شبكة روايتي الثقافية

شبكة روايتي الثقافية (https://www.rewity.com/forum/index.php)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.rewity.com/forum/f202/)
-   -   1200 -المستبد - عبير دار النحاس ( كتابة /كاملة)** (https://www.rewity.com/forum/t368185.html)

samahss 03-02-17 08:07 PM

1200 -المستبد - عبير دار النحاس ( كتابة /كاملة)**
 
https://upload.rewity.com/upfiles/Uje73071.png

1200 -المستبد - عبير دار النحاس
المقدمة
"لم اقابل امراة لا استطيع العيش من دونها."
لكن هذا لا يعني ان ستيف وارويك لا يهتم بالنساء على العكس تماما, لقد اوضح لدافينا ومنذ اللقاء الاول انه معجب جدا بها. اما دافيناا فقد كاننت منشغلة بامور اخرى, واخر ما تحتاج اليه هو التعرف على رجل قاس متفاخر يعتقد انه يستطيع ان ينظم لها حياتها, وان كان هذا يعني وجود مشاكل في جزيرة خلابة في جنوب الباسيفيك, فهي مستعدة لكل ذلك.


https://upload.rewity.com/upfiles/WO373071.png

يجب ان ترد لمشاهدة المحتوى المخفي

samahss 03-02-17 08:09 PM

1200 - المستبد - عبير دار النحاس ( كتابة )
 
تمهيد
"اذاً كرهت كل الرجال منذ ذلك الحين؟"
قالت دافينا: "اجل, وان كنت ستعمل على التوضيح لي انني اتصرف بحمماقة لاني اقدم على التعميمات في هذه الامور, لذا من فضلك لا تضيع وقتك من اجلي."
"لم افكر بذلك لحظة".
ووقف ستيف وهو يتابع:
"عدد كبير من الناسيفضلون ااستمتاع ببؤسهم."
حدقت دافينا بجسمه الفارع الطول بعينين ضيقتين, وهي تشعر بالاحباط بينما سار مبتعدا.

samahss 03-02-17 08:13 PM

الفصل الاول
تنهدت دافينا هاستينغز براحة وحركت يديها, هي لا تشعر ابدا بالراحة عندما تكون في طائرات ضغيرة, والطائرة التي هي بها الان وقد وصلت الى المطار هي صغيرة جدا, طائرة بثمان مقاعد فقط, وبدت لها هشة جدا لتقطع مسافة ثلاثمئة ميل في جنوب الباسيفيك من القارة الرئيسية في ااوستراليا الى جزيرة لوردهووي, هشة ومفككة, لذلك كان عليها ان تعاني من الرعب تماما كما تعاني من مخاوفها الاخرى, ثم وليزداد الوضع تعقيدا, هبطت الطائرة على المدرج خلال عاصفة هوجاء وهذا ما دفعها الى اغماض عينيها.
لكن ما ات انطلقت الطائرة الصغيرة على المدرج نححو المطار, حتى نظرت بشوق من نافذتها لتشكل انطباعا عن لوردهووي, فشهرتها انها جزيرة رائعة بالنسبة للمصورين, لكنها لم تر الا ضبابا يحجب التلال امامها وامطارا غزيرة.
قال قبطان الطائرة بفرح: "اسف على ذلك, اقصد الطقس, لكن يمكنني القول انها سحاببة في طريقها نحو نيوزلندا وسيصبح الجو رائعا ما ان تنقضي, ولا بد ان ذلك سيتم بسرعة قصوى. شكرا لكم على الطيران عبر خطوطنا, واتمنى لكم عطلة رائعة."
تجهم وجه دافينا فمن خلال ما سمعته فهي المسافرة الوحيدة التيلم تات الى هذه الجزيرة لامضاء عطلة ما وللحظة تمنت لو ان العكس صحيح. ولكن العمل عمل, رفعت كتفيها واستعدت للمهمة القادمة اليها.
رات مبنى المطار صغير بينما كانت تركض نحوه تحت المطر, ثم عبرت بابا زجاجيا وهي تنفض المطر عن شعرها وعن سترتها وقميصها, رفعت نظرها لترى رجلا امامها متكئا عللى طاولة الموظفة لم يكن صعبا عليها ان تقرا ما ان التقت عيناها بعينيه بطريقة كما ينظر اي رجل الى امراة جذابة, ول بطريقة ساخرة, وكانه يظهر اعجابه بها.
ابعدت دافينا عينيها عن تلك العينين الرماديتين القاسيتين ومع ذلك وجدت نفسها تشتعل غضبا وتساءلت لماذا, كأن ذلك لم يحدث من قبل. في الواقع كانت تشعر احيانا بالتسلية من جراء ذلك. وحقيقة انها تملك جسما يجذب الانتباه وشعر اسود جميل, مع حاجبين اشد سوادا فوق عينين خضراوين في وجه بيضاوي مثالي, يسليها لان مظهرها الخارجي لا يناسب ابدا شخصيتها العمية الواقعية, ولان ايضا, كما يعمد عدد كبير من الرجال ان بعتقدوا انها فتاة طالما حلموا بها, لكن ولا واحد منهم جعل حلمها يصبح حقيقة.
فكرت, لكن الامر مختلف قليلا لسبب ما, عينا هذا الرجل تقولان ان جمالها ليس اللا جزءا واحدا منن كل ما هي عليه, كيف يجرؤ على ذلك؟ ام انها تخيلت ذلك؟ تجولت للحظات اخرى, وهي مصممة على النظر الى الجهة المقابلة, ثم رفعت كتفيها وقررت ان تعرف عن نفسها الى اي شخص اتي ليقلها.
لكن المطار الصغير محتشد بالناس والموظفين منشغلين بالضيوف وامتعتهم, والموظف الوحيد غير المنشغل كما يبدو هو عامل الهاتف, وكما يبدو ليس هناك من يبحث عن دافينا هاستنغز, والتي ستعمل كمدبرة مننزل للسيد واريك وعائلته لوقت محدد.
لذلك حملت حقائبها ونظرت حولها من جديد. بدا الحشد يتضاءل والرجل الطويل الذي كن يتكئ على الطاولة ادار ظهره لها الان ووضع يديه في جيبي بنطاله وهو ينظر بتمعن للاشخاص المغادرين.
اقترب منها ربان الطائرة وهو ينظر اليها بفرح واضح, وقاال:
"مرحبا, اعتقدت انني لن اتمكن من التحدث اليك, اين ستنزلين؟ واتساءل ان كنا نستطيع تناول العشاء معا, فانا باق هنا لمدة اسبوعين."
زفرت دافينا في اعماقها, هذا شخص اخر, لكن هذا يبدو وسيما في بذلته الزرقاء, وعللى الاقل يبدو ودودا وصديقا وهو يمد يده ليصافحها, كما وانه يبدو من عمرهاا, اي في الخامسة والعشريين من عمره, تابع بحماسة وهو يصافحها:
"انت الانسة هاستنغز, اليس كذلك؟ قرات لائحة المسافرين وهناك واحدة فقط باسم هاستنغز وكما يبدو انت وحيدة, كما وانك لا تضعين خاتم زفاف لذلك اعتقدت انك قد تمانعين في ان اسالك مرافقتي."
نظرت دافينا بدون ارادة منها الى يدها اليسرى وفتحت فمها, لكن قبل ان تتمكن منن التحدث سمعت صوتا اجش يسال:
"هاستنغز؟"
واضاف بانزعاج كبير: "اه, لاقول ذلك بوضوح, لا تقولي لي انك السيدة هاستنغز؟"
استدارت دافينا ببطء, لكنها علمت من يكون, وما ان التقت نظراتهمما للمرة الثانية, حتى علمت ان عيناه ليستا بنيتين بل هناك شذرات من اللون الاصفر فيهما, وان هذا الرجل هو السيد واريك, بكتفيه العريضتين وبقامته الفارعة, انه في الثلاثينات من عمره ويحمل هالة من الديناميكية, وفي هذه اللحظة هناك غضب صارخ في وجهه. وعلى الرغم من انه يرتدي بنطالا قديما وقميصا فضفاضا, ومع ان ملامح وجهه ليست متناسقة وهناك نمش على وجهه, لكن لا احد ينكرانه رجل مميز في العالم وان معتاد على الحصول على ما يريده.
رمشت عيا دافينا وهي تفكر ماذا يعني بكلامه اجابت ببرودة: "انا السيدة هاستنغز اجل, ومن انت؟"
لم يجب على سؤالها على الفور بل نظر اليها مليا بانزعاج وقال بمرار:
"لاا استطيع تصديق ذلك, قلت لهم انني اريد امراة كفؤة متوسطة العمر وتمتاز بعاطفة اللامومة, فمن ارسلوا لي؟ نجمة سينمائية والتي تنتظر لتقوم بدورها في الاغواء والاغراء."
حدث امران في ذات الوقت, تقدمت دافينا خطوة واحدة الى الامام مع رغبة واضحة في ضربه, اما الربان الذي بدا مرتبكا بشكل مثير للضحك قال بسرعة:
"سيد واريك, يمكنني القول, سيدي."
قال السيد باختصار: "ارحل من هنا, بات." ولدهشة دافينا هذا ما فعله الربان على الفور.
قالت من بين اسنانها: "انا لا اصدق ذلك, من انت؟ اي شخص يعتقد انك تملك الجزيرة وانك نصبت نفسك حاكما ولديك الحرية باهانة الناس واصدار الاوامر عليهم وكانهم حثالة."
رفع واريك حاجبه وقال:"انا املك حقا نسبة كبيرة من خطوط الطيران, لذا عليك ان تعذري بات لانه تخلى عنك ساعة حاجتك اليه."
اضاف بعد قليل وهو يسالها: "لماذا لا ترتدين خاتم زفاف, سيدة هاستنغز؟ ام ان الوكالة ضللتني بهذا الامر ايضا؟"
اجابت بصوت حازم: لم يفعلوا ذلك, انا سيدة متزوجة, وان كنت اختار ام لا بان اضع خاتم الزفاف, فهذا امر لا علاقة لك به مطلقا, كماو انني ماهرة جدا في عملي كمدبرة منزل وان احتاج احد لعاطفة الامومة, انا مستعدة لاكونن والدة لهم."
توقفت عنن الكلام لترمقه بنظرة ضيقة وهي تساله: "لكن لماذا انت بحاجة لمن تقوم بدور الوالدة؟ لا تقل لي انك مطلق او انك تربي اطفالك بمفردك؟"
"انا لست كذلك, لكنني لم اقل لاحد انني الوالد, هل يعقل اننا امام اختلاف في وجهات النظر؟"
تجهم وجه دافينا وقالت ببطء: "هل تعني بقولك انك ارمل او ان زوجتك لا تعيش معك؟"
رمقها بنظرة قادرة على جعل معظم الناس تتململ, لكن دافينا بقيت تتنظر اليه من دون ان ترمش وهو يقول:
"دعيني اوضح لك امرا مهما يا سيدة هاستنغز, انا لست متزوجا ولهذا كما يتبع الليل النهار, لا زوجة لدي, هل تعتقدين انك قادرة على تفهم ذلك الان؟"
سألت دافينا رافضة ان تنهزم: "وليس لديك صديقة ما او مهما رغبت ان تسميها؟"
قال بصوت لا يخلو من السخرية: "لا صديقة ولا حبيبة, لا شيء من هذا القبيل, ولماذا هذا الام يقلقك سيدة هاستنغز, من فضلك فسري لي؟"
ضغطت دافينا على اسنانها وقالت بفقدان صبر: "لانه ان كان هناك من يحتاج الى عااطفة الامومة فلا بد ان هناك طفل بلا ام."
توقفت لتحدق به بغضب قبل ان تتابع: "اذاً علي ان اخبرك انني لاا اعمل مع الرجال العازبين, سيد واريك."
ثم تابعت: "وساخبرك ايضا لماذا, لان الرجال العازبيين ان كانوا ارامل او ايا كان, ولاسباب هم انفسهم يعرفونها, ينظرون الى مدبرة المنزل كلعبة سهلة, وهذا ما اثبته بنفسك ما ان نظرت الي ولذا ما يحدث بيننا الان ان الشركة لم تخطئ معك بشأني, بل انت اخطأت معي."
ابتسمت, لكن لم تصل ابتسامتها الى عينيها, وفي الحقيقة كانتا باردتان كالثلج, وتابعت:
"فقد اخبروني ان لديك زوجة وابنة, وانا اتساءل لماذا فعلوا ذلك سيد واريك, طالما انك اوضحت ان ليس هكذا وضعك؟"
بقي صامتا للحظة ثم ظهرت ابتسامة صغيرة على وجهه وقال بنعومة:
"لا بد ان ما حدث سوء تفاهم كبير على ما اخشى قوله, فالتي تحدثت عنها هي زوجة ابي واخت منها وهما تحملان اسم عائلة وارويك. لذلك اذا عمل احد على التاكد من الاسماء في منزل اللسيد وارويك سيجد اسم سيدتين والانسة وارويك في الثامنة من عمرها, اعتقد هكذا تم اختلاط الامر على الجميع سيدة هاستنغز؟ ألأا توافقينني الرأي؟ بالاضافة الى ان السيدة الاخرى من العئلة هي جدتي, واتساءل ان كنت تشعرين بي تهديد مع وجود هذه السيطرة للنساء في المنزل, وانا حقا ارغب في معرفة الجواب, سيدة هاستنغز؟"
حدقت دافينا به وهي تشعر برغبة قتل من اقدم على هذا الخطأ في الوكالة لكنها قالت بهدوء:
"وانا حقا احب ان اعلم كيف ستتمكن من تقديم مدبرة منزل تشبه نجمة سينمائية اللى زوجة ابيك, وشقيقتك وجدتك."
ابتسم واجاب: "اه, يتقبلن كل ماا اقوله لهن."
ضغطت دافينا على شفتيها وقالت بغضب مكتوم:
"هل حقا تعتقد انني قادرة على العمل لديك الان لا يا سيد وارويك يمكنك ان تسيطر على كل النساء في عائلتك, لكنك سترتكب غلطة كبرى ان اعتقدت انني من ذات اللائحة, لانني ساعود على الفور."
واستدارت مبتعدة وهي ترتجف من الغضب والاشمئزاز معا.
قال بعد مررور لحظة من التفكير: "لا تستطيعين؟"
سالته وهي لا تزال تتابع سيرها: "لا استطيع ماذا؟"
قال بهدوء: "العودة مباشرة."
هذا ما دففعها كي تستدير وتقول له ببرودة: "بالطبع استطيع العودة, ماذذا تقصد بقولك؟"
راقببها عن كثب وحقيقة ان المطر جعل شعرها يتجعد قليلا ثم جالت عيناه على جسمها ملاحظا استرة المصنوعة من الكتان والتي ترتديها فوق قميص رطبة بيضاء من احرير وبنطال ابيض ضيق, يداها الناعمتان وخاتم واحد من الذهب في احدى اصابعها, حذاء من الجلد انيق وحقيبة مناسبة علقتها على كتفها, ثم نظر مليا الى حقيبة الكاميرا قبل ان يعاود النظر الى بشرتها السمراء البارزة من ياقة قميصها...
في تلك اللحظة قالت دافينا بغضب: "والان اسمعني جيدا سيد واريك..."
تمتم عندها وقد ظهر المرح بصوته: "بالطبع يمكنك المغادرة, لكن لا يمكنك المغادرة الان."
حدقت به للحظة ثم نظرت الى ارض الهبوط في اللخارج وقالت:
"هل تقول لي ان ليس هناك اية رحلة طيران اليوم."
قال موافقا: "هذا ما اريد قوله بالتحديد."
زفرت دافينا بعصبية وقالت: "حسنا, اعتقد ان هناك مكان ما استطيع ان امضي الليل فيه."
"بالطبع هنااك."
قالت بنبرة حاسمة: "اي مكان بعيد عنك."
سحب يده من جيبه واشار بهدوء وهو يقول: "هناك اربعمئة سرير في هذه الجزيرة, وانا متاكد اننا نستطيع تامين واحد لك."
"قلت لك انني لم اعد ارغب في العمل عندك."
هذا ما فعلته,لكنني بدلت رايي الان, فلم لا تفعلين مثلي؟"
فتحت دافينا فمها واطبقته لمرات عدة قبل ان تتمكن من تنظيم افكارها, عملل راقبه بانتباه واضح, اخيرا قالت:
"هل تدعوني لاصدق انه من الممكن ان تبرهن انك لست اكثر رجل متفاخر ومزعج ومثير للاهانة قابلته في حياتي؟ او وغد بالكامل, ان اردت ان اعبر عن ذلك ببساطة؟"
ضحك واجاب بكلمة واحدة: "صحيح."
"لا..."
قال بقلق مفاجئ وهو يرفع كتفيه بتوتر: "اهه هيا سيدة هاستنغز, تقابلنا في ظروف خاطئة, الا يمككننا ان نتررك الامر على هذا النحو؟ هل تتوقعين اعتذارا مني؟ان كان الامر كذلك فأنا اعتذر..."
"لا تزعج نفسك..."
لكنه قاطعها فجأة بصوت اكثر حزما:
"اسمعي, ان كاان يجب ان تعلمي, يوجد فقط رجال قلائل يتحلون بالمناعة الكافية عند رؤيتك تتجهين نحوهم وانت مرتدية سترة وقميص بيضاء رطبة."
لمعت عيناه بمكر ما ان نظرت دافينا الى قميصها واغلقت سترتها على الفور, تابع باستياء:
"واعتتقد هذا امر طبيعي في الحياة, لكنني اعتذرت على ما قلته او مهما ترغبين في التفكير به, والامر الاخر الذي قلت فيه انك تبدين كممثلة افلام سيئة, لانك لا تبدين مطلقا كمدبرة منزل واستطيع ان اواجه اي شخص يحاولل ان يخبرني عكس ذلك."
تابع بلهجة لا تخلو من الغضب: "اذاً, اعترف انني اظهرت انزعاجي وبقسوة مما حصلت عليه وهذا ما استطيع فعله في الوقت الراهن ولست في خطر لاعتبارك كفريسة سهلة في منزلي, وهذا وعد."
واجهته دافينا: "ولماذا علي تصديق اي شيءء تقوله؟"
لكنها تفاجأت باحساس انها تستطيع ان تفعل, وتساءلت لم لأن كل ما قاله يحمل نبرة من الصدق, ربما؟ بعد ذلك ولتصبح الامور أسوأ, لم يزد السيد وارويك اي كلمة, لم يقل لها انها تستطيع ان تسأل ايا كان عنهز ببساطة وقف يحدق بها من دون اي اهتمام, لكن بفقدان صبر وتوتر خفي.
عضت دافينا على شفتها من الداخل واستدارت فجأة وهي تحرك راسها, لتتوقف فجاة زهي تحدق عبر الباب الزجاجي الذي يقود اللى موقف السيارات من الجهة الاخرى من المطار. توقف المطر وصفت السماء, فاتسعت عيناها وفتحت فمها بدهشة قبل ان تستدير وتقول للرجل الطويل بصوت مليء بالعاطفة:
"تلك الجبال, ما هي؟"
قال من دون ان ينظر او يفكر: "تلك الجبال ليدجبرد وغواور, لماذا؟"
قالت باهتمام: "هل تمانع ان التقطت لها صورا؟ مع مرور قوس قزح بينها؟ وهل هناك مكان استطيع التصوير فيه افضل من هنا؟"
تجهم وجهه وقال: "بالطبع, ولكن.."
"لا اعتقد انني رايت منظرا اجمل, فعندما لا اكون اعمل كمدبرة منزل انا هاوية تصوير بشكل قوي جدا, كما ترى سيد وارويك."
تابعت بقرار مفاجئ: "لاقول الصدق اشك كثيرا اننا نستطيع العمل معا وبأي شكل من الانسجام, لكنني اخشى القول انني لا استطيع مغادرة لوردهوواي بسرعة كما خططت, فانا بحاجة لاصور هذه الجبال. لذلك ان كنت تستطيع تأجيل هذا النقاش لفترة قصيرة, حيث يمكنك ان تاخذني الى مكان مناسب قبل ان يغيب قوس القزح, وساكون ممتنة لك."
تشكل تلك الجبال الناحية الجنوبية من الجزيرة, وهي ليست عالية كما يفترض بالجبال ان تكون, لكن ما تفتقده في الارتفاع تعوض عنه بطرق مختلفة, هذا ما اكتشفته دافينا وهي تقفز حافية القدمين في ارض رطبة, تصور الجبال المرتفعة في وسط البحر مع سماء داكنة وراءها وقوس قزح يمر خلالها, وكل انواع طيور البحر تزقزق في ذلك الوقت المتأخر من بعد الظهر. كل هذا في وسط المحيط وبعيدا مئات الاميال عن اي مكان اخر, شعرت وكأنها قبطان في قصة خيالية, ولم يكن ينقصها غير سفينة طويلة تقف عند رصيف البحر, كانت منشغلة تماما بما تراه وهي تصور, تنهدت عندما التقطت اخر صورة وادركت ان السيد وارويك يقف على بعد خطوات منها يراقبها باهتمام.
"اه شكرا لك, اصبح الضوء خافتا الان ولن التقط المزيد من الصور. اقدر لك احضاري الى هنا وربما تعتقد انني مجنونة."
وبدأت باعادة الكاميرا الى الحقيبة, ونظرت حولها باستغراب وقالت: "آه..."
قال بلهجة ساخرة: "كنت ستقولين وماذا الان؟"
ابتسمت بانزعاج وقالت: "اجل."
"ما رايك بتناول شراب ما؟"
"آه, انا.."
"لا تجادلي سيدة هاستنغز, افعلي فقط ما يطلب منك, فما زال امامنا حديثا لنكمله. واعتقد هذا اقل ما تدينين لي به."
ترددت دافينا, لكن ليس هناك اي شيء اخر تستطيع القيام به, فليس امامها الا هذه الجزيرة والمحيط, لذلك صعدت في الشاحنة القوية. لم يبتعدا كثيرا عن الموقع السابق, بل اتجها نحو سفح جبل ليدجبرد, مرا امام منزل صغير قبل ان ينعطف نحو طريق ضيق ليصلا الى عدد من المنازل في الوادي.
سألته: "هل هذا المكان مأهول في الجزيرة؟"
"نعم انه كذلك."
"انه مهجور جدا."
"ستحتاجين الى عشرين دقيقة على الدراجة لتصلي الى مركز الجزيرة للتسوق."
لم تقل دافينا شيئا وتبعته عبر طريق قصيرة محاطة بالاشجار نحو المنزل الرئيسي. اعترفت انه منزل جميل بني من اغصان الشجار من طابقين وسطح منحدرز لاحظت ايضا ان الباب الامامي غير مقفل, شهقت من السعادة ما ان رات منظرا اكثر جمالا على رغم النور الخافت للجبال التي صورتها سابقا.
قال: "هذا هو السبب الوحيد لاختياري هذا المكان."
انتظر للحظات قبل ان يضيء الغرفة وهكذا لم تعد المناظر في الخارج بارزة للعيان بوضوح.
قالت بهدوء: "فهمت."
ونظرت حولها غير قادرة على اخفاء تاثرها بجمال المكان, هناك درجتان الى اسفل تقود الى غرفة جلوس واسعة حيث جدرانها نوافذ تشرف على المناظر الراائعة, وكلها محاطة بخشب سميك مع ارضمن خشب مشع براق, على زاوية واحدة وضعت ثلاثة مقاعد طويلة مفروشة بوسائد منتفخة وفي الوسط طاولة من زجاج واطارها من حديد, غطيت الوسائد بقماش ذات لونين زهري واخضر, في الاتجاه المقابل وضعت طاولة طعام وهي ايضا من زجاج حولها ثمانية كراسي, ووزع عدد من الطاولات عليها مصابيح من حديد والوان مختلفة, كما وضعت المقاعد الصغيرة فوق سجادة جميلة, وبدا لها كل ما في المكان انيق مريح وفيه متسع للجميع.
رفعت نظرها فرات ان الطابق العلوي على شكل دائري, فعلمت ان غرف النوم في الاعللى وكانت تبحث عن الدرج المؤدي اليها عندما قال:
"اجلسي سيدة هاستنغز, ماذا ترغبين ان تشربي؟"
ترددت وقالت: "حسنا اريد كوب مياه معدنية وقليل من عصير الحامض."
ابتسم وقدم الكوب: "لكنك ما زلت غير واثقة بي."
حدجته بنظرة معبرة وعبرت الدرج نحو قاعة الجلوس وقالت من وراء كتفها:
"لا, وان كنت تسل ان كنت ساعجب بك يوما فأنا اشك بذلك ايضا, سيد وارويك."
اجاب: "حسنا لن اقلق بشأن ذلك. لن تكوني بمفردك ولن نرى بعضنا كثيرا."
رفعت دافينا راسها ثم نظرت الى المنظر امامها.
قال: "هلل يمكنك ان تخبريني ماذا قصدت بقولك انك مصورة عندما لا تعملين كمدبرة منزل؟"
شربت دافنا القلييل من الكووب واجابت: "اختيار سيء للكلمات لكن ما قصدت قوله ان التصوير هي المهنة التي احبها, لكن لا استطيع جني المال منه, لذا من وقت لاخر اقوم باعمال اخرى, وانا ماهرة في ادارة المنزل, وهذا عمل مثالي. كما والا تقلق بشان قيامي بوظيفتين, فانا مختارة من قبل الوكالة والتي لديها معايير حازمة جدا وقد عملوا على التاكد من مهارتي من اصعب عمل الى الاسهل, لذا يمكنك ان ترتاح كما وانني حائزة على شهادة جامعية في اعداد الطعام, هل هذا كاف سيد وارويك؟"
جلس براحة ورمقها بنظرة معبرة وقال: "اذا قررت ان تقبلي العمل في النهاية؟"
رمته بنظرة باردة واجابت: "لا لم ابدل رأي بعد, انا كنت احاول ان اثبت انني اهل للثقة ومحترمة."
قال بشكل متعمد: "ما زال ذلك امرا غريبا, كما ويبدو انه نوع فريد للعيش, وكيف حدث ذلك؟"
قالت بلا اهتمام "هذه هي انا, على ما اعتقد."
رفع حاجبيه وسأل: "كما وان هناك قفزة بين التصوير وشهادة جامعية في اعداد الطعام."
لم تجب بل تابعت تناول كوبها. اكمل قائلا:
"وكيف, انت مصممة انك سيدة متزوجة ولا تضعين في اصبعك خاتم زفاف؟"
"اعتقد قلت لك, هذا امر لا يعنيك."
اقترب من حافة المقعد وقال: "حسنا قد لا يعنيني, لكن هل كنت عملين وانت متزوجةو ام ان هناك اسباب تفضلين الاحتفاظ بها لنفسكز"
ابتسم قبل ان يتابع: "وقد يكون ذلك من الامور التي تعنيني ايضا."
لا استطيع ان ارى السبب."
"|ساقول لك السبب, لانك ان اخطأت في تقديم نفسك في امر ما فقد تخطئين في امر اخر, عللى الرغم من مدح الوكالة بعملك."
ابتسمت دافينا وقالت: "ما زلت لا ارى كيف سيؤثر ذلك في عملي لديك وفي الحقيقة, انا لا ارغب في العمل لاحمي نفسي منك..."
"من كل الرجال العازبين في اجزيرة؟ هل هذه هي المسألة؟"
حدقت بغضب وقالت: "لسوء الحظ لا."
مدت يدها الى حقيبتها واخرجت منها خاتك زفافها ووضعته في اصبع يدها اليسرى وتابعت هذا هو دليل زواجي, وان كنت على حق في امر ما سيد وارويك, انني لست متزوجة الان, لكنني صادقة ان قلت انني سيدة ولست انسة, كما وانني استعمل عادة خاتم الزفاف عندما اذهب الى مثل تلك الاعمل ان كنت في حاجة الى الحماية."
"لكنك لا ترتدين الخاتم دائما؟"
"وكيف علمت ذلك؟"
"لاحظت ان اسمرار بشرتك عادي حتى تتحت اثار الخاتم, هل نسيت ان تضعيه؟"
"اجل هل يمكنك ان تتوقف عن ذكر هذا الموضوع؟"
قال بكسل: "لماذا؟ من المؤكد يمكنك ان تخبريني ان كان متوفيا او ما زال على قيد الحياة او انك مطلقة."
"حسنا انني مطلقة."
"لماذا؟"
حدقت دافينا بخاتم زفافها, وعلت وجهها جمود قاتل, ولم تدرك كم بدت عيناها حزينتان ومليئتان بلمرارة وهي تقول:
"ان كنت حقا تريد ان تعلم, كان يرى انني باردة ومن بين اشياء كثيرة غيرها."
وضعت كوبها على الطاولة وتابعت:
"سأرحل الان واكره ان ازعجك اكثر من ذلك, لذلك ان طلبت لي سيارة اجرة ساكون ممتنة لك."
فكر للحظة قبل ان يقول: "لسوء الحظ سيدة هاستنغز انا غير قادر على القيام بذلك."
ارتفع صوتها وقالت بانزعاج: "ولم لا؟ اسمع سيدي انا..."
اجاب بهدوء: "فقط لان ليس هناك سيارات اجرة في هذه الجزيرة."
نهاية الفصل الاول
قراءة ممتعة

