شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.rewity.com/forum/f202/)
-   -   312 - الطرف الثالث - كارين فان - دار الحسام(كتابة /كاملة)** (https://www.rewity.com/forum/t352616.html)

Just Faith 25-06-16 06:38 PM

312 - الطرف الثالث - كارين فان - دار الحسام(كتابة /كاملة)**
 

https://upload.rewity.com/upfiles/K4T72602.png



الرواية كتابة الجميلة Rihana

312 - الطرف الثالث - كارين فان - دار الحسام
الملخص
كان حلم حياة بليندا ان يبتسم لها توم ولو مرة من قبيل المجاملة اثناء عملها بالمستشفى, ورغم ان الفتيات و الممرضات جمعيهن من مولعات بصوره في الجرائد و المحلات إلا ان بليندا كانت تظهر مشاعر غير ذلك حتى ظهر الطرف الثالث.
***
https://upload.rewity.com/upfiles/KJk72602.png


يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي



Just Faith 25-06-16 06:41 PM

الفصل الأول
توجهت بليندا الى سيارتها ثم صعدت اليها , وادارت محركها من خارج منزلها متجهة نحو ميكانيكي السيارات رغم انه لم يمضي على وجودها في لندن اكثر من ثلاثة اشهر , فقد اعتادت زيارة الميكانيكي حيث انه لا يمضي اسبوع دون ان تزور سيارتها الفورد فينرتا من الطراز القديم الجراج.
وهي لا تستطيع الاستغناء عن هذه السيارة لأنها سيارة والديها على الأقل ليس الآن . لأن حضورها الى لندن كان خطوة جريئة وشعرت بحاجتها الى التأني قبل اتخاذ خطوة ثانية كبيرة .
----------------------
عاشت في قرية دريفتون إدج الصغيرة في هيرفورد شتاير حيث ولدت ونمت حتى ثلاثة اشهر مضت , كانت سعيدة في تلك القرية الجميلة , حتى قتل والداها منذ عامين في حادث اثناء قضائها إجازة خارج البلاد, تلقت هذا النبأ الحزين وهي في العشرين من عمرها وفي احلى ايام عمرها وعانت كثيرا من الحزن ومن ألم الفراق, وتقبل كونها اصبحت وحيدة في هذا العالم حتى دون جدين تلجأ اليهما حيث ان والدها قد تربى يتيما ووالدي امها توفيا منذ عدة سنوات .
ولقد كان لماجي صديقة بليندا الفضل في اقناعها بالأستقالة من عملها في هيرفورد شاير , لقد كانت تساعد ماجي في إعداد فستان الزفاف قبل ستة شهور عندما وردت عبارة حياة جديدة و توجهت ماجي إليها وعلى وجهها الجدية وسألتها :
- ماذا ستفعلين بحياتك يا بليندا ؟
بدأت بليندا الكلام مبتسمة :
- لا شيء , اعتقد انني سأستمر بعملي في كوبرز .
"ولكن ماجي" قاطعتها وقالت " بصراحة ان ذلك المكان ليس جديرا بك "
ماجي موظفة في نفس الشركة وتعلم ان طاقة صديقتها مهدرة .ثم استطردت ماجي قائلة :
- هيا وافقيني الرأي بأن هذه القرية ليست لائقة بك ايضا .
قالت بليندا معترضة :
- إنني قد نشأت وترعرعت في دريفتون إدج !
اجابت ماجي : تماما.
هزت بليندا كتفيها وقالت " إني بخير "
قالت ماجي بوضوح " إني قلقة عليك "
نظرت اليها بليندا ثم قالت لها :
- حسنا , سأبحث عن عمل من الغد من خلال الصحف.
--------------------
قالت ماجي مشجعة :
- من اليوم .
وعدتها بليندا قائلة :
- إذا كان هذا سيسعدك .
وعادت الى المنزل بعد حفل الزفاف وانتابها شعور بالقلق و الخوف من المستقبل وعدم الاستقرار. يمكن ان تكون ماجي محقة فيما قالته ويجب عليها ان تجد عملا اكثر تحديا مما تقوم به عند كوبرز . إن لديها عقل لتفكر به , أليس كذلك؟
قامت بليندا بالبحث في جميع الصحف حتى وقع نظرها على وظيفة شاغرة , وهي العمل في احد فروع مجموعة هيزينجتون, الشركة الدولية الكبرى . وبدون تردد كتبت معلومات عن نفسها وطلبت العمل في هذه المؤسسة في المنطقة او الفرع المجاور لها . ولكنهم وافقوا ان تعمل في فرع لندن ! قالت في دهشة " لكنني اعيش هنا! "فكان ردهم انه لا يوجد ما يستدعي وجودها هنا , وانهم سيعطونها منزلا .
عادت بليندا الى المنزل بعد ان قالت إنها ستفكر في الأمر. وهذا مافعلته , وعادت ماجي من شهر العسل قبل ان تتخذ اليزابيث أي قرار , وعندما مرت عليها ماجي في اول يوم عمل لها بعد عودتها اخبرتها بليندا عن العمل الجديد فأجابتها ماجي :
- لماذا لا تجربي ؟ فيمكنك ان تؤجري منزلك عند رحيلك و إذا لم تسير الأمور على مايجب تعودين .
وفجأة , وبعد كثير من الوقت توصلت الى قرار وتناولت ورقة وقلما وكتبت .
( يسعدني ان اطلب إجازة لمدة شهر والرجاء الموافقة )
وابتسمت كلا منهما من الصديقتين على هذا القرار واحتضنت كلا منهما الاخرى , القرار الثاني الذي اتخذته بليندا هو عدم تأجير المنزل فهي لا تستطيع تقبل فكرة ان يسكن احد غريب منزل والديها ويستعمل الاشياء الخاصة و العزيزة على والديها , ربما اذا سارت الأمور على مايرام في لندن قد تفكر في بيعه .
" آنسة تايلور " قالها ميكانيكي السيارة لكي يعيدها مجددا من ذكرياتها .
------------------------6
قالت له :
- أيمكنك إصلاحها ؟ وهل يمكن ان اخذها مساءا ؟
قال "اجل يمكنني إصلاحها , لكن لن تكون جاهزة , قبل الغد , فشهر يناير شهر ملئ بالعمل , انت تعلمين ذلك, وذلك بسبب حالة الطقس السيئة مما يزيد من حوادث الطريق."
فقالت له"سوف أستلمها غدا"
ثم توجهت الى هيثر ينجتون , ادركت وجوب ان تركب الأوتوبيس حتى شقتها الصغيرة تلك الليلة , والتي لا تبعد كثيرا عن الجراج, وكانت قد قامت بالبحث عن شقة ووجدتها بدون أثاثا فأحضرت اثاث من منزلها القديم وهي التي تقطن بها حاليا.
رأت مبنى هيثر ينجتون امامها وفكرت وهي تشعر بالسعادة كم تقدمت في عملها منذ يومها الأول حتى مرور ثلاثة اشهر حتى الآن.
ولا يدل ذلك انها قامت ببداية حسنة , ولكنها سعيدة الحظ حتى يسند اليها عمل سكرتاري لدى تيد كابويل في قسم النقل من المكتب الرئاسي ووافقت على استلام العمل بدون تردد.
لكن بعد مرور شهرين من عملها لدى تيد كابويل حدث ما لم يكن على البال فنادرا ما كانت تتجه أي اتجاه مخالف لا تجاه قسم النقل , وشعرت بالراحة عندما تذكرت لقاء الصدفة في احد الايام مع رئيس الشركة.
فقد كانت في طريقها الى قسم آخر لتنفيذ عمل معين عندما رأت رجلا طويلا ذا شعر ابيض في حوالي الستين من العمر يتجه نحوها , لم يكن هناك احد في الممر في ذلك الوقت , وعندما اقتربت منه نظر اليها وكان يريد ان يشكر احد الموظفين عنده, عندئذ تعثر وتمايل في إتجاهها . ان مظهره الخارجي وبذلته الجميلة اوحت بأنه موظف اداري كبير وفي لحظة كانت قد امسكت بذراعه وساندته وهي تنظر اليه نظرة كلها قلق:
- هل انت بخير؟
--------------------
سألها :
- هل انت موظفة جديدة لدينا؟
ابتعدت عنه قليلا وابتسمت قائلة:
- انا هنا منذ شهرين .
اضافت وهي تراه يتعثر في خطاه :
- إنني اعمل في قسم النقل لدى تيد كابويل.
علق قائلا " هذا يؤكد عدم رؤيتي لك في المكان ولكن.."
تذكرت هذه الابتسامة , كانت تفكر بأنه يمكنها تركه بأمان والعودة الى اعمالها الخاصة , عندما اعلن بعد ان تفحصها بإمعان :
- بالمناسبة أنا جاروود هيثر ينجتون .
قالت: "الرئيس "
ومدت يدها لمصافحته بشكل تلقائي , استفسر وهو يصافحها :
- وانت ؟
ابتسمت قائلة " بليندا تايلور "
ابتسم وقال :
- اسمك جميل .
ثم سألها :
- وماذا عن والديك , هل يقيمان معك في لندن؟
اجابت بهدوء" توفي والديّ في سيارة منذ عامين" .
قال بصوت اجش :
- انا آسف .
وبدن إضافة هز رأسه وتابع طريقه بصورة تشير الى انه رجل مشغول جدا.
وخلال اسبوع اخذ العمل الذي تنجزه يصبح رتيبا لدرجة انها فكرت في البحث عن عمل آخر , تبين لها ان الرئيس لم ينسها والفضل يعود الى اسمها الذي بدا للرئيس انه مألوف , دهشت عندما استلمت رسالة تدعوها ان تستلم مهمة مساعدة لسكرتيرة رئيس المؤسسة .
--------------------------
ذهبت الى سوزي اندرسون فورا وقد قابلتها بشكل حسن , ولكن مع ذلك لم تستطع ان تصدق بأنها في خلال فترة وجيزة اعلنت - على الرغم من مقابلتها لاشخاص عديدة بأنهما ستكونان قادرتان على العمل معاً بصورة رائعة, وسلمتها العمل وتعلمت بسرعة اصول العمل وقد كان كل من سوزي اندرسون والسيد جاروود هيثر ينجتون دائما مسرورين ومهذبين معها . زادت الضغوط و المتاعب من حولهم , وقد نشأت بينهم هم الثلاثة علاقة ودية وكل الاحترام وحسب . من الجهة الشخصية علمن ان سوزي مطلقة لكنها مخطوبة منذ فترة قريبة وليست في عجلة من امرها لعقد زواج ثان, اما بالنسبة لرئيسها فقد علمت بليندا انه متزوج ويعيش مع زوجته روجينا في سوري وابنهما توم هيثر ينجتون هو المدير الإداري لمجموعة هيثر ينجتون , وهو شاب طموح ويتحمل مسئولية عدة مشاريع جديدة وقد كان في زيارة مصنعهم في استراليا الشهر الماضي.
عادت بليندا الى مكتبها مستغرقة في التفكير مفترضة انه على المرء ان يكون فظا الى حدما في الاعمال , آملة ان يكون الابن قد ورث بعض سحر والده خلال الاسابيع المنصرمة , صرحت بالقليل عن نفسها شيئا فشيئا بما في ذلك انتقالها الحديث من هيثرفورد شاير الى لندن , غير انها لم تتذكر انها عادت دريجتون إدج في بعض الإجازات الأسبوعية خلال اشهر الشتاء الحالية.
عادت بلنيدا الى المكتب في صباح اليوم التالي , كان هو الرجل المبتسم نفسه , في الحقيقة لم تر بليندا ابتسامته اكثر إشرقا من قبل فتكهنت قائلة :
- هل عاد ابنك الى المنزل ؟
هز رأسه واتسعت ابتسامته قائلا :
- لم نحظ بوقت للحديث بعد. ولكن اجل . لقد عاد الى المنزل , اريد ان اقدمكما الى بعضكما عند اول مناسبة.
---------------------
وفي تلك اللحظة استدرات بفعل الأصوات التي سمعتها في الخلف , وفي الحال لاحظت حضور شخص آخر الى مكتب جاروود هيتر يجتون وشعرت بالرهبة لدى رؤيتها لغريب ذي شعر اسود , بدا في منتصف الثلاثينات من العمر , ويبدو وسيما بأنفه المستقيم و ذقنه الثابت لقد كان طويل القامة وعندما قابلت نظراتها البريق البارد في عينيه الرماديتين , ادركت بليندا ان هذا الشخص هو عدوها!
قال والده مبتسما : توم ! انت لا تعرف بليندا , أتعرفها ؟
اجاب توم بأدب :
- لم يحدث لي الشرف بعد.
اجبرت نفسها على مصافحته لأن جاروود كان يبتسم بمحبة لهما معاً, ولكن بمجرد ان لامس يدها حتى أبعد يده بسرعة وكأن لمستها ازعجته.
قال لوالده بصوت دافئ:
- اريد التحدث معك بشأن فرع داندي.
فهمت بليندا ملاحظته وتوجهت الى الباب , تلقائيا وتوجه توم نحو الباب ايضا , وعندما خطت خارجة, اغلق الباب.
حسنا فكرت وجلست في مقعدها , امسكت قلمها لكنها بقيت عاجزة عن التركيز في عملها لعدة دقائق . هل تتخيل عدائية توم؟ هل تصورت التعبير الجليدي في نظراته الحادة؟ هل تصورت لأنها خيالية انه سيعلن الحرب عليها ؟ تذكرت جيدا عندما التقت به اول مرة في لندن عندما كانت تعمل السكرتيرة الخاصة لمدير المستشفى وكان توم مريضا وكانت الفتيات و الممرضات جميعهن مولعات به لكنه كان دائما عابثا مع الجميع , حاولت جاهدة التركيز في عملها .
امضت بقية الفترة الصباحية محاولة التركيز في عملها , لكن لماذا قال والده انه يمكن ان يكون قاسيا ؟ ولماذا تفكر بأنه قد يكون قاسيا معها ؟ إنه الآن المدير وسوف يصبح رئيسا للمؤسسة بأكملها عندما يقرر والده ان يتقاعد . هذا ما اخبرتها به سوري, فليس من المعقول ان يضيع رجل سيدير امبراطورية وقته الثمين في مساعدة سكرتيرة والده.
--------------
في فترة بعد الظهر من ذلك اليوم , انصرف السيد جاروود هيتر يجتون في موعد مع محامي الشركة , فتح الباب الخارجي ودخل توم هيتر يجتون, ثم دخل واغلق الباب وراءه متعمدا وحتى لا تواجه مايبدو حربا في منتصف الطريق بدأت قائلة :
- اعتقد ان السيد جاروود قد انصرف باكرا لأنه على موعد وليس من المحتمل ان يعود حتى ..
قاطعها توم بسرعة :
- اعرف ذلك , لقد جئت لرؤيتك أنت .
لهجته لم تعجب بليندا ولكنها بطبيعتها هادئة , وسألت وهي تحاول ان تحافظ على هدوئها :
- تريد رؤيتي لشيء ما ؟
ودهشت عندما اجابها صارخا غاضبا :
- ما الذي يجري بينك وبين والدي؟
تأوهت:
- ماذا ؟ ماذا تعني بكلامك؟
قال بصوت مرتفع وقد ازدادت تعابير وجهه حدة :
- الأمر واضح لابد ان شيئا ما يجري بينكما , فقد رأيت بعيني كيف تمسكين يديه بيديك وتضحكين معه في المكتب.
تعجبت بليندا :
- امسك بيديه !
وكادت ان تفقد هدوءها ولكنها حاولت الحفاظ عليه ومضت تفسر له :
- لقد أسأت فهم الموقف فلو حضرت الى مكتب السيد جاروود قبل ثلاثين ثانية هذا الصباح لكنت رأيتني ازيل شاظية من يديه .
قاطعها توم بقسوة :
- آه من يديه , دعك من هذه المبررات هل أبدو لك غبيا؟
- إنها الحقيقة أقسم ...
بدأت تفقد اعصابها وهو يقاطعها مرة اخرى :
- يمكنك ان تقسمي بقدر ما تشائين يا آنسة تايلور, لكن والدي انتظر لحظة خروجك من مكتبه صباحا ليخبرني بأنه يريد ان يناقش معي موضوعا ذا اهمية وصفة خاصة ..
-----------------------
قاطعته بصوت مرتفع :
- مهما يكن ذلك الأمر فلا علاقة لي به .
تابع كلامه وكأنها لم تقل شيئا :
- شيء خاص لدرجة انه لا يريد مناقشته معي في المكتب هنا , ولا حتى في منزله , بل في مكان حيث لا يجازف بأن تسمع أمي , زوجته منذ اربعين عاما.
صممت بليندا على موقفها قائلة :
- إنه لا يوجد شيء ابدا بيني وبين والدك.
سأل :
- حتى انك لا تحبينه ؟
واضاف ساخرا :
- على الرغم انه لا حاجة لذلك , بالطبع .
اجابت بحدة :
- أنا احبه , إنه رجل رائع , لكن ذلك لا يعني وجود علاقة بيننا او اي شيء مما تلمح له ..
قاطعها قائلا :
- لا احتاج الى ذلك ! لا احتاج لمزيد من كذبك, مع انك تتمتعين بقدرة تفكير سريعة .
ثم استطرد قائلا :
- إن انتقالك من مجمع الطباعة الى هذا المكتب يعتبر عملا خارقا .
وقفت على قدميها لأنها لن تستطيع السيطرة على غضبها وهي جالسة , وقالت بحدة :
- انا سكرتيرة متمرنة , واكثر من ذلك , انا سكرتيرة ماهرة , واجيد عملي .
ووما زاد غضبها انه قال ببرود فيما نظراته الرمادية الجليدية تواجه نظراتها الغاضبة :
- اجيدي عملك قدر المستطاع , فأنت لن تستمري في ذلك طالما انني مهتم بالأمر .
ونظر اليها نظرة حادة ثم خرج من مكتب .
--------------------

