آخر 10 مشاركات
وأغلقت قلبي..!! (78) للكاتبة: جاكلين بيرد .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          ساحرتي (1) *مميزة , مكتملة* .. سلسلة عندما تعشق القلوب (الكاتـب : lossil - )           »          ✨الصالون الأدبي لرمضان 2024 ✨ (الكاتـب : رانو قنديل - )           »          بقايـ همس ـا -ج1 من سلسلة أسياد الغرام- للكاتبة المبدعة: عبير قائد (بيرو) *مكتملة* (الكاتـب : noor1984 - )           »          أهواكِ يا جرحي *مميزة & مكتمله* (الكاتـب : زهرة نيسان 84 - )           »          586 - حب لايموت - صوفي ويستون - ق.ع.د.ن ( عدد حصري ) (الكاتـب : سنو وايت - )           »          602 - عودة الحب الى قلبي - كارول مورتيمر - ق.ع.د.ن *** (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          صفقة طفل دراكون(156)للكاتبة:Tara Pammi(ج2من سلسلة آل دراكون الملكيين)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          عالقة بشباك الشيطان (105) للكاتبة: Carole Mortimer *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات عبير العام > روايات عبير المكتوبة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-06-16, 07:07 PM   #1

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9 227 - المبادلة العادلة - فاليري بارف - مكتبة مدبولي(كتابة /كاملة)**




227 - المبادلة العادلة - فاليري بارف - مكتبة مدبولي
المقدمة
قال الرجل: "لم يخبرني احد من قبل ان الاسم "جيك" هو اختصار للاسم "جاكلين" ؟!
ردت عليه: "وماذا يهم في ذلك؟"
"أشياء كثيرة... اولها وجود متدربين من الذكور عندي في فيرنيدا... ثانيا...
قاطعته قائلة: "لم اكن اعلم ان الرجال الاستراليين متعصبون الى هذا الحد... انا عاملة ممتازة كأي رجل.
"ثانيا انا لست متزوجا!"
"ماذا؟"
"اعتقد انك تفهمين ما اقصد."
"اجل... ولكن لا بد وان هناك حل ما.



محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي
محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي
محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي


ندى تدى likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 24-06-16 الساعة 09:46 PM
Just Faith غير متواجد حالياً  
التوقيع
//upload.rewity.com/uploads/157061451865811.jpg[/IMG]ستجدون كل ما خطه قلمي هنــــــاااااااااااا[/URL][/FONT][/SIZE][/B]
الشكر لصديقتي أسفة التي دائماً تشعرني بأن هناك من يشعر بدون شكوى



سلسلة حد العشق بقلوب أحلام

رواياتي السابقة بقلوب أحلام
أنتَ جحيمي -- لازلت سراباً -- الفجر الخجول
هيـــامـ في برج الحمـــامـ // للكاتبة: Just Faith *مميزة
فراء ناعـــمــ (4)- للكاتبة Just Faith-

عروس الأوبال - ج2 سلسلة فراء ناعم- * just faith *
سلسلة عشاق صنعهم الحب فتمردوا "ضجيج الصمت"

ودي مشاركاتي في سلسلة لا تعشقي اسمرا
https://www.rewity.com/forum/t326617.html
https://www.rewity.com/forum/t322430.html
https://www.rewity.com/forum/t325729.html
ودي رسمية
https://www.rewity.com/forum/t350859.html

خواطري في دعوني أتنفس
ديوان حواء أنا !!

شكرا نيمو على خاطرتك المبدعة
رد مع اقتباس
قديم 24-06-16, 07:43 PM   #2

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الاول
"البحث عن الحقيقة"
ارتعد جسم جاكلين عند سماعها الخبر... لم تصدق ان بيل كايس قد اصيب بحادث وانه يرقد الان في المستشفى بين الحياة والموت... هرولت الى المستشفى لتتاكد بنفسها من حقيقة الامر.
في الردهة الموصلة الى غرفة العناية المركزة شاهدت كاترين كايسي بملامحها الحزينة فادركت ان بيل ما زال يواجه خطراما...
اقتربت من كاترين بخطوات متثاقلة وسالتها: "كيف حال بيل الان؟"
"حالته خطيرة جدا... لقد اثر الحادث على جانبه الايسر كله... ان بيل لا يقوى حتى على مجرد الحديث."
"وما راي الاطباء؟"
"انهم يبذلون كل ما بوسعهم لاجله."
"يا الهي."
انهمرت جاكلين في بكاء طويل بينما وقفت كاترين تهدا من روعها, وتربت على كتفها قائلة:
"اشكرك يا جاكلين على هذه المشاعر الرقيقة... انا اعلم مدى حبك لبيل."
ردت جاكلين بصوت خنقته الدموع: "ان اكثر ما يؤلمني انني ساغادر منزل بيل!"
"ارجوك المعذرة... لقد اصبح من العسير الالتزام باتفاقنا على الرابطة."
"انني افهم ذلك جيدا."
"بقي ان تعلمي يا جاكلين انك لم تكوني بالنسبة لعائلة كايسي مجرد احدى المندوبات الزراعيات.. ولكنك كنت اكثر من صديقة.. ربما واحدة من هذه العائلة التي احبتك حبا جما."
"اشكرك على هذه المجاملة الرقيقة."
اعلنت الساعة الموجودة في ردهة المستشفى الخامسة مساء عندما قررت جاكلين العودة الى المنزل بصحبة كاتري كايسي.. وفي طريقهما قالت جاكلين:
"متى يمكنني مغادرة المنزل؟"
"لقد ارسلت للرابطة وما زلت انتظر الرد."
"ارجو ان يتمكنوا من العثور على اسرة جديدة ترحب باستضافتي باسرع وقت."
"اعلم مدى تاثرك يا جاكلين... لكن.."
لم تستمع جاكلين لباقي كلمات كاترين, شرد ذهنها وراحت تفكر في كل ما حدث وتساءلت كيف ستخرج من هذا المازق.. ان شبح فكرة الابتعاد ولو لعدة اميال عن مقاطعة "ريجيرنا" يطاردها بقوة.. ظلت تقاوم هذه الفكرة طويلا.
كانت فكرة الابتعاد عن مقاطعة "ريجيرنا" تعني ببساطة ان جاكلين التي حضرت من ولاية تكساس الامريكية لن تستطيع انجاز مهمتها التي حضرت الى استراليا من اجلها.
"هيه.. جاكلين."
قطعت كلمات كاترين افكار جاكلين بحده. "الى اين ذهبت؟"
في استسلام اجابت جاكلين: "لا شيء, لا شيء."
كانت الساعة تعلن الثامنة تماما عندما دوت طرقات الباب واعلنت قدوم احد الغرباء.. كان هذا الغريب رجل استرالي طويل القامة وغير وسيم, شعر اسود طويل بعض الشيء جعدا حول ياقة قميصه الذي يرتديه.. كان احد حاجبيه يرتفع قليل عن الاخر وكلاهما كث بالشعر الكثيف... كانت ملامحه قريبة الى ملامح الصقر.
استقبلته كاترين كايسي بترحاب شديد يؤكد معرفتها السابقة له.. قدم لها خطابا وجلس الى جوار جاكلين بعدان القى عليها ابتسامة جافة.. انتهت كاترين من قراءة الخطاب ثم قالت:
"اذن يا عزيزي ناش انت من فاز بهذه الجوهرة."
كانت كلمات كاترين مصوبة وبدقة الى جاكلين التي اعتدلت في جلستها بعدان احست ان الحديث بين الغريب ناش وكاترين عنها. همت تستوضح الامر ولكن كاثرين عاجلتها قائلة:
"يشرفني ان اقدم كل منكما للاخر.. ناش كامبيل جارنا العزيز القادم من محطة "لإيرندا".. كما اقدم لك يا ناش جاكلين ماكلإي المتدربة الزراعية التي اقامت معنا قبل الحادث الذي تعرض له بيل."
اوما ناش براسه وحيا كاتلين التي ردت تحيته.. استطردت كاترين قائلة: "جاكلين المستر ناش هو مضيفك الجديد الذي وافقت عليه الرابطة."
وجمت جاكلين.. ربما لم تتوقع ان يصل رد الرابطة بمثل هذه السرعة.
قال الرجل: "يسعدني ان التقي بك جاكلين!"
ردت جاكلين اطراء الرجل وقالت: "يسعدني ايضا لقاءك مستر كامبيل."
"سمعت ان اسمك جايك."
"يطلق اصدقائي علي هذا الاسم... هل يضايقك ذلك؟"
"اطلاقا."
قالها بحدة ثم التفت الى كاترين يسالها: "كيف حال بيل اليوم؟"
"لقد اتصلت بالمستشفى منذ ساعة واكد لي طبيبه المعالج ان حالته تتحسن."
"متى ستقومين بزيارته؟"
"الان."
"اذن يجب علي مغادرة المنزل."
"لا عليك ناش, انت لست غريبا.. بامكانك البقاء لحين عودتي.. جاكلين سوف تهتم بضيافتك على اكمل وجه. اسمحا لي بالانصراف."
"ابلغي بيل تمنياتي بالشفاء العاجل."
"ساحاول بالتاكيد."
غادرت كاترين المنزل وبقي الغريب ناش وجاكلين بمفردهما... سادت لحظات صمت قطعتها جاكلين قائلة:
"هل ترغب بقدح من القهوة؟"
"لم يخبرني احد من قبل ان الاسم جايك هو اختصار للاسم جاكلين!"
"وماذا يهم في ذلك؟"
"اشياء كثيرة.. اولها وجود متدربين من الذكور في مزرعتي... ثانيا..."
قاطعته جاكلين قائلة: "لم اكن اعلم ان الرجال الاستراليين متعصبون الى هذا الحد.. وانا عاملة ممتازة كأي رجل."
"ثانيا انا لست متزوجا."
"ماذا؟"
"اعتقد انك تفهمين ما اقصد."
"بالطبع.. ولكن لا بد وان هناك حل ما... اعتقد انك لا تعيش بمفردك."
"انا اعيش مع امي واختي."
"اذن لا يوجد مشكلة."
"بل هناك مشكلة. امي مريضة وهي لدى احدى صديقاتها لقضاء فترة النقاهة. اختي دائما مسافرة.. فهي تعمل في احدى شركات الطيران ونادرا ما تعود الى المنزل."
"هل رابطة التبادل الزراعي الدولية تعلم بظروف امك واختك؟"
"هل تقترحين علي ان اكذب على الرابطة حتى توافق على اقامتك عندي والمعيشة في مزرعتي؟"
"لم اقصد ذلك بالطبع.. ولكن يجب ان تعلم يا مستر كامبيل انني قطعت سفرا طويلا للاستفادة, واذا ضعت علي هذه الفرصة فسوف اضطر للتوجه الى مزرعة تبعد عن مقاطعة ريجيرنيا وهذا امر يحزنني كثيرا."
"ولكن لماذا مقاطعة ريجيرني بالذات؟"
"انها المقاطعة الاكثر تقدما بالزراعة."
"معك حق."
صمت ناش فجاة ثم قل: "لدي فكرة ارج وان تعود علينا بالمنفعة.. انني سوف ارسل الى الرابطة خطابا اخبرهم فيه ان مدبرة منزلي غادرت المنزل مؤخر لرعاية والدها الارمل.. واخبرهم ايضا ان والدتي مريضة وتحتاج للرعاية. وانك خير من تقومين بهذه المهمة.. ربما يوفقون على اقامتك عندي."
"لكني ارفض ان اصنف بهذه الفئة."
"هذه هي الفرصة الوحيدة امامك للبقاء في ريجيرنيا وليس امامك سوى القبول بها.. ما رايك؟"
بعد تردد قالت: "ليس امامي طريق اخر."
*********
غادر ناش المنزل وترك جاكلين تصارع افكارها وذكرياتها التي حملتها معها من تكساس.. اعادت جاكلين على ذهنها الحديث الذي اجرته مع ذلك الاسترالي ناش كامبيل القريب الشبه بالصقور.. ارتعشت رعشة لا ارادية عندما تذكرت ملامحه. راحت تفكر كيف تستطيع ان تقضي معه سنة او اشهر قليلة.. ان بيل كايسي بالنسبة لهذا الرجل حاد الملامح يعد نموذجا رائعا يشبه بابا نويل قديس الاطفال وموزع الهدايا عليهم عشية عيد الميلاد.
وشدت الافكار جاكلين وتذكرت كيف كانت المراسلة وتبادل الخطابات والصور الفوتوغرافية السبب الاول لمعرفتها بعائلة كايسي التي احبتها وبادلتها الحب, حتى شعرت وهي مجرد متدربة زراعية انها واحدة من افراد هذه العائلة الطيبة.
وتذكرت جاكلين محنتها العصيبة التي عاشتها في ولاية تكساس بعد ان فقدت في لحظة مشؤومة ابوها وامها.. تذكرت كيف قهرتها الاحزان والام الفراق لوالديها اللذين راحا نتيجة الحادث الاليم.. حادث الاعصار الذي اجتاح المنطقة التي كانوا يعيشون فيها على الساحل الامريكي.. كان الاعصار من القوة والشدة بان تجاوز الساحل الى داخل اليابسة بمسافة تقدر بخمسين ميلا.
جال بخاطرها مشهد والديها وهما في طريقهما بالسيارة لنجدة عمتها التي بلغت الثمانين من عمرها والتي تقيم بمفردها على بعد عدة اميال قليلة, بعد ان اتصلت هاتفيا بوالدي جاكلين تلتمس العون منهما بعد ان قتلها الخوف من الاعصار المتوقع.. وكانت الكارثة فادحة فقد هب الاعصار وابتلع كل شيء امامه حتى والدي جاكلين نالا نصيبهما وماتا بعد ان تحطمت بهما السيارة في لحظة.
كان على جاكلين ان تتقبل القضاء والقدر وان تستسلم برضاء للكارثة التي اضاعت منها بهجة الحياة ونعم المعيشة في كنف ابوين محبين شملاها بالرعاية والعطف والحنان حتى مماتهما.
الى هذا الحد آثرت الاكتفاء بالذكريات الاليمة ولكن ذكريات اكثر ايلاما داهمت جاكلين.. تذكرت محنة جديدة من نوع اخر.. محنة لا تقل ايلاما عن محنة فقد والديها.. الا وهي كانت ذات يوم بينما تقلب في الاوراق الصفراء القديمة التي تركها والداها عثرت على ورقة احالت حياتها الى الجحيم.. ورقة كانت كفيلة باحالة حياتها بؤسا وشقاء وتعاسة لا حدود لها.
ذلك انها عثرت على ورقة تثبت انها ليست الابنة الشرعية لابويها وانما كان كلاهما قد تبناها من اسرة استرالية باحدى المناطق جنوب ويلز بالقارة الاسترالية يوم ولادتها اي منذ ما يقرب من اربعة وعشرين عاما.
يومها تاكدت جاكلين انها ليست امريكية المولد وانها غريبة على ولاية تكساس التي عاشت فيها طوال هذه السنين الاربعة والعشرين.
كانت الورقة اللعينة مرسلة من والد جاكلين الى امها وتنص على عدم قلق او انزعاج الزوجة من احتمال ان تكتشف جاكلين القصة الحقيقية لان قوانين ولوائح التبني في ولاية تكساس سرية ولا تجيز لاي شخض مهما كان ان يطلع عليها وبالتالي فان احتمال اكتشاف جاكلين لهذه الحقيقة يعد امرا مستحيلا.
عندما وقعت الورقة في يد جاكلين تصلبت عيناها وارتعدت فرائدها وتجمدت اطرافها حتى صارت كقطعة من الثلج وارتسمت على وجهها الجميل كافة علامات الشقاء.. اعتصرها الحزن حتى بدت كما لو كانت قد تقدمت بها السنون نحوا يربو عن العشرين عاما حتى كانها بدت في الرابعة والاربعين قبل الاوان.
ولم لا؟ فقد بدت ضائعة ليس لها اصل وكان الاعصار الذي التهم والديها لم يكتف بذلك فقد سرق جذورها واصلها ايضا.. لم تعد تدري كيف تنتمي لاسرة هي ليست اسرتها وكيف انها من استراليا مولدا وجنسية وتساءلت عن السبيل لمعرفة والديها الحقيقيين, ومن اسرتها التعسة تلك التي فرطت فيها وهي لم تزل في المهد بينما تبناها غريبان امريكيان وشملاها بكافة وسائل الرعاية والحنان.
وبينما هي على هذه الحالة من البؤس والشقاء دخل عليها شقيقها جون الذي يصغرها بعامين.. راقب حزنها للحظات ثم صاح: "جاكلين شقيقتي ماذا بك؟"
لم تتمالك جاكلين نفسها.. انهمرت دموعها التي انخلع لها قلب جون, لم تدر ماذا تقول له هل تخبره انه ليس شقيقها بمقتضى هذه الورقة العابثة الجهنمية؟ هل تخبره بانها لم تعد يربطها به ذلك الرباط القديم.. رباط الدم.. انها ليست اخته ولا تمت له بصلة القرابة او الدم.. بل هي انسانة غريبة لا تعرفه ولا يعرفها.
كرر جون سؤاله على اخته التي راحت تبكي بكل ما اوتيت من قوة انتزع من يدها الورقة وراح يقرؤها في حذر.. وما ان انتهى من قراءتها حتى قال: "اهدئي بالا يا اختاه. ان هذا لا يغير من الامر شيئا.. فانا لا زلت اخوك وهذا البيت لا زال بيتك.. لا تفكري في هذا الامر كثيرا.. حمدا لله انني ايضا لست ابنا غير شرعي لوالدينا والا فقدنا الثروة والمزرعة التي تركها لنا والدانا قبيل رحيلهما."
وتذكرت جاكلين ايضا ان محامي العائلة قد اكد كل ما جاء بالورقة اللعينة ولم ينفعها يومها, ادركت انها ليست لها الحق في ميراث الرجل والمراة اللذين ربياها.. تذكرت احلامها وامالها التي اطاحت بها الاحزان الناجمة عن الاعصار الذي دمر حياتها من الاساس.. كانت ترسم المشروعات التي ستنجزها بدقة. ولكن اللعنة على تلك الورقة التي اطاحت بها والقت باحلامها في الهاوية السحيقة.
هكذا اضاعت احلامها الكبيرة بين يوم وليلة.. بل هكذا ضاعت جاكلين نفسها.. اصبحت كيانا مهدما مهزوزا كالاطلال.. لم يعد يجذبها شيء في هذه الحياة التعسة.. لم يبق لها سوى البحث المضني عن جذورها في قارة استراليا الواسعة ذات الجبال والسهول والهضاب والانهار وملايين البشر من كل جنس ولون.
قالت جاكلين اخيها جون ذات يوم: "الان لم يعد لي الحق في اي شيء تركه ابوك وامك. المزرعة والمنزل وكل شيء من نصيبك وحدك.. اما انا فسوف ارحل الى استراليا ابحث في مجاهلها عن اسرتي الحقيقية.. جون لن انساك ما حييت."
كلماتها الاخيرة كانت كالسوط تالم لها جون وقال: "يا اختاه ان نصيبك في تركة والدينا لن يمس.. لن اخذ سوى النصف زانت الان تفكرين بالمستحيل.. هل انت متاكدة من نتيجة ما ترمين اليه؟"
في البداية لم تكن جاكلين تدري ماذا يقصد شقيقها ولكنها مؤخرا ايقنت ما يرمي اليه كان يريد ان يخبرها ان هذه الاسرة التي تركتها وهي صغيرة لكي تتبناها اسرة امريكية ربما لا تكون مستعدة للترحيب بها في استراليا –على فرض انها ستعثر عليهم- كما ان حالها ربما يكون رقيقا فلا تجد منهم ما تنتظره من حسن المعاملة خاصة وانها الان صارت شابة يانعة, تغيرت ملامحها مرات عديدة على مدار السنوات الاربع والعشرين التي عاشتها كنف الاسرة الامريكية.
تساءلت جاكلين كثيرا كيف لم تلاحظ ولو لمرة واحدة انها ليست ابنة شرعية لهذين الامريكيين.. كيف لم تدرك ان هذه الاسرة لم يكن لها شغل او اهتمام سوى الحديث عن مولد جون وكيف ان الاسرة كانت تنتظر قدومه بفارغ الصبر. وكيف تناولته الايادي صغيرا فور مولده, في نفس الوقت الذي لا تذكرها الالسنة الا بالقليل او الكثير حين الحديث عن طفولتها.. يا لسخرية تلك السنوات الماضية!
*****
تلك هي القصة التي دفعت جاكلين الى استراليا فهل يعرف المستر كامبيل هذه الحقيقة.. كلا لن يعرفها وهي من جانبها اعتزمت الا تخبر احدا بمهمتها في هذه الرحلة الطويلة في البحث عن الحقيقة.. صحيح انها تظاهرت برغبتها في الاستفادة من التقدم في مجال الزراعة حيث ان دراستها في الكلية الزراعية الميكانيكية بالولايات المتحدة تسمح لها بالتقدم لبرنامج السفر والمنحة الدراسية في الخارج مع ترك الحرية للطالب في تحديد البلد الذي يرغب في السفر اليه.
وقد اختارت جاكلين استراليا وبالذات منطقة نيوساوث ويلز, بعد ان علمت انها المنطقة التي شهدت ميلادها, ورغم ان وكالات التبني الامريكية غير قادرة على المساعدة في الاهتداء الى والديها الحقيقيين لان القوانين واللوائح لا تبيح للمتبنى الاطلاع على الاوراق الخاصة بتبنيه كما انها في الغالب لا تذكر في ملفاتها شيئا عن الاسرة الاصلية التي عرضت مولودها للتبني.. الا ان الحظ لعب دورا كبيرا مع جاكلين حيث علمت ان منطقة نيو ساوث ويلز هي مسقط راسها.
وعندما وصلت جاكلين الى مسقط راسها وجدت نفس الدور الذي لعبه الحظ معها.. فرغم القوانين المتشابهة التي لا تجيز الاطلاع على وثائق ومستندات التبني.. الا ان ملفها كان يذكر شيئا ما عن اصل جاكلين واصل اسرتها الاسترالية.
نهاية الفصل الاول


