15-12-16, 02:21 AM | #101 | ||||||||||
نجم روايتي وكاتبة بقلوب أحلام و قسم قصص من وحي الأعضاء
| اقتباس:
و عليكم السلام ورحمة الله و بركاته تسلمي حبيبتي قمر... اممم كمان انت متقفة انه اغيد اعطاها التوصية... هو محسن بيعمل كدة عشان يحميهم من غدر الزمان اممم علاء منهك و متعب و بدو وقت ليرجع هدى مش ضعيفة قد مسالمة و تكره المشاكل العلاقة هتتارجح لحد ما يعرفوا شو بدهم ربي يسلمك حبيتي ز الله يعافيك و شكرا عالتقييم حبيبتي نورتي | ||||||||||
15-12-16, 02:41 AM | #102 | |||||||||||
نجم روايتي وكاتبة بقلوب أحلام و قسم قصص من وحي الأعضاء
| اقتباس:
اقتباس:
ربي يبارك فيك.. نورتي ما يوحشكيش غالي | |||||||||||
15-12-16, 03:07 AM | #103 | |||||||||||||
نجم روايتي وكاتبة بقلوب أحلام و قسم قصص من وحي الأعضاء
| اقتباس:
اقتباس:
اقتباس:
اقتباس:
نورتوا الرواية و سعيدة جدا جدا بتواجدكم فيها | |||||||||||||
15-12-16, 02:10 PM | #104 | ||||||||||
نجم روايتي وكاتبة بقلوب أحلام و قسم قصص من وحي الأعضاء
| اقتباس:
اممممممم في خاتمة نقطة و سطر قديم كان علاء متزوج هو بحاجة كان لمن ياخذ منه الزمام و الا لم وكل امه لتجد له عروس... و هدى نوعا ما، ريحته! لين اسمها... ههههههههه دي اللي بتسأل عنها طول الوقت يس هتسمعي عنها بس تستقر بذهنا صورة الابطال صحيح كلامك علاء عاوز الزواج ينجح بالورقة و القلم و دي كارثة لو اخذ رأيي اليوم المسا ان شا الله بيطلوا علينا و هن متطاوشين بس بنعرفهم اكثر ممكن تقولي محتاجة تذكرة خروج سريع و ان علاء انسب شخصية في الموجودين و اختيارها له كان ملائم وضع عم هدى المادي جيد لذلك لم تختاره لماله او لمنصبه لكن لحاجتها للخروج السريع! اغيد فعلا من أذكى أذكياء العالم... و لبنى كانت خطأ ناتج عن عدم حصوله على كامل المعطيات و استسلامه للاستكشاف البصري البحت! كلكم متفقين انه اغيد هو اللي زبط الها الوظيفة يس لبنى مش قليلة و هتكون ند بند... المقايس كانت عالية من كل النواحي لزواج أخواته... الزواج قسمة و نصيب... مشكلة الاخ انه بيخاف اكثر من ا لاب على الامانة اللي بين يديه عشان كدة بيكون خايف يزوجها لمن لا يستحق و تظن انه فقط يتخلص منها... و خوفة المرضي ناحيتهم قلل الفرص... زياد و دعد ربي يهنيهم و تستمر حياتهم للأفضل.. تسلمي قلبي جد على الرد الجميل و نورتيني قلبي | ||||||||||
15-12-16, 03:15 PM | #105 | |||||||||||
نجم روايتي وكاتبة بقلوب أحلام و قسم قصص من وحي الأعضاء
| اقتباس:
شوفتي كيف عملتها مع اني طلقت الكتابة خلال هالسنة 5544 مرة يلا كلهن فصلين كويس انه مش كثير تسلمي حبيبتي اقتباس:
جد حبيبتي كلامك بيأثر في فوقما تتخيلي... ربي لا يحرمني منك... سعيدة فعلا بتأثير حرفي فيك... ههههههههههه و انا كنت مبسوطة بالمدح الا لاقيت ابطالي بيسرقوا الاضواء مني يلا خليهم يفرحوا بحالهم شويتين يس دعد و زياد بدؤوا مرة ثانية صح... و يا رب يستمروا بالصح يا الله على اغيد شو محبوب... فعلا اغيد يحارب بشده لاصوله و دينه في هذا الوقت المرعب... الله كمان على لبنى... الكل حبها من اول نظرة... ما تلوموا اغيد على هيك علاء هو علاء... يريد ان يصنع الصواب... يريد الابيض ناصع... و هذه مشكلته لانه لا يوجد هذا اللون! نهاوند اممممممم بتظني انه الها تأثير؟؟ هدى مش قتاليه... هدى بتحب الهدوء و السلام... و ظنت هتحصل عليهم مع علاء... للأسف محسن مخه شمال و مش بيحسبها صح... هو بحاجة للراحة من توتره من حمله فعلا كما قلت ببسمة او لمسة حانية... فعلا الرجل الشرقي بدو دبح على جموه... يا عمي ليه هيك!! و انا فعلا ايناس بفخر فيك كأحلى قارئة و متذوقة للحرف... و الاقتباسات بيجي وقتها لا تهتمي... كلماتك دوما ترفعني للسحاب ربي لا يحرمني منك قلبي... و تسلم دياتك حبيبتي على الريفيو الجمييييييييييييييييييييل و اكيد دوما منوراني... | |||||||||||
15-12-16, 03:19 PM | #106 | |||||||||
نجم روايتي وكاتبة بقلوب أحلام و قسم قصص من وحي الأعضاء
| أتمنى أكون رديت على كل التعليقات المذهلة منكم غالياتي عزيزاتي قارئات الرواية المذهلات الحبيبات... انتظركم اليوم مساء مع الفصل الثالث بتطوراته و تشعباته... لن أجد في القدرة الكهربائية و النت لارسل دعوات للجميع كما فعلت سابقا لذلك اتمنى حقا من الجميع ان يشرفني مع الفصل الثالث... و هتظهر شخصية جديدة حلوة... دا اقتباس طيب ليها... ((عضت شفتيها، و هي تأخذ آخر خطوة ناحيته... يبدو مشغولاً و هو يستمع لطالب ما، يستفسر عن أمر ما... يميل برأسه منعزلاً بالكامل ليستمع بشكل جيد للاستفسار... المهم أنها وقفت بوجهها الصبوح يحيط به حجابها البيج و المتلائم مع ثوبها الفضفاض المحتشم... "دكتور يوسف" التفت إليها و كأنه لأول مرة يتعرفها، ثم رفع حاجبيه بطريقته المميزة و كأنهما سيلتصقا بمنابت شعره و تجاعيد فاتنة تتخطط على جبينه... "تلميذتي النابغة... أهلا لبنى و سهلا... نورت الجامعة و نور طاقم التدريس فيها بوجودك... للأمانة كان من الخسارة الفادحة للجامعة أن يحدث ذلك، لذلك فعلاً، فعلاً أنا سعيد لاستحقاق الحق!" بسمتها تتسع لتشرق ملامحها الناعمة مع ظهور طابع الحسن بذقنها، و حمرة خجلة تستوطن خديها... "شكراً... شكراً جزيلاً لك... أنت لا تعلم كم يعني لي هذا!" يبتسم هو الآخر و هو لا يدرك حقا ما الذي يجعل فاتنة كهذه تنجذب إليه...)) أنتظركم حبيباتي مع الساعة السادسة باذن الله ما لم يطرأ طارئ فكونوا بالقرب... | |||||||||
