آخر 10 مشاركات
324 - زواج مع وقف التنفيذ - جانيت هوج - م.د ( كتابة / كاملة )** (الكاتـب : TOMLEDER - )           »          أجمل الأفلام القصيرة..«خاسب الدبابه يا غبى منك ليه».. (الكاتـب : اسفة - )           »          ❤️‍حديث حب❤️‍ للروح ♥️والعقل♥️والقلب (الكاتـب : اسفة - )           »          مهجورة في الجنة(162) للكاتبة:Susan Stephens (كاملة+الرابط) (الكاتـب : Gege86 - )           »          تبكيك أوراق الخريف (4) *مميزة ومكتملة*.. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          داويني ببلسم روحك (1) .. سلسلة بيت الحكايا *متميزه و مكتملة* (الكاتـب : shymaa abou bakr - )           »          أزهار قلبكِ وردية (5)*مميزة و مكتملة* .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          7 ـ جرح السنين ليليان كيد كنوز أحلام قديمة (كتابة / كاملة ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          فجر يلوح بمشكاة * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Lamees othman - )           »          334 - ليلة مع العدو - بيني جوردان - أحلام الجديدة ( كتابة / كاملة )* (الكاتـب : عيناك عنواني - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree101Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-03-17, 04:25 PM   #771

eman nassar

نجم روايتي وكاتبة بقلوب أحلام و قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية eman nassar

? العضوٌ??? » 289978
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,167
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » eman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة modyblue مشاهدة المشاركة
[imgl]https://lh3.googleusercontent.com/-dzgqr-83jiw/u_rbkjpgpli/aaaaaaabc2c/vksa4ejmk0c/w800-h800/2014%2b-%2b1%2b%252823%2529.jpg[/imgl]
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة modyblue مشاهدة المشاركة
لين

[imgl]https://edorr.net/uploads/posts/e7d2ef70a7ebaf62fbfde86742f395b8.png[/imgl]
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة modyblue مشاهدة المشاركة
[imgl]https://1.bp.blogspot.com/-ekur_z92qvk/vzm0s6-8vki/aaaaaaaaaki/ujm_7a6xdnunrp1caeueln49kshfqhc5ack4b/s1600/13177522_995814897122602_4221520970297649260_n.jpg[/imgl]
يا الله على جمال الاقتباسات كم اسعدتني و امتعني اختيارك
جدا رائعة يا غاليتي


eman nassar غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 16-03-17, 04:29 PM   #772

eman nassar

نجم روايتي وكاتبة بقلوب أحلام و قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية eman nassar

? العضوٌ??? » 289978
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,167
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » eman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
افتراضي

أعزائي قراء نوعا ما يبدوا
انتظركم اليوم بعد الساعة السادسة بتوقيت غزة اظنه نفس توقيت مصر مع فصل ضخم
للأمانة أضخم فصل مر على الرواية ب 50 صفحة وورد
و خلاله سيحدث شيء طالبتم به بشدة
و ستنكشف لنا بعض التفاصيل الحادة عن احدى الشخصيات... لكنها حدة ضرورية لتستقيم الاحداث...
كونوا بالقرب عزيزاتي...


eman nassar غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 16-03-17, 06:01 PM   #773

Bashayer6

? العضوٌ??? » 303277
?  التسِجيلٌ » Aug 2013
? مشَارَ?اتْي » 614
?  نُقآطِيْ » Bashayer6 has a reputation beyond reputeBashayer6 has a reputation beyond reputeBashayer6 has a reputation beyond reputeBashayer6 has a reputation beyond reputeBashayer6 has a reputation beyond reputeBashayer6 has a reputation beyond reputeBashayer6 has a reputation beyond reputeBashayer6 has a reputation beyond reputeBashayer6 has a reputation beyond reputeBashayer6 has a reputation beyond reputeBashayer6 has a reputation beyond repute
افتراضي

نسجيل حضور 💖💖💖💖💖💖💖💖💖💖

Bashayer6 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-03-17, 06:41 PM   #774

حنان الرزقي

? العضوٌ??? » 315226
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 754
?  نُقآطِيْ » حنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond reputeحنان الرزقي has a reputation beyond repute
افتراضي

من فضلكم اذا كانت الساعة السادسة بتوقيت غزة فماذا يوافقها في تونس؟

حنان الرزقي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-03-17, 06:52 PM   #775

timo_antimo

? العضوٌ??? » 5664
?  التسِجيلٌ » Apr 2008
? مشَارَ?اتْي » 1,366
?  نُقآطِيْ » timo_antimo is on a distinguished road
افتراضي

شكرررررررررا اااااااا

timo_antimo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-03-17, 07:43 PM   #776

eman nassar

نجم روايتي وكاتبة بقلوب أحلام و قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية eman nassar

? العضوٌ??? » 289978
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,167
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » eman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
افتراضي

مسا الخير عزيزاتي
راح بلش باذن الله انزل الفصل
لكن الاشارة عندي ضعيفة الرجاء ايقاف الردود
و الفصل راح ينتهي مع كلمة تمت
منورين و من هلا قراءة ممتعة


eman nassar غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 16-03-17, 07:44 PM   #777

eman nassar

نجم روايتي وكاتبة بقلوب أحلام و قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية eman nassar

? العضوٌ??? » 289978
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,167
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » eman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
افتراضي

الفصل الثالث عشر
(13)


