صقور تخشى الحب (1) *مميزة ومكتملة* سلسلة الوطن و الحب

[deegoo]

اهلييييييين وسهلييييين بيلاااتي 😍😍
اعذري تأخري بمتابعتك ياعمري كنت مشغولة تعب رمضان والعيد والزيارات بجد ماقدرت اتابع روايات كتير بس فرحاانه انكم لسى بالبداية 😍😍 ياسعدي وهنااي 😍❤
جميلة جدااا الرواية اكملت كل الفصول والمقتطفات ودخلت قلبي بجد كل مرة تذهليني بقدرتك كماتبة وابدااعك 😍 واحلى شي ان ابطالنا هالمره عساكر يختي اعشق هالشغلة بحسها اكشن ومغامرات ههههه😂😍
نبدء بالشخصيات طبعا نورس حبيبة هااارتي دخلت قلبي رغم شيطنتها بجد شخصية مذهلة بعشق البطلات الي مثلها ومابدي كاسر يكسرها حرام 😟 كاسر حبية شخصيته بس شكله رح ينرفزني ساعات ودا باين من المقتطفات 😟 نورس رح تطلع حامل وهي متزوجته وهو رح يتزوج قبلها مليكة طبعا مايحتاج اقولك شعوري تجاه مليكة 😒 كلش مادخلت قلبي تافهه ومثل الشوكة بخاصرتي 👿 من المقتطف تبعهم حسيت ان كاسر مارح يعرف بحمل نورس 😟 شكلو رح يجرحها كتير 💔
وفهمت برضو ان علاقتها بأخوانها رح تسوء حرااام ليه ينقلبون كلهم عليها مهما عملت انا معها قلبا وقالبا 😭 حبيتها والله اكثر وحدة دخلة قلبي وانتبهي مني انا لمن بحب شخص وفي حد رح يأذيه بقتلب 👿 من الحين احذرك يابيلاتي اياك تكسرين حبيبة هارتي اياك 👿❤

شاهين شخصية حلوة حنونة وعطوفة مع نورس حبيته كتير بس حتى هو شكله رح يرفع ظغطي ساعات 😞 رح يتزوج رزان مسكينة كاسرة خاطري بجد تستاهل حد يحبها ويهتم فيها بس شكلها رح تطلع عندها مشاكل بالحمل ورح تعذب شاهين معها ورح تحس ان حياتها وشاهين بخطر 💔😞

ارسلان حبيته الحين بس لمن يأذي نورس رح اكرهه هذا وهي التوؤم بتاعه حراام يكسرونها هذا فهمته من ليليان الي رح تهرب منه خوفا بسبب طرده لأخته تفكيرها سليم انسان مثله ماينظمن 😟
كل الابطال حبيتهم والقصص باينة رووووعة وخطيرررة وكلها اكششن في اكشششن 😍 ..
ابو نورس ماحبيته 😒 متسلط كرريه وين مشاعر الابوة 😒 جرح نورس جرحو قلبه خلي نشوف ست الحسن والدلال وش رح تسوي له قال يتزوج قال شايب عايب رجله والموت ولسى يبي يتزوج 😒
تعليق بسيط بس حتى الحق قبل نزول الفصل وسامحيني مرة ثانية يابيلا على تقصيري 💔

[الجميله2]

يسعد الله مساءكم بالخير

[modyblue]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

[bella snow]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

دقائق أدقق الفصل و أنزلكم إياه

[nsr7531]

تسجيل حضور ......

[bella snow]

الفصل الخامس


مستشفى النورس الخاص

بخطواتها الثابتة دخلت بهو المستشفى وبكل خطوة تخطوها كان شعورها بالفخر يزداد ، هذا المكان الرائع هو مملكتها و الذي يعتبر من أفضل المستشفيات الخاصة في الوطن حتى بات الكل يحلم بفرصة العمل ضمن طاقمه .. جدها الحبيب هو من بناه لها بحجة أن " حفيدة إبراهيم أطلس " لن تعمل لدى أي أحد
كانت وجهتها واضحة ، ستضع حدا لتلك المرأة التي تسعى لحشر نفسها داخل عائلتهم
بعد دقائق
كانت تجلس على الكرسي أمام المكتب ومقابلا لها كانت فريدة تبدو متوترة ، بالتأكيد حضرة اللواء أخبرها عن هكذا لقاء محتمل بينهما ..فكرت نورس بينما تطرق على السطح الخشبي بطريقة مستفزة للأعصاب
استهلت فريدة المحادثة قائلة بارتباك :

ـ نورس ..أظن أن والدك أخبرك بالقصة .. كل شيء حدث فجأة لم نخطط له .. سأشرح لكِ الموضوع .

أبقت نورس نظراتها الجامدة عليها دون أن تنبس ببنت شفة فأردفت الأخرى قائلة :

ـ شقيقي صديق لوالدك ، في إحدى المرات التقينا به صدفة و أخي وقتها استغل الأمر ليطلب من محمد أن يجد لي عملا هنا لأنني لم أحب العمل في المستشفى السابق .. ثم كل لقاءاتنا كانت مجرد صدفة و حدث إعجاب بيننا ..والدك صرح لي برغبته بالزواج مني لكن طلب أن أنتظر حتى يخبركم

صمتت فريدة تنتظر ردة فعل نورس و التي كانت صادمة لها فقد علقت بكل برود :

ـ كل ما قلته لن أقيم له وزنا فقط ضعي كلامي الآتي حلقة في أذنك .

تابعت ضاغطة على كل كلمة :ـ لا أنتِ و لا غيركِ مرحب بك في العائلة و زواجك من والدي احذفيه من رأسكِ .. سأعطيكِ خيارين لا أكثر .

اتسعت عينا الطبيبة بينما نورس تقف على قدميها لتسند كفيها على سطح المكتب ونظراتها الحادة تخترق عيني المقابلة لها :

ـ ترمين فكرة الزواج السخيفة وتحافظين على عملك هنا أو حتى أجد لكِ عملا في أفضل مستشفيات بريطانيا .. أو تعتبرين نفسك مطرودة و أٌفضل عمل ستحصلين عليه هو مكتب في مستشفى حكومي في خارج المدينة وصدقيني أملك من المعارف ما يخولني لفعل أكثر من هذا .. وحينها حتى نفوذ حضرة اللواء لن ينفعكِ .

ارتفعت زاوية شفتيها بسخرية بينما تبتعد مغادرة وتقول :
ـ الخيار لكِ

وقفت في الرواق تغلي من الغضب ، تلك الدخيلة عليها أن تختار الخيار الأول حينها سيعرف والدها حقيقتها بأنها فقط منتهزة فرص ..
وجهتها التالية كانت مكتبها وأكثر شيء تكرهه كونها تملك المستشفى هو أن عليها مراجعة كل الملفات بخصوص الإنفاق والمرضى والأطباء الجدد .
قبل أن تفتح الباب أوقفتها السكرتيرة بأن قالت :

ـ دكتورة .. لديكِ زائر

عقدت نورس حاجبيها بحيرة فأي زائر هذا الذي يفاجئها في مكتبها ، دون أن تنتظر لحظة أخرى كانت تفتح الباب فانتفض قلبها بشدة ما أن قابلها وجه كاسر الذي وقف من مقعده محييا إياها بابتسامة ..لطيفة!
بدى مختلفا أو ربما وسيما بدون بذلته العسكرية.. لم يكن بالرجل الخارق الجمال لكنه مميز ..ربما الجمال في عينيه أو في خشونته الظاهرة ..