samahss 03-02-17 08:16 PM

الفصل الثاني
"اه.."
نهضت دافينا وحدقت به باحباط واضح.
رفع كتفيه وبدا كأنه يستمتع بما يراه, قال:
"انها جزيرة صغيرة جدا سيدة هاستنغز, بالكاد يبلغ طولها سبعة اميال وعرضها ميلين, ومعظم اراضيها غابات, اما الاشخاص الذين يسكنون فيها بشكل دائم بالكاد يبلغ عددهم ثلاثمئة شخص ويوجد ستمئة دراجة, وهي الوسيلة الوحيدة المفضلة للتنقل, وكما ذكرت لك من قبل, لا يستطيع المكان ان يستقبل اكثر من اربعمئة سائح. انا بنفسي املك اربعة دراجات."
قالت بضيق: "اذا كنت تفكر ان استعير دراجة, فلا بد انني سارفض..."
"لا تجيدين ركوب الدراجة؟"
"بالطبع اجيد ركوب الدراجة لكنني ببساطة لا استطيع ان افعل ذلك الان في الظلام, مع كل هذه الحقائب."
"لم افكر بذلك مطلقا."
حدقت به وهي تتنفس بانزعاج: "اذاً لماذا تحدثت عنها؟"
ابتسم واجاب: "اعتقد ان ذلك سيزيد جمالا على المكان. من الواضح انك لا تعرفين الكثير عن لوهوود."
اعترفت بانزعاج: "انا لا اعرف عنها شيئا, وفي الواقع تم ارسالي مكان المراة الجديرة والتي تتحلى بصفات الامومة التي كانوا سيرسلونها الى هنا, فقد كسرت رسغها. لذلك لم احظ بالوقت الكافي لاقرا عن لوردهوود, لكنهم اكدوا لي انها جزيرة رائعة الجمال."
وترددت قبل ان تتابع: "ومناسبة للمصورين."
ابتسم الرجل ببرود, لكنه لم يقل شيئا.
نظرت دافينا حولها, ضغطت على اسنانها ثم جلست من جديد, قالت:
"حسنا, اخبرني المزيد عن هذا العمل, هذا لا يعني انني قررت الموافققة على العمل لكن..." مدت يدها وهي تهز راسها مستغربة.
جلس على حافة المقعد واجاب: "قريباتي سيصلن في وقت قريب, وهنن عادة تزرن الجزيرة لتمضية عطلة فيها على الاقل مرتين في السنة كما وانهما تتجنبان بعضهمت كالطاعون, لكنهما ستأتيان معا هذه السنة, واعتقد لانهما راغبتان في تحسين العلاقة العائلية بينهما, وان كان لديك فكرة عن ان وجود امرتين متنافتين امر مرعب لا بد انك ستشعرين بالشفقة علي سيدة هاستنغز."
قالت بسخرية: "انا لا افهم, لكن اعذني فقد فهمت سابقا ان كلمة واحدة منك تتصرفان كانهما دمى بين يديك."
"هذا صحيح, مع انهما في نهاية الامر تفعلان ما اقوله لهما, لكن هناك امور لا استطيع السيطرة عليهما بها ومن بينها مهمة اصدار الاوامر في المنزل."
وجدت دافينا نفسها تبتسم على الرغم منها."
قال من دون ان يظهر في صوته اي اثر للندم: "بالتحديد, لكن ما اقترحه هو ان اظهر لهن ومن دون اي شك من يتولى ادارة المنزل هنا."
فكرت دافينا للحظة وسألت: "ولماذا لا تحبان بعضهما؟"
"اه هذه قصة طويلة." قال ذلك باستياء وتوقف عن الكلام وكأنه في حيرة من امره.
رفعت دافينا حاجبيها وقالت: "من الافضل لي ان كنت اعلم, هذا ان استلمت العمل, وعلي ان ااذكرك انك لم تتصرف بتهذيب معي لذلك لا اجد سببا لاكون مهذبةة معك ايضا."
عض على شفته قبل انن يضحك بنعومة ويقول:
"حسنا بعد وفاة والدتي تزوج ابي من جديد امراة شابة لدرجة انها تصلح لتكون ابنته والتي انجبت له ابنة, وهكذا اصبح لدي شقيقة صغيرة لدرجة انها تصلح كابنة لي, كل هذا ازعج جدتي, فوالدي كان ابنها الوحيد, وهي تؤكد دائما ان لوريتا تزوجت ابي من اجل ماله, والذي انفقت الكثير منه, وقلبت حياته رأسا على عقب وهي من عجلت بوفاته, بالاضافة الى ان جدتي سيدة عنيدة مليئة بالقوة والسيطرة, بكل الاحوال, هل من داع لاقول المزيد؟"
"لا." ثم سالته مفكرة: "ولماذا تحتاج الطفلة الى مدبرة منزل تتحلى بعاطفة الامومة؟"
اجاب بصوت بارد كالزجاج: "لان والدتها ليست بوالدة مثالية."
ظهر العجب عللى وجه دافينا وعلقت: "لكن شهر واحد ليس بالمدة الكافية لاي شخص ليتحلى بعادات جديدة."
"الذي كنت افكر فيه هو ان تكون السيدة تحب الاطفال وترغب في البقاء معهم من ون ان يشعر الطفل ان هناك من يعمل على تربيته."
تمتمت دافينا: "حسنا, هذا كلام بمنتهى الصراحة سيد وارويك."
اجاب: "انت من طلب مني ذلك سيدة هاستنغز."
"هذا صحيح."
وقفت من جديد ونظرت حولها مفكرة.
"ان كنت تتساءلين كيف ستمكنين من العمل في هذا المنزل مع وجود طفلة. فلدي امراة تاتيي عدة مرات في الاسبوع لتنظيف المنزل, وستأتي في الغد, كما وانها توم باالغسل والكي ايضا, وان اردت الصدق فهي قوية جدا وتعمل كالعاصفة عندما يتعلق الامر باواني الكريستال, لذلك يمكنك ان تتركي كل العمل الصعب عليها, لكن عليك توجيهها بكل الاحوال لكن الواجبات وبالطبع الدعوات التي ستتم بدون اي شك, فكل ذلك العمل ملقى عليك. ما هي الاشياء التيي تحبين تصويرها؟ الاشياء الطبيعية فقط؟"
"استدارت دافينا ببطء لتنظر اليه وقالت: "لا, بل الزهور والطيور..."
"اه, هل تدركين اذاً ان معظم ازهار الجزيرة فريدة من نوعها؟ وهناك مئات الاف طيور البحر تضع اعشاشها هنا؟ لن ااخبرك عن انواعها لكن الجزيرة مركز مهم للطيور ذات الذيول الحمراء ومن كل الانواع, اما بالنسبة الى النباتات والزهزر والاشجار فهناك انواع من النخيل واشجار التفاح والارز لا يوجد منها الا في هذه الجزيرة."
"لاا بد انك شخص مثالي في الابتزاز سيد وارويك."
لم يقل اي كلمة للحظات عدة ثم تمتم:
"ترين انني وقح, بالمناسبة, هل اخبرتك ان لوردهوود تملك اجمل حيد بحري في العالم؟"
نظرا الى بعضهما ثم اضاف: "كما وان هناك هرم على بعد عشرات الاميال من جنوب الجزيرة, والان انا اؤكد لك انه منظر يستحق المشاهدة والتصوير."
"وما هو ذلك؟"
"انه هرم قاعدته كرة, وهو عبارة عن اطول صخرة في المحيط وتبدو من بعيد كالقلعة في قصة خرافية."
"وهل يحتاج المرء الى الخيال ليصل اليها."
ابتسم واجاب: "لا على الاطلاق, يحتاج االمرء الى قارب او بامكانك الطيران فوقها."
اضاف بتواضع: طوفي الواقع لدي قاربين."
تمتمت دافينا وهي تجلس فجأة: "قاربنا ودراجات وخطوط طيران, واعتقد ان قريبباتك المثيرات للمشاكل لم تصلن بعد؟"
"لا لديك ثلالثة ايام راحة قبل ذلك."
سألته: "ولماذا احضرتني قبلهن؟"
"حسنا الان, بعد ان رايت بنفسك انني كنت اتوقع امراة متوسطة العمر, فهكذا لا يمكنك اتهامي ان لدي دوافعع خاصة, أليس كذلك؟"
سالته بغضب: "اذاً لماذا؟"
"ببساطة لتحظى بفرصة لاستيعاب الامور قبل ان تبدا بالتعامل معهن"
رفعت كوبها وشربته من دون اي انتباه.
قال بعد قليل: "لديك جناح خاص بك, بالمناسبة هل ترغبين برؤيته قبل ان تتخذي قرارك النهائي؟"
احد المباني الخلفية للمنزل والتي تبين انها جناح صغير فاخر جداا, هناك غرفة نوم بسريرين مفروشة بالوان زرقاء باهتة, وقربها غرفة حمام زرقاء اللون ثم هناك مطبخ صغير وغرفة جلوس, اما ارضها فمن الخشب والستائر ذات لون عاجي والجدران خضراء اللون, كل ما في الجناح من اجمل وافخر الانوواع كما وان هناك هاتف معلق على الجدار.
علق قائلا: "يبدو انك اعجبت بكل ما ترينه؟"
"رائع الجمال, منزل وحديقة خاصة به في الواقع."
سالها باهتمام: "هل هذا مدح ام العكس تماماظ"
رفعت كتفيها وقالت: "مجرد تعجب فقط انه يبدو منزل للضيوف اكثر مما هو مكان للعمال."
"يمكن استعماله للاثنين."
"حسنا..." لكنها لم تتابع.
قال بسخرية بعد عدة ثوان: "انني انتظر قرارك بانفاس مقطوعة سيدة هاستنغز."
نظرا الى بعضهما عبر غرفة الجلوس واكتشفت دافينا امرين, اولا لا شيء ترغب به اكثر من ان تستدير وترحل, والثاني لا يمكنها ان تفعل ذلك.
قالت له بصوت اجش: "قل لي شيئا, ما الذي سيحدث ان تبين انني غير كفؤة؟
ابتسم والتمعت عيناه بالسخرية وقال: "ساعيدك الى بلادك على الفور سيدة هاستنغز لكنك لست كذلك."
شعرت دافينا فجأ ة بشيء من التوتر بينهما فسألته: "كيف لك ان تعلم؟"
اعتمد في ذلك علىى حدسي ولن اتفاجأ ان كنت كفؤة جدا في الواقع."
"هذا تبدل واضح في الموقف."
تابع وكأنها لم تقاطعه: "وذكية ايضا, كما وان من المؤسف ما الذي تفعلينه في حياتك, كما وانني لا اصدق انك باردة, لكن ان اردت الاستمرار في التظاهر بذلك, طالما انت تقومين بعملك هنا فلا باس بذلك."
شهقت دافينا ثم شحب وجهها ما ان ادركت فجاة ان هذا الرجل القوي وال1ي ييستطيع التحول من اهانتها بسخرية مبطنة الى دعمها بطريقة تثير استغرابها تسااءلت بتعجب ولماذا؟ كنت لاكرهه لو انه عمل على التودد الي, وعلي ان اكرهه على كل شيء اخر, ولماذا علي ان ابرهن له انني كفؤة حقا؟
قال سيدد وارويك بفقدان صبر: "اسمعي يا سيدة هاستنغز, ان كنت حقا لا تريدين العمل, فسوف اعيدك غدا, وعلى المكتب ان يرسل الي بديلة عنك, الامر يتعلق بك, ولقد تحدثنا." نظر الى ساعته وتابع: "لمدة تزيد عن الساعة هنا وقد سئمت من ذلك, تريدين العمل أم لا؟"
مسح كلامه كل هذه الافكار في ذهن دافينا وقالت بضيق: "اجل سابقى." وكأنها قالت انها حكمت على نفسها بالموت."
رفع عينيه الى سقف الغرفة وقال: "كان علي ان اعلم ذلك.
سألته باستهزاء: وماذا كان عليك ان تعلم سيد وارويك؟"
"ان كل ذلك لا داعي له, لانه تصرف انثوي بحت, وهي اكبر مخلوقة تلتف حول الامور ولا اعلم االسبب."
حاولت ان تمسك اعصابها وهي تقول: "اه, اعتقد السبب اننا نحتاج لمجاراة الرجال بذلك, اقصد بقولي في غضون ساعتينن فقط تخلصت من ظنك انني فتاة مستهترة ترغب بالتودد لاي شخص"
ضحك وفجاة تخلص من كل التوتر والغضب اللذين ظهرا على ملامح وجهه, قال:
"اخشى القول انني ما زلت ارغب بذلك."
رغبت في ان تضربه وشعرت انها لم تعان يوما من كل هذا الغضب, ولتصبح الامور اسوأ شعرت بان عينيه تعلمان كل ما يجري في اعماقها من افكار, وهذا ما جعل غضبها يتحول فجأة الى خوف لا بد انني مجنونة, فهذا الرجل خطر جدا, انه يستطيع ان يخرج مني الكثير من المشاعر حتى ولو كان الغضب والكره, كان علي ان اقول لا......
تمتم فاتسعت عيناها من الدهشة: "ما زال بامكانك سيدة هاستنغز."
سألت بصوت مرتجف: "ان افعل ماذا؟"
قال بنعومة: "ان تقولي لي اغرب عن وجهي, وفي الواقع اتساءل لمَ لم تفعلي, هل يمكنك ان توضحي لي ذلك؟"
حاولت ان تستجمع شجاعتها وقالت: "اجل, اعتقد انني كنت احاول ان ابرهن شيئا ما لك..."
"حسنا هذا يناسبني, طالما الامر لا يتعلق بالتودد الي."
تمكنت من القول له بحزم: "هل تعلم, تحدثك عن الامر بشكل دائم يجعلني اتساءل, لكن عليم ان تتقبل ضمانتي بهذا الامر." واستمرت في التحديق به دون ان ترمش.
رفع كتفيه وقال: "حسنا اتوقع ان تثقي بي ايضا."
وابتسم فجأة ابتسامة مليئة بالمرح, ادركت دافينا وهي تشعر بمزيد من الخوف ان هذا الرجل يمكن ان يكون انسانا كريها وجذابا عندما يرغب في ذلك.
تابع: "لسوء الحظ علي المغادرة فلدي اجتماع, لكن هذا يعطيك الفرصة للتجول في المكان بنفسك ومعك مطلق الحرية للقيام بما تردينه, وهناك كثير من الطعام في المطبخ, لذا يمكنك ان تعدي لنفسك وجبة, وبالمناسبة لا داعي لتشعري بالقلق فلا يوجد اي جرائم هنا."
قالت بلا ارادة منها: "لاحظت انك لم تقفل الباب الامامي."
"اجل لكن يمكنك اقفال باب جناحك هذا ان رغبت."
لم تجب دافينا لكنها استمرت بالتحديق به بثبات.
تمتم بعد لحظات: "حسنا عمت مساء سيدة هاستنغز."
"عمت مساء سيد وارويك."
سألها قبل ان يغادر: "ما هو اسمك؟"
قالت ببرودة: "دافينا."
"هل يمكنني ان اناديك هكذا؟"
"يمكنك مناداتي بما تشاء."
قال بنعومة: "حسنا افهم من كلامك الا داع للمعاملة بالمثل؟" ورفع حاجبه متسائلا.
"لا افهم ما تقصد؟"
"اقصد ان اصريت عليك ان تناديني ستيف, ستصرين على مناداتي سيد وارويك مع كل هذا الاحساس بالغطرسة لديك."
"انت على حق تماما سيد وارويك."
"هذا ما فكرت به, عمت مساء دافينا." ثم غادر مغلقا الباب وراءه بلطف.
تنفست دافينا بعمق ثم التقطت احدى الوسائد الصغيرة عن المقعد ورمتها على الباب دون اي جدوى.
بعد مرور نصف ساعة انتهت من ترتيب غرفتها كما ترغب وذهبت لترى المنزل الرئيسي. وجدت ان هناك اربع غرف نوم في الطابق العلوي كلها غرف واسعة ذات نوافذ وجدران مائلة, وثلاث غرف منها من دون اغطية والحمامات التي تتضمنهم هذه الغرف الثلاث خالية من المناشف, اما غرفة ستيف وارويك والتي نظرت اليها بلمحة خاطفة وجدت انها مفروشة باللونين الاخضر والكريم.
كتشفت ان المطبخ في الطابق الارضي حلم لاي طاه, مع كل ما يمكن ان يتمناه, وبدا لها كل شيء جاهز للاستعمال وجديد كما وان هناك غرفة لتناول الفطور, وهناك مكتب يحتوي على كل اللتجهيزات الحديثة وغرفة الغسيل, التي وجدت فيها براد كبير, غرفة للاستحمام ومخزن للاغطية والمناشف, وبالقرب منها اربع درجات نظرت اليها مليا ثم عادت الى المطبخ, حيث اعدت لنفسها وجبةمن البيض المخفوق والتوست.
لم تأخذ وقتا طويلا لتذهب الى السرير, وعلى الرغم من الهدوء الغريب في ذلك الليل الصامت ما عدا صوت غريب لطائر يغرد بحزن, نامت بسرعة وبشكل عميق جدا.
****************************************
"اه, دافينا نهضت باكرا وبدأت العمل."
رفعت دافينا نظرها عن الفطور الذي تعده لتجد من وظفها يقف متكئا على حاجب باب المطبخ مرتديا بنطالا قصيرا كاكي اللون وقميصا بيضاء, شعره ما زال رطبا يرتدي حذاء. هي ايضا ترتدي بنطالا كاكي اللون مع قميص زهري وتضع على خصرها حزاما ضيقت من الجلد. عقدت شعرها وراء اذنيها ووضعت قليلا من الزينة على وجها ولمسة من احمرالشفاه, لكنها بدت جميلة جدا بشعرها المشع وبشرتها الناعمة وضفائرها الانيقة, هذا كله جعلها يجعلها تبدو كفؤة جدا بما تفعله.
لاحظ ستيف كل ذلك وهيي بالكاد تهز راسها لتحييه وتقول له انها اعدت له البيضواللحم المجفف كفطور لهذا الصباح.
نظر الى المقلاة التي تحضرها واجاب: "يناسبني هذا الفطور."
دخل الى المطبخ وسحب كرسياليجلس الى الطاولة اتي وضعت عليها ابريقا من عصير الليمون الطازج تابع: "يبدو انك استقريت جيدا في عملك."
تمتمت: "اجلو لكن هناك امرا او اكثر علينا البحث فيه."
وضعت امامه طبقا يحتوي على البيض واللحم والبندورة والموز المشوي. وتابعت: "هل تفضل القهوة او الشاي مع الفطور؟"
اجاب بتهذيب: "القهوة, شكرا لك."
وضعت ابريق القهوة على الفرن ووضعت التوست الطازج على طبق امامه.
سألها: "وماذا عنك؟"
"تناولت الفطور باكرا, شكرا."
لمعت عيناه بالمرح وقال: "هل تشربين القهوة معي اذاً؟ يمكننا التحدث عن اي شيء تريدينه في ذات الوقت."
"حسنا."
لكنها انتظرت حتى انتهى من تناول الفطور بينما كانت اقهوة تغلي حتى ملات رائحتها الشهية ارجاء المطبخ. سكبت فنجانين من القهوة وجلست قبالته, ترددت قليلا ثم قررت ان تتحدث عن الامر:
"وجدت من العادة ان يكون هناك وقت محدد لتناول الطعام, واريد ان اعلم اذا كان هناك اي تغييرات, وهكذا ستعلمني في المساء السابق لذل كي اقوم بالاستعداد اللازم."
ابتسمت قليلا قبل ان تتابع: "لا اريد ان ابدو متلسطة كما وانني لا اثير اية مشاكل ان تأخر احد دقيقة او اكثر على العشاء."
قال وهو يمسح فمه: "لا على الاطلاق, اعتقد ان هذا اقتراح مقبول, تابعي."
"لكن الفطور سيكون مختلفا في ايام العطلة."
"لوريتا وجدتي تتناولان فقط الفاكهة والتوست فقط على الفطور, لذلك يستطيعان فعل ذلك في اي وقت تختاراه, انا وكانديس نتناول الفطور معا في مثل هذا الوقت, ويمكن الغداء عند الساعة الثانيةة عشرة والنصف والعشاء عند السابعة."
تمتمت دافينا: "حسنا, رايت ان غرفة النوم غير جاهزة, هل تنام كانديس مع والدتها...؟
"لا."
"حسنا ساجهز الغرف قبل وصولهن, هل هناكك اي ششيء مفضل عندهن بخصوص الطعام؟ وهل يجب ان اعد ثلاثة اطباق على العشاء؟ وهل كانديس تنضم اليكم اثناء العشاء؟"
رفع كتفيه وقال: "اجل, هذا ما تفعله, الا اذا كان العشاء اثناء القيام بحفلة ما وفي المناسبات تحضير ثلاثة اطباق امرر طبيعي. اما بالنسبة الى الغداء, بامكانك اعداد السلطة واللحم البارد او اي شيء تفضلينه, سأترك هذا الامر لك."
"اذا فقط نوعان من الطعام عندما لا يكون هناك اي ضيوف؟"
"اجل, كما واننا نصطاد ونأكل الكثير من السمك, هل انت ماهرة في اعداد السمك دافينا؟" رفع حاجبه متسائلا.
اجابت بهدوء: "بالطبع كما وانني لاحظت مركزا الشواء في الخارج, هل يستعمل في الليالي الصافية؟ فانا ماهرة في اعداد المشاوي."
"لن يتم شيء قبل اعلامك بالامر, هل هذا كل شيء؟"
قالت ببراءة وكانه لم تلاحظ الجو المتوتر بينهما: "اعتقد ذلك, هل انت مغادر الى مكان ما؟ من فضلك لا تدعني اؤخرك."
اجاب بصوت مماثل لصوتها: "انني قادم لاخذك في جولة في الجزيرة."
وقفت قائلة: "لا داعي لذلك سيد وارويك, وجدت الدراجات ولذلك استطيع التنقل بنفسي كما وان علي ان اتعرف على السيدة التي ستنظف المنزل."
"يمكنك القيام بذلك فيما بعد دافينا. هذا هو الوقت الوحيد الذي لا عمل لدي الان."
"لكن..."
"انا مصمم على اخذك في جولة على الجزيرة, لتتعرفي على المتاجر المحلية حيث يمكنك شراء الطعام او اي شيء تريدينه على حسابي, هناك شاحنة اخرى في المراب بامكانك استعمالها, كما علي ان اخذك الى الاماكن التي ستذهبين اليها انت وكانديس وهكذا لن تتعثرا في الظلام."
قالت: "حسنا انا جاهزة منذ االان."
ضاقت عيناه الرماديتان وقال: "اعطني عشر دقائق فقط وننطلق."
بدت لها الجبال مختلفة تماما وهما يبتعدان عنها, فالشمس تسطع عليها وهناك غيوم بيضاء تطوف حول قممها, فحبست دافينا انفاسها.
رماها ستيف بنظرة وهو يرفع حاجبيه.
قالت: "انها اكثر من رائعة, هل يمكنك تسلقها؟"
"جبل غواير, لكن مع دليل. اما ليدجبرد فانها اكثر صعوبة وكذلك جبل غوتهوس الذي يعلوها بكثير, كماا وان هناك كهوف للمااعز في تلك الجبال."
قالت ما ان ابتعدا عن الجبال: "انها جزيرة رائعة الجمال." وشاهدت الحيدد البحري والمياه الرائعة الجمال وهي ترتطم بشواطئ لوردهوود.
سالته: "هل عاشت عائلتك هنا دائما؟ كما واانني اخشى القول اني لا اعرف شيئا عن هذا المكان."
حسنا, ساخبرك باختصار, تم اكتشاف الجزيرة في عام 1788 من قبل قائد عسكري يدعى ليدجبرد بال عندما ابحر من سدني كوف الى جزيرة نورفلك. لكن حتى عام 1834 لم يعش احد هنا مع انه كان هناك زيارات متكررة الى المكان. لكن السكان الاوائل وجدوا من خلال التجارة مع السفن المارة في اواخر القرن التاسع عشر وتعمد الاوروبيون على اقامة صالة للرسم وتجارة الزهور من خلال بيع البذور وهكذا اصبحت السياحة هي المورد الرئيسي للجزيرة كما هو الان."
تنهدت وهي تبتسم: "هذا رائع بالفعل, اقصد هذه الجزر في جنوب الباسيفيكي انها جزء رومانسي في هذا العالم."
"وهل انت رومانسية دافينا؟"
اجاابت بعد لحظة: "في هذا الامر, اعتقد انني كذلك."
"حسنا, هذا هو المطار, كما تتذكرين بدون اي شك, وعببر هذه الطريق تصلين الى شاطئ بلنكي, اذا كنت ماهرة في القفز على الامواج انه رائع حقا, لكن هناك شواطئ اكثر امانا للاطفال."
بعد مرور ساعة تعرفت دافينا على كل طرق الجزيرة وقد سحرت بها, واعجبت ان لليس هناك اي مبان مرتفعة, وعدد قليل من المتاجر, وعدد من النخيل ومساحات النباتات المزينة بالاقحوان الاصفر والابيض, كما وانها تعرفت على لاغوون رود بين اشجار باسقة ورات طيورا اصيبت بالدهشة عندما علمت انها تضع البيض على الاغصان من دون اعشاش ولا اي شيء اخر, والشيء الاخر الذي اثار انتباهها ان ليس هناك الا دراجات عند كل مدخل او عند ممرات الجبال والاودية.
قالت وهي تضحك عندما مرت من امام عدد من الاشخص الذين يركبون الدراجات ويضعون خوذات على رؤوسهم:
"هذا رائع, فكل واحد يضع خوذة."
"اه, الشرطية المحلية صارمة جدا بهذا الشأن."
سألت بفضول: "كيف يتم الحكم في هذه الجزيرة؟"
"انها جزء من نيوسوث وايلز لكن هناك مجلس محلي وحاكم يعيش هنا, اعتبرت الجزيرة من ضمن التراث العالمي, وهكذا عمل الجميع على بقائه هكذا, اعتبر الحد الاقصى للسواح اربعمئة سائح, ولهذا لا يووجد مبان كبيرة او كازينو او اي شيء اخر, كمما وانه محظور البيع هنا."
"اذاً لا تملك ارضك؟"
"لا ليس بشكل مطلق, فهناك قوانين خاصة بسكان الجزيرة فقط, وهي لحماية الجزيرة ووالسكان المحليين ايضا, فلا احد يستطيع البيع الا لاهل الجزيرة."
"هذا يعنني ان هذه الارض تنتقل من جيل الى اخر."
"اجل, وجدي هو من اوائل العائلان التي استقرت في هذه الجزيرة."
بقيت دافينا صامتة لفترة, فلا بد ان ستيف وارويك شخص محترم جدا في الجزيرة, فكل شخص اظهر ذلك بوضوح, كما وان لديه دور في كثثير من الاعمال. رات قاربين للسواح وذلك من اجل اقامة رحلات حول الجزيرة ورحلات صيد الى هرم بال. كما وانه يملك متجرا ومطعما وفندقا صغيرا, نظرت اليه ووجدت نفسها تتساءل لم لم يتزوج بعد, لانها ولو لم تكن غير ما هي عليه, لاعترفت ان لديه الكثير من المميزات, فهناك ليونة في المعاملة مع قوة سيطرته مع كل هؤلاء الاشخاص الذين تواجد معهم اليوم, كما وانها تعلم كم من الخطر معارضته, وهناك الطريقة المهذبة لديه في التحدث وكذلك منزله الجميل, وايضا وبدون اي شك انجذاب النساء اليه.
"بم تفكرين سيدة هاستنغز؟"
ابعدت دافينا نظرها عنه, وعلمت انها لا تستطيع ان تكذب عليه فهو ذكي جدا ليعرف ذلك, وتمتمت بصراحة:
كنت اتساءل لماذا لم تتزوج بعد سيد وارويك؟"
رفع حاجبيه وقال: "وما الذي دفعك الى هذا التفكير؟"
لوحت دافينا بيدها وقالت: "يبدو ان لديك شبه امبراطورية هنا."
"هل تقولين ان لديك اقتناع انه يجب ان اشارك بها امراة؟"
اجابت بهدوء: "لا املك مثل هذا الاقتناع, لكن لاسباب عادية, اتخيل بقاء هذه الجزيرة في ممتلكات العائلة."
ابتسم وقال: "حسنا, الجواب لسؤالك بمنتهى البساطة, لم اقابل اي امرأة لا استطيع العيش من دونها."
ضحكت وقالت: "يا للهول, هل ما تطلبه مستحيل؟"
رماها بنظرة معبرة وقال: "ربما."
"او ان هناك اوقات تصبح فيها شديد العداوة ولا امراة تستطيع تحمل ذلك؟"
وافقها على الفور: "قد يكون ذلك صحيحا ايضا."
"حسنا لا بد ان لديك مشكلة ما سيد وارويك."
قال بلطف: "دافينا لا تهتمي بهذا الامر, ادرك ان معظم النساء تفكر بهذه الطريقة, وهن بصراحة لا تستطعن ان يغيرن انفسهن, لكن كلما اصبحن اكثر وضوحا في ملاحقتي, كلما فقدت اهتمامي بهن."
حاولت ان تسيطر علىى غضبها واجابت بنعومة:"انا حقا اعتذر منك. تحدثت بشكل عام لكن كما يبدو اعتقدت ان لدي اهتمام شخصي بالامر. ربما لم اوضح نفسي بشكل جيد."
قال: "ربما لا."
بدا غضبها بوضوح الان: "اه, هل تعتقد حقا انني اضع خطة لاحصل على خاتم زواج منك؟"
"انت من تحدثت عن موضوع الزواج في البداية, وحديثك العام يحمل اراء شخصية رغم انكارك, وقد ذكرت عداوتي والاشياء المستحيلة التي اطلبها."
قالت بمرارة: "ما كان علي ان افتح فمي, فهناك رجال لا يمكنهم اخذ اي كلام الا عبر مفهومهم الشخصي, وانت مثال على ذلك."
قال بنعومة: "وانت سيدة هاستنغز شديدة التاثر كما يبدو."
"اه لا, فاخر شيء اريد القييام به في حياتي هو انن اسمح لرجل ان يتدخل فيها, لذلك افهم ذلك جيدا."
واتكت على الباب واضعة يدها على جبينها وعيناها تلمعان بالقلق.
قاد ستيف شاحنته لمدة خمس دقائق قبل ان يقول: "اذاً كان وغدا حقيقيا؟
نظرت دافينا الى خارج النافذة ولم تجب.
"كيف تمكن من الحصول عليك في البداية؟"
"كيف يفعل ذلك كل.." توقفت عن الكلام وضغطت بقوة على اسنانها وتابعت: "من فضلك, لا مزيد من الكلام."
"حسنا هناك امر واحد لم نتحدث عنه, وقت فراغك."
"لا اريد اي وقت فراغ."
وماذا عن هوايتك؟"
"ما افعله في هوايتي ياخذ وقتا في فترات غير محددة."
"فهمت."
"الا يعجبك ذلك."
اجاب باستياء: "ساكون احمق ان لم اوافق."
وانعطف بشاحنته نحو حققل القطيع متجها نحو االمنزل.
قالت دافينا بتوتر: "شكرا لك على هذه الجولة, هل تمانع ان اخبرتني ما هي مشاريعك لما تبقى من النهار؟ بمعنى اخر هل ستأتي الى الغداء؟"
اوقف ستيف الشاحنة امام المنزل واستدار لمواجهتها وعيناه تلمعان بالسخرية والمكر وقال:
"هل تعلمين كيف تبدين؟ وكأنك امراة مصممة على التحدث بتهذيب مع زوجها السيء, علينا ان نراقب انفسنا سيدة هاستنغز, اه, سأعود على العشاء, لذلك يمكنك ان تأخذي النهار كله لنفسك, انت ومايف المراة التي تنظف المنزل. اتمنى لك حظا سعيدا معها."
مال الى الامام ليفتح لها الباب واضاف:
"يمكننك المغادرة دافينا, وانا اعلم انك ترغبين في ضربي, لكن لو كنت تعرفين مايف لعلمت انها تتجسس علينا من مكان ما الان."
نهاية الفصل الثاني
قراءة ممتعة للجميع
تحياتي

