آخر 10 مشاركات
شظايا القلوب(3) سلسلة قلوب معلقة *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : Nor BLack - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          67 - زواج بالإكراه - فلورا كيد - ع.ج ( كتابة فريق الروايات المكتوبة/كـامله )** (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          الوهم * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : hollygogo - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          صبراً يا غازية (3) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )           »          اخطأت واحببتك *مميزة*& مكتمله* (الكاتـب : Laila Mustafa - )           »          تشعلين نارى (160) للكاتبة : Lynne Graham .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

مشاهدة نتائج الإستطلاع: ما هو تقييمك للرواية؟ ( بالإمكان اختيار أكثر من إجابة واحدة)
رائعة 117 62.90%
مشوقة 76 40.86%
غامضة 25 13.44%
غير مفهومة 6 3.23%
مملة 6 3.23%
لا أحبها 4 2.15%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 186. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-11-16, 07:51 PM   #551

nale
 
الصورة الرمزية nale

? العضوٌ??? » 42659
?  التسِجيلٌ » Aug 2008
? مشَارَ?اتْي » 1,136
?  نُقآطِيْ » nale has a reputation beyond reputenale has a reputation beyond reputenale has a reputation beyond reputenale has a reputation beyond reputenale has a reputation beyond reputenale has a reputation beyond reputenale has a reputation beyond reputenale has a reputation beyond reputenale has a reputation beyond reputenale has a reputation beyond reputenale has a reputation beyond repute
افتراضي


ألف مبروك .. لقد سعدت بهذا الخبر

nale غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-16, 09:12 AM   #552

الصلاة نور

? العضوٌ??? » 334129
?  التسِجيلٌ » Jan 2015
? مشَارَ?اتْي » 289
?  نُقآطِيْ » الصلاة نور is on a distinguished road
افتراضي

الله أكبر ..الله أكبر

الصلاة نور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-11-16, 01:02 PM   #553

rontii

مشرفة وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء ومحررة واعدة بعمود الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية rontii

? العضوٌ??? » 289729
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 20,876
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » rontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ﻻ إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
افتراضي

اين انتي يا سارة
لعل المانع خير ان شاء الله


rontii غير متواجد حالياً  
التوقيع














رد مع اقتباس
قديم 22-11-16, 03:04 PM   #554

لامار جودت

? العضوٌ??? » 290879
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,601
?  نُقآطِيْ » لامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond reputeلامار جودت has a reputation beyond repute
افتراضي

واضح من الملخص والمقدمة انها جميلة ان شاء الله هتابع معاكى

لامار جودت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-11-16, 02:27 PM   #555

khadija11

? العضوٌ??? » 85700
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,295
?  نُقآطِيْ » khadija11 is on a distinguished road
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sarah s مشاهدة المشاركة
المحتوى المخفي لايقتبس
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .


khadija11 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-11-16, 04:14 PM   #556

بريق أمل

كاتبة في قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية بريق أمل

? العضوٌ??? » 381251
?  التسِجيلٌ » Sep 2016
? مشَارَ?اتْي » 515
?  نُقآطِيْ » بريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond repute
افتراضي

مرحبا يا أحبابي.
خجلانة منكم على هذ التأخير
أعتذر كثير الأمر، كان خارج نطاقي وما كان فيني أكون معاكم قبل اليوم
راح نزل الفصل 34 حالا وبعدين راح رد على كل التعليقات.
الفصل الأخير والخاتمة راح نزلهوم يوم الخميس القادم أي بعد أسبوع لأنهم قيد الكتابة وماراح استعجل لحتى يكونوا بالمستوى المطلوب.
أكرر اعتذاري ومع تحياتي للجميع
قراءة ممتعة...


بريق أمل غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 24-11-16, 04:22 PM   #557

بريق أمل

كاتبة في قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية بريق أمل

? العضوٌ??? » 381251
?  التسِجيلٌ » Sep 2016
? مشَارَ?اتْي » 515
?  نُقآطِيْ » بريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الرابع والثلاثون




وصلت نهاد إلى الرواق المؤدي إلى غرفة لينا وهي تتحدث إلى ريان على الهاتف.
نهاد: عندما خرجت من الحمام لم أجدك! لماذا هربت بتلك الطريقة؟
رد ريان بصوت خافت وكأنه في مكان هادئ: لم أهرب... كل ما في الأمر أنني أجهز الأوراق لإخراج ناريمان من المشرحة. أخبريني هل لينا بخير؟
نهاد: الحمد لله أخبرني الطبيب توا أنها نجت من الأسوأ وأنها ستتحسن بمرور الوقت... حتى أنهم أخرجوها من الانعاش...
ريان: هذا جيد... الحمد لله، بلغيها سلامي وتمنياتي بالشفاء... سأزورها في أقرب فرصة... علي أن أقفل الآن...
ودعته نهاد وأقفلت الخط لتتفاجأ بفراس في وجهها.
فراس: استيقظت أخيرًا...
نظراته المتهمة أثارت الريبة بداخلها لكنها لم تعر الأمر أهمية.
نهاد: كيف هي لينا؟
فراس: كيف هو ريان؟...
هو لم يسمعها تتلفظ باسمه مع محدثها، إذن يبدو أنه ألقى نظرة على غرفتها صباح اليوم وفسر مشهد العصفوران بالسرير بمنظوره الخاص.
تأتأت نهاد للحظات محرجة تفكر في كيفية تبريئ ذمتها وذمة حبيبها الآخر الذي لا يأتي إلا بالمصائب. فقطع عليها تأتأتها تلك بصوت واثق زاده ما عرفه قبل قليل عن ماجدة غضبا: أعتقد أنكما وقعتما أوراق الطلاق... هلا شرحت لي مالذي كان يفعله...
ونظر من حوله دون أن يكمل بقية الجملة التي كانت واضحة بالنسبة لها.
نهاد: فراس، نحن لم نوقع أي شيء... لقد تجاوزنا كل مشاكلنا وخلافاتنا وكنت أنتظر شفاء لينا لأخبرك... أنا وريان سنرجع لبعضنا البعض... وسنربي ابننا معا. طلب إلي أن أعود لمنزله أنا ووسيم لكنني أخبرته أنني لا أستطيع التخلي عنكك تحت وطأة الظروف الراهنة.
بعثت هذه الكلمات الراحة في نفسه، فمنذ البداية كان يتوقع إجابة مرضية من أخته فهو يعرفها جيدا... لكنه ردد أمامها بحزم: إن لم يعلن عودتكما على الملأ، فلن يحلم بأخذك مطلقا أهذا مفهوم!
نهاد: سيفعل أكيد... لكنه الآن يمر بفترة عصيبة و قاسية... يجب أن أقف إلى جانبه... على الأقل سننتظر مرور أيام العزاء أنسيت ابنة عمه؟
تذكر فراس أمر ناريمان، وألقى نظرة على الساعة بيده.
فراس: إنها الحادية عشرة... هل الدفن بعد صلاة الظهر؟
نهاد: بعد صلاة العصر، لن تخرج من المشرحة قبل الظهر...
نظر إلى أخته للحظات ثم فتح لها ذراعه فعانقته بقوة.
فراس: أتمنى لك حياة سعيدة يا أختي... وإن أغضبك ذلك الأحمق من جديد فقط أخبريني حتى ألقنه درسا يستحقه...
نهاد: لا أعتقد أنه سيكرر نفس الخطأ يا أخي... أعتقد أنه تعلم من أخطائه ما يكفي...

