ذهبت ميغان في يوم عطلتها في الاسبوع التالي الى ألك مار وركبت دراجتها الى كستريكوم ثم استقلت الحافلة. كان ألْك مار مكانا يستحق الزيارة, هكذا اخبرتها صديقاتها في اميتم, خاصة ان يوم عطلتها كان يوم الجمعة, اليوم الذي تنزل فيه الجبنة الهولندية المشهورة الى السوق.اجتازت الحافلة القرية وتوقفت امام المبنى حيث تباع الجبنة, تمتعت ميغان بوقتها, امضت الوقت بين الحشود تراقب الرفوف الخشبية الطويلة التي وضعت عليها الجبنة. وتمتعت بكل لحظة ثم توجهت الى الطرريق الرئيسية قاصدة مطعما صغيرا لتناول فنجان قهوة. وقفت حائرة امام عدة مقاه لا تعرف اين تدخل, ثم شعرت بيد تلمس كتفها, انه الدكتور تيموس: "مكان رائع أليس كذلك؟" واضاف: "اذا لم يكن عندك شيءاخ تقومين به تناولي طعام اغداء معي, ليس عندي دوام في لمستشفى حتى الخامسة."
"هذا لطف منك, ولكني كنت ذاهبة..."
"لتناول ساندويش, وانا جائع ايضا." اخذها من ذراعها وقادها بين الحشود الى اوتيل ديناكتيجل وجلسا متقابلين الى طاولة قرب احدى النوافذ.
"شراب؟" اقترح عليها عندما ناولها الخادم لائحة الطعام.
"هل تسمحين لي باختيار الطعام؟"
طلب الطعام واخذ يتكلم بانطلاق, سالها اذا كانت سعيدة في الميتم؟ هل حبت هولندة؟ هل تريد مشاهدة الريف قبل ان تغادر الى انجلترا؟
"انت هنا لاسابيع قليلة فقط حسب ما اخبرتتني المديرة. هل لديك عمل اخر في انجلترا؟"
هزت راسها نفيا: "لا اردت التغيير."
قدم الغداء ولاحظت كمهو للذيذ "اني افكر بقضاء وقت اطول في هولندة, احب ان ازور امستردام ودالفت وربما لاهاي."
كانت صحبتهمسلية وشعرت بالراحة معه. واقترح عليها ان يرافقها لمشاهدة سانت لورنس كيرك. وافقت بسرور.
"لا بد انه قد اغلق الان, لكني استطيع الحصول على المفتاح من الحارس للقيام بجولة في داخله."
كانت الكنيسة على قمة تلة, لم يسرعا كان يوجد الكثير لمشاهدته, قبر فلوريس الخامس وغيره. كان الوقت قد تجاوز الثالثة عندما خرجا الى الشارع اخيرا: "فنجان قهوة؟ ثم اعود بك الى الميتم, الا اذا فكرت بالبقاء حتى المساء."
"كنت افكر بالعودة عند السادسة وعد الوجبة الثانية." اجابته.
"رائع, لنجد مقهى, يوجد مكان جميل بالقرب من هنا." تناولا الشاي. اخبرها الدكتور تيموس عن خطيبته ايموجين التي هي في سنتها الاخيرة في كلية الطب.
"سوف نتزوج في السنة المقبلة, وكستريكوم تزدهر سنة بعد سنة. يوجد عمل لنا الاثنين هنا."
قالت ميغان: "شيء جميل. اخبرني هل هي سمراء ام شقراء؟"
عندما وصلا الى الميتم كانت ميغان قد عرفت كل شيء عن ايموجين: "وانت يا ميغان, هل لديك مشاريع زواج؟" سالها الدكتور تيموس.
اجابته بالنفي وشكرته بلطف وودعته بلطف.
وصفت لصدديقاتهها فيما هن يتناولن الطعم رحلتها: شيء جميل ان التفي بالدكتور تيموس, من دونه ما استطعت رؤية الكنيسة."
انتهت وجبة الطعام وتلقت ميغان اقتراحات كثيرة للاماكن التي يجدر بها ان تزورها: "هناك الكثير لرؤيته, ليس لديك سوى بضعة اسابيع." قالت انكي.
