آخر 10 مشاركات
جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          220 - همسات - جيسيكا ستيل (الكاتـب : monaaa - )           »          416 - عصفورة النار - هيلين بروكـس (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          347 - ثم عاد الأمس - هيلين بروكس ( تصوير جديد ) (الكاتـب : Dalyia - )           »          عمل غير منتهي (85) للكاتبة : Amy J. Fetzer .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          أكتبُ تاريخي .. أنا انثى ! (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          تسألينني عن المذاق ! (4) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          جئت إلى قلبك لاجئة *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : آمال يسري - )           »          318- وعد... بالزواج - ديبورا هوبر - (م.د)** (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree639Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-11-17, 09:05 PM   #1511

قمر الليالى44

مشرفة اسرة حواءوذات الذوق الانيق وفراشة متألقة،ازياء الحب الذهبي ..طالبة مميزة في دورة الخياطة جزء1وأميرة فستان الأحلام ولؤلؤة بحر الورق وحارسة وكنزسراديب الحكايات و راوي القلوب

alkap ~
 
الصورة الرمزية قمر الليالى44

? العضوٌ??? » 159818
?  التسِجيلٌ » Feb 2011
? مشَارَ?اتْي » 18,208
?  مُ?إني » فى القلب
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » قمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   fanta
?? ??? ~
ياقارئا خطي لاتبكي على موتي فاليوم أنا معك وغداً في التراب فإن عشت فإني معك وإن مت فللذكرى وياماراً على قبري بالأمس كنت معك واليوم في قبري أموت ويبقى كل ماكتبته ذكرى فيا ليت كل من قرأ خطي دعا لي
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


همسة اتخطفت يا ترى مين خطفها؟؟؟؟
وكيف سيتصرف فهد وعماد؟؟؟؟؟
وتين وصدمتها من الشبح مين هو؟؟؟؟
رندا الغبية متى ستدركين انتى تحبين هشام؟؟؟؟
والقفلة الشريرة
ادم خطف سيلين اللى هى ايفا
ماحكايتهما؟؟؟؟؟؟
يسلموووو عالفصل الطويل
وبانتظار القادم


قمر الليالى44 غير متواجد حالياً  
التوقيع





رد مع اقتباس
قديم 07-11-17, 09:43 PM   #1512

شيم الوفآء

? العضوٌ??? » 386413
?  التسِجيلٌ » Nov 2016
? مشَارَ?اتْي » 138
?  نُقآطِيْ » شيم الوفآء is on a distinguished road
افتراضي

ابداااع
سلمت يداك


شيم الوفآء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-11-17, 12:14 AM   #1513

سارة جعفر

? العضوٌ??? » 379909
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 91
?  نُقآطِيْ » سارة جعفر is on a distinguished road
افتراضي السلام عليكم

بالتوفيق دائم
متشوقة للتفاصيا


سارة جعفر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-11-17, 02:17 AM   #1514

زهرورة
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 292265
?  التسِجيلٌ » Mar 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,283
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » زهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مرحبا انا اول مرة اعلق في البداية تابعت الرواية واتشوقت لمعرفة الاحدات بس الاحداث كلها شيقة وتحبس الانفاس مش عارفة ايش احكي بس انتي مبدعة فعلا بالنسبة لانو اول روايه الك عن جد روووعة بس بلييز سرعي الاحداث بدنا نفهم ايش سبب العدواة ومين الصادق ومن الكذاب وايش مخبيه سلمى واحمد اليزيدي فعلا مجرم وايش صار لسؤدد ومراد الحارس الشخصي انا متأكده انه عماد بس متخفي عشان يكون قريب منها وماحدا بيعرفه شخصيا بيعتقدوا انو فهد هو عماد وهاي حيله منه بس مين منذر ده شكله سبب المصايب كلها هي ليلى وزوجها وبدنا نعرف كمان شو راح يصير لريناد وطارق لازم ترجعيها حرام وسالم وشاهين شو سر العداوة بينهم ارحمينا دماغي قلبت مع حبي لك موفقة بإذن الله

زهرورة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-11-17, 08:41 PM   #1515

rontii

مشرفة وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء ومحررة واعدة بعمود الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية rontii

? العضوٌ??? » 289729
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 20,876
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » rontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ﻻ إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
افتراضي

مساء تلورد
مي بتعتذر عن تنزيل الفصل لان النت عندها فاصل و نت الباقة مش مخليها تدخل المنتدى
هتغلق الرواية ل3 ايام للانتباه لاعتذار الكاتبة


rontii غير متواجد حالياً  
التوقيع














رد مع اقتباس
قديم 16-11-17, 08:51 PM   #1516

rontii

مشرفة وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء ومحررة واعدة بعمود الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية rontii

? العضوٌ??? » 289729
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 20,876
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » rontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ﻻ إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
افتراضي


