آخر 10 مشاركات
خريف الحب / للكاتبة خياله،،والخيل عشقي (مميزة) (الكاتـب : لامارا - )           »          اسرار في الجامعة...قصة حب عراقية " مميزة ومكتملة " (الكاتـب : شوق2012 - )           »          الرغبة المظلمة (63) للكاتبة: جاكلين بيرد×كامله× (الكاتـب : cutebabi - )           »          تحت إيوان النخاس (3) * مميزة ومكتملة * ...سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          عروسه البديلة (32) للكاتبة: Michelle Styles .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          نوح القلوب *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          كاثرين(137)للكاتبة:Lynne Graham (الجزء1من سلسلة الأخوات مارشال)كاملة+روابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          سَكَن رُوحِي * مكتملة **مميزة** (الكاتـب : سعاد (أمواج أرجوانية) - )           »          رواية المنتصف المميت (الكاتـب : ضاقت انفاسي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > منتدى روايات (عبير- احلام ) , روايات رومنسيه متنوعة > منتدى روايات عبير العام > روايات عبير المكتوبة

Like Tree6Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-08-16, 06:30 PM   #121

miya orasini

نجم روايتي ومشرفة سابقة وعضوة فريق الكتابة للروايات الرومانسية

alkap ~
 
الصورة الرمزية miya orasini

? العضوٌ??? » 244480
?  التسِجيلٌ » May 2012
? مشَارَ?اتْي » 7,329
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » miya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك carton
افتراضي


2- أهلا وسهلا بك..........


السماء كانت ملبدة بالغيوم عندما ركبت القطار من محطة لندن بعد الظهر , في الطريق راحت الغيوم تنقشع بعض الشيء , وتترك فسحات زرقاء قليلة تراقبها فانيسا من نافذة القطار , كانت تعلم أنها أغلقت فصلا في حياتها وفتحت فصلا جديدا , وهي الآن مستعدة للأنطلاق في الحياة من جديد , فجأة شعرت أنها سعيدة وأنها مليئة بالثقة , وحتى تفكيرها في شخصية الرجل الذي ستعمل عنده لم يبدد شعورها بالثقة , ولا حتى أسلوبه في نص الرسالة التي أستلمتها منه في اليوم الفائت , الرسالة مختصرة وعملية وهي تؤكد النقاط التي أتفقا عليها في عبارات واضحة وجافة , لكن الشيء الوحيد الشخصي كان الأمضاء في أسفل الصفحة : برانت مالوري.
أرتاحت في مقعدها وحاولت تذكر ما قرأته مرة عن قصر رالينغز مالوري , فرب عملها الجديد , هو آخر أبناء سلالة طويلة بدأت تظهر أهميتها في العام 1550 عندما وهب الملك أدوارد السادس بارت مالوري , قصر رالينغز والأرض المحيطة تقديرا لخدماته لدى التاج الملكي , تذكر أنها عندما قرأت المقال في مجلة , أن آخر أبناء العائلة سيد القصر الحالي ما يزال عازبا , ولكن طبعا , الوضع يختلف الآن , وفكرت أي نوع من النساء يستحق هذا الرجل أن يعطي أسمه وبيته , وخرجت بنتيجة أن المرأة يجب أن تكون أكثر من سيدة عادية.
كانت الرحلة طويلة ومملة , مرة واحدة تحركت الى مطعم القطار من أجل فنجان شاي , وكان المساء قد أقترب عندما توقف القطار أخيرا في محطة شيفيلد الكبيرة المظلمة , شعرت بلفحة برد وهي تنتقل في الى قاعة الوصول , رفعت ياقة الفستان العسلي الذي كانت ترتديه لتحمي عنقها من البرد , وجدت أن الطقس أكثر بردا مما توقعت والهواء يلسع ......نظرت الى السيارات المتوقفة علها تعثر على الشخص الذي ينتظرها من دون عناء , وفكرت أنها أذا أنتظرت طويلا فأنها ستجمد من البرد , فستانها الخفيف يلائم الخريف غير القاسي الذي تركته وراءها في لندن , طبعا كان يجب أن تحتاط للأمر.
لاحظت أنها تحدق صوب سيارة أوستن حمراء , متوقفة على بعد أمتار قليلة من باب الباحة الخارجية , وشاب أشقر متكىء على باب السيارة ينظر اليها ويبتسم , أستدارت الى الأتجاه المعاكس متوقعة أن تصل سيارة وفيها شخص يسأل عنها , شعرت بخطوات خلفها وعبارات متراقصة تقول:
" أملي ضعيف ومع ذلك أسأل , هل يمكن أن تكوني الآنسة فانيسا بيدج؟".
ألتفتت فانيسا الى الوراء لترى الشاب الأشقر بعينيه السوداوين الذي كان يتكىء على السيارة قبل قليل.
" نعم , أنا هي".
فوجىء بالجواب , وقال ضاحكا أنه رمى السؤال للتحرش بها لأنه كان يتوقع غيرها .
" ألم يجد غير القول أن شعرها أحمر ليشير اليك؟".
" شعري ليس أحمر".
" كلا ليس كذلك , أنا أراه بين لوني البرونز والنحاس وجميلا جدا".
ثم مد يده نحو ذراعها وتناول حقيبتها قائلا:
" أنا جيرارد ترنر , طلب مني برانت أن ألتقيك هنا وآخذك الى البيت , وأنا لست نادما أطلاقا على المجيء , أنت تستحقين أن يتعب الشاب من أجلك , فأنت غير ما توقعت أن تكوني".
وفي السيارة سألته:
" وماذا توقعت أن أكون؟".
" توقعت أن أرى أمرأة قاسية الملامح , علمية النظرات والنظارات , أنا سعيد لأنني أخطأت التقدير".
" وأنا سعيدة لأنك تعترف بالخطأ".
وعندما أدار محرك السيارة وأنتقل بها في سرعة شعرت بفضول لمعرفة من يكون , أنه تكلم عن رب عملها بأسمه الأول برانت , أذن يجب أن تكون علاقتهما حميمة , وأخيرا سألته:
" هل أنت صديق لعائلة مالوري؟".
" أنا صديق الجميع ,وشريك في مقلع الحجارة الذي يخص العائلة : شريك متواضع".
قال ذلك وهو يخترق فسحة ضيقة بين سيارتين في زحمة السير ويتجاهل ملاحظات سائق شاحنة , وأضاف:
" بالمناسبة , برانت يكون أبن خالي , أرجو أن لا تأخذي فكرة سيئة عني بسبب هذه القرابة , فأنا وهو لا نتشابه ".
وافقت فانيسا في داخلها على أن الأثنين لا يتشابهان , جيرارد يبدو أصغر بثمان أو تسع سنوات , ويملك جاذبية مباشرة من دون تعمد الخداع , أعلن أنه يتمتع برفقة النساء , ويبدو معتادا على سماع كلمات الغزل بالمقابل , أما أبن خاله , فلا يبدو أنه يهتم بأن يحبه الناس أو يكرهوه.
عندما بلغا ضواحي المدينة تغيّر السير وغابت الزحمة , أغتنم جيرارد الفرصة ليضاعف من السرعة , وقادتهم الطريق بين مناطق سكنية هادئة , بيوتها عتيقة كبيرة , أمامهم فسحات من الحشائش المنسقة والأشجار المتوازية , وبدت أنها لم تتوقع الفارق بين المنطقة هنا وبين المدينة الرمادية الصاخبة التي خلفتها وراءها .
" أتوقع أن نصل نحو السادسة والنصف , كان برانت سيحضر الى المحطة ولكنه أضطر للذهاب الى موعد عمل طارىء , أنا سعيد لأنه أنشغل ,وألا لكنت خسرت رفقتك , ألا توافقين معي؟".
" خسارة كبيرة جدا".
بادلته المزاح ووجدته ظريفا , شعرت بأرتياح لأن برانت مالوري لم يتمكن من الحضور ولكن أفرحتها الملاحظة أن برانت فكر فيها متنازلا عن تعاليه.
سألت رفيقها في السيارة :
" أخبرني عن البيت , هل تسكن هناك؟".
" أنا آخر من يمكن أن يسأل عن قصر رالينغز , أكره المكان , متحف كبير لأشياء لا نفع لها , سأكون صادقا معك , أنا أسكن هناك فقط لأنه لا يمكنني تحمل مصاريف السكن في مكان غيره وفي المستوى ذاته , ولأنه ملك لأبن خالي فهذا لا يساعد على جعلي أحب المكان , فلسنا أصدقاء كما يمكن أن يخيل اليك".
" ألا تحبه؟".
" هو لا يحبني , لولا أمي لكنت رميت خارج البيت منذ زمن بعيد".
جديته للكلام لم تطل , عاد للمزاح:
" أن وجودك في القصر سينير الأيام السوداء اللانهائية ".
ضحكت فانيسا , فكرت أن جيرارد لا يمكن أن يكرهه أحد , حبه للمزاح أعطاها فرحا طفوليا نسيته منذ سنوات , شعرت أن معنوياتها مرتفعة , والطريق أمامها تقتحم الوديان والسهول ,والتلال , تتسع أو تضيق , من دون أن تلغي المناظر الخلابة للريف البريطاني في الخريف , وقالت في نفسها من كان يظن أن أرضا جميلة بهذا الشكل يمكن أن تكون بعد قليل من مدينة الصلب والفولاذ ؟ تمنت أن تسنح لها الفرصة لتتجول في هذه الأنحاء وتتعرف اليها.
وأخيرا أستدار جيرارد بالسيارة نحو طريق فرعية , ثم خفف من سرعته ليدخل طريقا ضيقة ثم عبر باب حديد ضخما ليصبح داخل أرض خاصة وأخيرا يستقر أمام مبنى قصر قديم , سحبت فانيسا نفسا طويلا : أذن هذا هو رالينغز هول.
البناء يعود الى القرن السادس عشر , أضيفت اليه أجنحة على فترات متباعدة فبدا متعدد الأشكال حسب العصور , تتنوع فيه السقوف والشبابيك , وتختلط فيه حجارة البناء الرمادية بالأخشاب والقرميد , بدا القصر العتيق , مع آخر خيط سماوي أزرق , في مظهر خلاّب.
أوقف جيرارد السيارة وأطفأ المحرك.
" السادسة والنصف تماما , أنزلي يا حلوة , دعيني أعرفك على بيتك الجديد".
مع صعودهما عتبات السلالم الخارجية فتح باب ضخم وظهر رجل مسن في ثياب رسمية داكنة ترتفع حتى الرقبة , قال الرجل محييا :
" سمعت صوت السيارة , فأسرعت أليكما , هل تريد السيارة حتى المساء يا سيد جيرارد أم تريدني أن أضعها في الكاراج قبل حضور السيد برانت ؟ أنت تعرف كم يكره سيد القصلا هذا التصرف".
تمتم جيرارد كلمات غير مفهومة بدت كأنها تطعن بسيد القصر , ثم قال :
" أظن أنه من الأفضل أن تنقل السيارة من مكانها".
وأضاف موجها كلامه الى فانيسا :
" هذا بانيت , أو سمّه الجنرال العملي".
ضحك الرجل المسن قائلا :
" نعم أنا كذلك ".
ثم نظر الى فانيسا وقال:
" نأمل هذه المرة أن تمضي عندنا وقتا أطول من الذي سبقك , فقد غادرنا بسرعة , ولا أظن أنه كان مخطئا".
وتابع سيره نحو السيارة في حين دخل جيرارد البيت ماسكا ذراع فانيسا.
القاعة الكبرى تحتل وسط القصر وترتفع حتى خشبة السقف , المدفأة الضخمة يشتعل فيها الحطب مما يضفي على المكان أشكالا راقصة خاصة على الحيطان المكسوة بالخشب , والسلم الدائري وسط القاعة المزين بالنقوش.
نسيت رفيقها وراحت تتأمل محيطها بأهتمام شديد , أهتمام أخصائي تحف , تحركت عبر القاعة ومررت يدها على سطح طاولة كبيرة في منتصف القاعة من عصر الملكة أليزابيت الأولى , وعقلها مشغول بقيمة الأشياء أمامها.
" أنه رائع...... رائع....".
" لا أظن أنك تتمسكين برأيك أن كنت مسؤولة عن تنظيفه".
جاءها صوت جاف لأمرأة من الوراء , بدت بطول فانيسا ولكن بضعف حجمها , كانت ترتدي رداء أبيض , وشعرها أبيض , عندما تكلمت للمرة الثانية سألت جيرارد:
" هل صادفت بانيت في أي مكان عندما دخلت يا سيد جيرارد؟ قلت له أن يوقد السخان منذ أكثر من نصف ساعة , وحتى الآن لم يفعل".
" الآن فهمت لماذا بدا مستعجلا في الخروج , هل عدتما مجددا الى الخناق يا أيمي؟".
" خناق؟ أريدك أن تعلم أنني لا أتعب نفسي في مجادلة شخص مثل كلايتون بانيت لا يعرف حدوده وأظن أن الوقت حانم لأحالته على التقاعد والتخلي عن خدماته".
ضحك جيرارد وتولى تعريف المرأتين :
" الآنسة فانيسا بيدج , السيدة أميلين رودجرز مدبرة المنزل في رالينغز منذ أن بدأ وعيي , وهي المرأة الوحيدة التي تحمل المفتاح الى قلبي".
" لا تجرب لسانك المعسول عليّ يا ولد".
قالت ثم نظرت الى فانيسا متفحصة , مسجلة التفاصيل الصغيرة للفتاة الآتية من المدينة , لم تكن تعابيرها تحمل صداقة.
" سأدلك على غرفتك يا آنسة بيدج , لا تشغلي بالك بالحقائب , بانيت سيجلبها لك عندما يحضر".
وسارت أمامها تقودها الى غرفتها عبر السلالم , وقال جيرارد لفانيسا:
" لن تصدقي أبدا أن أيمي تحمل قلبا طيبا على الرغم من هذا المظهر الشرس , عليك فقط أن تعتادي عليها , أرجو أن أراك على العشاء".
وقبل أن تتابع طريقها على السلالم توقفت فانيسا لتنظر الى جيرارد الذي بقي واقفا في أسفل السلالم وسألته:
" جيرارد , ماذا قصد بانيت عندما قال أن الموظف قبلي غادر المكان بسرعة؟".
" تماما مثلما قال , الأخير أمضى هنا ثمانية أسابيع , والذي قبله ستة أسابيع فقط , أنت الثالثة , ربما تكون الثالثة ثابتة كما يقولون".
" لمذا غادرا المكان؟".
" بعدما ألتقيت الرجل , هل من مجال بعد للسؤال؟".
" ربما لا".
وتابعت خطواتها خلف مدبرة المنزل , في نهاية السلالم أستدارت أيمي الى اليمين ومرت داخل متحف كبير ثم ممرات علّقت على حيطانها لوحات كبيرة تمثل معارك قديمة , وعلى الرفوف والزوايا أشكال من الأسلحة القديمة ربما تكون أقدم من البيت نفسه , وفي أحد الزوايا صندوق محفور من جذع شجرة ضخم وقديم , رغبت كثيرا فانيسا أن تلمسه وتتفحصه وأجلت ذلك لوقت مناسب.
كانت غرفتها في آخر المنزل , مريحة الأثاث من الطراز الفكتوري , تغطي النوافذ الضخمة ستائر مخملية سميكة , ومدفأة تشتعل مرحبة , لاحظت حماما ملاصقا للغرفة وفيه معدات صحية تختلف تماما عن أجواء المنزل الغارق في التاريخ.
" العشاء في الثامنة تماما".
قالت أيمي وهي تغادر الغرفة.
" ليس عليك أرتداء أي شيء خاص , السيد برانت لا يجعل ملابس العشاء رسمية ألا أذا كان ثمة ضيوف , وأنت ستعيشين هنا مثل فرد في الأسرة , طيلة أقامتك عندنا".
أغلقت الباب خلفها , وأبتعدت ايمي في الممرات مع رجع صدى الخطوات في أذني فانيسا , وخطوات آخرين في أتجاهات مختلفة , وأصوات مناقشات غير مفهومة ,بعد قليل سمعت طرقا على الباب , وعندما فتحت للطارق , دخل بانيت مع حقيبتها , قال:
" هذه المرأة ستلقى نهاية تعيسة يوما ما".
وضع حقيبتها وغادر المكان وهو يتمتم بعبارات غير مفهومة تنال من مدبرة المنزل.
قبل الثامنة بقليل , كانت فانيسا قد أنهت حمامها وأرتدت فستانا مختلفا وسارت عبر الممرات الى المتحف فالقاعة الدائرية حول السلالم ونزلت , على درجات السلالم وجدت نفسها تنزل ببطء وتتأمل صور وجوه لأشخاص في شكل متواز , لأفراد سلالة مالوري من الأجداد الى الأحفاد , تشابه في الملامح القاسية على الرغم من الأختلاف في تصفيف الشعر والثياب , في صور النساء بعض الأختلاف , الملامح أنعم , الأنف أقل حدة ,ولكن بدا لها الكل يحملون النظرة المتسلطة ذاتها , عيونهم نحوها جعلتها تشعر وكأنها أخترقت حرمتهم فأزعجتهم , أبتسمت للفكرة ولكن لم تستطع أن تنحي عنها الشعور بالنفور.
لدى وصولها الى القاعة الكبرى في الطبقة الأرضية , أحتارت ألى أي باب تتجه من الأبواب المتعددة الموزعة في أنحاء القاعة , أحد الأبواب كان مفتوحا قليلا , أقتربت منه , طرقت عليه ودخلت لتجد نفسها داخل غرفة جلوس مكسوة الحيطان بالحرير المزركش , والسجاد الصيني يغطي الأرض , وسيدة جالسة على مقعد من نسيج الحرير المشجر بجوار مدفأة , تبادلتا النظر في صمت وموسيقى بيانو تنبعث من راديو أو آلة أسطوانات مخفية.
" أنا فيسا بيدج".
قالت فانيسا بعد لحظات صمت متسائلة أذا كان الأستغراب على وجه المرأة هو نتيجة يقظتها من شرود طويل أو لأنها لم تتوقع أن تدخل اليها السكرتيرة الجديدة من دون أستئذان .؟شعرت أنها غريبة جدا في محيط غريب ولا تعرف كيف تتصرف ولا ماذا تعني عبارة , ستعيشين هنا مثل فرد في الأسرة .
وأخيرا قالت المرأة الأخرى:
" طبعا أنت فانيسا,عذرا يا عزيزتي أن حملقت بك هكذا , بالحقيقة أنت غير ما توقعت , تعالي يا آنسة بيدج , أجلسي هنا , أنا نورا ترنر , عمة برانت".
أين والدة جيرارد أذا ؟ أنها لم تكن ستحزر القرابة , أذ ليس من شبه بينها وبين أبنها , أنها من عائلة مالوري أولا وآخرا وملامحها مثلهم , ربما ورث جيرارد ملامحه من والده الذي لم يقل عنه شيئا .
عينا ترنر زرقاوان زاهيتان أكثر من عيني أبن شقيقها, راحت تتفحص فانيسا وهي تجلس الى جانبها .
" أنت صغيرة جدا على تخزين المعلومات التي تمكنت بها من التأثير على برانت , أخبريني عن مؤهلاتك , عندي فضول لمعرفة , كيف جعلت أبن شقيقي يغير من نفوره في العمل مع النساء".
" من قال أن نفوري تغيّر ؟".
قال هذه العبارة رجل دلف لتوه الى الغرفة , وأذا به برانت مالوري نفسه الذي أضاف:
" هل يمكن أن يكون الشحاذ مشارطا؟".
شعرت فانيسا بالعداء يخترق مسامعها , ربما يكون تبعها وهي على السلالم ويراقبها في القاعة الكبرى مترددة من دون أن يقترب منها ويزيل أرتباكها .
" عذرا لأنني لم أتمكن من المجيء الى المحطة , عمل طارىءأخّرني , ولكنني متأكد أن أبن عمتي قام بالواجب كاملا , وعلى فكرة , أين هو الآن ؟ أن الساعة تقترب من الثامنة".
ردت العمة بأمتعاض :
" لا بد أنه قرر السهر في الخارج هذه الليلة".
" أشك في ذلك , ليس الليلة".
قال ذلك وهو ينظر الى فانيسا وبدا وكأنه سيشضيف شيئا ولكن صوت الناقوس من القاعة الكبرى دق معلنا الدعوة الى العشاء .
" حسنا , لا أظن أننا سننتظره".
قال برانت مالوري وسار بين المرأتين عبر القاعة الكبرى , في غرفة الطعام جلسوا الى طاولة كبيرة ملأى بأواني الكريستال والفضة , وباشر خادم صب الحساء من دون تأخر.
بعد قليل وصل جيرارد , وقال من دون أن يبدو منزعجا :
" عفوا , نسيت الوقت".
وجلس الى جانب فانيسا بعدما غمزها من دون أن يكترث أن شاهده أحد أو لم يشاهده , وأضاف:
" أنا سعيد أنك هنا يا فانيسا , وألا كنت سأسمع محاضرة الآن عن أهمية الدقة في المواعيد".
في غرفة الجلوس تناول الجميع القهوة , وقالت السيدة ترنر لفانيسا :
"علمت أنك كنت تعملين في مجال التحف قبل أن تأتي الى هنا , ألا تجدين عالم التحف صعبا على أمرأة؟".
" أنه عالم صعب لأي كان , والنساء لسن ضعيفات في هذا المضمار".
قالت فانيسا في أرتياح , وردت على أسئلة مختلفة عن حياتها السابقة وتجربتها في عالم التحف وبدت واثقة من معلوماتها وواثقة من نفسها على الرغم من أرتباكها الداخلي , وأذ بنورا ترنر تقول:
" أتعلم يا برانت , أن هذه الفتاة لن تعرف الخوف معك مثل الذين سبقوها".
وأجاب برانت:
" آمل ذلك , ولكن بعض الشدة يبقى مفيدا".
هل هذا تحذير ؟ فكرت فانيسا , أنه لن يقبل أي تصرف خاطىء منها , ووجهه الصارم يبدو لغزا يصعب حله , وجدت فانيسا نفسها مغتاظة ومتوترة فركزت على فنجان الشاي بين يديها وراحت تحتسيه بصمت.
بعد قليل دعاها برانت الى اللحاق به في غرفة المكتب لأنهاء بعض المهام العالقة , هناك , وجدت الغرفة تعكس نفسية صاحبها , مرتبة وصارمة , جلس رب عملها الى مكتب خشبي ضخم , خلف نافذة كبيرة مغطاة بستائر مخمل , دعاها الى الجلوس على كرسي في مواجهته وطلب منها توقيع عقد العمل مع الأقامة ستة أشهر مثلما أتفقا.
" ألا أذا غيّرت رأيك في العمل والبقاء".
خلال وهلة , كادت فانيسا تقبل التراجع , من السهل القول أنها أخطأت التقدير , وجدت أنها لا تفهم الرجل وربما لن تفهمه أبدا , فبرانت مالوري ليس شخصا يمكن أن لا يحمل المرء أتجاهه أي شعور , بل أما أن تقبله كما هو أو لا , وشعرت فانيسا أنها تميل نحو الكره , بدا متعجرفا معتزا بذاته و......... جذابا.
فكرت أنها أذا تركت العمل هنا فأنها لن تتعرف الى التحف الموجود ولن تسنح لها فرصة أخرى , ولماذا تريد أن ترفض العمل؟ من أجل شعور عدائي أتجاه رجل سيكون غائبا أكثر الوقت؟
" لن أغير رأيي آخر لحظة , طبعا لا".
تناولت القلم أمامها ووقعت على أسفل الورقة.
" أنت شديدة الثقة بالآخرين , لم تحاولي قراءة العقد , كان يمكن أن أضع أي شيء أرغبه وأنت توقعين".
لم يخطر في بالها ذلك الأحتمال , أذ مهما كانت سيئاته فأنه يبدو رجلا نزيها.
" في كل حال لا تشغلي بالك في الموضوع , البنود هي تماما مثلما أتفقنا يوم الأثنين".
وقفت فانيسا ترغب في الخروج , فطلب منها أن تبقى ليعد لها شرابا أحتفاء بالمناسبة.
وفيما هو يعد الشراب , راحت تنظر الى صورة أمرأة على رف فوق المدفأة , المرأة شقراء , بنفسجية العينين , مجعدة الشعر في ترتيب , ودقيقة الملامح.
" أنا أمي".
علّق برانت من ورائها.
" أنها جميلة جدا".
قالت فانيسا وهي تستدير نحوه , كانت تظن أن الصورة لزوجته , ولكن الآن بدا واضحا أن الرجل عازب.
قدم لها كوب الشراب وتابع الحديث عن أمه:
" ماتت قبل ست عشرة سنة".
ثم بدا وكأنه يطرد ذكرى أليمه عن ملامحه , نظر الى فانيسا وأبتسم تلك الأبتسامة الجذابة وقال رافعا كوبه:
" أهلا وسهلا بك في رالينغز يا آنسة بيدج , أرجو أن تكون أقامتك سعيدة".