Just Faith 25-06-16 06:43 PM

الفصل الثاني
استحوذت عليها الأفكار حول توم هيثرينجتون طيلة الليل, وكانت معظمها افكارا غاضبة . انتقالها من مجمع الطباعة ! الوقح الحقير ! سواء كانت في غرفة الطباعة أم لا , كيف تجرأ على الإيحاء بأنها قد حازت على الترقية عن طريق علاقة غرامية ؟.
نهضت بليندا في الصباح , اخذت حماما ثم ارتدت ملابسها وتوجهت مباشرة الى عملها بسيارتها.
دخلت المبنى وهي تدرك انها ماكانت لتأمل الحصول على ذلك العمل مالم تكن اهلاً له , حسب تقديرات سوزي التي كانت حادة الذكاء وبحاجة الى العون في عملها ؟ لا الإعاقة . دخلت الى مكتبها مضطربة خشية ان يكون جاروود قد ناقش مع ابنه تلك المسألة التي تتسم بصفة خاصة .
-------------------------
لكن كما يبدو أيا كان الموضوع الذي ناقشه مع ابنه فإن الأخير لم يقل اية كلمة حول شكوكه , لأنه قدم تحيته الصباحية :
- صباح الخير يا سيد جاروود .
وبدأ عملها بعيدا رأسها الذي يضج بمشكلة لا علم لرئيسها بها .
ذهبت بليندا الى المنزل ونامت بشكل افضل في تلك الليلة لكنها عادت الى العمل في اليوم التالي وهي تشعر بالسعادة لأن سوزي اندرسون قد عادت الى العمل بعد إجازة قصيرة.
سألتها سوزي :
- هل كنت مشغولة ؟
ضحكت بليندا :
- انت تمزحين ! هل من متاعب ؟
شعرت بليندا برغبة شديدة للوثوق بسوزي لكنها نوعا ما لن تستطيع ذلك.
اجابت : لم يحدث مالم استطيع التعامل معه .
استمر اليوم حافلا بالعمل ولم يحدث أي شيء يعكر مزاج بليندا حيث ان توم عادة عندما يكون بصدد انجاز عمل ما يعمل في نهاية الاسبوع ويعود يوم الاثنين او الثلاثاء وهم كانوا في نهاية الاسبوع .
لم تكن عطلتها الأسبوعية مجدية فقد ذهبت الى دريجتون إدج ولكن لم تشعر بالراحة, لذا عادت في صباح الأحد بدلا من مساء الأحد كما اعتادت فيما بدأت حدة عصبيتها تخف بقيت مضطربة جدا لتفسير توم هيثرينجتون للاحداث البريئة التي شاهدها .
تذكرت بأنه كان غاضبا جدا وقد انعكس ذلك من خلال تفكيره بأن والده يخون امه , ومع ذلك ذهبت بليندا للنوم مساء الأحد وهي تشعر بالغضب , مفكرة بجرأة ذلك الرجل واعتزمت إخبار والده مجددا لكنها ادركت انها لن تستطيع , ورغم ذلك املت ان يتمتع توم هيثرينجتون باللياقة ليقدم اعتذراه بعدما يتأكد تماما من الخطأ الفادح الذي ارتكبه .
---------------------------
كان العمل شاقا في المكتب يوم الاثنين, عندما ذهب السيد جاروود في موعده المعتاد بعد ظهر يوم الاثنين اخذتا فترة قصيرة من الراحة.
ولكن عندما عاد باكرا كان متحمسا للعمل , فسأل مرحا :
- هل هناك من تحب القليل من العمل الاضافي الليلة؟
فأجابتا معا :
- طبعا وكان لا يزال الوقت في السابعة و النصف .
بعد وقت قصير , عاد ووقف في الممر المؤدي الى مكتبه واعلن :
- عشاء ! من منكما جاهزة للعشاء ؟ شعرت بليندا انه عليها انتظار موافقة سوزي لتؤكد ان الدعوة ستشمل الثلاثة, حتى اعترفت انها تتضور جوعا قبلت سوزي الدعوة وكانت الخطة تقضي بأن يعيدها جاروود الى موقف السيارات لتأخذ كل منهما سيارتها بعد العشاء.
عندما دخلوا الى المطعم الفخم ذهبت بليندا و سوزي الى غرفة التزيين وبعد عودتهما سألهما جاروود :
- والآن ماذا تطلبان ؟
ولكن سوزي قالت في شيء من القلق:
- خاتمي خاتم خطوبتي !
اعتذرت وتوجهت نحو غرفة الزينة .
ضحك جاروود هيثرينجتون : إذن ماذا تطلبين يا عزيزتي؟
ابتسم كلا منهما للآخر ولفت انتباههما محتويات لائحة الطعام.
اختلست بليندا نظرة نحو مدخل قاعة الطعام ثم تجمدت من الرعب عندما رأت امامها توم هيثرينجتون, لقد رآها وغضبه واضح . تمنت يائسة ان تعود سوزي , فمن الواضح ان توم يعتقد بأنها ترافق والده على العشاء بمفردها , لكن سوزي لم تظهر.
ثم فجأة بدا توم وكأنه قد تذكر وجود صديقته لأنه استدار بسرعة وجعل ظهره بمواجهة بليندا وبينما كاد الغضب يتملكه كان في اللحظة التالية يرافق صديقته السمراء بعيدا عن نظر بليندا.
----------------15
حاولت جاهدة ان تتناول عشاءها كيلا تثير انتباه لكنها كانت في داخلها واثقة تماما من ان توم هيثرينجتون سوف يحضر غدا الى مكتب والده لحسم الموضوع.
بعد تناول العشاء جلست بليندا مع سوزي في سيارة جاروود وغادر الفندق عائدا بهما الى موقف المؤسسة . ابتسمت قبل ان تقصد سيارتها وقالت :
- كانت وجبة رائعة , شكرا لك.
اجاب :
- شكرا لكما , بليندا , سوزي.
ثم اعترف بروح مرحة :
- سافرت زوجتي للاشتراك في رحلة استجمام نسائية يوم السبت , ولم اجد سبباً يجعلني اتناول طعام العشاء بمفردي!
غابت الابتسامة عن وجهها وهي تقود السيارة الى العمل في صباح اليوم التالي , حيث انها تذكرت الغضب الذي لون تعبيرات وجه توم هيثرينجتون الليلة الماضية , فاليوم حتما سوف يحضر الى مكتب والده ليواجهه بما يعلم بالفعل , السيد جاروود يحضر الى المكتب قبل بليندا وسوزي والابن يبدأ مبكرا قبل والده , فلو كانت المواجهة قد حدثت فلن تندهش .
شعرت بليندا بالتوتر خلال الفترة الصباحية ذلك اليوم , منتظرة ان يفتح توم الباب ويخطو الى الداخل. وتمنت لو انها تستطيع إبعاد الرجل الماكر عن افكارها .
لم تكن جائعة وقت الغداء لكنها قصدت كافتيريا الموظفين وابتاعت كوب قهوة وساندويتش.
لم يظهر توم هيثرينجتون في فترة بعد الظهر وعندما حضر والده في الساعة الرابعة والنصف وقف امام مكتب بليندا قائلاً:
- تستطيعين ان تغادري العمل اذا احسست بالتعب, فلقد عملت لوقت متأخر في اليوم السابق .
قالت بمرح :
- احب البقاء هنا .
--------------------------
فقال لها جاروود بابتسامة رقيقة :
- طفلة رائعة .
عادت الى منزلها بعد يوم شاق من العمل وحيث انه لم تحدث اية مواجهة بينها وبين توم فشعرت بالراحة بعض الوقت , اعدت بليندا كوبا من القهوة واخذت معها الى غرفة الجلوس ولكن فجأة دق جرس الباب ذهبت لتفتح الباب , ما كادت تصدق ذلك, توم هيثرينجتون هناك امامها عابساً متجهما ً, فتحت الباب اكثر وقالت :
- من الواضح انك جئت لرؤيتي اعتقد انه من الأفضل ان ادعوك للدخول , ثق ان ذلك لن يستغرق وقتاً طويلاً.
تبعها الى غرفة الجلوس النظيفة هذا الرجل يدين لها باعتذار كبير , وارادت فجأة ذلك الاعتذار اكثر من أي شيء آخر , إن الاعتذار طلب كبير حيث انه لم ينتظر حتى تتوقف وتستدير لمواجهته بل سأل بأسلوب وقح :
- ألن تقابلي والدي الليلة؟
انفجرت بليندا قائلة :
- من الواضح انك لم تطلع والدك على ملاحظتك السخيفة حول إقامة علاقة رخيصة بيننا!
رد بشكل مهين:
- أشك إنك رخيصة يا آنسة تايلور .
فسأل :
- ملاحظة سخيفة أليس كذلك؟
وعندما فتحت فمها لتتكلم تابع :
- هل تنكرين انك خرجت مع والدي لتناول العشاء الليلة الماضية , عندما ..
قاطعته بسرعة :
- لقد تأخرنا في العمل.
ولكن لم تتح لها الفرصة لتضيف بأن سوزي أندرسون كانت معهما ايضا.
- النساء من صنفك يجعلنني اشعر بالاشمئزاز .
- مهلا .
- إنه في عمر يكفي لأن يكون جدك!
---------------------
اجابت بصوت مرتفع :
- اعلم ذلك.
صرخ قائلاً:
- لكن , ذلك لا يهم , أليس كذلك ؟
- طبعا لا يهم . أنا أعلم لقد لاحظت , ان الموضوع لا يبدو مألوفاً, لكنني قابلت والدك بالصدفة في العمل في احد الايام وتطور الأمر .
بعصبية قال :
- إنني أرى ذلك.
وتابعت هي :
- سألني عن اسمي و لأنه اعتقد ان اسمي مألوف , فقد تذكره عندما طلبت سوزي أندرسون من يساعدها في العمل .
قال عندما توقفت لتنعش أنفاسها :
- بالطبع فهو يجدك جذابة .
- أنا .
- بالطبع ألم يظهر لك اية إشارة بالمحبة , إذا اردت استخدام كلمة أفضل .
قالت : أنا ..
فعاد الى الهجوم ثانية:
- يبدو ان شيئا يلجم لسانك الكاذب؟
اجابت غاضبة :
- نعم بالطبع والدك يحبني كما انني احبه , لكن ذلك شيء طبيعي , حتما .
قال بفظاظة:
- لكن رأيك بماهو طبيعي يتعارض تماماً مع فكرتي .
صاحت بحدة وقد اكتفت من اقواله :
- آه اسمع ! انك بتفكيرك الفاسد يجب ان تعترف بأنك لن تحتمل العمل مع سكرتيرة او مساعدة سكرتيرة , لا تطيق النظر اليها .
- والدي يطيق النظر اليك , أليس كذلك؟
-----------------18
صرخت غاضبة :
- والآن ماذا تريد ؟
ثم استطردت قائلة :
- لم جئت الى هنا يا توم هيثرينجتون ؟ فأنت لست مهتما بالاصغاء الى ..؟
قاطعها :
- انسي أمري, ودعينا نبحث بمن تهتمين به انت.
سألت :
- أنا؟
اذهلها بقوله :
- بما ان المسألة واضحة بأنك مهتمة بأموال هيثرينجتون , أنا هنا لأسألك يا آنسة تايلور : كم تريدين ؟
كانت صدمتها عنيفة ثم سألت :
- ك.. كم .. اريد ؟ اتعتقد انني اسعى وراء اموال والدك ؟
نطق بقسوة :
- حتما انت كذلك! في حين انك ستجدين ان اموالي توازي امواله, كم يكلفني الأمر؟
تأوهت وقالت : كم يكلفك؟
قال متعجرفاً: ان ادفع كي تتركيه وشأنه و ...
لقد تخطى حدوده كثيرا وخيم امام ناظريها ضباب متوهج فصفعته ! صفعت بليندا وجهه المتعجرف بكل قوتها .
زمجر قائلا : انت ..؟!
من الواضح انه لم يتلق صفعة من امرأة من قبل. ادركت بليندا بسرعة عندما امتدت يده وامسكتها بأنها لن تنجو بفعلتها .
لقد امسك يدها بقوة حديدية , ادركت حينئذ ما سوف يقوم به وفيما التفت يده الثانية حولها بدأت المقاومة.
صرخت :
- لا تجرؤ على ذلك!
---------------
لكنها اكتشفت انها تضيع وقتها , احاط توم هيثرينجتون بليندا بذراعيه وراح في لحظة يقبلها . صرخت في ذعر :
- دعني وشأني.
دفعته عنها بكل قواها فوقعا كلا منهما معاً على الأريكة .
تجمدت عندما ادركت ان توم ينظر إليها نظرات خالية من اللطف والرقة الذين احستهما في عناقه . لقد كان ينظر اليها بكل الحقد والعدائية جلست فجأة وقالت حائرة :
- ماذا تريد يا توم ؟
وقف ونظره اليها قائلاً بنبرة مهينة وحادة لم تسمعها منه من قبل:
- إذا كنت تعتقدين انني اهتم بما يتركه والدي فأنت مخطئة يا عزيزتي , ثم استدار وخطا خارجاً.
---------------