يجب أن تكون صنم عندما ترى هذا المشهد و لا تتأثر...
ترى كيف كان لقاء الأم بابنتها. نعم لين أم لمى رغم أنوف الجميع، و أولهم أنفه هو و أنف أختها الخائنة!
عيناه ملتصقة بمنظرها وهي تحتضنها بطريقة موجعة منفجرة بالبكاء -الغير مصدق- بلا تحفظ فوق شعرها... تلومها على انقطاعها عنها و هي تطحنها في صدرها... تتشمم شعرها و هي تضمها بقوة خانقة... تبعدها قليلا لتحدق بها لثوان و كأنها لا تصدق أنها فعلا بين يديها... ثم تعود تغزلها داخلها مرة أخرى...
يجب أن تكون خشبي الروح إن صامت انفعالاتك، و أنت ترى لين و لمى في اللقاء...
"هل هنت عليك لمى؟... عشرة أيام... عشرة أيام و لا تسألي فيها عني... كيف فعلتها يا لمى؟... كيف استطعت!"
نعم عشرة أيام مرت و رأى فيها لين أخرى و كأنها شبح يغدو بينهم... عشرة أيام مرت و لم تعد تشاركهم المائدة و لم تعد تهتم لشيء و كأن اليأس استوطنها...
عشرة أيام مرت و ربيبتها لم تتصل بها أو تكلمها... أغلق عينيه و هو يحاول أن يعود للكره لها... للشماتة بها، لكن غضبا لا يفهم أبعاده سيطر على عواطفه من أختها و زوجها الحقير...
لم يتوقعها من دعد... أبدا لم يتوقعها... فعندما علم أن التواصل مقطوع بالكامل بين الاثنتين شك بذلك...
لكن عندما سألته لمى عن لين و لِم لَم تتصل بها خلال الأيام الفائتة، شعر بشعور مريع...
الغضب في الحقيقة بدأ، عندما نال اتصالا من محسن مساعد زياد الصانع، يخبره أن دعد قد أنجبت، و لو يمكنه أن يأتِ ليأخذ أخته التي نسيها هنالك هو و الده!
و الغضب بات أعمى عندما علم أنها قضت ليلتها في بيت النظيف... من دون كل بيوت الخلق لم يجد ابن الصانع إلا بيت النظيف... اللعنة عليهما معا!
و الغضب بات كستارة حمراء يُلوح بها لثور هائج عندما سألته لمى عن لين...
أغلق عينيه لثوان محاولا أن يستحضر دعد صديقته القديمة المرحة، لكنه لم ير إلا فتاة خبيثة، تفصل بين قلبين وحدهما النبذ و الانتماء...
برغم كل ما قاله سابقا للين و برغم كل ما حاول ان يوجعها به، فهو بعمقه يدرك أنها هي الوحيدة التي لها الحق بأن تطالب بلمى... و الآن و بعدما عاد و رأى قلة حزم والده في كل شيء، فهو لن يتوانى أن يعيد لها حقها الذي نالته وحدها بالاستحقاق... فكل أم تنال هبة ربانية تسمى الحمل الطبيعي و الولادة، أَمّا هي فضربت بالصخر لتكون أُمّا لهذه الطفلة!
من ناحية أخرى كانت لين لا تزال لا تصدق... لقد آمنت أن دعد سرقتها بالكامل... الهواجس لم تنتهي و هي تسأل نفسها عن ابنتها التي نسيتها بالكامل... ابنتها التي لم تكلف نفسها عناء الاتصال بها... ابنتها التي وجدت في كنف عائلة مستقرة الراحة و الانتماء...
ابنتها التي لا تحمل في حروفها و جيناتها أية انتماء لها... ما أسهل فصم هذا الارتباط و ما أسهل قتلها، و كأنهم يقطعونها جزء، جزء ببطء شديد!
الأيام الفائتة مرت عليها و كأنها محكوم بالإعدام ينتظر تطبيق الحكم...
لم تعد تشتهي شيء في هذه الدنيا... لم تعد تطلب أي شيء... انهزمت بصمت، ببساطة انطفئت شعلتها و هي تنطوي على نفسها... هزلت خلال هذا الأسبوع أكثر مما كانت تفعل الحبوب بها... انسحبت من الدنيا و صارت فقط تحدق من شرفتها للبعيد و كأنه يعرف الجواب و السؤال...
لأول مرة تشك بقيمة تضحيتها... لأول مرة الوساوس تتحول ليقين، و الحب يتحول لخرافة، و الأمومة تتحول لمسرحية يعيث بها ممثلين سكارى الفساد...
الأمل كان مفقود بالكامل و هي تفعل أول خطيئة زوجية في حضور زوجها...
ببساطة كانت بحاجة لشخص لا يُجرمها و لا يلومها... شخص خَبِر الموت و الحياة و عرف معنى أن تضحي بكل شيء لفرصة أخيرة...
كان جابر هو الذي اتصل عليها يسأل عن أحوالها... بلا تعب التقط النعي في نبرات صوتها و كأنه اعلان وفاة!
و عندما أخبرته أن لمى ليست موجودة و ربما لن تعود، لم يتوانى عن دعوتها للمنتزه لأن ابن اخته اشتاق لها!
لم تكن تخون زوجها فجابر كان و مازال صديق، و لن يرتقي منزلة أخرى... لم تكن تخونه و كلاهما يعلم أن مشاعرهما لا ترتقي إلا بالبحث لدى الآخرين عن أنفسهم... لا هي لم تكن تخون أحد و هي تبحث عن صديق وحيد يستمع لها...
كانت فعلا جرعة مخدرة من وصفة تواصل انساني، و هو ما كانت قد حُرمت منه بالكامل...
لم تكن تريد أن تشركه شيء. فقط تريد أن تنفصل عن عالمها و تشعر أنها في بعد آخر لم تفقد فيه ربيبتها و لم تنسها به على الاطلاق!
لكن جابر تحدث بهدوئه الذي قد يبدو استسلام، لكنه تذوق تام للنعم، بهذا الحديث جعلها تخبره ألمها بأحرف موجوعة عبر جملة واحدة...
لمى لم تعد لي!
"لا يمكن أن تنساك لين، فلا تمنحيهم فرصة لكي يدمروك بالسلاح الوحيد القادر على فعل ذلك!"
ضمت شفتيها، و قد صامت حتى الدموع عن الزيارة لجفونها، لتجد أنها شاخت بقلبها كما لو كانت في السبعين من عمرها...
"لم لا... تبقى الروابط الدموية هي الأقوى..."
ثم هزت رأسها بسخرية شديدة من كلماتها و ذكرى تبرء أخيها منها تطفو بخبث فوق كل الذكريات...
"من بين كل الخلق أتوقع أن تفهمي لين أن العطاء هو الرابطة... التواصل هو الرابطة... أبدا لم يكن الدم هو الرابطة و إلا ما حدثت أول جريمة في البشرية و قتل قابيل هابيل... لا تسمحي لهذه الأفكار الخبيثة أن تستوطنك... أتريدين أن أخبرك ما يجري..."
كانت تعلم، يعلم الله أنها تعلم بلا أية شروح... لكنها موجوعة لتعترف!
"دعد و زياد يلعبون لعبة قذرة يا صديقتي... يحاولون أن يعزلوها عنك... لكنني أعلم أن عبثهم هذا سينقلب ضدهم... ثقي لين أن لمى لا تنتمي إلا لك، لا لأخت تذكرت نفسها متأخرا و أرادت بكل وقاحة أن تسرق تعبك... نعم لين، لمى هي لك وحدك... أنت من بصمتْ عليها و على كل ما فيها من خلق و طباع و عادات... تلك الفتاة منك لين... لذلك لا تصنعي لهم تربة خصبة؛ ليزرعوا فيك شيء من تلك الوساخة... كوني أرضا صلبة، لا تلين... كوني صخرة لا تنبت بها أية بذرة قذرة منهم... هل فهمت لين؟؟"
رفعت عينيها إليه بعيون اغرورقت بالدمع و كلها امتنان لكلماته...
و كأن الله يخبرها أنها ليست وحدها... صحيح طريقها صعب طويل، لكنها بحاجة لدعم خارجي، فبعض الأحيان تستنفذ طاقتها بالكامل، و لا تجد بها أية مصدر ليعيد شحنها...
نوعا ما بعد النزهة هدئت مخاوفها، و توقفت عن خربشتها لروحها، لكنها ظلت تتجنب الجلسة المشؤومة من ذكور هذه العائلة النحسة، إلى أن فوجئت بباب غرفتها يفتح بكل قوة أو استئذان، و ربيبتها تقتحمها بحضن قوي مشتاق!
رغما عن شوقها لها بل عدم تصديق عودتها لها، عاتبتها و هي تسأل عن الهجر، عن النسيان!
"لقد كان هاتفك مغلق... حاولت دعد أن تتصل بك أكثر من مرة... و قد خفت عليك كثيرا، حتى أنني طلبت من العم زياد أن يكلمك لكنه رفض..."
ابتسمت بسخرية شديدة و دعد لا تخيب توقعاتها... فعلا صانعية بامتياز رغما عن كل ادعاءاتها القديمة... جاءتها الفرصة فاغتنمتها دون أن تبالي بأحد!
ثم و بمفاجأة قوية كانت الفتاة تتحدث بحماس...
"هل صحيح لين أنك أخت العم زياد؟؟"
رغم صدمتها، ظلت تدير السؤال بعقلها... ثم هزت رأسها بإيجاب، قبل أن تنفيه شفتيها...
"كنا لمى، لكننا تفرقنا... الآن أنا وحدي... فقط وحدي... لا أحد لي..."
ثم ابتسمت في وجه الفتاة المركز بطريقة تفوق عمرها مع عقدة الحواجب الذكية...
"ربما أنت أيضا لست لي... ربما مقدر لي أن........"
أغلقت عينيها بحزن... لأول مرة تحزن بهذه الطريقة بعدما فقدت أمومتها بالكامل... لأول مرة تحزن بكل عواطفها، فما بقي لها شيء يسري عنها في وحدتها... لأول مرة تجرب تجمع عواطفها في كتلة مصمتة بالية مشبعة بالسواد... و عندما رُدت الروح لها مع طفلتها وجدت كل دواخلها خراب، لا مكان للسكنى بها...
"نعم... مقدر لي دوما الفقد و الوحدة... لقد كنت أعابث خريطة قدري لثوان، دون أن أعلم أنه قد خط منذ زمن... "
شعرت بالفتاة تهز رأسها بلا فهم مستغرب من كلماتها، ثم أمسكت ذقن لين لتركز بملامحها...
"لين أنا لا أفهم شيء..."
ضمت شفتيها و هي تفكر أتقنن الحقائق و تسردها بطريقة مراوغة، أم تشوه صورة أختها أم.........
"القصة لمى أن دعد تريد أن تأخذك من لين، لتقيمي عندها للأبد... لذلك كذبت عليك و أخبرتك أن هاتف لين مغلق... لكنه لم يكن مغلق... لقد حاولت الاتصال بك آلاف المرات لكن أختك رفضت تلقي الاتصال!"
التفت الرأسان بحدة لمهاب الواقف مسترخيا مستندا على اطار باب الغرفة، و عيناه تشع تحديا بنظرات التصقت بعيني زوجته، أن تنكر كلمة مما سكبه من حقائق مجردة!
"لم تريد أن تأخذني؟؟"
ظلت نظراتها مسلطة عليه رغم أن التساؤل موجه لكلاهما، عينه بعينها و كأنها تتعرف على هذا الحامي الجديد، أو المرتدي لثوب الحامي الثقيل عليه و قريبا سيسقط عنه!
"سؤال مهم صغيرتي..."
التحبب في لهجته ناحية لمى كان مستغربا من كلتاهما، ليستطرد...
"ربما هي تجد فيك ذكرى من أمها، أو ربما بسبب خلاف لين مع زياد وجدت أنه من الأفضل أن تبقي معها... أو شيء بعقلها لا نعرفه... بكل الأحوال لمى يجب أن تتأكدي أن لين لم تنسك و لو أمسكت هاتفها ستجدي مئات الرسائل و الاتصالات التي لم تتوقف لأختك".
كيف عرف؟؟
كيف عرف، و كيف تجرأ ليلقي معرفته بها في وجهها بكل صفاقة... هل هي حيلة أخرى منه ليذلها أكثر... شعرت بذقنها يتحرك مع يد لمى التي أعادته ناحيتها...
"لكن دعد تحبني... لقد جددت غرفتي الخاصة على ذوقي... لِم تريد أن تجعلني أتركك... هي تعلم أنني أحبك لين، و لن أتغير أليس كذلك؟؟"
ظلت تنظر إليها و الدموع تعود تغشي عينيها... عرض عاطفي ثري أو رخيص، لم تهتم و هي تقول بصوت متهدج...
