عانق اشواك ازهاري (2)*مميزة و مكتملة* .. سلسلة بيت الحكايا

[الوفى طبعي الوفى]

تسجيل حضور.. عايزة اشوف معاذ واعرف قرار الحج منصور على صقر.. وتشوف ردة فعل شهاب على اللي صار

[rontii]

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 11 والزوار 9)
‏rontii, ‏هبه صلاح, ‏Noorman, ‏اسماء2008, ‏الوفى طبعي الوفى, ‏blackangel, ‏اشراقه حسين, ‏mimi, ‏sara osama, ‏Esraaahmed, ‏Embarka

[Hager Haleem]

تسجيل حضووووووووووووووووووووووو ووور

[إسراء فضل الله]

يلا الفصل مستنين على نااااااااار

[ayattoy]

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 37 ( الأعضاء 27 والزوار 10)
‏ayattoy, ‏زهور الشتاء, ‏الماسيه, ‏Time Out, ‏Laho, ‏yawaw, ‏nsreen ahmed, ‏sona badr, ‏nada alaa, ‏إسراء فضل الله, ‏زهرة الغردينيا, ‏babo, ‏Rawaa k, ‏ToOoOmy, ‏Heba sabry, ‏romiakoke, ‏فاطمة تامى, ‏ملكه الاحلام, ‏sweethoney, ‏eng miroo, ‏rontii, ‏مشاعل 1991, ‏هبه صلاح, ‏Noorman, ‏اسماء2008, ‏blackangel, ‏اشراقه حسين

[ayattoy]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تسجيل حضورررررررررررررررررررررر

[ayattoy]

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 44 ( الأعضاء 35 والزوار 9)
‏ayattoy, ‏mimi, ‏shymaa abou bakr, ‏yawaw, ‏ToOoOmy, ‏knan, ‏دانة 2008, ‏صباح الهلالي, ‏اللهم فرحه, ‏sarah56, ‏real seense, ‏زهور الشتاء, ‏الماسيه, ‏Time Out, ‏Laho, ‏nsreen ahmed, ‏sona badr, ‏nada alaa, ‏إسراء فضل الله, ‏زهرة الغردينيا, ‏babo, ‏Rawaa k, ‏Heba sabry, ‏romiakoke, ‏فاطمة تامى, ‏ملكه الاحلام, ‏sweethoney, ‏eng miroo, ‏rontii, ‏مشاعل 1991, ‏هبه صلاح, ‏Noorman, ‏اسماء2008, ‏blackangel, ‏اشراقه حسي

[shymaa abou bakr]

السلام عليكم بنوتاتي عاملين ايه
الصراحة انا نفسيتي فعلا مش تمام خالص واتمني تفرحوني لان الاسبوع ده كان عصيب حبتين
الفصل هاينزل حالا ان شاء الله
ركزوا عشان في اشخاص كتير مهمة هتظهر
اللي مش فاكر سليمان مين..... سليمان ده اول طفل اتعرف عليه علاء ف بيت توبة
كمان عايزة اقول حاجة
في مشاهد زي مثلا اكرم وهند او عدي وسهر او قيس وبتول. بيبقي مش شرط اكمل يومياتهم اعتبروها اشبه بقصة قصيرة جوا القصة الكبيرة❤❤❤❤❤

[shymaa abou bakr]