samahss 03-02-17 08:19 PM

الفصل الثالث
"انا دائما اقول للناس ان السيد وارويك شخص رائع, رائع جدا. اعلم انه صعب في بعض اللاحيان, لكنه شخص يعتمد عليه."
تنفست دافينا بانزعاج وهي تحدق بعاملة التنظيف والتي تشبه كرة شاطئ متحركة من وجهها المستدير الى جسمها السمين, تمتمت:
"حسنا وما لي ان اعرف بعد."
"ثقي بما اقوله ليف." قالت مايف ذلك وفي الحقيقة لم تتوقف عن الكلام منذ ان تقابلتا.
"والان هل هناك اي اواني تريدين ان انظفها؟ السيدة وارويك اي جدته, لديها عيني صقر وبامكانها ان ترى الغبار ولو في الثريا."
نظرت مايف اليها وسالتها: "ماذا؟"
قالت دافينا بسرعة: "لا شكرا لك." ونظرت حولها وتابعت: " اه, احل اود ان تنظفي غرف الحمام في غرف النوم ان كنت لا تمانعين, بعد ذلك يمكنك ان تبدئي بكي الاغطية, فقد وضعت بعضها على حبل الغسيل واريدك ان تكويها على البخار."
قالت مايف وهي تبتسم: "بالطبع, فانا احب تلك الالة, يحتاج هذا المنزل الى كثير من العمل, أرأيت ما اقصد دافينا؟ السيد وارويك؟ لا بد انها ستكون محظوظة من تحصل عليه, ليس هناك افضل من الزوجة للحفاظ على المنزل لكنه لا يفكر بذلك؟"
ما ان انهت كلامها حتى صعدت الى الطابق العلوي وهي تحمل دلوا وممسحة ومواد تنظيف.
تنهدت دافينا براحة واعدت لنفسها فنجانا من القهوة, وتذكرت ما قاله ستيف عندما تمنى لها الحظ السعيد مع عاملة التنظيف, لكن مع مرور النهار اعتادت على اسلوب مايف وعلمت انها طالما لا تعطيهااي شيء ناعم لتعمل عليه, فهي قوية كالبرج. كما وانها نظفت ولمعت جهاز الشواء في الخارج والذي لم ينظف منذ ان استعمل اخر مرة وقد بحماسة ونشاط.
مع كل ذل عندما غادرت في الساعة الثالثة شعرت دافينا بالسلام. سارت دافينا في المنزل رات انه تقريبا مثالي وقررت طالما ان الطقس حار والنهار رائع الجمال فستسبح, ارتدت ثوب السباحة تحت بنطال ابيض وقميص, ووضعت منشفة في سلة دراجة اختارتها, ووضعت خوذة على راسها وسارت نحوشاطئ بلنكي.
انها متعة حقيقية التجول على هذا الشاطئ الذهبي والذي تحيط به الحقول الخضراء لتصل الى تلال مرتفعة من الجهة المقابلة. توقفت امام بستان من الزهور وراقبت كيف تتمايل من خلال النسيم الرائع. شعرت بالفرح لان المنزلل بعيد عن الناس والمتاجر فالوحدة والفراغ لا يزعجانها ابدا.
مرت امام المطار, ولاحظت ان هناك مرعى للابقار وحديقة تكثر فيها الطيور, فقررت الا تترك المنزل الا مع الكاميرا وان تشتري كتابا ع طيور الجزيرة لتعرف المزيد عنها.
وجدت ان هناك عددا من الدراجات عند المنحددر المليء بالاعشاب, فوضعت دراجتها هناك وهي تبتسمو اكتشفت ان الشاطئ رائع الجمال, رمال ذهبية وسماءزرقاء لا حدود لها والناس عددهم قليل لا يثيرون اي ضجة.
لم تضيع اي وقت, بدت الميااه باردة في البداية لكن بعد لحظات وجدتها منعشة. كانت تجيد السباحة فامضت اكثر من نصف ساعة وهي تلعب مع الامواج من خلال القفز على لوح خشبي وجدته هناك, ما ان وقفت لتمسح المياه عن عينيها حتى وجدت نفسها وجهاا لوجه مع ستيف وارويك.
لمعت عيناه بالمرح وقال: "اه دافينا, عرفت انها انت."
نظرت اليه وسألته: "ما الذي تفعله هنا؟"
"تماما كما تفعلين يا حورية البحر."
نظر مليا االى جسدها وهي مرتدية ثوب البحر ذا اللون الزهري وابتسم ما ان التقت عيناه بعينيها.
"اتيت الى هنا لاتخلص من الحر, وهذا ما افعله عادة في طريق عودتي الى المنزل بعد الظهر. مع انك تنظرين الي وكأنه يجب ان يصدر قانونا لمنعي عن القيام بذلك."
قالت بغضب: "بل يجب ان يصدر قانون لتتوقف عن النظر الي هكذا."
تمتم: "اسف, اعتقد اننا تحدثنا عن ذلك من قبل, فأنت جميلة جدا وللا يعقل لأي رجل ألا يلاحظ ذلك."
فتحت فمها لتنفجر غاضبة, لكنها لم تستطع القيام بذلك لانه مد يده وامسك بيدها, وهكذا لم تتمكن من ان تبتعد عنه, قال بنبرة مختلفة تماما:
"لا, دعينا لا نفسد هذا النهار الجميل دافينا, تعالي لنسبح فأنا بحاجة للراحة ولن اتفاجا ان كنت ايضا."
ظهر الضيق على وجهها, لكنها لاحظت من زاوية عينها زوجان يمران قربهما كيف توقفا ليراقباهما باهتمام.
فتمتمت: "حسنا, لكن لا داعي لتمسك بي وكأنني سجينة."
وهكذا عادت تسبح من جديد وقد شعرت بالسعادة لانها كانت قادرة على الغوص الى الاعماق مثله والقيام بكل ما يقوم به, الكبرياء يأتي دائما قبل االسقوط, هذا ما تذكرته اخيرا, ثم سقوطها على شكل فجوة كادت تبتلعهما معا, لكنه مع كل القوة التي يملكها تمكن من الامساك بها قبل ان تنجرف وضمها بين ذراعيه بأمان بينما كانت الامواج تتقاذف من حولهما. بعد ذلك اندفع بلطف نحو الشاطئ وهو لا يزال يمسك بها, استلقيا على الشاطئ واخذت تتنفس بعمق لتستعيد هدوءها.
قال بعد قليل: "دافينا؟"
"نعم؟"
"هل انت بخير؟"
قالت وهي تلهث: "اجل, شكرا لك فانا لم اغرق منذ سنوات."
"لهذا السبب شواطئ بلنكي خطرة وخادعة احيانا."
"اصدق ما تقوله." توقفت عن الكلام ما ان ادركت انها ما زالت بين ذراعي ستيف وهي لا تشعر بأي ضيق او توتر, وهذا ما جعلها تدرك ان ردة فعلها تماثل تماما احساسه.
ما ان ابتعد ستيف عنها وساعدها لكي تقف, شعرت بتورد خديها وبأن حركتها بطيئة, لكنها استدارت لتبتعد عن الشاطئ.
قال بهدوء: "انفضي الرمال عنك, فأنا بحاجة لكي اسبح بعد."
سبح لمدة عشر دقائق اخرى اما هي فقد غطست نفسها بالماء وسارت نحو منشفتها, وبينما كانت تجفف نفسها وشعرها, لم تستطع الا ان تفكر كيف ستواجهه من جديد, وكيف سيتصرف عند عودته, ارتدت ثيابها بيدين مرتجفتين.
قابلها بطريقة عادية جدا وسألها بهدوء: "ماذا اعددت للعشاء؟"
"لحم مشوي, اه.. من الافضل ان اذهب."
"اهدئي, ما زال هناك اكثر من ساعة لتناول العشاء, وهذا وقت كاف لشواء قطعة من اللحم."
"اجل, لكن لكي اصل الى هناك لا بد انن اقطع التلة التي تفصل بين الشاطئ والمنزل."
جفف نفسه بسرعة وارتدى قميصه. وقال بمرح ما ان أطل رأسه:
"اذاً لديي حل لمشكلتك سيدة هاستنغز."
توترت دافينا فنظر اليها بعينين ضيقتين وقال:
"لدي سلسلة للدراجة في صندوق الشاحنة هذا كل شيء."
دخلت دافينا مباشرة الى المطبخ ما ان وصلا وضعت اللحم على الفرن وبدات بتحضير الخضار وما تبقى من وجبة الطعام.
ما ان استحم ستيف وبدل ثيابه حتى عاد الى المطبخ ليجدها تغسل يديها, قال:
"كل شيء تحت السيطرة؟"
"اجل."
"اذاً لم لا تستحمين بينما اعد العصير."
نظرت دافينا اليه بقلق وتوتر وقد غطت عينيها موجة من الخوف, قالت: "اعتقد من الافضل.."
قاطعها بهدوء: "دافينا, انا في الخامسة والثلاثين من عمري, وهذا يعني ان لدي الكثير من التجارب في السيطرة على النفس, ان كان هذا ما يشغلك الان."
توهج وجهها من الاحراج وهذا ما لم تستطع السيطرة عليه, فهي تشعر بغضب شديد وتمنت لو انه استمر في التصرف وكأن لا شيء حدث على الشاطئ, وما يجعل الامر اسوأ فهي لاا تستطيع ان تفكر بأي شيء لتقوله.
قال بعد قليل بحزم: "هيا اذهبي, اللا اذا كنت تقترحين ان نتجنب رؤية بعضنا لشهر كامل؟"
رفعت راسها عاليا وخرجت من المطبخ وهذا ما جعله يبتسم.
احتاجت عشرين دقيقة لتستحم ولتجفف شعرها وترتدي ثوبا من القطن ازرق اللون يلتف حولها بكثافة ما ان تسير, وطوال الوقت كانت تفكر ان عليها ان تبقى قوية, لكن من الصعب عليها ان تنسى ما شعرت به عند الشاطئ, لان ما جرى حدث تلقائيا وبلا ارادة منهما معا.
"كيف جرت الامور بينك وبين مايف؟"
رشفت دافينا كوبها ونظرت عبر النافذة حيث اشعة الشمس تسطع بخطوطها الضعيفة على قمم اللجبال, وظهرت ابتسامة عللى وجهها واجابت: "كان عليك تحذيري."
"كنت لهربت على الفورر."
ضحكت وقالت: "لا لا داعي لذلك, فما ان عرفنا بعضنا حتى عملنا معا بطريقة جيدة, اه كيف تعامل معها جدتك وزوجة ابيك؟"
تستمران بالشجار معي لتتخلصا منها, فهما تنزعجان منها بشكل دائم, لكن مايف لا تلاحظ ذلك, والنتيجة فوضى كاملة."
تمتمت دافينا: "يمكني تخيل ذلك, اذاً انت لا تستطيع التخلي عنهاا بكل الاحوال."
"كانت اعتادت والدتها العمل عند والدتي هي وزوجها الذي توفي, وكان يعملل على احد قواربيز وسأشعر بتأنيب الضمير طوال حياتي ان تخليت عن مايف."
علقت دافينا: "انها من دون شك معجبة بك جدا."
قال بمرح: "وهل هذا يفاجئك؟"
لمم تجب بل تابعت احتساء شرابها ثم وضعته جاانبا وقالت:
سيصبح العشاء جاهزا بعدد ربع ساعة, اين ترغب في تناول الطعام؟ هنا؟ أم..."
واشارت بيدها نحو غرفة الطعام.
قال: "هنا, لماذا افقد المنظر الجميل؟ سأضع الاطباق على الطاولةة, لن تتخلي عني وتجعليني اتناول الطعام بمفردي, أليس كذلك؟"
قالت: "ليس هناك من داع لأجلي."
وضعت الطبقق الفضي المليء باللحم والصلصلة والبطاطا المشوية, اليقطين والبطاطا الحلوة, ثم احضرت صينية عليها زهرة القرنبيط والصلصة الخاصة بها, مع طبق من الحلوى.
قال متجاهلا ماا قالته: "هل اعددت كل هذا في هذا الوقت القصير؟"
"لدي خبرة كافية, هل تريد ان تقطع اللحم أم افعل انا ذلك؟"
"لا سأفعل ذلك بنفسي, اجلسي سيدة هاستنغز, ما هو ذلك المثل الشائع عن الطعام وقلب الرجل؟" وامسك بالسكين والشوكة.
اجابت بهدوء: "لقد تحدثنا عن الامر من قبل واتفقنا على ذلك, سيد وارويك."
قططع قطعة رقيقة من اللحم وقال: "لقد فعلنا ذلك, لكن هنالك اممور تتحدث عن نفسها بيننا."
"اعتقد يمكننا الاتفاق ان ما حدث امر عابر نظرا للوقت والمكان الذي كنا فيه." ونظرت اليه ببرودة عبر الطاولة.
قال وهو يتابع تقطيع اللحم: "حسنا, يبدو انك اكثر تماسكا الان."
ضغطت على اسنانها بقوة ولم تجب, وبدلا من ان تنهض لتسكب الخضار بقيت جالسة وتركت له تلك المهمة وهي تفكر انه فعلا لا يحتمل, لكن كلما اكتشفت المزيد عنه كلما علمت انه قادر على تبديل مزاجه والكلام بسرعة البرق, وهذا ما فعله.
"اخبريني عن هوايتك؟"
ترددت قليلا لكنها رفعت كتفها وبدأت بالكلام, اصغى باهتمام وهي تخبره كيف كانت دائما مولعة بالنور والظلام وكيف تمكنت من التعبير عنهما من خلال افلام التصوير."
قال بعد قليل: "اذاً انه طموح العمر, وكيف حدث انك تركت ذلك وتعلمت اعداد الطعام؟"
"هذا بسبب والدتي التي اصرت ان يكون لدي مهنة ثابتة اعتمد عليها, انها من الاشخاص الذين يعتقدون ان الفن امر جميل لكنه ليس بكاف عندما يقع المرء على ظهره, وتبين انها على حق, مع ان ما كاانت تفكر به ان يكون لي عملي الخاص من خلال تعهد حفلات فاخرة للاثرياء والمشاهير."
"لكن اعتقد انك قادرة على ذلك فهذا الطعام شهي حقا."
"انا استمتع حقا بالطهي, كما وانني اعددت لك طبقا من انواع الجبن والفواكه."
"لا بأس, لكن لا داعي لعجلة"
نظر الى عينيها مباشرة وسألها:
"وكيف حدث انك سقطت على ظهرك؟"
نظرت دفينا الى البعيد وقالت: "افضل الا اتحدث عن ذلك."
"احيانا الكلام عن الامور المزعجة يخفف من ازعاجها."
ومع شخص غريب بالمطلق؟ لا اعتقد ذلك."
"نحن لسنا غريبين بشكل مطلق, كما وان الغرباء لديهم القدرة على الحكم بمنطق اكثر."
سألته: "ماذا تريد ان تعرف؟ انا سعيدة بما انا عليه, لا تصدق ذلك ان شئت."
تراجع الى الوراء على مقعده ونظر اليها مليا قائلا: "الزواج من شخص يعتقد انك مملة وباردة وهذا امر علمنا انه غير صحيح ولو عن طريق الصدفة."
"اعتقد ان الامر كريه بالنسبة اليه اكثر مما كان بالنسبة لي."
اخذ وقتا ليتفهم ما قالته وسألها: "اذً كل ذلك مجرد تمويه؟"
"لا بالطبع, فهو لم يعجبني يوما ان اردت الحقيقة."
"هل اجبرت على الزواج به؟"
"بل تم خداعي, وان اردت كل القصة لترتاح, فقد واجه والدي الافلاس وزوجي السابق كان الشخص الوحيد الذي كان بامكانه انقاذه او تدميره, وانا كنت ضحية الاتفاق الذي تم بينهما ها قد علمت ما تريده."
سألها بعد لحظة: "وبعد ان تم الاتفاق اكتشفت ان الامر لم يكن بهذه السهولة؟"
"بعد الزواج اكتششفت ان والدي ما زال معرضا للافلاس في نهاية الامر."
"لقد انكر وعده."
"كان وااحدا من مجموعة مستثمرين اثرياء والذين استثمروا اموالهم في كل استراليا, وتعرضوا للخسارة معا."
تذكر ستيف وارويك تلك الاحداث فقطب جبينه, علمت دافينا انه يحاول ان يضع اسما لذلك الرجل فحبست انفاسها.
لكنه قال: "اذاً خدع والدك ايضا؟"
مررت اصبعها على غطاء الطاولة واجابت: "اصبح والدي يائسا, ووالدتي شعرت بالقلق كيف سيؤثر الامر على صحة والدي, وكانت محقة فقد اصيب بازمة قلبية اودت بحياته."
"يؤسفني سماع ذلك, هل عندها قررت ان تنهي زواجك؟"
"نعم بطريقة ما."
"كم كان عمرك عندما وقعت في تلك المصيدة؟"
"في العشرين." قالت باختصار.
"وكم كان عمره؟"
"في الاربعين, لكنه يبدو وسيما وشابا, يمكنني ان اعترف بذلك."
"وكيف تعرفت اليه؟"
ضاقت عيناه ورمقته ببرودة وهي تقول: "في حفلة."
تمتم ستيف: "واي مكان افضل؟"
"ماذ تقصد؟"
"عزيزتي دافينا, كنت في حفلة وفي ثوب سهرة بالطبع سوف تلفتين النظر."
اغمضت عيناها للحظة وتذكرت الثوب, كان لونه اسود بدون كتفين وضيقا, ارتدت ايضا قفازين طويلين لونهما ابيض مع عقد من اللؤلؤ, وتذكرت الاحساس بالغثيان الذي شعرت به عندما علمت انها اخطات وكان عليها ان ترتدي ثيابا ملطخة بالرماد عندما راته ينظر الليها مصمما ان يحصل عليها بكل وسيلة.
وقفت على الفور وقالت: "اجل صحيح, ها قد علمت كل شيء, لكن انتهى وقت سرد الروايات, سأحضر الجبن."
سألها بنعومة: "اذً كرهت كل الرجال منذ ذلك الحين؟"
قالت من بين اسنانها: "اجل, من المؤكد انني لا اثق بهم واذا كنت ستقول لي انني اتصرف ببحماقة لانني اعمم رايي هذا, فمن فضلك لا تضيع وقتك علي."
وقف وهو يقول "لن افكر بذلك, فكثير من الناس يستمتعون بالاحساس بالبؤس."
جمدت دافينا في مكانها وتمنت لو تستطيع ان تسكب ما تبقى من الصلصة عليه, لكنها قالت بدلا من ذلك:
"ان لست يائسة, وهذا ما لا تفهمه, لا تشعر كل النساء ان السعادة الحقيقية هي مع الرجال."
قال وهو يقلب شفتيه: "قبل ان يتطور ههذا النقاش اكثر من ذلك, اعتقد انني لا اريد تناول الجبن, فلدي عمل لكنني لن ارفض فنجان قهوة, وسأتنااوله في مكتبي."
حدقت دافينا بقامته الفارعة الطول باحباط, ثم عدت الى العشرة لتتمكن من السيطرة على غضبها.
لم يتحدثا بعد تلك الامسية, فعادت الى جناحها وهي تشعر بالفضول ولم تتمكن من النوم سريعا.
"يمكنك ان تأخذي هذا النهار كإجازة دافينا."
انها التاسعة النصف وليس هناك غيمة واحدة في السماء, واشعة الشمس تسطع بقوة على سطح البحر.
"اه ليس هناك من داع..."
"اسمعي, افعلي فقط ما يطلب منك." قال ستيف ذلك بتوتر وهو يقف عند حاجب باب المطبخ يتلاعب بمفاتيح سيارته, بدا واضحا منذ ان رأته عند الصباح انه ليس بمزاج جيد.
تابع قائلا: "قد لا تحصلين على فرصة ثانية, كما وان المنزل بمنتهى النظافة."
نظر حوله لكن بدون اي اهتمام وتابع: "بكل الاحوال سأتناول العشاء خارجا الليلة."
"حسنا."
"وكذلك الغداء..." وتابع بسخرية: "هذا اذا كنت تهتمين لتعلمي برنامج عملي وتحركاتي للنهار كله, كما وانني..."
قاطعته بسرعة وهي تستدير لتخفي غضبها: "لا تزعج نفسك."
"هذا ما اردت معرفته البارحة, بمطلق الاحوال."
"فعلت ذلك ضمن نطاق عملي سيد وارويك, يمكنك ان تذهب الى القمر اليوم, فلا يعنيني البتة."
"ويمكنك الذهاب الى الججحيمم ايضا, أليس هذا ما اردت قوله سيدة هاستنغز؟"
قال ذلك وغادر تاركا دافينا وقد اتسعت عيناها لانه على حق فيما قاله, ولأن الاجواء تختلف كليا كلما التقيا.
جلست االى الطاولة وهي تعلم انها قد تتهم بأنها بدأت العداووة اليوم, لكن لا عجب انه لم يتزوج, فهو اكثر الرجال تبدا للمزاج, وبالطبع ليست هي المسؤولة عن ذلك.
حدقت بالفراغ للحظات عدة, ثم هزت رأسها محاولة ان توجه افكارها نحو مكان اخر, او ماذا ستفعله بيومها, تذكرت انها وجدت كتابا في جناحها يدعى الدليل الى لوردهوود, فذهبت لاحضاره.
وهكذا بعد نصف ساعة اعدت بعض السندويشات شرابا وكاميرتها ووضعتها في حقيبة تحمل على الظهر, وسارت عبر الطريق المؤدي اى جبل ليدجبرد. اختاارته لانها علمت ان جبل غوير لا يمكن التجول به بلا دليل. عندما اصبحت في منتصف الجبل لاحظت مدى انحداره. الممر ضيق ومليء بالجذور, كما وان ارضه زلقة بسبب المطر الذي تساقط منذ يومين, شعرت وكأنها تكتشف احدى غاابات الامازون وبسبب كثرة النباتات وانعدام النور الكافي قرت الصعود الى القمة.
ما ان ابتعدت عن الغابة ووصلت الى القمة الصخرية حتى ادركت كم بذلت من جهد, فتوقفت لتنناول الغداء ثم تأكدت من الديل ان كانت تستطيع الوصول الى كهوف الماعز, فتابعت طريقها صعودا حتى وصلت الى اعلى قمة في الجبل بدأت بالتقاط الصور وصرخت من الفرح عندما تمكنت من التقاط صورة لهرم بال وكأنه يطفو كقلعة في البحر في احدى االقصص, نسيت نفسها وهي تحاول ان تلتقط قدر ما تشاء من الصور في ذلك المكان الرائع, خصوصا ان هناك نباتات ذكرت في الكتاب موجودة امامها.
اخيرا قررت العودة وهي تشعر بالمتعة من تلك المغامرة, لكنها تفاجأت بمنظر يطير نحوها, غيوم سوداء قادمة من الغرب ووكما يبدو سيبدأ المطر بالهطول على الجزيرة.
شهقت وهي تعلم ان الممر خطر وهي تصعد الجبل فكيف وهو رطب, فمن المستحيل عليها اجتيازه.
لكن هذا ما حدث, في اقل من نصف ساعة, تساقط المطر واصبح الممر مليئا بلوحل, فكرت برعب لا بد انها ستضيع هنا او على الاقل ستنزلق وتكسر ساقها, او ربما ستسقط عن المنحدر وتموت. جلست على صخرة وتنفست بعمق ونظرت حولها في تلك الغابة المظلمة, فحتى في النهار لم يكن الضوء كافيا لتحدد الطرق, وهكذا اعتمدت على الاشاراات الحمراء المرسومة على الاشجار, اما الان فهي لا تستطيع ان تراها. اغمضت عينيها وتذكرت فجأة انها تحمل مصباحا في حقيبتها, فبحثت عنه وشعرت بالراحة من خلال ضوئه الاصفر المشع, وقالت لنفسها انها ستتمكن م النجاة ان كانت حذرة وسارت على مهل وببطء شديد.
هذا مافعلته, لكنها احتاجت الى اربع ساعات وهذا يعني ضعف الوقت الذي احتاجته لتصعد الجبل, وعندما وصلت اخيرا الى الارض المنبسطة والتي تبعد ربع ميل عن المنزل كانت تشعر بتعب شديد والم في كل جسمها وتعرج, وكانت الساعة قد جاوزت السادسة والنصف وعلمت انها ان توقفت عن السير فلن تتمكن من المتابعة, لكن ستتمكن من تجنب رئيس عملها, فلا بد انه غادر الان.
لكن لم يكن قد غادر فما ان سارت وهي تعرج عبرر الطريق الفرعية المؤدية الى المنزل حتى غمرتها اضواء الشاحنة وستيف وارويك يتجه مبتعدا عن المنزل.
توقف على الفور وقفز من الشاحنة من دون ان يطفئ الضوء.
توقفت دافينا عن السير وتنهدت فالسماء لاا زالت تمطر.
قال بحرارة وهو يقف امامها: "يا للهول. هل هذا انت حقا سيدة هاستنغز؟"
"هذه انا بالفعل, وسأقدر لك ان لم تقل اي كلمة اضافية."
"حسنا." سار نحو الشاحنة ليطفئ الانوار ثم عاد اليها ليرفعها بين ذراعيه متجاهلا تمامما حقيبتها التي ازعجتها تماما كما ازعجته, وتوجه نحو المنزل.
"ما الذي تفعله؟"
سلها هل استطيع التكلم؟"
"اجل."
"ساخذك الى غرفة الغسيل حيث يمكنك ان تخلعي ثيلبك وتستحمي هناك وتتخلصي من كل هذا الوحل قبل ان يتسخ المنزل, بعد ذلك ستذهبين الى جناحك لتري ان كانهناك اي ضرر, ألديك سؤال؟"
عضت على شفتها لان هذا ما كانت ستفعله بالتحديد, ولا بد ان غرفة الاستحمام في غرفة الغسيل لهذا الغرض, لكنها قالت:
"ما عليك ان تفعل ذلك, كما وانني لم اصب بأي ضرر, فقط اشعر بالتعب والتشنج."
"حسنا دافينا, اخشى القول ان عليك تقبل ذلك والا البديل لن يعجبك."
"اي بديل؟"
"عندما افقد اعصابي واقول لك انك حمقاء لانك صعدت الى جبل ليدجبردفي هذا الطقس لانك كدت تقتلين, وحيث سأخبرك الا تغادري من دون ان تتركي رسالة تخبرين فيه اين انت لانني كنت سأرسل فريق بحث عنك."
وفتح بكتفه باب غرفة الغسيل ووضعها على قدميها ثم اضاء الغرفة.
ترنحت دافينا حيث تقف, فركبتاها تصطكان وتكادان تنهاران تحتها, كما وان الصدمة واضحة في عينيها, تلعثمت قائلة:
"لكن لماذا قلقت علي؟ لانني قد اكون غادرت المنزل لتناول العشاء."
"هذا ما فكرت فيه, لكن من الصعب ان تغادري سيرا فالدراجات جميعها هناك كذلك الشاحنة الاخرى, كما وان لدي حدسي, والان هل يمكنك ان تخلعي ثيابك وتستحمي؟"
قالت: "من فضلك فقط ارحل, فانا ببساطة لا استطيع تحمل كل ذلك في ذات الوقت."
نظر ستيف اليها مليا وقال:
"لا تشعري بالاحراج دافينا, فانا لم ار يوما فتاة بنصف جمالك في مثل هذه الظروف, سأحضر لك شرابا ساخنا بينما تستحمين وسأحضره الى جناحك." ثم غادر.
نهاية الفصل الثالث
قراءة ممتعة