"هي تعلم لمى، هي تعلم... لكنها تظن أنه الأفضل لك... ستختلطين مع أبنائها و سيكونون أصدقاء لك، و ستكون المسؤولة عنك ذات صلة كاملة بك لا شخص يمكن ركله بسهولة من حياتك... لذلك ربما يكون من الأفضل أن تذهبي لها... على الأقل أضمن لك أن زياد سيحبك كما لو كنت ابنته!"
شعرت بنظرات الفتاة تختفي خلف غشاوة دموع طفولية ظهرت أخيرا...
"أنت لا تريديني لين؟؟ أنت لم تعودي تحبينني كما قالت دعد... أنت تريدين تركي؟؟ أليس كذلك؟؟ ألم تقولي أنك أمي و أختي و صديقتي... ألم تخبريني بذلك؟؟"
أغلقت عينيها بقوة على وجع الطفلة و كأنها بذلك تحتويه داخلها و تجنبها كل الألم...
"ليت الأمر بهذه السهولة... ليته كذلك... أنا هنا فقط لأنني زوجة مهاب... و لو ذهب هذا الرابط فسـ................"
ذاكرتها تنحرف لحوار حدث قبل أربعة أيام...
عندما اقتحم مهاب خلوتها، و هو يخبرها بصلف أنه ينتظر قرارها...
هل ستبقى زوجة له و دورها الرئيسي هو ما اختارته، ليكمل هو حياته مع امرأة أخرى، أم ستخرج من حياتهم بكل سلاسة... و........
"لا تقلقي سأسمح لك أن تزوري ربيبتك كل أين و أين!"
وقتها نظرت إليه ببركة زرقاء ميتة، و كأنه فقد تفاخره لربيبه عن قدرته على احيائها... لقد ماتت و الموتى لا يعودون إلا بصور مشوهة خيالية هليوودية!
"افعل ما تريد مهاب... فقط دعني و شأني!"
ثم ظلت على جلستها تسامر النجوم التي شهدت على كل أحوالها و لم تجرمها قط!
الآن عاد الحوار لذهنها و هو ينهيه بـ....
"سأنتظر حتى تعود ربيبتك، فلا أجد أنني عادل حين أحاربك بكل قوتي و أنت بكل ضعفك!"
لم ترد عليه أيضا و هي تركن للصمت، ليخرج هو تاركها في بؤرة الفراغ الناهم لكل انفعالاتها!
"مهاب..."
رفع عينه لعينها و قد استعادت بعض من قوتها الحارقة... الآن فهمت سؤال لمى و فعل دعد، و فعل مهاب...
هي باتت واقعية و تركت الهوجاء الانتحارية في الخلف، لذلك هي تعرف ما تملك و ما تحلم أن تملك و ما لن تملك...
و مهاب هو الصفة الأخيرة!
"يمكنك الزواج بمن تريد، و بالمقابل أنا سأبقى مع لمى... لا أريدك و لا أريد منك أي شيء... فقط اتركني و شأني مع ابنتي...
فقط..."
***
دخلت المنزل مسرعة للمطبخ لتعد وجبة العشاء،
كانت قد تأخرت عن موعدها مع مؤتمر وجب أن تلقي به كلمة عن بحثها الأخير... اكتفت بأن تتألم بالسيارة و كل زملائهما لهم شخص ما يهتم و يجلس يستمع لكلماتهم، و يفخر بهم... أما هي فلم تتوقع شيء آخر...
و عندما انتهت انطلقت بلا أي رغبة بالاختلاط بزملائها، للبيت، مدركة واجبها في تحضير وجبة العشاء بسرعة قياسية... ابتسمت بمرارة مع الهدوء المترجم لغياب أمها عن الدار... لا راحة و لا ألم... فقط بسمة غبية لا معنى لها!
تحركت بثقل و قد فقدت الرغبة بصنع أي شيء... آلية بالية تحركها فلا تشعر... الآلات لا تشعر هدى!
تعبر البهو للطابق الأعلى لتبدل ثيابها قبل أن تشرع في عملها...
لكن شيئا ما استوقفها...
ﻻ تدري لم اليوم دونا عن كل الأيام لاحظت هذا الإناء...
كان إناء ورد ذابل...
يبدو أن نهاوند نسيت أن تغيره...
حدقت بالورود الجافة برؤوسها المنحنية
بضع بتلات تقاوم بينما باقي البتلات جفت و سقطت بموت محتوم!
المنظر استوقفها لفترة طويلة...
لكن شيء ما نبهها و جعلها تتخلى عن النظر، لتنطلق لإعداد واجباتها...
بحمد الله استطاعت بمعجزة أن تحضر الطعام قبل عودة علاء.
تأكل بذهن شارد و عيناها مازالت ترصد المنظر... تراه انعكاس لكل شيء حولها...
كم يوم تحتاج الوردة لكي تذبل؟؟
تصفر... تتساقط أوراقها... تجف... تصبح عوداً يابساً تخرج منه نثرات من حبيبات اللقاح... ثم تلك تذبل و تجف و تنتهي...
لا يبقى منها سوى حفنة من البتلات الجافة بلا أي أثر للحياة!
كم يوم؟؟
تنهدت و هي تمسح على صدغها و كأنها تمحو الصورة... تدور بعينيها على المائدة و من عليها... الطفل و والده في حديث يومي معتاد عن الروضة و الأطفال... لكنه يوزع اهتمامه على الطفلين.. ابنه و ابن زياد الجالس جواره من الناحية الأخرى و الذي سيبقى عندهم حتى تخرج أمه من المشفى... هي تجلس جوارهم لكنها نشعر ببعد لا محدود... تستمع بشرود للحديث المتكرر و الأسئلة معادة...
بتلة تتشبث!
أهو من يحاول أن يتشبث؟... بتلة يتيمة تتشبث... هل البتلة من تترك الوردة،
أم أن الوردة من تنفضها حينما تكتشف أنه لا جدوى منها؟؟
حياتها عادت للموت و الرتابة المملة... لم يعد هنالك شيء يهم... اهانة عمها و ابنه في عقر دارها و أمامها شيء لا تستطيع أن تتهاون فيه... من ناحية اخرى وجدت الاستنزاف يغرقها، لكنها بكرامة رفضت أن تستنجد بزوجها...
(لكنني لن أخرج من هنا إلا عندما يطلب مني سيد الدار...)
تلك الجملة التي وضعت كل نقطة ملائمة لحرفها بفن كامل... لقد عرفت المرأة أنها كموظفة في هذه الحياة الزوجية الرائعة... عرفت أنها تؤدي عمل محدد و تأخذ مقابله اسم زوجة و أم و سقف... علمت ذلك بنظرة واحدة، و إلا كانت فكرت بدل المرة ألف قبل أن تعلن ذلك!
لكنها بذكاء جيد لم تعد للزيارة خلال هذه الأيام، و كأنها تتحسس الماء لتعلم متى تغرق و متى تبلل قدميها!
"لم هذه مازالت هنا؟!"
سمعت السؤال يخرج بصوت جهوري بعدما انهى الصبيان الوجبة و ذهبا ليغسلا أيديهما، لذلك واضحا ان الخطاب لها... و بردة فعل ملائمة لم تمنحه حتى نظرة جوابا على سؤاله الغير مفهوم...
"ألم أطردها من المنزل... لم نهاوند ما زالت تعمل هنا؟؟"
وجدت نفسها ترفع عينيها إليه بنظرات متعجبة بسخرية... الآن تتذكر يا ذكي أنها مازالت هنا... للأمانة لقد بدأت تفقد كامل قواك يا زوجي العزيز...
"هدى ألا تفهمين معنى أن آمر بأمر و لا ينفذ؟؟ هل تعلمين معنى ذلك؟؟"
عقدت حاجبيها باستفهام... لا، لا أفهم... اشرح من فضلك!
"عندما أقول شيء ينفذ و كأنه قانون... هذه الآفة قد قررت أن تُطرد... إذن لم مازالت هنا؟؟"
"نهاوند!"
فوجئت بنفسها تصرخ بشكل قوي، لتأت تلك بسرعة و قد أدركت فداحة خطأها عندما قررت أن تخرج من مخبأها و تقدم العشاء لهم...
كانت ببساطة مشتاقة للسيد و تطاولت بحماقة لتنظر إليه رغم علمها أنه غباء مقذع!
"السيد علاء يريدك خارج البيت... لذلك اجمعي مقتنياتك و غادري... السيد لا يريدك في داره... خلال ذلك سأحرر لك مكافئة لثلاثة أشهر... هل فهمت؟"
"لكن سيدتي... لكن...."
لَم تفهم حقا أن هدى تطردها و بكل هذا الصلف... لَم تفهم إلا أنها ستخرج من هنا... لن تراه و لن تحلم بقذارة به بطريقة لا تخرج إلا من مخيلة مجنونة...
"لقد أمر السيد أمرا و يجب أن ينفذ... لذلك لا تضيعي وقتنا و وقتك و غادري... سأكتب بك توصية ملائمة لأي مكان تريدين الالتحاق بالعمل فيه!"
الاستغراب لم يكن لنهاوند لأنها مصدومة، الاستغراب كان للزوج الذي يحدق بزوجته الآمرة بنبرة قوية قادرة على التصغير... تلك النبرة التي قلما تستعملها في حضوره و مع أي أحد أقل منها أو أضعف...
ثم تحول الاستغراب لشعور سلبي و هي تكرر أنها أوامر السيد...
أنها تنفذ ما يأمر به... أنها تحقق ما يريده...
أنها........
"تحركي... ألم تفهمي أم ماذا؟... أوامر السيد يجب أن تكون قانونا ينفذ بلا ابطاء... تحركي قبل أن تخرجي من البيت بلا أية فائدة مع اهانة تمنعك من العمل بأي مكان!"
كانت تتحدث بغل... بكراهية... بحقد... لأول مرة تتجبر على من هو أضعف منها و أقل منها... لأول مرة تتسيد على شخص لا يقدر على رد المهانة لها...
نظراتها الحاقدة على الفتاة كانت رمزية فلم تكن الفتاة إلا هدف رماية مضلل بينما العدو مازال يمرح... أهي تتدرب على أن تصبح مادة لحقيرة متجبرة بدءا بهذه الخادمة... أم هي فعلا مغلولة منها؟؟
تلك التساؤلات دارت في رأس المحامي الذي رأى الفتاة تغادر دون أي كلمة و كأنها علمت أن سيدتها وصلت لأقصى حدود تحملها، و يعلم الله أنها كانت و مازالت لا تدري لم وظفتها و اصرت على بقائها رغم انفضاح رغبتها بسيدها!
بعدما ظلت لثوان تنظر للمكان الذي كانت تقف به الخادمة، دارت برأسها له بنظرة لا معنى لها، ثم نهضت عن المائدة و طبقها أمامها كامل لم يمس...
تحركت لتخرج من الغرفة لتجد صوته يوقفها...
"هدى..."
قدم تقدمت أختها لصنع خطوة تجمدت و هي تستمع للنداء... ماذا يريد الآن؟؟
استدارت ببطء إليه بنظرات حجبت عواطفها بالكامل...
"أنت لا تريدين طردها أليس كذلك؟؟"
لثوان نظراتها الباردة ظلت تحط عليه و حاجب تجبر على جمودها و ارتفع بسخرية... صمتها دفعه ليكمل بهدوء يلائم برودها...
"هذا واضح مع تكرارك لكلمة أوامر السيد... حقا أنت مازلت تريدينها أن تعمل هنا؟؟"
لا تدري كيف تسلل السؤال لها... تريد نهاوند المغرمة بلا حياء بزوجها... تريد جهاز الانذار عديم الفائدة، لأن زوجها عنده مناعة كاملة ضد تلك اللعينة المازوشية... تريدها؟
هزت كتفها بلا اهتمام قبل أن ترد لأول مرة عليه بشكل مباشر، و هي تعقد ساعديها على صدرها بدعم ذاتي...
"ما أريده علاء لا يهم... تذكر ذلك جيدا... ما أريده لم يعد له معنى... لقد انتهى زمن ابدائي للرأي و أخذ مشورتي منذ أن وقعت على عقد الزواج هذا... لذلك لا تمثل دورا لم يكتبه المؤلف و ترتجل بحماقة لا تليق بك..."
ثم ابتسمت بمرارة وطرده لأهلها مازال يحرقها... اللعنة يطرد الأخيار و يرحب بشياطنية أمها!
"لذلك سيسير هذا الزواج كما تريد سيدي... ستأمر و ننفذ... سنفعل كل ما تريد و سنستمر حتى النهاية به... فأنا أعلم من نظرتك أن الدائرة قد اكتملت و عدنا لنقطة البداية مع عقد ما قبل الزواج..."
ثم لوحت بيدها بأناقة و هي تكمل...
"لذلك اعذرني إن كانت نهاوند آخر همي... صدقني لم يعد هنالك شيء يهم أصلا!"
و سقطت آخر بتلة من الوردة التي تحررت من ثقل كل من تعلق بها بغباء!
***