الفصل الثامن عشر

بالرغم من مغادرة نعمان... الا ان الصمت الذي عم المكان كان صاخبا حادا ..دون ان يجد شخصا مايقال ... ولا حتي الحاج منصور الذي اطرق مستندا علي عصاه
( اذا ياجدي...)انتفضت غفران علي صوت عز وهو يهتف بمرح ( هل ننتقل للمجلس الكبير لقراءة الفاتحة في حضرة السيدات)
كانت اول من ابتعدت شبه راكضة هي غفران خوفا من لحظة تجمعها بشهاب...
شهاب الذي بدا كتمثال رخامي لايتنفس حتي... وقد حرص ان لاتلتقي نظراتها المستجدية بنظراته
كانت الجلسة في بدايتها متوترة مشدودة بعد ان سمعت النساء اطراف مما حدث.
ولكن مع مزاح ام اصلان وهزيمة وحديث الحاج منصور الممتع بدأ الأوضاع في التحسن....
الا من بضع نظرات مرتعبة من عينين بلون البن لاخري كانت نبعي حنان اخضر .... تحولت ليابس
اما إبراهيم فكان في حالة صدمة وهو يري تلك السيدة التي سب شرفها لسنوات بينه وبين زوجته تجلس بعباءتها السوداء وحجابها المحتشم... تفيض عينيها حنانا لاولادها.
( استغفر يا إبراهيم... استغفر عل الله يغفر لك رمي المحصنات)
همسة رقية اتبعتها ربتة حانية علي ذراعه تؤازره
( ياعمي منصور... يا أبا حسن) خبأت غفران وجهها بين كفيها وكأن شهاب بندائه الجاف هذا سيحكم عليها بالاعدام.... بإنهاء حبه لها.
قال شهاب بصوت مغلق تماما وملامح جامدة
( كنت اتمني لو توافقا علي ان يكون عقد القران بعد أسبوع لانني مضطر للسفر مع ابي واخواتي في رحلة...)
ثم التفت اليها لعلن ساخرا
( طالما ان غفران خطابها كثر... علي التأكد ان لا اعود لاجد غيري قد خطبها)
ضحك الجميع علي المزحة... الا هي فقد عرفت انها لم تكن مزحة علي الاطلاق.
اقترب معاذ من خاله هامسا بخبث
( ما رأيك يا خال لو عقدت قراني علي جميلة مع شهاب وغفران... فكما سمعت ملهم قد ارسل لامه دعوة لزيارته علها تساعده قليلا في العناية بزوجته)
أجابه منصور بلهجة الفاهم
( وهل تساومني يا معاذ علي زواجك من حفيدتي في مقابل موافقتي علي طلبك السابق؟)
ضحك معاذ غير مدرك لجميلة التي انهارت شوقا لضحكة لم تسمعها من سنين
( لا يا خالي ابدا.... زواجي من جميلة مصيرها ومصيري... ولكني اساومك علي طريقة انتقامي منها بعد الزواج... هل سأفعل ما ارغب ام اتصرف علي طريقتك)
نظرة منصور المتسائلة جعلته يستطرد شارحا
( لو كان الامر بيدي لكنت قتلتها... انتزعت قلبها الخائن وزرعته في صدري ورويته من جديد من حناني ووفائي حتي تزهر جميلة جديدة في روحي... لاتعرف للخيانة طريقا...)
رفع يديه باستسلام
( لكني سأعاملها واقوم الخلل فيها بطريقتك.... بالرغم من اني لا اضمن ان يكون هذا الحال دوما)
انفض الجنع أخيرا واتجه الشباب للاحتفال بمعاذ وشهاب وهلال الذي اصر باستماتة علي مشاركتهم يوم عقد القران.
لم يكن احتفالا بل جلسة جنائزية في بيت معاذ وصقر... جعلت عز يهتف بمسكنة
( صدقت الست حين قالت" اهل الحب صحيح مجانين") انفجر الجميع ضاحكا وهو يصححون له لكنه اصر
( لا والله اري بالفعل ان اهل الحب مجانين.... يرتكبون ما لايرتكبه عاقل... يعشقون الألم ويتلذذون بتعقيد الأمور... اذن مجانين او أخطأت انا!)
هم شهاب بالرد وهو يعرف ان عز يقصده الا ان نور الذي انضم لهم لأول مرة أجاب بتعقل وهو يقطم تفاحة بيده
( لا اعتقد انها " اهل الحب صحيح ظالمين" لان الحب يعطيك القدرة الكاملة علي تجربة إحساس الظالم وانت تتجبر علي حبيب مدرك عدم قدرته علي صدك... والسبب قلبا يتهاوي تحت وطأة حبك)
خبط معاذ كفيه بغيظ من تفاسير هؤلاء الصبية " في نظره"
ليرد أخيرا حسن بعيون حالمةلاتتناسب مع ملامحه القاسية
( تصورتها دوما" اهل الحب صحيح مفتونين" يتشربون فتنة الغرام علي مهل حتي الثمالة)
قاطع هلال هزرهم وهو يسأل
(اين صقر! لم نره الليلة..)
تطلع كلا من معاذ وشهاب لبهاء الجالس كعادته الأيام السابقة شاردا قبل ان يقول بنزق
( ذهب في زيارة لاسرته...)
انخرط الجمع في أسئلة عن عائلة صقر الغامضة الا عز الذي اقترب من بهاء يشير بملامح بريئة
( بهاء تبدو شاردا مشغول البال... بإمكاني مساعدتك)
ابتسم بهاء باستخفاف دون ان يرد علي عز الذي استطرد وهو يمد يده بورقة مطوية غامزا
( الحساب الشخصي لمهيرة علي موقع الفيس بوك.... سرقته من رحيق)

وصل أخيرا بعد رحبة دامت اكثر من خمس ساعات... ولكن ما اراحه انه وصل في جنح الليل كما أراد تماما
أوقف سيارته السوداء بجوار البيت الكبير وقفز خارجها وشوقه يهلكه
كان نسيم الليل المعبأ برائحة الالارض المزروعة هو ما لفح وجهه ورسم علي وجهه ابتسامة حنين
لم يكن من الصعب فتح الباب الحديدي الخارجي او حتي البوابة الخشبية الداخلية.... فتلك هي بلدته حيث لا وجود لخوف المدينة ولاتوترها.... هنا حيث الأمان
بمجرد دخوله وقف امامه وهدان قبل ان ينخرطا في عناق رجولي حار ووهدان يهتف
( لماذا اصررت ان لا انتظرك بالخارج! كنت اتمني لو اقمت الافراح بعودتك)
لم يرد عليه صقر بل ابعده عنه وهو يتطلع فيه بتفحص وفخر
( كبرت يا وهدان وكلما رأيتك اراك اكبر من سابقتها وانضج)
فرد عليه وهدان بلهجة تقطر اكبارا واحتراما
( اما انت يا صقر فدوما الأكبر في نظري... انت فخري وعزتي)
تنهد صقر بأسي رغما عنه وقلبه ينقبض لكلمات الاحترام التي يغدقونها عليه والتي يبغضها... لانها لسبب شنيع
( ابوي) الصيحة قاطعت حديثهما وافكاره وهو يلتفت لمصدرها بلهفة يجري اليها ويلتقطها في احضانه حاملا إياها بين ذراعيه لاتلمس الأرض
( امي.... امي اشتقتك ياام صقر ... اشتقتك كثيرا)
كانت امه عصية الدمع تزرف دمعات خجلة من الفرح بلقياه بعد كل تلك السنوات
( اذا كنت اشتقت امك يا ابوي كنت اتيت لزيارتها ... لكن قلبك قاسي )
كانت تقول كلماتها الاخيره وهي تدفعه عنها بغضب واه وهو يشدها لاحضانه يقبل رأسها
( تعرفين يا امي اني قاطعت البلدة وانتهيت منها .... لماذا لم تأت انت لزيارتي كما يفعل وهدان ... لقد ترجيتك كثيرا )
خبط علي صدرها وهي تقول لائمة ماقصم ظهر صقر
( وتعود فؤادة فلا تجد أمها في انتظارها.... لا والله سيحزنها ذلك ويكسر خاطرها)
نظر صقر لوهدان الذي رفع كتفيه بقلة حيلة قبل ان ينهي الموقف
( هيا ياصقر تعال لتسلم علي ابي)
كان مع كل درجة من درجات السلم يشعر بها حوله يسمع صوتها حي في الأركان وحواراته معها تعصف بذاكرته
( صقر... ستأخذني للقاهرة ونذهب للسينما ونشاهد فيلم رعب)
(( لن اخرج معك للسينما ثانية ابدا... في اخر مرة كنت تصرخين كالاطفال))
يراها تجري خلفه وتتعلق برقبته من الخلف وهي تترجي
( لن اصرخ.... ارجوك ارجوك... وافق وسوف اهديك هدية)
يضحك عليها وهو يقول بسخرية محبة
(( وماذا تملكين انت ياشحاذة... لكي تهديني إياه))
تستغرق في التفكير لثانية قبل ان يشرق وجهها الأسمر بإبتسامة
( سأهديك حبي الذي وان جبت العالم كله لن تجد اصدق منه يااخي)
لم يدرك انه وقف متسمرا امام غرفتها لدقائق الا حين دفعه وهدان بحنان
( هيا ياصقر ... ابي في انتظارك)
وكما ينضج وهدان.... يزداد والده هرما وعجزا
اقترب منه صقر يحييه في جلسته فوق سريره ويقبل كفيه بينما والده يقبل رأسه بأكبار
نظرة والده المتسائلة عن سبب حضوره كانت تسبق الكلمات ليعلنها صقر بقوة
( اريد ان اتزوج يا ابتي... اريد ان اذهب لبيت اهل عروسي .... صقر الصعيدي بجواري اب واعمام تهتز الأرض من هيبتهم)