miya orasini غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-08-16, 06:31 PM   #122

miya orasini

نجم روايتي ومشرفة سابقة وعضوة فريق الكتابة للروايات الرومانسية

alkap ~
 
الصورة الرمزية miya orasini

? العضوٌ??? » 244480
?  التسِجيلٌ » May 2012
? مشَارَ?اتْي » 7,329
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » miya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك carton
افتراضي

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي


miya orasini غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-08-16, 06:33 PM   #123

miya orasini

نجم روايتي ومشرفة سابقة وعضوة فريق الكتابة للروايات الرومانسية

alkap ~
 
الصورة الرمزية miya orasini

? العضوٌ??? » 244480
?  التسِجيلٌ » May 2012
? مشَارَ?اتْي » 7,329
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » miya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك carton
افتراضي

4- أمسية قاحلة

قال لها جيرارد عندما خرجا من غرفة الطعام بعد الظهر :
" ظننت أنك ستأتين اليّ في الباحة الخارجية , حتى أنني طلبت قهوة لشخصين , ماذا حصل؟".
ردت فانيسا:
" كنا نشتغل , والقهوة شربتها في غرفة المكتبة مع والدتك وبرانت , وفكرت فيك وتساءلت لماذا لم تكن معنا؟".
" لا بأس , هناك شيء كنت أريد أن أسألك عنه .....عن.....".
وأذ برانت يقطع الحوار قائلا :
" هل أنت جاهزة يا فانيسا , للخروج؟".
أجابت:
"نعم , طبعا".
نصحها أن ترتدي كنزة صوف لأن الطقس بارد في الخارج , ثم تابع الكلام متوجها الى أبن عمته عن أمور تتناول العمل في المقلع.
بعد وقت قصير نزلت فانيسا من غرفتها ووجدت أن جيرارد غادر البيت , وبرانت ينتظرها في سيارته اللانسيا , جلست الى جانب برانت في السيارة وأنطلقا في قيادة بدت لفانيسا مريحة وناعمة أعطتها الشعور بالحرية والدفء.
يسكن جابيز تايلور في كوخ من القش خارج المألوف في المنطقة , وبدا لفانيسا أن برانت أبلغ الرجل عن الزيارة أذ وجدته ينتظرها وزوجته السبعينية على الباب , وظهر الأثنان وكأنهما أرتديا أجمل ما لديهما من ثياب.
" سأعود بعد نصف ساعة".
قال برانت بعدما أنتهت فانيسا من التعارف مع السيدة تايلور ودخلت البيت المتواضع , السفينة المحفورة في جذوع النباتات تستحق المشاهدة ,فكرت فانيسا , أنتاج رائع لسنين من الأهتمام والعناية والحب .
فرح جابيز لأهتمام فانيسا وقال:
" ليس العمل سيئا , أليس كذلك؟. أنه يختلف عن أشغال هذه الأيام".
وراح يريها الأشكال المنوعة التي حفرها , ثم عاد الثلاثة الى البيت , وأعدت السيدة تايلور الشاي , وعندما رشفته فكرت فانيسا أن الطريقة القديمة في صنع الشاي تبقى الأفضل , وفيما هم يتجاذبون الأحاديث العامة , سألت السيدة تايلور فانيسا:
" كيف تجدين العمل في القصر ؟ هل تشعرين بالأغتراب في هذه الأنحاء؟".
شعرت فانيسا أن كل ما ستجيب به سينقل بشكل أو بآخر الى برانت , فأجابت:
" رالينغز مكان جميل , سأجد متعة في العمل فيه".
فعلقت المرأة المضيفة:
" صحيح أن رالينغز مكان جميل , وبرانت شاب محترم".
وبعد صمت قصير أضافت:
" ليس مثل والده!".
هنا تدخل جابيز :
" ماغي , حذرتك مرارا من هذا النوع من الكلام , أرجو يا آنسة فانيسا أن لا تهتمي بثرثرة النساء في هذه المنطقة , أن الألسن لا تعرف كيف تحفظ حدها".
بعد قليل أفتقد جابيز عابة التبغ ليحشي بها غليونه , وغادر الغرفة باحثا عن العلبة في الحديقة , فأنتهزت زوجته فرصة غيابه وقالت:
" بارت مالوري لم تكن معاملته طيبة مع أحد , كان رجلا قاسيا , عامل زوجته في قسوة , يقول البعض أنها ماتت نتيجة تناولها جرعات زائدة من الحبوب , أنهم لا يعرفونها جيدا , كانت تعيش من أجل أبنها , وكان يكتب لها الرسائل من المدرسة الداخلية وتطلعني على مقاطع منها , كان عائدا الى البيت في عطلة الصيف الذي تبع موتها , أنا لا أظن أنها تقتل نفسها في اليوم الذي تعرف أن أبنها آت في اليوم التالي!".
وبعد دقيقة صمت أضافت:
"أظن أن من الأفضل عدم التحدث في مثل هذه الأمور".
فقالت فانيسا :
" أوافق معك , فهناك أشياء من الأفضل نسيانها ".
وعندما عاد جابيز من الحديقة وفي يده علبة التبغ , كان برانت أيضا وصل بالسيارة , ودّعت فانيسا مضيفيها وشكرتهما على الشاي وعلى الجلسة اللطيفة.
في السيارة سألها برانت:
" هل أمضيت وقتا طيبا ؟".
" جدا , شربنا الشاي اللذيذ , منذ زمن بعيد لم أشرب شايا بهذه النكهة الطيبة".
" صحيح , أن ماغي أشطر من صنع الشاي , أذكر عندما كنت يافعا , كنت أزورها لأشرب الشاي وآكل الكعك من صنع يديها , كانت تقول أنني نحيل جدا وأحتاج الى زيادة وزني , وعندما بدأت أسمن أعتبرت هي أن الفضل يعود لها".
فانيسا وجدت صعوبة في تخيل الرجل الممتلىء قربها نحيلا في طفولته , حاولت أن تنسى الكلمات التي سمعتها من ماغي ولكن لم تستطع , صدمت لأكتشافها الحقائق عن موت كارولين مالوري , وفكرت أن لا عجب أن يكون لموت الأم هذا التأثير القاسي على الصبي أبن الثانية عشرة سنة , وما عادت تتساءل لماذا صورة بارت مالوري غير موجودة بين سلسلة الصور , ولا أحد في رالينغز كان يتفوه بأسمه , وكأن الكل يرغب في نزع ذكراه من سجلات العائلة .
وجدت برانت يسلك طريقا مختلفة من طريق القصر فسألته:
" هل نسلك طريقا جديدة أجهلها الى البيت؟".
" بل نسلك طريقا طويلة , يجب أن أجلب أحد أعضاء العائلة من المصح".
لاحظ أستغرابها فأبتسم وقال:
" أنه كلبي , كسر رجله أثناء غيابي في لندن , وضعته نورا في المصح الى أن أصبح قادرا على السير".
ثم أضاف:
"هل تحبين الكلاب ؟".
" أحبهم مثل أي أنسان لا يجب عليه الأهتمام بهم في أستمرار".
أمام المصح نزل برانت من السيارة وغاب قليلا ليعود مع كلب ضخم لم ترى فانيسا مثله من قبل , وجدته جميلا جدا , متناسق الجسد والحركة , قوي البنية , يشبه سيده.
فتح برانت الباب الخلفي للسيارة ودعا كلبه للدخول:
" لا تخافي منه , أنه صديق , وأسمه توبر".
وقال للكلب:
" أهدأ الآن , توبر , أهدأ".
أطاع الكلب سيده فورا , ولم تجد الأمر غريبا , أن صوت معلمها الآمر , له تأثير على البشر مثل تأثيره على الحيوانات.
أدار برانت محرك السيارة وقادها في أتجاه جديد:
" أريد أن أريك شيئا , أذ ربما لن تسنح لك فرصة ثانية لرؤيته في طقس صاح".
طيلة الطريق لم يتبادلا الكلام ألا قليلا , كانت تراقبه بين وقت وآخر , وتشعر رويدا رويدا بوجوده القوي الى جانبها , راحت تحلل شخصية الرجل , من الصعب معرفة ماذا يدور في رأسه , وفكرت أن لا أحد يستطيع أن يخترق حرمته ألا أذا ساء هو , وشعرت في داخلها بأنذار يحذرها من الرجل.
الطريق بدت طويلة , تمر بين تلال وأراض وعرة وصخور , بعد فترة أنحرف الى طريق فرعية وتوقف قبل منحدر وأذا بالمكان يطل واد فسيح أجمل منه من قبل , مع أشعة الشمس المنعكسة , ظنت فانيسا أن ما تراه ليس ألا سرابا رائعا.
" أنه وادي الأمل ".
قال وهو يراقب ردود فعلها .
" نسمي هذا المكان : ( المفاجأة ) , لأنه يأتي من دون توقع أو تمهيد".
" أنه رائع جدا , رائع جدا.......".
قالت فانيسا وهي تفتقد الكلمات التي تعبر عن أفتنانها بالمنظر .
" لو ترينه عند الغروب , عندما تتوزع الخيالات على التلال ,وتبدو وكأنها رؤوس من نار , يصبح المكان صالحا جدا للمحبين ".
فكرت أنه أحضرها في وقت يقترب من الغروب , فقالت من دون تركيز:
" أن المحبين لا يحتاجون الى المناظر الجميلة".
وجدته ينظر اليها بعينيه الزرقاوين ويقول:
" تتكلمين مع بعض الخبرة , هل سبق أن وقعت في الحب يا فانيسا؟".
وجدت السؤال بسيطا ولم تفهم لماذا شعرت بأحمرار في وجنتيها , فقالت:
" لا , لم أقع في الحب بعد , لم يكن عندي وقت للطيش".
وفوجئت به يقول:
" لو جربت هذا الشعور لما أستعملت كلمة طيش , الحب لا يهتم بالوقت أو بالمكان , يحضر عندما لا تتوقعينه , ويمكن أن يسبب ألما بقدر ما يسبب سعادة , يوما ستعرفين ذلك بنفسك".
ثم أدار المحرك قائلا:
" من الأفضل أن نعود الى البيت , أن توبر بدأ يتعب".
توبر لم يكن وحده متعبا , فانيسا شعرت أنها متعبة من كلام برانت ونظراته.
كان وقت الشاي عندما وصلا الى القصر , رائحة الفطير تملأ القاعة الكبرى وتنبعث من غرفة المكتبة حيث الباب غير مغلق , وأصوات نسائية تعلة وتضحك , وراح الكلب ينبح وهو يقفز داخل غرفة المكتبة وصوت نسائي ضاحك يدعوه للهدوء , فأسرع برانت خطاه وأذ بفتاة شقراء تبتعد عن الكلب وتسرع نحو برانت .
" مويا!".
صاح برانت بفرح وفتح ذراعيه قائلا:
" لماذا لم تخبريني أنك قادمة؟".
تعانق الأثنان , وسألته الفتاة بغنج:
" هل أشتقت اليّ؟".
" ألست أشتاق دائما؟".
قال وهو ينظر في لهفة الى الفتاة الشابة التي بدت لفانيسا جميلة ووردية الخدين , وأضاف:
" تبدين رائعة , حمام الشمس أضفى عليك لونا جميلا , وكذلك شعرك الجميل".
وبعدما خفت اللهفة نقلت مويا عينيها الى حيث كانت فانيسا واقفة قرب الباب , فقالت من فوق كتف برانت :
" مرحبا , أعتذر أن تأخرت في السلام عليك , ولكنني لم أر الرجل منذ ستة أسابيع !".
ضحك برانت وقال:
" الرجل لم يتوقع أن راها ألا بعد أسبوعين من الآن على الأقل ".
ثم تولى تعريف الفتاتين :
" مويا هانسن , فانيسا بيدج , سكرتيرتي".
" سكرتيرتك؟".
سألت مويا في نغم وكأنها تستغرب الأمر , ثم تابعت :
" الحياة ملأى بالمفآجات , أنت تختلفين عن الذين سبقوك , آمل أن تمكثي أطول منهم هنا , وجود فتاة في مثل عمري في هذا المكان سيكون مسليا لنا".
ونظرت الى برانت قائلة :
" أياك أن تخيف هذه الفتاة أو تدعها تهرب".
ورد ببساطة :
" فانيسا لا تخاف بسهولة , أليس كذلك يا فانيسا؟".
" أحاول ألا أخاف ".
أجابت بصوت بدا لها غير صوتها.



تكلمت نورا ترنر للمرة الأولى منذ دخولهما , فقالت من مقعدها خلف طاولة الشاي:
" تعالا أشربا الشاي قبل أن يبرد".
وسأل برانت مويا بعدما جلس الجميع:
" ما الذي أتى بك باكرا ؟ في رسالتك الأخيرة فهمت أنك مولعة بالنمسا".
" مللت , شعرت بشوق الى البيت".
وأضافت باسمة :
" أشتقت اليك".
" كيف حال برنار؟".
سألت نورا :
" لم نره خلال غيابك ".
أجابت مويا :
" آه , أبي في صحة جيدة , ولكنه مشغول في العمل , أشترى فرسا جديدة , ويريدك يا برانت أن تراها في وقت فراغك".
ثم قالت لفانيسا :
" أن المنطقة جميلة للنزهة فوق حصان , أظن أنك جربت ذلك بنفسك".
" كلا أنا لست راكبة فرس جيدة , حيث سكنت في السنوات الماضية لم يكن من مجال لأركب حصانا".
وأذ بعيني مويا البنفسجيتين تتسعان وتقول :
" آه , مسكينة! ولكن لا أظن أن مشكلتك عويصة , برانت يملك فرسا أضافية سهلة القيادة , أستطيع أن أدلك على المكان وأساعدك في أي وقت تشائين".
" لا أظن أن يكون عندي وقت لركوب الخيل , ولكن أشكرك للعرض في كل حال يا آنسة هانسن".
" أرجوك أسمي مويا , آنسة هانسن تجعلني أبدو مختلفة , لا تستطيعين أن تعملي كل الوقت , غدا الأحد , ولا أظن برانت يريدك أن تعملي غدا".
وسألت برانت بدلال :
" هل تريدها ؟".
أجاب :
" ربما , بعد موعد الشاي في المساء , حتى ذلك الوقت , النهار هو ملكك يا فانيسا , ولا أرى سببا يمنعك من ركوب الفرس دايس , لن تجدي صعوبة معها , أنها هادئة جدا".
" ولا تهتمي باللباس".
قالت مويا من دون أن تجد فانيسا مجالا للرد , فتابعت:
" أنا وأياك تقريبا قياسنا واحد, وأملك لباسا أضافيا للخيل يناسبك , سأحضره لك دا بعد الغداء".
علقت نورا هنا:
"أنت وبرانت يا مويا مجنونا أحصنة , لم أجد يوما شيئا يجذبني اليها".
وعرضت الشاي مجددا على الحاضرين , فشكرتها مويا ووقفت قائلة :
" يجب أن أذهب".
ثم بدا وكأنها تذكرت شيئا فقالت لبرانت:
" رأيت اليوم براندا رامسدن في القطار من لندن صباحا , دعتنا أنا وأنت للعشاء عندها هذه الليلة".
فقال برانت:
" هكذا دعوة آخر لحظة! أنها براندا في كل حال , وهذه عادتها ".
وأضاف بعد تفكير :
" ظننت أنك تفضلين مكانا مثيرا أكثر من بيت براندا خصوصا في الليلة الأولى من عودتك".
ضحكت مويا وقالت :
" تستطيع أن تفاجئني بمكان مثير في ليلة أخرى , أظن أنه من الأفضل أن نذهب الى دعوة اعشاء".
وسارت مويا يرافقها برانت الى الخارج وكذلك توبر , وبدت الغرفة فجأة فارغة , أنهت فانيسا فنجان الشاي بصمت ووجدت نورا تسألها:
" أين ذهبتما بعد الظهر؟".
" برانت أراني المناظر الخلابة قبل أن يتغير الطقس , أخذني الى وادي الأمل".
ثم وقفت فانيسا وقالت:
" عذرا يا سيدة ترنر ,أرغب في الذهاب الى غرفتي , يجب أن أكتب رسالة".
" رسالة واحدة فقط؟ أظنها لصديقك الحميم".
أبتسمت فانيسا وقالت:
" نيغيل سيسر جدا أن علم أنك تقصدينه , أنه الرجل الذي أشترى الدكان وهو صديق قديم لجدي , وعدته أن أبقى على أتصال به".
" وماذا ستخبرينه؟ هل الوظيفة مثلما كنت تتوقعين يا فانيسا؟.".
" لم أكن أعرف ماذا أتوقع ,لم أكن موظفة من قبل , هنا أجد بعض الصعوبة في معرفة كيف أتصرف".
" تقصدين أنك لا تعرفين معنى أن تكوني واحدة من الأسرة , لا أظن يا عزيزتي أن الأمر صعب , أن تربيتك تساعدك على التصرف , أذهبي يا أبنتي وأكتبي رسالتك , وسأراك فيما بعد, أظن أننا سنكون وحدنا على العشاء".
كانت فانيسا خارج غرفة المكتبة عندما راحت كلمات نورا ترن في أذنها , أذن جيرارد أيضا لن يكون في البيت للعشاء , طبعا , أنها ليلة الأحد , وشاب مثل جيرارد لا يمكن أن يمضي عطلة نهاية الأسبوع في البيت , تمنت لو كانت معه الآن ,وبدت لها الأمسية أمامها مملة وصحراوية.


miya orasini غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-08-16, 06:34 PM   #124

miya orasini

نجم روايتي ومشرفة سابقة وعضوة فريق الكتابة للروايات الرومانسية

alkap ~
 
الصورة الرمزية miya orasini

? العضوٌ??? » 244480
?  التسِجيلٌ » May 2012
? مشَارَ?اتْي » 7,329
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » miya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك carton
افتراضي

5- مرارة الظلم!

