شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء ) (https://www.rewity.com/forum/f118/)
-   -   بقايا ركام *مميزة ومكتملة* .. بقلمي Sarah S (https://www.rewity.com/forum/t355931.html)

بريق أمل 07-11-16 09:31 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قمر الليالى44 (المشاركة 11680983)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
يا مرحبا يا قمر منورنا والله

اولا سورى على التاخير الاضطرارى
ولا يهمك يا حبيبتي ماحنا كلنا في الهوا سوا...
أحيانا بتكون مشاغلي لفوق راسي وما بفضا خالص...


وثانيا قريت الفصول الثلاثة مع بعض
نهاد وليو
نهاد مصرة على الطلاق من ليو الذى وافق على طلاقها
وهى لن تحرمه من رؤية ابنهما وسيم الذى راه ليو واحبه جدا
طبعا هو فراق قاسي جدا على كليهما...
يبدو أنها قررت نهاء الموضوع وطرده نهائيا من حياتها
يحزنني كثير أمر ريان، كان فيها تعطيه فرصة ثانية...

ناريمان وقعت فى المحظور مع وجدى زوج ميس
فهى خانت فواز ووجدى خان ميس
وانخربت... انخربت الدنيا من ورا عملتهم السودة...
ياترى كيف راح يتصرف لثنين وإيه نهاية الخيانة دي
ومعقول يعرف فواز أو ميس بالموضوع؟


ففواز طردها بعد ان اكتشف كذبها بخصوص حملها واجهاضها سابقا ومرتين
كذبت عليه وجنت تبيعات أعمالها القذرة...

حسن تزوج من ماجدة الزفتة التى لاتحق بعيونها فراس
ما لقت غير حسن لتعلق فيه...

فراس وليان وغيرتها عليه من ماجدة
الظاهر لينا راح تموت في حبو لفراس
بيستاهلو يفرحو مع بعض.

سلمت يداكى يا سارة
وبانتظار القادم
الله يسلمك يا روحي تشكري
وتقبلى مرورى المتاخر

هاي منها مشكلة حبيبتي أبدا انتي تشرفي وقت ما بدك...
تقبلي انتي تحياتي وسلامي يا أحلى قمر
نورتيني بوجودك والله...

نادية ورود 07-11-16 09:47 PM

السلام عليك سارة
مبارك عليك التميز وفقك الله للمزيد من التألق.
اناحبيت روايتك كتير مع اني من النوع الي يحب الروايات القصير ويمل بسرعة لكن روايتك تخليني كل ماقرا فصل بنتضر الفصل الجاي بشوق وفضول كبير حتى شخصياتها رائعة وكل واحد فيهم عندو شخصية مختلفة عن الاخر
ان شاء الله راح اكون من متابعيك الاوفياء سلمت اناملك مشكورة

english 07-11-16 09:47 PM

السلام عليكم ورحمة الله

بريق أمل 07-11-16 11:56 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نادية ورود (المشاركة 11681204)
السلام عليك سارة
مبارك عليك التميز وفقك الله للمزيد من التألق.
اناحبيت روايتك كتير مع اني من النوع الي يحب الروايات القصير ويمل بسرعة لكن روايتك تخليني كل ماقرا فصل بنتضر الفصل الجاي بشوق وفضول كبير حتى شخصياتها رائعة وكل واحد فيهم عندو شخصية مختلفة عن الاخر
ان شاء الله راح اكون من متابعيك الاوفياء سلمت اناملك مشكورة

الله يبارك فيك يا حبيبي
هذا من ذ وقك تسلمي
مشكورة على كلامك الجميل والمشجع
اتمنالك متابعة شيقة يا روحي

بريق أمل 08-11-16 01:04 AM

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 7 ( الأعضاء 4 والزوار 3)
‏Sarah S, ‏المرهفه, ‏princess of romance, ‏كيوانو

rontii 08-11-16 10:15 AM

يا صباح الورد
ايه الفصل ده بقيييي
ناوية علي ايه يا سارة
اولا فيه نصيبة بالطريق اهو في بيت قيس ناريمان بتتحرش بوجدي و الحزمة شكله هيقع في الخطيئة
ريان مفيش منه امل و في لسانه اللي عايز يتشد منه عشان يعرف يتكلم
ريم يا ريم ده معاج تيجي ف يه نهاد كانت بدات تحن و تتكلم لوﻻ دخلتك
ماجدة صدق اللي قال اللي اختشو ماتو روحي ولعي في نفسك يا زفتة و خدي ناريمان معاكي
فراس و لينا اخيرا بدؤا مرحلة جديدة يارب تكمل للاخر
فصل جميل و منتظرة الجديد علي ناااار


شيري العالم 08-11-16 09:53 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بريق أمل 10-11-16 03:48 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة rontii (المشاركة 11682750)
يا صباح الورد
يا صباح الفل والياسمين يا رورو

ايه الفصل ده بقيييي
ناوية علي ايه يا سارة
ناوية على كل خير يا حبيبتي
معقولة لرواية تخلص من غير مشاكل:s_45::s_45::s_45:


اولا فيه نصيبة بالطريق اهو في بيت قيس ناريمان بتتحرش بوجدي و الحزمة شكله هيقع في الخطيئة
ده بيكون عمل غلطة عمرولو حصل المحظور...

