آخر 10 مشاركات
عندما يعشقون صغاراً (2) *مميزة و مكتملة *.. سلسلة مغتربون في الحب (الكاتـب : bambolina - )           »          جاك...كارا (114) للكاتبة: Lynn Raye Harris (ج5 من سلسلة دماء سيئة) *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          زوجة بالميراث (127) للكاتبة: Sara Craven *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          أُحُبُّكِ مُرْتَعِشَةْ (1) *مميزة & مكتملة * .. سلسلة عِجافُ الهوى (الكاتـب : أمة الله - )           »          وأشرقت في القلب بسمة (2) .. سلسلة قلوب مغتربة *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : Shammosah - )           »          شهم الطبايع يا بشر هذا هو الفهد *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          زهر جبينها المكلل- قلوب أحلام غربية (118) [حصريا] للكاتبة Hya Ssin *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : Hya ssin - )           »          وابتسم القدر(وعندما اقتربت النهاية...ابتسم القدر) *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : فاتن عبدالعظيم - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          1011 - ها قد اتت المتاعب - ديبى ماكومبر - د.نـــ (عدد جديد) (الكاتـب : Dalyia - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى الروايات والقصص المنقولة > روايات اللغة العربية الفصحى المنقولة

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-02-17, 06:18 PM   #11

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



الرياض , الحادية عشرة صباحا .


التخلي عن جميع الناس والابتعاد عنهم بسبب شخص واحد فقط , أو بسبب خطيئة
ما قد صدرت منه , ليس عادلا أبدا .
ولكنه مطلوب كثيرا في الكثير من الأحيان .
خاصة إذا كان خذلان يتبعه خذلان آخر …

نعم كانت اجتماعية رغم ثرائها ودلالها , ولكنها الآن أصبحت تخشى حتى مرافقة
الفتيات العاديات , لأنها سريعة الثقة بأي أحد , كائن من كان .
إحدى الفتيات تحاول مصاحبتها منذ السنة الأولى لها في الجامعة وحتى السنة الثانية
وحتى الآن وقد عادت بعد توقفها عن الدراسة سنة كاملة , ولكنها لا تعطيها فرصة
للتقرب منها , حتى أصبحت تمل منها , وسألتها عن سبب تعلقها بها والركض وراءها ,

فردت عليها الفتاة ذلك الرد القاتل ( أتذكرين حين أتيتِ للمرة الأولى في الجامعة ؟ كنت
حينها أنتظر شقيقتي تنزل من سيارتها , ورأيت تلك السيارة الجميلة والفاخرة , كنت
مأخوذة بجمالها , ولكن الذي بداخلها كان أجمل وأحسن , حين نزل من السيارة وهو
يضحك ويلتف إلى الجهة الأخرى ويفتح الباب وينزل فتاة كأنها أميرته وهو أميرها ,
كنت أتأمل الموقف وأنا مأخوذة بسحره وجماله , حتى تقدم بك بالقرب من البوابة ,
وأنا أراقبه وحركاته , حتى دخلتِ وذهب بعد أن كان يتأملك من الخلف بابتسامته
الأخاذة , وحين لحقت بك لأرى ما الذي جعله يعاملك بهذه الطريقة , رأيتك وقلت بانه
لا يلام , أصبت بالإحباط , ولكن سرعان ما أزيل مني هذا الشعور حين علمت بأنك
اصبحتي خطيبة لمازن شقيق ريم , نعم فرحت كثيرا , وأصبحت أحاول الإقتراب منك ,
ولكن هيهات وأنتي مأخوذة بسحر مازن ) .

حاولت ' أريج ' أن تمسك نفسها قدر الإمكان ، ولكنها لم تستطع ، كيف وفي هذه القصة
جميع أنواع المشاعر ، قالت بصوت مكسور ومتحشرج ( ما إسمك ؟ ) .

( أنا غادة ، ولكن أنتي ما بك ؟ أنا آسفة إن كنت قلت ما لا يعجبك ) .

' أريج ' ( لا شيء ، أنتي فقط بقصتك هذه فتحتي لي جميع أبواب الحزن ، فاليوم
الأول في الجامعة ذكرى مؤلمة ، ومازن وريم خيبة ، أما سعد …….. فهو غصة ) .

' غادة ' ( لم أفهم شيئا ، أخيك إسمه سعد ) .

' أريج ' ( نعم ، رحمه الله ) .

توقف الزمن للحظة ، وأصبحت كل الأصوات همسات لا تفهم .

ماذا يعني ؟ الرجل الذي كانت تحلم به ليلا ونهارا مات ؟ فارس أحلامها الذي كانت
تنتظره دون سعي رحل ؟

انتبهت إلى ' أريج ' التي ذرفت دموعها رغما عنها .

جلست بجانبها وحضنتها وهي تعتذر منها عما بدر بدون قصد ، وحين هدأت
سألتها ( متى حصل ذلك ؟ ) .

' أريج ' ( قبل شهر واحد فقط ) .

' غادة ' ( وفاة طبيعية ؟ ) .

' أريج ' ( حادث سيارة ، وكان ذلك بسببي ) .

' غادة ' ( ماذا تقصدين ؟ ) .

حكت لها أريج كل ما حصل ، ودموعها لم تتوقف عن النزول .. وهنا بدأت صداقتهما ،
المخبأة بأسرار لا يعرفها إلا الله .



°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°



تبوك ، الثالثة عصرا .


لم تعلم أن حزنا هكذا وجد في الكون ، لم تحزن قبل ذلك أبدا ، وفاة أبيها لم تؤثر
فيها لذلك الحد ، فراق عمها أيضا لم يكن بالشيء الكبير .
ولكن … حزن والدتها ومرضها وتعبها ، وكسرة أختها ، كسرتها هي ….

لن تنسى ما حصل ليلة أمس ، حين سألت أمها كيف أن أختها ليست بالشقيقة ، بل فقط
أخت لأم .
قالت ' والدتها ' بصوتها الواهن والضعيف ، والمكسور ( أنا حين كنت في التاسعة
عشر من عمري ، أخطأت خطأً لا يغفر كما قال أبي رحمه الله ، وهو اني تزوجت
عشيقا لي بالسر ، كان أحد أبناء التجار الذين كانوا يرتادون منزلنا على الدوام ،
أحببته حبا أعمى ، وتزوجنا … أخفينا زواجنا عن الجميع ، وكلما تقدم لي أحدهم
أرفضه دون ذكر السبب ، وكنت مع زوجي أتناول حبوب منع الحمل ، ولكنني أهملتها
فترة قصيرة من الزمن لسبب لا أذكره ، في الوقت ذاته الذي أجبرني فيه أبي على
الذهاب معه إلى المستشفى لأعمل فحوصات قبل الزواج ، كان يريد تزويجي من غير
رضا مني ، واكتشف حينها واكتشفت أنا أني حامل من زوجي عبداللطيف ، كانت صدمة
بالنسبة لي وللجميع ، لم يخبر أحدا ، بل حبسني في غرفتي حتى وضعت وليدتي الأولى
ابنتي ' أحلام ' ، وطبعا عبداللطيف حين علم بالذي حصل أقبل على والدي يطلبه السماح ،
ولكنه أبى ، فاضطر لطلاقي ، وفور خروجي من عدتي … زوجني من الباكستاني
الذي تكرهينه يا أحلام ، هذه الحقيقة ، وهذا السر يا أحلام ، فهل ارتحتي الآن ؟ ) .

قالت ’ أحلام ’ بعد أن أفاقت من صدمتها وبنبرة قاسية وكأنها لم تتأثر ( ولم خبأتِه
عني منذ البداية ؟ لتعذبي نفسك وتعذبيني ؟ لمَ يا أمي ؟ ألم يكن من الأفضل أن
تخبريني منذ البداية ؟ وتخرجيني من دائرة عدم الراحة التي كنت أشعر بها ؟
وتخرجي نفسك من الماضي ؟ ) .

’ والدتها ’ ( لكي لا تعودي يا ابنتي إلى والدك الذي لم يسأل عنك ولم يلتفت إليَّ
حتى بعد معرفته بحملي ) .

’ أحلام ’ ( ولكن يا أمي التبني محرم في ديننا , كيف سجلتم إسمي بإسم زوجك ؟ ) .

’ والدتها ’ ( كان الشرف أولا لدى جدك , الشرف قبل الدين ) .

جلست ’ أحلام ’ وبدأت تبكي بقوة , ثم قالت ( وأين هو الآن ؟ ) .

جلست ’ والدتها ’ بجانبها ( ولمَ تسألين عنه , قد لا يعترف بك , خاصة وأنه
قد أصبح وزيرا ) .

نظرت إليها ’ أحلام ’ بدهشة ( وزير ؟ ) .

’ والدتها ’ ( نعم وزير , أرمل .. لديه من الأبناء ستة , كان متزوجا حين تزوجته , ولم
أكن أعلم بذلك , كان طيبا إلى حد لا يوصف , ولم يكن ليتركني أبدا , ولكن والده لم
يسمح له بذلك , غضبا عليه من فعلته ومن الخزي الذي شعر به أمام والدي ) .

جلست ’ نور ’ أمامها وقالت بغضب ( ولمَ لم يتزوجك أمام الجميع ؟ لمَ تزوجك بالسر ؟ ولم
وافقتي أًصلا ) .

’ والدتها ’ ( كنت يا ابنتي مجنونة بحبه , وهو لم يتزوجني أمام الجميع من أجل
زوجته , لم يعلمني بذلك , ولكنه قال بأنه لديه أسبابه الخاصة , وإن حان الموعد
المناسب فسوف يعلن عن الزواج , ولكنهم اكتشفونا قبل أن يحدث ذلك ) .


عم الهدوء في المنزل إلا من شهقات ’ أحلام ’ التي توقفت فجأة , نتيجة إغماءها .
والتي تلتها صرخات والدتها و ’ رنا ’ .



°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


الأربعاء .
أمريكا , الخامسة عصرا .


الحب يرهقنا , يتعبنا , يأخذ منا كل شيء .. الراحة , والسعادة أيضا .
يسرق منا النوم , ويهدينا الآلام والخيبات .
ورغم ذلك , فهو أجمل شيء في هذه الدنيا , لذا هي ستتحمل .. وتعمل ما يرضي الله ,
وستكتفي عندئذ ..!

لم تذق النوم منذ البارحة إلا قليلا , التفكير بالحاضر والمستقبل , والخيبة على
الماضي .. أرهقتها تماما .
ومنذ الصباح أيضا كانت تحاول النوم , ولكن إستعداد ’ تركي ’ للذهاب إلى
المستشفى منعها من ذلك , وهو منعها من الذهاب معه .

وهي منذ ذلك الوقت تجلس مع ’ نوف ’ في الشقة , تنتظران إتصال ’ فارس ’
لتطمئنا بنجاح العملية , ولكنه لم يتصل إلى الآن , ولا شك بأن العملية لم تنتهِ بعد .
وبين حين وآخر ، تذهب إلى الحجرة تدعوا له .
جسمها يؤلمها حقا , وهي تحملت الجلوس طويلا من أجل ’ نوف ’ ولكنها الآن لم تعد
تستطيع ’ فقالت وهي تضحك ( اعذريني , ولكنني سأريح جسمي قليلا ) .

رفعت ’ نوف ’ عينيها من الهاتف وابتسمت قائلة ( استريحي عزيزتي , يبدوا
أنك مرهقة جدا ) .

’ سارة ’ ( نعم , لم أستطع النوم منذ البارحة ) .

’ نوف ' ( حبيبتي , لا بد من أنك كنت تفكرين في عملية زوجك , لا بأس .. بالتأكيد
من أن العملية نجحت ) .

' سارة ' بعد صمت ( أتمنى ذلك حقا ) ووضعت كفيها ع وجهها وبدأت تبكي بقوة .

جلست ' نوف ' بجانبها وحاولت تهدئها ولكن دون فائدة .. حتى أتاها إتصال
من ' فارس 'الذي بشرها فيه بنجاح عملية ' تركي ' .
وهي بدورها أخبرت ' سارة ' والتي ما إن سمعت الخبر حتى خرت لله ساجدة .


وبعد نصف ساعة كانت في المستشفى ، تنتظر إذن الدخول ، حتى أُُذنت ..
كانت الحجرة هادئة جدا, ولا يقطع هدوءها سوى أصوات الأجهزة , صحيح أن
العملية نجحت , إلا أن تركي كان بحالة غير جيدة .
وسيحتاج إلى يومين على الأقل ليستعيد قوته .
انحنت ’ سارة ’ عليه وقبلت جبينه وأمسكت بكفه وتنهدت قبل أن تقول ( أنت قاسٍ
يا تركي , قاسٍ جدا , لم أرَ فيك ما يعجبني أو ما كنت أحلم به وأتمناه في زوجي ,
ولكن قلبي رغم ذلك .. لم يأبَه بشيء , ونسي كل تلك الأحلام الوردية , ووقع
بك .. نعم وقع بك مغرما يا حبيبي , حاولت أن أقنع نفسي كثيرا بأنك لا تستحق
التضحية ولا تستحق صبري عليك , ولكني لم أستطع , كنت أود وبشدة أن أعلم
ما أصابك , تعبك الذي لم تبينه لأحد كان يرهقني أنا , لم أستطع أن أكتشف مرضك
وأنا آسفة على ذلك , صدقني يا تركي , من أول ردة فعل لك , في اليوم الذي أتيت
فيه إلى منزلنا بعد الملكة , شكيت في ذلك , أنا خبيثة يا تركي كما قلت , ولكن إيماني
بأن ما بيني وبينك ميثاق غليظ , وأنك أصبحت زوجي , جعلني أنتظر المزيد , كي
أتأكد .. وكان هذا المزيد ( ما يكسر قلبي ويشتته ) , أتعلم , لو كان حبي لك عاديا
لتركتك بعد عودتنا من بريطانيا , ولكن الواضح أن حبك تأصل في قلبي بعمق , هل
تذكر حين كنا في طريقنا إلى المدينة ؟ عندما تعبت أيقنت بأنها إشارة لي لكي لا
أتركك , وأساعدك في محنتك , وأنا إلى الآن ألومني على عدم اكتشافي لمرضك ,
حين عزمت على تركك وذهبت إلى المدينة , أقسم بأنني لم أرتح أبدا , كنت أنتظر
إتصالك بي , وأنت لم تفعله إلا متأخرا , استأت ياتركي , وحين اتصل بي صديقك
والله أني كنت أشعر بيني وبين نفسي أن هناك خطة ما وراء إتصاله , ولكنني ذهبت
خلف أهوائي مجددا , ولم أندم … لأنني فقط حين تحدثت وأعلمتني بكل شيء ,
استطعت أن أقنع قلبي بتركك , لن أحزن إن طلقتني , فأنا لم أعتد على البقاء بجانب
أحد إلا برغبته , أسأل الله أن يشفيك ويعيد إليك قوتك , ويعيدك إلى أمك سالم
يا تركي , أستأذنك الآن ) مسحت دموعها التي نزلت رغما عنها وحاولت أن تسحب
كفها ولكن ’ تركي ’ أبى .

إذ قال بصوت ’ واهن ’ ( فلتذهبي , أنا لست بحاجتك بعد الآن , إن حُرمتُ من الفتاة
التي أحبها , فلا داعي بأن أعيش مع أخرى , خاصة إن كانت ’ سارة ’ ) .

نظرت ’ سارة ’ إلى عينيه طويلا , تبحث فيهما عما يمنعها من الذهاب , أو أي مشاعر
أخرى غير التي يتفوه بها , ولكن … خيبة .


يبدوا بأن حظها مع الحب سيء جدا , ومع السعادة أيضا …
حيث تلقت خبر وفاة أمها بعد رجوعهم إلى تبوك , وفور طلاقها من ’ تركي ’ .


كانت تلك المشاعر الحزينة والجارحة قبل خمس سنوات من الآن , وهل تتوقعون
بأنها قد تغيرت أو تبدلت , لا أبدا .
خاصة وأنهم قد تعايشوا معها , ورضوا بها ..!



°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


*****


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 23-02-17, 06:20 AM   #12

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


( الجزء التاسع - بدايات مختلفة )




الخميس
الدمام , الخامسة والنصف عصرا .