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-06-16, 07:59 PM   #3

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثانى / ضـــوء الــقـــمــــر
وسط أحزانها تذكرت جاكلين أخوها جون...أمسكت بورقة و قلم و راحت تسطر له خطاباً حوى كل شئ عنها....حادث مستر بيل....انتقالها إلى مزرعة لإيريندا و لكنها لا تدرى لماذا تجنبت و تحاشت أن تذكر له أن مضيفها الجديد رجل أعزب يكاد يقاربها فى العمر؟كل ما ذكرته أنه مقيم مع أسرته فى منزل عائلة كامبيل.
ربما خشيت أن يقلق عليها أخوها جون ربما خشيت أن يصب غضبه و لعناته على استراليا كلها...صحيح هو ليس شقيقها بالمولد و الدم....لكنه على أية حال الإنسان الوحيد الذى يوفر لها الحماية فى هذه الدنيا منذ أن اكتشفت حقيقتها البائسة .
لم تكد جاكلين تنتهى من خطاب أخيها حتى شرعت فى كتابة خطاب آخر ...كان الخطاب الجديد موجه إلى كاترين كايسى تمنت جاكلين فى خطابها للمستر بيل الشفاء العاجل الشفاء العاجل و تعهدت بالاتصال بهما بمجرد أن يتماثل بيل للشفاء و استعادته صحته.
ما إن وضعت جاكلين الخطابان فى مكتب الكلية حتى يتم إرسالهما عبر البريد حتى راحت تفكر فى ارتداء أفضل الملابس التى سوف تحضر بها إحدى الحفلات التى دعيت إليها هى وعائلة كامبيل ....حارت ترتدى أية ملابس فى هذه الليلة ...كانت جاكلين تخصص اهتماماً زائداً بمظهرها العام ذلك لأن معظم أيامها تقضيها مرتدية البنطلون الجينز و البلوزات او القمصان
و لما ارتدت جاكلين أبهى حلة لديها و اختارت أجمل فساتينها وقفت طويلاً أمام المرآة و تذكرت أمها بالتبنى فأصابها بعض الحزن ....
كانت أمها دائماً تدفعها إلى اقتناء الملابس الأنيقة و تشجعها على الظهور فى أحسن مظهر ...كانت دائماً تقول لها :"أنت الآن يا جيك أصبحت امرأة شابة ....جامعية...و لم تعودى طفلة...يجب أن تتزينى و تظهرى فى أجمل صورة بين زميلاتك"
تذكرت جاكلين كلمات أمها و اعتصرها الألم لفراقها...كادت تبكى و لكنها تماسكت و أسرعت إلى الحفل.
عندما وصلت إلى مقر الحفل وجدت هناك مستر كامبيل و قد قام بحجز منضدة خاصة لها....عندما شاهدها نهض و استقبلها قائلاً:
ــ مرحباً بك ....عزيزتى تفضلى هنا.
كان ما فعله المستر كامبيل يبدو أمراً منطقياً و لكن جاكلين كانت تتمنى فى قلبها أن تجالس رفيقاً آخر فى هذه الحفلة غير المستر كامبيل... لقد اعتراها شعور بأن المستر ناش كامبيل لا يحبها......
و مع ذلك فقد كانت تدرك جيداً أنه ليس من العدل أن تلومه على مشاعره بأية حال على مشاعره بأية حال من الأحوال فهو لم يكن ينتظر و يتوقع أن يكون من نصيبه متدربة أنثى.
حبست جاكلين أنفاسها عندما أخذ ناش يتأملها و يرمقها بعينين زرقاوين كلون البحر. أحست و كأنها عينة تحت المجهر لتليسكوب . و تساءلت فى نفسها ربما يكون هناك تشابه بينها و بين إنسانة يعرفها المستر كامبيل؟ ربما تكون الإنسانة هى أمها الاسترالية التى فرطت فيها قبيل أربع و عشرون عام؟ ربما!
اعتراها الفضول أن تستمع من ناش على إجابة هذه الأسئلة إلا أنها تذكرت العهد الذى قطعته على نفسها قبيل مغادرتها ولاية تكساس الأمريكية...تذكرت أنها أقسمت أن لا تبوح بسرها أو تطلع أحد بحقيقة مهمتها التى حضرت من أجلها لـ استراليا حتى تعثر على أسرتها و أمها الحقيقية...ثم تخفى الأمر تماماً حتى تتأكد بنفسها على أن أمها سترحب بها... كانت تخشى أن تفرض نفسها على أم لا تريدها و لا ترغب فى ملاقاتها . كانت تخشى مما قاله لها أخوها جون ذات أرادت أن تلفت انتباه ناش الذى تصلبت عيناه تجاهها إلى شئ بعيد عما تفكر فيه ...سألته:
ــ هل هناك أخبار جديدة عن حالة بيل؟
ــ لقد اتصلت اليوم هاتفياً بالمستشفى و علمت أن حالته تتحسن.
ــ حمد لله....لا أعرف ماذا كانت ستفعل كاترين لو أن مكروهاً أصاب بيل؟
ــ معك حق...أن بيل و كاترين مثل نصفين يكملان بعضهما البعض!
أحست جاكلين أن كلمات ناش الأخيرة اعتراه شئ من السخرية فقالت
ــ هل تسخر منى يا مستر كامبيل؟
ــ كلا ولكننى كنت أحاول مداعبتك فحسب!
حول ناش مجرى الحديث فجأة بعد أن أحس أن جاكلين تتصيد له الأخطاء... قال :
ــ هل بإمكانك أن تخبرينى بنوع العمل المزرعى الذى يثير اهتمامك؟
استشعرت جاكلين الفخ الذى نصبه لها ناش كامبيل بهذا السؤال....كانت تعلم جيداً أن ناش يعرف تمام المعرفة أنه فى تكساس تقوم النساء بالعمل الارستقراطى الأنيق مثل إحضار الطعام فى الإفطار و الغداء للحقول... أو يقمن بالتدريس فى البلدان المجاورة و يعتبر من غير اللائق بالنسبة للنساء أن يعملن بجوار العاملين فى الحظائر.
قالت جاكلين فى حدة:
ــ أستطيع عمل أى شئ يقوم به الرجال...الشئ الوحيد الذى أرفض القيام به هو الصيد و القنص...أننى أكره قتل الحيوانات كما أنى لا أحب سفك دماء الفرائس.
عاجلها ناش بابتسامة امتصت غضبها و قال:
ــ فى هذا الأمر...أنت تشبهينى تماماً... أنا أيضاً أمقت قتل الحيوانات و الطيور و أفضل أن أسير طوال الليل أحاول توليد صغار الظبى و الأيائل و الغزلان و المواشى على أن أزهق روح طائر مسكين واحد أو ظبى شارد فى البرارى.
ظلت جاكلين تتأمل كلمات ناش الساحرة التى بدلت غضبها برنينها الرقيق.. قالت فى نفسها أننى أصدق كلامك أنا أتخيلك فى ذهنى و أنت تقف و بيدك رأس إحدى البقرات الحوامل اللائى على وشك الولادة تبذل قصارى جهدك فى ملاطفتها و التمليس على ثنيات وجهها و إذا اقتضت الضرورة أن تقوم بتوليدها بيديك دون التماس عون الآخرين من الأطباء البيطرين....ابتسمت و هى تقول لنفسها :"يا لها منصورة جميلة تستثير فضول الكثيرين أن يريا المستر ناش كامبيل و هو يقوم بتوليد الأبقار و المواشى؟
رغم روعة فقرات الحفل إلا أن عيون المستر ناش لم تبتعد أو تشرد عن جاكلين و ول للحظة واحدة...فقد كان طوال الوقت يملئ عيونه من سحر جمالها و أناقتها المفرطة بالإضافة إلى أنوثتها الطاغية ...و فى نفس الوقت خالجها الظن أن المستر ناش لا يزال يحاول جاهداً أن يتذكر أين و متى رآها من قبل ؟ و أن لم تكن هى نفسها فلعل فتاة أو امرأة أخرى تشبهها
جعلت مستر ناش ينفق وقتاً طويلاً يحاول أن يتذكر متى رأها بالضبط , فهو يبدو أنه من النوع الذى لا يستسلم للفشل و هو من الرجال الذين إذا أرادوا شيئاً لم يثنيهم عن تحقيقه شئ آخر مهما كانت الظروف شاقة و مهما كان ذلك مستحيلاً.
عندما أشرف الحفل على الانتهاء لاحظت جاكلين أن المستر ناش كامبيل قد يأس من المحاولة و صرف ذهنه عنها بعد ان عجز عن الوصول إلى ما يريد...و هنا وجهت إليه جاكلين سؤالاً :
ــ هل استمتعت بفقرات الحفل؟
ــ بالتأكيد! خاصة...
ــ ماذا ؟
ــ تلك الفتاة التى كانت تحمل علم أمريكا !
ــ آهـ...أنها سوزان راند!
ــ هل تعرفينها؟
ــ هى زميلتى فى الكلية, و قد تعرفت عليها و هى توقع المنحة و برنامج الدراسة فى نفس اليوم الذى كنت أوقع فيه أنا أيضاً على المنحة و....
أخذت جاكلين تفكر فى مغزى سؤال ناش كامبيل عن زميلتها الشقراء سوزان راند...أحست ان هناك إعجاب متبادلاً بينهما فاستشعرت الغيرة من حيث لا تدرى....فقد لاحظت كيف كان ناش يختلس بعض النظرات إلى سوزان بإعجاب...فجأة أخذت قراراً بينها و بين نفسها أن تنصرف...فقالت:
ــ أفضل الآن أن أنصرف و أعود ادراجى إلى المزرعة!
ببرودة شديدة قال ناش:
ــ يا لها من فكرة رائعة...أننى أرغب فى الاستيقاظ مبكراً
ــ إذن....لنعد إلى المنزل.
سرعان ما انصرفا و ركبا السيارة و انطلقا إلى حيث المزرعة. السيارة قطعت طريقها وسط الحقول و قد أطلقت أضوائها على الفضية على سنابل القمح الذهبية فعكس واحداً من أجمل المناظر . و لما وصلا اصطحب ناش جاكلين إلى حيث الباب , تأملت وجهه فى ضوء القمر كان يشبه يوليوس قيصر...استشعرت جاذبية خاصة نحوه فتمنت لو ضمها ناش إلى صدره و احتضنها بقوة و عنف.
مضت الدقائق القليلة و كأنها دهر بأكمله على جاكلين و هى تتأمل كيف اقترب ناش منها قد فعل بها هذا الأفاعيل الفت المستر ناش كامبيل و قد لف ذراعه حول خصرها يوصلها إلى داخل المنزل...وجدت ذراعه القوية تكاد تسلب منها عقلها و تضرم النيران فى جسدها الرشيق..لقد أرسل ناش إليها ومضات كهربائية سرت فى أوصالها سريان الماء العذب فى الأرض العطش
اقترب ناش بوجهه من وجهها و همس قائلاً:
ــ أخاف عليك يا جاكلين من الفتيان الاستراليين العاملين بالمزرعة, أن جمالك الفاتن يسلب الأذهان و يخلب الأبصار فى الوقت الذى لا تدركين فيه أنت هذه الحقيقة و تعتقدين أنك لا زالت فتاة صغيرة من فتيات رعاة البقر الأمريكيين اللائى لا عهد لهن بالحب و التجارب العاطفية الجامحة.
ــ أحقاً ما تقول؟
ــ أجل , أنت جميلة حقاً....ممتلئة القوام...شعرك جذاب...عيونك فاتنة و ثغرك بهيج و كل لمحة أو لمسة فيك تصرخ بأنك انثى تذيب أعتى الرجال.. أنك كالثمرة اليانعة الناضجة التى آن أوان قطفها.
ألفت جاكلين نفسها و قد ذابت بين حضوره القوى و شخصيته الطاغية و جاذبية عيونه و ملامحه الحادة... اقترب منها ناش أكثر فأكثر فأحست جاكلين أنه على وشك تقبيلها ففتحت شفتيها لتقبل شفتيه و لكنه وضع أصبع سبابته فى فمها و قال لها :
ــ هكذا...أنت ضعيفة للغاية يا صغيرتى ؟! هذا هو السبب الذى جعلنى أصر على أن تعيشى معى فى بيتى أننى أخاف عليك من الذئاب البشرية الذين لا عهد لك بهم .
ـ هل تقصد أن أكون عك تحت سقف واحد؟
ــ بالتأكيد...أن فى ذلك حماية لك لقد قدمت لك الدليل القاطع على مدى ضعفك...لا بد أن تنصتى إلىّ جيداً أننى أريد مصلحتك!
ــ يا لك من إنسان مغرور واثق من نفسك ثقة زائدة عن الحد . هل لأنك إنسان إقطاعى تمتلك مزرعة تعتقد انك من حقك التعالى على الناس؟ أنا لست ضعيفة كما تزعم كما أن أنت الذى اقتربت منى و لست أنا من سعيت إليك ...هل تفهم ذلك؟
ــ إذا كان ذلك لا يروق لك فماذا تريدين يا صغيرتى؟
ــ ربما كان واجباً على أن ألتمس العون من الرابطة الدولية الزراعية لكى تجلب لى عائلة مضيفة أخرى!
ــ لا تزال الفرصة سانحة أمامك...فاقتنصها إذا رغبت فى ذلك...أنت حرة على أى حال!
ــ الآن عرفت لماذا كنت تفعل كل ذلك. كنت تحاول أن تستفزنى حتى أخطئ و بالتالى يكون لديك العذر و الحجة السديدة من اجل استبدالى و أرسالى إلى الرابطة و الإتيان بمندوب آخر... كان عليك أن تكون أكثر صراحة منذ البداية...لو حدث ذلك لكنت ساعتها التمست لك العذر بل كان ازداد تقديرى لك....هل كل جريمتى أننى أنثى؟
ــ لا تعتذرى لأنك أنثى...كل ما فى الأمر أنك امرأة شابة جميلة و مرغوبة!
اجتاح جسد جاكلين موجة من الحرارة و ارتعش رعشة لا إرادية و وجدت أنها لا تستطيع ابتلاع ريقها ....قالت :
ــ لا أعرف ماذا تقصد؟
كانت جاكلين فى واقع الأمر تعرف ماذا قصد المستر كامبيل...كانت تعرف حق المعرفة أنها امرأة فى سن الحب والزواج و أنها لم تعد طفلة و أنها صارت مطمع الرجال ....ورغم ذلك فقد جاهلت أنة تظهر له أنها على يقين مما يقصد من هذه المعانى كلها و فى نفس الوقت كانت تخشى أن يطلع على حقيقة ما فى نفسها من مشاعر كامرأة فى مواجهة رجل ناضج خشن.
قال المستر كامبيل موضحاً لها و قد افترض أنها فعلاً لا تدرك ما رمى إليه من معانى و مقاصد:
ــ أقصد أن هناك ثمة سبب رشيد يفسر إصرار الرابطة الدولية الزراعية على إرسال المتدربات الإناث إلى عائلات مضيفة يكون أفرادها متزوجين و إلا فأن غير ذلك يصبح بمثابة اللعب بالنار , حيث أن وجود انثى و رجل بمفردهما فى مكان واحد ليس معناه سوى وجود علاقة حب بينهما ساعتها ستكون هناك عواقب وخيمة ...هل فهمت الآن؟
ــ أجدك تخاف على أكثر من نفسى ...يا لك من إنسان طيب!
ــ لا داعى للسخرية...لقد حدث من قبل أن أرسلت الرابطة بمتدربات من النساء إلى العديد من مزارع بها ذكور فقط غير متزوجين...و ثارت العديد من المشكلات ...هذا هو السبب فى إصرار الرابطة على الشرط الذى شرحته لك من قبل!
ــ أرجو أن تهون الأمر على نفسك و لا داعى لذلك...أنا أعرف من أكون و قد عرفت أيضاً أن المرأة لا تعطى للرجل ما تخشى عواقبه على نفسها.
ــ أنت غريبة حقاً جيك أشعر أنك غامضة...بك لغز كبير...و على أى حال أشعر أننى التقيت بك من قبل....حاولت أن أعصر ذهنى حتى أعرف....و لكننى فشلت
انتهى الحديث بينهما وحان وقت الانصراف...قال المستر ناش كامبيل و قد وضع يديه فى جيب سترته كما لو كان يخشى أن يؤذى جاكلين بيديه :
ــ طاب مساؤك جاكلين!
ــ طاب مساؤك مستر ناش.
التفتت جاكلين و ولت مدبرة نحو الداخل إلا أن شعرها الكثيف المتهدل على كتفيها قد اشتبك بسوسته فستانها من الخلف . عبثاً حاولت أن تخلصه و لكنها فشلت...القت برأسها إلى الخلف و حاولت تخليص شعرها و فشلت أيضاً. كررت المحاولة حتى تخلص الشعر الكثيف أخيراً من السوسته....أثناء ذلك كان المستر كامبيل يراقبها قبيل انصرافه فصرخ قائلاً:
ــ اللعنة !...هذه الحركات هى بعينها حركات كريس!
عادت جاكلين إليه مسرعة و فى لهفة سألته:
ــ و من هى كريس؟
ــ إنها....يا إلهى الوحيدة التى تأتى بمثل هذه الحركات....لقد الفتها منها و تعودت على حركاتها التى تأتين أنت بها بعفوية و تلقائية .
ردت جاكلين سؤالها بإلحاح كبير:
ــ من هى كريس؟
ــ أنها شقيقتى!
ابتسمت جاكلين ابتسامة بائسة....إذن هى ليست أمها و لن تكون....لأنها فى أغلب الأحوال سوف تكون كريس هذه فى مثل سنها...قالت جاكلين بائسة:
ــ أجل...أنها أختك, لقد عرفت!
ألقى ناش بيديه على كتفيها وأدارها حول نفسها . حتى أنها لم تعد تستطيع سوى ملاقاة نظراته الفضولية العابثة...قال ناش:
ــ كلا أنت لا تعرفين شيئاً...أنت تشبهين كريس تماماً لأنكما شقيقتان...أنت تعلمين ذلك....هذا هو السبب الحقيقى لمجيئك إلى هنا....أنت تبحثين عن عائلتك فى لإيريندا؟
أطلقت جاكلين صرخة مأسوية هى شقاء الدنيا كلها...قالت باكية:
ــ كلا...لا أعرف أى شئ...لا أعرف إنسانة اسمها كريس كل ما أعرفه أن لى عائلة فى مكان ما فى هذه البقاع...لقد اعتقدت انك أنك حينما رحت تتأملنى أنك سوف تدلنى على أمى التى ولدتنى...هى الإنسانة الوحيدة التى قدمت خصيصاً إلى استراليا للعثور عليها.
أصابت الدهشة المستر ناش لقد أدرك أن تلك الصرخة المكبوتة التى أطلقتها جاكلين لم تكن مجرد تمثلية تقوم بها و إنما كانت صرخة حقيقية صادرة من قلبها الحزين . قال و قد تأثر و علق الحزن بنبرات صوته :
ــ سوف تكتشفين و تعثرين على أكثر مما ترغبين العثور عليه , أنت و كريس توأمتنا جئتما إلى هذه الدنيا فى بطن واحدة!!
دارت الدنيا برأس جاكلين كادت تسقط مغشياً عليها...تاهت الرؤية أمامها.... استندت على الحائط المصنوع من الطوب تلتمس منه العون حتى لا تسقط على الأرض وحتى يعيدها إلى أرض الواقع من جديد...قالت:
ــ توأمتنا....هل أنت متأكد من ذلك؟
ــ نعم متأكد.... التشابه بينكما هو الدليل القاطع على ذلك...أنتما شبيهتان فى العصبية...اللمحات...اللفتات.. .حتى عادة مضغ الشعر بين الأسنان.
ــ أنا لا أصدق!
ــ يجب أن تصدقى...هذه هى الحقيقة!
ــ إن أنا شقيقتك....أليس كذلك؟
ــ لا ...لست شقيقتى!
ــ كيف؟
ــ لأن كريس متبناة....هى لا تعلم ذلك....و لا أحد كان يستطيع أن يعلم لولا أن اكتشفت أنا ذلك بالصدفة البحتة....حينما كنت فى ريعان الشباب فى الثامنة عشرة من عمرى و لقد أخذت على أمى أغلظ الأيمان و أشد المواثيق أن أحتفظ بهذا السر مدى الحياة...لقد وفيت و احترمت هذا العهد طوال هذه السنوات .
ــ لكن من حق كريس أن تعلم!
ــ معك كل الحق و لكن أمى هى الإنسانة الوحيدة التى لها هذا الحق...فهى الوحيدة التى ستخبرها بتلك الحقيقة....و هى لن تفعل ذلك أبداً...هل فهمت
ــ و لكن يجب أن تفعل ذلك!
ــ لماذا؟ لأنك أنانية تحبين نفسك فقط تريدين العثور على أقارب جدد يعوضونك عما فقدت من أقارب....أعلمى أن امى مريضة و صحتها واهية و هذا الأمر لو حدث فإن فى ذلك قتلها...هى لا تستطيع خوض هذه التجربة و الصدمة فى هذه الظروف
ــ و أنا !
ــ ليس أمامى سوى إرسالك إلى تكساس من حيث أتيت...لابد أن تعودى إلى الولايات المتحدة مرة ثانية!
ــ لماذا؟
ــ حتى أحمى أمى و أختى !
ــ أطمئن لن أفعل ما يؤذى والدتك أو أختك . اعلم أن الأمر برمته يعنينى وحدى و يمثل أهمية كبيرة فى حياتى لن أستطيع العودة إلى تكساس ثانية خاصة و قد أخبرتنى ان كريس هى توأمتى يجب أن أراها حتى و لو لم تعرف من أكون
ــ و إلى أى مدى تعتقدين أنك سوف تخفين الحقيقة عن كريس؟
ــ لقد أخبرتنى أنها فى الخارج على الطائرات طوال الوقت...أذن استطيع تحاشيها بالعمل فى الحقول حينما تعود هى إلى المنزل و بالتالى لن نتلاقى.
ــ و لكن إذا أخليت باتفاقنا فسوف أتصرف بمقتضى ما تمليه على الظروف حتى أحافظ على بيتنا من الانهيار و على صحة أمى من التدهور .
ــ حسناً أذهب إلى لإيريندا بدونى...و لكن ليس من حقك أن تعيدنى إلى تكساس و إلا سوف أطلب نقلى إلى عائلة مضيفة أخرى غير عائلتك و أواصل بحثى من أجل العثور على ضالتى المنشودة بطريقتى الخاصة و على مهل!
ــ هكذا أنت تفرضين على الأمور وتملين على ما أفعل و ما لا أفعل؟ الأفضل أن تكونى هنا حيث تكون عينى عليك طوال الوقت....فأعلم ما تأتين و ما تتركين بدلاً من العبث من وراء ظهرى....بالتأكيد هذا أفضل !
الفصل الثالث/ مأساة مستر كامبيل
جاء بها مستر ناش إلى مزرعة "فيرنيدا"...قدمها إلى جميع الأفراد العاملين هناك و عرفها بهم...لاحظت جاكلين أنه يحاول تحاشيها و تفادى التواجد معها فى مكان واحد, فعندما كان يعمل فى وسط الحقول فى الهواء الطلق بين المزارع و الغيطان كان يفرض عليها انجاز أعمال المنزل و تصريف بعض شئون المزرعة مما لا يتسنى إجراءه إلا بداخل المنزل أو على مقربة إلا بداخل المنزل أو على مقربه منه... و فى نفس الوقت حينما يكون هو بداخل المنزل كان يفرض عليها التواجد خارج المنزل للقيام بعض الأعمال وسط الحقول و المزارع.
حتى الآن لم تحصل جاكلين على المزيد من المعلومات بشأن أسرتها أما...كريس الشقيقة التوأم فلم يحدث حتى ذلك الحين أن عادت إلى المنزل. رفضت رفضاً باتً التحدث إليها فى مثل هذا الموضوع مرة ثانية....لم تعد تعرف ما إذا كان لا يريد أخبارها بأى شئ أو أنه ببساطة لا يعرف المزيد من التفاصيل...أما هى فلم تحاول أن تعرف أو تقرر أى الموقفين اتخذه ذلك الرجل العنيد.
استقر رأى الفتاة على أن تنفق الوقت الزائد لديها فى بلدة سيمور القريبة لتبحث فى السجلات المحلية الموجودة هناك على أية إجابات قد تضع قدمها على بداية الطريق للوصول إلى أسرتها.



التعديل الأخير تم بواسطة Just Faith ; 24-06-16 الساعة 09:28 PM
Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-06-16, 09:13 PM   #4