حضرت مويا في الثانية بعد ظهر اليوم التالي , أحضرت معها لباسا أضافيا للخيل , ورافقت فانيسا الى غرفتها للقياس , كان البنطال ضيقا قليلا ولكن فانيسا تمكنت من أرتدائه من دون صعوبة , مع الكنزة ذات الياقة العالية المقلوبة , بدت فانيسا وكأنها رياضية عتيقة , وضعت في قدميهافبدت جاهزة للخيل من رأسها الى أخمنص قدميها.
أسترخت مويا على الكرسي في غرفة فانيسا وهي أيضا بدت أنيقة في ملابس الخيل , سألت بخفة:
" هل جيرارد في البيت اليوم؟ أو وجوده هنا يوم أحد كثير أن نتوقعه منه؟".
تساءلت فانيسا في نفسها : هل مويا أيضا مع الآخرين في عدم الرضى على الشباب؟
وقالت:
" هو غائب عن البيت منذ بعد ظهر أمس , فهمت أنه يمضي عادة نهاية الأسبوع في المدينة".
علّقت مويا :
" آ ه , صحيح , أنه يقيم في شقة لصديقه في مانشيستر, لا يستطيع تحمل هذا المكان في نهاية الأسبوع".
وأضافت ضاحكة:
" أنا أتعجب كيف لم يطلبك للسهر معه , أن جيرارد عادة ليس بطيئا في مثل هذه الأمور".
" ربما لم يخطر في باله أن يدعوني".
قالت فانيسا وهي تعقد شريط حذائها , ووجدت نفسها تسأل في فضول محاولة أن تبدو لا مبالية:
" منذ متى جيرارد والسيدة ترنز يعيشان في القصر؟".
" منذ ست سنوات , جاءا الى هنا بعد وفاة والد برانت , أن نورا طيبة أليس كذلك؟ أعجب كيف تمكن بارت مالوري من معاملة شقيقته تلك المعاملة القاسية , هي شقيقته ومع ذلك لم يسمح لها أن تقترب من القصر!".
" لم لا؟".
" القصة كلها سخيفة وتعود الى مشاكل عائلية قديمة , نورا وقعت في حب شخص لم توافق عليه العائلة , تخلى عنها والدها عندما أضرّت على الزواج من غراهام ترنر , طردها من بيته الى الأبد , ولم يوافق على عودتها حتى عندما تعثر زواجها , وكذلك أبنه , والد برانت , وعندما مات بارت مالوري وأصبح برانت سيد القصر أصرّ على عمته أن تعود الى بيتها الطبيعي".
ووجدت فانيسا نفسها مأخوذة بالقصة فقالت:
" ولكن غراهام ترنر مات منذ زمن بعيد , أين عاشت نورا مع جيرارد كل المدة قبل العودة الى رالينغز؟".
" كان عند نورا بعض المال من أرث لم يتمكن والدها أن يحرمها منه قانونيا , أستنفدته كله في شراء بيت في غريندلفورد عند الزواج ولكن البيت لم يكف زوجها , هو الذي ظن أنه تزوج من فتاة تنتمي الى عائلة ثرية , برانت قول أنه كان عاطلا عن العمل , جميل الشكل ولكن فارغ المحتوى , نورا ربما ظنت أنها تستطيع تغيير طباع زوجها مع الوقت".
راحت فانيسا تفكر بنورا ترنر الشابة التي وضعت حبها قبل عائلتها وفقدت كل شيء في سبيل ذلك , ووجدت مويا تعلق:
" برانت يقول أن كل لنساء من نوع المتفائلات المستعصيات , يقول أننا نحن معشر النساء نظن أنه بواسطة الحب نستطيع نقل الجبال , وأننا نهدر وقتنا عبثا في محاولة تغيير ما لا يمكن تغييره , أظن أنه على حق".
" يبدو أنك حاولت ذلك مع برانت".
" مع برانت؟ ولماذا أريد تغييره؟ أحب الرجل كما هو , حتى عندما يكون متسلطا , منذ طفولتي وأنا أراه حاضرا كلما أحتجت اليه , وهو كان دائما الرجل الرائع نفسه!".
" قليل من الرجال هم كاملون مثله".
رددت فانيسا في تعبير تمنت لو لم تقله , ووجدت مويا تنظر اليها :
" أنا لم أقل أنه كامل , لبرانت سيئاته , ولكل أنسان سيئاته".
ثم وقفت وهي تقول:
" من سيئاته غياب الصبر , وأظن أنه ينتظرنا ويجب أن نسرع , طلب أن نكون حاضرتين هند الثانية تماما".
أذن برانت سيكون معهما , فكرت فانيسا , تبعت مويا وهي تغادر الغرفة.
الأسطبل شيد في شكل يتسع الى أكثر من دزينة أحصنة مع كل ما يتبع من خدمة ونظافة ,تحول القسم الأكبر من الأسطبل الى مستودع لأشياء لا قيمة لها , برانت أحتفظ بحصانين , الفرس دايس وحصانه الأسود الضخم فابيان , كانا معدين سلفا في ساحة الأسطبل الى جانب فرس مويا.
كان برانت يتحدث مع شخص لم تره فانيا من قبل , هو جورج العامل في الأسطبل , لما رآهما تقتربان , أبتعد برانت عن محدثه وواجههما قائلا:
" كنت سأنتظر خمس دقائق أضافية ثم أصعد الى الغرفة وأسحبكما من فوق! تبا للنساء عندما يجتمعن".


بدا لفانيسا مكتمل الرجولة في لباس ركوب الخيل , قال لها:
" تبدين عصبية , هل أنت خائفة من دايس؟".
" كلا لست خائفة من دايس , فقط خائفة من السقوط عنها".
" لا يمكن أن تقعي , أنها سهلة القيادة مثل كرسي هزاز عتيق".
" لماذا تحتفظ بحصان أضافي , أن كان لا أحد يركبه".
سألت وهي لا تتوقع من جيرارد أو من أمه أهتماما بالخيل.
" لرفقة فابيان , حتى الحيوان يشعر بالوحدة".
م***ا من ذراعها ورفعها نحو الفرس وهو يسأل:
" كم مرة ركبت حصانا؟".
" ربما خمس أو ست مرات , ألا أذا أعتبرنا ركوب الحمير , في مشاوير سياحية , جزءا من ركوب الخيل! أذكر أنني كنت خيالة ممتازة على حمار".
ضحك الجميع ثم قال برانت:
"التمرين هو أساس هذه الرياضة".
جلست فانيسا على الفرس ,وساعدها برانت في تصحيح الرسن , ثم ركب حصانه , وكذلك فعلت مويا , وسار الثلاثة في أتجاه باب الباحة للخروج الى السهل الممتد أمامهم , مويا سبقتهما بضعة أمتار في محاذاة ساقية ماء تصب في البحيرة البعيدة ,وبدت هي والحصان في رفقة حميمة , راقبتها فانيسا بأعجاب وقالت:
" مويا تقود حصانها بشطارة".
أجابها برانت وهو يراقب مويا أيضا:
" طبعا , بدأت ركوب الخيل وهي في الخامسة من عمرها , أنها شاطرة جدا".
" هل يمكنها أن تمتطي حصانك فابيان؟".
" لم تجرب , أن فابيان قوي جدا لأمرأة وهو ليس أهلا للثقة , في أي حال".
ورفع يده ملوحا لمويا التي توقفت من بعيد وألتفتت صوبهما , وقال:
" لنسرع قليى , أذا لم تستطع دايس من تلبية رغبتك , دعيها تقودك , أنت فقط أستريحي وكأنك تجلسين على كرسي هزاز".
مع مرور الوقت بدأت فانيسا تشعر بسهولة ركوب الفرس , لحقا بمويا , وبدأ السهل ينحدر , أقترحت مويا:
" سأسابقك يا برانت حتى نهاية الخط".
ولم تنتظر جوابه بل قفزت بالحصان تسابق الريح , وكذلك فعل برانت بعدما شجعته فانيسا على اللحاق بمويا قائلة:
"لا تخف علي , سأكون بأمان مع دايس".
في أسفل المنحدر وجدتهما يتجاذبان أطراف الحديث , بدت مويا تروي أشياء أثارت الضحك لدى برانت , رأته يقترب من مويا ويشدها من معصمها , ناظرا اليها , من دون أن تتمكن فانيسا من رؤية تعابير وجهه , تباطأت كي لا تزعجهما , وعندما وصلت كان الأثنان مفترقين.
قالت مويا :
" كنا نفكر ....... أن نتابع طريقنا حتى البلدة المجاورة , نحتاج نصف ساعة على الحصان ,ما رأيك؟".
أجابت فانيسا :
" أن المشوار بعيدا جدا بالنسبة الي , وأظن أنني أكتفيت من الفرس اليوم , وبدأت أشعر بدوخة , أفضل العودة الى اليت".
وافق برانت:
" حسنا , سنعود الى البيت كلنا".
ولكن فانيسا لم تشأ أفساد متعة رفيقيها , فقالت:
" أرجوك لا , أستطيع أن أتدبر أمر العودة , كنت على حق بالنسبة الى دايس , أنها سهلة القيادة ".
تردد قليلا ثم قال :
" حسنا , لا تقلقي أن كنت لم تتمكني من المكوث مدة أطول على الحصان في اليوم الأول , مع الوقت ستعتادين الأمر ويصبح سهلا".
ثم قال لمويا:
" لنذهب الى القرية ونمر على المقهى الذي لم نزره معا منذ زمن بعيد".
وعادت فانيسا وحدها تاركة دايس تجد طريقها , وعندما سلمت الفرس في الأسطبل وسارت نحو البيت , شعرت أنها حزينة , فكرت بحمام دافىء وبتغيير ثيابها , وأذ بسيارة مسرعة تقبل نحوها , وجيرارد يطل برأسه مبتسما , أوقف سيارته الحمراء , ونزل يسألها:
" هل ذلك الرجل أدخلك أيضا في عالم الأحصنة؟".
ونظر صوب الأسطبل متفقدا برانت:
" ذهب الى القرية المجاورة مع مويا".
قالت وسط أستغراب جيرارد:
" أذا عادت الأميرة! وعادت الأيام السعيدة!".
ثم سألها:
" اين أنت ذاهبة الآن؟".
" الى البيت أخلع هذه الثياب عني , هل تأتي؟".
" لأساعدك في خلع الملابس؟".
قال ازحا ثم أضاف:
" لا أظن أبن خالي يوافق على هذا التصرف".
ثم قال جادا:
" أن الساعة ما تزال الثالثة بعد الظهر , تعالي معي في جولة في السيارة".
أدّع أنها تفكر في العرض ثم وافقت وصعدت الى السيارة.
سألها وهو يدير المحرك:
" أين تريدين الذهاب؟".
" الي أي مكان تختاره , أنت تعرف المنطقة هنا , وأي مكان يمكن أن أتعرف اليه".
قاد السيارة في طريق معاكسة لتلك التي ذهبت فيها بالأمس مع برانت , فكرت : هل بالأمس حقا كانت في رفقة برانت؟ تبدو لها النزهة وكأنها حصلت قبل وقت طويل.
كان يقود السيارة في سرعة طائشة , ومع ذلك شعرت فانيسا أنه أطلقها من سجن ذاتها , طارت خصلات شعرها , ووجدت أنها في حاجة الى جنون شاب مثل جيرارد , ومع أنه بدا يسعى الى أظهار شطارته في قيادة السيارة ألا أنه كان قادرا على التحكم بها.
مر بعض الوقت وهما في السيارة يخترقان تلاتا وسهولا في طريق يبدو أن لا نهاية لها , وأخيرا أختار جيرارد طريقا فرعية تطل على واد فسيح , أوقف السيارة على جانب الطريق , وأشعل سيكارتين له ولفانيسا وقال:
" أمس أنتظرتك طويلا , كنت أرغب في دعوتك الى السهر معي في المدينة ,ولكن لم أتمكن من التحدث معك خلال النهار , أين أخذك برانت بعد الظهر؟".
" ذهبنا لجلب توبر".
" هل أنضم الكلب الى العائلة أيضا؟".
وراح ينفث الدخان ويقول:
" أذن أكتمل عقد العائلة".
ثم سألها:
" ما رأيك بمويا؟".
" أنها فتاة ناعمة جدا , هي التي أقترحت ركوب الأحصنة اليوم , ولكنني لم أستطع مجاراة حماسهما".
" ومن يستطيع؟ هي وبرانت يركبان الخيل كل نهاية أسبوع منذ زمن بعيد , كلاهما مغرم بالخيل".
" كم عمر مويا؟".
" عشرون سنة , أحيانا أظن أنها أصغر من ذلك بكثير أنها فتاة خلقت وملعقة الذهب في فمها , أي شيء تريده تجده على الأطباق , لم تفكر يوما أن تفعل أي شيء غير أختيار ملابسها أو تصفيف شعرها , أظن أنه من المفيد أن تعمل يوما كاملا من الأشغال التي نجبر على القيام بها نحن , أن هذه الفتاة تحتاج للنضوج".
زوجة لبرانت لن تحتاج الى العمل , فكرت فانيسا أنه زوج متطلب , والمرأة التي سيتزوجها ستكون معه في دوام كامل, ولكن هل مويا قادرة على العطاء ؟ تساءلت وهي تشك في الأمر , ومع ذلك , عاطفة مويا نحو برانت لا شك فيها , خصوصا بعد حديثهما معا في الصباح , ولكن أين بلغا في العلاقة ؟ أن جيرارد كان مصيبا عندما قال أن مويا تحتاج الى نضج , بالطبع برانت يعرف هذا الواقع أيضا.
قطع جيرارد شريط أفكارها قائلا:
" عدت هذا المساء لسبب واحد , أمس لم أتمكن من دعوتك للسهرة , هل تذهبين هذه الليلة ؟ أن أحد أصدقائي يقيم حفلة راقصة , أظن أنه يفيدك أن تكوني بعيدة عن رالينغز بعض الوقت".
" أحب ذلك , ولكن..... يجب أن أسأل برانت أولا , فقد قال أن لدينا بعض العمل بعد موعد الشاي , ولا أعرف أذا كان العمل يستمر الى ما بعد العشاء".
" ماذا؟ حتى يوم الأحد؟ قولي له أنك لن تعملي يوم الأحد".
" لا أستطيع , أن الموضوع متفق عليه في العقد , في كل حال أنا لا أظن أنه يرغب في العمل خلال الليل , ولكن سؤاله ضروري من زاوية اللياقة".
" أرجو أن لا تخبريه أين سنذهب , أنه لا يوافق على صحبتي مع بوب فارو".
" هل لديه أسبابه الموجبة؟".
" أن أي شخص أصاحبه يجب أن يلائم مستوى أبن خالي العظيم , أظن أن يوما ما سيأتي وسيواجه صدمة حياته , وكل ما آمله أن أكون حاضرا كي أشهد النهاية".
" ولماذا لا تثبت شخصيتك أمامه يا جيرارد؟ لماذا لا تعبّر عن رغباتك وتؤكد مواقفك , ربما أذا فعلت تصبح علاقتكما أفضل مما هي عليه الآن".
" لأنني جبان يا عزيزتي , ولأنني عندما أخوض وبرانت معركة كلامية فأنه الأقوى على كيل السياط من دون جهد يذكر".
" لماذا تعمل معه ؟ لا بد أن ثمة مجالات عمل أخرى؟".
" طبعا أستطيع أن أعمل في مصنع حديد مثلا أو مساعدا في دكان , ولكن لسوء الحظ أمي تضع يدها على أموالنا , وتظن أن برانت هو الأجدر في أدارتها , هي تدعمني فقط أن كنت في شراكة مع برانت".
صمت جيرارد قليلا وبد متضايقا , ثم قال بمرارة:
" يا ألهي كم أكرهه! أن وجودي معه طيلة الأسبوع يشبه وجودي في سجن!".
" ماذا كنت تفعل يا جيرارد لو كنت تملك حرية التصرف؟".
" الأمر سهل جدا , كنت أصبح سائق سباق".
" هل تعني أنك تعمل سائقا لدى أحدى شركات سيارات السباق؟".
" كلا , بل أصنع سيارتي الخاصة , أنني رسمتها على الورق مع كامل التفاصيل الميكانيكية , تحتاج فقط الى تنفيذ , بعدها أنا متأكد أنها ستفوز في أي سابق".
" أن المشروع مكلف جدا أليس كذلك؟".
" أجل , ولكنني أحتطت للأمر , أشتري أولا مرآبا لتصليح السيارات , فأنا أهتم في كل شيء له علاقة بالسيارات , ثم أمضي في بناء سيارتي خلال سنة من أوقات الفراغ , ثم أقتحم بها أي سباق وتبدأ أيام التحدي الحقيقية ,ولكن ثمة مشكلة صغيرة , المشكلة التقليدية , المال , حاولت الحصول على قرض من برانت ولكنه رفض , قال أن المشروع في رأسي سينتهي الى أن أهمل العمل في المرآب وألهو بسيارتي وينتهي المشروع الى أفلاسي".
شعرت فانيسا أنها تلوم برانت , جيرارد كان يتحدث في جد عن مشروعه, ربما هذا هو مجاله , عمل ملموس يؤمن به , الخطة لا تبدو خيالية , بل واقعية وممكنة.
نظرت الى ساعتها وصرخت:
" جيرارد أنها الرابعة والنصف , الآخرون لا بد ينتظرونا".
" ليس مهما أمرهم , أتوقع أن يكونوا تركوا لنا بعض الشاي".
" ليس هذا ما قصدت , قلت لك أن برانت يريدني أن أعمل بعد موعد الشاي , أي الآن , أرجوك لنعد الى البيت ,وبسرعة".

تجاوبا مع رغباتها أنطلق جيرارد بالسيارة في أقصى سرعة , ونحو الخامسة وعشر دقائق دخل الأثنان غرفة المكتبة ,برانت كان مستندا ال النافذة مغطيا بكتفيه العريضين أشعة الشمس الغاربة , سأل :
" أين كنتما؟".
أجاب جيرارد :
" أنا المسؤول عن التأخير , أقنعت فانيسا لتأتي معي في جولة في السيارة ثم نسيا الوقت , أرجو أن لا تظن السوء".
ولمح مويا تجلس الى جانب أمه فأبتسم قائلا:
" فانيسا أخبرتني أنك عدت , ألم يقنعك النمساويون بالبقاء؟".
ولم ينتظر الجواب بل سأل أن كان في الأبريق بعض الشاي له ولفانيسا , وأجابته أمه:
" سيحضر الخدم أبريقا أضافيا ".
لاحظت فانيسا نظرات برانت الباردة , أعتذرت عن التأخير ".
فقال :
" لا بأس , أنا أنتظرك في المكتب".
وخرج من الغرفة , وتبعته فانيسا , شعرت أنها في حضوره مثل تلميذة أرتكبت سلوكا سيئا وتستعد لسماع التأنيب من المدير .
" هل نسيت أننا كنا سنعمل بعد الظهر؟".
" لا , لم أنس , تأخرت قليلا , كنت وجيرارد نتحدث و.......".
" أرجوك أحتفظي بالتفاصيل , أستطيع أن أترك لمخيلتي تصور ماذا حدث؟ أنا أعرف أبن عمتي جيدا , كنت أظنك أكثر نضجا من الأنجراف وراء كلمات معسولة من شاب متهور , لا سيما أنني سمعتك صبيحة اليوم الأول من وجودك هنا تقولين له أن ثمة سلوكا يعرف بالتهذيب , وأعجبت بكلماتك , عندها ظننت أنك فهمت جيرارد على حقيقته في نظرته للمرأة بأنها جبل ينبغي تسلقه لينتصر !".
شعرت أنه يسيء اليها ويترجم ظنونه وكأنها وقائع , أشتعلت غيظا ولكنها كتمت مشاعرها وقالت:
" أعتذر أن تأخرت نصف ساعة , سأعوض عن ذلك في أي وقت آخر".
" التأخير ليس ما أبحث معك , أنت تعرفين ذلك , أنا أخترتك للعمل عكس قناعتي في توظيف المرأة لأنني ظننت أن الأهتمام والمعرفة عندك سيعطلان أي لهو جانبي , حتى اليوم كنت مقتنعا تماما بحسن أختياري , ولكنني الآن لم أعد متأكدا , هل خطر ببالك أن لا أحد سيعرف أين كنت أو مع من؟ أريدك أن تعرفي أن أي حياة خاصة لك تأتي بعد طلباتي الوظيفية , هذا كل شيء الآن".
قال كل ما أراد قوله ولم يترك لها مجالا للرد , لم تناقشه بل سألت:
" ماذا عن العمل الذي أردت أن نقوم به بعد الظهر؟".
" لا أظن أنه من المفيد أن نبدأ الآن , الساعة تجاوزت الخامسة والنصف".
شعرت أنه يبالغ في أنزعاجه , أذ أمامهما أكثر من ساعتين حتى موعد العشاء , وجدت نفسها مطعونة في كبريائها ومع ذلك لم تتردد في القول :
" أذن أنت لا تمانع أن ذهبت للسهرة هذا المساء , جيرارد سألني أن أسهر معه".
" أين؟".
" حفلة عند صديق".
" من هو هذا الصديق".
شعرت أن أسئلته تنهال عليها على الرغم من أن حياتها الخاصة خارج رالينغز لا يجوز أن يتدخل فيها ,ومع ذلك أجابت:
" بوب فارو".
" أنت لن تذهبي".
قالها بهدوء جعلها تظن أنه يمزح , وعندما وجدته جادا قالت :
" لا تستطيع أن تمنعني".
" طبعا أستطيع ,أنا أريدك هنا بين التاسعة والعاشرة من أجل العمل".
" لماذا؟".
" لتعوضي الوقت الضائع الذي هدرته مع أبن عمتي الطائش".
ثم أضاف:
" أن العقد بيننا واضح , ألا أذا كنت تعتبرينه مجرد ورقة".
" كلا , أن العقد واضح تماما , وهو بالنسبة الي مجرد ورقة , ولكنك تبدو ظالما".
فكرت أن تقول له أنه يسيء الظن بها , وأن تشرح له بصدق كل ما حدث بينها وبين جيرارد بعد الظهر وكذلك عن السهرة التي لم يكن متفقا عليها سلفا ,ولكنها لم تشرح بل وجدت نفسها تسأله:
" عندي فضول أن أعرف لماذا تعترض على صديق جيرارد؟".
" أعترض لسبب بسيط , ولكنني لا أستطيع التعبير عنه في شكل لا يؤذي أذنيك , أن بوب فارو وسائر شلته ليسوا من الناس الذين أعتدت مرافقتهم".
" ولكنك لا تعرف أي نوع من الناس أعتدت مرافقتهم".
قالت ذلك وغادرت الغرفة من دون أن تسنح له فرصة للرد .
كان جيرارد ينتظر في القاعة الكبرى , مستندا الى حائط ينفث سيكارة , من دون أن يبالي بضرر الدخان على اللوحات الأثرية , وعندما رآها أقترب منها وسأل:
" ماذا ؟".
" أعتذر لا أستطيع الذهاب معك".
" تبا له!".
قال مغتاظا ورمى عقب السيكارة على الأرض وأطفأها تحت حذائه , ثم قال:
" آسف لأنك لن تستطيعي المجيء , أرجو أن تتمكني في مرة مقبلة".
فور أنتهاء العشاء شعرت فانيسا أن الساعات المقبلة لن تكون سهلة , نورا قالت لها وهما تشربان القهوة:
" أن كان يوجد بين الرجال شيء مشترك فهو التجهم والعبوس عندما يضايقهم شيء بسيط ,ومحاولة التخفيف عنهم تجعلهم أسوأ".
لم ترغب فانيسا أطلاقا في التخفيف عنه , أن ملاحظاته القاسية كانت كافية لتجرحها , كانت تراقب يديه تقلبان الأوراق التي راجعاها معا في اليوم الفائت وتجيب على أسئلته في عبارات سريعة ومقتضبة , وبعد عشر دقائق ما عاد الجو محتملا , فوضع الأوراق على المكتب أمامه ونظر اليها قائلا:
" أن جو التوتر لا ينفع , كنت غاضبا بعد الظهر وربما تفوهت بكلمات أكثر مما يجب, أرجو أن تكوني متفهمة وتتوقفي عن العبوس".
" أنا لست غاضبة".
قالت بغضب وما لبثت أن لاحظته يبتسم فأبتسمت .
" الآن أنت أفضل , لنبدأ مجددا بصفاء".
أختياره للكلمات من أجل أرضائها أراحها , شعرت أنه كاد أن تعتذر ولكنه لم يفعل , تناول علبة سكائر وقرّبها منها قائلا:
" دخّني علّها تنجلي".
ثم قرّب ولاعته ليشعل سيكارتها فلاحظت يديه القويتين والقليل من الشعيرات من كمي القميص وكذلك زرين ذهبيين ربما من عصر النهضة , كم هو غريب هذا الرجل أمامها , فكرت فانيسا , وهو ينفث سيكارته , يبدو قاسيا كالحديد ومع ذلك يجمع ذوقا وفنا رفيعين.
عادت تتحدث عن العمل بحماس , أقترحت أن يطلق على الغرفة الصينية أسم كونفوشيوس , وقالت:
" لا أظن أن أحدا لم يسمع بهذا الأسم , ولا يعرف شيئا من أقواله".
" تقصدين أدانته لممارسة دفن النساء والخدم أحياء مع سادتهم الرجال!".
أبتسمت فانيسا لأنه فهم عليها بسرعة , وقالت:
" أنه أقترح دفن الأواني والخزف عوضا عن الأحياء , وعبر كونفوشيوس وصلتنا عادات المعيشة في تلك الفترة من الصين القديمة ,دفنوا مختلف الأواني والخزف التي تستعمل في البيوت وهي بالغة الذوق في الزخرفة , وأنت يا برانت عندك مجموعة مهمة جدا منها في الغرفة الصينية ".
" تبدين أهتماما شديدا في الأعمال الصينية , أنا أعرف مجموعة على بعد خمسة أميال من هنا أهم بكثير من المجموعة التي عندي , هل تودين رؤيتها في يوم ما؟".
" أتمنى ذلك , أرجو أن تعطيني العنوان وأنا أذهب في أقرب فرصة".
" يجب أن ترافقيني أن رغبت في الدخول , فالمجموعة ليست مفتوحة للجمهور , ولكن جوردن بانكس لا يمانع في أستقبال زوار طارئين شرط أن يأتوا مع شخص يعرفه , لأن المجموعة لا تقدر بثمن , وهو لا يتحمل حصول أي حادث لها يسببه أشخاص لا يعرفون كيف يمسكون القطع الصينية الهشة , سنذهب يوم الأربعاء بعد الغداء , العمل في المقلع لا يكون متعبا , وأظن جيرارد يمكن أن يتولاه وحده".
شكرته على العرض , فقال:
" أنا على كل حال أحذرك من صراحة جوردن , وأنصحك ان وجدت معلوماته تفوق معلوماتك أن تلزمي الصمت وتستمعي , لأنه يكره الجدال.