الفصل الثاني و الستون

فتحت (راندا) عينيها ببطء بينما كانت يدها تتحسس الفراش بجوارها لتقطب حاجبيها و تتطايرالنعاس من عينيها دفعة واحدة و نهضت بعنف فوق فراشها و التفتت جانبها ليزداد تقطيبها ... غريب .. كل صباح يطير النعاس من عينيها عندما تفتحهما لتجده إما غارقاً في النوم بجوارها و هو يضمها بين ذراعيه بأريحية تثير جنونها أو تجده راقداً على جانبه و مسنداً ذقنه على على قبضته و يتأملها و هذا يثير جنونها أكثر .. قبل أن يهمس بعمق
_"صباحكِ سكر حبيبتي"
كل ليلة تخلد للنوم و تتأكد من غلق الباب عليها و تتركه ينام على الأريكة في الخارج أو في غرفة الأطفال التي أراها إياها بكل وقاحة في صبيحة زفافهم و هو يخبرها ببساطة أنها ستعجب أطفالهما لا شك .. لم تدر بما صرخت به وقتها لكنه كتم صراخها و هو يحملها على كتفه كالذبيحة و يغادر بها نحو غرفة نومهما ..تلك الغرفة التي استولت عليها في أول ليلة لهما في بيتهما و طردته خارجاً بحجة تبديل ثيابها لتغلق الباب دونه و استيقظت في اليوم التالي لتجد نفسها نائمة بعمق بين ذراعيه و قضت عدة دقائق تحاول استيعاب الوضع و لا كيف تسلل للغرفة التي تأكدت من غلقها بالمفتاح .. هجمت عليه تتهمه بالتحرش بها و التسلل لفراشها ، لتغضبها ضحكاته أكثر و هو يخبرها ببساطة أنه لم يتنازل عن حقه في فراشهما لها .. شجارها معه قاطعه اتصال والديها و بعدها اتصال (سلمى) تسألهما إن كانا سيتناولان الطعام معهم و بالطبع لم تترك الفرصة تضيع .. لن تبقى معه بمفردهما لحظة .. لم تعد تضمنه أو باﻷحرى .. لم تعد تثق بنفسها جواره .. كلما اقترب منها تتنازعها رغبتان .. احداهما أن تهرب بعيداً بعد أن تقتله لاقترابه منها و الأخرى تخيفها إذ تجعلها تتمنى أن تلقي بنفسها بين ذراعيه و تستجيب لذلك النداء المغوي في عينيه .. تباً له .. ستصاب بالجنون بسببه .. و هو .. يبدو مرتاحاً لهذا الوضع .. يتسلى على حسابها و ترى في عينيه فهمه لما يدور داخلها و هذا يرعبها ... لا يجب أن يعرف أبداً احساسها المخزي نحوه .. لا يجب أن تمنحه الفرصة ليعرف كيف تذوب أعماقها لاقترابه و لهمساته و لمساته المختلسة .. في كل صباح تستيقظ لتجده جوارها تخفي هلعها من مشاعرها المرعبة التي تزداد كل يوم فتصرخ عليه و تتشاجر معه هرباً من ذلك الإحساس الذي يخيفها بشدة و تخشى أن تستجيب له في لحظة ضعف .. هزت رأسها بقوة .. لا .. هي لن تضعف .. ستحتمل هذه الفترة و يجب أن تركز على خطتها لتدفعه لطلاقها .. كيف تصيبه بالجنون قبل أن يفعل بها؟ .. كيف تركز على خطتها و قد بات هدفها الجديد حماية نفسها من انجذابها نحوه؟! .. عادت تلتفت نحو الجانب الذي اعتاد النوم فوقه و تساءلت بحيرة .. أين ذهب؟ .. هل استيقظ باكراً أم .. أم أنه لم ينم هنا في الليلة السابقة .. اتسعت عيناها و هي تستوعب شعورها بالضيق و القهر كزوجة قد هجر زوجها فراشها .. اللعنة ما الذي تفكر فيه؟! .. لقد جنت حتماً .. الأحرى أن تسعد ﻷنه أخيراً تراجع عن تصرفاته المزعجة .. لم تشعر بيدها تلتقط وسادته و ترفعها إليها .. قربتها لأنفها و أغمضت عينيها تتنفس عطره العالق بالوسادة ، لتسري رعشة غريبة بجسدها أفاقت بعد لحظات على كونها تحتضن وسادته فشهقت بحدة و ألقتها جانباً و نظرت إليها كأنما تنظر لأفعى سامة و اختلست النظر حولها تخشى أن يكون موجوداً و يكون قد رأى تصرفها الأحمق .. أين هو؟ .. لماذا لم يزعجها قبل أن يغادر حتى ... شعور مزعج بالهجر اعتصر قلبها لتضرب الفراش بحنق و نهضت من مكانها و هي تهمس من يين أسنانها
_"فليذهب للجحيم .. من يهتم؟!"
قلبها لامها لكلماتها لتهتف بحنق أشد
_"اخرس أنت"
بعد أقل من نصف ساعة كانت تغادر شقتها عبر الباب المشترك الذي يفصلها عن الفيلا و نزلت السلم و هي تبحث بعينيها عن زوجها .. لمحت (سلمى) تتجه نحو غرفة المكتبة فأسرعت تهبط الدرجات المتبقية و تتجه خلفها و حين وصلت عند باب الغرفة توقفت فجأة و صوته المرتفع يهتف بغضب
_"حمقى .. لماذا أعتمد عليكم مادمتم تفشلون دائماً؟ .. تباً .. لا أريد أن أسمع أعذار .. ما كان يجب أن تغيب عن أعينكم .. لا تتحجج"
اقتربت تستمع له تحاول فهم ما يجري و سمعته يعنف الرجل بغضب بينما (سلمى) تهمس له أن يهدأ .. لأول مرة تراه غاضباً هكذا .. حتى عندما أغضبته سابقاً لم يبد مخيفاً كالآن .. قطبت بحيرة و اختلست النظر عبر الباب الموارب لتسمع (سلمى) تسأله بقلق بعد أن أغلق الهاتف
_"هل وجدوها؟!"
هتف بضيق
_"لا أمي .. تلك الحمقاء كالعادة تصرفت بتهور و تخلصت من حراستها ... لا أعرف ماذا أفعل معها؟ .. لا فائدة من محاولة وضع بعض العقل في رأسها العنيد ذاك"
همست بخفوت
_"من شابه أباه"
التفت لها بحدة و تساؤل لتقول بتردد
_"لماذا تشاجرتما (هشام)؟"
اتسعت عينا (راندا) بألم و هي تدرك أن (سيلين) هي المعنية بالأمر .. تتذكر بالتأكيد لأنها رأتهما بعينيها .. عادت بذاكرتها إلى ذلك اليوم الذي لمحتهما يتشاجران في الحديقة الخلفية و لم تسمع ما يقولان لكن قلبها ترنح في صدرها و هي ترى (هشام) يرفع يده ليربت على كتفها محاولاً تهدأتها أو مواساتها .. لا تدري .. شهقت بألم حين رفع ذراعيه و اقترب منها برغبة واضحة في ضمها لصدره لكن (سيلين) تراجعت للخلف و هي ترفع كفها في وجهه و شفتاها تتحركان بكلمات لم تسمعها بينما تراخت ذراعا (هشام) و هو ينظر لها بيأس واضح .. سالت دموعها دون أن تشعر و هي تتراجع للخلف و تهرب من مشهد رؤيتهما معاً و الذي شعرت به يحز قلبها دون رحمة .. كيف تناست ما رأته قبل أيام؟! .. كيف؟! ... لقد رحلت (سيلين) بعدها و لكن (هشام) يبدو مهتماً و قلقاً أكثر من السابق .. هزت رأسها تطرد أفكارها و عادت تركز مع حديثهما و تسمعه يقول بعد زفرة طويلة
_"لا شيء امي .. لا تشغلي بالكِ .. تعرفين (سيلين) .. بعض الوقت و ستهدأ"
قاطعهما صوت تنبيه لوصول رسالة على هاتفه ليلتقطه سرعة و قطب و هو يقرأ الرسالة و شتم بحدة و هو يضغط بسرعة شاشة هاتفه و يرفعه إلى أذنه قبل أن يبعده و هو يتمتم بغضب مكتوم فقالت (سلمى) بقلق
_"ماذا حدث بني؟!"
هتف بحدة
_"الهانم .. لا ترد على اتصالاتي منذ الصباح و الآن ترسل لي رسالة تخبرني أنها في المطار و ستسافر لفرنسا و أغلقت هاتفها فوراً حتى لأتصل بها .. تباً"
ربتت على كتفه و قالت برفق
_"لا بأس (هشام) .. هكذا أفضل .. هي هكذا صارت بعيدة عن مصدر الخطـ .."
قطعت جملتها فجأة و هي تلمح (راندا) واقفة عند الباب لترسم ابتسامة سعيدة و تهتف بسرعة دفعت بالشك لقلبها
_"(راندا) ... حبيبتي .. هل استيقظتِ؟ .. (هشام) أخبرني أنكِ سهرت أمس لوقت متأخر و طلب أن لا نزعجكِ"
كيف عرف أنها نامت متأخراً الليلة الماضية ، بعد أن سهرت تحاول أن تنهي مشروع ترجمة يجب تسليمه خلال أيام .. رفعت عينيها نحوه لتجده ينظر نحوها بنفس الدفء المعتاد .. ذلك الرجل يريد اصابتها بالجنون لا شك .. باتت واثقة من هذا .. جاهدت لترسم ابتسامة على شفتيها و تقول بمرح مفتعل و هي تدلف للغرفة
_"استيقظت و وجدت نفسي بمفردي فقلقت .. لقد سمعت صوت (هشام) فأتيت لأطمئن لماذا غادر دون أن يوقظني"
اقتربت لتقف بجواره ليشدها نحوه فجأة ، فكتمت شهقة قوية أمام (سلمى) التي تراقبهما بينما مال هو ليقبل خدها قبلة طويلة جعلت خديها يشتعلان خجلاً و جسدها ارتجف بقوة لتشتمه داخلها لاحراجها أمام والدته و شتمت نفسها لأنها اقتربت منه و هي تدري كم يهوى استغلال الفرص .. سمعت (سلمى) تدعو لهما بحب قبل أن تغادر و هي تخبرهما أن الطعام سيكون جاهزاً ليتناولاه معاً لأن (هشام) فضل انتظارها ليأكلا سوياً ، و لم تكد تغادر حتى التفت نحوه ترمقه بغيظ ليبتسم باستمتاع استبدلته هي بألم عندما غرست كوعها في خصره و قالت بشراسة
_"قلت لك ألف مرة .. لا تستغل الفرص (هشام رضوان)"
تجاهل كلماتها و ضمها نحوه رغم رفضها و مال يقبل خدها من جديد و ابتعد يهمس بحب
_"صباحكِ سكر مولاتي"
كانت واثقة أن دمها كله قد تجمع في خديها لا شك .. بينما تخبط قلبها في صدرها بجنون و شعرت بخلاياها تذوب لغزله بينما يتابع
_"لم أجد الفرصة لأقولها لك هذا الصباح لذا .."
غمز بعينه لتهتف بحنق و قد ذكرها بما يفعله كل صباح و الأسوأ أنه ذكرها أنها غاضبة لأنها اعتقدت أنه لم يتسلل لغرفتها ليلاً و لم ينم جوارها و ما أثار جنونها أكثر شكه أنه غادر باكراً قبل أن تستيقظ بسبب (سيلين) ... لابد أنهم اتصلوا به وقتها لذا غادر دون أن يهتم لها .. لذا وجدت نفسها تهتم فيه بغضب و هي ترفع سبابتها
_"لا تفعل هذا مرة أخرى .. لا في وجود العائلة و لا في غيابهم .. و لا تتسلل لغرفتي مرة أخرى ، مفهوم؟"
قالتها و اندفعت لتغادر لكنه أوقف انصرافها بقبضته التي التفت حول مرفقها و شدها إليه لتجد نفسها ملتصقة بصدره و مخاصرة بين ذراعيه بينما يهمس بحزم
_"ليست غرفتك حبيبتي .. انها غرفتنا .. و لا تتصوري أن صبري و طول بالي و تغاضيّ عن نومكِ بمفردكِ كل ليلة .. ضعفاً مني .. لا تتمادي في أوهامكِ .. أنا أترككِ بارادتي حبيبتي"
همست اسمه بخفوت و هي تحاول التخلص من حصاره ليميل و يهمس في أذنها قائلاً بحرارة
_"لازلت أنتظر تلك اللحظة بكل شغف حبيبتي .. حين ستأتين إلي بنفسك و تعترفين بحبكِ لي و تطلبين حبي بالمقابل"
رفعت إليه عينين فزعتين ليبتسم بعبث و يداعب خصلاتها و يميل ليقبل عنقها برقة حبست أنفاسها و هو يهمس
_"و أنا سأمنحه لكِ بكل سخاء و سأخبركِ مع كل نبضة داخلي مبلغ عشقي لكِ جميلتي"
شهقة خاقتة ترددت عبر شفتيها لتنصب نظراته فوقهما لتتسع عيناها بشدة و تدفعه بكل قوتها و تتراجع للخلف هاتفة بقوة تحاول اقناع نفسها قبل اقناعه
_"احتفظ بحبك لنفسك سيد (هشام) .. لا أحتاجه و لن أطلبه أبداً ، هل تفهم؟"
ابتسامة عابثة و هزة كتف هي كل ما حصلت عليه من رد لتندفع مغادرة الغرفة كأنما تطاردها الأشباح .. ماذا يريد منها هذا الرجل؟ .. لماذا يعبث بها بينما يهتم لامرأة أخرى؟ .. هل يعقل أن يحب امرأتان في وقت واحد؟ .. كيف؟ .. لكنه أخبرها أنها المرأة الوحيدة التي يحبها و لا يرى سواها .. تباً له .. لماذا تشغل نفسها به أصلاً؟ .. لقد وعدت أنها ستصمد هذه الفترة حتى تخرجه من حياتها و لا يهم إذن إن كان يحب تلك المرأة أو يتلاعب بها ..رغم كل وعودها لنفسها ظلت تعذب نفسها بشكوكها طيلة فترة النهار التي زاد عليها تفكيرها في وجود (رواء) معه هناك في مكتبه .. كانت تدور حول نفسها بحنق و هي تقطع الحديقة ذهاباً و إياباً و نفسها تنازعها أن تذهب و ترى بنفسها ماذا يفعلان .. ركلت الأرض بحنق و هي تؤنب نفسها لمسار أفكارها الغبية لتنتبه بعدها للصوت الذي يقترب من مكانها .. التفتت لتجد (رهف) تتقدم على كرسيها المتحرك فتنهدت بقوة .. ها هي مشكلتها الثانية في هذا البيت .. لا تدري ماذا أصاب هذه الفتاة .. صارت تعاملها ببرود كأنما قتلت لها عزيزاً .. اشتعل الغصب داخلها عندما مرت (رهف) جوارها و لم تلق حتى تحية عابرة فزفرت بضيق و التفتت تراقبها عن كثب ... وجدتها تمد ذراعها عن آخره تحاول التقاط خرطوم المياه البعيد عنها نسبياً و هي تعض على شفتيها بألم ، فاقتربت منها بسرعة و مدت يدها تلتقطه لها فهتفت الأخيرة بحدة و هي تنتزعه منها
_"لا أحتاج لمساعدة"
قطبت بشدة و هي تفكر في مصيرها لو فقدت أعصابها و قتلتها هي و شقيقها و تخلصت منهما و ارتاحت .. وضعت كفيها فوق خصرها وقالت ببرود
_"على الأقل .. هناك كلمة تدعى شكراً"
ابتعدت قليلا لتفتح صنبور المياه و قالت ببرود و هي ترش نباتات حديقتها