بمنزل رشاد كان الشيخ يتلو آيات من القرآن على عدد لابأس به من المعزين الذين بدأوا بالتوافد تباعا إلى هناك بعد أن أعلنته ميس مكانا لاستقبال جثمان أختها لأن منزل والدها قد أقفلته الشرطة حتى انتهاء التحقيق.
كانت على الأريكة بالصالة الرئيسية تشاهد ابنتيها تلعبان في الأرجاء ببراءة وهما تضحكان، لا تعيان حقيقة ما ألم بهم جميعهم... عقلها كان يشرد بعيدا لتتذكر تلك المرارة القاسية لتلك الكلمات الملعونة والتي رددها أمامها وجدي بكل وقاحة فترجع إلى واقعها والألم يعصرها عصرا...
أما فواز فقد كان في حديقة نفس المنزل وسط المعزين من الرجال، يجلس منكسرا كئيبا وعلى صدره يجثم عذاب لا مفر منه... إنه يفكر في أن نهايتها كانت لتكون أفضل لو أنه تصرف بتعقل يومها ولم يطردها من حياته بتلك الطريقة القاسية... لو كانت إلى جانبه لما نال منها اليأس والقنوط وأدى بها للانتحار.

ريم تحضر القهوى وبعض الفطائر للضيوف وبهية تساعدها حينا وتهتم بالمعزين حينا آخر...
نساء القرية يثرثرن بسرية تامة عن ماضي ناريمان ذائع الصيت ويتوعدنها بجهنم الحمراء خصوصا بعد انتحارها متحججين بأن قتل النفس حرام، وأنها ستسكن الجحيم فور دخولها قبرها... هذه الكلمات التي وصلت أذن ميس زادت من تعاستها أضعافا مضاعفة فهي أبدا لم تتمن نهاية كهذه لأختها الصغرى... لطالما تمنت أن ترجع لجادة الصواب في يوم من الأيام وأن تكفر عن أخطائها...
قبل الظهر بقليل وصلت نهاد رفقة فريدة، ورد و فراس الذي توجه إلى الحديقة حيث يجلس الرجال وبعدهما بقليل جاء هادي وأسرته...
هه تنازل الامبراطور بذات نفسه ليحضر جنازة الفتاة التي تكسوها الخطيئة من رأسها حتى أخمص قدميها... لاأعرف التفاصيل لكن ما أنا متأكدة منه هو أن قبرك لن يكون أقل استعارا من قبرها، يا نقي يا طاهر... مع أن الطهارة والنقاء لا يتجاوزان مظهرك الخارجي...
عند وصول جثمان ناريمان تعالت الشهقات والدموع وسط المعزين وكأن الكل كانوا أحبابا لها... صحيح أن للموت مرارة لا يطيقها البشر... بعد أن ألقى الجميع عليها النظرة الأخيرة ومع حلول العصر حُملت إلى المقبرة من أجل الدفن، ولمشيئة الأقدار جاور قبرها قبر جدتها لتؤنس وحدتها حية وميتة...

كان يوما حزينا كئيبا على الجميع فكل من عرفها ذرف دموع الرحمة والشفقة تجاهها، ناريمان كانت لتستحق نهاية أفضل لكنها ضلت الطريق واستعجلت قدرها. أحيانا تهب الرياح بما لا تشتهي السفن وناريمان كانت آخر سفينة أغرقتها هذه العاصفة قبل أن تنقشع والتي يبدو أنها لن تنقشع قريبا حتى تأتي على الأخضر واليابس...