15-12-16, 07:02 PM | #107 | |||||||||
نجم روايتي وكاتبة بقلوب أحلام و قسم قصص من وحي الأعضاء
| الفصل الثالث (3) استيقظت و هي تشعر بإنهاك في كل عظام جسدها... النوم على الأريكة ليس مريح على الاطلاق... تأوهت بصوت خافت و هي تنهض ببطء تتأمل الكون حولها... تحاول أن تتذكر لم هي هنا... لحظات ثم الوجوم ارتسم على ملامحها و هي تتذكر الشجار الليلة الفائتة... كالعادة تفر كجبانة... تدفن رأسها بين كتفيها و تغادر دون شرف محاولة رد الطعنة الأولى! انتبهت لصوت ضوضاء بالخارج، إلا أنها لم تبالي... لقد اعتادت على تجسس نهاوند على كل خطواتها... بتشتيت معتمد لما حل بها، تذكرت كم مرة صرح زوجها برفضه لوجودها في المنزل... بل كاد أن يجن عندما أعلنت أنها تريدها أن تقييم بشكل دائم في ملحق العاملين بالبيت... لا تدري لم حقا لا يطيقها!... بغض النظر عن أخلاقها، و تحررها الواضح، و لبسها الفاضح مما حدا بها أخيرا أن تجبرها على ارتداء زي موحد للعاملين بالبيت، بغض النظر عما فات فإنها فتاة جيدة بعملها، و تتقن رعاية المنزل بشكل ممتاز! و بكل تأكيد ستكون المنبه الأول لأول مرة ستتحرر بها مشاعر الأخ زوجها! فتاة بمفاتن متفجرة في بيت لوح لا يشعر هي بكل تأكيد أقوى جهاز انذار! تنهدت من قلب قبل أن تعتدل بجلستها تدير عينيها في غرفة مكتبها... ظلت تحدق بالمكتب الأنيق و المصنوع بحرفية مذهلة، و طمأنينة تتسلل إليها... كان مكتب والدها... الشيء الوحيد الذي استنفذته من الديون التي تم دفعهم، عبر بيع بيتهم والانتقال للملحق الخاص بعمها... و هو أيضا الشيء الوحيد الذي نقلته معها لبيت زوجها... تصلبت في جلستها و هي تستسلم بذكرياتها لتعود لتلك الأيام... أحداث صدمتها و هي طرية في الثامنة عشر من عمرها، و أمها في أوج أنوثتها في أواخر الثلاثين من عمرها... الأيام التي تخلت بها عن كل شيء يخص هدى حبيبة والدها و مدللته، لتصبح هدى التي تتسول مكان للإقامة و النوم... المشكلة أن هذا لم يكن فارقا مع الطرف الآخر... مع امها... أمها التي انتقلت معها لبيت عمها... فالتسول لا يهم طالما استمرت بحياتها المترفة، و كأن وجودها في أي مكان هبة ربانية يجب أن نردها بإفسادها دلالا! بسمة ساخرة مريرة ترتسم على شفتيها، و عيناها تحيد للضوء الممتع لشمس الصباح من النافذة... ربما ما جذبها إلى علاء أن الأم مع كلاهما لم تكن كذلك... فأمها كانت، نهمة عطشة جائعة رغباتها عارية دوما، ليست مثل أمه تجيد تزويق رغباتها، تلبسها ثوبا أنيقا و تغلفها بطريقة راقية و تحاول أن تسبغ عليها لقبا جديدا! كلا... فأمها بدائية بطريقة منحطة! تفتح فاها ككلب جائع، بل تكاد تتلمس بأنفاسها الجشعة كل ما تسقط عيناها عليه... والدها منحها كل ما يملك و لا يملك، ليتوفى جراح القلب الكبير مثقلا بديونه... و يهتم أخاه الأكبر بكل شيء... يسد الديون، و ينظف السيرة، و يمنح ارملة أخيه و ابنته بيتا يسترهم... لكن الستر هو آخر ما يهمها... و لم يهمها أنها ستنتهك حرمة البيت الذي آواها... و لا يهمها أنها ستتدعى على حرماته، و تعيث به فسادا!... و المهين أن عمها و زوجته نكسا رأسيهما بخزي و لم يتحدثا! لذلك و لأول مرة تنفجر... طردتها بكلمات حادة كالسيف... أرسلتها خارج خارطتها لأهلها... و ربما لم تذهب إليهم! لكنها لم تهتم... المهم هو كيف تبقى بينهم و هي موصومة بعار هذه الأم! كيف تبقى بينهم، و جريرتها ينظر إليها بنظرات موجوعة كل يوم! و كان علاء موجود... أمه مثل أمها ، لا تعرف شيء عن الأمومة!... لذلك لن يعايرها بها كما فعل خطيبها الأول... مناسب و من عائلة محترمة، تماثل مقام عائلتها. بحث بسيط... و علمت أنه بحاجة للزواج... و بلحظة جنون خطبته و قد استنفذت بالكامل من تعامل عمها، و عائلته المهذب معها... يجب أن يكرهوها... يجب أن يجرموها لجرم أمها و خيبة والدها... يجب أن يعاقبوها... يجب أن تتألم من بطشهم ، لا رقيهم... لا محبتهم لا احترامهم... عندما تتألم يجب أن تتألم نتاج فعل سيء، لكن ليس من كرمهم و احترامهم... تساميهم و تعاليهم على كل ما فات، وسمها بحرق لا يبرء! أما ما كسرها حقا و جعل كتفيها يتهدلا للأسفل للأبد، هو كرمهم و عرضهم عليها أن تكون منهم بشكل رسمي... كيف سيحدث ذلك... بالله عليكم كيف ستقبل! لذلك و بجبن فرت من كل شيء... فرت من عمها... من زوجته... و من ابنهم! من ذكراهم و كما يقال دوما... الفرار من