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

- الفصل الثالث
عندما فرغت من العجين وضعته فى إناء كبير و غطته ببشكير حتى يتم تخميره و ما أن شارفت على الانتهاء من تنظيف المطبخ حتى سمعت طرق على شراعة الباب...توجهت لتفتح الباب فوجدت أن الطارق هى السيدة جين فابتسمت ورحبت بها و قالت :
ــ مرحباً بك جين لقد جئت فى الوقت المناسب فقد كنت على وشك إعداد أقداح القهوة.
كان زوج السيدة جين هو المستر ين كروفورد مدير المزرعة كانت السيدة جين تعلم مسبقاً أن المستر ناش كامبيل كان رافضاً لقبول جاكلين كمتدربة على الرغم من أنها لم تعرف ولن تعرف أبداً حقيقة الأمر...قالت لـ جاكلين
ــ أتفهم جيداً موقف المستر ناش و لكنك جاكلين قد أبديت كم أنت قادرة و على كفاءة سواء داخل المنزل أو وسط الحقول و المزارع وأشاد بك المستر لين يوم اكتشفت التسرب من صمام حوض الماء فى الحقل الشمالى الأمر الذى مكنه من إصلاحه قبل ضياع المزيد من الماء الذى هو نادراً أصلاً. أنت تعلمين أن ندرة الماء فى الأراضى الصحراوية جعل منه سلعة ذات قيمة كبيرة.
ــ هناك فى مزرعتنا بأمريكا من الأمور المعتادة يومياً فى دولاب العمل أن نقوم بفحص نقاط إمدادات الماء و أعتقد أنها صارت عادة لدينا يصعب الآن التخلص منها.
ــ أوهـ لقد تذكرت..أشكرك يا إلهى....لم أت إليك كى أشيد و أحمد العمل الجيد الذى قمت به فأنت تعلمين موقفى من ذلك , لقد جئت اليوم أحمل إليك البريد.
من بين الخطابات الواردة إليها كان هناك خطاباً عليه طابع البريد الخاص بولاية تكساس الأمريكية.. التقطته جاكلين بسرعة و فتحته ثم صاحت و قد بدت عليها علامات الفرح:
ــ أنه من شققى جون!
ــ هل تفتقدينه يا جاكلين؟
ــ بالطبع أفتقده كثيراً لقد ظننت بعد موت أبى و أمى أنه ليس ثمة رباط لى فى تلك البلاد يربط بينى و بين أهلها...لكنى كنت الآن اعترف بأننى كنت مخطئة
ــ أن جذورنا بأواصلاها فى الأرض بأكثر مما نتخيل...هل تعلمين أننى ولدت أصلاً فى إنجلترا؟ لقد أتيت إلى استراليا حينا بلغت من العمر سن السادسة...لقد ظننت أننى استرالية لحماً و دوماً حتى أخذنى لين و سافرنا إلى انجلترا فى احتفالنا بذكرى زواجنا الخامس و العشرين...لقد كنت فى أبلغ درجات الإثارة و النشوة و لكننى لم أحسب أننى سوف أشعر بأى حنين إلى انجلترا فقد ترعرعت و كبرت فى استراليا .
ــ إذن ما الذى حدث حينما وصلت إلى انجلترا؟
ــ ما أن هبطت من الطائرة على أرض مطار هيثرو حتى شعرت و أيقنت بأننى أخيراً قد وصلت إلى بلادى و أخذت أبكى كما يبكى الأطفال الذين فقدوا أمهاتهم.
ما أن سمعت جاكلين كلام السيدة جين عن الحنين إلى الوطن و البلد حتى استشعرت فى نفسها صدق كلامها و تفهمت ماذا قصدت من مشاعر كامنة يصعب أحياناً كثيرة على المر أن يصفها إلا أنها متواجدة و متأصلة فى داخلية النفوس و تفعل تأثيرها متى ما وجدت الفرصة المواتية فالشعور بالحنين إلى الأوطان جارف و طاغ.
عرفت جاكلين أنها أيضاً تشبه تلك السيدة المسنة حيث أنها أحست أنها فى وطنها ما أن هبطت مطار ملبورن بـ استراليا رغم أنها نمت و ترعرعت فى بلاد الأمريكان بولاية تكساس فقد شعرت و أيقنت أن هذه البلاد ما هى إلا أوطانها الحقيقية...كان شعوراً غامضاً كامناً لا تعرف مصدره .
أخذت جاكلين تصب القهوة إلى ضيفتها السيدة جين و قدمت لها على الصينية بعض قطع البسكويت المصنوعة فى المنزل و عندها قالت جين :
ــ على رسلك لا تقدمى كل هذا البسكويت...أننى بدينة يزداد وزنى باضطراب و أخشى تناول البسكويت فيزيد وزنى أكثر و أكثر.
ــ أن المستر ناش يحبه و أنا أصنعه حتى أرضيه....فهو الرئيس على أية حال!
ــ بالمناسبة...أين هو...أننى لم أراه اليوم؟
ــ فى الخارج بين الحقول يقوم بالإشراف على العمل و سوف يعود على الغداء فإن كنت ترغبين فى لقائه فيجب عليك أن تنتظريه و فى الغد سوف يخرج مرة ثانية حتى يرينى أحد المشروعات الجديدة فى مزرعة فيرنيدا.
كانت جاكلين تنتظر تلك الرحلة بفارغ الصبر طوال الأسبوع, لاحظت السيدة جين نبرة الإعجاب و الحب البادية فى كلمات جاكلين و لمست أنها معجبة به....فقالت:
ــ أنت مشغوفة بالمستر ناش , أليس كذلك جاكلين؟!
ــ أنا معجبة بالعمل الذى يقوم به للمساعدة فى التخفيف من مضار البيئة.
ــ إذن عمله هو السبب الكافى وراء ابتهاجك و تهليلك مثل شجرة عيد الميلاد المضاءة فى كل مرة أذكر أسمه أمامك.
ــ أنت تتخيلين يا جين أشياء لا وجود لها على أر الواقع .
ــ أعلمى يا جاكلين أنك ليست الوحيدة التى وقعت فى حب ناش!
ــ أنا لم أقع فى حبه...أنا احترمه و أقدره و كل ما هنالك أننى كنت أتساءل بينى و بين نفسى فى تعجب ...لماذا لم تزوج ناش إلى الآن؟!
تأملت جين كلامها ثم قالت :
ــ آمل أننى لا أكون قد تدخلت فى شئونك و لكنى أحبك جاكلين و لا أريد أن أجرحك ,و لكننى حينما رأيت الطريقة والأسلوب الذى تتحدثين به عن المستر ناش خشيت من وقوعك فى حبه....أردت ان أخبرك أنه لا يفكر فى الزواج البتة....كما أنه ليست لديه النية مطلقاً فى الزواج.
ــ لماذا لا يفكر فى الزواج؟
ــ هل أخبرك كيف مات أبوه....كيف قـُتل ؟
ــ قـُتل؟
ــ لقد قـُتل عندما أنقلب الجرار الذى كان يقوده أثناء العمل...تزحزح به الجرار من حافة مرتفعة ليسقط فى منطقة منخفضة ...ابتلعه الجرار ككل
ــ يا لها من حادثة مروعة!
ــ لقد دمرت تماماً والدة المستر ناش فقد كانت تكرس حياتها كلها لزوجها...و لما مات طاش صوابها و مضت سنوات قبل أن تستطيع استرداد صحتها و إن كان إلى يومنا هذا صحتها متدهورة طوال الوقت .
صمتت السيدة جين برهة ثم أضافت :
ــ إن المستر ناش يحب أمه حباً جماً و هو يبذل قصارى جهده من أجل الحفاظ عليها و الإبقاء عليها داخل المنزل معه...و على الرغم من أننا طلبنا منه مراراً و تكراراً أن يعهد بها إلى دار المسنين حتى تلقى الرعاية الكافية إلا أنه كان يرفض بشدة و إصرار و السبب يرجع إليها أن المستر ناش لم يتزوج حتى الآن كما أنه يكره فكرة الزواج من أساسها .
ــ و لكن بالتأكيد أن أية امرأة سوف يتزوجها ستقوم برعاية والدته أيضاً!
ــ لعل هذا ما يفسر أنه دائماً يحتفظ لنفسه بمسافة بينه و بين النساء...فقد رأى كيف فعل الحب بأمه و كيف كان الثمن باهظاً له , كان يتعين عليه أن يدفعه و يرفضه بالكامل.
انتهى حديثهما فمدت جين يدها تربت بها على يد جاكلين و قالت لها:
ــ أشكرك على القهوة....سوف أتركك الآن لقراءة الخطابات.
عندما أغلقت الباب القت جاكلين نفسها غارقة فى التفكير فى المستر ناش المسكين و كيف أن المأساة كانت كبيرة حين فقد أباه فى ذلك الحادث الأليم...أنها قصة أليمة حقاً لمن يسمعها و الذى فاقم الأمور أنها تذكرت كيف فقدت أبويها كذلك فى حادث أليم أيضاً ...وجدت جاكلين قلبها يعطف على ناش و يرق له لما لاقاه و كابده من تعاسة و شقاء و معاناة مثلها تماماً .
انتبهت لقراءة خطاب جون و وجدت أنه قد ذكر كافة أخباره و أخبار المزرعة و الأهل و الأصدقاء و لم يترك لها شيئاً إلا و قد ذكره لها...سود صفحات طويلة بالكلام يصف لها فيها كل ما حدث مؤخراً منذ آخر مرة كتب إليها فيها و لما فرغت من قراءة الخطاب وجدت نفسها تضحك طرباً بعد ما كانت حزينة منذ لحظات...أما الخطاب الثانى فكان من كاترين كايسى أخبرتها فيه أن المستر بيل كايسى قد تحسنت حالته الصحية كثيراً و تم نقله إلى المنزل مره أخرى.
صباح اليوم التالى خرجت جاكلين بصحبت المستر ناش كامبيل كما كان مقرراً لكى يطلعها على أحد المشروعات بمزرعته وهو المشروع الذى كانت تتوق شوقاً إلى رؤيته ...غير أن الحالة المزاجية غير مستقرة, إذ أنه كان متجهماً طوال الوقت فعلمت أنه فى تلك الصبيحة ليس على استعداد للإجابة على أية تساؤلات قد توجهها له ...
لزمت الصمت و خشيت العواقب و تمنت لو أن حالته المزاجية هى مثل طابع الجو الاسترالى الملبد بالغيوم و المليئ بالبرق و الرعد الذى لا يتمخض عنه أبداً أية أمطار و ما إن قطعت السيارة شوطاً حتى قالت له:
ــ أراك اليوم عصبياً بعض الشئ؟
ــ كلا...ولكن حالة أمى ربما كانت السبب
ــ حسناً...سوف أعتنى بها
ــ أشكرك
ــ لماذا كنت تتحاشانى الأسبوعين الماضيين
ــ ماذا تقصدين؟
ــ أقصد أنك تـُبقينى فى المنزل حينما تقوم بالعمل وسط المزارع و الحقول وحينما تكون متواجداً بالمنزل تكلفنى بالقيام بمهام وسط الحقول و المزارع, أيس كذلك؟
ــ ألم نتفق من قبل؟
ــ أجل....و لكن لا تتركنى هكذا منبوذة كالمصاب بمرض الجزام لقد كان اتفاقنا على أن لا أجلب لك الضوضاء و المتاعب و لأسرتك أثناء بحثى عن ضالتى حتى العثور على ما أنشد من حقائق و أشخاص.
ــ على أى حال ...أنا أسف إذا كنت قد أخذت انطباعاً خاطئاً بأننى أفعل ذلك عمداً لتحاشيك و الابتعاد عنك بسبب كراهية منى لك...كلا, أعلمى أن هذا ليس له أساس من الصحة كما أرجو منك ألا تذهب بك الظنون مثل هذه المذاهب...هل اقتنعت أم لا؟
ــ اقتنعت....و أشكرك.
انفق كلاهما وقتاً طويلاً فى التول بمنطقة المشروع و الأراضى المحيطة به و تنقلا من مكان لآخر و انخرطا فى مناقشات علمية عن الزراعة فى المناطق الصحراوية و الأراضى المالحة . ثم جلسا فى دافئ أحد الأشجار و قد حاولا أن ينالا قسطاً من الراحة بعد الجولة الطويلة و اندارجا فى الحديث... لاحظن جاكلين كيف أن عيون المستر ناش تكاد تلتهمها التهاماً...أما هو من جانبه لاحظ أنها قد عرفت مغزى نظرته فبادرها بقوله:
ــ لقد صرت امرأة ناضجة يا جاكلين و لا أستطيع مقاومة إغراءات أنوثتك الطاغية....هل تعلمين ماذا فعلت بفؤادى؟
ــ نعم...أعرف
اقترب منها أكثر فأكثر فوجد أنها كذلك تقترب منه بوجهها احتضنها حضناً عميقاً وضمها إلى صدره بقوة وشدة و سرعان ما قبلها قبلة عارمة فألفها تستجيب له و تبادلته القبلات.
و أخذ يمسد و يربت على ظهرها براحة يديه....ضمها أكثر إلى صدره الخشن, و أطبق بقبلاته على شفايفها حتى ذابا و صارا كأنهما شخص واحد.
قال المستر ناش متسائلاً :
ــ هل عرفت المزيد من التفاصيل فى بحثك عن عائلتك؟
كان سؤاله غير متوقعاً حتى أنه أدهش جاكلين و أيقظها من الحلم الذى انخرطت فيه فاعتدلت فى جلستها و قالت :
ــ لو أنك ساعدتنى لكنت قد توصلت إلى المزيد من الخيوط...فأنت على أية حال قد نبهتنى إلى أشياء غابت عنى و لم أكن اعرفها .
ــ أشك فى أن تكون هناك ثمة معلومات تفيدك أو توصلك إلى ما تبغين دون أن أخبرك بها ما دام الأمر لن يضر بأمى أو بـ كريس!
هنا وجدت جاكلين الفرصة سانحة كى تستفسر عما تحب أن تعرفه من وجه التماثل و التشابه بينها و بين كريس فصاحت:
ــ إذن تستطيع أن تخبرنى كيف اكتشفت الصفات المشتركة بينى و بين أختك كريس و التى جعلتك تجزم بأنها شقيقتى التوأم على الرغم من أننى ترعرعت فى أمريكا و هى ترعرعت فى استراليا؟
ــ لقد عرفت ذلك بمحض الصدفة عندما سمعت أبى و أمى ذات يوم يتحدثان بشأن إرسال خطابات إلى أمريكا...كنت حين ذاك صغيراً و استرق منهما السمع و التصنت على حديثهما , و لقد سمعتهما يقولان :"أن إرسال الخطابات إلى أمريكا خطير جداً لأنه بمثابة الديناميت المتفجر لأنه من المحتمل جداً أن يسقط فى يد جاكلين أحد هذه الخطابات و عند ذلك ستعلم أنها و كريس قد تم تبنيهما و هما صغيرتان السن و أن هذا الأمر لا يحمد عقباه على أية حال"
عند ذلك عدلت جاكلين رأسها و قالت :
ــ لقد رأيت بالفعل أحد تلك الخطابات, لقد عثرت عليه فى خزانة أمى و أبى فى أعقاب موتهما!
ــ ماذا كان كل كلام الخطاب؟
ــ لقد خلف الكلام صدمة لىّ افقدتنى صوابى وجعلت كلاماته محفورة فى عقلى و ذهنى...كان الخطاب عبارة عن ورقة ممزقة , تـُركت و أُهملت و كان عليها علامة بريد مدينة سيمور الاسترالية...هذه العلامة أعطتنى الفكرة بأن أسرتى من هنا.
فى آسى قال ناش:
ــ هذا كان ما يخشاه أبى و يخاف من عقبته !
ــ هل أخبراك والداك من تكون أمى؟
ــ لا...لم تقل لىّ أمى شيئاً عن ذلك و لكنها أقسمت علىّ بأن أحافظ على هذا الأمر الغامض سراً مؤكدة لىّ أن من شأن ذلك أن يجرح كريس فى حالة اكتشافها أنها متبناة....لقد كانت علاقتى بـ كريس قوية و من الطبيعى أننى لن أفعل شئ يسبب لها الألم, و لذلك أقسمت أمام أمى و تعهدت لها بأننى لن أفعل ذلك ما حيت و أننى سوف أحترم رغباتها و إرادتها.
ــ عجيب أن أمك حاولت الحفاظ على أمر التبنى سراً...أليس كذلك؟ من الأفضل أن يعلم صاحب الشأن بحقيقة أمره!
ــ ماذا تقصدين؟
ــ أقصد أن تعلم كريس الحقيقة كاملة....هذا حقها!!
لم ينبث المستر ناش طوال طريق العودة مع جاكلين إلى المنزل بكلمة....عندما وصلت بهما السيارة وجد أن السيدة لين تنتظرهما...أقبلت نحوهما مسرعة و أخبرتهما بأنها قد أعدت طعام العشاء و أنها وضعت فى الفرن فخذ أحد الخراف إلى أن يتم شيه بالإضافة إلى أنها قامت بطهو الخضروات التى أعدتها جاكلين من قبل و لكنها فجأة تذكرت شيئاً ما...قالت:
ــ هل علمت يا مستر كامبيل أن أختك كريس قد حضرت و أمضيت ساعتين هنا ...ثم انصرفت؟
ارتسمت علامات الغضب و الثورة على ملامح جاكلين فقالت له فى حدة و خنق:
ــ إذن....كنت تعلم...اخترعت قصة السد و المشروع لكى تبعدنى عن رؤية كريس, كما قمت بتمثيل مشهد الحب بأداء رائع من أجل أن تجعلنى انفق المزيد من الوقت بعيداً عن المنزل حتى لا ترانى كريس و لا أراها ,أليس كذلك....تكلم؟
ــ كلا لم أعلم بقدومها وأؤكد لك أن وجودها و وصولها كان محتملاً و ليس أكيداً....أنا لو أدبر شئ على الإطلاق!
تساءلت السيدة لين عن سر حدة التوتر فى العلاقة بين المستر ناش و جاكلين...رد عليها ناش غاضباً:
ــ أرجوك أذهبى الآن يا سيدة جين و لا داعى للقلق أو التساؤل!
انصرفت جين غير أن جاكلين كانت لا تزال غاضبة .
قالت :
ــ لماذا....فعلت ذلك؟
ــ ألم يكن ذلك حسب الاتفاق؟!
ــ اللعنة على الاتفاق...كان عليك أن تخبرنى....لم أكن لأفعل شئ سوى رؤيتها فحسب!
هدأ ناش من روعها و قال :
ــ على أى حال كريس سوف تحضر يوم الأربعاء القادم و بمقدورك رؤيتها و لكن أرجو ألا تجعلينى أندم على ذلك .
ــ لن أفعل ما تخشاه سوف أراها فقط و أتأملها و أتدبر أوجه الشبه و الاختلاف بينى و بينها فقط دون أن أثير أية متاعب لأحد.
ــ اتفقنا... و لكن أعلمى أنك متدربة تابعة للرابطة الدولية الزراعية....لا تخطئ القول أمام كريس و إذا سألتك عن شئ قولى لها أنك طالبة أمريكية فحسب....هل علمت؟
بايماءة وافقت جاكلين و تمنت انقضاء الأيام بسرعة حتى يأتى يوم الأربعاء الذى يبدو بعيد المنال ....همهمت بكلمات غير مفهومة ثم قالت :
ــ أن غداً لناظره لقريب!
نهاية الفصل الثالث