اصبح الطقس دافئا. لم تكن ميغان سعيدة قط مثل الان وكانت مشغولة جدا لتتذكر تعاستها. انها محاطة بالصديقات وتشعر بالراحة معهن. احبت المشي على الشاطئ مع الفتيات, تستمع الى احاديثهن وتتعلم الهولندية وتضحك على اخطائها. لم تستطع ابعاد تفكيرها عن الاستاذ لكنها اقنعت نفسها بان الحياة لا بد ان تستمرر, اسابيع قليلة وتعود الى انجلترا وتبدا من جديد. اخذت تخطط للاماكن التي ستزورها قبل ان تغادر هولندة. لقد قرر اوسكار وميلاني الاستقرار في كينت او سوكس. تقدم اوسكار بطلب وظيفة في احد المستشفيات في لندن. رفضت ميلاني العيش هناك, لذلك اضطرا الى شراء بيت صغير على مسافة قريبة يستطيع اوسكار ان يعود اليه في اوقات فراغه.
انه افضل, فكرت ميغان, على المرء ان يبتعد عن لندن لفترة, انه امر رائع ان تبقى هنا, تعمل في الميتم حيث لا يوجد مجال لتتذكر تعاستها الماضية, وحيث تستطيع ايضاا ان ترى الاستاذ, لكن ذا امر مستحيل.
كانت ميغان تقف بعد يومين قرب الدكتور تيموس وكانت تحتضن يانتي بين يديها, بينما حمل الدكتور تيموس صورة بين يديه. مالت ميغان براسها لرؤية الصورة. كانت صورة ايموجين.
دخل الاستاذ الى الحضانة بهدوء وقف قليلا عند لباب, واخذ يراقب ميغان وهي تقف قرب الدكتور تييموس, راى الضحكة على وجهها وهي تنظر الى الدكتور تيموس ثم تنظر الى الصورة. وقف هناك عند البب لدقائق يراقب, كان وجهه خاليا من اي تعابير ثم مشى باتجاههما. كان الدكتور تيموس اول من رآه ونظر باتجاهه ثم توجه للقائه. مد يده ليصافح الاستاذ واخذا يتحادثان بالهولندية, تكلم بهدوء لكن عينيه كانتا مركزتين على ميغان التي كانت تمسك يانتي بقوة. شعرت بالحرارة في وجهها سمعت خفقات قلبها القوية, خافت ان توقع يانتي وارادت ان تقول شيئا لكنها حست بالاختناق فلم تخرج الكلمات من فمها.
انضم الاثنان اليها, كان الاستاذ اول من وجه الكلام لها: "صباح الخير يا ميغان, هل تستمتعين بعملك هنا؟"
"كثيرا يا سيدي." كانت وجنتاها موردتين وشعرت بالغثيان. نظرت الى وجهه الهادئ الوسيم, كان خاليا من اي انفعال لرؤيتها. شعرت بالحرارة ترتفع في داخلها لدى رؤيته على هذه الحال.
ما الذي حصل ليتحول من شخص لطيف كما عرفته في لندن, الى شخص بارد كانه غريب عنها؟ تساءلت ميغان, تمنت لو انه لم يات الان وينظر اليها بارتياب كما ينظر الى الممرضات في لندن. لكنها للم تخف منه على الرغم من ان جميع الممرضات شعرن بالخوف منه حينها. اخبرته هي بهذا. وقفت بمكانها بهدوء تهز يانتي بين يديها, جتى قال لاستاذ: "لاا اريد اعاقتك عن عملك, لكن اريد ان اتكلم قليلا مع الدكتور تيموس."
وضعت يانتي في عربته وقادتها باتجاه الشرفة, ثم تناولت ليسا وغيرت لها حفاظتها واطعمتها وعندما عادت الى الغرفة وجدت ان الرجلين خرجا.
لا تستطيع ان تغادر الحضانة كي تعرف فيما اذا كان الاستاذ غادر الميتم ام لا:"من الافضل لو فعل..." خاطبت ليسا وهي تقودها الى الشرفة الى جانب باقي الاطفال. عندما اخذت فترة راحة لتتناول طعامها نظرت من النافذة ورات ان سيارة الرولز رويس ما زالت متوقفة امام الميتم. قد تتراه اذا اسرعت في طريقها الى غرفة الطعام. كادت ان تتحرك من مكانها حين شاهدت الاستاذ يغادر برفقة الدكتور تيموس والمديرة. دفعت نفسها الى الامام لتتمكن من رؤيته جيداا لكنها سحبت نفسها بسرعة. عندما رفع الاستاذ راسه لينظر اليها التقت نظراتهما للحظة لكنه لم يبتسم. كمن ينظر الى الحئط. احست بالدموع تتجمع في عينيها. لماذا اه لماذا تقع في غرام شخص لا يهتم باحد؟ توجهت الى غرفة الطعام: "اتمنى الا اراه مرة ثانية." تمتمت ميغان وهي تعرف انها لا تعني ذلك حقا.