_"لم أطلب مساعدتكِ لأشكركِ عليها"
تباً .. تباً لها هي و شقيقها .. مزعجان .. يفقدانها أعصابها بكل بساطة .. اندفعت نحوها بخطوات غاضبة و لفت لتواجهها لتقطب (رهف) حاجبيها و هي ترفع عينيها لها فهتفت (راندا) و هي تميل لتستند بكفيها لمسنديّ كرسيها و تقول من بين أسنانها
_"آنسة (رهف رضوان) .. هل يمكن لسموكِ أن تتكرمي و تخبرينني لماذا تتعاملين معي بهذه الطريقة و كأنني أدوس على كبدكِ أو قتلت لكِ قتيلاً؟"
بادلتها النظرات الباردة لتقول بعدها بهدوء قاتل
_"لا أجد داعياً لمعاملتكِ بلطف .. لا أعتقد على أي حال أنكِ ستبقين هنا كثيراً"
شهقت (راندا) بحدة و تراجعت للخلف و كادت تهتف بها .. بل أنا باقية .. سأبقى على قلبكِ و على قلبِ شقيقك .. لكتها انتبهت لحماقة كلماتها فعضت على شفتيها تمنعها من الخروج و رمقت الصغيرة بحنق شديد لتقول بعدها و هي تكتف ذراعيها أمام صدرها
_"أنتِ محقة .. لماذا أزعج نفسي سواء عاملتِني بلطف أو بقلة ذوق .. في النهاية أنتِ مجرد فتاة أفسدها الدلال و تظن نفسها أفضل من الجميع"
رفعت لها عينين متسعتين بذهول قبل أن تردد
_"أنا؟! .. أنا من أفسدني الدلال و أظن نفسي أفضل من الجميع؟ .. نصيحة مني لكِ (راندا هاشمي) .. إن كان بيتكِ من زجاج فلا ترشقي الناس بالحجارة"
ضيقت عينيها ترمقها بتنمر لترد قائلة
_"و ماذا يعني هذا بالضبط؟!"
هزت كتفيها و ابتعدت تغلق الصنبور و التفت لتقول
_"يعني .. انظري لنفسك جيداً و ستعرفين من التي تظن نفسها أفضل من الجميع بينما هي لا ترقى أصلاً لمستوى شقيقي .. لا أدري علام تشعرين بالتميز؟!"
ارتفع حاجباها و همست
_"آه .. هذه هي المسألة إذن!"
و ضحكت بإغاظة و هي تتابع
_"الصغيرة المدللة تشعر بالغيرة على شقيقها العزيز"
_"أنتِ مغرورة"
هتفتها (رهف) بكراهية و غضب لتهتف (راندا) في حدة و قد اختفت ابتسامتها
_"و أنتِ فتاة مدللة تعتقد أن لا أحد في العالم يتألم سواها و تحاسب الجميع على ما تظنه ظلم القدر لها و تصر على لعب دور الضحية و تحكم على الجميع العيش معها في بوتقة ماضيها الذي هي أضعف من مواجهته"
بهت وجه (رهف) تماماً لتعض (راندا) شفتيها فيما سمعتها تهمس بارتجاف بعد لحظات
_"أنتِ وقحة .. لن أسامحكِ على ما قلتِه أبداً"
أغمضت (راندا) عينيها بيأس و أسى و فتحتهما عندما شعرت بها تتحرك مبتعدة فهتفت تناديها و هي تندفع خلفها و أسرعت توقف كرسيها و التفتت تجلس أمامها على ركبتيها و تهتف بألم
_"آسفة (رهف) .. أنا لم أقصد ما قلت"
أشاحت (رهف) وجهها بترفع و هي تقول بصوت كالثلج
_"ابتعدي عني لو سمحتِ .. لا أريد سماعكِ أبداً .. ولا حتى رؤيتكِ"
منعتها (راندا) من تحريك كرسيها و هي تتشبث به اكثر و تهتف برجاء
_"صدقيني .. لساني هدا هو السبب ... كل مرة أغضب فيها يندفع دون أن أفكر فيما أنطق"
و لوت شفتيها و قالت بتذمر مصطنع
_"(هشام) أخبرني أنه يحتاج الى قصه ، هل تصدقين هذا؟"
نالت اهتمامها أخيراً و هي تلتفت لترمقها بترفع و تقول بعد لحظة
_"إنه محق تماماً"
شهقت باستنكار مفتعل و هتفت قائلة
_"آه .. هذا فظ .. لكن ماذا أقول .. الأخت كأخيها تماماً .. ماذا كان علي أن أتوقع؟! .. المهم اسمعيني .. أعرف أنكِ غاضبة مني .. لكن .. لماذا لا نفتح صفحة جديدة؟! .. أنا لم آتي لأسرق (هشام) منكِ لو كنتِ خائفة من هذا .. كما أنني لست سيئة أبداً"
صمتت لحظة و هرشت رأسها في حرج مع نظرة (رهف) المستنكرة و هي تنظر لها رافعة أحد حاجبيها لتتابع بتذمر
_"حسناً .. لست سيئة لهذه الدرجة .. هل تتذكرين المرتين اللتين التقينا فيهما سابقاً .. لم أعاملكِ بسوء ، صحيح؟ ... كما أنكِ كنتِ لطيفة جداً و أملت بأن نصبح صديقتين"
شردت عيناها بأسى و همست بألم
_"هذا كله كان بالماضي"
خفق قلب (راندا) بألم من أجلها و شتمت نفسها ﻷنها أوجعتها بكلماتها القاسية بسبب لسانها الذي يندفع دون تفكير ... مالت نحوها و همست بخفوت
_"و ماذا تغير؟ .. لازلتِ أنتِ نفس الفتاة"
رفعت حاجبيها بسخرية مريرة و مالت برأسها تشير بعينيها نحو مقعدها
_"أحقاً لازلت نفس القتاة .. لم يتغير شيء؟!"
تنفست (راندا) بقوة و قالت بحزم
_"لم يتغير شيء ... أنتِ (رهف رضوان) بشحمها و لحمها و روحها .. أنتِ نفس الفتاة التي كانت تشع ألقاً و حيوية و شقاوة تلمع في عينيها .. لكنكِ لسبب أحمق تدفينيها داخلكِ و تصممين على قتلها حية"
همست بخفوت
_"أنتِ لا تعرفين حقيقة ما حدث لي"
شدت قبضتيها حول مسنديّ المقعد و هزت رأسها قائلة
_"لا يهم ما حدث .. لا يهم الماضي .. نحن الآن في الحاضر .. لا تجعلي الماضي يكبلكِ و يقتلكِ
لمعت عيناها بدموع قاومتها بكل قوتها و قالت
_"لا أحد يموت مرتين (راندا) و الموتى لا يعودون للحياة"
تراجعت للخلف بحدة و قد طعنها كل هذا الألم المطل من عينيها و كلماتها لتهز رأسها تمنع شعورها بالضعف .. (رهف) لا تحتاج للضعف و لا للشققة أو المواساة .. هي تحتاج ليد حازمة تخرجها من قوقعتها و غرقها في الماضي .. و هي ستستغل فترة وجودها هنا لتساعدها .. أجل رغم أنها كانت تكاد تنفجر قهراً لمعاملة (رهف) لها الأيام الماضية لكنها بتحليل بسيط فهمتها و تشعر داخلها أن (رهف) تشبهها بشكل ما .. هي حتى نسيت شجارهما خلال ثوان و كأنها كانت في حاجة لصديقة تفتح لها قلبها و تخبرها بما يؤلمها .. (رهف) تحتاجها و هي لا تتخلى أبداً عمن يحتاج إليها .. مالت تلتقط كفها و تحسست نبضها لتقول بحيرة مصطنعة
_"غريب .. هناك نبض!!"
قطبت (رهف) حاجبيها بينما رفعت (راندا) يدها و قربتها من أنفها لتقول
_"آه و هناك أنفاس أيضاً"
و مالت برأسها تقول بشفتين مزمومتين
_"لازلتِ تتنفسين و قلبكِ ينبض ... لماذا تدعين الموت إذن؟!"
تنفست (رهف) بقوة و أشاحت بوجهها لتقول بعد لحظة
_"ليس كل من يتنفس يُعد حياً يا (راندا)"
أومأت برأسها و نهضت لتقف أمامها و قالت و هي تهز كتفيها
_"ربما .. حتى و لو كان ما تقولين صحيح .. لكن من قال أن الموتى لا يعودون للحياة؟!"
رفعت لها عينين متسائلتين لتبتسم قائلة و هي تميل نحوها و تقول
_"صحيح لا يعودون لدنيانا هذه ، لكنهم يبعثون لعالمٍ آخر .. للحياة الحقيقية ... الحياة الأبدية و الخلود الذي لا طريق له سوى الموت و البعث من جديد .. لذا .. لا خيار آخر أمامكِ ... إما أنكِ تتوهمين الموت و بذلك تكونين تخسرين حياتكِ دون داع و ستندمين لا محالة .. أو أنك محقة بشأن موتكِ ، لكنكِ تستسلمين لضعفكِ و ترفضين البعث الذي سيمنح روحكِ القوة و الخلود .. الاختيار بيدكِ"
قالتها و ربتت على شعرها بحنان لم تتوقعه (رهف) و غادرت تاركة إياها تستوعب كلماتها على مهل .. ابتسمت و هي تهز رأسها ... هي حتى لم تتوقع ما فعلت .. توقفت خطواتها ما أن خطت لردهة الفيلا لتجد (سلمى) قبالتها تتأملها بعينين دامعتين فهمست اسمها بتساؤل قلق و انتفض قلبها رعباً و هي تردد اسم (هشام) داخلها لكن (سلمى) وأدت مخاوفها تماماً و هي تقترب لتحتضنها بقوة و هي تهمس
_"شكراً لكِ حبيبتي ... كنت أعلم أن وجودكِ سيساعد (رهف) كثيراً"
تنهدت براحة و استرخى جسدها .. إذن هو بخير .. احتضنت حماتها بحب مماثل و همست تعدها أنها ستفعل ما بوسعها لتساعد (رهف) في تجاوز محنتها ... ارتجف قلبها عندما أبعدتها و همست و هي تربت على خدها في حنان
_"ليبارككِ الله حبيبتي و يسعدكِ أنت و (هشام) و يرزقكم السعادة و الذرية الصالحة"
ابتسمت بارتباك و استأذنت منها لتذهب و ترتاح بغرفتها حتى عودة (هشام) و اندفعت لتختفي مع حيرتها من جديد .. لم تكد تصل لغرفتها و ترتاح لدقائق فوق فراشها حتى ارتفع رنين هاتفها لتتناوله بسرعة و ابتسمت و هي ترى اسم (سمراء) فوق شاشته لكن ابتسامتها اختفت ما أن قابلها صوت صديقتها المنهارة بالبكاء على الناحية الأخرى لينقبض قلبها بفزع و هو يخبرها أن شيئاً سيئاً قد حدث
***********
تململت (همسة) و هي تستفيق و هزت رأسها بضعف بينما تتأوه .. فتحت عينيها ببطء و لم تلبث أن انتفضت بفزع و ذكرياتها تعود لعقلها ... شعرت بالداور مع حركتها المفاجئة فرفعت يدها إلى رأسها و أغمضت عينيها و حاولت التنفس بانتظام لتهدأ و تحاول التفكير في وضعها .. هي الآن مختطفة .. لكن من سيفعل هذا بها؟ .. و ما مصلحته؟ .. من يعرفها و يعرف علاقتها بـ(فهد) ليستدرجها بهذه الطريقة؟ .. لا .. ليس (هشام) بالتأكيد و ابن عمه أيضاً لن يتصرف هكذا لو فرضت أن (هشام) أخبرهم عنها .. يمكنها أن تقسم أنهما لا يفعلان شيئاً كهذا أبداً .. إذن من؟ .. انتفضت مع صوت انفتاح الباب و فتحت عينيها تلتفت للشخص الذي دخل و اتسعت عيناها و قشعريرة خوف مرت بجسدها لوهلة و هي ترى الجسد المألوف أمامها و الذي اختفت ملامح وجهه خلف قناع أسود كشف عن عينٍ خضراء أطلت منها قسوة واضحة جعلت قلبها ينتفض خوفاً ... هزت رأسها رفضاً للخاطر الذي مر بعقلها و رغماً عنها وجدت نفسها تهمس بذهول
_"(سامر)؟!"
اقترب بخطوات بطيئة ، لتنتبه أن ساقه مصابة ، تسارعت نبضات قلبها و ازدادت عيناها اتساعاً و هي تسمعه يقول بتهكم
_"دميتنا الصغيرة وقعت في المصيدة بهذه البساطة"
شهقت بخفوت قبل أن تنهض من الفراش بجسد مرتجف و تتطلع إليه بذهول امتزج بشعور متنامي من الراحة ليتغلب شعورها بالارتياح و السعادة و هي تهتف بينما تندفع نحوه هاتفة
_"(سامر) .. هذا أنت!! .. أهذا أنت حقاَ؟"
شعرت بجسده يتصلب عندما ألقت بنفسها فوق صدره تحتضنه بسعادة متابعة بدموع بدأت تنهمر
_"أنت حيٌ أخي .. الحمد لله .. الحمد لله"
أخذ نفساً قوياً كأنما يخرج من صدمته بتصرفها و شعرت بذراعيه ترتفعان و هو يخرج من جموده فظنت أنه سيحتضنها ، لكنها أحست بأصابع كفيه تنغرسان في عضديها بقوة آلمتها فتأوهت بينما يبعدها هو عنه ببطء ليقول من بين أسنانه و أصابعه تزداد إيلاماً لها
_"حقاً؟! .. لا تقولي أنكِ كنتِ قلقة بشأني يا .."
لم تر ابتسامته الساخرة لكنها سمعتها في كلماته و هو يكمل
_"يا أختي الصغيرة"
نظرت له بحيرة لتقول بألم و هي تحاول التخلص من قبضتيه
_"(سامر) .. أخي .. أرجوك .. أنت تؤلمني"
غرس أصابعه أكثر في لحم ذراعيها لتصرخ بألم بينما هزها بقوة و هو يقول بقسوة
_"تتألمين؟ .. أنتِ لم تعرفي طعم الألم بعد صدقيني .. لكن حين أنتهي منكِ ستعرفين جيداً ما هو"
انحدرت دموع ألمها ممتزجة بخوفها لتهمس بألم
_"(سامر) .. ماذا تفعل؟ .. أرجوك"
صرخت عندما دفعها لتسقط أرضاً و اتسعت عيناها و هي تنظر له من مكانها أرضاً و شوشت دموعها رؤيتها بينما تسمعه يهتف بغضب و كراهية
_"أنتِ لم تعرفي الألم الحقيقي .. لم تري الجحيم الذي احترقت فيه .. بسببكِ"
شهقت و قلبها ينتفض رعباً فيما هو خلع قناعه و ألقاه أرضاً لتتسع عيناها و هي ترى جانب وجهه الذي تشوه جزءاً منه و احدى عينيه اختفت خلف عصابة سوداء فبدا كقرصان غاضب منتقم أتى ليأخذها للجحيم .. نهضت ببطء بينما يكمل من بين أسنانه بفحيح غاضب
_"هه؟! .. هل أعجبكِ المنظر؟ .. هل تستوعبين حجم الألم الذي مررت به؟"
رغم كل خوفها من غضبه الذي يخبرها أنه لن يرحمها .. تحركت ببطء نحوه فيما يتابع زمجرته المهددة التي ذهلت عنها لتقف أمامه و تهمس من بين دموعها و هي ترفع كفها نحوه
_"يا إلهي .. ماذا حدث أخي؟ .. يالله .. أنا آسفة"
كادت تلامس جانب وجهه المصاب و عنقه المغطى بضمادة لكنها عرفت أنه هو الآخر تأثر بالنيران و انسابت دموعها ألماً لأجله ، لتشهق بقوة عندما أمسك بيدها صارخاً بقهر
_"آسفة؟!"
صرخت بألم و هو يكاد يحطم كفها الصغير بقبضته و سمعته يتابع صراخه