miya orasini غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-08-16, 06:35 PM   #125

miya orasini

نجم روايتي ومشرفة سابقة وعضوة فريق الكتابة للروايات الرومانسية

alkap ~
 
الصورة الرمزية miya orasini

? العضوٌ??? » 244480
?  التسِجيلٌ » May 2012
? مشَارَ?اتْي » 7,329
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » miya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك carton
افتراضي

6- قراءة في كف القلب

الأثنين والثلاثاء مرا بهدوء , وجاء يوم الأربعاء , وفيما كانت فانيسا تقوم بنزهتها الصباحية في الحديقة فكرت أنه بالكاد مر أسبوع على وجودها في رالينغز , ومع ذلك تشعر أنها منذ زمن بعيد في القصر الجميل والحدائق الغنّاء.
" أنتظري حتى تثلج هنا".
قال لها جيرارد عندما عبّرت له عن شعورها أتجاه المكان الذي يمقته.
: تشعرين وكأنك معزولة عن العالم , لا بريد يصل بأنتظام , والسيارات تحتاج أن تحفر الطريق أمامها لأن الجرافات بطيئة في الوصول ,والقصر كله يتحول الى صندوق كبير مثلج , أنا أتنازل لك عن مكاني هنا , أذ أفضل مكانا عصريا يلائم الناس المتمدننين".
" تعني أنك تحب البيت – العلبة في شقق المدينة ؟".
" لا بأس , لكل منا ذوقه".
" في كل حال أنا أوافق معك على نقطة واحدة وهي أن يكون عندك بيتك الخاص يا جيرارد".
" هل أفهم من كلامك أنك تطلبيت يدي؟ أنت أصبحت فتاة تعبر عن رغباتها مباشرة".
قال مازحا ثم نظر الى ساعته:
" سأتأخر أن لم أتحرك الآن , لا بد أن برانت سبقني , أرجو أن تخبري والدتي بأنني لن أكون حاضرا على العشاء الليلة , نسيت أن أخبرها ذلك خلال الفطور".
لوّح بيده وغادر المكان , ودخلت فانيسا غرفة المكتب لتجد رزمة البريد الكبيرة في أنتظارها , جلست الى مكتبها وراحت تفتح رسائل العمل وتضع رسائل برانت الشخصية على مكتبه , وجدت ثلاث رسائل لنورا فحملتها اليها في غرفة المكتبة.
كانت نورا تجلس في مقعدها المعتاد قرب المدفأة , مشغولة في وضع لائحة المدعوين والمدعوات الى حفلة عشاء تنظمها في القصر الأسبوع المقبل , تناولت الرسائل من فانيسا شاكرة وقالت:
" أظن أنك وبمفيد جدا أن تغيّري أجواء العمل , الى أين أنتما ذاهبان؟".
" برانت سيأخذني لأرى مجموعة التحف لدى بانكس".
" كان يجب أن أحزر فأن رجال الأعمال مثلكما لا تخرجان ألا في مشاوير عمل, هل تحلمين بالتحف يا فانيسا ؟ ليس من الطبيعي لفتاة مثلك وفي عمرك أن تنغمس في العمل كما تفعلين".
" نيفيل كان يقول لي أنه سيأتي يوم تتشتت فيه أفكاري فلا أستطيع فعل ما أقوم به اليوم , لذلك أنا أستفيد من كل فرصة قبل أن يأتي اليوم الذي تتشتت فيه أفكاري فلا أستطيع التمتع بالتحف".
" وماذا فهمت من كلامه عن تشتت الأفكار؟ يا عزيزتي ألا تفكرين أبدا بالأشياء التي تفكر فيها كل فتاة مثل أن تكوني زوجة وأم؟".
" أحيانا أفكر في الموضوع , ولكن أمامي وقت طويل لهذه الأمور".
عادت فانيسا الى مكتبها تتابع العمل , ولكنها لم تتمكن من التركيز , وجدت أنها تستعمل الممحاة مرارا لأخطاء ترتكبها , فتوقفت عن العمل وجالت بنظرها عبر النافذة تحاول وضع ترتيب لأفكارها المتضاربة.
عاد برانت الى القصر من المقلع بعد الظهر , غيّر ثيابه وأرتدى ما أعتبره مريحا أكثر ,وبعد الغداء كانت فانيسا الى جانب برانت في السيارة , في الطريق قال:
" أن الطقس في مثل هذه الأيام لا يكون مشمسا عادة , ويجب أن نستفيد منه , لأن بينيت يتوقع تغيّرا قريبا في الطقس , ولا أظن أنه يخطىء , أن الرجل ظريف".
" ألهذا السبب تحتفظ به في رالينغز؟".
" بينيت يعمل مع آل مالوري من قبل أن أولد , أنه أقدم عامل في القصر , أقدم من أيمي , ورالينغز بيته وسيكون كذلك حتى آخر لحظة من حياته , اللانسانية ليست من طبعي كما يمكن أن تظني يا آنسة!".
" أنا لا أظن ذلك أبدا".
قال وهي تشعر أنها بدأت مشوارهما بداية سيئة وأنها توقعت معاملة أفضل , وأضافت:
"ليس الآن في كل حال".
أضحكته ملاحظتها , وشعرت بأرتياح بعد أرتباك , وخيّم المرح عليهما حتى وصلا الى منزل جوردن بانكس , صاحب البيت نفسه فتح لهما الباب , بدا في منتصف الخمسين من العمر , نحيل الجسم يضع نظارات سميكة على أرنبة أنفه الطويل , طابع سلالة عريقة.
قدّم برانت رفيقته الى جوردن بانكس الذي رحب بهما ببرودوقادهما الى قاعة خلفية حيث التحف , شعرت أن الرجل من جامعي التحف الذين لا يتمتعون بأستعمال تحفهم , لا بد أنه يأكل ويشرب بالأواني الزجاجية البسيطة فلا يغامر بأستعمال القطع الصينية الغالية التي يملكها , وفكرت أن الوضع في رالينغز يختلف تماما , أذ ليس من أشياء لا يجوز لمسها , أواني الطعام من التحف التي تعود الى أكثر من مئة سنة الى الوراء , ومفروشات غرف الأستعمال لا تقل أهمية عن تلك التي تعرض للجمهور , ولا شعوريا وجدت أنها تجري مقارنة بين الرجلين أمامها.
لاحظت أن في القاعة ثلاث خزانات صينية , لا بد أنها من عصر تانغ ,فكرت فانيسا , في الأولى , حصان مع فارسه في وضع متراجع , في الثانية حصان من دون فارس متأهب وينفث لهبا , وفي الثالثة فتاة ترقص, بدت القطع الثلاث بالغة الأتقان والروعة.
" من عصر تانغ بين القرنين السابع والعاشر".
قال جوردون في نبرة مهنية جافة:
" الحصانان أخذا من قبر واحد , والفتاة من قبر مختلف في وقت متأخر عن الأول".
وتحرك نحو خزانة أخرى من دون أن ينتظر رد فعل زائريه , دلّهما على أناء وقال:
" أعتبر هذا الأناء تحفة مجموعاتي , أتساءل أن كنت تعرفين الى أي عصر ينتمي يا آنسة بيدج؟".
دؤست فانيسا القطعة من خلف الزجاج وراحت تدقق في الخطوط المتوازية والألوان الحالمة , وأجابت من دون عناء:
" أنه عصر سانغ , بين العام 960 و1279 , أذ أن الخوف في تلك الفترة وصل الى مستوى الكمال".
أبتسم برانت , وبدا الأهتمام في عيني صاحب البيت الذي قال :
" تبدين مطّلعة على تاريخ الصين , هل غصت بعيدا في دراسة تحف الشرق الأقصى؟".
" الى البعد الذي كان يسمح به وقتي , أمامي الكثير للتعلّم".
" كلنا نحتاج الكثير للتعلّم , ولكن الفتوة في مصلحتك يا عزيزتي , تعالي , أريد أن اعرف كمية معرفتك للأشغال الصينية".
وجدته يغيّر تصرفه من البرود الى الأهتمام , وخلال ساعة غيّرت فانيسا رأيها بالرجل ووجدته مثيرا , فتح لها الخزائن وسمح لها بلمس أي قطعة تريدها , مستمعا الى أي شيء تقوله بأهتمام وأحترام , صبره في الأجابة على أسئلتها المتعددة فاجأ برانت , الأخير لم يتحدث الا قليلا , وكانت فانيسا تلاحظ نظراته عليها وهي تنطلق في الحديث , وشعرت لأول مرة أنها لا تنزعج من هذه النظرات.
المجموعة كانت رائعة , سمعت بها فانيسا من قبل ولكنها لم تتوقع أن تسمح لها الظروف برؤيتها , فيها قطع من كل عصر تقريبا من تاريخ الصين , الكثير منها مزين بالرسم التقليدي للتنين وطائر الفينيق وتمثل الأمبراطور والأمبراكورة.
بعدما أنتهوا من الجولة في القاعة , سحب جوردن كوبين من أحد الرفوف وقدمهما لزائريه وهو يقول:
" الأكواب نفيسة أنها من عصر ميغ".
دققت فانيسا فيهما لتدرس تفاصيل العمل اليدوي , في الوهلة الأولى بدا الكوبان وكأنهما نسخة طبق الأصل من الخزف الأبيض وعليهما رسوم لتنين أحمر بين أمواج البحر الأزرق , ولكن بعد التدقيق لاحظت القليل من الفوارق , أحد الكوبين يميل لونه الأبيض الى الأزرق , والنسيج يكاد يختلف , فقالت معجبة بأكتشافها:
" هذه نسخة يابانية".
أبتسم جوردن وقال:
" نعم , هي كذلك , اليابان كانوا أذكياء ولكنهم كانوا يفتقدون الى الكمال الموجود في الأشغال الصينية".
وهنا ربت برانت على كتف فانيسا مهنئا وقال:
" أنني لم ألاحظ الفرق في المرة الأولى التي أراني فيها القطعتين , أنت ذكية جدا يا فانيسا".
وسألها جوردن:
" كم سنة أشتغلت في التحف؟".
أجابت:
" أثنتا عشرة سنة".
أرتفع حاجبا جوردن في تعجب ظاهر وقال:
" أذن كنت طفلة معجزة , لا بد أنك تعلمت على يد أستاذ أستثنائي !".
وعندما ودّعها على الباب قال لها:
" تعالي مرة ثانية كلما رغبت في المجيء , وأذا أحتجت الى عمل في أي يوم من الأيام أرجو أن تبلغيني الأمر".
داخل السيارة قال برانت:
" أثرت أعجاب الرجل , قليلون جدا يحظون بدعوة لزيارة ثانية , ومعدودون يحظون بدعوة في أي وقت يرغبون , مثلك".
وبعد قليل سألها:
"هل أنت نادمة لأنك لست قادرة على قبول عرض العمل معه؟".
هزت رأسها بالنفي وقالت :
" كلا , أبدا , المجموعة رائعة , وجودن بانكس رجل أستثنلئي , ولكنني لست راغبة في التخصص في مجال واحد من مجالات التحف المتعددة".
أبتسم برانت وقال:
" هذا يبدو مناسبا جدا , لأني لا أرغب أطلاقا في تحريرك من الأتفاق بيننا".
وسألته :
" هل يعيش السيد بانكس وحده؟".
" عدا عن مدبرة البيت , نعم هو يعيش وحده , لا يشعر بحاجة الى رفيقة , مجموعته ,والأضافة عليها , أهتمامه الوحيد في الحياة".
" ولكن هناك أشياء مهمة في الحياة غير التحف".
قالت فانيسا وهي تفكر في كلام نورا في الصباح , وأذ به يفاجئها بالقول:
" أذن أنت تدركين ذلك؟ كنت بدأت أتساءل".
وبعد قليل أقترح:
" لنجعل خروجنا اليوم مليء بغير زيارة جوردن , هل سمعت بمغاور بلوجون ؟".
" طبعا سمعت , هل هي قريبة؟".
" ميلين فقط , أظن أننا نستطيع زيارة واحدة منها , ستسرّين بالزيارة".
أختار برانت واحدة من مغاور ثلاث أعتبرها الأكثر أثارة وأهمية , وبدا أنهما وحدهما مهتمان بالزيارة أذ لا يوجد غيرهما كان موجودا , وعليهما الأنتظار ليحضر أناس غيرهما فيأخذهم الدليل في جولة , ولما لم يحضر أحد , أتفق برانت والدليل أن يأخذهما في جولة خاصة على حسابهما , وهكذا كان .
داخل المغارة كان الجو رطبا وباردا , ومصابيح الكهرباء الموزعة في الداخل لم تساعد في تخفيف البرودة , الدليل كان رجلا في منتصف العمر من سكان الناحية , حذّرهم من التزحلق ودعاهم للأنتباه , ثم تقدم أمامهم وأنطلق في ألقاء محاضرة عن الأشياء التي يرونها ولكن برتابة ومن دون حماس , وصدى كلماته تتوزع في المغارة , بعد بضع دقائق قررت فانيسا أن لا تتنصت اليه بل تترك نظراتها تجول في حرية في المكان لترى الأشكال المكلّسة بفعل المياه في زخرفة جميلة وناعمة.
برانت م***ا من ذراعها مساعدا أياها على تجنب الأطراف الزلقة بأهتمام كبير , دفء أصابعه خفف من برودة المغارة كلما توغلا فيها , كان يقول بعض الملاحظات كلما لفته منظر فات فانيسا , ووافقها الرأي أن الدليل ممل.
بعد مرور بعض الوقت , ومن دون أنذار , أنقطعت الكهرباء وخيّم على المغارة ظلام دامس ,وفي سرعة أحاط برانت بكتفي فانيسا قائلا:
" لا تخافي , ربما أحترق سلك كهرباء".
صوت الدليل بلغهما من بعد قصير.
" يبدو أن في المحول عطلا , وأنا لم أجلب معي بطارية ضوء , هل تغامران في العودة معي في الظلام أم تنتظران حتى أعود بالبطارية ؟ أنا أعرف الطريق غيبا ولن يطول تأخري".
" سننتظرك".
قال برانت ,مقررا عن كليهما.
تحرّك الدليل , وسمعا صدى خطواته في المغارة تبتعد الى أن أختفت نهائيا , وبقي صوت قطرات الماء تنزل قطرة قطرة.
" هل أنت خائفة؟".
سألها برانت وأضاف:
" أنت ترتجفين مثل ورقة".
بدأت عيناها تعتادان الظلمة , ونظرت اليه فتمكنت من تحديد شكل وجهه من دون الملامح.
" أشعر وكأننا دفنا في قبر".
قالت محاولة المزاح , سألها أن كانت ترغب في سيكارة للتخفيف من وطأة الظرف , فوافقت , رفع ذراعه عن كتفها , وشعرت بعلبة السكائر الفضية الباردة بين يديها , سحبت سيكارة , وهي تناول واحدة له , أشعل ولاعته , وأذ بالمكان يمتلىء بخيالات متحركة راقصة , وعندما أشعل السيكارتين وأطفأ الولاعة , عاد المكان يغرق في الظلمة.
قال:
" هناك نصطبة خلفي نستطيع أن نجلس عليها".
وتحرّكا معا قليلا وجلسا , ثم خلع سترته ووضعها على كتفيها وسط أعتراضها.
" أنها سترتك , ستبرد أنت , وستتسخ السترة و.....".
" كفيّ عن الثرثرة وألبسيها , أنا لا أشعر بالبرد ,وأظن أن السترة يمكن غسلها أليس كذلك؟".
شعرت بالدفء , وفي صمت راحت تدخن سيكارتها , وأذ به يفاجئها بالسؤال:
"ماذا كنت تفعلين يا فانيسا في أوقات فراغك؟ لا أظن أنك أمضيت هذا الوقت وأنت منكبة فوق الفهارس أو تزورين المعارض والمتاحف , أنا عرفت أنك لم تقعي في الحب , ولكن بالطبع كان يوجد صديق يأخذك الى مرقص أو الى مسرح؟".
فكرت أنه يسأل ربما من أجل أيجاد موضوع يتحدثان فيه لقتل الوقت , أذ لا يمكن أن يكون مهتما بحياتها الخاصة الماضية , ولكن أجابت:
" كان هناك شخصان , ولكن لم تطل علاقتي بأي منهما , ربما لم يجداني مثيرة للأهتمام!".
" صحيح؟".
سأل متفاجأ وأضاف:
" أنا كنت أهتم......".
وأنقطعت العبارة نتيجة عودة الضوء الى المكان.
" حسنا , الآن نستطيع أن نعود".
قال وهو يرمي عقب السيكارة جانبا.
سألها:
" هل أنت مستعدة؟".
وقفت وبدأت تمشي أمامه , فأوقفها قائلا:
" ثمة أوقات على الرجل أن يتولى القيادة".
وأضاف وهو يضحك:
" وعلى المرأة أن تعرف كيف تستند الى الرجل حتى لو كانت تدّعي ذلك ,على الأقل من أجل رفع معنوياته!".
ألتقيا بالدليل في مدخل المغارة , وبدا أنه أنزعج لأنهما لم يرغبا في متابعة الرحلة داخل المغامرة , ولكن ما لبث أن أنفرجت أساريره عندما رأى حجم البقشيش الذي أعطاه أياه برانت , أستقبلهما دفء الشمس وبريقها في العالم الخارجي , نظرت فانيسا الى ساعتها وفوجئت أن الوقت لم يتجاوز الرابعة بعد الظهر , بدت وكأن ساعات وساعات مرت على مغادرتهما رالينغز.
" سنتأخر على الشاي".
قالت فانيسا .
برانت ردّ بهدوء:
" أنا قلت لنورا أننا سنشرب الشاي في الخارج , هناك مقهى صغير لا يبعد كثيرا , يديره شخصان عزيزان جدا , يعدّان كل الكعك والفطائر بايديهما , فطائرهما أطيب من تلك التي تعدها أيمي , ولكنني لم أجرؤ ولا مرة على البوم لها".
المقهى كان مزدحما بالناس مع أنه يقع في طريق فرعية , وبدا لها أن برانت حجز طاولة قرب النافذة مسبقا.
لاحظت التكريم الذي لقيه من العاملين في المقهى فقالت:
" يبدو أنم تأتي كثيرا الى هنا , هل هو مكانك المفضل الذي تلتجىء اليه؟".
" ومن ماذا أهرب كي ألتجىء الى هنا؟".
حارت جوابا لأنها لم تجد سببا وجيها دعاها لطرح السؤال العفوي , قالت:
" لا أعرف , ربما تأتي عندما ترغب في تغيير الرتابة ".
" ربما معك حق , أي تغيير يكون مفيدا , هل وجدت التغيير اليوم مفيدا لك خارجا عن الرتابة يا فانيسا؟".
" جدا , على الرغم من أنني لا أجد العمل في رالينغز رتيبا , هناك دائما أكتشافات جديدة لي , أنا ممتنة جدا للفرصة التي سنحتها لي في العمل بالتحف".
" هل يمكن أن تنسي غرامك بالتحف لبضع ساعات ؟ أنا لا أتوقع ثناء , أذ أنني أحصل منك جهدا أضعاف ما أدفعه لك من راتب".
شعرت أنه منزعج ولم تعرف السبب , ماذا تراه توقع منها أن تقول؟ رغم غياب الرسميات في تجوالهما بعد الظهر , يبقى هو رب عملها ومديرها وهي تشعر نحوه بعض...... الرهبة! هل تراها الكلمة الصحيحة التي تعبر عن شعورها نحوه.
وصل الشاي في أبريق مزين , ومعه صحن من الفطائر الطازجة الساخنة وفوقها تسيل الزبدة الصفراء , وجدتها لذيذة مثل وصف برانت لها.
عندما بدأت في أكل الفطيرة الثالثة قالت:
" يبدو أنني سأسمن كثيرا هنا , ولن يأتي اليوم الذي أنهي العمل فيه في رالينغز ألا وأكون أصبحت ضعفين".
" لا أظن أن يوما ما يمكن أن تصبحي سمينة , أنت لا تملكين البنية العظمية الأساسية للأمتلاء ".
مدّ يده نحوها ومسك يدها ثم بسطها على راحتها وحاول أن يقرأ كفها.
" يدك جميلة يا فانيسا أنت حساسة وذكية , ماغي علمتني كيف أقرأ الكف عندما كنت ولدا , أرى عمرا مديدا أمامك وثلاثة أطفال".
" يجب أن أعثر على زوج أولا!".
قالت مبتسمة وهي تشعر أن الأحمرار يملأ خديها :
" طبعا".
هزّ رأسه , ثم سحب يده ملاحظا الوقت على ساعتها , وأضاف:
" أنها الخامسة وعشر دقائق , أظن يجب أن نعود , أذ أمامي عمل نحو السابعة خارج رالينغز".
الطريق الى البيت كانت سريعة ولكن مريحة , كان يدلها الى الأماكن الملفتة في المنطقة حيث يمران ,ونصحها أن تزورهم عندما تسنح لها الفرصة.
أستقبلتهم ايمي في القاعة الكبرى , قالت:
" أن الآنسة مويا حضرت لرؤيتك ,لم تنتظر , طلبت أن تتصل بها في البيت عندما تعود".
" الأرجح أنها تريد أن تسأل شيئا بسيطا".
وتابع لفانيسا:
" حياة مويا سلسلة عقد , هي لا تعرف كيف تتخذ قراراتها لوحدها".
دخل برانت الى المكتب ليجري الأتصال الهاتفي , وتابعت فانيسا طريقها الى غرفتها , شعرت فجأة أنها منزعجة و متعبة , وأن صداعا في رأسها يدنو فأسرعت في تناول حبة قبل أن يستفحل.


