الحماس لذياب الذي صاح ببسمة رجولية: عاشووووو اليويييله
(اليويله = الرجال الذين يؤدون اليولة)


لم يحبذ احمد ان يجلس كـ صنم في يوم زفاف شقيقته .. على الاقل فليأجل مشاعر الغضب والجروح المتراكمة الى ان يتفرد بنفسه فيما بعد ..

وقبل ان تنتهي موجة افكاره العاتية .. امسك بعصاه واقترب من رجال الفرقة المصطفين بشكل مستقيم وبدأ يميل عصاه بمهارة بحركات رجولية مبهرة تجتذب الحواس بكل معنى الكلمة ..


ابتسم سلطان بجاذبية عندما اقترب منه نهيان المشاكس وجسده بأكمله يتمايل مع سلاحه .. ثم جلس نصف جلسة وبدأ يميل رأسه بمهارة شديدة وبشكل اشعل الحماس والتصفير بين الرجال والشباب ..

وارتفعت درجة حرارة الحماس اكثر بكثير مما سبق عندما رمى نهيان امام سلطان مباشرةً سلاحه لأعلى نقطة في المكان ثم تلقفه بحرفنة متمكنة رسم في وجهه الرجولي ابتسامة ثقة/سيطرة عالية ..

وصاح بصوت عالي لكي يسمعه سلطان وجميع الرجال: لعيووووونك معرسنااااااا ..

اتسعت ابتسامة سلطان .. وهتف بنبرة قوية رنانة: الله عليييييك يالحرررر ..

وقف بطي وقال بعد ان وصلت عدوى الحماس هذه المرة إليه: سلطان نش نش انا وياك يلاااا ..

سلطان برفضٍ خافت: لا يا ريال خلني محلي ..

بطي باصرار: يلا يلا عن الهيااازه نشششش ..


واصطف بعد ثواني العريس وصديقه الغالي بجانب "الرزيفه" وبدآ يتمايلان بالعصي بحركات جذابة مع الرجال ..
(الرزّيفه = الرجال الذين يرزفون)



.
.
.
.
.
.
.



هـو ..

انا متأكدة .. انه هو ..

كيف جاء إلى هنا وبأي طريقة لا اعرف .. انه هو فقط .. انا متأكدة من ذلك ..


: نعووووووووم ..


لم تسمع ناعمة هتاف روضة الذي "لا يُسمع ابداً مع اصوات الضجة والاغاني" .. أخذت تلتهم بنجلاء عيناها شاشة العرض الضخمة في القاعة بحيرة .. وبخفقات عنيفة يائسة ..

كانت الشاشة الضخمة تعرض الاحتفال عند الرجال وللتو تركزت شاشة التصوير هناك عند فرقة الرزيف والعيالة ..


تكاد تقسم انها رأته .. تكاد تقسم يالله ...

رأت الاسمر الذي انقذها في مطار فرنسا منذ أشهر .. رأت من سلب العقل والروح في بضع دقائق فقط ..!!


تركزت عيناها مرة أخرى على وجهه الذي كان من نصيب الكيمرة ... وبشكل تدريجي قطبت حاجبيها بحيرة ..


أجل .. هو .. ولكن هذا يحمل ندبة بين حاجبيه ..

كيف ..!!


لم تدع المجال لـ حيرتها من هذا الفارق من ان يوقف سيل دقات قلبها الهائجة والمحملة بكل انواع اللهفة والشوق والانبهار ..

لا تعرف هل كانت تتلهف رؤيته .. ام كانت فقط تتلهف تلك الخفقات الغريبة الجاثية على صدرها بكل ترحيب ورغبة منها هي شخصياً ..!!


: اوهووووو .. ترى بصفعج نعووووم ..

استدارت ناعمة لـ صديقتها وقالت بعينان مغيمتان بمشاعر غير ظاهرة: هااا هااا بلاااج ..!!

زمت روضة فمها بتهكم وقالت: انتي اللي بلااااج من متى ازقرررج ..


ترددت .. أتقول لها ام لا تقول .. وجدت نفسها تدنو من روضة وتقول بارتباك شديد: شوفي هذا اللي في الشاشة ..

روضة بفضول: وييين ويييين ..!!

ناعمة بذات ارتباكها: هذا روضووه اللي بين حيّاته يرح ..

قطبت روضة حاجبيها وهي ترى الرجل اخيراً: هيه شبلاااااه ..؟!

ناعمة بنبرة مترددة تقطر خجلاً مربكاً لها ولأنوثتها: أ أ أ هذا ...
شسمه .. ماعرف والله يا روضوووه ..
بس احس ان هذا هو نفسه اللي قلتلج عنه ..

اتسعت عينا روضة بدهشة وقالت: هو ماغييييير راعي فرنساااا ..؟!!

هزت ناعمة رأسها بـ اجل ... الا انها سرعان ما قالت بحيرة: نسخه منه بس هب متأكده لو هو .. هذاك ما كان بين حياته يرح ..


: يا وويلي يا ووويلي كم بتحمممل انا هالغااااوي ..


اشتعلت خفقاتها الوليدة بشكل لا تعرف ماهيته ما ان سمعت احدى الفتيات تتغول بـ الرجل الذي خفق له وجدانها لأول مرة ..

لم تعرف معنى لهذا الاشتعال .. لكنه اشتعال فار فجأة في جوفها وتركها تغلي بغضب لا وصف له ..