ريان مفيش منه امل و في لسانه اللي عايز يتشد منه عشان يعرف يتكلم
ده يستاهل ضربة بالمقلاية على وشو هو التاني...

ريم يا ريم ده معاج تيجي ف يه نهاد كانت بدات تحن و تتكلم لوﻻ دخلتك
زي القدر المستعجل ههههههه

ماجدة صدق اللي قال اللي اختشو ماتو روحي ولعي في نفسك يا زفتة و خدي ناريمان معاكي
هههههه هما يولعو وانا وياك ندفا بالنار تبعهم....

فراس و لينا اخيرا بدؤا مرحلة جديدة يارب تكمل للاخر
ده نتي لو تقري الفصل الجاي راح تولعيني من عملتي السودة...
راح جيب آخرتهم كلهم قبل ما تخلص الرواية.

فصل جميل و منتظرة الجديد علي ناااار


شكرا على تعليك الحلو رونتي الفصل راحينزل بعد شوي

بريق أمل 10-11-16 03:54 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شيري العالم (المشاركة 11684919)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
متابعة شيقة

بريق أمل 10-11-16 04:07 PM

الفصل الواحد والثلاثون


https://f.top4top.net/p_2722qya1.gif


خرج وجدي من منزل قيس وهو يترنح كالمخمور فقد كانت الأفكار تتقاذفه يمينا ويسارا ولشدة تلاطمها في عقله كادت تطرحه أرضا.
مالذي حدث قبل قليل؟.. هل كان حلما أم حقيقة؟..
وجدي قبل أكثر من خمس سنوات كاد يسجن لأنه رفض الانصياع لنزوات فتاة طائشة تحرشت به مرارا وتكرارا...
وجدي، رفض العلاقة المحرمة مع ناريمان ماجعلها تتهمه بالاغتصاب وما أنقذه من السجن هي شهادة الحق التي أدلت بها ميس. بعد أن أدت القسم...
مالذي تغير الآن وكيف اقترف الذنب الذي عف منه وهو أعزب؟.. ارتكبه اليوم وهو زوج لأختها وأب لطفلتين وآخر في الطريق...
ضرب بكفيه على وجهه وكأنه قد استفاق لتوه ،وصاح بكمد : "يا إلهي...."
وجدي عندما مر من هنا لم يكن يقصد المجيء إلى ناريمان، وعندما حدثها لم يكن ينوي الدخول... فمالذي حدث !!!
لا يعقل هذا... كيف للأمور أن تنفلت من بين أصابعك في لحظات ودون حتى أن تشعر... عندما يزين لك الشيطان المعصية القذرة لتراها في أبهى حللها... فتنغمس في اللذة المحرمة وتنسى أن عليك رقيب والله من فوق سماواته السبع يراك، أفلا تستحي !!!
هو الآن يستشعر مرارة المعصية بعد أن انزاحت الغشاوة الشيطانية من أمام عينيه... أدرك لتوه هول وفداحة ما قام به في حق ربه، في حق نفسه كرجل ذو مبادئ، في حق زوجته التي رست بها أمواج أحزانها وماضيها البئيس على شاطئه، في حق ابنتين لن تتشرفا بما قام به في يوم من الأيام... وفي حق فتاة تائهة لعبت بها العواطف. وهو الذي تناسى أنها كانت له عاشقة منذ زمن... وهي الآن ملامة على ما حدث بالقدر نفسه. وقد كانت على الأريكة تضم ساقيها إلى ركبتيها بكلتا يديها وتروح إلى الأمام والخلف في تيه وضياع، قبل أن تنفجر باكية وهي تصرخ: "سامحيني أختي، سامحيني..."
الندم، ومالذي يفيده الندم بعد الفاجعة غير أنه يقتلك في كل لحظة مع سهم الذكرى الذي يقطر دما.

عادت نهاد إلى المنزل وهي تسرع الخطى والدموع تنحدر من عيونها من دون توقف ومرت بالقرب من فريدة التي كلمتها ولم تكلف نفسها عناء الرد إنما زادت من سرعتها لتصعد الدرج ركضا وتدخل غرفتها.
لكبر سنها لم تستطع صعود الدرج إلا بجهد وعندما وصلت إلى غرفة نهاد وجدت الباب مفتوح وحقيبتها ملقاة على السرير، اقتربت من باب الحمام فسمعت صوت الحنفية المفتوحة يمتزج مع آهات نواحها وشهقاتها... إنها نوبة انكسار تعلم جيدا مصدرها... إنه ذلك المجرم الذي دمر حياتها بمجرد أن فتحت له ذراعيها.
عندما أخبرتها نهاد هذا الصباح أنها ستوقع أوراق الطلاق دعت الله في سرها أن ينتهي هذا اليوم على خير. ولكن يبدو أنه حصل غير ذلك.