جلس خلف مكتبه كعادته في تلك الساعة المتأخرة يعمل بجد ... مدمن علي العمل ... هكذا يسمونه موظفينه وأصدقائه
ابتسم بسخرية... أصدقاء ! ليس له سوي صديق واحد يتحمل جنونه ونزوات غضبه العاتية
ليس مدمن علي العمل كما يلقبونه.... انما يبحث في العمل عن مسكن ... راحة
وبالرغم من تخطيه حدود الثراء بمراحل ... الا ان الثراء لم يطفئ نيران الثأر بداخله
نيران حولت حياته لجحيم... وحولته هو شخصيا لوحش
حتي بإبتعاده المدروس عن البلد بأكملها لم تهدأ النيران ولم يهدأ الوحش
قاطع أفكاره رنين الهاتف الخاص... هاتف ينتظر رنينه منذ سنوات
رفعه بسرعة وهو يسمع الاخر يهتف بلهجته الصعيدية
( يا رماح باشا .... وصل صقر الصعيدي البلدة منذ ساعة)
ازاح كل مافوق مكتبه بعضب عارم لسماع اسمه... ولأنه بعيدا لن يستطيع الوصول اليه في التو
لذا قال بصوت مخيف
( اسمع.... تتبعه ولاتتركه يغيب عن عينيك للحظة حتي حين يسافر... اريد ان اعرف كل شيء اين يعيش وأين يعمل .... هل فهمت؟)
أجاب الرجل الاخر بتلهف لرضا رماح
( اليس من الأفضل ياسيدي ان انهي حياته قبل ان يتوه من يدينا ثانية)
صرخ رماح مفزعا الطيور في اعشاشها
( لا اياك ان تمسه ...)
صمت لثوان وعيناه تشتعلان نارا مرعبة
( فتلك مهمتي انا)

وصل يونس في الصباح الباكر للدار مثقل القلب ... حتي شعر بهذا الثقل يجتاح جسده كله مخلفا وراءه كهل لا يقو علي الحركة
حديثه مع امه بالأمس ترك في قلبه غصة وأصاب روحه بالكدر
كان ذلك في وقت متأخر من الليل بعد ان نام الجنيع ... الا هو بقي مستيقظا مع رسائلها تحكي له ماحدث
وتستشيره في دورها في الأيام المقبلة
" الغبية هوينا كانت مصرة علي ان نعود للبيت مع ابي وامي ولكني اصررت علي البقاء في بيت جدي واقنعت حسن "
لم يتمالك يونس نفسه وانفجر ضاحكا من تباسطها معه في الحديث وكأنها تحدث خطيبها او زوجها.... هي لاتفكر في وقاحة ماتقول... تتحدث بما يجول في خاطرها
( لا حرمنا الله من هذه الضحكة) قالتها امه وهي تربت علي كتفه متفاجئة من استيقاظه حتي تلك الساعة
امسك كفها وجذبه لشفتيه يلثمه باكبار وهو يردد ( لا حرمنا الله بركة وجودك بيننا اماه)
جلست علي الكرسي المقابل وكعادتها كانت مباشرة وهي تسأل
( لقد حكت لي بدور كل شيء عن هينا ...)
ضحك يونس وهو يحاول التهرب من الموضوع الذي كان من الواضح ان امه ستفاتحه فيه
( امي اسمها هانيا وليس هينا)
شوحت امه بيديها وهي تقول
( اسمها صعب جدا هأسميها هينا اسهل.... علي ايه حالحكت لي بدور عنها وعن مشاعرها تجاهك وكنت اتسأل متي سنذهب لبيت الحاج منصور نطلبها)
زفر يونس بتوتر لا يخلو من الاسي وهو يصرح بصوت هادئ
( امي... أيا كانت مشاعر هوينا تجاهي... فهذا شيء يخصها وحدها لا يحق لي التحدث عنه... لكن مايحق لي ان أؤكد لك ان ما ترمين اليه مستحيل يا امي)
تخصرت امه وقد تخلت عن النبرة الهادئة لتتحول لعنف امومي
( ما هو المستحيل يا ولدي وهل ستجد عائلة منصور من هو افضل منك!)
تنهد يونس ورغما عنه يشعر بالحزن
( نعم يا امي ستجد... اختها سيتقدم لخطبتها مليونير وصاحب أراض من الصعيد... عمتها ستعقد قرانها علي شهاب ابن الحاج اصلان واحد من كبار تجار الاقمشة في البلد... ولن اسرد لك عن باقي نسائب العائلة... ولن اطرق امر مرضي)
قاطعته بحدة
( وهل تنظر لنفسك علي انك اقل من أي شخص من هؤلاء؟ انت افضلهم .... انت محارب)
قال وهو ينهض عل امل انهاء الموضوع
( امي ... ارجو ان لانتطرق لهذا الموضوع ثانية.... ففي النهاية لا اشعر تجاهها سوي بالصداقة او الرغبة في النصح)
كان غضب امه قد وصل لاوجه وهي تواجهه بملامح ثائرة
( اذا لا اري داع للرسائل حتي منتصف الليل... او التواجد للساعات معها في الدار... ان لم تكن تنوي جد معها ..