تخلل غضبها البرود والازدراء عندما قالت الثانية للأولى: طاعي طاعي اللي عداله .. يا ويلي علييييه اليوييييل .. يخرب بيته محلاااااااه ..

زمت روضة فمها بامتعاض وقالت لـ ناعمة: مقواة عينهن هالطفسات .. امففففف ..


قالت جملتها الاخيرة قبل ان ترفع عيناها للشاشة بصدفة بحتة ويسقط ناظريها عليه ..



من فرط صدمتها انزلق كوب الماء الذي تحمله بين يديها على مفرش الطاولة وسقط على الارض الصلبة ..


صاحت ناعمة بخوف: بسم الله عليج رواااضي سلمتي سلمتي ..


بهت لون روضة وهي ترمق الرجل الذي توسط شاشة التصوير الآن ..


أأنا في حلمٍ أم علم يالله ..!!!

فليصب احدهم كوباً من الماء على وجهي لأستيقظ مما انا فيه ..

كـ كـ كـيف جاء هذا المخلوق الى هنا ..!!!!

الى العين ..!!!!!

الى هذا المكااااان ..!!!!


رجعت ناعمة لـ روضة بعد ان نادت احدى العاملات لتنظف الارض من الزجاج .. ثم قالت وهي تمسد كتف صديقتها بقلق حاني: رواضي حبيبتي انيرحتي ..!!!! شي طاح عليج ..!!!

كانت عينا روضة متجمدة على الشاشة ولم تفعل سوى ان هزت رأسها بـ لا ..

عقدت ناعمة حاجبيها وقالت بارتباك شديد .. ارتباك قديم سببه رؤية منقذها "الذي تشك بحقيقته" .. وارتباك حالي من حال صديقتها: بلاج روضة ..؟!


لم تحاول روضة ان تستوعب انها للتو رأت طيف "ذاك" ..


اجل طيف ..
الذي رأته مجرد طيف ..

لن تصدق ابداً ان الصدف تجمعهم بهذه الصورة الغريبة .. الآن وبهذا المكان ..!!

لن تصدق ..

ما رأته هو تجسيداً لحلم راودها منذ ان لمحت وجهه الوسيم في طليطة ..

لن تدع المجال لهلوساتها واحلامها الطفولية الحالمة ان تسيطر على حواس عقلها وادراكها ..!!

لن تفعل ..!!


ارتجف فمها قبل ان تشيح بوجهها عن الشاشة ....

لكنه هو يالله .. هو ..

كيف لهذا الكائن ان يكون طيفاً .. كيف ..!!!

ليس هو من يترك لـ طيفه حلول مكانه وهو يتنفس هواء الأرض .. معرفتي به التي لا تزيد عن بضع نظرات وثواني تحتم علي الايمان بهذا ..!!

ليس هو من يترك لـ طيفه مهمة استعمار قلبي وهو موجود ..!!

ابداً ..!!!


نظرت للشاشة بقلبٍ يائس ضعيف "تواق" ولم تلمحه بين الرجال ..!!


زفرت بشدة كل ما يعتمل خاطرها من ضيق ويأس وانزلت عيناها بخيبة امل عاصفة ....


حسناً يا روضة .. يبدو انك تتوهمين طيفه ..... طيفه فقط ..!!

اجابت روضة بنبرة ميتة جامدة: لا لا مافيه شي نعوم ..



.
.
.
.
.
.
.



لتدع الارتباك جانباً .. لتدع الخوف والجزع وكل شعور لازمها منذ زمن على جنب ..!!

فكرة ان تعيش حلماً نما بقلبها الصغير منذ أكثر من عشرة سنوات ولو كان هذا الحلم مخفي في اعمق نقطة مظلمة في جوفها ولم تصرح به حتى بينها وبين نفسها ..

ان تعيشه الآن بكل لحظاته وثوانيه تجده محضاً من المعجزات الكونية ..


ابتسمت .. أجل ..... ما ان خطت خطوتها الأولى امام الملأ بسحر جمالها البدوي الآسر وادركت انها
"عروس" .. وان الليلة ليلتها "رغم ما حدث لتغدو هذه الليلة حقيقية" ..

ابتسمت .... وبكل معاني سحر حوائيتها ..!!

وتلوّن مبسمها المطلي بلون الورد كـ "هي" بلون آخر رباني لا يشبه الا "شخصها الطاغي" ..

لم تحتج لمساعدة احد لتصل للكوشة بسلام .. لأنها بعفوية تامة اخرجت ما فيها من "شما الواثقة المسيطرة" ..!!

شما التي ما اذ مشت بين عامة الناس تجبرهم بشكل غريب على تنحية كل شيء من حواسهم الا منها ..


كيف لو كانت "شمـــا" عروس في ليلة عرســــها ..!!

كانت باختصار .. "ملكــــــة الزمــــــان والمكـــــــان" ...


وحرصت ان لا تصعد للكوشة قبل ان تتجه لوالدتها وام زوجها وتقبل رأسيهما ..


العنود، والتي فيما سبق اعادت ترتيب زينتها، وضعت يدها في فمها بخوف ولسان حالها يدعو ان يحفظ عمتها من أعين النساء اللاتي يتهامسن بجمالها ويلتهمن بأعينهن سحرها من غير ان يذكرن الله ..