يتبع.....................

noor elhuda likes this.

eman nassar غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 16-03-17, 07:45 PM   #778

eman nassar

نجم روايتي وكاتبة بقلوب أحلام و قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية eman nassar

? العضوٌ??? » 289978
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,167
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » eman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
افتراضي

(و أنا أريدك لبنى... و قريبا -مهندستي- سأحصل عليك... ثقي بذلك!)
جملة من سطر واحد و تسع كلمات باتت هاجسا لها... الخوف من هذه الكلمات و المعاني الخفية في حروفها صار رفيقها بالصحو و المنام... نعم حتى في أحلامها تتسلل تلك الكلمات لها، و تترجم بطرق غبية مجنونة... فتارة يكون كحاكم روماني و هي سبية من سبايا حرب ما... يقترب منها بينما هي تنتظره باستسلام في المخدع، بثوب أبيض هفاف... يميل ناحيتها و هي تتراجع ليهمس قريبا منها بشغف...
"و أنا أريدك!"
و تارة أخرى يبدو كعسكري نازي بالطاقية المائلة و الصليب المعقوف، و هي من المقاومة الفرنسية و تتعرض لاستجواب محطم للأعصاب، بينما يميل هامسا في أذنها بنبرة مخيفة مرعبة...
"أنا أريدك لبنى!"
و مرة تجد نفسها في فلم عربي قديم و هي محاطة بأغلال و كأنها أسد صهور –في الحلم لا وزن للأغلال!- و هو يقترب منها بثوب عربي قديم بعباءة ثقيلة مزركشة و شعره طويل و النظارة لم تفارقه لصنع أصالة الحلم...
يقترب منها بثقة أرعبتها في الحلم و الصحو...
"و قريبا سأحصل عليك!"
لتستيقظ مفزوعة تشهق الهواء و تتلفت حولها خوفا أن يكون حلمها هو الواقع!
اللعنة على خيالها المجنون المماثل لأحلام أفلام الكرتون المبهجة!
لماذا يريدها؟؟
لم يبحث حولها؟؟
و كيف سيحصل عليها؟؟
خوف مريع تسلق عضلاتها، و هي تتلفت حولها انتظارا للحافلة... هذا الخوف الذي استباها بالكامل طالما كانت خارج الدار... هل هو مجنون من مجانين الأفلام الذي يخطفون الفتيات و يعذبوهن... دائما الأثرياء لهم ميول منحرفة يجيدون اخفائها جيدا... لابد أنها جذور قديمة لحلمه بالجواري و السيد و الطاعة...
قلبها ارتجف برعب بينما تحمد ربها على وصول الحافلة و صعودها السريع علها تجد مقعدا يريح جسدها طالما عقلها مجنون...
هل هو محب لتجارة الرقيق؟؟
هل هو يريد أن يختطفها...
هل يريد شيء منحل أو قذر منها؟؟
هل يظن أنها على فقرها ستكون لقمة سائغة لمغريات الثروة...
رعبها تطاول ليزحف على ظهرها كقشعريرة فدفعت يديها في جيب معطفها المنفوش...
لأول مرة تخبئ مخاوفها في عقلها و تجنب سردها لسلام...
فأختها ليست بحاجة لتبني المخاوف، فقط تمنحها الأحلام الوردية و الآمال الزرقاء و الأفكار المشعة النقية...
أما المخاوف فستقتل خيالاتها المحلقة بعالم اللهو البريء!
دخلت للمبنى التابع لمؤسسته، و هي تفكر أنها حمقاء، في بقائها في عرين الذئب... لكن البديل عن ذلك هو شرح لم لا تريد هذه الدورة التي ناضلت بكل قوتها لتدخلها، لأخيها و أمها...
ثم و بحيادية بعيدا عن أحلامها و خيالاتها و جنون أفكارها، بعيدا عن ذلك، لقد أخبرها المالك أنها تستحق ذلك الكرسي، و هي لن تتخلى عن شيء نالته بعقلها و جهدها!
تندمج مع المحاضر و هي تدون ملاحظات هامشية كعادتها...
لأول مرة كما –كل يوم خلال الأسبوع الفائت، تحمد الله على انتهاء المحاضرة دون أية أمور خارجية قد تكون كارثية!
تتلقى اتصال من محسن أنه عالق في زحمة السير لذلك سيتأخر بعض الشيء... لم تكد تنهي المكالمة حتى رن رقم غريب على الهاتف... شعور غريب مر عليها و هي تتأمل الرقم الذي أجابت عليه مرة واحدة و حلفت بعدها ألا تفعل... لكنها حفظت ترتيب أرقامه رغما عنها من كثرة ما اتصل عليها... وضعت الهاتف في حقيبتها دون نية على الرد، و هي تشعر بتعب من كل الحصارات التي تتطاول حولها...
إن كانت تظن أن التجاهل يكفي، فهي حمقاء لأن هاتفها رن مرة أخرى لكن برقم آخر... ضمت شفتيها و هي تفكر، أو تحاول أن تفكر فصوت الرنين الخافت بدى كدوي المدافع في أذنها...
أخيرا رفعته على أذنها تنتظر المتحدث ليعرف عن ذاته، و لم يخيب ظنها صوته الذي يرافق كوابيسها كل ليلة...
رغما عنها استندت لعمود يقف أمام واجهة المبنى و هي تنتظر أخاها بينما تسمع صوته الواثق...
"مرحبا لبنى... هل حقا ظننت أنك قد تتخلصي مني بالتجاهل؟!"
ابتلعت ريقها بتوتر و هي ترجو الله أن يلهمها القوة... لم ردت عليه؟؟... أما كانت أفضل لو استمرت بالتجاهل الذكي!
"ماذا تريد مني؟؟"
كانت قد وصلت لآخرها...
"ما الذي تبحث عنه... هل تظنني حمقاء لا أعرف كيف يفكر أمثالك... هل تظنني حمقاء لا أفهم ما يريده أمثالك... لكن اعلم شيء واحد..."
أخذت نفسا مهتزا قبل أن تكمل بإرهاق...
"أنا لست نزوة... انا لست حلية... أنا لست أي شيء أحمق قد تفكر به... أنا لست..........."
"أنا أكلمك من الشارع الخلفي لمصنع زياد الصانع!"
فوجئت به يقول بهدوء أخرسها لثوان... ثوان أخرى منحها لها بكرم لتستوعب المعنى، الذي هو بكرم منه شرحه بالتفصيل...
"طبعا ذلك لأنني كنت في المصنع..."
تنفسها يتصاعد برعب شديد بينما هو يكمل بثقة...
"أتحدث مع مدير مكتب زياد الصانع... مع أخيك محسن..."
و بلمسة درامية تؤثر بكل الاناث...
"لقد أخبرتك لبنى... أنا دوما أحصل على ما أريد!"
***
جالس بأريحية في الكرسي الخلفي... يستمع لأنفاس المهندسة المصدومة...
أتظن تلك الحمقاء أنه يلقي كلماته بلا أية موازين أو مكاييل... كلا... يجب أن تفهم من الآن كيف يفكر و كيف يفعل و كيف يخطط قبل كل ذلك!
يجب أن تفهم أن العالم أمامه كخارطة يرى كل تفاصيله و يتوقع أين الخطوة التالية بينما هم يسيرون بلا هدى و تخبط!
كان زياد الصانع متلهف على رد الجميل له، ليس حبا به، لكنه يكره أن يكون مدينا لأحد... لم يلوح بقذارة بخدمته القديمة في مساعدته على استعادة زوجته، لكن كل لقاء بينهم يكون زياد متلهف على أن ينتهي –اللقاء- كارها أن تكون عودة زوجته له بناء على نصيحة من هذا الشخص...
لذلك عندما اتصل به -رغم علمه أن زوجته خرجت مؤخرا من المشفى، بعد ولادتها، طالبا معونته، كان كمن يؤدي خدمة لزياد!
و بمعونة من المدير كان قد جلس مع محسن المتشكك غير الفاهم... أما أغيد فكان من الذكاء أن يأت بثياب بسيطة تلائم مصنع النجارة، كنزة صوفية بلون داكن تلائم مع سروال جينز أسود، و حذاء رياضي بسيط، و بحمد من الله كانت السماء صافية فتخلى بالسيارة عن معطفه الطويل الثقيل... يسير تاركا سيارته الحديثة خلف المصنع، بينما حرسه الشخصي يتخلى لأول مرة عن ثيابه الرسمية السوداء و يقف بعيدا عنه بلا أي ايحاء بالحراسة، بثياب اعتيادية مثله، ملائما للبيئة البسيطة المحيطة بهم...
من نظرات محسن علم أنه لم ينسه و الشكوك بدأت تلعب في رأسه، ليتولى زياد المقدمة...
"لو كان لي أخ ثاني لما نال مكانة مثل مكانة أغيد المفتي..."
جيد لم يبقى إلا أن يبدأ بشرح مزاياه و كأنه المخطوب لا الخاطب!
"لذلك محسن لك كلمتي أن أغيد رجل أفعال قبل الأقوال... لو كان لي أخت لزوجتها له دون أي تراجع!"
النظرات النارية المتفجرة التي سقطت من عيني محسن، كانت كافية ليعلم أن زياد بدأ يخرب الموضوع كله!
"مرحبا سيد محسن... أنا أغيد المفتي..."
تأمل اليد الممدودة بمصافحة بعيون ضيقة متشككة... ثم بحذر مد يده له و كأنه يصافح أصلة سيده الميتة!
"مرحبا سيدي... كيف يمكنني أن أخدمك!"
هنا شعر النجار –بحكمة متأخرة- أنه عنصر زائد فاعتذر بحجة ما و غادرهم...
"لقد جئت بشكل مباشر سيدي لأنني أعلم أن الطرق الملتوية رغم كثرتها لا معنى لها... "
رغما عنه و رغم عن قدراته توتر قليلا مع نظرات محسن المتشككة... لو آذى لبنى بشك واحد فلن يضمن ردة فعله هذه المرة!
"ماذا تريد بالضبط أيها السيد؟؟"
العدائية من كلمات محسن كانت مبررة... و هو لن يكون أغيد إن لم يقنعه... هذا هو دوره بالحياة!
"ألا أجد عندك كرم أشد من صاحب المصنع الذي لازال يبخل علي بكوب من الشاي المميز الذي يعده!"
لثوان أو للدقة لتسعه ثوان، ظل محسن ينظر إليه بنظرات غريبة قبل أن يتجه بلا مراعاة للثلاجة الصغيرة، فيخرج منها مشروب بارد لا يلائم الجو الشتائي... حسنا مشروب بارد أفضل من لا شيء...
"الآن هل يمكنك أن تخبرني ما تريد، فلدي موعد مهم أريد أن ألحقه..."
الموعد المهم يعرفه، رغم أنه بعد ساعة إلا ثلث، إلا أن ملامحه الدافئة بالهدوء لم تخبره بذلك، بدلا منه ترك علبة العصير الجاهز -و الذي لا يشربه أبدا- مغلقة...
"أريد أن أتقدم لخطبة أختك الكريمة..."
ظل محسن على نظراته المستغربة و هو يحدق به... لقد شك لثوان أنه جاء لأجل ذلك مع تلميحات زياد الحمقاء... لكن أن يأت ليخطب سلام رغم أنه لم يسمع بها جعل الشكوك بالنوايا واضحا خصوصا بعد الخاطب الأخير...
"المهندسة لبنى..."
الآن عيني محسن فقدت بريقها مع الاستطراد... أخذ ثوان يحدق بها بالرجل –عدها أغيد طبعا- قبل أن يترجم لسانه الكلمة المعتادة...
"لا!"
رغم علمه إلا أنه ارتد بطريقة مسرحية للخلف، قبل أن يعقد حاجبيه باستفسار ليتبرع الأخ بالتوضيح...
"لبنى مازالت صغيرة على الزواج!"
رغما عنه توتر و هو يرى نظرات أغيد المدققة و كأنه يقرؤه في شمس الظهيرة...
"ماذا تعني بصغيرة سيد محسن؟؟ لقد بلغت الثالثة و العشرين من عمرها بل تجاوزتها... و هو عمر جيد للزواج..."
الصرامة التي تنطلق منه دوما في وجوه الجميع عندما يقول لا و يتبعها بأنه غير راغب بالتبرير لا تجدي هنا... فنظرات الرأسمالي جعلته يتوتر و يفقد كل قواه الصارمة في حماية أخواته...
"بغض النظر عن صغر عمرها من وجهة نظري..." تابع مستجمعا قواه في حرب الأعين ...
"فاعتراضي قد يكون لتجنيبك الاحراج سيدي... لكن بما أنك تريد أن تعرف..."
ثم أمعن النظر به بطريقة قد تؤثر بأي شخص آخر سواه...
"أنت لست منا... لست حتى خالصا من نفس بلدنا... أنت لست تعرفنا... غريب عنا... هذا عدا عن نمط حياتك الذي رأيته في حفلتك و كيف الانفتاح عندكم لا يشابهنا... لا سيدي حتى لو امتلكت أضعاف مال قارون، فلن تأخذ أختي لعبة ثم تلقيها متى شعرت بالملل!"
رغم انه توقع كل كلمة من محسن إلا أنه لم يحصن دواخله من أن تشعر ببعض الانفعال و التي استطاع كبتها بكل قواه...
"سيد محسن أنت قلت أنك لا تعرفني، و لا أعرفكم، رغم ان الأخيرة مخطأ بها بالكامل، المهم أنك تظن أن ذلك هو لب المشكلة... سأسلك لو خطبها شاب من حيكم مصلي صائم بسمعة جيدة، مقتدر على اعالتها هل كنت سترفض؟"
ارتج على محسن لثوان قبل أن يهز رأسه بايجاب، لتسفسر عيني أغيد عن السبب رغم معرفته به...
"قلت لك إنها صغيرة!"
وجد نفسه يبتسم بنظرة تقييمية مكشوفة و كأنه يخبره كشفتك...
"هل تعرف حديث الرسول صلى الله عليه و سلم عن الخاطب..."
ضم شفتيه و هو يشعر بالغضب من هذا المتحذلق الذي لا يريد أن ينهي يومه...
"نعم أعرفه... و لعلمك أنا لا أعرف خلقك و دينك لأطبق الحديث..."
عقد أغيد حاجبيه باستفهام و كأنه نسي أنه المعني...
"أنا لا أتحدث عن نفسي سيدي... أتحدث عن الشاب الافتراضي الذي خطب أختك..."
لثوان ارتج الأمر على محسن قبل ان يتذكر الخاطب المصلي الصائم المقتدر بسمعته الجيدة...
"الرسول لم يحدد العمر لكن أظن أن أي ولي أمر يعرف متى الفتاة –البالغة- التي هو مسؤول عنها، نضجت و باتت قادرة على تحمل مسؤولية بيت، أم لا... فكما ترى سيدي العمر أمر نسبي، فقد تكون فتاة بالرابعة عشر من عمرها أشد نضجا من فتاة بالرابعة و الثلاثين!"
شد على نواجده و هو يتمنى لو كان أشد طفولية و أقل نضجا و يطرد هذا الرجل الذي يقصره بالقامة لكنه بدا كضخم أسطوري بمنطقه و حججه!