توجه الاستاذ بسيارته الى بيته, راقبه ليتمان وهو يدخل البيت, تناول طعام غدائه ثم صفر لكلبين واخذهما في نزهة طويلة. اخذ يفكر بميغان كانت جميلة هذا الصباح عندما رآها في غرفة الحضانة وبدت سعيدة ايضا وهي تقف قرب تيموس. صر الاستاذ على اسنانه عندما تذكر ميغان وهي تقف قريبة جدا من تيموس, انها شابة وكذلك تيموس, بينما هو يقترب من الاربعين... انه يحبها ويشعر في داخله انها تبادله الشعور نفسه, لكنها لم تدرك ذلك حتى الان. يجب ان يتركها تكتشف ذلك بنفسها, قد يستغرق ذلك وقتا لكنه رجل صبور رجع الى بيته وتناول عشاءه. لن يقدم على فعل اي شيء ليجذب ميغان اليه, يعرف انه يستطيع ذلك اذا اراد ويكسب حبها. انه يعرف جاذبيته ومقدرته على جذب اي امراة, لكنه ل يريدها بهذه الطريقة.
تكر العمل الكثير الذي ينتظره في مكتبه وابعد تفكره عن ميغان وانكب على عمله حتى منتصف لليل. لك يكن يعرف ان ميغان في الوقت نفسه مستلقية على فراشها تبكي لمعرفتها انهاا لن تراه ثانية.
كانت الرحلة السنوية الحدث الكبير في كل سنة بالنسبة للميتم, فقد اقترب موعدها. كان الموعد في الحقيقة الاسبوع القادم وكانت التحضيرات لهذا اليوم قد ابتدات قبل عدة ايام. وكان جميع الايتام متحمسين, فقد سُمح للكبار منهم بان يساعدوا على التحضير, وكان الطقس رائعا. وصباح ذلك اليوم اجتاز عدد من الناس الطريق بين التلال متسلقين الدرجات الخشبية.
قام الاطفال بنقل السلال والمناشف والكرات. حممت ميغان الاطفال وكانت فترة راحتها تبدا الساعة الثالثة, لكنها لم ترد ان تترك ساين بمفردها بين هذه الجموع الهائلة من الاطفال: "سوف آتي قبل فترة الراحة واحضر معي بعض الاشخاص للمساعدة." قالت احدى الفتيات.
وهذا ما حصل, فقد وصل عدد من الاشخاص لم ترهم ميغان من قبل قبل موعد الراحة. كان الاولاد الاكبر سنا يلعبون على الشاطئ وباقي الاطفال في عرباتهم.
عندما وصت ميغان الى الشاطئ لم تشاهد المديرة: "سوف تاتي لاحقا." اخبرتها ساين التي كانت تصف عربات الرضع تت الظلال.
"اظن انه من الافضل ان تبقى انكي هنا برفقة الرضع ونحن نبقى برفقة الاولاد الاكبر سنا." اضافت ساين.
اختارت ميغان الطفلين توماس وفيلما لتاخذهما الى اشاطئ, بينما اعتنت ساين بديريك ونيل. علا ضجيج الاطفال لكنه كان ضجيجا عذبا, كانت ميغان سعيدة لسعادة الاطفال, جثت على ركبتيها واخذت تعلم الطفلين كيف يبنيان القنوات. دفعها الهدوء المفاجئ لان تنظر الى الاعلى, ورات المديرة برفقة عدد من الاشخاص. رجل ملتح وامراة انيقة ترتدي ثيابا لا تناسب نزهة كهذه. وسار وراءهما رجلان, الدكتور تيموس والاستاذ.
انضم بعض الاطفال الكبار لى ميغان لمساعدتها في بناء القنوات, فاصبحت الن محاطة من جميع النواحي تقريبا وبالتالي اعطت ظهرها للقادمين.
رآها الاستاذ في الحال لكنه لم يقترب منها فورا. بقي الى جانب الاخرين الى ان توقف الجمع قرب ميغان, مما اضطرها للوقوف.