_"آسفة!! .. أيتها اللعينة .. أيتها الصغيرة ناكرة الجميل .. أنتِ لستِ آسفة .. أنتِ كدت تتسببين في قتلي .. أنتِ تعمدتِ ذلك"
هتفت بلوعة
_"أخي .. ماذا تقول؟!"
صفعة هادرة وقعت على خدها لترميها أرضاً لتبكي ألماً و انهياراً بينما يهتف
_"لا تنطقيها ... لست أخاكِ"
لم تجد الفرصة لتنظر نحوه عندما شعرت بقبضته ترفعها من شعرها الذي انسابت خصلاته حول وجهها تخفي أثر صفعته .. صرخت بألم و هي تمسك قبضته تحاول تخفيف ضغطه المؤلم على رأسها و شعرها الذي يكاد ينتزعه بأصابعه و دموعها أغرقت خديها و هي تنظر له بخوف شديد فيما يواصل
_"أيتها اللعينة ... حاولتِ قتلي مرتين و تأتين الآن لتدعي خوفكِ عليّ .. كان يجب أن أعرف أي أفعى سامة تخفين تحت شكلكِ البريء هذا"
شهقت بالبكاء و هي تتوسله
_"أنت مخطيء (سامر) .. أرجوك .. أنت تؤلمني .. دعني أرجوك .. أنا لم أفعل شيئاً"
شدها بيده نحوه هاتفاً بجنون
_"لم تفعلي شيئاً .. لم تفعلي شيئاً أيتها الأفعى الصغيرة؟! .. لقد عرفت كل شيء فلا تنكري .. أنتِ السبب في حالتي هذه .. أنتِ ساعدتي (هشام رضوان) ليتخلص مني"
صرخت بألم و قبضته تلوي خصلاتها أكثر
_"لم أفعل .. صدقني .. أنا لم أفكر في أذيتك أبداً .. أقسم لك ..لم .."
_"اخرسي"
دفعها بكل قوته لتصطدم بالحائط و تصرخ بوجع
_"قلت لكِ اخرسي أيتها اللعينة .. توقفي عن التمثيل .. ليست أول مرة تحاولين فيها قتلي .. كان يجب أن أعرف أنكِ أنتِ وراء ما حدث في المرة الأولى .. لكنني لم أتخيل أن لديكِ الجرأة لتفعلي شيئاً كهذا"
همست ببكاء
_"أنت مخطيء .. صدقني .. لم أقصد أن أ .."
قطعت جملتها بصرخة عندما اندفع نحوها و ضرب الحائط بجانب رأسها بكل قوته هاتفاً
_"لم تقصدي؟! .. لم تقصدي قتلي عندما ضربتِني فوق رأسي و تركتني أنزف حتى الموت لتنقذي تلك اللعينة ابنة (رضوان ) ، صحيح؟"
همست بألم
_"لا .. أنا لم .."
قاطعها و هو يحيط عنقها بكفه لتشهق اختناقاً بينما يواصل بحقد
_"لم تقصدي عندما ساعدتي شقيقها و ابن عمها الحقيرين ليصلا إليّ و يقتلاني عندما لم تنجحي في قتلي في المرة الأولى؟!"
همسها خرج مختنقاً متقطعاً و هي ترفع كفيها تحاول فك كفه الذي بدأ يعتصر عنقها
_"لم أفعل .. أقسم لك .. لم أقصد إيذاءك .. كيف تتصور هذا؟ .. أنت أخي كيف أ .."
صرخ بعنف
_"قلت لا تنطقيها .. أنا لست أخاكِ"
سالت دموعها و هي تشعر بالإختناق و توسلته أكثر و أصابعها تحاول دون جدوى تحرير عنقها منه .. كانت تعرف أنه يرفضها و يكرهها كما تفعل أمه .. لكنها أملت كل يوم أن يمنحها حبه كما يفعل (عماد) .. لكنه ظل يضايقها و يرفضها و يجهض كل محاولات تقربها منه .. همست بصعوبة
_"أخي .. أرجوك"
اتسعت عيناها بألم رهيب و هو يضغط على عنقها أكثر و شعرت بقدميها ترتفعان عن الأرض بضع سنتيمترات فهمست اسمه باختناق متوسلة و هي تشعر أن روحها ستغادر جسدها للأبد في أي لحظة بينما اقترب من وجهها ليهمس بفحيح حاقد
_"لسنوات طويلة كتمت هذا السر داخلي وعداً لأبي .. لكن لا .. إلى هنا وكفى .. كان يجب أن أعرف أن البذرة الفاسدة التي أدخلها حياتنا ستكبر لتسممها و تخربها بهذه الطريقة"
لمعت عينه باستمتاع وحشي بينما يراها تتطلع إليه بعينين متسعتين ألماً و حيرة ليواصل و قد ازدادت رغبته في ذبحها بالحقيقة التي يعرف أنها ستقتلها حتماً
_"هل تعرفين كيف أشعر الآن و أنا أقوم بما تمنيت فعله لسنوات طويلة ... أن أخبرك بحقيقتكِ اللعينة و أرميها في وجهكِ و أراقبكِ تحترقين ألماً بها .. كنت أتخيل تلك اللحظة و ها هي قد أتت و أنتِ قدمتها لي على طبق من ذهب بخيانتكِ لنا"
_"أخي!!"
همستها بحيرة و اختناق ليبتسم بشراسة و هو يميل نحوها أكثر ليهمس
_"لست أخاكِ (همسة) .. قلت لكِ .. لكن يبدو أنكِ تريدين سماعها بكلمات أوضح"
اتسعت عيناها أكثر و هو يقول
_"أنتِ لست من دمي .. أنتِ .. لستِ ابنة (عزت اليزيدي) .. لستِ أختي أنا و (عماد) , هل تسمعين؟"
كلماته دوت بصخب داخل رأسها لتتجمد بذهول و تساقطت ذراعاها جانباً و قد تخلت عن محاولة التحرر و تطلعت إليه بعدم تصديق ليتابع ذبحها بقسوة
_"لستِ أخت (عماد اليزيدي) يا (همسة) .. ذلك الحب الذي يغدقه عليكِ هو و (فهد) .. ليس من حقكِ .. لم يكن من حقكِ يوماً"
(عماد) .. (عماد) ليس أخاها .. ليس من حقها .. (عماد) .. أخوها الأكبر .. الحبيب .. عالمها كله و صرح أمانها .. ليس أخاها .. لا .. هذا كذب .. كذب
لم تعلم أنها نطقتها بهمس مسموع ليضحك بقوة و يقول
_"لا ليس كذباً .. هذه الحقيقة .. حقيقتكِ .. أنتِ لا تحملين دم (اليزيدي) .. أنتِ بذرة لعينة أقحمها أبي حياتنا و منحها اسمه و اسم أمي .. أنتِ لست سوى لقيطة"
صرخة مذبوحة انطلقت من حلقها عالياً و هي تهز رأسها بينما تنهمر دموعها أكثر ليواصل هو ذبحها دون رحمة
_"أنتِ مجرد لقيطة لا أكثر .. لقيطة أخذها أبي ليلوث بها حياتنا و في النهاية لم تحفظ الجميل و خانتنا .. هذه حقيقتكِ أيتها .. الدمية الصغيرة"
الدمية الصغيرة!! .. هي .. لم تعد دمية (فهد) الصغيرة؟!! .. لم تعد (همس) حبيبة أخيها (عماد)؟!! .. ليست ابنة (اليزيدي) .. هي لقيطة!! .. كيف؟ ... هذه ليست حقيقتها ... همست داخلها رفضاً .. لا هو يكذب .. يريد إيلامها فقط .. هي لن تصدق .. لن تصدق
صرخت برفض
_"أنت كاذب .. أنا لا أصدقك .. أنت كاذب .. كاذب"
عادت يده تعتصر عنقها بقوة و هو يرفعها عن الأرض بيد واحدة
_"الكاذب هنا هو أنتِ .. أنتِ التي لا تملكين عائلةً و لا جذوراً .. أنتِ الطفيلية التي التصقت بأسرتي .. أخذتِ حب (عماد) و (فهد) و هو ليس من حقكِ .. و قديماً أخذتِ حب أبي .. هل تذكرينه؟ .. لا أعتقد .. لكنكِ لازلتِ تحتفظين بصوركما معاً .. لقد أحببتِه رغم أنكِ نسيتِ ذكرياته معكِ ، صحيح؟ .. لقد منحتِه مكانة الأب الغالية و لازلتِ تحترمينه و تدعين له بالرحمة دائماً ، أليس كذلك؟!"
أجل .. هي تفعل .. رغم أنها لا تتذكر سوى طيف شاحب له .. لكنها أحبته فعلاً و لم تعرف سواه أباً .. و الآن يأتي هو ليقول أن كل هذا كان كذباً .. أنها لقيطة .. مقطوعة الجذور .. بلا هوية .. يأتي ليهدم عالمها كله ببضع كلمات .. في لحظة واحدة .. سالت دموعها أكثر و انتفضت تحاول التخلص من قبضته
_"دعني .. سأخبر (عماد) .. هو يعرف الحقيقة و سيخبرك أنك كاذب .. (عماد) أخي و هو يعرف هذا .. سيغضب منك لكذبك هذا"
تحشرج صوتها مع اعتصاره لعنقها بقسوة و هو يخرسها قائلاً
_"لولا وعدي لأبي عندما اكتشف أنني عرفت الحقيقة مصادفة لكنت رميتها في وجهكِ قبل سنوات .. لكن التسلي الوحيد كان رؤيتكِ و أنتِ تتعلقين بشقيقي و بـ(فهد) لهذه الدرجة حتى تنكسرين يوم اكتشافكِ للحقيقة ... رؤيتي لكِ و أنتِ تقيمين صرحاً لأبي و تحبينه كوالدكِ دون أن تعلمي حقيقته .. هل تعرفين ما فعل الرجل الذي تعتبرينه والدكِ؟ .. هل ستحتملين أن أخبركِ بما فعل؟ .. إذن اسمعي"
تعلقت عيناها الزائغتان بعينه التي لمعت بشماتة و هو يميل ليهمس في أذنها بوحشية
_"أبي العزيز .. قتل والدكِ الحقيقي"
قالها و ابتعد لينظر في عينيها اللتين تجمدتا تماماً و خلتا من الحياة و لولا نبضها الذي يضرب تحت كفه و أنفاسها التي تتحشرج بضعف لاعتقدها ماتت .. تابع همسه بقسوة
_"قتله و سرقكِ .. نسبكِ إليه لينتقم منه .. للأسف كنت أتمنى أن أترككِ تتعذبين لبعض الوقت بمعرفتكِ للحقيقة .. لكن لا بأس .. يكفيكِ أن ترحلي عن عالمنا و أنت تتعذبين بها .. انظري لسخرية القدر .. أنتِ ظللت لسنوات تحبين و تدعين بالرحمة لأجل الرجل الذي قتل والدكِ .. بينما لا تعرفين و لن تعرفي شيئاً عن أبيكِ الحقيقي الذي لابد أنكِ عذبته لسنوات في قبره و أنتِ تترحمين على قاتله و تكبرين تحت سقف بيته و تمنحينه مكانته الغالية في قلبكِ"
عيناها لازالتا متجمدتان بينما تسيل الدموع فوق خديها و يداها تخلتا عن كفه لتتراخيا جانبها و قد تخلت عن مقاومته تماماً .. شفتاها ارتجفتا بأنفاس ضعيفة كانت تخرج متقطعة و وجهها بدأ يشحب بقوة مع نقص الهواء لتغمض عينيها أخيراً و تستسلم للموت .. تستقبله بذراعين مفتوحتين كأنما ما عادت تحتمل كل هذا الألم الذي ذبح روحها دون رحمة .. لا فائدة من البقاء في هذه الحياة بعد ما عرفته .. ليأت الموت و يوقف ذلك الألم و يرحل بها ربما يكون العالم الآخر أرحم بها من هنا
***********
لم تشعر (وتين) بباب الشقة الذي انفتح و لا بـ(زياد) الذي دخل البيت و هو يناديها بينما هي غارقة في أفكارها و قلبها يهدر في صدرها .. لا تستطيع التوقف عن التفكير فيما يحدث معها .. شردت تماماً و هي تقطع الخضراوات بحركة بطيئة بينما عقلها يسترجع تلك اللحظة التي أفاقت فيها على صوت (زياد) يناديها بفزع و يده تربت على كفها بينما يناديها برجاء أن تفيق .. فتحت عينيها لتجده يطل فوقها بقلق شديد في عينيه ليتنهد بارتياح و هو يهتف
_"أخيراً حبيبي .. كاد قلبي يتوقف عندما .."
زفر بحرارة و هو يجلس فوق فراشهما و يرفعها من خصرها ليضمها إليه بقوة شديدة و شعرت بضربات قلبه السريعة تضرب صدرها فرفعت كفيها تتشبث بقميصه من الخلف و تدفن نفسها في أحضانه و هي ترتجف ليهمس بخوف
_"ما الأمر حبيبتي؟ .. ما الذي أفزعكِ هكذا؟!"
أغمضت عينيها تتشبث به أكثر .. ماذا كان هذا الذي رأته؟ .. بالتأكيد كانت تتوهم .. لا يمكن أن يكون ذلك الرجل على قيد الحياة .. لقد قتلته بيديها .. قتلته و استمر يعذبها في كوابيسها لأيام و حتى اللحظة لم تستطع أن تنسى أن يديها تلوثتا بدمائه .. شعرت بتربيت (زياد) على ظهرها و سمعته يناديها بقلق لتتنفس بقوة و تبتعد بعد لحظة لتنظر لوجهه القلق و همست بخفوت و هي تبتسم
_"لا شيء حبيبي .. يبدو أنني تعبت من السفر كثيراً و تخيلت للحظة أنني رأيت شيئاً"
لمع الشك بعيونه فهمست و هي تخفض عينيها
_"لقد تذكرت تلك الليلة عندما .."
عضت على شفتيها لينبض قلبه بضيق و عقله يستعيد تلك الليلة التي كاد يخسرها فيها .. أعادها إلى صدره و هو يقول
_"أنا معكِ حبيبتي .. لا تخافي من أي شيء .. و لا تخفي عني أي شيء أرجوكِ"
رفعت ذراعيها تتسبث به مجدداً و همست
_"ضمني إليك فقط (زياد) .. أرجوك .. أنا أشعر بالأمان هكذا .. أنا أحتاجك"