الذاكرة كما تحتفظ بالذكريات الجميلة , تحتفظ باللحظات المؤلمة والحزينة أيضا ,
بل تتفوق على الذكريات الجميلة .
خمس سنوات وأكثر , مرت ولا تذكر منها سوى ما آلمها , كذلك اليوم الذي عادت
فيه إلى منزلها مع ’ تركي ’ وطلقها فورا , وحين أمسكت بهاتفها تنوي الإتصال بأحد
إخوتها ليأتي لأخذها , كانت تمسك نفسها عن البكاء بقوة , جرحتها كلمة
( أنتِ طالق ) وكسرتها , ولكنها لم تعلم بأنه يوجد ما هي أقوى منها وقعا على
القلب , وهي كلمة ( الوالدة توفت ..! ) .

وحين ذهبت إلى المنزل علمت من إخوتها بأن أمها كانت في غيبوبة منذ أن غادرت
هي المدينة , ولم يشأو أن يخبروها بذلك حتى لا تحمل هما فوق همها .

أتت ’ والدة تركي ’ بالقيام بواجب العزاء , وكانت في غاية الطيبة والحنان , حتى أنها
لم تسألها عن سبب طلاقها من ’ تركي ’ إلا بعد شهرين مما حدث , وهي لم تقل لها
الحق , بل قالت بأنهما لم يتفقان ولا تظن بأنهما سيتفقان يوما ما .


و ’ والدة تركي ’ بدورها استغربت , فهي التي دائما تراهم على أحسن حال , سوى
قبل سفرهما , وبالطبع ’ تركي ’ لم يسلم منها , لم تترك في قلبها شيء من العتب
واللوم والغضب , خاصة على عدم إخبارها بمرضه وسفره للعلاج .
كما أن ’ تركي ’ أيضا اتصل ليعزيها , كان في صوته بعض الشعور بتأنيب الضمير
وشيء من الإعتذار .. أما هي فكانت كتلة من المشاعر الباردة , أو ’ الميتة ’ ..!

أما إخوتها , فلم تخبرهم عن طلاقها إلا بعد شهر , وذلك حين أمرها أخيها بالعودة
إلى زوجها .


وهم لم يسكتوا أبدا , إذ استجوبوا ’ تركي ’ عمَّا حدث , فــ ’ سارة ’ شقيقتهم الوحيدة ,
ولا يرضون لها الحزن .

كانت تلك الفترة أسوأ فترة مرت بها على الإطلاق , رغم وجود الجميع حولها , إلا
أنها كانت تشعر بالوحدة , حتى تقدم لها ابن عمها الأرمل ’ فيصل ’ بعد ثلاث سنوات
من طلاقها , ووافقت عليه دون تفكير , ربما يستطيع هو أن ينتشلها من الحزن والوحدة .

ولكن آمالها خابت مرة أخرى , فهو أيضا ليس من النوع الذي يروق لها , يحب
العمل كثيرا , فهو مهندس في إحدى الشركات العالمية , مخلص جدا لعمله , حتى
حين يعود إلى المنزل يحدثها عن العمل , ليس عصريٌّ أبدا ..!

ولكنها فرحت أشد الفرح , وذاقت طعم السعادة من جديد , حين رُزقت بمولود بعد
سنة ونصف من زواجها منه والذي كان بلسما لجروحها وأحزانها , بيد أنه لم يساعد
على نسيان حبها ’ تركي ’ .


ضمت ’ إبنها ’ إلى صدرها وأغمضت عيناها , ليست لتبعده عن خيالها , بل
لتجلبه … فهي منذ أن فارقته تعيش على ذكرياته القليلة , جدا …!



°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


تبوك , التاسعة مساء .


لا شيء يبقى على حاله أبدا , نعم .. لا شيء .
فــ الفتاة التي كانت قبل خمس سنوات يغطيها الجليد , ويحيط قلبها القسوة … أصبحت
شديدة اللين والطيبة .
سابقا لم تكن تفكر سوى في معرفة الحقيقة الغائبة { الموجعة } , أما الآن فإهتمامها
كلها بوالدتها وشقيقاتها , خاصة في هذه الأيام بــ ’ نور ’ التي اقترب موعد زفافها ,
اهتمت بكل تفاصيل العرس , والتفاصيل الصغيرة التي تخص العروس أيضا , جهزت
كل شيء بمالها الخاص , فهي تشعر بأنها المسؤولة عنها , وأنها هي من تحل محل
الأب او الأخ .

هي تقريبا حصلت على كل شيء , الحقيقة , وشهادة الدكتوراة , والوظيفة التي كانت
تحلم بها .. فهي الآن جراحة قلب في أحد المستشفيات الكبيرة في تبوك .


ولكنها لم تحصل على شيئان , حضن والدها .. والحب .
علمت كل شيء عن والدها , وتراقبه بشكل دائم , تراه دائما على شاشة التلفاز وهو
وأبناءه وأحفاده الذين لا يصغروها سوى عدة سنوات .
ولكنها لم تستطع الذهاب إليه , تخاف أن يرفضها ويخيب ظنها , ولا يعترف بها .
ولكنها ستفعلها يوما من الأيام .

أما الحب , فلم تكن تنوي به أبدا , بعد أن خاب ظنها في ’ تركي ’ , ولكنها تشعر بأنها
بحاجة إليه , خاصة وأنها بلغت الثلاثون من عمرها .
تقدم لها الكثير من الشباب الأثرياء , ولكنها لم توافق على أيٍّ منهم لحاجة في نفسها
( هي لا تعرفها ) ..!



°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°



الرياض , الثانية عشرة صباحا .


الليل , وما أدراكم ما الليل .. موطن الذكريات , الأليمة منها والجميلة .
ودعت الآلام وغادرتها منذ عدة سنوات , بعد أن التقت صدفة بتلك الفتاة التي كانت
معجبة بأخيها ’ غادة ’ , كانت فتاة بمنتهى الطيبة والرقة , متدينة نوعا ما , أرشدتها
للطريق الصحيح , بل أرشدتها للسعادة الحقة .

بعد أن تعرفت عليها وأصبحت مقربة منها و تراجعت عن قرار إنتقامها من ’ مازن ’ , نعم
نسيت ذلك التهديد وتلك الخطة , ولكنها لم تنسَ ما فعله بها .
أما ’ غادة ’ فقد تزوجت بإبن أختها ’ فواز ’ , هي من شجعته على ذلك , ورشحت له تلك
الفتاة , وكان يستحقها فعلها , يعيشان بسعادة غامرة .
حتى ’ وعد ’ تزوجت قبل سنتان من رجل أعمال يعرف والدها , واستقرت حالها .
سعيدة لأجلهم كثيرا , ولإستقرارهم … وهم أيضا كانوا يريدون منها أن تستقر وتتزوج
مرة أخرى ؛ ولكنها أبت إلا أن تبقى ( مطلقة ) حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا .
فالزوج والزواج والحب أشياء ضرورية في الحياة , ولا يمكن العيش دونها … ولكن
إن مررت بتجربة مريرة , لا يسعك إلا أن تجلد نفسك بسوط اليأس , بكثير من الأمل
والتفاؤل بحياة جميلة ’ بلا زوج ولا حب ’ .

جلست على شاشة الحاسوب , و كتبت على أحد مواقع التواصل { القلب قد حُطِّم , ولا
أعتقد بأن أحدٌ ما سيرممه كما يزعمون , أصبحت فريسة ذات مرة , وبقيت تلك الضعيفة
التي قد تُخدع مرة أخرى دون أن تعلم } .

فرد عليها أحدهم { خاطرتك هذه قد تجعل ألف شاب يحاول أن يكون هو الطبيب , خاصة
وأنكِ اعترفتي بضعفك , أنصحك بحذفها } .

{ قد يخدعني أحدهم ويستغلني إن كان أمامي في الواقع , ولكن هنا … أنا بطلة تستطيع
هزيمة الجميع ومحاربتهم بــ 28 حرف في المواقع الإفتراضية ولا أبالي } .

{ وإن لم تكفيكِ الــ28 حرفا , مالعمل ؟ } .

{ أكتفي بحجبه , تماما كما أفكر أن أفعل بك الآن } .

{ أحسنتِ , ما مشكلتك ؟ } .

{ لا يخصك , ولكنني سأقوله بإختصار ( إحتيال , وبعض الخيبة ) } .

{ فليعينك الله , أظنك صغيرة .. لذلك وقعتي في خدعة الإحتيال } .

{ بل كنت عمياء } .

{ بارك الله فيك } .

{ وجه غاضب } .

{ وجه ضاحك , أمزح وحسب } .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


تبوك , الثالثة صباحا .

دائما ما يكون ’ فارس ’ محقا في كل شيء , حتى في أمور الحب , فكأنما هو من يعيش
بدوره , وهو فقط يتحرك دون أي شعور ودون إحساس .
في السابق كان يعارض أحاديثه وآرائه على الدوام , أما الآن فقط يستمع … أصبح
بارد المظهر , ولكنه يشتعل من الداخل .
ولد لكي يندم , ندم على تركه لمحبوبته ’ سارة ’ التي قد تزوجت فعلا رغم ترجيه لها
وعودتها إليه , وقد أنجبت إبنة , وهي سعيدة جدا في حياتها , وندم أيضا على تركه
لزوجته , والتي هي أيضا قد تزوجت وأنجبت إبنا .. بالتأكيد هي أيضا سعيدة .

وإنما هو لا , كما قيل : الظالم لا يرتاح أبدا .
حتى الآن لم ينسى تلك الليلة التي عادا فيها إلى المنزل , وأوقفها قبل أن تدخل إلى
حجرتها وقال ( أظن بأنك لم تنسين أن … مهمتك قد انتهت يا سارة ) .
التفتت إليه بعين دامعة وقالت وهي تقترب منه ( أنا راضية بالطلاق ياتركي , بل كنت
أنا من طلبته , ولكن الآن ….. ) .

’ تركي ’ ( ماذا الآن ؟ ) .

تحدثت سارة بعد صمت بتوتر وإرتباك وهي تضم يديها إلى بعضها ( كنت لا تريد الزواج
بسبب مرضك , وها قد تعالجت وشفيت منه , وبسبب محبوبتك .. وهي تركتك كما قلت ,
لم لا نكمل حياتنا مع بعضنا ؟ ) .

تبسم ’ تركي ’ بسخرية ( لم تتوقعي الصواب ) .

اقتربت منه ’ سارة ’ وأمسكته من ذراعيه وقالت بصوت باكٍ ( أرجوك يا تركي , لا تفعل
ذلك , الآن على الأقل , أمي مريضة .. وستتعب أكثر إن علمت بأمر طلاقي ) .

’ تركي ’ ( استطعتي الذهاب إليها حتى دون أن تخبريني ولم تخافي عليها ذلك الوقت
و أنا لست بمزاجك , أنتي طالق ) .

توسعت عينا ’ سارة ’ بدهشة من سرعته لإطلاق تلك الكلمة التي وقعت على قلبها
كالسكين الحادة , ولكنها لم تصدر أي ردة فعل , بل ذهبت إلى حجرتها بكل هدوء .

أما هو , فوقف في مكانه وتنهد بضيق , ثم أخرج هاتفه من جيبه ورد على المتصل ,
والذي كان شقيق ’ سارة ’ الكبير , توتر دون أن يعرف السبب … وإذ به تتوسع عيناه
من الصدمة , حين قال له شقيقها بأن يخبر ’ سارة ’ بوفاة والدتها بهدوء حتى لا تنهار .

أنزل الهاتف من أذنه وابتلع ريقه , وذهب إلى حجرتها ببطء شديد , وتمنى لو أنه
تمهل أو أنه مات قبل أن يُوضع في مثل هذا الموقف .


فتح باب الحجرة وتفاجأ حين رآى ’ سارة ’ ساجدة على الأرض والهاتف مرميا بجانبها ,
جلس بجانبها حتى رفعت نفسها عن الأرض والتفتت إليه وهي تبكي وتقول ( أمي كانت
ستتألم كثيرا إن علمت بأمر طلاقي , ولكنها ذهبت الآن … وتركت الألم لي ) .

ظل ينظر إليها لبعض الوقت , حتى وقفت وجلست على سريرها واحتضنت مخدتها وهي
تبكي بصمت بعبائتها وطرحتها , وحين جلس أمامها كي يهدئها ويواسيها , رفعت رأسها
قائلة ( لم تعد محرما لي , تستطيع المغادرة ) .

اندهش من قولها , وخرج وهو ليس بيده أي حيلة .
ولم يملك بعدها أي حيلة أيضا .
كانت تلك الخطوة هي من حددت نمط حياته فيما بعد , كانت والدته غاضبة عليه جدا ,
حتى أنها لم تستقبله في بيتها , ولكن ’ فارس ’ حل المشكلة والخلاف بينهما حتى
رضيت عنه … ولكن علاقتهما لم تعد كما السابق .


- هل هذا ما كنت تريده ؟ ألم تقل بأنك تزوجت ’ سارة ’ لترضي والدتك ؟ إذا كان عليك
أن تتقين وتعلم بأن تركها يعني غضبها عليك .

هذا ما كان يردده عليه فارس في بداية الأمر .
الآن يا ’ تركي ’ لن ينفعك شيء , أي شيء ..!


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°




الأحد .
تبوك , السابعة صباحا .


لو كان شخص آخر غير الصديق … لكان الأمر هين ..!
ولكن الآن , الأمر صعب وجدا .. أيضا لو كان الحياة بلا أطفال , لصعب عليها العيش
جدا في منزل كمنزلها .

فارس هو فارس الذي كان قبل خمس سنوات , لم يتغير أبدا , بل لم تستطع هي أن
تفعل ذلك حيث أن ما يشغله وكل مايشغله هو ’ تركي ’ ثم العمل , أبدا لم تشعر بأنه
يحبها ذلك الحب الذي تستحقه .

فهي وفية , تحفظ زوجها وتصونه في غيابه وحضوره , وتهتم ببيتها كثيرا , لا تغضب
إن تأخر عليها أبد .

فحبها له , وحبها لإبنيها يجعلها تصبر عليه كثيرا وتتغاضى عن تقصيره .
إبنها الكبير ’ بندر ’ بلغ الخامسة , ويذهب إلى الروضة .. أما الآخر ’ عمر ’ فقد أكمل
السنة قبل عدة أيام .
لا تعلم لولاهما بعد رحمة الله لها ماذا كانت ستفعل .

ولكن أليس تعلقه بــ’ تركي ’ غريب نوعا ما ..!
حتى أنه لا يهتم بعائلته إلا قليلا ؟
لا تنكر أن ’ تركي ’ مر بالكثير من الأحداث المزعجة في حياته , ولكن حتى في الأيام
العادية , يكون ’ فارس ’ بصحبته ..!
ذلك الــ’ تركي ’ لا يستحق كل هذا الوفاء , ما فعله بصديقتها ’ سارة ’ ليس بالهين .
هل سحره ’ تركي ’ كي يلازمه ؟


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°



الدمام , الثانية ظهرا .


هل الرجال الذين يحبون عملهم إلى درجة كبيرة , عادة لا تجذبهم النساء , أو جمالهن
وأناقتهن ؟
وإلا لماذا هي لم تستطع فعل ذلك منذ زواجهما ؟
فهي دائما ما ترتدي له الملابس الأنيقة , وتتزين له على الدوام , ولكنه لا يكاد يغازلها إلا قليلا .
أم أنها هي من لديها العيب ؟
فتركي أيضا لم يكن يفعلها , وهذا أيضا ؟
تنهدت وهي تفتح الباب وتخرج من الحجرة بعد أن تعطرت وتأنقت قائلة لنفسها
( تركي مرة أخرى ؟ ) .
نزلت إلى الأسفل وصوت حذائها يصدح في المكان , صحيح أن الوقت الآن لا يسمح
لكل تلك الأناقة , ولكنها تريد أن تكون سعيدة , حتى لو كان ذلك في ظهيرة موسم الصيف !

ابتسمت لزوجها الذي دخل في ود وقبلت جبينه واحتضنته , وسرعان ما ابتعدت عنه
وهي تجامله .
صعدت معه إلى الحجرة وأخرجت له الثياب ثم نزلت مرة أخرى تجهز له الغداء ,
والحنق يملأ قلبها ..!
لمَ لمْ يقل لها كلمة جميلة ؟ ألا تستحق ..!

انتظرته لربع ساعة حتى أتى , وجلس على الطاولة يتناول الغداء ويحدثها كالعادة
عما حصل معه .
في الوقت الذي كانت فيه ’ سارة ’ تبتلع طعامها وهي تبتسم له مجاملة وتكاد اللقمة
تقف في حلقها .