تنحنحت بحرج معلقة :ـ أي رياح جلبتك إلينا حضرة الرائد ؟

رد ولم تغادره ابتسامته :ـ كاسر فقط .. لا داعي للألقاب

هزت رأسها موافقة ثم سألت مرة ثانية رافعة حاجبيها :

ـ هل لي أن أعرف سبب هذه الزيارة؟

رفع يده يشير إلى الجرح الذي في كتفه .. رغم أنها لم تفهم لمَ عليه أن يأتي إليها هي كي يعالج جرحه بينما أي ممرضة كانت لتساعده أو كان بإمكانه عدم الحضور إلى المستشفى من الأصل .. إلا أنها نوعا ما سعيدة برؤيته مجددا

قالت بهدوء :ـ انزع قميصك و دعنا ننتهي بسرعة

بعدما جهزت ما تحتاجه من عدة كان هو يجلس على سرير المرضى بينما هي تعتني بجرحه بتركيز شديد غافلة عن نظراته إليها .. كان يلتهم كل تفاصيل وجهها ، يعترف بسحرها وتأثيرها عليه .. أتراها معجبة به كما هو معجب بها ؟ .. لا .. ما يشعر به اتجاهها أقوى من أن يكون مجرد إعجاب بسيط .. هو مهتم لأمرها .. يريد معرفتها أكثر فأكثر .. و هذا لن يكون إلا بالطرق المباشرة..لو فقط تمنحه تلميحا بسيطا وسيتخذ خطوته دون تردد .
قال بينما يعيد ارتداء قميصه :ـ شاهين قد أخبرني بما حدث .. أقصد بشأن والدك .

التفتت تنظر إليه ببعض الحدة لتعلق بفظاظة :ـ وهل أرسلك هو لتحدثني ؟ ثم بأي حق يخبرك عن أمور عائلية ؟

أجابها قائلا :ـ صداقتي بشقيقك تجاوزت السبعة عشر عاما لذا فمن الطبيعي أن يطلعني عن بعض أموره .

كتفت ذراعيها إلى صدرها ترمقه بإحدى نظراتها الباردة التي تحرك الحجر من شدة الغيظ لكن مع كاسر فلم تنجح ، اقترب منها تاركا بعض المسافة بينهما ليعلق :
ـ أعلم أنه لا حق لي بالتدخل بأي صفة من الصفات لكنني سأنصحك .. والدك عاش لأربع وعشرين سنة وحيدا وهو حر ومن حقه الزواج .

حقه ! .. ماذا عن حقها هي ؟ .. ألا أحد يكترث لأمرها أم عليها فقط التصرف كأنها لا تهتم بما يحدث حولها؟ .. لو كانت الظروف مختلفة ما كانت لتمانع لكن في وضعها الراهن سترفض و لن تقبل بتلك الزيجة وستستغل أقذر الطرق حتى لتمنعها .

هتفت بحدة :ـ أولا ليس من شأنك كل ما يحدث .. ثانيا حينما يمنحني حقوقي فليتمتع بحقوقه تلك ، لم يتحمل مسؤوليتي و توأمي ويريد تحمل مسؤولية امرأة .. حتى تلك المسكينة أشفق عليها فهي لا تعلم أن حضرة اللواء مهووس بأوسمته و بذلته و لن يهتم بها كما ينبغي .

من طريقة كلامها كانت تبدو غاضبة بشدة و هو يعذرها ، كانت مجرد طفلة عانت اليتم و والدها على قيد الحياة ، إلا أن هذا لا يمنحها الحق في الاعتراض ..ببساطة لأن والدها لن يعوضها عن أي شيء و عليها تقبل كل ما سيحدث

عقد حاجبيه باستغراب ما أن تابعت :ـ و قبل أن تفكر بوالدي فكر بنفسك ، لأن صديقك يريد الزواج بالمرأة التي تعجبك ؟

ردد بحيرة :ـ المرأة التي تعجبني ؟!

تنهدت بملل لتجيبه :ـ تلك الجندية رزان .. شاهين سيطلب يدها

ابتسم كاسر ثم تحولت ابتسامته لضحكة صغيرة ، الغبية تظنه معجبا برزان ، فقط لو تعلم من التي تعجبه ستتفاجأ حقا
الوضع بالنسبة لنورس كان محيرا ، لا يكفي أنها تخبره عن تلك المغرورة التي يهتم لأمرها و هو يبدي لامبالاة غريبة .

اقترب خطوة منها ليقول نافيا :ـ لا أعلم من أين لكِ بهذا الاستنتاج العبقري لكن ليست تلك الجندية من تعجبني

الهمجي الكاذب سيتهمها بضعف النظر و الغباء في آن واحد !.. لقد رأته بأم عينها يراقب تلك المرأة من غير المعقول أن تخطئ في هذا .

سألت وقد بان عليها بعض الارتباك :ـ إذن من هي التي تعجبك ؟

لم يرد .. فالنظرة التي منحها إياها مع ابتسامته الصغيرة تلك كانت أبلغ من أي كلمات .. بحيث رفعت ضربات قلبها حد الجنون و الاتصال بين عينيهما لم يقطع للحظات
كل منهما يحاول فهم الآخر
التسرب إلى أعماق الآخر ..
فقط بمجرد نظرات تفصح عن الكثير وتخفي الكثير
كان كاسر أول من قطع اتصالهما قائلا :
ـ عليّ المغادرة .. طاب يومك .
اكتفت بهزة بسيطة من رأسها وما زالت عالقة وسط موجة المشاعر الغريبة التي أغرقتها .. لتعض طرف شفتها و داخلها يساءل " أتراه معجب بها هي ؟ .. تلك النظرة كانت واضحة .. لن تتخيل شيئا كهذا "

يتبع ...

[bella snow]

منزل كاسر إبراهيم

مسحت يديها المبللتين بعد انتهائها من تنظيف المطبخ لترمي المنشفة بحدة و داخلها يحترق ، ها قد عاد إليهم كاسر وأمه لم تفاتحه بالموضوع بعد أما هو فينجح في صفعها بتصرفاتها ، يتجاهلها بقسوة ويعاملها بصفة رسمية حتى حينما اقترحت أن تغير له ضمادة جرحه لكونها ممرضة سابقة رفض و فضل التوجه إلى المستشفى .. الوضع لن يستمر بهذا الحال .. حينما يرتبط اسمها بكاسر وحتما سيحدث ذلك ستعلمه كيف يعشقها .. ستجعله يتمنى نظرة راضية منها .. سيعشق كل ذرة منها حتى خيالها لن يفارقه للحظة .
سمعت صوت مفاتيحه ليرتفع صوته بالسلام .. ابتسمت بارتباك لتمرر يديها على شعرها وثيابها ثم تخرج من المطبخ نحو البهو ..
استقبلته قائلة :
ـ وعليكم السلام .. هل أضع أجهز لك الغداء ؟

رد كاسر بجمود :ـ شكرا لك .. لقد أكلت خارجا .