"هذه مساعدتنا الانجليزية التي تاخذ مكان ماين الموجودة الان في كندا مع عائلتها, هي ممرضة متمرسة ونحن محظوظون لعملها معنا. ميغان هؤلاء اعضاء مجلس ادارة الميتم. انت تعرفين الاستاذ فلا حاجة لتقديمه لك."
صافحتهم ميغان وابتسمت للدكتور تيموس:"كيف حالك يا استاذ؟" نظرت الى ربطة عنقه وشعرت بارتياح لان توماس ازعج ليسا برفشه, فخلق نوعا من الفوضى مماا اتاح لها ان تبعد نظرها قليلا عن الاستاذ.
تمنت لو يذهب الجميع بعيدا. ابتعدت المديرة عنها برفقة الاخرين ما عدا الاستاذ الذي امسك بتوماس وحمله: "النزهة الحقيقية على وشك البداية, احضري فيلما قبل ا نياتي الاخرون على قالب احلوى والبوظة."
لم يكن هناك مجال سوىمرافقته خاصة انه بقي ممسكا بتوماس. لم يمانع الاستاذ بالوجه الرطب الذي احتك ببدلته وذقنه.
"يجب ان تنظف هذا القميص والا افسد." قالت ميغان. كانا في منتصف الطريق فتوقف الاستاذ ونظر اليها.
"انت تتكلمين كزوجة لكنك تبدين... لكن انت لا تبدين كواحدة."
"لا اظن انني كذلك." نظرت الى المراة المتانقة التي كانت تجلس في الظل تشرب الشاي. رنت بنظرها الى الافقثمنظرت اليه, وعندما التقت عيناها بعيني الاستاذ قالت: "طبعا انا لا ابدو." وهي تشعر ان شعرها كان متناثرا فوق راسها ولم تكن ثيابها نظيفة كما يجب.
"شكرا لانك حملت توماس,سنتناول الشاي مع ساين وديريك ونيل."
لم يقم الاستاذ باي حركة كانه لم يسمع ما قالت, بخلاف ذلك جلس قرب انكي واعطي الطفل قطعة حلوى واخذ ساندويشا قبل ان يبدا حديثه مع انكي.
انضمت اليهم ساين فوجدت ميغان نفسها محاطة باناس ناجحين يتمتعون بيوم صيفي جميل, لكن النزهة لن تستمر لوقطويل, بل لساعة او اثنتين ثم ينتهي كل شيء ويرجع الاطفال الى الميتم. نظرت ميغان الى ساعتها ثم نظرت الى ساين.
"هل ناخذ الاطفال اولا ثم تعود احداانا لاخذ الاولاد؟" وقفوا جميعا ووقف الاستاذ ايضا عندما اتجهت نحوه المراة الانيقة.
"جاك.." قالت المراة. حاولت ميغان الاستماع لكن لا تزال اللغة الهولندية غريبة عليها. وقف يستمع مبتسما ثم اوماا براسه. دفعت بالعربة امامها وكان يانتي بداخلها. مشت وراءها ساين وهي تحمل ليسا. وعلى غير توقع حمل الاستاذ الطفل الثالث بول النائم. وصلوا الى الحضانة فشكرت ميغان الاستاذ وودعتهه,لكن لم يكن الاستاذ على عجلة من امره, سالها بلطف: "هل انت متحمسة للتخلص مني يا ميغان؟" ميغان لم تجب.
"انت تشغلين اوقات فراغك بكثرة, وعقدت صداقات كثيرة. هل زرت اماكن مثيرة في هولندة؟"
كانت تحمل يانتي عندما اجابته: "نعم وشككرا, لقد اصبح لديي اصدقاء, الجميع هنا لطفاء... لقد ذهبت الى كستريكوم وألْك مار, التقيت بالدكتور تيموس هناك ورافقني الى الكنيسة..."
غادر ثم عاد برفقة انككي وكان يرافقهما الدكتورتيموس حاملا معه فيلما.
طنزهة رائعة ميغان هل تمتعت بها؟ هل هناك اطفال بحاجة للمعاينة قبل ان اذهب الى البيت؟" سالها الدكتور.
"لا الجميع بخير. كان يوما جميلا تمتع به الاطفال."