حتى قاطعته دون إراداتها بقول ( عزيزي فيصل , هل لك أن تخرجنا في المساء إلى نزهة ,
قد مللت من جلوسي في المنزل ) .

ابتسم ’ فيصل ’ متفاجأً وقال بكلمات غير مرتبة ( جسنا , كما تشائين ) .

ابتسمت ’ سارة ’ وأكملت طعامها وهي في داخلها تشعر بتأنيب الضمير عليه بسبب
مقاطعتها له , حتى كادت أن تعتذر .. ولكن لحظة ؛ هل تريدين أن تكونين ساذجة مثله ؟
اصمتي أيتها الحمقاء .


لم تمر سوى نصف دقيقة حتى تحدث ’ فيصل ’ يكمل حديثه ، في الوقت الذي هزت فيه
’ سارة ’ رأسها بإستياء .



°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


الرياض , الثامنة مساء .


تشعر بالملل الشديد , تود الترفيه بشدة .. ولكن لا يوجد شيء أيضا .
كلٍّ أصبح منشغلا بحياته الخاصة .
صحيح أنها قررت أن تجدَّ أكثر بدراستها , ولكن إن أصبح لدى المرء شيء واحد فقط
في حياته , يمل منه .

أخذت نفسا عميقا , وخرجت من حجرتها وقد عزمت على طلب الإذن من والدها
لكي يسمح لها بالسفر .
وكم من مرة خرجت منها وهي عازمة على فعل الكثير , ولكن أي من هذه الأشياء
الكثيرة لم تتحقق .

ضحكت حين راودتها هذه الخاطرة وطرقت الباب على والدها الذي كان منشغلا , دخلت
قبل أن يقول شيئا , وهو متى كان متفرغا أصلا ؟

قبلت رأسه وجلست أمامه وهي تبتسم قائلة ( كيف حال والدي العزيز ؟ ) .

ابتسم لها والدها ( بل العجوز يا ابنتي ) .

ضحكت ’ أريج ’ ( بالفعل يا أبي , وماذا تكون إن لم تكون عجوزا , لم أركَ في حياتي
دون أوراق أو عمل , أمنيتي أن أراك ولو لمرة واحدة .. تأخذ بعض الراحة والإستجمام ) .

تنهد والدها ( لم يبقى الشيء الكثير يا ابنتي حتى أرتاح , قريبا سيأتي أجلي ومن ثم أرتاح
في قبري ) .

’ أريج ’ ( أطال الله في عمرك يا أبي , لا تقل ذلك ) .

والدها ( الموت لا بد منه يا ابنتي و كما العمل تماما , أنا كُلفت بعمل ذات مسؤولية , وعليَّ
أتحمل تلك المسؤولية وأفعل ما عليَّ على أكمل وجه , ولا أخون أو أخيب ثقة أحد فيني ) .

’ أريج ’ بعد تفكير ( كان عليك أن تتقاعد الآن , وتسلم تلك المسؤولية إلى غيرك , أنت
ربيت إخوتي تربية صالحة , وهم بالتأكيد لن يخذلوك ) .

ابتسم والدها بألم ( أنا أيضا رباني والدي تربية صالحة , ولكنني خذلته ) .

عقدت ’ أريج ’ حاجبيها قائلة ( ماذا تقصد ؟ ) .

والدها ( لا داعي لذكر ما حصل في الماضي يا ابنتي , والآن قولي لي , هل تحتاجين شيئا ,
هل هناك ما ينقصك يا عزيزتي ؟ ) .

’ أريج ’ ( لا ينقصني سوى رؤيتك مرتاحا , ولكنني أريد أن أطلب منك شيئا واحدا فقط ) .

والدها ( تفضلي , لكِ ما تشائين ) .

’ أريج ’ ( سلمك الله , أنا ………. أود أن أسافر إلى أي مكان لمدة أسبوع أو أسبوعان ) .
خلع والدها نظارته ونظر إليها بدهشة .

ارتابت ’ أريج ’ من نظرته وقالت وهي تتلعثم ( ماذا ؟ هل يزعجك ذلك ؟ حسنا لن أسافر ) .

ضحك ( لا يا عزيزتي , الأمر ليس كما تظنين , ولكنني تفاجأت قليلا , وليس لدي أي مانع ) .

’ أريج ’ ( ولم قد تتفاجأ ؟ ) .

’ والدها ’ ( لأنك يا ابنتي لم تسافري منذ أكثر من عشر سنوات ) .

تنهدت ’ أريج ’ وهي تنظر إلى الأسفل ( نعم , وقد حاولت مرة أخرى وفشلت المحاولة ) .

’ والدها ’ ( اذهبي يا ابنتي إلى حيث تشائين , ولكن من سيرافقك ؟ ) .

نظرت إليه بإبتسامة بريئة ( أنت ) .

’ والدها ’ بدهشة ( أنا ؟ ) .

’ أريج ’ اتسعت إبتسامتها ( نعم أنت , إذا أردت أن تسعدني فلتأتِ معي , أرجوك يا أبي ) .

’ والدها ’ ( بالطبع يا ابنتي أني أريد أن أراك سعيدة , ولكني كما تعلمين كم أنا مشغولا ) .

’ أريج ’ ( أنت دائم الإنشغال , لن تضرك إجازة أسبوع أو أسبوعان , وسيرعى
أعمالك عبدالرحمن ) .

’ والدها , ( ومن هو هذا ؟ ) .

’ أريج ’ ( الشاب الذي كان معك تلك المرة حين كنت في الباحة , إبن صاحبك ) .

’ والدها ’ ( تقصدين عبدالعزيز , لا أعلم يا ابنتي , ولكنه هو من يرافقني في
سفراتي أيضا ) .

’ أريج ’ ( هذه سفرة مع إبنتك , هل ينبغي عليه أن يرافقك أيضا ؟ لا أعتقد ذلك ) .

’ والدها ’ ( بلى يا ابنتي , هو بالنسبة لي كالحارس الشخصي , لن يرضى أبدا بذلك ,
وأنا لم أوافق إلى الآن ) .

’ أريج ’ ( بل أنت موافق , وذاك لا داعي لذهابه معك , أنا وأنت فقط يا والدي ,
أرجوك … لا تردني ) .

تنهد وهو يفكر مليا ثم رفع عيناه إليها وابتسم ( حسنا يا ابنتي , كما تريدين ) .

قفزت ’ أريج ’ من مكانها واحتضنت أبيها وقبلته بفرح شديد ( لا حرمني الله منك يا
أبي , أحبك ) .



°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°



الإثنين .
تبوك , الثامنة مساء .


رائحة البخور تنتشر في كل مكان , والأصوات تصدح بالمكان .
والدتها تقف بجانب المدخل بكامل أناقتها تستقبل الضيوف بإبتسامتها التي لم تفارقها ,
وأختها ’ رنا ’ لا تريد النزول من المنصة والإنتهاء من الرقص , أما هي ونجلاء تتنقلان
من مكان إلى آخر تتفقدان ما ينقص الضيوف وتسلمان عليهم .
كانتا أنيقتان , تلفتان الأنظار أينما ذهبتا .

دائما تشكر الله وتحمده على أن رزقها صديقة مثل ’ نجلاء ’ , فهي وفية جدا .
كانت معها منذ الصغر وحتى الآن , وكانت ترفض الزواج أيضا من أجلها , ولم تكن
لتتزوج أبدا حتى هذا الوقت لولا غضب عائلتها عليها وعتاب أحلام لها .
فهي قد عُقِد قرانها منذ أسبوعان فقط .

كان العُرس في المنزل , كما أرادت ’ نور ’ , لأنها لا تريد أن تكلف على أختها أكثر
مما كلفت , فمنزلهم واسع جدا وجميل , أجمل من بعض قصور الأفراح كما تقول .

كانت تجلس في حجرتها تتحدث مع خطيبها على الهاتف , حين دخلت ’ أحلام ’ بصحبة ’ نجلاء ’ وابتسمن لها .

أغلقت الخط والتفتت عليهن ( هل كل شيء على ما يرام ) .

’ أحلام ’ ( نعم ) .

’ نور ’ ( وهل وصلوا أقارب والدي ؟ ) .

’ أحلام ’ تنظر إلى ساعتها ( ليس بعد ) .

’ نور ’ ( أحلام , هل يزعجك وجودهم ؟ ) .

ابتسمت ’ أحلام ’ ( لا , ولمَ قد يزعجني ؟ أنا لم أعد كما كنت سابقا , وحتى في
السابق , لم أكن أكرههم من باب العنصرية , بل من باب أني كنت أحب أن أكون
عربية فقط ) .

’ نور ’ ( أعلم ذلك عزيزتي ) .

’ نجلاء ’ ( تبدين جميلة جدا ) .

ابتسمت ’ نور ’ قائلة ( أنتي الأجمل حبيبتي ) .

’ نجلاء ’ ( بالمناسبة نور , وآسفة على هذا السؤال الذي ليس له صلة بشيء , كم

عمرك الآن ؟ ) .

’ نور ’ ( سأبلغ السادسة والعشرون عما قريب , ولكن لمَ تسألين ؟ ) .

’ نجلاء ’ ( لا لشيء , فقط فضول ) .

والتفتن جميعهن إلى الباب حين فتحته ’ رنا ’ بمرح وقالت ( ترارا , هاهي عزيزتي ج
ميلة قد وصلت ) .

أسرعت ’ جميلة ’ إلى ’ أحلام ’ واحتضنتها بقوة ( يا إلهي يا أحلام , لو تعلمين كم اشتقت

إليك ) .

’ أحلام ’ بسعادة ( أنا أيضا يا جميلة , لقد مر وقت طويل على لقائنا الأول والأخير ) .

أمسكت ’ جميلة ’ بوجه ’ أحلام ’ وهي تقول ( لا يهم إن كنا ابنتا عم أم غير ذلك , المهم
أنك مثل أختي تماما وأحبك ) .

’ أحلام ’ ( بالتأكيد ) .

’ نور ’ ( من العروس الآن ؟ ) .

ضحكت ’ جميلة ’ وتوجهت إليها وسلمت عليها بحرارة .

كانت ’ أحلام ’ مبتسمة طوال الوقت , لا تدري لم هي سعيدة بهذا الشكل , ويدق قلبها
بشكل مختلف حين تتذكر ’ سعيد ’ .

أهو الحب ؟ طردت الفكرة من رأسها سريعا , لا تريد أن تحب أحدا , فهي تخاف أن تُخذل .
لا تعرف إن هو أحب إحداهن أم لا , ومن ثم هو … مغرورا ..!
نعم مغرور , ويكرهها … أو هكذا ظنت !
لأنه هو أيضا كان يفكر بها طوال الوقت ..!


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


الثلاثاء .
تبوك , السابعة صباحا .


دخل ’ تركي ’ إلى مكتبه وتفاجأ حين وجد والده في إنتظاره , سلم عليه وقبل رأٍسه
وجلس بجانبه وهو يبتسم قائلا ( أي ريح طيبة أتت بك ؟ ) .

’ والده ’ ( أنت لا تزورنا , قلنا نمر عليك نحن , أينك أنت ؟ لم أرك منذ مدة ) .

’ تركي ’ ( اعذرني يا والدي , أعلم أني مقصر معكم جدا , ولكني مشغول في هذه
الأيام ببعض الصفقات التي أنت تعلم بأهميتها أكثر مني ) .

’ والده ’ ( أعلم يا بني , ولكن والدتك أصبحت تقلق عليك دائما , لمَ لا تنتقل للعيش معنا
يا تركي ؟ إلى متى تريد أن تظل وحيدا ) .

’ تركي ’ ( لا أنوِ ذلك أبدا يا أبي , لأنني إن انتقلت ستقلق أمي علي أكثر , فأنا لست تركي
الذي كان يعيش معكم قبل سنوات ) .

’ والده ’ ( ولمَ لا تعود أيضا كما كنت ؟ أنت لست صغيرا يا ولدي , قربت من الأربعين
ولا تزال تهمل نفسك ) .

ضحك ’ تركي ’ ( سامحك الله أبي , عمري ليس قريبا من الأربعين , بل ثمانية وثلاثون ) .

’ والده ’ ( نعم ثمانية وثلاثون أقرب للعشرين من الأربعين ) .

ضحك ’ تركي ’ حتى احمر وجهه وقال وهو يقبل يد ’ والده ’ ( آسف يا أبي , أعلم أنك
تشتهي رؤية أبنائي , ولكن ماذا تريديني أن أفعل , إبنك تعيس حظ ) .

’ والده ’ ( أبدا , بل أنت من جلبت التعاسة لنفسك ) .

ابتسم ’ تركي ’قائلا ( تستطيع أن تقول لوالدتي أن تبحث لي عن فتاة ترضى بي ) .

تقدم ’ والده ’ إلى الأمام غير مصدق ما يسمعه ( هل أنت جاد ) .

’ تركي ’ ( نعم يا أبي , سئمت من الحياة , أريد أطفالا يملئون بيتي ويدخلون البهجة إليه ,
أنا حقا أتوق لرؤية أطفالي ) .

ابتسم ’ والده ’ بسعادة ( فليرضيك الله يا ابني ويسعدك ويوفقك , سنجد لك فتاة تناسبك بالتأكيد ) .
ابتسم هو الآخر وسرح بخياله بعيدا .

هل سيكون سعيدا بهذه الخطوة ؟ هل ما يفعله صحيح ؟ هل سينساها ؟ ينسى سارة ؟؟!
ولكن أي سارة منهن يقصد ….!


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


الدمام , الثامنة صباحا .

ودعت زوجها ’ العديم الأحاسيس ’ كما أردفت فور خروجه , وأخذت تلاعب إبنها بعد
أن دخلت إلى الصالة .

تناولت هاتفها , وكعادتها .. دخلت إلى صفحة ’ فارس ’ على أحد مواقع التواصل
الإجتماعي , تبحث عن أي شيء يطمئنها على ’ تركي ’ , وهي منذ أن طلقها تفعل
هذا الشيء , و ’ تركي ’ لا يملك أي حساب على أي موقع … فهو إنسان واقعي .
حين تتفقد عن أحواله من صفحة فارس , أو من ’ أحلام ’ بطريقة غير مباشرة ,
يراودها شعور بأنها خائنة , خاصة بعد زواجها .

ولكنها لا تستطيع أبدا بأن لا تطمئن عليه , فهي لا تزال تحبه وتتمنى الرجوع إليه ,
ماذا لو أصبح لــ ’ فيصل ’ شيء ؟
ثم أعود إلى ’ تركي ’ , أعوذ بالله من الشيطان الرجيم , كيف أتمنى الشر لزوجي ,
هل أريد أن أصبح أرملة ؟ وهل أتمنى يتم إبني ؟

ولكن لو حقا حصل هذا الشيء , هل سيعيدها ’ تركي ’ إليه بعد أن تركها بتلك الطريقة
البشعة ؟ ولمَ لمْ يتزوج إلى الآن ؟
هل هو باقٍ على أمل اللقاء والعودة إلى تلك ؟
أرجوا أن لا يكون الأمر كذلك ؟

أم أنه لم يوفَّق في حياته بعد أن فعل ما فعل بنا ؟
ضحكت وهي تقول ( كلانا لدينا سمة خاصة في العلاقات الزوجية والعاطفية , هو لم
يحصل على حبيبته ولم يحصل على سواها , وأنا لم أحظى بأي إهتمام من كلا الزوجين ) .

أعادت أنظارها إلى الهاتف بعد أن حدثت الصفحة للمرة الخامسة , لعل وعسى أن تجد
أي شيء جديد عن ’ تركي ’ , ولكن …. خيبة !

تنفست بعمق , ثم اتصلت بإخوتها واحدا تلو الآخرة حتى تقضي على الملل .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°




****


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 25-02-17, 12:49 AM   #13

ريماس
عضو موقوف

? العضوٌ??? » 381653
?  التسِجيلٌ » Sep 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,156
?  نُقآطِيْ » ريماس has a reputation beyond reputeريماس has a reputation beyond reputeريماس has a reputation beyond reputeريماس has a reputation beyond reputeريماس has a reputation beyond reputeريماس has a reputation beyond reputeريماس has a reputation beyond reputeريماس has a reputation beyond reputeريماس has a reputation beyond reputeريماس has a reputation beyond reputeريماس has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن :7 ( الأعضاء 2 والزوار 5)
ريماس, ‏Hadia Mohammed


ريماس غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 27-02-17, 03:44 PM   #14

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


( الجزء العاشر - الصدفة الغريبة )



الرياض , التاسعة مساء .

