01-05-18, 05:16 PM | #4031 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة وقائدة فريق التصميم في قسم قصص من وحي الأعضاء
|
| ||||||||
01-05-18, 05:18 PM | #4032 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة وقائدة فريق التصميم في قسم قصص من وحي الأعضاء
| غرفة شذرة .. أنهت شذرة مكالمتها مع خلود وابتسامة مصطنعة عجيبة ظلت عالقة على محياها وكأن خلود كانت تراها خلال المكالمة بل وما زالت تراها حتى والخط اغلق! انهار جسدها لتجلس على سريرها وانحنى وجهها لتحدق عيناها بالفستان الازرق الذي ارتدته الليلة ! لماذا اتصلت بخلود من الاصل ؟! لماذا تسرعت واخبرتها عن زيارة مصعب واهله ؟ هل كانت تريد تأكيدا للفرح ؟ ام قشة تتعلق بها لتجد سببا واضحاً للرفض ...؟ وقد اعطتها خلود ما ارادت .. فهل كان فعلا ما ارادته ؟! اغمضت عينيها وهي تتذكر كلمات محددة من ثرثرة طويلة متدفقة من خلود (حذيفة وخليل يسلمان عليك كثيرا ويباركان لك ) لم تكن تعرف ان خليل هناك ! لم تكن تعرف .. كانت فقط تريد ان تبحث بين طيات صوت خلود الذي يعكس مشاعرها العفوية الشفافة علّها تجد اي شيء يجعلها تتأنى باتخاذ القرار ... لكن .. ان تزغرد خلود بفرح تام وان تنقل لها مباركة .. خليل ... فهذا كان نهاية لبداية لم تكن حقيقية من الاساس ... ان هي الا اوهامها .. اوهام خدعتها .. وكلمات رقية المبطنة المعاني غذّتها بغباء ... وقفت شذرة على قدميها وهي توشك على اتخاذ قرار نهائي لا رجعة فيه وفي نفس اللحظة سمعت طرقاً على الباب وصوت اسيا وهي تستأذن للدخول .. دخلت اسيا بتعابير وجهها المريحة التي تمنح الثقة والسكينة .. تبتسم لها وهي تقول " العروس مختبئة للتفكير ام مجرد خجل ؟" تقدمت شذرة نحوها لتقول بصوت مرتعش خافت " كنت .. افكر .." نظرت اليها اسيا مطولا ثم قالت بتأن " لسنا على عجلة لتفكري منذ الآن .. خذي وقتك حبيبتي .." احساس رقيق للغاية مر بروح شذرة وهي تتذكر جملته ( تأمرينني أمر ) .. عيناه الجميلتان ..رجولته وهو يحتضن اخته ... ثم تلاشى الاحساس وتطاير لتقول شذرة بثبات " انا موافقة يا اسيا .. مصعب شاب طيب.." في الحافلة يجلس خليل على احدى مقاعد الحافلة يحدق عبر الشباك ومحياه الوسيم جامد التعابير .. جلس جواره رجل عجوز بائس الحال رث الثياب وظل يثرثر شاكياً طوال الطريق يحكي قصة حياته البائسة .. يستمع خليل ولا يشعر بشيء ! انها فقط الحياة التي اعتادها تستمر في دورانها الطبيعي بين اناس اعتاد بؤسهم وشقائهم ... ربما في يوم من الايام سيغدو كهذا العجوز ليجلس جوار شاب ما ويحكي له حكايته .. أظلمت عينا خليل كما أظلمت دواخله وانطفأت .. انطفأت صورة شذرة التي طالما حفظها في قلبه وروحه لتختفي معها كل الالوان.. كل شيء بات مظلماً لا حياة فيه ... رن هاتفه فاخرجه من جيبه ليرى اسم المتصلة فيرد عليها باعتذار مباشر " مرحباً اشجان ؟ اسف كنت مشغولا ولم أرد على مكالمتك السابقة عصراً .." سألته بصوت ضعيف مرهق فيه أمل دائم بايجابية الرد " هل ...