كان هو يجر ذيول الخيبة وهو يروح ذهابا وإيابا في غرفة الجلوس تحت أنظار ريم التي لم يكن ليخفى عليها قلقه واضطرابه وربما أيضا نكساره بعد أن شاهدت أوراق الطلاق التي ألقى بها قبل قليل على الطاولة كأي شيء قذر تعافه نفسه...
رددت بأسف: أتمنى أنني لست سبب المشكلة...
فرد عليها بحنق وغضب يحاول كبحه: أسمعتني هذا أكثر من مرة...
أجفلت من صوته القوي وشاهدته يصر على أسنانه ولم يكن صعبا عليها أن تعي حجم البركان الذي يتقد داخله، وقفت بعد أن علقت حقيبة يدها على كتفها وهي تردد بصوت خافت: آسفة... سأغادر الآن.
مشت بضع خطوات ليلحق بها ويوقفها بعد أن هتف باسمها، التفتت اليه ليتململ ويهمهم ثم يقول أخيرا: ليس خطأك يا ريم... إنه خطئي أنا وحدي...
عادت ريم أدراجها ووضعت يده بين يديها مواسية وهي تقول: اختر بداية جديدة يا ريان...
كانت تعلم أنها قريبة منه أكثر من أي كان... بحكم تغلغلها لأعماقه واكتشافها بعضا من أسراره... تعلم أنه يرتاح إليها ويحب الحديث معها، لأنه يجد كل التفهم والآذان الصاغية...
الحقيقة التي اكتشفتها ناريمان إذن لم تكن من صنع مخيلتها إنما هي واقع محتم تؤكده نظرات الشغف تلك التي كانت ترمقه بها ريم.
سحب يده منها وهو يتنهد ثم وضع كلتيهما في جيوب بنطاله وسار باتجاه غرفة الاستقبال من جديد وهو يردد: اعتقدت أنني مت حقا برحيلها قبل سنوات... لكنني اكتشفت أن هذه كانت طعنتها الأخيرة.
كانت هذه الكلمات هي الطعنة التي تلقتها ريم في الصميم، فعلى الرغم من مصارحته لها بأمور كثيرة لا يخبر بها غيرها إلا أن هذه أول مرة يصرح بعشقه التام لزوجته السابقة بطريقة يائسة.
طأطأت رأسها وقد شعرت بخدر وألم يهاجمها، لكنها على علم تام أنه ليس الوقت المناسب للتفلسف عليه وزرع أفكارها القاضية ببدأ حياة جديدة بعيدة عن الماضي. رمقته أخيرا بنظرة متفائلة مطمئنة له أن المستقبل سيكون أفضل بكثير وهي تردد: ستكون بخير ريان... ثق بي.
ابتسم هو لكلماتها المشجعة وحرك رأسه بالايجاب. تلك الابتسامة التي تعشقها ريم. والتي تعتبر نفسها الوحيدة الأحق بها لأنها من نجحت في رسمها على شفاهه بعد كل أعوام الخراب التي وقفت الغربان على أطلالها طويلا.
خرجت أخيرا وهي تلوح بمفاتيح سيارتها بين أصابعها في حركات نشيطة، كيف لا وقد شحنها ريان بطاقة إيجابية من تلك الابتسامة التي تبعث بداخلها شعورا عميقا لن يفهمه أحد...

وصل حسن إلى منزل رشوان هو وماجدة وبقيا لتناول الغداء رفقة العائلة تحت إصرار فريدة. كان فراس جالسا على الأريكة يهز بقدمه على الأرض وهو ينظر إلى ساعة يده منتظرا لينا ليتوجهوا إلى طاولة الطعام. وماجدة ترمقه بنظراتها الولهانة.
حسن: تأخرت لينا...
فراس: بدأت أقلق، ليس من عادتها أن تخرج دون أن تترك أي خبر، كما أنه لا دوام لها اليوم .
ماجدة: تمشينا بالحقول لفترة ثم قالت أنها ستزور ريان لتحدثه بشأن نهاد على ما أظن فتركتها وتوجهت إلى منزل هادي لرؤية زوجي حسن.
ووضعت يدها على يد حسن فشد عليها هذا الأخير بينما قام فراس من مكانه وهو يحمل هاتفه ويكرر الاتصال بها.
فراس: كالعادة... هي لا ترد...!
ماجدة: اتصل بريان... لابد وأنها هناك أو مع بهية ووديع. لقد بدوا لي لطفاء ليلة البارحة إنهم رائعون ومن الطبيعي أن تنسى الوقت بصحبتهم.
اتصل فراس بريان الذي أجابه على الفور، وسأله عن لينا فأخبره أنه لم يرها مطلقا... وتكفل بنفسه بسؤال بهية وحتى ميس ان تطلب الأمر.
بعد بضع دقائق عاود ريان الاتصال ليخبره أنه لا أثر لها عند أي منهما.ازداد توتر فراس وقلقه، وكأن شيئا ما يخبره أن تواجدها مع ماجدة لم يمر على خير.
خرج إلى فناء المنزل وهو ينادي على عمار بعصبية وغضب تعكس الاضطراب بداخله. فجاء الأخير ركضا وهو متأهب للأسوأ متخوفا من نبرة فراس التي لم يتعود عليها.
فراس: عمار ألم تشاهد لينا؟
عمار: رأيتها قبل ساعتين تخرج مع ماجدة من هنا وهما تتبادلان الحديث...
كان فراس يعلم بهذا فقد أخبرته ماجدة بالأمر وقبلها فريدة لكن ما يهمه أكثر هو أين اختفت؟ في الأمر خطب ما ويجب عليه أن يعرفه...
صاح بعمار من جديد: اطلب من كل العمال التوقف عن العمل واجعلهم يبحثون عنها في كل شبر من البلدة.
كانت ماجدة تقطع خطواتها الأخيرة باتجاهه وهي تستمع لما يقوله.
ماجدة: مابك فراس ! لا أعتقد أنها تاهت فهي تعرف هذه البلدة منذ صباها؟
التفت إليها بغضب: لأكون صريحا وجودها معك لا يطمنني...
استنكرت ماجدة الأمر وردت محتجة: مالذي قد أفعله أنا لفتاة مثلها؟ ثم لماذا قد أفكر في أذيتها؟ أتعتقد أنني مازلت هائمة بك كما في الماضي !..
ونظرت خلفها لتتأكد أن حسن لم يلحق بها ثم تابعت تقول: فراس، ما كان بيننا قد انتهى وأنا أفكر لبداية جديدة مع زوجي... فلا تثر المشاكل بفتح هذا الموضوع أمامه.
صمت فراس وهو يحاول أن يصدق كلماتها التي لم يهضمها أبدا.
تابعت هي كلامها وهي تعقد ساعديها متحدية: إذا كنت أنا من تسبب في أذيتها كما تفترض هل كنت سآتي إلى هنا وكأن شيئا لم يكن ! على الأقل كنت لأخترع أي حجة أو أهرب وأختفي... هل تعتقد أنني بهذا الغباء كي أتسبب في أذيتها ثم آتي أنا وزوجي لنتغدى معك !!!
وزفرت بانزعاج: فراس... لينا لا تعني لي أي شيء حتى أفكر في أذيتها.
هذه الكلمات المطمنة كانت لتبعث الراحة في نفس فراس، لكن هناك ما ينغص عليه شعوره ذاك فحدسه ينبئه أن لينا في خطر محدق.