"لاسف للن تكوني هنا في عيد الميلاد. ففي هذا اليوم نحتفل جميعا, اليس كذلك يا استاذ؟"
وافق الاستاذ وقال "يجب ان اذهب, لقد وعدت جيفرو ثيرمايل بمرافقتها الى لايدن."
"سيدة رائعة, هل ستعود قريبا الى انجلترا يا استاذ؟"
"لا ليس الان, اتصلي بي لاعلامي بالتجهيزات التي تحتاجينهها. لدينا اجتماع الاسبوع القادم."
غادر الرجلان الححضانة يراقبان الطفال المتردين في العودة الى داخل الميتم.
قال الدكتور تيموس: "ساتلقى في السنة القادمة مساعدة من زوجتي, ستكون مسااعدتها عظيمة مع الاطفال..."
نظر اليه الاستاذ: "هل ستتزوج؟ لم اعرف هل هي خطوبة جديدة هل سيكون زوااجك قريبا؟"
لم يلاحظ الدكتور تيموس انظرةة القاسية في عيني الاستاذ طالسنة القادمة... ستعتاد العيش هنا لكنني اكيد انها ستستقر هنا. لم افكر انهها ستقبل بي عند لقائنا لاول مرة." اجاب الدكتور.
كان الاستاذ يقف قرب النافذة يداه في جيبيه ويراقب الاطفال: "اهنئك انت وعروسك واتمنى لكما السعادة."
"شكرا يا استاذ, ايموجين ستاتي الى هنا لقضاء اسبوع, ارج وان يحصل هذا قبل ان تعود الى انجلترا."
"اسم ساحر أليس كذلك؟ انها فتاة ذكية ستُنهي دراستها بعد ثلاثة اشهر."
"يسرني لقاؤها." اثارت النبرة الغريبة في صوت الاستاذ دهشة الدكتور, نظر تيموس اليه لكن كان الاستاذ لا يزال هادئا وخاليا من التعابير كالسابق.
"حسنا سوق اذهب لملاقاة جيفرو ثيرمابل. تصبح على خير يا تيموس, كانت نزهة ناجحة كالعادة."
نزل السلالم وتوجه ناحية جيفرو ثيرمابل التي كانت تتجه ببدورها ناحيته. كانت ميغان تحمل ليسا بين ذراعيها, فوقفت قرب النافذة تراقب الاستاذ والمراة التي ترافقه.
واخيرا, جاءت فترة الراحة وتبادلت الفتيات فيما بينهن التعليقات على اليوم الممتع.
"هل ياتي المسؤولون دائما؟" ارادت ان تعرف.
"طبعا لكنهم لا يفعلون شيئا. فقط الاستاذ يساعدنا, انه رجل لطيف,فهو يدفع معظم تكاليف النزهة ايضا."
"المراة التي جاءت معهم جميلة جدا." اعارت ميغان انتباها اكثر للحديث علها تسمع المزيد عنها.
"جيفرو ثيرمابل" قالت ساين: "انها امراة جميلة وثرية ايضا. انها تامل ان يتزوجها الاستاذ, لكن يبدو ان الاستاذ لا يهتم بها."
شعرت ميغان بالراحة لدى سمعها هذذه الكلمات, لكن لم يمنعها هذا من البكاء عندما اندست في سريرها.
قامت في فترة استراحتهافي اليوم التالي بزيارة لايدن التي كانت مكانا يستحق تلك الزيار, فقد اخبرها احدهم ان مبانيها تعود الى سنين ماضية بعيدة جدا, واحتوت عى متاحف وجامعة والكنيسة الهائلة سانت بيتر سكيرت, ومتاجر كثيرة تستطيع ان تشتري منها هدايا لدى عودتها للوطن.
لكنها كانت تدرك ان السبب الحقيقي لزيارتها للايدن هو علمها بان الاستاذ سيلقي محاضرة اليوم في جامعتها, وككانت تام لان تلتقي به وتتعرف على المكان الذي يعمل فيه.
قررت ان تتناول وجبة قبل ان تزور الجامعة.
اخذت الجهة الموازية للقناة في طريقها الى الجامعة, نظرت الى المياه بذهن شارد, سارت قرب متحف فان اودهيدن, وفكرت ان الاستاذ لن يراها في حال وجوده على الضفة الاخرى من النهر, لكن لا اثر لاحد في الجهة الاخرى ارادت ان تتذكر كل لحظة امضتها برفقة الاستاذ.