ستأتي ؟" شعت عيناه بالغضب البارد وهو يمنحها مطلبها " نعم انا قادم الليلة .. وكل ليلة .. لم يعد هناك ما يشغلني عن المجيء .." في الشارع .. يمسح رعد عرق جبينه بكم بلوزته الخفيفة وهو يخرج من بوابة بيت سعدون القاضي ليلتقي في منتصف الشارع بعبد الرحمن حاملا بيده انارة منضدية وهو يقول له ضاحكاً " هذه ارسلتها لك الحاجة سوسو .." يعض رعد شفته السفلى بشقاوة وهو يقول مدعيا تعابير الهيام والغزل " اخخخخخخخ منها الحاجة سوسو .. متى ستزوجوني اياها ..؟!" يضحك عبد الرحمن ملء فمه بينما يلتفت رعد ناحية بيت العطار ليسأل بفضول " ماذا يجري في بيت العطار ... ها ؟ اخبرني .. ماذا يجري ..؟ " يدفع عبد الرحمن بالانارة ناحية رعد قائلا بتوبيخ ومراوغة " انشغل انت بامورك الخاصة ولا تتدخل .." يمسك رعد بالانارة ويضيق عينيه قائلا " لماذا اشم رائحة لا تعجبني .." يبتسم عبد الرحمن بخبث ثم يقول له بمشاكسة " انها رائحة ثيابك بلا شك وتحتاج الى الاستحمام بشكل مؤكد.." لكن رعد يواصل الحاحه بطريقة صبيانية مضحكة " لا تكن لئيما .. اخبرني .. لن أتوقف عن الكلام حتى تخبرني .. " يعبس عبد الرحمن مدعيا الحنق قائلا " اووووف انت اسوأ من غراب البين سعدون وتليقان ببعضكما كرفقاء سكن .." يميل رعد ناحية عبد الرحمن هامساً له " ان لم تخبرني الآن اقسم بالله سأعود للعم سعدون واثير فضوله حول مؤامرة سرية تجري في الحي وتنعقد اواصر الخيانة من بيت العطار عندها لن يأخذ الامر منه خمس دقائق ليعرف لي تفاصيل الموضوع من اوله لاخره .." حاول عبد الرحمن المراوغة وهو يتساءل " بالمناسبة .. اين سعدون ؟! لم أره ابدا ونحن ننقل الاغراض .." رد رعد وهو يرفع حاجبيه بطريقة ساخرة ماكرة " ادعى ان لديه صداع واختبأ منك في غرفته.. لا اعرف ما فعلته لهذا الرجل لكن مؤكد هو يهابك ويتجنبك .. الان.. لا تغير الموضوع ... ما زلت انتظر الرد.." يتنهد عبد الرحمن يائسا فيحاول اقناعه بالقول " لكن رباب طلبت مني ان لا افتح فمي.. بتوصية مشددة من الخالة ابتهال .." توهجت عينا رعد بالاثارة فقال " توصية من الخالة ابتهال ؟!! سافترش الرصيف اقسم بالله ولن اتزحزح من مكاني هذا حتى تخبرني الآن حالا ماذا يحصل في بيت الدمى .." كان قد جلس فعلا متربعاً على الرصيف واضعا الانارة جواره وقد عقد حاجبيه بعزم لا يلين ... تلفت عبد الرحمن يمينا وشمالا محرجاً ان يراهما احد المارة في الحي بينما يقول بغيظ ضاحك " قم من الارض ستفضحنا ... انها مشروع خطبة .. محتملة .. هل ارتحت الآن .." حصل شيء ما لرعد في لحظة توقفت وأبت ان تتحرك مع الزمن .. صوت الاشياء من حوله بهت .. وانقباضة في قلبه اشبه بانقباضة حزن! استدار برأسه جانبا وتحديدا ارتفع بنظراته حتى الطابق الثاني الى الغرفة الثالثة على اليسار ليتمتم " خطبة ....!" ودون شعوره وقف على قدميه وهو يضيف متسائلا بصوت أبح " من ..؟ رقية ؟" كان عبد الرحمن قد انحنى بجذعه ليلتقط الانارة من على الارض وهو يرد بعفوية " لا ... بل شذرة .. " هربت تلك اللحظة منه .. (لحظة) تضحك وكأنها تغمزه بخبث قبل ان ترحل هاربة .. ثم استعاد رعد حالته الاولى في لحظة مشرقة بالفكاهة ليمثل الانهيار جاثيا على ركبتيه يدعي (التحطم عاطفيا) وهو يضرب بقبضته على مكان قلبه هامساً بنبرة توجع مضحكة " آآآه .. قلبي ...شذرة ستتزوج ؟! " زجره عبد الرحمن وهو يعبس في وجهه " يا ربي من افعالك هذه يا رعد .. قم بالله عليك قبل ان يخرج رضا من بيت العطار ويراك كالمعتوه جاثيا هكذا على الرصيف..." يمد عبد الرحمن يده ليسحب رعد ويوقفه بينما يضحك رعد قائلا بفضول مشاكس ليغيظ عبد الرحمن " واين العريس ؟ ألن نراه ؟ لقد كانت سيارة كحلية غريبة تقف هنا كما اظن .. هي سيارته اليس كذلك ؟ " رد عبد الرحمن وهو يسلمه الانارة من جديد قائلا " نعم سيارته .. لكنه غادر مع والديه قبل قليل عندما كنت ترتب اغراضك في بيت سعدون.." فيدعي رعد التفكير وهو يشير لرأسه قائلا " وانا الابله لم افكر لمن تعود هذه السيارة .." دفعه عبد الرحمن في كتفه وهو يقول " هيا .. لنضع الانارة في غرفتك الجديدة وتعود لبيتنا كي تستحم .. رائحتك مقرفة.. الحاجة سوسو لن ترضى بعريس نتن الرائحة.." يدفعه عبد الرحمن عنوة من خلف ظهره بينما رعد يضحك وهو يقول بمشاكسة " احترم زوج والدتك المستقبلي .. سأكون بمثابة ابيك يا ولد !" وبينما يتضاحكان حادت عيناه بنظرة اخيرة نحو غرفة رقية المظلمة وقد اشتعل ضوؤها فجأة ليكشف وجودها الخفي عند النافذة ! يتبع ... التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 01-05-18 الساعة 06:02 PM | ||||||||
01-05-18, 05:21 PM | #4033 | ||||||||
مراقبة عامة ومشرفة وكاتبة وقاصة وقائدة فريق التصميم في قسم قصص من وحي الأعضاء
| غرفة رقية تراقبه منذ نصف ساعة .. تقف في الظلمة يحمل بعض قطع الاثاث الخفيفة من بيت الصائغ وينقلها مع عبد الرحمن الى سكنه الجديد في بيت سعدون القاضي .. ذبذبات في القلب كلما وقعت عيناها عليه باتت تألفها وتتعامل معها بـ(روح رياضية).. تتقبلها وتفسرها ببساطة انها معجبة به .. وان يكن ؟! انها قد تعجب بأي شاب يملك بعض مقوماته وروح الفكاهة المميزة لديه .. كما انه جذاب للاناث بالفطرة .. لكن كل هذا لا يؤثر عليها عميقاً .. اليس كذلك ؟! بل يجب أن لا يؤثر! تمعن النظر كيف جلس متربعاً على الرصيف وهو يكلم عبد الرحمن فتبتسم شفتاها عفويا ... فجأة تراه يلتفت ناحيتها لينظر مباشرة لغرفتها فشهقت وهي تسارع للاختباء خلف الستارة خوفاً من أن يراها رغم ظلمة غرفتها التي تستر وجودها قرب النافذة .. عادت لتمد رأسها وتنظر بحذر فرأته هذه المرة واقفاً على قدميه قبالة عبد الرحمن وبدا غريب المحيا ثم قال له عبد الرحمن شيئا جعله يعود لطبيعته وتعابيره الساخرة الفكاهية ليهبط فجأة الى الرصيف جاثيا على ركبتيه هذه المرة وهو يضرب بقبضته المتكورة موضع قلبه .. تسارعت انفاسها مأخوذة