ركبت الطائرة بصحبة أبيها وجلست بجانب النافذة , كانت تود الصراخ من شدة
فرحها , لم تتوقع أن تسافر بهذه السرعة ومع أبيها .
ابتسم لها أبيها وجلس .

لا يوجد أحد بجانبها ولا بقربها , لذا كشفت وجهها وأراحت ظهرها على المقعد ,
وأخرجت كتابا من حقيبتها وأخذت تقرؤه ..

أغمضت عيناها ولم تفتحهما إلا حين نُبِّهت بموعد هبوط الطائرة والكتاب على وجهها .
اعتدلت في جلستها ووثقت رباط الحزام , وعدَّلت مظهرها .

خرجا من المطار وتوجها إلى أحد الفنادق القريبة , وفور دخولهما سألها والدها
عن سبب إختيارها هذه الدولة بالذات ( سيراليون ) غرب إفريقيا , فهي دولة لم
يعلم عنها قط ولم يسمع , وهي أيضا مناخها ليس مما يدعوا إلى السفر إليها .

ضحكت ’ اريج ’ قائلة ( لا أعلم , ولكنني أردت السفر إلى دول فقيرة , بما أنني كنت
طوال السنوات الماضية أشعر بالملل , ولم أكن أتذكر سوى الذكريات الحزينة والفقيرة ,
قلت أسافر إلى دولة فقيرة فأعتبر وأتعظ وأتذكر الناس المحتاجة فأحمد الله على ما
أنعمني به , كما يمكننا مساعدة بعضهم أيضا ) .

’ والدها ’ ( ومن أعلمكِ عنها , كما أن الفقر لا يتضح عليهم إلى ذلك الحد ) .

’ أريج ’ ( علمت عنها من خلال بحثي عن الدول الفقيرة , وسبعون بالمائة من سكانها
فقراء , وجذبني أيضا موقعها القريب من البحر , أنت تعلم كم أحب البحر ) .

جلس والدها وهو يمسح جبينه ويبتسم بتعب ( أنتي غريبة بالفعل , الأماكن القريبة من
البحر رطوبتها عالية كما ترين ) .

جلست هي بجانبه واحتضنته ووضعت رأسها على كتفه وهي تقول بدلال ( كل شيء يهون
من أجل ابنتك الصغيرة أليس كذلك ) .

قبل كفها ( بالتأكيد يا صغيرتي , كل شيء يهون ) .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


الأربعاء .
تبوك , العاشرة والنصف صباحا .


ألقت على نفسها نظرة أخيرة وخرجت من حجرتها وهي تبتسم , وكانت
تشعر بالخجل أيضا .
أغمضت عيناها قبل أن تخطوا نحو الصالة التي جلس فيها الجميع , والدتها
وأختها رنا وجميلة وإبنتيها الصغيرتين .
وما إن دخلت حتى توسعت عينا ’ رنا ’ وتركت ما بيدها وهي متعجبة .
ثم وقفت بعد أن استوعبت , وقالت وهي تضحك مندهشة ( لا أصدق ذلك يا أحلام ,
لا أصدق أنك ارتديتي اللبس البنجابي وأخيرا …! ) .

ابتسمت لها ’ أحلام ’ وسلمت على الجميع وجلست بجانب ’ والدتها ’ والتي كان
وجهها منتفخا وعيناها محمرة من البكاء على فراق ابنتها .

جميلة ( تبدين جميلة جدا ) .

’ أحلام ’ ( شكرا ) .

’ رنا ’ ( ولكن ما المناسبة ؟ و … مالذي جعلك ترتدينه ) .

’ أحلام ’ ( وهل هناك مناسبة للبس ما ترتدينه من ملابس مضروبة الألوان ؟ ) .

ضحك الجميع وضحكت ’ رنا ’ وقالت وهي تجلس في منتصف الصالة وتتكيء على
المخدة مما جعلها تكون مقابل الجميع ( أبدا , ولكن أمي أيقظتني منذ الصباح الباكر
وأنا لم أنمَ إلا الساعة الثالثة والنصف تقريبا , فلم أنتبه إلى ما ارتديته إلا حين نزلت
وضحكت علي سيلينا , هل تتخيلين ذلك يا أختي ؟ في عز شبابي سيلينا تنتقدني
على لباسي ) .

ابتسمت ’ أحلام ’ ( ولمَ قد لا تنتقدك ؟ فهي أنيقة أكثر منك ) .

’ رنا ’ ( نعم أنتي محقة ) .

بالفعل , خادمتهم سيلينا القادمة من إحدى الدول الآسيوية , كانت تتأنق .. تضع
القليل من المكياج , وتسرح شعرها كما أرادت , تقصه وتصبغه بين الحين
والآخر , وقد عودتها على ذلك ’ نور ’ , التي كانت تقضي أغلب أوقاتها معها .

أما رنا ’ فكانت ترتدي ( تنورة ضيقة باللون الأخضر الغامق مع بلوزة حمراء فاقعة ) .

ساد الصمت , وسرحت ’ أحلام ’ , تفكر بما سيحصل لها الآن ..
هل ستجلس عند أمها لوقت أطول ؟ أم ستقابل والدها ؟

تنهدت والتفتت إلى جميلة حين قالت ( ألا تريدين أن تفطرين ؟ ) .

ابتسمت لها ( لا , لا أشعر بالجوع ) .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


الدمام , الثالثة مساء .

وضعت إبنها على سريره بعد أن نام وخرجت من حجرته وهي لا تزال تتصل
بزوجها , الذي يعود كل يوم في الواحدة ظهرا .. ولكنه لم يعد حتى الآن .
وهي تتصل به منذ الواحدة والنصف , وما من مجيب .

وأصبحت تقلق عليه ..
في الصباح وقبل أن يخرج , كان غريبا بعض الشيء , الأشياء التي كانت تتمناه
أن يفعلها , فعلها اليوم .
قال لها الكثير من الكلمات الجميلة وغازلها على طاولة الإفطار , وقبل أن يخرج
احتضنها طويلا واعتذر منها على أي شيء فعله وأزعجها , ثم قبلها وخرج .

كانت مستغربة جدا , ولكن فرحتها طغت على ذلك الشعور .

رفعت رأسها عن الهاتف فجأة وهي تقول ( هل أفعاله تلك دليل على ……… ) .

شهقت بخوف وعاودت الإتصال به لنصف ساعة أخرى , حتى رد عليها أحدهم ( ألو ) .

عقدت ’ سارة ’ حاجبيها مستغربة ( فيصل ) .

( أنا لست فيصل , هل أنتي زوجته ؟ ) .

بدأ قلب ’ سارة ’ يدق بسرعة أكبر ( نعم , ولكن أين هو ؟ ) .

( عظم الله أجرك أختي , زوجك لقي حتفه في حادثة سقوط العمارة ) .

وقفت ’ سارة ’ غير مصدقة , وبدأت أطرافها ترتجف , وعيناها شاخصة ( ماذا تقول
أنت ؟ لا بد من أنك مخطيء ؟ ) .

( أنا آسف ) قالها وأقفل الخط ..

سقطت ’ سارة ’ على ركبتيها وسقط الهاتف منها , بل سقط كل شيء … وتكسر .



ثالث ( عظم الله أجرك ) إلى الآن , محزنة .. مفجعة .. موجعة حد الموت .
أخذت تبكي بحرقة وهي تتذكر كل أنباء الموت التي تلقتها , والتي شتتتها .. الأول
يوم تخرجها من الثانوية , ( عظم الله أجرك .. والدي توفي ) مخلوطة بفرحة تخرج
لم تكتمل بعد .. حين عادت من المدرسة سعيدة وتوجهت إلى حجرة والديها .. رأت
الجميع ينتحب , واحتضنها أخيها وهو يبكي .. إذا لهذا السبب لم يذهب لأخذي من
المدرسة وأمرني بالرجوع مع إحداهن ؟

والثاني يوم طلاقها ( والدتي توفت ) بعد ( أنتي طالق ) كانت الأعظم ..

الثالث اليوم ( عظم الله أجرك , زوجك لقي حتفه ) مع فرحة تغييره ,, ومع حضنه
وقبلته وغزله .. آخر ما سيوجع , ليس لديها أحد بعده تحزن عليه وتنكسر ..


أبيها , أمها , زوجها …. ماذا ستفعل بعدهم ؟



°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°



سيراليون , السادسة والنصف صباحا .

خرجت من الفندق الواقع على الشاطيء بعد أن أفطرت مع أبيها , وجلست
فوق صخرة ما ..
وأخذت تتذكر ما حصل بالأمس , حين استيقظا وتوجها إلى إحدى الجمعيات
الخيرية بقصد التبرع , وحين خرجا سمعا رجلا يتحدث بالهاتف بالعربية .
وبعد إنتهائه من المكالمة توجه إليه والدها وسلم عليه وتحدث معه قليلا ثم أخذا
أرقام بعضهما , كل هذا تحت أنظارها التائهة .. والحزينة , حين قال الرجل بأن
اسمه ’ سعد ’ , ولم تنتبه إلا حين قال لها ذاك

( حسنا أريج , أتمنى لكما رحلة سعيدة ) ورحل .

التفتت إلى أبيها بدهشة وقالت ( كيف عرف إسمي ) .

والدها ( أنا من أخبرته , ألم تكوني واقفة هنا معنا ؟ ) .

( بلى , ولكنني سرحت قليلا بسبب إسمه ) .

تنهد والدها وهو يضع يدها خلف ظهرها ويحثها على المشي ( رحم الله أخاك
وأسكنه فسيح جناته ) .

رجعت إلى واقعها حين جلس على الصخرة على بعد سنتيمرات قليلة أحدهم ,
التفتت إليه وتفاجأت به .. كان هو نفس الشاب الذي رأوه بالأمس .

ابتسم قائلا ( أريج , أليس كذلك ) .

شعرت بالخجل وهي تجيبه بإيماءة رأسها .

’ سعد ’ ( الجو جميل بهذا الوقت , ولكنه سرعان ما يتغير ويصبح رطبا
بعد 3 ساعات من الصباح ) .

اعتدلت وهي تشعر بالحرج الشديد , وكانت تود القيام بسبب ذلك .. ولكن شيء
ما أجلسها , وجعلها لا تشعر بالخوف منه , ربما لأنه كبير في السن … فملامحه
توحي بأنه قد تعدى الأربعون سنة .

التفت إليها مرة أخرى ( أين والدك ؟ ) .

بصوت بالكاد يخرج أجابته ( نائم ) .

مرت أكثر من خمس دقائق وهما صامتان , وهي لم تتحمل ذلك .. وبدلا من أن
تقف .. التفتت إليه ووجدته سارحا ينظر إلى البحر , ( ما سبب مجيئك إلى هنا ؟ ) .

ابتسم ( يبدوا أنك تنسين سريعا , قلت لوالدك بالأمس أنني هنا للسبب ذاته
التي يأتي هنا ) .

’ أريج ’ ( ولكنه أتى من أجلي ) .

( أنا من أجل ابنتي وشقيقتي ) .

أعادت أنظارها على البحر وقالت بعد صمت ( لمَ سيراليون ؟ ) .

صمت وكأنه يفكر ( بما أنني بعد سنون طويلة فكرت بالسفر , قلت أنه من الأفضل
أن أضرب عصفورين بحجر , من أجل المساعدة , ومن أجل ………….. الإنتقام ) .

التفتت إليه متفاجأة بعينان متوسعتان حين ضحك من ردة فعلها .

( ما بك , لم تفاجأتي بهذا الشكل ) .

( ممَّن ؟ ) .

( قولي لمن , ولمَ … لأختي وشقيقتي العزيزة , لم ؟ لدمعة نزلت منها آلمتني
وحطم قلبي , وأشعرني بأنني لم أكن بحجم المسؤولية التي كانت على عاتقي ) .

تفاجأت من حديثه المبهم بالنسبة لها , ولكنها لم تستفسر , فهي بحديثها رجعت
إليها كل عبارة قالها أخيها ’ سعد ’ دفاعا عنها , ولأجلها .

ولكنها فوجئت بعد ذلك بسؤاله الغير متوقع أبدا ( هل أنتي مرتبطة ؟ ) .

أجابته بشيء من الحيرة والدهشة ( لا , بل مطلقة ) .

نظر إليها متفاجئا ( حقا , لا أصدق ذلك , أنتي لا تزالين صغيرة ) .

ضحكت ( تقصد أنه لا يجدر أن أكون مطلقة ,أم …. ) .

قاطعها ( نعم ) .

وقالت هي بعد تفكير ( تبدوا حزينا , ما قصتك ) .

( سؤالك غريب , ولكنني سأجيب … أنا إنسان وحيد ) .

ضحكت ’ أريج ’ من حديثه وطريقته ( هل أنت شاعر ؟ ) .

ابتسم ( بل أفضل من الشعراء , إسمعيني … حين كنت مراهقا وحتى كبرت وبلغت
الخامسة والعشرون , كنت أعشق إبنة عم لي , وهي أيضا كانت تبادلني نفس
الشعور , وعدتها بأنني حالما أبلغ سن الزواج سأخطبها على الفور , وهي وعدتني
بأن تنتظرني , وفي كل تلك السنوات , كنت أتواصل معها عن طريق إحدى شقيقاتي ,
لم يكن حينها الهاتف شيء أساسي , أو بالأصح , لم يكن الفتيات يملكنه , لذا كنت
أتواصل ببعض الرسائل الورقية , ويا لسعادتي حين كانت ترد علي , حتى أتى ذلك
اليوم الذي منعتني فيه أن أرسل لها أي شيء , حتى حين كنت أرسل , لم تكن لترد ,
وأمرت أختي بأن تأمرني بنسيانها نهائيا , غضبت جدا , وكنت دائما أحاول الوصول
إليها , وكل محاولاتي باءت بالفشل .. حتى يأست وغضبت , وهجرتها , وسافرت
مع أصدقائي كي أرفهَ عن نفسي قليلا وأنسى , بعد أن تقدمت إليها ورفضتني ,
ولكن الصدمة والحسرة .. كانت حين عدت بعد أشهر , لأجد أختي تقول لي , بأن
محبوبتي قد توفت بسبب ….. الخبيث ) مسح وجهه بكفاه ( لمت نفسي كثيرا على
غضبي عليها , وعلى تركي لها وسفري , ومنذذ لك الحين , لم أسافر سوى الآن ) .

تنهدت ’ أريج ’ بحزن ( رحمها الله , وهل … تزوجت ؟ ) .

( نعم , لم أكن لأوقف أحلامي وحياتي بموتها , تزوجت فتاة اختارتها لي أمي ,
كانت في غاية الطيبة , معها نسيت كل أحزاني وآلامي , وهبها الله لي , ووهبني
طفلة تغيرت بها مجرى حياتي كلها , كنت أعيش حياة سعيدة لم أكن أحلم بها
يوما , حتى توفت هي الأخرى .. وفاة عادية فجائية ) .

التفتت إليه ’ أريج ’ وقد امتلأت عيناها بالدموع , والتفت هو الآخر ( لا شك
أن وفاتها أحزنتك كثيرا ) .

عض طرف شفته ( بل مزقتني , وجعلتني أشلاء متفرقة , ولولا رحمة ربي بي ,
وإبنتي التي بلغت حين وفاتها الرابعة , لم بقيت قويا بهذا الشكل ) .

( حفظها الله لك , أينها الآن ) .

( في الفندق مع شقيقتي التي أصبحت أما لها بعد وفاة زوجتي ) .

’ أريج ’ ( أتوق لرؤيتها ) .

والتفت الإثنان إلى من كانت تركض بإتجاههما وتنادي ( أبي , هل هذا أنت ؟ ) .

احتضنها ’ سعد ’ وقبلها ثم قال ( هذه ابنتي الجميلة , راما ) .

التفتت ’ راما ’ مستغربة إلى ’ أريج ’ ( من هذه ؟ ) .

’ سعد ’ مبتسما ( هذه صديقتي أريج ) .

تعجبت ’ أريج ’ من قوله , وكذلك ’ راما ’ التي وقفت ووضعت يدها ع خصرها
وقالت مستنكرة ( صديقتك ! ألم تقل لي بأنه لا توجد صداقة بين ذكر وأنثى ) .

