آخر 10 مشاركات
مشاعر على حد السيف (121) للكاتبة: Sara Craven *كاملة* (الكاتـب : salmanlina - )           »          نصال الهوى-ج4من سلسلة لعنات العشق-قلوب زائرة-للكاتبة:إسراء علي*كاملة+رابط* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          عواطف متمردة (64) للكاتبة: لين غراهام (الجزء الأول من سلسلة عرائس متمردات)×كاملة× (الكاتـب : Dalyia - )           »          ابو قلب حجر (الكاتـب : Maii Algahez - )           »          14- الزواج الابيض - نيرينا هيليارد - ع.ق ( نسخه اصلية بتصوير جديد ) (الكاتـب : angel08 - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          22 - المجهول - ايفون ويتال - ق.ع.ق (الكاتـب : hAmAsAaAt - )           »          116 - أريد سجنك ! - آن هامبسون - ع.ق (الكاتـب : angel08 - )           »          457 - الحب خط أحمر ـ تريش وايلي ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree101Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-09-17, 01:15 PM   #1991

كلي دفئ

? العضوٌ??? » 261465
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 267
?  نُقآطِيْ » كلي دفئ is on a distinguished road
افتراضي


بالتوفيييييييييييييييييق

كلي دفئ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-09-17, 03:30 PM   #1992

abeerbader

? العضوٌ??? » 84500
?  التسِجيلٌ » Mar 2009
? مشَارَ?اتْي » 891
?  نُقآطِيْ » abeerbader is on a distinguished road
افتراضي

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

abeerbader غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-09-17, 03:33 PM   #1993

rawa21

? العضوٌ??? » 339826
?  التسِجيلٌ » Mar 2015
? مشَارَ?اتْي » 178
?  نُقآطِيْ » rawa21 is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

rawa21 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-09-17, 11:59 AM   #1994

Amlwarda
 
الصورة الرمزية Amlwarda

? العضوٌ??? » 390041
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 699
?  مُ?إني » غزة
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
?  نُقآطِيْ » Amlwarda has a reputation beyond reputeAmlwarda has a reputation beyond reputeAmlwarda has a reputation beyond reputeAmlwarda has a reputation beyond reputeAmlwarda has a reputation beyond reputeAmlwarda has a reputation beyond reputeAmlwarda has a reputation beyond reputeAmlwarda has a reputation beyond reputeAmlwarda has a reputation beyond reputeAmlwarda has a reputation beyond reputeAmlwarda has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   fanta
¬» قناتك action
?? ??? ~
أخبرهم يا كبريائي باستطاعتي ترك كل ما حولي وانا باتم سعادتي
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تسجيل حضور مبكر بانتظارك عزيزتي بفارغ الصبر

Amlwarda غير متواجد حالياً  
التوقيع
@ ... إياك أن تتمسك بأحد لايريدك ، إحترم قلبك ، وإحترم كرامتك ، ولملم ماتبقى من جراحك وإمضي ، فهناك من يستحقك ... @
رد مع اقتباس
قديم 07-09-17, 12:15 PM   #1995

ebti

مشرفة منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ebti

? العضوٌ??? » 262524
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 14,201
?  نُقآطِيْ » ebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond repute
افتراضي

صباح الفل والياسمين... تسجيل حضور صباحي ان شاءالله اكون متواجدة وقت التنزيل...

ebti غير متواجد حالياً  
التوقيع
إن كرماء الأصل كالغصن المثمر كلما حمل ثماراً تواضع وانحنى"
هكذا عرفتك عزيزتي um soso و هكذا تبقين في قلبي شكراً جزيلاً لك على الصورة الرمزية...

رد مع اقتباس
قديم 07-09-17, 01:12 PM   #1996

eman nassar

نجم روايتي وكاتبة بقلوب أحلام و قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية eman nassar

? العضوٌ??? » 289978
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,167
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » eman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
افتراضي

مساء الخير...
و كل عام و أنتم بخير و ينعاد عليكم بالصحة و السلامة
صراحة كنت مقررة أنزل الفصلين الأخيريين سوا و الخاتمة الأسبوع المقبل باذن الله
لكن ظروف العيد منعتني أني حتى أفتح اللاب و قبلها الصيام ما ساعدني خصوصا اني بأكتب بالنهار...
عشان كدة هأنزل قريبا ما أن انتهي من تدقيق الفصل نهائيا الفصل الثامن و العشرون و إن شاء الله الفصل الأخير الأسبوع التالي و الخاتمة تليه بعون الله
رحلة جميلة تجملت بالصبر منكم علي و على ظروفي
ربي يجمعنا دوم على الخير


eman nassar غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 07-09-17, 01:55 PM   #1997

meryamaaa

? العضوٌ??? » 340135
?  التسِجيلٌ » Mar 2015
? مشَارَ?اتْي » 377
?  نُقآطِيْ » meryamaaa is on a distinguished road
افتراضي

نحن بانتظار الفصل الجديد شكرا علي التزامك و علي جمال الرواية

meryamaaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-09-17, 03:11 PM   #1998

eman nassar

نجم روايتي وكاتبة بقلوب أحلام و قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية eman nassar

? العضوٌ??? » 289978
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,167
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » eman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
افتراضي



الفصل الثامن و العشرون

(28)