miya orasini غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-08-16, 06:36 PM   #126

miya orasini

نجم روايتي ومشرفة سابقة وعضوة فريق الكتابة للروايات الرومانسية

alkap ~
 
الصورة الرمزية miya orasini

? العضوٌ??? » 244480
?  التسِجيلٌ » May 2012
? مشَارَ?اتْي » 7,329
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » miya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك carton
افتراضي

7- خيانة غير متوقعة

جاء تشرين الأول باردا وممطرا , رياح هوجاء سيطرت على الوادي مزيلة أكثر أوراق الشجر , الحقول تحولت الى برك ماء , والخراف أنتقلت الى مراع منحدرة في مجموعات بدت كثيفة الصوف , رطبة وموحلة.
والبقاء في المنزل لم يكن مزعجا لفانيسا , كانت تقدمت في الفهرسة وتجد كل الأعمال المنوطة بها مفهومة , فكرت ماذا يحصل أن أنتهت من العمل قبل أنتهاء الأشهر الستة؟ هل يبقى برانت في حاجة اليها أم يستغني عنها وينصحها بالبحث عن عمل آخر؟ أن العقد بينهما واضح وملزم للطرفين ,ولكنها كانت تعلم أنها لن تلزمه به.
في صباح يوم خميس كانت فانيسا تراجع البريد عندما دخلت اليها نورا ومعها لائحة بأسماء الضيوف المدعوين الى حفلة العشاء في القصر في الأسبوع المقبل ,قالت:
" حفلات العشاء هي الجانب الأساسي من تسليتنا خلال الشتاء , نقيمها مرتين في الشهر على الأقل".
وناولتها دفتر العناوين مع اللائحة وقالت :
" أرجو أن لا تجعلي الرسائل رسمية جدا , أنهم جميعا أصدقاء حميمين , ربما كان أفضل لو أكتب لهم الدعوات بخط يدي ولكن علّ كتابة رسائل شخصية كثيرة".
ونظرت الى الملفات أمام فانيسا قائلة:
" برانت قال أنك تقومين بعمل جيد في الفهرسة , ألا تتعبين منه؟ ألا تملين؟".
ضحكت فانيسا وقالت:
" أنا هنا منذ ثلاثة أسابيع فقط ولا أظن أن أحدا يمل خلال فترة قصيرة من عمل يحبه ,أن رالينغز تشبه مغارة علاء الدين بما تحويه من تحف , لا أستطيع التصديق بأنني أعيش في مكان كهذا".
ولاحظت نورا رسالة على مكتب برانت فقالت:
" لماذا تنبهين برانت الى موضوع كهذا؟ أن موسم أستقبال الزوار أنتهى من شهر".
" أعرف ذلك , ولكنه طلب خاص من معلمة في مانشيستر كانت ترغب في جلب تلميذاتها خلال الصيف ولكنها لم تتمكن , لذلك ترجونا أن نقبل بالزيارة وأن كانت خارج الموسم , وأنا فكرت بأن برانت لن يمانع في طلب خاص كهذا".
" أظن أنه سيمانع ,أنه لا يفتح القصر للزوار خارج الموسم الرسمي , ويعتقد أن الخدم يستحقون راحة بعد التعب الذي يعانون منه في الصيف نتيجة أعمال التنظيف عقب هرج ومرج جمهور سعيد".
برانت ردد الكلمات ذاتها في وقت لاحق عندما فاتحته فانيسا بالموضوع قال:
" نحن دائما نتلقى طلبات مماثلة من فئات ترغب في معاملة خاصة , ولكن القصر يفتح للجمهور فقط لأن أبي بدأ هذا التقليد , وخارج هذا الموسم أنا أحب الخلود الى الحرية الشخصية في بيتي".
" ولكن هذا الطلب مختلف ,أنه من صف يدرس مرحلة مهمة من تاريخ أنكلترا , كيف تقبل أن توقف مسيرة التعليم؟".
" أن مساهمتي أو تمنعي لا يضيف أو ينقص شيئا في مسيرة التعليم , أضافة الى ذلك فالمعلمة تقول في رسالتها أنها ترغب في الحضور خلال الأسبوع المقبل , هل تقترحين أن أعطل يوما بعد الظهر وأدور مع حفنة من تلميذات المدرسة اللواتي لا أظن أنهن مهتمات بالموضوع قدر أهتمام معلمتهم".
" أرجوك لا تعطل يومك , أنا أستطيع أن أتدبر الأمر وحدي".
" أرى أنك أعددت كل شيء مسبقا , قررت أن يحضروا مهما يكن الأمر ! وطلب موافقتي ليس ألا من باب اللياقة".
" أنه بيتك , ولكن هل ستسمح لهم بالحضور ؟ برانت , أرجوك!".
حاولت أن تتملقه بدلال ونجحت.
" كيف يمكن أن أعترض بعدما طرحت الطلب من هذه الزاوية؟ يمكنك أن تكوني مقنعة جدا عندما تضعين قلبك في أي قضية , قولي لي هل هذا الموضوع يهمك شخصيا أم أنه أثار فيك الرغبة في خوض معركة معي؟".
" كلا , أبدا , أنا فقط لم أرغب في تسفيه المعلمة الآنسة بيرسون , هل يمكن أن أكتب لها وأبلغها أن تحضر في الأسبوع المقبل؟".
" أذا رغبت في ذلك".
وأنتظرها لتجلس خلف مكتبها وتحضر الآلة الكاتبة لتعد الجواب , وقال وهو يغادر الغرفة بخبث ظاهر:
" سأترك الأمر لك كي تبلغي أيمي أن تعد الشاي والسندويشات لأحدى وعشرين فتاة في اليوم الموعود , أظن أن تعليقاتها ستكون مفيدة".
وأدركت ماذا عنى في كلامه عندما أبلغت أيمي في وقت لاحق , أذ أن مدبرة البيت أستقبلت الخبر بأنزعاج شديد قالت:
" طيلة وجودي هنا لم يفعل السيد برانت شيئا كهذا من قبل! أنا أنتهيت مؤخرا جدا من أعادة القصر الى وضعه الطبيعي بعد صيف حافل بالزوار , والآن , تواجهيني بطلب كهذا ! أولاد مدرسة؟ ماذا جعله يقبل بهم؟ لا أستطيع التفكير في حالة المكان بعد أن يغادرنه , ستكون بصمات أصابعهن في كل مكان , أغراض في غير مكانها........".
" لسن أولادا , بل فتيات راشدات في الخامسة عشرة من عمرهن".
وأيمي لم تكن مستعدة أن تنهزم في الحرب الكلامية فقذفت ما تيسر عندها من عبارات أنزعاج وغادرت غرفة المكتب.
في الثانية والنصف بعد الظهر , أطلت مويا برأسها من باب غرفة المكتب وقالت لفانيسا العاملة بجد على الآلة الكاتبة .
" ألا ترتاحين أبدا؟ ستتحولين الى خرقة بالية أن أستمررت هكذا!".
لم تستطع فانيسا أن تحبس أبتسامتها للفتاة الممتلئة حيوية على الرغم من أنها كانت ترغب أن لا يزعجها أحد , مستحيل أن لا يحب أحد مويا , روحها حية دائما وطبعها دافىء ومشمس , تستطيع فانيسا أن تفهم لماذا يحبها برانت , ولكن ربما تكون صغيرة له.
وقالت فانيسا مشيرة الى العمل :
" أنها الطريقة الوحيدة لتمضية الوقت في طقس ممطر".
وتساءلت في نفسها ماذا تفعل مويا بأيامها.
نظرت مويا اليها متعجبة وقالت:
" ولكن الطقس صاح , هل تظنين أنني أحضر على الحصان أن كان الطقس ممطرا؟".
وأستدارت فانيسا بكرسيها لتنظر عبر النافذة وتقول:
" أذن توقف المطر , جميل جدا".
" تعالي معي لنركب الخيل ونستفيد من الطقس".
" وماذا عن العمل أمامي؟".
" أتركيه ,أن برانت لو كان هنا يكون أول من يوافق على تنشقك بعض الهواء المنعش".
ترددت فانيسا قليلا ثم قالت:
" حسنا , سأحضر , ولكن أرجو أن لا نبعد كثيرا , أنا لم أعتد بعد على سرج الحصان".
وكانت نزهة ممتعة , أعترفت فانيسا لنفسها ,شعرت أنها تلميذة هاربة من الصف تتمتع بوقتها.
وعندما عادتا الى الأسطبل ترجلتا تاركتين جورج يهتم بحصانيهما , وتوجهت مويا الى ملجأ حصان برانت , تحرك فابيان في ملجأه مسندا رأسه على الباب النصفي سامحا لمويا أن تربت على رأسه وتفرك جبينه.
راقبتهما فانيسا , أنها لم تكن واثقة من الحصان , كان يشبه معلمها كثير ,ضخم ,واثق , وغير ممكن التنبؤ بتصرفاته.
سألت فانيسا:
" هل سبق أن أمتطيت فانيان؟".
" مرة واحدة حاولت قبل ثلاث سنوات , ولكن فشلت".
" ماذا حصل؟".
" راح يقفز ويدور الى أن تعبت فترجلت وما عدت أرغب في ركوب أي حصان , أنه لا يفقد أعصابه عادة , ولكن أن فعل فأنه مخيف , لم أستطع الجلوس في راحة لمدة أسبوع".
وتابعت تفرك جبين فابيان ,والحصان يبدو مطمئنا وراضيا.


كانت سيارته محط فخره وكذلك أعتزازه بقيادة السيارة ولكن حصل ما حصل وأختفى سائق الدراجة في العتمة من دون ضوء في دراجته ومن دون أن يتوقف ليرى ماذا حصل.
" علقنا".
قال جيرارد لفانيسا التي فتحت النافذة لتتنشق هواء يهدىء من أعصابها.
وأضاف:
" تحطمت من جانبي العجلات وخلعت المقدمة".
ثم سألها :
" هل أنت بخير ؟".
هزت برأسها:
" نعم , فقط أرتجف قليلا , أظن أننا محظوظون لأن الحادث ل

م يكن أسوأ".
" أن الوضع سيء بما فيه الكفاية ,والعجلة الأمامية تبدو ملتوية ,وحتى لو أستطعت الخروج من الخندق فأنني لن أستطيع الأبتعاد بالسيارة , هل لاحظت كشك هاتف على الطريق؟".
" أعتقد أنني رأيت واحدا في آخر مفترق , نحو نصف ميل الى الوراء".
"الهاتف سيساعدنا , هل تريدين أن تبقي في السيارة أو تأتي معي؟".
" سآتي معك".
نزلت من السيارة وسارت على العشب الرطب بحيث غرزت قدماها في الوحل وأمتلأت جواربها بالماء والوحل.
" تعالي نسرع في المشي قبل أن نجمد من الرد".
وأضافت محاولة المزاح:
"لم أخرج في نزهة مشي في منتصف الليل منذ أيام الدراسة".
" الوقت ليس منتصف الليل!".
أجاب بقسوة وسارا معا وهو يقول :
" لو أستطيع أن أطاله لمزقت دراجته أريا!".
من كشك الهاتف , أتصل جيرارد بمرآب لتصليح السيارات وأتفق معهم على أرسال رافعة , ثم أتصل برالينغز نظر الى فانيسا في أزعاج ظاهر أذ كيف سيواجه أهل البيت بالخبر؟
" هذا هو الجانب الصعب من المسألة , برانت دائما يقول أنني سأنتهي في خندق يوما ما , آمل أن يرد باكستر أو عامل غيره , لا أظن أن برانت عاد الى البيت".
وعلى الطرف الآخر جاء الصوت :
" هنا رالينغز هول , برانت مالوري يتكلم".
" برانت , أنا جيرارد , تعرّضنا لحادث بسيط , هل يمكن أن ترسل لنا سيارة تأخذنا الى البيت؟".
" ماذا تقصد بكلمة تعرضنا ؟ أنت ومن؟".
" فانيسا معي ,وهي متجمدة من البرد , أرجو أن تسرع يا صديقي".
"هل من جرحى؟".
" فقط السيارة".
" أين أنتما؟".
وأخبره جيرارد موقع السيارة فقال برانت منهيا المكالمة:
"أنتظر عشر دقائق فقط".
بدت الريح تزداد قوة وبرودة وهما يعودان الى السيارة ,معطفها بدا خفيفا , أما حذاؤها فمفتوح وذو كعب عال لا يلائم أطلاقا الوضع الذي وجدت نفسها فيه , سارا نحو السيارة وهما يتساءلان من تراه يأتي , ربما جورج , هو يعمل سائقا عند الحاجة أضافة الى عمله في الأسطبل ,وفي اللحظة التي وصلا فيها نحو السيارة المتضررة , برزت أضواء سيارة آتية من بعيد وظهرت السيارة السوداء الكبيرة تلف المنعطف وتتوقف على بعد أمتار بسيطة منهما.
وشعرت فانيسا أن قلبها يخفق بشدة عندما رأت وجه برانت يطل من خلف المقود.


miya orasini غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-08-16, 06:38 PM   #127

miya orasini

نجم روايتي ومشرفة سابقة وعضوة فريق الكتابة للروايات الرومانسية

alkap ~
 
الصورة الرمزية miya orasini

? العضوٌ??? » 244480
?  التسِجيلٌ » May 2012
? مشَارَ?اتْي » 7,329
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » miya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك carton
افتراضي

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي


miya orasini غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-08-16, 06:39 PM   #128

miya orasini

نجم روايتي ومشرفة سابقة وعضوة فريق الكتابة للروايات الرومانسية

alkap ~
 
الصورة الرمزية miya orasini

? العضوٌ??? » 244480
?  التسِجيلٌ » May 2012
? مشَارَ?اتْي » 7,329
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » miya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك carton
افتراضي