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-06-16, 09:23 PM   #5

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الرابع / لــقــاء مــع كـــريـــس
مضت الساعات و الأيام متثاقلة....جاكلين تنتظر قدوم كريس و فى نفس الوقت حفل عيد الميلاد الذى لم تعد شغوفة به خاصة بعد وفاة أمها و أبيها اللذان كانا يحتفلان بالعيد معها....كانت كريس الشقيقة التوأم هى الأهم الآن...و لكن الوقت يأبى أن يمر .
سعدت عندما كلفها المستر ناش كامبيل بأعمال كثيرة كفيلة بتمضية الوقت و كسر حدة الرقابة و الملل الذى تعانى منه بعد نفاد صبرها فى انتظار يوم الأربعاء...يوم قدوم كريس.
كانت تلك الأعمال تتلخص فى أخذ صغار الأيائل المولودة حديثاً إلى الحقول الخاصة بكل منها...كان هذا العمل يقتضى تواجدها بالخارج وسط المزارع طوال اليوم و لما حانت أيام الاثنين و الثلاثاء كانت مشغوليات العمل قد خفت و ولت القطعان و لم يتبق سوى قطيع يوم الثلاثاء و بذلك أصبح يوم الأربعاء خالياً بدون عمل سوف تقضيه جاكلين فى المنزل من أجل لقاء كريس....قطع عليها المستر لين مدير المزرعة شرودها و فاجأها قائلاً:
ــ المستر ناش يطلب منك إرسال آخر قطيع يوم الأربعاء صباحاً!
ــ أهو طلب ذلك...يا له من إنسان عجيب يا له من....
اندفعت جاكلين تجرى إلى المستر ناش فى غرفة الكمبيوتر...و نظم حواسب المزرعة...وما أن دخلت كالعاصفة عليه...خلعت القبعة و ألقت بها على مكتبه فتطايرت الأوراق من أمامه....حاول استوضاح غضبها و لكنها أسرعت تصرخ فى وجهه قائلة :
ــ أنت تريد خداعى مرتين....ما معنى أرسالى إلى المزرعة يوم الأربعاء و هو يوم عودة كريس؟
ــ أنا.....
ــ أنك تحتقرنى و تسخر منى !
ــ أهدائى...بإمكانك انجاز عملك و العودة بسرعة....لا تقلقى لن تفوت عليك الفرصة!
ــ كيف....هل يمكنك اخبارى ؟
ــ أن القطيع صغر العدد قوامه خمسون رأس و سوف يستغرق ذلك منك خمس ساعات فقط ثم ستكونين فى فراغ بقية اليوم.
وجمت جاكلين لا تدرى ماذا تقول....قطع صمتها المستر ناش قائلاً:
ــ أردت أن اشغل وقتك فى الفترة الصباحية بدلاً من المكوث فى عد و حساب الدقائق و الساعات و حرق الأعصاب .
أدركت جاكلين أنها كانت مخطئة....ألقت بيديها فوق المكتب تحاول أن تخفف عن قدميها حمل جسمها فانسدلت خصل شعرها كالستارة المتهدلة تُخفى جزءاً من وجهها و قالت بصوت منكسر :
ــ أنا آسفة ...لقد فهمت بطريقة خاطئة !
ــ كلا... لقد صارت عادة لديك أن تشكين فى النوايا و المقاصد و تفترضين سوء النية...لقد قررتى بأنى غول....مارد يريد أن يحول بينك و بين رغبات قلبك.
لفت جاكلين رأسها لكى تلقى بشعرها وراء ظهرها فتلاقت عيناها اللامعتين مع عينى المستر ناش و عندها قالت :
ــ لا أظن بك السوء...لكنك يجب أن تلتمس لىّ العذر فى سوء التفسير وفهم أوامرك.
ــ أنا لا أريد إبعادك عن كريس ....حتى المرة السابقة لم أقصد إبعادك عنها...اللعنة على الظروف التى جعلتك تتصورين أشياء فى مخيلتك ليس لها أساس على أرض الواقع....أعلمى أننى لو تركتك تفعلين ما تشائين فأن ذلك سيصيب أناس أبرياء بالجراح و الآلام .
كانت جاكلين قد أصابتها الجراح فعلاً
ــ أعلم أننى أتفهم ظروفك و أقدر التزامك و مشغولياتك....فلماذا لا تحاول أنت أيضاً أن تفهم ظروفى و تقدر مشكلاتى؟!
عندها نهض ناش واقفاً و قد اصابه الغضب بثورة امتدت برعشة إلى كل أطرافه فقال:
ــ أعتقد أننى فعلت ذلك عندما رتبت جدول أعمالك لهذا اليوم... هل هذا هو جزائى؟
أحست جاكلين إنها أخطأت للمرة الثانية حاولت الاعتذار و لكنه استطرد فى غضب قائلاً :
ــ أنا لن أضيع وقتى بعد ذلك فى مراعاة لظروفك!
ــ أرجوك....لا تفعل....لقد حاولت الاعتذار لك ثانية....ماذا بقى أنا أفعله!
ــ يجب عليك أن تثقى بى ثقة عمياء!
ــ لم يحدث و لو مرة أن فقدت الثقة بك !
ــ حتى و أنت تكيلين لىّ الاتهامات تلو الأخرى و تقذفينى بأبشع الأوصاف ؟
ــ اعذرنى...هذا اليوم عسير علىّ.
ــ ليس عليك وحدك....بل علىّ أنا أيضاً!
ــ أن اليوم أشبه بجلوسى فوق قنبلة موقوتة !
ــ أنا أيضاً صمام هذه القنبلة التى سيؤدى انفجارها إلى كارثة محققه!
اقتربت الدموع من عين جاكلين من عين جاكلين فأحس ناش بها فأسرع قائلاً :
ــ أذهبى الآن جاكلين لقد تحملت ما لا طاقة لك به...أذهبى إلى المستر لين.
كان المستر ناش كامبيل محقاً....فهى من داخلها كانت أشبه بزنبرك المنبه الذى أمتلأ باللف حتى صار لا يسمح بأى لفه أخرى و إلا أنفجر و تناثرت مكوناتها فى كل صوب و ناحية...أما هى فقالت :
ــ أنا فعلاً متوترة و عصبية هذا الصباح ...أرجو المعذرة!
و اجتاحت غرفة المكتب عاصفة هادئة....ابتسم ناش ابتسامة داعبت كل تقاطيع جسد جاكلين و قال :
ــ لقد غفرت لك و سامحتك يا جاكلين و لن نعود إلى ذلك مرة أخرى.
استفسرت جاكلين أحاسيس ناش الملتهبة....فتحركت عواطفها و احتدت النيران فى كل أطراف بدنها فقالت فى نعومة و رقة:
ــ نـــاش....
نظر إليها و أدرك مقاصد ما ترعى إليه و أحس بما يختلج أنفاسها من توهج و التياع....هم يقبلها إلا أنه سيطر على انفعالاته و أمسك بكلتا يديه فى المكتب و قال فى صوت خشن يثير الأعصاب :
ــ هيا....أخرجى الآن جاكلين!
ــ و لكننى كنت أود...
ــ بحق الآله..هيا أغربى عن وجهى الآن !
انصرفت جاكلين من أمامه علمت أن مكوثها لن يفيد كثيراً فى هذه الساعة.... ربما أنقلب الأمر إلى ما لا يحسن عقباه....سلكت الطريق البعيد حول المكتب لكى تتحاشى أدنى اتصال أو احتكاك به كما لو أن كان أدنى استفزاز كفيلاً بإتلاف السيطرة الواهية الهشة التى يفرضها على نفسه و عليها .
ـــــــــ
ما أن خرجت من الباب حتى تنفست الصعداء و تنهدت تنهيدة عميقة ثم لجأت إلى الحائط تستند عليه...لاذت بالحجارة الصماء و كأن لسان حالها يشكو لها مما تلاقى و تكابد....
ما لم تفهمه هو لماذا صمم ناش على طردها و قد كان يشعر بكل ما شعرت به و كان على يقين من هذه الحقيقة إلا أنه رفض الإذعان لمشاعره الجامحة التى اعترته....تساءلت و كررت السؤال على نفسها لماذا فعل ذلك؟!
أيقنت جاكلين أن التصرف الذى قام به ناش لم يكن عادلاً بأية حال...أحست بالمرارة تعتصرها...أنه رجل من الممكن أن تقع فى حبه...ربما وقعت فى حبه بالفعل إلا أنه رفضها حتى قبل أن يعرفها معرفة حقيقية...بمرور الوقت وجدت نفسها مستعدة للحاق بالمستر لين و القطيع المتبقى و سائر العاملين بالمزرعة لكى يسوقوا الأيائل إلى الحقول....حينذاك سألها لين :
ـــ هل تحدثت مع الرئيس؟
ــ أجل هو يريدنى أن أقود أخر قطيع إلى مكانه.
ــ تشجعى يا جاكلين سوف ينتهى كل شئ بسرعة.
كان هذا عين ما تخشاه جاكلين إذ أنها تحققت حين ركبت وراءه على ظهر الخيل أن الوقت يمر....و أن إقامتها سوف تأتى إلى غايتها عاجلاً أو آجلاً و عندها لن يبقى أمامها سوى العودة إلى ولاية تكساس الأمريكية و تترك جزءاً من أحشائها وراء ظهرها...وهو الجزء الضارب بجذوره فى تربة استراليا....أحست أنها فى حاجة إلى أن تجهش بما صدرها لأحد تثق به ...إلا أنها لم تجد حولها من تعهد إليه بأسرار نفسها و مكنون صدرها .
استغرق منها العمل اربع ساعات كاملة و حينذاك أمرها المستر لين بأن تترك صغار الأيائل كل ستة مع بعضهم البعض فى حظيرة بمفردهم مع كبار الايائل حتى يتعرفوا على أمهاتهم...قال لها:
ــ لن تعرفى من هو وليد الأيائل إلا عندما ترينها ترضعه.... فالأم لن تطعم إلا الصغير الذى ولدته فحسب دون سواه !
كانت كلمات لين هى التى حركت مشاعر جاكلين من جديد ... تذكرت أمها التى لم ترضعها قط بل فرطت فيها منذ اربع و عشرين عاماً....انتهت جاكلين من العمل مع رفاقها و وجدت أن ملابسها قد اتسخت و صارت فى حاجة إلى الاستبدال . دعاها زملاءها لتناول طعام الغداء معهم...أسرعت بدون تفكير و جلست بينهم على المائدة تتناول الطعام و لكنها التفتت لتجد من يقول لها :
ــ هل تسمحين لىّ بالجلوس إلى جوارك ؟
كان ذلك هو صوت المستر ناش كامبيل الذى جذب أحد المقاعد ليجلس دون أن ينتظر الرد منها و عندما أستقر قال :
ــ لقد تأكدت أننى قد أسديت لك صنيعاً عندما كلفتك ببعض العمل هذا النهار حتى أزيل عبء الانتظار الممل و نفاذ الصبر لحين قدوم كريس.
ــ نعم....و أشكرك جزيلاً
بعد أن فرغا من تناول طعامهما....انتظر المشروب الذى اعتاد الاستراليون شربه بعد تناول الغداء و بينما هما جالسان استشعرت جاكلين أن بقية الزملاء فى العمل ينظرون إليها و إلى المستر ناش نظرات عجيبة...ففهمت أن هذه ليست عادة المستر كامبيل أن يتناول الطعام فى المزرعة مع أحد....وأنها إذا كان فعل ذلك فإن ذلك كان أكراماً لها...و أيضاً معنى ذلك تميزاً لها عن سائر العمال بالمزرعة...شكرت له ذلك الصنيع فى نفسها...أما هو فلم يعبأ بشئ مما كان يدور بخلدها...قال لها فجأة:
ــ هيا بنا جاكلين إلى المنزل...أن كريس ستصل بعد قليل . لقد أرسلت أحد العاملين لكى يلتقطها من محطة الوصول...كما أنه يجب عليك أن تصلحى من شأن هندامك و ملابسك .
ــ أصحيح هذا...هل تمزح أو تقول الحقيقة؟
ــ لست أمزح فى مثل هذه الأمور الجادة !
ــ أشكرك...لقد أسديت لىّ صنيعين معاً فى يوم واحد.
ــ حتى تقدرى مدى اهتمامى بك !
ــ أخشى أن اعتاد على ذلك .
ــ هل أيقنت الآن انك أخطأت فى بعض تصوراتك عنى؟
ــ أجل...و لكن...!
ــ لا تقولى لكن و إلا ندمت على لحظة الضعف التى حملتنى على فعل كل ذلك معك!
لما وصلا إلى المنزل انطلقت جاكلين إلى الحمام لتأخذ حماماً سريعاً...غيرت ملابسها فى غرفة نومها....تأملت نفسها جيداً فوجدت أن وزنها قد نقص عدة أرطال فقالت فى نفسها "لا بأس"....هذا الأمر لن يضرها كثيراً بالطبع ...راحت تتدبر و تنظر ما عسى كريس ستتقبلها أم لا؟ خرجت جاكلين من غرفتها و توجهت تهبط الدرج للذهاب للقاء كريس فوجدت أن الجميع قد تجمعوا فى غرفة المعيشة المجاورة للمطبخ...شاهدت امرأة تجلس إلى جوار المستر ناش...هى بالتأكيد أختها المفقودة كريس... هكذا اعتقدت جاكلين...شعرت بخفقة خفيفة فى قلبها و لما هبطت أكثر سمعت أنها تضحك على شئ ما قاله ناش .
قاومت جاكلين شعوراً جارفاً بداخلها حثها على الطيران و الانطلاق إلى حيث تعانق توأمها كريس و لكنها مارست عدة ضغوط للسيطرة على نفسها و مشاعرها قد تندم عليها بعد ذلك...
اقتربت رويداً... رويداً لتكتشف أن كريس ذات عيون رمادية و شعر طويل يتهدل فى انسياب على كتفيها مما زادها بهاءاً و جمالاً...أنفها صغيرة أنيقة أما فمها لطيف و كريم الطابع هى ليست كبيرة الشبه بها إذن.
و لكن الشئ الأكثر بروزاً و الذى أثار انتباه جاكلين كانت تلك اللفتات و الحركات و الالتواءات المميزة التى تأتى بها كريس هى ما نفسها ما تفعله جاكلين.... قالت فى نفسها "لقد صدق ناش !"
عندما اقتربت جاكلين أكثر علمت أنها الآن سوف تلتقى بشقيقتها دما و لحماً كريس....هذا الأمر جعل فكرها يخامره شعور خفى بالطمأنينة و الراحة و الرضا فتقدمت إلى توأمتها بخطى ثابتة.
عندما سمعت كريس وقع أقدام جاكلين تتجه إليها و إلى المستر ناش نهضت و توجهت إلى جاكلين لملاقتها فقد استبد بها الشغف و الشوق إلى رؤيتها و التعرف عليها و هنا جاء دور مستر ناش فقال :
ــ أقدم لك اختى كريس.
أحست جاكلين أن المستر ناش يؤكد و يضغط على كلمة أختى....ثم قال ثانية:
ــ أقدم لك الآنسة جاكلين ماكيفى المتدربة الزراعية القادمة من تكساس فى إطار برنامج التبادل العلمى لطلاب الكليات الزراعية و الذى تنظمه الكليتان الزراعيتان فى امريكا و استراليا من خلال الرابطة الدولية الزراعية حينئذٍ قالت جاكلين بنبرة أمريكية مميزة لأهل تكساس :
ــ مرحباً بك يا كريس
وردت كريس قائلة بنبرة استرالية :
ــ أهلاً و سهلاً بك
حاولت كلتاهما الانخراط فى المزيد من الكلام خاصة و أن جاكلين مدت يدها لمصافحتها فأطلقت كريس يدها لترحيب بيد الأخرى و ابتسمت ابتسامة عريضة.
أحست جاكلين بحرارة و دفء لم تخطئه مشاعرها إلا أن المستر ناش كان يحوم حولهما يحاول أن يتحاشى أى خطا يبدر من أى منهما...تضايقت جاكلين و أحست أن ناش أصبح مثل الشيطان الذى يرغب فى الانتقام من الذين يسخط عليهم فصاحت تخاطب كريس :
ــ أخبرنى ناش أنك طيارة ماهرة!
ــ هذا صحيح, أنا أطير عبر البلاد كلها و أزور كافة بقاع الأرض من مدن و سهول و وديان و أحمل معى على الطائرة البريد و الطعام ليتم نقله بين الأقاليم.
ــ أن من تقوم بمثل هذه المهام الشاقة لابد أن تكون عبقرية فى الميكانيكا و هندسة الطيران!
ابتسمت كريس و قالت :
ــ لم يأت ذلك إلا بالتجارب و العمل الطويل.
ــــ
بدت كريس ذات أنوثة طاغية...جميلة ممشوقة القوام....فاتنة تخلب الأبصار على خلاف ما كان يصورها ناش على أنها امرأة خشنة بعد أن اعتادت على التعامل مع البضائع و الطرود الثقيلة ....
و حينما أثارت جاكلين هذه المسألة مع كريس ابتسمت الأخيرة و قالت :
ــ نحن نريد المساواة مع معشر الرجال....تذكرى أننا الطيارات كنا من بين الرائدات فى إنجاز هذه المساواة.
تلقت جاكلين المشروب الذى قدمه لها المستر ناش وراحت ترتشف منه رشفة تلو الأخرى ثم قالت لـ كريس :
ــ بذلك أن تجعلين من الطائرات....خيول!
ــ هذا ما اعتدت عليه لقد ولدت طيارة بطبيعتى
فجأة تذكر ناش شيئاً ما فقال لـ كريس :
ــ و ما هى أخبار فيكتور ؟
ــ فيكتور بخير.
ثم وجهت كريس كلامها إلى جاكلين وقالت:
ــ بالمناسبة, فيكتور هو النمر الذى أحبه و أخذه معى فى كل رحلاتى الجوية.
ــ رائع....ألا تخافين منه؟
ــ كلا.....على الرغم من تحذيرات ناش لىّ ليل نهار!
هنا تدخل ناش فى الحديث ثانية قائلاً
ــ و هل أبداً تستمعين إلى كلامى....أنك عنيدة و صعبة المراس و لا تطيعين أوامرى مطلقاً!
أنطلق ثلاثيتهم يضحكون ثم قالت جاكلين :
ــ فى هذه الحالة الأمر يشبه علاقتى بشقيقى جون فأنا لا أطيع له أمراً....فهو يصغرنى لذلك تنقلب الأحوال و يصبح هو من يطيع أوامرى.
زادت ضحكات ثلاثيتهم....إلا أن المستر ناش تململ و صار قلقاً مترقباً خشية أن يتطور الحديث إلى كشف شئ من الأسرار التى يحاول جاهداً إخفائها....تمنى من كل قلبه لو أنه تمكن من إنهاء هذه المقابلة بأسرع وقت ممكن.
أما جاكلين فقد كانت على النقيض...تضحك...تأمل لو ان هذا الحديث الشيق مع كريس امتد إلى أبد الدهر....سألت كريس جاكلين قائلة :
ــ كم من الوقت سوف تمكثين هنا فى فيريندا؟
ــ قبل الحادث الذى تعرض له المستر بيل كايس كان مقرراً لىّ ستة أشهر , أما الآن فلا أعلم...عموماً الأمر أصبح بيد المسئولين !
ــ الحمد لله أنك ستكونين معى هنا لتحضرى عيد ميلادى ... ستكون فرصة طيبة للقاء جميع من فى المقاطعة و سوف ندعو بعض المتدربين من الرابطة الدولية الزراعية.
ــ متى سوف يكون يوم الحفل؟
ــ بعد أسبوعين؟
ــ و لكن ....هذا عيد ميلادى أيضاً!
لحظة واحدة وأدركت جاكلين أنها قد ارتكبت خطأ فادحاً غير معروف العواقب....لم تكن بحاجة إلى نظرات المستر ناش كامبيل التى خرجت كالشرر المتطاير المتقد من عينيه إلا أنها على الجانب الآخر التفتت لتجد أن كريس صارت فى سعادة بالغة قائلة:
ــ هذا سيكون رائع! سوف نجعل من عيد ميلادى حفلتين , ما رأيك يا ناش؟
قال ناش بحدة و تجهم :
ــ ذلك لو استمرت جاكلين معنا حتى ذلك الحين !
ــ أوهـ...سوف تستمر معنا, أليس كذلك جاكلين؟
ــ أظن ذلك , بالمناسبة أرجو منك أن تنادينى بـ جيك ,هل تسمحين بذلك؟
ــ بالطبع!
شعرت جاكلين بالصدمة...ذلك أن المشاركة معا فى حفل واحد هو آخر ما تمنته أو توقعته...أن العاقبة بالتأكيد ستكون وخيمة....فقد تجذب هى و كريس انتباه الحاضرين إلى أوجه التشابه بينهما و من ثم تنكشف القرابة بينهما...أما كريس فقد قفزت طرباً و فرحاً و قالت :
ــ سأتوجه الآن لكى أفرغ حمولة ما أتيت به من أشياء...لقد أحضرت لك البيرة التى تحبها ناش...أما أنت جيك أنا أحب الشمبانيا فما رأيك؟
ــ و أنا كذلك أحب الشمبانيا !
لكزت كريس أخاها ناش فى جنبه بمرفقها قائلة :
ــ أليس هذا عظيماً ؟ أنا و جيك مشتركتان فى المولد و الذوق ....أراهن أن هناك الكثير من أوجه الشبه بيننا!
نهضت كريس و انصرفت لشأنها...تفكرت جاكلين فى الأمر فوجدت أن ناش كان على حق من مخاوفه , نظرت إليه فوجدته مضطرباً و قد غرس أصابعه فى شعر رأسه و أخذ يفكر عصبية , كيف سيخرج من هذا المأزق الذى سببته له الفتاة المتهورة جاكلين ,حينذاك نظر إليها فوجدها تقول :
ــ لا بأس! سوف أتمارض فى ذلك اليوم !
ــ أن ذلك لا يجدى و قد سبق أن قلت لك أنها عنيدة و سوف تصر على تنفيذ ما فى ذهنها و لديها مقدرة على أن تنقل الحفلة كلها إلى فراشك!
ــ إذن...ما هو الحل ؟
ــ الحل أن أكون إلى جوارك طوال الوقت لكى أمتص كل ما يصدر عنك من حماقات طائشة.
ــ بمعنى آخر....فستكون حارسى فى ذلك اليوم !
ــ هل لديك خيار آخر؟
ــ لا....كما تشاء!
تصنعت جاكلين الطاعة و أخفت عنه ما يدور بداخلها من حنق و سخط عليه...عاتبت نفسها قائلة كيف حدث أن مالت و انجذبت بنفسها إلى ذلك الوغد ؟! حاولت الانفجار باكية و لكنها فضلت أن تصطنع ابتسامة زائفة على شفتيها .
نهاية الفصل الرابع


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-06-16, 09:29 PM   #6

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الخامس / الــــحـــــفـــــل
انقضت الأيام سريعاً و مرت الأسبوعين فى سلاسة و ازدادت جاكلين اقتراباً من كريس و صارت أوجه التشابه بينهما تزيد من التقارب و الصداقة غير أن عيون ناش الناقدة المتوثبة التى لا تفتأ تراقب جاكلين و تحسب عليها خطواتها و نظراتها و كلماتها بل و همساتها جعلت منها فتاة حساسة عصبية تحس و كأنها موضوعة تحت الوصاية .
ارتدت جاكلين فى ذلك اليوم أبهى حله لديها و تزينت فصارت فتاة جميلة بهية الطلعة حسنة المظهر أنيقة و أضاف بروتوكول تصرفاتها و مكياجها المزيد من الأبهة بحيث صارت نجمة الحفل. ولما حان الوقت المناسب الذى استعدت فيه للهبوط للمشاركة فى الحفل وجدت أن بابها يطرقه شخص ما....فتحت لتجد ان الطارق ما هو إلا سيدها المتعجرف ناش كامبيل الذى بادرها قائلاً :
ــ يا لك من فتاة جميلة....لقد تحولت إلى أنثى كاملة جذابة!
ــ أشكرك...هل أنت صادق هذه المرة أم هى مجرد مجاملة مصطنعة؟
ــ لاحظت جاكلين أن المستر ناش يرتدى بدلة أنيقة ذات ياقة كبيرة على الصدر و قميص فاتح بهيج اللون و كرافته داكنة...أما البنطلون فكان رمادياً...و لم تنتظر كثيراً رده حتى وجدته يقول:
ــ هل أستعديتى لتناول شراب ما قبل العشاء, أن القوم اجتمعوا منذ نصف ساعة و نحن الآن فى انتظارك.
ــ أنا مستعدة...هيا بنا !
هبطا ليجدا ان من بين الحاضرين السيدة جين و السيدة كاترين و السيد بيل كايس الذى ابتدرته جاكلين قائلة :
ــ كيف حالك الآن يا مستر بيل؟
ــ لقد تعافيت شكراً لله...
لم يكمل كلامه حتى تدخلت السيدة كاترين كالجرس صائحة:
ــ حمداً لله لقد تعافى من الشلل الذى أصابه و ما أن استطاع الحديث حتى صار يتكلم بل انقطاع و كأنه قد ضجر من الصمت فيحاول أن يعود ما فات و يزيد.
ضحكت جاكلين و المستر ناش و كدا السيد بيل و سرعان ما لفت الأنظار وجود الآنسة سوزان زميلة جاكلين فى الدراسة التى غافلتها و وضعت يديها على عينى جاكلين و قال لها :"من أكون؟" بلهجة أهل تكساس الأمريكية....و سرعان ما عرفت جاكلين أنها سوزان فرحبت بها و قدمتها للمستر ناش كامبيل الذى قال:
ــ أنت صاحبة الاستعراض الجميل , أليس كذلك؟
ــ أجل
كانت الآنسة سوزان ترتدى ملابس أنيقة و بدت فى الحفل متألقة تجذب أنظار الرجال , كما ان عادتها فى الخفة و المرح لفتت أنظار و انتباه عدد لا بأس به من الحاضرات و استطاعت الاستحواذ على حديث المستر ناش كامبيل لفترة طويلة حتى أن جاكلين شعرت بالغيرة القاتلة
أما صاحبة الحفل الآنسة كريس فقد كانت ترتدى بلوزة سوداء أبرزت جمالها و شقرتها و جعلتها تبدو مميزة وسط سائر النساء الحاضرات فلم يكن يرتدى ذلك اللون سواها و كانت زيناتها تضيف إليها إعجاباً ولوحظ أن سعادته كانت نابعة من القلب فهى استشعرت أن هناك فى هذه الدنيا أخرى تشابهها فى كثير من الطباع حتى و لو كانت أختها .
و لو تعلم أنها فعلاً توأم روحها و شقيقتها بالمولد و لو علمت لأغشى عليها و كانت جاكلين ترمقها من حين لآخر كى تسجل فى عقلها كل حركة تأتى بها.
لاحظت كريس على جاكلين المزاج الصفراوى الذى يجعلها تتصور غيرة كلما اندمج المستر ناش كامبيل فى الأحاديث المطولة مع الفتاة الطائشة سوزان و عند ذلك اقتربت من جاكلين قائلة:
ــ أعلمى يا جاكلين أنك جميلة للغاية و تفوقين سوزان فى كل الصفات و لعل هذا هو ما يجعلنى التفكير ملياً فى دفع شقيقى ناش أن يتقدم إليك و يطلب يدك للزواج....فما رأيك؟
ــ كلا أرجوك ألا تفعلى ذلك , لأنك ان فعلت ظن أننى السبب فى ذلك و أننى قد دفعتك دفعاً للتصرف على هذا النحو و أنا لا أحب أن يأخذ فكرة عنى مؤداها أننى أفرض نفسى عليه.
فى تلك اللحظة تقدم المستر ناش و فى يده كأسين من الشراب قدمهما إلى كل من السيدة كاترين و السيد بيل كايس اللذين كانا يقفا على مقربة من جاكلين و كريس و بعد لحظة خشية جاكلين أن تطلع كريس على المزيد من مشاعرها نحوها كشقيقة لها و كيف أنها ترمقها بنظرات عجيبة كريس لا تفهم مغزاها و لذلك اعتذرت لها قائلة :
ــ معذرة سوف أذهب إلى البلكونة لكى استنشق هواء نقياً...
انصرفت نحو مقصدها إلا إن كريس تبعتها و هى تحاول جاهدة أن تعرف ما الذى أصابها و جعلها تنصرف إلى حيث تبعد عنها, قالت :
ــ ماذا دهاك جاكلين؟ هل أنت فى صحة جيدة؟
ــ أجل كل ما هنالك أنى بحاجة إلى استنشاق بعض الهواء .
حاول ناش جاهداً بطريق غير مباشر ألا يتركهما معاً سوياً حتى لا تهتدى كلاهما إلى حقيقة الأخرى و علم ان الحل الأمثل فى هذه الحالة هو الإبقاء على مرافقته لـ جاكلين خشية الوقوع فى أى خطأ لا تحمد عقباه. و استمرت فقرات الحفل الباهر و أفرط جميع الرواد فى الطعام و الشراب كما يفعل الأمريكيون عادة فى هذه الحفلات .
قالت كريس:
ــ لا تحسبين أنى أصدق هذا الكلام ,فماذا وراءك أريد أن تصدقينى القول و إلا....؟
ــ بل كما قلت لك بالإضافة إلى أنى أشعر بالحنين الجارف إلى الوطن....و هذا هو كل ما هنالك فلا داعى للقلق....
فى هذه اللحظة كان ناش على رأسيهما يحاول السمع و التصنت , و لكنهما لاحظا مقدمة من خياله الضارب عليهما و لما أصبح فى حضرتهما , صاح يخاطب كريس:
ــ ماذا هنالك؟
ــ أن جاكلين تحكى لىّ عن متاعبها.
تغير لون المستر ماش كامبيل و صاح قائلاً :
ــ و ماذا تكون تلك المتاعب؟
ــ الحنين إلى الوطن....على الأقل هى تؤكد لىّ أن ذلك سبب اضطرابها . لعلك تستطيع إدخال البهجة و السرور على قلبها. يجب علىّ الآن الدخول إلى الضيوف و تبادل السمر معهم فأذنوا لىّ بالانصراف
لما انصرفت كريس أصبح كل من ناش كامبيل و جاكلين بمفردهما فى تلك الفراندة الشاسعة وسط الظلام اللهم إلا بعض الأضواء القادمة من الغرفة الداخلية حيث يسمع المرء أصوات كؤوس الشراب .
و تردد صدى الضحكات و بقايا الكلمات . قالت جاكلين له"
ــ هل كنت تسترق السمع و تتصنت علينا؟ يا لك من إنسان سيكوباتى !
ــ خفضى من صوتك....
ــ أنا لا يهمنى أن يستمع أى شخص مهما كان إلى ما أقوله . و لقد أعطيتك عهدى بأنى لن أخبر كريس بأى شئ . و بالتالى ليس لك العذر فى أن تتصنت علىّ.
انفعلت الفتاة الأمريكية و نضج وجهها بالدماء و اللون الأحمر تعبيراً عن غضبها مما يفعل الرئيس فى هذا اليوم اندماجه فى الحديث مع سوزان ثم تصنته عليها, و أن آخر هذه الأفعال التى ربما لم يدرك بأن لها ذلك التأثير على جاكلين.
كان يعلم أنها سوف تبدأ فى الانفجار فى وجهه و إخراج كل ما يجيش فى صدرها و على حين غره منها كبت كلامها بقبلة عارمة منه أطبق بها على فمها الجميل و استحوذ على كل بوصة فيه فلم تعد قادرة على الكلام , لف ذراعيه القويتين حول خصرها كالحديد و كذلك حول كتفيها و الظلام يلف المكان و ليس ثمة مشاهد أو مستمع لما يدور فى هذه اللحظة الحرجة, و أطبق بذراعيه عليها و ضمها إليه فى عنف محبب فالتصقت بخطوط صدره حتى ما لبثت إلا و قد ذابت فى بحور تأثيره الرجولى الجارف الذى طاش بصوابها .
حاولت ان تدفعه بعيداً عنها و لكن محاولاتها كانت بمثابة تحريك جبل من مكانه .
سرعان ما تحولت رغبته فى إسكاتها بالقبلة إلى مشاعر على النقيض تماماً مما كان يقصد و أتت بنتائج مغايرة على بدنها و على وجدانها كذلك, عكست الرغبة المزدوجة لديهما فى الاستمرار على هذا النحو أطول فترة ممكنة , و كل ما علمته جاكلين آنذاك أن النجوم قد انفجرت إلى أضواء باهرة غطت الكون و أضحى الليل حاراً حتى أنها شعرت و كأنها فى حمى فجأة وجدت نفسها لا تري أن تدفعه بعيداً عنها , بل زيادة ضمه إليها للاستمتاع بنعيم دفء صدره العريض القوى و همساته الجنونية , و طاشت منها الحواس و حثته على الاستطراد فى تقبيلها و الإتيان بكل ما يفعل من حركات تنم عن الحب و الهيام و الغرق فى العشق إلى ما لا نهاية .
ولفت ذراعاها تلقائياً حول عنقه و فقراته الخلفية تجذبه إلى ثغرها لينهل من عذوبته و لتنعم هىبما تستشعر من شعور يخامر وجدانها , و أخيراً شعرت بأنها تغرق فى بحور أحضانه و لف الهدوء المكان متيحاً لهما الفرصة للانخراط فى اللهو العذب و العناق الوثيق حتى شبعا و ارتويا من بحور الغرام .
لما انتهيا أوعزت جاكلين إليه أن يعودا أدراجهما إلى داخل غرفة ضيوف الحفل , خشية أن يفتقدهما أحد, فعادا إلى المدعوين يشاطرونهم أطراف الحديث و السكر و هما بعد لا يزالان هائمين فى نشوة القبلات الحارة التى فرغا منها لتوهما...لم تمضى دقائق كثيرة حتى جاء رسول إلى المستر ناش كامبيل ليفضى إليه بأن ثمة غرباء فى المزرعة يحاولون سرقة المواشى و الأيائل فى هدوء الليل . و هنا أصدر كامبيل أوامره إلى رجاله بان يسبقوه إلى هناك حيث الحقل الشمالى , على أن يتبعهم هو....و لما علمت جاكلين بذلك قالت له:
ــ سوف أصاحبك
و أصرت فقبل ظاهرياً خشية أن يلفت انتباه أحد فى الحفل إلى ما سوف يفعله . فأخبرته جاكلين أنها سوف تغير ملابسها و تلاقيه خارج المنزل فوافق .
ــــــ
توجهت جاكلين سريعاً إلى غرفة نومها دون أن تلفت نظر أحد إلى حدوث شئ غير مألوف , و ارتدت البنطلون الجينز و القميص فى غمضة عين و هبطت الدرج و خرجت إلى بوابة البيت لتجد أن المستر ناش قد خدعها و أنطلق بدونها و أن موافقته لها ما كانت إلا لإسكاتها حتى لا يرتفع صوت الجدال بينهما و سيعرف المدعوون بذلك و يفسد حفل أخته كريس بالإضافة إلى حفل عيد ميلاد جاكاين أيضاً لأنهما ولدا فى يوم واحد و توءاماً واحداً و لا يليق أن تذهب وسط جنح الليل فى يوم عيد ميلادها لتطارد لصوص المواشى و ربما كانوا من المسجلين الخطرين فتصبح المخاطرة وخيمة العواقب عليها.
علمت جاكلين أن ناش أنطلق و خلفها وراءه , صممت على الذهاب فتوجهت إلى جراج العربات فلم تجد شيئاً لتركبه حيث كان الرجال قد استقلوها فى طريقهم لتعقب و مطاردة اللصوص و هنا فكرت قليلاً و قالت فى نفسها أن عودتها إلى الحفل لن تجدى شيئاً و أنها أحبت لا تكون مثل سوزان فتاة مدللة ناعمة تصلح فحسب للسهرات الخليعة.....فركبت إحدى الدراجات البخارية و انطلقت .
انطلقت جاكلين بالدراجة البخارية و وجدت مسألة العثور على الطريق الصحيح مشكلة أمامها لأن التجول ليلاً وسط الحقول و الشجيرات بالمزرعة الواسعة مسألة عسيرة حتى على العمال الخبراء بالمزرعة اللذين أمضوا عهداً طويلاً فى أرجائها . و لكنها كانت قد اعتزمت أن تعلم المستر كامبيل المغرور درساً قديماً و هو أنها لا تفشل فى أى عمل تضطلع به, و سريعاً قدحت أفكرها و استعادت قاعدة تحديد الاتجاهات و البوصلة لتصل فى دقيقة واحدة إلى تحديد الاتجاه الذى تسير فيه إلى الحق الشمالى .
كانت ثمة مشكلة أخرى و هى ان الطرق بالمزرعة طرق طينية غير مسطحة بما فيه الكفاية مليئة بالمناطق الرخوة و الأخرى العدلية مما يجعل القيادة فيها أمراً عسيراً و مضنياً , بخلاف أن الشجيرات على جانبى الطريق كثيراً ما تغطى على نهر الطريق فكان عليها ان تضرب فروع الشجيرات لتزيحها عن طريقها و كانت آخ المشاكل أن حيوانات الكنغر و هى حيوانات استرالية من ذوات الجراب أو الكيس , كانت تفضل التجمع فى قطعان لتنام على مناطق الطريق الطلبة ذلك لأنها أكثر دفئاً بتأثير تعرضها للشمس طوال النهار, و تترك مناطق الأشجار و الأعشاب بسبب برودتها النسبية , فكان على جاكلين أيضاً أن تتفادى الصدام بها برغم ضعف الضوء كل هذه المشاكل و العوائق زادتها إصراراً على تنفيذ مهمتها
اقتربت من الحقل الشمالى , اهتدت إلى تخفيض سرعتها لأن المستر ناش بالتأكيد قد وصل قبلها و يحاول أن يعمل كميناً أو فخاً لهؤلاء اللصوص, و هى أن أحدثت صخباً فسوف تـُتلف عليه تخطيته أو تنبه اللصوص فيهربوا , و بناء عليه توصلت إلى أن أفضل طريقة هى المشى على الأقدام فى هدوء حتى تلتقى برجال المزرعة و بالمستر ناش, و بينما هى فى الطريق فإذا بيد قوية تلتف حول عنقها و فمها فى قوة و صرامة فجاهدت سعيها أن تتخلص من هذه القبضة و لكنها لم تستطيع , و أخيراً علم ناش أنها جاكلين فخلعها من قبضته لتقع على الأرض على أيديها الاثنتين و قدميها و صاح:
ــ بحق الشيطان من الذى جاء بك إلى هنا؟
ــ جئت لكى أطمئن عليك
فى هذه اللحظة سمع ناش صوتاً فى أحد جوانب منطقة حوش الأيائل, فالتفتت ليجد صبين هناك منكمشين فى أحد الأركان فى الضوء الخافت و فى يد كل منهما سكين يهدد به, و لما تأملهما جيداً اكتشف أنهما صغيران السن بحيث لا يزيد عن الـ 13 من عمره بينما الآخر لا يزيد عن الـ 16... فاقترب منهما بحذر فى الضوء الواهى قائلاً :
ــ أعطنى السكين يا ولدى و لا تخشى شيئاً .
حاول الصبى الأصغر أن يستجيب لما وجده من اطمئنان إلى كلام المستر ناش إلا أن زميله الأكبر حذره فى صوت حثيث قائلاً له :
ــ كلا...لا تعطيه السكين و إلا سلمنا للشرطة على أننا لصوص مواشى و مزارع!
سمع ناش ذلك التحذير فعاد يحاول طمأنة الصبيين كما لو كان يهدئ من روع حيوان مفزوع خائف قائلاً:
ــ أعطنى السكين يا ولدى و لا تخشى شيئاً
اقترب منها خطوة أخرى و فى يده مصباح خافت الضوء و هو يحاول أن يتحاشى و يتجنب شفرة السكين خشية تهور الصبيين و لكن حدث أن الصبى الأصغر سناً ألقى بالسكين بعيداً فالتقطها ناش فحاول أن يتفاوض مع الصبى الآخر. وبينما هو يفعل ذلك كان قد أوعز إلى رجاله بأن ينتشروا فى قوس حول اللصوص حتى يستطيعوا الإمساك بهم و بينما هو يتقدم نحو الصبى الأكبر ليأخذ منه السكين إذا بشخص ثالث يحمل مطواة يهاجم بعنف المستر ناش فصرخت جاكلين صائحة :
ــ احترس يا ناش من وراءك
كانت تحمل فى حقيبتها آلة كاميرا فأشعلت ضوء الفلاش على اللص المهاجم جاعلة المزرعة و كأنها فى ضوء الشمس فى عز النهار , إلا أن الشخص تمكن من طنع المستر ناش طعنة نافذه فى فخذه فصرخ متألماً بينما تمكن الثلاثة من الهرب , فتبعهم رجال المزرعة يحاولون عبثاً أن يمسكوا بهم, أما جاكلين فانطلق إلى المستر ناش وقد استبد بها القلق عليه, تحاول جاهدة أن تعرف مدى الضرر من الإصابة التى تكبدها.
قالت له:
ــ أنه جرح بالفخذ سيحتاج إلى بضع غرز قليلة , فلا داعى للقلق...لقد طعنك الوغد...يا أسفى على ما فعل....
ــ جاكلين هل أستطاع الرجال الإمساك بهم؟
ــ كلا....أعتقد أنهم لن يستطيعوا, لقد هربوا مسرعين
ــ ما الذى حدث لىّ بالضبط....آهـ إن الجرح يؤلمنى , ماذا عساه أن يكون؟
ــ أنه جرحى سطحى , ربما يحتاج إلى الغرز.
تمزقت جاكلين من تأوهات المستر ناش و اعتصرها الحزن و خشيت أن يكون السكين قد أتلف شرايين القدم و أعصابه, خشيت أن يصاب بالشلل فقالت وهى تحاول جاهدة أن تخفى وساوسها عنه:
ــ هل تستطيع أن تحرك أصابع قدمك ؟
فرد قائلاً : ــ نــعـــم
قالت :
ــ إذن هيا بنا تستند علىّ و تتوكأ علىّ حتى أعيدك إلى المنزل
بين نوبات الألم علم المستر ناش أن جاكلين قد أسدت إليه معروفاً و صنيعاً لا يمكن أن ينساه فحمد لها صنيعها بينه و بين نفسه , و نهض متكئاً عليها فقالت له:
ــ أرجوك أن تتماسك حتى نعود إلى المنزل
ــ سأحاول جهدى
و انطلقت بالسيارة التى كان قد أتى بها المستر ناش و بينما هما فى الطريق راحت تتحسس بين اللحظة والأخرى الرباط الذى ضمدت به جرحه , و هو عبارة عن شريط قطعته من قميصها و ربطت به الجرح بالفخذ ليسد النزيف...و لدهشتها وجدته يغنى فى صوت أجش واهى غليظ أغنية(وردة تكساس الصفراء)
فاهتزت أوتار قلبها و تأثرت عواطفها حتى كادت تبكى , و استمرت تقطع الطريق و ألفت نفسها تردد معه الأغنية و كلماتها :
"يا وردة تكساس الصفراء, كم غيرنى حبك إلى إنسان جديد"
و اكتشفت تجاهد دموعها خشية أن تفر منها , حينما وصلا أخيراً إلى المنزل مرة أخرى.
نهاية الفصل الخامس