ضحك ’ سعد ’ وقال وهو يجلسها في حضنه ( الآن وقد أصبحت شيخا , يمكنني
أن أصادق الفتيات ) .

’ راما ’ ( مزحك ثقيل يا أبي , ابحث عن عذر غيره , ألا أكفيك أنا حتى تصادق
فتاة غريبة ) .

ابتسمت ’ أريج ’ ووقفت ( أستأذن الآن ) .

’ راما ’ ( يا إلهي , هل انزعجت من قولي ؟ كنت أمزح وحسب ) .

’ أريج ’ ( لم أنزعج عزيزتي , أريد أن أرتاح قليلا , لم أنم البارح جيدا ) .

’ راما ’ ( أحسنتِ , أمي دائما ما كانت تقول أنه حيث كنا وإلى أي مكان ذهبنا وحتى
لو كنا في حال عصيبة , يجب علينا أن نهتم بأكلنا ونومنا جيدا ) .

’ أريج ’ ( بالتأكيد , أراكم لاحقا ) .

غادرت المكان وعقلها مليء بالأسئلة … تنهدت وهي تدخل حجرتها , واستلقت
وهي تفكر مليا في كل كلمة قالها ’ سعد ’ ..

خاصة كلمة ( الإنتقام ..! ) , تلك الكلمة التي أعادتها إلى الخلف خمس سنين , حين
كانت تنوي السفر لتبحث عن مازن وتنتقم منه , وقال لها إبن أختها أن ذلك سيؤلمها .

هل ستجدد التفكير ؟ وهل ستقرر الإنتقام مرة أخرى .. تقلبت ع سريرها
عدة مرات وهي تفكر .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°



تبوك , التاسعة مساء .

خرجت من السيارة وتوجهت إلى الداخل , ووقفت حين رأت ’ سعيد ’ يقف هو
الآخر بقرب الباب متكتفا ويبتسم , ابتسمت هي أيضا حين تذكرت ذلك الموقف ..
وأكملت سيرها نحو باب المنزل .

وأوقفها نداء ’ سعيد ’ حين تحدث بالعربية ( أحلام , هل أستطيع التحدث إليك قليلا ؟ ) .

التفتت إليه ( هل هو شيء مهم ؟ ) .

تقدم إليها وهو يدخل يديه بجيوب بنطاله ( نوعا ما , أعني … هو بالنسبة لي , مهم جدا ) .

’ أحلام ’ ( تفضل , أنا أسمعك ) .

’ سعيد ’ بالإنجليزية ( بالنسبة لما حصل قبل خمس سنين ) .

’ أحلام ’ ( تستطيع أن تنسى كما نسيت أنا ) .

’ سعيد ’ ( أنا فقط أردت أن أعتذر منك , لم أكن أقصد أن أجرحك بتلك الطريقة , ولl
أكن أتوقع أن تعلمي الحقيقة بتلك الطريقة أيضا ) .

’ أحلام ’ ( هل كنت تعرفها , أو كنت متأكدا من صحتها ) .

’ سعيد ’ ( نعم , عمي الذي كان يسكن لديكم , هو من ساعدني لأكمل دراستي بالخارج ,
وهو من أعلمني بالأمر , أوصاني بكن خيرا , خاصة أنتي .. لأنه كان يشعر بالشفقة تجاهك ) .

’ أحلام ’ ( يا إلهي , هذا غريب حقا … عموما , الأمر لم يعد يهمني الآن , أستأذنك ’
تصبح على ……….. ) .

قاطعها ( يجب أن تقابلي والدك ) .

صمتت ’ أحلام ’ لبرهة ثم قالت ( لن أفعل ذلك , أنا أخشى أن لا يعترف بي , لقد
مر الكثير من الوقت ’ ولربما نسيَ والدتي وقصته معها , هو سعيد جدا , لا أريد
أن أعكر عليه صفو حياته ) .

’ سعيد ’ ( أنتيِ بحاجة إليه يا أحلام ’ يجب أن تذهبي إليه , صدقيني سيعترف بك ) .

’ أحلام ’ بنبرة تحمل { انتهى النقاش } ( لا أريد , شكرا على إهتمامك ) وتوجهت
نحو الباب , وأوقفها مجددا بسؤاله الغير متوقع ( لمَ لمْ تتزوجي إلى الآن , كم
بلغتي الآن ؟ ثلاثون ؟ ) .

تنهدت وهي تلتفت إليه ( إسأل نفسك السؤال ذاته , كم بلغت ؟ أربعون ؟ ) .

ضحك ’ سعيد ’ وهو يقترب منها ويقول بلكنته العربية التي أعجبت ’ أحلام ’
( ليس بعد , لم أتعدى السابعة والثلاثون ) .

’ أحلام ’ ( لا تزال صغيرا ) ونوَت الإلتفات مرة أخرى , ولكنه فاجأها مرة
أخرى بقوله ( هل تتزوجيني ؟ ) .

اتسعت عيناها بدهشة مما قاله , وبادر هو قائلا ( أم يزعجكِ كوني باكستانيا ؟ أريد
أن أبشرك بأنني حصلت على الجنسية القطرية ) .

’ أحلام ’ لا تزال مذهولة ومصدومة من قوله , ثم أغمضت عيناها وهي تحاول
الإستيعاب , ما هذا الذي قاله ؟ وهل هذا الموقف مناسب ؟

’ سعيد ’ ( ماذا قلتي ؟ ) .

’ أحلام ’ ( هل تسخر مني سعيد ؟ ) .

’ سعيد ’ بالإنجليزية ( ولم قد أسخر منك , هل تريدين الصراحة , أنا معجب بكِ منذ
أن قدمت إلى هنا المرة الأولى , وحين فكرت بالزواج لم أجد لي فتاة مناسبة إلاكِ ,
بما أنك فتاة ذكية , وطباعك حادة , وتشاركينني نفس التخصص ’ وبنبرة مرحة ’
ووالدك وزير , أنتي أنسب فتاة لي ) .

’ أحلام ’ ( مهلا , أنت تمزح معي , أليس كذلك ؟ ) .

ابتسم ’ سعيد ’ ( ما بكِ ؟ لم لا تصدقيني , أوووه يبدوا أنك لم تتوقعي أن يطلب يدك
طبيب وسيم مثلي , أليس كذلك ؟ ) .

عضت ’ أحلام ’ طرف شفتها ( دعني أستوعب الأمر أولا ) قالتها ودخلت إلى المنزل
بخطوات سريعة .

ضحك ’ سعيد ’ من ردة فعلها , وتوجه إلى الملحق حيث يمكث .



°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°



المدينة , الثالثة فجرا .

دخل إلى حجرة شقيقته , ونظر إلى وجهها المتعب والحزين بشفقة .
كانت تحضن إبنها وكأنه سيضيع منها , ووجهها كئيب جدا , ليس به حياة .
عانت الكثير في حياتها , لا تكاد تنسى ذكرى حزينة حتى يأتيها ما هو أوجع
منها وأفجع , أعانها الله .


اقترب منها وأخذ يهزها وهو يهمس بإسمها , حتى فتحت عيناها ونظرت إليه بتساؤل .

’ أخيها ’ ( ألا تريدين رؤية زوجك ؟ أحضروه الآن إلى بيت عمي , وسيدفنونه
بعد صلاة الفجر ) .

اعتدلت جالسة ( حقا ! سآتي الآن ) .

’ أخيها ’ ( حسنا , أنا سأخذ ابنك وأدعه مع زوجتي ) .

تنهدت هي قائلة ( لا داعي لذلك , يجب أن يرى أبيه لآخر مرة ) .

’ أخيها ’ ( كما تشائين ) وحمل الطفل ( سأذهب به إلى السيارة , ننتظرك هناك ) .

أومأت إليه برأسها , وغيرت ملابسها سريعا بعدما خرج .

وصلوا إلى هناك خلال ربع ساعة , كانوا قد أحضروا جثته من الدمام عند
الثامنة مساء .
دخلت ’ سارة ’ إلى الحجرة التي كانت بها الجثة , وهي تمسك بكف ولدها ,
وترتجف .. كان قلبها ينبض سريعا , وما حصل في الصباح .. لا يزال
عالقا في ذهنها .
شخص بصرها عليه , كان وجهه مغطى .. جلست على ركبتيها بالقرب من وجهه ,
ورفعت الغطاء ببطء وخوف شديدان .. كانت يدها ترتجف بشكل غير معقول ,
اقترب منها أخيها وأمسك كتفيها من الخلف ليهدئها , وما إن كشفت الغطاء حتى
صرخت فزعة , وعادت إلى الوراء وهي تضع يدها على فمها غير مصدقة , كان
وجهه مهشما , وجزء من وجهه ليس ظاهرا , يا إلهي , كم تألم !

صارت تبكي عليه بحرقة , وولدها ينظر إليها بخوف , حين اقترب منها وأشار
بإصبعه إلى أبيه قائلا ( بابا ) .
زاد بكاؤها بعد كلمته , واحتضنته بقوة .
أمسكها إثنان من إخوتها وأوقفاها ’ ثم أخرجاها من الحجرة .
دخلت إلى الصالة المليئة بالنساء بمساعدة إخوة ’ فيصل ’ جلست وهي تنتحب
وتحضن إبنها , والجميع إلتف حولها لتهدئتها .

أغمضت عيناها وهي تقول ( أهي دعوتي ؟ هل أصابته دعوتي ؟ لن أسامح نفسي
إن كان ذلك , يا الله .. أنا لم أقصد ذلك , سامحني يا الله , لم أقصد موته , ولا يتم
إبنه , والله لم أقصد ذلك ) .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°



الخميس .

تبوك , التاسعة صباحا .

ينظر إلى الأوراق التي أمامه , وذهنه شارد .

حتى دخل ’ فارس ’ إلى مكتبه وقال ( هل عدت إلى طبعك القديم ؟ طرقت عليك الباب
أكثر من مرة , وأنت شارد ) .

’ تركي ’ ( ولمَ تطرق الباب ؟ وأنت حين أكون غائبا تدخل متى شئت وخرجت متى تشاء ) .

ضحك ’ فارس ’ ( دائما تقصد إحراجي , ولكنك تفشل , قل لي .. ماذا هناك ؟ ) .

تنهد ’ تركي ’ وهو ينظر إلى الأسفل ثم إلى ’ فارس ’ ( سارة ) .

’ فارس ’ بملل ( عدنا ؟ ما بها سارة ؟ وأيُّ سارة تقصد ؟ ) .

نوى التحدث , ولكن ’ فارس ’ قاطعه قائلا ( أتعلم ؟ لا تقل شيئا , ليس لك الحق
بأن تتحدث عن أي واحدة منهن , فهما قد تزوجتا , ومرتاحتان أيضا مع أزواجهما ) .

’ تركي ’ ( لا ) .

نظر إليه متعجبا ( ما الذي لا ؟ ) .

تنهد مرة أخرى وهو يعود إلى الوراء ( إحداهن نسيتها بعد أن فعلت بي ما فعلت ,
ولكن الأخرى لم أستطع نسيانها , بما أني قد جرحتها بما يكفي ) .

ضحك ’ فارس ’ ساخرا ( ومن التي لم تجرحها . هااه ؟ ) .

’ تركي ’ ( سارة الــ ………….. جرحتها مرة واحدة فقط حين تركتها , ولكنها قد
أخذت بثأرها ورحلت , والأخرى … طليقتي , لم تفعل شيئا ) .

’ فارس ’ ( إلى ماذا تريد أن تشير ؟ ) .

’ تركي ’ ( لا شيء , بالأمس أخبرتني أمي بأن … زوج سارة طليقتي قد توفي , في
حادثة سقوط العمارة ) .

فز من جلسته ’ فارس ’ وقال يذهول ( ماذا تقول ؟ هل أنت جاد ) .

’ تركي ’ ( نعم ) .

’ فارس ’ بشيء من الحزن والشفقة ( يا لها من مسكينة ؟ كيف ستتحمل ذلك ؟
طلقتها وماتت أمها , والآن مات زوجها , فليعينها الله وليصبرها ) .

’ تركي ’ (آمين , ألم يخطر ببالك ما خطر في بالي الآن ؟ ) .

’ فارس ’ ( ماذا ؟ ) .

’ تركي ’ ( قبل أمس , قلت لأبي أن يبحثوا لي عن فتاة تناسبني , وأنا لا أجدا أحدا سواها ) .

ابتسم ’ فارس ’ ( وهل تتوقع أن تقبل بك بعد أن فعلت بها ما فعلت ) .

’ تركي ’ ( لنحاول , لا أجد في ذلك حرج ) .

’ فارس ’ ( هل كنت تدعوا طوال هذه السنين على زوجها حتى تعيدها إليك لأنك تشعر
بالذنب حيالها ) .

’ تركي ’ ( كنت أدعوا بأن يعيدها إليَّ فقط ) .

’ فراس ’ ( أتمنى لك التوفيق والسعادة يا صديقي ) .


يتبع ...



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 27-02-17, 03:45 PM   #15

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



سيراليون , السابعة والنصف مساء .

هل حقا يوجد ما يسمى بــ ( الصدفة ..! ) , لم تكن تؤمن بذلك أبدا لو لم تقابل
’ سعد ’ وأخته ’ لمياء ’ البالغة من العمر السابعة والعشرون .

خرجت من الشقة برفقة ’ والدها ’ وقابلت في طريقها ’ لمياء ’ وابنة سعد
’ راما ’ اللتان دعاها للجلوس معهما , استجابت لرغبتهما , وذهب ’ والدها ’
يجلس مع ’ سعد ’ بالقرب من البحر .

رجل اسمه ’ سعد ’ يسعى للإنتقام ممن احتال على أخته العزيزة , وفتاة اسمها
’ لمياء ’ احتال عليها رجل اسمه ’ ناصر ’ بدعوى الحب .. وبنفس الطريقة التي
احتال بها مازن عليها .

هل يمكن وأن يحدث أن يكون الرجل الذين يسعون للإنتقام منه هو نفسه الذي
احتال عليها ؟ يبدوا الأمر مستحيلا , وليس اسمه مازن .. ولكنه محتال , يمكنه
تغيير إسمه كل مرة يخطط فيها لخداع إحداهن , خفق قلبها بقوة لدى تفكيرها
بتلك الطريقة .
تنهدت وهي تتمنى أن يكون ذلك ’ مازن ’ , حتى تستلذ برؤيته يُعذَّب على يدي ’ سعد ’ .

أكملت حديثها مع ’ لمياء ’ ذات اللكنة الركيكة , لأنها تربت مع أمها في بلدها ,
وأتت إلى إخوتها ووالدها بعد موت والدتها , وهي ليست شقيقة ’ سعد ’ , بل
أخته من الأب فقط .

ولكنه يعاملها كما لو أنها شقيقته وأكثر .

التفت الجميع إلى ’ سعد ’ حين ركض باتجاههم وهو ينادي بإسمها , ووقف بجانبها
وهو يلهث ( وجدوا ناصر , وهو الآن بقبضة من وكلتهم بالأمر , ذلك الوغد كان
يختبيء هنا طوال الوقت ) .

وقفت ’ لمياء ’ سعيدة بسماعها ذلك الخبر واحتضنت أخيها قائلة ( أنا سعيدة جدا يا
أخي , ولا أعلم كيف أشكرك أو أرد لك الجميل ) .

قبل أخيها جبينها وقال لها بحنان ( ما هذا الذي تقولينه يا أختي , ليس بيننا الشكر
ورد الجميل , ما فعلته واجبا ليس إلا ) .

ابتسمت ’ أريج ’ بألم وهي تقول في نفسها ( لو كان سعد هنا وفعل الشيء ذاته كان
سيقول هذا الكلام أيضا , رحمك الله يا أخي , كم افتقدك ) وانتبهت إلى ’ سعد ’ حين
قال لأخته ( هل تريدين رؤيته وهو بوضع لا يحسد عليه ؟ سيكون الأمر ممتعا
بالنسبة لك ) .

أخذت أخته الهاتف وهي تنظر إلى المقطع , كان ’ ناصر ’ في أحد الأماكن المهجورة
والمظلمة , ليس به أي شيء سواه , وكان مربوط بالحبال على كرسي حديدي مصدأ ,
وفمه به شريط لاصق .. سحب أحدهم الشريط اللاصق بقوة , مما جعله يصرخ متألما ,
ويكيل بالسب والشتم على الرجل .. ضحكت ’ لمياء ’ فرحة , وشعرت بالإنتصار .