تنفست الصعداء عندما اخيراً استطاعت شما الركوب للمنصة والتحرك باتجاه الكوشة برشاقة وانسيابية جذابة ..


بينما كانت شما تتحرك .. سقطت عيناها على ناعمة الواقفة بجانب المنصة على اليمين .. ثم ابتسمت لها برقة عبقة وغمزت لها بعينها ..


بادلتها ناعمة ذات رقة ابتسامتها وحركت شفتيها قائلاً بلغة الشفاه: قـ ـ ـمـ ـ ـر ..


تخللت ابتسامة شما الكثير من الخجل .. واسبلت اهدابها المطويلة المظلمة .. ثم اكملت طريقها ..


وقبل ان تتوسط الكوشة .. لمحت بعيناها صديقتها المقربة آمنة واقفة اسفل المنصة وتمسك محرمة ورقية وتمسح دميعات طفرت رغماً عنها من مقلتها ..

دميعات سعادة نقية حد اللامعقول ...!!

اخيراً جاء اليوم التي ترى فيه خليلة دنياها وآخرتها "بإذن الله" امامها عروس ..

تشعر ان سعادة البشر اجمع لا تساوي مقدار ربع سعادتها الآن .. لا تساويه حتى نصف الربع ..


ابتلعت شما غصة متأثرة حزينة قبل ان ترمقها تلك الباكية بنظرات متلألئة بدموع تقطر حب/نبض صادق/اخوة طاهرة ..

هزت شما رأسها لها بـ لا .. اي تخبرها بهذا ان تكف عن البكاء وتهدأ .. فهي لا تضمن كبت دموعها ...!!!

ان استمرت آمنة بالبكاء ستجلس هي ايضاً وتبكي الى ان يأذن الفجر .. ولن تضمن لأحد انها ستسكت ..!!


هزت آمنة رأسها بسرعة بـ حسناً .. واستدارت كي تهدأ من انفعالها ...

لكن الاثنتان لم يعرفا ان ام سعيد كانت تبكي .. بل حتى ام سيف اعلنت انهزامها امام المشاعر السائدة وطلة شما البهية وبكت متأثرةً ..!!

ولن تكذب ام العنود وتقول انها لم تذرف دمعتين صافيتين من فرط حبها لفتاة هي ابنتها وليست فقط ابنة خالتها .. ولأنها هي خير من يعرف من هو "السلطان" في قلب "شما" ... وتعرف كم عانت ابنة خالتها في عشقها السرمدي الصامت ..



.
.
.
.
.
.
.



لمَ يجب عليه الخوض في رسميات تافهة مربكة ويدخل على النساء للجلوس مع عروسه ..!!

ألا يدركون ان كلما سرعت في مواجهة الواقع كلما اغتمنت الفرصة لابتعد عن مشاعر الارتباك والتوتر والتفكير السوداوي .!!

ألا يكفيني هلوستي المتواصلة بما سوف افعله ما ان اراها امامي ..... ولوحدنا ..!!!

ألا يكفيني هذا يالله ..!!


زفر ضيقه/توتره وهز رأسه بإيجابية لـ بطي الذي قال له ان دخولهم لـ قاعة النساء قد حان ..

امسك بطي كف صديقه الغالي بفخر .. يشعر انه اخيراً سيحقق حلماً راوده منذ ان شب هو وصديقه ورأوا الدنيا بمنظور آخر ..

يشعر ان اليوم هو اليوم الذي كان يجب ان يأتي منذ اثني عشرة سنة ..

لكن قدر الله وما شاء فعل ..

فسبحانه عز وجل لا يؤخر أمراً ولا يمسكه عن صاحبه الا لخير ..

"سبحوه واستغفروه جل علاه" ..

سعيد هو وممتن لأن الله رزق شقيقته بـ رجل سيحفظها ويصونها ويكرم مكانتها ككرمها في بيت ابيها واكثر ..




ماهي الا دقيقة حتى فتح الباب على مصراعيه لـ سلطان واشقاء العروس ..

سلطان ومن يمينه بطي .. ومن يساره ابا سيف واحمد ..

اما ابا سعيد فلم يدخل ليوصل العريس لعروسه بسبب توعك رجلاه وعدم قدرته على الحركة والصعود والنزول بسهولة .. فآثر ان يقف بالخارج وينتظر خروج الاثنان فيما بعد ويسلم عليهما ..

وأحمد .. ما كان ليدخل لولا توبيخ بطي الخافت له وتذكيره ان اليوم هو اليوم الكبير لـ شقيقتهم الوحيدة وصغيرتهم الغالية ..

عندما ادرك انه للمرة الالف يضع نفسه تحت تأثير غضبه وحقده وذكرياته المقيتة .. استقام واقفاً بنظرة سوداء صارمة وانضم للرجال ..

أليس هو من قرر منذ قليل ان لا يظهر ما فيه لأي مخلوق بشري .. وان ينتظر ليتفرد بذاته ليخرج ما يعتريه من غضب ماردي ..!!

فـ ليستمر في رسم ملامح البهجة والسرور على محياه الى ان تنتهي هذه الليلة على خير ..




أما هي ...

ما ان عرفت ان الرجال سيدلفون حتى وقفت بهيبة أنثوية ساحرة مسيطرة وعيناها لا تحيدان عن الأرض ..