تجهمت ملامحها لتلمع عيناها بنظرة حزينة غلفتها دموع العجز التي تخنقها بينما تراقب ظهره الذي يبتعد عنها .. لن تنتظر أكثر إما أن تفاتحه فاطمة بالموضوع أو هي من ستتولى الكلام .
مسحت عينيها بيديها لتنطلق إلى غرفة خالتها .
...
استلقى على سريره بتعب ليس جسده بل تلك المشاعر التي يتعرف عليها قلبه باستحياء ترهقه .. لم يوقعه القدر إلا مع شقيقة صديقه ويا لها من امرأة ..
الغبي فقط من يراها ولا يعجب بها
هو يريدها بجانبه كما لم يرد امرأة في حياته .. هي الوحيدة التي تكمله ..رغم غرورها و استفزازاتها وبالطبع لسانها الطويل لكنها مميزة
حرر نفسا مضطربا ليقرر ضرورة وضع حد لهذا الجنون .. يجب أن يحصل على نورس مهما كان ما يشعر به اتجاهها .

بضع طرقات على الباب لتدخل عليه والدته .. اعتدل جالسا بينما تستقر فاطمة بجانبه ويدها على فخذه لتسأل :
ـ كيف حال جرحك بني ؟

أجابها مطمئنا :ـ بخير لا تقلقي .

صمتت قليلا ترتب كلماتها ثم أردفت :
ـ بني .. ألا ترى أنك تأخرت كثيرا .. من هم بمثل عمرك أطفالهم يركضون حولهم وأنت ما زلت مصرا على حياة العزوبية هذه .. أنا لن أنتظر أكثر عليك أن تجد حلا .

رسم ابتسامة على شفتيه ، فيبدو أن والدته قد شعرت به .. هو أيضا قد وجد من يريدها و سيحذو حذو شاهين
قال ممسكا بيدي أمه :ـ والدتي .. لا أظنك ستنتظرين أكثر من هذا .. سأتزوج .

تألقت عينا فاطمة بسعادة بينما تهتف :ـ حقا ! .. مبارك يا حبيب قلبي .. مليكة ستفرح بالتأكيد .

سأل عاقدا حاجبيه :ـ و ما دخل مليكة ؟

ردت أمه و بعض السعادة ما تزال عالقة على ملامحها :
ـ بالطبع ستفرح أليست هي من ستتزوج بها ؟ .. أخيرا وافقت بني !! .. أسعدكما الله ..

قاطعها بسرعة قائلا ببعض الانزعاج :ـ أمي .. أنا لن أتزوج مليكة فلا تجعليها تتأمل .

ارتفع صوت فاطمة بينما تعترض بغضب :ـ أنت لن تتزوج غير ابنة خالتك .. لن تدخل أي غريبة بيتي .. لن أرضى بغير مليكة .

كان كاسر ينظر إلى أمه بدهشة امتزجت ببعض الغضب .. لم يكن ينقصه إلا أن يتم جره إلى المحكمة ليوقع ورقة الزواج رغما عنه ! .. من أي جحيم خرجت له قصة مليكة هذه ؟ .. لطالما بيّن لأمه عدم رغبته بالزواج من ابنة خالته .. ولن يفعلها الآن خاصة ومشاعرها متعلقة بامرأة أخرى

قال بهدوء محاولا السيطرة على غضبه :

ـ سأقولها للمرة الأخيرة .. مليكة لن أتزوجها سواء رضيت بهذا أم لا .. و لا أظنكِ ستجبرينني على الزواج بها ثم ما الذي يجعلك متمسكة بأمر الزواج هذا ؟

بان الارتباك على وجه فاطمة بينما تردد :ـ ابنة شقيقتي وأريد أن أضمن مستقبلها و لن يصونها ويراعيها غيرك .. إن لم تتزوجها فلن أرضى عنك يا كاسر ولن أسامحك لا في الدنيا ولا في الآخرة .

رافعا عينيه بتململ قال :ـ بالله عليكِ والدتي كوني منطقية .. أنتِ لن تـ..

وقفت أمه مغادرة قبل أن تقول بحزم :

ـ لن تناقشني في هذا .. و الخيار لك بني .

بقي كاسر واقفا يرمق باب غرفته المغلق بغضب .. إن كانت أمه ستظن بأنها ستخضعه بكلامها ذاك فلن يحدث مطلقا .. يعلم بأن قلبها لن يطاوعها و مجرد أيام وتعود لطبيعتها وتقبل بالمرأة التي اختارها هو ..

*
*

منزل آل القاسمي

دخلت المنزل تستقبلها ابتسامة الخالة نور الحنونة كالعادة .. الليلة لن تمر بسلام لذا تجد نفسها تتمنى أن لا يكون والدها هنا في هذه اللحظة لأنها مستنزفة القوى و لمواجهته فإنها تحتاج لطاقة العالم ..
اتجهت إلى قاعة الجلوس لترتمي على الأريكة بتعب بجانب أرسلان الذي ابتسم لها ليمد ذراعه لها فتجد نفسها تقترب منه لتريح رأسها على كتفه ..
قال معاتبا :- نونو .. عليكِ أن ترحمي نفسك قليلا فعلى هذا المنوال ستتحولين إلى شبح .

همهمت بكلمات غير مفهومة بينما تندس أكثر بين ذراعيه ..إنها تحتاج لتشعر بالأمان ..لتحس أن عالمها لن ينهار حولها ..و عائلتها هي كل عالمها الذي ستحارب لأجله بأقسى الطرق و أقذرها .. ستموت إن فقدت اهتمام أخويها فهما سندها الوحيد في هذه الدنيا .

همست :- أنا أحبك أرسلان .

قبل أن يرد عليها ارتفع صوت والدهما الذي اقتحم خلوتهما بملامح غاضبة للغاية :

- ما الذي فعلتِه ؟ .. كيف تجرأت ؟

زفرت بيأس لتقف على قدميها تواجه أباها الغاضب ليتبعها أرسلان غير مستوعب لما يحدث حوله .. توأمه و والده لم يتفاهما من قبل و لكن بالنظر إلى وجه الأخير فيبدو أن نورس تسببت بمشكلة كبيرة ..كبيرة جدا .

ردت ببرود :- لم أفعل شيئا ..منحت تلك المتسلقة عرضا مغريا و هي ستفكر به و إن رفضت ستغادر المستشفى .

اشتعل الغضب داخل عيني محمد بينما يزداد احمرار وجهه دلالة على غضبه .. ابنته تجاوزت كل الحدود بتدخلها في حياته و وجب عليه وضع حد لكل ما يحصل لذا فقد هتف بانفعال :

- من أنتِ لتتدخلي بحياتي ؟ .. فريدة لم تقبل بعرضك السخيف وستعود للعمل و سأتزوجها شئتِ أم أبيتِ .