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-06-16, 09:31 PM   #7

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل السادس /
رؤيـــا مــــزعـــجـــــة
وصلت السيارة إلى المنزل فتح المستر ناش باب السيارة ليخرج و صاح المستر لين يخاطب جاكلين :
ــ هل هو على ما يرام يا جاكلين؟
رد المستر ناش بابتسامة ساخرة قائلاً:
ــ كان عليك أن تخاطب صاحب الأمر , أنا لا زلت بين الأحياء حتى الآن...
تهلل وجه المستر لين مبتسماً و صاح:
ــ يا بركة جميع القديسين...حمداً لله....فى لحظة وقوعك طاش صوابى و لم أدرى ماذا أفعل؟ لقد كلفت الطبيب المستر جالين بالسهر على راحتك!
ــ لا أريد عوناً من أحد و لا حتى منك أنت.
انضمت لهم جاكلين خارج السيارة لمساعدة ناش على الهبوط...قالت وقد بدا التأثر فى عينيها :
ــ كان عليك يا ناش أن تقدر حدوث ما حصل قبيل المغامرة و خوض المعركة
كانت جاكلين فى كل مرة توقفت فيها فى الطريق لتتفقد الرباط التى ضمدت به الجرح تكتشف أن الدماء الجديدة تنزف و لذلك استقر رأيها على أن يراه أحد الأطباء حتى تستطيع أن تهدئ من أعصابها المنهارة و تسكن نفسها قليلاً و لما أقدمت تساعده أبعدها جانباً و قال لـ لين :
ــ هل أمسكتم بهؤلاء اللصوص الصغار؟
ــ للأسف لم أتمكن من ذلك...لقد كانت معهم عربات عجيبة تستطيع السير بسرعة فى أسوأ الطرق والمنحنيات إلا أنى تمكنت من التقاط أرقام هذه العربات و هى معى الآن.
ــ هذا سوف يفيد مع الصورة التى التقطتها جاكلين فى الكشف عن الجناة و ضبطهم.
ــ هل كان هذا الضوء الذى رأيناه هو فلاش الكاميرا يا جاكلين؟
ــ أجل , و أنا الآن عندى صورة للشخص الثالث الذى طعن المستر ناش
ــ هيه , ما أروعك يا جاكلين!.
و دخلا إلى غرفة مكتب المستر ناش , كان الطبيب فى انتظاره هناك و هو بعد قد أخرج أجهزته الطبية استعداداً لإجراء جراحة سريعة للمستر ناش على أن يتم علاج الجرح فيما بعد علاجاً جذرياً و حتى لا تتلوث فى الوقت الراهن خاصة و ان الحفل مستمر و الليل قد حال دون نقله إلى المستشفى .
و بدأت العملية الجراحية و للمستر ناش , اكتشفت جاكلين أن أمامها وقتاً يوازى وقت علاج المستر ناش أرادت أن تستغله فى الاغتسال و تغيير ملابسها . فتوجهت إلى الحمام لتكتشف أن ملابسها صارت قذرة و متسخة بالأوحال و لطخات الدم الصادرة من المصدر ناش فهالها المنظر , فاغتسلت و ارتدت مرة ثانية ملابس الحفل و ما كادت تخرج من الحمام لتدخل غرفتها حتى تبعتها كريس ,فلما رأتها سألتها جاكلين :
ــ هل لاحظ أحد من المدعوين بالحفل غيابى أنا و ناش؟
ــ نعم, و سألونى عنكما فأخبرتهم بأنكما قد توجتهما معاً إلى الكنيسة الجنوبية لعقد القران تمهيداً للزواج.
ــ كلا...لا....لماذا فعلت ذلك؟
ــ حتى تصير المسألة على ألسنة القوم و تصبح الشغل الشاغل لهم و تتحول شائعة ترتد مرة ثانية إلى ناشى لتضرب بقوة فى ذهنه حتى يفكر ملياً فى أمر الزواج منك فى هذه المرة, ذلك أنه عازف عن الزواج.
ــ لقد علمت أن السبب هو ما حدث لأمك بسبب حبها لأبيك حينما مرضت لموته.
ــ تماماً فهو يخشى تكرار المأساة
ــ هل علمت ما الذى أصاب أخاك فى خلال الساعتين اللتين غادرنا فيهما الحفل؟
ــ نعم, لقد أخبرنى المستر لين باقتضاب.
ــ لقد أصابه أحد اللصوص بطعنة فى فخذه , فتألمت كثيراً له....
ــ هونى عليك فهو الآن يتعالج و سوف يشفى عما قليل .
ــ ما رأيك فى موقفه من سوزان؟
ــ هو لا يحبها,و لا يفكر بالزواج كما تعلمين
ــ هل سبق لك الزواج كريس؟
ــ كلا...و لكنى لن أفعل مثله. أنا بحاجة إلى إنسان أسكن إليه و أركن إليه أشكو له همومى و يخفف عنى و أخفف عنه . هل تعلمين جاكلين أنى أختلف مع أخى فى هذه الناحية و كثيراً ما أشعر بأنى غريبة عن العائلة فى أشياء كثيرة . حيث أنى حينما كنت طفلة لم ألق الدلال و المعزة التى لاقاها أخى مما جعلنى أشعر بأنى غريبة عن هذه العائلة أو أنى لا أحظى بما يليق بى من حفاوة و ترحيب , و لعل هذا هو الذى جعلنى أظن أنى حينما ولدت قد تبدلت خطأ بطفلة أخرى , فجئت أنا إلى هذه العائلة و ابنتهم ذهبت إلى عائلة أخرى.
لم تعرف جاكلين ماذا تقول لـ كريس ذلك لأنها أحست بنفس المشاعر فى الطفولة , و لكنها كانت تعوز ذلك إلى أن كل طفل فى تلك المرحلة يحس بنفس المشاعر و الأحاسيس و لذلك لم تبتئس كثيراً من ذلك الشعور و قالت:
ــ أنا أتفهم مشاعرك هذه جيداً كريس.
ـ أنا أرتاح فى حديثى إليك يا جاكلين مما يجعلنى أفضى إليك باسرارى التى ربما أخفيها حتى عن أخى ناشى و عن أمى لأنى أعلم أنها سوف تدهش و تصدم عندما أصرح لها بكل ما يعتمل بداخلى من مشاعر و أحاسيس و لذلك فإنى أجد فيك يفهماً لهذه الخلجات يا جاكلين و ربما لأنى كبرت و لىّ أخ شقيق بدون أخت شقيقة أستطيع أن أفضى إليها بمشاعرى , بما كان ذلك هو السبب.
خامر جاكلين شعور بعدم الارتياح لما قالته كريس و حاولت تفادى التحدث فى هذا الموضوع خشية أن تحنث بعهدها لـ ناشى بكتمان الأسرار.
فنهضت و هذبت فستانها و قالت لها :
ــ ألا نعود إلى الحفل الآن, يجب ألا نترك الضيوف هكذا!
ــ أنت محقة ما كان ليّ أن أثقل كاهلك بأفكارى المجنونة.
كان ثمة شعور بالانكسار و التداعى فى صوت كريس كان بمثابة دليل على أن انصراف جاكلين عن الاستماع إليها قد جرحها و آذى مشاعرها . لقد كانت أول مرة تشارك فيها أفكارها و ضعفها مع أية إنسانة أخرى . و الآن فأمامها وقت طويل قبل أن تخاطر مرة ثانية بإطلاع الغير على خصوصيات عواطفها الداخلية.
لقد تعلمت من أمها أن اطلاع الغير على خصوصيات نفسها السرية من شأنه أن يحمل بين طياته المخاطر . أما استجابة جاكلين السلبية للاستماع و الانصراف إلى ما يجيش به مكنون صدرها جعل كريس تتأكد من كل هذه الحقائق . ولكم تمنت كريس لو أن هناك طريقة أخرى أكثر لطفاً و تعاطفاً تنهى بها جاكلين حديثها عن أسرارها و هموم قلبها,إلا أنها تجرعت غصة الألم فى صمت بدون أن تـُعلم أحداً بتعاستها
انضمت كريس و جاكلين للحفل و قالت سوزان لها:
ــ أين كنتما ؟ لقد كنا فى انتظاركما لتقطيع تورتة عيد الميلاد.
التفتت جاكلين ذات اليمين و ذات اليسار متسائلة:
ــ و ماذا عن ناشى ؟ أين هو ؟ يجب أن ندعوه للحضور
سمعت صوته من ورائها الأمر الذى حرك جوانح نفسها و هاج منها الفؤاد و العاطفة , و كان يتوكأ على عكاز مزين بالنقوش و كان قد غير ملابسه الملطخة بالدماء وارتدى بنطلوناً جديداً و بدا شاحباً إلا أنه لا يزال جذباً... قالت :
ــ ما كان لك أن تمشى و تتجول هكذا.
ــ أجل و لكنى لم أحب أن أفقد ما تبقى من الحفلة . وهناك مزيد من الوقت للراحة فيما بعد .
ــ نعم لقد صدقت يا مستر ناش
أيقنت أن الطبيب قد أعطاه مسكنات للألم حتى لا يشقى بالجروح.
للحظة كالبرق انطلقت سوزان مسرعة نحوهم و أطلت برأسها تتطلع إلى عكاز المستر ناش كامبيل و صاحت :
ــ ما الذى وقع لك؟
و من وراء رأس سوزان رأت عينا المستر ناش عيون جاكلين و قد أحست الفتاة فيهما نوعاً من الشعور الكامن بالتقدير لها و المودة , قال يخاطب سوزان :
ــ لقد كنت أتجول فى ضوء القمر و لكنى لم أبصر موطأ قدمى فزلت منى الساق فهويت و أصبت بتلك الجروح .
تجهمت سوزان و توتر وجهها فى لطف محبب و قالت :
ــ لقد سمعت بتجولك فى ضوء القمر . فى المرة القادمة عليك أن تصحبنى معك لأكون بجوارك و ساعتها سوف أبذل لك من عنايتى و حسن الرعاية
ــ لقد كنت بين أيدى طيبة قامت بالواجب معى و أحسنت إلىّ....
أستشعر ناش كامبيل استهجان سوزان و كان ما أنقذه من الموقف وصول التورتة الضخمة الخاصة بعيد الميلاد و قد أحاطت بها الشموع المتوقدة , و قرأت جاكلين ما خط على قمة التورتة و قد كتب عليها
(عيد ميلاد سعيد لـ كريس & جاكلين )
فقالت :
ــ هلى هى فكرتك يا مستر ناش ؟
ــ من...فكرتى أنا؟ و تصنع البراءة و السذاجة ليتهرب من الإجابة .
ــ و من غيرك ؟! كان المفترض أن المدام جين أن تصنع التورتة لـ كريس و ليس لىّ أنا....
رد ناش قائلاً :
ــ و الآن هى لكما أنتما الاثنتين, ألن تساعدى كريس فى إطفاء الشموع و الهمس فى داخلياتك بما تتمنين من أمنيات سعيدة لك فى المستقبل ؟!
كانت جاكلين تتمنى أمنيتين أثنتين أولاهما العثور على أمها الحقيقية و الأمنية الأخرى لم تجرؤ على الهمس بها حتى لنفسها, ذلك لأنها أمنية جديدة جداً خلقتها الظروف الطارئة . لقد تمنت لو أن المستر ناشى قد أحبها و غرق فى عشقها . فهى بين جدالها و نزاعها معه و بين إنقاذها لحياته وقعت فى حبه و صارت تعشقه.
كان تقطيع التورتة يبشر بنهاية الحفل بالنسبة إلى أولئك الضيوف اللذين كان يتعين عليهم التوجه إلى بيوتهم البعيدة.
ساعدت جاكلين كريس فى توديع المدعوين و قد شعرت بأن الكلام الذى أبدته لها كريس يفوق كل ما تتوقع
وعلى الرغم من أن معظم الضيوف لم يكونوا يعرفونها إلا أنهم جلبوا معهم لها الهدايا و تمنوا لها الأمنيات السعيدة.و حينما جاءت عائلة الطبيب جالين للتوديع صافحت جاكلين الأيادى معهم , و جاءت الفرصة لتسأل الطبيب:
ــ كيف حال ناشى بصراحة؟
تلفت الطبيب حاوليه و من وراء كتفه كانت زوجته تتسامر مع كريس فقال لها :
ــ لقد كان جرحاً نافذاً و يحتاج إلى غرز جراحية , غير أنه ليس ثمة أى أعصاب قد أتلفت و بناءاً عليه سوف يلتئم الجرح التئاماً جيداً إذا التزم بالراحة التامة , ذلك أن ساقه بحاجة إلى أسبوع كامل على الأقل لتشفى...و أنا أعتمد عليك فى ذلك , لقد جاءتنى انطباعات مختلفة عن ذلك حينما كنت أخيط له الجرح.
ــ ربما كان ذلك من تأثير الألم و الجرح .
ــ على أية حال , انه موقن تماماً بأنك أنت من أنقذت حياته من الجراح الخطيرة , و مما هو أكثر....
حينذاك امتلأت جاكلين سروراً , أن الطبيب لم يكن يعرف شيئاً من تفاصيل ما حدث , و بذلك أعطاها الطبيب هدية عيد ميلادها أكثر قيمة و غلواً من أى هدية أخرى من أولئك التى تلقتها اليوم , قالت:
ــ لقد فعلت فحسب ما يفعله أى أمرئ آخر فى مثل هذه الموقف
قالت ذلك فى هدوء أعصاب و ثقة من نفسها ...
ــ ربما كان ذلك صحيحاً و لكنك كنت هناك حينذاك و هو لديه من الشكر و التقدير لك ما يفوق الوصف.....
علمت جاكلين أن أمتنان ناشى لها لن يفيد كثيراً فى علاقتها بشأن فرض الراحة التامة عليه , فقالت لطبيب :
ــ كل ما نستطيع فعله هو أن نحاول أن نجعله يمتثل لأوامرك .
ــ هناك أول تنازل دائماً, فلو قدم لك أو تنازل لنجحت جاكلين...و أنا أعتقد أنه لو كان ثمة شخص يستطيع ممارسة النفوذ و التأثير عليه فهو أنت و لا ريب جاكلين.
كان أمام جاكلين بعد انتهاء الحفل و انصراف القوم أن تمضى تلك الليلة على عواهنها , فأخذت الصحون و الطباق لكى تغسلها إلا أن كريس أصرت على تركها قائلة:
ــ ألق هؤلاء الأطباق بعيداً و أتركى للخادمات تنظيفها...
ــ و لكن هناك الكثير من العمل الذى يتوجب الإنجاز...
ــ و كذلك هناك كتيبة من العاملين تم استئجارهم خصيصاً للقيام بذلك...هلم أمامى إلى غرفة نومك يا جاكلين بعد كل ما حدث لك هذه الليلة لابد أنك الآن تشعرين بالضنى و الضعف.
ــ أشعر بأنى قد سافرت سفراً طويلاً استغرق أميالاً و أميالاً . أن كل عضلة فى جسمى تتألم.
ــ لذلك, فما الذى يجعلك تنتظرين ؟ هيا أخلدى إلى الراحة ...
أيقنت جاكلين أن كريس قد اعتزمت تماماً و لن تتراجع , فتوجهت إلى غرفة نومها . ولم يبدأ الضنى و التعب فى الظهور على جسدها و عظامها . و تمنت لو أنها أخذت حماماً و ألقت بنفسها على الفراش فذلك منتهى أملها الآن.
ولكنها لم تلق راحة أو هناء فى نومها . لقد أنشغل عقلها مرة تلو المرة فى استرجاع اللحظة التى وقع فيها ناشى على الأرض مضرجاً فى دمائه تحت تأثير المطواة الجارحة ثم استسلمت جاكلين إلى التعب و راحت فى نوم عميق .
وقعت جاكلين تحت تأثير حلم مزعج , رأت و كأنها فى ضوء النهار و ليس ثمة فلاش كاميرا لإرباك المهاجم المجرم الذى أصدر صرخة عظيمة و قفز واثباً من بين الأحراش و أغمد المطواة فى ظهر ناشى الأعزل من اى سلاح . مادمت الأرض بها. و تلطخت بالدماء إلا أنها قد أعاقها أعاقة تامة السياج المحيط و لم تستطيع بكل ما أوتيت من قوة أن تتخلص من ذلك السياج فصرخت تستحث ناشى:
ــ انتبه يا ناشى...انتبه....
و حاولت ان تضرب بأيديها و هى غارقة فى النوم فى حركات بطيئة حمقاء فصارت كما الذى يحاول أن يخوض فى بحور من العسل. وعلمت تدريجياً أن ناشى لم يعد له حراك , فارتفع صوتها يبكيه فى نحيب و عويل و تفجع عليه قائلة:
ــ أوهـ ....كلا ! لا....
فاستيقظت عند ذلك على تأثير صراخها بمفردها صراخاً عالياً فركزت على ما حولها من أشياء فى صعوبة بالغة , و علمت أن ناشى لم يمت مطلقاً: اللهم إلا فى خيالها و رؤياها كان لا يزال ماثلاً أمام ناظريها ميتاً حتى أنها أيقنت أنها لن يرتاح لها جفن حتى ترى بنفسها أنه بخير و لم يصيبه السوء.
ــــ
كان المنزل يلفه الظلام و الهدوء و الصوت الوحيد المسموع هو دقات و تكات ساعة الحائط التى تنتمى إلى الجد الأكبر . لقد مضت فى نومها أكثر مما اعتقدت لأول وهلة . و بالنظر إلى ساعة الحائط تبينت أن و الوقت يشير إلى الثانية صباحاً.
كانت غرفة المستر ناشى مجاورة فى قابلة غرفتها و كان بابها مصرعاً. فتوجهت إليه خلسة و فتحته فى سلاسة إلا أنه أصدر صوتاً جاداً جعلها تمسك عليها أنفاسها , و لكن لم يكن هناك أدنى صوت صادر من داخل الغرفة . و شيئا فشيئاً تأقلمت أذناها على حفيف صوت تنفسه فى شهيقه و زفيره , لقد كان يغط فى نوم عميق و ل يدرى بشى مما يجول بداخل الغرفة أو المنزل .
أمسكت جاكلين عليها أنفاسها و مشت على أطراف أصابعها إلى الغرفة و دخلت لتجده مستلقياً على ظهره . و كان ذراعه على رأسه أما الآخر فكان ممدداً بجوار جانبه . و قد انفرجت راحة يده .
و اكتشفت أن الغطاء قد انزاح إلى وسطه معرياً صدره العريض الذى أخذ يعلو و يهبط , ليرتفع مرة ثانية ثم ينخفض و هكذا فى إيقاع منتظم . و كان أن ألقى بساقه المجروحة بعيداً عن الأغطية , و صارت الضمادة البيضاء تلمع فى ضوء القمر القادم من النافذة المجاورة و قد تشربت الدماء عبر أنسجتها تاركة ظلالاً بنية لترشد إلى مكان الجرح.
جعل منظره جاكلين ترتجف مرتعدة مسترجعة ذكريات و مناظر من الكابوس الذى أصابها . لقد كانت أضغاث أحلام , و ركزت على صدره الذى يرتفع و يهبط فى زفراته و شهقاته مؤكداً انه حى.
أرجعت جاكلين بعناية ساقه المجروحة إلى مكانها على الفراش و أسدلت عليها الغطاء فتألم مصدراً أنيناً كما لو كانت قد أضجرت هجعته و هدأه ليله. ففتح عينيه فى اللحظة و الساعة نفسها , صائحاً:
ــ جاكلين...ما الذى تفعلينه ها هنا؟
ــ أتأكد من انك بخير و عافية.....
ردت فى صعوبة و قد شعرت كأنها طفلة صغييرة ضُبطت متلبثة و يدها فى إناء الحلوى . ثم أضافت قائلة :
ــ لم أكن أقصد أن أوقظك....
ور فع نفسه على أحد مرفقيه و صاح :
ــ و ما الذى جعلك تشعرين أنها يجب عليك أن تتفقدى عافيتى؟
ــ ربما اعتقدت أن ذلك جنون منى, لقد رأيت رؤيا سيئة تنذر بالشر . و اعتقدت أن ذلك الحلم هو واقع لا خيال.....
قال المستر ناش كامبيل و هو يربت على حافة فراشه بيده :
ــ لا اعتقد ان شيئاً من هذا حدث, تعالى و أجلسى ها هنا و أخبرينى بما شاهدتى فى حلمك؟
غرقت جاكلين فى نبضات من التوتر الذى شمل كل بدنها , إلا أنها فعلت كما أمرها. و كان الفراش الضيق يجعل من جلوسها معه بمثابة اقتراب وشيك منه , على مقربة كافية لتحس بكل همساته و لمساته , صاحت:
ــ لقد كان مجرد حلم
ــ عن الهجوم الذى تعرضت له فى الحقل الشمالى ؟
ــ أجل, و فى الرؤيا وجدت نفسى و قد أعاقنى السياج عن فعل أى شئ حتى أنى صرت معوقة إعاقة تامة . و الرجل الذى كان يحمل المطواه...أنه....أنه كان...
لم تستطيع الاستمرار و بدأ صدرها يجيش و تنقطع أنفاسها فى تنهدات سقيمة , كلما عاودتها صور الحلم المزعج , و الرؤيا المزعجة فى وضوح مرعب و مخيف . قالت :
ــ أوهـ , ناشى لقد حلمت بأنك قدمت....
ــ هس. حسناً لقد كان بمثابة أضغاث أحلام...
جذبها بين ذراعيه و أحاط رأسها بذراعه من الخلف بينما هى اتكأت على صدره محاولة إيقاف التنهيدات اللاهثة التى قطعت صدرها , و اهتز الفراش من جراء قوة ارتجافها و ارتعادها , فلمس بيده على جبهتها التى ترطبت بالعرق قائلاً
ــ أنها الصدمة هى التى أثرت عليك .كان يجب أن أعرضك على الطبيب
ــ أشعر بأنى حمقاء و لا أستطيع التوقف عن البكاء.
ــ لا تحاولى التوقف . أتركى بكاءك يخرج من صدرك . فسوف تشعرين بالتحسن.
انفجرت فى البكاء كما لو كانت موافقته هى كل ما تحتاجه , حتى صارت كالطوفان الذى تخلل و نفذ إلى صدره ليتشرب من دموعها بينما هى تتشبث به...و لما انتهت من البكاء شعرت بأنها ضعيفة ولكنها هادئة مشطوفة من لأحزان . فرمقته بعيونها تتطلع إلى وجهه و قالت:
ــ لم يحدث أنى بكيت طوال حياتى هكذا !
ــ ربما كنت تحتاجين إلى ذلك , ليس لما حدث اليوم , و لكن على والديك . هل بكيت عليهما حينما ماتا؟
بكيت فى داخلى و ليس ظاهرياً
ابتسمت ابتسامة هادئة تعبر عن رضاها عن نفسها و قالت :
ــ حسناً ,أنك بخير فلا تجزع من حلمى.
ملست يده حينذاك فى بطء و تؤده على ظهرها من أعلى إلى أسفل و هى اللمسات التى شعرت بأنها تريحها و تهدئ من خاطرها , قال ناشى:
ــ أتركى للزمان فرصة مداواة الأحزان . أعلم ان ذلك يؤلمك الآن , لكن كل شئ سوف يزول بمرور الوقت .
لفت جاكلين ذراعيها حول عنقه و قبلته معانقة واضعة كل تقديرها له على عطفه و حنوه فى قبلات حارة
نهاية الفصل