samahss 03-02-17 08:20 PM

الفصل الرابع
المياه الساخنة التي سكبت على جسمهاا جعلتها تشعر بانها أفضل, ووجدت نفسها تفكر فيما قاله ستيف وارويك, ترى ما الذي قصده بقوله انها لا تبدو جميلة؟ حسنا انه مخظئ, فآخر ما تهتم له كيف تبدو في عينيه, اذاً ما الذي قصدته؟ انني اكره ان ابدو في عينيه الحمقاء التي تعرض نفسها للمخاطر؟
ربما هذا ما قصدته, انتهت من الاستحمام ولفت جسمها بروب حمام كثيف, فكرت بأنه امر جيد ان خزانة المناشف والاغطية هنا وإلا... يا لهذا النهار عليها ان تعود الى جناحها وتراه مرة ثانية.
كان بانتظارها وهو يحمل فنجانا من الشاي الساخن, قال:
"ما زلت مليئة بالماء لكن نظيفة. هل يمكنك ان تخبرني ما الذي حدث؟"
قالت وهي تشد الروب اكثر: "هل تمانع ان ذهبت الى غرفتي اولا؟"
تمتم: "افعلي ما تشائين."
رفعت رأسها بكبرياء واتجهت الى غرفة نومها واغلقت الباب وهب تفكر, ربما علي ان افسر له ما حدث, لكن عليه الا يبالغ في الانتقاد والا ضربته.
عادت بعد قليل مرتدية بنطال جينز وكنزة وقد سرحت شعرها قالت ما ان نهض وسلمها فنجانها: "شكرا لك."
وانتظر حتى جلست ثم جلس ومد ساقيه امامه.
اضفت: "ساختصر قدر المستطاع فقد تذكرت موعدك على العشاء. ذهبت للتسلق في يوم رائع, وصلت الى كهوف الماعز ولا بد انني بقيت هناك عدة ساعات منشغلة بالتصوير وبعد ان بدأت بالنزول ادركت ان الطقس قد تغير, ومن الناحية الشرقية لا يمكنك ان تلاحظ ذلك."
"لا, لا يمكن ذلك."
"يسعدني انك توافقني الراي, كما وانني اسفة لانني اقلقتك."
"اين كنت عندما بدا المطر؟"
"كنت في منتصف الطريق تقريبا او اعلى."
قال بغضب: "دافينا هل تدركين انك كدت تقتلين بسبب عدم مبالاتك؟"
وضعت فنجانها جانبا وقالت:
"اسمع, امضيت الساعات الاربع الاخيرة وانا ازحف على يدي وركبتي مرتعبة ان اضيع او اسقط او اتحطم, لذلك ادرك كل ما حدث وان لست فخورة بذلك, لكن انه واحد من الامور السيئة التي تحدث دائما, وانت لم لا تذهب الى عشائك وهكذا اعد لنفسي شيئا ما للأكل لاتناوله واذهب لانام؟"
"الغيت موعد العشاء."
قالت بعصبية: "اه تبا." شعرت بكل الغضب الذي يملؤها قد غادرها, فاستدارت لتجده وراءها, اتسعت عيناها وهمست: "لا." لكنه ضمها اليه واضعا راسها على صدره, وبعد مرور لحظات علمت ان هذا ما تحتاجه بعد ساعات من الرعب, وبعد ان شعرت بالراحة وبطريقة تدريجية علمت ان ما شعرت به ليس مجرد احساس بالامان, بل انه دفء وحمية من خلال ذراعي ستيف وارويك فقط, اغمضت عينيها غير مصدقة ان بامكان اي رجل ان يفعل ذلك لها.
ما ان فتح عينيها حتى رأته ينظر اليها بمكر ومرح فقالت:
"اسمع, لا بد انني كنت مجنونة فأنا لست معجبة بك واانت لا تشعر بالاعجاب بي, كما وااني لا اريد ان اقيم اي ارتباط معك او مع اي رجل اخر. لم لا تصدق ذلك وتركني وشأني؟"
لف ذراعيه وضحك قبل ان يقول: "لديك رغبة في الاعتراض دائما دافينا."
همست: "اكرهك." وشعرت ببالكره لنفسها اكثر لانها سمحت لهذا الوضع ان يحدث, تابعت:
"هل يمكنك ان ترحل لاتمكن من الذهاب الى سريري والنوم؟"
"تلك ليست تجربة سعيدة, وفوق ذلك معدة فارغة, صدقيني لست بحاجة الى هذه المعناة الجديدة.
سار نحو الباب ووقف هناك متابعا: "تعالي, سأعد لك شيئا لتأكليه."
كررت بغضب: "شيء للأكل؟"
تمتم: "اجل, طالما انك قررت اننا غير معجبين ببعضنا, لكن ذلك لا يعني اننا لا نستطيع ان ناكل ونشرب معا سييدة هاستنغز, وربما علي تحذيرك انني لن اقبل بلا كاجابة."
قال ذلك بنعومة لكنها رات بوضوح ان هناك توترا وفقدان صبر في عينيه وقد لاحظت ذلك من قبل.
قالت: "لن تفعل شيئا."
"بل سأفعل, اسمعي انني جائع, لذلك لا تدعيني احملك الى هناك دافيننا, فهذا تصرف طفولي.
ضغطت على اسنانها وعلقت: "انت... انت.."
"اعلم, قادمة؟" ابتسم ما ان رفعت رأسها عاليا وسارت نحو الباب.
سألته ما ان مرت امامه: "ما الذي يضحكك الان؟"
قال بلطف: "علمت انك ستفعلين ذلك ترفعين راسك مثل حصان شرس الطبع لكن بلباقة واضحة."
"ان قلت كلمة بعد سأصرخ."
"اسف سيدتي, سأحاول الا اتكلم عن جمالك بعد اليوم."
تنفست دافينا بضيق ولم تضف شيئا لانه شخص من المستحيل التعامل معه, كما وانها لا تستطيع الا ان تشعر بانها حمقاء وفي الواقع مرتبكة وبشكل لا يوصف.
قال ما ان اصبحا في المنزل: "ادخلي الى غرفة الجلوس في مكتبي انها اكثر راحة في هذا الطقس."
"حسنا انني استطيع اعداد شيء للاكل, فانا لست متعبة لهذه الدرجة."
علق قائلا: "تبدين متعبة, فقط افعلي ما يطلب منك, اقرئي صحيفة او اي شيء اخر."
استلقت دافينا على الاريكة والتقطت اجدى الصحف, هذه الغرفة تظهر بوضوح انها لرجل بالالوان الداككنة للاغطية وجهاز التلفاز, رفوف الكتب وصور سفن عائلة وارويك معلقة على الجدران.
وجدت نفسها غير قادررة على القراءة فوضعت الصحيفة جانبا, حدقت بالسفن واصغت الى المطر يضرب المنزل بقوة, تساءلت, لم اتيت معه؟ ولمم اشعر بانني مرتاحة, فهذا لم يحدث معي من قبل...
"هيا تفضلي.."
جلست مسستقيمة ما ان احضر ستيف صينية ووضعها على الطاولة المنخفضة امامها وتابع:
"لا اعتقد ان الطعام شهي مثل طعامك."
ابتسمت وقالت: "لا بأس, لا اشعر بالجوع كثيرا."
لكنها رات انه اعد البفتاك والبطاطا المشوية وعليها الكريم السلطة والخبز المحمص والمغطى بالزبدة.
"هل تستطيعين الاكل هنا؟"
اومأت برأسها وعندما تذوقت اللحم قالت: "هذا اللحم هو افضل ما تذوقته منذ سنين."
"انه من الجزيرة."
"لا بد ان المرعي هي السبب."
ما ان انهت طعامها حتى حمل الصينيية رغم اعتراضها واعادها الى المطبخ.
رفعت دافينا كتفيها وتراجعت الى الوراء وهي تقول: "لماذا علي ان افعل دائما ما يقوله؟"
اجاب: "هذا ما يحدث عادة." فقد عاد الى الغرفة بهدوء.
تلون وجهها على اللفور وعضت شفتها.
"هذا يعني انه ما كان علي ان اسمع ذلك."
"هذا صحيح."
جلس امامها وقال: "حسنا, الى ااين سنصل بعلاقتنا سيدة هاستنغز."
قالت بصراحة وباستياء: "الى لا شيء."
رفع حاجبيه وسألها: "اذاً انت تعتقدين انه يجب تجاهل كل هذا الانجذاب بيننا"
"اجل."
"ونأمل ان يزول من تلقاء نفسه؟"
شعرت بتعب شديد وقالت: "اسمع لا استطيع ان افكر بطريقة واضحة الان.
قال باستياء: "اعتقد انه لن يساعدنا التظاهر بتجاهل احساسنا دافينا, واعتقد ان الحياة ستكون مقلقة جدا لنا طوال الشهر القادم, ألا تعتقدين ذلك؟"
حدقت به دافينا للحظة وقالت: "ارى انك تعتبر المسألة مجرد مزحة؟"
نظر اليهاا مليا وعلق: "هل كان يعاملك بقسوة؟"
اجابت بسرعة: "لا ليس بالتحديد."
"وهل كان حبيبك الاول؟"
"اجل."
"وقررت ان تجعليه الاخير؟"
نظرت اليه بثبات وقالت: "لا, لكنني قررت كما قلت لك سابقا انني لنن اسمح لرجل ان يتحكم بحياتي من جديد."
بقي صامتا للحظة ثم قال: "اعتقد ان ما احاول قوله لك ان هناك طريقة وحيدة لابرهن لك خطأ ما تفكرين به."
علمت دافينا انها منذ كارثة زواجها وهيي تفتقد للحب والصداقة والطف, لكنها كيف لها ان تعلم ان كان هذا الرجل المتفاخر, الخطر والصعب مستعدا لان يغرم بها؟ وهناك ادلة قليلة في حياته تؤكد لها العكس, اذ ليس هناك اختلاف بينه وبين دارين, الذي كان مستعدا للخداع والكذب ليحصل عليها.
لا ستكون مجنونة ان سمحت لنفسها بالتعرض لذلك من جديد.
وقفت وهي تقول: "لا اعتقد ذلك, وانا اسفة لانني لا استطيع الاقدام على امر اعلم مدى خطئه من دون ذكر عائلتك ورأيها بالامر."
علق بسخرية: "انت تقصدين كيف سأفسر لجدتي وزوجة والدي عن علاقة بيني وبين مدبرة المنزل؟"
قالت بضيقك "بالطبع."
قال ببرودة: "انا لاا اسمح لهما ان تفرضا علي اي شيء دافينا."
"حسنا هذا امر يعود لك, اما انا فلدي تحفظات دقيقة على علاقتي مع رئيس عملي."
تمتم قائلا: "حسنا ليكن ما تشائين, وممن الافضل ان تنامي باكرا, لان غدا سيكون تجربة جديدة عليك."
حدقت به بتوتر وقالت: "في اي ساعة سيصلن؟"
استدار مبتعدا وهو يقول: "عند الساعة الحادية عشرة واللنصف, وعليك ان تذهبي الى السباحة صباحا فالمياه الباردة تشفي كل الجروح."
"سأفعل ذلك, عمت مساء."
"مساء سعيد دافينا."
علمت لا جدوى من الكلام, فذهبت الى سريرها وهي تشعر بالارتباك اكثر مما شعرت به يوما.
************************************************** ********** *******
قال ستيف وارويك في اليوم التالي: "وهذه كانديس."
"مرحبا كانديس" قالت دافينا ذلك وهي تخفي دهشتها, فقد توقعت ان ترى فتاة انيقة مترفة, لكن الفتاة التي تقف امامها تنظر اليها بعدائية, تعققد شعرها الى الوراءو تضع نظارة مرتدية بنطال جينز وقميصا باليني, وتبدو وكانها انقذت من بين كومة من التباتا والاشواك حتى انها لم تجب على سلام دافينا, بل رفعت كتفيها وادارت وجهها.
اعترضت لوريتا زوجة والد ستيف قائلة: "كاندي."
قالت كانديس: "لا تناديني هكذا."
قالت لوريتا: "ولكن يا عزيزتي..."
قالت السيدة وارويك العجوز: "انا اوافق كانديس الراي."
وهذا اول كلام قالته منذ ن تفاجت برؤية دافينا فهي سيدة ارستقراطية طويلة القامة, تشع طاقة, واعتقدت دافينا انها على الاقل في السبعين من عمرها.
"لو اردت ان تناديها كاندي فلماذا اطلقت عليها اسم كانديس, مع ان اي شخص يرغب في تسمية ابنته اسما مليئا بالسكر الحلوى." ورمت زوجة ابنها بنظرة عدائية.
لم يؤثر ذلك على لوريتا فهي ايضا تفاجأت بحضور مدبرة امنزل, فقد اتسعت عيناها السوداوان فكرت دافينا انه ليس من السهل معرفة عمر لوريتا, لكنها من السهل رؤية كيف ان الرجال يلاحقونها باستمرار, فهي مثيرة حقا, نظرت الى شعرها الاسود اللامع, بشرتها السمراء الناعمة واسنانها لناصعة البياض, كما ان قامتها تبدو اكثر جمالا ببنطالها الضيق وقميصها التي لا تترك الكثير للخيال. ولأول مرة تشعر بالتسلية ما قد تراه من السيدتين.
"حسنا وقبل ان يتحول النزاع الى نزاع مسلح, اريد ان اقول لكما ان دافينا هنا لتجعل عطلتكما اكثر راحة, لذا من فضلكما لا تفكرا بالقيام بأي شيء في لمنزل, كما وانني بحاجة لبعض المساعدة بهذه.
اشار ستيف الى جبل من الامتعة التي احضرها عبر الباب الخلفي, وتابع:
"كيف تمكنتما من احضار كل هذه في الطائرة, يفترض ان اقصى حد هو اربة عشر كيلو غراما."
قاالت لوريتا بصوت ناعم: "عزيزي, ما الغاية من امتلاك خطوط طيران ان لم تستطع تبديل القوانين فيها ولو قليلا"
قالت السيدة مارويك: "لا اوافقك الرأي مطلقا بهذا التفكير, فالقوانين هي القوانين."
علقت لوريتا بحماسة: "لكننا كنا الاشخاص الوحيدين على الطائرة لافينيا, وهكذا يعني اننا لم نعرض حياة احد للخطر."
"لكنك لم تعرفي ذلك الا في المطار."
"بل عرفت اتصلت واكدوا لي انني استطيع احضار قدر ما اشاء من الامتعة."
علقت الجدة بسخرية: "اي شخص يحتاج لكلل هذه الامتعة لتمضية عطلة في هذه الجزيرة البسيطة بحاجة الى من يتأكد من سلامة عقله, هيا كانديس, سنختار غرفتنا.ط
راقبتهما لوريتا واستتدارت نحو ستيف وهي تبتسم: "جدتك لا تتغير ابدا أليس كذلك؟ وقبل ان تقول اي شيء, تلك كانت فكرتها, لكن سأساعد بحمل الامتعة."
"ستساعديني اكثر ان لم تتشاجري معها لوريتا."
"لم افعل ذلك يوما فانا صافية كالذهب." وابتسمت له ابتسامة مغرية.
"ان اعتقدت ان احضار كل هذه الامتعة لن يغضبها, فلا بد انك تمزحين." قال ستيف ذلك بغضب وبدأ يعد للعشرة كي لا ينفجر غضبا.
ابتسمت دافينا بسرها فهي تستمتع بكل ذلك, لكنها قالت:
"سيصبح الغداء جاهزا بعد نصف ساعة سيدة وارويك, اظن لمن الممتع ان تتناولوا الغداء على الشرفة, فالنهار جميل جدا."
استدارت لوريتا وقالت لها بحماس: "فكرة رائعة, سأستحم واعود على الفور, والان اظن انني استطيع حمل هااتين الحقيبتين ستيف."
عاد الى المطبخ بعد ان انتهى من نقل الامتعة وقال: تبا, لا ادري لماذا اتحمل كل هذا؟"
قالت وهيي تعد السلطة: "من اجل الطفلة؟" عضت على شفتها وقالت: "اسفة لا علاقة لي بالامر."
قال بعصبية وهو يجلس الى الطاولة: "انت على حق, ما رايك فيها؟"
"كانديس؟"
"اجل كانديس. لا بد انها تصبح مرعبة عندما تقرر امرا ما."
"ان كانت والدتها وجدتها تتشاجران امامها دائما, فهذا امر طبيعي."
عقد ذراعيه وقال: "هل تعلمين كان والدي رجلا منطقيا وعمليا, ودائما افكر كيف انه ترك كل هذه الفوضى في حياتي."
"الا تحبها؟"
"بالطبع احبها, لكنني رجل وحيد دافينا, وهناك اوقات اصبح فيها عاجزا عن التصرف, لم يستطع والدي ان يوقفهما عن الشجار, فكيف سأتمكن ان افعل ذلك فهناك اوقات تفوق صبري."
"امر صعب للغاية, والان بعد ان قابلتهما, اوافقك الراي."
"شكرا لك."
حملت السلطة لتضعها في البراد, ثم نظرت حولها, كل شيء جاهز.
سالها: "كيف تعتقديين انك ستتعاملين معها؟"
"الوقت وحده كفيل بذلك."
قاال بسخرية ناعمة: "اصبحت مليئة بالحكم هذا الصباح سيدة هاستنغز."
اجابت: "وانت عليك ان تحذر من الا تغضبني, او حتى تحاول."
ابتسم وفتح فمه ليجيب, لكنهما سمعا وقع اقدام على الدرج, قال:
"ساتركك وشأنك, بالمناسبة, لن اتناول الغداء هنا, وقد اخبرتهما بذلك. لكنني سأعود على العشاء."
وغادر من الباب الخلفي وهو يصفر بمرح.
حدقت دافينا به بضيق واحباط.
دخلت لافينيا المطبخ وقالت: "كيف استخدمك حفيدي دافينا؟ لم يخبرنني مطلقا بذلك."
اخبرتها دافينا كيف تم ارسالها وذكرت انها اعدت الغداء على الشرفة.
"حسنا انا افضل تناول الطعام في الداخل, فلا اتحمل البعوض ولا العصافير ولا اي شيء يلتهم الطعام, لكن ان كنت اعددت الطاولة..."
قالت دافين بهدوء: "فعلت هذا."
نظرت لافينيا اليها محدقة فلم تتجاهل دافينا ذلك لكنها لم تجفل.
قالت لافينيا من جديد: "همم, حسنا اذاً انت امراة تتخذين قراراتك بنفسك, احب ذلك في الانسان."
اجابت دافينا بهدوء: "شكرا لك."
تابعت لافينيا مفكرة: "لا تبدين كالنساء اللواتي يقمن ببهذا العمل."
اجابت دافينا وهي تبتسم: "مهما يكن, فانا ماهرة به."
"منذ متى وانت هنا؟"
"منذ ثلاثة ايام."
"ولم تقابلي ستيفن من قبل؟"
ابددا."
"اذذاً لم يككن لديه علم انك ستأتين؟"
"لا على الاطلاق كما وانه لم يكن سعيدا بوجودي."
اذا كاانت هذه المرأة العجوز تفكر في امر ما, فعليها ان توضح لها ما حدث.
تابعت: "هو ايضا لا يعتقد اني ابددو مناسبة للعمل, لكن بالطبع اثبات ذلك يتطلب تجربة ووقتا."
قالت الجدة ببطء: "بالطبع." واستدارت مبتسمة وتقول بحماس: "هل يمكنك ان تخبريني ماذا اعدت للغداء؟ انا اتضور جوعا."
"اعددت اللحم البارد وكبد الدجاج والسلطة, والفواكه والبوظة كحلوى."
قالت: "رائع, سأطلب من لوريتا وابنتها القدوم بسرعة, فهي لا تلتزم بالمواعيد مطلقا, لانها اكثر انسانة كسولة عرفتها بحياتي والامر الاكثر اهمية ان اعتقدت انها ستنجح بتعليث ستيف بهها, فلا بد انها مخطئة جدا. وغادرت المطبخ على الفور.
وقفت دافينا تحدق بها وهي ترمش بعينيها مندهشة.
نهاية الفصل الرابع
قراءة ممتعة للجميع