في غرفتها كانت نهاد تغوص في نوم عميق بعد بكاء شديد خارت فيه كل قواها. أوصدت فريدة الباب عليها حتى لا يوقظها وسيم الذي كان يسأل عنها قبل لحظات وسارت في الرواق وهي تفرك يديها في قلق مفكرة فيما يمكن أن يحصل للينا ويمنعها من المجيئ. لتمتم أخيرا بين شفاهها: يا رب احمها من كل سوء... فراس يبدو سعيدا معها هذه الأيام... لا تأخذها منه... ليس كما رحلت نجلاء من قبل.

وصل ريان إلى منزل رشوان. ذلك المنزل الذي لم يعتقد أبدا أنه سيدخله بعد يوم زفافه من نهاد قبل خمس سنوات. بالحديقة كان فراس واقفا وقربه ماجدة. ألقى التحية ، فرد عليه الاثنان ثم انسحبت ماجدة لتفسح لهما المجال للحديث.
ريان: هل من أخبار؟
رد فراس وهو يحاول إخفاء خوفه: لا أثر لها... ليس من عادتها أن تختفي بهذه الطريقة... حدسي يحدثني بالأسوأ... أيمكن أن تكون في منزل والدها؟
وهم بالتحرك ليبحث عنها هناك، فأوقفه ريان وهو يضع يده على كتفه.
ريان: كنت هناك للتو... قالت أمها أنها لم تأتي منذ أن حصلت تلك المشكلة بينك وبين والدها... وأخبرني النذل أنه غير مرحب بها عنده...
فراس: ليسَتْ في حاجة إليه.... وآسف لأني جعلتك تدخل ذلك المنزل مع كرهك الشديد لعمك، لابد وأنه لم يتوانى عن الاساءة إليك...
ريان: يومي عكر بما فيه الكفاية لدرجة أنه لن يتمكن من تعكيره أكثر... دعنا الآن نبحث عن لينا لأنني لا أريد التفكير بالأسوأ...