بقبضته تلك وتخيلته للحظة قد يجثو على ركبتيه امامها يتوسلها ... الحب ...! عاد القلب لذاك الارتجاج الذي حصل لها بالامس ... بل... تضاعف ... تتسارع انفاسها وموجة مضادة من حنق غاضب تهاجمها بشراسة فتعينها لتسيطر على تلك الخفقات ... تحاول ان تهدأ وهي تقنع نفسها بالقول المتحفز المتربص .. لا يمكن ان يكون كاملاً بهذه الطريقة ليؤثر بها على هذا النحو.. يجب ان يكون لديه نقاط ضعف تكسر هالة اعجابها به .. انه يعجبها لانه مختلف ويبدو منيعاً بشكل مغيظ .. اذن كل ما في الامر انه يحسن اخفاء نقاط ضعفه .. مثلها تماماً ... وان كان حدسها يخبرها بأن ما يخفيه رعد عظيم .. عظيم للغاية ... اجل .. هذا هو الحل .. يجب ان تواصل بحثها حتى تعرف ما يخفيه .. عندها فقط ستستعيد سيطرتها على نفسها .... راقبته اخيرا وعبد الرحمن يمازحه وهو يدفع ظهره من الخلف ليجبره على التحرك وعندها انفتح باب غرفتها ثم انفتحت الانوار في نفس اللحظة مع صوت اختها رباب وهي تسأل باهتمام وبعض العجب " هل انت بخير يا كل الرقة ؟ لماذا تقفين بالظلام هكذا ؟" ابتعدت رقية بحركة رشيقة عن النافذة وبرباطة جأش وسيطرة كان صوتها يخرج سلسا لا مباليا وهي ترد " مؤكد بخير .. ولماذا لا أكون ...؟!" تقدمت منها رباب تنظر اليها بتمعن لتقول بمحبة خالصة لها " كلمات شذرة لك اذتني رغم اني لا ألومها .. فانت تستحقين ! لكن مع هذا قلبي توجع لاجلك .. لاني اعرف انك مجرد حمقاء لا تظهرين طيبتك بل العكس تسعين لطمسها ..! " رغم تأثرها بكلام رباب الا انها عاندت وادعت مزيدا من اللامبالاة قائلة " تعنين عندما صرخت شذرة في وجهي (انت مريضة في قلبك) ؟ هل هذا ما آلمك لاجلي يا قرفة؟ لكن حقاً انا لا اهتم بما تقوله ولا تحرك بي شعرة هذه الغبية الضعيفة .. انها أتفه من أن اهتم .. لدي ما يشغل عقلي وهو أهم منها بكثير ومن عقدها النفسية.." عبست رباب لتواجهها بالقول " رقية ! لا تكوني متعالية على الاخرين ومغترة بنفسك .. شذرة ليست غبية ولا ضعيفة .. كونك اجرأ منها لا يعني انك افضل .." لم تتأثر رقية بل ابتسمت لتشرح بسلاسة " هل تعلمين ما هي شذرة ؟! انها مجرد فتاة ولدت ونشأت كمدللة .. وحيدة والديها.. اعتادت ان تكون محور اهتمامهما وحدها فكبرت وهي تظن بغباء انها محور الكون .. وعندما فقدتهما لم تتقبل انها لم تعد كذلك واكتشفت الحياة الحقيقية التي ترفضها وتنوح كل يوم شكوى منها .. بعد كل هذا الا تجدينها غبية ضعيفة خاصة وهي تتخبط بكل اختيار وتصرف .. " حاججتها رباب بالقول " كلنا نتخبط ونخاف .. انا نفسي افعل هذا وحتى اللحظة .. اشعر اني .. لم اتجاوز مخاوفي .. يا رقية هذا ليس عار علينا .. اننا ببساطة بشر ... " ردت رقية بنبرة عملية فيها لمحة اصرار " نعم بشر ... لكننا بشر مخيرون في اتخاذ القرار كيف سنتصرف حول ما يجري معنا في هذه الحياة .. اما ان نحارب ونعافر ونأبى ان يسحقنا احد .. او نرضى بالهوان ونبكي على الاطلال .." ردت رباب بهدوء وهي تمعن