samahss 03-02-17 10:49 PM

الفصل الخامس
من الوضح ان وجبة الغداء كانت شهية جدا.
اعتذرت دافينا عن الدعوة للانضمام اليهم قائلة انها تناولت غداءها, وشعرت ان السيدتين وارويك جائعتين لدرجة انهما توقفتا عن الشجار اثناء تناول الطعام. بعد ذلك صعدت لويتا الى الطابق الاعلى لترتاح قليلا كما قالت. اما لافينيا فاستقلت الجيب لزيارة صديق, دعت كانديس لمرافقتها فرفضت بشدة, وهكذا تركتها جدتها وهي تنظر اليها بحزن وغضب.
بعد مرور نصف ساعة, لاحظت دفينا مزاج كانديس السيء, وقررت انه ربما حان الوقت لتتصرف كحاضنة اطفال.
سألتها: "هل احضرت معك اي نوع من الالعاب كانديس؟"
"مثل ماذا؟"
"السلم والحية, مونوبولي, اعتقدت اننا نستطيع اللعب معا."
قالت كانديس بسخرية: "كبرت كثيرا على اللعب بالحبة والسلم, كما واني لا احب اللعب مع الكبار, لا احب الكبار ابدا, ان اردت ان تعلمي ذلك."
"هكذا اذاً؟ اه, حسنا لكن لدينا اشياء نحبها واشياء لا نحبها على ما اعتقد."
لمعت عينا كانديس بالاهتمام من وراء نظارتيها وسألت: "الا تمانعين ان كنت لا احبك؟"
قاالت دافينا بمرح: "لا على الاطلاق." وسارت مبتعدة.
بعد مرور عشر دقائق دخلت كانديس غرفة غسل الملابس حيث كانت دافينا تنظف حذاءها الرياضي, محاولة ان تنزع الوحل الذي التصق به في جبل ليدجبرد, وسألتها ما الذي تفعله.
شرحت لها دافينا ماا حدث.
"حسنا عندما تنتهين اعتقد ان بامكاننا ان نلعب بأي شيء."
وتابعت كانديس بفظاظة: "فليس لدي ما افعله ووالدتي ستنام لساعات الان, لانها تقول انها من الناس الذين يسهرون في الليل."
لم تعلق دافينا بل نظرت الى حذائها بانزعاج وقالت: "اعتقد انه لن يصلح ثانية."
وضعته جانبا واكملت: "لم لا نذهب للسباحة بدلا من عملي هذا."
لمعت عينا كانديس من جديد واجابت: "ستيف هو الشخص الوحيد الذي يأخذني الى السباحة, ذلك عندما يستطيع الابتعاد عن عمله, والدتي لا تسبح وجدتي تقول انها كبيرة جدا على السباحة. تستلقي والدتي على الشاطئ كثيرا, لكن من اجل ان تصبح سمراء البشرة وتجذب عيون االرجال حولها, لكن من الصعب ان تضع نفسها في الماء, لذا انا لا اجيد السباحة."
اجابت دافينا: "حسنا انا اجيدها."
"وستأتين معي على الفور؟"
"منذ اللحظة."
"حسنا اذا كان هذا ما تريدينه."
ذهبتا الى شاطئ نيد لمدة ساعة او اكثر اصبحت كانديس كي فتاة صغيرة عادية, تضحك وتصرخ من الفرح وهي تتمسك بدافينا اثناء اطعام السمك الذي اقترب منهما ما ان دخلتا الماء, ثم اعطتها دافينا بعض الدروسعن السباحة بطريقة مبسططة, فهذا الشاطئ هادئ ومحمي بعكس بلنكيز. ثم انتعلتا احذيتهما وذهبتا لرؤية مجموعة من الطيور تعيش بين الصخور تحت تلال مالابار من الناحية الشمالية للشاطئ.
"امر مذهل كم نستطيع الاقتراب منها, أليس كذلك؟"
قالت كانديس بحماسة: "يا للهول, هناك المئات منها."
تأوهت دافينا بحزن: "كان علي احضار الكاميرا."
تناولتا المثلجات في طريق العودة وفي اللحظة التي نزلتا فيها عن دراجتيهما للسير صعودا الى التلة الاخيرة, اوقف ستيف واروويك شاحنته وراءهما.
"مرحبا, ما كنت لاحضر في وقت افضل, ما الذي كنتما تفعلانه معا؟"
اخبرته كانديس بحماسة كل ما حدث وهو يرفع الدراجتين ويضعهما في صندوق الشاحنة, راقب وجهها الصغير المتوهج للحظة ثم رفع حاجبه نحو دافينا وقال:
"لقد احسنت صنعا مما يبدو لي بوضوح سيدة هاستنغز شكرا لك."
سألت كانديس وهي تصعد الى المقعد الخلفي: "وماذا تعني بذلك؟"
اجاب وهو ينطلق: "لا شيء على الاطلاق."
لم تقل دافينا كلمة.
وما ان صادفت كانديس جدتها حتى اخبرتها عما شاهدته وفعلته بذات الحماسة وهذا ما دفع السيدة لتنظر الى دافينا باهتماام واضح.
ربما هذا السبب الذي جعلها تفشل في التهرب من دعوة العشاء التي وجهت اليها فيما بعد.
قالت لافينيا بثقة ما ان دخلت الى المطبخ قبل عشر دقائق من الوقت الذي تقدم فيه دافينا الطعام:
"اصر على الانضمام الينا دافينا."
شكرا لك, لكن..."
"لكن ليس هناك لكن عزيزتي, انا ايضا امرأة تعرف تماما ما تريده, لذلك سأضع طبقا اضافيا على الطاولة."
فتحت االجارور لتأخذ ما تحتاجه مثل ملعقة وشوكة وسكين واضافت:
"هل ذكر ستيف انه يريدك ان تتناولي طعامك على حدة؟""لا, هذا قرار خاص بي سيدة وارويك, لدي بعض العادات المحددة والمتبعة اثناء قيامي بعملي, هذا الامر واحد منها."
زفرت لافينيا باستياء قائلة: "اذاً سأطلب منه ان يطلب منك بنفسه القيام بذلك."
سأل ستيف وهو يدخل المطبخ: "اطلب منها ماذا؟"
وضعت جدته يديها على وركيها وقالت:
"هذه الفتاة السخيفة تصر على ان تأكل بمفردها, وانا قررت ان لا اسمح مطلقا بسماع ذلك."
"انها مدبرة المنزل, ومن المحتمل انه امر عادي بالنسبة لمدبرات المنزل ان لا.."
قاطعته لافينيا قائلة: "هناك انواع مختلفة من مدبرات المنازل, ومن الواضح تماما لي ان دافينا من افضل نوع, لكن ضع هذا الامر جانبا وقل لي من يتحدى اوامري هنا؟"
تمتم ستيف: "انا ببساطة. اتوافقين مع ما تقولينه عزيزتي." استدار قائلا الى دافينا والمرح باد على وجهه: "الامر عائد لك."
"كيف يمكن ان تكون بكل هذه البرودة ستيفن, قل لها ان تاتي."
ظهرت ابتسامة في عينيه وقال: "دافينا, هل يمكنك ان توافقي لتنقذيني من هذا الشجار الذي لا طائل منه؟"
تنفست دافينا بصوت مسموع وقالت: "حسنا."
"هذه هي فتاتي." استدار لمواجهة جدته وسألها: "سعيدة الان؟"
"بدون اي شك, مع اني لا ادري لم احتجت لكل هذها العناء..."
قاطعها وهو يمسك بيدها ليخرج من المطبخ: "تعالي لنشرب شيئا ما."
تمتمت دافينا بينها وبين نفسها: "لماذا يراودني شعور انني اعمل في منزل للمجانين؟"
"ربما لاننيي انا واياك الشخصين العاقلين في هذا االمنزل."
قفزت دافينا ووجدت ستيف يقف وراءها تماما.
قاللت بغضب متوتر: "لماذا تستمر بالقيام بذلك؟"
"اتي لاحضر بعض العصير ولم اكن اتجسس عليك, اذا كان ذلك ما تفكرين به, لكن تعلمين, انني اثنيت على ما فعلته مع كانديس بعد ظهر هذا اليوم, ويمكنني ان اقول الان ان الانطباع الذي تركته لدى جدتيي امر مثير للانتباه. كيف تمكنت من القيام بذلك؟" نظر اليها وعيناه تلمعان بمكر.
"يبدو انها تعتقد ان لدي افكاري الخاصة وشخصيتي الخاصة, هذا امر تعجب به في شخصية اي كان على ما يبدو."
"حسنا يبدو انها محقة في ذلك, ويمكنني ان اشاطرها الراي." تابع بجدية: "لكن لدي احساس ايضا انها لو علمت كيف تفكرينن بشأن امور اخرى بانها ستبدل رأيها بشان كثير من الامور."
قطبت جبينها وسألته: "ما الذي تقصده؟"
قال بصوت عميق: "اعتقد ساترك لك وحدك تفسير ذلك سيدة هاستنغز, اررى انك لا تضعين خاتم زواجك, هل تم ذلك بالصدفة؟"
نظرت دافينا الى يدها وقالت: "لا... انا.... لا."
"حسنا هذا يعني وكأنك ترميين بالهر بين الحمام, لكن من يعلم؟" ثم فتح البراد ليأخذ ابريق العصير وخرج من المطبخ.
حدقت دافينا فيه, وهزت راسها باستغراب من جديد وهي تفكر, انه منزل للمجانين وهنك امر اخر انت مخطئ بشانه, قد اكون الانسانة الوحيدة العاقلة في هذا المنزل
***************-
الايام القليلة التالية اثبتت لدافينا عددا من الامور, ففي حين انها لا تستطيع اتهام لوريتا بأنها ام فاشلة, لانها بدون شك لا تتحمل مسؤولية, لانها لا تدرك انها وضعت قوانين, فهي بحاجة لتلتزم بها مع كل نتائجها, او هكذا بدا لدافينا, فكثير من نوبات الغضب التي تنتاب كانديس سببها الارتباك, وكما بدا لها, ان لافينيا تساعد على اذكاء تلك النوبات بدون ي خجل. لكن هناك حب كبير للصغيرة, اما بشأن العداوة بين السيدتين. فلا يبدو ان لوريتا تنزعج كثيرا من ملاحظات حماتها فهي دائما ترد عليها بنبرة كسول وحاسمة.
لكن مع مرور الايام شعرت دافينا ان وراء ابتسامة لوريتا الهادئة وولعها في ترفيه نفسها ذكاء وقدرة لا مجال لانكارهما, واحيانا تسعد ستيف وحيانا تثير غضبه, لكن ليس هناك اي تصرف منها ينبئ انها تهتم له وكأنه ليس بأخ ابنتها.
وهكذا تمكنت دافينا من ادارة شؤون المنزل بنجاح, وعملت على السير عبر حقل الالغام للافينيا ولوريتا بانتزاع كانديس من ايديهما كلما تمكنت من ذلك, اخذتها ذات مرة اثناء قيامها بالتصوير, حيث ذهبتا الى مالابار لتصوير العصافير والى مستنقعات بلنكيز والى الممر الذي يفصل الجبل عن المياه, هناك تزلجتا على الماء ونظرتا الى الاسماك الرائعة الجمال, وهذا ما جعل دافينا تتمنى لو انها تملك كاميرا للتصوير تحت المياه. احيانا كانتا تنزلان عن دراجتيهما تجلسان على العشب الكثيف للنظر الى الاماكن الرائعة وتتنشقان الهواء المنعش.
علمت دافينا خلال تلك الايام ان لافينيا تحاول وبكل ما لديها من قدرة لتعلم عن ماضيها, كما وانها كانت حذرة في سرد معلوماتها, وهكذا, ومن دون ان تعلم دافينا كيف فعلت ذلك, علمت لافينيا في اية مدرسة تعلمت واعجبت انها امضت ستة اشهر في بلدان مختلفة مع امها ما ان انهت دراستها, كما وانها اعجبت بتعلمها لاعداد الطعام ومعرفتها المحدودة بعالم التصوير, كما وانها تمكنت من معرفة ذوق دافينا في الموسيقى والادب والفنون, ومعلومات عن اصدقائها وارائها, وذكرت مرة انها دون شك تلقت اي دافينا كل عناية واهتمام في تربيتها, وانها تملك كل الامكانيات لتكون امراة مميزة ولديها قدرة مذهلة على التعامل مع الاخرين. لكن بعيدا عن بعض التسلية الكبيرة لان لا وقت لديها, كما وان كثيرا من افكارها منشغلة بستيف, ولخيبة املها وجدت انها لا تستطيع القيام باي شيء حيال ذلك.
وعلى ما يبدو فقد التزم بما قالته له وهي تشعر بالرعب لانها تجد نفسها تتذكر ما قاله عنها, وان كانت فعلا كما قال؟ لكنها تجد انها لا تنسى ما شعرت به بين ذراعيه, خاصة وانها تعيش معه في ذات المنزل وتواجهه عدة مرات في النهار الواحد, لذا لا تستطيع ان تحرر نفسها من الاحساس به, وكانت دائما تامر نفسها بالتوقف عن التفكير به. لكنها وجدت نفسها تفكر به اكثر من مرة. خصوصا عندما عاد ذات يوم وهو يحمل سلة من السمك الكبير. كانت امسية جميلة, فألغت ما خططت له من اعداد للعشاء, وعملت على اعداد السلطة وتحضير السمك بكل ما لديها من منكهات خاصة به, فيما عمل ستيف على اعداد الشواء.
تناولوا العشاء الشهي تحت الشرفة الخشبية, ولأول مرة بدا ان لوريتا ولافينيا قادرتان على تحمل وجودهما معا, طلب ستيف من كانديس ان تساعده في عملية طهي السمك. لكن دافينا راودها شعور غامض بالهدوء حولها, ودورها غير المهم في كل ما يجري. رافقها هذا الشعور طوال الامسية, ولحسن الحظ لم يلحظ احد ذلك حتى عندما نهضت لتنظف المكان, مع ان كل شخص ساعد بدوره. لكن كانت الاخيرة التي توجهت للنوم, او هذا ما فكرت به وهي تتمهل بالسير في المطبخ الهادئ النظيف وهي تغادر, لانها لم تكن قادرة على مواجهة الاحساس بالوحدة في جناحها.
في تلك اللحظة دخل ستيف, رفع حاجبه متسائلا, فظنت انه علم بما تفكر به, بأنه الوحيد الذي ما زال مستيقظا, قال بصوت هادئ:
"ما زلت هنا دافينا؟ علي ان ادفع لك المزيد مقابل ساعات العمل الاضافية."
غضبت من نفسها لانها علمت انها غير قادرة على الحركة فقلبها يخفق بعنف من شدة الشوق, كما وانها تتذكر ملمس يديه على بشرتها.
قال: "هل هناك شيء ما؟" ورمقها بنظرة حادة ملاحظا شدة ارتباكها.
قالت بصوت عميق: "لا." واستدارت محاولة الذهاب مضيفة: "لا, لا شيء. عمت مساء."
اجاب: "عمت مساء دافينا."
مع انها لا تستطيع تحديد ماشعرت به, لكن شيئا ما في نبرة ثوته جعلتها تعلم انه علم ما تشعر به.
اقفلت على نفسها داخل جناحها ولم تعلم السبب, وضعت يديها على وجهها محاولة ان تبعد ستيف عن افكارها, لكن هذا لم يحدث, فما زالت تذكر عناقهما على الشاطئ ولمسة يديه. ابعدت نفسها عن الباب وذهبت لتستحم وهي تتساءل كيف ستتمكن من تمضية يوم واحد بعد, كيف ذلك وما زال امامها واحد وعشرون يوما.
انقذت نفسها في اليوم التالي ومن قبل ستيف وارويك بمزاجه السيء. بدأ كل ذلك عندما تعطلت احدى سفن السواح في البحر بسبب خطأ الربان وكان عليهم ان ينقلوا المسافرين الى قارب اخر وان يتم جره الى المرفأ.
وعلى الرغم من انه لم يتعرض احد لاي خطر, فقد كان هناك عدد من القوارب في المكان وحضر قارب الانقاذ بسرعة فصوى, لكن غضبه كان هائلا.
عندما اتى الموظف السيء الحظ لديه الى المنزل ليقدم تقريره, كانت دافينا تعد قالب حلوى والبسكويت, لم تستطع الا ان تسمع كيف شرح له ستيف بنبرة حادة وباردة لم تسمع مثلها من قبل, ان حقيقة ان كل مسافر بخير ولم يصب احد بأي اذى لا تعني له, لان المصيبة التي حدثت قد لا تفسد عمله فقط بل ايضا سمعة الجزيرة كمكان رائع لامضاء اجازة مميزة, وهذا ما يهمه. وتابع على هذا المنوال.
عندما تمكن الرجل المسكين اخيرا من المغادرة وهو يتعثر من شدة الارتباك والشحوب, لم تستطع الا ان تشعر بالتعاطف معه, ربما لانها تعرف ما معنى ان تكون محط غضب وسخرية ستيف وارويك. لم تحلم حتى بالقول مثل هذا الكلام, لكن عندما استمر غاضبا محاولا فرض ما يشعر به عليهن, تدخلت وبدون قصد منها.
كان الطقس رطبا وملبدا بالغيوم, لذلك قررت ان تعد الشاي والحلوى في وقت ابكر من المعتاد.
تذوقت لافينيا قالب الحلوى, واعلنت كم هو شهي ويذوب في الفم وانهت:
"لا بد ان ستيف سيرغب بقطعة من هذا." لانه بقي في مكتبه ولم يغادره ابدا.
نظرت اليها لوريتا باستياء وعلقت: "اذا سنصوت ان تاخذيه له بنفسك لافينيا."
نظرت اليها ببرودة لكن اجابت: "اعتقد ان علينا ان نبني بعض الجسور معه."
وقبل ان تعلم دافينا لانها ذهبت لاحضار المزيد من المياه الساخنة, وجدت نفسها ترسم جسرا صغيرا بناء على طلب كانديس وعندما سالت عن سبب اهمية الجسر, علمت ما يجري.
قالت بتحد واضح الى لوريتا ولافينيا: "شكرا, لكن ان اردتما رايي, اعتقد ان عليكما تركه وشانه."
تمتمت لوريتا: "اه, لكن لافينيا تعتقد ان قالب الحلوى هذا قد يخفف من شدة غضبه."
فتحت دافينا فمها لتقول ان لديها سبب كاف لتبقى بعيدة عنه مئات الاميال, ولاسباب لا علاقة لها مطلقا بمزاجه النكد اليوم, لكنها لاحظت الفضول والاهتمام في عيونهما, فلم تعلق, بل وقفت بشكل مستقيم قبل ان تذهب وتحضر صينية صغيرة بكل ما لديها من قدرة لتبدو عملية وهادئة.
"ما هذا؟"
اجابت دافينا بتهذيب: "شاي بعد الظهر." رغم لهجته الحادة مع انها تاثرت قليلا بخطوط التعب على وجهه ما ان رفع راسه لينظر اليها, ولم تستطع الا ان تضيف بدلا من ان تترك الصينية وتغادر:
"اعتقدت جدتك انك سترغب بقليل منه."
"حسنا لا تهتمي مطلقا بما تقوله بالمستقبل دافينا, ساخبرك بما ارغب وبما لا ارغب, يمكنك ان تاخذي الصينية معك, فاخر ما اريده الان هو الشاي."
شعرت بالغضب يسيطر عليها لانها اجبرت على القيام بهذا العمل رغم علمها بما سيحدث, ومن اجل ذلك قالت بلطف:
"الا تتصرف بصبيانية سيد وارويك, ولا واحدة منا عطلت لك القارب....؟"
اجاب على الفور وبتعال: "الا تحملين نفسك الكثير سيدة هاستنغز؟ فانت مجرد مدبرة منزل, كما تصرين دائما على تذكيري؟"
وبارادة كبيرة جدا حدقت به بعداء وضح, شعرت بتوهج وجهها بسبب اهانته الساخرة, لكنها فعلت الشيء الوحيد الذي تستطيع القيام به, استدارت لتغاجر وتركت الصينية مكانها, لكن تمكنت ان تبدو هادئة وهي تسير عبر غرفة الجلوس.
سالت لوريتا: "لم تكن بفكرة جيدة؟"
اجابت بفرح وفكرت بنفسها انها تستحق جائزة على اجادتها التمثيل:
"اجل. فما زال يتصرف كطفل مدلل, علينا تحمل ما يجري حتى يتحسن مزاجه."
حدقت لافينيا بها للحظات ثم قالت:
"يملك طبعا مزعجا جدا في بعض الاحيان, لكن ما ان ينتهي مما يشعر به تنتهي المشكلة, فهو لا يحمل اي احقاد."
"اه, انا افعل" هذا ما فكرت به دافينا في وقت لاحق, ولحسن حظها انها عادت تكرهه كالسابق. توقعات لافينيا كانت صحيحة. ففي اليوم التالي عاد الى طبيعته, مع انه لم يعتذر لاحد, لكن عند العشاء انفجرت قنبلة جديدة
بدا العشاء بشجار وصراخ, فقد ارسلت لوريتا كانديس لتبدل ثيابها وترتدي فستانا بدلا من القميص التي ارتدتها فوق ثوب السباحة, هذا ما دفع كانديس لتقول لوالدتها انها تكرهها, مما دعا لافينيا للتعليق ان من اعمال لوريتا ان ترعى طفلتها الوحيدة وان تتاكد انها بثياب لائقة قبل ان تاتي لتناول الطعام.
لكن في اللحظة التي بدا وكأن الامور ستصبح بعيدة عن السيطرة وصل ستيف, الذي تاخر بسبب اتصال هاتفي, استوعب كل ما يجري بلحظة وقال بحزم وهدوء:
"ستفعلين كما طلب منك كانديس, وانتما ستتوقفان عن المجادلة لانني اكاد افقد صبري, لذا احذركما معا."
امتثل الجميع لما طلب منهن, وقدمت دافينا الدجاج الشهي المطهو مع البرتقال والموزع فوق طبق من الارز الابيض.
قالت لوريتا باعجاب ما ان تناولت نصف ما وضع في طبقها: "انت طاهية ماهرة بالفعل."
قالت لافينيا بخشونة: "علي ان اوافقك الراي."
تمتم ستيف: "اعجوبة تتحقق."
سمعته دافينا فقط التي كانت تجلس قبالته, كما وانه ابتسم لعينيها ابتسامة صغيرة اختفت قبل ان تلاحظها اي امراة اخرى, او على الاقل هذا ما تمنته دافينا لانها شعرت وكانها اصيبت بتيار كهربائي