Just Faith 25-06-16 06:44 PM

الفصل الثالث
وصلت الى المؤسسة صباح الأربعاء وقد تلاشت كل تلك الأفكار لوجود امور اكبر تستحق القلق.
وقد كان من المعتاد ان يصل جاروود هيثرينجتون دائما الى المؤسسة قبلها , ولكن في هذا اليوم سبقته هي في ذلك, بل حتى وصول سوزي أندرسون لم يكن هو قد وصل , فبدأت تشعر بالقلق.
وفي حوالي العاشرة هبت سوزي واقفة .
-----------------------
وقالت : سوف اخبر توم .
ومدت يدها لترفع سماعة الهاتف كان قد جاءهم هاتف يخبرهم بأن السيد جاروود في المستشفى.
فسألتها بليندا بسرعة :
- ماذا بشأن السيد جاروود؟
اخبرتها سوزي بأن السيد فورد قال ان السيد جاروود قد اصيب بنوبة قلبية!
لا هي ولا سوزي استطاعت ان تقوم بأي عمل يتطلب التركيز بعد ذلك الخبر, لكن بعد حوالي نصف ساعة , فيما كانت سوزي تنهي اتصالا خارجية ودهشت تماماً لسماعها صوت توم هيثرينجتون على الطرف الآخر , انتظر ليسمع صوتها ثم قال :
- أبي على فراش الموت عليك ان تحضري بسرعة !
- أ... أنا . أنا بليندا ...؟
- إنه يطلب رؤيتك .. تحركي!
وقطع الاتصال فجأة , نظرت سوزي مصعوقة : إنه توم هيثرينجتون والده يطلب رؤيتي .. يبدو الأمر طارئاً!
لم تقم سوزي بأكثر من رفع سماعة الهاتف واتصلت بقسم النقل وقالت :
- انت لست في حالة تسمح لك بقيادة السيارة .
وعند وصولها المستشفى اسرعت الى الداخل ووجدت توم في احد ممرات المستشفى , واتجهت نحوه مباشرة فاستدار , واخذها بتجاهل منه لها الى المصعد , وتوجه مباشرة الى الجناح الخاص بوالده وكانت هي تشعر بالانقباض في قلبها عندما دخلت غرفة السيد جاروود.
اقتربت من السرير فرأت جاروود شاحباً, كانت الأجهزة محاطة له لتنقذ حياته , وبهدوء جلست فوق كرسي قريب من السرير , بعد عدة دقائق فتح عينيه ونظر اليها مباشرة وكأنه قد ادرك وجودها .
ابتسمت بلطف وقالت :
- مرحبا
---------------------------------21
رد بوهن :
- مرحبا يا عزيزتي.
ثم استطرد قائلا :
" ابنتي العزيزة " وقال لإبنه بصوت متقطع " أنني .. فخور جدا .. بك , ياتوم "
ثم اغمض عينيه مجدداً, فنهضت بليندا بهدوء من مقعدها ووقفت للحظة تنظر الى جاروود هيثرينجتون , ثم طبعت قبله فوق وجنتيه بلطف وودعته وخرجت . لم تستطع ان تغادر المستشفى فجلست في غرفة الانتظار الصغيرة المجاورة , كانت واقفة بقرب باب الغرفة عندما فتح الباب ثانية بعد عشر دقائق , وخرج في هذه المرة توم هيثرينجتون ووجهه قاسيا ومتعبا .
تلقت الاجابة عنه بصوت اجش وحزين :
- لقد توفى والدي.
فهمست بصوت اجش :
- أنا آسفة , وانصرف كل منهما في طريقه بحلول الصباح كان على بليندا ان تتقبل رحيل رب عملها , وتوجهت الى العمل وقد اتخذت قرارا بينها وبين نفسها أنها سوف تقدم استقالتها بدلاً من ان يقول لها توم في اول مناسبة : ارحلي.
قابلت سوزي وجلستا يناقشون الأحداث المؤسفة التي حدثت في اليوم السابق , علقت سوزي قائلة :
- من البديهي ان يصح توم رئيس الشركة الآن .
اعترفت بليندا قائلة :
- كنت افكر في الأمر, وبما ان الحاجة اليك أكبر بسبب خبرتك و إلمامك بأمور المكتب , فلذلك قررت الاستقالة .
أكدت لها سوزي قائلة :
- لابد وان لك نفس المكانة هنا , خاصة وان السيد جاروود سوف يوصي بكامل حصته في الشركة الى توم و...
---------------------
ترددت سوزي قائلة :
- في الواقع ان السيدة هيثرينجتون تكره المؤسسة وحتما لن تشعر بالامتنان لأية حصة يتركها لها السيد جاروود , فهي ثرية.
علقت قائلة :إنها لأخسارة ان يشقى السيد هيثرينجتون بعمله ولا تهتم زوجته بكل ماحقق.
ثم تحدثت سوزي قائلة :
- في عالم التجارة على المرء ان يوظف امواله ليستمر وان يستغل اية طاقات إضافية لذا كما ترين لا يمكنك تركنا إذا مضي توم بخطة توسعيه ما .. ولا احد يستطيع ان يمنعه الآن , خاصة وان والده ترك له كل شيء وعليه ان يوظف شخصا جديدا في كل الأقسام لا ان يفقد واحداً.
قالت بهدوء :
- أنا آسفة يا سوزي , لكني اريد الذهاب.
قالت لها سوزي ناصحة : لا يجب ان لا تتسرعي بالقيام بأي شيء.
ثم اضافت قائلة :
- من أجل ذكراه , مارأيك في البقاء فترة ثلاثة اشهر لمساعدتي .
- سنكون فترة مليئة بالعمل ؟
قالت بليندا :
- موافقة , حسن جدا.
لم تعرف بليندا إن كان توم قد ظهر في الشركة ذلك اليوم , لكنها لم تعتقد ذلك, وعلى اية حال لم تلمحه, ولا حتى لمحت وجوده في اليوم التالي , كما قررت عدم الذهاب الى دريجتون إدج في عطلة نهاية الاسبوع . وهكذا امضت الاسبوع الأشد أسى منذ وفاة والديها.
استيقظت يوم الاثنين بمزاج سيء وتوجهت مباشرة الى المكتب ثم دخل الى المكتب السيد فورد الذي بقيت سوزي على اتصال دائم به منذ يوم الخميس السابق , حياهما معاً وتكلم بضع كلمات مع سوزي ثم دخلا معاً الى المكتب الذي اصبح الآن مكتب السيد هيثرينجتون القديم.
عادت سوزي بعد نصف ساعة بمفردها واوضحت بأن توم قد طلب من رامزي فورد ان يتولى امور المكتب لفترة قصيرة .
----------------------
وقالت :
- لقد طلب السيد فورد ان نشارك أنت و أنا في مأتم السيد جاروود غداً, علماً منا بأننا نود ذلك.
فسألت:
- في أي وقت ؟
ارتدت بليندا بذلة رمادية وتوجهت الى العمل في اليوم التالي , وغادرت العمل مع سوزي لحضور المأتم بسيارة سوزي , حيث اقيمت المراسم اللازمة, ورأت بليندا والحزن في قلبها لرحيل السيد هيثرينجتون توم بقامته الطويلة يرافق امرأة طويلة القامة في الستين من العمر تغلب عليها مظاهر الأستقراطية.
كانت هي سوزي في حالة كأبة اثناء عودتهما الى المكتب , فاقترحت بليندا :
- لم لا تعودين الى المنزل يا سوزي ؟ أراك مجهدة.
اعترفت قائلة :
- اعتقد ذلك, لكن لدي الكثير من العمل لإنجازه .
اصرت بليندا قائلة :
- عودي أنت الى البيت , سوف اقوم بكل شيء.
بلغت الساعة السابعة وعشر دقائق سمعت حركة خارج الغرفة . رفعت نظرها الى أعلى إذا به توم . تجمد الصوت في حنجرتها , لم ينتظر حتى تعيد إنعاشه قال :
- تهبين نفسك للواجب كما أرى.
قالت بأقصى ما يمكنها من الهدوء:
- كنت أنهي بعض الامور.
قال :
- سيارتك ليست في الجراج!
اخبرته قائلة :
- انها عند الميكانكي الآن .
لكن هدوءها بدأ يتغير واستطاعت التبين من عدائيته بأنه يقوم بمحاولة ما . تبين صدق توقعها سريعاً فقد حالت نظراته العدائية فوقها وقال : اعتقد انه بطريقة تعاملك مع المحيطين كان من الممكن ان تحصلي على سيارة لا تتعطل.
--------------------------24
بسبب إهانته المتعمدة حملت حقيبتها ووقفت فجأة وصرخت بحدة :
- يمكنك الاحتفاظ بملاحظاتك الساخرة المستهزئة لنفسك عن أذنك!
قال بقسوة :
- ليس في نيتي ان ابقيك.
قالت له :
- لست اغادر هذا المبنى فقط , لكن لمعلوماتك انني سأغادر مؤسسة هيثرينجتون .
قال وفي صوته نغمة ساخرة : هل انت كذلك , الآن ؟
اجابت :
- لقد تركت ملاحظة لفترة ثلاثة اشهر يوم الخميس الماضي!
بعد لحظة سأل غاضباً:
- أية لعبة تعلبين الآن ؟
فقالت :
- لعبة لن تستطيع ابداً ان تستوعبها بعقلك المتشكك .
فسأل : من اجل الكبرياء ؟ لا تقولي ذلك. لوكان لديك كبرياء - لما كنت اقمت علاقة مع رجل في عمر ...
صرخت بليندا :
- هلا توقفت عن ذلك!
قالت غاضبة : أنني ذاهبة للمنزل؟
قال قبل ان تصل الى الباب:
- أتريدين ان اقوم بتوصيلك؟
قالت محتقرة :
- معك؟! أفضل ان ازحف بدلاً من اذهب معك.
استدارت واكملت طريقها غاضبة , لكنها مازالت تحتفظ بعمل تذهب اليه غداً لأن توم هيثرينجتون ولدهشتها لم يطردها , فهل فعل؟
----------------------------