في الحياة لا يوجد بالمطلق ما يسمى ربح أو خسارة... في الحياة دوما نتعامل مع الحلول الوسط...
فقط الكتلة تميل نوعا ما لأحد الكفتين... و نرضى بتلك النسبة القليلة... نقول لأنفسنا الخاتمة هي الفيصل، لكن حقيقةً لا نعلم أن الكفة ممتلئة بكل ما حدث خلال تلك التجربة، حتى نصل لتلك الخاتمة!
***
فوجئ بلافته تحمل اسمه بالإنجليزية و شخص ما ينتظره... انطلق يتحرك بهدوء متجها إليه يسأله من أرسله بسؤال غبي؛ لأنه يعلم من أرسله، بل من يعبث بالجميع...
ركب في المقعد الخلفي مستغلا تلك الساعة من المطار للمكان الذي به زوجته، بالتفكير...
لقد ترك صديقه و زوج أخت صديقه وحدهما مع وعد بالتواصل... و حتى لو لم يُرِدْ أن يتركهم، كان زياد سينقله لأمريكا و لو قيده في صندوق شحن!
نداء هدى كان بري خالي من أية علامة تظاهر أو حتى تحكم... ببساطة، امرأته و احتاجته... و ببساطة هو لبى النداء!
شيء آخر، شيء تمنى لو ينكره لكنه لم يستطع... أغيد... قلقه كان عليه مشابه لقلقه على هدى... لم يجد فيه قوة لينكر حقيقة أنه قلق على أخيه...
لم تفسر هدى مخاوفها، و علم أنها لا تريد أن تشرح أكثر، لذلك أغلق الهاتف دون حتى أن يوضح ما هو فاعل...
أغلق عينيه و هو يرتاح برأسه على الكرسي...
ما الذي يحدث له؟... بالأمس كان يتحدث مع دعد و هي تقنعه بأهميتها في حياته بينما هو ينكر، و قد تعب من التخلي...
و الآن هو يركض إليها ككلب رأى عظمته المفضلة!
برر لنفسه مرة أخرى... هو جاء لأجل أغيد... و حتى هي لو تحولت من زوجة لطليقة فلن يخذلها لو احتاجته بأي شكل من الأشكال...
المشكلة أن كل ذلك لا يعني شيء مقارنة بالفورة التي تخبره أن زوجته لجأت إليه دونا عن الكل... حتى عمها و أسرته لم تفكر بهم... و هذا وحده قيم بطريقة لا يمكنه شرحها...
"سيدي... هل تريد الذهاب للشقة أم المشفى؟؟"
ابتلع ريقه بتوتر لكنه لم يظهره على السطح و هو يختار الخيار الثاني... السيارة تقطع الطريق بسرعة و هو يفكر...
ما المصيبة التي حدثت و لا يعلم عنها أي شيء!
***
يجدها جالسة على كرسي الانتظار وجوارها امرأة في منتصف العمر... وقف على بعد يمنحه الفرصة لأن يَرى دون أن يُرى. إلا أن الهدوء لم يكن عنوان الجلسة... لأول مرة يرى هدى محتدة بمثل هذه القوة...
"لا تتحدثي عن لبنى هكذا أيتها السيدة... هل تفهمين؟... ما هذا التفكير العقيم الرجعي الذي أجده ملائم للبدائيين ما قبل الحضارة... امرأة بمثل علمك و ثقافتك تقول شؤم و نحس!"
لم تهدئ المرأة الأخرى، و هي تقول بصوت غاضب...
"لم أقل شؤم أو نحس... قلت أنكم أنتم العرب ما ان دخلتم في حياة ابني؛ حتى أفسدتموها... و أكثرهم زوجته التي لم يرى السعادة معها قط... انظري لصوره مع زوجته الأوى و تحدثي عن الراحة و الهدوء... أغيد لم يجد أي نوع من الاستقرار مع تلك الفتاة الفاشلة... و بعدها ظهرت أنت التي لا أعرف معنى وجودك... و لن أنسى أمه التي حطمت نفسيته بقوة و جعلته بهذا الجمود و السيطرة و الرغبة في عدم التوجع و النبذ... لقد صنعت منه رجل جبان يتوارى خلف خططه و يحاول بكل قوته أن لا يذوق الرفض... ألا يغامر... ألا يعيش!"
بصدمة ظلت هدى تنظر للمرأة العنصرية...
"و نعود لتلك الحقيرة زوجته... انظري لما أصابه... انظري لحالة... خلال أقل من أربع و عشرين اصابتين و يخرج و يدخل المستشفى، و حتى الآن لم تفعل أي شيء لأجله... اللعنة لم ظهرتم، لم؟... أما كان من الأفضل أن تبقوا في بلادكم و تريحونا من كل ما هو مأفون قادم منكم!!"
لثوان ارتج على هدى و هي تنظر للمرأة دون أن تجد رد ملائم... لم تتخيل مثل هذه الكراهية فيها ناحيتهم بمثل هذه القوة...
"و لم لا تكملي... والده النصف عربي... أم أنك نسيت زوجك أيتها السيدة!"
قفزت من مقعدها بقوة و هي تلتفت لعلاء الذي دخل في الحوار بكل برودة... لثوان تجمدت ثم وجدت نفسها تندفع ناحيته و كأنها لا تصدق حقا وجوده هنا...
لا تدري لم فعلتها لكن الوحدة الفظيعة و الخوف المستمر و القلق الذين تناوبوا بدقة على ألا يتركوها بحالها جعلها تقطع المسافة القصيرة بينهم بشبه ركض و تلقي نفسها بشكل مفاجئ في حضنه!
تصلب لثوان و هو لا يعرف ما عليه فعله...
للأمانة هو حتى الآن لا يعرف ما عليه فعله، لا يعرف أصلا ما هو لها و ما هي له... لذلك ببطء رفع يديه يربت على ظهرها و قد استشعرت تصلبه، لكنها لم تتركه بل استمرت تحضنه و هي لا تجد دمعا يسيل من عينيها...
فقط حضن و تشبث قوي و كأنها تنقل عبره حاجتها له... حاجة مريعة لا مثيل لها و كأنها لا تستطيع أن تتركه... و جسده الذي كان متصلب بدأ دون وعي منه يلين و يطرى و يتلائم معها ليشدها إليه باحتواء و هو يمسح على ظهرها، باطمئنان... و كأن ذلك الاحتضان بطاقة لتسمح لانفعالاتها أن تنسكب فبدأ الدمع يسيل من عينها بلا وعي...
انتظرته... طوال الأربعة عشر ساعة الفائتة انتظرته و القلق يخبرها أنه لن يأت...
و لِم يأت و هي لم تمنحه شيء واحد ليكافح لأجله؟...
"سيكون كل شيء بخير... سيكون كل شيء بخير!"
يطمئنها و لا يعلم لم... يطمئنها رغم أنه لا يعرف من هو لها...
ماذا يمكنها أن تسمي هذا؟...
أيرتقي ليكون مثل ما ينبض بصدرها!
لم تفكر أكثر و هي تهدأ أخيرا من أمانها الصادم بوجودها في حضنه... ثوان منحت نفسها الراحة أكثر في هذا الصدر الصلب الي لم يخذلها قط، ثم أخذت تبتعد عنه ببطء، لترفع عينيها إليه تنظر بشوق لا سيطرة عليه... ليس شوق بل حب و احتياج و ضعف... و هو أخذ ينظر لعينيها المبللة بالدمع و أنفها الافطس الأحمر المنتفخ بألم انتقل منها إليه. هدى كانت قد وصلت لآخر حدودها و لا يعلم لم، لكنه علم انه امر جلل كبير. رغما عنه سأل بقلق، و يده وحدها تمسح الدمع أسفل عينيها...
"ما الأمر هدى؟... ما الذي حدث؟؟"
ارتعشت شفتيها مرة أخرى قبل أن تجذبه من يده ليجلس عالما أن الجلوس ليس إلا مقدمة لشيء ليس بالهين...
***
عندما تركهم علاء كانت الخطة تختمر بعقولهم... سيجدونها و سيجدونها رغما عنها و عن كل متخاذل!
أما زياد فقد بدأ يلاحظ -بعدما خليت الدار- بعض الأمور التي فاتته مع رعبه مما حل بأخته... ينظر للمى الهادئة و يقارن بينها و بين المرة الفائتة عندما غابت لين لأكثر من عشرة أيام عنها...
كانت الفتاة أسوأ من هذا بكثير...
يعود فينظر لدعد التي باتت الفتاة ظلا لها، و كلتاهما تتهامسان بالأسرار...
الآن هو بدأ يستخدم عقله و يقرر أن يسترجع معلوماته عن مكر النساء الغير هين...
المكر الذي يتنفسنه بالهواء و كأن جهازهم التنفسي ينتقي ذراته و يدخله إلى أجسادهن بلا تعب...
تلك المراقبة كان يظن أنها مخفية لكن توتر دعد كان يتصاعد كلما اقترب منها و كلما شعرت بظله حولها هي و ربيبتها...
و لأنها امرأة شرقية أصلية لا تجيد اخفاء الأسرار كثيرا فقد التفتت إليه فجأة تقول...
"حسنا... سأخبرك كل شيء!"
***
كانت قد خرجت من دارها في ذاك اليوم غاضبة بشدة... حارس البوابة نبهها عن وقوف لين المستمر أمام بيت زوجها منذ عدة أيام... لم تُرِدْ أن يراها زياد فيحدث انفجار في الحي الراقي يضيع سمعتهم للأبد... لذلك توجهت إليها غاضبة تريد أن تطردها بتهذيب...
"ماذا تريدين لين؟؟ مازال زياد يتعافى من مواجعه القديمة منك... لو معك مصيبة فأرجو أن تحتفظي بها لنفسك!"
لثوان ظلت تنظر إليها خلف نظاراتها الشمسية، ثم تحدثت بهدوء...
"أنا لم آت لأجل زياد... لقد جئت لأجلك!"
عقدت حاجبيها بلا فهم، لتقول لين باقتراح لا أمر...
"هل من الممكن أن تمنحيني بعض من وقتك... نبهي المربية على أن تهتم بطفلك لبعض الوقت و من ثم أعدك أن تعودي قطعة كاملة له".
الفضول كان أكبر الحاح ممكن أن تمنحه لها لين لتوافق، لذلك دون الكثير من الكلام توجهت كلتاهما مشيا على الأقدام لمقهى قريب تفضل دعد شرب قهوتها منه...
"ما الذي تريدينه؟!"
ظلت تنظر لفنجانها المليء بالسائل العطر الرائحة بلونه الداكن و هي تفكر، ثم استجمعت شجاعتها لترفع عينيها لدعد...
"أريدكم!"
عقدت دعد حاجبيها باستنكار، لتقول الفتاة بصوت خشن متوتر...
"أريد زياد أن يعود أخي، و أريد ابنيه أن يعلما أنني عمتهم، و أنت..."
ظلت تنظر إليها ببطء قبل أن تقول...
"و أنت تكونين ابنة عمي، و زوجة أخي".
رغما عنها اهتزت ثقتها قليلا مع معرفتها لصلتها القديمة بالعائلة... ثم سيطرت على نفسها متبنية بغلاف خداع غضب زوجها...
"و كيف ستأخذين كل هذا... هل ستخطفيننا أم تنغصي علينا معيشتنا، أم..."
"عائلة أمي كانت من أثرى العائلات حتى بعد سقوط الدولة العثمانية استطاع جدهم الأكبر الفرار بأملاك ثمينة. و في الوقت الملائم وضح أصولنا الملوكية... لكن..."
ابتسمت بلا داعي و هي تكمل التاريخ الذي أخبرتها به أمها مرة...
"لكن عم من أعمام أمي ضيع كل ارثه في المقامرة... أدمنها و تخلى عن كل ما يملك و استدان لمائة عمر، و أخيرا وجد مقتولا على طريقة المرابين الذين لم يُحَصِّلوا ديونهم!"
عقدت دعد حاجبيها بتركيز و هي تحمد ربها على تاريخ عائلة أمها المشرف!
"و يبدو أنني ورثت حب المقامرة منه، فأنا الآن سأقامر بكل شيء أملكه مقابل كل شيء لا أملكه... لقد تعبت من أنصاف الحلول... تعبت من اللون الاحادي... إما أم، أو زوجة، أو أخت... لم لا أمتلك كل شيء مثل أية امرأة طبيعية... لم أرضى بالقليل!"