حل الليل وانفض الجميع من المكان، كلف ريان عماله بجمع الكراسي وتنظيف البقايا في الأرجاء وسار هو مبتعدا بضع خطوات لا يعلم عددها لكنه وجد نفسه قد نأى عن المنزل، سمع بكاءا وبضع شهقات فبحث من حوله ليجد فواز هناك يذرف دموع الأسى وفي يده ورقة ما.
اقترب منه بفضول فحتى في الجنازة لم يبك هكذا كطفل صغير... تراه شد من بأسه ليخر الآن ويطلق العنان لمشاعره.
ريان: فواز... كن قويا، هذه سنة الحياة...
حرك فواز رأسه بالايجاب فاقترب منه ريان وأخذ الورقة من يده.
ريان: ما هذا؟
لم يكن يستطيع قراءتها في الظلام فمد يده إلى جيبه ليخرج هاتفه النقال ويضيئ به فسمع كلمات فواز المتقطعة.
فواز: أعطانيها نصر... إنها نسخة عن تقرير الطبيب الشرعي...
بلع ريان ريقه خوفا من أن التقرير يتحدث عن بقايا لمني ما بمهبل الضحية، لكن كيف هذا وقد مر زمن معين بين الجريمتين إن صح التعبير...
تابع فواز كلامه: لقد وجدوا برحمها جنينا يقارب عمره الشهرين...
تفاجأ ريان واستغرب الأمر كثيرا: ألم تخبرني من قبل أنها عاقر؟
حرك فواز رأسه بالايجاب وهو يمسح دموعه...
فواز: هذا ما قاله الدكتور... قال أن نسبة احتمالية حملها بجنين ما هي صفر... أي أنها لن تكون أما إلا بمعجزة ما... والمعجزة حصلت... لكن،...
واختنق صوته بالبكاء، ليسيطر على نفسه أخيرا ويستطرد قائلا: لكننا اكتشفنا ذلك بعد فوات الأوان...
سقطت الورقة من بين أصابع ريان من فرط ذهوله لتستقر أرضا وهو يغوص في كلام فواز.
هل من المعقول أن الله رغم كل مساوئها منحها حبلا آخر لتتشبث بالحياة؟.. منحها المستحيل الذي يئست منه ! منحها سببا لتعيش من أجله... ولكنها كعادتها متسرعة تختار الطريق الأسهل والذي غالبا ما يكون الأسوأ... لو أنها لم تركن إلى الانطواء والحزن الذي بعتمته رسم الغشاوة أمام عيونها، لو أنها مع كل صباح جديد تمسكت بخيوط الشمس الواهنة تنشد مستقبلا أفضل، لو أنها كانت صادقة في تطهير نفسها من بقايا الدنس الذي أحاط بها لسنوات، ما كانت لترتمي في حضن زوج أختها لتقع في المعصية التي لم تجد يوما حرجا من الوقوع فيها... وبدل أن تسعى لتصحيح الخطأ زادته فداحة، ولكن هذه المرة لم تجرم في حق غيرها وإنما في حق نفسها... وضعت حدا لحياتها البائسة، ورسمت لها نهاية شنيعة تترتب عنها عواقب أشنع...


*******


جاء صباح اليوم التالي، وما كان لنوره الساطع أن يذهب الحزن الذي ضرب سواده على القلوب. عادت ميس من المقبرة مبكرا وراحت تغسل ما علق بيديها من تراب عند الحنفية بالحديقة وهي تذرف الدموع حتى سُمع لصوتها نشيجًا... لتتهاوى في الأخير على ركبتيها تبكي بحرقة... كانت بهية تراقبها من النافذة ما جعلها تغرق في الدموع هي الأخرى ووديع يربت على كتفها محتضنا إياها.
أبكرت قبل الجميع لرؤية مسكن شقيقتها الجديد، ذلك المسكن الذي سنسكنه جميعنا على أية حال... مهما تفاوتت طبقاتنا الاجتماعية، فمن ملك متوج على عرشه بالذهب والماس، إلى فقير معدم لا يمتلك الفراش... كلنا سنسكن ضيق اللحود وسط العتمة والدود...
سوت ذلك التراب بكفيها وزرعت فوقه بعض الزهور الجميلة، ليست تدري حقا هل ستتمكن ناريمان من مشاهدتها أم لا، لكنها لا تكف عن طلب الغفران لها في كل ساعة وحين... حتى وإن أجرمت بحقها ، تبقى أختها التي تحبها... أختها التي لم تعرف غيرها...
ما يؤلمها ويحز في نفسها حقا ليس الماضي... الماضي الذي عاشته هي والذي عاشته أختها على حد سواء قد انتهى... ما يؤرقها هو المستقبل... كيف سيكون مستقبلهما؟ هل ستراها في يوم قادم بعالم آخر؟..

أسرعت إليها ريم في الأخير ركضا لتساعدها على النهوض، لا تريد أن ترياها ابنتاها على تلك الحال... وبالكاد استطاعت رفعها عن الأرض لتتابع الوقوف وحدها وهي تحاول استجماع ما بقي لها من قوة... عليها أن تصمد، عليها أن تكون أكثر قوة... الحياة لن تتوقف عند انتكاستها هذه... مازالت الحياة مستمرة تحمل في طياتها مفاجآت عديدة... إن لم تعد العدة لها وتركت أحزانها تتراكم فسينتهي بها الأمر بالانجراف إلى قعر بحر الضياع السحيق... وكم من الأسرار والأشجان يحمل هذا البحر الذي يرتوي من دموع الضعفاء...
حاولت ريم أن تسيطر على اضطراب صوتها المرتجف المهدد بالانهيار لتبث العزيمة في نفس ميس.
ريم: ميس... كوني قوية، أرجوك... ابنتاك في الداخل بانتظارك... وهذا الصغير يحتاج منك عناية أكبر.
وضعت ميس يدها على بطنها بحسرة، إنها تطلب الصفح من هذا الصغير الذي ستيتمه العطف الأبوي قبل أن يأتي لهذه الدنيا... يالها من خيبات تتوالى تباعا، حيثما حطت رحالها تجد العذاب، ليست تدري حقا ما تحمله لها الأيام القادمة، لكنها متأكدة أن أن حياتها ستأخذ منعرجا آخر... منعرجا سيغير من مجرى تاريخها وتاريخ أولادها الثلاثة ، لأنها قررت أن تنفصل نهائيا عن والدهم ولن ترجع إليه مهما بلغت توسلاته...