حل الليل ليغطي تل الحجارة بستاره الأسود الذي زاوجه الرعب هذه الليلة، فكل من يعرف لينا أضحى حزينا يساوره القلق... عمال فراس ورجال ليوباردو يبحثون عنها منذ الظهر دون أي جديد يُذكر، وهذين الأخيرين قد امتطيا الأحصنة ليسهل عليهما تجاوز تضاريس المنطقة وهما يستخدمان المصابيح بحثا في كل مكان يخطر على بالهما، فكرا حتى بأسوأ الاحتمالات فبحثا على ضفاف النهر وأسفل المنحدر، في أعماق الغابة ، وفي كل مكان قد تلقى حتفها فيه... وهما الآن يسيران على مهل فوق جواديهما. قمة الانكسار والاحباط يمكنك النظر بوجه فراس ليختصر لك كل العبارت المرة... تنهد بألم يحرق أحشاءه وهو يلتفت إلى ريان الذي كان خلفه بقليل.
فراس: سأتصل بنصر... يجب أن نبلغ الشرطة... يجب أن يتحركوا في الحال !
ريان: أنت تعلم أنهم لن يتحركوا قبل مرور ثمان وأربعين ساعة...
فراس: أكاد أجن !.. أكاد أجن ! كيف هي وأين يمكن أن تكون ؟... مالذي حصل بالضبط... كيف يمكن أن تختفي هكذا فجأة !
نظرات ريان العميقة توحي أنه يشك بأمر ما. نظر إلى فراس وهو يسأله: هل ربطتك علاقة في الماضي مع ماجدة؟
تفاجأ فراس من هذا السؤال الذي ليس له مبرر وأوقف جواده. ليلحق به ريان ويصبح بمستواه.
فراس: ما مناسبة هذا السؤال الذي ليس في أوانه؟
ريان: شاهدتك مرة قبل سنوات تخرج رفقتها من فندق بالمدينة... لست أحاسبك لكنني لاأعتقد أنكما كنتما تتفرجان عليه وحسب !
ارتسم الغضب على وجه فراس لتذكره الحادثة أولا وللأفكار التي تجول بذهن ريان الآن ثانيا. وردد بعنف: ليس كما تفكر... صحيح أنني كنت أحبها قبل زواجها من أبي لكنني ألقيت بها وراء ظهري بعد ذلك، لم يحصل بيني وبينها أي شيء على الإطلاق...
ريان: لا يهمني هذا... ما يهمني أنها مازالت متعلقة بك.
صمت فراس وهو يحاول فهم تلميحاته ليتابع ريان: نظراتها ليلة أمس كانت واضحة جدا ولم تفتني... وبما أنها آخر من شاهد لينا فمن الواضح أنها هي فقط من تعرف أين هي الآن...
فراس: لكنها تتصرف بطريقة عادية، لقد فكرت بنفس الطريقة ظهر اليوم ولكن منظرها لا يوحي أنها قد تقترف جرما كهذا...
ريان: بل يوحي يا فراس، أستطيع تمييز نظراتها الإجرامية وإن أخفتها بألف دليل... تعلمت من ناريمان، أن المرأة المهووسة قد تفعل أي شيء للحصول على ما تريد...
ضربت هذه الكلمات بصدر فراس بقوة فبلع ريقه وهو يحدق بوجه ريان بهلع.
فراس: هل يمكن أن تؤذيها؟..
ريان: آمل أن أكون على خطأ...


نهاد في غرفة الاستقبال تقف عند النافذة طوال الوقت بانتظار عودة فراس أو سماع أخبار عن لينا. شاهدت عمار قادم من بعيد فأسرعت إليه لتلتقي به في الحديقة. أخرج من جيبه هاتفا فأخذته منه بسرعة وراحت تتأمله برعب.
نهاد: إنه للينا ! أين وجدته يا عمار؟
عمار: وجده أحد العمال على حافة الطريق بين الأعشاب... لم ينتبه إليه حتى سمع رنينه، ويبدو أن السيد فراس كان المتصل.
ضربت نهاد على رأسها بخيبة أمل، هذه ليست إشارة جيدة على الاطلاق.


بعد أن تحدث فراس إلى عمار أقفل الخط وقد علا الشحوب وجهه، ليصيح به ريان: مالذي قاله؟
فراس: عثروا على هاتفها النقال على حافة الطريق... أسرع لنتفقد المنطقة هناك...
ريان: سرح عمالك، سنستمر بالبحث عنها طوال الليل ورجالي الأكفأ لذلك.

أما ميس فقد كانت تروح وتجيء داخل الغرفة وهي مهمومة تفكر. ووجدي على الأريكة شاحب اللون لا يقول شيئا وكأنه غريق بلج بحر أسود لا نور فيه.
ميس: يا إلهي... أرجو من الله أن تكون بخير... غيابها كل هذا الوقت لا يطمئن أبدا...
لم يجبها وجدي للمرة الخامسة وكأنه لا يسمع ما تقول. أثار الأمر حفيظتها فاقتربت منه واضعة كفها على كتفه، فاستدار مبهوتا كأن أفعى لدغته. اندهشت ميس لما يحصل معه وجلست بالقرب منه، ثم راحت تتفقد حرارته.
ميس: وجدي حبيبي، وجهك شاحب كالموتى ! هل أنت مريض؟
حرك رأسه نفيا وهو يتمتم ببعض الكلمات التي لم تستطع فهمها.
ميس: يداك باردتان كالثلج... أعتقد أنها الحمى... آسفة حبيبي... آسفة لأنني أهملتك وانشغلت بالتفكير في لينا طوال اليوم.
وأخيرا استطاعت أن تفهم منه كلمة: لا بأس...
ساعدته ليصل إلى الغرفة وغطته وهي تتحسس جبينه وتسأله عن موضع ألمه، ولم تكن تدري أن قلبه ينزف ندما وقهرا واحتقارا لذاته.