Just Faith 25-06-16 06:45 PM

الفصل الرابع
في اليوم التالي ركبت الأوتوبيس في طريقها الى العمل وتوجهت نحو مكتبها وهي تشعر بتوعك, فوجدت سوزي:
- صباح الخير يا سوزي.
قالت سوزي مبتسمة :
- صباح الخير يا بليندا.
ثم استطردت قائلة :
- شكراً لأنك قمت بالعمل من اجلي امس في فترة بعد الظهر , هل من متاعب ؟
--------------------------
اجابت : فقط سؤالين .
ثم قصدت درج مكتبها لإحضار الأوراق وشرعت بالعمل.
كانت تحتسي القهوة حوالي الساعة الحادية عشرة عندما رن جرس الهاتف, قدم الرجل المتصل نفسه :
- انا براين رولنجر من مكتب بيرتون ويويث.
ثم استطرد :
- هل أنا اتحدث مع الآنسة بليندا تايلور؟
اجابت :
- نعم .
اعلن قائلا :
- من المهم جداً ان تحضري الى مكاتبنا في الساعة الثانية من هذا اليوم , اتعرفين العنوان ؟
- نعم , لكن .. لكن اتستطيع ان تخبرني السبب؟ أعني لأي أمر؟
شرح قائلاً:
- الوصية , وصية السيد هيثرينجتون.
تعجبت قائلة " وصية !"
قالت بليندا ببطء:
- لقد فهمت .
لكنها لم تفهم ولن تفهم شيئا على الاطلاق.
قال "حسناً, إذن سوف تكونين في المكتب عند الساعة الثانية يا آنسة تايلور"
قالت موافقة :
- نعم .
شرحت بليندا لسوزي بإختصار ماجرى في المحادثة , حينذاك اعلنت نادين بأن الأمر يبدو وكأنه السيد جاروود قد اوصى لك بشيء في وصيته.
-----------------27
تابعت سوزي بسرعة :
- لا تدعي ذلك يزعجك , كنت اعلم منذ ان اتيت الى المكتب من أجل العمل معي , انه في حين ان السيد جاروود يقدر مهاراتي في المكتب - يبدو انه يتعاطف معك بشكل خاص , الآن لا تقلقي لابد وانه قد ترك لك رمزاً لذلك التعاطف الذي تتشاركان فيه معاً. فقط اذهبي الى مكتب , يرتون ويوويث في الساعة الثانية ثم اسرعي الى هنا واخبريني بكل شيء عن الموضوع .
اوصلتها سيارة اجرة الى خارج مكاتب المحاميين في الساعة الثانية وخمس دقائق, قالت المرأة الشابة الجالسة خلف المكتب :
- آه , اجل آنسة تايلور , لقد طلب السيد رولنجر ان تصعدي اليه فور وصولك , الجميع هناك , في إنتظارك .
فتح الباب رجل وقور في اواسط الثلاثينيات من العمر وسأل : آنسة تايلور ؟
- هذا صحيح.
قدم نفسه وهو يمد يده:
- براين روليجر , تفضلي بالدخول . ابتسم وهما يتصافحان .
سألت السيدة هيثرينجتون بغطرسة قبل ان يتمكن السيد براين من تقديمها اليهم.
- ولم هي هنا؟
اجاب متابعا التعريف بها :
- سوف يتضح كل شيء عما قريب يا سيدة هيثرينجتون.
ثم عرفهما الى بعض.
بدا السيد روليجر الحديث:
- إرث السيد هيثرينجتون قد أعلن بشكل مفصل ومطول , ترك لها البيت و ارضاً واسعة والتي دون شك سوف تعود الى ابنهما , بالأضافة الى كل املاكها الشخصية . كان هناك العديد من الأملاك المنقولة قد تركت لها .
ثم اكمل قارئاً الوصية :
- إلى ابني الحبيب توم جاروود هيثرينجتون و إلى عزيزتي بليندا نايلور - تابع المحامي مؤكدا بعد ان ذكر عنوانها - اترك مناصفة وبشكل متساو تماماً كل اسهمي المالية وحصصي في مجموعة هيثرينجتون.
كان توم واقفا على قدميه في لحظة , وقد كان اول من غضب وانفجر قائلاً:
- لا ! هذا شيء محال ! شيء مهين .
وقفت السيدة هيثرينجتون وقالت بغطرسة :
- هذا شيء حقير ! لا يمكن ان يكون قانونياً, سوف اطعن في الوصية , لقد عمل ابني يجد مثل والده في ذلك المكان . ليس من العدل ان تلك المرأة.. تلك المرأة !
كانت بليندا تجلس مصدومة غير قادرة على الكلام. ولكن هاتين الكلمتين المهينتين كانت آخر ما تستطيع احتماله , فتوجهت مباشرة نحو الباب, وغادرت الغرفة واغلقت الباب خلفها . لم تكن قادرة على التفكير اثناء هبوطها الجزء الأول من السلم . لكن عندما وصلت الى منبسط صغير واستدارت لتنزل القسم الثاني من السلم شعرت بيد عنيفة تمسك بذراعها وتديرها ورفعت نظرها مذهولة , لتلتقي بعينين رماديتين ملتهبتين , عند ذلك ادركت ان رحيلها لم يفت توم هيثرينجتون.
لقد لحق بها وقبضته تحبس الدم في ذراعها وصرخ قائلاً:
- الآن قولي لي ان لا شيء بينك وبينه !
افلتت بليندا من قبضته بقوة وعندما وجدت نفسها حرة لم تضيع الوقت في هبوط الجزء الثاني من السلم ومما ساعدها انه لم يعترض من طريقها .
ومن اجل سوزي استقلت سيارة اجرة وعادت الى الشركة, وصلت الى المكتب وهي تشعر بالدوار. ثم ادركت انها بحاجة الى شخص تثق به عندما قالت سوزي:
- مرحبا ..تبدين شاحبة , هل تريدين التحدث في الأمر ؟
قالت بليندا : لن تصدقي , أنا نفسي اعاني من صعوبة تصديق لكن ...
وبعد لحظات قصيرة فيما كانت سوزي تستمع اليها مصدومة تأوهت وقالت :
- لا اصدق ذلك!
--------------------------
قالت بليندا :
- في رأيك , ماهو شعوري ؟
سألتها سوزي :
- كيف تقبل توم الأمر؟
- وكأنه كان يصر تماماً على خنقي!
ثم استطردت بليندا :
- لا فائدة لا استطيع التركيز على العمل.
ابتسمت سوزي :
- لست مندهشة للأمر ! لو ذهبت الى المنزل ؟ هل ستكونين على مايرام.
- سوف أكون بخير .
وغادرت المبنى وهي مضطربة لا تصدق الذي حدث وما كادت تخطو الى الرصيف الاخر امام المبنى حتى اوشكت ان تصدمها سيارة سوداء فخمة مسرعة .
فتحت نافذة السيارة وتأكدت من مخاوفها , فقد وجدت بليندا نفسها تنظر الى عيني توم الحاقدتين .
صرخت قائلة :
- سوف ارحل قبل مضي ثلاث اشهر اذا كان الأمر يزعجك على هذا النحو!
- ولم ترحلين؟ انت تملكين نصف المؤسسة . قالها غاضباً.
قالت وهي تشمخ بأنفها عالياً:
- لم افكر بذلك !
صرخ بأذنيها بصوت عال :
- أنت كالجحيم لم تفكري على الإطلاق !
وبدا في ذروة غضبه عندما مر بجانبها بسرعة غير آبه إن كانت واقفة بقرب السيارة أم لا .
قالت في نفسها :
- غبي!
-------------------------

Just Faith 25-06-16 06:46 PM

الفصل الخامس
ملأت الثرثرة حول ميراث بليندا ارجاء المكتب في اليومين التاليين , السيد فورد الذي يقارب عمره عمر جاروود هيثرينجتون توقف بجانب مكتبها يوم الجمعة قائلاً بطريقة مهذبة :
- اعتقد ان وقت تقديم التهاني قد حان.
قالت :
- شكرا لك.
اضاف معلقاً مبتسماً:
- لا افترض انك ستواصلين العمل كمساعدة لسوزي ؟
----------------------
اجابت بهدوء :
- ليست لدي اية خطط في الوقت الحالي سوى العمل مع سوزي لعدة اشهر حتى تستقر الأمور.
ابتسم لها مجدداً وقال :
- حسناً . ثم تابع طريقه .
مر يوم العمل عادي بلا حديد . وعادت بليندا الى المنزل. وفي عطلة نهاية الأسبوع لم تستطع الذهاب الى دريجتون إدج . وفي صباح الاثنين كانت مستعدة لتعترف بأنها مازالت طفلة صغيرة عندما يتعلق الأمر بشئون الاعمال الكبرى . وصلها في بريد يوم السبت ظرف ضخم من مكتب المحاميين , في داخل الظرف كان يوجد رسالة من براين رولنجز يفصل فيها كامل ثروتها المالية والأسهم مع دعوة مؤكدة ألا تتردد في زيارته عند حدوث اية مشكلة بسيطة او عند حاجتها لأي استفسار. سوف تستغرق سنة كاملة لتفهم كل شيء.
لقد استغرقت الصدمة العنيفة التي تلقتها بعض الوقت لتجلي في بداية زوال هذه الصدمة ردة فعلها الأول وهو ان تخبر المحاميين بأنها لا تريد لا المال ولا الأسهم ولا أي شيء آخر . لكن بعد ذلك قالت لها سوزي:
- لكن السيد هيثرينجتون لم يفعل أي شيء دون سبب.
ادركت انها ابداً لن تشعر بالراحة إلا إذا عرفت السبب , مع ذلك بدأتا العمل , لكن بعد نصف ساعة فتح الباب ودخل توم , بدأت دقات قلبها تتسارع وبعد ان أومأ بالتحية لسوزي استدار في اتجاهها وقال :
- اريد ان اتحدث معك .
فنهضت سوزي بأدب وتركتهما.
قالت بهدوء :
- وقف إطلاق النار.
قال بنفاذ صبر:
- ليس هنا .لايمكننا التحدث هنا . سوف اقابلك للعشاء الساعة السابعة .
-----------------------
قاطعته قائلة :
- انا حرة هذا المساء . ولكن مهما يكن الأمر الذي تود التحدث الى بشأنه . افضل ألا يفسد شهيتي , وإذا اردت الحضور إلى شقتي لمدة خمس دقائق فلا مانع عندي.
كان الجواب هو إغلاق الباب بقوة خلفه .
عندما وصلت الى شقتها ذلك المساء اغتسلت صففت شعرها الأشقر الطويل تسريحتها المعتادة واستبدلت الجنيز المعتاد بفستان أنيق . كانت تشعر بانقباض في قلبها ولم تستطع ان تعد الطعام لتأكل . لذا اخذت تتسأل في أي وقت سيصل ؟
كانت بليندا مستعدة عند الساعة السابعة وتتمنى للمرة الألف لو انها اقترحت وقتاً محدداً, كانت بلنيدا في دوامة محاولة ان تدرك السبب دون ان تحرز تقدماً وعندما قرع جرس الباب وعلى الرغم من أنها كانت تتوقع ذلك - فقد قفزت مذعورة .
فكرت انه من الطبيعي ان تزداد عدد نبضاتها عندما رأت الرجل الطويل الواقف امامها في بذلته الرسمية .
قالت تدعوه :
- تفضل , هل أقدم لك القهوة .
رده الأول كان توجيه نظرات باردة نحو عينيها الزرقاوين الجميلتين واجاب بحدة :
- فور ان انهى ماجئت لأقوله سوف اعود الى منزلي .
فقالت :
- إذا كان الحديث مختصراً, كلانا سيقف حتى تنتهي .
قال: تفضلي
وانتظر حتى جلست ثم جلس هو على الأريكة وقال :
- افهم انك قد تلقيت رسالة خطية تبلغك بمضمون وصية والدي.
قالت موافقة :
- تلقيت الرسالة يوم السبت فيها كل مايتعلق بي.
- ما المشكلة في ذلك؟ وماذا عنك ؟
-----------------------
قال :
- انت لست غبية يا آنسة تايلور, مشكلتي واضحة ولكني استطيع السيطرة عليها , إذا اوقفنا إطلاق النيران.
لم تكن لديها ادنى فكرة عما يتكلم , لكن تعتقد انه يطلب خدمة فسألت :
- وقف إطلاق نار؟ أنا .. هل تستطيع ان تكون اكثر تحديداً؟
فتلقت واحدة من نظراته القاتلة والتي لا يمكنه ان تنكر وسامته.
قال ساخراً:
- لايعقل ان تعملي مع والدي و سوزي أندرسون ولا يكون لديك فكرة بأنني اعمل لتحقيق مشروع توسعي ضخم في خلال السنتين القادمتين.
وافقت بهدوء:
- لقد سمعت شيئا من هذا القبيل.
قال ساخراً:
- سوف تعلمين دون ان اضطر لإخبارك بأنني بحاجة إلى كل دعم استطيع الحصول عليه لهذه المغامرة .
تمتمت: إذن ؟
نطق بقسوة :
- إذن بما ان مصلحة الشركة تحتم عليّ ان أؤمن كل القيمة المادية التي استطيع زيادتها, سوف اكون بحاجة الى اموال إضافية.
سألت :
- انت .. تحتاج الى اموال اضافية ؟
قاطعها بحدة : لا تلعبي دور الغبية يا آنسة تايلور , إنها لقسوة ان اضطر الى الحضور الى هنا لأطلب منك الأنتظار قبل ان تبدأي استنزاف المؤسسة الى ان اصبح في وضع مادي يسمح لي بشراء.
قاطعته :
- استنزاف الشركة. كانت تعبيرات وجهها حقا متجمدة , فلأول مرة توم هيثرينجتون يبدو وكأنه يصدمها .
------------------------34
فسر لها : بيع أي من الممتلكات التي تركها والدي لك , إذا اردت بيع أية حصة قبل ..
قالت متعجبة مندهشة :
- لم اعلم انه باستطاعتي ذلك.
هدأت تعبيراته وسأل : ألم تحاولي؟
شعرت بليندا انه لم يكن ساخراً ولا مستهزئاً وبدأت فجأة تشعر بالاطمئنان والتحسن.
قالت بصراحة: كلا لم اتوقع ان يتم إنهاء اية ورقة لها علاقة بأملاك السيد هيثرينجتون قبل احد عشر شهراً على الأقل , ولم احلم على الإطلاق بلمس أي سنت واحد مماتركه لي السيد
هيثرينجتون . على اية حال , ليس...
صرخ غاضباً: مهلاً ذلك..
وقفا معاً فجأة وكانت حدة غضبها توزاي غضبه عندما قاطعته:
- هلا صمت وتتركني انهي كلامي.
- الساحة لك.. إنني مغادر.
تراجع عندما لحقت به بليندا وصرخت :
- هلا اصغيت إليّ!
وفقدت السيطرة على اعصابها فأمسكت ذراعه , توقف توم غاضباً ونظر الى يدها التي مازالت تمسك ذراعه.
ابعدت يدها عنه فجأة , ثم بعد ان نظر الى وجنتيها المتأججتين , وجهها المتجهم قال :
- إنني مصغ .
قالت : إذن اسمع .. اسمعني حتى النهاية . إنني اجيد عملي لأنني ألم به , وفي خلال فترة عملي القصيرة مع سوزي اندرسون تعلمت الكثير , لكنني لا ألم بعملك , ولذلك لا افهم شيئاً عنه ومع ذلك , كما قلت لست غبية , بما انه لا علاقة لي بالاسهم والحصص, ولا بالموجودات كالتي تركها والدك لي , فأنا لا افهم الكثير عنها ايضاً.
قال توم غير متأثر:
- هل هذا هو الأمر؟
-------------------
- لم انته بعد ! عندما قلت انني لا احلم بلمس أي فلس من المال والأملاك إذا شئت التي اورثني إياها السيد هيثرينجتون كنت أعني , لأنني لا افهم السبب ايضاً الذي جعله يترك لي أي شيء.
اسرع توم قائلاً:
- انت حقاً لا تريدين ان ارسم لك صورة!
صرخت :
- اسمعني حتى انتهى.
اقتربت منه وهو مازال واقفا غير مبالي.
- لن ألمس أي شيء تركه لي حتى اعرف لماذا ؟ لأنني ما لا استطيع فهمه هو السبب الذي جعل السيد هيثرينجتون يترك لي هذا الإرث.
قال متشككاً:
- هل هذا هو الأمر الآن , هل انتهيت ؟
اجابت وقد زال غضبها فجأة :
- اجل لقد انتهيت.
- أما زلت تصرين على مناداته بالسيد هيثرينجتون؟
- هذا ماناديته به في المكتب , وخارج المكتب , كان هناك مرات قليلة قابلت والدك خارج المكتب ولكن في تلك المناسبات القليلة كان بالنسبة لي مايزال السيد هيثرينجتون.
سأل بقسوة :
- أنت مازالت تحاولين التأكيد ان لا علاقة بينك وبين والدي إلا العمل؟
قالت : لا . أنا لا اقول ذلك .
ثم اكملت بسرعة :
- وقبل ان تصبح مجنوناً ومشككاً , والدك كان رجلاً رائعاً حتى اعمل معه, دائماً كان محترماً ومؤدباً. لدرجة انني اتحدى أي شخص ان لا يحبه.
- إذن . كنت تحبيه ؟
--------------------------
اومأت برأسها :
- كانت الأمور تسير على مايرام بيننا , ربما كان يتصرف بتلك الطريقة مع الجميع , لا ادري, لكنني شعرت بمودة خاصة بيننا احياناً.
قال بحدة :
- كم هذا رائع! .
- هو أحبني , حتما فعل , ليترك لي كل ذلك لكن , لم يكن بيننا شيء أكثر من ذلك. أقسم على ذلك .
قال متسائلاً:
- ألم تتناولا طعام العشاء معاً؟
- إنك حتما تشير الى الليلة منذ اسبوعين , تلك الليلة انت رأيتنا , لقد عملنا لوقت متأخر تلك ثلاثتنا ..
- ثلاثتكم ؟
- كانت سوزي أندرسون موجودة ايضا , وقد نسيت خاتم الخطوبة في غرفة التزيين وذهبت الى الغرفة لتحضر الخاتم الذي نسيت ان تضعه بإصبعها بعد ان غسلت يديها .
وتوقفت عن الكلام فجأة ثم استطردت:
- آه ما الفائدة !
استدارت وعادت الى غرفة الجلوس وكانت تتوقع ان ينصرف توم هيثرينجتون ولكنه توجه الى حيث هي واقفة .
علقت قائلة : اسمع وللمرة الأخيرة , والدك لم يكن قط رجلاً صديقاً بالنسبة لي المعنى الذي تقصده , لكن بالطبع لدي اصدقاء آخرون .
ثم قالت بعد نفس عميق :
- ولست حكيمة جداً في ذلك, لقد فكرت وفكرت حتى كاد رأسي ان ينفجر في محاولة لأعرف السبب الذي جعل والدك يترك لي نصف كل شيء في وصيته .
ثم تحدته قائلة : لم لا تحاول وتجد السبب؟
- أتعنين إذن ان كل ماقلته وكأنه حقيقة لا ريب فيها؟.
-أرفض بشكل قاطع و اكرر , لم أكن في أي وقت قط حبيبة والدك.
علق قائلاً بهدوء عندما وصل الى الباب :
- سوف أرى مايمكن القيام به , ثم انصرف وبعد عدة ساعات ذهبت بليندا للنوم وكانت هناك ابتسامة ترتسم فوق شفتيها.
--------------------37