المقلاة للنار! نهضت لتقف أمام النافذة تفكر بحالها... بزواجها العجيب... ليس تماما عجيب، بل لنقل غير اعتيادي... هل ستظل هكذا حياتهم... هل ستظل معلقة به وحده... يقرر متى يشاركهم نفسه أو يتفضل عليهم بظلال له... حادت ذاكرتها مرة أخرى، لكن لأول عام من زواجها... ذلك العام الذي تعرفت فيه على زوجها بعد قرارهما المتهور بالزواج السريع المفاجئ! بسمة غريبة ترتسم على شفتيها و شمس الصباح تزكيها... أول شهر كان خيالي... فقاعة رائعة تفصلها عن الكون... زوج مهتم لأدق التفاصيل... ذلك الشهر أنساها الألم الذي أخفته بدقة و هي تقرأ سرا في مكتبه اتفاق ما قبل الزواج... ذلك الشهر كان طاقة للعمر الباقي بعده... ماذا حدث بعدها... لا تذكر بالضبط... العودة للواقع... دوامة الحياة... الرتابة و التكرار... البرود و الردود المحسوبة... و الشجار!... ما سبب أول شجار؟؟ في الحقيقة هي لا تذكر... لكنها تتذكر أنه بعد شهر عسلهما بشهرين، كما أنها بكل تأكيد تتذكر ردة فعله وقتها... كلمتين بالضبط قاسيتين تختار المقتل في روحها... ثم يتركها صائما عن التواصل معها... بالبدء و بتعنت أنثوي انتظرته أن يعود فيعتذر عن جرحه لها... لكن انتظارها طال... و أخيرا وجدت نفسها بدلا من أن تنتظر اعتذاره، تقدمه هي له... و ببرودة يصدها... ببرودة يهجرها تماما... قبل ولادة يزن كان يهجر فراشها و ينام في غرفة أخرى... و لم يختلف الوضع بعد ولادته، و هو ينام جوارها يفصلهما فاصل من غضبه و برودته... و كما كل مرة، عندما يجد هو الوقت الملائم يعود فيمنحها الغفران وكأنه رب وثني اغريقي يحن على مستعبديه! و هي كل مرة تقبل و تسكت، كل مرة ترضى و تقبل... و كل مرة تقول لنفسها أنها آخر مرة... و كل مرة تلوم نفسها و هي تذوب مع لمساته الخبيرة على أوتار رغباتها، و مشاعرها... و كل مرة تتحاشى الخطأ كي لا يهجرها... و كل مرة تقف هكذا أمام النافذة و سؤال لم تعرف لأي مدى حدود اتساعه يتردد في عقلها... حتى متى؟! *** كالعادة النافذة -التي تحتل حائطا كاملا أمامه، هي اهتمامه... الكون أسفل قدميه... العالم كله انصهر و صار جحر نمل الكل يركض فيه هنا و هناك... لطالما احب الأماكن العالية... لطالما كره السقوف الواطئة... لطالما كان يتمنى لو يخترق الجدران و ينطلق لكون بلا حدود و لا تداعيات و لا تفاصيل... حلم مجنون ساذج... لكنه يبقى حلم... حلم كان يؤنس وحدته في بيتهم القديم... خادم خلف خادم... مربية خلف مربية... لا يهم... الأم استمرت طويلا في هذا الزواج... طويلا جدا... ستة أعوام تعد شيئا مستحيل بالنسبة لأمه... في الحقيقة، كانت هي أول زيجة لها... لذلك ربما بذلت الجهد الأقصى قبل أن تستنفذ و تبدأ في سلسلة البحث دون كلل! تحاول أن تجد حبيبا أو هوا مفقود... أو شيء هي نفسها لا تعرفه! عاد ذهنه يحيد لنفسه... لعلاء... للطفل المتروك... الموصوم بعار كونه ثمرة زواج فاشل! و هو اعتاد أن تكون عائلته مكونة من علاء، و فقط علاء... أيام طويلة بلا لون مرت عليه... لا يعلم متى استوحش... متى استيقظت فيه غرائز وحشية لا انسانية... أصبح فقط يحاول ان يؤذي من حوله... في المدرسة كاد أن يقتل فتى ما لأنه شتمه بضع شتائم بذيئة معتادة في عالمهم! و مرة كاد أن يقتل خادمة ما حاولت أن تتحرش به و هو في الخامسة عشر... ربما لم تتحرش، فالأمر مازال غير واضح، لكنه بكل الأحوال كاد أن يخنقها... بنيته الجسدية تقوى يوما بعد يوم... الغضب و القهر و الحرمان ينسجمان ليخلقا فتى رمادي بتمازج سلبي للألوان فوق بعض... ثم يجد ابن الصانع يدخل في تلك الدوامة الرمادية... يدخل بقوة... مازال يذكر ذاك الشجار الدامي بينه و بين شاب في آخر سنة في الثانوية، يشتم والد علاء و يدعوه بلص مصاص دماء، لينقض عليه متجاهلا أنه يعلم ان والده لص مصاص دماء! و يتكالب الفتية على الفتى حتى كاد أن يزهق! ليجد زياد يدخل بسيارته في القتال... تفرق الشباب بقوة، و أغلق علاء عينيه يحاول أن يتذكر الشهادتين، ليجد السيارة تقف على بعد سنتيمترات عن وجهه، المدفون في الرمل... و دون كلام حمله و أركبه السيارة معه... و أيضا دون كلام دار به في الشوارع، قبل أن يأخذه لعيادة طبيب صديق لوالد زياد... قطب انتشرت على جسده و مراهم و حبوب... و صداقة صامتة، خاف علاء ان يمنحها اسما ما... لكنها فرضت عليه فرضا و زياد يأتيه مرة أخرى بعد يومين قرر بهما أن علاء قد ارتاح بعد الضرب المؤلم الذي ناله... و رغم البرود و التجاهل، ابن الصانع لم ييأس... و يوم بعد يوم، أصبح يجره جرا ليدخل دارهم... مازال يتذكر الانبهار الذي تغلغل في روحه حينما رأى أسرة حقيقية تتناول العشاء معا، و تتشاجر و تتحدث و تحدث صخبا مذهل... أم أب أخت و زياد! أما الجد الصانع، فكان حكاية أخرى... كان منظره مهيب... رجل فقط يُرى في مكانه، لمرة واحدة... فلا السينما و لا المتاحف و الا الروائيون استطاعوا أن يصفوا رجلا مثله! الرجل الذي يجلس على كرسي ضخم كعرش له! و