كانت تمتلك التناقض التام في جو انوثتها ..!!

تمتلك التناقض الكلي الذي يجعلها تتأرجح بين السيطرة والخجل .. بين قوة نظرة عيناها وبين جزع قلبها ..

بين هيمنة حضورها الخارجي .. وضعف كبحها لزمام خفقات قلبها القوية ..


انتقلت كل اعين النساء والفتيات اتجاه الرجال المهيبين ... والعريس الذي يتوسطهم ..

العريس الذي لم يرفع عيناه الى الآن وينظر لـ "فتنة الأرض" ..!!!

همس له بطي ان يقترب من العجائز ويسلم عليهن قبل الصعود للمنصة ..

هو لم يكن بغافل عن هذا الامر .. ولكن هول اعداد العبائات السوداء حوله جعلته يرتبك ويتشتت فكرياً ..!!

اقترب من والدته العذبة وقبل رأسها بينما هو يسمع تمتماتها وتمتمات النساء المباركة له .. ثم دنى من ام سعيد والدة زوجته والتي غدت كـ والدته الثانية وقبل رأسها ببسمة رجولية حانية سلبت قلبها واوقعتها في غرامه بشكل ساحر تماماً ..


استقام بطوله وتنحى قليلاً ليدع للرجال مهمة السلام على والدتهم ومباركتها لزفاف ابنتها الوحيدة ..
وبعدها .. تحركوا جميعاً باتجاه المنصة ..


هنـــــا ..... رفع سلطان رأسه .. ورآهـــــا ..



يالله ..

مــا هــــــذا ....!!!

شعر بخفقات تنقبض .... وتختنق ..... رباه ......
ملاك ..... لابد وانها ملاك قد انبثق من ضوء الجنة ....


صعبـــــــــة ..

ما الذي باستطاعتي قوله بحقكِ يا "أنتي" سوى انكِ

صـــ ـــعـــ ـــبــ ــــة ..!!


لا تكفيك اللغة ولا الكتابة ولا الكلمات
لـــوصــــف صعــــــوبتـــــــك ..!!

اشعر ان مفردات قلبي التي تتراكض
لنسج وصف بسيط لك .. في حالة

عجــــــز تــــــــام ..
وبكـــــــم ســـــــادي ..!!


كيف لا وانتي اجتزتي بصورتك المبهرة حدود المفردات ومرتفعات الأحرف والكلمات ..!!



ازاح شفتيه عن بعضهما ببطئ ليأخذ شهيقاً ثقيلاً عميقاً .. ولينفث بعدها زفيراً اثقل ... واشد سخونةً/عنفاً ..!!!!

رغم تنفسه .... كان يشعر بالاختناق حتى النخاع ....
فالهواء ... وياللعجب ... انحسر فجأة وارتكز عند بقعة ضوئها الطاغية ولم تجعل له غير فتاته ..!!!





هـي ...... كانت تشعر ان انتفاضة جسدها وصلت لأنظار الجميع .. تنفسها الثقيل اجبر صدرها بالارتفاع والهبوط بشكل مرئي وواضح للأعين ..!!


حاولت بجهد جهيد مع توترها الناري وخجلها المشتعل ان ترفع رأسها .. فقط رأسها ..

وتمكنت من هذا ... الا انها عجزت عن رفع عيناها عن الارض البيضاء اللامعة ..



سمعت خطوات الرجال تقترب منها وهذا ما زاد من رجفتها وربكتها الوحشية ..

لمحت بطرف عيناها احدهم يقف امامها مباشرةً .. لم تلمح سوى البشت الاسود الذي خمنت سريعاً بعقل وكيان مهتز صاحبه ..!!

لن تشك بـ هويته .. أليست هذه الرائحة التي اشمها رائحته ..!!!

رائحته هو .. رائحة تمتلك بين ذراتها كل هيمنة .. سيطرة .. هيبة .. غرور .. واعتداد وصلوا حدود السماء ..


رائحة العود المعتق الشبيهة بعتق هيمنته الأبدية على روحها .. الشبيهة به "هـــو" ..!!


ارتجفت كتفيها رغماً عنها .. وبشكل واضح ما ان انحنى بجسده الطويل وقبّل رأسها ..


يا إلهي يا شما .. فلتثبتي ..
فلتثبتي ..
لا تجعلي من نفسك محطة سخرية له ..
آخر ما تريدينه الآن ان تعطي لـ هذا المتكبر الفرصة للاستهزاء بكِ ..!!



سمعت صوته الخشن المشوب بلون فريد من رجولة خالصة مهيمنة: مبروك عليج يا بنت خويدم ..



لم تكن تستطيع الرد على احد "من الاساس" من فرط ما تشعر به من ثقل على احبالها الصوتية .. ولكن الآن تشعر ان هذا الثقل خير ما تشعر به لكي لا ترد على كلمات هذا المغرور العنجهية ..


هه .. مبروك عليّ انت ..!!
مالذي تخال نفسك يا هذا ..!!!





شعر بالغضب .. الغضب الشديد ولكنه اخفاه بمهارة تامة ..

المتكبرة تظن ان بجمالها وسحرها ستجعلاني اسيرها تفعل به ما تشاء من غير استرداد حقوق ..

تجفل مني محتقرةً قربي مشمئزةً من قبلتي ..

لمَ يا ابنة الكرام ..!!

