رياح♥بنفسج (2) *مميزة ومكتملة*.. سلسلة أزهار جار عليها الزمن

[**منى لطيفي (نصر الدين )**]

☆عدت بفضل الله بجزء ثاني من السلسلة أرجو من الله أن ينفع به كل من قرأه ...و أرجوا أن لا يعطل عبدا عن ذكر أو صلاة و شكرا.
☆تنويه ....تجنبا للإرتباك عند ذكر بعض شخصيات الممتدة من الجزء الأول أنصح بقراءته مع أن كل جزء بأحداثه الخاصة و شكرا.

★★☆☆★☆☆










★☆الملخص★☆

من سمع قصتها يظن أن صدفة حرمتها من عائلتها لكن الحكيم وحده يعلم بأن القدر أبدا ما كان عابثا. فراقها عن أهلها كان لزاما لتعود معها تهب رياحا قوية بعطر البنفسج تطهر وتسقي وتداوي، فكانت هي الداء و الدواء. ...

★☆★☆★☆
★المقدمة★

سبحان الخالق في إبداعه في اختلاف خلقه، ألسنتهم، أشكالهم، ألوانهم وطبائعهم وسبحانه كيف يسوق الخلق للخلق سخريا لينفع بعضهم بعضا وقد تجمع صدفة بين غريبين لم يكونا ليلتقيا ولو سعيا لذلك لكن العالم بكل ذرة من كونه أين تستقر، له تصاريف لا يفقهها سوى الحكيم الخبير، ألم يقل جل جلاله في كتابه العزيز ( و من أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا )....فليسأل العبد ربه الحكمة إذا وهذا ما تفعله هذه الفتاة القابعة على سجادة الصلاة، بعباءتها الفضفاضة وحجابها الساتر، ترفع يديها إلى ربها تسأله الرحمة لوالديها ثم الستر والحكمة لنفسها ولم تنس الدعاء لرحمها، فمهما ادعت جفاءهم لا زال قلبها ينبض بذكراهم، كيف لا إنهم رحمها، فتدعو بالرحمة لمن واراه التراب بينهم، والهداية وحسن الخاتمة لمن ينتظر دوره دون أن تنس من قدم لها المأوى و استقبلها وتحمل مسؤوليتها كأنها ابنة له "جليلة" أخلاقها كاسمها فتاة بسيطة، تزوجت بعامل بسيط يعمل بمنجم وسكنت معه في بيت بسيط ورثه عن والديه، كان ذلك البيت الوحيد وسط أمثاله الذي سُقِّف بالإسمنت بينما باقي البيوت لم يسعفها الحظ إلا بأسقف من القصدير لتشكل حيا من أحياء لازالت تمثل معضلة بالنسبة للمسؤولين، الذين يحاولون جهدهم للقضاء عليها، فيحصلون على ميزانيات من الدولة و يشيدون بها سكنا اقتصاديا، يقومون ببيعها لهم بثمن زهيد لكي يغادروا تلك الأحياء المسماة بأحياء الصفيح لكنها لا تنقضي أبدا و ما زال أمامهم عمل عظيم بانتظارهم ليقضوا عليها كلها. أضافت دعوة أخرى لجليلة فهي لن توفيها حقها مهما دعت لها ولا لشقيقها العم سعيد الذي اعتبرتها كابنتها التي توفيت من زوجها رحمة الله عليهما و لم تتزوج بعد ذلك وكل من خطبوها في الحي لا يناسبها حسب الضوابط الشرعية التي تتبعها في اختيار الزوج كما أن أغلبهم كان طامعا في بيتها لا أكثر . _بنفسج! التفتت على إثر صوت شاغلة بالها تبتسم بوجهها السمح الذي يذكرها بابنة شقيقها الكبرى فاتن، قائلة _نعم أختي. بادلتها بسمتها الدافئة بينما تجيبها _تقبل الله منك حبيبتي ....الفتيات مجتمعات على عتبة الباب كالحمام ينتظرنك. هزت رأسها و قامت عن مكانها، تبدو طويلة نوعا ما طويلة لا نحيفة ولا سمينة حتى لون بشرتها بين القمحي والأبيض ليست بذلك الجمال الصارخ، عينين سوداوين فحم وتقاسيم وجه بارزة، أسنان كبيرة بيضاء متراصة تخفيهم شفتين بارزتين بنيتي اللون خلقة، ما يميزها صفاء قلبها وضحكتها التي لا تفارق شفتيها مهما كان مزاجها *ألم يقل لها يوما "كيف تبتسمين طوال الوقت حتى وأنت تتكلمين؟ كيف تفعلينها ؟"*. طوت السجادة ووضعتها على الأريكة المهترئة ثم تناولت من على الأرض حصيرة صغيرة وخرجت إليهن تبسط الحصيرة لتجلس معهن. تقليدا لا تفهمه بنفسج ليومها ذاك، تتذكر أول يوم جاءت به إلى الحي، لاحظت الفتيات من نفس العمر يتجمعن على عتبة دار إحداهن ، يتسامرن ويضحكن إلى أن يدنو المغرب فتنصرف كل واحدة منهن إلى بيتها وحين علمن قريناتها بوجود فتاة جديدة، تجمعن على عتبة بيت جليلة وطلبن منها السماح لهن ليتعرفن عليها، ظنت بنفسج بأنه مجرد فضول سيبلى، لكنه لم يفعل إلى اليوم والأدهى أنهن تركن عادة المناوبة على باب كل واحدة واعتكفن على باب بيت جليلة. انتبهت من أفكارها على الفتاة التي فتحت موضوعا للثرثرة، تقول وهي تبسط نحوها راحة يدها باللب الأبيض. _ هل علمتن عن الفضيحة الأخيرة؟ لقد ضجت بها الجرائد وجميع البرامج على قنوات التلفاز وحتى على الشبكة العنكبوتية. هذه معضلة أخرى لم تفهمها بنفسج، كيف أن معظم سكان الحي يشتكون من الفقر وفي كل بيت من بيوتهم تلفاز وصحن لاقط فوق سقف القصدير وهناك على الناصية، محل متهالك للسيد لامع جمع فيه بضع حواسيب من الحقبة الجوراسية وسماه "كوفيشوب" ابتسمت بنفسج عند تذكرها لاسم المحل بينما تنتبه لقول إحداهن _الموضوع لا يضحك بنفسج إنها جريمة شنعاء. _ها! ردت عليها بنفسج ببلاهة لتجيبها الفتاة بضيق _أين شردت؟ أنت لست على طبيعتك اليوم، واحد من أكبر رجال الأعمال قبض عليه متلبسا بتهريب المخدرات، فاكتشفوا أنه كان يغتصب فتيات صغيرات ويقتلهن والأدهى أنه قام بدفنهن في قبو قصره. تصنعت بنفسج الدهشة رغم معرفتها بكل الموضوع، قاتل والديها الذي ظلت تدعي الله أن يأخذ حقهما منه ولقد استجاب لكن ذلك فتح عليها باب لم تحسب له حساب. إلتفتت إلى أخرى تربعت بجلستها ونفضت يدها من اللب ثم تكلمت بنبرة عالم يشرح الذرة بينما تجتمع العيون حولها _أمي أخبرتني عن العائلات المعروفة في المدينة الكبرى ..فأنتن على علم بأنها كانت تعمل لدى إحداهن. تأكدت من تركيزهن فأكملت _منهم من يقطنون ببيوت على البحر كالقصور ورثوها عن أجدادهم ....كالجندي..والعسري ...والمنشاوي الذي كنا نحكي عنه منذ قليل ...سمعت بأن قصرهم قد بيع لعائلة جديدة من محدثي النعمة. تدخلت الفتاة بجانب بنفسج، تستفسر بفضول _و ماذا بعد؟ هزت رأسها تجيب _مثل عائلة فضل الله. انتفض قلب بنفسج بصدرها واهتزت حدقتي عينيها لكنها ثبتت مكانها تسمع الباقي. _قالت امي أنهم عائلة غريبة بعادات أغرب، مع أن لديهم مال كثير لكنهم حافظوا على التجمع العائلي، فبنوا بيتا كبيرا وسط حديقة ممتدة على حد البصر ....لا أجنحة فيها فقط غرف النوم وغرف للجلوس. هتفت واحدة منهن _و ماذا في ذلك؟ الأخوة يعيشون بمكان واحد حتى بعد زواجهم، الكثير يفعل ذلك حفاظا على التجمع العائلي. مططت شفتيها بتهكم تفسر _لكن هم أثرياء يستطيعون بناء قصر بأجنحة ويظلوا مجتمعين كما يفعل الأثرياء ...وهناك شيء آخر ..أخبرتني بأنهم يتزوجون من بعضهم ولا يقبلون بينهم قريبا. ضحكت إحداهن تعقب _ليتني كنت من أفراد عائلتهم كنت ضمنت لنفسي زوجا على الأقل. ضحكن باستثناء بنفسج التي قالت محذرة _احذري ما تتمنينه حبيبتي فليس كل ما يلمع ذهبا. ردت عليها أخرى ساخرة _أنت محقة، فسقوف بيوتنا تلمع تحت أشعة الشمس وهي ليست ذهبا. توالت ضحكاتهن، فخاطبت إحداهن من كانت تقص عليهن عن العائلات _احكي لنا عنهم أكثر، دعينا نتسامر. زفرت بأسف ترد _نفد ما بجعبتي أخبرتكن بما تعلمه أمي. تنهدن بأسف، فقالت بنفسج التي اكتست ملامح وجهها بالحنين _ أنا سأخبركن عنهم، فكما تعلمن كنت أقطن بالمدينة الكبيرة وأعرف عن أهلها. استدارت الأعين إلى بنفسج بفضول مترقب، فابتسمت وتاهت نظرتها عبر السراب، تحكي _ما لا تعلمنه أنهم ليسوا من المدينة الكبيرة، كبيرهم جاء من بلدة (... ) فقيرا لا يملك سوى قوت يومين وترك زوجته التي هي ابنة عمه بعهدة أخيه المتزوج من أختها، بدأ من الصفر بمجال البناء حتى أصبحت لديه وكالة مقاولات وجلب أخوه ليشغله معه طبعا مع زوجتيهما ونمت أموالهم... كبير عائلة فضل الله اسمه "زاهر" وأخوه "سليمان" أما زوجتيهما فالأولى "رشيدة" والصغيرة "لطيفة"، أنجب كل واحد منهما ولدين وفتاتين ....و كما اقتضت عادتهم زوجوهم من بعضهم ...فتزوج بكري زاهر و رشيدة "خيرت"، من بكرية سليمان ولطيفة "ليلى" وأنجبا ... توقفت بنفسج ساهمة، فهزتها الفتاة بجانبها تجفلها _أكملي لماذا سكتت؟ هزت رأسها تكمل _ أنجبا *ضرغام و أَيُّورْ*. قالت إحداهن _ أَيُّورْ تعني قمر بلهجة بلدتهم أليس كذلك؟ أومأت بنفسج وابتسمت رغما عنها تقول _إتفق كبير العائلة مع شقيقه أن يسميا أحفادهم الذكور وزوجتيهما يسمين الحفيدات ولأنهن متأثرات بلهجة بلدتهن أسمينهن على أسماء القمر والشمس والنجمة، المهم تزوجت الابنة الثانية لزاهر " ساجدة"، من ابن عمها ، "حامد" ، و أنجبا *عمران وجاد و تِفَاوْتْ * التفتت إليهن تستطرد _ تِفَاوْتْ تعني الشمس أما الشقيقة الوسطى لخيرت "مروة"، تزوجت بابن عمها ،" حسن" فأنجبا * تِتْرِيتْ ونوفل ووائل*.. ..و تِتْرِيتْ تعني النجمة. لمعت عينيها بدموع تحجرت ولم تسمح لها بالنزل تكمل _أما آخر عنقود زاهر و رشيدة، "أحمد" تزوج آخر عنقود سليمان و لطيفة ، "ياسمين"...فأنجبا فتاة كانت الوحيدة بين حفيدات عائلة فضل الله من اختلف اسمها وذلك راجع لشعف والدتها الذي أثر على سواد شعرها. صمتت تحبس أنفاسها ورمشت كي لا تفضح مقلتيها ما يخفيه صدرها، فهتفت واحدة منهن _ما اسمها؟ شملتهن بنظرة غائمة ولسانها ملجوم، فأنقدتها جليلة حين قاطعتهن تطل عليهن من النافذة _كفاكن يا فتيات! المغرب يوشك أن يرفع آذانه. نهضن في لحظة و انفض الجمع ودخلت إلى البيت، فقالت جليلة بحنان _ ما دمت مشتاقة لهم لماذا ترفضين العودة؟ ألقت بالحصيرة إلى مكانها واقتربت منها تتخذ مجلسا قربها تتنهد _ لو كان يفيد بشيء كنت عدت إليهم ...صدقيني هم بغنى عن وجودي. أسدلت جليلة جفنيها ببطء ثم أعادت فتحهما دلالة على يأسها من اقناعها وهمت بالتحدث لولا صوت سيارة، فأطلتا من النافذة ليلمحا سيارة فاخرة، خرج منها العم سعيد برفقة شاب وسيم علمتا أنه زوج فاتن من نظراته التي يحيط بها الأخيرة