عادت ادراجها لكنها لم تجرؤ على العبور الى الضفة الاخرى لانها لم تكن تعرف ان الاستاذ يراقبها من احدى النوافذ باهتمام وسعادة. اخذ يصفر وهو يعبر المبنى ليلتحق بتلاميذه من غير ان يتجرا على الانضمام اليها.
القت ميغان نظرتها الاخيرة على القناة والمباني التاريخية الرائعة واشترت عدة هدايا لعائلتها, كما ابتاعت كتابا. كانت سعيدة بمشترياتها, دخلت مطعما كبيرا في كستريكوم ووجدت ان الطعام لذيذ وشهي ربما لن تتاح لها فرصة اخرى لتذوق مثل هذا الطعام, فموعد رحيلها قد اقترب, انها لا تعرف بلضبط لكنه اصبح قريبا جدا. لذلك قررت ان تزور القرى لصغيرة قدر ما يسمح به وقتها, تمكنت من اللحاق بالقطار بسهولة وتنقلت من منطقة الى اخرى.
كان الوقت متاخرا عندما عادت الى كستريكوم. جلست تنتظر الحافلة لتعود الى الميتم.
بعد عدة ايام وبينما كانت تحمم يانتي, دخلت المشرفة على الحضانة, فالقت عليها التحية انتظرت حتى لفت ميغان الصغير بمنشفة دافئة ووضعته في حضنها.
"لا تتوقفي عن عملك ميغان, جئت لاخبرك انك ستغادرين بعد اسبوعين من اليوم, لا اعرف بالضبط, انني اعرف انك تريدين ان تعرفي, لكن سنحدده لاحقا. جئت لاخبرك كي تطلعي اهلك وتقومي باعداد ما يلزم لتاممين عمل عند عودتك."
"شكرا حضرة المشرفة." قالت بهدوء: "هذا يعطيني وقتا كافيا لاضع خطي, ساشعر بالحزن والاسف عندما اغادر هذا المكان." لعبت بشعر يانتي ثم قبلته من عنقه: "سافتقد الاطفال."
"جميعنا سنفتقدك يا ميغان. لو كان لدينا مكان شاغر لطلبت منك البقاء." نظرت المشرفة الى ميغان.
"هل انت بخير يا عزيزتي, تبدين شاحبة..."
"اه كلا, انا بخير حضرة المشرفة."
"ساذهب الان كي تتابعي عملك الصباحي. اذا اردت ان تعرفي شيئا او المساعدة في اي شيء ارجو ان تاتي الي عزيزتي."
غادرت المشرفة الحضانة. انتهت ميغان من تنظيف جميع الاطفال وحان موعد اطعامهم.
كانت منذذ البداية تعرف انها ستغادر يوما, ولكن عندما عرفت ان هذا اليوم قد اقترب احست نفسها انها غير مستعدة للمغاادرة. وعند السعاة الثالثة وهو موعد انصرافها, غيرت ميغان ثيابها وااتجهت الى الشاطئ. كان اللطقس دافئا, امتد الشاطئ الرملي امامها على بعد اربعة اميال وكانت تحمل قليلا من المال معها.
مشت بثباتت. كانن راسها مليئا بالافكار والخطط, ستعود الى البيت ثم تجد عملا ليس ببعيد عن بيتها, ولتتجنب رؤية اوسكار. صرفت القليل من المال هنا في هولندة ولديها ما يكفي في المصرف. بقي عليها ان تعرف نوع العمل الذي تريده, قد تساعد في غرفة العمليات لكنها تجد متعة اكثر مع الاطفال وقد تجد عملا شبيها بهذا في انجلترا...
تابعت السير دونان تلاحظ التغير الذي طرا علىى الطقس والسحب تلبدت في السماء.
هطل المطر فجاة وسمعت الرعد يهدر قويا, توقفت قليلا واخذت تنظر الى السماء الغاضبة. اسرعت باتجاه التلال تحاول ان تجد مخبأ.
تبللت ثيابها قبل ان تجد ملجأ وشعرت بالخوف من هدير الرعد ولمعان البرق. رات السحب الرمادية تتلبد فووق البحر وتملا الافق فاخذت تسير بين التلال على غير هدى لعلها تعثر قريبا على الطريق, ولكنها ضلت طريقها وسط الامطار الغزيرة ورداءة الطقس.