"لذلك هل أنت قادر على أن ترفض زوجا لأختك ملائم بمقايسيك كلها فقط لأنك ترى أنها صغيرة..."
تنفس بتوتر قبل أن يمد يده ليمسد عنقه...
"لا يمكنني أن أزوجها الآن... ربما أطلب منه أن يتريث بعض الوقت... إن كان يريدها فلينتظر!"
عقد حاجبيه باستنكار صريح و هو يقول بنبرة تلائم العقدة...
"و هل تتحمل عقبات ذلك... مثلا لو اعتبر نفسه خاطبا لها، و تجاوز بعض الشيء، أو عكس ذلك، اعتبره رفض... هل ستتحمل المستقبل لو لم يتقدم لها شخص بمثل المواصفات التي تراها هي الحد الكامل!" تنفسه تعالى و هو يتذكر ندمه الشديد عل رفض بعض الخطاب المميزين لسلام لأسباب لا تعد أسباب... أخذ نفش عميق و هو يقرر... يريده أن يسكبها... حسنا سيسكبها فكل الحي يعلمها و ليس بمهين أن يعرفها هذا الرجل!
"لا يمكنني أن أزوج لبنى و أختها الكبرى لم تتزوج... لا يمكنني أن أفعل ذلك بسلام!"
أخفى بسمة النصر عن شفتيه، مع وصوله لأول عقبه، و هو يظهر أنها أول مرة يعرف ذلك...
"و لم ذلك سيدي؟؟"
شد على نواجده ليرد أغيد ببطء على سؤاله، و كأنه يفكر بالأسباب...
"أتخاف على مشاعرها، أم أنه عرف لديكم، أم أن أختها ستفرض؟؟"
ثم عقد حاجبيه مرة أخرى باستفسار مستنكر قليلا...
"هل أختها تملك الحق لترفض و توقف سعادة أختها... أظن أن الرضى بالقضاء و القدر هو من أشد السمات الروحانية هنا!"
الآن محسن بات غاضب و مغتاظ و قلق و محاصر!
ذلك الرجل يحاصره بكل قوة... لذلك بنزق متأخر رد عليه...
"اسمع أيها السيد... لم يتقدم للبنى ذلك الشاب المثالي... و لم أقع في المشكلة... لذلك عند حدوثها سأفكر بحل ملائم!"
"الذي هو كلمة (لا)"
ثم مط شفتيه و نبرته تحمل لوما واضحا...
"كلمة سهلة مريحة تعفيك من الشرح و التبرير... كلمة واضحة لا لبس في معنى حرفيها المتعانقين... كلمة ستجعل من أمامك يرضخ بسهولة لك و ينسحب..."
رفع محسن رأسه لتلتقي عينيه أخيرا بنظرة متحدية لذلك الرجل الذي ينظر إليه بحاجب مرفوع بتحدي أن ينكر...
"حسنا..."
أخيرا تحدث بتوتر و هو يمسد عنقه و عقله ينبثق بحل حقيقي يزور أفكاره مع كثرة الخطاب لأخته الصغرى...
"لو حدث و جاء الرجل الذي تصفه و الذي بات عمله نادرة، فقد أفكر بعض الشيء في الأمر... بكل الأحوال... الأمر يخص أختَيّ و هن أغلى ما أملك..."
أخيرا انفرجت أسارير المدير العالمي و هو يقول ببسمة صادقة سريعة حررها من الأسر...
"إذن تجاوزنا أول عقبة!"
و كأن محسن استكثر عليه تلك البسمة ليرد بصرامة...
"لكن لا تظن سيدي أنك هذا الخاطب المفترض... فأنا مازلت على رأيي أنا لا أراك ملائما لأختي حتى لو جئت خاطبا للكبرى دون الصغرى!"
سيطرة حديدية على مشاعره منعته من سكب الاهانات له، و بدلا منها تحولت لكلمات هادئة دافئة...
"سيد محسن... ربما من الصعب أن أضع نفسي في خانة الخاطب المثالي أو العادي، لأختك الكريمة، لكنني لست رجل نزوة، لست رجل هفوة و لست رجل جنون أو حب امتلاك أو خلافه كما أرى بعينيك دون تصريح... سيدي... صدقني لن تجد في هذه الدنيا من سيصون أختك و يرعاها و يهتم بها، مثلي... من سيخاف الله بها و يخاف عليها كما يخاف على نفسه... صدقني أنني لا آخذ أية قرارات اعتباطا، و لم افكر قط بالعبث أو ما تصرح به نظراتك الغاضبة... لذلك سيدي... لو فتحت عينيك ببصيرة لرأيت أنني الرجل الملائم لأختك!"
كان الدفء بصوته يتحول تدريجيا لقوة و فرض هيمنة كاملة، ليجد نبرة جديدة في صوته... نبرة قوية قادرة على الاخضاع...
"لكنني... لكنني لا أعرفك... كيف تريدني ان أتخذ كلمتك كمسلم به!"
أغلق عينيه و شعور عبثي أن يشهر حقائق له، لكنه بدلا من ذلك رد بصبر بدأ يبرد نبرات صوته...
"يمكنك أن تسأل دعد... أو ربما يمكنك أن تتواصل مع أخي علاء ياسين... يمكنك أن تبحث في الشبكة عني... لو أردت سأعطيك عنوان أبي في الولايات!!... لا يهمني كيف تسأل فأنا أعرف نفسي جيدا!"
قبل أن يستوعب صدمة أن هذا الرجل أخ للسيد المحامي صديق المدير، رأى أغيد يغلق عينيه فجأة بمشاعر غاضبة تلبسته لكنه كتمها بقوة...
"سيد محسن... لقد بدأت أشك الآن برغبتك حقا بحفظ الأمانة التي تركها والدك لك... لا أظن أن والدك قد يفعل ما تفعله و يحجر بفكر غريب ابنته لأجل معتقدات بالية..."
ثم حدق بعيني الرجل الذي بدأ يشحب و هو يكمل بثبات...
"أخبرني سيدي بصدق... لو عاد الرجل لثوان لهذه الدنيا... هل ستكون قادر على أن تضع عينك في عينه و تخبره عن حفظك للأمانة!"
كان السلاح قبل الأخير و هو يعلم أنه فعال كثيرا في مواجهة هذا الرجل المتيبس التفكير... لم يشعر بالذنب و هو يرى ملامح محسن تتغضن بالألم و هو يستعيد كلمات لبنى...
(لم أشعر باليتم كما شعرت به اليوم... اليوم فقط عرفت الفرق بين معنى السند لي، لا أن يستند فوقي و يحطمني... لن أغفر لكم ما حدث... أبدا لن أغفر لكم...)
(أنا لن أطالب أكثر مما وعدتم والدي عندما أوصاكم علينا... و فقط!)
كتم تنهيدته و هو يبحر في بحبوحة زمنية منحه إياها الرجل الذكي أمامه...
لو تجاوزنا فكرة الكبرى و الصغرى...
لو تجاوزنا أنه نصف عربي و لا يعرف عنه أي شيء... لو تجاوز كل ما فات و رضي بالمظاهر فماذا سيرى...
عقد حاجبيه بدقة و هو يدقق بعيني الرجل...
رجل ثري... سمعته نظيفة و لم يرى عليه أية شائبة... عرف ذلك ببحثه القديم عن الحفل و الجديد عن الدورة الخاصة بأخته... رجل محترم نصف عربي مسلم مهذب محافظ على القانون، و يهتم بالآخرين و مشاريعه الخيرية لا تعد و لا تحصى... الصور النادرة له كانت و هو يعمل بيديه في كوارث طالت الانسان في أي ركن من أركان المعمورة... عمره ملائم لأخته مع دخوله في الثلاثين... بالمجمل هو رجل ممتاز... لكنه رجل كبير... جدا كبير على اخته!
من ناحية أخرى لو كان كاذب و كل الكاذبون فنانون في اتقان الكذب، فلو كان كذلك فما الذي يضمن أنه سيضيع أخته... سيرسلها زوجة لرجل يمكنه شراء حيهم كله كنزوة، و يبعدها في بلد أجنبي وحدها...
فكرة من العدم برزت و هو يتذكر فضيحة في الحي لشاب محترم سمعته نظيفة، شاب تمناه بسره زوجا لإحدى أختيه... ليصدم الجميع و الصراخ ينبعث من بيتهم في ليلة ما، لدرجة أن الجيران استدعوا الشرطة ليحرروا زوجته بآخر أنفاسها من بين يديه، بينما هو ينعتها بنعوت مجنونة معجونة بالاحتقار... لم يتوقع أحد من الشاب الهادئ المطيع أن ينفجر بكل هذا الجنون بسبب شكوك مريضة لم يعلم أحد قط سبب نموها في رأسه...
و الآن الفتاة معطوبة الروح و البدن و الصحة و السمعة و الشاب في السجن و الأسرة كلها تبخرت...
الشاهد من هذه القصة أنك لا تعرف أحد على الإطلاق... إنك حتى لا تعرف نفسك، لذلك الرسول أمر بأخذ الظواهر و الاحتكام إليها، فالسرائر بعلم الله، و نتقرب لها بصلاة الاستخارة...
صلاة الاستخارة...
فكرة برزت من العدم و هو يتذكر والده يصليها في كل أمر يحتار به حتى لو كان بسيطا، كانتقالهم من سكن لسكن آخر أو شرائه سيارة أو حتى ثوب معين أو هدية أو أي حيرة أخرى...
حسنا...
سيماطل... سيصلي... سيستشير علاء... سيستشير أمه... سيستشير سلام... ثم سيضع الأمر اخيرا بين يدي لبنى...
و إن تعطلت أي حلقة قبل لبنى... فسيقول للسيد العنيد أمامه الكلمة المعتادة...
لا نصيب لكم عندنا!
و بينما أغيد يقرأ بسهولة أفكار الرجل البسيط الذي لم يعتد على تقنين انفعالاته، علم أنه تجاوز أكبر عقبه...
و ها هو ذا يحادث الحلقة الأهم محاولا ان ينسيها كل شيء عداه!
***
"لبنى..."
سمعت صوته يصلها عبر الأثير لتشعر برعب لا مثيل له.. جرح كان قد تحول لندبة، انبثق الدم متفجرا منه مرة أخرى بكل قسوة... اتهامات محسن القديمة بالعبث و الاستعراض باتت مرئية لعقلها الساذج... و ما أغضبها أنها تشعر فعلا أنها تستعرض و تعبث!
و إلا كيف تختلي برجل مثل هذا في مكتبه بعد غروب الشمس... كيف تتقبل التواصل معه... كيف تحادثه دون علم أخيها... كيف هي خائنة؟!
و برضى تطهيري أنثوي نقي رضيت دون كلام بما سيفعله محسن بها!
أما هو فوصلته كل مشاعرها السلبية فمنحها بكرم بعدٌ زمني لترتب حروفها قبل أن تلقيها في وجهه...
"ماذا قلت لمحسن؟؟... هل... هل..."
ثم بتعب روحاني أكملت بعدما بترت تساؤلها الذي لا تعرف أصلا ما تكملته...
"ماذا تريد سيد أغيد... بعيد عن الصيد و الفريسة... لمرة واحدة قل بشكل مباشر ما تريد مني؟؟"
الآن ابتسم رغم وهنها الذي يدل على أنه ينشئ شيء داخلها... يؤسس في ربوعها رقعة صغيرة يستوطنها برداء حَمَل، عالماً انه سيحتلها كلها فقط لو أغفلت عنه قليلا!
"أخيرا سؤال جيد و مباشر، رغم أنني اجبته سابقا... لكنني سأخبرك و لو لألف مرة... أنا أريدك لبنى، أريدك لي... هل تفهمين هذا الشيء لبنى... هل تفهمين كيف يريد الرجل امراته، كيف يرغبها، كيف سيدللها، و يسعدها، و يطوع الكون كله لها... كوني لي لبنى و سأعطيك إياه... أي شيء تريدينه سيكون لك... سأكون ماردك الخيالي... و سأكون قزما لك وقتما تريدين... سأكون سمائك و أرضك لو احتجت لذلك... سأكون أمانك و حارسك و ظلك... اطلبي أي شيء لبنى... اطلبيه و سيكون لك..."
تنفسها المتصاعد جعله يبتر عبارته لثوان قبل أن يهمس بحميمية أرجفتها كلها...
"سأكون خادمك و سيدك معا لبنى... سأكون كل ذلك لك!"
نبرته المؤثرة الواثقة الحميمية جعلتها تقف بصدمة في المكان... الاغواء في حروفه –لرعبها- لم يجعلها تشعر بالاشمئزاز، بل جعلها تلهث بتعطش لتلك الاحلام و النزوات... لكن شيء أصيل زرعه بها رجل طيب، و أم كريمة، و أخ استكمل بناؤه؛ نبض بجنون يسحبها من هذا التنويم المغناطيسي لعواطفها... ذلك الشيء نفضها مرة واحدة لتلتفت حولها بحثا عن شاهد لتحولها المخزي...
"كيف... كيف..."
صوتها مازال لخزيها يلهث، لكن دمعة سالت تشهد على الانحدار الخلقي و الديني الذي نزلت إليه... تلك الدمعة جعلت صوتها يختنق لثوان...
"لا أريد... فقط لا أريد... لم أطلبه و لا أريده... دعني و شأني... ارحمني أرجوك... لم أعد قادرة على التحمل... أنت تبحث في المكان الخطأ... أنا لست من هذا النوع... فقط ابتعد عني... أرجوك افعل ذلك!"
رغما عنه يبتسم و شجن صوتها يحيه... تلك الصبية كترياق له... كدواء خاص به... تتكالب الهموم على ظهره و هي بنبرة صوت باك تخففها كلها...
هم جون تراجع... ألم حادثة والده تراجع... قلقه و تفرده تراجع... حيرته و عقله الذي يتواثب رغما عنه محللا كل شيء، ينال غفوة مريحة بحضورها... معها يكون كمراهق يحاول لفت ابنة الحي الفاتنة بدراجته الحديثة... و كأنها حفرت بجيناتها شيء يتسلل إليه و يجعله فقط رجل عادي!... و هو حلم ظن أنه مستحيل!
"و لم تظنين أنني أريد هذا النوع لبنى؟؟ لم تظنين أنني أبحث عن هذا النوع... لم تهينيني و قبل ذلك تهينين نفسك... لم ترين الأمر بتلك التشوهات المريعة!"
قبل أن ترد عليه و قد فقدت الحرف أكمل هو بسخرية...
"و إن فعلت كما تقولين... هل تظنين أن أخاك سيجعلني أخرج على قدمي من المصنع، بعد أن أعرض عرضي المنحط!"
ارتج عليها و هي تبحث في كل جسدها عن عقلها ليفكر بشكل منطقي أخيرا...
عقلها المختبئ يصرخ بها يا حمقاء... الرجل كان عند أخيك... إذن ماذا يريد... هل اعجبه معطفه و يريد أن يسأله عن المحل؟...
أم ربما يريد أن يستعين بمصنع السيد زياد لأجل شيء ما؟؟
حقا... مدير عالمي يأت من بلاده البعيدة عبر البحار، لكي يسأل عن تجديد أثاثه... لبنى... بربك استعيدي عقلك قبل فوات الأوان...
"نعم لبنى..."
سمعت صوته الدافئ الواثق...
"نعم لقد فهمتها أخيرا... و لا تقاومي نفسك كثيرا... فأنت تعلمين...
ما أريده أحصل عليه!"
و أنهى المكالمة بهدوء بينما هي تقف مصدومة لا تعرف حقا ما تريده هي!
***