المقدمه .... اعلاه
الفصل الاول ... بنفس الصفحه
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر

الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
الفصل العشرون
الفصل الحادي والعشرون
الفصلان الثاني والثالث والعشرون
الفصول الرابع والعشرون الخامس والعشرون السادس والعشرون
الفصل السابع والعشرون
الفصل الثامن والتاسع والعشرون
الفصل الثلاثون الأخير
الخاتمة






تصميم الغلاف الرسمي : دينا عبدالله*
تصميم قالب الصفحات الداخلية : حلا
تصميم الفواصل ووسام التفاعل المميز :دينا عبدالله*
تصميم البنر الاعلاني : دينا عبدالله*





https://www.mediafire.com/file/202mz...ga5eUvjoIR3gRQ

[**منى لطيفي (نصر الدين )**]

*الفصل الأول* اندفع يقتحم المركز بخطوات واثقة قوية هذا هو! ضرغام خيرت فضل الله! الصلابة أينما حل بحاجبيه الكثيفين الأسودين المعقودين طوال الوقت، أطول من ابنة عمه وخالته وبنفس لون عينيها، في الحقيقة عيني الفاحم هي من مميزات عائلة فضل الله كالبشرة القمحية والأسنان الكبيرة أما الشعر فهم متفاوتون بدرجات اللون الأسود، لون شعر ضرغام كلون عينيه أسود فاحم لدرجة أن سواده لا يميل لأي لون تحت أشعة الشمس الساطعة، فقط ظلام كالذي يملأ قلبه و صدره، عضلاته تكاد تشق الثوب فوقها من قوة صلابتها، فالمسكينات دائمة الضغط تحت تدريبات لا ترحم. لم يلتفت لأي من التحيات العسكرية حوله يتقدم بخطوات واسعة إلى أن وصل قبالة باب مكتب العميد ثم توقف ليطرق الباب طرقتين حازمتين واستقام متأهبا حتى سمع الإذن ودخل، أول من لمح كان ليث الذي نهض يبسط له كفه ليصافحه، بادله المصافحة ثم التفت إلى العميد يسلم عليه وجلسوا، العميد وضرغام على المقعدين المتقابلين وليث خلف طاولة المكتب، قال ليث باسما _أين أنت يا رجل؟ اشتقنا إليك! لم يبتسم كأنه لا يعرف الإبتسامة، فقد قالتها له مرات عدة "أنت عابس طوال الوقت، أنت عابسي" كل ما يظهر وده جمود ملامحه، هكذا اعتادوا عليه معارفه من ضمنهم ليث والعميد الذي قال _استولى عليك العمل بالكامل. تحدث باحترام كبير يكنه لهما _ أنتم أعلم بأن الجرائم لا ينتهي. نفخ ليث باستهزاء يعقب _أوف! كم أنت متشائم يا رجل! أضحيت أسوأ من ذي قبل. ضحك العميد مع ليث بينما ظلل ثغر ضرغام شبه ابتسامة تكاد لا تلمح، فعلق العميد باستهزاء _و هذه اللحية النامية مع الشارب ألا تحلقها أبدا؟ زم شفتيه مطرقا بعينيه، فقال ليث بمرح _ أنت تبحث عن معجزة سيدي. تحولت لهجة العميد إلى الجدية يسأله بشكل مباشر _لماذا لم تخبرني بمعرفتك للمجرم ضرغام؟ احتدت نظراته السوداء بينما يلتفت إليه مجيبا بجدية _ كنت أراقبك من بعيد سيدي، فأنت عدو مباشر له أما أنا فلا يعرف بوجودي بالسلك الأمني. هز رأسه متفهما، يقول _ إذا لماذا عدت؟ عض على شفته السفلى بطرف قواطعه وعاد الجمود إلى وجهه بينما يفسر _ أول أسبابي هو الفخ المنصوب له هنا أفضل بكثير من الجري خلفه، السبب الثاني هو القبض على من كان السبب بقتل عمي وخالتي. تلكأ ثم أضاف _ أقصد شريكه. تدخل ليث موضحا _شرعنا في القضية وكلاب المنشاوي لم تعد وفية ..تحدثوا مع أول استجواب ...إنها مسألة وقت فقط، فهو يقبض عليه الآن و نحن نتحدث. هز رأسه بغل وقال يقصد العميد _ أستأذنك سيدي أن تبقى بعيدا عن المركز إلى أن يقع المجرم الآخر .... من الأفضل أن تكون علاقتك بليث عائلية فقط ... وأنا سأظل أراقب من بعيد، فأنت أعلم بذكائه المرضي قد يكون الآن مراقب للوضع من يعلم؟ ...كما أن هناك خيط آخر أمسكت برأسه لكن سيدي بعد إذنك سأتبعه لوحدي. ضم العميد شفتيه مفكرا ثم أجابه _ حسنا ضرغام لكن أشرك معك ليث. هز رأسه بطاعة، فسأله ليث _ ماذا عن قريبتك؟ بلع ريقه يسلك غصة آلمته ثم قال _ سأخبر العائلة اليوم! لقد كان خطأ مني أن أستسلم باكرا وأرحل وخطأ آخر اعتبارنا لها مفقودة دون أن نستخرج لها شهادة وفاة... هكذا تمكنت من العيش بعيدا عن العائلة بأوراقها الرسمية. ضغط على شفتيه كما تعمقت عقدة جبينه والعميد يناظر ليث بصمت. **** *منزل فضل الله* _يا سلام! العائلة مجتمعة! لابد أن هناك موضوع مهم للغاية. عقب الابن الأوسط لمروة وحسن "نوفل" وأخو بنفسج بالرضاعة، فالسيدة مروة أفكارها *الراقية* لم تسمح لها بالكثير والرضاعة من ضمن الكثير، نوفل طويل وأقصر بقليل من ضرغام نحيف برشاقة، عضلاته بدأت في النمو، فمثله الأعلى هذا الأخير يتتبع خطواته بحذافيرها حتى الالتحاق بالسلك الأمني مثله وقد بدأ بتحقيقه وهو أقرب ذكور عائلته شبها بضرغام بشعره الداكن كما يتميز بمرح وطيبة قلب كأخته بالرضاعة ...