اتسمت دعد بسخرية رغم أنها تعلم أن الفتاة تستحق المغفرة لكن ولائها كان لزياد!
"لأن فعلتك كزوجة و أخت لا تغتفر؛ لذلك لم يبق لك سوى ثوب الأمومة، فتمتعي به طالما ذلك ممكن!"
خفضت عينيها مرة أخرى لكوبها قبل أن ترفعه لشفتيها ترتشف منه رشفة طويلة، خائفة أن يبرد، بعدها نظرت لعيني دعد بنظره هادئة...
"هل تعلمين دعد... نحن في مجتمع يكافئ الفاشل على فشلة و يعاقب الناجح على نجاحه... عندما كنت مدمنة متسلقة مؤذية لا مبالية كان الكون كله في خدمتي و الكل يبغي رضاي و الكل يحاول ان يمنحني الراحة... و ما أن شفيت من كل جنوني اجد أن الكل يكرهني... هل يجب حقا أن أؤذي لأنال ما غصبت على تركه..."
حارت دعد مع حديثها المنطقي...
"أعلم أنك لست راضية عن حال زياد و حالي أنا كذلك... أنا لم أخترك عبثا دونا عن سواك؛ إلا لأنك تملكين طاقة تسامح عالية لتتقبلي ان تتزوجي رجلا مثل زياد، فعل بك الكثير و آذاك و هجرك ثم بالنهاية سامحته... لحظة، لا تغضبي أنا فقط أوضح أنك لست مثلي أنا و زياد... لقد نلت نعمة كبيرة من الرب أن لم تتربي تحت جناح جدي الذي علمنا الا نترك دين لنا عند أي مدين... ربما لم يتخيل أن نفجر ببعضنا البعض، لكن هذا نحن... و هذا ما نحن عليه!"
رغما عنها احتدت...
"لكن زياد لم ينتقم منك... لقد ترفع عن هذا!"
ابتسمت بمرارة...
"و هل تبرئه مني و بتري منه ليس بانتقام؟... و إن كان كذلك، هل ترينه راضي دعد؟... هل ترينه مستقر؟... أنا لم أره منذ عمر طويل، لكن أنت من تعيشين معه الآن... هل أنت راضية عن حال زوجك؟... إنه معلق دعد لم يجرب الانتقام مني و لم يمنحني الغفران... هو يظن أنه مرتاح في عدم اتخاذ القرار لكن أنا لست... أخطأت نعم، لكنني تبت... تبت و لم أزل مرة واحدة منذ أن فعلت... أليست التوبة تمحي ما قبلها... أليس هذا قانون الله..."
رغما عنها تخلت عن كل اقنعتها في انتمائها لزياد و انزلقت مع حقيقة منطقية و صدق كلام المرأة أمامها...
"و هل تظنين حقا أننا سنكون أرحم من الله عليك... لا لين... نحن لسنا بعدل الله و رحمته، نحن بشر نسير وفق ما نشعر... و زياد جرحه مازال طري منك لين... جرحه مازال ينزف و يتوجع!"
"إذن إما نعالجه أن نبتره... لكن أن نتركه هكذا يتعفن و يتقيح ليس لصالح أي احد... أنت تعلمين أن غضب زياد علي سينعكس يوما على أطفالك، و ربما يورثهم ميولنا الصقيلية!"
"اخرسي لين!"
ابتسمت بسخرية مريرة و هي تقول مناقضة نفسها...
"أصبت الهدف أليس كذلك... على كل دعد، أنا لا أريد منك شيء!... نعم لا خدعة هنالك... لمى ستأت إليك قريبا خصوصا مع زواج مهاب الوشيك... لن تتحمل الحياة هناك و مهاب لن يجيد التعامل معها... أريدك أن تهتمي بها... أريدك أن تعتني بها... لا تنسي أنها أختك. أرجوك أعطيها كل ما لديك من طاقة لتنسـ... لتستقر معك... لمى لم تشعر بالاستقرار قط، خصوصا في الفترة الأخيرة مع عودة مهاب و مرض والدها... حاولي أن تعوضي عنها..."
عقدت حاجبيها باستغراب من اللهجة اليائسة المستسلمة...
"و لم كل هذه الوصايا... لأين أنت ذاهبة؟؟"
"لا يهم فوق أو تحت الأرض لا يهم... المهم أن الجميع سيكون سعيد دوني... سأعتبر نفسي لم أكن... لقد تعبت من أن أكون بعض امرأة... تعبت أن أرضى بالقليل... لقد تعبت يا ابنة عمي... حقا تعبت و من حقي ان أرتاح قليلا!"
"أنت قلت سابقا أن مهاب سيتزوج قريبا... كيف هذا و كل الحب المستحيل بينكما؟؟"
نظرت من نافذة المقهى للأشجار التي تعكس ضوء الشمس الصافية...
"الحب ليس الاجابة على كل شيء، فأنا أحب زياد و أذيته كما لو كان أهم عمل في حياتي... و زياد يحبني و رغم ذلك بترني من دنياه كلها... كذلك أحببت علاء و اعتبرته أخي الثاني و أهنته و دست على كرامته و مشاعره... الحب فقط يجمل الواقع و يعطي الحواس اسم جميل و شاعرية روحانية قوية... لكن في الحقيقة لا شيء يسمى حب... فقط غرائز و زينت بشعارات لا وجود لها!"
رفعت حاجبيها بتأثر مصطنع بوضوح، قبل أن تتحدث بصرامة...
"هل تعلمين كم تبدين حكيمة هنا و أنت تلقين حكم و مواعظ حمقاء تليق بأن تكون اقتباسات!... اسمعيني جيدا سيدتي بلا رطانة زائدة... أهم حب في الوجود هو حبك لنفسك... رضاك عنها... بعدها ما سيلي هو انعكاس لمشاعرك... الجيد يندمج و السيء يرتد... بصدق و لمرة واحدة أخبري نفسك لا أنا... هل تحبين نفسك لين؟؟"
السؤال كان مباغت حقا بل صادم لدرجة أنها لم تفهم كيف سيكون الجواب رغم بساطته بكلمة واحدة:
نعم، أو لا!
عن دعد وصلتها حيرة المرأة لتقول بهدوء بعد لحظات تفكير، و هي تتمنى لو تربت على يدها بمواساة...
"ما رأيك بأن نسميها استراحة محارب... أنت تحاربين على جميع الجبهات... تحاربين أشباح الماضي و غزاة الحاضر، و آمال المستقبل... تحاربين احترامك لذاتك و تقديرك لها... تحاربين ما تملكين و ما لا تمليكن... تريدين كل شيء مرة واحدة، لكن كما تعلمين لا شيء يحدث بغمضة عين... كله بالتدريج... فقط ابدئي بتقبلك أنك تستحقين الحب لأنك محبوبة لين..."
ثم أخذت نفس عميق و الفتاة تنظر إليها باستغراب لتكمل بثقة...
"لمى انعكاس لك لين... لم أكن لأربي الطفلة أفضل منك... يوجد فيها قوة لا مثيل لها مع اعتزاز بالنفس و يحق لها به، بالإضافة لتميز و رقي و ذكاء... لم أتخيل قط أن تكون لمى كذلك... لقد ربيت الطفلة افضل مما لو فعلت أمي!"
لمى... يا إلهي لمى...
الدموع تتجمع في عينيها و هي تعض على شفتيها تمنع البكاء فقط من فكرة الهجر لها، لكن ما باليد من حيلة...
"لا تفكري أنك غريبة عنها، بسبب عدم وجود صلة دم بينكما، فأنت في تلافيف خلاياها و عقلها و ذكائها... أنت في كل فعل و ردة فعل منها... أنت بكل بساطة أمها حتى لو أنكر العالم كله صلتك بها... لذلك لين خذي استراحة المحارب تلك، و أعدك أن أهتم بلمى ريثما تعودين لها، لأنها لن تنسك و لن تفعل... الطفل لا ينسى أمه قط... لا يمكن فصل طفل عن أمه!"
رغم عن الدمعات التي سالت على وجنتيها سألت..
"لم... لم تفعلين ذلك؟؟"
ابتسمت بمرارة و هي تقول...
"أنا أم لين... أنا أم و أعلم كم يعني الطفل لأمه... ربما لم يحملها رحمك لكن حملتها روحك... عشقتها قبل أن تولد و صنعت نفسك لأجلها..."
رغما عنها ذرفت هي الأخرى دمعتين في تشاركها البكائي الأنثوي...
"من الظلم انكار الحقيقة... أنت أكثر شخص يستحق لمى، لأنك تبنيتها في وقت رفضها الجميع... حضنتها في وقت نسيها الجميع... لا اعلم كيف ستكون حال الفتاة الآن لو لم تكوني موجودة..." ثم أخذت نفس عميق قبل أن تعترف للفتاة التي لا تصدق أن هذه الكلمات من دعد زوجة زياد أخيها...
"ما حاولت فعله سابقا من سرقتها منك كان حقير و مخزي، و لست كبيرة جدا لأعترف بخطأي... ربما السبب هو الهرمونات... تعلمين كيف الحامل تكـ............."
أغلقت كل شيء يمكن اغلاقه في وجهها: عينيها و فمها و أسنانها، و هي تخجل من الكلمة...
"أنا آسفة لين... صدقيني لم أقصد..."
التصلب من تحدث دعد ببساطة عن الحمل و الهرمونات كان عادي جدا معتاد جدا كلما سمعت امرأة تشكو من حملها و أولادها... أو من شخص يجرحها عمدا بذكر نواقصها و كأنها رحم ممزق و فقط!
"لا يهم... إنه أمر واقع... لا تهتمي..."
"بل يهم... أنا فعلا لم أقصد أن أذكرك أو أجرحك أو أهينك... صدقيني لين..."
"دعد... لقد سمعتها أمامي و خلفي ألف مرة... سخر بها الكثير مني... لذلك لا تهتمي..."
كادت تشد شعرها من تناقض الفتاة التي أمامها
"لين لا تقبلي بما تقولينه... أنت أكبر من ذلك... أنت أكثر من ذلك... أنت لست قليلة لتسكتي لمن يجرحك و يحقر بك و تصمتي لأنك تستحقين... هل تفهمينني؟... ما حدث لك ليس إلا قضاء من الله، لذلك لا يحق لكائن أن يستصغرك..."
ثم نظرت لعينيها مرة أخرى و هي تعيد...
"لين... أحبي لين و تصالحي معها... أحبيها كما هي بكل ما بها، و أحبي نواقصها و قدريها فهي تستحق التقدير... تستحق أن تكون محبوبة... ثقي بذلك!"
ثم أكملت تقنعها...
"لقد خضت وحيدة تجربة لا يمكن لشخص عادي أن يفعلها دون دعم... حافظت على نظافتك من الادمان وحدك و احتملت وحدك... و هذه كبيرة لو تعلمين!... ربيت وحدك طفلة صغيرة و صنتها و جعلت منها أجمل ما يكون... نعم أخطأت لكن كما قلت أنت التوبة تمحي ما قبلها. لقد انتهت فصول قديمة من فتاة انتحارية في انتقامها، لكنني أريد أن أراك الآن انتحارية في حصولك على ما تستحقين... حسنا ليس انتحارية بالمعنى الحرفي، لكن لنقل مكافحة قوية تستحق كل ما ستناله... لذلك أنا معك لين... أنا بصفك كنت من البداية و سأكون".
رغما عنها احمرت وجنتيها من كلمات دعد و التي لا تفهم كيف هيئها الله لأجلها في هذه اللحظات الحالكة، عن دعد تنشقت دموعها و مسحت عيونها قبل أن تقول بثبات تشرح أكثر...
"و أنا أحب زياد... أحبه كثيرا لأكذب و أستمر بالكذب على نفسي و أقول أنه جيد، في هذه الحالة المعلقة، لكنه ليس كذلك... أخبرته مرة سيكبر ابني و سيعرف عنك و سيلومه لأن الذنب سيبهت و تكفيره سيظل للأبد... أخبرته أن ابنه قد يرث تلك الميول المجنونة في الانتقام و سداد الديون... ما أعرفه عن الأخوة هو أنها كلمة غفران ضخمة تترجم المشاعر، لذلك أعرف يا ابنة عمي أن زياد يحتاج لضربة على رأسه ليفيق... ضربة خفيفة لأنه زوجي و لن أسمح لأي كان أن يؤذيه!"