النظر في وجه اختها العنيد " رؤيتك قاسية يا رقية .. او ربما تدعين القسوة لتواجهي بها ضعفك الخفي .. لكن ربما يوماً ما هذه القسوة لن تدعمك كفاية لتظلي قوية .." استدارت رباب لتغادر بينما رقية تشيعها بنظراتها وعند باب الغرفة أضافت رباب قائلة " اردت اخبارك ايضا ان شذرة وافقت على مصعب .. لقد اخبرت اسيا للتو بموافقتها .. لم يتبق الا ان يسأل رضا عنه وعن عائلته وربما الخميس المقبل سيكون يوم (المشّاية) ليلتقي رجال العائلتين ويقرؤن الفاتحة للخطبة الرسمية .." غادرت رباب تاركة رقية بمفردها التي أخذت تتمتم بتفكير ساخر " من يدري .. ربما (النائحة على حظها) ستجد اخيرا ذاك الحظ يبتسم لها مع (عريس الهنا) .. مسكين يا خليل .. سيتحطم قلبك ..." *يوم الشربت أو المشاية هو بالنسبة للعراقيين يوم الوجاهة , في هذا اليوم يجتمع الرجال من أهل العريس من الأب و الإخوة و الأقارب و الأصدقاء و يذهبون إلى بيت العروس و يكون بإستقبالهم والد العروس و إخوانها و أقاربهم , يتحدث في الموضوع بشكل رسمي ويطلب العروس رجل قدير و كبير بالسن من أهل العريس و يوافق والد العروس بقوله : "موافقين , حلت البركة نتشرف" . يسير رضا بصحبة زوجته وهما يعبران سوياً من بيت العطار الى بيت الصائغ فيسألها " اما زال جعفر يلعب في الخارج ..؟ " تهز رأسها وترد مبتسمة " نعم .. ظل يتحدث طوال النهار عن لعبة كرة قدم مهمة سيلعبها مع اقرانه في الحي .. " يصلان سوية الى السلم الملتوي وهو يتساءل " وكاظم ؟ لماذا ابقيته مع والدتك ؟ " فترد اسيا " ستحضره رباب معها عندما تعود من بيت امي .." يعدل من عباءته فوق كتفيه قائلا بتفكير " مصعب يبدو شاباً طيباً ومن بيت طيب .." فتعلق اسيا ببعض الحيرة " نعم .. الحمد لله .. لكني انا لم ارتح لتسرع شذرة بالقبول .. شعرتها تتعجل دون ان تفكر ملياً .." فطمأنها رضا بالقول " لا بأس ... غدا سأبدأ بالسؤال عنه وعن عائلته.. فإن كان خيرا يمكنك سؤالها مرة اخرى قبل ان نعطيهم ردنا النهائي .. " تصعد درجتين وهي تلتفت اليه وتذوب نظراتها دفئا نحوه فتهمس له " لا حرمنا الله منك يا ابا جعفر..." كفه تخرج من عباءته فيمدها نحوها يلامس بطنها المنتفخة وعيناه في عينيها يتملى في وجهها فيملأ روحه بالرضا ويقول بهمس رجولي فاتن " فداكِ قلب ابي جعفر يا اميرة البنات .. اقسم بالله لولا بطنك هذه لقلت انك انت العروس الليلة .." تبتسم وترتفع وجنتاها وهي تسبل رموشها في صمت دافئ يسحره.. ليكسر السحر صوت اقتراب خطوات ثم نحنحة حرج تسبق تحية المساء " مساء الخير .." رد الاثنان معاً وهما يلتفتان لرعد " مساء الخير .." يطرق رعد برأسه وهو يعبر المرآب حاملا صندوق كتبه ليناديه رضا ويوقف خطواته متسائلا " متى ستنتقل لبيت سعدون ؟" عند باب بيت الصائغ تتوقف خطوات رعد وهو يرد باحترام خاص " غدا ان شاء الله يا ابا جعفر .." يسأله رضا باهتمام " هل الغرفة جيدة ؟ اظن بيت سعدون قديم ويحتاج لصيانة .." فيرد رعد " الغرفة جيدة لكن الحمام من يحتاج لصيانة عاجلة .. العم سعدون لا يستخدمه تقريبا ومتروك منذ سنوات دون عناية ... وهذا سبب تأجيلي الانتقال حتى الغد ليأتي السمكري فيصلح الحمام ويعيد تأهيله .." صمت رضا للحظة وهو ينظر الى رعد نظرة شفافة مست عمق رعد واربكته ليقول رضا بعدها " انت دخلت بيت الصائغ واكلت وشربت بيننا فاصبحت منا.." ثم رفع كفه والخاتم يبرز وهو يشير لبيت الصائغ خلف ظهره مضيفاً " وسيظل هذا البيت دائما مفتوحاً لك .. في اي وقت تشاء .." أطرق رعد وهو يتمتم " شكرا .. لك ..." كلمة الشكر خرجت من فمه بصعوبة شديدة .. شعور مربك ينتابه مع رضا الصائغ.. تربكه نظراته .. كلماته .. وكأنه يخرج اليه من باب يُفتح على زمن آخر .. زمن سمع عنه في الكتب القديمة وحكاوي الاجداد الغابرة .. زمن لم يره رعد ولم يؤمن بوجوده الا اللحظة ! قهقهة الضحكات الصافية في جلسات العصر مع الشاي المُهيل .. حضن الاهل الدافئ ودموعهم القريبة في الافراح والاحزان على حد السواء .. رائحة القداح في الربيع وهي تملء القلب قبل الرئتين .. مذاق تمر (البرحي) في الفم مع مدفع الافطار في رمضان.. ألفة مقهى شعبي تراثي ما زال محتفظاً بهيئته منذ العهد الملكي تعلو فيه اصوات الرجال الصاخبة الحماسية وضحكاتهم الرنانة وهم يتبارون في لعبة الدومينو او (الطاولي) فتختلط بصوت حميد منصور الذي يصدح من مذياع قديم مغنياً يم (عند) داركم صدفه واخذني الدرب من يم داركم .. والتمت (اجتمعت) بروحي المحنه (الحنين) واشتهيت اخباركم مذكرت عايفكم وعفوتوني (تارككم وتاركيني) .. رد من جديد الشوك (الشوق) بين عيوني رضا الصائغ هو ... كل هذا ... و(كل هذا) ... يربك رعد ويجذبه في الوقت ذاته ... يجعله يتشبث بوجوده هنا في هذا الحي بكل تفاصيله وكم يقلقه هذا التشبث ...! " رضا .. كنت انتظرك .." كان هذا صوت حذيفة يقطع على رعد شروده في احساسه المرتبك وافكاره القلقة ... يستغل الفرصة ليستأذن منسحباً ويخرج الى الشارع متوجها الى بيت سعدون بينما يتحرك رضا ناحية باب المطبخ حيث يقف حذيفة هناك بتوتر واضح ... سأله رضا ببعض القلق " ماذا هناك حذيفة ؟ تبدو متوترا ! هل حصل شيء لا سمح الله ؟" فيرد حذيفة وهو يسحب أخاه من ذراعه قائلا " تعال لنجلس بمفردنا في غرفة الضيوف .." بيت الصائغ .. غرفة الضيوف بعد نصف ساعة .. سأل حذيفة وقد انتهى للتو من شرح كل ملابسات موضوع خليل ورغبته الزواج من شذرة " ماذا قلت يا رضا ؟" نظر رضا لاخيه واشفق عليه لانه يعلم كم يهتم حذيفة لخليل وربما يرى فيه نفسه .. شعر رضا بالحيرة الى جانب اشفاقه ذاك الذي شمل خليل ذاته .. قال اخيراً وهو يرد على اخيه " ماذا يمكنني ان اقول يا حذيفة ؟! لماذا لم تخبرني قبلها ؟!" رد حذيفة بمزيد من التوتر " الفتى لم يكن جاهزا .. انت تعرف ظروفه المادية ليست جيدة واراد ان .. يتحضر.." يحاول رضا ان يلفت انتباه حذيفة الى مسائل مهمة يبدو انه غافل عنها تآزرا مع رغبة خليل فقال بتأن " على الاقل لو