كأنه ولد ملكا حتى لو كان بدون رعية! هذا الرجل نظر للفتى بعمر السبعة عشر عاما نظرة واحدة، و قرر دون تفسير أنه يصلح لأن يكون صانع! حتى الآن لا يعرف السبب... لكنه وجد أن جناح الرجل ضخم كفاية، ليضمه مع أسرته... حتى عندما ثار على والده... حتى عندما حصل على شهادته الثانوية متفوقا لأول مرة كي لا يخيب ظن الجد، وجد أن والديه قد نسيا... وقتها بدأت أولى علامات التمرد و اليأس... و وقتها احتفل وحده بأن حرق القصر... و كأنه يدفئ روحه بأنقاضه بعد البرودة التي سكنته في هذا المكان الذي كان فخر والده! لكن والده لم يرى في الأمر سوى مطة شفة مشمئزة و مكالمة مع شركة التأمين! و هوما جعله يجن تماماً... التفتْ... فقط التفتْ... فقط انظر... تأمل... حاول ألا تدوس في طريقك، أشياء لا تتكاثر و لا تعوض. لكنه ببساطة غادر بعدما أمن مسكنا آخر للفتى! و أراد أن ييأس منه... بكل قوته أراد أن ينسى والده... أن ينسى أن له أم... أن ينسى أن له ماضي خلق عبره... لكن ذلك كان ضربا من المستحيل... و بيوم مظلم وجد والده يزوره بشكل مفاجئ... يجلس معه في الظلام... كانت رائحة أنفاسه مقززة، مما أيقنه أن الرجل ثمل... و بهدوء جلس الفتى بعمر التاسعة عشر ينتظر... ينتظر.... و ينتظر بهدوء من اعتاد الوحدة فَبُعْدِ الزمن لم يعد يعني له... و بتوقع بدأت الانفجارات الأب يخبره أن أمه تزوجت... شيء متوقع... لكن الغير متوقع، أن العام الذي قضته بأمريكا كفترة نقاهة بعد طلاقه معها، حدث فيه زواج عارض... زواج، و حمل... و أم تلفظ طفلها كبحر سئم من من يتشبثون به غرقى! لم يفهم، و حتى الآن لم يفهم ما هو الانفعال الذي انسكب فيه وقت عرف أن له أخ في قارة أخرى ربما يصغره بعدة أعوام! لم يفهم حتى الآن كيف شعر بحمائية تجاهه و خوف من أن يعيش البرودة التي خلفتها أمه فيه، لكنه يذكر أن والده كان بحال لا يوصف.. لا يعلم لم؟؟... أللطفل أم للزوج الثالث، أم لأمه ، و ربما له! لا يفهم... أما الذي فهمه أن الرجل انفجر فيه... لامه على كل شيء... لو لم يأت لكانت ظلت معه... لو لم يأت لكانت زوجته حتى الآن... هو من قتل الشغف بينهما... هو من حرق روح الشوق بينهما... كل هذا و هو مشدوه مما سمعه... لينفجر هو الآخر بوالده... ينفجر بكبت طال أعواما... ينفجر و يتمنى لو ألقياه في أقرب حاوية أو عند أول جامع لربما وجد دفئا ما في ملجأ أو في صحبة ما... و بكل الأحوال سيكون الظلم حق عليه! لكنه الآن مضرب الأمثال لكل حاسد و حاقد... الكل يتمنى ما نال علاء... الكل يتمنى بيت علاء، والد علاء، جمال أم علاء... الكل يتمنى مدرسة علاء، سيارة علاء، سفريات علاء... الكل يحلم بأن يتشرف ليكون علاء! ذلك اليوم شيء تغير بينهما... والده لأول مرة ينظر إليه و كأنه انسان حقيقي... ليس سبب للفشل... ليس مصدر للدمار الذي نزع زوجته منه أو آثار جانبيه لعلاقته مع زوجته!... هذا الشاب الذي يكاد يصل لطوله، هو ابنه... ابن زوجته... هذا الشاب هو منه... هو له!... و بلحظة متهورة، مد يده له... مد يده للشاب المقيم في حالة تردد... ظل ينظر إليه طويلا و كأنه لا يعرفه... لا يعرف هذا الرجل الذي يمد يده لينتشل، لا يضغط للعمق للغرق! و لأول مرة يجلس الرجل مع ابنه جلسة مصارحة... يتحدثان... يتعارفان... يتكلمان... بارتباك و سذاجة انفتح له بالكامل... حدثه عن حياته و حلمه... و هو امتص المعلومات بنهم عنه... و بخدعة من الشراب آمن أنه من الممكن أن يصبح أب جيدا... و بصحوة الغد عرف أن الأبوة موهبة كالنحت و الرسم، هو لم يمتلكها... لذلك لم يكافح لأجلها! و الصد هذه المرة كان موجع... حقا موجع... الصد بعد أن تصرف بقايا عاطفتك في إحياء الأمل مهلك في وجعه... وجع حارق ينمو داخل الفتى الذي بات يكبت كل شيء بداخله... مع الصانع و أهله يحاول أن يرتدي نفس الزي... يحاول أن يتصنع أن الأسرة شيء ليس ببعيد عن عالمه... و مع نفسه يسبح في بحور من الانتقام... يخطط كل يوم لطريقة جديدة ليوجعه... و مع حفل تخرجه من الجامعة وجد نفسه يراهنها، على تفوقه بدرجة الاحتفال! و ثابر و ثابر و ثابر... و حصل على قمة التفوق الذي يستحق المكافئة... بل وصل لأقصى جائزة وعد نفسه بها... المخازن الرئيسية للسيد رافع ياسين... المخازن التي وعد نفسه إن تفوق أن يحرقها كمكافئة ذاتية له على جهده... و؟؟ سذاجة و غباء و حراسة الكترونية كاملة و كاميرا ترصده و والد لا يريده و بهدوء تحول الخريج السعيد، إلى سجين بجريمة تخريب الممتلكات الخاصة... و كله ببصمة قوية من الوالد! الوالد الذي نظر لولده نظرات باردة، ثم سلمه بكل بساطة للعدالة! وحكم بالسجن لعامين على شاب طري بالثانية و العشرين من عمره... و انخفضت لعام و سبعة أشهر، لحسن سيرته... ما آلمه حقا أنه كان يأمل لآخر لحظة أن يتدخل والده و يوقف الأمر... هذا الأمل كان كل يوم يغلف روحه بظلامات من مشاعر مخنوقة تموت يوما بعد يوم! جثث من الآمال تتكوم فوق روحه و تخلق عفن مزعج يجعله يتشرب السواد تشربا! لكنه ببساطة رفع يده عنه... و تركه لسير العدالة...