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-06-16, 09:31 PM   #8

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الــفــصــل الــســابــع /
الــــمــزاد
بعد الحفلة مضت الأيام متثاقلة على جاكلين ذلك لأن علاقتها مع المستر ناشى بعد أن بلغت الذروة فى التفاهم و الحب قد تدهورت لتصل إلى أدنى مستوى لها فيها . غضبت من تصرفاته بشأن خوفها الزائد من التورط فى الحب و بالتالى الزواج ممن يوقعه حظه من النساء و على رأسها بطبيعة الحال الفتاة جاكلين.
كما أن خوف المستر ناش على أخته كريس قد جعل جاكلين كذلك تتذمر منه, بالإضافة إلى أنه كسيد و صاحب للمزرعة, كان يجعل لديها حساسية خاصة منه . إلا أن الأمر الذى جعلها تتضايق منه على أكثر نحو هو خوفه الجارف من التورط بالحب مع فتاة ربما تحمل ابنه فترفع عليه قضية بالمحاكم كى تثبت نسب الطفل إليه كأب , و هو تماماً ما صارحته به جاكلين وهو كذلك شئ أضاف التوتر إلى العلاقات بينها و بين ناشى.
لم يحتمر المستر ناش تنبيهات الطبيب الذى صارحه بضرورة التزام الهدوء و الخلود إلى الراحة حتى يتماثل الجرح للشفاء التام و الاندمال إلا أن ناشى لم يعبأ بذلك و كان كثيراً ما يسهر فى داخل مكتبه حتى ساعات مبكرة من صباح اليوم التالى, و ذلك هو عين ما جعل كريس تسخط عليه , و تنفر منه كذلك, خاصة و أن الفتاة جاكلين قد أطلعتها على كل تفاصيل علاقتها مع شقيقها و أخبرتها كذلك بمدى حرصه و حذره حينما يتعلق الأمر بممارسة الحب معها , و الخوف الذى يبديه مما جعل جاكلين تضج بالشكوى و السخط و تتمنى لو كانت قد امتنعت عن الاستجابة له امتناعاً كاملاً تماماً لا رجعة فيه . و يبدو أن الرابطة الخفية التى تجمع بين كريس و جاكلين ازدادت عمقاً و رسخاً مع مرور الأيام و التجارب و الحديث و التسامر و المعيشة بصفة عامة.
تخلف المستر ناش عن العمل بالمزرعة و غرفة الكمبيوتر فترة غير قليلة بعد أصابته بالجرح النافذ فى ساقه , و هنا تضاعف العمل على جاكلين التى كان يتعين عليها أن تصبح المديرة الفعلية لكل المزرعة و البيت و غرفة الكمبيوتر....فكانت قليلاً ما تحصل على راحة أو تنعم بالهدوء....كانت تنفق المزيد الوقت نهاراً بالمزرعة للقيام بالأعمال الاعتيادية التى أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية فى فيرنيدا و بالإضافة إلى ذلك صارت كل أعمال المنزل من نصيبها , و هو الأمر الذى جعل كريس تحصل على أجازة لكى تساعدها فى أعمال المنزل على وجه الخصوص .
أما ضايق فهو ذلك النظام المعقد للكمبيوتر الذى يستعمله المستر ناشى فى مزرعته و كذلك التوسع فى الاعتماد عليه اعتماداً كلياً و استخدامه تقريباً فى كل صغيرة و كبيرة فى أعمال المزرعة.
و كان عليها أن تمضى وقتاً طويلاً فى الإطلاع على نظم تشغيل ذلك الحاسب المعقد و هى إلتى تضمها مراجع و كتب فى حجم دليل الهاتف , فكان عليها أن تمضى الليالى الطويلة ترهق عيونها و ذهنها فى رموزه و كشف طلاسم النظام العجيب الذى يسير عليه المستر ناش كامبيل و كانت من الحين للآخر تستخدم كمادات لمسح عيونها كلما لزم الأمر حتى تستطيع الإطلاع على ما يحويه من نظم صعبة و مطولة. و نفعها أنها كانت أصلاً قد درست الحواسيب الآلية فى كلية الزراعة و الميكانيكا بولاية تكساس الأمريكية.
ـــــ
دخلت كريس على جاكلين فى غرفة الكمبيوتر بينما كان المستر ناشى كامبيل معها يناقشها فى بعض استخداماتها للكمبيوتر و يشكر لها إدخالها للكمبيوتر و يشكر لها إدخالها للبيانات الحديثة على الملفات الخاصة بكل منها و هذه العملية كانت تقتضى منه طويلاً....إلا أنه أساء الفهم فى البداية و أعتقد أن جاكلين أنما تتجسس من أجل الاطلاع على أسرار العائلة طالما أن مسألة معرفتها لجذورها و أمها الحقيقية تمثل هماً من همومها و شغلاً شاغل من مشاغلها الكثيرة التى لا تنتهى عند حد.
و بعد جدال عنيف و شجار وصل إلى حد أن المستر ناش كامبيل صفع جاكلين على وجهها صفعتين قويتين ....أكتشف الرجل المتهور كيف أنه أساء إلى الفتاة المسكينة الطيبة التى أسديت له خدمات جليلة منذ مقدمها من شهرين انقضيا حتى اللحظة. فصار يستعطفها أن تعفو عنه و تسامحه و صار يتودد إليها مناشداً رضاها , و فى تلك اللحظة عينها دخلت كريس فقالت و قد أثنت ذراعيها على صدرها و كأنها تتحدى ناشى و قد بدأ عليها النظرة العدوانية:
ــ أعلم أن جاكلين قد قامت بمجهود جبار فى إدارة المزرعة أثناء مرضك و أنا واثقة من أنك سوف تقدر لها ذلك و تكافئها على حسن صنيعها معك.
ــ نعم , سأفعل أن هناك مزاداً علنياً لبيع الماشية فى مدينة سيمور فى نهاية الأسبوع و ربما تحب جاكلين أن تأتى معى.
ــ فى يوم أجازتها , ألا ترى أن جاكلين قد أضناها العمل و أتعبها , و أنى أراهن أنها لم تأخذ يوماً واحداً راحة أو أجازة منذ جاءت إلى هنا .
فى هذه اللحظة قالت جاكلين:
ــ أحب أن أرى مزاد بيع المواشى. فهى فرصة للاطلاع على كيفية إدارة مزادات بيع المواشى هنا.
ــ إذن فقد اتفقنا . سوف آخذك معى يا جاكلين بنفسى .
ــ أنت سوف تأخذنى معك؟ و ماذا عن ساقك المجروحة؟!
ــ ينما كشف علىّ الكبيب قال أنى يجب أن استخدم ساقى كلما أمكن حتى أتحاشى تيبس العضلات .
ــ عظيم جداً ...رائع
كانت جاكلين تتلقى الخطابات بصفة مستديمة من أخيها جون بالولايات المتحدة الأمريكية و تحديداً من ولاية تكساس , فكانت تقرأها بشغف و كانت تتلمس فيها مدى مخاوفه عليها و قلقه بشأنها , فقد كان جون يخشى عليها الغربة و الرجال الأغراب عنها فى بلاد استراليا الواسعة , كما كان قلقاً خشية أنها لو وجدت و اكتشفت عائلتها الحقيقية ألا تعود ثانية أبداً إلى أمريكا .
كانت جاكلين تطمئن جون و ترد على خطاباته تباعاً و تهدئ من روعه و صرفت عنه تلك الأفكار المزعجة المقلقة و أكدت له أنها سعيدة بالتجربة التى تخوضها فى المزرعة التى يمتلكها السيد ناشى كامبيل
لما حان وقت رحلة المستر ناشى و جاكلين إلى مدينة سيمور لحضور المزاد العلنى لبيع المواشى , ركب كلاهما السيارة و توجها إلى هناك و لاحظت جاكلين كيف أن المستر ناشى كان – قبيل الانطلاق بالسيارة – ينظر ذات اليمين و اليسار ثم إلى الخلف عدة مرات خشية أن يأتى أحد عمال المزرعة خصوصاً المستر لين ليصاحبهما كما اعتاد فى هذه الرحلة. ففهمت جاكلين أن ناشى لا يريد لأحد أن يصاحبهما .
و بينما كانت السيارة تنطلق بهما وجد ناشى أن جاكلين غارقة فى التفكير و قد سرحت فى خيال بعيد , و من خلال عهده بها أيقن أن السبب فى ذلك ما هو إلا بسبب بحثها عن أمها الحقيقية , ذلك أنها لابد أن تكون تقدح زناد فكرها فى طريقة أو أسلوب مبتكر من أجل أن يساعدها فى الكشف عما أرادت . قال لها :
ــ ألن تنسى ولو لمرة واحدة هذه المسألة التى تكاد تقضى عليك؟
ــ مسألة ماذا؟
ــ مسألة التبنى.
ــ و هل الإنسان يعيش إلا من أجل الماضى و المستقبل ؟!
ــ أن البحث فى الماضى يوصلك إلى الهياكل العظمية...فهيا انظرى إلى المستقبل.
فهى هذه اللحظة أحست جاكلين أن المستر ناشى يعرف المزيد لكنه يخفى عنها المعلومات , و يأبى إلا أن يزيد من عذابها و ضجرها , و ربما كان هناك ما لا يريد ألا يطلعها عليه خشية ضرر من نوع ما قد يصيبه هو أو عائلته أصابة مباشرة, قالت:
ــ كل ما أعلمه هو أنك أنت و كريس جئتما هذه الحياة توءماً ثم تم تربيتكما على أيدى عائلتين مختلفتين بعد أن تبنتكما . أما ما وراء ذلك فهو محض تكهنات لا ترقى إلى مستوى اليقين. .
هنا ازدادت جاكلين ثقة فى أن مستر ناش يخفى عنها أموراً تجهلها و لا يزال يعاملها على أنها قاصر ليس من حقها معرفة حقائق عائلتها ...إلا أنها لم تشأ التصادم معه و تحويل الأمر إلى شجار و أنما فضلت أن تستدرجه بهدوء و سلام لاستخراج ما تريد معرفته من الحقائق...قالت:
ــ أذن , ماذا يمنع من أن أشاركك فى هذه التكهنات ؟
ــ ليس ثمة ما يمنع , لكن أنت تعلمين أنى لا أحب أن أقول ما لا أعرف, و كل ما هنالك أن المسألة لا تحتاج منا تكليفها أكثر مما تحتمل . على كل سوف يأتى وقت تعرفين فيه كل ما تشائين أن تعرفيه .
انفعلت جاكلين و لكنها مدت نفسها بحبال الصبر ثم قالت :
ــ أنت تخفى عنى شيئاً ما و لابد أن أعرفه يوماً ما...
ــ و أنا أريد أن أسألك سؤالاً فهل تجيبنى بصراحة؟
ــ أجل, سئل مل شئت.
ــ ماذا ستفعلين لو أنك لم تقفى على أثر ضالتك المنشودة , أى عن عائلتك الضائعة و أمك الحقيقية هل سوف تمضين حياتك كلها تبحثين و تبحثين إلى ما لا نهاية ؟
ــ كلا, حينذاك سوف أوطن أمرى و نفسى على تقبل الحقيقة المرة و استسلم لما شاء الله من قضاء و قدر و لكن ليس قبل أن أصل إلى ما أردت من بذل الجهد و المحاولة و الوقت.
فى هذه اللحظة وصلت السيارة إلى أحد الفنادق التى سوف ينزل فيها كلاهما فترة انعقاد المزاد , فى مدينة سيمور القريبة من مزرعة فيرنيدا فتساءلت :
ــ هل تنوى قضاء إحدى الليالى هنا فى هذا الفندق؟
ــ أجل, أن الظروف , ربما استدعت ذلك,, ربما اضطررنا إلى تمضية أكثر من ليلة واحدة . و على اى حال هى فرصة لكى تزيدى توثيق معلوماتك عن إجراءات الصفقات و المزادات العلنية الخاصة بالمواشى فى هذه البقعة.
ــ أجل , هذا صحيح!
كانت جاكلين تعنى شيئاً آخر فى ذهنها هى فحسب. ألا و هو أنها سوف تنتهز هذه الفرصة للإطلاع على السجلات المدنية الحقيقية حتى تقف على حقائق جذورها و أصلها و نسبها العائلى لها.
فكانت أفكارها هذه مما لم تطلع عليه المستر ناشى إلا أنها أضمرت فى نفسها أمراً و اعتزمت أن تنفذه فى أقرب فرصة تسنح , حتى لا تضيع من يدها فرصة ربما لا تستطيع أن تعوضها مرة ثانية.
كانت مدينة سيمور الاسترالية مركزاً تجارياً مزدهراً و موقعاً تجارياً رائجاً و مركز للاقتصاد و المال و التجارة و الأوراق المالية و كذا البورصات و كان يحيطها شطاً من النهر المنبسطة الممهدة الخصبة فى وادى ميريمبدجى
و على مدار فترة زمنية وفيرة تقدر بالقرن و نصف قرن من الزمان , كانت مدينة سيمور بمثابة رقعة و مكاناً للمعسكرات الخاصة بسائقى الشاحنات الضخمة التى تجرها الخيول المحملة بحمولات كبيرة...
و فى الأعوام التالية لعام 1800 للميلاد كان لصوص الأوغال فى استراليا تستهويهم مدينة سيمور بسبب إغراءات و بريق الذهب و مناجم الذهب فى المقاطعات المحيطة بها من كل صوب و ناحية .
وكما درست و اطلعت الفتاة جاكلين اغتنى الكثير من رجال المناجم و المغامرين الذين أخذوا من البحث عن الذهب مهنة لهم فأراحتهم بمكاسب مدى الحياة و حققوا أموالاً وفيرة وصاروا من كبار رجال القوم بعد ما كانوا أسفل السلم الإجتماعى , فكان ذلك سبباً فى تغيير أحوالهم بين عشية و ضحاها .
أما الآن فإن مدينة سيمور تبدو لـ جاكلين و كأنها مدينة أليفة صديقة ودودة كما لو كانت عاشت فيها من قبل ذلك عدة سنين .
ذلك أنها مثل مدينة (كورباص كريستى) فى ولاية تكساس بالولايات المتحدة الأمريكية ذلك أنها يحيطها بالمثل أحد الخلجان الصغيرة مما أدى إلى أن بعض شوارعها و خصوصاً القليل منها كان يمضى فى طرق مستقيمة .
لم يكن عسيراً على جاكلين أن تتعرف على موقع عقد المزاد العلنى لبيع المواشى...ذلك أن فى تلك البقعة كان ثمة المزيد من الغبار العافر و الجلبة و الضوضاء و أصوات القوم الذين انخرطوا فى البيع و الشراء و المزايدات على البضائعو السلع المعروضة من كل حدب و صوب .
قبل أن يدخلا إلى الموقع التفتت جاكلين لتجد أن الفتاة سوزان تقترب منهما فتقدمت تصافح جاكلين و المستر ناشى و خاطبته قائلة له :
ــ أشكرك على دعوتى لمصاحبتك فى هذا اليوم حيث يعقد المزاد ....
ــ العفو...لقد أحببت أن أجعلك ترين شيئاً مزيداً فى بلادنا.
شعرت جاكلين بأنها يكاد يغشى عليها من الشعور بالغثيان و المرض و تساءلت بينها و بين نفسها عن سبب حضورها , و كيف أن المستر ناش حينما زعم أن اصطحابها معه هذا اليوم للمصالحة و كسب خاطرها و ودها , ما كان إلا هراء و خديعة كما اعتاد أن يفعل بها منذ جاءت إلى ذلك المكان . و سمعت سوزان تقول له :
ــ منذ أن أخبرتنى فى حفل عيد الميلاد و أنا أعد الأيام و الساعات , متى استطيع أن أراك و أصاحبك فى ذلك اليوم؟
ــ هى معى أنا و جاكلين فعرفت جاكلين أنها ما كان لها أن تصدقه .
مضى بهما فى السوق عبر الشوارع الضيقة المزدحمة و كان من وقاحة سوزان كما رأت جاكلين أنها أخذت بمعصم و ذراع السيد ناش و ومضيا هما الاثنين يشقان طريقهما وسط الزحام بينما هى مشيت وراءهما . و تخشى من حين لآخر أن تضل عنهما فتتوه وسط الزحام برغم أن مدينة سيمور هى مسقط رأسها حيث ولدت منذ 25 عاماً.
وجدت جاكلين أنه بلغت الوقاحة بسوزان أنها لم تكتف بمرافقة و الاستحواذ على ناشى بل التصقت به التصاقاً وسط زحام السوق وكان كلما شرح لها شيئاً أو قال شيئً تقفز و تثب فرحاً فى غبطة غامره و تؤكد آراءه صواباً كانت أوخطأ.
رغم أن مشاعر جاكلين كانت مجروحة و تئن فى ألم إلا أنها أخفت مشاعرها , و انصرف ذهنها إلى ضرورة تنفيذ الخطة التى سبق و أن رسمتها فى ذهنها ألا و هى التوجه إلى أرشيفات المدينة و زيارة ملفاتها و الاطلاع على كل ما تستطيع أن تطلع عليه من أوراق و خلافه تثبيت نسبها . و أيقنت أن الفرصة السانحة سوف تكون متوفرة حينما يتم الانتهاء من مهمات و مشغوليات السوق و العودة إلى الفندق, حيث سوف تغادره سراً و تزور الأماكن التى ترغب فى زيارتها , ثم تعود من حيث ذهبت دون أية متاعب من أحد , أو حاجة إلى أحد.
لما انتهى المستر ناشى من مهامه أحب أن يزيد من تجوله مع سوزان و سأل جاكلين أن تصاحبهما إلا أنها رفضت و فضلت العودة إلى الفندق فهى على الأقل لديها أولوياتها التى سوف تفعلها بشأن ما تفكر فيه من السعى إلى العثور على أمها , كما أنها علمت أن خروج المستر ناشى مع سوزان بمفردهما سيكون أفضل من عدة أوجه .
فربما تنجح سوزان فيما فشلت هى فيه, من استئثار على قلب المستر ناشى . فقد كان شعار سوزان فى الكلية بالولايات المتحدة الأمريكية هو : "الاستئثار على أكبر عدد ممكن من الرجال" ثم نبذهم إذا أقتضى الأمر ذلك. لم لا وهى الفتاة المستهترة التى لا ترعى حداً أو قيداً أو عهداً لأى شئ. حسناً...أنها لن تعانى كثيراً حينما يهجرها ناشى من وطأة آلام الحب و عند تفكير جاكلين فى كل ذلك شعرت بأن دافعاً قوياً يدفعها إلى تمزيق يد سوزان و إبعادها بشت الطرق الممكنة عن ناشى و لو أقتضى الأمر قتلها , إلا أن السلوك القويم و الرشيد منعها من ذلك و ثبتا قدميها فى الأرض , فطرحت تلك الأفكار المجنونة جانباً و تولت إلى حيث شئونها.
مضت جاكلين و هى موقنة أن ما فعلت هو عين الصواب , إذ تساءلت بينها و بين نفسها و لما لا تبدى سرورها و سعادتها بما صحبة بعضهما البعض ؟ بدلاً من الشعور بالبؤس و الشقاء ثم الانعزال و العزلة؟
كان الحل الأفضل لها هو أن تغرق نفسها فى العمل ليلاً نهاراً.
خاصة و أن البحث فى سجلات المواليد و الوفيات و الزيجات ثبت أنه غير ذى جدوى و لم يقدم لها المزيد من المعلومات الضرورية أكثر مما كانت قد توصلت هى إليه بالفعل.
كانت جاكلين قد عرضت مشكلتها على الموظف المختص و بينت له الميكروفيش الذى يثبت أن جاكلين ماكين قد ولدت فى هذه البلدة.
و قالت له:
ــ أنظر ماذا ترى فى بيانات ا لخاصة بها.
قال :
ــ أن السجلات تثبت أن جاكلين كريستين ماكينى قد ولدت ها هنا بنفس هذا التاريخ إلا أن أختها لم تذكر فى السجلات على الإطلاق.
ــ كيف ذلك ؟ هل يمكن أن تذكر واحدة و تهمل الثانية؟!
ــ من الممكن و ليس ثمة مشكلة فى ذلك.المعنى أن جاكلين ليست لها شقيقة.
ــ و لكنى أعلم أن لها شقيقة و أسمها أيضاً كريستين .
هنا قطب الموظف جبينه عابساً و صاح:
ــ من الممكن أن تخطئ السجلات و لكن السبب هو أنه ربما حدث خطأ أو سقط الاسم أو أهمل فى الأيام المبكرة أما الآن فى هذه الآونة , فليس من المحتمل أن يتم تسجيل اسم احدى الشقيقتين و تهمل الأخرى فهل هؤلاء الشقيقتان هما من أقربائك؟
ــ هما ينتميان إلى الفرع الاسترالى للعائلة . ربما أخطأت فى الحقائق ....
ــ انظرى فى الأوراق بنفسك , برغم من أن ذلك غير مسموح . أن تتبع أسماء الأشخاص المتوفين هو أيسر بكثير من تتبع الأحياء....
حاولت جاكلين الانصراف قبل أن يسألها الموظف أسئلة أخرى ربما تكشف عن هويتها و شخصيتها التى لا تزال تخفيها عنه.
فتظاهرت جاكلين أنها تنظر إلى ساعتها لتعلم الوقت قبل فوات أوان موعدها المزعوم , و قالت :
ــ أقدر لك عونك و مساعدتك , و الآن يجب علىّ أن انصرف سريعاً .
ــ هلا سمحت بكتابة التفاصيل الخاصة باستمارتها ها هنا حتى أستطيع البحث ثم أخبرك بعد ذلك بالنتيجة؟
ــ سأفعل ذلك حينما أعود إلى المدينة مرة أخرى .
ــ ذلك أفضل . فأين قلت أنك تقيمين؟
فالتفتت له من خلف ظهرها و قالت و هى تعدو :
ــ يجب على الانصراف الآن....أشكرك على أية حال .
ــ أحست بأن حيرة الموظف تبعتها إلى خارج الباب . و لما خرجت من المبنى أسندت ظهرها إلى أحد الحوائط و أصدرت أنيناً و تنهيدة أحست أنها أراحتها . صحيح أنها لم تعلم المزيد إلا أنها لم تضيع الوقت سدى و لم تشعر بالضياع إذ وجدت خيطاً تستطيع تعقبه . و لم يعلم الموظف لماذا هى مهتمة بهذه السجلات على وجه الخصوص.
و فى نفس الوقت لم تحنث بعهدها للمستر ناشى .
امتلأت رأسها بالألغاز و التساؤلات , لماذا كانت هى الوحيدة من التوأم التى تم تسجيل يوم ميلادها ؟ تذكرت عندما كان الموظف يجيب و يرد على أحد المكالمات الهاتفية أطلت برأسها فى سجل عائلة كامبيل حيث لم تجد ذكراً لـ كريستين كامبيل أيضاً!!
أن الإنسانة الوحيدة التى تستطيع الإجابة على هذه الأسئلة الحارقة هى أم ن اشى المدام أليس كامبيل وهى بمثابة المصدر الوحيد التى تم حرمانها من التجادل معها بشأن ذلك الموضوع الحساس . امتلأت جاكلين إحباطاً و بؤساً بينما هى تمضى على الطريق الأليم عائدة إلى الفندق حيث تقيم اقامة مؤقتة بعيداً عن مزرعة فيريندا.
نهاية الفصل السابع