Just Faith 25-06-16 06:48 PM

الفصل السادس
في الصباح التالي كانت الأمور تسير بشكل رائع , ذهبت باكراً الى العمل لتبدأ يوماً جديداً , بدأت هي و سوزي العمل وكان لديها الكثير لإنجازه.
ثم عادت بليندا الى منزلها وتناولت وجبتها بعد ان اغتسلت, وفيما هي جالسة رن جرس الباب , فتحت الباب متوقعة ان يكون احد جيرانها ثم اكتشفت وقلبها يخفق بشكل جنوني بأن توم هيثرينجتون حتما يريد رؤيتها لسبب ما , لأن الواقف امامها هو توم .
قالت :
- إن كنت قد حضرت لتكرر اعتقادك بأنني حبيبة والدك فلقد سمعت كل ذلك من قبل.
---------------------
- كلا.
فدعته قائلة :
- من الأفضل ان تدخل .
سألت وهي تشير الى داخل الجلوس:
- هل ستبقى طويلاً؟
قال :
- اريد بعض الأجوبة.
قالت :
- تفضل اجلس.
قال لها بطريقة عدائية : اعرف الآن انك ووالدي لم تكونا حبيبين لدي الدليل الآن.
قالت مندهشة :
- انت تعرف ؟ لديك دليل ؟
فقالت :
- كيف ؟
قال :
- أليست والدتك من مكان يدعى انكبوروف؟
قالت :
- نعم وذلك من قبل ان تتزوج والدي .
فقال :
- والدي من انكبوروف ايضا .
فقالت :
- وهل في ذلك شيء؟
قال :
- نعم , فقد كان والدي على علاقة بوالدتك وهي في سن سبعة عشر عاماً وكان هو يكبرها بـ17 عام وكان متزوجاً وكان أنا عندي 11 عام وقد تعرف إليها عندما كانت في زيارة لعمتي إليسيا واسرته حيث انهم كانوا اصدقاء وذلك حين رآها والدي واعجب بها.
-------------------------
اكمل قائلاً:
- وقد قامت علاقة عاطفية قوية بينهما وحملت منه .
قالت : ماذا تقول ؟!
قال :
- وبعد مرور عدد من الشهور كانت والدتك قد انجبت طفلة اسمها بليندا برمروز مارش ( طفلة والدتها مارش ويتكومب ووالدها جاروود دايفيد هيثرينجتون).
- لا .
صدمت تماماً وشعرت بأن لونها قد اصبح شاحباً وقد أكد ذلك الشعور مراقبة الرجل الواقف امامها لها وقد تغير صوته فيما هو يسأل قلقاً:
- هل انت بخير؟ تبدين وكأنك ستصابين بالإغماء .
هزت رأسها وحاولت السيطرة على اعصابها وتمتمت قائلة :
- أنا بخير , صدمني الأمر , لكن ...
قال :
- ألم تعلمي ذلك؟
همست وهي ماتزال تعاني من الصدمة :
- لا يمكنني تصديق ذلك!
ولكن سألت : ماذا حدث لتلك الطفلة ؟ فأمي لم تتحدث عنها إطلاقاً.
اكمل قائلاً:
- عندما انجبت أمك الطفلة وبعد ان كتبها والدي في شهادة الميلاد , اضطر بعد ان ضغطت عليه والدتي ان يهجر أمك , حيث انها هددت بسحب دعمها المادي للمشروع الجديد وبالتالي كان سيفلس.
- وماذا عن شقيقتي؟ . سألت بليندا.
فقال لها بصوت حزين :
- لم تكتب لها الحياة , حيث انها كانت ضعيفة منذ ولادتها وبعد ثلاثة اسابيع من ولادتها توفيت .
- وماذا فعلت والدتي بعد ذلك ؟
اجاب توم :
- انتقلت للمعيشة في دريجتون إدج في هيرفورد شاير.
---------------------------
وقالت بليندا :
- وهناك التقت بوالدي فرانك تايلور و تزوجت منه وبعد ذلك ولدتني.
قال :
- هذا صحيح.
- وهل والدك عرف ان الطفلة ماتت؟
قال :
- نعم , عرف من عمتي إليسيا التي كانت صديقة لوالدتك.
قالت متحدية :
- اين هو الدليل ؟ اين ومتى عثرت عليه؟
قال :
- الدليل معي وجدته في درج مقفل في مكتب والدي صباح اليوم .
قالت :
- ماهو ؟
انها شهادة ميلاد لطفلة تدعى بليندا برموز مارش. والدتها مارش ويتكومب ووالدها جاروود دايفيد هيثرينجتون . ووجدت ايضا صورة لوالدي مع والدتك وعمتي إليسيا فذهبت وسألت عمتي وحكت لي كل شيء.
سألته :
- وكيف عرفت أنها امي ؟
- لديك صورة على مكتبك لوالدك ووالدتك و ايضاً تشابه الأسماء ماعدا اسم الأب. فكتب لك والدي نصف املاكه لكي يعوضك أنت بدلا من والدتك التي تركها بدون ذنب لها ولكي يغفر الله ذنبه.
ثم استطرد قائلاً: يبدو لي انه يداوي شعوراً بالذنب رافقه طوال تلك السنوات , وقد اختار هذه الطريقة كمحاولة للتعويض.
---------------------------41
بقيت بليندا صامتة , كان لديها افكار كثيرة تدور في رأسها , فكرت بليندا بأن والدها قد اعتنى بوالدتها وذلك لأنها حاولت ان تتخلص من ذلك الشعور باليأس الذي لم تستطع تغييره , تذكرت بأن والديها كان يحبان بعضهما بعضاً, وادركت عندئذ ان والدها قد علم حتما بكل شيء حول علاقة والدتها القصيرة والحزينة مع جاروود هيثرينجتون, فقد كانت افكارها حزينة عندما سألها توم :
- هل ستكونين بخير؟
اجابت :
- نعم بالطبع.
وشعرت برغبة بالبكاء , وقالت :
- آسفة , كنت سخيفة .
ضمها بحنان بين ذراعيه وطبع قبلة حفيفة فوق فمها , سأل:
- بخير الآن ؟
ابتسمت وقالت :
- ضعيفة قليلاً , ولكن بخير , شكراً لاخباري بالحقيقة.
اجاب بهدوء: اعتقد ان كلا منا كان بحاجة ليعرف الحقيقة .
كان قد وصل حتى الباب عندما نادت باسمه . توقف واستدار , عندما وجدها عاجزة عن الكلام ساعدها قائلاً: ما الأمر؟
قالت :
- أمي .. أمي كانت امرأة صالحة ولطيفة كانت , سيدة محترمة .
- ما الذي تريدين قوله ؟
الدموع التي لم تستطع ذرفها خنقت حنجرتها .
- إنها ... أمي .. لم تكن فاسقة .
ولحظة بقي ينظر اليها , ثم اجاب :
- اعرف .
- انت تعرف ؟
---------------------
ثم ابتسم وقال برقة :
- كيف يمكن ان تكون كذلك , وقد انجبت فتاة مثلك ؟
ثم استدار ورحل.
عندما ذهبت بليندا الى النوم بدأت الأفكار , وادركت اخيراً ان لا خطـأ في شعورها نحوه قبل ان تخلد للنوم.
في الصباح الباكر قادت سيارتها متجهة الى العمل وعلى وجهها ترتسم ابتسامة عريضة , كان الحظ بجانبها لأنها في حوالي الساعة العاشرة وفيما كانت سوزي في مكتب السيد فورد فتح الباب الخارجي ودخل توم بطوله الفارع وشعره المصفف وبذلته الأنيقة , سأل فيما هو يقترب من مكتبها ويتكئ على زوايته : كيف تسير الأمور؟
ابتسمت وقالت :
- بشكل حسن.
ثم قال بجدية :
- إنك تستحقين اعتذراي, هي ستسامحينني يا بليندا عن كل الكلمات السيئة التي تفوهت بها.
قالت :
- بالطبع .
سأل بابتسامة ساحرة :
- إذن سوف تسمحين لي باصطحابك الى العشاء ؟
ضحكت وقالت :
- ومن يستطيع ان يرفض دعوه كهذه !
ابتسم وقال :
- سوف اصل الى شقتك عند الساعة الثامنة.
عندئذ فتح الباب بين المكتبين وخرجت سوزي , وكان رامزي فورد توم واقفا في مدخل الباب, نادى قائلاً :
- آه , توم ! اريدك ان اتحدث اليك , هل من اخبار حول مشروعك...
اجاب:
- في الليلة الماضية فكرت بطريقة رائعة لتأمين التمويل المطلوب.
حينذاك تنبهت بليندا الى انها لم تجد الوقت المناسب لتخبر توم انها لم تعتقد ان لها شيء تركه والده لها , ولا هي تريد ذلك , وقد عزمت على إعادة كل شيء .
--------------------