ردت بعناد أكبر و بغضب يوازي غضبه خاصة و أن تلك الطبيبة قد قررت رفض العرض المقدم إليها :
- على جثتي .. تلك المرأة تكبر أكبر أبنائك ببضع سنوات فقط و أنا لن أسمح لك بالزواج لذا لا تنتظر مني شيئا غير منعك ..أنت أجبرتني على هذا .

وسط تلك الدوامة كان أرسلان كالضائع بينهما ..أينهر أخته و يجعلها تتراجع عما فعلته أم يقف معها و يساندها فهو أيضا ليس موافقا على تلك الزيجة السخيفة ؟ .

أما نورس فقد تابعت بصوت مرتفع : - أنت لن تتزوج امرأة بعد أمي .. سمها ما تشاء ..تكبرا أو أي شيء لكن صدقني أنا ابنتك و قبل أن تمارس واجباتك كزوج لامرأة مارسها كأب لأولادك ..أنا ابنتك و سأمنعك مهما كلفني ذلك من ثمن .

كان يرمقها بصدمة فلم يتوقع أبدا أن يسمع منها هكذا كلام ..ليست ابنته من تخاطبه بهذه اللهجة ..هو اللواء محمد القاسمي من تخنع له الرؤوس تأتي هذه الشابة و التي هي أولى باحترامه و خشيته ترمي عليه أوامرها بكل وقاحة .. لم يعلم أن أفكاره ترجمها لسانه ليجد نفسه يقول :

- ليستْ ابنتي أبدا من تخاطبني بهذه النبرة .. وعندما تتعدين حدودك معي فأنتِ لستِ ابنتي

اتسعت عيناها بصدمة من كلماته ..لكنه لم يرحمها ليكمل بقسوة :

- كله بسبب جدك ذاك .. لقد رباكِ كالأجانب تماما لذا عودي إليه و تعلمي كيف تحترمينني كأب لكِ .

ولاها ظهره تاركا إياها مكانها تراقبه بقهر شديد يصعد درجات السلم نحو غرفته .. على همسة أرسلان القلقة باسمها كانت كل ذرة منها تئن غضبا ..يقول "ليست ابنته " ..بكل بساطة يتخلى عنها و يجرحها بهذه الطريقة ؟ .. هي أيضا لديها الكثير لتقوله ..لسنوات تخبئ عتابها بين طيات صدرها كي لا تجرحه ..و رغم نبذه لها بقسوة كانت تضع له الأسباب و الأعذار و تجلدت بكل قوة امتلكتها كي تعوض خسارتها لحضنه ومساندته ، و الآن ينكرها بكل بساطة لأنها لم ترد أن ينهار الوضع بينهما أكثر مما هو منهار و محطم ..
هزت رأسها بعنف لتتحرك بسرعة تصعد الدرجات خلفه و دمها يغلي داخل عروقها ..
وصلت إلى باب غرفته لتحرك المقبض بعنف تريد فتحه و عندما لم تفلح ضربت الباب بقبضتها صارخة بألم :
- لن أذهب إلى أي مكان ..ستستمع إلي .

كان يجلس على طرف سريره يخفي وجهه بين يديه بينما يأتيه صوته ابنته المرتجف لكنه يحمل غضب العالم .. :
- هل هذه هي أبوتك التي تفتخر بها ؟ .. لأربع و عشرين سنة تخليت عني و لم تقف بجانبي رغم احتياجي لك و بعدما قلت أن علاقتنا ستتحسن بعد كل تلك السنوات نسفت كل شيء برغبتك بالزواج ..لم تفكر بي مطلقا ..لم تفكر ليوم بما ستعانيه ابنتك من وحدة و أنت تختار بناء حياتك بعيدا عنها ..هل هذه هي أبوتك يا حضرة اللواء ؟ .

صرخت بجملتها الأخيرة بكل قهر تحمله داخلها ..لقد سئمت كل هذا ..ستريه أخطائه ..ستجعله يعرف معنى الفراغ و الدمار الذي سببه لها بهجره القاسي ..بتخليه عن مسؤولياته في رعايتها هي و توأمها .. حتى أرسلان تأذى و لكنه يصمت و يستسلم بل لا يطالب بشيء .. ترقرقت الدموع داخل عينيها بينما تتذكر كل ما مرت به من حزن و أسى .. لقد توسلته ما أن أنهت ثانويتها أن لا يدع جدها يأخذها إلى بريطانيا معه .. لكنه لم يستجب بل نفاها بعيدا و كان ليفعل الأمر ذاته مع توأمها لو لم يختر الأخير الالتحاق بالأكاديمية العسكرية ..
لقد عاشت مع الألم لسنوات لا تفهم ما الخطأ الذي ارتكبته لتلاقي هكذا معاملة جافة من والدها ..
ارتفع صوتها لتقول بعتاب :
- طالما أنت لم تردنا في حياتك فلمَ أنجبتنا ؟ ..طالما ستنفينا بعيدا عنك فلمَ أحضرتنا لهذه الحياة ؟ .. أي والد أنت لتعامل أطفالك بهذه الطريقة ..لطالما كنا شيئا ثانويا في حياتك و كل أولوياتك صوبتها نحو الأوسمة اللعينة التي ستعلقها على بذلتك العسكرية و تلك الرتب على أكتافك ..أين ذهبت أبوتك التي تجبرني على احترامها و أنا لم أعرفها إلا من خلال أوامرك .؟!! .

اقترب أرسلان ممسكا بذراعها ليسحبها بعيدا فهو أكثر من يعلم أن كل ما ستقوله لن يغير أي شيء لكنه سيؤذي والدهما و يؤذيها هي فقال برجاء :

- نونو توقفي .. لا تقولي أشياء ستندمين عليها .

سحبت ذراعها من قبضته بقسوة لتنظر إلى الباب و تردد بقسوة :

- ابتعد عني !! ..لن أندم أبدا .. أصلا أكثر شيء أندم عليه في حياتي هو أنت أبي .