يتبع..................................

noor elhuda likes this.

eman nassar غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 16-03-17, 07:47 PM   #779

eman nassar

نجم روايتي وكاتبة بقلوب أحلام و قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية eman nassar

? العضوٌ??? » 289978
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,167
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » eman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
افتراضي


تشعر كنمر حبيس و هي تدور حول نفسها... تتعب قليلا فتقف أمام المرآة المبهرجة لتتأمل ملامحها التي أضحت بعمر يفوق الثلاثين –التي قبعت بها للأبد- بعشرة أعوام... ملامح عارية خالية من الأصباغ!
مازالت بشرتها مشدودة، و مازالت مضيئة نقية خالية من الشوائب... مازالت عيونها عسلية مشعة كالذهب، و خصلات شعرها شقراء حريرة رغم أنها مجموعة بعقدة فوضوية...
مازالت أنثى بالكامل حتى بزي بسيط من سروال قطني ضيق و قميص بلا أزرار أيضا قطني لكنه يكاد يحتوي جسدها المشدود...
المشكلة أن هذا لم يهمها قط، فما رأته هو الرعب و الدمار... ما حدث في بيت ابنتها قبل عدة أيام كان كارثي... كان مصيبة... عندما عرضت ابنتها دعوة عمها و زوجته تجاهلت ابنهم و نسيته... تجاهلت شغفها و تطاولها بأحلامها السفاحة عليه... تجاهلت وجود أيمن بالكامل، أو حتى نسيته!... اللعنة... الرجل و والده هدفهما تقزيمها كل ما رأوها...
أيمن...
كم تشتهيه... تم تتمناه... كم تخيلته بطرق لا يمكن سردها!
اشتهت سيجارة و كأس شراب، لكنها كانت قد أقلعت عن كلاهما بعد أول تجربة ادمان لعينة، جعلتها ترى نفسها في الحضيض... بالإضافة أن كلاهما يزيد من معدل ظهور التجاعيد و علامات الكبر في العمر!
لكن الشراب و الدخان سيكونان ملائمة لصورتها المدمرة!
أخيرا جلست على أريكة أنيقة في شقتها التي استأجرتها بعقد نصف سنوي، و هي مدة ظنت أنها تكفي لتنهي خلالها ما أرادت... الترف حولها جعل بسمة ميتة ترتسم على شفتيها التي تخضبت للأبد باللون الوردي...
ترف و دلال و امرأة جميلة... لا يكاد ينقصها إلا اعلان للحرية النسوية!
و بمفارقة ظهرت صورة أخرى في عقلها... صورة لفتاة في التاسعة من عمرها... فتاة كانت هبة من الله لزوجات أعمامها كخادمة بلا أجر... و هبة أكبر لزوج بنت عمها كمرتع للتحرش بجميع أنواعه!
فتاة كانت كنوع التسلية العامة للجميع... سبية للجميع... تخدم، تنظف، ترتب، تسري، تهتم، تعطي، و بالمقابل تنام على حشية أرضية مهترئة و لقمتها بقايا من خلف السادة...
بدأ الأمر و هي في الثالثة عشر من عمرها... شبه طفلة رغم كل ما مر عليها من ذل، لكن أحلامها طفولية و آمالها طفولية و خيالاتها طفولية... و كل ذلك اغتيل مع زوج ابنة عمها الكبرى... الرجل الذي لم يتورع أن يتلمسها دوما بشكل مقصود أو غير مقصود... الرجل الذي كان دوما ينتعش عندما ترسلها أمها كخادمة لتساعد ابنتها التي أنجبت منذ فترة قريبة... و بينما المرأة كانت غافلة في نفاسها و طفلها، وجد زوجها المحبط يده تنحشر أسفل ملابس الفتاة الداخلية...
مازالت تذكر ذلك اليوم و كأنه الأمس... ينظر إليها بخطورة و هو يعتصر جسدها التي يكاد يتكور كأنثى...
يلهث و هو ينظر لملامحها المصدومة... الفتاة اليتيمة لم تعرف ما يحدث... لم تفهم إلا بغريزة ما أن هذا الحيوان يتعدى على حرمات جسدها... ذكريات قديمة من وصايا أمها لها في أول يوم دراسي لها عن حرمة بعض الأماكن في جسدها و أن هذه الأماكن لا يمسها أي شخص كان... تلك الأماكن التي يبحث عنها بكل حيوانية... ثم أخبرها و هو يربت على شعرها بمحبة أنه لن يخبر أحد بما حدث طالما ظلت مطيعة... انه شيء طبيعي يحدث للجميع!
شعورها بالاحتقار الذاتي حرقها بالكامل.. شعورها بالخزي نثر الملح على تلك الحروق... بكت و لطمت و شعرت برعب قاتل و كأن فعلتها مرسومة عل جبينها... انعزلت و اختبأت منه و فرت تحاول ان تعزل الذكرى بمسببها... ما زلت تتذكر و كأنه اليوم ذلك الرعب الذي توطن بكل خلاياها و زوجة عمها تصرخ عليها بكل قوة... تدرك أن الخطأ خطؤها و الذنب ذنبها و هي وافقت و هي صمتت و هي سمحت لذلك هي تستحق القتل الذي ستحله عليها زوجة عمها... لكن بدلا من الساطور وجدت ملامح ممتعضة و نظرات مشمئزة...
و بدلا من وجع الضرب وجدت الوجع الحق، عبر الهدية التي فاجئها بها الرجل، لأنها ساعدت زوجته في كثير من الأعمال...
و رغم امتعاض زوجة عمها و رفضها ان تتطاول بأحلامها للهدايا، إلا أنها أمسكت الهدية ككنز كانت قد حلمت به طويلا... حذاء جميل أنيق جديد لا بقايا من الأقارب و الصدقات... حذاء لا تدري حتى الآن كيف علم أنه بطل أحلامها!... و لما رفعت عينها المبتسمة لعينه، انكمشت و هو يغمز بقذارة أن السر معه مطمئن مسترخي!
المهم أنها أحبت الحذاء... و تنفست الصعداء أنها لم تنكشف، و علمت من يومها أنها ستقدم له جسدها يلمسه متى يشاء طالما ستنال هدايا... طالما يمسك السر...
طالما سيعطيها بديلا فلا مشكلة... و استمر الأمر، و استمرت الهدايا و استمر الاحتقار الذاتي، و استمر التبلد، و استمرت الكراهية، و نمت كل تلك المشاعر مع تطاول عمرها... إلا أنه و لا تعلم لِم، لَم يتطاول أكثر ليحصل على علاقة جسدية كاملة... فقط يديه تستبيح جسدها بالكامل و تتطاول على كل الحدود التي تربت عليها يوما ما!
الفضيحة كشفت عندما بلغت الخامسة عشر و قد قرر الرجل أن الفتاة كبرت نوعا ما ليدخلا في علاقة حقيقية، لكن زوجته التي شكت في كل الخلق، إلا تلك الخادمة، فوجئت بهما على سريرها شبه عاريين و...........
و طبعا هي العاهرة التي تلقت كل اللوم... هي التي نالت كل الضرب و التشويه و المهانة... هي التي تركت كل هدية نالتها منه على جسدها علامة...
هي التي تترجمت حروف مدحه و مواساته و وعوده لها بلغة حقيقية، نقشت على جلدها...
هي التي حبست ككلب في العراء مربوطة بعمود أمام الجميع كعلامة على نتاج العهر...
و هي التي تفاجأت أم ماجد بمنظرها المريع عندما رأتها لأول مرة!
لا تذكر إلا أنها علمت أنها فرصة جديدة جاءتها... فرضة حقيقية لتفر، فظلت تنكر و تتدعي أنه كذب و افتراء و أن الجميع يتخيل... منظر دموعها المنهارة و الضرب الذي جعلها بلا ملامح بالإضافة للرجل الذي عاد لزوجته كما أن شيئا لم يحدث كان مؤشر لصدقها، و كأن المرأة أرادت أن تصدق أن بذرة صديقتها و قريبتها البعيدة لم تتشوه لتصبح بادرة لشجرة زقوم...
في الحقيقة هي تعلم بيقين أن المرأة اشترتها من أعمامها، لكنها لم تهتم لتعرف الثمن...
و بدأت حياة اخرى... حياة جديدة ارتدت فيها قناع جديد مع المرأة الطيبة... و تظاهرت أنها حقا طاهرة نظيفة... بل لفترة صدقت ذلك التظاهر!
لاحقا و وحدها في غرفة نظيفة مستقلة، بدأت تفكر بما فات... كرهت الخزي و كرهت العار و كرهت جسدها معهم... كرهت الخوف و كرهت كل ما فعله بها و كيف أذلها بالكامل... أيام مرت و هي تتمنى لو تحرق نفسها أو تشوه هذا الجسد الذي لم يعد عليها إلا بالوبال و الانتهاك... و أيام أخرى تشعر بعجز مجنون و هي تفكر انها أحبت ما كان يحدث لها و إلا لم سكتت و رضيت... لم قبلت... ألم يقل لها أنه يعطيها شيء جميل... ألم يقل لها أنه يفتح لها أبواب لا تعلمها... ألم توافق... ألم..... ألم تشعر؟؟
لا، لم تشعر...
هنا و بصراحة مع ذاتها علمت أنها لم تشعر بشيء مما قاله لها...
لم تشعر إلا بالانتهاك و المهانة... تذكرت الدموع التي تظل تنسكب من عيونها طوال تلك اللحظات المرعبة... تذكرت الرعب و الخزي و الظلام الذي يخيم على روحها...
تذكرت كل ذلك، و عبر تلك الذكريات بدأت تستعيد نوعا ما احترامها الذاتي... بعد كل شيء هي لم تسعى له... هي لم تطلب من ذاك الرجل شيء... لكن قبولها بل فرحتها بهداياه هو ما جعل خزي لا ينمحي يتمازج في كل خلاياها، و لا يمكن للأبد فصله!...
هي فقط نجت فهل هي مخطئة؟؟
و من ناحية أخرى، لو تحدثت هل سيصدقها أحد...
لو اشتكت فهل سيستمع لها أحد..
و لو استمع و صدق، فهل سيؤمنون بأن الخادمة التي لا لون لها، تجذب رجلا له امرأة حقيقية فاتنة؟؟
ام ربما هي تحرشت به و تطاولت عليه؟؟
و الدليل أنه عاد لزوجته بينما نالت هي كل أنواع العذاب!
لم تكن غبية رغم نقص تعليمها الذي توقف ما أن دخلت دار عمها... كانت بالعكس ذكية جدا لتدرك أنها لم تكن في مجال لتنافسه أو تنافس أي أحد... تعلم أنهم بداخلهم حتى زوجته التي تنام جواره يعلمون أنه كله فعله منذ البداية حتى لحظة الكشف... يعلمون بشبه يقين أنه افاعل و هي المفعول به، لكن السهل هو اتهامها... الأسهل هو القاء كل ذلك على جسدها العاهر الذي نتج من أم قذرة مثلها!!
و ظنت أنها فعلا ستبدأ بداية جديدة في بيت المرأة.. خصوصا أنها تقريبا عزلتها عن الذكور بالحياة، ساعدها على ذلك اقامتهم في الريف، و سفر الابن الأكبر للمدينة و عودته فقط بنهاية الأسبوع، و سفر الابن الثاني ليكمل تعليمه ليصبح طبيب. نعم لقد ظنت أنها ربما تستعيد كرامة لم تعد لها، بل سارت مع تيار المرأة الطيبة و هي تخطط لها ان تلتحق بالمدرسة و تأخذها لتشتري لها الثياب و تطبب جروح جسدها بيدها و هي تدعوا على هؤلاء الظلمة...
نعم لقد ظنت أنها ستنسف الثلاثة أعوام الفائتة، و تكمل النقاء و الطهر اللذين كانا رداء لها، لكنها نسيت كل ذلك عندما استطاعت أن ترفع عينها لتراه... لترى ماجد... الرجل الذي كان بضعف عمرها ذاك الوقت... الرجل الذي كان يمثل حلما جميلا مستحيلا...
الرجل الذي فاجأت نفسها و هي تحاول ان تجذب نظره... لقد ظنت أنها انتهت من الرجال و كرهتهم للأبد... لماذا هذا الرجل؟؟ هل لأنه كان يحن عليها بعدما رآها بذاك الموقف... هل لأنه يمسح على رأسها بتسامح و يشجعها بنبرات طيبة مراضية... هل لأنه كان يفاجئها –برعب من ناحيتها- بهدايا كحقيبة ألوان أو دفتر انيق... أو هل لأنه كان يشتري لها الحلوى كلما زارهم... كان دائما في يده ظرف ضخم مليء بالحلويات و النقارش...
المهم أنه كان يعطيها... حتى لو عاطفة كان يعطيها... و هي آمنت أن أي عطاء لا يكون أبدا بلا مقابل!
ربما كان يعطي لأنه كان قد سمع القصة كاملة عندما جاءت أمه لتزورها، فتحولت لتأخذها... ربما يشتري لها لأنه عرف كيف وصفوا غيها و فسقها و هي تغوي رجلا مسكين زوجته تنشغل بعض الوقت بأطفالها، فتستغل هي كرمه بأن تغويه... لم تعلن أنها في مشكلة، لذلك لم تحاول سيدة الدار الطيبة أن تعرضها على طبيب أو خلافه... بعمقها تدرك أنهم لو عرفت الحقيقة ستنفيها لشخص آخر... أو ربما تبيعها كما فعل اعمامها... فالجواري و سوق النخاسة لم يقفل، بالذات لو كان الأهل هم العارضون السلعة!
بالبدء اضطبت و فزعت منه و من المقبل... لكنها لم تنل منه إلا المسحة على الرأس و الهدايا البسيطة و البسمة المشجعة، لتجد أنها تتأمل رجل جديد... رجل لا يقترب لمن مر عليها بصلة... و دون إرادة منها بدأت تحلم، و تأمل، و تتمنى، و تتخيل، و تشرق شمسها مع الحلوى التي كان يأتيها بها، و تختم يومها و هي تمتصها بنهم مغذية خيالات مجنونة معه... علمت متأخرة أن له زوجة حصل بينهم شجار و سيصل الأمر للطلاق... تعنت بينه و بينها كان واضح و هي تركته راحلة لبيت أهلها مع طفلها الصغير بعمر العام. و المشكلة انها لم تهتم، فقد زرع عقلها فيها فكرة مجنونة أن الخلاف جاء نجدة لها لكي تناله!... لذلك كانت تحلم و تحلم و تتجمل بالحلم... كانت تأمل و هي تتأمل حنانه معها الذي يعبر عن شوقه لابنه... كانت تتوق لمسحة يده على شعرها الذي بدأ يطول و يبتسم لوجهها الذي عاد يستعيد ملامحه، انطوائها و انعزالها حتى معه جعل تعبه لينال بسمة منها كمكافئة للجميع... و هي شحت بمكافآتها و كأنها تعلم أنهم سيظلون يتسولونها منها!
لذلك صدمتها به كانت مدمرة وهي تسقط من علياء حلمها و الرجل يعود أمام عينها مع ربة الصون و العفاف السيدة صفاء... أية صلح هذا و أية مياه عادت لتجري بينهم، و أي خلاف استمر لأكثر من نصف عام، ينتهي كما لم يكن!
اللعنة عليها و عليه... كم كرهتهم و كم تمنت لو تدمرهم!
خصوصا أنه بات يأخذها معه للمدينة كلما غادر، لا يتركها عند أمه كما في السابق، و هو على ما يبدو سبب الخلاف الرئيسي!
شعورها بالطعن كان مخزي و كأنه متعمد... لم أغواها بالحلوى و الهدايا و الأحلام... لم أغواها بالنظرات المشفقة حينا و المهتمة حينا آخر... لم مسح على شعرها بحنان و حب... لم استمع لها و شجعها و سادنها... لم فعل ذلك، لكان خير لها تركها تبحر في مركبها تنتظر مرسى آخر...
حاولت أن تستعيده لها، لكنها بآخر المطاف استسلمت...
ماجد كان بعيد جدا عن اغوائها و كل محاولاتها لأن تناله بكل الطرق...
محاولاتها أن تظهر امامه بكل شيء و أي شيء كان كظهور فأر يتزين... بربكم... هل سيغريكم فأر يرتدي ثياب نوم، أو حتى لا يرتديها ؟؟