***



التعديل الأخير تم بواسطة لامارا ; 30-03-19 الساعة 11:22 PM
eman nassar غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 07-09-17, 03:17 PM   #1999

eman nassar

نجم روايتي وكاتبة بقلوب أحلام و قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية eman nassar

? العضوٌ??? » 289978
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,167
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » eman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
افتراضي

هذا كثير...
الخيانة الوهمية من علاء...
و الآن دعد...
هذا و الله كثير...
لم يبق إلا مورد الخشاب ان يغشه و يتفق مع محسن ليبدلا وردية الزان، بساندويش مزود بقشرة زان!
"انتظر... لا تفكر بنظرية المؤامرة و تصاب بالبارانويا... أنا فقط جلست معها و أنت تعلم من الأصل أنني مقتنعة أنك يجب أن تصالحها... وافقت أن أحدثها ليطمئن قلبي من ناحيتها... و فقط... لم تقل لي لأين هي ذاهبة، و لم تعطني حتى رقم هاتف..."
ثم أشارت بكفيها المبسوطتين في نفي...
"أنا مثلك بالتمام... مصابة بالعمى الكامل... "
عقد حاجبية و هو يقول لها...
"دعــــــــــــــــــــ� �... هل حقا هذا كل ما لديك؟؟"
هزت رأسها و هي تقول بتأكيد...
"نعم هو كل ما لدي... و زياد لا تقول اسمي بهذه النبرة المهددة فأنا لا اخاف هل تفهم؟؟؟"
مط شفتيه و هو مازال ينظر إليها بتدقيق...
"أنا أعرف انك لا تخافين و أنك أشجع الشجاعات... لكن، هل أنت واثقة أنك لا تعلمين شيء آخر؟... لم تخبرك لأين هي ذاهبة أليس كذلك..."
هزت رأسها بإيجاب سريع...
"بالضبط!"
مط شفتيه و هو يومئ برأسه بإيجاب ساخر مؤمن على كلامها، و هو يقول...
"لكن ربما وصفته لك... وصفت المكان... أعني هيا دعد... لابد أن يكون هنالك حلقة وصل بينك و بينها... لين لن تبتر لمى مرة واحدة... بكل تأكيد سوف.........."
"حساب في أحد مواقع التواصل!"
لم يظن أن استجوابها سيكون بهذه السهولة و هو يعقد ساعديه على صدره... إلا أنها تداركت نفسها و هي تقول بقلق، و تشد على ساعدة بتلقائية...
"أنت لن تؤذيها أليس كذلك زياد؟؟ أنا لن أسمح لك أن تفعل ذلك... لين التي رأيتها في ذلك اليوم تختلف بالكامل عن لين القديمة... ثقتها بنفسها معدومة... هي تتأرجح و لا تعرف نفسها الآن... لا يحق لك أن تحملها ذنب لا تعرف عنه حتى... لذلك زياد..."
هز رأسه بنفي هادئ لا يلائمه...
"أظن أنني آذيتها أكثر مما أذتني... أظن أنه آن الأوان لتغفر لي هي، و نطوي هذه الصفحة للأبد..."
ثم ابتسم بمرارة و هو يقول...
"ربما تظنين أنني لا ألاحظ، لكنني رأيت كيف انطفأت لمى بالكامل بعدها... زوجها فقد كل صلفه و كبرياؤه و هو يبحث عنها... هذه هي لين أختي، و لن تتغير... عطاؤها بلا حدود لدرجة أنها قد تقتطع من ذاتها لأجل الآخرين، و كذلك غضبها عندما تغضب غير محدود... و هي الآن غاضبة على نفسها و كل ما أخاف منه أن تؤذي نفسها... فقط أريد ان أطمئن على أختي فهل هو ممكن؟؟"
لم يكن معها منديل لذلك مسحت أنفها المحمر بظاهر سبابتها و هي تقول من بين العبرات التي تسيل من عينيها...
"هي... هي أخبرتني أنها ذاهبة لمكان بعيد لا يوجد فيه اشارة شبكة أو انترنت... مكان قديم مهجور يليق بقبر أو حبس انفرادي لمجرمة مثلها... أو كما قالت حرفيا منفى ملائم لها... و ربما ستذهب كل اثنين لمقهى قريب من المكان و تنتظر مني رسالة... أخبرتني أن لا أتكل على ذلك أيضا فبعض أيام الاثنين لن تذهب... و كأنها تمنع نفسها من أن تظن أنها مهمة..."
احتضنها و هو يمسح على شعرها محاولا أن يمنحها بعض الهدوء...
مكان بعيد...
مكان قديم...
مكان يليق بقبر... أو بألطف الوصوف سجن...
منفى لمجرمة تطاولت بأحلامها للكمال...
الخيارات جدا محدودة...
اللعنة ليتها كانت الابرة...
لكنها على ما يبدو قشة!
***
سكون في سكون...
كونها ساكن و عقلها يستعيد بلا ضوضاء آخر ساعات في ما حدث... الدم الذي اغتسلت ألف مرة منه لم يذهب... مازالت تراه كلما أغلقت عينيها و كلما شردت... نعمة الشرود لديها تحولت لأكبر نقمة و هي تعيش مرارا و تكرارا الموقف بتفاصيله...
يقتحم أكثرهم خبثا الغرفة و يخبرها أن ثمن كل ركلة نالها رئيسهم من أغيد سترسم على جسدها بالكامل ليراه كلما نظر إليها... في الحقيقة، لم يقيدوها قط و كأن صغر حجمها مع قلة حيلتها، و استسلامها لأوامرهم قيد كامل، لذلك بدأت تتراجع للخلف... تتراجع بفزع و هو يستمتع بخوفها... ثم ينقض مرة واحدة عليها يجذب حجابها لينفك مرة واحدة عن وجهها... خدش طويل رسم على جانب وجنتها من دبوس ناتئ في الحجاب... تصرخ بقوة و هي تحاول أن تدافع عن نفسها و هي تعي أنها النهاية... تركل تضرب و هو يضحك و يضحك و يضحك، و كأنها تدغدغه... لم يأخذ الكثير من الجهد ليسيطر رجل آخر على يديها فيقيدها بيده خلف ظهرها، و يميل الحقير الأول ليمزق قميصها... بإرادة من الله توفق و لأول مرة في ركلة عشوائية استهدفت بين ساقية بكل قوتها، ليسقط يتلوى من الوجع... و قبل أن ينفجر الجميع بأية ردة فعل بدأ اطلاق النار... الكل انطلق للخارج سواها هي و من يقيدها من الخلف و الرجل الساقط و الذي نهض بكراهية ينظر إليها إلا أنه لم يضيع وقته و هو يخرج سلاحه و يثبته على رأسها، و يحجزها من عنقها بساعده لدرجة الخنق، متخذا منها درعا...
سيمون تقتحم المكان مع رجل آخر كاملي التسليح... اللغة الغير معروفة تتصاعد في الغرفة و رصاصة تنطلق لتردي الرجل الآخر الذي حاول أن يتسلل...
بعدها لا تعي ما حدث... تذكر حوار طويل بينها و بين الحقير الذي يمسكها بقوة من عنقها و سلاحه مصوب على رأسها...
ثم فوجئت بقنبلة دموية تنفجر فيها...
كل جسدها غرق بالدم...
انتفضت بقوة و هي تنظر لجسدها النظيف الخالي من الدماء باطمئنان... تمد أصابعها أمامها و كأنها لا تصدق فتتحسس وجنتها المجروحة و هي تجد جفاف بشرتها محير عن لزوجة الدم ذاك اليوم... تأخذ نفس عميق تحاول أن تسيطر على نفسها لكن دون جدوى و عقلها يحيد لشيء آخر...
"آسف..."
ابتلعت ريقها على غصة في حلقها و هي تحتضن جسدها المنهك... من ماذا أنت آسف...
على ماذا بالضبط...
لماذا و لمن، و كيف أنت آسف...
هزت رأسها نافية قبول الأسف...
لا، ليس آسف... أبدا لم يكن آسف...
و هي ليست آسفة...
"أنت بأمان الآن..."
همست بها هدى و هي تمسك يديها المتشابكة و جسدها كل لحظة ينتفض بخضات لا ارادية، مفاجئة...
لا تعلم حقا و لا تذكر كيف أقنعتها سيمون أن تخضع لفحص كامل ثم تغتسل بأحد حمامات المشفى النظيفة وتبدل ثيابها... و لا تعلم أنهن طلبن من المحقق أن يؤجل التحقيق معها ريثما تستعيد توازنها العقلي... لا تعلم أنهن كذبن على أهل أغيد و أخبروهم أنها طارت من ديترويت لأجل زوجها الي أصيب في حادث غير معروفة أركانه... لا تعلم أي شيء مما فات، و رحمة من الله ألا تعرف!...
لم تستطع أن تشكرهن على اعتناهن بها، و هي مازالت مذهولة من منظره و هو يسقط أسفل ركبتيها راكع مع اعتذار لا معنى له، و كأنه يقول القصة كلها...