العدالة التي تعاملت معه بكل قوة مخلفة آثارا جسدية ليس أقلها علامات سجائر في جسده! و من يومها أصبح كلاهما غريب عن الآخر لا يربطه به إلا رغبة موجعة بإيذائه! كان أول و أهم درس في حياته... درس حفظه عن غيب و لو امتحن فيه لكان الأول... و في السجن تحول من رجل يشعر، لرجل يبدو! تذكر مرة أخرى و بشكل مضاد، عندما خرج من السجن ليجد زياد ينتظره على البوابة. زياد الذي لم ينقطع عن زيارته و الذي حاول ألف مرة أن يقنع صديقه بأن يستغل نفوذ أسرته –أسرة الصانع- لكي يطلق سراح صديقه، لكنه رفض... يجب أن ينال جرعته كاملة... يرتويها حتى الغثيان... ربما بعدها يأت الشفاء! المهم أنه و بظن ملائم توقع أن أسرة الصانع سترفضه بعد هذه الوصمة، لذلك صدم عندما حصل على نفس الترحيب الحار من الجد الذي كبر كثيرا في غيابه... و بهدوء تقبله دون أن يستفسر لم فعل أو اصلا ما الذي فعله ليدخل السجن... فقط نظر لعينيه بعينيه الداكنة المحنكة... و أعطاه الشيء الذي تعب كثيرا لحدوثه... "انتقم لكن بذكاء... لا تكن انتحاري بانتقامك لأنك أبدا لن تستطعم عذوبته... انتقم بنظافة... انتقم بالقانون... انتقم و أنت خارجا... كيف؟؟" ابتسم ابتسامة منتصرة، قبل أن يكمل... "اعرف خصمك... اعرفه جيدا... ابحث عن أكثر شيء يؤذيه... ثم اعمل طعنة لا مرئية فيه... لا تدعها قاتلة، لأنه سيرتاح... اطعنه بخفة حتى يستسلم للوجع و يظنه من أسس حياته، بعدها عمق الجرح و عمقه... و كلما استسلم كلما غاص خنجرك اكثر... و آخر المطاف في لحظة فاصلة سيكون قد خسر كل شيء!" وهو قد فعل... أغيد كان الأداة و والده بطمعه كان المؤشر... | |||||||||
15-12-16, 07:11 PM | #108 | |||||||||
نجم روايتي وكاتبة بقلوب أحلام و قسم قصص من وحي الأعضاء
| بسمة واسعة عريضة مفاجأة ترتسم من الفراغ على ملامحه و هو يتذكر الصدمة التي منحه إياه قبل عدة أعوام... صدمة ممتازة... لأول مرة يرى الثورة في عيني الرجل... بل جعلته يقتحم مكتبه بلا استئذان و هو يصرح أنه لن يسكت و لن يدع ابن زوجته الثاني يسرق أي شيء منه... كم كانت بهجة تلك الثورة... كم كان راضيا و هو يرى غضبه... لقد تغذى على هذه البهجة طويلا لتطبيب الكثير من الجروح العارية التي صنعها والده به... و لكم تمنى لو يرى ردة فعل أمه، لكنه أحجم عن ذلك! كان أغيد يظن أن علاء يخدمه بما عرض عليه... لكنه لا يعلم أنه هو من خدمه... حلمه الأحمق بترك المجموعة تتلاشى و تتدمر كان طفوليا أحمق... و من ناحية أخرى غبي! و كأنه ينتقم من أحباؤه بحرق ثروته ليكيدهم، عالما أنهم لا يحتاجونها من الأصل!... لا, ما يكيد هو أن تعطيها لشخص يكرهه كراهية التحريم... أن تجعل العدو هو المستفيد المباشر من خلاصة كفاحك الطويل! يعلم كم كان والده يكره أغيد المفتي... يكره اسمه و صورته و نجاحه و والده الأجنبي و حقارته في خطف امرأة مازالت تتعافى من الطلاق! يعلم ذلك... و عندما طلب ابن المفتي المجموعة و عرض عليه أي ثمن يطلبه كان مستعد أن يمنحها له مجانا... يتذكر ذلك اليوم و كأنه الآن... يتذكر الاتصال الذي تلقاه من أخيه... يتذكر طلبه بالالتقاء به... ذاكرته تتمدد... تنكشف... يبحث في رفوفها عن ذكرى مبهمة لأخ يعيش في غرب الأرض... أخ كان وجوده و عدمه واحد... و باستغراب داراه بغلاف برودة عواطفه، أخبره أنه ليس بمهتم ثم أغلق الهاتف... و لكن هل يقف شيء أمام هذا الشاب... الشاب الذي فاجأه بدقة خلال فترة نصف ساعة يرتاح بها قبل ذهابه للمحكمة و بعد خروج موكل من عنده... لهذا السبب الذي يبتعد عن الحظ سمح له بالدخول... و انتظر منه أن يعرض ما يريد... و يدخل شاب يقصره بالطول و يتطاول عليه بعقله بشكل أشد وضوح... فلم يكن علاء أحمق أو مهمل في دروسه لكي لا يبحث عن أخيه مرة أخرى بعدما أراد ذاك أن يتحدث معه... الفضول مع نبضات حمقاء أنه من الممكن أن يكون له شيء من خيالات قديمة لمعنى أسرة... هذا ما دعم موافقته لقبول لقياه و ما دعم النظرات المتحدية التي لم تتجاوز الأعين... عيون باردة ضبابية كشبورة الصباح، و عيون ذكية تستتر خلف منظار طبي... أخيرا يكسر الجمود و هو مازال جالسا مكانه على مقعده المريح... "مرحبا سيد أغيد... لم أتوقع فعلاً أنك ستحضر بعد ردي السابق!" بسمة دافئة انتشرت على شفتي الرجل المحفوفة بذقن خفيفة... "لا أظنك تتوقع أنني سأكتفي بهذا!" هز رأسه بلا مبالاة ساخرة قبل أن يعتدل بشكل مفاجئ مرة واحدة و هو ينظر إليه بتدقيق صارم.. "هل تعلم كم أجرة الساعة معي!" ابتسم الاخر دون تعليق و هو يقول ببطء... "أعلم علاء... أعرف الكثير عنك لدرجة أنك قد تقتلني..." ثم هز كتفيه بلا اهتمام و هو يكمل... "لكنك لن تفعل... و أعلم أنك فضولي حول ما أريده منك... أما أجر ساعتك، فيمكننا أن نتفاوض حوله!" لحظات أخرى و حرب النظارات مازالت مستمرة... للأمانة و دون تحيزات أو مصالح شخصية، هو فخور بأن هذا الشاب وصل لما وصل إليه فقط بعقله... لا يفخر لأنه نصف شقيق، و لا يفخر لأنه يتحاور معه، بل يفخر بأنه يوجد في البشرية شيء جيد، كما يفخر بعبقرية ابن سينا أو ابن الهيثم! "إذن؟؟" البسمة الدافئة القادرة على تذويب أي قلب حوله، ارتسمت مرة أخرى بإتقان و ملامحه كلها مهتمة و هو يقول بهدوء... "كيف حالك علاء؟!" لحظات بسيطة.... فقط لحظات تجمد فيها كله و السؤال يخترق الكثير فيه... كيف حالك؟؟ لم يسمعها منذ زمن بعيد... منذ أن رحل زياد... منذ أن توقف الآخرون عن الاهتمام... لم يسمعها بصدق من قبل، لكنه يعلم أن هذا الاهتمام، كما هذه البسمة الدافئة، كما هذه العيون المهتمة هي غلاف قوي لشخص يريد أن ينهش لحمه... لذلك لو سمحت افعل بسرعة كي أستوعب الألم بسرعة أكبر! "ماذا تريد مني سيد أغيد؟... بعيدا عن كل ما تعلمته في كليتك و تريد أن تطبقه علي... ماذا تريد؟... هذه المرة سمحت لك بالدخول بدافع الفضول، و ليس لأجل أي سبب آخر... المرة المقبلة صدقني لا يوجد ما يدفعني لأسمح لك بالتواجد حولي... لذلك رجاء و بدلا من اضاعة وقتي لأني فعلا سأغادر خلال ثلث ساعة... اعرض قضيتك و وضح ما الذي جعلك تقطع كل تلك المسافة لتكون هنا!" لحظات قليلة مرت رغم توضيح أهمية وقته إلا أن الأخ حدق به بنظرات بدأت تغلف بغموض شديد و كأنه منحه البرهان على صحة نظريته فيه... حسناً و ماذا لو؟؟ و أخيراً بكلمات بسيطة و ضح مطلبه... "المجموعة!" للحظة فقط للحظة ارتج عليه... أحمق بكل خلاياك و أنت تظن أنه جاء ليتعرف... ليشتبك... ليكون ببساطة الشيء المتعارف بتعريف كلمة أخ... لكن... المجموعة... و تلك المشاعر لم تظهر عليه، بل تلمس أخيه منها الحيرة ليكمل بهدوء... "مجموعة رافع ياسين... أنت ستأخذها... خلال أسبوع بالضبط ستكون لك... العقود توقع و نقل الملكية في آخر مراحله... لذلك أريدها..." نفس عميق قبل أن يكمل و ملامح أخيه الباردة لم تؤثر على بلاغته... "اطلب أي ثمن و أنا سأعطيك إياه مقابلها". لحظات مرت و علاء يعود لتلبس شخصية المحامي مع شخص غريب... "شكرا على عرضك... لكن لا!" حدق به أغيد لثوان بنظراته الغريبة، بينما بسمة في داخله ترتسم و هو يزهو بنفسه أنه لم يسأل كيف عرفت عن المجموعة و ماذا تريد بها... فقط (لا) باردة... و هذه الـ لا الباردة جعلته يحدق به لثوان، قبل أن يقف بهدوء يغلق أزار حلته الداكنة... "شكراً على استقبالي علاء..." لم لا يناديه بالسيد كما يفعل هو... أي اسقاط سخيف سمح له بأن يفعله في ذلك التبسط الذي لا فائدة منه! هز رأسه بلا اهتمام و هو يشتت ذهنه بالقضية التي يجب أن ينطلق للمحكمة الآن لأجلها، إلا أن الآخر وقف أمام الباب و خرجت كلماته هادئة... "هذا لا يعني أنني انتهيت... أريد هذه المجموعة علاء... و سوف أحصل عليها... انتظر مني ثمن أكثر معقوليه و اقناع في المرة المقبلة!" و بهدوء غادر و كلماته تدور في ذهن المحامي قبل أن يقمعها بقوة و ينطلق لعمله... و بقوة نسيه و نسي قصته و طلباته و هو يجهز نفسه لحفل زفافه الوشيك... و برغم أن الدعوات محدودة، و المكان داخلي لا فندق، إلا أنه فوجئ بالأخير يحضر جاهرا بصلته به... و يخبره أن ينتظر منه الرد الأكيد... ذلك الرد الذي فوجئ به و هو في شهر عسله في تركيا... و العجيب أن الاتصال كان على هاتف زوجته! "مرحبا أخي... آسف لإزعاجك... حقا اعذرني على قلة ذوقي..." "ماذا تريد!" ببرودة لم يحاول أن يتصنع سواها حتى أمام زوجته الفضولية رد عليه... "الثمن صديقي الثمن... أريد المجموعة، و معي الثمن الملائم!" احتد نفسه قليلا، قبل أن تخرج ككلماته مشمئزة بعض الشيء... "اسمع... بالعادة أنا لا أكرر كلمتي مرتين... لكن يجب أن تكتفي بـ......" "هل تعلم من تقف أمامي بكل جمالها و روعتها!" عقد حاجبيه بجهل مستغرب، بينما على الطرف الآخر كان أغيد يبتسم عن بعد لدعد أحلى بسمة لديه... "إنها الحبيبة الجميلة..." تنفسه احتد لثوان و هو ينظر لهدى لثانية قبل أن يشير بيده لها، ثم يذهب للشرفة... "اسمع يا مجنون... لا أعلم ما الذي تتعاطاه... لكن لا حبيبة لدي و لا شيء... فقط كانت خطبة غير مكتملة و كانت لأجل زياد... هل فهمت أم تحتاج لتوضيح!" "مثير للاهتمام ما تقول، لكن ذكائك خانك... لحظة من فضلك... مرحباً دعد... عزيزتي مر وقت طويل على حدادك... نعم أخبرني فاضل... جداً سعيد لعودتك للعمل... بل للحياة و نبذ الموتى... جداً سعيد لأجل ذلك!" كلاعب شطرنج مميز كان ينتظر... ينتظر ردة الفعل... ربما هو لا يعرف الأخوة... ربما لم يعرف كيف يصون الأخ ما لأخيه... لكنه ذكي ليخمن... ليخمن أن ليس لأخيه أخ إلا ابن الصانع الذي يحادث زوجته!... انتظر ثوان قبل أن يشعر بالنار التي تسري في جسد أخاه و تنفسه يتصاعد عبر السماعة... تنفسه يتصاعد و كلمات نابية تريد التحرر من شفتيه، بينما صوت زوجة صديقه الوحيد يخفت و يحل بدلاً منه صدى أنفاسه... لحظات أخرى ثم خرج هذه المرة صوت أغيد قوي، لا يشوبه أي توتر أو قلق، أو