شعرت بجسده يتصلب للحظة قبل ان يتنهد و يضمها إليه بكل قوته و نبضات قلبه تحت يدها أخبرتها أنه يشعر بالخوف و القلق الشديد عليها .. أغمضت عينيها و استسلمت للنوم في أحضانه و هي تفكر .. هي لن تخفي شيئاً عنه .. لكن لا يجب أن تقلقه دون داع .. طالما ليست متأكدة فلا داع لتقلقه عليها أكثر .. هي تعرف كيف يشعر منذ حادثة اختطافها و كيف لازال يحاسب نفسه على تقصيره في حمايتها و انقاذها بل و بات شديد التعلق بها .. تلمح خوفه من فقدانها يزداد مع كل يوم يمر .. يكاد يصبح خوفاً مرضياً .. و هي لا يمكنها أن تزيد مخاوفه .. ليس الآن .. تأوهت بألم شديد انتزعها من ذكرياتها لتنتبه ليدها التي جرحتها السكين فعضت شفتيها و رفعت يدها لتتسمر عيناها فوق الدم لتتسعان و هي تستعيد صورته و هو غارق في دمائه و سرت رجفة عنيفة في جسدها .. لازال حياً .. رغم طعنها له لازال حياً .. يجب أن تشعر بالارتياح لأنها تحررت من احساسها بالذنب الذي كان يقتل روحها ببطء .. هي لم تزهق روحاً بيديها .. لكنها مع ذلك ترتجف رعباً منذ أدركت أنه حقيقي و أنه يطاردها .. يتربص بها في كل مكان .. ذلك اليوم تخيلت أنه كان وهماً لكنها عندما غادرت الشرفة مساءاً لمحته يقف في نفس المكان و لم تكد تلمحه و تتراجع فزعاً لتعود بعدها و تطل على الشارع لتجده قد اختفى كالعادة .. شعرت أنها تكاد تجن .. و صباحاً عندما غادرت برفقة (زياد) لبيت عائلتهما لمحته يقف في ركن بعيد على ناصية الشارع .. ثم رأته و هي تغادر القصر ، لكنها وقتها كانت تعرف أنه ليس وهماً يطارها حتى يصيبها بالجنون .. عرفت عندما التقت (حمادة) الذي كانت قد اشتاقت لرؤيته و الاطمئنان عليه .. (حمادة) الذي كان متردداً و خائفاً بوضوح لاحظته و كانت (سؤدد) قد أخبرتها أنه سأل عنها و كان يريد إخبارها بشيء ما و هي لم تجد الفرصة لسماعه .. أشفقت على الصغير و ربتت عليه ليخبرها دون خوف فأخبرها بجزع أن زوج والدته لازال على قيد الحياة و أنه زار بيتهم و بحث عنه و هدد بقتله فور رؤيته و أن والدته خافت من تهديداته و وافقت على دعوة العائلة بحثاً عن الحماية لديهم ... أخبرها أنه لا يعرف أين ذهب لكنه يخشى أنه سيعود لينتقم منها .. احتضنته (وتين) و قلبها ينبض بخوف سرعان ما وارته خلف ابتسامة و هي تربت على رأسه و تخبره أنها ستكون بخير و لن يستطيع ذلك الرجل الإقتراب منها و أنه و أسرته سيكونون في أمان مع عائلتها حتى يتخلصوا من تهديد ذلك الرجل .. عادت لبيتها و هي تحاول رسم ابتسامة سعيدة تخفي بها عن (زياد) خوفها الشديد ... منذ ليلتها عاودتها الكوابيس التي كان (زياد) يوقظها منها لتمنعه من السؤال و هي تتعلق به بحثاً عن الأمان .. ذلك الرجل عاد ليطاردها من بعيد يحاول أن يدفعها للجنون بتخويفها .. هي تعرف أن (زياد) ضاعف حراستها و ذلك الرجل لن يستطيع الاقتراب منها مع كل هذه الحراسة .. لكن ماذا لو آذى (زياد) لينتقم منها؟ .. لا .. هي لن تحتمل أن يصيبه أذى .. يجب أن تتصرف .. ذلك الشرطي الذي ساعدهما من قبل .. أجل .. يجب أن تتصل به .. لا يجب أن تقلق (زياد) .. ستخبر ذلك الشرطي و هو سيساعدها .. بالتأكيد .. ذلك الرجل سيمثل له خيط مهم في تحقيقه .. لم تشعر بوقوف (زياد) أمام باب المطبخ خلفها يتأملها بعينين قلقتين و حاجباه معقودان .. ليس غافلاً عن التغير الذي أصابها فجأة منذ عادا من الخارج .. (وتين) تخفي عنه أمراً خطيراً يخيفها و يمنعها من النوم كل ليلة و لا تخبره أي شيء مع كل إصراره .. الحمقاء بالتأكيد تخشى أن تقلقه .. ألا تعرف أنه الآن أشد قلقاً و هو لا يستوعب حجم الخطر الذي يتهددها ... لقد ضاعف حراستها و أمّن شقتهما جيداً و أي محاولة لاقتحام البيت ستشعل جهاز إنذار ينبه الحراسة أسفل البيت في حالة عدم وجوده .. أمر حراسها ألا يفارقوها لحظة في أي مكان تذهب إليه لكنها غير ذلك اليوم الذي زارا فيه عائلتهما لم تخرج مرة اخرى .. كان يقضي يومه في العمل و ذهنه مشغول بها يتطلع إلى هاتفه كل لحظة تخوفاً من أي اتصال مفاجيء ليجد نفسه يترك العمل و يعود باكراً ليكون معها .. حتى في الحفلة التي أقامتها لهما العائلة قي اليوم التالي لعودتهما كان واضحاً أنها تفتعل السعادة طيلة الوقت و كلما اختلس النظر إليها لمح الخوف الذي يختفي داخل عينيها .. و الطريقة التي لجأت بها إلى أحضانه ليلتها كأنها تحتمي به أكدت له شكوكه و الكوابيس التي عاودتها منذ ليلتها جعلت شكاً غير مرغوب فيه يمزق قلبه .. هو شيء من اثنين .. إما أنها لازالت تعذب نفسها بتلك الحادثة و لم تنسها و عودتها للشقة ذكرتها بها لتعذب نفسها بالأوهام و إما أن يكون ذلك الرجل لازال على قيد الحياة و يلاحقها .. و هذا الإحتمال يكاد يطير صوابه .. سواء كان هذا أو ذاك .. هو لن يسمح لأي خطر بالاقتراب منها مجدداً ... لم يسامح نفسه حتى اللحظة على فشله في حمايتها من قبل و لن يفرط فيها مرة أخرى ... قبض على كفه بعزم و تحرك ليقترب منها بهدوء بينما لازالت شاردة في أفكارها التي انتبهت منها على صوت خطوات تصاعدت خلفها و خلايا جسدها كلها استنفرت فيما قلبها تقافز في صدرها برعب تضاعف عندما شعرت بيد تلامس كتفها لتصرخ بهلع و تستدير لتواجه مقتحم شقتها و يدها تحركت دون وعي بسكينها لتخرجها صرخة (زياد) المتألمة من حالتها .. صرخت بفزع و هي تراه يتراجع ممسكاً بصدره و اتسعت عيناها و هي ترى الدم الذي تسرب من جرحه ليلوث قميصه الأبيض .. شهقت برعب و هي ترفع السكين الملوث بدمه و ألقته أرضاً لتندفع محو (زياد) و هي تهتف باكية
_"(زياد) .. حبيبي .. يا إلهي ماذا فعلت؟ .. أنا آسفة .. لم أقصد"
بدأت تهذي بكلماتها و هي ترفع يدها لتلمس جرحه لكنه أوقف يدها و هو يمسكها بكفه و يقول
_"ما هذا؟ .. يا إلهي .. يدكِ تنزف يا (وتين) .. ألا تشعرين؟!.. أين كان عقلكِ حبيبتي"
انفجرت باكية بينما يشدها ليضع كفها أسفل الماء يمسح الدم قبل أن يخرج منديلاً و يضعه فوق جرح يدها الذي انتبهت لحظتها له لتشهق بالبكاء و الألم .. شدها نحو غرفتهما و هو يقول
_"تعالي لنرى إن كان سيحتاج لتقطيب"
أجلسها فوق الفراش و أسرع يجلب صندوق الاسعافات الأولية لتهتف من بين دموعها
_"أنت تنزف (زياد)"
وضع الصندوق و منع يدها التي حاولت فك قميصه لرؤية جرحه و قبّل يدها بحنان و هو يقول
_"إنه جرح سطحي .. دعينا نهتم بجرحكِ أولاً"
_"لكن (زياد)"
وضع اصبعه فوق شفتيها
_"ششش ... اصمتي .. لا شيء أبداً أهم منكِ حبيبتي"
سالت دموعها أكثر بينما يفحص جرحها و فتح الصندوق و بدأ بتعقيم جرحها و لفه بالشاش بينما غرقت هي في تأمله و هو جالس أمامها فوق الأرض و راسه منحني يتابع عمله الذي انتهى منه ليقبل كفها المصاب بحب و هو ينظر لها لتهمس باكية و هي تمد له يدين مرتجفتين
_"تعال هنا حبيبي العنيد"
ابتسم و نهض ممسكاً بكفيها و جلس جوارها لترفع كفيها تحل أزار قميصه بارتجاف و شفتيها ترتعشان يينما تقول من بين دموعها
_"أنا آسفة حبيبي .. لقد فزعت فجأة .. لم أشعر بقدومك و .."
قاطعها واضعاً اصبعه فوق شفتيها لتنظر له باكية و عادت تطرق برأسها فيما تزيح قميصه و تشهق ألماً و هي ترى صدره الملوث بالدم فقال بحنان
_"أنا بخير حبيبتي .. صدقيني إنه جرح سطحي"
مسحت الدماء ليهدأ قلبها قليلاً و هي ترى أنه محق لكنها واصلت البكاء و هي تطهر جرحه قبل أن تغطيه بلاصقة طبية و رفعت رأسها له لتنظر له من بين دموعها لتجده يتأملها بحب و هو يهمس
_"هل اطمأننتِ؟"
شهقت ببكاء و اندفعت تتعلق بعنقه هاتفة بكل مشاعرها
_"أنا آسفة .. لم أقصد .. كان يمكن أن أؤذيك حبيبي .. سامحني"
رفعها من مكانها ليضعها فوق ساقيه و ضمها إليه بكل قوته و هدهدها بحنان و هو يهمس
_"لا بأس .. أنا بخير .. لم يحدث شيء"
احتضنته بقوة و هي تهتف
_"ضمني إليك (زياد) ..أنا خائفة .. خائفة كثيراً"
كلماتها جعلت قلبه ينتفض خوفاً عليها لكنه تمالك نفسه و هو يربت على ظهرها
_"لا تخافي و أنا معكِ حبيبتي .. أنا أفديكِ بروحي"
هتفت و هي تبتعد عن صدره
_"لا .. لا تقل هذا .. أرجوك"
و عادت تبكي في حضنه هامسة بخوف
_"لا أريد أن أخسرك (زياد) .. لا تجعلني أخسرك أبداً"
قبل رأسها و قال و هو يبعد خصلاتها للخلف بحنان
_"ما الأمر حبيبتي؟ .. أخبريني .. لماذا تخفين عني ما يحدث معكِ؟ .. لقد انتظرت لتخبرينني بنفسكِ .. أرجوكِ لا تقلقيني أكثر .. أكاد أموت قلقاً عليكِ"
ابتعدت تنظر إليه بجزع و رفعت كفها على شفتيه هاتفة
_"بعد الشر عنك .. أنا لم أرد أن أخبرك حتى لا تقلق عليّ .. أردت أولاً أن أتأكد أنني لا أتوهم و عندما تأكدت .. خفت عليك .. كنت أعرف أنك ستقلق علي كثيراً و لم أعرف ماذا أ .."
انفجرت باكية من جديد فأمسك رأسها يضمها إلى صدره و هو يقول
_"لا بأس حبيبتي .. أنا معكِ دائماً .. أخبريني .. ماذا يخيفكِ هكذا؟!"
تشبثت بقميصه و هي تهمس ببكاء مرير
_"ذلك الرجل"
انتقض قلبه مع كلمتها بينما تابعت
_"ذلك الرجل لازال حياً (زياد) .. أنا لم أقتله .. لقد عاد ليطاردني .. لابد أنه يريد أن ينتقم مني ... قد يؤذيك أنت أيضاً بسببي"
شدد ذراعيه حولها يريد أن يحبسها داخل صدره و يحميها من كل أذى و هو يهمس
_"هشش .. لا تخافي .. أنا هنا .. لن يقترب منكِ أبداً .. سأقتله إن حاول إيذائكِ .. لا تخافي حبيبتي .. لا تخافي أبداً"
أومأت برأسها و هي تنظر له بعينين دامعتين فمال يقبل جبينها بعمق و يعيدها لأحضانه يمنحها الأمان و هو يكرر وعده لها و قلبه يقسم أنه لن يخذلها هذه المرة أبداً و سيحميها حتى و لو كان الثمن حياته
****************
كان يعتصر عنقها و هو يعض على شفتيه يمنع قلبه من الإشفاق عليها و هو يراها تنازع أنفاسها الأخيرة .. لا تستحق الرحمة .. هي خائنة .. الموت هو جزاؤها الوحيد .. لن يشفق عليها أبداً .. لتلحق بوالديها للجحيم .. صوت رصاصات متبادلة تصاعد بالخارج و جلبة شديدة تناهت إلى سمعه فشتم بحنق .. لا .. لن يمنعه عنها أحد .. لا (عماد) أو (فهد) سينقذاها من عقابه كما كان يفعلان دائماً .. باب الغرفة تطاير بعنف ليفتح على مصراعيه .. لم يلتفت نحو المقتحم الذي عرف هويته دون أن يلتفت و الذي صرخ بجنون مع المشهد الذي قابل عينيه و في اللحظة التالية شعر (سامر) بجسده يندفع بعيداً و (فهد) ينهال عليه لكماً و هو يصرخ فيه بجنون بينما سقطت (همسة) أرضاً و هي تشهق بعنف و رفعت كفيها نحو عنقها و جسدها لا يتوقف عن انتفاضه .. شهقاتها فجرت غضب (فهد) أكثر ليقبض على عنق (سامر) و هو يهتف
_"أنت مجنون .. مجنون .. ماذا فعلت بها؟ .. هل كنت تريد قتلها؟ .. هل وصل بك الجنون لإيذاء أختك؟"
كان يعرف أن (سامر) يكره (همسة) بصورة غير طبيعية و يرفض معاملتها كأخت .. لكن أن يصل به الجنون لاختطافها و محاولة قتلها .. لم يتصور أبداً أن يفعل هذا .. لقد كاد يفقد عقله عندما اتصلت (إيشا) على مكتبه في الشركة و هي تهتف بهلع أن الآنسة الصغيرة غادرت البيت و هي في حالة غير طبيعية و أنها حاولت الإتصال على هاتفه لكنه لم يرد .. لم يعرف كيف أغلق الهاتف معها و نهض بفزع و قلبه أخبره أن شيئاً سيئاً وقع لها .. بحث عن هاتفه ليكتشف أنه اختفى .. رفع سماعة الهاتف ليتصل بهاتفها ليقابله الرنين في الجهة الأخرى دون رد ... أسرع يغادر الشركة و قاد سيارته بجنون و هو لا يعرف أين يبحث عنها .. أسرع يتناول حاسوبه المحمول و يفتحه ليتتبع هاتفها .. دعا الله أن يكون هاتفها معها .. حدق في الشاشة برجاء و قلبه يكاد يتوقف بين ضلوعه و أنفاسه تضرب صدره بقسوة بينما يتمتم برجاء
_"يا رب .. يا رب"
أدار سيارته يقودها يسرعة نحو المكان الذي ظهر أمامه و هو يرجو أن يجدها قبل فوات الأوان .. أين ذهبت؟ و لماذا لا ترد على هاتفها .. ليست بخير .. هي ليست بخير و قلبه يخبره بهذا .. ما كان يجب أن يتركها اليوم ما كان يجب أن يفعل .. يا رب .. لتكن بخير .. ليلحقها قبل أن يصيبها أي أذى .. كان يقترب من المكان الذي يظهر على شاشة حاسوبه لينقبض قلبه و هو يرى المنطقة المهجورة التي يتجه إليها و لمح من بعيد ما يشبه مخزناً كبيراً لمح على بابه بضع رجال مسلحون انتبهوا لسيارته المسرعة ليقابلوه بسيل رصاصاتهم .. خفض رأسه بسرعة ، بينما استمر اندفاعه بسيارته نحوهم و هو يمد يده لدرج سيارته يلتقط مسدسه .. أطاحت سيارته بأحدهم قبل أن يوقفها و يترجل منها ليحتمي بها و يطلق الرصاص نحوهم .. رصاصاته أصابت أهدافها بدقة لتوقعهم أرضاً في اصابات غير قاتلة .. أسرع يقتحم المكان و قد أصبح متأكداً أن (همسة) هنا .. لم يتخيل و هو يقتحم الغرفة الوحيدة المغلقة بالمخزن أن يقابله مشهد (سامر) و هو يحاول قتل (همسة) .. صورتها و جسدها الصغير ملتصق بالحائط و (سامر) يخنقها بيده و هي محتقنة الوجه تكاد تلفظ أنفاسها جعله يكاد يفقد عقله .. رغبة رهيبة بقتل (سامر) اشتعلت بعروقه بينما يوجه لكماته دون رحمة لتدفعه بعيداً لكمة قاسية من (سامر) الذي صرخ بجنون مماثل