9- طيش ودموع

نهار الجمعة شعرت فانيسا أن طباع ايمي لا تحتمل , كانت تصادفها في كل مكان وتتعمد أزعاجها , هي السكرتيرة التي جاءت الى القصر تتجرأ وتغيّر نمط حياة المدبّرة .
" أخيرا جاء أحد يتمكن منها".
قال بينيت لفانيسا في القاعة الكبرى عندما دخل وبيده حطب للمدفأة , ولم يكن كلامه يحتاج الى أيضاح:
"سوف تنسى ".
قالت فانيسا بهدوء:
" في كل حال , حين تطاردني لتزعجني لن تجد وقتا تراقبك فيه يا بانيت ,وأنا لو كنت مكانك , لأستفدت جدا من الفرصة".
فأجاب:
" فعلا , أنا مستفيد جدا".
غرفة المكتب كانت آمنة من الأزعاج , أمضت الصباح تنهي بعض الأوراق غير المكتملة , وبعد الظهر أتلقت على المقعد الوثير قرب المدفأة تقرأ كتاب الشعر الخاص ببرانت ,ومطمئنة الى أن برانت سيعطيها المجال لترتاح:
فقد قال لها:
" خذي وقتك , لا تتعبي وألا ستتحولين الى...............".
" فقاطعته وهي تبتسم :
" الى خرقة بالية ".
فقال :
" أنه التعبير المفضل لمويا ".
وأضاف مبتسما :
" أنت ومويا تبدوان على وفاق , أخبرتني أنكما ذهبتما معا على الحصان قبل أيام".
سألته في سرعة:
" هل تمانع؟".
بدا متعجبا:
"ولماذا أمانع؟ جئت فقط لأقول أنك تقسين على نفسك في العمل , وأذا كانت مويا تؤثر عليك فتخففين من الأجهاد , سأسعى أن تحضر دائما بعد الظهر".
تناول سيكارة وأشعلها وجلس الى مكتبه قائلا:
"فانيسا ماذا هناك؟ تبدين عصبية طيلة الأسبوع , هل أزعجك أحد؟".
" كلا".
أجابت بفتور وعصبية ظاهرة أثارت أستغرابه , فشرحت :
" أظن أنك على صواب في أنني أجهد نفسي , أنا متعبة قليلا , هذا كل شيء".
" هل حقا هذا كل شيء , ألا أستحق ثقتك يا فانيسا؟".
" ليس من شيء أخفيه".
ثم غيّرت الموضوع وسألته:
" هل سنعمل معا هذا المساء؟".
" لا حاجة لذلك , فعلت ما هو كاف لكلينا".
في المساء كانت فانيسا تستعد للسهرة الحافلة في القصر , كانت أحضرت معها ثوبين للسهرة الى رالينغز , أحدهما أشترته في اليوم الذي سبق سفرها , أعجبها جدا على الواجهة , قررت أن ترتديه للحفلة , الفستان مصنوع من الصوف الأسود الناعم مقطّع في شكل ملائم جدا على جسدها النحيل , الياقة عالية لكن مفتوحة على شكل سبعة من الأمام , لم ترتد مجوهرات , فقط سوارا ذهبيا أثريا , ربما من عصر النهضة ,هدية من جدها في عيد ميلادها الماي.
أي شك في حسن أختيارها للفستان تبدّد مع صفير الأعجاب من جيرارد الذي حيّها على أعلى السلالم بعدما توقف ليشعل سيكارة , قال:
" هل سبق أن أخبرك أحد أنك رائعة الجمال؟".
" أن لم يفعلوا ذلك قبلك , فأنت تعوّض عن كل النسيان".
أقترب منها وأحاط كتفيها بذراعه وقال بحميمية وصدق:
" شكرا فانيسا لأنك لم تجعلي أحدا يعرف ما عرفته تلك الليلة , أنت طيبة جدا , وتحفظين الأسرار".
جعل رأسه يقترب منها ويطبع قبلة على خدها , قبلت تصرفه وأعتبرته عربون صداقة ولكنها أنزعجت لفكرة أنها طرف ثالث في مؤامرة خداع لبرانت.
الضيوف لم يحضروا بعد , والدعوة كانت أبتداء من الثامنة , وكانت السيدة ترنر في غرفة الجلوس تبدو جذابة في ثوب حريري أخضر اللون.
" فانيسا ,تبدين جميلة جدا بهذا الفستان".
قالت نورا وهي ترى فانيسا وجيرارد يدخلان معا , وأضافت:
" يبدو وكأنه فصّل خصيصا لك".
سأل جيراد مازحا:
" وماذا عني أنا؟ كيف أبدو؟".
صوت برانت وصلهم قبله أذ قال:
" جاذبيتك لا تقاوم".
وألتفتت فانيسا لترى الوجه الأسمر والجسم الممشوق في بزة سوداء وقميص بيضاء , بدا شديد الجاذبية , عندما ألتقت أعينهما شعرت ببرود الثلج في زرقة عينيه وأدركت فورا بب النظرة القاسية , لا بد أنه شاهد جيرارد يقبّلها على السلالم , وهو يراقبهما من بعيد , ويعتقد أنها هي التي أفسحت في المجال لجيرارد لتقبيلها , سكرتيرته المغناج على السلالم مع أبن عمته في الوقت الذي يمكن أن يطل الضيوف ويروهما معا , هكذا فكرت , فلا عجب أن بدا باردا وقاسيا , وماذا يمكن أن يفسر ما رآه غير ذلك؟
رنين جرس الباب وقدوم الضيوف أنقذها.
مويا بدت ملأى بالحيوية في ثوبها الأحمر , والدها مميز في آخر الخمسين من عمره , القسيس وزوجته من عائلة ويلاسي زوجان رائعان في منتصف العمر , وزوجان من عائلة رامسون في سن برانت تقريبا , الزوج قصير ممتلىء الجسم وصريح اللسان , والزوجة برندا جميلة ولكن مبالغة في الزينة وتبدو فارغة من الداخل.
أخيرا جاء شاب جلس الى جانب مويا وأسمه لم يكن في الأساس على لائحة المدعوين , كان في سن جيرارد , يحمل خليطا من الملاحة والبشاعة في وجه تعتبره بعض النساء جذابا ,شعره بني مجعد ويبدو أنه أمضى وقتا طويلا يدهنه بزيت تلميع الشعر , قدمه برانت بأسم ديفيد بترسون الواصل حديثا من أميركا , تركه مع مويا يتحدثان وبدا أنها تعرفه جيدا , من المكان حيث جلست فانيسا على طاولة الطعام رأت الشاب يتحدث بأهتمام شديد مع مويا وينظر اليها بأعجاب وأهتمامه منصب على ما تقول. وبدا لفانيسا أن الشاب معجب جدا بمويا ولكن لا يملك الخبرة الأساسية في أخفاء هذا الأعجاب من تصرفاته المكشوفة , وبدا أن مويا تعبت منه وراحت تهتم بشخص آخر قربها , وعندما يئس ديفيد من المنافسة راح يحملق في الأواني أمامه.
بعد العشاء هبّ الجميع الى غرفة الجلوس لتناول القهوة , موزعين على المقاعد والأرائك , كلهم أصدقاء قدامى وعندهم الكثير يتحدثون عنه , برانت كان في زاوية يتحدث مع السيدة ويلاسي التي كانت تستفيد من الفرصة لتسأل معونة مالية لمشروع ما , سمعتها فانيسا تقول:
" أن المشروع مهم جدا , هو للأطفال طبعا ولكننا جميعا نتمتع به , سيكون رائعا أن تقدم الهدايا أنت هذه السنة يا برانت , لا أستطيع أن أطلب من نورا أن تفعل ذلك مرة ثانية".
لم تستطع فانيسا أن تسمع أجابة برانت ,ولكن وجدت نفسها تبتسم للفكرة وأذ بوالد مويا , برنارد هانسن يبادلها الأبتسام ويقترب منها حاملا فنجان القهوة , جلس الى جانبها وقال:
" هل تعرفين , أنك لا تبدين أطلاقا مطابقة للفكرة في رأسي عن خبراء التحف؟".
ضحكت قائلة:
" أنا أمامي الكثير لأكون خبيرة".
" برانت لا يظن ذلك , قبل أيام قال أنه يستطيع أن يرمي نصف كتب المراجع طيلة وجودك في القصر , لأن الكتب تجمع الغبار ليس ألا ".
" أرجو أن لا يفعل! أن لذاكرتي حدودا".
ثم غيّرت الموضوع سائلة :
" أظن عندك مؤسسة في شيسفيلد؟".
" بالحقيقة , جزء من مؤسسة , أنا المدير الأداري في مصنع حديد وصلب".
" أنل لم أر عمال حديد من قبل".
" يجب أن تري ذلك ,سأطلب من برانت أن يحضرك وسأتجول معك في المصنع , وأعدك أن تكون زيارة مثيرة".
أبتسمت فانيسا للدعوة غير المتوقعة , وشكرته متمنية أن لا يعتقد أنها تعمدت ما قالته من أجل الحصول على الدعوة , رشفت القهوة من فنجانها وراحت نظراتها تجول في الغرفة لتتوقف عند مويا التي أخذت برانت من السيدة ويلاسي , وراحا يتحدثان قرب النافذة , وبدت مويا منطلقة في الحوار وبرانت يضحك من قبله.
شعرت فانيسا بضيق وبلعت ريقها.
" شيء ما يبدو أنه يسلي الأثنين".
قال السيد هانسن , وأضاف في خفة:
" هما يشتركان في حسن الفكاهة ,سمعت أن مويا تجرك للذهاب الى ركوب الخيل معا!".
قالت:
" لم أكن بحاجة الى ضغط كبير لأذهب , عندك أبنة ظريفة يا سيد هانسن".
" نعم ,هي كذلك , صحيح أنها دلوعة ولكنني أنا المسؤول , فأنا لم أتمكن من حرمانها أي شيء , هي قرة عيني منذ وفاة زوجتي , ولكنها أصبحت من حصة برانت , فمنذ أن زارت هذا القصر كطفلة وهي تعتبره بمثابة بيتها".
" هل أنتما من أبناء المنطقة منذ زمن بعيد؟".
" أن عائلتي , عاشت في هذه المنطقة , قبل ثمانين سنة , أن مويا ليست أبنتي , تبنيتها وهي في السن الرابعة , وللأسف ماتت زوجتي قبل بضع سنوات وكان لمويا مربيات طبعا ولكن ليس من بديل لحنان الأم".
هنا كانت وصلت السيدة ويلاسي لتقطع حوارهما , وقالت:
" آنسة بيدج , أرغب في الحديث معك".
وجلست الى جانبها فقام السيد هانسن وقال مازحا :
" أنا أرى عندها رغبة في تجنيدك لقضية , سأتركك لرحمتها يا فانيسا , وأوصيك أن تكوني قاسية".
أبتسمت السيدة ويلاسي وقالت له:
" لا تعتقد أنك نجوت مني , أنا أريدك في جوقة الكنيسة".
تركهما وتوجه نحو مجموعة نورا , وقالت ويلاسي :
" أنها جمعية النساء , كنت أفكر لو تستطيعين حضور أحدى جلساتنا لألقاء محاضرة".
" محاضرة ؟ عن ماذا؟".
" عن التحف طبعا , أن سيدات في جمعيتنا يملكن بعض التحف ويرغبن في أن تلقي نظرة عليها وتعطيهن رأيك , ستسرهن نصيحتك".
لم ترغب فانيسا في الذهاب فقالت مدّعية حجة:
" أن وقتي ليس ملكي يا سيدة ويلاسي لأجيبك بنعم , يجب أن أسأل برانت أولا".
" أنا سألته يا عزيزتي , وهو يقول أن الأمر يعود لك".
وجدت فانيسا نفسها مجبرة على القبول فقالت:
" حسنا , متى تريدين أن أحضر ؟ وأين؟".
" هل نقول الأسبوع المقبل ؟ الثلاثاء ؟ نورا ستحضرك معها".
وهذا الترتيب أيضا تكون أعدته سلفا , أن هذه المرأة ملتزمة بمشاريعها والآن فهمت ماذا قصد السيد هانسن عندما نصحها أن تكون قاسية , يبدو أنها مشهورة في التغلب على كل الأعتراضات , أن زوجة القسيس تبدو مأخوذة بكل نشاطات القرية , نظرت فانيسا حولها بحثا عن مهرب من حديث المرأة , وجدت ديفيد وحده جالسا الى البيانو بعيدا عن المجموعة , يطرق على أصابع البيانو نوطات خافتة لا معنى لها.
قطعت فانيسا الحوار مع السيدة ويلاسي وقامت وهي تقول:
" أرى واحدا من دون قهوة".
وذهبت الى ديفيد وقدمت له فنجانا جديدا مع أن فنجانه كان قريبا , وسألته:
" كيف وجدت الولايات المتحدة؟".
" آه , أعجبتني جدا , في البداية كل شيء بدا جميلا , الأبنية , الطرق ,أسلوب الحياة , ولكن في بحثك عن معيشتك تعتادين على ذلك ويصبح كل مكان يشبه الآخر".
أستندت الى البيانو وتابعت الحوار معه:
" أذن رحلتك كانت رحلة عمل".
" نعم . ذهبت مع فريق عمل لدراسة التقنية الأميركية في الأدارة , أنا أشتغل لمؤسسة والد مويا ,هو بالحقيقة سحب الفرصة من آخرين وأعطاني أياها , ربما عن غير حق , لأنني قريب العائلة وأزور المدير الأداري دائما , أهلي وعائلة مويا أصدقاء و.......".
نظر الى حيث مويا وتابع :
" ليست القرابة مفيدة لي في كل حال".
وفكرت أنه لو لم يكن مهتما بالفتاة الأخرى لكان أمضى مع فانيسا وقتا جيدا خلال السهرة.
سألته :
" ماذا كنت تحاول أن تعزف حين جئت اليك ؟ يدت لي وكأنها أغنية من المسرحية الغنائية الجديدة , أظن أغنية : سأكون لك دائما , هل أنا على حق؟".
ضحك ديفيد :
" عندك أذن لاقطة ,كنت أحاول أن أجمع اللحن , هل تعزفين أنت على على البيانو؟".
" قليلا جدا".
وأذ بجيرارد خلفهما يقول :
" أنا أيضا أعزف , نصبح ثلاثة , ماذا لو نؤلف مجموعة؟".
وضع يده على كتف فانيسا وشدّها للجلوس الى جانبه على مقعد البيانو ثم جلس هو كذلك , صاروا ثلاثة على مقعد الواحد , فعلّق على ذلك جيرارد:
" في المرة المقبلة سنطلب مقعدا كبيرا , تعالوا نعزف معا نحن الثلاثة , هل نبدأ؟".
ضرب على البيانو ضربات مبالغة , وأذ بالأصوات خلفهم تتضاءل.
قالت فانيسا موزعة بين الغضب والأبتسام :
" توقف , الجميع ينظرون الينا".
" عظيم! هذا ما أحبه , أن أكون نقطة أنتباه الجميع , ديفيد , الفتاة مترددة , هل نعزف أنا وأنت؟".
" كلا , لا أعزف أمام جمهور".
أجاب ديفيد ببرود وأنسحب من الكرسي وهو يتابع :
" سأتركك تفعل ذلك وحدك".
ولم ترغب فانيسا في الذهاب فقالت مدّعية حجة:
" أن وقتي ليس ملكي يا سيدة ويلاسي لأجيبك بنعم , يجب أن أسأل برانت أولا".
" أنا سألته يا عزيزتي , وهو يقول أن الأمر يعود لك".
وجدت فانيسا نفسها مجبرة على القبول فقالت:
" حسنا , متى تريدين أن أحضر ؟ وأين؟".
" هل نقول الأسبوع المقبل ؟ الثلاثاء ؟ نورا ستحضرك معها".
وهذا الترتيب أيضا تكون أعدته سلفا , أن هذه المرأة ملتزمة بمشاريعها والآن فهمت ماذا قصد السيد هانسن عندما نصحها أن تكون قاسية , يبدو أنها مشهورة في التغلب على كل الأعتراضات , أن زوجة القسيس تبدو مأخوذة بكل نشاطات القرية , نظرت فانيسا حولها بحثا عن مهرب من حديث المرأة , وجدت ديفيد وحده جالسا الى البيانو بعيدا عن المجموعة , يطرق على أصابع البيانو نوطات خافتة لا معنى لها.
قطعت فانيسا الحوار مع السيدة ويلاسي وقامت وهي تقول:
" أرى واحدا من دون قهوة".
وذهبت الى ديفيد وقدمت له فنجانا جديدا مع أن فنجانه كان قريبا , وسألته:
" كيف وجدت الولايات المتحدة؟".
" آه , أعجبتني جدا , في البداية كل شيء بدا جميلا , الأبنية , الطرق ,أسلوب الحياة , ولكن في بحثك عن معيشتك تعتادين على ذلك ويصبح كل مكان يشبه الآخر".
أستندت الى البيانو وتابعت الحوار معه:
" أذن رحلتك كانت رحلة عمل".
" نعم . ذهبت مع فريق عمل لدراسة التقنية الأميركية في الأدارة , أنا أشتغل لمؤسسة والد مويا ,هو بالحقيقة سحب الفرصة من آخرين وأعطاني أياها , ربما عن غير حق , لأنني قريب العائلة وأزور المدير الأداري دائما , أهلي وعائلة مويا أصدقاء و.......".
نظر الى حيث مويا وتابع :
" ليست القرابة مفيدة لي في كل حال".
وفكرت أنه لو لم يكن مهتما بالفتاة الأخرى لكان أمضى مع فانيسا وقتا جيدا خلال السهرة.
سألته :
" ماذا كنت تحاول أن تعزف حين جئت اليك ؟ يدت لي وكأنها أغنية من المسرحية الغنائية الجديدة , أظن أغنية : سأكون لك دائما , هل أنا على حق؟".
ضحك ديفيد :
" عندك أذن لاقطة ,كنت أحاول أن أجمع اللحن , هل تعزفين أنت على على البيانو؟".
" قليلا جدا".
وأذ بجيرارد خلفهما يقول :
" أنا أيضا أعزف , نصبح ثلاثة , ماذا لو نؤلف مجموعة؟".
وضع يده على كتف فانيسا وشدّها للجلوس الى جانبه على مقعد البيانو ثم جلس هو كذلك , صاروا ثلاثة على مقعد الواحد , فعلّق على ذلك جيرارد:
" في المرة المقبلة سنطلب مقعدا كبيرا , تعالوا نعزف معا نحن الثلاثة , هل نبدأ؟".
ضرب على البيانو ضربات مبالغة , وأذ بالأصوات خلفهم تتضاءل.
قالت فانيسا موزعة بين الغضب والأبتسام :
" توقف , الجميع ينظرون الينا".
" عظيم! هذا ما أحبه , أن أكون نقطة أنتباه الجميع , ديفيد , الفتاة مترددة , هل نعزف أنا وأنت؟".
" كلا , لا أعزف أمام جمهور".
أجاب ديفيد ببرود وأنسحب من الكرسي وهو يتابع :
" سأتركك تفعل ذلك وحدك"
حاولت فانيسا أن تلحقه ولكن شدها جيرارد من يدها قائلا:
" تعالي يا فانيسا , أتركيه وشأنه ".
وعندما أبدت أنزعاجا , قال :
" حسنا يا جبانة , سأنقذ المشهد".
وأنطلق في العزف , فوجئت فانيسا أن عرفه مقبول , هو أختار الأغنية التي كان يحاول ديفيد أن يعزفها قبل أن يلتحق بهم , حيث كانت فانيسا , لم تستطع رؤية وجه نورا مع السيد هانسن على المقاعد الكبيرة , وجهها كان خاليا من التعابير , فانيسا لم ترى برانت , ولم ترغب كثيرا أن تعرف أين هو ,تمنت لو أن جيرارد لم يختر هذه الليلة ليلعب دور الأبله , على الأقل أن لا يحرجها معه , فكرت أنه يبالغ أحيانا في تصرفاته.
أنتهى من العزف وصفق الحضور له أكثر مما يستحق .
ولما طلبت منه براندا أن يعزف أغنية ثانية قال :
" أعتذر لا أستطيع أن أنزل عند رغبة الجماهير".
ديفيد بقي طيلة السهرة مع فانيسا , ربما وجد في رفقتها تعويضا عن الفتاة التي خذلته , وقبل أن يغادر المكان مع عائلة رامسون في الحادية عشرة والنصف أقترح لقاء في المدينة في مرة مقبلة,لم تجب فانيسا بتأكيد اللقاء بل تركته مفتوحا لأنها مأخوذة جدا بالعمل , وسرت عندما قبل تبريرها , لم تتحمس لفكرة أن تكون مع رجل يتكلم طيلة السهرة عن فتاة أخرى مهما كان أعجابها هي بمويا .
عائلة ويلاسي أيضا غادرت القصر بعد وقت قصير ,ولكن السيد هانسن وأبنته لم يكونا في عجلة , ملأ برانت فناجين القهوة من جديد وقدم للجميع , ومنهم فانيسا التي لم ينظر اليها وهو يفعل ذلك.
قال برنارد هانسن:
" جاء دورنا , أليس كذلك يا مويا؟".
أجابته مويا وكأنها آتية من بعيد:
" ماذا قلت يا أبي؟".
" جاء دورنا".
" دورنا لماذا؟ لنرحل؟".
" كلا بل لنحيي حفلة عشاء في البيت , ماذا لو أنها بعد خمسة عشر يوما من الآن؟".
قالت نورا :
" سأسجلها في المفكرة".
ونظر برنارد الى حيث جلست فانيسا صامتة قرب المدفأة وقال:
" أنت أيضا مدعوة يا عزيزتي , ربما تستطيعين أن تحثي جيرارد على العزف كما فعل الليلة , لم أ‘لم من قبل أنك تعزف جيدا يا جيرارد".
وغادر السيد هانسن وأبنته المكان بعد نصف ساعة من منتصف الليل , ورافقهما برانت الى الخارج.
تثاءب جيرارد قائلا:
" أنا الى السرير الآن , شكرا لله أن غدا السبت , أعني أبتدأ منذ قليل".
" كلا لن تذهب قبل أن أقول ما أريد قوله لكليكما".
قالت نورا بغضب بارد , بدا نموذجا من عائلة مالوري المتسلطة , وأضافت:
" يا جيرارد , متى ستتوقف عن التصرف مثل ولد طائش ومتى ستبدأ بالنضوج؟ عزفك السخيف للفت الأنتباه ليس ما يجب توقعه من شاب في الخامسة والعشرين ".
ثم نظرت الى فانيسا وقالت :
" وأنت يا فانيسا , أستغرب كيف شجعته على ذلك".
" أتركي فانيسا خارج الموضوع".
قال أبنها فاقدا فجأة أعصابه.
" أذا كنت تعتقدين أنها شجعتني فأنت لا تعرفينها جيدا , وأذا كنت تسعين الى مشاداة عائلية , فأنا المقصود هنا ولا أرى من الملائم أن تشملي فانيسا معنا".
لمعت عينا نورا الزرقاوان وقالت :
" لا تتحدث معي هكذا , أنا لا أقبل من أحد أن يتحدث معي بهذه اللهجة , خصوصا أبني!".
وقفت فانيسا وهي ترتجف وقالت:
" سأذهب".
سارت حتى وصلت الى الباب لتقف مع دخول برانت , فهم ماذا جرى من رؤية وجهها الأبيض ووجهي الآخرين , بدا هو الآخر قاسيا , تنحى قليلا وفسح في المجال لمرور فانيسا.
وعندما أصبحت خارج الغرفة , ركضت نحو الطبقة الثانية ولم تتوقف الا في غرفتها وهي دامعة العينين.


miya orasini غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-08-16, 06:40 PM   #129

miya orasini

نجم روايتي ومشرفة سابقة وعضوة فريق الكتابة للروايات الرومانسية

alkap ~
 
الصورة الرمزية miya orasini

? العضوٌ??? » 244480
?  التسِجيلٌ » May 2012
? مشَارَ?اتْي » 7,329
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » miya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك carton
افتراضي

10- الوقت يشفي الجراح:

" صباح اليوم التالي غادر جيرارد القصر باكرا من دون أن يتناول طعام الفطور , بانيت , الذي رآه يخرج لم يعرف موعد عودته ,غيابه خيم صمتا على الفطور الذي شارك فيه برانت ونورا وفانيسا .
بعد الفطور قالت نورا لفانيسا على أنفراد:
" أنا أعتذر لما قلته لك الليلة الماضية , كان يجب أن أعلم أنك لست من النوع الذي يدخل طرفا في عمل صبياني , أرجو أن تنسي ما حدث".
فانيسا تجاوبت طبعا , لم يكن في طبعها حمل أي ضغينة , أبتسمت للمرأة وبلباقة غيرت الموضوع وقالت:
" السيدة ويلاسي حجزتني لأجتماع الجمعية النسائية الثلاثاءالمقبل ,أرجو أن لا أظهر في مظهر الجاهلة".
" أنت شاطرة جدا يا فانيسا وأنا واثقة من قدرتك على التصرف".
وأفترقت المرأتان , ذهبت نورا الى غرفة المكتبة , وفانيسا الى غرفة المكتب , نقرت على الباب بتردد , تعلم أن برانت في الداخل , كان صامتا خلال الفطور وتساءلت أن كان ما يزال غاضبا منها , مجرد الفكرة أن يكون رآها وجيرارد يقبلها جعلها تشعر بالذنب على رغم براءتها.
" أدخلي".
قال لها , فشعرت بأنقباض في قلبها , كان جالسا الى المكتب يقرأ بعض الرسائل التي وضعتها له على مكتبه في اليوم الفائت.
سألته:
" هل تريد أن نعمل معا هذا الصباح؟".
فكر قليلا من دون كثير أهتمام وقال:
" نستطيع أن نصنّف المتحف الطويل في الطبقة الثانية , أقترح أن أغير الترتيب قليلا".
أذن لن يذكر ما حصل بالأمس , فكرت بأرتياح وأقفلت الباب وجلست الى مكتبها .
قالت:
" سأحضر بعض الأوراق ولائحة اللوحات".
تعجب برانت وقال:
"لم أكن أعلم أن ثمة لائحة باللوحات ".
" أعددت واحدة الأسبوع الماضي , أذ أنك قلت مرة أنك تفكر بأجراء بعض التعديلات".
" ألا يغيب عن بالك شيء؟".
ثم أضاف بنبرة جديدة:
"هل تفهرسين الناس حسب أصنافهم ومن ثم تنظرين اليهم على أساس هذه الفهرسة؟".
أجابت ببطء:
" لا أظن أنني أفهم".
" كيف لا تفهمين؟".
وأضاف ساخرا:
" خذي مثلا ليلة أمس , في لحظة كنت تلعبين دور المهرج مع جيرارد , وفي لحظة ثانية كنت تنظرين الى ديفيد وكأنه الرجل الفريد في العالم وتجعلينه يصدق ذلك , أخبريني ,هل يرضي غرورك أن يكون الرجال تحت أقدامك؟".
لم تصدق ما تسمع , فقالت بنبرة منخفضة :
" أنت تقول كلاما غير واقعي , ديفيد كان يخبرني عن رحلته الى أميركا".
" كل ذلك الوقت؟".
" لم أجد أحدا يتحدث اليه".
شعرت بأبتسامته الساخرة فقالت منزعجة:
" ماذا كنت تريدني أن أفعل , أن أـركه جالسا وحده؟".
" كان ذلك أفضل من أن أسمع ملاحظة من أمرأة مثل براندا رامسدان تعلق بأن عندي سكرتيرة تطمح للمستقبل ".
" آه , فهمت الآن , أذن لا يفيد أن نكرت بأنني ما كنت أبحث عن عريس غني".
" أذا كنت كذلك , فأظنك تضيعين وقتك مع ديفيد , فهو يحتاج الى بعض الوقت قبل أن يتمكن من أعتبار نفسه قادرا على الأستقرار , الأشخاص الذين مثل ديفيد يبدأون حياتهم من أسفل السلم ويحتاجون الى وقت طويل قبل أن يصلوا الى ما يصبون اليه في كل حال أنا لا أظن أنك كنت مهتمة بديفيد بل كنت تستعملينه لتثيري جيرارد , أم أنك تنكرين ذلك أيضا؟".
وضعت فانيسا الأوراق جانبا , وفوجئت أن يديها لا ترتجفان , شعرت أنها غريبة عن الكلام الذي يقوله برانت وكأن الموضوع يتناول أمرأة غيرها , وأذ به يقول لها :
" نعم , ماذا تقولين في ذلك؟".
أجابت ببرود:
" هل ينفع نكران ؟ يبدو أنك جعلت كل الأشياء مفهرسة سلفا وجاهزة للقطع".
" أذن أستطيع القول أن جيرارد أضاف جمجمة جديدة وعلقها على خاصرته , هذا هو كل ما تعني له العلاقة مع أمرأة , أنه ليس مغرما بك مستقبلا".
وفكرت فانيسا كم هو بعيد عن الحقيقة وكم هو مخدوع بالظواهر ,ووجدت نفسها تقول:
" حسنا , أنا أعرف ذلك , ألست أنت الذي قلت مرة أن الحب يمكن أن يسبب ألما بقدر ما يسبب سعادة؟".
وغادرت الغرفة بهدوء وصمت.
مر قبل الظهر , وجاء الغداء مزعجا لفانيسا , برانت كان صامتا طيلة الوقت , ونورا أختارت أن تجاهل الأجواء المتوترة , وفضّلت أن تتحدث في مواضيع جانبية .
بعد الظهر تنزهت فانيسا في الحديقة مع الكلب توبر وعادت في موعد الشاي ,وجدت نورا وحدها في غرفة المكتبة ,بادرتها:
"برانت ذهب الى المدينة , يبدو أننا سنمضي الأمسية وحدنا".
صباح الأحد , تناول برانت فطوره باكرا وأنزوى في غرفة المكتب , لم تسأل فانيسا أن كان يريدها للعمل , فكرت أنه أذا كان يريدها يستطيع أن يأتي اليها ويخبرها , أمضت الصباح مع نورا في المكتبة تساعدها في لف خيطان الصوف.
بعد الغداء أرتدت ثياب ركوب الخيل وتوجهت نحو الأسطبل . جورج حياها قائلا:
أعتقدت أنك هجرتنا , نهاية أسبوعين مرا ولم تأتي في جولتك الصباحية".
أعد لها الحصان وقال:
" لا أظن أنك كنت تتجنبين المعلم في جولة على الحصان , أليس كذلك؟".
أجابت :
" فكرت أنه يفضل أن يتجول وحده".
" الأراضي هنا واسعة جدا , وأنت تعرفين ذلك".
وصعدت فانيسا بلباقة على دايس , وقبل أن تستعد للأنطلاق دخل برانت بثياب الفروسية.
قال :
" لا بأس يا جورج , أنا سأعد حصاني , لست مستعجلا ".
تجولت فانيسا وحدها في الحقول , تاركة دايس تختار طريقها وترعى الأعشاب بهدوء , فكرت أن الحياة في رالينغز أصبحت كابوسا , وهي لا تستطيع أن تمضي خمسة أشهر أخرى تحاول تحاول خلالها عبثا أن تخفي حبا قويا نحو برانت , وكذلك لا تستطيع أحتمال فكرة أن برانت يظن خطأ أنها مغرمة بجيرارد , يجب أن ترحل , وفي أقرب وقت ممكن , صحيح أن هناك عقدا بالعمل , ولكنها باتت تعرف برانت جيدا فهو لن يجبرها على تنفيذ القانون أن حسمت له رغبتها في الرحيل , وقررت أن تخبره قرارها خلال الأسبوع الجاري.
عاد سيد رالينغز الى البيت في السادسة والنصف وصعد فورا الى الطبقة الثانية.
وبعد نصف ساعة تقريبا رأته فانيسا , من شق باب المكتبة حيث كانت تقرأ كتابا , ينزل السلالم في ثياب السهرة , راقبته يقف قليلا ويشعل سيكارة ويظهر وجهه الأسمر منيرا , يعيد الولاعة الى جيبه وينظر مباشرة نحو فانيسا , أمتلكها شعور أن الرجل كان يعرف بوجودها هناك وبمراقبتها له , تحرك برانت من الخارج نحو باب المكتبة وسألها:
" هل رأيت عمتي؟".
" لم أرها بعد موعد الشاي , أليست في غرفتها؟".
" لو كانت في غرفتها ما كنت سألت , لا بأس , أرجو أن تخبريها أنني ذهبت عند عائلة ماكستد".
وأضاف بسرعة :
" ليلة سعيدة".
وخرج.
نحو الثامنة , عندما دق ناقوس موعد العشاء , لم تظهر نورا في غرفة المكتبة ولا في غرفة الجلوس ولا في غرفة الطعام , جلست فانيسا وحدها الى طاولة الطعام وهي تستغرب تخلف نورا , أنها دقيقة جدا في مواعيدها ولا تتخلف من دون أعلام مسبق.
سألها باكستر أن كانت ترغب في تناول العشاء , أجابت:
" ننتظر السيدة ترنر".
وبعد عشر دقائق نظرت الى باكستر , فوجدته يشاركها قلقها , قال:
"هل تظنين أنه من المناسب أن يذهب أحد منا الى غرفتها ويرى أن كان شيئا سيئا حصل؟ ليس من عادات السيدة ترنر التأخر".
قامت فانيسا قائلة:
"سأذهب بنفسي اليها , ربما تكون مريضة".
ولكن نورا لم تكن في غرفتها , عادت فانيسا أدراجها وهي قلقة من ما يمكن أن يكون حصل , أن نورا يمكن أن تخرج في زيارة طبعا وتتناول العشاء مع أصدقاء , ولكنها تخبر عن تحركاها , على الأقل تتصل هاتفيا , أنها من النوع الذي الذي يتشدد جدا في هذه المسائل وتطلب من كل أفراد الأسرة الألتزام بهذه العادة , ولكنها اليوم لم تقل شيئا , تذكرت فانيسا أن نورا ذكرت شيئا عن كونها متعبة وتحتاج الى راحة , ولكن السرير في غرفتها لم يكن مستعملا منذ الصباح.
تناولت فانيسا العشاء وحدها و قال باكستر بقلق:
" لا أستطيع أن أفهم , ليس من عاداتها الخروج من دون أن تخبر أحدا , أذكر أنها مرة علقت بالثلج في سيارتها ولم تستطع أن تعود ,مشت ثلاثة أميال لتجد كشك هاتف وتتصل بنا وتخبرنا عن سبب تأخرها ,لا بد أن شيئا سيئا حصل , أنا متأكد من ذلك".
هبت فانيسا من مقعدها قائلة:
" سوف أتصل السيد مالوري".
وجدت رقم عائلة ماكستد في الدليل , أتصلت به , وجاء الجواب :
" السيد مالوري ما يزال يتناول طعام العشاء , هل أستطيع أن أنقل اليه رسالة شفهية ؟".
ترددت فانيسا قليلا , ثم قالت:
"بل أريد التحدث معه شخصيا".
" من نقول له؟".
" فانيسا , سكرتيرته".
مر بعض الوقت قبل أن تسمع صوت برانت على الهاتف:
"فانيسا , ماذا هنالك؟".
شعرت بأهتمامه , ربما يكون فكر أن أمرا معقدا حصل , ماذا تقول له ؟ أن عمته , الأمرأة الناضجة الذكية , لم تعد الى البيت بعد , والساعة لا تتجاوز التاسعة؟".
لاحظ صمتها فقال :
" فانيسا , هل أنت بخير؟".
" نعم ".
وعرضت له الوضع كما هو , وبعد صمت قليل قال:
" هل ذهبت الى المرآب لتتفقدي سيارتها ؟".
شعرت فانيسا أنها بلهاء لأنها لم تفعل ذلك , أعترفت:
" كلا ,لم أفكر بالأمر , طبعا ذلك العمل منطقي وكان يجب أن أقوم به أولا".
وسألها:
" ماذا عن الخدم ؟ هل كلهم لا يعرفون أين هي؟".
مرة ثانية شعرت فانيسا أنها تسرعت بالأتصال به من قبل أن تسأل كل الخدم والعاملين في القصر , ولكنها قالت:
" لم أستجوبهم بعد , باكستر قال أن أحدا لم يبلغه أن السيدة ترنر لن تكون على العشاء , وأنا توقعت أن تخبره أيمي لو كانت تعلم بالأمر".
توقفت قليلا ثم أضافت:
" برانت , أنا أعتذر أن كنت جعلتك تقلق من دون مبرر , كان يجب أن أقوم أولا بكل الأشياء التي قلت عنها؟".
وفوجئت به يقول:
" أنا مسرور لأنك أتصلت بي يا فانيسا و أن تصرف نورا ليس طبيعيا , سأكون في البيت خلال خمس عشرة دقيقة".
ألتقته فانيسا على الباب لتخبره أن سيارة نورا ليست في المرآب وأن أحدا من الخدم لم يرها بعد تناول الشاي , وأن فانيسا كانت صعدت الى الطبقة الثانية بعد موعد الشاي ولم تر نورا منذ ذلك الوقت.
لم يضيع برانت وقته في مراجعة ما قامت به فانيسا , بل أخذها من يدها الى غرفة المكتبة وأصر أن تجلس , قائلا بهدوء:
" الآن , أخبريني , قلت أنك آخر من رآها في موعد الشاي , فكري جيدا , هل قالت أي شيء يمكن أن ينيرنا ؟".
" فكرت بالموضوع كثيرا , كلا يا برانت ,لا أتذكر أي شيء يفيد عن وجودها , قالت أنها متعبة وأنها تحتاج الى راحة , ولكن هذا كل شيء , أنا تقريبا متأكدة من ذلك".
" ماذا تقصدين بكلمة تقريبا؟".
" في الحقيقة أنا لم أكن أنصت اليها , كنت مشتتة الفكر , تعرف كيف أحيانا يتحدث شخص وأنت تستمع اليه وأحيانا تتجاوب معه , ولكن في وقت لاحق لا تستطيع أن تضع صورة حقيقية للمناقشة التي دارت".
قالت ذلك من دون أن ترفع رأسها نحوه , أجاب :
" نعم , أعرف ماذا يعني ذلك".
وأضاف:
" عندما قالت أنها تحتاج الى أن ترتاح هل أضافت شيئا ؟".
" هل يمكن أن يكون مكانا للراحة غير غرفتها؟".
بدا برانت يفكر ثم يقول:
" يمكن أن تكون ذهبت الى.........كلا , لا أظن أنها ستذهب الى هناك , أنها لم تذهب الى البيت الزجاجي منذ وقت طويل".
البيت الزجاجي ؟ أنه بيت صغير من زجاج يطل على مناظر خلابة , تذكرت فانيسا أن نورا تمتمت شيئا عن الجانب الآخر من البحيرة , قالت:
" أنها كانت تقول أن منظرا جميلا للقصر في الجهة الأخرى من البحيرة في مثل هذا الوقت من السنة؟".
ووجدت فانيسا نفسها تقفز وتقول بأصرار:
" أنها هناك , بالطبع أنها هناك".
لم يعارضها برانت , بل قال :
" أن المشي الى هناك بعيد سنذهب في السيارة ونستعمل الممر الفرعي الذي ينتهي في الغابة حيث البيت الزجاجي ".
فرحت فانيسا لأنه لم يستثن ذهابها معه , وخلال لحظات كانا في السيارة ,في الممر الفرعي المليء بالحجارة الصغيرة , بدا أن برانت لا يكترث بالأضرار التي يمكن أن تحدث للسيارة .
بعد نحو ست دقائق أوقف برانت السيارة بين أشجار كثيفة , ونزل من السيارة قائلا :
" أبقي هنا , أن الليلة باردة جدا , وأنت لم تحضري معطفا ".
ومع أن لهجته كانت آمرة ألا أنها تجاهلت لأول مرة أوامره ونزلت من السيارة قائلة:
" سآتي معك , الثوب الذي أرتديه يرد البرد كفاية".
وأشعل برانت بطارية ضوء وسارا معا في الغابة , سمعا صوت أستغاثة :
" أنها نورا".
قال برانت بتأكيد وأرتياح :
" أسرعي , المكان ليس بعيدا ".
البيت الزجاجي من جهة التلة الكثيفة بالأشجار , يطل على القصر من خلف البحيرة , وظهرت نورا على أحدى سلالم البيت ترتجف من البرد والألم.
" شكرا لله! ظننت أنني سأمضي الليلة هنا ,وقعت عن السلالم ,أظن أنني كسرت عظمة الرسغ".
خلع برانت سترته وأحاط بها عمته , وتفحص رجلها .
تمتمت نورا :
" أذن تذكرت ما قلت يا فانيسا , كان ذلك أملي الوحيد الذي أنتظرته , أن يخطر ببالك أنني قد أكون في البيت الزجاجي ".
أبتسمت فانيسا وقالت بأرتياح :
" ما كنت سأعرف ذلك لو لم يذكر الموضوع برانت أولا".
وضع برانت ربطة عنقه حول الرسغ وقال :
" الآن أرجو أن يساعدك ذلك حتى الوصول الى البيت , أنا لا أعتقد أن الرسغ مكسور , ربما ألتواء بسيط".
فقالت نورا متألمة:
" بسيط؟ لو كنت مكاني لما تجرأت على أستعمال هذه الكلمة ".
في البيت ألتقتهم أيمي على الباب بوجه قلق :
" شكرا لله , وجدتماها!".
وفيما برانت يحمل عمته على السلالم راحت أيمي تقول:
" آه يا سيدة ترنر , قلقنا جدا عليك , أنت مصابة بأذى أيضا؟".
ردت نورا :
" توقفي عن ذلك يا أيمي , وأعدي لنا الشاي".
وأضافت ناظرة صوب فانيسا التي توقفت في القاعة .
" تعالي معنا الى الغرفة يا فانيسا ".
وأخيرا في غرفتها الدافئة أستراحت نورا في السرير , وأتصل برانت بالطبيب ثم قال :
" سيكون هنا بعد قليل".
ونظر الى فانيسا مبتسما بدفء جعل قلبها يخفق في شدة , ثم قال لعمته:
" هل تشعرين بتحسن الآن؟".
" سأشعر بتحسن عندما يصبح الشاي في داخلي , أنا في الحقيقة جائعة جدا ".
فقال برانت :
" أيمي تحضر كل شيء بلا شك".
وأضاف:
" فانيسا فهمت منك أنك متعبة , ما الذي جعلك تسيرين كل هذه المسافة؟".
" هل قلت أنني متعبة؟ ربما كنت أترجم أفكاري عليا ".
وأعادت ظهرها الى الوراء مستندة الى الأرائك وقالت:
" لم يكن تعبا جسديا , فقط شعرت أنه كفاني ما عانيت من مرارة الماضي , هل تفهم يا برانت؟".
" نعم , أفهم".
قال ببساطة وحنان.
وبعد طرق على الباب دخلت أيمي بطبق مليء بالطعام والشاي ,وبعد قليل وصل الطبيب ووجد في الرسغ ألتواء قاسيا , ونصحها أن لا تتحرك م سريرها لبضعة أيام.
دعا برانت الطبيب لتناول الشاي في غرفة الجلوس , وغادرت فانيسا غرفة نورا تاركة أيمي تساعد معلمتها في تغيير ثيابها .
بعد قليل نزلت فانيسا الى تحت ,وألتقت ببرانت يودع الطبيب على الباب , ثم يستدير نحوها ويقول:
" أهلا بك , ظننت أنك ستذهبين فورا الى سريرك , كانت ليلة متعبة أليس كذلك؟".
قالت:
"نزلت آخذ حقيبة يدي , نسيتها في غرفة المكتبة".
قال :
" خذيها فيما بعد, تعالي الآن , أنني أحب أن أتحدث معك في غرفة المكتب ".
توبر كان في وضعه المفضل أمام المدفأة , جلست فانيسا على المقعد الكبير وأنحنت تداعب أذني الكلب.
" هل تعلم أننا نسينا شيئا مهما خلال بحثنا عن حل لمشكلة أيجاد عمتك ؟كان يمكن لتوبر أن يقتفي أثرها ".
" أشك في ذلك , أن توبر كلب حراسة عادي , عندما يصبح الأمر أقتفاء آثار , أعتقد أنت وأنا نقوم بعمل أفضل".
ناولها فنجان شاي من أبريق قريب وتناول واحدا هو كذلك .
ثم قال:
" أظن أنك تتساءلين كيفأتتني فكرة البيت الزجاجي مع أن نورا لم تذهب الى هناك منذ زمن بعيد".
فانيسا كانت تساءلت في ذاتها عن سر البيت الزجاجي وكلام نورا عن مرارة الماضي ولم تفهم , قالت:
" ربما تكون شعرت برغبة شديدة في رؤية المناظر الطبيعية".
" كلا , الأمر أكثر من ذلك , في البيت الزجاجي ألتقت أول مرة بغراهام ترنر , وهناك كانت تلتقيه في أستمرار بعدما أمرها والدها أن تمتنع عن رؤيته , أحبت المكان منذ كانت طفلة , وهي عندما عادت الى القصر وسكنت هنا منذ ست سنوات , لم تذهب الى البيت الزجاجي مخافة أن تستعيد آلامها".
كان يقول هذا الكلا م وهو يتوقع سلفا أن فانيسا تعرف كل قصة نورا وزواجها الفاشل , مشلا قليلا في الغرفة صامتا ثم توقف أمام المدفأة محدقا في صورة والدته , ثم قال:
" المرارة تدمر الذات ولا يمكن أن يتعايش معها الأنسان , أنا سعيد لأنها أخيرا تغلبت على هذا الشعور".
لماذا يخبرها ذلك؟ تساءلت فانيسا من دون أن تقدر على نزع عينيها من الوجه الذي ستذكر خطوطه ما حييت .
" الوقت يشفي كل الجراح ".
قالت وهي تفكر بجرحها وأضافت:
" ولكن البعض يحتاج الى وقت أطول من غيرهم , هذا كل شيء ".
أدار وجهه نحوها , شعرت في عينيه تلك الميزة على أختراق الأفكار من دون أن يقدر أحد على أختراق أفكاره ,بدأ يتكلم :
" فانيسا , أود أن ........".
ولكن توقف عند ضجيج باب يقفل في الخارج , ووقع أقدام وصفير :
قالت فانيسا:
" أنه جيرارد".
هز رأسه , هو أيضا أدرك أنه جيرارد , أنهى فنجان الشاي بين يديه ثم قال :
" شكرا لك يا فانيسا على كل شيء فعلته الليلة , لو ترددت وتأخرت في الأتصال بي لكانت نورا تعاني أكثر من األألم ".
نظر الى ساعته وتابع:
" لن أبقيك أكثر , أن الساعة تجاوزت الحادية عشرة".
على الباب توقفت فانيسا وألتفتت الى الرجل الواقف أمام المدفأة وتوبر على قدميه , قالت:
" ليلة سعيدة ".
لاحظت الأرتياح على وجهه عندما أجاب:
" ليلة سعيدة لك أيضا".
وهي تسير الى غرفتها لم تلاحظ جيرارد في أي مكان , فكرت أنه ربما توجه مباشرة الى سريره , لم تتوقع أن يرجع الى البيت بعد الكلمات النابية التي توقعت أن يكون تبادلها مع برانت.
بلغت فانيسا غرفتها وفتحت الباب وأذ بجيرارد في الداخل يستقبلها واقفا:
" وماذا تفعل هنا؟".قالت بأنفعال.
أبتسم جيرارد :
" هل بدأ رأي أهلي يؤثر فيك ؟ فكرت أنك الشخص الوحيد الذي أستطيع أن أعتمد عليه ,ولا يخشى من سمعتي".
قالت:
" أنها سمعتي التي كنت أفكر فيها".
وأضافت:
" كل ما آمله أن لا يكون رآك أحد تدخل غرفتي في مثل هذا الوقت من الليل".
" أعتذر أن أزعجتك يا عزيزتي , لم أفكر في ذلك , أردت فقط أن أتكلم معك في موضوع".
" ألم تستطع ألأنتظار حتى الصباح ".
" ليس من وقت في الصباح للتحدث معك على أنفراد , فأنت دائما مأخوذة".
رأت في وجهه جدية وكآبة , صمتت , فقال:
" هل تريدين مني أن أذهب ؟".
كانت تفضل لو لم يأت , ولكن لم تستطع أن تقول له ذلك , أبتسمت بتردد وقالت:
" الآن بما أنك هنا تستطيع أن تقول ما في داخلك".
أشعل سيكارة ونظر اليها قائلا:
" هل توقعت , يا فانيسا , ألا أعود الى رالينغز؟".
" كلا , أعرف أنك ستعود , أنت قلت لي أول مرة ألتقينا فيها يا جيرارد أنك تعيش هنا لا تستطيع أن تعيش في امستوى ذاته في مكان آخر , لم أفكر أنك ستتخلى عن ذلك بسهولة".
" أنت تقولين الأشياء ببساطة يا عزيزتي ".
" أقولها لأنني أحب أن أقول لك الحقيقة ولأنني لا أظن أنك سطحي مثلما تحب أن تظهر للآخرين , وقبل أن نتابع حديثنا أحب أن أخبرك أن والدتك تعرضت لحادثة".
الأعلان المفاجىء أنعكس أنتفاضة من جيرارد سأل:
" ماذا حدث؟".
" لا بأس ,ليس الأمر خطيرا".
أخبرته بالقصة بكاملها , شعرت بأهتمامه وقلقه وأذن هو يهتم بأمر والدته .
" هل تعتقدين أن الوقت متأخر لأذهب أليها وأراها؟".
" أتوقع أن تكون نائمة , كانت متعبة جدا , لماذا لا نزورها في الصباح قبل الفطور ؟ ستفرح لرؤيتك".
" نعم , سأفعل".
ولم يحاول أن يغادر الغرفة بل أراد أن يتحدث في الموضوع الذي جاء من أجله وبدأ :
" فانيسا , أريد أن آخذ رأيك في.......".
ولم يتمكن من المتابعة , أذ أمام الباب المفتوح ظهر برانت وفي يده حقيبة يد فانيسا!


miya orasini غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-08-16, 06:41 PM   #130

miya orasini

نجم روايتي ومشرفة سابقة وعضوة فريق الكتابة للروايات الرومانسية

alkap ~
 
الصورة الرمزية miya orasini

? العضوٌ??? » 244480
?  التسِجيلٌ » May 2012
? مشَارَ?اتْي » 7,329
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » miya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond reputemiya orasini has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك carton
افتراضي

11- أهلا بك في بيتك !