لكن! تدخل "عمران" قرين ضرغام وبكري ساجدة وحامد، طويل هو الآخر بعينين سوداوين مع حاجبين وشعر بنيين رشيق لكن ليس بمعضل، فحياته كلها أعمال في أعمال، رسمي للغاية حتى بمظهره وهو من يتولى جميع أعمال العائلة مع شقيقه "جاد" المتزوج بالمناسبة من شقيقة ضرغام "أيور" يتصف عمران برجاحة عقل ورزانة وتفكيره دوما منطقي لكن! _اجلس نوفل وارحمنا من خفة ظلك. ادعى العبوس وجلس، فقال "جاد" بعينيه اللامعتين مكرا سكنهما حتى النخاع تميزه وسامته الشديدة بين شباب عائلة فضل الله، فهو يجمع بين رشاقة الجسم المعضل واتساع العينين السوداوين، بشعر كثيف بني لامع مع طول شبيه بخاصة شقيقه عمران، تظهر عليه الرزانة فبرغم من صغر سنه عن ضرغام وعمران إلا أنه تزوج قبلهما وطبق تقليد العائلة واستقر...لكن! _اسعد يا فتى! حبيب قلبك قادم. ارتفع حاجبا نوفل، يهتف ببهجة مستبشرة _حقا! ضرغام قادم؟ تأففت أخته الكبرى "تتريت" التي ساعفها الحظ هي الأخرى ورضعت حليبا طبيعيا مع شقيقة ضرغام "أيور" قرينتها البالغة من العمر ست وعشرون سنة، حليب المرحومة السيدة ليلى، الشيء الثاني الذي يجمعهما بعد سواد العينين فقط، فتتريت قصيرة القامة والخصلات البنية أما بالنسبة للون البشرة هي أقربهم للبياض، بأنف رقيق و شفتين رقيقتين، نحيفة جدا، نظرا لإعاقة ازدادت بها برجليها مما اضطرها لقضاء معظم طفولتها بالمستشفى لتلقي العلاج حتى شفيت رجليها وبقيت نفسيتها معلولة أما أيور فهي بطول شقيقها ضرغام وأشد فتيات العائلة جمالا كاسمها بالضبط، شعر طويل أسود قاتم وعينان واسعتين سوداوين برموش كثيفة من نفس اللون، بشرتها قمحية جذابة وشفتين شبيهتين بخاصة بنفسج حتى انجابها لسمر الصغيرة البالغة من العمر ثلاث سنوات، لم ينقص من رشاقتها بل زادها جمالا تملك قلبا طيبا إلى درجة السذاجة أحيانا مما يدفع بضرغام إلى المبالغة بالاهتمام بها، خصوصا أن والده السيد خيرت ناقم دائما ولا يملك وقت لأولاده أسس لنفسه عملا بعيدا عن العائلة ولا يعود إلا للأكل والنوم ولقد حضر اليوم بضغط من والده السيد زاهر الذي أخبره بأن ضرغام طلب اجتماع العائلة لأمر طارئ. اتخذت السيدة ساجدة ركنا منزويا نوعا ما، تمسد خصلات حفيدتها سمر الصغيرة الشبيهة بخصلات والدها جاد ، مراقبة الجميع بتأمل شارد، بدأت بيمين غرفة الجلوس التقليدية الفراش بأرائك تقليدية ذوات قواعد خشبية مزخرفة بنقوش جذابة ومراتب مكسوة بقماش القطيفة المحفور بورود بين الذهبي والأخضر من أقصى حافة الغرفة إلى الأخرى. رمقت زوجها حامد بجانب شبيهه بكرها عمران مستغرقان بحديث مهم لن يكون سوى حول العمل كالعادة ثم جاد ابنها الشقي الذي يستولي على حبها بتدليله لها و كلامه المعسول، حركت نظرها قليلا إلى تلك المسكينة الساذجة "أيور" التي ترمقه بهيام ثم انتقلت إلى الفتاة القابعة بجانبها "تتريت" فرق قلبها على فتاة لم تتلقى من حنان والدتها ما يكفيها لتثق بنفسها فضاعت شخصيتها وطمست ملامحها وعلى ذكر ذلك التفتت بسخط إلى شقيقتها مروة، الجالسة بجانب زوجها حسن استولت على رجولته بسلطويتها وعجرفتها حتى أضحى ظل رجل، جذبت سعادة والدتها رشيدة التي تتقاسمها مع أختها لطيفة انتباهها، فعاد قلبها إلى الحزن وهي ترمق نظرة خالتها لطيفة المنكسرة، بالرغم من ادعائها العكس ومن يقدر مصيبتها في موت ابنتين؟ واحدة منهما أخذت معها ابنتها ومصيبة العائلة التي يتجنب كل فرد ذكرها، عبست بينما ترمق السبب خيرت شقيقها الأكبر، تهمس بخاطرها *تجالس والدك وعمك تتسامر معهما وكأنك لست من سلبهما أولادهما وحفيدتهما* "بنفسج آه" تنهدت ولمعت عينيها حين تذكرت تلك الصغيرة التي كانت روح العائلة المنعشة بكلامها الكثير وبراءتها الشقية مع ذكائها الأخاذ، رفعت رأسها إلى خالقها تهمس بتضرع _رحمك الله يا أحمد يا حبيب قلب أختك. جفلت من أفكارها على قول والدها زاهر _أين "تفاوت" و "وائل" أليسا بعطلة؟ ضحك نوفل بسخرية يجيبه _وهل تظن فعلا أنهما قد يضحيان بعطلتهما من أجل أحد؟ تدخل سليمان معقبا برفض _لم لا ....أليس القادم ابن خالهما وعمتهما ..أم أن العائلة آخر همهما؟ التفت إليه شقيقه الأكبر زاهر، قائلا بابتسامة _دع الشباب يستمتعون يا سليمان، ليته يعود فنحن لم نحظ بفرصة لعيشه. هم سليمان بالتحدث فقاطعه زاهر بإشارة من يده، فسكت على مضض مستسلما لأخيه كعادته. وقف أمام البيت الكبير وشمله بنظرة قاسية مدت قلبه بحقد دفين وزفر نفسا حارا قبل أن يستأنف خطواته داخلا بتصميم. رُفعت الأنظار إليه، فقام نوفل بسعادة ينقض عليه يضمه إليه وظل ضرغام جامدا فقط رفع يده وربت على طرف كتفه وهذا بالنسبة لنوفل يعد كافيا وبرهان على وده أما شقيقته أيور فنقطة ضعفه قبل رأسها مستسلما لحضنها الدافئ ثم لم يسلم على غيرها بل جلب كرسيا من الردهة ووضعه أمامهم ليجلس عليه قريبا من مدخل غرفة الجلوس، فقالت جدته رشيدة بعتاب _بني هل نقوم نحن أيضا لنسلم عليك؟ لم يجب فقط يحدق بهم، فهتف والده خيرت بغضب _لطالما أخبرتكم بأنه قليل تربية. ظل على جموده دون حرف بينما يشير جده زاهر لابنه حيرت بالسكوت، يخاطبه _بما أنك غبت عنا سنوات لم تزرنا فيها إلا لمما، أظن بأن موضوعا هاما الذي أجبرك على جمعنا ...ما هو يا ترى؟ ركز بأنظاره على الكبار، تسعده هذه اللحظة التي سيلقي فيها عليهم بتلك القنبلة وإن كان هو تلقاها كرصاصة بلب قلبه، فما بالهم بها؟ تمنى فعلا لو كان يعرف كيف يبتسم، الآن في التو واللحظة، فهم بنظره جميعهم مذنبون _بنفسج .....حية ترزق. سادت لحظة سكون قبل أن يستوعبوا، فشهق من شهق، و بهت من بهت بعدها انتفضوا من أماكنهم مصعوقين واقتربت منه جدته لطيفة تمسك بكتفيه تبكي بمرارة حتى أوشك أن يرق قلبه لها _ هل ما تقوله صحيح؟...أخبرني بني! حدق بها لبرهة ثم بلع ريقه ليخطو خطوة خلفه مبتعدا عنها ورد ببرود _ أنا لا أقول إلا ما أعلمه يقينا. وضعت السيدة لطيفة يدها على صدرها تصدر عنها شهقة بكاء حادة حتى لفت بها الدنيا، فكادت أن تقع لولا ذراعي ضرغام تلقفاها بشكل تلقائي، أسرع إليها الجميع باستثناء خيرت الذي هوى جالسا على الأريكة، غارقا بجحيم تفكيره، أول من وصل إلى الجدة لطيفة زوجها سليمان الذي لم يكن بأفضل حال منها وقد نزلت دمعات حارقة من عينيه. سلم جدته لجده وابتعد نحو كرسيه يعود يراقبهم إلى أن استوعبوا كلامه، فقال الجد زاهر الذي شعر بقلبه يهتز مكانه _أخبرنا بكل شيء. سرد ما علمه من التحقيق تحت أنظارهم المدهوشة ثم صمت ضرغام بعد انتهاءه من السرد يرمقهم ببرود وكان أول من تحدث عمران يسأله بريبة _لكن أنا لا أفهم! ...ما لذي سيجعل بنفسج تظن أن هناك من يريد قتلها ولماذا لم تلجأ إلينا؟ رمق ضرغام عمران بجمود، يجيبه _ تجاوزت ذلك السؤال إلى سؤال آخر أهم، المجرم قبض عليه قبل مدة وأعدم مع ذلك لم تعد و أضيف... التفت إلى كبار العائلة يكمل بتشفي _طلبت من الرجل الذي آواها و شقيقته أن لا يبلغونا بمكانها ....يعني أنها لا....تريد....الرجوع. قالها باستفزاز مغيظ مثبتا مقلتيه على جده و والده، فضم خيرت فمه يبادل بكريه نظرته المتحدية التي انطفأت ما إن لمح نظرات ساجدة الساخطة، فبلع ريقه يشعر بالغصة تؤلم حلقه. قامت الجدة لطيفة تقول بتعب وتبعتها شقيقتها تسندها _هيا بني خذني إليها ...حالا! هزت السيدة رشيدة رأسها مؤكدة، فقام الجدين بدورهما و ساجدة مع زوجها، هم حسن بالنهوض هو الآخر فرمقته مروة بنظرة حارقة، جعلته يعود إلى مكانه على مضض، أما الشباب بمن فيهم أيور، لم يتحركوا من أماكنهم، ليس السبب عدم اهتمامهم أبدا! فهم أحبوها كل بطريقته وكانت طفلة مميزة في حياة كل واحد منهم لكن سبب عدم وقوفهم ببساطة أن ضرغام لم يتحرك من مكانه وهذا يعني أن الموضوع لم ينته بعد. أرجع ضرغام ثقله إلى الوراء على الكرسي ثم ربع يديه الى صدره يرمقهم بتركيز متهكم، فتقدم الجد سليمان إلى أن وقف أمامه يخاطبه برفق _ ماذا هناك بني؟ ...ألا تعلم أين هي؟ رفع جانب فمه بما يشبه ابتسامة إلا أن جمودها ينفي ذلك تماما ثم قال _بلى أعرف، لكن قبل عودتها ..أريد أن أسأل سؤالا مهما جداً. تساءل الجميع بملامحه الخاصة، فاستدرك _ أعمال والدها التي كتبها باسمها قبل مماته ستعود أم! علق جملته ولم ينهها، فقامت مروة من مكانها كمن لدغته أفعى تهتف بسخط _و منذ متى ترث النساء بعائلتنا لترث هي؟ بردت نظراتهم والتفت سليمان إلى أخيه ليتدخل لكنه صمت يفكر ليزفر ضرغام بخفوت وحرقة دامغة يهمس لنفسه...( هذا اعتقدته) ابتسمت مروة لتحقيق هدفها لكن ضرغام كان قد جهز نفسه جيدا يقول _إن لم تفعلوا سيحاكم كل من هو مسؤول وأنا لن أرحم أحدا سأبلغ عنه بنفسي. وقف والده يهتف بغضب _أيها الأحمق تريد فضحنا ويصل الخبر إلى بلدتنا أن أبناء فضل الله أدخلوا كبارهم إلى المحاكم ...أنت... _سيد خيرت! تجمد الجميع على إثر هتافه الصارم، فهم يعلمون مدى غضب ضرغام وإلى أي مدى قد يصل منذ توقف عن نداء والده بأبي والقليل فقط من يعلم لماذا؟ استقام ضرغام واقفا يستطرد بصلابة _ كلامي لن أعيده، فتلك الأموال ليس إرثا وإنما ملكها، فعمي كتبها باسمها قبل أن يموت لذلك هو من حقها. ثم التفت إلى عمته مروة يكمل بملامح تنذر بالانفجار، فانكمشت على نفسها _قرروا و أخبروني لأعلمكم بعنوانها. أسرعت إليه الجدة لطيفة توقفه قائلة برجاء _ماذا تقول بني؟ ما هذا المال الذي سيحرمنا من حفيدتنا؟ واستدارت إلى سلفها كبير العائلة، تكمل بحرقة جعلته يستسلم أو هو بالفعل أنهك و يريد أن يستسلم _ لقد بكيت بألم يوم جاءك خبرهم، ها هو القدر يمنحك فرصة، تعلم أنها معجزة ...ها هي روح ولدك مدللك تعود إليك، فماذا ستفعل؟ ثم التفتت إلى زوجها سليمان تضيف بوهن موجع _ ألم تبكي الدم حين ماتت مدللتك أنت الآخر، ماذا بعد؟ ها هي ترسل لك دمها ولحمها التي لم تنزل يوما منذ ازدادت من على حجرك. تقدمت السيدة رشيدة ترمق زوجها بغضب السنين يبحث عن مخرج تناديه بكلمة واحدة _زاهر! نهض عمران من مكانه، فهو يعرف كل فرد من عائلته ويحفظه عن ظهر قلب ومن نظرات جده الغائمة يعلم أن الأمر قد حسم واعمال ليست بالهينة من مجموعة فضل الله ستعود لصاحبتها، بنفسج أحمد فضل الله، رضي من رضي وسخط من سخط والسخط لم يكن إلا من نصيب خالته مروة. أعطى الجد أوامره فكتب لهم ضرغام العنوان ثم التفت منصرفا لكن قبلها خاطب شقيقته بما فاجأ الجميع _جهزي لي غرفتي أختي فأنا عدت ولن أرحل من جديد! ضحكت أيور بسعادة غامرة ولحقت به تجري بينما الجميع وبشكل ما سر من صميم قلبه حتى والده خيرت وعمته مروة، باستثناء واحد فقط يحسن إخفاء كرهه جيدا ***** *منزل جليلة* _كيف تفعل ذلك بي عمي سعيد؟ قالتها بنفسج ببكاء، فأشفق عليها ولم تكن شقيقته بأفضل منه حالا وهي تمسك يدها تهدئها مع فاتن من الجهة الأخرى أما طه فما يزال مستغربا من القصة بمجملها، يعرف عائلتها ككل رجال الأعمال في السوق، كما أن بينه و بين شركات فضل الله معاملات، يعلم أنهم مختلفون قليلا لا يُفْهَمُ طبعهم كأغلب من يأتي من بلدات بعيدة لكنه مستغرب، كيف أن شخصا يخفي نفسه كي لا يعود إلى أهله؟ قال العم سعيد بإشفاق _ آسف يا ابنتي لكنها جريمة قتل والمجرم الآخر ما يزال حيا ويجب أن تأخذ العدالة مجراها ...ثم أنت لم تخبريني بأن لديك ابن عم شرطي كنا لجأنا إليه من البداية. رفعت بنفسج عينيها إليه، فهز رأسه مؤكدا يكمل _هو من أخبروه ابنتي فلقد سمعت العميد يقول بأنه بحث عنك كثيرا حتى يأس و سلم أنك سحبت للغابة والحيوانات نهشت لحمك ومع ذلك رحل عن الوطن ولم يستخرج لك شهادة وفاة واعتبروك مفقودة لذلك لا أحد كشف أمرنا حين ساعدتنا ورد باستخراج أوراقك الرسمية حتى تنهي دراستك. تاهت نظرة بنفسج وصوت غاضب يصيح داخل عقلها _أمك السبب! كلهم السبب! أكرهها وأكرهك و أكرهكم كلكم! كلكم! نبهتها جليلة تهزها من كتفها وأشارت لها بتساؤل، فأسدلت جفنيها لبرهة وحركت رأسها يمنة ويسرة، تدخل طه قائلا برزانته التي لا يفقدها إلا إن استفرد بفاتنته التي تجلس قبالته تتأمله بهيام _ أنسة بنفسج ...هل أنت خائفة من أحد؟ هل سيؤذيك أحد من عائلتك؟ غلبها حيائها ولم تنظر إليه، فقالت مطرقة برأسها _ لن تفهموني حتى إن شرحت ..سأكتفي بالقول أن هناك أسس خاطئة بنيت عليها عائلتي ولقد دفع الأبناء ثمنا غاليا ...و الآن جيل جديد، متاعب أكثر وأنا لا أستطيع العيش بينهم بطريقتهم، لن أقدر على السكوت و الاكتفاء بالتفرج إلى أن يموت أحد مجددا أو يقتل لنستيقظ من غفلتنا وليتنا نفعل! ضاعفت من حيرتهم باستثناء جليلة التي تفهم جيدا ما تتحدث عنه، فهي لم تعاشرها كل هذه السنوات دون أن تتعمق بمعرفتها تدرك طريقة عيش عائلتها التي أغلبها لا يشكل الدين وازعا يؤسسون عليه حياتهم بينما يقدسون عادات ورثوها عن أجدادهم. قال العم سعيد برجاء _ رافقيني إلى المدينة يا ابنتي، فهم سيأتون بحثا عنك في أي لحظة. ابتسمت ساخرة، ترد عليه _و لماذا أنت متأكد عمي؟...بعد إذنك سأظل مع جليلة الى أن يأتوا ويقدم الله ما فيه من خير . تنهد العم سعيد بإحباط، فربتت جليلة على يده وأشارت له بأن يوافقها ليستسلم ويطلب من طه أن يعود بفاتن إلى المدينة وهو سينتظر عله يقنعها وكم سعِد طه بطلبه ذاك لينفرد بفاتنته، سألها ما إن انطلقا بالسيارة _ هل تعلمين لماذا لا تريد الرجوع لأهلها؟ التفتت إليه تحاول تهدئة دقات قلبها التي هدرت لكونها معه بمفردهما بالسيارة، تجيبه بخفوت _ أنا لا لكن عمتي تعلم. بادلها النظرة بأخرى عاشقة فاستحت وأطرقت برأسها وابتسم لحيائها فمد يده ليضم يدها يشد عليها، بلغت ريقها وتلفتت تتلهى عنه بمناظر على الطريق قليلا قبل أن تكمل _حين تعرفت عليها أول مرة رأتني أصلي فاستغربت وسألتني لماذا أصلي وأنا ما أزال صغيرة على الصلاة!.....نظرت إليها بتهكم أسألها بسخرية إن كانت تمزح؟ فنحن نؤمر بالصلاة في سن السابعة ونضرب عليها في السن العاشرة حينها ضمت حاجبيها دهشة فسألتها إن كانت تصلي، أومأت بلا وقالت أن الكبار فقط من يصلي في بعائلتها وأن جدها يخبرها دوما بأن الصغار لا يصلون ولم يطلب منها أحد الصلاة. هز رأسه بإدراك، يعقب _ هذا لحاله يفسر الكثير. استدارت إليه بحياء تعبر عن تساؤلها فأكمل يفسر _للأسف الكثير من المسلمين إلا من رحم ربي، يتخذون الإسلام كإرث يكون مشبع بعادات وتقاليد علم الشيطان جيدا كيف يدخلها للمؤمن في عبادته، لأنه يئس أن يستدرجه للشرك بالله، فبحث عن طرق أخرى ليجره إلى الشرك الأصغر وحتى إن لم يستطع يكتفي بالإنقاص من حسناته بتضليله بأي طريقة كانت. ظلت ترمقه بحيرة فعلم أنها لم تفهمه فاستمر يفسر _ على مر الزمان تكدست دواخل و بدع على الدين إلى أن وصلنا إلى حالنا اليوم، فتجدين المسلم ضائعا بين العديد من الحواجز تحد حياته كتقاليد العائلة الصارمة التي أغلبها لا تمت للشرع بصلة لكنه لا يعلم بذلك، فيتمرد معتقدا أنه يتمرد على الشرع وهكذا إلى أن فقدنا أسس الشرع التي يجب عليها أن يقوم البيت الصحيح، فيقتصر الدين على أركانه ظاهريا ...الصلاة ، الصيام، الزكاة والحج ..هذا إن اجتمعوا كلهم، فترى الرجل يصلي الصلاة وقد يداوم على المسجد ويصوم الفرد والتطوع ويقرأ الورد القرآني لكنه للأسف لا شيء يطبق في الحياة العملية، لا يختار الزوجة على أساس الشرع ولا يحسن معاشرتها حسب الشرع ولا يربي أولاده عليه وقد يفسدهم وهذا راجع إلى تربيته هو الآخر هل فهمت حبيبتي؟ احمرت بحياء وأطرقت برأسها فاستدرك _ليست أول مرة أناديك فيها بحبيبتي ..أنت من تبخلين بها علي حتى وأنت زوجتي. التفتت إلى النافذة تخفي ابتسامتها وبعد برهة سمعته يقول بجدية _قد يظن المرء أن الاستغناء عن تطبيق الشريعة بحذافيرها بطريقة حياتنا سيمر بلا نتائج لكنه خطأ فظيع، فكل أمر شرعي نتجاهله ونستخف به مهما كان صغيرا يرجع علينا بمصائب قد لا يكون لها حلا. هزت رأسها توافقه على أمر نشأت عليه وتعلمته من والدها ثم علمته يقينا حين تعمقت بدراسة دينها. **** استعد الجدين وزوجتيهما للذهاب مع عمران لإحضار بنفسج، توقفوا يستديرون إلى ساجدة القادمة هي الأخرى تريد مرافقتهم، حاول عمران ثنيها عن الأمر فأصرت تقول بأنها لن تستطيع الصبر إلى أن يعودوا فاستسلم لرغبتها وغادروا برفقتها. جلست بنفسج في مكانها المفضل على النافذة المطلة للخارج شاردة حتى جفلت على يد جليلة تحط على كتفها، فلمحتها قاعدة قبالتها مبتسمة بعطف أمومي لطالما أغدقتها به. تحدثت جليلة قائلة _لم أعرفك جبانة يا بنفسج. عقدت حاجبيها فأصبحت شبيهة بضرغام، فضحكت جليلة تعقب بمرح _يا إلهي يا فتاة! وجهك يحسن التعبير عن الغضب، لولا معرفتي الجيدة بك لخفت منك بشدة. ابتسمت بنفسج بحنين حزين، تتذكر بأنها أخبرته نفس الجملة يوما ما مضى وتساءلت في نفسها هل سيأتي معهم أم أنه مازال حاقدا على الجميع... ترى كيف أصبح؟ تمادت بتفكيرها فسألت نفسها كيف هي أيور؟ وتتريت هل شفيت قدميها؟ نوفل أخيها هل مازال ظريفا ويقلد ضرغام في كل شيء؟ ووائل وتفاوت هل يذكرانها؟...ترى كيف استقبلوا الخبر وهل سروا بذلك أم أنهم نسوا أمرها؟ _هييه! يا فتاة أنا أكلمك! رفعت رأسها تنظر إلى جليلة التي أكملت بحنو _أنت تائهة في هذين اليومين حتى أنك أصبحت قليلة الكلام وهذا يقلقني. ضحكت بنفسج تجيب بينما تحرك حاجبيها الكثيفين بمرح، فلمع بهما اللون البنفسجي بين قتامة سواده. _هل اشتقت لثرثرتي؟ لماذا إذن تريدين إرسالي بعيدا. تصنعت الحزن بفشل بينما تكمل _أم أنك مللت مني ...حتى أنك قلت عني جبانة. ظلت جليلة على ابتسامتها تميل رأسها قائلة _ إلعبي غيرها، لن تجعليني أغير رأيي، فأنت تعلمين جيدا أنني لا أقرر قرارا حتى أفكر به جيدا. استعادت بنفسج ملامح الجدية تسألها بتردد _هل تثقين بي درجة التأكد من قدرتي على تغيير عائلتي لتصبح أفضل مما كانته؟ ...ماذا لو راحت تربيتكِ سدى وحدث العكس؟ أمسكت يدها بحنان تهز رأسها كلا الجانبين واقتربت منها، تقول بثقة _لا لن يؤثروا عليك ....لأنك بالأساس من جلدتهم قوية وعنيدة، قد لا تفلحين بتغيير عاداتهم لكن لن يؤثروا عليك أبدا أنا متأكدة ثم هم رحمك ووجب عليك النضال من أجلهم، فأنت ستحاسبين على عدم محاولتك ولا تنسي، هناك صغار بمرحلة حرجة سيحتاجون إرشاداتك حتى لو لم يتقبلوها. همت بالرد، فقاطعها صياح إحدى صديقاتها، فاشرأبتا برأسيهما تجاهها تستطلعان ما تقوله قبل أن تجحظ عيني بنفسج وتسرع دقات قلبها وهي تلمح مقدمة سيارة فخمة بينما الفتاة تهتف _ جاءوكم ضيوف من المدينة الكبيرة، يقولون بأنهم أقرباؤك بنفسج وأنا دللتهم على البيت.