samahss 03-02-17 10:54 PM

الفصل السادس
هل هو على حق؟
جالت الفكرة في راسها مرارا وتكرارا عبر الايام التالية, وادركت ان اكثر ما اثر بها كيف استطاع ستيف ان يصفها بدقة قبل وبعد زواجها. لكن الشيء الاخر المهم الذي كان يشغلها انه حقا ابعد نفسه نهائيا عنها وربما هذا هو سبب احساسها بالالم غالبا.
لم يكن هناك اي اهتمام بها من قبله, منا وانها لم تره كثيرا, وعندما كانا يتواجدان معا كان يعاملها معاملة عادية جدا, وهذا يعني حسب مزاجه. ومن الواضح انه ليس برجل يسهل العيش معه, مع ان جدته وزوجة ابيه يحتاجان الى من يصبر عليهما, هذا ما وجدت نفسها تفكر به مرة وتساءلت ان كانت لحسن الحظ, وتماما كما توقعت لوريتا, تعمدت لافينيا على اقامة حفل حفلة لثلاثين شخصا, وهم مزيج من سكان الجزيرة وبعض الاشخاص الذين التقت بهم.
وطلبت لافينيا مساعدة طاهي الفنق, ومع تلك التحضيرات للحفلة شغلت دافينا كثيرا, ولم تلاحظ ان لوريتا تتصف بشكل غامض هي الاخرى, كما وانها لم تلاحظ انها طلبت لة الخياطة من غرفة الغسيل لانها لم تكن تعلم بوجودها هناك, وان الوقت الذي كانت تمضيه في غرفتها بحجة رغبتها في الراحة, انها كانت تعمل على شيء مختلف تماما.
وفي الواقع, لم تكشف عن تلك المسالة الا بعد ظهر يوم الحفلة بالذات. تساءلت دافينا ان كانت لوريتا ستصر عليها لكي تحضر الحفلة وانها ستصر على الرفض, لكن الموضوع لم يطرح ثانية وربما لافينيا لم تتوقع حضورها مطلقا.
دخلت لوريتا الى المطبخ عند الساعة الثالثة وهي تحمل على ذراعيها قماش بنفسجي واظهرته امامها فبدا ثوبا رائع الجمال.
قالت دافينا وهي تلمع الاكواب: "اه هذا جميل جدا, وسيناسبك بدون ادنى شك."
لحظت ان كانديس تساعدها وتنظر الى دافينا باستغراب. لافينيا كانت ايضا في المطبخ تضع المكسرات في اوعية من الكريستال والفضة.
قالت لوريتا بفرح: "هذا ليس لي, بل لك."
وضعت دافينا منشفة الاطباق جانبا وقالت: "ماذا تعنين بقولك؟"
"لقد عملت على هذا الثوب لتتمكني من ارتدائه الليلة, كما وانني لم ارتده ابدا من قبل, وعلى عكس ما تعتقدين عزيزتي دافينا, هذا الثوب يناسبك اكثر مني لانه بلون عينيك تماما.
عدت دافينا الى الخمسة بصمت قبل ان تقول بحزم: "لكنني لن ادخل الى الحفلة لوريتا."
تدخلت لافينيا قائلة: "بالطبع ستاتين, وبعيدا عن اي شيء اخر, امضت لوريتا كثيرا من الوقت لاعداد هذا الثوب لك."
نظرت دافينا اليها بارتياب وقال: "لا تقولي لي انكما اتفقتما على هذا الامر."
قالت لوريتا وهي تبتسم: "امر غريب ومستحيل كما يبدو, لكن في النهاية, هذا ما حدث في الواقع."
نظرت دافينا وقالت بانزعاج: "حسنا يؤسفني ان اعارض هذا الاتفاق, لكنني لن اذهب الى الحفلة كضيفة, وهذا كل ما اريد قوله فهناك الكثير من العمل علي القيام به."
سالتها لافينيا: "مثل ماذا؟ الطعام البارد اصبح جاهزا, كذلك الاطباق الساخنة, اما المعجنات وقطع الدجاج ولفائف اللحم الشهية التي صنعتها يمكن تسخينها في الوقت المحدد. يمكننا ان نعمل جميعا لنتمكن من القيام بذلك, كما وان ستيفن سيساعدنا في تقديم العصير."
قالت كانديس بفرح: "يمكنني مساعدته, فقد علمني مرة كيف اسكب عدة انواع من الشراب."
"لا."
"دافينا." قلن معا.
سمع صوت مختلف عنهن: "اسمعن, دعوها وشانها."
استدارت كل النساء في الغرفة لتنظرن الى ستيف وهو يتكئ على حاجب الباب وينظر اليهن بفقدان صبر واضح.
تمتمت دافينا: "شكرا لك."
سالت لوريتا بحرارة: "لكن لماذا؟"
اجاب بضيق: "لا علاقة لك مطلقا بذلك لوريتا, اذا ارادت دافينا ان تكون منعزلة فهذا امر يعنيها, اما بشان كل هذا الاحتفال..." واستدار ليقول لجدته بانزعاج: "فقط لا تبالغي لافينيا, لان ليس هكذا افضل ان امضي وقتي الغالي على هذه الجزيرة."
زفرت لافينيا بضيق واحابت: "انت في خطران تصبح محبا للوحدة ايضا هذه الايام ستيفن."
قال محذرا: "اذا عزيزتي هذا امر يعنيني وحدي, فقط لا تبالغي لافينيا."
تنهدت بحزن واجابت: "تمنيت ان تكون في مزاج فرح هذا المساء."
"هذا ما سافعله, طالما ان ليس هنك المزيد من هذه التصرفات الطائشة."
استدار نحو كانديس وتابع: "وانت غزالتي, ماذا سترتدين الليلة؟" هذه كلمة محببة اعتاد على مناداة اخته بها, وطالما ضحكت لذلك.
نظرت اليه بفخر واجابته ان دافينا كوت لها فستانا ووعدتها ان تجفف لها شعرها لتتمكن من تركه منسدلا على كتفيها.
علق قائلا: "ماذا سنفعل جميعا بدون دافينا؟" مع ان صوته حمل سخرية ما ونظر نحو دافينا باستياء قبل ان يغادر.
قالت جدته: "من الصعب جدا احيانا التعامل معه."
اجابت زوجة ابيه: "واحيانا يكون على حق بما يفعله ويقوله."
قالت كانديس: "حسنا انا احبه كيفما يكون."
فاجابت دافينا بشكل مفاجئ: "ساذهب الى الحفل من فضلكن, لا تعلن اي كلمة. لقد بدلت رايي هذا كل شيء."
"عليك ان تعترفي انني لست سيئة ابذا فيما افعله, ففي النهاية هذا عمل من دون اي قياس." وتراجعت لوريتا الى الوراء لتبدي اعجابها بما صنعته.
حدقت دافينا بنفسها في المراة ولم تستطع الا الموافقة. الفستان البنفسجي يناسبها تماما ويبدو رائعا, انه يصل الى ركبتيها ولديه ياقة مرتفعة مع ظهر عاري.
سالتها لوريتا: "ما رايك؟"
ابتسمت دافينا بخخجل وقالت: "انه رائع, لكن الا تعتقدين انه يبدو الكثير من..."
"لا تفكري بالامر, فما غاية ان يكون لك كل هذا الجمال ولا ترغبين في اظهاره؟"
تنهدت دافينا ونظرت مرة ثانية الى نفسها في المراة وسالت نفسها كيف سمحت لستيف بنظرته الساخرة ان يدفعها لتحاول القيام بما تفعله كي تبرهن انها لا تفكر بالعيش حياة منعزلة وبمفردها. لكن ما حدث حدث.
"ما الثوب الذي سترتدينه؟"
"ثوب اكثر جمالا عزيزتي, واعتقد انك سترين ثوبك تقليدي جدا امام ثوبي."
"حسنا حسنا, انه ثوب جميل وانا اشكرك على ما قمت به, لكن ما كان عليك القيام بذلك."
"لقد استمتعت بكل لحظة عمل فيه, كما وان هذه تناسبه ايضا." تبين ان هذه جوارب حريرية من ذات اللون لكن اكثر لمعانا. تابعت:
"كما وانني اعتقد ان قدمك بذات مقاس قدمي." انتعلت واحدا من عدد من الاحذية وهزت براسها موافقة. تابعت لوريتا: "اذا استريحي قليلا وتعالي باجمل ما يمكنك, واخبرك ان كاندي سمحت لي ان اصفف شعرها, كما وان لافينيا تتولى مهامها في المطبخ, ساتركك الان." وسارت مغادرة بمرح.
تنهدت دافينا وخلعت ثوبها لتذهب الى غرفة الحمام للستحمام.
بعد مرور ساعة اصبحت جاهزة, رفعت شعرها قليلا وارتدت قرطين من اللؤلؤ, وهما كل ما لديها من مجوهرات, كما اونها وضعت مكياجا على وجهها اكثر من المعتاد, بعض الظلال فوق العين والمسكارا لرموشها وبعض المساحيق على وجهها, لكنها فعلت ذلك باقل ما يمكنها من اهتمام. فبدت وكانها بالكاد تضع مكياجا, ورغم ذلك شعرت وكانها انتهت من الاستعداد للحفلة.
بدت وكانها مستعدة للذهاب الى حفلى رائعة مرتدية ثوبا انيقا ومميزا. اما في اعماقها فشعرت كانها تدخل الى حقل الغام. هذا امر سخيف, لماذا سمحت لنفسها بالتورط في ذلك.
لانك اردت ان تبرهني لستيف شيئا ما, اجابت على نفسها بحزن, رفعت كتفيها بعزم وتابعت, لذا قومي بذلك بالشكل الصحيح.
وجدت لافينيا بالمطبخ عندما عادت الى المنزل قبل عشرين دقيقة من وصول الضيوف. وكما قالت لها لوريتا وجدتها ترتدي ثوبا اسود من الدانتيل الناعم وشعرها القصير بلون الفضة وحبل من اللؤلؤ النادر حول عنقها كملكة متوجة, قالت بحماسة:
"تبدين رائعة سيدة وارويك."
"شكرا لك يا صغيرتي." نظرت الى ثوب دافينا وتابعت: "قد لا اوافق لوريت بامور كثيرة, لكنني لم اصل الثانية والثمانين من عمري من دون معرفة الكثير من الامور عن الاقمشة."
قالت دافينا قبل ان تتمكن من منع نفسها: "الثانية والثمانون."
اشرق وجه لافينيا واجابت: "فاجاتك بذلك, كما افعل مع معظم الناس, وكل ذلك بسبب الحياة الصحية التي اعيشها, ولانني املك رايا ادافع عنه, تبدين جميلة انت ايضا, كما يجب علي القول, مع ان... حسنا. لا."
"قولي ما تشائين لافينيا."
دخل ستيف المطبخ وسار حتى وقف امام دافينا, رفع حاجبيه مستغربا وهو ينظر اليها من اعلى راسها حتى حذائها, تمتم قائلا:
"هل بدلت رايك سيدة هاستنغز؟ بامكان المرء ان يقول انك بالغت في موقفك ايضا بعد ان رفضت الحضور بقمة اناقتك."
علمت دافينا ان وجهها يتقد احمرارا وعلمت انها لا تستطيع ان تفعل شيئا حيال ذلك, وهو ينظر اليها, لرشاقة قدها عبر القماش الناعم ثم يحدق مباشرة في عينيها.
قالت لافينيا: "حسنا كنت معتادة على القول ان لوريتا تعمل على عدم وضع ملابس على النساء اكثر من تصميم ثياب لهن, لكن وكما يبدو, دافينا رائعة الجمال ولا ينقص ذلك من قوة شخصيتها, اليس كذلك ستيف؟"
استدار وابتسم لجدته بمرح واضح وقال: "بالطبع هي كذلك."
نظرت اليه وتابعت: "اعتقدت انك سترتدي ثيابا رسمية ستيف."
قاطعها ساخرا: "حقا لا اعتقد فكرت بذلك جدتي."
نظرت جدته الى قميصه البيضاء وبنطاله الكاكي اللون, لمحت السخرية في عينيه, فقالت: "حسنا ما رايك دافينا؟"
رمشت دافينا بعينيها وادركت ان ستيف وارويك يحبس انفاسها مهما كانت طريقة لباسه رسمية ام لا. "انا..."
قال وهو ينظر اليها بعينين ماكرتين: "اجل دافينا ما رايك؟"
عضت على شفتها قالت بغضب: "لا علاقة لي بالامر مطلقا."
اجاب بنعومة: "اعتقدت انك ستقولين هذا, هذا ما تريدينه, جدتي الغالية ليس من الجيد التوجه بالتحدث عني مع دافينا, فهي ترفض اي علاقة بي, لذلك اما ان تكوني اكثر ذكاء من هذا او تتراجعي عن كل ما يدور بخاطرك, هل سمعت وصول احد ما؟"
كانت لافينيا تنقل نظرها بين دافينا وستيف ولاحظت كيف ينظر ستيف الى دافينا ففهمت ما الذي يجري بينهما, اندفعت خارجة من المطبخ وكأن ما كان يجري من حديث بينهم لا يعنيها.
تركتهما معا وهذا ما جعل دافينا تشعر وكانها وقعت بفخ ما. قالت وعيناها تلمعان بالغضب:
"لماذا فعلت ذلك؟ كانك كنت تقول لها... تقول لها..."
"اقول لها ان هناك علاقة بيننا دافينا؟" تابع بنعومة وهو يرفع كتفيه: "لاقول الحقيقة, انا لا لماذا فعلت ذلك, لكن ربما للامر علاقة بما ترتدينه."
عاد يجول بنظره عليها قبل ان ينظر الى عينيها ويكمل: "وكما انت الان, هل تستطيعين الاختباء منهما؟ لوريتا ولافينيا؟ اشك بذلك, لماذا تعتقدين دفعاك الى هذا الموقف في الدرجة الاولى؟ لنتمكن من اظهار علاقتنا في العلن, هذا ما اعتقده."
"تعتقد ماذا؟" دخلت لوريتا المطبخ وهي تشع بلون فضي, وللدهشة كان الثوب يغطيها من عنقها الى ركبتيها, ومن دون ان يظهر اي شيء من كتفيها او ظهرها, كما وانها تضع طوقا فضيا عريضا حول شعرها الاسود الطويل.
قالت دافينا وهي تعبس: "اعتقدت انك قلت لي سترتدين ثوبا كهذا."
اجابت لوريتا بمرح: "بدلت رايي, وهناك اشياء لا يستطيع احد تغييرها, وجعلك تبدين ملكة الليلة, واحد من الامور التي... بعيدا عن..." توقفت عن الكلام لتنظر من جديد الى ستيف وتكرر: "تعتقد ماذا؟"
ضحك ستيف في اعماقه من تعابير دافينا الغاضبة, قال بعد قليل: "ارايت ما اقصد؟ لوريتا انت على حق, انا ودافينا نملك شعورا حقيقيا نحو بعضنا, لاننا نظرنا الى بعضنا نظرة واحدة وشعرنا بانجذاب قوي نحو الاخر, لكن دافينا مصممة ان لا مستقبل بيننا, لذا ليس هناك من داع للقيام بالمزيد من هذه التصرفات انت ولافينيا, من دون ذكر انكما تعملان على جعل دافينا تبدو كطعم في صنارة بالنسبة الي."
نظر من فوق كتف لوريتا ليقول لكانديس التي كانت تقف بخجل وارتباك: "مرحبا غزالتي, انت حقا تبدين كأليس في بلاد العجائب. هلل يمكنني ان اصطحبك الى الحفلة؟" ثم قطع الغرفة ليمسك بيد كانديس ويخرج برفقتها وقد بدت سعيدة جدا من مبادرته.
تمتمت لوريتا وهي تنظر حولها الى كوب من الماء البارد: "الوغد."
بسرعة سكبت كوبا وقدمته الى دافينا: "اشربي هذا, اجلسي. لا تبدي هكذا انه مجرد رجل وقح وهذا ما يمكن ان يقوم به في بعض الاوقات, والتحدث بكل هذه الوقاحة."
حاولت دافينا السيطرة على شفتيها المرتجفتين وهي تجلس فجاة: "انا... كيف استطاع التحدث هكذا؟"
قالت لوريتا محاولة التخفيف عنها: "اسمعي, اشربي القليل من المياه, ليس عليك ان تاخذي كلامه على محمل الجد, ولا اقصد ذلك بشكل رسمي, لكن بامكانك ان تعامليه تماما كما يعاملك, لو انني مكانك, لكنت طلبت منه تعويضا عما قاله, فهذه هي الططريقة الصحيحة للتعامل معهم."
"تتحدثين عن المواجهة, كل الذي اريده ان ارحل من هنا وعلى الفور."
قالت لوريتا بغضب: "لا تجرؤي على التفكير في ذلك, وكانك تعترفين بان كل ما قاله صحيح."
"لا اعلم كما وانني لست متاكدة مما قاله."
رفعت لوريتا حاجبها وقالت: "انك جبانة؟ وهذا افضل ما يمكن ان يفكروا فيه."
قالت دافينا بانزعاج: "لكن الا ترين؟ كل ما في الامر انني لا اريد التورط بكل ما يتعلق باي شيء مع اي رجل."
رفعت لوريتا كتفيها وقالت: "انت على حق, لكن بالنسبة الى ستيف, لم اره مرة يلاحق امراة بالفعل هكذا, واعتقد انك اثرت به كثيرا دافينا."
قالت دافينا بانزعاج: "وعدني انه لن يتحدث بالامر."
"اذا يبدو انه لا يستطيع الاعتناءبك وانا لا استطيع التوقف عن التفكيرانك بحاجة لمن يعتني بامورك."
"لكنني اريد شخصا يحبني بالفعل." توقفت دافينا عن الكلام, ثم رفعت كتفيها قبل ان تتابع: "وكل ما بيننا حتى الان هو الشجار والخصام."
دخلت لافينيا المطبخ في تلك اللحظة وقالت بحزم: "هيا ماذا تفعلان؟ كل الضيوف هنا, وهناك نزاع على المقبلات والشراب, وانا بحاجة لكل مساعدة."
بدات لوريتا بالسير في الوقت الذي سالت فيه دافينا: "نزاع؟"
حدقتا بها وعلى مضض ابتسمتا, ثم تنهدت دافينا, لكن لوريتا قالت: "ارفعي ذقنك. لا اهتم بما حدث بينكما في السابق, لكن الليلة ستدعينه يرى شيئا جديدا, لنذهب."
"]"انت دافينا سميث هاستنغز اليس كذلك؟"
حدث ذلك بعد مرور سااعة او اكثر من تواجدها في الحفلة والتي كان عليها ان تعترف انها استمتعت بها, فقد اخذتها لافينيا تحت جناحها وعرفتها على ضيوفها بانها دافينا صديقة للعائلة, لكنها بقيت تشعر بالقلق لانها لم تتمكن من تذكر كل الاسماء والوجوه, غير ان كل شخص في الحفلة كان على استعداد للتحدث معها ولو لوقت قصير. حتى ان واحدة او اكثر ابدت اعجابها بثوبها وسالتها من اين حصلت على هذا الثوب الرائع. وهكذا اصبحت اكثر هدوءا وشعرت وكانها واحدة من هؤلاء الضيوف, مع انها لم تعر ستيف اي انتباه, لكنها لاحظت ان هناك فتاة جذابة ترتدي ثوبا احمر اللون تتقرب اليه وتعامله وكانه حبيب في كل الارقات, كانت تجد لافينيا او لوريتا قربها, مع انهما الان اختفتا في المطبخ, وهكذا اقترب منها رجل قصير سمج وقد بدا وجهه مالوف بطريقة ما, وهذا ما اربكها وزاد من قلقها.
قالت باختصار: "ماذا؟"
"كيف هو دارين؟"
تحرك عصب في خدها, سالته: "من انت؟"
اجاب ببساطة: "بول غرانجر, لقد تعارفنا من قبل. لكن يراودني شعور ان اسمي لم يعن لك الكثير."
قالت ببرودة: "تذكرتك الان سيد غرانجر, لكنني رفضت كل اتصال من محطة التلفاز التتي تعمل فيها لاجراء مقابلة في برنامج ما, ولم يتغير اي شيء حتى الان."
رفع كتفيه واجاب: "هل تعلمين ان لدي فريق عمل هنا في الجزيرة دافينا؟"
"وما يعني هذا؟"
"حسنا نحن هنا من اجل تصوير فيلم وثائقي عن هذا المكان الفريد, كما وانني افكر في اضافة المزيد من الاثارة على عملي ان استطعت الوصول الى الزوجة السابقة لدارين سميث هاستنغز. كما وانني استطيع ان اتخيل لماذا تعمل كمدبرة منزل. وهو مركزك الحقيقي في عائلة وارويك. مع انني..." نظر اليها من راسها حتى قدميها قبل ان يتابع: "اتساءل.. ان كان ستيف وارويك هو زوجك التاي. اه, اسمعي, هناك الكثير من الامور استطيع التحدث عنها, هل تزوجت دارين من اجل ماله مثلا؟ وهل تخليت عنه عندما افلس؟ كما وانني استطيع ان اصلك به, ففي المرة الاخيرة التي اجريت معه مقابلةة, والتي لم تتم منذ وقت بعيد, بدا وكانه يستعيد مركزه السابق, انه راغب في العودة اليك, وذكر انك تزوجته فقط من اجل مصلحة والدك, الا اذا كان هناك بديل اخر."
قالت دافينا بصوت مخنوق: "ماذا؟"
"بامكانك ان تجري مقابلة معي دافينا, في غرفة لا تحمل اي اثر للمكان الذي تعيشين فيه, وهكذا لا احد يعلم اين انت, وبامكانك اخباري عن كل حياتك المقلقة مع دارين سميث هاستنغز.."
قال ستيف وارويك من وراء دافينا: "لا اعتقد انها ستفعل ذلك, اتعلم يا بول لم اعجب يوما باسلوبك الوقح في الصحافة, لكن ما تفعله الان مناف للاخلاق ايضا, ولن اشعر باي ندم لانني يجب ان اطلب منك المغادرة. والامر الاكثر اهمية, ان وجدتك تلاحق دافينا في اي مكان, فلا بد انك ستندم على عملك."
وقف بول غرانجر صامتا للحظة ثم تمتم: "حسنا حسنا, ها قد ادخلتك في حياتها, اتمنى لك ان تدوم علاقتها بك اطول من زواجها السابق يا صديقي, عمت مساء."
"اجلسي."
قالت دافينا باضطراب وقلق: "اه ماذا افعل الان؟"
سكب ستيف لها كوبا من المياه الباردة وقدمه لها وهو يقول: "اشربي هذا واجلسي قليلا."
كانا قد دخلا غرفة الجلوس واغلق الباب وراءهما مع ان الحفلة بدات تهدا وبعض الزائرين غادروا, وتعمدا الابتعاد من دون اثارة اي انتباه لهما.
قالت دافينا بدلا من ان تجلس: "انت تعلم ما الذي يحدث الان اليس كذلك؟ سنصبح ملاحقين من قبل فريق, وستعلم الصحافة بما جرى..." رمت نفسها على المقعد وتابعت: "والان هل تفهم لما انا..."
"اجل, لكن كان من الممكن ان يلتقي بك عند الشاطئ دافينا, اذا انه دارين سميث هاستنغز, كنت اتساءل ان كنت تستخدمين جزء من اسم عائلتك."
قالت بغضب: "وماذا ان فعلت؟"
"هل تعتقدين انه يريدك في حياته من جديد؟"
" لا لا اعتقد ذلك."
"تبدين متاكدة مما تقولينه."
وضعت يديها على وجهها واجابت: "صحيح, كل الذي يحاول القيام به على ما اعتقد, ان يستعيد جزء من شهرته السابقة, باظهار نفسه كالزوج المظلوم, خصوصا ان كان يحاول استعادة مكانته السابقة."
"فهمت."
رفعت نظرها محدقة به للحظة, ثم قالت بانزعاج: "انت لا تصدقني اليس كذلك؟ او على الاقل تفكر فيما قلته؟"
"لا."
نهضت بسرعة وتحركت بقلق واضطراب وهي تحاول المغادرة قائلة: "علي ان ارحل."
"لا دافينا, قلت لك لا."
تمتمت بفقدان صبر: "يجب ان ارحل."
"والى اين ستذهبين؟"
"لا اعرف لكن.."
"اذن انت خائفة ان يلاحقك دارين سميث هاستنغز الى هنا ان علم بوجودك لكي ينتقم منك, على الرغم من كونه معروفا جدا؟"
ارتجفت فجاة وهي تجيب: "اجل."
ساد الصمت لعدة دقائق وهي تحدق بالخارج والدموع تنهمر من عينيها, قال بعد قليل وهو يقف وراءها:
"اعتقد ان افضل ما لديك ان تبقي معي, عزيزتي انه لا يخيفني البتة."
تجمدت ماكنها لكن بعد قليل تحركت, حركت شفتيها لكن لم يخرج من فمها اي كلمة, بقيت عيناها خائفتان ومصدومتان.
تابع بصوت بالكاد يسمع وهو يلامس خدها بنعومة: "بينما في المقابل, هناك هذا الانجذاب القوي بيننا والذي لا نستطيع تغييره."
اجابت" لا, اقصد..."
"ها قد قلت الحقيقة في البداية دافينا." وضمها اليه وعانقها.
همست قائلة: "اه يا للهول." واغمضت عينيها فهي لا تستطيع ان تتنفس بهدوء.
ابتسم وسالها: "هل ستكونين بخير ان تركتك لعدة دقائق؟"
اجابت متلعثمة: "اجل, لكن..."
"لا تقلقي ولا تذهبي الى اي مكان, ساعود بعد قليل."
غادر لمدة خمسة عشر دقيقة, حيث عملت دافينا على استجماع قوتها, حاولت ان تصفف شعرها, لكن لم يكن هناك مراة في الغرفة فسرحته بقدر ما تستطيع باصابعها. سكبت لنفسها كوبا من الشراب وشربته على مهل. اخيرا وقفت في وسط الغرفة وقد لفت ذراعيها حول نفسها تفكر, هل من السوء ان يهتم بها شخص مثل ستيف؟ لكن هل سيحبها فعلا؟ انها لا تعلم, تعلم انه صعب جدا في بعض الاحيان, لكن هل يؤمن بالحب لممدى العمر؟ ولماذا لم يتزوج بعد؟ هل هناك اسرار ما في ماضيه؟ ولماذا تشعر ان بامكانه ان يكون ساخرا مثلها تماما؟
فتح الباب فرفعت نظرها اليه وقد لمع الخوف في عينيها, سالها وقد قطب جبينه: "ما الامر؟"
"ما الذي ستفعله؟ لا استطيع ان......"
نظر الى وجهها الشاحب للحظة, ثم قال: "ولا انا, لذلك سنذهب بعيدا. لا تقلقي لقد تحدثت الى لافينيا ولوريتا." مد يده اليها وتابع: "هيا لننطلق."
ترددت قليلا, ثم امسك بييدها واخرجها من الغرفة. سالت: "الى اين سنذهب؟"
"سترين بنفسك."
وضعت دافينا يديها في حضنها ما ان اقتربا من باحة الطيران, لكن ستيف مر من هناك متابعا سيره, رات حقيبتها والكاميرا في المقعد الخلفي مع حقيبة اخرى له بالطبع, لا بد انهما ذاهبان الى احد الفنادق التي يملكها في الجزيرة وكانه يريد ان يخبر العالم كله انهما معا.
لكنه مر من امام منزل الضيوف ثم قطع مسافة من الشاطئ قبل ان ينعطف صعودا, وكما يبدو انه يتجه نحو موقغ كاتالينا, لكن ما امتدت الطريق امامهما حتى لاحظت ان هناك مزارع خضراء في مواجهة جبل مالابار, ثم انعطف نحوطريق فرعية بدت وكانها مختبئة بين الاشجار الكبيرة والضخمة, ثم اوقف الشاحنة اماام منزل قديم وصغير وبالكاد يظهر تحت اشجار الصنوبر التي تحيط به.
"من فضلك قل لي ما هذا؟"
"ملاذ للعائلة. انه المنزل الاساسي لعائلة وارويك, وقد اتت لافينيا اليه وهي عروس منذ ستين عاما, وعملت مؤخرا على اعادة بنائه, ولست متاكدا ان فعلت ذلك حبا بالايام الماضية او رغبة منها في عرضه للاعلان كمثل الحياة القديمة في الجزيرة, ولا اعلم ان كنت سادعها تفعل ذلك فهي تقول لي دائما ان لا حاجةلي به الان طالما بنيت منزلا اخر. لكن اشعر بالفرح عندما اتي الى هنا, ادخلي واعطيني رايك فيه."
وقفت دافينا ونظرتحولها بدهشة واضحة, فالبيت صغير ومضاء بمصابيح على الكاز, وكانها عادت في الزمن الى الوراء, جميع الجدران خشبية ومطلية بلون العسل, غرفة الجلوس والمطبخ معا, وهناك مدفاة كبيرة ومقاعد كبيرة حولها. اما المفروشات, كطاولة الطعام والمقاعد فهي من خشب السنديان مطلية باللون الابيض, والستائر المزدانة بالتطريز الابيض تغطي النوافذ الزجاجية الملونة ويبدو الدرج المعلق على جدرانه صور قديمة رائعة الجمال.
قالت بصوت مليء بالدهشة: "انه رائع."
"تعاليو انظري الى غرفة النوم."
رات هناك ثلاث غرف وترك الغرفة الرئيسية الى الاخير.
حبست دافينا انفاسها وهي تنظر الى السرير الكبير باعمدته النحاسية والى الغطاء الابيض المطرز باليد والوسائد الحريرية, لاحظت السجاد الابيض والازرق على كل جانب من السرير وامام الخزانة الكبيرة لم تستطع الا ان تبتسم.
سالها: "اعجبتك؟"
"انها رائعة الجمال لكن..."
"اعلم لافينيا تبالغ في كل ما تفعله, وانا لا اتذكر الغرفة هكذا, لكن الغسيل والكي اهم ما تسال عنه لافينيا, وهي لا تستعمل هذه الاغطية بل تبقيها في الصندوق."
ابتسمت دافينا للمرة الثانية, استدارت وسالته: "كم من الوقت... اقصد...؟
قاطعها ليتابع عنها: "كم من الوقت سنبقى هنا؟"
نظر الى عينيها ولاحظ الخوف فيهما, فمد يده وابعد خصلة من شعرها ليضعها وراء اذنها وهو يتابع: "فقط طالما انت ترغبين في البقاء."