يونس ليس هو الرجل الذي يتلاعب بمشاعر فتاة... ويجعلها تغرق في غرامه اكثر وهو لا ينوي سوي.... صداقة)
لذا ما ان دخلت تلك المبهجة تداعب العجائز والأطفال بشخصيتها المنفتحة المنعشة ... حتي ناداها مستدعيا لمكتبه
بدا وانها لم تلاحظه عند دخولها الدار ... فما كان منها حين التقت العيون حتي اهدته احدي ابتسامتها التي تزلزل كيانه الثلاثيني بعبث
جلس خلف مكتبه ينتظرها وهو يعيد تلك الخطبة العصماء التي رددها علي نفسه منذ حديثه مع امه منذ سويعات
دخلت بعد طرقة منغمة علي الباب
حيته بنظراتها المشتاقة والتي تجاهلها حتي تلك اللحظة بامتياز وهو ينتقل من موضوع تافه لموضوع اتفه حتي قرر ان اللحظة حانت.
( الان حانت لحظة الخبر السعيد...) قالها بحماس زائف ... ولأنه رجل حقيقي مئة بالمئة فقد بدا الزيف في كلماته واضح كزي لامع.
( سأتقدم خلال أيام لاحدي قريباتي) رفع نظراته لوجهها متوقعا ثورة عنيفة... او شجار عاتي... الا ان الابتسامة الواسعة التي قابلته كانت ابعد ما توقع...
( انها سيدة مطلقة مثلي اصغر مني بثلاث سنوات فقط.... لذا فالوضع مناسب تماما) رغما عنه مع كل كلمة يقولها ولازلات الابتسامة نفسها منها... كان شعور غبي بداخله يزداد.... خيبة رهيبة.
امضي بضع لحظات اخري وهو يعدد مزايا تلك السيدة الخيالية..... والخيالية هنا ليست ميزة... بل هي خيالية أي من صنع خياله
توقف عن السرد وهو يراها تنظر لساعتها بملل واضح فزمجر من بين اسنانه
( اذا كان حديثي يعطلك .... فأعتذر عن مشاركتي اياكي في اخباري الشخصية)
عقدت ذراعيها خلف ظهرها وهي تتمشي في الغرفة مطرقة الرأس بتفكير عميق... فبدت برغم قامتها الطويلة اشبه بالمحقق كونان ... لاينقصها سوي نظارتيه.
ثم قالت بعد عدة دورات
( اذن هناك تلك السيدة الجميلة المطلقة المناسبة جدا في حياتك الشخصية! هل فهمت الامر بطريقة صحيحة؟)
لم تدع له فرصة الرد وهي تقترب من جلسته خلف المكتب لايفصل بينهما سوي... بملامح متغضنة كتلك التي تستعملها لتدلل طفلا
( اووه يونس يبدو اني لم اكن واضحة بما يكفي... لاتحزن ارجوك فالخطأ كله خطئي)
ثم تحولت نظراتها للشراسة الناعمة التي تجعل نبضات قلبه تتسارع مع بعضها لتلحق شذاها
( اذن لنعد الدرس من اوله... انت ملكي... حياتك الشخصية تلك التي تتحدث عنها ملكي.... كما اني لن اسمح ثانية ان تتحدث عن امراءة الا والدتك... وبعد ان ادرس اخلاقها جيدا)
قالت تصريحها الأخير وهمت بالخروج معلنة انتهاء الحديث الا انه قطع عليها الطريق سريعا يقف بينها وبين الباب هاتفا بأنفاس متلاحقة
( ومن قال اني ملكك؟ ومن نصبك علي حياتي سلطانة؟)
سلطت نظراتها العاشقة علي عيتيه وهي تبوح
( اسال نبرتك المشتاقة لرد فعلي وانت تحكي... اسال انفاسك المرتعشة الان امامي... متي كانت اخر مرة ارتعشت انفاسك امام امراءة يونس! اجبني!)
تلجلج وقد تاهت الاحرف عن لسانه الا انه تمالك نفسه قليلا وهو يبتعد وقد أصيبت اعصابه باعصار
( انت وقحة ..)
هزت رأسها باصرار رافضة
( انا احبك.... وكلما تأقلمت اسرع مع تلك الحقيقة ... كان افضل لكلانا)