عند الظهر دخل فراس المنزل مبتهجا سعيدا فأسرع وسيم باتجاهه مناديا عليه، ليأخذه بين أحضانه وهو يلاعبه بمرح. سرت فريدة لتحسن حال فراس بعد أن كان في الدرك الأسفل من الوجع...
نزلت نهاد متأنقة وكأنها تستعد للخروج ثم اندمجت في الجو البهيج الذي صنعه وسيم وفراس.
نادت ورد عليهم لتناول الغداء فجلسوا جميعا على الطاولة وهم يتبادلون أطراف الحديث خصوصا فريدة وفراس الذان ثرثرا لفترة طويلة بدءًا بحال لينا وصولا إلى جنازة الأمس مرورا بهادي وأسرته معرجين على نصر... وربما حتى المنظمات العالمية...لم لا ففريدة تحب الخوض في أمور تفوق طاقتها العقلية في الاستيعاب !
خلال هذا الوقت كانت نهاد تسترق النظر إلى ساعة يدها وهي تتململ من مواضيعهما الشيقة... حرصت على انهاء طبقها حتى تتخلص من احتجاجات فريدة ثم قامت من مكانها وهي تبحث عن حقيبة يدها.
نهاد: سأخرج لبعض الوقت... فريدة اعتني بوسيم أثناء غيابي...
نزل وسيم من على كرسيه محتجا يريد الخروج مع أمه وفريدة تحاول إقناعه أنه لديها أعمال. لينطق فراس في الأخير رافعا أحد حواجبه.
فراس: خذيه معك... سيُسَرَّ كثيرا لرؤيته...
يبدو أنه اكتشف سريعا أنها ستهرع لحبيب القلب ! بينما لم تفهم فريدة ما يرمي إليه..

دخل وائل مع والده هادي إلى المنزل وقد كان فؤاد بالانتظار ليعرف الأخبار، فور دخولهما أسرع إلى النزول ليلتقي بهما في الصالة الرئيسية...
فؤاد: من نصيب من كان القصر؟
نظر إليه هادي نظرة ساخطة فهم منها أن الأمور لم تسر على نحو جيد، بينما ألقى وائل بالمفاتيح على الطاولة وهو يفك أزرار سترته السوداء الأنيقة ليتمكن من الجلوس براحة.
وائل: لن تصدق كم دُفِع فيه من أموال !
بمجرد نطقه بالفعل المبني للمجهول عرف فؤاد أن النتيجة حَسِمت لغيرهم.
فؤاد: و.... من اشتراه؟ ليس هو... لن تتجرآ على النطق بها...
هادي: ان كنت تقصد ابن رشاد فهو لم يستطع مجارات المزايدة...
تنفس فؤاد الصعداء بعد أن ساوره القلق في أن يكون ريان من اشترى القصر وداس على كربيائهم جميعا.

أوقفت نهاد سيارتها بالقرب من المخازن حيث يقع مكتب ريان فأقبل أحد الرجال نحوها مُرحبا: مرحبا سيدتي، اتصل الزعيم وقال أنه سيصل بعد قليل... طلب أن نحسن استضافتك ريثما يصل... تفضلي ، سأفتح لك المكتب...
نهاد: لقد تحدثت إليه للتو، لا تزعج نفسك سأتفرج على المنظر من هنا... هو لن يتأخر.
ثم لمح وسيم الصغير فارتسمت ابتسامة واسعة على وجهه وهو يشير إليه: هذا ابن الزعيم أليس كذلك؟
ضحكت نهاد والتفتت إلى وسيم الذي كانت عيونه تحدق بالمكان في غربة.
نهاد: هذا وسيم...
اقترب الرجل من وسيم وداعب شعره: انه يشبهك أكثر سيدتي...
ثم انتبه لنفسه: لو أن الزعيم هنا لنهرني على ثرثرتي فهو لا يحب التمادي مع أحد... ولو علم أنني أثرثر معك لقتلني مؤكد...
وتابع حديثه: لن تخبريه أنني سألتك عن شيء لأنه دائما يخبرني أنه سيقص من لساني ويطعم به الجراء...
راحت نهاد في الضحك وهي تطمئن الرجل أنها لن تفعل. ولبرهة كانت سيارة ريان تقطع الطريق بقوة لتتوقف بالمكان، نزل هو وعلق المفاتيح بحزامه وما إن التقت عيونه بعيونها حتى تبادرت إلى شفاهه ابتسامة تاهت فيها نهاد لشدة شوقها إليها... إنها نفس الابتسامة التي عشقتها منذ سنوات...
اقترب منهما وألقى التحية دون مبالغة حتى لا يشوش من أفكار الصغير الذي يريده أن يتأقلم وإياه على مهل، وحتى لا يمنح الفرجة لرجاله الذين يتلصصون عليه من كل حدب وصوب.
بعدها التفت من حوله وصفق بيديه مصدرا أوامره: إلى العمل انتهت الفرجة...
لينسل كلٌّ إلى عمله وقد خرجوا من أماكن لم تخطر على بال نهاد مطلقا لتكتم ضحكاتها وهي تتفرج على وجه ريان المكشر وهو ينتظر انتشارهم بعيدا...
كانوا هم يبتعدون ويتحاجون فيما بينهم فمنهم من ربح الرهان ومنهم من خسر. قال أحدهم: أخبرتك أنه لن يقبلها... أدين لك بنصف راتبك القادم !
رد عليه سيقبلها عندما يدخلان المكتب...
انتفض الأول: لم يكن هذا اتفاقنا !!!
لم يكن صوتهما هامسا لذا فإن ريان ونهاد قد سمعا الجدل القائم. التفت هو إليها ليجد خدودها محمرة خجلا.
ريان: سأقتلهم جميعا...
ردت نهاد وهي تضحك: لم أكن أعتقد أننا سنكون محط الأضواء...
ريان: هكذا يفكر من لا يجد ما يملأ به فراغه... قبل سنوات عندما كنت أعمل لدى كوبرا كنت أتراهن مع الرجال عن كم بصقة يبصقها هذا الأخير في جلسته فهو كان رهين هذه العادة... وكنت أحصل على مبالغ لابأس بها من تخميناتي الصائبة...
ضحكت نهاد ومستغربة الأمر بينما حمل هو وسيم بين ذراعيه وهو يحدثه ويسأله عن حاله ثم أنزله أرضا وأمسك بأصابع يده.
ريان: هل تريد أن نتجول بالأرجاء؟
قبل وسيم بسرور وهو يردد هيا... هيا...
بينما نظرت نهاد إلى ريان: إنه يتأقلم معك سريعا...
ريان: يسعدني هذا... هيا سنتفرج على المزرعة ونعرج في طريقنا على إياد فقد طلبني على الهاتف قبل قليل. .. ليس بعيدا عن هنا...
نهاد: أعتقد أنني ألهيك عن أعمالك...
ريان: ينتهي كل شيء إلا العمل... من المفروض أن يطلب فواز لكن لظروفه الراهنة سأقوم بعمله.