علامات دفء كاذبة... آمر مسيطر مؤثر بكلماته و كأنه قائد يمضي بجنوده لمعركة فاصلة... "هنا ينتهي العبث أخي... نعم أنا هنا مع الزوجة الحبيبة لصديقك، لا المدمنة حبيبتك السابقة... لذلك و ببساطة سأمنحك أنا العرض النهائي... أطلب المبلغ الذي تريد... أي مبلغ... و لا تتجاسر لتخبرني أن هذه المجموعة مهمة لك بأي حال من الأحوال يا صديقي... و من ناحية أخرى سأترك المهندسة الجميلة لصديقك تنتظره بصبر حتى يعود، بل و هل تعلم ماذا... سأقنعها لتعود له... أما و إن رفضتَ فسأكون الكتف الذي ستستند إليه في غياب صديقك... و خلال شهرين سأقنعها أن تخلعه حتى و هو غائب، و بعدها انسى صديقك... انسى ابن الصانع... و اعلم أن صحراؤه الأفريقية ستبتلعه بلا أي أهمية له أو لك!" الكلمات كانت مخيفة... فعلا ربما يجب أن يقتله... هو لم يعرف أن زياد بكلاهاري إلا صباحا... أما هذا فيبدو أنه عرف قبل أن يصل زياد إليها... و هذا على ما يبدو أنه.... "هل اتفقنا... أخي!" عاد الصوت الدافئ الملون يخرج ببطء لمسامعه... و رغم كراهيته له و لفعلته و لتهديده، إلا أنه و بصدق احترمه... فقط احترم قوته في دخوله مسلحاً بكل عتاده لمعاركه و انتصاره بها... لكنه لن يبتعد أكثر من ذلك! "اعرض ما لديك ببضع كلمات و أنا مصغي!" الاطمئنان على الخط الآخر مع الثقة و النظرات الواثقة لم تتخلل النبرات الهادئة... هذا الرجل يمتلك أقوى حرباء في العالم في نبرات صوته! "المجموعة، مقابل ثمنها الأصلي... و علاوة عليها، صديقك سعيد هانئ، مع زوجته أيضاً... ارفض، و العكس سيحدث!!" رغما عنه احتد صوته... "و ما الذي يجعلك واثق من نفسك في صنع ذلك؟... ثم كيف ستعيد زياد، و قد طلق وطنه منذ خمسة أشهر..." شعر بالبسمة الملول ترتسم على شفتي الأخ على الطرف الآخر... "أنت لا تعرفني علاء... لذلك فقط وافق و أنا سأفعل حصتي و أعطيك الثمن كاملاً... " و على الرغم من أنه أبهره إلا أنه وافق، و بداخله يعلم أنه سخيف بعرضه... لا أحد يسيطر على عواطف الآخرين... لا احد يستطيع أن يعيد دعد لزياد بعدما فعل بها كل ما فعل! لكنه فوجئ باتصال آخر على هاتفه الشخصي، و أخاه يخبره أن زياد في الوطن، منذ يومين دون علم علاء... يجب أن يقنعه بحضور حفل في تاريخ معين... يومها سيمنحه العلاوة... فقط بعدما يوقع كلاهما العقود! و بشرط غريب وقع كلاهما العقود... و في الحفل صنع المستحيل... و عاد زياد كائناً حياً، مع ترياقه بزوجته المجنونة بحبه!... و لم تعد تلك المجموعة كافية لشكر الرجل على ما قدمه لصديقه! بل لو قدمها له مجاناً مرة أخرى لكانت المكافئة من نصيب علاء!... يكفيه منظر زياد الهانئ المستقر الآن... كل الدنيا بانتقاماتها لا تساوي هذا المنظر! و حينما التقيا اللقاء النهائي بسرية تامة، عرى نظراته من كل المظاهر، و هو ينظر لأغيد بفخر... ثم تمنى له بصدق التوفيق و النجاح فيما ينتويه... و بداخله كانت شياطينه ترقص بصخب على نصره المؤكد من كل النواحي... بالذات على فخر والده الذي حصل على كرسيه في مجلس الشعب... فقط انجح و امحي اسم رافع ياسين و احرقه بوجع لا يذوب... نعم الوجع سيستمر أبي... سيظل جرحك عارياً قبيحاً متقيحاً، و أنت ترى كل ما أحببته يصبح أول لبنة في امبراطورية ابن غريمك! الوجع سيستمر و رضاي أيضا سيستمر واستمر، و مازال يستمر و أنا أراه ينجح يوما بعد يوم! تنهيدة أعادته للواقع و هو يرى الكون حوله كما كل مرة... لم يتذكر هذه الذكريات الآن؟؟ والده الذي ينجح دوماً في تهميشه من عقله برز في صدارة ذكرياته... أيذكر نفسه بوالده و طريقته الرائعة في بناء أسرة؟!... هدى... لم تفعلين ذلك؟؟ عن ماذا تبحثين؟؟ لم الآن؟؟ عاد يعض على نواجده و هو يتذكر كيف استمع من نهاوند رغماً عنه نشرة تفصيلية لتجسسها على وداع عمها و زوجته لهدى... كما كل مرة، نهاها عن التجسس، بل قرر أن يطردها إلا أن زوجته بعناد البغال صممت على الاحتفاظ بها! حسنا كما تشائين! لكنه رغماً عنه وجد نفسه ينعزل... ليس بيده، إلا أن الغضب داخله برّد كل مشاعره... جعلها لا تبدو باردة، لكنها حقيقة باردة! قصة ابن عمها تلك وحدها كارثة مستقلة بأبعاد أخرى... يثق بها... يعلم الله أنه لم يرى عليها ما يشين... و يعلم أنها في زواجها منه لم تقصر أو تتخاذل أو تستلم، لكن كل مخاوفه أن تتركه و ترحل مع الآخر... تمل منه، أو تستضعفه، أو تجده ليس كافياً!... شعر بكراهية في عمقه و منظر الحقير ابن عمها يعاد رسمه في عقله... الحقير لم يتوانى على دخول بيته و أكل حصته من الحلوى و اللعب مع ابنه... وقتها سكت و تجرع وجوده بثقل و هو يقنع نفسه أن هذا للأفضل... هذا يثبت أن ما بينهما قد انتهى... لكنه فوجئ بوشاية نهاوند عن كلمات بسيطة خرجت... لربما كان هذا الطفل حفيداً لهما من كلا ابويه... لربما هي مازالت تعيش معهم، زوجة لابنهم! وقتها شعر بشياطين تحرقه... شياطين تسيطر عليه... في بيته... على عتبته... لزوجته هو يقال هذا الكلام! لا يدري