جلست مهيرة تستمتع بمفتجان قهوتها الصباحي بلا استمتاع حقيقي.... لقد فقد كل مايحيطها بهجته منذ ابتعادها عن السفاح
ابتسمت بشجن وهي تضبط نفسها بالجرم المشهود ثانية وهي تتحدث عنه بين وبين نفسها بلقبه المحبب لقلبها" السفاح".
تطلعت حولها بلا ادني اهتمام لحديقة بيت ابيها في الأردن وقد كانت تلك الحديقة يوما جنة... مالها الان تبدو كمستنقع كئيب.
ومال لضحكات الأطفال حولها اشبه بصراخ وعويل... السبب هو ....... زفرت بحنق تكاد تلطم نفسها لان افكارها تجري كأحصنة في حلبة سباق مغلقة
اغمضت عينيها واخذت نفسا عميقا تعد لعشرة قبل ان تخرجه ببطء وهي تؤكد لنفسها
( نعم... انا لم اخطئ ... بل فعلت عين الصواب)
( طبعا لم اخطئ كيف كنت سأتعايش مع فكرة حرمانه من العمل الذي يجد فيه ذاته... بهاء خلق كضابط ... رجل امن... لا يشعر بهويته سوي في تحقيق العدالة بالقوة والرصاص... من انا لاسلب منه كل هذا)
وضعت وجهها بين كفيها ولازالت احرفها تتعثر بين دمعاتها
( انا متأكدة ان شرفه وكلمته كرجل كانت ستمنعه من التراجع عن خطبتي حتي وان أراد... لذا كان سيضحي بعمله ويكرهني في النهاية)
( لايمكن ان يكره احد التمرية.... لازلت اراك مخطئة) رفعت مهيرة وجهها تواجه اختها التي ربتت علي كتفها تهدهدها
لحن... اختها وابنة علاء وتوبة الكبرى... رفيقة العمر وصديقة الدهر
( يا لحن... الحياة ليس بالابيض والأسود فقط ... وانت اكثر من تعرف هذا) هتفت مهيرة بنزق وهي علي يقين ان لحن ستعيد علي مسامعها التقريع الذي اسمعتها إياه الأيام السابقة... منذ اخبرتها وحدها علي سبب علتها
( اتقصدين لاني محامية! ولكن كوني محامية للفقراء وأصحاب المشاكل العويصة جعلني اتاكد اننا نضيع كثير من عمرنا في مشاكل حلها يكون بأسهل الطرق ولكننا نختار اكثر الطرق التواءا)
هتفت مهيرة باندفاعها المعتاد
( وما هو الحل من وجهة نظرك ايتها الانيقة؟ ان اذهب اليه اطلب منه ترك عمله ليتزوجني)
رفعت لحن كتفيها للاعلي بلا تعبير
( لا ولكن كان عليك اخباره بماعرفت وتخييره... ليكن بعلمك عاجلا اواجلا سيعرف بهاء بأمر هذا القانون وحينها سيحملك ذنب الألم الذي سببتيه له... حتي وان عرف بعد ألف سنة)
كانت تعرف ان كلمات اختها صحيحة مئة بالمئة ولكنها لم تكن ستتحمل الوقوف في وجه السفاح... كانت مقارمتها ستنهار تماما اما تلك الجاذبية الخطرة التي تلاعبت بقلبها.
لم تجد ما تقول فأثرت الصمت وهي تسمع زوبعتهم الصغيرة آتية وصوتها الحاد المزعج يسبقها
وقفت نغم الابنة الصغري لعلاء وتوبة متخصرة مغاضبة بعد ان وصلت أخيرا مع والديها للطاولة في الحديقة
( هذا هو قمة الظلم... ان لاتأخذا رغباتي عين الاعتبار هذا هو التعسف والديكتاتورية)
رمت لحن رأسها للخلف مستغيثة بينما مهيرة تلف عينيها بملل واضح
فهذه هي المحادثة اليومية بين نغم ووالديها.
تطلعت مهيرة بحب لا يخفي في عائلتها الثانية.... الاب والام اللذان اجادا زرع حب العمل التطوعي وحب مساعدة الاخرين في روح بناتهم حتي النخاع
حتي لحن والتي تبدو كسيده اعمال صغيرة خرجت لتوها من مجلة " فانتي فير" يعرف الجميع انها محامية شرسة تدافع عن المظلومين والفقراء... ويتنبأ لها الجميع بمستقبل باهر في الأوساط السياسية
اما نغم فكانت النقيض... ببنطالها الواسع زي الجيوب المتعددة وقمصانها الرجالية... في صفها الثاني الجامعي الا انها لم تدع مظاهرة او وقفة احتجاجية في الأردن او مصر الا وانضمت لها وكان هذا سبب الخلاف
ردت توبة وقد اكسبها العمر القليل جدا من الحكمة
( لا يمكن ان ندعك تسافرين لبلد اخري في الوقت الحالي.... علينا التخطيط لزفاف اختك)
زفرت نغم بحنق زائد وهي تتطلع في علاء المبتسم لها بمراضاه
( مالي انا ومال الزفاف ومؤسسة الزواج التي تقوم علي سلب المرأة نصف حياتها ان لم تكن حياتها كاملة لتنجب وتطبخ وتترك العمل الميداني)
اعتدل علاء في جلسته معترضا
(لا أتذكر اني سلبت من امك نصف حياتها لاجعلها تطبخ وتنجب)
سارعت نغم حينها تسترضي
( وهل في هذه الدنيا رجل مثل ابي علاء)
شعرت فجأة بيد ضخمة ترفعها عن الأرض كلص غسيل وتلفها لتواجه صاحب اليد... سليمان مقطبا
( هل تشككين في كوني سأكون زوج سئ لاختك ثانية؟)
حركت قدميها في الهواء كدجاجة وهي تسترضيه
( بالطبع لم اقصدك انت ... انت اخي وتربية ابي وامي والمدارس الفرنسية... بالتأكيد لن تسلب نغم حياتها)
تطلع سليمان في نغم التي تخضب وجهها خجلابعشق واضح وهو يقول
( بل سأعطيها حياتي وعمري كله راضيا)
كانت مهيرة تراقب الموقف برمته بمشاعر متباينة مابين السعادة الخالصة... وتلك الغصة الغبية التي تستحكم في حلقها وهي تتخيل بهاء في العشق كيف سيكون
هل كان ليصبح ديكتاتورا يسجن حبيبته بين الضلوع! هل كان ليصبح في اخلاص ابيه واخيه ام سيتلاعب بغيرتها!
تقر انها من الان تتحرق غيرة وهي تتخيله مع اخري ولكن عادت وهمست لنفسها (فعلت عين الصواب)