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-06-16, 09:32 PM   #9

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الـــفــصــل الــثــــامـــن /

عــنــكــبــوتــ الــفـــنــدقــ

كانت أمسية اليوم التالى هى قضاء السهرة فى أحد مطاعم مدينة سيمور لتناول طعام العشاء هناك كما كان مقرراً منذ بداية الزيارة كما كان المستر ناشى وعد جاكلين سابقاً...و فى الساعة المحددة للانصراف إلى أحد مطاعم المدينة جاء المستر ناشى كامبيل إلى جاكلين مسرعاً ليقول لها:

ــ هيا ارتدى أفضل ملابسك حتى نتناول طعام العشاء فى المدينة و أرجو أن ترتدى على وجه الخصوص الفستان الأسود...فستان التخرج..ذلك لن المستر سكوت هوارد سوف يتناول العشاء معنا بمصاحبة سوزان

اغتمت جاكلين و علمت أن ناشى يريدها أن تتجمل حتى تبدو فى صورة حسنة من أجل إغراء المستر سكوت و فى نفس الوقت ينفرد هو بالمسامرة مع سوزان فادعت أن ذلك الفستان غير موجود فى حقيبة ملابسها حتى تفوت عليه الفرصة على الرغم من أنها كانت قد أحضرت هذا الفستان معها فى الحقيبة .... سألته :

ــ و من هو المستر سكوت هوارد ؟ و ما سبب زيارته و دعوتك له؟

ــ أنه صاحب و مالك المزرعة المسماة هوكابورا التى تتلقى فيها سوزان تدريبها .

علمت جاكلين أنه حتى العشاء الذى كان مقرراً لها أن تتناوله معه بمفردهما قد سلباه سوزان و سكوت فلم يبق لها شئ تنتظره من المستر ناشى و بعد دقائق سوف يوطد ناشى علاقته بـ سوزان , لتصبح هى على الهامش لا حاجة له بها فى دنياه الجديدة , و إزاء إلحاحه بالإسراع , أهملت جاكلين عمداً تزين نفسها لأنها أمنت أنه إذا كان ناشى يريد إسعاد المستر سكوت فلن يكون ذلك بالتأكيد على حسابها هى. فلبست بنطلون جينز و أحد القمصان فبدا مظهر معتاداً .

خرجت جاكلين من غرفتها لتجد ناشى ينتظرها ,و خرجا بمصاحبة سوزان و المستر سكوت إلى أحد مطاعم المدينة , كان المطعم مزدحماً بالرواد على غير العادة نظراً لانعقاد المزاد , فكان رب كل أسرة يرفه عن عائلته و أفرادها بدعوتهم فى مطاعم المدينة على غير المألوف لأن ذلك لا يتكرر عادة إلا كل فترة طويلة.

اختار لهم ناشى لهم أحدى المناظر الهادئة فى أحد الأركان . و جلسوا جميعهم ينتظرون المشروب الذى أختاره كل منهم لنفسه قبل الدخول فى تناول العشاء.

وجدت جاكلين أن المستر سكوت هوارد و هو أبن المستر هوارد صاحب المزرعة الأصلى , كانت قد رتبت أمورها على أن تنهض منصرفة عنهم جميعاً بمجرد الانتهاء من تناول طعامهم , لأنها لم تكن مستعدة أن تكون مجرد زينة أو دمية يتسلى بها المستر سكوت هوارد .

قال ناشى يخاطب جاكلين:

ــ هل علمت أن المستر سكوت هوارد كان أحد طلاب منح الرابطة الزراعية الدولية , و أنه تلقى تدريباته فى الزراعة فى ولاية تكساس الأمريكية , أن هذا رائع و سوف يجعل أمامهما الفرصة لتبادل الحديث و التسامر.

ــ رائع! هى فرصة طيبة بلا ريب , حتى أسأله عن آرائه فى كل شئ رآه تكساس!

طوال فترة العشاء كانت جاكلين تلاحظ كيف أن سوزان لم تسقط عينها عن المستر ناشى كامبيل كاشفة عن مكنون داخلها فى نظراتها , كما كانت تلاحظ – للأسف و المرارة التى أصابتها – أن المستر سكوت ينظر لها نظرات تنم عن حب عميق و تقدير كبير لم تلاحظه سوزان أبداً..

فتألمت كيف أن الفتاة سوزان قد استأثرت على قلبى الرجلين معاً فى سهولة و يسر....و كانت من الذكاء بحيث لم تبد مشاعرها بل كاظمتها حتى لا يعلم أحد عنها شيئاً.

عندما انتهوا من تناول العشاء و انصرف المستر سكوت بمصاحبة سوزان قال ناشى لـ جاكلين :

ــ هل أخبرتنى بحق الشيطان لماذا كان سكوت ينظر إليك هذه النظرات و ما سر اهتمامك به؟

ــ من حقى أن أهتم به, لأنه يهتم بى أم عن نظراته لىّ فسأله هو و لا تسألنى أنا....

ــ لقد أفسدت كل ما كنت أخطط له.

ــ ما الذى كنت تخطط له....هلا أعلمتنى حتى أخطط لك أنا أيضاً. أن سوزان كانت معجبة بك تماماً.

ــ أعلمى يا جاكلين أن المستر سكوت يحب سوزان و كان قد أفصح لىّ عن سر مشاعره , و سألنى المعاونة فدعوتهما على العشاء حتى أوفر لهما فرصة اللقاء المناسب ليعبر سكوت لها عن حبه...

اندهشت جاكلين و تساءلت هل هذا صحيح , إذن فلقد ظلمت المستر ناشى و ظنت به الظنون و ندمت على أنها لم ترتد الفستان الذى كان يفضله...أنه كان يريدها أن ترتديه ليراها هو به و ليس من أجل المستر سكوت هوارد....يا إلهى....لماذا تصرفت على هذا النحو جاكلين , لقد كدت أن تبتعد عن الصواب .

صمتت جاكلين برهة ثم قالت:

ــ و لماذا لا يعبر عن حبه ثم يطلب منها الزواج؟

ــ أمامه أعمال ينتظر القيام بها أولاً ثم الشروع فى ذلك!

ــ هو طلب منى ألا أفعل , أنه يريد أن يثبت شيئاً ما فى ذهنه أولاً ثم بعد ذلك يتصرف على بينه و هدايه...

ــ و هل أنت متأكد من أنك لا تحب سوزان؟

ــ أنها مثلها مثل كريس فأنا أعزها و أقدرها...فحسب.

رويداً ...رويداً أيقنت جاكلين أن مخاوفها من سوزان لم تكن سوى سحابة صيف سرعان ما تبدت سريعاً و انقشعت عن سماء صافية بينها و بين ناشى....

بمرور الوقت تصافت جاكلين مع ناشى و صارا أفضل من ذى قبل و لما لم تخبره جاكلين شيئاً عن موضوع بحثها عن أهلها الأصلين سألها ناشى قائلاً:

ــ هل جاء بحثك اليوم عن موضوع التبنى بنتيجة طيبة أم لا ؟

ــ لم أتوصل بعد إلى ما كنت آمل و أتوقع الوصول إليه و لكن على أية حال هذه لست النهاية فقد اكتشفت أن ثمة طرقاً و أساليب يجب إتباعها أهمها أنه بدون حكم قضائى لا أستطيع الإطلاع على شهادة ميلادى الأصلية أما شهادة الميلاد التى فى الملفات الخاصة بى فهى تبين فقط أسماء والداى الذين تبنيانى .

ــ فماذا سوف تفعلين ؟!

ــ أتمنى لو كنت أستطيع أثبات أن والداى الأصليين قد قضوا نحبهم و ماتوا... و لكنى لا أستطيع ولن أستطيع اثبات ذلك . و لا أعلم حتى من هم . و ما هى هويتهم, ألا ترى أن الأمر بمثابة مهزلة كبرى.

ــ إذن ليس هناك المزيد مما يمكنك أن تفعلين؟

ــــ

حزنت جاكلين من هذه الحقيقة التى صرح بها المستر ناشى كامبيل فى هدوء كما لو كان يلقى بنكته من النكات , و لكن عين الحقيقة كانت أثقل على كاهلها من أى شئ آخر يمكن أن يتخيله إنسان فى هذه الدنيا...أنها تعنى اليأس و القنوط للأحياء , تعنى توقف كل شئ و أن كل شئ صار معدوم القيمة حتى الحياة .

و ولت بوجهها عنه خشية أن يستشف الوجد فى صوتها آهات دفينة و هو يتوارى بين أناتها كى لا يتبين ناشى منه شيئاً . أنطبقت أصابع جاكلين فى قبضة عابسة شقية تعساء تقترب بها طارقة على المائدة فى تسليم بحقيقة طالما تجاهلتها و أشاحت بشرودها عنها و صاحت:

ــ يجب أن يكون ثمة طريقة للخلاص , يجب ولا بدمن حل, و لن يهدأ لىّ جفن قبل أن اتوصل إلى الحل...و سوف أواصل بحثى عن الحقيقة جاهدة حتى أكتشفها .

صب المستر ناشى الحليب فى القهوة و راح يقلبها و هو يركز على الدائرة البيضاء الشهباء فى المنتصف و صاح:

ــ وما الفائدة إذن ؟ كل ما تقولينه هو أنك تتعسين و تشقين نفسك!

ارتعدت فرائض جاكلين و ارتعشت يداها حتى أنها سكبت بعضاً من القهوة الخاصة بها فى طبق الفنجان...تجاهلت ذلك و ركزت نظراتها الحانقة الغاضبة على ناشى و قالت:

ــ أعتقد أنك تفضل أن استسلم و أذعن و ألغى البحث , أليس كذلك؟

ــ هل تعنين حقاً ما تقولين؟

لمعت الدموع فى عيون جاكلين الشهلاء الملونة و تحشرج صوتها من التأثر بعواطفها الملتهبة المتصاعدة و لكنها رفضت الاستسلام للبكاء... قالت:

ــ لقد عثرت بالصدفة بالأمس على ملف عائلتك كامل...و الشكر يرجع إلى موظف عامل بدار التوثيق و السجلات, الذى صارحنى و أطلعنى على أكثر مما كان يتوجب عليه أن يفعله, لقد اكتشفت أنه ليس هناك أى سجل عن ميلاد كريس على الإطلاق .

ــ بل لابد و أن يكون هناك....فهى تحمل رخصة قيادة طائرات و جواز سفر... ربما كان ذلك بسبب امتناع الموظف لأنها متبناه.

ــ هذا ما خطر ببالى لأول وهلة و لكن ليس لها ملفات أو سجلات فى كلا الحالتين.

ــ يا للهول.... يا لها من مصيبة مطبقة و شر مستطير...لابد أن يكون هناك خطأ وظيفى...أننى أعلم أن أمى لديها شهادة ميلاد كريس!

ــ هل رأيتها بعينك؟

ــ كلا...لقد أعطت أمى كريس نسخة هى التى تستخدمها حينما تحتاج إليها .

ــ إذن...ماذا تفعل لو تأكدت أن شهادتها ليست فى الملف على الإطلاق؟

ــ هذه كارثة...لأن ببساطة ستكون هذه الشهادة ليست حقيقية أو أصلية...يا لها من ورطة و مأزق عظيم العواقب , ينذر بأوخم النتائج.

مالت جاكلين نحو المستر ناشى قائلة:

ــ ناشى...الحل الآن مع والدتك...لو تسنى لىّ أن أتحدث معها...أنها الإنسانة الوحيدة التى بمقدورها أن تقدم لنا الإجابات الكافية لحل هذه الألغاز.

ــ ربما تكونين أنت بحاجة إلى إجابات , أما أنا فلست بحاجة إلى ذلك....لماذا لا تصرفين نظرك عن هذا الموضوع برمته؟

ــ أتعرف معنى ذلك بالنسبة لىّ؟ أن الأمر لن يعنى لك شيئاً و الاحتمال الأكبر أنك سليل أجيال طويلة من عائلات كامبيل الذين عاشوا فى مدينة فيرنيدا فترة طويلة من الزمان...ولكن هل بوسعك أن تتخيل سوء ما تعنيه بالنسبة لىّ...أن معناه وجود فجوة عُظمى فى حياتى؟

ــ أنت مخطئة فيما اعتقدته بشأن عائلة كامبيل!

حينذاك علمت جاكلين أن الظروف فى ذلك الوقت وفرت فرصة تبنى كريس بدون أية مشاكل لأنه من خلال خبرتها كانت تعلم أن المجتمعات الزراعية تبيح و توفر شروط نمو و انتشار الشائعات و القيل القال مثل سرعة انتشار النار فى الهشيم,الأمر الذى يجعل وصول طفلة جديدة لا يمكن أن يمر بدون ملاحظة القوم....قال ناشى فجأة:

ــ لا تشغلى نفسك كثيراً بهذا الموضوع!

ــ على أية حال لقد عرفت أنت جذورك وحينما سيسألك... معذرة....أشعر بأنى ليست على ما يرام...سوف أصعد إلى غرفتى بالفندق فأنا بحاجة إلى الراحة قليلاً.

مضت جاكلين تاركة ناشى و قد أيقنت أنه من النوع الذى يجب أن يأخذ دائماً بدون عطاء....لقد صدقت السيدة جين إذن عندما حذرتها منه...فهى صارت لا تتحمل المزيد من مجادلاته العقلية المنطقية التى تضيع الوقت سدى.

بعد قليل وجدت طرقاً على باب غرفتها و سمعت صوت ناشى يقول :

ــ لقد أتيت لأتأكد من أنك على ما يرام !

ــ لقد تحسنت...أشكرك....بوسعك الآن العودة إلى الآخرين.

ــ ليس قبل أن أتأكد بنفسى أنك بخير و ليست مريضة!

فتحت جاكلين الباب قليلاً و أطلت برأسها لتقول بهدوء :

ــ كم ترى...فأنا بخير...و أشكرك على سؤالك عنى!

حاولت غلق الباب فقال لها :

ــ اللعنة...لقد قلقت عليك قلقاً عظيماً جاكلين...فأنت جزء من عائلتى!

لم تحتمل الألم عندما سمعت ذلك, فهى لا تريد أن تكون شقيقته الأخرى... فإذا كان ذلك يناسبه و مبتغاه فإنها سوف تكون الخاسرة التى تدفع الثمن... كان الحل الوحيد أمامها أن تعود من حيث أتت و أن تحاول أن تلتقط شتات نفسها و أشلاء حياتها المبعثرة... لفت نفسها فى الروب و قالت:

ــ عندما يسألك أطفالك عن جذورهم سيكون بإمكانك أن تخبرهم....أما أنا فلن أجد ما أرد به على أولادى حينما يسألونى عن أوصولهم و جذورهم!

استدارت جاكلين عائدة إلى غرفتها و قالت:

ــ لقد كنت على وشك الخلود إلى النوم.

ــ إذن...فأنت مريضة حقاً

ــ كلا...لقد شعرت بالتعب و سأتحسن بعد نوم وراحة ليلة كاملة.

ــ حسناً...إذا غيرت رأيك و أرتد التسامر,فسأكون بجوارك فى الغرفة المجاورة...فربما اشتقت إلى من يملأ عليك استيائك و يؤنس لك وحدتك.

عندئذٍ تمنى ناشى لها نوماً هادئاً و قال :

ــ تصبحين على خير جاكلين.

ــ تصبح على خير ناشى.

لم يأت لها النوم الهادئ إذ صار ذلك مطلباً عزيز المنال و صارت أعصابها ثائرة لا تعرف هدوء , أين أنت أيها النوم, ثم أين هى راحة البال ؟لقد صارت هى الأخرى بعيدة المنال, و شعرت جاكلين بالآسى و المرارة تعتصر قلبها , و تألمت وظنت أنها لو أخذت حماماً ربما ساعدها على استرخاء أعصابها و من ثم تستطيع الخلود إلى الراحة و النوم.

توجهت جاكلين إلى الحمامات و كانت منفصلة عن غرف الفندق...مرت على غرفة ناشى فى الممر المؤدى إلى مكان الحمامات حاولت استراق السمع و التصنت لعل و عسى تكون سوزان عنده و هى لا تعلم....إلا أنها لم تسمع أى صوت صادر من الغرفة...مضت إلى الحمام... فتحت الباب و غسلت وجهها و همت تمسك فرشاة الأسنان لتنظف أسنانها...شاهدت فى المرآة شيئاً مفزعاً...لقد رأت شيئاً كالعقرب معلقاً على الستارة....صرخت فهرع إلى الأرض....كان فى حجم طبق فنجان القهوة....ازداد صراخها و أطلقت صيحة أخيرة اهتزت لها الغرف المجاورة و هى تستغيث فلجأت إلى الحائط المقابل و كانت عليه أحدى المرايا فسقطت على الأرض و تكسرت إلى أجزاء صغيرة فصرخت ثانية...وهنا وجدت أحداً يحاول فتح أكرة الباب مرة بعد أخرى ثم اكتشفت أنه المستر ناشى كامبيل يقول – و الحشرة قد اقتربت من قدم جاكلين- :

ــ اللعنة...ماذا هنالك جاكلين....ماذا أصابك؟

أخذت جاكلين تشير إلى الأرض و تحشرج صوتها وغصت حنجرتها و هى تنطق بصعوبة بالغة :

ــ هناك ....على الأرض!

أرشدته نظراته الفاحصة إلى الجسم النابض المقرفص عند الصنبور و أجزاء المرايا المتناثرة حوله, مما زاد و فاقم من حدة الرعب و الخوف....

قال المستر ناشى فى نبرة واثقة وهو يهدئ من رعب جاكلين كما ولو كان يحاول تهدئة حيوان نافر خائف :

ــ ما فى شئ...حسناً....ما هى إلا عنكبوته كبيرة !

قالت جاكلين و هى تلهث و الرعب يملأ أطرافها :

ــ كبيرة جداً...أكره العناكب...إنه كالعقرب!

أشاحت بوجهها بعيداً عنه و هى تستغيث بـ ناشى و تلوذ به كى يخلصها من هذا المأزق و هذا الكابوس...صاح ناشى قائلاً :

ــ لا تخافى....أنك تعانين من الخوف المرضى بلا شك!

ــ أجـــــل...!

ــــ

قضمت جاكلين شفتها السفلى لكبت و كظم صرخاتها حتى لا تصدرها ثانية... أومأت برأسها لــ ناشى مؤكدة له خوفها المرضى من كافة أشكال العناكب و العقـارب فأخذ بيدها و ذراعها وحثها على القفز فى اتجاهه و جعل نفسه واقفاً بينها و بين ذلك الشئ المزعج فى الحمام و قال فى تؤده و ثقة:

ــ هلم تعالى...سوف أخرجك من هنا!

قالت جاكلين و هى مجمدة الأطراف :

ــ لا أستطيع !

ــ أجل سوف تستطيعين...هلم تعالى فى خطوة واحدة و سوف أطير بك من فوق الزجاج المتناثر على الأرض.

ركزت جاكلين على صوت نبراته و كلماته الهادئة و قبضة أصابعه المطمئنة لها....التقطها كما يقطف الوردة عبر أرضية الحمام حتى ارتطمت أخيراً بين ذراعيه و صارت واقعة فى أحضان صدره العريض ....قال وقد اكتسحها حاملاً إياها بين ذراعيه فلم تطأ أقدامها الأرض:

ــ كل شئ على ما يرام...لقد التقطتك!

بعد ذلك بدقائق أودعها على أرضية غرفتها ثم رجع أدراجه مرة أخرى ...تشبثت بذراعه قائلة فى صراخ:

ــ أين سوف تذهب؟

ــ سأقتل العنكبوت و أعود....لن أتأخر!

صدق ناش كامبيل فيما قاله....لقد اجتاز الطريق عائداً لتوه إلى الحمام...أسرع فى الصالة الرئيسية كالصاروخ و سمعت جاكلين صوت مطرقة عظيمة ثم صوت الماء المنساب الجارى و هو يجرف تلك الحشرة المزعجة بعيداً...أن صورها كانت تملأ عقلها و ذهنها فراحت ترتجف و ترتعش....عاد ناشى بسرعة إلى جانبها و قال فى صوت خفيض ملئ بالحنو:

ــ أنتهى كل شئ....هل أنت بخير الآن؟

ــ سوف أكون بخير ....كم تمنيت ألا أكون بهذه الدرجة من الجبن و الغباء. ــ أن مجرد خوفك و خشيتك من شئ ما ليس معناه الجبن أو الغباء, أن الإنسان الجبان هو الذى يحجم عن مواجهة و ملاقاة السفاح قاطع الطريق وهو يحمل مطواة.

ابتسمت جاكلين ابتسامة هادئة و قالت :

ــ لقد تحولت أنا إلى شئ هلامى لمجرد رؤية العنكبوت المزعج!