هز أرسلان رأسه باستنكار ..الجملة كانت قاسية للغاية ..
إنها نورس حينما تتألم تجرح دون أن تهتم أو تدرك ..
أما محمد فقد اتسعت عيناه بصدمة مما سمعه .. شعر بأحدهم يمزق قلبه إلى أشلاء فلم يتوقع أنه سيسمع هكذا كلمات من صغيرته .. نعم هو قد أهملها و توأمها و لكن له أسبابه .. لقد حاول في كل مرة أن يصلح ما سببه لكنه استمر بتأجيله حتى استولى عليه عمله و ركضت السنوات بينما هو لم يصحح غلطته أبدا .. و ها هو يدفع ثمن ما جنته يداه ..
شعر بالدموع تحرق عيناه ما أن أتاه صوته ابنته المرتفع رغم نبرة البكاء التي تحتله :

- لقد لمتني و توأمي و اعتبرتنا السبب في موت والدتنا و قد سامحتك .. لأربع وعشرين سنة تركتنا يتيمين لا أب و لا أم و سامحتك .. ظننت أن شاهين يكفينا أو الخالة نور !..لقد احتجناك أنت .. لنقل أن أرسلان رجل و سيعتمد على نفسه ..ماذا عني ؟ .. أنا احتجت إليك أنت لتكون سندي .. احتجت إليك أبي .. و لم أجدك مطلقا .. أخبرني متى تحدثنا كعائلة ؟ ..متى زرت غرفتي لتدثرني ليلا ؟ .. متى سألت عن أحوالي الدراسية أو حاولت مناقشتي حول مستقبلي ؟ .. أنت لم تفعل أي شيء ببساطة ..هل هذه هي أبوتك التي تفتخر بها ؟ .. أنت رجل أناني تفكر دائما بنفسك و سعادتك ..تلومنا على وفاة والدتنا بينما بعد سنوات ترغب بالزواج من أخرى ..أين وفاؤك ذاك يا حضرة اللواء ..أين هو ؟؟! .

حاول أرسلان سحبها مرة ثانية لكنها دفعته بعيدا صارخة :
- ابتعد عني !! .

شهقت باكية لتتابع بأسف :- و الآن تقول "لستِ ابنتي " .. أنت حتى لم تكن في حياتي سابقا و إن لم تكن الآن فلن يشكل ذاك أي فرق .. هل تفهم ؟ ..لن يشكل أي فرق !!

انفجرت ببكاء مرير بينما شقيقها يقربها منها يحتضنها بمواساة .. توأمه المتألمة التي تتحمل الكثير ..ربما هذا الموقف جيد بالنسبة لها لكي تخرج كل ما يعتمر صدرها .. رغم وجعها سترتاح ..

سمعها تهمس وسط عبراتها :-ما زال لدي الكثير لأقوله .. دعني أتكلم .

شدها إلى صدره أكثر بينما يسحبها إلى غرفتها بينما محمد كان يتمزق هو الآخر .. لم يكن أبا جيدا لأطفاله و لم يفِ بوعده لأمهم .. رفع كفيه يمسح دموعه التي تعانده .. ابنته تكرهه حتما و توأمها بالتأكيد يشعر بالمثل لكنه يخفي ذلك ..إنه نادم ..حقا نادم .. إلا أنه لا يعرف كيف يصلح ما أفسده ..بل هل سينجح يوما بعد كل هذه السنوات ؟ .. أم عليه فقط أن يترك الأحوال تستمر على حالها ؟ ..

يتبع ...

[bella snow]

منزل آل حامد

- أبي ، هل تفكر جديا في قبول عرض شاهين ؟ .
نظر حسن إلى ابنه بتركيز و رد :

- بالطبع ، فرصة و أتتنا على طبق من ذهب ، بهذا سنضمن الحماية لشقيقتك .

حك نزار ذقنه مفكرا و سأل :- لو استطعنا إقناع رزان قد تساعدنا في جلب بعض المعلومات من بيت اللواء .

لم يتخيل نزار أن يكون رد فعل والده بهذه الحدة و العنف إذ احتدت عيناه ليهتف محذرا :

- رزان ستبقى خارج هذه الدائرة ، حتى و إن سارت الأمور عكس توقعاتنا فلن تتأذى ،لن أرضى بذلك .

حرر نفسا مضطربا و عقله يعمل بسرعة و تركيز شديدين ، الخطوة الأولى في طريق الألف ميل ستبدأ قريبا ، و عقبة واحدة تقف في طريقه و يجب أن يزيحها و هي "اللواء محمد القاسمي" .
قال بصوته الخشن :

- ذلك اللواء يعمل بجهد ليكشف خطواتنا ، لقد وصلتني معلومات بأنه يستغل ضباطه الأوفياء و معارفه في الأمن العسكري كي يجري تحقيقاته و إن نجح سنتدمر قبل أن ننال انتقامنا حتى .

رمق نزار والده بقلق ، لسنوات و هما يخططان لتنفيذ حربهما و ليسا مستعدين للفشل و هما على بعد خطوة فقط من النصر .

اقترح قائلا :- نقطة ضعفه الوحيدة هي ابنته و قد يفعل أي شيء في سبيل حمايتها ، إن استطعنا وضعها تحت المجهر قد يتراجع والدها .

ابتسم العميد حسن بانتصار و نظرة فخر تحتل عينيه ، ابنه يفكر بذكاء مطلق و قد لفت نظره إلى نقطة مهمة " نورس القاسمي " .. بالتأكيد يستطيع باتصال هاتفي محوها من الوجود و هذا قد يجعل اللواء يتراجع عن تحقيقاته تلك و بهذا سيتابع هو عمله بتركيز .. الشهر القادم سيكون صعبا و مشبعا بالتوتر ، ضربة ستكون في قلب الجيش ، سيقلب قيادة الأركان و في يوم احتفالهم بتخريج فوج من الضباط سيكون هو جاهزا لإعدام رؤوس القادة
و في يوم الذي ستفرح به هذه الدولة بالمدافعين عنها ستبكيهم دما ..و كما أراقت دماء والده و شقيقه ظلما سينتقم لهما .. حتى و إن نسي الزمان فهو لم و لن ينسى وعده .

أمر بحزم:- عليك تهريب بعض قطع من السلاح ، جد طريقة ما و افعلها .

هز نزار رأسه بطاعة ليتابع والده :- لدي دعم هائل من بعض الضباط و ضباط الصف حتى السامين منهم من يدعمني .. تركيزنا الحالي سيكون على جنود الاحتياط و المتقاعدين ..أنت تعلم إن عرّفت الناس بحقوقهم سيركضون خلفها كالكلاب مطالبين بها و هذا ما سنفعله .. وإن طالب العسكريون بحقوقهم فحتى المدنيون سينتفضون وحينها ستتعقد الأمور

صمت قليلا ثم أكمل :ـ قبل أن ننفذ العملية يجب أن تكون شقيقتك زوجة لابن القاسمي ، لن أتحرك إلا بعد التأكد من كونها تحت حمايته

*
*


منزل آل القاسمي

جالس على العشب في حديقة منزلهم تتقاذفه موجة من الأفكار بعد أخرى ، يقلق بشأن توأمه و ما ستكون عليه أيامها خاصة إن أصر والدهم على الزواج و هو المحتمل .. أما الغريب هو أن يجد نفسه يفكر بزرقاء العينين تلك ..صاحبة الحمار .
منذ أن غادر القرية و هي تشغل عقله ، تراها ماذا تفعل الآن ؟ .. و ما مصيرها بعد هرب شقيقها ؟ .. يدرك قوتها و رغبتها الشديدة في حماية والدها و نفسها و رغم هذا فلن تستطيع مواجهة ذاك الإرهابي إن ظهر خاصة و أن عمران يدعمه و حينها حتى الجنود الذين يحمون القرية لن ينفعوا بشيء .. انتقلت به بذكرياته إلى آخر يوم له في القرية حينما قرر رؤيتها للمرة الأخيرة .
تذكر لحاقه بها إلى الزريبة حيث تكمن أغنام والدها و بالطبع حيوانها الغريب .. كانت تحتضن عنق حمارها بينما تشكو إليه ببكاء :

- لقد مات الكثيرون يا زيكو و ما يؤلمني هو منظر أبي المنكسر أمام الرجال ، لقد كُسر ظهره و أنا لا استطيع فعل أي شيء.