عقدت ’ أريج ’ حاجبيها لدى سماعها الصوت , وكان مألوفا جدا ,
ووقفت قائلة ( هل يمكنني أن أشاهد ؟ ) .

مدت إليها ’ لمياء ’ الهاتف ( بالطبع ) .

اتسعت عيناها وهي تراه , لا تكاد تصدق … كان هو ’ مازن ’ , نعم … رأته بأم
عيناها , عيناها لن تكذباها أبدا .بلعت ريقها بصعوبة , وشعرت بألم قوي في قلبها ,
وأنفاسها تضيق , أغمضت عيناها بألم وأعادت الهاتف إلى ’ سعد ’ الذي كان مستغربا .

’ سعد ’ ( ماذا هناك ؟ ) .

ابتسمت ’ أريج ’ بإرتباك ( لا شيء , أنا فقط لا أتحمل مشاهد العنف ) .

ابتسم ’ سعد ’ ( حقا ) والتفت على ’ لمياء ’ ( حسنا , أنا ذاهب إليه الآن , وسأخرج
منه كل فلس أخذه منك , لن أعود إلا وهو بين يدي السفارة , ومنها إلى سجون السعودية ) .

قالت ’ أريج ’ دون أن تشعر بنفسها ( هل لي أن أذهب معك , أعني .. أريد أن
تأخذني وأبي إلى هناك ) .

نظر إليها الجميع ’ بدهشة ’ وقال ’ سعد ’ ( لمَ ؟ لمَ تريدين الذهاب إلى هناك ؟ ) .

ارتبكت ’ أريج ’ وصمتت , ثم قالت ( ستعرف بعد أن نصل إلى هناك , هل ستأخذنا ؟
أم يزعجك ذلك ؟ ) .

’ سعد ’ لا يزال متعجبا من طلبها ( حسنا , لا مانع لدي ) .

وخلال نصف ساعة , كان الجميع يقف أمام ’ مازن ’ أو ’ ناصر ’ أو أيا يكن ….
كانت ’ أريج ’ تشعر ببعض السعادة , ووالدها متعجب , و ’ سعد ’ فرح جدا ..

فتح ’ المحتال ’ عيناه ونظر إليهم , واعتدل جالسا حين سقطت أنظاره على ’ والد
أريج ’ والفتاة … بالتأكيد هي ’ أريج ’ قالها في نفسه وبلع ريقه بصعوبة كبيرة .

تقدم إليه ’ سعد ’ وهو يصفق ( ها أنت ذا أيها المحتال , لقد وقعت بين يديَّ ) .

نظر إليه ’ والد أريج ’ ( محتال ؟ ما القصة ؟ لمَ مازن هنا ؟ ما علاقته بك ؟ ) .

’ سعد ’ متعجبا ( من مازن ؟ ) .

’ والدها ’ ( من غيره هذا الذي أمامك ) .

أمسكت ’ أريج ’ بكف والدها ( ليس مازن يا أبي , احتال عليهم بإسم آخر , سمى نفسه
ناصر هذه المرة ) .

نظر إليها كلا من ’ سعد ووالدها ’ ..

’ سعد ’ ( أنا لا أفهم شيئا , من أين تعرفونه ) .

تقدمت ’ أريج ’ نحو ’ المحتال ’ وهي تقول بصوت هاديء وغاضب ( طليقي يا سعد ,
احتال عليَّ قبل خمس سنين , خدعني , أوهمني بأنه يحبني , سنتان وأنا غارقة في
حبه , هائمة فيه , حتى احتال عليَّ وأخذ مالي وهرب بعد أن طلقني .. وكنتُ حاملا منه ) .

توسعت عينا ’ سعد ’ ممن سمعه .

اقتربت ’ أريج ’ من ’ المحتال ’ وقالت بصوت أشبه بالهمس ( كنت أرغب في الإنتقام
منك منذ ذلك الوقت , ولكنني لم أفعل بسبب أو آخر … ولكن الله ساقني إليك هذه
المرة , ولن أنظر إليك مكتوفة الأيدي وسعد يعذبك , مازن .. أم ناصر .. أم مَنْ ؟ )
وضربته على خده بكل ما أوتيت من قوة وقالت بصوت غاضب ( كم فتاة خدعتها سواي
أنا ولمياء , كم فتاة أوهمتها بالحب ؟ ) وضربته مرة أخرى ’ وكانت تلك الضربة أقوى
من التي قبلها ( هذا من أجلهن جميعا ) وضربة أخرى ( وهذا من أجل ما فعلته بي )
وضربة أخرى جعلته يسقط أرضا , وجعلها تشعر بألم قوي في يدها ( وهذا من أجل
سعد الذي مات بسببك ) وأخذت تبكي بقهر على أخيها وعلى نفسها وهي تضربه من
رجله وتصرخ ( أنا مالذي فعلته بك حتى تجرحني وتؤلمني بهذا الشكل , لم جعلتني
أحبك ؟ لم خدعتني ؟ بسببك فقدت أخي ولا أنسى ذلك أبدا , بل فقدت كل شيء ,
كل شيء , كل شيء ) وسقطت على الأرض حين اقترب منها والدها ليهدئها .

حدث كل هذا تحت أنظار ’ سعد ’ المتعجبة , ثم اقترب من ’ المحتال ’ مرة أخرى وأجلسه
وهو يشد شعره … وضربه بقبضة يده قائلا ( ما إسمك ؟ ما إسمك الحقيقي , تحدث ) .

’ المحتال ’ بعد أن قذف بدم فمه على الأرض ( إسمي …. طارق ) .

أخذ ’ سعد يضربه بقوة , حتى أغمى على ’ طارق ’ من شدة ما قاساه .

ثم التفت على ’ أريج ’ التي أوقفها ’ أبيها ’وأخذت تمسح دموعها وهي تبكي
بصوت عالٍ .. واحتضنها أبيها .
تحدثت ’ أريج ’ من بين دموعها وشهقاتها المتواصل ( يجب أن يموت يا أبي , يجب
أن يموت كما مات سعد , يجب أن يقاسي من الآلام ما لا يطيق , أن لن أرتاح إلا إذا
رأيته يُدفن , وقبلها يعذب بالسوط , وبكل ما يشق الجلد ويكسر العظام , أرجوك عذبه ,
من أجلي ومن أجل سعد , من أجل الألم الذي لم يفارقني منذ ذلك الوقت ) .

ابتسم ’ أبيها ’ وقبل جبينها ثم احتضن وجهها بكلتا كفيه قائلا ( لم أعهدك قاسية يا
ابنتي , كل ما يشق الجلد ويكسر العظام ؟ ) .

’ أريج ’ ( ولم قد أكون ضعيفة ورحيمة لمن لم يرحمني أو غيري , هو لا يستحق
إلا ذلك ) .

مسح ’ أبيها ’ رأسها وقال وهو يحتضنها مرة أخرى بعد أن لمس التعب في صوتها
وأدرك أنها ستنام لا محالة ’ التفت على ’ سعد ’ ( إذا لم يزعجك طلبي يا إبني , أريدك
أن توصلنا إلى الفندق ) .

’ سعد ’ ( أبدا يا عمي , لا يزعجني ذلك , تفضلوا ) .

ركب الجميع السيارة , بعد أن أوصى ’ سعد ’ الرجال بأن ينتبهو لــ’ طارق ’ , ونامت
’ أريج ’ فور ركوبها السيارة .

التفت عنها أبيها وابتسم ( تألمت كثيرا صغيرتي ) .

’ سعد ’ ( أنا إلى الآن لا أكاد أصدق ما حصل , يا لها من مصادفة ) .

’ والدها ’ ( حتى أنا , سبحان الله .. مالذي جعلها تختار هذا البلد بالذات , أنا
لا أفهم ذلك ) .

ابتسم ’ سعد ’ وقال بعد صمت ( ما قصة سعد ؟ هل حقا توفى بسبب ناصر , أقصد
طارق .. يا إلهي , هذا الرجل يجعلني أخطيء ) .

تنهد ’ والدها ’ بحزن ( هو لم يمت بسببه , ولكن هي فقط تريد أن تلقي اللوم عليه ,
مات بسبب حادث سير في الباحة , حين ذهب ليأخذ أخته من المطار في الباحة ,
حيث كانت ’ أريج ’ تمكث فيها لتضع وليدها بعيدا عن الناس , لذلك هي ترجع السبب
إلى مازن , بل طارق ) ضحك وضحك معه ’ سعد ’ .

’ سعد ’ ( اعتبرني إبنك سعد من الآن ) .

’ والدها ’ ربت على كتفه مبتسما ( يسعدني أن تكون إبني ) .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


الأسبوع التالي - الأحد .

تبوك , الواحدة ظهرا .

دخلت إلى حجرتها المشتركة مع طبيبة أخرى في المستشفى , وأزالت النقاب عنها
وجلست وهي تتنفس بعمق .

التفكير أرهقها حقا , وأتعبها …
وهي على تلك الحالة منذ أسبوع , منذ اليوم الذي غادر فيه ’ سعيد ’ بعد أن قال لها
( سأذهب يا مغرورة , وأنتي خذي ما تريدين من الوقت كي تفكري فيه كما تشائين ,
ربما إن ابتعدت ستتمكنين من إتخاذ القرار الصحيح , وتأكدي أنك إن وافقتي لن تندمي
أبدا , أنا رجل جيد جدا واسألي عني ’ أكمل بعد أن ضحك من نظراتها التي
توحي بمعنى { من المغرور منا ؟ } ’ كما أنك ستستطيعين الذهاب إلى والدك , يعني
أنني سأكون لك كالدرع الحصين , ستفكرين جيدا أليس كذلك ؟ سأعطيك أسبوعان ,
أو ما أردتِ من الوقت .. مع أنني أعتقد أنه حتى أسبوعا واحدا طويل جدا ’ وابتسم ’
وافقي يا فتاة , لن تجدي شابا مثلي , إن رفضتِني فسوف تعضين أصابعك ندما ) .


كلامه صحيح ثمانون في المئة , من أين لها شابا مثله , بوسامته وروحه الجميلة ..!

وكما قال , سيكون لها كالدرع الحصين , وهي لطالما تمنت أن يكون لديها من يقف
معها ويحميها ويدافع عنها .
ضغطت بأصابعها جبينها وهي تفكر بعمق , سئمت من الخوف الذي تشعر به من
مقابلة أبيها , و’ سعيد ’ طمأنها , ويشجعها على مقابلته , من الأفضل أن توافق عليه .

وقفت وارتدت عبائتها وتوجهت إلى المنزل , وكل ما حصل مع ’ سعيد ’ يأتي على
عقلها واحدا تلو الآخر ..


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


المدينة , السابعة مساء .

دخلت إلى حجرة والدتها وأقفلت الباب وراءها بالمفتاح , ووضعت إبنها النائم على
السرير ورقدت بجانبه .
أمسكت بكفه وأخذت تقبلها وهي تتذكر والدتها ..

آآآآه عميقة صدرت عن حزنها العميق , وصدرها المليء بالحزن والكدر .
بدأت أدرك يا أمي أن كل ما يحدث معي عقاب على مافعلته معك ليس إلا ..!
منذ البداية , لو رفضت الزواج من ’ تركي ’ , لما حدث كل ذلك .
لأنني تركتك في ذلك الوقت , عوقِبت بجفاء ’ تركي ’ ثم خداعه لي !
ومن ثمَّ تعبك الذي بعده توفيتي , وطلاقي !
وبعد ذلك زواجي من ’ فيصل ’ الذي أتعبني حقا , ومن ثمَّ وفاته التي بسببها لم أذق
النوم منذ أسبوع , والآن ..!
قرارهم القاتل .. الذي إن أجبروني عليه أو حدث رغما عني , سأجزم أن الحياة قاسية
جدا بدونك يا أمي .

سامحيني , لم أكن الإبنة البارة , لم أرعكِ حق الرعاية , لم أفقهْ حاجتك لي ,, حين
تركتك وذهبت .
المرة الأولى حين تزوجت , والثانية حين سافرت من أجل ’ تركي ’ .
احتضنت ابنها وهي تفكر في ما قاله عمها قبل يومان ( لديَّ يا ابنتي ما أقوله لك ,
يجب عليك أن تتزوجي ابني ’ بندر ’ من أجل إبنك , لن يرعى ابنك حق الرعاية
أحسن من عمه ) .

ابتسمت ’ سارة ’ غير مصدقة ( مهلا , دعني أستوعب وفاة ’ فيصل ’ أولا , ومن ثم
حدثني بأمر كهذا , ألم تؤثر بك وفاته ؟ ) .

أطرق ’ عمها ’ رأسه قائلا ( بلى , وكيف لم تؤثر بي وهو ابني العزيز , ولكنني
أيضا يهمني أمر حفيدي , وأنا لم يعد لي من العمر إلا قليلا , يجب علي أن
أؤمن مستقبله ) .

قالت ’ سارة ’ بعد أن زفرت بضيق ( أنا آسفة عمي , ولكنني لا أفكر بالزواج في
الوقت الراهن , أقول ذلك وأنا لا أفكر بالزواج أبدا .. ولكن الأمر يبدوا مستحيل ,
حتى وإن تزوجت , لا أستطيع أن أتزوج إبنك , اعذرني ) .

’ عمها ’ بصوت فيه شيء من الحدة والدهشة ( وما به إبني ؟ هل ترين فيه ما يعيبه ؟ ) .

’ سارة ’ ( أنا لا أعرفه جيدا كي أحكم عليه , ولكنني لا أستطيع أن أتزوج رجلا
هانئا وسعيدا مع زوجته وأبناءه , لا أريد أن أعكر صفو حياتهم ) .

’ عمها ’ ( ولكنه موافق , كما أن زوجته متفهمة أيضا ) .

وقفت ’ سارة ’ ( أنا آسفة و لن أفعل ذلك أبدا , وأنت لا تستطيع إجباري , وإن همك أمر
حفيدك إلى تلك الدرجة , فخذوه وربوه جيدا ) .. وخرجت بقلب مكسور .

هي تعلم جيدا أنه لم يفكر بذلك إلا من أجل التركة , لا يريدها أن تذهب إلى منزل
آخر غير منزله هو وأبناءه .

لأنه في اليوم التالي اتصل بها وأخذ بهددها بأن يأخذ منها إبنها إن لم تتزوج
’ بندر ’ , قالت له أنها ستفكر حتى تخرج من العدة , وبعد ذلك ستخبره بقرارها ,
وأنها لم يعد يهمها أمر إبنها .. نعم , ستكون أنانية وستقبل بالجرح والحزن بل
الموت لنفسها , ولكنها لن تقبل بذات الشيء لزوجة ’ بندر ’ التي ربما لن ترضى
بزوجة أخرى لزوجها .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 01-03-17, 04:46 PM   #16

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
مساء الخير .


تم تأجيل الفصل القادم إلى أجل غير مسمى , بسبب بعض الظروف
التي لا أستطيع ذكرها هنا .

طبتم وطابت أوقاتكم بذكر الله .

- مَروَة مُحمَّد



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 06-03-17, 08:40 AM   #17

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


( الجزء الحادي عشر - آن الأوان .. لنسعد ..! )




الرياض , الحادية عشرة مساء .


يااااه , منذ متى لم تنم مثل هذه النومة ؟
احتضنت مخدتها وفتحت هاتفها , وتصفحت الرسائل .. كانت هناك رسالة من
’ لمياء ’ .. فحواها أن ’ طارق ’ حكم عليه بالسجن المؤبد , بسبب إحتياله
على أكثر من فتاة , وتزويره لهويته وأوراقه الرسمية عدة مرات .

وقفت على سريرها وأخذت تقفز في مكانها وتصرخ بسعادة , ما أجمله من
شعور .. أن تأخذ ولو قليلا من حقها .. وترى من خدعها يلقى عقابه الذي
يستحق .. وتأخذ بثأر أخيها وحبيبها ’ سعد ’ .

دخل عليها أخيها ’ طلال وأختها عبير ووعد وبعض بنات إخوتها وأولادهم ’ وأخذوا
ينظروا إليها مستغربين .
توقفت عن القفز ونزلت إلى الأرض وهي تعض طرف شفتها وتضع المخدة التي
كانت تحتضنها على السرير وتبتسم بإحراج .

ثم التفتت إليهم وهي تحرك كتفيها بمعنى { ماذا هناك } .