ألهذا الحد وصل كرهك لي واحتقارك لشخصي ..!!!

حسناً يا أنتي .. لكل شيء حساب وجزاء .. وبيننا يا فاتنة حسابات وجزاءات كثيرة ..

حقاً كثيرة ..

وانا صبور حليم ولن اعجز عن انتظار الوقت الذي سأكون فيه وانتي لوحدنا ..!!

ابداً ..!!




استرخت خفقات قلب شما قليلاً عندما وصل لمسامعها صوت شقيقها ابا سيف الاثيري الذي قال لها بحزم دافئ يحمل في جعبته حنان الدنيا كلها بعد ان قبّل رأسها:
يعله بالبركه يا بنت ابويه .. وربيه يهنيج ويسعدج في حياتج ..

استجمعت نبرات صوتها المتشتتة واجابته بهمس مبحوح رقيق:
الله يبارك فيك فديتك ..



رفع سلطان حاجباً واحداً ساخراً بارداً ..

المغرورة ترد على مباركة اخيها ولم تنزل من مقامها السامي وترد عليّ ..


اقترب احمد بخفة من شقيقته الصغرى وقبّل رأسها قائلاً ببسمة حانية آسرة:
حبيبي شميمي .. يعله الف مبروك يالغالية .. الله يهنيج ويسعدج في دنياج وآخرتج ..


التمعت عينا شما بتأثر ولم تستطع الرد الا بعد ان اخذت هواءاً بقوة وتنحنحت:
فديت قلبك يا بوزايد .. الله يبارك فيك يا عيون شميمي ..

امسكت بجانب وجهه ومشاعر الاخوة تسيطر على كيانها لدرجة انها لم تدرك ان سلطان يرمق كل حركة منها بعيناه الصقريتان ... وتابعت بهمس عذب: ويعل ربيه يهنيك ويسعدك ويعوضك خير بكل اللي فقدتهم ..

امسك احمد كف شقيقته المنقوشة بالحناء القاني الفاتن .. وقبّل اصابعها بابتسامة رجولية باردة وقال: امين ياربي وياج ..




أيكذب ويقول ان الموقف بأكمله لم يشعل لهيباً في صدره ..!!!


لمَ اعطت لأشقائها الحق في
اذاقة مبسمها العذب .. سماع صوتها الآسر .. تقبيل كف يدها المنقوشة بالحناء

قبلـــــي انـــــــا ..!!



يالله .. ربي ان هذه المخلوقة تكاد تسبب في اقفال اجهزة دماغي بتصرفاتها القاسية المستفزة ..

إلهمني بعض الصبر ..
بعضه فقط ..!!!




"الظاهر انت ماتوب يا ولد ظاعن .. المفروض تفهم وتعرف ان بنت خويدم ما ردتك من سنين الا لأنها تبا تتستر على سواياها .. انصحك نصيحة لويه الله .. لا اطيح في الغلطة مرتين .. ترى بضاعتك خربانه"




اشتدت قبضة يده وغثيان بدأ يسري بين ممرات صدره ما ان ترددت كلمات الرسالة البغيضة داخل جنبات عقله ..


استغفرك ربي واتوب إليك ..

حالي هذا لا يريحني ولا يسقيني الهناء ابداً ..

لن اشعر بالسكينة وبالرغبة باسترداد كرامتي المبعثرة وحبي المداس بالاقدام الا عندما
اتأكد ان التي بجانبي بريئة كبراءة الذئب من دم يوسف ..!!

أخ .... لعنة الله على الشيطان ....

يؤمن في قرارة نفسه ان عروسه المغرورة طاهرة .. ولكن ما يثير الشك هو سبب ابنة عمه المتوفاة لإرسال رسالة إليه تقذف فيها شرف اخت زوجها ..!!

يعلم ان عوشة كانت تحبه .. ليس بجاهلٍ بهذا وهي التي تفوهت بكلمات الحب الهستيرية له قبل ان تصعد روحها الى بارئها ..

ولكن ان يصل حبها له لدرجة ان تتعدى حدود الدين والعرف وتدوس بكرامة زوجها احمد برجليها بعدم مبالاة وتهور وان تفترأ على اخته بهذا الشكل .. !!

فهذا الذي لا يستوعبه ابداً .... لا يستوعبه البتة ..



التمعت عينا شما المتأثرة بلمعان اشد ما ان وقف امامها بطي والذي سرعان ما احتضنها بخفة بعد ان اسمعها مباركته المتفجرة بالفرحة والسرور ...

وبسحر رجولي انتشر عبقه ارجاء القاعة وبين النسوة والفتيات الهائمات الحالمات .. امسك بطي بعصاه هو واشقائه ابا سيف واحمد وبدؤوا "بالرزيف" جاذبين جميع الانظار والقلوب إليهم ..



.
.
.
.
.
.
.



وضعت كفها على قلبها كي تهدأ السباق المجنون فيه جرّاء رؤية "رجل انوثتها الأول/الأخير" ..


تباً لك .. ألا يكفيك خيانتك لي لتستعرض الآن طغيان رجولتك ووسامتك الآسرة امام النساء اجمع ..!!



بطــــــــي ..
اخــــرج مــن هــذا المكـــــان قبــــل ان أعلـــــن الحـــــرب عليـــــك هنــــــا ..!!