[um soso]

نزول الجزء الثاني من السلسله
ان شاء الله تجدين كل النجاح والموفقيه

[Topaz.]

الف مبروك نزول الجزء الثاني من السلسلة

اني قريت " اشواك ورد " وكانت جميلة جداً

ان شاء الله بعد الامتحانات اگدر اتابع معاچ

الله يوفقچ حبيبتي

[rontii]

مبروووووووووك مني الف مبروك حبيبتي و يارب كل التوفيق و النجاح ان شاء الله
اخلص الطبيخ و اجي اقري بمزاج يا جميل

[مملكة الاوهام]

مبرووووووك مقدما اكيد جزء بروعة وجمال الجزء الاول اتمنالك التوفيق دايما
على شوق اعرف حكاية بنفسج وضرغام
مواعيد الفصل الجديد امتى

[ebti]

صباح الورد والجوري... الف مبروك نزول الجزء الثاني من السلسلة ان شاءالله من المتابعين سأكمل باقي القراءة لاحقاً واكتب التعليق...

[**منى لطيفي (نصر الدين )**]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة um soso

نزول الجزء الثاني من السلسله
ان شاء الله تجدين كل النجاح والموفقيه

ألف شكر حبيبتي ام سوسو ....انا سعيدة لرجوعي اليكم و الحمد لله أدعو الله ان يمد في أعمارنا و ننتفع بما نقرأ ♥♥♥♥

[**منى لطيفي (نصر الدين )**]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة topaz.

الف مبروك نزول الجزء الثاني من السلسلة

اني قريت " اشواك ورد " وكانت جميلة جداً

ان شاء الله بعد الامتحانات اگدر اتابع معاچ

الله يوفقچ حبيبتي

شكرا حبيبتي و انا في انتظارك ♥♥♥♥

[**منى لطيفي (نصر الدين )**]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة rontii

مبروووووووووك مني الف مبروك حبيبتي و يارب كل التوفيق و النجاح ان شاء الله
اخلص الطبيخ و اجي اقري بمزاج يا جميل

شكرا يا حبيبت قلبي و انا في انتظار تعاليقك الحلوة ♥♥♥