عاد فراس لرؤية لينا التي كانت كئيبة تذرف الدموع، جن جنونه لرؤيتها على تلك الحال وراح يسألها عن حالها بلهفة خوفا من أن يكون قد أصابها مكروه ما ، ليعرف في الأخير من بين شهقاتها أنها عرفت بأمر ناريمان.
فراس: من أخبرك بالموضوع؟
لينا: أمي قبل قليل... إلى متى كنت تنوي إخفاء الأمر عني؟
فراس: كل ما في الأمر أنني لم أشأ أن أزيد مواجعك...
وصمت الاثنان طويلا لينا تفكر بأيامهما الماضية منذ أن كانتا صغيرتين تلهوان معا بالحقول بحكم سنهما المتقارب، وفراس ينظر إليها وإلى دموعها التي كانت تشق على خديها جراحا بقلبه...
ألا يكفيها كل ما تعرضت له؟ يبدو أن الألم أقسم ألا يبارحها مطلقا...
نطقت لينا بعد أن عادت إلى آخر لقاء جمعهما هي وابنة عمها. شفاهها ترتعش وقلبها يتأسى.
لينا: ليتني، قلت لها كلمة طيبة واحدة... واحدة فقط ترحل معها إلى ديار اللاعودة... آه فقط لو كنت أعرف أنني لن أراها من جديد... على الأقل ما كنت أزعجتها بكلماتي الباردة... أذكر أنني سخرت من تخطيطاتها ولمحت لها عن عيوبها...
فراس: ومن أين لك أن تعرفي أنها ستكون النهاية...
وشرذ بفكره وكأن هذه الكلمات أعادت له بعضا من المواجع وتذكره بوفاة والده الذي قرر الهرب منه ومن قذارته ولم يشفع له مرضه الشديد بأن يبقى معه بعد أن كره كل تلك الحياة الوسخة التي صنعها وحده وأغرق فيها ابنيه... لو أنه تراجع عن السفر وبقي إلى جانبه واعتنى به كما قد يفعل أي ابن بار ربما ماكانت ماجدة لتتمكن من وضع حد لحياته والتمتع بأمواله من بعده... تلك القذرة التي ما إن يتذكرها حتى تبدو علامات الغضب المستعر في وجهه...
انتبه على يد لينا التي حطت على يده وهي تحاول فهم ما يزعجه... بينما نفض هو عنه غبار تلك الماكرة التي يرجو من الله ألا تموت قبل أن تسدد البعض من ديونها... حتى تتعذب كما عذبت كل من يحب... تحت شعار أنها تحبه أغرقت الكل من حوله ليخلو لها وجهه... إنها سافلة من نوع آخر، ربما أخطر من ناريمان بكثير فهي لا تتوانى عن إزهاق الأرواح في سبيل ذاتها الأنانية المشبعة بالحقد والكراهية... ذاتها التي لا تتوانى عن إيذاء كل من يقف في طريقها.
قبل أن يفتح أي منهما فمه بكلمة سمعا طرقا على الباب. فتعالى صوت فراس سامحا له بالدخول. ليطل حسن وبيده باقة ورد، كان محرجا بعض الشيء وهو يقرأ العيون التي تحدق به.
تنحنح في الأخير وأردف: صباح الخير... كنت بالجوار وأحببت زيارة زميلتي القديمة و... ابنة خالي.
ابتسمت لينا بينما طلب منه فراس الولوج للداخل.

كان فواز جالسا قرب قبر ناريمان وهو يذرف دموعه في قهر... يتفرج على تلك الزهور الجميلة التي زرعتها ميس هذا الصباح وطيف ناريمان لا يبارح خياله... رباه حتى ضحكتها أصبح يسمع لها صدى في خلواته...
لماذا عندما يموت أي انسان مهما كانت منزلته لا نتذكر منه غير محاسنه ويصبح قديسا على وجه الأرض... حتى وإن أخطأ في حقنا بعضا من الأحيان ننسى كل شيء، يصبح كل ماضيه مرهونا بحجم السعادة التي منحنا إياها... أهو الشوق من يصنع بنا ذلك؟
ارتعدت شفاهه قبل أن ينطقها: ناريمان...
وكأنه يناجيها بقبرها وهي تسمعه: لماذا... لماذا استعجلت الأمور يا حبيبتي...
ماذا ؟ حبيبتي !...
الآن حبيبتي...
البشر... هكذا نحن البشر، عندما نكون معا لا نشعر بقيمة بعضنا البعض لكن ما إن يخطف شبح الموت الأسود واحدا منا، لحظتها فقط نعرف قيمته وندرك منزلته، تلك المنزلة التي لم نعرفها يوما في حياته... تلك المنزلة التي لم نقدرها أبدا وهو يستجدي منا بعض العطف والحنان...
رحيل زوجة تحمل في أحشائها جنينا من صلبك يا فواز أمر موجع... موجع وقد لا تطيقه نفسك، لكن اعلم جيدا أن هنالك ماهو أوجع... وهو في ستر عنك، لولا لطف الله تعالى بك لأدراك به... ابكي ذكرى حبيب ومنزل بدل من أن تعرف المستور وتلعن الحياة والقدر ويخوض قلبك ما خاضه الحاقدون قبلك... أحيانا يكون الألم جراء من نحب أهون بكثير من الألم بسبب من نكره، فالأول يزيدنا رقة في القلب والثاني يبعدنا عن الإنسانية أكثر... وخطوة عن خطوة سنتوه في دروب الحياة لا محالة... أليس هذا ما حدث مع ريان قبل زمن؟..