Just Faith 25-06-16 06:48 PM

الفصل السابع
وصل توم الى شقة بليندا قبل الساعة الثامنة بعدة دقائق, وفي الواقع كانت مستعدة للقائه في حوالي السابعة والنصف, بدا مظهرها هادئاً وجدياً في حوالي السابعة والنصف, بدا مظهرها هادئاً وجدياً وابتسمت بوقار وهي تفتح له الباب, ثم قالت :
- سوف احضر حقيبتي.
كان صوتها هادئاً وقد حاولت ان تبعد عينيها عن عينيه الرماديتين الدافئتين اللتين تجرأتا على التأمل , عندما أتت اليه قالت برقة :
- جاهزة .
----------------------------------
وقف ينظر الى عينيها الزرقاوين اللامعتين وقال مادحاً بليندا:
- انك جميلة .
- شكرا .
ثم رافقها الى السيارة ومن ثم الى مطعم جميل . فكرت بليندا بأن تتناول العشاء بصحبة توم من أروع التجارب في حياتها كان ذكياً وساحراً حتى انها لم تستطيع ان تتذكر انها في يوم من الايام وصفته بالوحش , كان رجلاً يعرف ما يريد ايضاً, وفي الوقت نفسه كان يشاورها في امور عديدة لا شيء منها له علاقة بالعمل , مع ذلك وربما لأنه كان الرجل الذي تحب مضت الأمسية بسرعة.
وعندما انتهيا من شرب القهوة وغادرا المطعم قاد توم السيارة عائداً بها الى شقتها عندما اوقف السيارة امام المبنى , ومع أنهما قد تناولا القهوة منذ قليل فقد بنت امالها بأن توم يرغب ايضاً في مد السهرة لفترة اطول . حتى ولو لربع ساعة , فأسرعت قائلة :
- القهوة سريعة التحضير , انه نوع من الدعوة بعد العشاء.
ثم استدارت نحوه وقالت :
- انت على الرحب إذا احببت ان ...
سمعت صوته الرائع وشعرت بابتسامته في مكان ما في الظلام :
- انا اكثر من أحب ذلك, انني حتى على استعداد لتحضير القهوة لك .. ما رأيك ؟
شعرت بالسعادة قائلة :
- كلا شكراً لك , لأن طعم قهوتك تشبه طعم الشاي!
كانا يضحكان وهما يدخلان المبنى وصعدا الى باب شقتها حيث اخذ توم المفتاح وفتح الباب. ثم دخلا غرفة الجلوس . استدارت بليندا لتسأله إذا كان يحب القهوة مع الحليب أم لا , كانت تقف قريبة منه تلامسه تقريباً. مد ذراعه بسرعة ووضعها فوق كتفيها وادراها قليلاً لتصبح في مواجهته تماماً.
قال :
- أنت جميلة . وقربها منه بلطف.
----------------------45
تمتمت :
- آه توم .
ووضعت ذراعيها حوله , قبلها بلطف واستجابت لقبلته . قال :
- عزيزتي.
وأحنى رأسه لمعانقتها من جديد , قال بصوت عميق :
- حبيبتي .
وتحرك وهما متعانقان نحو غرفتها وعند الباب ابتعد قليلاً لينظر الى عينيها وفي عينيه سؤال . لكنها اجابته وارادته أكثر . كان جوابها ان قبلته , ثم ادركت انهما داخل الغرفة. ثم فجأة ابتعد توم عنها ونظر اليها وعلى وجهه تعبير قلق وقال :
- أصحيح أنك لم تعرفي رجلاً قبلي؟
سألت بصوت منقطع خجول :
- هـ.. هل يبدو .. ذلك ؟
ولدهشتها , في حركة واحدة جلس توم على حافة السرير , لكن مع كل الثبات في صوته , كانت أنفاسه مسموعة :
- بليندا أنت مخلوقة ساحرة ويمكن ان يجن أي رجل لأجلك , لكن ..
ثم توقف عن الكلام وحاول التحدث قائلاً:
- من الأفضل ان اغادر .
كان في منتصف الطريق خارجاً من غرفتها عندما استدار وقال بهدوء :
- سوف اغادر المنطقة غداً لمدة اسبوع تقريباً.
ثم وعدها قائلاً:
- سوف اتصل بك لدى عودتي .
ثم انصرف , كانت تجد صعوبة في تصديق هذا , هكذا بكل سهولة انصرف توم .
استطاعت خيراً في حوالي الساعة الثالثة ان تأخذ قسطاً من الراحة من كل القلق الذي انتابها.
-----------------------
في صباح يوم الجمعة , قادت سيارتها نحو المكتب, لم يكن العمل كثيراً في المكتب ذلك اليوم , وفي فترة منتصف الصباح , كانت ماتزال تفكر في توم , فيما راحت تشعر بالدفء , لأنها تذكرت ان توم وصفها بالمخلوقة الساحرة , فكرت في ذلك حالمة , ثم ادركت مندهشة بأن الحب جعلها تنسى ان تخبره عن عزمها للتخلي عن الثروة التي تركها لها والده , فقد كانت سعيدة برفقته لدرجة انهما تحدثا في كل المواضيع ونسيت تماماً اكثر المواضيع أهمية ! ثم حملت سماعة الهاتف لتتصل بمكتب بيرتون وبوويت , ثم تحدثت مع سكرتيرة براين رولنجز لتعرف بأن براين كان خارج المكتب طيلة اليوم .
ثم قالت لها السكرتيرة :
- أستطيع تدبير موعد لك يوم الاثنين عند الساعة الرابعة والنصف إن كان ذلك يناسبك.
وافقت بليندا .
بعد أن انهت ذلك, حاولت جاهدة ان تعمل جيداً لبقية اليوم , لكن ذلك صعباً جداً لوجود توم في أفكارها , وعند آخر فترة بعد الظهيرة , عندما وصلها الى المكتب باقة ورود , لم يعد صعباً ان تركز في عملها بل أصبح مستحيلاً.
تمتمت قائلة لسوزي:
- هناك شخص مهتم.
قالت لها سوزي :
- ذلك أكيد .وهي توجه الرسالة نحو مكتب بليندا.
سألت بليندا مندهشة :
- أهي لي؟
سحبت بطاقة صغيرة من المظروف وقرأت :
- عزيزتي , اتمنى ان تكوني تفكيرين فيّ كما أنا افكر فيك, وكانت تحمل توقيع (م)
تأوهت وقالت :
- آه .
تمتمت عندما رأت أن سوزي تنظر اليها :
- إنها .. إنها .. من صديق .
-----------------------------
اجابت سوزي مبتسمة :
- لقد ادركت ذلك.
عندما قادت سيارتها تلك الليلة نحو شقتها . كانت ماتزال مبتهجة وفي عينيها بريق لامع , وهي تحمل باقة الزهور معها .
قررت بليندا ألا تعود الى دريجتون إدج ذلك الاسبوع ايضاً بسبب توم لأنه يحتل فكرها وقلبها ولأنها شعرت بعدم الاستقرار .
قضت يوم السبت وهي تقوم ببعض الأعمال الروتينية او جالسة تحدق الى الفراغ بنظرات حالمة , او تتأمل باقة الزهور التي وضعتها بفخر في وسط طاولة منخفضة .
صباح الأحد اشتاقت لرؤية توم , وجدت انها قد بدأت تشعر بالألم في داخلها لدى إدراكها انه حتى لو عاد توم الى انجلترا الخميس المقبل فلا شيء يحتم انها ستراه حينذاك.
حتى عند فترة العصر كانت بليندا ما تزال تعاني من اضطراب افكارها . ثم فجأة وبشكل اذهلها , رن جرس الباب , وتبددت افكارها في الهواء , وعندما لاحظت الزائر امرأة فقد عرفتها , لقد كانت من عائلة هيثرينجتون, فهي السيدة هيثرينجتون!
قالت بليندا مندهشة :
- سيدة هيثرينجتون!
- بالطبع .
قالت والدة توم :
- هل استطيع ان اخذ لحظة من وقتك ؟
- نعم بالطبع , هلا تفضلت بالدخول؟
ثم سألت وهي تشعر بالقلق :
- توم , هل هو بخير؟
قالت بغطرسة :
- رجال آل هيثرينجتون دائماً بخير! انهم يسعون دائماً ليكونوا بخير ! النساء في حياتهم هن من يعانين .
لم تجب بليندا ولكن دعتها قائلة :
- ارجوك, تفضلي بالجلوس .
جذبت باقة الزهور ناظري زائرتها وهي في طريقها للجلوس , توقفت السيدة هيثرينجتون لقرائة البطاقة وكذلك حرف ( م).
------------------------------48
قالت بشكل غامض وكأنها ترمي الى ان الزيارة ليست رسمية وانها لن تتأخر كثيراً:
- لقد بدأ الأمر , اذن !
ثم جلست على حافة الكرسي.
قالت بليندا :
- آسفة ؟
- لم افهم , الأزهار , من الواضح انها مقدمة من توم.
ثم تابعت : لقد عرفت ماينوي توم القيامة به.
حدقت بليندا فيها منذهلة وكررت كلامها :
- ماينوي القيام به .
- لقد كان توم منذ صغره يجري مباشرة خلف ما يريد, ومن الواضح تماماً انه لن ينتظر أكثر من ان يرتاح والده . قبل انه يجري خلف الشيء الذي صمم على امتلاكه .
لم تكن بليندا بحاجة الى تفسير بأن والدة توم لا تحبها . قطعت السيدة هيثر ينجتون حبل افكارها وسألت :
- انت لا تعتقدين بأنه سوف يخضع و يرضى بأن تأخذي ما اعتبره حقه , أليس كذلك؟
اجابت بليندا :
- حسناً , لا .
ثم قالت بليندا :
- إذا كنت تتحدثين عن المال , الأسهم و ..
قاطعتها السيدة بحدة :
- ابني , يا آنسة تايلور , مستعد للمحاربة من اجل مايريد بغض النظر عما إذا كان قد اخبرك او لم يخبرك عكس ذلك, مهما كلف الثمن سوف يسعى لذلك, إن الأمر بالوراثة.
ثم راحت تقول بعدائية واضحة :
- دعيني اوضح هذا الأمر , يا آنسة تايلور, إن اهتمامي الوحيد الذي دفعني لزيارتك هو انني لا اريدك زوجة لأبني.
تمتمت بليندا وهي غير قادرة على التصديق:
- لكن .. لم يسألني توم ..
-------------------------
- لو كنت اعرف الشيء القليل عن هيثرينجتون , وأنا التي عشت مع احدهم احدى و اربعين سنة , لقلت سوف يفعل , سوف يضع ثروتك نصب عينيه ومثل والده من قبل, سوف يستعد تماماً للزواج منك.
حاولت بليندا ان تقاطعها :
- أنا ..
تابعت والدة توم كلامها:
- ومثل والده من قبل, سوف يتزوج من المرأة الوريثة , وانت ايتها الشابة الصغيرة لا حاجة بك لزواجه لأنك سوف تستيقظي في صباح يوم ما , كما حدث معي لتواجهي حقيقة كبيرة بأن زوجك لم يتزوج منك لأجل المال فقط بل وانه أدخل عشيقته كجزء من الصفقة لقد حذرتك , حيث انك لست مضطرة للزواج منه من أجل ماله فأنت في وضع يسمح لك بأن تقولي لا , أو البديل الأفضل , بما ان توم قد ورث عن والده وسيلة الإقناع - ارفضي أي شيء معه .
بدأ ينتاب بليندا شعور من عدم الراحة نحو توم . فجأة بدأت تفهم ما كانت تقوله والده توم وقد انتابها شعور بالألم وانها ترغب بجنون ان تبقى بمفردها.
وقفت على قدميها فجأة قالت :
- شكرا على الزيارة , يا سيدة هيثرينجتون.
وما اراحها هو ان السيدة وقفت ايضاً وقالت :
- اريد وعداً منك بألا ترتبطي به.
اجابت بليندا بأدب و حزم :
- اعتقد انني لن استطيع ذلك.
فقالت السيدة باختصار:
- انت الآن لديك المال, لذا لا حاجة بك إلى الى الزواج منه من اجل الحصول على المال.
ثم استطردت قائلة :
- وإذا كنت مغرمة به فأنت اكثر غباء!
وبعد ذلك خرجت السيدة واغلقت الباب خلفها, عندئذ انهارت بليندا فوق الكرسي.
--------------------------
بعد حوالي الساعة كانت ماتزال في مكانها وادركت كم هي غبية في امور الحب. حاولت ان تكون موضوعية , وعندما فكرت في كل الأحداث وجدت الكثير من الدلائل التي تؤكد كلام والدة توم وانه سوف يتزوج منها للاستيلاء على ما ورثته من والده. حبست بليندا انفاسها عندما تذكرت مدى حاجته الى التمويل لمشروعه الجديد.
وضعت نصف عينيها القسوة التي رأتها فيه في أكثر من مناسبة ثم جعلها تعتقد بأنه يخطط لخطبتها وجعلها تقدم على التوقيع على التنازل عن كل شيء لصالحه بواسطة احاديث عاطفية , ثم يتخلى عنها, لكن ان يصل الى حد الزواج منها , لا , لا تستطيع تصديق ذلك والده؟
شعرت بليندا بالارهاق عندما ذهبت للنوم في ساعات الصباح الباكر من صباح الاثنين , لقد فكرت كيف ان توم زارها طالباً وقف اطلاق النار وعدم استزاف الشركة الى ان يستطيع زيادة القيمة المادية , ليشتري حصتها على الأرجح . وتذكرت توم عندما توقف في مكتبها يوم الخميس وطلب منها تناول العشاء برفقته تلك الليلة وعندما سأله رمزي فورد عن اخبار مشروعه الجديد و اجاب توم قائلاً:
- في الليلة الماضية فكرت بطريقة رائعة لتمويل المشروع الجديد.
ثم تذكرت بليندا شريكته الحسناء الأنيقة التي اختارها لرفقته في آخر مرة تناولت الطعام هي و سوزي برفقة والده , فذلك يعني بأنه لو كان له حرية الاختيار لما اختار فتاة شقراء , بل هو يفضل دائماً السمراوات.
استيقظت بليندا في السابعة صباحاً وقد اتخذت قرار بأن توقع على التنازل له بكل شيء فإذا كان سيتزوج منها لأجل المال أم لا , ليست تلك بالمسألة المهمة . فما يهم في الأمر هو كبيرياؤها وكيف ستشعر عندما يتأكد توم من ان كل شيء اصبح ملكه, وينسى انه ارسل لها الأزهار وينسى كلماته : اتمنى ان تكوني تفكرين فيّ كما أنا افكر فيك.
لم تذهب الى العمل وفي الساعة العاشرة والنصف اتصلت بالمكتب وطلبت التحدث الى سوزي , قالت :
- سوزي .
---------------------51
تكهنت سوزي مخطئة :
- لقد نمت طويلاً.
صححت لها بليندا بسرعة : لا , ليس الأمر كذلك. هل تمانعين لو توقفت عن عملي بالمؤسسة ؟
خيم صمت مؤقتاً ثم قالت سوزي :
- تبدين جادة تماماً يا بليندا , هل هناك مشكلة قد استطيع المساعدة في إيجاد حل لها؟
قالت بليندا كاذبة:
- لا مشكلة , صديقيني كل مافي الأمر , لقد فكرت بالأمر خلال العطلة الأسبوع , و هذا مارأيته مناسباً.
قالت سوزي :
- حسناً, بالطبع , لكن هل أنت متأكدة ؟
مرت خمس دقائق اخرى وقد انهت عملها في مؤسسة هيثرينجتون وعندئذ انتهت المكالمة.
لقد اتمت ذلك العمل, واتصلت بالوكيل الذي استأجرت منه الشقة في لندن لأنها قررت العودة الى رينجتون إدج الليلة. و لإنهاء الإيجار.
امضت فترة الصباح وقليلا من فترة الظهر في حزم حقائبها , وأي شيء تستطيع نقله بالسيارة, فهي على عجلة لمغادرة لندن طالما مازالت تملك كبرياءها.
مازال لديها بعض الأعمال الصغيرة لتنجزها عندما ادركت انه من الأفضل ان تغادر , إذ لم تكن تريد التأخر عن موعدها مع براين رولنجز في الساعة الرابعة و النصف .
وانطلقت لتحافظ على موعدها مدركة انه عليها العودة الى شقتها.
ابتسم براين رولنجز وقال :
- تفضلي آنسة تايلور.
ثم سألها :
- الآن كيف يمكنني ان ساعدك ؟
استغرقت المقابلة وقتا أكبر من الذي توقعته . حيث ان براين رولنجز بدا وكأنه يريد وضع العراقيل امامها.
قال مصراً:
- عليك ان تكوني واثقة تماماً. ماتفكرين فيه هو التنازل عن ...
----------------------
قالت :
- انا واثقة تماماً. ولا يستطيع احد ان يجعلني اقبل مالا اريد!
- لكن السيد هيثرينجتون يريدك ان ...
بعد نصف ساعة وبعد ان اقنعته بمدى إصرارها واعطته عنوانها ورقم هاتقها في دريجتون إدج ليتسنى له الاتصال عند الحاجة إليها , غادرت المكتب وقادت السيارة نحو شقتها للمرة الأخيرة.
اتمت حزم الحقائب , ونقلتها الى السيارة وكانت على وشك المغادرة عندما رن جرس التليفون .
مشت نحو التليفون وكاد يغمى عليها عندما سمعت صوت توم قائلاً برقة :
- مشتاقة لي؟
وفيما دقات قلبها تتسابق بغباء سألت :
- اشتقت اليك؟
وضحكت ضحكة خفيفة و قالت :
- انت لم تتركني إلا منذ خمس دقائق!
اجاب بعد لحظة او اكثر :
- ما خطبك , يا بليندا ؟
- خطب؟ لا شيء على الاطلاق ! إنني فقط مسرعة للخروج .
- لديك موعد!
قالت شارحة :
- لا اريده ان ينتظر كثيراً.
قال بسرعة :
- تأكدي من انك لن تستسلمي له بالطريقة التي كنت تعرضين بها نفسك لي!
كانت بليندا مندهشة عندما انقطع الاتصال . بعد لحظة ظهر غضبها , كيف يجرؤ الوغد على قول ذلك لها! من كلمته : مشتاقة لي؟ فهمت بليندا انه مازال خارج البلاد.
----------------
قادت بليندا السيارة , وتوجهت مباشرة الى دريجتون إدج ولأنها شعرت بالألم في اعماقها بسبب انقطاع آخر أمل لرؤية توم , قررت إفراغ حقائبها في اليوم التالي نهاراً.
اشعلت جهاز التدفئة في بيتها وقامت ببعض الأعمال الصغيرة الضرورية ثم صعدت الى غرفة نومها وكان نومها من النوع المضطرب.
كان مايزال الظلام مخيماً عندما استيقظت في صباح الثلاثاء واخذت حماماً وارتدت بنطلون جينز و بلوزة .
وبينما هي تصفف شعرها في غرفة نومها , قرع احد ما جرس الباب , وبشكل غير متوقع في الهدوء والسكون. وضعت بليندا فرشاة الشعر من يدها وهي تدرك انه بائع اللبن , وبسرعة نزلت السلم حتى لا تدعه ينتظر طويلا.
فتحت الباب ثم اطلقت تنهيدة تعبر عن دهشة طبيعية . لأنها في حين قطعت الأمل في رؤيته مجدداً وتأكدت من انه مايزال خارج البلاد , من يقف على عتبة بابها عند بزوغ الفجر , انه توم هيثرينجتون! الذي بدا عليه كل شيء إلا السرور لرؤيتها. وعندما تأخرت حسب اعتقاده عن قول أي شيء قال وهو غير قادر على الانتظار أكثر:
- اعتقد ان ضيفك قد رحل !
قالت بليندا :
- هو ..
لكنها عندما ادركت بأن توم حتماً يشير الى شخص الذي قالت بأنها على موعد معه قالت :
- لم يبق اثناء الليل.
اندهشت عندما خطا توم الى الداخل بوجه قاتم , قال :
- اريد التحدث اليك.
وقبل ان تستطيع منعه دفع بنفسه الى القاعة .
قالت بحدة :
- تفضل , لم لا !
ولكنه عندما استدار ووجه اليها نظرة قاتمة لسخريتها, علمت بليندا بأنه قد عاد ليكون ذلك الوحش الذي تعرفت اليه منذ البداية دون ان تعلم سبب عودته الى نجلترا او سبب زيارته لها , وأيا كان السبب تمنت بليندا ألا ينتهي الأمر الى صفعه مجدداً.
---------------------