ــ أنت متعبة و منهكة القوى....ما كان عليك أن تنزعجى من هذا الشئ الصغير .

ــ لقد كنت أحسب أن كل شئ ضخم فى تكساس....أما هذه الحشرة فقد بدت و كأنها تستطيع التهام طائر بمفردها!

ــ بعضها يفعل ذلك...إلا أن معظمها غير مؤذ أو ضار...أن الاستراليين يبقون عليه من أجل إمساك و اصطياد الذباب.

ــ أوهـ ....يا إلهى....

أخذت جاكلين تنهيدة عظيمة و شهقت الهواء ثم قالت متذكرة:

ــ من الأفضل أولاً أن أرتدى شيئاً من الملابس!

ــ آهـ...بالمناسبة...عندى لك خبر هام

ــ و ما هو ؟

ــ عندما عدت إلى غرفتى وجدت أختى كريس قد تركت لىّ رسالة تقول فيها أن أمى سوف تعود ثانية إلى مدينة سيمور غداً !

قالت جاكلين فى لهفة :

ــ أصحيح ما تقول؟

ــ أجل...من المقرر أن أقابلها فى محطة الأتوبيس و أصطحبها بالسيارة إلى منزلنا بالمزرعة

ــ ربما لا تعرفنى عندما ترانى لأول وهلة!

ــ لا تشغلى بالك...سوف أعرفكما على بعضكما البعض !

تفكرت جاكلين برهة ثم قالت :

ــ إذن...لقد أنتهى بنا المقام و المكوث فى هذا الفندق...ينبغى على وحدى أن أبقى فى هذا المكان حتى أجد عائلة أخرى تستضفينى.....أو أرتب العودة إلى بلادى...إلى تكساس!

ــ كلا....هناك ما هو افضل من كل ذلك.

أعادت جاكلين أمر عودتها إلى بلادها فى ذهنها مرة أخرى....كانت تعلم انه حينما يأتى الأجل فإنه سوف يلزم عليها الإنفصال عن المستر ناشئ كامبيل... شعرت كما لو كان العالم كله قد توقف عند هذه اللحظة...هزت جاكلين رأسها يأساً و كأنما تقول لنفسها "ألقى وراء ظهرك الظنون التى ربما لا تفيد شيئاً فى عالم الواقع"

عندما أنصرف المستر ناشى من غرفتها متوجهاً إلى غرفته لينام وجدت جاكلين نفسها بمفردها , توجهت إلى النافذة و كأنما تريد أن تلقى منها شيئاً كبيراً يجثم فوق صدرها الرقيق...ألقت بنظرها فى أعنان السماء و هى تتنفس نفساً عميقاً أعقبته بتنهيدة غامضة , فرأت أبراج كنيسة سوثرن كروس و قد غلفتها السحب و غيوم الضباب فجعلت الأمر مستحيلاً على النجوم أن تسبح فى الفضاء الرحيب.

شعرت أن الأمور فى حياتها تمضى على نفس الوتيرة و النمط .

تساءلت فى نفسها ...هل سيأتى يوم ما تستطيع أن ترحل فيه عن هذه البلاد فى طريقها إلى موطنها مرة ثانية؟...لم تجد جاكلين رداً على سؤالها....بحثت طويلاً عن إجابة....إلا أن التعب تمكن منها فراحت فى نوم عميق....


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-06-16, 09:33 PM   #10

Just Faith

مراقبةومشرفةسابقة ونجم روايتي وكاتبة وقاصة وملكة واحة الأسمر بقلوب أحلام وفلفل حار،شاعرة وسوبر ستارالخواطر،حكواتي روايتي وراوي القلوب وكنز السراديب

alkap ~
 
الصورة الرمزية Just Faith

? العضوٌ??? » 289569
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 145,786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Just Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond reputeJust Faith has a reputation beyond repute
?? ??? ~
جروبي بالفيس (القلم وما يهوى)https://www.facebook.com/groups/267317834567020/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الــفــصــل الــتـــاســـع /
الــصـــحـــيـــفــــه
لم يبقى عندها إلا أن تفتش فى الصحف القديمة عسى أن تصل إلى حقيقة أصلها...فى الصباح توجهتجاكلين إلى مقر صحيفة سيمور ستار المحلية التى كانت تصدر منذ خمسين عاماً بمدينة سيمور ...قابلت موظف الاستقبال و طلبت منه مساعدتها فى الإطلاع على الأعداد القديمة للصحيفة, أرشدها بترحاب وراحت جاكلين تتصفح الأعداد الصادرة منذ خمس و عشرون عاماً مضت .
راحت تتصفح ....و تتصفح...كانت المهمة شيقة,أحست أنها تعيش فى أوراقالتاريخ مع كل خبر قديم حتى وصلت إلى خبر من فقرة واحدة يقول:-
(أن المستر و المدام ليندون ماكفى القادمين من الولايات المتحدة قد قاما بزيارة إلى مقاطعة سيمور و كانت المدام ماكفى تزور صديقة طفولتها المدام توم كامبيل من فيريندا...أن عائلة كامبيل قد جاءوا حديثاً إلى مقاطعة و اشتروا مزرعة فيرنيدا من عائلة فوستر غوردوناللذين عاشوا فى المنطقة منذ عام 1800 ! )
مضت جاكلين تتصفح أعداد ملفات الصحيفة القديمة المليئة بالأتربة و هى تحاول عبثاً الوقوف على شئ....كادت تغفل قصة خبرية منشورة فى النصف الأخير من من الصحيفة الأولى و بوسطها صورة فوتوغرافية لأحدى السيارات المهشمة تحت عجلات أتوبيس ضخم ,كانت القصة تقول:-
"لقيت أحدى الفتيات بالمدينة مصرعها فى حادث مؤسف - و لفت نظر جاكلين ما قالته القصة – أن الفتاة المسكين تُدعى أليس كامبيل و أن سائقة السيارة هى السيدة لينى جاميسون أحدى العاملات فى مزرعة فيرنيدا التى استعارت السيارة بموافقة المدام كامبيل للتوجه إلى مدينة سيمور و أنتهت القصة بالمأساة حينما فشلت فرامل الاتوبيس السياحى فى التوقف فى الوقت المناسب واندفع نحو الأمام فى قوة وعنف داهساً السيارة الصغيرة!"
تزايد نبض جاكلين عندما قرأت تكملة الخبر :- "أن سائقى السيارة لينى جامسون هى أم لأحدى الطفلات التى كانت تلقى الرعاية فى مزرعة فيريندا و قد عرض الزائران الأمريكيان مدام & مستر ماكفى أن يتبنيا الطفلة فى حال ما إذا لم يعثر على أية عائلة أخرى تتبناها"وكانت هناك صورة فوتوغرافيه تبين ماكفى و هو يحمل الطفلة و ينظر بتأمل إلى الكاميرا.
أنقبض قلب جاكلين بمجرد رؤية الصورة...كانت هذه الصورة بعينيها موجودة فى نسخة أخرى فى ألبوم العائلة فى أمريكا فى تكساس بالتحديد لم تكن تحسب أبداً أن هذه الصورة قد التقطت لها منذ ربع قرن من الزمان فى آخر العالم فى استراليا قبل أن يتم تبنيها من جانب عائلة ماكفى .
أنسكبت الدموع الساخنة من عينى جاكلين على الصفحات و ايقنت أنها تبكى و تنتحب من أجل المرأة المسكينة التى ترقد مهشمة تحت عجلات الأتوبيس لقد علمت بالغريزة و تأكدت من أنها أمها....
هكذا تبدد إلى الأبد أى امل فى أن تلقى أمها تحت وطأة المأساة التى قرأت عنها بالصحيفة , صارت روح جاكلين كالشبح فى بحور الضياع المتلاطمة...علمت أن الحياة أنما هى عبث و غث و لا تساوى مقدار حبة من الرمال الواثبة فى العواصف الهوجاء .
التهمت جاكلين بعيونها الصورة الصغيرة للراحلة لينى جاميسون لقد كانت جميلة و لكن ماذا كانت عليه شخصيتها الإنسانية ؟ جاكلين المسكينة لن تعلم ذلك أبداً !
تبادر إلى ذهنها سؤال هام إذ كانت لينى جامسون هى أمها الحقيقية فلماذا لم يُذكر فى الخبر سوى طفلة واحدة؟ لقد كانت تشعر بالغريزة أن كريس هى تؤام روحها و شقيقتها, ألا أنه لا يوجد سجل لميلادها و لم يرد ذكرها فى القصة التى فرغت لتوها من قراءتها.
بدأت جاكلين تشعر بالحيرة و هى تحاول أن تفك لغز هذه الأسئلة العسيرة ...كاد يُغمى عليها من التعب, اكتشفت جاكلين أن الألم الذى يعتصرها ليس ألم التعاسة فحسب و لكنه أيضاً ألم الجوع...توجهت إلى أحد المطاعم و ما ان جلست حتى سمعت صوت سوزان يقول :
ــ هل أنت بحاجة إلى صحبة؟
ــ مرحباً بك سوزان, هل أطلب لك الطعام و القهوة؟
ــ أشكرك!
جاءهم الطعام و شرعا فيه لكن الح على جاكلين سؤال فقالت :
ــ ما الذى يبقيك فى سيمور إلى الآن سوزان؟
ــ لدى المستر سكوت بعض الأعمال ينبغى إنجازها قبل أن نعود إلى مزرعة كوكا بورا هذه الظهيرة.
ــ لقد جاءنى أنطباع بأن المستر سكوت يحبك!
ــ على أية حال....هو إنسان ظريف رغم ما قد يعتقده البعض!
ــ أجل....لقد وجدته ظريفاً لطيفاً فى الليلة الماضية.
شعرت سوزان بالغيرة فتوترت أعصابها و صاحت:
ــ لقد قلت أنه إنسان ظريف...واصرح لك بأنى مهتمة به و معجبة به .
ــ يا للعجب...كنت أحسب أنك تحبين المستر ناش
ــ بالفعل أنا أحب ناش كصديقة و شقيقة ...أما سكوت فهو وضع آخر...أنه إنسان عزيز للغاية...لقد كنتما منسجماً معاً فى تألف و تناغم عظيم الليلة الماضية حتى أنى شعرت بأنكما على وشك الزواج.
ــ و هل كان هذا هوالسبب فى أنك حاولتى أن تستثيرى غيرتى فتظاهرت بإهتمامك بالمستر ناش ؟
ــ أحل , و لقد نجحت المحاولة و صار المستر سكوت أكثر اهتماماً بى.
ــ أعترف لك أنى أشعر أن سكوت كشقيقى و ليس أكثر من ذلك سوزان..كما أتمنى لكما السعادة!
حينذاك تساءلت سوزان :
ــ صارحينى يا جاكلين هل أدعيت المرض و نهضت حتى يتبعك ناش إلى الفندق كى تنفردا معاً؟
ــ كلا....لم أفعل ذلك حت يتبعنى على أية حال فما الذى يضيرنى لو فعلت ذلك؟ أننى أفكر جدياً فى الرحيل بعيداً عنه حيث لن يرانى ثانية!
ارتسمت ابتسامة تعاطف و مواساة على شفتى سوزان و مدت يدها ليد جاكلين ثم قالت :
ــ أوهـ....يا حبيبتى...ما الذى حدث حتى تقولى ذلك؟
ــ لا شئ...لقد كان عطوفاً بما فيه الكفاية فى قيامه بدور المضيف الكريم حينما حل مكان المستر بيل كايس وقت أن وقعت له الحادثة...إلا أن كل شئ كان مؤقت...لا أستطيع المكوث و المقام هناك المزيد من الوقت.
ــ و ما الذى ستفعلينه؟
ــ سوف أمضى بعض الوقت بلا هدف أو غاية...لقد قررت أن أقوم بجولة سياحية فى هذه البلاد ثم أعود إلى موطنى...إلى بلدى
ــ إلى تكساس ؟!
ــ أجل ....أنها الوطن الوحيد الذى انتمى إليه !
ـــ
راحت جاكلين ترتشف القهوة و هى تفكر و تتدبر , لقد أتت خطبات شقيقها جون المرسلة إليها لتشعرها بأنه سيكون سعيداً بعودتها ثانية , لقد تخلت عن حقها فى الميراث هذا صحيح لكنها كانت متأكدة من أن جون لن يقبل هذا التنازل منها له رغم مشاريعه المستقبلية ذلك أنها كانت تعلم جيداً أن جون إذا وعد وفى و إذا تعهد لم يخن ...فقد وعدها كثيراً أنه لن يقبل أبداً أن تتنازل له عن ميراثها.
استأذنت سوزان لكى تذهب حيث تستطيع أن تغسل وجهها و تعيد تزين وجهها بالمكياج فقد تلطخ مكياجها الأول من جراء الأحوال الجوية المتقلبة فى مدينة سيمور .....جلست جاكلن بمفردها و شعرت بوصول شابين يرتديان بنطلونات جينز مهلهلة ممزقة و قد فتحا قميصيهما عند الصدر و فوقهما جاكتات سوداء جلدية ....كان الشابالأقصر قامة هو نفسه سارق المواشى الذى سبق و ان طعن المستر ناش بالمطواة...تأكدت جاكلين من ذلك .
وضعت يدها على فمها لتخبئ وجهها...درسته جاكلين بدقة بينما راح هو يمزح مع صديقه ورفيقه حول أى الأماكن التى ينبغى أن يجلسا عليها , لقد تحفظ البوليس على الصورة الفوتوغرافية التى التقطتها له جاكلين كدليل على ارتكابه للحادث إلا أن وجهه ظهر لامعاً فى ضوء الفلاش الساطع مما أدى إلى ضياع ملامح وجهه الذى لم يغب عن ذاكرتها للحظة.
تظاهرت جاكلين بأنها تدرس قائمة الطعام و هما يستقران على احد المناضد خلفها مباشرة سمعتهما و هما يطلبان الهامبورجر و الشراب و بدأ حديث سمعته جاكلين بوضوح تام....قال الشاب لصديقه :
ــ هل رأيت...لم يتعرف علىّ أحد؟
ــ صحيح يا كيف....أنت محظوظ ....لقد أتيت إلى هذه المدينة لتختفى عن العيون الساهرة حتى يكفوا عن مطاردتك و البحث عنك .
ــ هم لن يتوقفوا طالما أن لديهم صورتى...لقد علقوها على حوائط المحلات و المقاهى و الأماكن العامة.
ــ هذه الصورة غير واضحة لقد ألقيت نظره عليها حينما توجهت إلى مصلحة المرور كى أسجل الدراجة البخارية ...هذه ليست كافية كدليل على أدانتك...لو تخفيت عن انظارهم....لنسوك نسياناً عظيماً و فى وقت وجيز.
انفرجت أسارير الشاب الذى يُدى كيف و هوالذى خمنت جاكلين أنه هو الذى طعن المستر ناش الطعنة النافذة و قال :
ــ أن ذلك المزارع الذى طاردنى قد جعلنى أبدو أحمق , لقد كان عندى العميل و الزبون الجاهز لشراء الأيائل...أن ترك أياهم وراء ظهرى كان خطا كلفنى الكثير ...ولكن الويل لذلك المزارع.
عندها قطع حديثهما النادل الذى قدم للشابين الشراب و الهامبورجر.
انتظرت جاكلينبنفاذ صبر و دعت الله ألا تعود سوزان سريعاً حتى تتاح لها الفرصة لسماع و التصنت على الشابين سارقى المواشى أطول فترة ممكنة
كانت جاكلين تعلم أن سوزان حينما تنخرط فى موضوع المكياج فأنها تنفق وقتاً طويلاًخاصة و لو كانت بصدد إزالة المكياج القديم لكى تضع آخر جديداً , هذا الأمر طمأنها من أنها لن يفوتها شيئاً من حديث الشابين...أنصت لشاب الأصغر الذى قال و هو يأكل :
ــ هل قلت أنك عندك مشترى للأيائل
ــ بالتأكيد!
ــ لقد اعتقدت أن كل ما قمت به ما كان إلا تنفيذ خطه عصابة الأسود (الليونز)!
ــ لقد زعمت أنى قمت بالتنفيذ استجابة لأوامر العصابة حتى أجبر نيد و دافوا على القيام بالأعمال القذرة.
ــ يا لك من داهية...أراهن على أنك خططت ألا تقسم الأرباح معهما و أنك كنت تريد الاستئثار بها لنفسك!
ــ أنا رجل أعمل...فما الذىكنت تعتقد أنى سأفعل يا أحمق؟!
ــ و لكن ما الذى ستفعله الآن ؟
ــ سأكرر المحاولة ثانية.
ــ أنكلا تقدر أن تخاطر مرة ثانية بالذهاب إلى تلك المزرعة لسرقة الأيائل.
ــ لما لا ؟ فمن الذى يتوقع أن أعود ثانية إلى مسرح الجريمة؟ أعلم أنى بحاجة إلى العون و المساعدة و لا أستطيع أن أطالب نيد و دافوا للمشاركة مرة أخرى بعد ما حدث فى المرة السابقة ...أنهما الآن بالتأكيد سيرفضان بلا شك و لا داعى لأن أطلعهما على ما أنوى.
ــ و لكن رجال المزرعة سيبحثون عنك.
ــ كم أتمنى ذلك...كم اتوق إلى هذه الفرصة لكى أنقض على ذلك الوغد ناش كامبيل ...فى هذه المرة سيكون الأمر جاداً و لن يفلت من عقابى بالمطواة.
اجتاحت جسد جاكلين الرعشاتن الباردة و الرجفات اللاذعة , تأكدت من أن هذان الشابان يستمتعان بسفك الدماء و إيذاء الآخرين...
أن المتعة و السرور التى استشعرتها فى نبرات صوت كيف و هو يشرح كيفية أستخدام المطواة ضد المستر ناش جعلها ترتعد خوفاً و هلعاً حتى سويداء قلبها....تأكدت أن هذان ليسا مجرد شابان طائشان كلا أنهما من ارباب السوابق المسجلين الخطرين و معتادى الإجرام .
أن المدعو كيف على ما يبدو لـ جاكلين أنه يستعمل و يستأجر المراهقين و صغار السن حتى يرتكبوا الأعمال القذرة , عندها أدركت أنه ينبغى عليها بطريقة أو بأخرى أن تحذر المستر ناش بدون أن تسمح لهؤلاء المجرمين و خاصة هذان الشابان أن يعلما أنها تترصدهما بالسمع و التصنت عليهما, نظرت إلى ساعتها و قالت فى نفسها : أن المستر ناش الآن فى اجتماع مع أمه و لا شك أنه بمرور الوقت سينتهى الاجتماع , فكرت جاكلين لو أنها ذهبت لملاقأته الآن فسوف يظن أنها تتعقبه لمقابلة أمه من أجل مصلحتها الخاصة... بالتأكيد لن يصدق حتى تصنتها التى سمعتها منذ لحظات , كما أنها فى نفس القت لن تتمكن من أخبار سوزان بدون شرح الموقف لها...فماذا تفعل بحق لسماء؟!
ـــ
فى تلك اللحظة وافتها سوزان قادمة من حيث ذهبت فقالت لها جاكلين :
ــ دعينا نخرج من هنا...أن هذان المجرمان هما اللذان اعتديا على المستر ناش كامبيل!
لم تفطن سوزان إلى ما قصدته جاكلين و لم تكن تدرى ما هى القصة...حاولت أن تفهم و لكن جاكلين سألتها بصوتمنخفض :
ــ هل يمانع المستر سكوت فى أن يوصلنى بسيارته إلى مزرعة فيرندا ..أننى بحاجة إلى جمع بعض الأشياء التى تركتها هناك.
ــ سوف أسأل المستر سكوت...أنا على يقين من أنه ليست لديه مشكلة فى ذلك و لكنى لا أفهم شيئاً.
مكثت جاكلين جالسه على المنضدة بينما دفعت سوزان فاتورة الحساب و هى تسمع معاكسات الشابين لها....كانا يريدان مصاحبتها وقد كانا فى نفس الوقت يراقبان جاكلين و هى تخرج مسرعة من المطعم...بمرور الوقت لحقت بها سوزان , كان سكوت قد وصل بسيارته فى انتظارهما و لم يكن من المحتمل أن يكون المجرم كيف قد رأى الكثير من ملامح وجه جاكلين خلف فلاش الكاميرا الذى أضاء وجهها أيضاً يوم الحادث...أخيراً شعرت بالارتياح أن تكون فى سيارة المستر سكوت فى طريقها إلى فيريندا .
فرح المستر سكوت حينما رأها – صدق كلام سوزان بأنها ترغب فى توصيل جاكلين التى ترغب فى التقاط بعض الأشياء من هناك .
قال المستر سكوت :
ــ ما هى الجهة التى سوف تقصدينها بعد ذلك؟
ردت سوزان قائلة :
ــ جاكلين تريد القيام بجولة سياحية فى استراليا قبل سفرها إلى تكساس و عودتها إلى مزرعة ماكفى بـ أمريكا.
أنطلقت بهم السيارة فى طريقهم إلى مزرعة فيرنيدا حتى وصلا فى مدة زمنية وجيزة لم تتعدى الساعتين , كانت تراقب مكان سيارة المستر ناش لتتفقدها و عندما لم ترأها علمت جاكلين أنه قد أخذ أمه إلى أحد المطاعم ليتناولا طعام الغداء فى مدينة سيمور قبيل التوجه مباشرة إلى المنزل فى مزرعة أجداده عائلة كامبيل .
لما وصلت جاكلين إلى مزرعة فيرنيدا دخلت المنزل لتجد أنه خاوى و إن ليس هناك سوى جين التى كانت تقوم بغسيل الملابس...سألتها عن المستر لين حتى تطلعه على خطط اللصوص و اعتزامهم مهاجمة المزرعة. أخبرتها جين أنهم فى الحقول الشمالية , فانطلقت إلى هناك مسرعة حتى تتمكن من اخبارهم و تنبيههم . و عندما وصلت اكتشفت ان المكان يغط فى هدوء و أن الأمر يبدو كما لو كان ليس هناك أى إنسان!
صارت تراقب و تترصد لعلها تجد المستر لين أو أحد معاونية من عمال و موظفى المزرعة و لكن عبثاً كانت تفعل...القت نظرة على الأيائل و المواشى المتواجدة هناك فوجدتهم فىهدوءهم المعتاد فايقنت أن ليس هناك أحد قد أثار هياجها أو ازعاجها.
فكرت أن تنادى بأعلى صوتها حتى تجذب انتباه العمال لو كانوا على مقربة من الحقل التى تقف فيه...إلا أنها تراجعت حيث وجدت أن ذلك بمثابة حماقة حيث لا تعلم ما الذى سوف يفعله اللصوص معها لو كانوا مختبئين و يصنعون كميناً لها. تقدمت و نظرت يميناً و يساراً و إلى الأمام و الخلف فلاحظت أن هناك عربات ضخمة محملة بالأيائل فعرفت أن جميع العمال فى المزرعةقد أختطفهم اللصوص و أسروهم فى هذه العربات ,هرولت إلى السيارة التى جاءت بها لكن أحد الشباب صغار السن من اللصوص فاجأها من خلف شجرة استوقفها و وضع فوهة بندقيه فى صدرها و قال لها :
ــ ماذا تعتزمين أن تفعلى أيتها الجميلة؟
تقدم بعد ذلك كبير اللصوص كيف إليها و هو يقول:
ــ الآن أيتها الفتاة الحلوة..أرفعى يديك و استديرى حول نفسك!
ــ ما الذة تريد أن تفعله بىّ؟
ربما عاملناك مثلما نعامل المواشى...هل يروقك ذلك يا ملكة جمال أمريكا؟
فى هذه اللحظة نهض أحد رجال المجرم كيف من المخبأ الذى كان يتخذه مكمناً لتصيد أفراد المزرعة و لما رأى جاكلين صاح صارخاً :
ــ يا للجحيم...ألست هذه الفتاة التى كانت فى المطعم منذ ساعات؟
و عندما تذكرها كيف قال فى صوت أجش :
ــ حسناًً...أنت يا أيتها الجميلة تتجسسين علينا لصالح عائلة كامبيل...يا لك من فاتنة....لن يكونعقابك إلا عندى أنا....
ضحك كيف ضحكة عظيمة و هو يتقد نحو جاكلين يريد بها شراً فعلمت الفتاة أنها مقتولة لا محال , ذابت منها حشاياها و ضعفت قدماها على حمل جسدها و أخذت تنتحب من البكاء....كانت تعلم جيداً أن هؤلاء القوم ما أيسر عليهم أن يطلقوا الرصاص عليها.
اقترب منها كيف وصار يتغزل فى ملامحها التى شحبت من الخوف...أراد لو أختلى بها لتبادله الحب و الغرام ,ارتعدت جاكلين
ــ سوف أداعبك و ألاطفك فحسب!
اعترض أحد اللصوص على مسكل كيف و صاح قائلاً:
ــ لسنا هنا من أجل ذلك...لقد جئنا من أجل الأيائل و المواشى فقط!
مضى الرجل المزعج و بعد برهة واحدة عاد مكتوف الأيدى وراءه المستر ناش كامبيل مصوب عليه مسدسه...أمراً كيف أن يترك جاكلين و شأنها صارخاً فى صوت خشن مدوى :
ــ دع الفتاة و أرحل من هنا يا كيف و إلا قتلتك!


Just Faith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:07 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.