جلست ريدا بابتسامة مشرقة امامه علي طاولة الإفطار التي دعته اليه في مطعم الفندق... ونعمان لازال غارق في حالة من عدم التصديق والاستنكار.
تذكر حين وقف امامها بالأمس مسمرا بعد طلبها ...
" لقد تقدمت فتاة لخطبتي.... يبدو اني عنست بالفعل حتي رأف الجنس اللطيف لحالي"
حدث نعمان نفسه وهو يري ريدا بجلستها الانيقة ... بذلتها السوداء لاتخفي رشاقتها والتي لاحظها كرجل من قبل في مشيتها بكعب عال ... لم تغير في نفسها أي شيء نفس تصفيفة الشعر ونفس لمسات التجميل العملية... كلها تخبره بوضوح كم هي انثي مسيطرة واثقة من نفسها
تنحنح وهو يعفيها الحرج
( ريدا... اعتقد ان عرضك بالأمس كان انفعاليا ومن وحي اللحظة... لذا لاتتحرجي في سحبه الان)
كانت لازالت علي ابتسامتها المغيظة والتي تضعها في وضع التحكم دوما
( ومن قال اني سأسحب عرضي.... لازلت عند موقفي ... بل وسأعيده عليك ثانية... سيد نعمان اذا كنت تبحث عن زوجة فأنا بالخدمة)
وكأنه يسمع العرض للمرة الاولي اتسعت عيناه في دهشة وهو يسأل
( ولكن لماذا!)
لماذا ... سؤال بسيط ولكن الإجابة عليه قد تستغرق سنوات... ولكنها واعدت نفسها ان لاتبوح
لذا رفعت كتفيها بلا مبالاة تنهي المناقشة
( لي اسبابي واحب ان احتفظ بها لنفسي)
ابتسم بسخرية غير خافية
( حقا! وحتي وان اخذت عرضك عين الاعتبار ... هل تتصورين ان أوافق قبل ان اعرف عنك ادق التفاصيل)
اتسعت ابتسامتها المهنية وهي ترمي مفاجأتها واحدة تلو الأخرى
( سيد نعمان.... اذا اخذت عرضي بعين الاعتبار فلي عدة شروط
أولها... انك ستقبل بالمعلومات الصادقة التي سأقدمها لك وتكتفي بها
ثانيا... انا لن اقبل منك فلسا واحدا لا كمهر ولا مؤخر ولن اقبل أي هدية ثمينة
ثالثا...سنأخذ كافة احتياطنا حتي لا يحدث حمل)
كانت صدمته تتصاعف مع كلماتها ولكن ما تلي كان ابعد من خياله وهي تنهي شروطها
( ورابعا والاهم.... سيكون الزواج لثلاثة اشهر فقط لايزيد عن الثلاثة اشهر ساعة واحدة....)
كانت تري ملامحه التي تتلون بالشراسة وتدرك ان شروطها لن تلجم لسانه طويلا.... لذا وقفت بسرعة وهي تبتعد متجهة لمنتصف ردهة الفندق.
ولكنها عادت بعينين تلمع بوعد انثي تتحرق شوقا لرجل... انثي اعياها الاحتياج لاحتواء ... تهمس له بتغنج
( اعدك انك بعد الزواج بساعة ستنسي كل تلك الشروط ولاتتذكر الا انك حينها معي)
ثم ابتعدت تاركة نعمان في حالة لايحسد عليها