وصل ريان مع فراس للمكان الذي تم العثور فيه على هاتف لينا وقام بنشر رجاله في الأرجاء تحت اشراف فواز الذي كان سيصاب بالجنون في هذه الأثناء شأنه شأن فراس.
بعد بحث طويل لم يسفر على شيء عادوا واجتمعوا في نفس النقطة. بدى الحزن والغم على فراس الذي فقد أعصابه عن آخرها، البرد شديد والظلام حالك وزوجته في مكان ما تعاني وحيدة... هذا إن كانت ما تزال على قيد الحياة !
ضرب بقبضته مرارا وتكرارا على جذع الشجرة ليفرغ شحنات غضبه ثم أسرع إلى حصانه وهو يردد: تلك المقيتة... سأقتلها، إن كانت هي السبب في اختفائها أقسم أنني لن أتركها على قيد الحياة لحظة واحدة.
وصل المحقق نصر في هذه اللحظة بالذات فأوقف سيارته وأسرع إلى حيث كان يقف ريان وفراس.
نصر: هل من جديد؟ لماذا لم يخبرني أحد؟
ريان: كنا نعلم أن الشرطة لن تتحرك سريعا ولم نشأ إزعاجك...
عقد نصر حاجبيه: هل تعُدُّني غريبا؟.. لولا نهاد لما عرفت ما حصل !
لم يرق لريان آخر جملة قالها وراح يردد في داخله: هكذا إذن ! وقعتي أوراق الطلاق لتتزوجي هذا الغبي !!! يبدو أن علاقتكما طيبة !!
ورجع للواقع على صوت نصر من جديد: أخبروني ما توصلتم إليه حتى الساعة... يمكننا أن نصل إلى نتيجة منطقية ما. هي لن تختفي من على وجه الأرض هكذا فجأة...
تقدم فواز وهو يحمل هاتفها النقال ثم قدمه لنصر ووضح له المكان الذي عثر فيه العامل عليه فأسرع هذا الأخير يتفقد المكان وهو يقلب الحجارة هناك ويتفحصها تحت ضوء المصباح.
عقد ريان ساعديه وحاجبيه باستخفاف: سننتظر بزوغ الفجر لينتهي من تفقد الحجارة حضرته.
لم يجبه فراس الذي خارت قواه كليا ولم يعد يقوى حتى على الوقوف. ليصيح نصر بهما مناديا فأسرعا إليه.
حمل حجرا كبيرا ووضعه تحت ضوء المصباح ليُفاجآ بوجود آثار دماء عليه.
نصر: من البديهي أن أفكر في أداة الجريمة... وغالبا ما تكون من محيط الضحية. وبما أن هذا الحجر هو الأداة فإن الجريمة لم يكن مخطط لها، بمعنى تأزمت الأمور بين الضحية والجاني مما أدى به إلى التخلص منها بأي وسيلة تعترض طريقه...
وحرك الحجر بين يديه، مكملا كلامه: وما أكثرها الحجارة في هذا المكان.
جن جنون فراس وهو يرى دماء لينا على ذلك الحجر واشتعلت النيران بداخله بينما حمل نصر هاتفه ليتصل بمكتبه حتى يبعثوا بفريق البحث الجنائي ويفتح القضية رسميا بعد أن ظهر دليل على أن الاختفاء جريمة ليس إلا.

بعد أن أنهى نصر محادثته كلمه ريان: ابدأ التحقيق مع ماجدة الزوجة السابقة لجمال رشوان، من المؤكد أنها متورطة في القضية... هي آخر من كلمت الضحية كما تسميها حضرتك.
نبرة الاستخفاف مع نطقه لآخر كلمة لم تفت نصر، لكنه لن يدخل معه في متاهاته.
نصر: سنستدعيها للتحقيق في أقرب وقت ممكن...
فصاح به فراس: الآن، الآن... قد تكون لينا بين الحياة والموت...
نصر: لا تقلق فراس... سنجدها ان شاء الله.
وأضاء بمصباحه من جديد يتفقد المكان وريان يراقب عمله بازدراء. ثم التفت إلى فراس الذي كان في حالة قلق شديد وهمس له مطمئنا.
ريان: لا تخف شارلوك هولمز يقوم بعمله...

في منزل هادي كانت صفية تموت رعبا وخوفا من فقدان ابنتها إلى الأبد حتى الآن لم تسمع أي خبر عنها. حسام يتصل بمنزل رشوان فتجيبه فريدة أنه لا جديد يذكر وكل هذا يحدث من دون علم هادي لأنه حذرهما من أن يذكرا اسمها بالمنزل ولو عن طريق الخطأ.
يتمزق قلب أمها عليها... لا تستطيع أن توقف شلال دموعها ولا أن تدفع بالمخاوف بعيدا عنها... تشعر بحدس أمومتها أن مكروها ما قد أصابها. حتى أن قلبها كان منقبضا منذ الصباح الباكر، ليزورهم ريان عند الظهر ويخبرهم أن لينا مفقودة... في تلك اللحظة أرادت الخروج للبحث عنها بكل مكان، لكن تلك النظرة الشرسة من هادي ألجمتها وألجمت كل مخاوفها وجعلتها تركن إلى الانطواء إلى دموعها كما هي عادتها.

نطق نصر بعد فترة وجيزة مشيرا إلى آثار جر على الوحل بالطريق لا تكاد تكون واضحة بعد أن داس عليها الرجال في مهمة بحثهم الحثيث طوال اليوم.
نصر: كما توقعت تماما، قام الجاني بإفقادها لوعيها ثم جرها بهذا الاتجاه. وأشار إلى الغابة فنظر الجميع إلى تلك الوجهة ليتأهب فراس كما لو أن عقربا لسعه.
فراس: بهذا الاتجاه يقع منزل أسرة ماجدة ! إنه مهجور الآن لكنه لا يزال منتصبا مكانه...
واعتلى صهوة جواده ثم أقلع مسرعا ليلحق به ريان على حصانه بينما أسرع نصر والباقون ركضا بما أنه لن يستطيع التوغل في الغابة بسيارته.