مسحت بيدها على جانب وجهه ثم طبعت قبلة على جبينه بينما تتابع :

- بتُ أخاف على نفسي ، أولائك القتلة قتلوا الكثير من النساء و لن يبالوا بنا خاصة أميرهم ذاك .. أنا لا أريد أن أتأذى فيتألم والدي ،يكفيه ما سببه له عمران من أذى .

لا يعلم لمَ رغبة كبيرة بحمايتها تولدت في أعماقه ، تلك الفتاة رغم ما تحاول إظهاره من قوة إلا أنها لا تنجح و تبقى عارية من الدفاعات تحتاج من يحميها و يعتني بها ..
اقتحم عليها المكان قائلا بمرح كعادته :
- أرى أن القزمة ذات الأسلاك اللاسعة قد تعافت قليلا .

التفتت تناظره بعينيها الكبيرتين الدامعتين فتخطف نبضة من قلبه تأثرا من جمالهما ، كحبتي زمرد تسبحان في فلك فسيح .. حتى القديس قد يتلو شعرا متغزلا بهكذا نظرات .. سحب نفسا عميقا يتمالك به نفسه و ما زالت خطواته الكبيرة تقترب منها حتى صار أمامها يظللها بطوله مبتسما ببلاهة .

- ما الذي تريده يا أرسلان ؟ .. لمَ تلاحقني من مكان لآخر ؟

رد بتذمر مصطنع :ـ و أنا من ظننت أنها ستستقبلني بالقبلات والأحضان بعد ليلة كاملة من الاشتباكات ..لمَ أنتِ جاحدة ؟

أغمضت ليليان عينيها بشدة هاتفة بغضب :- أرسلاان!!

ابتسم واضعا يده على قلبه معلقا :- يا ويل قلب أرسلان حينما تنطقين اسمه .

رغما عنها ابتسمت ، هذا الرجل غريب ،حتى في أسوأ اللحظات يمزح و يرفه عن نفسه ،يعيش ببساطة و يرى الحياة بنظرة خالية من التعقيد و هذا ما عرفته عنه من خلال المرات القليلة التي تحدثا فيها .

سألت :- هل سيرحل كل الجنود ؟

أجاب بتسلية مغيظا لها :- هل ستشتاقين إلي ؟ ..أعلم بأنني أخلد في ذاكرة و قلوب النساء لوسامتي و خفة دمي .

تأفف بضيق قائلة بتوبيخ :- أنت وقح و معتد بنفسك .. ارحمني من غرورك هذا .

وضع أرسلان يديه في جيبي بنطاله مرددا :- أنا وقح بالفعل .. و هذا متأصل في عائلتي فرغم أننا نحمل دما انجليزيا فنحن بدل أن نرث لباقتهم تجذرت الوقاحة فينا .

ضحك متابعا :- دم انجليزي مشوه .

هزت ليليان رأسها بيأس فهذا الجندي لا حل له .. هو في حد ذاته معضلة و هي لطالما كانت من كارهي الرياضيات و الفاشلين فيها .. اكتسبت ملامح أرسلان بعض الجدية فأردف :

- لن نغادر حتى تأتي كتيبة من الجيش لتحمي القرية و هناك أوامر ببداية حملة عسكرية تنظيفية واسعة النطاق لذا لا يوجد سبب للخوف .

تسربت بعض الراحة إليها فوجدت نفسها تبتسم بأمل لعل الفرج أتى و سيندثر كابوس الإرهابيين بعيدا عنهم .. عقدت حاجبيها ما أن مد لها بورقة صغيرة قائلا :

- هذا رقم هاتفي إن احتجتِ شيئا اتصلي بي و قد أرفقته بعنوان بيتِ العائلة إلى جانب عنوان المستشفى الذي تملكه شقيقتي و رقم هاتفها إن لم تثقي بي .

غلفت الحيرة نظراتها فسألت :- لمَ تفعل هذا ؟ ..لست مضطرا .

هز رأسه يوافقها الرأي :- نعم أنتِ محقة .. لكنك من نساء هذا الوطن و شرفك من شرفنا و رجولتي تفرض عليّ حمايتك من مجموعة الحثالة تلك ما دمت أستطيع حتى إن اضطررت لإرسالك خارج البلاد سأفعلها ..فقط ثقي بي و إن أحسستِ بأي خطر فلا تترددي .

مدت يدها ببطء تسحب الورقة لتبتسم له بامتنان و نبضات قلبها في ارتفاع جنوني ، قد يبدو عابثا من الخارج لكن من الداخل يحمل معدن رجل أصيل قد لا نصادفه كثيرا في وقتنا هذا ..لقد أعجبت به و برجولته و غيرته .. شعورها أن هناك من هو مستعد لحمايتها يدغدغ حواسها و يحيطها بسحابة من دفء افتقدته ..
حياها أرسلان قبل أن ينسحب مغادرا فأوقفته بأن نادته باسمه و حينما استدار قابلته أجمل ابتسامة رآها على وجهها ثم قالت و قد احمرت وجنتاها :
- شكرا و اعتنِ بنفسك جيدا .

ضرب لها التحية ما جعلها تمنحه ضحكة صغيرة ثم غادرها ..

مرر أرسلان يده على شعره و ذاكرته تستمر بتكرار آخر لقاء له مع صاحبة الحمار زرقاء العينين .. كانت أكثر فتاة عرفها براءة رغم وجهها المتجهم دائما .

- لمَ تجلس لوحدك ؟

اقتحم صوت شاهين خلوته ليجده يجلس بجانبه على العشب .. بقي لبضع لحظات صامتا قبل أن يسأله شقيقه الأكبر مجددا :
- أين نونو ؟ ..لا أظنها تنام في هذا الوقت ..ثم لمَ وجهك عابس هكذا ؟ .

تنهد أرسلان بقلة حيلة مجيبا :- نونو قد نامت بعد نوبة البكاء التي هاجمتها ..لقد تشاجرت و والدنا بسبب طردها لتلك الطبيبة حسبما فهمت .

تجهمت ملامح شاهين فزفر بتعب ، شقيقته صعبة المراس و لا أحد يستطيع فهم طريقة تفكيرها ..
سأل أرسلان :
- كيف كانت مقابلتك مع والد رزان ؟ .

أجاب بنبرته الهادئة :- ذهبت إلى منزله و أخبرته بعرضي مع الشروط التي لدي و منحته مدة شهر حتى ارجع من مهمتي القادمة ليمنحني قراره .

- هل تحبها ؟ .

ابتسم شاهين لسذاجة شقيقه و أجاب :
- أي حب هذا ؟ .. امرأة أعجبتني و أردت الزواج بها ..إن هي وافقت فخير و بركة و إن لم توافق فذاك هو النصيب ،لا دخل للحب .