بعد مرور يومين علي تلك الجلسة العائلية الحامية كان الوضع اقل مايقال عنه بالنسبة لغفران... مزري
فمنذ رحيله مع اهله ... لم تتوقف غفران عن ارسال الرسائل لشهاب ومحاولات مستميتة لمهاتفته. الا انه لم يرح قلبها حتي برسالة عتاب
" هل اسقطتني من حياتك فجأة! وكأني لم اكن يوما فيها... بل لم اكن يوما انا حياتك"
أرسلتها خلسة وهي تجلس جوار صديقتها في العذاب... جميلة ... يراقبان جنون هلال برحيق ببعض الغيرة
فقد بدا علي الثنائي الشاب وكأن السعادة لم تعد قادرة حتي علي احتوائهم.
امتلئ محل الصائغ الكبير بنساء عائلة منصور يقودهم هلال... ومعهم دلال
كان ذلك بعد ان حضرت دلال وحدها لشراء شبكة غفران معللة بابتسامة متحرجة
( شهاب ابني عتيق الطراز... ولازال مع الاعتقاد السائد بعدم رؤية العروس قبل العقد)
ثم هتفت متحمسة تقسم
( ولكنه اعطاني ذلك المبلغ واقسم علي ان لا اعود بقرش واحد منه)
اتسعت الاعين وهم يرون دلال تغرق غفران بالمصوغات... حتي ان رقية مالت عليها تسألها عن البلغ الذي حدده شهاب ... لتشهق في صدمة حين سمعته
انتحت غفران جانبا ترسل له وهي تقاوم دموعها
( لماذا كل تلك التكلفة! كان سيرضيني فقط وجودك)
ولأول مرة منذ ماحدث رد عليها في رسالة مقضبة
( لا ابحث عن رضاك... والا لكنت اهديتك ما اقتنيته لاجلك من سنوات)
بالرغم من وجعها لرسالته المهينة الا انها سارعت بالرد قبل ان يعود لصمته
( ارجوك شهاب.... تعال لبيت عمي اليوم وسأشرح لك كل ماحدث بلا كذب ولا موارة)
( لا) حرف واحد ذبحها فطأطأت رأسها بخزي ... الا ان خبطة في جنبها نبهتها لتلك التي وقفت تتابع الموقف فهمست لها جميلة بتحد
( قولي له لن اقبل بالرفض... ان لم تأتني سأزورك انا ولن اهتم بكلام الناس)
سارعت غفران تنفذ وترسل كلمات جميلة ووقفت كلتاهما في انتظار الرد الذي اتي في صورة اتصال ... كبست غفران زر الرد بسرعة وهي ترتجف لتسمع صوت شهاب الجليدي
( لقد حاولت بصدق تجنيبك لقائي قبل ان اهدأ... لكن انت من سعي لذلك... فتحملي)
وانهي المكالمة... وماكانت سوي دقيقة حتي سمعت غفران ضحكات دلال وهي تشدها لتقبلها
( لم يتحمل ابني شهاب أفكاره البالية... سيأتي لزيارتك الليلة)
وحينها تحولت الأنظار من غفران لجميلة التي تجاهل خطيبها تماما امر الشبكة ولم يبد أي نية لشراء حتي خاتم الخطبة.
أوقف شهاب بملامح جامدة سيارته امام بيت منصور في المساء ....
( غبية يا دميتي... انت غبية... فيك تسرع النساء وعدم صبرهن) كم تمني ان تترك له المساحة الكافية ليهدأ ولكنها هي من جلبت لنفسها ما ينتظرها.
فتحت له هوينا الباب بابتسامتها المشرقة الخجول
( اهلا بمروضة الصقور...)
وضعت كفها تخفي فمها بخجل حين حياها شهاب تلك التحية بابتسامة.
تذكر مكالمة صقر السرية له منذ قليل
( اسمع... عرفت انك ستذهب لزيارة خطيبتك اليوم من بهاء بالصدفة) ابتسم شهاب وهو يسمعه متيقنا انها لم تكن صدفة وانه يخطط لذلك منذ ليلة الخطبة
( نعم ياصقر سأزور خطيبتي... هل تمانع؟) أجاب شهاب مستفزا
سارع صقر بلهفة
( لا بالعكس انا ارحب وبشدة... شهاب ... انت شيخ العاشقين... ألا تساعد زميل قد عاقبه الله بشخص ثقيل يغلق امامه الأبواب اسمه معاذ؟)
ضحك شهاب بقوة علي صقر... الذي لم يتخيله يوما كما قال... زميل
عاد شهاب لتلك الخجول امامه مخرجا هاتفه وهو يقول بصوت مسموع
( هوينا... صقر طلب مني ان تحادثيه لانه يريد سؤالك علي أماكن بعض الملفات المهمة) ثم اتجه بعدها برزانة ليحيي المتواجدين.
كان شهاب بالفعل قد ضغط الرقم... لذا ما ان وضعت الهاتف فوق اذنها حتي اتاها صوته المخيف ملهوفا
( شهاب... هل رأيت هوينا... هل أوصلت لها سلامي؟) كانت تلك هي اقصي امانيه ... ان يبلغها شهاب سلامه.... لم يتخيل انه لن يجد من يواسي العاشقين... اكثر من شيخ العاشقين.
لم ترد لثوان قبل ان يخرج صوتها مهتزا حياءا وشوقا
( اهلا سيد صقر كيف حالك؟) ليقابلها الصمت
لم يرد فاستطردت خشية ان يلاحظ احدهم صمتها
( سيد صقر... اخبرني شهاب انك تحتاج...)
قاطعها بصوته الاجش
(احتاجك..)
كلمته تسللت الي روحها تدعوها للذوبان الا انها تماسكت وقد شعرت ان عيني جدها منصور مسلطة عليها
( نعم ... ما هي الملفات التي تحتاجها بالضبط؟)
وصلتها ضحكته المزعجة التي قد تخيف وحوش الأرض... الا انها لاذنيها نغم
( نعم... اسمعي احتاج ملف اسمه هوينا... هو ملف رقيق وبرئ ووعدني ان لا احتاج لغيره من الملفات طالما هو موجود)
لم ترد وصدرها يعلو ويهبط لغزله الرقيق فاستطرد
( كما ان هذا الملف يختلف عن أي ملف قد ترينه في حياتك...هذا الملف له اعين بلون البحر لاتري سوي الجميل في البشر... لاتري قبحهم ولا دناءتهم... حتي اني اتسائل ماذا فعلت في حياتي ليهديني الله ملفا كهذا)
همست له بسرعة وهي تري منصور يشير لها ان تقترب
( عفوا سأنهي المكالمة سيد صقر لان الملف الذي تتحدث عنه يبدو وكأنه سيتعرض للتمزيق)
سارع صقر يهتف قبل ان تنهي المحادثة
( اسمعي هوينا... شكرا لسماحك لي بسماع صوتك اراك علي خير... يا كل الخير)
إشارة منصور الملحة جعلتها تنهي المكالمة بلا رد لتجري اليه وهي لازالت في محاولات يائسة للسيطرة
( اريد فنجانا من القهوة هوينا من يدك... حتي افكر بذهن صاف) طلب منصور كان غريبا لكنها لم تكن في كامل تركيزها ان تعلل طلبه... وتركيزها كله مع ... صقر

بعد جلسة لم تطل عرضت رقية علي شهاب وغفران ان يذهبا للجلوس في الحديقة حتي يكونا علي راحتهما
لم تخف علي غفران ولو للحظة ملامح شهاب الجامدة... وعينيه التي تحولتا من سهل اخضر لغابة مهيفة لم تعد تأمن التوغل فيها.
علي عكس ماظنت... لم ينفجر فيها حينما اصبحا وحيدين او يعاتبها... بل جلس امامها كتمثال وعلي وجهه ابتسامة صغيرة ساخرة
( شهاب... اعرف اني أخطأت حين كذبت... كنت أتصور ان الموقف برمته انتهي ولا احتاج لاعادة ذكره... ارجوك اغفر زلتي)
لم يرد ... بل لم تتبدل ملامحه.. حتي ظنت غفران انه لم يعي اشاراتها
( لقد قال نظراتك... ارني كيف كنت تنظرين له غفران حتي يظن انك معجبة به؟)
ياليته ظل صامتا فصوته الذي كان ترياق وحدتها وغربتها لسنوات... أصابها برجفة فزع
سارعت تنفي
( لم اكن انظر له... هو من فهم الامر بشكل خاطئ)
لم يدعها تكمل وهو يقاطعها
( لقد قال ان له عندك هدايا... هل هذا صحيح؟)
لن تكذب فيكفيها ماحدث في المرة الاولي ... هزت رأسها وهي تحاول الشرح...
( صدقني كان يفرض علي قبولهم..)
هنا تحولت ملامحه حقا لتوحش بدائي حتي ظنت انه سينقض عليها ينتزع رأسها عن جسدها وهو يقول بفحيح
( لا يمكن ان يفرض رجلا علي امراءة شيء... أي شيء
هو قدم وانت قبلت.... وانتهي..)
انخرطت في البكاء وهي تشير بسرعة
( لقد كنت متخبطة... وضغط إبراهيم فوق رأسي انهكني)
اغمض عينيه ليفتحهما بعدها فترتاع من كم الألم فيهما ... كم الجرح وهو يهتف
( ولماذا لم اتخبط انا! لماذا كنت حتي في غيابك منارتي وهداي...! لماذا لم اصب بانهاك وانا اتعرض لضغط الاحتياج... ضغط اليأس)
وقف ينهي المقابلة بينما هي لازالت في بكاءها المرير...شعر بالحنان تجاهها يجتاحه... انها دميته الصغيرة ولكنها اهانته إهانة قاسية... سواء قصدت او لم تقصد
( لقد أصيبت دميتي الصغيرة بشرخ في نظري... ولا ادري هل ستشفي منه ام لا)
وسار مبتعدا ومن يري عيناه يعرف سر ابتعاده السريع.... لقد كان علي وشك الاستسلام... ربما خانه قلبه ولسانه حينها واعتذر انه احزنها
( ياالهي... ارجوك وادعوك ربي...) ناجي ربه وهو جالس خلف المقود دون ان يحرك السيارة والدموع التي ابت ان تنزل تشوش رؤيته
( ادعوك ربي واتضرع اليك... خفف عني حمل حبها... لا اريد ان احبها فيكون وجودها سر وجودي... اريد ان يظل الحب ولكن ان يموت العشق وان يتلاشي الوله... اريد ان اراها فلا يعتل قلبي ولا تصاب روحي بالجنون... حبي لغفران هو مصابي في الحياة... فأنزع مصابي عني)
فهل سيستجاب لدعواته الملحة.......