يضحك ريان ونهاد وهما يشاهدان وسيم الفارس الصغير يتفاخر بامتطائه الفرس بمساعدة أحد العمال وهو يتباهى بعلوه ذاك على صهوته وكأنه أمير من قديم الزمان... أو هكذا يعلمونهم في أفلام الكرتون.
التفت ريان إلى نهاد التي كانت تحدق بابنها بوَلَه: أتمنى أنكما قد استمتعتما بالجولة هنا...
نهاد: أصبح المكان رائعا، كما أن المهندس الزراعي أبدع بأفكاره المدروسة...
حرك ريان رأسه باستخفاف فقد أصبح مؤخرا يغار من كل من قد يكسب رضا زوجته: إياد ! لا بأس به...
صمتا لبعض الوقت ثم نطقت نهاد: أنت لم تخبرني من الذي اشترى القصر؟
ريان: رجل أعمال ثري، اسمه عادل فرناس... لم أسمع به من قبل لكن يبدو لي أنه ذائع الصيت...
نهاد: أنا بلى، سمعت به.
التفت ريان إليها بطرف عينه وكأن الأمر لا يروق له. فتابعت هي تقول: كانت زوجته زبونة لدي... رندة... كيف لا أذكرها وقد كانت تدفع بسخاء وتتكلف كثيرا في مظهرها الذي كنت أجده مبالغا فيه... التقيتها أكثر من مرة.
ردد ريان بسخط: إذن سيصبح قصر جدي مرتعا ليستجم فيه هذان الزوجان الغبيان... هه اخرج يا سعد من قبرك لترى تريكتك...
نهاد: ريان... انظر إلى نصف الكوب الملآن... على الأقل سيتوقف الصراع العائلي من أجل الممتلكات أخيرا... هذا القصر هو آخر شيء قد تتصارعون من أجله...
صمت ريان دون أن يقول شيئا ثم التفت إلى نهاد: اليوم هو آخر أجل...
استغربت نهاد كلامه وأظهرت علامة استفهام على وجهها. فتابع كلامه: أتعتقدين أنني سأستمر في العيش وحيدا بذلك المنزل المقفر ! يجب أن تكوني بجانبي نهاد... أنا في حاجة إليك...
ارتسمت الابتسامة على وجهها وهي ترمقه بنظرات حب فأمسك بكفها مرددا: لقد اشتقت إليك، وإلى أن أراك في كل حين...
نهاد: أنت تعلم أنني أشتاق لك أيضا...
ثم تذكرت ما قاله لها فراس وضحكت: لكن أخي قال أنه لن تأخذني إلا إذا أعلنت الأمر على الملأ.
تجهمت ملامح ريان الذي ردد بتذمر: هل يريد أخوك المصون حفل زفاف وابنة عمي دُفنت بالأمس !
نهاد: لا يقصد حفلة لكنه يريد أن يعلم الجميع أننا معا من جديد فأغلب الأهالي هنا يعتقدون أننا مطلقان...
ريان: كفى... لا تذكريني بالسنوات العجاف... سأخرج غدا وأضرب الطبل بين طرقات البلدة معلنا أننا رجعنا لبعض وأننا متزوجان...
ضحكت نهاد لتخيلها للمشهد، بينما تابع ريان: على أن أعلقه بظهر أخوك فأنا لن أحمله المسافة كلها...
ضربته على كتفه وهي تضحك: يسعدني أنك مازلت تحتفظ بسخريتك المقيتة... لا أعتقد أنه في وسعي العيش بدونها...