نعم تلك نظرته لها... و آخر مرة انفجر بأمه ينبهها على أن تهتم بما ترتديه طالما في الدار رجال، فتاهت فخرا أنه يهتم لها، و يراها. لكن ذلك تبخر مع حمل زوجته الحمقاء للمرة الثانية... تذكرت زوج ابنة عمها الذي كان يخبرها بلهاث دائم، أن أبشع شيء في الدنيا حمل المرأة و كم يجعلها قبيحة، و أنه يحب الجسد المسطح الخالي من النتوءات البارزة.. و بعدما تلد يخبرها و يده تعيث فسادا بجسدها أنه ينظر تلك الفترة بفارغ الصبر لتأت لبيتهم كي يضع يده عليها ليل نهار...
لذلك جاءته بسرية ترتدي ثياب نوم غانية و هي تعد نفسها للمسات جدية لا تهتم إن كانت ستسعدها أم تشقيها، لكنها ستقربها من حبيبها...
لقد ظنت أنها فرصة أن تصنع معه نفس ماضيها و تستمر بمقايضة الهدايا التي توقفت...
لأول مرة بحياتها تشعر بالخزي و التقزم و رفضه المهين و كلماته الجارحة لها بينما زوجته تعاني بعدما خسرت الطفل و أجهضته... كلماته كانت كالنار تشم جسدها و تختم هنالك أنه لم يجد شيئا يستحق أن يرفع جفنيه حتى يراه!
و بغل حقيقي بدأت تخطط أن تنتقم منه، أن تدمره، أن تقتله، أن تحرقه، أن تقتل طفله!
كل المخططات السادية تنافست على من يتصدر فيهم القائمة لعقلها... لكنها تراجعت أمام الخبث و الدهاء و الأخ الطالب يعود طبيبا متخصصا من سفره لأمريكا... الأخ الذي كان أخضر، بل كان نقي كقماش حريري سقط لأول مرة من خيوط حريرة طازجة... الأخ الذي جعلته رغم السبعة عشر ربيعا التي تفاوتت على عمرها عبدا أسفل قدميها... الرجل الذي انتقمت فيه من كل استغلال و كل لمسة و كل هدية و كل رفض و كل جلدة و كل مهانة و كل ليلة باردة و كل لقمة من باقيا السادة... الرجل كان و كأنه تعويض رباني لها، لتجد من يدفع الثمن... و كل هذا أمام رفض الأخ الأكبر الذي لم يصرح قط بما فعلته تلك الماجنة... كله أمامه و رغما عنه... و ما أجمل ارغام الرجال... ما أحلى كسر كلمتهم و الدوس عليها و كأنها فتات لا يغني و لا يزيد!
و لم تجد أمه بدا أن تزوجها له بعدما تجاوزت السابعة عشر -و جسدها ينفجر بقوة بأنوثة مدوخة، و ابنها يعلن أنه لا يريد سواها زوجة له... المشكلة أنها دفعت الثمن غاليا جدا عبر تسعة عشر عام قضتها في هذا الزواج البائس... تسعة عشر عاما حبست فيها بالكامل مقيدة رغما عنها في هذا الزواج... تسعة عشر عاما استمرت في حصاد سوء الاختيار... و مع انسحاب الحياة من زوجها، رُدت لها كل فرصها في الحياة!
من ناحية أخرى مشاعرها كلها بردت و لم تعد تهتم بمطلق رجل، و انطلقت تبحث عن ذاتها... و ذاتها كانت في أن تصبح سيدة مجتمع!
تنقش جلد جديد، و ترسم عليه شخصية جديدة و ترتدي وجها آخر و تؤمن أنها هي، بينما تلك لا تشبه أي شيء منها... المهم أنها انشغلت في هذا الدور الذي آمنت حقا انه لها و لم يعد يفرق بينها و بين غيرها من تلك الفئة...
و دعم ذلك الانشغال، فوجئت بابنة تكونت في رحمها، خلال أول شهور زواجها و استمرت كوتد في خيمة زواجها تربطها به...
طفلة كانت تشعر ناحيتها بلا مبالاة عظيمة جدا، و كأنها تثبت كم هي زائفة خيالات الكتاب و الأدباء عن الأمومة و جمالها... كانت ابنة مجاهد و فيها تمركزت كل عواطفها الميتة الباردة كزواجها... هدى كانت أحيانا عقبة في حياتها، و أحيانا كانت زائدة لا ضرورة منها... لكنها بعدما كبرت و استشعرت حب زوجها الشديد لها، بدأت تستشعر عواطف لا تريد سردها... تستعيد بمجون مشاعرها القديمة و هي بمثل عمرها بينما يد تنتهك حرمات جسدها...
تستعيد برعب أن تنال ابنتها هذه المعاملة...
تستعيد بتشفي سادي أملها أن تنالها ابنتها...
تتمنى لو تنتهك مثلها فتتساوى الرؤوس، و أحيانا ترتعب من مجرد الفكرة!
تلك الخلطة المتناقضة جعلتها تكرهها و تتمنى يوما بعد يوم سقوطها، و تخشاه بقوة... تلك الخلطة جعلتها تعطي تلميحات قذرة عن كل قبلة أبوية و كل احتضان بريء و كل ضمة صدر من والدها، و هي تتذكر كيف كانت تنالها لكن مع قرصات طائشة في مفاتنها...
تلك الخلطة جعلتها تبعدها عنها، و كأنها تريد ان تطهرها منها، و أحيانا أخرى تتعالى عن أن تكون تلك النكرة القبيحة ابنتها...
كرهتها... أحبتها... تمنت امتهانها... خافت منه... تمنت سقوطها... خافت عليها... تمنت أن تنتهك من حاميها،
و نادرا ما تمنت أن تجد كلتاهما ارشادا ما!
لذلك كانت أُمّا نوعا ما و هي تترك الفتاة تتجه لبيت عمها... كانت أُمّا نوعا ما و هي تترك المرأة الأخرى تزرع فيها أشياء هي لا تملك بذرتها، و لا تعرف كيف تحصد و تزرع و تأكل من عرق جبينها... تعلمت فقط أن تسرق و تمد يدها بتطاول على كل ما ليس لها!
فجأة انقبضت مشاعرها بكره -و هي لا تكره ابحارها في مياه ذاكرتها الحمم بركانية!
لكم كرهت مجاهد زوجها!
لكم تمعنت في أذيته!
لكم تمنت لو تحرق كرامته و تخونه، بل حاولت لكن شيئا لا تدرك كنه كان يكبحها، كان يوقفها و يمنعها...
الكره كان طبيعيا لكنه تحول لكارثي عندما فوجئت به يخبرها أنه تعب منها و من تعنتها و تعاملها المهين معه... تعب من تطاولها و تعديها على كرامته و احترامه هو و كل أسرته... تعب من لهاثه خلفها و خلف نزواتها كأنه كلب أمين. يحبها و لا ينكر لكنه لم يعد يتحمل مثل هذا الحب... و لأول مرة تخاف... لأول مرة ترتعب... حتى بعدما كشف أعمامها تحرش زوج ابنتهم بها، لم تخف كما خافت من خسران زوجها...
و كحشرة وجدت نفسها تركع أسفل قدميه، ترجوه أن يرحمها و يعذرها، لتفاجئ به يركع جوارها و يحتضنها بوجع هامسا بالحب الذي ما نبض منه حتى بعدما نبضت منه الروح...
"ماذا فعلوا بك حبيبتي؟؟ أخبريني ماذا فعلوا بك!"
لم تكن اول مرة يتساءل عن ماضيها الذي صنع فتاة مشوهة مثلها، لكنها لأول مرة تجد أن البوح يعني حبل جديد تلفه حول زوجها... حبل قوي متين بل حديدي و صلبي و من كل سبائك الأرض، لا شيء يكسره!
لذلك و بذل بدأت تسرد من البداية... منذ أن توفي والديها و هي بالتاسعة من عمرها، مرورا بمعاملة أهلها لها، حتى وصلت للختام مع الفضيحة و هي بالخامسة عشر!
مازالت تذكر دموعه التي سكبها لأجل وجعها، بينما هي تسرد ببرود كامل كل شيء و كأنه لم يحدث لها بل و كأنه نص من كتاب قديم...
كانت تتجمد مع كل حرف، و كأن الفتاة الرخوية التي منذ لحظات تعلقت برجاء في قدمي زوجها ألا يهجرها، لا تخصها... فقط بذكاء حولت المتحرش من زوج ابنة عمها، لعمها الذي توفي حديثا!
فلا تريد نبش بالماضي... لا تريد اندفاعات شرف غير محسوبة أو بطولات لا تليق بأي رجل!
و بدأ شيء جديد... و ظل مستمر لطوال سنين عمرهم... فقد كان مجاهد يبذل كل جهده ليعوضها ما فات عبر الاهتمام بها و الرعاية بها و تحقيق كل رغباتها... إيمانه المطلق أنه مازال بها شيء جيد كان يضحكها كثيرا بالسر...
و لم تمانع ان تتمادى باللعبة... و لم تمانع أن تكرهه و هو ينظر إليها و كأنه يحمل في ملامح وجهه النظيفة كل ندوب ماضيها...
لقد صنع زوجها بحبه و حنانه و مراعاته بها وجعا أكبر من أي وجع آخر!
رحمة من الله أنه توفي أخيرا، فما كانت ستتحمله أكثر!
لكنها تعلمت درس مفيد خلال ذلك... هي ليست بالقبح الذي تظنه... هي ليست بالسوء الذي تظنه... هي ليست بالسواد الذي تظنه... هي فقط ناجية قوية مكافحة كما كان يخبرها دوما!
و بهذه الميزة استمرت بعد وفاته... مدت عنقها و لعقت شيئا من طبق ابن عم ابنتها، لكنه لفظها بنفور...
حاولت أكثر لكنه اشمئز أكثر... غافلته أكثر من مرة و انتظرته أكثر من مرة في غرفة نومه...
ابتسمت و هي تنهض عن كرسيها لتتأمل النافذة التي تضربها قطرات المطر... الحقيقة أنها كانت تعلم أنه لم يكن لها، لكن الأمر كان غطاء لشيء آخر...
درس تاريخي ممتاز... وجهة الانظار ناحية شيء ما، و أعبث بناحية أخرى...
تطلب وظيفة و عمل بمؤسستهم، بشهادة جامعية أصر زوجها أن تنالها كمحاسبة، و تختلس قدر ما تستطيع جيوبها حمله. و بنفس الوقت تلتصق بالفتى، و كأنه هدفها الوحيد في الحياة... و هو كان كذلك نوعا ما، لكنه كان بعيد، و هي واقعية!
و بدأت خطتها بفعالية... تستعيد ما فُعل بها، لكن بالعكس... تمد يدها تلمس بعفوية... أو تتعثر بين يديه بلا قصد، أو تفعل كل تلك الحركات المحفوظة و المنقولة بالجينات لمن هن مثلها... و بالخفاء كانت تختلس مبالغ مالية بشكل متكرر و هي تقنع الكل أنها حبيبة أيمن السرية... الموضوع هو أن تكون مقنع... أن تكون قادر على أن تجعل الكل يصدقك... أن تكذب فتصدق أنت الكذبة بل تسبح في عمقها للآخر... و ابنتها التي كانت ثابتة في حبها لابن عمها الذي سكنت في بيتهم أكثر من بيتها بدأت تشك... بدأت تصرخ... بدأت تلقي التهم لأمها التي لم تتورع أن توضح بتشفي أن أيمن بحاجة لأنثى لا شيء مريع سمين قبيح مثلها!
أية لذة عاشتها و هي تستأسد عليها... أية متعة عاشتها و هي ترى الصدمة في عينيها...
و عند ساعة الكشف، عند ساعة فتح العيون و استعادة العقل كان حسابها السري في البنك قد احتوى بضعة أصفار أمام رقم ما، و لم تعد تهتم لما سيحدث بعدها...
و بخبث مزجت كل الأمور و هي تشرك أيمن بكل شيء، مع الصلاحيات التي نالتها... لم تهتم وقتها ما حدث ورائها، أو أي دمار خلفت، إلا انها فزعت و ابنتها تطلب من عمها أن يزجها بالسجن... هذا ما لم تحسب له حساب... لكن الرجل بحنكة قرر أن ينهي الأمر بالسر... فنظرة واحدة لها اعلمته أنها ستهدم المعبد على الرؤوس و تفضح الجميع... لذلك رضي بطرد ابنتها لآخر الدنيا، بينما هي لم تهتم...
و هكذا خرجت من تلك الأسرة محملة بخبرة و نضج و هدف و ثروة و فكرة!
و ببساطة حصدت هدفها، و هي تعيد تأهيل جسدها ليضج بالأنوثة و يصبح قِبْلة بل مقياس لسواها... و بعدها انتقلت للضحية الجدية لها... لكنه لم يكن ضحية بل كان أجمل شيء حصل لها...
بسمة محبة لا تليق بها ارتسمت على شفتيها و هي تتذكره... زاهر... الزوج الرائع... الحبيب المذهل... الخيال المدمر...
كان زاهر زوجا حقيقيا، لما تحلم المرأة به... كان شيء مجنون لكل خيالات المرأة بقوته و حضوره و ثباته... ربما لو التقته مبكرا لكان حالها مختلف عن الآن... زاهر...
تنهدت بشوق... كان يحتويها، يفهمها، يعطيها دون امتلاء و يأخذ منها دون سلب...
كان كريما بحدود كي تبقى مشتاقة، و معطاء بلا تقصير كي لا تتعرى، و متطلب بلا انبهار كي تبقى مشتعلة...
كان رجلا و كأنه الكمال لها... رجل جعلها مشغولة جدا... لأول مرة تحب و تعشق... لأول مرة تهيم و تهذي و تعيش ما كان مجاهد يسكبه لها... و ذلك الرجل بشعره الأبيض كان يبتسم لها بغموض و هو يحتوي تلك العواطف دون أن يرسيها على أية مرساة، لكنه يعرض الشاطئ لها قريبا جدا، لتأمل به جدا، و تحلم به جدا!
يا الله كم كانت حية و راضية معه... لأول مرة تفهم معنى الحب الذي يشفي و الدواء للعلل بالعواطف و الانتماء...
ثلاثة أعوام كانت سعيدة حقا... ببساطة كانت سعيدة... و انتهت فجأة به في فراشها بعد ليلة صاخبة... مازال شعورها بالذل عندما اضطرت أن تتصل بأبنائه الذين لم يتوقفوا حتى الآن عن اتهامها بقتل والدهم العليل الذي كان يفعل ما لا يمكن ليظل مواكبا لزوجة متطلبة بالسرير و خارجه!
و بدأت معركة أخرى... معركة الارث و معركة الأملاك... و مرة واحدة فوجئت بنفسها لا تملك أي شيء... خرجت من زواجها بالمليونير بالوارثة بلا شيء...
الأملاك وقفت و الارث بقي عالق و القاضي ينظر إليها بكره. و يستمر الاستئناف و المماطلة... و يبرر كل ذلك بالكذبة الضخمة المتمثلة بأبنائه المسافرين الغير قادرين على التواصل معهم، أو حتى أخذ توكيل منهم. كل ذلك جعل القضية معلقة للأبد... كل ذلك لم يُبْقي لها إلا القليل و القليل جدا...
فكرت بأن تفضحهم، لكن زوجته الأولى الأرستقراطية، بنسبها العريق، بعثت لها تهديد لطيف أنها سترتب لحادث يشوهها و تجعلها لا تصلح حتى لعاهرة مدفوعة الأجر...
و الابناء وضحوا لها أنه من الممكن ببساطة أن يخفوها و كأنها لم تكن، أو يلفقوا لها قضية مشينة و هي مهمة جدا سهلة خاصة مع انتقالها لشقة متواضعة... وحدها!
لحظتها فهمت معنى الغابة و معنى أن تكون بلا سند و أن تتحول لكيس ملاكمة يضربه كل معقد نفسيا!
و عندما يأست عادت رغما عنها للبيع و المقايضة... و زوجها الثالث لم يستمر معها أكثر من عام و نيف ليتركها بعدما ظنت أن ثروته و نفوذه قادرين على مواجهة أبناء الوزير السابق، ليعلن بجبن أنه لم يردها إلا للمتعة و انتهى منها و دفع!
و الآن فهمت معنى المأزق الذي هي فيه،
ببساطة تحولت لعاهرة اجتماعية بعقد شرعي و جسد جميل و دفع مسبق و مكافئة نهاية خدمة، و.... فقط...
لذلك بحثت برفوف ذاكرتها...
و استخرجت كل أجنداتها...
و تذكرت ابنتها التي لم تعد تعترف أنها حتى حدثت... و الأسرة التي هجرتها و أنكرتها و تبرأت منها، عادت إليها مرة أخرى لكن لهدف آخر، و لا يهم من تدوس خلال هذه الطريق... لا يهم من توجع لكن المهم هو أن تحصل على ما تريد، و ستنال دعم ابن البرلمان رغما عنه، و سيعلم الجميع أن لها ظهر و ليس أي ظهر... إنه علاء رافع ياسين المحامي القوي بثقله المذهل... و والده رجل البرلمان المهاب...
برقت عيناها بشجع... نعم ستنال كل ما تريد و إلا ستهدم الدنيا على رأس الجميع...