كان يلخص حكايتهم و لا تعلم كيف...
ترفع عينيها المحمرة بالأبد بالدموع التي لا تسيل و هي تفكر...
هل ليستسلم لها و يعتذر بصدق يجب أن يقترب و يصافح الموت... هل ليركع بذنبه أمامها مقرا به يجب أن تكون آخر كلمات تسمعها منه... الطبيب يخرج أخيرا من الغرفة بعدما انتظروه دهرا، و يخبرهم أن العملية انتهت على خير رغم تضرر رئته اليسرى بشكل سيء... سيبقى في العناية المركزة حتى يستطيع التنفس وحده مع صعوبة الاصابة...
سمحوا لها كقريبة من الدرجة الأولى أن تدخل إليه... تتأمل جسده المسجى و هي لا تجد فيها قوة أن تبكي... طنين الأجهزة الطبية يكاد يملك انفعالات أكثر من الخواء الذي في داخلها...
لكن رغما عنها تشعر برعشة في جسدها، و هي تستعيد ذكريات لما حدث هنالك...
لا تفهم أي شيء و لا تفهم ما يحدث حولها...
تعود فتنظر لأغيد و هي تريد أن تبكي... فقط دمعة واحدة و بعدها سينسكب كل شيء خارجا منها، لكن لا تعلم كيف سيطرتها على نفسها كانت مذهلة... فقط تتأمله و هي تعيد الكلمة في عقلها مرارا و تكرارا...
آسف...
أنا آسف!
الممرضة تخبرها أن تخرج و ترافق جسدها المتصلب للخارج... تجد هدى هنالك تنتظرها و هي تقترب تحتضنها بحماية من لسان ماجي الذي لم يتوقف عن اهانتها، رغم أنها لا تعلم عن خطفها أو ما حدث لأغيد معها... فقط تراها شؤم حل على أغيد ليصاب مرتين في يوم واحد بينما هي تتنعم في ديترويت في قصره الجميل!
ربما صحيح كلامها... ربما هي شؤم حل على أغيد...
هل حقا تخيل أن تكون أيام زواجه منها بهذه البهجة و تختم بهذا الانفجار الممتع!
ابتلعت ريقها و هي تلتفت لهدى و تستفسر بهدوء عن العم آدم، لتخبرها أنه نائم يرتاح بعدما اصيب بارتفاع حاد بالضغط من منظر أغيد المسجى بالدم!
نعم، هي شؤم، حتى على حماها الطيب، هي شؤم!
أما علاء فلا يعلم ما الذي تلبسه لينقبض قلبه بمثل هذه القوة و أخيه يتأرجح ما بين الحياة و الموت...
لأول مرة يخاف هكذا. حتى عندما أصيب ابنه بالتهاب حاد ظنوا أنه قاتل لم يشعر برعشة في جسده كما الآن...
لأول مرة يدعو له و للأول مرة يتمنى لو بيده أن يعطيه منه ليحيى...
حتى مع زياد لم يخف كما خاف على أخيه...
أغلق عينيه و قد تعب من السؤال للأطباء و الدوران حول نفسه رغم عدم استقراره و نومه منذ أكثر من عشرين ساعة... متعب منهك ليجد يد تتحد مع أصابع يده في تشابك داعم و تسحبه ليجلس و قد نسي أنه واقف ينتظر... فقط ينتظر...
قبل لحظات سمحوا له كأخ له أن ينظر إليه من خلف الزجاج العازل و فقط...
منظر أغيد بجسده الساكن هنالك كان مفزع...
الرجل الذي يستطيع بإرادته و ذكائه أن يطوع الكون ملقى بلا حول و لا قوة... ذلك المنظر آلم علاء أكثر من خوفه عليه...
"سينجو... صدقني سينجو..."
لم يستطع ان يجعل مرارته ترتدي أي ثوب لتبدو أي شيء آخر...
"و من أين هذه الثقة... لقد مر الكثير من الوقت و هو يرفض التنفس الطبيعي... لا، لست أظن أنها يريد أن ينجو... حتى و إن نجى كيف سيكون حاله؟؟"
تنهدت بهدوء و هي تشد بأصابعها على أصابعه...
"سينجو لأنكم كلكم حوله... لأن له زوجة ستفقد عقلها و زوجة أب مجنونة به و أب يحاول ان يتعافى من صدمته... لأن له أخ بدأ يقدره و لأن له ابن أخ يعشقه و لأنه أخي و اتمنى حقا الا يصيبه مكروه... يجب ان ينجو علاء ليعلم كم نحبه و نريده كلنا... يجب ان تثق أنه سينجو!"
أغلق عينيه و هو لا يقاوم أن يضمها لصدره فتريح رأسها على كتفه في دعم لها و له...
ربما لم يكن يعلم قبل ساعات من هي و من هو لها و له...
لكنهما الآن اثنان في مصاب واحد، و لا يوجد سواهما ليواسيهما!
***
مرة أخرى تتأمله و هو راقد بلا وعي و قد فهمت كم هي غاضبة... يا الله كم هي غاضبة منه و عليه و كل شيء فعله بحقها... بل من كل قرار اتخذه و كل فعل فعله...
"كلي بكلك..."
همست بغضب و هي لا تهتم حقيقة أنه خارج من عملية كادت أن تودي برئته و كله لأجل حمايتها... (ـها) ليست هي بل الأخرى... الأخرى التي باع نفسه و باعها لأجلها و لم يهتم بما سيحل بأي شخص سواها...
فقط تتذكر الرعب الذي عاشته عندما كاد الخاطفون أن يعتدوا عليها و هم يمزقون ثيابها و حجابها... ذلك الرعب تحول الآن لوجع... لقهر... لغضب...
"أي كل هذا أغيد... أتمنى فقط ان تفيق لأخبرك بهذا... لأبصق في وجهك بكل احتقاري لكلك... قد مزقوا حجابي... مزقوا ثيابي... لمسوا بأيديهم القذرة جسدي... لقد كادوا ان يغتصبوني... كادوا ان..."
أغلقت عينيها و هي تتمنى لو تصرخ لكن همسها بالأمر و كأنها هي من دفعتهم لذلك...
"و أنت ببساطة رفضت أن تسلمهم إياها... ألهذه الدرجة أنا رخيصة... ألهذه الدرجة شرفي عرضي كرامتي بل كلي رخيصة... كلي بكلك و أنت بعت كلي لأجل نبات لا يشعر، فهل لك كلٌ من الأصل؟!"
***
"سيدتي..."
التفتت لليو الذي جلس جوارها على كرسي منفصل، و من الناحية الأخرى هدى و علاء...
ماجي تجلس بعيدا عنها و عنهم و كأنهم وباء معدي...
"لقد أمرني السيد قبل كل هذا أن اتصل بأخيك و احجز له تذكرة و أحضره لهنا... أعتذر لأنني لم أخبرك سابقا، فقد كنت بحال... المهم أن السيد محسن سيكون هنا خلال ستة ساعات..."
محسن...
صخرتها...
أخيها...
لأول مرة منذ ان حدثت المصيبة بدأت تشعر بغير الألم...
محسن سيأت... يا الله كم هي بحاجة له... كم هي تريده الان و الآن اكثر من أي احد آخر...
لم تشهق و لم تبك فقط عيون مغرورقة بالدموع التي تأبى أن تسيل و كأنها تتأرجح في وجعها أن تسكبه لمن لا يستطيع أن يدفعه عنها أم تحفظه لنفسها...
"هل تريدين أي شيء... سأفعل لأجلك أي شيء... أي شيء تريدينه... السيد أغيد لم يكن يريدك بهذه الحالة... أرجوك........"
"يمكنك أن تخبرني... هل كانت مميزة لهذه الدرجة ليضحي بحياته لأجلها!"
فوجئ بها تسأله بهمس السؤال الذي لا ينفك يدور و يدور في عقلها...
"لو أحبها كل هذا الحب لم انفصل عنها... لم..... ثم لم أنا... لم أدخلني في كل هذا... هل اختارني لأنني بسيطة سهلة و من ثم لا يهم لو ضحى بي مقابلها... هل هذه هي الخطة؟!"
نبرتها ميتة لا ترجو شيء و كأنها يقين...
الحارس لأول مرة يتجاوز حدوده و هو يقول للبنى بهدوء...
"سيغضب مني بكل تأكيد لما سأخبرك به... لكن هل بك قوة لتسمعي القصة كلها بكل تفاصيلها... لن يكون هنالك كذب سيدتي... سأخبرك الحقيقة و الحقيقة فقط... لكنها قد تكون موجعة مخيفة صادمة... فهل أنت قادرة على الاستماع لي؟"
***
أخيرا وحدها بعدما رحلت هدى لزوجها في الغرفة المجاورة... المفارقة الساخرة أن ماجي رفضت أن تأت معهم للشقة و ذهبت للفندق...
ترقد بكامل ثيابها على الفراش و هي تحاول أن تحرر ما هو مكبوت بداخلها، لكنها لا تستطيع...
(لو اختفى أغيد، لو رحل، لو حدث له أي شيء... هل ستتوجعين؟؟ هل ستتألمين؟؟
لم تجد لها جواب...
بكل قوة الخيال التي تملكها صنعت الحدث و أخذت تنظر لعينيها الميتة عندما يخرج من حياتها...
بماذا سأشعر؟؟
كيف سيكون؟؟)