برانت كان الأول في قطع الصمت :
" هل أنتما معتادان على هذه اللقاءات؟".
قال ذلك بنبرة قاسية ولم يدع المجال لأحد في الأجابة أذ تابع:
" جيرارد , أنا الآن كنت عند والدتك , هي صاحية وترغب في رؤيتك".
تردّد الشاب الأصغر ثم قال:
" برانت......".
ولكن فانيسا قاطعته :
" لا تقل شيئا جيرارد, أذهب لرؤية أمك".
نظر اليها نظرة شخص يعتذر للموقف الذي وضعها فيه ,ولكن أطاعها وخرج من الغرفة مارا قرب أبن خاله من دون أن يقول شيئا.
بقي برانت واقفا في مكانه بأزدراء وقال :
" سألت أذا كنتما معتادين على هذه اللقاءات؟".
فأجابته وهي تسعى أن تضع كامل الموقف في أطاره الصحيح :
"ألا ترى أن كلمة لقاءات تقليدية جدا؟".
" ربما , ولكن أستعملها لأنني رجل أحمل قيم التقاليد بمعناها الأخلاقي , وظننت لفترة أنك تشاركيني هذه القيم , أنا كنت دائما أحسب نفسي قادرا على تبين صفات الناس ولكن معك كنت بعيدا جدا عن الحقيقة".
حدقت فيه وشعرت أنها تكره جبروته وقدرته على جرح الآخرين وتكره جعل حبها له يبدو من دون أمل , قالت :
" ألا لاتحمل الأشياء أكثر مما تحمل . لم تحصل هذه اللقاءات من قبل , ولن تحصل في المستقبل".
" من الأفضل أن لا تحصل".
قال ذلك ببرودتام تاركا حقيبة يدها على الطاولة قرب الباب , وذهب .
نورا رفضت في اليوم التالي أن تبقى في سريرها , وهددت أن تسير وحدها أن لم يساعدها أحد , حملها برانت الى المكتبة بعد الفطور ووضعها على مقعد مريح قرب المدفأة قبل أن يغادر المكان مع جيرارد الى المقلع.
فانيسا شربت مع نورا القهوة التي حملتها أيمي المرحة لأول مرة , أذ يبدو أنها نسيت شعورها العدائي نحو السكرتيرة الجديدة, فراحت تبتسم وتجعل الأجواء رطبة .
" تبدين متعبة".
قالت نورا لفانيسا عندما أصبحتا وحدهما في الغرفة وأضافت:
" علمت أن عراكا كلاميا جرى بينك وبين برانت الليلة الماضية ".
" بالكاد يمكن تسمية ما حصل عراكا , لا يمكن أن أتعارك مع أبن شقيقك , أن الشخص معه يسمع ويقبل ما يقول من دون مناقشة".
وحاولت أن تبتسم وهي تضيف:
" لم يكن الأمر مهما , ول أظن أن مضاعفات ستنتج عن ذلك".
" جيرارد أخبرني ماذا حصل , لا تحكمي على برانت بقسوة , عنده لسان جارح عندما يغضب , أعرف ذلك , ولكنه لا يعني ما يقوله".
" ومن منّا لا يغضب".
قالت مويا وهي تدخل الغرفة وتلتقط العبارة من آخرها , جلست على أحد المقاعد وسألت:
" كيف حال الجريحة ؟برانت أتصل بنا وأخبرنا ماذا حصل , كنت أريد أن أحضر معه الليلة الماضية لكنه لم يقبل".
ثم نظرت الى الطاولة حيث القهوة وسألت:
" هل في الأبريق قهوة ؟ أنا أتحرق لفنجان".
ردت نورا على سؤالها الأول :
" أن الجريحة تتحسن , شكرا , وأعتقد أن برانت فعل المناسب بعدم قبوله أن تزعجي نفسك بالأمس , وأظن أن أيمي توقعت حضورك فضاعفت كمية القهوة".
ضحكت مويا وقامت تصب لنفسها فنجان قهوة , بدت جميلة جدا بثوبها الأزرق وشعرها الأشقر ,وقالت:
" أنا دعوت نفسي الى العشاء , رأيت أيمي في طريقي الى الغرفة, وبلغتها ذلك , ووالدي سيأتي ليراك بعد الظهر".
فردت نورا:
" هل سيحضر حقا ؟ أذن سيكون عندنا الكثير لنتحدث عنه".
وبعدما أنهت فانيسا فنجانها قالت :
" يجب أن أذهب الى العمل , أظن أن الرزمة الثانية من البريد وصلت وأنا لم أنته من الأولى بعد".
في مكتبها راحت تراجع البريد , وجدت رسالة خاصة لبرانت , وضعتها على مكتبه بحيث يتمكن من ملاحظتها عند وصوله , وتابعت عملها مغلقة ذهنها عن أي شيء آخر غير العمل.
جو الغداء كان مرحا , برانت لم يكن موجودا , ونورا أختارت أن تتناول طعامها في المكتبة , وجيرارد لم يكن منزعجا أطلاقا من أن يكون يكون محاطا بأجمل فتاتين على الأرض يسليهما .
لم تستطع فانيسا , مستمعت الى الأثنين يتكلمان ويضحكان , ألا أن تفكر أنهما يلائمان بعضهما جدا , وكلاهما على الموجة ذاتها , يملكان الحماس ذاته للعيش , ومن جهة ثانية لم تستطع أن تتخيل مويا متزوجة من برانت , تقاسمه ذوقه في الموسيقى والقراءة والمسرح ,أو هو يعطي أذنيه وعينيه للموسيقى الصاخبة وللرسوم التجريدية.
جيرارد غادر البيت الى المقلع نحو الثانية , رافقته مويا حتى الباب ثم دخلت غرفة المكتب تراقب فانيسا تعمل وتحادثها في خفة , وفجأة قالت:
" أنت تعرفين عن علاقتنا أنا وجيرارد , أليس كذلك؟".
ثم أضافت من دون أن تتعمد أزعاج فانيسا :
" وتظنين أننا مخادعان أليس كذلك؟".
" في الحقيقة , الموضةع كله لا يعنيني , ولكن بما أنك تسألين سأخبرك: نعم أنا أظن أنكما مخادعان , ألا ترين أنه من المناسب أن تخبري برانت عن ذلك قبل أن يعرف بنفسه من مصادر أخرى؟".
أبدت مويا أمتعاضا وقالت:
" أذا علم فليعمل , هذا كل شيء , ربما يتضايق في البداية ولكن سيتغلب على ضيقه فيما بعد".
" هل تغامرين في جرحه من أجل نزوة عابرة؟".
وأذا بوجه مويا يأخذ شكلا جديدا:
" الآمر ليس نزوة عابرة , أن غير المتوقع حصل وأنا وقعت في حب رجل , لا يقبل برانت ولا يريد أن يرى فيه خيرا , هم يعتقدون جيرارد يشبه والده ويتصرف مثله , ولكنه ليس كذلك أذا عرفته جيدا , طبعا أعرف أن عينيه تلعبان هنا وهناك ولكنه صادق وصريح ليظهر ذلك ولا يخفيه مثل كثيرين أعرفهم , في كل حال هي ليست مشكلة لأني أعرف كيف أمسك زمام الأمور".
أذا مويا لم تكن تستعمل جيرارد مثلما كان هو يعتقد , ولكن أن كانت تحبه جدا فلماذا هو لا يعرف ذلك؟ سألتها:
"كيف تمسكين زمام الأمور؟".
" الأمر بسيط , هو ليس واثقا من حبي – ولن يكون واثقا أبدا حتى عندما نتزوج".
حملقت فيها فانيسا وقالت:
" هل تنون الزواج منه ؟".
" طبعا أنوي الزواج , ربما سأنتظر بعض الوقت , ولكنني سأصل به الى هذه النهاية , وسنواجه الجميع بالأمر الواقع , ربما لن يكون زواجا يحلم به والدي ولكن كل الأحتفالات الرسمية للزواج قد تجعل جيرارد يهرب كالأرنب الخائف".
ولاحظت أستغراب فانيسا التي قالت:
" ولكنك بالطبع لن تستطيعي أن تحتفظي بالسر سنة أضافية , أن كنت تنوين الزواج من جيرارد , أليس من العدل أن تخبري برانت الآن , وتحميه من جرح أكبر في المستقبل؟".
" أنت تركزين كثيرا على قضية جرح برانت , أنا لن أخبره , لأنني أن فعلت , سيجعل الأمور هو وأبي صعبة جدا أمامنا , ولا أريد أن يتعب جيرارد في التحدي ويقول في النهاية أن الأمر لا يستحق كل هذا العناد , لأفترض أن أبي وبرانت سيجرحان , ولكن صدقيني أنني أعرفهما جيدا , وطريقتي هي الوحيدة التي توصلني الى الزواج من جيرارد , من بعدها يقبلان بالأمر الواقع كما هو , فيفعلان الكثير من أجل سعادتي , ربما أكون أنانية , فأنا لست من الأشخاص الذين يضحون بأنفسهم , أريد جيرارد وسآخذه , أعرف أنني سأجعله سعيدا , وهذا كل ما يهمني".
" ولكنك قبل مدة قلت لي أنك تحبين برانت , لا بد أنك تحملين له بعض العاطفة , أنت مدينة له بالحقيقة يا مويا ولا يمكنك أن تجعليه يستمر في تصديق موضوع الزواج منك".
وقبل أن تتمكن مويا من الأجابة ,فتح الباب ودخل الرجل الذي كانتا تتحدثان عنه.
حملقت فانيسا بالرجل الطويل أمامها , وجهها ممتقع وتتساءل في نفسها أذا كان سمع شيئا , ولم تجرؤ النظر الى مويا وأنتابها شعور أن مويا أكتشفت ما تحمله فانيسا من عاطفة لبرانت , ولم تهتم و كل ما تمنته أن يكون برانت جاهلا للمناقشة التي دارت بينهما.
نظر برانت اليهما ولاحظ أرتباكهما , أغلق الباب خلفه وسأل:
" هل قطعت مجرى حديث أو مشادة بينكما؟".
ولم تجبه أي منهما فقال:
" أحتفظا بأسراركما , لا بأس في ذلك".
وجدت فانيسل نفسها تقول بتردد:
" كنا .......كنا لا نتوقع عودتك باكرا".
فأجاب:
" كلا , ولا أنا كنت أتوقع توقعكم لي".
وجلس الى مكتبه يراجع الأوراق أمامه ثم تناول الرسالة التي وضعتها فانيسا على مكتبه.
مويا تحركت منزعجة وقالت لفانيسا :
" أحب أن أتكلم معك على أنفراد".
ونظرت صوب برانت وقالت:
" هل تسمح أن غادرنا الغرفة لدقائق قليلة؟".
كان يقرأ الرسالة بأمعان غاضبا ولما رفع رأسه قال بعينين يتطاير منهما الشرر:
" عليك أن تنتظري يا مويا , أنا أريد التحدث مع فانيسا أولا على أنفراد".
" حسنا , سأنتظر في غرفة الجلوس".
مدّ برانت يده راميا الرسالة الى مكتب فانيسا , وقال :
" هل هذه فكرتك؟".
نظرت اليه من دون أن تفهم وتناولت الرسالة وراحت تقرأ حتى النهاية بأمضاء : المعلمة جانيت بيرسون.
وشعرت بأنهيار نفسي , الرسالة كانت مختصرة ولكن دقيقة جدا وواضحة , أعربت عن قرف وخيبة أمل لضياع الوقت الكامل في تنظيم الزيارة لتلميذاتها الى رالينغز و تقول أنها سألت التلميذات أن يكتبن ما شاهدن , وها هي نسخة مرفقة عما كتبته أحداهن , ولما قرأت فانيسا ما كتبته الفتاة , وجدت نكات جيرارد عن التحف في كل سطر , سأل برانت:
" ما هذا؟".
نظرت اليه بشجاعة وقالت:
" الوقائع صحيحة , جيرارد كان يتصرف بفكاهة ,ولا أظن أن ثمة ضررا لأحد".
أنتفخت عضلات وجهه وعنقه وقال:
" وماذا كان يعمل جيرارد في ذلك اليوم؟ هل نظمت البرنامج معه مسبقا؟".
" نعم".
قالت كاذبة بغضب ومن دون أكتراث.
" طبعا نظمنا ذلك مسبقا".
وسعت عيناه للمفاجأة وقال:
" أنا لست في موضع للسخرية , ربما تجدين الأمر كله مسلياولكن أؤكد لك أنني لا أراه أطلاقا , أنا فخور بتراث عائلة مالوري , هل تظنين أنني سأعامل هذه السخافة بخفة؟".
" كلا , لا أظن ذلك , لا أظن أنك تواجه أي شيء يعمله جيرارد بخفة , أنت تبحث عن جرم تلبسه أياه أنتقاما لوالده الذي أساء معاملة عمتك؟".
كانت تتكلم بغضب ومن دون أكتراث لردود فعله ,عاطفتها المكبوتة طيلة الأسبوع أنفجرت في أتجاه آخر , تابعت تقول:
" لم تعط جيرارد فرصة ولا مرة ليثبت حسناته , أنت قررت منذ البداية أنه لا لا ينفع , وأنت لا يمكن أن تكون على خطأ أبدا! أليس كذلك؟ كم أنت قاض واهم , أنك عادل!".
فجأة شعرت ببرانت قربها يأخذها بين ذراعيه ويعانقها في شدة ويتركها كالبلهاء ويغادر الغرفة.
مر بعض الوقت وفانيسا كالمشدوهة , أخيرا تحركت من الغرفة وسارت ببطء في القاعة الكبرى من دون أن تصادف أحدا , وفي غرفة نومها شعرت أنها في أمان , تحاول أن تستفيق من مفاجأة برانت لها , تحركت نحو الخزانة وسحبت حقيبة الثياب وراحت تملأها بالثياب وبأغراضها الخاصة , قررت أنها لن تستطيع أن تواجه برانت بعد اليوم , هي سببت له فقدان أعصابه وهو لن يسامحا مطلقا.
فكرت أن قطارا في الخامسة يغادر المدينة نحو لندن , المهم أن تغادر القرية الى المدينة في أقصى سرعة , لا بد أن نيفيل سيستقبلها الى أن تجد مكانا خاصا بها.
أغلقت الحقيبة , تناولت معطفها في الخزانة وأرتدته , ساعتها تشير الى الرابعة وخمس دقائق , نظرت الى غرفتها للمرة الأخيرة , وسارت عبر الممرات.
باب غرفة المكتبة مقفل والقاعة صامتة ,لم تر أحدا في طريقها الى الطبقة الأرضية , دفعت الباب الكبير ليغلق خلفها وسارت من دون أن تلتفت الى الوراء , مرة واحدة ألتفتت وهي في آخر منحنى , رأت القصر شاهقا والسماء الملبدة فوقه , مثلما رأته ول مرة , ألا أنها لن تراه بعد اليوم.
كانت بدأت تمطر قليلا عندما وصل الأوتوبيس الى الموقف حيث كانت تنتظر , ركبته وجلست في مقعد أمامي.
" هذه تذكرتك يا آنسة".
قال المعاون ببشاشة , ثم أضاف:
" الطقس أصبح سيئا أليس كذلك؟ أظن أن السماء ستمطر من الآن حتى عيد الميلاد".
حدقت فيه فانيسا بكآبة وتساءلت أين تراها تكون في الميلاد؟ ألتفتت الى الجهة الأخرى لترى نظرات أمرأة تحدق فيها بفضول.
" أنت السكرتيرة الجديدة في القصر الكبير".
قالت النرأة من دون تحفظ وسألت :
" هل أنت في أجازة لبضعة أيام؟".
تردّدت فانيسا ثم هزت رأسها بالأيجاب , تمنت أن تكتفي جارتها بهذا القدر من الكلام , ولكن أملها تضاءل عندما قامت المرأة وجلست في المقعد الى جانبها.
" أنا صديقة للسيدة روجرز , هي قالت لي هذا الصباح أنك ملائمة جدا للعمل في القصر , أن أفراد عائلة مالوري أطوارهم غريبة أليس كذلك؟".
ردت فانيسا بقسوة:
"طلا , ليسوا كذلك".
ووسط ذهولها وجدت الدمع ينساب من عينيها , أستدارت نحو النافذة وأغمضت عينيها بشدة.
"حسنا ".
قالت جارتها وأنسحبت من جانب فانيسا لتعود الى مقعدها السابق مع شعور بالأنهزام.
غرفة الأنتظار في محطة المدينة كانت باردة ورطبة , جلست فانيسا على طرف أحد المقاعد البعيد جدا عن الباب الرئيسي , وتمنت أن يكون قاطع التذاكر على خطأ عندما أخبرها أن ثمة ساعة تأخير , لم تكن ترغب في وقت يجعلها تفكر في تصرفها , كانت تريد فقط أن تصبح داخل القطار وتذهب خارج المنطقة , ربما تقبل عرض نيفيل بالعمل معه في الدكان وربما لا , لم تكن تعرف بعد ماذا ترغب أن تفعل.
ومن دون قصد وجدت نفسها تفكر في ما يمكن أن يكون برانت يفعل في هذه اللحظة غيابها لا يمكن أن يكتشف حتى موعد العشاء , هل يكون نادما على غيابها ؟ أم يهز كتفيه ويلغيها من وجوده مع كامل الشهر الذي مر؟
لاحظت حركة على ممر الباب , وأذ بالشخص الذي يستحوذ على تفكيرها يدلف الى قاعة المحطة:
" أعطني حقيبتك وتعالي معي".
قال برانت جازما.
" كلا".
أعترضت بشدة .
تناول الحقيبة وذراعها وشدها لتقف على قدميها .
" لا تحاربيني يا فانيسا , أذا أقتضى الأمر سأحملك خارجا الى السيارة".
كانت تعلم أنه قادر على تنفيذ تهديده , ففضلت أن تمشي مرفوعة الرأس أمام ناس المحطة , على أن تبلغه في وقت لاحق أصرارها على الرحيل.
وضع حقيبتها في المقعد الخلفي في سيارته السوداء الكبيرة وأجلسها في المقعد الأمامي وجلس هو خلف المقود وأنطلق في صمت في أتجاه القرية , في منتصف الطريق أستدار في طريق فرعية وتوقف الى جانب منحنى مهجور وقال:
" هنا لن يزعجنا أحد".
أطفأ المحرك , أدار رأسه نحوها ثم شد وجهها نحوه لتنظر اليه , وقال:
" فانيسا , قبل أي شيء آخر يجب أن أقولك أنني أحبك وأريدك أن تتزوجيني ".
فوجئت فانيسا ووجدت نفسها جامدة لا تقوى على الرد , حدقت فيه ثم تمتمت:
" لا أظن أنك تقصد ما تقول".
وأضافت :
" ولكن ماذا عن مويا؟".
فقال:
" أذن أنت متوهمة جدا ........يا حبيبتي , أختلطت عليك الأمور , أنا أعرف مويا منذ كانت في الرابعة من عمرها , أشعر نحوها بما يشعر أي أخ نحو شقيقته الصغرى المهضومة ,وليس أكثر من ذلك".
وأذ بفانيسا تتنفس في عمق وتشعر أنها أصبحت في الأطار الصحيح , وقالت:
" لا بد أنني قفزت الى كل الأستنتاجات الخاطئة".
أجابها:
" لا شيء يهم الآن غير معرفتي بأن مويا كانت على صواب عندما أكتشفت رحيلك , فانيسا ,هل صحيح أنك هربت لأنك تحبينني؟".
" نعم".
قالت بصوت خافت وصادق.
مدّ يده نحو وجهها ناظرا البريق في عينيها , معانقا أياها في الشكل الذي طالما حلمت فيه , ثم قال:
" شعرت أنني أحبك منذ ذلك اللقاء الأول في ذلك الفندق عندما قلت لي بغضب أنني عدو للمرأة , أردت طيلة الوقت أن أثبت لك يوما بعد يوم أنك مخطئة لكنك كنت دائما تضعين حدودا بيننا , في تلك الليلة التي حملتك فيها الى الطبقة الثانية كنت مشدودة مثل شريط قوس وأعتقدت في تلك اللحظة أنك لا تطيقين لمسي أياك".
أجابته بنعومة:
" أن توقس الى أن تحملني في الشكل الذب فعلت جعلني أخاف من أن تكتشف حقيقة شعوري نحوك".
" وهل ذلك كان السبب الذي حدا بك أن تجعليني أصدق أنك مغرمة بجيرارد؟".
" آه , بشأن جيرارد , أريد أن أقول لك.......".
" أذا كنت ستهميني في أنني غير عادل , ربما أوافق معك في الوضع الحالي ولكن ليش عندي أي نية في مناقشة أبن عمتي في هذه اللحظة , وأذا كنت مشغولة الفكر على مويا أنسي الأمر , أن مويا تعرف تماما ماذا تريد وماذا تفعل على الرغم من أنني لا أهنئها على أختيارها".
" هل كنت تعلم كل ذلك الوقت ؟".
" قبل قليل من سفرها الى النمسا , لم أقل شيئا لكليهما مخافة ان تكون أية محاولة في التفريق بينهما تزيد من جاذبيته لها".
كانت تبتسم في رقة , أحاط وجهها في يديه وسألها:
ط فانيسا , أنت متأكدة من حبك لي؟ أذ عندما ترتبطين بي لا مجال للعودة عن القرار , لن أدعك ترحلين طالما أنا حي".
ردت في رقة وأصرار:
ط أنا لست متأكدة من شيء في حياتي مثل تأكدي من حبي لك يا برانت ".
عانقها في حنان , ثم قال:
" لنعد الى البيت الآن ".
أدار المحرك وأنطلق بالسيارة من جديد , أمام القصر وقفت فانيسا للحظات تتأمله وتقول:
" كم أحب هذا البيت".
شعرت بذراعيه تحيط كتفيها وأذ به يقول:
" فانيسا , أنني أنا الذي تريدين أليس كذلك ؟ ليس فقط رالينغز؟".
لبرهة شعرت بقوة المحبوبة وتساءلت :
" القصر أم الرجل؟".
ألقت برأسها على كتفه وقالت:
" ولكن الرجل يحيا ويحبني فهل تجوز المقارنة ؟".
حملها بين ذراعيه وقفز بها السلالم , أعترضت ضاحكة وهي تقول :
" برانت لا يمكن أن تحملني هكذا , ماذا سيقول الخدم؟".
توقف قليلا ,نظر اليها وقال:
" سيقولون أن آخر عنقود عائلة مالوري أصطاد أجمل عروس ! أهلا بك في بيتك , فانيسا".


تمت


miya orasini غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:26 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.