_"ليست أختي .. سأقتلها .. تلك اللقيطة ليست ابنة (اليزيدي)"
لكمه بعنف و هو يهتف
_"لقد فقدت عقلك"
ضحكة مجنونة انطلقت عاليا من حلق (سامر)
_"هذه هي الحقيقة يا (فهد) .. لقد سمعتها بأذنيّ من فم أبي ... دميتك المدللة هذه ليست ابنة (عزت اليزيدي)"
حدق فيه بذهول و تراخت قبضته عنه ليخرج من ذهوله على شهقات (همسة) التي تعالت بصورة مفزعة ليلتفت نحوها بهلع و اتسعت عيناه و هو يراها تنتفض بشدة و أنفاسها تتلاحق في شهقات عالية جعلته ينتفض من مكانه و يندفع نحوها و هو يهتف
_"(همسة) .. صغيرتي .. اهدأي .. أنا هنا .. لقد أتيت"
وجهها اشتدت زرقته لينتفض قلبه بلوعة و هو يراها تنتفض بصورة مفزعة فأسرع يحتضنها بقوة و هو يهتف
_"(همسة) .. لا .. صغيرتي .. افيقي .. انظري لي حبيبتي .. أنا هنا .. لا تخافي"
احتضن وجهها بين كفيه و رفع وجهها إليه لتقابله عيناها خاويتان ميتتان كأنما لا تراه قبل أن يرتخي جسدها تماماً و تسقط فوق صدره ليصرخ باسمها و هو يهزها برعب لم يشعر به في حياته لترافق صرخاته ضحكة (سامر) الهيستيرية فالتفت نحوه بذهول قبل أن يصرخ و هو ينهض حاملاً إياها بين ذراعيه
_"سأقتلك .. سأقتلك يا (سامر) .. أقسم إن أصابها مكروه سأجعلك تتمنى الموت قبل أن تحصل عليه"
قالها و اندفع بها خارجاً نحو سيارته و قلبه يتوسلها أن تصمد حتى يسعفها .. ألا تضعف و تتركه
ضمها إليه بقوة و هو يهتف من أعماق قلبه الذي شعر به يتفتت داخل صدره و هو ينطق بما حاربه طويلاً و حرمها من سماعه و ترددت كلماته بلوعة و ألم شديدين
_"أنتِ لن تتركينني (همسة) .. لن تتركيني .. هل تسمعين؟ .. لن تتركيني حبيبتي .. أنا لن أفقدكِ أبداً .. لن أحتمل هذا .. لن أحتمله أبداً يا (همس)"
************
ترجلت (راندا) من سيارة الأجرة و نقدت السائق أجرته قبل أن تتجه ناحية متجر الأزهار الصغير الخاص بـ(سمراء) و تنهدت بأسى و هي تلمح صديقتها منهمكة في إعداد باقة أزهار خرجت من بين يديها منسقة زاهية الألوان تعاكس اﻷلم الذي تعرف أن قلب صديقتها غارق به هذه الأيام و الذي تحاول التلهي عنه بعملها في المكان الذي تحبه ... ابتسامة حزينة ارتسمت على شفتيها و هي ترى (سمراء) تبتسم بعذوبة و هي تمنح زبونها باقته قبل أن تبهت ابتسامتها مع مغادرته للمكان .. خطت (راندا) نحو المكان لترفع (سمراء) عينيها مع صوت اهتزاز الأجراس المعلقة فوق الباب و تحركت من مكانها و اتجهت نحوها و هي تهتف بسعادة
_"(راندا) .. لم تخبريني أنكِ قادمة"
احتضنتها (راندا) بقوة و هي تقول
_"اتصلت بكِ لكن هاتفكِ كان مغلقاً و اتصلت بالبيت فأخبرتني والدتكِ أنكِ هنا"
و ابتعدت لتتأمل وجه صديقتها في حنان و قالت برقة
_"كيف حالكِ اليوم (سمارا)؟"
تنهدت بحرارة و هي تقول
_"حمداً لله ... مادام أبي أصبح بخير فأنا بخير .. كل شيء يهون حبيبتي"
تأملتها للحظات لتقول بعدها
_"أنا لم أضغط عليكِ الأيام السابقة (سمارا) فحالتكِ لم تكن تسمح و كنتِ قلقة يشدة على حالة والدكِ لكن .. اليوم سنتحدث معاً و ستخبرينني بكل ما يضايقكِ حبيبتي"
أطرقت (سمراء) دون رد لتتنهد (راندا) و تقول بحنان و هي تربت على كفها
_"ليست المشكلة فقط هو مرض أبيكِ ، صحيح؟ .. أشعر أن هناك شيء آخر حدث و ربما هو ما تسبب في تعب والدكِ .. لماذا لا تخبرينني ما الأمر؟"
أخذت (سمراء) نفساً عميقاً قبل أن ترفع عينيها نحو صديقتها و زفرت بحرارة لتقول و هي تتحرك
_"حسناً .. لنغادر و نذهب لأي مكان و سأخبركِ بكل شيء .. ربما أكون في حاجة للتحدث عن الأمر علني أتخلص من ذلك الهم الذي يملأ قلبي"
ساعدتها (راندا) لتغلق المكان قبل أن تغادرا ... قالت و هي تشير نحو احدى سيارات الأجرة
_"هيا إذن سآخذكِ لمكان جميل سيجعلكِ تشعرين بالراحة النفسية و بعدها سنذهب لزيارة والدكِ في المشفى ، اتفقنا؟!"
هزت رأسها بينما تستقل السيارة التي توقفت أمامهما و نظرت عبر النافذة بينما تخبر (راندا) السائق بوجهتيهما قبل ان تلتفت لصديقتها الشاردة و تبتسم في حنان و هي تمد يدها و تحتضن كفها بمواساة و حنان لتبتسم (سمراء) و تربت على كفها بابتسامة ممتنة و قالت
_"شكراً (راندا) لوجودكِ دائماً بجانبي"
قطبت بلوم
_"و لماذا الأصدقاء إذن حبيبتي؟ .. أنتِ لستِ صديقتي فقط أنتِ أكثر من شقيقتي ... تعرفين هذا"
ربتت على كفها مرة مبتسمة و هي تقول
_"لقد تعبتِ معي الأيام السابقة حبيبتي و السيد (هشام) أيضاً"
قطبت حاجبيها و كلمات (سمراء) تعيدها لدوامة أفكارها السابقة بخصوصه بينما تكمل
_"لا أدري كيف أشكره لكل ما فعله من أجل أبي .. حقاً .. لولا رحمة الله الذي أرسله لنا كملاك حارس لما تمكنا من نجدة أبي في الوقت المناسب .. بلغيه خالص امتناني"
لوت شفتيها لتضحك (سمراء) بخفوت و تقول
_"لازلتِ تعاندين (راندا)؟ .. هل تشعرين بالسوء لكلامي عن محاسنه التي ترفضين الإعتراف بها؟ أم أنكِ تشعرين بالغيرة لكلامي عنه؟!"
قطبت و هي تلتفت نحوها هاتفة باستنكار
_"أنا؟! .. أغار عليه"
و ضحكت بافتعال واضح و هي تردد بارتباك
_"بالطبع لا .. لماذا سأغار عليه؟ .. أنا لا أهتم على الإطلاق"
هزت رأسها ضاحكة
_"لا فائدة منكِ"
تنهدت بحرارة و هي تردد
_"لا أعرف ماذا يحدث معي هذه الأيام (سمارا) .. أشعر أن عقلي ازداد تشوشاً لا أكثر ... أشعر بحيرة رهيبة و لا أدري كيف أصل لنهاية هذه الدوامة الغريبة التي وقعت فيها"
قالت بهدوء و هي تتأملها
_"الطريق الوحيد هو الصراحة (راندا) و التوقف عن العناد لمجرد العناد .. مشكلتك أنكِ تظنين أنكِ في حالة حرب و أي خطوة للتراجع أو الإعتراف بالحق هي هزيمة ساحقة لكبرياءكِ .. رغم أنكِ لو وقفتِ مع نفسكِ دقيقة واحدة لاكتشفتِ أن هذه الخطوة ربما تكون نصركِ الساحق .. بدايتكِ نحو عهد تكونين فيه الملكة المتوجة و الوحيدة على عرش قلب ذلك الرجل الرائع الذي يحاول أن يثبت لكِ بكل طريقة أنه صادق في مشاعره نحوكِ"
تنهدت بحيرة و صمتت للحظات كأنما تهضم كلمات صديقتها .. تدري أنها محقة .. لكن ماذا تفعل مع كل هذه الأفكار المتناقضة التي تلتهم عقلها .. لا تدري أيها تصدق .. تصرفاته معها و صبره و تفهمه لها يؤكد صدق مشاعره و في الناحية الأخرى يناقض تصرفاته اهتمامه غير المفهوم بامرأة أخرى و قلقه عليها و غيرته .. لا تفهم أبداً و لو أنها وضعت غيرتها - كما تقول (سمراء)- جانباً و استمعت لقول قلبها لاعترفت أن شكها به لا محل له .. أن معاملته لها و معالملته للأخرى تختلفان كثيراً .. لكن شيطانها في كل لحظة يحاول إعادتها لنقطة الصفر و لا تلبث تلك الصور التي رأتها سابقاً لهما أن تعود لتعذب مخيلتها و تعزز شكوكها
انتبهت من أفكارها على صوت السائق يخبرهما بوصولهما لتهز رأسها تطرد أفكارها و تغادر برفقة (سمراء) التي نقدته أجره و توجهتا معاً نحو النادي المطل على النهر الذي اتخذتا طاولة تطل عليه و تنهدت (راندا) و هي تذكر ذلك اليوم الذي اصطحبها (هشام) فيه إلى هنا .. بالتحديد على هذه الطاولة كانا يجلسان حين أخبرته بموافقتها و شرطها ... ابتسمت بخفوت .. لازال على عهده معها لكنه ذلك المخادع لازال يستغل الفرصة كلما سنحت له ليحاول زعزعة حصونها و التسلل عبر مسامها بلمساته المختلسة و ابتساماته و نظراته المليئة برسائل محملة بوعود الحب .. لم تدر أنها تنهدت بشرود دفع بابتسامة على شفتي (سمراء) التي قالت تنتزعها من فيض أفكارها
_"كنتِ محقة .. المكان جميل و مريح للغاية"
ابتسمت قائلة بشرود
_"(هشام) دعاني إليه قبل خطبتنا و .."
عضت شفتيها ما أن انتبهت لكلماتها و احمر وجهها مع نظرة (سمراء) و ابتسامتها الخبيثة لتقول بارتباك و هي تتناول قائمة الطلبات من أمامها و تقلب فيها بتوتر
_"لقد أعجبني المكان أنا أيضاً .. هذا كل شيء"
عادت (سمراء) تهز رأسها و قالت ضاحكة
_"لا فائدة"
ثم مالت نحوها قائلة
_"اعترفي يا (راندا) ... أنت تحبين (هشام رضوان)"
و قاطعت هتافها المستنكر و هي تقول مبتسمة
_"و منذ البداية .. أنتِ معجبة به منذ لقائكما الأول و لم تتوقفي لحظة عن التحدث عنه و لا عن ذكره و التذمر منه في كل مرة التقينا ... شئتِ أم أبيتِ هو يؤثر فيكِ أكثر من أي شخص آخر و رفضكِ الشديد لمحاولة تقربه منكِ دليل على انجذابكِ له"
_"بالطبع لا .. ماذا تقولين؟!"
رفعت أحد حاجبيها و قالت بلوم
_"(راندا) ... أنا لم أعرفكِ البارحة ... حبيبتي .. أنا أحفظكِ جيداً .. أنتِ ترفضين الخسارة و تعتقدين أن تسليمكِ لنداء قلبكِ هزيمة لكِ ... لكن حبيبتي .. قلتها لكِ من قبل و سأقولها دائماً ... افتحي قلبكِ له و لن تندمي أبداً .. تعرفين موقفي بشأن الحب لكن رغم هذا أعترف .. هناك أشخاص محظوظون يجدون ذلك الحب الصادق الحقيقي .. و (هشام رضوان) حبه لكِ حقيقي و صادق .. أنا رأيته بوضوح في نظراته لكِ و اهتمامه بكِ ... صدقيني .. لا تضيعي فرصتكِ من يديكِ و تندمين وقت لا ينفع الندم .. اغتنمي فرصتكِ قبل قوات الأوان"
و لمعت عيناها بغموض و هي تكمل
_"أنا واثقة أن كثيراً من النساء ينتظرن فرصة واحدة معه و لربما بحربكِ المستمرة هذه و عنادكِ الأحمق تدفعين به نحو احداهن دون أن تدري .. و من يعرف قد يجد لدى احداهن ما حرّمته عليه من حب و اهتمام"
غاص قلبها في صدرها و تحرك بألم لتقول بتقطيبة شاردة
_"واحدة مثل (سيلين) .. أو (رواء) مثلاً"
ارتفعا حاجباها لتضحك بخفوت قائلة
_"يا إلهي .. أنتِ تغارين حتى من (رواء)"
زمت شفتيها بضيق و هتفت
_"بالطبع لا ... كل ما في الأمر أنه من الواضح أن بينهما إعجاب متبادل .. كما أن عملهما معاً لابد يجعلهما قريبين و .. كان واضحاً تقاربهما في الأزمة الأخيرة"
تذكرت بأسى يوم اتصلت بها (سمراء) منهارة و هي مع والدها بالمشفى و ذهبت إلى هناك لتفاجىء بوجود (هشام) و عرفت بعدها أنه كان مع (رواء) حين اتصلوا بها يخبرونها بتعب والدها و أصر على مرافقتها للبيت و قام باللازم لأجل والدها ... لم تدر أن صوتها كان يخرج حانقاً محملاً بالغيرة لتضحك صديقتها من جديد و هي تهز رأسها و تقول
_"أنتِ تغارين (راندا) .. اعترفي .. لا فائدة من انكاركِ"
هتفت في حنق
_"أجل أنا أغار .. هل ارتحتِ؟"
ابتسمت في حنان و قالت
_"هذا أفضل ... الاعتراف بداية الطريق .. لكن لا تقلقي بشأن (رواء) .. لا أنكر أنها تحمل للسيد (هشام) شعوراً طيباً .. لكنه ليس كما تتخيلين .. (رواء) ممتنة له لأنه وقف بجانبها و ساعدها لتخطي الكثير من المصاعب ، و عملها معه رفع عن كاهل بيتنا عبئاً كبيراً مع مرض أبي و إضطرار (رواء) للعمل من أجلنا"
شردت للحظة لتكمل
_"(رواء) منحته مكانة الأخ الكبير الذي لم نحصل عليه .. دائماً كان يقدم لها مساعدته وقتما تحتاجها .. و أنت رأيت بنفسكِ كيف لم يتأخر لحظة عندما عرف بما أصاب أبي"
تراجعت في مقعدها و عادت ابتسامة رقيقة ترتسم على شفتيها و هي تقول
_"لذا يمكنكِ أن ترتاحي تماماً و تطمأني من ناحية (رواء) ... ربما عليكِ التركيز فقط على تخطي الحاجز الأحمق الذي تضعينه بينكما قبل أن تفقدي حب ذلك الرجل الرائع ... فقط قفي لحظة واحدة مع نفسكِ و تخيلي حياتكِ بدونه ... كيف تشعرين؟ .. هل سترتاحين حقاً أم أنكِ لن تحتملي حياة خالية منه؟"
قلبها هدر في صدرها مع كلمات صديقتها و شعرت بالإختناق و هي تتخيل ما قالته .. هل سترتاح حقا؟ .. لماذا تشعر بالإختناق إذن لمجرد التفكير في الأمر و لماذا ترتعب لمجرد تخيله يعطيها ظهرها مبتعداً عن حياتها ... حتى متى ستظل تدور حول نفسها في هذه الحيرة .. حتى متى ستنكر مشاعرها نحوه كما تقول (سمراء) .. كما يخبرها الجميع ... هزت رأسها بقوة تجبر نفسها على التوقف عن التفكير و أرغمت نفسها على ابتسامة مصطنعة و هي تقول بينما تشير للنادل