samahss 03-02-17 10:59 PM

الفصل السابع
"ارسلتا كل هذا؟"
"اجل هذا ما فعلتاه."
عملت دافينا على ترتيب الحاجات والطعام الموجود في علبة كبيرة في المطبخ, متعمدة الا تجيب عما قاله منذ لحظات قليلة بشان كم ترغب في البقاء هنا, وهو ايضا لم يحاول الضغط عليها, ببساطة امسك بيدها وسار معها نحو المطبخ, ثم احضر حقائبهما وهذه العلبة التي لم تلاحظها في الشاحنة.
حاولت ان تشغل نفسها وان تبدا بالعمل, اخذت البيض واللحم والخضار والخبز والفواكه والجبن, كذلك بعض اللفائف من اللحم المجفف والبسكويت والطحين والملح والبهار, زبدة وقشطة زحتى خل وخردل, بعضالاعشاب والتوابل وصندوق من العصير.
قالت باستغراب: "هناك ما يكفي للبقاء لمدة شهر هنا." توقفت عن الكلام للحظة ثم اضافت: "حسنا لا في الواقع, لكن كيف تمكنتا من تدبير كل هذا في ذلك الوقت القليل."
"كلتاهما لوريتا ولافينيا شديدتا العزيمة, كل عللى طريقتها, لوريتا اعدت حقيبتك ولافينيا اهتمت بامر الطعام, اما كانديس فذكرتني ان احضر لك الكاميرا."
سالت دافينا: "مسكينة كانديس, هل شعرت بالانزعاج؟"
"حسنا لم تكن سعيدة بتركها بمفردها معهما, لكن وعدتها ان ناخذها معنا للسباحة والى بولز بيرامد في اليوم التالي او بعده, فهي تحب كثيرا القدوم الى هنا."
طاعتقد انها مولعة بك." انحنت دافينا لتضع بعض اللاشياء في الخزانة وعندما وقفت وجدته وراءها.
قال: "ما رايك ببعض الجبن واللحم المجفف؟ انا لست بجائع ماذا عنك؟"
"لا انا ايضا."
"لكنك لم تاكلي شيئا في الحفلة."
"كيف عرفت؟"
قال وهو يبتسم ويقدم لها كوبا من العصير: "كنت اراقبك, والان اذهبي واستريحي على الاريكة, وساحضر الطعام. الا اذا كنت تفكرين في تبديل ثيابك بثياب مريحة اكثر."
نظرت دافينا الى ثوبها الجميل وقالت: "ربما فيما بعد."
لم يقل شيئا لكن لمعت عيناه بمكر, اخذت كوبها وسارت نحو نهاية الغرفةواخذت تراقب اللوحات المعروضة على الجدران
"iهل تعلمين ما احب؟" قال بعد عشر دقائق وهو يحمل صينية عليها لحم مجفف وخبز وجبن وخصار وفاكهة, ثم وضعها على الطاولة امام المدفاة.
اجابت دافينا وهي تنظر الى لوحة مائية لجبل غوار:"لا."
"احب ان افكر انك تثقين بي بما فيه الكفاية لتخبريني المزيد عن زواجك."
جلست وهي تتنهد ثم قالت: "تقصد كيف كانت حياتي مع دارين؟ انا لا ارغب حتى في التفكير بذلك."
جلس قربها وقال: "حسنا كما تشائين."
ارتاحت دافينا قليلا وتناولت قضمة من الخبز المحمص, قالت بحزن: "لم ادرك انني جائعة... ستيف هل تؤمن بالحب؟"
فكر قليلا قبل ان يجيب: "الحب الذي لا يتغير حتى الموت؟"
همست: "اجل."
"اجل, لكن لا اعلم ان كان يصيب المرءفجاة, ان اردت الحقيقة." ثم نظر اليها متسائلا وتابع: "وانت؟"
"حقا لا اعلم."
"لا تؤمنين بالحب او لا تعلمين ان كان هكذا الحب."
رفعت كتفيها واجابت: "الاثنان معا, لكن ربما هذا ما اشتاق اليه, على رغم الانطباع المغاير الذي اعطيه للناس."
"اعتقد جميعنا هكذا."
"وانت ايضا؟" نظرت اليه من تحت رموشها الطويلة.
اراح راسه على الاريكة قائلا: "ان اردت الصدق هذا امر حقيقي, لكنه لم يكن امرا مهما في حياتي, اعتقد انني كنت بانتظار الفتاة المناسبة وان هذا ما حدث معي في السابق. لكنها لم توافقني الراي."
سالت دافينا: "كيف حدث ذلك؟"
"قالت لي بوضوح انها لا تستطيع ان تمضي حياتها هنا تماما كما لا تستطيع الطيران."
سالته: "وحطمت فؤادك بذلك؟"
نظر اليها باستياء واجاب: "اعتقد انه امر مزعج بما فيه الكفاية, الا تعتقدين ذلك؟"
"اجل, لكن..."
"هل تظنين ان على الزوجة ان تطيع زوجها بشكل مطلق؟ لا اعتقد ان هذا ما تفكر به الزوجات هذه الايام, واعتقد هذا امر جيد, فانه يوفر الكثير من الالم والحزن في وقت لاحق."
سالته فجاة: "وماذا عن الفتاة ذات الثوب الاحمر؟"
قررت ان تكون صادقة معه فتابعت: "قالت لي لوريتا انها تقيم في الجزيرة وهي تلاحقك باستمرار."
قال بنبرة مليئة بالمرح: "اذا كنت تراقبينني؟"
تنهدت واجابت: "بدون قصد مني."
"عرفت ماري هارغريفر كل حياتي, فقد ولدت هنا, مع انها غادرت اللجزيرة لعدة سنوات ولم تعد الا مؤخرا." رفع حاجبيه وتابع: "مع انها تبدلت كثيرا."
"كيف تبدلت؟"
"انها اكثر اناقة واكثر دهاء, لكن شيئا واحدا لم يتغير, فهي تحب هذا المكان كثيرا."
"هل فكرت يوما بالزواج منها؟"
"لا."
"مسكينة, فهي تحبك."
"حتى انني لم احاول التودد اليها, ان اردت الحقيقة."
فكرت دافينا, انه ليس بحاجة ليفعل ذلك, لكنها لم تقل بل قالت: "وليس هناك فتاة اخرى؟"
راته ينظ اليها باستياء قبل ان يقول: "لدي علاقات قليلة."
"ستيف, لماذا كنت تحاول الابتعاد عني وتركي وحيدة طوال الفترة الماضية, هل تعمدت ذلك؟"
"اجل." قال موافقا, ثم تابع: "لا بد انك لاحظت انني لست بشخص يتحلى بصفة الصبر, فكرت انني لست الضخص الذي انت بحاجة اليه, لكن في الحقيقة, وجدت من الصعب ان اعيش معك في نفس المنزل وانت لست لي. اسف ان كنت ابدو فظا, او حتى انني ادرك وكانني ابدو هنا مثل دارين, لكن هناك فرق واحد. اعتقد ان الشعور متبادل بيننا."
قالت بصوت هامس: "هذا امر لا استطيع ان انكره."
لم يقل اي شيء اخر بل امسك بيدها وضغط على اصابعها برقة.
شعرت دافينا بالدموع تملا عينيها, لكنها اجبرت نفسها على البقاء هادئة, قالت: "شكرا لك على صراحتك, ويمكنني ان افعل مثلك, فكرت بالحصول على شخص مثلك للاعتناء بي في الوقت الراهن بعد كل السنوات الماضية. لكن ما يخيفني انني على الرغم من حاجتي الى الحب والعطف لكنني اعاني من الاحساس بعدم الامان وهذا ما يجعلني اشعر بالقلق من الارتباط باحد."
"لم لا تتركين هذه المسالة لي دافينا؟ ودعيني اخبرك شيئا ما, في تلك المناسبة التي لا تنسى عندما رايتك للمرة الاولى, وتصرفت معك بطرقة فظة, السبب الرئيسي لتصرفي هذا احساسي كم انت فاتنة الجمال."
"لكن كان واضحا في عينيك انك تراني فتاة سهلة."
"اعلم, اعتقد ان السبب هو الحاسة السادسة لدى المرء. لكن في الواقع لا اهتم مطلقا من الاعجاب من النظرة الاولى. فمن الافضل ان يكون المرء اكثر حكمة. كما وان من الصدمة لاي رجل ان ينظر الى امراة ويشعر بالضعف امامها, حتى وان كانت معجبة به."
ابتسمت دافينا وعلقت: "اراهن ان معظمهن كن يظهرن لك ذات الاعجاب."
"حسنا, لكن هذا امر اخر, بالاضافة الى الرغبة في ايجاد الفتاة المناسبة والا تكون سريعة الارضاءء."
"هذا امر الرجل وحده يفكر به من هذه الناحية."
"اعلم فنحن نوع صعب جدا."
"بدون ذكر انكم من النوع الخطر ايضا."
"اه بالطبع."
ضحكت, ومن دون ان تفكر وضعت راسها على كتفه واغمضت عينيها, فضمها اليه, فكرت وبسعادة كم هي محظوظة لتلتقي به خصوصا مع مرور الايام حين اكتشفت انه يعمل على جعلها تنسى الايام القاسية التي عاشتها في الماضي.
في احد الايام وفي فترة بعد الظهر, وعلى الرغم من انهمار المطر هبا في نزهة نحو موقع كاتلاليتاكراش, واخبرها قصة لك المكان, وكيف تعرض قارب للطيران الاوسترالي عام 1948 من الطيران عبر الحقول وعلى مستوى منخفض جدا مما ادى الى تحطم الطائرة وهناك بني مبنى على ذكرى هؤلاء الرجال.
عندما عادا توهج وجه دافيننا من النزهة والهواء المنعش, توقف ستيف ليقطع بعض الاخشاب للمدفاة, لكن اشتد انهمار المياه فدخلا الكوخ وهما يضحكان. بعد ان بدلا ثيابهما عملت دافينا على اعداد العشاء, فقد تناولا الفطور والغداء بوجبة واحدة من خلال تناول البيض والخضار, لذا عليها ان تعد وجبة كاملة للعشاء.
قالت تؤكد وهي تضع المقادير من اللحم والبطاطا مع البروكلي والكريما: "ارغب دائما في اعداد وجبات مختلفة."
راقبها تعمل هي ترتدي بنطالجينز وسترة واسعة ومئزر عقدته على خصرها. تركت شعرها على كتفيها, وابتسم عندما عمدت على وضع خصل شعرها وراء اذنيها.
رفعت نظرها فراته قد بدل ثيابه ايضا اذ انه يرتدي كنزة صفراء فوق بنطاله الجينز, بدا كبيرا ومليئا بالحيوية, قالت: "لا داع لتقدم لي اي مساعدة."
قال والمرح يلمع في عينيه: "يمكن ان اتعرض للمشاكل ان تدخلت, فهناك شيء غريب في مظهرك وانت بهذا المئزر."
قالت بمرح: "لما لا تذهب وتقدم على عمل شيء ما؟"
اتكا على الخزانة وهو يضم ذراعيه الى بعضهما: "ليس هناك اي شيء اخر ارغب في القيام به."
حاولت ان تقول بحزم: "ستيف انا لا اعمل بلا اهتمام, لذلك ستعمل علىى توتيري. ما الذي تفعله؟" سالته ما ان ابتعد عن الخزانة واقترب ليقف امامها.
تمتم: "احاول ان اتقبل رفضك بهدوء."
قالت معترضة: "هذا ليس برفض لك, لكن علينا ان ناكل."
"اجل سيدتي." لكنه لم يتحرك.
تنهدت متظاهرة بالضيق ثم وقفت على رؤوس قدميها لتتقبله.
قال مفكرا: "اذا, كانت هذه قبلة واحدة من بين كثيرات."
ضحكت وهي تجيب: "والان هل تتركني بسلام من فضلك؟"
اجاب: "بالطبع ان فعلت هذا." ضمها اليه وعانقها ثم تابع: "كنت امازحك كما تعلمين بدون شك."
"انت شخص لا يمكن تصديقه, لو ان احدا اخبرني انك هكذا عندما التقينا للمرة الاولى, لما كنت ساصدقه ابداز"
"مثل ماذا؟"
بالكاد سمع صوتها وهي تقول: "لطيف هكذا, ومن المتعة البقاء بقربك."
ابتسم قليلا واجاب: "هل فكرت يوما اننا نستطيع ان نظهر الافضل في كل منا؟"
رفعت عينيها اليه فحدقا ببعضهما للحظات عدة, ثم قالت بصوت قلق: "لا ادري ان كنت ابعث المرح اثناء وجودي برفقة احد ما."
"حسنا, انت هكذا صدقيني."
فكرت دافينا كيف يمكن له ان يقول هكذا...
لكن بعد قليل من الوقت قال: "ان كنت جادة في اعداد الطعام فعليك ان تبداي في العمل فورا."
ابتعدت عنه وقالت بسخرية: "سيد وارويك, انت من بدا بكل هذا." وتوقفت عن الكلام لتتنهد.
"اخبريني عنه دافينا."
"كان شخصا صعبا جدا, شديد الطموح وبدا بانشاء عمل مهم جدا ادى في النهاية الى افلاسه, لكنه احتاج لكثير من الجهد والطاقة, لكن ان فكرت في الامرو الان اعتقد انه كان دائما يشعر بالقلق, لانه لم يكن يوما وكان شديد الانتقاد, لذلككنا انا وامي ووالدتي نشعر دائما باننا نتخلى عنه بطريقة او باخرى, حتى عندما كنت اتفوق بالمدرسة كان دائما يقول لي انه بامكاني ان اكون افضل. وان لم تسر الامور جيدا في عمله كان يتخلص من ضيقه ببالقاء اللوم عليها, لكن اخبرتني مرة انها كانت تفكر بانها ليست مدبرة منزل جيدة ولا حتى اما او زوجة, مع انها كانت كل ذلك واكثر. ولم يكن يترك مناسبة حتى يذكرنا ان كل الثراء الذي نعيشه يعود له وحده, قد يبدو ما اقوله امر مربك, لكن كنا نعيش معا والاحساس بالذنب يثقلنا بسببه."
"وهذا لم يشعرك بالراحة عندما قررت مساعدته بالزواج من دارين؟"
"لا, لكنني فعلت ذلك من اجل والدتي اكثر مما هو لاجله, مع انها توسلت لي الا افعل, لكنني لم استطع تحمل ان ارى ما الذي تمر به."
"هل كنت تشعرين بالتشابه المطلق بين والدك ودارين؟ط
فكرت دافينا لفترة ثم قالت: "كنت مدركة لمرين, انني كنت اشعر بالخوف والضيق من رؤيته, لكنني لم افكر به كثيرا, كما وانني اخبرته عن سبب زواجي به كي لا اتظاهر انني احبه, لكنه قال لي ان هذا الامر لا يعنيه."
"كم من الوقت بقيتما معا؟"
"سنة باكملها."
"سنة من العذاب؟"
"لا... بعد ثلاثثة اشهر من رفضي الدائم له, اعتقد ان كبرياءه قطع كل صلة بيننا, وقد دهش لانه لم يتمكن من السيطرة علي وهكذا عمل على اذلالي, او هذا ما تمناه, مع كل امراة يتمكن من التودد اليها." ابتسمت بدون اي مرح قبل ان تتابع: "شعرت براحة كبرى لانني لا اهتم مطلقا له, لكنه وضع علي شرط ان اظهر كزوجة سعيدة معه والا سيرفع الغطاء عن ابي, وهذا ما حدث لمدة تسعة اشهر ذهبت الى كل الاماكن التي طلب مني الذهاب اليها, وقمت بكل الزيارات الاجتماعية التي يريدها, ارتديت كل الثياب التي كان يدفع ثمنها, كما وكانت تلتقط لنا صور معا وانا ابتسم له كزوجة وفية سعيدة بزواجها, وتعمد ان يظهر امامي كل النساء اللواتي يخرج برفقتهن ويتاكد من دعوتهن الى ككل حفلة اكون بها."
قال ستيف وهو يمسك يدها: "عزيزتي تستحقين ميدالية على صبرك."
علقت قائلة: "ان كان يجب تصديق كا قاله بول غرينجر, فانا لم اخدع احدا."
"ربما تحدث من خلال حدسه الشخصي."
ارتجفت قائلة: طربما ما تقوله صحيح."
"متى علمت انه مشرف على الافلاس؟"
"والدي هو من اخبرني. كان مصدوما وخجلا من شيء ما فعله, وكان دارين يريده الا يخبرني به, لكن كما يبدو لم يتمكنا من العمل معا وعندما بدا دارين بتحويل الكثير من الاشياء الى اسمي علمت انه علي الرحيل وانه خائف من الافلاس. وفي اليوم الذي توفي فيه والدي تركت كل شيء قدمه لي ورائي ورحلت."
"لم يحاول ان يمنعك؟"
"بل فعل, قام بتهديدي بكل الوسائل, وقال انه انقذ اسم والدي, لكن لم يستطع تبديل قراري, فقد ذهبت مباشرة الى المحامي وبدات باجراء معاملات الطلاق, ثم عمدت الى الابتعاد عن طريقه وانا احاول مساعدة والدتي لتتخلص من كل ما تعانيه."
"وكيف هي الان؟"
"لا اعتقد انها ستتمكن من التغلب على ما حدث فقد اصبحت على الحضيض, لكن لحسن حظها لديها خالة عجوز توفيت بعد وفاة والدي بقليل وتركت لها بعض المال, حاولت ان تعطينياياه, لكنني لم اقبل به, وها هي الان تعمل مع عدد من دور الاحسان والجمعيات للحفاظ على البيئة, وهي متعلقة بما تفعله كثيرا."
"يسعدني ذلك, لكن ما زلت تشعرين بالخوف من دارين, مع انه مضى على طلاقك اكثر من ثلاث سنوات."
"اجل منذ انتهاء معاملات الطلاق, لكن لا اعتقد انني سانسى الكلمات الاخيرة التي قالها لي, قال ان تمكن ووضع يديه علي, ساندم كثيرا على كل ما فعلته به."
ارتجفت من جديد فضمها اليه وهو يقول: "انا من يجب ان يضع يديه عليه, لكن اعتقد ان ما قاله ناجم عما عاناه منك وبسبب كبريائه فقط."
طهذا ما اقوله لنفسي, لكن عندما تجبر على القيام بامور ما, فليس من السهل ان تصدق ذلك."
"هل تشعرين بالامان الان؟"
"اه, اجل...." ولم تكمل ما رغبت بقوله.
لكنه لم يعلق باكثر من: "هذا جيد بالطبع."
هذا ما يحدث عادة هنا. في صباح اليوم التالي اشرقت الشمس وبدت السماء الرقاء تتعانق مع البحر الواسع الصافي.
اخبرها ستيف عن خطته للنهار كله اثناء تناول الفطور: "ساخذك الى كل الاماكن المفضلة لدي في الجزيرة, احضري كاميرتك معك."
بدت متشوقة للقيام بذلك, لكن بعد قليل ظهر القلق على وجهها.
"سالها مستغربا: "ماذا؟"
"اكره كثيرا ان اصادف بول غرينجر في جولتي."
"لن تفعلي, فقد غادر البارحة."
"وكيف علمت؟"
ابتسم قليلا وهو يجيب: "اعرف الكثير عما يحدث في الجزيرة, هل هنك اي اعتراض اخر؟"
مضى النهار الرائع وهي تشعر بالمتعة من البقاء مع ستيف, كما وانها تعرفت اكثر على شخصيته المميزة والفريدة, وهذا ما قالته له وهما يجلسان على العشب الكثيف في خليج كلير المطل على جزيرة موتون بارد. ولف روك ومونت لوجبرد, وهما يتناولان الطعام الذي اعدته للنزهة.
قالت وهي تفكر بكل الامكنة التي راتها الان: "انت حقا تحب هذه الجزيرة اليس كذلك؟"
"اجل احبها كثيرا, اعتقد ان ذلك يري في دمي."
"وكم من الوقت تمضيه على االجزء الرئيسي في اوستراليا؟"
"كثير من الوقت, لا اعتقد ان كان ذلط كضريبة عملي, لكن لدينا الكثير من الاعمال ولا افكر بنفسي وعائلتي فقط, بل هناك الكثير من اصحاب الاسهم والشركاء في العديد من الشركات."
قالت بدون رغبة منها: "هذا ما كان يشغل بال دارين دائما, الحصول على شركاء جدد ليتمكن من السيطرة على اموالهم, لكن عندما تبدل الوضع, القى اللوم على المصارف لانها لم تقرضه المزيد من المال."
"هذا ما يحدث مع العديد من اصحاب الاعمال."
سالته بفضول: "لكن الا تشعر بالاستمتاع في استلام زمام الامور في امبراطورية كبيرة هكذا؟"
"اعترف لك انه عمل ممتع بالفعل, لكن علي العمل على بقاء العمل مثمر وناجح, ومع انني احب العيش ببساطة هنا ولا اتستطيع تخيل انه قد يمضي وقت طويل ولا اتمكن من القدوم الى هذه الجزيرة."
"اذن لديك الافضل في حياتك."
"ربما الشيء الوحيد الذي لم افعله بعد انني لم اؤمن وريثا ليحمل كل هذا الميراث. ربما من الصعب على الغرباء تفهم ما اقوله, لكن اعتقد ان معظم السكان هنا يخافون من عدم وجود من يحميهم من بيع الجزيرة كما حدث للجزر المجاورة."
تمتمت: "هذا امر غريب بالفعل, لكنه ما زال ساري المفعول, اليس كذلك؟"
"اجل بالطبع, غم ان عملنا المتواصل لجعل الجزيؤة تستقل ماديا من خلال مواردها الخاصة وذلك من خخلال بيع الشتول الان."
تمددت دافينا الى الوراء ووضعت يديها تحت راسها وقالت بنعومة وهي تتنشق الهواء المنعش وتستمتع بدفء الشمس على وجهها: "كم هذا رائع."
نظر اليها عن قرب حتى تمكنت من رؤية الظلال في عينيه: "وانت ايضا, بالمناسبة سنخرج الليلة على العشاء."
"شكرا لك, لكن استطيع ان..."
"سيكون عشاء ثقافي ايضا, ولا بد انك ستحتاجين لاحضار كاميرتك معك."
"اه, لماذا؟"
"لا شك انك رايت كل تلك الثقوب للطيور في الارض, لكن الطيور الكبيرة تترك حديثي الولادة في الثقوب وتطير الى البحر لاصطياد السمك, وتعود جميعها تقريبا في ذات الوقت قبل المغيب لتجد الثقب المطلوب على الارض, انه لمنظر رائع كما وان هناك مطعم بني فوق نيد بيتش لمراقبة هذا المنظر الرائع قبل العشاء."
"اه لا شك ان هذه الجزيرة مذهلة."
عادا بعد الظهر الى البيت وهما يضحكان ويتسامران قال: "علينا اصطحاب كانديس غدا الى بول بيرميد فهناك الكثير من الطيور الجميلة تعيش على سفوح مونت غوار, هل تريدين ان تاخذي بعضا من الوقت للراحة فقد قمنا بالكثير من التسلق والسير؟"
"لا, لكنني افكر بالاستحمام."
"حسنا لدي بعض الاتصالات علي القيام بها."
"يفاجئني ان هناك هاتف في هذا المكان البعيد."
"شيئان لا استطيع التواجد هنا بدونهما, حمام مجهز بكل الوسائل المريحة والهاتف."
هذا ما شعرت به وهي مستلقية في حوض الاستحمام وقد وضعت اللافندر في المياه, رغبت في البقاء لساعات لكن عليها ان تستعد للذهاب الى العشاء.
ارتدت ثيابها وهي تشعر بفرح لا يستطيع البوح به من خلال احساسها الشديد بحبها لستيف.
قال ما ان دخلت غرفة الجلوس: "يعجبني هذا الثوب."
نظرت الى الثوب الازرق الذي ارتدته في البيت من قبل واجابت: "شكرا, انه من نوع الثياب التي يشعر المرء بالراحة من ارتدائها."
قال فجاة: طدافينا لا تبتعدي ععني."
"لا لن افعل."
"امر جيد." اقترب منها وامسك بيدها حتى استدارت ونظرت اليه, لمس ياقة ثوبها وتابع: "هل انت متاكدة؟"
همست: "اجل متاكدة."
"اذن هل نستطيع الذهاب للرؤية تلك العصافير قبل ان يحل الظلام؟"
"اه اجل."
وهكذا دخلت المطعم وهي تشعر وكان هناك رباط بينهما, لكن مع الاحساس الكبير الذي تشعر به نحوه, لم تشعر بانها مستعدة للقاء ماري هارغريفز, التي سلمت على ستيف بفرح ظاهر وقالت انها تتناول العشاء بمفردها فهي لم تشعر انها قادرة على اعداد طعامها بعد يوم شاق في المكتب, كما وانها ترغب في الحديث مع دافينا بعد ان راتها في الحفلة, لكن بطريقة ما لم تتمكن من التحدث معها.
نهاية الفصل السابع