سُمح لحسن بزيارة ماجدة لبضع دقائق وقد اصطحبه الحارس حتى زنزانتها بالمخفر في انتظار ترحيلها إلى سجن النساء بعد الاتهامات التي وجهتها لها لينا والتي جعلت منها المتهمة الرئيسية في عدد من القضايا.
وقف عند الباب للحظات يتجرع طعم مرارة الخيانة وكثير من الاستغباء... هل اعتقدته ماجدة أبلها لهذا الحد لتستغفله؟ والأدهى من هذا أنها كانت محقة فهو لم يدخر مجهودا لم يبذله في سبيل إخراجها من ورطتها اعتقادا منه أنها بريئة...
جاءت هي بخطى متثاقلة تملأها الخيبة والحسرة بعد أن عرفت بالمستجدات بينما كانت تحمل عيونها شررا من نار جهنم. انتصبت أمامه كجبل لا يتزعزع، كمن الحق في صفه وهو يدرك أنه معصوم من كلمة اسمها الهزيمة، لازالت واثقة من نفسها ومن مهاراتها في اللعب رغم كل شيء، مما صنعت مثل هذه المرأة !..
ابتدرها سائلا وقد تضاربت الأفكار برأسه: لماذا؟... لماذا آذيتها؟
حركت ماجدة رأسها نفيا: لم أعتقد أبدا أنك ستصدق تلك الأقاويل، تلك الأكاذيب من فتاة مثلها تغار على زوجها مني...
ثم شهقت ببكاء تمثل دور المظلومة كعادتها: صحيح أننا أحببنا بعضنا في الماضي، لكن والده أرغمني على الزواج منه بالقوة... كنت فقيرة ولم يكن أمامي أي خيار... رضخت لسلطته وظل ابنه يلاحقني لسنوات... لم أستطع قهر الأب وإبلاغه عن حقيقة ابنه الفضيعة... لسنوات وأنا أحتمله، والآن ما إن عدت حتى حاول معي من جديد، لست أدري بما خرف على لينا لكنهما معا متفقان على أذيتي... لقد استغل سذاجتها لتقف في صفه... إنها مثلك تعتقد أنني شريرة بعد أن قص عليها رواية من تأليفه... لكنني لست حاقدة عليها... الحق عليه وحده، إنه فراس ذلك الولد العاق.
وراحت تشهق باكية وحسن يعقد حاجبيه وهو ينظر إليها بتمعن وصمت دام فترة طويلة من الزمن حتى أيقنت من أن لعبتها قد نجحت وأنها قد أثرت عليه كعادتها.
نطق في الأخير وهو يتأملها بازدراء: في نظرك، أنا ساذج لهذه الدرجة؟
لم تجبه ورفعت رأسها الذي كان بين كفيها إليه في ذهول.
حسن: انتهت لعبتك ماجدة... جدي غيري لتمثلي عليه. هذا إن وجدت من يستحق العناء بالسجن...
ماجدة: مالذي تقوله حسن؟ لا يُعقل أنك صدقتها...
حسن: أعرف لينا جيدا... إنها فتاة تستحق الاحترام، وأنا لن أشكك في صدقها من أجل لعوب مثلك... كنت عندها قبل قليل ووضحت لي كل شيء...
يبدو أن ماجدة قد فقدت ورقتها الأخيرة المتمثلة في دعم رجل بحجم الدكتور حسن... لقد أطاح القدر بحصونها جميعها واحدا واحدا وفي الوقت التي تعالت فيه ضحكات نصرها بتخلصها من لينا تفاجأت بأن الأمور انقلبت رأسا على عقب وأصبحت كل أوراقها مكشوفة...
ماذا الآن يا ماجدة، هل ستكون هذه لعبتك الأخيرة أم أن بجعبتك المزيد؟


*****


حل الليل وكان فراس بالصالة يتفرج على التلفاز وهو ينتظر وصول نهاد لتناول العشاء، إنه متيقن من أنها لن تتركه فجأة ودون سابق إنذار مع أنه توقع منذ البداية أنها لن تعود مبكرا. سمع صوت ضحكاتها المختلسة وهي تهمس لأحد ما أن يكف عن قول المزيد، فأدرك سريعا من يكون زائره، التفت من حوله ليجدها تدخل ومعها ريان الذي كان يحمل ابنه النائم على ذراعه وهو يثرثر بكلام جعلها تحمر خجلا وتهي تغالب الضحك.
فراس: مرحبا بصهري...
ريان: كيف حالك؟
فراس: الحمد لله... وأنت؟ أو مهلا دعني أخمن... بغض النظر عن كل شيء أنت في أحسن أحوالك.
ريان: تخمينك جيد على غير العادة...
داست نهاد على قدم ريان فهي تعلم أنه بسبب الشرط الذي وضعه سيبدأ ريان بمضايقته...
نهاد: أين فريدة؟ هل سنجتمع لتناول العشاء أم ماذا؟
فراس: كنا بانتظارك... تفضل ريان، من هنا... سأطلب من ورد وضع وسيم في سريره، يبدو أنه تعب من اللعب اليوم.


دخل هادي غرفة لينا التي كانت تحاول الغط في النوم وما إن سمعت وقع خطواته حتى ظنت أنها الممرضة ورفعت رأسها باتجاهها. تسمر هو مكانه للحظات من نظراتها المذهولة، وكيف لا تصاب بالفزع والذهول وهي التي اعتقدت أن زياراته السابقة مجرد واجب ليس إلا... كيف لا وهو لا يقول أي شيء غير النظر إليها والاستماع لصفية وهي تحاوطها بالعناية والاهتمام... أما الآن فقدومه في هذه الساعة ليكون وحده أمر يدعو لإعادة النظر.
دنى بضع خطوات وعندما صار على مقربة منها همس بصوته القوي الذي تهابه والذي حاول جاهدا ليجعله لطيفا لكنه فشل تماما: كيف أنت الآن؟
نظرت كالبلهاء إليه للحظات ثم حركت رأسها بالإيجاب ورددت: بخير، بخير... تحسنت.
ابتسم هو ابتسامة حانية لم ترتسم على شفاهه من قبل... اندهشت لينا وهي ترى أن والدها يستطيع أن يكون كأي أب عطوف يمنح الحب لأولاده ولو عن طريق بسمة لا تكلفه غير تحريك شفاهه مع صدق في عاطفة مصدرها القلب.
قرب ذلك الكرسي وجلس عليه باعتدال محاولا أن يجد الكلمات ليبدأ موضوعه.
هادي: تلك اللعينة التي تسببت في إيذائك... سأحرص على أن أجعلها تتعفن بالسجن حتى آخر يوم من عمرها...
بلعت لينا ريقها وهي التي تعرف من صدق وعيد والدها. ليتابع وهو ينظر إلى الأرض.
هادي: جئت أخبرك أن... أن مكانتك بمنزلي ستبقى محفوظة دائما... دائما... أو على الأقل حتى أموت.
تأثرت لينا بكلامه عن الموت أكثر من فتحه لذراعيه لها من جديد، إنها تخشى عليه من أي شيء قد يؤذيه، رغم أنه أذاها كثيرا فيما مضى...
لينا: أبي... كنت سأزورك حتى وإن لم تقل هذا الكلام... فقط كنت سآخذ احتياطاتي وأنتظر مدة لا بأس بها قبل أن أخاطر بحياتي...
وابتسمت مع كلماتها الأخيرة فابتسم هو الآخر وقلبه مقهور. هذه الطيبة الكبيرة التي يحملها قلبها تجعله يشعر بالخزي من نفسه ومن كل الشر الذي يملؤه. لطالما حقد عليها وكرهها أو بالمعنى الأصح كره تصرفاتها، وهي الوحيدة من بين كل أولاده التي يشعر بصدق محبتها له. حتى في أشنع ما فعلته به يوم سلمت السندات لريان، قالت أنها فعلت ذلك حتى لا يعذبه الله بقبره، أي أنها فعلت ذلك من أجله وليس انتقاما منه ونصرة لابن أخيه... ولم يدرك يومها أي جوهرة ثمينة خرجت من صلبه حتى كادت تتحطم وتتناثر بعيدا عن مرمى يده... عندما هددته بالرحيل أدرك حجم محبته لها وعرف قيمتها... عندما وضعها في كفة ووازن باقي اخوتها معها عرف لمن دائما ترجح الكفة... وأدرك سريعا من أنه سيضيع أجمل ما كان سيكون بحياته... منحته الحياة فرصة ثانية وعادت لينا للحياة من جديد، إنها فرصة ثانية وليس غيره أوفر حظا لينال هذا الامتياز... فهل سيستدرك أخطاءه معها قريبا؟