من فرط غيرتها وغيظها كانت تعض شفتها السفلى بقوة .. تشعر انه يتعمد فعل كل ما يثير حقدها عليه اكثر ..!!


اتسعت عيناها بـ ذهول عندما اقترب من زاوية المنصة واخذ يتمايل بعصاه ورأسه امام والدته ونساء عائلته ببسمة مغرورة ... تصرخ فخراً/اعتداداً ...!!



رآها ..
كيف لا يلمح سالبة قلبه وسط عشرات النساء .. حتى لو كانت بالعباءة والشيلة ..!!


القاسية ..... حرمتني ملذة رؤية بهائها وحسنها اليوم ..

لن اغفرلك خطيئتك هذه ما دمت حياً .. وسترين كيف البرود يُسقى في كأس من ذهب أيتها البلهاء الحلوة ..!!


ازداد غيظها غيظاً جارفاً عندما طلبت ميرة المشاغبة من عمها ان ينزل من المنصة وان "يرزف" امامهن مباشرة ..


هنا لم تتحمل ..

تشعر ان طاقة احتمالها لكبح نار شوقها/عشقها .. وماردية جرحها الكامن من هذا الخائن اوصلوها لحافة الانهيار ..



استدارت بسرعة ما ان رأته مقبلاً عليهم بعصاه وتسبقه إليها نظرته اللامبالية وبسمته المغرورة الباردة ..



لم تعرف اين تذهب ..
لم تجد الا الحمام امامها كي تلوذ بنفسها إليه ..



عرف بأنها تهرب منه .. وشعر بغضبه يتصاعد ..!!

غضبه منها ومن تجاهلها له ..!!


استطاع التملص من النساء مغتاظاً في داخله من خروج اشقائه من القاعة من غير ان ينتظروه ..

همس لميرة بحزم سريع: ميراني طلبتج ..

ميرة بابتسامة كبيرة: عطيتك يالعم آمرنيه ..

اشر بخفة اتجاه الحمام وقال: سيري الحمام طاعي لو حد فيه غير خالتج آمنة ..

تحولت ابتسامة ميرة لخبث انثوي عابث وقالت: ههههههههههه اموت انا في الرومانسية يا ناااااس ..

كبت بطي ابتسامته وقال بذات حزمه: يلااا عااااد سيري ..

رصت ميرة على غطاء رأسها وعبائتها وقالت بذات خبثها: تعال انزين ويايه لا اتم واقف هنيه ..


اقترب الاثنان من الحمام .. ثم دخلت ميرة بخفة للداخل .. وسرعان ما خرجت ووجهها تغير لشيء من الحزن ..

همست قلق: عميه محد غير خالوه .. بس هي تصيييح ..



خفق قلبه بقوة شاعراً ان سيطرته على تصرفاته ستؤول للفشل .. اجاب ابنة اخيه بصرامة: خلج جريبة لا تسيرين .. ان حد جرب من الحمام دقي الباب علينا ..

هزت ميرة رأسها بحيرة ثم دخل ..



.
.
.
.
.
.
.



تتوقــــه ..

تتوق ذلك الخائن .... وبكل جوارحها ..

لكن ما فعله كسرها .. كسرها لقطع متناثرة لا لون لها ولا هيئة ..

رغم هذا تتوقه .. لا تعرف السبيل لإلزام خفقات قلبها بالخمول عند حضوره ..

لا تعرف السبيل لتجاهل روحه المهيمنة على روحها ما ان "فقط تشم رائحته وتسمع بإسمه" ..

من غير احساس منها ومن فرط حرارة جسدها التي ارتفعت من بكائها الحارق نزعت عبائتها وغطاء رأسها ورمتهما على الطاولة امامها ..

اسندت جسدها جانبياً على الحائط وغطت وجهها بضعف ...

ولم تفقه لدخول ميرة .. ولا لدخول ذلك "الذي تبكيه عشقاً/مرارةً/جرحاً"

تصنمت ملامح وجهها خلف كفوفها المنقوشة بالحناء عندما سمعت همسه الأجش الثقيل الغامض آتياً من خلفها:
ليش تصيحين ..؟!

انزلت يدها فجأة بذهول كاسح ... واستدارت إليه بحدة ..

ارتجف فكها مع دموعها الشفافة المنسكبة وقالت ببحة متهدجة مذهولة: ا ا انت شو مدخلنك هنيييييه ..؟!


اقترب خطوتين منها متأملاً بجوع وجهها العذب الذي لم تزده دموعها الا عذوبةً وفتنة ... وجسدها الطري المتفجر بالانوثة ملتف بفستان بلون العشب المتداخل مع درجات الذهب الفخم ..

اعاد سؤاله عليها وناظراه الغائمان "المغيبان" لا تفارقان اي انش منها: ليش تصيحين ..؟!

هتفت بانفعال حاد نتيجة خجلها الشديد وخوفها من ان تدخل احدى النسوة عليهما:
بطي دخيلك اظهر من هنيه مافينا نفتضح ان حدر حد علينااااا ..

وكأنها لم تتفوه بكلمة واحدة .. اقترب بعزم ونظراته الغائمة الغامضة تسيطران على الجو بأكمله ..

اقترب الى ان لامس صدره الصلب صدرها اللين .. "فـ طول آمنة اصبح مقارباً لطول زوجها مع ارتدائها لكعب طويل جداً"..