تنهد أرسلان للمرة التي لا يعرف كم خلال هذه الليلة قائلا :

- لقد كنا حملا ثقيلا عليك و حان الوقت لكي تعيش حياتك .

نقل شاهين كل تركيزه نحو شقيقه ليضرب ذراعه بقبضته متكلما بحزم :

- أنتما أغلى شيء امتلكته يوما و أنا استمتعت بكل لحظة لي معكما ، إياك أن تفكر بأنني قد اتعب يوما أو أسأم منكما ، أنتما طفلاي يا أرسلان و أفديكما بروحي مقابل أن تعيشا سعيدين .

قبّل رأس شقيقه قبل أن ينهض قائلا :
- سأتفقد توأمك و أنت لا تتأخر في البقاء هنا .

هز أرسلان رأسه بطاعة مبتسما بحنان بينما شاهين غادره نحو غرفة نورس .. طرق الباب مرتين ليأتيه صوتها يأذن له بالدخول .
كانت تجلس على حافة سريرها بمنامتها و يداها تضغطان على رأسها ..
بصمت دنا نحوها يجلس بجانبها و سأل :

- أنتِ بخير ؟ .

هزت رأسها بنعم دون أن تنظر إليه حتى ، فقبضت أصابعه على ذقنها يرفع وجهها إليه سائلا :

- أنتِ لم تحدثيني اليوم و هذا ليس من عاداتك .. هل يزعجك أمر زواجي المحتمل ؟

أومأت فابتسم بحنان و قال :- نونو ..أنا أتفهمك ، أتفهم خوفك من أنني قد لا أهتم بك بعد أن أتزوج ، و هذا لن يحدث ، أنتِ فوق الجميع يا قلب شاهين .. هل ترضين لشقيقك أن يعيش وحيدا دون أطفال أو زوجة ؟ .. ألا يحق لي تأسيس عائلة ؟ .

أخفضت عينيها أرضا خجلا منه ، لقد فكرت بأنانية تامة ، لم تبالِ بشقيقها الذي ضحى بسنوات عمره كلها من أجلها و توأمها لكنها تخاف و تغار بشدة ..قد تسرق زوجته تلك اهتمامه و ينساها هي ..

- هل تعدني بأنك ستهتم بي بعد أن تتزوج ؟ .. أعلم بأنني أبدو طفولية لكنني إن خسرت اهتمامك و أرسلان سأموت يا شاهين .

انحنى يقبّل جبينها بعمق ثم ضمها إلى صدره هامسا :- صغيرتي المدللة تغار ..ويلك مما ينتظرك يا شاهين .

أبعدها عنه قليلا سائلا بصرامة :- هل حقا طردتِ تلك الطبيبة ؟

عضت شفتها السفلية بقوة ،تهرب بنظراتها بعيدا لتنكس رأسها ما أن قال موبخا :
- هل هذا ما علّمتكِ إياه ؟ .. تقطعين أرزاق الناس يا نورس ! .. هكذا تخيبين أملي فيكِ .

اعترضت :- أخي ..أنا..

قاطعها بأن تابع و قد احتدت نبرته بعض الشيء :
- اصمتي .. والدك سيتزوج و هو حر ..أظنكِ كبرتِ بما فيه الكفاية و ما عدتِ بحاجة إليه فإما أن تحسني تصرفاتك أو سأغير معاملتي لك و أنتِ تعرفين العواقب .
أشاحت بوجهها بعيدا عنه في حركة غاضبة فعادت أصابعه لتجعلها تنظر إليه و قال :

- غدا ستعتذرين من أبي و تلك الطبيبة ستعود للعمل ..اتفقنا؟ .

امتلأت عيناها بالدموع التي ترفض سكبها ، لن تعتذر له أبدا و تلك المرأة لن تضع قدما داخل المستشفى ، همست بتحشرج :
- لقد قال بأنني لست ابنته ..و قال عودي إلى جدك .. أقسم بالله سأعود إلى بريطانيا قبل أن تكون تلك زوجته و لن تروا وجهي أبدا ما دمت عبئا عليكم .

منظرها و هي تحارب دموعها كي لا تسقط ذكره برزان ، ترى هل ستقبل بعرضه ؟ .. نفض عنه تلك الأفكار فليس هذا وقتها ثم وقف لينحني حاملا نورس بين ذراعيه .. شهقت من الصدمة :
- ما الذي تفعله ؟

لم يرد عليها بل أبعد الباب المفتوح بقدمه لينزل بها السلالم متجها نحو الحديقة .. ضحك أرسلان ما أن رآهما مقبلين عليه ليقف يتبع شاهين الذي أخذ يقترب من المسبح ..

تمسكت به نورس بشدة قائلة:- لا تفعلها .. المياه باردة ..إياك يا شاهين .

ضحك شقيقها بمرح قائلا :- تريدين العودة أليس كذلك ؟ ..ستندمين يا صغيرة .

دفنت وجهها في عنقه تضحك بشدة :- أنا آسفة ..لن أعود .. أعدك لن أعود .

تراجع خطوة للخلف فأرخت ذراعيها حول عنقه ظنا منها أنه لن يرميها فباغتها بأن رماها بقوة لتسقط وسط المياه صارخة باعتراض .. لم ينتبه شاهين وسط ضحكه إلى أرسلان الذي يقترب منه بخفة إلى أن دفعه بقوة ليجد نفسه محاطا بالماء البارد ..

- ها قد انتقمت لكِ منه يا نونو .

ضحكت نورس مبعدة شعرها عن وجهها لمنظر شاهين الذي يسبح بكامل ملابسه ..
أما أرسلان فقد خلع خفيه يتبعهما بقميصه ليبقى عاري الصدر ثم قفز منضما إليهما.. كانت ضحكاتهم ترتفع متراقصة مع صراخ نورس التي تحاول الهرب من توأمها الذي يسعى لإغراقها .


يتبع ...

[wafouta]

شكراااا على الرواية

[bella snow]

بعد يومين .

مستشفى النورس الخاص

كانت تتجول في أروقة المستشفى تتفقد العمل و المرضى ، جدول العمليات لهذا اليوم ليس به أي شيء مميز و يبدو أن يومها سيكون مملا للغاية .. جلب انتباهها بعض الجلبة قريبا منها فاقتربت تستكشف الوضع
- أرجوكم ابنتي ستموت إن لم تجروا لها العملية .. أرجوكم .

قالت الشابة خلف مكتبها في قسم المحاسبة :- عذرا منك ..لكننا لن نجري العملية قبل ان تدفع المبلغ و الضمان الاجتماعي لن يستطيع تغطية التكاليف .

ردد العجوز و الدموع تملأ عينيه :- المبلغ كبير و أنا لا أملكه ..هل ستدعون ابنتي تموت .؟

ردت المرأة :- للأسف لن نستطيع فعل أي شيء ..يمكنك نقلها إلى مستشفى حكومي و قد ترضى الحكومة بالتكفل بها .. رجاء ابتعد الآن فلدينا عمل كثير .