Just Faith 25-06-16 06:49 PM

الفصل الثامن
في غرفة الجلوس , وبعد ما اضاءت النور , ابتعدت فجأة لتترك مسافة بينهما إذ كانا يتجادلان...
بدأت تقول بحدة :
- اعتقدت انك خارج البلاد؟
قال:
- انا عائد بعد ظهر هذا اليوم .
قالت :
- فلابد انك حضرت لأخذ شيء نسيته , فلأبد ان تكون في بيتك او في مكتبك , وليس هنا ؟
عندما نظرت اليه مجددا والتقت نظراتهما, رأت عندئذ بأن عينيه يملؤها الغضب الشديد! ولم يغب عن بالها غضبه عندما سأل متحدياً بطريقة هجومية:
- ماذا حدث؟
-------------------------55
- حدث؟
رماها بنظرة قائمة وبدا مستعداً لخنقها لمحاولتها التظاهر بعدم فهم ما يعنيه .
-في آخر مرة رأيتك فيها , كنت امرأة دافئة , متجاوية ,كنت ...
- تباً, كيف كان من المتوقع ان أكون , كنت رجلاً من خارج تجربتي ..
قال بلهجة مهينة :
- لا تتجرأي وتقولي بأنك قد تتصرفين بتلك الطريقة مع أي رجل آخر.
قالت مذعورة غاضبة :
- أنا لا اقول لك أي شيء , ولا حتى اريد هذه المحادثة .
ثم اكملت :
- من الواضح أنك حضرت الى هنا لسبب ما , لذا ...
قال ملحاً:
- لذا ماذا حدث؟ كانت امورنا تسير على خير مايرام .
قالت بحزم :
- اسمع يا توم , إذا كنت تعترض لأنني تواعدت مع شخص آخر , فـ..
سأل بحدة :
- هل تواعدت مع شخص آخر؟
تراجعت عن لسانها فقال متحدياً :
- لا يمكن ان يكون موعداً إذا كنت قد اتيت بالسيارة الى هنا بعد ذلك مباشرة !
هزت كتفيها وقالت :
- إذن, ربما لم اتواعد مع احد.
في تلك اللحظة فيما وقف توم وقد بدا مسترخياً وهو يتكئ الى الموقد يتفحصها بإمعان , احببت كثيراً ان تعرف فيما يفكر . لكن عينيه لم توحيا بأي شيء في حين تلاشت العدائية من نبرة صوته وقال بصوت هادئ:
-----------------------
- لم تكذبين , يا بليندا ؟
قالت متحدية :
- تباً لك , أهي مسألة شنق؟
- أنت متوترة ! مم أنت متوترة ؟
- اسمع إذا كنت تريد العودة بالطائرة إلى المكان الذي اتيت منه بعد ظهر هذا اليوم , فمن الأفضل ان تنصرف الآن .
قال :
- ليس قبل ان احصل على ما اتيت من اجله .
حاولت تغيير الحديث:
- رفقاً يا توم , ماتزال الساعة السادسة والنصف صباحاً.
- ولأنك تبدين متوترة وقد كنت مرتدية ملابسك اثناء قدومي , فذلك يدفعني للقول , إما ان سريرك غير مريح او انك قلقة لم تستطيعي النوم .
بدأت تتعذب وقالت بصراحة:
- آه , لقد اكتفيت منكم آل هيثرينجتون , الأفضل ان تنصرف.
كان توم يحلل الأمور بسرعة و ظهر في عينيه بريق حذر فيما هو يقول بهدوء:
- آه بليندا , ذلك هو الأمر , أليس كذلك, اتصلت بك والدتي؟
وفيما هي تحاول المحافظة على هدوء تفكيرها , وجدت بليندا قدرة لديها لم تكن تعلم بوجودها من قبل فقالت بنبرة مدهشة تماماً:
- لماذا تريد والدتك ان تتصل بي؟
قال ماجعلها تندهش حقيقة:
- أتصور ان السبب هو نفسه الذي جعلها تتصل بي في الفندق الذي اقيم به في سويسرا .
- هل اتصلت بك بعد ان حضرت لرؤيتي مساء الأحد ؟
- آه . كم أنت رائعة !
-----------------------------
سألت : ماذا؟
- اتصلت والدتي في وقت الغداء تقريباً يوم الأحد , لكن شكراً لأنك اثبت صحة شكوكي المرعبة.
- لم يكن ذلك عدلاً, ماذا في الأمر؟
وجهت بليندا له نظرة مقيتة لأنه اخذ منها معلومات ما كانت لتفشي بها لأي مخلوق .
سأل :
- هل ستخبرينني عن سبب حضور والدتي اليك؟
قالت بشكل عدائي:
- انت ذكي جداً جداً, حاول ان تكتشف السبب!
توقف ومد يده ليمسك ذراعها قائلاً:
- اسمعي يا بليندا , بغض النظر عما حضرت والدتي لقوله , حاولي ان تثقي بي , ثقي بي واسمعيني حتى النهاية.
سألت :
- اسمعك حتى النهاية؟
- هناك كلام كثير ليقال , لكن يفضل تدخل والدتي لإقناعك بإخلاصي , أرى انني سوف اسير في طريق طويلة .
بصوت حاد :
- لأول مرة بدون شك .
هي تعلم انه دائماً يخطو نحو هدفه مباشرة بدون انحراف.
قال :
- يبدو ان والدتي قد اتمت عملها بشكل حسن , هل ستمنحيني الوقت الكافي لأشرح امراً او امرين ؟ أنا مضطر للتحدث اليك حالاً, صدقيني.
قالت :
- تفضل.
اقترح قائلاً :
- هلا جسلنا؟
-----------------------58
جلس كل منهما على الاريكة ولأن الأريكة كانت تتسع لثلاثة اشخاص , فقد جلسا بشكل مريح على الرغم من انه كان قريبا منها اكثر مما تحب.
قالت:
- ماذا كنت تقول ؟
- كنت اقول ..
تردد قليلاً واستدار لرؤية تعبيرات وجهها.
ثم استطرد قائلاً:
- بالعودة الى البداية , لقد رأيتك وكنت على وشك المغادرة من المستشفى هل تتذكرين عندما كنت تعملين سكرتيرة في المستشفى الخاصة.
قال : ولقد رأيتك للمرة الثانية عندما عدت من استراليا, لقد رأيتك مرتين مرة قبل ان اذهب الى استراليا ومرة اخرى عندما عدت من استراليا باستثناء لقاء المستشفى قبل ان اذهب.
سألت بليندا :
- هل رأيتني ؟ اين ؟ أنا لم أرك.
قال : كنت في عجلة من امري لأنني كنت قد تأخرت عندما عدت الى المكتب. على ما اعتقد لأخذ بعض الأوراق قبل مغادرتي الى استراليا لقضاء شهر . كنت عديم الصبر , فلم استطع انتظار المصعد, وعندما استدرت لأهبط السلم لمحتك من نافذة السلم كنت تخرجين من سيارتك وأنا ... لقد رأيتك تمشين بكل رشاقة , عبر فناء المؤسسة واعتقد انك اجمل امرأة رأيتها في حياتي.
نظرت اليه بشدة , ارادت ان تصدقه لكن السيدة هيثرينجتون حذرتها منه.
- أيه .. أكمل.
- رأيتك وعرفت انني.. يجب ان اعرف من تكونين وفي لحظة سريعة بمساعدة رجل كان بجانبي عرفت بأنك بليندا تايلور وسكرتيرة جديدة لإيان كولنز في قسم النقل , و ...
- آه , إذن انت رأيتني , وهكذا كان الحب؟
----------------------
- على الإطلاق , كنت قد تأخرت كثيراً وادركت ان علىّ المغادرة , إذ كان لابد ان اصل في الوقت المحدد قبل إقلاع الطائرة , لذا كل ما استطعت القيام به هو القرار بأنني قد استطيع ان أمر على مكاتب قسم النقل لدى عودتي ..
- لكن في غيابك لمدة شهر نسيت كل شيء حول الأمر.
- نسيتك؟ ابداً.
ثم استطرد قائلاً:
- عدت الى المكتب الرئيسي في وقت متأخر من بعد ظهر يوم الاثنين وذهبت الى قسم النقل قبل ان اذهب لرؤية والدي. ووصلت الى مكتب إيان كولنز ولم اجد فتاة شقراء منكبة على العمل خلف المكتب بل وجدت سكرتيرة عادية ومن الطبيعي ان أسألها كيف تم استخدامها.
- من الطبيعي, ومن الطبيعي ان تسأل ماذا حدث لي؟
قال :
- لم اكن اريد ان تعملي في اية مؤسسة إلا مؤسسة هيثرينجتون؟ اردت ان تكوني حيث استطيع رؤيتك.
تمتمت وفي عينيها نظرات من عدم التصديق :
- ايه . هذا طبيعي .
قال :
- حاولي ان تصدقيني . إنني اخبرك بكل شيء , لأنني اعرف تماماً بأنك لن تتفوهي بماحدث بينك وبين والدتي يوم الأمس, اعرف بأنها قد تكون صريحة لدرجة القسوة إذا ...
قالت ببررود :
- لديها ابن مثلها تماماً .
وافق توم على ذلك :
- استحق ذلك واكثر من ذلك . لكن لنتابع الموضوع في مكتب إيان كولنز , عندما قلت للسكرتيرة بأن بليندا تايلور ربما قد تركت العمل.
----------------------
قالت : ولدهشتي انك لم تتركي العمل, بل انتقلت الى المكتب الرئيسي كنت مازلت افكر كيف نلت انت العمل في حين كانت هناك سكرتيرات اقدم منك في الخدمة كان من الممكن استخدامهن . وعندما كنت في طريقي الى مكتب والدي التقيت بك ثانية .
" آه " تعجبت بليندا وقالت " كان ذلك عندما رأيتني امسك بيد والدك ونضحك في المكتب.
- لم أره في حياتي اشد بهجة , وكنت غاضباً كالجحيم!
- انت دائماً تجيد الاستنتاج .
" كان ذلك مرة عندما كنت مضطرباً تماماً, كنت منزعجاً وليس فقط لأنه قد بدا بأن والدي قد جن , بل لأنه فعل ذلك مع المرأة التي ..." ثم اضاف وهو ينظر في عينيها " التي احببتها"
سألت : احببتها ؟
ثم اعترضت قائلة " لكنك حتى لم تكن قد تحدثت اليّ في ذلك الوقت!"
- اعلم ان ذلك يبدو جنوناً, لكنني لا ادري السبب. هكذا كان الأمر!
ثم قالت :
- ماذا الآن ؟ وماهي الحقيقة ؟
اجاب بنبرة رقيقة :
- الحقيقة يا عزيزتي الغالية بليندا, هي انني احبك بقلبي و روحي.
تلعثمت من التأثير فيما هي تقول:
- آه , توم لم اعد اعرف ماذا اصدق!