كيف سيكون... كيف سيكون... كيف سيكون؟؟
فجأة شهقت بقوة و كأن الروح تسحب منها مرة واحدة، و هي تعي كيف سيكون...
أنفاسها تخنقها و هي تعتدل بقوة تسعل و الأنفاس تتعثر و لا تعلم أهي نتاج زفير أم رغبة شهيق...
كيف سيكون
كيف سيكون...
شهيق... تحتاج لشهيق... تحاول أن تشهق و كأنها تصاب بنوبة ربو...
سيكون... سيكون قتل... ابادة... دمار... سيكون انفجار مفاجئ لبركان من الوجع البحت الذي يصل للأعصاب فيقتل الشعور...
يا إلهي...
أغيد في حال غير معروف...
أغيد ربما لن يعود...
و ربما... ربما ستفقده للأبد!
يا إلهي...
أخيرا انفجرت و هي تسقط على الأرض تدفن وجهها بيديها تكتم نحيبها و هي تفكر بكل ما حدث منذ البداية... منذ اول مرة رأته فيها... منذ أن سعى إليها... منذ أن بدأت تتلقى اتصالات منه و رسائل غزلية مجنونة...
منذ أن نبذها لأنها لا تريده... هل تنبذ شيء لا يريدك؟!
منذ ان.......
يا الله لم تشعر أنه معها منذ الأزل... منذ البداية...
عقلها يعود للمشفى... لغرفته... لمنظره هو مسجى هنالك بلا حول و لا قوة... كيف سيكون ذهاب أغيد لبنى، كيف سيكون...
سيكون كالنخر في روحها طوال اليوم تتعذب و بالليل تسترجع لتعود بدائرة الألم من جديد...
سيكون وجع أبدي...
سيكون ألم... و ألم و ألم!
ألم خيانتها هي له...
ألم عدم ثقتها به...
ألم شكها به... و شكها به... و شكها أيضا به!
عقلها يحيد لما أخبرها به ليو... لأسوأ و أكبر الشكوك...
تحاول أن تكذبه لكن لا مصلحة له في ذلك...
"لم يكن الأمر ممكن... تلك الصفقة كانت مستحيلة!"
افتتح حديثه بهذه الجملة الغريبة بعدما جلست معه في مقهى المشفى... عقدت حاجبيها بلا فهم ليقول بهدوء...
"جون لم تنجو من الانتحار... لقد توفيت... جون ميتة منذ البداية!"
أنفاسها تتسابق بإصابتها بذبحة قلبية و هي لم تكمل الخامسة و العشرون، من هول ما سمعت... هل فعلا ما يقول صواب؟!
"استمعي إلي سيدتي... سأخبرك قصة قد تبدو طويلة بعض الشيء... لا تقاطعيني... و أعدك أن لا تحوي كذب أو مواراة... فقط حقائق و حقائق بحته".
***
استمعت إليه بصمت لا مصدق و هو يخبرها و يشعل شيء لا تعرف ما هو داخلها عن ماضي سيده مع جون... عن تعرفه عليها و كلاهما يعاني من حالة نفسية واحدة... عن زواجهما و من بعده انفصالهما... عن نجاحه... عن تفوقه... عن وصوله لحلمه... و... عنها!
نظر لعينيها و هو يقول لها بهدوء...
"أغيد كان صديقي و مديري بنفس الوقت... ربما كنت رابع شخص يثق به ممن حوله... هل تعلمين ما أخبرني به عنك عندما سألته عن سبب تألقه و حماسه و نظراته المشتعلة بحماسة تفوق شعوره بتفوقه بسباقة... لقد أخبرني عنك... أخبرني عنك سيدتي... أخبرني لأول مرة أنه يشعر بطريقة مختلفة ما أن رآك و كل يوم يراك به حتى بت من مسلمات يومه... أخبرني أنه اكتمل... تلك كلمته... فقط برؤياك اكتمل!"
عقدت حاجبيها بلا تصديق و قلبها يخفق بقوة، ليكمل بهدوئه المهني...
"لم أره سعيد متحمس لشيء كما كان ينتظرك... حتى لو لم يرك كل لحظة، كان فقط متحمس لأجلك... خططه لأجل مؤسستك البحثية الخاصة كانت مذهلة مدروسة بعناية، و قد رسمها حتى قبل زواجك منه!"
لم تفهم ما يقول و لم تقوى أن تسأل و هي تتذكر بشكل ضبابي قول أغيد أن له خطط لها منذ البداية، ما أن تثق بنفسها و تنهي هذا المشروع...
"نعم سيدتي كان سيدي وصل لقمة الاستقرار الافتراضي معك رغم مداراته بشكل كبير مشاعره عن الجميع... من ناحية أخرى، لا أعلم بالضبط كيف عرفت جون عنك، لا أستبعد أن يكون أغيد هو من أخبرها بنفسه كي تتحمل صدمة ما يحدث بالتدريج... لكن هذه المرة خانه ذكاؤه و هو يظن أن طليقته المتعلقة به سوف تتعامل مع الأمر ببساطة... ليس هي، فهي تعشق الجنون و تتنفسه كالهواء... لا تتخيلين كم لام نفسه على ما حدث و أنه كان يجب ان يتوقع منها هذا التطرف في ردة فعلها، نعم كان يتوقع تطرفا، لكن ليس لهذا الحد... صدقيني سيدتي أنه صدم بما فعلت... لم يكن يعرف أن مهارتها كقرصانة وصلت لهذا الحد..."
الحواجب المتسائلة جعلته يوضح...
"كما تعلمين، أو لا تعلمين... كون السيد أغيد لم يكن قد تجاوز الثلاثين و هو يمتلك مؤسسة عابرة للقارات، مميزة و ماركة و علامة فارقة، و كذلك علاقته أكثر من جيدة مع الحكومة رغم أصوله العربية، كل ذلك جعله محط نقمة الكثير... و جون تعلم ذلك... لذلك –ما أن عرفت بوجودك بحياة المفتي قبل أن تعرفي انت- قبلت عرضا كان معلق منذ أعوام... لقد وافقت على اختراق مؤسسته ثم زرع فايروس يمنح المقتحم القدرة على معرفة كل ما يقرره و ما ينتويه من قرارات قبل الجميع... يعرف أدق تفاصيل و أسرار المؤسسة... ثم بعدها يسيطر على كل القرارات بها و يصبح قادر على اصدار أوامره ببساطة متحكما بكل شيء و هكذا يتحول هو –السيد أغيد- لضيف لا يملك أي قدرة على فعل أي شيء... قد يبدو حلما خياليا لكن على ما يبدو أنها ظنت أنها قادرة على فعله..."
"لِم تفعل ذلك إن كانت تحبه؟؟"
فوجئت نفسها تسأل و قد اندمجت معه، ناسية كل ما حدث لها و له و للجميع...
"لأنها ليست سوية سيدتي... جون تعاني منذ طفولتها و لم تساعد نفسها... كانت تفكر أنها تنتقم من السيد المفتي بفعلتها و هي تلقي عليه ملامة فشل زواجهما، لكن شيء في داخلها جعلها تجبن و تتوقف... ربما خافت مما سيفعله بها ما أن يجد بصمتها في ما حدث... و ربما لم تكن تمتلك المهارة لأن تفعل ما وعدت به... و ربما فهمت عظم جريمتها متأخرة و استيقظ ضميرها... في الحقيقة لا نعرف على وجه اليقين السبب الأكيد... المهم أنها في لحظة حاسمة فرت من كل شيء و انتحرت دون أن تتم الصفقة و بعدما استلمت نصف المبلغ!"
هزت رأسها بفهم ليهز رأسه بنفي لما فهمته...
"هذه ليست العلة سيدتي... العلة كانت هي أن السيد لم يعرف ما الذي فعلته بالضبط في نظامه الالكتروني... العلة أنه لم يعد قادر على اتخاذ قراراته بثقة... لذلك خلال الأشهر التالية كان مشغول في تأمين و تحديث و استبدال نظامه الالكتروني بقاعدة قوية مؤمنة... كان أمر منهك بالكامل، لأن كل ما بناه و تعب فيه بعصامية مطلقة، في طريقه للزوال..."
المفاجآت لم تنتهي و هو يكمل...
"و هكذا قرر بخطة ذكية أن يقنع الجميع بالخدعة الكبرى... و هي أن يظهر أن جون مازالت حية، و في طريقها للشفاء... و أنها أخبرته بكل شيء قبل أن تحاول أن تنتحر، و أنها تحالفت معه و تعاونه في أن يستعيد السيطرة على كل ما حاولت أن تدمر... و أوصل للجميع معلومات مسربة و كأنها سرية أنها على قيد الحياة و أنها تعالج تحت حمايته و أنه يوجد أمل كبير بأن تستفيق..."
و رفع عينيه إليها يكمل رافعا اصبعين يعد عليهما...
"لم يعلم أحد بموتها إلا أنا و السيد... لم يخرج الأمر من بيننا... و هكذا جعلنا الجميع يستمر بتصديق أنها على قيد الحياة بينما حفظنا جسدها في ثلاجة تحسبا لمثل هذا اليوم!"
مصدومة بالكامل مما يخبرها و هي تعي أنها لا تعرف زوجها... و من المستحيل ان تعرفه و كأنك تريد أن تعرف حدود الفضاء... هذا الرجل لا حدود و لا بداية و لا نهاية له!
"ما أهمية خبر حياتها أو مماتها... أعني لو قيل أنها ميتة أو حية هل سيفرق معكم؟؟"
أغلق عينيه و هو يحاول ان يشرح ببساطة تفكير أغيد بعيد المدى...
"مقدرة جون على اختراق نظامه ربما لم يكن الفعل الوحيد... ربما محاولتها منحت غيرها الجرأة ليحاول... بفعلته تلك و اظهار أنها فشلت و أوقفت الأمر بعلمه، يخبر الكل كم نظامه قوي منيع، و كذلك يشتري بعض الوقت ليستطيع اعادة بناء نظامه منذ البداية و تأمينه بقوة... الأمر مهلك سيدتي و المؤسسة تمتد عبر قارات العالم الحية كلها... بل الأمر مستحيل حقا لكنه استطاع فعله... من ناحية أخرى، كان يوضح للجميع أنه يمسك الخيوط كلها بيده... و بهذا يمنحك المزيد من الحماية... و من ناحية أخرى وجودها تحت يده يمنحه قوة على الجهة التي استأجرتها لتخترق نظمه".
أدارت الأمر بعقلها تستوعبه، ثم توقفت عندما سمعته يتنهد و هو يكمل مزيدا سرعة الدوامة التي هي فيها...
"المشكلة أن المقربين منه عرفوا كم كنت أنت مهمة له، و أنه أمر محتوم ارتباطه بك... و المعلومة خرجت للعلن... و الآن بدأت المشكلة الحقيقية ما أن وصلته تهديدات إن لم يسلم جون، مقابل ما سيحدث لك... هذا ما لم يحسب له حساب... لذلك عجل بارتباطكم، دون أن يهتم بما سيحدث لاحقا... كان همه هو أمنك و أمانك سيدتي... كان هذا كل همه حتى آخر لحظة..."
ظلت لوقت ليس بالهين في بحبوحة التفكير بما فات و هي لا تستطيع أن تصدق مدى غرابة الأمر، ثم هزت رأسها باستغراب مع فكرة غريبة تطفو على السطح...
"و لم طعنه؟؟ لم رماه بالسكين، رغم انتهاء الأمر... أعني أن أغيد لم يكن المطلب الرئيسي... هل هو عُرف عصابات هنا أم....."
"لم يكن يقصد السيد أغيد... لقد كانت الأوامر إما أنت أو جون... إن لم يستعيدوا جون فلن يستعيدك السيد قطعة حية أبدا... و عندما أخبره السيد أغيد أن جون ميتة، فقد الرجل عقله و ألقى الخنجر قاصدك أنت، إلا أن السيد تلقاه عنك..."
ثم لأول مرة يدخل نبرته الحيادية الهادئة نبرة أخرى، بينما ترتد بصدمة مع المعلومة... لم تتخيل أن تكون المعنية... أبدا لم يخطر ببالها... لقد ظنت أنه يحمي الأخرى... يهتم بالأخرى...
"سيدتي... السيد أغيد يهتم لأمرك بما يفوق الوصف... ربما ما حدث لك كان مخيف لكنه كان مستعد ان يتنازل عن كل شيء لأجلك... حتى تجميده لجون رغم قذارته كان رهانا متطرفا لأجل حمايتك... فقط فكري بذلك..."
و تركها وحدها ناهضا و الاستيعاب يطرق أبواب فهمها...
***
يتبع..................