( لا اريد إضافة أي اشخاص لحسابي) هتف بهاء بحنق ونور يضيف لحسابه علي موقع التواصل فيس بوك أصدقاء وصديقات نور نفسه
( هلا هدأت قليلا! يجب ان تضيف أشخاصا والا كان الامر واضح ومفهوم انك انشئته فقط لاجلها)
رماه بهاء بنظرة قاتلة فرفع نور كتفيه مستسلما وهو يناوله الهاتف
( انا اسف لسيادتك ... افضل حل لامثالك ان لانساعدهم ابدا)
لم يهتم بهاء بما قال أخيه... وانما التقط الهاتف بلهفة وهو يبحث عن حسابها كما علمه نور
تحولت ملامحه من اللهفة والتشوق للغضب وهو يري صورها علي صفحتها .... وبالرغم من انها كلها صور محتشمة جدا الا ان مجرد تخيله لكم الرجال اللذين قد يرونها.... أصابه بثورة كادت تودي بحياة هاتفه الا انه استمر بتقليب الصور والاحداث
( لماذا فعلت بي هذا ياتمرية... هل توجب علي قلبي ان يظل اسمنتي لا يلين حتي لا أصاب بلعنة الهوي.... بداخلي شك ان امر الشاب الفرنسي ماهو الا خدعة)
لم تكن سوي دقائق حتي تلاشي شكه ليصبح يقينا وهو يري صورتها بجوار رجل زي ملامح عربية وخلفهم برج ايفل وتحت الصورة كلمات بتوقيعها
( شكرا سليمان لاحلي إجازة في حياتي)
لم يدرك انه يهدر بعنف الا حين اقترب منه نور يهدئه فوضع الهاتف بين يديه يصرخ بأمر
( نور... ابحث خلف ذلك الشاب)
لم يبحث نور كثيرا بل ضغط بخفة علي اسم الشاب لتظهر صفحته كاملة.. تلجلج نور لايجد مايقول وهو يشعر بالاسي المختلط بترقب من رد فعل أخيه بعد ان قرأ اخر ما كتب سليمان علي صفحته بالفرنسية
( أخيرا... انا عريس...
أخيرا... ستكون حبيبتي معي دوما وبجواري
أخيرا... لن احتاج لطائرات لتصلني اليها)
ترجم نور لبهاء المكتوب بتخوف وهو يري بهاء يتجه لدولابه بالفعل ويقلب مسدسه بين كفيه وهو يردد
( أخيرا... سأزهق روحك وروحها
أخيرا... ستحتضن قبرك قبل ان تحتضنها
أخيرا.... ستحتاج لسفينة لجمع اشلائك من البحر
أخيرا.... سأثبت اني بالفعل سفاحا)




انتهي الفصل
سبحانك اللهم وبحمد نستغفرك ونتوب اليك

[shymaa abou bakr]

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 71 ( الأعضاء 53 والزوار 18)
‏shymaa abou bakr, ‏رانياإمام, ‏rasha emade, ‏بيبووووو, ‏karima seghiri, ‏اسماء2008, ‏رغيدا, ‏شكرإن, ‏Sea birde, ‏شيماء عبده, ‏babo, ‏اشراقه حسين, ‏Bassmet Amal, ‏sara_soso702, ‏Mawada Osama, ‏rere87, ‏لمحة من الكون, ‏وجع النفس, ‏Heba Atef+, ‏nada alaa, ‏mimi, ‏Hager Haleem, ‏الوفى طبعي الوفى, ‏لهفة مشاعر, ‏زهور الشتاء, ‏دوسة 93, ‏ayattoy, ‏loulouys, ‏Hadooshtash, ‏روان وليان, ‏ToOoOmy, ‏REEM HASSAN, ‏yawaw, ‏knan, ‏صباح الهلالي, ‏اللهم فرحه, ‏real seense, ‏الماسيه, ‏Time Out, ‏Laho, ‏nsreen ahmed, ‏sona badr, ‏إسراء فضل الله, ‏Rawaa k, ‏Heba sabry, ‏romiakoke, ‏فاطمة تامى, ‏ملكه الاحلام, ‏sweethoney, ‏eng miroo, ‏rontii+, ‏مشاعل 1991, ‏Noorman
أدوات الموضوع