_"دعينا مني أنا و (هشام) و لا تحاولي التهرب من إخباري بما يزعجكِ
قطبت (سمراء) بينما انشغلت (راندا) بحديثها مع النادل قبل أن تلتفت إليها و تمد يدها تربت على كفها قائلة
_"هيا حبيبتي ... أخبريني"
أخذت نفساً عميقاً و صمتت للحظات قبل أن تبدأ في الحديث و تخبرها ما حدث معهم في الأيام الأخيرة و استمعت لها (راندا) بتركيز لم يقطعه سوى عودة النادل بمشروباتهما لتعود (سمراء) و تكمل حديثها بعد إنصرافه .. لم تقاطعها (راندا) لحظة واحدة حتى انتهت من حديثها الذي جعل تقطيبة غاضبة ترتسم على جبينها و هي تهتف بحنق
_"ما هذه الوقاحة؟ ... من يظن نفسه ذلك الرجل؟!"
ابتسمت (سمراء) بسخرية مريرة و هي تهز كتفيها بينما تابعت (راندا) بضيق
_"عندما قابلته لأول مرة أدركت كم هو رجل متعجرف و مغرور"
ازادت ابتسامتها الساخرة و هي تردد
_"لم تنصفيه حبيبتي ... العجرفة و الغرور كلمتان قليلتان لوصف رجل مثل (شهاب العزايزي)"
قطبت (راندا) بتجهم و زفرت بقوة لتقول بينما ترمق صديقتها بتدقيق
_"لاحظت نظراته نحوكِ تلك المرة لكن لم أتصور أن يطلب يدك للزواج (سمارا)"
انفجرت (سمراء) في ضحكة ساخرة و هي تردد
_"يطلب؟!! ... أنتِ مخطأة حبيبتي ... (شهاب العزايزي) لا يطلب ... هو يأمر فقط .. يأمر و يتوقع من الجميع أن ينفذ أمره السامي"
لمعت عينا (راندا) بالأسف لصديقتها ممتزجاً بالكراهية و الضيق بينما تابعت (سمراء) بحدة و هي تقبض كفها
_"يعتقد أن بنات (بدر العزايزي) لقمة سائغة و سيبتلعها بسهولة هو و عائلته ... لكنه يتوهم .. تلك اللقمة ستقف في حلقه و حلوقهم جميعاً و ستخنقهم حتى الموت"
ازداد انقباض كفها حتى كادت تدمي راحتها بأظافرها و هي تردد بحزم
_"لن أكون ابنة أبي إن لم أجعله يندم على ما فعله بأبي ... هو السبب في تدهور حالته .. لن أسامحه و لن أسامحهم أبداً"
لامست (راندا) كفها بدعم و قالت
_"أنا واثقة من قوتكِ (سمارا) و ذلك الرجل لن يستطيع أذيتكِ"
و تنهدت بحرارة و هي تكمل
_"لكن إن كان زواجه منكِ فقط لمصلحة و لرغبته في الحصول على الأرض التي كتبها جدكِ باسمكن لندمه على ما فعله بوالديكِ قديماً .. لماذا لم يطلب (رواء) لنفسه؟ هي تقاربه سناً و تناسبه أكثر منكِ؟ .. لماذا أنتِ؟ .. هل تعتقدين أنه يحمل لكِ بعض المشاعر لذا فضلكِ أنتِ .. أعني .. يريد الحصول على الصفقة كاملة"
ارتفعت ضحكتها المريرة مجددا و قالت بتهكم
_"مشاعر؟!! .. و (شهاب العزايزي)؟!! .. هذه أفضل نكتة سمعتها حتى اللحظة (راندا) ... (شهاب) بك لا يعرف شيئاً اسمه مشاعر .. كل هذا هراء و لا يستحق رجل أن يضيع وقته و حياته على هكذا سخافات .. هو بإختصار لا تناسبه (رواء) لأسباب خاصة .. لكنه سيجد لها زيجة مناسبة تناسب ظروفها .. من أحد أبناء عمومتنا كما أخبرها ... (طيف) تصغره سناً بكثير رغم أنني لا أظن هذا كان مانعه على أيه حال .. المسكينة قرر سيادته أنها ستكون لشقيقه الفاسد الذي لا تبغض أكثر منه و الذي لا يقل عنه غروراً و صفاقة .. لذا فأنا المرشحة المثالية له .. هكذا قرر سموه و يتوقع منا أن نخر راكعين أمامه و نسلمه أعناقنا .. ذلك الوغد .. لا يكفيهم ما فعلوه بنا و يأتون بعد كل هذه السنين ليدمروا حياتنا التي صنعناها بعيداً عنهم .. تباً لهم ... تباً .. لماذا لا يذهبون للجحيم و يتركوننا و شأننا؟"
هزت (راندا) رأسها بأسف و قالت
_"و عمي (بدر) بالتأكيد لم يحتمل كل هذا"
هتفت بكراهية
_"الحقير يحاول أن يلوي ذراع أبي بخوفه علينا و يلعب على وتر حزن أبي لفراق عائلته كل هذه السنين و خوفه على تركنا وحدنا دون عائل و دون عائلة تحمينا ... أبي الذي يتوقع الموت في كل يوم و يخشى أن يفاجئه قبل أن يطمأن علينا"
و لمعت عيناها بدموع قهر و حزن
_"يكسرني كثيرا ان أراه حزيناً و مكسوراً هكذا (راندا) .. رغم كل محاولاتنا لنثبت له أننا قويات و لا نحتاج لأحد ليحمينا .. لكنه أب و لا يستطيع التوقف عن قلقه و خوفه كما أنه في داخله لازال يحمل بعض أفكارهم ... لازال يشعر أن الفتيات يحتجن الرعاية و الحماية و أنه وحدهن لن يتمكن من النجاة في هذا الزمن القاسي"
تنهدت (راندا) و هي تتأملها و قالت بعد لحظات
_"إذن ماذا ستفعلن؟"
هزت رأسها و قالت
_"أخشى أن سوء حالة أبي قد يجعل خوفه علينا أكبر و يجعل لكلام ذلك الرجل تأثيراً أكبر عليه .. لكن (رواء) و أنا أقسمنا أننا لن نخضع أبداً .. لم نتحدث مع أبي في الأمر لأننا نتوقع رفضه و ربما تسوء حالته أكثر .. لكن عامة .. المشكلة كلها تكمن في تلك الأرض التي يريدها أكثر من أي شيء .. لذا .. إن كانت هي ثمن حريتنا فسنلقيها في وجههم و ليذهبوا بها للجحيم"
أطرقت (راندا) للحظات و ران الصمت عليهما لتقول بعدها في رفق
_"هل تحتاجين تدخل عائلتي في الأمر أو (هشام) إن فضلتِ؟ .. أعتقد أنه يمكننا أن .."
قاطعتها بهزة رأس قاطعة
_"لا (راندا) .. يمكننا الاهتمام بأنفسنا لا داعي لتدخل أحد .. كما أن عائلة (العزايزي) لا تخضع لتهديد أحد و لا تهتم لرأي غيرهم و لا يمكن لشخص أن يقنعهم بعكس ما يريدون .. لكن أنا و شقيقاتي سنغير هذه القاعدة بأنفسن .. أقسم على هذا"
ربتت على كفها و ابتسمت بتفهم و قالت
_"و أنا معكِ دائماً حبيبتي .. فقط إن احتجت أي شيء ستجدينني بجانبكِ أنا و (هشام) .. أنا واثقة سيقف جانبكن كالأخ الأكبر كما تراه (رواء)"
ابتسمت بخفوت و قالت
_"يسعدني أن أراكِ تجمعين بينكما في الحديث (راندا) .. هذا حديث قلبكِ على لسانكِ حييبتي .. أرجو من الله فعلاً أن تكونا معاً دائماً و لا تفترقا أبداً"
و قبل أن تعترض (راندا) رمتها بنظرة محزرة و هي تقول
_"ماذا قلنا؟ ... ستتوقفين عن الكذب على نفسكِ .. تدركين جيداً أن هذه رغبة قلبكِ الحقيقية ... أنتِ تحبينه و لا تريدين الإبتعاد عنه رغم كل إنكاركِ"
زفرت بحرارة و قالت بعد لحظة صمت و هي تنظر في ساعتها و اشارت للنادل لتدفع الحساب
_"دعينا من هذا .. لقد سرقنا الوقت و كدت أن أنسى موعدي مع (وتين) اليوم ... وعدتها بزيارتها .. لنذهب الآن لزيارة والدكِ العزيز و أذهب بعدها لـ(تينا) .. أشعر أنها ليست بخير هذه الأيام"
قالت بقلق و هي تنهض من مقعدها
_"خيرا إن شاء الله"
تمتمت و هما تتحركان معاً
_"سأعرف عندما أراها ... لم يعجبني صوتها في الهاتف .. كما أنها تجيد إخفاء الأسرار الخطيرة عني تلك الحمقاء .. لا أستبعد أن تكون واقعة في مشكلة و لا تريد أن تخبر أحداً"
هزت رأسها و قالت
_"إن شاء الله تكون بخير .. لا تنسي أن تطمأنينني عليها (راندا)"
_"إن شاء الله"
غادرتا المكان و وقفتا في الشارع انتظاراً لسيارة أجرة ... قطبت (راندا) حاجبيها بتوجس و هي تلمح سيارة تقف بعيداً و أدارت وجهها بسرعة و هي تفكر بقلق .. تلك السيارة ... إن لم تكن تتوهم فهي تكاد تكون متأكدة أنها كانت تتبعها منذ غادرت المنزل و حتى التقت بـ(سمراء) ... ترى هل تتوهم حقا أم أنها نفس السيارة؟! .. حسمت أفكارها و هي تلتفت لـ(سمراء) و تقول مبتسمة
_"لماذا لا نتمشى قليلاً حتى أول الشارع (سمارا) .. الجو لطيف و الكورنيش ساحر"
رمقتها بحيرة و عقلها يخبرها أنها تفكر في شيء آخر لكنها تجاوزت الأمر سريعاً و هي تقول مبتسمة
_"لما لا؟ .. هيا بنا .. اشتقت كثيراً لنزهاتنا معاً بجانب الكورنيش
ابتسمت (راندا) بحماس مفتعل و تحركت معها للأمام بينما كل عصب داخلها مستنفر .. اختلست النظر بعد لحظات و هي تدعي النظر للخلف مشيرة لشيء ما و هي تتحدث مع (سمراء) تدعي اخبارها بأمر يخص ما أشارت إليه لتتأكد أن السيارة تتبعها فعلاً .. فهي تحركت خلفهما بهدوء و عبر مسافة آمنة و لولا الصدفة التي قادت (راندا) لرؤيتها و شكها لما لاحظت الأمر .. خفق قلبها بقلق .. من سيتبعها يا ترى؟ .. لمعت الفكرة برأسها فجأة و التفتت نحو صديقتها و هي تفكر بخوف .. هل يتبعها هي أم يتبع (سمراء)؟! .. ترى أيكون ابن عمها ذاك؟ ... لا .. لا .. السيارة تبعتها هي في البداية .. إذن لا شأن لـ(سمراء) .. ترى هل هو (سامر)؟! .. لكن (سامر) انقطعت أخباره منذ ذلك اليوم الذي تعرض لها فيه و لحقها (زياد) و هي اعتقدت أنه صرف نظراً عنها بعد تهديد (زياد) له و بعد زواجها ... انتبهت على صوت صديقتها تهتف و هي تربت على كتفها
_"(راندا) ... أين ذهبتِ يا فتاة؟"
انتفضت بخفوت و هي تلتفت لها لتسألها بقلق
_"ما الأمر؟ .. فيما شردتِ فجأة؟"
هزت رأسها مبتسمة في توتر و قالت
_"لا شيء .. تذكرت شيئاً ما"
رمقتها بتوجس و تنهدت قبل أن تقول بمرح لتخرجها من قلقها الواضح
_"لابد أنكِ شردتِ مع زوجكِ الوسيم"
احمر وجه (راندا) و رمقتها بغيظ و قالت و هي تضربها بحنق مفتعل
_"أيتها السخيفة"
ضحكت (سمراء) برقة و قالت
_"عشت و رأيتكِ واقعة في الحب يا (راندا هاشمي) من كان يتصور؟!"
ازداد احمرار وجه ولأول مرة تترك قلبها على سجيته و تستمع بخفقاته التي تحركت من جديد مع ذكره و ابتسمت برقة لتبتسم (سمراء) في حنان و تقول
_"لا فرق الله بينكما أبداً (راندا) و ليسعدكما معاً دائماً"
خقق قلبها و في أعماقها وجدت نفسها تؤمن على دعاء صديقتها ... انتبهت على صوت (سمراء) تهتف بحبور و هي تشير للناحية الأخرى من الشارع
_"غزل بنات!!"
التفتت حيث أشارت بينما تصفق (سمراء) كطفلة صغيرة
_"هذا الرجل هناك يبيع غزل بنات ... تعالي لنشتري"
هزت رأسها ضاحكة و قالت
_"لن تتغيري أبداً (سمارا) ... لازلتِ تضعفين أمام حلوى غزل البنات"
فتحت حقيبتها و تناولت بعص النقود و ألقت بالحقيبة لـ(راندا) و هي تهتف بسعادة لم تذقها منذ أيام
_"بالطبع .. لا أستطيع مقاومتها .. انتظري هنا (رورو) .. سأشتري بعضها و أعود فوراً"
فتحت فمها لتهتف بها لكنّ الكلمات توقفت على شفتيها و أعادت ذراعها جانبها و هي تضحك قائلة بينما تهز رأسها
_"مجنونة"
عادت تختلس النظر للسيارة التي توقفت تماماً مع توقفهما ليعاودها القلق .. من يراقبها هكذا إن لم يكن (سامر)؟! .. هل تخبر (هشام) بالأمر .. لا .. ماذا تقول؟! .. ليست أول مرة تجد نفسها تفكر فيه كلما شعرت بالقلق .. أصبح أول من تفكر في اللجوء إليه .. طردت أفكارها و عادت بناظريها لـ(سمراء) التي كانت مشغولة مع بائع الحلوى و ابتسمت بحنان و هي تميل برأسها بينما تراها تتحرك نحوها عابرة الطريق و يدها محملة بالكثير من حلوى غزل البنات بينما تضحك و هي تلوح لها بما في يدها لتتسع ابتسامة (راندا) و هي تهز رأسها ... ماتت ابتسامتها فجأة .. كل شيء حدث في ثوان .. كانت (سمراء) قد عبرت للرصيف بمنتصف الشارع و نزلت من فوقه لتعبر النصف الآخر نحوها و لم تكد تنتصف المسافة حتى لمحت (راندا) تلك السيارة التي ظهرت على أول الشارع و شقت الطريق بسرعة .. صرخت (راندا) برعب و هي تنادي (سمراء) التي تسمرت قدماها أرضاً و اتسعت عيناها و هي ترى السيارة أمامها مباشرة لا يفضلها عنها سوى ثوان معدودة ... صرخة (راندا) الملتاعة شقت سكون الشارع الهاديء و اتسعت عيناها رعباً و هي ترى جسد (سمراء) يطير فور اصطدامها بالسيارة لتسقط بعيداً فوق الرصيف و توقف قلبها تماماً و عيناها متعلقتان بجسد صديقتها الذي ارتخى تماماً فوق أرض الشارع بينما تتطاير في الهواء بعض أكياس حلوى غزل البنات الملونة
***********
انتهى الفصل الثاني و الستون
إن شاء الله ينال إعجابكم
قراءة ممتعة للجميع
أرق تحياتي