انتهى الجميع من العشاء وجلسوا بغرفة الاستقبال فأحضرت ورد الشاي الساخن وتركت نهاد تصبه وتقدمه لأخيها وريان اللذان كانا يتحدثان بالضبط عن هادي.
فراس: إنه يزورها بالمستشفى يوميا... لكنه لا يقول غير بضع كلمات... في الحقيقة أنا أخرج لإفساح المجال لهم لأنني لم أعد أحتمله.
ريان: يالطيبة قلبه ! حنون عمي هادي... من أول يوم له حنون وقلبه رقيق... حتى أن ماضيه يشهد له بصفاء قلبه...
ضحك فراس من تهكمات ريان بينما قدمت نهاد الشاي بصوت صارم: كفى غيبة...
رد عليها الاثنان مرة واحدة الأول، قال: لست أدري من أكثر غيبة نحن أم النساء !
والثاني كان كلامه: تقضين أنت وفريدة كل الوقت في الثرثرة لتتفلسفي علينا الآن !
جحظت نهاد بعيونها مستنكرة الهجوم شرس من كليهما عليها دفعة واحدة.
نهاد: لماذا لا نتحدث عن أمر ذا أهمية... مثلا عني و ريان...
فراس: مبارك رجوعكما... لم يتسن لي قول هذا من قبل.
ريان: شكرا...
نهاد: أشكرك أخي... برجوع لينا إلى البيت من جديد سليمة معافاة سنفرح أكثر...
جاء صوت ريان الصارم: لقد حدثتني نهاد عن شرطك لنرجع لبعض... و...
قاطعته هي حتى لا يتفوه بحماقة ما: أخي لقد وعدني ريان بإقامة حفل لنا لكن وفاة ناريمان ـ رحمها الله ـ بهذه الطريقة يجعل الأمر مستحيلا لذلك قررنا أن نعلن هذا الخبر على المقربين ومن المؤكد أنه سينتشر في كامل البلدة بعد بضه أيام إن لم نقل ساعات...
فراس: المهم أن تكونا سعيدين... على أن تعتني بها جيدا ولا تسبب لها مزيدا من الأسى.
حط ريان ذراعه على الأريكة حيث كانت تجلس نهاد وكأنه أراد أن يحيطها به فضربته بمرفقها حتى يبعده ولا يحرجها.
ريان: مؤلم !.. لابأس، كنت سأقول أنني سأحسن الاعتناء بها جيدا... إنها في أياد آمنة.
ابتسمت نهاد والغبطة تملؤها لسماع وعود ريان والذي يبدو واثقا من تنفيذها... إنه لا يريد أن يعكر حياته من جديد بأي شيء ينغص عليه راحته... الماضي رحل مع الماضي، أما هو فسيعيش اليوم بتفاصيله وسيتفنن في جعل الغد أفضل، سيربي ابنه ويمنحه كلما أراد من والده أن يمنحه إياه... كلما تمناه وافتقده... وسيكون الغد مشرقا بإذن الله.







بريق أمل غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 24-11-16, 04:24 PM   #558

بريق أمل

كاتبة في قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية بريق أمل

? العضوٌ??? » 381251
?  التسِجيلٌ » Sep 2016
? مشَارَ?اتْي » 515
?  نُقآطِيْ » بريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 7 ( الأعضاء 5 والزوار 2)
‏Sarah S, ‏ام منار, ‏MaNiiLa, ‏khadija11, ‏كلابي

مرحبا جميعا يسعدني تواجدكم يا حلوين.


بريق أمل غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 24-11-16, 04:27 PM   #559

بريق أمل

كاتبة في قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية بريق أمل

? العضوٌ??? » 381251
?  التسِجيلٌ » Sep 2016
? مشَارَ?اتْي » 515
?  نُقآطِيْ » بريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رانيا فتحى مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
مرحبا حبيبتي متابعة شيقة


بريق أمل غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 24-11-16, 04:30 PM   #560

بريق أمل

كاتبة في قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية بريق أمل

? العضوٌ??? » 381251
?  التسِجيلٌ » Sep 2016
? مشَارَ?اتْي » 515
?  نُقآطِيْ » بريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond reputeبريق أمل has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سجدة طاهر مشاهدة المشاركة
ان شاء الله ف الانتظار ع نار

يارب النهاية تكون جميلة مثلك
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
مرحبا حبيبتي
أنتي الأجمل يا حلوة
إذا ما كانت النهاية جميلة أكيد راح ترجموني حجارة ... هههههههه
النهاية راح تكون هادئة وعندها معنى وأكيد راح خليها تسركم نشالله.


بريق أمل غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
بقايا ركام.نهاد.ليوباردو

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:34 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.