اقترب منها ’ طلال ’ وتلمس جبينها قائلا ( هل أنتي بخير ؟ نمتي منذ العصر , وحين
استقظتي أخذتي تتصرفين بغرابة ) .

احتضنت أخيها ( لا تعلم كم أنا سعيدة يا طلال , سأطير من السعادة ) .

’ عبير ’ ( ولم قد لا تكونين سعيدة ؟ فأنتي سافرتي مع أعظم رجل في الرياض ,
حظك جميل يا فتاة ) .

ضحكت ’ أريج ’ وهي تحتضنها ( أنتي محقة , منذ متى وأنتم هنا ؟ ) .

’ وعد ’ ( منذ العصر بعد أن أخبرنا والدي برجوعكما , ولكننا وجدناك نائمة , نمتي كثيرا ) .

جلست ’ أريج ’ على الأرض وأشارت لهم بالجلوس ( سأحكي لكم قصة ) .
في حين نظر إليها الجميع بغرابة .

ضحكت قائلة ( ما بكم ؟ انتم اجلسوا , وسأحكي لكم قصة ستسعدكم أيضا كم أسعدتني ) .

جلس الجميع بطريقة دائرية , وأخذت تحكي لهم جميع ما حدث معها منذ أن
ركبت الطائرة وحتى وصولها إلى الرياض ونومها ومن ثم الرسالة التي أتتها
من ’ لمياء ’ , ولم تفارقها ابتسامتها ..
ابتسم الجميع وفرح لفرحها الشديد , فهم لم يروها سعيدة إلى هذه الدرجة منذ
زمن طويل .

احتضنها ’ طلال ’ ( عزيزتي يا أريج , أنتي تستحقين أكثر من ذلك ) ونظر إلى
وجهها قائلا بجدية ( وآن الأوان لتبدأي حياة جديدة ) .

ابتسمت ( بالتأكيد ) .



°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


تبوك , الواحدة صباحا .

كان يمشي ببطء شديد , حتى وصل إلى حجرته , بل حجرتها هي قبل أن يطلقها ..
والتي أصبح يتردد إليها على الدوام , ويا ليته دخل إليها قبل أن يطلقها فيحصل
أي شيء جميل ليكون ذكرى , ولكنه للأسف ؛ دخلها مرة واحدة فقط , ليظل يتذكر
ألمها الشديد وبكائها وطردها له من الغرفة .

استلقى على ظهره وأخذ يتأمل السقف ويتذكر ما قالته والدته حين ذهب إليها ليقترح
عليها أو يخبرها بقراره , وصرخت عليه غاضبة ( ألم يكفيك ما فعلته بها حتى تتزوجها
مرة أخرى وتجرحها ؟ سارة عانت الكثير في حياتها , دعها تعيش بسلام الآن ,
لا تفكر في ذلك الأمر أبدا , سأجد لك فتاة تناسبك يا تركي , وسارة لست تناسبها
أو تستحقها … آآآه على تلك الفتاة الطيبة , كيف لم تستطع معرفتها جيدا ومعرفة
معدنها , ولكن اللوم ليس عليك , بل عليَّ لأنني زوجتها ابني الذي لم أعرفه جيدا ) .

’ تركي ’ ( ولكن يا أمي , أنا أريدها الآن , وبالتأكيد لن أفعل ما سيؤذيها ويجرحها ,
صدقيني يا أمي ) .

’ والدته ’ ( انسى الأمر يا تركي , أنا لم أعد أثق بك , خذلتني يا تركي حين طلقتها ) .

قبل ’ تركي ’ يدها ( أنا آسف جدا يا أمي , آسف … والله لم أفعل ذلك إلا لأنها هي
من أرادت ذلك ) .

نظرت إليه بدهشة ( ماذا تقصد ؟ ) .

زفر ’ تركي ’ بضيق ( أخفيت عنك ذلك يا أمي وأنا آسف , قبل أن نسافر يا أمي غادرت
سارة مع أخيها , وطلبت الطلاق وكانت مصرة جدا , ولكنها عادت مرة أخرى حين
علمت أني سأسافر إلى أمريكا وأني أريدها بجانبي , عادت يا أمي وكأن شيئا لم يحصل
لتكون معي , حتى وهي علمت أني أحب فتاة سواها , ولم أعاملها كزوجة ) .

’ والدتها ’ غير مصدقة ( أنت ماذا تقول يا تركي ؟ ) .

’ تركي ’ ( سأصارحك بكل شيء يا أمي , لتعلمي إبنك كم هو سيء , وعندما حاول
أن يكون جيدا ذات مرة .. حصل ما لم يكن بالحسبان , والله يا أمي لو علمت عن
وفاة أمها لما طلقتها في ذلك الوقت , ولكنني حتما كنت سأطلقها ؛ حتى لا أجرحها
أكثر .. أنا يا أمي بعد أن عقدت عليها لم أحدثها أبدا , حتى لم أكن أملك رقم هاتفها ,
كانت صامتة .. لم تفعل شيء , وحين شكَّت في أني مجبر على الزواج منها , قالت
لي ليلة الزواج بأنها هي أيضا مجبرة , لم تكن كذلك , ولكنها أرادت الإنتقام فقط ,
وبعدها … أخبرتها بأن زواجنا سيكون على الورق فقط , تحملتني يا أمي كثيرا ,
ولن أحدثك بما حصل في بريطانيا , حتى حين عدنا إلى هنا , كنت أتركها في المنزل ,
وكانت تعلم أيضا منذ ليلة الزواج أني أحب فتاة سواها , ولكنها صبرت وكتمت , لم
أعلم ذلك إلا حين تركتني ورحلت .. لا تتخيلين كم يأست ولمت نفسي , حين عادت ,
عادت إليَّ روحي , ذلك لأنني أيقنت أنها فتاة طيبة , وتستحق مني كل الإحترام
والمعاملة الطيبة , ولكنها أيضا كانت مصرة على الطلاق , فكذبت عليها وقلت لها
أنني أيضا لم أكن أرغب بها … آآآآخ لو يرجع ذلك اليوم , لقلت لها الحقيقة , وأنني
أتمناها بجانبي طول العمر , ولكن حصل ما حصل , وليغفر الله لي ) .

ضربت ’ والدته ’ رجليها بيديها غير مصدقة ( لا أصدق يا تركي , كل ذلك حصل وأنا
لا أعلم , حتى أنني لم أشك .. كم تحملتك ..! لن أدعك يا تركي أن تتزوجها مرة أخرى ) .

’ تركي ’ ( ولكن لمَ يا أمي , قلت لك بأنني أريدها بحق , والله لن أجرحها مرة
أخرى .. ولن أؤذيها )

وقفت ’ والدته ’ وهي تهز رأسها بالنفي ( قلت لك انسَ الأمر ) وصعدت إلى حجرتها
وقلبها يحترق على ’ سارة ’ ليتها لم تقابلها , هي من جلبتها وساقتها إلى الجحيم ,
سامحكِ الله .

عاد ’ تركي ’ إلى واقعه , وصار يفكر كيف يستطيع إقناع أمه , وهي إن اقتنعت ..
هل ’ سارة ’ ستقبل ؟


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


بعد أربعة أشهر …

المدينة , السادسة مساء .
خرجت من دورة المياه وتوجهت نحو هاتفها الذي وصلت إليه رسالتان , واحدة تلو
الأخرى .
كلتاهما من رقمان غريبان …
فتحت الأولى , كانت محتواها { أظنك خرجتي من العدة قبل عدة أيام , متى تريدين
أن يعقد إليك ’ بندر ’ ؟ هذا الخميس أم الذي يليه ؟ إن رفضتي اعلمي بأننا سنأخذ
منك إبنك .. عمك } .

ضحكت بسخرية في ذات الوقت الذي كان قلبها يدق بخوف ( يا له من أسلوب ) .
وفتحت الأخرى التي كانت عبارة عن قصيدة :


أدري إني جرحتك والجروح حكمت .. أجبرتني على ظلم الحبيب الحنون
سامح الله جروحي ليتها ما حكت .. بيَّحت خافي أحزاني وصارت تمون
المشاعر رهينة والليالي سهرت .. والدموع ألجمتني وعذاب العيون
عاندتني همومي لين روحي بكت .. وانقطع صبري اللي موثق بالسكون
رحمتك يا معين الحال لو ما برت .. الله العالم إني تهت وسط الطعون
طالبك يا منى عيني تقول اعبرت .. واعتبرها سحابة يا مطرها الهتون
وانت غيث الحنايا والظنون سرحت .. والحبايب حبايب والمتاعب تهون
غايتي طيب قلبك والدروس أوجعت .. لا نزيد العتاب ولا نعيد الشجون
دام وصلك وقربك والنوايا صفت .. لا تهون الجفون ولا يهون الحنون

عثرت على القصيدة دون إسم صاحبها , وأنا آسفة على ذلك .


أوجعتها القصيدة , لم تكن مذيلة بإسم مرسلها , ولكنها علمت ممن هي , أغمضت
عيناها ووضعت يدها على صدرها وانحنت حتى وضعت رأسها على السرير وأخذت
تبكي بقوة , لم تعد تستطيع تحمل المزيد .. ماذا ستفعل ؟

هل جميع الناس اتفقوا على أن يجرحوها ويوجعوها بهذا الشكل ؟ ألا يكفيهم ما مرت
به ؟ أم أنهم لا يحسوا بها أبدا .. هل هم جميعهم عديمي الإحساس والضمير .

اعتدلت جالسة , ومسحت دموعها وهي تضغط على زر الإتصال .. على أحد الأرقام
الغريبة التي أرسلت لها .

كان عمها ..

قالت دون أن تسمع رده ( أنا لي الحق بأن أعيش حياتي كما أريد , ومع من أردت ,
لا تستطيع أن تجبرني على الزواج من إبنك , وأما بالنسبة لإبني الذي تهددني بأن
تأخذه مني , فبيني وبينك القضاء , وإن لم ينصفني القضاء أيضا … سأرفع القضية
إلى القاضي العادل رب العالمين , شأشكوك إليه ) أقفلت الخط وقلبها يدق بخوف
شديد , احتضنت إبنها الذي كان يلعب على الأرض وقبلته وهي تستودعه الله .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


تبوك , السادسة ونصف مساء .

ركب سيارته بعد أن اشترى بعض الأشياء من المركز .
وانتبه إلى هاتفه الذي أضيء بإسم ( سارة ) … اتسعت عيناه بدهشة , هل ما يراه حقيقة .
تناول الهاتف سريعا ورد عليها , تألم قلبه حين لمس الحزن في صوتها حين قالت

( ماذا تريد ؟ لمَ ترسل إلي مثل تلك الرسالة , لن ترتاحون إلا حين أموت , صحيح ؟ ) .

قال سريعا ( أطال الله في عمرك , أنا لم أقصد أن أجرحك , فقط أردت أن أعتذر منك ) .

( الآن وقد قررت نسيانك بعد كل هذه السنين ؟ نعم أنا أقول الحقيقة , يأست منك يا تركي ,
بالرغم من كل ما فعلته بي , إلا أنني عشت السنوات الفائتة على ذكراك , كنت أنتظر بأن
تقول لي ولو كلمة واحدة تمدني بالحياة , حتى بعد زواجي من ابن عمي , كنت أحبك
أنت فقط , ولكنني الآن بدأت أيأس , اعتذارك آلمني كثيرا يا تركي , لا تزال ذلك الرجل
الذي كسر قلبي وحطمه وأوجعه , لم تتغير ) .

أغمض عيناه بألم ( والله لم أقصد ذلك , والله لم أقصد … أنا فقط ) .

قاطعته قائلة ( ما الذي ذكرك بي ؟ ) .

( أنا لم أنساك أبدا ) .

بسخرية ( حقا , كدت أصدقك ) .

( يحق لك أن لا تصدقيني , ولكنني محق , عودي إليَّ ) .

ولم يسمع سوى نحيبها الذي قطع قلبه ( كفى يا سارة , لا تبكي أرجوك ) .

( أنت لا تعلم ما أمر به من ظروف عصيبة , لا أحد يريد أن ينصفني ) .

( من هم ؟ ) .

( أتعلم أنني ربما سأضطر للزواج من عم إبني ) .

انصدم من قولها وقال ( ولمَ ؟ ) .

( من أجل إبني , إن لم أتزوج عمه .. فسيأخذون إبني ) .

بغضب ( ومن هذا الذي يستطيع فعل ذلك , هذه حياتك أنتي , لن يستطيعون إجبارك
ولا أخذ إبنك ) .
بعد صمت ( نعم هذه حياتي , ولأنني لا أريد من أحد أن يتحكم بها , لن أعود إليك ,
ولن أتزوج عم إبني , حتى لو أخذوه مني , أنا سئمت … تحملت من الجروح والالآم
الكثير , لم أعد أثق بأي رجل , ولم أعد أربط أحلامي وحياتي برجل , حتى لو أخذوا
إبني … لو أخذوا إبني أيضا سأتحمل , سأتحمل ذلك الألم على العيش مع رجل , أريد
أن أبقى وحيدة , إن لم تستطع نسياني بسبب أو بآخر , انساني الآن لأنني أنا من أمرتك
بذلك , أرجوك ) .

وأقفلت الخط .

نظر إلى الهاتف بعدم تصديق , رماه بقوة وغطى وجهه وبكى , نعم .. بكى,
ومن أجل ’ سارة ’ .



°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


الرياض , الثامنة مساء .

نظرت إلى زوجها آخر مرة , وشجعها هو الآخر بإبتسامته وإيماءة رأسه وهو
يحثها على النزول .

سمت بالله ونزلت من السيارة , وتوجهت نحو البوابة التي تقف عندها خادمة , ساقتها
الخادمة إلى مكتبة يتضح فخامتها وفخامة صاحبها حتى من الخارج .
وأخيرا ستقابل ’ والدها ’ بعد صراع دام خمس سنوات وأكثر .
طرقت الخادمة الباب , وأتاها صوته حين قال ( تفضل ) .
أومأت لها الخادمة بإيجاب , وهي تقدمت وفتحت الباب مغمضة العينين .
كان التوتر والخوف يطغى عليها , حتى أن أطرافها ترتجف .. تشجعت وفتحت
الباب ودخلت .
خفق قلبها بقوة لدى رؤيتها والدها يجلس بهيبته خلف المكتبة الكبيرة , واضح جدا أنه
بلغ من العمر عتيا , ولكنه لا يزال قويا .
كان والدها جميلا , وجهه المليء بالتجاعيد به بعض الحمرة , مثلها تماما .
تفاجأت حين رأت شابة تجلس أمام ’ والدها ’ وعقدت حاجباها , ألم تطلب منه أن
تقابله هو لوحده .
تنفست بعمق وسلمت وهي لا تزال بنقابها ..

رد عليها السلام هو وابنته , والإثنان ينظران إليها بغرابة .

قالت ’ أحلام ’ ( أنا آسفة , ولكنني أذكر أنني طلبت منك أن أقابلك أنت فقط ) .

’ والدها ’ ( هذه إبنتي أريج , تحدثي وقولي ما لديك , لا حرج في ذلك ) .

نظرت إلى ’ أريج ’ وقالت ( سيزعجها ذلك , الأمر في غاية السرية , بل سيزعجك أنت ) .

وقفت ’ أريج ’ ( إذا .. هل أخرج ؟ ) .

’ والدها ’ ( لا .. لا داعي لذلك , اجلسا ) .

جلست ’ أريج ’ وهي تنظر إلى الشابة التي أمامها .. حائرة .

أزالت ’ أحلام ’ نقابها تحت أنظار ’ والدها وأريج ’ المستغربة , مع إزالتها لنقابها ,
نزلت الدمعة التي كانت عالقة بعيناها منذ دخولها إليه .

أزاح ’ والدها ’ عيناه عنها قائلا بإنزعاج ( إذا لم يكن لديك شيء مهم , غادري ) .

قالت بصوت حزين ومكسور وهي تتقدم ( بل لدي شيء مهم , مهم جدا ) وصمتت قليلا
ثم واصلت بصوت مبحوح ( لا أدري إن كانت ملامحي تذكرك بإحداهن ) .

نظر إليها بغرابة ( من قد تذكرينني بها؟ ) .

ابتسمت بسخرية ( اعتقدت ذلك حين رأيتك مع إبنتك , ورأيت أبناءك الآخرين , أنت سعيدا
جدا , وكأنك لم تفعل شيئا في الماضي ) .