Dr. Aya likes this.

rontii غير متواجد حالياً  
التوقيع














رد مع اقتباس
قديم 16-11-17, 08:56 PM   #1517

rontii

مشرفة وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء ومحررة واعدة بعمود الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية rontii

? العضوٌ??? » 289729
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 20,876
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » rontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ﻻ إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
افتراضي

مي للاسف عندها مشكلة بالنت و بعتت ليا الفصل غشان متتاخرش عننا اكتر من كده

rontii غير متواجد حالياً  
التوقيع














رد مع اقتباس
قديم 16-11-17, 10:44 PM   #1518

سمية سيمو


? العضوٌ??? » 396977
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 4,356
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » سمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond reputeسمية سيمو has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك action
?? ??? ~
keep smiling
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

كنت محضرة كلام كثييييير بس بعد القفلة دي اتقفل كل شيء براسي، اذا كان شهاب خارج الحسبة ما ظل غير سامر واكيد هدفه يحرق قلب راندا او يمكن عيلة شهاب ...
نرجع لسامر رغم انه نذل ومتوحش وكان راح يموت البنت بس استفدنا منه شغلتين همس عرفت جزء من الحقيقة والحجر الثاني فهد اعترف بحبه أخيرا بس ياريت كان قتله ورحمنا منه...جرثومة
اخيرا راندا اتهدت وبدأت تسمع لقلبها ويمكن حادث سمارا يقربهم اكثر


سمية سيمو غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-11-17, 02:29 AM   #1519

ماما حسوني

? العضوٌ??? » 347358
?  التسِجيلٌ » Jul 2015
? مشَارَ?اتْي » 889
?  نُقآطِيْ » ماما حسوني has a reputation beyond reputeماما حسوني has a reputation beyond reputeماما حسوني has a reputation beyond reputeماما حسوني has a reputation beyond reputeماما حسوني has a reputation beyond reputeماما حسوني has a reputation beyond reputeماما حسوني has a reputation beyond reputeماما حسوني has a reputation beyond reputeماما حسوني has a reputation beyond reputeماما حسوني has a reputation beyond reputeماما حسوني has a reputation beyond repute
افتراضي

may lu اي شغل الاجرام بتاعك ده بتلوعي قلوبنا عل البنات كده ليه دول بنات زي الذهب ... ياباي عليك ابئي رضينا المرة الجاية وانصفيهم وخلينا نفرح شوية

ماما حسوني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-11-17, 09:02 PM   #1520

قمر الليالى44

مشرفة اسرة حواءوذات الذوق الانيق وفراشة متألقة،ازياء الحب الذهبي ..طالبة مميزة في دورة الخياطة جزء1وأميرة فستان الأحلام ولؤلؤة بحر الورق وحارسة وكنزسراديب الحكايات و راوي القلوب

alkap ~
 
الصورة الرمزية قمر الليالى44

? العضوٌ??? » 159818
?  التسِجيلٌ » Feb 2011
? مشَارَ?اتْي » 18,208
?  مُ?إني » فى القلب
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » قمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   fanta
?? ??? ~
ياقارئا خطي لاتبكي على موتي فاليوم أنا معك وغداً في التراب فإن عشت فإني معك وإن مت فللذكرى وياماراً على قبري بالأمس كنت معك واليوم في قبري أموت ويبقى كل ماكتبته ذكرى فيا ليت كل من قرأ خطي دعا لي
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

قفلة شريرة سمارا تعرضت لحادث بعد حيثها الصريح من رندا التى قرررت الاستماع الى قلبها بخصوص هشام
فهد وصل فى الوقت المناسب لانقاذهمس التى عرفت حقيقة اصلها المسكينة
كنت اتمنى لو فهد قتل سامر وريحنا منه الحقير
وتين قلقة وتخشي على حياة زياد ولم تخبره لئلا يقلق وهذا خطا
يسلموووووو يا مايلو
ويعطيكى العافية
وشكرا لرونتى على التنزيل
وبانتظار القادم


قمر الليالى44 غير متواجد حالياً  
التوقيع





رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
للعضويات, المتعددة, تنبيه

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:21 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.