- آه , يا حبيبتي, لقد زرعت امي الشك, اليس كذلك؟ لكن انسي امرها , فقط فكري في وفي نفسك , وفيما تعرفين , بماتشعرين , تمسكي بحقيقة اني احبك كثيرا, وانني احببتك منذ ان رأيتك اول مرة .
همست :
- حب من النظرة الأولى!
--------------------61
ثم قال :
- اتذكرين الأمسية التي قضيناها معاً يوم الخميس . لقد كانت امسية رائعة بالنسبة لي , آه , كنت ساحرة تلك الليلة , ياصغيرتي العزيزة الغالية. هل تتعجبين لأنني عندما عدنا الى شقتك وضممتك بين ذراعي كدت افقد عقلي؟
همست بليندا :
- لكنك لم تفعل.
اعترف :
- اقتربت من الجنون , ابتعدت حينما احسست كم انت رائعة وكم يجب ان احافظ عليك , لأنك حبييتي, آه ياعزيزتي !
صدقته بليندا وقالت :
- لذا انصرفت , وفي اليوم التالي ارسلت لي الأزهار الى المكتب.
ابتسم وقال :
- لم استطع ارسالها الى شقتك حيث انك كنت قد ذهبت من هنا الى المكتب مباشرة تلك الليلة , اردتك ان تعلمي بأنني فكرت فيك في عطلة نهاية الاسبوع تلك.
- والدتك رأت الزهور , والبطاقة , طلبت مني وعداً بعدم الزواج منك.
انفجر قائلاً:
- ماهذا العمل الجنوني الذي قامت به!
ثم استطرد قائلاً :
- ماذا قلت لها . هل قطعت لها وعداً؟
- انا .. إيه اخبرتها بأنني لن استطيع.
قال توم فرحاً:
- انت عزيزتي و حبيبتي !
وضمها بين ذراعيه و لم تستطع بليندا المقاومة وهي تنعم بدفء عناقه . استطرد قائلا :
- إذن اخيرا توصلنا الى سبب زيارتها لك.
- في الواقع ليس تماماً.
حثها قائلاً:
- لا تتوقفي عند ذلك.
-------------------------------
كانت ذراعاه حولها عندما حرك رأسه لينظر في عينيها مباشرة .
قالت :
- حسناً, في رأي والدتك انك مستعد للقيام بأي شيء من اجل وضع يدك على الميراث الذي تركه لي والدك , بما في ذلك الزواج مني .
رفع توم جبينه من الدهشة :
- عزيزتي الغالية , وانت صدقتها ؟
قالت :
- بدت كل الأمور توافق اقوالها .
قال :
- سوف تأتين معي لرؤية والدتي , سوف نواجهها معا .
تمتمت بليندا :
- لا اعتقد ان ذلك ضرورياً.
سأل بحدة :
- ماذا تعنين بذلك انت حتما لا ترفضينني ؟
قاطعته بليندا مبتسمة :
- ما اعنيه هو انني اثق بك, مما يعني انه لا حاجة لمواجهتها .
- انت تثقين بي , آه يا حبيبتي .
ثم انحنى وطبع قبلة فوق شفتيها وقال بصوت ساحر:
- عزيزتي بليندا انت تثقين بي , على الرغم مابدت عليه الامور عندما ارسلت لك الأزهار.
اعتذرت قائلة :
- آسفة لذلك.
كانت عيناها تلمعان بالحب وقلبها يعزف لحنا جميلا, توم احبها .. آه كم الأمر رائعاً!
اضافت :
- مع انني ...
- ماذا يا حبيبتي ؟ لا اريد ان تخفي عني أي شيء.
------------------
- ليس امراً مهماً حقاً. فقط كل ما في الأمر انه بعد زيارة والدتك لي قضيت وقتاً مروعاً ( كانت قبلة توم اللطيفة فوق شفتيها هو البلسم الذي تحتاجه ) .
وتابعت "لذلك قررت ان اعيد لك ماتركه لي والدك وبالفعل لقد بدأت الإجراءات القانونية حتى لا تضطر ان تتزوجني او على الأقل لتخطبني لكي ترد لك اموالك.
ابتسم و قال :
- إني اعرف و ...
- تعرف !
- اخبرني براين رولنجز عندما ...
-لكن .. لكن ..
سألها بلطف:
- ما الأمر يا حبيبتي ؟.
قالت بسرعة :
- لكن إذا كنت تعلم بالأمر قبل حضورك إلى هنا فهذا يؤكد انك .. لا تعتزم الزواج مني من اجل الثروة !
سأل توم وعلى وجهه ابتسامة عريضة :
- انت تدركين ايتها المرأة الغالية بأنك قد وافقت لتوك على الزواج مني أليس كذلك؟ بوجود او عدم وجود الثروة اللعينة , انت لي يا بليندا تايلور . هل ستقولين لي الآن انك...
قاطعته :
- مهلاً لحظة , قلت إن براين اولنجز قد اخبرك لكنني ذهبت اليه بعد ظهر امس فقط!
قال توم شارحاً:
- لقد قال ذلك. اتصلت به في منزله بعد الاتصال الهاتفي غير المرضي بك. من سويسرا, في اثناءغضبي , غيرتي .. كيف تجرأت للتواعد مع شخص آخر .. علمت انه عليّ اركز على شيء آخر او اصاب بالجنون , عدت الى مكتبي ووجدت انني بحاجة لإي استشارة قانونية في امر قد يشكل متاعب , اتصلت به وناقشت الأمر مع براين لكن بعد ذلك, ولدهشتي, اخبرني براين بأنك حضرت لزيارته من اجل التنازل عن ميراثك , وانك أكدت إتمام كل الأوراق في اسرع وقت ممكن .
تنهدت وقالت :
- آه , توم .
--------------------------64
لقد احبها فعلاً واراد الزواج منها وليس للأمر اية علاقة بما تركه لها والده , لأنه يعلم مسبقاً بأن كل ذلك سيكون له على اية حال.
- حبيبتي: صغيرتي الحبيبة حينئذ تحولت مشاعري من الدهشة الى الحيرة وعندما قال براين انك تخليت عن عملك وتركت شقتك وانك عائدة الى دريفتون إدج.
- هكذا علمت انني سأكون هنا.
- لم اعلم حينذاك. في البداية كنت مذهولاً فقد استغرق الأمر فترة للاستيعاب الأمور , لكنني لم استطع الراحة. وعلمت انني لن استطيع الراحة حتى اراك فقمت فوراً بحجز مقعد في الطائرة واعددت جدول اعمال لليوم .
صرخت وقد رأت خطوط الإرهاق حول عينيه :
- آه , لم تنم !
- كيف استطيع النوم وعقلي ملئ بالأسئلة ؟ لم فعلت ما فعلت؟ من خلال حديثك معي على الهاتف شعرت انك لا تحتملين رؤيتي , لم كنت عازمة على التنازل عن كل شيء لي ؟
- امك .. كما انني لست مهتمة بالمؤسسة ولا اشعر انه لي أي حق في ذلك.
ابتسم توم :
- لا اعلم شيئا عن الامر , مع ذلك عندما تكونين زوجتي سيكون كل شيء لك , لكن لنتابع , كنت احبك كثيراً وعقلي تملؤه الأفكار حولك, ثم بدأت اشعر بالأمل فجأة , أمل ؟ أمل ان تحملي لي أي شعور ما غير الكراهية.
قالت :
- كيف عبرت عن نفسي ؟ اعتقدت انني كنت اكثر حذراً.
- ايتها المرأة الساحرة . لم تكوني كذلك, إذا جاز التعبير فقط عندما جمعت بعض الاحداث الشخصية بدأت الأمور تكتمل.
----------------------------
ثم استطرد :
- تذكرت كيف نظرت الى تلك الليلة بعينين محبتين عندما تعانقنا وتبادلنا القبل , سامحيني يا حبيبتي.
ثم اكمل " عندما هبطت الطائرة لم اكن اعلم اين أنا وذهبت فوراً الى شقتك"
- ذهبت الى شقتي اولاً؟
أومأ برأسه :
- حتى سيارتك لم تكن متوقفة في مكانها المعتاد , ذهبت وقرعت جرس بابك لوقت طويل قبل ان اقرر التحري عن عنوانك في دريجتون إدج.
- براين رولنجز اطلعك على العنوان ؟
- كنت في حالة جعلتني انسى ان اسأله , لكني تذكرت العنوان من وثيقة ميلادك, وقدت السيارة الى هنا مباشرة . لم يكن لدي اية فرصة للنوم , ذلك اكيد , كنت مضطرباً كثيراً لأفكر في البحث في المكان الواضح , دليل الهاتف, حضرت الى هنا مباشرة فرأيت النور مضاء في الطابق العلوي , ولأول مرة في حياتي نال التوتر مني.
همست :
- آه , يا عزيزي, ألهذا السبب كنت عنيفا عندما وصلت في اللحظة الاولى ؟.
- هل تعنين تلك الكلمة الرائعة ( عزيزي ) إنك غفرت لي؟"
وعندما ابتسمت تابع :
- بدأت الامور تتحسن عندما بدأنا نتكلم , عندئذ اخذت ألمح هنا وهناك بعض صفات الفتاة التي تناولت العشاء معها يوم الخميس. عندما اخبرتني كيف قامت والدتي بزيارتك يوم الأحد الماضي, بدأت اتأكد انني محق بأنك تحملين لي شعوراً ما.
ابتسمت بليندا:
- انت ذكي!
- إذن اخرجيني من ظنوني , واخبري الرجل الجالس هنا الذي يقترب من الذكاء , رغبته في امرأة جميلة تملك اجمل عينين في ان تكون زوجة له , هل تحبينني أم لا ؟ هل انت مغرمة بي؟ أم لا ؟
-------------------------
همست :
- نعم للسؤالين . احبك يا توم , وانا مغرمة بك.
- هل تتزوجين مني ؟
وافقت قائلة :
- واتزوج منك.
- حبيبتي إنني متيم بك!
كان يقربها منه وينظر مباشرة الى عينيها عندما قال بصوت اجش :
- لا احتمل الابتعاد عنك اكثر من ذلك, يا حبيبتي , هل تعودين معي الى سويسرا بعد ظهر هذا اليوم ؟
- آه , توم , أنا ؟
- حسناً ؟ هل توافقين؟
اخذت بليندا نفساً عميقاً ثم وافقت :
- نعم .
وتسارعت دقات قلبها فيما هما يتبادلان القبل وعندئذ ادركت انها هي ايضا لا تحتمل الابتعاد عنه.
تمت

اسيرة الوفاء 06-07-16 11:24 AM

جميله جداً تسلمي


الساعة الآن 10:05 PM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.