وجدت صعوبة في السير على الرمال واختفى البحر فجاة وراء التلال. وصلت الى الممرات وشعرت بالراحة لانها ستقودها الى مكان ماا. سارت في الممر تهتدي على ضوء البرق.
شعرت ان كل خطوة تخطوهاا تبعدها عن الميتم فخالجها الخوف وشعرت بالبرد. يجب ان تصل الى الطريق باسرع ما يمكن, قالت لنفسها. امتد الممر امامها وكان لا نهاية لهز اضيئت السماء وانتظرت الصوت المخيف عندها رات شيئا ابيض عند طرف الممر. انها حقيبة, سمعت شيئا يتحرك داخلها ولم يححل الضوء السيء بينها وبين رؤية الطفل الملفوف بحرام داخلها.
"اه يا عزيزي, يا الهي." قالت ميغان: "ايها المسكين." وهدهدت بيديها المبتلتين الرضيع الحي.
بكت ميغان وتمتمت: "يجب الان ان نجد الطريق بسرعة..."
انزلقت ميغان على الممر بسبب اسراعها وبفعل حبيبات البرد التي كانت تتساقط كالرصاص على جسمها, وعلى الرغم من انها احاطت الحقيبة بجسمها الا ان البرد اصاب الطفل ايضا.
"كل ما احتاجه الان" صرخت ميغان: "هو معجزة."
احس اصدقاؤها بالقلق عند المساء: "اي طريق سلكت؟" سالت انكي: "هل احد يعرف؟"
"اخبرتني يوما انها ستذهب سيرا الى ايجموند. لكنها لم تقل لي متى بالتحديد, ربما ذهبت اليوم..." قالت احدى الفتيات.
اخبرت الفتيات المديرة. رن جس الهاتف وكان الاستاذ يريد ان يعرف اذا كان الجميع بخير.
"لا يوجد كهرباء. اجابت المديرة: "لكن لدينا شموع وانني قلقة على ميغان, فقد ذهبت هذا العصر لتتنزه لكنها لم ترجع. ربما وجدت ملجأ مقؤقت, وتقول الفتيات انها ارادت ان تاخذ الممر عبر التلال الى ايجموند. هل اخبر الشرطة؟"
جاء صوت الاستاذ هادئا: "لا ليس بعد, انا موجود في البيت سآتي حالا."
وهذا ما فعله, اسرع بالحضور الى مكتب المديرة حيث كانت توجد خريطة كبيرة وضعت امامهما.
"هل انتهت نوبتهها عند الثالثة؟ هذا يعني انها غادرت عند الساعة الثالثة والنصف بعد تغيير ثيابها. وكانت العاصفة قد ابتدات عند الرابعة والنصف, هذا يعني انها قطعت حوالي ثلثة اميال. لا بد انها ستبحث عن ملجأ. هذا يعني انها قد تكون هنا متجهة الى الطريق الساحلي."
اشار بيده الى مكان ما على الخريطة: "اظن انه من الافضل ان آخذ السيارة الى الطريق العام, الى التلال. قد التقي بها."
لا اظن. الطقس رديء بالخارج لا حاجة للمجازفة بخروج احد من الميتم, اريد غطاء..."
غادر وانطلق بالسييارة بسرعة عبر الطريق الضيقة خلف التلال,واتجه الى المكان الذي حدده على الخريطة. اخذ مصباحه وخرج من السيارة. توقف تساقط البرد لكن المطر كان ما يزال يتساقط بغزارة. اتجه نحو التلال. لم يكن هناك ريح قوية المطر فقط وعندما وصل التلال وجد ممرا امامه, كان يتوقف كل دقيقة وينادي بصوت عال بالنسبة لشخص هادئ مثله لا يتصور احد انه يتمتع بهذا الصوت المرتفع. لكنه لم يتلق اية اجابة. استعمل مصباحه لاضاءة الطريق امامه وبعد فترة سمع صوتا يرد على ندائه.
توقف ععند ملتقى ممرين فرأى شخصا يمشي بخطى متعثرة باتجااهه, انها ميغان. ركض الاستاذ نحوها بسرعة هائلة ولم تشعر الا وذراعاه حولها. سمعته يقول كلمات لم تفهم معانيها, الا انها اخذت تبكي ونظرت الى وجهه الهادئ.
"جاك اه جاك, يوجد طفل داخل الحقيبة."
نهاية الفصل الثامن وقبل الاخير