noor elhuda likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة eman nassar ; 07-09-17 الساعة 04:08 PM
eman nassar غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 07-09-17, 03:18 PM   #2000

eman nassar

نجم روايتي وكاتبة بقلوب أحلام و قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية eman nassar

? العضوٌ??? » 289978
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,167
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » eman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
افتراضي

"و ماذا بعد؟؟"
دون سيطرة سأل و هو ينظر إليها تدخل للغرفة بعدما أراحت لبنى في سريرها، و منحتها دعم و مواساة و ربما كذلك حبة مهدئ أو منوم!... موقف زوجته مع تلك الفتاة الصغيرة الحجم أذهله... لم يتوقع كم تملك من القوة و العطاء في جسدها... لم يظن أن هنالك أي نوع من الود بينها و بين زوجة أخيه لكنها فعلا فاجأته بتقديم يدها لها كما شدت بيدها الأخرى على يده...
و الآن هي واقفة أمامه في الغرفة... دموعها تسيل من كلمات قالتها لها لبنى...
لقد فهمت ما قصده أغيد و ما تريده هي و كأنه خلال رحلة سقوطه حتى اصابته يفهمها بشكل عملي ما الذي تريده هي...
تأملته و هو جالس على الأريكة الأنيقة في الغرفة المجهزة لزوجين...
"نسيت أسألك... كيف كانت رحلتك؟؟"
دون سيطرة التفت ينظر إليها بنظراته الحادة و هو يتلبس البرود الدفاعي المعتاد...
"حقا هدى؟؟ هل سنبدأ من هنا؟؟"
أغلقت عينيها و هي تترك العفوية تتعامل معه كما فعلت منذ أول لحظة رأته بها و أخبرته بكل شيء و كيف شعرت بالفخر ينسكب من نظراتها له، عندما أسكت ماجي بنظراته الباردة حتى أنها نهضت من مكانها و تركتهم في حلف و هي لوحدها في حلف...
"لا، لن أبدأ من هنا... و لكن... كنت أتمنى ألا أكون بحاجة إلى أن أستعيد أوجاعي بينما أوجاع كثيرة و كثيرة جدا تحدث هنا!"
ظل ينظر إليها ببروده و هو يمنحها الاشارة الثانية الدفاعية عندما استرخى بجلسته مرخيا ذراعه على طول ظهر الأريكة واضعا ساق فوق ساق، مستمرا بالتظاهر بما لا تفهمه...
"جيد أنك تملكين أوجاع هدى، فقد ظننت أن لا شيء يخصني يمكنه أن يؤثر بك على الاطلاق!"
التوتر بينها و بين زوجها و علاقتهما المتذبذبة تصاعد ليتصدر اهتمامها بالكامل، و هي تحاول أن تجد الكلمات...
"لم تظن ذلك؟"
همست أخيرا و هي مازالت واقفة بعيدا عنه...
"لم أظن ذلك؟... حقا هدى أنت تبهرينني بظنك كم أنا غبي!"
صدمت من اتهامه لكن مرارته من كل شيء تماسكت بكتلة واحدة ضدها...
"علاء... أنا... "
أغلقت عينيها بلا حرف واحد يخبرها أن تقول، ثم فاجأت نفسها تسأل...
"أنت سألتني ماذا بعد... و ماذا عن بعد بالنسبة لك!"
رفع حاجبا متحديا قبل ان يقول بحزم خالط برودته...
"في الحقيقة كنت أخطط خلال الأيام الفائتة، لرفع قضية طلاق و حضانة كاملة ليزن!"
ارتدت بصدمة من كلماته ليكمل بتشفي ضايق شيء في روحه...
"الملف هنالك على مكتبي، شبه مكتمل، و قد كدت أتقدم بالدعوة لكن اتصالك أخرني بعض الشيء... هذا عن بعد بالنسبة لي... فماذا عن بعد بالنسبة لك!"
لأول مرة تشعر بالخوف من علاء و حزمه و برودته... لأول مرة تشعر بخسارة الفقد الذي سيحل عليها إن خسرته حقا...
"هل هو قرار نهائي؟"
سألت ليرد دون أن يغير جلسته...
"أظن أنه قرار منطقي بالكامل زوجتي... نسبة فوزي بالقضية شبه مضمون مدعوم باتفاق قبل الزواج و هجرك لنا و تركك بيت الزوجية لفترة من الزمن دون سبب منطقي... أظن أنني سأستعيد مجدي بألا أخسر قضايا قط كما كنت تظنين..."
مصدومة فمها مفتوح و كأنه يريد أن يخرج حروف تترجم ما سمعته منه، بينما هو يكمل بمنطقية هادئة...
"لا تظني هدى أنني أنتقم منك أو أكرهك، لكن كما أسلفتِ أنتِ... هذا الأفضل لنا... في الحقيقة أنا أحاول أن أنجو من هذه السفينة الغارقة منذ البداية... حاولت عبثا أن أقودها لكن العفن تسلل لكل أخشابها... ابني بحاجة لاستقرار للأسف أنت لم تستطيعي أن تمنحيه إياه... لذلك أرى أنني....."
"إذن لم جئت؟"
قاطعته بعيون بدأت تحمر و الوجع من الفكرة يحرقها حقا...
"لم تركت كل شيء و جئتني حتى ابنك تركته... لم جئتني علاء؟"
لأول مرة يحار بالجواب لتتقدم بقوة للغرفة و هي تقول بصوت حازم رغم رجفة البكاء فيه...
"اليوم رأيت أخاك يصافح الموت و مازال فيك هذه القسوة لأن تظل متلبس هذا الرداء البارد العازل... عني أنا قد اكتفيت منه و لم يعد قادرا على ستري، لذلك علاء رافع ياسين سأخبرك عن بعد بالنسبة لي... سأخبرك عن ماذا بعد بالتفصيل... لكن لا تقاطعني... فربما ستكون هذه آخر فرصة أتحدث بها معك!"
الآن استحوذت على شيء خارج العازل الذي بناه حول نفسه و هي تتحدث بثبات. لقد قررت أن تقامر و تغامر مرة واحدة... ملف طلاقي على مكتبك... أقسم ألا يحدث هذا... اقسم ألا تبتر القصة من منتصفها بلا نهاية على الاطلاق!
" بعد يا سيدي يبدأ من قبل... و قبل كثيرا!...
سأبدأ من حقيقة كنت أريد أن أخبرك بها منذ البداية... ليس بداية البداية، لكن ما أن فهمت الكثير مما غاب عني، أردت وقتها أن ألوذ إليك لأجدك تفكر بطريقة غريبة في سبب لجوئي إليك... أنا يا علاء أستأجر جاسوس... أنا تظن بي هذا الظن!"
و دون أن تمنحه الفرصة لأن يرد -رغم أن حمرة الخجل بدأت تتسلل لبشرته من سوء فعلته، أكملت بسرعة متخذة حقها في الحديث قانونا...
"انتظر أنا لا أعاتبك هنا، فبكل الأحوال أنا أستحق... أعلم أنني باردة و متقوقعة و لا أثق بالناس بسهولة... أعرف عيوبي و أعرف كيف هي أكبر مخاوفي من أن أنزلق في عطاء بالكامل مثل أبي ظنا مني أنه كان ضعيفا... حسنا... الضعف كما قالت ماجي، هو التواري خلف الحذر و الخطط و خطوط التراجع... الشجاعة هي أن تتقدم بلا تردد... أن تنظر لعيني الشخص الوحيد في حياتك..."
تنفست بقوة و هي تنظر إليه بقوة و ثقة بينما قلبه رغما عنه أخ يضطرب بنبضه...
"و تخبره أنك تحبه... تحبه كثيرا... أكثر مما يستطيع جسدك أن يتحمل وحده لذلك تحتاج لشراكته ليرى ما تشعر و يفهم ما يحدث لك... المشاركة بالحب أهم من المبادلة... طاقة الحب ليست فقط عطاء متبادل بل مشاركة... مشاركة بكل دقائق الحياة لا رسم حدود و صناعة حواجز و بناء قلاع مؤمنة لتحميك من أن يراك الآخر..."
لِمَ تبكي؟... لا تعرف حقا لكنها وجدتا الدموع تسيل من عينيها و هي تخبره بما في قلبها؛ و كأن انفعالاتها قررت أن تتحرر بكل أشكالها...
"و أنا آسفة علاء... جدا آسفة، اتخذت قرارات غريبة و منفردة... و سفري كان خاطئ و لكنني كنت وصلت لآخري... وحدي كنت علاء، و لم أجد أحد يمد يده لي سواه... سوى أخيك..."