امسك ذقنها "الذي يعشق غمازته الفاتنة" بـ قوة رقيقة بأصبعيه الابهام والسبابة وهمس بذات أجش نبرته وخشونتها مقترباً بوجهه اكثر:
سألتج سؤال ردي عليه .. ليش تصيحين ..!!

ارتجف فمها من لمسته الحارقة ... ولم تتحمل .... اشاحت بوجهها وقالت بعد ان مسحت دموعها بغضب رقيق منفلت الاعصاب: ما اصيح انااا ..

وضع بطي يده اليسار على الجدار الجانبي خالقاً بهذا جدار بشرياً امام آمنة وقال بهمسه الخشن المحموم: كل ها الدموع وتقولين ماصيح ..؟!

قالت بضيق بالغ وهي تزيح ذراعه لكنها لم تفلح .. فذراعه كانت كالصنديد الذي لا ينثني: بطي لو سمحت اظهر من هنيه قبل لا حد يشوفنا مع بعض ..

رفع حاجباً واحداً باستنكار بارد وقال: وشو فيها لو شافونا مع بعض .. مع ريلج انتي هب مع غريب ..!!

رمقته بحدة وقالت بانفعال غاضب جعل من نبرتها تعلو وتحتد: بطييييي يوز عن هالحركااات الللـ....


ضاعت احرفها الغاضبة واُلتهمت فجأة ما ان امسك وجهها بكفه الاسمر القوي وقربه إليها بسرعة مبهرة لاثماً فوهة حروفها المجنونة بشكل ألهب صدرها حد السماء/الأرض ..

اقترب منها اكثر والتصق بها سانداً جسدها المرتجف كلياً بذراعة اليسرى ..

لم تزده هذه القبلة الا شغفاً ... وشوقاً .... ولهفةً ..

لم يبالي بالمكان ولا الزمان .. لم يبالي بأصوات النساء خارجاً .. لم يبالي ان المكان هنا لا يسمح بأخذ "كل ما في امرأته" ..


اشتدت قبلته جوعاً واعلن التمرد والانقضاض الرجولي الساحق .. وبلا حول ولا قوة منه ..
وبلا حول منه ليسيطر على افعاله ..


غمس اصابعه الطويلة في شعرها الناعم وشد من قبضته مقرباً رأسهاً اكثر إليه ..

تساقطت ... بضعف وانين .. سيطرتها ارضاً معلنةً انهزامها امام "شخصه الرجولي" ..

تكذب ان قالت انها لا تتمنى الولوج اكثر لأعماقه والغرق في بحر قبلاته الهائجة ..

لذا ولأن الامنية يمكن لها التحقق الآن .. فلتقتنص الفرصة ولتغرق .. وتغرق .. وتغرق ..


وضعت ذراعيها خلف رقبته .. وقربته "هي هذه المرة" إليها ..


كم مرت الدقائق عليهما وحالهما المحموم المثقل بنار الرغبة يأسرهما هكذا ..!!!

لا يعلمان ..

وضعت كفها مكان قلبه وأحست بـ خفقات قلبه المجنونة بينما جسدها ما زال يتلوى غراماً بين ذراعيه ..

امسك بكفها الذي على صدره وابتعد عن شفتاها المنفرجتان مخلفاً ورائه حمماً/براكين فيهما .. وفي انثاه ..!!

قبّل كفها بعيناي انغلقتا بقوة من فرط صبابته .. ومشاعره المحمومة المجنونة ... وقال بنبرة خشنة مبحوحة حامية ضارباً عرض الحائط تهديداته السابقة ووعيده بأن يجعلها تندم على ما تفوهت به من اهانات بحقه وان يعاملها بالبرود كما تعامله:
دام انج تبيني مثل ماباج شحقه العناد ويباس الراس ..!!


من شدة تخدر مشاعرها لم تحتد ولم تنفعل .. بل لانت عيناها بضعف .. بخيبة ... بجرح وقلة حيلة ... وهمست متأملةً عيناه بقلبٍ يرتجف:
انت حرقت فواديه وماخليت فيه نصخ وروح ..

امسك وجهها بكفاه بقوة .. وقال بعجز العاشق .. وحيرة اليائس: شو سويت انا يا قلب بطي وروحه .. خبريني بس .. لو بيديه جان حلفتلج بـ انيه هب عارف انا شو اخطيت في حقج .. بس مايوز احلف في الحمااااام ..
خبريني انا شو سويت وعهدن عليه ما خليج الا وانتي رااااااضية ..
خبريني بسسس ..


جفل الاثنان فجأة وهما يسمعان طرق بابٍ قوي .. وصوت ميرة وهي تهتف بخوف:
عميه يلااا اظهر الحريم يبن الحماااام ..

رمق بطي زوجته بنظرة حازمة ابطنها "بتوسل خفي" وقال بقوة: ردي ويايه بيتنا .. هناك نروم نتفااااهم ..

ابتعدت آمنة عنه وقالت بنبرة تقطر وجعاً وذكريات الماضي تغزوها بشراسة: مابينا رمسة وتفاهم بطي .. اظهر بسرعة دخيلك مابا ويهي ينقص عند العرب ..