دخلت بهية مع وديع إلى منزل رشوان ومعهما ريم التي تكفلت بإيصالهما بالسيارة فالليل حالك والوقت متأخر كما أن أخاها إياد كان قد سافر صباح اليوم إلى العاصمة لإنهاء بعض أموره العالقة هناك.
كانت بهية تذرف الدموع وفريدة تحاول بعث الطمأنينة فيها ثم أوصلتهما إلى نهاد التي كانت بغرفة الاستقبال في وجوم وأسى شديد.
وقفت نهاد فاسرعت بهية لضمها وهي تبكي وتردد: أخبريني أنها بخير... قولي أنها على قيد الحياة..
لم تجد نهاد أي كلمة تواسي بها بهية فلا أحد يعرف كيف هي لينا في هذه الحظات، قد تكون حية أو ربما ميتة في مكان ما...
ضمتها تواسي حزنها وقلبها يتمزق من الداخل حزنا على هذا الفراق الذي لم يكن في الحسبان.


وصل فراس إلى ذلك المنزل الخرب والمهجور فترجل عن حصانه وهو ينادي بأعلى صوته: لينا !... لينا !...
وصل ريان بعده بقليل وترجل هو الآخر عن جواده ليضيء المكان بمصباحه محاولا العثور على أي دليل يؤكد أن لينا قريبة من المكان، في هذا الوقت كان فراس يضرب الباب بشدة بقدمه حتى تهاوت أخشابه المهترئة فأزاح البقية ملقيا إياها بعيدا عنه بكل ما أوتي من قوة وغضب ودخل وهو يسعل من شدة الغبار.
كان المكان يشبه المغارة لشدة العتمة بداخله والأتربة المتشكلة من كثرة الغبار. تلك القذارة تعكس المدى الطويل الذي أبقي فيه مقفلا دون أن يفتحه أحد، حتى أن هواءه كان خانقا رطبا محملا برائحة كريهة. دخل يقلب المكان تحت ضوء مصباحه بينما بقي ريان عند الباب يتأمل أركانه وهو يحرك مصباحه بكل اتجاه، لينطق أخيرا: فراس، يبدو أن المنزل ظل مغلقا لفترة طويلة، لا دليل أن ماجدة كانت هنا... لن نضيع الوقت، سنبحث في مكان آخر.
فراس الذي كان يفتش البيت شبرا شبرا لم يستمع لكلام ريان وتابع عمله دون حتى أن يلتفت إليه. فحرك هذا الأخير رأسه بخيبة متأملا ما بلغه صاحبه من اليأس ثم خرج يضيء المناطق القريبة من المكان.
ليلحق به فراس بعد أن انتهى من بحثه الذي لم يسفر عن أي نتيجة.
فراس: سأجن يا ريان... سأجن...
ريان: احتفظ بما بقي من عقلك، مازال أمامنا عمل كثير.
مع هذه الكلمات استقر مصباحه على بئر قديمة كبيرة الحجم بالقرب من بعض أشجار اللوز. التفت إلى رفيقه بصمت ليقفز الأخير من مكانه مسرعا حتى أشرف على البئر، فأخذ يلقي بالألواح التي تسد فوهتها بعيدا وهو ينادي على لينا ومن فرط قلقه واضطرابه هوى المصباح من يده ليستقر بالأرض الجافة قعر البئر مضيئا جثة ما غير واضحة المعالم. على هذا المشهد انهار فراس ولم تستطع قدماه حمله أكثر فخر على ركبتيه من فوره بينما استخدم ريان مصباحه ليتعرف على صاحب الجثة وقد سمع صوت نصر ورجاله الذين وصلوا توا للمكان.

https://d.top4top.net/p_298rapoi1.gif

إنها الواحدة بعد منتصف الليل. وصلت نهاد مع بهية وديع ريم وفريدة للمشفى وهي تحث الخطى باتجاه الاستعجالات سمعت صوت صفية تنادي عليها فتوقفت تنظر من حولها لتجدها مهرولة من بعيد باتجاهها ويبدو أنها قد سمعت الخبر للتو. توقفت صفية تلهث وسألت نهاد: أخبريني... كيف حالها؟.. هل هي على قيد الحياة؟.. أخبريني أرجوك...
نهاد: صديقيني لا أعرف شيئا... أخبروني للتو أنهم نقلوها لهذا المستشفى... هذا كل شيء. فراس هنا ولابد أنه يعرف كل ما حصل.