***
نهاية الفصل

noor elhuda likes this.

eman nassar غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 16-03-17, 07:51 PM   #780

eman nassar

نجم روايتي وكاتبة بقلوب أحلام و قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية eman nassar

? العضوٌ??? » 289978
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,167
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » eman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond reputeeman nassar has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
افتراضي

تم الفصل يا غالياتي
و هو فصل فعلا ضخم كما سترون
الأحداث كثيرة و صعبة و حاولت بكل قوتي أن أشذبها للحد الذي لن يخل بالحبكة...
و بطلة الفصل هي رجاء ام هدى سنرى كيف صنعت امرأة مثل هد في مثل هكذا منزل...
منوريني يا غوالي و سعيدة بوجودكم
اتمنى ارى آرائكم بالفصل، و تقييماتكم و لايكاتكم و دعمكم
و مرة تانية منورييييييييييييييييييييي ين
بالنسبة للتوقيت أظن التوقيت بغزة و السعودية في فرق ساعة الشتا
و الفرق بين توقيت غزة و المغرب ساعة... و يمكن هيكون بين تونس و غزة ساعة...
مش متأكدة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 17 ( الأعضاء 15 والزوار 2)
‏eman nassar*, ‏sosomaya, ‏ملوكه*, ‏موضى و راكان, ‏Noruh 96, ‏سبنا 33, ‏lolo.khalili, ‏nouriya, ‏درة البحر2, ‏toona1, ‏MEELLOO, ‏timo_antimo, ‏لمحة من الكون, ‏sara alaa
منوريييييييييييييين


eman nassar غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:08 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.