اخبرتني قبل موضوع مصعب لكنت تصرفت .. بل لو كان خليل لمّح لشذرة على الاقل برغبته للزواج منها بدلا من ان يخبرك انت وحدك كان سيكون لنا مخرجاً .. الآن .. لا يمكنني ان اتجاوز الاصول ومصعب تقدم رسميا ودخل البيت من بابه .." ثارت حمية حذيفة فقال مدافعاً " وخليل منذ البداية يريد ان يدخل من باب ذاك البيت يا ابا جعفر .." تنهد رضا وهو يرد على اخيه بصدق " انا اعلم ان نيته كانت هكذا لكنه لم يفعل اي خطوة عملية بتلك النية ! لم يخبرني ولم يخبر الفتاة .. والامر بات اصعب بموافقة شذرة على مصعب .. ماذا نقول لها الآن؟! " رد حذيفة بانفعال عاطفي مؤثر " رضا .. الفتى تحطم قلبه .. " عاود رضا السؤال بإلحاح محبط " لماذا لم يتكلم قبلها ؟! " عندها رد حذيفة بضيق شديد وهو يهب واقفا على قدميه " كان يخشى الرفض بسبب... فقر حاله .." حوقل رضا بمزيد من الحيرة والاشفاق " لا حول ولا قوة الا بالله .." ثم صمت للحظات وهو يراقب حذيفة في اشد حالات التوتر يتحرك ذهابا وايابا ثم يعاود الجلوس مرة اخرى ليصارحه رضا بالقول " اصدقك القول يا حذيفة .. ربما الخالة ابتهال لن ترضاه لشذرة خاصة ومصعب بالصورة .. هي ام وشذرة في عنقها كبناتها بالضبط وتريد ان تزوجها لمن يستطيع ان يفتح بيتاً ويصونها .. وهذا حقها.. لا استطيع لومها .." ضرب حذيفة على صدره وقال " انا كفيل به .. سآخذ من مال سوسو واعطيه ما يكفل له بيتاً معها .." زفر رضا انفاسه ثم كلمه بالمنطق قائلا " حذيفة انت لا تفكر بعقلانية وتأخذك العاطفة .. خليل لن يرضى ابدا بأمر كهذا وانت تعرفه جيدا وتعرف عزة نفسه .. كما اني اريد لأي فتاة تتزوجه ان تعرف وضعه كما هو وتقبله عليه .." تقبضت يدا حذيفة وزم شفتيه بعجز .. هو يعرف ان كل كلمة قالها رضا عين العقل والمنطق لكن .. لكن لا يعقل ان يخسر الفتى من يحب بهذه البساطة .. خليل يستحق ان ينال الفتاة التي اختارها قلبه.. سأله رضا " ماذا قال لك قبل ان يغادر الليلة؟" رد حذيفة وقلبه يوجعه على خليل " قال ان انسى الموضوع .. لكني اعرف انه مصدوم خاصة وقد علم من خلود ان شذرة وافقت .." فيمد رضا كفه ويربت فوق كف اخيه قائلا " اذن دعنا نهدأ جميعاً ليومين أكون قد سألت عن مصعب وعائلته خلالهما وسنرى اين سيكون النصيب بعدها .. " فيعقد حذيفة حاجبيه بتفكير ثم يقول " وانا من جهتي سأكلمه مرة اخرى .." قال له رضا بحكمة " لاتعطه املا واهيا يا حذيفة فيتحطم الفتى مرتين ... وهذه المرة لن يتحطم قلبه فقط بل وكرامته ايضا .." ضرب حذيفة بقبضته على ذراع الكرسي وهو يقول باحباط وحنق " هذا ما قاله .. قال سأحفظ كرامتي .." تمتم رضا والحيرة تتملكه " الخير فيما يختاره الله ..." انتهى الفصل الحادي عشر ... ركزوا فيه ومخمخوا رجااااااااء وعلى راحتكم .... ولا تنسوا بعد ساعات قليلة (تمام 9 بتوقيت السعودية) حينزل الفصل الثاني عشر ايضا ... انتظر تعليقااااااتكم على الفصلين بفارغ الصبر .... التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 01-05-18 الساعة 06:03 PM | ||||||||