وقف مندهشا من حديثها , ليس لديه شيء فعله في الماضي .. سوى عدم الإعتراف
والسؤال عن مولود أو مولودة لزوجة تركها رغما عنه ( ماذا فعلت ؟ من أنتي ؟ ) .

نظرت إلى عيناه ودموعها لم تتوقف ( أنا … من لم تعترف بها منذ واحد وثلاثون
سنة , آآآه يا تلك السنين الطويلة التي مرت , لا أستغرب نسيانك ما فعلت , وعودتك
إلى الرياض كي تعيش بسعادة مع منصبك , ولديك من الأولاد والأحفاد ما يجعلك
تنسى أتفه ما فعلت , ولكنني عدت الآن لأذكرك ) .

كان صامتا ومندهشا , هل هذه حقا إبنته من تلك الزوجة ؟ وقفت ’ أريج ’ وقالت
بعدم تصديق ( هل تقصدين أن أبي .. هو أباك ) .

’ أحلام ’ ( نعم , أبي الذي جعلني أعيش اليتم وهو حيٌّ يرزق , أنا لا ألومه على
تركه لوالدتي إذ كان مرغما نتيجة خطأه هو وأمي , ولكن أنا .. مالذنب الذي اقترفته
حتى أعيش ثلاثون سنة من عمري دون أن أذوق الراحة ؟ لمَ لم تلتفت إليَّ ؟
لمَ نسيتني ؟ هل أستحق ذلك ؟ تحدث لا تبقى صامتا , أنا لم آتِ لأعكر عليك صفو
حياتك , أنا فقط أريد الإجابة على أسئلتي , لا أريدك .. ولا أريد أن أعيش بقربك
مع أنني كنت أتمنى ذلك طوال عمري , ولكنني لا أحتاج إلى ذلك وقد استطعت
العيش بدونك ) .

فاضت عيناه بالدموع متألما عليها , لم يكن يعلم أنها أنجبت فتاة , وأيضا هو نسي
ذلك بسرعة مع مشاغل الحياة ومع أبناءه الذين ملأو حياته , لم يتوقع أبدا أن تكون
له إبنة قد تألمت .. لم يدع أحدا من أبناءه يتألم ولو قليلا ..

اقترب منها , نوى التحدث والإجابة .. ولكنه سقط قبل أن يجيب , كانت الصدمة قوية عليه .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


الرياض , ليلة الخميس .

هذا ما كانت تنتظره منذ زمن , فرحة لا تستطيع وصفها .. وإبتسامة لا تفارقها أبدا .
التفتت إلى أختها الجديدة ’ أحلام ’ التي هي أيضا ترتدي الفستان الأبيض ,
وتمسك باقتها الحمراء .
سعيدة هي بمشاركتها , صحيح أن ما سيحدث سيكون على ألسنة الناس , إلا أنهم
لم يهتموا .
فهذا أقل ما يقدمونه لها مقابل تلك السنين التي عانت فيها .

رحب بها الجميع ورحب بوجودها , ولم ينزعج أحد قط .
وكان هذا الشيء هو ما أراح ’ أحلام ’ وأبيها .
وكان أبيها سعيدا أيضا حين علم أن زوجها ’ سعيد ’ رجل طيب وله مكانته وسمعته
الشريفة في وزارة الصحة القطرية .

أما ’ أريج ’ .. فتقدم إليها ’ سعد ’ بعد رجوعهم من سيراليون بشهر ونصف تقريبا ,
كانت تود الرفض .. لأنه يكبرها كثيرا , إذ أنه يبلغ الخامسة والأربعون .
ولكنها قررت أخذ رأي ’ والدها ’ وإخوتها , الذين قالوا لها أن تفعل ما يحلوا لها ,
ولكن بعد تفكير .. خاصة وأنهم رأوا ’ سعد ’ رجلا طيبا وسيحسن التصرف مع إبنتهم .
ووافقت بعد تفكير طويل , ولم تندم .
رأت فيه الرجل الحنون والشهم , ولقيت فيه كل ما تتمناه الفتاة .
نعم , ستكون سعيدة معه , لا سيما بعد مصارحة ’ راما ’ لها بأنها تتمنى أن تكون والدة لها .


°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


الجمعة
المدينة , الخامسة عصرا .


فتحت باب حجرتها وركضت بإتجاه إبنها واحتضنته بكل ما أوتيت من قوة ودموعها
لم تتوقف سعادة منذ أن قال لها عمها بأنه تراجع عن قراره , وأنها لديها الحرية
الكاملة لتختار شريك حياتها ولن يأخذ منها إبنها .

جلست وهي تمسك بوجهه المستغرب , وأخذت تقبله بكل فرح .
ثم أخذت هاتفها الذي يرن بإسم ( والدتي الثانية ) .
ابتسمت وهي تجيب

( أبشرك يا أمي , عمي لن يأخذ مني ابني , ولن يجبرني على الزواج من إبنه ) .

ردت الأخرى بفرح ( حقا يا سارة , مبروك يا ابنتي .. حمدا لله ) .

’ سارة ’ تمسح دموعها ( حمدا لله , هل هناك ما يقلقك أو يضايقك ؟ ) .

( لا شيء يا ابنتي سوى مستقبلك أنتي وابني تركي , فقد أخبرني ما حدث بينكما ,
وقال لي بأنك رفضته ) .

ابتسمت ( نعم يا أمي , ماذا كنت سأفعل غير ذلك , كنت مستاءة جدا في ذلك المساء ,
حتى تخيلت أني سأموت من الضيقة التي حلت بي بسبب ما قاله عمي , كنت خائفة
على إبني ) .

’ والدة تركي ’ ( هل تعنين بأنه لا يزعجك ولا يضايقك أن تعودي إلى إبني ) .
( ذلك حلمي و أكبر أمنياتي يا أمي , أنا لا زلت أحبه …. وأتمنى أن أعود إليه , ولكن
ليس في هذا الوقت بالطبع , بعد أن تهدأ الأمور , وبعد أن تمر على الأقل سنة أو سنة
ونصف .. أو حتى سنتان , لكي لا يتحدث الناس عني بالسوء , ولا يقولون أنني كنت
أنتظر موت زوجي حتى أعود إلى زوجي الأول ) .

واستغربت من صمت الطرف الآخر , وما لبثت أن تفاجأت بصوت لطالما عشقته ( مستعد
لكي أنتظرك عشر سنين إن أردتِ , ولكن .. يجب أن تعودي ) .

ابتسمت ’ سارة ’ وأغمضت عيناها ولم تقل شيئا .

’ تركي ’ بصوت لا يدل إلا على هيام صاحبه ( أحبك يا سارة , أحبك ) .

ابتسمت ’ سارة ’ بسعادة وأقفلت الخط دون أن تقول شيئا , واحتضنت هاتفها وهي
تضحك من شدة فرحها .

وأخيرا … آن الأوان لتكون سعيدة .



°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°




يتبع ...


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 06-03-17, 08:46 AM   #18

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


تبوك , الثانية عشرة صباحا .

أدخلت المفتاح في الباب وحاولت فتحه ولكنها لم تستطع .
كانت حائرة فعلا من ’ فارس ’ الذي أرسلها إلى منزل والدها منذ العصر , وأمرها أن
تأتي عند الحادية عشرة دون أولادها .

طرقت الباب , وفتح لها ’ فارس ’ مبتسما , وكان متأنقا ..
بثوبه الأبيض , وغترته البيضا .. والقلم الفضي على جيبه … أمسك بيدها وأدخلها
ثم أقفل الباب .

تفاجأت جدا من منظر الصالة , إذ كانت الأنوار جميعها مغلقة , والشموع منتشرة في
كل مكان , وكذلك أوراق ورود حمراء .

أزالت النقاب عن وجهها ونظرت إليه وعلى محياها ابتسامة متسائلة , وقلبها يدق
بشكل غير طبيعي .
مد إليها وردة حمراء وقبل جبينها بعمق .

’ نوف ’ ابتسمت خجِلة , وقالت مرتبكة ( شكرا فارس , ولكني لست أفهم شيئا , لم أتعبت
نفسك , وما المناسبة ؟ ) .

ابتسم ’ فارس ’ وقبل يدها بطريقة رومانسية ( المناسبة , المناسبة …. سأقول لك
الصراحة وأدع الرسمية , حسنا ؟ ) .

أومأت له بإيجاب مبتسمة , فأكمل ( بدأت المناسبة منذ خمس سنين ونصف , مناسبة
رائعة جدا , لا توصف بالكلمات , ثمانية وعشرون حرفا لا تكفي لوصفها , لا يفي
حقها المعلقات الطويلة , ولا قصائد بطول الملاحم , تلك المناسبة التي لم أعرف قدرها ,
انتظرتني ولم تنتهي , صبرت كثيرا على إنشغالي وعدم إهتمامي بها , اهتمت بكل تفاصيل
حياتي , اهتمت بكل ما يتعلق بي من صغيرة أو كبيرة , لم تنبهني خشية إزعاجي ,
ولكنني بقيت أحمقا إذ لم أشعر , وآن الأوان لأعطيها حقها , مع أنني لن أرد لها قدر
أنملة مما قدمته لي ) اقترب منها وأمسك بكتفاها وقرب وجهها منه ( تلك المناسبة
إسمها نوف , أجمل مناسبة على وجه الأرض و …… أعجز يا حبيبتي ) واحتضنها
بقوة ( أنا آسف حبيبتي , آسف على كل شيء , على كل لحظة أهملتك بها , على كل
ألم شعرتي به من أجلي , على إهمالي لك , على عدم شعوري , على إنشغالي , على
كل شيء … كل شيء ) ونظر إلى وجهها بعينان دامعة ونادمة .. معتذرة ( ما فعلته
بك طوال تلك السنين لن يغفر بكلمة آسف ولا بأي شيء آخر , ولكنني أعدك بأن ….. ) .

وضعت ’ نوف ’ يدها على فمه تمنعه من الإكمال ودموعها على خدها
( لا يا عزيزي , لا تقل ذلك … أنا يكفيني وجودك بجانبي , ناهيك عن إعتذارك وعن
هذه المفاجأة الجميلة , أنا حقا سعيدة , ولا أستطيع أن أصف سعادتي لك , أنت
تعرف كم أحبك ) .

مسح دموعها بيده وابتسم ثم قبل جبينها ( لولا تحملك لي , وطيبة قلبك .. لما كنت
الرجل الذي ترينه يقف أمامك يعتذر , و ……. ) ضحك لعجزه ( أنتي تعلمين أني
لا أستطيع الحديث طويلا , مفرداتي قليلة , وأظن أن عبارة واحدة ستعبر عن كل
ما بداخلي ) قبلها ثم همس بأذنها ( أنا لا شيء بدونك ) .

ابتسمت ’ نوف ’ بسعادة , هاهو صبرها قد أتى بنتيجة رائعة , أروع من توقعاتها .



°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°


بعد سنة ونصف .


كم مر من الوقت , كثير .. أليس كذلك ؟

ودعته كارهة تصرفه , عاشت ذكرياته متمنية العودة إليه , وعائدة إليه
( مشتاقة ) ومتلهفة .
تنفست بعمق قبل أن تدخل .. وابتسمت ابتسامة صادقة معبرة عن سعادتها , دخلت
إلى من كان ينتظرها بقرب الباب .
وما إن دخلت حتى توقف عن مشيه يمنة ويسرة وتعلقت عيناه بها , قلبه يدق بسرعة ..
ها هي حبيبته التي كان قاسيا عليها جدا , تقف أمامه بزينتها التي لطالما ندم لعدم
رؤيته بها وبسببه !

وتلك إبتسامتها النادرة التي سلبها منها بتعامله السيء ..
تقدم منها وأمسك بكفيها ( يا إلهي , لا أكاد أصدق .. أنتي فعلا أمامي ياسارة , وبين
يدي .. كم اشتقت إليك , وكم ندمت على ما فعلته بك ) .

ابتسمت ’ سارة ’ بارتباك ( انسى ما حصل في الماضي يا تركي , وأسعدني فقط ) .

اتسعت إبتسامته وضمها إلى صدره , وهمس لها قائلا ( آسف يا حبيبتي , سامحيني ) .

’ سارة ’ ( قلت لك انسى كل شيء ) .

’ تركي ’ ( سأنسى بإذن الله ) .

ابتعدا عن بعضهما قليلا وقبلها ’ تركي ’ بحب .. وأخذ ينظر إلى عيناها وهو لا يزال
ممسكا بكفيها .

حين قالت ’ سارة ’ ( أحبك ) .

’ تركي ’ ( وأنا أعشقك وأهواك , يا سارة الصغيرة ) .

ضحكت ’ سارة ’ ( ما هذا ؟ ) .

’ تركي ’ ( نعم أنتي سارة الصغيرة , قبل ست سنوات .. كان لدي سارتان وأمل ,
والآن لدي سارة واحدة , سارة الصغيرة ) .

( ومن هي تلك الأمل ) .

( أنتي , نعم …. كان لدي أمل بالعيش سعيدا مع فتاة طيبة مثلك , والحمدلله أن
حقق لي ما تمنيته ) .



°•°•°•°•°•°•°•°•°•°• °•°•°•°



النهاية .




أتمنى أن تكون الرواية قد نالت على إعجابكم , فقد فعلت كل ما بوسعي حتى
أخرجها بطريقة لائقة .
كانت جميع الأحداث تؤدي إلى نهاية حزينة , ولكن لعلمي أن النهاية الحزينة قد
تغضبكم وتؤلمني ( نعم .. أتألم لأبطال غير واقعيين ) جعلتها سعيدة .

عشت كل تلك الأحداث حين كتبتها , سعدت على سعادة أي بطل , وتألمت كذلك أيضا .
وهذا لأنني أحب الكتابة بصدق , فلا أكتب موقفا إلا وفكرت فيه عدة مرات ,
وقلبته في عقلي .
هذه الرواية استخدمت حين كتابتها واستعنت بمشاعري لتكون بهذه الصورة .

سعيدة إذا أعجبتكم , وإن لم تعجبكم … فأنا أقدر ذلك الشيء , أذواق الناس ليست
متشابهة .
وربما البعض منكم لم يحبذ اللغة العربية الفصحى , فأقول ….
أنني أرغب في سعيي لتطوري في الكتابة , لأنني علمت أن اللغة العامية أو المحلية
لا تضيف أي شيء في الكتابة الأدبية , بل تشوهها , ولا تساعد على إنتشار ذلك العمل .
وأنا أريد أن أكون كاتبة حقيقية , ليست عادية .. لذا فعلت ما رأيته صحيحا .

رفعت الأقلام .

الكلمة لــ : مروة محمد .


للتواصل والإقتراحات وإبداء الرأي :...



Twitter / @__M_H_5






فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 06-03-17, 09:41 AM   #19

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,429
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .


مــســأء / صــبــاح الـــخـــيــر .

أولا : أعتذر عن عدم التنزيل يوم الأربعاء , ذلك لأن الشبكة كانت ضعيفة جدا فلم أستطع فتح
البرنامج الذي أكتب فيه .

ثانيا :
قبل أن أغادر , أودُّ أن أقول شيئا ...

أنا لا أعلم حقا ما الذي جعل روايتي لا يقبل عليها أحد , ولا يتفاعل معها .
هل كتاباتي هي الغير لائقة ؟ أم أن ذائقة قراء المنتدى ليست توافق رواياتي ..!

حقا شعرت بالضيق , وكلما أتيت لتنزيل فصل أنزلته رغما عني , فقط لأني
لا أحب أن أخالف كلامي , ولأني أحب أن أتقن أي عمل بدأت به .

صحيح أن عرض الرواية على المنتديات ليس غايتي وليس من أهدافي أبدا ,
ولكن الإنسان يحب أن يشعر بالتقدير .

في كلتا الروايتان اللتان أنزلتهما , لا أجد سوى متابعة أو متابعتان ثم يختفي الجميع .
هل هذا معقول ؟
وربما هذه الرواية آخر ما أطرحه هنا , لأنه لا يوجد أحد يشجعني طرح المزيد .


أعتذر إن بالغت أو قلت ما لا ينبغي قوله .


* رُفعَ القلم ..


- مَروة مُحمَّد , MeEm. M سابقا .



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 06-03-17, 06:39 PM   #20

دحومي

? العضوٌ??? » 105535
?  التسِجيلٌ » Dec 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,166
?  نُقآطِيْ » دحومي is on a distinguished road
افتراضي

شكرا روايه رائعه يعطيك العافيه

دحومي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:05 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.