كان يجلس وحيدا بتلك القاعة الخالية . وجهه شاحب شحوب الموتى ويداه ترتعشان من الاضطراب والقلق. دخل ريان يحمل كوب قهوة وقدمه له وهو يسأله: هل خرج أحد من غرفة الطوارئ؟
حرك فراس رأسه نفيا ثم قوى نفسه وأمسك بكوب القهوة من يد ريان وارتشف القليل. بينما جلس هذا الأخير بالمقعد المجاور وهو يطلق تنهيدة محبطة. وقبل أن يقول أي كلمة وصلت المجموعة التي تقدمتها نهاد وما إن حطت عيونه على عيونها حتى توالت خيباته متذكرا توقيعها لأوراق الطلاق هذا الصباح، ليشيح بنظره عنها على عجل وكأنه يلومها على استعجالها ذاك...
أطلقت صفية أسئلتها المتوالية مع نحيبها الذي ملأ القاعة فأجابها فراس باقتضاب لأنه لم يكن قادرا على الكلام أبدا: لم يخرج أحد من غرفة الاستعجالات بعد ولسنا نعرف خطورة حالتها بالضبط.
نهاد: أين عثرتم عليها؟
فراس: ببئر قديمة بالغابة...
فريدة: عرفتم الفاعل؟
تضايق فراس من كثرة الأسئلة التي لم يكن في مزاج ليجيب عليها فأخذ ريان زمام المبادرة وأجاب بنبرته الصارمة: الشرطة تحقق.
ورفع طرفه للجميع منتظرا أو بالأحرى محذرا من أي سؤال آخر فسكت الجميع محتفظين بفضولهم بين جوانبهم.
لم ترق لنهاد نبرة صوته الحازمة التي يخضع لها الجميع وأعلنت التمرد على غطرسته فاقتربت من أخيها وهي تسأله: كيف كانت حالتها عندما وجدتموها؟
رد فراس وهو شبه منهار: في حال سيئة. قام المسعفون بإخراجها من البئر بعناية شديدة وقالوا أنها تتنفس، لكن...
وصمت متألما فشهقت صفية وراحت تنتحب. بينما هزته نهاد ليتكلم.
فراس: كانت الدماء تغطي كامل جسدها وبالكاد استطعت التعرف على ملامحها...
ارتجفت أطراف نهاد من هول ما تسمعه ولم تعد لها طاقة للوقوف أكثر فاستندت بظهرها على الجدار. وهي تستمع لنحيب صفية الذي دوى المكان...
خرجت الممرضة بعجل وهي تقول: نحن بحاجة لنقل دم الزمرة A موجبة...
تحرك حسام الأخ الأصغر وقد انتشلته هذه الكلمات أخيرا من البئر العميقة المظلمة التي كان يقبع فيها وقال بسرعة: أنا، أنا ...
اقتادته الممرضة معها لتوفير مزيد من الدماء للينا التي نزفت كثيرا. ووقف ريان للحاق بهما فالتفت إليه فراس: إلى أين؟
ريان: أحمل دماء "الأسرة السعيدة"... سأتبرع للينا، نحمل نفس الزمرة...
وأخيرا وجد ريان حسنة وحيدة لتلك الدماء التي تجري بأوردته والتي لطالما احتقرها وكرهها لأنها تذكره بجذوره المتوغلة في عمق تاريخ أسرته فأبا عن جد توارثوا هذه الزمرة A وانتشرت في أغلب أفراد الأسرة.


رن هاتفه قبل أن يبتعد فأجاب بسرعة كأنه كان في انتظار هذا الاتصال تحت تلك العيون المحدقة بفضول والصمت الذي ساد المكان بانتظار أي أخبار. صمت لفترة يستمع إلى ما يقوله محدثه ليشكره بالنهاية ويقفل الخط. انتبه لكل النظرات المتطفلة التي تتبع حركاته فقرر اسكات تساؤلاتهم.
ريان: يقول نصر أنه تم القبض على ماجدة وأنها بالسجن الآن، سيبدأ التحقيق معها فورا...
اشتد غليان الدم بأوردة فراس الذي حاول جاهدا كبحه عندما سمع اسم ماجدة، لتنطلق الأسئلة من جديد عن دخل ماجدة بكل القضية... أسرع ريان متملصا وترك تلك الأفواه الفاغرة لتتحول إلى فراس المسكين الذي لا طاقة له بكل ما يحدث حوله.

استمر تواجد لينا لساعات بغرفة العمليات والكل موزع على تلك الأروقة الهادئة ليلا بالمشفى في انتظار أي جديد . على عكس فواز الذي كان وحده بالحديقة يحتمي بمعطفه من البرد القارص وهو يدعو الله في قرارته أن تكون بخير وأن تنجو مما هي فيه. مازالت صورتها المخضبة بالدماء بعد انتشالها من قعر البئر لا تبارح خياله.
كم هو مؤلم أن ترى عذاب من تحب وكم هو مؤلم ألا تستطيع تقديم المساعدة... مرت ساعات وساعات وهو على تلك الحال بالحديقة هاربا من كل العيون التي تحيط به، لا يستطيع مداراة خوفه وقلقه وليس بوسعه أن يكذب على الآخرين ويواري صدق مشاعره... فالأفضل له أن يموت قهرا بعيدا عن كل العيون.
جاءت ساعات الصباح الأولى ليخرج الجراح من غرفة العمليات وقد بدى على وجهه التعب. أسرع الكل ليلتفوا من حوله ويحاصروه بنظراتهم القلقة وتساؤلاتهم التي لا تنتهي. أمسكت صفية بيده وهي تترجاه أن يقول أنها بخير وأنها لم تمت. تنهد الجراح بكل أسى وهو يرى ما بلغه أهلها من الاضطراب والقلق، ثم جاءت نبرته الهادئة التي حاول بكل ما أوتي من قوة أن تكون مطمئنة: لا تقلقوا... لقد عملنا كل ما في وسعنا، وحالتها مستقرة الآن... سنراقب تطورات وضعها في الساعات القليلة القادمة ، وإن صمدت ستكون هذه إشارة جيدة...
لم تستطع هذه الكلمات بعث الطمأنينة في تلك النفوس القلقة وإنما نبهتهم أكثر إلى خطورة وضعها. لينتشروا من جديد في الأرجاء كل ينتحب على حدى، بعد أن تملص منهم الطبيب طلبا للراحة.





الساعة الآن 06:06 AM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.