01-05-18, 05:47 PM | #4036 | ||||
| من أسوء المشاعر اللي ممكن أي حد يحسها .. القهر والعجز .. خليل قرف من المشاعر دي .. و هي ملازماه طول حياته أصلا هو أصلا ما كانش حاطط أمل على شذرة وكان بييأس نفسه منها و لما يفكر انه يتقدم ويقول لحذيفة يقوم حد تاني متقدم .. كدا بقي الموضوع أصعب أصلا عن لو انه ماكنش فكر ياخد خطوة صعبان عليا فعلا 😔 | ||||
01-05-18, 05:54 PM | #4037 | |||||||||
عضو ذهبي
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الفصل رائع بس حزين كثير زعلت على خليل قطع قلبي المسكين المسكين حظه نحس يعني اليوم الي كان بدو يفتتح شذرة حصل ظرف ومنعه وساعدتها نط غراب البين مصعب طلع لنا من انهي داهيه ده ..شذرة تائهة ومحتارة هي اتصلت عشان س نبض خلود بصراحة أنا صعقت من ردة فعل خلود طب هي عارفة انو اخوها بيحب خلود وحاولت تقرب بينهم انا اتوقعت انها تندهش مش تزغرط ايش انهبلت خلود ..تحسين والله ماراح ينعدل الا لما تصير مصيبة الغبي مش عارف انو عيشته هاي وصحبة الندامة الي معاه عينهم على مرته وطبعا فالح بعد البهدله حيحاول اكيد ينتقم منه وهو اصلا مشتهي حسناء الله يستر هو يغور في داهية بس حرام الغلبانة هاي ..رعد والله ووقعت معنى انك انصدمت بمجرد انك اتخيلت انو العريس لرقية معناه انك ابتديت تتعلق فيها وهي نفس الشي بس بما انكم مجانين انتوا الاتنين مارح اعترفوا وحتغبلونا معاكم ..كثير رائع الفصل بارك الله فيك واسعدك ودمتي بخير | |||||||||
01-05-18, 06:01 PM | #4038 | ||||
| آه ياقلبي شو عملتي في حسناء من قلبي بزعل عليها وبتمنى بذرة الخير يلي زرعا ابوها بتحسين ترجع تنمو من جديد او يموت ويريحا خليل على نكشة رح ابكي كرمالو وخلود لسانا وكترت غلبتا بدن تقصير شوي بدو يصير شي بالاحداث اكيد وترجع شذرة لخليل رقية ورعد وقعوا وماحدا سمى عليهن وشكلن رح يعملولنا اكشن غير شكل سلمت يداكي ❤❤🌼🌼 | ||||
01-05-18, 06:04 PM | #4039 | ||||
| مرحبا كاري هاد الفصل زود عندي علامات الاستفهام بخصوص كل الشخصيات اللي ظهرت بالفصل , ما بفضل اخمن الاحداث لانه تسلسل الاحداث و تحول الشخصيات برواياتك اروع من اي تخمين ممكن يخطر ع بالي شكراااااااااااااااااااااا ا | ||||
01-05-18, 06:05 PM | #4040 | ||||||||
مشرفة منتدى القسم العام والمجلة الشبابية ومساعدة الإشراف الأدبي وشاعرة متألقة بالمنتدى الأدبي وراوي القلوب و مشارك مميز بأسماء أعضاء روايتي
| الله ....الله ...ياكاااااري سلمت أناملك يا مبدعة.... مشهد فالح وتحسين كان خاطف للأنفاس ... حسناء المسكينة أوجعت قلبي بفرحتها بسماح تحسين لها بالرزق الحلال. قطعت قلوبنا ياكاري على خليل ... وخلود بطيبتها المغلفة بالهبل نسفت كل آمال شذرة وخليل. ابو جعفر ....عسل ع قشطة...يارب يكون بيده الحل لمشكلة خليل. | ||||||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|