samahss 03-02-17 11:03 PM

الفصل الثامن
بعد تردد لا يذكر قال ستيف: "حسنا من الافضل ان تنضمي الينا ماري."
"اه لا, لم اقصد..."
قاطعها وهو يبتسم: "لا تكوني حمقاء, انا متاكد ان دافينا ترغب في لقائك ايضا."
وافقت دافينا وهي تبتسم, لان ليس لديها اي خيار اخر, فالمطعم صغير ولا تستطيع الا ان تشعر بالاسى على ماري, فهي تظهر مدى اهتمامها بستيف حتى من دون ارادة منها.
وهكذا راقبوا عودة الطيور وعملت دافينا على التقاط بعض الصور, ثم بعد ذلك عملوا على تناول الطعام. اثناء ذلك اكتشفت دافينا ان ماري تعمل في هيئة انماء الجزيرة, وانها فتاة مرحة مثقفة وذكية جدا, وربما في اواخر العشرين من عمرها, كما وانها جذابة ايضا.
لكن بدا وكانها تبذل جهدا لتمضي هذه الامسية معهما من دون ان تبدد غضبها, حتى ان دافينا لاحظت كيف كان ستيف ينظر اليها باستغراب. اخيرا مع ان ماري لم تبد اي ملاحظة لوضع دافينا في عائلة وارويك, قالت وهي تقطب جبينها:
"هل تعلمين دافينا انا متاكدة انني رايتك من قبل."
"هذا بسبب..." توقفت دافينا عن الكلام.
فتابع ستيف: "لا بد انك رايت لها صورا عندما كانت متزوجة من دارين سميث هاستنغز."
اتسعت عينا ماري من الصدمة, لكن ستيف تابع: "هل ترغبين في العودة معنا الى البيت لتمضية الليل؟"
قالت ماري بحذر: "البيت الصغير؟"
"اجل, قررنا ان نبتعد عن لافينيا ولوريتا لعدة ايام."
"اه, لا شكرا ستيف لكنني سأغادر." عمدت على اخفاء ما تعانيه وابتسمت قبل ان تتابع: "اعتقد انني اخذت ما يكفي من وقتكما, وشكرا على هذا العشاء الرائع, وساطلب من الناس لادفع ثمن ما طلبته."
وقف ستيف ما ان وقفت ماري وقال: "لا ماري, هذا العشاء على حسابي."
قال ستيف بعد ان عاد الى البيت: "تبدين منزعجة؟"
وقفت دافينا في وسط الغرفة وهي تعقد يديها, قالت: "اجل."
"لماذا؟"
اغمضت عينيها وقالت: "لا يمكنني الا ان اشعر بالاسف لاجلها. اعتقدت انه عمل قاس جدا ان تقتل احلامها هكذا علنا."
قال بهدوء: "عزيزتي كنت اتمنى لو انني شعرت بشيء نحوها ومنذ سنوات عدة, لكن كما قلت لك انا لم اعدها مرة بشيء ما او توددت اليها."
"لا اعلم, لكن لم تعمدت ان تقول لها اننا معا."
"لاننا فعلا نعيش معا, أليس كذلك؟"
"نعم ولكن..."
"ولان كل شخص هنا سيعرف ذلك بطريقة ما, وانت لا تستطيعين تغيير ما حدث معك؟"
"لكنني امضيت سنوات..."
"اعلم, لكن طالما انت معي فلست بحاجة للاختباء."
شعرت بغصة في حلقها وهي تقول: "والى متى سابقى معك؟"
حدق في عينيها قبل ان يقول: "هذا امر يعود لك دافينا, هل تريدين ان تصبح علاقتنا في العلن الان؟ انا سعيد جدا للقيام بذلك, هل تردين ان اقول انني مغرم بك؟ حسنا انا..."
شهقت قائلة: "ستيف."
ابتسم قائلا: "واين المشكلة في ذلك؟"
همست: "انا... حسنا كيف يمكن ان تكون متاكدا هكذا؟"
"هناك اشياء لا تحتاج للبحث, واعتقد انك تدركين كم نحن متفقان."
قالت بضيق: "ستيف لم انت غاضب؟"
"هل انا غاضب؟ هل يعود السبب لانني اشعر بانك لا ترغبين في التحدث عن هذا الامر؟"
احابت على الفور: "انت على حق, لا اريد ان يعلم احد بامرنا."
"تقصدين بكلمات اخرى, انت تفضلين التظاهر بعدم حدوث اي شيء بيننا؟"
اجابت بصراحة: "بالطبع لاو لكن افضل ان يكون ما بيننا يعنينا وحدنا."
"دافينا لسوء الحظ, لا يمكن انن يحدث ذلك هنا."
عضت شفتها ونظرت نحوه بعينين قلقتين.
قال بعد مرور لحظات: "ماذا؟ هل ردة فعلك هذه لانني اغرمت بك؟"
"كان علي ان اخبرك بعد ظهر هذا اليوم انني احبك ايضا."
"اذاً يا للهول على ماذا نختلف؟" تمتم بذلك وضمها اليه.
قالت: "والى اين سيقودنا هذا؟"
"ان كنت تررغبين بسماع موسيقى الزفاف..."
"لا!"
فجاة ضغط على ذراعيها بقوة وقال: "ولم لا؟ حسنا ربما بامكاني ان اعرض عليك الزفاف بطريقة افضل, لكن ما هي خطتك, ان تعودي الى المنزل للعمل كمدبرة منزلي وحبيبتي؟ ام تختبئين هنا حتى نبرهن ان ما بيننا مجرد انجذاب عابر؟ هيا دافينا, اخبريني بم تفكرين؟"
"قلت لي, قلت..." توقفت عن الكلام فجأة وهي تشعر بالخوف والغضب مغا, كذلك هناك شيء من الحقيقة فيما قاله, الغضب والخوف بسبب ان ستيف بطبعه هذا سيد قاس وهذا يجعلها تشعر بالضعف ويجعلها تتذكر انها اقسمت الا تسمح لرجل اخر ان يسيطر على حياتها, حتى ولو كان هذا الرجل يشعرها بالسعادة والامان. والحقيقة التي طرحها, الى اين سيصلان من خلال علاقتهما؟ واي حمقاء ستكون ان اسرعت بالزواج وهي تزال مليئة بالحييرة والقلق.
فجاة اصبحت يداه لطيفتان على بشرتها, قال: "اعلم ما قللته, وانا لا ابدل رايي, لكن اعرض فقط دفاعي."
قد يكون على حق فييما يشعرران به, لذا ها هي تتساءل عما يمنعها من القبول, هل لانها تشعر ان ما بينهما متسرع جدا؟ ام انها تصدق انه سيتزوج بها لينقذها من خوفها وقلقها؟ بالطبع لا, لكن هل هذه لعاطفة ستبقى الى الابد؟ ام اانه يوافق جدته بالحصول على وريث وهكذذا فهي ستكون تلك الزوجة؟
قال وهو يلامس شعرها: "ماذا؟"
همست: "ماذا تقصد؟"
"تبدين وكانك بعيدة مئئات الاميال من هنا."
اه, انه يعرف جيدا, لماذا لا تضع حدا لكل هذا وتقول نعم؟ لكنها قالت: "اعتقد ان لافينيا ولوريتا لا ترغبان في التدخل بحياتك الان؟"
سمعت ضحكة صغيرة قبل ان يقولل: "هذا لانني هددتهما بعدم العودة الى الجزيرة مطلقا, وفي الحقيقة لا ادري ما هو الاففضل ان تكونا صديقتين لي ام عدوتين."
مررت دافينا يدها على ذراعه وقالت: "اشعر بالدهشة لان لوريتا لم تتعرف علي."
"بل فعلت."
جمدت يدها وسالته: "هل اخبرتك؟"
"لا, رفضت ان تخبرني بشيء, كما وان لديها رأيا انه من الافضل عدم التكلم عن الامر."
"لكن كيف حدث انكما تحدثتما عن الموضوع؟"
"هي اول من لاحظت بول غرانجر في الحفلة, فأتت واخبرتني ان ذلك قد يسببب لك مشكلة, فقد لاحظت كيف يحدق بك, وعندما سالتها عن السبب قالت: انها تترك الامر لك ان اردت اخباري, وهيي تفضل الا تفعلي, لكني لم احظ بفرصة لاخبرها انني اعلم, لكنها شعرت بالذنب مع انني لم اعرف السبب."
"لانها اجبرتني تقريبا للذهاب الى الحفة, وان ارتدي ذاك الثوب, لا بد انني كنت حمقاءء, لكن لماذا تعتقد انه من الافضل عدم التحدث عن الامر؟"
"عليك ان تساليها بنفسك, لكن استطيع تخيل السبب فهي تعتقد انك لا تريدين ان يعلم احد بمكانك, وهذا ما قلته لي الان وبالطبع اتفهم ذلك, لكن من الواضح ان وجودك هنا سيعرفه الجميع عاجلا ام اجلا."
قالت: "بالطبع"
لكن لم تعلم سبب الخوف الذي سيطر عليها. لم تستطع التفكير بالامر لانه سمع صوت جرس الهاتف في ذلك المكان الهادئ وفي منتصف الليل.
قال ستيف بغضب: "قلت لهما..."
همست: "ربما ليسا هما, ولم سترغبان بالاتصال بك في منتصف الليل؟"
قال بغضب: "انت لا تعرفين لافينيا مثلي." وسار نحو المطبخ.
سمعت دافينا يقول: "مرحبا لافينيا... قلت لك... ماذا؟ حسنا فهمت, انا قادم على الفور, اه, دافينا؟ ساعيدها معي الى المنزل." وانهى الاتصال.
سالته: "ما الامر؟"
"التقط راديو سيدني اتصالا من يخت في هذه المنطقة. وهم ينظمون عملية بحث وبحاجة للمساعدة."
اتسعت عيناها وقالت: "تساعد؟ كيف؟"
"بالطائرة. القمر بدر الليلة, وايضاا ما ان يطل الفجر حتى اتابع البحث بالقارب."
قال وهو يبتسم: "لا تقلقي لدي الة خاصة للطيران بالليل, كما وانني لن اكون وحيدا, اسنعي قد يحتاج الامر لايام لذلك من الافضل ان تكوني في المنزل الكبير."
"لم اكن اعلم انك تقود الطائرة."
"هناك كثير من الامور لا تعرفينها عني, لدي رخصة في القيادة منذ ان كنت في العشرين من عمري, لكن لنعد اليك..."
"ستيف افضل ان ابقى هنا."
"لا دافينا هذا اامر غير عملي, فانت بحاجة لتقطعي الخشب كي تطهي وتتدفئي, افعلي فقط ما اطلبه منك."
حدقت به دافينا وعلمت في تلك اللحظة ان الجدال معه كمن يضرب راسه بجدار سميك, لكنها غير قادرة على ان تقول له انها لا تستطيع مواجهة لافينيا ولوريتا, قالت: "يمكنني الذهاب في الصباح."
"هذا يعني انك ستؤجلين مواجهتهما, هيا حضري نفسك اثناء قيامي بعدة اتصالات."
كان الامر بمنتهى السهولة.
فقد استقبلتاها بطريقة طبيعية للغاية وانشغلتا باعطاء التفاصيل لستيف: "انهما والدين مع ثلاثة اطفال وكلب. تقول اذاعة سدني ان الاتصال قد انقطع معهم, وانهم في حالة ارتباك شديد حيال موقعهم."
قال ستيف بغضب: "ومن اين هم؟"
"من نيوزلندا وفي طريقهم الى بريسبيان."
"حسنا سانطلق." اخذ معطفا سميكا من الخزانة في القاعة واستدار مودعا:"اسمعن انتبهن لبعضكن البعض. وساتصل بكن كلما استطعت القيام بذلك.ط وغادر.
تحركت لافينيا بعد قليل وقالت:"لنتناول فنجانا من الشاي, تسعدني رؤيتك عزيزتي دافينا."
دخلت كانديس الى المطبخ قائلة: "دافينا عدت, اعتقدت انك نسيتني."
قلت دافيا وهي تبتسم لا بحرارة: "لم يحث ذلك كانديس, كنت انا وستيف سناخذك الى بول بيرميد غد, لكن الان اعتقد ان هذه الرحلة ستؤجل عدة ايام." ما ان تفوهت بذلك حتى لاحظت مدى الارتياح على كل من وجهي لافينيا ولوريتا, لكنها لم تعلق بشيء عن الامر.
استيقظت مع الفجر في صباح اليوم التالي,وشعرت بالراحة لان الطقس صاف. فكرت بما ستفعله الان ستعود االى العمل, فليس هناك اي اذى في اعداد الفطور.
قدمت لافينيا اولا الى الطابق الارضي, لكنها توجهت مباشرة الى لمكتب لتجري اتصالا ما.
"ما زال في الخارج." قالت بضيق ما ان دخلت المطبخ, تابعت وهي زفر: "اجبروا على العودة للتزود بالوقود, لن لم يتمكنوا من رؤية اي شيء."
سكبت دافينا الشاي وهي تقول: "ضوء النهار سيساعدهم دون ادنى شك."
تناولت الفنجان وهي تجيب: "انه محيط كبير جدا, وان تخلوا عن البحث واستقلوا مركبا صغيرا فسيصبح الامر كمن بحث عن ابرة في كومة قش شكرا عزيزتي. كما يمكنني القول انك تبدين رائعة جدا."
لم تستطع دافينا الا ان تقول: "وانت ايضا سيدة وارويك."
اجابت لافينيا على الفور:"ناديني لافينيا فالجميع يفعل ذلك..." انقذت دافينا بدخول لوريتا فقالت لها:"لوريتا, لا اعتقد انني رايتك تستيقظين باكرا هكذا."
اجابت لوريتا بحزن: "ولا انا, لكنني ل استطع التوقف عن التفكير بهؤلاء الاطفال."
"اه حسنا, ستيف قام بكثير من محاولات الانقاذ, وان كان احد يستطيع ايجادهم فلا بدان يكون هو."
اجابت لوريتا: "اعتقد انك على حق, هل هذا لحم مجفف وبييض دافينا؟ هل تعلمين ساتخلى عن قاعدتي الذهبية واتناول شيئا منه ان اعددت كمية كافية؟"
علقت لافينيا: "لكنك هكذا ستصبحين سمينة؟"
"اعلم ذلك عزيزتي"
استدارت دافينا لتتمكن من الابتسام خفية فهناك امور لا تتبدل ابدا.
لحسن الحظ وصلت مايف بعد قليل وسلمت على دافينا كانها صديقة قديمة لها, قالت: "كم انا سعيدة برؤيتك, لكن المنزل من دونك يسبب لي الكثير من التعب بسبب اوامر السيدة وارويك الدائمة, هل عدت الى العمل هنا؟
"اجل مايف, هل انت مستعدة للبدء في كي الثياب هذا الصباح؟"
"اجل" بعد قليل اخذت دافينا فنجان الشاي واتجهت نحو الشرفة حيث وجدت لوريتا, قالت لها: "اخبرني ستيف انك تعرفين من اكون."
اجل فعندما قلت قلت لي انك ارتديت ثيابي سابقا, ومع انني لا لتقي اي امراة تشتريها, لكنني معتادة على معرفة من يرتديها."
"لماذا قلت لستيف انه من الافضل عدم التحدث عن الامر؟"
"لانني اعلم كم ان زوجك السابق نشيط, حدث ان رايته في معرض بول غرانجر, وهذا صدم عندمما رايته هنا,انه وغد وماكر جدا ويحاول ان يبديك المراة المخادعة التي تخلت عنه عندما كان في امس الحاجة لك, كما وانه لم يتوقف عند ذلك, لقد قرات مقالين في صحيفتين في مقابلات معه تحت ذات الافكار والهدف."
"اه وانت اعتقدت ان ستيف سيصدم ويصدق ما يسمع؟"
"هذا ما يفعل الرجال عادة صدقيني, لك علي التصرف كوالدة لستيف, والشي المهم هنا ان الناس تتكلم, لذلك قد ينظر الناس اليك باستغراب, وهذا ما سيجعل الامر اكثر تعقيدا لك."
"الحياة معقدة بما فيه الكفاية."
"ليس لمن يهتمون بك دافينا, وان كنت تعتقدين ما اقوله مجد كلا. فصدقيني انا اعلم عم اتحدث."
وضعت دافينا فنجانها قائلة: "شكرا لك على تصديقي, لكن لا اعلم لماذا تفعلين ذلك؟"
"اه حسنا, حدث انني التقيت به من قبل, اقصد زوجك السابق, انه جذاب جدا لكنه معتد بنفسه بشكل لا يصدق, كما وانه حاول التودد الي عندما كنتما لا تزالان متزوجين, ان عم ستيف بكل ذلك."
نظرت االى دافينا قبل ان تتابع: "يجب ان تعلمي ان كان يثق بك ويصدقك."
"انه يفعل ذلك."
"أذن ما هي المشكلة؟"
"المشكلة في اعماقي, طلب مني الزواج لكني ل اعلم ان كان هذا القرار متسرع, لا ادري ان كان ما بيننا ليس اكثر من انجذاب قوي سيخمد مع الايام, كما وانه بحاجة الى زوجة وانا اشعر بالشك في طلبه."
تابعت وهي تمسح دمعة عن خدها: "لقد اقسمت على الا اجبر او اتسرع في الزواج مرة اخرى, لكن المشكلة انني اشعر ان توقف ستيف عن حبي فلا بد انني ساموت من الحزن, مع انني اعلم انه رجل صعب."
"مغرور مستبد احيانا, ولا داع لقول كم هو عنيد في بعض الاحيان." تابعت لوريتا وهي تبتسم: "كما وانه من الصعب قول كلمة لا له."
"اجل ها امر صعب جدا."
"على الاقل لفيني تقف الى جانبك."
"لكن لو علمت بشان دارين فلا بد انها ستبدل رايها."
"لا هذا امر لا يعنيها, لذا عزيزتي اعتقد ان عليك اتخاذ الموقف الذي ترينه مناسبا لك, مع ان الامر لن يكون سهلا, فهناك الكثير من اطباع لافينيا في ستيف, لكن لا اعتقد ان علي اخبارك بذلك."
ابتسمت دافينا ولم تجب.
عاد ستيف الى المنزل في المساء لتناول الطعام والاستحمام وليحظى بعدة ساعات من النوم, قدمت دافينا الطعام وجلسوا جميعا يتحدثو عن عملية البحث وعن القلق اذي ينتاب الجميع بشان تلك العائلة.
لكن قبل ان يذهب الى غرفته دخل الى المطبخ ليضمها بين ذراعيه غر ابه لمن يراهما معا.
قال: "يؤسفني ما يحدث, لكن ليس هناك من مهرب."
نظرت في عيني وقالت: "لا داعي للاسف, فما يحدث ليس ببسببك."
"وكيف تعاملك كل منهما؟"
"لا باس, اخذت كانديس بعد ظهر اليوم وذهبتا معنا, ولقد التقطت بعض الصور المهمة لسيدات عائلة وارويك معا."
"أنت لا تدرين ك هو شاق العمل الذي نقوم به."
قالت بنعومة: "لم لا تذهب لترتاح, فالامور ستكون افضل بكثير عندما لا تكون بكل هذا الارهاق."
لكن اليوم التالي والليل الذي تلاه لم يجدوا احدا وبدا الجميع يشعر ان القارب قد غرق, لكن استمر الجميع بالبحث.
في اليوم الثالث من البحث ذهبت لافينيا لتحضر الرسائل واحضرت معها رسالتين الى دافينا, واحدة من والدتها وواحدة كتب عليها بالالة الطابعة.
وضعت رسالة والدتها في جيبها وفتحت الرسالة الاخرى مقطبة الجبين, لكنها اصيبت بالدوار والشحوب عندما قرات ما تضمنتها.
عزيزتي دافينا, اذن هنك تختبئين؟ لا داعي لاخبرك كيف علمت بالامر, ان وغد بالفعل لكنه مفيد, لكن الاخبار المهمة هي انني وعن طريق الصدفة اعدت كل مركزي المادي السابق ودفعت كل ديوني.
لن ادعك تملين باخبارك التفاصيل, لكني وجدت شريكا صدق انني ضحية بريئة ولانني قدمت له الكثير من الافكار اتي ضاعفت ثروته, لدرجة انه اعاد لي ثروتي واعمالي. ربما تتساءلين ما علاقتك بكل هذا؟ ساخبرك انا الان فيي وضع يسمح لي الا اقف جانبا واراقبك تتزوجين من رجل غيري, والشكر لبول, فانا اعرف الكثير عن ستيف وارويك وعن امبراطوريته الكبيرة. اعرف كل شركائه وكل من يتعامل معهم. وفي اليوم الذي تقبلين فيه خاتم الزواج ساعمل على القضاء على كل واحد منهم كمن يصطاد البط, هل سانجح في ذلك؟ احب ان افعل ذلك واجني الكثير من المال في عملي هذا, وان لم افعل, فانا استطيع المرح كثيرا وان اتسبب له بالكثير من العناء العذاب. وكما ترين عزيزتي هناك اشياء لا استطيع نسيانها او مسامحتها. وعليك الا تنسي ذلك مطلقا.
تركت دافينا الرسالة تسقط على الارض م بين اصبعها المرتعشة, لكنها اسرعت في التقاطها ما ان دخلت كانديس.
"دافينا هل انت بخير؟"
حاولت ان تبتسم لها قائلة: "اجل هل تريدين شيئا؟"
"لا تبدين بخير, لكنني اتيت لاتكلم معك, حاوولت والدتي ان تقول لي انها تحاول اما افضل, لانها تخخاف ان اغرق في يخت وعندها ستشعر بالندم طوال حياتها."
لم تستطع دافينا الا ان تضحك ثم وجدت نفسها تقول: "وهل هي ام سيئة؟"
"حسنا ما كانت تحاول ان تقول ي انها ليست بالام المثالية."
"قد لا تكون, ولكنا تحبني كثيرا, هل تعتقدين انك ستكونين اما مثالية؟"
نظرت دافينا اليها بحب وقالت: "لا يمكنني ان اعلم منذ الان, لكن ما اعلمه جيدا انها حقا تحبك, كذلك لافينيا وستيف, وحتى عندما يتجادلون بسببك, فذلك لانك فتاة مميزة جدا لهم جميعا."
"مثلما انت الى ستيف؟"
لم تسطع ان تجيب على هذا السؤال البريء الا بربما. علمت انه ليس بالجواب الصحيح, لكنها رات ستيف يدخل الغرفة.
قال: "مرحبا لكما."
سالته دافينا: "هل وجدتم شيئا؟"
"ما ان وصلت اى البر حتى وصلني تقرير ان طائرة اخرى قد رات شيئا, هناك الكثير من الغيوم في المنطقة, لكن على الاقل هناك شيء ما, اتيت فقط لاتناول فنجانا من الشاي وكي اخذ بعض السندويشات."
وضعت دافينا رسالة دارين في جيبها, استدارت نحو الطاولة وهي تقول: "حسنا كاننديس, هل تساعديني؟ بامكانك وضع الزبدة على الخبز, لم لا تذهب لتستحم؟" اضافت ذلك من وراء كتفها.
قال: "حسنا سافعل." ثم نظر اليها قبل ان يبتسم ويغادر عاد بعد عشر دقائق وشرب الشاي بسرعة. بينما كانتا لاففينيا ولوريتا تتحدثان عن عملية لبحث, بقي ستيف لدقائق فقط ثم امسك دافينا من يدها وقال: "تعالي معي الى الخارج لدقيقة."
خرجت معه على مضض, لكن ما ان اصبحا بعيدا عن مسمع السيدات قال: "ما الامر؟"
قالت بسرعة: "لا شيء." وهذا ما دعاه الى تقطيب جبنه على الفور. تابعت: "اعتتقد اننا جميعا متوترون, فانا لم اتعرض لمثل هذه لمشكلة من قبل وهذا يؤثر بي."
"متاكدة؟"
"اجل ستيف, اسمع لا تفكر بي, فانت بحاجة الى كل قوتك لتركز على عملية البحث"
ابتسم وقال: "من الصعب عدم التفكير بك." رفع يدها الى شفتيه ليطبع قبلة عليها ويقول: "انا راحل."
راقبته يبتعد, ثم توجهت الى جناحها واقفلت على نفسها.
قرات الرسالة مرات عدة وبعد ذلك تذكرت رسالة والدتها واصيبت بالرعب عندما اكتشفت ان امها قرات ما قاله دارين في الصحيفة التي ذكرها
بعتذر في صفحتين ناقصين لما الاقيهم بنزلهم ان شا الله بس هلا رح اكمل لنهاية الفصل.
اضاف ما ان راى طائرة تهبط على المدرج" هذا السيد وارويك, انه يصل للتو, وهكذا تستطيعين مناقشة الامر معه."
امضت دافينا عينيها وهي تشعر وكانها سقطت بالفخ.. الى اين تستطيع الهروب او الاختباء؟
قالت دافينا: "اذن هل يمكنك ان تقول له انني بانتظاره في الشاحنة, ولا شك انك ستخبرينه بكل شيء ايضا." قالت ذلك واستدارت مغادرة حدقت بالجبال والتلال امامها وكانها لا ترى شيئا, وصل ستيف وقد بدا الحزن على وجهه صعد الى الشاحنة,اغلق الباب بعنف وقاد مغادرا. لم يتجه نحو المنزل بل اوقف الشاحنة في الباحة الخارجية للمطار.
قال: "حسنا تريدين الرحيل على الفور؟ اعتقد انك ستخبريني كل اسبابك السخيفة والجبانة الان."
حاولت دافينا ان تسيطر على غضبها, قالت: "لا, لكن ارغب في سؤالك, كيف تجرؤ ان تفعل ذلك بي؟"
"لانني اعرفك جيدا دافينا. ما زلت ترتدين ذلك التاج من الاشواك وتستمتعين به. الا تعتقدين انني ارى ذلك بوضوح؟ لا اعلم ما هو السبب الحقيقي لكن اعلم بدون شك انك كنت تفكرين بامرنا. ان الوقت باكر جدا فلا يمكن ان نغرم ببعضنا في هذا الوقت القصير. وهذا الانجذاب لن يدوم, أليس كذلك؟ لكنك بحاجة لكثير من الوقت لتجدي رجلا يحبك بهدوء ويتودد اليك وينتظر حتى تقتنعي انه الرجل المناسب لك."
تنهدت ولم تقل شيئا.
قال: "ماذا, تريدين الزواج من رجل لا تشعرين بأي انجذاب نحوه؟"
همست: "كفى, ان كنت تتوقع مني ان اصدق ان الزواج منك سيستمر بعد كل ما قلتهو فلا بد انك مجنون."
"لا, لست مجنون بل واقعي.هل تريدين ان اقول لك انني ساحبك بجنون حتى يوم مماتي؟ حسنا, لا استطيع ان ابرهن لك ذلك وانت ايضا. وبامكاننا ان نتشاجر لشهور. لكن ان تهربي. فانت تعلمين تماما ما هو رايي بذلك."
"حسنا يجب ان اخبرك انني سعيدة ان اكون جبانة وحمقاء ستيف, لانني سارحل, اخبرتك من قبل انني لن اسمح لاي رجل ان يسيطر علي كما تحاول ان تفعل, والمهم انني لن اسمح بحدوث ذلك ثانية في حياتي, ان كان م افعله صحيح ام لا."
قال وهو ينطلق مجددا بالشاحنة: "حسنا كما تشائين."
سالته بغضب: "الى اين ستاخذني؟ هل تستطيع اخباري؟"
"الى المكان الذي ترغبين في الذهاب اليه, فالطائرة التي وصلت فيها ستعود الان وبامكانك الذهاب عليها. في الواقع بات هو الربان فيها, هل تذكرينه؟"
كانت ترغب في صفعه,لكنه اصبح باردا جدا وهو ينهي معاملات دافينا لتغادر وتجاهل كل نظرات الاحراج من الجميع عندما وقف ليودعها وهو يبتسم لها بضيق ويقول بصوت مسموع: "كنت مدبرة منزل ممتازة دافينا, امر مؤسف اننا لم نكتف بذلك, وتذكريني عندما تكونين وحيدة حزينة."
حدقت به بعينين مندهشتين, ثم استدارت لتغادر من هذه الجزيرة التي حطمت فؤادها بالفعل.
نهاية الفصل الثامن


الساعة الآن 10:38 PM

Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.