أن الغضب عاد يستولي على التعقل الذي حاول أن يستوطنه... لكنه رجل... رجل بدم أحمر... و يقع في موقف لا يحسد عليه... أيطرده من داره، أم يحرمها من أقاربها الوحيدين! تنهد بتعب و هو يعلم أنه يضغط كثيراً عليها... يعلم أن العقاب لا يجب أن يتجاوز الحدود و إلا تحول إلا عادة، و لم يعد يجدي... خصوصاً أن هنالك من يحاول أن يدمر هذا الزواج من الخارج! لحظات استمر بالنظر، ثم قرر بهدوء أن لزواجه الأولوية على مشاعره و غضبه، بل رجولته! و بهدوء اتصل على مطعم يعلم أنها تحبه... حجز لجلسة رومانسية هادئة... تأكد من أن تكون الجلسة كما تحب، و قرر أن تكون الليلة لهما وحدهما... الزواج يحتاج للكثير من التضحيات لينجح... و هو لن يترفع أن يضحي بالكثير ليكمل زواجه، إلى نهايته... *** تسير خطوة اثنان ثلاث... بما أنها قصيرة القامة فهي بحاجة لست خطوات نعم ست خطوات منها... ستمر جواره... ستشكره... تخبره بلا جبن أنها ممتنة حقا، لما فعله لأجلها... لابد أنه هو من أقام الدنيا و لم يقعدها لأجلها... شعور جميل لم تتخيل حلاوته أن تكون محمية بحب... محسن يحميها بتوتر... بقلق... بخوف... بانتظار الكارثة! لكن أن تحمى بحب... أن تغلف بالأمان و الاطمئنان... يا إلهي ما أحلاه من شعور! عضت شفتيها، و هي تأخذ آخر خطوة ناحيته... يبدو مشغولا و هو يستمع لطالب ما، يستفسر عن أمر ما... يميل برأسه منعزلاً بالكامل ليستمع بشكل جيد للاستفسار... المهم أنها وقفت بوجهها الصبوح يحيط به حجابها البيج و المتلائم مع ثوبها الفضفاض المحتشم... "دكتور يوسف" التفت إليها و كأنه لأول مرة يتعرفها، ثم رفع حاجبيه بطريقته المميزة و كأنهما سيلتصقا بمنابت شعره و تجاعيد فاتنة تتخطط على جبينه... "تلميذتي النابغة... أهلاً و سهلاً لبنى... نورت الجامعة و نور طاقم التدريس فيها بوجودك... للأمانة كان من الخسارة الفادحة للجامعة أن يحدث ذلك، لذلك فعلاً، فعلاً أنا سعيد لاستحقاق الحق!" بسمتها تتسع لتشرق ملامحها الناعمة مع ظهور طابع الحسن بذقنها، و حمرة خجلة تستوطن خديها... "شكراً... شكراً جزيلاً لك... أنت لا تعلم كم يعني لي هذا!" يبتسم هو الآخر و هو لا يدرك حقاً ما الذي يجعل فاتنة كهذه تنجذب إليه... الوجه الذي يطالعه بالمرآة يجعله يشك بقوة نظرها... أنف ضخم، مع عينين عسلية صغيرة جداً و بشرة حمراء لا تتحمل الشمس، و شعر بدأ يخف عن مقدمة رأسه بلون فاتح أقرب للبرتقالي! لم يكن ممتلئ لكنه لم يكن رشيق... كان جسده جيد لاضطراره للسير كثيرا في الشوارع الضيقة حتى يصل لبيته كل يوم... ربما قامته الطويلة أكثر من اللازم... متران إلا أربعة سنتمترات شيء هائل حقاً! بالذات لمن هي أقصر منه بنصف متر تقريبا! المهم أنه لم يفهم بعد كيف تعلقت به هذه الفتاة الذكية الفاتنة... تعلقها به و انجذابها الذي تخفيه دوما بخجلها الفطري كان لا يرى بالنسبة له! إلا أن أحد زملائه لفت انتباهه للأمر... داعيا إياه أن يتسلى جيدا مع هذا التعلق المجنون! يتسلى! لقد نسي هذا الشيء... نسي كيف هو الشعور بالأنا الضخمة كله لغيره... لأمه المنهكة و اخوته اللذين يجيدون التسلي و أخواته اللواتي يجب أن يعشن حياة طبيعية. أخ أكبر لستٍ أصغر منه هو يعني أن كلمة (تسلى) خارج نطاق قاموسه... بالذات مع أب مقعد بإصابة عمل قديمة، منذ عقد من الزمان... هو لم يقم حتى بأي علاقة شرعية أو غير شرعية... لم يختبر قرب الأنثى بأي طريقة... و المرآة المشروخة في بيته تخبره ألا يفكر بأن لا يحاول! لذلك هو يترك الأمر... هذه الوردة تمر بمرحلة مراهقة متأخرة... و بكل تأكيد ستجد فتى يجيد التسلي... و ربما تجد شابا يجيد الزواج و الاستسلام الفاتن للأنا الضخمة! انتبه لها و هي تقول شيئاً ما... عقد حاجبيه بطريقة تفتنها دوما... هذا العقل السارح الذكي... هذا العقل المبهر و الذي رفع رأس الجامعة أكثر من مرة.. هذا العقل وجد بعض الوقت ليتدخل و يجبر العميد على اعطائها حقها بالوظيفة كمعيدة... لو كانت مفتونة فهي باتت هائمة... و لو كانت منبهرة فهي باتت منذهلة... ابتسمت أجمل ابتسامة تعلمتها من السينما و هي تقول له للمرة الثالثة... "شكراً لك دكتور... سعيدة أننا سنعمل معا... إلى اللقاء!" و بغباء لا يفهم لم تشكره تركها ترحل، قبل أن يحيد ذهنه لشيء آخر! *** | |||||||||
15-12-16, 07:25 PM | #109 | |||||||||
نجم روايتي وكاتبة بقلوب أحلام و قسم قصص من وحي الأعضاء
| تم نزول الفصل معلش النت زي الزفت قراءة ممتعة حبيباتي و انتظر آرائكم بعد تعرفنا على علاء اكثر و بكل الاحوال نورتوني | |||||||||
15-12-16, 07:37 PM | #110 | |||||||||
نجم روايتي وكاتبة بقلوب أحلام و قسم قصص من وحي الأعضاء
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 14 ( الأعضاء 8 والزوار 6) eman nassar*, نور المعز, haa lo, عبيركك, rontii, شلتاغة, najla1982, ريم3 منورييييييين | |||||||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|