نوعا ما فهم الآن ما يريده أخيه و سبب فعلته... نوعا ما تقبل ذلك... و نوعا ما هو شاكر له!
"ظننت أنه أخ لي..." تشتت قليلا، إلا أن عروقه رغما عنه غلت بالدم و هي توضح أكثر من هو...
"لذلك عندما أخبرني أنني مثل أمي لم أعرف ماذا سأفعل... لم أعي إلا على نفسي و قد لجأت إليك مرة أخرى لتخبرني أنني أي شيء إلا مثلها... أنني لم أستغلك و لم أتسلقك و لم أبحث عن اللقمة في يد غيري... فقط علمت أن نظرة واحدة منك ستجعلني أصدق أي شيء جيد عني... كنت بحاجة لأقل من أي شيء، فقط لأتقبل نفسي... لكنك لم تكن موجود لتقل أو تنظر... فقط وقفت وحدي بمخاوفي و أنا لا أعي ما علي فعله... هل أعود لبيت عمي و ابنهم لا يرى في إلا حشرة منحطة، أم أهيم أم... حقيقة لا أعرف ما كنت سأقرر أو سأفعل بنفسي لو لم يظهر... كنت خائفة... خفت من نفسي... خفت على ابني أن يكبر مثلي، و خفت عليك، و لا أعرف من ماذا خفت أيضا... وقتها مشاعري اختلطت، لذلك عندما اقترح خطة هروب، هربت... ليس منكم و لكن مني..."
ثم توقفت و هي تمسح دموعها، مع جلوسها دون دعوة جواره على الأريكة بإنهاك تطاول على كل عظامها، عيناها على أصابعها المعقودة و هي تتحدث ببساطة...
"نعم هربت... لكن مني و ليس منكم... لم أهجركم و لم أترككم للأبد... أحب ابني كثيرا، كثيرا، كثيرا... يا الله كم أعشق يزن لكي لا أتركه للأبد... فقط احتجت أن أحميكم من سوادات بدأت تتكون داخلي، و خفت أن تحتلني، و ترونها، فهربت مني... علاء أنا دونكما حتى مع تفوقي و تميزي و رضا الجميع عني، لم اشعر بشيء... دونكما أنا لا شيء... فقط لا شيء..."
ثم نظرت للجدار الفاصل بين غرفتها و غرفة لبنى، و زوجها صامت و قد استحق فرصة الاستماع، لتكمل بتنهيدة وجع...
"عندما خطفت لبنى لم أرى كرب ككرب أغيد... لم أتخيل أن الموت يمكنه أن يسكن حي كما حدث به... حتى سباقه و سقوطه كانا هامشيين بلا تأثير... و عندما اصيب أغيد... لبنى قالت أنها تستحق ما يحدث لها لأنها لم تصن نعمة حبه لها... أنا لا أريد أن أمر بهذا لأستفيق... أنا لا أريد أن أجرد من النعمة لأصدم بالجوع... أنا..... لقد قال لها كله بكلها... نعم... المحب يمنح كله، لكن أغيد أخطأ إن ظن أنها مقايضة... أنا هنا أقرر أن أقامر... سأضعني كلي على المائدة، و أخبرك أنني أحبك اكثر من كل شيء... حتى لو أردت أن تستمر باتفاقية ما قبل الزواج لأنها تمنحك الأمان فأنا أفهم... حتى لو........."
و لأول مرة يرى هدى عارية الروح من نظرات عينيها و لم تقنن مشاعرها و هي تقول...
"فقط اقبل بي كما أنا... بكل مخاوفي و عيوبي و عقدي و جنوني... اقبل بي علاء، و لا تخف... سأعلمك كيف تحبني... يوما بعد يوم ستفعل، رغم أنني أكاد أثق بما لي في قلبك..." هزت رأسها و هي تلوي يديها بعدم قدرتها على ايجاد ما تعبر به في داخلها...
"أنت جئتني علاء... جئتني مع أول صرخة حاجة... جئت لهدى التي هجرتك رغم علمها كم تكره الهجر و سافرت و تركتك أنت و ابنك و كأنها تطبق كل مخاوفك... و رغم كل ذلك جئتني... أنت جئتني و هذا يكفيني الآن... لكن السؤال هو..."
و دون حتى أن تفكر بما تفعل التفتت إليه بالكامل و تناولت يده في يدها برجاء... بأمل...
"هل أنت ستكتفي بي... هل أنت تقبلني مرة أخرى زوجة لك... نعم أنا الآن أخطبك مرة أخرى لكن لأجل الأسباب الصحيحة... أنا أريدك زوجا لي في السراء و الضراء... أنا أريدك حبيبا لي و سندا لي و أخا لي و صديقا لي و ملجأ لي و سكنا لي... و كل شيء لي... أنا أريد بيتا حيا و أسرة تتجمع على مائدة العشاء كل يوم لأنهم يحبون بعض، و يشتاقون لبعض، و يستأنسون بجلسة بعضهم البعض... انا أريد أن يحميك حبي من الغدر و يكون ضمانة أكبر من أي عقد أو اتفاق... أريدك أن تعلم أنني أبدا لن أهجرك أنت و ابني؛ لأن لا حياة لي بعددكم... أريدك أن تعلم كم اشتاق بجنون لأن احمل طفل آخر أخ ليزن و ابن لك... يا الله كم أشتاق لهذا كله... أريد حياة بسيطة علاء بلا عقد، نعطي بالحب و نأخذ به... فهل تقبل؟؟"
***
مكان بعيد...
مكان قديم...
مكان يليق بقبر...
أو بألطف الوصوف سجن...
أو منفى...
منفى...
المنفى... العقوبة التي مرة سخرت من سخرية الناس منها وقت أن كانت في ربع عقلها و تحدثه بأفكار عجيبة...
"النفي، عقوبة غريبة مهاب... أن تنفي شخص عن بلده... لا أعرف كيف هو غبي... هل تعلم... لو كنت الحاكمة مثلا سأنفي المجرم لمكان يكرهه حقا بأن أنفيه فيعيش في موقع جرمه!... مثلا تخيل أن تقبض على جاسوس يكره بلاده و يبيعها بلا مقابل، سأنفيه لبلده و أجعله يراها بتفاصيلها... سأجعله يجن بالكامل و هو ينظر لشاشات لا تتوقف تخبره عن أصالة بلده... ليس لكي أجعله يحبها لا سمح الله، لكن لأخنقه... هذا هو النفي من وجهة نظري!"
هل لين نفت نفسها...
و هل هي بحثت عن مكان يعرض تلك الشاشات لما تخلت عنه طواعية لتقهر... هل ذهبت لمسقط رأس أم دعد لترى وجع فقدها للمى...
أو ذهبت لبيته هو مثلا، لترى وجع فقد كلا ابنيها، فهو لا يعد أصلا مكسب لتخسره!...
هذا جنون مهاب أن تكون في بيتك مختبئة في جب سري سحري..
جنون و جبن و لين مجنونة بلا جبن...
لا ذهبت لمكان آخر...
منفى آخر...
منفى مهجور قديم نائي يجعلها ترى ما فعلت و تعيش.........
"زياد... هل يوجد مكان قبل بيتك الآخر أنت و دعد عشت فيه مع أسرتك... قصركم القديم... ذلك المكان الذي عشت فيه أنت و لين طفولتكما النظيفة..."
نظر لدعد و هي تتذكر أكثر بقعة تكرهها و هو أيضا يكرهها و لين تكرهها... بل العالم كله يكرهها...
أغلق على عينيه بقوة و لا يعلم أيريد أن تكون هنالك أم يريدها أن لا تكن بمثل هذا الجنون لتكون هنالك...
لكنه التفسير المنطقي...
قديم...
بعيد ...
مهجور...
و منفي!
و ملعون... ملعون من كل ما مر بهم...
أقسم هذه المرة أن يهدمه بالكامل و يعرض الأرض للبيع و يرتاح من ذكره... يكفي ما يصنع لدعد المرتجفة الآن من ذكريات سيئة...
"انهض... طريقنا طويل لمدينة أخرى!"
نهض دون كلام و هو يرى الاقتناع في عيني زياد على اقتراحه...
"انتظر زياد... سأذهب أنا و لمى معكم... و لو شئت مهاب سنأخذ محمد... هذا قد يمنعها من أن تفعل أي شيء مجنون, و ربما يلينا قلبها!"
لم يجد فيه رغبة ليتحدث وهو يوافق بلا أية كلمة، مفكرا أنه يجب عليه أن يوفر الكثير من الكلمات الآن، فوقت استعمالها قد حان!...
***
نهاية الفصل




noor elhuda likes this.

eman nassar غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:33 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.