أمسك بطي ذراعها بعنف وقال بغضب يائس: انتي خبلة اخليج عقب ما عرفت ان بعدج تبييييني .. تيين ويايه البيت طعتي ولا ما طعتيي ..
لا تنسين اني يلين الحينه انا هب عارف شو سويت في حقج .. هب من حقيه اعرف ولا تبيني اخليج تظلميني واسكت ..؟!!

قطبت آمنة حاجبيها بغضب ناري .. غضب امرأة اُنتهك شرف انوثتها وشخصها بكل حقارة/وضاعة وصرخت بحدة:
اظلمممممك ..!!! انا اظلممممممك ..!!!
ليش اظلممممك يا بواليااااازيه ليييييش ..!!!
جييييه الشيييخ شايفني بلااا عقل ومخ عسب اعق رمسة منييه والدددرب ..!!!!

توسعت عيناه بعنف ... وقال بصدمة بالغة: اشوووووه ..!!!!
بواليااااااااازيه ..!!!
شو هالخرابييييط ...!!!

رمقته آمنة بنظرة استخفاف شرسة .. مشتعلة .. وقال: شو يا بوخويدم .. ما تعرف منوو أليازية بعد ..؟!


سمع الاثنان للمرة الثانية طرقات ميرة القوية الحادة ..

هنا ادركا ان المكان والزمان خاطئان .. خاطئان كلياً ..

احتد فمه بشكل يوحي بمدى كبته لغضبه/صدمته ثم قال مرتباً نسفة غترته التي تشعثت منذ قليل جرّاء عاصفة العشق المدمرة: والله ينه علومج علووم يا بنت عيسى ..
رمستنا ما خلصت ترى ..
(والله ينه علومج علوم = اي يستنكر غرابة وفداحة ما تتفوه به امنة من امور)


وبسرعة قصوى .. خرج من المكان غاضاً بصره الذي كان بحق اسوداً من فرط انفعاله وحيرته ..



.
.
.
.
.
.
.



: سلمتي سلمتي

ارتجف كامل جسدها ما ان سمعت نبرته الرجولية القلقة .. وارتجف اكثر من ذي قبل عندما احست بذراعيه الصلبتين تمسكان ظهرها ليساعدها على الاستقامة ..

يا إلهي ..

كدت تسقطين من الدرج يا مجنونة .. كل هذا بسبب جزعك وخوفك ..

مجنونة شما مجنونة ..

اصطبغ وجهها بالاحمرار واجابت بـ رقة صوتها السحيق: الله يسلمك ..


لم تحبذ اخراج وقاحتها وهو الذي عاملها للتو بشهامة/نبل .. فهي قبل كل شيء "بنت عرب وناس"


تنحنح سلطان بخشونة داعياً في قرارة نفسه ان لا يسمع أحد خفقات قلبه التي اعلنت احتلالها الغاشم على كيانه ما ان سمع صوتها الآتي من زمان مختلف .. مختلف تماماً ....

هتف بحزم مسيطر ودود لـ بطي الذي اتى إليهم معلناً للجميع انه هو من سيقود بدل السائق "الرولز رويس" للعروسان:
بوخويدم بنبات الليلة في دبي خلاف بنسافر .. خلك انا بسوق ..

بطي باستنكار طفيف: شو هالرمسه بومييد .. ووو...

سلطان بحزم اتسم بالهدوء المهيب: لا تحلف يا رياااال لا تحلف .. انا ما بخليك تالي الليل تسريبنا يلين دبي ..
عطني سويج الموتر .. انا اللي بسوق ..

رفع بطي حاجباً مستنكراً عناد صديقه .. ولكن ما باليد حيلة .. اعطاه مفتاح السيارة وهو يقول: انزين عطني سويج موترك بوديها بوظبي خلاف ..

اعطاه سلطان بالمقابل مفتاح سيارته ثم استدار فاتحاً باب السيارة لعروسه لتدخل ..

اقتربت ناعمة من شما وساعدتها على الركوب ثم اغلقت الباب خلفها قبل ان تتنحى جانباً وتقف بقرب جدتها ام هامل ..

كان سلطان وعروسه فيما سبق قد ألقا سلام الوداع على الجميع ولم يتبقَ الا بطي الذي وقف قبالة صديقه هامساً له بحب اخوي وبسمة صافية تحمل كل الخير في وجدانه:
انا ما بوصيك على الغالية .. ادريبك بتحطها في وسط عينك وبتصونها ..

امسك كتف سلطان وأكمل بنبرة ذات معنى: بس اباكم تتحملون بعض يلين ما تتعودون على حياتكم الايديده .. شما مبزايه وما ينرد الها طلب من احد يا غير الله الشاهد ماشي شرات سنعها ومرباها الطيب ..

هز سلطان رأسه بإيجابية وقال بنبرة حازمة: وانا ابد ماشك باللي قلته .. والنعم فـ بنت خويدم وفاللي رباها ..

ابتسم بطي بخفوت وقال: في وداعة الله .. ربيه يحفظكم ويسهل دربكم ..

سلطان: في وداعة الكريم ..

استدار بجسده وتحرك امام السيارة قبل ان يدخلها تاركاً للفراغ والهواء في السيارة الفخمة المجال للنفاذ بجلودهم من شخصه الطاغي ..


وما هي الا ثواني .. حتى تحركت الرولز رويس بالاثنان متجهةً الى دار الحي ..








نهــــاية الجــــزء الســــادس والعشــــرون



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:42 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.