- ما الذي يحدث هنا ؟

وقفت الموظفة و قد لاح الارتباك على صفحة وجهها ما أن رأت نورس تقترب منها و ردت بتوتر :

- والد إحدى المريضات لا يستطيع دفع تكاليف العملية لكنه يطالب بإجرائها .

سألت ببرود :- لقد سمعت حديثكما ، لمَ لم تضعي ملف المريضة ضمن العمليات المجانية. ؟

أجابت الأخرى :- العملية تكالفيها عالية جدا و إن غطينا مبلغ هكذا عمليات سيفلس المستشفى .
رفعت نورس أحد حاجبيها بينما تقول بتهكم :

- و من طلب رأيك ؟ .. حتى وإن كان المبلغ كبيرا ألم أطلب أن يتم إعلامي بهكذا حالات !؟ ..
اسمعيني جيدا ،أنتِ مجرد موظفة هنا و هذه ليس شركة لحصد الأموال إنه مستشفى غايتنا الأولى هي معالجة الناس و رعايتهم لا جمع الأموال و إن لم يعجبك هذا فالباب يخرج جملا .

احمر وجه الموظفة بشدة و رمقها زملائها و بعض من تجمعوا من الناس ببعض الشفقة ،أما نورس فقد نقلت تركيزها نحو العجوز لتبتسم برقة قائلة :
- لاتقلق يا عم ..اذهب لغرفة ابنتك و كل شيء سيكون بخير بإذن الله .

ملأت الدموع عيناه فهمس بامتنان :- بارك الله فيكِ بنيتي ، شكرا لكِ .

....

بعد أن حلت مشكلتها كانت تتجه إلى مقهى المستشفى ..ما إن دخلت حتى تسمرت مكانها فتتسارع نبضات قلبها و هذا صار عادة لديها كلها ذكر اسم ذاك الرائد أو قابلته كما في هذه اللحظة .. كان يبدو شاردا يتأمل فنجان قهوته بملامح جامدة .. إنها معجبة به لحد كبير ، قوته ، اهتمامه و للآن ما يزال ذهنها يعانق طيف الذكرى التي جمعتهما قبل أيام عدة ، حينما ضمها إليه خوفا عليها ، كان شعورا مميزا بالأمان و الحماية ، شعور مختلف عن شعورها حينما يضمها شاهين أو أرسلان ..كان كالخيال ..جميلا .. قويا و لذيذا ..
اقتربت منه ثم سحبت الكرسي المقابل لها فرفع رأسه إليها و قد كان متفاجئا من رؤيتها .. سألت مبتسمة :
- كثرت زياراتك إلينا حضرة الرائد ..هل كل شيء بخير ؟ .

رد بابتسامة صغيرة رغم الشجن الظاهر في عينيه :- هل يزعجك وجودي هنا ؟

تألقت عيناها البندقيتين بلمعة بهية ..نظرة ينبث نورها في حواشي قلبه المظلمة ..قلبه الذي لم يعرف يوما حتى مشاعر الإعجاب و الانجذاب اللذان بات يحملهما للمقابلة له .. ما الذي تصيبه به هذه المرأة ..أذاك سحر أم تخيل أم هو الحب ؟

بعد صمت قصير تكلم كاسر :- والدتي هنا .. توعكت صحتها و لولا لطف الله بها لأصيبت بجلطة دموية .
رددت نورس بتعاطف :
- أتمنى لها الشفاء ..أتمنى أن لا شيء خطير بها .

أخذ يسترجع ما حدث الليلة الماضية ، والدته بقيت ليومين لا تحدثه ولا تنظر لوجهه حتى و لتحاصره أكثر فقد أعلنت إضرابها عن الطعام و عن دواءها و هو بدوره لم يستسلم رغم محاولاته لإقناعها بالعدول عن رأيها لكن عبثا حاول .
ليلة البارحة سقطت والدته مغمى عليها بعد ارتفاع شديد في ضغط دمها .. كانت على وشك الموت وكله كي تجعله يتزوج بمليكة .. هو يحب والدته ويتمنى رضاها لكن هي لا تدرك بأنها تعاقبه وتحرمه مما يريد ويتمنى
هذا هو قانون الحياة ، تمنحك شيئا وتأخذ مقابله شيئا آخر
و عليه أن يضحي بأحلامه كي تعيش أحلام أمه
أطلق زفرات حارة كمعمعة الحريق فأتاه صوت نورس التي سألت ببعض القلق :

ـ هل كل شيء على ما يرام ؟ .. تبدو كأنك تملك الكثير لتبوح به .

رفع نظراته إليها بينما يقول :ـ بعض الكلام ينطق و بعضه يضمر في القلوب و لا يمكن البوح به أبدا

رغم غرابة حديثه لكنها أجابت : ـ لكن القلب لا يتحمل الصمت الكثير .. سيأتي اليوم الذي ينطق فيه بكل ما يخفيه .

ابتسم هازا رأسه بلا معنى ثم سأل ناظرا إلى عينيها :ـ إن خيروكِ بين ما تحتاجينه و ما تريدينه فما سيكون اختيارك ؟

أجابت عاقدة حاجبيها :ـ الاختيار صعب لكن سأسعى خلف ما أحتاجه لأنه ينقصني و إن نلته سيكتمل ذاك النقص أما ما أريده فقد يكون من الكماليات فقط .

لقد فكرت كما فكر هو .. يحتاج لوالدته و سيسعى لينال رضاها و الثمن سيكون تخليه عن رغبته في ضم نورس إلى حياته

ـ ماذا عن "ما تريدينه" ؟ هل ستتركينه ببساطة ؟

قالت بثقة :ـ لا .. سأنتظر الوقت المناسب وسأسعى خلفه حتى أفوز به .

منحها ابتسامة صغيرة و قال قبل أن يقف و يغادر :ـ تذكري أنكِ قررت الانتظار .. وداعا .

ظلت نورس تراقب ظهره الذي توارى بعيدا .. ما الذي يقصده بهذا ؟
يريدها أن تنتظره ؟ ... هو ؟!
رفعت يدها إلى قلبها تتفحص نبضاته الراكضة ..
إن كان من أجل فهم مشاعرها التي تجعلها كالغريبة حينما تحدثه أو تقابله فستنتظر حتما .


انتهى الفصل الخامس

الحمدلله وصلنا لآخر محطة قبل أحداث المقدمة
الفلاش باك انتهى وسندخل في عمق الرواية
أسئلة كثيرة تراودكم .. ما مصير نورس خاصة وقد علمتم اختيار كاسر ؟
ما مصير ليليان ؟ ..كيف ستكون علاقة رزان بشاهين في ظل مخططات والدها وشقيقها ؟
أحداث كثيرة ما زالت في انتظارنا فقط استمتعوا بكل فصل و لا تتسرعوا لمعرفة الأحداث القادمة فكل شيء يأتي في وقته

إلى لقاء آخر في نفس الموعد مع

صــــقـــور تــخــشــى الـــحــب
حــكـايــة الــــحــب و الــوجــع ... و الـــوطـــن